المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم :: القرآن الكريم و علومه :: موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحنفي
صفحة 1 من اصل 1
03102023
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
موسوعة القرآن العظيم ج 1 د. عبد المنعم الحفني
451 . شبهة أن يكون للقرآن أسلوبان ، فالسّور المكية لها أسلوب ، والسّور المدنية لها أسلوب ؟
الذين ادّعوا ذلك فسّروا ادّعاءهم بأن المناخ النفسي العام في مكة لم يكن هو نفسه مناخ المدينة ، وكذلك ثقافة مكة ليست كثقافة المدينة ، والتكوين السكانى لأهل مكة ليس هو التكوين السكانى لأهل المدينة ، ومن ثم اختلف تفكير الاثنين ، وكان لا بد أن تأتى آيات القرآن وقد طبعها ذلك التباين ، ولذلك كانت الآيات المكية فيها العذاب والقسوة ، والشدّة والعنف والحدّة ، والوعيد ، والتهديد ، من أمثال قوله تعالى :تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ( 1 ) ( المسد ) ،وقوله :فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ( 13 ) ( الفجر ) ،
والمقصود بذلك أن يثبتوا أن مؤلف القرآن هو محمد ، وأنه تأثر بطريقة استقبال الناس له ، وانعكس ذلك على كلامه معهم ، والصحيح أن القرآن في مكة هو القرآن في المدينة ، فما قالوا إنه قسوة وشدة في الآيات في مكة ، إنما مثله في المدينة ، ففي سورة البقرة وهي مدنية يجيء أيضا قوله تعالى :فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ( البقرة 24 ) ،
والشبه قائم بينها وبين الآيات المكّية والأسلوب واحد ، سواء في مكة أو في المدينة ، ولكن الموضوعات اختلفت ، لأنه في مكة كان الانشغال بالدعوة وتقرير مبادئ الإسلام ، وأما في المدينة فالاهتمام بالتشريع ، وفي الحالتين كان لا بد من مراعاة أحوال المخاطبين أو حاجاتهم .
ورغم قولهم أن الآيات المكية فيها قسوة فإنها تخلو من الحضّ على القتال ، وتأمر بالتسامح والعفو والصبر الجميل ، وبردّ الإساءة بالحسنة ، والقول بالأحسن ، بينما في الآيات المدنية شرّع القتال ، واستنفر المسلمون للجهاد ، ومن ثم تتهافت هذه الشبهة كتهافت غيرها .
* * *
452 . شبهة أن السّور المكية أقل استنارة من السور المدنية ؟
قالوا في الطعن على القرآن : أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم كان أميا في مكة وبين أمّيين ، فكانت مخاطباته للناس قصيرة موجزة تناسب أفهامهم ، لأن ثقافتهم كانت ثقافة بدوية ، وحضارتهم كانت حضارة وثنية متخلّفة ، بينما كان الناس في المدينة أهل كتاب غالبا ، ولهم دراية بالتوحيد ، وأصحاب تشريعات وفلسفة ، وثقافتهم ثقافة عبرانية غالبا ، فكان على محمد صلى اللّه عليه وسلم أن يرتقى إلى مستواهم ، وأن يخاطبهم بما ينبغي لهم ، فهذا هو سبب اختلاف أسلوب السور المدنية عن السور المكية .وهذا غير صحيح ، فهناك سور طويلة مكية مثل سورة : الأنعام والأعراف والكهف ، فليست كل السور المكية قصيرة ، وكذلك ليست كل السور المدنية طويلة ، فالنصر مثلا مدنية ، وقيل إنها آخر سورة مدنية ، وآياتها ثلاث آيات فقط ! وبعض السور المكية فيها من الروح العامة من السور المدنية ، وأيضا فإن الروح المكية تنضح في بعض السور المدنية ، لأن الصلة معقودة بين السور هنا وهناك ، والتناسب كذلك مطلوب فيهما ، فكل سورة لها مقاصدها وما يناسبها من الأسلوب ، بحسب موضوعاتها ، والمهم أن القرآن على طوله ، عبارة عن سلسلة متصلة الحلقات من الآيات والسور المحكمة ، كالعقد ، حبّاته هنا أو هناك تكون أصغر أو أكبر لتكوّن معا في النهاية نظما متكاملا متناسقا رضيا .
ثم إن القصر في السور ليس دليل انحطاط ثقافى ، وإنما مظهر إيجاز لا يتوفر إلا لقوم يمتازون بالذكاء والفهم ، كما أن التطويل مظهر إطناب لا يقصد به إلا أن يفهم الذين يتأبّون على الفهم ويستعصى عليهم الإدراك بسرعة .
واليهود في التوراة يميلون إلى التطويل ، واشتكى أنبياؤهم من شدّة غبائهم وعنادهم وجحودهم ، وحاجتهم إلى الشرح الكثير ، والتفسير المطنب ، ولو كان أهل المدينة أذكى من أهل مكة ، فلما ذا لم يستطيعوا أن يأتوا بمثل سورة من القرآن أو حتى آية ، وقد أعيا ذلك أهل مكة منحطّى الثقافة ؟ !
* * *
453 . شبهة أن الشريعة كانت في المدينة بسبب اليهود
من أكاذيب المستشرقين أنه لولا وجود اليهود في المدينة لما كانت التشريعات التي حفلت بها السّور المدنية . ولو كان هذا صحيحا ، وكان لليهود هذا الأثر الإيجابى الإنشائى على الإسلام ، فلما ذا لم يكن لهم هذا الأثر على عرب المدينة ، وعلى عرب الجزيرة كلها قبل الإسلام ؟ثم إن القرآن لم يأخذ منهم ، وإنما جاء لإصلاح ما هو قائم وفاسد عندهم ، سواء في العقيدة ، أو في التحليل والتحريم ، فكيف يستدين المصيب من المخطئ ؟
وكيف يرجع من هو على صواب إلى من هو على خطأ ؟
والأصل في الحضارات أنها تكون في بدايتها بسيطة وتؤكد على الكليات ، ثم تتفرع منها إلى الجزئيات والتفاصيل ، وهكذا كان الإسلام في مكة يهتم بالعقيدة ، ثم في المدينة استكمل التشريع ؛ وحتى وهو في مكة لم ينس التشريع ، كما في قوله تعالى :قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ( 151 ) ( الأنعام ) .
وعندما يبدأ معلم في التعليم ، فإنه أول ما يعطى تلاميذه المبادى ، فكلما تقدّموا وزاد استعدادهم للتلقّى والاستيعاب ، زادت مقرراتهم ، وهذا ما جرى في مكة أولا ، ثم في المدينة ثانيا ، مرحلة بعد مرحلة ، ولكل مرحلة ما يناسب وسع الناس .
* * *
454 . شبهة الانحطاط الثقافي في القسم بالحسيّات
قال المستشرقون : إن السّور المكية فيها القسم بالحسيّات ، مثل قوله :وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ( 1 ) ( سورة التين ) ، والضُّحى( 1 ) ( الضحى ) ، وقوله :وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ( 1 ) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى( 2 ) ( الليل ) إلخ ،وهو دليل على أن المخاطبين بهذه الحسيّات هم حسيّون ، ومداركهم حسيّة ، على عكس الناس في المدينة فإنهم أميل إلى المجرّدات ، واختلاف السور المكية عن السور المدنية دليل على أن محمدا هو مؤلف القرآن ، لأنه تأثر بالمناخ الحسّى في مكة ، ثم بالمناخ التجريدى في المدينة ؟
والجواب : أنه لكي يفهم أهل مكة معنى التوحيد ، لا بد أولا أن يعرفوا عن اللّه ، وأنه خالق الكون وبديع السماوات والأرض ، فكانت السور المكية حسّية كونية لهذا السبب ، ثم لما ذا الإقلال من شأن الحسّيات وهي أشياء بها من الأسرار والخبايا العلمية والإبداعية ما يحيّر ويذهل كل عاقل لبيب ، فالحسّيات عند التأمل تؤدّى إلى مسائل تجريدية وفكرية هائلة !
ولم يكن اعتباطا اختيار هذه الحسيّات دون غيرها في هذه السورة أو تلك ، فقسمه تعالى بالتين والزيتون وطور سينين له دلالته التأويلية ، فالتين كانت به بداية الخلق ، ويذكّر بورق التين الذي خصف آدم نفسه به ليخفى عريه لمّا عصى ؛ والزيتون إشارة إلى بداية الحياة مع نوح بعد الطوفان فكانت أغصان الزيتون هي أول ما عثر عليه نوح من نباتات الأرض ، وسيناء كان بها نزول شريعة موسى كأول شريعة مكتوبة ، فهذه مراحل ثلاث من تاريخ الإنسانية كانت علامات كبرى فيها ، ولم يكن القسم بالتين والزيتون وطور سينين لمجرد أنها حسيّات !
* * *
455 . شبهة أن تكون الحروف المقطعة وضعها كتبة اليهود
قالوا : إن القسم في القرآن بالحروف المقطّعة في أوائل السور ، مثل قوله تعالى :« كهيعص » : ( مريم ) ،ليس فيه بيان ولا هدى للناس ، فحتى الراسخون في العلم لا يعرفون ما ذا تعنى هذه الحروف ، والخطاب بها كالخطاب بالمهمل ، وادّعوا أنه كان للنّبىّ كتبة من اليهود ، وهؤلاء وضعوا هذه الحروف المقطّعة تنبيها إلى بداية السورة ، ولها معناها عندهم ، فقد يكون المعنى : قال محمد ، أو يزعم محمد ، أو بداية كلام ، أو في المبتدأ ، وهكذا ، فظن العرب أنها من القرآن وثبّتوها فيه ! !
وقالوا : ربما قصد محمد بها إلى التهويل على القارئ وإرهابه ، أو التعمية عليه ! !
والجواب على ذلك : أن النبىّ لم يستعن بأي كاتب يهودي ، وكذلك فإن هذه الحروف المقطّعة لا معنى لها في أي لغة ، ولا في العبرية ، وإنما هذه الحروف للتنبيه إلى أن القرآن كتاب من نفس هذه الحروف العربية المقطّعة ومع ذلك كان معجزا ، ولم يستطيعوا محاكاته ولو بسورة مع أنهم ملوك البيان ، وكانت السور تبدأ بهذه الحروف ، ثم بعدها تأتى الآيات تنوّه بالقرآن ، أو تذكّر بآيات اللّه الكونية ، فكأن الإشارة بهذه الحروف المقطّعة إلى آيات اللّه المقروءة أولا ، ثم المنظورة ثانيا ، فاشتمال القرآن على هذه الحروف ليس إذن من لغو الكلام كما قال المستشرقون .
* * *
456 . شبهة أن يكون القرآن قد أسقط بعضه أثناء الجمع
قالوا : إن بعض الآيات في القرآن تدل على أنه قد أسقط منه شئ ، أو أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أنسى بعض آياته ، بدليل ما جاء في سورة الأعلى عن ذلك ، وهو قوله تعالى :سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى( 6 ) ( الأعلى ) ؛أو أن الصحابة حذفوا منه شيئا ، رأوا مصلحة في حذفه ، ومن ذلك المتعة التي أسقطها علىّ وكان يضرب من يقرأها
- هكذا قالوا ، ونسبوا إلى عائشة أنها قالت عن علىّ : أنه يجلد على قراءة القرآن ، وينهى عنه ، وقد بدّله وحرّفه ؛ وقيل إن الصحابة الذين كانوا يحفظونه قتل الكثير منهم في حروب الخلفاء الأولين ، وأن العظام التي كان القرآن مكتوبا عليها ، لم تكن منظّمة ولا مرتّبة ولا مضبوطة وضاع بعضها ؛ وأنه لمّا قام الحجّاج ينصر بنى أمية ، جمع المصاحف وأسقط منها أشياء نزلت فيهم ، وكتب نسخا أخرى وزّعها بدلا من الأولى ! ! ؟
والجواب على ذلك : أن الصحابة كان منهم العدد الكافي الذي يضمن صحة النقل عنهم بالتواتر ، وأن الآية :سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى( 6 ) ( الأعلى ) لا تعنى أنه صلى اللّه عليه وسلم نسي ، وإنما المعنى أن ما سيوحى إليه لن ينساه ، وأن النسيان منفىّ عنه قصدا .
وأما أن الصحابة حذفوا ما رأوا المصلحة في حذفه فهذا باطل ، لأن التواتر يمنعه ، والشروط التي كان لا بد أن تتوفر في الحافظ ، تجعل من المستحيل أن يتصرّف أي صحابي في شئ ائتمن عليه .
وأما آية المتعة فلم يثبت أبدا أنها من القرآن ؛ وما رووه من كلمات قيل إنها من القرآن ونسبوها إلى أبىّ بن كعب ، ثم حذفت مع ذلك ، لم تقم الحجة على أنها كانت من القرآن ، بل إن أسلوبها الذي صيغت به لا يدل على أنها من القرآن البتة . وكان بعض الصحابة يكتبون لأنفسهم ما يظنون أنه من القرآن ، فإذا راجعوه على أصحابهم تبيّنوا خطأهم وأسقطوه من كتاباتهم .
وأما ترتيب الآيات فلم يكن اعتباطا ، وإنما تم توقيفيا ، وأمر به الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وحفظه عنه الصحابة وكتبوه ، ولم يكن تصريحهم بأن آية منه فقدت ووجدوها عند خزيمة بن ثابت ، يعنى إمكان أن تضيع آية !
فذلك كان مستحيلا ، لأن اعتمادهم أولا وأخيرا على الحفظ ، ولو لم يكن هذا الحفظ ما عرفوا أن إحدى الآيات مفقودة ، وما سعوا إلى البحث عنها . ولم يكن بسبب ضياع بعض الآيات أن قال بعض الصحابة بالنسخ ، فالنسخ مسألة أخرى مختلفة تماما ، وباب مستقل ضمن هذا الكتاب ، فليرجع إليه القارئ .
وأما الأقوال عن الحجّاج ، فهي تخرّصات لا أصل لها ولا دليل عليها ، وكيف يتسنّى للحجّاج أن يجمع المصاحف وهو مجرد عامل من عمّال الخليفة على بعض الأقطار ؟
وإذا استطاع الحجّاج أن يجمع المصاحف ويغيّر فيها ، فما ذا عن الحفّاظ ، وكيف يفعل بهم ويغيّر ما حفظوه وكانوا يعلّمونه للناس ؟
وما ذا يفعل الحجّاج وحده إزاء جموع الحفّاظ في كل أقطار الإسلام ؟
* * *
457 . شبهة أن يكون القرآن قد زيد فيه عند الجمع ؟
قالوا : إن القرآن زيد فيه لمّا جمعه الصحابة ، والدليل على ذلك ، أن ابن مسعود لم يضمّن المعوذتين والفاتحة مصحفه ، فكأنها زيدت عليه ، وهذا الزعم باطل وليس صحيحا ، وقال فيه ابن حزم : هذا كذب على ابن مسعود وموضوع .ولم يقل أحد أن ابن مسعود أنكر الفاتحة ، وكيف ينكرها وهي أم القرآن ؟
وهي السبع المثاني التي تثنّى وتكرّر في كل ركعة من الصلاة ؟
ولو أنكرها ابن مسعود فما ذا يضرّ في ذلك ، وهو واحد ، وشرط صحة ما يدّعيه التواتر والإجماع ؟
وقالوا : إن الآية :وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ( 144 ) ( آل عمران ) من كلام أبى بكر ! !
ولذلك لمّا قالها أبو بكر عند إعلان وفاة النبىّ قال الراوي : لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت ، حتى تلاها أبو بكر يومئذ ، فأخذها الناس من أبى بكر !
والآية ليست من كلام أبى بكر وإنما هي من القرآن ، وكان نزولها في واقعة أحد ، يعاتب بها اللّه المؤمنين الذين أصابهم اليأس ، وقد ظنوا أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قد قتل ، فكادوا ينصرفون عن القتال .
والآية بصياغتها هذه لا يمكن أن تكون من كلام أبى بكر بل من القرآن .
وقالوا كدليل على أن الآية السابقة لأبى بكر ، وأنه من الممكن أن يؤلّف كلاما كالقرآن ويضاف إليه ، أن عمر بن الخطاب أيضا له من العبارات ما صار قرآنا وعدّ من القرآن ، كالآية :وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى( 125 ) ( البقرة )
قالوا : هي من وضعه ، والثابت أن عمر اقترح على الرسول صلى اللّه عليه وسلم اقتراحا وقال له : ما ذا لو صلينا في مقام إبراهيم ؟
فنزلت الآية :وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى توافق رأى عمر ، ومع ذلك فهناك فرق بين كلمة عمر التي كانت سببا في نزول الآية ، وبين عبارة القرآن التي نزلت بها الآية ، ومنذ البداية كانت الآية موجودة فلم تضف .
ومن ذلك ترى أنه لا زيادة في القرآن ، كما لم يكن هناك نقص فيه كما ادّعوا .
* * *
458 . شبهات غلاة الشيعة في القرآن
هؤلاء قالوا : إن عثمان وأبا بكر وعمر حرّفوا القرآن ، وأسقطوا بعضه ، وأن ما نزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم منه كان سبعة عشر ألف آية ؛ وأن سورة البيّنة كانت تحوى أسماء سبعين رجلا من قريش فحذفت الأسماء ؛ وأن الآية :أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ( 92 ) ( النحل )حرّفت وكانت « أئمة هم أذكى من أئمتكم » ؛ يقصدون بالأئمة الأذكى أئمة الشيعة ؛ وأن القرآن كانت فيه سورة تسمى « سورة الولاية » أسقطت بكاملها ؛ كما أسقط أكثر سورة الأحزاب ، وكانت في طولها كسورة الأنعام ، فأسقطوا فضائل أهل البيت ؛ وأن الآية :وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ( 24 ) ( الصافات )
كانت في الأصل « وقفوهم إنهم مسؤولون عن ولاية علىّ » فحذفوا « ولاية علىّ » ؛ وأسقطوا لفظ « ويلك » من الآية :لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا( 40 ) ( التوبة ) ،
أي أن الآية كانت هكذا : « ويلك لا تحزن إن اللّه معنا » ، وأسقطت منها « ويلك » ؛
وأن الآية :وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ( 25 ) ( الأحزاب ) كانت في الأصل : و « كفى اللّه المؤمنين القتال بعلىّ بن أبي طالب ، فأسقطوا « بعلىّ بن أبي طالب » ؛ وأن الآية :سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا( 227 ) ( الشعراء )
كانت في الأصل : « سيعلم الذين ظلموا آل محمد » ، فأسقطوا « آل محمد » إلخ .
واتهامات هؤلاء مجردة من الدليل ، والمستشرقون والنصارى واليهود ، والتنويريون حاليا ، يرددونها ، مع أن إجماع الأمة على أنه لا زيادة ولا نقصان ولا تحريف في القرآن ؛ وكذلك التواتر شككوا فيه ، وفيما جمع أبو بكر وعمر وعثمان من القرآن بالتواتر ، مع أن عليا نفسه قد أثنى على أبى بكر لأنه جمع القرآن ، وقال إنه لو كان هو الوالي أيام عثمان ، لفعل مثلما فعل عثمان ، فلم يحدث إذن أن طعن علىّ في جمع القرآن ، ولا في مصحف عثمان ؛ ولمّا ولى علىّ الخلافة وكانت لديه الفرصة أن يظهر القرآن الحقيقي الذي تزعم الشيعة أنه في حوزته ، لم ينشر شيئا من ذلك ، وولى بعده ابنه فلم يذع عن ذلك ، فبطلت دعاوى الشيعة مثلما بطلت دعاوى غيرهم في القرآن .
* * *
459 . شبهة أن يكون القرآن متواترا وكانت بعض آياته مفقودة ؟
لمّا عهد عثمان إلى زيد بن ثابت أن يجمع القرآن ، تتبعه من الرقاع والأكتاف وسعف النخل وصدور الرجال ، حتى وجد عند خزيمة بن ثابت الأنصاري آيتين من سورة التوبة لم يجدهما عند غيره ، هما :لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ( 128 ) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ( 129 ) ( التوبة ) ،
فكيف يكون القرآن متواترا مع قول زيد بأنه لم يجد هاتين الآيتين إلا عند خزيمة ؟ وكذلك لم يجد الآية :مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ( 23 ) ( الأحزاب ) إلا عنده وعند خزيمة ؟
والجواب : أن قوله هذا لا يعنى أنه لم يجد هذه الآيات مكتوبة ، ولكنها كانت محفوظة ، بدليل أنه كان يبحث عنها ، فكيف يبحث عنها ولا أحد يعلم بأمرها ؟
وإذن التواتر متوفر ، لأن القرآن محفوظ في صدور الرجال وإن لم يكن بعضه مكتوبا .
* * *
460 . شبهة أن القرآن الحالي هو ما نزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم
قالوا : إذا كان القرآن قد كتب على الحجارة وسعف النخل والعظام ، فلا بد أنه ضاع منه الكثير واندثر ؟والجواب : أنهم ظنوا أن الحجارة لم تكن مصقولة ، والصحيح أنهم كانوا يكشطونها حتى كانت كالصحائف ، وكانت الكتابة عليها سهلة كالكتابة على الجصّ الآن ، وأما سعف النخل والعظام فكان يكشط ويصنع منه ما يشبه الورق السميك ، فلما ذا إذن تضيع الكتابة عليه ؟
ثم إن الكتابة لم يكن يقوم بها واحد ولكن جمعا كبيرا ، كل واحد يكتب وحده وهذا أحرى أن يحفظ المكتوب .
وقولهم أنه لا بد أن يكون قد انمحى شئ منها ، يحتاج إلى سند ودليل ، ولا سند ولا دليل على أن شيئا من هذه الكتابة ضاع أو انمحى ، لأنهم بدءوها في حياة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وكان يراجعها عليهم ، وجمعها أبو بكر ثم عمر ، وأتمّها وأكملها عثمان ، فمن أين يأتي القصور والفساد ؟
* * *
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 3 أكتوبر 2023 - 20:33 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
461 . شبهة أن لا يكون ترتيب القرآن كله بتوقيف
قالوا عن خزيمة بن ثابت أنه أتى بالآيتين :لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ( 128 ) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ( 129 ) ( التوبة )وقال : أشهد أنى سمعتهما من رسول اللّه ووعيتهما فقال عمر : وأنا أشهد لقد سمعتهما .
وقال عمر : فانظروا آخر سورة من القرآن فألحقوهما في آخرها » .
قالوا : هذا الحديث يدل على أن ترتيب القرآن كله لم يكن بتوقيف ، وإنما كان بحسب رأى الصحابة وعن تصرّف من بعضهم لمن له الأمر ؟
والجواب : الخبر لم يجمع عليه ، ومعارضه لذلك ساقط عن الاعتبار ، والذي أورده أبو داود ، وأخرج ما يعارضه عن أبىّ ، قال : فلما كانت سورة التوبة وقفوا عند الآية 127 ، وظنوا أنها آخر ما نزل منها ،
قال أبىّ : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أقرأني بعدها آيتين - 128 و 129 » ،
وعلى ذلك فالترتيب مضبوط ، وكذلك السياق متوافق تماما ، والآيتان متوافقتان مع ما قبلهما ما من الآيات ، ويترتّبان عليها ، ويختمانها خير ختام ، وهذا دليل على كذب المتقوّلين بما تقوّلوا ، لعنهم اللّه .
* * *
462 . الانتقاص من القرآن بين الزعم والحقيقة
توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم يترك إلا القرآن والسنة ، وعن محمد بن الحنفية : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « ما ترك إلّا ما بين الدفتين » ، أي ما ورّث إلا ما في المصحف .وفي رواية عن ابن عباس : « لم يترك النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إلا ما بين الدفتين » . وليس المراد أنه ترك القرآن مجموعا بين الدفتين ، لأن ذلك يخالف أن أبا بكر ، ثم عثمان ، قاما بجمع القرآن ، وإنما زعم كثير من المنافقين والشيعة - وكذلك الكثير من المستشرقين والعلمانيين ، أن الكثير من القرآن ذهب بذهاب حملته ، واختلقوا هذه الفرية تمشيا مع اعتقادهم ، بأن ما جرى على التوراة والإنجيل جرى على القرآن ؛
وقال الشيعة إنه كان ثابتا في القرآن استخلاف علىّ بن أبي طالب ، وكتم الصحابة هذه النصوص .
وبرواية الإسماعيلي قال : « لم يدع النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إلا ما في هذا المصحف » ، أي لم يدع من القرآن ما يتلى إلا ما هو داخل المصحف الموجود .
* * *
463 . إذن فما هي صحة ما زعمه بعض الصحابة من ذلك ؟
عن علىّ قال : « ما عندنا إلّا كتاب اللّه وما في هذه الصحيفة » ، أراد بالصحيفة الأحكام التي كتبها عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ولم يقل أن لديه « قرآنا آخر » خلاف القرآن الذي نعرفه .وأيضا فللصحابة أقوال عن آيات من القرآن نزلت فنسخت تلاوتها مثل الحديث المنسوب إلى عمر : « الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة » ،
والحديث المنسوب إلى أبىّ بن كعب : كانت الأحزاب - أي سورة الأحزاب - قدر البقرة » ، والحديث المنسوب إلى حذيفة : « ما يقرءون ربعها » ، يعنى سورة براءة . وكل هذه الأحاديث مدسوسة ولا أصل لها ، لا في العقل ولا في النقل ! ونسب إلى ابن عمر أنه كان يكره أن يقول الرجل قرأت القرآن كله ، ويقول : إن منه قرآنا قد رفع - وهذا غير صحيح فالمسلمون على الإجماع أن القرآن ما انتقص منه شئ ، وما نسخ منه شئ ، وما رفع منه شئ ، وأن الموجود منه هو ما أراده اللّه للمسلمين أن يبقى !
* * *
464 . كذب من قال إن عثمان قصد جمع الناس على تأليف المصحف
عثمان هو الذي جمع الناس على مصحفه ، وسبقه أبو بكر ، ولم يقصد أن « يؤلف » مصحفا خاصا به ، وإنما أرسل إلى حفصة بنت عمر يسألها المصحف الذي جمعه أبو بكر واعتمده أبوها ، وبرر ذلك بأنه يريد أن ينسخه ثم يردّه إليها ، وكان الناس قد اختلفوا في قراءاتهم للقرآن بسبب تفرّقهم في الأمصار ، حتى أنهم لما اجتمع نفر منهم في غزوة أرمينية ، ظهر اختلافهم ، وتنازعوا أمرهم ، وكفّروا بعضهم البعض ، وتلاعنوا ، وتبرأ بعضهم من بعض ، فأشفق حذيفة مما رأى ، وحذّر عثمان ، وقال له : أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك !ورأى عثمان أن يكون اجتماع الأمة على قراءة واحدة ، وقيل إنه أمر أربعة : زيد بن ثابت ، وعبد اللّه بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أن ينسخوا المصحف ، فإذا اختلفوا في شئ فليكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل القرآن بلسانهم .
فلمّا انتهوا ردّ المصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل مصر بمصحف ، وأحرق ما سوى ذلك ، فأطلق عليه الحاقدون اسم « حرّاق المصاحف » ، وكان رأيه مع ذلك سديدا .
ولم يختر لجمع المصحف عبد اللّه بن مسعود ، وآثر عليه زيد بن ثابت ، لأن زيدا كان الأحفظ للقرآن ، ووعاه كله ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حىّ ، وأما عبد اللّه بن مسعود فلم يكن حتى وفاة الرسول صلى اللّه عليه وسلم قد حفظ القرآن ، ولم يكمل حفظه إلا بعد وفاته .
وقيل إن نسخ عثمان من المصحف كانت سبعا ، وقيل أربعا - وهو الأصح ، وأنه أرسل بثلاث منها إلى العراق ، والشام ، ومصر ، فاتخذها القرّاء فيها مراجع لهم ، إلا من حروف قد يزيدونها أو ينقصونها في قراءاتهم فاعتبرت قراءات جائزة . ورحم اللّه عثمان ، وأجزل له العطاء على ما أسدى للإسلام .
* * *
465 . شبهة اختلاف ترتيب مصاحف الصحابة عن مصحف عثمان
قالوا : لو كان ترتيب سور القرآن توقيفيا عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فلم كانت مصاحف بعض الصحابة مختلفة الترتيب ؟وقيل : إن مصحف أبىّ بن كعب كان يبدأ بالفاتحة ، ثم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، ثم الأنعام .
وقيل : إن مصحف ابن مسعود كان يبدأ بالبقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران إلخ .
وقيل : إن مصحف علىّ كان مرتبا على النزول ، فأوله « اقرأ » ، ثم « المدثر » ، ثم « ق » ، ثم « المزمل » ، ثم « تبّت » ، ثم « التكوير » ، وهكذا .
والجواب على ذلك : أن جمع الآيات في السور وترتيبها كان بتوقيف من النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كما أوحى إليه ، وأما تقسيم السور إلى طوال ، ومئين ، ومثاني ، ومفصّل ، فهذا تولته الصحابة .
وأما اختلاف مصاحف الصحابة عن مصحف عثمان في ترتيب السور ، فقد فعلوا ذلك قبل علمهم بالتوقيف . وأما عن السبب الذي من أجله جعل عثمان فصل سورة التوبة عن سورة الأنفال ، وجعل التوبة في المصحف بعد الأنفال ، مع أن التوبة من المئين وليست من الطوال ،
ولم يضع أمام سورة التوبة : « بسم اللّه الرحمن الرحيم » ، فذلك لأن الأنفال ، من أوائل ما نزل من السور بالمدينة ، بينما التوبة من أواخر ما نزل ، فالتوبة ليست جزءا من الأنفال ، إلا أن عثمان شابه بين قصتيهما ، ولمّا لم يجد الرسول قد أشار على الصحابة بشيء بشأن التوبة ، قرن عثمان بين السورتين باجتهاد منه ، ولا يعدّ ما فعله موضعا لاتهام فهو معروف ، ويمكن لعلماء المسلمين في أي وقت أن يعدّلوا فيه، ولا نرى مضرة أن يترك الأمر كما هو والكل يعرف هذا عن السورتين.
ولمّا سئل الصحابة كيف يحزّبون القرآن ؟
قالوا : نحزبه ثلاث سور ، وخمس سور ، وسبع سور ، وتسع سور ، وإحدى عشرة سورة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصّل من ق إلى آخر القرآن . وهذا يدل على أن هذا الترتيب كان في عهد النّبى صلى اللّه عليه وسلم كذلك ، وكان هو الذي أمر به ، وعلى هذا ترك الصحابة ترتيبهم في مصاحفهم وأخذوا بترتيب عثمان ، لأنه الأصحّ ، وكان ذلك بالإجماع ، والإجماع حجة .
ولا ينبغي أن يستدل بقراءة سور قبل سور ، على أن ترتيبها كان كذلك ، فليس صحيحا أن النساء تسبق آل عمران ، لأن ترتيب السور في القراءة ليس بواجب ، ولكنه في المصاحف لازم .
* * *
466 . شبهة الخطأ في كتابه القرآن ورسمه اللحن في القرآن
قيل : إنه بعد تمام كتابة المصحف ، عثر عثمان على أخطاء في الكتابة ، إلا أنه تركها لقلّتها وقال : إن في القرآن لحنا ، وستقيمه العرب بألسنتها . وهناك شكوى عامة من هذه الأخطاء ، وقيل إن عكرمة نبّه إليها ، واستعرض رأى عثمان فيها . والبعض يرى أنه من غير المعقول أن يتبينها عثمان ويتركها للظروف والأيام واجتهادات الناس .ومن ذلك أن سعد بن جبير لم يعجبه نصب كلمة « والمقيمين » في الآية :لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ( 162 ) ( النساء ) ، فكان ينبغي أن تكون « والمقيمون » ، لأنها هكذا خطأ نحوى ، وقد رأى جماعة أن يصحّحوا الخطأ ، وقرءوها على ذلك بالواو ، والذين خافوا أن يغيّروا فيها استمروا في قراءتها بالياء ، وقالوا مع سيبويه إنها منصوبة بالاختصاص ، وكأن « والمقيمون الصلاة » اعتراضية ، ومعناها .
وأخصّ المقيمين الصلاة - ثم يستأنف الكلام . فهذا الرأي جائز وذاك الرأي جائز ، ومع ذلك فنحن مع التصحيح كما تنبّه إليه عثمان .
وقد شكا كثيرون من لحن آخر في الآية : « إن هذان لساحران ( 63 ) » ( طه ) ،
وعرضوا الأمر على عائشة ، وعرضوا عليها قوله تعالى :وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ( 162 ) ( النساء ) ،
وقوله :إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ( 69 ) ( المائدة )
حيث أنه كان ينبغي أن يقال « إن هذين لساحران » بدلا من « هذان » ، و « المقيمون » بدلا من « والمقيمين » ، « والصابئين » بدلا من « الصابئون » ، فقالت عائشة لمن سألها : هذا من عمل الكتّاب فقد أخطئوا في الكتابة
- يعنى : أقرّت بأنها أخطاء في الكتابة بسبب الكتّاب قيل :إن عثمان نفسه قرأ : « إن هذين لساحران » ،
وقرأها كذلك غفير من الصحابة ، وقرأها البعض بتخفيف إن ، فتجنبّت القراءة مخالفة المصحف وفساد الإعراب ، ويكون معناها ما هذان إلا ساحران .
وأما « الصابئون » فقيل : إن الرفع محمول على التقديم والتأخير ، فيكون المعنى : « إن الذين آمنوا والذين هادوا ، من آمن باللّه واليوم الآخر وعمل صالحا ، فلا خوف عليهم ، والصابئون والنصارى لا خوف عليهم كذلك » .
وقيل : إن عائشة سئلت أيضا عن الآية :وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا( 60 ) ( المؤمنون ) ،
كيف كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرؤها ؟ هل كان يقرأها « آتوا » أم « أتوا » وهناك فرق كبير في المعنى ؟
وقال لها السائل : أنه يرجّح أنها « ما أتوا » وليس « ما آتوا » فأقرّته على ما قال ، وقيل : إنها قالت : أشهد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كذلك كان يقرؤها ، وكذلك أنزلت ، ولكن الهجاء حرّف » ! !
وقال ابن عباس مقالة عائشة : أشهد أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قرأها كذلك : « والذين يأتون ما أتوا » من الإتيان ، أي يعملون ما عملوا : ويستنكر العرب أن يقال « ما آتوا » ، بدلا من « ما أتوا » .
وكان ابن عباس من أكثر الناس نقدا للحن في القرآن ، وروى عنه أنه لم يصدّق أن الآية :حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا( 27 ) ( النور ) نزلت هكذا ،
وقال : إن كانت الآية لا بد قد أخطأ ، وأن الصحيح أن يقال « حتى تستأذنوا » فذلك مقتضى الآية وليس « تستأنسوا » . وابن عباس لم يفعل شيئا ، فإنّ « تستأنسوا » معناها « تستأذنوا » ، فأن يستأنسوا من صاحب البيت لا يعنى إلا أن يستأذنوه . ولم ير قارئو القرآن أن ابن عباس قد صحّح شيئا ، أو أضاف شيئا ، ولذلك لم يأخذوا بكلامه ولم يجدوا فرقا في المعنى ، ولا موجبا للتغيير والتبديل .
وكذلك أخذ ابن عباس على الآية :أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً( 31 ) ( الرعد ) ،
استخدامها لكلمة « ييأس » ، وقال إنها لا تصح في السياق ، وتعطى غير المعنى المراد ، ثم قال أغرب كلام ، قال : ويبدو أن الكاتب كتبها وهو ناعس !
وأن الصواب أن يقال : « أفلم يتبين » بدلا من « أفلم ييأس » .
- غير أن ابن عباس أخطأ ، لأن معنى « أفلم ييأس » هو « أفلم يعلم » ، يعنى أن « ييأس » معناها أن « يعلم » ، وهذه لغة هوازن ، ومن ذلك في الشعر :
أقول لهم بالشّغب إذ يأسروننى * ألم تيأسوا أنى ابن فارس زهدم
وقوله إذن : « ألم تيأسوا » ، تعنى « ألم تعلموا » ، وإذن فكاتب القرآن لم يخطئ كما ادّعى ، والآية هكذا أنزلت ، ولا محل للمؤاخذة .
وعاب ابن عباس على كتبة المصاحف أنهم أخطئوا في الآية :وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ( 33 ) ( الإسراء ) ،
وكان أحرى بهم أن تكون الآية : « ووصّى ربّك . . » ، إلا أنهم فيما يبدو كتبوا « ووصّى » فلزقوا الواو الثانية بالصاد ، فقرأ الناس الكلمة « وقضى » .
غير أن الإجماع على أن الكلمة « وقضى » معناها « ووصّى » « وأمر » ، وإذن لا موجب لردّ الكلمة المتواترة .
وقال ابن عباس : وثمة خطأ آخر في الآية :لَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ( 48 ) ( الأنبياء ) ، فإن الواو في كلمة « وضياء » زائدة ،
وكان المفروض أن تكتب الآية : « ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء وذكرا للمتقين » .
غير أن كلمة « وضياء » ، مثلها مثل كلمة « وحفظا » في الآية :إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ ( 6 ) وَحِفْظاً( 7 ) ( الصافات ) ،
وعلى ذلك لا يكون ثمة خطأ - واللّبس عند ابن عباس أنه فسّر كلمة « الفرقان » في الآية بأنه التوراة ، وإنما « الفرقان » في الآية هو « النصر » مثل قوله تعالى :ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ( 41 ) ( الأنفال ) ،
فيوم الفرقان هو يوم بدر ، وهو يوم النصر ، والفرقان هو النصر ، فيكون معنى الآية أنه تعالى أنزل على موسى وهارون النصر ، وعلى ذلك تكون كلمة « ضياء » بمعنى التوراة أو الشريعة ، وتكون الواو للتغاير .
وأيضا عاب ابن عباس الآية :مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ( 35 ) ( النور ) ،
وقال إنها خطأ من الكاتب ، فاللّه تعالى أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة ، وإنما المقصود بالضمير في « نوره » المؤمن ، فمثّل نور المؤمن بالمشكاة ، وعلى ذلك ذهب ابن عباس بعيدا ، لأن الآية تتحدث عن نور اللّه وليس نور المؤمن ، ولا نور النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ولا نور القرآن ، وليس في الآية مقابلة جزء من المثال بجزء من الممثّل به ، ولكنها تمثّل نور اللّه الذي هو هداه ، بأنه كالنور الذي نعرفه نحن بصفاته ، وهي أبلغ صفات عندنا عن النور عند الإنسان ، وبذلك كملت الصورة ولم يكن في الآية أي عيب !
وقيل : أنهم نبّهوا زيد بن ثابت إلى الخطأ في كتابته للقرآن في الآية :فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى( 39 ) ( القيامة )
وقالوا لزيد : يا أبا سعيد ، أوهمت ! إنما هي ثمانية أزواج : من الضأن اثنين اثنين ، ومن المعز اثنين اثنين ، والإبل اثنين اثنين ، ومن البقر اثنين اثنين . يعنى أن الزوج اثنان ، ولكنك كتبت في القرآن أن الاثنين زوجان ،
فقال زيد : لا ، إن اللّه تعالى يقول :فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى( القيامة 39 ) ،
يعنى هما زوجان ، وكل واحد منهما زوج ، وليس أنهما الاثنين معا زوج .
وقال الغالطون : إن كتابة زيد لهذه الآية بشكلها يدل على أن النسّاخ كانوا يتصرّفون باختيارهم ، وبما شاءوا أن يكتبوه ، وهذا منهم خطأ فاحش ، لأن الزوج يقال للرجل ، ويقال للمرأة أيضا زوج ، فهما زوجان ، والقرآن هو الصحيح ، والغالطون على غير الحق .
وقالوا : خطأ آخر هو كتابة « مالك يوم الدين » من سورة الفاتحة هكذا : « ملك يوم الدين » ، فالنّسّاخ فعلوا ذلك من أنفسهم » ، وهذا خطأ ، لأن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قرأها « مالك » و « ملك » ، بالألف وبدونها ، وكذلك فعل الصحابة . ومن قواعد رسم المصحف الحذف ، و « مالك » يصحّ فيها حذف الألف في الرسم .
وبعد فهذه جملة ما أخذ على كتابة المصحف من اللحن ، وقد رددنا عليها جميعا .
* * *
467 . شبهة أن يكون إعجاز القرآن بسبب الصّرفة
الصّرفة : يعنى أن العرب صرفوا أن يعارضوا القرآن ، فلذلك بدا كما لو كان معجزا ، وإنما من اليسير معارضته ، وقال المستشرقون وكثير من المسلمين بالصرفة لمّا عجزوا عن تفسير قصورهم عن معارضته بالأسباب المعروفة ، فادّعوا أن العرب لم يكترثوا بهذه المعارضة ، فلم يحاولوها ، وينقض ذلك أن القرآن تحدّاهم غير مرة ، والعرب معروفون بشدة الحمية لمن يتحدّاهم ، وكانت صناعتهم البيان ، وأسواقهم الأدبية كثيرة ، ليظهروا فيها براعتهم ، ويعلنوا عن تفوّقهم ، فلم لم يعبئوا بالتحدّى إلا إذا كانوا عاجزين عن المعارضة ؟وكان الأحرى بهم أن يولوا ذلك عنايتهم ، لأن القرآن سفّه أحلامهم ، واستهزأ بعقائدهم وعوائدهم ، وقد اتفقوا جميعا على مناهضته ، ومحاربة الإسلام ، وقتال الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وألّبوا كل القبائل عليه ، وأجبروه على الهجرة هو وأصحابه ، واستولوا على أموالهم ، وقبل ذلك قاطعوهم وسبّوهم ، وساوموه أن يترك دينه فيجمعوا له الأموال ، وينصبّوه ملكا عليهم ، ويزوّجوه من بناتهم ، واتّهموه مرة بالسحر ، ومرة بالكهانة ، ومرة أنه شاعر ، ومرة نسبوا إليه أنه مجنون ، وتآمروا عليه ، وحاولوا عشر مرات أن يقتلوه ، وأهانوه في عرضه ، وتقوّلوا عليه ، ثم قامت الحرب بينه وبينهم فجيّشوا له الجيوش ، فهل بعد ذلك يقال أنهم صرفوا همّتهم عن معارضة القرآن ؟
ولما ذا إذن كان القتال لو كانوا غير مهتمين ؟
وربما يقال :إنهم لم يعادوا القرآن ولكنهم كانوا يعادون محمدا ؟
والواقع يقول إن علاقتهم بمحمد لم تنقطع ، وإنما كان غضبهم من القرآن، وثورتهم عليه ، فكان الأحرى بهم أن يعارضوه.
وربما يقال : أن ما غاظهم من القرآن هو مخالفته لعقيدتهم بقطع النظر عن إعجازه ؟
والجواب : أنه كان بينهم النصارى واليهود على غير دينهم فلم يهمهم ذلك ، وإذن فالسبب حقيقة هو القرآن نفسه ، وليس مخالفته لدينهم ، ولقد حاولوا أن يعارضوه وفشلوا ، لأن القرآن ليس بيانا فقط ، ولكنه علوم وفنون ، وتاريخ وأدب وقصص ، وتشريع وقانون ، وفيه من كل مثل ، فكيف يعارضونه ؟ !
ولقد حاول المستشرقون أن يردّوا المعلومات في القرآن إلى مختلف اللغات والحضارات ، فاستوجب ذلك أن يكون محمد قد أحاط بكل اللغات القديمة ، وقرأ كل المعارف والمؤلفات ، ووعى كل العلوم والآداب !
وثبت لهم من ذلك أن القرآن يحتاج إلى مؤسسة علمية كبرى ، فيها من كل التخصصات ، وينتظم في سلكها مئات من الخبراء ليكتبوا كتابا مثله .
والقول بالصرفة إذن - أي بأنهم صرفوا همّتهم عن معارضة القرآن ، ولم يحفلوا بذلك ، عجز بواح لا شك فيه ، من نوع ما يقول به علماء النفس من « تبرير العجز » بأسباب واهية وغير علمية ، كلما أعوزهم السبب الحقيقي .
* * *
468 . البدعة والضلالة
في القرآن أن الرهبانية ابتدعها النصارى ، كقوله تعالى :رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ( 27 ) ( الحديد ) ،أي كانت لهم بدعة ، والبدعة : لا تصدر إلا من البشر ، غير أنه لا بد أن يكون لها أصل في الشرع أولا ، والرهبانية من ذلك ، فالاعتزال كان في الدين ، فطوّروه إلى نظام الرهبانية ، فإذا كانت البدعة تحت عموم ما ندب اللّه إليه ، فهي في حيّز المدح ، ويعضد هذا قول عمر : نعمت البدعة هذه ! يقصد قيام رمضان ، لمّا كانت من الأفعال الحسنة وداخلة في حيز المدح .
وإن كانت البدعة خلاف ما أمر اللّه به فهي في حيز الذّم والإنكار ،
وفي الحديث : « وشرّ الأمور محدثاتها ، وكلّ بدعة ضلالة » أخرجه البخاري ،
« فالبدعة الضلالة » : هي ما يخالف الكتاب ، أو السنّة ، أو عمل الصحابة ،
وفي الحديث : « من سنّ في الإسلام سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شئ .
ومن سنّ في الإسلام سنّة سيئة ، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شئ » أخرجه مسلم .
* * *
469 . « المحكم » و « المتشابه » في القرآن ، ما هما ؟
المستشرقون كثيرا ما يلغطون على القرآن ويسخرون من اضطراب معاني الآيات فيه ، ومن ذلك أنه قد ورد عن القرآن أنه :كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ( 1 ) ( هود ) ، وجاء عكس ذلك أيضا :اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً( 23 ) ( الزمر ) ،ثم ذكر في القرآن الضّدان معا :هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ( 7 ) ( آل عمران ) ،
فقالوا : إن الآيات الثلاث متعارضة ، مع أنه لا تعارض هناك البتة ولكنه نقص معرفتهم باللغة : فالمحكم في اللغة من الإحكام ، وهو المنع ، يقولون أحكم الأمر ، أي منعه أن يفسد ، وأحكمه عن الأمر أي منعه منه ، وحكم نفسه وحكم الناس - أي منع نفسه ومنعهم عمّا لا ينبغي ، وأحكم الفرس أي جعل له حكمة تشكمه وتمنعه أن يتهيّج ، وأتاه اللّه الحكمة ، أي المنعة أن يأتي السوء ؛
والمتشابه : هو المشاكل والمماثل المؤدّى إلى الالتباس ، تقول : تشابها ، واشتبها ، وأشبه كل منهما الآخر حتى التبسا ، وأمور مشتبهة ، ومشبّهة أي مشكلة ، والشبهة الالتباس ، وشبّه عليه لبّس عليه .
والقرآن في الآيات الثلاث ، فيه المحكم ، وفيه المتشابه ،
فالآية الأولى تدل على أنه كله محكم ،
والآية الثانية أنه كله متشابه ،
والثالثة أن بعضه محكم وبعضه متشابه ،
والمعنى في الآيات الثلاث واحد ، إلا أنه مرة يؤكد على جانب منه ، ومرة على جانب آخر وهكذا ؛ والإحكام يعنى أنه لا يأتيه باطل ولا خلل كالبناء المحكم المتين الرصين ؛ والتشابه يعنى أنه يشبه بعضه بعضا في الإحكام ، فلا يفضل بعضه على بعض وإن خفى هذا الإحكام على الناس ، فلما كان بعضه ظاهر الإحكام ، وبعضه خفيا إحكامه إلا على المدقّق ، فلهذا كان بعضه محكم وبعضه متشابه .
والمحكم اصطلاحا يكون بهذا المعنى السابق الذي يقابله المتشابه ، وهو اصطلاحا أيضا يقابله المنسوخ . وسواء بهذا المعنى أو بغيره فالمحكم هو المنيع الذي لا يتطرّق إليه النسخ ، والذي ليس فيه التباس ، ومعناه واضح لا خفاء فيه ، ولا يحتمل إلا تأويلا واحدا ، ولا يتطرق إليه إشكال ، وترجح دلالته ، والمتشابه بخلاف كل ذلك ، وهو المقابل له .
* * *
470 . فإن كان « المحكم » هو الأفضل والأوضح فلما ذا « المتشابه » ، وما الحكمة فيه ؟
نعلم أن المتشابه ما خفى مراد الشارع منه ، وقد يكون لفظا ، أو يكون معنى ، أو يكون لفظا ومعنى . والخفاء في اللفظ مثل قوله تعالى :وَفاكِهَةً وَأَبًّا( 31 ) ( عبس ) فما هو الأبّ ؟واللفظة كما نرى مفردة ، ومعنى الأبّ ما ترعاه البهائم ، وقد عرفنا ذلك من بقية الآية :مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ( 32 ) ( عبس ) ،
وبذلك يرتفع التشابه أو اللبس . ومثل ذلك في التشابه في المركّب ، كقوله تعالىوَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ( 3 ) ( النساء )
فالتحرّج من الزواج من اليتامى لم يذكر سببه ، فتولد اللبس عن ذلك ، وكان ذلك لأنهم كانوا يتحرّجون من ولاية اليتامى ولا يتحرّجون من الزنى ،
فأنزل اللّه الآية : فإن خفتم أن تجوروا على اليتامى فأقلعتم عن الزواج منهن ، فخافوا الزنى أيضا ، وتبدّلوا به الزواج الذي وسع اللّه عليكم فجعله مثنى وثلاث ورباع . وأما التشابه الراجع إلى الخفاء في المعنى فقط ، فمثاله ما جاء في القرآن وصفا للّه ، أو للساعة ، أو للجنة أو النار ، فهذه أشياء لا يتسنى أن نحصل عنها على جواب محكم ندركه إدراكنا للمحسوسات . وأما ما كان التشابه فيه لخفاء في اللفظ والمعنى معا ،
فمثاله الآية :وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها( 189 ) ( البقرة )
فقد كانت عادة العرب إذا أحرموا أن لا يدخلوا ولا يخرجوا من الأبواب ، وإنما ينقبون نقبا في ظهر البيت يدخلون ويخرجون منه ، فنزلت الآية أن ذلك ليس البرّ ، وإنما البرّ أن تتقوا اللّه .
والخفاء في الآية مصدره اللفظ والمعنى معا . والمتشابهات عموما إما أنها كذلك لأنها داخلة فيما لا يمكن العلم به كالساعة والقيامة ، وإما أن العلم بها يتطلب إعمال الفكر والبحث كما في الآية :اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ( 102 ) ( آل عمران ) ،
وإما أنها تشتبه على العامة ولا تشتبه على الخاصة الراسخين في العلم .
فإذا كانت المتشابهات هي الألفاظ الخفية المعنى والمعاني البعيدة والغامضة ، فلما ذا يأتي بها اللّه ، والقرآن ينبغي أن ينبسط للجميع عامة وخاصة ؟
والجواب : أن اللّه تعالى قد أتى بها لأن الناس ليسوا سواء في الذكاء والإدراك والمعرفة ، فمثلا صفاته تعالى كيف يدركها العامة ؟
فكان لا بد أن يكون الكلام فيها من باب المتشابهات .
والناس ليسوا سواء في الإيمان ، فمن صادفه متشابه وآمن به إيمانه بالمحكم فقد وعى الحقّ من ربّه ، ومن اتّبع المتشابه وأرغى فيه وأزبد فهذا الذي يبتغى الفتنة ، وإذن فالإتيان بالمتشابه مع المحكم إنما هو اختبار منه تعالى لإيمان المدّعين ، وهو ابتلاء للمؤمنين ، ثم إنه يناسب عقلية العوام وما تتخيله أو تتوهمه عن اللّه تعالى ، في حين أن المحكم هو ما يناسب الخواص ، وهم الراسخون في العلم ، يؤوّلونه التأويل الصحيح .
ولو كان القرآن محكما كله أو متشابها كله لكان المقصود به جماعة واحدة من الناس ، والمتشابه أدعى لإعمال الفكر فيكون المزيد من الثواب للباحثين ، وتحصيل المزيد من العلوم ، وبذلك يكون الخروج عن التقليد ، ويكون الاجتهاد في التفسير ، فله الحمد تعالى على ما أنعم وهدى ، وله المنّة وكل الشكر .
* * *
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله