اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل

22122019

مُساهمة 

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
«إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».
فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك.
وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.
فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره.
فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.
فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.
وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.
ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان.
وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.
وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور.
وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم.
وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.
فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.
فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.
وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.
كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.
فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.
فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى.
ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.
وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.
فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر :
كهز الرديني  ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.
فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.
وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما.
فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.
فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها».
حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».
فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون».
فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.
فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.
فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم.
وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره.
فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية.
واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».
فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب.
قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.
ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.
وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».
وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا.
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
16 - نقش فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
لما كانت له من حيث لا يشعر.
قالت بالقوة: إنه كتابٌ كريم.
وما ظهر ((آصف)) بالقوة على الإتيان بالعرش دون سليمان إلا ليعلم الحق أن شرف سليمان عظيم إذ كان لمن هو حسنة من حسناته له هذا الإقتدار [فما بالك بسليمان].
ولما قالت في عرشها: كأنه هو.
عثورٌ على علمها بتجديد الخلق في كل زمان فأتت بكاف التشبيه.
وأراها صرح القوارير "كأنه لجة" وما كان لجة.
كما أن العرش المرئي ليس عين العرش من حيث الصورة.
والجوهر واحد. وهذا سار في العالم كله.
والمُلك الذي لا ينبغي لأحدٍ من بعد الظهور بالمجموع على طريق التصرف فيه تسخير الرياح وتسخير الأرواح النارية.
لأنها أرواح في رياح. بغير حساب. لست محاسباً عليها.
 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
16 -  فك ختم الفص السليماني
 
1 / 16  - اعلم ان الرحمة تنقسم اولا على قسمين : أحدهما الرحمة الذاتية والاخرى الرحمة الصفاتية وكل واحد من هاتين الرحمتين تنقسم الى قسمين :
عامة وخاصة ، فيصير أربعة اصول هي الأمهات ، ثم يتفرع من هذه الأمهات ستة وتسعون فرعا فتكون مائة ، كما أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ان لله مائة رحمة "الحديث" .
 
2 / 16 - فقد نبه الحق سبحانه على ذلك بقوله في ام الكتاب: "بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيم" [الفاتحة / 1 - 3].
فاللتان في البسملة هما الذاتية العامة والخاصة، واللتان في الفاتحة هما الصفاتية العامة والخاصة وباقى الرحمات متفرعة عن هذه.
 
3 / 16 - وإذا عرفت هذا فاعلم: ان الرحمة الخصيصة بسليمان عليه السلام  من الرحمة العامة الصفاتية ومن حكم الرحمة الذاتية التي وسعت كل شيء، فكان بحكمها ايضا صفة العموم، ولهذا عم حكم سليمان وتصرفه في العالم، فسخر الله له العالم الأعلى والأسفل .
 
4 / 16 - واما تسخيره له العالم السفلى فواضح ، لتحكمه في الجن والانس والوحش والطير وسائر الحيوانات البرية والبحرية ، وتعدى حكمه الى العناصر ، فسخر الريح تجرى بامره وسخر له الماء يغوص له فيه الشياطين النارية ، وهذا من اعظم تسخيرات الجمع بين ما من النار مع الماء - مع تضاد طبائعهما.
ولذلك نبه سبحانه على ذلك بقوله: "ومن الشَّياطِينِ من يَغُوصُونَ لَه ويَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ" [ الأنبياء / 82 ] .
فأخبر ان كل ما كانوا يعملون له فهو دون غوصهم - لما ذكرت من صعوبة الجمع بين الاضداد - وسخرت له الأرض ايضا يتبوأ منها حيث يشاء.
 
5 / 16   - واما تسخير الجن له العالم العلوي فواضح ايضا عند المستبصرين ، فان كل ما تيسر له عليه السلام في هذا العالم فإنه من آثار تسخير الله له ذلك العالم وتعليمه إياه اسباب التصريفات. فافهم، فهذا من آثار حكم العام الخصيص بالرحمة العامة .
 
6 / 16  - واما الرحمة الخاصة الذاتية فهي العناية والمسماة ايضا بقدم صدق التي هي من آثار حب الحق بعض عباده ، لا لموجب معلوم على التعيين من علم او عمل او غيرهما من الأسباب والوسائل ، واليه الإشارة بقوله تعالى في حق الخضر : " آتَيْناه رَحْمَةً من عِنْدِنا وعَلَّمْناه من لَدُنَّا عِلْماً " [ الكهف / 65 ] .
 
7 / 16 - واما الرحمة الخاصة الصفاتية فخصيص بالسعداء وينقسم حكمها الى قسمين : قسم موقت وقسم غير موقت ، فالموقت يختص بالسعداء في الدنيا  الفائزين بنيل مراداتهم في غالب الأحوال والأوقات - دون الآخرة - ولهذا نبهنا الحق بما يفهم منه استثناء سليمان بقوله تعالى : " وإِنَّ لَه عِنْدَنا لَزُلْفى وحُسْنَ مَآبٍ " [ سورة ص / 40 ] فجمع له السعادتين فلم يكن سعادته موقتة ، بل ابدية الحكم . فافهم .
 
8 / 16 - واما حكم الرحمة الخاصة الغير الموقتة فيختص باهل الجنة ، لان نعيمهم ابدى كما قال تعالى : " عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ " [ هود / 108 ] فهو عطاء غير منقطع خالص من الانكاد غير مشوب بالأمور المنقصة كما قال تعالى : " قُلْ من حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِه والطَّيِّباتِ من الرِّزْقِ ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا في الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ " [الأعراف / 32 ] فقوله " خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ " :
تنبيه على انها وان حصلت لمن حصلت له من المؤمنين هنا، فإنها تكون مشوبة بالانكاد  والغصص لا تعطيه خواص هذا الموطن والنشأة الامشاجية ، وانما تخلص للسعداء في الجنة فإنها محل مقدس سليم من كل ما يوجب كدرا او نكدا ، لأنها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الكرسي وسقفها عرش الرحمن المحيط بجميع الصور كالاحاطة اسم الرحمن بجميع الموجودات رحمة وعلما وحكما ، فافهم .
 
9 / 16  - واما الكرسي فمظهر الاسم الرحيم الذي له التخصيص ومستواه ، كما ان العرش مستوى الاسم الرحمن دون غيره وله العموم وقد نبهت فيما مر على ان كل سماء من محل حكم اسم من اسماء الحق ومستواه ، واسناد تلك السماء الى الحق انما يكون من حيثية ذلك الاسم ، ومن مقامه تعيين الامر الموحى به الى تلك السماء المشار اليه بقوله تعالى : " وأَوْحى في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها " [ فصلت / 12 ] .
فتذكر فقد عرفتك انقسام الرحمة الذاتية الى عامة وخاصة، وكذلك الصفاتية وعينتها لك وعرفتك ان الرحمة التي وسعت كل شيء هي الوجود ، وان الاسم الرحمن اسم للحق من كونه وجودا محضا منبسطا نوره على الممكنات الموجودة .
كما أخبر سبحانه عن ذلك بقوله : " الله نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ " [ النور / 35 ] ثم ذكر مراتب ظهورات النور وامثلة مواد مظاهرها .
 
10 / 16 - فاعلم ان لهذا الوجود من حيث مبدأ انبساطه وتعينه من غيب هوية الحق مراتب كلية في التعين والظهور .
أولها عالم المعاني .
ثم عالم الأرواح التي نسبتها الى مرتبة الظهور أتم من نسبة عالم المعاني .
ثم عالم المثال المجسد الأرواح والمعاني ، بمعنى انه لا يظهر ولا يتعين فيه شيء الا متجسدا.
ثم عالم الحس الذي اوله صورة العرش المحيط بجميع الأجسام المحسوسة المحدد للجهات، وبه انتهى ، اى استوى السير المعنوي الوجودي الصادر من غيب الهوية في مراتبه الكلية للظهور الذي غايته عالم الحس ، لان تعينات الوجود وتنوعات ظهوره بعد العرش انما هو تفصيل وتركيب .
فوضح ان في العرش وبه تمت درجات الظهور - كما بينا - ولهذا أضيف الاستواء الى الاسم الرحمن دون غيره من الأسماء لما مر من ان الرحمن صورة الرحمة التي وسعت كل شيء وانتهت ظهوراته الكلية في العرش .
 
11 / 16  - واما الحكم العام الوجودي فإنه يظهر في كل مرتبة من المراتب الأربعة الكلية المذكورة ويتفصل فيها يليها من المراتب التفصيلية بحسب تلك المرتبة .
فان فهمت ما نبهت عليه في فص هذه الحكمة السليمانية استشرفت على اسرار غريبة من جملتها سر الاستواء، فتلقاه صادقا بمعنى التمامية في درجات السير المعنوي لتكمل مراتب ظهورات الوجود وبمعنى الاستيلاء الحكمي المنبث من العرش وبه ومما فوقه من الملإ الأعلى في السموات والأرض وما فيها وما بينهما، وعرفت بقية معانى الاستواء.
عرفت ايضا ان ما بعد العرش من الصور الاحكام تفاصيل ظهورات الوجود وأحكامه، يجتمع في كل موجود منها جملة بحسب ما يقبله استعداده ويقتضيه سعة دائرته المعنوية .
 
12 / 16  - ولم يزل الامر يتدرج في الجميع والظهور حتى انتهى الامر الى النوع الإنساني ، فكان هدفا لجميع القوى الطبيعية والاحكام الاسمائية الوجوبية والتوجهات الملكية والآثار الفلكية ومحل جمعها ، وقد سبق التنبيه على كل ذلك .
 
13 / 16 - لكن ينبغي لك ان تعلم ان انبساط هذه الاحكام والآثار والخواص يختلف تعيناتها وظهوراتها واجتماعاتها في عرض المرتبة الانسانية بحسب درجات الاعتدال المتعينة بامزجة الأناسي وفيها ، وهي سبب تعينات مراتب أرواحهم ، ان تفاوت تعينات الأرواح الجزئية الانسانية هو بحسب التفاوت الواقع في درجات اعتدال امزجة أربابها .
 
14 / 16 - ثم أقول : ولم يزل الاحكام والآثار المذكورة وخواص الظهورات التعينية تبرز من الغيب الى الشهادة ومن القوة الى الفعل ومن حضرة البطون الى حضرة الظهور في الطور الإنساني ايضا ، كالامر فيما ذكر من قبل بالتدريج والحكم والفعل ، حتى انتهى الامر من الوجه المذكور الى داود وسليمان عليهما السلام .
وكان داود مظهر كليات تلك الاحكام الاسمائية والصفات الربانية والآثار الروحانية والقوى الطبيعية مستجمعها ، فاستحق لظهور مقام  الخلافة وأحكامها واحكام الحكمة وفصل الخطاب وورثه سليمان في الجمع وزاد بالتفصيل الفعلى والحكم الظاهر الجلي والتسخير العام الكلى العلى.
 
15 / 16  - فما ظهر في الوجود احد من الناس اعظم ملكا ولا اعم حكما منه ولا يظهر بعده ، لأنه لما بلغ ظهور ما قدر الله ظهوره من اسرار الربوبية والأمور التي سبق ذكرها المضافة الى الحق والى الكون من حضرة العلم الى اقصى درجات الظهور المعلومة عند الله ، وقع التحجير  باجابة دعوته ، فعادت هذه الأمور بعد كمال ظهورها راجعة من حضرة الظهور الى حضرة البطون بنحو من التدريج الواقع في ازمنة بروزها من حضرة البطون الى حضرة الظهور.
فإنه ما ثمة الا ظهور من بطون او بطون من ظهور، فما نقص من الباطن اخذه الظاهر وبالعكس .
 
16 / 16 - ولما كانت نسبة حكم الرحمة العامة الخصيصة بحال سليمان عليه السلام الى حقيقة الرحمة العامة نسبة الصفة الى الموصوف مع اشتراكهما ايضا في الحيطة وعموم الأثر.
وكان ما أعطيه سليمان عطاء ممزوجا من حقيقة الرحمة وحكمها، فتوقف ميل ما منحه على الدعاء الذي هو من سر حكم الرحمة باعتبار امتياز الصفة عن الموصوف ونزولها عن درجة الموصوف بها ومن حيث الهام الحق إياه الدعاء واجابته لدعائه واخبار الحق له بقوله: " فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ " [ ص / 39 ] هو سر الرحمة الذاتية العامة ، فافهم .
 
17 / 16 -  فهذا ما قدر الله ذكره من اسرار احوال سليمان عليه السلام مما لم ينبه عليه شيخنا رضى الله عنه ، ولو بسطت القول في بيان اسرار أحواله ما اطلعت عليه لطال الكلام ونبت عنه الافهام ، فليكتف الألباء بما يسر الله ذكره ، والله المرشد.

كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية :
مصطلحات الرحم - الرحمة – الرحمن – الرحيم - الرحموت

مصطلح سليمان
في اللغة سليمان : نبي وملك ، ابن النبي داود عليه السلام .
في القرآن الكريم :وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (17) مرة ، منها قوله تعالى : " ولقد آتينا داود وسليمان علما ".
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي
" سليمان : هو المرشد الكامل الذي بيده خاتم الحقيقة ، وبه يحفظ أقاليم القلوب ويطلع على أسرار الغيوب . فالكل ينقاد له إما طوعا أو كرها ".
في اللغة
" رحم : علاقة القرابة وسببها " .
" الرحمة : رقة القلب : والعطف والإحسان .
الرحمن : الكثير الرحمة ، وهو اسم مقصور على الله تعالى .
الرحيم : كثير الرحمة ، وهو من أسماء الله الحسنى .
الرحموت : الرحمة " .

في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الرحم : جنة الله تعالى ، وهي جنة الشهادة التي شهد لنفسه بالوحدانية ، وجنة الشفاعة التي يشفع فيها الموحدون على قدر جاههم ، وجنة الشقا ، وهي جنة المشتاقين إلى لقاء الله تعالى".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الرحمة : هو خلق مركب من الود والجزع . والرحمة لا تكون الا لمن يظهر منه لراحمه خلة مكروهة ، إما نقيصة وإما محنة عارضة ، فالرحمة هي محبة للمرحوم مع جزع من الحال التي من أجلها رحم ، وهذه الحال مستحسنة ، ما لم تخرج بصاحبها عن العدل ، ولم تنته إلى الجور وإلى فساد السياسة . فليس بمحمود رحمة القاتل عند القود ، والجاني عند القصاص " .

يقول الشيخ داود القيصري:
" الرحمة : هي صفة من الصفات الإلهية ، وهي حقيقة واحدة لكنها تنقسم بالذاتية الصفاتية ، أي : تقتضيها أسماء الذات وأسماء الصفات ، وكل منهما عامة وخاصة فصارت أربعا ، ويتفرع منها إلى أن يصير المجموع مائة رحمة وإليها أشار رسول الله بقوله : "إن لله مائة رحمة أعطى واحدة منها إلى لأهل الدنيا كلها وادخر تسعا وتسعين إلى الآخرة يرحم بها عباده ". "

يقول الشريف الجرجاني :
" الرحمة : هي إرادة إيصال الخير " .

يقول الشيخ علي الخواص :
" الرحمة : هي أول موجود ظهر في العماء ، التي مظهرها الصورة المحمدية والرحمة التي صدر الوجود عنها كلمة تستمد أيضا من وجود محمد صلى الله عليه وسلم "الرحمة المهداة – بالمؤمنين رؤوف رحيم "  " .

يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" الرحمة : هي نور ساكن في الذات ، يقتضي الرأفة والحنانة على سائر الخلق ، وهو ناشيء عن الرحمة الواصلة من الله ـ عز وجل ـ " .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 1 يناير 2020 - 16:41 عدل 3 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 22 ديسمبر 2019 - 23:56 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى :-     الجزء الثاني
تابع كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية :
يقول الشيخ أحمد بن فارس:
رسول الله  صلى الله عليه وسلم  " من أسمائه الرحمة ، قال الله جل ثناؤه : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ، وقال رسول الله : ( يا أيها الناس إنما أنا لكم رحمة مهداة ) .
والرحمة في كلام العرب العطف والإشفاق ؛ لأنه كان بالمؤمنين رحيما ، كما وصفه الله جل ثناؤه فقال : ( عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
فكان من الرأفة والرحمة بالمكان الذي لا يخفى "
تقول الدكتورة سعاد الحكيم: الرحمة عند ابن العربي :
الرحمة هي منح الوجود للموجودات ، أو منح كل موجود وجوده الخاص به في الصورة التي تقتضيها طبيعته ذاتها " .
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني:
الرحمة : اسم للحق باعتبار الجمعية الاسمائية التي في الحضرة الإلهية الفائض منها الوجود وما يتبعه من الكمالات على جميع الممكنات " .
يقول الباحث محمد غازي عرابي : 
الرحمة : ما خص الله به عباده من رحمة قبل الخلق وبعده .

والرحمة : باب إلهي وسع المخلوقات جميعا ، إذ ما من دابة إلا وعلى الله رزقها .
والرحمة : التيسير الإلهي للانتفاع بالسبل . فهي توجيه نحو الهدف المطلوب والمعين في الأزل أصلا لصلاح هذا الوجود . فالرحمة على التحقيق ، انتشار العباد في الأرض ، وقد يسر كل منهم لما خلق له " .

في اصطلاح الكسنزان:
الرحمة : هي نور المعرفة بالله تعالى ، يقول سبحانه : ( آتيناه رحمة من عندنا ) .

الرحمة : هي صفة إلهية تجسدت في الصورة المحمدية ، فتكونت بالهيئة النبوية المحمدية ، ولأنها مطلقة أخبر عنها سبحانه بأنها مهداة للعالمين

الرحمة في مفهوم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :

" حار قراء ابن العربي الطائي الحاتمي المقربون في لمس الخيط الجامع بين كلمتي ( رحمة ووجود ) وفي السببية التي أخرج بها الرحمة من دائرة الشفقة والرضى ( ناحية لغوية - خلقية ) لصبغها صبغة ميتافيزيقية ( رحمة = وجود ) .
ولإلقاء ضوء على هذه النقطة لا بد من الرجوع إلى بدء خلق العالم وإيجاده كما يتصوره شيخنا الأكبر ، فهناك مفتاح تلك النقلة .
ونكتفي من ( بدء الخلق ) بموقف واحد معين يبين مرادنا على أن نقتسمه بين طرفين
( طبعا قسمة اعتبارية ، فكل ثنائية عند ابن العربي الطائي الحاتمي هي تمييز اعتباري لا أكثر ) : الذات الإلهية من ناحية
والأسماء الحسنى من ناحية ثانية .
- اجتمعت الأسماء الحسنى في الحضرة الإلهية الذاتية ، وبعد ما أخذ كل اسم فيها مرتبته بدأت تتفاخر بحقائقها ، ثم لم تلبث أن تعطشت إلى ظهور آثارها في الوجود ، فلجأت مضطرة قاصدة الذات الإلهية سائلة إياها وجود الكون الذي يظهر فيه حقائقها .
- إن الذات الإلهية رحمت الأسماء وقبلت طلبها بوجود العالم وظهور أعيانها ، وكان ذلك في حضرة الرحمة وفيض المنة . ثم ينسحب هذا الموقف على كل الأعيان ، من حيث أن لكل عين وجودا يطلبه الله ، فيرحمه الله بقبول رغبته في وجود عينه . ونستخلص من هذا الموقف أن :
1. الرحمة احتفظت بنشأتها اللغوية ( رأفة = رضى ) فالحق رأف بالأعيان ، وقبل أي رضي بوجودها العيني .
2. رغم نشأة الرحمة اللغوية ، يوحدها الشيخ ابن العربي   بنتيجتها ، أي أن نتيجة رحمة الحق الأعيان هو : الوجود ، إذن الرحمة هي الوجود ، ومن هنا جاءت صيغتها الميتافيزيقية ، وهذه النقطة الأخيرة تترفع بالرحمة عن سذاجتها اللغوية لتعطيها صفات الوجود ، من حيث سريانه في جميع الموجودات وقبوله لكل المتناقضات ، حتى ما يخيل للناظر أنه يناقض الرحمة نفسها كالآلام مثلا .
ولذلك ينتفي المفهوم الخلقي العادي المتعارف في موقف كهذا .
" بعدما جردنا الرحمة من كافة صفاتها وأسمائها بغية بيان مضمونها ، نرجع إلى دفق الأسماء هذا الذي يغمر الفتوحات وغيره من كتب ابن العربي الطائي الحاتمي ، ولكن هذه الأسماء على كثرتها إلى رحمات أربع تنقسم إليها رحمة الله :
1. الرحمة الإمتنانية .
2. الرحمة الواجبة .
3. الرحمة السابقة .
4. الرحمة الخاصة .

يقول الإمام علي بن أبي طالب عن الرحمة :
"هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته . واتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته".


ويقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي :
" قال بعض العارفين : إذا فاض بحر الرحمة تلاشى كل زلة ؛ لأن الرحمة لم تزل ولا تزال ، والزلة لم تكن ثم كانت ، وما لم يكن ثم كان كيف يقاوم ما لم يزل ولا يزال " .


ويقول الشيخ محمد أبو المواهب الشاذلي :" الرحمة رحمتان : رحمة مختصة بوصف النعمة ، ورحمة مرتبة بوضع الحكمة . فالأولى صرف جود وفضل . والثانية قد مازجها حكم الحكمة وعدل . مثال الأولى كمن أدخل الجنة بغير حساب ، والثانية كمن ادخلها بعد العذاب " .


ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" الرحمة ذاتية وصفاتية ، وكل منها عامة وخاصة .
فالذاتيتان ، هما المذكورتان في البسملة في قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم ).
والصفاتيتان ، هما المذكورتان في الفاتحة في قوله : ( الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم) …
وتسمى الرحمة الذاتية : بالامتنانية الحبية ... وعموم هذه الرحمة شمل كل شيء ... أما الرحمة الذاتية الخاصة فهي الرحمة الرحيمية المقيدة بالمتقين والمحسنين ، كما في قوله تعالى : ( إن رحمت الله قريب من المحسنين ) ، وهي التي أوجبها على نفسه في قوله : ( كتب على نفسه الرحمة ) ...
وأما الرحمة الرحمانية الصفاتية العامة : فهي الرحمة التي أخرجها الحق تعالى إلى أهل الدنيا ، فبها يتراحمون ويتواصلون ...وأما الرحمة الرحيمية الخاصة الصفاتية ، فهي التي يرحم بها تعالى من يشاء من عباده ، وهي التي تتوقف على المشيئة الربانية ، كما قال : (والله يختص برحمته من يشاء ) ونحو ذلك .
وهي التي يتخلق بها المتخلقون ، ويتحقق بها المتحققون من رسول ونبي وولي كامل ، وهي التي وصف الحق تعالى بها محمدا في قوله : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) " .
ويقول : " اعلم أن الرحمة ذاتية وصفاتية . وكل منهما عام وخاص . 
فالرحمة التي سبقت الغضب ، هي الرحمة الصفاتية الخاصة بالمؤمنين ، في الدار الآخرة . وهي رحمة خالصة من كل كدر ، غير مشوبة بأقل ضرر .
وأما الرحمة الذاتية العامة ، فهي رحمة الإيجاد العامة ، المتعلقة بكل ممكن " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : " إن الرحمة لها أثر بوجهين :
أثر بالذات : وهو إيجادها كل عين موجودة ، ولا تنظر إلى غرض ، ولا إلى عدم غرض ولا إلى ملائم ، ولا إلى غير ملائم ، فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده . بل تنظره في عين ثبوته ...

ولها أثر آخر بالسؤال : فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم الله فيقولون : يا الله إرحمنا ، ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم ، فلها الحكم ؛ لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم
بالمحل ، فهو الراحم على الحقيقة ، فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا ، فمن ذكرته الرحمة فقد رحم " .
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :" الرحمة حكم لا عين . فلو كانت عينا وجوديا لانتهت وضاقت عن حصول ما لا يتناهى فيها ، وإنما هي حكم يحدث في الموجودات بحدوث أعيان الموجودات من الرحمن الرحيم " .


ويقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :" الرحمة بما هي في الاسم الله الجامع من البسملة : هي رحمته بالبواطن ، وبما هي ظاهرة في الرحمن الرحيم : هي رحمته بالظواهر ، فعمت فعظم الرجاء للجميع . وما من سورة من سور القرآن إلا والبسملة في أولها ، فأولناها أنها إعلام من الله بالمآل إلى الرحمة " .
 
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
الرحمة للعالمين : هو رسول الله ، أما الولي فرحمة في العالمين.


في الفرق بين رحمة الإمتنان ورحمة الوجوب
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" قوله : ( الرحمن الرحيم ) ، فهو رحمن بالرحمتين العامة ، وهي رحمة الامتنان .
وهو رحيم بالرحمة الخاصة ، وهي الواجبة في قوله : " فسأكتبها للذين يتقون " ...
وأما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل .
وبرحمة الامتنان رحم الله من وفقه للعمل الصالح الذي أوجب له الرحمة الواجبة فيها " .

تقول الدكتورة سعاد الحكيم:
 " الرحمة الإلهية عند ابن العربي الطائي الحاتمي : هي أم لجميع الموجودات ، من حيث أنها وسعت وجمعت كل شيء : (قال عذابي أصيب به من أشاء) ، (ورحمتي وسعت كل شيء ) " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الرحمة الإلهية : هي التي أوجدها الله في عباده ليتراحموا بها ، مخلوقة من الرحمة الذاتية التي أوجد الله بها العالم حين أحب أن يعرف ، وبها كتب على نفسه الرحمة . وهذه الرحمة المكتوبة منفعلة عن الرحمة الذاتية ، والرحمة الإمتنانية هي التي وسعت كل شيء " .
 
 مصطلح : الرحمة الامتنانية
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الرحمة الامتنانية : هي الرحمة المقتضية للنعم السابقة على العمل ، وهي التي وسعت كل شيء " .
ويقول : " الرحمة الامتنانية : هي السابقة أيضا ، سميت بذلك : لأن الله تعالى امتن بها على الخلائق قبل استحقاقها ؛ لأنها سابقة على ما يصدر منهم من الأفعال التي توجب لهم استحقاقها " .

ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الرحمة الإمتنانية الخاصة : يعنى بها رحمة الله تعالى لعبده ، بحيث وفقه للقيام بما يوجب له من الأفعال استحقاق الثواب عليها " .
مصطلح : الرحمة الوجوبية
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الرحمة الوجوبية : يعنى بها الرحمة المختصة بأهل التقوى والإحسان " .
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني
" الرحمة الوجوبية : هي الموعودة للمتقين والمحسنين ،وكان بها هو الرحيم . وباعتباره الرحيم افاض من كمالاته المعنوية على أهل الإيمان".

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" الرحمة الوجودية : هي الرحمة الموعودة للمتقين والمحسنين في قوله تعالى :  (فسأكتبها للذين يتقون) .
وفي قوله تعالى : ( إن رحمت الله قريب من المحسنين ) ، وهي داخلة في الامتنانية ؛ لأن الوعد بها على العمل محض المنة " .

" الرحمة ( رحمة الامتنان ورحمة الوجوب - رحمة الفضل ورحمة الرضى ) .
يقول العربي الطائي الحاتمي الرحمة رحمتان :
رحمة عامة تفضل بها الاسم الرحمن . هي رحمة الامتنان أو رحمة الفضل .
ورحمة خاصة أوجبها الاسم الرحيم هي رحمة الوجوب أو رحمة الرضى .
ثم لا يلبث الشيخ الأكبر أن يرجع رحمة الوجوب إلى رحمة الامتنان ، فكل وجوب كان : بعمل امتنه الله في البدء .
يقول " فأتى الله سبحانه وتعالى سليمان بالرحمتين :
رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما : الرحمن الرحيم .
فامتن بالرحمن ، وأوجب بالرحيم . وهذا الوجوب من الامتنان . فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن . فإنه كتب على نفسه الرحمة
سبحانه ، ليكون ذلك للعبد بما ذكره للحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد ، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة - أعني رحمة الوجوب ... " .

كما يقول : " رحمة الله قاصرة على أعيان مخصوصين ، كما تكون بالوجوب في قوم منعوتين بنعت خاص .
وفيمن لا ينالها بصفة مقيدة وجوبا ، تناله الرحمة من باب الامتنان ، كما نالت هذا الذي استحقها ، ووجبت له الصفة التي اعطته فاتصفت بها ، فوجبت له الرحمة .
فالكل على طريق الامتنان نالها ونالته فما ثم إلا : منة الهية أصلا وفرعا ... " .
يقول : " فهو الله تعالى رحمن : بالرحمة العامة وهي رحمة الامتنان ، وهو رحيم : بالرحمة الخاصة وهي الواجبة في قوله : ( فسأكتبها للذين يتقون ) . وقوله : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) .
وأما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل ... وهي رحمة عناية ... يقول من غضب الله عليه : امتن علينا بالرحمة التي مننت بها على أولئك ( غير المغضوب عليهم ) ابتداء من غير استحقاق ... " .
كما يظهر من النص التالي كيف أن رحمة الامتنان : رحمة عامة مطلقة ، ورحمة الوجوب : رحمة مقيدة .
يقول : " ... الرحمتان اللتان ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان
العرب : الرحمن الرحيم . فقيد : رحمة الوجوب . وأطلق : رحمة الامتنان ... " . .


مصطلح  الآن – الأنات - آوان


يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الآن الدائم : هو امتداد الحضرة الإلهية الذي يندرج به الأزل في الأبد ، وكلاهما في الوقت الحاضر ، لظهور ما في الأزل على أحايين الأبد ، وكون كل حين منها مجمع الأزل والأبد ، فيتحد به الأزل والأبد والوقت الحاضر ، فلذلك يقال له باطن الزمان
( و ) أصل الزمان ؛ لأن الآنات الزمانية نقوش عليه وتغيرات تظهر بها أحكامه وصوره وهو ثابت على حاله دائما سرمدا ، وقد يضاف إلى الحضرة العندية كقوله : " ليس عند ربك صباح ولا مساء " " .

يقول عبد الرزاق القاشاني :
بقاء ذلك الشخص على فنائه، الذي هو من مقتضى عدم ماهيته، فوصول هذه المدد دائما مع الآنات هو الخلق الجديد الذي فهمه علماء الحقيقة، مما ورد بلسان الشريعة في قوله تعالى: بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (ق: 15) .
ومثال ذلك في الشاهد ما يشاهد من ظهور الترجيح المذكور والاقتضاء العدمي كصورة تحلل الغذاء مع الآنات،
وقيام البدل عما يتحلل مقامه، وكذا في صورة النفس عند استنشاق النسيم البارد، عوضا عما يدفع القلب بالنفس مع دخانية،
هكذا مع الأنفاس، وكذا في سريان دهن السراج في الفتيلة عوضا، عما يتحلل منها، وغير ذلك من صور الكائنات، التي لا تردد عند العقل في دوام تجدد إمدادها." أهـ


مصطلحات النسب -  ناسب – الانتساب -  النسبة
في اللغة :
" انتسب الشخص : 1-  ذكر نسبه .  2 - انتمى .
النسب : تتابع النسل في الأسرة " .
" ناسب يناسب مناسبة :
 1 . ناسبه الأمر أو الشيء : لائمه ووافق مزاجه .
2 . ناسبه : شاركه في النسب وصاهره " .
" النسبة : 1- مقدار . 2 -  علاقة وارتباط بين شيئين .
3. تماثل بين علاقات الأشياء أو الكميات .

الانتساب الروحي في اصطلاح الكسنزان
نقول : في أصول الطريقة إذا سئل المريد أنت ابن من ؟ فعليه أن يقول : أنا ابن الرسول ، (من باب سلمان منا آل البيت) .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
علم الانتساب : هو من علوم منزل القرآن من الحضرة المحمدية ، أعني انتساب الفروع إلى أصولها ومن ألحق فرعا بغير أصله ما حكم الله فيه من طريق الكشف ؟  .

يقول الإمام محمد ماضي أبو العزائم :
" النسب إلى الله تعالى قسمان : نسب به يقبل عليك ، ونسب به تقبل عليه .
فإذا تجمل بهما الإنسان كان مع الله وكان الله معه ،وصار محبوبا لله ، مرادا لذاته ، وأي شرف أعظم وأكمل من اتصال نسب العبد لله تعالى".

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي
: " قال بعض الكبار : ... النسب : التقوى " .

يقول الشيخ محمد بن علي الترمذي :
" الأنساب كلها منقطعة إلا من كانت نسبته صحيحة في عبودية ربه ، فإن تلك نسبة لا تنقطع أبدا : وتلك النسبة المفتخر بها ، لا الأجناس من الآباء والأمهات والأولاد " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" ما اعتبر الله إلا النسب الديني ، وبه يقع التوارث بين الناس .
فإذا اجتمع في الشخص النسب الديني والطيني حينئذ له أن يحجب ما يحجبه من النسب الديني والطيني .
فإذا لم يكن له نسب طيني وله نسب ديني ، رجع على دينه .
لم يحجبوا بالنسب الطيني وراثته عن النسب الديني ، فورثه المسلمون ، أو يكون كافر فيرثه الكفار .
وإن كان ذو نسب طيني وليس له نسب ديني فيرثه المسلمون ، فما إلا خرج عن دينه تعالى ، فإن نسب التقوى يعم كل نحلة وملة إن عقلت .
فمن حيث أن العالم عيال الله رزقهم ، ومن حيث أن فيهم من هو أهل له اعتنى بهم فأشفق عليهم ، ومن حيث أنهم مخلوقون على الصورة على وجه الكمال استنابهم ، ومن حيث أن بعضهم على بعض الصورة رفق بهم " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
علم الانتساب إلى الله : هو من علوم منزل اشتراك النفوس والأرواح في الصفات ، وهو من حضرة الغيرة المحمدية من الاسم الودود ، ومنه يعلم من ينبغي أن ينسب إلى الله ، وبماذا يقع النسب إلى الله الزائد على العبودية  .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" المناسبة الجمعية ... هي أن تكون مراتب العبد مستوعبة لما تحتوي عليه الحضرتان ، أعني حضرة الوجوب والإمكان " .
المناسبة المرآتية
ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" المناسبة المرآتية ... هي كون العبد ظاهر المرآة من أحكام الكثرة الموجبة لتأثير المظهر في التجلي ، الذي يظهر فيه حتى تصير الصفات الظاهرة فيه منصبغة بأحكامه " .


يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن الإنتساب لله:
" المناسبة الذاتية بين الحق وعبده من وجهين :
إما ( بأن ) لا تؤثر أحكام ( تعين العبد وصفات كثرته في أحكام وجوب الحق ) ووحدته ، بل يتأثر منها ، وتنصبغ ظلمة كثرته بنور وحدته .
وأما بأن يتصف العبد بصفات الحق ، ويتحقق بأسمائه كلها .
فإن اتفق الأمران ، فذلك العبد هو الكامل المقصود لعينه .
وإن اتفق الأمر الأول بدون الثاني : فهو المحبوب المقرب .
وحصول الثاني بدون الأول محال وفي كلا الأمرين مراتب كثيرة :
أما في الأمر الأول : فبحسب شدة غلبة نور الوحدة على الكثرة وضعفها ، وقوة استيلاء أحكام الوجوب على أحكام الإمكان وضعفه .
وأما في الأمر الثاني : فبحسب استيعاب تحقيقه بالأسماء كلها وعدمه ، بالتحقق ببعضا دون البعض " .

يقول الشيخ السراج الطوسي :
 " النسبة : الحال الذي يتعرف به صاحبه ، بمعنى انتسابه إليه " .

يقول الشيخ أحمد زروق :
" اختلاف النسب قد يكون لاختلاف الحقائق ،وقد يكون لاختلاف المراتب في الحقيقة الواحدة".

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" إن ما تسميه المتكلمون صفة ، يسيمه أهل الله نسبة ، حيث لم يرد لفظ الصفة في حقه تعالى في الكتاب ولا في السنة ، بل نزه تعالى نفسه عن الصفة " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
علم ألفة النسب : هو من علوم منزل الظلمات المحمودة والأنوار المشهودة ، ومنه يعلم هل يقع بين المتناسبين افتراق معنوي أم لا  .
ويقول الشيخ : " علم نسبة الله إلى الأشياء : هو من علوم منزل العندية الإلهية والصف الأول عند الله تعالى ، ومنه يعلم هل هو عين نسبة الأشياء إلى الله أو تختلف؟  .
 
يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
علم كيفية مشاهدة النسب مع أن النسب عدمية : هو من علوم القوم الكشفية ، ومنه يعلم حقيقة الموت - فإنه نسبة عدمية وحقيقته عدم الحياة - وفيمن يتحكم الموت ؟ فإنه لا حكم له إلا في المركبات دون البسائط كما هو معلوم من الأدلة  .

يقول الشيخ بالي زاده أفندي :
" النسب الإلهية : أي الصفات الإلهية التي تثبت للحق ، كالخالق والرزاق وغير ذلك من الصفات الإضافية ... أظهرت أعياننا الخارجية هذه الصفات .. فنحن بعبوديتنا أظهرنا معبوديته كما أظهرنا بأعياننا الخارجية ألوهيته ، وهي اتصافه بجميع الصفات " .

يقول الشريف الجرجاني:
" النسبة الثبوتية : لثبوت شيء لشيء على وجه هو هو " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" النسبة الأولى : هي النسبة السوائية ، فإن أولى النسب لابد وأن يكون أعلاها " .
نسبة التفارق بالذات "
يقول الشيخ ولي الله الدهلوي:
النسبة  : " التفارق بالذات والتصاق بالعرض : هذه النسبة واقعة بين ذات الله وأسمائه ، وبين اسم واسم آخر ، فالذات عين الأسماء من وجه وغيرها من وجه " .
 
موضوع : كل عبد هو مظهر لاسم من الأسماء الإلهية
يرى الشيخ ابن العربي :
ان كل عبد هو مظهر لاسم من الأسماء الإلهية، وبذلك يختلف العبيد فيما بينهم، فمنهم: عبد اللّه ( محمد صلى اللّه عليه وسلم) وهو أكمل المخلوقات من حيث إنه مظهرا لاسم اللّه الجامع للأسماء الإلهية كافة. مثل " عبد الرحمن - عبد الرحيم - عبد الملك - عبد القدوس - عبد السلام. . . حتى يستوفي الأسماء الإلهية "
المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة د. سعاد الحكيم (ص: 510)
"فالأولياء بالنسبة للمريدين وعامة الناس امرهم كله غرابا"

موضوع : المشاهدة رؤية الأشياء بدلائل التوحيد

يقول الشيخ في الفتوحات المكية الباب العاشر ومائتان في المكاشف  :-
المشاهدة عند الطائفة رؤية الأشياء بدلائل التوحيد ورؤيته في الأشياء وحقيقتها اليقين من غير شك .
قالت بلقيس كَأَنَّهُ هُوَ وهو كان لم يكن غيره فطلبنا عين السبب الموجب لجهلها به حتى قالت : "كَأَنَّهُ هُوَ " فعلمنا إن ذلك حصل لها من وقوفها مع الحركة المعهودة في قطع المسافة البعيدة.
وهذا القول الذي صدر منها يدل عندي أنها لم تكن كما قيل متولدة بين الإنس والجان إذ لو كانت كذلك لما بعد عليها مثل هذا من حيث علمها بأبيها وما تجده في نفسها من القوة على ذلك .
حيث كان أبوها من الجان على ما قيل فهذا شهود حاصل وعين مشهودة وعلم ما حصل لأن متعلق العلم المطلوب هنا .
إنما هو نسبة هذا العرش المشهود إليها كما هو في نفس الأمر ولم تعلم ذلك .
كما إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأت جبريل في صورة دحية ما قالت كأنه هو وإنما قالت هو دحية . ولم يكن في نفس الأمر دحية .
وهذا على النقيض من قصة بلقيس واشتركا في الشهود وعدم العلم بالمشهود من حيث نسبته لا من حيث ما شوهد
والسبب في هذا الجهل أنهم ما علموا من دحية إلا الصورة الجسدية لا غير
فما علموا دحية على الحقيقة وإنما علموا صورة الجسم التي انطلق عليها اسم دحية
وعلى الحقيقة ما انطلق الاسم إلا على الجملة فتخيلوا لما شاهدوا الصورة أن الكل تابع لهذه الصورة وليس الأمر كذلك .
فإن البصر يقصر عن إدراك الفارق بين القوتين في الشبه إذا حضر أحدهما دون الآخر .
فلو حضرا معا عنده لفرق بينهما بالمكان .
والمسألة في نفسها شديدة الغموض ولا سيما في العلم الإلهي .
لأن النفس الناطقة التي هي روح الإنسان المسماة زيد إلا يستحيل عليها إن تدبر صورتين جسميتين فصاعدا إلى آلاف من الصور الجسمية وكل صورة هي زيد عينها ليست غير زيد .
ولو اختلفت الصور أو تشابهت لكان المرئي المشهود عين زيد كما تقول في جسم زيد الواحد مع اختلاف أعضائه في الصورة من رأس وجبين وحاجب وعين ووجنة وخد وأنف وفم وعنق ويد ورجل وغير ذلك من جميع أعضائه
أي شيء شاهدت منه تقول فيه رأيت زيدا وتصدق كذلك تلك الصور إذا وقعت ويدبرها روح واحد
إلا إن الخلل وقع هنا عند الرؤية لعدم اتصال الصور كاتصال الأعضاء في الجسم الواحد فلو شاهد الاتصال الذي بين الصور
لقال في كل صورة شهدها هذا زيد
كما يفعل المكاشف إذا شاهد نفسه في كل طبقة من طباق الأفلاك لأن له في كل فلك صورة تدبر تلك الصور روح واحدة وهي روح زيد مثلا  وهذا شهود حق في خلق

قالت الطائفة في المشاهدة إنها تطلق بإزاء ثلاثة معان :
منها مشاهدة الخلق في الحق وهي رؤية الأشياء بدلائل التوحيد كما قدمناه
ومنها مشاهدة الحق في الخلق وهي رؤية الحق في الأشياء
ومنها مشاهدة الحق بلا الخلق وهي حقيقة اليقين بلا شك فأما قولهم رؤية الأشياء بدلائل التوحيد فإنهم يريدون أحدية كل موجود ذلك عين الدليل على أحدية الحق ، فهذا دليل على أحديته لا على عينه
وأما إشارتهم إلى رؤية الحق في الأشياء فهو الوجه الذي له سبحانه في كل شيء وهو قوله إِذا أَرَدْناهُ فذلك التوجه هو الوجه الذي له في الأشياء
فنفى الأثر فيه عن السبب إن كان أوجده عند سبب مخلوق
وأما قولهم حقيقة اليقين بلا شك ولا ارتياب إذا لم تكن المشاهدة في حضرة التمثل كالتجلي الإلهي في الدار الآخرة الذي ينكرونه
فإذا تحول لهم في علامة يعرفونه بها أقروا به وعرفوه وهو عين الأول المنكور
وهو هذا الآخر المعروف فما أقروا إلا بالعلامة لا به فما عرفوا إلا محصورا ، فما عرفوا الحق. أهـ

موضوع : الفرق بين الرؤية والمشاهدة :

يقول الشيخ في الفتوحات الباب العاشر ومائتان :
ولهذا فرقنا بين الرؤية والمشاهدة وقلنا في المشاهدة إنها شهود الشاهد الذي في القلب من الحق وهو الذي قيد بالعلامة والرؤية ليست كذلك .
ولهذا قال موسى "رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ " وما قال أشهدني
فإنه مشهود له ما غاب عنه وكيف يغيب عن الأنبياء وليس يغيب عن الأولياء العارفين به فقال له لَنْ تَرانِي ولم يكن الجبل بأكرم على الله تعالى من موسى وإنما أحاله على الجبل لما قد ذكر سبحانه في قوله: " لَخَلْقُ السَّماواتِ والْأَرْضِ أَكْبَرُ من خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ".
والجبل من الأرض وموسى من الناس فخلق الجبل أكبر من خلق موسى من طريق المعنى أي نسبة الأرض والسماء إلى جانب الحق أكبر من خلق الناس من حيث ما فيهم من  سماء وأرض
فإنها في السماء والأرض معنى وصورة وهما في الناس معنى لا صورة والجامع بين المعنى والصورة أكبر في الدلالة ممن انفرد بأحدهما .
ولهذا قال "ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " فالحمد لله الذي جعلنا من القليل الذي يعلم ذلك
فجمع الجبل بين الصورة والمعنى ، فهو أكبر من جبل موسى المعنوي
إذ هو نسخة من العالم كما هو كل إنسان فإذا كان الجامع بين الأمرين وهو الأقوى والأحق باسم الجبل صار دكا عند التجلي فكيف يكون موسى حيث جبليته التي هي فيه معنى لا صورة ولما كانت الرؤية لا تصح إلا لمن يثبت لها إذا وقعت والجبل موصوف بالثبوت في نفسه وبالإثبات لغيره إذ كان الجبل هو الذي يسكن ميد الأرض .
ويقال فلان جبل من الجبال إذا كان يثبت عند الشدائد والأمور العظام
فلهذا أحاله على الجبل الذي من صفاته الثبوت
فإن ثبت الجبل إذا تجليت إليه فإنك ستراني من حيث ما فيك من ثبوت الجبل
فرؤية الله لا تطاق ..... فإنها كلها محاق
فلو أطاق الشهود خلق ..... أطاقه الأرض والطباق
فلم تكن رؤيتى شهودا ..... وإنما ذلك انفهاق
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أ رأيت ربك قال نوراني أراه
وذلك أن الكون ظلمة والنور هو الحق المبين
والنور والظلمة لا يجتمعان كما لا يجتمع الليل والنهار
بل كل واحد منهما يغطي صاحبه ويظهر نفسه
فمن رأى النهار لم ير الليل ومن رأى الليل لم ير النهار
فالأمر ظاهر وباطن وهو الظاهر والباطن
فحق وخلق فإن شهدت خلقا لم تر حقا وإن شهدت حقا لم تر خلقا
فلا تشهد خلقا وحقا أبدا
لكن يشهد هذا في هذا وهذا في هذا شهود علم لأنه غشاء ومغشي. أهـ
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 1 يناير 2020 - 16:48 عدل 10 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 23 ديسمبر 2019 - 0:22 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى :-     الجزء الثالث
تابع كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية :

موضوع : الفناء عند الطائفة
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الفناء عند الطائفة يقال بأزاء أمور :
فمنهم من قال : إن الفناء فناء عن المعاصي .
ومن قائل : الفناء فناء رؤية العبد فعله بقيام الله على ذلك .
وقال بعضهم : الفناء فناء عن الخلق وهو عندهم على طبقات :
منها : الفناء عن الفناء وأوصله بعضهم إلى سبع طبقات ...
فأما الطبقة الأولى في الفناء : فهي أن تفنى عن المخالفات فلا تخطر لك ببال عصمة وحفظا إلهيا ...
وأما النوع الثاني من الفناء : فهو الفناء عن أفعال العباد بقيام الله على ذلك من قوله :
] أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت [ فيرون الفعل لله من خلف حجب الأكوان التي هي محل ظهور الأفعال فيها ...
وأما النوع الثالث : فهو الفناء عن صفات المخلوقين بقوله تعالى في الخبر المروي النبوي عنه : ( كنت سمعه وبصره )  وكذا جميع صفاته والسمع والبصر وغير ذلك من أعيان الصفات التي للعبد أو الخلق ... فإنه ما يراه منك إلا بصرك ، وهو عين نظرك ، فما رآه إلا نفسه وأفناك بهذا عن رؤيته فناء حقيقة شهودية معلومة محققة لا يرجع بعد هذا الفناء حالا إلى حال يثبت لك أن لك صفة محققة ،

ليست عين الحق وصاحب هذا الفناء دائما في الدنيا والآخرة لا يتصف في نفسه ولا عند نفسه بشهود ولا كشف ولا رؤية مع كونه يشهد ويكشف ويرى ويزيد صاحب هذا الفناء على كل مشاهد وراء ومكاشف أنه يرى الحق كما يرى نفسه ...

 
وأما النوع الرابع من الفناء : فهو الفناء عن ذاتك وتحقيق ذلك أن تعلم أن ذاتك مركبة من لطيف وكثيف وأن لكل ذات منك حقيقة وأحوالا تخالف بها الأخرى وأن لطيفتك متنوعة الصور مع الآنات في كل حال وأن هيكلك ثابت على صورة واحدة وإن اختلفت عليه الأعراض فإذا فنيت عن ذاتك بمشهودك الذي هو شاهد الحق من الحق وغير الحق ولا تغيب في هذه الحال عن شهود ذاتك فيه فما أنت صاحب هذا الفناء فإن لم تشهد ذاتك في هذا الشهود وشاهدت ما شاهدت فأنت صاحب هذا النوع من الفناء ...

وأما النوع الخامس : وهو فناؤك عن كل العالم بشهودك الحق أو ذاتك فإن تحققت من تشهد منك علمت أنك شاهدت ما شاهدته بعين حق والحق لا يفنى بمشاهدة نفسه ولا العالم فلا تفنى في هذه الحال عن العالم وإن لم تعلم من يشهد منك كنت صاحب هذا الحال وفنيت عن رؤية العالم بشهود الحق أو بشهود ذاتك كما فنيت عن ذاتك بشهود الحق أو بشهود كون من الأكوان فهذا النوع يقرب من الرابع في الصورة وإن كان يعطي من الفائدة ما لا يعطيه النوع الرابع المتقدم .

وأما النوع السادس من الفناء : فهو أن تفنى عن كل ما سوى الله بالله ولا بد وتفنى في هذا الفناء عن رؤيتك فلا تعلم أنك في حال شهود حق إذ لا عين لك مشهودة في هذا الحال ...

وأما النوع السابع من الفناء : فهو الفناء عن صفات الحق ونسبها وذلك لا يكون إلا بشهود ظهور العالم عن الحق لعين هذا الشخص لذات الحق ونفسه لا لأمر زائد يعقل ولكن لا من كونه علة كما يراه بعض النظار ولا يرى الكون معلولا وإنما يراه حقا ظاهرا في عين مظهر بصورة استعداد ذلك المظهر في نفسه فلا يرى للحق أثرا في الكون فما يكون له دليل على ثبوت نسبة ولا صفة ولا نعت فيفنيه هذا الشهود عن الأسماء والصفات والنعوت " .

موضوع : في صفات العارف
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الباب السابع والسبعون ومائة في معرفة مقام المعرفة :
" وأما صفة العارف عندنا من الموطن الإلهي الذي يشهده العارفون من الحق في وجودهم وهو شهود عزيز ،
ذلك أن يكون العارف إذا حصلت له المعرفة قائما بالحق في جمعيته ، نافذ الهمة ، مؤثرا في الوجود على الإطلاق من غير تقييد لكن على الميزان المعلوم عند أهل الله ، مجهول النعت والصفة عند الغير من بشر وجن وملك وحيوان ،
لا يعرف فيحد ، ولا يفارق العادة فيميز ، خامل الذكر ، مستور الحال ، عام الشفقة على عباد الله ،
يفرق في رحمته بين من أمر برحمته حتى يجعل له خصوص وصف عارف بإرادة الحق في عباده ، وقوع المراد فيريد بإرادة الحق ،
لا ينازع ولا يقاوم ولا يقع في الوجود ما لا يريده ،
وإن وقع ما لا يرضي وقوعه بل يكرهه شديد في لين يعلم مكارم الأخلاق في سفسافها ،
فينزلها منازلها مع أهلها تنزيل حكيم ،
بريء ممن تبرأ الله منه ، محسن إليه مع البرآة منه ،
مصدق بكل خبر في العالم ، كما يعلم عند الغير إنه كذب فهو عنده صدق ،
مؤمن عباد الله من غوائله ، مشاهد تسبيح المخلوقات على تنوعات أذكارها ،
لا تظهر إلا لعارف  مثله ، إذا تجلى له الحق يقول : أنا هو لقوة التشبيه في عموم الصفات الكونية والإلهية ،
إذ قال بسم الله كان عن قوله ذلك ، كل ما قصده بهمته ، لا يقول كن أدبا مع الله ،
يعطي المواطن حقها ، كبير بحق ، صغير لحق ، متوسط مع حق ، جامع لهذه الصفات في حال واحدة ، خبير بالمقادير والأوزان ، لا يفرط ولا يفرط ،
يتأثر مع الأنات لتغير الأحوال فلا يفوته من العالم ولا مما هو عليه الحق في الوقت شي مما يطلبه العالم في زمن الحال ،
يشاهد نشأ الصور من أنفاسه بصورة ما هو عليه في قلبه عند خروج النفس ، فإذا ورد عليه النفس الغريب من خارج لتبريد القلب ، خلع على ذلك النفس خلعة الوقت ،
فينصبغ ذلك النفس بذلك النور الذي يجد في القلب يستر مقامه بحاله وحاله بمقامه ،
فيجهله أصحاب الأحوال بمقامه ويجهله أصحاب المقامات بحاله ،
له عنف على شهوته إذا لم يروجه الحق في طبيعتها ، يبذل لك لا له ،
عطاءه غير معلول ، لا يمن إذا أمتن ، ويتمن بقبول المن ،
لا يؤاخذ الجاهل بجهله فإن جهله له وجه في العلم ، لا يشعر المعطى من عنده حين ما يعطيه يعرفه أن ذلك أمانة عنده أمر بإيصالها إليه ،
لا يعرفه ان ذلك من عند الله يفتح مغاليق الأمور المشكلة بالنور المبين ، يأكل من فوقه ومن تحت رجله ، يضم القلوب إليه إذا شاء من حيث لا تشعر ويرسلها إذا شاء من حيث لا تشعر ، يملك أزمة الأمور وتملكه بما فيها من وجه الحق لا  غير ،
ينظر إلى العلو فينسفل بنظره ، وينظر إلى السفل فيعلو ويرتفع بنظره ،
يحجر الواسع ، ويوسع المحجور ،
يسمع كل مسموع منه لا من حيثية ذلك المسموع ، ويبصر كل مبصر منه لا من حيث ذلك المبصر ،
يقتضي بين الخصمين بما يرضي الخصمين فيحكم لكل واحد لا عليه مع تناقص الأمر يميل إلى غير طريقه لحكمة الوقت ،
يغلب ذكر النفس على ذكر الملأ من أجل المفاضلة غيرة أن يفاضل الحق فإنه ذاكر بحق في حق ،
الأمور كلها عنده ذوقيه لا خبرية ، يعرف ربه من نفسه كما علم الحق العالم من علمه بنفسه ،
لا يؤاخذ بالجريمة فإن الجريمة استحقاق والمجرم المستحق عظمته في ذلته وصغاره ، لا ينتقل عن ذلته في موطن عظمته دنيا وآخرة ،
هو في علمه بحسب علمه ان اقتضى العمل عمل وإن اقتضى أن لا عمل لم يعمل ،
عنده خزائن الأمور بحكمه ومفاتيحها بيده ينزل بقدر ما يشاء ويخرج ما يشاء من غير استشعار ،
غواص في دقائق الفهوم عند ورود العبارات ، له نعوت الكمال ، له مقام الخمسة في حفظ نفسه وغيره ،
ينظر في قوله : " أعطى كل شيء خلقه " ، فلا يتعداه ،
يدبر أمور الكون بينه وبين ربه كالمشير العالم الناصح في الخدمة القائم بالحرمة ، لا أينية لسره ،
ولا يبخل عند السؤال ، ينظر في الآثار الإلهية الكائنة في الكون ليقابلها بما عنده  لما سمع الله يقول : " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم "،
يسمع نداء الحق من ألسنة الخلق ،
يسع الأشياء ولا تسعه سوى ربه فهو ابنه وعينه ،
مرتب للأوامر الإلهية الواردة في الكون ثابت في وقت التزلزل ، لا تزلزله الحادثات ،
ليست في الحضرة الإلهية صفة لا يراها في نفسه ، يظهر في أي صورة شاء بصفة الحياة مع الوقوف عند المحدود ،
يعرف حقه من حق خالقه ،
يتصرف في الأشياء بالاستحقاق ويصرف الحق فيها بالاستخلاف ، له الاقتدار الإلهي من غير مغالبة ،
لا تنفذ فيه همم الرجال ولا يتوجه للحق عليه حق ، يتولى الأمور  بنفسه لا بربه ، لأنه لا يرى نفسه لغلبته ربه عليه
تعود صفات التنزيه مع وجود التشبيه ،
يحصى أنفاسه بمشاهدة صورها فيعلم ما زاد وما نقص في كل يوم وليلة ، ينظر في المبدء والمعاد فيرى إلتقاء طرفي الدائرة ،
يلقي الكلمة في المحل القابل فيبدل صورته وحاله أي صورة كان ، ما يطأ مكانا إلا حي ذلك المكان بوطأته ، لأنه وطئه بحياة روحية ،
إذا قام لقيامه ربه ويغضب لغضبه ويرضى لرضاه فإن حالته في سلوكه كانت  هكذا فعادت عليه هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، لا يخطر له خاطر في شيء إلا تكون ،
ولا يعرف ذلك الشيء أنه كونه له على الأشياء شرف العماء لا شرف الاستواء ،
فهو وحيد في الكون غير معروف العين ، من لجأ إليه خسر ولا تقتضي حاجته إلا به فإنه ظاهر بصورة العجز وقدرته من وراء ذلك العجز ،
لا يمتنع عن قدرته ممكن كما لا يمتنع عن قدرة خالقه محال ليصح الامتياز ،
فهذا وإن تأخر بظاهره فهو متقدم بباطنه ليجمع في شهوده بين الأول والآخر والباطن والظاهر ، يحسن للمسيء والمحسن ،
يرجع إلى الله في كل أمر ولا ينتقم لنفسه ولا لربه إلا بأمره الخاص
فإن لم يأمره عفى بحق لشهوده السابقة في الحال ،
القليل عنده كثير والكثير عنده قليل ،
يجري مع المصالح فيكون الحق له ملكا ،
يسبح أسماء الله بتنزيهها على أن تنالها أيدي الغافلين غيرة على الجناب الإلهي من حيث كونها دلائل عليه دلالة الاسم على المسمى ،
إن ولي منصبا يعطي العلو لم ير فيه متعاليا بالله فأحرى بنفسه ،
يعدل في الحكم ولا يتصف بالظلم ،
جامع علوم الشرع من عين الجمع ، مستغني عن تعليم المخلوقين بتعليم الحق ،
يعطي ما تحصل به المنفعة ولا يعطي ما تكون به المضرة ،
إن عاقب فتطهير لا تبقى مع نور عدله ظلمة جور ولا مع نور علمه ظلمة جهل ،
يبين عن الأمور بلسان إلهي فيكشف غامضها ويجليها في منصتها ،
يخترع من مشاهدة صورة موجودة لا من نفسه ،
وليس هذا لكل عارف إلا لمن يعلم المصارف ، فإنه مشهد ضنين له البقاء في التلوين ،
يرث ولا يورث ، بالنبوة العامة يتصرف ، ويعمل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي ،
يؤذى فيحلم عن مقدرة وإذا آخذ فبطشه شديد ، لأنه خالص غير مشوب برحمة ،
قال أبو يزيد : "بطشي أشد " فهذه صفة العارف عندي  ،
فتحقق فإن موطن هذا لمأخذ عزيز والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ . أهـ


بيت الشعر كهز الرديني .. ثم اضطرب
كهز الرديني بين الأكف … جرى في الأنابيب ثم اضطرب
هذا البيت لأبي دؤاد الإيادي شاعر جاهلي، من قصيدة وصف بها فرسه ... مطلعها :
وقد أغتدي في بياض الصَّباح ... وأعجازُ ليل مولي الذنْب
بِطرف ينازعني مرسنا ... سلوف المقادة محض النَّسب
طواه القنيصُ وتعداؤه ... وإرشاش عطفيه حتى شسب
بعيد مَدَى الطرف خاظي البضيع ... ممر القُوَى مُسَمَهرّ العَصَب
رفيع المعد كسيد الغاض ... تَميم الضلوع بجوف رَحَبْ
وهادٍ تقدَّم لا عيبَ فيه ... كالجذع شُذِّبَ عنهُ الكَرَبْ
إذا قيد قحَّم من قادَه ... وولَّتْ علابيُه واجْلَعَبْ
كهزِّ الرديني بين الاكفّ ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب

والرديني: الرمح. والأنابيب: أجزاء الرمح ..
يشبه اهتزاز فرسه ونشاطه وسرعته، كما يسرع الاهتزاز في الرمح.
ويقال: إذا هززت الرمح جرت تلك الهزة فيه حتى يضطرب كله وكذلك هذا الفرس ليس فيه عضو إلا وهو يعين ما يليه، ولم يرد الاضطراب ولا الرعدة.
والشاهد: استخدام "ثم" بمعنى "الفاء" للترتيب مع التعقيب دون تراخ، أما «ثم» فأصل معناها «الترتيب مع التراخي» ...
ذلك أن الهز متى جرى في أنابيب الرمح يعقبه الاضطراب ولم يتراخ عنه ..

مسألة ذكر اسم نبي الله سليمان قبل بسم الله الرحمن الرحيم:
قال تعالى جل شأنه : " إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "
قال د. أبو العلا عفيفي : "" الشيخ ابن العربي يخطئ، هذا الرأي لما يقتضيه من نسبة الجهل و عدم البصر بما يليق نحو الجناب الإلهي إلى رسول كسليمان.
و حجته في ذلك أن الجملة الأولى و هي «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وأنهُ» ليست جزءاً من كلام سليمان إلى بلقيس، بل هي إخبار منها لقومها بأنها أُلْقِيَ إليها كتاب من سليمان.
أما أول الكتاب فهو «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
و من الناس من يعتبر الجملة الأولى جزءاً من كتاب سليمان إلى بلقيس و يلتمس لسليمان عذراً في تقديم اسمه على اسم اللَّه و لا يعد ذلك جهلًا من الرسول،
بل عملًا قصد به إلى غاية خاصة، و ذلك أن سليمان لما علم أنه ليس من عادة الملوك الاحتفاء برسالات الأنبياء و لا تكريم حامليها،
بل لقد يدفعهم الشطط في امتهانها و تحقيرها إلى تمزيقها أو إحراقها أو التمثيل بها أي نوع من أنواع التمثيل كما فعل كسرى بكتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، لما علم سليمان كل ذلك، قدم اسمه على اسم اللَّه لكي يعرض اسم هو أولًا لمثل هذه الاهانة إن وقعت.
و هذا تعليل في نظر ابن العربي في غاية الضعف، إذ لو كان في نية بلقيس أن تمتهن كتاب سليمان بالإحراق أو التمزيق لأصابت هذه الاهانة كل ما فيه، و لما منعها من فعلها تقديم أحد الاسمين على الآخر. أهـ ""
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 23 ديسمبر 2019 - 21:31 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 23 ديسمبر 2019 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
وهذا فص الحكمة السليمانية ، ذكره بعد حكمة عيسى عليه السلام ، لأن مقام سليمان عليه السلام حاصل من إجابة الدعاء بعين ما طلب حيث قالَ: " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ص : 35 ] ،

وعيسى عليه السلام حاصل من إجابة دعاء امرأة عمران بطريق النذر ، كما قال تعالى :" إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 35 ) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ( 36 ) فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً [ آل عمران : 35 - 37 ] .

وكانت امرأة عمران طلبت غلاما يكون خالصا لبيت المقدس ، فأجابها اللّه تعالى أوّلا بالأنثى وهي مريم ، وثانيا بالذكر وهو عيسى ابن مريم عليهما السلام وهو عين الإجابة بما طلبت ، ومما يدل على أنها كانت متحققة في الإجابة إلى عين ما طلبت وهو حصول الغلام الذكر من مريم قولها :" وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها".

فقد علمت بالذرية وهو عيسى عليه السلام في حال صغر أمه مريم عليها السلام ، وأخبر تعالى أنه تقبلها ، أي مريم عليها السلام قبولا حسنا ، وأنبتها وهو خروج عيسى عليه السلام منها نباتا حسنا ، كما قال تعالى :وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً( 17 ) [ نوح : 17 ] .

(فص حكمة رحمانية) منسوبة إلى الرحمن (في كلمة سليمانية ).

إنما اختصت حكمة سليمان عليه السلام بكونها رحمانية ، لأنها من استواء الرحمن على عرش الوجود واستيلاؤه عليه ، فهي لمحة من رحمة الإيجاد ، وقد رحم اللّه تعالى الوجود الذي استولى عليه سليمان عليه السلام ، وقهره بالموافقة ونفوذ الكلمة ، فهي نعمة عليه وعلى أهل زمانه كلهم ، ولهذا ذكرها من باب التحدث بالنعمة .
 "وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ" [ النمل : 16 ] .
وفي قضية عرش بلقيس :" فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ " [ النمل : 40 ] .
قال اللّه تعالى :  ( "إِنَّه ُيعني الكتاب مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ أي مضمونه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " [ النمل : 30 ] .  فأخذ بعض النّاس في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن كذلك . وتكلّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان بربّه .  وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ[ النمل : 29] . أي مكرّم عليها وإنّما حملهم على ذلك ربّما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ وما مزّقه حتّى قرأه كلّه وعرف مضمونه . فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره . )

 
قال رضي الله عنه :  ( إنه يعني الكتاب( الذي أرسله سليمان عليه السلام إلى بلقيس مع الهدهد من سليمان ، لأنه هو الذي قصدها به ودعاها بدعوة الحق إلى الدخول تحت طاعته التي هي طاعة اللّه تعالى )وإنه( ، أي )مضمونه( يعني ما تضمنه ذلك الكتاب من الدين الحق ودعوة الهدى)   "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" [ النمل : 31 ] . فأخذ بعض الناس(
من علماء الظاهر في بيان حكمة تقديم اسم سليمان عليه السلام على اسم اللّه تعالى ولم يكن الأمر في نفسه كذلك ، أي على ما ذكروا من تقديم اسم سليمان على اسم اللّه تعالى ، وإنما يكون

كذلك لو قال : باسم سليمان واللّه الرحمن الرحيم ، وحاشاه عليه السلام من تقديم اسمه على اسم اللّه تعالى مع علمه باللّه ومعرفته به المعرفة التامة وعصمته في الأدب معه تعالى ، ولكنه أتى أوّلا باسم اللّه الظاهر والآخر بالقيومية عليه وعلى كل شيء وله سبحانه في هذه الحضرة أسماء منها اسم سليمان وأتى ثانيا باسم اللّه الباطن ، والأوّل عن إدراكه وإدراك كل شيء.
وله سبحانه في هذه الحضرة أيضا أسماء منها : اسم الرحمن الرحيم .

وستأتي الإشارة إليه من المصنف قدس اللّه سره ، وقد قال تعالى :"هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ" [ الحديد : 3 ] ، فلا أوّل ولا آخر ولا ظاهر ولا باطن إلا هو لا إله إلا هو إليه المصير .
وهذا كله من حيث إنه تعالى قيوم على كل شيء "وكُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" [ القصص : 88 ]
لا من حيث إنه تعالى عين الأشياء الهالكة ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار .

(وتكلموا ) ، أي بعض الناس من علماء الظاهر (في ذلك) الذي ذهبوا إليه من تقديم اسم سليمان على اسم اللّه تعالى (بما لا ينبغي) أن يقال مما ، أي من الأمر الذي (لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه) تعالى فإنه عارف به المعرفة الكشفية الذوقية لا المعرفة العقلية المستفادة من الدليل والبرهان كما هو عند أهل الظاهر من

المتمسكين بالعقول في أحكام الشريعة في العقول وكيف يليق بمقام سليمان عليه السلام ما قالوه من الكلام وبلقيس تقول فيه ، أي في ذلك الكتاب لما ألقاه الهدهد عليها وكانت كافرة من قوم كافرين يعبدون الشمس من دون اللّه : (" يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ" أي مكرم عليها) [ النمل  : 29 ]

وذلك لما رأته مشتملا عليه من الجزالة في اللفظ مع كمال الإفادة في المطلوب ، وذكر الأمر والنهي وبيان المرسل بذكر اسمه واسم اللّه تعالى ، وبيان التوحيد بأن الأمور كلها به تعالى ، وبيان الشريعة بذكر الإسلام لسليمان عليه السلام في كل ما جاء به ، ولهذا لما أسلمت بلقيس قالت :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] .


فقد انقادت للّه تعالى الذي به قام كل شيء ، من باب شريعة سليمان عليه السلام لا بالاستقلال منها وترك الشريعة التي كان عليها سليمان عليه السلام ، وهذا كمال الحذق منها والاستعداد لقبول الحق والتوفيق الإلهي لها ، ولهذا لما امتحنها سليمان عليه السلام فقالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ( 41 ) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل : 41 - 42 ] ،
وأتت بهذه العبارة الجامعة للحقائق والحاوية على أنواع الرقائق .

(وإنما حملهم) ، أي علماء الظاهر (على ذلك) القول الذي قالوه ربما ، أي يحتمل أن يكون تمزيق ، أي تقطيع (كسرى) أنو شروان ملك الفرس (كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) لما أرسله إليه يدعوه إلى الإسلام وما مزقه ، أي كسرى حتى قرأه كله وعرف مضمونه .
أي ما اشتمل عليه من الأمر بترك الدين الباطل واتباع الإسلام فكذلك كانت تفعل بلقيس بكتاب سليمان عليه السلام ، فما كانت تمزقه حتى تقرأه من أوّله إلى آخره وتعرف مضمونه لو لم توفق ، أي يوفقها اللّه تعالى لما وفقت له .

 
أي وفقها اللّه تعالى له من كرامة ذلك الكتاب عليها فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق ، أي عدم الاحتفال بحرمة صاحبه ، أي صاحب ذلك الكتاب تقديم اسمه ، أي سليمان عليه السلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره ، أي سليمان عليه السلام عنه ، أي عن اسم اللّه تعالى .
لأن الكتاب كله يمزق بعد تمام قراءته ومعرفة مضمونة ، فيقع التمزيق على اسم سليمان عليه السلام واسم اللّه تعالى .
وليس وقوع التمزيق أولا على اسم سليمان عليه السلام بأمر محقق حتى يكون وقاية لتمزيق اسم اللّه تعالى كما زعموا .
بل كان الأمر بالعكس ينبغي تقديم اسم اللّه تعالى حتى إذا رأوه في أوّل الكتاب يحترمون تمزيق الكتاب ، لأن الكفار من المجوس وعباد الشمس والنار والأصنام قائلون بوجود اللّه ، ولم ينكر وجوده تعالى إلا الدهرية ومن تابعهم .
ولأن تقديم اسم المخلوق الذي مثلهم يحرك فيهم سلسلة

العناد لما انجبلت عليه النفوس البشرية من عدم الانقياد لمثلها ؛ ولهذا قالوا :أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ[ القمر : 24 ] ،وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً[ المؤمنون : 24 ]
فأبوا عن الانقياد للجنس وطلبوا غير الجنس ، فكان تقديم اسم المخلوق باعثا على تمزيق الكتاب أكثر من باعث تقديم اسم اللّه تعالى .
فإنهم ربما كانوا يرعون لذكر اسم اللّه تعالى في الابتداء قبل ذكر اسم المخلوق ، بل ربما كان تقديم اسم المخلوق داعيا إلى أشد التكذيب منهم بتعليل أن هذا الداعي لهم إلى اللّه تعالى قدم اسمه على الاسم المدعو إليهم ، فيفهم الجاهل من ذلك عدم الاحترام منه ، فيدعو ذلك إلى التمزيق والإهانة ، فلا وجه لما قالوه فيما زعموا من التقديم .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فص حكمة رحمانية ) أي زبدة علوم منسوبة إلى الرحمن حاصلة ( في كلمة سليمانية ) أي في روح هذا النبي عليه السلام فكل من علم هذه الحكمة وتكلم بها .
"" إضافة المحقق : يبحث هذا الفص في مسألتين هامتين إلى جانب مسائل أخرى كثيرة تتصل بها : -
المسألة الأولى : الرحمة الإلهية ، معناها وأقسامها . وقد سبقت الإشارة إلى الرحمة في النصوص التي سبقت ولكننا هنا بإزاء شرح أوفى لأحد قسمي الرحمة وهو رحمة الوجوب .
المسألة الثانية : هي مسألة الملك والخلافة والتصرف وهي متصلة بسليمان عليه السلام على نحو ما فصله القرآن الكريم.""
فمن روح هذا النبي قال اللّه تعالى حكاية عن قراءة بلقيس كتاب سليمان عليه السلام ( أنه يعني الكتاب ) الملقى إليّ ( من سليمان وأنه أي مضمونه ) .
وإنما رجع الضمير الثاني إلى المضمون لا إلى الكتاب لأن ما في الكتاب لا ينحصر في البسملة قال رضي الله عنه :  ( بسم اللّه الرحمن الرحيم فأخذ بعض الناس ) أي ذهب بعض المفسرين ( في تقديم ) يتعلق بأخذ باعتبار تضمنه معنى شرع وإن كان متعديا ( اسم سليمان على اسم اللّه ) .

أي قدم سليمان في كتابه اسمه على اسم اللّه فحكى بلقيس مع حواشيها كذلك ( ولم يكن كذلك ) والحال أن سليمان لم يقدم اسمه على اسم اللّه في كتابه بل إنما كان التقديم عن قراءة بلقيس لأنه لما قالت بلقيس لحواشيها أني ألقي إليّ كتاب كريم نصب السامعون أعينهم وانتظروا إلى ذكر الملقى فاقتضى المقام تقديم اسمه على اسم اللّه في قراءة بلقيس وكذلك في كتاب سليمان بل قدم اسم اللّه على اسمه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وتكلموا في ذلك ) أي في وجه تقديم سليمان اسمه على اسم اللّه ( بما لا ينبغي ) يتعلق بتكلموا ( مما ) بيان لما لا ينبغي ( لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه ) .
فإنهم قالوا إنما قدم اسمه على اسم اللّه لئلا يحرق الكتاب بحرمة صاحبه .
وبعضهم قالوا إنما قدم اسمه على اسم اللّه لأنها ملكة كافرة فخاف سليمان شتمها عند القراءة فقدم اسمه ليرجع الشتم إليه "لا" إلى اللّه .
كل ذلك لا يليق بحضرة سليمان العالم بالأمور على ما هي عليه لذلك ذهب الشيخ إلى أن سليمان لم يقدم اسمه على اسم اللّه والتقديم بتوهم من حكاية بلقيس ( وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول ) لحواشيها ( فيه ) أي في حق الكتاب ( أنى ألقي إليّ كتاب كريم أي يكرم عليها ) على بلقيس.

وسليمان عالم بهذا القول من بلقيس قبل أن تقول فكيف يليق بهذه المعرفة معرفة سليمان ما قالوه في حقه من نسبة الجهل ( وإنما حملهم ) أي بعض الناس ( على ذلك ) التقديم ( ربما ) فاعل حملهم على التقديم علة لحملهم على التقديم ( تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه عليه السلام ) يعني قالوا إنما قدم سليمان اسمه على اسم اللّه لئلا تمزق كتابه كما مزق كسرى كتاب رسول اللّه عليه السلام لتقديم اسم اللّه على اسمه فقولهم قدم الرسول اسم اللّه على اسمه وقولهم : مزق كسرى كتاب رسول اللّه عليه السلام قد أصابوا فيه لكنهم أخطئوا في قولهم إن تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه لتقديم اسم اللّه على اسمه .
ولولا ذلك التقديم لما مزقه وإلى بطلان هذا القول أشار بقوله ( وما مزقه ) أي وما مزق كسرى كتاب رسول اللّه ( حتى قرأه كله وعرف مضمونه ) .

ولو كان تقديم اسم اللّه سببا لتمزيق كتاب رسول اللّه عليه السلام لما قرأ كله بل مزق عند رؤية اسم اللّه بدون قراءة ما في الكتاب فما مزقه إلا لعدم توفيق اللّه له .
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي ككسرى ( كانت تفعل بلقيس ) أي ما مزقته حتى قرأت كله وعرفت مضمونه ( لو لم توفق ) من التوفيق على بناء المجهول ( لما وفقت له ) فسبب التمزيق عدم التوفيق وسبب عدم التمزيق التوفيق.
قال رضي الله عنه :  ( فلم يكن يحمى الكتاب عن الإحراق بحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم اللّه عزّ وجلّ ولا تأخيره ) أي لم يكن تقديم اسمه ولا تأخيره سببا لحفظ الكتاب عن التمزيق قوله الكتاب مفعول يحمى وتقديم فاعله .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

قال رضي الله عنه :  («إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه. وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له. فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

قلت : قال بعضهم: إنما كتب سليمان عليه السلام، اسمه قبل اسم الله تعالى في قوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (الروم: 27) 
خوفا على اسم الله تعالى من الإحراق   فإن عوائد الجبابرة من الملوك أن يهينوا المرسل بتمزيق أول اسم في كتابه.
فأراد سليمان، عليه السلام، أن يكون التمزيق في اسمه لا في اسم الله تعالى.
فلذلك قدمه وأخر ذكر اسم الله تعالی. 
قال رضي الله عنه: ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.

"" أضاف الجامع :
قال د. أبو العلا عفيفي : الشيخ ابن العربي يخطئ، هذا الرأي لما يقتضيه من نسبة الجهل و عدم البصر بما يليق نحو الجناب الإلهي إلى رسول كسليمان.
و حجته في ذلك أن الجملة الأولى و هي «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ» ليست جزءاً من كلام سليمان إلى بلقيس، بل هي إخبار منها لقومها بأنها أُلْقِيَ إليها كتاب من سليمان.
أما أول الكتاب فهو «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
و من الناس من يعتبر الجملة الأولى جزءاً من كتاب سليمان إلى بلقيس و يلتمس لسليمان عذراً في تقديم اسمه على اسم اللَّه و لا يعد ذلك جهلًا من الرسول،
بل عملًا قصد به إلى غاية خاصة، و ذلك أن سليمان لما علم أنه ليس من عادة الملوك الاحتفاء برسالات الأنبياء و لا تكريم حامليها،
بل لقد يدفعهم الشطط في امتهانها و تحقيرها إلى تمزيقها أو إحراقها أو التمثيل بها أي نوع من أنواع التمثيل كما فعل كسرى بكتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، لما علم سليمان كل ذلك، قدم اسمه على اسم اللَّه لكي يعرض اسم هو أولًا لمثل هذه الاهانة إن وقعت.
و هذا تعليل في نظر ابن العربي في غاية الضعف، إذ لو كان في نية بلقيس أن تمتهن كتاب سليمان بالإحراق أو التمزيق لأصابت هذه الاهانة كل ما فيه، و لما منعها من فعلها تقديم أحد الاسمين على الآخر. أهـ ""


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

16 - فصّ حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
قال العبد : لمّا كانت الحكمة الرحمانية توجب ظهور الوجود العامّ على أكمل وجوهها في أكمل المظاهر الإلهية الرحمانية من الأشخاص الإنسانية بحيث يظهر فيه جميع أصناف الرحمة والإلهيات الظاهرة على العموم من كمال التصرّف والسلطان والملك والنبوّة والولاية على ما هي ظاهرة في جميع العالم مفصّلا مفرّقا في أشخاصه .
"أسندت حكمته إلى الرحمن لكمال ظهور أسرار الرحمة العامّة والخاصّة فيه صلَّى الله عليه وسلَّم على الوجه الأعمّ الأشمل وبالسرّ الأتّم الأكمل ، وجعل الله سعته في أمره وحكمه على أكثر المخلوقات ، وسخّر له العالم جميعا كما وسعت رحمة الرحمن جميع الموجودات ،فافهم."
 وكانت الكلمة السليمانية بهذه المثابة على التعيين فإنّه كان نبيّا وليّا عبدا كاملا .
ووهبه الله التسخير الكلَّيّ التامّ والسلطان والحكم والتصرّف العامّ في جميع أجناس العالم وأنواعه وأصنافه من الملائكة والجنّ والإنس والطير والسباع وسائر الحيوان والنبات والمعادن ، على أكمل وجوهها وأفضلها وأتمّها وأعمّها .
فصلحت إضافة هذه الحكمة الرحمانية إليه عليه السّلام.
قال رضي الله عنه :  (إِنَّه ُ)   يعني الكتاب (من سُلَيْمانَ وَإِنَّه ُ) أي مضمونه (بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)   .
فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله ولم يكن كذلك ،
وتكلَّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان عليه السّلام بربّه .
وكيف .يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه :   ( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ ) أي يكرم عليها ؟ ! » .

قال العبد : تأدّب رضي الله عنه مع الحق الذي في أعيان الطاعنين في سليمان وتخطئتهم بعدم تعيينه أسماءهم .
فقال : « أخذ بعض الناس ، وتكلَّموا بما لا يليق » إعراضا عن التعرّض لتخطئتهم والتعريض بهم ، وإنّما ساق مقتضى التحقيق في هذا المقام السليمانيّ وأمّا خطؤهم في تخطئة سليمان فصريح.
فإنّ واضح التفسير أنّ بلقيس هي التي قالت لقومها عندما ألقى إليها الهدهد كتاب سليمان وأرتهم الكتاب :
 ( إِنَّه ُ من سُلَيْمانَ ) فهذا قولها ، ليس في طيّ الكتاب « إِنَّه ُ» يعني مضمون الكتاب ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ )  والدليل على ذلك من ظاهر اللفظ قولها :   ( يا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ )   .
وقولها : « إِنَّه ُ » أي الكتاب ، يعود الضمير إلى المذكور ، وعلى ما قالوا ليس للضمير مذكور يعود إليه .
وإنّما قالت ذلك بيانا لمرسل الكتاب ، ثمّ تصدّت لبيان مضمون الكتاب بقولها : ( وَإِنَّه ُ بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .
وأنّه طلب الطاعة والانقياد لحكمه ، فما بقي بعد ذلك احتمال لكون الكتاب مكتوبا فيه ، كما قالوا ، وهذا ظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنّما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم و ما مزّقه حتى قرأه كلَّه وعرف مضمونه.
فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له ، فلم يكن يحمي الكتاب عن الإخراق لحرمة صاحبه تقديم اسم سليمان عليه السّلام على اسم الله ولا تأخيره عنه ) .

قال العبد : وإنّه رضي الله عنه وإن أقام عذرهم ، فإنّ قوله : « ربما حملهم على ذلك » إشارة إلى أنّهم علَّلوا فيما ذكروا تمزيق كتاب رسول الله .
ثمّ بيّن أنّ هذا التعليل أيضا غير صحيح ، لكون كسرى إنّما مزّق الكتاب ، لكون مضمونه دعوته إلى خلاف دينه ومعتقده ، لا لأنّ اسم الله مقدّم على اسمه .
وتقديم اسم رسول الله على اسمه كان جزءا لعلَّة التمزيق ، فمزّقه الله كلّ ممزّق .
فوفّق الله بلقيس ، فقرأت الكتاب وآمنت باطنا ، فذكرت لقومها أنّها ألقي إليّ كتاب كريم ، أرسله إليها سلطان عظيم .
فلو لم توفّق لما وفّقت ، لمزّقت ، سواء كان اسم سليمان مقدّما على اسم الله أو لم يكن ، فليس تقديم اسمه ولا تأخيره بمانع عن التمزيق والإحراق ، كما زعموا .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
إنما اختصت الكلمة السليمانية بالحكمة الرحمانية لاختصاصه عليه السلام من عند الله جميع أنواع الرحمة العامة والخاصة ، فإن الرحمة إما ذاتية أو صفاتية ، وكل واحدة منهما إما عامة أو خاصة .
وقد خصه الله تعالى بالوجود التام على أكمل الوجوه ، والاستعداد الكامل للولاية والنبوة من الرحمة الذاتية الخاصة والعامة ، وبالمواهب الظاهرة والباطنة ، وأسبغ عليه نعمه الصورية والمعنوية .
وسخر له العالم السفلى بما فيه من العناصر والمعادن والنبات والحيوان ، والعالم العلوي بالإمدادات النورية والقهرية واللطفية من الرحمة الصفاتية الخاصة والعامة مما يطول تفصيلها كالسلطنة الكاملة والملك العام بالتصرفات الشاملة في الأرض والتبوء منها ما شاء .
والماء بالغوص والريح بالجري بأمره حيث شاء ، والنار بتسخير الشياطين النارية كما ذكر الله تعالى في مواضع من القرآن
وحكى عنه قوله  " يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وأُوتِينا من كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ وحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُه من الْجِنِّ والإِنْسِ " - الآية ،
ولو لم يسخر الله العالم العلوي حتى يؤيده لما أطاعه الكون والشيطان ، ولا دان له الإنس والجان  قال رضي الله عنه : ( إِنَّه ) يعنى الكتاب  ( من سُلَيْمانَ وإِنَّه )  أي مضمونه   ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ )  .

فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله ، ولم يكن كذلك ، وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه ، وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه   (" إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ " أي يكرم عليها ) ذهب الشيخ رضي الله عنه إلى قوله تعالى " إِنَّه من سُلَيْمانَ " حكاية قول بلقيس لا حكاية المكتوب في الكتاب .
وذلك أن بلقيس لما ألقى إليها الكتاب قالت لقومها وأرتهم الكتاب ( إِنَّه من سُلَيْمانَ )   فذلك قولها لا ما في طي الكتاب من المكتوب ، وكذلك قوله ( إِنَّه من )  

قولها : أي وإن مضمونه  ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وأْتُونِي مُسْلِمِينَ )   فما في الكتاب إلا ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ )   إلى قوله : ( مُسْلِمِينَ ) 
وقد تأدب مع الحق الذي في أعيان الطاعنين في سليمان حيث لم يسمهم ولم يصرح بتخطئتهم ، بل قال بعض الناس وتكلموا ما لا يليق .
ومعنى قوله : ولم يكن كذلك  لم يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا ثم أنكر ما قالوا بقوله وكيف يليق ما قالوه
وبلقيس تقول : ( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ )  فهي التي تقول ( إِنَّه من سُلَيْمانَ ) الضمير في إنه يرجع إلى الكتاب وهذا واضح التفسير ، وعلى ما قالوه ليس الضمير المذكور يعود إليه وفيه تعريض بهم .
كأنه يقول كيف يليق ما قالوه في حق سليمان من الطعن في كتابه وهم مسلمون ، وبلقيس وصفت كتابه بالكرم وأنه يكرم عليها وهي كافرة ، فقولها : ( إِنَّه من سُلَيْمانَ )  بعد ذكر الكتاب بيان للمرسل
وقولها : ( وإِنَّه )  بيان لمضمون الكتاب وهو ( بِسْمِ الله ) إلى آخره .
 

قال رضي الله عنه :  ( وإنما حملهم على ذلك تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه ، فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وفقت ، فلم تكن تحمى الكتاب عن الإخراق بحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله تعالى ولا تأخيره عنه ).
 

 هذا إقامة لعذرهم : أي ربما حملهم على ما قالوه تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله : وما مزقه ، بيان لضعف عذرهم ، فإن كسرى إنما مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما قرأه وعرف أن مضمونه دعوته إلى خلاف دينه ومعتقده ، وقد قدم فيه اسم الله واسم رسول الله على اسمه فغاظه ذلك فمزقه . وأما بلقيس فوفقها الله تعالى لما قرأت الكتاب فآمنت باطنا وقالت لقومها : إنه كتاب كريم من سلطان عظيم ، فلو لم توفق لما وفقت له لمزقته سواء تقدم فيه اسم سليمان على اسم الله أو أخر عنه ، فلم يكن تقديم اسمه حاميا للكتاب عن الإخراق بسبب حرمة صاحبه .

 ولا تأخيره فلم يكن كما قالوه ( فأتى سليمان بالرحمتين رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتين هما الرحمن الرحيم ) أي فصل ما في اسم الله من أحدية جمع الأسماء بالرحمن الدال على رحمة الامتنان لعموم الرحمة الرحمانية الكل من حيث أن الرحمن هو الحق باعتبار كونه عين الوجود العام للعالمين ، فعم بهذه الرحمة الذاتية جميع الأسماء والحقائق ، فهي رحمة الامتنان التي لا يخلو عنها شيء كما قال : " رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "   حتى وسعت أسماءه ، فإنها عين ذاته كعلمه كما قال على لسان الملائكة  " رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْماً "  .


"" أضاف بالي زادة : (رحمة الامتنان ) ما يحصل من الله للعبد بدون مقابلة عمل من أعماله بل عناية سابقة في حق عبده كإعطاء الوجود القدرة للعمل والصحة منه وعطاء ( ورحمة الوجوب ) التي تحصل بمقابلة عمل كإعطاء الثواب للأعمال في الجنة اهـ بالى.
(أعنى رحمة الوجوب ) يعنى أن العبد من حيث أنه عبد يجب عليه إتيان أوامر مولاه ، فلا تجب الرحمة على المولى في مقابلة شيء ، فإذا قدر المولى وأوجب على نفسه لعبده شيئا في مقابلة عمله يستحق العبد بذلك الشيء بسبب عمله ، فوصول ذلك الشيء للعبد من المولى في مقابلة عمله امتنان وعطاء محض ، ولذا قالوا الجنة فضل إلهي فلا يستحقها العبد إلا بفضل الله ، فكان وجوب الرحمة من وجوب الامتنان. اهـ بالى .""


ولهذا قال الإمام المحقق جعفر بن محمد الصادق :
الرحمن اسم خاص : أي باللَّه تعالى بصفة عامة أي صفة له شاملة للكل لأنه لا يمكن غيره أن يسع الكل وبالرحيم الدال على رحمة الوجوب لخصوص الرحمة الرحيمية بما يقتضي الاستعداد بعد الوجود ، فالأعيان مرحومة بالرحمة الرحمانية : أي التجلي الذاتي من الفيض الأقدس دون الرحيمية ، فإنها بعد الاستعداد ، ولهذا قال الإمام عليه السلام : الرحيم اسم عام ، أي مشترك لفظا بين الحق والخلق بصفة خاصة بمن يستعد .
فإن الكمال الذي هو مقتضى الاستعداد بعد الوجود لا بد من وقوعه إما بواسطة الهادي والمرشد والعالم من الأسماء أو الملك أو الإنسان اللذان هما صورتان للأسماء أيضا .
 .

يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 27 ديسمبر 2019 - 14:41 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 23 ديسمبر 2019 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-     الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
المراد بالحكمة ( الرحمانية ) ، بيان أسرار الرحمتين الصفاتيتين الناشئتين من الرحمتين الذاتيتين المشار إليهما بقوله تعالى : ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم )
قوله : ( المشار إليهما بقوله تعالى . . . ) .
ولما كان اسم ( الرحمن ) عام الحكم شامل الرحمة بجميع الموجودات بالرحمة الوجودية العامة والرحمة الرحيمية الخاصة ، وكان سليمان ، عليه السلام ، مع اتصافه بنعمة النبوة والرسالة ورحمة الولاية سلطانا على العالم السفلى بل على العالم العلوي .
إذ التأثير في عالم الكون والفساد لا يكون إلا بتأييد من العالم الأعلى والعون .
وذلك باستنزال روحانيته إياه وبكونه خليفة عمن لا إله إلا هو وكان عام الحكم في الإنس والجن نافذ الأمر في أعيان العناصر .
لذلك كان يتبوء من الأرض حيث يشاء وكانت الجن يغوصون له في الماء بحكمه مع أنهم من النار وسخر له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب وكان يتصرف في جميع ما يتولد منها ويعلم ألسنة الجمادات ويفهم منطق الحيوانات - ناسب أن يذكر حكمته في كلمته .

قال رضي الله عنه :  ( "إنه" يعنى الكتاب "من سليمان" . و "أنه" أي ، مضمونه : " بسم الله الرحمن الرحيم " . فأخذ بعض الناس في تقديم اسم "سليمان" على اسم "الله" . ولم يكن كذلك . وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان ، عليه السلام ، بربه . وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه : "إني ألقى إلى كتاب كريم " أي ، يكرم عليها .  وإنما حملهم على ذلك تمزيق كسرى كتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه . فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وفقت له ، فلم يكن يحمى الكتاب عن الإحراق بحرمة صاحبه تقديم اسمه ، عليه السلام ، على اسم الله تعالى ولا تأخيره . )

قال بعض أصحاب التفسير : إن سليمان ، عليه السلام ، قدم اسمه على اسم الله تعالى في الكتاب ، لئلا تخرق بلقيس بحرمته بالمزق وغيره ، كما فعل كسرى بكتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
والشيخ ذهب إلى أنه ، عليه السلام ، ما قدم اسمه على اسم الله تعالى وما أوهم التقديم إلا حكاية بلقيس مع حواشيها . أي ، قالت لهم : "إني ألقى إلى كتاب كريم . إنه " أي ، أن ذلك الكتاب . ( من سليمان ) .  
و ( أنه ) أي ، وأن مضمون الكتاب "بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين " . وما قالوه لا يليق
بحال النبي العالم بالله ومراتبه ، وبأن اسمه واجب التعظيم . وكيف يليق ما قالوه وبلقيس قالت فيه : ( إني ألقى إلى كتاب كريم ) .
أي ، مكرم عليها ومعظم عندها . ولو أن بلقيس كانت مريدة للخرق وما كانت موفقة لإكرام الكتاب ، لم يكن تقديم اسمه حاميا له من الخرق ولا تأخيره ، بل كانت تقرأ الكتاب وتعرف مضمونه ، كما فعل كسرى ، ثم كانت تمزقه لو لم تكن موفقه .

"" أضاف الجامع :
قال د. أبو العلا عفيفي : الشيخ ابن العربي يخطئ، هذا الرأي لما يقتضيه من نسبة الجهل و عدم البصر بما يليق نحو الجناب الإلهي إلى رسول كسليمان.
و حجته في ذلك أن الجملة الأولى و هي «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ» ليست جزءاً من كلام سليمان إلى بلقيس، بل هي إخبار منها لقومها بأنها أُلْقِيَ إليها كتاب من سليمان.
أما أول الكتاب فهو «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
و من الناس من يعتبر الجملة الأولى جزءاً من كتاب سليمان إلى بلقيس و يلتمس لسليمان عذراً في تقديم اسمه على اسم اللَّه و لا يعد ذلك جهلًا من الرسول،
بل عملًا قصد به إلى غاية خاصة، و ذلك أن سليمان لما علم أنه ليس من عادة الملوك الاحتفاء برسالات الأنبياء و لا تكريم حامليها،
بل لقد يدفعهم الشطط في امتهانها و تحقيرها إلى تمزيقها أو إحراقها أو التمثيل بها أي نوع من أنواع التمثيل كما فعل كسرى بكتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، لما علم سليمان كل ذلك، قدم اسمه على اسم اللَّه لكي يعرض اسم هو أولًا لمثل هذه الاهانة إن وقعت.
و هذا تعليل في نظر ابن العربي في غاية الضعف، إذ لو كان في نية بلقيس أن تمتهن كتاب سليمان بالإحراق أو التمزيق لأصابت هذه الاهانة كل ما فيه، و لما منعها من فعلها تقديم أحد الاسمين على الآخر. أهـ ""


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

الفص السليماني
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
قال رضي الله عنه :  (“إِنَّهُ”[ النمل : 30 ] ، يعني الكتاب مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [ النمل : 30 ] ، أي : مضمونه “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ “[ النمل : 30 ] ، فأخذ بعض النّاس في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن كذلك ، وتكلّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان بربّه ، وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [ النمل : 29 ] أي : مكرّم عليها وإنّما حملهم على ذلك ربّما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ؛ وما مزّقه حتّى قرأه كلّه وعرف مضمونه ؛ فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره ) .

أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بعموم الرحمة الإلهية التي هي الرحمانية المتضمنة للرحيمية ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى سليمان عليه السّلام ، إذ خصه اللّه بالملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، فجمع له بين النبوة والولاية ، وتسخير الجن والإنس والطير والريح والماء ، ومعرفة جميع الأشياء حتى منطق الطير ، والتصرف في الكل بمناسبته إياهم .

فظهر بالرحمتين اللتين رحم بهما أولا ، ثم تصرف بهما وبالأسماء الداخلة تحتهما ثانيا ، فيما كتب إلى بلقيس معرفا لها فضله بحيث لا ترى نسبته لما أوتيت إلى ما أوتي مطمعا لها في حصول نصيب منهما لها عند انقيادها له ومتابعتها إياه ، حتى تنقاد له سريعا فكان ذكرهما لها كرما في حقها .

فلذلك وصفت كتابه بالكرم ، ثم بينت ذلك بأنه من المشهور بالكرم سليمان ، وهو عين الكرم لافتتاحه بالرحمتين مع إطماعها في النصيب منهما ، فقالت :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [ النمل : 29 ] ، ( إنه يعني الكتاب ) فسر الضمير ؛ لئلا يتوهم أن للشأن ، فيكون مفتح كتاب سليمان ، فيكون عليه السّلام قدم اسمه على اسم اللّه تعالى وهو جهل ، وإنما هو من قول بلقيس ؛ ولذلك أورد لفظته يعني بتاء التأنيث ( من سليمان ، وإنه أي : مضمونه ) فسره ؛ لئلا يعود إلى البيان أو الكتاب .

فيتوهم أنه تم بقوله :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [ النمل : 30 ] ؛ لأنها خبران ، وليس كذلك بل هو مفتتحه وتتمته :أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ[ النمل : 31 ] ، وإن يفسر به فكأنه عليه السّلام يقول : إذا كنت صاحب الرحمة العامة بما أوتيت من الملك الجامع والرحمة الخاصة بما أوتيت من النبوة والولاية ، فلي العلو في الأمور الدنيوية والدينية ،"أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ"[ النمل : 31 ] ، من جهة الملك ،"وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" [ النمل : 31 ]
 من جهة الدين ، يحصل لكم نصيب من هاتين الفضيلتين بمتابعتكم إياي وانقيادكم لي ، وإلا فاتكم أمر الدارين ،ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ[ الزمر : 15 ] .
فلما وقع قولها أنه من سليمان بعد ذكر الكتاب ، توهم بعض الناس أنه حكاية مضمونة .
قال رضي الله عنه :  ( فأخذ بعض الناس ) يطعن على الكتاب ( في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ) وهو جهل صرف ،
( ولم يكن ) كتابه ( كذلك ) أي : مقدما فيه اسم سليمان على اسم اللّه ، وإنما وقع ذلك في كلام بلقيس ؛ لجريان العادة بذكر الكاتب قبل تفصيل مضمون الكتاب ، ( وتكلموا في ذلك ) الأخذ ( بما لا ينبغي لهم ) أن يتوهموا في حق سليمان عليه السّلام ؛ لأنه ( مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السّلام بربه ) ، إذ عرفوا أنه قد أحل بأسراره ما لم تحط به أكثر الأنبياء عليهم السّلام فضلا عن غيرهم حتى سخر له العالم دونهم .

قال رضي الله عنه :  ( وكيف يليق ) به ( ما قالوه ) من تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ، وهو سفه يعرفه أهل البلاهة ، ( وبلقيس ) مع كمال عقلها وفطانتها بحيث مدحها اللّه تعالى على ذلك ( تقول فيه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ[ النمل : 29 ] ) ، وليس ذلك إلا لتفضيل كلامه عليها ( أي :
تكرم عليها ) ؛ لانتمائه في الإحاطة بوجوه البلاغة والحسن بحيث تنهز له عقول العقلاء ، وتعقد دون الوصول إلى إدراك ما فيه فضلا عن مجاوبته ومعارضته ، فكيف يتصور أن يكون فيه تقديم اسمه على اسم ربه .

قال رضي الله عنه :  ( وإنما حملهم ) أي : القائلين بكونه من جملة الكتاب ( على ذلك ) أي : تقديم سليمان اسمه على اسم اللّه ( ربما ) هذه الشبهة الواهية التي لا يتشبث بمثلها آحاد العقلاء فضلا عن كبار الأنبياء عليهم السّلام ( تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، وزعموا أنه إنما مزقه ؛ لأنه عليه السّلام ما قدم اسمه فيه.

فلم يقع في قلبه له ولا هيبة ، وتفطن سليمان عليه السّلام لهذه النكتة ، فقدم اسمه على اسم اللّه إظهارا لهيبته وعظمته ، فانقادت له وما مزقت كتابه ، وهذا غلط في المقيس والمقيس عليه ونفس القياس .

 وذلك لأنه ( ما مزقه ) كسرى لعدم تقديمه عليه السّلام اسمه ، وإلا لمزقه أول ما رآه قبل استكمال قراءته وفهم مضمونه ، ولكن لم يفعل ( حتى قرأه كله وعرف مضمونه ) ، بل إنما مزقه لعدم انقياده له فيما تضمنه الكتاب .

 ومن لا ينقاد لأحد فهو سواء قدم اسمه أو لم يقدم لا ينقاد له أصلا ، ( فكذلك كانت تفعل بلقيس ) بكتاب سليمان كانت تمزقه بعد قراءته وفهم مضمونه ، ( لو لم توفق لما وفقت له ) من الإيمان ، ( فلم تكن تحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه ) الحاصلة في قلبها عن ( تقديم اسمه ) لدلالته على تجبره وعظمته .

أو عن تأخيره لدلالته على كمال رعايته حق ربه الدال على كمال عقله وفطانته ، وهو من أسباب تربية المهابة تقديم اسمه ( على اسم اللّه ولا تأخيره ) عنه ، ولا وجه آخر لهذا التقديم أصلا ، فلا ينبغي لأحد أن يتوهمه أصلا ، بل يجب أن يعتقد أن مفتتح بيان سليمان هو قوله : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [ النمل : 30 ] .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )

16 - فصّ حكمة رحمانيّة في كلمة سليمانيّة
ووجه اختصاص الكلمة السليمانيّة بالحكمة الرحمانيّة هو عموم حكمها ، فإنّ للكلمة السليمانيّة إحاطة سلطنة وقهرمان على البريّة كلَّها ، كما أنّ " الرحمن " بين الأسماء هو الشامل حكمه على الموجودات كلها ، فما من موجود له نوع من الحياة إلا وهو تحت ضبطهما وأمرهما.

ولذلك يلوح فضلهما على اسم « الحي » على ما أخبر عنه قوله تعالى حاكيا عنه : “  يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا من كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ “  [ 27 / 16 ]

 
تصدير كتاب سليمان عليه السّلام باسم الله تعالى
وحيث أنّ لسليمان عموم الحكم على كلَّية تفاصيل الأمر وبيانه صدّر الفصّ بقوله : ( “ إِنَّه ُ “  يعني الكتاب “ من سُلَيْمانَ وَإِنَّه ُ “ عني مضمونه ) وهذا قول بلقيس .
يقول لقومها عند إراءتها لهم الكتاب ، لا حكاية مضمون الكتاب وما في طيّه ، على ما توهّمه أكثر أهل الظاهر من المفسّرين ، وارتكبوا في توجيه تقديم سليمان اسمه على اسم الله تعسّفات بعيدة كما سيشير إليه الشيخ - .

فقوله : “ إِنَّه ُ من سُلَيْمانَ “  بيان لمرسل الكتاب ، فإنّه أول ما اهتمّ ببيانه وإشاعته ، سيّما إذا كان سلطانا مثل سليمان “ وَإِنَّه ُ “  بيان لمضمون الكتاب يعني (“ بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ")

فالكتاب حينئذ مصدّر باسم الله ، وعلى ما فهمه أهل الظاهر مصدّر باسم سليمان ، وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ) بما توهّموه  ( ولم يكن كذلك ، وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي ) من التوجيهات البعيدة ، كما يقولون : « إنما قدّم اسمه على اسم الله وقاية له أن يقع عليه الخرق ، وأنّه إن وقع الخرق يكون على اسمه ، لا على اسم الله » .

و « أنّ اسمه لكمال مهابته في قلوب البرية مانعة لهم عن الخرق » ،
وغير ذلك ( مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السّلام بربّه ، وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه : “ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ “)  [ 27 / 29 ] .  ، فإنّه لا بدّ لكل نبيّ وداع إلى الله أن يكون عارفا بمقادير استعدادات المدعوّين ومدارج نسبهم في الإنكار والإقرار
 . فإذا كانت بلقيس في هذا المقام من الإقرار كيف يليق بسليمان على جلالة قدره أن يخاف منها على خرق كتابه ؟ وهي يقول عند ورود ذلك الكتاب : “إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ “  (أي يكرم عليها ).

ثمّ أشار إلى منشأ خطأهم إقامة لعذرهم على ما هو مقتضى أدب الطريق بقوله : ( وإنما حملهم على ذلك - ربما - تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وما مزّقه حتى قرأه كلَّه وعرف مضمونه . فكذلك كانت تفعل بلقيس - لو لم توفّق لما وفّقت له - ) من النسبة الداعية لها إلى القبول .

قال رضي الله عنه :  ( فلم يكن يحمي الكتاب عن الخرق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم الله تعالى ، ولا تأخيره ) عنه .

الرحمة الامتنانيّة والوجوبيّة
ثمّ إن سليمان لعموم سلطانه على الموجودات له خصوصيّة نسبة إلى الرحمة التي هو الوجود ، كما عرفت ذلك .

ولما كانت الرحمة نوعين :
امتنانيّة : وهي التي لا تترتّب على ما يستجلبه من الاستعدادات والأعمال المورثة ، بل به يحصل الاستعداد وما يتقوّم به من القوابل ، كالفائض بالفيض الأقدس من الوجود العامّ الشامل ، الذي به يتنوّع الاستعدادات في التعيّن الأوّل .
ووجوبيّة : وهي التي تترتّب على الاستعدادات والأعمال المورثة له ، كالعلوم والكمالات المترتّبة على ما يستتبعه من المقتضيات والمعدّات –


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».  فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.  فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )   

الفصّ السليماني
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
قال رضي الله عنه :  ( إِنَّهُ يعني الكتاب مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ أي مضمونه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [ النمل:30 ]. فأخذ بعض النّاس في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن كذلك .
وتكلّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان بربّه . وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه :" إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ " [ النمل : 29 ] . أي مكرّم عليها وإنّما حملهم )


فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
إنما وصف الحكمة بالرحمانية لأن من جملتها بيان أسرار الرحمة الامتنانية الرحمانية والرحمة الوجوبية الرحيمية الداخلة فيها .
وخص الحكمة الرحمانية بالكلمة السليمانية لعموم حكمها ، فإن الكلمة السليمانية علوم سلطنة بالنسبة إلى الإنس والجن والوحش والطير .
كما أن الرحمن حكمه شامل للموجودات كلها ( إنه ) يعني الكتاب ( من سليمان ) فهذا بيان للمرسل ( وإنه ) ، أي مضمونه : ( بسم اللّه الرحمن الرحيم ) وهذا بيان لمضمون الكتاب ، فالكتاب مصدر باسم اللّه لا باسم سليمان كما توهمه بعض أهل الظاهر .
وإليه أشار بقوله  رضي الله عنه : ( فأخذ بعض الناس في ) بيان جهة ( تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن ) الأمر ( كذلك ) ، أي لم يكن اسم سليمان مذكورا في الكتاب مقدما على اسم اللّه .
ولكنهم توهموا التقديم ( وتكلموا في ) بيان ( ذلك ) التقديم ( بما لا ينبغي ) فقالوا :
إنما قدم اسمه على اسم اللّه وقاية له من أن يقع الخرق عليه ، فإن اسمه لكمال مهابته في قلوب الناس كان مانعا عن الخرق ، وعلى تقدير أن يقع الخرق يقع على اسمه لا على اسم اللّه تعالى.

قال رضي الله عنه :   ( وهذا مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه ) وبوجوب تقدمه في الذكر لتقدمه في الوجود ( وكيف يليق ما قالوه ) في وجه تقديم اسم سليمان على اسم اللّه مع توهم الخرق ( وبلقيس تقول فيه ) ، أي في شأن ذلك الكتاب (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌأي مكرم عليها ) [ النمل : 29 ] ، فكيف يتوهم منها خرقه وسليمان أيضا كان عارفا بذلك فإنه لا بد لكل نبي راع أن يكون عارفا بمقادير استعدادات المدعوين .
والمراد أن بلقيس مع كمال فطانتها تقول في شأن كتابه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ، أي يكرم عليها ومتى لم يكرم عليها إذا كان مفتتحا بسوء أدب .
ثم أشار رضي اللّه عنه:  (على ذلك ربّما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ وما مزّقه حتّى قرأه كلّه وعرف مضمونه . فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره . )


إلى منشأ خطابهم فقال رضي الله عنه : ( وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه ) فتمزيقه إنما كان لعدم كونه موفقا للقبول لفقدان المناسبة لا بمجرد أنه رأى اسمه صلى اللّه عليه وسلم مقدما على اسمه فإنه كان صدر كتابه من محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى كسرى .

قال رضي الله عنه : ( فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وفقت له ) من إكرام الكتاب وقبوله لاستعداداتي ( فلم تكن تحمي الكتاب عن الحرق لحرمة صاحبه ) ، أي بسبب حرمة صاحبه ( تقديم اسمه ) ، أي اسم صاحبه ( عليه السلام على اسم اللّه ولا تأخيره ) عنه وذكر التأخير للمبالغة .
ولما بين رضي اللّه عنه أن قوله : « أنه من سليمان » ليس من جملة كتاب سليمان بل كان مفتتح كتابه البسملة لا غير ، شرع فيما يتعلق بالبسملة من النكات.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 23 ديسمبر 2019 - 21:39 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
 
قال رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم . فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم . وهذا الوجوب من الامتنان .  فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن . فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب . ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه . والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان . )
 
قال رضي الله عنه :  (فأتى سليمان) عليه السلام في كتابه المذكور (بالرحمتين) الإلهيتين :
الأولى (رحمة الامتنان) منه تعالى على خلقه وبها أعطى الاستعدادات لقبول ما يفيض من الإمداد على الكل وهو قوله سبحانه وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وهذا الوسع منة من الحق تعالى وفضل من غير سبب سابق ، بل هو سبب للفيض اللاحق
(و)الثانية (رحمة الوجوب) ، أي الإيجاب منه تعالى على نفسه لا بإيجاب أحد عليه وهو قوله تعالى :" فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ" [ الأعراف : 156 ] ، وقوله :"كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " [ الأنعام : 54 ] ،
 أي أوجبها اللتين هما رحمة (الرحمن) ورحمة (الرحيم فامتن) ، أي أنعم وتفضل سبحانه على كل شيء فأوجده مستعدا لكل ما هو مستعد له (بالرحمن) المستوي على العرش وهي رحمة العامة وأوجب ، أي أحق وألزم عدلا منه سبحانه (بالرحيم) وهي رحمة الخاصة من قوله تعالى :أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى[ طه : 50 ].
 والهداية أيضا إعطاء للمستعد لها خلقه
 
ولكن أفردها ليميز أهلها عن أهل الضلالة كما قال :يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ[ النحل : 93 ] ومن لم يستعد للهداية ولو أفاضها عليه فإنه لا يقبلها كما قال سبحانه :وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى[ فصلت : 17 ] .

قال رضي الله عنه :  (وهذا الوجوب) في الرحمة هو (من) جملة (الامتنان) أيضا على الكل والرحمة واحدة لا تنقسم ، لأنه هو الذي أوجبها على نفسه فإيجابه لها على نفسه عين الامتنان منه (فدخل) الاسم (الرحيم في) الاسم (الرحمن) ورحمة الوجوب في رحمة الامتنان ورحمة الخصوص في رحمة العموم (دخول تضمن) كدخول العام في الخاص والأمر الكلي في الجزئي ، لأن الخاص هو المقصود وكذلك الجزئي وهو الكلي ، والعام جزء الخاص .
 
وكذلك الكلي كأنه جزء للجزئي ، والمرحومون بالرحمة الخاصة رحمة الوجوب هم المعتبرون وهم المقصودون وهم الجامعون كما قال تعالى :قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ[ الأعراف : 32 ] ، وإنما لم تكن خالصة في الدنيا لأنها ليست بدار جزاء ، والآخرة هي دار الجزاء فكانت لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا من باب رحمة الامتنان فتشاركوا فيها مع الكافرين ، وفي الآخرة تكون للمؤمنين خاصة من دون الكافرين من باب رحمة الوجوب التي يخص اللّه تعالى من بها من يشاء .
 
وقال تعالى في حق الكافرين :أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ[ هود : 16] ،
وأخبر تعالى أنه تقطع لهم ثياب من نار ، وأن شجرة الزقوم تنبت في أصل الجحيم فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ( 66 ) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ( 67 ) [ الصافات : 66 - 67 ] ، فليس لهم إلا ما أعطت حقائقهم مما استعدوا له من العقاب . ولهذا قال تعالى :وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[ البقرة : 57 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (فإنه) ، أي اللّه تعالى (كتب على نفسه) ، أي ذاته وهي الوجود المطلق (الرحمة سبحانه) وهي إفاضة الوجود على الأعيان الثابتة في الأصل بطريق المنة فظهرت موجودة على حسب ما كانت ثابتة فيه من الأعيان العدمية (ليكون ذلك) ، أي كناية الرحمة منسوبا (للعبد) المكلف وغيره (بما ذكره الحق) تعالى في القرآن من الأعمال بيان لما ذكره التي يأتي بها هذا العبد كما قال بعضهم : من فضله عليك أن خلق ونسب إليك « حكمة ابن عطاء الله السكندري » .
حقا على اللّه تعالى كما قال :وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ[ الروم : 47 ] ، أي على أنفسهم وشياطينهم بالطاعة والموافقة ، وعلى أعدائهم بالحفظ والغلبة (أوجبه) ، أي ذلك الحق له ، أي لعبد اللّه تعالى (على نفسه يستحق) ، أي ذلك العبد (بها) ، أي بسبب تلك الأعمال (هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب) وهي رحمة الاختصاص التي قال تعالى :يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ[ البقرة : 105 ] .
قال رضي الله عنه :  (ومن كان من العبيد بهذه المثابة) ، أي الحالة المذكورة فإنه ، أي ذلك العبد (يعلم من هو العامل منه) ومن غيره أيضا للأعمال الاختيارية الصادرة عنه في الخير فضلا وفي الشر عدلا.
(والعمل) الذي كلف اللّه تعالى به الإنسان (منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان) المكلف اليدين والرجلين والعينين والأذنين واللسان والقلب والبطن والفرج .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرحمتين رحمة الامتنان ) وهي ما يحصل من اللّه تعالى للعبد بدون مقابلة عمل من أعماله بل عناية سابقة في حق عبده كإعطاء الوجود والقدرة للعمل والصحة فإنها رحمة من اللّه للعبد ليست في مقابلة عمل بل منة وعطاء محض من اللّه تعالى ( ورحمة الوجوب ) .
وهي التي تحصل من اللّه للعبد بمقابلة عمله كإعطاء ثواب أعمالهم في الجنة ( اللتان هما الرحمن الرحيم فامتن ) أي امتن الحق ( بالرحمن ) لعموم حكمه على جميع الموجودات فامتن بقوله :" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "
وبقوله :" رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً"
قال رضي الله عنه :  ( وأوجب ) أي جعل الحق على نفسه الرحمة واجبا ( بالرحيم ) المخصص بالرحمن العام ( وهذا الوجوب ) أي وجوب رحمة الوجوب ( من الامتنان فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) يعني دخول الخاص تحت العام وإنما كانت رحمة الوجوب من الامتنان .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك ) وجوب الرحمة ( للعبد بما ) أي بسبب الذي ( ذكره الحق من الأعمال ) بيان لما أو لضميره ( التي يأتي بها هذا العبد ) قوله :
قال رضي الله عنه :  ( حقا ) خبر ليكون ( على اللّه ) متعلق بحقا ( أوجبه ) الضمير المنصوب المتصل يرجع إلى اللّه وجوب الرحمة ( له ) يتعلق بأوجبه والضمير المجرور المتصل يرجع إلى العبد أي أوجب الحق الرحمة ( على نفسه ) للعبد على نفسه يتعلق بأوجبه ( يستحق بها ) أي يستحق العبد بإتيان الأعمال التي أمره الحق أن يفعلها.
 
قال رضي الله عنه :  ( هذه الرحمة ) مفعول يستحق ( أعني رحمة الوجوب ) يعني أن العبد من حيث أنه عبد يجب عليه إتيان أوامر مولاه فلا تجب الرحمة على المولى في مقابلتها شيء .
فإذا قدر المولى وأوجب على نفسه لعبده شيئا في مقابلة عمله يستحق العبد بذلك الشيء بسبب عمله فوصل ذلك الشيء للعبد من المولى في مقابلة عمله فذلك امتنان وعطاء محض .
ومن ذلك قالوا الجنة فضل إلهي فلا يستحق بها العبد إلا بفضل اللّه تعالى فإن جعل الحق الأعمال أسبابا للجنة وهو من جملة فضل اللّه فكان وجوب الرحمة من رحمة الامتنان.
قال رضي الله عنه :   ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) أي محققا بهذه المرتبة ومشاهدا إياها وهي مرتبة أن يكون الحق موجبا على نفسه الرحمة للعبد ( فإنه ) أي فإن ذلك العبد ( يعلم من هو العامل منه ) .
أي يعلم ذلك العبد يقينا ان العامل في الحقيقة من نفسه هو الحق ويعلم أن العمل لا يستند إليه إلا بحسب الظاهر وأما العبد الذي لم يكن بهذه المثابة فهو يزعم أنه عامل في الحقيقة ولما قال إن العامل في الحقيقة من صورة العبد هو الحق شرع في بيانه.
بقوله رضي الله عنه  :( والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) لكل عضو عمل خاص له يعمل الإنسان ذلك العمل بذلك العضو على ما لا يخفى


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
 
قال رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان. فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن. فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه. والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
 
قلت : قال بعضهم: إنما كتب سليمان عليه السلام، اسمه قبل اسم الله تعالى في قوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (الروم: 27) 
خوفا على اسم الله تعالى من الإحراق   فإن عوائد الجبابرة من الملوك أن يهينوا المرسل بتمزيق أول اسم في كتابه.
فأراد سليمان، عليه السلام، أن يكون التمزيق في اسمه لا في اسم الله تعالى.
فلذلك قدمه وأخر ذكر اسم الله تعالی. 
قال، رضي الله عنه: (ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.)
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین 
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان. 
 قال: والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
 
قال رضي الله عنه : « فأتى سليمان بالرحمتين » يعني : في مضمون كتابه أوّلا في البسملة « رحمة الوجوب ورحمة الامتنان اللتين هما الرحمن الرحيم » .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الرحمتين عين الاسمين في حق الحق ، لأحدية الاسم والمسمّى في ذاته .
واعلم : أنّ الرحمن كما ذكرنا عبارة عن الحق من كونه عين الوجود العامّ بين العالمين ،
فعمّ بهذه الرحمة جميع الأسماء والحقائق ، فهي رحمة الامتنان على كل موجود لم يكن لعينه موجودا ، فأوجده الله بهذه الرحمة .
ولفظ الرحمن في وزانه يقتضي العموم ، ولمّا عمّت رحمته الكلّ اقتضت أن يخصّ بعمومها كلّ عين عين من الأعيان بخصوصية ذاتية .
لذلك التعيّن فيرحمها برحمة يصلح لها ويصلحها ، فالرحيم فيه مبالغة لتعميم التخصيص ، وللرحمن من الرحيم تخصيص التعميم ، وللرحيم من الرحمن تخصيص التعميم ، وللرحيم من الرحمن تعميم التخصيص ، فكلّ منهما إذن في كلّ منهما .
 
قال رضي الله عنه : ( فامتنّ بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمّن ، فإنّه كتب على نفسه الرحمة ، سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب ) .
يشير إلى قوله :  ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) فامتنّ على الكلّ بتعميم الرحمة ثمّ أوجبها بقوله  تعالى : ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ )   .
وقوله : « سبقت رحمتي غضبي » امتنان على الكلّ أيضا بإيجاب الرحمة ، فافهم ، فإنّه ذوق نادر غريب ، هذا معنى قوله : « فدخل الرحيم في الرحمن » .
وقوله : « فإنّه ( كَتَبَ عَلى نَفْسِه ِ الرَّحْمَةَ ) » يعني الرحمة التي سبقت غضبه .
وقوله : « ليكون للعبيد » أي أجاب الرحمة بالكتابة على نفسه حقا عليه ، « استحقّوها بها » أي بالأعمال بإيجابه لهم هذه الرحمة .
 
قال رضي الله عنه : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ، فإنّه يعلم من هو العامل به ؟ ) .
 
يشير رضي الله عنه إلى أنّ رحمة الوجوب هي التي استحقّها المتّقون بتقواهم وأعمالهم الصالحة ، فإنّها رحمة خاصّة من الرحيم بهذه الأعمال المستدعية لمجازاة الله بما يناسبها ، ثمّ أشار إلى من يكون له هذه التقوى والرحمة الخاصّة ، فإنّه يكون عالما بأنّ الله هو العامل به جميع أعماله المقتضية لهذه الرحمة ، فإنّ هذا العلم أعلى مراتب هذه الرحمة للمتّقي .
قال رضي الله عنه :  « والعمل مقسّم على ثمانية أعضاء من الإنسان ،) يعني : أنّ هويّة العبد هو الله .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ، فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبيد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة أعنى رحمة الوجوب )
 
فامتن على الكل بالرحمن أي بتعميم الرحمة في قوله : ( رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )
وأوجبها في قوله :  ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ).
وقوله « سبقت رحمتي غضبى » امتنان أيضا على الكل بإيجاب الرحمة لهم على نفسه ، وهو معنى قوله : فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ، يعنى دخول الخاص تحت العام ، لأنه إنما أوجب الرحمة السابقة على الغضب في قوله -   ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِه الرَّحْمَةَ ) - ليكون للعبد ما ذكره من الأعمال التي أوجدها الله على يده وأجراها عليه تلك الرحمة وذلك الثواب الذي وعده على تلك الأعمال حقا له على الله أوجبه على نفسه له بسبب الكتابة عليها امتنانا يستحق ذلك العبد بها هذه الرحمة ،
فذلك وجوب في تضمن الامتنان إذ الكتابة على نفسه امتنان .
قال رضي الله عنه :  ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه ) وفي نسخة العامل به أي ومن كان من العبيد مستحقا لرحمة الوجوب بالتقوى والعمل الصالح يعلم أن الله هو العامل بهذا العبد أو من هذا العبد هذه الأعمال التي تستدعى هذه الرحمة على سبيل المجازاة بما يناسبها ، فإن هذا العلم من أعلى مراتب التقوى .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) أي هوية العبد هو حقيقة الله أدرجت في اسمه ، فالعبد اسم الله وهويته المسماة هو الله.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرحمتين : رحمة الامتنان ، ورحمة الوجوب اللتان هما " الرحمن الرحيم " . فأمتن بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل "الرحيم " في "الرحمن " دخول التضمن . )
اعلم ، أن الرحمة صفة من الصفات الإلهية ، وهي حقيقة واحدة ، لكنها ينقسم بالذاتية وبالصفاتية ، أي ، يقتضيها أسماء الذات وأسماء الصفات عامة . وكل منهما عامة وخاصة ، فصارت أربعة ، ويتفرع منها إلى أن يصير المجموع مائة رحمة .
وإليه أشار رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن لله مائة رحمة ، أعطى واحدة منها لأهل الدنيا كلها ، وادخر تسعة وتسعين إلى الآخرة يرحم بها عباده ) فالرحمة العامة والخاصة الذاتيتان ما جاء في البسملة من ( الرحمن الرحيم ) .
 
والرحمة الرحمانية عامة ، لشمول الذات جميع الأشياء علما وعينا ،
والرحيمية خاصة ، لأنها تفصيل تلك الرحمة العامة الموجب لتعين كل من الأعيان بالاستعداد الخاص بالفيض الأقدس .
والصفاتية ما ذكره في الفاتحة من ( الرحمن الرحيم ) ، الأولى عامة الحكم ، لترتبها على ما أفاض الوجود العام العلمي من الرحمة العامة الذاتية ، والثانية تخصيصها بحسب الاستعداد الأصلي الذي لكل عين من الأعيان .
وهما نتيجتان للرحمتين الذاتيتين :
العامة والخاصة فإذا علمت  ذلك ، فاعلم أن سليمان أتى بالرحمتين ، منها رحمة الامتنان . وهي ما حصل من الذات بحسب العناية الأولى .
 
وإنما سماها ب‍ ( الامتنان ) لكونها ليست في مقابلة عمل من أعمال العبد ، بل منة سابقة من الله في حق عبده .  ورحمة الوجوب أي رحمة في مقابلة العمل .
وأصل هذا الوجوب قوله تعالى : ( كتب على نفسه الرحمة ) . أي ، أوجبها على نفسه ( فامتن ) أي ، الحق تعالى . ( بالرحمن ) العام الحكم على جميع الموجودات بتعيين أعيانها في العلم وإيجادها في العين ، كما قال : ( رحمتي وسعت كل شئ ). و
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما ) . أي ، وجودا وعلما .
فإن الرحمة العامة هو الوجود العام لجميع الأشياء ، وهو النور المذكور في قوله تعالى : ( الله نور السماوات والأرض ) . الذي به يظهر كل شئ من ظلمة العدم .
( وأوجب بالرحيم ) المخصص على نفسه أن يوصل كلا من الأعيان إلى ما يقتضيه استعداده .
 
ولما كان هذا الإيجاب أيضا منة منه تعالى على عباده ، قال : ( وهذا الوجوب من الامتنان ) أي ، من الرحمة الامتنانية ، إذ ليس للمعدوم أن يوجب شيئا على الحق فيما يوجده ، ويمكنه من الطاعات والعبادات . فدخل الرحمة الرحيمية في الرحمة الرحمانية دخول الخاص تحت العام .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ، ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة ، أعني رحمة الوجوب . ) هذا تعليل لقوله : ( وهذا الوجوب من الامتنان ) .
وذلك إشارة إلى وجوب الرحمة على نفسه .
 
و ( حقا ) منصوب بقوله : ( ليكون ) . أي ، إيجاب الحق على نفسه الرحمة للعباد من الامتنان ، لأنه كتب وفرض على نفسه الرحمة ، ليكون ذلك حقا على الله للعبد في مقابلة أعماله التي كلفه بها مجازاة له وعوضا عن عمله ، وذلك على سبيل الامتنان .
فإن العبد يحب عليه طاعة سيده والإتيان بأوامره ، فإذا أعطاه شيئا آخر في مقابلة أعماله ، يكون ذلك رحمة للعبد وامتنانا منه عليه .
فقوله : ( أوجبه ) أي ، أوجب ذلك الوجوب الحق للعبد على نفسه ، ليستحق العبد بها ، أي بتلك الأعمال ، الرحمة التي أوجبها الحق على نفسه امتنانا .
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ، فإنه يعلم من هو العامل منه ) وفي بعض النسخ : ( به ) .
أي ، ومن كان من العبيد بمثابة أن يكون الحق موجبا على نفسه الرحمة له ، يكون ذا نور من الله منور القلب به محبوبا .
كما قال تعالى : "فسأكتبها للذين يتقون " . ومن كان كذلك ، يكون الحق سمعه وبصره ، كما نطق به الحديث .
فيعلم يقينا أن العامل الحقيقي من نفس العبد هو الحق الذي معه .
أو العامل في الحقيقة هو الحق ، لكن بالعبد ليكون العبد كالآته له .
 
قال رضي الله عنه :  ( والعمل ينقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) وهي : اليدان ، والرجلان ، والسمع ، والبصر ، واللسان ، والجبهة .
إذ باليدين يتمكن من التوضي والتطهر ، وعلى الرجلين يقوم في الصلاة ويسعى ويحج ، وبالسمع يتمكن من سماع كلام الله وكلام رسول الله ، وبالبصر يتمكن من المشاهدة في جميع أعماله ، وباللسان يثنى على الله تعالى ويسبحه ويقرء كلامه ، وبالجبهة يسجد في صلاته .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 23 ديسمبر 2019 - 21:43 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان  ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم ، فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن ، فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب ، ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه ، والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ).
 ""إضافة المحقق : الرحمة الامتنانية : هي السابقة ، سميت بذلك لأن اللّه تعالى امتن بها على الخلائق قبل استحقاقها ، لأنها سابقة على ما يصدر منهم من الأفعال التي توجب لهم استحقاقا ، والرحمة الامتنانية الخاصة : يعني بها رحمة اللّه تعالى لعبده ، حيث وفقه للقيام بما يوجب له من الأفعال استحقاق الثواب عليها ( لطائف الإعلام ص 161 ) .""
 
قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرحمتين ) في كتابه لتجليهما عليه ؛ ليطمع من تابعه في نصيب منهما ( رحمة الامتنان ) لا في مقابلة عمل ( ورحمة الوجوب ) في مقابلته بحسب الوعد الإلهي مع أنه لا يجب عليه شيء .
قال رضي الله عنه :  ( اللتين هما الرحمن الرحيم ) أي : مفهوم هذين الاسمين لا بطريق الترادف ، وإلا كان تكرارا بلا فائدة ، بل لا بدّ من التباين مع التواصل ( فامتن بالرحمن ) الدال بكثرة حروفه على كثرة أفراد مدلوله ، وهي الرحمة العامة التي لا تتصور أن تكون جميع أفرادها في مقابلة العمل ، سيما وقد دخلت فيه رحمة الإيجاد السابق على العمل .
قال رضي الله عنه :  ( وأوجب بالرحيم ) الدال بقلة حروفه على قلة أفراد مدلوله ، وهي أفراد خاصة لا بد لها من تخصيص وهو العمل ، ( وهذا الوجوب ) ليس ما يقوله المعتزلة أنه يجب على اللّه تعالى إثابة المطيع والانتقام للعاصي بل هو( من الامتنان ) .
 
فإن الإثابة فضل كما أن الانتقام عدل ، ولكنه في حكم الواجب بوعده الصادق ، ( فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) ، وإن كان شأن العام أن يدخل تحت مفهوم اللفظ الدال على الخاص بطريق التضمن ، وذلك باعتبار أن خصوصيته ليست أمرا زائدا على الامتنان كما تقوله المعتزلة ،
فهو داخل دخول أفراد الخاص تحت العام ، وهو مشبه دلالة التضمن من حيث أنه بعض ما صدق عليه العام ، كما أن المدلول التضمني بعض المفهوم الخطابي .
وكيف تجب هذه الرحمة على اللّه ولا موجب سواه ولا يوجب أخذ شيئا على نفسه ما لم يكن فيه جر نفع أو دفع الضر عنه ما لم يتعلق به شيء منهما ، بل غاية ما فيه أنه تعالى وعد المطيعين الإثابة فإنه :" كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ "[ الأنعام : 12 ] .
قال رضي الله عنه :  ( سبحانه ) أن يكتب عليه أحد سواه ومن أن يصل إليه نفع أو ضر ، وإنما كتبه ؛ ( ليكون ذلك ) المكتوب  (للعبد ) لا بحيث يذم الرب لو لم يفعل به ذلك لولا وعده السابق .
 
فهو إنما يكون له ( بما ذكره الحق ) ، وخبره صدق ، ووعده حق لا محالة ، وكيف يجب على اللّه ذلك الثواب الأبدي بحيث يذم بتركه ( من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد ) ، وقد سبق عليه إنعامات من الحق يستحق الشكر عليها ، وهي لا تفي بشكره ، وإن وفت كفت لما مضى ، ولا يستوجب جزاء فضلا عن الأبدي الشامل على وجوه الإنعام والإكرام.
 
بل غايته أن يكون ( حقّا ) ثابتا ( على اللّه ) ؛ لأنه ( أوجبه له ) بوعده إذا أتى على وجه الاكتساب على بقية يستحق بها هذه الرحمة مفعول يستحق ، وبينها بقوله : ( أعني رحمة الوجوب ) ؛ لئلا يتوهم أنها رحمة الامتنان العامة ؛ لأنه نفى الوجوب عنها على وجه المبالغة .
 
وكيف تكون واجبة على اللّه الوجوب الحقيقي مع أنه إنما يستحقها إذا أتى بها على وجه يعتد به من الاعتقاد الصحيح والأركان والشرائط والآداب .
ومن جملة ما يجب أن يعتقد فيها أنه ليس يعامل بها على الحقيقة ، فكيف يجب له ثواب على اللّه بما ليس من عمله ، بل هو من أعمال الحق .
 
وإليه الإشارة بقوله : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) أي : بحيث يستحق على أعماله هذه الرحمة الوجوبية ، ( فإنه يعلم ) لإيمانه بالقدر ( من هو العامل فيه ) بالإيجاد ، وهل الأثر لقدرة الموجد أو المكتسب ، وكيف لا يكون الحق عاملا بالحقيقة فيه .
( والعمل ) المستند إلى العبد ( ينقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) اليد والرجل والفم "اللسان" والأذن والعين والبطن والفرج .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرحمتين : رحمة الامتنان ، ورحمة الوجوب ، اللتان هما الرحمن الرحيم ) كاشفا بهما عن معنى اسم الله ، المصدّر به الكتاب ، تبيينا للذّات بأظهر أوصافها ، وتحقيقا لمبادئ ما ظهر من الكثرة الكونيّة في الوحدة الوجوديّة .
قال رضي الله عنه :  ( فامتنّ بالرحمن ) أي بتعميم الرحمة والوجود على الكل بدون سابقة استعداد مقتضية لها ، كما قال تعالى : “ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ “  [ 7 / 156 ] .
( وأوجب بالرحيم ) أي بتخصيص الرحمة التي هي العلم والكمالات على من يستجلبها باستعداده ، كما قال : " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ “  [ 7 / 156 ] .
 
عموميّة اسم الرحيم ودخوله في الرحمن بالتضمّن  ، وإذ قد ظهر لك أنّ الرحمة الامتنانيّة حيث ليس للمرحوم عين أصلا ، ثمّ بها ظهر المرحومون وعمّت لهم .
والوجوبية حيث ليس للمرحومين كمال ثمّ بها انفردوا بالكمال وخصّوا بما يليق به انتسابهم إلى جناب الراحم وجلاله الأحدي : كأن إلى مثل هذا المعنى أشار قول إمام المحقّقين جعفر الصادق:
"الرحمن اسم خاصّ صفته عامة . والرحيم اسم عامّ صفته خاصّة " .
وبيّن أنّ الوجود العام - يعني الرحمة الامتنانية - له الإحاطة بالكل : فالوجوبيّة منها مندرجة فيها - اندراج الجزء تحت الكل .
 
وإليه أشار بقوله : ( وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمّن ).
وبيّن  أنّ هذا غير اعتبار العموم والخصوص فإنّ دخول الخاصّ تحت العامّ ليس دخول تضمّن ثمّ إنّه وإن أمكن اعتبار العموم والخصوص في الرحمتين ، ولكن ليس فيما نحن بصدده ، فإنّ هذه النسبة إنما تتصور عند اتّحادهما وحملهما بهو هو ، وهو غير مراد هاهنا .
 
ولذلك علّله بقوله : ( فإنّه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ) فإنّ نسبة بعض المكتوب إلى الجملة من الكتاب نسبة الجزء إلى كله ، لا نسبة الجزئي الخاص إلى كليّه العام ، وهذا المكتوب هو رحمة الوجوب إنما كتبه .
قال رضي الله عنه :  ( ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقّا على الله أوجبه له على نفسه ، فيستحقّ بها ) .
أي بتلك الأعمال (هذه الرحمة - أعني رحمة الوجوب) كما عبّر عنه الحديث القدسيّ المفصح عن قرب النوافل .
 
تسمية العبد باسم الأول والآخر والظاهر والباطن  
قال رضي الله عنه :  ( ومن كان من العبد بهذه المثابة ) في القرب بالتزام النوافل من الأعمال ( فإنّه يعلم من هو العامل منه ) - أي من العبد ، فإنّ له أعضاء عاملة وغير عاملة .
 
قال رضي الله عنه :  ( والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) - اليدين والرجلين والسمع والبصر واللسان والجبهة.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم . فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم . وهذا الوجوب من الامتنان . فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن. فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من)


فقال رضي الله عنه  : ( فأتى سليمان ) في البسملة ( بالرحمتين ) وهما : ( رحمة الامتنان ) وهي الرحمة الصادرة من محض الوهب الإلهي لا في مقابلة استعداد كلي أو جزئي ( ورحمة الوجوب ) وهي التي أوجبها الحق سبحانه على نفسه في مقابلة أحد الاستعدادين ، ثم وصف الرحمتين بما يدل على أن كلا منهما من أي اسم يفهم من الاسمين المذكورين في البسملة
 
فقال :رضي الله عنه   ( اللتان هما الرحمن الرحيم ) ، أي الرحمتان المذكورتان اللتان يقتضيهما الاسم الرحمن والاسم الرحيم ( فامتن بالرحمن ) لا في مقابلة أمر بل بمحض الموهبة فتجلى بصور الاستعدادات فالرحمة الامتناهية هي الفيض الأقدس ( وأوجب بالرحيم ) ما يقتضيه الاستعدادات الحاصلة بالرحمة الرحمانية ( وهذا الوجوب ) أيضا ( من ) مقتضيات ( الامتنان ) إذ ليس ثمة من يوجب عليه سبحانه أمرا مّا .
 
بل هو أوجب على نفسه كما قال :
كتب على نفسه الرحمة وحيث كان ذلك الإيجاب من محض المنة من غير وجود مقتض كانت الرحمة المرتبة عليه راجعة إلى الامتنان .
كما أشار إليه بقوله رضي الله عنه : ( فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) بحيث يندرج فيه فكلما اقتضاه الاسم الرحيم يكون بعضا من مقتضيات الاسم الرحمن وهذا المعنى هو المراد بالدخول الضمني وإنما قلنا : هذا الوجوب من الامتنان ( فإنه كتب على نفسه الرحمة ) لا غيره ( سبحانه ) عن أن يكتب عليه غيره وإنما كتب ( ليكون ذلك ) المكتوب رحمة الوجوب ( للعبد ) ، أي بسبب ( بما ذكره الحق ) وعينه
 
 قال رضي الله عنه :  ( الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب .  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه . والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان . )
 
قال رضي الله عنه :   ( من الأعمال التي يأتي بها العبد حقا على اللّه أوجبه ) ، أي ذلك المكتوب أو ذلك الحق ( له ) ، أي للعبد ( على نفسه فيستحق ) العبد ( بها ) ، أي بتلك الأعمال .
 
قال رضي الله عنه :  ( هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) ، أي بمثابة أن يأتي بالأعمال التي كتب الحق على نفسه الرحمة في مقابلتها ( فإنه يعلم ) بأدنى التفات ( من هو العامل منه ) من الأعضاء فإن أعضاءه بعضها عاملة وبعضها غير عاملة وإنما قال : من العامل مع أن الظاهر ما العامل منه ، لأنه لما أسند العمل إليه فكأنه من ذوي العلم أو لأنها هوية الحق كما سيجيء ( والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) غالبا وهي اليدان والرجلان والسمع والبصر واللسان والجبهة .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 12:37 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحقّ أنّه تعالى هويّة كلّ عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصّورة للعبد ، والهويّة مندرجة فيه ، أي في اسمه لا غير .  لأنّه تعالى عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظّاهر والآخر للعبد ؛ وبكونه لم يكن ثمّ كان . ويتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل . فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظّاهر والباطن . )
 
قال رضي الله عنه :  (وقد أخبر الحق) تعالى كما ورد في الحديث القدسي وغيره (أنه تعالى هوية) ، أي ذات (كل عضو منها )، أي من تلك الأعضاء بقوله : « كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها » .
والبعض وارد بالتصريح ، والبعض مفهوم بالكناية والتلويح في أخبار مختلفة ، ويعم الكل قوله تعالى :إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ( 49 ) [ القمر : 49 ] .
 
في قراءة رفع على أنها خبر إنّ ، ولا يلزم مما يفهم الجاهل من أنه تعالى خلق نفسه ، لأنه إذا كان تعالى يتحوّل في الصور كما ورد في حديث مسلم الصحيح في يوم القيامة ، فالتحول في الصور التي هي مظاهر تجلياته ، لا في نفس المتجلي بها ، ولكن يصح إضافة التحول
 
إلى المتجلي ، لأنه لازم من تحول مظاهر تجلياته في رؤية الرائي لا في نفس الأمر ، وكذلك القول فيما ذكرنا وما للعميان والبحث عن حقائق الألوان ، فإن الآلة التي بها تدرك الألوان هي البصر خاصة ، وذلك مفقود من العميان ، فترك البحث والجدال أولى بهم إن كان عندهم إذعان وليس للمعاندة دواء إلا الضرب والطعان .
 
قال رضي الله عنه :  (فلم يكن العامل) حينئذ (غير الحق) سبحانه والصورة التي ظهر بها الحق تعالى في وقت العمل بالقيومية عليها للعبد والهوية ، أي الذات الإلهية مندرجة فيه أي اسمه يعني اسم العبد لا غير ، أي لا في ذاته لأنه تعالى عين ما ظهر بالوجود في صورة العبد وذاته واسمه بصفة القيومية عليه وسمي خلقا ، أي مخلوقا ومن هنا قال سليمان عليه السلام في كتابه إلى بلقيس إنه من سليمان وإنه بسم اللّه الرحمن الرحيم كما مر .
قال رضي الله عنه :  (وبه) ، أي بما ظهر وسمي خلقا كان ، أي ظهر (الاسم الظاهر و)الاسم الآخر للّه تعالى للعبد ، أي ظهورا عند العبد ، فلو لا ظهور العبد ما ظهر عنده اسم اللّه تعالى الظاهر ولا اسمه الآخر وبكونه ، أي العبد لم يكن ظاهرا ثم كان ، أي ظهر .
 
قال رضي الله عنه :  (ويتوقف ظهوره) ، أي العبد عليه ، أي على الحق تعالى وصدور العمل ، أي عمل العبد منه ، أي من الحق تعالى خلقا وإيجادا كان ، أي تبين عند العبد أيضا (الاسم الباطن) والاسم الأوّل للّه تعالى فإذا رأيت يا أيها السالك الخلق ، أي المخلوق من الناس وغيره فقد رأيت الأوّل الحق ظاهرا عندك بإظهار أثره ورأيت الآخر الحق أيضا ظاهرا عندك بوجوده المطلق الذي فني فيه قيد أثره ورأيت الظاهر الحق ظاهرا عندك بوجوده المطلق أيضا.
الذي فني فيه قيد أثره ورأيت الباطن الحق ظاهرا عندك أيضا بإظهار أثره ، فتظهر عندك بك وبكل شيء حضرات الحق تعالى الأربعة ، وتتميز بالأثر الواحد الصادر عنها بالاعتبارات الأربعة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق تعالى أنه ) أي الحق ( هوية كل عضو منها ) أي من أعضاء الإنسان فإذا كان الحق هوية كل عضو .
قال رضي الله عنه :  ( فلم يكن العامل فيها غير الحق والصورة ) التي تظهر منها العمل ( للعبد والهوية ) الإلهية ( مندرجة فيه ) أي في العبد ( أي في اسمه ) أي في اسم اللّه أو في اسم العبد إذ لكل عبد اسم يظهر فيه أحكام ذلك الاسم ( لا غير ).
فسر بقوله أي في اسمه ليعلم أن اندراج الهوية ليس في نفس العبد بل في اسمه الظاهر في العبد ، كما قال : ولكن فيّ مظهره ولم يقل أنا مظهره لكنهم سامحوا وقالوا الهوية الإلهية مندرجة في العبد والمراد ما يظهر في العبد ويريه من أسماء اللّه تعالى .
 
فإن اندراج الهوية لا يكون إلا في الأسماء الإلهية ومعنى اندراج الهوية الإلهية في الموجودات كاندراج الهوية الشخصية في صورها الحاصلة في المرايا المختلفة وبه اندفع توهم الحلول لأهل الحجاب فإن الحلول محال عند أهل اللّه أيضا وإنما كانت الهوية الإلهية مندرجة في العبد ( لأنه تعالى عين ما ظهر ) منه ( ويسمى خلقا ) ومعنى كون الحق عين ما ظهر منه أي كون الحق عين الخلق كون المخلوق ظاهرا على صفة الحق وهي الحياة والعلم والقدرة .
 
ومعنى كون الحق غير الخلق كون الخلق ظاهرا على الصفة الناقصة كالحدوث والإمكان ولوازمهما فكما أنت عين ما ظهر منك في المرايا المختلفة .
كذلك الحق عين العبد الذي ظهر منه بمعنى ما من صفة من صفات الحق إلا وهي موجودة في العبد إلا الوجوب الذاتي .
 
فإنه لاحظ للممكن فيه فمعنى العينية في اصطلاح هذه الطائفة اشتراك الأمرين أو الأمور في الحقيقة الواحدة كاشتراك زيد وعمرو وخالد في حقيقة الإنسانية .
فإن كل واحد منهم عين الآخر في الإنسانية أو في صفة كاشتراك زيد وعمرو في العلم وكاشتراك الموجودات مع الحق في الوجود .
يعني لا تمايز بينهما من هذا الوجه والغيرية امتيازها بوصف مختص .
 
فظهر لك معنى قوله لأنه تعالى عين ما ظهر أي عين ما ظهر من حيث الأمور الكلية المشتركة بينهما لا من جميع الوجوه .
فإنه محال ( وبه ) أي وبكون الحق عين ما ظهر ( كان ) أي حصل ( الاسم الظاهر والآخر للعبد وبكونه ) أي وبكون العبد ( لم يكن ثم كان ويتوقف ظهوره ) أي ويتوقف ظهور العبد ( عليه ) أي على الحق ( و ) توقف ( صدور العمل منه ).
 
أي من العبد على الحق أو يتوقف ظهور الحق على العبد وتوقف صدور العمل من الحق على العبد ( كان الاسم الباطن والأول ) للعبد .
فكان هو الأول والآخر والظاهر والباطن كما كان الحق كذلك أولية العبد وآخريته وظاهريته وباطنيته لا كما كان الحق ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن ) يعني أن الخلق دليل تام على الخالق وأسمائه وصفاته لمن كشف اللّه عين بصيرته .



شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر. وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان. وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول. فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال، رضي الله عنه: ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین 
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان. 
 قال الشيخ رضي الله عنه :  والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.
واعلم أن هذا الكلام من الشيخ، رضي الله عنه، ليس هو من حضرة المعرفة بل من حضرة العلم إلا اليسير من كلامه وذلك اليسير غیر مخلص، لأنه، رضي الله عنه، راعى فيه مراتب عقول المحجوبين.
لأنه، عليه السلام قال: خذ هذا فاخرج به للناس والمعرفة لا يليق بالناس وإنما يليق بهم العلم. 
وأما العارفون فهم صفات الله تعالی عن شهود منهم، 
لذلك فالشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه : (وقد أخبر الحق - تعالى - أنّه هويّة كل عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحق والصورة للعبد ، والهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير ) .
يعني : أنّ هويّة العبد هو الله .
 
قال رضي الله عنه : « لأنّه تعالى عين ما ظهر ، وسمّي خلقا ، وبه كان الاسم « الظاهر » و « الآخر » للعبد ، وبكونه لم يكن ثم كان » .
يعني : من حيث إنّ هذا العبد لم يكن ثمّ كان تحقّقت الآخرية ، فهو الآخر وفي مادّته تسمّى الله بالآخر « وبتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل » .
يعني رضي الله عنه : بتوقّف وجود العبد على الله الموجد له تحقّقت الأوّلية له تعالى ومن حيث إنّ الأعمال صادرة ظاهرا من العبد تحقّق للحق اسم « الباطن » من غيب هوية العبد . . . فإنّ الحق هو العامل به وفيه .
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظاهر والباطن ،)


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه :  (وقد أخبر الحق تعالى أنه هوية كل عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحق والصورة للعبد والهوية مندرجة فيه أي في اسمه لا غير )
 
أي هوية العبد هو حقيقة الله أدرجت في اسمه ، فالعبد اسم الله وهويته المسماة هو الله ( لأنه تعالى عين ما ظهر وسمى خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد وبكونه لم يكن ثم كان ) أي وبسبب إن هذا العبد لم يكن ثم كان ، تحقق بالآخرية من هذه الحيثية فهو الآخر ، وفي مادته فسمى الله بالآخر .
"" أضاف بالى زادة : (مندرجة فيه أي في اسمه ) أي في اسم الله أو في اسم العبد إذ لكل عبد اسم يظهر فيه أحكام ذلك الاسم ( لا غير ) وإنما فسر بقوله أي في اسمه ليعلم أن اندراج الهوية ليس في نفس العبد بل في اسمه الظاهر في العبد كما قال ( ولكن في مظهره ) ولم يقل أنا مظهره لكنهم تسامحوا وقالوا الهوية الإلهية مندرجة في العبد ، والمراد ما ظهر في العبد وبربه من أسماء الله ، فإن اندراج الهوية لا يكون إلا في الأسماء ، ومعنى اندراج الهوية في الموجودات كاندراج الهوية الشخصية في صورها الحاصلة في المرايا المختلفة ، وبه اندفع توهم الحلول لأهل الحجاب فإن الحلول محال عند أهل الله. اهـ بالى زادة . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( وبتوقف ظهوره عليه ، وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول ) أي بتوقف وجود العبد على الله الموجد له ومن حيث أن الأعمال الصادرة من العبد ظاهرة صادرة عن الحق باطنا وفي الحقيقة تحقق للحق الاسم الأول والباطن من غيب هوية العبد ، فإن الحق هو العامل به وفيه
قال رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن )  يعنى أن سليمان كان عارفا بأن الله هو العامل بسليمان وغيره ما يصدر عنه من الأعمال والتصرفات والتسخيرات ،
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق تعالى أنه هوية كل عضو منها ، فلم يكن العامل فيها غير الحق . والصورة للعبد والهوية مندرجة فيه ، أي في اسمه ، لا غير . ) أي ، أخبر الحق تعالى بأنه عين كل عضو .
 
بقوله رضي الله عنه  : ( كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها ) .
 
والعامل بحسب الظاهر الشخص وأعضاؤه - والحق عينها - فلا يكون العامل غير الحق ، غير أن الصورة صورة العبد والهوية الإلهية مندرجة في العبد لما كانت الهوية إنما تندرج في أسمائه.
فسر بقوله رضي الله عنه  : ( أي في اسمه ) ليعلم أن عين العبد هو أيضا اسم من أسمائه . ( لا غير ) ليلزم اندراج الحق في غيره مطلقا ، فيتوهم منه الحلول .
وبيان أن الموجودات بأسرها أسماء الله الداخلة تحت الاسم "الظاهر"  قد مر في المقدمات   
 
قال رضي الله عنه :  (لأنه تعالى عين ما ظهر ، وسمى خلقا وبه  كان الاسم "الظاهر" و "الآخر" للعبد ، وبكونه لم يكن ، ثم كان ) .
هذا تعليل قوله : ( الهوية مندرجة في العبد ) أي ، في اسمه لا غير .
وذلك لأنه تعالى عين ما ظهر ، وسمى بالاسم الخلقي ، كما مر أن صور الموجودات كلها طارية على النفس الرحماني ، وهو الوجود ، والوجود هو الحق ، فالحق هو الظاهر بهذه الصور ، وهو المسمى بالخلق .
وبما ظهر في صور الموجودات ، حصل الاسم "الظاهر"، ويكون العبد ، أي الخلق ، لم يكن ثم كان ، حصل الاسم "الآخر" للحق الظاهر في صورة العبد ، فإنه اسمه "الآخر" ، لأنه آخر الموجودات التي هي الأسماء ظهورا في العين الحسية ، وإن كان أول الأسماء حقيقة في العلم والمرتبة الروحية .
فالاسم "الآخر" بعينه هو الاسم "الأول" ، وكذلك "الظاهر"بعينه هو "الباطن" .
 
قال رضي الله عنه :  ( وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه ، كان الاسم "الباطن" و "الأول " )
أي ، بسبب توقف وجود العبد وظهوره على الله وبسبب صدور العمل من الله حقيقة من باطن العبد ، وإن كان من العبد ظاهرا ، حصل الاسم "الباطن" و "الأول".
أو بتوقف ظهور الحق على العبد وبتوقف صدور العمل من الحق عليه ، حصل بالعبد الاسم "الباطن" و "الأول". وهذا أنسب من الأول .
لأنه قال : (وبه ) أي بما ظهر . ( وسمى خلقا ) حصل الاسم "الظاهر" و "الآخر" ، فكذلك
هنا بالعبد يحصل "الباطن" و "الأول".
لذلك قال : ( فإذا رأيت الخلق رأيت " الأول " ) أي ، رأيت الهوية الموصوفة بالأولية .
( و "الآخر " و " الظاهر " " والباطن ") .
لأن الخلق المرئي آخر مراتب الوجود ، فهو "الآخر" و "الظاهر". "الباطن"
أي ، ورأيت "الباطن" من حيث روحه وجميع ما في عينه .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 12:51 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 12:43 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه :  (وقد أخبر الحقّ أنّه تعالى هويّة كلّ عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصّورة للعبد ، والهويّة مندرجة فيه ، أي في اسمه لا غير ، لأنّه تعالى عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظّاهر والآخر للعبد ؛ وبكونه لم يكن ثمّ كان ، وبتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل ، فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظّاهر والباطن ، )
 
قال رضي الله عنه :  (وقد أخبر ) الحق بقوله عزّ وجل : « كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولسانه الذي يتكلم به » .
 ( أنه هوية كل عضو منها ) أي : ما به تحقق وجودها مثل تحقق الصورة المنطبعة في المرآة بالشخص المحاذي لها ، ولا شكّ أنه لا تتحرك تلك الصورة إلا بحركة الشخص ، ( فلم يكن العامل ) في هذه الأعضاء التي كالمرايا ( غير الحق ) الذي هو كالشخص المحاذي لها .
ولكن ( الصورة ) فيما نحن فيه ( للعبد ) فقط ؛ لتنزه الحق عن الصورة في ذاته ، وإنما ظهرت له الصورة في المرآة ، ولم تجر العادة بنسبة هذه الصورة إلى الحق بخلاف صورة الشخص منا في المرآة .
 
فإنها تنسب إليه ( والهوية ) أي : تحقق هذه الصورة العاملة في مرايا الأعضاء الثمانية ( مندرجة فيه ) أي : في الحق ، أي : ( في اسمه ) ، فسمعه مندرج في سمعه ، وبصره في بصره ، وبطشه ومشيه في قدرته ( لا غير ) أي : لا في ذاته لامتناع تجزئته وانقسامه إلى الانفراد ، وكونه محلا للحوادث .
 
وبالجملة فالحق بجميع وجوهه مندرج في الأسماء الكلية للحق ، فإن أسماءه تعالى وإن كثرت فكلياتها الشاملة على جميعها منحصرة في هذه الأربع : الأول والآخر والظاهر والباطن ، وقد تحققت في الخلق .
 
قال رضي الله عنه :  ( لأنه تعالى عين ما ظهر ) من الصور الوجودية في مرايا الخلق عينية الشخص لصورته في المرآة ، وإن ( سمي خلقا ) إذ لا لفرق بينهما لا يخل بهذه العينية ، فإن الشخص ثابت في الخارج وصورة المرآة متجلية ، ( وبه ) أي : وبظهور الحق في مرآة الخلق بعد بطونه عنها ، وإن كان معا باعتبار آخر.
 
قال رضي الله عنه :  ( كان الاسم الظاهر والآخر ) من أسماء الحق ( للعبد ) ، إذ ظهوره تابع لظهوره وبطونه تابع لبطونه ، بل مندرجات في ظهوره وبطونه تعالى ، ( وبكونه ) أي : العبد ( لم يكن ) وهو اختفاء في ظلمة العدم ، ( ثم كان ) وهو موجب لسبق الاختفاء.
وأيضا ( بتوقف ظهوره ) أي : ظهور العبد ( عليه ) أي : على ظهور الحق في مظهره ، وهذا التوقف يوجب للعبد بطونا ، وكون بطونه سابقا على ظهوره ، إذ لا معنى للتوقف المذكور سواه ، ويتوقف ( صدور العمل منه ) على علمه ، وهو أن يوجده ويقدره عليه وهو باطن سابق على العمل الظاهر ، ( كان الاسم الباطن والأول ) من أسماء الحق للعبد بطريق التبعية والاندراج المذكورين .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت الخلق ) ذواتهم أو صفاتهم أو أفعالهم ( رأيت ) الحق بأسمائه الكلية الشاملة على جميع جزئياته ( الأول والآخر والظاهر والباطن ) في كل واحد منها.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحقّ ) في الحديث المذكور ( أنّه تعالى هويّة كل عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصورة للعبد ، والهويّة مدرجة فيه ) .
أي في العبد الذي هو اسم من أسماء الحقّ ، والاسم عين المسمّى ، فلم يكن للغير هنا دخل .
 
وعنه أفصح بقوله رضي الله عنه : ( أي في اسمه ، لا غير ) أي ما بقي من المدرج فيه تلك الهويّة غير اسم العبد (لأنّه عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد ).
وهذا نتيجة رحمة الوجوب .
 
قال رضي الله عنه :  ( وبكونه لم يكن ثمّ كان ، ويتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه ) - أي يتوقّف ظهور الحقّ على العبد الكائن كونا متجدّدا وصدور العمل منه
قال رضي الله عنه :  ( كان الاسم الباطن والأول ) أما الأول فظاهر ، لكونه لم يكن ثمّ كان .
وأمّا الباطن فلأنّه يتوقّف على كونه المتجدّد ظهور الحق ، فلا بدّ وأن يكون باطنا بالنسبة إليه ، وإلا لم يتوقّف عليه الظاهر .
سيّما إذا كان مصدرا للأعمال . فإنّ الآثار إنما يصدر عن البواطن .
 
فلئن قيل : قد صرّح آنفا بأنّ العامل لم يكن غير الحقّ ، فكيف يكون مصدر الأعمال عبدا ؟
قلنا : إنّ العامل وإن كان هو الحقّ ، لا غير ، ولكن مصدريّته أمر معنويّ هو صفة العبد ، كما أفصح عنه الحديث .
 
حيث قال: « كنت سمعه الذي يسمع وبصره الذي يبصر » ، فإنّ ضمير يسمع ويبصر للعبد . وإن كان السمع عين الحقّ .
وكذلك ما يتوقّف عليه ظهور الحقّ من العبد . هكذا ينبغي أن يفهم هذا الموضع ، فإنّه قد اضطرب الأقوال هاهنا كل الاضطراب .
 
وإذ قد عرفت أن هذه الأسماء إنما ظهرت من الخلق ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل ) بكونه لم يكن ثمّ كان ، ( و ) رأيت ( الآخر ) بكونه أنهى مراتب الصورة ، ( والظاهر ) بكونه هو المدرك بالمشاعر الحسيّة ، ( والباطن ) بكونه يتوقّف عليه ظهور الحقّ ويصدر منه صنوف الأعمال التي منها الإظهار .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحقّ أنّه تعالى هويّة كلّ عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصّورة للعبد ، والهويّة مندرجة فيه ، أي في اسمه لا غير .  لأنّه تعالى عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظّاهر والآخر للعبد ؛ وبكونه لم يكن ثمّ كان . وبتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل .)
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحق سبحانه ) في حديث قرب النوافل ( أنه هوية كل عضو منها فلم يكن العامل غير الحق والصورة ) ، التي يظهر منها العمل ( للعبد والهوية مندرجة فيه ) ، أي في العبد اندراج المطلق في المقيد ، لا أنه راج الحال في المحل ليلزم الحلول تعالى عن ذلك .
ولهذا فسره بقوله : ( أي في اسمه الحق ) ، فإن العبد المقيد اسم من أسماء الحق المطلق ( لا غير ) وإنما قلنا : الهوية مدرجة فيه ، ( لأنه تعالى عين ما ظهر ) فإن ما ظهر ليس إلا هويته المتعينة بالتعينات التي تقتضي الظهور .
وقوله : ( وسمي خلقا ) عطف على ما ظهر أي ما ظهر وسمي خلقا باعتبار هذا الظهور ( وبه ) ، أي بهذا الظهور المتأخر عن البطون .
 
قال رضي الله عنه :  (كان الاسم الظاهر والآخر للعبد وبكونه لم يكن ثم كان . وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول ) .
لأنه مما يتوقف عليه ظهور الحق وصدور عمله ، ولا شك أن للموقوف عليه تقدما وأدلية بالنسبة إلى الموقوف .
 
فقوله رضي الله عنه  : ( كان الاسم الباطن ) والأول نشر على ترتيب اللف ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن ) ، أي رأيت الحق الموصوف بهذه الأسماء ولكن في المرتبة الخلقية الفرقية لا الحقية الجمعية
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظّاهر والباطن ).

( فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن ) ، أي رأيت الحق الموصوف بهذه الأسماء ولكن في المرتبة الخلقية الفرقية لا الحقية الجمعية .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 12:49 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
 
قال رضي الله عنه :  (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة .  فقد أوتي محمّد صلى اللّه عليه وسلّم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به . فمكّنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه  اللّه خاسئا . فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان .
ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما . ورأيناه قد شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور . ولو لم يقل صلى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » لقلنا إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه . فردّه اللّه خاسئا . فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه . ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم . )

قال رضي الله عنه :  (وهذه معرفة) بالحق تعالى كشفية ذوقية (لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ) ومنها كان كتابه المذكور بل هي ، أي هذه المعرفة (من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، كما دعا اللّه تعالى بذلك فحصل له في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ ص : 35 ] .
يعني بالذي لا ينبغي لأحد من بعده الظهور به أي بهذا الملك العرفاني والمقام الرباني الرحماني في عالم الشهادة أي عالم الحس والعقل فقد أوتي محمد نبينا صلى اللّه عليه وسلّم أي آتاه اللّه تعالى ما أوتيه سليمان عليه السلام من الملك ولكنه صلى اللّه عليه وسلم ما ظهر به في عالم الشهادة كما ظهر سليمان عليه السلام فمكنه ، أي مكن محمدا صلى اللّه عليه وسلّم اللّه تعالى تمكين قهر واستيلاء من العفريت وهو العاتي المتمرد من الجن الذي جاءه عليه السلام بالليل ليفتك به صلى اللّه عليه وسلّم .

أي يضره ويؤذيه فهم ، أي شرع واهتم بأخذه ، أي مسكه والقبض عليه وربطه بسارية ، أي عمود أو عضادة من سواري المسجد الحرام المدني حتى يصبح ، أي يدخل في الصباح فيلعب به ولدان المدينة فذكر .
أي تذكر صلى اللّه عليه وسلّم بدعوة أخيه سليمان عليه السلام ، في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيفرده ، أي العفريت اللّه تعالى خاسئا ، أي حقيرا ذليلا فلم يقدر على ما أراد بالنبي عليه السلام كما أخبر بذلك صلى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصحيح «. رواه البخاري والنسائي

قال رضي الله عنه :  (فلم يظهر) ، أي النبي (عليه السلام مما أقدر) ، أي أقدره اللّه تعالى (عليه) من ذلك الملك (وظهر بذلك) الملك سليمان عليه السلام ثم قوله ، أي سليمان عليه السلام ربهَبْ لِيمُلْكاًفلم يعم في جميع العوالم وإن قال :لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيفليس فيه إفادة العموم فعلمنا أنه ، أي سليمان عليه السلام يريد ملكا ما يعني ، أي ملك كان لكنه لا ينبغي لأحد من الناس ، فهو نظير السؤال في القدر من العزير عليه السلام ، وسؤال إبراهيم عليه السلام في طمأنينة قلبه باليقين ، فكأنه طلب أن اللّه تعالى يملكه في الخلق ملكا بطريق الظهور الإلهي في حقيقته السليمانية بتجلي القيومية من حضرة اسمه تعالى المالك ، ولو على شيء واحد ليعرف ويتحقق بصفة الملك الإلهي لكل شيء ذوقا ، زيادة على مجرد النسبة الاستخلافية الحاصلة لبني آدم بمقتضى الأحكام الشرعية من قوله تعالى :وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ[ الحديد : 7 ] .

قال رضي الله عنه :  (ورأيناه) ، أي سليمان عليه السلام (قد شورك) ، أي شاركه غيره في كل جزء ، أي فرد من أجزاء (الملك الذي أعطاه اللّه) تعالى ، أي لسليمان عليه السلام كما وقع لنبينا صلى اللّه عليه وسلم في قصة العفريت ، وفي واقعة جن نصيبين التي أشار إليها الحق تعالى بقوله :قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ[ الجن : 1 ] ، إلى آخره . ووقع للأولياء المحمديين كثير من ذلك كأبي البيان الدمشقي وغيره .

قال رضي الله عنه :  (فعلمنا) من ذلك (أنه) ، أي سليمان عليه السلام (ما اختص) دون غيره (إلا بالمجموع) المتفرق في غيره من ذلك ، أي الملك وبحديث العفريت المذكور قريبا علمنا منه أنه ، أي سليمان عليه السلام ما اختص دون غيره إلا بالظهور فقط ، وغيره لم يظهر بذلك مع مشاركته له فيه وقد يختص ، أي سليمان عليه السلام بالمجموع للأجزاء كلها والظهور بذلك معا ولو لم يقل أي نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت المذكور فأمكنني اللّه تعالى منه لقلنا إنه صلى اللّه عليه وسلم لما هم بأخذه والقبض عليه (ذكّره اللّه) تعالى (دعوة سليمان) عليه السلامرَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيليعلم ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم أنه لا يقدره اللّه تعالى على أخذه ، أي العفريت (فردّه) ، أي العفريت اللّه تعالى خاسئا ، لأن ذلك أمر مختص بسليمان عليه السلام فلما قال ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم (فأمكنني اللّه) تعالى منه ، أي من العفريت (علمنا أن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه) كما وهب سليمان عليه السلام إلا أن سليمان اختص بالظهور به دون غيره .

قال رضي الله عنه :  (ثم إن اللّه) تعالى (ذكره) ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم (فتذكر دعوة سليمان) عليه السلام وهي الظهور بذلك (فتأدب) أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم معه أي مع سليمان عليه السلام لأنه صلى اللّه عليه وسلم أكثر الناس أدبا وكمالا كما قال عليه السلام : «أدبني ربي فأحسن تأديبي»   فعلمنا من هذا الأمر المذكور أن الملك (الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان) عليه السلام كما دعا هو بذلك (الظهور بذلك) الملك (في العموم) ، أي عموم أجزاء الملك .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .


قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة ) وهي معرفة الحق من الخلق بأمهات أسمائه ( لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ) لكونه متصرفا في الملك متحققا بمعرفة الأسماء الإلهية ليمكن التصرف بها في الملك كله .
( بل هي ) أي بل هذه المعرفة ( من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) أي من بعد سليمان عليه السلام ( يعني الظهور به ) أي بهذا الملك ( في عالم الشهادة ) .
فدعا سليمان عليه السلام اختصاص ظهور الملك لا نفس الملك فجاز أن يعطي هذا الملك لأحد بعده لكن لا يظهر به ( فقد أوتي محمدا صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان عليه السلام وما ظهر ) أي ولم يظهر محمد عليه السلام ( به ) .
لأن ظهوره مختص بسليمان عليه السلام ( فمكنه اللّه ) أي محمدا بتشديد الكاف ( تمكين قهر من العفريت ) أي من كفرة الجن
قال رضي الله عنه :  ( الذي جاءه ) أي جاء الرسول عليه السلام ( بالليل ليضل به ) وفي بعض النسخ ليفتك به أي ليقتله غفلة ( فهمّ ) أي قصد الرسول عليه السلام ( بأخذه ) أي بأخذ العفريت ( وربطه بسارية ) أي بعمد ( من سواري ) أي من عمود ( المسجد حتى ) أن ( يصبح فيلعب به ) أي بهذا العفريت ( ولدان المدينة فذكر ) الرسول عليه السلام ( دعوة سليمان عليه السلام ) وهي قوله "وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي" .
 
قال رضي الله عنه :  ( فردّه اللّه ) أي العفريت ( خاسئا ) من الظفر على محمد صلى اللّه عليه وسلم ( فلم يظهر ) محمد ( عليه السلام بما أقدر عليه ) على البناء للمجهول أي جعل الحق محمدا قادرا على العفريت ( وظهر بذلك ) .
أي بما أقدر عليه محمد عليه السلام ( سليمان عليه السلام ثم قوله ملكا فلم يعم فعلمنا أنه ) أي سليمان عليه السلام ( يريد ملكا ما ) أي ملكا خاصا من الأملاك .
قال رضي الله عنه :  ( ورأيناه ) أي رأينا سليمان عليه السلام ( قد شورك ) سليمان عليه السلام مع غيره ( في كل جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فعلمنا أنه ) أي أن سليمان عليه السلام ( ما اختص إلا بالمجموع من ذلك ) الملك الخاص المعطى له وأما أجزاء ذلك الملك الخاص فلا اختصاص لسليمان عليه السلام به .
 
فكان المجموع مختصا والأجزاء مشتركة ( و ) علمنا ( بحديث العفريت أنه ) أي أن سليمان عليه السلام ( ما اختص إلا بالظهور وقد يختص ) أي وقد اختص سليمان عليه السلام ( بالمجموع ) .
إذ لا يعطى هذا المجموع غير سليمان عليه السلام فلا شورك في نفس المجموع فكيف يشارك في الظهور بالمجموع وهو الملك المركب من الأجزاء ( والظهور ) أي اختص سليمان عليه السلام بظهور جزء جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فلا يختص سليمان عليه السلام بذات جزء جزء .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو لم يقل عليه السلام في حديث العفريت فأمكنني اللّه منه ) أي أعطاني اللّه قدرة وتصرفا في العفريت ( لقلنا إنه لما همّ بأخذه ) أي بأخذ هذا العفريت ( ذكره اللّه دعوة سليمان عليه السلام ليعلم الرسول عليه السلام أنه لا يقدره اللّه ) من الأقدار .
أي ليعلم الرسول عليه السلام أن اللّه لا يعطي له القدرة ( على أخذه فردّه اللّه خاسئا فلما قال فامكنني اللّه منه علمنا ) من هذا القول ( إن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه ) أي في العفريت .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إن اللّه ذكره ) من التذكير ( فتذكر ) الرسول عليه السلام ( دعوة سليمان عليه السلام فتأدب معه فعلمنا من هذا ) أي من حديث العفريت ( أن ) هذا ( الذي ) أي الملك الذي ( لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان عليه السلام الظهور بذلك ) الملك ( في العموم ) أي لا يظهر تصرفه في ذلك الملك في عموم الخلائق فعلم اختصاصه بالظهور بحديث العفريت واختصاصه بالمجموع باشتراكه في أجزاء الملك .
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه ربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا. فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان. ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما. ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور. ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا. فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه. ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم.)
 
قال، رضي الله عنه: ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین 
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان. 
 قال: والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.
واعلم أن هذا الكلام من الشيخ، رضي الله عنه، ليس هو من حضرة المعرفة بل من حضرة العلم إلا اليسير من كلامه وذلك اليسير غیر مخلص، لأنه، رضي الله عنه، راعى فيه مراتب عقول المحجوبين.
لأنه، عليه صلى الله عليه وسلم  قال الشيخ رضي الله عنه : للشيخ : خذ هذا فاخرج به للناس والمعرفة لا يليق بالناس وإنما يليق بهم العلم. 
وأما العارفون فهم صفات الله تعالی عن شهود منهم، 
لذلك فالشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
 
قال رضي الله عنه : (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) .
يعني الظهور به في عالم الشهادة يشير إلى أنّ سليمان كان عارفا بأنّ الله هو العامل بسليمان وغيره ما يصدر عنه من الأعمال والتصرّفات والتسخيرات ، ولو لم يشهد أنّ الله عينه وجميع قواه وجوارحه ، لما يأتي له هذا السلطان والحكم الكلَّي والأمر الفعلي .
 
قال رضي الله عنه : ( فقد أوتي محمّد صلى الله عليه وسلَّم ما أوتي سليمان عليه السّلام وما ظهر به ، فمكَّنه الله - تعالى - تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ، فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد ، حتى يصبح ، فيلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان عليه السّلام فردّه الله خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدره الله عليه ، فظهر بذلك سليمان . ثم قوله : « مُلْكاً » فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما ، ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلَّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت أنّه ما اختصّ إلَّا بالظهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظهور ، ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت : « فأمكنني الله منه » لقلنا : إنّه لمّا همّ بأخذه ، ذكَّره الله دعوة سليمان عليه السّلام فعلم أنّه لا يقدره الله على أخذه ، فردّه الله خاسئا ، فلمّا قال : « فأمكنني الله منه » علمنا أنّه قد وهبه الله التصرّف فيه ، ثم إنّ الله ذكَّره فتذكَّر دعوة سليمان عليه السّلام فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) .

قال العبد : كل هذا مشروح لا مزيد عليه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
 
قال رضي الله عنه :   (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده يعنى الظهور به في عالم الشهادة ) يعنى أن سليمان كان عارفا بأن الله هو العامل بسليمان وغيره ما يصدر عنه من الأعمال والتصرفات والتسخيرات ،
 
ولو لم يشهد أن الله عينه وجميع قواه وجوارحه لما تأتي له هذا السلطان والحكم الكلى ( فقد أوتى محمد عليه الصلاة والسلام ما أوتيه سليمان وما ظهر ، فمكنه الله تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ) وفي نسخة : ليضل به .
 
قال رضي الله عنه :   ( فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فيلعب ولدان المدينة به فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا فلم يظهر عليه الصلاة والسلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان ، ثم قوله -   "مُلْكاً" .
فلم يعم فعلمنا أنه يريد ملكا ما ورأيناه قد شورك في كل جزء وجزء من الملك الذي أعطاه الله فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك وبحديث العفريت إنه ما اختص إلا بالظهور ، وقد يختص سليمان بالمجموع والظهور ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت « فأمكنني الله منه » لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يقدره الله على أخذه فرده الله خاسئا ، فلما قال « فأمكنني الله منه » علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه ، ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) وهذا كله ظاهر .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان ، عليه السلام ، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعنى ، الظهور به في عالم الشهادة . )
أي ، لا تفوت مثل هذه المعرفة عن سليمان ، لأنه من المرسلين لكافة الخلائق جنا وإنسا ، ومن الخلفاء المتصرفين في الرعية .
وقد علمت أن الخليفة لا بد وأن يكون متحققا بالأسماء الإلهية ومعرفتها ، ليمكن له التصرف بها في العالم .
وإنما جعل المعرفة من الملك ، لأن الملك دولة الظاهر وسلطنته ، وهي لا تحصل إلا بروحها التي هي الدولة الباطنة ، وروح هذه الدولة هي المعرفة بالله وأسمائه التي بها يتصرف في الأكوان ، فالمعرفة روح دولته ، كما أن الولاية باطن نبوته وروحها .
 
وقوله رضي الله عنه  : ( يعنى الظهور به ) تفسير ( لا ينبغي لأحد ) أي ، لا ينبغي لأحد أن يظهر بهذا لملك في الشهادة ، لا أنه لا يؤتى لأحد . فإن الأقطاب والكمل متحققون بهذا المقام قبله وبعده ، ولكن لا يظهرون به .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد أوتى محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ما أوتيه سليمان وما ظهر به ) أي ، فلم يظهر به ( محمد ، عليه السلام : فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاء بالليل ليضل به . )
وفي نسخه : ( ليفتك به ) ( فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد ) أي ، بعمود من عمد المسجد .
قال رضي الله عنه :  ( حتى يصبح فيلعب به ولدان المدينة فذكر ) أي ، رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
( دعوة سليمان ، عليه السلام ، فرده الله خاسئا ) أي ، رد العفريت خاسئا عن الظفر عليه .
قال رضي الله عنه :  ( فلم يظهر ، عليه السلام ، بما أقدر عليه ) على المبنى للمفعول . أي ، جعله الله قادرا . (  وظهر بذلك سليمان .
 
ثم قوله : ( ملكا ) ، فلم يعم ، فعلمنا أنه يريد ملكا ما ) من الأملاك المتعلقة بالعالم ، أي ملكا خاصا .
( ورأيناه قد شورك في كل جزء جزء من الملك الذي أعطاه الله ، فعلمنا أنه ) أي ، إن سليمان . ( ما اختص إلا بالمجموع من ذلك وبحديث العفريت ) أي ، وعلمنا بحديث العفريت .
( إنه ما اختص إلا بالظهور . وقد يختص سليمان بالمجموع والظهور . ) ( وقد ) هاهنا للتحقيق .
كقوله تعالى : ( قد يعلم الله ) . أي ، سليمان اختص بمجموع أجزاء الملك وبالظهور بالتصرف فيها .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولو لم يقل ، صلى الله عليه وسلم ، في حديث العفريت : "فأمكنني الله تعالى منه " لقلنا إنه لما هم بأخذه ، ذكره الله دعوة سليمان ، ليعلم رسول الله أنه لا يقدره الله) بسكون القاف من ( الإقدار ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( على أخذه ، فرده الله خاسئا . فلما قال : "فأمكنني الله منه " علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه . ثم إن الله ذكره ، فتذكر دعوة سليمان ، فتأدب معه ، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم . )
 
وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على "الرحمتين " اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب : "الرحمن الرحيم " . )
نبه بهذا الكلام على أن الأسماء اللفظية أسماء الأسماء الإلهية .
وهي عبارة عن الحقائق الإلهية وأعيانها التي هي مظاهرها . كما مر بيانه في المقدمات .
( فقيد رحمة الوجوب . ) كما قال : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .

وقال : "سأكتبها للذين يتقون " .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 12:56 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
 
قال رضي الله عنه :  (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة ، فقد أوتي محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به ؛ فمكنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه اللّه خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان ، ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] ، فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما ، ورأيناه قد شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذه ) أي :  معرفة أولية كل شيء وآخريته وظاهريته وباطنيته مندرجة في هذه الأسماء الإلهية الشاملة سائر أسمائه ، ( معرفة لا يغيب عنها سليمان ) في جميع أحواله ، فكان يرى الحق بكليته في كل شيء مع الخصوصيات التي له باعتبار تفاصيل الأشياء من حيث اندراجها في كليته ؛ فلذلك كان مجلي الرحمانية المتضمنة للرحيمية ، ( بل هو ) أي : دوام هذه المعرفة له .
 
قال رضي الله عنه :  ( من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، إذ به ناسب الحق والخلق مناسبة كلية مندرجة فيها المناسبات الخاصة للأشياء من غير اختلال فيها بالغيبة عنها الموجبة للحجاب عن الحق والخلق بمقدار ما غاب عنه من هذه المعرفة ، فكان يتصرف في الكل بالتصرف الكلي مندرجة فيها الجزئيات .
ولما أوهم ذلك فضيلة على نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم ، أزال ذلك بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة ) ؛ لأنه لم يكن لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم في الدنيا ولا أنه لا يظهر به في عالم الغيب أبدا ( فقد أوتي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) في عالم الشهادة ( ما أوتيه سليمان عليه السّلام ) من هذا الملك الذي به تصرفه في الجن والإنس والطير والوحش ، ( وما ظهر به ) في عالم الشهادة ، وسيظهر به يوم القيامة ، فيجعل من آمن به من أهل الجنة ومن كفر به من أهل النار .
 
والدليل على أنه صلّى اللّه عليه وسلّم أوتيه ما روي عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال : « أن عفريتا من الجن تغلب عليّ البارحة ؛ ليقطع عليّ صلاتي ، فأمكنني اللّه منه ، فأخذته فأردت أن أربطه بسارية من سواري المسجد ، حتى ينظر إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمانقالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ[ ص : 35 ] ، فرددته خاسئا » رواه ابن حبان والبيهقي.
 
قال رضي الله عنه :  ( فمكنه اللّه تمكين قهر ) ، وهو غاية التصرف ( من العفريت الذي جاءه بالليل ) خصّ مجيئه بالليل ؛ لأنه أهول ( ليفتك به ) ، وفي نسخة :
" ليضل به " ، والتمكين من مثل هذا العفريت الذي يقصد مثل هذا النبي تمكين من كل عفريت ( فهم بأخذه وربطه ) ، وهذا لا ينافي ما سبق من أخذه ؛ لتعلق هذا بالمجموع من الأخذ والربط ( بسارية من سواري المسجد ) خصه لإفادته غاية الشهرة ؛ لأن المسجد من شأنه أن يدخله كل أحد بخلاف البيت ( حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ) .
 
وهذا غاية القهران يصير من يقصد أشد الناس بالفتك ملعبا لصبيان البلد قويهم وضعيفهم ، وإن يصير من يعتاد الاختفاء عن نظر أهل العلم والفضل عاجزا عن الاختفاء عن الصبيان ، ( فذكر دعوة سليمان ) ، وهي قوله : "وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي" [ ص : 35 ] ،
فرده صلّى اللّه عليه وسلّم خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه من قهره وربطه وجعله ملعبا للصبيان ، وظهر بذلك سليمان ، فاستعملهم إجمالا ساقه من الغوص في البحر ، ومن بناء البلدان وغير ذلك ، وقتل بعضهم وحبس بعضهم في نحو قمقمة .
 
ثم إنه عليه السّلام لو ظهر به لم يكن فعله منافيا لمقتضى دعوة سليمان ، ولكن لم يظهر به ؛ لأنه وإن كان في معنى التصرف الكلي إلا أنه في صورة الجزئي ، فلم ير الظهور به لائقا بكماله ، إذ ( قوله ملكا ) نكرة في سياق الأبيات ( فلم يعم ) كل فرد ونوع من الملك .
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا أنه يريد ) بهذه الدعوة ( ملكا ما ) أي : نوعا أو فردا خاصّا منه ، ولكن ليس المراد أي نوع وفرد ؛ لأنّا ( رأيناه قد شورك في كل جزء ) جزء أي : فرد فرد ، ونوع نوع ؛ لأنه جزء من مجموع الأفراد والأنواع ( من الملك الذي أعطاه اللّه ) .
ولا شكّ أنه استجابة لهذا الدعاء لا زائد على ما دعاه ، وهو مجموع أنواعه وأفراده ، ( فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك ) الملك الكلي الشامل على الملك المجموع ، والذي هو جزء منه والمجموع أيضا ليس من خواصه على الإطلاق ، إذ علمنا ( تحديث العفريت ) الذي التمكين منه تمكين كلي ( أنه ما اختص إلا بالظهور بالمجموع ) .
وإنما حصل الظهور ببعض أجزائه ، وإن شاركه في الكل لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ؛ ولذلك يقول :
( قد يختص ) غيره بالمجموع من غير ظهور به كنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم والظهور من غير جمع كسائر الملوك ، وبعض من يسمع تسخيره للجن ، وبعض الشيوخ المسخرين للطيور والوحوش ، ولكن لا يفهم هذا من القرآن والحس إنما علم به الظهور من غير جمع .
 
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يقل صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » .  لقلنا : إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه ، فردّه اللّه خاسئا ، فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه ، ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم ،).
 
فلذلك قال رضي الله عنه  : ( ولو لم يقل صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » ؛ لقلنا أنه صلّى اللّه عليه وسلّم لما هم يأخذه لربطه ذكره اللّه دعوة سليمان ؛ ليعلم أنه لا يقدره اللّه على أخذه ) ، وإن كان هذا الأخذ جزء من المجموع إلا أنه قد حصل له الجزء الآخر ، فلو حصل هذا معه  لحصل له المجموع ، ولا يدل على هذا كونه مردودا خاسئا ، إذ نقول على ذلك التقدير لم يجعل اللّه له سلطانا عليه ، كما لم يجعله على عباده المصطفين.
 
قال رضي الله عنه  : ( فرده اللّه خاسئا ، فلما قال :  " فأمكنني اللّه منه » ) ؛ لئلا يكون عدم تسلط الشيطان مثل عدم تسلطه صلّى اللّه عليه وسلّم فيتكافآن ، ويلزم تفضيل سليمان عليه السّلام عليه ( علمنا أن اللّه قد وهبه التصرف فيه ) تكميلا لملكه الذي هو من جملة فضائله وكمالاته .
( ثم إن اللّه ذكره ) دعوة سليمان ، فتذكر دعوة سليمان ، فعلم أنه لو ظهر به لكان رادّا لدعوة سليمان وأمكنه ردّا لدعوة ، لكن فيه إساءة الأدب ( معه ، فتأدب ) سليمان عليه السّلام معه ، ( فعلمنا من هذا ) التقرير أن : مراد سليمان عليه السّلام بالملك ( الذي لا ينبغي لأحد من الخلق ) احترز به عن ملك الحق ، فإنه أشمل من ملك سليمان بكل حال من الأزل إلى الأبد ، ( بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) ، إذ علمنا من الحديث أن المراد من الاختصاص الظهور ، ومن الحس الاختصاص بالمجموع .
 
ثم أشار - رحمه اللّه - إلى أنه ليس غرضه بيان ما اختص به سليمان عليه السّلام من هذا الملك ، ولا بيان فضيلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أنه أوتي مثل ما أوتي سليمان عليه السّلام .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور.  وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
 
ملك سليمان الذي لا ينبغي لأحد
قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ) يعني رؤية هذه الأسماء التي لها الإحاطة التامّة والجمعية الكاملة من الخلق ( بل هي من ) جملة ( الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) .
 
وهاهنا تلويح يدلَّك على أمور لا بدّ من الاطَّلاع عليها ، وهو أنّ للتسعة الإحاطة التامّة والجمعيّة الكماليّة - كما عرفت غير مرّة - وبيّن أنّها إذا وقعت في مرتبة العشرات لاكتساب الجمعيّة البرزخيّة التي هناك لها مزيد كمال ، ولذلك تراه يترتّب عليها حينئذ إشعار بأمور تستتبعه آثار في عالم الإظهار .
لإبرازه النسب التي هي منبع العجائب وأصل بدائع الصنائع - كما بيّن في موضعه - ولوقوع ذلك العدد في اسم سليمان موقعه وإحاطته بطرفيه بوحدتهما الكماليّة قد ظهر منه ما ظهر ، وهو الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده - كما لا يخفى .
 
كان لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مثل ملك سليمان ولا يتظاهر به
ثمّ إن ذلك الملك قد يكون بحسب العلم والشعور ، وقد يكون بحسب الوجود والظهور ، والذي اختصّ به سليمان بين الكمّل هو الظهور به .
وإليه أشار بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة ) المسمّاة بعالم الملك أيضا ، ( فقد أوتي محمّد عليه الصلاة والسّلام ما أوتي به سليمان وما ظهر به ) ، ومن تأمّل في كيفيّة انطواء الاسمين على ذلك العدد يظهر له ذلك .
والذي يدلّ على أنّه أوتي محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك الملك أنّه جاءه عفريت أي خبيث ، من الجن
 
قال رضي الله عنه :  ( فمكَّنه الله تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ، فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فيلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه الله خاسئا ، فلم يظهر عليه بما أقدر عليه ، وظهر بذلك سليمان ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم قوله “  مُلْكاً “) أي ثمّ إظهاره ، فإنّ القول أبين مراتب الإظهار ( فلم يعمّ ، فعلمنا ) بتنكير الملك في قوله وإظهاره ( أنّه يريد ملكا ما ) خاصّا من الأملاك ، ( ورأيناه قد شورك في كل جزء جزء من الملك ) فإنّ لكل أحد من النبيّين تصرّفا في جزء من أجزاء الملك ( الذي أعطاه الله تعالى ، فعلمنا ) بهذه الآية المنزلة ( أنّه ما اختصّ إلا بالمجموع من ذلك ) الأملاك .
 
فأحديّة جمع الكلّ هو الملك الخاصّ الذي سأله هذا ، وعلمناه لمنطوق كلامه ( وبحديث العفريت أنّه ما اختصّ إلا بالظهور وقد يختصّ بالمجموع والظهور ) الذين هما أثر رحمة الامتنان ورحمة الوجوب . و « قد » هاهنا للتحقيق ، مثل : “  قَدْ يَعْلَمُ الله “ [ 24 / 63 ] . .
 
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يقل صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث العفريت : « فأمكنني الله منه » لقلنا : إنّه لما همّ بأخذه ذكَّر الله دعوة سليمان ، ليعلم أنّه لا يقدره الله على أخذه ، فردّه الله خاسئا . فلما قال : « أمكنني الله منه » علمنا أنّ الله تعالى قد وهبه التصرّف فيه ، ثمّ إنّ الله ذكَّره فتذكَّر دعوة سليمان ، فتأدّب معه . فعلمنا من هذا أنّ الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) على ما هو مؤدّى الرحمتين .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور.  وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة .  فقد أوتي محمّد صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به . فمكّنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه اللّه خاسئا . فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان . ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما . ورأيناه قد)
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذه ) المعرفة المتعلقة بالرحمتين الامتنانية والوجوبية وما انجر الكلام إليه في بيانهما ( معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السلام بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، فإنه لا ينحصر في الملك الصوري والمعنوي كيف وهو من الأنبياء الكاملين ، فمرتبة كماله تقتضي التحقق بأمثال هذه المعارف ، ولما كان الملك الذي أتاه اللّه سبحانه سليمان ولم يؤته أحدا غيره من بعده ، هو الظهور بعموم التصرف في عالم الشهادة لا التمكن منه ، فإن ذلك مما آتاه اللّه غيره من الكمل نبيا كان أو وليا .
فسر الملك بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة )
ثم علله بقوله : ( فقد أوتي محمد صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان ) من الملك والتصرف ( و ) لكنه صلى اللّه عليه وسلم ( ما ظهر به ) كما ظهر سليمان ( فمكنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح مربوطا بها ، فيلعب به ولدان المدينة فذكر ) رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( دعوة سليمان عليه السلام ) وأمسك حتى أخذه وربطه تأدبا . رواه ابن حبان
 
"" يشير إلى الحديث: « عن أبي هريرة يقول : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إنّ عفريتا من الجن جعل يأتي البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني اللّه منه فأردت أن آخذه فأربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم قال ثم ذكرت قول أخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي قال فرده اللّه خاسئا ".أهـ ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فرده اللّه ) ، أي العفريت بتركه هذا التأدب ( خاسئا عن الظفر به فلم يظهر نبينا صلى اللّه عليه وسلم بما أقدر عليه ) من التصرف في العفريت ( وظهر بذلك سليمان ثم قوله ملكا ) ، من غير أداة تفيد الشمول والاستغراق ( فلم يعمّ ) كل ملك (فعلمنا أنه يريد ) في دعائه ( ملكا ما ) من الإملاك لا كل ملك فإنه لو كان يريد كل ملك لاختص به مجموع الأملاك وكل جزء جزء أيضا ، فإنه كما أن كل جزء جزء من الملك من أفراد الملك كذلك مجموع الأجزاء أيضا من أفراده ، فيلزم أن لا يشاركه أحد في ملك ما ، والأمر ليس كذلك كيف
 
قال رضي الله عنه :  (شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور .  ولو لم يقل صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » لقلنا إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه . فردّه اللّه خاسئا . فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه . ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم .  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد رأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فعلمنا أنه ) ، أي سليمان عليه السلام ( ما اختص بفرد ) من أفراد الملك ( إلا بالمجموع من أفراد ذلك ) الملك ،
أي الانفراد وهو مجموع الأفراد لما عرفت أن مجموع الأفراد أيضا فرد من ذلك الملك ، فما اختص بكل فرد فرد من أجزاء ذلك المجموع ( وعلمنا بحديث العفريت أنه ما اختص إلا بالظهور وقد يختص بالمجموع وبالظهور ) به لا بالتمكن منه وبالظهور ببعض .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولو لم يقل ) نبينا ( صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت : فأمكنني اللّه منه ) ، أي من (حديث العفريت ) فعلمنا أنه لما هم بأخذه (ذكره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره اللّه ) من الإقدار ( على أخذه فرده اللّه خاسئا ذليلا فلما قال : فأمكنني اللّه منه علمنا أن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه ) ، بما شاء من الأخذ والربط وغيرهما .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إن اللّه ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه ) كمال التأدب حيث لم يظهر بالتصرف في الخصوص فكيف في العموم ( فعلمنا من هذا ) الذي ذكر من تنكير الملك وحديث العفريت ( أن ) الملك ( الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) لا التمكن منه في العموم ولا الظهور ببعض .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 14:59 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلّا الكلام والتّنبيه على الرّحمتين اللّتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللّذين تفسيرهما بلسان العرب الرّحمن الرّحيم .  فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] حتّى الأسماء الإلهيّة ، أعني حقائق النّسب . فأمتنّ عليها بنا . فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنّسب الرّبانيّة .  ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنّه هويّتنا لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلّا لنفسه . فما خرجت الرّحمة عنه . فعلى من امتنّ وما ثمّ إلّا هو ؟
إلّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التّفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ؛ حتّى يقال إنّ هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . )
 
قال رضي الله عنه :  (وليس غرضنا من) ذكر (هذه المسألة) في هذا المحل (إلا الكلام والتنبيه) للأفهام (على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان) عليه السلام في كتابه إلى بلقيس (في الاسمين اللذين) تكلم بهما كيفية الكتاب بلسانه وهو لسان بني إسرائيل العبرانية .
 
وقد أنزل اللّه تعالى على نبينا العربي صلى اللّه عليه وسلم (تفسيرهما بلسان العرب) كباقي الكتاب بلفظ (الرحمن الرحيم) فقال تعالى :إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 30 ) [ النمل : 30 ] ، فقيّد ، أي الحق تعالى رحمة الوجوب وهي رحمة الرحيم كما قال :وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً[ الأحزاب : 43 ] ، وقال :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ[ الأعراف : 156 ] الآية . وقال :كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ[ الأنعام : 54 ] .
 
« فمن عرف نفسه فقد عرف ربه » فكان هو الرحمة المكتوبة على النفس الإلهية بسبب الإيمان ؛ ولهذا قيل : « وسعني قلب عبدي المؤمن » ، لأنه مكتوب عليه فيسعه كما أن الحروف المكتوبة في القرطاس تسع مقدارها مما هي قائمة به من القرطاس وأطلق سبحانه رحمة الامتنان وهي رحمة الرحمن في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فلم يقيدها بشيء دون شيء حتى أنها وسعت (الأسماء الإلهية) التي نحن قائمون بها أعني بالأسماء الإلهية (حقائق النسب) جمع نسبة الإلهية الوجودية كالخالق والبارىء والمصوّر والمحيي والمميت إلى غير ذلك .
(فامتن) سبحانه برحمة الرحمن التي استوى بها على العرش وجميع ما حواه
 
العرش (عليها) ، أي على أسمائه الإلهية (بنا) معشر الكائنات جميعها لتكون نحن مظاهر آثارها ومطارح شعاعاتها وأنوارها ومواضع حكمها وأسرارها فنحن معشر الكائنات (نتيجة رحمة الامتنان) التي هي أول ما تعلقت بالأسماء الإلهية ، أي بالحق تعالى في مرتبة ألوهيته ، فأظهرتنا آثارا لها لا من حيث هو سبحانه فإنه غني عن العالمين ، أي ما يعلم به من حيث نحن ولا يعلم سبحانه في نفس الأمر إلا بأسمائه ، ولا تعلم أسماؤه إلا بآثارها ، فالآثار هي العالمون عند الصفاتيين ، والأسماء هي العالمون عند الذاتيين (والنسب) جمع نسبة تفسير الأسماء (الربانية ) ، أي المنسوبة إلى الرب تعالى .
 
قال رضي الله عنه :  (ثم أوجبها) ، أي الرحمة التي امتن بها سبحانه (على نفسه) فكتبها كما قال :كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ[ الأنعام : 12 ] وذلك (بظهورنا) معشر الكائنات لنا فعلمنا أنفسنا وأعلمنا هو سبحانه أنه تعالى هويتنا فمن عرف منا نفسه عرف ربه ، ومن جهل نفسه جهل ربه ، وما منا من جهل نفسه من كل وجه بل من وجه دون وجه ، فيعرف ربه من ذلك الوجه الذي عرف به نفسه ، ويجهل ربه من الوجه الذي جهل به نفسه ، وهكذا كل شيء.
 
قال رضي الله عنه :  (لنعلم أنه) تعالى (ما أوجبها) ، أي الرحمة ، يعني كتبها (على نفسه إلا لنفسه) ، أي ليعلم نفسه بنفسه في مرتبة ألوهيته وربوبيته كما هو عالم بنفسه في ذاته وهويته (فما خرجت الرحمة) ، أي رحمته سبحانه التي امتن بها أوّلا وأوجبها ثانيا عنه سبحانه فإنه ليس هناك أمران موجودان ، وإنما الأمر واحد يتضمن راحما ورحمة في الأزل ومرحوما فيما لا يزال ، والمرحوم في الراحم نفس الراحم ، وأما المرحوم في نفسه فهو غير الراحم ، فإذا رحمه بالرحمة أوجده بها له ، كالمراتب إذا قامت بمن هي له تعددت وغايرته ولم يتغير هو بها وإن تغيرت هي به فعلى من امتن سبحانه وما ثم ، أي هناك في الوجود ( إلا هو ).
 
وأما المراتب الإمكانية فهي مراتبه به ثبتت في علمه أزلا من غير وجود لها ، وبه وجدت في أنفسها لا فيه سبحانه فيما لا يزال إلى الأبد ، فإن كان امتنانه عليها بالوجود في حال ثبوتها كان امتنانه على نفسه ، لأنه بوجوده أوجدها فقد امتن عليها بإيجادها بل على وجوده بإظهارها لا لها ، فمرجع المنة إليه ،
وإن كان إيجاده للرحمة عليها في حال وجودها به كان ذلك عليه لا عليها ، لأن الموجود دونها ، ولكنه موجود وجودا ملتبسا بها كقولهم دخلت عليه بثياب السفر ، وذلك قوله تعالى :وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ[ الأنعام : 9 ] ، فأخبر تعالى أن لبس ما يلبسون إنما هو عليهم لا في نفس الأمر ، وأنهم هم الذين يلبسون والأمر مكشوف في نفسه ،
 
وإذا ظهر الشيء للجاهل على خلاف ما هو عليه ، كان خلاف ما هو عليه من جهة قصور الجاهل ، والشيء في نفسه على ما هو عليه لم يتغير .
 
قال تعالى :وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ[ الأنعام : 110 ] ، أي بواطنهم وظواهرهم فلا يرون بقلوبهم وأبصارهم إلا ما قلبهم إلى رؤيته فأراهم سبحانه ما أراد لا ما هو في نفس الأمر ، وذلك عين الإضلال منه تعالى لمن أراد أن يضله . ثم قال تعالى :كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، أي يصدقوا بالحق تعالى على ما هو عليه إيمانا بالغيب من غير تفكر بعقولهم أول مرة ، وإنما خاضوا فيه بالأفكار وتدبروه بالعقول ، فاستحسنوا أن يكون سبحانه كذا وكذا في خيالهم ، فأثبتوه في اعتقادهم على حد ما وصلوا إليه لا على ما هو عليه في نفس الأمر .
وذلك قوله :"وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ "[ الأنعام : 110 ] وهم جميع أهل النظر ، فعلوا كذلك إلا من حفظ اللّه تعالى منهم فخاض في النظر للرد على المخالفين لا للاعتقاد وقليل ما هم إلا أنه ( ) - ، أي الشأن لا بد من حكم لسان التفضيل ، أو إثبات الفضائل بين المراتب التي هو ظاهر بها سبحانه لما ظهر ، أي لأجل الأمر الذي ظهر شرعا وعقلا من تفاضل بيان لذلك الأمر الخلق ، أي المخلوقات في العلوم الإلهية حتى يقال إن هذا أعلم من هذا ، أي أكثر علما منه .
 
وقال تعالى :يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ[ المجادلة : 11 ] (مع أحدية العين) ، أي الذات القائمة على كل نفس بما كسبت التي ما تعددت في هذا وهذا وهذا إلا بسبب أسمائها التي ظهرت آثارها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة ) المذكورة ( إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين ) الرحمة العامة وهي صورة اشتراك سليمان عليه السلام في أجزاء الملك والرحمة الخاصة .
وهي اختصاص سليمان عليه السلام بالمجموع وبالظهور فجمع سليمان عليه السلام الرحمة العامة والرحمة الخاصة ( اللتين ذكرهما سليمان عليه السلام في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم فقيد )  الحق ( رحمة الوجوب ) في قوله "وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً". وفي قوله: " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ. "  .
 
قال رضي الله عنه :  (وأطلق مرحمة الامتنان في قوله :"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" حتى الأسماء الإلهية أعني حقائق النسب ) فرحم اللّه تعالى الأسماء رحمة الامتنان بإعطاء ما طلبته من المظاهر .
( فامتن ) اللّه ( عليها ) أي الأسماء ( بنا ) عبارة عن العالم كله أي بوجودنا فإن كان كذلك ( فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء ) أي بسبب الأسماء ( الإلهية والنسب الربانية).
(ثم ) أي بعد إعطاء وجودنا بالرحمة الامتنانية ( أوجبها ) أي أوجب تلك الرحمة الامتنانية ( على نفسه بظهورنا ) أي بسبب ظهورنا برحمة الامتنان ( لنا ) متعلق بأوجب أي ليرحمنا بها.
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعلمنا ) من الإعلام ( أنه ) أي اللّه ( هويتنا ) وهو قوله كنت سمعه وبصره ( لنعلم أنه ما أوجبها ) أي ما أوجب الحق تلك الرحمة ( على نفسه ) في التحقيق ( إلا لنفسه ) أي علة الوجوب وسببه هي جهة اتحادنا عينيتنا معه في صفاته لا من جهة غيريتنا معه ولو كنا غير الحق من كل الوجوه لما كتب الرحمة على نفسه .
 
والرحمة لا تكون إلا بقرب المناسبة وكثرتها ألا ترى أن الإنسان يتفاوت ترحمه بقوة المناسبة وضعفها والرحمة تنشأ من الميل الحسي والشيء لا يميل إلى مباينه بل يميل إلى مجانسه .
 
فالحق لا يميل إلينا إلا بمجانستنا إياه في أخلاقه وأوصافه ( فما خرجت الرحمة عنه ) خروجا منفكا بحيث يزول عنه ويحدث في غيرها لأن رحمته وأصله إلى من اتصف بصفاته الكاملة وصفاته عين ذاته من وجه أو موجودة فيه فمنه خرجت وإليه عادت ( فعلى من امتن وما ثمة ) أي وما في مقام الامتنان ( إلا هو ) أي إلا اللّه.
 
فإن قوله كتب على نفسه الرحمة قديم أزلي واقع قبل أن يحدث العالم في مقام كان اللّه ولم يكن معه شيء وهذا المقام ثابت للحق الآن فلما تكلم عن لسان التوحيد أراد أن يتكلم بلسان التفريق على ما هو سنته وسنة أهل التحقيق للجمع بين الوحدة والكثرة.
فقال : ( إلا أنه ) استثناء منقطع ( لا بد من حكم لسان التفصيل ) كما لا بد من حكم لسان الإجمال فإن الكثرة واقعة كما أن الوحدة واقعة فلا بد من البيان عن أحكامها وإنما كان لا بد من حكم لسان التفصيل ( لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) بحسب الحقيقة والتفاضل إنما يكون بحسب تفاوت الاستعدادات من القرب والبعد من الاعتدال الروحاني والجسماني .
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم. فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا. فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية. ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه. فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟ إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.  )
 
أنه عليه صلى الله عليه وسلم  قال الشيخ رضي الله عنه : للشيخ : خذ هذا فاخرج به للناس والمعرفة لا يليق بالناس وإنما يليق بهم العلم. 
وأما العارفون فهم صفات الله تعالی عن شهود منهم، لذلك فالشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
 
ثمّ قال رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلَّا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان عليه السّلام في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب « الرحمن » « الرحيم ») فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان
في قوله : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) حتى الأسماء الإلهية ، أعني حقائق النسب » .
 
يعني رضي الله عنه : من حيث إحدى دلالتها - التي يقتضي امتياز كل اسم بخصوصه - لا الأخرى التي هي الدلالة على الذات عينها والذات عينه ، فلا يطلق عليها أنّها مرحومة ، فالمرحومة الداخلة تحت « كل شيء » هي حقائق النسب وهي على وجهين :
أحدهما : كالوجود والحياة والعلم والقدرة وسائر النسب التي لا تحقّق لها في أعيانها إلَّا بالله ، والرحمة الذاتية .
والثاني : ما ينسب إلى الحق من حيث هذه النسب ، كالعالمية والقادرية والخالقية والرازقية ، فإنّها نسب لهذه النسب المذكورة أوّلا إلى المسمّى الواحد الأحد وهو الله سبحانه ، فهي التي وسعتها رحمة الامتنان مع العالمين .
 
قال رضي الله عنه : « فامتنّ عليها بنا ، فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية » .
يعني الكمّل من نوع الإنسان ، فإنّ آدم وبنيه هم الذين أكرمهم الله تعالى واصطفاهم بتعليمه الأسماء لنا منّا ، فتذكَّر .
 
ثم قال رضي الله عنه : ( ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا ، وأعلمنا أنّه هويّتنا ليعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلَّا لنفسه ، فما خرجت الرحمة منه ، فعلى من امتنّ وما ثمّ إلَّا هو ؟
إلَّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ، حتى يقال إنّ هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ،)
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحياة للحيوان وفيه عرفا عامّا ، وهي سارية في الحيوان والجماد والنبات وغيرهم عرفا خاصّا بالمحقّقين ، فإنّ الله كشف عن وجه هذا السرّ لهم ، وحجب عنه البعض وهم عامّة أهل الحجاب وقد مرّ مرارا فتذكَّر ، فإذا ارتفع الحجاب - وهو عقلك القابل - وكشف الغطاء - وهو وهمك الحائل - عمّت المعرفة ، فعرفته وعرفه كل أحد كذلك .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
 
قال رضي الله عنه:  (وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم فقيد رحمة الوجوب).
 في قوله : " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ "   .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأطلق رحمة الامتنان في قوله -   "ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " حتى الأسماء الإلهية أعنى حقائق النسب ) .
أي التي يمتاز بها كل اسم بخصوصية من الآخر ، فإن للأسماء مدلولين : أحدهما الخصوصية ، والثاني الذات من حيث هي ، فإن كل اسم هو الذات عينها والذات عينه فلا يطلق بهذا الاعتبار أنه مرحوم ، ويطلق على خصوصيته أي الحقيقة المميزة أنها مرحومة ، فالمرحومة هي حقائق النسب الداخلة تحت عموم كل شيء .
وهي على وجهين :
أحدهما المعاني التي هي أمور اعتبارية وتعينات لا تحقق لها في الأعيان إلا بالعلم والرحمة الذاتية ، فإنها نسب للذات كالحياة والعلم والقدرة وسائر معاني الصفات المنسوبة إليه .
والثاني : هذه النسب إلى الحق الواحد الأحد كالحيية والعالمية والقادرية وأمثالها ، فهي التي وسعتها رحمة الامتنان مع العالمين.
"" أضاف بالى زادة : (والتنبيه على المرحمتين ) الرحمة العامة وهو صورة اشتراك سليمان في أجزاء الملك ، والرحمة الخاصة وهي اختصاصه بالمجموع والظهور فجمع سليمان كلتيهما ، قوله ( فقيد رحمة الوجوب ) بقوله - وكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً )   - وقوله - فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) - ( وأطلق رحمة الامتنان ) في قوله - ورَحْمَتِي وَسِعَتْ ) . اهـ بالى بالى .
( ثم ) أي بعد إعطاء وجودنا بالرحمة الامتنانية ( أوجبها ) أي أوجب تلك الرحمة الامتنانية ( على نفسه بظهورنا ) أي بسبب ظهورنا بالرحمة الامتنانية ( لنا ) متعلق بأوجب أي ليرحمنا بها. اهـ بالى زاده . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فامتن عليها بنا ، فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية ) .
أي فامتن على الأسماء بوجودنا يعنى الكمل من نوع الإنسان ، فإن الله أكرم آدم بتعليم الأسماء ، وجعله وبنيه مظاهرها ومظاهر النسب أي حقائق الأسماء من الصفات ، فنحن أي الكمل من هذا النوع نتيجة الرحمة الذاتية الرحمانية التي هي رحمة الامتنان ، وبنا رحم الأسماء فأوجدها .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا ) أي لمعرفتنا أنفسنا فإنها رحمة رحيمية وجوبية ( وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه فما خرجت الرحمة عنه ) فهو الراحم والمرحوم (فعلى من امتن وما ثم إلا هو ؟ ).
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا أنه لا بد من حكم لبيان التفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ، حتى يقال : إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) فالتفاضل بالظهور والخفاء بحسب تفاضل الاستعدادات في المظاهر ، لأن العين الواحدة في كل مظهر هي أصفى وأتم استعدادا وجلاء كان أظهر كمالا وجمالا .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
 
قال رضي الله عنه :  (وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على "الرحمتين " اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب : "الرحمن الرحيم " . ).
 
نبه بهذا الكلام على أن الأسماء اللفظية أسماء الأسماء الإلهية .
وهي عبارة عن الحقائق الإلهية وأعيانها التي هي مظاهرها . كما مر بيانه في المقدمات .
( فقيد رحمة الوجوب . ) كما قال : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
وقال : "سأكتبها للذين يتقون " .
( وأطلق رحمة الامتنان في قوله : " ورحمتي وسعت كل  شئ " . حتى الأسماء الإلهية ، أعني ، حقائق النسب . )
وإنما فسره بقوله : " أعني حقائق النسب " لأن الأسماء تدل على الذات الإلهية مع خصوصيات تتبعها ، وبها تصير الأسماء متكثرة ، فإن الذات الواحدة لا تكثر فيها ، والذات لا تدخل في  حكم الرحمة ، لتكون مرحومة ، فتعينت الخصوصيات وهي النسب .
 
قال رضي الله عنه :  ( فامتن عليها بنا ، فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية . )
أي ، فامتن على الأسماء بوجودنا ، فإنها مظاهر أحكامها ومجاري أقدارها ومرائي أنوارها ، فنحن نتيجة تلك الرحمة الامتنانية ، فلزم وجودنا منها أولا في العلم ، وثانيا في العين . كما مر تحقيقه في المقدمات .
ولا ينبغي أن يتوهم أن قوله ( بنا ) و ( نحن ) مخصوص بالكمل ، كما ذهب إليه بعض العارفين ، فإن الكمل منا مظاهر كليات الأسماء ، وغير الكمل مظاهر جزئياتها التالية لها . بل قوله : ( بنا ) إنما هو من لسان العالم كله ، شريفا كان أو حقيرا ، فإن لكل منها ربا يربه ، وهو الاسم الحاكم عليه .
والحق رحم جميع الأسماء لا بعضها دون البعض .
( ثم ، أوجبها على نفسه بظهورنا لنا ) أي ، أوجب الرحمة على نفسه ، ليرحمنا بالرحمة الرحيمية الموجبة للكمال عند معرفتنا أنفسنا وظهور حقائقها علينا .
قال رضي الله عنه :  ( وأعلمنا أنه هويتنا ، لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه ، فما خرجت الرحمة عنه ، فعلى من أمتن ، وما ثم إلا هو . ) .
هذا عن لسان غلبه حكم الأحدية  . ومعناه ظاهر .
( إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل ) لأن الكثرة واقعة لا يمكن رفعها .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ، حتى يقال أن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) .
وهذا التفاضل من تفاوت الأعيان واستعداداتها بحسب القوة والضعف والظهور والخفاء والقرب والعبد من الاعتدال الحقيقي الروحاني والجسماني ، مع أن الذات الظاهرة بهذه الصور واحدة لا تكثر فيها .

.
يتبع 

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:03 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلّا الكلام والتّنبيه على الرّحمتين اللّتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللّذين تفسيرهما بلسان العرب الرّحمن الرّحيم ، فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [ الأعراف : 156 ] حتّى الأسماء الإلهيّة ، أعني حقائق النّسب ، فأمتنّ عليها بنا ، فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنّسب الرّبانيّة ) .
 
فقال : ( وليس غرضنا في هذه المسألة ) أي : بيان الملك المخصوص بسليمان عليه السّلام ( إلا الكلام والتنبيه ) أوردهما ؛ ليشعر بأنه بين بعضه بالكلام الطويل الذيل الشامل على البراهين ، وتارة اكتفى بالتنبيه .
( على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان ) كيف يرتبطان بملكه حتى جعلهما مفتتح مكتوبه المتعلق بأمر المملكة التي كان يتصرف فيها بالأسماء الإلهية ، وعقبهما قوله :أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ[ النمل : 31 ] .
 
فذكرهما ( في ) ضمن ( الاسمين اللذين ) هما المعينان القائمان بالذات الإلهية ، وكان ( تفسيرهما بلسان العرب : الرحمن الرحيم ) ، فكتب هذين اللفظين في مكتوبه إليها لكونها عربية ، ويحتمل أنه كتب الاسمين الدالين عليهما بلسانه إليها وهي عربية ؛ ليعلم اطلاعها على سائر اللغات ، ويحتمل ألا تكون هي عربية ، فكتب إليها باللسان الذي تعرفه هي .
( فقيد ) سليمان ( رحمة الوجوب ) بجعله إياها صفة للّه بعد اتصافه بالرحمن ؛ لأن مفهوما مفهوم الرحمة مع زيادة اعتبار وجوبها .
""أضاف المحقق :-  عن رحمة الوجوب : يعني أن العبد من حيث إنه يجب عليه إتيان أوامر مولاه ، فلا تجب الرحمة على المولى في مقابلة شيء ، فإذا قدر المولى وأوجب على نفسه لعبده شيئا في مقابلة عمله يستحق العبد بذلك الشيء بسبب عمله ، فوصول ذلك الشيء للعبد من المولى في مقابلة عمله امتنان وعطاء محض ، ولذا قالوا : الجنة فضل إلهي فلا يستحقها العبد إلا بفضل اللّه ؛ فكان وجوب الرحمة من وجوب الامتنان . شرح القاشاني ""
 
قال رضي الله عنه :  ( وأطلق رحمة الامتنان ) بجعلها صفة للّه الجامع لأسمائه لعمومها ( في قوله : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )[ الأعراف : 156 ] .
ومن جملتها الأسماء الإلهية فتضمن كل شيء ( حتى الأسماء الإلهية ) لا من حيث هي أسماؤه ، بل من حيث هي حقائق بها انتساب الموجودات إلى الحق .
وإليه الإشارة بقوله رضي الله عنه : ( أعني حقائق النسب ) ، فلما تعلقت الرحمة الامتنانية بأسمائه تعالى باعتبار انتسابها إلينا ( فامتن عليها بنا ) يجعلنا ظهور آثارها الكائنة فيها ، إذ كانت بالقوة وهو كالكرب لها ، ( فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية ) ؛ لأن الأسماء الإلهية قديمة والنسب عدمية ، فلا يكون شيء منها قابلا للتأثير ، فكانت امتنانية مطلقة على العالم والأسماء الإلهية لا في مقابلة علم ولا عمل .


قال رضي الله عنه :  (ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنّه هويّتنا لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلّا لنفسه ، فما خرجت الرّحمة عنه ، فعلى من امتنّ وما ثمّ إلّا هو ؟ إلّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التّفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ؛ حتّى يقال : إنّ هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين )
 
ثم أشار إلى وجه تقيد الرحمة الوجوبية ، بقوله : ( ثم ) أي : بعد أن رحم العالم والأسماء الإلهية بالرحمة الامتنانية ( أوجبها على نفسه ، فظهورها لنا ) عند كمال التزكية والتصفية بالعلم والعمل ، ( وأعلمنا أنه هويتنا ) ؛ لأن عند هذه التصفية والتزكية يكمل ظهوره فينا بحيث نصبر كأننا هو ، فنعرفه معرفة كاملة بمعرفة أنفسنا ؛ ( لنعلم أنه ما أؤجبها على نفسه إلا لنفسه ) أي : لظهورها بكمالاتها فينا بعد ظهورها بها في ذاتها ، كما امتن بالامتنانية على أسمائها التي ليست غير نفسه .
قال رضي الله عنه :  ( فما خرجت الرحمة ) الامتنانية والوجوبية ( عنه ) إلى من هو غيره من كل وجه ، فالوجوبية اختصت بصورة كاملة ، والامتنانية عمت آثار الأسماء وصورها الكاملة والقاصرة جميعا ، ( فعلى من امتن ) بالرحمة الامتنانية عندما رحم بها الآثار .
 
قال رضي الله عنه :  ( وما ثم ) أي : في الواقع ( إلا هو ) ، فإن الآثار إنما تحققت بتصورها بصورة النور الوجودي عند إشراقه عليها ، وهو المتحقق في الكل وما سواه أمر اعتباري فيه ، فإذا لم يكن المرحوم من الآثار غيره من كل وجه ، فالراحم من صوره الكاملة أبعد من الغيرية وأقرب إلى العينية.
أي : التصور بصورته الكاملة ؛ فلذلك جعل سليمان عليه السّلام بتعلق ملكه هذين الاسمين ، ورتب عليه قوله :أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ[ النمل : 31] .
ولكن امتناع تحقق غيره يقتضي ألا يقع التفاضل في الموجودات ، فلا يكون بعضها مالكا متصرفا عاليا والبعض بخلاف ذلك ، ( إلا أنه لا بدّ من حكم لسان التفصيل ) بحيث يكون البعض مالكا متصرفا عاليا ، والبعض مملوكا متصرفا فيه سافلا .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ) ، والفاضل منها أقرب إلى الحق المالك المتصرف العالي ، فهو متصف بصفته بخلاف البعيد عنه ، ولا شكّ في ظهور ذلك ، ( حتى يقال : إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) الإنسانية التي هي المظهر أو الصفة العلمية التي هي الظاهر ، فهذا التفاضل ليس باعتبار أحدية العين لا في المظهر ولا في الظاهر ، بل باعتبار الصفات اللاحقة بها إما في الخلق الظاهر .
وإما في الحق ، فليس لنقص بعض صفاتها وكمال البعض الآخر .
فإن محال في الصفات القديمة إذ النقص من سمات الحادث ، ولكن
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
 
عموميّة الاسم الرحيم
قال رضي الله عنه :  :  (وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين ، اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم . فقيّد رحمة الوجوب ) في قوله : “  بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ “  [ 9 / 128 ]
( وأطلق رحمة الامتنان في قوله : “  وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ “ ( [ 7 / 156 ] ( حتى الأسماء الإلهية ، أعني حقائق النسب ) .
وإنّما فسّر الأسماء الإلهية بحقائق النسب ، فإن الأسماء من حيث خصوصيّاتها الامتيازية التي بها تغاير الذات ، لها مرتبتان :
إحداهما عند وجود النسبة بظهور المنتسبين كليهما ، ويسمّى أسماء الربوبيّة .
والأخرى أقدم منها رتبة وأبطن نسبة ، وذلك عند فقد أحد المنتسبين وجودا ، أعني المعلوم والمقدور والمراد.
فإنّه ليس لها في الحضرات الأول إلا محض الاعتبار ، ويسمّى بالأسماء الإلهية فهي حقائق النسب وبواطنها - .
 
هو الراحم والمرحوم
قال رضي الله عنه :  ( فامتنّ عليها بنا ) لظهورها بأعياننا ( فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنسب الربانيّة ) أي هذا النوع الإنساني .
"" أضاف المحقق : اختلف الشراح في تفسير قول الماتن « بنا » ، فالجندي والكاشاني اعتقدا أنها خاص بالكمل ، واعترض عليهم القيصري قائلا أنه عام لجميع أفراد الإنسان كاملا أو ناقصا ، ولعل القول الوسط كلام الشارح بأن المراد هو النوع هو النوع الإنساني .""
 
 لكونه أنهى ما ينساق إليه مقدّمات المراتب الاستيداعيّة والاستقراريّة ، وأقصى ما يستنتج منه أقيسة الأسماء الإلهيّة والنسب الربانيّة ، فهو إذن النتيجة المستحصلة من تلك الامتزاجات بنوعه لا بأشخاصها المتفاضلة ، كما لا يخفى .
 
فلمّا أفضى أمر رحمة الامتنان وترتيب أشكالها البيّنة الإنتاج إلى هذه النتيجة الجمعيّة الكماليّة ، التي هي حاصرة للكل ، ثمّ بها أمر تلك الرحمة ، فأفاض في رحمة الوجوب ، وإليه أشار بقوله : ( ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا ) .
 
ظهورا علميّا ليرحمنا بالرحمة الرحيميّة الشهوديّة ، كما رحمنا بالرحمة الرحمانيّة الوجوديّة ، وبيّن أن هذه النتيجة وإن كانت نتيجة من وجه ، ولكن هو الكلّ من وجه آخر ، وهو من حيث ظهور العلم والشهود .
ولذلك قال في هذه الرحمة « على نفسه » تنبيها إلى هذه الدقيقة :
( وأعلمنا أنّه هويّتنا ) عند ذلك الظهور بقوله : “وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ“ [ 42 / 11 ]
  لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه ، فما خرجت الرحمة عنه ) فهو الراحم والمرحوم - امتنانيّة كانت الرحمة أو وجوبيّة كما بيّن .
قال رضي الله عنه :  ( فعلى ما امتنّ وما ثمّ إلا هو ) هذا مقتضى لسان الإجمال . "في نسخة اخري : فعلى من "
الذي عبّر عن صرف الوحدة الإجمالية . وكأنّك قد عرفت غير مرّة أنّه لبيان تمام التوحيد لا بدّ مما يشعر بطرف التفصيل منها لئلا يتوهّم الوحدة العدديّة المقابلة للكثرة ، على ما هو المبادر إلى سائر الطباع .
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( إلا أنّه لا بدّ من حكم لسان التفصيل ) توفية لحقّ أدائه ، وذلك ( لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ، حتّى يقال : « إنّ هذا أعلم من هذا » مع أحديّة العين ) وفي عبارته لطيفة حيث أنّ في هذا أحديّة تأبى الشركة ، ففي لسان التفصيل إشعار بعين الإجمال ، وقوله : « مع أحدية العين تنبيه إليه » .
 
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أنّ العلم له التقدّم الاحاطي والتحكَّم الشمولي على الإرادة . كما أنّ الإرادة لها التقدّم الإحاطي على القدرة ، فإنّ العلم عندهم عبارة عن تعلَّق الذات بنفسها وبجميع الحقائق على ما هي عليه .
ثمّ ذلك التعلَّق إن اعتبر على الممكنات خاصة بتخصّصها بأحد الجائزين مطلقا يسمّى إرادة ، كما أنّه إن اعتبر اختصاصه بإيجاد الكون يسمّى بالقدرة.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.  فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.  فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلّا الكلام والتّنبيه على الرّحمتين اللّتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللّذين تفسيرهما بلسان العرب الرّحمن الرّحيم .)
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا ) المقصود بالإضافة في صدر هذا الفص وإن وقع كلام في البين ( إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان عليه السلام في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب : الرحمن الرحيم ) ، فإنه عليه السلام لم يكن ممن يتكلم بلسان العرب.
 
قال رضي الله عنه :  ( فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [ الأعراف : 156 ] حتّى الأسماء الإلهيّة ، أعني حقائق النّسب .  فأمتنّ عليها بنا . فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنّسب الرّبانيّة . ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنّه هويّتنا لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلّا لنفسه . فما خرجت الرّحمة عنه . فعلى من امتنّ وما ثمّ إلّا هو ؟  إلّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التّفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ؛ حتّى يقال إنّ هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . )


قال رضي الله عنه :  ( فقيد ) الحق سبحانه في كلامه ( رحمة الوجوب ) التي هي إحدى الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان بالتقوى والإيمان حيث قال :" فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " . يتقون
وقال :" بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ "  [ التوبة : 128 ] (وأطلق رحمة الامتنان ) التي هي الأخرى من تينك الرحمتين ( في قوله: " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "حتى وسعت الأسماء الإلهية ) [الأعراف:156 ] .
 
ولما كانت الأسماء عبارة عن الذات مع النسب وكانت سعة الرحمة إياها باعتبار النسب لا باعتبار الذات فسرها بقوله : ( أعني حقائق النسب ) ، يعني أن الأسماء لا تسعها الرحمة الامتنانية إلا باعتبار النسب لا باعتبار محض الذات .
 
قال رضي الله عنه :  ( فامتن عليها بنا ) يعني نوع الإنسان فأوجدنا لتكون مظاهر آثارها ومجالي أنوارها .
( فنحن نتيجة رحمة الامتنان ) المتعلق ( بالأسماء الإلهية والنسب الربانية ) التي هي بعض الأسماء الإلهية فيكون من قبيل ذكر الخاص بعد العام لزيادة الاهتمام فإنها أقرب إلينا وأظهر علينا . ( ثم أوجبها ) ، أي الرحمة ( على نفسه ) .
وهذه الرحمة التي أوجبها هي ظهوره علينا ومعرفتنا فإنه تعالى قيده ( بظهورنا لنا ) ومعرفتنا بأنفسنا في قوله على لسان الكمل من عباده من عرف نفسه فقد عرف ربه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعلمنا أنه هويتنا ) في مثل قوله :"وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" ( لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه فما خرجت الرحمة عنه ) إلى غيره بل إلى نفسه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلى من امتن وما ثمة إلا هو ) وهذا على لسان غلبه الوحدة والإجمال ، ولما كان هناك جهة كثرة وتفضيل أيضا نبه عليه بقوله : ( إلا أنه لا بد من حكم لسان ) الكثرة ( التفضيل ) أيضا ( لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ) مثلا بحسب تفاوت الاستعدادات ( حتى يقال إن هذا ) الإنسان كزيد مثلا ( أعلم من هذا ) الإنسان الآخر كعمر مثلا ( مع أحدية العين ) الظاهرة فيها.

ولما كان التفاضل مع أحدية العين فيه نوع خفاء أوضحه بتفاضل الصفات الإلهية مع أحدية الذات.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:12 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلّق الإرادة عن تعلّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصّفات الإلهيّة ؛ وكمال تعلّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلّق القدرة .  وكذلك السّمع الإلهيّ والبصر وجميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض . كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . وكما أن كلّ اسم إلهيّ إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ، فكلّ جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلّه ؛ فلا يقدح قولنا إنّ زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هويّة الحقّ عين زيد وعمرو ،ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ.)
 
قال رضي الله عنه :  (ومعناه) ، أي معنى قول هذا أعلم من هذا يعني نظر ذلك يرجع في نفس الأمر إلى (معنى نقص تعلق الإرادة) الإلهية (عن تعلق العلم) الإلهي فإنه تعالى يتعلق علمه بالواجب والمستحيل والممكن ولا تتعلق إرادته إلا بالممكن فقط (فهذه مفاضلة) حاصلة (في الصفات الإلهية) وكذلك كما تتعلق الإرادة بجميع الممكنات إلى ما لا نهاية له وفضلها لاقتضائها التقدم في الرتبة وزيادتها على تعلق القدرة الإلهية بما يريد وجوده تعالى من الممكنات ، والإرادة تتعلق بما يريد وجوده وما يريد عدم وجوده وكذلك السمع الإلهي والبصر الإلهي كالقدرة الإلهية لا يتعلقان إلا بما يريد اللّه تعالى وجوده لا بما يريد عدم وجوده من المستحيلات بالغير مما يمكن أن يكون عليه الممكن من زيادة أو نقصان أراد الحق تعالى وجود أحدهما وعدم الآخر ونحو ذلك (وجميع الأسماء الإلهية على درجات) متفاوتة (في تفاضل بعضها على بعض) من جهة تعلقاتها .
 
قال رضي الله عنه :  (كذلك) ، أي مثل هذا التفاضل (في الأسماء تفاضل ما ظهر في الخلق) ، أي في المخلوقات (من أن يقال هذا) الإنسان (اعلم من هذا) الإنسان (مع أحدية العين) المسماة بتلك الأسماء الإلهية كلها والظاهرة بالقيومية في جميع الصور الإنسانية وغيرها (وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته) بالفضيلة لعموم التعلق سميته بجميع الأسماء الإلهية لدخولها تحت حيطته ونعته ، أي ذلك الاسم بها ، أي بجميع الأسماء كما قال تعالى :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى[ الإسراء : 110] .
 
قال رضي الله عنه :  (كذلك) القول (فيما ظهر من الخلق ) ، أي المخلوقات فيه ، أي في ذلك الظاهر أهلية ، أي فضيلة كل ما فوضل ذلك الظاهر به فكل جزء من أجزاء العالم بفتح اللام فيه مجموع العالم كله أي هو قابل لحقائق متفرقات العالم كله أن تظهر من ذلك الجزء وأن يتجلى القيوم على جميع العالم على ذلك الجزء بما تجلى به على جميع العالم فلا يقدح في هذا التساوي بين أجزاء العالم قولنا مع ذلك إن زيدا دون عمرو ، أي أقل منه في فضيلة العلم أن تكون هوية الحق تعالى القائمة بصفة القيومية على كل نفس بما كسبت كما قال سبحانه :أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ[ الرعد : 33 ] عين زيد وعين عمرو ومع أنهما عينهما (تكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد كما تفاضلت الأسماء الإلهية) بعموم التعلق وخصوصه (وليست) كلها (غير الحق).
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعناه ) أي معنى تفاضل الخلق في العلوم مع أحدية العين ( معنى نقص الإرادة عن تعلق العلم ) فإن الإرادة تتعلق بالممكنات والعلم يتعلق بالممكنات والممتنعات ( فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية ) معنى ( كمال تعلق الإرادة وفضلها ) لكونها سابقة على تعلق القدرة وشرطها لحصولها .
 
قال رضي الله عنه :  ( وزيادتها ) أي زيادة تعلق الإرادة ( على تعلق القدرة ) فإن الإرادة والقدرة تتعلقان بإيجاد المعدوم الممكن وإعدامه والإرادة تتعلق بعدم ممكن الوجود في نفسه فكان ممتنع الوجود بإرادة اللّه ولا يقال ممتنع بقدرة اللّه بل يقال ممتنع بإرادة اللّه كالغفران للمشركين الذين ماتوا وهم كفار فإنه ممكن في ذاته لأن العفو مستحسن لكل مجرم وعدم غفران الشرك مقتضى الوعيد.


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك السمع الإلهي والبصر وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض ) علم ذلك التفاضل من علم المراتب الأسماء الإلهية وحقائقها .
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ) أي كتفاضل الأسماء ( تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) فالتفاضل في الأسماء الإلهية والخلق بحسب التعينات لا بحسب الأحدية ( وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته ) من التنعيت ( بها كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به ) أي حصل في المفضول عليه أهلية كل مفضول به.
 
لاندراج الهوية الإلهية في المفضول عليه التي يستند جميع الكمالات الصادرة من المظاهر الخلقية إليها فزيد من حيث تضمنه الهوية الإنسانية فيه أهلية لجميع الكمالات الموجودة في إفراد تلك الحقيقة لأن الكمالات الظاهرة في إفراد كل نوع مودعة في شأن ذلك النوع .
وباعتبار ذلك كل فرد من ذلك النوع فيه أهلية كل ما كان في جميع أفراد ذلك النوع من الكمال وهو معنى قوله ( فكل جزء من العالم مجموع العالم أي هو قابل بحقائق متفرقات العالم كله ) لأن معناه أنه تكون تلك الأهلية ظاهرة بالفعل في كل جزء ( فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم ) يعني أن الاختلاف في الأحكام لا يقدح الاتحاد في الهوية ( ويكون ) الحق ( في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ) هذا إذا أسند العلم والكمال إلى الحق.
 
أي نظر إلى جهة إسناد الكمالات الظاهرة من المظاهر الخلقية إلى الحق فكان علمه الظاهر في صورة عمرو أكمل وأتم منه في علمه الظاهر في صورة زيد .
فكانت الذات الواحدة في حد نفسها بالوحدة الحقيقة فاضلا ومفضولا على نفسه باعتبار المظاهر وأما من حيث ذاته فلا فاضل ولا مفضول .
كما أن الحقيقة الإنسانية واحدة لذاتها كثيرة بحسب الأشخاص وكثرتها مودعة في شأن تلك الحقيقة .
 
فالواحد والوحدة والكثير والكثرة والأشخاص هي تلك الحقيقة التي تظهر في مراتبها بأحكامها ( كما تفاضلت الأسماء الإلهية و ) الحال أن الأسماء الإلهية ( ليست غير الحق ) من وجه فتفاضلها تفاضل الحق من حيث كونه مسمى بها موصوفا بحقائقها فإذا كان الحق متفاضلا على نفسه بتفاضل الأسماء.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة. وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به. فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
النص واضح و الشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
قال رضي الله عنه :   (ومعناه معنى نقص تعلَّق الإرادة عن تعلَّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية وكمال تعلَّق الإرادة وفضلها أو زيادتها على تعلَّق القدرة ، وكذا السمع الإلهي والبصر وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض ، كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال : هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ، وكما أنّ كل اسم إلهي إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهلية كلّ ما فوضل به فكل جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلَّه ، فلا يقدح قولنا : « إنّ زيدا دون عمرو في العلم » أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو ، ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق ،)
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحياة للحيوان وفيه عرفا عامّا ، وهي سارية في الحيوان والجماد والنبات وغيرهم عرفا خاصّا بالمحقّقين ، فإنّ الله كشف عن وجه هذا السرّ لهم ، وحجب عنه البعض وهم عامّة أهل الحجاب وقد مرّ مرارا فتذكَّر ، فإذا ارتفع الحجاب - وهو عقلك القابل - وكشف الغطاء - وهو وهمك الحائل - عمّت المعرفة ، فعرفته وعرفه كل أحد كذلك .
باقي النص واضح .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
قال رضي الله عنه :  (ومعناه معنى نقض تعلق الإرادة عن تعلق العلم ) فإن العلم والتعلق بالشيء متحكم على الإرادة ، والإرادة متحكمة على القدرة دون العكس ، ألا ترى أن العلم ما لم يعين الإرادة لم تتعلق بالشيء ، والإرادة ما لم تخصص القدرة وتحكم عليها بالتعيين لم تتعلق ، ولا حكم للقدرة والإرادة على العلم ، ويستتبع العلم للإرادة والإرادة للقدرة دون العكس ( فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية ) فإن العلم أكمل من الإرادة ، فمن تجلى الله له بصفة العلم حتى انكشف له العلم اللدني كان أكمل ممن تحقق بإرادة الله لفناء إرادته في إرادة الحق ، فحصل له مقام الرضا .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة ، وكذلك السمع الإلهي والبصر وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض ، كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها )
 
لأنك ما قدمته إلا لعمومه وشرفه فيتلوه تابعه كالرحمن بالنسبة إلى الرحيم
( كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به ) أي قوة قبوله ( فكل جزء من العالم مجموع العالم : أي هو قابل لحقائق منفردات ) وفي نسخة متفرقات
"" أضاف بالى زادة : (أهلية كل ما فوضل به ) أي حصل في المفضول عليه أهلية كل مفضول به لاندراج الهوية الإلهية في المفضول عليه التي يستند جميع الكمالات الصادرة من المظاهر الخلقية إليها ، فزيد من حيث تضمنه هوية الإنسانية فيه أهلية لجميع الكمالات الموجودة في إفراد تلك الحقيقة لأن الكمالات الظاهرة في إفراد كل نوع مودعة في شأن ذلك النوع ، وباعتبار ذلك كل فرد منه فيه أهلية كل ما كان في جمع أفراده من الكمال. اهـ بالى  زادة . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( العالم كله ، فلا يقدح قولنا : إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو ، وتكون في عمرو أكمل منه في زيد وأعلم ، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق ).
 
لما تحقق أن الحق تعالى هو عين الوجود المطلق ، وأن حياته وعلمه وسائر صفاته هي عين ذاته ، فحيث كان الوجود كانت الحياة وسائر الصفات ، إلا أن المظاهر كما ذكر متفاوتة في الصفاء والكدورة والجلاء وعدمه :
أي الاعتدال وعدمه ، فما كان أصفى وأجلى وأعدل ظهر فيها الحياة والإدراك فسمى حيوانا ، وما كان أكدر وأصدأ وأبعد عن الاعتدال ظهر فيه الوجود الذي هو أعم أنواع الرحمة الذاتية ، وبطن الحياة والعلم لعدم قبول المحل لظهور ذلك فلم يسم حيوانا عرفا بل جمادا أو نباتا ، وذلك لاحتجاب أهل الحجاب عن الحقائق وعدم نفوذ بصائرهم في البواطن .
وأما المحققون من أهل الكشف فهم الذين أطلعهم الله على الحقائق فلم يحتجبوا عن البواطن للطف بصائرهم فهم يعرفون أن الكل حيوان .
وكذلك في الآخرة عند كشف الغطاء عن أعين المحجوبين ورفع الستر عن أبصارهم عمت المعرفة ، وعرف الكل أن الكل حيوان لأنها دار الحيوان.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم ، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية وكمال ) . بالجر عطف على ( تعلق الإرادة ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة . وكذلك السمع والبصر الإلهي ، وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض .  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين . ) .
 
أي ، ومعنى تفاضل بعض الخلق على البعض ، كمعنى تفاضل بعض الصفات والأسماء على البعض ،
ونقص بعضها عن البعض بحسب الإحاطة والتعلق ، فإن ( العليم ) يتعلق بالمعلومات ، ولا شك أن الذات الإلهية وجميع أسمائه وصفاته وجميع الممتنعات والممكنات جواهرها وأعراضها داخلة في حيطته .
و ( المريد ) لا يتعلق إلا بالممكنات في الإيجاد ، أو في الإيجاد والإعدام إذا كانت الإرادة بمعنى المشيئة .
و ( القادر ) أيضا لا يتعلق إلا بالممكنات لإيجادها وإعدامها .
هذا إن قلنا : إن الأعيان لا يتعلق بها الجعل .
وإن قلنا بجعلها ، فالقدرة متعلقة بها أيضا وكذلك الإرادة ، فصح أن ( العليم ) أكثر حيطة وأرفع درجة من غيره من الأسماء .
وتفاضل الإرادة على القدرة من حيث إنها سابقة على القدرة وشرط لحصول تعلقها ، فظاهر ، وزيادة تعلق الإرادة على تعلق القدرة غير معلوم ،إذ كل ما يتعلق بها الإرادة ، يتعلق بها القدرة.
اللهم إلا أن يقال : إن الإرادة الإلهية قد يكون متعلقة بإيجاد شئ ، فيمحوها قبل الإيجاد ، أو يعدمه ، فيتعلق ثانيا بوجوده ، فيوجده بحكم : " يمحو الله ما يشاء ويثبت " .
فيكون الإرادة متعلقة بدون القدرة .
أو يؤخذ الإرادة مطلقا ، أعم من إرادة الحق والعبد ، والقدرة أيضا كذلك ، فيتعلق الإرادة بكثير من الأشياء مع عدم تعلق القدرة بها ، لمانع يمنع من ذلك ، فتصح زيادة تعلق الإرادة على القدرة . وأما في غير هذه الصور ، فغير معلوم .
فرحم الله لمن عرف مثالا لما يتعلق بها الإرادة دون القدرة وألحق بهذا المقام.
 
قال رضي الله عنه :  ( وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به ، فكل جزء من العالم مجموع العالم ، أي ، هو قابل لحقائق متفرقات العالم كله . ) وفي نسخه : ( منفردات العالم ).
قال رضي الله عنه :  ( فلا يقدح قولنا : إن زيدا دون عمر وفي العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو ويكون ) أي ، العلم .
( في عمرو أكمل منه ) أي ، من العلم في زيد . ( كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق . )  .
أي ، كما أن الأسماء الكلية إذا قدمتها ، صارت مسماة بجميع الأسماء التالية لها ومنعوته بكل توابعها في قولك : ( إن الله هو السميع العليم - إنه هو التواب الرحيم ) فهي متفاضلة ، ومع ذلك هوية الحق مع كل منها ، سواء كان اسما كليا متبوعا ، أو جزئيا تابعا .
وإذا كانت الهوية مندرجة في كل منها ، كان كل واحد منها مجمعا لجميع الأسماء ، كذلك المظاهر الخلقية ، وإن كان بعضها أفضل من البعض.
لكن المفضول فيه أهلية كل فاضل عليه ، لأن الهوية الإلهية مندرجة فيه ، فهو بحسب ذلك الاندراج مجمع لجميع الأسماء ، فخصائصها أيضا مندرجة فيه ، فله الأهلية لجميع الكمالات ، فكل جزء من العالم فيه مجموع ما في العالم  ثم ، فسر
 
بقوله رضي الله عنه  : ( أي ، هو قابل لحقائق متفرقات العالم ) أي ، قابل لظهور المعاني والخواص التي هي في العالم متفرقة ، دفعا لوهم من يتوهم أنه قائل بكون تلك الأهلية ظاهرة بالفعل في كل جزء من العالم . والباقي ظاهر .

وفي بعض النسخ : ( يكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ) . فمعناه : ويكون الحق من حيث الظهور في عمرو أكمل وأعلم من الحق في زيد .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:17 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلّق الإرادة عن تعلّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصّفات الإلهيّة ؛ وكمال تعلّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلّق القدرة ، وكذلك السّمع الإلهيّ والبصر وجميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض ، كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال : هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين ).
 
قال رضي الله عنه :  ( معناه ) في صفاته تعالى ( معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم ) ، فإن العلم متعلق بالواجب والممتنع والممكن موجودا أو معدوما ، والإرادة إنما تتعلق بالممكن ؛ لتخصيصه بالوجود أو العدم المتجدد أو المستمر ؛ ( فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية ) مع كونها ليست غير الذات باتفاق .
قال رضي الله عنه :  ( وكمال ) عطف على نقص ( تعلق الإرادة ) بالنسبة إلى تعلق القدرة ؛ لتوقف تعلق القدرة على تعلق الإرادة ، ( وفضلها ) على تعلق القدرة ؛ لأن تعلق القدرة الإرادة في الأزل ، وتعلق القدرة عند الإيجاد المقدور ، ( وزيادتها على تعلق القدرة ) ؛ لأن الإرادة تتعلق بالعدم المستمر ليبقى الممكن فيه ، ولا تتعلق القدرة به لعدم كونه أثرا .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي : مثل هذه الصفات في نسبة التفاضل ( السمع الإلهي والبصر ) ؛ لتعلق الأول بالأصوات والحروف ، وما يدل عليه بها من التمايز ، وتعلق الثاني بالمبصرات من الألوان والأضواء والمقادير والأشكال والحركات والسكون .
قال رضي الله عنه :  ( وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض ) ، فالحياة متقدمة على العلم بدرجة ، وعلى الإرادة بدرجتين ، وعلى القدرة بثلاث درجات ، وعلى السمع والبصر من جزئيات العلم .
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ) أي : مثل التفاضل في الصفات الإلهية بعضها بالنسبة إلى بعض ( تفاضل ما ظهر في الخلق ) من كل صفة ( من أن يقال : هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) أي : عين العلم الظاهر فيهما ، وعين الإنسانية التي هي المظهر .
 
قال رضي الله عنه :  (وكما أن كلّ اسم إلهيّ إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ، فكلّ جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلّه ؛ فلا يقدح قولنا إنّ زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هويّة الحقّ عين زيد وعمرو ، ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ ) .
 
ثم أشار إلى رؤية الكمّل كمال ظهور الحق في كل شيء ، إما بالفعل أو بالقوة مع رؤية أوليته وآخريته وظاهريته وباطنيته في الكل ؛ لأن المظاهر ، وإن كان بعضها قاصرا بالفعل فهو كامل بالقوة ، فقال : ( وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ) ،
 
كما تقول الحي هو القيوم ، والرحمن هو الرحيم ( ونعته بها ) ، كما تقول : هو الحي القيوم ، وهو الرحمن الرحيم مع أن حقيقته الاسمية ، إنما تقتضي التسمية به لا كونه مسمى ، وتقتضي كونه نعتا لا منعوتا ( كذلك ) أي : كما وقع في الأسماء خلاف مقتضى حقائقها وقع .
( فيما ظهر من الخلق فيه ) أي : في ظهور الحق من التفاضل ( أهلية كل ما فوضل به ) هذا الظهور بالنظر إلى الظهور في مظهر آخر ، فإن الظهور من حيث هو ظهور قابل للفاضلية ، وإن لم تكن حقيقة المظهر قابلة لظهور أكمل من الحاصل لها يجوز أن ينضم إلى هذه الحقيقة القابلة للمفضول الحقيقة القابلة للفاضل ، وذلك أن ( كل جزء من العالم مجموع العالم).
 
ولما أوهم ذلك أنه مجموع بالفعل أزال ذلك بقوله : ( أي : قابل ) الحقيقة ( لحقائق متفرقات العالم ) أي : فيه قوة اجتماعها إذ لا تزدحم الحقائق في محل واحد ( كله ) فيه إشارة إلى أن التقابل بين الحقيقتين لا يمنع من اجتماعهما بالجملة ؛ فلذلك يجتمعان في الذهن ، وإذا كان كل جزء من العالم مجموع أجزائه بالقوة ؛ ( فلا يقدح قولنا أن زيدا دون عمرو في العلم في أن تكون هوية الحق ) أي : ظهور نور وجوده ( عين زيد وعمرو ) .
 
فإن زيدا مثل عمرو بالقوة ، ( فيكون ) ظهور الحق في زيد بالقوة مثله ( في عمرو ) ، ولكنه يكون في عمرو بالفعل ( كما تفاضلت الأسماء الإلهية ) ، وهي متساوية من حيث إنها ليست غير الحق ؛ فلذلك يصح أن يتقدم كل اسم ، فيتسمى بالأسماء الباقية وينعت بها .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).
 
التفاضل في الأسماء
قال رضي الله عنه :  ( و ) هذا التفاضل ( معناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلَّق العلم )
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أنّ العلم له التقدّم الاحاطي والتحكَّم الشمولي على الإرادة . كما أنّ الإرادة لها التقدّم الإحاطي على القدرة ، فإنّ العلم عندهم عبارة عن تعلَّق الذات بنفسها وبجميع الحقائق على ما هي عليه .
ثمّ ذلك التعلَّق إن اعتبر على الممكنات خاصة بتخصّصها بأحد الجائزين مطلقا يسمّى إرادة ، كما أنّه إن اعتبر اختصاصه بإيجاد الكون يسمّى بالقدرة.
قال رضي الله عنه :  (فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية ) ومرجعها ترتّب نسبة بعضها إلى بعض بالكمال والنقص ، وهو نقص تعلَّق الإرادة عن تعلَّق العلم (وكمال تعلَّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلَّق القدرة) هذا فيما ظهر فيه نسبة الكمال والنقص من الأسماء المترتبة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك السمع الإلهي والبصر ) الإلهي ، فيما الظاهر فيه التقابل في حيطة الترتّب المذكور ، فإنّه داخل تحت حكم التفاضل المذكور ، كما للسمع هاهنا بالنسبة إلى البصر ، وفي عبارة المتن إشعار بذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) كذلك ( جميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض ) في الحيطة والتقدّم .
وإن ظهر ذلك في بعض منها ، واختفى في بعض ( كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق ) في اتّصافه بالأوصاف الكمالية ( من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين ) فإنّ الموافقة والمطابقة بين الظاهر والمظهر ، يعني الأسماء والأعيان واجبة التحقّق .
هذا إن قلنا بالمغايرة بين الظاهر والمظهر ، وإن أجملنا القول في ذلك ، فالتفاضل بين الأشخاص عين التفاضل الأسمائي. الفتوحات ج 2 / 61 .
""أضاف الجامع : خير مثال على التفريق بين الظاهر والمظهر ما قاله الجيلي في الثلج والماء."
وما الخلق في التمثال الا كثلجة  .... وأنت لها الماء الذي هو نابع
فالظاهر: الماء والمظهر: الثلجة
- فالظاهر، هو عين المظهر كما أن الماء هو عين الثلجة.
- والمظهر ليس على التحقيق غير الظاهر كما أن الثلجة ليست على التحقيق غير الماء. ""
 
قال الشيخ في الفتوحات الباب الثالث والسبعون في معرفة عدد ما يحصل من الأسرار :
واعلم أنه من شم رائحة من العلم بالله لم يقل لم فعل كذا وما فعل كذا ؟! وكيف يقول العالم بالله لم فعل كذا ؟
وهو يعلم أنه السبب الذي اقتضى كل ما ظهر وما لم يظهر وما قدم وما أخر وما رتب لذاته
فهو عين السبب .
فلا يوجد لعلة سواه ولا يعدم سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا فمشيئته عرش ذاته.
كذا قال أبو طالب المكي : إن عقلت فإن فتح لك في علم نسب الأسماء الإلهية التي ظهرت بظهور المظاهر الإلهية في أعيان الممكنات فتنوعت وتجنست وتشخصت "قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وكُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وتَسْبِيحَهُ ".
فسبب ظهور كل حكم في عينه اسمه الإلهي وليست أسماؤه سوى نسب ذاتية فاعقل.
 والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
 
وقال الشيخ في الفتوحات الباب الثالث والسبعون عن الوجوب على الله هل هو من حيث مظاهره أو لمظاهره :
فهل هذا كله من حيث مظاهره أو هو وجوب ذاتي لمظاهره من حيث هي مظاهر لا من حيث الأعيان .
فإن كان للمظاهر فما أوجب على نفسه إلا لنفسه فلا يدخل تحت حد الواجب ما هو وجوب على هذه الصفة .
فإن الشيء لا يذم نفسه وإن كان للاعيان القابلة أن تكون مظاهر كان وجوبه لغيره .
إذ الأعيان غيره والمظاهر هويته .....
وبقيت الرحمة في حقه مطلقة ينتظرها من عين المنة التي منها كان وجوده.
أي منها كان مظهرا للحق لتتميز عينه في حال اتصافها بالعدم عن العدم المطلق الذي لا عين فيه.
ألا ترى إبليس كيف قال لسهل في هذا الفصل : يا سهل التقييد صفتك لا صفته فلم ينحجب بتقييد الجهالة والتقوى عما يستحقه من الإطلاق فلا وجوب عليه مطلقا أصلا فمهما رأيت الوجوب فاعلم إن التقييد يصحبه. أهـ. ""
 
وفي عبارة المتن ما يشعر بهذا الإجمال ، حيث قال : « معناه معنى نقص تعلَّق الإرادة عن تعلَّق العلم » بتكرار « المعنى » كما لا يخفى على الفطن.
 
تضمن كل اسم على سائر الأسماء وسريان هذا الحكم في المظاهر
قال رضي الله عنه :  ( وكما أنّ كل اسم إلهي إذا قدّمته ) - ذكرا كان أو اعتبارا .
قال رضي الله عنه :  ( سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق ، فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ) إذ كل شيء وإن ظهر فيه اسم لكن لا بدّ من تضمّنه للكلّ واختفائه فيه ، وهو المراد بالأهليّة ، إذ أهل الشيء إنما يقال لمن جمعه وإيّاه ذلك من دين ونسب أو صناعة وبلد وما يجري مجراه . فالأهليّة للشيء هو جمعيّته له ، ولا شكّ في جمعيّة كلّ شيء لسائر الأشياء ،
كما قال الشيخ :
كل شيء فيه معنى كل شيء   .... فتفطَّن واصرف الذهن إليّ
كثرة لا تتناهى عددا       ..... قد طوتها وحدة الواحد طيّ
 
اشتمال كل جزء على المجموع
قال رضي الله عنه :  ( فكل جزء من العالم مجموع العالم - أي هو قابل لحقائق  متفرّقات العالم كله ) ، فإنّك قد لوّحت أن العالم هو العالم نفسه - بفتح لام التفصيل - وكلّ جزء من العالم عالم حيّ ناطق ، ولذلك تراه قد جمع جمع السلامة التي لذوي العقول الناطقة في قوله تعالى : “  الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ “ [ 1 / 2 ] .
والذي يقضى منه العجب حال هؤلاء الذين ادّعوا : « أنّا نحن نحكم بالظاهر » وهم مضطرّون في ظواهر أمثال هذه الألفاظ المفصحة عن الحقائق إلى التأويلات البعيدة ، تطبيقا لما تواطئوا عليه من العقائد التقليديّة ، وهذا
 
من الحكم البالغة للحكيم العليم ، ونعمه السابغة على المسترشدين ، أنّه جعل فعلهم ينادي على تكذيبهم فيما أدعوه أنّ الظاهر لهم .
ولله درّ " ابن الفارض"  من قال:
 ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى  .... ولكنما الأهواء عمّت ، فأعمت
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يقدح قولنا : « إنّ زيدا دون عمرو في العلم » أن تكون هويّة الحق عين زيد وعمرو ، ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ  ).
وبيّن أن النفي إنّما يتوجه إليه باعتبار النسب وإضافتها إليه ،ولذلك فيه قال : " عن كذا " إشعارا به . وذلك ظاهر في كلّ ما يدلّ على النفي.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.  وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.  ).


قال رضي الله عنه : (ومعناه معنى نقص تعلّق الإرادة عن تعلّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصّفات).
( ومعناه ) ، أي معنى تفاضل الخلق في العلوم مثل ( معنى ) تفاضل صفات الحق في النقص والكمال مثل ( نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم ) ، فإنه ليس كل ما يتعلق به العلم تتعلق به الإرادة ، ( فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية .)
 
قال رضي الله عنه :  (الإلهيّة ؛ وكمال تعلّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلّق القدرة . وكذلك السّمع الإلهيّ والبصر وجميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض .  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . وكما أن كلّ اسم إلهيّ إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ، فكلّ جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلّه ؛ فلا يقدح قولنا إنّ زيدا دون عمرو في العلم أن)
 
قال رضي الله عنه :  (وكمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة ) ، فإن الإرادة قد تتعلق بإبقاء شيء على عدميته الأصلية ولا احتياج فيه إلى القدرة فإن القدرة إنما تتعلق بإيجاد شيء أو إعدامه بعد الوجود لا إبقائه على العدم الأصلي .
فإن قلت : يكفي في تخصيص الممكن بالعدم عدم إرادة الوجود ولا احتياج فيه إلى إرادة العدم فلا تتعلق بعدم الممكن الإرادة أيضا كالقدرة .
قلت : الإرادة عندهم في الجناب الإلهي عبارة عن معنى تخصيص الممكن بأحد الجائزين لا الانبعاث الذي يكون فينا قبلا .
يبعد أن يقال : عدم إرادة الوجود هو إرادة العدم ، فإن عدم تلك الإرادة تخصص الممكن بأحد الجائزين الذي هو عدمه ( وكذلك السمع الإلهي والبصر ) بينهما تفاضل فإن البصر له فضل على السمع لقوة الانكشاف في البصر وعدمها في السمع .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك الأسماء الإلهية على درجات ) متفاوتة ( في تفاضل بعضها على بعض ) ولما كان المقصود من بيان التفاضل بين الصفات بيان التفاضل في الخلق ذكره ثانيا كالنتيجة .
فقال رضي الله عنه  : ( كذلك ) ، أي مثل تفاضل الصفات ( تفاضل ما ظهر في الخلق ) من الصفات حال كون ذلك التفاضل ظاهرا
فقال رضي الله عنه  : ( من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين . فكما أن كل اسم إلهي ) لمكان اشتماله على الذات وصفة ما ( إذا قدمته سميته ) لاشتماله على الذات ( بجميع الأسماء ونعته بها ) من غير تفاوت بين الأسماء المتبوعة والتابعة نفى كل اسم أهلية الاتصاف بكل اسم.
 
فقال رضي الله عنه  : ( كذلك الأمر فيما يظهر ) الحق أو الاسم الإلهي فيه ( من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به ) ، أي كل صفة فوضل بها ذلك المظهر بأن يفضل عليه بعض المظاهر الأخر لاشتمال ذلك البعض عليها دون ذلك المظهر ، ولا يخفى عليها دون ذلك المظهر.
 
ولا يخفى أن هذه الأهلية إنما هي باعتبار اشتمال الكل على الهوية السارية الصالحة لإنشاء الصفات منها وإن كانت تختلف بحسب القوابل لا باعتبار خصوصيات المظاهر ، لكن بالنظر إلى إدراك الكل فإنهم يدركون الصفات الكمالية كالحياة والعلم وغيرهما من جميع الموجودات وإن خفيت من أكثر الناس .
فقال رضي الله عنه  : ( فكل جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرقات العالم ) ، أي حقائق الصفات المتفرقة في أجزاء العالم ( كله ) فكل جزء منه لكمال اشتماله على الهوية قابل لكل صفة وإن لم تظهر منه لخصوصية تعينه ، أو هو موصوف بما توصف به الأجزاء الأخر . لكن هذا الاتصاف لا يظهر إلا للبعض كما قلنا وإذا كان حال المظاهر الخلقية مع الهوية السارية كحال الأسماء مع الذات .
فقال رضي الله عنه  : ( فلا يقدح قولنا ) في بيان المفاضلة بين المظاهر ( إن زيدا دون عمرو في العلم في أن).
 
قال رضي الله عنه :  (تكون هويّة الحقّ عين زيد وعمرو ، ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ .)
 
قال رضي الله عنه :  ( إن زيدا دون عمرو في العلم في أن يكون هوية الحق عين زيد وعمرو ويكون ) العلم ( في عمرو أكمل منه في زيد ) ، وإذا لم يقدح فيه ، تفاضلت المظاهر وهي ليست غير الهوية السارية .

( كما تفاضلت ) الأسماء الإلهية ( و ) هي ( ليست غير ) ذات ( الحق ).
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:23 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التّعلّق  من حيث ما هو مريد وقادر ، وهو هو ليس غيره . فلا تعلمه يا وليّي هنا وتجهله هنا وتثبته هنا وتنفيه هنا .  إلّا أن أثبّته بالوجه الّذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الّذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنّفي والإثبات في حقّه .  حين قال :"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " فنفى "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"[ الشورى : 11 ] فأثبت بصفة تعمّ كلّ سامع بصير من حيوان .  وما ثمّ إلّا حيوان إلّا أنّه بطن في الدّنيا عن إدراك بعض النّاس ، وظهر في الآخرة لكلّ النّاس ، فإنّها الدّار الحيوان ، وكذلك الدّنيا إلّا أنّ حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم .  فمن عمّ إدراكه كان الحقّ فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم . فلا تحجب بالتّفاضل وتقول لا يصحّ كلام من يقول إنّ الخلق هويّة الحقّ بعدما أريتك التّفاضل في الأسماء الإلهيّة الّتي لا تشكّ أنت أنّها هي الحقّ ومدلولها المسمّى بها وليس إلّا اللّه تعالى.)
 
قال رضي الله عنه :  (فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق ) بالواجبات والممكنات والمستحيلات (من حيث ما هو مريد) تتعلق إرادته بالممكنات فقط ومن حيث ما هو قادر تتعلق قدرته بما يريد وجوده من الممكنات دون ما يريد عدمه منها كما مر .
(و) مع ذلك (هو هو) سبحانه وتعالى (ليس) معه غيره في الوجود المطلق أصلا والكل مراتب ظهوراته وتقادير تجلياته فلا تعلمه هنا ، أي في هذا الظهور يا وليي ، أي صديقي وتجهله هنا ، أي في هذا الظهور الآخر وتثبته ، أي تقر به تعالى هنا ، أي في هذا الظهور الفلاني وتنفيه هنا ، أي في ظهور آخر غيره إلا أن أثبته سبحانه في هذا الظهور الخاص بالوجه الذي أثبت سبحانه نفسه به ونفيته عن كذا أي ظهور آخر بالوجه الذي نفى فيه نفسه تعالى كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه سبحانه حين قال الشيخ رضي الله عنه :  لَيْسَ كَمِثْلِهِ سبحانه شيء وهو أنكر النكرات وقد وقع في سياق النفي فيعم المعقول والمحسوس والموهوم فنفى سبحانه المشابهة بينه وبين كل شيء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11] .
فأثبت تعالى المشابهة له بصفة هي السمع والبصر تعم تلك الصفة (كل سامع بصير من حيوان) ، أي جسم نوراني أو ناري أو ترابي حساس متحرك بإرادته (وما ثم) ، أي
 
هناك في الوجود من محسوس ومعقول وموهوم (إلا حيوان إلا أنه) ، أي هذا الأمر بطن ، أي اختفى في الدنيا عن إدراك بعض الناس وهم المحجوبون دون العارفين وظهر في الآخرة لكل الناس فإنها ، أي الآخرة الدار الحيوان كما قال تعالى :وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ[ العنكبوت : 64 ] .
قال رضي الله عنه :  (وكذلك) الحكم (في الدنيا) هي الحيوان أيضا بجميع ما فيها إلا أن حياتها ، أي الدنيا (مستورة عن بعض العباد) من أهل الغفلات واللهو (ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه) تعالى المحجوبين والعارفين بما يدركونه من حقائق العالم . فمن عم إدراكه فرأى في الدنيا كل شيء حيوان ينطق بتسبيح اللّه تعالى.
 كما قال سبحانه :الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ[ فصلت : 21 ] ،
وقال :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[ الإسراء : 44 ] .
 
كان الحق تعالى أظهر في الحكم الإلهي لا في الذات ممن ليس له ذلك العموم في رؤية كل شيء حيوان فلا تحجب يا أيها السالك بالتفاضل الواقع في العالم بين الأشخاص الإنسانية وغيرها وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق ،
أي المخلوقات كلها عين هوية الحق تعالى بصفة القيومية عليها من حيث الوجود الظاهر بكل مرتبة كونية وصورة إمكانية صدرت عنه بطريق الحكم الإلهي والأمر الرباني المعبر عنه بكن فيكون بعدما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها ،

أي تلك الأسماء هي الحق تعالى لأن الاسم عين المسمى من حيث المراد به وهي مدلولها ،
أي ما دلت عليه المسمى ذلك المدلول بها ،
أي بتلك الأسماء وليس في نفس الأمر ذلك المدلول مع الأسماء إلا اللّه تعالى ، فإنه هو الأسماء والمسمى .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث هو مريد وقادر وهو ) أي الحق ( هو ) عين العالم والمريد والقادر ( ليس غيره ) .
لأن الأسماء الإلهية متحدة في الهوية الإلهية فكان الحق ظاهرا في كل مقام ومظهرا كاملا أو ناقصا فإذا كان الأمر كذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا تعلمه يا ولي ) أي فلا تعلم الحق يا صاحبي ( هنا ) أي في مقام لعلوّ شأنه وشرفه ( و ) لا ( تجهله هنا ) أي لا تجهل الحق في مقام لدناءته وخساسته بل تعلمه في كل مقام شريفا كان أو حقيرا .
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) لا ( تنفيه هنا ) أي في مقام نظرا إلى نقصه ( و ) لا ( تثبته هنا ) نظرا إلى شرفه وزيادته بل اعلم الحق في كل مظهر ومقام عظيم أو حقير وأثبته كذلك لتكون عالما بالأسماء على ما هي عليه ( إلا أن أثبته ) أي إلا أن أثبت الحق ( بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه ) فحينئذ المثبت والنافي الحق لا أنت وحينئذ أنت عبد محض تابع لحكم الحق في الحكم بالنفي والإثبات وحكم الحق على نفسه بالنفي والإثبات.
 
قال رضي الله عنه :  ( كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه تعالى حين قال : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ" فنفى "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان . وما ثمة ) أي وما في العالم
 ( إلا حيوان إلا أنه ) أي لكنه ( بطن ) الحيوان ( في الدنيا عن إدراك بعض الناس ) وهم محجوبون فيسمون بعض الأشياء جمادا والبعض الآخر حيوانا .
قال رضي الله عنه :  ( وظهر في الآخرة لكل الناس فإنها دار الحيوان وكذلك الدنيا ) كلها حيوان ( إلا أن حياتها ) أي حياة الدنيا .
 
قال رضي الله عنه :  ( مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم ) .
فيتفاضل من عم إدراكه على من لم يعم فإذا كان الأمر على ما بيناه ( فلا تحجب ) على المبني للمفعول أي لا تكن محجوبا ( بالتفاضل وتقول ) أي والحال أنك قائلا ( لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ) يتعلق بلا تحجب .
 
قال رضي الله عنه :  ( ما ) له ( إراءتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت في أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها ليس إلا اللّه تعالى) فلا منافاة بين التفاضل واتحاد العلمين في الهوية .
ثم رجع إلى بيان حكمة تقديم سليمان عليه السلام اسم اللّه على اسمه فقال :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).


قال رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.   فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم. فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم. فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التعلَّق من حيث هو مريد وقادر ، وهو هو ليس غيره ، فلا تعلَّمه يا وليّي هنا وتجهله هنا ، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلَّا أن تثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه ، كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال : 
 ( لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) فأثبت بصفة تعمّ كلّ سامع وبصير من حيوان وما ثمّ إلَّا حيوان إلَّا أنّه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ، وظهر في الآخرة لكل الناس ) .
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحياة للحيوان وفيه عرفا عامّا ، وهي سارية في الحيوان والجماد والنبات وغيرهم عرفا خاصّا بالمحقّقين ، فإنّ الله كشف عن وجه هذا السرّ لهم ، وحجب عنه البعض وهم عامّة أهل الحجاب وقد مرّ مرارا فتذكَّر ، فإذا ارتفع الحجاب - وهو عقلك القابل - وكشف الغطاء - وهو وهمك الحائل - عمّت المعرفة ، فعرفته وعرفه كل أحد كذلك .
 
قال رضي الله عنه : ( فإنّها الدار الحيوان ) يعني الآخرة ، وأنّ كلّ من فيها حيوان حقيقة مبالغة .
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك الدنيا إلَّا أنّ حياتها مستورة عن بعض العباد ، ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله وما يدركونه من حقائق العالم ، فمن عمّ إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم ، فلا تحجب بالتفاضل
وتقول : لا يصحّ كلام من يقول : إنّ الخلق هوية الحق ، بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشكّ أنت أنّها هي الحق ومدلولها المسمّى بها وليس إلَّا الله تعالى . )


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
 
قال رضي الله عنه :  (فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث هو مريد قادر ، وهو هو ليس غيره ، فلا تعلمه يا وليي هنا وتجهله هنا وتنفيه هنا وتثبته هنا إلا أن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ " فنفى " وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ، وظهر في الآخرة لكل الناس ، فإنها الدار الحيوان )
 
لما تحقق أن الحق تعالى هو عين الوجود المطلق ، وأن حياته وعلمه وسائر صفاته هي عين ذاته ، فحيث كان الوجود كانت الحياة وسائر الصفات ، إلا أن المظاهر كما ذكر متفاوتة في الصفاء والكدورة والجلاء وعدمه :
أي الاعتدال وعدمه ، فما كان أصفى وأجلى وأعدل ظهر فيها الحياة والإدراك فسمى حيوانا ، وما كان أكدر وأصدأ وأبعد عن الاعتدال ظهر فيه الوجود الذي هو أعم أنواع الرحمة الذاتية ، وبطن الحياة والعلم لعدم قبول المحل لظهور ذلك فلم يسم حيوانا عرفا بل جمادا أو نباتا ، وذلك لاحتجاب أهل الحجاب عن الحقائق وعدم نفوذ بصائرهم في البواطن .
وأما المحققون من أهل الكشف فهم الذين أطلعهم الله على الحقائق فلم يحتجبوا عن البواطن للطف بصائرهم فهم يعرفون أن الكل حيوان .
وكذلك في الآخرة عند كشف الغطاء عن أعين المحجوبين ورفع الستر عن أبصارهم عمت المعرفة ، وعرف الكل أن الكل حيوان لأنها دار الحيوان.
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم ، فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم ، فلا تحتجب بالتفاضل وتقول : لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق ، بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله "تعالى")
فلا تحتجب : نهى ، وتقول : حال على أنها جملة اسمية ، أي وأنت تقول  
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى من حيث هو ( عالم ) أعم في التعلق من حيث ما هو ( مريد ) و ( قادر ) وهو هو ليس غيره ) ، ظاهر مما مر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا تعلمه يا وليي ) بالإضافة إلى ياء المتكلم . ( هنا وتجهله هنا وتنفيه هنا وتثبته هنا ) أي ، فلا تعلم الحق في مظهر وتجهله في مظهر ، أو تنفيه في مظهر وتثبته في مظهر ، بل شاهد الحق في كل المظاهر لتكون مؤمنا به في كل المقامات ، عالما به في كل المواطن ، متأدبا معه في كل الحالات ، فيتجلى لك من كلها ، ويرحمك ويرزقك من صفاته ، فيغفر لك ويثني عليك بألسنتها ويحمدك ، فتكون وليا حميدا لا شيطانا مريدا .
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا أن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه ، كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال : "ليس كمثله شيء" . فنفى ، "وهو السميع البصير" فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان . ) .
أي ، إلا أن أثبت الحق كما أثبت نفسه ، ونفيت عنه كما نفى عن نفسه ، فحينئذ لا يكون المثبت
والنافي إلا الحق ، لا أنت ، فتكون عبدا متأدبا مع الحق . والباقي ظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وما ثم إلا حيوان ، إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ، وظهر في الآخرة لكل الناس ، فإنها الدار الحيوان . وكذلك الدنيا ، إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم ) .
 
واعلم ، أن سريان الهوية الإلهية في الموجودات كلها أوجب سريان جميع الصفات الإلهية فيها ، من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها ، كليها وجزئيها ، لكن ظهر في بعضها بكل ذلك ، كالكمل والأقطاب ، ولم يظهر في البعض ، فظن المحجوب أنها معدومة في البعض ، فسمى البعض حيوانا والبعض جمادا .
 
فالشيخ رضي الله عنه  نبه أن الكل حيوان ، ما ثم من لا حيوة له .
ثم نبه بقوله : ( إلا أنه بطن عن إدراك بعض الناس ) على أن كونه حيوانا .
ليس باطنا في نفس ذلك الشئ حتى تكون له الحياة بالقوة لا بالفعل ، كباقي الصفات ، بل هو
حيوان بالفعل ، وإن كان باقي صفاته بالقوة وظهر في الآخرة كونه حيوانا لكل الناس ، فإنها الدار الحيوان .
لذلك تشهد الجوارح بأفعال العبد في الآخرة . وكذلك الدنيا حيوان وحياتها ظاهرة ، لكن للكمل .
كما قال أمير المؤمنين ، كرم الله وجهه : ( كنا في سفر مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، ما استقبلنا حجر ولا شجر إلا سلم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ) .
فظهر بإدراك الحقائق ولوازمها وصفاتها الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله .
 
قال رضي الله عنه :  (  فمن عم إدراكه ، كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم).
لأن الظهور بالعلم ، وهو النور الإلهي الذي به تظهر الأشياء ، ولولاه ، لكانت في ظلمة العدم وخفائه .
قال رضي الله عنه :  ( فلا تحجب ) على صيغة المبنى للمفعول . و ( لا ) للنهي . ( بالتفاضل وتقول ) أي ، والحال إنك قائل . ( لا يصح كلام من يقول إن الخلق ) أي ، مهيتة الخلق ، هي عين .
 
قال رضي الله عنه :  ( هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها ليس إلا الله تعالى ) .
 
أي ، لا تكن محجوبا ولا تقل : إن هوية الخلق مغائرة لهوية الحق لاتحادها وتكثر هويتهم
ووقوع التفاضل فيهم . لأنا بينا لك أن الأسماء الإلهية متفاضلة ، وبعضها أتم حيطة من البعض ، وأنها متكثرة مع أحدية عين الحق ، وليس مدلولها ومسماها إلا الله الواحد الأحد .

ولما فرع من تقرير المفاضلة بين الأسماء ومظاهرها ، رجع إلى المقصود من الفص.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:30 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
 
قال رضي الله عنه :  (فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التّعلّق من حيث ما هو مريد وقادر ، وهو هو ليس غيره ؛ فلا تعلمه يا وليّي هنا وتجهله هنا وتثبته هنا وتنفيه هنا ، إلّا أن أثبّته بالوجه الّذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الّذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنّفي والإثبات في حقّه ، حين قال :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ،فنفىوَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11 ] .
 
فأثبت بصفة تعمّ كلّ سامع بصير من حيوان ، وما ثمّ إلّا حيوان إلّا أنّه بطن في الدّنيا عن إدراك بعض النّاس ، وظهر في الآخرة لكلّ النّاس ، فإنّها الدّار الحيوان .  وكذلك الدّنيا إلّا أنّ حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم ، فمن عمّ إدراكه كان الحقّ فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم ، فلا تحجب بالتّفاضل وتقول لا يصحّ كلام من يقول إنّ الخلق هويّة الحقّ بعد ما أريتك التّفاضل في الأسماء الإلهيّة الّتي لا تشكّ أنت أنّها هي الحقّ ومدلولها المسمّى بها وليس إلّا اللّه "تعالى" ،).
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر ) ، والحال أن كل اسم من هذه الأسماء ( هو ليس غيره ) ، فيصح أن يتعلق كل اسم بما تعلق به الآخر من حيث يتسمى به أو ينعت به ، وهذا التعلق وإن لم يظهر له بالفعل فهو له بالقوة ، وإذا كان ظهوره في الكل بالتساوي بالقوة مع التفاضل بالفعل.
قال رضي الله عنه :  ( فلا تعلمه يا وليّ هاهنا ) أي : فيما ظهر فيه على الكمال بالفعل ، ( وتجهله هاهنا ) أي : فيما لم يظهر فيه على الكمال بالفعل لكمال ظهوره فيه بالقوة ، فسبحه عند رؤية كل شيء ولا تقتصر على التسبيح في رؤية المظاهر الكاملة بالفعل ، كما قال :فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ[ الروم : 17 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( وتنفيه هاهنا ) أي : فيما لم يظهر فيه بالفعل على الكمال ( وتثبته هاهنا ) أي : فيما ظهر فيه بالفعل على الكمال ، فإنه من فعل عبدة الأصنام جعلوا بعض المظاهر الكاملة في زعمهم مستحقة للعبادة ( إلا أن أثبته ) في كذا أي : الأمور المتصفة بالصفات المعينة من الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام ( بالوجه الذي أثبت نفسه ) بالظهور فيه .
قال رضي الله عنه :  ( ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفي نفسه ) ، وهو المستلزم لحدوثه كالحلول والاتحاد ، فتجمع بين إثباته ونفيه في هذه المظاهر ( كالآية الجامعة للنفي والإثبات ) .
أي : لنفي التشبيه وإثباته ( في حقه ، حين قال :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[ الشورى : 11 ] ، فنفي ) التشبيه باعتبار استقراره في مقر غيره ، والظهور بالإلهية في المظاهر( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )[ الشورى : 11 ] .
قال رضي الله عنه :  ( فأثبت ) التشبيه باعتبار ظهوره في المظاهر ( بصفة ) هي السمع والبصر ( تعم كل سامع وبصير من حيوان ) ، وإن استبعد ظهوره في مثل : الكلب والخنزير ، فلا نقص في إشراق الشمس عليهما .
ثم أشار إلى ظهوره بجميع الصفات في جميع المظاهر، وإن كان في بعضها بالقوة فهو بمنزلة الفعل عند الكمّل، فقال : ( وما ثم ) أي : في الواقع ( إلا حيوان ) ، وإن كان بعض الأشياء لا يسمى به ، بل يسمى بالنبات والجماد .
ولذلك قال صلّى اللّه عليه وسلّم : « لا يسمع صوت المؤذن حجر ، ولا شجر ، ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة » .
 
وقال تعالى :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[ الإسراء : 44 ] ، ( إلا أنه ) أي : كونه حيوان متصفا بالسمع والبصر ( بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ) ؛ لقصور إدراكهم عن الأمور الكائنة بالقوة ، ( وظهر في الآخرة لكل الناس ) حتى تشهد لهم أو عليهم الأرض أو جدران أهل البيت بعملهم .
كما قال تعالى :" يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها " [ الزلزلة : 4 ، 5 ] ، ( فإنها الدار الحيوان ) تغلب فيها الأرواح حتى التي كانت فيها بالقوة على الأشباح ؛ فلذلك يكون لهم قوة المشي على الصراط الذي هو أرق من الشعر وأحد من السيف .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك الدنيا ) في الحيوانية ؛ لأن ما في الآخرة نتيجة ما في الدنيا ، فلابد أن يوجد فيها بالقوة أو الفعل ، كالنتيجة في المقدمتين ( إلا أن حياتها ) أي : حياة الدنيا لبعض الأشياء ( مستورة عن بعض العباد ) الذين لا يدركون كل ما يكون بالقوة ؛ ( ليظهر الاختصاص ) أي : اختصاص غيرهم بهذا الإدراك ؛ لقربهم من الحق حتى رأوه ظاهرا في الكل على الكمال بالقوة ( والمفاضلة بين عباد اللّه ) ، وإن كمل ظهور الحق في الكل بالقوة ، لكن لا بد من المفاضلة في الظهور الفعلي .
 
فتختص الكمّل بذلك ( بما يدركونه من حقائق العالم ) ، فيعلمون روحانية كل شيء متصفة بالسمع والبصر وغيره من صفات الحق في كل شيء ، ( فمن عم إدراكه ) من العباد ( كان الحق فيه أظهر ) بالفعل ، فيقوم مقامه ( في الحكم ) كسليمان عليه السّلام وسائر الكمّل ، ( فمن ليس له ذلك العموم ) ، فإنه تنقص رتبته بمقدار ما نقص إدراكه ، وإذا كان للحق تفاضل في الظهور بالفعل مع التساوي في الظهور بالقوة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا تحجب بالتفاضل ) الفعلي في ظهور الحق عن ظهوره ، فتنكره بالكلية ( وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق ) أي : ظهوره إذ لا كمال له فيما يتفاوت فيه وهو المطلوب في زعمكم ، فتقول : ليس المطلوب في كل مظهر جزئي الكمال بالفعل من كل وجه ، بل يكفي الكمال فيه بالقوة ( بعد ما رؤيتك التفاضل في الأسماء الإلهية ) .
 
"" إضافة المحقق :  وتسمى أمهات الأسماء ، وأئمة الأسماء ، والأئمة السبعة ، والحقائق السبعة الكلية ، والأسماء الكلية الأصلية وهي سبعة هي : الحي ، والعالم ، والمريد ، والقائل ، والقادر ، والجواد ، والمقسط ( لطائف الإعلام ص 26 ) .""
 
بالفعل في تعلقها مع أنها ( التي لا تشك أنت أنها هي الحق ) كيف ، ( ومدلولها المسمى بها ) أي : بدلالة المطابقة أو التضمن ( ليس إلا اللّه ) "تعالى" ، ولكنها إذا كانت جميع الأسماء بالقوة اكتفى بذلك الكمال هناك ، فكيف لا يكتفي هاهنا ، بل هو واجب ؛ ليتميز هذا الكمال عن كماله الذي له في ذاته ، إذ هو بالفعل من كل وجه فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التعلَّق من حيث هو مريد وقادر ،وهو هو ،ليس غيره.  فلا تعلمه - هنا يا وليّ - وتجهله هنا ، وتثبته هنا وتنفيه هنا ، إلَّا إن أثبتّه بالوجه الذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه ) .
وبيّن أن النفي إنّما يتوجه إليه باعتبار النسب وإضافتها إليه ، ولذلك فيه قال :  " عن كذا " إشعارا به . وذلك ظاهر في كلّ ما يدلّ على النفي .
 
قال رضي الله عنه :  ( كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقّه حين قال : “ لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ“ [ 42 / 11 ] فنفى) عن أن ينسب إليه بالذات نسبة ما أو إضافة ، إذ المنتسبان هما المثلان ، فالنسبة تثبت المثليّة ، فنفيها يستلزم نفي النسبة ضرورة ، فنفاها عن الذات بأبلغ وجه كما يقال :«مثلك لا يبخل»


قال رضي الله عنه :  ( “ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ“  فأثبت بصفة تعمّ كل سامع بصير من حيوان ) .
قال رضي الله عنه :  ( وما ثمّ إلَّا حيوان ، إلا أنّه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ) كما نبّهت إليه في معنى « العالمين » وجمعه جمع السلامة .
وهذه التفاوت في  المدارك إنما هو في الدنيا ، ( وظهر في الآخرة لكل الناس ، فإنّها الدار الحيوان وكذلك الدنيا ، إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ) استتار التفاضل الأسمائي في بعض أفرادها المتقابلة ، كما سبق التنبيه إليه .
 
وذلك ( ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم ) ، وذلك لأنّ النشأة الدنياوية - لإتمام أمر الصورة وغلبة سلطانها فيها ، وهي إنما تقتضي التمييز وتحكم بالتفرقة بين الأعيان وفاء بما هو مقتضى نشأته - آبية عن ظهور الوحدة الإطلاقية والإجمال الذاتيّ فيها كلّ الإباء .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن عمّ إدراكه ) في هذه النشأة سائر مراتب الأشياء ومدارج بطونها ( كان الحقّ فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم ، فلا تحجب بالتفاضل وتقول ) - أي قائلا أنت - ( لا يصحّ كلام من يقول « إنّ الخلق هويّة الحقّ » بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهيّة التي لا تشكّ أنت أنّها هي الحقّ ) عند وقوفك على مواقف خلقيّتك ، وأنّها الممنون بها على الأسماء لإظهارها إيّاها .
( ومدلولها المسمّى بها ليس إلا الله ) تعالى .
لم يقدّم اسم سليمان عليه السّلام على اسم الله تعالى في كتابه
وإذ قد بيّن أمر التفصيل بما هو مقتضى لسانه على ما لا بدّ منه ، أخذ فيما هو بصدده في الفصّ قائلا :
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.     فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).


قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التّعلّق من حيث ما هو مريد وقادر ، وهو هو ليس غيره . فلا تعلمه يا وليّي هنا وتجهله هنا وتثبته هنا وتنفيه هنا .
إلّا أن أثبّته بالوجه الّذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الّذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنّفي والإثبات في حقّه . حين قال :"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌفنفىوَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" [ الشورى : 11 ] فأثبت بصفة تعمّ كلّ سامع بصير من حيوان .  وما ثمّ إلّا حيوان إلّا أنّه بطن في الدّنيا عن إدراك بعض النّاس ، وظهر في الآخرة لكلّ النّاس ، فإنّها الدّار الحيوان ، وكذلك الدّنيا إلّا أنّ حياتها مستورة عن بعض العباد).
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر وهو ) من حيث إحدى هاتين الحيثيتين ( هو ) من حيث الحيثية الأخرى ( ليس غيره فلا تعلمه ) ، أي الحق سبحانه بأحدية عينه ( يا ولي هنا ) ، أي في الأسماء ( وتجهله هنا ) ، أي في المظاهر ( وتنفيه هنا ) ، أي في الظاهر ( وتثبته هنا ) ، أي في الأسماء فلا ينبغي أن يقع منك الإثبات والنفي .
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا أن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء ٌفنفى ) نفسه عن أن يكون له مثل فإن المثلية إنما تكون بين غيرين وهو عين كل شيء .
قال رضي الله عنه :  (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فأثبت ) نفسه متصفة ( بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان ) على وجه يفيد انحصار السميع البصير فيه ( وما ثمة ) ، أي في نفس الأمر ( إلا حيوان ) فوجب أن يكون عين كل شيء وإلا لم ينحصر السميع البصير فيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا أنه ) ، أي كون كل شيء حيوانا ( بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ) وهم المحجوبون عن سريان سر الحياة في الكل ( وظهر في الآخرة لكل الناس فإنها ) ، أي الآخرة ( هي الدار الحيوان وكذلك الدنيا ) هي الدار الحيوان بسريان الحياة في الكل ( إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ) مكشوفة عن بعضهم .
قال الإمام علي رضي اللّه عنه : كنا في سفر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما استقبلنا حجر ولا شجر إلا سلم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وذلك الستر والكشف إنما يكون.
 
قال رضي الله عنه :  (ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم .  فمن عمّ إدراكه كان الحقّ فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم . فلا تحجب بالتّفاضل وتقول لا يصحّ كلام من يقول إنّ الخلق هويّة الحقّ بعدما أريتك التّفاضل في الأسماء الإلهيّة الّتي لا تشكّ أنت أنّها هي الحقّ ومدلولها المسمّى بها وليس إلّا اللّه تعالى).


قال رضي الله عنه :  ( ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم ) ، أي الحقائق المستورة في العالم كحقيقة العلم والحياة المستورة في الجمادات.
 ( فمن عمّ إدراكه ) كمن أدرك حياة الكل في الدنيا ( كان الحق فيه أظهر في الحكم ) ، الذي هو العلم والإدراك ( ممن ليس له ذلك العموم ) في الإدراك فلمن عم إدراكه فضل عمن ليس له ذلك العموم مع أن الكل عين واحدة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا تحجب ) نهي على البناء للمفعول يعني شهود وحدة العين ( بالتفاضل ) الواقع بين القوابل ( و ) الحال أنك ( تقول ) حين الحجاب ( لا يصح كلام من يقول إن الخلق ) بحسب الحقيقة ( هوية الحق ) لما مرت وتفاضلت بحسب الظاهر ( بعدما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت ) في ( أنها ) ، أي تلك الأسماء ( هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا اللّه ) تعالى .
فإذا لم يكن التفاضل في الأسماء مانعا عن أحدية العين فكذلك التفاضل في المظاهر لم يكن مانعا عنها كيف والمظاهر الخلقية أيضا أسماء جزئية تالية للأسماء الكلية الإلهية .

ولما فرغ عما وقع في البين رجع إلى مقصوده .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:34 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )


قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرّحمة .  فلا بدّ أن يتقدّم الرّحمن الرّحيم ليصحّ استناد المرحوم . هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التّأخير وتأخير من يستحقّ التّقديم في الموضع الذي يستحقّه .

ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ؛ وما عملت ذلك إلّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التّدبير الإلهيّ في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدّولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التّصرّف . فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعطوا له الرّشا حتّى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم . فكان قولها :أُلْقِيَ إِلَيَّ[ النمل : 29 ] ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها وبهذا استحقّت التّقدّم عليهم . )

قال رضي الله عنه :  (ثم إنه) ، أي الشأن (كيف يقدم سليمان) عليه السلام (اسمه في) كتابه إلى بلقيس (على اسم اللّه) تعالى (كما زعموا) ، أي علماء الرسوم الظاهرة والعقول القاصرة الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم غافلون عن الآخرة والحال هو ، أي سليمان عليه السلام من جملة من أوجدته الرحمة العامة ، لأنه شيء والرحمة وسعت كل شيء ، وكتبت له الرحمة الخاصة ، لأنه من الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .


قال رضي الله عنه :  (فلا بد أن يتقدم) ذكر اسمه على اسم اللّه (الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم) إلى الراحم والأثر إلى المؤثر ، (هذا) الأمر (عكس الحقائق) ، لأنها تعطي تقديم الأصل على الفرع وهنا (تقديم من يستحق التأخير) وهو ذكر الصورة السليمانية التي هي مظهر عند الحس والعقل للحضرة الإلهية الرحمانية الرحيمية (وتأخير من يستحق التقديم ) وهو ذكر الهوية الذاتية الموصوفة بالرحمة العامة والخاصة في الحضرة الاسمائية في الموضع ، أي المقام الذي يستحقه ، أي كل من يستحق التأخير ويستحق التقديم ، فإن خطاب سليمان عليه السلام لبلقيس الكافرة الجاهلة باللّه تعالى يقتضي تقديم صورته المظهرية التي بها يحضر الحق تعالى عند الغافل المحجوب عن شهود الغيب ، فإنه لا يعرف ذلك إلا بالآلة كالمعنى الذي لا يفهمه الجاهل الغبي بالإشارة .


فيقال له بنطق العبارة ثم يذكر له المقصود بعد ذلك ، فيتحقق الفرق بالجمع والجمع بالفرق ، فموضع الخطاب معها يقتضي عكس الحقائق المذكورة ، ولهذا لما أسلمت قدمت ما قدمه سليمان وأخرت ما أخره سليمان على طبق كتابه إليها فقالت :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] ، وذكرت رب العالمين موضع الرحمن المتجلي على عرش الوجود ، والرحيم المتجلي على عرش الإيمان ، إشارة إلى تحققها بالاسمين واطلاعها على الاسم الرب الذي ينزل إلى سماء الدنيا كما ورد « ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا » .رواه أبو داود

قال رضي الله عنه :  (ومن حكمة بلقيس) ، أي فطنتها وذكائها وقابليتها للكمال (وعلو) ، أي ارتفاع (علمها) الذي كانت فيه قبل إسلامها بإلهام الحق تعالى لها وإجرائه على قلبها ولسانها من باب نطق الاستعداد لا أثر القوّة الكمالية الإنسانية (كونها) ، أي بلقيس (لم تذكر) لقومها (من ألقى إليها الكتاب) وهو الهدهد الذي كان رسول سليمان عليه السلام إليها فقالَتْ: " يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ" ( 29 ) [ النمل : 29 ] .

وما عملت ، أي بلقيس ذلك ، أي تركت ذكر الهدهد الذي جاء إليها بالكتاب إلا لتعلم أصحابها ، أي قومها أن لها اتصالا .
أي معرفة واطلاعا إلى أمور خفية لا يعلمون طريقها ولا كيفية الوصول إليها .
وهذا الأمر من جملة التدبير الإلهي والتوفيق الرباني لها في سياسة الملك وبقاء السلطنة لها على قومها .
لأنه ، أي الشأن إذا جهل طريق الإخبار عن الأمور الواصل ذلك الإخبار للملك خاف أهل الدولة من العساكر والأجناد على أنفسهم في تصرفاتهم واستيلائهم على ما هو تحت أيديهم من الولايات مخافة أن ينكشف أمرهم من حيث لا يعرفون كيف انكشافه فلا يتصرفون إلا في أمر صحيح بحيث إذا وصل ذلك إلى سلطانهم عنهم وانكشف عنده يأمنون غائلة ذلك التصرف ولا يتأتى عليهم ضرر منه فلو تعين لهم .

أي لأهل الدولة على يدي من يوصل الأخبار عنهم وعن أحوالهم إلى ملكهم لصانعوه .
أي صنعوا إليه المعروف وأهدوا إليه الهدايا وأعظموا .
أي أكثروا له الرشا بالضم جمع رشوة وهو البرطيل « هي الإكرامية غير المستحقة » على سكوته وعدم إخباره عنهم .
حتى يفعلوا في تصرفاتهم ما يريدون من الأفعال ولا يصل خبر ذلك إلى ملكهم .
فكان قولها ، أي بلقيس ألقى بالبناء للمجهول إليّ ، أي ألقى إليّ ملق ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها لرعاياها وأرباب ولايتها أورثت ، أي تلك السياسة الحذر.
أي الخوف منها ، أي من بلقيس في أهل مملكتها من الرعية والأجناد وخواص مدبّريها من الوزراء وبهذا الأمر استحقت ، أي بلقيس التقديم عليهم بالملك والسلطنة مع أنها امرأة وهم رجال ، فاقتضت الحكمة الإلهية ملكها عليهم ودخولهم تحت حيطتها ونفوذ أمرها فيهم إن شاؤوا وإن أبوا وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ[ البقرة : 247 ] .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )

قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف تقدم سليمان عليه السلام كما زعموا وهو ) أي سليمان عليه السلام (من جملة من أوجدته الرحمة) الرحمانية ومن جملة من رحمته الرحيمية بإفاضة الكمالات المختصة به .
قال رضي الله عنه :  ( فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم ) إليهما لكونه علة لوجود سليمان عليه السلام ومرحوميته ( هذا ) أي تقديم سليمان عليه السلام اسمه على اسم اللّه ( عكس الحقائق ) وهو ( تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه ).
وسليمان عليه السلام مع كونه عالما بذلك كيف يقدم اسمه الذي يستحق التأخير على اسم اللّه الذي يستحق التقديم مع أن اسم اللّه يستحق في ابتداء كل أمر ذي بال وكتاب سليمان عليه السلام أمر ذو بال يجب تقديم اسم اللّه على ما في الكتاب .

ثم شرع في بيان حكمة بلقيس بقوله ( ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر ) لحواشيها ( من ألقى إليها الكتاب وما عملت ) بلقيس ( ذلك ) العمل ( إلا لتعلم ) بلقيس من الأعلام ( أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ) أي لا يعلمون حواشيها الطريق الواصل إلى تلك الأمور التي وصلت إلى بلقيس .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) أي ما عملته بلقيس مع حواشيها ( من التدبير الإلهي في الملك لأنه إذا جهل طريق الاخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل ) ذلك ( الأمر إلى سلطانهم عنهم ) أي عن أهل الدولة ( يأمنون غائلة ذلك التصرف فلو تعين لهم ) أي لأهل الدولة كوزراء السلاطين ( على يدي من ) قوله على يدي من متعلق بتصل ومن فاعله أي لو تعين لهم من على يديه .


قال رضي الله عنه :  ( تصل الأخبار إلى ملكهم ) متعلق بتصل ( لصانعوه ) أي لخدموا صاحب تلك اليدين ( وأعطوا له الرشا ) بضم الراء جمع رشوة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك ) الأخبار ( إلى ملكهم فكان قولها ) أي قول بلقيس ( ألقي إليّ ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها ) أي من بلقيس.
قال رضي الله عنه :  ( في أهل مملكتها وخواص مدبرها وبهذا ) العلم ( استحقت ) بلقيس ( التقدم عليهم ) أي على خواص مدبرها مع كونها امرأة يجب تأخيرها عن مرتبة الرجال


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم. هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه. ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )

قال رضي الله عنه :  ( ثم إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم الله - كما زعموا - وهو من جملة من أوجدته الرحمة ؟!  فلا بدّ أن يتقدّم الرحمن الرحيم » أي على اسم سليمان « ليصحّ استناد المرحوم ، هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التأخير وتأخير من يستحقّ التقديم في الموضع الذي يستحقّه ) .

 
يشير رضي الله عنه إلى حقيقة التفاضل بين الأسماء ، كتفاضل الرحمن على الرحيم ، فمع أنّ سليمان اسم إلهي في نفسه على مقتضى التحقيق ، ولكن بالنسبة إلى الله المتعيّن بذاته في ألوهيته متقيّد عن كل تقدير بخصوصية مادّة سليمانية ، وسليمان عارف بذلك .
فلا يقدّم المقيّد على المطلق ، كما لا يتقدّم الرحيم على الرحمن ، إذ الرحمن - الموجد لسليمان والمظهر عموم حكم سلطانه على العالم - يستحقّ التقديم بالذات على من أوجده ممّن سليمان واحد منهم ولا سيّما في أوّل الكتاب أو صدره ، فهذا لا يليق بكمال سليمان عليه السّلام وعلمه ومعرفته ، حاشاه عن ذلك .

قال رضي الله عنه : ( ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها - كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ، وما عملت ذلك إلَّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التدبير الإلهي في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ، خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلَّا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم يأمنون غائلة ذلك التصرّف ، فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم ، لصانعوه وأعظموا له الرشى ، حتى يفعلوا ما يريدون ، ولا يصل ذلك إلى ملكهم ، فكان قولها : ( أُلْقِيَ إِلَيَّ ) ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّرها ، وبهذا استحقّت التقدّم عليهم ) .
قال العبد : كلّ هذا مشروح لا يحتاج فيه إلى مزيد بيان .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )

قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا ، وهو من جملة من أوجدته الرحمة الرحمانية فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم ، هذا عكس الحقائق ، تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه )
أي لما تحقق التفاضل بين الأسماء امتنع عادة أن يقدم سليمان اسمه على اسم الله ، مع أن سليمان اسم إلهي أوجدته الرحمة الرحمانية مقيدة بالمادة السليمانية من جملة مظاهر اسم الرحمن المطلق عارف بذلك .
فلا يقدم المقيد على المطلق كما لا يتقدم الرحيم على الرحمن .
لأن الرحمن الذي أوجد سليمان وأظهر عموم حكم سلطته على العالم ، يستحق التقدم بالذات على من أوجدهم ممن سليمان من جملتهم ، فلا يليق بكمال علم سليمان ومعرفته تأخيره ، سيما في موضع الاستحقاق الذي هو أول الكلام وصدر الكتاب ومفتتح الدعوة إلى الحق .


قال رضي الله عنه :  (ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التدبير الإلهي في الملك ، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم ، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف فلو تعين لهم على يدي ؟ من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم فكان قولها  "أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ " ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها ، وبهذا استحقت التقدم عليهم ) هذا غنى عن الشرح .

 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )


فقال رضي الله عنه : ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا ، وهو من جملة من أوجدته الرحمة ) أي ، الرحمة الرحمانية ، والرحمان الذي هو الموجد له متأخر عن اسم الله ، فمعلوله ومرحومه بالطريق الأولى أن يتأخر عنه .

( فلا بد أن يتقدم "الرحمن الرحيم " ليصح إسناد المرحوم ) أي ، فلا بد أن يتقدم الاسم "الله" و "الرحمن" الذي يوجد سليمان على "الرحيم " ، والرحيم الذي يخصه بالكمالات على المرحوم الذي هو سليمان ، لأن العلة بالذات متقدمة على معلولها ، ليصح الإسناد المرحوم إلى راحمه وموجده .

قال رضي الله عنه :  ( هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه . )
أي ، هذا القول الذي قيل في سليمان ، عكس ما يقتضيه علوم الحقائق من تقديم من يستحق التأخير ، وهو سليمان ، وتأخير من يستحق التقديم ، وهو الله وأسماؤه ، في موضع لا يستحق إلا التقديم .
فإن العادة في ابتداء الأمور تقديم اسم الحق عليها .
كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم ، فهو أبتر ) .

فقوله رضي الله عنه  : ( تقديم ) يجوز أن يكون خبر للمبتدأ المحذوف ، أي ، هو تقديم . أو عطف بيان لهذا .
( ومن حكمة بلقيس وعلو علمها ) أي ، ومن جملة معارفها وعلو مرتبة علمها .
( كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها ) من ( الإعلام ) . أي ، عملت بلقيس ذلك لتعلم وتخبر توابعها .
( أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ) أي ، إلى أسرار ومعاني من عالم الجبروت والملكوت ، لا يعلمون طريق الوصول إليها .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا من التدبير الإلهي في الملك ، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ، خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم ، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم ، يأمنون غائلة ذلك التصرف . فلو تعين لهم على يدي من يصل الأخبار إلى ملكهم ، لصانعوه وأعظموا له الرشى ) . "الرشى " جمع رشوة .
فلو تعين لهم أن الأخبار على يدي من يصل إلى الملك ، لخدموه وأعظموا له أنواعا من الرشوة.

قال رضي الله عنه :  ( حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم . فكان قولها : ( ألقى إلى ) ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها ، وبهذا استحقت التقدم عليهم . )  المعنى كله ظاهر .

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:40 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )
 
قال رضي الله عنه :  (ثمّ إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرّحمة ، فلابدّ أن يتقدّم الرّحمن الرّحيم ليصحّ استناد المرحوم ، هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التّأخير وتأخير من يستحقّ التّقديم في الموضع الذي يستحقّه ) .
 
( ثم ) أي : بعد ما عرفت اعتبار التفاضل بالفعل في نظر الكمال فيما بين المظاهر الخلقية بعضها بالنظر إلى بعض ، فكيف لا يقع اعتبار التفاضل فيما بين أسماء الحق وبين الخلائق ( أنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا ) ، فإنه وإن صار أكمل المظاهر بالفعل ، وصار ثابتا عن الحق ، فرتبته نازلة عن رتبة الرحمة النازلة عن رتبة الإلهية كيف ( وهو من جملة من أوجدته الرحمة ).
 
أي : التي هي المدلول التضمني للرحمن الرحيم ، ( فلابدّ أن يتقدم ) في الواقع ( الرحمن الرحيم ) على سليمان المرحوم ؛ ( ليصح إسناد المرحوم ) المعلول إلى علته الرحمن الرحيم ، فيجب تأخر اسم سليمان في الذكر عن الرحمن الرحيم المتأخرين عن اسم اللّه ، فلو قدم اسمه عليهما كان خطأ ،
 
وإليه الإشارة بقوله : ( هذا ) أي : تقديم سليمان اسمه على هذه الأسماء الإلهية ، ( عكس الحقائق ) أي : عكس مقتضاها ( تقديم من يستحق التأخير ) ، وهو المعلول ( وتأخير من يستحق التقديم ) ، وهو العلة ( في الموضع الذي يستحقه ) ؛ لإشعاره بالعلية والمعلولية ، فهو وإن حسن في موضع باعتبار آخر ، ولا يحسن في مثل هذا الموضع أصلا ؛ لأنه أشعر بأنه مرحوم بهما أولا ، وراحم بتجليهما والتحقق بهما ثانيا .
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ؛ وما عملت ذلك إلّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التّدبير الإلهيّ في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدّولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلّا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التّصرّف ، فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعطوا له الرّشا حتّى يفعلوا ما يريدون ، ولا يصل ذلك إلى ملكهم ، فكان قولها :أُلْقِيَ إِلَيَّ[ النمل : 29 ] ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها وبهذا استحقّت التّقدّم عليهم ) .
 
ثم أشار إلى بقية ما يتعلق بالآية مع الإشارة إلى كمال عقل بلقيس ؛ ليتم بذلك تمسكه على منع تقديم سليمان اسمه على اسم اللّه في الكتاب ، بقوله : إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [ النمل : 29 ] ؛ وليشير بذلك إلى ما أثر فيها كتابه من إعطاء نصيب من الرحمتين في تدبير المملكة .
 
فقال رضي الله عنه  : ( ومن حكمة بلقيس ) أي : علمها الذي استحكمت به أمر المملكة ، ( وعلو علمها ) على العلوم أكبر ولاة الأمر ( كونها لم تذكر من ألقي إليها الكتاب ) ، وهو الطير مع أنه أمر عجيب ، وفيه تعظيم شأن من أرسله بعموم تصرفه في أجناس العالم وأنواعه مع أن المشورة تتعلق ببيان حاله ، ( وما علمت ذلك ) للاختصار.
إذ لا يبالي به مع هذه الفوائد ، ولا بجهلها بالملقي ، إذ ثبت في الأخبار أن الطير لما ألقي الكتاب على صدرها وهي نائمة حك عليه برجله ، حتى تنبهت فعلمت به.
فما عملت ذلك ( إلا ليعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور ) من مملكتها ومملكة غيرها ( لا يعلمون طريقها ) الذي تسلكه لتحصلها وتصل به أخبارها إليها .
( وهذا ) إن لم يكن له فائدة متوقعة في المستقبل ، فهو في الحال شبيه بالآلة ، إذ هو( من التدبير الإلهي في الملك ).
 
لأن انتظام أمور أكثر الخلائق في جهلهم بما يفعله إلا له بهم ، فكيف إذا كانت له مع ذلك فائدة متوقعة في المستقبل ، ( فإن إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ) من مملكته أو مملكة غيره ( خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم ) .
فإنها المتعلقة بالمملكة أو بخاصة أنفسهم من وصول أخبار ظلمهم وإفسادهم فيها من حيث لا يشعرون ، فإذا خافوا .
 
قال رضي الله عنه :  (فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل ذلك الأمر إلى سلطانهم خبر عنهم يؤمنون غائلة ذلك التصرف ) ؛ لسلامته عن الظلم والإفساد ، وهم إنما يخافون هذا الخوف الموجب لصلاح تصرفاتهم كلها عن عدم تعين طريق الإخبار الواصل إلى ملكهم ، ( فلو تعين لهم ) طريق الإخبار ، وعلموا ( على يدي من يصل الإخبار إلى ملكهم ، لصانعوه ) بأنواع المودة .
( وأعظموا له الرّشا ) ليخفي عليهم مظالمهم ومفاسدهم ، وينهي عنهم ما يريد ملكهم رضا عنهم وتقريبا لهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( حتى يفعلوا ما يريدون ) من أنواع الظلم والفساد ، كما نرى من أهل زماننا ، ( ولا يصل ذلك إلى ملكهم ) ؛ لأنه عين للإيصال طريقا وعرفه الناس ، وهو لا توصل إليه الأمور على ما هي عليه إذ لا يصل إليه شيء حينئذ ، فإن أوصله غيره أجمعوا على تكذيبه بواسطته ؛ فإن تم كلامه عنده ، فربما لا يوصل إلا بعد مدة لا يمكن تداركهم إلا بصعوبة ( فكان قولها إني ألقي إليّ ) بصيغة المبني للمفعول .
قال رضي الله عنه :  ( ولم تسم من ألقاه ) مع كونه طيرا من غير مملكتها ، ولا يمكن معه مصانعتهم ، وإعظام رشا له لو أوصله أخبارهم إليها مع أنه لا يمكنه ذلك ( سياسة فيها ) أي : تدبيرا في مملكتها ( أورثت الحذر منها في أهل مملكتها ) أي : عامة من يسكنها ، ( وخواص مدبريها ) وهم العمال المتصرفون في مملكتها من معرفتهم وصول أمور إلى ملكهم بطريق لا يعلمونه ، ففيه سد مسالك الفساد بالكلية ؛ لأن إخفاء هذا الطريق في غاية الصعوبة يحتاج إلى علم عظيم ، وتدبير حكيم ، ( وبهذا ) أي :
باختصاصها بزيادة العلم والسياسة ( استحقت التقديم ) برتبة السلطنة ( عليهم ) مع كونهم رجالا من شأنهم التقديم للسلطنة ، وغيرها من الأمور العظام .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله - كما زعموا - وهو من جملة من أوجدته الرحمة ) المسبوقة باللَّه .
وقال رضي الله عنه :  ( فلا بدّ أن يتقدّم « الرحمن الرحيم » ليصحّ استناد المرحوم ) يعني سليمان فإنّك قد عرفت أن المقدّم - ذكرا أو فكرا أو كتابة - من الأسماء لا بدّ وأن يكون أصلا لما يتأخّر ويتفرّع عليه ، حتى يكون على ترتيب نظم الحقائق ، فإنّ المستحقّ للتقديم في كل جمعيّة ومزاج إنّما هو الأمر الكلَّي النافذ الحكم فيما دونه من
 
الجزئيّات المتفرّعة عنه ، فإنّ رتبة الجزئيّات المتفرّعة إنما هو التأخير ، فلا بدّ من تأخير سليمان . فلو قدّم على الاسمين يكون على غير الترتيب .
فقوله رضي الله عنه :  ( هذا عكس الحقائق ، تقديم من يستحقّ التأخير ، وتأخير من يستحقّ التقديم في المواضع الذي يستحقّه ) إشارة إليه .
 
بلقيس كانت عالمة حكيمة
ثم أشار إلى وجه نسبة بلقيس إلى سليمان ، والرابطة القاضية بينهما بهذه المراسلة وما يتبعها من الهداية والاهتداء ، بما في بلقيس من تدبير سياسة الملك وتأسيس بنيان السلطنة وإرهاص أمرها.
 
بقوله رضي الله عنه :  ( ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب . وما عملت ذلك إلَّا ليعلم أصحابها أنّ لها إيصالات إلى أمور لا يعلمون طريقها وهذا من التدبير الإلهي في الملك . لأنّه إذا جهل طريق الأخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ،فلا يتصرّفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرّف.
فلو تعيّن لهم « على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم » لصانعوه وأعظموا له الرشا ، حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم . فكان قولها : “ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ “[ 27 / 29 ] ولم تسمّ من ألقاه - سياسة منها ، أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها . وبهذا )
 
الوجه من المناسبة التي بينها وبين سليمان ( استحقّت التقدم عليهم ) والاختصاص بالمكاتبة إليها . هذه حكمة بلقيس التي هي عالمة الجنّ .


"" أضاف المحقق : في التفاسير أن أم بلقيس كانت جنية راجع مجمع البيان : 7 / 224 ، سورة النمل / 45 . الدر المنثور : 7 / 363 ، عن مجاهد .
وقال ابن العربي في الفتوحات الباب العاشر ومائتان في المكاشف  :
« قالت بلقيس كَأَنَّهُ هُوَ وهو كان لم يكن غيره فطلبنا عين السبب الموجب لجهلها به
حتى قالت : "كَأَنَّهُ هُوَ " فعلمنا إن ذلك حصل لها من وقوفها مع الحركة المعهودة في قطع المسافة البعيدة.
وهذا القول الذي صدر منها يدل عندي أنها لم تكن كما قيل متولدة بين الإنس والجان إذ لو كانت كذلك لما بعد عليها مثل هذا من حيث علمها بأبيها وما تجده في نفسها من القوة على ذلك .أهـ .""
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرّحمة .  فلا بدّ أن يتقدّم الرّحمن الرّحيم ليصحّ استناد المرحوم .)
 
فقال رضي الله عنه : ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه ) في مكتوبه إلى بلقيس ( على "اسْمَ اللَّهِ " كما زعموا ) ، أي الظاهريون من أهل التفسير ( وهو ) ، أي والحال أن سليمان ( من جملة ما أوجدته الرحمة ) الرحمانية وخصصته الرحمة الرحيمية بكمالاته متأخر طبعا عن الرحيم الرحمن المتأخرين عن الاسم اللّه .
فقال رضي الله عنه : ( فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ) ، عليه وضعا ليصح استناده المرحوم إليها على وجه يوافق فيه الوضع الطبع أو فلا بد أن يتقدما في نفس الأمر ويتحققا أولا لعلتهما ( ليصح استناد المرحوم ) المعلول إليهما وإذا كانا متقدمين في نفس الأمر فينبغي أن يقدما في الذكر أيضا


قال رضي الله عنه :  (هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التّأخير وتأخير من يستحقّ التّقديم في الموضع الذي يستحقّه .  ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ؛ وما عملت ذلك إلّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التّدبير الإلهيّ في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدّولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلّا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التّصرّف . فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعطوا له الرّشا حتّى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم .  فكان قولها :"أُلْقِيَ إِلَيَّ "[ النمل : 29 ] ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها وبهذا استحقّت التّقدّم عليهم . )


قال رضي الله عنه :  (هذا ) ، أي ما زعمه الظاهريون ( عكس الحقائق ) التي ينبغي أن يكون الأمر عليها وما زعموه هو ( تقديم من يستحق التأخير ) يعني اسم سليمان ( وتأخير من يستحق التقديم ) يعني اللّه الرحمن الرحيم ولما كان من يستحق التأخير في حدّ ذاته قد يعرض له في بعض المواضع ما يقتضي تأخيره ولا شك أن هذا التقديم والتأخر عكس الحقائق فذلك قيده.
 
بقوله رضي الله عنه  : ( في الموضع الذي يستحقه ) ، أي في الموضع الذي يستحق فيه من يستحق التأخير التأخير لا في الموضع الذي يستحق فيه التقديم وكذا الحال فيمن يستحق التقديم .
قوله رضي الله عنه  : ( ومن حكمة بلقيس وعلو ) مرتبة ( علمها كونها بحيث لم تذكر اسم من ألقى الكتاب ) ، حيث قالت :" أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ " [ النمل : 29 ] على صيغة المبني للمفعول .
قوله رضي الله عنه  : ( وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها ) من الإعلام ( أن لها اتصالا إلى أمور ) من أحوال الملك والحوادث الذي تتجدد فيه ( لا يعلمون طريقها ) الذي منه وصل العلم بها إلى بلقيس .
قال رضي الله عنه :  ( وهذا من التدبير الإلهي في الملك لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ) ، أي إلى الملك .
 قوله رضي الله عنه  : ( خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف فلا تعين لهم ) أنه ( على يدي من تصل الإخبار إلى ملكهم لصانعوه ) ، أي عاملوه .
قال رضي الله عنه :  ( وأعظموا له الرشا ) جمع رشوة ( حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم فكان قولها :أُلْقِيَ إِلَيَّ) على صيغة البناء للمفعول .
 

قال رضي الله عنه :  ( ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها ، ولهذا استحقت ) بلقيس ( التقديم عليهم ) بالسلطنة .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:48 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا فضل العالم من الصّنف الإنسانيّ على العالم من الجنّ بأسرار التّصريف وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزّمانيّ : فإنّ رجوع الطّرف إلى النّاظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ؛ لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ، فإنّ الزّمان الّذي يتحرّك فيه البصر عين الزّمان الّذي يتعلّق بمبصره مع بعد المسافة بين النّاظر والمنظور فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلّقه بفلك الكواكب الثّابتة وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه . والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك . أي ليس له هذه السّرعة . فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزّمن الواحد . فرأى في ذلك الزّمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال . )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما فضل) ، أي فضيلة الشخص (العالم) ، أي المتصف بالعلم والإدراك (من الصنف) ، أي النوع (الإنساني) ، أي المنسوب إلى الإنسان وهو الآدمي كوزير سليمان عليه السلام آصف بن برخيا الذي جاء بعرش بلقيس في طرفة عين من سبأ إلى بيت المقدس بدعوة دعا اللّه تعالى بها في ذلك على الشخص العالم ، أي المتصف بالعلم والإدراك من نوع الجن كالعفريت الذي قال لسليمان عليه السلام :أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ[النمل: 39] .
 
وكان سليمان عليه السلام يجلس للحكومة إلى العصر (بأسرار) متعلق بالعالم الأوّل أو الثاني بطريق التنازع (التعريف) في عالم الشهادة (وخواص الأشياء) فالعفريت لا يعلم من القوة الإلهية التي قام بها كل شيء وقدر بها كل شيء إلا مقدار ما تعين منها في صورته وظهر بهويته ، فلهذا قال على مقتضى علمه وإدراكه وآصف بن برخيا رضي اللّه عنه علمها كلها فلم يتعين منها عنده في صورته ولا ظهر بهويته شيء بل أسلم لها إطلاقها ونظرها بها لا به وهي أمر واحد كلمح بالبصر ففعل بها ما فعل وقال ما قال .
 
قال رضي الله عنه :  (فمعلوم) ، أي الفضل والمزية في ذلك (بالقدر الزماني) فانظر كم بين قول العفريت وقول آصف من التفاوت في بطء الزمان وسرعته (فإن رجوع الطرف) لحظ العين (إلى الناظر به) ، أي بالطرف من الناس في قول آصف رضي اللّه عنه قبل أن يرتد إليك طرفك (أسرع من قيام القائم) ، أي الذي يريد القيام من مجلسه الذي هو جالس فيه (لأن حركة البصر في الإدراك) ، أي الرؤية يعني وصوله (إلى ما يدركه)
 
من المبصرات (أسرع من حركة الجسم فيما) ، أي في الموضع الذي (يتحرك) ذلك الجسم منه ، (فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر) إلى الشيء المبصر هو عين الزمان الذي يتعلق بمبصره اسم مفعول ، أي مبصر ذلك البصر مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور .
 
 فإن زمان فتح البصر هو عين زمان تعلقه ، أي البصر بفلك الكواكب الثابتة وهو الفلك الثامن مع هذه المسافة الطويلة من الأفلاك السبعة الشفافة والبعد بينها ومقدار مسافة العناصر وكذلك زمان رجوع طرفه ، أي الناظر إليه بعد الإدراك عين زمان عدم إدراكه ، أي الناظر لذلك الشيء وإن بعدت المسافة والقيام من مقام الإنسان ، أي موضع إقامته وهو مجلسه ليس كذلك أي ليس له هذه السرعة التي للمبصر في توجه الطرف ورجوعه .
 
قال رضي الله عنه :  (فكان آصف بن برخيا ) وزير سليمان عليه السلام (أتم) وأكمل (في العمل من الجن فكان عين قول آصف بن برخيا) المذكور رضي اللّه عنه وهو دعاؤه اللّه تعالى بحضور عرش بلقيس (عين الفعل) الإلهي المكون لعرش بلقيس في بيت المقدس بعد إعدامه من سبأ في الزمن الواحد .
فرأى في ذلك الزمان الواحد بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده ، أي في مجلسه ذلك لئلا يتخيل بالبناء للمجهول له لذكر الاستقرار أنه ، أي سليمان عليه السلام (أدركه) ، أي العرش (وهو) ، أي العرش (في مكانه) ببلاد سبأ من أقصى اليمن (من غير انتقال) لذلك العرش .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )
 
قال رضي الله عنه :  ( وما أفضل العالم ) وهو آصف بن برخيا وزير سليمان عليه السلام ( من الصنف الإنساني على العالم من الجن ) وهو من قال : "مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ" ( بأسرار التصرف ) يتعلق بالعالم ( وخواص الأشياء فمعلوم ) .
أي ذلك الفضل معلوم (بالقدر الزماني فإن رجوع الطرف إلى الناظر ) قوله : ( به ) يتعلق بالناظر والضمير المجرور راجع إلى الطرف ( أسرع من قيام القائم من مجلسه لأن حركة البصر في الإدراك ) .
قال رضي الله عنه :  ( إلى ما يدركه ) متعلق بالحركة ( أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور فإن زمان فتح البصر عين زمان تعلقه بتلك الكواكب الثابتة وزمان رجوع طرفه إليه ).
أي زمان رجوع طرف العين إلى الناظر ( عين زمان عدم إدراكه والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك أي ليس له هذه السرعة فكان ) .
قوله: ( آصف بن برخيا ) وهو قوله "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ" ( أتم في العلم من الجن ) وأتمية العمل توجب أتمية العلم فكان العلم من الإنس بأسرار التصرف أفضل من العالم من الجن.
( فكان عين قول آصف بن برخيا عين فعله في الزمن الواحد ) فإن قوله أهل التصرف وجميع قواه عين الحق من وجه خاص يتصرفون فيما يريدون بإذن اللّه .
فكان قول آصف بمنزلة قول اللّه تعالى "كُنْ فَيَكُونُ " في أن قول الحق عين فعله في الزمن الواحد .
وبذلك كان وزيرا لسليمان عليه السلام ( فرأى في ذلك الزمان ) الضمير المحدود في ( بعينه ) راجع إلى الزمان ( سليمان عليه السلام عرش بلقيس ) حال كون العرش ( مستقرا عنده ) أي موجودا أو حاصلا عند سليمان عليه السلام وإنما قال تعالى "مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ" بعد قوله "فَلَمَّا رَآهُ " ( لئلا يتخيل ) على المبني للمفعول .
( أنه أدركه ) أي أن سليمان عليه السلام أدرك العرش ( وهو ) والحال أن العرش ثابت ( في مكانه من غير انتقال ) بأن رافع الحجاب من البين فرآه سليمان عليه السلام بدون حصول عنده فلما قال مستقرا عنده زال ذلك التخيل .
وعلم أن العرش قد انتقل عن مكانه بفعل آصف وحصل عند سليمان فرآه عنده هذا عند من كان عنده باتحاد الزمان انتقال فكان استقرار العرش عند سليمان عنده بالانتقال ، وأما عند من لم يكن عنده باتحاد الزمان انتقال .
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد لمسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه. والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد. فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )
 
قال رضي الله عنه : ( وأمّا فضل العالم الإنسان على العالم من الجنّ بأسرار التصرّف وخواصّ الأشياء فمعلوم بالقدر الزماني ، فإنّ رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ، لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منّا ، لأنّ الزمان الذي يتحرّك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلَّق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور ، فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلَّقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه عن زمان عدم إدراكه ، والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك ، أي ليس له هذه السرعة ، فكان آصف بن برخيا ، أتمّ في العمل من الجنّ ، وكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمان الواحد ، فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده ، لئلَّا يتخيّل أنّه يدركه وهو في مكانه من غير انتقال ) .
 
قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى أنّ وجود عرش بلقيس عند سليمان عليه السّلام قبل ارتداد طرفه إليه ليس كما زعم الجمهور من أهل الظاهر وعلماء الرسوم من إتيان آصف بعرش بلقيس من سبأ على ما كان موجودا .
ولم يره سليمان عليه السّلام في سبأ كشفا واطَّلاعا ، بل كان تصرّفا عجيبا غريبا إلهيا بإعدام عرشها في سبأ في عين إيجاده عند سليمان .
بمعنى أنّه سلب بتصرّفه العلمي الكامل الصورة العرشية عن وجوده المتعيّن فيها بسبإ ، وخلع عنه تلك الهيئة ، وخلعها عليه عند سليمان في عين ذلك الزمان .
فزمان قول آصف :   ( أَنَا آتِيكَ به قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ )  كان عين زمان انعدام عرش بلقيس في سبأ وإيجاده عند سليمان عليه السّلام وذلك من عين التصرّف الكلَّي الذي أعطاه الله - تعالى - كرامة لسليمان عليه السّلام وهذا التصرّف أعلى تصرّف أقدر الله من شاء من عباده عليه ، وهو من حيث العلم الكامل بالخلق الجديد ، كما عرفت فيما أسلفنا لك .
 
إنّ صور العالم كلَّها هيئات وأشكال ونقوش ظهرت في مرآة الوجود الحقّ أو تعيّنات الوجود الحق في صور حقائق العالم ، وأعيانها الثابتة في العلم القديم - التي كانت معدومة من حيث هي هي - لها حقائق الأعيان ،
فالقابل من الوجود الحق لصورة عين من الأعيان على الوجه الأوجه الأوّل الأولى أو المتعيّن منه في عين من الأعيان ، والظاهر بها وفيها ، والمظهرة المعيّنة هي له على الوجه الثاني في ذوق أهل المعاني والمغاني إنّما يتلبّس بصورتها عند انسحابه أو ملابسته أو محاذاته لتلك العين ، وباتّصال الفيض الوجودي الذي يعقب ذلك الفيض الأوّل ينخلع الأوّل عن تلك الصورة إلى غيرها من الصور الأخر التي لتلك العين في غير ذلك الموطن والحضرة ،
 
حتى يظهر ذلك الوجود بصورة ذلك التعيّن في جميع مراتب الوجود ومواطنه ، ويتلبّس الوجود المتعيّن ثانيا العاقب للأولى بتلك الصورة عند انسحابه عليها أو محاذاته لها كذلك ،
وكذلك الأمر دائما أبدا لا إلى نهاية أو غاية . كما كان لا عن بداية كالماء الجاري في نهر ( وَلَه ُ الْمَثَلُ الأَعْلى )  إذا حاذى موضعا من النهر ،
فإنّ الماء يتشكَّل بحسب ذلك الموضع ويجري عليه بحسبه ويظهر فيه بموجبه ، ولا يثبت ولا يبقى بل يمرّ بالجريان ويعقبه الماء بالفيضان بقطرات أو أجزاء مائية غير الأجزاء والقطرات الأولى ، وهذا لا ريب فيه عقلا وكشفا صحيحا ،
ولكنّ الحسّ يدرك الاتّصال في أحدية سطح الماء دائما ، لغلبة الوحدة الوجودية الحقّة على الكثرة وجودا وعينا ، كغلبة الكثرة على الوجود علما وتعقّلا ،
فكذلك الفيض النفسي الرحماني ، والوجود الجودي الإحسانيّ دائم الجريان متوالي الفيضان من الغيب والشهادة ، ثم منها إلى الغيب متواصل السريان في صور الحقائق كدوام الذاتي بالاقتضاء الذاتي لا يتغيّر عنه أزلا وأبدا ،
 
ولا يزال عليه دائما أبد الآبدين ودهر الداهرين ما دامت ذات المفيض المتجلَّي بالتجلَّي الذاتي وهي دائمة ، والذي اقتضته الذات الإلهية لذاتها فإنّها لا تزال عليه فلا يزال ولا يزول ولا يحول أبد الآباد ومنتهى الآماد ، فالوجود الحق الجاري والنفس الرحمانيّ الساري في حقائق الأشياء وأعيانها دائم أبدا وما ثمّ إلَّا وجود واحد وتجلّ واحد لا ينتهي أبد الآبدين ،
ولكنّه دائم التعيّن متنوّع التجلَّي والتبيّن بحسب خصوصيات القوابل وبموجب قابليات الأعيان والمظاهر ، كالماء ماء واحد وتعيّن القطرات والأجزاء المائيّة بحسب المعيّنات ممّا يجري عليه بتقدير العلم وفرض العقل من حيث كل موضع معيّن معيّن له بحسبه وموجبه ، فافهم
 
واعلم : أنّه أعلى الأذواق وأجلى المشاهد وأحلى المشارب ، جعلنا الله وإيّاك من أهله بمنّه وفضله وطوله .
فلمّا كان آصف عليه السّلام عارفا بهذه الحقيقة إمّا كشفا أو إعلاما من الله بذلك أو من كون الله أعطاه التصرّف في الوجود الكوني جمعا أو فرادى ، فاستمرّ تصرّفه على ذلك كرامة له ولسليمان ولما أراد الله من كمال الظهور بكمال التصرّف الوجودي في النوع الإنساني لتسخير الجنّ والإنس وغيرهما لمظهره الأكمل في ذلك العصر وهو سليمان عليه السّلام ،
فتصرّف آصف بخلع الصورة العرشية من وجوده في سبأ ، وخلعها عليه في الحال عينه عند سليمان في زمان واحد من غير ريث ولا تراخ ، إظهارا لكمال تصرّفه الذي آتاه الله .
 
وإنّما حملته على ذلك ، الغيرة على سليمان وله وللملك الذي آتاه الله من الجنّ لئلَّا يتوهّموا أنّ تصرّفهم أعلى وأتمّ من تصرّف سليمان وآصف ، فأظهر لهم أنّ الملك والتصرّف الذي أعطاهما ، أعني سليمان وآصف عليهم السّلام خارق لعادات الجنّ وسحرتهم في تصرّفاتهم الخصيصة بهم من تقريب البعيد وبالإتيان بالأعمال الشاقّة الخارجة عن قوّة البشر ، والخارقة لعادات أهل النظر بالفكر في المعتاد ،
وذلك بفضل روحانية في الجنّ وقوّة آتاهم الله من التصوّر والتشكَّل بأشكال مختلفة للرائين من البشر ، فإنّ وجود صورهم من الهواء والنار على أنحاء مختلفة وضروب متخالفة ومؤتلفة لا تتناهى شخصياتها وجزئيّاتها وإن انحصرت أمّهات أصنافهم .
وأممهم على أربع أمّهات ، فإنّ الغالب على نشآتهم إمّا الهواء أو النار أو هما معا متساويين غير متساويين على الماء والتراب مطلقا ، والعنصران الثقيلان - وهما الماء والأرض - مغلوبان في نشآت الجنّ على نحو غلبتهما على الهواء والنار في المولَّدات المعهودة المشهودة الكثيفة الثقيلة مثل مغلوبية البرودة والرطوبة في الفلفل وأمثاله ،
ومثل غلبة البرودة والرطوبة على الحرارة واليبوسة في لبّ الخيار - مثلا - وأمثاله على درجات دقائق لا تكاد تنحصر ولا يحصيها إلَّا موجدها ، الله تعالى.
 
 ثمّ مع مغلوبية هذين الأسطقسّين الثقيلين في نشآت الجنّ والشياطين ، فإمّا أن يكون الغالب الجزء الهوائيّ على الجزء الناري أو بالعكس .
والأوّل : الجنّ المؤمنون بالله والملائكة والكتب والرسل المتديّنون بالأديان والملل من اليهود والنصارى والمجوس والمسلمين .
والثاني : الشياطين والمردة والعفاريت والأبالسة الكفرة ، فهم نوعان وكل واحد من النوعين بعد ذلك مع مغلوبية الثقيلين وأغلبية اللطيفين ، فإمّا أن يكون أحد الثقيلين غالبا على الآخر كالماء مثلا أو الأرض .
فالصنف الغالب في نشأتهم الماء على الأرض ، مع مغلوبيتهما تحت اللطيفين ، على أصناف : صنف أشخاصهم عمّار البحار ، وآخر في الأنهار ، وآخر أشخاصه في الآبار ، وآخر أشخاصه في العيون .
والغالب عليهم الأرض على الماء في نشأتهم أيضا على أصناف كذلك ،
منهم : عمرة الدور والمساكن والنواويس والمقابر ،
ومنهم : عمرة الأودية ، ومنهم : عمرة الجبال والشعاب والمعادن ،
ومنهم : عمرة البساتين والمواضع النزيهة والرياض ،
ومنهم : من يكونون في الفيافي والمهامه   والمجاهل والمعالم والطرقات .
والغالب على الكلّ إمّا النار على باقي الأجزاء أو الهواء ، وقد ذكرنا من أحوال نشآتهم وأخلاقهم وصورهم وأشكالهم ضوابط كلَّية فيما أسلفنا في هذا الكتاب ، فاذكر .
وأمّا قبائلهم وأساميهم وأفعالهم وصورهم فمذكورة مفصّلة في كتب علوم الروحانيات والدعوات والاستنزالات والتسخيرات ، ما هذا الكتاب موضع ذكر ذلك ، والله الموفّق .
ولا يحصي على التفصيل أشخاصهم إلَّا الله تعالى .
وبموجب نشآتهم أعطاهم الله التصرّف بما ليس في قوّة البشر غير الكمّل والمتصرّفين والروحانيين من صنف الإنسان الكامل ، ولكن ليس للجنّ هذا العلم وقوّة الهمّة من غير توسّط حركة جسمانية إلَّا القول ، وكان قول آصف عليه السّلام حين فعله اختصاصا من الله وإكراما من عين إكرامه لسليمان .
فلمّا رأت الجنّ هذا النوع من التصرّف آمنوا به وبسليمان إلَّا أفذاذا شذّوا ، فقيّدهم وسجنهم سليمان وآصف .
والجنّ وأكابرهم وملوكهم وكبراؤهم إلى الآن منقادون مسخّرون للخواتيم السليمانية والعزائم والأقسام الآصفية على أيدي أهل العلم الروحاني والله الموفّق الوهّاب يهب من يشاء ما يشاء ، لا ربّ غيره ، عليه التكلان وهو المستعان .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما فضل العالم من الصنف الإنسانى على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء فمعلوم بالقدر الزماني ، فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه ، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور ، فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه ، والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك أي ليس له هذه السرعة فكان آصف بن برخيا أتم في العمل من الجن ، وكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمان الواحد ، فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ) عالم الإنس .
 
"" أضاف بالى زادة : ( بالقدر الزماني ) فمن كان زمان إتيانه بالعرش أقل فهو أفضل ، فالعالم الإنسانى أفضل. اهـ عبد الرحمن جامى .
وأتمية العمل توجب أتمية العلم ، فكان العالم من الإنس بأسرار التصرف أفضل من العالم من الجن.  اهـ ""
 
هو آصف بن برخيا ، وهو مع فنون علمه كان مؤيدا من عند الله معانا من عالم القدرة بإذن الله وتأييده ، أعطاه الله التصرف في عالم الكون والفساد بالهمة والقوة الملكوتية فتصرف في عرش بلقيس بخلع صورته عن مادته في سبإ ، وإيجاده عند سليمان ، فإن النقل بالحركة أسرع من ارتداد طرف الناظر إليه محال ، إذ النقل زماني ، وحركة البصر نحو المبصر آنية لوقوع الإبصار في فتح البصر في وقت واحد ، فإذن ليس حصول عرش بلقيس عند سليمان بالنقل من مكان إلى مكان ولا بانكشاف صورته على سليمان في مكانه .
 
لقوله :  "فَلَمَّا رَآه مُسْتَقِرًّا عِنْدَه "   - فلم يبق إلا أنه كان بالتصرف الإلهي من عالم الأيدي والقدرة فكان وقت قول آصف : "َنَا آتِيكَ به قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ "   .
عين وقت انعدام العرش في سبإ وإيجاده عند سليمان ، وهذا التصرف أعلى مراتب التصرف الذي خص الله به من شاء من عباده وأقدره عليه .
وما كان ذلك إلا كرامة لسليمان حيث وهب الله تعالى لبعض أصحابه وأحد خاصته هذا التصرف العظيم وهو من كمال العلم بالخلق الجديد ، فإن الفيض الوجودي والنفس الرحماني دائم السريان والجريان في الأكوان كالماء الجاري في النهر ، فإنه على الاتصال يتجدد على الدوام ، فكذلك تعينات الوجود الحق في صورة الأعيان الثابتة في العلم القديم لا يزال يتجدد على الاتصال .
فقد يخلع التعيين الأول الوجودي عن بعض الأعيان في بعض المواضع ، ويتصل به الذي يعقبه في موضع آخر ، وما ذلك إلا ظهور العين العلمي في هذا الموضع واختفاؤه في الموضع الأول مع كون العين بحاله في العلم وعالم الغيب .
 
ولما كان آصف عارفا بهذا المعنى معتنى به من عند الله مخصوصا منه بالتصرف في الوجود الكوني ، وقد آثر الله تعالى سليمان بصحته وآزره وقواه بمعونته إكراما له وإتماما لنعمته عليه في تسخير الجن والإنس والطير والوحوش ، وإعلاء القدرة وإعظاما لملكه سلط الغيرة على آصف فغار على سليمان وملكه الذي آتاه من أن يتوهم الجن أن تصرفهم الذي أعطاهم الله أعلى وأتم من تصرف سليمان وذويه .
فأعلمهم أن الملك والتصرف الذي أعطى على بعض أصحاب سليمان من خوارق العادات أعلى وأتم من الذي خص الجن به من الأعمال الشاقة الخارجة عن قوة البشر ، والخارق للعادة بحسب الفكر والنظر .
واعلم أن الجن أرواح قوية متجسدة في أجرام لطيفة يغلب عليها الجوهر الناري والهوائى
"" أضاف بالى زادة : (وكان عين قول آصف ) أي قول أهل التصرف جميع قواه عين الحق من وجه خاص يتصرفون فيما يريدون بإذن الله ، فكان قوله بمنزلة قول الله - كُنْ فَيَكُونُ )   - في آن قول الحق عين فعله في الزمان الواحد وبذلك كان وزير سليمان . أهـ. بالى ""
 
كما غلب علينا الجوهر الأرضي والمائى ، وللطافة جواهر أجسامهم وقوة أرواحهم أقدرهم الله على التشكل بالأشكال المختلفة ، والتمكن من حركات سريعة وأعمال عن وسع البشر متجاوزة ، كالملائكة إلا أنها سفلية والملائكة علوية ، والله أعلم .
 
والزمان في قول الشيخ قدس سره فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره .
وفي قوله : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة ، وكل زمان استعمله في الفص المتقدم بمعنى الآن الذي أوردناه في الشرح ، وهو الزمان الذي لا يقبل الانقسام في الخارج لصغره ويقبله في الوهم المسمى بالزمان الحاضر لا الذي هو نهاية الماضي وبداية المستقبل ، فإن ذلك عدمي وهذا وجودي ولفظ الآن يطلق عليها بالاشتراك اللفظي.
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:53 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-     الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني . ) وهو ( آصف بن برخيا ) .
( على العالم من الجن ) وهو الذي قال : أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك وهو المتصرف ( بأسرار التصريف وخواص الأشياء ) أي ، التصرفات النفسانية مع معاونة من التأثيرات الفلكية وخواص طبائع الأشياء . ( فمعلوم ) أي ، في هذه الصورة .


قال رضي الله عنه :  ( بالقدر الزماني : فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه ، أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه ، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر ، عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور .  فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه . والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك ، أي ، ليس له هذه السرعة . فكان قول آصف بن برخيا . أتم في العلم من الجن . )
لأنه تصرف في عين العرش بالإعدام والإيجاد في واحد حتى أعدمه في موضعه وأوجده عند سليمان ، عليه السلام .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد ، فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان ، عليه السلام ، عرش بلقيس مستقرا عنده ) .

لأن القول من الكمل كقول الحق للشئ المطلوب وجوده : ( كن ) فيكون ذلك الشئ بإذن الله . وذلك لأن الحق صار عين جوارحهم وعين قواهم الروحانية والجسمانية . وبهذه النسبة كان هذا الكامل وزيرا لسليمان ، عليه السلام ، الذي كان قطب وقته ومتصرفا وخليفة على العالم .

وخوارق العادات قل ما يصدر من الأقطاب والخلفاء ، بل من وزرائهم وخلفائهم بقيامهم العبودية التامة واتصافهم بالفقر الكلى ، فلا يتصرفون لأنفسهم في شئ . ومن جملة كمالات الأقطاب ومنن الله عليهم أن لا يبليهم بصحبة الجهلاء ، بل يرزقهم صحبة العلماء الأمناء ، يحملون عنهم أثقالهم وينفذون أحكامهم وأقوالهم .


قال رضي الله عنه :  ( لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ) تعليل لقوله : ( فرآه مستقرا عنده في الحال ) لئلا يتخيل - على صيغة المبنى للمفعول - أن سليمان ، عليه السلام ، أدرك العرش وهو في مكانه ، أي العرش في مكانه ، من غير انتقال .
وذلك بأن ارتفع الحجاب من البين ، فرأى سليمان ذلك وشاهده .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  (وأمّا فضل العالم من الصّنف الإنسانيّ على العالم من الجنّ بأسرار التّصريف وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزّمانيّ : فإنّ رجوع الطّرف إلى النّاظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ؛ لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ، فإنّ الزّمان الّذي يتحرّك فيه البصر عين الزّمان الّذي يتعلّق بمبصره مع بعد المسافة بين النّاظر والمنظور ، فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلّقه بفلك الكواكب الثّابتة وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه ، والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك ، أي ليس له هذه السّرعة ، فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزّمن الواحد ، فرأى في ذلك الزّمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ،)


"" أضافة المحقق :  كهزّ الرّديني جزء بيت من المتقارب ، وهو لأبي داود الآيادي في « الأنور ومحاسن الأشعار » للشماطي ص ( 231 ) ، و « التشبيهات » لابن أبي عون ص ( 52 ) ، يروى البيت بتمامه :  كهزّ الرّدينيّ بين الأكفّ ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب "".

ولما فرغ عن بيان تعلق الرحمتين بالكاتب ، وهو سليمان عليه السّلام ، والمكتوب إليها ، وهي بلقيس أشار إلى تعلقها ببعض أصحاب سليمان عليه السّلام في الإتيان بعرشها عنده من جملة هذه القصة ، مع بيان فضله عن أصحابه من الجن في ذلك .

فقال رضي الله عنه  : ( وأما فضل العالم من الصّنف الإنساني ) ، وهو آصف بن برخيا وزير سليمان عليه السّلام المشار إليه بقوله عزّ وجل قال :الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ[ النمل : 40 ] .

وفي قوله رضي الله عنه  : من الصنف الإنساني إشارة إلى كمال مناسبته لسليمان بحيث صار من صنف الكمّل من الإنسان حتى اطلع على اللوح المحفوظ ، فعلم ما فيه من أسرار التصريف ( على العالم من الجن ) المشار إليه بقوله عزّ وجل : قالعِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ[ النمل : 39 ] .

وكان عالما بخواص الأشياء ( بأسرار التصريف ) ، وهو الإيجاد والإعدام ( وخواص الأشياء ) التي بها التأثير فيها ، والأول يتعلق بالأول والثاني بالثاني ، ( فمعلوم بالقدر الزماني ) ، فإن الفعل الواحد بالشخص إذا حصل من فاعل في زمان أقصر .


ومن آخر في زمان أطول يدل على مزية الأول فيه ، وهذه المزية تدل على فضل علمه به ، فكيف إذا حصل الفعل المفتقر إلى مدة مديدة من واحد في زمان واحد ، ومن آخر في زمانين فصاعدا ، فإنه يدل على أن الأول ما حصله عن تحريك ، وإنما حصله من اطلاعه على أسرار التصريف .

وعلى أن الثاني حصله عن تحريك في غاية السرعة عن اطلاعه على خواص الأشياء ، فعلم بذلك فضل علم آصف القائل : ( "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ"[ النمل : 40 ] ) على فضل علم العفريت القائل :"أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ" [ النمل : 39 ] .

قال رضي الله عنه :  ( فإن رجوع الطرف ) "" المحقق : أي الإتيان في كلامه موقت بارتداد الطرف ورجوعه ""


المفهوم من قبل أن يرتد إليك طرفك من المنظور ( إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ) المفهوم من قوله قبل أن تقوم من مقامك ؛ ( لأن حركة البصر ) بخروج الشعاع منه ( في ) طريق الإدراك ، وأصلا ( إلى ما يدركه ) من صور المبصرات ( أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه ) إلى أي : مقصد كان وإن قرب غاية القرب .

إذ لا بدّ له من ثلاثة أزمنة زمان كونه في المبدأ ، وزمان كونه في الوسط ، وزمان انتهائه إلى المقصد ، فإن رجع احتاج إلى ثلاثة أزمنة أخرى زمان سكونه في المنتهى الأول ، وزمان تحركه في الوسط ، وزمان وصوله إلى المنتهى الثاني الذي هو المبدأ في الحركة الأولى ، بخلاف حركة البصر إلى صور المبصرات ورجوعه إلى الباصر .


قال رضي الله عنه :  ( فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر ) لخروج الشعاع منه ( عين الزمان الذي ) يصل إلى مقصده ، وهو كونه ( يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور ) بحيث لو تحرك فيها الجسم لطالت المدة جدّا ، ( فإن زمان فتح البصر ) الموجب لتحركه إلى المبصرات ، هو بعينه ( زمان ) وصوله إلى المبصرات البعيدة جدّا ، فإنه زمان ( تعلقه بفلك الكواكب الثابتة ) ، وبعد ما بينهما مدة ثمانية آلاف سنة بحركة الأجسام العنصرية كما بين الأرض ، وفلك القمر مدة خمسمائة عام ، وكذا ما بين كل فلكين ، وتحت كل فلك ( وزمان رجوع طرفه إليه ) ؛ لانطباع المرئي في بصره ( عين زمان إدراكه ) أي : وصول شعاعه إلى المبصر ، وهذا الرجوع أيضا يحتاج في حركة الجسم العنصري إلى ثمانية آلاف سنة أخرى في البصر بتحرك هذه الحركة خروجا ورجوعا في زمان واحد مسافة لو تحرك فيها الجسم العنصري ، لافتقر إلى مدة ستة عشر ألف سنة .

وفي كلام الشيخ - رحمه اللّه - إشارة إلى الجمع بين مذهبي الشعاع والانطباع ،
فدلّ هذا على أن الفعل الحاصل في مدة ارتداد الطرف أسرع منه في مدة قيام الشخص من مقامه ؛ وذلك لأنه :

قال رضي الله عنه :  ( القيام من مقام الإنسان ليس كذلك ) أي : ليست هذه الحركة كحركة البصر ، إذ ( ليس له هذه السرعة ) ؛ لافتقاده إلى زمانين فصاعدا ؛ لأن زمان ابتدائه غير زمان حصوله على الكمال ، فإذا كان فعل آصف يفتقر إلى زمان واحد ، وقول الجن إلى زمانين ،

قال رضي الله عنه :   ( فكان آصف بن برخيا أتم في العمل من قول الجن ) ؛ لأنه حصل في أقصر مدة عن كمال علمه بأسرار التصريف ، ولو حصله الجن لم يتأت منه في تلك المدة ؛ لأن علمه كان بخواص الأشياء ولا بدّ من استجماعها .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عين قول آصف بن برخيا ) : أنا آتيك به ( عين الفعل ) إتيان عرش بلقيس ، إذ حصل بمجرد قصده من غير تحريك ( في الزمن الواحد ) ، كما يحصل المعلول مع العلة في زمانها ، وإن كان لها التقدم في الرتبة ، فصدق في إتيانه قبل ارتداد طرف سليمان عليه السّلام ( عرش بلقيس ) ، لا في مكانه الأول ولا منتقلا منه ، بل ( مستقرّا عنده ) ، أي : في مكان قريب .
وإنما قال تعالى في كتابه :"فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ"[ النمل : 40 ] .
ولم يكتف بقوله :"فَلَمَّا رَآهُ"[ النمل : 40 ] ، ولا بقوله :"مُسْتَقِرًّا"[ النمل : 40 ] ، .
قال رضي الله عنه :  ( لئلا يتخيل ) ( أنه أدركه  ، وهو في مكانه) الأول ( من غير انتقال ) له أصلا فضلا عن الانتقال إلى مكان سليمان عليه السّلام ، كيف؟


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

فضل الإنس علي الجنّ
قال رضي الله عنه :  (أمّا فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجنّ بأسرار التصريف وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزماني ، فإنّ رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه.)

( لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه ) - لكونه من اللطائف البرزخيّة التي إنما غلب عليه التروّح وانقهر التجسّم - ( أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ) لغلبة الكثافة العائقة له في حركته .

قال رضي الله عنه :  ( فإنّ الزمان الذي يتحرّك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلَّق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور . فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلَّقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه).
وذلك لأنّ هذه الحركة ليست للأجسام التي في حيطة الزمان حتى تكون متقدّرة به - تقدّر حركات الأجسام به - بل للقوّة الجسدانيّة التي هي البرزخ بين لطيف الروح وكثيف الجسم ، فإنما تتقدّر بباطن الزمان ، المسمى بلسان الاصطلاح ب « الآن الدائم » و « الدهر » فلا يكون حينئذ للزمان - الذي هو النقوش والأشكال المترتّبة عليه - قدر عند هذه الحركة أصلا .
فعلم أن الزمان هاهنا بمعناه ، وأنّ الآن الذي يتقدّر به هذه الحركة هو

باطن الزمان وأصله ، لا جزؤه في الخارج - كما قيل في توجيه هذا الموضع  : فإنّ الزمان لا جزء له في الخارج ، إذ هو متّصل واحد في نفسه ، إنما يفصله الوهم .


""  أضاف الجامع : يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن باطن الزمان :
" باطن الزمان : هو المسمى باصطلاح القوم : الوقت ، وهو الحال المتوسط بين الماضي والمستقبل وله الدوام .
فإن هذا الحال هو الظرف المعنوي الذي هو محل جميع المعلومات التي كانت جميعها متعلقة به وكائنة فيه من الحضرة العلمية ، وكل معلوم كان حاصلا في حصة معنوية منه بجميع توابعه وبه . 
ويسمى : الآن الدائم ، والحال الدائم المضاف إلى الحضرة العندية المشار إليها بقوله : " ليس عند ربكم صباح ولا مساء " ، ولهذا كان هذا الحال هو باطن الزمان وأصله الذي لا ماضي ولا مستقبل فيه ،
بل كل لمحة منه مشتملة على مجموع الأزمنة بحكم المرتبة الأولى ، وكل لحظة منه كالدهور من الزمان المتعارف ، والدهور منه كلمحة من هذا الزمان الظاهر الغالب عليه حكم الماضي والمستقبل .أهـ
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي : " علم الزمان هو علم شريف منه يعرف الأزل ... وهذا علم لا يعلمه إلا الأفراد من الرجال ، وهو المعبر عنه : بالدهر الأول ، ودهر الدهور ". أهـ ""

كيفية إحضار عرش بلقيس
قال رضي الله عنه :  ( والقيام من مقام الإنسان ) لكونه حركة الجسم المتقدّرة بالزمان ( ليس كذلك ، أي ليس له هذه السرعة . فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ) ضرورة أن عمله غير متخلَّلة بالزمان ، وهو الغاية في تلك الحركة المطلوبة .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد . فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده ) .
وإنما صرّح بالاستقرار ( لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ، ولم يكن عندنا باتّحاد الزمان انتقال ) ضرورة أن الانتقال لا بدّ له من الزمان ، ليطابق الحركة والزمان والمسافة ، فهو ما كان من قبيل الانتقال.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.
فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )
 
قال رضي الله عنه :  (وأمّا فضل العالم من الصّنف الإنسانيّ على العالم من الجنّ بأسرار التّصريف)

قال رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني ) وهو آصف بن برخيا ( على العالم من الجن ) ، الذي قال :" أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ " [ النمل : 39 ] .
وقوله : ( بأسرار التصريف وخواص الأشياء ) من قبيل التنازع بين العالمين ، أي العالم بأسرار يتمكن من العلم بها إلى التصرف في العالم وبخواص الأشياء التي يتوسل بها إلى ذلك التصرف

قال رضي الله عنه :  (وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزّمانيّ : فإنّ رجوع الطّرف إلى النّاظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ؛ لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ، فإنّ الزّمان الّذي يتحرّك فيه البصر عين الزّمان الّذي يتعلّق بمبصره مع بعد المسافة بين النّاظر والمنظور فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلّقه بفلك الكواكب الثّابتة وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه . والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك . أي ليس له هذه السّرعة . فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزّمن الواحد .)

 
قال رضي الله عنه :  ( فمعلوم بالقدر الزماني ) فمن كان زمان إتيانه بالعرش أقل فهو أفضل فالعالم الإنساني أفضل .
( فإن رجوع الطرف ) الإتيان في كلامه موقت بارتداد الطرف ورجوعه ( إلى الناظر به ) ، أي بالطرف ( أسرع ) مما وقت الجني الإتيان بالعرش به أعني ( من قيام القائم من مجلسه لأن حركة البصر ) يعني تعلق الإبصار بالمبصر سماه حركة بناء على توهم خروج النور من البصر إلى المبصر فإن جعلت حركة البصر عبارة عن انفتاح الجفنين ورجوعه عن انطباقهما فهي حركة حقيقة لكن كلامه في الأولى أظهر وعلى كل تقدير فحركة المبصر.


قال رضي الله عنه :  ( في الإدراك إلى ما يدركه ) من المبصرات ( أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه ) ، أي في مسافة يتحرك الجسم مبتدئة حركته منها ، أي من قطعها ( فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر ) إلى المبصر ( عين الزمان الذي يتعلق بمبصره ) ، أي أن حركة البصر نحو المبصر عين تعلقه بالمبصر فإنهما آنيان لا زمانيان إلا أن إطلاق الزمان على المعنى الأعم من الآن والزمان شائع فالحركة والمتعلق يقعان في آن واحد .

قال رضي الله عنه :  ( مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور فإن زمان فتح البصر وحركته ) نحو المبصر إذا أراد الناظر أن ينظر إلى فلك الكواكب الثابتة مثلا ( زمان تعلقه ) بعينه ( بفلك الكواكب الثابتة ) بل آنة آنة ( وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه ) بل آنة آنة ( والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك ، أي ليس له هذه السرعة ) فإنه زمان لا آني .

قال رضي الله عنه :  ( فكان ) قول ( آصف بن برخيا ) أتم وأسرع ( في العمل من الجن ) حيث لم يتخلف عنه العمل بخلاف قول العفريت فإنه قد تخلف عنه العمل ( فكان عين قول آصف بن برخيا ) " أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ" [ النمل : 40 ] .
( عين الفعل ) الواقع ( في الزمان الواحد ) يعني الآن وهذا على سبيل المبالغة فإن قوله :
زماني وفعله آني والكون القول عين الفعل قال تعالى بعد قوله :" أَنَا آتِيكَ " من غير تعرض لفعل آخر فلما رآه مستقرا.


قال رضي الله عنه :  ( فرأى في ذلك الزّمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال . ) 

 
قال رضي الله عنه :  ( فرآه في ذلك الزمان بعينه ) ، أي رأى ( سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده ) وإنما قال مستقرا عنده ، ولم يقتصر على قوله : "فَلَمَّا رَآهُ " ( لئلا يتخيل ) على صيغة البناء للمفعول ( أنه أدركه وهو في مكانه ) برفع الحجاب بينهما ( من غير انتقال) ، أي لم يتحقق عندنا يعني المكاشفين بالخلق الجديد .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 17:02 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر:-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر :  كهز الرديني  ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتّحاد الزّمان انتقال ، وإنّما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر بذلك إلّا من عرفه ، وهو قوله تعالى :بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.  ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راؤون له . وإذا كان هذا كما ذكرناه ، فكان زمان عدمه - أعني عدم العرش - من مكانه عين وجوده عند سليمان من تجديد الخلق مع الأنفاس . ولا علم لأحد بهذا القدر بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنّه في كلّ نفس لا يكون ثمّ يكون . ولا تقل « ثمّ » تقتضي المهلة ، فليس ذلك بصحيح ، وإنّما « ثمّ » تقتضي تقدّم الرّتبة العلّيّة عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشّاعر :كهزّ الرّديني ثمّ اضطرب  - وزمان الهزّ عين زمان اضطراب المهزوز بلا شكّ . وقد جاء بثمّ ولا مهلة . كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس : زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة . )
 
قال رضي الله عنه :  (ولم يكن عندنا) معشر المحققين من أهل اللّه تعالى (باتحاد الزمان) ، أي بسبب كونه واحدا (انتقال) للعرش من مكان إلى مكان كما يجد ذلك أهل الغفلة والحجاب في كل شيء يتحوّل من مكانه (وإنما كان) ذلك الانتقال في العرش (إعدام) له من سبأ (وإيجاد له) في بيت المقدس كما كان في سبأ كذلك ينعدم ويوجد كل لمحة من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه من المحققين الإلهيين دون الجاهلين المحجوبين .
(وهو) ، أي هذا الحكم مقتضى قوله تعالى :بَلْ هُمْ، أي الناس الجاحدون للإعادةفِي لَبْسٍ، أي التباس عليهممِنْ خَلْقٍ، أي إيجاد لكل شيءجَدِيدٍ[ ق : 15 ] غير الإيجاد الأوّل .
وقال تعالى :وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ( 50 ) [ القمر : 50 ] ، وهو باطن الخلق والخلق ظاهر الأمر . وقال تعالى :أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ[ الإعراف : 54 ] ،
وقال :خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ[ الأنعام : 73 ] ، وهو الأمر الذي قال فيه :وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ[ الروم : 25 ] ، وقال :ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ[ الطلاق : 5 ] إلى غير ذلك من شواهد الحال في هذه المسألة ولا يمضي عليهم ، أي على الذين هم في الالتباس وقت لا يرون فيه ، أي في ذلك الوقت ما ، أي الذي هم راؤون له من جميع المخلوقات المحسوسة والمعقولة .
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا كان هذا) الأمر (كما ذكرناه) في الالتباس من الخلق الجديد (فكان زمان عدمه أعني) زمان (عدم العرش) ، أي عرش بلقيس (من مكانه) في سبأ عين زمان وجوده ، أي العرش (عند سليمان عليه السلام) في بيت المقدس من جملة تجديد الخلق ، أي المخلوقات دائما مع الأنفاس فكل نفس يذهب بخلق ويأتي بخلق آخر جديد مثل الأوّل بل لا مثل لكل خلق ، لأن التجليات لا تتكرر فالآثار لا تتكرر ولا علم لأحد من الناس بهذا القدر أصلا إلا من كشف اللّه تعالى عن بصيرته فأراه ربه ما لا يراه غيره ببصره ولا بقلبه بل الإنسان المحجوب لا يشعر به ، أي بهذا التجديد في الخلق من نفسه أنه في كل نفس بفتح الفاء لا يكون ، أي لا يوجد ثم يكون ، أي يوجد فكيف يشعر بذلك من غيره ولا تقل يا أيها الإنسان كلمة.
 
قال رضي الله عنه :  (ثم تقتضي المهلة) ، أي التراخي بين المتعاطفين بها مع الترتيب بينهما (فليس ذلك) ، أي اقتضاؤها المهلة في جميع مواضعها (صحيح وإنما) كلمة ثم تقتضي تقدم (الرتب العلية) التي بين المتعاطفين بها (عند العرب) ، أي في لغتهم من غير
 
اقتضاء مهلة لذلك (في مواضع مخصوصة) من الكلام كقول الشاعر من شعراء العرب .


قال رضي الله عنه :  (كهز الرديني) وهو الرمح (تحت العجاج) ، أي الغبار في الحرب (جرى) ، أي الهز (في الأنابيب) ، أي أنابيب الرمح جمع أنبوبة وهي العقدة منه ثم اضطرب ، أي ذلك الرديني ومعلوم أن زمان الهز هو (عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك) ، عند أحد في ذلك وقد جاء هذا القائل في كلامه بثم ولم يأت بالفاء المقتضية للفور ولا مهلة في الكلام هنا ، فليست ثم للمهلة دائما بل تخرج عن ذلك في مواضع مخصوصة من كلام العرب هنا ما ذكر كذلك تجديد الخلق ، أي المخلوقات مع الأنفاس من حيث ابتداء اللّه تعالى المخلوقات إلى الأبد فيكون زمان العدم ، أي عدم المخلوق هو عين زمان وجود المثل ، أي المخلوق الآخر الذي هو مثل ذلك المخلوق الأول.
 
قال رضي الله عنه :  (كتجديد الأعراض) جمع عرض بالتحريك وهو ما لا قيام له بنفسه (في دليل الأشاعرة) من علماء الكلام لأنهم يقولون بامتناع بقاء العرض زمانين ،
بل قال بعضهم : القول بامتناع بقاء العرض أصلا أحسن من القول بامتناع بقائه زمانين ، لأنه يلزم من انتفاء البقاء زمانين ثبوت البقاء زمانا واحدا ، فيلزم من ذلك أن يوجد العرض في زمان ويبقى في زمان ويعدم في زمان ، وهم نفوا زمانين فأين ثلاثة أزمنة . وقالوا : لو بقي العرض لكان القاء عرضا فلزم قيام العرض بالعرض وهو محال لأن العرض يقوم بالجرم لا بعرض مثله وسبق الكلام معهم في بقاء الأجسام .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر : كهز الرديني  ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
 
وقد صرح به بقوله ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال ) يعني أن قولهأَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَعين فعله في زمان واحد فاتحد قوله وفعله باتحاد الزمان ولا يمكن فيه الانتقال فإن الانتقال حركة والحركة لا بد لها من زمان كما أن القول لا بد له من زمان فلا يمكن أن يكون زمان القول عين زمان الانتقال فلم يكن فعله بالعرش انتقالا .( وإنما كان إعداما وإيجادا ) .
 
أي وإنما كان فعله إعداما في مكانه وإيجادا عند سليمان عليه السلام فعلى هذا كان معنى قوله تعالى : مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ " أي أعدم في مكانه وأوجد عند سليمان عليه السلام من غير انتقال.
( من حيث لا يشعر أحد بذلك ) الإعدام والإيجاد ( إلا من عرفه ) أي من عرف الإعدام والإيجاد ذوقا وحالا من أهل التصرف فهو يشعر لا غير.


قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي ذلك الإعدام والإيجاد ( قوله تعالى ) أي بين اللّه تعالى من لم يعرف ذلك الإعدام والإيجاد في قوله ( بل هم في لبس من خلق جديد ) فمن لم يعرف معنى الخلق الجديد لم يشعر بذلك .


قال رضي الله عنه :  ( ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راؤون له ) أي إنما لم يشعروا الإيجاد والإعدام في كل آن لأن كل ما يعدم يوجد مثله في آن عدمه فاتوا به متشابها فيزعمون أن وجودهم باق في الماضي والمستقبل بدون الإيجاد والإعدام فيرون بسبب ذلك في وقت يمضي عليهم ما هم راؤون ولا يعلمون أن العالم في كل وقت في لبس جديد من خلق جديد فهم لعدم شعورهم بذلك كانوا في لبس من خلق جديد .


قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان هذا ) أي حصول العرش عند سليمان عليه السلام ( كما ذكرناه ) من أن حصول العرش عند سليمان عليه السلام بطريق الإيجاد والإعدام في زمان واحد ( فكان عدمه أعني عدم العرش من مكانه ) عين ( زمان وجوده عند سليمان عليه السلام من تجديد الخلق مع الأنفاس ولا علم لأحد بهذا القدر بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون ).
 
 قوله رضي الله عنه  : ( ولا تقل ثم تقتضي المهلة فليس ذلك بصحيح ) رد للاعتراض الوارد على قوله بل الإنسان في كل نفس لا يكون ثم يكون وهم أن لفظة ثم للمهلة فلا يكون زمان عدمه عين زمان وجوده .
وأجاب عن هذا الاعتراض بقوله : ( وإنما هي تقتضي تقدم الرتبة العلية ) بكسر العين من العلة ( عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر ) :
كهز الرديني ثم اضطراب  ....   وزمان الهز عين زمان
اضطراب المهزوز بلا شك وقد جاء بثم ولا مهلة )
فلا يستعمل ثم مطلقا للمهلة بل قد يكون للمرتبة العلية
كما في قول الشاعر فاستعملنا ثم في قولنا لا يكون للرتبة العلية لأن إعدامه في آن علة لإيجاده في آن آخر
فكان زمان عدمه وجوده بأن يحصل عدمه في آن ووجوده في آن آخر
لأن أقل جزء الزمان من آنين فكما أن زمان الهز زمان المهزوز في قول الشاعر
قال رضي الله عنه :  ( كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس زمان العدم عين زمان وجود المثل ) ولما كانت في إدراك تجديد الخلق صعوبة شبه بقول الأشاعرة تسهيلا لأهل النظر
فقال : ( كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة )  في الأعراض فاختص دليل الأشاعرة في تجديد الخلق بالأعراض والشيخ رضي اللّه عنه قد أثبت تبدل الجواهر والأعراض كما مر تحقيقه .
 
ولما كان هذا المقام مظنة أن يقال لم طوّل الكلام في حصول العرش مع أن البيان على وجه الاختصار مطلوب أجاب بصورة الاعتذار يعني إنما طوّلت الكلام في تحقيق صورة العرش.
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر : كهز الرديني  ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد. ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له. وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس. ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر : كهز الرديني  ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة. كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.
 
"" أضاف الجامع :
كهز الرديني بين الأكف … جرى في الأنابيب ثم اضطرب
هذا البيت لأبي دؤاد الإيادي شاعر جاهلي، من قصيدة وصف بها فرسه ... مطلعها :
وقد أغتدي في بياض الصَّباح ... وأعجازُ ليل مولي الذنْب
بِطرف ينازعني مرسنا ... سلوف المقادة محض النَّسب
طواه القنيصُ وتعداؤه ... وإرشاش عطفيه حتى شسب
بعيد مَدَى الطرف خاظي البضيع ... ممر القُوَى مُسَمَهرّ العَصَب
رفيع المعد كسيد الغاض ... تَميم الضلوع بجوف رَحَبْ
وهادٍ تقدَّم لا عيبَ فيه ... كالجذع شُذِّبَ عنهُ الكَرَبْ
إذا قيد قحَّم من قادَه ... وولَّتْ علابيُه واجْلَعَبْ
كهزِّ الرديني بين الاكفّ ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب
والرديني: الرمح. والأنابيب: أجزاء الرمح ..
يشبه اهتزاز فرسه ونشاطه وسرعته، كما يسرع الاهتزاز في الرمح.
ويقال: إذا هززت الرمح جرت تلك الهزة فيه حتى يضطرب كله وكذلك هذا الفرس ليس فيه عضو إلا وهو يعين ما يليه، ولم يرد الاضطراب ولا الرعدة.
والشاهد: استخدام "ثم" بمعنى "الفاء" للترتيب مع التعقيب دون تراخ، أما «ثم» فأصل معناها «الترتيب مع التراخي» ...
ذلك أن الهز متى جرى في أنابيب الرمح يعقبه الاضطراب ولم يتراخ عنه .. أهـ""


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر : كهز الرديني  ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  


قال رضي الله عنه  : « ولم يكن عندنا باتّحاد الزمان انتقال » .
يعني : استقرار العرش عند سليمان لم يكن باتّحاد الزمان وانتقاله .
 
قال رضي الله عنه  : ( وإنّما كان إعداما وإيجادا من حيث لا يشعر أحد بذلك إلَّا من عرفه وهو قوله تعالى  : "بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " . ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راؤون له ، إذا كان هذا كما ذكرناه ، فكان زمان عدمه أعني عدم العرش من مكانه عين وجوده عند سليمان من تجديد الخلق مع الأنفاس ، ولا علم لأحد بهذا القدر ، بل الإنسان لا يشعر من نفسه أنّه في كل نفس لا يكون ثم يكون ) .
 
يعني : لاقتضائه من حيث إمكانه وعدميته من حيث إمكانه أن يرجع إلى عدمه الأصلي ، ولاقتضاء اتّصال التجلَّيات لتكوينه بعد العدم في زمان واحد من غير بعدية ولا قبلية زمانية توجب لبس الأمر عليهم ، بل عقلية معنوية .
 
قال رضي الله عنه : ( ولا تقل : « ثمّ » يقتضي المهلة ، فليس ذلك بصحيح وإنّما « ثمّ » يقتضي تقدّم الرتبة العليّة عند العرب في مواضع مخصوصة ، كقول شاعر : « كهزّ الرّدينيّ ، ثم اضطرب » وزمان الهزّ عين زمان اضطراب المهزوز بلا شكّ وقد جاء ب « ثمّ » ولا مهلة ، كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس ، زمان العدم زمان وجود المثل ، كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة ).
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الإيجاد - إمّا التعيّن الوجودي في صورة عرش بلقيس ، أو في صورة مثلها ، أو ظهور الصورة في الوجود الحق - إنّما هو للحق ، وليس لآصف إلَّا صورة التجديد والتجسيد في مجلس سليمان ، وتعيينه بالقصد منه ، وذلك أيضا للحق من مادّة آصف ، ولكن لسان الإرشاد يقضي بما رسم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر : كهز الرديني  ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال ) أي لم يكن أن يكون مع اتحاد زمان قول آصف ورؤية سليمان عرش بلقيس مستقرا عنده وعدمه في سبأ انتقال ، إذ لا بد للانتقال من زمان يتخلل وجوده في سبأ وكونه عند سليمان .
قال رضي الله عنه :  ( وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر بذلك أحدا إلا من عرفه ، وهو قوله تعالى -:" بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ "  )  
وهو أي عدم الشعور بإعدامه وإيجاده معنى قوله تعالى : " بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ "   - " ولا يمضى عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راؤن له " بيان لبس أي يتخلل زمان بين عدمه ووجوده حتى يروا فيه عدمه بل كان وجوده متصلا لم يحسوا بعدمه وقتا ما .
 
"" أضاف بالى زادة : قوله : ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال ) يعنى أن قوله - أَنَا آتِيكَ به )   - عين فعله في زمان واحد فاتحد قوله وفعله باتحاد الزمان ، وليس ذلك قوله مع الانتقال فإن الانتقال حركة والحركة لا بد لها من زمان ، كما أن القول لا بد له من زمان فلا يمكن أن يكون زمان القول عين زمان الانتقال ، فلم يكن فعله بالعرش انتقالا ( وإنما كان إعدام وإيجاد ) فعلى هذا كان معنى قوله - مُسْتَقِرًّا عِنْدَه )   - أي أعدم في مكانه وأوجد عند سليمان من غير انتقال ، فمن لم يعرف الخلق الجديد لم يشعر بذلك اهـ بالى . ""
 
وكذلك في كل شيء من العالم لا يحسون وقتا بعدم بين الخلقين المتعاقبين بل يرون وجودا واحدا كما ترى ( وإذا كان هذا كما ذكرناه فكان زمان عدمه أعنى عدم العرش من مكانه عين وجوده عند سليمان ) أي عين زمان وجوده ( من تجديد الخلق مع الأنفاس ، ولا علم لأحد بهذا القدر بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون ) لاقتضاء إمكانه مع قطع النظر عن موجده عدمه كل وقت على الدوام .
 
واقتضاء التجلي الدائم الذاتي وجوده بل اقتضاء التجليات الفعالية الأسمائية على الاتصال دائما تكوينه بعد العدم في زمان واحد من غير قبلية ولا بعدية زمانية يحس بهما بل عقلية معنوية ، لأن هناك عدما دائما مستمرا باقتضاء العين الممكنة ، ووجودا دائما مستمرا بتجلى الذات الأحدية ، وشؤونات وتعينات متعاقبة مع الأنفاس باقتضاء التجلي الأسمائى ، فإن التشخصات المعينة لهذا الوجود المعين تتجدد مع الآنات ( ولا تقل ثم تقتضي المهلة ) أي ولا تقل إن لفظة ثم تقتضي الزمان. المتراخي
 
قال رضي الله عنه :  ( فليس ذلك بصحيح ، وإنما هي تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة ، كقول الشاعر كهز الرديني ثم اضطراب . وزمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك ، وقد جاء بثم ولا مهلة ، كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس زمان العدم عين زمان وجود المثل ، كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة )
 
يعنى أن حصول التعينات المتعاقبة وظهور الوجود في صورة عرش بلقيس ، أو ظهور صورة العرش في وجود الحق ، أو تعاقب الوجودات بتعاقب التجليات كلها للحق ، وليس لآصف إلا حصول التجديد في مجلس سليمان ، وذلك أيضا إن كان يقصد منه فهو للحق في مادة آصف ، ولكن لسان الإرشاد والتعليم يقتضي بما رسمه الشيخ قدس سره

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 17:07 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر:-     الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر : كهز الرديني  ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال . ) أي ، لا يمكن أن يكون مع اتحاد زمان القول والفعل انتقال ، لأن الانتقال حركة ، والحركة لا بد أن تكون في زمان ، والقول أيضا واقع في زمان ، وزمان القول لا يمكن أن يكون عين زمان الانتقال ، ( وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه . ) .
أي ، أعدمه في سبا وأوجده عند سليمان ، عليه السلام ، بالتصرف الإلهي الذي خصه الله وشرفه به بحيث لا يشعر بذلك إلا من عرف الخلق الجديد الحاصل في كل آن ( وهو قوله تعالى : "بل هم في لبس من خلق جديد" . )
أي ، عدم شعورهم بذلك ، هو معنى قوله : ( بل هم في لبس من خلق جديد )  
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا يمضى عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راؤون له ) أي ، إنما كانوا في اللبس من الخلق الجديد ، لأنه لا يمضى عليهم زمان لا يرون في العالم ما كانوا راؤون له وناظرون إليه ، إذ كل ما يعدم يوجد ما هو مثله في آن عدمه ، فيظنون أن ما هو في الماضي هو الذي باق في المستقبل .  وليس كذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان هذا كما ذكرناه ) أي ، إذا كان حصول العرش عند سليمان بطريق الإعدام والإيجاد. ( فكان زمان عدمه أعني عدم العرش من مكانه ، عين وجوده ) أي ، عين زمان وجوده
 
قال رضي الله عنه :  ( عند سليمان من تجديد الخلق مع الأنفاس . ولا علم لأحد بهذا القدر . بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون . ) .
 
قيل : ذلك لاقتضاء إمكانه عدمه كل وقت على الدوام ، واقتضاء التجلي الدائم الذاتي وجوده وفيه نظر .
لأن الممكن هو الذي لا يقتضى ذاته الوجود ولا العدم عند قطع النظر عما يقتضى الوجود أو العدم ، وكونه بهذه المثابة هو الإمكان ، فالإمكان لا يقتضى العدم كمالا يقتضى الوجود ، وإلا لا فرق بينه وبين الامتناع .
 
وتحقيقه أن الذات الإلهية لا تزال متجلية من حيث أسمائه وصفاته على أعيان العالم ، وكما يقتضى بعض الأسماء وجود الأشياء ، كذلك يقتضى بعضها عدمه ، وذلك ك‍ ( المعيد ) و ( المميت ) و ( القهار ) و ( الواحد ) و ( الأحد ) و ( القابض ) و ( الرافع ) و ( الماحي ) وأمثال ذلك .
 
وإن كان لبعض هذه الأسماء معان آخر غير ما قلنا ، لكن ليس منحصرا فيها . فالحق تارة يتجلى للأشياء بما يظهرها ويوجدها ويوصلها إلى كمالاتها ، وتارة يتجلى بما يعدمها ويخفيها . ولما كان الحق كل يوم ، أي كل آن ، في شأن ، وتحصيل الحاصل محال ، كان متجليا لها دائما بالأسماء المقتضية للإيجاد ، فيوجدها ، ومتجليا عليها بالأسماء المقتضية للإعدام ، فيعدمها ، فيكون متجليا لها في زمان واحد بالإيجاد والإعدام .
 
وبهذا الإعدام تم حكم قوله تعالى : ( وإليه يرجع الأمر كله ) . وبه تحصل أنواع القيامات المذكورة في المقدمات .
ولما كانت ذاته تعالى مقتضية لشؤونه دائما ، يكون تجلياته دائمة وظهوراته مستمرة ، وشؤونه وتعيناته متعاقبة .
 
وإنما قلنا ( في زمان واحد ) كما قال الشيخ أيضا ، فكان زمان عدمه عين زمان وجوده ، لأن أقل جزء من الزمان منقسم بالآنين ، فيحصل في آن منه إيجاد وفي الآخر إعدام .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا تقل "ثم " يقتضى المهلة ، فليس ذلك بصحيح . ) أي ، لا تقل لفظة ( ثم ) الواقعة في قولك : ( بل الإنسان لا يشعر أنه في كل نفس لا يكون ، ثم يكون ) مقتضى المهلة ، فعدم الكون والكون لا يكون في زمان واحد .
لأن ( ثم ) قد تجئ للتقدم كقوله : ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان ) . وقوله : ( ثم كان من الذين آمنوا ) .
إذ لا مهلة بين خلق الأرض وخلق السماء ، ولا بين إطعام المسكين وبين كونه من المؤمنين .
 
وإليه أشار بقوله : ( وإنما هي يقتضى تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة ، كقول الشاعر : ( كهز الردينى ، ثم اضطرب ) .
 
وزمان الهزعين زمان اضطراب المهزوز بلا شك ، وقد جاء ب‍ ( ثم ) ولا مهلة . ) يجوز أن يكون ( العلية ) بفتح العين ، من العلو .
أي ، العالية الشريفة . وبكسرها ، مع تشديد اللام ، من العلة .
لأن ( ثم ) يقتضى الترتيب والتراخي ، والترتيب يقتضى تقدم البعض على الآخر .
وذلك قد يكون بالزمان ، وقد يكون بالرتبة والشرف ، وقد يكون بالذات ، كما في العلية المعلولية . لكن الأول أنسب ، لأن التقدم بالرتبة والشرف أعم من التقدم بالعلية ، فهو أكثر وجودا ، وإن
كان المثال الذي ذكره الشيخ فيه العلية والمعلولية .
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس زمان العدم زمان وجود المثل ، كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة . ) .
 
أي ، كما أن زمان ( الهز ) عين زمان اضطراب المهزوز ، وكذلك زمان العدم عين زمان وجود المثل في تجديد الخلق .
وإنما شبه بقول ( الأشاعرة ) في الأعراض ، لأن قوله بالتبدل في جميع الجواهر والأعراض لا في الأعراض وحدها .وقد مر تحقيقه من قبل.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر :  كهز الرديني ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  (ولم يكن عندنا باتّحاد الزّمان انتقال ، وإنّما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر بذلك إلّا من عرفه ، وهو قوله تعالى :" بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ " [ ق : 15 ] .
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له ، وإذا كان هذا كما ذكرناه ، فكان زمان عدمه أعني عدم العرش من مكانه عين وجوده عند سليمان من تجديد الخلق مع الأنفاس ، ولا علم لأحد بهذا القدر بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنّه في كلّ نفس لا يكون ثمّ يكون ، ولا تقّل « ثمّ » تقتضي المهلة ، فليس ذلك بصحيح ، وإنّما « ثمّ » تقتضي تقدّم الرّتبة العلّيّة عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشّاعر : كهزّ الرّديني . . . ثمّ اضطرب
وزمان الهزّ عين زمان اضطراب المهزوز بلا شكّ ، وقد جاء بثمّ ولا مهلة ، كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس : زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان ) أي : مع اتحاده ( انتقال ) الجسم من مكان إلى آخر ؛ لافتقاره إلى تعدد الأزمنة ، وإن أمكن ذلك في انتقال البصر ورجوعه ، فكان يتخيل أنه رآه في مكانه الأول ،وآصف إنما أتى به في منظر سليمان عليه السّلام لا في مكانه.
 
ولما استقر عنده من غير انتقال علم أنه ( إنما كان ) لعرش بلقيس إعدام من مكانه الأول ، وإيجاد في مكان سليمان ( من حيث لا يشعر ) أحد بذلك ، فتوهموا الانتقال مع اتحاد الزمان ، وهو محال ( إلا من عرفه ) أي : وقوع الإعدام والإيجاد في جميع أجزاء العالم في كل نفس نفس ، ( وهو ) ما دلّ عليه ( قوله تعالى :"بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيد"[ ق : 15 ]) .
 
 في كل جزء من أجزاء العالم ؛ لأن الأصل في الممكنات العدم من ذواتها ، والوجود من إشراق نور ربها عليها ، فهي تعود في كل نفس إلى أصلها والحق يمدها بالوجود في ذلك النفس بعينه ، وكيف لا يكونون في هذا اللبس ، وهم يعتقدون أنه لا يجمع وجود شيء وعدمه في زمان واحد ، وإن المعدوم غير مرئي مع أنه ( لا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له ) ، فيتوهموا أنه لو حصل الشيء مما يرونه مستمرا الإعدام والإيجاد ، لكان غير مرئي وقت عدمه ومرئيّا وقت وجوده ، ولم يكن يرى مستمرا .
ولا يعلمون أنه يمكن اجتماع الوجود والعدم في الشيء الواحد باعتبارين اعتبار نفسه واعتبار غيره ، وإن المعدوم إنما لا يرى لو لم يكن له وجه من الوجود الخارجي أصلا ، وألا يرى من جهة وجوده .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان هذا المذكور ) من وقوع الإعدام والإيجاد لأجزاء العالم في كل وقت ، وامتناع الانتقال على الأركان مع اتحاد الزمان .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما ذكرناه ، فكان زمان عدمه أعني : عدم العرش ) بينه ؛ لئلا يتوهم عوده إلى العالم ( من مكانه عين ) زمان ( وجوده عند سليمان ) ، وإن كان ( من تجديد الخلق مع الأنفاس ) ، وقد جرت العادة فيه بالإيجاد في مكانه الأول ، فليس ذلك من لوازمه ، فإنه من قبيل إعادة المعدوم ، ولا يجب أن يعاد بجميع عوارضه حتى يعاد مع كونه في مكانه وزمانه ، بل تكفي الإعادة بذاته وعوارضه المشخصة .
 
وهذا مع كونه معقولا من حيث إن الأصل في الأشياء العدم ، وهو لا يفارق أصله بحال ، وإن الوجود له من غيره فهو إنما يستمر بإمداده ؛ ولذا قال المحققون : البقاء يحتاج إلى فاعل كالابتداء ، ومنصوصا في الكتاب الإلهي ( لا علم لأحد بهذا القدر ) في أجسام العالم .
 
وإن قال بعضهم به في الأعراض ، ولم يقل به أحد في عرش بلقيس ، وقالوا فيه بالانتقال مع اتحاد الزمان أو تبطئ به الأرض أو بالظفرة ، ( بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل ) مقدار ( نفس ) من الزمان ( لا يكون )  لوجوب عوده إلى أصله العدم ، ( ثم يكون ) بمدد ربه ، فكيف يشعرون في عرش بلقيس .
ثم استشعر سؤالا بأن لفظه ، ثم يشعر بتعدد الزمان ، وهذا يناقض ما تقدم من كون الإعدام والإيجاد في زمن واحد ،
 
فقال رضي الله عنه  : ( ولا تقل ثم ) في قولنا ، ثم يكون ( تقتضي المهلة ) المستلزمة تأخير زمان المعطوف عن زمان المعطوف عليه ، وهذا التأخير يستلزم تعددهما ؛ ( فليس ذلك ) الاقتضاء ( بصحيح ) على الإطلاق ، ( وإنما ) الصحيح أن ( ثم ) تقتضي تقدم المعطوف على المعطوف عليه نوع تقدم إما بالزمان أو بالذات أو بالشرف أو غير ذلك .
 
فإنها ( تقتضي تقدم الرتبة العليّة ) للمعطوف عليه بها ( عند العرب ) ، وإن لم يكن لهم اطلاع على أنواع التقديم ( في مواضع مخصوصة ) من غير أن يكون لتلك الرتبة تقدم زماني ، فلا يصح إطلاق اقتضاء ، ثم التقدم الزماني للمعطوف عليه مع صحة نقيضه ، ( كقول الشاعر : كهزّ الرّديني ) سيف منسوب إلى ردينة ، والهز التحريك ، ( ثم اضطرب وزمان الهزعين زمان اضطراب المهزوز بلا شك ) ضرورة امتناع تخلف الأثر عن التأثير .
قال رضي الله عنه :  ( وقد جاء ) هذا الشاعر من العرب ( بثم ولا مهلة ) في قوله : ثم اضطرب ، فهو إنما جاء بها تقدم الهز بالرتبة العلية ، فإنها متقدمة على المعلول بالرتبة لا بالزمان .
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ) أي : كما أن زمان الهز زمان اضطراب المهزوز مع علو رتبة الهز على رتبة الاضطراب ، ( تجديد الخلق مع الأنفاس ) لأجزاء العالم والإنسان المفهوم من قولنا لا يكون ، ثم يكون ( زمان العدم ) المشار إليه بقولنا لا يكون ( زمان وجود المثل ) المشار إليه بقولنا ، ثم تكون مع علو رتبة العدم لكونه الأصل في الممكن ، وكيف يمنع هذا التجديد في زمان واحد في أجسام العالم وأعراضه .
والمراد بالمثل المعتاد لاشتباهه بالمثل إلا أن المثلين شخصان متغايران ، وهذا شخص واحد تخلل العدم بين وجوديه كما يتخلل المرض بين صحتيه ، وهو ( كتجديد الأعراض فقط في دليل الأشاعرة ) .
 
فليس هذا من البدعة ، وإن اختص انتظام بالقول به ، واستدل الأشعري بأن العرض لو بقي لامتنع زواله ؛ لأنه إما بنفسه ، فيلزم أن يصير مستحيلا بعد ما كان ممكنا ، وهو قلب الحقائق المحال أو بموجب وجودي ، كطريان ضد ، وهو محال ؛ لأن طريانه مشروط بزوال الأول ، فلو كان زوال الأول لطريان الثاني لزم الدور أو بموجب عدمي كزوال شرط ، فإن كان عرضا لزم الدور والتسلسل ، وإن كان جوهرا .
 
فإن زال بالعرض لزم الدور ، وإلا لزم التسلسل أو بفاعل مختار ، وإلا زالت إعدام ؛ فلا يكون أثرا ، وهذا الدليل بعينه دليل النظام ؛ فإن أجبت عنه بطل مذهب الأشعري أيضا ، فيقال للسّنّي : إما أن تعترف بصحة مذهب النظام أو ببطلان مذهبك أو بالفرق ، ولم يظهر على أن تهول جميع ما في العالم كالأعراض لصورة الوجود الحقيقي الإلهي باعتبار ظهوره في حقائق العالم ، فحكمها حكم ما تسميه الأشاعرة بالأعراض بلا فرق .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر :  كهز الرديني ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  (ولم يكن عندنا باتّحاد الزمان انتقال ) ضرورة أن الانتقال لا بدّ له من الزمان ، ليطابق الحركة والزمان والمسافة ، فهو ما كان من قبيل الانتقال ( وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك ) من المحصورين في حيطة القوى الجزئية ، التي إنما يدرك الأمور بإحساسها من الخارج ( إلا من عرفه ) من الداخل .
 
العالم في خلق دائم
قال رضي الله عنه :  ( و ) الذي يدل على أنّهم محجوبون عن هذه المرتبة ( هو قوله تعالى : “ بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ “  ) [ 50 / 15 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا يمضى عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راؤون له ) حتى يفهموا من الخارج معنى الخلق الجديد . وذلك لأنّه ليس في حيطة الزمان .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان هذا كما ذكرناه فكان زمان عدمه - أعني عدم العرش من مكانه - عين وجوده عند سليمان ، من تجديد الخلق مع الأنفاس . ولا علم لأحد بهذا القدر ) من الخارج ، كما سبق بيانه ، ولا من الداخل إلا بالتعريف الإلهي .
 
وإليه إشارة بقوله : ( بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنّه في كل نفس لا يكون ، ثمّ يكون ) .
وفي إيراد لفظة « ثمّ » هاهنا إيهام معنى التراخي وما يستتبعه من التقدّم والتأخّر الزمانيّين .
 
فلذلك قال رضي الله عنه  : ( ولا تقل : « ثمّ تقتضي المهلة » . فليس ذلك بصحيح وإنما ثم ) في أمثال هذه المواضع ( تقتضي تقدّم الرتبة العليّة ) وذلك فيما لم يكن للزمان دخل .
كقوله تعالى : “ ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ “  [ 41 / 11 ] أو يكون للزمان هناك دخل ، ولكن لا ترتيب فيه زمانيّ ، وذلك كما في اللغة ( عند العرب في مواضع مخصوصة ، كقول الشاعر) :( كهزّ الردينيّ   . . . ثمّ اضطرب )
قال رضي الله عنه :  ( وزمان الهزّ عين زمان اضطراب المهزوز بلا شكّ . وقد جاء ب « ثم » ولا مهلة ، كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس ، زمان العدم زمان وجود المثل ).
 
"" أضاف المحقق : شطري بيت لأبي دؤاد جارية بن الحجاج الشاعر الجاهلي ، من قصيدة له يصف فيها الفرس :
كهزّ الردينيّ تحت العجاج ...  جرى في الأنابيب ثمّ اضطرب
الرديني : الرمح نسبه إلى امرأة تسمى ردينة . والعجاج : الغبار . والأنابيب : جمع أنبوبة وهي ما بين كل عقدتين من القصب .
يقول : إذا هززت الرمح جرت تلك الهزّة فيه حتّى يضطرب كله ( شرح شواهد المغني للسيوطي : شواهد ثم ، 1 / 358 ) . ""
 
وقد عثر أكثر أهل النظر على هذا الترتيب ، وهو المسمى عندهم بالتقدّم الذاتيّ والطبيعيّ وبذلك تفطَّنوا على تبدّل الأعراض .
وإليه أشار بقوله ( كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة ) فإنّ علومهم لما كانت مأخوذة من الخارج وأمر الأعراض هو الظاهر بالذات هناك دون الجوهر ، لذلك فهموا تجديدها دونه ، وذهبوا إليه .
وعرش بلقيس لما كان من الجواهر المستقرّة ، إنما يعرف من عرّفه الله من الداخل أمر ذلك التجديد .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر :  كهز الرديني ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتّحاد الزّمان انتقال ، وإنّما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر بذلك إلّا من عرفه ، وهو قوله تعالى :بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.  ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راؤون له . وإذا كان هذا كما ذكرناه ، فكان زمان عدمه - أعني عدم العرش - من مكانه عين وجوده عند سليمان من تجديد الخلق مع الأنفاس . ولا علم لأحد بهذا القدر بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنّه في كلّ نفس لا يكون ثمّ يكون .
ولا تقل « ثمّ » تقتضي المهلة ، فليس ذلك بصحيح ، وإنّما « ثمّ » تقتضي تقدّم)
 
قال رضي الله عنه :  (ولم يكن عندنا ) ، أي لم يتحقق عندنا يعني المكاشفين بالخلق الجديد .
 
قال رضي الله عنه :  ( باتحاد الزمان ) ، أي بسبب وحدته وكونه آنا ( انتقال ) لأن الانتقال حركة والحركة زمانية ( وإنما كان إعدام إيجاد ) في آن واحد بأن إعدامه في سبأ ووجدانه عند سليمان عليه السلام ( بحيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه ) ، أي الخلق الجديد الحاصل في كل آن ( وهو ) .
 
أي عدم شعورهم بذلك ما يدل عليه ( قوله تعالى :"بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ " [ ق : 15 ] ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ) ، أي في ذلك الوقت مثل ( ما هم راؤون له ) في وقت قبله فيتوهمون أن المرئي في الوقتين واحد فلا يفهمون الخلق الجديد .


قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان هذا ) ، أي حصول العرش عند سليمان ( كما ذكرناه ) ، أي بطريق الإعدام والإيجاد ( فكان زمان عدمه أعني عدم العرش من مكانه عين وجوده ) ، أي عين زمان وجوده عند سليمان ( من ) قبيل ( تجديد الخلق مع الأنفاس ) بأن يكون في كل نفس بل في كل آن وجود مجدد شبيه بالوجود السابق على قدر خفي من التفاوت ( ولا علم لأحد بهذا القدر ) من التفاوت فيتوهم أن الوجود المتجدد بعينه هو الوجود الزائل ، فلا يشعر بتجديد الخلق مع الأنفاس .
 
قال رضي الله عنه :  ( بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ) لزوال وجود ( ثم يكون ) لعرض وجود آخر ، لأن زمان الزوال والعروض واحد والوجودان يشبهان من غير تفاوت ( ولا تقل ) لفظة.
( ثم ) في قولك : لا يكونان ثم يكون ( تقتضي المهلة ) أو تخلل الزمان بين العدم والوجود فلا يكونان في زمان واحد ( فليس ذلك ) ، أي القول باتحاد الزمان ( بصحيح وإنما ثمّ تقتضي).
 
قال رضي الله عنه:  (الرّتبة العلّيّة عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشّاعر : كهزّ الرّديني ثمّ اضطرب  وزمان الهزّ عين زمان اضطراب المهزوز بلا شكّ . وقد جاء بثمّ ولا مهلة .  كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس : زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة . )
قال رضي الله عنه:  (ثمّ تقتضي الرتبة العلية ) من العلو ( عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر" كهز الرديني ثم اضطرب " وزمان الهز متقدم على زمان اضطراب المهزوز بلا شك وقد جاء بثم ولا مهلة ) بناء على أن الهز مقدم بالذات على اضطراب المهزوز فجعل هذا التقدم بمنزلة التقدم الزماني .
واستعمل ثم فيه ( كذلك ) ، أي كما أن زمان الهز واضطراب المهزوز كذلك ( تجديد الخلق مع الأنفاس زمان العدم ) فيه ( زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة ) .
حيث ذهبوا إلى تعاقب الأمثال على محل العرض من غير خلو آن من شخص من العرض مماثل للشخص الأول .

فيظن الناظر أنها شخص واحد مستمر وإنما ذهبنا إلى ما ذهبنا من تجديد الخلق مع الأنفاس.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 17:21 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثانية عشر الجزء الأولى .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر:-     الجزء الأولى

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.  فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه. وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).

قال رضي الله عنه :  ( فإنّ مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلّا من عرف ما ذكرناه آنفا في قصّته .  فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلّا حصول التّجديد في مجلس سليمان عليه السّلام . فما قطع العرش مسافة ، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه .  وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها . وسبب ذلك كون سليمان هبة اللّه تعالى لداود عليهما السّلام من قوله تعالى : وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ[ ص : 30 ] . والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الجزاء الوفاق أو الاستحقاق .  فهو النّعمة السّابغة والحجّة البالغة والضّربة الدّامغة.)

قال رضي الله عنه :  (فإن مسألة حصول عرش بلقيس) من سبأ في بيت المقدس قبل ارتداد الطرف (من أشكل المسائل) في الدين (إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا) ، أي قريبا في قصّته العرش من أنه إعدام من مكان وإيجاد في مكان لا بطريق الانتقال ، لأنه من الخلق الجديد الواقع في كل شيء في مكان واحد أو في أماكن (فلم يكن لآصف) بن برخيا الذي جاءه بالعرش بدعوته من الفضل ، أي الفضيلة في ذلك الأمر إلا حصول التجديد للعرش في مجلس سليمان عليه السلام بمثل التجديد الذي كان له وهو في سبأ .

قال رضي الله عنه :  (فما قطع العرش) بانتقاله (مسافة) أصلا ، (ولا زويت) ، أي طويت (له أرض) حتى حصل بسرعة (ولا خرقها) ، أي الأرض كما هو عند المحجوبين من علماء الرسوم (لمن فهم ما ذكرناه) من تجديد الخلق (وكان ذلك) الحصول للعرش بسرعة (على يدي بعض أصحاب سليمان) عليه السلام وهو آصف بن برخيا وزير سليمان عليه السلام وابن خالته ، ولم يكن ذلك على يدي سليمان عليه السلام ليكون ذلك (أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين) عنده من بلقيس بيان للحاضرين (وأصحابها) الذين جاؤوا معها .

قال رضي الله عنه :  (وسبب ذلك) ، أي حصول هذا الأمر الخارق للعادة على يدي بعض أصحاب سليمان عليه السلام زيادة في تعظيمه في نفوس أعدائه (كون سليمان عليه السلام موهبة) ، أي عطية اللّه تعالى لداود أبيه عليهما السلام أخذا من قوله تعالى "وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ " [ ص : 30 ] ، (والهبة إعطاء الواهب بطريق الإنعام) على المعطى له (لا بطريق الجزاء) على العمل الوفاق ، أي الموافق لمقدار العمل أو بطريق الاستحقاق إذ لا يستحق أحد على اللّه تعالى شيئا فهو ، أي سليمان عليه السلام النعمة على أبيه داود عليه السلام السابغة ، أي الواسعة كما يقال : درع سابغ وثوب سابغ ، أي واسع على لابسه يستر بدنه كله والحجة ، أي الدليل والبرهان على أعداء الحق البالغة ، أي القوية المتينة والضربة في الكفر والباطل وأهله الدامغة ، أي الواصلة إلى الدماغ بحيث لا برء منها هذا من حيث حاله عليه السلام وهمته وشأنه في نفسه

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).

قال رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته من الإيجاد والإعدام ).
إن حصوله إعدام في مكانه إيجاد عند سليمان عليه السلام في زمان واحد من تجديد الخلق مع الأنفاس .

فإذا كان الأمر كذلك ( فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك ) الفعل ( إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام ) فإذا كان حصول العرش على طريق التجديد .

( فما قطع العرش مسافة ولا زويت له ) أي ولا طويت للعرش ( أرض ولا خرقها ) أي ولا خرق آصف أو العرش الأرض ( لمن فهم ) معنى ( ما ذكرناه ) من تجديد الخلق .
( وكان ) أي وحصل ( ذلك ) الفعل العظيم الشأن وجليل القدر ( على يدي بعض أصحاب سليمان عليه السلام ) وهو آصف بن برخيا .
( ليكون ) ذلك الفضل ( أعظم لسليمان عليه السلام ) أي ليكون ما فعله آصف بالعرش من الأمور العظام دليلا على أعظمية سليمان عليه السلام ( في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها ) .
فإن أعظمية التابع تدل على أعظمية المتبوع فكان فعل آصف معجزة لسليمان عليه السلام ( وسبب ) حصول ( ذلك ) الفعل على يدي بعض أصحابه مع أن سليمان عليه السلام قادر عليه .

قال رضي الله عنه :  ( كون سليمان عليه السلام هبة اللّه لداود عليه السلام من قوله تعالى :وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ [ ص : 30 ] ، والهبة عطاء الواهب بطريق الأنعام لا بطريق الجزاء الوفاق ) .

أي الجزاء الموافق لأعمال العباد كما قال جزاء وفاقا ( أو ) بطريق ( الاستحقاق ) بحسب العمل يعني أن وجود سليمان عليه السلام هبة اللّه لداود والفعل الذي حصل على يدي بعض أصحابه في مجلس سليمان عليه السلام هبة اللّه لسليمان لذلك لم يظهر على يدي نفسه إذ لو ظهر لتوهم أن ذلك في مقابلة عمله لا بطريق الأنعام .

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي ما فعل آصف بالعرش في مجلس سليمان ( النعمة السابقة ) لسليمان ( والحجة البالغة ) على أعيان أمته يوم القيامة ( والضربة الدامغة ) في حق الكفار ( وما أعلمه ) أي وأما اختصاص سليمان بالعلم يريد ذلك بيان مرتبة سليمان في العلم .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).

قال رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام. فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه. وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها. وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان». والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق. فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).

قال رضي الله عنه :  (فإنّ  مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلَّا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصّته ، فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلَّا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السّلام ) .

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الإيجاد - إمّا التعيّن الوجودي في صورة عرش بلقيس ، أو في صورة مثلها ، أو ظهور الصورة في الوجود الحق - إنّما هو للحق ، وليس لآصف إلَّا صورة التجديد والتجسيد في مجلس سليمان ، وتعيينه بالقصد منه ، وذلك أيضا للحق من مادّة آصف ، ولكن لسان الإرشاد يقضي بما رسم .

قال رضي الله عنه : ( فما قطع العرش مسافة ، ولا زويت له الأرض ، ولا خرقها ، لمن فهم ما ذكرناه ، وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السّلام في نفوس حاضرين من بلقيس وأصحابها ، وسبب ذلك كون سليمان عليه السّلام هبة الله - تعالى - لداود عليه السّلام من قوله :  " وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ " والهبة : عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الجزاء الوفاق أو الاستحقاق ، فهو النعمة السابغة والحجّة البالغة والضربة الدامغة ).
يعني سليمان عليه السّلام بالنسبة إلى داوود عليه السّلام فقد كملت الخلافة الظاهرة في داوود ، وظهرت الملكية وجودها في سليمان عليه السّلام سائر الليالي والأيّام .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).

قال رضي الله عنه : (  فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته ، فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام )

 يعنى أن حصول التعينات المتعاقبة وظهور الوجود في صورة عرش بلقيس ، أو ظهور صورة العرش في وجود الحق ، أو تعاقب الوجودات بتعاقب التجليات كلها للحق ، وليس لآصف إلا حصول التجديد في مجلس سليمان ، وذلك أيضا إن كان يقصد منه فهو للحق في مادة آصف ، ولكن لسان الإرشاد والتعليم يقتضي بما رسمه الشيخ قدس سره

قال رضي الله عنه :  ( فما قطع العرش مسافة ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه ، وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها ، وسبب ذلك كون سليمان هبة الله لداود من قوله تعالى : " ووَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ ".
والهبة : عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الجزاء الوفاق والاستحقاق ، فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة )
فهو أي سليمان لداود هو النعمة ، فإن الخلافة الظاهرة الإلهية قد كملت لداود ، وظهرت أكمليتها في سليمان.  
(أما علمه فقوله " فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ " مع نقيض الحكم ) أي حكم داود .
 

"" أضاف بالى زادة : فلا يستعمل ثم مطلقا للمهلة بل قد يكون المرتبة العلية وهنا كذلك ، لأن إعدامه في آن علة لإيجاده في آن آخر ، فكان زمان عدمه عين زمان وجوده ، لأن أقل أجزاء الزمان آفات ، فكما أن زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس اهـ بالى .
( الجزاء الوفاق ) أي الجزاء الموافق للأعمال وجزاء الاستحقاق بحسب العمل ، يعنى أن وجود سليمان هبة الله تعالى لداود والفعل الذي حصل على يد بعض أصحابه في بلقيس سليمان هبة الله لسليمان لذلك لم يظهر على يدي نفسه ، إذ لو ظهر لتوهم أن ذلك مقابلة عمله لا بطريق الإنعام ( فهو ) أي ما فعل آصف بالعرش في مجلس سليمان ( النعمة السابقة ) لسليمان ( والحجة البالغة ) على أعيان أمته يوم القيامة ( والضربة الدامغة ) في حق الكفار اهـ بالى . ""
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).

قال رضي الله عنه :  (فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته) من الإيجاد والإعدام .
قال رضي الله عنه :  ( فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان . )
إما منه بأمر الله تعالى ، أو من الحق في صورته وصورة قوله ، كما مر في الإحياء من الاعتبارات . والكل صحيح .
( فما قطع العرش مسافة ، ولا زويت ) أي ولا طويت . ( له أرض ولا خرقها ) أي ، ولا خرق آصف الأرض ، ( لمن فهم ما ذكرناه . وكان ذلك ) أي ، وحصل ذلك .
قال رضي الله عنه :  ( على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان ) أي ، ليكون صدور مثل ذلك الفعل العظيم والتصرف القوى من أصحاب سليمان وحواشيه أكثر إعظاما لسليمان ، عليه السلام .

قال رضي الله عنه: ( في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها وسبب ذلك . ) أي ، وسبب ذلك الاختصاص الحاصل لسليمان وأصحابه.

قال رضي الله عنه :  ( كون سليمان ، عليه السلام ، هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى : "ووهبنا لداود سليمان" . و" الهبة "عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الجزاء الوفاق . )

مستفاد من قوله تعالى : ( جزاء وفاقا ) . أي ، جزاء موافقا لأعمال العابد . ( أو الاستحقاق ) أي ، بحسب استحقاق العمل . ولا يتوهم أنه يريد بالاستحقاق الاستعداد الذي عليه جميع ما يفيض من الله .
والمراد أن وجود سليمان حصل من العناية الإلهية السابقة في حق داود ، عليه السلام ، بحسب اقتضاء أعيانهما الثابتة ذلك ، لذلك خصه الله بالخلافة والملك الذي لا ينبغي لأحد من التصرف في الأكوان .

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي ، ذلك التصرف في مجلس سليمان . ( هو النعمة السابقة ) المتممة للنعم التي قبلها في حق سليمان . أو وجود سليمان هو النعمة السابقة في حق داود ، عليه السلام .
قال رضي الله عنه :  ( والحجة البالغة ) أي ، على عينه يوم القيامة وأعيان أمته . ( والضربة الدامغة . ) أي ، الواصلة إلى الدماغ . في حق أعدائه من المخالفين والكفار .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 17:29 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر:-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلّا من عرف ما ذكرناه آنفا في قصّته ، فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلّا حصول التّجديد في مجلس سليمان عليه السّلام ، فما قطع العرش مسافة ، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه ، وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها ، وسبب ذلك كون سليمان هبة اللّه تعالى لداود عليه السّلام من قوله تعالى :"وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ "[ ص : 30 ] .  والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الجزاء الوفاق أو الاستحقاق ، فهو النّعمة السّابغة والحجّة البالغة والضّربة الدّامغة ،)
 
وإنما أطنبنا هذا الإطناب ( في مسألة حصول عرش بلقيس ) عند سليمان عليه السّلام في زمان انعدامه عن مكانه لغاية إشكالها ، فإن مسألة حصول عرش بلقيس في رؤية سليمان مستقرّا عنده ( من أشكل المسائل ) ؛ لأنه إن قيل فيها بالانتقال لزم تصور حركة الجسم من مكان إلى آخر في زمان واحد مع اقتضائه بالضرورة ثلاثة أزمنة في أقرب الأمكنة .
 
وإن قلنا بالتحديد لزم أن يكون زمان العدم عين زمان الوجود ، وهما متحدان معا مع أنه اعتراف بمذهب النظام .
وإن قلنا : إنه مع اتحاد الزمان لزم اجتماع الوجود والعدم في شيء واحد في زمان واحد ، والتزم بعضهم فيه القول بالحركة في زمن واحد ، وبعضهم عدل إلى القول بطيء المسافة ، وبعضهم إلى القول بالظفرة .
لكن الكل محال على ما يأتي ( إلا عند من عرف ما ذكرناه في قصته ) من أنه تحديد في زمان واحد محمقين مختلفين من غير انتقال ؛ فلذلك رآه مستقرّا غير مستقبل ، وإذا كان التجديد ( حاصلا لأجزاء العالم كله ما لآصف من الفضل في ذلك ) التحديد من حيث هو تحديد ، فإنه يحصل بدون قصده أبدا .
 
فلا فضل له ( إلا حصول التجديد في مجلس سليمان ) ، فإنه كان يقصده على خرق العادة بخرقها بالتحديد في المكان الأول إن كان ساكنا ، أو المكان المنتقل إليه إن كان متحركا إما مع السكون في مكانه الأول ، فلم يكن التحديد في مكان آخر عادة ، وإذا كان كذلك ، ( فما قطع مسافة العرش ) بعيدة في زمان واحد حتى يشكل بالحركة الممتدة في زمان واحد ، ( ولا زويت الأرض ) إلا لزوي دارها مع عرشها .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا خرقها ) أي : حصلت له الظفرة التي يقول بها النظام ، لكنه إنما يقال ( لمن فهم ما ذكرناه ) من تحديده في زمان واحد في مكان آخر مع اجتماع الوجود والعدم عليه باعتبارين ، ومن استحالة بقية الاحتمالات بما ذكرنا .
ثم أشار إلى سر ظهوره ( على يدي بعض أصحابه ) مع أن ظهور الخوارق على يديه أولى ،
 
فقال رضي الله عنه  : ( وكان ذلك ) أي : حصول عرش بلقيس مستقرا عند سليمان في زمان عدمه عن مكانه ( على يدي بعض أصحاب سليمان ؛ ليكون أعظم ) وقعا ( لسليمان عليه السّلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها ) ، بأنه إذا كان لبعض أصحابه هذه الرتبة العظيمة في إظهار الخوارق ، فأين رتبته في ذلك ، فيتأكد بذلك أمر نبوته مع أنه يدل على أنه إنما حصل له بتركه متابعته لسليمان ، فلو تبعناه ربما حصل لنا مثل هذه الرتبة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وسبب ذلك ) أي : اختصاص سليمان لظهور مثل هذه الخوارق على يدي بعض أصحابه دون أكثر الأنبياء عليهم السّلام ( كون سليمان عليه السّلام هبة اللّه لداود ) ، فيكون كمالا لنبوته ، وثبوت النبوة بظهور الخوارق على يدي النبي ، فكمالها يكون بظهورها على يدي بعض أصحابه عن متابعته وتكميله إياه ( من قوله تعالى :وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ) [ ص : 30 ] ، والهبة الإلهية للشخص لا بدّ وأن تفيده كمالا فوق الكمال المستحق له من ذاته أو من أعماله ، سيما إذا انتسبت إلى نون التعظيم ؛ وذلك لأن ( الهبة ) الإلهية ( إعطاء الواهب ) من أسمائه تعالى ( بطريق الإنعام ) الذي ليس في مقابلة شيء ولا أداء حق .
 
ولذلك قال رضي الله عنه  : ( لا بطريق الجزاء الوفاق ) ؛ فإنه في مقابلة العمل ( والاستحقاق ) ، فإنه من أداء الحق إلى مستحقه ،.
"" إضافة المحقق : أي : الجزاء الموافق للأعمال وجزاء الاستحقاق بحسب العمل ، يعني أن وجود سليمان هبة اللّه لداود والفعل الذي حصل على يد بعض أصحابه في بلقيس ، سليمان هبة اللّه لسليمان لذلك لم يظهر على يدي نفسه ، إذا لو ظهر لتوهم أن ذلك مقابلة عمله لا بطريق الإنعام . ( شرح القاشاني ص 239 ) .""
 
فلا يسمى هبة ( فهو ) أي : هذا العطاء ( النعمة السابغة ) فوق الجزاء الوفاق وأداء قدر الاستحقاق ، فيكون أكمل النعم ، ولا أكمل فيها مما يكمل النبوة ، وتكميلها إما بتكميل علمها أو بتكميل المعجزات ؛ ولذلك يقول : هي الحكمة السالفة المكملة لعلم النبوة ،
وفي نسخة : ( الحجة البالغة ) ، والمراد الأدلة العلمية المنتهية في الآية إلى المطالب ،
وقوله رضي الله عنه :  ( والضربة الدامغة ) المكملة للمعجزات ، فإن ظهور الكرامات على يدي أصحاب النبي من الحجج المانعة للخصوم.
 
لتسكينهم تسكين الضربة الدامغة لا يقدرون على التحرك ، فالضربة الدامغة في حق سليمان عليه السّلام ما ذكرناه من ظهور هذه الكرامة من بعض أصحابه ، وأما الحكمة البالغة ؛ فقد أشار إليها بقوله :
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ مسألة حضورعرش بلقيس من أشكل المسائل ، إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصّته ، فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان ، فما قطع العرش مسافة ، ولا زويت وطويت له أرض ، ولا خرقها - لمن فهم ما ذكرناه ) .
من كيفيّة تبديل العرش في صورة التحويل ، من حكيم يعرف طريق تحصيله وميزان تقويمه وتعديله .
 
كان سليمان هبة الله لداود عليهما السّلام
قال رضي الله عنه :  ( وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان عليه السّلام ليكون أعظم لسليمان عليه السّلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها ، وسبب ذلك )
 الظهور من سليمان عليه السّلام بين الأنبياء - يعني ظهور قهرمان تصرّفه في الثقلين ونفوذ حكمه في الملوين . وأن أمر تصريف العالم بيدي أحد من خدّامه .
 
 قال رضي الله عنه :  ( كون سليمان هبة الله لداود عليه السّلام من قوله تعالى : “وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ“ [ 38 / 30 ] والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام ).
 أي مبدأ صدوره هبة الجواد المطلق ، وغاية ظهوره هو إنعام منه لخلَّص خواصّه من العبيد ، فهو حينئذ في جلالة القدر
 
لا بدّ وأن يكون بما لا يقابله ولا يعادله شيء من أعمال العباد - تخلَّقا كان ذلك أو تحقّقا - وإليه أشار بقوله :
( لا بطريق الجزاء الوفاق أو الاستحقاق ) وهو أن يكون العبد قد استحقّ ذلك بمحض استعداده لما يستحقّه بنفسه وإنّما لم يكن ذلك :
أما الأول فلأنّه لا بدّ من معادلة الجزاء لما يورثه من الأعمال ، وموافقته له في ميزان ظهور الأحكام والآثار ، وليس من العبيد ما يكون بذلك المنزلة والاعتبار .
 
وأما الثاني فلأنّ استعداد العبد - من حيث هو عبد - إنما يقتضي الأوصاف العدميّة - على ما هو مؤدّى أمر القبول وتنفيذ حكمه - فلا يقتضي التأثير والتصرّف في شيء ، فضلا عن تقلَّد أمر التصريف في الثقلين .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو النعمة السابغة ) من الله على العالمين من حيث إفاضة الحقائق على المسترشدين من أمّته وتغذيتهم بها وتربيتهم منها ، ( والحجّة البالغة ) من حيث غلبته بمجرّد البرهان على المستبصرين منهم من ذوي الأنظار وأولي الأفكار ، ( والضربة الدامغة ) من حيث ظهوره بالسيف على العامّة من المنكرين من الثقلين ، فهو الوليّ ، النبيّ ، الرسول الظاهر على العالمين بالفيض والرحمة الظاهرة والباطنة والقهر .
 
ثم هاهنا تلويح :
اعلم أنّ حروف « داود » بعددها وعدد بيناتها « يسأل عطية » ويقتضيها ولذلك تراه قد اختصّ بها بين الأنبياء .
وإذ كان لسليمان - حسبما فيه من الحروف ثلاث جهات - : الولاية ، والنبوّة ، والرسالة .
يقتضي توجّه هبة الله له وترشيحه لمراقي عزّه إلى أن يبلغ تلك الجهات منتهى كمالها بما لا مزيد عليه .
فترقى في الأول منها إلى أن أصبح نعمة سابغة في إفاضة ما يربي المسترشدين ويغذّيهم .
وفي الثانية منها حجّة بالغة للمتردّدين .
وفي الثالثة منها ضربة دامغة للمنكرين .
وهذه هي الغاية في المراتب المذكورة .
ولذلك وصف كلا منها بما هو تمامه بكمال الحروف - أعني الغين الذي لا مزيد عليه بينهما ، فإنّ كل كلمة آخرها وتمامها ذلك الحرف يقتضي الكمال والختم في معناها ، على ما لا يخفى لمن تصفّح ذلك وتأمّل .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.  ).


قال رضي الله عنه :  ( فإنّ مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلّا من عرف ما ذكرناه آنفا في قصّته .  فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلّا حصول التّجديد في مجلس سليمان عليه السّلام . فما قطع العرش مسافة ، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه .  وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها . وسبب ذلك كون سليمان هبة اللّه تعالى لداود)


قال رضي الله عنه :  (فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قضيته ) من الإيجاد والإعدام ( فلم يكن لآصف من الفضل ) على العالم من الجن بأسرار التصريف .
 
قال رضي الله عنه :  ( في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام فما قطع العرش مسافة ولا زويت ) ، أي طويت ( له أرض ولا خرقها ) ، أي العرش الأرض وذلك ظاهر ( لمن فهم ما ذكرناه ) من الإعدام والإيجاد ( و ) إنما ( كان ذلك ) الفعل العظيم والتصرف القوي ( على يدي بعض أصحاب سليمان ) لا على يديه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيكون أعظم ) ، أي أشد إعظاما ( لسليمان في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها وسبب ذلك ) ، أي سبب ظهور سليمان بهذا التصرف الجاري على يدي بعض أصحابه ( كون سليمان عليه السلام هبة اللّه تعالى لداود )
 
قال رضي الله عنه :  (عليهما السّلام من قوله تعالى :وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ[ ص : 30 ] . والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الجزاء الوفاق أو الاستحقاق .  فهو النّعمة السّابغة والحجّة البالغة والضّربة الدّامغة . )


قال رضي الله عنه :  ( عليهما السّلام من قوله تعالى :وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ[ ص : 30 ] والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الجزاء الوفاق أو الاستحقاق ) ، أي الموافق لأعمال الموهوب له قد أستحقه بمحض استعداده له .
وكان المراد أن لا يكون أحد الأمرين ملحوظا للواهب باعثا له على الهبة وإلا فلا بد لها بحسب الواقع من الاستحقاق ( فهو ) ، أي سليمان ( النعمة السابغة ) على داود بل على العالمين أما على داود .


فلأن الخلافة الظاهرة الإلهية كملت لداود وظهرت أكمليتها في سليمان عليهما السلام وأما على العالمين فلما وصل منه إليهم من آثار اللطف والرحمة ( والحجة البالغة ) من حيث كان يبلغ المستبصرين بالبرهنة إلى مقاصدهم ( والضربة الدامغة ) للمنكرين الجاحدين بالسيف .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 18:05 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر:-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا علمه فقوله تعالى :فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ مع نقيض الحكم وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً[ الأنبياء : 79 ] . فكان علم داود علما مؤتى آتاه اللّه ، وعلم سليمان علم اللّه في المسألة إذ كان هو الحاكم بلا واسطة . فكان سليمان ترجمان حقّ في مقعد صدق . كما أنّ المجتهد المصيب لحكم اللّه الّذي يحكم به اللّه في المسألة أو تولّاها بنفسه أو بما يوحى به لرسوله له أجران ، والمخطيء لهذا الحكم له أجر مع كونه علما وحكما . )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما علمه) ، أي سليمان عليه السلام فقوله ، أي اللّه (تعالى "فَفَهَّمْناها")، أي الحكومة في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم أي الزرع الذي أكلته غنم الغير ("سُلَيْمانَ") عليه السلام ، فحكم أن صاحب الزرع يأكل من لبن الغنم حتى ينبت زرعه كما كان ، ثم يرد الغنم على أهله (مع نقيض الحكم) من أبيه داود عليه السلام وهو حكمه بالغنم ملكا لصاحب الزرع وَكُلًّا، أي كل واحد منهما آتاه اللّه تعالى حُكْماً، وهو سليمان عليه السلام وَعِلْماً وهو داود عليه السلام بقوله سبحانه :وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً[ الأنبياء : 79 ] .
 
فكان علم داود عليه السلام الذي آتاه اللّه تعالى له علما يؤتى ، أي يؤتيه اللّه تعالى لمن شاء وهو العلم الحادث .
وعلم سليمان عليه السلام هو علم اللّه تعالى القديم في هذه المسألة ، وهو العلم اللدني الذي قال اللّه تعالى في الخضر عليه السلام آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا[ الكهف : 65 ] وهو الوجود الذي قام به وكشف عنه وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً[ الكهف : 65 ] .
 
أي علما من عندنا ، وهو علم اللّه تعالى القائم بذلك الوجود المطلق عين الوجود المطلق ، فالخضر لموسى عليه السلام كسليمان لداود عليه السلام ، فالخضر على علم علمه اللّه تعالى لا يعلمه موسى عليه السلام ، وموسى عليه السلام على علم لا يعلمه الخضر عليه السلام كما ورد ذلك عن الخضر في الخبر الصحيح .
ومع ذلك فما علم الخضر وعلم موسى عليهما السلام في علم اللّه تعالى إلا كما أخذ العصفور بفمه من ماء البحر.
كما قال الخضر ذلك لموسى عليه السلام كما ورد به الحديث الصحيح .
 لأن علم الخضر عليه السلام في كل مسألة عين علم اللّه تعالى بها ، وعلمه تعالى بمسألة عين علمه لكل مسألة إلى ما لا نهاية له ، ولكن لما قوبل بعلم موسى عليه السلام الذي آتاه اللّه تعالى له على حسب استعداده واستعداد المكلفين به ، انقسم ذلك ، فانتسب إلى المطلق بما أخذ العصفور من ماء البحر . وكذلك علم سليمان مع داود عليهما السلام .
 
ولما كان سليمان هبة لداود عليهما السلام لم يعترض عليه داود كما اعترض موسى على الخضر عليهما السلام ؛ ولهذا قال له :إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً[ الكهف : 67 ] ، وتقدير الكلام ، لأن علمك من علمه ، نزل لك على حسب استعدادك واستعداد قومك ، وعلمي عين علمه صعدت إليه أنا بالفناء عني وعن كل ما سواه لا هو نزل إليّ .
وصرح له بذلك فقال : "وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ".
وهو علم اللّه تعالى ، وهما الملكان :
أحدهما النازل
والآخر الصاعد كما ورد في الحديث .
فالنازل يقول موسى أعلم من الخضر .
والصاعد يقول الخضر أعلم من موسى
إذ ، أي لأنه كان ، أي سليمان عليه السلام هو الحاكم الحق بلا واسطة نفس منه واللّه يحكم لا معقب لحكمه .
وكان سليمان عليه السلام ترجمان حق لحكم الحق تعالى بلسانه فيما حكم بهفِي مَقْعَدِ صِدْقٍ[ القمر : 55 ] ، وهو حضرة الثبوت العلمي مكشوفا عنه بالوجود الحقيقي .
 
قال رضي الله عنه :  (كما أن المجتهد) في شريعتنا في مسألة من المسائل (المصيب لحكم اللّه) تعالى (الذي يحكم به اللّه) سبحانه في تلك المسألة لو تولاها ، أي تلك المسألة فحكم بها اللّه تعالى بنفسه من غير واسطة أحد وبما يوحى به من الشريعة لرسول من رسله عليهم السلام كان له ، أي لذلك المجتهد على حكمه المذكور
في تلك المسألة أجران :
أجر على اجتهاده
وأجر على إصابته الحق
والمخطىء في اجتهاده لهذا الحكم المعين الذي يحكم به اللّه لو حكم بلا واسطة ويحكم به رسوله بالوحي عنه له أجر واحد على اجتهاده فقط .
 
كما ورد في الحديث : « من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد » مع كونه ، أي مما حكم به المجتهد في الصواب والخطأ علما وحكما فهو في الصواب حكم وفي الخطأ علم ، وإن لم يشعر بذلك لاستعماله العقل والفكر في اجتهاده ، فهو على غير بصيرة ، وإن أعطاه اللّه تعالى الأجر فليسوا من ورثة الأنبياء إلا من حيث كونهم حاملين لعلوم العقل من الكتاب والسنة ، لا من حيث علومهم التي استنبطوها ، وإن أقرهم عليها الشارع .
 
لأن علوم الأنبياء عليهم السلام ليست اجتهادية ظنية كعلوم المجتهدين ولا تحتمل الخطأ أصلا ، وإنما ورثتهم من كل وجه أهل الباطن المحققون .
قال تعالى :"قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي"[ يوسف  : 108] الآية .
وإن كانت هذه العلوم الباطنية اللدنية حاصلة للمجتهدين أيضا مع علوم اجتهادهم ، فإنهم ورثة الأنبياء من تلك الحيثية لا من حيث علوم الاجتهاد ، وهذا مرادنا بالمجتهد من حيث ما هو مجتهد لا من حيث ما هو عارف صاحب كشف وبصيرة إن كان كذلك .
  
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )
 
قال رضي الله عنه :  ( بقوله ) تعالى : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ مع نقيض الحكم ) أي مع وجود نقيض حكم سليمان وهو حكم داود في المسألة .
قال رضي الله عنه :  ( وكلا ) أي وكل واحد من الأنبياء ( أتاه اللّه حكما وعلما فكان علم داود علما مؤتى آتاه اللّه ) على يد من أيدي الأسماء من الوهاب وغيره .
فجاز في حكمه أن يصيب وأن لا يصيب كما في المسألة ( وعلم سليمان علم اللّه في المسألة إذا كان ) أي سليمان ( هو الحاكم بلا واسطة ) فعلم سليمان الأمر على ما هو عليه لكون علمه عين علم الحق .
وفضل سليمان على داود عليهما السلام في رتب العلم في هذه المسألة لا ينافي أفضلية داود على سليمان .
قال رضي الله عنه :  ( فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق ) فكان لسليمان في المسألة أجران ولداود أجر واحد قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما أن المجتهد المصيب لحكم اللّه الذي يحكم به اللّه ) أي بذلك الحكم
 
قال رضي الله عنه :  (في المسألة لو تولاها بنفسه ) أي لو تولى الحق بنفسه المسألة ( أو ) تولاها ( بما يوحي به لرسوله له ) خبر مقدم الضمير يرجع إلى المصيب ( أجران ) مبتدأ والجملة خبران أي فله أجر لإصابته في الحكم وأجر لبذل جهده  .


 قال رضي الله عنه :  (والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر ) واحد لبذل جهده ( مع كونه ) أي مع كون خطأه يعدّ ( علما ) بحسب الشرع كعلم المصيب ( و ) يعدّ حكمه ( حكما ) بحسب الشرع في وجوب العمل به كحكم المصيب.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )


قال رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما. فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.  كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )
 
قال رضي الله عنه : ( وأمّا علمه فقوله :  ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ )  مع نقيض الحكم ) يعني مع منافاة حكمه لحكم داوود .
قال رضي الله عنه :   ( وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً )   ، فكان علم داوود علما مؤتى آتاه الله ، وعلم سليمان علم الله في المسألة ، إذا كان الحاكم بلا واسطة  ، وكان سليمان ترجمان حقّ في مقعد صدق ، كما أنّ المجتهد المصيب بحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة ، لو تولَّاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله ، له أجران ، والمخطئ لهذا الحكم المعيّن له أحد مع كونه علما وحكما ).
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ تقييد الوجود في الصورة العرشية عند سليمان وبلقيس لم يكن إعادة العين ، ولا نقل الموجود المشهود في سبأ إلى مجلس سليمان ، فإنّ ذلك محال ، ولكنّه إعدام لذلك الشكل العرشي في سبأ وإيجاد لمثله عندهما من علم الخلق الجديد ، فهو إيجاد المثل ، لا إيجاد العين وذلك إيهام وإيماء وتنبيه للمثل بإظهار المثل .
وكذلك كان الصرح يوهم من رآه أنّه ماء صاف يموج مثل ما يتخيّل من لا معرفة له بحقيقة تجديد الخلق مع الأنفاس أنّ الثاني عين الأوّل ، وأنّ المجسّد الممثّل من الصورة العرشية عين عرش بلقيس الذي في سبأ .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )


قال رضي الله عنه :  (أما علمه فقوله " فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ " مع نقيض الحكم ) أي حكم داود .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكلا آتاه الله حكما وعلما ، فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله ، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان هو الحاكم بلا واسطة فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق ، كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحى به لرسوله له أجران ، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر واحد مع كونه علما وحكما ).
 
أي بالقرآن والحديث. ورتبة داود في الحكمة  بالاجتهاد.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )


قال رضي الله عنه :  ( وأما علمه ) أي ، وأما اختصاص سليمان بالعلم . ( فقوله تعالى : " ففهمناها سليمان " مع نقيض الحكم . ) أي ، وجود الحكم المناقض في المسألة الصادرة من داود ، عليه السلام . ( وكلا ) من الأنبياء ، عليه السلام .
 
قال رضي الله عنه :  ( أتاه الله  حكما وعلما . فكان علم داود علما مؤتى أتاه الله ، وعلم سليمان علم الله في المسألة ، إذ كان هو الحاكم بلا واسطة . )
أي ، كان علم داود علما عطائيا ، صادرا من الحضرة الوهاب والمعطى ، وكان علم سليمان علما ذاتيا ، لذلك علم المسألة كما في علم الله.

وفي التعليل بقوله : ( ( إذ كان . . . ) ) إشارة إلى فناء بشريته في حقيته بحصول التجلي الذاتي . أي ، فنيت بشرية سليمان وحكم الحق بالمسألة كما يعلمها ، لكن في الصورة السليمانية ، كما تجلى لموسى ، عليه السلام ، في صورة الشجرة .

قال رضي الله عنه :  (فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق ، كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحى به إلى رسوله ، أجران ، والمخطئ لهذا الحكم المعين ، له أجر . ) .

أي ، فله أجران من حيث إنه ترجمان الحق في المسألة بحسب مقامه ومرتبته ، كما أن المجتهد المصيب له أجران .
أو هو ترجمان الحق ، كما أن المجتهد المصيب في الحكم ترجمان الحق وإن لم يعلم ذلك .
وكلا الوجهين صحيح . ويدل على صحتهما ما قال في أمة محمد ، صلى الله عليه وسلم : " وإنما كان للمصيب أجران " .

لكونه أصاب في الحكم وبذل جهده فيه ، فصار في مقابلة الإصابة أجر ، وفي مقابلة بذل الجهد أجر . لذلك جعل للمخطئ أجر واحد ، لأنه بذل جهده فاستحق أجره ( مع كونه حكما وعلما ) أي ، مع كون حكم المخطئ فيما اجتهد فيه علما بحسب الشرع ، وحكما واجب العمل به إلى
حين ظهور خطائه وهو زمان المهدى ، عليه السلام .

لذلك ترتفع المذاهب فيه ويصير مذهبا واحدا .

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 18:12 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر:-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا علمه فقوله تعالى :"فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ" [ الأنبياء : 79 ] ، مع نقيض الحكم "وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً"[ الأنبياء : 79 ] . إذ كان هو الحاكم بلا واسطة ، فكان سليمان ترجمان حقّ في مقعد صدق ، كما أنّ المجتهد المصيب لحكم اللّه الّذي يحكم به اللّه في المسألة أو تولّاها بنفسه أو بما يوحى به لرسوله له أجران ، والمخطئ لهذا الحكم له أجر مع كونه علما وحكما ،)
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما علمه ) أي : المكمل لنبوته ، ) فقوله تعالى :”فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ”[ الأنبياء : 79 ] ( .

ففضل علمه على علم داود ( مع نقيض الحكم ) الذي هو متعلق علم داود ، والاعتقاد المتعلق بأحد النقيضين إذا كان علما كان الآخر جهلا غالبا ، فكان فضل هذا العلم على علم داود فضل العلم على الجهل ، إلا أنه ليس بجهل.
لأن معلومه وإن كان نقيض الحكم الصواب ، حكم مؤتى له من عند اللّه إذ كان يجب عليه العمل به ؛ لحصوله من العلم المؤتى له من اللّه تعالى بسبب اجتهاده بحيث يجب عليه أن يعتقده ويفتي به ؛ وذلك لأن ( كلا أتاه اللّه حكما وعلما ) بحيث أوجب على كل واحد منهما أن يعمل بما أوتي ويعتقد ويفتي به.
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان علم داود ) أي : اعتقاده مع تعلقه بنقيض الصواب ( علما مؤتى ) حصل له باجتهاده الخطأ ، لكن لم يؤته بالاجتهاد والنظر ، بل ( أتاه اللّه ) بإفاضة النتيجة بعد النظر والاجتهاد ، ولكنه أخطأ بمخالفة علم اللّه تعالى في المسألة .

قال رضي الله عنه :  ( وعلم سليمان علم اللّه في المسألة ) بحيث ( إذا كان ) اللّه ( هو الحاكم بلا واسطة ) من حكام الخلق يحكم بحكم سليمان لا بحكم داود ، وإن أوجب عليه أن يعمل بما يراه من الخطأ ويعتقده ويفتي به وجعله علما مؤتى له ، ( فكان سليمان ترجمان حق ) بين علمه وحكمه ( في مقعد صدق ) ، أي : نائبا منابه في هذا الأمر دون داود ، وإن كان منصوصا عليه بالخلافة ، فكان مكملا خلافته ونبوته ، ولا يبعد أن تكون الاعتقادات المتعلقات بالنقيضين علمين ، فإن له نظيرا عندنا أشار إليه بقول : ( كما أن المجتهد المصيب لحكم اللّه ) .
 
ولما كان المخطئ أيضا حاكما بحكم اللّه ( الذي أوجب عليه العمل والفتوى ) به فسره بقوله : ( الذي يحكم اللّه به في المسألة أو لو تولاها ) أي : الحكومة ( بنفسه ، أو ) تولى التنصيص عليها ( بما يوحي به لرسوله له أجران ) مع إنما يعتقد الحكم المؤتي به من اللّه عن اجتهاده وعمله ، وأفتى به كالمخطئ إلا أن له مع أجر الاجتهاد المفيد له حكما وعلما أجر الإصابة لحكم اللّه .
قال رضي الله عنه :   والمخطئ لهذا الحكم ) المعين الذي تعينه في علم اللّه لو تولى الحكم بنفسه أو أوحى به إلى رسوله ، وإن كان مثل المصيب في الاجتهاد ، ووجود الفتوى والعمل به له أجر واحد هو أجر الاجتهاد فقط.
 
قال رضي الله عنه :  ( مع كونه ) أي : كون خطئه في الاجتهاد ( علما ) يجب عليه اعتقاده والفتوى به ، ( وحكما ) يجب عليه العمل به ، فصح أن النقيضين حكمان إلهيان إذا صدرا عن الاجتهاد ، وإن الاعتقاد المتعلق بهما علم قطعي ، وإذا صح تشبيه سليمان وداود بمجتهدي هذه الأمة في الإصابة والخطأ .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )
 
علم داود وسليمان عليهما السّلام وأمة محمد صلَّى الله عليه وسلَّم
قال رضي الله عنه :  ( وأما علمه ) - وهو الأول من الوجوه الثلاثة الكماليّة – ( فقوله “  فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ “  مع نقيض الحكم ) الصادر من داود عليه السّلام في مسألة الزرع وأكله الماشية ( وكلَّا ) من الأنبياء ( “آتَيْنا حُكْماً “) بحسب ما تقتضيه استعدادات أممهم ("وَعِلْماً “ ) [ 21 / 79 ] هو مبدأ ذلك الحكم .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكان علم داود ) على ما هو مقتضى النص الكريم - وهو قوله : " آتَيْنا" (علما مؤتى، آتاه الله) وحيا كان أو إلهاما ( وعلم سليمان علم الله في المسألة ) على ما هو مقتضى قوله تعالى : "فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ".
 
قال رضي الله عنه :  ( إذ كان الحاكم ) عند تفهيمها إيّاه ( بلا واسطة ، وكان سليمان ) في تلك المسألة ( ترجمان حقّ في مقعد صدق ) وكلّ من الحكمين بما فيهما من التناقض حقّ .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما أنّ المجتهد المصيب لحكم الله ، الذي يحكم به الله في المسئلة لو تولاها بنفسه أو بما يوحى به لرسوله : له أجران ، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر ، مع كونه علما وحكما ) .
حديث البخارى « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر » . رواه البخاري ومسلم.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا علمه فقوله تعالى :فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ مع نقيض الحكموَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً[ الأنبياء : 79 ] . فكان علم داود علما مؤتى آتاه اللّه ، وعلم سليمان علم اللّه في المسألة إذ كان هو الحاكم بلا واسطة . فكان سليمان ترجمان حقّ في مقعد صدق . كما أنّ المجتهد المصيب لحكم اللّه الّذي يحكم به اللّه في المسألة أو تولّاها بنفسه أو بما يوحى به لرسوله له أجران ، والمخطيء لهذا)


قال رضي الله عنه :  ( وأما علمه فقوله ) ، أي لما يدل عليه قوله ( ففهمناها سليمان مع نقيض الحكم ) ، أي مع وجود نقيض حكمه من داود عليه السلام في مسألة الزرع وأكل الماشية إياها ( وكلا ) من داود وسليمان ( آتاه اللّه حكما وعلما فكان علم داود علما مؤتى آتاه اللّه ) من حيث اجتهاده فيما أوحي ( وعلم سليمان ) بعينه ( علم اللّه في المسألة ) المختلف فيها ( إذا كان هو ) ، أي اللّه العالم بها في مظهر سليمان ، لأنه فني عن نفسه بتجلي الاسم العليم المفهوم من قوله تعالى :فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ[ الأنبياء : 79 ] .


إذا الظاهر أنه لا يوحى إليه وحيا ظاهرا وإلا فالظاهر أن يقال :" فَأَوْحَيْنا إِلى سليمان" ( و ) كما أنه هو العالم في مظهر سليمان فلذلك هو ( الحاكم بلا واسطة ) فإن الحكم يترتب على العلم ( فكان سليمان ) الذي فهمه اللّه تلك المسألة له فضيلتان :
إحداهما : فضيلة التفهيم في العلم
وأخراهما : كونه ( ترجمان حق في مقعد صدق ) في الحكم ( كما أن المجتهد المصيب لحكم اللّه الذي يحكم به اللّه في المسألة أو تولّاها بنفسه أو بما يوحي به ) اللّه في المسألة لو تولاها نفسه أو بما يوحي به ( لرسوله له أجران ) : أجر الاجتهاد وأجر الإصابة
 

قال رضي الله عنه :  (و ) المجتهد ( المخطىء لهذا الحكم له أجر ) واحد هو أجر الاجتهاد ( مع كونه ) ، أي كون ما أدى إليه اجتهاد المخطىء ( علما ) في الشرع ، أي أعطاه الشرع حكم العلم وهو وجوب العمل بموجبه ( وحكما ) يجب العمل به ما لم يظهر خطؤه.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 18:20 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر:-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي. ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.  فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمّة المحمّديّة رتبة سليمان - عليه السّلام - في الحكم ، ورتبة داود - عليه السّلام - . فما أفضلها من أمّة . ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندهاقالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل : 42 ] وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التّجديد عين ما أنت في الزّمن الماضي . ثمّ إنّه كمال علم سليمان التّنبيه الّذي ذكره في الصّرح .قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج . فلمّا رأته حسبته لجّة أي ماء وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها[ النمل : 44 ] . حتّى لا يصيب الماء ثوبها . فنبّهها بذلك على أن عرشها الّذي رأته من هذا القبيل وهذا غاية الإنصاف . فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل: 42 ] . )
فقالت عند ذلك :" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ أي إسلام سليمان لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" [ النمل : 44 ] . )

قال رضي الله عنه :  (فأعطيت )، أي أعطى اللّه تعالى علماء (هذه الأمة المحمدية) الحاملون لعلوم النقل منهم وهم المجتهدون (رتبة سليمان عليه السلام في الحكم) إن أصابوا ورتبة داود عليه السلام في العلم إن أخطأوا يعني ثواب ذلك وهو الأجران : على الصواب والأجر على الخطأ (فما أفضلها من أمة) حيث أدركت ثواب النبيين في ذلك .
ولما رأت بلقيس عرشها مستقرا عند سليمان عليه السلام مع علمها ، أي بلقيس ببعد المسافة بين بلادها وبيت المقدس وعلمها استحالة انتقاله ، أي العرش في تلك المدة القليلة التي فارقت عرشها فيها وهو في بلادها عندها ، أي النسبة إليها .
وقد علم بحالها ذلك سليمان عليه السلام لما قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ( 41 ) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هو "[ النمل: 41 - 42 ]
، أي هذا العرش "هُوَ"، أي عرشها وصدقت في قولها ذلك بما ، أي بسبب الذي ذكرناه من تجديد الخلق ، أي المخلوقات بالأمثال في كل لمحة ومع ذلك التجديد هو ، أي الخلق بحاله في عين الغافل المحجوب الذي لا شعور عنده بالتجديد المذكور ، فلم يلزم أن يكون غير الخلق الأول عند المكلفين بالأمر الشرعي حتى يقتضي كذب الأمر بتكليف ما لا يمكن بقاؤه ، أو غير ما كلف ولهذا قال :
(وصدق الأمر) الشرعي المتوجه على المكلفين مع تجديدهم في كل لمحة

قال رضي الله عنه :  (كما أنك) يا أيها المكلف في عالم كونك مخلوقا (في زمان التجديد) لك في عالم الأمر الإلهي الذي أنت وكل شيء قائم به عين ما أنت في الزمن الماضي فعالم رؤية المخلوقات كلها على ما هي عليه متصوّرة بالصورة المختلفة في الحس والعقل هو عالم الخلق وهو الذي فيه المخلوقات موصوفون بالصفات ، وفيه الأشياء موجودة ، وفيه التكليف بالأمر والنهي ، وهو عالم الشهادة وعالم الملك .
قال تعالى :" تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 1 )" [ الملك : 1 ] ، وعالم رؤية المخلوقات كلها ظاهرة من العدم راجعة إلى العدم كلمح بالبصر من غير استقرار شيء أصلا في الحس ، والعقل هو عالم الأمر الذي قال تعالى :أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ[ الأعراف : 54 ] ، وهو عالم الغيب وعالم الملكوت الذي قال تعالى :وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ( 75 ) [ الأنعام : 75].

، وقال تعالى :الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[ يس : 83 ] ، وليس المخلوقات في هذا العالم موصوفين بالصفات أصلا إلا باعتبار العالم الأوّل ، وإنّما الأوصاف فيه كلها راجعة إلى الحق تعالى ، وفيه يكون الحق سمع العبد وبصره ولا يتصوّر تكليف ولا مكلف أصلا ، لأن الأشياء كلها فيه هالكة كما قال تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ[ القصص : 88 ] وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ( 27 ) [ الرحمن : 26  27 ] .
ولا يبقى فيه العارف أكثر من لمح بالبصر في شهوده ، ويقع الغلط للسالك في هذا العالم كثيرا ، ويظن أنه ساقط التكليف في وقت شهوده طرفا من ذلك ، فيكفر بالجحود للقواطع الشرعية المتوجهة عليه وهو لا يشعر فتنطمس بصيرته عن الترقي ويحسبون أنهم مهتدون .

قال رضي الله عنه :  (ثم إنه) ، أي الشأن (من كمال علم سليمان) عليه السلام (التنبيه) ، أي الإيقاظ والتفهيم لبلقيس الذي ذكره ، أي تذكره في الصرح الممرد من قوارير أي زجاج صاف فقيل لها ، أي بلقيس ادْخُلِي الصَّرْحَ، وهو القصر وكل بناء عال وكان ، أي ذلك الصرح صرحا أملس ، أي ناعما صافيا (لا أمت) ، أي لا ارتفاع .
قال تعالى :لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً( 107 ) [ طه : 107 ] ، أي لا انخفاض ولا ارتفاع فيه ، أي في ذلك الصرح من زجاج أبيض ، وهو نظير عرشها اتخذه سليمان عليه السلام يشبه السرير على وجه الأرض " فَلَمَّا رَأَتْهُ " أبيض صافيا يتلألأ من بريقه ولمعانه في شعاع الشمس "حَسِبَتْهُ لُجَّةً"، أي ماء يترقرق .
قال رضي الله عنه :  (فكشفت) ، أي بلقيس ("عَنْ ساقَيْها" حتى لا يصيب) ذلك (الماء ثوبها فنبهها) ، أي سليمان عليه السلام (بذلك) ، أي بأمرها بدخول الصرح على أن عرشها الذي رأته مستقرا عنده من هذا القبيل ، أي ليس هو بعرشها في عالم الأمر

الإلهي ، وهو عرشها في عالم الخلق الرحماني ، وهي في توهم في كل ما هي متحققة به كما توهمت الزجاج ماء ، وأثر ذلك التوهم في نفسها حتى كشفت عن ساقيها لتخوض في ذلك الماء الذي رأته ، وهو زجاج على خلاف ما ترى ، فنبهها بذلك على الأمر العظيم .

قال رضي الله عنه :  (وهذا)  من سليمان عليه السلام (غاية الإنصاف فإنه) ، أي سليمان عليه السلام (أعلمها بذلك) الأمر (إصابتها) ، أي كونها مصيبة في قولها ، أي بلقيس عن عرشها كَأَنَّهُ هُوَ فعلمت أنها في توهم من أمرها وشأنها كله فقالت عند ذلك رَبِّ، أي يا رب إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي في جميع ما كنت أعتقده من أمر الدين ، حيث رأت نفسها متوهمة في كل ما تعتقده في محسوساتها الدنيوية ، فكيف بمعقولاتها الدينية وَأَسْلَمْتُ، أي دخلت في دين الإسلام مَعَ سُلَيْمانَ عليه السلام أي إسلام سليمان عليه السلام: لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] ، أي مالكهم والعالم بهم على ما هم عليه في أنفسهم من غير توهم في علمه تعالى .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. )

قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم ) بالإصابة .
قال رضي الله عنه :  ( ورتبة داود عليه السلام ) بالاجتهاد فجمع هذه الأمة رتبة سليمان ورتبة داود عليهما السلام ( فما أفضلها ) تعجب أي فما أفضل رتبة سليمان ورتبة داود عليهما السلام ( من أمة ) محمدية ولا يتوهم أفضلية الأمة عليهما في هذه الرتبة ، لأن هذه الرتبة لسليمان وداود عليهما السلام أعطيت من اللّه أوّلا وبالذات وللأمة بواسطة روحانيتهما .

قال رضي الله عنه :  ( ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها قالت كأنه هو ) أي حكمت بالمغايرة على وجه التشبيه.
(وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالامتثال وهو هو وصدق الأمر ) فكان كلام بلقيس جامعا بين الكثرة والوحدة.
فقولها كأن إشارة إلى المثلية فإن مثل الشيء من حيث أنه لا يكون عينه
وقولها هو إشارة إلى العينية فإن مثل الشيء عين ذلك الشيء بحسب الحقيقة .

قال رضي الله عنه :  ( كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في زمن الماضي ثم أنه من كمال علم سليمان عليه السلام التنبيه الذي ذكره في الصرح فقيل لها ادخلي الصرح وكان صرحا أملس لا أمت ).
أي لا عوج ( فيه من زجاج فلما رأته حسبته لجة أي ماء فكشفت عن ساقيها حتى لا يصيب الماء ثوبها فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل ) أي من قبيل التشابه .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) التنبيه ( غاية الانصاف ) من سليمان عليه السلام ( فإنه أعلمها ) أي فإن سليمان عليه السلام أعلم بلقيس ( بذلك ) التنبيه ( أصابتها في قولها كأنه هو فقالت عند ذلك ) التنبيه (" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ") بالعصيان إلى هذا الوقت ( وَ ) الآن (أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ أي إسلام سليمان) عليه السلام ، أي تبعت له في الإسلام (لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين»..)

قال رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة. ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي. ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح. فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج. فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها. فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف. فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو». فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. )
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين»..)
 
قال رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمّة المحمدية رتبة سليمان في الحكم ورتبة داوود ، فما أفضلها من أمّة ! ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندها ،   ( قالَتْ كَأَنَّه ُ هُوَ ) وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمان الماضي ، ثمّ إنّه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح ف   ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ) وكان صرحا أملس ، لا أمت فيه ، من زجاج ( فَلَمَّا رَأَتْه ُ حَسِبَتْه ُ لُجَّةً ) أي ماء ( وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها ) ، حتى لا يصيب الماء ثوبها ، فنبّهها بذلك على أنّ عرشها الذي رأته من هذا القبيل ، وهذا غاية الإنصاف ) .

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ تقييد الوجود في الصورة العرشية عند سليمان وبلقيس لم يكن إعادة العين ، ولا نقل الموجود المشهود في سبأ إلى مجلس سليمان ، فإنّ ذلك محال ، ولكنّه إعدام لذلك الشكل العرشي في سبأ وإيجاد لمثله عندهما من علم الخلق الجديد ، فهو إيجاد المثل ، لا إيجاد العين وذلك إيهام وإيماء وتنبيه للمثل بإظهار المثل .
وكذلك كان الصرح يوهم من رآه أنّه ماء صاف يموج مثل ما يتخيّل من لا معرفة له بحقيقة تجديد الخلق مع الأنفاس أنّ الثاني عين الأوّل ، وأنّ المجسّد الممثّل من الصورة العرشية عين عرش بلقيس الذي في سبأ .

فصحّح سليمان في تنبيهه إيّاها في قوله :  ( إِنَّه ُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ من قَوارِيرَ )  لا كما ظنّت أنّه الماء أو اللجّة فكشفت عن ساقيها - أنّ قولها :  ( كَأَنَّه ُ هُوَ ) صادق ، إذ ليس هو هو ، بل كأنّه ، هو ، وهكذا سؤال سليمان عنها  ( أَهكَذا عَرْشُكِ ) لعلمه بالأمر في نفسه .

قال رضي الله عنه  : ( فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :  "كَأَنَّه ُ هُوَ" فقالت عند ذلك : "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ"  ) .
يعني : ظلمت نفسي بتأخير الإيمان إلى الآن ، و « أسلمت » - برفع التاء - عطف على ما نوت من التوبة والرجوع إلى الله من الظلم الذي اعترفت بها .

بمعنى تبت ورجعت عمّا ظلمت نفسي واعترفت وأسلمت مع سليمان لله ، لو كان عطفا على « ظلمت » لم يستقم الكلام ، ولم ينتظم ولو عطفت الكلمة أعني « أسلمت » على « قالت » لصحّ المعنى ، وكان إخبارا عن الجنّ أنّها قالت : ظلمت نفسي ، وأسلمت هي مجزوم التاء ، كناية عن بلقيس ، أنّها أسلمت لله ربّ العالمين مع سليمان ، أي إسلام سليمان لله ربّ العالمين .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. )
قال رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم ) أي بالقرآن والحديث.  ( ورتبة داود في الحكمة ) بالاجتهاد .
 
قال رضي الله عنه :  ( فما أفضلها من أمة ، ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها قالت -   " كَأَنَّه هُوَ " - وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال وهو هو ) .
أي بالحقيقة السريرية والعين المعينة العلمية لا بحسب الوجود المشخص .
 
قال رضي الله عنه :  ( وصدق الأمر ، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي ، ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح - فقيل لها  " ادْخُلِي الصَّرْحَ " وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج " فَلَمَّا رَأَتْه حَسِبَتْه لُجَّةً " أي ماء "وكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها " - حتى لا يصيب الماء ثوبها فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل ،وهذا غاية الإنصاف) .
 
يعنى إن تقيد الوجود في الصورة العرشية عند سليمان لم يكن إعادة العين ، ولا نقل الوجود المشهود في سبأ إلى مجلس سليمان فإن ذلك محال ، بل إعدام لذلك الشكل في سبإ وإيجاد لمثله عند سليمان من علم الخلق الجديد فهو إيجاد المثل لا إيجاد العين .
 
وذلك إيهام وتنبيه لها بإظهار المثل ، فإن الصرح موهم للرائي أنه ماء صاف ، كما أن المثل من الصورة العرشية موهم أنه عين العرش الذي كان في سبأ ، فنبهها سليمان بقوله " إِنَّه صَرْحٌ مُمَرَّدٌ من قَوارِيرَ " على أن قولها   " كَأَنَّه هُوَ " صادق إذ ليس هو هو بل كأنه هو ، وكذا سؤال سليمان عنها " أَهكَذا عَرْشُكِ " ولم يقل : أهذا عرشك ، لعلمه بالأمر في نفس الأمر .
 
"" أضاف بالى زادة : فإنه كما كان الصرح مماثلا للماء كذلك كان وجود العرش عند سليمان مماثلا لوجوده في سبأ ، وهذا تنبيه فعلى كالتنبيه القولي في سؤاله بقوله - أَهكَذا عَرْشُكِ )   - ولم يقل أهذا عرشك ، فنبهت بهذين التنبيهين لتجديد الخلق مع الأنفاس وهو آية كاملة على قدرته باعثة على الإيمان به اهـ جامى .
( من وجه ) وهو من حيث أن ربها رب العالمين ( لكن لا يقوى قوته ) أي لا يساوى انقيادها تقييد فرعون برب خاص اهـ بالى .
فكان إيمان بلقيس لإطلاقه فوق إيمان السحرة وإيمان فرعون في القوة ، فكان إيمان فرعون كإيمان السحرة في القوة لكنه لم يقبل منه لعدم وقوعه في وقته. اهـ بالى  . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها " كَأَنَّه هُوَ "  فقالت عند ذلك " رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي" أي اعترفت بظلم نفسي بتأخير الإيمان إلى الآن " وأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ "   أي إسلام سليمان "لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ " )
يعنى قيد فرعون إيمانه بقوله "آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ " وإنما نسب إليه الشيخ الإيمان برب موسى وهارون لأن إيمان بني إسرائيل إنما كان برب موسى وهارون فأسند إليه مجازا ، وإلا لم يقل فرعون " رَبِّ مُوسى وهارُونَ " وقيد إيمانه بإيمان بني إسرائيل .
 
وأطلقت بلقيس بقولها " رَبِّ الْعالَمِينَ " وإن كان يلحق تقييده إطلاقها من وجه ، لأن رب موسى وهارون رب العالمين ، لأن كلا منهما اتبع إسلامه إسلام نبيه ، ولكن لا يقوى إسلامه قوة إسلامها لدلالة إسلامها على كمال اليقين حين قرنت إسلامها بإسلام سليمان دون إسلامه "الفرعون" ، فإن إسلامه كان في حال الخوف ورجا النجاة من الغرق بإسلامه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان في الحكم ورتبة داود ، عليهما السلام . فما أفضلها من أمة . ). أما رتبة سليمان ، فبالإصابة في الحكم ، كما أصاب فيه .
وأما رتبة داود ، فبالاجتهاد ، وإن وقع خلاف ما في علم الله   ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها ،
قالت : ( "كأنه هو" . ) أي ، حكمت بالمغايرة والمشابهة ، فإن التشبيه لا يكون الا بين المتغائرين . ( وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال . )
ومثل الشئ لا يكون عينه من حيث التعين . ( وهو هو وصدق الأمر . ) أي ، هو هو بحسب الحقيقة .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي . ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح ، فقيل لها : "ادخلي الصرح " وكان صرحا أملس لا أمت فيه ).
 أي ، لا عوج فيه ولا نتو . ( من زجاج . ) بيان (صرحا ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما رأته حسبته لجة ، أي ماء ، "فكشفت عن ساقيها " حتى لا يصيب الماء ثوبها . فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل . وهذا غاية الإنصاف .
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها : "كأنه هو " ) .
أي ، نبهها على أن حال عرشها كحال الصرح في كون كل منهما مماثلا مشابها للآخر : أما العرش ، فلأنه انعدم ، وما أوجده الموجد مماثل لما انعدم .
وأما الصرح ، فلأنه من غاية لطفه وصفائه صار شبيها بالماء الصافي مماثلا له ، وهو غيره .
فنبهها بالفعل على أنها صدقت في قولها : ( كأنه هو ) .
فإنه ليس عينه بل مثله . وهذا غاية الإنصاف من سليمان ، فإنه صوبها في قولها : (كأنه هو). وهذا التنبيه الفعلي كالتنبيه القولي الذي في سؤاله بقوله : ( أهكذا عرشك ) . ولم يقل : أهذا عرشك .
قال رضي الله عنه :  ( فقالت عند ذلك : "رب إني ظلمت نفسي " ) أي ، بالكفر والشرك إلى الآن .
( "وأسلمت مع سليمان " أي ، إسلام سليمان لله رب العالمين ) أي ، والآن أسلمت مع سليمان ، أي ، كما أسلم سليمان لله رب العالمين . و ( مع ) في هذا الموضع ك‍ ( مع ) في قوله هو : ( لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه ) .
وقوله رضي الله عنه  : ( وكفى بالله شهيدا محمد رسول الله والذين معه ) .
ولا شك أن زمان إيمان المؤمنين ما كان مقارنا لزمان إيمان الرسول .
وكذلك إسلام بلقيس ما كان عند إسلام سليمان .

فالمراد : كما أنه آمن بالله ، آمنت بالله ، وكما أنه أسلم ، أسلمت لله .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 19:23 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 18:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر:-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي. ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح. فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. )
 
قال رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمّة المحمّديّة رتبة سليمان عليه السّلام في الحكم ، ورتبة داود عليه السّلام ، فما أفضلها من أمّة).

قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان في الحكم ) إذا أصابوا ، ( ورتبة داود ) إذا أخطئوا ، ( فما أفضلها من أمة ) إذا كانوا في الخطأ على رتبة بعض الأنبياء الخلفاء ، بحيث يلحق خطؤهم بحكم اللّه في وجوب العمل والتسوي به في الجملة .
 
قال رضي الله عنه :  (ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندها "قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ" [ النمل : 42 ] وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التّجديد عين ما أنت في الزّمن الماضي ، ثمّ إنّه كمال علم سليمان التّنبيه الّذي ذكره في الصّرح "قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ" [ النمل : 44 ] ، وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج ؛"فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً"[ النمل : 44 ] ، أي : ماء "وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها"[ النمل : 44 ] ، حتّى لا يصيب الماء ثوبها ، فنبّهها بذلك على أن عرشها الّذي رأته من هذا القبيل ، وهذا غاية الإنصاف ، فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :"كَأَنَّهُ هُوَ"[ النمل : 42 ] ، فقالت عند ذلك :" قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ " أي : إسلام سليمان "لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"[ النمل : 44 ] ،)
 
ثم أشار إلى ظهور هذا العلم في بلقيس عند إسلامها، وسببه مثل ظهور الخوارق في آصف ، وهو أتم لها من الخوارق إذ المقصود منها تقويته لا غير .
فقال : ( ولما رأت بلقيس عرشها ) عند سليمان ( مع علمها ببعد المسافة ) بين هذا المكان والمكان الأول ، ( واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها ) ، وإن أمكن بتعدد الأزمنة في الجملة ، ولم تعلم انتفاءه ( قالت "كَأَنَّهُ هُوَ" [ النمل : 42 ].

أي : مثله ( وصدقت ) في أنه مثله ، وإن كان عينه في الواقع الأعراض أو الأركان لشبه المعاد بالمثل ، حتى أنه لا يتميز عنه عندنا ، وإن تميز في الواقع ( بتعدد الشخص في المثل ) دون المعاد ، ( وهو ) أي : المرئي عند سليمان ( هو ) عرش بلقيس الذي كان في مكانها.
 
ولذلك ( صدق الأمر ) في قوله : " أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" [ النمل : 38 ] ، فإنه أمر في صورة الخبر ؛ ليعتقد المأمور أن في امتثاله تصديقه ، وفي تركه تكذيبه فيبادر إلى الامتثال لإيثاره تصديقه وينفر عن تكذيبه ، وهذا الصدق باعتبار المعنى الحقيقي .

قال رضي الله عنه :  ( كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمان الماضي ) ؛ لاتحاد الشخص في صورة الاتحاد ، ولا بدّ من تعدده في المثل ، ( ثم إنه من كمال علم سليمان ) الذي به اطلاعه على أنه لو صدقها في هذا القول باعتبار المعنى المجازي ، واعترفت بذلك مع كونه قائلا بخلافها بالمعنى الحقيقي كان ذلك سبب كمالها في الإسلام بأن تعرف ميله إلى ترجيح الصدق بأي وجه أمكن.
وكذا اطلاعه على ( تنبيه ) صدقها في الاشتباه بالأمر المشتبه الآخر ، ( الذي ذكره ) بلسان الحال (في) وضع (الصرح) مشابها للماء تنبيها على أن الاشتباه فيه مثل الاشتباه في العرش .

قال رضي الله عنه :  ( فقيل لها : ادخلي الصرح ) ، وسبب الاشتباه أنه ( كان صرحا أملس ) مستوية أجزاء سطحه غاية الاستواء ( لا أمت فيه ) أي : لا ارتفاع لبعض أجزائه على بعض وكان صاف ؛ لأنه ( من زجاج ) ، فاشتبه الماء الساكن عند عدم الريح وغيرها من تحركاته ،("فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً " [ النمل  :44] ).
 أي : ماء ،(" وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها "[ النمل : 44 ] ، حتى لا يصيب الماء ثوبها ) بحسب حسبانها ، فهو وإن قصد بذلك ظهور ما على ساقيها من الشعر الذي أخبرته به الجن ، لما قيل إنها كانت بنت جنية ، فتظهر أسرارهم إليه .

قال رضي الله عنه :  ( فنبهها ) أيضا ( بذلك ) أي : بوضع الصرح على الهيئة المذكورة ؛ ليشتبه باللجة ( على أن عرشها الذي رأته ) ، وقالت فيه :" كَأَنَّهُ هُوَ" [ النمل : 42 ] .
( من هذا القبيل ) أي : اشتباه المعاد بالأمثال ، ( وهذا غاية الإنصاف ) من سليمان إذ صدقها على الوجه المجازي فيما يحكم بخلافه على الوجه الحقيقي ، ( فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها كأنه هو ) في الجملة ، وإن خالفته في قوله :" أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها " [ النمل : 38 ] ،

قال رضي الله عنه :  (فقالت عند ذلك ) من رؤية الإنصاف على خلاف ما يقوله ، مع ترجيح جانب ما قاله ؛ لكونه المعنى الحقيقي ترجيحا للصدق بأي وجه كان ،" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي " [ النمل : 44 ] بتأخير الإيمان بمن له تلك المعجزات ، وهذا العلم الكامل ، وهذا الإنصاف بعد عبادتي للشمس من دونك .

قال رضي الله عنه :  ( وأسلمت مع سليمان أي : إسلام سليمان ) بحيث أكون معه في إسلامه ( للّه رب العالمين ) لا لسليمان ، إذ الإسلام له باعتبار كونه مظهرا جامعا إلهيّا شبه عبادة الشمس .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي. ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الامّة المحمّديّة ) - لكونهم ورثة الخاتم - ( رتبة سليمان في الحكم ، ورتبة داود ، فما أفضلها من امّة ) .
واعلم أنّ القرابة المستدعية للوراثة لا بدّ وأن تكون بين كل نبي وامّته ، ومن ثمّة ترى في أمر بلقيس وقصّتها سراية الحكمين المتناقضين مع جمعيّتهما ، من أحكام تلك القرابة القاضية بالوراثة .
وإلى ذلك أشار بقوله : ( ولمّا رأت بلقيس عرشها - مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة - عندها “  قالَتْ كَأَنَّه ُ هُوَ “ [ 27 / 42 ] وصدّقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال . وهو هو ) في نفس الأمر .
قال رضي الله عنه :  ( وصدق الأمر ) في حكمه بالاتّحاد ، كما صدقت بقيس في حكمها بالمغايرة .
أما الثاني فلما ذكر من أمر التجديد .
وأما الأول فظاهر يعرف كل أحد من نفسه ، ( كما أنّك ) لا تشكّ أنّه ( في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي ) .
 
إشارة سليمان عليه السّلام بالتباس أمر الوجود على الناس
هذا بيان علم سليمان ، وأنّه النعمة السابغة على البريّة ، وأما بيان إثباته لذلك العلم ، وأنّه الحجّة البالغة فيه .
فإليه أشار بقوله : ( ثمّ إنّه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح ) أي استحضره فإنّ « الذكر » هو استحضار الشيء ، وهو إمّا بالفعل في القلب ، وإما بالقول في الحسّ ، وهذا يشملهما .
أما الأول فظاهر ، وأما الثاني فلدلالة قوله : ( فـ “ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ“ ) [ 27 / 44 ] وهو البيت العالي المروّق ، الخالص من الشوب ، الصافي من الكدر .
 
ومنه جاء : « صراحا » أي جهارا ، و « هذا أمر صريح » أي لا تعريض فيه ولا خفاء . وفيه إيماء إلى ما أشار إليه سليمان قولا ، وهو قوله سائلا عنها : “  أَهكَذا عَرْشُكِ “ [ 27 / 42 ] فإن ذلك تنبيه قوليّ غير صريح في المراد ، وهذا فعليّ محسوس صريح فيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكان صرحا أملس ، لا أمت فيه ) ولا اعوجاج .
قال رضي الله عنه :  ( من زجاج "  فَلَمَّا رَأَتْه ُ حَسِبَتْه ُ لجة "  ماء فـ " كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها " حتى لا يصيب الماء ثوبها .  فنبّهها بذلك على أنّ عرشها الذي رأته من هذا القبيل ، وهذا غاية الإنصاف فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها "كَأَنَّه ُ هُوَ "  ) .
ذاهلة عن تلك الإصابة بإدخالها في صرح صريح المحسوسات وإراءتها ما عليه كلمتها من المطابقة للواقع ، والمخالفة لما عليه الأمر في نفسه.
 
قال رضي الله عنه :  ( فقالت عند ) ظهور ( ذلك ) الحجّة البالغة والتنبيه الصريح : ( “رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي “) بظلام الجهل وحجاب الكفر فيما كنت عليه قبل .
 
قال رضي الله عنه :  (" وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ"  أي إسلام سليمان ) ، يعني أنّ المعيّة إنما هو في الإسلام ( “لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ “) [ 27 / 44 ] .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي. ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمّة المحمّديّة رتبة سليمان - عليه السّلام - في الحكم ، ورتبة داود - عليه السّلام - . فما أفضلها من أمّة .  ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندها قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل : 42 ] وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التّجديد عين ما أنت في الزّمن الماضي .  ثمّ إنّه كمال علم سليمان التّنبيه الّذي ذكره في الصّرح . "قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ" وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج . فلمّا رأته حسبته لجّة أي ماءوَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها[ النمل : 44 ] . حتّى لا يصيب الماء ثوبها . فنبّهها بذلك على أن عرشها الّذي رأته من هذا القبيل وهذا غاية الإنصاف . فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :"كَأَنَّهُ هُوَ"[ النمل: 42 ] .)
 
قال رضي الله عنه  : ( فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان ) بالإصابة ( في الحكم ورتبة داود عليهما السلام ) بالاجتهاد ( فما أفضلها مرتبة ) .
ثم أنه رضي اللّه عنه أشار بوجه آخر إلى كمال علم سليمان عليه السلام في قصة بلقيس .
 
فقال رضي الله عنه  : ( ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها قالت :كَأَنَّهُ هُوَ) حاكمة بالمشابهة والمغايرة ( وصدقت لما ذكرناه من تجديد الأمثال وهو هو ) في نفس الأمر ( وصدق الأمر ) في حكمه بالاتحاد ( كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمان الماضي .
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح فقيل لها :ادْخُلِي الصَّرْحَوكان صرحا أملس لا أمت ) ، أي لا عوج ولا بثق
 
 قال رضي الله عنه  : ( فيه من زجاجفَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةًأي ماء ، فكشفت عن ساقيها حتى لا يصيب الماء ثوبها فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل . وهذا غاية الإنصاف فإنه أعلمها بذلك ) ، أي بكون الصرح مماثلا للماء ( إصابتها في قولها "كَأَنَّهُ هُوَ") ، فإنه كما كان الصرح مماثلا للماء كذلك كان وجود العرش عند سليمان عليه السلام مماثلا لوجوده في سبأ وهذا تنبيه فعلي كالتنبيه القولي في سؤاله بقوله :
أهكذا عرشك حيث لم يقل : هذا عرشك فتنبهت بهذين التنبيهين لتحديد الخلق مع الأنفاس وهو آية كاملة على قدرته تعالى باعثة على الإيمان به
  
قال رضي الله عنه :  ( فقالت عند ذلك :" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ" أي إسلام سليمان "لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" [ النمل : 44 ] . )
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 19:22 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 18:33 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر:-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )  
 
قال رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنّما انقادت للّه ربّ العالمين ، وسليمان من العالمين .  فما تقيّدت في انقيادها كما لا تتقيّد الرّسل في اعتقادها في اللّه . بخلاف فرعون فإنّه قال : رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 48 )  وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجة ، لكن لا يقوى قوّته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد للّه . وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال :" آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ " [ يونس : 90 ] »  فخصّص ، وإنّما خصص لما رأى السّحرة قالوا في إيمانهم باللّه :رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 48 ) [ الشعراء : 48 ] . )
 
(فما انقادت) ، أي بلقيس بإسلامها (لسليمان) عليه السلام (وإنما انقادت) بإسلامها (لرب العالمين وسليمان ) عليه السلام من جملة العالمين الذين أسلمت بلقيس لربهم فما تقيدت ، أي بلقيس في انقيادها للّه تعالى بقيد أصلا كما لا تتقيد الرسل عليهم السلام في اعتقادها ، أي طائفة الرسل في اللّه تعالى بقيد أصلا من كمال الإيمان بخلاف فرعون حين أسلم وآمن لما أدركه الغرق فإنه
 
قال رضي الله عنه :    آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ[ يونس : 90 ] ، وخصص إيمانه من تخصيص السحرة ، وتقدير ذلك آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل" رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 122 ) [ الأعراف : 122 ] .
فإنه مرجع كلامه ، (وإن كان) ، أي فرعون ( يلحق بهذا الانقياد) ، أي الإسلام (البلقيسي) ، أي الذي فعلته بلقيس من وجه وهو ذكر ربوبيته لموسى وهارون عليهما السلام في تقدير كلامه ، فكان نظير ذكر معية سليمان عليه السلام وربوبيته للعالمين في إيمان بلقيس .
 
قال رضي الله عنه :  (ولكن لا يقوى) ، أي انقياد فرعون (قوته) ، أي قوّة انقياد بلقيس لصريح المعية فيه وظهور الإطلاق في ربوبيته للعالمين وإن لزم ذلك في انقياد فرعون بتقدير ذكر موسى وهارون عليهما السلام انقيادهما مطلق من القيود ، وهو ربوبية العالمين ، وذلك هو الذي آمنت به بنو إسرائيل ، وأسلم له فرعون في قوله :وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ يونس : 90 ]
وهم السحرة الذين آمنوا برب العالمين " رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 122 )"  
وقد كان قال لهم :" آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " [ الأعراف : 123 ] ،
فبقي في نفسه ما آمنوا به ، فلما آمنوا أتى هو بذلك في كلامه فكانت ، أي بلقيس أفقه ، أي أكثر فقها ، أي فهما في الدين من فرعون في الانقياد للّه تعالى لمعرفتها كيف تؤمن لما آمنت ، وذلك لسلامتها مما وقع فيه فرعون من المهلكة في وقت الإيمان .
 
قال رضي الله عنه :  (وكان فرعون) داخلا (تحت حكم الوقت) الذي كان فيه (حيث قال) حين أدركه الغرق آمنت ، أي صدقت بالذي آمنت ، أي صدقت به بنو إسرائيل ، أي أولاد يعقوب وهم قوم موسى عليه السلام ، لما رآهم نجوا من الغرق بإيمانهم ، فطمع في النجاة فآمن مثل إيمانهم كي ينجو هو كنجاتهم ، فكان إيمانه إيمان طمع محقق لا إيمان يأس من الحياة ، ولهذا قبل منه وعوتب على تأخيره فخصّص ، أي فرعون إيمانه بإيمان بني إسرائيل وإنما خصص بذلك إيمانه لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم باللّه تعالى آمنا برب العالمين " رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 122 ) . ".
 
وفي موضع آخر من القرآن قالوا :"آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى"[ طه : 70 ] ، وإن كان الواو لا تقتضي ترتيبها فإنهم لما قالوا ذلك بلغتهم ترجمة اللّه تعالى لنا بالعربية فقدم في الترجمة ذكر موسى وتارة ذكر هارون ويحتمل أن بعضهم قدم ذكر موسى وبعضهم قدم ذكر هارون فقصه اللّه تعالى .
والظاهر أن تقديم ذكر هارون مراعاة لفواصل الآيات والأصل تقديم ذكر موسى وقول بعضهم ، لأن فرعون هو الذي ربى موسى فلو قدموا ذكره في إيمانهم لتوهم فرعون أنهم أمنوا به يرده ذكر هارون بعده ويبقى التوهم في تلك الآية التي قدم فيها ذكر موسى ، وقد وجد في كلام فرعون ما يرده وهو قوله :" آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " ولم يقل بي فصرح بتحققه بإيمانهم باللّه تعالى .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )  
 
قال رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لرب العالمين وسليمان من العالمين فما تقيدت في انقيادها ) في اللّه برب خاص حيث لم تقل أسلمت برب سليمان عليه السلام أو لسليمان عليه السلام . إسلام بلقيس مع سليمان
 
كما قال السحرة " آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى" ( كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في اللّه ) فكان إسلام بلقيس عين إسلام سليمان عليه السلام في الإطلاق . وإن كانت تابعة له في الإسلام.
( بخلاف فرعون فإنه قال "رَبِّ مُوسى وَهارُونَ") حيث لم يقل رب العالمين فخصص اعتقاده برب دون رب .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان ) انقياد فرعون ( يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه ) وهو من حيث أن ربها رب العالمين ( ولكن ) انقياد فرعون ( لا يقوي قوته ) أي لا يساوي انقياد بلقيس في القوة لتقيده في اعتقاده اللّه برب خاص رب موسى عليه السلام وهارون عليه السلام .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكانت ) بلقيس ( أفقه من فرعون في الانقياد للَّه فكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل فخصص فرعون ) إيمانه برب بني إسرائيل
وإن كان رب بني إسرائيل رب العالمين لكن لم يقل به صريحا .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم باللّه رب موسى وهارون ) فكان إيمان بلقيس لإطلاقه فوق إيمان السحرة وإيمان فرعون في القوة .
فكان إيمان فرعون كإيمان السحرة في القوة لكنه لم يقبل منه لعدم وقوعه في وقته .
وفيه كلام تتكلم إن شاء اللّه في حكمة موسوية .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )  


قال رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل». فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )  
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )


قال رضي الله عنه : ( فما انقادت لسليمان وإنّما انقادت لربّ العالمين وسليمان من العالمين ، فما تقيّدت في انقيادها كما لا يتقيّد الرسل في اعتقادها بالله ، بخلاف فرعون ، فإنّه قال : " رَبِّ مُوسى وَهارُونَ " ).


يعني : أنّ فرعون قيّد إسلامه بقوله :  ( رَبِّ مُوسى وَهارُونَ ) وإن كان ربّ موسى وهارون هو ربّ العالمين ، ولكن في لفظ فرعون مقيّد بموسى وهارون ، وفي قول بلقيس : ( لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ )  مطلق يعمّ سليمان وموسى وهارون وغيرهم .
 
قال رضي الله عنه : (وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه ،ولكن لا يقوى قوّتها).
يعني رضي الله عنه : لا تقوى قوّة إسلام فرعون قوّة انقياد بلقيس ، لما ذكرنا ، ولا سيّما وقد كان إسلام فرعون في حال الذعر والخوف من الغرق ، ورجاء النجاة بالإسلام الفرعوني لا الانقياد البلقيسي ، فإنّ كل واحد منهما أتبع إسلامه إسلام نبيّه ، فأسلم فرعون لله الذي آمنت به بنو إسرائيل وآمن موسى به ، فإيمانه وإسلامه تبع لإيمانه ،
 
وقوله : أنا من المؤمنين ومن المسلمين فيهما دلالة إطلاق الإيمان والإسلام ، فإنّ المؤمنين والمسلمين الذين جعل نفسه منهم آمنوا وأسلموا لله مطلقا فينسحب حكم ذلك عليهم ، ولكن إسلام بلقيس وإن كان مقيّدا بالمعية ، فإنّه يقتضي المشاركة .
 
قال رضي الله عنه : ( فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت ، حيث قال : آمنت بالَّذى  "آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ " فخصّص ، وإنّما خصّص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم باللَّه :  "رَبِّ مُوسى وَهارُونَ " ) 
 
يعني رضي الله عنه : أنّ كوننا على الصراط المستقيم لكون نواصينا بيد الحق الذي هو على الصراط المستقيم ، فنحن معه على الصراط في ضمن كونه على الصراط المستقيم ، ككون بلقيس في إسلامها بالتضمين والتبعية لإسلام سليمان .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )
 
قال رضي الله عنه :  (فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لرب العالمين ، وسليمان من العالمين فما تقيدت في انقيادها ، كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله بخلاف فرعون فإنه قال " رَبِّ مُوسى وهارُونَ " وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه ، ولكن لا يقوى قوته )
 
يعنى قيد فرعون إيمانه بقوله "آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ " .
وإنما نسب إليه الشيخ الإيمان برب موسى وهارون لأن إيمان بني إسرائيل إنما كان برب موسى وهارون فأسند إليه مجازا ، وإلا لم يقل فرعون " رَبِّ مُوسى وهارُونَ " وقيد إيمانه بإيمان بني إسرائيل ،
وأطلقت بلقيس بقولها " رَبِّ الْعالَمِينَ " وإن كان يلحق تقييده إطلاقها من وجه ، لأن رب موسى وهارون رب العالمين ، لأن كلا منهما اتبع إسلامه إسلام نبيه .
ولكن لا يقوى إسلامه قوة إسلامها لدلالة إسلامها على كمال اليقين حين قرنت إسلامها بإسلام سليمان دون إسلامه "الفرعون" ، فإن إسلامه كان في حال الخوف ورجا النجاة من الغرق بإسلامه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله ، وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال " آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ " فخصص ، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم " رَبِّ مُوسى وهارُونَ " ).
 
إنما كان فرعون تحت حكم الوقت حيث كان الوقت وقت غلبة بني إسرائيل ونجاتهم وغرقه ، فخصص إيمانه بإيمانهم تقليدا ورجاء للخلاص كخلاصهم لا يقينا ، فكأنه لما رأى الدولة معهم مال إليهم ، وقايس التخصيص على تخصيص السحرة وأخطأ في القياس كإبليس ، فإن إيمان السحرة يتقيد بإيمان النبيين ، والنابع يجب أن يتقيد إيمانه بإيمان نبيه ،
وإنه قيد إيمانه بإيمان بني إسرائيل فكم بين الإيمانين ؟
وأيضا كان تخصيص السحرة بعد التعميم في قولهم " آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ " واستشعارهم أن القبط لغاية تعمقهم في الضلال يحسبون رب العالمين فرعون.
وبين إسلامه وإسلام بلقيس بون بعيد لأن المعية في قولها دالة على أنها تعتقد اعتقاد سليمان مطلقا في جميع الأشياء ، كما نحن بالتبعية مع الرب تعالى على الصراط المستقيم لكون نواصينا بيده فهو على الصراط المستقيم.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )  
 
قال رضي الله عنه :  (فما انقادت لسليمان ، وإنما انقادت لرب العالمين ، وسليمان من العالمين . فما تقيدت في انقيادها ، كما لا يتقيد الرسل في اعتقادها في الله . )
أي ، انقيادها كان لله حيث قالت : ( أسلمت لرب العالمين ) .
وما قالت : أسلمت لسليمان . ولا تقيدت في انقيادها لله برب دون رب ، بل بالرب المطلق ، وهو رب العالمين ، رب سليمان وغيره من أهل العالم ، كما لا يتقيد الرسل برب دون رب .
 
وهو المراد بقوله : ( في اعتقادها في الله ) . وذلك لأنهم أولياء كاملون عارفون بمراتب الحق
وظهوراته في المظاهر وبربوبيته بجميع الأسماء .
وتقيدهم بالشرائع المقتضية للربوبية ببعض الأسماء ، إنما هو بأمر الحق وتقييده .
فهم مقيدون بما يقتضى ظواهر الشرائع بحسب ظواهرهم وكونهم أنبياء مرسلين .
وأما بحسب بواطنهم وكونهم أولياء ، فلا تقيد لهم ، لشهودهم الحق في جميع المقامات وربوبيته في كل المواطن .
 
قال رضي الله عنه :  ( بخلاف فرعون ، فإنه قال : "رب موسى وهارون" . وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه ، ولكن لا يقوى قوته ،فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله.).
 
أي ، فرعون قيد إيمانه في قوله : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل برب موسى وهارون . لأن الذي آمنت به بنو إسرائيل هو رب موسى وهارون ، كما قالت السحرة : ( رب موسى وهارون ) .
 
فقول الشيخ رضي الله عنه   : ( فإنه قال ) مجاز ، إذ لم يقع هذا القول منه صريحا .
وهذا الانقياد وإن كان يلحق بانقياد بلقيس من حيث إن ربهما رب العالمين ، لكن لا يقوى بتلك القوة ، لنوع من التقييد الواقع في قوله : ( فكانت أفقه ( وأعلم ) من فرعون ) بدقائق الكلام .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال : "آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل " . فخصص . وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله : " رب موسى وهارون " . ) هذا اعتذار من جهة فرعون في التخصيص والتقييد .
أي ، كان فرعون وقت إيمانه بحكم ما يقتضى وقته من الغم والغرق والهلاك .
وكان السحرة قالوا في إيمانهم بالله : ( رب موسى وهارون ) ، وخصصوا ، لذلك خصص فرعون بقوله : ب‍ "الذي آمنت به بنوا إسرائيل وهو رب موسى وهارون " .
تذكارا لما سبق ، وعدم اعطاء وقته غير ذلك .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 19:20 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 18:49 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر:-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )  

قال رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان ) وإن آمنت بنبوته . ( وإنما انقادت ) في الإيمان بنبوته ( لرب العالمين ) ، فإنه الظاهر فيه بكماله الذي أفادته النبوة ( وسليمان من ) غير اعتبار هذا الظاهر فيه من ( العالمين ) ، فلا يجب الإيمان به إلا باعتبار هذا الظهور .
ومع ذلك ( فما تقيدت في انقيادها ) بالرب الظاهر فيه من حيث هو ربه ، ولا باعتبار ظهوره فقط ، بل أخذت في ذلك رتبة المعية .
فما تقيدت ( كما لا تتقيد ) الرسل الذين من جملتهم سليمان الذي هي معه ( في اعتقادها في اللّه ) بأربابهم المخصوصة ، ولا بظهوره فيهم أو في محل معين آخر .

قال رضي الله عنه :  ( بخلاف فرعون ، فإنه ) تقيد في إيمانه برب بني إسرائيل ، إذ ( قال : ) آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ، وإن كان الذي آمنت به بنو إسرائيل ( رب موسى وهارون ) ، فكأنه قال : آمنت برب موسى وهارون ، والظاهر فيهما المقيد لهما النبوة الرب الجامع ، وما تقيدا في الإيمان بالرب الخاص ، بل كان إيمانهما بالرب الجامع ، لكنه تقيد في الظاهر بالرب الخاص ببني إسرائيل .


ففارق ( الانقياد البلقيسي وإن كان يلحق بهذا ) أي : بكون إيمان بني إسرائيل الذي قيد فرعون إيمانه بربهم الذي آمنوا به الرب الجامع ؛ لكونه رب موسى وهارون من حيث أفادهما النبوة وآمنا به الانقياد البلقيسي لرب العالمين من وجه ، وهو كون الرب الجامع هو المقصود بالانقياد الفرعوني .

قال رضي الله عنه :  ( ولكن لا يقوى قوته ) ؛ لأنه إنما يصل إلى هذا المقصود بوسائط ومقدمات بخلاف بلقيس ؛ لوصولها إلى هذا المقصود بلا واسطة ، فكانت مع كونها امرأة من شأنها قلة التفقه ( أفقه من فرعون ) ، وإن كان مطلعا على دقائق كثيرة كما ستعرف في الفص الموسوي ( في الانقياد للّه ) أي : للاسم الجامع مع التصريح بجمعيته بقوله : " لرب العالمين " ، وفرعون إنما انقاد في الظاهر لرب بني إسرائيل .

قال رضي الله عنه :  ( وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال :" إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ " [ يونس : 90 ] » فخصّص ، وإنّما خصص لما رأى السّحرة قالوا في إيمانهم باللّه :" رَبِّ مُوسى وَهارُونَ" [ الشعراء : 48 ] .)

ثم أشار إلى وجه تخصيص فرعون رب بني إسرائيل للإيمان به ؛ فقال :رضي الله عنه   ( وكان فرعون تحت حكم الوقت ) أي : حكم الرب الذي له السلطنة في الوقت ، وهو الاسم الخاص ببني إسرائيل ، ( حيث قال :آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ )، فقيد إيمانه بالذي آمنت به بنو إسرائيل من أسماء اللّه تعالى لما رأى السلطنة له في إنجائهم من الغرق .

قال رضي الله عنه :  ( فخصص ) هذا الرب ، وإن كانوا مطلقين لما كان إيمانهم برب موسى وهارون ، وهما لا يتقيدان في الإيمان باسم دون اسم لما في التخصيص من الكفر بالأسماء الباقية .

وهو في معنى الكفر باللّه بالكلية ، ولكنه ( إنما خصص لما ) توهم أن هذا التخصيص في معنى التعميم لما ( رأى السحرة قالوا في إيمانهم باللّه ) الجامع على قولهم :" آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ . ("رَبِّ مُوسى وَهارُونَ ") [ الشعراء : 48 ، 47 ] ، وسمع من موسى وأصحابه فوزهم ، فظن أنه في معنى التعميم ، ولكنهم إنما أتوا به بعد التصريح بالتعميم وبالجملة ، فقد قصر إسلام فرعون عن إسلام بلقيس .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )  

مقارنة بين قول بلقيس وفرعون
قال رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لربّ العالمين ، وسليمان من العالمين ، فما تقيّدت في انقيادها ) . وإسلامها بتلك المعيّة ، فإنّها قارنت إسلامها بإسلام الرسل ، فلا تتقيّد .
قال رضي الله عنه :  ( كما لا تتقيّد الرسل في اعتقادها في الله ، بخلاف فرعون ، فإنّه قال : “رَبِّ مُوسى وَهارُونَ“  [ 7 / 122 ]  وإن كان يلحق بهذا ) التصريح بالرسل في إسلامه وإظهار من هو الواسطة في فوزه بهذه الكرامة شكرا لها .
قال رضي الله عنه :  ( الانقياد البلقيسي من وجه ، لكن لا يقوي قوّتها) فإنّه قد قيّد الربّ الذي أسلم له دونها .
قال رضي الله عنه :  ( فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله ) يعني الربّ المطلق .
ثمّ إنّ الذي ظهر من فرعون على ما ورد به النصّ قوله :
"آمنت بالذي "  آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ " لا  "رَبِّ مُوسى وَهارُونَ"  على ما نقل عنه .
"إشارة إلى قوله تعالى : "وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُه ُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَه ُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّه ُ لا إِله َ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِه ِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ"  [ يونس: 90 ] ."

وإن كان الذي آمنت به بنو إسرائيل هو ربّ موسى وهارون ، لا تفاوت بينهما إلا بالإجمال والتفصيل.
فاستشعر بلسان تعبير فرعون مقصوده بتلك العبارة المجملة قائلا : ( وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال : « آمنت بالذي “  آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ » فخصّص ) الربّ الذي أسلم له بالذي آمنت به بنو إسرائيل (و إنما خصّص لما رأى السحرة )  الذين جعلهم مقابلين لموسى ومناظرين له توهينا لأمره وإهانة له .

وذلك لابتذال السحر بين الناس واختصاص مباشريه بين كل قوم بالخسّة والاحتقار - ( قالوا في إيمانهم باللَّه “  رَبِّ مُوسى وَهارُونَ “ ) [ 7 / 122 ] .
فمنع فرعون احتشام علوّه في الأرض وغلوّه في الاستكبار أن يتبعهم في ذلك القول استنكافا عن تقليدهم ، وإباء عن الاقتداء بهم في ذلك ، فغيّر العبارة وقال : "آمنت بالذي " آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ " .
والعجب حال من لم يتفطَّن لهذه اللطيفة المصرّح بها ، وارتكب المجاز في نسبة ذلك القول إلى فرعون .

"" أضاف المحقق :  إشارة إلى ما قاله الكاشاني في شرحه: « وإنما نسب إليه الشيخ الإيمان برب موسى وهارون ، لأن إيمان بني إسرائيل إنما كان برب موسى وهارون ، فأسند إليه مجازا ، وإلا لم يقل فرعون : رب موسى وهارون » . وقد تبعه في ذلك القيصري أيضا . ""


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون». )  

قال رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنّما انقادت للّه ربّ العالمين ، وسليمان من العالمين .  فما تقيّدت في انقيادها كما لا تتقيّد الرّسل في اعتقادها في اللّه . بخلاف فرعون فإنّه قال :"رَبِّ مُوسى وَهارُونَ"( 48 ) وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجة ، لكن لا يقوى قوّته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد للّه .  وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال :آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ[ يونس : 90 ] » فخصّص ، وإنّما خصص لما رأى السّحرة قالوا في إيمانهم باللّه :رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 48 ) [ الشعراء : 48 ] . )

قال رضي الله عنه :  ( فقالت عند ذلك ) التنبيه (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) ، أي بالكفر والشرك إلى الإيمان (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ) ، أي إسلام سليمان ("لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"[ النمل : 44 ] فما انقادت لسليمان وإنما انقادت للّه رب العالمين وسليمان من العالمين فما تقيدت في انقيادها ) برب سليمان .

قال رضي الله عنه :  ( كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في اللّه ) برب دون رب بل بالرب المطلق ( بخلاف فرعون فإنه قال :رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) ( 122 ) [ الأعراف : 122 ] ، أي قال ما مؤداه ذلك فإنه قال :
 آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ، ولا شك أن الذي آمنت بنو إسرائيل هو رب موسى وهذا الانقياد الفرعوني.
 

قال رضي الله عنه :  ( وإن كان يلحق هذا الانقياد البلقيسي من وجه ) فإن رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 122 ) رب العالمين ( ولكن لا يقوى قوته ) لسراية أثر انقيادها إلى اللفظ والمعنى بخلاف أثر انقياده فإنه لم يتعد إلى اللفظ ( فكانت بلقيس أفقه من فرعون في ) بيان ( الانقياد للّه ) الرب المطلق ( وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال :" آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ"[ يونس : 90 ] فخصص ) الرب الذي آمن به بالذي آمنت به بنو إسرائيل .
( وإنما خصص لما رأى السحرة الذين هم أراذل الناس ) ، ولذلك جعلهم معارضين لموسى إهانة له ( قالوا في إيمانهم باللّهرَبِّ مُوسى وَهارُونَ) ( 122 ) ، فاستنكف عما يوهم تقليدهم لاحتشامه وعلوه في الأرض فغير العبادة وقال : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل ولم يقل بـ "رَبِّ مُوسى وَهارُونَ"( 122 ) وإن كان مؤداهما واحدا ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ) ، أي مثل إسلامه غير مقيد برب.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 19:19 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 18:58 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر:-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت :مَعَ سُلَيْمانَ فتبعته . فما يمرّ بشيء من العقائد إلّا مرّت به معتقدة ذلك . كما نحن على الصّراط المستقيم الّذي الرّبّ تعالى عليه لكون نواصينا في يده . ويستحيل مفارقتنا إيّاه . فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتّصريح ، فإنّه قال :وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ [ الحديد : 4 ] ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا . فهو اللّه تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلّا على صراط مستقيم وهو صراط الرّبّ تعالى . وكذلك علمت بلقيس من سليمان فقالت :لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [ النمل : 44 ] وما خصّصت عالما من عالم . )
 
قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس) هو (إسلام سليمان) عليه السلام (إذ) ، أي لأنها (قالت) ، أي بلقيس (مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فتبعته) ، أي بلقيس تبعت سليمان عليه السلام (فما يمر بشيء من العقائد) الإيمانية إلا مرت ، أي بلقيس به ، أي بذلك الشيء معتقدة ذلك بقلبها وهذا معنى معيتها في الإسلام لسليمان عليه السلام كما نحن معشر المخلوقات كلها إن علمت وإن جهلت فإن علمت انتفعت بعلمها وكانت على بصيرة من أمرها وعلى هدى من اللّه تعالى ، وإن جهلت تضررت بجهلها وكانت على عمى وضلالة .
 
قال تعالى :" فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها" [ يونس : 108 ] على الصراط ، أي الطريق المستقيم من غير اعوجاج ولا ميل عن الحق أصلا أي الرب سبحانه عليه لكون نواصينا ، أي رؤوسنا موضع العقل والتدبير والإرادة والقصد للأمور كلها في يده تعالى يتصرف فينا كيف يشاء كما قال سبحانه :" ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" [ هود : 56 ] .
والدابة كل ما دب من العدم إلى الوجود كما مر في فص هود عليه السلام ويستحيل عقلا وشرعا مفارقتنا معشر المخلوقات إياه تعالى ، أي انفصالنا عنه كما يستحيل اتصالنا به .
 
قال رضي الله عنه :  (فنحن) كلنا (معه) ، أي مع الحق تعالى أينما كان ، أي في أي حضرة من حضرات أسمائه سبحانه نزل فيها وتجلى بها ولكن بالتضمين ، أي من حيث اقتضاء الآية المذكورة لذلك وهو بطريق التبعية لأنا آثار أسمائه فمعيتنا له أثرية لا مؤثرية كمعيته تعالى لنا فنحن به معه لا بنا معه وهو به معنا لا بنا معنا ، لأنه الغني عنا ونحن المفتقرون إليه تعالى ، فلولاه لما كنا معه وهو سبحانه معنا بالتصريح ، إذ لو لم يكن معنا لما كنا ، فكونه معنا عين وجودنا به ، وكوننا معه عين ظهوره بنا
 
قال رضي الله عنه :  (فإنه) تعالى (قال) مصرحا بمعيته لنا (وهو معكم أينما كنتم) ، أي في أي حالة كنتم فيها وصورة تصورتم بها (ونحن معه) سبحانه بكونه تعالى (آخذا بنواصينا) ، أي قيوما علينا يتصرف بنا كيف شاء ، فمعيتنا له عين معيته لنا ، فهو قيوم علينا لا قيام لنا إلا به فهو معنا من هذا الوجه ونحن معه كذلك ، ولكنه من طرفه بالإرادة ومن طرفنا بالاضطرار فهو تعالى حينئذ مع نفسه سبحانه حيث ما مشى بنا ، أي تصرف فينا ظاهرا وباطنا بإظهارنا لنا ورؤيتنا بنا من صراطه المستقيم وهو عطاؤه الفضل ومنه العدل . وحكمه الفضل وظهور فرعه بما يقتضيه الأصل .
 
قال رضي الله عنه :  (فما أحد من العالم) في الحس والعقل (إلا على صراط مستقيم) بحكم التبعية لمالك النواصي وقاهر الأعداء في الصياصي وهو ، أي الصراط المستقيم صراط الرب تعالى الذي يمشي به فينا ، أي يتصرف فيه بنا فيظهر بأوصافه وأسمائه ويبطن بذاته وهويته وهما قدم التجلي وقدم الاستتار ولذا ، أي لكون الأمر كذلك علمت بلقيس من سليمان عليه السلام ، أي صارت عالمة منه لإسلامها بحكم التبعية له ، كما أنّا مع الحق تعالى بحكم التبعية له ، وهو سبحانه على صراط مستقيم في جميع شؤونه ، فنحن كذلك على صراط مستقيم في جميع شؤوننا ، ولا يضر إلا الجهل بما الأمر عليه في نفسه ، ومنه ظهرت المعاصي والمخالفات .
 
فقالت ، أي بلقيس :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمان َلِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فأطلقت إسلامها للّه في جميع حضراته سبحانه لإطلاق الربوبية في جميع العوالم وما خصصت عالما من عالم وهذا كله استفادته من حكم التبعية لسليمان عليه السلام في الإسلام من غير استقلال لها في ذلك ، لأنها لو استقلت دخلت تحت حكم عقلها وحسها ، فيلزم من ذلك التخصيص ، ويكون عقدها مخصوصا بصورة التجلي فتفتضح يوم التحوّل في الصور يوم القيامة ، فمعيتها لسليمان عليه السلام أنتجت لها حكم الإطلاق كما نقول ذلك في المقلدين في عقائدهم لما جاءت به الرسل ، ووردت به الكتب من غير تأويل ولا تشبيه إذا أسلموا لها كإيمان السلف الصالحين ، ومن هنا قيل : من لا شيخ له فشيخه الشيطان ، وورد في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب من هذه الأمة. رواه البخاري ومسلم
أن مع كل واحد منهم سبعين ألفا ، أي يؤمنون كإيمانهم ويسلمون معهم للّه رب العالمين ، وأصلها معية الأنبياء والمرسلين .
قال اللّه تعالى :وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ( 69 ) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً( 70 ) [ النساء : 69 - 70 ] ، والمراد الطاعة فيما ورد في الكتاب والسنة مع الإسلام له على حسب ما هو عليه ، كما نقل عن الإمام الشافعي رضي اللّه عنه أنه كان يقول : آمنت باللّه وبما جاء عن اللّه على مراد اللّه وآمنت برسول اللّه وبما جاء به رسول اللّه على مراد رسول اللّه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان عليه السلام إذ قالت مع سليمان عليه السلام فتبعه ) في الإسلام ( فما يمر سليمان عليه السلام بشيء من العقائد إلا مرّت ) بلقيس ( به ).


أي بذلك الشيء مع سليمان عليه السلام ( معتقدة ) أي حال كون بلقيس معتقدة ( ذلك ) الشيء ( كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه لكون نواصينا في يده ويستحيل مفارقتنا إياه ).
 فإذا كان الأمر كذلك ( فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح فإنه قال "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ" ) وهذا هو التصريح .


قال رضي الله عنه :  ( ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا ) وهو معنى التضمين فلما اتجه أن يقال إذا كان الحق معنا لزم أن يكون تابعا لنا كما إذا كنا معه اعتبارا بمعنى مع وكون الحق تابعا لشيء من الأشياء محال.
فكيف يصح معيته بنا دفع ذلك بقوله : ( فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا من صراطه فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم وهو صراط الرب فهو عيننا ) من حيث الوجود والحقيقة وإن كان غيرنا باعتبار تعيناتنا الشخصية فكونه معنا من حيث الوجود والوحدة معنا عين مشيته مع نفسه.
فكما علمنا أنا كنا مع الحق بالتبعية ( وكذا علمت بلقيس من سليمان عليه السلام ) أنه مع اللّه بالتبعية فتبعته في الإسلام لتكون مع اللّه بالتبعية كما كان سليمان عليه السلام .
قال رضي الله عنه :  ( فقالت للَّه رب العالمين وما خصصت عالما من عالم ) أي ما خصصت إسلامها رب عالم بل أضافت إسلامها رب جميع العوالم.
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك. كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.ويستحيل مفارقتنا إياه. فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم». ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه. فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى. وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
 
قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ، إذ قالت :  ( مَعَ سُلَيْمانَ ) فتبعته فما يمرّ بشيء من العقائد إلَّا مرّت به معتقدة ذلك كما نحن على الصراط المستقيم الذي الربّ عليه ، لكون نواصينا بيده وتستحيل مفارقتنا إيّاه ،فنحن معه بالتضمين ، وهو معنا بالتصريح.
 فإنّه قال :   " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ "  ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا ) .
 
يعني رضي الله عنه : أنّ كوننا على الصراط المستقيم لكون نواصينا بيد الحق الذي هو على الصراط المستقيم ، فنحن معه على الصراط في ضمن كونه على الصراط المستقيم ، ككون بلقيس في إسلامها بالتضمين والتبعية لإسلام سليمان .
 
قال رضي الله عنه : ( فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه فما من أحد من العالم إلَّا على صراط مستقيم وهو صراط الربّ تعالى ، وكذا علمت بلقيس من سليمان . فقالت :  " لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ " وما خصّصت عالما من عالم ).
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ التسخير السليمانيّ لم يكن بالهمّة والجمعية وتسليط الوهم ، وبالأقسام العظام ، وأسماء الله الكرام ، بل بمجرّد الأمر ، ويحتمل ذلك ، لمن يكون اختصاصا له من الله بذلك ، وفي ظاهر الاحتمال دلالة أن يكون بأسماء الله العظام ، وبالكلمات والأقسام في بدو أمره ، ثمّ بلغ الغاية في إتقانها حتى انقادت له الخلائق ، وأطاعه الجنّ والإنس والطير وغيرها بمجرّد الأمر والتلفّظ بما يريد من غير جمعية ولا تسليط وهم وهمّة ، عطاء وهبة من الله ، أن يقول للشيء : "كن فيكون".

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
 
قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت " مَعَ سُلَيْمانَ " فتبعته ، فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك ، كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه لكون نواصينا في يده ويستحيل مفارقتنا إياه ، فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح )
إنما كان فرعون تحت حكم الوقت حيث كان الوقت وقت غلبة بني إسرائيل ونجاتهم وغرقه ، فخصص إيمانه بإيمانهم تقليدا ورجاء للخلاص كخلاصهم لا يقينا ، فكأنه لما رأى الدولة معهم مال إليهم ، وقايس التخصيص على تخصيص السحرة وأخطأ في القياس كإبليس ، فإن إيمان السحرة يتقيد بإيمان النبيين ، والنابع يجب أن يتقيد إيمانه بإيمان نبيه ،
وإنه قيد إيمانه بإيمان بني إسرائيل فكم بين الإيمانين ؟
وأيضا كان تخصيص السحرة بعد التعميم في قولهم " آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ " واستشعارهم أن القبط لغاية تعمقهم في الضلال يحسبون رب العالمين فرعون.
وبين إسلامه وإسلام بلقيس بون بعيد لأن المعية في قولها دالة على أنها تعتقد اعتقاد سليمان مطلقا في جميع الأشياء ، كما نحن بالتبعية مع الرب تعالى على الصراط المستقيم لكون نواصينا بيده فهو على الصراط المستقيم.
فامتنع انفكاكنا عنه فنحن على صراط ربنا بالتبعية ، وهو معنى قوله بالتضمين :
أي على الصراط المستقيم في ضمن كونه عليه لأنه الكل ونحن كالجزء من الكل ، وهو آخذ نواصينا معنا بالتصريح .
 
"" أضاف بالى زادة : فلما اتجه أن يقال إذا كان الحق معنا لزم أن يكون تابعا لنا ، كما إذا كنا معه اعتبارا بمعنى مع ، وكون الحق تابعا محال .
فكيف يصح معيته بنا دفع ذلك بقوله ( فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا ) فهو عيننا من حيث الوجود والحقيقة وإن كان غيرنا باعتبار تعيناتنا الشخصية ، فكونه معنا من حيث الوجود والوحدة معناه مشيئته معنا عين مشيئته مع نفسه ، فكما علمنا أنا كنا مع الحق بالتبعية .
( وكذا علمت بلقيس من سليمان ) أنه مع الله بالتبعية ، فتبعته في الإسلام لتكون مع الله بالتبعية كما كان سليمان. اهـ بالى
( فما هو ) أي فما كان اختصاص سليمان بذلك التسخير ( من كونه تسخيرا ) وإلا لما عمم الله التسخير في حقنا ( فإن الله يقول ). اهـ  بالى زادة. "" .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه قال تعالى " وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ " ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم وهو صراط الرب تبارك وتعالى ، وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت " لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ " وما خصصت عالما من عالم ).
لأنها علمت أن سليمان مع الرب ، والرب مع الكل بأسمائه ، فيكون سليمان مع الكل لكونه مع الله بجميع أسمائه ، ولهذا سخر الكل بأسماء الله .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك. كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ، إذ قالت : "مع سليمان" فتبعته . )
أي ، كان إسلام بلقيس كإسلام سليمان غير مقيد برب مخصوص ، بل مطلقا ، لذلك قالت : ( أسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) . فتبعته في الإسلام .

قال رضي الله عنه :  ( فما يمر بشئ من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك ، كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه ، لكون نواصينا في يده ، وتستحيل مفارقتنا إياه . )

أي ، ما يمر سليمان بشئ من المراتب ولا يعتقد في الحق عقيدة بحسب ما يدركه من الحق ذوقا وشهودا وعلما ووجودا ، إلا مرت بلقيس معه بذلك العقد واعتقدت في الحق كذلك ، لأنه ، عليه السلام ، كان متبوعها ، والتابع للشخص في عقائده لا يكون إلا على تلك العقائد ، وإلا لا يكون تابعا فيها .
فذلك ، أي  ذلك المرور والمتابعة ، كمتابعتنا للرب في قوله تعالى : ( وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم ) .
وامتناع مفارقتنا منه لكون نواصينا في يده .
فقوله رضي الله عنه  : ( ذلك ) مبتدأ ، خبره : ( كما كنا نحن ) . ولا يتوهم أنه مفعول لقوله : (معتقدة) .

قال رضي الله عنه :  (فنحن معه بالتضمين ، وهو معنا بالتصريح . فإنه قال : "وهو معكم أينما كنتم". ونحن معه لكونه آخذا بنواصينا .).
لما كان كل ما هو مشهود ومحقق عين الوجود الحق ، والأعيان باقية على حال عدمها ، أو موجودة بالوجود ، وكان الحق معنا ظاهرا صريحا ، وأعياننا معه باطنا وضمنا . هذا في التحقق .

وكذلك في المشي على الصراط المستقيم : فإنه يكون على الصراط صريحا ، ونحن عليه بالتبعية ، لأنه ليس في الوجود غيره ، وأعياننا العدمية على ذلك الصراط بتبعيته وفي ضمن وجوده ، لكونه آخذا بنواصينا .

قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا من صراطه . فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم ، وهو صراط الرب تعالى . )

أي ، إذا كان كل ما هو مشهود عين الحق ، فالحق مع نفسه حيث ما كان ، إذ ليس هويتنا إلا وجودا متعينا ، والوجود عين الحق ، فهو مع نفسه لا مع غيره ، وهو على صراط مستقيم ، فما أحد من العالم إلا وهو على صراط مستقيم .
وهو صراط الرب أي ، صراط اسم ( الرب ) ، إذ لكل اسم صراط خاص موصوف بالاستقامة بالنسبة إلى ذلك الاسم ، وصراط الله هو المستقيم المطلق الجامع للطرق كلها ، وله الربوبية الكاملة .

لذلك قال تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) .
( وكذا علمت بلقيس من سليمان ،فقالت : "لله رب العالمين". وما خصصت عالما من عالم.) أي ، علمت بلقيس أن سليمان مع الله بالتبعية ، فتبعته لتكون مع الله بالتبعية .
وما خصت في قولها : ( رب العالمين ) عالما من عالم ، ليكون لها نصيبا من الربوبية في العوالم كلها ، فإن الله يرب جميع العالمين وهي بالتبعية معه .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 19:25 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 19:05 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر:-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك. كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت : " مَعَ سلَيْمانَ"  فتبعته ، فما يمرّ بشيء من العقائد إلّا مرّت به معتقدة ذلك ، كما نحن على الصّراط المستقيم الّذي الرّبّ تعالى عليه لكون نواصينا في يده ، ويستحيل مفارقتنا إيّاه ، فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتّصريح ، فإنّه قال :" وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ " [ الحديد : 4 ] ، ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا ، فهو اللّه تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلّا على صراط مستقيم وهو صراط الرّبّ تعالى ، وكذلك علمت بلقيس من سليمان؛ فقالت :"لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ " [ النمل : 44 ] وما خصّصت عالما من عالم).
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ) في علو الرتبة ( إذ قالت مع سليمان ) ، وإن لم يكن لإيمانها هذه الرتبة بذاتها أمكن أن تكون له هذه الرتبة بالتبعية ، كعبد الوزير يمكنه أن يدخل بتبعية الوزير المواضع المخصوصة للسلطان ما لا يمكنه أن يدخلها لو انفرد ( فتبعته ) ، فما يمر سليمان ( بشيء من العقائد ) المفصلة ( إلا مرت به ) مجملة لكونها ( معتقدة ذلك ) أي : اعتقاد سليمان ، وإن لم يتفصل لها ذلك الاعتقاد ، فتحصل لها تلك الاعتقادات بالتضمين ، كما يحصل لسليمان بالتصريح ، فهذا الفرق بينهما مستمر كالفرق بيننا وبين ربنا في المرور على صراطه ، بل في كوننا معه .
 
كما أشار إليه بقوله رضي الله عنه  : ( كما كنا نحن ) أي : جملة الناس ( على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه ) في أفعاله بنا ، فإنها مستقيمة له ؛ فهي مستقيمة لنا باعتبار تبعيتنا له ، وإن كانت غير مستقيمة لنا باعتبار ما يكتسب منها من الصفات الذميمة أو كانت قبيحة.
وإنما تبعناه ( لكون نواصينا في يده ) ، وإنما لم تكن هذه الجهة جهة الاكتساب لنا ؛ لأنها ضرورية لا اختيار لنا فيها ، والكسب إنما يتعلق بالاختيار ؛ وذلك لأنه ( يستحيل مفارقتنا إياه ) ، وإذا كانت استقامتنا في الأفعال القبيحة بتبعيته .

قال رضي الله عنه :  ( فنحن معه ) على الصراط المستقيم لا قدرة لنا من دونه ، والقدرة المكتسبة غير مؤثرة في حصول الفعل نفسه بل في صفاته .
فلذلك صرح بكونه معنا ، ولم يصرح بكوننا معه ، فإنه قال في بيان كونه معنا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ،فصرح وقال في بيان كوننا معه :" مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ " [ هود : 56 ] .
فلم يصرح بل أفهم ( بالتضمين ) أنه نحن معه بكونه آخذ بناصيتها ، وإذا صح أن كوننا بالتضمين لتبعيتنا إياه ، فلا يكون الحق تابعا لنا في اكتسابنا ؛ فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا في أفعالنا من صراط مستقيم أو غير مستقيم بالنسبة إلينا ؛ فإنه مستقيم بالنسبة إليه لا يلحقه بتبعيتنا إياه القبائح التي تلحقنا .
 
وإذا كان له المشي على جميع صراطنا ، وهو على صراط مستقيم دائما ، فما بقي أحد من العالم إلا على صراط مستقيم ، وإن لم يستقم بوجه آخر عقلا أو عرفا أو شرعا ؛ فإن الوجود خير كله ، وإنما جهة الشرفية نسبة عدم الغير أو عدم كماله إليه ، ولكن جهة الخيرية مخصوصة بمفيض الوجود .
ولذلك يقول : هو من جهة الاستقامة ، إنما هو صراط الرب تبارك وتعالى لا صراطنا ، إذ ليس منا إفاضة الوجود الذي هو الخير ، بل إنما يكون منا إفادة الصفات بمظاهرنا ، وهي منشئة الاكتساب الذي يقسم الصراط إلى المستقيم وغيره .
ويقسم الأفعال إلى الحسن والقبيح ، وكما علمنا هذه الدقائق كذا علمت بلقيس من سليمان أنه مع اللّه على جميع صراطه على ما هو ربه عليه من جهة الاستقامة .

حيث ثابت له فقالت للّه رب العالمين ، فتجمع صراط العالم في الوصول إلى ربها وما خصصت عالما من عالم ليحصل لها الوصول إلى ربها من جميع الوجوه من غير قصد أن تكتسب شيئا من الاكتسابات القبيحة أو الحسنة حتى يحتاج إلى تمييز بعضها عن بعض ، بل قصدت جهة الجذب الذي أقله يوازي عمل الثقلين ، فهذا من سريان علمه إليها كسريان الكرامة إلى آصف ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك. كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
 
قال رضي الله عنه :   ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ، إذ قالت : " مَعَ سُلَيْمانَ")[ 27 / 44 ].
وعنت بهذه المعيّة المقارنة بسليمان في نفس هذا الانقياد والإذعان بما يستتبعه ، لا المقارنة الزمانيّة و المكانيّة .
وبيّن أن المراد بالمعيّة والمقارنة إذا كان هو المقارنة في الفعل ، يلزم أن يكون المتقارنان متساويين في طريان ما يلزم ذلك الفعل من الأحوال والأوضاع .
وبلقيس إذ  قارنت بسليمان تلك المقارنة ( فتبعته ) في سائر عقائده وأحواله ، ولازمته في مسالكه بجميع أغوارها وأنجادها .
 
قال رضي الله عنه :  ( فما يمرّ بشيء من العقائد إلا مرّت به معتقدة ، ذلك كما نحن على الصراط المستقيم الذي الربّ عليه ، لكون نواصينا في يده ، ويستحيل مفارقتنا إيّاه ) .
فيجب مقارنتنا له في جميع الأفعال والأقوال وجملة الأحوال .

وبيّن أن المعية من الطرفين وأنّ عين العبد في عدمه الأصلي كما كان ، ( فنحن معه بالتضمين ) مختفيا في ضمنه ، ( وهو معنا بالتصريح ) ظاهرا في مجلاه .
ومن ثمّة ترى في الكلام المنزل السماوي الذي هو المبيّن الكاشف عن الأمر بما هو عليه ظاهرا مفصحا عن ذلك ( فإنّه قال : “وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ “  ) [ 57 / 4 ] مصرّحا بمعيّته لنا ، فهو معنا بهذا النصّ الصريح في المعيّة ( ونحن معه بكونه آخذ بنواصينا ) وهو إنما يدلّ على المعيّة ضمنا ، فإنّ دلالته على المعيّة عقليّة ضمنيّة . إذ الناصية لغة هي : قصاص الشعر .

وهي ما ينتهي به الشعر مقدّما كان أو مؤخّرا ، وذلك في عرف أهل الذوق عبارة عن الكثرة الإحاطية التي قد انحشرت في الإنسان وظهر سواد ازدحامها على الدماغ ، فإنّ فيه مدارك الشعور والإشعار ، ومصادر الأفعال الاختيارية التي من جملتها الكلام ، الذي هو منتهى غايات الكثرة المتّصل طرفها بالوحدة ، فإنّه صورة العلم ، وهو ظاهر الوجود كما عرفت .

وبيّن أنّ الآخذة بالناصية هو الذي يتحرّك بها وفيها ، فإنّ لكلّ كثرة جهة جمعيّة ، هي الآخذ بأزمّة آثارها وإظهار مطاوي أسرارها ، فإنّ تلك الكثرة هي باطن تلك الجهة من وجه ، وإن كان ظاهرها من آخر ، وهذا هو الوجه الذي نتكلم عليه .

ولذلك قال رضي الله عنه: ( فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ) فإنّ النفس في عرفهم مشتقّ من النفس المنسوب إلى الرحمن ، وبيّن أنّ تلك الجهة الجمعيّة التي بها يظهر العالم بأجناسه وأنواعه وأشخاصه لا بدّ لها من هيأة وحدانيّة اعتداليّة في كلّ منها ، هي منهج ظهور ذلك النوع وصراط صورته الخاصّة ، بحيث لو تجاوز عنها إلى طرفيها من الإفراط والتفريط لم يمكن ظهورها أصلا .
 
قال رضي الله عنه: ( فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم ، وهو صراط الربّ تعالى ) فإنّه لكل نوع ربّ يحفظ ذلك الهيئة الوحدانيّة على استقامتها .
قال رضي الله عنه: ( وكذا علمت بلقيس من سليمان ) عند إسلامها من دقائق حكمه ، وإذعانها له في لطائف إرشاده وهدايته ، ( فقالت “  لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ “  ) [ 27 / 44 ] مفصحة عن معبودها بأسمائه الإلهيّة والربوبيّة ، وسماته الكيانيّة ، بما يكشف عن المعيّة المذكورة ، لما في الربّ من معنى النسبة التي يلازم طرفيها معا .
 
ولذلك عمّت ( وما خصّصت عالما من عالم ) فإنّه لو أنّها ما علمت من سليمان تلك المعيّة الإطلاقية ما عمّت ، بل خصّصت كما خصّص بنو إسرائيل .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك. كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده. ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا. فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )
 
قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت :مَعَ سُلَيْمانَ فتبعته .)
مخصوص ( إذ قالت ) : أسلمت ( مع سليمان ) لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ( فتبعته).

قال رضي الله عنه :  (فما يمرّ بشيء من العقائد إلّا مرّت به معتقدة ذلك . كما نحن على الصّراط المستقيم الّذي الرّبّ تعالى عليه لكون نواصينا في يده . ويستحيل مفارقتنا إيّاه .
فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتّصريح ، فإنّه قال :وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ[ الحديد : 4 ] ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا .  فهو اللّه تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلّا على صراط مستقيم وهو صراط الرّبّ تعالى . وكذلك علمت بلقيس من سليمان فقالت :لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] وما )

قال رضي الله عنه :  (فما يمر ) سليمان ( بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه لكون نواصينا في يده وتستحيل مفارقتنا إياه ) ، فقوله ذلك إما مفعول لمعتقدة ، أي معتقدة بأمر سليمان به ، وإما مبتدأ خبره كما كنا والأول أظهر ، ولعله رضي اللّه عنه أراد بعموم اعتقادها لما مر به سليمان إحاطته به إجمالا لا تفصيلا فإن مساواة اعتقادها لاعتقاده كما وكيفا مستبعدة جدا .

قال رضي الله عنه :  ( فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح ) . وذلك لأن معيته الذاتية معنا عبارة عن قيوميته لنا بتجليه الوجود فينا أو معيتنا معه عبارة عن قيامنا به ضمن ذلك التجلي ومعنى به قيامنا ظهور ظلالنا وعكوسنا فيه .
فإن أعياننا الثابتة لا تزال على العدمية ما شمت رائحة الوجود فنحن معه وقائمون به في ضمن ظلالنا وعكوسنا فيه وهو معنا بالقيومية بصريح ذاته وظاهر وجوده فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح .

وعلى هذا المنوال وقع في التنزيل بيان معيته ومعيتنا معه ( فإنه قال ) في بيان معيته معنا ( وهو معكم أينما كنتم ) ، فصرح بمعيته معنا ( ونحن معه بكونه ) ، أي بسبب كونه ( آخذا بنواصينا ) كما يدل عليه قوله تعالى :ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها[ هود : 56]
، ولا شك أن المأخوذ بناصيته يكون مع الآخذ بها ، فمعيتنا معه لا تفهم من صريح الآية بل هي مندرجة في ضمنها مفهومة بالتبعية ، وإن كان آخذا بنواصينا ( فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا من صراطه ) ، فالصراط الذي مشى بنا عليه صراطه الذي هو عليه .

قال رضي الله عنه :  ( فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم وهو صراط الرب تعالى ) الصراط ، الذي يمشي بناء عليه ( وكذا ) ، أي مثل ما قلنا من أنه ما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم هو صراط الرب.

 قال رضي الله عنه :  (علمت بلقيس من ) حال ( سليمان ) فعلمت أنه ليس إلا على صراط مستقيم وهو صراط الرب فتبعته وهو تابع منقاد لربه الذي يمشي به فتبعت بلقيس مضاربه وانقادت له ( فقالت ) أسلمت (لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، وأضافت الرب الذي ( خصّصت عالما من عالم . ) أسلمت له إلى العالمين كلهم.

قال رضي الله عنه :  ( وما خصصت عالما من عالم ) بإضافة الرب إليه كما خصص بنو إسرائيل موسى وهارون بذلك ، فإن منشأ التخصيص اعتقاد أن ما عدا المضاف إليه ليس على صراط مستقيم والأمر بخلاف ذلك كما علمت .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 19:46 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر:-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا التّسخير الّذي اختصّ به سليمان وفضّل به على غيره وجعله اللّه له من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره . فقالفَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ[ ص : 36 ] .  فما هو من كونه تسخيرا ، فإنّ اللّه يقول في حقّنا كلّنا من غير تخصيص :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [ الجاثية : 13] . . وقد ذكر تسخير الرّياح والنّجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر اللّه . فما اختصّ سليمان - إن عقلت - إلّا بالأمر من غير جمعيّة ولا همّة ، بل بمجرّد الأمر .  وإنّما قلنا ذلك لأنا نعرف أنّ أجرام العالم تنفعل لهمم النّفوس إذا أقيمت في مقام الجمعيّة . وقد عاينّا ذلك في هذا الطّريق . فكان من سليمان مجرّد التّلفّظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همّة ولا جمعيّة . )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما التسخير) ، أي تسخير العوالم واستخدامها (الذي اختص به سليمان) عليه السلام (وفضل به غيره) ، أي صار بسببه أفضل من غيره وجعله ، أي ذلك التسخير اللّه تعالى له ، أي لسليمان عليه السلام من جملة الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه ، أي ذلك التسخير عن أمره ، أي عن أمر سليمان عليه السلام فقال اللّه تعالى عنه فسخرنا له الريح تجري كيف شاء بأمره ، أي بأمر سليمان عليه السلام فما هو ، أي اختصاص سليمان عليه السلام بالتسخير من كونه ، أي ذلك التسخير تسخيرا ، فإن اللّه تعالى يقول في حقنا معشر بني آدم كلنا من غير تخصيص بإنسان منا دون إنسانوَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً[ الجاثية : 13 ] ، أي أمر الكل بالانقياد إليكم واستخدمهم في
حساب أعطاني مع كل واحد منهم سبعين ألفا فقلت : يا رب أمتي لا تسع هذا فقال : أكملهم لك من الأعراب   .
حوائجكم ومصالحكم الدينية والدنيوية منه ، أي تسخيرا كائنا منه لا منكم ، أي عن أمره تعالى لا عن أمركم .
قال رضي الله عنه :  (وقد ذكر) تعالى أيضا (تسخير الرياح) لنا (والنجوم وغير ذلك ولكن لا من أمرنا) نحن (بل عن أمر اللّه تعالى) .
قال تعالى :" وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ " [ الأعراف : 54 ] ،
وقال تعالى " وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ( 33 ) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ " [إبراهيم: 32- 34].
وقال تعالى :" وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( 14 ) " [ النحل: 14 ] ،
وقال :" أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ " [ النحل : 79 ] .
وقال تعالى :أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ[ الحج : 65 ] ،
وقال تعالى :" وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ " [ البقرة : 164 ] ،
 
قال رضي الله عنه :  (فما اختص سليمان) عليه السلام (إن عقلت) يا أيها السالك (إلا بالأمر) أن يكون ذلك التسخير عن أمره وهو في مقام الفرق النفساني الموجب للقيام باللّه في جميع الأحوال من غير احتياج إي جمعية روحانية ولا همة أمرية إلهية بل بمجرد الأمر النفساني نظير تسخير الأعضاء الإنسانية السالمة من الزمانة لكل إنسان فيحركها عن أمر نفسه في كل ما يريد وما افترق إلا بعدم الحساب فإنه تعالى قال :وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً ( 13 ) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً( 14 ) [ الإسراء : 13 - 14 ] ، فإن الحساب على كل إنسان في كل أمر نفساني إلا سليمان عليه السلام فقد قال تعالى في حقه :هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ( 39 ) [ ص : 39 ] ، فهو الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده .
 
قال رضي الله عنه :  (وإنما قلنا ذلك) ، أي من غير جمعية ولا همة (لأنا) معشر المحققين (نعرف أن أجرام العالم) ، أي المخلوقات تنفعل ، أي تتأثر لهمم جمع همة النفوس الفاضلة الكاملة إذا أقيمت ، أي تلك النفوس بأن أقامها الحق تعالى في مقام الجمعية به تعالى على وجه الاحتضار لأمره القديم القيوم على كل شيء وقد عاينا نحن ذلك الانفعال في هذا الطريق المستقيم طريق السعداء العارفين فكان من جهة سليمان عليه السلام مجرد تلفظه بلسانه بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة قلبية ولا جمعية روحانية .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان عليه السلام وفضل به ) من التفضيل على البناء المجهول ( على غيره ) أي فضل بذلك التسخير على غيره ( وجعله اللّه له ) أي جعل اللّه ذلك التسخير لسليمان .

قال رضي الله عنه :  ( من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه ) أي كون ذلك التسخير ( عن أمره ) أي عن أمر سليمان ( فقال ) تعالى في حقه "فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ "  أي بأمر سليمان.
 ( فما هو ) أي فما كان اختصاص سليمان ذلك التسخير ( من كونه تسخيرا ) وإلا لما عمم اللّه التسخير في حقنا ( فإن اللّه تعالى يقول في حقنا كلنا ) بني آدم ( من غير تخصيص بأحد منا سليمان كان ) أو غيره وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه .

قال رضي الله عنه :  (وقد ذكر ) الحق (تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن ) ذلك التسخير لنا ( لا عن أمرنا بل عن أمر اللّه ) ولسليمان بأمر سليمان.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما اختص سليمان أن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة بل بمجرد الأمر وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرم العالم تنفعل بهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية وقد عاينا ) أي وقد ظهر لنا ( ذلك) .

أي انفعال الأجرام بهمم النفوس حين أقامهم في مقام الجمعية فكان الريح والنجوم مسخرا لنا بأمر اللّه بجمعيتنا وهمتنا ( في هذا الطريق ) أي في طريق أهل اللّه أو في طريق الجمع ( فكان ) التسخير منا بجميعه وهمة فكان ذلك التسخير .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية واعلم أيدنا اللّه وإياك بروح منه ) والمراد من التأييد الحياة العلمية وبالروح الروح المعنوي وهو الإحضار التام مع اللّه دعا لنفسه ولنا بذلك إشارة إلى أن من لم يكن على هذا الوصف لا يدرك المسألة المذكورة بعد أعلم استعظاما لشأن المسألة.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله. فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر. وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية. وقد عاينا ذلك في هذا الطريق. فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
 
قال رضي الله عنه :  (وأمّا التسخير - الذي اختصّ به سليمان ، وفضل به غيره ، وجعله الله من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده - فهو كونه عن أمره ، فقال :  "فَسَخَّرْنا لَه ُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِه " ، فما هو من كونه تسخيرا ، فإنّ الله تعالى يقول في حقّنا كلَّنا من غير تخصيص : "وَسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه ُ "   وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك . ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله ، فما اختصّ سليمان إن عقلت إلَّا بالأمر من غير جمعية ولا همّة ، بل بمجرّد الأمر وإنّما قلنا ذلك ، لأنّا نعرف أنّ أجرام العالم تنفعل لهم  النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية قد عاينّا ذلك في هذا الطريق ، فكان من سليمان مجرّد التلفّظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همّة ولا جمعية ) .
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ التسخير السليمانيّ لم يكن بالهمّة والجمعية وتسليط الوهم ، وبالأقسام العظام ، وأسماء الله الكرام ، بل بمجرّد الأمر ، ويحتمل ذلك ، لمن يكون اختصاصا له من الله بذلك .
وفي ظاهر الاحتمال دلالة أن يكون بأسماء الله العظام ، وبالكلمات والأقسام في بدو أمره ، ثمّ بلغ الغاية في إتقانها حتى انقادت له الخلائق ، وأطاعه الجنّ والإنس والطير وغيرها بمجرّد الأمر والتلفّظ بما يريد من غير جمعية ولا تسليط وهم وهمّة ، عطاء وهبة من الله ، أن يقول للشيء : كن ، فيكون .
 
 شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان عليه السلام وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره فقال " فَسَخَّرْنا لَه الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِه "  فما هو من كونه تسخيرا فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص " وسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ " وما في الأَرْضِ جَمِيعاً . وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ، ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة بل بمجرد الأمر . وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية ، وقد عاينا ذلك في هذا الطريق ، فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية ) .
 
يعنى أن التسخير المختص بسليمان هو التسخير بمجرد أمره لا بالهمة والجمعية وتسليط الوهم ، ولا بالأقسام العظام وأسماء الله الكرام .
والظاهر أنه كان له أولا بأسماء الله والكلمات التامات والأقسام ، ثم تمرن حتى بلغ الغاية وانقادت له الخلائق وأطاعه الجن والإنس والطير والوحش وغيرها بمجرد الأمر والتلفظ بما يريد بها من غير جمعية ولا تسليط وهم وهمة عطاء من الله تعالى وهبة .
وكان أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ،
ويحتمل أن يكون ذلك اختصاصا له من الله بذلك ابتلاء .
 
"" أضاف بالى زادة :  قوله ( وقد عاينا ) أي وقد ظهر لنا ( ذلك ) أي انفعال الأجرام بهمم النفوس حين أقامهم في مقام الجمعية ، فكان الريح والنجوم مسخرا لنا بأمر الله بجمعيتنا وهمتنا ( في هذا الطريق ) أي طريق أهل الله أو طريق الجمع اهـ بالى .
قوله ( طلبه من ربه ) لكن عن أمر ربه ، فكيف ينقص درجته ويحسب عليه في الآخرة ، تعريض لمن زعم أنه اختار الدنيا وطلب ما طلب فينقص من ملك آخرته ويحسب عليه ، فيقتضى ذوق الطريق أي طريق سوق الآية الكريمة في حق سليمان ، أو طريق الكشف ، أو طريق التصوف ، أو طريق الحق ، وهي صراط مستقيم وهذه أحسن الوجوه. اهـ بالى""  
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان ، عليه السلام ، وفضل به غيره و جعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، فهو كونه عن أمره . ) أي ، فهو
وجود الشئ حاصلا بأمره .

قال رضي الله عنه :  ( فقال : "فسخرنا له الريح تجرى بأمره " . فما هو ) أي ، فليس ذلك الاختصاص .
قال رضي الله عنه :  ( من كونه تسخيرا ، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص : ) بأحد منا ، سليمان كان أو غيره .

قال رضي الله عنه :  ( "وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه " . وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ، ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله . فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ، ولا همة ، بل بمجرد الأمر .
وإنما قلنا ذلك ، لأنا نعلم أن أجرام العالم تنفعل بهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية .
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق ، فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير جمعية ولا همة . )
 
والمقصود هو أن اختصاصه بالتسخير هو التسخير بالأمر المجرد ، من غير جمعية القلب والعزيمة بالهمة ، ولا بالمعاونة بالأرواح الفلكية ، ولا بخواص الأمور الطبيعية والأسماء الإلهية وغيرها .
فأمره في التسخير كان قائما مقام أمر الله . وبذلك اختص .

 .
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 19:50 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر:-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق. فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا التّسخير الّذي اختصّ به سليمان ، وفضّل به على غيره وجعله اللّه له من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ؛ فهو كونه عن أمره ، فقال : " فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ " [ ص : 36 ] ، فما هو من كونه تسخيرا ، فإنّ اللّه يقول في حقّنا كلّنا من غير تخصيص :" وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ " [ الجاثية : 13 ] .
وقد ذكر تسخير الرّياح والنّجوم وغير ذلك ، ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر اللّه ، فما اختصّ سليمان إن عقلت إلّا بالأمر من غير جمعيّة ولا همّة . بل بمجرّد الأمر ، وإنّما قلنا ذلك لأنا نعرف أنّ أجرام العالم تنفعل لهمم النّفوس إذا أقيمت في مقام الجمعيّة ، وقد عاينّا ذلك في هذا الطّريق ، فكان من سليمان مجرّد التّلفّظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همّة ولا جمعيّة ).
 
ثم أشار رحمه اللّه إلى أثر الرحمتين سيما الرحمة في حق سليمان عليه السّلام بقوله :
( وأما التسخير ) أي : تسخير الريح والماء والشياطين والطيور والدواب ( الذي اختص به سليمان ) من بين أفراد الإنسان ، ولم يكن ذلك كتسخير أرباب العزائم لبعضها ، بل فضل به غيره من الأنبياء الأولياء .
وذلك لأنه جعل اللّه له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، إما لعدم بلوغه إلى كماله أو لعدم ظهوره بذلك ؛ فهو كونه حاصلا له عن مجرد أمره بلا همة ولا عزيمة بخلاف من بعده من الأولياء وأهل العزائم ، بل من أمر اللّه تعالى وحده .
 
فقال :" فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ " [ ص : 36 ] ، يدل على أن اختصاصه به من حيث كونه من أمره ؛ لأنه تعالى قيده بذلك ، فما هو أي : اختصاص التسخيرية من كونه تسخيرا أعم من أن يكون بأمره أو بالهمة أو العزيمة أو بأمر اللّه .


وإن قيل : إنه لم يدل على نفي اختصاصه بالوجه العام به ، فلابدّ من نفيه لدلالة نص آخر عليه ، فإن اللّه تعالى يقول في حقّنا كلنا من غير تخصيص بالكمّل منا أو بأهل العزائم حتى يقال : إنه اختصاص إضافي ، أي : بالإضافة إلى العامة غير أهل العزائم .
"وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ " [ الجاثية : 13 ] ، أي : من أمره ، وقد ذكر في مواضع أخر من كتابه تسخير الرياح حيث قال :"وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ " [ إبراهيم : 32 ] ، وقال :" وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ "[ البقرة :164 ] ،
ولا شكّ أن تسخيرهما تسخير الرياح والنجوم .
 
حيث قال : " وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ " [ الأعراف: 54 ] ، وقال :" وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ " [ إبراهيم : 33 ] ، وغير ذلك حيث قال :" أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ " [ النحل : 79 ] .
وقال في الدواب : " الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " [ الزخرف : 13 ] ، وقال كذلك : " سَخَّرْناها لَكُمْ " [ الحج : 36 ] .
 
وقد ذكرنا تسخير العفريت لنبيّنا عليه السّلام ، ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر اللّه بلا واسطة ، فلم نقر بفضيلة ظهوره فينا بالأمرية في هذه الأمور ، وإن كان لنا فضيلة كوننا مسخرا لهم ، وفاز بها سليمان فما اختص سليمان بشيء لأمثلة التسخير .
 
إن نقلت ولم تقتصر على ما اشتهر إلا بالأمر ، أي : إلا بكون التسخير عن أمرية لا باعتبار كونه أمر أعم من أن يكون بجمعية وهمة ، أو دونهما بل من غير جمعية ولا همة ، فإنهما وإن اختصا بمن له نوع كمال بالنسبة إذ يرجع بالجمعية إلى اللّه ، وبالهمة إلى قدرته وإرادته ، فليس ذلك أخص خصوصية إلى من لا يحتاج إليهما بل يكون له التسخير بمجرد الأمثلة ؛ لكمال تشبهه باللّه تعالى إذ يصدر منه كل شيء بمجرد أمره من غير جمعية ولا همة .
 
وإنما قلنا ذلك أي :اختصاصه بكون التسخير من مجرد أمره ، وإن لم يدل عليه النقل ؛ لأنّا نعرف أن أجرام العالم كالرياح ، والمياه ، والشياطين ، والدواب ، والطيور ، وقيد بها ؛ لأن الأرواح لا يتأثر بعضها عن بعض إلا باعتبار أجرامها تنفعل .
 
أي : تقبل الأثر لهمم النفوس إذا قمت في مقام الجمعية ، أي : بقيت فيها مدة لا تشتغل بغير ما يهمها ، فيتم عشقها معها الموجب لتأثيرها .
وقد عاينا ذلك في أهل هذا الطريق إذ تيسر لهم هذه الجمعية دون غيرهم ؛ لتفرق هممهم لتعلقها بالأمور المتفرقة ، فلا يتم تأثير همتها فيها لاشتغالها بغيرها ، فلا يجتمع في ذلك الموضع اجتماع قوي المثل الموجب لقوته ، لكنه قصور في التشبيه باللّه الذي لا يشغله شأن عن شأن ، فكان التسخير من سليمان بمجرد التلفظ بالأمر .
كمعنى قول : كن القائم بذات الحق لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية ؛ لأنه لا يشغله شأن عن شأن ؛ لظهور الحق باسميه الرحمن الرحيم فيه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق. فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
 
التسخير المختصّ بسليمان عليه السّلام  
ثمّ لما ظهر أمر بالغيّة حجّة سليمان في إسلام بلقيس وإرشاده لها ، إلى أن بلغت مراقي كمالها على ما بيّن ، شرع في تحقيق دامغيّة ضربته على الترتيب المشار إليه أولا
بقوله رضي الله عنه  : ( وأما التسخير الذي اختصّ به سليمان وفضل به على غيره ، وجعله الله من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده : فهو كونه عن أمره ) وقوله وآثار منطوق كلامه وحرفه
قال رضي الله عنه :  ( فقال : “ فَسَخَّرْنا لَه ُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِه ِ “  [ 38 / 36 ] فما هو من كونه تسخيرا ، فإنّ الله يقول في حقّنا كلَّنا من غير تخصيص : “  وَسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه)  [ 45 / 13 ]
 
أي من غير تخصيص من الله ، فإن مبدأ ذلك التخصيص إنما هو تراكم التفرقة المشوّشة لتوجّه الهمّة وصلابتها ، الموجبة لنفوذ حكمها في المسخّر لها ، وذلك من جهة العبد .
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ، ولكن لا عن أمرنا ، بل عن أمر الله ، فما اختصّ سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعيّة ولا همّة ، بل لمجرّد أمر ) لفظيّ وحرف صوتيّ رقميّ .
وكأنّك لوحت في مطلع الفصّ على ما يطلعك على كيفيّة ذلك ولميّته إجمالا من تلويحات اسم سليمان - فتذكَّر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ذلك لأنّا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعيّة ، وقد عاينّا ذلك في هذا الطريق ، فكان من سليمان مجرّد التلفظ بالأمر ) - صرّح بالتلفّظ تبيينا لما ذكر من مبادئ نفوذ كلامه ، وهو محض تلفّظه - ( لمن أراد تسخيره من غير همّة ولا جمعيّة ).
 
 اختصاص سليمان عليه السّلام بالملك في الدنيا ، ولا يعمّ الآخرة
ثمّ إنّ هاهنا إشكالا ، وهو أنّ استجابة دعاء سليمان يقتضي أن لا يكون بعده لأحد مثل ما أعطي له من الملك ، وهذا خلاف ما تقرّر من أمر خاتم الولاية ، وما ثبت أن لكلّ أحد في الآخرة من عوام المؤمنين أضعاف ما في الدنيا من الملك .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره. فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق. فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية. )
 
قال رضي الله عنه :  (وأمّا التّسخير الّذي اختصّ به سليمان وفضّل به على غيره وجعله اللّه له من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره . فقال فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ[ ص : 36 ] . فما هو من كونه تسخيرا ، فإنّ اللّه يقول في حقّنا كلّنا من غير تخصيص :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ[ الجاثية :13 ] . وقد ذكر تسخير الرّياح والنّجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر اللّه . فما اختصّ سليمان - إن عقلت - إلّا بالأمر من غير جمعيّة ولا همّة ، بل بمجرّد الأمر . وإنّما قلنا ذلك لأنا نعرف أنّ أجرام العالم تنفعل لهمم النّفوس إذا أقيمت في مقام الجمعيّة .  وقد عاينّا ذلك في هذا الطّريق . فكان من سليمان مجرّد التّلفّظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همّة ولا جمعيّة . )


قال رضي الله عنه :  ( وأما التسخير الذي اختص به موسى عليه السلام وفضل غيره وجعله اللّه له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره ) ، أي وجود الشيء لمجرد أمره .
 
وقوله رضي الله عنه  :( فقال : فسخرنا له الريح تجري بأمره ، فما هو من كونه تسخيرا فإن اللّه يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص "وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ."
 
قال رضي الله عنه :  (وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر اللّه ، فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة بل لمجرد الأمر . وإنما قلنا ذلك لأنا نعلم أن أجرام العالم تنفعل لهممهم النفوس إذا أقيمت في عالم الجمعية .
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية ) .واضح

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 20:05 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر:-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم - أيّدنا اللّه وإيّاك بروح منه - أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أيّ عبد كان فإنّه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ، ولا يحسب عليه ، مع كون سليمان عليه السّلام طلبه من ربّه تعالى .  فيقتضي ذوق الطّريق أن يكون قد عجّل له ما ادّخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة . فقال اللّه له :هذا عَطاؤُنا ولم يقل لك ولا لغيرك فَامْنُنْ أيّ أعطي أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ[ ص : 39 ] . )
 
قال رضي الله عنه :  (واعلم) يا أيها السالك (أيدنا) ، أي قوّانا وسددنا (اللّه) تعالى وإياك بروح منه طاهرة من لوث الطبيعة ، منفوخة على التحقق بالحقيقة والتمسك بالشريعة (أن مثل هذا العطاء) السليماني والملك الظاهر الرباني إذا حصل للعبد من مولاه تعالى (أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك) العطاء من ملك آخرته شيئا ولا يحسب بالبناء للمفعول ، أي لا يحسبه اللّه تعالى عليه ، أي على ذلك العبد من جزائه في الآخرة على عمله الصالح في الدنيا (مع كون سليمان عليه السلام طلبه) ، أي الملك من ربه تعالى في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ ص : 35 ] .
 
فيقتضي ذوق ، هذا الطريق إلى اللّه تعالى وهو مذهب المحققين من العارفين أن يكون قد عجل ، أي عجل اللّه تعالى في الدنيا له ، أي لسليمان عليه السلام ما ادخره ، أي ادخره اللّه تعالى لغيره في الآخرة من الجزاء كما قال :أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا[ الأحقاف : 20 ] ، ويحاسب ، أي يحاسبه اللّه تعالى به .
 
أي بسبب ما ناله من الملك في الدنيا إذا أراده ، أي الملك في الآخرة فقال اللّه تعالى له ، أي لسليمان عليه السلام هذا عَطاؤُنا ،
ولم يقل له عطاؤنا لك ولا عطاؤنا لغيرك ، إذ لو قال عطاؤنا لك لكان جوابا لسؤاله فيكون عجل له جزاءه وحوسب به من ملك الآخرة فهو عطاء لكل من أعطاه سليمان عليه السلام فامنن أي أعط منه من شئت ، فيكون ذلك عطاؤنا من شئت أو أمسك ممن شئت فيكون ذلك عين الممسك منا والمنع .
 
قال تعالى :" ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ " [ فاطر : 2 ] بغير حساب عليك منا في الآخرة ، لأنك مظهرنا ، ففعلك فعلنا في العطاء والمنع ، فلا حساب عليك منا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا اللّه وإياك بروح منه أن مثل هذا العطاء ) الدنيوي ( إذا حصل للعبد أيّ عبد كان فإنه ) أي لشأن ( لا ينقصه ) أي العبد ( ذلك ) العطاء ( من ملك آخرته ولا يحسب عليه ) في الآخرة إذا حصل من غير طلب من العبد أو مع طلب لكنه عن أمر اللّه .
قال رضي الله عنه :  ( مع كون سليمان عليه السلام طلبه ) أي ذلك العطاء ( من ربه تعالى ) لكن عن أمر ربه فكيف ينقص درجته ويحسب عليه في الآخرة تعريض لمن زعم أنه اختار الدنيا وطلب أنه لا يكون لأحد بعده فينقص من ملك آخرته ويحسب عليه السلام .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيقتضي ذوق الطريق ) أي طريق سوق الآية الكريمة في حق سليمان أو طريق الكشف أو طريق التصوف أو طريق سليمان أو طريق الحق ، وهي صراط مستقيم وهذه أحسن الوجوه.
 
قال رضي الله عنه :  ( أن يكون قد عجل له ) أي لسليمان ( ما ادّخر لغيره ) فلا يحاسب على ما عجل له كما لا يحاسب غيره على ما ادّخر عليه ( ويحاسب ) العبد ( به ) .
أي بذلك العطاء إن شاء الحق حسابه ( إذا أراده ) من غير أمر إلهي ( في الآخرة ) تتعلق بيحاسب ( فقال اللّه هذا عطاؤنا ولم يقل ) بعد إضافة العطاء إلى نفسه ( لك ) أي لأجلك ( ولغيرك فامنن أي أعط أو أمسك بغير حساب ) أي لا حساب به عليك في الآخرة .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى. فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة. فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
 
قال رضي الله عنه : ( واعلم - أيّدنا الله وإيّاك بروح منه - : أنّ مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد - أيّ عبد كان - فإنّه لا ينقصه من ملك آخرته ولا يحسب عليه ، مع أنّ سليمان طلبه من ربّه - تعالى - فيقضي ذوق التحقيق أن يكون قد عجّل له ما ادّخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة ،  فقال الله له : "هذا عَطاؤُنا " ولم يقل : لك ولا لغيرك "فَامْنُنْ " أي أعط "أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ " ) 
 
قال العبد : إنّما أفرد الشيخ رضي الله عنه هذه المسألة التمثيلية هاهنا ، لكونها تتمّة البحث والحكمة التي كان في بيانها من تجديد المثل مع الأنفاس في الخلق الجديد ، فإنّه تمثيل للمعاني وتجسيد للحقائق وتشخيص للنسب في مثل ما كانت من الوجود الظاهر بها والمتعيّن فيها أو بالعكس ، على الذوقين من مشربي الفرائض والنوافل ، فافهم واذكر إن شاء الله تعالى .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ولا يحسب عليه مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى فيقتضى ذوق الطريق ) .
وفي نسخة (ذوق التحقيق )  .
 
قال رضي الله عنه :  (أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة ، فقال الله له " هذا عَطاؤُنا "  ولم يقل لك ولا لغيرك " فَامْنُنْ " أي أعط " أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ").
لكونه مطيعا لربه في ذلك ممتثلا لأمره .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم ، أيدنا الله وإياك بروح منه ، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد ، أي عبد كان ، فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ، ولا يحسب عليه ، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه فيقتضى ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به ، إذا أراد الحق في الآخرة . ) .
 
وهذا الاقتضاء إذا كان الطلب من العبد نفسه . أما إذا كان الطلب أيضا بأمر الله ، فلا يكون كذلك .
قال رضي الله عنه :  ( فقال الله له : ) أي لسليمان . ( "هذا عطاؤنا" . ولم يقل : لك ولا لغيرك . "فامنن" أي ، أعط . "أو أمسك بغير حساب " . )
أي ، هذا إعطاؤنا ، لا يحاسب عليك في الآخرة .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 20:09 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر:-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
 
قال الشيخ رضي الله عنه:  ( واعلم أيّدنا اللّه ، وإيّاك بروح منه أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أيّ عبد كان ؛ فإنّه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ، ولا يحسب عليه ، مع كون سليمان عليه السّلام طلبه من ربّه تعالى ، فيقتضي ذوق الطّريق أن يكون قد عجّل له ما ادّخر لغيره ، ويحاسب به إذا أراده في الآخرة ، فقال اللّه له :"هذا عَطاؤُنا"[ ص : 39 ].
ولم يقل لك : ولا لغيرك "فَامْنُنْ" [ ص  : 39] ،أي : أعط ،"أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ "[ص : 39])
 
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يكون هذا التسخير أثر الاسمين المذكورين مع أنه مضر في الآخرة تنقص منزلته بما أوتي في الدنيا ؛ لقوله تعالى :"أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا"[ الأحقاف : 20 ] ، ويحاسب به عليه .
فرفع ذلك بقوله : ( واعلم أيدنا اللّه وإياك بروح منه ) فيه إشارة إلى أن من غلبت روحانيته لا تضر الأمور الدنيوية في آخرته أن مثل هذا العطاء ، وإن كان من شأنه الحساب ، ونقص الدرجة في الآخرة في حق القاصرين ، فهو من حيث هو عطاء إذا حصل للعبد ، أي : عبد كان ، أي :  نبيّا كسليمان أو غيره ، فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ، ولا يحسب عليه في جزائه حتى ينقص من جزائه بقدره ما لم يكن ذلك عن هواه ، فلا ينقص في حق سليمان ، ولا هو يحاسب عليه مع كون سليمان طلبه من ربه بقوله :"وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي "[ ص : 35 ] .
 
ويوهم هذا الطلب كونه عن هواه فيقتضي ذوق الطريق ، وفي نسخة : " ذوق التحقيق " بناء على هذا الوهم أن يكون سليمان قد عجل له في الدنيا سؤاله ما ادخر لغيره في الآخرة ، وهو يوجب نقص ذلك من آخرته إذ يحاسب به في جزائه إذا أراده في الآخرة ، فلا يقرر في شأنه هذا الوهم ، وهو ينافي كون ملكه أثر هذين الاسمين .
أي : الرحمن الرحيم ، فرفع اللّه عزّ وجل هذا الوهم في حقّه ، فقال اللّه له :هذا عَطاؤُنا بنسبة العطاء إلى حضرة التعظيم ، وهي حضرة الاسم الجامع للأسماء المعطية ، وهو الرحمن ، ولم يقل ما ينافي جمعيته لك ولا لغيرك ، ثم قال :"فَامْنُنْ" أي : أعط أو امسك إشارة إلى جمعية نيابته عن اللّه في العطاء والمنع .
"" المحقق :  فما نسب إلى العبد إلا الإعطاء أو الإمساك بما لا يحاسب عليه . ""
 
ثم صرّح بإزالة الوهم ، فقال :"بِغَيْرِ حِسابٍ "،فدل على أنه لا يحاسب به في الآخرة ، ولا ينقص ذلك من ملك آخرته ، وذوق الطريق ماء يقتضي ذلك إذا كان حصوله من الشيء الذي منشأه هوى السائل لا ما يكون منشأه أمر ربه ، فعلمنا من ذوق الطريق ، وإن لم نجد عليه نصّا من الكتاب والسنة أن سؤاله صلّى اللّه عليه وسلّم ذلك كان عن أمر ربه .
 
وذلك لأن الطلب إذا وقع لا عن هوى الطالب ، بل عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام في الآخرة من غير أن ينقص حصول مطلوبه في الدنيا شيئا منه في الآخرة على طلبه ، لما فيه من امتثال ربه المقيد لوجوبه أو ندبيته ، ولا هو يجوز أن يكون أجره ما يحصل له من مطلوبه في الدنيا إذ البارئ تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه ، وإن شاء أمسك ، والأجر ليس موكولا إلى المشيئة بل محروم الحصول.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)
 
فأشار إلى إزاحة مثل هذه الشبهة  
فقال رضي الله عنه :  ( واعلم - أيّدنا الله وإيّاك بروح منه - أنّ مثل هذا العطاء إذا كان لعبد - أيّ عبد كان - فإنّه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ) .
فلا يخالف استجابة دعاه ما ادّخر له ولغيره في الآخرة ، فإنّ ذلك لسليمان ولغيره من المؤمنين بحاله ما ينقصه شيء .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا يحسب عليه ، مع كون سليمان طلبه من ربه تعالى ، فيقتضى ذوق الطريق أن يكون قد عجّل له ما ادّخر لغيره ) - يعني لخاتم الولاية .
 
قال رضي الله عنه :  ( ويحاسب به إذا أراده في الآخرة ) ، والذي يدلّ على هذا ما ظهر من طيّ كلامه ، حيث نسب العطاء إلى نفسه ، وما نسب إلى العبد بوجه ، ( فقال الله له : “ هذا عَطاؤُنا “ ولم يقل : لك ولا لغيرك “  فَامْنُنْ “ أي أعط "أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ" ).
فما نسب إلى العبد إلا الإعطاء أو الإمساك بما لا يحاسب عليه .
  
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».)


قال رضي الله عنه :  ( واعلم - أيّدنا اللّه وإيّاك بروح منه - أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أيّ عبد كان فإنّه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ، ولا يحسب عليه ، مع كون سليمان عليه السّلام طلبه من ربّه تعالى . فيقتضي ذوق الطّريق أن يكون قد عجّل له ما ادّخر لغيره)


قال رضي الله عنه :  (واعلم أيدنا اللّه وإياك بروح منه أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ولا يحسب عليه مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ) ، أي لسليمان في الدنيا ( ما أدّخر لغيره)
 
قال رضي الله عنه :  ( ويحاسب به إذا أراده في الآخرة .  فقال اللّه له :هذا عَطاؤُنا ولم يقل لك ولا لغيرك "فَامْنُنْ" أيّ أعط "أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ" [ ص : 39 ] . )
 
قال رضي الله عنه :  (ويحاسب به إذا أراده ) ، أي الحساب ( في الآخرة فقال اللّه له ) ، أي لسليمان (هذا عَطاؤُنا) ، فنسب العطاء إلى نفسه ( ولم يقل : لك ولا لغيرك ) مما يدل على نسبته إلى العبد (فَامْنُنْ، أي أعطأَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) [ ص : 39 ] ، فما نسب إلى العبد إلا الإعطاء أو الإمساك بما لا يحاسب عليه .
 .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 20:37 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة عشر:-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطّريق أنّ سؤاله ذلك كان عن أمر ربّه . والطّلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطّالب له الأجر التّامّ على طلبه . والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك ، فإنّ العبد قد وفّى ما أوجب اللّه عليه من امتثال أمره فيما سأل ربّه فيه ؛ فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربّه له بذلك لحاسبه به .  وهذا سار في جميع ما يسأل فيه اللّه كما قال لنبيّه محمّد صلى اللّه عليه وسلم :" وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً" [ طه : 114 ] . فامتثل أمر ربّه فكان يطلب الزّيادة من العلم حتّى كان إذا سيق له لبن يتأوّله بالعلم كما تأوّل رؤياه لمّا رأى في النّوم أنّه أتي إليه بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطّاب . قالوا فما أوّلته قال العلم . وكذلك لمّا أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللّبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب اللّه بك أمّتك .  فاللّبن متى ظهر فهو صورة العلم ، فهو العلم تمثّل في صورة اللّبن كجبرئيل تمثّل في صورة بشر سويّ لمريم ).
 
قال رضي الله عنه :  (فعلمنا من ذوق الطريق) ، أي مذهب المحققين من أهل اللّه (أن سؤاله) ، أي طلب سليمان عليه السلام (ذلك) الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده (كان عن أمر ربه) له بذلك السؤال بطريق الوحي والطلب إذا وقع من العبد عن الأمر الإلهي له بذلك كان الطالب له الأجر ، أي الثواب التام من اللّه تعالى في الآخرة على طلبه حيث فعل فرضا مأمورا به فأثيب به كفرض الصلاة والبارىء تعالى إن شاء قضى حاجته ، أي الطالب فيما ، أي في الأمر الذي طلب منه وهو الإعطاء وإن شاء أمسك تعالى عن قضاء حاجته لحكمة يعلمها سبحانه .
 
قال رضي الله عنه :  (فإن العبد) الطالب (قد وفى) ، أي فعل (ما أوجب اللّه) تعالى (عليه من امتثال أمره) ، أي الرب تعالى فيما ، أي في الأمر الذي سأل ربه فيه ، أي طلبه من ربه تعالى فلو سأل ، أي العبد ذلك الأمر المطلوب له من تلقاء نفسه عن غير أمر ربه تعالى له ، أي لذلك العبد بذلك المطلوب لحاسبه أي الرب تعالى به أي بذلك المطلوب في الآخرة وأنقص عليه حظه فيها وهذا الحكم سار من اللّه تعالى في جميع ما يسأل بالبناء للمفعول فيه اللّه تعالى ، أي يطلبه العبد منه في الدنيا من ملك وغيره وكما قال ، أي اللّه تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلاموَقُلْ رَبِّ، أي يا ربزِدْنِي عِلْماً[ الأنبياء : 114 ] .
 
 لك فقد أمر بالدعاء كما أمر سليمان عليه السلام بذلك فامتثل ، أي محمد صلى اللّه عليه وسلم أمر ربه تعالى فكان عليه السلام يطلب من ربه تعالى الزيادة من العلم باللّه في جميع أحواله عليه السلام حتى كان صلى اللّه عليه وسلم إذا سيق له لبن ، أي حليب في اليقظة ، أي أهدي له ذلك يتأوّله ، أي ذلك اللبن علما باللّه تعالى فيشربه ويستزيد من شربه على أنه علم باللّه تعالى ناله كما تأوّل عليه السلام رؤياه لما رأى في النوم أنه أتي بالبناء للمفعول أي أتاه آت من الناس بقدح لبن فشربه صلى اللّه عليه وسلم وأعطى فضله ، أي ما بقي منه ( عمر بن الخطاب) رضي اللّه عنه.
 
قال رضي الله عنه :  (قالوا) ، أي الصحابة رضي اللّه عنهم (فما أوّلته) ، أي اللبن يا رسول اللّه قال أوّلته العلم « 1 » باللّه تعالى وكذلك ، أي مثل ما ذكر لما أسري ، أي أسرى اللّه تعالى به صلى اللّه عليه وسلم أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب صلى اللّه عليه وسلم اللبن ولم يشرب الخمر ، لأنه لو شرب الخمر لسكرت أمته في حب اللّه تعالى وغلب عليهم حكم خمر الجنة فقال له الملك عليه السلام في شربه اللبن أصبت الفطرة « رواه البخاري » ، أي فطرة الإسلام . قال تعالى :فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها[ الروم : 30 ] أصاب اللّه تعالى بك أمتك ، أي متعهم بعلومك وأفاض عليهم من بحور أسرارك .
 
قال رضي الله عنه :  (فاللبن متى ظهر) في اليقظة أو المنام (فهو صورة العلم) ، باللّه تجسد في حضرة الخيال المطلق أو المقيد فهو ، أي ذلك اللبن العلم ، باللّه تعالى تمثل في صورة اللبن في خيال الرائي كجبريل عليه السلام تمثل في صورة بشر ، أي إنسان سوي ، أي معتدل الخلقة حسن الهيئة لمريم عليها السلام لما اعتزلت قومها فاتخذت من دونهم حجابا وتمثله أيضا عليه السلام لنبينا صلى اللّه عليه وسلم في صورة دحية بن خليفة الكلبي « رواه البخاري » وفي صورة الأعرابي " رواه مسلم  " حتى قال عليه السلام ردوا عليّ الرجل « رواه مسلم » فسماه رجلا بحكم الصورة كما يسمى اللبن بحكم الصورة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق ) وهو طريق الجواب أو غير ذلك مما ذكرناه ( أن سؤاله ) عليه السلام ( ذلك ) أي الملك الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعده ( كان ) أي حصل ذلك السؤال.
 
قال رضي الله عنه :  ( عن أمر ربه والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه والباري تعالى إن شاء قضي حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك وإن العبد قد وفي ما أوجب اللّه عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحسابه به ) . أن تعلق إرادته بحسابه ( وهذا ) الحكم الذي ذكرناه في حق سؤال سليمان .
 
قال رضي الله عنه :  ( سار في جميع ما يسأل فيه اللّه تعالى كما قال لنبيه محمد عليه السلام "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً" فامتثل الرسول أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوّله علما كما تؤوّل رؤياه لما رأى في النوم أنه أتى إليه بقدح لبن بشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب قالوا : فما أوّلته ، قال : العلم وكذلك لما أسري به ) في ليلة المعراج .
 
قال رضي الله عنه :  ( أتاه ملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن ) لكونه مأمورا بشربه دون الخمر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب اللّه بك أمتك فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم فهو ) أي ما شرب الرسول ( العلم تمثل في صورة اللبن ) فما شرب إلا طلبا
للزيادة من العلم ( كجبرائيل تمثل في صورة بشر سوي لمريم ) في كون كل واحد منهما يعطي الحياة إلا أن جبرائيل بتمثله في صورة بشر سوي يعطي الحياة الحسية والعلم بتمثله في صورة اللبن يعطي الحياة المعنوية.
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه. والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه. والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به. وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما». فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك. فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  (فعلمنا من ذوق الطريق أنّ سؤاله ذلك كان عن أمر ربّه ، والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي ، كان الطالب ، له الأجر التامّ على طلبه . والبارئ تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه ، وإن شاء أمسك ، فإنّ العبد قد وفّى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربّه فيه ، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربّه له بذلك ، يحاسبه به.
 وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى كما قال لنبيّه ، محمّد صلى الله عليه وسلم :  ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) .
فامتثل أمر ربّه ، فكان يطلب الزيادة من العلم حتى إذا سيق له لبن تأوّله علما ،كما تأوّل رؤياه لمّا رأى أنّه أتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطَّاب.
قالوا : فما أوّلته ؟ قال : العلم ، وكذلك لمّا أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر ، فشرب اللبن ، فقال له الملك : أصبت الفطرة أجاب الله بك أمّتك ، فاللبن متى ظهر ، فهو صورة العلم ، فهو العلم تمثّل في صورة اللبن كجبرئيل تمثّل في صورة بشر سويّ لمريم ) .
 
قال العبد : إنّما أفرد الشيخ رضي الله عنه هذه المسألة التمثيلية هاهنا ، لكونها تتمّة البحث والحكمة التي كان في بيانها من تجديد المثل مع الأنفاس في الخلق الجديد ، فإنّه تمثيل للمعاني وتجسيد للحقائق وتشخيص للنسب في مثل ما كانت من الوجود الظاهر بها والمتعيّن فيها أو بالعكس ، على الذوقين من مشربي الفرائض والنوافل ، فافهم واذكر إن شاء الله تعالى .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله عليه السلام ذلك كان عن أمر ربه ، والطلب إذا كان عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه ).
لكونه مطيعا لربه في ذلك ممتثلا لأمره
 
قال رضي الله عنه :  ( والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك ، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه ، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما ، كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أتى بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب ، قالوا فما أولته ؟ قال العلم ، وكذلك لما أسرى به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك ، فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم فهو العلم تمثل في صورة اللبن ، كجبريل تمثل في صورة بشر سوىّ لمريم )
 
إنما أورد هذه المسألة التمثيلية هاهنا لأن الحكمة التي كان في بيانها عن تجديد المثل مع الإلباس في الخلق الجديد هي تمثل المعاني والحقائق في صورة ما كان من الوجود الظاهر بها أو بالعكس على الذوقين من مشربى قرب الفرائض والنوافل فكانت من تتمة ذلك البحث وذنابته
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا ، من ذوق الطريق ، أن سؤاله ، صلى الله عليه وسلم ، ذلك كان عن أمر ربه . والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي ، كان الطالب له الأجر التام على طلبه .
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه ، وإن شاء أمسك . فإن العبد قد وفى ما أوجب الله تعالى عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه ، فلو سأل ذلك من نفسه ، من غير أمر ربه له بذلك ، لحاسبه به . وهذا ) أي ، وهذا الحكم .
 
قال رضي الله عنه :  ( سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى ، كما قال لنبيه محمد ، صلى الله عليه وسلم : "رب زدني علما" . فامتثل أمر ربه ، فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن ) أي ، في نومه .
 
قال رضي الله عنه :  ( يتأوله علما ، كما تأول رؤياه ، لما رأى في النوم أنه أوتى بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب قالوا : فما أولته ؟ قال : ( العلم ) . وكذلك لما أسرى به ، أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر ، فشرب اللبن .  فقال له الملك : أصبت الفطرة ، أصاب الله بك أمتك . فاللبن متى ظهر ، فهو صورة العلم ، تمثل في صورة اللبن ، كجبرئيل تمثل في صورة بشر سوى لمريم . ) .
 
إنما شبه ظهور العلم في الصورة اللبنية بظهور جبرئيل عليه السلام  في الصورة البشرية لمريم ، عليها السلام ، لأن كلا منهما من عالم الحقائق المجردة المتعالية عن الصورة الحسية .
ظهر بأمر الحق ، ليحصل به مراد الله في العين الخارجية ، وهو تكميل العباد .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 20:42 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة عشر:-     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  (فعلمنا من ذوق الطّريق أنّ سؤاله ذلك كان عن أمر ربّه ، والطّلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطّالب له الأجر التّامّ على طلبه ، والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه ، وإن شاء أمسك ، فإنّ العبد قد وفّى ما أوجب اللّه عليه من امتثال أمره فيما سأل ربّه فيه ؛ فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربّه له بذلك لحاسبه به )
 
وإذا لم يكن هذا المعجل أجره على امتثال أمر ربه في سؤاله كان أجره مدخرا في الآخرة ، فيحصل له بتمامه هناك ، فإن العبد قد وفي ما أوجب اللّه عليه من امتثال أمر ربه فيما سأل ، وإن وافق هواه ، لكن لم يكن منشأ سؤاله ذلك بل أمر ربه ، فهذه التوفية من العبد في امتثال الأمر توجب التوفية من الرب في إعطاء الأجر التام في الآخرة والحساب ، والنقص بمقداره في الآخرة ينافي هذه التوفية منه تعالى .
 
بل لو كان السؤال عن أمر ربه مع هواه جميعا لم يحاسب به ، ولم ينقص في حقه ، كما يشير إليه قوله : « فلو سأل ذلك من هوى نفسه من غير أمر ربه له بذلك لم يحاسبه به » .
""المحقق : في نسخة « فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربّه له بذلك لحاسبه به "".
 فنقصه في آخرته كما قال في حقّ أهل الهوى :" أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا" [ الأحقاف : 20 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا سار في جميع ما يسأل فيه اللّه كما قال لنبيّه محمّد صلى اللّه عليه وسلّم :"وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً "[ طه : 114 ] فامتثل أمر ربّه فكان يطلب الزّيادة من العلم حتّى كان إذا سيق له لبن يتأوّله بالعلم كما تأوّل رؤياه لمّا رأى في النّوم أنّه أتي إليه بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطّاب ، " قالوا : فما أوّلته ؟ قال : العلم ، وكذلك لمّا أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللّبن ، فقال له الملك : أصبت الفطرة أصاب اللّه بك أمّتك" « رواه مسلم وابن خزيمة » ، فاللّبن متى ظهر فهو صورة العلم ، فهو العلم تمثّل في صورة اللّبن كجبريل تمثّل في صورة بشر سويّ لمريم ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) أي : عدم محاسبة الحق فيما حصل بالسؤال عن الأمر الإلهي ( سار ) ، أي : عام ( في جميع ما يسأل اللّه فيه ) سواء كان المسؤول فيه عين ما أمر به الحق أو مناسب له نوع مناسبة ؛ لأنه امتثال الأمر من كل وجه بخلاف الاقتصار على الامتثال في عين ما أمر به دون ما يناسبه مع أنه في معناه ، فإنه امتثال من وجه دون وجه ، ( كما قال لنفسه صلّى اللّه عليه وسلّم « 2 » :" وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً"[ طه : 114 ] ) .
"" المحقق : في نسخة : « لنبيه محمد صلّى اللّه عليه وسلّم . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فامتثل أمر ربه ) بطلب عين المأمور وما يناسبه ؛ ( ولذلك كان  يطلب الزيادة من العلم ) في الصور المتعارفة له أي : المسائل العلمية ، وفي صورة اللبن.
""المحقق : في نسخة : " فكان" ""
 قال رضي الله عنه :  ( حتى كان إذا سيق له لبن ) في يقظته ( يتأوّله ) علما ؛ ليكون بهذا التأويل طالبا لحصوله له ، فإن تأويل الرؤيا سبب حصول تأويله ، وتركه سبب ضياعه ، وتأويل الصور الحسية في معنى ذلك عند الكمّل ، فكان عليه السّلام يتناول اللبن المسوق إليه ( بالعلم ) ، ( كما تأوّل رؤياه ) بالعلم ، ( فلما رأى في النوم أنه أتي بقدح لبن ، فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب ، قالوا : « فما أولته » قال : العلم ) .
 
وذلك لأن العلم قوام الروح في النهاية ، كما أن اللبن قوام البدن في البداية والنهاية هي الرجوع إلى البداية ، فالنهاية في العلم ظهور جميع ما في الروح بالقوة في فطرته إلى الفعل .
ثم أشار إلى دليل عدم اختصاصه بالمنام بقوله : ( وكذلك لما أسري به أتاه الملك ) ، أي : جبريل ، وفي لفظ « الملك » إشارة إلى أن لكلّ صورة معنى في عالم الملكوت هو تأويلها ( بإناء فيه لبن ) تأويله العلم الكامل الفطري ، ( وإناء فيه خمر ) تأويله الحيرة والسكر ، ( فشرب اللبن ) ؛ ليكمل علمه الفطري .
قال رضي الله عنه :  ( فقال له الملك : « أصبت الفطرة » ) التي كان عليها الروح عند تجردها عن البدن ، وهو سبب كمال علمها  ( « أصاب اللّه بك أمتك » ) .
 
أي : جعلها اللّه مصيبة للفطرة بسبب شربك اللبن لسراية ما فيك إليهم بالمناسبة التي بينك وبينهم ؛ ( فاللبن متى ظهر ) في عالم الملكوت أو الملك في يقظة أو منام ( فهو صورة العلم ) ، فمن رأى لبنا ( فهو العلم ) من جملة عالم المعاني "تمثل في صورة اللبن" حسية أو خيالية ، (كجبريل ) من جملة عالم الأرواح ( تمثل في صورة بشر سوي ) خيالية ظهر بها لمريم ، فالصور الحسية كالخيالية .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا ) - لا بمجرّد فهم المعاني الوضعيّة ، بل - ( من ذوق الطريق أنّ سؤاله ذلك كان عن أمر ربه ) ولذلك لا يحاسب عليه .
( والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهيّ كان الطالب ، له الأجر التامّ ) ، أي الخالي عن غوائل الحساب والعقاب على طلبه ، فإنّ طلبه ذلك امتثال أمر وعبادة .
 
قال رضي الله عنه :   ( والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه ، وإن شاء أمسك . فإن العبد قد وفّى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربّه فيه ) .
حيث قال : “ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[ 40 / 60 ]  . ( فلو سأل ذلك من نفسه ، من غير أمر ربّه له بذلك ، ليحاسب به.)
 
 اللبن صورة العلم
قال رضي الله عنه :  ( وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله كما قال لنبيّه محمّد - عليه الصلاة والسّلام - : " قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً "  [ 20 / 114 ] ، فامتثل أمر ربّه ، فكان يطلب الزيادة من العلم )
وينتظر وروده لتغذية فطرته في جميع المراتب والعوالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( حتى كان إذا سيق له لبن يتأوّله علما ، كما تأوّل رؤياه لما رأى في النوم أنّه اتي بقدح لبن ، فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب . قالوا : فما أوّلته ؟ قال : العلم . وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر ، فشرب اللبن .)
 
وأنت عرفت وجه مناسبة اللبن بالعلم سابقا ، لكن له وجه آخر يليق بهذا المقام ، وهو أنّ اللبن أقبل غذاء للاتحاد بالمزاج الكونيّ الجمعيّ ، والخمر أبعدها قبولا للاتّحاد به ، لامتداد زمان التغالب والتقابل بينه وبين ذلك المزاج.
وهو زمان سكره وانقهار سلطان جمعيّته تحت تأثير الخمر ونشأته ، فهو يخالطه ويخامره زمانا إلى أن يقهره المزاج ويغتذي به ، والعلوم والمعارف الإلهيّة متفاوتة بحسب المشارب وقبولها إيّاها ، فإنّ من ذوي الأذواق من لا يفهم التوحيد إلا بنوع من امتزاج الظاهر بالمظهر ومخامرته إيّاه ، ويتوقّف في أمر الاتّحاد غاية التوقّف .
 
وأما المحمّد والمحمّدون ، إذ وردوا عين الإطلاق الذاتيّ وشربوا من زلال قراحه الذي لا يمازجه شوائب السوي ، ولا يخامره كدر الغير ، فهم الذين قد أصابوا ما عليه أصل قابليّة الإنسان ووصلوا إليه .
 
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه:   ( فقال له الملك : « أصبت الفطرة » ) ، إذ الفطرة في ظاهر اللغة من قولهم : فطرت العجين : إذا عجنته فخبزته من وقته .
وفطرة الله للخلق هو إيجاده وإبداعه  على هيأة مترشّحة لفعل من الأفعال ، وهو ما ركز في الناس من المعرفة .
هذا كلامهم ، وعلم منه أن الفطرة تتضمّن ما عليه أصل استعداد الناس أجمع ، من الإجمال الجمعيّ الإطلاقيّ ، دون التفصيل الفرقانيّ الذي اختصّ به .
 
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( أصاب الله بك امّتك ) ولما كان اللبن إشارة إلى هذا النوع من العلم ، أعطى فضله لعمر بين أصحابه ، فإنه طرف عمومه الذي منه يستفيض الامّة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم ) - عينيّة كانت الصورة أو مثاليّة - هذا عبارة لسان الفرق التفصيليّ ، وأما بلسان الجمع القرآنيّ ( فهو العلم ) ، لا غير ، ( تمثّل في صورة اللبن ) ، تنزّلا في مدارج الامتزاج والاختلاط ، ( كجبرئيل تمثّل في صورة بشر سويّ لمريم ) .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب. قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.  )
 
قال رضي الله عنه :  (فعلمنا من ذوق الطّريق أنّ سؤاله ذلك كان عن أمر ربّه . والطّلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطّالب له الأجر التّامّ على طلبه . والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك ، فإنّ العبد قد وفّى ما أوجب اللّه عليه من امتثال أمره فيما سأل ربّه فيه ؛ فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربّه له بذلك لحاسبه به .  وهذا سار في جميع ما يسأل فيه اللّه كما قال لنبيّه محمّد صلى اللّه عليه وسلم :" وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً" [ طه : 114 ] . فامتثل أمر ربّه فكان يطلب الزّيادة من العلم حتّى كان إذا سيق له لبن يتأوّله بالعلم كما تأوّل رؤياه لمّا رأى في النّوم أنّه أتي إليه بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطّاب . قالوا فما أوّلته قال العلم . وكذلك لمّا أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللّبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب اللّه بك أمّتك . فاللّبن متى ظهر فهو صورة العلم ، فهو العلم تمثّل في صورة اللّبن كجبرئيل تمثّل في صورة بشر سويّ لمريم. )


قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه . والطلب إذا وقع على الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام ) من غير تبعة حساب ولا عقاب ( على طلبه ) ،
 
فإن طلبه ذلك امتثال أمر وعبادة ( والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك فإن العبد قد وفى ما أوجب اللّه عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه ) حيث قال :"ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"[ غافر : 60 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو سأل ذلك من نفسه من غير أمر ربه له لحاسبه به . وهذا سار في جميع ما يسأل فيه تعالى كما قال لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماًفامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن ولو في اليقظة يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر به الخطاب قالوا : فما أولته ، قال : العلم . وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن
فقال الملك : أصبت الفطرة ) ، أي ما كنت مفطورا عليه من قابلية العلم والمعرفة .
 
قال رضي الله عنه :  ( أصاب اللّه بك أمتك ، فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم .).
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 10 يناير 2020 - 14:45 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 20:49 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العشرون :-     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا قال عليه السّلام : « النّاس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبّه على أنّه كلّ ما يراه الإنسان في حياته الدّنيا إنّما هو بمنزلة الرّؤيا للنّائم خيال فلا بدّ من تأويله .. إنّما الكون خيال  .... وهو حقّ في الحقيقة .. والّذي يفهم هذا  .... حاز أسرار الطّريقة
فكان صلى اللّه عليه وسلم إذا قدّم له لبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنّه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزّيادة من العلم ؛ وإذا قدّم له غير اللّبن قال : "اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه " . فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإنّ اللّه لا يحاسبه به في الدّار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ فالأمر فيه إلى اللّه ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه . وأرجو من اللّه في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به . فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزّيادة من العلم عين أمره لأمّته فإنّ اللّه يقول :لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ الأحزاب : 21 ] . وأيّ أسوة أعظم من هذا التّأسّي لمن عقل عن اللّه تعالى . ولو نبّهنا على المقام السّليمانيّ على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإنّ أكثر علماء هذه الطّريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته وليس الأمر كما زعموا . )
 
قال رضي الله عنه :  (ولما قال ) ، أي النبي عليه السلام (الناس نيام) ، أي نائمون بنوم الغفلة والغرور (فإذا ماتوا) الموت الطبيعي أو الاختياري عن حياتهم الدنيا انتبهوا من نومهم ذلك نبه صلى اللّه عليه وسلم أمته على أنه ، أي الشأن كل ما يراه الإنسان يقظة في حياته الدنيا من محسوس ومعقول إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم فهو خيال فلا بد من تأويله أي إرجاعه إلى حقيقته التي خيلت للرائي تلك الصورة ومن ذلك اللبن الذي كان يشربه صلى اللّه عليه وسلم في اليقظة بتأويل العمل كما مر .
 
قال رضي الله عنه :  (إنما الكون) أي الكون المخلوقات كلها من المعقولات والمحسوسات (خيال) في الحس والعقل تظهر للرائي في اليقظة والمنام فيسميها بالأسماء المختلفة ويحكم عليها بالأحكام المتنوعة وهو ، أي الكون المذكور ، كله حق ظهر بصورة الخلق في الحقيقة ، أي حقيقة الأمر ، وفي الشريعة المبنية على الظاهر هو خلق قائم بحق .
(و) الإنسان (الذي يفهم هذا) الأمر المذكور ويعرفه ويكشف عنه بذوقه ويتحقق به في نفسه وغيره حاز ، أي جمع وملك أسرار ، أي أصول الطريقة ،
 
أي طريقة العارفين المحققين كما قال تعالى : " سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ"  [الإسراء : 53 ] .
أي الذي رأوه في الآفاق وفي أنفسهم وهو الظاهر بصورة كل شيء ، لأنها فعله كما يحاكي الإنسان غيره فيفعل فعلا هو صورة من حاكاه في عين الرائي ولم يتغير هو في نفسه ، لأن الفاعل لا يتغير بفعل .
وقال تعالى في مقابلة ذلك : ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً( 51 ) [ الكهف : 51 ] ،
أي أشهدتهم الأغيار في الحس والعقل منهم ومن غيرهم وما أشهدتهم أنها فعل الحق تعالى وخلقه فهي مظاهره ، كما أن الأفعال مظاهر الفاعل ، وإن تخيلوا ذلك بألسنتهم وهم غافلون عنه ، فإنه لا يصل إلى أذواقهم لحجابهم بالمعاصي والمخالفات المتلبسة عليهم بالطاعات في الاعتقاد والأعمال وهم يقلدون بعضهم بعضا فضلوا وأضلوا .
 
قال رضي الله عنه :  (فكان) ، أي النبي (صلى اللّه عليه وسلم إذا قدم) ، أي قدم أحد (له اللبن) في اليقظة في الدنيا (قال اللهم) ، أي يا اللّه بارك لنا معشر المؤمنين فيه ، أي في ذلك اللبن وزدنا منه ، أي أكثره عندنا لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يراه ، أي ذلك اللبن في اليقظة صورة العلم باللّه وقد أمر ، أي أمره اللّه تعالى بطلب الزيادة من العلم بقوله : سبحانه له :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وإذا قدّم إليه صلى اللّه عليه وسلم شيء آخر غير اللبن قال اللهم.
 
 أي يا اللّه بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه ولا يقول عليه السلام وزدنا منه ، فلا يطلب الزيادة إلا من اللبن خاصة لما ذكر فمن أعطاه اللّه تعالى ما أعطاه من أنواع العطايا في الدنيا بسؤال ، أي طلب منه لذلك عن أمر إلهي له بأن يسأل كسليمان عليه السلام في ملكه ونبينا صلى اللّه عليه وسلم في علمه باللّه فإن اللّه تعالى لا يحاسبه ، أي ذلك العبد به ، أي بما أعطاه في الدار الآخرة البتة ومن أعطاه اللّه تعالى ما أعطاه من ذلك في الدنيا بسؤال ، أي طلب عن غير أمر إلهي له بذلك بل من تلقاء نفسه .
 
قال رضي الله عنه :  (فالأمر) ، أي الشأن (فيه) ، أي في ذلك العبد موكول إلى اللّه تعالى إن شاء اللّه تعالى حاسبه في يوم القيامة به ، أي بسبب ذلك الشيء الذي أعطاه إياه في الدنيا وإن شاء ، أي اللّه تعالى لم يحاسبه أصلا وأرجو من اللّه تعالى في شأن العلم باللّه خاصة أنه تعالى لا يحاسبه ، أي العبد به ، أي بسبب حصوله له في الآخرة وما ورد في بعض الأحاديث من قوله عليه السلام : « لن تزول قدما امرئ يوم القيامة حتى يسئل عن ثلاث وذكر منها علمه ماذا عمل به » . رواه الدارمي وابن شيبة وغيرهما
 
فلعله غير العلم باللّه من علم الشريعة والأحكام ؛ ولهذا قال : ماذا عمل به والعلم باللّه لا عمل فيه بالنفس بل لا عمل أصلا بل هو شكر كما قال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] .
وقال النبي عليه السلام « أفلا أكون عبدا شكورا ». رواه البخاري
والشكر رؤية العلم الحقيقي لا النعمة ، فصاحب العلم باللّه ناظر إلى اللّه لا إلى نعمته فهو الشاكر ، والعمل الصالح من أكبر النعم على العبد .
 
قال رضي الله عنه :  (فإن أمره) ، أي اللّه تعالى (لنبيه صلى اللّه عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم) باللّه (عين أمره) تعالى بذلك (لأمته) ، إلا فيما اختص به صلى اللّه عليه وسلم ولا بد من بيان الخصوصية ، ولا بيان هنا فلا خصوصية ، والأصل عدمها كما ذكروا فإن اللّه تعالى يقول :لَقَدْ كانَ لَكُمْيا معشر المؤمنينفِي رَسُولِ اللَّهِ إليكم محمد صلى اللّه عليه وسلم أُسْوَةٌ، أي قدوة ومتابعة حَسَنَةٌ [ الأحزاب : 21 ] ، أي يحسن منكم فعلها والإتيان بها على كل حال وأي أسوة ، أي قدوة ومتابعة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعظم من هذا التأسي ، أي الاقتداء والاتباع في طلب زيادة العلم باللّه لمن عقل ، أي فهم جميع ما يفهمه عن اللّه تعالى من العارفين المحققين ، فإنهم أحق من غيرهم في ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (ولو نبهنا) في هذا الكتاب (على المقام السليماني) ، أي المنسوب إلى سليمان عليه السلام على تمامه ، أي ذلك المقام بتفاصيله لرأيت من ذلك أمرا يهولك ، أي يفزعك ويخيفك الاطلاع عليه كما قال اللّه تعالى في حق أصحاب الكهف :لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً[ الكهف : 18 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (فإن أكثر علماء هذه الطريقة) الإلهية من العارفين (جهلوا حالة سليمان ) عليه السلام ، أي مقامه على التمام (ومكانته) ، أي مرتبته في العلم باللّه والتحقق به (وليس الأمر) ، أي أمر سليمان عليه السلام يعني شأنه ورتبته (كما زعموا) ، أي أكثر علماء هذه الطريقة لقصورهم عن معرفة كمال مقامه الشريف النبوي فلا يعرف حقه.
تم الفص السليماني  
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم خيال فلا بد من تأويله ) كما لا بد من تأويل الرؤيا .
( شعر ) : ( إنما الكون خيال )
لأنه ظل إلهي وظل الشيء من حيث أنه ظل له غير ذلك ( وهو ) أي الكون ( حق ) أي عين الحق ( في الحقيقة ) باعتبار الجود والحقيقة وقد سبق غير مرة تحقيق كون العالم عين الحق.
( والذي يفهم هذا ) أي يفهم كون العالم خيالا من وجه وحقا من وجه .
 
قال رضي الله عنه :  ( حاز أسرار الطريقة. فكان عليه السلام إذا قدم له لبن قال اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه لأنه كان يراه صورة العلم . وقد أمر بطلب الزيادة من العلم وإذا قدم إليه غير اللبن . قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه . فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن اللّه لا يحاسبه فيه في الدار الآخرة  ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى اللّه إن شاء حاسبه وإن لم يشأ لم يحاسبه وأرجو من اللّه في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به . فإن أمره تعالى لنبيه بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته فإن اللّه تعالى يقول "لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" ، وأيّ أسوة أعظم من هذا التأسي ) وهو طلب الزيادة من العلم .
 
قال رضي الله عنه :  ( لمن عقل عن اللّه تعالى ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة ) وهي طريقة نظر العقل .
 
قال رضي الله عنه :  ( جهلوا حالة سليمان عليه السلام ومكانته ) وزعموا أنه قدم اسمه على اسم اللّه ملك الدنيا وطلب أن لا يكون لأحد بعده.
قال رضي الله عنه :  ( وليس الأمر كما زعموا وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه. فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به. فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة». وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى. ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه : ( ولمّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا » ، نبّه على أنّ كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنّما هو بمنزلة الرؤيا للنائم خيال فلا بدّ من تأويله ) .
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ مضمون الحديث تصريح لنا معشر أهل الذوق والشهود ، أنّ المحسوسات المشهودة كالرؤيا للنائم ، تخييل وتمثيل ، فإنّ الخيال إنّما هو تشخّص المعاني وتمثّل الحقائق والأرواح من قبل الحق للرائي ، وتجسّد النفوس في أمثله صور ثقيلة كبيرة أو خفيفة وصغيرة أو متوسّطة ، كلَّها تمثّلي .
وكذلك عالم الحسّ من الجسمانيات الطبيعيّة والعنصرية إنّما هي صور تمثيلات وتشخيصات وتجسيدات لما فوقها من العوالم الروحانية والنفسانية والعقلية والمعنوية ، مثّلها وجسّدها وشخّصها الحق أمثلة قائمة وصورا زائلة ودائمة لوجوده الحقّ في نسبه ونسب نسبه ولوازمه الذاتية والمرتبية ولوازم لوازمه .
 
وكيفية ذلك والله أعلم بها على ما علمنا وأعلمنا بذلك : أنّ المعاني إذا قبلت الوجود الحق من التجلَّي النفسي ، أو الحقائق الكلَّية المتبوعة إذا تعيّنت في الوجود الفائض ، حصلت هيئات اجتماعية بين الوجود والحقائق المتبوعة .
ثمّ يسري نور الموجود من الملزومات والمتبوعات إلى اللوازم ولوازم اللوازم ، ومنها إلى العوارض واللواحق والنسب المنتسبة في البين ، فيتّصل أحكام بعضها بالبعض بالوجود الساري من الأصل إلى الفرع ومن الملزومات إلى اللوازم ولوازم اللوازم .
 
فيوصل خصائص بعضها إلى البعض ، ويفيد حقائق الكلّ للكلّ ويصبغ الكلّ بصبغة الكلّ ، فيلتحم ويتمثّل ويتشخّص صورا وهيئات وجودية ، كما هو مشهود رأي عين ، ومثال سراية الوجود من الأصول والملزومات والحقائق المتبوعة إلى الفروع واللوازم والتوابع في انتساج ملابس الكون والتمثيل والتجسيد كالسدى واللحمة ،
نظير منوال الحقائق المتبوعة المترتبة من أقصى مراتب المكان ، إلى أنهى غايات وجود الكيان ، ونظير الحقائق التابعة واللوازم كاللحمة .
 
فإذا وجدت الحقائق المتبوعة والملزومات ، وانسحب عليها الفيض الوجودي والتجلَّي النفسي الرحماني الجودي ، ممتدا من أوّل موجود وجد إلى آخر مولود ولد ، سرى منها منبسطا إلى ما حواليها من اللوازم القريبة ثمّ إلى لوازم اللوازم .
وهكذا إلى العوارض واللواحق ، فانتسجت المعاني والحقائق الكونية على هذا المنوال بهذا المثال ، وكلَّما تضاعف حكم التجلَّي الوجودي وأوصل كوامن أحكام الحقائق بعضها إلى البعض وأظهرها ، تكاثفت الصور وثبّتت وثبتت بالنسبة والإضافة ، إذ لا ثبات للأعراض على الحقيقة فإنّها في التبدّل والتغيّر بالخلق الجديد ، فافهم ، وتنزّه فيما صرّحنا به .
 
واعلم : أنّ هذه الصور والأشكال والهيئات أظهرها الله آيات ونصبها أمثلة للصور والهيئات المعنوية المعقولة الأزلية التي هي شؤونه وأحواله الذاتية ، وما يعقلها إلَّا العالمون بالله الذين يعرفون تأويلها ويعبرون من صورها إلى حقائقها ، والله الموفّق له الحمد لا ربّ غيره .
قال رضي الله عنه  :
إنّما الكون خيال  .... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا  .... حاز أسرار الطريقة
يعني رضي الله عنه : أنّه من حيث الصور والهيئات والأشكال والنقوش خيال يظاهر كثراء في مراء ، وهو من حيث الوجود الواحد الحق المتنوّع ظهوره والمنبسط عليها نوره .
وفي هذه الصور حق بلا شكّ ولا مراء ، فلو لم تشهد التبدّل والتحوّل فأنت عن الحق محجوب ، وفي عين اللبس من خلق جديد موهوب ، وإن شهدت التبدّل وقلت به ولم تر الحق المتحوّل في الصور والمتشكَّل في الأشكال من كل ما بطن فظهر ، فأنت في عين السفسطة ، فانتبه .
 
قال رضي الله عنه : (وكان صلَّى الله عليه وسلَّم إذا قدّم له لبن ، قال : « اللهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنّه كان يراه صورة العلم وقد أمر بطلب الزيادة من العلم ، وإذا قدّم إليه غير اللبن ، قال : « اللهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » فمن أعطاه الله ما أعطاه عن أمر إلهي ، لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه ما أعطاه بسؤال لا عن أمر إلهي ، فالأمر فيه إلى الله ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه به .  وأرجو من الله في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به ، فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمّته فإنّ الله يقول : ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) أي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى . ولو نبّهنا على المقام السليماني على تمامه ، لرأيت أمرا يهولك الاطَّلاع عليه ، فإنّ أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته و ليس الأمر كما زعموا ).
 
ذلك عن ملك آخرته ، وهم غفر الله لهم غفلوا عن كمال تجلَّي الله وظهوره في أكملية مرتبة الخلافة في مظهرية سليمان .
وأنّ الوجود الحق تعيّن به وفيه على أكمل الصور الإلهية والرحمانية ، مع كمال إيفائه وقيامه بحقّ كمال العبدانية ، فإنّه عليه السّلام في عين شهوده ربّه على هذا الكمال ، كان يعمل بيديه ، ويأكل من كسبه ، ويجالس الفقراء والمساكين ، ويفتخر بذلك .
 
فيقول : « مسكين جالس مسكينا » رزقنا الله وإيّاك من كماله ، ولا حرمنا من علمه ومقامه وحاله ، إنّه قدير وهّاب ، مفتّح الأبواب ، وميسّر الأسباب .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه الصلاة والسلام « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم فلا بد من تأويله ) .
 
مضمون الحديث أن الحياة نوم ، وفحواه أن كل ما يرى من المحسوسات المشهورة كالرؤيا للنائم خيال ، فكما أن للرؤيا معاني متمثلة في الخيال وحقائق متجسدة تحتاج إلى تأويل .
 
فكذلك كل ما يتجسد ويتمثل لنا في هذا العالم معان وحقائق تمثلت في عالم المثال ثم في عالم الحس ، فعلى أهل الذوق والشهود تأويله إما بالعبور على تلك الحقائق التي تنزلت حتى تمثلت في الصورة المحسوسة التي وصلت إليها ، وإما إلى لوازم هذه الصورة ولوازم لوازمها ، فإن الوجود الساري في الأكوان سرى من كل صورة إلى ما يناسبها ويلازمها ثم إلى عوارضها ولواحقها وتوابعها وتوابع توابعها .
واعلم أن هذه الصور والأشكال والهيئات والأحوال التي نشاهدها بما في العالم ، آيات نصبها الله لنا وأعلام أظهرها أمثلة لحقائق وصور ومعان معقولة أزلية هي شؤونه تعالى وتعيناتها الذاتية -   "وما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ " باللَّه الذين يعرفون تأويلها ويعبرون عن صورها إلى حقائقها وهو الموفق .
 
قال رضي الله عنه :  ( إنما الكون خيال وهو حق في الحقيقة ، والذي يفهم هذا حاز أسرار الطريقة ) .
أي الكون من حيث الصور والهيئات والأشكال فظاهر في وجود الحق ، وهو من حيث أنه هو الوجود الحق الظاهر في هذه الصور حق بلا شك ، فمن لم يحتجب عن الحق بهذه الصور ورأى الحق المتجلى فيها المتحول في الصور فهو المحقق الواقف على أسرار الطريقة .
 
"" أضاف بالى زادة :  إنما الكون خيال لأنه ظل إلهي ، وظل الشيء من حيث هو ظل له غير ذلك ، وهو أي الكون حق أي غير الحق في الحقيقة باعتبار الوجود . والذي يفهم هذا أي كون العالم خيالا من وجه وحقا من وجه حاز أسرار الطريقة اهـ بالى . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال « اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنه كان يراه صورة العلم وقد أمر بطلب الزيادة من العلم ، وإذا قدم إليه غير اللبن قال « اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه ، وأرجو من الله في العلم خاصة أن لا يحاسب به ، فإن أمره لنبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته ، فإن الله يقول "لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله ، ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ، فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته ، وليس الأمر كما زعموا )
 
أي حسبوا أنه عليه السلام اختار ملك الدنيا وأنه ينقصه ذلك عن ملك الآخرة ، وهو أعظم مما اعتقدوا في حقه وما قدروا حق قدره ، فإنه عليه السلام كان في أكملية رتبة الخلافة .
وإن الوجود الحق المتعين به وفيه ظهر في أكمل صوره الإلهية والرحمانية ، فهو أكمل مجلى لله مع قيامه بحق العبدانية وكمال إيقانه بذلك فإنه عليه السلام في عين شهود ربه على هذا الكمال وظهوره بأسمائه العظمى كان يعمل بيديه ويأكل بكسبه ويجالس الفقراء والمساكين ، ويفتخر بذلك ويقول : مسكين جالس مسكينا ، والله الموفق .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 20:53 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العشرون الجزء الثانب .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العشرون :-     الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما قال ، عليه السلام : "الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا" . نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم : خيال فلا بد من تأويله . ).
 
( الواو ) في ( ولما ) عطف على ( لما أسرى . ) أي ، نبه ، صلى الله عليه وسلم ، بهذا الحديث على أن الحياة الحسية حياة ظلية للحياة الحقيقية ، والظل خيال . كما نبه في ( الفص اليوسفي ) . فكل ما في الحس من الأشياء خيالات وصور لمعان غيبية وأعيان حقيقية ، ظهرت في هذه الصور لمناسبة بينها وبين تلك الحقائق ، فلا بد من تأويل كل ما يسمع ويبصر في العالم الحسى إلى المعنى المراد في الحضرة الإلهية .


ولا يعلمه إلا العالمون بالله وتجلياته وأسمائه وعوالمه ، وهم الراسخون في العلم .
فمن وفق بذلك وهدى ، فقد أوتى الحكمة . "ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا " .
(إنما الكون خيال  ... وهو حق في الحقيقة
كل من يفهم هذا  .... حاز أسرار الطريقة )
يجوز أن يكون المراد ب‍ ( الكون ) عالم الصور . ويجوز أن يكون العالم بأسره ، لأن العالم كله ظل للغيب المطلق وعالم الأعيان .
وقوله : ( وهو حق ) يجوز أن يكون ما يراد في مقابله الباطل . أي ، هذا القول حق في الحقيقة ، وكل من يفهم هذا المعنى وعرف تأويلات ما يشاهد في الكون ، حاز أسرار السلوك إلى الله . ويجوز أن يكون الحق تعالى .
 
ومعناه : أن الكون وإن كان خيالا باعتبار ظليته ، لكنه عين الحق باعتبار حقيقته ، لأنه عين الوجود المطلق ، تعين بهذه الصور ، فتسمى بأسماء الأكوان ، كما أن الظل باعتبار آخر عين الشخص . وكل من يفهم أن الكون باعتبار ظل للحق وسوى وغير مسمى بالعالم ، ويعلم أنه باعتبار آخر عين الحق ، عرف أسرار السلوك والطريقة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكان ، صلى الله عليه وسلم ، إذا قدم إليه لبن ، قال : "اللهم بارك لنا فيه ، وزدنا منه " . لأنه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم . وإذا قدم إليه غير اللبن ، قال : "اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه" . فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي ، فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه الله تعالى ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي ، فالأمر فيه إلى الله تعالى : إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه به . وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به . ).
 
 أي ، وأرجو من الله في العلم أنه لا يحاسب الطالب بالعلم الذي أعطاه في الدنيا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن أمره لنبيه ، عليه السلام ، بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته ، فإن الله يقول : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" ) .
وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله . ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه ، لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه . فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ، عليه السلام ، ومكانته ، وليس الأمر كما زعموا . والله يقول الحق وهو يهدى السبيل . ) .
 
أي ، ظنوا من أنه قدم اسمه على اسم الله واختار ملك الدنيا وطلب أن لا يكون ذلك لغيره .
وهو أعظم مكانة عند الله مما قالوا في حقه ، لأنه مظهر اسم ( الرحمن ) الذي هو جامع الأسماء .
ومطلوبه ملك لا يتعلق بالدنيا ، لذلك نكره وتنكيره للتعظيم .
والدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة قد كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . فليس الأمر كما قيل في حقه .
والله الهادي .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولمّا قال عليه السّلام : " النّاس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ". رواه البيهقي.
نبّه على أنّه كلّ ما يراه الإنسان في حياته الدّنيا إنّما هو بمنزلة الرّؤيا للنّائم خيال فلابدّ من تأويله إنّما الكون خيال  ... وهو حقّ في الحقيقة
والّذي يفهم هذا     ... حاز أسرار الطّريقة
فكان صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قدّم له لبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » . رواه الهيثمي. لأنّه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزّيادة من العلم ؛ وإذا قدّم له غير اللّبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » . رواه النسائي.  ؛ فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإنّ اللّه لا يحاسبه به في الدّار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ فالأمر فيه إلى اللّه ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه .
 
وأرجو من اللّه في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به ، فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزّيادة من العلم عين أمره لأمّته ، فإنّ اللّه يقول :لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[ الأحزاب : 21 ] ، وأيّ أسوة أعظم من هذا التّأسّي لمن عقل عن اللّه تعالى ، ولو نبّهنا على المقام السّليمانيّ على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ، فإنّ أكثر علماء هذه الطّريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته وليس الأمر كما زعموا ) .
 
وإليه الإشارة بقوله : ( ولما قال عليه السّلام : « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا به » ، نبّه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا ) سواء كان في اليقظة أو المنام ، وأوّله فحقق تأويله بعد اليقظة ، ( إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم ) حتى أن تأويله الواقع في الدنيا من قبيل ما يرى في المنام ؛ لأنه ( خياله ) ، وإن عدّ من المحسوسات الظاهرة ، ( فلابدّ من تأويله ) حتى أن تأويله يحتاج إلى تأويل آخر في الآخرة ، وكيف لا .
 
وقد قالوا : ( إنما الكون ) أي : الوجود الحادث ( خيال ) ؛ لأنه صورة الوجود الحقيقي الظاهرة في مرايا الخلائق ، ( وهو ) أي : الكون باعتبار تحققه ( حق في الحقيقة ) ، إذ لا تحقق له في نفسه ، وإنما هو من جهة إشراق نور ربه عليه ، ( بل من يفهم هذا حاز أسرار الطريقة ) أي : معانيها الدقيقة كالفناء ، والبقاء ، والجمع ، والفرق ، وعلم كيفية السير في المقامات ، وإذا كانت جميع الموجودات صورا خيالية راجعة إلى الحق ، فأي عجب في رجوع بعض الصور إلى بعض المعاني التي في الحق مما ظهر بها في هذه الموجودات إذا عرفت هذا ، فقد ظهر الحق بصفة القيومية في اللبن ، فصار قوام الأبدان وقيوميته للأرواح بالعلم ، فلما كان اللبن مظهر القيومية وأصلها في الأرواح كان صورة العلم .
 
قال رضي الله عنه :  " ( فكان صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قدم له لبن ) في اليقظة ( قال : « اللهم بارك لنا فيه ) أي : أعطنا ما هو بركته ، وهو كونه مظهرا لقيوميتك ، فنصير مقومين للأشباح والأرواح جميعا " .
 
ثم قال رضي الله عنه  : « ( وزدنا منه ) أي : من هذا اللبن الذي من جهة العلم ؛ ( لأنه كان يراه صورة العلم ، ومرجع الصورة إلى ما هي صورته ، ( وقد أمر بطلب الزيادة من العلم ) » ، وكان طلبها بقوله : « وزدنا منه » ، وإلا فطلبه الزيادة من اللبن من حيث هو لبن قليل الجدوى لا يليق به صلّى اللّه عليه وسلّم ، ( وإذا قدم له غير اللبن ) مما لا يناسب العلم بوجه من الوجوه .
 
( قال ) : « ( اللهم بارك لنا فيه ) بظهور ما فيه من أسمائك ليتحقق بها ( وأطعمنا خيرا منه ) » ؛ ليطلع على ما فوق تلك الأسماء ، فإن العلم فوق الإرادة وهي فوق القدرة ، فاللبن وإن لم يكن عين ما أمر به عليه السّلام بطلبه ، لم ير الحساب على طلب المزيد منه ؛ لأنه كان مناسبا لما أمر بطلب الزيادة منه ، فكيف يحاسب في طلب ما أمر به بعينه .
 
قال رضي الله عنه  : ( فمن أعطاه اللّه ) كنبينا وسليمان عليه السّلام ( ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي ) سواء كان في عين ما أمر به أو فيما يناسبه ، ( فإن اللّه لا يحاسبه به في الدار الآخرة ) ، وإن عجل له ذلك في الدنيا ووافق هواه ، أو لم يكن سؤاله عن محض الهوى بل عن أمر اللّه وحده ، أو صح هواه ، (ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال ) ( من غير أمر إلهي ) لا فيه ، ولا في مناسبته ، فإنه واف بذلك في سؤاله للحق وتحقق بعبوديته فيه.
 
قال رضي الله عنه  : ( فالأمر فيه إلى اللّه ) ( إن شاء حاسبه به ) ؛ لأنه وسط الحق في طلب غيره ، ( وإن شاء لم يحاسبه ) ؛ نظرا إلى أنه امتثل في الجملة قوله :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[ غافر : 60 ] .
 
قال رضي الله عنه  : ( وأرجو من اللّه في العلم خاصة ) إذا طلبه أحدنا من غير أمر خاص في حقه ( أنه لا يحاسب به ) ، ( فإن أمره لنبيه عليه السّلام ) بطلب الزيادة من العلم عين ( أمره لأمته ) ، وإن لم يكن مفهوم ذلك الأمر لكن يفهم ذلك من أمرهم باقتدائه ،
فإن اللّه يقول :" لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ "[ الأحزاب : 21 ] ، إذ هو أمر في صورة الخبر .
 
قال رضي الله عنه  : ( وأي أسوة أعظم من هذا التأسي ) ؛ فإنه تأسي في الأمر الذي تتعلق به جميع العبادات التي أمروا بالاقتداء فيها ، ولكن إنما يقال هذا ( لمن عقل عن اللّه تعالى ) ، إذ ربما يقول غيره طلب العلم من قبيل توسيط الحق ، وليس كذلك فإن المقصود منه معرفة الحق بما يمكن معرفته به من المعاني الظاهرة له في الخلائق ، وهذا تنبيه على بعض ما اختص به سليمان عليه السّلام .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولو نبّهنا على المقام السليماني على تمامه ، لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ) لغاية ذمته ، حتى خفي على أكبر علماء هذه الطريقة ، ( فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته ) ، فزعموا أنه كان كأكبر الملوك .
 
قال رضي الله عنه  : ( وليس الأمر كما زعموا ) إذ كان ملكه من مكملات الأمور الأخروية من غير أن يفوته فيها شيء شبيه .
ولما فرغ من الحكمة الرحمانية التي فيها إفاضة الوجود العام والصفات العامة ، شرع في الحكمة الوجودية التي منها فيض كمالاته من النبوة والولاية والجلاء ، وسائر الهيئات الخاصة ؛ فقال : عن فص الحكمة الوجودية في الكلمة الداودية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولما قال عليه الصلاة والسّلام : « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبّه على أنّه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم ) في أنّه صور يعبّر بها عن الأمور الواقعة ، أو الذي سيقع ، فهو من هذه الحيثيّة ( خيال ، فلا بدّ من تأويله ) .
 
(إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة)
( إنما الكون ) وهو كما عرفت في المقدّمة عبارة عن الأعراض المتشخّصة بها الأشياء في هذا العالم من المحسوسات ، وما يتقوّم بها . ولا شكّ أنّها أمور متحوّلة متغيّرة ، وصور غير مستقرّة كاشفة عن آخر مثلها ، فهو بهذا الوجه : ( خيال ) وإن كان بوجه آخر ( وهو ) من حيث أصله الباقي منه  دون الهلاك ( حقّ في الحقيقة ) .
 
(والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة)
(والذي يفهم هذا ) أي الكون بوجهيها ، أو طريق تأويل هذه الصور الكونيّة الخياليّة وسبيل تعبيرها ، فإنّ السالك إذا فهم ألسنة إرشاد الكائنات ( حاز أسرار الطريقة ) فاستغنى عن مرشد آخر في صورة شخصيّة معيّنة ، فإنّ الحقّ يرشده في صور الأكوان .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكان صلَّى الله عليه وسلَّم إذا قدّم له لبن ، قال : " اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه " لأنه كان يراه صورة العلم ، وقد امر بطلب الزيادة من العلم .  وإذا قدم إليه غير اللبن قال : « اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » ) .
 
السؤال إذا كان عن أمر إلهي لا يحاسب به السائل
قال رضي الله عنه :  ( فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهيّ ، فإنّ الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة . ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ ، فالأمر فيه إلى الله : إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه . وأرجو من الله في العلم خاصّة أنه لا يحاسبه به ، فإنّ أمره لنبيه عليه الصلاة والسّلام بطلب الزيادة من العلم عين أمره لامّته . فإن الله يقول : “  لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ “ [ 33 / 21 ] ، وأيّ أسوة أعظم من هذا التأسّي لمن عقل عن الله ) تعالى ، واستفاض العلوم من محلَّه خالصة عن شوائب امتزاج الوسائط ؟
 
المقام السليماني
ثم إنّه لما كان طرف التشبيه غالبا على ذوق سليمان - على ما علم في طيّ أوضاعه من التفاته إلى الملك ، وانقياد الأكوان له جملة ، على ما علم منه ومن تلويح اسمه - وبيّن أن مقتضيات أحكام هذا الطرف مما لا يفهمه - فهم قبول - إلا الندر من العلماء ، اولي الأذواق الكاملة والحكم الشاملة .
 
قال رضي الله عنه :  ( لو نبّهنا على المقام السليماني على تمامه ، لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ) لاشتمال ذلك على أصول غريبة تنهدم بها قواعد العقائد التي عليها تعويل أهل التحقيق .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا ) ، كما نبّه في مطلع الفصّ على بعضه وفي طيّه على آخر حيث قال : مبدأ تسخيره عليه السّلام إنما هو مجرّد التلفّظ بدون ضميمة همّة ولا جمعيّة ، كما بيّن آنفا .
ولهذا البحث تفاصيل يحتاج إلى أصول غريبة وعلوم غير مأنوسة ، لذلك اكتفى عنه بهذا الإجمال.
 
 تمهيدا للفصّ الآتي
ثم اعلم أنّ الوجود الذي هو قهرمان أمر الظهور ومصباح ذلك النور - على ما لا يخفى - له ظاهر يعبّر عنه بالرحمانيّة .
كما أن داود الذي هو سلطان أمر الإظهار بما ورد في حقه من الخلافة المنصوص عليها - كما ستقف على تحقيقه - وتسخير الطير والجبال اللذين هما أشدّ ما في العالم علوّا على الإنسان ، وأكثره عصيانا وإباء للإذعان ، له نتيجة يظهر منها تمام تلك السلطنة ، وهو سليمان.
 
فيكون بين « داود » و « الوجود » خصوص نسبة ، كما بين « سليمان » و « الرحمن » . وإليه أشار بقوله : فصّ الحكمة الوجوديّة في الكلمة الداودية
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولمّا قال عليه السّلام : « النّاس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبّه على أنّه كلّ ما يراه الإنسان في حياته الدّنيا إنّما هو بمنزلة الرّؤيا للنّائم خيال فلا بدّ من تأويله.  إنّما الكون خيال ... وهو حقّ في الحقيقة .. والّذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطّريقة .. فكان صلى اللّه عليه وسلم إذا قدّم له لبن قال : " اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه " لأنّه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزّيادة من العلم ؛ وإذا قدّم له غير اللّبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » . فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإنّ اللّه لا يحاسبه به في الدّار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ فالأمر فيه إلى اللّه ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه . وأرجو من اللّه في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به . فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزّيادة من العلم عين أمره لأمّته فإنّ اللّه يقول :لَقَدْ).
 
قال رضي الله عنه :  (ولما قال عليه الصلاة والسلام : « الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا ) . رواه البيهقي
قال رضي الله عنه :  (نبه على أن كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم ).
 
 في أنه صور يعبر بها عن الأمور الواقعة والذي ينتفع فهو من هذه الحيثية ( خيال فلا بد من تأويله . إنما الكون ) ، أي عالم الصور والأشكال أو العالم كله لأنه ظل للغيب المطلق والأعيان الثابتة.
قال رضي الله عنه :  ( خيال ) يتوهم أن له وجودا في نفسه ( و ) ليس كذلك بل ( هو حق في الحقيقة ) يعني عين الوجود الحق الذي يعني بهذه الصورة الخيالية ( كل من يفهم هذا ) المعنى الذي ذكرناه ( حاز ) ، أي جمع ( أسرار الطريقة ) الذي هي نتيجة سلوك الطريقة المسلوكة لأرباب السلوك .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكان صلى اللّه عليه وسلم إذا أتي بلبن قال : « اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنه كان يراه صورة العلم وقد أمر بطلب الزيادة من العلم وإذا أتي بغير لبن
قال : « اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » . رواه النسائي و أبو داود وغيرهما.
 
 قال رضي الله عنه :  ( فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن اللّه لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال من غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى اللّه إن شاء حاسبه ، وإن شاء لم يحاسبه وأرجو من اللّه في العلم خاصة أنه لا يحاسبه ) ، أي طالبه به .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن أمره لنبيه عليه الصلاة والسلام بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته فإن اللّه يقول :لَقَدْ
 
قال رضي الله عنه :  ( كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ الأحزاب : 21 ] . وأيّ أسوة أعظم من هذا التّأسّي لمن عقل عن اللّه تعالى .  ولو نبّهنا على المقام السّليمانيّ على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإنّ أكثر علماء هذه الطّريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته وليس الأمر كما زعموا .)


كان"َ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " [ الأحزاب : 21 ] وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن اللّه .
قال رضي الله عنه :  (ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ) ، وإنما قلنا ذلك ( فإن أكثر علماء الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته ) ، وزعموا أنه أحب ملك الدنيا وطلب أن لا يكون ذلك لغيره .
قال رضي الله عنه :  ( وليس الأمر كما زعموا واللّه سبحانه أعلم بالحقائق ) .
تم الفص السليماني
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 21:04 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الحادية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية والعشرون :-  
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
16 – شرح نقش فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كانت له من حيث لا يشعر.  قالت بالقوة: إنه كتابٌ كريم.
وما ظهر "آصف" بالقوة على الإتيان بالعرش دون سليمان إلا ليعلم الجن أن  )
 
إنّما اختصّت الكلمة السليمانية بالحكمة الرحمانية لعموم حكمهما، فانّه كما أنّ للاسم «الرحمن» شمول حكم على الموجودات كلها، كذلك للكلمة السليمانية إحاطة سلطنة و تصرّف في العالم كله، فسخّر الله له العالم الأعلى و الأسفل:
فأمّا تسخيره له العالم السفلى، فواضح بتحكّمه في الجنّ و الانس و الوحش و الطير و سائر الحيوانات البرّيّة و البحرية و تعدّى حكمه إلى العناصر فسخّر له الريح، تجرى بأمره. و سخّر له الماء، تغوص له فيه الشياطين النارية و هذا من أعظم التسخيرات لما فيه من الجمع بين ما من النار مع الماء و مع ما من الماء مع تضادّ طبائعهما. و لذلك نبّه سبحانه و تعالى بقوله، «وَ من الشَّياطِينِ من يَغُوصُونَ لَهُ وَ يَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ» فأخبر تعالى أنّ كلّ ما كانوا يعملون له، فهو دون غوصهم، لما ذكرت من صعوبة الجمع بين الأضداد. و سخّرت له الأرض، يتبوّأ منها حيث يشاء.
 
و أمّا تسخير الحق له العالم العلوي، فواضح أيضا عند المستبصرين، فانّ كلّ ما تيسّر له عليه السلام في هذا العالم، فانّه من آثار تسخير الله له ذلك العالم و تعليمه إيّاه أسباب التصريفات. فافهم.
لما كانت بلقيس خالصة له، أي لسليمان عليه السلام بالانقياد إليه و الايمان به، من حيث لا تشعر هي بذلك، أي بكونها له-
و ذلك لمناسبة فطرية  و مجانسة ذاتية و توفيق إلهى-
قالت لقومها ظاهرة بالقوة، أي بقوّة الهمّة و التصرّف بها فيهم لينقادوا إليه في حق كتاب سليمان حين ألقاه الهدهد إليها، و أرتهم إيّاه، انه كتاب كريم، حيث قالت، «إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ»، أي مكرّم عليها معظّم عندها. «إِنَّهُ»، أي هذا الكتاب الكريم، «من سُلَيْمانَ»- هذا بيان لمرسل الكتاب أو إشارة إلى عنوانه- «وَ إِنَّهُ»، أي مضمونه، «بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَ أْتُونِي مُسْلِمِينَ».
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (شرف سليمان عظيم إذ كان لمن هو حسنة من حسناته له هذا الإقتدار)
فتكريم بلقيس و تعظيمها لكتاب سليمان كان لعناية أزلية و مناسبة جبليّة، لا لما قال بعض أهل الظاهر من المفسّرين من أنّ السبب فيه تقديم سليمان اسمه على اسم الله- فانّه إنّما قدّم اسمه على اسم الله وقاية له أن يقع عليه الخرق و إنّه إن وقع الخرق، يكون على اسمه، لا على اسم الله و إنّ اسمه لكمال مهابته في قلوب البرية مانع لهم عن الخرق-
أمّا أوّلا، فلأنّ قوله، «إِنَّهُ من سُلَيْمانَ»، ليس من مضمون الكتاب، كما سبق إليه إشارة.
و أمّا ثانيا، فلأنّ بلقيس لو كانت مريدة للخرق و ما كانت موفّقة لاكرام الكتاب، لم يكن تقديم اسمه حاميا له من الخرق، و لا تأخيره. بل كانت تقرأ الكتاب و تعرف مضمونه، كما فعل كسرى، ثمّ كانت تمزّقه لو لم تكن موفّقة.
 
قال رضي الله عنه :  (و ما ظهر آصف)، وزير سليمان عليه السلام، بالقوة و جمعية الهمّة (على الإتيان بالعرش)، أي عرش بلقيس من سبا قبل ارتداد طرف الناظر إليه، (دون سليمان)، مع كونه عليه السلام أقوى و أقدر منه، (الا ليعلم) آصف (الجن)، الذي ادّعى عفريت منهم أنّه يأتى به قبل قيام القائم من مقامه- غيرة منه على سليمان و ملكه.
قال رضي الله عنه :  (أن شرف سليمان عظيم، إذ كان لمن هو حسنة من حسناته ) و أحد من خاصّته هذا الاقتدار العظيم و التصرّف القوى فكيف كان الحال لو تصرّف هو نفسه؟
اعلم أنّ آصف بن برخيا مع فنون علومه كان مؤيّدا من عند الله، معانا من عالم القدرة بإذن الله و تأييده أعطاه الله التصرّف في عالم الكون و الفساد بالهمّة و القوّة الملكوتية، فتصرّف في عرش بلقيس بخلع صورته عن مادّته في سبا و إيجاده عند سليمان، فانّ النقل بالحركة أسرع من ارتداد طرف الناظر إليه محال، إذ النقل زمانى، و حركة البصر نحو المبصر و عنه آنية، لوقوع الأبصار مع فتح البصر في وقت واحد.
 
فاذن ليس حصول عرش بلقيس عند سليمان بالنقل من مكان إلى مكان و لا بانكشاف صورته على سليمان في مكانه، لقوله تعالى، «فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ».
فلم يبق إلّا أنّه كان بالتصرّف الإلهي من عالم الأيد و القدرة.
 فكان وقت قول آصف :"أَنَا آتِيكَ به قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ"، عين وقت انعدام العرش في سبا و إيجاده عند سليمان عليه السلام.
و هذا التصرّف أعلى مراتب التصرّف الذي خصّ الله به من شاء من عباده و أقدره عليه.
و ما كان ذلك إلّا كرامة لسليمان عليه السلام حيث وهب الله لبعض أصحابه و أحد خاصته هذا التصرّف العظيم.
و هو من كمال العلم بالخلق الجديد، فانّ الفيض الوجودي و النّفس الرحمانى دائم السريان و الجريان في الأكوان، كالماء الجاري في النهر، فانّه على الاتّصال يتجدّد على الدوام.
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما قالت في عرشها: كأنه هو. عثورٌ على علمها بتجديد الخلق في كل زمان فأتت بكاف التشبيه. وأراها صرح القوارير "كأنه لجة" وما كان لجة.  كما أن)
فكذلك تعيّنات الوجود الحق في صور الأعيان الثابتة في العلم القديم لا تزال تتجدّد على الاتّصال.
فقد ينخلع التعيّن الأوّل الوجودي عن بعض الأعيان في بعض المواضع، و يتّصل به الذي يعقبه في موضع آخر.
و ما ذلك إلّا لظهور العين العلمي في هذا الموضوع و اختفائه في الموضع الأوّل، مع كون العين بحاله في العلم و عالم الغيب.
 
و لمّا كان آصف عارفا بهذا المعنى، معيّنا به من عند الله، مخصوصا منه بالتصرّف في الوجود الكونى- و قد آثر الله تعالى سليمان بصحبته و آزره و قوّاه بمعونته إكراما له، و إتماما لنعمته عليه في تسخير الجنّ و الانس و الطير و الوحش، و إعلاء لقدره، و إعظاما لملكه- سلّط الغيرة على آصف، فغار على سليمان و ملكه الذي آتاه من أن يتوهّم الجنّ أنّ تصرّفهم‏- الذي أعطاهم الله تعالى- أعلى و أتمّ من تصرّف سليمان و ذويه.
 
فأعلمهم أنّ الملك و التصرّف الذي أعطى بعض أصحابه من خوارق العادات أعلى و أتمّ من الذي خصّ الجنّ به من الأعمال الشاقّة و الخارجة عن قوّة البشر و الخارقة للعادة بحسب الفكر و النظر.
و اعلم أنّ الجنّ أرواح قوية متجسّدة في أجرام لطيفة، يغلب عليها الجوهر الناري و الهوائى، كما غلب علينا الجوهر الأرضى و المائى.
و للطافة جواهر أجسادهم و قوّة أرواحهم أقدرهم الله على التشكّل بأشكال مختلفة و التمكّن من حركات سريعة و أعمال عن وسع البشر متجاوزة، كالملائكة، إلّا أنّها سفلية، و الملائكة علوية. و الله أعلم.
 
ولما قالت بلقيس في جواب السؤال عن عرشها، حيث قيل لها،  "أَهكَذا عَرْشُكِ"، قالت «كَأَنَّهُ هُوَ»،
أي كأنّ العرش المشاهد المشار إليه هو العرش الذي خلّفته في سبا،
ففيه، أي فيما قالت بلقيس، عثور و اطّلاع منّا على علمها، أي على كونها عالمة، بتجديد الخلق بالأمثال في كل زمان.
بل في كل آن فأتت بلقيس بكاف التشبيه في قولها، «كَأَنَّهُ هُوَ»، و حكمت بالمغايرة و المشابهة، فإنّ التشبيه لا يكون إلّا بين متغايرين.
و صدقت فيما قالت لما ذكرنا من تجديد الخلق بالأمثال فانّ مثل الشي‏ء لا يكون عينه من حيث التعيّن، و هو هو من حيث الحقيقة.
 
قال رضي الله عنه :  (وأراها)، أي سليمان بلقيس، (صرح‏ القوارير) فحسبته (كأنه لجة)، أي ماء، فـ «كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها» حتّى لا يصيب الماء ثوبها.
و ما كان لجة في نفس الأمر، (كما أن العرش المرئي) الموجد عند سليمان (ليس عين العرش) الذي
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (العرش المرئي ليس عين العرش من حيث الصورة. والجوهر واحد. وهذا سار في العالم كله .)
 
خلّفته  في سبا (من حيث الصورة)، فانّه قد انخلع عن الصورة الأولى و تلبّس بصورة أخرى.
(و) لكنّ (الجوهر) الذي تعاقبت عليه الصورتان (واحد)، و الصورتان متماثلتان.
 
فنبّهها بذلك على أنّ حال عرشها كحال الصرح في كون كل منهما مماثلا مشابها لآخر:
أمّا العرش، فلأنّه انعدم، و ما أوجده الموجد مماثل لما انعدم وأمّا الصرح، فلأنّه من غاية لطفه و صفائه صار شبيها بالماء الصافي، مماثلا له، و هو غيره.
فنبّهها بالفعل على أنّها صدقت في قولها، «كَأَنَّهُ هُوَ»، فإنّه ليس عينه، بل مثله. و هذا غاية الانصاف من سليمان عليه السلام، فانّه صوّبها في قولها، «كَأَنَّهُ هُوَ».
و هذا التنبيه الفعلى كالتنبيه القولى الذي في سؤاله، «أَهكَذا عَرْشُكِ»، حيث لم يقل، "أهذا عرشك». فافهم.
(و هذا)، أي تجديد الخلق مع الآنات، ليس مخصوصا بعرش بلقيس‏  بل هو (ساري في العالم كله)، علوّه و سفله، فانّ العالم بمجموعه متغيّر أبدا، و كل متغيّر يتبدّل تعيّنه  مع الآنات.
فيوجد في كل آن متعيّن غير المتعيّن الذي هو في الآن الآخر، مع أنّ العين الواحدة التي يطرأ عليها هذه التغيّرات بحالها، فالعين الواحدة هي حقيقة الحق المتعيّنة بالتعيّن الأوّل اللازم لعلمه بذاته.
و هي عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصور المسمّاة «عالما»، و مجموع الصور أعراض طارية متبدّلة في كل آن.
و المحجوبون لا يعرفون ذلك.
فهم في لبس من هذا التجدّد الدائم في الكل.
 
وأمّا أهل الكشف، فانّهم يرون أنّ الله تعالى يتجلّى في كل نفس، ولا يتكرّر التجلّى: فانّ ما يوجب البقاء غير ما يوجب الفناء، وفي كل آن يحصل البقاء والفناء فالتجلّى غير مكرّر.
ويرون أيضا أنّ كل تجلّ يعطى خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو الفناء عند التجلّى الموجب للفناء و البقاء، لما يعطيه التجلّى الآخر الموجب للبقاء بالخلق الجديد.
و لمّا كان هذا الخلق من جنس ما كان أوّلا، التبس على المحجوبين، و لم يشعروا التجدّد و ذهاب ما كان حاصلا بالفناء في الحق، لأنّ كل تجلّ يعطى خلقا جديدا و يفنى في الوجود الحقيقي ما كان حاصلا. و يظهر هذا المعنى في النار المشتعلة من الدهن و الفتيلة: فانّه في كل آن يدخل منهما شي‏ء في تلك النارية و يتّصف بالصفة النورية ثمّ تذهب تلك الصورة بصيرورته هواء. هكذا شأن العالم بأسره، فإنّه يستمدّ دائما من الخزائن الإلهية، فيفيض منها و يرجع إليها. و الله أعلم بالحقائق.
اعلم أنّ إمداد الحق و تجلّياته و اصل إلى العالم في كل نفس.
و في التحقيق الأتمّ ليس إلّا تجلّ واحد، يظهر له بحسب القوابل و مراتبها و استعداداتها تعيّنات.
فيلحقه
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (والمُلك الذي لا ينبغي لأحدٍ من بعد الظهور بالمجموع على طريق التصرف فيه ).
لذلك التعدّد والنعوت المختلفة والأسماء والصفات، لا أنّ الأمر في نفسه متعدّد، أو وروده طار ومتجدّد.
وإنّما التقدّم و التأخّر و غيرهما من أحوال الممكنات يوهم التجدّد والطريان والتقيّد والتغيّر ونحو ذلك، كالحال في التعدّد.
وإلّا، فالأمر أجلّ من أن ينحصر في إطلاق أو تقييد أو اسم أو صفة أو نقصان أو مزيد.
 
وهذا التجلّى الأحدى المشار إليه ليس غير النور الوجودي، ولا يصل من الحق إلى الممكنات بعد الاتّصاف بالوجود وقبله غير ذلك.
وما سواه، فانّما هو أحكام الممكنات وآثارها تتّصل من بعضها بالبعض حال الظهور بالتجلّى الوجودي الوحدانى المذكور.
ولمّا لم يكن الوجود ذاتيا لسوى الحق بل مستفادا من تجلّيه افتقر العالم في بقائه إلى الأمداد الوجودي الأحدى مع الآنات دون فترة ولا انقطاع إذ لو انقطع الأمداد المذكور طرفة عين، لفنى العالم دفعة واحدة، فانّ الحكم العدمي أمر لازم للممكن، و الوجود عارض له من موجده.
 
قال رضي الله عنه :  (و الملك الذي لا ينبغي لاحد من بعده)، أي من بعد سليمان عليه السّلام- كما سأله عن ربّه بقوله، «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ من بَعْدِي»-
هو (الظهور) في عالم الشهادة (بالمجموع)، أي بمجموع الأملاك المتعلّقة بالعالم، (على طريق التصرف فيه)، أي في العالم، لا الظهور ببعضها- فانّه عليه السلام قد شورك في كل جزء جزء من الملك الذي أعطاه الله- و لا الاقتدار و التمكّن من مجموعها من غير ظهور به: فانّ الأقطاب و الكمّل متحقّقون بهذا المقام قبله و بعده، لكن لا يظهرون به.
 
ألا ترى أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم كيف مكّنه الله سبحانه تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليضلّ به؟ فهمّ بأخذه و ربطه بسارية من سوارى المسجد، حتّى يصبح، فيلعب به ولدان المدينة.
فذكر صلّى الله عليه و سلّم دعوة سليمان عليه السلام، فردّه الله - أي العفريت- خاسئا عن الظفر عليه. رواه البخاري ومسلم وغيرهما  .
فلم يظهر صلى الله عليه و سلم بما أقدره الله عليه، و ظهر بذلك سليمان عليه السلام.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (تسخير الرياح وتسخير الأرواح النارية. لأنها أرواح في رياح. بغير حساب. لست محاسباً عليها.)
 
قال رضي الله عنه :  (تسخير الرياح،)  الذي اختصّ به سليمان و فضّل به على غيره، و جعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، هو تسخير الأرواح النارية التي تكون لنوع الجنّ، كما قال تعالى، «خَلَقَ الْجَانَّ من مارِجٍ من نارٍ»، لأنها، أي الأرواح النارية، (أرواح) متصرّفة (في رياح)، هي كالأبدان لها.
 
قال الشيخ رضى الله عنه، التسخير من حيث هو تسخير ليس ممّا يختصّ به سليمان، «فانّ الله يقول في حقّنا كلنا من غير تخصيص بأحد منّا، «وَسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وَما في الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ»، و قد ذكر تسخير الرياح و النجوم و غير ذلك، و لكن لا عن أمرنا، بل عن أمر الله.
فما اختصّ سليمان- إن عقلت- إلّا بالأمر من غير جمعية و لا همّة، بل بمجرّد الأمر.
وإنّما قلنا ذلك لأنّا نعلم أنّ أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينّا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرّد التلفّظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همّة و لا جمعية.» يريد رضى الله عنه أنّ التسخير المختصّ بسليمان هو التسخير بمجرّد أمره، لا بالهمّة و الجمعية و تسليط الوهم و لا بالأقسام العظام و أسماء الله الكرام.
و الظاهر أنّه كان له أوّلا بأسماء الله و الكلمات التامّات و الأقسام ثمّ تمرّن حتّى بلغ الغاية، و انقادت له الخلائق، و أطاعه الجنّ و الانس و الطير و الوحش و غيرها بمجرّد الأمر و التلفّظ بما يريد منها من غير جمعية و لا تسليط وهم و همّة، عطاء من الله و هبة.
و كان «أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ».
و يحتمل أن يكون ذلك اختصاصا له من الله بذلك ابتداء.
قوله تعالى، «بِغَيْرِ حِسابٍ»، حيث قال سبحانه، «هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ»، أي أعط، «أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ»، معناه (لست) يا سليمان (محاسبا) في الآخرة (عليها)، أي على ما أعطاكه الله من الملك و المال و تسخير الرياح و غير ذلك.
و في بعض النسخ: «ليست» على صيغة الغيبة، أي ليست تلك الأمور محاسبا عليها في الآخرة.
 
قال رضى الله عنه، «علمنا من ذوق هذا الطريق أنّ سؤاله عليه السلام‏  كان عن أمر ربّه. و الطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي، كان الطالب له الأجر التامّ على طلبه»، لكونه مطيعا لربّه في ذلك، ممتثلا لأمره.
«و البارئ تعالى إن شاء، قضى حاجته فيما طلب منه و إن شاء، أمسك فانّ العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربّه فيه.
فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربّه له بذلك، لحاسبه به. و هذا سار في جميع ما يسأل الله فيه.» و الله أعلم.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 21:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثانية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية والعشرون :-  
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ : 
الفص السادس عشر حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
(1) حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
(1) يبحث هذا الفص في مسألتين هامتين إلى جانب مسائل أخرى كثيرة تتصل بهما: الأولى الرحمة الإلهية: معناها و أقسامها.
و قد سبقت الإشارة إلى الرحمة في النصوص التي علقنا عليها. و لكننا هنا بإزاء شرح أوفى لأحد قسمي الرحمة و هو رحمة الوجوب.
و ليس لاقتران اسم سليمان عليه السلام بالحكمة الرحمانية في عنوان الفص من سبب ظاهر إلا ما ورد في القرآن في قصته مع بلقيس و الكتاب الذي أرسله إليها يدعوها فيه إلى اللَّه، و في فاتحة الكتاب قوله: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
فليس هذا الاقتران إذن إلا أمراً عرضياً صرفاً، و لو ذكر اسم رسول آخر غير سليمان في معرض ذكر سليمان لسميت الحكمة باسمه.
""أضاف الجامع :  الورود بالقرآن كفي به علما و أمرا ممن هو المسبب وهو الأسباب وهو المحل المختار و الزمان لإظهاره في الخلق وسريان حاكمية أثاره في كل ما خلق الله . جل شان الله ""
و لكن هذا شأن ابن العربي في اختيار معظم عناوين فصوصه.
المسألة الثانية الهامة هي مسألة الملك و الخلافة و التصرف، و هذه أيضاً متصلة بسليمان على نحو ما فصله القرآن في شأنها.
 
(2) «فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم اللَّه تعالى، و لم يكن كذلك».
(2) يذهب بعض المفسرين إلى أن سليمان عليه السلام قد ذَكَر اسمه قبل اسم اللَّه تعالى في كتابه إلى بلقيس عند ما قال: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»،
و لكن ابن العربي يخطئ، هذا الرأي لما يقتضيه من نسبة الجهل و عدم البصر بما يليق نحو الجناب الإلهي إلى رسول كسليمان.
و حجته في ذلك أن الجملة الأولى و هي «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ» ليست جزءاً من كلام سليمان إلى بلقيس، بل هي إخبار منها لقومها بأنها أُلْقِيَ إليها كتاب من سليمان.
أما أول الكتاب فهو «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
و من الناس من يعتبر الجملة الأولى جزءاً من كتاب سليمان إلى بلقيس و يلتمس لسليمان عذراً في تقديم اسمه على اسم اللَّه و لا يعد ذلك جهلًا من الرسول،
بل عملًا قصد به إلى غاية خاصة، و ذلك أن سليمان لما علم أنه ليس من عادة الملوك الاحتفاء برسالات الأنبياء و لا تكريم حامليها،
بل لقد يدفعهم الشطط في امتهانها و تحقيرها إلى تمزيقها أو إحراقها أو التمثيل بها أي نوع من أنواع التمثيل كما فعل كسرى بكتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، لما علم سليمان كل ذلك، قدم اسمه على اسم اللَّه لكي يعرض اسم هو أولًا لمثل هذه الاهانة إن وقعت.
و هذا تعليل في نظر ابن العربي في غاية الضعف، إذ لو كان في نية بلقيس أن تمتهن كتاب سليمان بالإحراق أو التمزيق لأصابت هذه الاهانة كل ما فيه، و لما منعها من فعلها تقديم أحد الاسمين على الآخر.
 
(3) «فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان و رحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم».
(3) على هذين الاسمين الإلهيين: الرحمن والرحيم الوارد ذكرهما في كتاب سليمان إلى بلقيس، والواردان أيضاً في فاتحة كل سورة من سور القرآن الكريم بنى ابن العربي فكرة فلسفية من أخصب الأفكار في مذهبه.
وليس بين الاسمين من الناحية اللغوية كبير فرق، ولكنهما يستعملان في اصطلاحة الخاص للدلالة على «الحق» باعتبارين مختلفين تمام الاختلاف.
فالرحمن هو واهب رحمة الامتنان، والرحيم هو واهب رحمة الوجوب. ورحمة الامتنان هي الرحمة العامة الشاملة لجميع الخلق، وليست إلا منح كل موجود وجوده على النحو الذي هو عليه في غير مقابلة أو عوض. فهي الرحمة التي أشار اللَّه إليها في قوله: «وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ»،
هي مرادفة للوجود أو لمنح الوجود على سبيل المنة، و ليس لها أي صلة بمعاني الشفقة أو العطف أو العفو، و إن كنا نستطيع أن نقول في ضرب من التجوز ان الحق تجلى في صور الممكنات و خلع عليها وجوده شفقة منه بها و عطفاً منه عليها.
أما رحمة الوجوب فهي التي أوجبها الحق على نفسه في قوله: «كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ»، و في قوله: «فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ إلخ».
و قد يراد بها إحدى رحمتين:
الأولى: ما يمنحه الحق من الوجود للكائنات بحسب ما هي عليه في أعيانها الثابتة، فإن هذه الأعيان تطلب بمقتضى طبيعتها و ما جبلت عليه أن يكون وجودها على نحو خاص، و ليس للحق الا أن يمنحها ذلك الوجود لأنها توجب عليه ذلك إلخ. و ليس هذا الوجوب و هذه الضرورة إلا الجبرية التي أشرنا إليها فيما سبق.
(راجع الفص الثاني التعليق 3 و الفص الخامس التعليق 4 و 6 و 7 إلخ إلخ).
الثانية: ما يمنحه الحق من رحمته للعباد بحسب أفعالهم. و هذه أيضاً واجبة عليه لأن العدل يقتضيها.وهو مذهب المعتزلة. 
وإليه أشار بقوله: «فإنه كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ سبحانه ليكون ذلك للعبد- بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد- حقاً على اللَّه تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة».
ولكن لما كان منح اللَّه الخلق ما يستحقون سواء بحسب ما تقتضيه أعيانهم الثابتة أو بحسب ما تقتضيه أعمالهم، داخلًا تحت الفعل الإلهي الأعم وهو منح اللَّه الوجود لجميع الموجودات، لما كان كذلك، دخل الاسم الرحيم في الاسم الرحمن دخول تضمن كما يقول، وكان الاسم الرحمن هو الواهب الرحمة، أي واهب الوجود اطلاقاً سواء أ كان الوجود محض امتنان من الحق للخلق، أو حقاً عليه لهم.
وقد عولجت بعض نواحي هذه المسألة الهامة في شيء من التفصيل فيما مضى.
راجع صلتها بمدح اللَّه لأفعال العبد وذمها: الفص السابع: التعليق 4، وصلتها بمسألة العقاب والثواب في نفس الفص: التعليق 11، ومنزلتها من مذهب المؤلف في الجبر. الفص الخامس: التعليقات 4، 6، 7 والفص الثامن: التعليق 6.
وعن المعنى الميتافيزيقي و المعنى الخلقي للرحمة: الفص العاشر: التعليق 2 و افتتاح الفص الحادي و العشرين.
 
(4) «و من كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه».
(4) أي و من كان من العبيد يمنحه اللَّه رحمة الوجوب استحقاقاً لأفعاله فإنه يعلم مَنْ هو الفاعل لأفعاله على الحقيقة! و الفاعل لجميع الأفعال على الحقيقة هو اللَّه.
وقد يكون المراد بها أيضاً أن العبد الذي يمنحه اللَّه رحمة الوجوب جزاء لأفعاله يعلم ما يَفْعَل منه: أي يعلم العضو الذي يقوم بالعمل فيستحق الجزاء.
ويؤيد هذا التأويل أن المؤلف أخذ بعد ذلك مباشرة في شرح أعضاء الإنسان المقسَّم بينها العمل، ولكنه يعود إلى المعنى الأول وهو المعنى المتصل بمذهبه في وحدة الوجود حيث يقول «وقد أخبر الحق أنه تعالى هويَّة كل عضو منها. فلم يكن العامل غير الحق والصورة للعبد».
فعلى الوجهين جميعاً نراه يقرر أن الأفعال كلها للحق لأنه هوية كل فاعل وهويته سارية- أو على حد قوله- مدرجة في جميع ما يفعل ومن يفعل، لا فرق في ذلك بين عاقل وغير عاقل وبين حي وغير حي.
ولكن هويته مدرجة في صور الفاعلين على نحو وجود المعنى الكلي في جزئياته لا على نحو وجود المتمكن في المكان. فنظريته إذن ليست نظرية حلول أو اثنينية، كما أنها لا تشبه نظرية الأشاعرة في خلق الأفعال لأن اللَّه لا يخلق الفعل على يد العبد ويتخذ من العبد أداة لظهوره كما يقولون، بل يفعل الفعل الصادر عن صورة العبد وهو في الوقت نفسه عين تلك الصورة: وهذا ما لا يمكن للأشاعرة أن يسلموا به.
 
(5) «بل هي من المُلْك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة».
(5) بعد أن شرح أن الأفعال كلها للَّه وإن ظهرت على أيدي العباد، وأن الفرق بين نسبتها إلى الحق ونسبتها إلى الخلق ليس إلا الفرق بين اسم اللَّه الباطن واسمه الظاهر، أو اسمه الأول واسمه الآخر.
قال إن هذا علم لا يغيب عن سليمان، بل هو جزء من الملك الذي طلبه سليمان من اللَّه حيث قال «وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي» و لم يكن ذلك المُلْك شيئاً خاصاً به دون غيره، بل كان مُلكاً منحه اللَّه أناساً قبل سليمان و بعده.
ولكن سليمان وحده اختص من بين سائر الخلق بالظهور به في عالم الشهادة. فقد منح اللَّه سليمان قوة التصرف في الكائنات حيها و ميتها، إنسها و جنها و هي قوة منحها غير سليمان من قبله و من بعده.
ولكنه وحده كان مأموراً من اللَّه بالظهور بها لأن اللَّه أعطاه الخلافة الظاهرية وهي المُلك: و هذه من مستلزماته.
 
(6) «وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ حتى الأسماء الإلهية: أعني حقائق النسب، فامتَنَّ عليها بنا».
(6) النسب هنا هي النسب بين الحق و الخلق أو بين الواحد و الكثير- اللَّه و العالم وليست هذه النسب سوى الأسماء الإلهية- لا مجرد الألفاظ الدالة على هذه الأسماء، بل حقائق الأسماء.
ومن رحمة اللَّه الامتنانية التي وسعت كل شيء رحمته بهذه الأسماء بأن حقق وجودها عن طريق وجود مظاهرها ومجاليها وهي العالم المرموز إليه «بنا» في قوله «فامتن عليها بنا».
فنحن (العالم) نتيجة رحمة الامتنان التي رحم بها الحق الأسماء الإلهية لأنه بإيجادنا أوجدها، وإيجاد أي شيء هو عين الرحمة به، لا فرق في ذلك بين ما هو خير وما هو شر، وما هو حسن و ما هو قبيح، و ما هو طاعة و ما هو معصية.
فإن هذه كلها معان تضاف إلى مقولة الوجود لاعتبارات خاصة خارجة عن مفهوم الوجود ذاته.
والذي تتعلق به رحمة الامتنان هو الوجود من حيث هو وجود لا من حيث هو وجود شر أو خير أو وجود طاعة أو معصية.
أما ظهور الأشياء في الوجود على النحو الذي هي عليه فمن رحمة الوجوب لا من رحمة الامتنان، لأن ظهور أي موجود بصفة ما أو على نحو ما راجع إلى طبيعة الموجود ذاته و ما توجبه هذه الطبيعة.
ولهذا قال «ثم أوجبها على نفسه»، أي في قوله «فَسَأَكْتُبُها» بظهورها لنا: أي بظهور العالم لنا على النحو الذي ظهر فيه.
 
(7) «فعلى من امتن و ما ثَمَّ إلا هو؟ إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل».
(7) بعد أن بيَّن أن الحق سبحانه قد أفاض برحمة امتنانه الوجود على الخلق بأن ظهر في صوره، قال إن الحق هو هوية الخلق و لا اثنينية في الأمر على الإطلاق.
فلم يمتن الحق إلا على نفسه و لم يرحم إلا نفسه: أي لم يظهر هذا الوجود الإضافي إلا في ذاته.
و لكن هذه لغة الوحدة أو لغة الجمع على حد قول الصوفية.
و هنالك لغة الكثرة في مقام التفصيل الذي هو مقام الفرق، و هذا المقام له حكمه، و إلا كيف نفسر اختلاف الخلق في الصور و تفاوتهم في درجات معرفتهم و ما إلى ذلك من الفروق التي نلمسها في نواحي الوجود؟
لا يمكن أن نفسر هذا كله إلا إذا تكلمنا بلسان الفرق بين الذات الواحدة وصورها الوجودية المختلفة مع اتحاد هذه الصور في العين.
هذا، وقد قرأ بعض الشراح كلمة التفضيل (بالضاد) بدلًا من التفصيل (بالصاد) قائلين إن المراد أننا يجب أن نعترف بمبدإ التفضيل بين الصور الوجودية بالرغم من اتحادها في العين- لكي نفسر اختلاف ما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم وغيرها.
ولكن القراءة الأولى أدق في نظري.
وليست المفاضلة في مقام التفصيل الوجودي حاصلة بين المظاهر الوجودية وحدها، بل هي حاصلة كذلك بين الصفات الإلهية ذاتها. فالعلم أفضل من الإرادة في تعلق كل منهما بالأمور المعلومة والمرادة، والإرادة أفضل من القدرة في تعلق كل منهما.
وكذلك السمع والبصر الإلهي وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.
أما فضل العلم الإلهي على الإرادة فلعمومه وشمول تعلقه بكل ما هو معلوم سواء أ كان أمراً وجودياً أم عدمياً، موجوداً بالقوة أم بالفعل، ممكن الوجود أم مستحيل الوجود.
وأما فضل الإرادة على القدرة فلتقدمها عليها و لأن تعلقها أعم من تعلق القدرة.
 
(8) «وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان».
(8) السميع والبصير اسمان من أسماء اللَّه. ويمكن أن يقال إن التفاضل واقع بينهما على نحو ما تتفاضل الأسماء الإلهية كما ذكرنا. ولكن فيلسوف وحدة الوجود يفسرهما تفسيراً آخر.
وهو أن الحق سبحانه عند ما وصف نفسه بأنه السميع والبصير لم يرد مجرد حمل صفتي السمع والبصر على نفسه، بل أراد فوق ذلك أن يقرر أنه وحده هو الذي يسمع في كل ما يسمع ومن يسمع، والذي يبصر في كل ما يبصر ومن يبصر.
هذه هي ناحية التشبيه في مذهب ابن العربي الذي أشرنا إليه، وهو تشبيه يكاد يوقعه في التجسيم المحض.
ولكنه يخفف من شناعة هذا التشبيه بما يذكره عن تنزيه الحق بمعنى إطلاقه- في ذاته- عن كل قيد وكل تحديد.
فهو ليس هذا السامع أو ذاك، ولا هذا المبصر أو ذاك، بل هو عين كل ما يسمع وما يبصر. وبهذا يصدق على الحق أنه «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» لأنه لا يشبه أي شيء من المخلوقات وإن كان عين المخلوقات جميعها.
وعلى هذا، إذا فهمنا التفاضل بين السميع والبصير على معنى أنه حاصل بين صفتين من الصفات الإلهية، قلنا إن صفة البصر أكمل وأفضل من صفة السمع.
وإذا فهمنا السميع والبصير بمعنى الحق الذي يسمع في ذات كل سامع، ويبصر في ذات كل مبصر، كان التفاضل حاصلًا بين صور الموجودات لا بين صفتين من الصفات الإلهية. قارن في مسألة التنزيه والتشبيه الفص الثالث: تعليق 1، 2 إلخ.
 
(9) «و ما ثَمَّ إلا حيوان ... إلى قوله فإنها الدار الحيوان».
(9) ليست الحياة قاصرة على نوع معين من المخلوقات كما يظن المحجوبون بل هي مبدأ عام سار في الوجود بأسره.
وهذا معنى قوله «فما ثَمَّ إلا حيوان»: أي فما في الوجود إلا ذو حياة، وإن كانت هذه حقيقة تخفى عن إدراك بعض الأفهام وتتجلى للبعض الآخر بطريق الكشف والذوق.
أما سريان الحياة في الوجود كله فلأنها صفة من صفات الحق تتجلى في كل موجود بحسب استعداده وأهليته، ولذا بدت واضحة جلية في بعض الكائنات فوصف بأنه حي، وبدت في غيرها أقل وضوحاً وجلاء فلم يوصف بالحياة.
ولو علم الناس سريان جميع الصفات الإلهية من العلم والحياة والقدرة والسمع والبصر ونحوها في الموجودات لما قالوا بغير ما قال الشيخ: ولكنهم في هذه الدنيا محجوبون عن مثل هذه الحقائق التي لا يرقى إلى إدراكها إلا القليلون.
ولكن ثمة مقاماً ينكشف لكل إنسان فيه وجه الحقيقة ويرفع عن قلبه الحجاب- ولعله يريد بهذا المقام «الموت» الذي تتحرر فيه الروح من قيود البدن- أو «الفناء الصوفي» الذي يتحقق فيه هذا التحرر أيضاً، فيدرك الإنسان الحياة في كل شيء ويشهدها في كل موجود.
وهذا المقام هو الذي سماه بالدار الآخرة وقال إنها المعنية بقوله تعالى «وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» (س العنكبوت آية 64).
 
(10) «فمن عمَّ إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له هذا العموم»
(10) تحتمل هذه العبارة الغامضة أحد معنيين و ذلك بحسب ما نفهمه من كلمتي «الحق» و «الحكم».
فيصح أن يكون المراد بها أن من عم إدراكه فنظر إلى الوجود نظرة شاملة وشاهد وجود الحق في كل شيء وحياتَه في كل شيء، كان الحق (أي الصواب) أظهر في حكمه ممن قصرت أفهامهم عن إدراك هذه المعاني.
ويصح من ناحية أخرى أن يكون المراد أن من عم إدراكه للوجود (بالمعنى المتقدم)، كان الحق (أي اللَّه) فيه أظهر منه في غيره في الناحية التي يحكم بها عليه.
فإن حُكِمَ على الحق بأنه حي مثلًا كان «الحق الحي» أظهر فيه منه في غيره من المخلوقات، و إن حكم عليه بأنه سميع أو بصير كان «الحق السميع» أو «الحق البصير» في ذلك الحاكم أظهر منه في غيره و هكذا.
وكلا التأويلين يحتمله مذهب المؤلف في وحدة الوجود، و إن كان التأويل الأول أظهر.
 
(11) «وأما فضل العالِم من الصنف الإنساني على العالِم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء فمعلوم بالقدر الزماني».
(11) يشير إلى مسألة نقل عرش بلقيس إلى مجلس سليمان وما قاله كل من العفريت و الرجل الذي عنده علم من الكتاب في ذلك.
قال الأول: «أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ»، وقال الآخر: «أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ».
ويظهر فضل الثاني على الأول- كما يقول- في القدر الزماني الذي حدده لنقل العرش.
فإن زمن القيام من المكان مدة يمكن قياسها، وهي أعظم بكثير من زمن ارتداد الطرف من شيء مرئي إلى الشخص الرائي. بل إن زمن ارتداد الطرف لحظة لا يمكن قياسها، لأن الزمان الذي يتحرك فيه البصر ليرى شيئاً من الأشياء هو عين الزمان الذي تقع فيه الرؤية مهما بعدت المسافة بين الرائي والمرئي.
لهذا كان آصف بن برخيا، و هو الرجل الذي عنده علم من الكتاب، أَتم في علمه وفي عمله من العفريت.
لكن ما ذا حدث لعرش بلقيس؟
هل نقل من مكانه إلى مجلس سليمان في اللحظة التي ذكرها آصف؟
يقول ابن العربي إنه لم يحدث انتقال من مكان إلى مكان، كما أن سليمان ومن كان في حضرته لم يتخيلوا أنهم رأوا العرش في حين أنهم لم يروه بدليل قوله تعالى «فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي».
لم يحدث هذا ولا ذاك وإنما الذي حدث هو خلق جديد للعرش: أي إعدام له في مكانه الأصلي وإيجاد له في مجلس سليمان: كل ذلك في لحظة واحدة. و أن الذي قام بذلك هو آصف بن برخيا الذي كانت له قوة على التصرف في الأشياء و علم بخصائصها و أسرارها.
 
(12) «الخلق الجديد».
(12) بيّنا في التعليق السابق كيف فسر ابن العربي مسألة عرش بلقيس على أساس فكرته في الخلق الجديد، ولكن أمر الخلق الجديد ليس قاصراً على هذه المسألة، بل هو فكرة من أخصب أفكاره يفسر بها كثيراً من المشكلات العويصة الأخرى سواء ما اتصل من ذلك بمسائل ما بعد الطبيعة وما اتصل منها بالتصوف.
فالعليَّة والتعدد والتغير وما إلى ذلك من صفات العالم الخارجي متصلة اتصالًا وثيقاً بفكرته في الخلق الجديد، وكذلك مسألة خلق الأفعال على أيدي العباد وبأي معنى يعتبرهم فاعلين لها وبأي معنى يعتبرهم غير فاعلين وهكذا.
بل إن مسألة الخلق الجديد عنده هي مسألة الخلق إطلاقاً: يفسر بها بأي معنى يصح لنا أن نتحدث عن خلق العالم.
ليس الخلق في نظر ابن العربي إيجاداً لشيء لا وجود له، فهذا مستحيل عقلًا وعملًا، ولا هو فعل قام به الحق في زمن مضى دفعة واحدة ثم انتهى منه، بل هو حركة أزلية دائمة، عنها يظهر الوجود في كل آن في ثوب جديد وتتعاقب عليه الصور التي لا تتناهى عدّا من غير أن تزيد فيه أو تنقص منه شيئاً في جوهره وذاته.
 
فالخلق بمعنى الإيجاد من العدم أو الابتداع على غير مثال سابق، والخالق بمعنى الموجد من العدم أو المبدع على غير مثال سابق، لا محل لهما في مذهبه: و إنما الخالق عنده هو جوهر أزلي أبدي يظهر في كل آن في صور ما لا يحصى من الموجودات، فإذا ما اختفت فيه تلك، تجلَّى في غيرها في اللحظة التي تليها.
 
والمخلوق هو هذه الصور المتغيرة الفانية التي لا قوام لها في ذاتها: أو هي الأعراض التي تتعاقب على هذا الجوهر الثابت الدائم.
وفي هذا تكرار لنظرية الأشاعرة في الجواهر والأعراض و قولهم بالتجدد الدائم للأعراض على نحو ما أشرنا إليه في الفص الثاني عشر (التعليق 13) فما يسميه ابن العربي الخلق الجديد أو تجديد الخلق مع الأنفاس هو بعينه ما يسميه الأشاعرة تجديد الأعراض و إن اختلفت الفكرة الأساسية في المذهبين.
 
ففي هذا البحر اللانهائي من الوجود تتقلَّب الموجودات في كل آن في صور جديدة أو تخلق خلقاً جديداً على حد قول ابن العربي، وإن كان هذا التغير، أو هذا الخلق، غير مدرك بالحسّ.
وهذا في نظره سرّ ما يشعر به الناس من لبس في شأنه. قال تعالى: «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ» (سورة ق آية 15) وغني عن البيان أن الآية لا صلة لها بشيء مما يقوله.
وعند ما يتحدث عن الفناء الصوفي يضيف إلى معناه العادي معنى فلسفياً متصلًا شديد الاتصال بهذا الخلق الجديد.
فالفناء ليس معناه محو صفات الصوفي أو ذاته، أو تحققه في مقام خاص بوحدته الذاتية مع الحق فحسب، بل هو رمز على محو صور المحدثات محواً مستمراً في كل آن من الآنات، وبقائها في الجوهر الواحد المطلق- الحق. فالفناء ليس معنى يتعارض مع فعل الخلق، بل هو أحد وجهي هذا الفعل، والوجه الآخر هو البقاء.
والخلق سلسلة من التجليات الإلهية: كل حلقة منها ابتداء ظهور صورة من صور الوجود واختفاء صورة أخرى. أي أن اختفاء صور الموجودات في الواحد الحق- وهو فناؤها- هو في الوقت ذاته عين ظهورها في صور تجليات إلهية أخرى- وهو البقاء.
وهذا معنى قوله في الفص الثاني عشر «ويرون أيضاً شهوداً أن كل تجلٍ يعطي خلقاً جديداً ويذهب بخلق: فذهابه هو الفناء عند التجلي والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر».
 
ليس بغريب إذن ألا يكون للدار الآخرة بمعناها الديني موضع من فلسفة ابن العربي. فإن العالم الذي هو تجلي الحق الدائم أزلي كما هو أبدي. يصرح عن هذا المعنى كل الصراحة في فتوحاته حيث يقول «النهاية في العالم غير حاصلة، والغاية من العالم غير حاصلة، فلا تزال الآخرة دائمة التكوين عن العالم» «فتوحات ج 1 ص 338 س 15 من أعلى»
وليس دوام تكون الآخرة عن العالم إلا أنها اسم لفناء صور الموجودات عند ما تفنى، كما أن العالم اسم لبقاء صورها عند ما تبقى: أي أن الدنيا و الآخرة مجرد اسمين للوجهين اللذين ينطوي عليهما الخلق الجديد.
 
(13) «ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نَفَس لا يكون ثم يكون».
(13) أي أن الإنسان لا علم له بهذا التغير الدائم الجاري في الكون بأسره، ولا يحس من نفسه أنه في كل نَفَسٍ و في كل آن ينعدم ثم يخلق من جديد.
ولكن انعدام أي شيء ثم وجوده يقعان في آن واحد من غير أن تنقضي بينهما فترة من الزمان.
ولا يقال إن «ثُمَّ» تقتضي التراخي أو المهلة فإنها ليست كذلك دائماً، فقد تشير إلى ترتب عِلِّيٍ بين علة و معلول يتلاقيان في الزمان الواحد، مثل هز الرديني و اضطرابه في قول أبي داود جارية (أو جويرة) بن الحجاج.
كهز الرديني تحت العجاج  .... جرى في الأنابيب ثم اضطرب
فإن هز الرديني علة في حدوث الاضطراب به و هما حاصلان في الرمح في آن واحد.
و كذلك الحال في «ثُمَّ» إذا استعملت في تفسير معنى الخلق الجديد.
 
(14) «وأما علمه فقوله تعالى «فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ» - مع نقيض الحكم».
(14) اختص اللَّه سليمان في جملة ما اختصه به من النعم بالعلم والحكم، ولكنه علم من نوع خاص يختلف عن علم أبيه داود الذي ذكره اللَّه أيضاً على سبيل المنة في قوله «وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً» «سورة الأنبياء آية 79».
والعبارة تشير هنا إلى نوعي العلم اللذان وهبهما اللَّه داود وسليمان، ونوعي الحكم اللذان صدرا عنهما في قصة الحرث والغنم المشهورة.
فإنه لما نفشت غنم بعض القوم في حرث بعضهم شكا إلى داود وكان بمحضره ابنه سليمان. فقضى داود لصاحب الحرث أن يأخذ الغنم عوضاً عن التلف الذي أحدثته بحرثه.
ولكن ابنه سليمان الذي لم تتجاوز سنه الحادية عشرة حينئذ قضى لصاحب الحرث بأن ينتفع بالغنم: لبنها وصوفها ونتاجها: إلى أن يصلح حرثه: فوافق داود على حكم ابنه سليمان.
هذه هي القصة كما يرويها المفسرون، ولكن ابن العربي يعتبر حكمي داود وسليمان فيها مثالين لنوعين مختلفين من المعرفة يسمى الأول علماً والثاني فهماً- مستنداً إلى الآية: «فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ».
فحكم داود كان نوعاً من العلم وهبه اللَّه إياه كما وهبه لغيره من بني الإنسان:
أو هو العلم الإنساني العادي المبني على الروية والتفكير أما علم سليمان- الفهم- فهو علم اللَّه خاصة يهبه لمن يشاء من عباده فيظهر فيهم بظهوره تعالى في صورهم، وذلك عند فنائهم فيه وتحققهم بوحدتهم الذاتية معه.
فلم يكن سليمان هو الذي أصدر الحكم بل الحق هو الذي تكلم بلسان الصورة السليمانية الخاصة ولذلك يسميه ابن العربي «ترجمان حق في مقعد صدق».
ومهما يكن من أمر القصة نفسها، بل ومن أمر ما أصدره كل من داود وسليمان فيها من حكم، فإن التفرقة التي وضعها ابن العربي بين العلم والفهم:
أو بين العقل والذوق، تفرقة لها قيمتها في فهم نظريته الإبستمولوجية (الخاصة بطبيعة المعرفة). ومن سوء الحظ أنه ساق هذه القصة مثلًا يوضح به ما يريد، لأنني لا أرى أن حكم سليمان فيها يمت إلى العلم الذوقي في كثير أو قليل على الرغم من أنه كان حكماً أدق وأكثر توفيقاً من حكم أبيه.
 
وأفضل من هذا بكثير المثال الثاني الذي ساقه ليوضح به الفرق بين نوعي المعرفة الآنفي الذكر، وهو مثال العلم عن طريق الاجتهاد. 
فإن الاجتهاد نوعان: 
مصيب وهو ما يأتي موافقاً لحكم اللَّه في مسألة من مسائل الدين بحيث لو تولاها اللَّه بنفسه 
أو أوحى في شأنها إلى رسوله لما حكم فيها بغير ما حكم صاحب هذا الاجتهاد المصيب.
 
وهذا النوع من الاجتهاد وقف على الكاملين من أولياء اللَّه الذين يستمدون علمهم بالشرع من نفس المعدن الذي يستمد منه الرسول. فهم يأخذون علمهم عن الله مباشرة، وبألسنتهم ينطق الله. 
يقول ابن العربي في وصف نوع من أنواع الفتح على الولي «ويكون التنزل على صاحب هذا الفتح من المرتبة التي نزل فيها القرآن خاصة ... فإن كلام الله لا يزال ينزل على قلوب أولياء الله تلاوة، فينظر الولي ما تلي عليه مثل ما ينظر النبي فيما أنزل عليه فيعلم ما أريد به في تلك التلاوة كما يعلم النبي ما أنزل عليه فيحكم بحسب ما يقتضيه الأمر» «الفتوحات ج 2 ص 666 س 10 وما بعده.»
وذا هو المعنى الذي أشار إليه فيما سبق عند ما ذكر النبوة العامة- لا نبوة التشريع- وقال إنها لم تنقض بموت النبي. 
وغني عن البيان أن هذا النوع من العلم لا يصدق عليه اسم «علم الاجتهاد» بأي معنى من معانيه، لأنه لا معنى لاجتهاد الحكم فيه نتيجة للوحي ولا يكون لصاحبه من الأثر فيه إلا تلقي ما يوحى به إليه.
هذا النوع من العلم الاجتهادي هو الذي يذكره ابن العربي في محاذاة علم سليمان.
وأما النوع الثاني فهو الاجتهاد المخطئ الذي لا يأتي موافقا لحكم الله في مسألة من مسائل الدين.
وهو وليد التفكير والاستدلال لا الوحي أو الإلهام، وقد ذكره في محاذاة علم داود.
ولصاحب النوع الأول عنده أجران: أجر لاجتهاده، وأجر لأنه أصاب في اجتهاده. أما صاحب النوع الثاني فليس له إلا أجر واحد لاجتهاده فقط.
 
(15) «فنحن معه بالتضمين، و هو معنا بالتصريح».
(15) لما كان كل ما هو موجود مظهرا ومجلى للوجود الحق، وأعيان الممكنات باقية على حالة عدمها أو موجودة بالوجود الحق، كان الحق معنا (أي الموجودات) ظاهرا صريحا كما قال: «و هو معكم أين ما كنتم» و كانت أعياننا معه باطنا و ضمنا.
هذا إذا فهمنا التصريح والتضمين بمعنى الظهور والبطون أو الفعل والقوة اللذين هما وجها الحقيقة الوجودية.
أما إذا فهمناهما بمعناهما المنطقي على أنهما من أوصاف القضايا، أمكننا أن نقول- اعتمادا على ما ذكرناه آنفا من أن الوجود الحقيقي هو وجود الحق- إن القول الصريح هو «أن الحق هو الموجود»، فإذا أضفنا لأنفسنا وجودا- كما نضيف للظلال وجودا في حين أنها لا جود لها في ذاتها- كان قولنا «نحن موجودون» متضمنا في قولنا «إن الحق موجود».
وكذلك الحال في المشي على الصراط المستقيم الذي هو صراط الوجود، فإن الحق على هذا الصراط صريحا، ونحن عليه بالتبعية لأنه ليس في الوجود إلا الحق، وأعياننا العدمية على الصراط المستقيم بتبعيته.
وهذا معنى كونه آخذا بنواصينا في قوله تعالى: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم».
ومعنى هذا كله أنك إذا نظرت إلى الحقيقة الوجودية من حيث إنها «الحق» كان الوجود الظاهر (العالم) شيئا موجودا فيه بالقوة أو متضمنا كما يقول، وإذا نظرت إليها من حيث إنها الخلق الظاهر، قلت إن ذلك الظاهر مجلى للحق و مظهر و إن الحق متضمن فيه
 
(16) «و أما التسخير الذي اختص به سليمان و فضل به غيره إلخ ... ».
(16) قد شرحنا بعض نواحي التسخير و التصرف في مواضع سابقة من هذا الكتاب
(راجع الفص السادس: التعليق 9، و الفص الثالث عشر كله) و ليس بين معنييهما كبير فرق إلا أن التسخير إخضاع الشيء لقوة خارجة عنه تعمل فيه، و التصرف هو استخدام تلك القوة لإحداث أي تغير في الشيء المسخر.
و يظهر أن ابن العربي يفرق بين نوعين مختلفين من التسخير:
الأول التسخير الحاصل بوساطة قوة خاصة يطلق عليها الصوفية اسم «الهمة».
والثاني تسخير الأشياء بمجرد الأمر من غير استعانة بتلك القوة.
ويلزم من هذا أن من تسخر له الأشياء بوساطة الهمة لا بد أن يكون قد وصل إلى درجة روحية خاصة هي درجة الجمعية التي يوجه بها همته نحو الشيء المراد فيحصل عليه: سواء أكان ذلك من الأمور المتصلة بعالمنا الأرضي أم بالعوالم السماوية الأخرى.
و في هذا يقول: «و إنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لِهَمَم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية، و قد عاينا ذلك في هذا الطريق».
وهذا صريح في أن هذا النوع من التسخير يكون بقوة مكتسبة يحصل عليها السالك إلى اللَّه أثناء سلوكه، إلا أن بعض السالكين يستخدمها، والبعض الآخر يمتنع من استعمالها (قارن الفص السادس).
أما النوع الثاني من التسخير فهو قوة يهبها اللَّه لمن يشاء من غير كسب ولا رياضة ولا توجيه لهمة أو نحوها.
وقد كان سليمان ممن أوتوا هذه القوة فجرت له الريح رخاء حيث أصاب، وخضعت له الشياطين وغيرها من قوى الطبيعة، ولم يكن عليه سوى أن يأمرها فتأتمر ويطلب منها الفعل فتفعل.
وهذا النوع من التسخير في نظر المؤلف أفضل من الأول وأرقى، لأنه تأثير مباشرة في الأشياء غير مفتقر إلى فعل الإرادة وجمعيتها.
ومعنى هذا أن سليمان- ومن أُعْطُوا موهبته في التسخير قد تحققت فيهم الناحية اللاهوتية إلى أقصى حد فغلبت على ناسوتيتهم، في حين أن غيرهم ممن لم يصلوا إلى مرتبتهم كبعض رجال الصوفية مثلًا- يحتاجون إلى ترويض إرادتهم رياضة خاصة وإلى حال نفسية خاصة يسمونها «مقام الجمع أو الجمعية» لكي يتمكنوا من تسخير الأشياء والتصرف فيها.
 
(17) «ولما قال عليه السلام: «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» نبه على أنه كل ما يراه الإنسان ... خيال».
(17) يشير الحديث إلى غفلة الناس في هذه الحياة الدنيا وجهلهم بكثير من الحقائق، وأنهم إذا ماتوا أفاقوا من غفلتهم وانتبهوا من نومهم، فإذا الحقيقة غير ما ظنوا.
وهذا مصداق قول اللَّه عزّ وجل: «لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ».
ولكن ابن العربي يؤول الحديث تأويلًا آخر صوفياً وفلسفياً يبعده كثيراً عن المعنى المتقدم. 
الناس نيام في نظره: إما بمعنى أنهم في حياتهم هذه كالحالمين لا يرون من حقيقة الوجود إلا مقدار ما يرى النائم من حقائق الأشياء، وإما بمعنى أنهم كالنائمين ما داموا يدركون الوجود بوساطة حواسهم وعقولهم.
فإذا ماتوا: أي فإذا ماتوا عن حواسهم وعقولهم كما هو شأن الصوفية في حالهم الخاصة المعروفة بالفناء، استيقظت فيهم أرواحهم وأدركت حقيقة الوجود بما هي عليه.
كل ما في الوجود أحلام وظلال إذا نظر إليه خلال الحواس والعقول: ولكنه أحلام يجب ردها إلى حقائقها، وظلال يجب ردها إلى أصولها.
إن الذي يدركه الحسّ إنما هو من نسج الخيال، وكل ما هو من نسج الخيال رمز يجب تأويله. 
فعالم الظاهر إذن خيال كله بهذا المعنى، يجب تأويله كما تؤول أحلام النائمين.
أما عالم الباطن أو عالم الحقيقة فليس في متناول الحس إدراكه ولا للخيال سبيل إلى العبث به، وإنما السبيل إلى إدراكه الذوق أو الكشف الصوفي في حالة الفناء الخاصة التي يشير إليها الحديث باسم «الموت» وهو موت الحواس وحياة الروح، وموت الجهل وحياة المعرفة اليقينية الحقة، وموت الوجود الظاهري الكاذب، وحياة الوجود الباطني الحق.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 21:29 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة والعشرون :-   الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
 16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية 
«إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».
فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك.
وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه. "2"
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.
فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز

........................................................................

1 - المناسبة في تسمية هذا النص هو كتاب سليمان عليه السلام
وما جاء فيه من ذکر « بسم الله الرحمن الرحيم » فأتى سلیمان عليه السلام بالاسمين الرحمن والرحيم ، وهذا الفص يتناول بالبحث الرحمة الإلهية وتقسيمها وتعلق الأسماء الإلهية بها ، فلذلك أضيفت الحكمة الرحمانية إلى سليمان عليه السلام الذي جمع بين هذين الاسمين في كتابه إلى بلقيس.

2 - تقديم اسم سلیمان عليه السلام في كتابه إلى بلقیس.
يقول الشيخ في شرح كتاب الإسراء وكتاب النجاة عن حجب الاشتباه في شرح مشکل الفوائد من كتابي الإسراء والمشاهده
فعل سليمان ذلك لأنه أدب وقته وشرع وقته ، وهو شرحه لقوله : «قدم اسمك فهو الشرع المتبع وإن لم تفعل فلست بمتبع » أي بالنسبة إلى أهل ملتك وزمانك ،
وأما قوله : « لا تقدم اسمك على اسم مولاك فإنما كان ذلك لعلة هناك » فانظر كيف جاء في الستكة تقديم التهليل في شهادة التوحيد على ذكر الرسول عليه السلام ،
وقوله « إنما كان ذلك ، إشارة إلى سليمان عليه السلام ، اصطلاحهم في ذلك الزمان ، فلم تقتض الحكمة أن يخرج عن عادة أهل الزمان .
 

ص 253


وجل ولا تأخيره.
فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.
فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.
وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. "3"
........................................................................

3 - الرحمات الإلهية الثلاث
جعل الله في أم الكتاب أربع رحمات فضمن الآية الأولى من أم الكتاب وهي البسملة رحمتين وهي قوله « الرحمن الرحيم » وضمن الآية الثالثة منها أيضا رحمتين وهما قوله « الرحمن الرحيم » فهو رحمن بالرحمتين وهي رحمة الامتنان ، وهو رحيم بالرحمة الخاصة وهي الواجبة في قوله « فسأكتبها للذين يتقون » الآيات ، وقوله « كتب ربكم على نفسه الرحمة » وأما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل ، وبرحمة الامتنان رحم الله من وفقه للعمل الصالح الذي أوجب له الرحمة الواجبة ، فيها (أي رحمة الامتنان ) ينال العاصي وأهل النار إزالة العذاب وإن كان مسكنهم ودارهم جهنم ، وهذه رحمة الامتنان ، فالرحمن في الدنيا والآخرة والرحيم اختصاص الرحمة بالآخرة .

واعلم أن الرحمة الإلهية التي أوجده الله في عباده ليتراحموا بها مخلوقة من الرحمة الذاتية التي أوجد الله بها العالم حين أحب أن يعرف وبها كتب على نفسه الرحمة ، والرحمة المكتوبة منفعلة عن الرحمة الذاتية ، والرحمة الامتنانية هي التي وسعت كل شيء ، فرحمة الشيء لنفسه تمدها الرحمة الذاتية وتنظر إليها ، وفيها يقع الشهود من كل رحيم بنفسه ، والرحمة التي كتبها على نفسه لا مشهد لها في الرحمة الذاتية ولا الامتنانية ، فإنها مكتوبة لأناس مخصوصين بصفات مخصوصة ، وأما رحمة الراحم بمن أساء إليه وما يقتضيه شمول الإنعام الإلهي والاتساع الجودي فلا مشهد لها إلا رحمة الامتنان ، وهي الرحمة التي يترجاها إبليس فمن دونه ، لا مشهد لهؤلاء في الرحمة المكتوبة ولا في الرحمة الذاتية ، وما رأيت أحدا من أهل


ص 254

…………...

........................................................................
الله نبه على تثليث الرحمة بهذا التقسيم ، فإنه تقسيم غريب كما هو في نفس الأمر ، فما علمناه إلا من الكشف ، وما أدري لماذا ترك التعبير عنه أصحابنا ، مع ظني بأن الله قد کشف لهم عن هذا . 
وأما النبوات فقد علمت أنهم وقفوا على ذلك وقوف عين ، ومن نور مشكاتهم عرفناه
الله أرحم الراحمين كما قال عن نفسه ، وقد وجدنا في نفوسنا ومن جبلهم الله على الرحمة أنهم يرحمون جمیع عباد الله ، حتى لو حكمهم الله في خلقه لأزالوا صفة العذاب من العالم بما تسكن حكم الرحمة من قلوبهم ، وصاحب هذه الصفة ، أنا وأمثالي ، ونحن مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، وقد قال عن نفسه جل علاه إنه أرحم الراحمين ، فلا نشك أنه أرحم منا بخلقه ، و نحن قد عرفنا من نفوسنا هذه المبالغة في الرحمة ، فكيف يتسرمد عليهم العذاب وهو بهذه الصفة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، ولاسيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباري لا تنفعه الطاعات ولا تضره المخالفات ، وأن كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه ، وأن الخلق مجبورون في اختيارهم، وقد قام الدليل السمعي أن الله يقول في الصحيح إنه ما ينقص من ملكه شيء .

أخبرني الوارد- والشاهد يشهد له بصدقه مني - بعد أن جعلني في ذلك على بينة من ربي بشهودي إياه لما ألقاه من الوجود في قلبي ، أن اختصاص البسملة في أول كل سورة تتويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة أنها تنال كل مذکور فيها ، فإنها علامة الله على كل سورة أنها منه ، كعلامة السلطان على مناشيره ، فقلت للوارد فسورة التوبة عندكم ؟ 

قال : هي والأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها وحكم بفصلها سماها سورة التوبة أي سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد، فما هو غضب أبد لكنه غضب أمد ، 

والله هو التواب : فما قرن بالتواب إلا الرحيم ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم الضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به التواب تجد حكمه كما ذكرناه. والقرآن جامع لذكر
 

ص 255


ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه. "4"
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان.
وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان."5"
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. "6"

........................................................................
من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله بالرحمن الرحيم ، والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله ، هذا إخبار الوارد لنا ونحن نشهد ونسمع ونعقل ، لله الحمد والمنة على ذلك ، ووالله ما قلت ولا حکمت إلا عن تفث في روع من روح الهي قدسي ، علمه الباطن حين احتجب عن الظاهر ، للفرق بين الولاية والرسالة . 

الفتوحات ج 3 / 25 ، 100 ، 101 ، 496 ، 505 ، 550


4 - راجع حديث « كنت سمعه وبصره » فص 9، هامش 9، ص 136
"" 9 - «كنت سمعه وبصره » الحديث فص 9، هامش 9، ص 136
يقول تعالى : « ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ۰۰. الحديث »
اعلم أن العبد حادث فلا تنفي عنه حقیقته لأنه لو انتفت ، انتفت عينه ، وإذا انتفت عينه فمن يكون مكلفا بالعبادة .
 ففي هذا الحديث أثبتك و نفاك ، فتكون أنت من حيث ذاتك ، ويكون هو من حيث تصرفاتك وإدراكاتك .
فأنت مكلف من حيث وجود عينك ومحل للخطاب ، وهو العامل بك من حيث أنه لا فعل لك .
إذ الحادث لا أثر له في عين الفعل ، ولكن له حكم في الفعل إذ كان ما كلفه الحق من حركة وسكون لا يعمله الحق إلا بوجود المتحرك والساكن .
إذ ليس إذا لم يكن العبد موجودا إلا الحق ، والحق تعالی عن الحركة والسكون أو يكون محلا لتأثيره في نفسه ، فلابد من حدوث العبد حتى يكون محلا لأثر الحق ، فإذا كان العبد ما عنده من ذاته سوى عينه بلا صفة ولا اسم سوى عينه ، حينئذ يكون عند الله من المقربين و بالضرورة يكون الحق جميع صفاته .
و يقول له : أنت عبدي حقا ، فما سمع سامع في نفس الأمر إلا بالحق ولا أبصر إلا به ولا علم إلا به ولا حيي ولا قدر ولا تحرك ولا سكن ولا أراد ولا قهر ولا أعطى ولا منع ولا ظهر عليه وعنه أمر ما هو عينه إلا وهو الحق لا العبد.
فما للعبد سوى عينه سواء علم ذلك أو جهله ، وما فاز العلماء إلا بعلمهم بهذا القدر في حق كل ما سوى الله لا أنهم صاروا كذا بعد أن لم يكونوا.
فالضمير في قوله «كنت سمعه» هو عين العبد . والسمع عين الحق في كل حال. فكشف له سبحانه عن ذلك فإن قوله « کنت » يدل على أنه كان الأمر على هذا وهو لا يشعر .
فكانت الكرامة التي أعطاها هذا التقرب الكشف والعلم بأن الله كان سمعه وبصره فهو يتخيل أنه يسمع بسمعه وهو يسمع بربه .
كما كان يسمع الإنسان في حال حياته بروحه في ظنه لجهله وفي نفس الأمر إنما يسمع بريه ، ألا ترى نبيه الصادق في أهل القليب كيف قال : ما أنتم بأسمع منهم ، فأثبت الله للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له .
وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد .
فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته وحق الخلق عبوديته .
الفتوحات ج 1 / 203 ، 305 ، 378 ، 397 ، 406 ، 407 ، 415 ، 434 ، 445 ، 468 ، 675 .
الفتوحات ج 2 / 65 ، 189 ، 323 ، 341 ، 479 ، 502 ، 513 ، 559. أهـ ""


5 - راجع الظاهر في المظاهر من حديث « كنت سمعه وبصره » فص 10 ، هامش 14 ، ص 149 
"" 6 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر   قفرة 6 ص 84
الموجودات على تفاصيلها في ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من الاستعدادات ، فاختلفت الصفات على الظاهر لأن الأعيان التي ظهر فيها مختلفة ، فتميزت الموجودات وتعددت لتعدد الأعيان وتميزها في نفسه فما في الوجود إلا الله وأحكام الأعيان ، وما في العدم شيء إلا أعيان الممكنات مهيأة للاتصاف بالوجود .
فهي لا هي في الوجود ، لأن الظاهر أحكامها فهي ، ولا عين لها في الوجود فلا هي ، كما هو لا هو .
لأنه الظاهر فهو والتميز بين الموجودات معقول ومحسوس لاختلاف أحكام الأعيان فلا هو ، فيا أنا ما هو أنا ولا هو ما هو هو .
مغازلة رقيقة وإشارة دقيقة ردها البرهان ونفاها ، و أوجدها العيان وأثبتها .
ما من شيء في تفاصيل العالم إلا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكل ما ظهر ، أي يتقيد بها، ولولا هي ما ظهر .
فإذا تأملت فما ثم وجود إلا الله خاصة ، وكل موصوف بالوجود مما سوى الله فهو نسبة خاصة ، والإرادة الإلهية إنما متعلقها إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.
وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.
والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .
ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله،فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال ،من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم ،
فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.
فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
 الفتوحات ج1 / 694  , ج2 / 40,42,99,160,435,606  أهـ ""
 

6 -  قوله تعالى « هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم »
اعلم أن الذات الأزلية لا توصف بالأولية ، وإنما يوصف بها الله تعالى ، فقوله : و هو الأول » الضمير يعود على الله من « الله » في الآية السابقة ، والأول خبر الضمير الذي هو المبتدأ ، وهو في موضع الصفة لله ، ومسمى الله إنما هو من حيث المرتبة ، فهو الأول له منزلة الأولية الإلهية ، ومن هذه الأولية صدر ابتداء الكون ، ومنه تستمد كلها ، وهو الحاكم فيها ، وهي الجارية على حكمه وتفي السبب عنه ، فإن أولية الحق تمد أولية العبد، فإن الابتداء الأكوان شواهد فيها أنها لم تكن لأنفسها ثم كانت ، فمعقولية الأولية للواجب المطلق نسية وضعية لا يعقل لها العقل سوی استناد الممكن إليه ، فيكون أولا بهذا الاعتبار ، ولو قدر أن لا وجود لممكن


ص 256


وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.

........................................................................
قوة وفعلا لاتفت النسبة الأولية إذ لا تجد متعلقا ، فلما كان أول مخلوق ظهر هو العقل أو القلم الإلهي كان الله الأول بالمرتبة فهو الأول بأولية الأجناس وأولية الأشخاص و « الآخر » فهو الآخر آخرية الأجناس لا آخرية الأشخاص ، فإليه يعود الأمر كله ، وقال « وإليه ترجعون » 
وقال « ألا إلى الله تصير الأمور » فهو الآخر كما هو الأول وكل مقام إلهي يتأخر عن مقام کوني فهو من الاسم الآخر مثل قوله تعالى : « فاذكروني أذكركم » 
وقوله : « من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم » وقوله : « من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا » 
وقوله صلى الله عليه وسلم  : « فاتبعوني يحببكم الله » فالأمر يتردد بين الاسمين الإلهيين الأول والآخر ، وعين العبد مظهر لحكم هذين الاسمين فهو تعالى « الأول » بالوجود « والآخر» في الشهود .
فالأول الحق بالوجود  …. والآخر الحق بالشهود 
إليه عادت أمور کونی ….  فإنما الرب بالعبيد
فكل ما أنت فيه  …. حق ولم تزل في مزيد 
وهو الإله الظاهر والباطن ، فإنه لما كان العالم له الظهور والبطون ، كان هو سبحانه الظاهر لنسبة ما ظهر منه ، والباطن لنسبة ما بطن منه ، وهو تعالى « الظاهر » لنفسه لا لخلقه فلا یدر که سواه أصلا ، وأما ما ظهر فإنما هو ظهور أحكام أسمائه الحسنی ، وظهور أحكام أعياننا في وجود الحق ، وهو من وراء ما ظهر ، فلا أعياننا تدرك رؤية ، ولا عين الحق تدرك رؤية ، ولا أعيان أسمائه تدرك رؤبة : ونحن


ص 257

ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور.
وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر

........................................................................
لا نشك أنا قد أدركنا أمرا ما رؤية ، وهو الذي تشهده الأبصار منا، فما ذلك إلا الأحكام التي لأعياننا ظهرت لنا في وجود الحق ، فكان مظهرا لها ، فظهرت أعياننا ظهور الصور في المرائي ، ما هي عين الرائي ، ولا هي عين المجلى ، « والباطن » البطون الذي يختص بنا كما يختص به الظهور ، وإن كان له البطون فليس هو باطن لنفسه ولا عن نفسه ، كما أنه ليس ظاهرا لنا ، فالبطون الذي وصف نفسه به إنما هو في حقنا ، فلا يزال باطنا عن إدراكنا إياه حسا ومعنى ، فإنه ليس كمثله شيء ، ولا تدرك إلا الأمثال ، ولما كان التجلي عبارة عن ظهوره لمن تجلى له في ذلك المجلى وهو الاسم الظاهر ، فالظاهر للصور والباطن للعين ، فالعين غيب أبدا ، والصورة شهادة أبدا ، وكل زيادة في العلم أي علم كان لا تكون إلا عن التجلي الإلهي ، فالتجلي الصوري يدرك بعالم الحس في برزخ التمثل الظاهر النفس ، وإذا وفع التجلي بالاسم الظاهر الباطن النفس وقع الإدراك بالبصيرة في عالم الحقائق والمعاني المجردة عن المواد ، وهو المعبر عنها بالنصوص ،
فالحق هو الظاهر الذي نشهده العيون والباطن الذي تشهده العقول ، فهو مشهود للبصائر والأبصار ، غير أنه لا يلزم من الشهود العلم بأنه هو ذلك المطلوب إلا بإعلام الله ،
فتجلي الحق لكل من تجلى له من أي عالم كان من عالم الغيب والشهادة إنما هو من الاسم الظاهر ،
وأما الاسم الباطن فمن حقيقة هذه النسبة أن لا يقع فيها تجل أبدا ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فأحوال العالم مع الله على ثلاث مراتب ، مرتبة يظهر فيها تعالى بالاسم الظاهر فلا يبطن عن العالم شيء من الأمر ، وذلك في موطن مخصوص ، وهو في العموم موطن القيامة ، ومرتبة يظهر فيها الحق في العالم في الباطن فتشهده القلوب


ص 258


دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. "7"
وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على

........................................................................
دون الأبصار ، ولهذا يرجع الأمر إليه ، ويجد كل موجود في فطرته الاستناد إليه والإقرار به من غير علم به ولا نظر في دليل ، فهذا من حكم نجليه سبحانه في الباطن ومرتبة ثالثة له فيها تجل في الظاهر والباطن ، فيدرك منه في الظاهر قدر ما تجلى به ويدرك منه في الباطن قدر ما تجلى به ، فله تعالى التجلي الدائم العام في العالم على الدوام وتختلف مراتب العالم فيه لاختلاف مراتب العالم في نفسها فهو يتجلى بحسب استعدادهم ، فهو عند العارفين اليوم في الدنيا على حكم تجليه في القيامة ، فيشهده العارفون في صور الممكنات المحدثات الوجود . 
وينكره المحجوبون من علماء الرسوم ، ولهذا يسمى بالظاهر في حق هؤلاء العارفين والباطن في حق هؤلاء المحجوبين ، وليس إلا هو سبحانه : فأهل الله الذين هم أهله لم يزالوا ولا يزالود دنیا وآخرة في مشاهدة عينية دائمة وإن اختلفت الصور فلا يقدح ذلك عندهم .
راجع فتوحات ج 1 / 46 ، 166 ، 175 - ج 2 / 31 ، 56 ، 95 - ج 3 / 161 ، 178 ، 484 ، 541 - ج 4 / 299 ، 301 - ديوان.

 
7 ۔ قول سليمان عليه السلام « وهب لي ملكا لا بنبغي لأحد من بعدي »
يريد لا ينبغي ظهوره في الشاهد للناس لأحد ، وإن حصل بالقوة لبعض الناس - کمسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العفريت الذي فتك عليه فأراد أن يقبضه ويربطه بسارية من سواري المسجد حتى ينظر الناس إليه فتذكر دعوة أخيه سلیمان فرده الله خاسئا ، فعلمنا من ذلك أنه أراد الظهور في ذلك لأعين الناس، فأجاب الله سليمان عليه السلام إلى ما طلب 
منه بأن ذکر رسول الله صلى الله عليه وسلم  بدعوة أخيه سليمان حي لا يمضي ما فام بخاطره من إظهار ذلك ، ومن هذه الآية نعلم أن حب العارف للمال والدنيا لا يقدح في حبه لله وللآخرة ، فإنه ما يحبه منه لأمر ما إلا ما يناسب الأمر في الإلهيات ، أترى سلیمان عليه السلام سأل ما يحجبه عن الله ، أو سأل ما يبعده عن الله ، هيهات . 
بل هي صفة كمالية سليمانية لذلك قال « إنك أنت الوهاب » فما أليق هذا الاسم بهذا السؤال .
الفتوحات ج 1 / 584 ، 585 .

ص 259


الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.
فامتن عليها بنا. "8"
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.
فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.

........................................................................
 8 -  افتقار الأسماء
حاجة الأسماء إلى التأثير في أعيان الممكنات أعظم من حاجة الممكنات إلى ظهور الأثر فيها ، وذلك أن الأسماء لها في ظهور آثارها السلطان والعزة ، والممكنات قد يحصل فيها أثر تضرر به وقد تنتفع وهي على خطر ، فتكون الأعيان أقل افتقارة من الأسماء ، والأسماء أشد افتقارا لما لها في ذلك من النعيم ، فإن الوجود لا يصح إلا من أصلين ، الواحد الاقتدار وهو الذي يلي جانب الحق ، والأصل الثاني القبول وهو الذي يلي جانب الممكن فلا استقلال لواحد من الأصلين بالوجود ولا بالإيجاد ، فالأمر المستفاد الوجود ما استفاده إلا من نفسه بقبوله وممن نفذ فيه اقتداره وهو الحق ، غير أنه لا يقول في نفسه إنه موجد نفسه بل يقول إن الله أوجده ، فالحق وإن ظهر بصور الممكنات واتصف بالغني ، فإن ذلك لا يخرجه عن عدم الاستقلال في وجود الحادث به ، إذ لابد من قبوله . 
الفتوحات ج 4 / 101 

راجع محاضرة الأسماء و تحاورها  .
فص 1، هامش 2، ص 20 - 
فص 15 ، هامش 23، ص 241 .
راجع قلب العبد أوسع من رحمة الله . فص 12 ، هامش 2، ص 176
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 25 ديسمبر 2019 - 15:42 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 21:48 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية 
الفقرة الثالثة والعشرون :-   الجزء الثاني
"" 2 - محاضرة الأسماء و تحاورها فقرة 2 ص 20
اجتماع الأسماء في حضرة المسمى وظهور أحكامها
إن الأسماء اجتمعت بحضرة المسمى ، ونظرت في حقائقها ومعانيها ، فطلبت ظهور أحكامها حتى تتميز أعيانها بآثارها.
فإن الخالق الذي هو المقدر والعالم والمدبر والمفصل والبارئ والمصور والرزاق والمحيني والميت والوارث والشکور .
وجميع الأسماء الإلهية نظروا في ذواتهم ولم يروا مخلوقا ولا مدبرا ولا مفصلا ، ولا مصورا ولا مرزوقا.
فقالوا كيف العمل حتى تظهر هذه الأعيان التي تظهر أحكامنا فيها فيظهر سلطاننا ؟ فلجأت الأسماء الإلهية التي تطلبها بعض حقائق العالم بعد ظهور عينه إلى الاسم البارئ فقالوا له : " عسى أن توجد هذه الأعيان لتظهر أحكامنا وينبت سلطاننا إذ الحضرة التي نحن فيها لا تقبل تأثيرنا " .
فقال الباريء : « ذلك راجع إلى الاسم القادر فإني تحت حيطته ».
وكان أصل هذا أن الممكنات في حلل نعدمها سألت الأسماء الإلهية سؤال حال ذلة وافتقار .
وقالت لها : إن العدم قد أعمانا عن إدراك بعضنا بعضا وعن معرفة مايجب لكم من الحق علينا، فلو أنكم أظهرتم أعیاننا و کسوتمونا حلة الوجود أنعمتم علينا بذلك وقمنا بما ينبغي لكم من الجلال والتعظيم ، وأنتم أيضا كانت السلطنة تصح لكم في ظهورنا بالفعل ، واليوم .أتم علينا.
سلاطين بالقوة والصلاحية، فهذا الذي نطلبه منكم. هو في حقكم أكثر منه في حقنا.
فقالت الأسماء : إن هذا الذي ذكرته الممكنات صحیح فتحركوا في طلب ذلك ، فلما لجأوا إلى الاسم القادر .
قال القادر : أنا تحت حيطة المزيد فالا أوجد عينا منكم إلا باختصاصه ، ولا يمكنني الممكن من نفسه إلا أن يأتيه أمر الأمر من ربه ، فإذا أمره بالتكوين وقال له کن مکنني من نفسه و تعلقت بإيجاده فكونته من حينه.
فلجأوا إلى الاسم المريد ، فقالوا له : إن الاسم القادر سألناه في إيجاد أعيانبا فأوقف أمر ذلك عليك فما ترسم ؟
وقال المريد صدق القادر. ولكن ما عندي خبر ما حكم الأمم العالم فيكم ، هل سبق علمه بإيجادکم فنخصص أو لم يسبق؟
فأنا تحت حيطة الاسم العالم ، فسيروا إليه واذكروا له قضيتكم.
فساروا إلى الاسم العالم وذكروا ما قاله الأسم المريد .
فقال العالم : صدق المريد وقد سبق علمي بإيجادكم ؛ ولكن الأدب أولى :" فإن لنا حضرة مهيمنة علينا وهي الاسم الله .
فلابد من حضورنا عنده ، فإنها حضرة الجمع ، فاجتمعت الاسماء كلها في حضرة الله .
فقال : ما بالكم ؟ فذكروا له الخبر .
فقال : أنا اسم جامع لحقائقكم وإني دليل على مسمى وهو ذات مقدسة له نعوت الكمال والتنزيه، فقفوا حتى أدخل على مدلولي ، فدخل على مدلوله فقال له ما قالته الممكنات وما تحاورت فيه الأسماء.
 فقال : اخرج وقل لكل واحد من الأسماء يتعلق بما تقتضيه حقیقته في الممكنات فإني الواحد لنفسي من حيث نفسي ، والممكنات إنما تطلب مرتبتي وتطلبها مرتبتي، والأسماء الإلهية كلها للمرتبة لا لي إلا الواحد خاصة فهو اسم خصيص بي لا يشاركني في حقيقته من كل وجه أحد. لا من الأسماء ولا من المراتب ولا من الممكنات.
فخرج الاسم الله ومعه الاسم المتكلم يترجم عنه للممکنات والأسماء، فذكر لهم ما ذكره المسمى ، فتعلق العالم والمريد والقائل والقادر .
فظهر الممكن الأول من الممكنات بتخصيص المريد وحكم العالم ، فلما ظهرت الأعيان والآثار في الأكوان ، وتسلط بعضها على بعض ، وقهر بعضها بعضا ، بحسب ما تستند إليه من الأسماء ، فادي إلى منازعة وخصام.
فقالوا : إنا نخاف علينا، أن يفسد نظامنا وتلحق بالعدم الذي كنا فيه .
فنبهت الممكنات الأسماء بما ألقى إليها الأسم العلم والمدبر.
وقالوا : أنتم أيها الأسماء لو كان حكمكم على ميزان معلوم وحد مرسوم بإمام ترجعون إليه يحفظ علينا وجودا وتحفظ عليكم تأثيراتكم فينا ، لكان أصلح لنا ولكم ، فالجأوا إلى الله عسى يقدم من يحد لكم حدا تقفون عنده وإلا، هلكنا وتعطلتم .
فقالوا : هذا عين المصلحة وعين الرأي ، ففعلوا ذلك .
فقالوا : إن الاسم المدبر هو ينهي أمركم ، فأنهوا الى المدبر الأمر .
فقال : أنا لها ، فلخل وخرج بأمر الحق إلى الاسم الرب .
وقال له : افعل ما تقتضيه المصلحة في بقاء أعيان هذه الممكنات .
فاتخذ: وزیرین یعیناته على ما أمر به ، الوزير الواحد الاسم المدبر ،والوزير الآخر المفصل.
قال تعالى : يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربکم توقنون، الذي هو الإمام، فانظر ما أحكم کلام الله تعالى ، حيث جاء بلفظ مطابق للحال الذي ينبغي أن يكون الأمر عليه ، فحد الاسم الرب لهم الحدود ووضع لهم المراسم لإصلاح المملكة ليبلوكم أيهم أحسن عملا .
محاضرة الأسماء في حضرة الذات ... دليل على الماضي دليل على الآتي
أقول بها والكون يعطي وجودها ...   لوجدان آلام ووجدان لذات
فلولا وجود المحو ما صح عندنا ... ولا عند من يدري وجود لأثبات
ويقول في موطن آخر :
اعلم أن السدنة من الأسماء الإلهية لما كانت بأيديهم مقاليد السموات والأرض ، ولا سماء ولا أرض ، بقي كل سادن بمقلاده لا يجد ما يفتح .
فقالوا : يا للعجب خزان بمفاتيح مخازن لا تعرف مخزنا موجودا ، فما نصنع بهذه المقاليد ، فأجمعوا أمرهم وقالوا «لابد لنا من أئمتنا السبعة الذين أعطونا هذه المقاليد ولم يعرفونا المخازن التي تكون عليها ، فقاموا على أبواب الأمة ، على باب الإمام المخصص والإمام المنعم والإمام المقسط ، فأخبرهم الأمر ، فقالوا: صدقتم ، الخبر عندنا ، و سنعينها لكم إن شاء الله تعالى ، ولكن تعالوا نصل إلى من بقي من الأئمة ونجتمع على باب حضرة الإمام الإلهي إمام الأئمة ، فاجتمع الكل وهم بالإضافة إلى الإمام.
المعروف « بالله » سدنة ، فوقف الجميع ببابه فبرز لهم.
 وقال : ما الذي جاء بكم ؟
فذكروا له الأمر وأنهم طالبون وجود السموات والأرض حتى يضعوا كل مقلاد على بابه ، فقال : أين الإمام المخصص ؟
 فبادر إليه المريد ، فقال له : أليس الخبر عندك وعند العليم ؟
فقال له نعم ، قال : فإن كان فأرح هؤلاء مما هم فيه من تعلق الخاطر وشغل البال ، فقال العليم والمريد : أيها الإمام الأكمل .
 قل الإمام القادر يساعدنا والقائل ، فإنه لا تقوم به بأنفسنا إلا أربعتنا ، فنادى الله تعالى القادر والقائل ، وقال لهما : أعينا أخويكما فيما هما بسبيله.
فقالا « نعم » فدخلا حضرة الجواد .
فقالا للجواد : عزمنا على إيجاد الأكوان وعالم الحدثان ، وإخراجهم من العدم إلى الوجود، وهذا من حضرتك حضرة الجود.
فادفع لنا من الجود ما تبرزهم به ، فدفع لهم الجود المطلق ، فخرجوا به من عنده ، وتعلقوا بالعالم فأبرزوه على غاية الإحكام والإتقان ، فلم يبق في الإمكان أبدع منه ، فإنه ص در عن الجود المطلق .
ولو بقي أبدع منه لكان الجواد قد بخل بما لم يعط وأبقاه عنده من الكمال ، ولم يصح عليه إطلاق اسم الجواد وفيه شيء من البخل .
فليس اسم الجواد عليه فيما أعطى بأولى من اسم البخيل عليه فيما أمسك ، وبطلت الحقائق ، وقد ثبت أن اسم البخيل عليه محال ، فكونه أبقى عنده ما هو أكمل منه محال ، وما ظهر الإمام المقسط إلا بعد نزول الشرائع.
راجع فتوحات ج 1 / 323 – ج 2 / 556  , كتاب إنشاء الجداول والدوائر. أهـ



 23 - محاضرة الأسماء ومحاوريها فص 15 ص 241
يقول الشيخ في كتابه « عنقاء مغرب » في باب محاضرة أزلية على نشأة أبديه : اجتمعت الأسماء بحضرة المسمى اجتماعا كريما وتريا منزهة عن العدد ، من غير مادة الأمد ، فلما أخذ كل اسم فيها مرتبته ، ولم يتعد منزلته ، فتنازعوا الحدت دون محاورة ، وأشار كل اسم إلى الذي يجانبه دون ملاصقة ومجاورة ، وقالت . 
يا ليت شعرنا ، هل يتضمن الوجود غيرنا ، فما عرف أحد منهم ما يكون ، إلا اسان أحدهما العلم المكنون ، فرجعت الأسماء إلى الاسم العليم الفاضل :
وقالوا أنت لنا الحكم العادل، فقال نعم " باسم الله"، وأشار إلى الاسم الجامع « الرحمن » وأشار إلى الاسم التابع «الرحيم»، وأشار إلى الاسم العظيم وصلى الله» ورجع إلى الاسم الجامع من جهة الرحمة « على النبي » وأشار إلى الاسم الخبير والعلي" ، بمحمد الكريم ، وأشار إلى الاسم الحميد « خاتم الأنبياء وأول الأمة، وصاحب لواء الحمد والنعمة » ،
فنظر في الأسماء من لم يكن له فيما ذكره العليم حظ ، ولا جرى عليه من اسسه التكريم لفظ ، وقال العليم ، من ذا الذي صليت عليه ، وأثرت في كلامك إليه ، وقرنته بحضرة جمعنا (قرن الشهادة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) .
 
 وقرعت به باب سمعنا ، ثم خصصت بعضنا بالإشارة والتقييد، إلى اسمه الرحيم والحميد ، فقال لهم يا عجبا ، وهذا هو الذي سألتموني عنه أن أبينه لكم تحقيقا ، وأوضح لكم إلى معرفته طريقا ، هو موجود يضاهيكم في حضرتكم ، وتظهر عليه آثار نفحتكم، فلا يكون في هذه الحضرة شيء إلا ويكون فيه ، ويحصله ويستوفيه ، ويشارككم في أسمائكم ، ويعلم بي حقائق انبائكم ، وعن هذا الوجود المذكور الصادر من حضرتكم ، وأشار إلى بعض الأسماء منها الجود والنور يكون الكون ، والكيف والأين ، وفيه تظهر بالاسم الظاهر حقائقكم ، وإليه بالاسم المنان وأصحابه تستد رقائقكم ، فقالت تنبيها على أمر لم يكن به عليما ، وكان هذا الاسم - وأشارت إلى المفضل - علينا عظيما ، فمتى يكون هذا الأمر ، ويلوح هذا السر ؟ 
 
فقال سألتم الخبير ، واهتديتم بالبصير ، ولسنا في زمانه ، فيكون بيننا وبين هذا الكون مدة وأوان ، فغاية الزمان في حقنا ملاحظة المشيئة حضرة التقديم ، فتعالوا نسأل هذا الاسم الإحاطي في جنسه ، المنزه في نفسه ، وأشارت إلى المريد ، فقيل له متى يكون عالم التقييد في الوجود الذي يكون لنا فيه الحكم والصولة، ونجول بظهور آثارنا عليه في الكون على ما ذكره الاسم الحكيم جولة ؟ 
فقال المريد وكان به قد كان ، ويوجد في الأعيان ، وقال الاسم العليم ویسی بالإنسان ، ويصطفية الاسم الرحمن ، ويفيض عليه الاسم المحسن وأصحابه سوابغ الإحسان ، فأطلق الاسم الرحمن محياه ، وحيا الاسم المحسن وبیاه ، وقال نعم الأخ ونعم الصاحب ، وكذلك الاسم الواهب ، فقام الاسم الوهاب ، فقال وأنا المعطي بحساب وبعير حساب . 
 
فقال الاسم الحسيب ، أقيد عليكم ما تهبونه ، وأحسب عليكم ما تعطونه ، بشهادة الاسم الشهيد ، فإنه صاحب الضبط والتقييد ، غير أن الاسم العليم قد يعرفی المعطى له ما يحصل له في وقت ، ويبهم عليه الاسم المريد في وقت إبهامه يعلمه ولا يمضيه ، ويأمر بالشيء ويريد ضده فلا يقضيه ، فلا زوال لي عنكما ، ولا فراق لي منكما ، فأنا لكم لزيم ، فنعم الجار والحميم ، فتوزعت الأسماء كلها مملكة العبد الإنساني، على هذا الحد الرباني وتفاخرت في الحضرة الإلهية الذائية بحقائقها . 
وبينت حكم مسالكها وطرائقها ، وتعجلت وجود هذا الكون ، رغبة في أن يظهر لهم عين ، فلجأوا إلى الاسم المريد ، الموقوف علیه تخصيص الوجود ، وقالوا سألناك بهذه الحضرة التي جمعتنا ، والذات التي شملتنا ، إلا ما علقت نفسك بهذا الوجود المنتظر فأردته ، وأنت يا قادر سألناك بذاك إلا ما أوجدته ، وأنت یا حکیم سألناك بذلك إلا ما أحكمته ، وأنت يا رحمن سألناك بذاك إلا ما رحمته ، ولم نزل الأساء تسأل كلها واحدة واحدة ، قائما وقاعدة ، فقال القادر يا إخواننا على المريد بالتعلق وعلي بالإيجاد ، وقال الحكيم على القادر بالوجود وعلي" بالإحكام . 
 
فقام الرحمن وقال علي بصلة الأرحام فإنه شجنة مني فلا صبر لها عني ، فقال له القادر كل ذلك تحت حكمي وقهري ، 
فقال له القاهر لا تفعل إن ذلك لي وأنت خادمي ، وإن كنت صاحبي وحميمي ، فقال العليم أما الذي قال تحت حكمي فليقدم علي . 
فتوقف الأمر على جميع الأسماء ، وأن بجملتها يصح وجود عالم الأرض والسماء ، وما بينهما إلى مقام  الأستواء ، ولو فتحنا عليك باب توقفها والتجاء بعضها إلى بعض لرأيت أمرا يهولك منظره ، ويطيب لك خبره ، ولكن فيما ذكرناه ، تنبيه على ما سكتنا عنه وتركناه .
 
ولنرجع ونقول والله يقول الحق ويهدي السبيل ، فعندما وقع هذا الكلام الأنفس ، في هذا الجمع الكريم الأقدس ، تعطشت الأسماء إلى ظهور آثارها في الوجود ، ولاسيما الاسم المعبود ، ولذلك خلقهم سبحانه وتعالى ليعرفوه بما عرفهم ، ويصفوه بما وصفهم .
فقال « وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون » فلجأت الأسماء كلها إلى اسم الله الأعظم ، والركن القوي الأعصم .
 
فقال ما هذا اللجاء ولأي شيء هذا الالتجاء ، فقالت أيها الإمام الجامع ، لما نحن عليه من الحقائق والمنافع ، ألست العالم أن كل واحد منا في نفسه على حقيقة ، وعلى سنة وطريقة ، وقد علمت يقينا أن المانع من إدراك الشيء مع وجود النظر ، کونك فيه لا اكثر ، ولو تجرد عنك بمعزل لرأيته ، وتنزهت بظهوره وعرفته .
 
ونحن بحقائقنا متحدون لا نسمع لها خبرا ، ولا نرى لها أثرا، ولو برز هذا الوجود الكوني ، وظهر هذا العالم الذي يقال له العلوي والسفلي ، لامتدت إليه رقائقنا ، وظهرت فيه حقائقنا ، فكنا نراه مشاهدة عين ، لما كان منا في أین ، وفي حال فصل وبين ، ونحن باقون على تقديسنا من الأينية ، وتنزيهنا عن إحاطتهم بنا من جهة الماهية والكيفية ، فغايتهم أن يستدلوا برقائقها على حقائقنا استدلال مثال ، وطروق خیال ، وقد لجأنا إليك مضطرين ، ووصلنا إليك قاصدين ، فلجأ الاسم الأعظم إلى الذات ، كما لجأت إليه الأسماء والصفات ، وذكر الأمر ، وأخبر السر ، فأجاب نفسه المتكلم بنفسه العليم ، لك ذلك .
قد كان بالرحمن ، فقل للاسم المريد يقول للاسم القائل يأمر بكن ، والقادر يتعلق بإيجاد الأعيان فيظهر ما تمنيتم ، ويبرز لعیانكم ما اشتهيتم ، فتعلقت الإرادة والعلم والقول والقدرة ، فظهر أصل العدد والكثرة، وذلك من حضرة الرحمة وفيض النعمة .  أهـ  
 
2 - قلب العارف أوسع من رحمة الله    فص 12 ص 176
الفقرة الواردة في هذا الفص توضح ما أشار إليه الشيخ رضي الله تعالی عنه في الفتوحات الجزء الرابع ص 99  حيث يقول في هذه المسألة : 
إلا أن في الأمر نكتة أوميء إليها ولا أنص عليها ، وذلك أن الله قد وصف نفسه بالغضب والبطش الشديد بالمغضوب عليه ، والبطش رحمة لما فيه من التنفيس وإزالة الغضب وهذا القدر من الإيماء كاف فيما تريد بيائه من ذلك . أهـ ""

""أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب السبعون وأربعمائة في حال قطب كان منزله وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»
"بقوله  : ووسعني قلب عبدي"
فلما وسع قلبه الحق والأمور منه تخرج التي يقع فيها التفويض ممن وقع
فهو كالبحر وسائر القلوب كالجداول
وقال في هذا المقام : لو أن العرش يريد به ما سوى الله وما حواه مائة ألف ألف مرة يريد الكثرة بل يريد ما لا يتناهى في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به
يعني لاتساعه حيث وسع الحق
ومن هنا قلنا إن قلب العارف أوسع من رحمة الله لأن رحمة الله لا تنال الله ولا تسعه وقلب العبد قد وسعه
إلا إن في الأمر نكتة أومئ إليها ولا أنص عليها وذلك أن الله قد وصف نفسه بالغضب والبطش الشديد بالمغضوب عليه والبطش رحمة لما فيه من التنفيس وإزالة الغضب
وهذا القدر من الإيماء كاف فيما نريد بيانه من ذلك فإن الرسل تقول ولن يغضب بعده مثله فالانتقام رحمة وشفاء ولو لا كونه رحمة ما وقع في الوجود وقد وقع
ولكن ينبغي لك أن تعلم بمن هو وقوع الانتقام رحمة فبان لك من هنا رتبة أبي يزيد من غيره من العارفين لأنه وأمثاله لا يتكلمون إلا عن أحوالهم وذوقهم فيها
ومن أسمائه تعالى الواسع كما ورد فباتساعه قبل الغضب فلو ضاق عنه ما ظهر للغضب حكم في الوجود لأنه لم يكن له حقيقة إلهية يستند إليها في وجوده وقد وجد فلا بد أن ينسب الغضب إلى الله كما يليق بجلاله
وقد وسع القلب الحق ومن صفاته الغضب فقد وسع الغضب فلا ينكر على العارف مع كونه ما يرى إلا الله أن يغضب ويرضى ويتصف بأنه يؤذي وإن لم يتأذ فما أذى من لا يتأذى غير أنه لا يقال ذلك في الجناب الإلهي
إلا أنه تسمى بالصبور وأعلمنا بالصبر ما هو وعلى ما ذا يكون ولا نقول هو في حق الحق حلم فإن الحليم كما ورد كذلك ورد الصبور
ولكل وارد معنى ما هو عين الآخر فتتغير الأحوال على العارفين تغير الصور على الحق ولو لا ذلك ما تغيرت الأحكام في العالم لأنها من الله تظهر في العالم وهو موجدها وخالقها
فلا بد من قيام الصفة به وحينئذ يصح وجودها منه
كان الموجد اسم فاعل ما كان وكان الموجد اسم مفعول ما كان
فإن لم تعلم التفويض كما ذكرته لك وإلا وقعت في إشكال لا ننحل منه أعني في العلم بالتفويض ما هو فهذا نسبته إلى المخلوق
وأما التفويض الإلهي وهو أن يكون هو المفوض أمره إلى عباده فيه فإنه كلفهم وأمرهم ونهاهم فهذا تفويض أمره إلى عباده فإنه فاض عما يجب للحق لأن التكليف لا يصح في حق الحق فلما فاض عنه لم يكن إفاضته إلا على الخلق وأراد منهم أن يقوموا به حين رده إليهم كما يقوم الحق به إذا فوض العبد أمره إلى الله
فمنهم من تخلق بأخلاق الله فقبل أمره ونهيه وهو المعصوم والمحفوظ
ومنهم من رده
ومنهم من قبله في وقت وفي حال ورده في وقت وفي حال وكذلك فوض إليهم أمره في القول فيه
فاختلفت مقالاتهم في الله
ثم أبان لهم على ألسنة رسله ما هو عليه في نفسه لتقوم له الحجة على من خالف قوله
فقال في الله ما يقابل ما قاله عن نفسه
فلما اختلفت المقالات تجلى لأهل كل مقالة بحسب أو بصورة مقالته
وسبب ذلك تفويضه أمره إليهم وإعطاؤه إياهم عقولا وأفكارا يتفكرون بها وأعطى لكل موف حقه في الاجتهاد بنظره نصيبا من الأجر أخطأ في اجتهاده أو أصاب
فإنه ما أخطأ إلا المقالة الواردة في الله بلسان الشرع خاصة فحاد عنها بتأويل فيها أداه إليه نظره وورد شرع أيضا يؤيده في ذلك
فما ترك المقالة من حيث عليها وإنما استند فيما ذهب إليه لأمر مشروع ودليل عقل وكونه أصاب أو أخطأ ذلك أمر آخر زائد على كونه اجتهد
فإنه ما يطلب باجتهاده إلا الدليل الذي يغلب على ظنه أنه يوصله إلى الحق والإصابة لا غير
فتكليفه عين تفويضه   ..... فنحن وإياه فيه سوا
فتسبيحنا عين تسبيحه   ..... وتسبيحه بلسان السوي
وكل امرئ إنما حظه   ..... من الذكر لله ما قد نوى
 
فتفويضه في قوله :" وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ "
وتفويضنا إذ أمرنا أن نتخذه وكيلا فيما استخلفنا فيه " فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها ".
ولما كان العالم تحت حكم الأسماء الإلهية وهي أسماؤه فما تلقى تفويضه إلا هو لا نحن
فإنه بأسمائه تلقيناه فهو الباطن من حيث تفويضه وهو الظاهر من حيث قبوله
فكان الأمر بيننا كما تنزل الأمر بين السماء وهو العلى وبين الأرض وهي الذلول
فهكذا الأمر فلا تخفه   ..... فإنه أوضحه كونه
وشاهد الحق به ناطق   ..... فإنه في كونه عينه
وهو ما ذكرناه من أنه ما تلقى تفويض الحق إلا اسمه فهو المكلف والمكلف لأنه قال وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فهو عين الموجودات إذ هو الوجود.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
والكلام في هذا الباب يطول ويتداخل وينعطف بعضه على بعض فيظهر ويخفى
فإنه الله الذي لا إله إلا هو لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. أهـ . ""
 
ص 260
 
وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. "9"
كذلك تفاضل
........................................................................
9 -  تفاضل الأسماء والصفات الإلهية والمراتب  *
للشيخ في هذه المسألة نظرتان :
الأولى من حيث دلالة الأسماء على الذات الإلهية الواحدة فلا تفاضل بينها ،
والأخرى من حيث دلالة كل اسم على معنی لیس للاسم الآخر في العموم والإحاطة وتعلقه بمتعلق أعم فالمراتب تتفاضل ، 
لذلك نراه يقول :
الحقائق والنسب الإلهية لا نهاية لها ولا يصح أن يكون في الإلهيات تفاضل لأن الشيء لا يفضل نفسه ، فكما هو الأول هو الآخر وكما هو الظاهر هو الباطن فالمراتب ما فيها تفاضل عندنا ، لارتباطها بالأسماء الإلهية والحقائق الربانية ، ولا تصح مفاضلة بين الأسماء الإلهية لوجهين ، الواحد أن الأسماء نسبتها إلى الدات نسبة واحدة فلا مفاضلة فيها ، فلو فضلت المراتب بعضها بعضا بحسب ما استندت إليه من الحقائق الإلهية لوقع الفضل في أسماء الله ، فيكون بعض الأسماء الإلهيه أفضل من بعض ، وهذا لا قائل به عقلا ولا شرعا ، ولا يدل عموم الاسم على فضله ، لأن الفضلية إنما تقع فيما من شأنه أن يقبل فلا يتعمل في القبول ، أو فيما يجوز أن يوصف به فلا يتصف به ؛ والوجه الآخر أن الأسماء الإلهية راجعة إلى ذاته والذات واحدة ، والمفاضلة تطلب الكثرة ، والشيء لا يفضل نفسه ، فإذا المفاضلة لا تصح ، ولا يقال إن خلة الحق أشرف من كلامه ، ولا إن كلامه أشرف من خلقه پیدیه ، بل كل ذلك راجع إلى ذات واحدة لا تقبل الكثرة ولا العدد ، فهي بالنسبة إلى كذا خالقة ، وبالنسبة إلى كذا مالكة وبالنسبة إلى كذا عالمة إلى ما نسبت من صفات الشرف والعين واحدة .
أما بالنسبة للتعلق کتسبة العلم الإلهي إلى القدرة الإلهية ، فإن القدرة وإن تعلقت بما لا يتناهي من الممكنات فلا نشك أن العلم أكثر إحاطة منها ، لأنه يتعلق بها وبالممكنات والواجبات والمستحيلات والكائنات وغير الكائنات ، مع ما يعطي الدليل أن ما لا يتناهى لا يفضل ما لا يتناهى ، والقدرة ما لها تعلق إلا بالإيجاد ، فإن القدرة للإيجاد وهو العمل ، وهو العليم سبحانه بما يوجد ، القدير على إيجاد ما يريد إيجاده.
 
ص 261
 
تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها،. "10"
كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق
........................................................................
لا مانع له ، وقال تعالى : « أحاط بكل شيء علما» ولا تعم الإحاطة كل شيء إلا إذا كان معنى ، ولا يعلم الشيء من جميع وجوهه إلا الله عز وجل ، الذي أحاط بكل شيء علما سواء كان الشيء ثابتا أو موجودا أو متناهيا أو غير متناه ، فالمعلوم لا يزال محصورا في العلم لهذا كان المعلوم محاطا به ، 
فقال تعالى « أحاط بكل شيء علما » من الواجبات والجائزات والمستحيلات ، وهو تعلق أعم فأنزل الله العالم بحسب المراتب التعمير المراتب ليتميز الكثير الاختصاص بالله الذي اصطنعه الله لنفسه من عباد الله عن غيره من العبيد ، فلو لم يقع التفاضل في العالم لكان بعض المراتب معطلا غير عامر ، وما في الوجود شيء معطل بل هو معمور كله ، فلابد لكل مرتبة من عامر يكون حكمه بحسب مرتبته ، 
ولذلك فضل العالم بعضه بعضا ، وأصله في الأسماء الإلهية ، أين إحاطة العالم من إحاطة المريد من إحاطة القادر ، فتميز العالم عن المريد ، والمريد عن القادر ، بمرتبة المتعاق ، فالعالم أعم إحاطة ، فقد زاد وفضل على المريد والقادر بشيء لا يكون للمريد ولا للقادر من حيث أنه مريد وقادر ، 
فإنه يعلم نفسه ولا يتصف بالقدرة على نفسه ولا بالإرادة لوجوده ، إذ من حقيقة الإرادة أن لا تعلق إلا بمعدوم والله موجود ، 
ومن شأن القدرة أن لا تتعلق إلا بممكن أو واجب بالغير ، وهو واجب الوجود لنفسه ، فمن هناك ظهر التفاضل في العالم لتفاضل المراتب ، فلابد من تفاضل العامرين لها ، فلابد من التفاضل في العالم ، إذ هو العامر لها الظاهر بها ، وهذا مما لايدرك کشفا بل ادراکه بصفاء الإلهام ، فیکشف المكاشف عمارة المراتب بكشفه للعامرين لها ، ولا يعلم التفاضل إلا بصفاء الإلهام الإلهي . 
الفتوحات ج 1 /  141 - ج 2 / 61 ، 326 ، 501 ، 527 - ج 3 / 382 - ج 4 / 317 
 
""و أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الأحد والسبعون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله" :
قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في خطبته لما أثنى على ربه "فإنما نحن به وله". رواه ابو داود والبيهقي
فخاطب وسمع وهذا أمر لا يندفع فإنه عين الأمر غير إن الفضل بين الناس هو بما شاهده بعضهم وحرمه بعضهم
فيعلم العالم من غيره ما لا يعلمه الغير من نفسه مما هو عليه في نفسه
فظهر التفاضل ومع هذا الظهور لا يخرج المخلوق عن أن يكون الحق هويته بدليل تفاضل الأسماء الإلهية وهي الصفات وليست غيره
فلا يعلم الخلق إلا به   ..... ولا يعلم الحق إلا بها
وأما وصفه بالغنى عن العالم أنما هو لمن توهم إن الله تعالى ليس عين العالم
وفرق بين الدليل والمدلول ولم يتحقق بالنظر إذا كان الدليل على الشيء نفسه فلا يضاد نفسه
فالأمر واحد وإن اختلفت العبارات عليه
فهو العالم والعلم والمعلوم فهو الدليل والدال والمدلول
فبالعلم يعلم العلم ، فالعلم معلوم للعلم فهو المعلوم والعلم والعلم ذاتي للعالم وهو قول المتكلم ما هو غيره فقط
وأما قوله وما هو هو بعد هذا فهو لما يرى من أنه معقول زائد على ما هو
فبقي أن يكون هو وما قدر على أن يثبت هو من غير علم يصفه به  فقال ما هو غيره
فحار فنطق بما أعطاه فهمه
فقال إن صفة الحق ما هي هو ولا هي غيره
ولكن إذا قلنا نحن مثل هذا القول ما نقوله على حد ما يقوله المتكلم فإنه يعقل الزائد ولا بد ونحن لا نقول بالزائد
فما يزيد المتكلم على من يقول" إِنَّ الله فَقِيرٌ" إلا بحسن العبارة
ونعوذ بالله أن نكون من الجاهلين فهذا بعض نتائج هذا الهجير.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ . أهـ. ""

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 10 يناير 2020 - 14:56 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية 
الفقرة الثالثة والعشرون :-   الجزء الثالث
10 -  كل اسم إلهي مسمى بجميع الأسماء الإلهية .
راجع فص 4، هامش 10، ص 81
 
"" 10 - كل اسم إلهي يتسمى بجميع الأسماء وينعت بها فص 4، هامش 10، ص 81
سبب ذلك التوحيد العين ، وعدم التشبيه بالكون ، وهذا مشهد عزيز لا يناله إلا الأعز من عباده ، المتوحدين به الذين لانظر لأنفسهم إلا بعينه , والمغيب كونهم في كونه .
"يشير إلى الحديث :  فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها فإن سألني عبدي، أعطيته، وإن استعاذني، أعذته "
 الموحد له لا لهم ، فلا يطلب بالعقول مالا يصح اليه الوصول فكل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء كلها .
ولتعلم وفقك الله أن كل اسم ينعت بجميع الأسماء في أفقه ، فكل اسم فهو حي قادر سميع بصير متكلم في أفقه وفي علمه ، وإلا فكيف يصح أن يكون ربا لعابده ؟
فكل اسم جامع لما جمعت الأسماء من الحقائق .
الفتوحات ج1/ 101 , ذخائر الأعلاق
راجع   "لكل عبد اسم هو ربه"   فص 7 هامش 2 ص 105
2 -  لكل عبد اسم هو ربه  فص 7 هامش 2 ص 105
لولا العصر والمعاصر ، و الجاهل والخابر ، ما عرف أحد معنى اسمه الأول والآخر ، ولا الباطن والظاهر ، وإن كانت أسماؤه الحسنى ، على هذا الطريق الأسنى ،
ولكن بينها تباين في المنازل ، يتبين ذلك عندما تتخذ وسائل لحلول النوازل ، فليس عبد الحليم هو عبد الكريم ، وليس عبد الغفور هو عبد الشکور ، فكل عبد له اسم هو ربه ، وهو جسم ذلك الاسم قلبه .
ويقول رضي الله عنه :
فقد أنشأ سبحانه الحقائق على عدد أسماء حقه ، وأظهر ملائكة التسخير على عدد خلقه ، فجعل لكل حقيقة اسما من أسمائه تعبده وتعلمه ، وجعل لكل سر حقيقة ملكا يخدمه ويلزمه .
فمن الحقائق من حجبته رؤية نفسه عن اسمه، فخرج عن تكليفه وحكمه ، فكان له من الجاحدين ، ومنهم من ثبت الله أقدامه واتخذ اسمه أمامه ، وحقق بينه وبينه العلامة وجعله إمامه ، فكان له من الساجدین .
اعلم علمك الله سرائر الحكم ووهبك من جوامع الكلم ، أن الأسماء الحسنى التي تبلغ فوق أسماء الإحصاء عددا ، وتنزل دون أسماء الإحصاء سعادة ، هي المؤثرة في هذه العالم ، وهي المفاتح الأولى التي لا يعلمها إلا هو ، وأن لكل حقيقة اسما ما يخصها من الأسماء ، وأعني بالحقيقة حقيقة تجمع جنسا من الحقائق ، رب تلك الحقيقة ذلك الاسم .
وتلك الحقيقة عابدته و تحت تكليفه ليس غير ذلك - وإن جمع لك شيء ما أشياء كثيرة فليس الأمر على ما توهمته ، فإنك إن نظرت إلى ذلك الشيء وجدت له من الوجوه ما يقابل به تلك الأسماء التي تدل عليها وهي الحقائق التي ذكرناها .
مثال ذلك ، ما ثبت لك في العلم الذي في ظاهر العقول وتحت حكمها في حق موجود ما فرد لا ينقسم ، مثل الجوهر الفرد الجزء الذي لا ينقسم ، فإن فيه حقائق متعددة تطلب أسماء إلهية على عددها ، فحقيقة إيجاده يطلب الاسم القادر ووجه أحكامه يطلب الاسم العالم .
ووجه اختصاصه يطلب الاسم المريد ، ووجه ظهوره يطلب الاسم البصير والرائي إلى غير ذلك ، فهذا وإن كان فردا فله هذه الوجوه وغيرها مما لم نذكرها.
ولكل وجه وجوه متعددة تطلب من الأسماء بحسبها ، وتلك الوجوه هي الحقائق عندنا الثواني والوقوف عليها عسير وتحصيلها من طريق الكشف أعسر - واعلم وفقك الله أن كل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء كلها وأن كل اسم ينعت بجميع الأسماء في أفقه .
فكل اسم حي قادر سميع بصير متكلم في أفقه وفي علمه ، وإلا فكيف يصح أن يكون ربا لعابده ، هيهات هيهات.
فكل اسم جامع لما جمعت الأسماء من الحقائق ، ولكل عين من أعيان الممكنات اسم إلهي خاص ينظر إليه ، وهو يعطيه وجهه الخاص الذي يمتاز به عن غيره ، والممكنات غير متناهية فالأسماء غير متناهية ، لأنها تحدث النسب بحدوث الممكن ، ولذلك فالحضرات الإلهية تكاد لا تنحصر لأنها نسب ، ومعنی توجه اسم معين على إيجاد موجود معين هو كون ذلك الاسم هو الأغلب عليه وحكمه أمضى فيه ، مع أنه ما من ممكن يوجد إلا و للأسماء المتعلقة بالأكوان فيه أثر .
ولكن بعضها أقوى من بعض في ذلك الممكن المعين وأكثر حكما ، فلهذا ننسبه إليه ، فالحضرة الإلهية اسم لذات وصفات وأفعال ، وإن شئت قلت صفة فعل وصفة تنزيه ، وهذه الأفعال تكون عن الصفات والأفعال أسماء لا بد ، فالحضرات الإلهية كني عنها بالأسماء الحسنى ، وكل حضرة لها عبد کما لها اسم إلهي ، وكل متخلق باسم من الأسماء يسمى عبد كذا ، مثل عبد الرحمن ، وعبد الملك ، وعبد القدوس الفتوحات  ج 1 / 2 ،4 ، 99 ج 2 / 468 ج 4 / 196 ، 204 ، 208 ، 288 ، 318 . أهـ ""



"" و أضاف الجامع :  قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات  الباب الثامن والتسعون ومائتان في معرفة منزل الذكر من العالم العلوي في الحضرة المحمدية[إن الله قد أودع في الإنسان علم كل شيء]
ومما يتضمن هذا المنزل كون الإنسان قد أودع الله فيه علم كل شيء ثم حال بينه وبين أن يدرك ما عنده مما أودع الله فيه وما هو الإنسان مخصوص بهذا وحده بل العالم كله على هذا
وهو من الأسرار الإلهية التي ينكرها العقل ويحيلها جملة واحدة وقربها من الذوات الجاهلة في حال علمها قرب الحق من عبدهوهو قوله تعالى :" ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ " . وقوله : "ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ من حَبْلِ الْوَرِيدِ "

ومع هذا القرب لا يدرك ولا يعرف إلا تقليدا ولو لا إخباره ما دل عليه عقل وهكذا جميع ما لا يتناهى من المعلومات التي يعلمها هي كلها في الإنسان
وفي العالم بهذه المثابة من القرب وهو لا يعلم ما فيه حتى يكشف له عنه مع الآنات ولا يصح فيه الكشف دفعة واحدة لأنه يقتضي الحصر

وقد قلنا إنه لا يتناهى فليس يعلم الأشياء بعد شيء إلى ما لا يتناهى وهذا من أعجب الأسرار الإلهية أن يدخل في وجود العبد ما لا يتناهى كما دخل في علم الحق ما لا يتناهى من المعلومات وعلمه عين ذاته والفرق بين تعلق علم الحق بما لا يتناهى وبين أن يودع الحق في قلب العبد ما لا يتناهى :
إن الحق يعلم ما في نفسه وما في نفس عبده تعيينا وتفصيلا والعبد لا يعلم ذلك إلا مجملا وليس في علم الحق بالأشياء إجمال مع علمه بالإجمال من حيث إن الإجمال معلوم للعبد من نفسه ومن غيره فكل ما يعلمه الإنسان دائما وكل موجود فإنما هو تذكر على الحقيقة وتجديد ما نسيه ويحكم هذا المنزل على إن العبد أقامه الحق في وقت ما في مقام تعلق علمه بما لا يتناهى وليس بمحال عندنا وإنما المحال دخول ما لا يتناهى في الوجود لا تعلق العلم به ثم إن الخلق أنساهم الله ذلك كما أنساهم شهادتهم بالربوبية في أخذ الميثاق مع كونه قد وقع وعرفنا ذلك بالأخبار الإلهي
فعلم الإنسان دائما إنما هو تذكر فمنا من إذا ذكر تذكر أنه قد كان علم ذلك المعلوم ونسيه كذي النون المصري ومنا من لا يتذكر ذلك مع إيمانه به
أنه قد كان يشهد بذلك ويكون في حقه ابتداء علم
ولو لا أنه عنده ما قبله من الذي أعلمه ولكن لا شعور له بذلك ولا يعلمه إلا من نور الله بصيرته وهو مخصوص بمن حاله الخشية مع الأنفاس وهو مقام عزيز لأنه لا يكون إلا لمن يستصحبه التجلي دائما
ويتضمن هذا المنزل مسائل ذي النون المشهورة وهي إيجاد المحال العقلي بالنسب الإلهية
ويتضمن علم المفاضلة بين المتنافرين من جميع الوجوه
ويتضمن أن كل جوهر في العالم يجمع كل حقيقة في العالم
كما إن كل اسم إلهي مسمى بجميع الأسماء الإلهية  وذلك قوله تعالى:  " قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى "
وهذا العلم خاصة انفردت به دون الجماعة في علمي فلا أدري هل عثر عليه غيري وكوشف به أم لا من جنس المؤمنين أهل الولاية لا جنس الأنبياء .
وأما في الأسماء الإلهية فقد قال به أبو القسم بن قسي في خلع النعلين له فرحم الله عبدا بلغه إن أحدا قال بهذه المسألة عن نفسه كما فعلت أنا أو عن غيره فيلحقها بكتابي هذا في هذا الموضع استشهاد إلي فيما ادعيته فإني أحب الموافقة وأن لا أنفرد بشيء دون أصحابي.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ. أهـ

وقال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الخامس في معرفة أسرار بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ والفاتحة من وجه ما لا من جميع الوجوه
"الأسماء الإلهية متحدة من حيث الذات مختلفة من حيث التعلقات"
وربما يقول القائل يا أيها المحقق وكيف ترى الأسماء هذا المثال ولا يراه إلا الاسم البصير خاصة لا غيره وكل اسم على حقيقة ليس الاسم الآخر عليها ؟
قلنا له لتعلم وفقك الله:  أن كل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء كلها وأن كل اسم ينعت بجميع الأسماء في أفقه فكل اسم فهو حي قادر سميع بصير متكلم في أفقه وفي علمه وإلا فكيف يصح أن يكون ربا لعابده هيهات غير إن ثم لطيفة لا يشعر بها وذلك أنك تعلم قطعا في حبوب البر وأمثاله إن كل برة فيها من الحقائق ما في أختها كما تعلم أيضا أن هذه الحبة ليست عين هذه الحبة الأخرى وإن كانتا تحويان على حقائق متماثلة فإنهما مثلان فابحث عن هذه الحقيقة التي تجعلك تفرق بين هاتين الحبتين وتقول إن هذه ليست عين هذه وهذا سار في جميع المتماثلات من حيث ما تماثلوا به  ،  كذلك الأسماء كل اسم جامع لما جمعت الأسماء من الحقائق
ثم تعلم على القطع أن هذا الاسم ليس هو هذا الآخر بتلك اللطيفة التي بها فرقت بين حبوب البر وكل متماثل فابحث عن هذا المعنى حتى تعرفه بالذكر لا بالفكر
غير أني أريد أن أوقفك على حقيقة ما ذكرها أحد من المتقدمين وربما ما أطلع عليها فربما خصصت بها ولا أدري هل تعطي لغيري بعدي أم لا من الحضرة التي أعطيتها فإن استقرأها أو فهمها من كتابي فأنا المعلم له
وأما المتقدمون فلم يجدوها وذلك أن كل اسم كما قررنا يجمع حقائق الأسماء ويحتوي عليها مع وجود اللطيفة التي وقع لك التمييز بها بين المثلين
وذلك أن الاسم المنعم والاسم المعذب اللذين هما الظاهر والباطن كل اسم من هذين الاسمين يتضمن ما تحويه سدنته من أولهم إلى آخرهم
غير إن أرباب الأسماء ومن سواهم من الأسماء على ثلاث مراتب منها ما يلحق بدرجات أرباب الأسماء ومنها ما ينفرد بدرجة فمنها ما ينفرد بدرجة المنعم وبدرجة المعذب فهذه أسماء العالم محصورة والله المستعان. أهـ ""
 

ص 262 

متفرقات العالم كله، . "11"
فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. "12"
فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.
فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس،. "13"
وظهر في الآخرة لكل
........................................................................
11 - جميع العلوم باطنة في الإنسان بل في العالم كله . راجع فص 2 ، هامش 13 ، ص 59.

12 - كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق راجع هامش 9 - راجع فص 2 ، هامش 11، ص 58 

"" 9 -  تفاضل الأسماء والصفات الإلهية والمراتب  فص 16 هامش 9 ص 261
 للشيخ في هذه المسألة نظرتان :
الأولى من حيث دلالة الأسماء على الذات الإلهية الواحدة فلا تفاضل بينها ،
والأخرى من حيث دلالة كل اسم على معنی لیس للاسم الآخر في العموم والإحاطة وتعلقه بمتعلق أعم فالمراتب تتفاضل ، 
لذلك نراه يقول :
الحقائق والنسب الإلهية لا نهاية لها ولا يصح أن يكون في الإلهيات تفاضل لأن الشيء لا يفضل نفسه .
فكما هو الأول هو الآخر وكما هو الظاهر هو الباطن فالمراتب ما فيها تفاضل عندنا ، لارتباطها بالأسماء الإلهية والحقائق الربانية ، ولا تصح مفاضلة بين الأسماء الإلهية لوجهين ، الواحد أن الأسماء نسبتها إلى الدات نسبة واحدة فلا مفاضلة فيها ، فلو فضلت المراتب بعضها بعضا بحسب ما استندت إليه من الحقائق الإلهية لوقع الفضل في أسماء الله ، فيكون بعض الأسماء الإلهيه أفضل من بعض.

وهذا لا قائل به عقلا ولا شرعا ، ولا يدل عموم الاسم على فضله ، لأن الفضلية إنما تقع فيما من شأنه أن يقبل فلا يتعمل في القبول ، أو فيما يجوز أن يوصف به فلا يتصف به ؛ والوجه الآخر أن الأسماء الإلهية راجعة إلى ذاته والذات واحدة ، والمفاضلة تطلب الكثرة ، والشيء لا يفضل نفسه ، فإذا المفاضلة لا تصح ، ولا يقال إن خلة الحق أشرف من كلامه ، ولا إن كلامه أشرف من خلقه پیدیه ، بل كل ذلك راجع إلى ذات واحدة لا تقبل الكثرة ولا العدد ، فهي بالنسبة إلى كذا خالقة ، وبالنسبة إلى كذا مالكة وبالنسبة إلى كذا عالمة إلى ما نسبت من صفات الشرف والعين واحدة .

أما بالنسبة للتعلق کتسبة العلم الإلهي إلى القدرة الإلهية ، فإن القدرة وإن تعلقت بما لا يتناهي من الممكنات فلا نشك أن العلم أكثر إحاطة منها ، لأنه يتعلق بها وبالممكنات والواجبات والمستحيلات والكائنات وغير الكائنات ، مع ما يعطي الدليل أن ما لا يتناهى لا يفضل ما لا يتناهى ، والقدرة ما لها تعلق إلا بالإيجاد ، فإن القدرة للإيجاد وهو العمل ، وهو العليم سبحانه بما يوجد ، القدير على إيجاد ما يريد إيجاده.

لا مانع له ، وقال تعالى : « أحاط بكل شيء علما» ولا تعم الإحاطة كل شيء إلا إذا كان معنى ، ولا يعلم الشيء من جميع وجوهه إلا الله عز وجل ، الذي أحاط بكل شيء علما سواء كان الشيء ثابتا أو موجودا أو متناهيا أو غير متناه ، فالمعلوم لا يزال محصورا في العلم لهذا كان المعلوم محاطا به ، 

فقال تعالى « أحاط بكل شيء علما » من الواجبات والجائزات والمستحيلات ، وهو تعلق أعم فأنزل الله العالم بحسب المراتب التعمير المراتب ليتميز الكثير الاختصاص بالله الذي اصطنعه الله لنفسه من عباد الله عن غيره من العبيد ، فلو لم يقع التفاضل في العالم لكان بعض المراتب معطلا غير عامر ، وما في الوجود شيء معطل بل هو معمور كله ، فلابد لكل مرتبة من عامر يكون حكمه بحسب مرتبته ، 

ولذلك فضل العالم بعضه بعضا ، وأصله في الأسماء الإلهية ، أين إحاطة العالم من إحاطة المريد من إحاطة القادر ، فتميز العالم عن المريد ، والمريد عن القادر ، بمرتبة المتعاق ، فالعالم أعم إحاطة ، فقد زاد وفضل على المريد والقادر بشيء لا يكون للمريد ولا للقادر من حيث أنه مريد وقادر ، فإنه يعلم نفسه ولا يتصف بالقدرة على نفسه ولا بالإرادة لوجوده ، إذ من حقيقة الإرادة أن لا تعلق إلا بمعدوم والله موجود ، 

ومن شأن القدرة أن لا تتعلق إلا بممكن أو واجب بالغير ، وهو واجب الوجود لنفسه ، فمن هناك ظهر التفاضل في العالم لتفاضل المراتب ، فلابد من تفاضل العامرين لها ، فلابد من التفاضل في العالم ، إذ هو العامر لها الظاهر بها ، وهذا مما لايدرك کشفا بل ادراکه بصفاء الإلهام ، فیکشف المكاشف عمارة المراتب بكشفه للعامرين لها ، ولا يعلم التفاضل إلا بصفاء الإلهام الإلهي . 

الفتوحات ج 1 /  141 - ج 2 / 61 ، 326 ، 501 ، 527 - ج 3 / 382 - ج 4 / 317 أهـ. ""


""و أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الأحد والسبعون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله" :
قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في خطبته لما أثنى على ربه "فإنما نحن به وله". رواه ابو داود والبيهقي
فخاطب وسمع وهذا أمر لا يندفع فإنه عين الأمر غير إن الفضل بين الناس هو بما شاهده بعضهم وحرمه بعضهم
فيعلم العالم من غيره ما لا يعلمه الغير من نفسه مما هو عليه في نفسه
فظهر التفاضل ومع هذا الظهور لا يخرج المخلوق عن أن يكون الحق هويته بدليل تفاضل الأسماء الإلهية وهي الصفات وليست غيره
فلا يعلم الخلق إلا به   ..... ولا يعلم الحق إلا بها
وأما وصفه بالغنى عن العالم أنما هو لمن توهم إن الله تعالى ليس عين العالم
وفرق بين الدليل والمدلول ولم يتحقق بالنظر إذا كان الدليل على الشيء نفسه فلا يضاد نفسه فالأمر واحد وإن اختلفت العبارات عليه
فهو العالم والعلم والمعلوم فهو الدليل والدال والمدلول
فبالعلم يعلم العلم ، فالعلم معلوم للعلم فهو المعلوم والعلم والعلم ذاتي للعالم وهو قول المتكلم ما هو غيره فقط
وأما قوله وما هو هو بعد هذا فهو لما يرى من أنه معقول زائد على ما هو
فبقي أن يكون هو وما قدر على أن يثبت هو من غير علم يصفه به  فقال ما هو غيره فحار فنطق بما أعطاه فهمه
فقال إن صفة الحق ما هي هو ولا هي غيره ولكن إذا قلنا نحن مثل هذا القول ما نقوله على حد ما يقوله المتكلم فإنه يعقل الزائد ولا بد ونحن لا نقول بالزائد فما يزيد المتكلم على من يقول" إِنَّ الله فَقِيرٌ" إلا بحسن العبارة  ونعوذ بالله أن نكون من الجاهلين فهذا بعض نتائج هذا الهجير.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ . أهـ. ""

13 - حياة الوجود الحادث
قال تعالى " وإن من شيء إلا يسبح بحمده "  
الوجود كله حي ناطق بتعظيم الحق سبحانه ، ولكن الحياة منها ما ظهر للحس ومنها ما لم يظهر ، فما لم يظهر بالعادة ظهر بخرق العادة ، فالكل حي ناطق بتسبيح الله وحمده ، حي  في نفس الأمر ذو نفس ناطقة ، 
ولا يمكن أن يكون في العالم صورة لا نفس لها ولا حياة ولا عبادة ذاتية وأمرية ، سواء كانت تلك الصورة مما يحدثها الإنسان من الأشكال ، أو يحدثها الحيوان ، ومن أحدثها من الخلق عن قصد وعن غير قصد، 
فما هو إلا أن تتصور الصورة كيف تصورت وعلى يد من ظهرت ، إلا ويلبسها الله تعالی روحا من أمره ، ويتعرف إليها من حينه ، 
فتعرفه منها وتشهده فيهاء هكذا الأمر دنيا و آخرة ، 
فالتحقيق أن كل ما سوى الله حي  فإنه ما من شيء إلا يسبح بحمده ، 
ولا يكون التسبيح إلا من حي سواء كان ميتا أو غير ميت فإنه حي،
 لأن الحياة للأشياء فيض من حياة الحق عليها ، فهي حية في حال ثبوتها ، ولولا حياتها ما سمعت قوله « کن » بالكلام الذي يليق بجلاله فكانت ، والشيء أنكر النكرات ، وإن كان الله قد أخذ بأسماعنا عن تسبيح الجماد والنبات والحيوان الذي لا يعقل

ص 263


الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى. "14"
ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.؟! "15"
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت

........................................................................
كما أخذ بأبصارنا عن إدراك حياة الجماد و النبات إلا من خرق الله له العادة ، فمن هذه الآية تعلم أن سر الحياة الإلهية سري في جميع الموجودات فحييت بحياة الحق ، فمنها ما ظهرت حياتها لأبصارنا ، ومنها ما أخذ الله بأبصارنا عنها في الدنيا ، إلا الأنبياء وبعض الأولياء ، فإنه کشف لهم عن حياة كل شيء ، ولسريان هذه الحياة في أعيان الموجودات ، نطقت مسبحة بالثناء على موجدها ، وهذه الحياة وباقي الصفات نسب وإضافات وشهود حقائق ، 
فإن الله هو العلي الكبير عن الحلول والحل ، وعن ذلك نزهته الأشياء في تسبيحها فإن التسبيح تنزيه ، وأما الدار الآخرة فهي دار ناطقة ظاهرة الحياة ، ثابتة العين غير زائلة ، وما سماها الله بدار الحيوان إلا لأن الأمر ينكشف فيها للعموم ، فما ترى فيها شيئا إلا حيا ناطقا ، بخلاف حالك في الدنيا ، فالكل حيوان . 
الفتوحات ج 1 / 138 ، 147 - ج 3 / 244 ، 437 ، 557 - ج 4 / 299 .  کتاب المسائل - کتاب الشأن.
 
14 - راجع هامش 9 

15 - مخالفه لما نص عليه الشيخ في كتاب الإسراء * راجع هامش 2 من الفص
، وقوله : « فلابد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم » جملة معترضة .
التعقيب : " هذا عكس الحقائق " على هيئة تعجب وسؤال للفت الإنتباه لمن لا يعلم "عن أدب الوقت وشرع الوقت " لقوله : «قدم اسمك فهو الشرع المتبع وإن لم تفعل فلست بمتبع » أي بالنسبة إلى أهل ملتك وزمانك.
"" 2 - تقديم اسم سلیمان عليه السلام في كتابه إلى بلقیس. ف 16  هامش 2 ص 253
يقول الشيخ في شرح كتاب الإسراء وكتاب النجاة عن حجب الاشتباه في شرح مشکل الفوائد من كتابي الإسراء والمشاهده
فعل سليمان ذلك لأنه أدب وقته وشرع وقته ، وهو شرحه لقوله : «قدم اسمك فهو الشرع المتبع وإن لم تفعل فلست بمتبع » أي بالنسبة إلى أهل ملتك وزمانك ،
وأما قوله : « لا تقدم اسمك على اسم مولاك فإنما كان ذلك لعلة هناك » فانظر كيف جاء في الستكة تقديم التهليل في شهادة التوحيد على ذكر الرسول عليه السلام ،
وقوله « إنما كان ذلك ، إشارة إلى سليمان عليه السلام ، اصطلاحهم في ذلك الزمان ، فلم تقتض الحكمة أن يخرج عن عادة أهل الزمان .  أهـ ""

ص 264

ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.
وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة. "16"
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.
فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال،. "17" 
ولم يكن عندنا باتحاد

........................................................................

19 - سرعة البصر
إن البصر لا شيء أسرع منه ، فإن زمان لمحة العين أي زمان التحاظه عين زمان تعلقه بالملموح ، ولو كان البعد ما كان، فهو زمان التحاقه بغاية ما يمكن أن ينتهي إليه في التعلق ، وأبعد الأشياء في الحس الكواكب الثابتة التي في فلك المنازل ، وعندما تنظر إليها يتعلق اللمح بها ، فهذه سرعة الحس ، فإن اللمحة الواحدة م ن البصر تعم من أحكام المرئيات من حيث الرائي إلى الفلك الأطلس جميع ما يحوي
عليه في تلك اللمحة من الذوات والأعراض القائمة بها من الأكوان والألوان.
الفتوحات  ج 1 / 702 - ج 2 / 82 ، 402 


17 - آصف بن برخيا
آصف بن برخيا كان يعلم الاسم الأعظم الذي يفعل بالخاصية ، ولولا الكتاب ما علم ذلك ، فقال لسليمان عليه السلام : « أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك » فظهر بهذا الأمر تعظيما لقدر سلیمان عليه السلام عند أهل بلقيس وسائر أصحابه ،

ص 265

الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان،. "18"
من تجديد الخلق

........................................................................
وما طوي عن سليمان عليه السلام العلم بهذا الاسم ، وإنما طوي عنه الإذن في التصرف به ، تنزيها لمقامه فإنه رسول مصرف العين إلى من أرسل إليه ، فكان ذلك من آصف بن برخيا إعلام الغير بأن التلميذ التابع إذا كان أمره بهذه المثابه فما ظنك بالشيخ ! فيبقى قدر الشيخ مجهولا في غاية التعظيم ، فلو ظهر على سليمان هذا الفعل التوهم أن هذا غايته ، وظهور هذا الفعل على يد صاحبه أتم في حقه ، إذ كان هذا التابع مصدقا به وقائما في خدمته بين يديه تحت أمره ونهيه ، فيزيد المطلوب رغبه في هذا الرسول إذا رأی برکته قد عادت على تابعيه ، فيرجو هذا الداخل أن يكون له بالدخول في أمره ما كان لهذا التابع .
الفتوحات ج 2 / 120 - ج 4 / 73 


18 ۔ عرش بلقیس  *
قالت بلقيس " كأنه هو "، وما كان إلا هو ، ولكن حجبها بعد المسافة وحكم العادة ، وجهلها بقدر سليمان عليه السلام عند ربه ، فهذا حجبها أن تقول : هو هو
فقالت « كأنه هو » وهو هو ، فجهلها ادخل كاف التنبيه ، فما شبهته إلا بنفسه وعينه لا بغيره ، وإنما شوش عليها بعد المسافة المعتاد ، ولو شاهدت الاقتدار الإلهي لعلمت إنه هو كما كان هو من غير زيادة ، 
فقولها « كأنه هو » حصل لها من وقوفها مع الحركة المعهودة في قطع المسافة البعيدة ، وعلمت بعد ذلك أنه هو لا غيره .
واعلم أن الله لا يرد ما أوجده إلى عدم ، بل هو يوجد على الدوام ولا يعدم . 
فالقدرة فعالة دائما ، فإنه ما شاء إلا الإيجاد ، 
ولهذا قال : « إن يشأ يذهبكم » والذهاب انتقالكم من الحال التي أتم فيها إلى حال تكونون فيها ، فيكسو الخلق الجديد عين هذه الأحوال التي كانت لکم ٹو شاء ، لكنه ما شاء ، فليس الأمر إلا كما هو فإنه لا يشاء إلا ما هي عليه ، لأن الإرادة لا تخالف العلم ، والعلم لا يخالف

 ص 266


.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 25 ديسمبر 2019 - 15:51 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 22:22 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الرابع .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة والعشرون :-   الجزء الرابع

مع الأنفاس. "19"
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر :
 " كهز الرديني  ثم اضطرب "
........................................................................
المعلوم ، والمعلوم ما ظهر ووقع ، فلا تبديل لكلمات الله ، فإنها على ما هي عليه ، فقوله تعالى : « إن يشأ يذهبكم وبأت بخلق جديد » معناه إن يشأ يشهدكم في كل زمان فرد الخلق الجديد ، الذي أخذ الله بأبصاركم عنه ، فإن الأمر هكذا هو في نفسه ، والناس منه في لبس ، فبقاء الجوهر لیس لعينه ، وإنما بقاؤه للصور التي تحدث فيه، فلا يزال الافتقار منه إلى الله دائما، فالجوهر فقره إلى الله للبقاء ،والصور فقرها إلى الله لوجودها ، فالكل في عين الفقر إلى الله ، فالحق له الاقتدار ، والاقتدار لا يكون عنه إلا الوجود ، فأبى الاقتدار إلا الوجود ، وعلق الإرادة بالإعدام ، 
والله لا يعدم الأشياء القائمة بأنفسها بعد وجودها ، ولا يتصف بإعدام أحوالها ولا أعراضها بعد وجودها ، وإنما الأشياء تكون على أحوال ، فتزول تلك الأحوال عنها ، فيخلع الله عليها أحوالا غيرها ، أمثالا كانت أو أضدادا ، مع جواز إعدام الأشياء بمسكه الإمداد بما به بقاء أعيانها ، لكن قضى القضية أن لا يكون الأمر إلا هكذا ، ولذلك قال : « إن يشأ يذهبكم و يأت بخلق جديد » ولكن ما فعل .
ما جاء في هذه الفقرة يخالف تماما ما ذهب إليه الشيخ وثبت عنه فإنه لو كان إعداما وإيجادا ، لما كان هو .
فلابد من بقاء الجوهر الفرد ، وإذا بقي الجوهر الفرد فلابد من انتقاله من اليمن إلى بيت المقدس ، فهو انتقال كما أوضحه الشيخ لا إعدام وإيجاد . 
الفتوحات ج 1 / 496 ، 664 - ج 2 / 15 ، 483 ، 495 ، 539 ، 539 - ج 3 / 460 - ج 4 / 240 .
 
19 - بل هم في لبس من خلق جديد - الآية
هذا في مفهوم العموم النشأة الآخرة ، وفي مفهوم الخصوص تجدد النشأة في كل نفس دنیا وآخرة ، فعين كل شخص يتجدد في كل نفس لابد من ذلك ، فالخلق الجديد حيث كان دنیا وآخرة ، فدوام الإيجاد الله تعالى، ومن المحال بقاء حال على عين
 
ص 267
 
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.
فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه. "20"
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.
وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران،
........................................................................
نفسين أو زمانين للاتساع الإلهي ، ولبقاء الافتقار على العالم إلى الله ، فالتغيير له واجب في كل نفس ، والله خالق فيه في كل نفس ، فنحن في خلق جديد بين وجود وانقضاء ، فأحوال تتجدد على عين لا تتعدد بأحكام لا تنفد ، فهذا هو الخلق الجديد الذي أكثر الناس منه في لبس وشك ، والحجاب ليس إلا التشابه والتماثل ولولا ذلك لما التبس على أحد الخلق الجديد الذي لله في العالم في كل نفس بكل شأن ، فالخلق الجديد في كل نفس دنیا وآخرة ، ونفس الرحمن لا يزال متوجها ، والطبيعة لا تزال تكون صورة لهذا النفس ، حتى لا يتعطل الأمر الإلهي ، إذ لا يصح التعطيل، فصور تحدث ، وصور تظهر بحسب الاستعدادات ، لقبول النفس الرحماني إلى ما لا يتناهی ، فالأول منها وإن كان صورة فهو المبدع ، والثاني ليس بمبدع فإنه على مثاله ولكنه مخلوق . 
الفتوحات ج 1 / 461 - ج 3 / 253 ، 395 ، 506 - ج 4 / 22 ، 280 ،    
439.
 
20 - راجع هامش 18  
 
ص 268
 
والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما. "21"
فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.
فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر،.  "22"
كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها».
حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»:
أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».
فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»،  "23"
وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون».
فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.
فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه
........................................................................
21 - نفس المعنى في كتاب تلقيح الأذهان.
"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثمانون ومائتان في معرفة منزل مالي وأسراره من المقام الموسوي :- 
ولا شك أن المجتهد الذي أخطأ في اجتهاده في الأصول يقطع أنه على برهان فيما أداه إليه نظره وإن كان ليس ببرهان في نفس الأمر، فقد يعذره الله تعالى لقطعه بذلك عن اجتهاده
كما قطع الصاحب أنه رأى دحية وكان المرئي جبريل فهذا قاطع على غير علم فاجتهد فأخطأ فإنه غير ذاكر لما نقصه من التقسيم فإنه لو قال إن لم يكن روحا تجسد وإلا فهو دحية بلا شك فتدبر ما قررناه في مثل هذا
فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في المجتهد" إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر" ولم يفصل بين الاجتهاد في الأصول والفروع وقال تعالى : "وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا"،
ويلحق بهذا الباب طوائف ممن أوجب أكثر العلماء عليهم العذاب وحكموا عليهم بالشقاء من غير دليل واضح يفيد العلم
فأنزلوهم منازل الأشقياء بالظن والقطع على غير علم في نفس الأمر
فالإله لا يكون بالحسبان فثبت بما ذكرناه أنه من ظن لم ينج من عذاب في الإله
فإن قيل  يقول الله" أنا عند ظن عبدي بي"
قلنا له هو مذهبنا فإنه قال " بـ ي" فقد أثبته "" له تعالى"" .
وما قال أنا عند ظن العبد بمن جعله إلها
فمتعلق الظن كان عنده بالله فيما يظنه من سعادة أو شقاء
فإنه عالم بالله صاحب ظن في مؤاخذته على الذنب أو العفو عنه وبعد أن تقرر هذا
فلتعلم إن الجنة جنتان جنة حسية وجنة معنوية فالمحسوسة تتنعم بها الأرواح الحيوانية والنفوس الناطقة والجنة المعنوية تتنعم بها النفوس الناطقة لا غير وهي جنة العلوم والمعارف . أهـ. ""
 
22 - نفس المعنى ورد في نقش الفصوص وهو إسماعيل بن سودکین.
"" أضاف الجامع :  يقول الشيخ عبد الرحمن الجامي :
ولما قالت بلقيس في جواب السؤال عن عرشها، حيث قيل لها،  "أَهكَذا عَرْشُكِ"، قالت «كَأَنَّهُ هُوَ»، أي كأنّ العرش المشاهد المشار إليه هو العرش الذي خلّفته في سبا،
ففيه، أي فيما قالت بلقيس، عثور و اطّلاع منّا على علمها، أي على كونها عالمة، بتجديد الخلق بالأمثال في كل زمان.
بل في كل آن فأتت بلقيس بكاف التشبيه في قولها، «كَأَنَّهُ هُوَ»، و حكمت بالمغايرة و المشابهة، فإنّ التشبيه لا يكون إلّا بين متغايرين.
و صدقت فيما قالت لما ذكرنا من تجديد الخلق بالأمثال فانّ مثل الشي‏ء لا يكون عينه من حيث التعيّن، و هو هو من حيث الحقيقة.
وأراها، أي سليمان بلقيس، صرح‏ القوارير فحسبته كأنه لجة، أي ماء، فـ «كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها» حتّى لا يصيب الماء ثوبها.
وما كان لجة في نفس الأمر، كما أن العرش المرئي الموجد عند سليمان ليس عين العرش الذي  خلّفته في سبا من حيث الصورة، فانّه قد انخلع عن الصورة الأولى وتلبّس بصورة أخرى.
ولكنّ الجوهر الذي تعاقبت عليه الصورتان واحد، والصورتان متماثلتان.
فنبّهها بذلك على أنّ حال عرشها كحال الصرح في كون كل منهما مماثلا مشابها لآخر:
أمّا العرش، فلأنّه انعدم، و ما أوجده الموجد مماثل لما انعدم وأمّا الصرح، فلأنّه من غاية لطفه و صفائه صار شبيها بالماء الصافي، مماثلا له، وهو غيره.
فنبّهها بالفعل على أنّها صدقت في قولها، «كَأَنَّهُ هُوَ»، فإنّه ليس عينه، بل مثله. و هذا غاية الانصاف من سليمان عليه السلام، فانّه صوّبها في قولها، «كَأَنَّهُ هُوَ».
و هذا التنبيه الفعلى كالتنبيه القولى الذي في سؤاله، «أَهكَذا عَرْشُكِ»، حيث لم يقل، "أهذا عرشك». فافهم.
وهذا، أي تجديد الخلق مع الآنات، ليس مخصوصا بعرش بلقيس‏  بل هو ساري في العالم كله، علوّه و سفله، فانّ العالم بمجموعه متغيّر أبدا، و كل متغيّر يتبدّل تعيّنه  مع الآنات.
فيوجد في كل آن متعيّن غير المتعيّن الذي هو في الآن الآخر، مع أنّ العين الواحدة التي يطرأ عليها هذه التغيّرات بحالها، فالعين الواحدة هي حقيقة الحق المتعيّنة بالتعيّن الأوّل اللازم لعلمه بذاته.
و هي عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصور المسمّاة «عالما»، و مجموع الصور أعراض طارية متبدّلة في كل آن. و المحجوبون لا يعرفون ذلك.
فهم في لبس من هذا التجدّد الدائم في الكل.
وأمّا أهل الكشف، فانّهم يرون أنّ الله تعالى يتجلّى في كل نفس، ولا يتكرّر التجلّى:
فانّ ما يوجب البقاء غير ما يوجب الفناء، وفي كل آن يحصل البقاء والفناء فالتجلّى غير مكرّر.
ويرون أيضا أنّ كل تجلّ يعطى خلقا جديدا و يذهب بخلق.  أهـ عبد الرحمن الجامي ""
 
23 - قول فرعون « آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل » الآية
قال فرعون ذلك وما سمى الله ليرفع اللبس والشك
، إذ قد علم الحاضرون أن بني إسرائيل ما آمنت إلا بالإله الذي جاء موسى وهارون من عنده إليهم ، فلو قال « آمنت بالله ، وهو قد قرر أنه ما علم من إله غيره ، لقالوا لنفسه شهد لا. للذي أرسل موسى إلينا ، كما شهد الله لنفسه ، فرفع اللبس بما قاله ، وجاء فرعون باسم الصلة وهو « الذي » ليرفع اللبس عند السامعين و لرفع الإشكال عند الأشكال .
الفتوحات ج 3 / 90 .
 
ص 269
 
لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.
فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم.
وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره.
فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر.   "24"
من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية. "25"
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية.
واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن
........................................................................
25 - تسخير الريح لسليمان عليه السلام
ثم إن الله تمم النعمة لسليمان عليه السلام بدار التكليف فقال : « فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ، فجعل الله الريح مأمورة ، يعلمنا أنها تعقل ، فالريح ذو روح تعقل كسائر أجسام العالم ، وهبوبه تسبيحه . 
الفتوحات ج 1 / 585 - ج 2 / 450.
 
25 - الهمة والجمعية
اعلم أن الهمة يطلقها. القوم بإزاء تجريد القلب للمني ، ويطلقونها إزاء صدق المريد، ويطلقونها بإزاء جمع الهمم بصفاء الإلهام ، فيقولون الهسة على ثلاث مراتب هية تنبه ، وهمة إرادة ، وهمة حقيقة ، فاعلم أن همة التنبه هي تيقظ القلب لما تعطيه حقيقة الإنسان مما يتعلق التمني س واء كان محالا او ممكنا ، فهي تجرد القلب للمني ، فتجعله هذه الهمة أن ينظر فيما يتمناه ما حكمه ، فيكون بحسب ما يعطيه العلم بحكمه ، وأما همة الإرادة وهي أول صدق المريد فهي همة جمعية ، لا يقوم
 
ص 270
مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير
........................................................................
لها شيء ، فإنه إذا اجتمع الإنسان في نفسه حتى صار شيئا واحدا نفذت همته فيما يريد ، وهذا ذوق أجمع عليه أهل الله قاطبه فإن بد الله مع الجماعة فإنه بالمجموع ظهر العالم ، 
وهذه الهمة توجد كثيرة في قوم يسمون بإفريقيا الغرانية يقتلون بها من يشاؤون ، فإن النفس إذا اجتمعت أثرت في أجرام العالم وأحواله ولا يعتاص عليها شيء، حتى أدى من علم ذلك ممن ليس عنده کشف ولا قوة إيمان أن الآيات الظاهرة في العالم على أيدي بعض الناس إنما ذلك راجع إلى هذه الهمة ، 
ولها من القوة بحيث أن لها إذا قامت بالمريد أثرا في الشيوخ الكمال ، فيتصرفون فيهم بها ، وقد يفتح على الشيخ في علم ليس عنده ولا هو مراد به بهمة هذا المريد الذي يرى أن ذلك عند هذا الشيخ ، فيحصل ذلك العلم في الوقت للشيخ بحكم العرض ليوصله إلى هذا الطالب صاحب الهمة ، إذ لا يقبله إلا منه ، 
وذلك لأن هذا المريد جمع همته على هذا الشيخ في هذه المسألة ، ولذلك من جمع همته على ربه أنه لا يغفر الذنوب إلا هو وأن رحمته وسعت كل شيء كان مرحوما بلا شك ولا ريب ، 
وأما همة الحقيقة التي هي جمع الهمم بصفاء الإلهام ، فتلك همم الشيوخ الأكبر من أهل الله ، الذين جمعوا هممهم على الحق ، وصيروها واحدة لأحدية المتعلق ، هربا من الكثرة وطلبة التوحيد الكثرة أو التوحيد ، فإن العارفين أنفوا من الكثرة لا من أحديتها ، في الصفات كانت أو في النسب أو في الأساء ، وهم متميزون في ذلك ، وهم على طبقات مختلفة ، وإن الله يعاملهم بحسب ما هم عليه ، لا يردهم عن ذلك إذ لكل مقام وجه إلى الحق .
الفتوحات ج 2 / 526 - راجع فص 13 ، هامش 3، ص 201


"" 3 – الهمة فص 13 ، هامش 3، ص 201
الهمة وهي الصدق أن يريد الشيء فيمتثل المراد بين يديه على ما أراد من غير زيادة ولا نقصان ، فإذا أراد الإنسان أن يختبر نفسه فلينظر هل له فعل بالهمة المجردة فيما شأنه أن لا يفعل إلا بالكلام أم لا ؟ 
فإن أثر وحصل المقصود فهو صامت حقيقة ، مثل أن يريد أن يقول لخادمه « اسقني ماء » أو « آتني بطعام » أو « سر إلى فلان فقل له كذا وكذا ، ولا يشير إلى الخادم بشيء من هذا كله ، فيجد الخادم في نفسه ذلك كله ، بأن يخلق الله في سمع الخادم عن ذلك .
يقول فلان قال لي افعل كذا وكذا يسمع ذلك حسيا بأذنه ، ولكن يتخيل أنه صوت ذلك الصامت ، وليس كذلك ، فمن ليست له هذه الحالة ، فلا يدعى أنه صامت ، وهذا مما غلط فيه جماعة من أهل الطريق .
فسن نصح نفسه فقد أقمنا له میزان هذا المقام الذي يزنه به حتى لا يلتبس عليه الأمر ، وهذا لا يكون إلا للإلهيين المحسنين لا لغيرهم من المؤمنين والمسلمين الذين لم يحصل لهم مقام الإحسان .
وليس الفعل بالهمة في الدنيا لكل أحد، وقد كان ذلك في الدنيا لغير الولي کصاحب العين أو الغرانية بإفريقيا من تأثير الصدق فمشهود في أشخاص ما لهم المكانة من أسباب السعادة التي جاءت بها الشرائع ولكن لهم القدم الراسخ في الصدق، ولكن الفعل بالهمة ما يكون بسرعة تكوين الشيء بالهمة في الدار الآخرة .
وهذا في الدنيا نادر شاذ كقضيب البان وغيره ، وهو في الدار الآخرة للجميع ، فأصحاب الآثار قد يكونون أولياء ، وقد تكون تلك الآثار الكونية عن موازين معلومة عندنا ، وعند من يعرف همم النفوس وقدرتها وانفعال أجرام العالم لها.
ومن خالط الغرانية ورأى ما هم عليه من عدم التوفيق مع كونهم يقتلون بالهمة ويعزلون ويتحكمون لقوة هممهم ، وأيضا لما في العالم من خواص الأسماء التي تكون عنها الآثار والتكوينات عند من يكون عنده علم ذلك مع كون ذلك الشخص مشرکا بالله .
فمن الناس من يكون عالما بخواص الأسماء ، فيظهر بها الآثار العجيبة والانفعالات الصحيحة ، ولا يقول إن ذلك عن أسماء عنده ، وإنما يظهر ذلك عند الحاضرين أنه من قوة الحال والمكانة عند الله والولاية الصادقة وهو كاذب ، فما هو من خصائص أولياء الله تعالی التأثير في الكون .
يقول لوط عليه السلام لقومه « لو أن لي بكم قوة » أي همة فعالة ، فمن كان الحق قواه فلا همة تفعل فعل من هذه صفته ، لكن الأمر لا يكون إلا ما سبق به الكتاب ، وهو عليه السلام من أعلم الناس بالله .
ويعلم أنه ما يكون إلا ما سبق به الكتاب، ولا كتب تعالى إلا ما هو المعلوم عليه، فلا تبديل لكلمات الله، وما يبدل القول لديه، وما هو بظلام للعبيد، فلا يقع إلا ما هو الأمر عليه، قال تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"، فإنه لما كان سبب الجهاد أفعالا تصدر من الذين أمرنا بقتالهم وجهادهم .
وتلك الأفعال أفعال الله خلقا وتقديرا ، فما جاهدنا إلا فيه ولكن بامتثال أمره .
قال « لنهدينهم سبلنا » التي قال فيها : " ولا تتبعوا السبل فتفرق بکم عن سبيله" ، يعني السبيل التي لكم فيها السعادة ، وسبيل السعادة هي المشروعة ، فبين لنا سبلها فندخلها ، فلا نرى مجاهدأ ولا مجاهدا فيه إلا الله .
فكان قوله تعالی « لنهدينهم سبلنا » أي تبين لهم حتى يعلموا فيمن جاهدوا ، ولذلك تسم الآية بقوله « وإن الله لمع المحسنين » والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإذا رأيته علمت أن الجهاد كان منه وفيه . 
راجع فتوحات ج 1 / 359 - ج 2 / 148 ، 180 ، 385 ، 388 ، 667 - ج 4 / 35 أهـ.""
 
ص 271
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 22:36 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 22:32 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الخامس .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة والعشرون :-   الجزء الخامس
حساب». "26"
فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه. "27"
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا
........................................................................
26 - عطاء الحق لسليمان عليه السلام
قال تعالی لسليمان عليه السلام إتماما لنعمته عليه « هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب » فرفع عنه الحجر في التصريف بالاسم المانع والمعطي ، وما حجب هذا الملك سليمان عليه السلام عن ربه عز وجل ، أما قوله تعالى « بغير حساب » يعني لست محاسبا عليه ، 
ولله عباد سليمانيون، وهم سبعون ألفا في هذه الأمة ، قد نعتهم النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر الصحيح ، وعكاشة منهم بالنص عليه « وإن له عندنا » يعني في الآخرة « لزلفى وحسن مآب » أي ما ينقصه هذا الملك من ملك الآخرة شيء ، كما يفعله مع غيره حيث أنقصه من نعيم الآخرة على قدر ما تنعم به في الدنيا . 
الفتوحات ج 1 / 585 - ج 2 / 188 ، 207 .
 
27 ۔ مخالفة لأصول الشيخ  *
هذا يخالف ما نص عليه الشيخ حيث يقول :
شرط أهل الطريق فيما يخبرون عنه من المقامات والأحوال أن يكون عن ذوق، ولا ذوق لنا ولا لغيرنا ولا لمن ليس بنبي صاحب شريعة في نبوة التشريع ولا في الرسالة ، فكيف تتكلم في مقام لم نصل إليه ، وعلى حال لم نذقه ، لا أنا ولا غيري ممن ليس بنبي ذي شريعة من الله ولا رسول ، حرام علينا الكلام فيه ، فما تكلم إلا فيما لنا فيه ذوق فما عدا هذين المقامين فلنا الكلام فيه عن ذوق لأن الله ما حجره
الفتوحات ج 2 / 24 .
* فلا يصح نسبة ما جاء هنا إلى الشيخ الأكبر من أن سليمان عليه السلام سأل الحق عن أمر منه تعالى ،وأنه قد عرف ذلك من طريق الذوق.
 
التعقيب على أ. محمود محمود الغراب :
بل هذا لا يخالف ما نص عليه الشيخ ويصح نسبته للشيخ لانه موضوع آخر وباب آخر غير الذي قال به الشيخ فالقرآن الكريم لا يخطيء.
انه من نفس ذوق رسول الله موسى وذوق ولي الله الخضر فى علوم موسى عليهما السلام.
فكان موسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل وظن أنه أعلم أهل الأرض فأرسله الله تعالى لملاقاة وليه الخضر عليهما السلام للتعلم منه :
 "قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)  سورة الكهف" .
وكذوق ولى الله الخضر فى علوم رسول الله موسى عليهما السلام .فقال له  " قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)" سورة الكهف
وفى النهاية اعترف رسول الله موسي عليه السلام بذلك  : "قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) سورة الكهف ".
وكان ذوق ولي الله الخضر مع رسول الله موسى عليهما السلام "قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82) سورة الكهف "


ص 272
 
سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب.
قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.
ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة . "28"
........................................................................
28 - الوجود المحدث خیال منصوب
الخيال المطلق هو المسمى به العماء ، وقد فتح الله تعالى في ذلك العماء صور كل ما سواه من العالم ، وهو الخيال المحقق وهو من النفس وهو وجود ، وهو عين الحق المخلوق به ، وأجناس العالم مخلوقون من هذا العماء ، وأشخاص العالم مخلوقون منه أيضا ، فإذا فهمت هذا الأصل علمت أن الحق هو الناطق والمحرك والمسكن والموجد والمذهب ،فتعلم أن جميع هذه الصور مما ينسب إليها مما هو له.
خیال منصوب وأن حقيقة الوجود له تعالى ، ألا ترى واضع خيمة الستارة ما وضعه إلا ليتحقق الناظر فيه علم ما هو أمر الوجود عليه ، فيرى صورا متعددة حركاتها وتصرفاتها وأحكامها لعين واحدة ، ليس لها من ذلك شيء ، والموجد لها ومحرکها ومسكنها بيننا وبينه تلك الستارة المضروبة ، وهو الحد الفاصل بيننا وبينه ، به يقع التمييز فيقال فيه إله ، ويقال فينا عبيد وعالم أي لفظ شئت ، والحقائق لا تتبدل ، وحقيقة الخيال التبدل في كل حال ، والظهور في كل صورة ، فلا وجود حقيقي لا يقبل التبديل إلا الله ، فما في الوجود المحقق إلا الله ، وما سواه فهو الوجود الخيالي ، 
وإذا ظهر الحق في هذا الوجود الخيالي ما يظهر فيه إلا بحسب حقیقته ، لا بذاته التي لها الوجود الحقيقي ، 
فكل ما سوى ذات الحق خیال حائل وظل زائل ، فلا يیقی کون في الدنيا والآخرة وما بينهما ، ولا روح ولا نفس ، ولا شيء مما سوى الله ، أعني
 
ص 273
 
 
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.
وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».
وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته .  "29"
وليس الأمر كما زعموا.
........................................................................
ذات الحق ، على حالة واحدة لا تبدل من صورة إلى صورة دائما أبدا، وليس الخيال إلا هذا ، فهذا هو عين معقولية الخيال وهو العماء جوهر العالم كله ، فالعالم ما ظهر إلا في خيال فهو متخیل لنفسه ، فهو هو وما هو هو.
مما يؤيد ما ذكرناه أنك لا تشك أنك مدرك لما أدركته أنه حق محسوس لما تعلق به الحس وأن الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم  في قوله « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » فنبه أن ما أدركتموه في هذه الدار مثل إدراك النائم بل هو إدراك النائم في النوم وهو خیال ، 
فما أعجب الأخبار النبوية ، لقد أبانت عن الحقائق على ما هي عليه ، وعظمت ما استهوته العقل الفاصر ، فإنه ما صدر إلا من عظيم وهو الحق ، فإذا ارتقى الإنسان في درج المعرفة علم أنه قائم في حال اليقظة المعهودة ، وأن الأمر الذي هو فيه رؤيا إيمانا وكشفا ، ولهذا ذكر الله أمورا وافعة في ظاهر الحس وقال « فاعتبروا » وقال « إن في ذلك لعبرة » أي جوزوا واعبروا مما ظهر لكم من ذلك إلى علم ما بطن به وما جاء له ، 
لذلك قال صلى الله عليه وسلم : « الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا » ولكن لا يشعرون ، ولهذا قلنا إيمانا ، فالوجود كله نوم ويقظته نوم . 
الفتوحات  ج 2 / 213 ، 310 ، 311 ، 313 ، 387 .
 
29 - أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته  راجع هامش رقم 7، 26
 
"" 7 - قول سليمان عليه السلام "وهب لي ملكا لا بنبغي لأحد من بعدي" فص 16 هامش رقم 7 ص 259
يريد لا ينبغي ظهوره في الشاهد للناس لأحد ، وإن حصل بالقوة لبعض الناس - کمسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العفريت الذي فتك عليه فأراد أن يقبضه ويربطه بسارية من سواري المسجد حتى ينظر الناس إليه فتذكر دعوة أخيه سلیمان فرده الله خاسئا ، فعلمنا من ذلك أنه أراد الظهور في ذلك لأعين الناس، فأجاب الله سليمان عليه السلام إلى ما طلب منه بأن ذکر رسول الله صلى الله عليه وسلم  بدعوة أخيه سليمان حي لا يمضي ما فام بخاطره من إظهار ذلك ، ومن هذه الآية نعلم أن حب العارف للمال والدنيا لا يقدح في حبه لله وللآخرة ، فإنه ما يحبه منه لأمر ما إلا ما يناسب الأمر في الإلهيات ، أترى سلیمان عليه السلام سأل ما يحجبه عن الله ، أو سأل ما يبعده عن الله ، هيهات . 
بل هي صفة كمالية سليمانية لذلك قال « إنك أنت الوهاب » فما أليق هذا الاسم بهذا السؤال .
الفتوحات ج 1 / 584 ، 585 .
 
26 - عطاء الحق لسليمان عليه السلام  فص 16 هامش 26  ص 272
قال تعالی لسليمان عليه السلام إتماما لنعمته عليه « هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب » فرفع عنه الحجر في التصريف بالاسم المانع والمعطي ، وما حجب هذا الملك سليمان عليه السلام عن ربه عز وجل ، أما قوله تعالى « بغير حساب » يعني لست محاسبا عليه ، 
ولله عباد سليمانيون، وهم سبعون ألفا في هذه الأمة ، قد نعتهم النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر الصحيح ، وعكاشة منهم بالنص عليه « وإن له عندنا » يعني في الآخرة « لزلفى وحسن مآب » أي ما ينقصه هذا الملك من ملك الآخرة شيء ، كما يفعله مع غيره حيث أنقصه من نعيم الآخرة على قدر ما تنعم به في الدنيا . 
الفتوحات ج 1 / 585 - ج 2 / 188 ، 207 . ""

ص 274
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 23:28 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة والعشرون :-   
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
16 - فص رحمانية في كلمة سليمانية
المرتبة 16 : لفص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية من الاسم المحصي وسماء الكاتب وحرف الطاء ومنزلة الزبانا
المبين المتين هو الذي به تتميز الأشياء بقبضها في حدودها . ولا تتميز الأشياء إلا بمعرفة كيفياتها وكمياتها وهذا يستلزم ظهور الاسم المحصي.
فله الرتبة 16 قال تعالى :وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً( الجن ، 28 ) ،
وقال عن الكتاب :لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها( الكهف ، 49 ) ،
وقال عن اللوح المحفوظ :وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ( يس ، 12 ) ،
وقال :وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً( النبأ ، 29 ) ، والمحصي هو المتوجه على إيجاد السماء الثانية وكوكبها المسمى الكاتب ، للعلاقة بين وظيفة الكاتب وفعل الإحصاء لأن الكاتب هو الذي يحصي الحروف ويجمعها ولهذا فإن الخطباء والكتاب يستمدون من هذه السماء حسب ما نبه عليه الشيخ في عدة مواضع .
ولهذا نجده في حضرة الإحصاء من الباب 558 من الفتوحات يقول :
( وهذا مقام كاتب صاحب الديوان كاتب الحضرة الإلهية وهذا الكتاب هو الإمام المبين. . إلخ) .
وليلة هذا الكوكب هي ليلة الأحد ونهاره الأربعاء ، وقطب هذه السماء عيسى ومعه يحيى عليهما السلام وأنسب الأنبياء لنفسها الرحماني سليمان عليه السلام ولهذا جعل فصه لمرتبتها . فما السر في تطابق نفس سليمان مع عيسى في سماء الكتابة ؟
الجواب - واللّه أعلم - هو سر الجمعية من الاسم المحصي .
 
فلروح اللّه عيسى - مثل إسرافيل نافخ الأرواح ، ومثل الإمام المبين معدن النفوس - رقائق ممتدة إلى جميع الحضرات .
وكذلك هذه السماء الثانية تتميز عن السماوات الأخرى بكونها حضرة الجمع لكل ما تفرق في غيرها لاستمداد وجودها من جمعية المحصي التي تستلزم الإحاطة .
وأخو المحصي من الأسماء هو الاسم المحيط كما ذكره الشيخ في حضرة الإحصاء من الباب 558 حيث يقول : ( يدعى صاحبها
عبد المحصي وهي حضرة الإحاطة أو أختها لا بل هي أختها لا عينها قال تعالى :وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً( الجن ، 28 ) ، وأنسب الأنبياء لهذه الحضرة هو عيسى من حيث روحه وسليمان من حيث نفسه لأن عيسى ممتزج النشأة بين روحانية جبريل النافخ في أمه وبشرية مريم عليهم السلام .
وإليه انتهى نفس الرسالة في دورة الملك التي مهدت لظهور الرسول الخاتم صلى اللّه عليه وسلم . وإلى عيسى أيضا ينتهي نفس الولاية العامة آخر الزمان عند نزوله في مقام القربة من الأمة المحمدية .
 
فهو جامع لمراتب الروحانية والبشرية والرسالة والولاية ومن جمعيته بالحق تعالى أحيا الموتى بإذن اللّه الذي رفعه إليه وأسكنه السماء الثانية التي يسميها الفلكيون سماء المزج لأنها جامعة لكل الطبائع والأوصاف فهي نارية هوائية مائية ترابية وكوكبها ليلي نهاري ينقلب مع كل أمر حسب وصفه وهو أيضا ذكر وأنثى حسب تقسيم الكواكب والبروج إلى مذكر ومؤنث .
وأما سليمان فقد ظهر عليه الاسم المحصي حسا ومعنى ظاهرا وباطنا وعبر عن ذلك هو نفسه في قول القرآن :وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ( النمل ، 16 ) .
قال المفسرون في قوله وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أي من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات والجنود والجيوش والجماعات من الجن والإنس والطيور والوحوش والرياح والشياطين والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من الناطقات والصامتات.
فأحصى سليمان في ملكه ما لم يؤت أحد بعده مثله من حيث الظهور به .
وهذا ما أكده الشيخ داخل هذا الفص .
ومن سر جمعية المحصي سمي كوكب هذه السماء الكاتب ومعنى كتب في اللغة جمع وضم ، فسمي الكتاب كتابا لجمعه أنواعا من الجمل التي تضم كلمات وحروفا
 وسميت جماعة الجنود المنظمة كتيبة . . . والمنزلة الفلكية لهذه المرتبة هي الزبانا وسط برج الميزان . والميزان هو آلة الإحصاء .
والزبن في اللغة الدفع والضم والجمع ولها حرف الطاء الذي عدده تسعة آخر الآحاد فهو أنسب الأعداد للإحصاء والإحاطة .
والفلك التاسع هو المحيط العرشي وإلى إحصائه وإحاطته يشير الشيخ في تعريف حرف الطاء في الباب 2 من الفتوحات :
في الطاء خمسة أسرار مخبأة  ... منها حقيقة عين الملك في الملك
والحق في الحق والأسرار نائبة ... والنور في النار والإنسان في الملك
فهذه خمسة مهما كلفت بها ...  علمت أن وجود الفلك في الفلك
وقد اقترن سليمان بالكتاب في سورة النمل الآية 28
"اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ " وصاحبه الذي عنده علم من الكتاب أتى بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف .
ولهذا استفتح الشيخ هذا الباب بالكلام على الكتاب السليماني الذي فاتحته البسملة الجامعة لأسرار القرآن الجامع والجامعة لرحمتي الوجوب والامتنان .
ولهذا نسب الشيخ هذا الفص إلى الحكمة الرحمانية لتحقق سليمان كمال التحقق برحمانية البسملة :" إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " ( النمل ، 28 ) ، وباسمه الرحمن استوى الحق تعالى على العرش المحيط .
والاسم المحيط أخو المحصي هو المتوجة على إيجاد العرش .
فمن هذه العلاقة : " محيط - عرش - رحمان - بسملة - سليمان - محصي " كانت حكمة سليمان رحمانية فأسبغ اللّه عليه الرحمة المعنوية والحسية وخصه بأنواع الرحمات العامة والخاصة الذاتية والصفاتية وسخر له العوالم برحمته فهو " النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة " واستواء سليمان على عرش ملكه يلوح لاستواء الرحمان على العرش العظيم .
ومن أتم مظاهر نفس الرحمن في عالم الإنسان كلمة اللّه عيسى قطب هذه السماء . . .
فجاءت حكمة سليمان رحمانية لكمال ظهوره بالتحقق بالاستواء العرشي وظهرت رحمة البسملة السليمانية في بلقيس حين أسلمت مع سليمان للّه رب العالمين .
فكما جمع كوكب عطارد الكاتب بين الأنوثة والذكورة جمع هذا الفص عرش بلقيس مع عرش سليمان .
 
وذكر الشيخ للعرش فيه إشارة لعلاقة هذا الفص بالاسمين " المحيط المحصي " .
وأكد هذه الإشارة بذكره للأعضاء الثمانية تلويحا لحملة العرش الثمانية .
وفلك هذه السماء هو الثامن بدءا من الفلك الأطلس ونزولا منه
ولهذا فإن علماء الحروف والأوفاق يخصون كوكب الكاتب بالوفق المثمن ويوم الأربعاء .
ثم ذكر الشيخ أن للكتابة مظهرها الإلهي فأورد الآية :" كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " ( الأنعام ، 12 ) ، وتكلم على الفرق بين تصرف الجن والأنس وعلى تمثل المعاني صورا في عالم المثال كتمثل العلم لبنا لأن من الأمور المخصوصة بهذه السماء سر التصريف في الروحانيات واستنزالها والتحكم في الجن وتسخيرهم وحقيقة الخيال المنفصل والمتصل وكل ما يتصل بالتمثيل الحقيقي والوهمي والبرزخي وعلوم السحر والسيمياء والتصرف بالحروف والكلمات .
 
وهذا العلم أي علم أسرار الحروف هو من العلوم السليمانية والعيسوية كما ذكره الشيخ في الباب 20 من الفتوحات لأن عيسى كلمة اللّه فكان يقول للشيء كن فيكون بإذن اللّه .
وكن عند العارف السليماني هي عين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كما ذكره الشيخ في الباب 288 من الفتوحات .
 
ومما يؤكد مرة أخرى أن لسليمان حضرة الإحصاء الجامعة ما قاله الشيخ في تسخير الريح له فهي تجري بأمره من غير جمعية ولا همة بل بمجرد الأمر .
فهو لا يحتاج إلى جمعية لأنه هو عين الجمعية .
والذي هو متفرق في الفرق هو الذي تلزمه الجمعية . . . ولهذا أكثر الشيخ من ذكر كلمات مشتقة من " جمع " في هذا الفص فقال : " فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك . . . وقد يختص بالمجموع والظهور . . . كالآية الجامعة للنفي والإثبات . . . نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت مقام الجمعية . . . " .
 
وإذا كان لسليمان الإحصاء والجمع وبسملة القرآن ، فلوالده داود صاحب الفص المجاور التفرقة والإبانة ومنازل الفرقان في سماء القمر الآدمية بمنازلها الثمانية والعشرين فجاءت حروف سليمان مجتمعة وحروف داود متفرقة فالفصان متكاملان تكامل الحكم والعلم والفهم وتكامل الوجود الفرقاني الداودي والجمع القرآني السليماني .
 
وهو ما جمعه الكامل المحمدي في قوله في هذا الفص : " فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم ورتبة داود عليه السلام .
فما أفضلها من أمة " . . . وختم بالمقارنة بين المطلب السليماني والمطلب المحمدي وهما الملك والعلم وتكلم على الزيادة في العلم وفي عدة مواضع من الفتوحات يشبه الزيادة من العلم باللّه تعالى ومنازله بزيادة نور القمر
وفي هذا إشارة وتمهيد للدخول لفص سماء القمر الداودي .
 
16- سورة فص سليمان عليه السلام
هي سورة الهمزة التي لها الباب " 280 " في الفتوحات وبدأ الكلام فيه عن مسألة الغنى .
هذا الغنى الذي ظهر به على الكمال سليمان عليه السلام .
والغنى بالمال هو المذكور في آية الهمزة :الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ( الهمزة ، 2 ) فكلمة " عدده " مناسبة للاسم " المحصي " الحاكم على هذا الفص .
كما أن كلمة " جمع " مناسب لكلام الشيخ عن الجمعية ، كما أن كلامه حول طلب النبي صلى اللّه عليه الزيادة من العلم وطلب سليمان الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده مطابق تماما لما ذكره في الباب " 280 " المذكور أعلاه " ج ص 612 " .
وفي الفص كلام عن الحساب والمحاسبة مناسب للاسم المحصي ولآية "يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ( الهمزة ، 3 )
وقوله في آخر الفص : " لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه " يشير إلى أول السورة وآخرها :وَيْلٌ. . .نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ( 6 ) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ( 7 ) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ( 8 ) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ( الهمزة : 1 - 9 ) .
 
علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه
الرابطة بين هذا الفص وسابقه العيسوي تتمثل في الكلام عن جبريل الذي تمثل لمريم عليهما السلام ، وعن الخيال وتأويل المرائي ، وكل ذلك تابع للسماء الثالثة التي لها فص عيسى عليه السلام .
- وختم الفص بجزاء يوم الدين الذي هو فاتحة سورة فص داود الموالي أي سورة الماعون الآية ( 1 ) :أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ وكل من سورتي الهمزة والماعون تشتركان في كلمة " ويل " المتوجهة على البخلاء .17 :
فالأولياء بالنسبة للمريدين وعامة الناس امرهم كله غرابا.


تم بحمد الله وفضله
جمعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى