المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: موسوعة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي :: موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 1
22122019
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
«إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».
فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك.
وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.
فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره.
فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.
فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.
وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.
ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان.
وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.
وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور.
وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم.
وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.
فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.
فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.
وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.
كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.
فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.
فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى.
ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.
وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.
فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر :
كهز الرديني ثم اضطرب
و زمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.
فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.
وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما.
فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.
فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها».
حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».
فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون».
فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.
فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.
فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم.
وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره.
فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية.
واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».
فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب.
قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.
ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.
وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».
وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا.
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
16 - نقش فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
لما كانت له من حيث لا يشعر.
قالت بالقوة: إنه كتابٌ كريم.
وما ظهر ((آصف)) بالقوة على الإتيان بالعرش دون سليمان إلا ليعلم الحق أن شرف سليمان عظيم إذ كان لمن هو حسنة من حسناته له هذا الإقتدار [فما بالك بسليمان].
ولما قالت في عرشها: كأنه هو.
عثورٌ على علمها بتجديد الخلق في كل زمان فأتت بكاف التشبيه.
وأراها صرح القوارير "كأنه لجة" وما كان لجة.
كما أن العرش المرئي ليس عين العرش من حيث الصورة.
والجوهر واحد. وهذا سار في العالم كله.
والمُلك الذي لا ينبغي لأحدٍ من بعد الظهور بالمجموع على طريق التصرف فيه تسخير الرياح وتسخير الأرواح النارية.
لأنها أرواح في رياح. بغير حساب. لست محاسباً عليها.
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
16 - فك ختم الفص السليماني
1 / 16 - اعلم ان الرحمة تنقسم اولا على قسمين : أحدهما الرحمة الذاتية والاخرى الرحمة الصفاتية وكل واحد من هاتين الرحمتين تنقسم الى قسمين :
عامة وخاصة ، فيصير أربعة اصول هي الأمهات ، ثم يتفرع من هذه الأمهات ستة وتسعون فرعا فتكون مائة ، كما أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ان لله مائة رحمة "الحديث" .
2 / 16 - فقد نبه الحق سبحانه على ذلك بقوله في ام الكتاب: "بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيم" [الفاتحة / 1 - 3].
فاللتان في البسملة هما الذاتية العامة والخاصة، واللتان في الفاتحة هما الصفاتية العامة والخاصة وباقى الرحمات متفرعة عن هذه.
3 / 16 - وإذا عرفت هذا فاعلم: ان الرحمة الخصيصة بسليمان عليه السلام من الرحمة العامة الصفاتية ومن حكم الرحمة الذاتية التي وسعت كل شيء، فكان بحكمها ايضا صفة العموم، ولهذا عم حكم سليمان وتصرفه في العالم، فسخر الله له العالم الأعلى والأسفل .
4 / 16 - واما تسخيره له العالم السفلى فواضح ، لتحكمه في الجن والانس والوحش والطير وسائر الحيوانات البرية والبحرية ، وتعدى حكمه الى العناصر ، فسخر الريح تجرى بامره وسخر له الماء يغوص له فيه الشياطين النارية ، وهذا من اعظم تسخيرات الجمع بين ما من النار مع الماء - مع تضاد طبائعهما.
ولذلك نبه سبحانه على ذلك بقوله: "ومن الشَّياطِينِ من يَغُوصُونَ لَه ويَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ" [ الأنبياء / 82 ] .
فأخبر ان كل ما كانوا يعملون له فهو دون غوصهم - لما ذكرت من صعوبة الجمع بين الاضداد - وسخرت له الأرض ايضا يتبوأ منها حيث يشاء.
5 / 16 - واما تسخير الجن له العالم العلوي فواضح ايضا عند المستبصرين ، فان كل ما تيسر له عليه السلام في هذا العالم فإنه من آثار تسخير الله له ذلك العالم وتعليمه إياه اسباب التصريفات. فافهم، فهذا من آثار حكم العام الخصيص بالرحمة العامة .
6 / 16 - واما الرحمة الخاصة الذاتية فهي العناية والمسماة ايضا بقدم صدق التي هي من آثار حب الحق بعض عباده ، لا لموجب معلوم على التعيين من علم او عمل او غيرهما من الأسباب والوسائل ، واليه الإشارة بقوله تعالى في حق الخضر : " آتَيْناه رَحْمَةً من عِنْدِنا وعَلَّمْناه من لَدُنَّا عِلْماً " [ الكهف / 65 ] .
7 / 16 - واما الرحمة الخاصة الصفاتية فخصيص بالسعداء وينقسم حكمها الى قسمين : قسم موقت وقسم غير موقت ، فالموقت يختص بالسعداء في الدنيا الفائزين بنيل مراداتهم في غالب الأحوال والأوقات - دون الآخرة - ولهذا نبهنا الحق بما يفهم منه استثناء سليمان بقوله تعالى : " وإِنَّ لَه عِنْدَنا لَزُلْفى وحُسْنَ مَآبٍ " [ سورة ص / 40 ] فجمع له السعادتين فلم يكن سعادته موقتة ، بل ابدية الحكم . فافهم .
8 / 16 - واما حكم الرحمة الخاصة الغير الموقتة فيختص باهل الجنة ، لان نعيمهم ابدى كما قال تعالى : " عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ " [ هود / 108 ] فهو عطاء غير منقطع خالص من الانكاد غير مشوب بالأمور المنقصة كما قال تعالى : " قُلْ من حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِه والطَّيِّباتِ من الرِّزْقِ ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا في الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ " [الأعراف / 32 ] فقوله " خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ " :
تنبيه على انها وان حصلت لمن حصلت له من المؤمنين هنا، فإنها تكون مشوبة بالانكاد والغصص لا تعطيه خواص هذا الموطن والنشأة الامشاجية ، وانما تخلص للسعداء في الجنة فإنها محل مقدس سليم من كل ما يوجب كدرا او نكدا ، لأنها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الكرسي وسقفها عرش الرحمن المحيط بجميع الصور كالاحاطة اسم الرحمن بجميع الموجودات رحمة وعلما وحكما ، فافهم .
9 / 16 - واما الكرسي فمظهر الاسم الرحيم الذي له التخصيص ومستواه ، كما ان العرش مستوى الاسم الرحمن دون غيره وله العموم وقد نبهت فيما مر على ان كل سماء من محل حكم اسم من اسماء الحق ومستواه ، واسناد تلك السماء الى الحق انما يكون من حيثية ذلك الاسم ، ومن مقامه تعيين الامر الموحى به الى تلك السماء المشار اليه بقوله تعالى : " وأَوْحى في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها " [ فصلت / 12 ] .
فتذكر فقد عرفتك انقسام الرحمة الذاتية الى عامة وخاصة، وكذلك الصفاتية وعينتها لك وعرفتك ان الرحمة التي وسعت كل شيء هي الوجود ، وان الاسم الرحمن اسم للحق من كونه وجودا محضا منبسطا نوره على الممكنات الموجودة .
كما أخبر سبحانه عن ذلك بقوله : " الله نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ " [ النور / 35 ] ثم ذكر مراتب ظهورات النور وامثلة مواد مظاهرها .
10 / 16 - فاعلم ان لهذا الوجود من حيث مبدأ انبساطه وتعينه من غيب هوية الحق مراتب كلية في التعين والظهور .
أولها عالم المعاني .
ثم عالم الأرواح التي نسبتها الى مرتبة الظهور أتم من نسبة عالم المعاني .
ثم عالم المثال المجسد الأرواح والمعاني ، بمعنى انه لا يظهر ولا يتعين فيه شيء الا متجسدا.
ثم عالم الحس الذي اوله صورة العرش المحيط بجميع الأجسام المحسوسة المحدد للجهات، وبه انتهى ، اى استوى السير المعنوي الوجودي الصادر من غيب الهوية في مراتبه الكلية للظهور الذي غايته عالم الحس ، لان تعينات الوجود وتنوعات ظهوره بعد العرش انما هو تفصيل وتركيب .
فوضح ان في العرش وبه تمت درجات الظهور - كما بينا - ولهذا أضيف الاستواء الى الاسم الرحمن دون غيره من الأسماء لما مر من ان الرحمن صورة الرحمة التي وسعت كل شيء وانتهت ظهوراته الكلية في العرش .
11 / 16 - واما الحكم العام الوجودي فإنه يظهر في كل مرتبة من المراتب الأربعة الكلية المذكورة ويتفصل فيها يليها من المراتب التفصيلية بحسب تلك المرتبة .
فان فهمت ما نبهت عليه في فص هذه الحكمة السليمانية استشرفت على اسرار غريبة من جملتها سر الاستواء، فتلقاه صادقا بمعنى التمامية في درجات السير المعنوي لتكمل مراتب ظهورات الوجود وبمعنى الاستيلاء الحكمي المنبث من العرش وبه ومما فوقه من الملإ الأعلى في السموات والأرض وما فيها وما بينهما، وعرفت بقية معانى الاستواء.
عرفت ايضا ان ما بعد العرش من الصور الاحكام تفاصيل ظهورات الوجود وأحكامه، يجتمع في كل موجود منها جملة بحسب ما يقبله استعداده ويقتضيه سعة دائرته المعنوية .
12 / 16 - ولم يزل الامر يتدرج في الجميع والظهور حتى انتهى الامر الى النوع الإنساني ، فكان هدفا لجميع القوى الطبيعية والاحكام الاسمائية الوجوبية والتوجهات الملكية والآثار الفلكية ومحل جمعها ، وقد سبق التنبيه على كل ذلك .
13 / 16 - لكن ينبغي لك ان تعلم ان انبساط هذه الاحكام والآثار والخواص يختلف تعيناتها وظهوراتها واجتماعاتها في عرض المرتبة الانسانية بحسب درجات الاعتدال المتعينة بامزجة الأناسي وفيها ، وهي سبب تعينات مراتب أرواحهم ، ان تفاوت تعينات الأرواح الجزئية الانسانية هو بحسب التفاوت الواقع في درجات اعتدال امزجة أربابها .
14 / 16 - ثم أقول : ولم يزل الاحكام والآثار المذكورة وخواص الظهورات التعينية تبرز من الغيب الى الشهادة ومن القوة الى الفعل ومن حضرة البطون الى حضرة الظهور في الطور الإنساني ايضا ، كالامر فيما ذكر من قبل بالتدريج والحكم والفعل ، حتى انتهى الامر من الوجه المذكور الى داود وسليمان عليهما السلام .
وكان داود مظهر كليات تلك الاحكام الاسمائية والصفات الربانية والآثار الروحانية والقوى الطبيعية مستجمعها ، فاستحق لظهور مقام الخلافة وأحكامها واحكام الحكمة وفصل الخطاب وورثه سليمان في الجمع وزاد بالتفصيل الفعلى والحكم الظاهر الجلي والتسخير العام الكلى العلى.
15 / 16 - فما ظهر في الوجود احد من الناس اعظم ملكا ولا اعم حكما منه ولا يظهر بعده ، لأنه لما بلغ ظهور ما قدر الله ظهوره من اسرار الربوبية والأمور التي سبق ذكرها المضافة الى الحق والى الكون من حضرة العلم الى اقصى درجات الظهور المعلومة عند الله ، وقع التحجير باجابة دعوته ، فعادت هذه الأمور بعد كمال ظهورها راجعة من حضرة الظهور الى حضرة البطون بنحو من التدريج الواقع في ازمنة بروزها من حضرة البطون الى حضرة الظهور.
فإنه ما ثمة الا ظهور من بطون او بطون من ظهور، فما نقص من الباطن اخذه الظاهر وبالعكس .
16 / 16 - ولما كانت نسبة حكم الرحمة العامة الخصيصة بحال سليمان عليه السلام الى حقيقة الرحمة العامة نسبة الصفة الى الموصوف مع اشتراكهما ايضا في الحيطة وعموم الأثر.
وكان ما أعطيه سليمان عطاء ممزوجا من حقيقة الرحمة وحكمها، فتوقف ميل ما منحه على الدعاء الذي هو من سر حكم الرحمة باعتبار امتياز الصفة عن الموصوف ونزولها عن درجة الموصوف بها ومن حيث الهام الحق إياه الدعاء واجابته لدعائه واخبار الحق له بقوله: " فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ " [ ص / 39 ] هو سر الرحمة الذاتية العامة ، فافهم .
17 / 16 - فهذا ما قدر الله ذكره من اسرار احوال سليمان عليه السلام مما لم ينبه عليه شيخنا رضى الله عنه ، ولو بسطت القول في بيان اسرار أحواله ما اطلعت عليه لطال الكلام ونبت عنه الافهام ، فليكتف الألباء بما يسر الله ذكره ، والله المرشد.
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية :
مصطلحات الرحم - الرحمة – الرحمن – الرحيم - الرحموتمصطلح سليمان
في اللغة سليمان : نبي وملك ، ابن النبي داود عليه السلام .
في القرآن الكريم :وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (17) مرة ، منها قوله تعالى : " ولقد آتينا داود وسليمان علما ".
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي
" سليمان : هو المرشد الكامل الذي بيده خاتم الحقيقة ، وبه يحفظ أقاليم القلوب ويطلع على أسرار الغيوب . فالكل ينقاد له إما طوعا أو كرها ".
في اللغة
" رحم : علاقة القرابة وسببها " .
" الرحمة : رقة القلب : والعطف والإحسان .
الرحمن : الكثير الرحمة ، وهو اسم مقصور على الله تعالى .
الرحيم : كثير الرحمة ، وهو من أسماء الله الحسنى .
الرحموت : الرحمة " .
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الرحم : جنة الله تعالى ، وهي جنة الشهادة التي شهد لنفسه بالوحدانية ، وجنة الشفاعة التي يشفع فيها الموحدون على قدر جاههم ، وجنة الشقا ، وهي جنة المشتاقين إلى لقاء الله تعالى".
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الرحمة : هو خلق مركب من الود والجزع . والرحمة لا تكون الا لمن يظهر منه لراحمه خلة مكروهة ، إما نقيصة وإما محنة عارضة ، فالرحمة هي محبة للمرحوم مع جزع من الحال التي من أجلها رحم ، وهذه الحال مستحسنة ، ما لم تخرج بصاحبها عن العدل ، ولم تنته إلى الجور وإلى فساد السياسة . فليس بمحمود رحمة القاتل عند القود ، والجاني عند القصاص " .
يقول الشيخ داود القيصري:
" الرحمة : هي صفة من الصفات الإلهية ، وهي حقيقة واحدة لكنها تنقسم بالذاتية الصفاتية ، أي : تقتضيها أسماء الذات وأسماء الصفات ، وكل منهما عامة وخاصة فصارت أربعا ، ويتفرع منها إلى أن يصير المجموع مائة رحمة وإليها أشار رسول الله بقوله : "إن لله مائة رحمة أعطى واحدة منها إلى لأهل الدنيا كلها وادخر تسعا وتسعين إلى الآخرة يرحم بها عباده ". "
يقول الشريف الجرجاني :
" الرحمة : هي إرادة إيصال الخير " .
يقول الشيخ علي الخواص :
" الرحمة : هي أول موجود ظهر في العماء ، التي مظهرها الصورة المحمدية والرحمة التي صدر الوجود عنها كلمة تستمد أيضا من وجود محمد صلى الله عليه وسلم "الرحمة المهداة – بالمؤمنين رؤوف رحيم " " .
يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" الرحمة : هي نور ساكن في الذات ، يقتضي الرأفة والحنانة على سائر الخلق ، وهو ناشيء عن الرحمة الواصلة من الله ـ عز وجل ـ " .
" رحم : علاقة القرابة وسببها " .
" الرحمة : رقة القلب : والعطف والإحسان .
الرحمن : الكثير الرحمة ، وهو اسم مقصور على الله تعالى .
الرحيم : كثير الرحمة ، وهو من أسماء الله الحسنى .
الرحموت : الرحمة " .
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الرحم : جنة الله تعالى ، وهي جنة الشهادة التي شهد لنفسه بالوحدانية ، وجنة الشفاعة التي يشفع فيها الموحدون على قدر جاههم ، وجنة الشقا ، وهي جنة المشتاقين إلى لقاء الله تعالى".
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الرحمة : هو خلق مركب من الود والجزع . والرحمة لا تكون الا لمن يظهر منه لراحمه خلة مكروهة ، إما نقيصة وإما محنة عارضة ، فالرحمة هي محبة للمرحوم مع جزع من الحال التي من أجلها رحم ، وهذه الحال مستحسنة ، ما لم تخرج بصاحبها عن العدل ، ولم تنته إلى الجور وإلى فساد السياسة . فليس بمحمود رحمة القاتل عند القود ، والجاني عند القصاص " .
يقول الشيخ داود القيصري:
" الرحمة : هي صفة من الصفات الإلهية ، وهي حقيقة واحدة لكنها تنقسم بالذاتية الصفاتية ، أي : تقتضيها أسماء الذات وأسماء الصفات ، وكل منهما عامة وخاصة فصارت أربعا ، ويتفرع منها إلى أن يصير المجموع مائة رحمة وإليها أشار رسول الله بقوله : "إن لله مائة رحمة أعطى واحدة منها إلى لأهل الدنيا كلها وادخر تسعا وتسعين إلى الآخرة يرحم بها عباده ". "
يقول الشريف الجرجاني :
" الرحمة : هي إرادة إيصال الخير " .
يقول الشيخ علي الخواص :
" الرحمة : هي أول موجود ظهر في العماء ، التي مظهرها الصورة المحمدية والرحمة التي صدر الوجود عنها كلمة تستمد أيضا من وجود محمد صلى الله عليه وسلم "الرحمة المهداة – بالمؤمنين رؤوف رحيم " " .
يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" الرحمة : هي نور ساكن في الذات ، يقتضي الرأفة والحنانة على سائر الخلق ، وهو ناشيء عن الرحمة الواصلة من الله ـ عز وجل ـ " .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 1 يناير 2020 - 16:41 عدل 3 مرات
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكميقول الشيخ أحمد بن فارس:
رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أسمائه الرحمة ، قال الله جل ثناؤه : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ، وقال رسول الله : ( يا أيها الناس إنما أنا لكم رحمة مهداة ) .
والرحمة في كلام العرب العطف والإشفاق ؛ لأنه كان بالمؤمنين رحيما ، كما وصفه الله جل ثناؤه فقال : ( عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
فكان من الرأفة والرحمة بالمكان الذي لا يخفى "
تقول الدكتورة سعاد الحكيم: الرحمة عند ابن العربي :
الرحمة هي منح الوجود للموجودات ، أو منح كل موجود وجوده الخاص به في الصورة التي تقتضيها طبيعته ذاتها " .
رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أسمائه الرحمة ، قال الله جل ثناؤه : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ، وقال رسول الله : ( يا أيها الناس إنما أنا لكم رحمة مهداة ) .
والرحمة في كلام العرب العطف والإشفاق ؛ لأنه كان بالمؤمنين رحيما ، كما وصفه الله جل ثناؤه فقال : ( عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
فكان من الرأفة والرحمة بالمكان الذي لا يخفى "
تقول الدكتورة سعاد الحكيم: الرحمة عند ابن العربي :
الرحمة هي منح الوجود للموجودات ، أو منح كل موجود وجوده الخاص به في الصورة التي تقتضيها طبيعته ذاتها " .
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني:
" الرحمة : اسم للحق باعتبار الجمعية الاسمائية التي في الحضرة الإلهية الفائض منها الوجود وما يتبعه من الكمالات على جميع الممكنات " .يقول الباحث محمد غازي عرابي :
" الرحمة : ما خص الله به عباده من رحمة قبل الخلق وبعده .
والرحمة : باب إلهي وسع المخلوقات جميعا ، إذ ما من دابة إلا وعلى الله رزقها .
والرحمة : التيسير الإلهي للانتفاع بالسبل . فهي توجيه نحو الهدف المطلوب والمعين في الأزل أصلا لصلاح هذا الوجود . فالرحمة على التحقيق ، انتشار العباد في الأرض ، وقد يسر كل منهم لما خلق له " .
في اصطلاح الكسنزان:
" الرحمة : هي نور المعرفة بالله تعالى ، يقول سبحانه : ( آتيناه رحمة من عندنا ) .
" الرحمة : هي صفة إلهية تجسدت في الصورة المحمدية ، فتكونت بالهيئة النبوية المحمدية ، ولأنها مطلقة أخبر عنها سبحانه بأنها مهداة للعالمين
الرحمة في مفهوم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
" حار قراء ابن العربي الطائي الحاتمي المقربون في لمس الخيط الجامع بين كلمتي ( رحمة ووجود ) وفي السببية التي أخرج بها الرحمة من دائرة الشفقة والرضى ( ناحية لغوية - خلقية ) لصبغها صبغة ميتافيزيقية ( رحمة = وجود ) .
ولإلقاء ضوء على هذه النقطة لا بد من الرجوع إلى بدء خلق العالم وإيجاده كما يتصوره شيخنا الأكبر ، فهناك مفتاح تلك النقلة .
ونكتفي من ( بدء الخلق ) بموقف واحد معين يبين مرادنا على أن نقتسمه بين طرفين
( طبعا قسمة اعتبارية ، فكل ثنائية عند ابن العربي الطائي الحاتمي هي تمييز اعتباري لا أكثر ) : الذات الإلهية من ناحية
والأسماء الحسنى من ناحية ثانية .
- اجتمعت الأسماء الحسنى في الحضرة الإلهية الذاتية ، وبعد ما أخذ كل اسم فيها مرتبته بدأت تتفاخر بحقائقها ، ثم لم تلبث أن تعطشت إلى ظهور آثارها في الوجود ، فلجأت مضطرة قاصدة الذات الإلهية سائلة إياها وجود الكون الذي يظهر فيه حقائقها .
- إن الذات الإلهية رحمت الأسماء وقبلت طلبها بوجود العالم وظهور أعيانها ، وكان ذلك في حضرة الرحمة وفيض المنة . ثم ينسحب هذا الموقف على كل الأعيان ، من حيث أن لكل عين وجودا يطلبه الله ، فيرحمه الله بقبول رغبته في وجود عينه . ونستخلص من هذا الموقف أن :
1. الرحمة احتفظت بنشأتها اللغوية ( رأفة = رضى ) فالحق رأف بالأعيان ، وقبل أي رضي بوجودها العيني .
2. رغم نشأة الرحمة اللغوية ، يوحدها الشيخ ابن العربي بنتيجتها ، أي أن نتيجة رحمة الحق الأعيان هو : الوجود ، إذن الرحمة هي الوجود ، ومن هنا جاءت صيغتها الميتافيزيقية ، وهذه النقطة الأخيرة تترفع بالرحمة عن سذاجتها اللغوية لتعطيها صفات الوجود ، من حيث سريانه في جميع الموجودات وقبوله لكل المتناقضات ، حتى ما يخيل للناظر أنه يناقض الرحمة نفسها كالآلام مثلا .
ولذلك ينتفي المفهوم الخلقي العادي المتعارف في موقف كهذا .
" بعدما جردنا الرحمة من كافة صفاتها وأسمائها بغية بيان مضمونها ، نرجع إلى دفق الأسماء هذا الذي يغمر الفتوحات وغيره من كتب ابن العربي الطائي الحاتمي ، ولكن هذه الأسماء على كثرتها إلى رحمات أربع تنقسم إليها رحمة الله :
1. الرحمة الإمتنانية .
2. الرحمة الواجبة .
3. الرحمة السابقة .
4. الرحمة الخاصة .
يقول الإمام علي بن أبي طالب عن الرحمة :
"هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته . واتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته".
ويقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي :
" قال بعض العارفين : إذا فاض بحر الرحمة تلاشى كل زلة ؛ لأن الرحمة لم تزل ولا تزال ، والزلة لم تكن ثم كانت ، وما لم يكن ثم كان كيف يقاوم ما لم يزل ولا يزال " .
ويقول الشيخ محمد أبو المواهب الشاذلي :" الرحمة رحمتان : رحمة مختصة بوصف النعمة ، ورحمة مرتبة بوضع الحكمة . فالأولى صرف جود وفضل . والثانية قد مازجها حكم الحكمة وعدل . مثال الأولى كمن أدخل الجنة بغير حساب ، والثانية كمن ادخلها بعد العذاب " .
ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" الرحمة ذاتية وصفاتية ، وكل منها عامة وخاصة .
فالذاتيتان ، هما المذكورتان في البسملة في قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم ).
والصفاتيتان ، هما المذكورتان في الفاتحة في قوله : ( الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم) …
وتسمى الرحمة الذاتية : بالامتنانية الحبية ... وعموم هذه الرحمة شمل كل شيء ... أما الرحمة الذاتية الخاصة فهي الرحمة الرحيمية المقيدة بالمتقين والمحسنين ، كما في قوله تعالى : ( إن رحمت الله قريب من المحسنين ) ، وهي التي أوجبها على نفسه في قوله : ( كتب على نفسه الرحمة ) ...
وأما الرحمة الرحمانية الصفاتية العامة : فهي الرحمة التي أخرجها الحق تعالى إلى أهل الدنيا ، فبها يتراحمون ويتواصلون ...وأما الرحمة الرحيمية الخاصة الصفاتية ، فهي التي يرحم بها تعالى من يشاء من عباده ، وهي التي تتوقف على المشيئة الربانية ، كما قال : (والله يختص برحمته من يشاء ) ونحو ذلك .
وهي التي يتخلق بها المتخلقون ، ويتحقق بها المتحققون من رسول ونبي وولي كامل ، وهي التي وصف الحق تعالى بها محمدا في قوله : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) " .
ويقول : " اعلم أن الرحمة ذاتية وصفاتية . وكل منهما عام وخاص .
فالرحمة التي سبقت الغضب ، هي الرحمة الصفاتية الخاصة بالمؤمنين ، في الدار الآخرة . وهي رحمة خالصة من كل كدر ، غير مشوبة بأقل ضرر .
وأما الرحمة الذاتية العامة ، فهي رحمة الإيجاد العامة ، المتعلقة بكل ممكن " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : " إن الرحمة لها أثر بوجهين :
أثر بالذات : وهو إيجادها كل عين موجودة ، ولا تنظر إلى غرض ، ولا إلى عدم غرض ولا إلى ملائم ، ولا إلى غير ملائم ، فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده . بل تنظره في عين ثبوته ...
ولها أثر آخر بالسؤال : فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم الله فيقولون : يا الله إرحمنا ، ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم ، فلها الحكم ؛ لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم
بالمحل ، فهو الراحم على الحقيقة ، فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا ، فمن ذكرته الرحمة فقد رحم " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :" الرحمة حكم لا عين . فلو كانت عينا وجوديا لانتهت وضاقت عن حصول ما لا يتناهى فيها ، وإنما هي حكم يحدث في الموجودات بحدوث أعيان الموجودات من الرحمن الرحيم " .
ويقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :" الرحمة بما هي في الاسم الله الجامع من البسملة : هي رحمته بالبواطن ، وبما هي ظاهرة في الرحمن الرحيم : هي رحمته بالظواهر ، فعمت فعظم الرجاء للجميع . وما من سورة من سور القرآن إلا والبسملة في أولها ، فأولناها أنها إعلام من الله بالمآل إلى الرحمة " .
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
الرحمة للعالمين : هو رسول الله ، أما الولي فرحمة في العالمين.
في الفرق بين رحمة الإمتنان ورحمة الوجوب
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :" قوله : ( الرحمن الرحيم ) ، فهو رحمن بالرحمتين العامة ، وهي رحمة الامتنان .
وهو رحيم بالرحمة الخاصة ، وهي الواجبة في قوله : " فسأكتبها للذين يتقون " ...
وأما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل .
وبرحمة الامتنان رحم الله من وفقه للعمل الصالح الذي أوجب له الرحمة الواجبة فيها " .
تقول الدكتورة سعاد الحكيم:
" الرحمة الإلهية عند ابن العربي الطائي الحاتمي : هي أم لجميع الموجودات ، من حيث أنها وسعت وجمعت كل شيء : (قال عذابي أصيب به من أشاء) ، (ورحمتي وسعت كل شيء ) " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الرحمة الإلهية : هي التي أوجدها الله في عباده ليتراحموا بها ، مخلوقة من الرحمة الذاتية التي أوجد الله بها العالم حين أحب أن يعرف ، وبها كتب على نفسه الرحمة . وهذه الرحمة المكتوبة منفعلة عن الرحمة الذاتية ، والرحمة الإمتنانية هي التي وسعت كل شيء " .
مصطلح : الرحمة الامتنانية
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الرحمة الامتنانية : هي الرحمة المقتضية للنعم السابقة على العمل ، وهي التي وسعت كل شيء " .
ويقول : " الرحمة الامتنانية : هي السابقة أيضا ، سميت بذلك : لأن الله تعالى امتن بها على الخلائق قبل استحقاقها ؛ لأنها سابقة على ما يصدر منهم من الأفعال التي توجب لهم استحقاقها " .
ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الرحمة الإمتنانية الخاصة : يعنى بها رحمة الله تعالى لعبده ، بحيث وفقه للقيام بما يوجب له من الأفعال استحقاق الثواب عليها " .
مصطلح : الرحمة الوجوبية
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الرحمة الوجوبية : يعنى بها الرحمة المختصة بأهل التقوى والإحسان " .
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني : " الرحمة الوجوبية : هي الموعودة للمتقين والمحسنين ،وكان بها هو الرحيم . وباعتباره الرحيم افاض من كمالاته المعنوية على أهل الإيمان".
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" الرحمة الوجودية : هي الرحمة الموعودة للمتقين والمحسنين في قوله تعالى : (فسأكتبها للذين يتقون) .
وفي قوله تعالى : ( إن رحمت الله قريب من المحسنين ) ، وهي داخلة في الامتنانية ؛ لأن الوعد بها على العمل محض المنة " .
" الرحمة ( رحمة الامتنان ورحمة الوجوب - رحمة الفضل ورحمة الرضى ) .
يقول العربي الطائي الحاتمي الرحمة رحمتان :
رحمة عامة تفضل بها الاسم الرحمن . هي رحمة الامتنان أو رحمة الفضل .
ورحمة خاصة أوجبها الاسم الرحيم هي رحمة الوجوب أو رحمة الرضى .
ثم لا يلبث الشيخ الأكبر أن يرجع رحمة الوجوب إلى رحمة الامتنان ، فكل وجوب كان : بعمل امتنه الله في البدء .
يقول " فأتى الله سبحانه وتعالى سليمان بالرحمتين :
رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما : الرحمن الرحيم .
فامتن بالرحمن ، وأوجب بالرحيم . وهذا الوجوب من الامتنان . فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن . فإنه كتب على نفسه الرحمة
سبحانه ، ليكون ذلك للعبد بما ذكره للحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد ، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة - أعني رحمة الوجوب ... " .
كما يقول : " رحمة الله قاصرة على أعيان مخصوصين ، كما تكون بالوجوب في قوم منعوتين بنعت خاص .
وفيمن لا ينالها بصفة مقيدة وجوبا ، تناله الرحمة من باب الامتنان ، كما نالت هذا الذي استحقها ، ووجبت له الصفة التي اعطته فاتصفت بها ، فوجبت له الرحمة .
فالكل على طريق الامتنان نالها ونالته فما ثم إلا : منة الهية أصلا وفرعا ... " .
يقول : " فهو الله تعالى رحمن : بالرحمة العامة وهي رحمة الامتنان ، وهو رحيم : بالرحمة الخاصة وهي الواجبة في قوله : ( فسأكتبها للذين يتقون ) . وقوله : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) .
وأما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل ... وهي رحمة عناية ... يقول من غضب الله عليه : امتن علينا بالرحمة التي مننت بها على أولئك ( غير المغضوب عليهم ) ابتداء من غير استحقاق ... " .
كما يظهر من النص التالي كيف أن رحمة الامتنان : رحمة عامة مطلقة ، ورحمة الوجوب : رحمة مقيدة .
يقول : " ... الرحمتان اللتان ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان
العرب : الرحمن الرحيم . فقيد : رحمة الوجوب . وأطلق : رحمة الامتنان ... " . .
مصطلح الآن – الأنات - آوان
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الآن الدائم : هو امتداد الحضرة الإلهية الذي يندرج به الأزل في الأبد ، وكلاهما في الوقت الحاضر ، لظهور ما في الأزل على أحايين الأبد ، وكون كل حين منها مجمع الأزل والأبد ، فيتحد به الأزل والأبد والوقت الحاضر ، فلذلك يقال له باطن الزمان
" الآن الدائم : هو امتداد الحضرة الإلهية الذي يندرج به الأزل في الأبد ، وكلاهما في الوقت الحاضر ، لظهور ما في الأزل على أحايين الأبد ، وكون كل حين منها مجمع الأزل والأبد ، فيتحد به الأزل والأبد والوقت الحاضر ، فلذلك يقال له باطن الزمان
( و ) أصل الزمان ؛ لأن الآنات الزمانية نقوش عليه وتغيرات تظهر بها أحكامه وصوره وهو ثابت على حاله دائما سرمدا ، وقد يضاف إلى الحضرة العندية كقوله : " ليس عند ربك صباح ولا مساء " " .
يقول عبد الرزاق القاشاني :
بقاء ذلك الشخص على فنائه، الذي هو من مقتضى عدم ماهيته، فوصول هذه المدد دائما مع الآنات هو الخلق الجديد الذي فهمه علماء الحقيقة، مما ورد بلسان الشريعة في قوله تعالى: بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (ق: 15) .
ومثال ذلك في الشاهد ما يشاهد من ظهور الترجيح المذكور والاقتضاء العدمي كصورة تحلل الغذاء مع الآنات،
وقيام البدل عما يتحلل مقامه، وكذا في صورة النفس عند استنشاق النسيم البارد، عوضا عما يدفع القلب بالنفس مع دخانية،
هكذا مع الأنفاس، وكذا في سريان دهن السراج في الفتيلة عوضا، عما يتحلل منها، وغير ذلك من صور الكائنات، التي لا تردد عند العقل في دوام تجدد إمدادها." أهـ
مصطلحات النسب - ناسب – الانتساب - النسبة
في اللغة :
" انتسب الشخص : 1- ذكر نسبه . 2 - انتمى .
النسب : تتابع النسل في الأسرة " .
" ناسب يناسب مناسبة :
1 . ناسبه الأمر أو الشيء : لائمه ووافق مزاجه .
2 . ناسبه : شاركه في النسب وصاهره " .
" النسبة : 1- مقدار . 2 - علاقة وارتباط بين شيئين .
3. تماثل بين علاقات الأشياء أو الكميات .
الانتساب الروحي في اصطلاح الكسنزان
نقول : في أصول الطريقة إذا سئل المريد أنت ابن من ؟ فعليه أن يقول : أنا ابن الرسول ، (من باب سلمان منا آل البيت) .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
علم الانتساب : هو من علوم منزل القرآن من الحضرة المحمدية ، أعني انتساب الفروع إلى أصولها ومن ألحق فرعا بغير أصله ما حكم الله فيه من طريق الكشف ؟ .
يقول الإمام محمد ماضي أبو العزائم :
" النسب إلى الله تعالى قسمان : نسب به يقبل عليك ، ونسب به تقبل عليه .
فإذا تجمل بهما الإنسان كان مع الله وكان الله معه ،وصار محبوبا لله ، مرادا لذاته ، وأي شرف أعظم وأكمل من اتصال نسب العبد لله تعالى".
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي
: " قال بعض الكبار : ... النسب : التقوى " .
يقول الشيخ محمد بن علي الترمذي :
" الأنساب كلها منقطعة إلا من كانت نسبته صحيحة في عبودية ربه ، فإن تلك نسبة لا تنقطع أبدا : وتلك النسبة المفتخر بها ، لا الأجناس من الآباء والأمهات والأولاد " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" ما اعتبر الله إلا النسب الديني ، وبه يقع التوارث بين الناس .
فإذا اجتمع في الشخص النسب الديني والطيني حينئذ له أن يحجب ما يحجبه من النسب الديني والطيني .
فإذا لم يكن له نسب طيني وله نسب ديني ، رجع على دينه .
لم يحجبوا بالنسب الطيني وراثته عن النسب الديني ، فورثه المسلمون ، أو يكون كافر فيرثه الكفار .
وإن كان ذو نسب طيني وليس له نسب ديني فيرثه المسلمون ، فما إلا خرج عن دينه تعالى ، فإن نسب التقوى يعم كل نحلة وملة إن عقلت .
فمن حيث أن العالم عيال الله رزقهم ، ومن حيث أن فيهم من هو أهل له اعتنى بهم فأشفق عليهم ، ومن حيث أنهم مخلوقون على الصورة على وجه الكمال استنابهم ، ومن حيث أن بعضهم على بعض الصورة رفق بهم " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
علم الانتساب إلى الله : هو من علوم منزل اشتراك النفوس والأرواح في الصفات ، وهو من حضرة الغيرة المحمدية من الاسم الودود ، ومنه يعلم من ينبغي أن ينسب إلى الله ، وبماذا يقع النسب إلى الله الزائد على العبودية .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" المناسبة الجمعية ... هي أن تكون مراتب العبد مستوعبة لما تحتوي عليه الحضرتان ، أعني حضرة الوجوب والإمكان " .
المناسبة المرآتية
ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" المناسبة المرآتية ... هي كون العبد ظاهر المرآة من أحكام الكثرة الموجبة لتأثير المظهر في التجلي ، الذي يظهر فيه حتى تصير الصفات الظاهرة فيه منصبغة بأحكامه " .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن الإنتساب لله:
" المناسبة الذاتية بين الحق وعبده من وجهين :
إما ( بأن ) لا تؤثر أحكام ( تعين العبد وصفات كثرته في أحكام وجوب الحق ) ووحدته ، بل يتأثر منها ، وتنصبغ ظلمة كثرته بنور وحدته .
وأما بأن يتصف العبد بصفات الحق ، ويتحقق بأسمائه كلها .
فإن اتفق الأمران ، فذلك العبد هو الكامل المقصود لعينه .
وإن اتفق الأمر الأول بدون الثاني : فهو المحبوب المقرب .
وحصول الثاني بدون الأول محال وفي كلا الأمرين مراتب كثيرة :
أما في الأمر الأول : فبحسب شدة غلبة نور الوحدة على الكثرة وضعفها ، وقوة استيلاء أحكام الوجوب على أحكام الإمكان وضعفه .
وأما في الأمر الثاني : فبحسب استيعاب تحقيقه بالأسماء كلها وعدمه ، بالتحقق ببعضا دون البعض " .
يقول الشيخ السراج الطوسي :
" النسبة : الحال الذي يتعرف به صاحبه ، بمعنى انتسابه إليه " .
يقول الشيخ أحمد زروق :
" اختلاف النسب قد يكون لاختلاف الحقائق ،وقد يكون لاختلاف المراتب في الحقيقة الواحدة".
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" إن ما تسميه المتكلمون صفة ، يسيمه أهل الله نسبة ، حيث لم يرد لفظ الصفة في حقه تعالى في الكتاب ولا في السنة ، بل نزه تعالى نفسه عن الصفة " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
علم ألفة النسب : هو من علوم منزل الظلمات المحمودة والأنوار المشهودة ، ومنه يعلم هل يقع بين المتناسبين افتراق معنوي أم لا .
ويقول الشيخ : " علم نسبة الله إلى الأشياء : هو من علوم منزل العندية الإلهية والصف الأول عند الله تعالى ، ومنه يعلم هل هو عين نسبة الأشياء إلى الله أو تختلف؟ .
يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
علم كيفية مشاهدة النسب مع أن النسب عدمية : هو من علوم القوم الكشفية ، ومنه يعلم حقيقة الموت - فإنه نسبة عدمية وحقيقته عدم الحياة - وفيمن يتحكم الموت ؟ فإنه لا حكم له إلا في المركبات دون البسائط كما هو معلوم من الأدلة .
يقول الشيخ بالي زاده أفندي :
" النسب الإلهية : أي الصفات الإلهية التي تثبت للحق ، كالخالق والرزاق وغير ذلك من الصفات الإضافية ... أظهرت أعياننا الخارجية هذه الصفات .. فنحن بعبوديتنا أظهرنا معبوديته كما أظهرنا بأعياننا الخارجية ألوهيته ، وهي اتصافه بجميع الصفات " .
يقول الشريف الجرجاني:
" النسبة الثبوتية : لثبوت شيء لشيء على وجه هو هو " .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" النسبة الأولى : هي النسبة السوائية ، فإن أولى النسب لابد وأن يكون أعلاها " .
نسبة التفارق بالذات "
يقول الشيخ ولي الله الدهلوي:
النسبة : " التفارق بالذات والتصاق بالعرض : هذه النسبة واقعة بين ذات الله وأسمائه ، وبين اسم واسم آخر ، فالذات عين الأسماء من وجه وغيرها من وجه " .
موضوع : كل عبد هو مظهر لاسم من الأسماء الإلهية
يرى الشيخ ابن العربي :
ان كل عبد هو مظهر لاسم من الأسماء الإلهية، وبذلك يختلف العبيد فيما بينهم، فمنهم: عبد اللّه ( محمد صلى اللّه عليه وسلم) وهو أكمل المخلوقات من حيث إنه مظهرا لاسم اللّه الجامع للأسماء الإلهية كافة. مثل " عبد الرحمن - عبد الرحيم - عبد الملك - عبد القدوس - عبد السلام. . . حتى يستوفي الأسماء الإلهية "
المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة د. سعاد الحكيم (ص: 510)
"فالأولياء بالنسبة للمريدين وعامة الناس امرهم كله غرابا"
موضوع : المشاهدة رؤية الأشياء بدلائل التوحيد
يقول الشيخ في الفتوحات المكية الباب العاشر ومائتان في المكاشف :-
المشاهدة عند الطائفة رؤية الأشياء بدلائل التوحيد ورؤيته في الأشياء وحقيقتها اليقين من غير شك .
قالت بلقيس كَأَنَّهُ هُوَ وهو كان لم يكن غيره فطلبنا عين السبب الموجب لجهلها به حتى قالت : "كَأَنَّهُ هُوَ " فعلمنا إن ذلك حصل لها من وقوفها مع الحركة المعهودة في قطع المسافة البعيدة.
وهذا القول الذي صدر منها يدل عندي أنها لم تكن كما قيل متولدة بين الإنس والجان إذ لو كانت كذلك لما بعد عليها مثل هذا من حيث علمها بأبيها وما تجده في نفسها من القوة على ذلك .
حيث كان أبوها من الجان على ما قيل فهذا شهود حاصل وعين مشهودة وعلم ما حصل لأن متعلق العلم المطلوب هنا .
إنما هو نسبة هذا العرش المشهود إليها كما هو في نفس الأمر ولم تعلم ذلك .
كما إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأت جبريل في صورة دحية ما قالت كأنه هو وإنما قالت هو دحية . ولم يكن في نفس الأمر دحية .
وهذا على النقيض من قصة بلقيس واشتركا في الشهود وعدم العلم بالمشهود من حيث نسبته لا من حيث ما شوهد
والسبب في هذا الجهل أنهم ما علموا من دحية إلا الصورة الجسدية لا غير
فما علموا دحية على الحقيقة وإنما علموا صورة الجسم التي انطلق عليها اسم دحية
وعلى الحقيقة ما انطلق الاسم إلا على الجملة فتخيلوا لما شاهدوا الصورة أن الكل تابع لهذه الصورة وليس الأمر كذلك .
فإن البصر يقصر عن إدراك الفارق بين القوتين في الشبه إذا حضر أحدهما دون الآخر .
فلو حضرا معا عنده لفرق بينهما بالمكان .
والمسألة في نفسها شديدة الغموض ولا سيما في العلم الإلهي .
لأن النفس الناطقة التي هي روح الإنسان المسماة زيد إلا يستحيل عليها إن تدبر صورتين جسميتين فصاعدا إلى آلاف من الصور الجسمية وكل صورة هي زيد عينها ليست غير زيد .
ولو اختلفت الصور أو تشابهت لكان المرئي المشهود عين زيد كما تقول في جسم زيد الواحد مع اختلاف أعضائه في الصورة من رأس وجبين وحاجب وعين ووجنة وخد وأنف وفم وعنق ويد ورجل وغير ذلك من جميع أعضائه
أي شيء شاهدت منه تقول فيه رأيت زيدا وتصدق كذلك تلك الصور إذا وقعت ويدبرها روح واحد
إلا إن الخلل وقع هنا عند الرؤية لعدم اتصال الصور كاتصال الأعضاء في الجسم الواحد فلو شاهد الاتصال الذي بين الصور
لقال في كل صورة شهدها هذا زيد
كما يفعل المكاشف إذا شاهد نفسه في كل طبقة من طباق الأفلاك لأن له في كل فلك صورة تدبر تلك الصور روح واحدة وهي روح زيد مثلا وهذا شهود حق في خلق
قالت الطائفة في المشاهدة إنها تطلق بإزاء ثلاثة معان :
منها مشاهدة الخلق في الحق وهي رؤية الأشياء بدلائل التوحيد كما قدمناه
ومنها مشاهدة الحق في الخلق وهي رؤية الحق في الأشياء
ومنها مشاهدة الحق بلا الخلق وهي حقيقة اليقين بلا شك فأما قولهم رؤية الأشياء بدلائل التوحيد فإنهم يريدون أحدية كل موجود ذلك عين الدليل على أحدية الحق ، فهذا دليل على أحديته لا على عينه
وأما إشارتهم إلى رؤية الحق في الأشياء فهو الوجه الذي له سبحانه في كل شيء وهو قوله إِذا أَرَدْناهُ فذلك التوجه هو الوجه الذي له في الأشياء
فنفى الأثر فيه عن السبب إن كان أوجده عند سبب مخلوق
وأما قولهم حقيقة اليقين بلا شك ولا ارتياب إذا لم تكن المشاهدة في حضرة التمثل كالتجلي الإلهي في الدار الآخرة الذي ينكرونه
فإذا تحول لهم في علامة يعرفونه بها أقروا به وعرفوه وهو عين الأول المنكور
وهو هذا الآخر المعروف فما أقروا إلا بالعلامة لا به فما عرفوا إلا محصورا ، فما عرفوا الحق. أهـ
موضوع : الفرق بين الرؤية والمشاهدة :
يقول الشيخ في الفتوحات الباب العاشر ومائتان :
ولهذا فرقنا بين الرؤية والمشاهدة وقلنا في المشاهدة إنها شهود الشاهد الذي في القلب من الحق وهو الذي قيد بالعلامة والرؤية ليست كذلك .
ولهذا قال موسى "رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ " وما قال أشهدني
فإنه مشهود له ما غاب عنه وكيف يغيب عن الأنبياء وليس يغيب عن الأولياء العارفين به فقال له لَنْ تَرانِي ولم يكن الجبل بأكرم على الله تعالى من موسى وإنما أحاله على الجبل لما قد ذكر سبحانه في قوله: " لَخَلْقُ السَّماواتِ والْأَرْضِ أَكْبَرُ من خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ".
والجبل من الأرض وموسى من الناس فخلق الجبل أكبر من خلق موسى من طريق المعنى أي نسبة الأرض والسماء إلى جانب الحق أكبر من خلق الناس من حيث ما فيهم من سماء وأرض
فإنها في السماء والأرض معنى وصورة وهما في الناس معنى لا صورة والجامع بين المعنى والصورة أكبر في الدلالة ممن انفرد بأحدهما .
ولهذا قال "ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " فالحمد لله الذي جعلنا من القليل الذي يعلم ذلك
فجمع الجبل بين الصورة والمعنى ، فهو أكبر من جبل موسى المعنوي
إذ هو نسخة من العالم كما هو كل إنسان فإذا كان الجامع بين الأمرين وهو الأقوى والأحق باسم الجبل صار دكا عند التجلي فكيف يكون موسى حيث جبليته التي هي فيه معنى لا صورة ولما كانت الرؤية لا تصح إلا لمن يثبت لها إذا وقعت والجبل موصوف بالثبوت في نفسه وبالإثبات لغيره إذ كان الجبل هو الذي يسكن ميد الأرض .
ويقال فلان جبل من الجبال إذا كان يثبت عند الشدائد والأمور العظام
فلهذا أحاله على الجبل الذي من صفاته الثبوت
فإن ثبت الجبل إذا تجليت إليه فإنك ستراني من حيث ما فيك من ثبوت الجبل
فرؤية الله لا تطاق ..... فإنها كلها محاق
فلو أطاق الشهود خلق ..... أطاقه الأرض والطباق
فلم تكن رؤيتى شهودا ..... وإنما ذلك انفهاق
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أ رأيت ربك قال نوراني أراه
وذلك أن الكون ظلمة والنور هو الحق المبين
والنور والظلمة لا يجتمعان كما لا يجتمع الليل والنهار
بل كل واحد منهما يغطي صاحبه ويظهر نفسه
فمن رأى النهار لم ير الليل ومن رأى الليل لم ير النهار
فالأمر ظاهر وباطن وهو الظاهر والباطن
فحق وخلق فإن شهدت خلقا لم تر حقا وإن شهدت حقا لم تر خلقا
فلا تشهد خلقا وحقا أبدا
لكن يشهد هذا في هذا وهذا في هذا شهود علم لأنه غشاء ومغشي. أهـ
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 1 يناير 2020 - 16:48 عدل 10 مرات
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمتابع كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية :
موضوع : الفناء عند الطائفة
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الفناء عند الطائفة يقال بأزاء أمور :
فمنهم من قال : إن الفناء فناء عن المعاصي .
ومن قائل : الفناء فناء رؤية العبد فعله بقيام الله على ذلك .
وقال بعضهم : الفناء فناء عن الخلق وهو عندهم على طبقات :
منها : الفناء عن الفناء وأوصله بعضهم إلى سبع طبقات ...
فأما الطبقة الأولى في الفناء : فهي أن تفنى عن المخالفات فلا تخطر لك ببال عصمة وحفظا إلهيا ...
وأما النوع الثاني من الفناء : فهو الفناء عن أفعال العباد بقيام الله على ذلك من قوله :
] أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت [ فيرون الفعل لله من خلف حجب الأكوان التي هي محل ظهور الأفعال فيها ...
وأما النوع الثالث : فهو الفناء عن صفات المخلوقين بقوله تعالى في الخبر المروي النبوي عنه : ( كنت سمعه وبصره ) وكذا جميع صفاته والسمع والبصر وغير ذلك من أعيان الصفات التي للعبد أو الخلق ... فإنه ما يراه منك إلا بصرك ، وهو عين نظرك ، فما رآه إلا نفسه وأفناك بهذا عن رؤيته فناء حقيقة شهودية معلومة محققة لا يرجع بعد هذا الفناء حالا إلى حال يثبت لك أن لك صفة محققة ،
ليست عين الحق وصاحب هذا الفناء دائما في الدنيا والآخرة لا يتصف في نفسه ولا عند نفسه بشهود ولا كشف ولا رؤية مع كونه يشهد ويكشف ويرى ويزيد صاحب هذا الفناء على كل مشاهد وراء ومكاشف أنه يرى الحق كما يرى نفسه ...
وأما النوع الرابع من الفناء : فهو الفناء عن ذاتك وتحقيق ذلك أن تعلم أن ذاتك مركبة من لطيف وكثيف وأن لكل ذات منك حقيقة وأحوالا تخالف بها الأخرى وأن لطيفتك متنوعة الصور مع الآنات في كل حال وأن هيكلك ثابت على صورة واحدة وإن اختلفت عليه الأعراض فإذا فنيت عن ذاتك بمشهودك الذي هو شاهد الحق من الحق وغير الحق ولا تغيب في هذه الحال عن شهود ذاتك فيه فما أنت صاحب هذا الفناء فإن لم تشهد ذاتك في هذا الشهود وشاهدت ما شاهدت فأنت صاحب هذا النوع من الفناء ...
وأما النوع الخامس : وهو فناؤك عن كل العالم بشهودك الحق أو ذاتك فإن تحققت من تشهد منك علمت أنك شاهدت ما شاهدته بعين حق والحق لا يفنى بمشاهدة نفسه ولا العالم فلا تفنى في هذه الحال عن العالم وإن لم تعلم من يشهد منك كنت صاحب هذا الحال وفنيت عن رؤية العالم بشهود الحق أو بشهود ذاتك كما فنيت عن ذاتك بشهود الحق أو بشهود كون من الأكوان فهذا النوع يقرب من الرابع في الصورة وإن كان يعطي من الفائدة ما لا يعطيه النوع الرابع المتقدم .
وأما النوع السادس من الفناء : فهو أن تفنى عن كل ما سوى الله بالله ولا بد وتفنى في هذا الفناء عن رؤيتك فلا تعلم أنك في حال شهود حق إذ لا عين لك مشهودة في هذا الحال ...
وأما النوع السابع من الفناء : فهو الفناء عن صفات الحق ونسبها وذلك لا يكون إلا بشهود ظهور العالم عن الحق لعين هذا الشخص لذات الحق ونفسه لا لأمر زائد يعقل ولكن لا من كونه علة كما يراه بعض النظار ولا يرى الكون معلولا وإنما يراه حقا ظاهرا في عين مظهر بصورة استعداد ذلك المظهر في نفسه فلا يرى للحق أثرا في الكون فما يكون له دليل على ثبوت نسبة ولا صفة ولا نعت فيفنيه هذا الشهود عن الأسماء والصفات والنعوت " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الفناء عند الطائفة يقال بأزاء أمور :
فمنهم من قال : إن الفناء فناء عن المعاصي .
ومن قائل : الفناء فناء رؤية العبد فعله بقيام الله على ذلك .
وقال بعضهم : الفناء فناء عن الخلق وهو عندهم على طبقات :
منها : الفناء عن الفناء وأوصله بعضهم إلى سبع طبقات ...
فأما الطبقة الأولى في الفناء : فهي أن تفنى عن المخالفات فلا تخطر لك ببال عصمة وحفظا إلهيا ...
وأما النوع الثاني من الفناء : فهو الفناء عن أفعال العباد بقيام الله على ذلك من قوله :
] أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت [ فيرون الفعل لله من خلف حجب الأكوان التي هي محل ظهور الأفعال فيها ...
وأما النوع الثالث : فهو الفناء عن صفات المخلوقين بقوله تعالى في الخبر المروي النبوي عنه : ( كنت سمعه وبصره ) وكذا جميع صفاته والسمع والبصر وغير ذلك من أعيان الصفات التي للعبد أو الخلق ... فإنه ما يراه منك إلا بصرك ، وهو عين نظرك ، فما رآه إلا نفسه وأفناك بهذا عن رؤيته فناء حقيقة شهودية معلومة محققة لا يرجع بعد هذا الفناء حالا إلى حال يثبت لك أن لك صفة محققة ،
ليست عين الحق وصاحب هذا الفناء دائما في الدنيا والآخرة لا يتصف في نفسه ولا عند نفسه بشهود ولا كشف ولا رؤية مع كونه يشهد ويكشف ويرى ويزيد صاحب هذا الفناء على كل مشاهد وراء ومكاشف أنه يرى الحق كما يرى نفسه ...
وأما النوع الرابع من الفناء : فهو الفناء عن ذاتك وتحقيق ذلك أن تعلم أن ذاتك مركبة من لطيف وكثيف وأن لكل ذات منك حقيقة وأحوالا تخالف بها الأخرى وأن لطيفتك متنوعة الصور مع الآنات في كل حال وأن هيكلك ثابت على صورة واحدة وإن اختلفت عليه الأعراض فإذا فنيت عن ذاتك بمشهودك الذي هو شاهد الحق من الحق وغير الحق ولا تغيب في هذه الحال عن شهود ذاتك فيه فما أنت صاحب هذا الفناء فإن لم تشهد ذاتك في هذا الشهود وشاهدت ما شاهدت فأنت صاحب هذا النوع من الفناء ...
وأما النوع الخامس : وهو فناؤك عن كل العالم بشهودك الحق أو ذاتك فإن تحققت من تشهد منك علمت أنك شاهدت ما شاهدته بعين حق والحق لا يفنى بمشاهدة نفسه ولا العالم فلا تفنى في هذه الحال عن العالم وإن لم تعلم من يشهد منك كنت صاحب هذا الحال وفنيت عن رؤية العالم بشهود الحق أو بشهود ذاتك كما فنيت عن ذاتك بشهود الحق أو بشهود كون من الأكوان فهذا النوع يقرب من الرابع في الصورة وإن كان يعطي من الفائدة ما لا يعطيه النوع الرابع المتقدم .
وأما النوع السادس من الفناء : فهو أن تفنى عن كل ما سوى الله بالله ولا بد وتفنى في هذا الفناء عن رؤيتك فلا تعلم أنك في حال شهود حق إذ لا عين لك مشهودة في هذا الحال ...
وأما النوع السابع من الفناء : فهو الفناء عن صفات الحق ونسبها وذلك لا يكون إلا بشهود ظهور العالم عن الحق لعين هذا الشخص لذات الحق ونفسه لا لأمر زائد يعقل ولكن لا من كونه علة كما يراه بعض النظار ولا يرى الكون معلولا وإنما يراه حقا ظاهرا في عين مظهر بصورة استعداد ذلك المظهر في نفسه فلا يرى للحق أثرا في الكون فما يكون له دليل على ثبوت نسبة ولا صفة ولا نعت فيفنيه هذا الشهود عن الأسماء والصفات والنعوت " .
موضوع : في صفات العارف
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الباب السابع والسبعون ومائة في معرفة مقام المعرفة :
" وأما صفة العارف عندنا من الموطن الإلهي الذي يشهده العارفون من الحق في وجودهم وهو شهود عزيز ،
ذلك أن يكون العارف إذا حصلت له المعرفة قائما بالحق في جمعيته ، نافذ الهمة ، مؤثرا في الوجود على الإطلاق من غير تقييد لكن على الميزان المعلوم عند أهل الله ، مجهول النعت والصفة عند الغير من بشر وجن وملك وحيوان ،
لا يعرف فيحد ، ولا يفارق العادة فيميز ، خامل الذكر ، مستور الحال ، عام الشفقة على عباد الله ،
يفرق في رحمته بين من أمر برحمته حتى يجعل له خصوص وصف عارف بإرادة الحق في عباده ، وقوع المراد فيريد بإرادة الحق ،
لا ينازع ولا يقاوم ولا يقع في الوجود ما لا يريده ،
وإن وقع ما لا يرضي وقوعه بل يكرهه شديد في لين يعلم مكارم الأخلاق في سفسافها ،
فينزلها منازلها مع أهلها تنزيل حكيم ،
بريء ممن تبرأ الله منه ، محسن إليه مع البرآة منه ،
مصدق بكل خبر في العالم ، كما يعلم عند الغير إنه كذب فهو عنده صدق ،
مؤمن عباد الله من غوائله ، مشاهد تسبيح المخلوقات على تنوعات أذكارها ،
لا تظهر إلا لعارف مثله ، إذا تجلى له الحق يقول : أنا هو لقوة التشبيه في عموم الصفات الكونية والإلهية ،
إذ قال بسم الله كان عن قوله ذلك ، كل ما قصده بهمته ، لا يقول كن أدبا مع الله ،
يعطي المواطن حقها ، كبير بحق ، صغير لحق ، متوسط مع حق ، جامع لهذه الصفات في حال واحدة ، خبير بالمقادير والأوزان ، لا يفرط ولا يفرط ،
يتأثر مع الأنات لتغير الأحوال فلا يفوته من العالم ولا مما هو عليه الحق في الوقت شي مما يطلبه العالم في زمن الحال ،
يشاهد نشأ الصور من أنفاسه بصورة ما هو عليه في قلبه عند خروج النفس ، فإذا ورد عليه النفس الغريب من خارج لتبريد القلب ، خلع على ذلك النفس خلعة الوقت ،
فينصبغ ذلك النفس بذلك النور الذي يجد في القلب يستر مقامه بحاله وحاله بمقامه ،
فيجهله أصحاب الأحوال بمقامه ويجهله أصحاب المقامات بحاله ،
له عنف على شهوته إذا لم يروجه الحق في طبيعتها ، يبذل لك لا له ،
عطاءه غير معلول ، لا يمن إذا أمتن ، ويتمن بقبول المن ،
لا يؤاخذ الجاهل بجهله فإن جهله له وجه في العلم ، لا يشعر المعطى من عنده حين ما يعطيه يعرفه أن ذلك أمانة عنده أمر بإيصالها إليه ،
لا يعرفه ان ذلك من عند الله يفتح مغاليق الأمور المشكلة بالنور المبين ، يأكل من فوقه ومن تحت رجله ، يضم القلوب إليه إذا شاء من حيث لا تشعر ويرسلها إذا شاء من حيث لا تشعر ، يملك أزمة الأمور وتملكه بما فيها من وجه الحق لا غير ،
ينظر إلى العلو فينسفل بنظره ، وينظر إلى السفل فيعلو ويرتفع بنظره ،
يحجر الواسع ، ويوسع المحجور ،
يسمع كل مسموع منه لا من حيثية ذلك المسموع ، ويبصر كل مبصر منه لا من حيث ذلك المبصر ،
يقتضي بين الخصمين بما يرضي الخصمين فيحكم لكل واحد لا عليه مع تناقص الأمر يميل إلى غير طريقه لحكمة الوقت ،
يغلب ذكر النفس على ذكر الملأ من أجل المفاضلة غيرة أن يفاضل الحق فإنه ذاكر بحق في حق ،
الأمور كلها عنده ذوقيه لا خبرية ، يعرف ربه من نفسه كما علم الحق العالم من علمه بنفسه ،
لا يؤاخذ بالجريمة فإن الجريمة استحقاق والمجرم المستحق عظمته في ذلته وصغاره ، لا ينتقل عن ذلته في موطن عظمته دنيا وآخرة ،
هو في علمه بحسب علمه ان اقتضى العمل عمل وإن اقتضى أن لا عمل لم يعمل ،
عنده خزائن الأمور بحكمه ومفاتيحها بيده ينزل بقدر ما يشاء ويخرج ما يشاء من غير استشعار ،
غواص في دقائق الفهوم عند ورود العبارات ، له نعوت الكمال ، له مقام الخمسة في حفظ نفسه وغيره ،
ينظر في قوله : " أعطى كل شيء خلقه " ، فلا يتعداه ،
يدبر أمور الكون بينه وبين ربه كالمشير العالم الناصح في الخدمة القائم بالحرمة ، لا أينية لسره ،
ولا يبخل عند السؤال ، ينظر في الآثار الإلهية الكائنة في الكون ليقابلها بما عنده لما سمع الله يقول : " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم "،
يسمع نداء الحق من ألسنة الخلق ،
يسع الأشياء ولا تسعه سوى ربه فهو ابنه وعينه ،
مرتب للأوامر الإلهية الواردة في الكون ثابت في وقت التزلزل ، لا تزلزله الحادثات ،
ليست في الحضرة الإلهية صفة لا يراها في نفسه ، يظهر في أي صورة شاء بصفة الحياة مع الوقوف عند المحدود ،
يعرف حقه من حق خالقه ،
يتصرف في الأشياء بالاستحقاق ويصرف الحق فيها بالاستخلاف ، له الاقتدار الإلهي من غير مغالبة ،
لا تنفذ فيه همم الرجال ولا يتوجه للحق عليه حق ، يتولى الأمور بنفسه لا بربه ، لأنه لا يرى نفسه لغلبته ربه عليه
تعود صفات التنزيه مع وجود التشبيه ،
يحصى أنفاسه بمشاهدة صورها فيعلم ما زاد وما نقص في كل يوم وليلة ، ينظر في المبدء والمعاد فيرى إلتقاء طرفي الدائرة ،
يلقي الكلمة في المحل القابل فيبدل صورته وحاله أي صورة كان ، ما يطأ مكانا إلا حي ذلك المكان بوطأته ، لأنه وطئه بحياة روحية ،
إذا قام لقيامه ربه ويغضب لغضبه ويرضى لرضاه فإن حالته في سلوكه كانت هكذا فعادت عليه هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، لا يخطر له خاطر في شيء إلا تكون ،
ولا يعرف ذلك الشيء أنه كونه له على الأشياء شرف العماء لا شرف الاستواء ،
فهو وحيد في الكون غير معروف العين ، من لجأ إليه خسر ولا تقتضي حاجته إلا به فإنه ظاهر بصورة العجز وقدرته من وراء ذلك العجز ،
لا يمتنع عن قدرته ممكن كما لا يمتنع عن قدرة خالقه محال ليصح الامتياز ،
فهذا وإن تأخر بظاهره فهو متقدم بباطنه ليجمع في شهوده بين الأول والآخر والباطن والظاهر ، يحسن للمسيء والمحسن ،
يرجع إلى الله في كل أمر ولا ينتقم لنفسه ولا لربه إلا بأمره الخاص
فإن لم يأمره عفى بحق لشهوده السابقة في الحال ،
القليل عنده كثير والكثير عنده قليل ،
يجري مع المصالح فيكون الحق له ملكا ،
يسبح أسماء الله بتنزيهها على أن تنالها أيدي الغافلين غيرة على الجناب الإلهي من حيث كونها دلائل عليه دلالة الاسم على المسمى ،
إن ولي منصبا يعطي العلو لم ير فيه متعاليا بالله فأحرى بنفسه ،
يعدل في الحكم ولا يتصف بالظلم ،
جامع علوم الشرع من عين الجمع ، مستغني عن تعليم المخلوقين بتعليم الحق ،
يعطي ما تحصل به المنفعة ولا يعطي ما تكون به المضرة ،
إن عاقب فتطهير لا تبقى مع نور عدله ظلمة جور ولا مع نور علمه ظلمة جهل ،
يبين عن الأمور بلسان إلهي فيكشف غامضها ويجليها في منصتها ،
يخترع من مشاهدة صورة موجودة لا من نفسه ،
وليس هذا لكل عارف إلا لمن يعلم المصارف ، فإنه مشهد ضنين له البقاء في التلوين ،
يرث ولا يورث ، بالنبوة العامة يتصرف ، ويعمل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي ،
يؤذى فيحلم عن مقدرة وإذا آخذ فبطشه شديد ، لأنه خالص غير مشوب برحمة ،
قال أبو يزيد : "بطشي أشد " فهذه صفة العارف عندي ،
فتحقق فإن موطن هذا لمأخذ عزيز والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ . أهـ
بيت الشعر : كهز الرديني .. ثم اضطرب
كهز الرديني بين الأكف … جرى في الأنابيب ثم اضطرب
هذا البيت لأبي دؤاد الإيادي شاعر جاهلي، من قصيدة وصف بها فرسه ... مطلعها :
وقد أغتدي في بياض الصَّباح ... وأعجازُ ليل مولي الذنْب
بِطرف ينازعني مرسنا ... سلوف المقادة محض النَّسب
طواه القنيصُ وتعداؤه ... وإرشاش عطفيه حتى شسب
بعيد مَدَى الطرف خاظي البضيع ... ممر القُوَى مُسَمَهرّ العَصَب
رفيع المعد كسيد الغاض ... تَميم الضلوع بجوف رَحَبْ
وهادٍ تقدَّم لا عيبَ فيه ... كالجذع شُذِّبَ عنهُ الكَرَبْ
إذا قيد قحَّم من قادَه ... وولَّتْ علابيُه واجْلَعَبْ
كهزِّ الرديني بين الاكفّ ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب
والرديني: الرمح. والأنابيب: أجزاء الرمح ..
يشبه اهتزاز فرسه ونشاطه وسرعته، كما يسرع الاهتزاز في الرمح.
ويقال: إذا هززت الرمح جرت تلك الهزة فيه حتى يضطرب كله وكذلك هذا الفرس ليس فيه عضو إلا وهو يعين ما يليه، ولم يرد الاضطراب ولا الرعدة.
والشاهد: استخدام "ثم" بمعنى "الفاء" للترتيب مع التعقيب دون تراخ، أما «ثم» فأصل معناها «الترتيب مع التراخي» ...
ذلك أن الهز متى جرى في أنابيب الرمح يعقبه الاضطراب ولم يتراخ عنه ..
مسألة ذكر اسم نبي الله سليمان قبل بسم الله الرحمن الرحيم:
قال تعالى جل شأنه : " إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "
قال د. أبو العلا عفيفي : "" الشيخ ابن العربي يخطئ، هذا الرأي لما يقتضيه من نسبة الجهل و عدم البصر بما يليق نحو الجناب الإلهي إلى رسول كسليمان.
و حجته في ذلك أن الجملة الأولى و هي «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وأنهُ» ليست جزءاً من كلام سليمان إلى بلقيس، بل هي إخبار منها لقومها بأنها أُلْقِيَ إليها كتاب من سليمان.
أما أول الكتاب فهو «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
و من الناس من يعتبر الجملة الأولى جزءاً من كتاب سليمان إلى بلقيس و يلتمس لسليمان عذراً في تقديم اسمه على اسم اللَّه و لا يعد ذلك جهلًا من الرسول،
بل عملًا قصد به إلى غاية خاصة، و ذلك أن سليمان لما علم أنه ليس من عادة الملوك الاحتفاء برسالات الأنبياء و لا تكريم حامليها،
بل لقد يدفعهم الشطط في امتهانها و تحقيرها إلى تمزيقها أو إحراقها أو التمثيل بها أي نوع من أنواع التمثيل كما فعل كسرى بكتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، لما علم سليمان كل ذلك، قدم اسمه على اسم اللَّه لكي يعرض اسم هو أولًا لمثل هذه الاهانة إن وقعت.
و هذا تعليل في نظر ابن العربي في غاية الضعف، إذ لو كان في نية بلقيس أن تمتهن كتاب سليمان بالإحراق أو التمزيق لأصابت هذه الاهانة كل ما فيه، و لما منعها من فعلها تقديم أحد الاسمين على الآخر. أهـ ""
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 23 ديسمبر 2019 - 21:31 عدل 1 مرات
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
وهذا فص الحكمة السليمانية ، ذكره بعد حكمة عيسى عليه السلام ، لأن مقام سليمان عليه السلام حاصل من إجابة الدعاء بعين ما طلب حيث قالَ: " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ص : 35 ] ،
وعيسى عليه السلام حاصل من إجابة دعاء امرأة عمران بطريق النذر ، كما قال تعالى :" إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 35 ) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ( 36 ) فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً “[ آل عمران : 35 - 37 ] .
وكانت امرأة عمران طلبت غلاما يكون خالصا لبيت المقدس ، فأجابها اللّه تعالى أوّلا بالأنثى وهي مريم ، وثانيا بالذكر وهو عيسى ابن مريم عليهما السلام وهو عين الإجابة بما طلبت ، ومما يدل على أنها كانت متحققة في الإجابة إلى عين ما طلبت وهو حصول الغلام الذكر من مريم قولها :" وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها".
فقد علمت بالذرية وهو عيسى عليه السلام في حال صغر أمه مريم عليها السلام ، وأخبر تعالى أنه تقبلها ، أي مريم عليها السلام قبولا حسنا ، وأنبتها وهو خروج عيسى عليه السلام منها نباتا حسنا ، كما قال تعالى :وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً( 17 ) [ نوح : 17 ] .
(فص حكمة رحمانية) منسوبة إلى الرحمن (في كلمة سليمانية ).
إنما اختصت حكمة سليمان عليه السلام بكونها رحمانية ، لأنها من استواء الرحمن على عرش الوجود واستيلاؤه عليه ، فهي لمحة من رحمة الإيجاد ، وقد رحم اللّه تعالى الوجود الذي استولى عليه سليمان عليه السلام ، وقهره بالموافقة ونفوذ الكلمة ، فهي نعمة عليه وعلى أهل زمانه كلهم ، ولهذا ذكرها من باب التحدث بالنعمة .
"وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ" [ النمل : 16 ] .
وفي قضية عرش بلقيس :" فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ " [ النمل : 40 ] .
قال اللّه تعالى : ( "إِنَّه ُيعني الكتاب مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ أي مضمونه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " [ النمل : 30 ] . فأخذ بعض النّاس في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن كذلك . وتكلّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان بربّه . وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ[ النمل : 29] . أي مكرّم عليها وإنّما حملهم على ذلك ربّما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ وما مزّقه حتّى قرأه كلّه وعرف مضمونه . فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره . )
قال رضي الله عنه : ( إنه يعني الكتاب( الذي أرسله سليمان عليه السلام إلى بلقيس مع الهدهد من سليمان ، لأنه هو الذي قصدها به ودعاها بدعوة الحق إلى الدخول تحت طاعته التي هي طاعة اللّه تعالى )وإنه( ، أي )مضمونه( يعني ما تضمنه ذلك الكتاب من الدين الحق ودعوة الهدى) "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" [ النمل : 31 ] . فأخذ بعض الناس(
من علماء الظاهر في بيان حكمة تقديم اسم سليمان عليه السلام على اسم اللّه تعالى ولم يكن الأمر في نفسه كذلك ، أي على ما ذكروا من تقديم اسم سليمان على اسم اللّه تعالى ، وإنما يكون
كذلك لو قال : باسم سليمان واللّه الرحمن الرحيم ، وحاشاه عليه السلام من تقديم اسمه على اسم اللّه تعالى مع علمه باللّه ومعرفته به المعرفة التامة وعصمته في الأدب معه تعالى ، ولكنه أتى أوّلا باسم اللّه الظاهر والآخر بالقيومية عليه وعلى كل شيء وله سبحانه في هذه الحضرة أسماء منها اسم سليمان وأتى ثانيا باسم اللّه الباطن ، والأوّل عن إدراكه وإدراك كل شيء.
وله سبحانه في هذه الحضرة أيضا أسماء منها : اسم الرحمن الرحيم .
وستأتي الإشارة إليه من المصنف قدس اللّه سره ، وقد قال تعالى :"هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ" [ الحديد : 3 ] ، فلا أوّل ولا آخر ولا ظاهر ولا باطن إلا هو لا إله إلا هو إليه المصير .
وهذا كله من حيث إنه تعالى قيوم على كل شيء "وكُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" [ القصص : 88 ]
لا من حيث إنه تعالى عين الأشياء الهالكة ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار .
(وتكلموا ) ، أي بعض الناس من علماء الظاهر (في ذلك) الذي ذهبوا إليه من تقديم اسم سليمان على اسم اللّه تعالى (بما لا ينبغي) أن يقال مما ، أي من الأمر الذي (لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه) تعالى فإنه عارف به المعرفة الكشفية الذوقية لا المعرفة العقلية المستفادة من الدليل والبرهان كما هو عند أهل الظاهر من
المتمسكين بالعقول في أحكام الشريعة في العقول وكيف يليق بمقام سليمان عليه السلام ما قالوه من الكلام وبلقيس تقول فيه ، أي في ذلك الكتاب لما ألقاه الهدهد عليها وكانت كافرة من قوم كافرين يعبدون الشمس من دون اللّه : (" يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ" أي مكرم عليها) [ النمل : 29 ]
وذلك لما رأته مشتملا عليه من الجزالة في اللفظ مع كمال الإفادة في المطلوب ، وذكر الأمر والنهي وبيان المرسل بذكر اسمه واسم اللّه تعالى ، وبيان التوحيد بأن الأمور كلها به تعالى ، وبيان الشريعة بذكر الإسلام لسليمان عليه السلام في كل ما جاء به ، ولهذا لما أسلمت بلقيس قالت :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] .
فقد انقادت للّه تعالى الذي به قام كل شيء ، من باب شريعة سليمان عليه السلام لا بالاستقلال منها وترك الشريعة التي كان عليها سليمان عليه السلام ، وهذا كمال الحذق منها والاستعداد لقبول الحق والتوفيق الإلهي لها ، ولهذا لما امتحنها سليمان عليه السلام فقالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ( 41 ) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل : 41 - 42 ] ،
وأتت بهذه العبارة الجامعة للحقائق والحاوية على أنواع الرقائق .
(وإنما حملهم) ، أي علماء الظاهر (على ذلك) القول الذي قالوه ربما ، أي يحتمل أن يكون تمزيق ، أي تقطيع (كسرى) أنو شروان ملك الفرس (كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) لما أرسله إليه يدعوه إلى الإسلام وما مزقه ، أي كسرى حتى قرأه كله وعرف مضمونه .
أي ما اشتمل عليه من الأمر بترك الدين الباطل واتباع الإسلام فكذلك كانت تفعل بلقيس بكتاب سليمان عليه السلام ، فما كانت تمزقه حتى تقرأه من أوّله إلى آخره وتعرف مضمونه لو لم توفق ، أي يوفقها اللّه تعالى لما وفقت له .
أي وفقها اللّه تعالى له من كرامة ذلك الكتاب عليها فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق ، أي عدم الاحتفال بحرمة صاحبه ، أي صاحب ذلك الكتاب تقديم اسمه ، أي سليمان عليه السلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره ، أي سليمان عليه السلام عنه ، أي عن اسم اللّه تعالى .
لأن الكتاب كله يمزق بعد تمام قراءته ومعرفة مضمونة ، فيقع التمزيق على اسم سليمان عليه السلام واسم اللّه تعالى .
وليس وقوع التمزيق أولا على اسم سليمان عليه السلام بأمر محقق حتى يكون وقاية لتمزيق اسم اللّه تعالى كما زعموا .
بل كان الأمر بالعكس ينبغي تقديم اسم اللّه تعالى حتى إذا رأوه في أوّل الكتاب يحترمون تمزيق الكتاب ، لأن الكفار من المجوس وعباد الشمس والنار والأصنام قائلون بوجود اللّه ، ولم ينكر وجوده تعالى إلا الدهرية ومن تابعهم .
ولأن تقديم اسم المخلوق الذي مثلهم يحرك فيهم سلسلة
العناد لما انجبلت عليه النفوس البشرية من عدم الانقياد لمثلها ؛ ولهذا قالوا :أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ[ القمر : 24 ] ،وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً[ المؤمنون : 24 ]
فأبوا عن الانقياد للجنس وطلبوا غير الجنس ، فكان تقديم اسم المخلوق باعثا على تمزيق الكتاب أكثر من باعث تقديم اسم اللّه تعالى .
فإنهم ربما كانوا يرعون لذكر اسم اللّه تعالى في الابتداء قبل ذكر اسم المخلوق ، بل ربما كان تقديم اسم المخلوق داعيا إلى أشد التكذيب منهم بتعليل أن هذا الداعي لهم إلى اللّه تعالى قدم اسمه على الاسم المدعو إليهم ، فيفهم الجاهل من ذلك عدم الاحترام منه ، فيدعو ذلك إلى التمزيق والإهانة ، فلا وجه لما قالوه فيما زعموا من التقديم .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فص حكمة رحمانية ) أي زبدة علوم منسوبة إلى الرحمن حاصلة ( في كلمة سليمانية ) أي في روح هذا النبي عليه السلام فكل من علم هذه الحكمة وتكلم بها .
"" إضافة المحقق : يبحث هذا الفص في مسألتين هامتين إلى جانب مسائل أخرى كثيرة تتصل بها : -
المسألة الأولى : الرحمة الإلهية ، معناها وأقسامها . وقد سبقت الإشارة إلى الرحمة في النصوص التي سبقت ولكننا هنا بإزاء شرح أوفى لأحد قسمي الرحمة وهو رحمة الوجوب .
المسألة الثانية : هي مسألة الملك والخلافة والتصرف وهي متصلة بسليمان عليه السلام على نحو ما فصله القرآن الكريم.""
فمن روح هذا النبي قال اللّه تعالى حكاية عن قراءة بلقيس كتاب سليمان عليه السلام ( أنه يعني الكتاب ) الملقى إليّ ( من سليمان وأنه أي مضمونه ) .
وإنما رجع الضمير الثاني إلى المضمون لا إلى الكتاب لأن ما في الكتاب لا ينحصر في البسملة قال رضي الله عنه : ( بسم اللّه الرحمن الرحيم فأخذ بعض الناس ) أي ذهب بعض المفسرين ( في تقديم ) يتعلق بأخذ باعتبار تضمنه معنى شرع وإن كان متعديا ( اسم سليمان على اسم اللّه ) .
أي قدم سليمان في كتابه اسمه على اسم اللّه فحكى بلقيس مع حواشيها كذلك ( ولم يكن كذلك ) والحال أن سليمان لم يقدم اسمه على اسم اللّه في كتابه بل إنما كان التقديم عن قراءة بلقيس لأنه لما قالت بلقيس لحواشيها أني ألقي إليّ كتاب كريم نصب السامعون أعينهم وانتظروا إلى ذكر الملقى فاقتضى المقام تقديم اسمه على اسم اللّه في قراءة بلقيس وكذلك في كتاب سليمان بل قدم اسم اللّه على اسمه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وتكلموا في ذلك ) أي في وجه تقديم سليمان اسمه على اسم اللّه ( بما لا ينبغي ) يتعلق بتكلموا ( مما ) بيان لما لا ينبغي ( لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه ) .
فإنهم قالوا إنما قدم اسمه على اسم اللّه لئلا يحرق الكتاب بحرمة صاحبه .
وبعضهم قالوا إنما قدم اسمه على اسم اللّه لأنها ملكة كافرة فخاف سليمان شتمها عند القراءة فقدم اسمه ليرجع الشتم إليه "لا" إلى اللّه .
كل ذلك لا يليق بحضرة سليمان العالم بالأمور على ما هي عليه لذلك ذهب الشيخ إلى أن سليمان لم يقدم اسمه على اسم اللّه والتقديم بتوهم من حكاية بلقيس ( وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول ) لحواشيها ( فيه ) أي في حق الكتاب ( أنى ألقي إليّ كتاب كريم أي يكرم عليها ) على بلقيس.
وسليمان عالم بهذا القول من بلقيس قبل أن تقول فكيف يليق بهذه المعرفة معرفة سليمان ما قالوه في حقه من نسبة الجهل ( وإنما حملهم ) أي بعض الناس ( على ذلك ) التقديم ( ربما ) فاعل حملهم على التقديم علة لحملهم على التقديم ( تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه عليه السلام ) يعني قالوا إنما قدم سليمان اسمه على اسم اللّه لئلا تمزق كتابه كما مزق كسرى كتاب رسول اللّه عليه السلام لتقديم اسم اللّه على اسمه فقولهم قدم الرسول اسم اللّه على اسمه وقولهم : مزق كسرى كتاب رسول اللّه عليه السلام قد أصابوا فيه لكنهم أخطئوا في قولهم إن تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه لتقديم اسم اللّه على اسمه .
ولولا ذلك التقديم لما مزقه وإلى بطلان هذا القول أشار بقوله ( وما مزقه ) أي وما مزق كسرى كتاب رسول اللّه ( حتى قرأه كله وعرف مضمونه ) .
ولو كان تقديم اسم اللّه سببا لتمزيق كتاب رسول اللّه عليه السلام لما قرأ كله بل مزق عند رؤية اسم اللّه بدون قراءة ما في الكتاب فما مزقه إلا لعدم توفيق اللّه له .
قال رضي الله عنه : ( وكذلك ) أي ككسرى ( كانت تفعل بلقيس ) أي ما مزقته حتى قرأت كله وعرفت مضمونه ( لو لم توفق ) من التوفيق على بناء المجهول ( لما وفقت له ) فسبب التمزيق عدم التوفيق وسبب عدم التمزيق التوفيق.
قال رضي الله عنه : ( فلم يكن يحمى الكتاب عن الإحراق بحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم اللّه عزّ وجلّ ولا تأخيره ) أي لم يكن تقديم اسمه ولا تأخيره سببا لحفظ الكتاب عن التمزيق قوله الكتاب مفعول يحمى وتقديم فاعله .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
قال رضي الله عنه : («إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه. وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له. فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
قلت : قال بعضهم: إنما كتب سليمان عليه السلام، اسمه قبل اسم الله تعالى في قوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (الروم: 27)
خوفا على اسم الله تعالى من الإحراق فإن عوائد الجبابرة من الملوك أن يهينوا المرسل بتمزيق أول اسم في كتابه.
فأراد سليمان، عليه السلام، أن يكون التمزيق في اسمه لا في اسم الله تعالى.
فلذلك قدمه وأخر ذكر اسم الله تعالی.
قال رضي الله عنه: ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.
"" أضاف الجامع :
قال د. أبو العلا عفيفي : الشيخ ابن العربي يخطئ، هذا الرأي لما يقتضيه من نسبة الجهل و عدم البصر بما يليق نحو الجناب الإلهي إلى رسول كسليمان.
و حجته في ذلك أن الجملة الأولى و هي «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ» ليست جزءاً من كلام سليمان إلى بلقيس، بل هي إخبار منها لقومها بأنها أُلْقِيَ إليها كتاب من سليمان.
أما أول الكتاب فهو «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
و من الناس من يعتبر الجملة الأولى جزءاً من كتاب سليمان إلى بلقيس و يلتمس لسليمان عذراً في تقديم اسمه على اسم اللَّه و لا يعد ذلك جهلًا من الرسول،
بل عملًا قصد به إلى غاية خاصة، و ذلك أن سليمان لما علم أنه ليس من عادة الملوك الاحتفاء برسالات الأنبياء و لا تكريم حامليها،
بل لقد يدفعهم الشطط في امتهانها و تحقيرها إلى تمزيقها أو إحراقها أو التمثيل بها أي نوع من أنواع التمثيل كما فعل كسرى بكتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، لما علم سليمان كل ذلك، قدم اسمه على اسم اللَّه لكي يعرض اسم هو أولًا لمثل هذه الاهانة إن وقعت.
و هذا تعليل في نظر ابن العربي في غاية الضعف، إذ لو كان في نية بلقيس أن تمتهن كتاب سليمان بالإحراق أو التمزيق لأصابت هذه الاهانة كل ما فيه، و لما منعها من فعلها تقديم أحد الاسمين على الآخر. أهـ ""
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
16 - فصّ حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
قال العبد : لمّا كانت الحكمة الرحمانية توجب ظهور الوجود العامّ على أكمل وجوهها في أكمل المظاهر الإلهية الرحمانية من الأشخاص الإنسانية بحيث يظهر فيه جميع أصناف الرحمة والإلهيات الظاهرة على العموم من كمال التصرّف والسلطان والملك والنبوّة والولاية على ما هي ظاهرة في جميع العالم مفصّلا مفرّقا في أشخاصه .
"أسندت حكمته إلى الرحمن لكمال ظهور أسرار الرحمة العامّة والخاصّة فيه صلَّى الله عليه وسلَّم على الوجه الأعمّ الأشمل وبالسرّ الأتّم الأكمل ، وجعل الله سعته في أمره وحكمه على أكثر المخلوقات ، وسخّر له العالم جميعا كما وسعت رحمة الرحمن جميع الموجودات ،فافهم."
وكانت الكلمة السليمانية بهذه المثابة على التعيين فإنّه كان نبيّا وليّا عبدا كاملا .
ووهبه الله التسخير الكلَّيّ التامّ والسلطان والحكم والتصرّف العامّ في جميع أجناس العالم وأنواعه وأصنافه من الملائكة والجنّ والإنس والطير والسباع وسائر الحيوان والنبات والمعادن ، على أكمل وجوهها وأفضلها وأتمّها وأعمّها .
فصلحت إضافة هذه الحكمة الرحمانية إليه عليه السّلام.
قال رضي الله عنه : (إِنَّه ُ) يعني الكتاب (من سُلَيْمانَ وَإِنَّه ُ) أي مضمونه (بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) .
فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله ولم يكن كذلك ،
وتكلَّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان عليه السّلام بربّه .
وكيف .يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه : ( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ ) أي يكرم عليها ؟ ! » .
قال العبد : تأدّب رضي الله عنه مع الحق الذي في أعيان الطاعنين في سليمان وتخطئتهم بعدم تعيينه أسماءهم .
فقال : « أخذ بعض الناس ، وتكلَّموا بما لا يليق » إعراضا عن التعرّض لتخطئتهم والتعريض بهم ، وإنّما ساق مقتضى التحقيق في هذا المقام السليمانيّ وأمّا خطؤهم في تخطئة سليمان فصريح.
فإنّ واضح التفسير أنّ بلقيس هي التي قالت لقومها عندما ألقى إليها الهدهد كتاب سليمان وأرتهم الكتاب :
( إِنَّه ُ من سُلَيْمانَ ) فهذا قولها ، ليس في طيّ الكتاب « إِنَّه ُ» يعني مضمون الكتاب ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) والدليل على ذلك من ظاهر اللفظ قولها : ( يا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ ) .
وقولها : « إِنَّه ُ » أي الكتاب ، يعود الضمير إلى المذكور ، وعلى ما قالوا ليس للضمير مذكور يعود إليه .
وإنّما قالت ذلك بيانا لمرسل الكتاب ، ثمّ تصدّت لبيان مضمون الكتاب بقولها : ( وَإِنَّه ُ بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .
وأنّه طلب الطاعة والانقياد لحكمه ، فما بقي بعد ذلك احتمال لكون الكتاب مكتوبا فيه ، كما قالوا ، وهذا ظاهر .
قال رضي الله عنه : ( وإنّما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم و ما مزّقه حتى قرأه كلَّه وعرف مضمونه.
فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له ، فلم يكن يحمي الكتاب عن الإخراق لحرمة صاحبه تقديم اسم سليمان عليه السّلام على اسم الله ولا تأخيره عنه ) .
قال العبد : وإنّه رضي الله عنه وإن أقام عذرهم ، فإنّ قوله : « ربما حملهم على ذلك » إشارة إلى أنّهم علَّلوا فيما ذكروا تمزيق كتاب رسول الله .
ثمّ بيّن أنّ هذا التعليل أيضا غير صحيح ، لكون كسرى إنّما مزّق الكتاب ، لكون مضمونه دعوته إلى خلاف دينه ومعتقده ، لا لأنّ اسم الله مقدّم على اسمه .
وتقديم اسم رسول الله على اسمه كان جزءا لعلَّة التمزيق ، فمزّقه الله كلّ ممزّق .
فوفّق الله بلقيس ، فقرأت الكتاب وآمنت باطنا ، فذكرت لقومها أنّها ألقي إليّ كتاب كريم ، أرسله إليها سلطان عظيم .
فلو لم توفّق لما وفّقت ، لمزّقت ، سواء كان اسم سليمان مقدّما على اسم الله أو لم يكن ، فليس تقديم اسمه ولا تأخيره بمانع عن التمزيق والإحراق ، كما زعموا .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
إنما اختصت الكلمة السليمانية بالحكمة الرحمانية لاختصاصه عليه السلام من عند الله جميع أنواع الرحمة العامة والخاصة ، فإن الرحمة إما ذاتية أو صفاتية ، وكل واحدة منهما إما عامة أو خاصة .
وقد خصه الله تعالى بالوجود التام على أكمل الوجوه ، والاستعداد الكامل للولاية والنبوة من الرحمة الذاتية الخاصة والعامة ، وبالمواهب الظاهرة والباطنة ، وأسبغ عليه نعمه الصورية والمعنوية .
وسخر له العالم السفلى بما فيه من العناصر والمعادن والنبات والحيوان ، والعالم العلوي بالإمدادات النورية والقهرية واللطفية من الرحمة الصفاتية الخاصة والعامة مما يطول تفصيلها كالسلطنة الكاملة والملك العام بالتصرفات الشاملة في الأرض والتبوء منها ما شاء .
والماء بالغوص والريح بالجري بأمره حيث شاء ، والنار بتسخير الشياطين النارية كما ذكر الله تعالى في مواضع من القرآن
وحكى عنه قوله " يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وأُوتِينا من كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ وحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُه من الْجِنِّ والإِنْسِ " - الآية ،
ولو لم يسخر الله العالم العلوي حتى يؤيده لما أطاعه الكون والشيطان ، ولا دان له الإنس والجان قال رضي الله عنه : ( إِنَّه ) يعنى الكتاب ( من سُلَيْمانَ وإِنَّه ) أي مضمونه ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .
فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله ، ولم يكن كذلك ، وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه ، وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه (" إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ " أي يكرم عليها ) ذهب الشيخ رضي الله عنه إلى قوله تعالى " إِنَّه من سُلَيْمانَ " حكاية قول بلقيس لا حكاية المكتوب في الكتاب .
وذلك أن بلقيس لما ألقى إليها الكتاب قالت لقومها وأرتهم الكتاب ( إِنَّه من سُلَيْمانَ ) فذلك قولها لا ما في طي الكتاب من المكتوب ، وكذلك قوله ( إِنَّه من )
قولها : أي وإن مضمونه ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) فما في الكتاب إلا ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) إلى قوله : ( مُسْلِمِينَ )
وقد تأدب مع الحق الذي في أعيان الطاعنين في سليمان حيث لم يسمهم ولم يصرح بتخطئتهم ، بل قال بعض الناس وتكلموا ما لا يليق .
ومعنى قوله : ولم يكن كذلك لم يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا ثم أنكر ما قالوا بقوله وكيف يليق ما قالوه
وبلقيس تقول : ( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ ) فهي التي تقول ( إِنَّه من سُلَيْمانَ ) الضمير في إنه يرجع إلى الكتاب وهذا واضح التفسير ، وعلى ما قالوه ليس الضمير المذكور يعود إليه وفيه تعريض بهم .
كأنه يقول كيف يليق ما قالوه في حق سليمان من الطعن في كتابه وهم مسلمون ، وبلقيس وصفت كتابه بالكرم وأنه يكرم عليها وهي كافرة ، فقولها : ( إِنَّه من سُلَيْمانَ ) بعد ذكر الكتاب بيان للمرسل
وقولها : ( وإِنَّه ) بيان لمضمون الكتاب وهو ( بِسْمِ الله ) إلى آخره .
قال رضي الله عنه : ( وإنما حملهم على ذلك تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه ، فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وفقت ، فلم تكن تحمى الكتاب عن الإخراق بحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله تعالى ولا تأخيره عنه ).
هذا إقامة لعذرهم : أي ربما حملهم على ما قالوه تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله : وما مزقه ، بيان لضعف عذرهم ، فإن كسرى إنما مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما قرأه وعرف أن مضمونه دعوته إلى خلاف دينه ومعتقده ، وقد قدم فيه اسم الله واسم رسول الله على اسمه فغاظه ذلك فمزقه . وأما بلقيس فوفقها الله تعالى لما قرأت الكتاب فآمنت باطنا وقالت لقومها : إنه كتاب كريم من سلطان عظيم ، فلو لم توفق لما وفقت له لمزقته سواء تقدم فيه اسم سليمان على اسم الله أو أخر عنه ، فلم يكن تقديم اسمه حاميا للكتاب عن الإخراق بسبب حرمة صاحبه .
ولا تأخيره فلم يكن كما قالوه ( فأتى سليمان بالرحمتين رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتين هما الرحمن الرحيم ) أي فصل ما في اسم الله من أحدية جمع الأسماء بالرحمن الدال على رحمة الامتنان لعموم الرحمة الرحمانية الكل من حيث أن الرحمن هو الحق باعتبار كونه عين الوجود العام للعالمين ، فعم بهذه الرحمة الذاتية جميع الأسماء والحقائق ، فهي رحمة الامتنان التي لا يخلو عنها شيء كما قال : " رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " حتى وسعت أسماءه ، فإنها عين ذاته كعلمه كما قال على لسان الملائكة " رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْماً " .
"" أضاف بالي زادة : (رحمة الامتنان ) ما يحصل من الله للعبد بدون مقابلة عمل من أعماله بل عناية سابقة في حق عبده كإعطاء الوجود القدرة للعمل والصحة منه وعطاء ( ورحمة الوجوب ) التي تحصل بمقابلة عمل كإعطاء الثواب للأعمال في الجنة اهـ بالى.
(أعنى رحمة الوجوب ) يعنى أن العبد من حيث أنه عبد يجب عليه إتيان أوامر مولاه ، فلا تجب الرحمة على المولى في مقابلة شيء ، فإذا قدر المولى وأوجب على نفسه لعبده شيئا في مقابلة عمله يستحق العبد بذلك الشيء بسبب عمله ، فوصول ذلك الشيء للعبد من المولى في مقابلة عمله امتنان وعطاء محض ، ولذا قالوا الجنة فضل إلهي فلا يستحقها العبد إلا بفضل الله ، فكان وجوب الرحمة من وجوب الامتنان. اهـ بالى .""
ولهذا قال الإمام المحقق جعفر بن محمد الصادق :
الرحمن اسم خاص : أي باللَّه تعالى بصفة عامة أي صفة له شاملة للكل لأنه لا يمكن غيره أن يسع الكل وبالرحيم الدال على رحمة الوجوب لخصوص الرحمة الرحيمية بما يقتضي الاستعداد بعد الوجود ، فالأعيان مرحومة بالرحمة الرحمانية : أي التجلي الذاتي من الفيض الأقدس دون الرحيمية ، فإنها بعد الاستعداد ، ولهذا قال الإمام عليه السلام : الرحيم اسم عام ، أي مشترك لفظا بين الحق والخلق بصفة خاصة بمن يستعد .
فإن الكمال الذي هو مقتضى الاستعداد بعد الوجود لا بد من وقوعه إما بواسطة الهادي والمرشد والعالم من الأسماء أو الملك أو الإنسان اللذان هما صورتان للأسماء أيضا .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 27 ديسمبر 2019 - 14:41 عدل 2 مرات
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكممطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
المراد بالحكمة ( الرحمانية ) ، بيان أسرار الرحمتين الصفاتيتين الناشئتين من الرحمتين الذاتيتين المشار إليهما بقوله تعالى : ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم )
قوله : ( المشار إليهما بقوله تعالى . . . ) .
ولما كان اسم ( الرحمن ) عام الحكم شامل الرحمة بجميع الموجودات بالرحمة الوجودية العامة والرحمة الرحيمية الخاصة ، وكان سليمان ، عليه السلام ، مع اتصافه بنعمة النبوة والرسالة ورحمة الولاية سلطانا على العالم السفلى بل على العالم العلوي .
إذ التأثير في عالم الكون والفساد لا يكون إلا بتأييد من العالم الأعلى والعون .
وذلك باستنزال روحانيته إياه وبكونه خليفة عمن لا إله إلا هو وكان عام الحكم في الإنس والجن نافذ الأمر في أعيان العناصر .
لذلك كان يتبوء من الأرض حيث يشاء وكانت الجن يغوصون له في الماء بحكمه مع أنهم من النار وسخر له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب وكان يتصرف في جميع ما يتولد منها ويعلم ألسنة الجمادات ويفهم منطق الحيوانات - ناسب أن يذكر حكمته في كلمته .
قال رضي الله عنه : ( "إنه" يعنى الكتاب "من سليمان" . و "أنه" أي ، مضمونه : " بسم الله الرحمن الرحيم " . فأخذ بعض الناس في تقديم اسم "سليمان" على اسم "الله" . ولم يكن كذلك . وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان ، عليه السلام ، بربه . وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه : "إني ألقى إلى كتاب كريم " أي ، يكرم عليها . وإنما حملهم على ذلك تمزيق كسرى كتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه . فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وفقت له ، فلم يكن يحمى الكتاب عن الإحراق بحرمة صاحبه تقديم اسمه ، عليه السلام ، على اسم الله تعالى ولا تأخيره . )
قال بعض أصحاب التفسير : إن سليمان ، عليه السلام ، قدم اسمه على اسم الله تعالى في الكتاب ، لئلا تخرق بلقيس بحرمته بالمزق وغيره ، كما فعل كسرى بكتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
والشيخ ذهب إلى أنه ، عليه السلام ، ما قدم اسمه على اسم الله تعالى وما أوهم التقديم إلا حكاية بلقيس مع حواشيها . أي ، قالت لهم : "إني ألقى إلى كتاب كريم . إنه " أي ، أن ذلك الكتاب . ( من سليمان ) .
و ( أنه ) أي ، وأن مضمون الكتاب "بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين " . وما قالوه لا يليق
بحال النبي العالم بالله ومراتبه ، وبأن اسمه واجب التعظيم . وكيف يليق ما قالوه وبلقيس قالت فيه : ( إني ألقى إلى كتاب كريم ) .
أي ، مكرم عليها ومعظم عندها . ولو أن بلقيس كانت مريدة للخرق وما كانت موفقة لإكرام الكتاب ، لم يكن تقديم اسمه حاميا له من الخرق ولا تأخيره ، بل كانت تقرأ الكتاب وتعرف مضمونه ، كما فعل كسرى ، ثم كانت تمزقه لو لم تكن موفقه .
"" أضاف الجامع :
قال د. أبو العلا عفيفي : الشيخ ابن العربي يخطئ، هذا الرأي لما يقتضيه من نسبة الجهل و عدم البصر بما يليق نحو الجناب الإلهي إلى رسول كسليمان.
و حجته في ذلك أن الجملة الأولى و هي «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ» ليست جزءاً من كلام سليمان إلى بلقيس، بل هي إخبار منها لقومها بأنها أُلْقِيَ إليها كتاب من سليمان.
أما أول الكتاب فهو «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
و من الناس من يعتبر الجملة الأولى جزءاً من كتاب سليمان إلى بلقيس و يلتمس لسليمان عذراً في تقديم اسمه على اسم اللَّه و لا يعد ذلك جهلًا من الرسول،
بل عملًا قصد به إلى غاية خاصة، و ذلك أن سليمان لما علم أنه ليس من عادة الملوك الاحتفاء برسالات الأنبياء و لا تكريم حامليها،
بل لقد يدفعهم الشطط في امتهانها و تحقيرها إلى تمزيقها أو إحراقها أو التمثيل بها أي نوع من أنواع التمثيل كما فعل كسرى بكتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، لما علم سليمان كل ذلك، قدم اسمه على اسم اللَّه لكي يعرض اسم هو أولًا لمثل هذه الاهانة إن وقعت.
و هذا تعليل في نظر ابن العربي في غاية الضعف، إذ لو كان في نية بلقيس أن تمتهن كتاب سليمان بالإحراق أو التمزيق لأصابت هذه الاهانة كل ما فيه، و لما منعها من فعلها تقديم أحد الاسمين على الآخر. أهـ ""
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
الفص السليماني
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
قال رضي الله عنه : (“إِنَّهُ”[ النمل : 30 ] ، يعني الكتاب مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [ النمل : 30 ] ، أي : مضمونه “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ “[ النمل : 30 ] ، فأخذ بعض النّاس في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن كذلك ، وتكلّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان بربّه ، وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [ النمل : 29 ] أي : مكرّم عليها وإنّما حملهم على ذلك ربّما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ؛ وما مزّقه حتّى قرأه كلّه وعرف مضمونه ؛ فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره ) .
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بعموم الرحمة الإلهية التي هي الرحمانية المتضمنة للرحيمية ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى سليمان عليه السّلام ، إذ خصه اللّه بالملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، فجمع له بين النبوة والولاية ، وتسخير الجن والإنس والطير والريح والماء ، ومعرفة جميع الأشياء حتى منطق الطير ، والتصرف في الكل بمناسبته إياهم .
فظهر بالرحمتين اللتين رحم بهما أولا ، ثم تصرف بهما وبالأسماء الداخلة تحتهما ثانيا ، فيما كتب إلى بلقيس معرفا لها فضله بحيث لا ترى نسبته لما أوتيت إلى ما أوتي مطمعا لها في حصول نصيب منهما لها عند انقيادها له ومتابعتها إياه ، حتى تنقاد له سريعا فكان ذكرهما لها كرما في حقها .
فلذلك وصفت كتابه بالكرم ، ثم بينت ذلك بأنه من المشهور بالكرم سليمان ، وهو عين الكرم لافتتاحه بالرحمتين مع إطماعها في النصيب منهما ، فقالت :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [ النمل : 29 ] ، ( إنه يعني الكتاب ) فسر الضمير ؛ لئلا يتوهم أن للشأن ، فيكون مفتح كتاب سليمان ، فيكون عليه السّلام قدم اسمه على اسم اللّه تعالى وهو جهل ، وإنما هو من قول بلقيس ؛ ولذلك أورد لفظته يعني بتاء التأنيث ( من سليمان ، وإنه أي : مضمونه ) فسره ؛ لئلا يعود إلى البيان أو الكتاب .
فيتوهم أنه تم بقوله :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [ النمل : 30 ] ؛ لأنها خبران ، وليس كذلك بل هو مفتتحه وتتمته :أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ[ النمل : 31 ] ، وإن يفسر به فكأنه عليه السّلام يقول : إذا كنت صاحب الرحمة العامة بما أوتيت من الملك الجامع والرحمة الخاصة بما أوتيت من النبوة والولاية ، فلي العلو في الأمور الدنيوية والدينية ،"أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ"[ النمل : 31 ] ، من جهة الملك ،"وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" [ النمل : 31 ]
من جهة الدين ، يحصل لكم نصيب من هاتين الفضيلتين بمتابعتكم إياي وانقيادكم لي ، وإلا فاتكم أمر الدارين ،ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ[ الزمر : 15 ] .
فلما وقع قولها أنه من سليمان بعد ذكر الكتاب ، توهم بعض الناس أنه حكاية مضمونة .
قال رضي الله عنه : ( فأخذ بعض الناس ) يطعن على الكتاب ( في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ) وهو جهل صرف ،
( ولم يكن ) كتابه ( كذلك ) أي : مقدما فيه اسم سليمان على اسم اللّه ، وإنما وقع ذلك في كلام بلقيس ؛ لجريان العادة بذكر الكاتب قبل تفصيل مضمون الكتاب ، ( وتكلموا في ذلك ) الأخذ ( بما لا ينبغي لهم ) أن يتوهموا في حق سليمان عليه السّلام ؛ لأنه ( مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السّلام بربه ) ، إذ عرفوا أنه قد أحل بأسراره ما لم تحط به أكثر الأنبياء عليهم السّلام فضلا عن غيرهم حتى سخر له العالم دونهم .
قال رضي الله عنه : ( وكيف يليق ) به ( ما قالوه ) من تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ، وهو سفه يعرفه أهل البلاهة ، ( وبلقيس ) مع كمال عقلها وفطانتها بحيث مدحها اللّه تعالى على ذلك ( تقول فيه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ[ النمل : 29 ] ) ، وليس ذلك إلا لتفضيل كلامه عليها ( أي :
تكرم عليها ) ؛ لانتمائه في الإحاطة بوجوه البلاغة والحسن بحيث تنهز له عقول العقلاء ، وتعقد دون الوصول إلى إدراك ما فيه فضلا عن مجاوبته ومعارضته ، فكيف يتصور أن يكون فيه تقديم اسمه على اسم ربه .
قال رضي الله عنه : ( وإنما حملهم ) أي : القائلين بكونه من جملة الكتاب ( على ذلك ) أي : تقديم سليمان اسمه على اسم اللّه ( ربما ) هذه الشبهة الواهية التي لا يتشبث بمثلها آحاد العقلاء فضلا عن كبار الأنبياء عليهم السّلام ( تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، وزعموا أنه إنما مزقه ؛ لأنه عليه السّلام ما قدم اسمه فيه.
فلم يقع في قلبه له ولا هيبة ، وتفطن سليمان عليه السّلام لهذه النكتة ، فقدم اسمه على اسم اللّه إظهارا لهيبته وعظمته ، فانقادت له وما مزقت كتابه ، وهذا غلط في المقيس والمقيس عليه ونفس القياس .
وذلك لأنه ( ما مزقه ) كسرى لعدم تقديمه عليه السّلام اسمه ، وإلا لمزقه أول ما رآه قبل استكمال قراءته وفهم مضمونه ، ولكن لم يفعل ( حتى قرأه كله وعرف مضمونه ) ، بل إنما مزقه لعدم انقياده له فيما تضمنه الكتاب .
ومن لا ينقاد لأحد فهو سواء قدم اسمه أو لم يقدم لا ينقاد له أصلا ، ( فكذلك كانت تفعل بلقيس ) بكتاب سليمان كانت تمزقه بعد قراءته وفهم مضمونه ، ( لو لم توفق لما وفقت له ) من الإيمان ، ( فلم تكن تحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه ) الحاصلة في قلبها عن ( تقديم اسمه ) لدلالته على تجبره وعظمته .
أو عن تأخيره لدلالته على كمال رعايته حق ربه الدال على كمال عقله وفطانته ، وهو من أسباب تربية المهابة تقديم اسمه ( على اسم اللّه ولا تأخيره ) عنه ، ولا وجه آخر لهذا التقديم أصلا ، فلا ينبغي لأحد أن يتوهمه أصلا ، بل يجب أن يعتقد أن مفتتح بيان سليمان هو قوله : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [ النمل : 30 ] .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
16 - فصّ حكمة رحمانيّة في كلمة سليمانيّة
ووجه اختصاص الكلمة السليمانيّة بالحكمة الرحمانيّة هو عموم حكمها ، فإنّ للكلمة السليمانيّة إحاطة سلطنة وقهرمان على البريّة كلَّها ، كما أنّ " الرحمن " بين الأسماء هو الشامل حكمه على الموجودات كلها ، فما من موجود له نوع من الحياة إلا وهو تحت ضبطهما وأمرهما.
ولذلك يلوح فضلهما على اسم « الحي » على ما أخبر عنه قوله تعالى حاكيا عنه : “ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا من كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ “ [ 27 / 16 ]
تصدير كتاب سليمان عليه السّلام باسم الله تعالى
وحيث أنّ لسليمان عموم الحكم على كلَّية تفاصيل الأمر وبيانه صدّر الفصّ بقوله : ( “ إِنَّه ُ “ يعني الكتاب “ من سُلَيْمانَ وَإِنَّه ُ “ عني مضمونه ) وهذا قول بلقيس .
يقول لقومها عند إراءتها لهم الكتاب ، لا حكاية مضمون الكتاب وما في طيّه ، على ما توهّمه أكثر أهل الظاهر من المفسّرين ، وارتكبوا في توجيه تقديم سليمان اسمه على اسم الله تعسّفات بعيدة كما سيشير إليه الشيخ - .
فقوله : “ إِنَّه ُ من سُلَيْمانَ “ بيان لمرسل الكتاب ، فإنّه أول ما اهتمّ ببيانه وإشاعته ، سيّما إذا كان سلطانا مثل سليمان “ وَإِنَّه ُ “ بيان لمضمون الكتاب يعني (“ بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ")
فالكتاب حينئذ مصدّر باسم الله ، وعلى ما فهمه أهل الظاهر مصدّر باسم سليمان ، وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : ( فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ) بما توهّموه ( ولم يكن كذلك ، وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي ) من التوجيهات البعيدة ، كما يقولون : « إنما قدّم اسمه على اسم الله وقاية له أن يقع عليه الخرق ، وأنّه إن وقع الخرق يكون على اسمه ، لا على اسم الله » .
و « أنّ اسمه لكمال مهابته في قلوب البرية مانعة لهم عن الخرق » ،
وغير ذلك ( مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السّلام بربّه ، وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه : “ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ “) [ 27 / 29 ] . ، فإنّه لا بدّ لكل نبيّ وداع إلى الله أن يكون عارفا بمقادير استعدادات المدعوّين ومدارج نسبهم في الإنكار والإقرار
. فإذا كانت بلقيس في هذا المقام من الإقرار كيف يليق بسليمان على جلالة قدره أن يخاف منها على خرق كتابه ؟ وهي يقول عند ورود ذلك الكتاب : “إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ “ (أي يكرم عليها ).
ثمّ أشار إلى منشأ خطأهم إقامة لعذرهم على ما هو مقتضى أدب الطريق بقوله : ( وإنما حملهم على ذلك - ربما - تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وما مزّقه حتى قرأه كلَّه وعرف مضمونه . فكذلك كانت تفعل بلقيس - لو لم توفّق لما وفّقت له - ) من النسبة الداعية لها إلى القبول .
قال رضي الله عنه : ( فلم يكن يحمي الكتاب عن الخرق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم الله تعالى ، ولا تأخيره ) عنه .
الرحمة الامتنانيّة والوجوبيّة
ثمّ إن سليمان لعموم سلطانه على الموجودات له خصوصيّة نسبة إلى الرحمة التي هو الوجود ، كما عرفت ذلك .
ولما كانت الرحمة نوعين :
امتنانيّة : وهي التي لا تترتّب على ما يستجلبه من الاستعدادات والأعمال المورثة ، بل به يحصل الاستعداد وما يتقوّم به من القوابل ، كالفائض بالفيض الأقدس من الوجود العامّ الشامل ، الذي به يتنوّع الاستعدادات في التعيّن الأوّل .
ووجوبيّة : وهي التي تترتّب على الاستعدادات والأعمال المورثة له ، كالعلوم والكمالات المترتّبة على ما يستتبعه من المقتضيات والمعدّات –
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( «إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم». فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك. وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه. فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره. )
الفصّ السليماني
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
قال رضي الله عنه : ( إِنَّهُ يعني الكتاب مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ أي مضمونه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [ النمل:30 ]. فأخذ بعض النّاس في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن كذلك .
وتكلّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان بربّه . وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه :" إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ " [ النمل : 29 ] . أي مكرّم عليها وإنّما حملهم )
فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
إنما وصف الحكمة بالرحمانية لأن من جملتها بيان أسرار الرحمة الامتنانية الرحمانية والرحمة الوجوبية الرحيمية الداخلة فيها .
وخص الحكمة الرحمانية بالكلمة السليمانية لعموم حكمها ، فإن الكلمة السليمانية علوم سلطنة بالنسبة إلى الإنس والجن والوحش والطير .
كما أن الرحمن حكمه شامل للموجودات كلها ( إنه ) يعني الكتاب ( من سليمان ) فهذا بيان للمرسل ( وإنه ) ، أي مضمونه : ( بسم اللّه الرحمن الرحيم ) وهذا بيان لمضمون الكتاب ، فالكتاب مصدر باسم اللّه لا باسم سليمان كما توهمه بعض أهل الظاهر .
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : ( فأخذ بعض الناس في ) بيان جهة ( تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن ) الأمر ( كذلك ) ، أي لم يكن اسم سليمان مذكورا في الكتاب مقدما على اسم اللّه .
ولكنهم توهموا التقديم ( وتكلموا في ) بيان ( ذلك ) التقديم ( بما لا ينبغي ) فقالوا :
إنما قدم اسمه على اسم اللّه وقاية له من أن يقع الخرق عليه ، فإن اسمه لكمال مهابته في قلوب الناس كان مانعا عن الخرق ، وعلى تقدير أن يقع الخرق يقع على اسمه لا على اسم اللّه تعالى.قال رضي الله عنه : ( وهذا مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه ) وبوجوب تقدمه في الذكر لتقدمه في الوجود ( وكيف يليق ما قالوه ) في وجه تقديم اسم سليمان على اسم اللّه مع توهم الخرق ( وبلقيس تقول فيه ) ، أي في شأن ذلك الكتاب (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌأي مكرم عليها ) [ النمل : 29 ] ، فكيف يتوهم منها خرقه وسليمان أيضا كان عارفا بذلك فإنه لا بد لكل نبي راع أن يكون عارفا بمقادير استعدادات المدعوين .
والمراد أن بلقيس مع كمال فطانتها تقول في شأن كتابه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ، أي يكرم عليها ومتى لم يكرم عليها إذا كان مفتتحا بسوء أدب .ثم أشار رضي اللّه عنه: (على ذلك ربّما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ وما مزّقه حتّى قرأه كلّه وعرف مضمونه . فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره . )
إلى منشأ خطابهم فقال رضي الله عنه : ( وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه ) فتمزيقه إنما كان لعدم كونه موفقا للقبول لفقدان المناسبة لا بمجرد أنه رأى اسمه صلى اللّه عليه وسلم مقدما على اسمه فإنه كان صدر كتابه من محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى كسرى .
قال رضي الله عنه : ( فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وفقت له ) من إكرام الكتاب وقبوله لاستعداداتي ( فلم تكن تحمي الكتاب عن الحرق لحرمة صاحبه ) ، أي بسبب حرمة صاحبه ( تقديم اسمه ) ، أي اسم صاحبه ( عليه السلام على اسم اللّه ولا تأخيره ) عنه وذكر التأخير للمبالغة .
ولما بين رضي اللّه عنه أن قوله : « أنه من سليمان » ليس من جملة كتاب سليمان بل كان مفتتح كتابه البسملة لا غير ، شرع فيما يتعلق بالبسملة من النكات..
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
قال رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم . فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم . وهذا الوجوب من الامتنان . فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن . فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب . ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه . والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان . )
قال رضي الله عنه : (فأتى سليمان) عليه السلام في كتابه المذكور (بالرحمتين) الإلهيتين :
الأولى (رحمة الامتنان) منه تعالى على خلقه وبها أعطى الاستعدادات لقبول ما يفيض من الإمداد على الكل وهو قوله سبحانه وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وهذا الوسع منة من الحق تعالى وفضل من غير سبب سابق ، بل هو سبب للفيض اللاحق
(و)الثانية (رحمة الوجوب) ، أي الإيجاب منه تعالى على نفسه لا بإيجاب أحد عليه وهو قوله تعالى :" فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ" [ الأعراف : 156 ] ، وقوله :"كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " [ الأنعام : 54 ] ،
أي أوجبها اللتين هما رحمة (الرحمن) ورحمة (الرحيم فامتن) ، أي أنعم وتفضل سبحانه على كل شيء فأوجده مستعدا لكل ما هو مستعد له (بالرحمن) المستوي على العرش وهي رحمة العامة وأوجب ، أي أحق وألزم عدلا منه سبحانه (بالرحيم) وهي رحمة الخاصة من قوله تعالى :أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى[ طه : 50 ].
والهداية أيضا إعطاء للمستعد لها خلقه
ولكن أفردها ليميز أهلها عن أهل الضلالة كما قال :يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ[ النحل : 93 ] ومن لم يستعد للهداية ولو أفاضها عليه فإنه لا يقبلها كما قال سبحانه :وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى[ فصلت : 17 ] .
قال رضي الله عنه : (وهذا الوجوب) في الرحمة هو (من) جملة (الامتنان) أيضا على الكل والرحمة واحدة لا تنقسم ، لأنه هو الذي أوجبها على نفسه فإيجابه لها على نفسه عين الامتنان منه (فدخل) الاسم (الرحيم في) الاسم (الرحمن) ورحمة الوجوب في رحمة الامتنان ورحمة الخصوص في رحمة العموم (دخول تضمن) كدخول العام في الخاص والأمر الكلي في الجزئي ، لأن الخاص هو المقصود وكذلك الجزئي وهو الكلي ، والعام جزء الخاص .
وكذلك الكلي كأنه جزء للجزئي ، والمرحومون بالرحمة الخاصة رحمة الوجوب هم المعتبرون وهم المقصودون وهم الجامعون كما قال تعالى :قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ[ الأعراف : 32 ] ، وإنما لم تكن خالصة في الدنيا لأنها ليست بدار جزاء ، والآخرة هي دار الجزاء فكانت لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا من باب رحمة الامتنان فتشاركوا فيها مع الكافرين ، وفي الآخرة تكون للمؤمنين خاصة من دون الكافرين من باب رحمة الوجوب التي يخص اللّه تعالى من بها من يشاء .
وقال تعالى في حق الكافرين :أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ[ هود : 16] ،
وأخبر تعالى أنه تقطع لهم ثياب من نار ، وأن شجرة الزقوم تنبت في أصل الجحيم فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ( 66 ) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ( 67 ) [ الصافات : 66 - 67 ] ، فليس لهم إلا ما أعطت حقائقهم مما استعدوا له من العقاب . ولهذا قال تعالى :وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[ البقرة : 57 ] .
قال رضي الله عنه : (فإنه) ، أي اللّه تعالى (كتب على نفسه) ، أي ذاته وهي الوجود المطلق (الرحمة سبحانه) وهي إفاضة الوجود على الأعيان الثابتة في الأصل بطريق المنة فظهرت موجودة على حسب ما كانت ثابتة فيه من الأعيان العدمية (ليكون ذلك) ، أي كناية الرحمة منسوبا (للعبد) المكلف وغيره (بما ذكره الحق) تعالى في القرآن من الأعمال بيان لما ذكره التي يأتي بها هذا العبد كما قال بعضهم : من فضله عليك أن خلق ونسب إليك « حكمة ابن عطاء الله السكندري » .
حقا على اللّه تعالى كما قال :وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ[ الروم : 47 ] ، أي على أنفسهم وشياطينهم بالطاعة والموافقة ، وعلى أعدائهم بالحفظ والغلبة (أوجبه) ، أي ذلك الحق له ، أي لعبد اللّه تعالى (على نفسه يستحق) ، أي ذلك العبد (بها) ، أي بسبب تلك الأعمال (هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب) وهي رحمة الاختصاص التي قال تعالى :يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ[ البقرة : 105 ] .
قال رضي الله عنه : (ومن كان من العبيد بهذه المثابة) ، أي الحالة المذكورة فإنه ، أي ذلك العبد (يعلم من هو العامل منه) ومن غيره أيضا للأعمال الاختيارية الصادرة عنه في الخير فضلا وفي الشر عدلا.
(والعمل) الذي كلف اللّه تعالى به الإنسان (منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان) المكلف اليدين والرجلين والعينين والأذنين واللسان والقلب والبطن والفرج .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. ).
قال رضي الله عنه : ( فأتى سليمان بالرحمتين رحمة الامتنان ) وهي ما يحصل من اللّه تعالى للعبد بدون مقابلة عمل من أعماله بل عناية سابقة في حق عبده كإعطاء الوجود والقدرة للعمل والصحة فإنها رحمة من اللّه للعبد ليست في مقابلة عمل بل منة وعطاء محض من اللّه تعالى ( ورحمة الوجوب ) .
وهي التي تحصل من اللّه للعبد بمقابلة عمله كإعطاء ثواب أعمالهم في الجنة ( اللتان هما الرحمن الرحيم فامتن ) أي امتن الحق ( بالرحمن ) لعموم حكمه على جميع الموجودات فامتن بقوله :" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "
وبقوله :" رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً"
قال رضي الله عنه : ( وأوجب ) أي جعل الحق على نفسه الرحمة واجبا ( بالرحيم ) المخصص بالرحمن العام ( وهذا الوجوب ) أي وجوب رحمة الوجوب ( من الامتنان فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) يعني دخول الخاص تحت العام وإنما كانت رحمة الوجوب من الامتنان .
قال رضي الله عنه : ( فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك ) وجوب الرحمة ( للعبد بما ) أي بسبب الذي ( ذكره الحق من الأعمال ) بيان لما أو لضميره ( التي يأتي بها هذا العبد ) قوله :
قال رضي الله عنه : ( حقا ) خبر ليكون ( على اللّه ) متعلق بحقا ( أوجبه ) الضمير المنصوب المتصل يرجع إلى اللّه وجوب الرحمة ( له ) يتعلق بأوجبه والضمير المجرور المتصل يرجع إلى العبد أي أوجب الحق الرحمة ( على نفسه ) للعبد على نفسه يتعلق بأوجبه ( يستحق بها ) أي يستحق العبد بإتيان الأعمال التي أمره الحق أن يفعلها.
قال رضي الله عنه : ( هذه الرحمة ) مفعول يستحق ( أعني رحمة الوجوب ) يعني أن العبد من حيث أنه عبد يجب عليه إتيان أوامر مولاه فلا تجب الرحمة على المولى في مقابلتها شيء .
فإذا قدر المولى وأوجب على نفسه لعبده شيئا في مقابلة عمله يستحق العبد بذلك الشيء بسبب عمله فوصل ذلك الشيء للعبد من المولى في مقابلة عمله فذلك امتنان وعطاء محض .
ومن ذلك قالوا الجنة فضل إلهي فلا يستحق بها العبد إلا بفضل اللّه تعالى فإن جعل الحق الأعمال أسبابا للجنة وهو من جملة فضل اللّه فكان وجوب الرحمة من رحمة الامتنان.
قال رضي الله عنه : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) أي محققا بهذه المرتبة ومشاهدا إياها وهي مرتبة أن يكون الحق موجبا على نفسه الرحمة للعبد ( فإنه ) أي فإن ذلك العبد ( يعلم من هو العامل منه ) .
أي يعلم ذلك العبد يقينا ان العامل في الحقيقة من نفسه هو الحق ويعلم أن العمل لا يستند إليه إلا بحسب الظاهر وأما العبد الذي لم يكن بهذه المثابة فهو يزعم أنه عامل في الحقيقة ولما قال إن العامل في الحقيقة من صورة العبد هو الحق شرع في بيانه.
بقوله رضي الله عنه :( والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) لكل عضو عمل خاص له يعمل الإنسان ذلك العمل بذلك العضو على ما لا يخفى
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
قال رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان. فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن. فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه. والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
قلت : قال بعضهم: إنما كتب سليمان عليه السلام، اسمه قبل اسم الله تعالى في قوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (الروم: 27)
خوفا على اسم الله تعالى من الإحراق فإن عوائد الجبابرة من الملوك أن يهينوا المرسل بتمزيق أول اسم في كتابه.
فأراد سليمان، عليه السلام، أن يكون التمزيق في اسمه لا في اسم الله تعالى.
فلذلك قدمه وأخر ذكر اسم الله تعالی.
قال، رضي الله عنه: (ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.)
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان.
قال: والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
قال رضي الله عنه : « فأتى سليمان بالرحمتين » يعني : في مضمون كتابه أوّلا في البسملة « رحمة الوجوب ورحمة الامتنان اللتين هما الرحمن الرحيم » .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الرحمتين عين الاسمين في حق الحق ، لأحدية الاسم والمسمّى في ذاته .
واعلم : أنّ الرحمن كما ذكرنا عبارة عن الحق من كونه عين الوجود العامّ بين العالمين ،
فعمّ بهذه الرحمة جميع الأسماء والحقائق ، فهي رحمة الامتنان على كل موجود لم يكن لعينه موجودا ، فأوجده الله بهذه الرحمة .
ولفظ الرحمن في وزانه يقتضي العموم ، ولمّا عمّت رحمته الكلّ اقتضت أن يخصّ بعمومها كلّ عين عين من الأعيان بخصوصية ذاتية .
لذلك التعيّن فيرحمها برحمة يصلح لها ويصلحها ، فالرحيم فيه مبالغة لتعميم التخصيص ، وللرحمن من الرحيم تخصيص التعميم ، وللرحيم من الرحمن تخصيص التعميم ، وللرحيم من الرحمن تعميم التخصيص ، فكلّ منهما إذن في كلّ منهما .
قال رضي الله عنه : ( فامتنّ بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمّن ، فإنّه كتب على نفسه الرحمة ، سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب ) .
يشير إلى قوله : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) فامتنّ على الكلّ بتعميم الرحمة ثمّ أوجبها بقوله تعالى : ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) .
وقوله : « سبقت رحمتي غضبي » امتنان على الكلّ أيضا بإيجاب الرحمة ، فافهم ، فإنّه ذوق نادر غريب ، هذا معنى قوله : « فدخل الرحيم في الرحمن » .
وقوله : « فإنّه ( كَتَبَ عَلى نَفْسِه ِ الرَّحْمَةَ ) » يعني الرحمة التي سبقت غضبه .
وقوله : « ليكون للعبيد » أي أجاب الرحمة بالكتابة على نفسه حقا عليه ، « استحقّوها بها » أي بالأعمال بإيجابه لهم هذه الرحمة .
قال رضي الله عنه : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ، فإنّه يعلم من هو العامل به ؟ ) .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ رحمة الوجوب هي التي استحقّها المتّقون بتقواهم وأعمالهم الصالحة ، فإنّها رحمة خاصّة من الرحيم بهذه الأعمال المستدعية لمجازاة الله بما يناسبها ، ثمّ أشار إلى من يكون له هذه التقوى والرحمة الخاصّة ، فإنّه يكون عالما بأنّ الله هو العامل به جميع أعماله المقتضية لهذه الرحمة ، فإنّ هذا العلم أعلى مراتب هذه الرحمة للمتّقي .
قال رضي الله عنه : « والعمل مقسّم على ثمانية أعضاء من الإنسان ،) يعني : أنّ هويّة العبد هو الله .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
قال رضي الله عنه : ( فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ، فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبيد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة أعنى رحمة الوجوب )
فامتن على الكل بالرحمن أي بتعميم الرحمة في قوله : ( رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )
وأوجبها في قوله : ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ).
وقوله « سبقت رحمتي غضبى » امتنان أيضا على الكل بإيجاب الرحمة لهم على نفسه ، وهو معنى قوله : فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ، يعنى دخول الخاص تحت العام ، لأنه إنما أوجب الرحمة السابقة على الغضب في قوله - ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِه الرَّحْمَةَ ) - ليكون للعبد ما ذكره من الأعمال التي أوجدها الله على يده وأجراها عليه تلك الرحمة وذلك الثواب الذي وعده على تلك الأعمال حقا له على الله أوجبه على نفسه له بسبب الكتابة عليها امتنانا يستحق ذلك العبد بها هذه الرحمة ،
فذلك وجوب في تضمن الامتنان إذ الكتابة على نفسه امتنان .
قال رضي الله عنه : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه ) وفي نسخة العامل به أي ومن كان من العبيد مستحقا لرحمة الوجوب بالتقوى والعمل الصالح يعلم أن الله هو العامل بهذا العبد أو من هذا العبد هذه الأعمال التي تستدعى هذه الرحمة على سبيل المجازاة بما يناسبها ، فإن هذا العلم من أعلى مراتب التقوى .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) أي هوية العبد هو حقيقة الله أدرجت في اسمه ، فالعبد اسم الله وهويته المسماة هو الله.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
قال رضي الله عنه : ( فأتى سليمان بالرحمتين : رحمة الامتنان ، ورحمة الوجوب اللتان هما " الرحمن الرحيم " . فأمتن بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل "الرحيم " في "الرحمن " دخول التضمن . )
اعلم ، أن الرحمة صفة من الصفات الإلهية ، وهي حقيقة واحدة ، لكنها ينقسم بالذاتية وبالصفاتية ، أي ، يقتضيها أسماء الذات وأسماء الصفات عامة . وكل منهما عامة وخاصة ، فصارت أربعة ، ويتفرع منها إلى أن يصير المجموع مائة رحمة .
وإليه أشار رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن لله مائة رحمة ، أعطى واحدة منها لأهل الدنيا كلها ، وادخر تسعة وتسعين إلى الآخرة يرحم بها عباده ) فالرحمة العامة والخاصة الذاتيتان ما جاء في البسملة من ( الرحمن الرحيم ) .
والرحمة الرحمانية عامة ، لشمول الذات جميع الأشياء علما وعينا ،
والرحيمية خاصة ، لأنها تفصيل تلك الرحمة العامة الموجب لتعين كل من الأعيان بالاستعداد الخاص بالفيض الأقدس .
والصفاتية ما ذكره في الفاتحة من ( الرحمن الرحيم ) ، الأولى عامة الحكم ، لترتبها على ما أفاض الوجود العام العلمي من الرحمة العامة الذاتية ، والثانية تخصيصها بحسب الاستعداد الأصلي الذي لكل عين من الأعيان .
وهما نتيجتان للرحمتين الذاتيتين :
العامة والخاصة فإذا علمت ذلك ، فاعلم أن سليمان أتى بالرحمتين ، منها رحمة الامتنان . وهي ما حصل من الذات بحسب العناية الأولى .
وإنما سماها ب ( الامتنان ) لكونها ليست في مقابلة عمل من أعمال العبد ، بل منة سابقة من الله في حق عبده . ورحمة الوجوب أي رحمة في مقابلة العمل .
وأصل هذا الوجوب قوله تعالى : ( كتب على نفسه الرحمة ) . أي ، أوجبها على نفسه ( فامتن ) أي ، الحق تعالى . ( بالرحمن ) العام الحكم على جميع الموجودات بتعيين أعيانها في العلم وإيجادها في العين ، كما قال : ( رحمتي وسعت كل شئ ). و
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما ) . أي ، وجودا وعلما .
فإن الرحمة العامة هو الوجود العام لجميع الأشياء ، وهو النور المذكور في قوله تعالى : ( الله نور السماوات والأرض ) . الذي به يظهر كل شئ من ظلمة العدم .
( وأوجب بالرحيم ) المخصص على نفسه أن يوصل كلا من الأعيان إلى ما يقتضيه استعداده .
ولما كان هذا الإيجاب أيضا منة منه تعالى على عباده ، قال : ( وهذا الوجوب من الامتنان ) أي ، من الرحمة الامتنانية ، إذ ليس للمعدوم أن يوجب شيئا على الحق فيما يوجده ، ويمكنه من الطاعات والعبادات . فدخل الرحمة الرحيمية في الرحمة الرحمانية دخول الخاص تحت العام .
قال رضي الله عنه : ( فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ، ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة ، أعني رحمة الوجوب . ) هذا تعليل لقوله : ( وهذا الوجوب من الامتنان ) .
وذلك إشارة إلى وجوب الرحمة على نفسه .
و ( حقا ) منصوب بقوله : ( ليكون ) . أي ، إيجاب الحق على نفسه الرحمة للعباد من الامتنان ، لأنه كتب وفرض على نفسه الرحمة ، ليكون ذلك حقا على الله للعبد في مقابلة أعماله التي كلفه بها مجازاة له وعوضا عن عمله ، وذلك على سبيل الامتنان .
فإن العبد يحب عليه طاعة سيده والإتيان بأوامره ، فإذا أعطاه شيئا آخر في مقابلة أعماله ، يكون ذلك رحمة للعبد وامتنانا منه عليه .
فقوله : ( أوجبه ) أي ، أوجب ذلك الوجوب الحق للعبد على نفسه ، ليستحق العبد بها ، أي بتلك الأعمال ، الرحمة التي أوجبها الحق على نفسه امتنانا .
قال رضي الله عنه : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ، فإنه يعلم من هو العامل منه ) وفي بعض النسخ : ( به ) .
أي ، ومن كان من العبيد بمثابة أن يكون الحق موجبا على نفسه الرحمة له ، يكون ذا نور من الله منور القلب به محبوبا .
كما قال تعالى : "فسأكتبها للذين يتقون " . ومن كان كذلك ، يكون الحق سمعه وبصره ، كما نطق به الحديث .
فيعلم يقينا أن العامل الحقيقي من نفس العبد هو الحق الذي معه .
أو العامل في الحقيقة هو الحق ، لكن بالعبد ليكون العبد كالآته له .
قال رضي الله عنه : ( والعمل ينقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) وهي : اليدان ، والرجلان ، والسمع ، والبصر ، واللسان ، والجبهة .
إذ باليدين يتمكن من التوضي والتطهر ، وعلى الرجلين يقوم في الصلاة ويسعى ويحج ، وبالسمع يتمكن من سماع كلام الله وكلام رسول الله ، وبالبصر يتمكن من المشاهدة في جميع أعماله ، وباللسان يثنى على الله تعالى ويسبحه ويقرء كلامه ، وبالجبهة يسجد في صلاته .
.
يتبع
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم ، فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن ، فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب ، ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه ، والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ).
""إضافة المحقق : الرحمة الامتنانية : هي السابقة ، سميت بذلك لأن اللّه تعالى امتن بها على الخلائق قبل استحقاقها ، لأنها سابقة على ما يصدر منهم من الأفعال التي توجب لهم استحقاقا ، والرحمة الامتنانية الخاصة : يعني بها رحمة اللّه تعالى لعبده ، حيث وفقه للقيام بما يوجب له من الأفعال استحقاق الثواب عليها ( لطائف الإعلام ص 161 ) .""
قال رضي الله عنه : ( فأتى سليمان بالرحمتين ) في كتابه لتجليهما عليه ؛ ليطمع من تابعه في نصيب منهما ( رحمة الامتنان ) لا في مقابلة عمل ( ورحمة الوجوب ) في مقابلته بحسب الوعد الإلهي مع أنه لا يجب عليه شيء .
قال رضي الله عنه : ( اللتين هما الرحمن الرحيم ) أي : مفهوم هذين الاسمين لا بطريق الترادف ، وإلا كان تكرارا بلا فائدة ، بل لا بدّ من التباين مع التواصل ( فامتن بالرحمن ) الدال بكثرة حروفه على كثرة أفراد مدلوله ، وهي الرحمة العامة التي لا تتصور أن تكون جميع أفرادها في مقابلة العمل ، سيما وقد دخلت فيه رحمة الإيجاد السابق على العمل .
قال رضي الله عنه : ( وأوجب بالرحيم ) الدال بقلة حروفه على قلة أفراد مدلوله ، وهي أفراد خاصة لا بد لها من تخصيص وهو العمل ، ( وهذا الوجوب ) ليس ما يقوله المعتزلة أنه يجب على اللّه تعالى إثابة المطيع والانتقام للعاصي بل هو( من الامتنان ) .
فإن الإثابة فضل كما أن الانتقام عدل ، ولكنه في حكم الواجب بوعده الصادق ، ( فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) ، وإن كان شأن العام أن يدخل تحت مفهوم اللفظ الدال على الخاص بطريق التضمن ، وذلك باعتبار أن خصوصيته ليست أمرا زائدا على الامتنان كما تقوله المعتزلة ،
فهو داخل دخول أفراد الخاص تحت العام ، وهو مشبه دلالة التضمن من حيث أنه بعض ما صدق عليه العام ، كما أن المدلول التضمني بعض المفهوم الخطابي .
وكيف تجب هذه الرحمة على اللّه ولا موجب سواه ولا يوجب أخذ شيئا على نفسه ما لم يكن فيه جر نفع أو دفع الضر عنه ما لم يتعلق به شيء منهما ، بل غاية ما فيه أنه تعالى وعد المطيعين الإثابة فإنه :" كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ "[ الأنعام : 12 ] .
قال رضي الله عنه : ( سبحانه ) أن يكتب عليه أحد سواه ومن أن يصل إليه نفع أو ضر ، وإنما كتبه ؛ ( ليكون ذلك ) المكتوب (للعبد ) لا بحيث يذم الرب لو لم يفعل به ذلك لولا وعده السابق .
فهو إنما يكون له ( بما ذكره الحق ) ، وخبره صدق ، ووعده حق لا محالة ، وكيف يجب على اللّه ذلك الثواب الأبدي بحيث يذم بتركه ( من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد ) ، وقد سبق عليه إنعامات من الحق يستحق الشكر عليها ، وهي لا تفي بشكره ، وإن وفت كفت لما مضى ، ولا يستوجب جزاء فضلا عن الأبدي الشامل على وجوه الإنعام والإكرام.
بل غايته أن يكون ( حقّا ) ثابتا ( على اللّه ) ؛ لأنه ( أوجبه له ) بوعده إذا أتى على وجه الاكتساب على بقية يستحق بها هذه الرحمة مفعول يستحق ، وبينها بقوله : ( أعني رحمة الوجوب ) ؛ لئلا يتوهم أنها رحمة الامتنان العامة ؛ لأنه نفى الوجوب عنها على وجه المبالغة .
وكيف تكون واجبة على اللّه الوجوب الحقيقي مع أنه إنما يستحقها إذا أتى بها على وجه يعتد به من الاعتقاد الصحيح والأركان والشرائط والآداب .
ومن جملة ما يجب أن يعتقد فيها أنه ليس يعامل بها على الحقيقة ، فكيف يجب له ثواب على اللّه بما ليس من عمله ، بل هو من أعمال الحق .
وإليه الإشارة بقوله : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) أي : بحيث يستحق على أعماله هذه الرحمة الوجوبية ، ( فإنه يعلم ) لإيمانه بالقدر ( من هو العامل فيه ) بالإيجاد ، وهل الأثر لقدرة الموجد أو المكتسب ، وكيف لا يكون الحق عاملا بالحقيقة فيه .
( والعمل ) المستند إلى العبد ( ينقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) اليد والرجل والفم "اللسان" والأذن والعين والبطن والفرج .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. ).
قال رضي الله عنه : ( فأتى سليمان بالرحمتين : رحمة الامتنان ، ورحمة الوجوب ، اللتان هما الرحمن الرحيم ) كاشفا بهما عن معنى اسم الله ، المصدّر به الكتاب ، تبيينا للذّات بأظهر أوصافها ، وتحقيقا لمبادئ ما ظهر من الكثرة الكونيّة في الوحدة الوجوديّة .
قال رضي الله عنه : ( فامتنّ بالرحمن ) أي بتعميم الرحمة والوجود على الكل بدون سابقة استعداد مقتضية لها ، كما قال تعالى : “ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ “ [ 7 / 156 ] .
( وأوجب بالرحيم ) أي بتخصيص الرحمة التي هي العلم والكمالات على من يستجلبها باستعداده ، كما قال : " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ “ [ 7 / 156 ] .
عموميّة اسم الرحيم ودخوله في الرحمن بالتضمّن ، وإذ قد ظهر لك أنّ الرحمة الامتنانيّة حيث ليس للمرحوم عين أصلا ، ثمّ بها ظهر المرحومون وعمّت لهم .
والوجوبية حيث ليس للمرحومين كمال ثمّ بها انفردوا بالكمال وخصّوا بما يليق به انتسابهم إلى جناب الراحم وجلاله الأحدي : كأن إلى مثل هذا المعنى أشار قول إمام المحقّقين جعفر الصادق:
"الرحمن اسم خاصّ صفته عامة . والرحيم اسم عامّ صفته خاصّة " .
وبيّن أنّ الوجود العام - يعني الرحمة الامتنانية - له الإحاطة بالكل : فالوجوبيّة منها مندرجة فيها - اندراج الجزء تحت الكل .
وإليه أشار بقوله : ( وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمّن ).
وبيّن أنّ هذا غير اعتبار العموم والخصوص فإنّ دخول الخاصّ تحت العامّ ليس دخول تضمّن ثمّ إنّه وإن أمكن اعتبار العموم والخصوص في الرحمتين ، ولكن ليس فيما نحن بصدده ، فإنّ هذه النسبة إنما تتصور عند اتّحادهما وحملهما بهو هو ، وهو غير مراد هاهنا .
ولذلك علّله بقوله : ( فإنّه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ) فإنّ نسبة بعض المكتوب إلى الجملة من الكتاب نسبة الجزء إلى كله ، لا نسبة الجزئي الخاص إلى كليّه العام ، وهذا المكتوب هو رحمة الوجوب إنما كتبه .
قال رضي الله عنه : ( ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقّا على الله أوجبه له على نفسه ، فيستحقّ بها ) .
أي بتلك الأعمال (هذه الرحمة - أعني رحمة الوجوب) كما عبّر عنه الحديث القدسيّ المفصح عن قرب النوافل .
تسمية العبد باسم الأول والآخر والظاهر والباطن
قال رضي الله عنه : ( ومن كان من العبد بهذه المثابة ) في القرب بالتزام النوافل من الأعمال ( فإنّه يعلم من هو العامل منه ) - أي من العبد ، فإنّ له أعضاء عاملة وغير عاملة .
قال رضي الله عنه : ( والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) - اليدين والرجلين والسمع والبصر واللسان والجبهة.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم. فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم. وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب. ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )
قال رضي الله عنه : ( فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم . فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم . وهذا الوجوب من الامتنان . فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن. فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من)
فقال رضي الله عنه : ( فأتى سليمان ) في البسملة ( بالرحمتين ) وهما : ( رحمة الامتنان ) وهي الرحمة الصادرة من محض الوهب الإلهي لا في مقابلة استعداد كلي أو جزئي ( ورحمة الوجوب ) وهي التي أوجبها الحق سبحانه على نفسه في مقابلة أحد الاستعدادين ، ثم وصف الرحمتين بما يدل على أن كلا منهما من أي اسم يفهم من الاسمين المذكورين في البسملة
فقال :رضي الله عنه ( اللتان هما الرحمن الرحيم ) ، أي الرحمتان المذكورتان اللتان يقتضيهما الاسم الرحمن والاسم الرحيم ( فامتن بالرحمن ) لا في مقابلة أمر بل بمحض الموهبة فتجلى بصور الاستعدادات فالرحمة الامتناهية هي الفيض الأقدس ( وأوجب بالرحيم ) ما يقتضيه الاستعدادات الحاصلة بالرحمة الرحمانية ( وهذا الوجوب ) أيضا ( من ) مقتضيات ( الامتنان ) إذ ليس ثمة من يوجب عليه سبحانه أمرا مّا .
بل هو أوجب على نفسه كما قال :
كتب على نفسه الرحمة وحيث كان ذلك الإيجاب من محض المنة من غير وجود مقتض كانت الرحمة المرتبة عليه راجعة إلى الامتنان .
كما أشار إليه بقوله رضي الله عنه : ( فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) بحيث يندرج فيه فكلما اقتضاه الاسم الرحيم يكون بعضا من مقتضيات الاسم الرحمن وهذا المعنى هو المراد بالدخول الضمني وإنما قلنا : هذا الوجوب من الامتنان ( فإنه كتب على نفسه الرحمة ) لا غيره ( سبحانه ) عن أن يكتب عليه غيره وإنما كتب ( ليكون ذلك ) المكتوب رحمة الوجوب ( للعبد ) ، أي بسبب ( بما ذكره الحق ) وعينه
قال رضي الله عنه : ( الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب . ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه . والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان . )
قال رضي الله عنه : ( من الأعمال التي يأتي بها العبد حقا على اللّه أوجبه ) ، أي ذلك المكتوب أو ذلك الحق ( له ) ، أي للعبد ( على نفسه فيستحق ) العبد ( بها ) ، أي بتلك الأعمال .
قال رضي الله عنه : ( هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) ، أي بمثابة أن يأتي بالأعمال التي كتب الحق على نفسه الرحمة في مقابلتها ( فإنه يعلم ) بأدنى التفات ( من هو العامل منه ) من الأعضاء فإن أعضاءه بعضها عاملة وبعضها غير عاملة وإنما قال : من العامل مع أن الظاهر ما العامل منه ، لأنه لما أسند العمل إليه فكأنه من ذوي العلم أو لأنها هوية الحق كما سيجيء ( والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) غالبا وهي اليدان والرجلان والسمع والبصر واللسان والجبهة .
.
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحقّ أنّه تعالى هويّة كلّ عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصّورة للعبد ، والهويّة مندرجة فيه ، أي في اسمه لا غير . لأنّه تعالى عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظّاهر والآخر للعبد ؛ وبكونه لم يكن ثمّ كان . ويتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل . فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظّاهر والباطن . )
قال رضي الله عنه : (وقد أخبر الحق) تعالى كما ورد في الحديث القدسي وغيره (أنه تعالى هوية) ، أي ذات (كل عضو منها )، أي من تلك الأعضاء بقوله : « كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها » .
والبعض وارد بالتصريح ، والبعض مفهوم بالكناية والتلويح في أخبار مختلفة ، ويعم الكل قوله تعالى :إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ( 49 ) [ القمر : 49 ] .
في قراءة رفع على أنها خبر إنّ ، ولا يلزم مما يفهم الجاهل من أنه تعالى خلق نفسه ، لأنه إذا كان تعالى يتحوّل في الصور كما ورد في حديث مسلم الصحيح في يوم القيامة ، فالتحول في الصور التي هي مظاهر تجلياته ، لا في نفس المتجلي بها ، ولكن يصح إضافة التحول
إلى المتجلي ، لأنه لازم من تحول مظاهر تجلياته في رؤية الرائي لا في نفس الأمر ، وكذلك القول فيما ذكرنا وما للعميان والبحث عن حقائق الألوان ، فإن الآلة التي بها تدرك الألوان هي البصر خاصة ، وذلك مفقود من العميان ، فترك البحث والجدال أولى بهم إن كان عندهم إذعان وليس للمعاندة دواء إلا الضرب والطعان .
قال رضي الله عنه : (فلم يكن العامل) حينئذ (غير الحق) سبحانه والصورة التي ظهر بها الحق تعالى في وقت العمل بالقيومية عليها للعبد والهوية ، أي الذات الإلهية مندرجة فيه أي اسمه يعني اسم العبد لا غير ، أي لا في ذاته لأنه تعالى عين ما ظهر بالوجود في صورة العبد وذاته واسمه بصفة القيومية عليه وسمي خلقا ، أي مخلوقا ومن هنا قال سليمان عليه السلام في كتابه إلى بلقيس إنه من سليمان وإنه بسم اللّه الرحمن الرحيم كما مر .
قال رضي الله عنه : (وبه) ، أي بما ظهر وسمي خلقا كان ، أي ظهر (الاسم الظاهر و)الاسم الآخر للّه تعالى للعبد ، أي ظهورا عند العبد ، فلو لا ظهور العبد ما ظهر عنده اسم اللّه تعالى الظاهر ولا اسمه الآخر وبكونه ، أي العبد لم يكن ظاهرا ثم كان ، أي ظهر .
قال رضي الله عنه : (ويتوقف ظهوره) ، أي العبد عليه ، أي على الحق تعالى وصدور العمل ، أي عمل العبد منه ، أي من الحق تعالى خلقا وإيجادا كان ، أي تبين عند العبد أيضا (الاسم الباطن) والاسم الأوّل للّه تعالى فإذا رأيت يا أيها السالك الخلق ، أي المخلوق من الناس وغيره فقد رأيت الأوّل الحق ظاهرا عندك بإظهار أثره ورأيت الآخر الحق أيضا ظاهرا عندك بوجوده المطلق الذي فني فيه قيد أثره ورأيت الظاهر الحق ظاهرا عندك بوجوده المطلق أيضا.
الذي فني فيه قيد أثره ورأيت الباطن الحق ظاهرا عندك أيضا بإظهار أثره ، فتظهر عندك بك وبكل شيء حضرات الحق تعالى الأربعة ، وتتميز بالأثر الواحد الصادر عنها بالاعتبارات الأربعة .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق تعالى أنه ) أي الحق ( هوية كل عضو منها ) أي من أعضاء الإنسان فإذا كان الحق هوية كل عضو .
قال رضي الله عنه : ( فلم يكن العامل فيها غير الحق والصورة ) التي تظهر منها العمل ( للعبد والهوية ) الإلهية ( مندرجة فيه ) أي في العبد ( أي في اسمه ) أي في اسم اللّه أو في اسم العبد إذ لكل عبد اسم يظهر فيه أحكام ذلك الاسم ( لا غير ).
فسر بقوله أي في اسمه ليعلم أن اندراج الهوية ليس في نفس العبد بل في اسمه الظاهر في العبد ، كما قال : ولكن فيّ مظهره ولم يقل أنا مظهره لكنهم سامحوا وقالوا الهوية الإلهية مندرجة في العبد والمراد ما يظهر في العبد ويريه من أسماء اللّه تعالى .
فإن اندراج الهوية لا يكون إلا في الأسماء الإلهية ومعنى اندراج الهوية الإلهية في الموجودات كاندراج الهوية الشخصية في صورها الحاصلة في المرايا المختلفة وبه اندفع توهم الحلول لأهل الحجاب فإن الحلول محال عند أهل اللّه أيضا وإنما كانت الهوية الإلهية مندرجة في العبد ( لأنه تعالى عين ما ظهر ) منه ( ويسمى خلقا ) ومعنى كون الحق عين ما ظهر منه أي كون الحق عين الخلق كون المخلوق ظاهرا على صفة الحق وهي الحياة والعلم والقدرة .
ومعنى كون الحق غير الخلق كون الخلق ظاهرا على الصفة الناقصة كالحدوث والإمكان ولوازمهما فكما أنت عين ما ظهر منك في المرايا المختلفة .
كذلك الحق عين العبد الذي ظهر منه بمعنى ما من صفة من صفات الحق إلا وهي موجودة في العبد إلا الوجوب الذاتي .
فإنه لاحظ للممكن فيه فمعنى العينية في اصطلاح هذه الطائفة اشتراك الأمرين أو الأمور في الحقيقة الواحدة كاشتراك زيد وعمرو وخالد في حقيقة الإنسانية .
فإن كل واحد منهم عين الآخر في الإنسانية أو في صفة كاشتراك زيد وعمرو في العلم وكاشتراك الموجودات مع الحق في الوجود .
يعني لا تمايز بينهما من هذا الوجه والغيرية امتيازها بوصف مختص .
فظهر لك معنى قوله لأنه تعالى عين ما ظهر أي عين ما ظهر من حيث الأمور الكلية المشتركة بينهما لا من جميع الوجوه .
فإنه محال ( وبه ) أي وبكون الحق عين ما ظهر ( كان ) أي حصل ( الاسم الظاهر والآخر للعبد وبكونه ) أي وبكون العبد ( لم يكن ثم كان ويتوقف ظهوره ) أي ويتوقف ظهور العبد ( عليه ) أي على الحق ( و ) توقف ( صدور العمل منه ).
أي من العبد على الحق أو يتوقف ظهور الحق على العبد وتوقف صدور العمل من الحق على العبد ( كان الاسم الباطن والأول ) للعبد .
فكان هو الأول والآخر والظاهر والباطن كما كان الحق كذلك أولية العبد وآخريته وظاهريته وباطنيته لا كما كان الحق ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن ) يعني أن الخلق دليل تام على الخالق وأسمائه وصفاته لمن كشف اللّه عين بصيرته .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر. وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان. وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول. فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال، رضي الله عنه: ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان.
قال الشيخ رضي الله عنه : والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.
واعلم أن هذا الكلام من الشيخ، رضي الله عنه، ليس هو من حضرة المعرفة بل من حضرة العلم إلا اليسير من كلامه وذلك اليسير غیر مخلص، لأنه، رضي الله عنه، راعى فيه مراتب عقول المحجوبين.
لأنه، عليه السلام قال: خذ هذا فاخرج به للناس والمعرفة لا يليق بالناس وإنما يليق بهم العلم.
وأما العارفون فهم صفات الله تعالی عن شهود منهم،
لذلك فالشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : (وقد أخبر الحق - تعالى - أنّه هويّة كل عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحق والصورة للعبد ، والهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير ) .
يعني : أنّ هويّة العبد هو الله .
قال رضي الله عنه : « لأنّه تعالى عين ما ظهر ، وسمّي خلقا ، وبه كان الاسم « الظاهر » و « الآخر » للعبد ، وبكونه لم يكن ثم كان » .
يعني : من حيث إنّ هذا العبد لم يكن ثمّ كان تحقّقت الآخرية ، فهو الآخر وفي مادّته تسمّى الله بالآخر « وبتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل » .
يعني رضي الله عنه : بتوقّف وجود العبد على الله الموجد له تحقّقت الأوّلية له تعالى ومن حيث إنّ الأعمال صادرة ظاهرا من العبد تحقّق للحق اسم « الباطن » من غيب هوية العبد . . . فإنّ الحق هو العامل به وفيه .
قال رضي الله عنه : ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظاهر والباطن ،)
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : (وقد أخبر الحق تعالى أنه هوية كل عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحق والصورة للعبد والهوية مندرجة فيه أي في اسمه لا غير )
أي هوية العبد هو حقيقة الله أدرجت في اسمه ، فالعبد اسم الله وهويته المسماة هو الله ( لأنه تعالى عين ما ظهر وسمى خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد وبكونه لم يكن ثم كان ) أي وبسبب إن هذا العبد لم يكن ثم كان ، تحقق بالآخرية من هذه الحيثية فهو الآخر ، وفي مادته فسمى الله بالآخر .
"" أضاف بالى زادة : (مندرجة فيه أي في اسمه ) أي في اسم الله أو في اسم العبد إذ لكل عبد اسم يظهر فيه أحكام ذلك الاسم ( لا غير ) وإنما فسر بقوله أي في اسمه ليعلم أن اندراج الهوية ليس في نفس العبد بل في اسمه الظاهر في العبد كما قال ( ولكن في مظهره ) ولم يقل أنا مظهره لكنهم تسامحوا وقالوا الهوية الإلهية مندرجة في العبد ، والمراد ما ظهر في العبد وبربه من أسماء الله ، فإن اندراج الهوية لا يكون إلا في الأسماء ، ومعنى اندراج الهوية في الموجودات كاندراج الهوية الشخصية في صورها الحاصلة في المرايا المختلفة ، وبه اندفع توهم الحلول لأهل الحجاب فإن الحلول محال عند أهل الله. اهـ بالى زادة . ""
قال رضي الله عنه : ( وبتوقف ظهوره عليه ، وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول ) أي بتوقف وجود العبد على الله الموجد له ومن حيث أن الأعمال الصادرة من العبد ظاهرة صادرة عن الحق باطنا وفي الحقيقة تحقق للحق الاسم الأول والباطن من غيب هوية العبد ، فإن الحق هو العامل به وفيه
قال رضي الله عنه : ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن ) يعنى أن سليمان كان عارفا بأن الله هو العامل بسليمان وغيره ما يصدر عنه من الأعمال والتصرفات والتسخيرات ،
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق تعالى أنه هوية كل عضو منها ، فلم يكن العامل فيها غير الحق . والصورة للعبد والهوية مندرجة فيه ، أي في اسمه ، لا غير . ) أي ، أخبر الحق تعالى بأنه عين كل عضو .
بقوله رضي الله عنه : ( كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها ) .
والعامل بحسب الظاهر الشخص وأعضاؤه - والحق عينها - فلا يكون العامل غير الحق ، غير أن الصورة صورة العبد والهوية الإلهية مندرجة في العبد لما كانت الهوية إنما تندرج في أسمائه.
فسر بقوله رضي الله عنه : ( أي في اسمه ) ليعلم أن عين العبد هو أيضا اسم من أسمائه . ( لا غير ) ليلزم اندراج الحق في غيره مطلقا ، فيتوهم منه الحلول .
وبيان أن الموجودات بأسرها أسماء الله الداخلة تحت الاسم "الظاهر" قد مر في المقدمات
قال رضي الله عنه : (لأنه تعالى عين ما ظهر ، وسمى خلقا وبه كان الاسم "الظاهر" و "الآخر" للعبد ، وبكونه لم يكن ، ثم كان ) .
هذا تعليل قوله : ( الهوية مندرجة في العبد ) أي ، في اسمه لا غير .
وذلك لأنه تعالى عين ما ظهر ، وسمى بالاسم الخلقي ، كما مر أن صور الموجودات كلها طارية على النفس الرحماني ، وهو الوجود ، والوجود هو الحق ، فالحق هو الظاهر بهذه الصور ، وهو المسمى بالخلق .
وبما ظهر في صور الموجودات ، حصل الاسم "الظاهر"، ويكون العبد ، أي الخلق ، لم يكن ثم كان ، حصل الاسم "الآخر" للحق الظاهر في صورة العبد ، فإنه اسمه "الآخر" ، لأنه آخر الموجودات التي هي الأسماء ظهورا في العين الحسية ، وإن كان أول الأسماء حقيقة في العلم والمرتبة الروحية .
فالاسم "الآخر" بعينه هو الاسم "الأول" ، وكذلك "الظاهر"بعينه هو "الباطن" .
قال رضي الله عنه : ( وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه ، كان الاسم "الباطن" و "الأول " )
أي ، بسبب توقف وجود العبد وظهوره على الله وبسبب صدور العمل من الله حقيقة من باطن العبد ، وإن كان من العبد ظاهرا ، حصل الاسم "الباطن" و "الأول".
أو بتوقف ظهور الحق على العبد وبتوقف صدور العمل من الحق عليه ، حصل بالعبد الاسم "الباطن" و "الأول". وهذا أنسب من الأول .
لأنه قال : (وبه ) أي بما ظهر . ( وسمى خلقا ) حصل الاسم "الظاهر" و "الآخر" ، فكذلك
هنا بالعبد يحصل "الباطن" و "الأول".
لذلك قال : ( فإذا رأيت الخلق رأيت " الأول " ) أي ، رأيت الهوية الموصوفة بالأولية .
( و "الآخر " و " الظاهر " " والباطن ") .
لأن الخلق المرئي آخر مراتب الوجود ، فهو "الآخر" و "الظاهر". "الباطن"
أي ، ورأيت "الباطن" من حيث روحه وجميع ما في عينه .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 12:51 عدل 3 مرات
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : (وقد أخبر الحقّ أنّه تعالى هويّة كلّ عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصّورة للعبد ، والهويّة مندرجة فيه ، أي في اسمه لا غير ، لأنّه تعالى عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظّاهر والآخر للعبد ؛ وبكونه لم يكن ثمّ كان ، وبتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل ، فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظّاهر والباطن ، )
قال رضي الله عنه : (وقد أخبر ) الحق بقوله عزّ وجل : « كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولسانه الذي يتكلم به » .
( أنه هوية كل عضو منها ) أي : ما به تحقق وجودها مثل تحقق الصورة المنطبعة في المرآة بالشخص المحاذي لها ، ولا شكّ أنه لا تتحرك تلك الصورة إلا بحركة الشخص ، ( فلم يكن العامل ) في هذه الأعضاء التي كالمرايا ( غير الحق ) الذي هو كالشخص المحاذي لها .
ولكن ( الصورة ) فيما نحن فيه ( للعبد ) فقط ؛ لتنزه الحق عن الصورة في ذاته ، وإنما ظهرت له الصورة في المرآة ، ولم تجر العادة بنسبة هذه الصورة إلى الحق بخلاف صورة الشخص منا في المرآة .
فإنها تنسب إليه ( والهوية ) أي : تحقق هذه الصورة العاملة في مرايا الأعضاء الثمانية ( مندرجة فيه ) أي : في الحق ، أي : ( في اسمه ) ، فسمعه مندرج في سمعه ، وبصره في بصره ، وبطشه ومشيه في قدرته ( لا غير ) أي : لا في ذاته لامتناع تجزئته وانقسامه إلى الانفراد ، وكونه محلا للحوادث .
وبالجملة فالحق بجميع وجوهه مندرج في الأسماء الكلية للحق ، فإن أسماءه تعالى وإن كثرت فكلياتها الشاملة على جميعها منحصرة في هذه الأربع : الأول والآخر والظاهر والباطن ، وقد تحققت في الخلق .
قال رضي الله عنه : ( لأنه تعالى عين ما ظهر ) من الصور الوجودية في مرايا الخلق عينية الشخص لصورته في المرآة ، وإن ( سمي خلقا ) إذ لا لفرق بينهما لا يخل بهذه العينية ، فإن الشخص ثابت في الخارج وصورة المرآة متجلية ، ( وبه ) أي : وبظهور الحق في مرآة الخلق بعد بطونه عنها ، وإن كان معا باعتبار آخر.
قال رضي الله عنه : ( كان الاسم الظاهر والآخر ) من أسماء الحق ( للعبد ) ، إذ ظهوره تابع لظهوره وبطونه تابع لبطونه ، بل مندرجات في ظهوره وبطونه تعالى ، ( وبكونه ) أي : العبد ( لم يكن ) وهو اختفاء في ظلمة العدم ، ( ثم كان ) وهو موجب لسبق الاختفاء.
وأيضا ( بتوقف ظهوره ) أي : ظهور العبد ( عليه ) أي : على ظهور الحق في مظهره ، وهذا التوقف يوجب للعبد بطونا ، وكون بطونه سابقا على ظهوره ، إذ لا معنى للتوقف المذكور سواه ، ويتوقف ( صدور العمل منه ) على علمه ، وهو أن يوجده ويقدره عليه وهو باطن سابق على العمل الظاهر ، ( كان الاسم الباطن والأول ) من أسماء الحق للعبد بطريق التبعية والاندراج المذكورين .
قال رضي الله عنه : ( فإذا رأيت الخلق ) ذواتهم أو صفاتهم أو أفعالهم ( رأيت ) الحق بأسمائه الكلية الشاملة على جميع جزئياته ( الأول والآخر والظاهر والباطن ) في كل واحد منها.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحقّ ) في الحديث المذكور ( أنّه تعالى هويّة كل عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصورة للعبد ، والهويّة مدرجة فيه ) .
أي في العبد الذي هو اسم من أسماء الحقّ ، والاسم عين المسمّى ، فلم يكن للغير هنا دخل .
وعنه أفصح بقوله رضي الله عنه : ( أي في اسمه ، لا غير ) أي ما بقي من المدرج فيه تلك الهويّة غير اسم العبد (لأنّه عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد ).
وهذا نتيجة رحمة الوجوب .
قال رضي الله عنه : ( وبكونه لم يكن ثمّ كان ، ويتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه ) - أي يتوقّف ظهور الحقّ على العبد الكائن كونا متجدّدا وصدور العمل منه
قال رضي الله عنه : ( كان الاسم الباطن والأول ) أما الأول فظاهر ، لكونه لم يكن ثمّ كان .
وأمّا الباطن فلأنّه يتوقّف على كونه المتجدّد ظهور الحق ، فلا بدّ وأن يكون باطنا بالنسبة إليه ، وإلا لم يتوقّف عليه الظاهر .
سيّما إذا كان مصدرا للأعمال . فإنّ الآثار إنما يصدر عن البواطن .
فلئن قيل : قد صرّح آنفا بأنّ العامل لم يكن غير الحقّ ، فكيف يكون مصدر الأعمال عبدا ؟
قلنا : إنّ العامل وإن كان هو الحقّ ، لا غير ، ولكن مصدريّته أمر معنويّ هو صفة العبد ، كما أفصح عنه الحديث .
حيث قال: « كنت سمعه الذي يسمع وبصره الذي يبصر » ، فإنّ ضمير يسمع ويبصر للعبد . وإن كان السمع عين الحقّ .
وكذلك ما يتوقّف عليه ظهور الحقّ من العبد . هكذا ينبغي أن يفهم هذا الموضع ، فإنّه قد اضطرب الأقوال هاهنا كل الاضطراب .
وإذ قد عرفت أن هذه الأسماء إنما ظهرت من الخلق ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل ) بكونه لم يكن ثمّ كان ، ( و ) رأيت ( الآخر ) بكونه أنهى مراتب الصورة ، ( والظاهر ) بكونه هو المدرك بالمشاعر الحسيّة ، ( والباطن ) بكونه يتوقّف عليه ظهور الحقّ ويصدر منه صنوف الأعمال التي منها الإظهار .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن. )
قال رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحقّ أنّه تعالى هويّة كلّ عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصّورة للعبد ، والهويّة مندرجة فيه ، أي في اسمه لا غير . لأنّه تعالى عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظّاهر والآخر للعبد ؛ وبكونه لم يكن ثمّ كان . وبتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل .)
قال رضي الله عنه : ( وقد أخبر الحق سبحانه ) في حديث قرب النوافل ( أنه هوية كل عضو منها فلم يكن العامل غير الحق والصورة ) ، التي يظهر منها العمل ( للعبد والهوية مندرجة فيه ) ، أي في العبد اندراج المطلق في المقيد ، لا أنه راج الحال في المحل ليلزم الحلول تعالى عن ذلك .
ولهذا فسره بقوله : ( أي في اسمه الحق ) ، فإن العبد المقيد اسم من أسماء الحق المطلق ( لا غير ) وإنما قلنا : الهوية مدرجة فيه ، ( لأنه تعالى عين ما ظهر ) فإن ما ظهر ليس إلا هويته المتعينة بالتعينات التي تقتضي الظهور .
وقوله : ( وسمي خلقا ) عطف على ما ظهر أي ما ظهر وسمي خلقا باعتبار هذا الظهور ( وبه ) ، أي بهذا الظهور المتأخر عن البطون .
قال رضي الله عنه : (كان الاسم الظاهر والآخر للعبد وبكونه لم يكن ثم كان . وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول ) .
لأنه مما يتوقف عليه ظهور الحق وصدور عمله ، ولا شك أن للموقوف عليه تقدما وأدلية بالنسبة إلى الموقوف .
فقوله رضي الله عنه : ( كان الاسم الباطن ) والأول نشر على ترتيب اللف ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن ) ، أي رأيت الحق الموصوف بهذه الأسماء ولكن في المرتبة الخلقية الفرقية لا الحقية الجمعية
قال رضي الله عنه : ( فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظّاهر والباطن ).
( فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن ) ، أي رأيت الحق الموصوف بهذه الأسماء ولكن في المرتبة الخلقية الفرقية لا الحقية الجمعية .
.
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
قال رضي الله عنه : (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة . فقد أوتي محمّد صلى اللّه عليه وسلّم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به . فمكّنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه اللّه خاسئا . فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان .
ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما . ورأيناه قد شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور . ولو لم يقل صلى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » لقلنا إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه . فردّه اللّه خاسئا . فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه . ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم . )
قال رضي الله عنه : (وهذه معرفة) بالحق تعالى كشفية ذوقية (لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ) ومنها كان كتابه المذكور بل هي ، أي هذه المعرفة (من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، كما دعا اللّه تعالى بذلك فحصل له في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ ص : 35 ] .
يعني بالذي لا ينبغي لأحد من بعده الظهور به أي بهذا الملك العرفاني والمقام الرباني الرحماني في عالم الشهادة أي عالم الحس والعقل فقد أوتي محمد نبينا صلى اللّه عليه وسلّم أي آتاه اللّه تعالى ما أوتيه سليمان عليه السلام من الملك ولكنه صلى اللّه عليه وسلم ما ظهر به في عالم الشهادة كما ظهر سليمان عليه السلام فمكنه ، أي مكن محمدا صلى اللّه عليه وسلّم اللّه تعالى تمكين قهر واستيلاء من العفريت وهو العاتي المتمرد من الجن الذي جاءه عليه السلام بالليل ليفتك به صلى اللّه عليه وسلّم .
أي يضره ويؤذيه فهم ، أي شرع واهتم بأخذه ، أي مسكه والقبض عليه وربطه بسارية ، أي عمود أو عضادة من سواري المسجد الحرام المدني حتى يصبح ، أي يدخل في الصباح فيلعب به ولدان المدينة فذكر .
أي تذكر صلى اللّه عليه وسلّم بدعوة أخيه سليمان عليه السلام ، في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيفرده ، أي العفريت اللّه تعالى خاسئا ، أي حقيرا ذليلا فلم يقدر على ما أراد بالنبي عليه السلام كما أخبر بذلك صلى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصحيح «. رواه البخاري والنسائي
قال رضي الله عنه : (فلم يظهر) ، أي النبي (عليه السلام مما أقدر) ، أي أقدره اللّه تعالى (عليه) من ذلك الملك (وظهر بذلك) الملك سليمان عليه السلام ثم قوله ، أي سليمان عليه السلام ربهَبْ لِيمُلْكاًفلم يعم في جميع العوالم وإن قال :لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيفليس فيه إفادة العموم فعلمنا أنه ، أي سليمان عليه السلام يريد ملكا ما يعني ، أي ملك كان لكنه لا ينبغي لأحد من الناس ، فهو نظير السؤال في القدر من العزير عليه السلام ، وسؤال إبراهيم عليه السلام في طمأنينة قلبه باليقين ، فكأنه طلب أن اللّه تعالى يملكه في الخلق ملكا بطريق الظهور الإلهي في حقيقته السليمانية بتجلي القيومية من حضرة اسمه تعالى المالك ، ولو على شيء واحد ليعرف ويتحقق بصفة الملك الإلهي لكل شيء ذوقا ، زيادة على مجرد النسبة الاستخلافية الحاصلة لبني آدم بمقتضى الأحكام الشرعية من قوله تعالى :وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ[ الحديد : 7 ] .
قال رضي الله عنه : (ورأيناه) ، أي سليمان عليه السلام (قد شورك) ، أي شاركه غيره في كل جزء ، أي فرد من أجزاء (الملك الذي أعطاه اللّه) تعالى ، أي لسليمان عليه السلام كما وقع لنبينا صلى اللّه عليه وسلم في قصة العفريت ، وفي واقعة جن نصيبين التي أشار إليها الحق تعالى بقوله :قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ[ الجن : 1 ] ، إلى آخره . ووقع للأولياء المحمديين كثير من ذلك كأبي البيان الدمشقي وغيره .
قال رضي الله عنه : (فعلمنا) من ذلك (أنه) ، أي سليمان عليه السلام (ما اختص) دون غيره (إلا بالمجموع) المتفرق في غيره من ذلك ، أي الملك وبحديث العفريت المذكور قريبا علمنا منه أنه ، أي سليمان عليه السلام ما اختص دون غيره إلا بالظهور فقط ، وغيره لم يظهر بذلك مع مشاركته له فيه وقد يختص ، أي سليمان عليه السلام بالمجموع للأجزاء كلها والظهور بذلك معا ولو لم يقل أي نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت المذكور فأمكنني اللّه تعالى منه لقلنا إنه صلى اللّه عليه وسلم لما هم بأخذه والقبض عليه (ذكّره اللّه) تعالى (دعوة سليمان) عليه السلامرَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيليعلم ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم أنه لا يقدره اللّه تعالى على أخذه ، أي العفريت (فردّه) ، أي العفريت اللّه تعالى خاسئا ، لأن ذلك أمر مختص بسليمان عليه السلام فلما قال ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم (فأمكنني اللّه) تعالى منه ، أي من العفريت (علمنا أن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه) كما وهب سليمان عليه السلام إلا أن سليمان اختص بالظهور به دون غيره .
قال رضي الله عنه : (ثم إن اللّه) تعالى (ذكره) ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم (فتذكر دعوة سليمان) عليه السلام وهي الظهور بذلك (فتأدب) أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم معه أي مع سليمان عليه السلام لأنه صلى اللّه عليه وسلم أكثر الناس أدبا وكمالا كما قال عليه السلام : «أدبني ربي فأحسن تأديبي» فعلمنا من هذا الأمر المذكور أن الملك (الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان) عليه السلام كما دعا هو بذلك (الظهور بذلك) الملك (في العموم) ، أي عموم أجزاء الملك .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
قال رضي الله عنه : ( وهذه معرفة ) وهي معرفة الحق من الخلق بأمهات أسمائه ( لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ) لكونه متصرفا في الملك متحققا بمعرفة الأسماء الإلهية ليمكن التصرف بها في الملك كله .
( بل هي ) أي بل هذه المعرفة ( من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) أي من بعد سليمان عليه السلام ( يعني الظهور به ) أي بهذا الملك ( في عالم الشهادة ) .
فدعا سليمان عليه السلام اختصاص ظهور الملك لا نفس الملك فجاز أن يعطي هذا الملك لأحد بعده لكن لا يظهر به ( فقد أوتي محمدا صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان عليه السلام وما ظهر ) أي ولم يظهر محمد عليه السلام ( به ) .
لأن ظهوره مختص بسليمان عليه السلام ( فمكنه اللّه ) أي محمدا بتشديد الكاف ( تمكين قهر من العفريت ) أي من كفرة الجن
قال رضي الله عنه : ( الذي جاءه ) أي جاء الرسول عليه السلام ( بالليل ليضل به ) وفي بعض النسخ ليفتك به أي ليقتله غفلة ( فهمّ ) أي قصد الرسول عليه السلام ( بأخذه ) أي بأخذ العفريت ( وربطه بسارية ) أي بعمد ( من سواري ) أي من عمود ( المسجد حتى ) أن ( يصبح فيلعب به ) أي بهذا العفريت ( ولدان المدينة فذكر ) الرسول عليه السلام ( دعوة سليمان عليه السلام ) وهي قوله "وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي" .
قال رضي الله عنه : ( فردّه اللّه ) أي العفريت ( خاسئا ) من الظفر على محمد صلى اللّه عليه وسلم ( فلم يظهر ) محمد ( عليه السلام بما أقدر عليه ) على البناء للمجهول أي جعل الحق محمدا قادرا على العفريت ( وظهر بذلك ) .
أي بما أقدر عليه محمد عليه السلام ( سليمان عليه السلام ثم قوله ملكا فلم يعم فعلمنا أنه ) أي سليمان عليه السلام ( يريد ملكا ما ) أي ملكا خاصا من الأملاك .
قال رضي الله عنه : ( ورأيناه ) أي رأينا سليمان عليه السلام ( قد شورك ) سليمان عليه السلام مع غيره ( في كل جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فعلمنا أنه ) أي أن سليمان عليه السلام ( ما اختص إلا بالمجموع من ذلك ) الملك الخاص المعطى له وأما أجزاء ذلك الملك الخاص فلا اختصاص لسليمان عليه السلام به .
فكان المجموع مختصا والأجزاء مشتركة ( و ) علمنا ( بحديث العفريت أنه ) أي أن سليمان عليه السلام ( ما اختص إلا بالظهور وقد يختص ) أي وقد اختص سليمان عليه السلام ( بالمجموع ) .
إذ لا يعطى هذا المجموع غير سليمان عليه السلام فلا شورك في نفس المجموع فكيف يشارك في الظهور بالمجموع وهو الملك المركب من الأجزاء ( والظهور ) أي اختص سليمان عليه السلام بظهور جزء جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فلا يختص سليمان عليه السلام بذات جزء جزء .
قال رضي الله عنه : ( فلو لم يقل عليه السلام في حديث العفريت فأمكنني اللّه منه ) أي أعطاني اللّه قدرة وتصرفا في العفريت ( لقلنا إنه لما همّ بأخذه ) أي بأخذ هذا العفريت ( ذكره اللّه دعوة سليمان عليه السلام ليعلم الرسول عليه السلام أنه لا يقدره اللّه ) من الأقدار .
أي ليعلم الرسول عليه السلام أن اللّه لا يعطي له القدرة ( على أخذه فردّه اللّه خاسئا فلما قال فامكنني اللّه منه علمنا ) من هذا القول ( إن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه ) أي في العفريت .
قال رضي الله عنه : ( ثم إن اللّه ذكره ) من التذكير ( فتذكر ) الرسول عليه السلام ( دعوة سليمان عليه السلام فتأدب معه فعلمنا من هذا ) أي من حديث العفريت ( أن ) هذا ( الذي ) أي الملك الذي ( لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان عليه السلام الظهور بذلك ) الملك ( في العموم ) أي لا يظهر تصرفه في ذلك الملك في عموم الخلائق فعلم اختصاصه بالظهور بحديث العفريت واختصاصه بالمجموع باشتراكه في أجزاء الملك .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
قال رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه ربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا. فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان. ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما. ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور. ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا. فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه. ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم.)
قال، رضي الله عنه: ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان.
قال: والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.
واعلم أن هذا الكلام من الشيخ، رضي الله عنه، ليس هو من حضرة المعرفة بل من حضرة العلم إلا اليسير من كلامه وذلك اليسير غیر مخلص، لأنه، رضي الله عنه، راعى فيه مراتب عقول المحجوبين.
لأنه، عليه صلى الله عليه وسلم قال الشيخ رضي الله عنه : للشيخ : خذ هذا فاخرج به للناس والمعرفة لا يليق بالناس وإنما يليق بهم العلم.
وأما العارفون فهم صفات الله تعالی عن شهود منهم،
لذلك فالشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
قال رضي الله عنه : (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) .
يعني الظهور به في عالم الشهادة يشير إلى أنّ سليمان كان عارفا بأنّ الله هو العامل بسليمان وغيره ما يصدر عنه من الأعمال والتصرّفات والتسخيرات ، ولو لم يشهد أنّ الله عينه وجميع قواه وجوارحه ، لما يأتي له هذا السلطان والحكم الكلَّي والأمر الفعلي .
قال رضي الله عنه : ( فقد أوتي محمّد صلى الله عليه وسلَّم ما أوتي سليمان عليه السّلام وما ظهر به ، فمكَّنه الله - تعالى - تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ، فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد ، حتى يصبح ، فيلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان عليه السّلام فردّه الله خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدره الله عليه ، فظهر بذلك سليمان . ثم قوله : « مُلْكاً » فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما ، ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلَّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت أنّه ما اختصّ إلَّا بالظهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظهور ، ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت : « فأمكنني الله منه » لقلنا : إنّه لمّا همّ بأخذه ، ذكَّره الله دعوة سليمان عليه السّلام فعلم أنّه لا يقدره الله على أخذه ، فردّه الله خاسئا ، فلمّا قال : « فأمكنني الله منه » علمنا أنّه قد وهبه الله التصرّف فيه ، ثم إنّ الله ذكَّره فتذكَّر دعوة سليمان عليه السّلام فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) .
قال العبد : كل هذا مشروح لا مزيد عليه .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
قال رضي الله عنه : (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده يعنى الظهور به في عالم الشهادة ) يعنى أن سليمان كان عارفا بأن الله هو العامل بسليمان وغيره ما يصدر عنه من الأعمال والتصرفات والتسخيرات ،
ولو لم يشهد أن الله عينه وجميع قواه وجوارحه لما تأتي له هذا السلطان والحكم الكلى ( فقد أوتى محمد عليه الصلاة والسلام ما أوتيه سليمان وما ظهر ، فمكنه الله تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ) وفي نسخة : ليضل به .
قال رضي الله عنه : ( فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فيلعب ولدان المدينة به فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا فلم يظهر عليه الصلاة والسلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان ، ثم قوله - "مُلْكاً" .
فلم يعم فعلمنا أنه يريد ملكا ما ورأيناه قد شورك في كل جزء وجزء من الملك الذي أعطاه الله فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك وبحديث العفريت إنه ما اختص إلا بالظهور ، وقد يختص سليمان بالمجموع والظهور ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت « فأمكنني الله منه » لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يقدره الله على أخذه فرده الله خاسئا ، فلما قال « فأمكنني الله منه » علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه ، ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) وهذا كله ظاهر .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
قال رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان ، عليه السلام ، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعنى ، الظهور به في عالم الشهادة . )
أي ، لا تفوت مثل هذه المعرفة عن سليمان ، لأنه من المرسلين لكافة الخلائق جنا وإنسا ، ومن الخلفاء المتصرفين في الرعية .
وقد علمت أن الخليفة لا بد وأن يكون متحققا بالأسماء الإلهية ومعرفتها ، ليمكن له التصرف بها في العالم .
وإنما جعل المعرفة من الملك ، لأن الملك دولة الظاهر وسلطنته ، وهي لا تحصل إلا بروحها التي هي الدولة الباطنة ، وروح هذه الدولة هي المعرفة بالله وأسمائه التي بها يتصرف في الأكوان ، فالمعرفة روح دولته ، كما أن الولاية باطن نبوته وروحها .
وقوله رضي الله عنه : ( يعنى الظهور به ) تفسير ( لا ينبغي لأحد ) أي ، لا ينبغي لأحد أن يظهر بهذا لملك في الشهادة ، لا أنه لا يؤتى لأحد . فإن الأقطاب والكمل متحققون بهذا المقام قبله وبعده ، ولكن لا يظهرون به .
قال رضي الله عنه : ( فقد أوتى محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ما أوتيه سليمان وما ظهر به ) أي ، فلم يظهر به ( محمد ، عليه السلام : فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاء بالليل ليضل به . )
وفي نسخه : ( ليفتك به ) ( فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد ) أي ، بعمود من عمد المسجد .
قال رضي الله عنه : ( حتى يصبح فيلعب به ولدان المدينة فذكر ) أي ، رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
( دعوة سليمان ، عليه السلام ، فرده الله خاسئا ) أي ، رد العفريت خاسئا عن الظفر عليه .
قال رضي الله عنه : ( فلم يظهر ، عليه السلام ، بما أقدر عليه ) على المبنى للمفعول . أي ، جعله الله قادرا . ( وظهر بذلك سليمان .
ثم قوله : ( ملكا ) ، فلم يعم ، فعلمنا أنه يريد ملكا ما ) من الأملاك المتعلقة بالعالم ، أي ملكا خاصا .
( ورأيناه قد شورك في كل جزء جزء من الملك الذي أعطاه الله ، فعلمنا أنه ) أي ، إن سليمان . ( ما اختص إلا بالمجموع من ذلك وبحديث العفريت ) أي ، وعلمنا بحديث العفريت .
( إنه ما اختص إلا بالظهور . وقد يختص سليمان بالمجموع والظهور . ) ( وقد ) هاهنا للتحقيق .
كقوله تعالى : ( قد يعلم الله ) . أي ، سليمان اختص بمجموع أجزاء الملك وبالظهور بالتصرف فيها .
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يقل ، صلى الله عليه وسلم ، في حديث العفريت : "فأمكنني الله تعالى منه " لقلنا إنه لما هم بأخذه ، ذكره الله دعوة سليمان ، ليعلم رسول الله أنه لا يقدره الله) بسكون القاف من ( الإقدار ) .
قال رضي الله عنه : ( على أخذه ، فرده الله خاسئا . فلما قال : "فأمكنني الله منه " علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه . ثم إن الله ذكره ، فتذكر دعوة سليمان ، فتأدب معه ، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم . )
وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على "الرحمتين " اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب : "الرحمن الرحيم " . )
نبه بهذا الكلام على أن الأسماء اللفظية أسماء الأسماء الإلهية .
وهي عبارة عن الحقائق الإلهية وأعيانها التي هي مظاهرها . كما مر بيانه في المقدمات .
( فقيد رحمة الوجوب . ) كما قال : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
وقال : "سأكتبها للذين يتقون " .
.
يتبع
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
قال رضي الله عنه : (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة ، فقد أوتي محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به ؛ فمكنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه اللّه خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان ، ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] ، فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما ، ورأيناه قد شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور ) .
قال رضي الله عنه : ( وهذه ) أي : معرفة أولية كل شيء وآخريته وظاهريته وباطنيته مندرجة في هذه الأسماء الإلهية الشاملة سائر أسمائه ، ( معرفة لا يغيب عنها سليمان ) في جميع أحواله ، فكان يرى الحق بكليته في كل شيء مع الخصوصيات التي له باعتبار تفاصيل الأشياء من حيث اندراجها في كليته ؛ فلذلك كان مجلي الرحمانية المتضمنة للرحيمية ، ( بل هو ) أي : دوام هذه المعرفة له .
قال رضي الله عنه : ( من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، إذ به ناسب الحق والخلق مناسبة كلية مندرجة فيها المناسبات الخاصة للأشياء من غير اختلال فيها بالغيبة عنها الموجبة للحجاب عن الحق والخلق بمقدار ما غاب عنه من هذه المعرفة ، فكان يتصرف في الكل بالتصرف الكلي مندرجة فيها الجزئيات .
ولما أوهم ذلك فضيلة على نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم ، أزال ذلك بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة ) ؛ لأنه لم يكن لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم في الدنيا ولا أنه لا يظهر به في عالم الغيب أبدا ( فقد أوتي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) في عالم الشهادة ( ما أوتيه سليمان عليه السّلام ) من هذا الملك الذي به تصرفه في الجن والإنس والطير والوحش ، ( وما ظهر به ) في عالم الشهادة ، وسيظهر به يوم القيامة ، فيجعل من آمن به من أهل الجنة ومن كفر به من أهل النار .
والدليل على أنه صلّى اللّه عليه وسلّم أوتيه ما روي عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال : « أن عفريتا من الجن تغلب عليّ البارحة ؛ ليقطع عليّ صلاتي ، فأمكنني اللّه منه ، فأخذته فأردت أن أربطه بسارية من سواري المسجد ، حتى ينظر إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمانقالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ[ ص : 35 ] ، فرددته خاسئا » رواه ابن حبان والبيهقي.
قال رضي الله عنه : ( فمكنه اللّه تمكين قهر ) ، وهو غاية التصرف ( من العفريت الذي جاءه بالليل ) خصّ مجيئه بالليل ؛ لأنه أهول ( ليفتك به ) ، وفي نسخة :
" ليضل به " ، والتمكين من مثل هذا العفريت الذي يقصد مثل هذا النبي تمكين من كل عفريت ( فهم بأخذه وربطه ) ، وهذا لا ينافي ما سبق من أخذه ؛ لتعلق هذا بالمجموع من الأخذ والربط ( بسارية من سواري المسجد ) خصه لإفادته غاية الشهرة ؛ لأن المسجد من شأنه أن يدخله كل أحد بخلاف البيت ( حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ) .
وهذا غاية القهران يصير من يقصد أشد الناس بالفتك ملعبا لصبيان البلد قويهم وضعيفهم ، وإن يصير من يعتاد الاختفاء عن نظر أهل العلم والفضل عاجزا عن الاختفاء عن الصبيان ، ( فذكر دعوة سليمان ) ، وهي قوله : "وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي" [ ص : 35 ] ،
فرده صلّى اللّه عليه وسلّم خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه من قهره وربطه وجعله ملعبا للصبيان ، وظهر بذلك سليمان ، فاستعملهم إجمالا ساقه من الغوص في البحر ، ومن بناء البلدان وغير ذلك ، وقتل بعضهم وحبس بعضهم في نحو قمقمة .
ثم إنه عليه السّلام لو ظهر به لم يكن فعله منافيا لمقتضى دعوة سليمان ، ولكن لم يظهر به ؛ لأنه وإن كان في معنى التصرف الكلي إلا أنه في صورة الجزئي ، فلم ير الظهور به لائقا بكماله ، إذ ( قوله ملكا ) نكرة في سياق الأبيات ( فلم يعم ) كل فرد ونوع من الملك .
قال رضي الله عنه : ( فعلمنا أنه يريد ) بهذه الدعوة ( ملكا ما ) أي : نوعا أو فردا خاصّا منه ، ولكن ليس المراد أي نوع وفرد ؛ لأنّا ( رأيناه قد شورك في كل جزء ) جزء أي : فرد فرد ، ونوع نوع ؛ لأنه جزء من مجموع الأفراد والأنواع ( من الملك الذي أعطاه اللّه ) .
ولا شكّ أنه استجابة لهذا الدعاء لا زائد على ما دعاه ، وهو مجموع أنواعه وأفراده ، ( فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك ) الملك الكلي الشامل على الملك المجموع ، والذي هو جزء منه والمجموع أيضا ليس من خواصه على الإطلاق ، إذ علمنا ( تحديث العفريت ) الذي التمكين منه تمكين كلي ( أنه ما اختص إلا بالظهور بالمجموع ) .
وإنما حصل الظهور ببعض أجزائه ، وإن شاركه في الكل لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ؛ ولذلك يقول :
( قد يختص ) غيره بالمجموع من غير ظهور به كنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم والظهور من غير جمع كسائر الملوك ، وبعض من يسمع تسخيره للجن ، وبعض الشيوخ المسخرين للطيور والوحوش ، ولكن لا يفهم هذا من القرآن والحس إنما علم به الظهور من غير جمع .
قال رضي الله عنه : (ولو لم يقل صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » . لقلنا : إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه ، فردّه اللّه خاسئا ، فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه ، ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم ،).
فلذلك قال رضي الله عنه : ( ولو لم يقل صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » ؛ لقلنا أنه صلّى اللّه عليه وسلّم لما هم يأخذه لربطه ذكره اللّه دعوة سليمان ؛ ليعلم أنه لا يقدره اللّه على أخذه ) ، وإن كان هذا الأخذ جزء من المجموع إلا أنه قد حصل له الجزء الآخر ، فلو حصل هذا معه لحصل له المجموع ، ولا يدل على هذا كونه مردودا خاسئا ، إذ نقول على ذلك التقدير لم يجعل اللّه له سلطانا عليه ، كما لم يجعله على عباده المصطفين.
قال رضي الله عنه : ( فرده اللّه خاسئا ، فلما قال : " فأمكنني اللّه منه » ) ؛ لئلا يكون عدم تسلط الشيطان مثل عدم تسلطه صلّى اللّه عليه وسلّم فيتكافآن ، ويلزم تفضيل سليمان عليه السّلام عليه ( علمنا أن اللّه قد وهبه التصرف فيه ) تكميلا لملكه الذي هو من جملة فضائله وكمالاته .
( ثم إن اللّه ذكره ) دعوة سليمان ، فتذكر دعوة سليمان ، فعلم أنه لو ظهر به لكان رادّا لدعوة سليمان وأمكنه ردّا لدعوة ، لكن فيه إساءة الأدب ( معه ، فتأدب ) سليمان عليه السّلام معه ، ( فعلمنا من هذا ) التقرير أن : مراد سليمان عليه السّلام بالملك ( الذي لا ينبغي لأحد من الخلق ) احترز به عن ملك الحق ، فإنه أشمل من ملك سليمان بكل حال من الأزل إلى الأبد ، ( بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) ، إذ علمنا من الحديث أن المراد من الاختصاص الظهور ، ومن الحس الاختصاص بالمجموع .
ثم أشار - رحمه اللّه - إلى أنه ليس غرضه بيان ما اختص به سليمان عليه السّلام من هذا الملك ، ولا بيان فضيلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أنه أوتي مثل ما أوتي سليمان عليه السّلام .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
ملك سليمان الذي لا ينبغي لأحد
قال رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ) يعني رؤية هذه الأسماء التي لها الإحاطة التامّة والجمعية الكاملة من الخلق ( بل هي من ) جملة ( الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) .
وهاهنا تلويح يدلَّك على أمور لا بدّ من الاطَّلاع عليها ، وهو أنّ للتسعة الإحاطة التامّة والجمعيّة الكماليّة - كما عرفت غير مرّة - وبيّن أنّها إذا وقعت في مرتبة العشرات لاكتساب الجمعيّة البرزخيّة التي هناك لها مزيد كمال ، ولذلك تراه يترتّب عليها حينئذ إشعار بأمور تستتبعه آثار في عالم الإظهار .
لإبرازه النسب التي هي منبع العجائب وأصل بدائع الصنائع - كما بيّن في موضعه - ولوقوع ذلك العدد في اسم سليمان موقعه وإحاطته بطرفيه بوحدتهما الكماليّة قد ظهر منه ما ظهر ، وهو الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده - كما لا يخفى .
كان لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مثل ملك سليمان ولا يتظاهر به
ثمّ إن ذلك الملك قد يكون بحسب العلم والشعور ، وقد يكون بحسب الوجود والظهور ، والذي اختصّ به سليمان بين الكمّل هو الظهور به .
وإليه أشار بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة ) المسمّاة بعالم الملك أيضا ، ( فقد أوتي محمّد عليه الصلاة والسّلام ما أوتي به سليمان وما ظهر به ) ، ومن تأمّل في كيفيّة انطواء الاسمين على ذلك العدد يظهر له ذلك .
والذي يدلّ على أنّه أوتي محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك الملك أنّه جاءه عفريت أي خبيث ، من الجن
قال رضي الله عنه : ( فمكَّنه الله تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ، فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فيلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه الله خاسئا ، فلم يظهر عليه بما أقدر عليه ، وظهر بذلك سليمان ) .
قال رضي الله عنه : ( ثم قوله “ مُلْكاً “) أي ثمّ إظهاره ، فإنّ القول أبين مراتب الإظهار ( فلم يعمّ ، فعلمنا ) بتنكير الملك في قوله وإظهاره ( أنّه يريد ملكا ما ) خاصّا من الأملاك ، ( ورأيناه قد شورك في كل جزء جزء من الملك ) فإنّ لكل أحد من النبيّين تصرّفا في جزء من أجزاء الملك ( الذي أعطاه الله تعالى ، فعلمنا ) بهذه الآية المنزلة ( أنّه ما اختصّ إلا بالمجموع من ذلك ) الأملاك .
فأحديّة جمع الكلّ هو الملك الخاصّ الذي سأله هذا ، وعلمناه لمنطوق كلامه ( وبحديث العفريت أنّه ما اختصّ إلا بالظهور وقد يختصّ بالمجموع والظهور ) الذين هما أثر رحمة الامتنان ورحمة الوجوب . و « قد » هاهنا للتحقيق ، مثل : “ قَدْ يَعْلَمُ الله “ [ 24 / 63 ] . .
قال رضي الله عنه : (ولو لم يقل صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث العفريت : « فأمكنني الله منه » لقلنا : إنّه لما همّ بأخذه ذكَّر الله دعوة سليمان ، ليعلم أنّه لا يقدره الله على أخذه ، فردّه الله خاسئا . فلما قال : « أمكنني الله منه » علمنا أنّ الله تعالى قد وهبه التصرّف فيه ، ثمّ إنّ الله ذكَّره فتذكَّر دعوة سليمان ، فتأدّب معه . فعلمنا من هذا أنّ الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) على ما هو مؤدّى الرحمتين .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .
قال رضي الله عنه : ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة . فقد أوتي محمّد صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به . فمكّنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه اللّه خاسئا . فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان . ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما . ورأيناه قد)
قال رضي الله عنه : ( وهذه ) المعرفة المتعلقة بالرحمتين الامتنانية والوجوبية وما انجر الكلام إليه في بيانهما ( معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السلام بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، فإنه لا ينحصر في الملك الصوري والمعنوي كيف وهو من الأنبياء الكاملين ، فمرتبة كماله تقتضي التحقق بأمثال هذه المعارف ، ولما كان الملك الذي أتاه اللّه سبحانه سليمان ولم يؤته أحدا غيره من بعده ، هو الظهور بعموم التصرف في عالم الشهادة لا التمكن منه ، فإن ذلك مما آتاه اللّه غيره من الكمل نبيا كان أو وليا .
فسر الملك بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة )
ثم علله بقوله : ( فقد أوتي محمد صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان ) من الملك والتصرف ( و ) لكنه صلى اللّه عليه وسلم ( ما ظهر به ) كما ظهر سليمان ( فمكنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح مربوطا بها ، فيلعب به ولدان المدينة فذكر ) رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( دعوة سليمان عليه السلام ) وأمسك حتى أخذه وربطه تأدبا . رواه ابن حبان
"" يشير إلى الحديث: « عن أبي هريرة يقول : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إنّ عفريتا من الجن جعل يأتي البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني اللّه منه فأردت أن آخذه فأربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم قال ثم ذكرت قول أخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي قال فرده اللّه خاسئا ".أهـ ""
قال رضي الله عنه : ( فرده اللّه ) ، أي العفريت بتركه هذا التأدب ( خاسئا عن الظفر به فلم يظهر نبينا صلى اللّه عليه وسلم بما أقدر عليه ) من التصرف في العفريت ( وظهر بذلك سليمان ثم قوله ملكا ) ، من غير أداة تفيد الشمول والاستغراق ( فلم يعمّ ) كل ملك (فعلمنا أنه يريد ) في دعائه ( ملكا ما ) من الإملاك لا كل ملك فإنه لو كان يريد كل ملك لاختص به مجموع الأملاك وكل جزء جزء أيضا ، فإنه كما أن كل جزء جزء من الملك من أفراد الملك كذلك مجموع الأجزاء أيضا من أفراده ، فيلزم أن لا يشاركه أحد في ملك ما ، والأمر ليس كذلك كيف
قال رضي الله عنه : (شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور . ولو لم يقل صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » لقلنا إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه . فردّه اللّه خاسئا . فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه . ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم . )
قال رضي الله عنه : ( وقد رأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فعلمنا أنه ) ، أي سليمان عليه السلام ( ما اختص بفرد ) من أفراد الملك ( إلا بالمجموع من أفراد ذلك ) الملك ،
أي الانفراد وهو مجموع الأفراد لما عرفت أن مجموع الأفراد أيضا فرد من ذلك الملك ، فما اختص بكل فرد فرد من أجزاء ذلك المجموع ( وعلمنا بحديث العفريت أنه ما اختص إلا بالظهور وقد يختص بالمجموع وبالظهور ) به لا بالتمكن منه وبالظهور ببعض .
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يقل ) نبينا ( صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت : فأمكنني اللّه منه ) ، أي من (حديث العفريت ) فعلمنا أنه لما هم بأخذه (ذكره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره اللّه ) من الإقدار ( على أخذه فرده اللّه خاسئا ذليلا فلما قال : فأمكنني اللّه منه علمنا أن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه ) ، بما شاء من الأخذ والربط وغيرهما .
قال رضي الله عنه : ( ثم إن اللّه ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه ) كمال التأدب حيث لم يظهر بالتصرف في الخصوص فكيف في العموم ( فعلمنا من هذا ) الذي ذكر من تنكير الملك وحديث العفريت ( أن ) الملك ( الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) لا التمكن منه في العموم ولا الظهور ببعض .
.
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
قال رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلّا الكلام والتّنبيه على الرّحمتين اللّتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللّذين تفسيرهما بلسان العرب الرّحمن الرّحيم . فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] حتّى الأسماء الإلهيّة ، أعني حقائق النّسب . فأمتنّ عليها بنا . فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنّسب الرّبانيّة . ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنّه هويّتنا لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلّا لنفسه . فما خرجت الرّحمة عنه . فعلى من امتنّ وما ثمّ إلّا هو ؟
إلّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التّفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ؛ حتّى يقال إنّ هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . )
قال رضي الله عنه : (وليس غرضنا من) ذكر (هذه المسألة) في هذا المحل (إلا الكلام والتنبيه) للأفهام (على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان) عليه السلام في كتابه إلى بلقيس (في الاسمين اللذين) تكلم بهما كيفية الكتاب بلسانه وهو لسان بني إسرائيل العبرانية .
وقد أنزل اللّه تعالى على نبينا العربي صلى اللّه عليه وسلم (تفسيرهما بلسان العرب) كباقي الكتاب بلفظ (الرحمن الرحيم) فقال تعالى :إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 30 ) [ النمل : 30 ] ، فقيّد ، أي الحق تعالى رحمة الوجوب وهي رحمة الرحيم كما قال :وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً[ الأحزاب : 43 ] ، وقال :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ[ الأعراف : 156 ] الآية . وقال :كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ[ الأنعام : 54 ] .
« فمن عرف نفسه فقد عرف ربه » فكان هو الرحمة المكتوبة على النفس الإلهية بسبب الإيمان ؛ ولهذا قيل : « وسعني قلب عبدي المؤمن » ، لأنه مكتوب عليه فيسعه كما أن الحروف المكتوبة في القرطاس تسع مقدارها مما هي قائمة به من القرطاس وأطلق سبحانه رحمة الامتنان وهي رحمة الرحمن في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فلم يقيدها بشيء دون شيء حتى أنها وسعت (الأسماء الإلهية) التي نحن قائمون بها أعني بالأسماء الإلهية (حقائق النسب) جمع نسبة الإلهية الوجودية كالخالق والبارىء والمصوّر والمحيي والمميت إلى غير ذلك .
(فامتن) سبحانه برحمة الرحمن التي استوى بها على العرش وجميع ما حواه
العرش (عليها) ، أي على أسمائه الإلهية (بنا) معشر الكائنات جميعها لتكون نحن مظاهر آثارها ومطارح شعاعاتها وأنوارها ومواضع حكمها وأسرارها فنحن معشر الكائنات (نتيجة رحمة الامتنان) التي هي أول ما تعلقت بالأسماء الإلهية ، أي بالحق تعالى في مرتبة ألوهيته ، فأظهرتنا آثارا لها لا من حيث هو سبحانه فإنه غني عن العالمين ، أي ما يعلم به من حيث نحن ولا يعلم سبحانه في نفس الأمر إلا بأسمائه ، ولا تعلم أسماؤه إلا بآثارها ، فالآثار هي العالمون عند الصفاتيين ، والأسماء هي العالمون عند الذاتيين (والنسب) جمع نسبة تفسير الأسماء (الربانية ) ، أي المنسوبة إلى الرب تعالى .
قال رضي الله عنه : (ثم أوجبها) ، أي الرحمة التي امتن بها سبحانه (على نفسه) فكتبها كما قال :كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ[ الأنعام : 12 ] وذلك (بظهورنا) معشر الكائنات لنا فعلمنا أنفسنا وأعلمنا هو سبحانه أنه تعالى هويتنا فمن عرف منا نفسه عرف ربه ، ومن جهل نفسه جهل ربه ، وما منا من جهل نفسه من كل وجه بل من وجه دون وجه ، فيعرف ربه من ذلك الوجه الذي عرف به نفسه ، ويجهل ربه من الوجه الذي جهل به نفسه ، وهكذا كل شيء.
قال رضي الله عنه : (لنعلم أنه) تعالى (ما أوجبها) ، أي الرحمة ، يعني كتبها (على نفسه إلا لنفسه) ، أي ليعلم نفسه بنفسه في مرتبة ألوهيته وربوبيته كما هو عالم بنفسه في ذاته وهويته (فما خرجت الرحمة) ، أي رحمته سبحانه التي امتن بها أوّلا وأوجبها ثانيا عنه سبحانه فإنه ليس هناك أمران موجودان ، وإنما الأمر واحد يتضمن راحما ورحمة في الأزل ومرحوما فيما لا يزال ، والمرحوم في الراحم نفس الراحم ، وأما المرحوم في نفسه فهو غير الراحم ، فإذا رحمه بالرحمة أوجده بها له ، كالمراتب إذا قامت بمن هي له تعددت وغايرته ولم يتغير هو بها وإن تغيرت هي به فعلى من امتن سبحانه وما ثم ، أي هناك في الوجود ( إلا هو ).
وأما المراتب الإمكانية فهي مراتبه به ثبتت في علمه أزلا من غير وجود لها ، وبه وجدت في أنفسها لا فيه سبحانه فيما لا يزال إلى الأبد ، فإن كان امتنانه عليها بالوجود في حال ثبوتها كان امتنانه على نفسه ، لأنه بوجوده أوجدها فقد امتن عليها بإيجادها بل على وجوده بإظهارها لا لها ، فمرجع المنة إليه ،
وإن كان إيجاده للرحمة عليها في حال وجودها به كان ذلك عليه لا عليها ، لأن الموجود دونها ، ولكنه موجود وجودا ملتبسا بها كقولهم دخلت عليه بثياب السفر ، وذلك قوله تعالى :وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ[ الأنعام : 9 ] ، فأخبر تعالى أن لبس ما يلبسون إنما هو عليهم لا في نفس الأمر ، وأنهم هم الذين يلبسون والأمر مكشوف في نفسه ،
وإذا ظهر الشيء للجاهل على خلاف ما هو عليه ، كان خلاف ما هو عليه من جهة قصور الجاهل ، والشيء في نفسه على ما هو عليه لم يتغير .
قال تعالى :وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ[ الأنعام : 110 ] ، أي بواطنهم وظواهرهم فلا يرون بقلوبهم وأبصارهم إلا ما قلبهم إلى رؤيته فأراهم سبحانه ما أراد لا ما هو في نفس الأمر ، وذلك عين الإضلال منه تعالى لمن أراد أن يضله . ثم قال تعالى :كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، أي يصدقوا بالحق تعالى على ما هو عليه إيمانا بالغيب من غير تفكر بعقولهم أول مرة ، وإنما خاضوا فيه بالأفكار وتدبروه بالعقول ، فاستحسنوا أن يكون سبحانه كذا وكذا في خيالهم ، فأثبتوه في اعتقادهم على حد ما وصلوا إليه لا على ما هو عليه في نفس الأمر .
وذلك قوله :"وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ "[ الأنعام : 110 ] وهم جميع أهل النظر ، فعلوا كذلك إلا من حفظ اللّه تعالى منهم فخاض في النظر للرد على المخالفين لا للاعتقاد وقليل ما هم إلا أنه ( ) - ، أي الشأن لا بد من حكم لسان التفضيل ، أو إثبات الفضائل بين المراتب التي هو ظاهر بها سبحانه لما ظهر ، أي لأجل الأمر الذي ظهر شرعا وعقلا من تفاضل بيان لذلك الأمر الخلق ، أي المخلوقات في العلوم الإلهية حتى يقال إن هذا أعلم من هذا ، أي أكثر علما منه .
وقال تعالى :يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ[ المجادلة : 11 ] (مع أحدية العين) ، أي الذات القائمة على كل نفس بما كسبت التي ما تعددت في هذا وهذا وهذا إلا بسبب أسمائها التي ظهرت آثارها .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
قال رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة ) المذكورة ( إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين ) الرحمة العامة وهي صورة اشتراك سليمان عليه السلام في أجزاء الملك والرحمة الخاصة .
وهي اختصاص سليمان عليه السلام بالمجموع وبالظهور فجمع سليمان عليه السلام الرحمة العامة والرحمة الخاصة ( اللتين ذكرهما سليمان عليه السلام في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم فقيد ) الحق ( رحمة الوجوب ) في قوله "وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً". وفي قوله: " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ. " .
قال رضي الله عنه : (وأطلق مرحمة الامتنان في قوله :"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" حتى الأسماء الإلهية أعني حقائق النسب ) فرحم اللّه تعالى الأسماء رحمة الامتنان بإعطاء ما طلبته من المظاهر .
( فامتن ) اللّه ( عليها ) أي الأسماء ( بنا ) عبارة عن العالم كله أي بوجودنا فإن كان كذلك ( فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء ) أي بسبب الأسماء ( الإلهية والنسب الربانية).
(ثم ) أي بعد إعطاء وجودنا بالرحمة الامتنانية ( أوجبها ) أي أوجب تلك الرحمة الامتنانية ( على نفسه بظهورنا ) أي بسبب ظهورنا برحمة الامتنان ( لنا ) متعلق بأوجب أي ليرحمنا بها.
قال رضي الله عنه : ( وأعلمنا ) من الإعلام ( أنه ) أي اللّه ( هويتنا ) وهو قوله كنت سمعه وبصره ( لنعلم أنه ما أوجبها ) أي ما أوجب الحق تلك الرحمة ( على نفسه ) في التحقيق ( إلا لنفسه ) أي علة الوجوب وسببه هي جهة اتحادنا عينيتنا معه في صفاته لا من جهة غيريتنا معه ولو كنا غير الحق من كل الوجوه لما كتب الرحمة على نفسه .
والرحمة لا تكون إلا بقرب المناسبة وكثرتها ألا ترى أن الإنسان يتفاوت ترحمه بقوة المناسبة وضعفها والرحمة تنشأ من الميل الحسي والشيء لا يميل إلى مباينه بل يميل إلى مجانسه .
فالحق لا يميل إلينا إلا بمجانستنا إياه في أخلاقه وأوصافه ( فما خرجت الرحمة عنه ) خروجا منفكا بحيث يزول عنه ويحدث في غيرها لأن رحمته وأصله إلى من اتصف بصفاته الكاملة وصفاته عين ذاته من وجه أو موجودة فيه فمنه خرجت وإليه عادت ( فعلى من امتن وما ثمة ) أي وما في مقام الامتنان ( إلا هو ) أي إلا اللّه.
فإن قوله كتب على نفسه الرحمة قديم أزلي واقع قبل أن يحدث العالم في مقام كان اللّه ولم يكن معه شيء وهذا المقام ثابت للحق الآن فلما تكلم عن لسان التوحيد أراد أن يتكلم بلسان التفريق على ما هو سنته وسنة أهل التحقيق للجمع بين الوحدة والكثرة.
فقال : ( إلا أنه ) استثناء منقطع ( لا بد من حكم لسان التفصيل ) كما لا بد من حكم لسان الإجمال فإن الكثرة واقعة كما أن الوحدة واقعة فلا بد من البيان عن أحكامها وإنما كان لا بد من حكم لسان التفصيل ( لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) بحسب الحقيقة والتفاضل إنما يكون بحسب تفاوت الاستعدادات من القرب والبعد من الاعتدال الروحاني والجسماني .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. ).
قال رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم. فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا. فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية. ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه. فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟ إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
أنه عليه صلى الله عليه وسلم قال الشيخ رضي الله عنه : للشيخ : خذ هذا فاخرج به للناس والمعرفة لا يليق بالناس وإنما يليق بهم العلم.
وأما العارفون فهم صفات الله تعالی عن شهود منهم، لذلك فالشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
ثمّ قال رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلَّا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان عليه السّلام في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب « الرحمن » « الرحيم ») فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان
في قوله : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) حتى الأسماء الإلهية ، أعني حقائق النسب » .
يعني رضي الله عنه : من حيث إحدى دلالتها - التي يقتضي امتياز كل اسم بخصوصه - لا الأخرى التي هي الدلالة على الذات عينها والذات عينه ، فلا يطلق عليها أنّها مرحومة ، فالمرحومة الداخلة تحت « كل شيء » هي حقائق النسب وهي على وجهين :
أحدهما : كالوجود والحياة والعلم والقدرة وسائر النسب التي لا تحقّق لها في أعيانها إلَّا بالله ، والرحمة الذاتية .
والثاني : ما ينسب إلى الحق من حيث هذه النسب ، كالعالمية والقادرية والخالقية والرازقية ، فإنّها نسب لهذه النسب المذكورة أوّلا إلى المسمّى الواحد الأحد وهو الله سبحانه ، فهي التي وسعتها رحمة الامتنان مع العالمين .
قال رضي الله عنه : « فامتنّ عليها بنا ، فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية » .
يعني الكمّل من نوع الإنسان ، فإنّ آدم وبنيه هم الذين أكرمهم الله تعالى واصطفاهم بتعليمه الأسماء لنا منّا ، فتذكَّر .
ثم قال رضي الله عنه : ( ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا ، وأعلمنا أنّه هويّتنا ليعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلَّا لنفسه ، فما خرجت الرحمة منه ، فعلى من امتنّ وما ثمّ إلَّا هو ؟
إلَّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ، حتى يقال إنّ هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ،)
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحياة للحيوان وفيه عرفا عامّا ، وهي سارية في الحيوان والجماد والنبات وغيرهم عرفا خاصّا بالمحقّقين ، فإنّ الله كشف عن وجه هذا السرّ لهم ، وحجب عنه البعض وهم عامّة أهل الحجاب وقد مرّ مرارا فتذكَّر ، فإذا ارتفع الحجاب - وهو عقلك القابل - وكشف الغطاء - وهو وهمك الحائل - عمّت المعرفة ، فعرفته وعرفه كل أحد كذلك .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
قال رضي الله عنه: (وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم فقيد رحمة الوجوب).
في قوله : " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " .
قال رضي الله عنه : ( وأطلق رحمة الامتنان في قوله - "ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " حتى الأسماء الإلهية أعنى حقائق النسب ) .
أي التي يمتاز بها كل اسم بخصوصية من الآخر ، فإن للأسماء مدلولين : أحدهما الخصوصية ، والثاني الذات من حيث هي ، فإن كل اسم هو الذات عينها والذات عينه فلا يطلق بهذا الاعتبار أنه مرحوم ، ويطلق على خصوصيته أي الحقيقة المميزة أنها مرحومة ، فالمرحومة هي حقائق النسب الداخلة تحت عموم كل شيء .
وهي على وجهين :
أحدهما المعاني التي هي أمور اعتبارية وتعينات لا تحقق لها في الأعيان إلا بالعلم والرحمة الذاتية ، فإنها نسب للذات كالحياة والعلم والقدرة وسائر معاني الصفات المنسوبة إليه .
والثاني : هذه النسب إلى الحق الواحد الأحد كالحيية والعالمية والقادرية وأمثالها ، فهي التي وسعتها رحمة الامتنان مع العالمين.
"" أضاف بالى زادة : (والتنبيه على المرحمتين ) الرحمة العامة وهو صورة اشتراك سليمان في أجزاء الملك ، والرحمة الخاصة وهي اختصاصه بالمجموع والظهور فجمع سليمان كلتيهما ، قوله ( فقيد رحمة الوجوب ) بقوله - وكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) - وقوله - فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) - ( وأطلق رحمة الامتنان ) في قوله - ورَحْمَتِي وَسِعَتْ ) . اهـ بالى بالى .
( ثم ) أي بعد إعطاء وجودنا بالرحمة الامتنانية ( أوجبها ) أي أوجب تلك الرحمة الامتنانية ( على نفسه بظهورنا ) أي بسبب ظهورنا بالرحمة الامتنانية ( لنا ) متعلق بأوجب أي ليرحمنا بها. اهـ بالى زاده . ""
قال رضي الله عنه : ( فامتن عليها بنا ، فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية ) .
أي فامتن على الأسماء بوجودنا يعنى الكمل من نوع الإنسان ، فإن الله أكرم آدم بتعليم الأسماء ، وجعله وبنيه مظاهرها ومظاهر النسب أي حقائق الأسماء من الصفات ، فنحن أي الكمل من هذا النوع نتيجة الرحمة الذاتية الرحمانية التي هي رحمة الامتنان ، وبنا رحم الأسماء فأوجدها .
قال رضي الله عنه : ( ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا ) أي لمعرفتنا أنفسنا فإنها رحمة رحيمية وجوبية ( وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه فما خرجت الرحمة عنه ) فهو الراحم والمرحوم (فعلى من امتن وما ثم إلا هو ؟ ).
قال رضي الله عنه : ( إلا أنه لا بد من حكم لبيان التفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ، حتى يقال : إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) فالتفاضل بالظهور والخفاء بحسب تفاضل الاستعدادات في المظاهر ، لأن العين الواحدة في كل مظهر هي أصفى وأتم استعدادا وجلاء كان أظهر كمالا وجمالا .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
قال رضي الله عنه : (وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على "الرحمتين " اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب : "الرحمن الرحيم " . ).
نبه بهذا الكلام على أن الأسماء اللفظية أسماء الأسماء الإلهية .
وهي عبارة عن الحقائق الإلهية وأعيانها التي هي مظاهرها . كما مر بيانه في المقدمات .
( فقيد رحمة الوجوب . ) كما قال : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
وقال : "سأكتبها للذين يتقون " .
( وأطلق رحمة الامتنان في قوله : " ورحمتي وسعت كل شئ " . حتى الأسماء الإلهية ، أعني ، حقائق النسب . )
وإنما فسره بقوله : " أعني حقائق النسب " لأن الأسماء تدل على الذات الإلهية مع خصوصيات تتبعها ، وبها تصير الأسماء متكثرة ، فإن الذات الواحدة لا تكثر فيها ، والذات لا تدخل في حكم الرحمة ، لتكون مرحومة ، فتعينت الخصوصيات وهي النسب .
قال رضي الله عنه : ( فامتن عليها بنا ، فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية . )
أي ، فامتن على الأسماء بوجودنا ، فإنها مظاهر أحكامها ومجاري أقدارها ومرائي أنوارها ، فنحن نتيجة تلك الرحمة الامتنانية ، فلزم وجودنا منها أولا في العلم ، وثانيا في العين . كما مر تحقيقه في المقدمات .
ولا ينبغي أن يتوهم أن قوله ( بنا ) و ( نحن ) مخصوص بالكمل ، كما ذهب إليه بعض العارفين ، فإن الكمل منا مظاهر كليات الأسماء ، وغير الكمل مظاهر جزئياتها التالية لها . بل قوله : ( بنا ) إنما هو من لسان العالم كله ، شريفا كان أو حقيرا ، فإن لكل منها ربا يربه ، وهو الاسم الحاكم عليه .
والحق رحم جميع الأسماء لا بعضها دون البعض .
( ثم ، أوجبها على نفسه بظهورنا لنا ) أي ، أوجب الرحمة على نفسه ، ليرحمنا بالرحمة الرحيمية الموجبة للكمال عند معرفتنا أنفسنا وظهور حقائقها علينا .
قال رضي الله عنه : ( وأعلمنا أنه هويتنا ، لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه ، فما خرجت الرحمة عنه ، فعلى من أمتن ، وما ثم إلا هو . ) .
هذا عن لسان غلبه حكم الأحدية . ومعناه ظاهر .
( إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل ) لأن الكثرة واقعة لا يمكن رفعها .
قال رضي الله عنه : ( ولما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ، حتى يقال أن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) .
وهذا التفاضل من تفاوت الأعيان واستعداداتها بحسب القوة والضعف والظهور والخفاء والقرب والعبد من الاعتدال الحقيقي الروحاني والجسماني ، مع أن الذات الظاهرة بهذه الصور واحدة لا تكثر فيها .
.
يتبع
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
قال رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلّا الكلام والتّنبيه على الرّحمتين اللّتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللّذين تفسيرهما بلسان العرب الرّحمن الرّحيم ، فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [ الأعراف : 156 ] حتّى الأسماء الإلهيّة ، أعني حقائق النّسب ، فأمتنّ عليها بنا ، فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنّسب الرّبانيّة ) .
فقال : ( وليس غرضنا في هذه المسألة ) أي : بيان الملك المخصوص بسليمان عليه السّلام ( إلا الكلام والتنبيه ) أوردهما ؛ ليشعر بأنه بين بعضه بالكلام الطويل الذيل الشامل على البراهين ، وتارة اكتفى بالتنبيه .
( على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان ) كيف يرتبطان بملكه حتى جعلهما مفتتح مكتوبه المتعلق بأمر المملكة التي كان يتصرف فيها بالأسماء الإلهية ، وعقبهما قوله :أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ[ النمل : 31 ] .
فذكرهما ( في ) ضمن ( الاسمين اللذين ) هما المعينان القائمان بالذات الإلهية ، وكان ( تفسيرهما بلسان العرب : الرحمن الرحيم ) ، فكتب هذين اللفظين في مكتوبه إليها لكونها عربية ، ويحتمل أنه كتب الاسمين الدالين عليهما بلسانه إليها وهي عربية ؛ ليعلم اطلاعها على سائر اللغات ، ويحتمل ألا تكون هي عربية ، فكتب إليها باللسان الذي تعرفه هي .
( فقيد ) سليمان ( رحمة الوجوب ) بجعله إياها صفة للّه بعد اتصافه بالرحمن ؛ لأن مفهوما مفهوم الرحمة مع زيادة اعتبار وجوبها .
""أضاف المحقق :- عن رحمة الوجوب : يعني أن العبد من حيث إنه يجب عليه إتيان أوامر مولاه ، فلا تجب الرحمة على المولى في مقابلة شيء ، فإذا قدر المولى وأوجب على نفسه لعبده شيئا في مقابلة عمله يستحق العبد بذلك الشيء بسبب عمله ، فوصول ذلك الشيء للعبد من المولى في مقابلة عمله امتنان وعطاء محض ، ولذا قالوا : الجنة فضل إلهي فلا يستحقها العبد إلا بفضل اللّه ؛ فكان وجوب الرحمة من وجوب الامتنان . شرح القاشاني ""
قال رضي الله عنه : ( وأطلق رحمة الامتنان ) بجعلها صفة للّه الجامع لأسمائه لعمومها ( في قوله : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )[ الأعراف : 156 ] .
ومن جملتها الأسماء الإلهية فتضمن كل شيء ( حتى الأسماء الإلهية ) لا من حيث هي أسماؤه ، بل من حيث هي حقائق بها انتساب الموجودات إلى الحق .
وإليه الإشارة بقوله رضي الله عنه : ( أعني حقائق النسب ) ، فلما تعلقت الرحمة الامتنانية بأسمائه تعالى باعتبار انتسابها إلينا ( فامتن عليها بنا ) يجعلنا ظهور آثارها الكائنة فيها ، إذ كانت بالقوة وهو كالكرب لها ، ( فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية ) ؛ لأن الأسماء الإلهية قديمة والنسب عدمية ، فلا يكون شيء منها قابلا للتأثير ، فكانت امتنانية مطلقة على العالم والأسماء الإلهية لا في مقابلة علم ولا عمل .
قال رضي الله عنه : (ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنّه هويّتنا لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلّا لنفسه ، فما خرجت الرّحمة عنه ، فعلى من امتنّ وما ثمّ إلّا هو ؟ إلّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التّفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ؛ حتّى يقال : إنّ هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين )
ثم أشار إلى وجه تقيد الرحمة الوجوبية ، بقوله : ( ثم ) أي : بعد أن رحم العالم والأسماء الإلهية بالرحمة الامتنانية ( أوجبها على نفسه ، فظهورها لنا ) عند كمال التزكية والتصفية بالعلم والعمل ، ( وأعلمنا أنه هويتنا ) ؛ لأن عند هذه التصفية والتزكية يكمل ظهوره فينا بحيث نصبر كأننا هو ، فنعرفه معرفة كاملة بمعرفة أنفسنا ؛ ( لنعلم أنه ما أؤجبها على نفسه إلا لنفسه ) أي : لظهورها بكمالاتها فينا بعد ظهورها بها في ذاتها ، كما امتن بالامتنانية على أسمائها التي ليست غير نفسه .
قال رضي الله عنه : ( فما خرجت الرحمة ) الامتنانية والوجوبية ( عنه ) إلى من هو غيره من كل وجه ، فالوجوبية اختصت بصورة كاملة ، والامتنانية عمت آثار الأسماء وصورها الكاملة والقاصرة جميعا ، ( فعلى من امتن ) بالرحمة الامتنانية عندما رحم بها الآثار .
قال رضي الله عنه : ( وما ثم ) أي : في الواقع ( إلا هو ) ، فإن الآثار إنما تحققت بتصورها بصورة النور الوجودي عند إشراقه عليها ، وهو المتحقق في الكل وما سواه أمر اعتباري فيه ، فإذا لم يكن المرحوم من الآثار غيره من كل وجه ، فالراحم من صوره الكاملة أبعد من الغيرية وأقرب إلى العينية.
أي : التصور بصورته الكاملة ؛ فلذلك جعل سليمان عليه السّلام بتعلق ملكه هذين الاسمين ، ورتب عليه قوله :أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ[ النمل : 31] .
ولكن امتناع تحقق غيره يقتضي ألا يقع التفاضل في الموجودات ، فلا يكون بعضها مالكا متصرفا عاليا والبعض بخلاف ذلك ، ( إلا أنه لا بدّ من حكم لسان التفصيل ) بحيث يكون البعض مالكا متصرفا عاليا ، والبعض مملوكا متصرفا فيه سافلا .
قال رضي الله عنه : ( ولما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ) ، والفاضل منها أقرب إلى الحق المالك المتصرف العالي ، فهو متصف بصفته بخلاف البعيد عنه ، ولا شكّ في ظهور ذلك ، ( حتى يقال : إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) الإنسانية التي هي المظهر أو الصفة العلمية التي هي الظاهر ، فهذا التفاضل ليس باعتبار أحدية العين لا في المظهر ولا في الظاهر ، بل باعتبار الصفات اللاحقة بها إما في الخلق الظاهر .
وإما في الحق ، فليس لنقص بعض صفاتها وكمال البعض الآخر .
فإن محال في الصفات القديمة إذ النقص من سمات الحادث ، ولكن
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
عموميّة الاسم الرحيم
قال رضي الله عنه : : (وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين ، اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم . فقيّد رحمة الوجوب ) في قوله : “ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ “ [ 9 / 128 ]
( وأطلق رحمة الامتنان في قوله : “ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ “ ( [ 7 / 156 ] ( حتى الأسماء الإلهية ، أعني حقائق النسب ) .
وإنّما فسّر الأسماء الإلهية بحقائق النسب ، فإن الأسماء من حيث خصوصيّاتها الامتيازية التي بها تغاير الذات ، لها مرتبتان :
إحداهما عند وجود النسبة بظهور المنتسبين كليهما ، ويسمّى أسماء الربوبيّة .
والأخرى أقدم منها رتبة وأبطن نسبة ، وذلك عند فقد أحد المنتسبين وجودا ، أعني المعلوم والمقدور والمراد.
فإنّه ليس لها في الحضرات الأول إلا محض الاعتبار ، ويسمّى بالأسماء الإلهية فهي حقائق النسب وبواطنها - .
هو الراحم والمرحوم
قال رضي الله عنه : ( فامتنّ عليها بنا ) لظهورها بأعياننا ( فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنسب الربانيّة ) أي هذا النوع الإنساني .
"" أضاف المحقق : اختلف الشراح في تفسير قول الماتن « بنا » ، فالجندي والكاشاني اعتقدا أنها خاص بالكمل ، واعترض عليهم القيصري قائلا أنه عام لجميع أفراد الإنسان كاملا أو ناقصا ، ولعل القول الوسط كلام الشارح بأن المراد هو النوع هو النوع الإنساني .""
لكونه أنهى ما ينساق إليه مقدّمات المراتب الاستيداعيّة والاستقراريّة ، وأقصى ما يستنتج منه أقيسة الأسماء الإلهيّة والنسب الربانيّة ، فهو إذن النتيجة المستحصلة من تلك الامتزاجات بنوعه لا بأشخاصها المتفاضلة ، كما لا يخفى .
فلمّا أفضى أمر رحمة الامتنان وترتيب أشكالها البيّنة الإنتاج إلى هذه النتيجة الجمعيّة الكماليّة ، التي هي حاصرة للكل ، ثمّ بها أمر تلك الرحمة ، فأفاض في رحمة الوجوب ، وإليه أشار بقوله : ( ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا ) .
ظهورا علميّا ليرحمنا بالرحمة الرحيميّة الشهوديّة ، كما رحمنا بالرحمة الرحمانيّة الوجوديّة ، وبيّن أن هذه النتيجة وإن كانت نتيجة من وجه ، ولكن هو الكلّ من وجه آخر ، وهو من حيث ظهور العلم والشهود .
ولذلك قال في هذه الرحمة « على نفسه » تنبيها إلى هذه الدقيقة :
( وأعلمنا أنّه هويّتنا ) عند ذلك الظهور بقوله : “وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ“ [ 42 / 11 ]
لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه ، فما خرجت الرحمة عنه ) فهو الراحم والمرحوم - امتنانيّة كانت الرحمة أو وجوبيّة كما بيّن .
قال رضي الله عنه : ( فعلى ما امتنّ وما ثمّ إلا هو ) هذا مقتضى لسان الإجمال . "في نسخة اخري : فعلى من "
الذي عبّر عن صرف الوحدة الإجمالية . وكأنّك قد عرفت غير مرّة أنّه لبيان تمام التوحيد لا بدّ مما يشعر بطرف التفصيل منها لئلا يتوهّم الوحدة العدديّة المقابلة للكثرة ، على ما هو المبادر إلى سائر الطباع .
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : ( إلا أنّه لا بدّ من حكم لسان التفصيل ) توفية لحقّ أدائه ، وذلك ( لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ، حتّى يقال : « إنّ هذا أعلم من هذا » مع أحديّة العين ) وفي عبارته لطيفة حيث أنّ في هذا أحديّة تأبى الشركة ، ففي لسان التفصيل إشعار بعين الإجمال ، وقوله : « مع أحدية العين تنبيه إليه » .
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أنّ العلم له التقدّم الاحاطي والتحكَّم الشمولي على الإرادة . كما أنّ الإرادة لها التقدّم الإحاطي على القدرة ، فإنّ العلم عندهم عبارة عن تعلَّق الذات بنفسها وبجميع الحقائق على ما هي عليه .
ثمّ ذلك التعلَّق إن اعتبر على الممكنات خاصة بتخصّصها بأحد الجائزين مطلقا يسمّى إرادة ، كما أنّه إن اعتبر اختصاصه بإيجاد الكون يسمّى بالقدرة.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب. فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه. فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. )
قال رضي الله عنه : ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلّا الكلام والتّنبيه على الرّحمتين اللّتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللّذين تفسيرهما بلسان العرب الرّحمن الرّحيم .)
قال رضي الله عنه : ( وليس غرضنا ) المقصود بالإضافة في صدر هذا الفص وإن وقع كلام في البين ( إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان عليه السلام في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب : الرحمن الرحيم ) ، فإنه عليه السلام لم يكن ممن يتكلم بلسان العرب.
قال رضي الله عنه : ( فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [ الأعراف : 156 ] حتّى الأسماء الإلهيّة ، أعني حقائق النّسب . فأمتنّ عليها بنا . فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنّسب الرّبانيّة . ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنّه هويّتنا لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلّا لنفسه . فما خرجت الرّحمة عنه . فعلى من امتنّ وما ثمّ إلّا هو ؟ إلّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التّفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ؛ حتّى يقال إنّ هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . )
قال رضي الله عنه : ( فقيد ) الحق سبحانه في كلامه ( رحمة الوجوب ) التي هي إحدى الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان بالتقوى والإيمان حيث قال :" فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " . يتقون
وقال :" بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ " [ التوبة : 128 ] (وأطلق رحمة الامتنان ) التي هي الأخرى من تينك الرحمتين ( في قوله: " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "حتى وسعت الأسماء الإلهية ) [الأعراف:156 ] .
ولما كانت الأسماء عبارة عن الذات مع النسب وكانت سعة الرحمة إياها باعتبار النسب لا باعتبار الذات فسرها بقوله : ( أعني حقائق النسب ) ، يعني أن الأسماء لا تسعها الرحمة الامتنانية إلا باعتبار النسب لا باعتبار محض الذات .
قال رضي الله عنه : ( فامتن عليها بنا ) يعني نوع الإنسان فأوجدنا لتكون مظاهر آثارها ومجالي أنوارها .
( فنحن نتيجة رحمة الامتنان ) المتعلق ( بالأسماء الإلهية والنسب الربانية ) التي هي بعض الأسماء الإلهية فيكون من قبيل ذكر الخاص بعد العام لزيادة الاهتمام فإنها أقرب إلينا وأظهر علينا . ( ثم أوجبها ) ، أي الرحمة ( على نفسه ) .
وهذه الرحمة التي أوجبها هي ظهوره علينا ومعرفتنا فإنه تعالى قيده ( بظهورنا لنا ) ومعرفتنا بأنفسنا في قوله على لسان الكمل من عباده من عرف نفسه فقد عرف ربه .
قال رضي الله عنه : ( وأعلمنا أنه هويتنا ) في مثل قوله :"وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" ( لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه فما خرجت الرحمة عنه ) إلى غيره بل إلى نفسه .
قال رضي الله عنه : ( فعلى من امتن وما ثمة إلا هو ) وهذا على لسان غلبه الوحدة والإجمال ، ولما كان هناك جهة كثرة وتفضيل أيضا نبه عليه بقوله : ( إلا أنه لا بد من حكم لسان ) الكثرة ( التفضيل ) أيضا ( لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ) مثلا بحسب تفاوت الاستعدادات ( حتى يقال إن هذا ) الإنسان كزيد مثلا ( أعلم من هذا ) الإنسان الآخر كعمر مثلا ( مع أحدية العين ) الظاهرة فيها.
ولما كان التفاضل مع أحدية العين فيه نوع خفاء أوضحه بتفاضل الصفات الإلهية مع أحدية الذات.
.
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
قال رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلّق الإرادة عن تعلّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصّفات الإلهيّة ؛ وكمال تعلّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلّق القدرة . وكذلك السّمع الإلهيّ والبصر وجميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض . كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . وكما أن كلّ اسم إلهيّ إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ، فكلّ جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلّه ؛ فلا يقدح قولنا إنّ زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هويّة الحقّ عين زيد وعمرو ،ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ.)
قال رضي الله عنه : (ومعناه) ، أي معنى قول هذا أعلم من هذا يعني نظر ذلك يرجع في نفس الأمر إلى (معنى نقص تعلق الإرادة) الإلهية (عن تعلق العلم) الإلهي فإنه تعالى يتعلق علمه بالواجب والمستحيل والممكن ولا تتعلق إرادته إلا بالممكن فقط (فهذه مفاضلة) حاصلة (في الصفات الإلهية) وكذلك كما تتعلق الإرادة بجميع الممكنات إلى ما لا نهاية له وفضلها لاقتضائها التقدم في الرتبة وزيادتها على تعلق القدرة الإلهية بما يريد وجوده تعالى من الممكنات ، والإرادة تتعلق بما يريد وجوده وما يريد عدم وجوده وكذلك السمع الإلهي والبصر الإلهي كالقدرة الإلهية لا يتعلقان إلا بما يريد اللّه تعالى وجوده لا بما يريد عدم وجوده من المستحيلات بالغير مما يمكن أن يكون عليه الممكن من زيادة أو نقصان أراد الحق تعالى وجود أحدهما وعدم الآخر ونحو ذلك (وجميع الأسماء الإلهية على درجات) متفاوتة (في تفاضل بعضها على بعض) من جهة تعلقاتها .
قال رضي الله عنه : (كذلك) ، أي مثل هذا التفاضل (في الأسماء تفاضل ما ظهر في الخلق) ، أي في المخلوقات (من أن يقال هذا) الإنسان (اعلم من هذا) الإنسان (مع أحدية العين) المسماة بتلك الأسماء الإلهية كلها والظاهرة بالقيومية في جميع الصور الإنسانية وغيرها (وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته) بالفضيلة لعموم التعلق سميته بجميع الأسماء الإلهية لدخولها تحت حيطته ونعته ، أي ذلك الاسم بها ، أي بجميع الأسماء كما قال تعالى :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى[ الإسراء : 110] .
قال رضي الله عنه : (كذلك) القول (فيما ظهر من الخلق ) ، أي المخلوقات فيه ، أي في ذلك الظاهر أهلية ، أي فضيلة كل ما فوضل ذلك الظاهر به فكل جزء من أجزاء العالم بفتح اللام فيه مجموع العالم كله أي هو قابل لحقائق متفرقات العالم كله أن تظهر من ذلك الجزء وأن يتجلى القيوم على جميع العالم على ذلك الجزء بما تجلى به على جميع العالم فلا يقدح في هذا التساوي بين أجزاء العالم قولنا مع ذلك إن زيدا دون عمرو ، أي أقل منه في فضيلة العلم أن تكون هوية الحق تعالى القائمة بصفة القيومية على كل نفس بما كسبت كما قال سبحانه :أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ[ الرعد : 33 ] عين زيد وعين عمرو ومع أنهما عينهما (تكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد كما تفاضلت الأسماء الإلهية) بعموم التعلق وخصوصه (وليست) كلها (غير الحق).
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
قال رضي الله عنه : ( ومعناه ) أي معنى تفاضل الخلق في العلوم مع أحدية العين ( معنى نقص الإرادة عن تعلق العلم ) فإن الإرادة تتعلق بالممكنات والعلم يتعلق بالممكنات والممتنعات ( فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية ) معنى ( كمال تعلق الإرادة وفضلها ) لكونها سابقة على تعلق القدرة وشرطها لحصولها .
قال رضي الله عنه : ( وزيادتها ) أي زيادة تعلق الإرادة ( على تعلق القدرة ) فإن الإرادة والقدرة تتعلقان بإيجاد المعدوم الممكن وإعدامه والإرادة تتعلق بعدم ممكن الوجود في نفسه فكان ممتنع الوجود بإرادة اللّه ولا يقال ممتنع بقدرة اللّه بل يقال ممتنع بإرادة اللّه كالغفران للمشركين الذين ماتوا وهم كفار فإنه ممكن في ذاته لأن العفو مستحسن لكل مجرم وعدم غفران الشرك مقتضى الوعيد.
قال رضي الله عنه : ( وكذلك السمع الإلهي والبصر وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض ) علم ذلك التفاضل من علم المراتب الأسماء الإلهية وحقائقها .
قال رضي الله عنه : ( كذلك ) أي كتفاضل الأسماء ( تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) فالتفاضل في الأسماء الإلهية والخلق بحسب التعينات لا بحسب الأحدية ( وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته ) من التنعيت ( بها كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به ) أي حصل في المفضول عليه أهلية كل مفضول به.
لاندراج الهوية الإلهية في المفضول عليه التي يستند جميع الكمالات الصادرة من المظاهر الخلقية إليها فزيد من حيث تضمنه الهوية الإنسانية فيه أهلية لجميع الكمالات الموجودة في إفراد تلك الحقيقة لأن الكمالات الظاهرة في إفراد كل نوع مودعة في شأن ذلك النوع .
وباعتبار ذلك كل فرد من ذلك النوع فيه أهلية كل ما كان في جميع أفراد ذلك النوع من الكمال وهو معنى قوله ( فكل جزء من العالم مجموع العالم أي هو قابل بحقائق متفرقات العالم كله ) لأن معناه أنه تكون تلك الأهلية ظاهرة بالفعل في كل جزء ( فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم ) يعني أن الاختلاف في الأحكام لا يقدح الاتحاد في الهوية ( ويكون ) الحق ( في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ) هذا إذا أسند العلم والكمال إلى الحق.
أي نظر إلى جهة إسناد الكمالات الظاهرة من المظاهر الخلقية إلى الحق فكان علمه الظاهر في صورة عمرو أكمل وأتم منه في علمه الظاهر في صورة زيد .
فكانت الذات الواحدة في حد نفسها بالوحدة الحقيقة فاضلا ومفضولا على نفسه باعتبار المظاهر وأما من حيث ذاته فلا فاضل ولا مفضول .
كما أن الحقيقة الإنسانية واحدة لذاتها كثيرة بحسب الأشخاص وكثرتها مودعة في شأن تلك الحقيقة .
فالواحد والوحدة والكثير والكثرة والأشخاص هي تلك الحقيقة التي تظهر في مراتبها بأحكامها ( كما تفاضلت الأسماء الإلهية و ) الحال أن الأسماء الإلهية ( ليست غير الحق ) من وجه فتفاضلها تفاضل الحق من حيث كونه مسمى بها موصوفا بحقائقها فإذا كان الحق متفاضلا على نفسه بتفاضل الأسماء.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة. وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين. وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به. فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
النص واضح و الشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
قال رضي الله عنه : (ومعناه معنى نقص تعلَّق الإرادة عن تعلَّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية وكمال تعلَّق الإرادة وفضلها أو زيادتها على تعلَّق القدرة ، وكذا السمع الإلهي والبصر وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض ، كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال : هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ، وكما أنّ كل اسم إلهي إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهلية كلّ ما فوضل به فكل جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلَّه ، فلا يقدح قولنا : « إنّ زيدا دون عمرو في العلم » أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو ، ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق ،)
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحياة للحيوان وفيه عرفا عامّا ، وهي سارية في الحيوان والجماد والنبات وغيرهم عرفا خاصّا بالمحقّقين ، فإنّ الله كشف عن وجه هذا السرّ لهم ، وحجب عنه البعض وهم عامّة أهل الحجاب وقد مرّ مرارا فتذكَّر ، فإذا ارتفع الحجاب - وهو عقلك القابل - وكشف الغطاء - وهو وهمك الحائل - عمّت المعرفة ، فعرفته وعرفه كل أحد كذلك .
باقي النص واضح .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
قال رضي الله عنه : (ومعناه معنى نقض تعلق الإرادة عن تعلق العلم ) فإن العلم والتعلق بالشيء متحكم على الإرادة ، والإرادة متحكمة على القدرة دون العكس ، ألا ترى أن العلم ما لم يعين الإرادة لم تتعلق بالشيء ، والإرادة ما لم تخصص القدرة وتحكم عليها بالتعيين لم تتعلق ، ولا حكم للقدرة والإرادة على العلم ، ويستتبع العلم للإرادة والإرادة للقدرة دون العكس ( فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية ) فإن العلم أكمل من الإرادة ، فمن تجلى الله له بصفة العلم حتى انكشف له العلم اللدني كان أكمل ممن تحقق بإرادة الله لفناء إرادته في إرادة الحق ، فحصل له مقام الرضا .
قال رضي الله عنه : ( وكمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة ، وكذلك السمع الإلهي والبصر وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض ، كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها )
لأنك ما قدمته إلا لعمومه وشرفه فيتلوه تابعه كالرحمن بالنسبة إلى الرحيم
( كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به ) أي قوة قبوله ( فكل جزء من العالم مجموع العالم : أي هو قابل لحقائق منفردات ) وفي نسخة متفرقات
"" أضاف بالى زادة : (أهلية كل ما فوضل به ) أي حصل في المفضول عليه أهلية كل مفضول به لاندراج الهوية الإلهية في المفضول عليه التي يستند جميع الكمالات الصادرة من المظاهر الخلقية إليها ، فزيد من حيث تضمنه هوية الإنسانية فيه أهلية لجميع الكمالات الموجودة في إفراد تلك الحقيقة لأن الكمالات الظاهرة في إفراد كل نوع مودعة في شأن ذلك النوع ، وباعتبار ذلك كل فرد منه فيه أهلية كل ما كان في جمع أفراده من الكمال. اهـ بالى زادة . ""
قال رضي الله عنه : ( العالم كله ، فلا يقدح قولنا : إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو ، وتكون في عمرو أكمل منه في زيد وأعلم ، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق ).
لما تحقق أن الحق تعالى هو عين الوجود المطلق ، وأن حياته وعلمه وسائر صفاته هي عين ذاته ، فحيث كان الوجود كانت الحياة وسائر الصفات ، إلا أن المظاهر كما ذكر متفاوتة في الصفاء والكدورة والجلاء وعدمه :
أي الاعتدال وعدمه ، فما كان أصفى وأجلى وأعدل ظهر فيها الحياة والإدراك فسمى حيوانا ، وما كان أكدر وأصدأ وأبعد عن الاعتدال ظهر فيه الوجود الذي هو أعم أنواع الرحمة الذاتية ، وبطن الحياة والعلم لعدم قبول المحل لظهور ذلك فلم يسم حيوانا عرفا بل جمادا أو نباتا ، وذلك لاحتجاب أهل الحجاب عن الحقائق وعدم نفوذ بصائرهم في البواطن .
وأما المحققون من أهل الكشف فهم الذين أطلعهم الله على الحقائق فلم يحتجبوا عن البواطن للطف بصائرهم فهم يعرفون أن الكل حيوان .
وكذلك في الآخرة عند كشف الغطاء عن أعين المحجوبين ورفع الستر عن أبصارهم عمت المعرفة ، وعرف الكل أن الكل حيوان لأنها دار الحيوان.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
قال رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم ، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية وكمال ) . بالجر عطف على ( تعلق الإرادة ) .
قال رضي الله عنه : ( وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة . وكذلك السمع والبصر الإلهي ، وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض . كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين . ) .
أي ، ومعنى تفاضل بعض الخلق على البعض ، كمعنى تفاضل بعض الصفات والأسماء على البعض ،
ونقص بعضها عن البعض بحسب الإحاطة والتعلق ، فإن ( العليم ) يتعلق بالمعلومات ، ولا شك أن الذات الإلهية وجميع أسمائه وصفاته وجميع الممتنعات والممكنات جواهرها وأعراضها داخلة في حيطته .
و ( المريد ) لا يتعلق إلا بالممكنات في الإيجاد ، أو في الإيجاد والإعدام إذا كانت الإرادة بمعنى المشيئة .
و ( القادر ) أيضا لا يتعلق إلا بالممكنات لإيجادها وإعدامها .
هذا إن قلنا : إن الأعيان لا يتعلق بها الجعل .
وإن قلنا بجعلها ، فالقدرة متعلقة بها أيضا وكذلك الإرادة ، فصح أن ( العليم ) أكثر حيطة وأرفع درجة من غيره من الأسماء .
وتفاضل الإرادة على القدرة من حيث إنها سابقة على القدرة وشرط لحصول تعلقها ، فظاهر ، وزيادة تعلق الإرادة على تعلق القدرة غير معلوم ،إذ كل ما يتعلق بها الإرادة ، يتعلق بها القدرة.
اللهم إلا أن يقال : إن الإرادة الإلهية قد يكون متعلقة بإيجاد شئ ، فيمحوها قبل الإيجاد ، أو يعدمه ، فيتعلق ثانيا بوجوده ، فيوجده بحكم : " يمحو الله ما يشاء ويثبت " .
فيكون الإرادة متعلقة بدون القدرة .
أو يؤخذ الإرادة مطلقا ، أعم من إرادة الحق والعبد ، والقدرة أيضا كذلك ، فيتعلق الإرادة بكثير من الأشياء مع عدم تعلق القدرة بها ، لمانع يمنع من ذلك ، فتصح زيادة تعلق الإرادة على القدرة . وأما في غير هذه الصور ، فغير معلوم .
فرحم الله لمن عرف مثالا لما يتعلق بها الإرادة دون القدرة وألحق بهذا المقام.
قال رضي الله عنه : ( وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به ، فكل جزء من العالم مجموع العالم ، أي ، هو قابل لحقائق متفرقات العالم كله . ) وفي نسخه : ( منفردات العالم ).
قال رضي الله عنه : ( فلا يقدح قولنا : إن زيدا دون عمر وفي العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو ويكون ) أي ، العلم .
( في عمرو أكمل منه ) أي ، من العلم في زيد . ( كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق . ) .
أي ، كما أن الأسماء الكلية إذا قدمتها ، صارت مسماة بجميع الأسماء التالية لها ومنعوته بكل توابعها في قولك : ( إن الله هو السميع العليم - إنه هو التواب الرحيم ) فهي متفاضلة ، ومع ذلك هوية الحق مع كل منها ، سواء كان اسما كليا متبوعا ، أو جزئيا تابعا .
وإذا كانت الهوية مندرجة في كل منها ، كان كل واحد منها مجمعا لجميع الأسماء ، كذلك المظاهر الخلقية ، وإن كان بعضها أفضل من البعض.
لكن المفضول فيه أهلية كل فاضل عليه ، لأن الهوية الإلهية مندرجة فيه ، فهو بحسب ذلك الاندراج مجمع لجميع الأسماء ، فخصائصها أيضا مندرجة فيه ، فله الأهلية لجميع الكمالات ، فكل جزء من العالم فيه مجموع ما في العالم ثم ، فسر
بقوله رضي الله عنه : ( أي ، هو قابل لحقائق متفرقات العالم ) أي ، قابل لظهور المعاني والخواص التي هي في العالم متفرقة ، دفعا لوهم من يتوهم أنه قائل بكون تلك الأهلية ظاهرة بالفعل في كل جزء من العالم . والباقي ظاهر .
وفي بعض النسخ : ( يكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ) . فمعناه : ويكون الحق من حيث الظهور في عمرو أكمل وأعلم من الحق في زيد .
.
يتبع
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
قال رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلّق الإرادة عن تعلّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصّفات الإلهيّة ؛ وكمال تعلّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلّق القدرة ، وكذلك السّمع الإلهيّ والبصر وجميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض ، كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال : هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين ).
قال رضي الله عنه : ( معناه ) في صفاته تعالى ( معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم ) ، فإن العلم متعلق بالواجب والممتنع والممكن موجودا أو معدوما ، والإرادة إنما تتعلق بالممكن ؛ لتخصيصه بالوجود أو العدم المتجدد أو المستمر ؛ ( فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية ) مع كونها ليست غير الذات باتفاق .
قال رضي الله عنه : ( وكمال ) عطف على نقص ( تعلق الإرادة ) بالنسبة إلى تعلق القدرة ؛ لتوقف تعلق القدرة على تعلق الإرادة ، ( وفضلها ) على تعلق القدرة ؛ لأن تعلق القدرة الإرادة في الأزل ، وتعلق القدرة عند الإيجاد المقدور ، ( وزيادتها على تعلق القدرة ) ؛ لأن الإرادة تتعلق بالعدم المستمر ليبقى الممكن فيه ، ولا تتعلق القدرة به لعدم كونه أثرا .
قال رضي الله عنه : ( وكذلك ) أي : مثل هذه الصفات في نسبة التفاضل ( السمع الإلهي والبصر ) ؛ لتعلق الأول بالأصوات والحروف ، وما يدل عليه بها من التمايز ، وتعلق الثاني بالمبصرات من الألوان والأضواء والمقادير والأشكال والحركات والسكون .
قال رضي الله عنه : ( وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض ) ، فالحياة متقدمة على العلم بدرجة ، وعلى الإرادة بدرجتين ، وعلى القدرة بثلاث درجات ، وعلى السمع والبصر من جزئيات العلم .
قال رضي الله عنه : ( كذلك ) أي : مثل التفاضل في الصفات الإلهية بعضها بالنسبة إلى بعض ( تفاضل ما ظهر في الخلق ) من كل صفة ( من أن يقال : هذا أعلم من هذا مع أحدية العين ) أي : عين العلم الظاهر فيهما ، وعين الإنسانية التي هي المظهر .
قال رضي الله عنه : (وكما أن كلّ اسم إلهيّ إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ، فكلّ جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلّه ؛ فلا يقدح قولنا إنّ زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هويّة الحقّ عين زيد وعمرو ، ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ ) .
ثم أشار إلى رؤية الكمّل كمال ظهور الحق في كل شيء ، إما بالفعل أو بالقوة مع رؤية أوليته وآخريته وظاهريته وباطنيته في الكل ؛ لأن المظاهر ، وإن كان بعضها قاصرا بالفعل فهو كامل بالقوة ، فقال : ( وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ) ،
كما تقول الحي هو القيوم ، والرحمن هو الرحيم ( ونعته بها ) ، كما تقول : هو الحي القيوم ، وهو الرحمن الرحيم مع أن حقيقته الاسمية ، إنما تقتضي التسمية به لا كونه مسمى ، وتقتضي كونه نعتا لا منعوتا ( كذلك ) أي : كما وقع في الأسماء خلاف مقتضى حقائقها وقع .
( فيما ظهر من الخلق فيه ) أي : في ظهور الحق من التفاضل ( أهلية كل ما فوضل به ) هذا الظهور بالنظر إلى الظهور في مظهر آخر ، فإن الظهور من حيث هو ظهور قابل للفاضلية ، وإن لم تكن حقيقة المظهر قابلة لظهور أكمل من الحاصل لها يجوز أن ينضم إلى هذه الحقيقة القابلة للمفضول الحقيقة القابلة للفاضل ، وذلك أن ( كل جزء من العالم مجموع العالم).
ولما أوهم ذلك أنه مجموع بالفعل أزال ذلك بقوله : ( أي : قابل ) الحقيقة ( لحقائق متفرقات العالم ) أي : فيه قوة اجتماعها إذ لا تزدحم الحقائق في محل واحد ( كله ) فيه إشارة إلى أن التقابل بين الحقيقتين لا يمنع من اجتماعهما بالجملة ؛ فلذلك يجتمعان في الذهن ، وإذا كان كل جزء من العالم مجموع أجزائه بالقوة ؛ ( فلا يقدح قولنا أن زيدا دون عمرو في العلم في أن تكون هوية الحق ) أي : ظهور نور وجوده ( عين زيد وعمرو ) .
فإن زيدا مثل عمرو بالقوة ، ( فيكون ) ظهور الحق في زيد بالقوة مثله ( في عمرو ) ، ولكنه يكون في عمرو بالفعل ( كما تفاضلت الأسماء الإلهية ) ، وهي متساوية من حيث إنها ليست غير الحق ؛ فلذلك يصح أن يتقدم كل اسم ، فيتسمى بالأسماء الباقية وينعت بها .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
التفاضل في الأسماء
قال رضي الله عنه : ( و ) هذا التفاضل ( معناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلَّق العلم )
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أنّ العلم له التقدّم الاحاطي والتحكَّم الشمولي على الإرادة . كما أنّ الإرادة لها التقدّم الإحاطي على القدرة ، فإنّ العلم عندهم عبارة عن تعلَّق الذات بنفسها وبجميع الحقائق على ما هي عليه .
ثمّ ذلك التعلَّق إن اعتبر على الممكنات خاصة بتخصّصها بأحد الجائزين مطلقا يسمّى إرادة ، كما أنّه إن اعتبر اختصاصه بإيجاد الكون يسمّى بالقدرة.
قال رضي الله عنه : (فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية ) ومرجعها ترتّب نسبة بعضها إلى بعض بالكمال والنقص ، وهو نقص تعلَّق الإرادة عن تعلَّق العلم (وكمال تعلَّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلَّق القدرة) هذا فيما ظهر فيه نسبة الكمال والنقص من الأسماء المترتبة .
قال رضي الله عنه : ( وكذلك السمع الإلهي والبصر ) الإلهي ، فيما الظاهر فيه التقابل في حيطة الترتّب المذكور ، فإنّه داخل تحت حكم التفاضل المذكور ، كما للسمع هاهنا بالنسبة إلى البصر ، وفي عبارة المتن إشعار بذلك .
قال رضي الله عنه : ( و ) كذلك ( جميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض ) في الحيطة والتقدّم .
وإن ظهر ذلك في بعض منها ، واختفى في بعض ( كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق ) في اتّصافه بالأوصاف الكمالية ( من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين ) فإنّ الموافقة والمطابقة بين الظاهر والمظهر ، يعني الأسماء والأعيان واجبة التحقّق .
هذا إن قلنا بالمغايرة بين الظاهر والمظهر ، وإن أجملنا القول في ذلك ، فالتفاضل بين الأشخاص عين التفاضل الأسمائي. الفتوحات ج 2 / 61 .
""أضاف الجامع : خير مثال على التفريق بين الظاهر والمظهر ما قاله الجيلي في الثلج والماء."
وما الخلق في التمثال الا كثلجة .... وأنت لها الماء الذي هو نابع
فالظاهر: الماء والمظهر: الثلجة
- فالظاهر، هو عين المظهر كما أن الماء هو عين الثلجة.
- والمظهر ليس على التحقيق غير الظاهر كما أن الثلجة ليست على التحقيق غير الماء. ""
قال الشيخ في الفتوحات الباب الثالث والسبعون في معرفة عدد ما يحصل من الأسرار :
واعلم أنه من شم رائحة من العلم بالله لم يقل لم فعل كذا وما فعل كذا ؟! وكيف يقول العالم بالله لم فعل كذا ؟
وهو يعلم أنه السبب الذي اقتضى كل ما ظهر وما لم يظهر وما قدم وما أخر وما رتب لذاته
فهو عين السبب .
فلا يوجد لعلة سواه ولا يعدم سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا فمشيئته عرش ذاته.
كذا قال أبو طالب المكي : إن عقلت فإن فتح لك في علم نسب الأسماء الإلهية التي ظهرت بظهور المظاهر الإلهية في أعيان الممكنات فتنوعت وتجنست وتشخصت "قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وكُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وتَسْبِيحَهُ ".
فسبب ظهور كل حكم في عينه اسمه الإلهي وليست أسماؤه سوى نسب ذاتية فاعقل.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
وقال الشيخ في الفتوحات الباب الثالث والسبعون عن الوجوب على الله هل هو من حيث مظاهره أو لمظاهره :
فهل هذا كله من حيث مظاهره أو هو وجوب ذاتي لمظاهره من حيث هي مظاهر لا من حيث الأعيان .
فإن كان للمظاهر فما أوجب على نفسه إلا لنفسه فلا يدخل تحت حد الواجب ما هو وجوب على هذه الصفة .
فإن الشيء لا يذم نفسه وإن كان للاعيان القابلة أن تكون مظاهر كان وجوبه لغيره .
إذ الأعيان غيره والمظاهر هويته .....
وبقيت الرحمة في حقه مطلقة ينتظرها من عين المنة التي منها كان وجوده.
أي منها كان مظهرا للحق لتتميز عينه في حال اتصافها بالعدم عن العدم المطلق الذي لا عين فيه.
ألا ترى إبليس كيف قال لسهل في هذا الفصل : يا سهل التقييد صفتك لا صفته فلم ينحجب بتقييد الجهالة والتقوى عما يستحقه من الإطلاق فلا وجوب عليه مطلقا أصلا فمهما رأيت الوجوب فاعلم إن التقييد يصحبه. أهـ. ""
وفي عبارة المتن ما يشعر بهذا الإجمال ، حيث قال : « معناه معنى نقص تعلَّق الإرادة عن تعلَّق العلم » بتكرار « المعنى » كما لا يخفى على الفطن.
تضمن كل اسم على سائر الأسماء وسريان هذا الحكم في المظاهر
قال رضي الله عنه : ( وكما أنّ كل اسم إلهي إذا قدّمته ) - ذكرا كان أو اعتبارا .
قال رضي الله عنه : ( سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق ، فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ) إذ كل شيء وإن ظهر فيه اسم لكن لا بدّ من تضمّنه للكلّ واختفائه فيه ، وهو المراد بالأهليّة ، إذ أهل الشيء إنما يقال لمن جمعه وإيّاه ذلك من دين ونسب أو صناعة وبلد وما يجري مجراه . فالأهليّة للشيء هو جمعيّته له ، ولا شكّ في جمعيّة كلّ شيء لسائر الأشياء ،
كما قال الشيخ :
كل شيء فيه معنى كل شيء .... فتفطَّن واصرف الذهن إليّ
كثرة لا تتناهى عددا ..... قد طوتها وحدة الواحد طيّ
اشتمال كل جزء على المجموع
قال رضي الله عنه : ( فكل جزء من العالم مجموع العالم - أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كله ) ، فإنّك قد لوّحت أن العالم هو العالم نفسه - بفتح لام التفصيل - وكلّ جزء من العالم عالم حيّ ناطق ، ولذلك تراه قد جمع جمع السلامة التي لذوي العقول الناطقة في قوله تعالى : “ الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ “ [ 1 / 2 ] .
والذي يقضى منه العجب حال هؤلاء الذين ادّعوا : « أنّا نحن نحكم بالظاهر » وهم مضطرّون في ظواهر أمثال هذه الألفاظ المفصحة عن الحقائق إلى التأويلات البعيدة ، تطبيقا لما تواطئوا عليه من العقائد التقليديّة ، وهذا
من الحكم البالغة للحكيم العليم ، ونعمه السابغة على المسترشدين ، أنّه جعل فعلهم ينادي على تكذيبهم فيما أدعوه أنّ الظاهر لهم .
ولله درّ " ابن الفارض" من قال:
ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى .... ولكنما الأهواء عمّت ، فأعمت
قال رضي الله عنه : ( فلا يقدح قولنا : « إنّ زيدا دون عمرو في العلم » أن تكون هويّة الحق عين زيد وعمرو ، ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ ).
وبيّن أن النفي إنّما يتوجه إليه باعتبار النسب وإضافتها إليه ،ولذلك فيه قال : " عن كذا " إشعارا به . وذلك ظاهر في كلّ ما يدلّ على النفي.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي. وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض. كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق. ).
قال رضي الله عنه : (ومعناه معنى نقص تعلّق الإرادة عن تعلّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصّفات).
( ومعناه ) ، أي معنى تفاضل الخلق في العلوم مثل ( معنى ) تفاضل صفات الحق في النقص والكمال مثل ( نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم ) ، فإنه ليس كل ما يتعلق به العلم تتعلق به الإرادة ، ( فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية .)
قال رضي الله عنه : (الإلهيّة ؛ وكمال تعلّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلّق القدرة . وكذلك السّمع الإلهيّ والبصر وجميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض . كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . وكما أن كلّ اسم إلهيّ إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ، فكلّ جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلّه ؛ فلا يقدح قولنا إنّ زيدا دون عمرو في العلم أن)
قال رضي الله عنه : (وكمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة ) ، فإن الإرادة قد تتعلق بإبقاء شيء على عدميته الأصلية ولا احتياج فيه إلى القدرة فإن القدرة إنما تتعلق بإيجاد شيء أو إعدامه بعد الوجود لا إبقائه على العدم الأصلي .
فإن قلت : يكفي في تخصيص الممكن بالعدم عدم إرادة الوجود ولا احتياج فيه إلى إرادة العدم فلا تتعلق بعدم الممكن الإرادة أيضا كالقدرة .
قلت : الإرادة عندهم في الجناب الإلهي عبارة عن معنى تخصيص الممكن بأحد الجائزين لا الانبعاث الذي يكون فينا قبلا .
يبعد أن يقال : عدم إرادة الوجود هو إرادة العدم ، فإن عدم تلك الإرادة تخصص الممكن بأحد الجائزين الذي هو عدمه ( وكذلك السمع الإلهي والبصر ) بينهما تفاضل فإن البصر له فضل على السمع لقوة الانكشاف في البصر وعدمها في السمع .
قال رضي الله عنه : ( وكذلك الأسماء الإلهية على درجات ) متفاوتة ( في تفاضل بعضها على بعض ) ولما كان المقصود من بيان التفاضل بين الصفات بيان التفاضل في الخلق ذكره ثانيا كالنتيجة .
فقال رضي الله عنه : ( كذلك ) ، أي مثل تفاضل الصفات ( تفاضل ما ظهر في الخلق ) من الصفات حال كون ذلك التفاضل ظاهرا
فقال رضي الله عنه : ( من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين . فكما أن كل اسم إلهي ) لمكان اشتماله على الذات وصفة ما ( إذا قدمته سميته ) لاشتماله على الذات ( بجميع الأسماء ونعته بها ) من غير تفاوت بين الأسماء المتبوعة والتابعة نفى كل اسم أهلية الاتصاف بكل اسم.
فقال رضي الله عنه : ( كذلك الأمر فيما يظهر ) الحق أو الاسم الإلهي فيه ( من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به ) ، أي كل صفة فوضل بها ذلك المظهر بأن يفضل عليه بعض المظاهر الأخر لاشتمال ذلك البعض عليها دون ذلك المظهر ، ولا يخفى عليها دون ذلك المظهر.
ولا يخفى أن هذه الأهلية إنما هي باعتبار اشتمال الكل على الهوية السارية الصالحة لإنشاء الصفات منها وإن كانت تختلف بحسب القوابل لا باعتبار خصوصيات المظاهر ، لكن بالنظر إلى إدراك الكل فإنهم يدركون الصفات الكمالية كالحياة والعلم وغيرهما من جميع الموجودات وإن خفيت من أكثر الناس .
فقال رضي الله عنه : ( فكل جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرقات العالم ) ، أي حقائق الصفات المتفرقة في أجزاء العالم ( كله ) فكل جزء منه لكمال اشتماله على الهوية قابل لكل صفة وإن لم تظهر منه لخصوصية تعينه ، أو هو موصوف بما توصف به الأجزاء الأخر . لكن هذا الاتصاف لا يظهر إلا للبعض كما قلنا وإذا كان حال المظاهر الخلقية مع الهوية السارية كحال الأسماء مع الذات .
فقال رضي الله عنه : ( فلا يقدح قولنا ) في بيان المفاضلة بين المظاهر ( إن زيدا دون عمرو في العلم في أن).
قال رضي الله عنه : (تكون هويّة الحقّ عين زيد وعمرو ، ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ .)
قال رضي الله عنه : ( إن زيدا دون عمرو في العلم في أن يكون هوية الحق عين زيد وعمرو ويكون ) العلم ( في عمرو أكمل منه في زيد ) ، وإذا لم يقدح فيه ، تفاضلت المظاهر وهي ليست غير الهوية السارية .
( كما تفاضلت ) الأسماء الإلهية ( و ) هي ( ليست غير ) ذات ( الحق ).
.
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره. فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
قال رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التّعلّق من حيث ما هو مريد وقادر ، وهو هو ليس غيره . فلا تعلمه يا وليّي هنا وتجهله هنا وتثبته هنا وتنفيه هنا . إلّا أن أثبّته بالوجه الّذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الّذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنّفي والإثبات في حقّه . حين قال :"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " فنفى "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"[ الشورى : 11 ] فأثبت بصفة تعمّ كلّ سامع بصير من حيوان . وما ثمّ إلّا حيوان إلّا أنّه بطن في الدّنيا عن إدراك بعض النّاس ، وظهر في الآخرة لكلّ النّاس ، فإنّها الدّار الحيوان ، وكذلك الدّنيا إلّا أنّ حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم . فمن عمّ إدراكه كان الحقّ فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم . فلا تحجب بالتّفاضل وتقول لا يصحّ كلام من يقول إنّ الخلق هويّة الحقّ بعدما أريتك التّفاضل في الأسماء الإلهيّة الّتي لا تشكّ أنت أنّها هي الحقّ ومدلولها المسمّى بها وليس إلّا اللّه تعالى.)
قال رضي الله عنه : (فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق ) بالواجبات والممكنات والمستحيلات (من حيث ما هو مريد) تتعلق إرادته بالممكنات فقط ومن حيث ما هو قادر تتعلق قدرته بما يريد وجوده من الممكنات دون ما يريد عدمه منها كما مر .
(و) مع ذلك (هو هو) سبحانه وتعالى (ليس) معه غيره في الوجود المطلق أصلا والكل مراتب ظهوراته وتقادير تجلياته فلا تعلمه هنا ، أي في هذا الظهور يا وليي ، أي صديقي وتجهله هنا ، أي في هذا الظهور الآخر وتثبته ، أي تقر به تعالى هنا ، أي في هذا الظهور الفلاني وتنفيه هنا ، أي في ظهور آخر غيره إلا أن أثبته سبحانه في هذا الظهور الخاص بالوجه الذي أثبت سبحانه نفسه به ونفيته عن كذا أي ظهور آخر بالوجه الذي نفى فيه نفسه تعالى كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه سبحانه حين قال الشيخ رضي الله عنه : لَيْسَ كَمِثْلِهِ سبحانه شيء وهو أنكر النكرات وقد وقع في سياق النفي فيعم المعقول والمحسوس والموهوم فنفى سبحانه المشابهة بينه وبين كل شيء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11] .
فأثبت تعالى المشابهة له بصفة هي السمع والبصر تعم تلك الصفة (كل سامع بصير من حيوان) ، أي جسم نوراني أو ناري أو ترابي حساس متحرك بإرادته (وما ثم) ، أي
هناك في الوجود من محسوس ومعقول وموهوم (إلا حيوان إلا أنه) ، أي هذا الأمر بطن ، أي اختفى في الدنيا عن إدراك بعض الناس وهم المحجوبون دون العارفين وظهر في الآخرة لكل الناس فإنها ، أي الآخرة الدار الحيوان كما قال تعالى :وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ[ العنكبوت : 64 ] .
قال رضي الله عنه : (وكذلك) الحكم (في الدنيا) هي الحيوان أيضا بجميع ما فيها إلا أن حياتها ، أي الدنيا (مستورة عن بعض العباد) من أهل الغفلات واللهو (ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه) تعالى المحجوبين والعارفين بما يدركونه من حقائق العالم . فمن عم إدراكه فرأى في الدنيا كل شيء حيوان ينطق بتسبيح اللّه تعالى.
كما قال سبحانه :الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ[ فصلت : 21 ] ،
وقال :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[ الإسراء : 44 ] .
كان الحق تعالى أظهر في الحكم الإلهي لا في الذات ممن ليس له ذلك العموم في رؤية كل شيء حيوان فلا تحجب يا أيها السالك بالتفاضل الواقع في العالم بين الأشخاص الإنسانية وغيرها وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق ،
أي المخلوقات كلها عين هوية الحق تعالى بصفة القيومية عليها من حيث الوجود الظاهر بكل مرتبة كونية وصورة إمكانية صدرت عنه بطريق الحكم الإلهي والأمر الرباني المعبر عنه بكن فيكون بعدما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها ،
أي تلك الأسماء هي الحق تعالى لأن الاسم عين المسمى من حيث المراد به وهي مدلولها ،
أي ما دلت عليه المسمى ذلك المدلول بها ،
أي بتلك الأسماء وليس في نفس الأمر ذلك المدلول مع الأسماء إلا اللّه تعالى ، فإنه هو الأسماء والمسمى .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره. فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث هو مريد وقادر وهو ) أي الحق ( هو ) عين العالم والمريد والقادر ( ليس غيره ) .
لأن الأسماء الإلهية متحدة في الهوية الإلهية فكان الحق ظاهرا في كل مقام ومظهرا كاملا أو ناقصا فإذا كان الأمر كذلك .
قال رضي الله عنه : ( فلا تعلمه يا ولي ) أي فلا تعلم الحق يا صاحبي ( هنا ) أي في مقام لعلوّ شأنه وشرفه ( و ) لا ( تجهله هنا ) أي لا تجهل الحق في مقام لدناءته وخساسته بل تعلمه في كل مقام شريفا كان أو حقيرا .
قال رضي الله عنه : ( و ) لا ( تنفيه هنا ) أي في مقام نظرا إلى نقصه ( و ) لا ( تثبته هنا ) نظرا إلى شرفه وزيادته بل اعلم الحق في كل مظهر ومقام عظيم أو حقير وأثبته كذلك لتكون عالما بالأسماء على ما هي عليه ( إلا أن أثبته ) أي إلا أن أثبت الحق ( بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه ) فحينئذ المثبت والنافي الحق لا أنت وحينئذ أنت عبد محض تابع لحكم الحق في الحكم بالنفي والإثبات وحكم الحق على نفسه بالنفي والإثبات.
قال رضي الله عنه : ( كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه تعالى حين قال : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ" فنفى "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان . وما ثمة ) أي وما في العالم
( إلا حيوان إلا أنه ) أي لكنه ( بطن ) الحيوان ( في الدنيا عن إدراك بعض الناس ) وهم محجوبون فيسمون بعض الأشياء جمادا والبعض الآخر حيوانا .
قال رضي الله عنه : ( وظهر في الآخرة لكل الناس فإنها دار الحيوان وكذلك الدنيا ) كلها حيوان ( إلا أن حياتها ) أي حياة الدنيا .
قال رضي الله عنه : ( مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم ) .
فيتفاضل من عم إدراكه على من لم يعم فإذا كان الأمر على ما بيناه ( فلا تحجب ) على المبني للمفعول أي لا تكن محجوبا ( بالتفاضل وتقول ) أي والحال أنك قائلا ( لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ) يتعلق بلا تحجب .
قال رضي الله عنه : ( ما ) له ( إراءتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت في أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها ليس إلا اللّه تعالى) فلا منافاة بين التفاضل واتحاد العلمين في الهوية .
ثم رجع إلى بيان حكمة تقديم سليمان عليه السلام اسم اللّه على اسمه فقال :
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره. فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
قال رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره. فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم. فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم. فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
النص واضح و لا يحتاج إلى زيادة شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره. فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
قال رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التعلَّق من حيث هو مريد وقادر ، وهو هو ليس غيره ، فلا تعلَّمه يا وليّي هنا وتجهله هنا ، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلَّا أن تثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه ، كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال :
( لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) فأثبت بصفة تعمّ كلّ سامع وبصير من حيوان وما ثمّ إلَّا حيوان إلَّا أنّه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ، وظهر في الآخرة لكل الناس ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحياة للحيوان وفيه عرفا عامّا ، وهي سارية في الحيوان والجماد والنبات وغيرهم عرفا خاصّا بالمحقّقين ، فإنّ الله كشف عن وجه هذا السرّ لهم ، وحجب عنه البعض وهم عامّة أهل الحجاب وقد مرّ مرارا فتذكَّر ، فإذا ارتفع الحجاب - وهو عقلك القابل - وكشف الغطاء - وهو وهمك الحائل - عمّت المعرفة ، فعرفته وعرفه كل أحد كذلك .
قال رضي الله عنه : ( فإنّها الدار الحيوان ) يعني الآخرة ، وأنّ كلّ من فيها حيوان حقيقة مبالغة .
قال رضي الله عنه : ( وكذلك الدنيا إلَّا أنّ حياتها مستورة عن بعض العباد ، ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله وما يدركونه من حقائق العالم ، فمن عمّ إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم ، فلا تحجب بالتفاضل
وتقول : لا يصحّ كلام من يقول : إنّ الخلق هوية الحق ، بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشكّ أنت أنّها هي الحق ومدلولها المسمّى بها وليس إلَّا الله تعالى . )
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره. فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
قال رضي الله عنه : (فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث هو مريد قادر ، وهو هو ليس غيره ، فلا تعلمه يا وليي هنا وتجهله هنا وتنفيه هنا وتثبته هنا إلا أن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ " فنفى " وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ، وظهر في الآخرة لكل الناس ، فإنها الدار الحيوان )
لما تحقق أن الحق تعالى هو عين الوجود المطلق ، وأن حياته وعلمه وسائر صفاته هي عين ذاته ، فحيث كان الوجود كانت الحياة وسائر الصفات ، إلا أن المظاهر كما ذكر متفاوتة في الصفاء والكدورة والجلاء وعدمه :
أي الاعتدال وعدمه ، فما كان أصفى وأجلى وأعدل ظهر فيها الحياة والإدراك فسمى حيوانا ، وما كان أكدر وأصدأ وأبعد عن الاعتدال ظهر فيه الوجود الذي هو أعم أنواع الرحمة الذاتية ، وبطن الحياة والعلم لعدم قبول المحل لظهور ذلك فلم يسم حيوانا عرفا بل جمادا أو نباتا ، وذلك لاحتجاب أهل الحجاب عن الحقائق وعدم نفوذ بصائرهم في البواطن .
وأما المحققون من أهل الكشف فهم الذين أطلعهم الله على الحقائق فلم يحتجبوا عن البواطن للطف بصائرهم فهم يعرفون أن الكل حيوان .
وكذلك في الآخرة عند كشف الغطاء عن أعين المحجوبين ورفع الستر عن أبصارهم عمت المعرفة ، وعرف الكل أن الكل حيوان لأنها دار الحيوان.
قال رضي الله عنه : ( وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم ، فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم ، فلا تحتجب بالتفاضل وتقول : لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق ، بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله "تعالى")
فلا تحتجب : نهى ، وتقول : حال على أنها جملة اسمية ، أي وأنت تقول
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره. فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
قال رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو ( عالم ) أعم في التعلق من حيث ما هو ( مريد ) و ( قادر ) وهو هو ليس غيره ) ، ظاهر مما مر .
قال رضي الله عنه : ( فلا تعلمه يا وليي ) بالإضافة إلى ياء المتكلم . ( هنا وتجهله هنا وتنفيه هنا وتثبته هنا ) أي ، فلا تعلم الحق في مظهر وتجهله في مظهر ، أو تنفيه في مظهر وتثبته في مظهر ، بل شاهد الحق في كل المظاهر لتكون مؤمنا به في كل المقامات ، عالما به في كل المواطن ، متأدبا معه في كل الحالات ، فيتجلى لك من كلها ، ويرحمك ويرزقك من صفاته ، فيغفر لك ويثني عليك بألسنتها ويحمدك ، فتكون وليا حميدا لا شيطانا مريدا .
قال رضي الله عنه : ( إلا أن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه ، كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال : "ليس كمثله شيء" . فنفى ، "وهو السميع البصير" فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان . ) .
أي ، إلا أن أثبت الحق كما أثبت نفسه ، ونفيت عنه كما نفى عن نفسه ، فحينئذ لا يكون المثبت
والنافي إلا الحق ، لا أنت ، فتكون عبدا متأدبا مع الحق . والباقي ظاهر .
قال رضي الله عنه : ( وما ثم إلا حيوان ، إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس ، وظهر في الآخرة لكل الناس ، فإنها الدار الحيوان . وكذلك الدنيا ، إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم ) .
واعلم ، أن سريان الهوية الإلهية في الموجودات كلها أوجب سريان جميع الصفات الإلهية فيها ، من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها ، كليها وجزئيها ، لكن ظهر في بعضها بكل ذلك ، كالكمل والأقطاب ، ولم يظهر في البعض ، فظن المحجوب أنها معدومة في البعض ، فسمى البعض حيوانا والبعض جمادا .
فالشيخ رضي الله عنه نبه أن الكل حيوان ، ما ثم من لا حيوة له .
ثم نبه بقوله : ( إلا أنه بطن عن إدراك بعض الناس ) على أن كونه حيوانا .
ليس باطنا في نفس ذلك الشئ حتى تكون له الحياة بالقوة لا بالفعل ، كباقي الصفات ، بل هو
حيوان بالفعل ، وإن كان باقي صفاته بالقوة وظهر في الآخرة كونه حيوانا لكل الناس ، فإنها الدار الحيوان .
لذلك تشهد الجوارح بأفعال العبد في الآخرة . وكذلك الدنيا حيوان وحياتها ظاهرة ، لكن للكمل .
كما قال أمير المؤمنين ، كرم الله وجهه : ( كنا في سفر مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، ما استقبلنا حجر ولا شجر إلا سلم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ) .
فظهر بإدراك الحقائق ولوازمها وصفاتها الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله .
قال رضي الله عنه : ( فمن عم إدراكه ، كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم).
لأن الظهور بالعلم ، وهو النور الإلهي الذي به تظهر الأشياء ، ولولاه ، لكانت في ظلمة العدم وخفائه .
قال رضي الله عنه : ( فلا تحجب ) على صيغة المبنى للمفعول . و ( لا ) للنهي . ( بالتفاضل وتقول ) أي ، والحال إنك قائل . ( لا يصح كلام من يقول إن الخلق ) أي ، مهيتة الخلق ، هي عين .
قال رضي الله عنه : ( هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها ليس إلا الله تعالى ) .
أي ، لا تكن محجوبا ولا تقل : إن هوية الخلق مغائرة لهوية الحق لاتحادها وتكثر هويتهم
ووقوع التفاضل فيهم . لأنا بينا لك أن الأسماء الإلهية متفاضلة ، وبعضها أتم حيطة من البعض ، وأنها متكثرة مع أحدية عين الحق ، وليس مدلولها ومسماها إلا الله الواحد الأحد .
ولما فرع من تقرير المفاضلة بين الأسماء ومظاهرها ، رجع إلى المقصود من الفص.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 15:30 عدل 1 مرات
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره. فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى).
قال رضي الله عنه : (فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التّعلّق من حيث ما هو مريد وقادر ، وهو هو ليس غيره ؛ فلا تعلمه يا وليّي هنا وتجهله هنا وتثبته هنا وتنفيه هنا ، إلّا أن أثبّته بالوجه الّذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الّذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنّفي والإثبات في حقّه ، حين قال :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ،فنفىوَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11 ] .
فأثبت بصفة تعمّ كلّ سامع بصير من حيوان ، وما ثمّ إلّا حيوان إلّا أنّه بطن في الدّنيا عن إدراك بعض النّاس ، وظهر في الآخرة لكلّ النّاس ، فإنّها الدّار الحيوان . وكذلك الدّنيا إلّا أنّ حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم ، فمن عمّ إدراكه كان الحقّ فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم ، فلا تحجب بالتّفاضل وتقول لا يصحّ كلام من يقول إنّ الخلق هويّة الحقّ بعد ما أريتك التّفاضل في الأسماء الإلهيّة الّتي لا تشكّ أنت أنّها هي الحقّ ومدلولها المسمّى بها وليس إلّا اللّه "تعالى" ،).
قال رضي الله عنه : ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر ) ، والحال أن كل اسم من هذه الأسماء
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله