اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

13042020

مُساهمة 

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي Empty السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي




السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفص المحمدي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى :-                                              الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
إنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.
ولما كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه».
فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم.
فإنما حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.
و لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟
ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال  بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه.
فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل وامرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته.
فما وقع الحب إلا لمن تكون عنه، وقد كان حبه لمن تكون منه وهو الحق.
فلهذا قال «حبب» ولم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، ولذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.
فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله.
وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.
وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.
فمن أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا.
و كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه.
فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.
وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر.
ثم إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه.
فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.
وأما حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي.
وقد جعل الطيب- تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث.
فقال في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.
فتكرهه الملائكة بالذات، كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد و هي من الروائح الطيبة.
فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
و من كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه و سر بالباطل: و هو قوله «و الذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» *. فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء و ما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون:
فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه و هو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، و ليس الخبيث إلا ما يكره و لا الطيب إلا ما يحب.
والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.
وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث:
وكذلك بالعكس. وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».
وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.
ولما كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد.
فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.
ومن ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «و جعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له.
فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي.
ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده  بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم  الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.
وثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله، إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
وكان الفراغ منه في عاشر شهر جمادي الآخرة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة أحسن الله عاقبتها بمحمد وآله آمين.   
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
27 - نقش فص حكمة فردية في كلمة محمدية
معجزته القرآن . والجمعية إعجاز على أمر واحد لما هو الإنسان عليه من الحقائق المختلفة . كالقرآن بالآيات المختلفة بما هو كلام الله مطلقاً . وبما هو كلام الله . وحكاية الله . فمن كونه كلام الله مطلقاً هو معجز . وهو الجمعية .
وعلى هذا يكون جمعية الهمة : " وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ " [التكوير : 22] .
فما بخل بشيءٍ مما هو لكم ولا " بِضَنِينٍ " .
أي ما يتهم في أنه بخل بشيءٍ من الله هو لكم .
الخوف مع الضلال قال : " مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى " [النجم : 2] .
أي ما خاف في حيرته لأنه من علم أن الغاية في الحق هي الحيرة فقد اهتدى فهو صاحب هدىً وبيانٍ في إثبات الحيرة .
وصلى الله على على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم .
 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
27 - فك ختم الفص المحمدي
1 / 27   - لقد لقب شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالحكمة الكلية والحكمة الفردية ، ولكل واحد من اللقبين سر ستعرفه من هذه القاعدة المنبه على سر الكمال المحمدي ومحتده وسر جمعيته وختميته ونسبة حظوظ الأنبياء وآياتهم الى آياته و حظه من الحق ، وبهذه القاعدة اختم الكلام على ختوم هذه الفصوص ان شاء الله تعالى .
 
2 / 27 - فأقول : اعلم ان كل شيء فإنه مظهر من مظاهر الحق ، لكن من جهة حيثية مخصوصة واعتبار معين ، فيتعين للحق من حيث ذلك الاعتبار وتلك الحيثية بما يوجد بهما من الممكنات اسم من شأنه ان لا يستند ذلك الموجود الى الحق الا من حيث ذلك الاعتبار وتلك الحيثية ، وهكذا هو شأن كل موجود مع الحق ، غير ان الفرق بين الأنبياء والأكابر من اهل الله وغيرهم :
ان الأنبياء والأكابر مظاهر الأسماء الكلية التي نسبتها الى الأسماء التي يستند إليها بقية الموجودات وعموم الناس ، نسبة الأجناس والأنواع الى الاشخاص ، ثم كما انه بين الأجناس والأنواع تفاوت في الحكم والحيطة ، كذلك هو الامر في مقام المفاضلة بين الأنبياء والأولياء ، واليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة :
انه يجيء النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجلان ، والنبي ومعه الرجل الواحد ، والنبي وليس معه احد .
 
3 / 27 - والسر فيما أشرت اليه هو من أجل ان كل نبى وولى ما خلا نبينا صلى الله عليه وسلم والكمل من ورثته انما يستند الى الحق ويرتبط به من جهة حيثية معينة واعتبار مخصوص يسمى اسما من اسماء الحق ،
وذلك ان الحق من حيث اطلاق ذاته وصرافة وحدته ووحدة فيضه الذاتي لا يرتبط به شيء ولا يستند اليه موجود ما من الموجودات - كما سبقت الإشارة الى ذلك غير مرة - وقصارى الأكابر من اهل الله ان ينتهى ارتباطهم بالحق صعدا الى التعين الأول ، التالي للاحدية الذاتية الجامع للتعينات كلها المضافة الى الحق باعتبار وحدانيته من حيث انها مشرع الصفات والأسماء ، ويسميها بعضهم بأحكام الوجوب التي نتائج الحيثيات والاعتبارات .
 
4 / 27 - والمضافة ايضا الى مرتبة الإمكان من حيث احكام المعلومات الممكنة المعددة بتقيداتها الامكانية المتكثرة واستعداداتها المتفاوتة المختلفة للوجود الواحد الفائض من الحق بالوجود الذاتي المطلق الذي لا يتعين له موجب بتحققه احد من الأنبياء والأولياء الا الكمل منهم .

5 / 27 - وشأن نبينا صلى الله عليه وسلم والكمل من ورثته مع التعين الأول الذي قلت انه مشرع الصفات والأسماء مخالف لشأن غيرهم ، فان هذا التعين ليس هو غايتهم من كل وجه في معرفة الحق واستنادهم اليه ، بل هم متفردون بحال يخصهم لا يعرفه بعد الحق سواهم ولا يذكرونه لاحد الا لمن اطلعوا على ان ذلك الشخص لا بد له ان يصير إنسانا كاملا ، فينبهونه على هذا ومثله تربية له ، مع ان هذا ايضا انما يمكن وقوعه من كامل مكمل مقدر له تربية كامل مكمل على يديه وتربيته ، وهذا هو اكمل شئون الحق ، لكونه اكمل ما ظهر بإيجاده من أنشأه على صورة حضرته واستخلفه على خليقته ، فافهم .
 
6 / 27 - ثم أقول في إتمام ما التزمت كشف سره وبيانه : وقد أشرت فيما مر ان كل نبى هو مظهر اسم من اسماء الحق ، وان نبوته ورسالته انما يتعين ويستند الى الحق من حيثية ذلك الاسم .


7 / 27 - فاعلم ايضا ان آيات كل نبى ، متعددة كانت الآيات او واحدة ، فإنها عبارة عن احكام الحق الاسم الذي يستند اليه رسالته ونبوته ، وهذا سر من اطلعه الله عليه عرف سبب تفاوت درجات الأنبياء والأولياء ومراتبهم في الولاية والنبوة والرسالة ، وسر قوله تعالى : " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة / 253 ] .
وان تلك المفاضلة وان ثبتت على انحاء فليست من حيث نفس الرسالة ، كما قال : " لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ من رُسُلِه " [ البقرة / 285 ] .
 
في صحة استنادها الى الحق لوحدة الرسالة من حيث حقيقتها ، وانما التفاوت في مشرعها واستنادها الى اى صفة او اسم يستند من صفات الحق وأسمائه ، ولا خفاء في تفاوت مراتب الصفات والأسماء في سعة الحكم والحيطة والتعلق وقوة التأثير - كما أشرت اليه في غير ما موضع ونبهت على ان الخالق والبارئ والمصور والقابض والباسط وأمثالها كالسدنة للاسم القادر ، وتأثير القادر مع احاطته بما ذكرنا من الأسماء فإنه تابع للمريد كتبعية المريد للعالم.
 
8 / 27 - فمراتب الأسماء كما نبهت عليها متفاوتة ، فبعضها كالاجناس وبعضها كالانواع وبعضها كالاشخاص على نحو ما مر ومتى فهمت هذه  القاعدة واستحضرتها :
عرفت ان كل نبى اتى باية يختص بأصل من اصول العالم ، فان استناد نبوته الى الحق ثابت من حيثية الاسم الذي يستند اليه ذلك الأصل ، كاختصاص نوح عليه السلام في الماء وإبراهيم عليه السلام بعمارة الكعبة وبالنار وبشهود كيفية التركيب المطلق الكلى العنصري ، فإنه يفضل غيره بسعة الدائرة والحكم ، لقرب نسبته من حضرة الجمعية الاحاطية التي انفرد بها نبينا صلى الله عليه وسلم ، فالأقرب نسبة الى مقام جمعيته ، اعلا نبوة وأتم حيطة .
 
9 / 27  - وتدبر ايضا احكام نبوة موسى عليه السلام وآياته كالنار والعصا والشجر والماء والحجر الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وسر انتهاء آياته في العدد التسع التي هي منتهى بسائط الاعداد بخلاف هود عليه السلام ، الذي كانت آيته الريح فقط .
 
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:46 عدل 12 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

رجاء احمد يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 13 أبريل 2020 - 0:32 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الأولى الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
الفقرة الأولي:                                              الجزء الثاني
تابع الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ : 
10 / 27 - وانظر اختصاص نبينا صلى الله عليه وسلم بالكلام وبعموم رسالته وبعثته وبكونه جعلت له الأرض مسجدا وترابها طهورا وبانشقاق القمر وبكونه اوتى علم الأولين والآخرين وبالختمية ونحو ذلك ، واتصال حكم شريعته بالقيامة .
 
11 / 27 - واعلم انى لو شرعت في ايضاح هذه الاسرار لطال الكلام ، ولكن سأذكر نموذجا ترقى به بعد تأييد الله وتوفيقه الى الاطلاع على ما لم تعهده من ذوق احد من المتقدمين ولا لعمرى سطر في كتاب ، والحمد لله المنعم.
ولنبدأ بإذن الله بذكر سر آية نوح عليه السلام الذي هو اول المرسلين وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، ونختم عن ختم الله به نبوة التشريع ورسالته محمد صلى الله عليه وسلم .
 
12 / 27 -  فأقول اولا : قد اتفق المحققون من اهل الله ان اللبن و الماء والعسل والخمر مظاهر علوم الوهب ، وتأييد كشفهم واتفاقهم من حيث الظاهر بالاخبارات النبوية الصحيحة والآثار الثابتة الأسانيد المتكررة الذكر في السنن وفي تعبير الرؤيا وفي احاديث الحوض والاسرار وغير ذلك مع التجارب المتكررة المذكورة في الوقائع.
 
13 / 27 - وإذا تقرر هذا فاعلم : ان مبدأ حكم الله في خلقه وموجب ارتباطهم به ومشرع تعلقه بهم انما هو علمه الأزلي الذاتي المتعينة صور المعلومات فيه ازلا وابدا على وتيرة واحدة ، وانه السبب الأول في ايجاد ما أوجده الله ، وقضائه سبحانه وقدره تابعان لعلمه ، فتعلق علمه بالمعلومات ثابت بحسب ما يقتضيه حقائقها ، لان تعلق كل علم بكل معلوم تابع للمعلوم - كما سبقت الإشارة اليه غير مرة - ولما كانت المبدئية في الحكم على الخلق والتعلق بهم انما تثبت بالعلم وكان الماء مظهرا للعلم ، لزم من حيث كمال الحكمة الإلهية ان يكون اول آية المرسلين الآتى بصورة حكم الحق في خلقه بموجب علمه الماء . فهذا سر آية نوح عليه السلام .
 
14 / 27 - ولما كانت صفة الكلام صورة من صور العلم و نسبة من نسبه وحصة منه ، كيف قلت وهي « كن » وبها انفتح باب تأثير الحق في الخلق ، فظهرت الموجودات من العلم الى العين على اختلاف أجناسها وأنواعها واشخاصها واستمرار آثارها دنيا وآخرة كانت آية نبينا صلى الله عليه وسلم الكلام ، وكما عم حكم الكلام كل ما قدر الله تعالى وجوده من المعلومات في هذا العالم وحده بقوله للقلم الأعلى  : اكتب علمى في خلقى الى يوم القيامة ،
كذلك عم حكم شريعته جميع الخلق والشرائع واتصل بالاخرة ، بخلاف غيره من الأنبياء ، فان رسالاتهم وشرائعهم جزئية مقيدة متناهية الحكم ، ولعموم حكم شريعته جعلت الأرض كلها مسجدا له ولامته وترابها طهورا ، واندرجت في احكام رسالته رسالة من مضى من الرسل ومن بقي منهم كعيسى والياس عليهما السلام ،
وكذلك الامر في نبوته التي يدخل فيها الخضر عليه السلام ، هذا وان اختلف قوم محجوبون في الاعتراف بنبوة الخضر عليه السلام ، فان أكابر المحققين لا خلاف بينهم في ذلك .
 
15 / 27 - واما سر انشقاق القمر له وظهوره بصورة التصرف فيه فهو :
ان فلك القمر وان كان اصغر الأفلاك من حيث الجرم ، فإنه اجمعها من حيث الحكم ، لان فيه يجتمع قوى سائر السموات وتوجهات الملائكة ثم ينبث منه ويتوزع على هذا العالم واهله ، ولهذا كانت هذه السماء سماء الخلافة فظهر لأولي الأبصار حال اطلاعهم على سر انشقاق القمر سر جمعية نبينا صلى الله عليه وسلم وختميته ، لأنه لما كان آخر الرسل واجمعهم تصرف في آخر الأفلاك واجمعها للقوى والخواص العلوية وتصرف في هذا العالم واعطى مفاتيح خزائن الأرض والسماء - كما أخبر بذلك قبل موته بخمسة ايام - فزاد على كل من اعطى التصرف في شيء من هذا العالم على تعيين باطلاق التصرف دون غيره .
 
16 / 27  - وكمالاته الدالة على جمعيته كثيرة ، وأعظمها المستور في هذا العالم والمنكشف في الآخرة ، كما أشار اليه في حديث القيامة في فتحه باب الشفاعة وقوله ايضا : فأقوم عن يمين العرش عند ربى في مقام لا يقوم فيه احد من العالمين غيرى وقوله : انا سيد الناس يوم القيامة ، وذكره تفصيل ذلك .
 
17 / 27  - ومن المتفق عليه شرعا وعقلا وكشفا : ان كل كمال لم يحصل الإنسان في هذه النشأة وهذه الدار فإنه لا يحصل له ذلك بعد الموت في الدار الآخرة ، فهذه الكلمات المشار إليها كلها كانت حاصلة له هنا ، كتمها لما يقتضيه حكم هذه المواطن الذي هو عالم الستر ويظهر في الآخرة " يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ " [ الطارق / 9 ] فإنه عالم الكشف وزمان المباهاة .
 
18 / 27 - ومن جملة ما اختص به كمال الخلة الخارقة كل حجاب ولها درجة المحبوبية ، فان الخلة لها مرتبتان ، غاية إحداهما كمال المجاورة مع بقاء الحجاب المعبر عنها بقولهم :
وتخللت مسلك الروح منى   ..... وبذا سمى الخليل خليلا
 
19 / 27 - وقد أخبرنا بالفرق بين مرتبتى الخلة بقوله صلى الله عليه وسلم في الادعية  المستجابة المذكورة في حديث الإسراء - حال تردده بين موسى وربه في طلب التخفيف من الصلاة ومراجعته ربه ثلاث مرات.
وقول الحق له آخرا : ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها يوم القيامة ، ودعائه لامته في الدعوتين ،
وقوله صلى الله عليه وسلم : وأخرت الثالثة يوم يلجأ الخلائق فيه الى حتى إبراهيم ، ولا شك ان من يلتجأ اليه اعظم منزلة من الملتجئ المحتاج فثبت بذلك وغيره رجحان مقامه على مقام الخليل عليه السلام .
 
20 / 27  - وايضا : فقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم : ان الخلائق إذا التجئوا يوم القيامة الى إبراهيم ويقولون له : أنت خليل الله اشفع لنا ،
انه يقول لهم : انما كنت خليلا من وراء وراء ، فنبه ان خلته من وراء حجاب باق ، ولما ثبت  رجحان نبينا صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء عليهم السلام بما ذكرناه وبما سكتنا عنه وبما أخبرنا قبل موته بخمسة ايام ان الله قد اتخذه خليلا ، علمنا ان هذه الخلة ليست كتلك - لثبوت رجحانه على كافة الرسل .
 
21 / 27  - ولما كان خلة الخليل من وراء حجاب ، لزم ان يكون هذه الخلة حاصلة دون حجاب ، وتلك مرتبة المحبوبية التي صرح بها ايضا في حديث آخر وانها عبارة عن ان يكون كل واحد من المحبين مرآة للآخر بحيث يصير كل واحد منهما محبا ومحبوبا وينطبع في كل واحد منهما ما ينطوى عليه الاخر تماما . فافهم ، فهذا هو سبب الجمعية المتضمنة للختمية وغيرها من كمالاته المنبه عليها من قبل .
 
22 / 27  - واعلم انك متى استحضرت ما ذكرت لك في سر الكمال المحمدي وما انفرد به دون غيره ، عرفت ان شرف من عداه من الأنبياء عليهم السلام من حيث الآيات هو بمقدار نسبته من الجمعية التي انفرد بها نبينا صلى الله عليه وسلم ، فترجحت آيات إبراهيم عليه السلام على من اعطى آية واحدة و آيتين بكثرة عدد الآيات ويعظمها ايضا ، فان اعظم آياته اختصاصه بعمارة الكعبة ، لان الأرض محل الخلافة
وصورة حضرة الجمع وورد في الحديث : ان الله دحا الأرض من تحت الكعبة ، فعين سبحانه بإبراهيم عليه السلام نقطة مركزية الأرض ومبدأ انتشائها وأسكنه بعد مفارقته هذه الدار السماء السابعة - محل روحانية الأرض فثبتت نسبته مع صورة الأرض وروحانيتها . فافهم .
 
23 / 27  - وكذلك سخر له النار التي هي اعلى العناصر محلا ومن حيثها افتخر ابليس على آدم ، فلو وقع النزاع المذكور مع ابليس في حق إبراهيم عليه السلام لما ساغ لإبليس ان يفتخر على إبراهيم عليه السلام - لتسخير الحق له النار - فتذكر .
 
24 / 27  - واما موسى عليه السلام : فمن آياته تجلى الحق له في عين حاجته - اعنى النار - ومنها الشجرة ومنها العصا ومنها الحجر الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عينا ومن آياته تسخير الحق الماء اولا حين رمى في اليم فسلمه الله ، وآخرا حين تبعه فرعون وقومه .
 
25 / 27  - واما صحة نسبة عيسى عليه السلام من مقام الجمعية :
فبدخوله ذوقا وحالا في دائرة الجمعية المحمدية وانصباغه بحكمها ، وبه ختم الله سبحانه احكام هذه الشريعة ودولة أحكامها ايضا ، وهذا كله من الزيادة على ما خص به من قبل تعليم الحق إياه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وتمكنه من احياء الموتى وخلق الطير من الطين واحيائه بالنفخ وإبراء الأكمه والأبرص والاطلاع على ما يأكل الناس في بيوتهم وما يدخرون وانزال المائدة ، فافهم ، تصب ان شاء الله.
 
26 / 27  - وإذ قد يسر الله ما التمس بيانه من اسرار مستندات حكم الفصوص وفك ختومها وكشف اصول مراتب من أضيف اليه دون التصدي لشرح الكتاب ، وختمنا الكلام على مقام من ختم الله به كل شريعة ومقام .
 

27 / 27  - فلنختم ما كتبناه بقولنا: الحمد لله ولى الإفضال والانعام ، والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى كافة ، وعلى سيدنا محمد وآله السادة الكرام والكمل من إخوانه وورثته ، الحائزين للمواريث التي تحقق بها على الكمال والتمام ، حسبنا الله ذو الجلال والإكرام وصلى الله على اكمل الخلائق وآله .



كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة فردية في كلمة محمدية

الفرد  - التفريد – الفردانية – الفردية  - المفرد

في اللغة : " فرد يفرد تفريدا : فرد الأشياء : باعد بينها ، جعلها أفرادا .
فرد : واحد ، متوحد .
فريد : واحد ، لا نظير له ، لا مثيل له " .

في الاصطلاح الصوفي

يقول الإمام علي بن أبي طالب :
"المفرد : هو من عرف الله بالخفي"  .

يقول الإمام القشيري:
" التفريد : هو إفراد المفرد برفع الحدث ، وإفراد القدم بوجود حقائق الفردانية " .

يقول الشيخ عبد الله الهروي:
" التفريد : هو اسم لتخليص الإشارة إلى الحق ، ثم بالحق ، ثم عن الحق " .

" تفريد الإشارة إلى الحق فعلى ثلاث درجات :
"تفريد القصد عطشا ، ثم تفريد المحبة تلفا ، ثم تفريد الشهود اتصالا".
وأما تفريد الإشارة بالحق فعلى ثلاث درجات :
"تفريد الإشارة بالافتخار بوحا ، وتفريد الإشارة بالسلوك مطالعة ، وتفريد الإشارة بالقبض غيرة".
وأما تفريد الإشارة عن الحق :
"فانبساط ببسط قبضا خالصا للهداية إلى الحق والدعوة إليه " .

يقول الغوث الأعظم عبد القادر الجيلاني:
" التفريد : هو إشارة من المفرد إلى المفرد عند تفرده عن الكونين ، وتعريه عن الملكين ، وانخلاعه عن وصف وجوده وحكم ذاته ، مطالعا لما يرد على سره من الخواطر من الحق تحريا لتصحيح التفريد ، وطلبا لصدقه في وصفه وذلك لأن صفة الفردية تقتضي إشارة منفردة تصعد معتصما بإشارة الفرد إلى نفسه"

" المعرفة بطريق التفريد هي على ثلاثة :
أفراد القديم بدفع لفظ المحدث .
ووجود حقائق الفردية .
وتخليص الإشارة إلى الحق سبحانه وتعالى " .
يقول : "محض التفريد : هو حقيقة التوحيد ، ومحو كل متلوح لعين العقل"  .
يقول : " الأفراد : وهم أعيان الأولياء " .
يقول : "دار الفردانية : هي دار الجلال والعظمة ".


يقول الشيخ فريد الدين العطار:
"التفريد : هو فناء الفناء " .

يقول الشيخ عيسى بن الشيخ عبد القادر الكيلاني:
" التفريد : هو أن يكون منفردا بالحق غير مشغول بالخلق " .

الشيخ نجم الدين الكبرى
يقول : " التفريد : هو قطع تعلق القلب من سعادة الدارين " .


الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " التفريد : هو وقوفك بالحق معك ومن شرطه التجريد " .
يقول : " كل تفريد لا يكون عن شفع لا يعول عليه " .
يقول : "فرد الأفراد : هو صاحب الكشف واللقاء والمعاينة، صاحب القدم والنفس والطرف".
يقول الأفراد : هم الخارجون عن حكم القطب ، لا يعرفون ولا يعرفون ، قد طمس الله عيونهم ، فهم لا يبصرون ، حجبهم عن غيب الأكوان ، يكاد لا يفرق بين المحسوسات وهي بين يديه جهلا بها لا غفلة عنها ولا نسيانا ، وذلك ما حققهم به I من حقائق الوصال ، واصطنعهم لنفسه ، فما لهم معرفة بغيره ، فعلمهم به ، ووجدهم فيه ، وحركتهم منه ، وشوقهم اليه ، ونزولهم عليه ، وجلوسهم بين يديه .
ويقول: " الأفراد : وهي طائفة خارجة عن حكم القطب وحدها ليس للقطب فيهم تصرف، ولهم من الأعداد من الثلاثة إلى ما فوقها من الأفراد" .
ويقول: " الأفراد : الذين لا يعرفهم الأبدال ولا يشهدهم الأوتاد ولا يحكم عليهم الغوث والقطب والإمام " .
ويقول: " الأفراد في هذه الأمة : هم الخارجون عن دائرة القطب ، وهم الذين على بينة من ربهم ، ويتلوهم شاهد منهم ، وهم في الأمة بمنزلة الأنبياء في الأمم الخالية الذين كانوا على شريعة من ربهم في أنفسهم ، ليسوا برسل ولا متبعين إلا لما يوحي الحق سبحانه وتعالى وينظر إليهم الاسم الفرد ، وبانفراده عن الأسماء . والقطب من الأفراد وله مزية التقدم بالنظر في العالم بخلاف سائر الأفراد " .
ويقول: " الأفراد ... هم المقربون بلسان الشرع ... وهم رجال خارجون عن دائرة القطب وخضر منهم ونظيرهم من الملائكة الأرواح المهيمة في جلال الله وهم الكروبيون ... وكل ما سوى الله بهذه المثابة مقامهم بين الصديقية والنبوة الشرعية وهو مقام جليل " .


يقول الشيخ الأكبر ابن العربي في سبب التسمية بالأفراد:
ويقول سبب التسمية بالأفراد " الحقيقة العامة إذا تحكم سلطانها في العبد الكلي وبدت دلالاتها على شاهده وظهرت آياتها وعجائبها على ظاهره شهد كل صديق من حيث صديقيته بزندقته ، وكذلك الإمام صاحب النفوذ والأحكام ، وذلك أنه أخذ من وجه الحق الذي منه ينظر إلى مبدعه وموجده ولذلك سموا أفرادا أي ليس لهم حكم العموم ، ولكن من هذا مقامه له قوة التستر عن أعين الخلق حتى لا يتسلط الخلق على فساد بنيته " .
ويقول : " الفردية لا يعقلها المنصف إلا بتعقل أمر آخر عنه انفرد هذا المسمى فردا بنعت لا يكون فيمن انفرد عنه ، إذ لو كان فيه ما صح له أن ينفرد به ، فلم يكن ينطلق عليه اسم الفرد فلا بد من ذلك الذي أنفرد عنه أن يكون معقولا وليس إلا الشفع .
والأمر الذي أنفرد به الفرد إنما هو التشبيه بالأحدية وأول الأفراد الثلاثة ، فالواحد ليس بفرد فإن الله وصف بالكفر من قال ان الله ثالث ثلاثة فلو قال ثالث اثنين لما كان كافرا فإنه تعالى ثالث اثنين ورابع ثلاثة وخامس أربعة بالغا ما بلغ " .


يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" التفريد : هو شهود الحق ولا شيء معه، فيشهده متفردا، وذلك بفناء الشاهد في المشهود ، ومن لم يذق هذا المشهد نازعه عقله في فهم هذا المعنى".


تقول الدكتورة سعاد الحكيم:
" التفريد عند الصوفية: هي مرحلة يصلها السالك بعد التجريد ، فإذا جرد السالك عن قلبه وسره الكون والسوى أفرد الواحد " .
" المفرد : هو الذي يفرد ذاته للحق فلا ينظر إلى خلق " .
و تقول د .سعاد الحكيم تتوالى الأسماء عند ابن العربي على هذه الطائفة :
" فهم الأفراد , لأنه ليس لهم حكم العموم ...
وهم الأخفياء , لأنهم لا يعرفهم الأبدال ولا يشهدهم الأوتاد ..
وهم أفراد الوقت , لأنهم خارجون عن نظر القطب صاحب الوقت ، فلا يحكمهم ، ولا يتصرف بهم ، بل القطب منهم .
وهم أعيان الأولياء , لأنهم الخاصة فيهم .
وهم في جنس البشر كالملائكة المهيمون في جنس الملائكة ..
وهم الأبرياء فلا يرى العالم عليهم من أثر التقريب شيئا " .


يقول الشيخ محمد بن وفا الشاذلي:
" التفريد : هو تمييز الواحد بما لا يصح فيه اشتراك " .
" حقيقته التفريد : هو تعيين عين الجمع بما لا تجحده العقول ولا تتصور مثله فتحصله " .
" غاية التفريد  : رد الأمر كله للموصوف بالإحاطة الذاتية " 
 

يقول الشريف الجرجاني:
" التفريد : وقوفك بالحق معك هذا إذا كان الحق عين قوى العبد بقضية قوله " كنت له سمعا وبصرا " .

 
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" التفريد هو أرق من التوحيد وأعلى , لأن التوحيد يصدق على توحيد أهل العلم والتفريد خاص بأهل الذوق " .
ويقول : " الأحدية والايحاد والفردانية والوحدانية والانفراد وهكذا رتبتهم في القوة .
فالاحدية : مبالغة في الوحدة .
والايحاد : مصدر أوحد الشيء إذا صار واحدا .
والفردانية والوحدانية والانفراد معناها إفراد الحق بالوجود ولا يكون إلا بعد انطباق بحر الأحدية على الكل بحيث لم يبق وجود لغيره قط ، وهو يذوق ذلك ذوقا ويغرق فيه غرقا
ويقال لأهل هذا المقام الأفراد والآحاد ، وهم أكمل من القطب في العلم بالله ( كما قال الحاتمي ) وخارجون عن دائرة تصرفه " .


يقول الشيخ ابن عباد الرندي:
" أهل التفريد : هم الذين استتروا في ذكر الله المجيد " .

يقول الشيخ عمر السهروردي :
" الإشارة منهم إلى التجريد والتفريد أن العبد يتجرد عن الأغراض فيما يفعله ، لا يأتي بما يأتي به نظرا إلى الأغراض في الدنيا والآخرة ،بل ما كوشف به من حق العظمة يؤديه حسب جهده عبودية وانقياد .
والتفريد : أن لا يرى نفسه فيما يأتي به بل يرى منة الله عليه .
فالتجريد ينفي الأغيار، والتفريد بنفي نفسه واستغراقه عن رؤية نعمة الله عليه وغيبته عن كسبه".


يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري:
" المتفردون : هم الذين أعطاهم الله تعالى فهم القرآن ، هم خاصة الله وأولياؤه ، لا هم للدنيا ولا الدنيا منهم في شيء ، ولا في ما في الجنة ...طرحوا أنفسهم بين يديه رضى وسكونا إليه وقالوا لا بد لنا منك أنت أنت لا نريد سواك " .

يقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي:
" مقام التفريد في التوحيد ... هو أن لا يشغل النفس إلا بخدمته تعالى ، ولا يلاحظ بالقلب سواه ، ولا يشاهد بالروح غيره " .


يقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" الفرد عند الشيخ ابن الفارض  : أي الذي هو من حضرة الفردية الإلهية ، فهو فرد من فرد ولا يكون فيه إلا الأفراد الورثة المحمديون من أهل الله تعالى أولي الكمال من أوليائه " .
ويقول : " الفرد : هو الحقيقة المحمدية الظاهرة في تلك الصورة الكونية المخلوقة منها " .
ويقول : " رتبة الفردية : هي المنزلة التي في الجنة المسماة بالوسيلة وهي حاصلة لرتبة النبي المرسل محمد في حياته ، وتنتقل بعد موته إلى أفراد أمته الذين هم رتب ظهوراته إلى يوم القيامة ورتبة الفردية لا يكون معها شيء غيرها ، بل هي محض كرم الله تعالى " .
ويقول : " إنه من حيث رتبته الفردية يظهر من كل وقت إلى يوم القيامة في الصور المختلفة التي هي مخلوقة منه ، أي من نوره الأصلي الذي خلقه الله أول ما خلق " .

 
يقول الإمام محمد ماضي أبو العزائم:
" الأفراد : هم الذين أفردهم الحق لذاته ، دون خطور أقل خاطر لسواه على قلوبهم ، ولا شهود كائن ما غيره " .
" الفرد الكامل : هو المتمكن من مشاهدة التوحيد بالتوحيد ".

يقول الشيخ أبو العباس التجاني:
" الفرد الجامع : هو الذي تتجلى له [ الذات الإلهية ] , لأنه الحجاب بينها وبين الوجود ، والوجود كله عائش في ظله ، ولو زالت ظليته لانمحق الوجود كله في أسرع من طرفة العين ، فللفرد الجامع وجهتان :
وجهة إلى الذات المقدسة فهي متلاشية فيها يتلقى تجليها بما هي عليه من العز والعظمة والكبرياء والجلال والعلو ولا قدرة لأحد في الوجود على هذا إلا هو .
وله وجهة إلى الوجود يفيض على الوجود ما اقتضته مرتبة الألوهية فهو البرزخ الجامع بين الله وبين خلقه " .


يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" الفرد الكامل : هو الغوث الجامع ، عليه يدور أمر الوجود ، وله يكون الركوع والسجود ، وبه يحفظ الله العالم ، وهو المعبر عنه بالمهدي والخاتم ، وهو الخليفة وأشار إليه في قصة آدم ، تنجذب حقائق الموجودات إلى امتثال أمره انجذاب الحديد إلى حجر المغناطيس ، ويقهر الكون بعظمته ، ويفعل ما يشاء بقدرته ، فلا يحجب عنه شيء ، وذلك أنه لما كانت هذه اللطيفة الإلهية في هذا الولي ذاتا ساذجا غير مقيد برتبة لا حقيقة إلهية ولا خلقية عبدية أعطى كل رتبة من رتب الموجودات الإلهية والخلقية حقها " .

يقول الشيخ بالي أفندي:
" الفردية ... وهي الأحدية الذاتية ، والأحدية الصفاتية ، والحقيقة المحمدية ".


يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ:
" الفردية : هي علم حرف المعجم ، وبهذه الحروف يعبر للعلوم كلها " .

 
مصطلح : النساء
في اللغة :" نسوة / نساء : جمع امرأة من غير لفظه " .
في الاصطلاح الصوفي

يقول ابن العربي في منزلة المرأة من الرجل:
" المرأة من الرجل بمنزلة الطبيعة من الأمر الإلهي , لأن المرأة محل ورود أعيان الأبناء ، كما أن الطبيعة محل ظهور أعيان الأجسام فيها تكونت وعنها ظهرت فمن عرف مرتبة الطبيعة عرف مرتبة المرأة ، ومن عرف الأمر الإلهي فقد عرف مرتبة الرجل " .
 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي في الباب الرابع والعشرون وثلاثمائة  :
إن النساء شقائق الذكران   ..... في عالم الأرواح والأبدان
والحكم متحد الوجود عليهما   ..... وهو المعبر عنه بالإنسان
وتفرقا عنه بأمر عارض   ..... فصل الإناث به من الذكران
من رتبة الإجماع يحكم فيهما   ..... بحقيقة التوحيد في الأعيان

الإنسانية لما كانت حقيقة جامعة للرجل والمرأة ، لم يكن للرجال على النساء درجة من حيث الإنسانية ، كما أن الإنسان مع العالم الكبير يشتركان في العالمية ،

فليس للعالم على الإنسان درجة من هذه الجهة ، وقد ثبت أن للرجال على النساء درجة وقد ثبت أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ... فوجدنا الدرجة التي فضل بها السماء والأرض على الإنسان هي بعينها التي فضل بها الرجل على المرأة ، وهو أن الإنسان منفعل عن السماء والأرض ومولد بينهما منهما ، والمنفعل لا يقوى قوة الفاعل لما هو منفعل عنه . كذلك وجدنا حواء منفعلة عن آدم مستخرجة متكونة من الضلع القصير ، فقصرت بذلك أن تلحق بدرجة من انفعلت عنه ، فلا تعلم من مرتبة الرجل إلا حد ما خلقت منه وهو الضلع ، فقصر إدراكها عن حقيقة الرجل .

كذلك الإنسان لا يعلم من العالم إلا قدر ما أخذ في وجوده من العالم لا غير ، فلا يلحق الإنسان أبدا بدرجة العالم بجملته وإن كان مختصرا منه . كذلك المرأة لا تلحق بدرجة الرجل أبدا مع كونها نقاوة من هذا المختصر ،
وأشبهت المرأة الطبيعة من كونها محلا للإنفعال فيها وليس الرجل كذلك ،
فبهذا القدر يمتاز الرجال عن النساء ، ولهذا كانت النساء ناقصات العقل عن الرجال , لأنهن ما يعقلن إلا قدر ما أخذت المرأة من خلق الرجل في أصل النشأة .

وأما نقصان الدين فيها :
فإن الجزاء على قدر العمل ، والعمل لا يكون إلا عن علم ، والعلم على قدر قبول العالم ، وقبول العالم على قدر استعداده في أصل نشأته ، واستعدادها ينقص عن استعداد الرجل , لأنها جزء منه ، فلا بد أن تتصف المرأة بنقصان الدين عن الرجل .
وهذا الباب يطلب الصفة التي يجتمع فيها النساء والرجال ، وهي فيما ذكرناه كونهما في مقام الإنفعال ، هذا من جهة الحقائق ، وأما من جهة ما يعرض لهما فمثل قوله : " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات " إلى قوله : "والذاكرين الله كثيرا والذاكرات "... فاجتمع الرجال والنساء في درجة الكمال ، وفضل الرجل بالأكملية لا بالكمالية " .


تقول د. سعاد الحكيم عند ابن العربي:
" عندما ينظر ابن العربي إلى المرأة كأحد وجهي الحقيقة الانسانية يرى أنها شقيقة الرجل، تنال ما يناله من المقامات والمراتب والصفات حتى القطبية.
فالحقيقة الانسانية واحدة، تطلق بكافة مقتضياتها واحكامها على الذكر والأنثى، فلا يفترقان الا عند الانتاج كما سنرى في المضمون الثاني " أهـ . المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة
 

يقول الشيخ ابن العربي:
" وهذه كلها [الخلافة - خرق العادة] أحوال يشترك فيها النساء والرجال ويشتركون في جميع المراتب حتى في القطبية. . . ولو لم يرد الا قول النبي صلى اللّه عليه وسلم في هذه المسألة: ان النساء شقائق الرجال 4 لكان فيه غنية، اي كل ما يصح ان يناله الرجل من المقامات والمراتب والصفات يمكن ان يكون لمن شاء اللّه من النساء. " (فصوص 3/ 89).

ويقول : "عندما ينظر ابن العربي إلى المرأة كحقيقة منفردة متميزة رغم صدورها عن الحقيقة الانسانية، تتحول إلى صفات خاصة يؤلف مجموعها: المرأة أو الأنثى.
فالأنثى أو حواء هي صفة أو محل الانفعال والتكوين في مقابل صفة الفعل (الرجل - آدم) - وهي مرتبة التفصيل في مقابل مرتبة الجمع (الرجل - آدم). وهكذا تتحول المرأة إلى مرتبة من تحقق بصفاتها صار أنثى ولو كان رجلا "أهـ . المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة د. سعاد الحكيم (ص: 144)


د. سعاد الحكيم يقول ابن العربي المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة:
يقول : " ولما كان النساء محل التكوين، وكان الانسان بالصورة يقتضي ان يكون فعّالا ولا بد له من محل يفعل فيه، ويريد لكماله الا يصدر عنه الا الكمال. . . ولا أكمل من وجود الانسان ولا يكون ذلك الا في النساء اللاتي جعلهن اللّه محلا، والمرأة جزء من الرجل بالانفعال الذي انفعلت عنه. . .
ولما كانت المرأة كما ذكرت عين ضلع الرجل  فما كان محل تكوين ما كون فيها الا نفسه، فما ظهر عنه مثله الا في عينه ونفسه " (ف 3/ 505).

ويقول : " فان المرأة من الرجل بمنزلة الطبيعة من الأمر الإلهي - لأن المرأة محل وجود أعيان الأبناء، كما أن الطبيعة للأمر الإلهي محمل ظهور أعيان الأجسام فيها تكونت وعنها ظهرت، فأمر بلا طبيعة لا يكون، وطبيعة بلا أمر لا تكون فالكون متوقف على الامرين. . . فمن عرف مرتبة الطبيعة عرف مرتبة المرأة 9 " (ف 3/ 90).


د. سعاد الحكيم يراجع بخصوص المرأة والرجل عند ابن العربي:
ويقول : في الفص المحمدي. حيث يتكلم على تحبيب النساء للرسول صلى اللّه عليه وسلم، وكيف ان شهود الرجل الحق في المرأة أتم وأكمل الشهود، وذلك لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل. الفصوص ج 1 ص 214 - 220. - ترجمان الأشواق -

ويقول : "حيث تتحول المرأة إلى رمز يعبر من جمالها المقيد إلى الجمال المطلق الأصل، وقلما اعطى صوفي المرأة المكانة التي أعطاها إياها ابن العربي: يشهد الحق فيها، ويعبر إلى الحق منها. وهذا ليس غريبا على نظرية تقول بوحدة الوجود فما ثمة الا الذات وأسماؤها وصفاتها وتجلياتها. وفي التجلي نشهد الحق، ومنه نعبر إلى الحق." . المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة

 
يقول ابن العربي :
 " فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل،
وإذا شاهده في نفسه - من حيث ظهور المرأة عنه - شاهده في فاعل،
وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه، كان شهودة في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو: فاعل منفعل. . .
فلهذا أحب صلى اللّه عليه وسلم النساء 25 لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد ابدا. فان اللّه بالذات غنّي عن العالمين.
وإذ كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ولم تكن الشهادة الا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود واكمله " المعجم الصوفي (فصوص 1/ 217).

مصطلح :  الطيب
في اللغة  :  1. عطر .
2. طيب العيش : الحياة الحسنة " .
3. حسن . 4. فاضل " .

في الاصطلاح الصوفي

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الطيب : هو علم الأنفاس الرحمانية ، وهو كل ما يرد من الحق مما تطيب به المعاملة بين الله وبين عبده في الحال والقول والفعل " .
" حضرة الطيب ... يدعى صاحبها عبد الطيب ، فالطيب من يميز الخبيث من الطيب فيجعل الطيبين للطيبات والطيبات للطيبين من كونه طيبا ، ويجعل الخبيثين للخبيثات والخبيثات للخبيثين من كونه حكيما ...
والطيب الصاعد ، عارف بربه في جهة خاصة تلقاها من الرسول لما سمعه يقول عن الله : " سبح اسم ربك الأعلى " فاقتضى مزاج الطيب واستعداده أنه لا يطلب ربه إلا من هذه الجهة وهو الطيب والعلو لا نهاية له " .

يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام :
" الطيب : هو ما لا ينسى الله فيه " .

يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري:
" الطيبات : الحلال " .

يقول الشيخ أبو بكر الواسطي:
" الطيب : من طيبه بالإسلام ، وحياه بأحسن الكلام ، ونصبه على رؤوس الأنام ، فلا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما " .

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى:
" الطيب من القول ... هو الإخلاص في قول لا إله إلا الله والعمل به " .


.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:47 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 13 أبريل 2020 - 1:00 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الأولى الجزء الثالث ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
الفقرة الأولي:                                              الجزء الثالث
تابع  كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة فردية في كلمة محمدية:

مصطلح : الصلاة
في اللغة : " صلى الشخص : أدى الصلاة .
صلى الله على رسوله : دعا له وحفه ببركته .
الصلاة : 1. دعاء .
2. عبادة مخصوصة مؤقتة مضبوطة الحدود في الشريعة .
3. حسن الثناء والبركة من الله " .

في الاصطلاح الصوفي

يقول الإمام علي بن أبي طالب:
" الصلاة : هي قربان كل تقي " .
" ليست الصلاة قيامك وقعودك ، إنما الصلاة إخلاصك " .
يقول : " إقامة الصلاة : هي الملة " .


يقول الشيخ الحكيم الترمذي :
يقول : " الصلاة : دار الله من دخلها دخل في عرش الله وولائمه وضيافاته " .
ويقول : " الصلاة : مقام اعتذار بين يديه مما جنت اليدان واكتسبت " .
ويقول : " الصلاة : إنما هي تصلية العبد بين يدي ربه تضرعا وتخشعا وتذللا واستكانة واستعطافا وملقا ورغبا " .

يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري:
" الصلاة : هي وصلة المعرفة، فمن صحت له الصلاة وهي الوصلة ،لم يبق له على الله تهمة ، إذ السؤال تهمة ولا يبقى السؤال مع الوصلة".

يقول الإمام القشيري :
يقول : " الصلاة : اعتكاف القلب في مشاهد التقدير .
ويقال : هي الوقوف على بساط النجوى " .
ويقول : " الصلاة : هي الوقوف في محل المناجاة " .
ويقول : " الصلاة : هي استفتاح باب الرزق ، وعليها حال في تيسير الفتوح عند وقوع الحاجة إليه .
ويقال : الصلاة : رزق القلوب ، وفيها شفاؤها ، وإذا استأخر قوت النفس قوي قوت القلب " .
ويقول : " إقامة الصلاة : هو القيام بأركانها وسننها ، ثم الغيبة عن شهودها برؤية من يصلي له ، فتحفظ عليه أحكام الأمر بما يجري عليه منه ، وهو عن ملاحظتها محو نفوسهم منه ، مستقبلة إلى القبلة وقلوبهم مستقرة في حقائق الوصلة " .

ويقول الصلاة :
" شرائطها في الظاهر : ستر العورة ، وتقديم الطهارة ، واستقبال القبلة ، والعلم بدخول الوقت ، والوقوف في مكان طاهر .
وفي الباطن يأتون بشرائطها : طهارة السر عن العلائق .
وستر عورة الباطن : بتنقيته عن العيوب ، لأنها مهما تكن فالله يراها ، فإذا أردت إلا يرى الله عيوبك فاحذرها حتى لا تكون .
والوقوف في مكان طاهر: وهو وقوف القلب على الحد الذي أذنت في الوقوف فيه مما لا يكون دعوى بلا تحقيق، ورحم الله من وقف عند حده.
والمعرفة بدخول الوقت : فتعلم وقت التذلل والاستكانة ، وتميز بينه وبين وقت السرور والبسط .
وتستقبل القبلة بنفسك : وتعلق قلبك بالله من غير تخصيص بقطر أو مكان " .
و يقول : " الصلاة لنا بمنزل المعراج ، فقد كان المعراج على ثلاث منازل :
من الحرم إلى المسجد الأقصى ،
ثم منه إلى سدرة المنتهى ،
ثم منها إلى قاب قوسين ، أو أدنى ،
وكذلك صلاتنا قيام، وركوع ، ثم سجود، وهو نهاية القربة، قال تعالى : "واسجد واقترب"."

يقول الشيخ ابن عطاء الأدمي:
" الصلاة اتصال بالله من حيث لا يعلم إلا الله " .

يقول الشيخ أبو بكر الكلاباذي:
يقول : " الصلاة : هي التجريد عن العلائق ، والتفريد بالحقائق " .

يقول الإمام فخر الدين الرازي
يقول : " الصلاة : تواضع محض وتضرع للخالق " .
ويقول : " الصلاة من الله : هي الثناء والمدح والتعظيم " .

الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " الصلاة مشاهدة " .
و يقول: " فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا ، فالصلاة منا ومنه ، فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر ، فيتأخر عن وجود العبد : وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده . وهو الإله المعتقد ... فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة . وقوله : " كل قد علم صلاته وتسبيحه " أي رتبته في التأخر في عبادته ربه ... " .
ويقول : " قال الله تعالى :"هو الذي يصلي "، فوصف نفسه بالتأخر في الذكر عن ذكر العبد".
" ... فأوجب ( الحق ) على عباده التأخر عن ربوبيته ، فشرع له ( للعبد ) الصلاة ليسميه بالمصلي : وهو المتأخر عن رتبة ربه ، ونسب الصلاة إليه تعالى ليعلم أن الأمر يعطي تأخر العلم الحادث به ، عن العلم الحادث بالمخلوق ... " " .

يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي:
يقول : " الصلاة : مجالسة الله تعالى " .

يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
يقول : " الصلاة : هي طهرة للقلوب ، واستفتاح لباب الغيوب " .
ويقول : " ليكون همك إقامة الصلاة لا وجود الصلاة ، فما كل مصل مقيم " .
ويقول : " الصلاة : هي محل المناجاة ، ومعدن المصافاة ، تتسع فيها ميادين الأسرار ، وتشرق فيها شوارق الأنوار " .
ويقول : " عن الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه أنه كان يحضر عنده فقهاء الإسكندرية
والقاضي ، فجاءوا مرة مختبرين للشيخ فتفرس فيهم وقال : يا فقهاء هل صليتم قط ؟
فقالوا : يا شيخ وهل يترك أحدنا الصلاة ؟
فقال لهم : قال الله تعالى : " إن الأنسان خلق هلوعا . إذا مسه الشر جزوعا . وإذا مسه الخير منوعا . إلا المصلين ".
 فهل أنتم كذلك ؟ إذا مسكم الشر لا تجزعون ؟ وإذا مسكم الخير لا تمنعون ؟
قال : فسكتوا جميعا .
فقال لهم الشيخ : فما صليتم هذه الصلاة قط " .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
يقول : " الصلاة : هي عبارة عن واحدية الحق تعالى ، وإقامتها إشارة إلى إقامة ناموس الواحدية بالاتصاف بسائر الأسماء والصفات " .
ويقول : " الطهر : عبارة عن الطهارة من النقائص الكونية ".
وكونه يشترط بالماء : إشارة إلى أنها لا تزول إلا بظهور آثار الصفات الإلهية التي هي حياة الوجود لأن الماء سر الحياة .
وكون التيمم يقوم مقام الطهارة للضرورة : إشارة للتزكي بالمخالفات والمجاهدات والرياضات
ثم استقبال القبلة : إشارة إلى التوجه الكلي في طلب الحق .
ثم النية : إشارة إلى انعقاد القلب في ذلك التوجه .
ثم تكبيرة الإحرام : إشارة إلى أن الجنان الإلهي أكبر وأوسع مما عسى أن يتجلى به عليه ، فلا يقيده بمشهد بل هو أكبر من كل مشهد
وقراءة الفاتحة : إشارة إلى وجود كماله في الإنسان ، لأن الإنسان هو فاتحة الوجود ...
ثم الركوع : إشارة إلى انعدام الموجودات الكونية تحت وجود التجليات الإلهية .
ثم القيام : عبارة عن مقام البقاء ...
ثم السجود : عبارة عن سحق آثار البشرية ومحقها ، باستمرار ظهور الذات المقدسة .
ثم الجلوس بين السجدتين : إشارة إلى التحقق بحقائق الأسماء والصفات
لأن الجلوس : استواء في القعدة ، وذلك إشارة إلى حقيقة قوله : " الرحمن على العرش استوى " .
ثم السجدة الثانية : إشارة إلى مقام العبودية وهو الرجوع من الحق إلى الخلق .
ثم التحيات : إشارة إلى الكمال الحقي والخلقي ، لأنه عبارة عن ثناء الله تعالى وثناء على نبيه وعلى عباده الصالحين وذلك هو مقام الكمال " .


يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
الصلاة : هي شدة الحضور مع الله تعالى من أولها إلى آخرها بحيث لا يخطر شيء على غير بال المصلي  .

تقول الدكتورة سعاد الحكيم  الصلاة عند الشيخ الأكبر:
" إن ابن العربي الطائي الحاتمي لا يغفل عن وجهي الصلاة اللذين أثبتهما القرآن :
صلاة الحق - صلاة الخلق . ونرى أنه أحيانا يفسرهما بمألوف يقبله بداهة الفكر الإسلامي السابق ، وأحيانا أخرى يحصرهما بمفهوم يلتصق بنظرياته الفكرية ، ولذلك نشطر معنى الصلاة عنده شطرين :
" صلاة الحق : رحمته لعبده ، وصلاة العبد : مشاهدته الحق .


يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" والصلاة من الله : الرحمة ... " .
" فقال : " وجعلت قرة عيني في الصلاة " وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب ، من الاستقرار ... ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، وأن الالتفات يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه ... " .
" ... ابن آدم صمتك عن الباطل صوم ، وكفك عن الشر صدقة ، ويأسك من الخلق صلاة ... " .
نلاحظ من النصين السابقين أن صلاة العبد تفترض انقطاعه عن الخلق ، لتتحقق وصلته بالحق .
فالصلاة : عبارة عن نسبة أو صلة بين العبد وربه خالية من كل التفات إلى ( غير ) .
" لقد شرح ابن العربي الطائي الحاتمي صلاة الحق وصلاة الخلق من خلال فكره ، بإرجاعهما إلى الفعل يصلي : اسم الفاعل منه : مصل ، والمصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة . في مقابل المجلى الأول .
فالحق مصل ، والخلق مصل ، ولكن من وجهين مختلفين .
الحق مصل : أي تأخر العلم به عن العلم بالمخلوق ، إذن تأخر علم .
الخلق مصل : أي تأخر بالرتبة عن رتبة ربه ، إذن تأخر رتبة .

و يقول : " عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام
المصلي ، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي ، وحركة منكوسة وهي حال سجوده . فحركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة ، وليس للجماد حركة من ذاته " .


يقول الشيخ الحكيم الترمذي :
" أفعال الصلاة مختلفة على اختلاف الأحوال التي جاءت من العبد :
فبالوقوف : يخرج من الإباق ، لأنه لما انتشرت جوارحه نقصت تلك العبودية وأبق من ربه ، فإذا وقف بين يديه فقد جمعها من الانتشار ووقف للعبودة فخرج من الإباق .
وبالتوجه إلى القبلة : يخرج من التولي والإعراض .
وبالتكبير : يخرج من الكبر .
وبالثناء : يخرج من الغفلة .
وبالتلاوة : يجدد تسليما للنفس وقبولا للعهد .
وبالركوع : يخرج من الجفاء .
وبالسجود : يخرج من الذنب .
وبالانتصاب للتشهد : يخرج من الخسران .
وبالسلام : يخرج من الخطر العظيم " .
ويقول : " الصلاة ، ثمرتها : إقبال الله على عبده ، ففي الإقبال جميع ما ذكرنا من تطهير النفس والمال ووجوب المغفرة ووجوب الجنة " .


ويقول " الناس في الصلاة على خمسة أحوال .
1. فمنهم : من يصلي فينتقص من وضوئه ومواقيتها وحدودها بأركانها .
2. ومنهم : من يصلي محافظا على وضوئه ومواقيتها بأركانها ، وقد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة .
3. ومنهم : من يصلي محافظا على وضوئه ومواقيتها وحدودها بأركانها ، ومجاهدة نفسه في شأن حديثها ووسوستها .
4. ومنهم : من يصلي محافظا على وضوئه ومواقيتها حدودها بأركانها مشغولا بقلبه مع الله بحفظ هذه الحدود ومناجاته
5. ومنهم : من يصلي محافظا على وضوئه ومواقيتها ، وأركانها وحدودها ، مشغولا بربه قرير العين به ، محفوظا عليه حدودها " .


يقول الشيخ نجم الدين الكبرى :
" إدامتها الصلاة : بدوام المراقبة وجمع الهمة في التعرض لنفحات ألطاف الربوبية التي هي مودعة فيها لقوله : " إن لله في أيام دهركم نفحات إلا فتعرضوا لها " .
ويقول: "فصورة الصلاة صورة التعرض ، والأمر بها صورة جذبة الحق بأن يجذب صورتك عن الاستعمال لغير العبودية " .
ويقول : " إقامة الصلاة : هو بأن تجعل الصلاة معراجك إلى الحق ، وتديم العروج بدرجاتها إلى أن تشاهد الحق كما شاهدت يوم الميثاق " .
ويقول : " إقامة الصلاة : هو إدامتها بصدق التوجه، وحضور القلب، والإعراض عما سواه " .
ويقول : " إقامة الصلاة : هو بالمحافظة عليها بمواقيتها ، وإتمام ركوعها وسجودها وحدودها ظاهرا وباطنا " .
ويقول : " الصلاة : هي معراج المؤمن ، بأن يرفع يديه من الدنيا ، ويكبر عليها ، ويقبل على الله بالإعراض عما سواه ، ويرجع عن مقام التكبر الإنساني إلى خضوع الركوع الحيواني ، ومنه إلى خشوع السجود النباتي ، ثم إلى القعود الجمادي ، فإنه بهذا الطريق أهبط إلى أسفل القالب ، فيكون رجوعه بهذا الطريق إلى أن يصل إلى مقام الشهود الذي كان فيه في البداية الروحانية ، ثم يتشهد بالتحية والثناء على الحضرة ، ثم يسلم عن يمينه على الآخرة ، وما فيها ويسلم عن شماله على الدنيا وما فيها ، مستغرق في بحر الألوهية بإقامة الصلاة وإدامتها " .

الصلاة في اصطلاح الكسنزان:
" الصلاة : تعني التسليم .
" الصلاة : هي الدورة الروحية .
" الصلاة : هي تجديد العهد والبيعة على الإسلام .
" الصلاة : هي دليل إثبات العبودية .
" الصلاة : هي معراج إذ يرفع فيها الحجاب بين العبد وربه .

ويقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" شرعت الصلاة وسائر الطاعات : لتحصل هذه الوجهة " وجهة القلوب الى الرب " ، فهي نتيجة العبادات وفائدتها التي هي سبب ربح العبد ورحمته " .

يقول الشيخ عمر السهروردي :
" قيل : الصلاة على أربع شعب :
حضور القالب في المحراب .
وشهود العقل عند الملك الوهاب .
وخشوع القلب بلا ارتياب .
وخضوع الأركان بلا ارتقاب " .
ويقول : " التشهد في الصلاة : هو كناية عن مقر الوصول بعد قطع مسافات الهيئات على تدريج طبقات السماوات " .

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
" أجمع مشايخ الطريق من الأنس كلهم على أن من كان فيه صفتي الغناء والعز لا يمكن من الدخول لحضرة الصلاة أبدا . فما تقربنا إلى الحق حينئذ إلا بتخلقنا بما ليس من صفته ، فانظر ما أعجب هذا الأمر في حضرة القرب يطرد منها من تخلق بصفات ملكها سبحانه وتعالى التي لم يأذن في التخلق بها " .

ويقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي :
" قال بعضهم : المحافظة على الصلاة ، حفظ أوقاتها ، والدخول فيها بشرط الحرمة ، والقيام فيها على حد المشاهدة ، والخروج منها على رؤية التقصير " .
ويقول : " قال بعضهم : إقامة الصلاة : هو القيام إليها بالقعود عن كل ما سواه " .
ويقول : " قال بعضهم : إقامة الصلاة : هو حفظ حدودها ، والدخول فيها بشرط الخدمة ، والقيام فيها على سبيل الهيبة ، والمناجاة فيها بلسان الافتقار والذلة ، والخروج منها على رؤية التقصير في الخدمة " .


يقول الشيخ ابن عباد الرندي :
" إذا صلى المؤمن صلاة فقبلت منه خلق الله من صلاته صورة في ملكوته راكعة ساجدة إلى يوم القيامة ، وثواب ذلك لصاحب الصلاة " .

 
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الجيلاني :
" قلت : يارب أي صلاة أقرب إليك ؟
قال : الصلاة التي ليس فيها سوائي والمصلي عنها غائب " .

ويقول الشيخ ابن قضيب البان :
" كشف لي الحق عن صورة الصلاة فرأيتها أنوارا متصلة من الله تعالى وملائكته إلى هوية كل مؤمن .
ثم قال لي : إذا أقامها استغرقت سائر أجزاء البشرية وانتصب القرآن على عرش قلبه ، ليناجيه به ربه .
ثم رأيت الروح الإنساني صاعدا في هذا النور الهابط إذا أقام الصلاة حتى يتم المصلي " .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:48 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 13 أبريل 2020 - 7:00 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثانية الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

27   - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
هذا فص الحكمة المحمدية ، ذكره بعد حكمة خالد بن سنان عليه السلام ، لأنه كان قريبا من زمانه ، ولأنه صلى اللّه عليه وسلم آخر الأنبياء وخاتم المرسلين ، فناسب أن يختم الكتاب كما بدىء بآدم عليه السلام ، ولأنه عليه السلام جامع لمشارب النبيين والمرسلين كلهم عليهم السلام ، فكان ذكره بعد تمام ذكرهم كالإجمال بعد التفصيل ، وكالفذلكة في الحساب الطويل .
(فص حكمة فردية) ، أي منسوبة إلى الفرد وهو الواحد الذي لا نظير له في كماله (في كلمة محمدية . )
إنما اختصت حكمة محمد صلى اللّه عليه وسلم بكونها فردية لانفراده صلى اللّه عليه وسلم بالفضيلة التامة والكرامة العامة والمرتبة السامية على الجميع ، والمزية التي من انتسب إليها بالمتابعة لا يضيع ، والشرف العالي في الدارين ، والقدر الرفيع الذي نصبت أعلامه في الخافقين ، ولقول المصنف قدس اللّه سره ولم يعلل حكمة غيرها إفرادا لها بالاعتناء والاهتمام بشأنها .
 
قال رضي الله عنه :  ( إنّما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النّوع الإنسانيّ ، ولهذا بدئ به الأمر وختم ، فكان نبيّا وآدم بين الماء والطّين ، ثمّ كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين .  وأوّل الأفراد الثّلاثة ، وما زاد على هذه الأوّليّة من الأفراد فإنّها عنها . فكان صلى اللّه عليه وسلم أدلّ دليل على ربّه ، فإنّه أوتي جوامع الكلم الّتي هي مسمّيات أسماء آدم . فأشبه الدّليل في تثليثه . والدّليل دليل لنفسه . )
 
قال رضي الله عنه :  (إنما كانت حكمته) ، أي محمد صلى اللّه عليه وسلم (فردية لأنه) عليه السلام أكمل موجود على الإطلاق (في هذا النوع الإنساني) بالاتفاق (ولهذا بدىء) ، أي بدأ اللّه (به) صلى اللّه عليه وسلم الأمر الإلهي فهو أوّل مخلوق من حيث كونه نورا كما ورد في حديث جابر الذي أخرجه عبد الرزاق في مسنده : يا رسول اللّه أخبرني عن أوّل شيء خلقه اللّه تعالى قبل الأشياء ، قال : « يا جابر إن اللّه خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره » إلى آخر الحديث الطويل (وختم) ، أي به الأمر أيضا صلى اللّه عليه وسلم فلا نبي بعده ولا رسول بعده إلى يوم القيامة (فكان) صلى اللّه عليه وسلم (نبيا وآدم بين الماء والطين) كما ورد في الحديث وفي رواية : " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد " . رواه الترمذي والطبراني عن ابن عباس .
 
وفي رواية : « كنت أوّل الناس في الخلق وآخرهم في البعث » رواه ابن سعد عن قتادة مرسلا و رواه الحاكم في المستدرك  و روى نحوه ابن أبي شيبة.
وفي رواية : « كنت أوّل النبيين في الخلق وآخرهم في البعث » رواه الحاكم في مستدركه ، يعني أنه صلى اللّه عليه وسلم كامل الخلقة شريف المقام والمرتبة من حين خلقه اللّه تعالى نورا إلى أن فصل مجمله ظهورا ، فخلق له القالب الآدمي ، واستعمله في ظهور صورته العظيمة ، ثم صفاه في مصافي قوالب الكاملين من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، حتى أخرجه في هذا الوجود ، وأفاض به إناء المكارم والجود ، فكان في الآخر كما كان في الأوّل ، فهو الفرد الكامل الذي عليه المعول .
 
قال رضي الله عنه :  (ثم كان) صلى اللّه عليه وسلم (بنشأته) ، أي خلقته (العنصرية) ، أي المركبة من العناصر الأربعة : الماء والنار والتراب والهواء التي هي آخر الأصول المادية لخلق المولدات الأربعة الجمادية والنباتية والحيوانية والإنسانية .
قال رضي الله عنه :  (خاتم) بكسر التاء المثناة الفوقية وفتحها (النبيين) عليهم السلام كما قال تعالى :"ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ" [ الأحزاب:40 ].
(و) لأنه (أوّل الأفراد) جمع فرد (الثلاثة) التي قام بها كل شيء من محسوس أو معقول أو موهوم ، فإن كل شيء مما ذكر له عندنا روح نورانية ونفس برزخية وصورة ظلمانية ، فروح كل شيء في الملأ الأعلى العرش ، ونفسه في الحضرات الفلكية السماوية ، وصورته في العالم السفلي الأرضي ، وهي أفراد ثلاثة على هذا الترتيب :
روح وجسم ونفس ، قلم ولوح وكتابة ، آخرة وبرزخ ودنيا ، جنة وأعراف ونار ، ذات وصفات أو أسماء وأفعال ، فهو صلى اللّه عليه وسلم أوّل هذه الأفراد الثلاثة .
 
(وما زاد على هذه الأوّلية من الأفراد) وهما الفردان الباقيان (فإنه) ، أي ذلك الزائد ناشيء قال رضي الله عنه :  (عنها) ، أي عن تلك الأولية من الثلاثة :
فالجسم من النفس ، والنفس من الروح ، والكتابة من اللوح ، واللوح من القلم ، والدنيا من البرزخ ، والبرزخ من الآخرة ، والنار من الأعراف ، والأعراف من الجنة ، والأفعال من الصفات أو الأسماء ، والصفات أو الأسماء من الذات ، فرجعت الأفراد إلى الفرد الواحد ، ثم رجعت الآخرة إلى الجنة ، والجنة إلى القلم ، والقلم إلى الروح ، والروح إلى الذات ، فهو الذات الجامعة ، والحضرة النورانية اللامعة .
 
وهذا الفصل يطول بيانه ويتفرع على أصله أغصانه ، وصاحب الذوق تكفيه الإشارة ، والمحجوب الغافل لا يفهم ولا بألف عبارة (فكان) ، أي النبي عليه السلام أول دليل على معرفة ربه سبحانه بأقواله وأحواله فإنه عليه السلام أوتي ،
أي آتاه اللّه تعالى جوامع الكلم ، أي الكلمات الجوامع التي هي مسميات أسماء آدم عليه السلام ، فقد علم اللّه تعالى آدم الأسماء كلها ، يعني أسماء كل شيء ، وعلم محمدا صلى اللّه عليه وسلم مسميات تلك الأسماء ،
فكان آدم عليه السلام مظهر الأسماء ، ومحمد صلى اللّه عليه وسلم مظهر الذوات ، والأسماء داخلة في الذوات ، فآدم عليه السلام حافظ الأسماء على الذوات ،
ومحمد صلى اللّه عليه وسلم حافظ الذوات مع الأسماء واسم آدم من جملة الأسماء ، وذاته من جملة الذوات كما أن اسم محمد من جملة الأسماء ، وذاته من جملة الذوات ، فآدم عليه السلام أبو الأسماء ومحمد صلى اللّه عليه وسلم أبو الذوات ، والأسماء صور الكلمات والذوات معانيها ، والأسماء عالم الأجسام ، والذوات عالم الأرواح ، والأجسام من الأرواح ، والأرواح من نور محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وهو من نور اللّه تعالى .
 
قال تعالى :"اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ"، وهذا هو الأصل مثل نوره ، أي الذي خلق اللّه تعالى منه كل شيء كما ورد في الحديث السابق ذكره وهو نور محمد صلى اللّه عليه وسلم كَمِشْكاةٍ هي آدم عليه السلام فِيها مِصْباحٌ هو روحانية محمد صلى اللّه عليه وسلم "الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ" [ النور : 35 ] هي روح العبد المؤمن .
قال اللّه تعالى :"إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً"[ مريم : 93 ] ، وفي الحديث القدسي : " ما وسعتني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن ".
قال اللّه تعالى :" إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ" [ الكوثر : 1 ] ، وهو نهر في الجنة ، وهو الكثرة في الوحدة ، وهي جوامع الكلم التي قال تعالى عنها : " قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً" [ الكهف : 109 ] ، وقال تعالى : " وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ[ لقمان : 27 ] وإن كان الأمر منقسما إلى قسمين .
 
كما قال تعالى :"مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ" [ إبراهيم : 24 ] ، ثم قال سبحانه : " وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ" [ إبراهيم : 26 ] وشبههما بالشجرة للتشاجر وكثرة التفريع واختلاف الجهات .
وقد قال تعالى :"وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ"[ هود118 - 119 ]
، أي للاختلاف أو للرحمة ، والاختلاف رحمة كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
" اختلاف أمتي رحمة " . رواه نصر المقدسي في كتاب الحجة .
وفي رواية : « اختلاف أصحابي رحمة » .أخرجه الديلمي في مسند الفردوس
فهم أصحابه بالنور الذي خلقوا منه .  
 
قال رضي الله عنه :  (فأشبه) صلى اللّه عليه وسلم (الدليل) العقلي (في تثليثه) حيث هو مركب من أمرين وثالث مكرر بينهما محمول في الأوّل ، موضوع في الثاني
كما نقول: (العالم متغير) فالعالم أمر ومتغير أمر آخر حمل على الأوّل ثم تقول وكل متغير حادث ، فتكرر متغير وتجعله موضوعا وتحمل عليه قولك حادث وهو أمر آخر ، فتصدق النتيجة من هذا الدليل العقلي التام ، وهو الموضوع في الأوّل المحمول في الثاني ،
وذلك قولك : العالم حادث .
قال رضي الله عنه :  (والدليل دليل لنفسه) يدل عليها ويوضحها عند المستدل به كما أنه دليل لغيره .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
(إنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الانساني ) لكونه بمرتبة روحه جامعا بجميع الأسماء الإلهية وبمرتبة جسمه بجميع المراتب الكونية ( ولهذا ) أي ولأجل أنه أكمل موجود ( بدىء به الأمر ) أي أمر النبوة من حيث روحه وختم من حيث .
 
جسده العنصري ( فكان نبيا وآدم بين الماء والطين ) فنبوته أزلي ونبوة غيره من الأنبياء عليهم السلام حادثة فهم نبيون حين البعثة ( ثم كان ) النبي ( بنشأته العنصرية خاتم النبيين ) كما أنه عليه السلام بنشأته الروحانية أول النبيين فبه بدئ أمر النبوة وختم ( وأول الأفراد ) أي وأول ما يوجد من الفردية ( الثلاثة ) خبر لقوله وأول وهي الأحدية الذاتية والأحدية الصفاتية والحقيقة المحمدية ( وما زاد على هذه ) الفردية ( الأولية من الأفراد فإنه عنها ) أي صادر عن هذه الفردية الأولية .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان عليه السلام أدل دليل على ربه فإنه أوتي بجوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم ) ومسميات أسماء آدم هي الحقائق التي تدل كل واحد منها على ربه فإذا أوتي الرسول بجوامعها كان دالا على ربه أدل دليل فكان الرسول من حيث نشأته الروحية مشتملا على الفردية الثلاثة الأولية ( فأشبه الدليل ) المنتج للمعاني ( في تثليثه والدليل دليل لنفسه ) على ربه لحديث النبي عليه السلام : « من عرف نفسه فقد عرف ربه » .
 
فكل نفس دليل لنفسه على ربه ولا يدل نفس شخص لنفس شخص آخر على رب ذلك الآخر لذلك قال النبي عليه السلام من عرف نفسه ولم يقل من عرف نفسا فظهر أن اللام في قوله والدليل للاستغراق أي كل واحد من أفراد الدليل دليل لنفسه على ربه لا للعهد كما زعم بعض الشارحين.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين. وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها. فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)
قلت: أراد بالفردية انفراده، علیه السلام، بالمقام المحمود.
قوله: أول الأفراد الثلاثة يعني أن الواحد وإن كان أصل العدد، فإنه ليس من العدد "، فإن التعدد ما يعقل إلا من الثاني فصاعدا، فالاثنان هما أول أزواج العدد وأول العدد کله أيضا، وأما الثلاثة فهي كما ذكر الشيخ، رضي الله عنه، أول أفراد العدد، وأما الخمسة والسبعة وسائر الأفراد فهي ناشئة بعد رتبة الاثنين، فكأنه، رضي الله عنه، أشار إلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم، هو الفرد الأول فأشبه الثلاثة، فكأن قائلا قال له: فلم لا أشبه الواحد فإنه أصل ومحمد، عليه السلام، أصل؟
فأجاب: بأنه، عليه السلام، هو الدليل على ربه، عز وجل، ومن شأن الدليل أن يكون مثلث الكيان يعني مقدمتين ونتيجة، فهو ثلاثة أركان أو ثلاثة حدود وهو الأصغر والأوسط والأكبر.
 
قال: وإنما حبب إليه من الدنيا ثلاث، لأن حقيقة التثليث موجودة بالذات فيه.
قال: وقدم النساء، اشارة إلى ظهور حواء من آدم، عليه السلام، من ضلعه فهي جزء من آدم فقدمت فقدم النساء من أجل ذلك.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)
 
 27 -  فصّ حكمة فردية في كلمة محمّدية صلَّى الله عليه وآله وسلَّم
قال العبد : قد قدّمنا في شرح فهرس الفصّ ، علَّة استناد هذه الحكمة الكليّة الفردية إلى الكلمة الكاملة الإلهية ، وسيرد في متن الفصّ وشرحه ما فيه بلاغ ، ولكنّا نومئ إلى أوّلية المرتبة الفردية ، فإنّ للفردية مراتب ظهور ، وهي في كل مرتبة علَّة للإنتاج وسبب للإثمار .
"" جاء الوارد في هذه الحكمة بعبارتين دالَّتين على حقيقة واحدة :
إحداهما : حكمة كلَّية لكونها أحدية جمع جميع الحكم الجمعية الكلَّية المتعيّنة في كلّ كلّ منها كلَّية فهي كلّ كلّ منها .
والثانية : حكمة فردية لأسرار وحقائق يكشف لك عن أصولها وفصولها في شرح حكمته صلَّى الله عليه وسلَّم . ""
فنقول والله المؤيّد بأيد أيّدة لعبده المؤيّد بها ثمّ بما من عنده - :
قد علمت فيما تقدّم :
أنّ أوّل المراتب الذاتية الإطلاق واللاتعيّن ، وهو غيب غيب ذات الذات الإلهية .
والمرتبة الثانية التعيّن الأوّل الذاتي الأحدي الجمعي الذي به تعيّنت العين لعينها ، وتحقّقت الحقيقة الذاتية لذاتها وحقيقتها التي هي عين الذاتية ، وتسمّى حقيقة الحقائق الكبرى عندنا ، ولهذا التعيّن الأوّل الأحدية من وجه ، والوترية من وجه ، والشفعية من وجه .
أمّا شفعيته فلأنّه شفع مرتبة الغيب الذاتي الإطلاقي بتعيّنه وتميّزه عن اللاتعين .
وأمّا وتريّته فلأنّه امتاز بنفس التعيّن عن اللاتعين الذي نسبته إلى العين كنسبة التعيّن سواء ، فإنّ العين المتعيّنة بالتعيّن الأوّل من حيث هي هي اللامتعيّنة في اللاتعين والإطلاق ، بل التعين واللا تعين نسبتان لها ذاتيتان ، ليست إحداهما أولى من الأخرى ،
ومع كونها عينهما فهي مطلقة عن الجمع بينهما والإطلاق عنهما ، ولكنّ المتعيّن الأوّل بالتعين الأوّل لمّا امتاز بنفس التعين عن اللاتعين وليس ثمّة من يشفع أحديته ،
إذ هو أحدية جمع جميع التعينات المعنوية المرتبية للحقائق ، بقي وترا وهو أوّل مرتبة الوتريّة ، إذ ليس في مرتبة اللاتعين والإطلاق حكم ولا اسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف ولا علم ، فلا شفع ولا وتر ولا واحد ولا فرد ولا غير ذلك .
 
وأمّا أحديّته فلكون هذا التعين عين المتعيّن ، لا زائد عليه إلَّا في تعقّلنا ، فإنّه تعيّن الذات بذاتية الذات ، فلا اثنينية ولا كثرة ، فلها الأحديّة ، فالأحدية والوترية والشفعية مستندها إلى هذا التعين الأوّل الذاتي العيني ، وللعين الجمع بين التعين واللا تعين ، والقيد والإطلاق ، وللتعين الأوّل الجمع بين الشفعية والوترية والأحدية ، كما مرّ .
فظهرت في مجموع هذه المراتب الثلاث الفردية الأولى ، وكذلك للتعيّن الأوّل وللعين ، فتعيّنت الحقيقة البرزخية الجمعية بين الإطلاق والتعيّن ، وبين التعيّن والمتعيّن ، وبين الشفعية والوترية ، بمعنى أنّ هذه الحقيقة البرزخية ، لها الجمع ولها الفصل بين الطرفين ، وهي عين الطرفين في هذه المراتب كلَّها .
 
وهذه البرزخية برزخية الحقيقة الإنسانية الأحدية الجمعية الأزلية الأبديّة المحمدية التي هي الأحدية الجمعية الكمالية الذاتية الأولى ، ولها جمع الجمع الأوّل ، وصورته في أوّل المرتبة النبويّة الإنسانية البشرية آدم عليه السّلام ، وفي آخر المرتبة النبويّة الكمالية الجمعية الختمية محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وله أحدية جمع جمع الحقائق الإلهية والحقائق الكمالية الإنسانية ، ولهذه الحقيقة المحمدية المشار إليها الفردية الأولى ، ومنها تفرّعت الفرديات في جميع المراتب المعنويّة والروحانية والإلهية والكونية وغيرها ، فأسند الشيخ  رضي الله عنه هذه الحكمة للكلمة الكاملة المحمدية ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه  : ( إنّما كانت حكمته فردية ، لأنّه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ، ولهذا بدىء به الأمر وختم ، فكان نبيّا وآدم بين الماء والطين ، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيّين وأوّل الأفراد " الثلاثة" .).
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الفردية له من كونه أكمل النوع الإنساني الكمالي ، لأنّ الفردية مخصوصة كما ذكرنا بالإنسان الكامل ، ولا أكمل من محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم فله الفردية الحقيقية الغيبيّة العينية المشار إليها من حيث حقيقته ومعنويته.
 
أوّلا في عالم المعاني ، ثمّ بنشأته الروحانية كان نبيّا مبعوثا إلى كافّة الأرواح النبوية ،
ثمّ بنشأته العنصرية كان خاتم النبيين ، فحصلت الفرديّة الأولى ، وله الفردية الجامعة بين البدء والفاتح ، والختام الواضح ، ونبوّة روحانيته بالكمال الراجح ،
وثمّ سر آخر :
وهو أنّ الفردية جامعة بين الشفع الأوّل الذي هو اثنان والوتر الأوّل لأنّ أوّل الأفراد « الثلاثة » ، وهي تجمع بين الاثنين والواحد ، وبالجمع تحصل فرديته ، فهو أعني الثلاثة الفردية من الأعداد - الأوّل ، وليس هذا للأحدية ولا للواحد ولا للاثنين ، فافهم .
 
فإن قلت : الاثنان يجمع بين الأحدية والاثنيّنية .
قلنا : ليس له الفردية كما لأوّل الأفراد .
قال رضي الله عنه  : ( وما زاد على هذه الأوّلية من الأفراد فإنّه عنها ، فكان عليه السّلام أدلّ دليل على ربّه ، فإنّه أوتي جوامع الكلم التي هي مسمّيات أسماء آدم ) .
يعني  رضي الله عنه  : مسمّيات الأسماء التي علَّمها الله آدم والكلمات الإلهية ، وإن كانت لا تنفد ، فإنّها لا تتناهى ، وهي أعيان الممكنات ، لكنّها تنحصر في أمّهات ثلاث :
الأولى : هي الحقائق والأعيان الفعلية المؤثّرة الوجوبية الإلهية .
والثانية : الحقائق الانفعالية الكيانية المربوبية الإمكانية .
والثالثة : الحقائق الجمعية الكمالية الإنسانية .
والكلّ أمّهات الشؤون الذاتية ، وللحقيقة العينيّة الذاتية الإحاطة والإطلاق ، فهذه الكلم هي الكلم التي أوتيها محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم فجمعها ببرزخيته المذكورة .
قال رضي الله عنه  :  ( فأشبه الدليل في تثليثه ) .
 
يشير رضي الله عنه : إلى التثليث المذكور في أوّل الفصّ المحمدي الصالحي فتذكَّر ، وهذا التثليث يتضمّن التربيع - كما ذكرنا - فإنّ الدليل وإن كان مثلَّث الكيان ، فإنّه مربّع الكيفية ، وقد ذكر ، فلا نعيد ، فاذكر .
قال رضي الله عنه  : ( والدليل دليل لنفسه ) أي دلالته ذاتية له وهي أيضا ثلاثية ، إذ لا بدّ من دليل ومدلول ودلالة .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)
 
 27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
إنما خصت الكلمة المحمدية بالحكمة الفردية ، لأنه صلى الله عليه وسلم أول التعينات الذي تعين به الذات الأحدية قبل كل تعين فظهر به من التعينات الغير المتناهية ، وقد سبق أن التعينات مرتبة ترتب الأجناس والأنواع والأصناف والأشخاص مندرج بعضها تحت بعض ، فهو يشمل جميع التعينات ، فهو واحد فرد في الوجود لا نظير له إذ لا يتعين من يساويه في المرتبة ليس فوقه إلا الذات الأحدية المطلقة المتنزهة عن كل تعين وصفة واسم ورسم وحد ونعت فله الفردية مطلقا ، ولشموله كل تعين سماه الشيخ أيضا لمعنى هذا الفص:
فص الحكمة الكلية ، ولا فرق بينهما إلا بالاعتبار ، فإن هذا التعين بالنسبة إلى سائر التعينات كلى الكليات ، وقد مر في الفص الموسوي أن الأنبياء لهم التعينات الكلية ، وقد يتناول حتى التعينات الشخصية ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في حديث القيامة « إنه يجيء النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الرجل الواحد والنبي وليس معه أحد » فله الجمعية المطلقة ، ولذلك جاء في حقه وحق أمته 
"وكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً " وجاء أيضا "وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ " ،  "وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ " .
ولا شك أن الحق تعالى له إلى كل تعين نسبة مخصوصة تلك النسبة مع الذات اسم من أسماء الله تعالى يرتبط به هذا الشخص المتعين باللَّه تعالى يربيه به ، فمن هذا يعلم أن الاسم الأعظم لا يكون إلا مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء ، ومن فرديته يعلم سر قوله : « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » وكونه خاتم النبيين وأول الأولين وآخر الآخرين ومن كليته وجمعيته سر قوله :
« أوتيت جوامع الكلم » وكونه أفضل الأنبياء فإنهم في التصاعد وسعة الاستعداد والمرتبة ينتهون إلى التعين الأول ولا يبلغونه ، وسر اختصاصه بالشفاعة إلى غير ذلك من خصائصه .
(وإنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنسانى فلهذا بدىء الأمر به وختم فكان نبيا وآدم بين الماء والطين ، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين ) علل الشيخ فرديته بكونه أكمل أفراد النوع الإنسانى ، لأن الأكمل جامع للأحد والشفع والوتر ، أما الأحد فلأن هذا التعين عين الذات الأحدية أعنى عين المتعين لا زائد عليه إلا في التعقل ، فإنه تعين بعلمه بذاته فلا يكثر إلا بالاعتبار ،
ولا شك أن هذا الاعتبار شفع الأحدية فجعلها الواحدية وهي الوترية التي هي بالتثليث ( وأول الأفراد الثلاثة ) فتحقق أن أول التثليث الاعتباري إنما هو بالعلم والعالم والمعلوم ، ومظهره في الوجود هو هذا الأكمل بجامع الأحدية والشفعية والوترية : أي الواحدية التي هي الذات والصفة والاسم ، وتسمى باصطلاحهم : حقيقة الحقائق الكبرى ، والبرزخ الجامع ، وآدم الحقيقي ، والعين الواحدة .
"" أضاف بالي زاده :-
وأوله الإفراد : أي أول ما يوجد من الفردية الثلاثة : وهي الأحدية الذاتية ، والأحدية الصفاتية ، والحقيقة المحمدية . أهـ بالى زاده  ""
 
قال رضي الله عنه :  ( وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنه عنها ، فكان صلى الله عليه وسلم أدل دليل على ربه ، فإنه أوتى جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم )
يعنى مسميات الأسماء التي علمها الله آدم ، والكلمات الإلهية وإن كانت لا تنفد فإنها لا تتناهى لكنها تنحصر مع لا تناهيها في أمهات ثلاث ،
أولها : الحقائق والأعيان الفعلية الوجوبية الإلهية.
والثانية : الحقائق الانفعالية الكونية المربوبية .
والثالثة : الحقائق الجمعية الكمالية الإنسانية ، والكل أمها الشؤون الذاتية والحقيقة العينية الذاتية الإحاطية ، فهذه الكلمة جوامع الكلم التي أوتيها محمد صلى الله عليه وسلم فجمعها بالبرزخية المذكورة ( فأشبه الدليل في تثليثه ) يعنى ما ذكر في الفص الصالحي من تثليث الدليل ( والدليل دليل لنفسه ) أي دلالته ذاتية له ، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام مظهر الاسم الهادي ، والحقيقة هو الهادي وهي المهدى فهو دليل لنفسه على نفسه .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:49 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 13 أبريل 2020 - 7:05 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثانية الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-                                  الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.  وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)


27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
وفي بعض نسخ الشيخ : ( فص حكمة كلية ) . إنما كانت حكمته ( فردية ) لانفراده بمقام الجمعية الإلهية الذي ما فوقه إلا مرتبة الذات الأحدية ، لأنه مظهر الاسم ( الله ) ، وهو الاسم الأعظم الجامع للأسماء والنعوت كلها .
ويؤيده تسمية الشيخ لهذه الحكمة بالحكمة ( الكلية ) ، لأنه جامع لجميع الكليات والجزئيات .
لا كمال للأسماء إلا وذلك تحت كماله ولا مظهر إلا وهو ظاهر بكلمته .
وأيضا ، أول ما حصل به الفردية إنما هو بعينه الثابتة ، لأن أول ما فاض بالفيض الأقدس من الأعيان هو عينه الثابتة ، وأول ما وجد بالفيض المقدس في الخارج من الأكوان روحه المقدس .
كما قال رضي الله عنه  : ( أول ما خلق الله نوري ) .
 
فحصل بالذات الأحدية والمرتبة الإلهية وعينه الثابتة الفردية الأولى ولذلك قال رضي الله عنه :
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ، ولهذا بدئ به الأمر وختم : فكان نبيا وآدم بين الماء والطين . ثم ، كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين . ) وإنما كان أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ، لأن الأنبياء ، صلوات الله عليهم أجمعين ، أكمل هذا النوع ، وكل منهم مظهر لاسم كلي ، وجميع الكليات داخل تحت الاسم الإلهي الذي هو مظهره ، فهو أكمل أفراد هذا النوع .
 
ولكونه أكمل الأفراد ، بدئ به أمر الوجود بإيجاد روحه أولا ، وختم به أمر الرسالة آخرا بل هو الذي ظهر بالصورة الآدمية في المبدئية ، وهو الذي يظهر بالصورة الخاتمية للنوع . ويفهم هذا السر من يفهم سر الختمية فلنكتف بالتعريض عن التصريح . والله هو الولي الحميد .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأول الأفراد الثلاثة ، وما زاد على هذه الأولية ) أي ، على هذه الفردية الأولية التي هي الثلاثة ( من الأفراد فإنه عنها . ) وهذه الثلاثة المشار إليها في الوجود هي الذات الأحدية ، والمرتبة الإلهية ، والحقيقة الروحانية المحمدية المسماة ب‍ ( العقل الأول ) .
وما زاد عليها هو صادر منها . كما هو مقرر أيضا عند أصحاب النظر أن أول ما وجد هو العقل الأول .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان ، عليه السلام ، أدل دليل على ربه ، فإنه أوتى جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء "آدم " ) أي ، وإذا كان الروح المحمدي ، صلى الله عليه وسلم ، أكمل هذا النوع ، كان أدل دليل على ربه ، لأن الرب لا يظهر إلا بمربوبه ومظهره ، وكمالات الذات بأجمعها إنما يظهر بوجوده ، لأنه أوتى جوامع الكلم التي هي أمهات الحقائق الإلهية والكونية الجامعة لجزئياتها .
وهي المراد بمسميات أسماء آدم ، فهو أدل دليل على الاسم الأعظم الإلهي ( فأشبه الدليل في تثليثه . )
أي ، صار مشابها للدليل في كونه مشتملا على التثليث . وهو الأصغر ، والأكبر ، والحد الأوسط . (والدليل دليل لنفسه ) اللام  للعهد .
أي ، هذا الدليل الذي هو الروح المحمدي هو دليل على نفسه في الحقيقة ، ليس بينه وبين ربه امتياز إلا بالاعتبار والتعين ، فلا غير ليكون الدليل دليلا له .
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين. وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)
 
الفصّ المحمدي
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنّما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النّوع الإنسانيّ ، ولهذا بدأ به الأمر وختم ، فكان نبيّا وآدم بين الماء والطّين ، ثمّ كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين ، وأوّل الأفراد الثّلاثة ، وما زاد على هذه الأوّليّة من الأفراد فإنّها عنها ، فكان صلّى اللّه عليه وسلّم أدلّ دليل على ربّه ، فإنّه أوتي جوامع الكلم الّتي هي مسمّيات أسماء آدم فأشبه الدّليل في تثليثه ، والدّليل دليل لنفسه ) .
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بجميع الكمالات التي أولها الفردية الأولى ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى سيد الكائنات محمد المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى آله وسلم ؛ لكونه أجمع لكمالات الأولين والآخرين من الرسل والأنبياء والملائكة والأولياء ؛ فلذلك وقع في بعض النسخ حكمة كلية ؛
"" أضاف المحقق :
(إنما اختصت الكلمة المحمدية بالحكمة الفردية ؛ لأنه صلّى اللّه عليه وسلّم أول التعينات الذي تعين به الذات الأحدية قبل كل تعين فظهر به من التعينات الغير المتناهية ، وقد سبق أن التعينات مرتبة ترتيب الأجناس والأنواع والأصناف والأشخاص مندرج بعضها تحت بعض ؛ فهو يشمل جميع التعينات . ) القاشاني ""
 
وإليه الإشارة بقوله : ( إنما كانت حكمته ) ، أي : العلم المختص به ( فردية ) ؛ لأنها جمعية ، وأولها الفردية الأولى ، وإنما كانت حكمته جمعية ؛ ( لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ) الذي هو أكمل أنواع الموجودات ، فهو في أقصى مراتب جمع الكمالات ؛
( ولهذا ) أي : ولكونه في أقصى مراتب جمع الكمالات ، وهي مطلوبة بالذات ، ( بدئ به الأمر ) ، أي : أمر الكمالات الإنسانية من النبوة والولاية النبوية والرسالة ( وختم ) به ؛ لأنه لما كان مطلوبا بالذات كان صلة غائية ، ومن شأنها التقدم في الذهن ، والتأخر في الخارج ،
( فكان ) باعتبار روحه الجامع للكمالات ( نبيّا ) ، واكتفي بذكره عن ذكر اللازم وهو الولاية ، ولم يذكر الرسالة ؛ لأنها باعتبار انتسابها إلى المبعوث إليهم تتوقف عليهم ، ( وآدم بين الماء والطين ) ، أي : لا ماء ولا طينا ، فإن المتوسط من الأمرين لا يكون عين أحدهما ؛ وذلك لأن نبوته ذاتية ككمالاته بخلاف كمالات غيره ، فتوقفت نبوته على شرائط .
 
( ثم ) أي : بعد كونه نبيّا ، وآدم بين الماء والطين ، ( كانت نشأته العنصرية ) التي بها آخريته ( خاتم النبيين ) قبل الوحي وبعد ، لكن إنما اشتهرت نبوته عند الوحي ؛ ولذلك لم  تعتبر العامة ما قبل ذلك ، فحصلت الجمعية بين أولية النبوة وآخريتها ، وهي مرتبة ثالثة ، ( وأول الأفراد ) أي : الأعداد المفردة ، وهي التي لا تنقسم بالمتساويين ( الثلاثة ) ، فكانت حكمته فردية ، وجمعيته وإن زادت على هذه الفردية الثلاثية ، فهي الأصل ؛
لأن ( ما زاد على هذه الفردية الأولية من الأفراد ) أي : الآحاد فإنه ناشز عنها ، فإنه لولا الجمعية لم ينضم فرد إلى آخر ، وقد ناسب بهذه الفردية فردية الحق في جمعه بين الذات والصفات والأسماء ، وقد زاد عنها الأفعال ، ( فكان أدل دليل على ربه ) لظهوره بجميع ذلك فيه ، والدليل عليه جمعية كلمته ؛ لأنها عن كمال العلم ، وهو بمشاهدة المعلومات بمرآة الحق الموجبة لكمال تجليه ، ( فإنه « أوتي جوامع الكلم")، رواه ابن حبان
 
كما ورد به الخبر ، وهي جامعة الأسماء آدم التي فضل بها الملائكة ؛ لدلالتها على الحقائق ( التي هي مسميات أسماء آدم ) ، لكنه عليه السّلام علمها بالألفاظ المتفرقة ، ونبينا عليه السّلام علمها بالألفاظ الجامعة لكمال جمعيته ، ولما كان أدل دليل على ربه باعتبار هذه الفردية ، ( فأشبه الدليل ) النظري ( في تثليثه ) من تركبه من أصغر وأوسط وأكبر ، أو من ملزوم ولازم واستثناء ، أو من متعاندين واستثناء ، أو من أصل وفرع وجامع ، أو من كلي وأكثر جريانه وحكمها .
( والدليل دليل لنفسه ) ؛ لأنه عبارة عن المركب من أقوال متى سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر ، فكانت نبوته التي عن هذه الدلالة أيضا لنفسه ، وكذا الولاية إلا أنها لما كانت لخاتم الأولياء في الظاهر نسبت إليه ، وجعلت كأنها ذاتية له مع أنها دون رسالة الرسل التي هي دون ثبوتهم التي هي دون ولايتهم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)
 
27 - فصّ حكمة فرديّة في كلمة محمديّة


 تسمية الفصّ وبيان خصوصيّات الفرد
اعلم إنّ الفرد هو العدد الجامع بين الواحد والكثير ، فأحديّته أحديّة جمع من تلك الكثرة المنطوي عليها ذلك العدد ، انطواء منبئا عن التفصيل والتمييز ، فإنّ الزوج منه وإن كان له الجمعيّة المذكورة ، ولكن الغالب فيه حكم الوحدة الوجوديّة والإجمال ، والفرد منه هو الغالب فيه ، الظاهر عليه حكم الكثرة العلمية والتفصيل العددي .
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أنّ العدد هو الكاشف عن الحقائق بصورها الظاهرة سمعا وبصرا ، كشفا ختميّا منبئا عن التفصيل كنهه وهو المعبّر عنه بإراءة الأشياء كما هي - على ما هو مؤدّى دعائه في قوله : « أرنا الأشياء كما
هي » - فالفرد الذي له الوحدة الحقيقيّة الجامعة والأحديّة الذاتيّة الكاشفة هو الصالح لأن يوصف ويتبيّن به الحكمة التي في الكلمة الختميّة المحمديّة ، على ما يلوّحك على ذلك ما نبّهت عليه عند الكلام على فهرست الكتاب ونضد فصوصه .
 
وجه اختصاص الحكمة الفردية بالخاتم صلَّى الله عليه وآله
وأيضا الفرد في أصل اللغة هو الذي لا يختلط به غيره ، فهو أخصّ من الواحد ، فإنّه الواحد الخاصّ الذي له الإحاطة الكلَّية ، بحيث لا يمكن أن يختلط به ما هو غيره من أحديّة جمعيّته الذاتيّة ، فالحكمة التي تتّصف بالفرديّة هو الذي لأكمل الموجودات ،
وإليه أشار بقوله : ( إنما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ) الذي هو أكمل الأنواع ، فإنّ الكمال بحسب الجمعيّة الأسمائيّة ، فكلّ ما هو أجمع آثارا وأحكاما للأسماء فهو أقرب إلى الذات وأكمل وبيّن أنّ الجمعيّة التي في الإنسان ليست لغيره من الأنواع وكذلك شخص الخاتم منه ، فإنّ نسبته إلى غيره من الأشخاص كنسبة نوعه إلى الأنواع ، كما عرفت تحقيقه في المقدّمة ، فهو لجمعيّته الكماليّة أكمل الموجودات وأقربها نسبة إلى الذات .
 
( ولهذا بدء به الأمر وختم ) فإنّك قد عرفت في غير موضع من هذا الكتاب أنّ الآخر لا بدّ وأن يكون عين الأول بالذات ووجه تحقيقه هاهنا وتطبيقه على ما نحن فيه ، أنّ الخاتم بحقيقته التي هي البرزخ الجامع بين الواحد والأحد ، يظهر به سائر الموجودات بخصائصها وتعيّناتها ، وكأنّك قد اطَّلعت على ذلك مرارا وبيّن أنّ النبيّ إنّما هو مظهر للأشياء بخصوصيّاتها وأحكامها.
 
خاتم وآدم
( فكان ) الخاتم ( نبيّا ) مظهرا للأشياء على ما هي عليه ، آتيا بجوامع مسمّياتها ، ( وآدم ) حينئذ في تفرقة الأسماء ، ما تمّ مزاجه الجمعيّ بعد ، بل إنّما ظهرت منه نسبة ( بين الماء ) الذي هو صورة معلوميّته في حضرة العلم ، الذي عبّر عن ظاهره بالإمكان ، ( والطين ) الذي هو صورة عنصريّته الأصليّة ، وقابليّته الذاتيّة ، التي صورتها الوجود المعبّر عن ظاهره بالوجوب .
فآدم بين قاب قوسي الوجوب والإمكان ، وخاتم بنقطة النطق الإنبائي أقرب وأدنى من أن يسع فيه التمايز والتقابل ، وبذلك القرب تمكَّن أن يكون في كنه البطون منبئا عن غاية الظهور والإظهار .
هذا بأحد الاعتبارين منه . فأما بالآخر منها فيكون فيه كاشفا عن تمام الشعور والإشعار .
والأول مقتضى خصوص النبوّة والثاني خصوص الولاية ومن ثمّة قيل :
إنّ خاتم الولاية يقول : "كنت وليّا وآدم بين الماء والطين " - كما صرّح به صاحب المحبوب - وفي لفظ المصنف إشعار بهذا التفصيل ، حيث أورد الخاتم بإطلاقه .
( ثمّ ) إذا استعدّت الطينة العنصريّة الآدميّة بكمال الامتزاج الوحداني الاعتدالي لأن يظهر فيها تلك الحقيقة ، ظهرت بها ، و ( كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين ) فالنبوّة له في الطرفين ، أولا وآخرا ، وما بينهما مما ينطوي تحت برزخيّة الجامعة من الحقائق الأسمائيّة الدالة هو آدم ، الذي هو مصدر صارت تسعة ، وهي منتهى الأفراد ،
 
وحصولها إنّما هي عنها عند دورانها بنفسها على نفسها ، وهي منطوية على ما دونه من الأفراد ( فظهر أنّ ) الثلاثة بين الأفراد والأعداد لها الأكمليّة الختميّة باستجماعها صورتي بدء الكثرة التفصيليّة وختمها وبيّن أنّ هذه الأكمليّة للثلاثة إنّما هي من وصف أوليتها المستتبعة للآخريّة ، ولذلك أشار إليه في عبارته حيث قال : « وما زاد على هذه الأوليّة » علم أنّ الثلاثة - من الأفراد والأعداد الدالَّة على الحقائق بخصائصها - هو أوضح دليل على الواحد الحقيقي ، الذي هو الأول والآخر .
 
كان الخاتم صلَّى الله عليه وآله أول دليل على ربّه
( فكان - عليه الصلاة والسلام - أدلّ دليل على ربّه ) ، فتبيّن وجه اختصاص الكلمة بحكمتها .
وأمّا بيان أنّه صلَّى الله عليه وسلَّم أدل دليل على ربه : ( فإنّه أوتي ) جوامع الكلم ، المعربة عن الإجمال والتفصيل ، الكاشفة عن التنزيه في عين التشبيه ولذلك تراه قد أعرب عن أحديّة الجمع في عين التفرقة التي من أفعاله وأقواله ، وأظهر كنه بواطن الكلّ في ظواهر الكلم ،
 
وهو المشار إليه بقوله : ( جوامع الكلم التي هي مسمّيات أسماء آدم ) فإنّه إنّما ظهر بصور الكلم عند تعليم الأسماء التي لها ظاهرا ، وخاتم إنّما ظهر بحقائقها وخصوصيّاتها الكماليّة التي لسائر الأنواع والأشخاص ، ظهورا وإظهارا ، شعورا وإشعارا ، فهو الآتي بجوامع خصوصيّات الكلم بالإنباء عن خصوصيات مراتب الكمّل منها ، وذلك هو المشار إليه بمسمّيات أسماء آدم ، أي الأسماء الذي تفرّد آدم بتعليمها فالكلم هاهنا على عرفه المعروف من مطلع الكتاب .
ثمّ إنّ جامعيّة الكلم على ما ظهر إنّما يتمّ باحتياز الأسماء ومسمّياتها ، والجمعيّة التي هي عبارة عن خصوصيّة كلّ منها بمسمّاه ، ومن هاهنا قال : ( فأشبه الدليل ) أيضا ( في تثليثه ) الذي له في النشأة البدئيّة والختميّة والبرزخية الآدميّة ، كما وقفت عليه .
 
ثم يمكن أن يقال هاهنا : « إذا كان صلَّى الله عليه وسلَّم جامعا بين بدء الوجود وختم الإظهار وما بينهما من الجمعيّة الآدميّة ، فأين المدلول الذي هو دليل عليه » ؟
أشار إلى دفعه بلسان الإجمال قائلا: ( والدليل دليل لنفسه ) لا مجال للتفرقة والتفصيل ، النافيين للجمع والإجمال عند الفحص عما عليه الحقيقة الختميّة ، كما عرفت تحقيقه مرارا .
ثمّ هاهنا تلويحا حكميّا ، وهو أنّ أحديّة الجمع التي هي خصوصيّة الكمال الختميّ كما عرفت تقتضي التثليث لذاتها ، وذلك لأنّ الجمع إنّما يتحقّق بالاثنين ، وأحديّته هو الثالث الذي يثّلثه .
ومن هاهنا ترى « الختم » هو صورة « الجيم » بعينه ، غير أنّه ظهر فيه ما بطن في الجيم من النقط الثلاث التي هي صورة أحديّة الجمع - فلا تغفل .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)  
الفصّ المحمدي
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
قال رضي الله عنه :  ( إنّما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النّوع الإنسانيّ ، ولهذا بدئ به الأمر وختم ، فكان نبيّا وآدم بين الماء والطّين ، ثمّ كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين . وأوّل الأفراد الثّلاثة ، وما زاد على هذه الأوّليّة من الأفراد فإنّها عنها .)
 
فص حكمة فردية في كلمة محمدية
لا حاجة لنا أن نشتغل ببيان جهة توصيف الحكمة المنسوبة إلى كلمته صلى اللّه عليه وسلم بالفردية ، لأن الشيخ رضي اللّه عنه كفي مؤنة هذا الشغل عنا فقال : ( إنما كانت حكمته فردية ) لتفرده بالأكملية ( لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ) ، فإن الكاملين في هذا النوع هم الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين وكل منهم مظهر لاسم كلي وجميع الأسماء الكلية داخلة تحت الاسم اللّه الذي هو مظهره فهو أكمل هؤلاء الكاملين ( ولهذا ) ، أي لكونه أكمل النبيين ( بدىء به الأمر ) ، أي أمر النبوة ( وختم ) به ما بدئ به بحسب روحانيته ( وكان نبيا وآدم بين الماء والطين ) « 1 » ، رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير وابن أبي شيبة في مصنفه
أي بين الروح والجسد وقيل : بين الصورة العلمية التي هي عينه الثابتة وبين صورته العنصرية ( ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين ) ثم يشير رضي اللّه عنه إلى وجه آخر في توصيف حكمته صلى اللّه عليه وسلم بالفردية فنقول :
( وأول الأفراد ) ، أي الأفراد العددية ( الثلاثة ) ، فإن الواحد ليس عددا ( وما زاد على هذه الأولية ) ، أي على هذه الثلاثة التي لها الأولية ( من الأفراد فإنه ) ، أي ما زاد عليها فهو متفرع ( عنها ) ، فإن الخمسة متفرعة عنها بإضافة جزأين منها إلى نفسها والسبعة من الخمسة المتفرعة عنها بإضافة جزأين منها إلى نفسها والتسعة بضرب الثلاثة في نفسها وهكذا إلى ما لا نهاية لها ، وكذلك نبينا صلى اللّه عليه وسلم من حيث روحه وجسمه وحقيقته الكلية الجامعة لهما أول الأفراد الوجودية وسائر الأفراد متفرعة عنها إذ الكل أجزاء وتفاصيل له
 
قال رضي الله عنه :  (فكان صلى اللّه عليه وسلم أدلّ دليل على ربّه ، فإنّه أوتي جوامع الكلم الّتي هي مسمّيات أسماء آدم . فأشبه الدّليل في تثليثه . والدّليل دليل لنفسه . )
 
 ( فكان عليه السلام ) مع فرديته الأولية التي هي الثلاثة ( أدل دليل على ربه ، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي ) أمهات الحقائق الإلهية والكونية الجامعة لجزئياتها كما هي ( مسميات أسماء آدم ) ، أي الأسماء التي علمها آدم ، أي أودعها في الحقيقة النوعية الإنسانية فهو أول دليل على ربه ، فإن كل دليل يكون غيره فهو جزء من أجزائه ( فأشبه ) صلى اللّه عليه وسلم ( الدليل في ) دلالته ( تثليثه ) أما دلالته وتثليثه صلى اللّه عليه وسلم فقد عرفتهما ، وأما الدليل فدلالته على مدلوله ، وأما تثليثه فباعتبار الأصغر والأكبر والحد الأوسط ، فهو صلى اللّه عليه وسلم فرد آخر فقوي فيه معنى الفردية ؛ فلذلك وصف حكمته بالفردية ، ولما شبه صلى اللّه عليه وسلم بالدليل فرّع على هذا التشبيه أمرا آخر فقال : ( والدليل ) ، أي دليل كان فإنما هو ( دليل لنفسه ) ، أي دلالته على مدلوله ذاتية لا يحتاج فيها إلى ما سواه ، وكذلك دلالته صلى اللّه عليه وسلم ذاتية لا احتياج له فيها إلى غيرها بخلاف سائر الموجودات ، فإنه لا يجيء منها شيء من غير استمداد منه ، ثم فرع رضي اللّه عنه على فرديته صلى اللّه عليه وسلم أمرا آخر
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:49 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 أبريل 2020 - 2:02 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثالثة الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت حقيقته تعطي الفرديّة الأولى بما هو مثلّث النشأة لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الوجود : «حبّب إليّ من دنياكم ثلاث» بما فيه من التّثليث . ثمّ ذكر النّساء والطّيب وجعلت قرّة عينه في الصّلاة . فابتدأ بذكر النّساء وأخّر الصّلاة ، وذلك لأنّ المرأة جزء من الرّجل في أصل ظهور عينها . ومعرفة الإنسان بنفسه مقدّمة على معرفته بربّه ، فإنّ معرفته بربّه نتيجة عن معرفته بنفسه لذلك قال صلى اللّه عليه وسلم : " من عرف نفسه فقد عرف ربّه ") .
 
قال رضي الله عنه :  (ولما كانت حقيقته) صلى اللّه عليه وسلم (تعطي الفردية الأولى) الروحية (بما) ، أي بسبب المظهر الواحد الذي (هو مثلث النشأة) ، أي الخلقة يعني خلقته قائمة على ثلاثة أصول هي أفراد في العالم ، وهي الأطباق الثلاث التي قال اللّه تعالى: "لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ" [ الانشقاق : 19 ] وهو الهيكل الشريف الذي ظاهره جسماني ، وباطنه روحاني ، وبرزخه نفساني ، وكل واحد من الثلاثة التي فيه عين الآخر من وجه ، وغيره من وجه وهي النقطة التي تركبت منها الحروف فكانت الكلمات .
 
قال رضي الله عنه :  (لذلك) ، أي لكونه عليه السلام مثلث النشء (قال) النبي صلى اللّه عليه وسلم (في المحبة) الإلهية السارية بالتوجه الرباني من المقام الصمداني في جميع الكلمات والمعاني (التي هي أصل) هذا (الوجود) وداعية للمعاينة والشهود (حبّب) بالبناء للمفعول للعلم بالفاعل وهو اللّه تعالى المتجلي بكل شيء (إليّ) ولم يقل : أحببت لأنه عليه السلام محبوب اللّه تعالى ، والمحبوب محب باطنا ومحبوب ظاهرا ، والمحب محبوب باطنا ومحب ظاهرا .
 
قال تعالى :"يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ"[ المائدة : 54 ] فمن زادت معرفته باللّه تعالى عرف أن اللّه تعالى يحبه فهو محبوب اللّه تعالى ، ومن نقصت معرفته عن الأول وجد فيه المحبة المتوجهة من اللّه تعالى عليه .
وفي التحقيق توجهها منه تعالى على نفسه ، فظن أنها محبته هو للّه تعالى فادعاها باطنا ، فكان محبا للّه تعالى من عدم تحقيقه في ذلك وكل مدّع ممتحن .
وبهذا السبب ابتلى اللّه تعالى المحبين وامتحنهم ، وباعتبار كونهم في التحقيق محبوبين له سبحانه أكرمهم ونعمهم وحفظهم وحرسهم .
(من دنياكم) معشر الأغيار المحجوبين بالحظوظ النفسانية تحت الأستار عن لوامع الأنوار واستجلاء وجوه الأسرار ، وقد تبرأ صلى اللّه عليه وسلم من الدنيا ونسبها إليهم لزيادة معرفته النافية للجهالة والماحية للتوهم والتخيل والضلالة .
 
قال صلى اللّه عليه وسلم الدنيا موقوفة بين السماء والأرض كالشن البالي ، تنادي ربها تعالى منذ يوم خلقها : « يا رب لم تبغضني فيقول اللّه : اسكتي يا لا شيء اسكتي يا لا شيء » . رواه عبد اللّه بن الإمام أحمد بن حنبل في فوائد الزهد لأبيه عن أبي هريرة مرفوعا (ثلاث) « 1 » من الخصال وفى كتاب الزهد لابي دنيا .
وقال القسطلاني في مواهبه : إنه وقع في الإحياء للغزالي ، وتفسير آل عمران من الكشاف ، وكثير من كتب الفقهاء : « حبب إليّ من دنياكم ثلاث ، وقالوا أنه عليه السلام قال : ثلاث ولم يقل اثنتين : الطيب والنساء .
 
وذكرها ابن فورك في جزء مفرد ووجهها وأطنب في ذلك ، وهذا يسمى عندهم طي ، وهو أن يذكر جمع ثم يؤتى ببعضه ويسكت عن ذكر باقيه لغرض المتكلم ، وأنشد الزمخشري عليه قول الشاعر :كانت حنيفة أثلاثا فثلثهم * من العبيد وثلث من مواليها وفائدة هذا الطي عندهم تكثير ذلك الشيء .
 
وقال ابن القيم وغيره : من رواه : حبب إليّ من دنياكم ثلاث فقد وهم ، ولم يقل صلى اللّه عليه وسلم : ثلاث ، والصلاة ليست من أمور الدنيا التي تضاف إليها .
 
وقال الحافظ ابن حجر في مخاريج الكشاف : إن لفظ ثلاث لم يقع في شيء من طرقه ، وزيادته تفسد المعنى . وقال العراقي في أماليه : ليست هذه اللفظة وهي ثلاث في شيء من كتب الحديث ، وهي مفسدة المعنى ، فإن الصلاة ليست من أمور الدنيا ، وكذا صرح به الزركشي وغيره . انتهى .
 
وأقول : أما كون الصلاة ليست من أمور الدنيا ، لأنها عبادة مقصودة فظاهر ، وذكرها مع الطيب والنساء والإطلاق على الثلاثة أنها من أمور الدنيا بطريق التغليب في الكلام ليس بممنوع ، كما غلب من لا يعقل على من يعقل في قوله تعالى :سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ[ الحديد : 1 ] وبالعكس في قوله تعالى :وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً[ الرعد : 5 ] والكل مسبح للّه تعالى بدليل قوله :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[ الإسراء : 44 ] والكل ساجد بدليل قوله تعالى :"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ"[ الحج : 18 ] .
 
وإذا كان الحديث مخرجا من باب التغليب في الكلام ، فلا إشكال فيه بشيء ، وأيضا لم يقل النبي عليه السلام في الثلاث إنها :
الطيب والنساء والصلاة حتى يلزم ما ذكروا ، وإنما قال : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » كما يأتي في الثالث قرة عينه في الصلاة لا الصلاة نفسها ، وقرة عينه فرحه بالصلاة ، وذلك الفرح من أمور الدنيا وإذا لم تثبت لفظة ثلاث في الرواية عند من نفاها ، فهي ثابتة عند من أثبتها كالغزالي والزمخشري وكثير من الفقهاء ،
والمصنف قدس اللّه سره ومن حفظ حجة على من لم يحفظ بما ، أي بسبب فيه ، أي في خلقته من التثليث المذكور .
 
ثم ذكر صلى اللّه عليه وسلم في بيان الثلاث الواقعة في كلامه النساء والطيب وجعلت قرة ، أي برد عينيه عليه السلام من حرارة دمع حزنهما كناية عن وجود الفرح في الصلاة ؛ ولهذا كان يقول عليه السلام لبلال : « أرحنا بها يا بلال ». رواه أبو داود في سننه والطبراني في الكبير ورواه غيرهما في الراحة بالصلاة والفرح فيها فابتدأ صلى اللّه عليه وسلم بذكر النساء وأخّر ذكر الصلاة وذلك ، أي تقديم النساء لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها ، أي ذاتها ،
لأن المرأة مخلوقة من الرجل وهي حوّاء خلقت من آدم عليه السلام ومعرفة الإنسان بجزئه مقدمة على معرفته بنفسه كلها ومعرفته بنفسه مقدمة على معرفته ،
أي الإنسان بربه تعالى فإن معرفته بربه سبحانه نتيجة عن معرفته ، أي الإنسان بنفسه والنتيجة مؤخرة عن مقدمتها لذلك ،
 
أي لكون الأمر كذلك قال النبي عليه السلام « من عرف نفسه بالفناء والاضمحلال عرف ربه » بالبقاء والوجود المحقق في كل حال ، أو من عرفها بالقيود والحدود عرفه بالإطلاق الحقيقي وكمال الوجود ، ومن عرفها بالتغير والتبدل بالأمثال عرفه بالدوام والثبوت من غير زوال ، ومن عرفها بالافتقار والاحتياج عرفه بالغنى المطلق وكمال الابتهاج ، أو من عرفها بالعجز عن معرفتها لأنها سر اللّه تعالى الظاهر عرفه بعجزه عنه بالأولى وإن ظهر في المظاهر .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى ) قوله ( بما ) يتعلق بتعطي أي تعطي الفردية الأولى بالذي ( هو مثلث النشأة ) قوله ( لذلك ) يتعلق بقوله ( قال ) وهو جواب لما أي قال الرسول
( في ) باب ( المحبة التي هي أصل الوجود حبب إليّ من دنياكم ثلاث بما ) أي قال ذلك القول أو حبب إليه ثلاث بسبب الذي وجد ( فيه ) أي في وجود محمد عليه السلام ( من التثليث ) بيان لما ( ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة فابتدأ بذكر النساء وأخر الصلاة وذلك ) أي بيان سبب تقديم النساء في الذكر على الطيب والصلاة ( لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها ) لذلك ابتدأ بذكرها ثم رجع إلى بيان قوله والدليل دليل لنفسه فقال : ( ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه لذلك ) أي لأجل أن معرفة الرب نتيجة عن معرفة الإنسان بنفسه .
( قال عليه السلام : « من عرف نفسه فقد عرف ربه ») فإن حقيقة النفس لا تدرك بكنهها كما أشار إليه النبي عليه السلام ما عرفناك حق معرفتك.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
قال رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة. فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها. ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
قلت: أراد بالفردية انفراده، علیه السلام، بالمقام المحمود.
قوله: أول الأفراد الثلاثة يعني أن الواحد وإن كان أصل العدد، فإنه ليس من العدد "، فإن التعدد ما يعقل إلا من الثاني فصاعدا، فالاثنان هما أول أزواج العدد وأول العدد کله أيضا، وأما الثلاثة فهي كما ذكر الشيخ، رضي الله عنه، أول أفراد العدد، وأما الخمسة والسبعة وسائر الأفراد فهي ناشئة بعد رتبة الاثنين، فكأنه، رضي الله عنه، أشار إلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم، هو الفرد الأول فأشبه الثلاثة، فكأن قائلا قال له: فلم لا أشبه الواحد فإنه أصل ومحمد، عليه السلام، أصل؟
فأجاب: بأنه، عليه السلام، هو الدليل على ربه، عز وجل، ومن شأن الدليل أن يكون مثلث الكيان يعني مقدمتين ونتيجة، فهو ثلاثة أركان أو ثلاثة حدود وهو الأصغر والأوسط والأكبر.
 
قال: وإنما حبب إليه من الدنيا ثلاث، لأن حقيقة التثليث موجودة بالذات فيه.
قال: وقدم النساء، اشارة إلى ظهور حواء من آدم، عليه السلام، من ضلعه فهي جزء من آدم فقدمت فقدم النساء من أجل ذلك.
قال رضي الله عنه: فإن شئت منعت أن أحدا يعرف ربه من نفس هذا الخبر حتى كأنك قلت: من عرف نفسه فقد عرف ربه؛ لكنه لا يعرف أحد نفسه فإذن لا يعرف أحد ربه. 
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
قال رضي الله عنه  : ( ولمّا كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلَّث النشئ ) يعني بروحه وجسمه وحقيقته الجامعة كما مرّ « ولذلك قال في المحبّة التي هي أصل الوجود .
" في بعض النسخ : أصل الموجودات ."
 
قال رضي الله عنه  : (« حبّب إليّ من دنياكم ثلاث » بما فيه من التثليث ، ثم ذكر النساء والطيب ، وجعلت قرّة عينه في الصلاة ، فابتدأ بذكر النساء وأخّر الصلاة ، وذلك لأنّ المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها ومعرفة الإنسان بنفسه مقدّمة على معرفته بربّه ، فإنّ معرفته بربّه نتيجة عن معرفته بنفسه ، لذلك قال صلَّى الله عليه وسلَّم -: " من عرف نفسه عرف ربّه " ) فإن شئت ، قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر ، والعجز عن الوصول ، فإنّه سائغ فيه .
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ نفس الإنسان الكامل من حيث إنّ الحق هو المتعين في عينها على إطلاقه الذاتي غير المنحصر في تعيّن وإطلاق لا تعرف ، فلا يعرف الحق ، فإنّه لا يتعلَّق العلم بالحق من حيث لا تعيّنه ، ولكن من حيث تعيّنه بعينه يعرف ، فيعرف نفسه من هذه الحيثيّة فيعرف الحق ولا يعرفه إلَّا هو ، فلا يعرف الحق إلَّا هو فلا يعرف الحق إلَّا الحق المتعين بالتعين الأوّل الذاتي الأحدي الجمعي الكمالي .
 
ولكن هذه المعرفة - من كونها استدلالية - على وجهين : من حيث الدلالة العينيّة ، ومن حيث الدلالة بالصورة ، ولأنّ الصورة المحمدية الكمالية لمّا كانت جامعة بين الصورة الإلهية الأحدية الذاتية ، وبين الصورة الأسمائية الجمعية ، كان أكمل دليل على ربّه وأتمّه .
وأمّا دلالته من حيث العين فهي أنّ العين - من كونها متعيّنة بالبرزخية الكبرى المذكورة - نفس العين المتعيّنة بالتعين الأوّل الذاتي ، فهذه دلالة نفسية .
 
وأمّا دلالته من حيث الصورة فإنّ دلالة الصورة المحمدية - من حيث تعين الحق في وجوده الكامل الجامع بين المعنى والروح والصورة - دلالة على الحق من حيث أحدية جمعه بين الكمال الذاتي والاسمائي ، والجمعيّ الإنسانيّ .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما كانت حقيقته تعطى الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الوجود « حبب إلىّ من دنياكم ثلاث » بما فيه من التثليث ثم ذكر « النساء والطبيب وجعلت قرة عينه في الصلاة » فابتدأ بذكر النساء وأخر الصلاة ، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه لذلك قال عليه الصلاة والسلام " من عرف نفسه فقد عرف ربه "،)
 
اعلم أن المرأة صورة النفس والرجل صورة الروح ، فكما أن النفس جزء من الروح فإن التعين النفسي أحد التعينات الداخلة تحت التعين الأول الروحي الذي هو الآدم الحقيقي وتنزل من تنزلاته ، فالمرأة في الحقيقة جزء من الرجل وكل جزء دليل على أصله ، فالمرأة دليل على الرجل والرجل عليها بدليل قوله « من عرف نفسه فقد عرف ربه » والدليل مقدم على المدلول فلذلك قدم النساء ،
فإن قلنا : حقيقة الحق من حيث هو المتعين بتعين الإنسان لا يعرفه إلا هو فلا يعرف حقيقة
النفس فلا يعرف حقيقته الذاتي في تعين ساغ ، وإن قلنا : إن الحق المتعين بتعين النفس :
أي الهوية المتعينة بتعينها يعرف بمعرفة تعين النفس ساغ .
وأما معرفة أكمل أفراد الإنسان المتعين بالتعين الأول وهو محمد صلى الله عليه وسلم من نفسه فهو أتم المعارف ، أما من حيث عينه فلأن العين المحمدية من حيث كونها متعينة بالبرزخية الجامعة الكبرى فهو عين الذات الأحدية من حيث كونها متعينة بالتعين الأول ، وأما من حيث صورته فلأن الصورة المحمدية جامعة للحضرة الأحدية الذاتية والواحدية الأسمائية وجميع المراتب الإمكانية من الروح والقلب والنفس والخيال والجسم ،
فكذلك الحضرة الإلهية هي الذات مع جميع الأسماء وصورها من أعيان العالم وفواعله وقوابله من أم الكتاب هو الروح الكلى الشامل لجميع الأرواح ، واللوح المحفوظ الذي هو القلب الكلى الشامل لجميع القلوب ، وعالم المثال والجسم المطلق الشامل لجميع أجسام العالم فهو أتم دليل وأوضحه على ربه لكونه أكمل المظاهر الكمالية الإلهية ،
وقوله ، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه : معناه أن كل جزء له عين ،
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
قال رضي الله عنه :  (ولما كانت حقيقته تعطى الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الوجود : "حبب إلى من دنياكم ثلاث " بما فيه من التثليث . )
أي ، لما كانت حقيقته حاصلة من التثليث المنبه عليه ، قال : ( حبب إلى من دنياكم ثلاث ) . وجعل المحبة التي هي أصل الوجود ظاهرا فيه ( ثم ذكر النساء ، والطيب ، و " جعلت قرة عينه في الصلاة " ) أي ، قدم ذكر النساء والطيب ، ثم قال آخرا : " قرة عيني في الصلاة " .
 
قال رضي الله عنه :  (فابتدأ بذكر النساء وأخر الصلاة ، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها . ) فيحن إليها حنين الكل إليه جزئه .
ولما ذكر أنه ، عليه السلام ، أدل دليل على ربه ، وقال : ( والدليل دليل لنفسه ) وأوقع على سبيل الاعتراض قوله : ( ولما كانت حقيقته تعطى الفردية )..
رجع إلى الكلام فقال : ( ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه ، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه ). لذلك قال عليه السلام : ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) وهو ظاهر .
فلا يتوهم أنه من تتميم دليل تقديم النساء وتأخير الصلاة ، إذ لا رابطة بينهما . ولو قال ومحبة الإنسان لنفسه مقدمة على محبته لغيره ، لكان كذلك .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:50 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 أبريل 2020 - 2:06 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثالثة الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت حقيقته تعطي الفرديّة الأولى بما هو مثلّث النشأة لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الوجود : " حبّب إليّ من دنياكم ثلاث" ) . رواه أحمد، والنسائى، وابن سعد، وأبو يعلى، والحاكم، والبيهقى، وسمويه، والضياء عن أنس وأورده السيوطي في الجامع الصغير  وضعففه العقيلي وذكره ابن حجر في « لسان الميزان » والعجلوني في كشف الخفاء .
قال رضي الله عنه :  ( بما فيه من التّثليث ، ثمّ ذكر النّساء والطّيب وجعلت قرّة عينه في الصّلاة ، فابتدأ بذكر النّساء وأخّر الصّلاة ،  وذلك لأنّ المرأة جزء من الرّجل في أصل ظهور عينها ، ومعرفة الإنسان بنفسه مقدّمة على معرفته بربّه ، فإنّ معرفته بربّه نتيجة عن معرفته بنفسه لذلك قال صلّى اللّه عليه وسلّم :" من عرف نفسه فقد عرف ربّه " .)
 
ثم استدل على هذه الفردية بأن وجوده كان عليها ، فقال : ( ولما كانت حقيقته )
المقتضية لهذه الكمالات التي هي النبوة والولاية النبوية والرسالة ( تعطي الفردية الأولى ) ، وهي الذات الإلهية وصفاتها وأسماؤها كمالا لظهورها ( بما هو مثلث النشأة ) من الذات والصفات ، ولمعان أوجدها الحق ليحبها وتحبه ؛ ( لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الوجود ) ، أي : سبب وجود الموجودات في قوله عزّ وجل : « كنت كنزا مخفيّا ، فأحببت أن أعرف » .
فلا يحب شيئا إلا ليتوسل به إلى حب أحد الثلاثة وإن كان غيره بحب ذلك الشيء لمعنى أدنى منه ( « حبب إليّ من دنياكم ثلاث ») ، فذكروا له الثلاث ( بما فيه من التثليث ) الموجب محبة تثليث الحق ، ومحبة كل تثليث يتوسل بها إلى محبة تثليث الحق ، ( ثم ذكر ) تفصيل الثلاث التي يتوسل بها إلى محبة تثليث الحق ، ( النساء ) لحب الذات ، ( والطيب ) لحب الصفات ، ( « وجعلت قرة عينه في الصلاة ») ؛ لحب الأسماء .
( فابتدأ بذكر النساء ) ؛ لتقدم اعتبار الذات ، ( وأخر الصلاة ) لتأخير اعتبار الأسماء ، إذ هي مجموع الذات والصفات ،
( وذلك ) أي : كون حب النساء حب الذات ؛ ( لأن المرأة جزء من الرجل ) لا في ظهور جميع أفرادها ، بل ( في أصل ظهور عينها ) ؛ لأن حواء خلقت من ضلع آدم عليه السّلام ، فحبها حب الشيء لجزئه الذي هو على صورته ، فهو مظهر حب الحق لما هي على صورته ، ومرجعها حب الشيء لنفسه الموجب لمعرفتها الموجبة لمعرفة ربه ، إذ ( معرفة الإنسان بنفسه ) الحاصلة من حبها ، ( مقدمة على معرفته بربه ) الموجبة لحبه ، ( فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه ) ، والنتيجة مؤخرة عن المنتج ، فمعرفة النفس دليل على معرفة الرب المستلزمة لحبه ، والدال على الملزوم دال على اللازم ، فهي دلالة على حبه ؛
( ولذلك ) أي : ولإنتاج معرفة النفس معرفة الرب ، ( قال عليه السّلام :" من عرف نفسه ، فقد عرف ربه") .
ولما كانت هذه مقدمة واحدة لا تكفي في النتيجة ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )
 
ظهور التثليث في الكلام النبويّ
(ولما كانت حقيقته تعطي الفرديّة الأولى بما هو مثلَّث النشء ، لذلك قال : في المحبّة التي هي أصل الوجود : "حبّب إليّ من دنياكم ثلاث " ) فعبّر عن ذلك الأصل ( بما فيه التثليث ) الذي فيه كمال التفصيل وختمه ، وهو لفظ « حبّب » الملوح على الثلاثة عقدا .
وحيث أنّ أصل الوجود يقتضي الإجمال عبّر عنه بصيغة المبنيّ للمفعول الذي فيه ، ثم أوصلها بـ « إلى » و « من » ، الدالتين بحسب أصل الوضع على المبدء والغاية ، الذي عليهما مبنى أمر الوجود ، كما لوّح إليه بقوله : " أجد نفس الرحمن من جانب اليمن " . المعجم الكبير للطبراني
ثم أشار إلى النشأة الجامعة وما يترتّب عليها ويثمر شجرة جمعيّتها ممّا ينبئ عمّا عليه أمره - وهو صورة التفصيل العدديّ - بقوله : " دنياكم ثلاث " .
 
لميّة ذكر النساء والطيب والصلاة في الحديث
( ثم ) بيّن تلك الصورة بتفصيل الأفراد بأعدادها وأحكامها و ( ذكر النساء والطيب ) الذين بهما عبّر عن جملة ما يحتظى به ويستلذّ منه بحسب ظهوره لنفسه من الملاذّ الحسّية المحصورة في الصور الخمسة .
فإنّ النساء قد اشتملت على الثلاثة منها : على مدرك اللمس وما يجري مجراها وهو الذوق ، وعلى مدرك البصر والطيب يشمل على الاثنين منها ، يعني مدرك السمع والشم وذلك لأنّ الطيب في الحقيقة عبارة عن الهواء الحامل لما يستلذّه الحاسّة ، وهو شامل للمدركين .
 
ثمّ إنّ هذه المستلذات الدنياويّة التي بحسب ظهور الشخص لنفسه ممّا اشترك فيه سائر الناس ، بل الحيوانات أيضا ، وما تفرّد به الكمّل من أفراد الإنسان ، كالأنبياء ومن يحذو حذوهم - من مستلذّات الدنيا ، هي التي لهم بحسب الإظهار على الأمم والتابعين من أهل نسبتهم ، وبه قرّت أعينهم وانبسطت ذواتهم وشاعت خصوصيّاتهم ،
وذلك بوضعهم الصور والنواميس المختصّة بهم ومواطأتهم لها ليقتدي بهم الأمم عند التزامهم إيّاها ، ويستوثق بذلك رقيقة النسبة التي بها يتصرّف الكمّل في أصحابهم وأممهم ، حتّى يتمكَّنوا من هدايتهم وتسليكهم مسالك الرشد والتكميل ، كالصلاة مثلا للخاتم وبيّن أنّ هذا النوع من الملاذّ إنّما يتمّ بجعل من الله وإلقاء قبول منه في قلوب الأمم ،
وإليه أشار بقوله : ( وجعلت قرّة عينه في الصلاة ) - من قولهم : « قرّت عينه » : أي سرّ
وانبسط - فإنّه بالصلاة التي هي أتمّ الصور الموضوعة وأكمل النواميس المنزلة ، انبسطت خصوصيّة عينه وذاته ، وذلك الانبساط غاية ما يستلذّ به الإنسان في الدنيا ، سيّما المبعوثين للدعوة والإظهار والخاتم لهم .
 
وقد رأيت في كلام الشيخ المؤلف عند تحقيق معنى قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « آخر ما يخرج من رؤس الصديقين حبّ الجاه » أنّ « يخرج » هاهنا بمعنى يطلع ويبرز ، وهذا مما يؤيّد ما نحن فيه .
 
( فابتدأ بذكر النساء ) التي هي مولد كمال الظهور ( وأخّر الصلاة ) التي هي منتهى أمر الإظهار ( وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها ) .
 
من عرف نفسه عرف ربّه
(ومعرفة الإنسان بنفسه مقدّمة على معرفته بربّه ، فإنّ معرفة ربّه نتيجة عن معرفته بنفسه ) ومعرفة الإنسان بنفسه هي الدليل على معرفته بربّه ، فإنّ نفس الإنسان لاشتمالها على أول الأشكال - الذي هو أبينها وأجمعها لوجوه المتقابلات والمتناقضات - هي التي يصحّ أن يستنتج منه المعرفة التامّة المنطوية على مقدّمتي التنزيه والتشبيه ، ( لذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : " من عرف نفسه فقد عرف ربّه ").
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه». )


قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت حقيقته تعطي الفرديّة الأولى بما هو مثلّث النشأة لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الوجود : « حبّب إليّ من دنياكم ثلاث » بما فيه من التّثليث . ثمّ ذكر النّساء والطّيب وجعلت قرّة عينه في الصّلاة . فابتدأ بذكر النّساء وأخّر الصّلاة ، وذلك لأنّ المرأة جزء من الرّجل في أصل ظهور عينها .)
 
(ولما كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشء ) ، أي بسبب أن نشأته بحسب روحه وجسمه وحقيقته الجامعة ثلاث ( ولذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الوجود حبب إليّ من دنياكم ثلاث بما فيه من التثليث ) ، وتبرأ أي من ذلك ، ومحبة هذه الأمور الثلاثة إنما انتشأت من نشأته الثلاث لكن وجهه خاف علينا ( ثم ذكر ) صلى اللّه عليه وسلم في معرض بيان هذه الأمور الثلاثة : ( النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة فابتدأ بذكر النساء وأخر الصلاة وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها ) . رواه الحاكم في المستدرك ولفظه : عن أنس رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « حبب إلي النساء والطيب ، وجعلت قرّة عيني في الصلاة » ، والنسائي ورواه غيرهما .
ومعرفة الجزء الذي هو المرأة مقدمة على معرفة الكل الذي هو الرجل من أفراد الإنسان
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعرفة الإنسان بنفسه مقدّمة على معرفته بربّه ، فإنّ معرفته بربّه نتيجة عن معرفته بنفسه لذلك قال صلى اللّه عليه وسلم : «من عرف نفسه فقد عرف ربّه».)
 
( ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفة ربه ، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه ، لذلك قال عليه السلام : « من عرف نفسه فقد عرف ربه » ) أورده العجلوني في كشف الخفاء .
فمعرفة المرأة مقدمة على معرفة ربه ومن البين أن الصلاة مما تتفرع على معرفة الرب فلذلك قدمت النساء على الصلاة . فإن شئت قلت بمنع المعرفة ، أي معرفة ربك بكنهه وحقيقة ذاته
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:50 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 أبريل 2020 - 2:11 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الرابعة الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال رضي الله عنه : ( فإن شئت قلت بمنع المعرفة في الخبر والعجز عن الوصول فإنّه سائغ فيه ، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة . فالأوّل أن تعرف أنّ نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربّك ؛ والثّاني أن تعرفها فتعرف ربّك . فكان محمّد صلى اللّه عليه وسلم أوضح دليل على ربّه ، فإنّ كلّ جزء من العالم دليل على أصله الّذي هو ربّه فافهم . )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن شئت) يا أيها السالك (قلت بمنع المعرفة) للّه تعالى مطلقا (في هذا الخبر) الوارد (و) بحصول (العجز) من كل مؤمن (عن الوصول إلى جنابه) تعالى كما قال الصديق الأكبر رضي اللّه عنه « العجز عن درك الإدراك إدراك » .
وورد قول الملائكة عليهم السلام : « سبحانك ما عرفناك حق معرفتك يا معروف » ، أي المعرفة اللائقة بك لعجزنا عن ذلك فإنه ، أي هذا المعنى سائغ ، أي مستقيم صحيح فيه ، أي في هذا الخبر المذكور وإن شئت يا أيها السالك قلت بثبوت المعرفة للّه تعالى في هذا الخبر .
 
فالأوّل وهو منع المعرفة معناه أن تعرف يا أيها السالك أن نفسك لا تعرفها لامتناع معرفتها عنك بكثرة تنوّع أحوالها الباطنية والظاهرية وسرعة تغيرها وانتقالها في الأطوار على التوالي كما قال تعالى :وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً [ نوح : 14].
فلا تعرف ربك المتجلي عليك بنفسك ، فإنك إذا لم تعرف آثار التجلي لا تعرف المتجلي بالطريق الأولى .
 
والثاني ، أي ثبوت المعرفة باللّه تعالى (أن تعرفها) ، أي نفسك بوجه من وجوهها في كل حال تكون فيه ولا تغفل عنها وتضبط الطور التي هي فيه قبل أن تنتقل إلى غيره وهكذا بالذوق والوجدان (فتعرف) بسبب ذلك (ربك) من وجه تجليه عليك في حال بعد حال وشأن بعد شأن ، كما قال تعالى :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ[ الرحمن : 29 ]
وقال :وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ[ يونس : 61 ] .
) قال رضي الله عنه :  فكان محمد صلى اللّه عليه وسلم أوضح دليل على ربه( تعالى لجمعيته الكلية للأفراد الثلاثة الأصلية جمعية كشف وشهود في جميع ذوات الوجود ، وإن كان كل شيء أيضا جامعا لكل شيء باعتبار وجود الأصول الثلاثة فيه كما ذكرناه ، ولكن لا يلزم منه تحققه بذلك في نفسه وخروجه عن توهمه وحسه .
 
قال تعالى :لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ( 4 ) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ ( 5 ) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ( 6 ) [ التين : 4 - 6 ] .
ودخل في الإنسان المؤمن والكافر والمطيع والعاصي ؛ ولهذا صح الاستثناء بعده ، فليس في كل من خلق في أحسن تقويم يكشف له أنه مخلوق في أحسن تقويم بل يعرف ما معنى أحسن تقويم ؛ ولهذا قال تعالى باعتبار أهل الخصوص :وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ[ الإسراء : 105 ] .
وهو اللّه تعالى الذي قال سبحانه :مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ( 21 ) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ( 22 ) [ البروج: 20 - 22 ] .
 
 وهي الأمثال التي قال تعالى :وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ( 43 ).
قال رضي الله عنه :  )فإن كل جزء من( أجزاء )العالم( المحسوس والمعقول والموهوم )دليل( واضح عند أهله )على( ثبوت )أصله الذي هو ربه( تعالى والجامع لجميع الأجزاء عن حس ووجدان وشهود وعيان دليل لا أوضح منه على ثبوت الأصل لتضمنه كل الأدلة )فافهم( يا أيها السالك معنى الحقيقة المحمدية السارية في كل شيء عند من تحقق بها بمعونة القدير المالك .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر والعجز عن الوصول فإنه سائع فيه ) فإن حقيقة النفس لا تدرك بكنهها كما أشار إليه النبي عليه السلام ما عرفناك حق معرفتك ( وإن شئت قلت بثبوت المعرفة ) وهو بحسب كمالاتها لا بحسب حقيقتها
( فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك فأنت ) عالم بعدم علمك نفسك وربك
( والثاني أن تعرفها فتعرف ربك فكان محمد عليه السلام أوضح دليل ) لنفسه ( على ربه ) وإنما كان أوضح دليل
( فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه ) ومحمد عليه السلام لما كان عبارة عن مجموع حقائق ما في العالم كان أوضح دليل فإن دلالة الكل أوضح لكونها دلالة مطابقة كاملة في الدلالة من دلالة الجزء وأشار إليه بقوله رضي الله عنه 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة. فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك. فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
كما ذكر الشيخ، رضي الله عنه، أول أفراد العدد، وأما الخمسة والسبعة وسائر الأفراد فهي ناشئة بعد رتبة الاثنين، فكأنه، رضي الله عنه، أشار إلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم، هو الفرد الأول فأشبه الثلاثة، فكأن قائلا قال له: فلم لا أشبه الواحد فإنه أصل ومحمد، عليه السلام، أصل؟
فأجاب: بأنه، عليه السلام، هو الدليل على ربه، عز وجل، ومن شأن الدليل أن يكون مثلث الكيان يعني مقدمتين ونتيجة، فهو ثلاثة أركان أو ثلاثة حدود وهو الأصغر والأوسط والأكبر.
 
قال: وإنما حبب إليه من الدنيا ثلاث، لأن حقيقة التثليث موجودة بالذات فيه.
قال: وقدم النساء، اشارة إلى ظهور حواء من آدم، عليه السلام، من ضلعه فهي جزء من آدم فقدمت فقدم النساء من أجل ذلك.
 
قال رضي الله عنه: فإن شئت منعت أن أحدا يعرف ربه من نفس هذا الخبر حتى كأنك قلت: من عرف نفسه فقد عرف ربه؛ لكنه لا يعرف أحد نفسه فإذن لا يعرف أحد ربه. 
وهو معنى قوله: فإنه سائغ" فيه أي قد يفهم من هذا الحديث تعذر المعرفة بالعجز عن درکها.
قال: وإن شئت قلت: بثبوت المعرفة من ظاهر هذا الحديث،
فكأنك قلت: من عرف نفسه فقد عرف ربه، لكن كل أحد يعرف نفسه فإذن كل أحد يعرف ربه وهو معنى قول: وإن شئت قلت: بثبوت المعرفة.
ثم ذكر أن شوق العباد إلى ربهم هو من حنين الفرع إلى أصله وشوق الحق تعالى إلى المشتاقين إليه هو بالعكس.
من هذا وقد ورد على بعض الفقراء خطاب صورته: «يا عبد أنا أشوق إليك منك إلي، تطلبني بطلبي وأنا أطلبك بطلبك وبطلبي»، 
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال رضي الله عنه  : ( فإن شئت ، قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر ، والعجز عن الوصول ، فإنّه سائغ فيه . وإن شئت ، قلت بثبوت المعرفة ، فالأوّل أن تعرف أنّ نفسك لا تعرفها ، فلا تعرف ربّك . والثاني أن تعرفها فتعرف ربّك ، فكان محمّد أوضح دليل على ربّه ، فإنّ كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربّه فافهم . )
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ نفس الإنسان الكامل من حيث إنّ الحق هو المتعين في عينها على إطلاقه الذاتي غير المنحصر في تعيّن وإطلاق لا تعرف ، فلا يعرف الحق ، فإنّه لا يتعلَّق العلم بالحق من حيث لا تعيّنه ، ولكن من حيث تعيّنه بعينه يعرف ، فيعرف نفسه من هذه الحيثيّة فيعرف الحق ولا يعرفه إلَّا هو ، فلا يعرف الحق إلَّا هو فلا يعرف الحق إلَّا الحق المتعين بالتعين الأوّل الذاتي الأحدي الجمعي الكمالي .
 
ولكن هذه المعرفة - من كونها استدلالية - على وجهين : من حيث الدلالة العينيّة ، ومن حيث الدلالة بالصورة ، ولأنّ الصورة المحمدية الكمالية لمّا كانت جامعة بين الصورة الإلهية الأحدية الذاتية ، وبين الصورة الأسمائية الجمعية ، كان أكمل دليل على ربّه وأتمّه .
وأمّا دلالته من حيث العين فهي أنّ العين - من كونها متعيّنة بالبرزخية الكبرى المذكورة - نفس العين المتعيّنة بالتعين الأوّل الذاتي ، فهذه دلالة نفسية .
 
وأمّا دلالته من حيث الصورة فإنّ دلالة الصورة المحمدية - من حيث تعين الحق في وجوده الكامل الجامع بين المعنى والروح والصورة - دلالة على الحق من حيث أحدية جمعه بين الكمال الذاتي والاسمائي ، والجمعيّ الإنسانيّ .
 
وكل واحدة من الدلالتين على وجهين أيضا :
دلالة بالكمالات الثبوتية الظاهرة في الصورة المحمدية ، ودلالة من حيث الكمالات النسبية السلبية كالغنى والإطلاق واللا تعين واللاانحصار ، فإنّ محمّدا بصورته وحقيقته دليل دالّ على ربّه ، فهو أتمّ دليل ، لكونه أكمل المظاهر الجمعية الكمالية الإلهية الإنسانية ، وصورته أجمع الصور ، وسورته أفضل السور .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر والعجز عن الوصول فإنه سائغ فيه ، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة .  فالأول : أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك ، والثاني : أن تعرفها فتعرف ربك فكان محمد أوضح دليل على ربه ، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه ، فافهم )
اعلم أن المرأة صورة النفس والرجل صورة الروح ، فكما أن النفس جزء من الروح فإن التعين النفسي أحد التعينات الداخلة تحت التعين الأول الروحي الذي هو الآدم الحقيقي وتنزل من تنزلاته ، فالمرأة في الحقيقة جزء من الرجل وكل جزء دليل على أصله ، فالمرأة دليل على الرجل والرجل عليها بدليل قوله « من عرف نفسه فقد عرف ربه » والدليل مقدم على المدلول فلذلك قدم النساء ،
فإن قلنا : حقيقة الحق من حيث هو المتعين بتعين الإنسان لا يعرفه إلا هو فلا يعرف حقيقة
النفس فلا يعرف حقيقته الذاتي في تعين ساغ ، وإن قلنا : إن الحق المتعين بتعين النفس :
أي الهوية المتعينة بتعينها يعرف بمعرفة تعين النفس ساغ .
وأما معرفة أكمل أفراد الإنسان المتعين بالتعين الأول وهو محمد صلى الله عليه وسلم من نفسه فهو أتم المعارف ، أما من حيث عينه فلأن العين المحمدية من حيث كونها متعينة بالبرزخية الجامعة الكبرى فهو عين الذات الأحدية من حيث كونها متعينة بالتعين الأول ، وأما من حيث صورته فلأن الصورة المحمدية جامعة للحضرة الأحدية الذاتية والواحدية الأسمائية وجميع المراتب الإمكانية من الروح والقلب والنفس والخيال والجسم ،
فكذلك الحضرة الإلهية هي الذات مع جميع الأسماء وصورها من أعيان العالم وفواعله وقوابله من أم الكتاب هو الروح الكلى الشامل لجميع الأرواح ، واللوح المحفوظ الذي هو القلب الكلى الشامل لجميع القلوب ، وعالم المثال والجسم المطلق الشامل لجميع أجسام العالم فهو أتم دليل وأوضحه على ربه لكونه أكمل المظاهر الكمالية الإلهية ،
وقوله ، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه : معناه أن كل جزء له عين ، ولذات الحق تعالى نسبة إلى عينه بتجليه في صورتها خاصة ليست تلك النسبة لغيره ، فللذات مع تلك النسبة عينها اسم خاص لله يرب به ذلك الجزء فذلك الاسم ربه الخاص ، فجميع أجزاء العالم بمجموعها دليل على أصل العالم الذي هو الرب المطلق رب الأرباب ، وجميع أجزاء العالم فهو الدليل الأتم على ربه بل على نفسه إجمالا وتفصيلا فافهم .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر والعجز عن الوصول ، فإنه سائغ فيه . وإن شئت قلت بثبوت المعرفة . ) أي ، فإن شئت قلت إن حقيقة النفس لا يمكن معرفتها ، للعجز عن الوصول إلى معرفة كنهها .
فإنه صحيح ، لأن حقيقة النفس عائدة إلى حقيقة الذات الإلهية ، ولا إمكان أن يعرفها أحد سواها . وإن شئت قلت بأن معرفة النفس بحسب كمالاتها وصفاتها ممكنة ، بل حاصلة للعارفين ، فمن يعرفها من حيث كمالاتها ، يعرف ربها من حيث الأسماء والصفات . فإنه أيضا صحيح .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها ، فلا تعرف ربك . والثاني أن تعرفها ، فتعرف ربك . ) أي ، فعلى الأول أن تعرف أن نفسك لا تعرف حقيقة نفسها ، فلا تعرف حقيقة ربك . وعلى الثاني أن تعرف نفسك بصفاتها وكمالاتها ، فتعرف ربك .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان محمد ، صلى الله عليه وسلم ، أوضح دليل على ربه ، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه . فافهم . ) أي ، لما كان كل جزء من العالم دليلا على أصله والاسم الذي هو ربه ، كان محمد ، صلى الله عليه وسلم ، أيضا دليلا واضحا على ربه الذي هو رب الأرباب كلها . وهو الله سبحانه وتعالى .

 .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:52 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 أبريل 2020 - 2:13 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الرابعة الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت بمنع المعرفة في الخبر والعجز عن الوصول فإنّه سائغ فيه ، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة ؛ فالأوّل أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربّك ؛ والثّاني أن تعرفها فتعرف ربّك ، فكان محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم أوضح دليل على ربّه ، فإنّ كلّ جزء من العالم دليل على أصله الّذي هو ربّه ؛ فافهم ).
 
( فإن شئت قلت بمنع المعرفة ) ، أي : معرفة الرب والنفس ( في هذا الخبر ) ، وإن كان العوام يجزمون بالثبوت فيه ، وعلى هذا هو دليل ( العجز عن الوصول ) إلى معرفتهما ، فلا يعرف من الذات الإلهية سوى التنزيهات ، وهي أمور عدمية الإضافات أو بعض الصفات بوجه مناسبتها ، ولا يعرف من النفس الإنسانية سوى التجرد من المادة ، وهو من الأمور العدمية أو التدبير للبدن.
وهو بعض صفاته ( وإن شئت قلت بثبوت المعرفة ) ، أي : معرفتهما ، ولما كان المراد من الملازمة تعليق معرفة الرب بمعرفة النفس بحيث إذا عرف النفس عرف الرب ، وإذا لم يعرف النفس لم يعرف الرب ، لا الاستدلال بوجود الملزوم على وجود اللازم ، وبعدم اللازم على عدم الملزوم ، فإن ذلك يختص بأهل النظر ،
( فالأول ) وهو : منع معرفتهما ( أن تعرف أن نفسك لا تعرفها ، فلا تعرف ربك ) وإن كان لا دلالة لعدم الملزوم على عدم اللازم ، ( والثاني : أن تعرفها فتعرف ربك ) ، وإن لم يلزم من وجود السبب وجود المسبب ، إلا أن التعليق يفيد ذلك في عرف أهل العربية ، فالرب لا يعرف باعتبار استقراره في مقر عزه ، ويعرف باعتبار ظهوره في النفس ، والنفس لا تعرف بحسب حقيقتها ، وإنما يعرف بعض صفاتها ، وهذه المعرفة بالحق عن ظهوره في المظاهر تتفاوت بحسب تفاوت المظاهر كمالا ونقصا ، ونفس الإنسانية أكمل من سائر ما في العالم ، ونفوس الأنبياء عليهم السلام أكمل من نفوس العامة ، ونفس نبينا عليه السّلام أكمل من نفوس الأنبياء عليهم السّلام .
( فكان صلّى اللّه عليه وسلّم أوضح دليل على ربه ) يدل على رب الأرباب ، ونفوس سائر الأنبياء على أربابهم الكلية التي هي كالجزئيات لرب الأرباب ، وأجزاء العالم تدل على أرباب الجزئية لأربابهم ، ( فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه ) من الأسماء الإلهية الجزئية التي تستند وجود تلك الأجزاء إليها ، وقد نمت تلك الدلالة عن حبه النساء من حيث إنهن أجزاؤه ، وكذا نفوس الأنبياء وسائر ما في العالم ، فاجتمعت فيه دلالات الكل ، فدل بالأصالة على رب الأرباب ، وبحبه للنساء وأجزاء العالم على الأرباب الجزئية ؛ ( فافهم ) .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال رضي الله عنه : ( فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر والعجز عن الوصول ، فإنّه سائغ فيه ) وهي المقدمة الكاشفة عن طرف التنزيه ، ( وإن شئت قلت بثبوت المعرفة ) وهي المقدّمة الكاشفة عن التشبيه وبهاتين المقدّمتين تتمّ المعرفة بطرفيها وبهما يعلم الإطلاق بحقيقته والوحدة الذاتيّة بصرافتها .
 
قال رضي الله عنه : (فالأول أن تعرف أنّ نفسك لا تعرفها ، فلا تعرف ربّك ) ، وهو مشرع العقل وموطن إدراكه ، وقد قيل فيه : " العجز عن درك الإدراك إدراك " .
( والثاني أن تعرفها ، فتعرف ربّك ) وهو مشهد الذوق وموطن تحقّقه - كما عرفت بيان ذلك سابقا .
 
كان محمّد صلَّى الله عليه وآله أوضح دليل على ربّه
ثمّ إذ قد عرفت أنّ معرفة الإنسان مطلقا دليل على معرفة الربّ ، وقد عرفت أنّ حقيقة محمد هي أقرب الحقائق إلى الحقّ ، وأكملها حيطة ، وأتمّها إنباء وإظهارا ، ولذلك تراه عند الظهور بالتعيّن الشخصيّ المحمديّ ، آتيا بالكلام الكامل والعربيّ المعرب ( فكان محمّد أوضح دليل على ربّه ) لقربه إليه وبيّن أنّ الدليل كلما كان أقرب إلى المدلول كان أبين وأوضح .
 
ووجه قربه منه إنّه كأنّك قد اطَّلعت - فيما بيّنا لك سالفا - أنّ العالم بمجموعه مشتمل على ضربين من الأجزاء : أحدهما تعيّنات فرقيّة كونيّة يجمعها آدم جمعا عينيّا ، والآخر أعيان جمعيّة وجوديّة يجمعها الخاتم جمعا شهوديّا فالخاتم له أحديّة بين التعيّنات الفرقيّة والأعيان الوجوديّة من حيثيّتي آدميّته وخاتميّته ، ولا جمعيّة فوق هذه الكلَّيّة الإحاطيّة ، فله الكمال الأحديّ ، الذي ليس كمثله شيء ، ومن هاهنا يتمّ الدليل عين المدلول ، كما أشار إليه .
 
إذا عرفت هذا فاعلم إنّ لكلّ جزء من العالم - كونيّا كان أو وجوديّا - رقيقة ارتباطيّة إلى أصله ، ( فإنّ كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربّه ) وتتفاوت الأجزاء في دلالته على ذلك الأصل بحسب الحيطة والجمعيّة .
( فافهم ) ، فقد نبّهت على ما به يفهم ، فلا نعيده .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت بمنع المعرفة في الخبر والعجز عن الوصول فإنّه سائغ فيه ، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة . فالأوّل أن تعرف أنّ نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربّك ؛ والثّاني أن تعرفها فتعرف ربّك . فكان محمّد صلى اللّه عليه وسلم أوضح دليل على ربّه ، فإنّ كلّ جزء من العالم دليل على أصله الّذي هو ربّه فافهم . )
 
( فإن شئت قلت بمنع المعرفة ) ، أي معرفة ربك بكنهه وحقيقة ذاته ( في هذا الخبر والعجز عن الوصول ) إلى غايتها ( فإنه سائغ فيه ) ، أي في هذا الخبر ( وإن شئت قلت :
بثبوت المعرفة ) ، أي معرفة ربك بصفاته وكماله . ( فالأول أن تعرف نفسك لا تعرفها ) أنت بحقيقتها أو كنه ذاتها ( فلا تعرف ربك ) أيضا كذلك .
( والثاني : أن تعرفها ) أنت بصفاتها وأفعالها وآثارها ( فتعرف ربك ) أيضا كذلك ، فبالاعتبار الثاني تكون كل نفس دليلا على ربها ومرآة لمشاهدة صفاته وأفعاله ( وكان محمد صلى اللّه عليه وسلم ) من حيث نفسه ( أوضح دليل ) لجلاء مرآته وصقالتها وأشملها لجامعيتها الكمالات كلها ( على ربه فإن ) ذاته صلى اللّه عليه وسلم أحدية جميع أجزاء العالم ومن البين أن ( كل جزء من العالم دليل على أصله ) ، والاسم ( الذي هو ربه فافهم ) .
فهو صلى اللّه عليه وسلم دليل على جميع الأسماء الإلهية التي هي أصول أجزاء العالم ، وحيث حبب إليه النساء فحن إليهن حنين الكل إلى جزئه عرف أن أصله اشتياق الحق سبحانه إلى عبده الذي نفخ فيه الروح اشتياق الكلي إلى جزئه ، وإلى هذا أشار رضي اللّه عنه بقوله :
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:52 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 أبريل 2020 - 2:20 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الخامسة الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنّما حبّب إليه النّساء فحنّ إليهنّ لأنّه من باب حنين الكلّ إلى جزئه ، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحقّ في قوله في هذه النّشأة الإنسانيّة العنصريّة وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي[ الحجر : 29 ] .  ثمّ وصف نفسه بشدّة الشّوق إلى لقائه فقال للمشتاقين : « يا داود إنّي أشدّ شوقا إليهم » يعني للمشتاقين إليه . وهو لقاء خاصّ . فإنّه صلى اللّه عليه وسلم قال في حديث الدّجّال إنّ أحدكم لن يرى ربّه حتّى يموت ؛ فلا بدّ من الشّوق لمن هذه صفته  . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما حبب إليه صلى اللّه عليه وسلم النساء فحنّ) ، أي شفق واشتاق إليهنّ لأنه ، أي ذلك الحنين (من باب حنين الكل إلى جزئه) ، كحنين النفس إلى نفسها فأبان ، أي أوضح وكشف صلى اللّه عليه وسلم بذلك الحنين المذكور (عن الأمر) الإلهي (في نفسه من جانب الحق) تعالى (في قوله) سبحانه (في) حق (هذه النشأة) ، أي الخلقة (الإنسانية العنصرية) ، أي المركبة من العناصر الأربعة ("فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي")[ الحجر : 29 ] .
فالروح مظهر معلوميته تعالى من نفسه لأنه تعالى عالم ومعلوم ، فمعلومه منه ظهر له بظهور ما يميزه عنه تعالى وهو الروح المنسوب إليه سبحانه كحوّاء عن آدم عليه السلام من قبل آدم ، وحوّاء عليها السلام كالروح الكلي والنفس الكلية والقلم الأعلى واللوح المحفوظ والعرش العظيم والكرسي والطبيعة الكلية والعناصر الأربعة والأركان والمواليد الأربعة .
 
قال تعالى :"وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ"[ الروم : 27 ] فهو تعالى علم نفسه فعلم العالم ، فهو العالم والمعلوم والشاهد والمشهود ، وكل ما عداه تعالى فهو مراتب عدمية تميز بين حضراته سبحانه والأمر في نفسه على ما هو عليه لم يتغير أصلا ، والكلام كله بحسب المراتب لا غير .
 
قال رضي الله عنه :  (ثم وصف) تعالى (نفسه بشدة الشوق إلى لقائه) ، أي لقاء هذا الإنسان المنفوخ فيه من روحه تعالى (فقال) تعالى (للمشتاقين) إليه من عباده الصالحين فيما أوحى إلى داود عليه السلام كما ورد في الخبر عن نبينا صلى اللّه عليه وسلم : " يا داود إني أشد" ، أي أكثر ("شوقا إليهم ") .
"" أضاف المحقق :
لفظه عند الديلمي : « يقول اللّه عز وجل طال شوق الأبرار إلى لقائي وأنا إليهم أشد شوقا » عن أبي الدرداء  ""
قال رضي الله عنه :  ( يعني للمشتاقين إليه) تعالى من عباده وهو ، أي الشوق المذكور (لقاء) إلهي (خاص) غير اللقاء العام في حصول كل شيء عنده تعالى من غير غيبة أصلا وإن غاب بعض الأشياء عن حضوره مع اللّه تعالى (فإنه) سبحانه لا يغيب عنه شيء فإنه ، أي الشأن أو نبينا صلى اللّه عليه وسلم .
 
قال رضي الله عنه : (قال في حديث) خروج (الدجال) المشتمل على قصته (إن أحدكم) يا عباد اللّه المؤمنين (لن يرى ربه) تعالى (حتى يموت) بالموت الاضطراري أو الموت الاختياري .
 
وفي رواية : إنكم تروا ربكم عز وجل حتى تموتوا . أخرجه الطبراني عن أبي أمامة (فلا بد من الشوق) الشديد أيضا من العبد المؤمن (لمن هذه) ، أي صفته الشوق الجديد (صفته) لعبده المؤمن .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
قال رضي الله عنه  : ( فافهم فإنما حبب إليه النساء فحن ) أي فمال ( إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئية فأبان ) أي أظهر الرسول عليه السلام ( بذلك ) القول أو بحنينه إلى النساء ( عن الأمر في نفسه ) قوله ( من جانب الحق ) يتعلق بالأمر ( في قوله ) أي في قول الحق ( في هذه النشأة العنصرية وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) فحن الحق إلينا حنين الكل إلى جزئه فحن إليه حنين الجزء إلى كله والفرع إلى أصله فأبان رسول اللّه هذا المعنى بحنينه النساء في قوله حبب إليّ من دنياكم ثلاث النساء فإن الأمر كذلك بين اللّه وبين عباده .
 
قال رضي الله عنه  : ( ثم وصف ) الحق ( نفسه بشدة الشوق إلى لقائه ) يضاف إلى الفاعل ، وترك ذكر المفعول أي يشتاق الحق للقاء نفسه إلى من يشتاق إليه ( فقال للمشتاقين ) لأجل اشتياقهم إليه ( يا داود أني أشدّ شوقا إليهم ، يعني للمشتاقين إليه وهو ) أي اللقاء الذي يشتاق الحق أشدّ اشتياق ( لقاء خاص ) بالموت الطبيعي ( فإنه قال في حديث الرجال أن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت فلا بد من الشوق لمن هذه صفته ) أي لا بد لمن لم ير ربه إلا بالموت من شوق إلى هذا اللقاء الخاص وإن كره سبب هذا اللقاء عنده وهو الموت فكان الحق أشدّ شوقا إلى هذا اللقاء الخاص وإن كره سببه عنده كما في حديث التردد.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
قال رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي». ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه. وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
قال: وإنما حبب إليه من الدنيا ثلاث، لأن حقيقة التثليث موجودة بالذات فيه.
قال: وقدم النساء، اشارة إلى ظهور حواء من آدم، عليه السلام، من ضلعه فهي جزء من آدم فقدمت فقدم النساء من أجل ذلك.
 
قال رضي الله عنه: فإن شئت منعت أن أحدا يعرف ربه من نفس هذا الخبر حتى كأنك قلت: من عرف نفسه فقد عرف ربه؛ لكنه لا يعرف أحد نفسه فإذن لا يعرف أحد ربه. 
وهو معنى قوله: فإنه سائغ" فيه أي قد يفهم من هذا الحديث تعذر المعرفة بالعجز عن درکها.
قال: وإن شئت قلت: بثبوت المعرفة من ظاهر هذا الحديث،
فكأنك قلت: من عرف نفسه فقد عرف ربه، لكن كل أحد يعرف نفسه فإذن كل أحد يعرف ربه وهو معنى قول: وإن شئت قلت: بثبوت المعرفة.
ثم ذكر أن شوق العباد إلى ربهم هو من حنين الفرع إلى أصله وشوق الحق تعالى إلى المشتاقين إليه هو بالعكس.
من هذا وقد ورد على بعض الفقراء خطاب صورته: «يا عبد أنا أشوق إليك منك إلي، تطلبني بطلبي وأنا أطلبك بطلبك وبطلبي»، 


وذكر البيتين الشعر ثم ذكر التثليث الذي في محمد صلی الله عليه وسلم: 
أنه حق ورجل وامرأة فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
قال رضي الله عنه  : (إنّما حبّب إليه النساء فحنّ إليهنّ، فإنّه من باب حنين الكلّ إلى جزئه).


يعني  رضي الله عنه  : أنّ كلَّية الكلّ لا تكون إلَّا بالجزء ، إذ الكلّ بالجزء كلّ فهو حنين الشيء إلى نفسه باعتبارين وحيثيّتين .
 
قال رضي الله عنه  : ( فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية  العنصرية "وَنَفَخْتُ فِيه ِ من رُوحِي "  ثم وصف نفسه بشدّة الشوق إلى لقائه ، فقال للمشتاقين : يا داوود إنّي أشدّ شوقا إليهم ، يعني للمشتاقين إليه ، وهو لقاء خاصّ ، فإنّه  صلَّى الله عليه وسلَّم قال في حديث الدجّال : إنّ أحدكم لن يرى ربّه حتى يموت ، فلا بدّ من الشوق لمن هذه صفته .) .
 
يعني  رضي الله عنه  : لمن يحبّ أن يموت شوقا إلى الحق ، والسرّ أنّ الحق - من حيث تعيّنه بعين العبد المشتاق - يشتاق إلى نفسه من حيث تعيّنه في الأصل ، ثم إنّه من حيث الأصل يشتاق إلى نفسه في مرتبة التقييد ، فيكون حينئذ اشتياق الحق أشدّ ، لكون شوقه تعالى ضعف الشوق الظاهر من المسمّى عبدا ، إذ هو المشتاق إلى نفسه من حيثيّتين في مرتبتين له ، ذاتيّتين ، فافهم ، فإنّه عاد من مقام قوله : من تقرّب إليّ شبرا ، تقرّبت منه ذراعا ، ومن تقرّب إليّ ذراعا ، تقرّبت منه باعا ، ومن أتاني يمشي ، أتيته هرولة .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
قال رضي الله عنه : (وإنما حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه ) لأن كلية الكل إنما تكون بجزئية الجزء فلا يكون الكل كلا حتى يكون الجزء جزءا فهو حنين الشيء إلى نفسه باعتبارين وحيثيتين ، فإن الجزء باعتبار الحقيقة عين الكل وباعتبار التعين غيره والشيء لا يحب إلا نفسه كما مر ، فإن الحب في الوجود حقيقة واحدة ولا يحن ولا يشتاق إلا مع بينونة واحتجاب فيحن الكل في الجزء إلى نفسه باعتبار جزئيته للبينونة الواقعة بتعين الجزء ، وفي الكل إلى نفسه باعتبار جزئيته للبينونة الواقعة بتعين الكل من حيث هو كل ، ولولا ذلك الافتراق بالاثنينية لما كان الكل كلا ولا الجزء جزءا فخلص الحب ولذته من الحنين وألمه .
"" أضاف بالي زاده :-
فحن الحق إلينا حنين الكل إلى جزئه فنحن إليه حنين الجزء إلى كله والفرع إلى أصله ، فأبان عليه الصلاة والسلام هذا المعنى بحنينه إلى النساء بالحديث ، فإن الأمر كذلك بين الحق وعباده . أهـ بالى زاده  ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة العنصرية الإنسانية "ونَفَخْتُ فِيه من رُوحِي " ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه للمشتاقين فقال يا داود إني أشد شوقا إليهم يعنى للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص فإنه قال في حديث الدجال " إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت " فلا بد من الشوق لمن هذه صفته )
 
أي لمن لا يرى ربه حتى يموت فيحب أن يموت شوقا إلى الحق . كما حكى الأصمعي أنه مر في بعض طرق البادية بحجر على جادة الحجاج مكتوب عليه هذا البيت :
ألا أيها الحجاج باللَّه خبروا  .... إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتب تحته :
يداوي هواه ثم يكتم سره  .... ويخضع في كل الأمور ويخشع
 
قال : فرجعت إليه في الثاني ، فإذا مكتوب تحته :
وكيف يداوي والهوى قاطع الحشا  .... وفي كل يوم روحه تتقطع
قال فكتبت تحته :
إذا لم يطق صبرا وكتمان سره   ..... فليس له شيء سوى الموت أنفع
 
قال فرجعت إليه فإذا أنا بشاب نحيف قد شحب لونه ودق شخصه وقد قضى نحبه وخر ميتا.
والسر في زيادة شوق الحق أن الحق من حيث تعينه تعين العبد المشتاق ،
يشتاق إلى نفسه من حيث تعينه في الأصل ، ثم إنه من حيث الأصل يشتاق إلى نفسه في مرتبة التقييد فيكون في اشتياق الحق لكون شوقه تعالى أضعاف أضعاف الشوق الظاهر من المسمى عبدا إذ هو المشتاق إلى نفسه من حيثيتين في مرتبتين ذاتيتين ،
ولا شك أن الشوق في مرتبة الأصل أقوى بما لا يبلغ كنهه لأن الشوق بقدر الحب ، والحب هناك في الغاية ، ومنه يتحقق معنى قوله « من تقرب إلىّ شبرا تقربت منه ذراعا ، ومن تقرب إلى ذراعا تقربت منه باعا ، ومن أتاني ماشيا أتيته هرولة » .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما حبب إليه النساء فحن إليهن ، لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه ، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله - في هذه النشأة الإنسانية العنصرية - : "ونفخت فيه من روحي".)
واعلم ، أن المرأة باعتبار الحقيقة عين الرجل ، وباعتبار التعين يتميز كل منهما عن الآخر . ولما كانت المرأة ظاهرة من الرجل في الأصل كانت كالجزء منه انفصل وظهر بصورة الأنوثة ، فحنينه ، صلى الله عليه وسلم ، إليهن من باب حنين الكل إلى جزئه فأبان النبي صلى الله عليه
وسلم ، وأظهر بذلك القول عن الأمر في نفسه ، وكذلك الأمر في الجانب الإلهي .
 
فإن قوله تعالى : "ونفخت فيه من روحي" . يدل على أن نسبة آدم عليه السلام إلى ربه بعينها نسبة الجزء إلى كله والفرع إلى أصله ، وكل كل يحن إلى جزئه ، وكل أصل يحن إلى فرعه ، فحصل الارتباط بين الطرفين ، فصار كل منهما محبا من وجه ، ومحبوبا من آخر .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم، وصف ) الحق ( نفسه بشدة الشوق إلى لقائه ) أي ، إلى لقاء من هو مشتاق إليه.
ولما كان المحب المشتاق عين المحبوب في الحقيقة ، وإن كان غيره بالتعين، قال : (إلى لقائه)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقال للمشتاقين : ) أي ، خاطب لأجل المشتاقين ( "يا داود ، إني أشد شوقا إليهم " . يعنى للمشتاقين إليه . وهو لقاء خاص . ) أي ، لقاء الحق لنفسه في صورة المحب المشتاق لقاء خاص غير لقائه لنفسه في صورة الإطلاق الكلى والغيب الأصلي بالشهود الأزلي . ولهذا اللقاء خصوصية لا تحصل بدون هذا المجلى المعين . كما مر في أول الكتاب .
لذلك كان أشد شوقا إليهم ، لأن ما لا يحصل إلا بالمرآة المحدثة لا يكون أزليا ، فيشتاق إلى المرآة ليرى صورة نفسه ويبتهج بنفسه ابتهاجا كليا .
وشوق كل مشتاق لا يكون إلا بحسب علمه وإدراكه للمعاني الظاهرة في محبوبه .
والحق تعالى منبع العلم الذاتي والصفاتي ، ومن حضرة علمه نصيب كل عالم من العلم ، فعلمه بحقيقة المحبوب وكمالاته أتم ، فشوقه ومحبته إياهم أعظم وأقوى من محبة كل مشتاق إليه .
قوله رضي الله عنه  : ( فإنه قال في حديث الدجال : "إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت ". )
تعليل لقوله : ( وهو لقاء خاص . ) فإن قوله ، عليه السلام : ( إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت ) . يدل على أن الملاقاة بين العبد وبين ربه مترتبة على موت العبد وما يكون مترتبا على الأمر الخاص يكون خاصا .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلا بد من الشوق لمن هذه صفته . ) أي ، إذا كان اللقاء الخاص موقوفا على الموت ، فلا بد من أن يشتاق الحق لمن لا يرى ربه ، حتى يموت فيراه .
أي ، إذا كان اللقاء الخاص موقوفا إلى الموت ، فلا بد أن يكون الشوق حاصلا لمن يكون هذه الحال صفته .
 
ف‍ ( من ) عبارة عن الحق سبحانه . أي ، لا بد من أن يكون الحق مشتاقا إلى مالا يمكن أن يراه العبد إلا به وهو الموت .
وتحقيقه : أن الهوية الإلهية الظاهرة في صورة العبد هي التي تشتاق إلى الموت لتصل إلى مقام جمعه وتخلص عن مضائق الإمكان وعوارض الحدثان ، وذلك لا يحصل إلا بالموت ، لأن الملاقاة بين العبد وبين ربه موقوف على الموت ، والحق سبحانه يريد هذا النوع من الملاقاة ، فيشتاق إليه .
 
ويجوز أن يكون الاشتياق من جهة العبد . أي ، لا بد لمن لا يرى ربه إلا عند الموت أن تشتاق إليه .
لكن قوله آخرا: ( فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت ) يؤيد ما ذكرنا أولا ، لأن الضمير في قوله : "فهو يشتاق " للحق ، إذا العبد يكره الموت ، فلا يشتاق إليه ويكره تحققه. والله أعلم .
 
واعلم أن هذا الخطاب أي قوله : ( أحدكم ) للمؤمنين الموحدين ، لا للكافرين المحجوبين . لأن المراد بالموت إما الموت الإرادي ، أو الطبيعي .
والأول الحاصل للعارفين ، موجب للقاء الحق بحسب تجلياته الأسمائية أو الصفاتية أو
الذاتية ، على قدر قوة استعدادهم وسيرهم في السلوك .
والعابدون والزاهدون والصلحاء من عباد الله الذين لا قوة لاستعداداتهم على قطع المنازل والمقامات ، فلا يحصل لهم اللقاء حتى يحصل لهم الموت الطبيعي وينكشف لهم النعيم ، كما
دل عليه حديث ( التحول ) .
وأما المحجوبون الذين طبع الله على قلوبهم وران عليها الهيئات المظلمة والأخلاق المغيمة المكتسبة ، فلا ينظر الحق إليهم ولا يكلمهم يوم القيامة ولا يشتاق إليهم .
 

كما قال رضي الله عنه : " من أحب لقاء الله ، أحب الله لقائه ، ومن كره لقاء الله ، كره الله لقائه ". " ومن كان في هذا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ".
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:54 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 أبريل 2020 - 2:24 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الخامسة الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-                                          الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنّما حبّب إليه النّساء فحنّ إليهنّ لأنّه من باب حنين الكلّ إلى جزئه ، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحقّ في قوله في هذه النّشأة الإنسانيّة العنصريّةوَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي[ الحجر : 29 ] ، ثمّ وصف نفسه بشدّة الشّوق إلى لقائه فقال للمشتاقين : « يا داود إنّي أشدّ شوقا إليهم » . يعني : للمشتاقين إليه وهو لقاء خاصّ ، فإنّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في حديث الدّجّال" إنّ أحدكم لن يرى ربّه حتّى يموت" . رواه الترمذي ، ؛ فلا بدّ من الشّوق لمن هذه صفته ،).


ثم استشعر سؤالا بأن أجزاء العالم لم تشارك النساء في جزئيته عليه السّلام ، فلما خصت النساء بالتحبب دون سائر أجزاء العالم ، فقال : ("وأنا حببت إليّ النساء " ) ؛ لأن الجزئية فيهن أظهر لمجانستهن إياه ، والمجانسة سبب الحب ، وانضمت إليه الجزئية ( فحن إليهن ) دون أجزاء العالم ( حنين الكل إلى جزئه ) المناسب له ، فشبه بذلك في حب ربه لمن خلقه على صورته المعنوية من الحياة والعلم ، والإرادة والقدرة ، والسمع والبصر والكلام فأبان أي :
صار صلّى اللّه عليه وسلّم ( بذلك ) ، أي : بهذا الحب ثباتا ( على الأمر ) ، أي : أمر الحب ( في نفسه ) الذي كان ( من جانب الحق ) لعباده الكمّل ، وهو المذكور ( في قوله ) الوارد في حق ( هذه النشأة الإنسانية العنصرية ) الشاملة على مرايا هذه الصفات ،( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) [ الحجر : 29]
، فأشار إلى حبه إياها بنفخ الروح المشرف بإضافته إليه ؛ لمناسبته إياه في التجرد وسائر الصفات الوجودية ، وإن كانت في غاية البعد عنه من حيث العنصرية .


( ثم ) أي : بعد الإشارة إلى حبه لها بهذا النفخ ، ( وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه ، فقال ) فيما أول على داود عليه السّلام ؛ لبيان شوقه ( للمشتاقين ) من جملة الأبرار : « ( يا داود ) طال شوق الأبرار إلى لقائي ، ( "وإني أشد شوقا إليهم "  ) ، ولكن لا يغني كل مشتاق إلى رؤيته ، فإنها من حظوظ النفس ، وإنما ( يعني للمشتاقين إليه ) ، أي : إلى ذاته بالغناء فيه والبقاء به ، فإن الحق وإن اشتاق إلى لقيا كل مشتاق ، لكن لا يوصف بشدة الشوق إلا بالنسبة إلى من اشتد شوقه إليه وهو المشتاق لذاته ، واللقاء وإن كان أعم من لقاء الرؤية ، ولقاء الفناء والبقاء ، فلقاء الفناء والبقاء ( هو لقاء خاص لهم ) ، وهو إنما يحصل بالموت حال الحياة كما أن لقاء الرؤية إنما يحصل بالموت الطبيعي .
 
( فإنه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في حديث الدجال ) ؛ لبيان بطلان إلهيته بكونه يراه الأحياء بلا فناء عن ذواتهم وبقائهم به : ( " إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت " ) ، إما الموت الطبيعي أو موت الفناء عن نفسه » ، وهذا وإن فني عن نفسه ، ( فلا بدّ له من الشوق لمن هذا صفته ) ، وإذا كان لقاؤهم ببقائهم ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
 
شوق الربّ إلى مربوبه
وإذ قد عرفت وجه كلَّية محمد بالنسبة إلى باقي أجزاء العالم ( فإنما حبّب إليه النساء ، فحنّ إليهن لأنّه من باب حنين الكل إلى جزئه ) ، وبيّن أنّ حكم الخاتم كلَّيّ يشمل أحكام سائر المراتب ، فإنّها قوانين كلَّية وأصول راسخة تنطبق على سائر الجزئيّات والفروع ( فأبان بذلك ) البيان ( عن الأمر في نفسه من جانب الحقّ ) بالنسبة إلى العبد ( في قوله في هذه النشأة الإنسانيّة العنصريّة :
" وَنَفَخْتُ فِيه ِ من رُوحِي " فإنّه معرب عن الارتباط المذكور بين الكل والجزء .
( ثمّ وصف نفسه بشدّة الشوق إلى لقائه ، فقال للمشتاقين ) الذين من جملتهم داود ، مخاطبا إيّاه في بساط إيّاه في بساط قربه وحريم مباسطته : ( « يا داود إني أشدّ شوقا إليهم » - يعني للمشتاقين إليه ) .
 
الشوق واللقاء
ثمّ إنّ الشوق في عرف أهله ما يكون للمحبّ في غيبة المحبوب ، كما قيل : "الشوق يسكن باللقاء ، والاشتياق يزيد " .
ففي الكلام هاهنا نوع تدافع حيث أنّه قال من جهة المقرّبين المشتاقين الذين من جملتهم داود :
« إنّي أشدّ شوقا إليهم » ،
ولذلك قال : ( وهو لقاء خاصّ ) دفعا لما يتوهّم من التدافع ، وهو اللقاء الخالص عن شوائب الحجب المحفوفة بها هذه النشأة العنصريّة الإنسانيّة ، ( فإنّه قال في حديث الدجال : " إنّ أحدكم لن يرى ربّه حتّى يموت " ) ويتحقّق بالجمعيّة الكماليّة ، خالصة عن شوائب الحجب والنسب التي له في زمان قربه إيّاه .
 
( فلا بدّ من الشوق لمن هذه صفته ) وهو أن يكون مع كمال القرب منحجبا غير محظوظ عن المشاهدة ، كما قيل :وأبرح ما يكون الشوق يوما إذا دنت الخيام من الخيامفاللقاء الحاصل له بعد الموت ، له صفة خاصة من الجمعيّة الكماليّة التي تتبع رفع الحجاب من كمال العزّة والاستغناء مع البذل والعطاء ، فإنّ الحجاب مقتضى العزة كما أنّ رفعها مقتضى البذل والقبول ،
كما قيل :
لبسن الوشي لا متجمّلات  …. ولكن كي يصنّ به الجمالا
وتلك الخصوصيّة المرغوبة إليها إنّما نشأت من هذه النشأة الحجابيّة ، لا من الموت ، فإنّ رفع الحجاب عدميّ ، والأثر إنّما هو لما يتبعه من المشاهدة ، فمبدأ تلك الخصوصيّة الكماليّة التي في اللقاء بعد الموت من هذه النشأة أيضا لا من الموت كما قال المتنبي:
فراق ولكن فيه قد جمع الشمل  .... وهجر ولكن منه يكتسب الوصل
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.)  
قال رضي الله عنه :  ( وإنّما حبّب إليه النّساء فحنّ إليهنّ لأنّه من باب حنين الكلّ إلى جزئه ، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحقّ في قوله في هذه النّشأة الإنسانيّة) .
 
( وإنما حبب إليه النساء فحن إليهن حنين الكلي إلى جزئه فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية)
 
( العنصرية ونفخت فيه من روحي ثم وصف الحق نفسه ) . بعدما قال : ونفخت فيه من روحي وأثبت بينه وبين العبد نسبة الكلية والجزئية ( بشدة الشوق إلى لقائه فقال ) لداود عليه السلام ( للمشتاقين ) ، أي لأجلهم ( يا داود إني أشد الناس شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص ) لا يكون إلا بعد الموت ( فإنه صلى اللّه عليه وسلم قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت ) رواه الترمذي باب ما جاء في علامة الدجال : " عن ابن عمر قال : قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الناس فأثنى على اللّه بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذر قومه ولقد أنذره نوح قومه ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وإن اللّه ليس بأعور قال الزهري وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال يومئذ للناس وهو يحذرهم فتنته تعلمون أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت وإنه مكتوب بين عينيه ك ف ر يقرأه من كره عمله " قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح .
 
فما يشتاق إليه الحق لقاء العبد رائيا له بعد الموت ، وهذا هو اللقاء الخاص الذي لا يكون إلا بعد الموت . ( فلا بد من الشوق لمن هذه صفته ) ، أي لا بدّ أن يشتاق الحق إلى من هذه الرؤيا التي تكون بعد الموت صفته
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:54 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 2:46 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السادسة الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فشوق الحقّ لهؤلاء المقرّبين مع كونه يراهم فيحبّ أن يروه ويأبى المقام ذلك . فأشبه قوله :حَتَّى نَعْلَمَ [ محمد : 31 ] مع كونه عالما فهو سبحانه وتعالى يشتاق لهذه الصّفة الخاصّة الّتي لا وجود لها إلّا عند الموت . فيبلّ بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التّردّد وهو من هذا الباب : « ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له من لقائي » فبشّره بلقائه . وما قال له ولا بدّ له من الموت لئلا يغمّه بذكر الموت . )
 
قال رضي الله عنه :  (فشوق الحق) تعالى أي محبته العظيمة (لهؤلاء المقربين) إلى جنابه الشريف (مع كونه) تعالى (يراهم كما يرى غيرهم) ، من كل شيء واللّه بكل شيء بصير (فيحب) سبحانه (أن يروه) هم أيضا كما يراهم هو (ويأبى) ، أي يمتنع (المقام) في الحياة الدنيا على مقتضى التقدير الإلهي الأزلي (ذلك) ، أي أن يروه فإنهم لا يرونه إلا بعد موتهم اضطرارا واختيارا كما ذكر فأشبه ، أي هذا الشوق منه تعالى لمن يراهم قوله تعالى :"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ" [ محمد : 31 ] (مع كونه تعالى عالما) بذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (فهو سبحانه وتعالى يشتاق) إليهم (لهذه الصفة) له تعالى (الخاصة التي) هي محبته سبحانه أن يروه (لا وجود لها) ، أي لهذه الصفة (إلا عند الموت) ، أي موتهم الاضطراري أو الاختياري (فيبلّ) ، أي يبرد من البلل وهو الرطوبة (بها) ، أي بالصفة المذكورة (شوقهم) ، أي العباد (إليه تعالى كما قال) النبي صلى اللّه عليه وسلم (في حديث التردد وهو من هذا الباب) ، أي باب شوقه تعالى إلى عباده المؤمنين (ما ترددت) ، أي فعلت فعل المتردد من التأني في الأمر وعدم الإقدام عليه من كمال اللطف والعناية (في شيء) من الأشياء (أنا فاعله) ، أي فاعل ذلك الشيء (مثل ترددي) ، أي لطفي وعنايتي (في قبض) روح (عبدي المؤمن يكره الموت) بنفسه البشرية لأنه يوحشها ويبطل ما هي مستأنسة به من أحوال الدنيا ، ويقطع عليها شهواتها وإن قلبه يحن إلى الموت ، لأنه تحفته كما ورد في الحديث (وأكره) من كمال اللطف والمحبة
 
قال رضي الله عنه :  (مساءته) ، أي حال السوء على العبد المؤمن كما قال سبحانه :اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ[ الشورى : 19 ] ، وهم عباد الاختصاص المضافون إليه تعالى ليخرج عبيد الهوى والدنيا وعبد الدرهم وعبد الدينار وعبد الخميصة وعبد الزوجة ، كما قال تعالى :إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا[ الحج : 38 ] ، أي الكاملين في الإيمان .
 
قال رضي الله عنه :  (ولا بد له) ، أي لذلك العبد المؤمن ("من لقائي" ) . رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه الكبرى.
 
أي بذلك اللقاء الخاص (بشره بلقائه) ، أي بشر اللّه تعالى عبده المؤمن باللقاء الذي هو مطلوب المحب على كل حال . قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « من أحب لقاء اللّه لقاءه ومن كره لقاء اللّه كره اللّه تعالى لقاءه ». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عائشة وعن عبادة بن الصامت ورواه غيرهما .
 
قال رضي الله عنه :  (وما قال) تعالى في الحديث المذكور(له) ، أي لعبده المؤمن (ولا بد له) ، أي لذلك العبد (من الموت لئلا يغمّه) ، أي يدخل عليه الغم (بذكر الموت) ، لأن ذكره مما يغم الإنسان باعتبار طبعه البشري .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فشوق الحق ) ثابت ( لهؤلاء المقرّبين مع كونه يراهم ) بالشهود المطلق الأزلي ( فيجب أن يروه ) بالرؤية الخاصة بموت العبد فإن رؤيتك نفسك في نفسك لا كرؤيتك في المرآة فإنها رؤية خاصة لا تكون بدون المرآة .
 
قال رضي الله عنه :  ( ويأبى المقام ) الدنيوي ( ذلك ) اللقاء فلا بد من الخروج من هذا المقام بالموت الطبيعي لحصول اللقاء فأشبه قوله أني أشدّ شوقا إليهم ( قوله حتى نعلم مع كونه عالما ) بجميع الأشياء بعلمه الأزلي وهو علم خاص حاصل له بصور المظاهر ( فهو ) أي الحق ( يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت ) الطبيعي وإنما قيدنا الموت الطبيعي فإن الموت الإرادي وإن كان سببا لمشاهدة الرب لكنه ليس سببا لهذا اللقاء الخاص وتعميم الموت بالارادي وغيره في هذا المقام كما قال البعض لا يجوز لأن الحق لا يشتاق إلا للمقرّبين الذين يموتون بالموت الإرادي ، كما قال فاشتاق الحق لهؤلاء المقرّبين فلقاء الموت الطبيعي غير لقاء الموت الإرادي ( فيبل ) الحق ( بها ) أي بتلك الصفة التي هي الرؤية الخاصة بالموت ( شوقهم إليه ) وينجيهم بماء الوصال عن عذاب نار الشوق نار الفراق
 
قال رضي الله عنه :  ( كما قال تعالى في حديث التردد وهو ) أي حديث التردد ( من هذا الباب ) وهو باب الشوق إليهم ( ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره ) من كره يكره ( مساءته ) أي وأنا أكره ما يكرهه المؤمن من الموت فإن المحب هو الذي يكره ما يكرهه محبوبه ( ولا بد له من لقائي ) فلا بد له من الموت ( فبشره ) أي بشر الحق العبد المؤمن بلقائه بقوله ولا بد من لقائي ( وما قال له ) أي ولم يقل للعبد المؤمن ( ولا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت)


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.)
 
قال رضي الله عنه : ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما. فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.)
 
قال رضي الله عنه: فإن شئت منعت أن أحدا يعرف ربه من نفس هذا الخبر حتى كأنك قلت: من عرف نفسه فقد عرف ربه؛ لكنه لا يعرف أحد نفسه فإذن لا يعرف أحد ربه. 
وهو معنى قوله: فإنه سائغ" فيه أي قد يفهم من هذا الحديث تعذر المعرفة بالعجز عن درکها.
قال: وإن شئت قلت: بثبوت المعرفة من ظاهر هذا الحديث،
فكأنك قلت: من عرف نفسه فقد عرف ربه، لكن كل أحد يعرف نفسه فإذن كل أحد يعرف ربه وهو معنى قول: وإن شئت قلت: بثبوت المعرفة.
ثم ذكر أن شوق العباد إلى ربهم هو من حنين الفرع إلى أصله وشوق الحق تعالى إلى المشتاقين إليه هو بالعكس.
من هذا وقد ورد على بعض الفقراء خطاب صورته: «يا عبد أنا أشوق إليك منك إلي، تطلبني بطلبي وأنا أطلبك بطلبك وبطلبي»، 
وذكر البيتين الشعر ثم ذكر التثليث الذي في محمد صلی الله عليه وسلم: 
أنه حق ورجل وامرأة فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت. )
 
قال رضي الله عنه  : ( فشوق الحق لهؤلاء المقرّبين مع كونه يراهم ، فيحبّ أن يروه ) .
يعني : بارتفاع حجابية التعيّن من العين ، الموجب في زعمه بالبين في البين ، وبارتفاعه يرتفع الغين من العين ، فتقرّ العين بالعين ، فيقرب أين العين من العين ، إن شاء الله تعالى .
 
قال رضي الله عنه  : ( ويأبى المقام ذلك ، فأشبه قوله :   " حَتَّى نَعْلَمَ " مع كونه عالما ، فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصّة التي لا وجود لها إلَّا عند الموت ، فيبلّ بها شوقهم إليه ، كما قال في حديث التردّد وهو من هذا الباب : « ما تردّدت في شيء أنا فاعله تردّدي في قبض نسمة عبدي المؤمن يكره الموت ، وأنا أكره مساءته ، ولا بدّ له من لقائي " يعني ليس ذلك إلَّا بارتفاع الحجاب واندفاع الحجّاب من الباب . " فبشّره بلقائه ، وما قال له : ولا بدّ له من الموت ، لئلَّا يهمّه  بذكر الموت )
 
قال العبد : ولأنّ الشوق إنما يكون ممّن أحبّ وشهد محبوبه ، ثمّ وقع الفراق ، وامتنع الوصال والاعتناق ، فينبعث باعث طلب الاتّحاد والاشتباك بتقوية ما به الاشتراك ، والتعرية عمّا به المباينة والانفكاك ، والتبرئة عن حجاب التعين القاضي على الشائق بالهلاك ، المفضي إلى الارتياب والارتباك ،
فذلك الانبعاث العشقي لطلب الوصال في الفراق هو الشوق ، والاشتياق الذي يزداد ويشتدّ إنّما يكون للقاء خاصّ في عين الشهود والوصال ، وهو بارتفاع التعيّن العبدانيّ ، وفنائه في العين الأحدية بالبقاء الربّاني ، فيتّسع سعة وطنه ، بعد ضيق عطنه ، ويرتفع من حضيض تقييده ، إلى ذروة إطلاقه وتوحّده ،
وإلَّا فهي في الشهود دائما لربّه ، الذي هو متعلَّق شوقه ووجده ، وربّه دائم الشهود لعبده ، في جميع مراتب قربه وبعده ، شهود جمع في جمع ، على ما هو عليه الأمر في نفسه ، فناء في بقاء ، وبقاء في فناء من جهة العبد ، وبقاء في بقاء من جهة الربّ .
 
ثمّ الذي يشهد التعيّن نسبة ذاتية للمتعيّن ، ويراه عينه ، ويرى عينه إيّاه ، وفإنّه دائما في لقاء وهو في فناء فناء وبقاء بقاء ، ولكن هذا النوع من الاشتياق المنسوب إلى الأبرار إنّما يكون بالنسبة إلى من ليس مشهده ما ذكرنا .
 
وأمّا اشتياق العبد البالغ فإنّه لا يزول مع دوام الشهود ، ولا يحول مع اتّصال الوصال والوجود ، جعلنا الله وإيّاكم ممّن امتنّ عليه بهذا التجلَّي الدائم ، إنّه وليّ الوهب والجود .
 
وأمّا من حيث هذا الاشتياق واللقاء الخاصّ ، فشوقه أضعاف أضعاف جمع الشائقين والمتلقّين للقاء ربّ العالمين ، وله شوق آخر من حيث أحديّة جمع الشوقين والاشتياقين ، أعني شوق أهل الحجاب واشتياق أهل الشهود ، بمعنى أنّ هذا العبد يموت في عين حياته الدنيا ، ويتوفّاه الله إليه ، ويلقاه ويلقى ربّه ، فيبلّ كلّ واحد من صاحبه شوقه ، ويشهد كلّ منهما كلَّا منهما جمعا وفرادى في الصور البرزخية النورية والهيئات المثالية والفلكية الصورية التي لا وصول إلى شهود الحق فيها بهذا التعين النقلي السفلي وبعد ذلك اللقاء والموت عن هذه النشأة.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه ) يعنى بارتفاع حجاب الإنية من العين الموجب في زعمه البين في البين ( ويأبى المقام ذلك ) أي الكون في هذه الحياة الدنيا ، والكون إلى مقام النفس ( فأشبه قوله " حَتَّى نَعْلَمَ " مع كونه عالما ) من حيث أنه يشتاق إلى حصول رؤيته نفسه في عين العبد مع رؤيته نفسه مطلقا كظهور علمه في مظاهر المؤمنين مع علمه القديم الذاتي .
 
"" أضاف بالي زاده :-
قوله :- "حَتَّى نَعْلَمَ " مع كونه عالما بجميع الأشياء بعلمه الأزلي ، وهو علم خاص حاصل له بصور المظاهر .أهـ بالى زاده  ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة ) وهي ارتفاع حجاب إنية العبد فيشهده بعينه ( التي لا وجود لها إلا عند الموت فيبل بها شوقهم إليه كما قال في حديث التردد ، وهو من هذا الباب « ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددى في قبض نسمة عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مماته ولا بد له من لقائي » ) يعنى بارتفاع الحجاب ، ولا يرتفع إلا بمفارقة البدن ( فبشره) بما بعد الموت من اللقاء .
قال رضي الله عنه :  ( وما قال له ولا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت ،) لوجود هذا الموت ، فاشتياق الحق اللقاء الذي لا يكون إلا بعد الموت هو الذي يكون عند ارتفاع الحجاب البدني والتجرد عن الغواشي الطبيعية ،
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.  )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم ، فيحب أن يروه ) أي ، شوق الحق المحب ثابت في نفس الأمر لهؤلاء المقربين ، مع كون الحق يراهم بالشهود الأزلي ، ويجب أن يروه في صور تجلياته ومظاهر أسمائه وصفاته .
ف‍ ( الفاء ) في قوله : ( فيحب ) عاطفة ، والمعطوف عليه هو قوله : " يراهم " .
( ويأبى المقام ) الدنيوي ( ذلك . ) لأن المقام الدنياوي مقام حجاب فمن لا يخرج عنه ، إما بالموت الإرادي وإما بالموت الطبيعي ، لا يرتفع عنه الحجاب ، فلا يرى ربه .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأشبه قوله تعالى : "حتى نعلم" مع كونه عالما . ) أي ، فصار هذا القول شبيها بقوله تعالى : ( حتى نعلم ) لأنه كان يرى أعيان هؤلاء المقربين في الغيب قبل ظهورهم بالوجود العيني وتلك الرؤية لا تتغير أبدا ، ومع ذلك وصف نفسه بالشوق ، هو يقتضى فقدان صورة المحبوب ، فهذا الشوق له لا يكون بحسب مقام الجمع ، بل بحسب مقام التفصيل .
كما مر في قوله تعالى : ( حتى نعلم ) من أن العلم بالمعلومات حاصل له أزلا وأبدا ، فقوله : ( حتى نعلم ) من مقام الاختبار وتجليات الاسم ( الخبير ) .
وهو في صور المظاهر لا غيره  
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت ) أي ، فالحق يشتاق في صور مظاهره لحصول هذه الصفة ، وهي الرؤية التي لا تحصل إلا عند الموت بارتفاع الحجاب وشهود الحق في تجلياته . وذلك الذي لا يحصل إلا بالموت .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيبل بها ) أي ، بتلك الصفة . ( شوقهم إليه . ) أي ، يسكن بماء الوصال وارتفاع الحجب نار شوقهم إليه ( كما قال تعالى في حديث " التردد " وهو من هذا الباب ) أي ، من باب الشوق إلى لقائهم (ما ترددت في شئ أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مسائته ) لأن المحب يكره ما يكرهه محبوبه ( ولا بد له من لقائي فبشره ) أي ، بشر المحبوب باللقاء ( وما قال له ولا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت) .

 
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:55 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 2:50 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السادسة الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.  )

قال رضي الله عنه :  ( فشوق الحقّ لهؤلاء المقرّبين مع كونه يراهم فيحبّ أن يروه ويأبى المقام ذلك ، فأشبه قوله : "حَتَّى نَعْلَمَ" [ محمد : 31 ] مع كونه عالما فهو سبحانه وتعالى يشتاق لهذه الصّفة الخاصّة الّتي لا وجود لها إلّا عند الموت ، فيبلّ بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التّردّد وهو من هذا الباب : « ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له من لقائي » . رواه البخاري،  فبشّره بلقائه ، وما قال له ولا بدّ له من الموت لئلا يغمّه بذكر الموت)

( فشوق الحق لهؤلاء المقربين ) بالفناء والبقاء ( مع كونه يراهم ) مظاهر كاملة له أن يرى ذاته برؤيتهم له ، ( فيحب أن يروه ) ، وإن كان يرى ذاته بذاته ؛ ليحصل له في ذاته رؤية ، ولكن ( يأبى المقام ) الإلهي ( ذلك ) أن يحدث فيه رؤية ، لكنه بالرؤية القديمة تحدث له نسبة عن رؤيتهم ، ( فأشبه قوله :حَتَّى نَعْلَمَ) بعلمهم الأشياء ( مع كونه عالما ) بها بنفسه ، فالحق وإن رأى أكثر صفاته ظهرت فيهم على الكمال لم ير فيهم ظهور صفة بصره بحيث يبصرونه ؛ ليرى ذاته برؤيتهم بعد رؤيته بذاته .

( فهو ) أي : الحق ( يشتاق ) إلى لقائهم ( لهذه الصفة الخاصة ) ، وإن كان ظهورها يستلزم بطلان ظهور أكثر الصفات ؛ لأنها ( التي لا وجود لها ) لا عنه لموت المبطل لمظهرية أكثر الصفات إلا أنه يشتاق إليها ؛ لأن لها خصوصية ببعض المظاهر الكاملة في الغاية ، وإذا كانت هذه الصفة التي اشتاقوا إليها لا تحصل ( إلا بالموت ) شوقهم إلى الموت مع كراهتهم إياه ، لكنهم يتحملون تلك الكراهة لخصوصية هذه الصفة ( فيبل بها ) ، أي : بهذه الصفة ( شوقهم ) ؛ ليسهل عليهم بحمل الموت ، لأنهم إذا علموا أن للحق شوقا إلى هذه الصفة ازداد شوقهم ( إليه ، كما قال تعالى في حديث التردد ) ما يشير إلى [ . . . ] .

 شوق المؤمنين بهذه الصفة ؛ ليهون عليهم محمل الموت من أجلها ، ( وهو ) أي : حديث التردد ( من هذا الباب ) ، أي : شوق الحق إلى لقاء المؤمن لهذه الصفة الخاصة ( ما ترددت ) ، أي : أخرت ( في فعل ) خير من خير وشر ( أنا فاعله كترددي في قبض ) نفس ( عبدي المؤمن ) حتى يرضى بقبضها بالتشويق إلى لقائي ؛ لأنه ( يكره الموت ) بسنية الموت بدون هذا الشوق ، ( وأنا أكره مساءته ) ، فأنا أكره له الموت ، ولكن ( لا بد له من لقائي ) لاشتياقه إليّ ، وأنه أشد شوقا إلى لقائه ، ولكن اللقاء لا يحصل إلا بالموت ، فلابدّ من الموت ، لكنه لم يصرح به ، واقتصر على ذكر اللقاء ، ( فبشره ) بمحض بشارة في اللفظ ، ( وما قال : لا بدّ له من الموت ) ، وإن تضمنته بشارة اللقاء ( لئلا يغمه بذكر الموت ). وهو إساءة وقد كرهها ، ولكنه صار في حكم المذكور ؛ لأنه


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.  )

شوق الحقّ تعالى لماذا ؟
(فشوق الحقّ لهؤلاء المقرّبين ) في الدنيا المنحجبين عنه بسائر الحجب مطلقا وبهذه الجمعيّة والإطلاق استحصل القرب ، ولذلك سمّي هذه النشأة الجمعيّة بالدنيا ، والقرب أيضا من الحجب ، كما قيل :-
وفي القرب تبعيدي عن إدراك ذاته  ..... ومالي سوى الذات النزيهة مطلب

"" أضاف الجامع :   عن حجاب القرب
القرب حجاب عن الذات ، لأن فيه مشاهدة بقاء الرسم ، ومن بقي رسمه فلا مشاهدة ومن لا مشاهدة له فلا معرفة له بالذات كما قيل .
وفي القرب تبعيد عن إدراك ذاته ..... وما لي سوى الذات النزيهة مطلب
  ص 65 كتاب الحجب الشيخ ابن العربي ""

فهذا الحجاب هو الذي منع أهل هذه النشأة أن يروه ( مع كونه يراهم ) وهم في غفلة وذهول عن أنّهم بمرأى منه ومسمع ، ( فيحب أن يروه ، ويأبى المقام ذلك ) ، فإنّ قهرمان الأمر إنّما هو للمقام ، وهو يمنع اللقاء كما عرفت .


اللقاء لا يمكن إلا بالموت
وفيه إشارة إلى أنّ الحجاب إنّما هو لأهل المقام ، يختص بهم فإنّ المنخلعين عنه قد ماتوا عنه ، وبما انخلعوا وماتوا عنه حصل لهم اللقاء ، فشوق الحقّ إنّما هو لرؤيتهم له ، وإن كان ذلك أيضا رؤيته ، ( فأشبه ) الرؤية هذه بالعلم المشار إليه في ( قوله ) تعالى : "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ " ( " حَتَّى نَعْلَمَ " ) " الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ " [ 47 / 31 ] ( مع كونه عالما ) .

(فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلَّا عند الموت ) - إراديّا كان أو طبيعيّا - أو جامعا بينهما فالحيّ الذي لم يتحقّق به لم يكن له نصيب من هذا الشوق ، والمتحقّق بقدر ما تحقّق به يحصل له السهم منه ، فأهل حجاب الدنيا قاصرون في الشوق .
( فنبل ) الحقّ ( بها ) - أي بهذه الخاصيّة - ( شوقهم إليه ) ، أي فضل على شوقهم بهذه الصفة ، من قولهم : « نبل » - بالضم – " ينبل " : إذا فضل وكبر وهو إشارة إلى مؤدّى قوله : " أشد شوقا " فعلم إنّ الأحياء - في أيّ مرتبة كانوا - قاصرين في الشوق .

(كما قال تعالى في حديث التردّد - وهو من هذا الباب - : « ما تردّدت في شيء أنا فاعله ، تردّدي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ، ولا بدّ له من لقائي » فبشّره ) بما هو غاية الموت من اللقاء ، ( وما قال له : « ولا بدّ من الموت » ، لئلا يغمّه بذكر الموت ) على ما هو مقتضى مقام الشوق


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت. )

قال رضي الله عنه :  ( فشوق الحقّ لهؤلاء المقرّبين مع كونه يراهم فيحبّ أن يروه ويأبى المقام ذلك . فأشبه قوله :حَتَّى نَعْلَمَ[ محمد : 31 ] مع كونه عالما فهو سبحانه وتعالى يشتاق لهذه)

( فتشوق الحق ) ، إنما يكون ( لهؤلاء المقربين ) ، أي إليهم ( مع كونه يراهم ) قبل موتهم ( فيجب أن يروه ) بعده حتى يراهم رائين له ولكن بهم ( ويأبى المقام ) الدنيوي ( ذلك ) فما لم يخرج المقرب عنه بالموت إراديا كان أو طبيعيا فيرتفع عنه الحجاب الدنيوي لا يرى ربه ولا يراه ربه رائيا له به ( فأشبه ) رؤية الحق إياه رائيا له به .

( قوله : حتى نعلم مع كونه عالما ) بالمعلومات أزلا وأبدا فالعلم الحاصل بالاختيار إنما هو العلم الحاصل في صور المظاهر ، فكذلك الحق سبحانه كان يراهم أزلا وأبدا ، فالرؤية الحاصلة بعد الموت إنما هي في صورة المظاهر ، وكذلك رؤيته إياه رائيا له ، والشوق إلى هذه الرؤية كلها في صور المظاهر ( فهو سبحانه وتعالى يشتاق لهذه)


قال رضي الله عنه :  ( الصّفة الخاصّة الّتي لا وجود لها إلّا عند الموت . فيبلّ بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التّردّد وهو من هذا الباب : « ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له من لقائي » فبشّره بلقائه .
وما قال له ولا بدّ له من الموت لئلا يغمّه بذكر الموت . )

( الصفة الخاصة ) ، أي إليها وهي رؤيته ( التي لا وجود لها إلا عند الموت فيبلّ بها ) ، أي بتلك الصفة التي هي الرؤية ، أي يسكن بماء الوصال ( شوقهم ) ، أي حرارة شوقهم ( إليه ) وقولنا فهو يشتاق إلى الصفة التي هي الرؤية بعد الموت باعتبار الاشتمال على ذكر اشتياقه إلى لقاء العبد .

( كما قال تعالى في حديث التردد وهو ) ، أي حديث التردد ( من هذا الباب ) ، أي من باب ذكر اشتياقه إلى لقاء العبد ( ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي ) ، أي مثل ترددي ( في قبض نسمة عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له من لقائي فبشره ) رواه البخاري وابن حبان ورواه غيرهما.
أي عبده المؤمن ( باللقاء ) حيث قال ولا بد له من لقائي . ( وما قال ولا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت .) ولما كان لا يلقى العبد المؤمن.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:55 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 2:56 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كان لا يلقى الحقّ إلّا بعد الموت كما قال عليه السّلام : « إنّ أحدكم لا يرى ربّه حتّى يموت » لذلك قال تعالى : « ولا بدّ له من لقائي » . فاشتياق الحقّ لوجود هذه النّسبة .. يحنّ الحبيب إلى رؤيتي  .... وإني إليه أشدّ حنينا .. وتهفو النّفوس ويأبى القضا .... فأشكو الأنين ويشكو الأنينا .. فلمّا أبان أنّه نفخ فيه من روحه ، فما اشتاق إلّا لنفسه . ألا تراه خلقه على صورته لأنّه من روحه ؟ ).
 
قال رضي الله عنه :  (ولما كان) ، أي العبد المؤمن (لا يلقى الحق) تعالى باللقاء المذكور (إلا بعد) ذوقه (الموت) الاضطراري أو الاختياري (كما قال عليه السلام) في الحديث المذكور (" إن أحدكم") ، أي الواحد منكم يا عباد اللّه المؤمنين (لا يرى ربه حتى يموت) كما ذكرنا .
(لذلك) ، أي لأجل ذلك (قال تعالى ولا بد له) ، أي للعبد المؤمن ("من لقائي ") ، أي رؤيتي وشهودي ومعاينتي على التنزيه العام والتقديس التام (فاشتياق الحق) تعالى لعبده المؤمن (لوجود هذه النسبة) التي هي محبة أن يراه عبده المؤمن كما أنه هو يرى عبده المؤمن ومن نظم المصنف قدس اللّه سره في ترجمان أشواقه قوله من أبيات .
 
قال رضي الله عنه :  (يحن) ، أي يشتاق (الحبيب) ، أي المحبوب لي وهو اللّه تعالى من قوله تعالى :"يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ"[ المائدة : 54 ] (إلى رؤيتي له) ، أي كوني أراه أو رؤيته لي بي التي هي رؤيته لنفسه (وإني إليه) سبحانه (أشد) ، أي أكثر (حنينا) ، أي شوقا قبل انكشاف الأمر ، لأنه حال المحب من خلق حجاب المحبة فإذا انكشف الأمر وجد العبد المحب شوقه إلى ربه عين شوق الرب إليه فكانت الأشديّة في شوق الرب لا في شوق العبد كما مر في خبر داود عليه السلام يا داود إني أشد شوقا إليهم .
 
قال رضي الله عنه :  (وتهفو) ، أي تميل وتطلب تعجيل اللقاء من شدة الشوق وكثرة المحبة النفوس ، أي نفس المحبوب الحق ونفوس المحبين الذين هم عباده المؤمنون أو بالعكس ، لأنهم حضراته الكمالية ومظاهر تجلياته الجمالية (ويأبى) ، أي يمتنع من ذلك الأمر (القضاء) الأزلي والتقدير الإلهي لأنه تعالى لا تبديل لكلماته (فأشكو الأنين) ، أي كثرة الشوق إلى المحبوب (ويشكو) ، أي المحبوب أيضا (الأنينا) ، أي كثرة الشوق كذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (فلما أبان) ، أي أوضح سبحانه (أنه نفخ فيه) ، أي في ذلك الإنسان الذي سوّاه (من روحه) وقد اشتاق إليه أيضا ، (فما اشتاق) تعالى (إلا لنفسه) الظاهرة له في مقدار ما تجلى بفاعليته بصورة عبده المؤمن (ألا تراه) سبحانه كما ورد في الحديث أنه تعالى (خلقه) ، أي خلق آدم الذي هو أوّل هذه النشأة الإنسانية (على صورته) سبحانه (لأنه) ، أي الإنسان منفوخ فيه (من روحه) تعالى فهو معلومه من نفسه ، فهو صورة نفسه في نفسه ، من غير اعتبار الجمود الوهمي ، المقتضي للالتباس في الخلق الجديد .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال رضي الله عنه :  ( ولما كان لا يلقي ) من لقي أي لما كان لا يلاقي المؤمن ( الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام : « إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت لذلك » ) يتعلق بقوله ( قال تعالى ) وهو جواب لما ( ولا بد له من لقائي فاشتياق الحق ) إلى لقاء عبده ( لوجود هذه النسبة ) الحاصلة له من موت العبد وكذلك اشتياق العبد إلى لقاء ربه إنما يكون لوجود هذه النسبة الحاصلة له من موته وأشار إلى الشوق عن لسان الحق تعالى بقوله ( شعر :
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه ) أي إلى الحبيب ( أشدّ حنينا ) فإن كل واحد من الحق والعبد كان محبا ومحبوبا فالحق محب للعبد ومحبوب له وكذلك العبد ( وتهفوا ) أي تضطرب ( النفوس ) في طلب رؤيتي
( ويأبى القضاء ) والتقدير الإلهي عن حصول مرادهم قبل وقت الأجل وقد حكم القضاء وقدّر التقدير لكل نفس أجلها في وقته لا يتقدم ولا يتأخر فإذا كان ذلك ( فأشكو ) على صيغة المتكلم ( الأنين ) أي فأشكو من الأزمنة والأنين إلى أن جاء آن الأجل ( ويشكو ) الحبيب ( الأنينا ) ليكون الأنين حائلة بيني وبين حبيبي ( فلما أبان ) أي فلما أظهر الحق ( أنه ) أي أن الشأن ( نفخ ) الحق ( من روحه ) في هذه النشأة العنصرية.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».  فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة: يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا ... و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا ... فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه. ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).  
فكأنك قلت: من عرف نفسه فقد عرف ربه، لكن كل أحد يعرف نفسه فإذن كل أحد يعرف ربه وهو معنى قول: وإن شئت قلت: بثبوت المعرفة.
ثم ذكر أن شوق العباد إلى ربهم هو من حنين الفرع إلى أصله وشوق الحق تعالى إلى المشتاقين إليه هو بالعكس.
من هذا وقد ورد على بعض الفقراء خطاب صورته: «يا عبد أنا أشوق إليك منك إلي، تطلبني بطلبي وأنا أطلبك بطلبك وبطلبي»، 
وذكر البيتين الشعر ثم ذكر التثليث الذي في محمد صلی الله عليه وسلم: 
أنه حق ورجل وامرأة فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه. فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي   ...... وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا .....   فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كان لا يلقى الله إلَّا بعد الموت - كما قال عليه السّلام : « إنّ أحدكم لا يرى ربّه حتى يموت » . لذلك قال تعالى : ولا بدّ له من لقائي ، فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة ) .
 
قال العبد : ولأنّ الشوق إنما يكون ممّن أحبّ وشهد محبوبه ، ثمّ وقع الفراق ، وامتنع الوصال والاعتناق ، فينبعث باعث طلب الاتّحاد والاشتباك بتقوية ما به الاشتراك ، والتعرية عمّا به المباينة والانفكاك ، والتبرئة عن حجاب التعين القاضي على الشائق بالهلاك ، المفضي إلى الارتياب والارتباك ،
فذلك الانبعاث العشقي لطلب الوصال في الفراق هو الشوق ، والاشتياق الذي يزداد ويشتدّ إنّما يكون للقاء خاصّ في عين الشهود والوصال ، وهو بارتفاع التعيّن العبدانيّ ، وفنائه في العين الأحدية بالبقاء الربّاني ، فيتّسع سعة وطنه ، بعد ضيق عطنه ، ويرتفع من حضيض تقييده ، إلى ذروة إطلاقه وتوحّده ،
وإلَّا فهي في الشهود دائما لربّه ، الذي هو متعلَّق شوقه ووجده ، وربّه دائم الشهود لعبده ، في جميع مراتب قربه وبعده ، شهود جمع في جمع ، على ما هو عليه الأمر في نفسه ، فناء في بقاء ، وبقاء في فناء من جهة العبد ، وبقاء في بقاء من جهة الربّ .
 
ثمّ الذي يشهد التعيّن نسبة ذاتية للمتعيّن ، ويراه عينه ، ويرى عينه إيّاه ، وفإنّه دائما في لقاء وهو في فناء فناء وبقاء بقاء ، ولكن هذا النوع من الاشتياق المنسوب إلى الأبرار إنّما يكون بالنسبة إلى من ليس مشهده ما ذكرنا .
 
وأمّا اشتياق العبد البالغ فإنّه لا يزول مع دوام الشهود ، ولا يحول مع اتّصال الوصال والوجود ، جعلنا الله وإيّاكم ممّن امتنّ عليه بهذا التجلَّي الدائم ، إنّه وليّ الوهب والجود .
 
وأمّا من حيث هذا الاشتياق واللقاء الخاصّ ، فشوقه أضعاف أضعاف جمع الشائقين والمتلقّين للقاء ربّ العالمين ، وله شوق آخر من حيث أحديّة جمع الشوقين والاشتياقين ، أعني شوق أهل الحجاب واشتياق أهل الشهود ، بمعنى أنّ هذا العبد يموت في عين حياته الدنيا ، ويتوفّاه الله إليه ، ويلقاه ويلقى ربّه ، فيبلّ كلّ واحد من صاحبه شوقه ، ويشهد كلّ منهما كلَّا منهما جمعا وفرادى في الصور البرزخية النورية والهيئات المثالية والفلكية الصورية التي لا وصول إلى شهود الحق فيها بهذا التعين النقلي السفلي وبعد ذلك اللقاء والموت عن هذه النشأة ،
إن اشتاق إلى الحق المتعين في هذه التعينات ، وحجبه ذلك المقام والتعيّن اللائق به عن شهوده هنا ، فيردّه الله إليه في هذه النشأة ، فأقرّ عينه به وبشهوده في هذا المقام ، وهكذا يداوم على هذين الشوقين والاشتياقين إلى اللقاء ، حتى تتّحد الأشواق ، وتبقى في شهود أحدية جمع الجمع بين القيد والإطلاق ، كما هو الأصل في الأصل ، والله وليّ التوفيق بالإطباق والاتّفاق .
 
قال رضي الله عنه  : ( يحنّ الحبيب إلى رؤيتي  .... وإنّي إليه أشدّ حنينا  ... وتهفو النفوس ويأبى القضا ..... فأشكو الأنين ويشكو الأنينا)
 
يريد  رضي الله عنه : أنّ الحق يقول على لسانه من حيث المرتبة ، فإنّ المحبّ للعبد العارف به العالم له فحنينه عين حنينه إلى محبّه ، ولكن حنين الحق القائل : « أحببت » إليه أشدّ ، كما بيّنا في سرّ التقريب العبداني والرباني ، من حيث تعيّنه في عين عبده يشتاق ويتقرّب إلى نفسه ، ثمّ يجازيه عن شوقه إليه أيضا ، ويقرّ به بالشوق والتقرّب إلى العبد المشتاق المتقرّب ، والمجازاة بعشر أمثالها ، فيكون شوق الحق إلى العبد أضعاف أضعاف شوقه إليه ، فافهم هذا السرّ أيضا ، فإنّه عزيز .
 
قال رضي الله عنه  : ( فلمّا أبان أنّه نفخ فيه من روحه ، فما اشتاق إلَّا إلى نفسه ، ألا تراه في خلقه على صورته ، لأنّه من روحه ؟)
يعني  رضي الله عنه  : الرطوبة الغريزية التي هي مادة الحرارة الغريزية وبها بقاؤها
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال رضي الله عنه :  ( ولما كان لا يلقى الله إلا بعد الموت كما قال عليه الصلاة والسلام" إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت " لذلك قال الله تعالى ولا بد من لقائي فاشتاق الحق ) لوجود هذا الموت ، فاشتياق الحق ( لوجود هذه النسبة ) اللقاء الذي لا يكون إلا بعد الموت هو الذي يكون عند ارتفاع الحجاب البدني والتجرد عن الغواشي الطبيعية ، وهو بالنسبة إلى أهل الحجاب من المؤمنين بالغيب إنما يكون في صورة معتقدهم ، إما في العالم المثالي ، وإما في البرازخ النورية الروحانية .
 
قال رضي الله عنه :  (« وإما في الهياكل السماوية والصور الفلكية بحسب تفاوت درجاتهم في التجرد بصفاء النفس وقوة الاستعداد ، كما قال عليه الصلاة والسلام » أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر « وهي الأجرام السماوية وفي حديث آخر »)
 في قناديل معلقة تحت العرش « وهي الكواكب الدرية ، وبالنسبة إلى أهل الشهود من الموقنين فاللقاء دائم ، وهم الذين ماتوا عن نياتهم وتعيناتهم في حياتهم الدنيا ، وتجردوا في حياتهم من ملابس طبائعهم ، فهم يشاهدون من حيث أنهم انخلعوا عن الهيئات النفسانية والطبيعية وأحياهم الله بالحياة الأخروية فهم الذين فازوا بلقاء الله على الإطلاق والتقييد ، وشاهدوا جمال وجهه الباقي في الكل ، وخلصوا عن خوف الفراق فلا شوق لهم كالفريق الأول فإنهم أهل الشوق لوجود الفراق ودوام الحجاب ، لكنهم مشتاقون أبدا لأن الحق تتوالى تجلياته من غير تكرار ، فهم في كل وقت يشاهدونه ببعض تجلياته ويشتاقون إلى نور جماله في سائر تجلياته ،
 
وفي هذا قال أبو يزيد رضي الله عنه :
شربت الحب كأسا بعد كأس  .... فما نفد الشراب وما رويت
وبين الفريقين طائفة من أهل القلوب يشاهدونه في ملابس حسن الصفات مع بقاء الإنيات ، وهم المنخلعون عن صفاتهم في مقام قرب النوافل خرقوا حجاب الصفات وحرموا جمال الذات ، فهم الجامعون بين الشوق والاشتياق لاحتجابهم من وجه واتصافهم من وجه .
فاللقاء على ثلاثة أقسام : ولكل قسم موت وبعث وقيامة .
 
فالأول : إما أن يكون بالموت الطبيعي والبعث والقيامة فيه ، كما قال عليه الصلاة والسلام « من مات فقد قامت قيامته » وقال عليه الصلاة والسلام « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » واللقاء بعدها لأهل السعادة من المؤمنين بالغيب المحجوبين من رؤية الحق في صور معتقداتهم في عالم المثال أو في الهياكل العلوية السماوية وعلى حسب درجاتهم ، ولأهل القلوب في البرازخ النورية الروحانية من عالم القدس على أحسن ما يكون ولأهل الشهود في جميع صور الموجودات على الجمع والتفصيل والإطلاق والتقييد أمرهم الله تعالى بذلك : "وما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله " لأن إرادتهم إرادته ، وإذا فنوا عن ذواتهم فكيف تبقى صفاتهم فالكل في هذه القيامة سواء ، وهي الصغرى بالمرتبة والكبرى بالشمول .
والحق أنها أول موطن من مواطن القيامة الكبرى ،
 
ولهذا قال الشيخ رضي الله عنه : "القبر أول منزل من منازل الآخرة " وأما قيامة أرباب القلوب فهي بالانخلاع عن ملابس الحس ، والانبعاث عن مرقد البدن في هذه الدار ، والترقي إلى عالم القدس ، والانحراط في زمرة الملكوت ، وهي القيامة الوسطى وأوسط المواطن الكلية من القيامة الكبرى ، وهي بعد الموت الإرادى من الحياة النفسانية بقمع الهوى وإماتة القوى ، كما قيل : مت بالإرادة تحيى بالطبيعة .
 
وأما قيامة أهل الشهود فهي الطامة الكبرى بعد الفناء في الحق ، وفناء الخلق بارتفاع حجب الجلال النورانية والظلمانية بإحراق نور جمال الوجه الباقي إياها ، كما قال عليه الصلاة والسلام « إن لله تعالى سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لاحترقت سبحات الجلال » من غير إشارة ، وذلك الفناء هو الموت الحقيقي الطبيعي لكل ممكن ،
 
والقيامة بعده هو البقاء بعد الفناء الذي يشهد التعين نسبة ذاتية للمتعين وشأنا من شؤونه الذاتية ، ويرى عينه إياه فهو دائما فناء عن ذاته وبقاء بربه ، فتحقق أن كل مرتبة من اللقاء لا تكون إلا بموت ، ولا يذوق بعده الموت إلا الموتة الأولى ، والله الباقي بعد فناء الخلق :
يحن الحبيب إلى رؤيتي  ….وإني إليه أشد حنينا
وتهفو النفوس وتأبى القضا  ..... فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
 
يقول الشيخ قدس سره : إن الحق يقول على لساني من حيث المرتبة فإنه المحب للعارف به المحب له فإن حنين العبد عن محبته ، ومحبته عن محبة الله إياه كما قال " يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَه " فلو لا محبة الحق إياه لما أحب الحق فحنينه عن حنين الحق إليه أشد كما ذكر ،
 
فإن الحق من حيث تعينه في عين عبده يشتاق ويتقرب إلى نفسه ثم يجازى المسمى عبدا عن شوقه إليه ويقربه بالشوق والتقرب إلى عبده المشتاق والتقرب والمجازاة بعشر أمثالها إلى سبعمائة إلى ما لا يتناهى من الأضعاف ، فيكون شوق العبد إليه بما لا يقدر قدره ،
 
وتهفو : أي تضطرب إليه النفوس من شدة الشوق حبا للموت الذي هو وسيلة اللقاء ، ويأبى القضا الأجل المسمى الذي عينه الحق فيبقى شوق الأنين من الطرفين ( فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه فما اشتاق إلا إليه ) أي إلى نفسه للنبوية المذكورة بإنية العبد وتعينه
"" أضاف بالي زاده :-
أشد حنينا ، فإن كل واحد من الحق والعبد يكون محبا ومحبوبا ، فالحق محب العبد ومحبوب له ، وكذلك العبد وتهفو النفوس في طلب رؤيتي ، ويأبى القضاء والتقدير الإلهي عن حصول مرادهم قبل وقت الأجل فأشكر الأنين : أي فأشكو من الأزمنة والأنين إلى أن جاء الأجلى ، ويشكو الحبيب الأنينا لكون الأنين حائلا بيني وبين حبيبي .أهـ بالى زاده 
 
فظهر أن الروح يتبع في الظهور النشأة فكان في النشأة الطبيعية نورا كما في الملائكة ، ونارا كما في الإنسان .أهـ بالى زاده  ""
 
 قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه . ) فإن الأركان ما لم تصر أخلاطا لم تصر أعضاء حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة يعنى الحرارة الغريزية التي تشتعل بمادة الرطوبة الغريزية من الروح الإنسانى.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال الشيخ رضي الله عنه : (ولما كان لا يلقى) المؤمن (الحق إلا بعد الموت) كما قال عليه السلام : (إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت ).
لذلك قال الله تعالى : (ولا بد له من لقائي.) جواب (لما) . وقوله (لذلك) متعلق ب‍ (قال) .
(فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة.) أي ، فاشتياق الحق إنما هو لحصول هذه الصفة وهي الاشتياق في المظاهر المنقادة لأوامره ونواهيه .
شعر :
(يحن  الحبيب  إلى رؤيتي  .... وإني إليه  أشد حنينا )
(وتهفوا النفوس ويأبى القضا  ... فأشكو الأنين ويشكو الأنينا )
هذا عن لسان الحق من مقام الشوق . أي ، تضطرب النفوس وتطلب رؤيتي ، ولكن يأبى القضاء الإلهي والتقدير الرحماني عن تلك الرؤية إلى أن يحل الأجل فإن القضاء والقدر قدر وعين لكل أجل وقتا معينا ، لا يمكن تقديمه ولا تأخيره .
وإذا كان كذلك ، فأشكو من الأنين إلى وقت الأجل ، ويشكو المحب الأنين .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه ، فما اشتاق إلا لنفسه ) أي ، فلما أظهر الحق أنه نفخ في هذا المجلى الإنساني من روحه ، علم أنه ما اشتاق إلا لنفسه وهويته المتعينة بالتعينات الخلقية .
( ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه ؟ ) أي ، ألا ترى الإنسان كيف خلقه الله على صورته ؟ وإنما خلقه عليها ، لكونه نفخ فيه من روحه .


.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:56 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:00 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كان لا يلقى الحقّ إلّا بعد الموت كما قال عليه السّلام : « إنّ أحدكم لا يرى ربّه حتّى يموت » لذلك قال تعالى : « ولا بدّ له من لقائي » ؛ فاشتياق الحقّ لوجود هذه النّسبة . يحنّ الحبيب إلى رؤيتي   ..... وإني إليه أشدّ حنينا .. وتهفو النّفوس ويأبى القضا .... فأشكو الأنين ويشكو الأنين .. افلمّا أبان أنّه نفخ فيه من روحه ، فما اشتاق إلّا لنفسه ) .
 
( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت ) بحسم القضاء الإلهي ، وإن أمكن عقلا لقاؤه بدونه ( كما قال عليه السّلام : « إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت » ) ، فكأنه ذكره مع الإشارة إلى أنه لم يذكره لما فيه من الإساءة .
( لذلك قال تعالى ) في مقام ذكر الموت : ( « ولا بدّ له من لقائي ») ، وإذا كان تردد الحق في الموت الطبيعي لهذه النسبة ، ( فاشتياق الحق ) فيما نحن فيه ( لوجود هذه النسبة ) ، أي : هذه الصفة التي هي نسبة حادثة ، وإلا فلا حدوث في صفته تعالى ، ولو كانت هذه النسبة للحق باعتبار ذاته كان الاشتياق إليها أشد من اشتياق العبد إلى لقاء ربه ؛ لأن نفس الشيء أحب إليه من كل ما عداه ، فكأنه تعالى يقول بلسان الحال : ( يحن ) ، أي : اشتياق
 
( الحبيب إلى رؤيتي ، وأنا إليه أشد حنينا ) ، ولكن لا يحصل المشتاق إليه إلا بالموت وهو مما ( تهفو ) ، أي : تضطرب له ( النفوس ) ، ولكن ( يأبى القضاء ) الإلهي حصول المشتاق إليه بدونه ، ( فأشكو الأنين ) من كراهة إساءته ، ( ويشكو الأنينا ) من الموت ، وإذا كان شدة اشتياق الحق إلى لقائهم لما فيه من رؤيته ذاته برؤيتهم بعد رؤيتها بنفسه لشدة زيادة ، والزيادة تنبغي أن تكون من جنس المزيد عليه ، فأصل شوقه أيضا إلى رؤية ذاته بصور المظاهر .
 
( فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه ) المضاف إليه لاتصافه بصفاته من التجرد والحياة والعلم ، والإرادة والقدرة ، والسمع والبصر والكلام والتعلق ، وقد جعلنا فيه بالقوة ، ولا يخرج إلى الفعل إلا بهذا المظهر الجسماني ، ( فما اشتاق ) في أصل الاشتياق ( إلا إلى نفسه ) ؛ ليراها في المظهر الكامل الإنساني .
قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه خلقه على صورته لأنّه من روحه ؟)
( ألا تراه خلقه على صورته ) التي ذكرناها ، وإنما كان على صورته ؛ ( لأنه ) أي : الروح الإنساني إنما حصل ( من روحه ) ، أي : الروح الإلهي ،
أي : معنى الإلهية من الذات والصفات المذكورة ، فيدبر هذا الروح الإنساني بدنه ، كما يدبر الروح الإلهي الأرواح والأجسام ، فهو روح الأرواح والأجسام جميعا ، إلا أنه لا يشتغل فيما يدبره ، وهذا الروح الإنساني له اشتغال في البدن ؛ وذلك لأنه
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كان لا يلقى الحقّ إلَّا بعد الموت ، كما قال عليه الصلاة والسلام : " إنّ أحدكم لا يرى ربّه حتى يموت " لذلك قال تعالى :" ولا بدّ له من لقائي " فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة ) الجمعيّة التي هي غاية هذه النشأة الكماليّة ومنتهى أمرها .
 
المحبوب والمحبّ هو الحقّ  
ثمّ ليعلم إنّ الحقّ في لسان الظاهر هو المحبوب ، على ما دلّ عليه هذا المساق ، وإن كان نسبة المحبّية والمحبوبيّة إليه على السواء ، كما هو مؤدّى قوله تعالى : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ُ "
ولكن إذا تكلَّمت بلسان الكثرة العبديّة ، وهو بعد استكمال العبد وجودا ، وشرع كذا في طيّ مسالكه شهودا ، فالحقّ هو المحبوب ، ليس إلَّا ، على ما أشار إليه " يُحِبُّونَه ُ ".
وإذا تكلَّمت بلسان الوحدة الحقيقيّة ، متوجّهة في قوس تنزلها الوجودي إلى استكمال العبد ، هو المحبّ ، على ما أومى إليه " يُحِبُّهُمْ " ولذلك تراه إذ قد أفصح عمّا عبّر عنه اللسان الأول بصورة الحديث القدسيّ ، أشار إلى ما نطق به اللسان الثاني بصورة النظم الكونيّ ، جمعا بين اللسانين وإفصاحا عن مؤداهما ، فلا تغفل ،
وهو قوله رضي الله عنه  :
( يحنّ الحبيب إلى رؤيتي ... وإنّي إليه أشدّ حنينا )
كما أنّ في اللسان الأول كان الحبيب أشدّ شوقا ، فـ « القاف » هذا قاف « القدس » ظاهرا من شين « شعوره » الذي هو من شعائر شاكلته كما أنّ نون « الحنين » نون « الكون » ظاهرا من حاء « الحيطة » و « الحواية » و" الحيازة " .
وهو قوله رضي الله عنه  :
(فتهفو النفوس و يأبى القضاء ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا)
( فتفهوا النفوس ) أي تخفق ، من « هفا الطير » : إذا خفق للطيران .
( ويأبى القضاء . ويشكو الأنين ) حيث قال أولا : « وإنّي أشدّ شوقا إليهم » ( وأشكو الأنينا ) حيث قال : « وإنّي إليه أشدّ حنينا » . وفي التعبير عن المشتكى عنه بالأنين تلويح إلى مبدأ تلك الشكاية ، يعني الإنيّتين الفارقتين .
 
لمّا كان الروح من الحقّ فما اشتاق إلَّا لنفسه
فمن هذه الحكمة ظهر وجه تسمية محمد صلَّى الله عليه وسلم حبيبا ، وأصل ذلك من قوله :
" نَفَخْتُ فِيه ِ من رُوحِي " [ 15 / 29 ] وستطلع منه على وجه شفاعته أيضا .
( فلمّا أبان أنّه نفخ فيه من روحه ، فما اشتاق إلَّا لنفسه ) فإنّ الروح من كلّ شيء هو نفس ذلك الشيء وعينه ، ( ألا تراه خلقه على صورته )  فإنّ الروح من الشيء ، هو الذي يستجلب صورته الخاصّة به ، كما تراه عند ظهور الاعتدال الهوائي الذي هو روح النبات في الربيع ، كيف يستجلب روح كل واحد منه على التفصيل ما يتصوّر به من الصورة الخاصّة به في الحسّ . وهذا الأصل يقتضي أنّ الإنسان على صورة الله ( لأنّه من روحه ) .
ثمّ إنّ النفخ - الذي عبّر به في الكلام المنزل الختمي عن إفاضة الروح ، ونسبة تقويمه الأجساد وإخراجها عن مكامن القوّة - نسبتان : له نسبة إلى المنفوخ فيه ، ونسبة إلى النافخ به قد أشار إليهما مفصلا :
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟  ).


قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كان لا يلقى الحقّ إلّا بعد الموت كما قال عليه السّلام : «إنّ أحدكم لا يرى ربّه حتّى يموت» . لذلك قال تعالى : «ولا بدّ له من لقائي» . فاشتياق الحقّ لوجود هذه النّسبة .. يحنّ الحبيب إلى رؤيتي ...  وإني إليه أشدّ حنينا .. وتهفو النّفوس ويأبى القضا ..... فأشكو الأنين ويشكو الأنينا ).
(ولما كان لا يلقى العبد ) المؤمن ( الحق إلا بعد الموت كما قال له عليه السلام « إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت » لذلك قال تعالى ولا بد له من لقائي فاشتياق الحق ليس إلا لوجود هذه النسبة ) .
وفي النسخة المقروءة عليه رضي اللّه عنه فاشتياق الحق لوجود هذه النسمة ، أي إلى وجود هذه الصفة أعني لقاء العبد فإنه نسمة بين الحق والعبد . ( يحن الحبيب ) ، أي العبد المؤمن ( إلى رؤيتي . . . وإني أشد إليه حنينا . . وتهفو النفوس ) ، أي تضطرب لشوق لقائي ( ويأبى القضاء ) عن تلك الرؤية فإنه قدر لكل أحد أجلا معينا لا يمكن تقديمه ولا تأخيره .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلمّا أبان أنّه نفخ فيه من روحه ، فما اشتاق إلّا لنفسه . ألا تراه خلقه على صورته لأنّه من روحه ؟ )


(فأشكو الأنين ) من التحنن إلى حلول الأجل ( ويشكو ) المحب ( الأنينا . . فلما أبان ) الحق سبحانه ، أي أظهر ( أنه نفخ فيه من روحه فما اشتاق إلا لنفسه ) ، فإن روحه ليس إلا نفس هويته منصبغة بصفة الحياة ( ألا تراه خلقه على صورته ) ، أي صنعته ( لأنه من روحه ) ، الذي هو نفس هويته كما عرفت.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:56 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:04 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثامنة الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.  ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه.   ).

قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسمّاة في جسده أخلاطا ، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرّطوبة ، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته ، ولهذا ما كلّم اللّه موسى إلّا في صورة النّار وجعل حاجته فيها ، فلو كانت نشأته طبيعيّة لكان روحه نورا .  وكنّى عنه بالنّفخ يشير إلى أنّه من نفس الرّحمن ، فإنّه بهذا النّفس الّذي هو النّفخة ظهر عينه ، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا ، فبطن نفس الحقّ فيما كان به الإنسان إنسانا . ثمّ اشتقّ له شخصا على صورته سمّاه امرأة ، فظهرت بصورته فحنّ إليها حنين الشّيء إلى نفسه وحنّت إليه حنين الشّيء إلى وطنه . )

قال رضي الله عنه :  (ولما كانت نشأته) ، أي الإنسان من حيث جسمانيته (من هذه الأركان الأربعة) المتولدة في الجسد من مادة الغذاء وهي الدم والصفراء والسوداء والبلغم (المسماة في جسده) ، أي الإنسان (أخلاطا) جمع خلط بكسر الخاء المعجمة (حدث عن نفخه) ، أي الروح فيه (اشتعال بما) ، أي بسبب ما (في جسده) ، أي الإنسان (من الرطوبة) القابلة للتحلل بالحرارة التي فيه .


قال رضي الله عنه :  (فكان روح الإنسان) المنفوخ فيه (نارا) باعتبار ذلك وإلا فإن الروح منزهة عن أحكام الطبائع والعناصر لعلوها عن قيود الكيفيات الطبيعية وإن لبست صورة ذلك في نزولها لتدبير الجسد بمقتضياته (لأجل نشأته) ، أي خلقة الجسد (ولهذا) ، أي لكون الأمر كذلك (ما كلم اللّه) تعالى (موسى) عليه السلام إلا بعد ظهوره له (في صورة النار) من حيث تجليه عليه بها ، وهو تعالى على ما هو عليه ، ليعلمه بتجليه في روحه .

كذلك (وجعل) تعالى (حاجته) ، أي موسى عليه السلام (فيها) ، أي في النار لتتوفر دواعيه إلى طلبها ويرغب في تحصيلها فيجد مطلوبه ويواصل محبوبه (فلو كانت نشأته) ، أي الإنسان قال رضي الله عنه :  (طبيعية) كالملائكة عليهم السلام (لكان روحه) المنفوخ فيه نورا مناسبة للطافة نشأته لا نارا مناسبة لكثافتها .

قال رضي الله عنه :  (وكنى) تعالى (عنه) أي عن الإنسان (بالنفخ) الروحي (يشير) تعالى بذلك (إلى أنه) ، أي الإنسان مخلوق (من نفس) بفتح الفاء (الرحمن) المستوي على العرش أي المتجلي به ، فإنه أي الإنسان (بهذا النفس) بفتح الفاء (الذي هو النفخة ظهر عينه) ، أي الإنسان (وباستعداد) ، أي تهيؤ (المنفوخ فيه) ، وهو الجسد باشتماله على الأخلاط الأربعة كما سبق كان ذلك الاشتعال الحاصل بالنفخ (نارا لا نورا فبطن نفس) بفتح الفاء الحق تعالى أي أمره تعالى وظهر خلقه (فيما كان الإنسان به إنسانا) وهو النشأة العنصرية الممتدة من الأخلاط الأربعة المذكورة .

قال رضي الله عنه :  (ثم اشتق) تعالى ، أي استخرج (له) ، أي للإنسان منه (شخصا) إنسانيا (على صورته سماه) ، أي ذلك الشخص (امرأة فظهرت) ، أي الامرأة له منه (بصورته) ، أي الإنسان (فحنّ) ذلك الإنسان (إليها) مثل (حنين الشيء إلى نفسه وحنت) هي أيضا (إليه) مثل (حنين الشيء إلى وطنه) الذي تولد فيه وخرج منه .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه. ).

قال رضي الله عنه :  ( فما اشتاق إلا لنفسه ) المتعينة بالتعين الخلقية ( ألا تراه ) أي الإنسان كيف ( خلقه ) اللّه ( على صورته ) وإنما خلقه على صورته ( لأنه ) حاصل ( من روحه ) المنفوخة في النشأة العنصرية ( ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا حدث عن نفخه فيه ) أي عن نفخ الحق في جسده ( اشتعال ) كاشتعال الشمعة ( بما ) أي بسبب الذي كان ( في جسده ) أي في جسد آدم

قال رضي الله عنه :  ( من الرطوبة ) بيان لما وهي كالدهن للسراج ( فكان روح الإنسان نارا ) مشتعلا بالحرارة الغريزية ( لأجل نشأته العنصرية ) التي فيها الرطوبة ( ولهذا ) أي ولأجل كون روح الإنسان ( لأجل نشأته ) نارا ( ما كلم اللّه ) أي ما تجلى اللّه ( موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها ) أي في صورة النار ( فلو كانت نشأته ) أي نشأة الإنسان ( طبيعية ) لا عنصرية ( لكان روحه نورا ) فظهر أن الروح يتبع في الظهور للنشأة فكان في النشأة الطبيعية نورا كما في الملائكة التي فوق السماوات وفي العنصرية نارا كما في الإنسان ( وكنى ) الحق ( عنه ) أي عن الروح

قال رضي الله عنه :  ( بالنفخ يشير إلى أنه ) حاصل ( من نفس الرحمن فإنه ) أي فإن الشأن قوله ( بهذا النفس الذي هو النفخة ) يتعلق بقوله ( ظهر عينه ) أي حصل عين الإنسان أو عين الروح في الخارج قوله ( وباستعداد المنفوخ فيه ) وهو النشأة العنصرية يتعلق بقوله ( كان الاشتعال نارا لا نورا فبطن نفس الحق فيما كان به الإنسان إنسانا ) وهو الروح الذي كان به الإنسان إنسانا فإذا ظهر الإنسان بالروح وظهر الروح بنفس الحق بطن النفس واستتر في الروح الانساني ( ثم اشتق له شخصا على صورته سماه امرأة فظهرت بصورته فحن ) آدم ( إليها حنين الشيء إلى نفسه وحنت المرآة إليه حنين الشيء إلى وطنه ) وأصله.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه. ).

قال رضي الله عنه : (  كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته. ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها. فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا. فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا. ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه. ).  

قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه. فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي .....   وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا .....   فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.

قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.

قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه.).

قال رضي الله عنه : ( ولمّا كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا ، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة ) .
يعني  رضي الله عنه  : الرطوبة الغريزية التي هي مادة الحرارة الغريزية وبها بقاؤها .

قال رضي الله عنه   : ( فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته ) .
يعني  رضي الله عنه:  الحرارة الغريزية التي هي مركب حياة الروح النفساني ، أعني النفس الناطقة ، فإنّ النفس على صورة نارية ، والروح في صورة نورية .

قال رضي الله عنه  : ( ولهذا ما كلَّم الله موسى إلَّا في صورة النار ، وجعل حاجته فيها ، فلو كانت نشأته طبيعية ، لكان روحه نورا وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنّه من نفس الرحمن فإنّه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه ، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا ) .

يشير رضي الله عنه  إلى الجوهر النوري ، الظاهر بصورة النار ، المشتعل لفتيلة جسده ودهن رطوبته الغريزية المشار إليها في بعض وجوهها بقوله : " يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْه ُ نارٌ "
وإنّما فسّرت قوله : " روحه " بالنفس ، لأنّ الروح غير متعلَّق وإنّما المتعلَّق هو النار ، والنور محمول في النار ، كقيام العقل - وهو الروح - بالنفس الناطقة .

قال رضي الله عنه  : ( فبطن نفس الحق فيما كان به الإنسان إنسانا ، ثم اشتقّ له شخصا على صورته ، فسمّاه امرأة ، فظهرت بصورته ، فحنّ إليها حنين الشيء إلى نفسه ، وحنّت إليه حنين الشيء إلى وطنه ،)

يعني  رضي الله عنه  : لمّا كان على صورة ربّه ، بل هو صورة ربّه في عصره والحق هوية هذه الصورة وروحها ، فهو بصورته شفع الحق الواحد الأحد الوتر ، فإنّ الإنيّة تشفع الهوية ، كما يشفع الزوج الزوج بوجوده .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه.).
قال رضي الله عنه : ( ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا ) فإن الأركان ما لم تصر أخلاطا لم تصر أعضاء ( حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة ) يعنى الحرارة الغريزية التي تشتعل بمادة الرطوبة الغريزية من الروح الإنسانى ( فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته ) أي الروح الحيواني الذي به حياة البدن وهو النفس باصطلاح أهل التصوف ، فإنها نارية الجوهر والروح الإنسانى بظاهر صورة النار.

قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها ، فلو كانت نشأته طبيعية ) أي على طبيعية عالم القدس ( لكان روحه نورا وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عنه ) أي بالوجود الخارجي ( وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا ) المنفوخ فيه هو مادة الجسد ، واستعداده الرطوبة الغريزية التي أصله المنى المسوى باعتدال المزاج ،
فالاستعداد بالحقيقة هو ذلك الاعتدال الذي جعل المحل قابلا لتأثير الروح وتعلقه التدبيرى به حتى اشتعل من الروح فيه النار ،
أي الحار الغريزي الذي يكون منه الروح الحيواني أعنى النفس فظهر الجوهر النوري أعنى الروح الإنسانى المجرد فيه بصورة النار فلو لا هذه الطبيعة الدهنية في الرطوبة الغريزية بسبب الاعتدال لما ظهر هذا النور بصورة النار( فبطن نفس الحق ) أي الجوهر النوري ( فيما كان الإنسان به إنسانا ) من النفس التي هي الروح الحيواني الذي ظهر به الإنسان حيا ، وإلا لم يظهر فلم يكن إنسانا وظهر النار

قال رضي الله عنه :   ( ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه ، وحنت إليه حنين الشيء إلى وطنه ) الذي هو أصل خلقته.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه. ).

قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده  أخلاطا ) ، حدث (عن نفخه ) أي ، عن نفخ الحق فيه ( اشتعال بما في جسده من الرطوبة ) إنما جعل الأركان العنصرية أخلاطا ، لأنها أولا تصير أخلاطا ، ثم أعضاء .
والمراد ب‍ ( الاشتعال ) نار الحرارة الغريزية الحاصلة من سريان الروح الحيواني في أجزاء البدن المشتعلة بواسطة الرطوبة الغريزية .
وهي له كالدهن للسراج ( فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته . ) أي ، ولما كانت نشأته الجسمانية عنصرية ، كان روحه نارا .
أي ، ظهر روحه الحيوانية ، أو نفسه الناطقة ، بالصورة النارية الموجبة للاشتعال بالحرارة الغريزية .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار ، وجعل حاجته فيها . ) أي ، ولأجل أن الروح تظهر في البدن بالصورة النارية ، تجلى الحق لموسى ، عليه السلام ، فكلمه في صورة النار وجعل مراده فيها .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو كانت نشأته طبيعية ، لكان روحه نورا . ) أي ، لو كانت نشأته غير عنصرية ، كنشأة الملائكة التي فوق السماوات وهي النشأة الطبيعية النورية ، لكان روحه ظاهرا بالصورة النورية .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكنى عنه ب‍ "النفخ" يشير إلى أنه من نفس الرحمن ) أي ، وكنى عن ذلك الظهور والحدوث ب‍ ( النفخ ) مشيرا إلى أنه حاصل من النفس الرحماني ( فإنه بهذا النفس الذي هو النفخ ظهر عينه ) أي ، بالوجود الخارجي حصل عين الروح في الخارج ، أو عين الإنسان .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وباستعداد المنفوخ فيه ) وهو البدن ( كان الاشتعال نارا لا نورا . ) لأن بدن الإنسان عنصري لا طبيعي نوري .
( فبطن نفس الحق فيما كان به الإنسان إنسانا . ) أي ، استتر نفس الحق ، أي الروح الحاصل من النفس الرحماني ، في جوهر كان الإنسان به إنسانا .
وهو الروح الحيواني الذي به يظهر هذه الصورة الإنسانية .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم ، اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة ، فظهرت بصورته ، فحن إليها حنين الشئ إلى نفسه ، وحنت إليه حنين الشئ إلى وطنه . ) أي ، إلى أصله .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:57 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:09 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثامنة الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه. ).


قال رضي الله عنه : ( ولمّا كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسمّاة في جسده أخلاطا ، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرّطوبة ، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته ، ولهذا ما كلّم اللّه موسى إلّا في صورة النّار وجعل حاجته فيها ، فلو كانت نشأته طبيعيّة لكان روحه نورا ، وكنّى عنه بالنّفخ يشير إلى أنّه من نفس الرّحمن ، فإنّه بهذا النّفس الّذي هو النّفخة ظهر عينه ، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا ، فبطن نفس الحقّ فيما كان به الإنسان إنسانا ).
( لما كانت نشأته ) ، أي : الإنسان باعتبار بدنه ( من هذه الأركان الأربعة ) التراب ، والماء ، والهواء ، والنار ( المسماة في جسده أخلاطا ) ، فالسواد تراب ، والبلغم والدم هواء ، والصفراء نار  ( حدث عن نفخه ) ، أي : نفخ الإله فيه الروح


( اشتعال ) النار المكونة في مزاجه ( بما في جسده من الرطوبة ) ، إذ لا تقبل النار يابسا محضا كالتراب ، ولا رطبا محضا كالماء ، بل القائل له الرطوبة مع اليبوسة ، ( فكان روح الإنسان ) مع كونه على صورة الحق في أصله ( نارا لأجل نشأته ) المشتملة بنفخه ؛ لصيرورتها بالرطوبة كالقبلة المبلولة بالدهن .
 
( ولهذا ) أي : ولصيرورة روح الإنسان نارا ( ما كلم اللّه موسى إلا في صورة النار ) ؛ لأنه عرف نفسه بصورة النار ، فلا يعرف ربه إلا بتلك الصورة ، وقد تقررت هذه الصورة فيه ، إذ قد ( جعل حاجته فيها ) ، والحاجة لا بدّ وأن تنطبع صورتها في النفس ، وإذا كانت نارية الروح الإنساني لأجل نشأته العنصرية ، ( فلو كانت نشأته طبيعية ) كنشأة العرش والكرسي ، ( لكان روحه نورا ) كالملائكة العلوية المدبرة لهما ، ( وكني عنه ) أي : عن جعل الروح النوري من كونه على صورة ربه نارا ( بالنفخ ) ، وهو عبارة عن إخراج الهواء من بطن النافخ إلى المنفوخ فيه ، ولا يتصور ذلك في حق اللّه تعالى ، فهو ( يشير إلى أن الروح من نفس الرحمن ) الذي به إخراجه ما في علمه إلى العين .


( فإنه بهذه النفس الذي هو النفخة ) في حق اللّه تعالى ( ظهر عينه ) من خفاء العلم إلى نور الوجود ، فهو بهذا الاعتبار نور ، ولكنه ( باستعداد المنفوخ فيه ) من حيث اشتماله على النار مع الرطوبة ( كان الاشتعال نارا ) ، فتوهم بعضهم من ذلك أن الروح جسم لطيف سار في البدن ، خفيت نوريته ( لا نورا ) ، وإن كان من نفس الرحمن المقتضي كونه نورا ، وإليه نظر من قال بتجرده ، لكنه إذا صار نارا ( فبطن نفس الرحمن ) .
 
 ، وإن كان به الظهور ، ( فيما كان به الإنسان إنسانا ) وهو الروح المشتعل به بدنه ، وإلا فالبدن المجرد جماد ، فلا يكون حيوانا فضلا عن الإنسان والروح المجرد ملك ، فالغير لناريته التي بها أخذ من قال بجسمانيته ، لكنه في الأصل على المتجرد واشتياق الحق إليه ؛ لذلك حتى إذا اشتد تجرده وكمل ، اشتد شوق الحق إليه .
 
( ثم ) أي : بعد ما خلقه على صورته واشتاق إليه ؛ لذلك أراد أن يخلق على صورة من خلقه على صورته شخصا آخر ، ويجعل من خلقه على صورته أولا مشتاقا إلى ذلك الشخص الآخر ؛ ليكون مظهرا لهذا الآخر ، وحينئذ اشتق له .


قال رضي الله عنه : (  ثمّ اشتقّ له شخصا على صورته سمّاه امرأة ، فظهرت بصورته فحنّ إليها حنين الشّيء إلى نفسه وحنّت إليه حنين الشّيء إلى وطنه ).
 
وحينئذ ( اشتق له ) ، أي : لمن خلقه على صورته أولا ( شخصا على صورته ، فسماه امرأة ، فظهرت بصورته ) في الإنسانية وإن خالفته بالربوبية ، ( فحن ) المخلوق على صورة الحق أولا ( إليها حنين الشيء إلى نفسه ) ، فكان مظهر الحن ، الحق ذاته في حبه لمن خلقه على صورته ، ولما ظهر حب الحق فيمن خلقه على صورته وهو الرجل ، ظهر حب المخلوق على صورته فيمن خلق على صورته ،
وهو المرأة وحينئذ ( حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه ) ، إذ لم يخلق على صورتها شيء دونها ، فرجعت إلى الأعلى ، فرجع الرجل إلى حب الحق بواسطة حبه إياها الموجب لحبها إياه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، وحنت إليه حنين الشيء إلى وطنه. ).


للنفخ نسبتان
ثمّ إنّ النفخ - الذي عبّر به في الكلام المنزل الختمي عن إفاضة الروح ، ونسبة تقويمه الأجساد وإخراجها عن مكامن القوّة - نسبتان : له نسبة إلى المنفوخ فيه ، ونسبة إلى النافخ به قد أشار إليهما مفصلا :
أمّا النسبة الأولى فهي المشار إليها بقوله : ( ولمّا كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة ) العنصريّة المتقوّمة بها سائر الأمزجة من المواليد المشكَّلة في كلّ مزاج بصورته ، ( المسماة ) عند تقويمها المزاج الإنساني ( في جسده « أخلاطا » ) فإنّ الأركان الأربعة ما لم يظهر بصور الرطوبات الكيموسيّة ذوات الطبائع المتقابلة القابلة للتشكَّل بالأشكال المتخالفة والصور المتباينة ، لم يتحصّل منه جسد ذو اعتدال حيواني ، فضلا عن الإنسانيّ .
ثمّ إنّ من هذه الرطوبات ما غلب عليه الخفيفان ، ومنه ما غلب عليه الخفيف المطلق فلذلك ( حدث ) منه ( عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة ) ، لما تقرّر في القوانين الطبيعيّة وأصولها أنّ الخفيف المطلق إذا أمدّه الرطوبة الدهنيّة - التي غلب فيها حكم الخفيف المضاف - اشتعل بقوّة المناسبة عند النفخ الموجب للاختلاط والامتزاج ، فظهرت تلك الرطوبة بصورة النار المشتعلة .
قال رضي الله عنه :  ( فكان روح الإنسان نارا من أجل نشأته ) أي من حيث روحه الحيوانيّ ، الذي هو صورة جمعيّة الظهور والإظهار ( ولهذا ما كلَّم الله موسى إلا في صورة النار ) ، فإنّ الكلام هو صورة خصوصيّة الإنسان وكماله الخاصّ به في تلك الصورة ، وغايته المطلوبة منه ، ( و ) لذلك ( جعل حاجته فيها ) عند التكلَّم بها .
فعلم إنّ نشأته الجمعيّة هذه نشأة عنصريّة جسمانيّة ، لا طبيعيّة روحانيّة ، كما هو نشأة الملائكة قال رضي الله عنه :  ( فلو كانت نشأته طبيعيّة لكان روحه نورا ) لا نارا مشتعلة من رطوبات الأخلاط الجسمانيّة .
هذا بالقياس إلى المنفوخ فيها من النسبة الجمعيّة والجهة الاشتراكية .


نفخ الروح من نفس الرحمن
وأمّا بالقياس إلى النافخ : فقد أشار إليها بقوله : ( وكنّى عنه بالنفخ يشير إلى أنّه من نفس الرحمن ) ، والنفخ حقيقة إنّما هو النفس الخارج من الإنسان نحو مادّة ، وهو البخار الدخاني الذي أخرجه القلب بحركته الانقباضيّة ، ليتروّح بجذب الهواء الصافي عند حركته الانبساطيّة .
وذلك لأنّ الهواء مهما لبث في القلب تسخّن من نار الحرارة الغريزيّة ، فتدخن لطيفه ، فينقبض القلب بإعصار أجزائه إخراجا له ، ثمّ ينبسط لأن يجذب به الهواء البارد ، تعديلا لمزاج القلب ، وبيّن أنّ النفخ بهذا المعنى إنّما يطلق على النفس الرحماني بضرب من الشبه والمجاز ، ولذلك قال : " وكنّى عنه " في بيان هذه النسبة .
 
أمّا بيان ذلك الشبه ( فإنّه بهذا النفس - الذي هو النفخة - ظهر عينه ) التي هي الكلمة الجامعة الوجوديّة ، كمًّا أنّ بذلك النّفس الإنسانيّ ظهر عيون الكلمات الكاملة الإظهاريّة .
 
ثمّ إنّه من مؤدّى هذا الوجه يلزم أن يكون نشأته هذه - نوريّة - لا ناريّة - فلذلك استدركه بأنّ هذه الجهة باعتباره إلى النافخ ، والنشأة هي الحاصلة له باعتبار استعداد المنفوخ فيه على ما لا يخفى .
قال رضي الله عنه :  ( وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا ، لا نورا ، فبطن نفس الحق ) الذي هو جهة نسبة النفخ إلى النافخ ( فيما كان به الإنسان إنسانا ) من الجهة التي هي أصل قابليته واستعداده ، وهو جهة نسبة النفخ إلى المنفوخ فيه .
 
سبب محبّة الرجل للمرأة
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ اشتق له شخصا ) هذا إفصاح عمّا هو المقصود من هذه المقدّمات ، وهو سبب تحبّب الخاتم للنساء أولا وذلك إنّه إذ قد بطن نفس الحقّ في الإنسان - بما هو إنسان - وقد عرفت أنّ الغاية من هذه الحركة الإيجاديّة إنّما هي الظهور والإظهار ، اشتقّ للإنسان من جهة ظهوره تحصيلا للغاية المطلوبة شخصا ( على صورته ) يظهر به نفسه - ظهور الشيء في المرآة - ولذلك ( سمّاه « امرأة » فظهرت بصورته ، فحنّ إليها حنين الشيء إلى نفسه ، وحنّت إليه حنين الشيء إلى وطنه ) ، واتّصل رابطة النسبة من الطرفين ، ودارت وهي كمال النسبة المعبّر عنها بالمحبّة
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، وحنت إليه حنين الشيء إلى وطنه. ).


قال رضي الله عنه : ( ولمّا كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسمّاة في جسده أخلاطا ، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرّطوبة ، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته ، ولهذا ما كلّم اللّه موسى إلّا في صورة النّار وجعل حاجته فيها ، فلو كانت نشأته طبيعيّة لكان روحه نورا . وكنّى عنه بالنّفخ يشير إلى أنّه من نفس الرّحمن ، فإنّه بهذا النّفس الّذي هو النّفخة ظهر عينه ، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا ، فبطن نفس الحقّ فيما كان به الإنسان إنسانا . ثمّ اشتقّ له شخصا على صورته سمّاه امرأة ، فظهرت بصورته فحنّ إليها حنين الشّيء إلى نفسه وحنّت إليه حنين الشّيء إلى وطنه . )
 
( ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا حدث عن نفخه ) أي عن نفخ الحق فيه ( اشتعال بما في جسده ) أي بسبب ما في جسده ( من الرطوبة ) التي هي كالدهن للسراج ( فكان روح الإنسان ) الحاصل من نفخه ( نارا لأجل نشأته ) العنصرية ( ولهذا ما كلم اللّه موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها ، فلو كانت نشأته طبيعية ) غير عنصرية كنشأة الملائكة السماوية ( لكان روحه نورا ) ، أي ظاهرا في الصورة النورية لا الصورة النارية
( وكنى عنها ) ، أي عن الروح وإفاضته على البدن الإنساني ( بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن ) ، فإن النفخ لا يكون إلا من النفس ( فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه ) ، أي عين الروح في الخارج ( وباستعداد المنفوخ فيه ) ، يعني البدن ( كان الاشتعال نارا لا نورا ) ، لأنه عنصري لا طبيعي نوري ( فبطن ) ، أي استتر ( نفس الحق فيما كان به الإنسان إنسانا ) يعني الصورة البدنية الإنسانية ( ثم اشتق له شخصا على صورته سماه امرأة فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه وحنت إليه حنين الشيء إلى وطنه ) ، الذي كانت فيه قبل اشتقاقها وخروجها منه .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:58 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:12 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة التاسعة الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فحبّب إليه النّساء، فإنّ اللّه أحبّ من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته النّوريّين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلوّ نشأتهم الطّبيعيّة. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصّورة أعظم مناسبة وأجلّها وأكملها : فإنّها زوج أي شفعت وجود الحقّ ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرّجل فصيّرته زوجا . فظهرت الثّلاثة : حقّ ورجل وامرأة ؛ فحنّ الرّجل إلى ربّه الّذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبّب إليه ربّه النّساء كما أحبّ اللّه من هو على صورته.)
 
قال رضي الله عنه :  (فحبّب إليه) صلى اللّه عليه وسلم (النساء) لهذا الأمر تخلقا بالصفة الإلهية (فإن اللّه) تعالى (أحب من خلقه على صورته) ، وهو آدم عليه السلام (وأسجد له ملائكته) عليهم السلام (النورانيين) وإن أبى عن السجود له الناري وهو إبليس حرمانا له من نيل الكمال بمعرفته المتجلي بأشرف المظاهر بين الجلال والجمال (على عظم قدرهم) ، أي الملائكة المذكورين ورفعة منزلتهم عند اللّه تعالى وعلو نشأتهم ، أي خلقتهم (الطبيعية فمن هناك).
 
، أي من هذا الشرف الذي جعله اللّه تعالى للإنسان (وقعت المناسبة) بينه تعالى وبين الإنسان مناسبة جعلية ، هي مقتضى الحكم الإلهي ، لا حقيقة المناسبة ، لأنها محال مطلقا (والصورة) الإلهية التي هي مجموع الذات والصفات والأسماء والأفعال والأحكام المخلوق عليها الإنسان بالقضاء والتقدير (أعظم مناسبة) بينهما (وأجلها) ، أي المناسبة (وأكملها) ،
 
أي أتمها إذ لا فرق بين صورة الرجل وصورة المرأة إلا بالفعل والانفعال ، وآلتهما المعدة لذلك ، كالصورة الآدمية في الإنسان الكامل المخلوق على طبق الحضرات الإلهية والمراتب الربانية (فإنها) ، أي تلك الصورة (زوج أي شفعت وجود الحق) تعالى المطلق حيث هي تقديره العدمي الظاهر بجميع حضراته ومراتبه (كما كانت المرأة شفعت بوجودها) وجود (الرجل فصيرته) ، أي الرجل بها (زوجا فظهرت) بسبب ذلك (الثلاثة) :
(حق ورجل وامرأة) أصلهما آدم وحواء عليهما السلام (فحن) ، أي اشتاق (الرجل) ، أي الإنسان الكامل في مرتبتي العلم والعمل
 
قال رضي الله عنه :  (إلى ربه) تعالى (الذي هو أصله) ، لأنه الظاهر عن أمره الكشف والشهود ، لا عن خلقه المحجوب بأستار الحدود مثل (حنين المرأة إليه) ، أي الرجل لظهورها منه وصدورها عنه (فحبب إليه) ، أي إلى ذلك الرجل الذي هو الإنسان الكامل ربه تعالى (النساء كما أحب اللّه) تعالى (من هو على صورته) الذي هو ذلك الإنسان الكامل .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فحبب إليه النساء ) بذلك الحب ( فإن اللّه أحب من خلقه على صورته واسجد له ملائكته النوريين على ) أي مع ( عظم قدرهم ومنزلتهم وعلو نشأتهم الطبيعية )
والمراد بها الملائكة السماوية فإن الملائكة التي فوق السماوات وهم الملائكة العالون لم يسجدهم اللّه لآدم وقد يقال للملائكة السماوية طبيعيون كما يقال عنصريون إذ ما في العالم شيء إلا وهو صورة من صور الطبيعية فبهذا الاعتبار كل شيء طبيعي فهم الملائكة العنصريون الطبيعيون النوريين فكانوا عالين عن الإنسان بحسب نشأتهم النورية وإن كانوا عنصريين.
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن هناك ) أي فمن مقام حب اللّه أو مقام الحنين من الطرفين ( وقعت المناسبة ) أي الارتباط بين الرب والعبد ( والصورة ) أي والحال أن الصورة ( أعظم مناسبة وأجلها وأكملها فإنها ) أي فإن الصورة الانسانية ( زوّجت ) من التزويج ( أي شفعت وجود الحق كما كانت المرأة شفعت بوجود الرجل فصيرته ) أي فصيرت المرأة الرجل ( زوجا ) فجعل الصورة الانسانية الصورة الإلهية زوجا والمقصود إثبات حب اللّه إلى الإنسان المخلوق على صورته وهو الإنسان الكامل وهو المسمى بالقولي والروح المحمدي وأقل ما انشعب منه أرواح الأنبياء وما أمر الحق الملائكة إلا أن يسجد لمن كان على صفة الحق وأما جسد آدم وهو قبله الملائكة كقبلتنا هذه إذ ليس هو مخلوقا على صفة الحق.
 
 قال رضي الله عنه : ( فظهرت الثلاث حق ورجل وامرأة فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه فحبب إليه ربه النساء ) التي على صورته ( كما أحب اللّه من هو على صورته).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة. والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا. فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
وذكر البيتين الشعر ثم ذكر التثليث الذي في محمد صلی الله عليه وسلم: 
أنه حق ورجل وامرأة فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه. فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال رضي الله عنه : ( فحبّب إليه النساء ، فإنّ الله أحبّ من خلقه على صورته ، وأسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلوّ نشأتهم الطبيعية ، فمن هناك وقعت المناسبة ، والصورة أعظم مناسبة وأجلَّها وأكملها ، فإنّها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل ، فصيّرته زوجا ، فظهرت الثلاثة : حق ، ورجل ، وامرأة ، فحنّ الرجل إلى ربّه الذي هو أصله حنين المرأة إليه ) .
 
يعني  رضي الله عنه  : لمّا كان على صورة ربّه ، بل هو صورة ربّه في عصره والحق هوية هذه الصورة وروحها ، فهو بصورته شفع الحق الواحد الأحد الوتر ، فإنّ الإنيّة تشفع الهوية ، كما يشفع الزوج الزوج بوجوده .
 
قال رضي الله عنه : ( فصيّرته زوجا ) أي شفعت الزوجة الزوج، فصيّرته زوجا ، لأنّ كل زوج على صورة زوجه.
قال رضي الله عنه  : ( فحبّب إليه ربّه النساء ، كما أحبّ الله من هو على صورته ،)
 
أي في منفعل حالة انفعاله وفعله ، فإنّه جامع لشهود الحق منفعلا في عين كونه فاعلا في عين انفعال فعلا في عين انفعال وانفعالا في فعل ، وهاهنا أسرار مكتّمة ، وعلى من ليس من أهلها محرّمة .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فحبب إليه النساء فإن الله أحب من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلو نشأتهم الطبيعية ، فمن هناك وقعت المناسبة )   : أي بالصورة بين الرجل والمرأة كما بين الحق والرجل ، والصورة أعظم مناسبة وأجلها وأكملها فإنها زوجت : أي شفعت وجود الحق كما كانت المرأة شفعت وجودها الرجل فصيرته زوجا )   لأن كل زوج على صورة زوجه ( فظهرت الثلاثة حق ورجل والمرأة فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه ) لأنه أصلها وكذا المعاشقة بين الروح والجسد ، فإن الجسد على صورة الروح ، وهو الواحد الوتر فشفعته الصورة فصيرته زوجا ، وكذلك الحال بين الهوية والإنية فارتبط الوجود كله بالمحبة.
 
قال رضي الله عنه :  ( فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته ) فكان من خلقه العظيم الذي قال فيه:" وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ " فإن كل خلقه خلق الله ، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها : كان خلقه القرآن .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده  أخلاطا ) ، حدث (عن نفخه ) أي ، عن نفخ الحق فيه ( اشتعال بما في جسده من الرطوبة ) إنما جعل الأركان العنصرية أخلاطا ، لأنها أولا تصير أخلاطا ، ثم أعضاء .
والمراد ب‍ ( الاشتعال ) نار الحرارة الغريزية الحاصلة من سريان الروح الحيواني في أجزاء البدن المشتعلة بواسطة الرطوبة الغريزية .
 
وهي له كالدهن للسراج ( فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته . ) أي ، ولما كانت نشأته الجسمانية عنصرية ، كان روحه نارا .
أي ، ظهر روحه الحيوانية ، أو نفسه الناطقة ، بالصورة النارية الموجبة للاشتعال بالحرارة الغريزية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار ، وجعل حاجته فيها . ) أي ، ولأجل أن الروح تظهر في البدن بالصورة النارية ، تجلى الحق لموسى ، عليه السلام ، فكلمه في صورة النار وجعل مراده فيها .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو كانت نشأته طبيعية ، لكان روحه نورا . ) أي ، لو كانت نشأته غير عنصرية ، كنشأة الملائكة التي فوق السماوات وهي النشأة الطبيعية النورية ، لكان روحه ظاهرا بالصورة النورية .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكنى عنه ب‍ "النفخ" يشير إلى أنه من نفس الرحمن ) أي ، وكنى عن ذلك الظهور والحدوث ب‍ ( النفخ ) مشيرا إلى أنه حاصل من النفس الرحماني ( فإنه بهذا النفس الذي هو النفخ ظهر عينه ) أي ، بالوجود الخارجي حصل عين الروح في الخارج ، أو عين الإنسان .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وباستعداد المنفوخ فيه ) وهو البدن ( كان الاشتعال نارا لا نورا . ) لأن بدن الإنسان عنصري لا طبيعي نوري .
( فبطن نفس الحق فيما كان به الإنسان إنسانا . ) أي ، استتر نفس الحق ، أي الروح الحاصل من النفس الرحماني ، في جوهر كان الإنسان به إنسانا .
وهو الروح الحيواني الذي به يظهر هذه الصورة الإنسانية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم ، اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة ، فظهرت بصورته ، فحن إليها حنين الشئ إلى نفسه ، وحنت إليه حنين الشئ إلى وطنه . ) أي ، إلى أصله .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحبب إليه النساء ، فإن الله أحب من خلقه على صورته ، وأسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلو نشأتهم الطبيعية . فمن هناك وقعت المناسبة ) أي ، ومن هذا الحنين الذي بين الطرفين وقعت المناسبة بين العبد وربه ، فإنه يحن إلى الرب ، والرب يحن إلى عبده .
 
وقيل أي ، بالصورة بين الرجل والمرأة ، كما بين الحق والرجل . وفيه نظر .
لأنه يذكر الصورة ويجعلها أعظم مناسبة من هذه المناسبة بقوله : ( والصورة أعظم مناسبة ) بالنصب على التمييز . أي ، والحال أن كونه مخلوقا على صورته هو أعظم من جهة المناسبة المذكورة .
أو بالجر على الإضافة . أي ، والحال أن كون الإنسان مخلوقا على صورة الحق أعظم مناسبة من المناسبات الواقعة بين العبد وربه .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأجلها وأكملها : فإنها زوج ، أي ، شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا . ) أي ، فإن الصورة الإنسانية جعلت الصورة الرحمانية زوجا ، كما جعلت صورة المرأة صورة الرجل زوجا .
( فظهرت الثلاثة : حق ، ورجل ، وامرأة . ) أي ، فحصلت الفردية وبإزائها في النسخة الإنسانية : الروح ، والقلب ، والنفس .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه . فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته . ) فلذلك حن إلى القلب والنفس ، وما يتبعها من عرشها ومستقرها وسدنتها ، وهو البدن وقواه البدنية . 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:59 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة التاسعة الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فحبّب إليه النّساء ، فإنّ اللّه أحبّ من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته النّوريّين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلوّ نشأتهم الطّبيعيّة ).
( فحبب إليه النساء ) على وجه المبالغة ، ( فإن اللّه أحب من خلقه على صورته ) ، وبالغ فيها حتى ( أسجد له ملائكته النوريين على عظيم قدرهم ) ، فإن نورانيتهم إلى نورانية أرواح الإنسان ، كنار عظيمة إلى السراج
( ومنزلتهم ) ؛ لأن نورهم أشبه بنور الحق ، إذ لم يصر بصورة النار ، ( وعلو نشأتهم الطبيعية ) بحيث لم يعارضها دنو النشأة الحيوانية والنباتية ، فإذا بالغ عليه السّلام في حب النساء مثل مبالغته تعالى في حب من خلقه على صورته .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن هناك وقعت المناسبة ، والصّورة أعظم مناسبة وأجلّها وأكملها ؛ فإنّها زوج أي شفعت وجود الحقّ ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرّجل فصيّرته زوجا ، فظهرت الثّلاثة : حقّ ورجل وامرأة ؛ فحنّ الرّجل إلى ربّه الّذي هو أصله حنين المرأة إليه ، فحبّب إليه ربّه النّساء كما أحبّ اللّه من هو على صورته.)
"" أضاف المحقق :
كلا من الحنين حب من ذوي الصورة إلى الصورة فيكون منشأ حبه هذا هو التخلف فلا يكون سند إلى نفسه ؛ فلذلك جاء بصفته حبب على الباء للمفعول ولم يسنده إلى نفسه .عبد الرحمن  الجامي ""
( فمن هناك وقعت المناسبة ) بينه عليه السّلام ، وبين ربه عزّ وجل بظهور كمال صورة الحق فيه سيما من جملة مبالغته في حبه من خلقه على صورة ، ( والصورة أعظم مناسبة ) ؛ لأنها تجمع من وجوه المشاركة ما لا تجمعها غيرها ، ( وأجلها ) لجلالة كل شيء عنده ( وأكملها ) ؛ لإفادتها زيادة ظهور الشيء والظهور محبوب ، ( فإنه زوج ) لحقيقة الشيء المفرد حتى في حق اللّه تعالى ،
( أي : شفعت وجود الحق ) في ظهوره له ، إذ ظهر له في المظهر بعد ظهوره في ذاته ، فكان كمالا لظهوره بعد الكمال الأول له ، والكمال محبوب ( كما كانت المرأة ) محبوبة للرجل ؛ لأنها من ( شفعت بوجودها ) وجود ( الرجل ، فصيرته زوجا ) بعد انفراد صورته في الإنسانية مرآة ظهور الإنسانية بالصور المختلفة الحقيقية ، وعادت بهذه الشفعية فردية الحق في الظهور .
 
( فظهرت الثلاثة حق ورجل وامرأة ) ، والواحد أصل الشفع ، والأصل محبوب للمرأة ، إذ لم يكن لها محبوب دونها ، فرجع الرجل إلى حب الأصل ، ( فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه ) ، وكان ذلك من حبه إياها الجاعل محبوب لمحبوب محبوبا ، والمحبوب هنا الأصل من حيث هو أصل ،
( فحبب إليه ربه النساء ) ؛ ليكون ربه محبوبا له ( كما أحب اللّه من هو على صورته ) كحبه ، وإذا صار الحق محبوبا يحب الرجل امرأته ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فحبّب إليه النساء ) إذ كمال النسبة إنّما هو بين الشيء وما هو بمنزلة نفسه ، مما ظهر به صورته الشخصية ، وتعاكس النسبة ظاهرة بصورتها الكماليّة الدورية ، ولذلك ظهرت المحبّة بينهما .
 
قال رضي الله عنه :  (فإنّ الله أحبّ من خلقه على صورته ، وأسجد له ملائكة النوريين ) سجود اتّضاع وخضوع ( على عظم قدرهم ومنزلتهم ) في رتبة الوجود ( وعلوّ نشأتهم الطبيعيّة ) من حيث ظهورهم في أنفسهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن هناك وقعت المناسبة ) - أي بالصورة وقعت المناسبة بين الله وآدم وكذلك بين آدم وزوجه - ( والصورة أعظم ) الوجوه ( مناسبة ، وأتمّها ) شبها ، ( وأجلَّها ) قرابة ، ( وأكملها ) حيطة ، لما به الاتحاد والاشتراك ، وذلك لأنّ الصورة من الشيء تماثله في هيأته الجمعيّة ومشخّصاته العينيّة ، ( فإنّها زوج - أي شفّعت وجود الحقّ - ) فالتامّ في تلك الصورة الخاتم لها ..
 
يقال له :  "الشفيع " ، وقد وعدناك بوجه هذه التسمية عن قريب - فهو شفّع الحقّ ( كما كانت المرأة شفّعت بوجودها الرجل فصيّرته زوجا ) .
 
ظهور التثليث بين الحقّ والرجل والمرأة ، وظهور الحبّ بينهما
قال رضي الله عنه :  ( فظهرت ثلاثة ) في هذه الصورة الشفعيّة : ( حقّ ورجل وامرأة ) وقد استشعر صلَّى الله عليه وسلَّم هذا التثليث من عبارة تحبّبه النساء ( فحنّ الرجل إلى ربّه الذي هو أصله ، حنين المرأة إليه ، فحبّب إليه ربّه النساء كما أحبّ الله من هو على صورته ) فما وقع الحبّ إلَّا لمن يكون عنه  على ما هو مقتضى أصل المحبّة.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل و امرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته. )
 
قال رضي الله عنه :  (فحبّب إليه النّساء ، فإنّ اللّه أحبّ من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته) .
 
فحبب إليه النساء فإن اللّه أحب من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته
 
قال رضي الله عنه :  ( النّوريّين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلوّ نشأتهم الطّبيعيّة . فمن هناك وقعت المناسبة . والصّورة أعظم مناسبة وأجلّها وأكملها : فإنّها زوج أي شفعت وجود الحقّ ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرّجل فصيّرته زوجا . فظهرت الثّلاثة : حقّ ورجل وامرأة ؛ فحنّ الرّجل إلى ربّه الّذي هو أصله حنين المرأة إليه . فحبّب إليه ربّه النّساء كما أحبّ اللّه من هو على صورته . )
 
(النورانيين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلو نشأتهم الطبيعية ) ، الغير العنصرية ( فمن هنا ) ، أي مقام أن المرأة على صورة الرجل كما أن الرجل على صورة ربه ( وقعت المناسبة ) بين المرأة والرجل في كون كل منهما لأصله ( والصورة أعظم مناسبة ) ، أي بين الأصل وبين ما هي صورة له وهي بالجر على الإضافة بقرينة ما عطف عليه أعني قوله.
 
( وأجلها وأكملها فإنها ) ، أي الصورة ( زوج أي شفعت ) بوجودها ( وجود الحق كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا فظهرت الثلاثة ) التي هي الفردية الأولى ( حق ورجل وامرأة ؛ فحن الرجل إلى ربه الذي هو الأصل ) ا لذي أحبه لأنه على صورته ( حنين المرأة إليه ) ، أي إلى الرجل الذي المرأة على صورته ( فحبب إليه ربه النساء كما أحب اللّه من هو على صورته ) اللائي على صورته

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:59 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:18 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة العاشرة الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق. فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فما وقع الحبّ إلّا لمن تكوّن عنه ، وقد كان حبه لمن تكوّن منه وهو الحقّ .  فلهذا قال : « حبّب » ولم يقل أحببت من نفسه لتعلّق حبّه بربّه الّذي هو على صورته حتّى في محبّته لامرأته ؛ فإنّه أحبّها بحبّ اللّه إيّاه تخلّقا إلهيا .  ولمّا أحبّ الرّجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة الّتي تكون في المحبّة فلم يكن في صورة النّشأة العنصريّة أعظم وصلة من النّكاح ، ولهذا تعمّ الشّهوة أجزاءه كلّها ، ولذلك أمر بالاغتسال منه ، فعمّت الطّهارة كما عمّ الفناء فيها عند حصول الشّهوة . )
 
قال رضي الله عنه :  (فما وقع الحب) من الحق تعالى من الإنسان الكامل (إلا لمن تكوّن) بالتشديد ، أي خلق (عنه) ، فالإنسان الكامل خلق من الحق تعالى والمرأة من الإنسان الكامل فأحب الحق الإنسان الكامل وأحب الإنسان الكامل المرأة .
 
قال رضي الله عنه :  (وقد كان حبه) ، أي الإنسان الكامل (لمن تكوّن) ، أي خلق (منه وهو) ، أي ذلك المتكون منه ، أي من أمره سبحانه (الحق) تعالى (فلهذا) ، أي لما ذكر (قال) صلى اللّه عليه وسلم (حبّب) بالبناء للمفعول (ولم يقل أحببت من نفسه) ، أي بحب ناشىء منها لغرض من أغراضها وهذا هو الفارق بين الحب النفساني والحب الروحاني فإن الأوّل بقصد من النفس والثاني بوضع من الرب ، فيمكن الامتناع من الأوّل في ابتدائه دون الثاني (لتعلق حبه) ، أي محبته صلى اللّه عليه وسلم (بربه الذي هو) صلى اللّه عليه وسلم (على صورته) ، أي الرب سبحانه في كل شيء يحبه (حتى في محبته) عليه السلام (لامرأته فإنه) عليه السلام (أحبها) أي امرأته (بحب) ، أي بسبب محبته (اللّه) تعالى (إياه تخلقا إلهيا) في محبته تعالى لمن خلق على صورته كما ذكرنا (ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة) بينه وبينها ،
 
قال رضي الله عنه :  (أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة فلم تكن في صورة النشأة )، أي الخلقة (العنصرية) الجسمانية (أعظم وصلة من النكاح) ، أي الجماع الحاصل بين الرجل والمرأة ؛ (ولهذا) ، أي لكونه أعظم وصلة (تعم الشهوة) في حال النكاح (أجزاءه) ،
 
أي الرجل وكذا المرأة (كلها) ، أي الأجزاء (ولذلك) ، أي لكون الأمر كما ذكر (أمر) بالبناء للمفعول أي الرجل (بالاغتسال منه) ، أي من النكاح الذي هو غاية الوصلة في المحبة (فعمت الطهارة) من ذلك جميع البدن بالماء الطهور الذي هو أصل الخلقة الآدمية وغيرها (كما عم) جميع البدن أيضا (الفناء) ، أي استغراق الرجل (فيها) ، أي في المرأة (عند حصول الشهوة) حال الجماع .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق. فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال رضي الله عنه :  (فما وقع الحب ) أي حب الرجل في الحقيقة ( إلا لمن تكوّن ) من التكوين ( عنه ) وهو المرأة ( وقد كان حبه ) أي حب الرجل ( لمن تكوّن ) الرجل ( منه وهو الحق فلهذا ) أي فلأجل أن حب الرجل لا يكون إلا لمن تكوّن الرجل منه ( قال ) الرسول عليه السلام ( حبب إليّ ولم يقل أحببت من نفسه ) أي لم يسند الحب إلى نفسه بل أسنده إلى ربه فكان حب الرسول للنساء عين حب الحق لمن خلقه على صورته .
 
قال رضي الله عنه :  ( لتعلق حبه بربه الذي هو ) أي الرسول ( على صورته ) أي على صورة ربه ( حتى في محبته لامرأته ) يتعلق حبه بربه ( فإنه ) أي فإن الشأن ( أحبها ) أي أحب الرسول امرأته ( بحب اللّه إياه تخلقا إلهيا ) فكيف كان لا بد من محبة الرجل المرأة فأحب الرجل المرأة ( ولما أحب المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح ) أي الجماع بالنكاح .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي ولأجل كون الجماع أعظم وصلة ( تعم الشهوة أجزاءه ) أي أجزاء الرجل ( كلها ) والمرأة كذلك ( ولذلك ) أي لأجل عموم الشهوة إلى أجزائه كلها ( أمر الاغتسال منه ) أي من الجماع ( فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها ) أي في المرأة ( عند حصول الشهوة
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق. فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق.  فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.  ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده. 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه. فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.


قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا.


ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ..
   
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق.  فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال رضي الله عنه : ( فما وقع الحبّ إلَّا لمن تكوّن عنه ، وقد كان حبّه لمن تكوّن منه وهو الحق ، فلهذا قال : « حبّب إليّ » ولم يقل : أحببت من نفسي ، لتعلَّق حبّه بربّه الذي هو على صورته ، حتى في محبّته لامرأته ، فإنّه أحبّها بحبّ الله إيّاه تخلَّقا إلهيا . ولمّا أحبّ الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية لوصلة التي تكون في المحبّة - فلم يكن في صورة  . النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح ، ولهذا تعمّ الشهوة أجزاءه كلَّها ، ولذلك أمر بالاغتسال منه ، فعمّت الطهارة كما عمّ الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
أي في منفعل حالة انفعاله وفعله ، فإنّه جامع لشهود الحق منفعلا في عين كونه فاعلا في عين انفعال فعلا في عين انفعال وانفعالا في فعل ، وهاهنا أسرار مكتّمة ، وعلى من ليس من أهلها محرّمة .
   
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق. فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فما وقع الحب إلا لمن تكون عنه وقد كان حبه لمن تكون عنه وهو الحق فلهذا قال « حبب إلىّ » ولم يقل حببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إليها ) فكان من خلقه العظيم الذي قال فيه:" وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ " فإن كل خلقه خلق الله ، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها : كان خلقه القرآن .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة : أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح ) أي الجماع مجازا من باب إطلاق اسم السبب على المسبب ( ولهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها ، ولذلك أمر بالاغتسال منه فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة ) لأن المادة التي تنفصل منه أصل حياته
  
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق. فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما وقع الحب ) أي ، حب الرجل ( إلا لمن تكون عنه ) وهو المرأة .
 ( وقد كان حبه . ) أي ، حب الرجل ( لمن تكون منه وهو الحق . فلهذا قال الشيخ رضي الله عنه : " حبب " ولم يقل : أحببت من نفسه . ) أي ، فلأجل أنه كان محبا لربه لا غير ، وربه
جعله محبا للنساء لظهور هويته فيهن ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حبب إلى .
ولم يقل : أحببت من نفسه ( لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته . ) أي ، حتى أن محبته لامرأته كانت بواسطة المحبة الإلهية التي كانت مركوزة في جبلته وذاته ، لأنها مظهر من المظاهر الكلية التي يتفرع منها جميع المظاهر .
ولما كانت هذه المحبة ظاهرة في رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بواسطة حب الله إياه ،
 
قال رضي الله عنه  : ( فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا . ) ولكمال تخلقه بالأخلاق الإلهية ، قال تعالى : ( إنك لعلى خلق عظيم ) .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما أحب الرجل المرأة ، طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة ، فلم تكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح . ) أي ، الجماع .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها ، ولذلك أمر بالاغتسال منه ، فعمت الطهارة ، كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة . ) أي ، ولأجل أن الرجل أحب المرأة والمرأة الرجل ، وطلب كل منهما الوصلة إلى الآخر غاية الوصلة ، عمت الشهوة جميع أجزاء بدنهما .
 
كما قال :
إذا ما تجلى لي فكلي نواظر ...  وإن هو ناداني فكلي مسامع
ولأجل عموم الشهوة إلى ما هو له وجه الغيرية والامتياز من الحق ، أمر كل منهما باغتسال جميع أجزاء البدن ، فعمت الطهارة ، كما عمت الشهوة والمحبة الموجبة لفناء المحب في المحبوب .

.
يتبع  


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 4:00 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:21 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة العاشرة الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق. فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فما وقع الحبّ إلّا لمن تكوّن عنه ، وقد كان حبه لمن تكوّن منه وهو الحقّ ؛ فلهذا قال : « حبّب » ولم يقل أحببت من نفسه لتعلّق حبّه بربّه الّذي هو على صورته حتّى في محبّته لامرأته ؛ فإنّه أحبّها بحبّ اللّه إيّاه تخلّقا إلهيّا .).
 
( فما وقع الحب ) ، أي : حب الرجل في الظاهر ( إلا لمن تكون عنه ) ، أي : عن الرجل وهو المرأة ، ( وقد كان ) في الباطن ( حبه لمن يكون ) الرجل منه ( وهو الحق ؛ فلهذا ) أي : ولكون حب المرأة حب الحق ( قال عليه السّلام : « حبب » ، ولم يقل : أحببت ) الموهم لكون حبه ( من نفسه ) ، فأزال ذلك الوهم بقوله : « حبب » ؛ ( فعلق حبه ) لامرأته ( بربه ) ، فإن إسناده إليه المفهوم من حذف الفاعل لتعينه ، يشعر برجوع هذا الحب إليه في الباطن من جهة المحبية التي هي راجعة إلى محبوبية الذات ؛ لأنه الذي هو على صورته في كل حال حتى في محبته لامرأته ، ( فإنه أحبها بحب اللّه إياه تخلقا إلهيّا ) ، ويرجع هذا الحب منه إلى حبه لذاته ، ثم إلى حبه لذات الحق من حيث إنه الأصل ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا أحبّ الرّجل المرأة طلب الوصلة أي : غاية الوصلة الّتي تكون في المحبّة فلم يكن في صورة النّشأة العنصريّة أعظم وصلة من النّكاح ، ولهذا تعمّ الشّهوة أجزاءه كلّها ، ولذلك أمر بالاغتسال منه ، فعمّت الطّهارة كما عمّ الفناء فيها عند حصول الشّهوة )
ثم إنه أشار إلى أن العبد إنما يصل إلى الحب الباطن الإلهي بعد استكمال الحب الظاهر بالوصلة ، لكن بعد التطهر عن التلذذ بالغير ، فقال : ( ولما أحب الرجل المرأة ) في الظاهر ( بطلب الوصلة ) منها بقدر المحبة وهي محبوبة في الغاية ، فطلب الوصول إلى ( غاية الوصلة ) ، فإن الوصلة هي ( التي تكون ) مطلوبة ( في المحبة ) بقدرها ، ( فلم تكن في صورة النشأة العنصرية ) احترز بذلك عن وصلة العبد بالحق ( أعظم وصلة من النكاح ) ، أي :
الوطء لجمعه بين الوصلة الصورة والمعنوية بغاية التلذذ من المحبوب ؛ ( ولهذا ) أي : ولكون النكاح أعظم وجوه الوصلة بما فيه من غاية التلذذ ، ( فعمت الشهوة أجزاءه كلها ) بحيث تلذذ الجميع ( أمر بالاغتسال ) ، أي : غسل جميع البدن الظاهر ( منه ) ، أي : من النكاح من حيث ما حصل به التلوث بالتلذذ بالغير بغاية اللذة الموجبة ؛ لغفلة المتلذذ الذي هو حق التلذذ باللّه تعالى .
 
( فعمت الطهارة ) الظاهرة ؛ لتؤثر في تطهير الباطن على سبيل العموم ، ( كما عم الفناء فيها ) أي : في المرأة من حيث هي امرأة لا من حيث ظهور الحق فيها ؛ لأنه ( عند حصول الشهوة ) متحقق أن تلذذه كان بالغير من حيث هو غير فأمر بالاغتسال عنه دفعا لهذه الغيرية.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق. فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال رضي الله عنه :  (فما وقع الحبّ إلَّا لمن يكون عنه ) على ما هو مقتضى أصل المحبّة ( وقد كان ) في ( حبّه ) الأصل ( لمن يكون منه ، وهو الحقّ فلهذا قال :
" حبّب إلىّ " ولم يقل : " أحببت " من نفسه ، لتعلَّق حبه بربّه الذي هو على صورته .
 
قال رضي الله عنه :  (وذلك الحبّ منه هو الأصل الذي ينشعب منه سائر جزئيّات المحبّة ( حتّى في محبّته لامرأته ، فإنّه أحبّها بحبّ الله إيّاه ) حبّ الشخص صورته ونفسه ، ( تخلقا إلهيّا ) يتفرّع على التحقيق الذاتي الذي هو محبّته لربّه وهذا من خصائص العبارات الختميّة ودقائق إشاراته اللطيفة حيث نبّه بقوله :" حبّب إليّ " على ما هو أصل المحبّة - فلا تغفل .
 
النكاح أعظم وصلة في النشأة العنصريّة
قال رضي الله عنه :  ( ولما أحبّ الرجل المرأة طلب الوصلة ، أي غاية الوصلة التي تكون في المحبّة ) ، وهو الاتّحاد في الجهة الإدراكيّة وبيّن أن المدارك البشريّة أتمّها شمولا وأعمّها حيطة وموضوعا هو اللمس الذي ما اختصّ شعوره بعضو دون آخر وأيضا فإنّه هو الذي ظهرت به النسبة الإدراكيّة بصورتها الكماليّة الدوريّة ، فإنّ الملموس هو الذي يصلح لأن ينعكس منه إلى اللامس صورة شعاع اللمس ، الواقع من اللامس على الملموس بعينها ، حتّى يتمّ الصورة الإدراكيّة في دائرتها الكماليّة الاتحاديّة .
 
وهذا من خصائص اللمس ، إذ المسموع لا يتّصل بالسامع من جهة السماع ولا المبصر بالبصر كذلك إلى غيرهما فالاتّحاد الإدراكيّ المستحصل من هذا المنهج أتمّ وأكمل ولذلك ترى الاستغراق الذي فيه والاستلذاذ الذي منه ، لا يوازيه شيء من الإدراكات ، ولا يدانيه غيره من صنوف المستلذّات التي في مرتبة الجسمانيّات .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلم يكن في صورة النشأة العنصريّة أعظم وصلة من النكاح ، ولهذا تعمّ الشهوة أجزاؤه كلَّها ) وقد عرفت أنّ الحيطة من آيات الوحدة الإطلاقيّة ، فلذلك يترتّب عليه الاستغراق الكلَّي والفناء التامّ .
 
حكمة وجوب الغسل بعد الملامسة
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك امر بالاغتسال منه ، فعمّت الطهارة كما عمّ الفناء فيها عند حصول الشهوة  ) ، فإنّ الحقّ غيور على عبده أن يعتقد أنّه يلتذ بغيره، فإنّ الصور الاعتقاديّة - وإن كانت غير مطابقة للواقع - لها ظهور في مرتبة من مراتب الوجود وسلطان فيها ، فرتّب اعتقاد الالتذاذ بالغير - من المتناكحين على تلك الشهوة الموجبة للالتذاذ المذكور - حدثا لا يتمكَّن العبد معه عن أداء العبادات والتزام التقرّبات .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقع الحب إلا لمن تكون عنه، و قد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق. فلهذا قال «حبب» و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، و لذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فما وقع الحبّ إلّا لمن تكوّن عنه ، وقد كان حبه لمن تكوّن منه وهو الحقّ . فلهذا قال : « حبّب » ولم يقل أحببت من نفسه لتعلّق حبّه بربّه الّذي هو على صورته حتّى في محبّته لامرأته ؛ فإنّه أحبّها بحبّ اللّه إيّاه تخلّقا إلهيا . ولمّا أحبّ الرّجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة الّتي تكون في المحبّة فلم يكن في صورة النّشأة العنصريّة أعظم وصلة من النّكاح ، ولهذا تعمّ الشّهوة ) .
 
 ( فما وقع الحب ) من الرجل ( إلا لمن تكوّن عنه ) ، أعني المرأة ( وقد كان حبه ) ، أي حب الرجل ( لمن تكون ) الرجل ( منه وهو الحق ) الذي خلق الرجل على صورته ( فلهذا قال حبّب ولم يقل أحببت ) حكاية ( من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته ) في كل صفة ( حتى في محبته لامرأته ) ، التي على صورته
 
( فإنه أحبها بحب اللّه إياه في حبه لها تخلقا إلهيا ) فإن كلا من الحنين حب من ذوي الصورة إلى الصورة فيكون منشأ حبه هذا هو التخلف فلا يكون سند إلى نفسه فلذلك جاء بصفته حبب على البناء للمفعول ولم يسنده إلى نفسه .
 
( ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة التي تكون في المحبة فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح ) ، أي المجامعة مع المرأة ( ولهذا تعم الشهوة).
 
قال رضي الله عنه :  ( أجزاءه كلّها ، ولذلك أمر بالاغتسال منه ، فعمّت الطّهارة كما عمّ الفناء فيها عند حصول الشّهوة .)


(أجزاءه كلها ولذلك ) ، أي لعموم الشهوة أجزاءه ( أمر بالاغتسال منه ) ، أي من النكاح ، وكذا الحال في المرأة أيضا ( فعمت الطهارة ) ، أجزاء كل منها ( كما عم ) الرجل ( الفناء فيها ) ، والمرأة الفناء فيه ( عند حصول الشهوة).

 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 4:01 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:28 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الحادية عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير إستحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ الحقّ غيور على عبده أن يعتقد أنّه يلتذّ بغيره . فطهّره بالغسل ليرجع بالنّظر إليه فيمن فني فيه ، إذ لا يكون إلّا ذلك .  فإذا شاهد الرّجل الحقّ في المرأة كان شهودا في منفعل ، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل . وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكوّن عنه كان شهوده في منفعل عن الحقّ بلا واسطة . فشهوده للحقّ في المرأة أتمّ وأكمل ، لأنّه يشاهد الحقّ من حيث هو فاعل منفعل ؛ ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصّة . )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن الحق) تعالى (غيور) ، أي كثير الغيرة (على عبده) المؤمن أن (يعتقد) في نفسه ذلك العبد المؤمن (أنه يلتذ بغيره) تعالى وإن كان في الواقع لم يلتذ بغيره تعالى (فطهره) ، أي حكم تعالى بما أمره به من الطهارة أنه طاهر (بالغسل) بالماء المطلق وعند فقده بالصعيد الطيب ، لأنه مخلوق من الماء والإنسان مخلوق منهما ففي إستعمالهما رجوع إلى أصله وتذكير من نسيانه وجهله (ليرجع) ، أي ذلك العبد (بالنظر إليه) تعالى (فيمن) ، أي في الشخص الذي (فني) ذلك العبد (فيه) فيتحقق به ويكشف عن التباسه عليه بالصورة الظاهرة (إذ لا يكون) في ظهور الحق تعالى للحس .
 
قال رضي الله عنه :  (إلا ذلك) الأمر المجهول للعامة المكشوف للخاصة (فإذا شاهد الرجل الحق) تعالى ظاهرا متجليا (في) صورة (المرأة) ، لأنه القيوم عليها ، أي الممسك بقدرته لها من غير حلول ولا اتحاد ولا أمر من الأمور الباطلة التي يتوهمها القاصرون الناقصون عن معارف الكاملين المحققين (كان شهوده) ، أي ذلك الرجل للحق تعالى (في) مظهر للحق تعالى (منفعل) عن ذلك الرجل لأن المرأة مخلوقة من الرجل (وإذا شاهده) ، أي ذلك الرجل الحق تعالى (في نفسه) ، أي نفس ذلك الرجل (من حيث ظهور المرأة عنه) ، أي عن ذلك الرجل ، لأنها مخلوقة منه (شاهده) ، أي شاهد الحق تعالى (في) مظهر الحق تعالى (فاعل) لتلك المرأة لخلقها منه .
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا شاهده) ، أي ذلك الرجل للحق تعالى (من نفسه) ، أي نفس ذلك الرجل (من غير استحضار صورة ما) ، أي الشخص الذي (تكوّن) بالتشديد ، أي خلق (عنه) ، أي عن ذلك الرجل وهي المرأة (كان شهوده) ، أي شهود ذلك الرجل للحق تعالى (في) مظهر (منفعل عن الحق) تعالى (بلا واسطة) ، وهي نفسه (فشهوده) ، أي الرجل (للحق) تعالى (في المرأة) المنفعلة عنه (أتم وأكمل) من الشهودين الآخرين.
 
قال رضي الله عنه :  (لأنه) ، أي الرجل حينئذ (يشاهد الحق) تعالى (من حيث هو) تعالى (فاعل) بصورة نفس ذلك الرجل لصورة المرأة (منفعل) بصورة المرأة فيكون هذا الشهود جامعا لشهود كونه فاعلا فقط في الأول ومنفعلا فقط في الثالث فهو نظير شهود الحق تعالى للإنسان الكامل المنفعل عنه سبحانه ، فإنه يشهد تعالى فيه نفسه من حيث هو فاعل منفعل (و) شهوده للحق تعالى (من نفسه) بلا امرأة فشهوده (من حيث هو منفعل) عنه تعالى (خاصة) كما أن شهوده للحق تعالى من حيث صدور المرأة عنه شهوده من حيث هو فاعل فقط كما سبق وفيهما القصور في الشهود .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  (فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد ) العبد ( أنه يلتذ بغيره ) أي بغير الحق أي نسي الحق في حالة التذاذه ويعتقد أن من يتلذذ به غير الحق مطلقا فتنجس برجس الغفلة التي تحصل بالتوجه والاشتغال بمن اتصف بالحدوث والإمكان واتسم باسم الغير فلا يمكن رجوع العبد إلى الحق بما كسب من الجماع ( فطهره ) أي فطهر الحق ذلك العبد بعد الجماع ( بالغسل ليرجع ) العبد ( بالنظر إليه ) أي إلى الحق.
 
قال رضي الله عنه :   ( فيمن فني فيه ) أي في المرأة فكانت الطهارة لأجل المشاهدة الرجل الحق في المرأة ( إذ لا يكون إلا ذلك ) النظر والشهود أي نظر الرجل إلى الحق في المرأة فلا بد للرجل أن ينظر إلى الحق في المرأة ( فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهوده ) أي كان شهود الرجل الحق في المرأة شهوده الحق .
 
قال رضي الله عنه :  ( في منفعل ) متضمنا مشاهدة فاعل وهو مشاهدة المؤثر من الأثر فكانت المرأة كالمرآة القابلة لأثر الرائي ( وإذا شاهده ) أي الحق ( في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل ) متضمنا منفعل وهو مشاهدة الأثر من المؤثر كمن شاهد الرائي من حيث ظهور صورة عنه في المرآة ( وإذا شاهده من نفسه من غير استحضار صورة ما تكوّن عنه ) وهو المرأة ( كان شهوده ) أي الحق ( في منفعل عن الحق بلا واسطة فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل ) من شهوده في نفسه بلا استحضار المرأة ( لأنه ) أي لأن الشأن ( يشاهد ) الرجل ( الحق ) في المرأة ( من حيث هو ) أي من حيث أن اللّه ( هو فاعل ومنفعل ) .
 
وهذا القسم نتيجة للقسمين الأوّلين لأن كل واحد منهما لا يكون إلا باستحضار صورة ما تكوّن عنه وهو المرأة فلا يتحقق أحدهما بدون الآخر بل كل واحد منهما متضمن للآخر بخلاف القسم الثالث فإنه لا يشاهد الحق فيه إلا من حيث هو منفعل خاصة ولذلك لم يقيد القسمين الأوّلين بقوله خاصة بناء على الظاهر إذ في الصورتين كان أحدهما ظاهرا والآخر متضمنا في أحدهما لذلك أظهر في النتيجة فقال من حيث هو فاعل فهو تصرف الرجل فيها كتصرف الحق فيه وهو جهة الفاعلية ، وأما شهوده من حيث هو ومنفعل فهو كونها تحت تصرفه ومحل الانفعال.
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) يشاهد الحق ( من نفسه ) من غير استحضار المرأة ( من حيث هو منفعل خاصة).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.  فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي  .... وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا  .... فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.

قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا.

ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ،
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ الحق غيور على عبده أن يعتقد أنّه يلتذّ بغيره ، فطهّره بالغسل ، ليرجع بالنظر إليه ، فيمن فني فيه ، إذ لا يكون إلَّا ذاك ، فإذا شاهد الرجل الحقّ في المرأة ، كان شهودا في منفعل ، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه ، شاهده في فاعل ، وإذا شاهده من نفسه من غير استحضار صورة من تكون عنه ، كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة ، فشهوده للحق في المرأة أتمّ وأكمل ، لأنّه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصّة ،)
 
أي في منفعل حالة انفعاله وفعله ، فإنّه جامع لشهود الحق منفعلا في عين كونه فاعلا في عين انفعال فعلا في عين انفعال وانفعالا في فعل ، وهاهنا أسرار مكتّمة ، وعلى من ليس من أهلها محرّمة .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فنى فيه إذ لا يكون إلا ذلك ، فإذا شاهد الرجل الحق في المراة كان شهوده في منفعل ، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرآة عنه شاهده في فاعل ، وإذا شاهده من نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل ، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل ومن نفسه هو منفعل خاصة ) .
أي في حالة النكاح لأنه في منفعل حالة انفعاله عن فاعل مع كونهما واحدا في الحقيقة الأحدية ، فإن النكاح من العارف المشاهد جامع شهود الحق منفعلا في عين كونه فاعلا فعلا في انفعال وانفعالا في فعل .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن الحق غيور على عبده ) فيغار عليه ( أن يعتقد أنه يلتذ بغيره ) أي ، بما وقع عليه اسم الغيرية والسوى واتصفت بالحدوث والإمكان ، وان كان في الحقيقة عين الرحمن .
 
وإنما قال رضي الله عنه  : ( أن يعتقد أنه يلتذ بغيره ) فإن العارف المعتقد حال التذاذه به أنه يلتذ بالحق الظاهر في تلك الصورة ، هو مشغول بالحق ، لا بغيره ، فلا غيرية حينئذ .
لكن لما كان تلك الصورة متعينة ممتازة عن مقام الجمع الإلهي الكمالي متسمة بسمة الحدوث ، محل النقائص والأنجاس ، أوجب عليه الغسل ليطهره مما اكتسب بالتوجه إليها والاشتغال بها من النقائص .
 
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( فطهره بالغسل ليرجع ) العبد ( بالنظر إليه ) أي ، إلى الحق فيشاهد الحق . ( فيمن فنى فيه ) وهو المرأة ( إذ لا يكون إلا ذلك . ) أي ، طهره ليرجع إلى الحق ، إذ لا بد من  الرجوع إليه وشهود ذاته ، فإن كان الرجوع إليه في هذه الحياة الدنياوية ، فيحصل الشهود فيها ، وإلا في الآخرة كما مر .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة ، كان شهوده في منفعل . ) لأن المرأة محل الانفعال ( فإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه ، شاهده في فاعل . ) أي ، وإذا شاهد الحق في نفسه وشاهد أن المرأة من نفسه ظهرت وهو موجدها ، يكون الرجل مشاهد للحق في صورة الفاعل.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا شاهده من نفسه من غير استحضار صورة ما ، تكون عنه ) أي ، من غير أن يلاحظ ظهور المرأة التي تكونت عن نفس الرجل ( كان شهوده عن منفعل عن الحق بلا واسطة ) لأن نفسه منفعلة عن الحق بلا واسطة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل ، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل ومنفعل ) أما وجه فاعليته ، فإنه يتصرف ويفعل في نفس الرجل ، تصرفا كليا ، ويجعله منقادا له محبا لنفسه .
وأما وجه انفعاليته ، فإنه في هذه الصورة محل تصرف الرجل وتحت يده وأمره ونهيه .
ويجوز أن يكون وجه فاعليته في المرأة كون حقيقة المرأة بعينها حقيقة الرجل ، إذ الذكورة والأنوثة من عوارضها ، فتلك هي الفاعلة فيها ، وهي بعينها هي المنفعلة . وهذا وجه انفعاليته أيضا .
فصح أن شهود الرجل الحق في المرأة شهود للحق في الصورة الفاعلية والمنفعلية ، فيكون أكمل .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة . ) أي ، وإذا شاهده من نفسه من غير استحضار صورة المرأة ، فيشاهد الحق من حيث إنه منفعل ، فإنه من جمله مفعولات الحق ومخلوقاته . وترك القسم الثاني .
وهو شهود الحق في نفسه من حيث إنه ظهرت المرأة عنه ، وهو شهود الحق في فاعل اكتفاء بذكر الثالث .
فإن شهود الحق من حيث إنه فاعل ومنفعل أتم من شهوده من حيث إنه فاعل وحده ، أو منفعل وحده .

 .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 4:02 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:35 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ الحقّ غيور على عبده أن يعتقد أنّه يلتذّ بغيره ، فطهّره بالغسل ليرجع بالنّظر إليه فيمن فني فيه ، إذ لا يكون إلّا ذلك ، فإذا شاهد الرّجل الحقّ في المرأة كان شهودا في منفعل ، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل ، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكوّن عنه كان شهوده في منفعل عن الحقّ بلا واسطة ، فشهوده للحقّ في المرأة أتمّ وأكمل ، لأنّه يشاهد الحقّ من حيث هو فاعل منفعل ؛ ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصّة.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن الحق غيور ) يغار ( على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره ، فطهره ) في الظاهر ( بالغسل ) ؛ ليؤثر ذلك في باطنه لارتباط بينهما ؛ ( ليرجع ) عند هذه الطهارة الرافعة حجب الباطن ( بالنظر إليه ) ، أي : إلى الحق من حيث ظهوره ( فيمن فني ) به وهو المرأة ، ولا بد من هذا النظر عند رفع الحجب ، ( إذ لا يكون ) الظاهر في كل شيء ( إلا ذلك ) ، لكن لا يدركه المحجوب ، ووصلة النكاح وإن كانت حجابا كثيفا ، فعند التطهير يرتفع الحجاب بالكلية في حق الكامل .
( فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة ) من غير وصلة النكاح ( كان شهوده في منفعل ) ؛ لأنه إنما يشاهد الحق فيها من حيث إنها وجدت بإيجاد الحق وبواسطة الرجل ، والحق يكون باعتبار الظهور منفصلا ، وإن امتنع ذلك من حيث استقراره في مقر عزه ،
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا شاهده ) أي : الرجل الحق ( في نفسه ) لا من حيث وجوده من الحق ، بل ( من حيث ظهور المرأة عنه شاهد في فاعل ) ؛ لأنه وإن لم توجد المرأة ، فهو سبب وجودها ، والسبب له حكم الفاعل ، ( وإذا شاهده ) أي : الحق من نفسه لم يقل ( في نفسه ) ؛ لأنه يشعر بالاستقرار ، واستقرار الحق في نفس الرأي موجب لفنائها ( من غير استحضار صورة ما تكون عنه ) وهي المرأة ، ( كان شهوده في منفعل ) من حيث وجوده من ( الحق ) ، لكن ( بلا واسطة ) مثله ، وشهوده في الفاعل وحده أو المنفعل وحده ناقص ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فشهوده للحق في ) وصلة ( المرأة ) بالنكاح بعد التطهير عما تلوث من التلذذ بالغير ( أتم وأكمل ؛ لأنه يشاهد الحق ) في هذه الوصلة ( من حيث هو فاعل منفعل ) ، إذ لا وصلة بدون فعل الرجل وانفعال المرأة ، وكيف لا يكون أكمل وهو يرى الحق في الفاعل عين رؤيته في المنفعل ؛ لأنه يراه من نفسه من حيث هو منفعل لانفعالها في الوجود عن الحق ، وهذه رؤية ( خاصة ) ، وهي كمال بعد التمام .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ الحقّ غيور على عبده أن يعتقد أنّه يلتذ بغيره ) ، فإنّ الصور الاعتقاديّة - وإن كانت غير مطابقة للواقع - لها ظهور في مرتبة من مراتب الوجود وسلطان فيها ، فرتّب اعتقاد الالتذاذ بالغير - من المتناكحين على تلك الشهوة الموجبة للالتذاذ المذكور - حدثا لا يتمكَّن العبد معه عن أداء العبادات والتزام التقرّبات .
 
قال رضي الله عنه :  ( فطهّره بالغسل ليرجع بالنظر إليه ) عند التأمّل فيه وفيما يوجبه من تصوّر الالتذاذ بالغير ، والاستغراق فيه ، والفناء ( فيمن فنى فيه ) حقيقة على ما عليه الأمر ( إذ لا يكون إلَّا ذلك ) أي لا يمكن أن يكون فناء العبد إلَّا فيه فإنّ الغير لا حظَّ له من الوجود .
 
شهود الرجل صورة الحقّ في المرأة
فإذا عرفت أنّ الملتذّ منه بهذا المدرك وغيره من المدارك من هو ، فأراد أن ينبّه إلى وجه تعيين الشارع بعض المحالّ بالحلَّيّة - كالنساء وغيرها - بالحرمة قائلا : ( فإذا شاهد الرجل الحقّ في المرأة كان شهوده في منفعل ) فقط ،
 
قال رضي الله عنه :  ( و إذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه ، شاهده في فاعل ) ، فعلم إنّ الشهود في مشهد استحضر به صورة المرأة كان أكمل وأجمع ، ( وإذا شاهده من نفسه من غير استحضار صورة ما تكوّن عنه ) - كالمرأة بالنسبة إلى الرجل – ( كان شهوده في منفعل عن الحقّ بلا واسطة ) تكون لها منزلة الفاعليّة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فشهوده للحق في المرأة أتمّ وأكمل ) ، ضرورة احتواء مشهدها طرفي الفعل والانفعال ، اللذين قد عبّر عنهما في الحضرات الإلهيّة بطرفي التشبيه والتنزيه ، ( وذلك لأنّه يشاهد الحقّ ) في هذه المجلاة العظمى ( من حيث هو فاعل منفعل ، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة ) ، وقد علم من هذا وجه كمال الالتذاذ الذي في الوصلة النكاحيّة وفي سائر الازدواجات والمصاحبات الجسمانيّة الموجبة لصنوف الإدراكات وفنون اللذّات .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، و إذا شاهده في نفسه- من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، و إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ الحقّ غيور على عبده أن يعتقد أنّه يلتذّ بغيره . فطهّره بالغسل ليرجع بالنّظر إليه فيمن فني فيه ، إذ لا يكون إلّا ذلك . فإذا شاهد الرّجل الحقّ في المرأة كان شهودا في منفعل ، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل . وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكوّن عنه كان شهوده في منفعل عن الحقّ بلا واسطة . فشهوده للحقّ في المرأة أتمّ وأكمل ، لأنّه يشاهد الحقّ من حيث هو فاعل منفعل ؛ ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصّة .)
 
(فإن الحق غيور ) يغار ( على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره ) ، وإنما قال : أن يعتقد لأن الغيرة إنما هي على هذا الاعتقاد ولا التذاذ بغيره في الواقع .
وهذا الاعتقاد إنما هو شأن المحجوبين ، فإن العارف يعتقد حال الإلتذاذ بها أنه يلتذ بالحق الظاهر فيها لا بالغير ( فطهره بالغسل ليرجع ) ، أي العبد عن هذا الاعتقاد ( بالنظر ) ، أي إلى النظر ( إليه ) ، أي إلى الحق ومشاهدته والالتذاذ به ( فيمن فني فيه ) ، يعني المرأة ( إذ لا يكون ) في الواقع ( إلا ذلك ) ، أي الالتذاذ بالحق لا بالغير
 
( فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة ) ، من حيث صدورها عن الرجل ( كان شهوده في منفعل ) عن الرجل وهو المرأة ( وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل ) شاهده في فاعله ، وهو الرجل وهذان الشهودان إنما كانا للرجل مع استحضاره صورة ما تكون عنه ( و ) أمّا ( إذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه ) ، يعني المرأة ( كان شهوده ) ، إلا ( في منفعل عن الحق بلا واسطة ) ، وهو نفسه ولا شك أن هذه الشهودات الثلاثة منفصل بعضها عن بعض من غير لزوم اتصال ومعية بينها ( فشهوده ) ، أي شهود الرجل ( الحق في المرأة ) حين المواقعة ( أتم وأكمل ) من هذه الشهودات .
 
( لأنه ) ، أي الرجل ( يشاهد الحق فيها من حيث هو فاعل منفعل ) معا من غير انفصال بينهما أما مشاهدة الحق فيها من حيث هو فاعل فلأنها تؤثر في نفس الرجل بتهييج الرجل فيه ، وأما مشاهدته فيها من حيث هو منفعل فمن حيث تأثرها عنه حين المواقعة ( و ) لا يشاهد الرجل الحق ( من نفسه ) ، إلا ( من حيث هو منفعل خاصة ) ، أي بلا معية مشاهدته من حيث هو فاعل ، وذلك أن شاهده من استحضار ما يكون عنه أو من حيث هو فاعله خاصة ، أي بلا معية مشاهدته من حيث هو منفعل ،
وذلك إذا شاهده من حيث ظهور المرأة ، وإنما ترك هذا الشق لأنه يعلم بالمقايسة ،
فإن قلت إذا شاهد الرجل الحق في نفسه من حيث إنه فاعل مؤثر في المرأة يمكن أن يشاهده في نفسه من حيث إنه متأثر عن المرأة أيضا فكيف يكون شهوده في المرأة أتم وأكمل ؟
 
قلنا : شهوده في المرأة إن لم يكن أتم وأكمل كما أنه أتم وأكمل كيفا فإنه لا فناء له في شهوده في المرأة على ما لا يخفى .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 4:44 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثانية عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال رضي الله عنه :  (  فلهذا أحبّ صلى اللّه عليه وسلم النّساء لكمال شهود الحقّ فيهنّ ، إذ لا يشاهد الحقّ مجرّدا عن الموادّ أبدا . فإنّ اللّه بالذّات غنيّ عن العالمين .  فإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ، ولم تكن الشّهادة إلّا في مادّة ، فشهود الحقّ في النّساء أعظم الشّهود وأكمله . )
 
قال رضي الله عنه :  (فلهذا) السبب (أحبّ صلى اللّه عليه وسلم النساء لكمال شهوده) عليه السلام (الحق) تعالى (فيهنّ) ، أي في النساء (إذ لا يشاهد) بالبناء للمفعول (الحق) تعالى (مجردا عن المواد) ، أي المظاهر الحسية أو المعنوية (أبدا) فإنه تعالى لكمال إطلاقه الحقيقي لا ينضبط في العقل والحس منه شيء أصلا فإذا انضبط كان ذلك مادة عقلية أو حسية فهي مظهر لتجليه تعالى ، غير ذلك لا يكون أصلا في الدنيا والآخرة . ولهذا ورد في حديث مسلم : « إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر » . رواه الترمذي في سننه ، ورواه الدارقطني ورواه غيرهما .  وفي رواية : « كما ترون الشمس ». رواية الدارقطني .
 
قال رضي الله عنه :  (وهو تشبيه للمادة التي يكون بها التجلي) ، وكذلك حديث التحول في الصور لأهل المحشر .
فهو ظهور في مادة ، أرأيت بأن هذه الرؤية الأخروية الواردة ثبوتها في الكتاب والسنة مقرونة باسم الرب تعالى دون غيره من الأسماء .
 
قال تعالى :" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ( 23 )" [ القيامة : 22 - 23 ] ،
وقال موسى عليه السلام في الدنيا : " رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ"[ الأعراف : 143 ] ،
وقال تعالى في الكافرين : " كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ"( 15 ) [ المطفّفين : 15].
وقال عليه السلام : « إنكم سترون ربكم » . واسم الرب من أسماء الإضافة فلا بد فيه من مربوب .
ففي حالة الرؤية يكون الحق تعالى ظاهرا بصفة ربوبيته شيء فذلك الشيء هو مادة ظهوره تعالى وأثر تجليه فتقع رؤية الحق تعالى فيه غير أن المظاهر مختلفة ولا أتم وأكمل مما ورد عن الشارع صلى اللّه عليه وسلم فإنه ورد عنه حديث : " حبب إليّ من دنياكم ثلاث " المذكور هنا وحديث : « رأيت ربي في صورة شاب أمرد » .
 
 وكان يأتي إليه جبريل عليه السلام في صورة دحية بن خليفة الكلبي وهو من أحسن أهل زمانه ، فمظاهر الحسن أكمل في الشهود من جميع المواد .
 
قال رضي الله عنه :  (فإن اللّه) تعالى (بالذات) ، أي من حيث هو بلا مظهر يكون أثرا من آثار أسمائه تعالى يتجلى به لعباده العارفين (غني عن العالمين) فلا ظهور له من هذا الوجه الذاتي من حيث ما هو عليه في نفسه للعالمين أصلا ولا يعرفه أحد من هذا الوجه لإفنائه كل شيء فلا عارف ولا معروف ، وهذا الكشف أوّل مقامات السالكين وهو آخرها وفيه قال صلى اللّه عليه وسلم : " كان اللّه ولا شيء معه وهو الآن على ما هو عليه ".
فإذا كان ظهور الأمر الإلهي من هذا الوجه الذاتي من غير مادة تكون مظهرا للحق تعالى عند العبد العارف به تعالى ممتنعا بحيث لا مطمع في ذلك أصلا لاقتضائه مساواة الرتب العدمية الاعتبارية للذات الوجودية .
 
قال تعالى :قُلْ جاءَ الْحَقُّ[ سبأ : 49 ] ، أي اتصف الصرف المطلق بتحققه لذاته من غير حدوث اتصاف له وزهق الباطل ، وهو مراتبه العدمية الاعتبارية الأزلية الأسمائية والإمكانية ، وهو الفناء في الوجود والاضمحلال في الشهود أن الباطل المذكور كان زهوقا ، وهذا معنى كونه زهق ، أي ظهر أنه زهوق من قبل ولا قبل ولا ظهور ولا بطون بل "هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ"[ ص:67] هم فيه مختلفون "كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ( 4 ) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ( 5 )"[ النبأ : 4 - 5 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (ولم تكن الشهادة) والكشف عن الحق تعالى (إلا في مادة) كونية يتجلى بها للسالك (فشهود الحق) تعالى (في) مادة (النساء) وخصوص صورهنّ الجميلة (أعظم الشهود وأكمله) عند العارف المحقق .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فلهذا ) أي فلأجل هذا المذكور ( أحب ) الرسول ( النساء لكمال شهود الحق فيهن إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا ) فهي أكمل المواد لمشاهدة الحق ( فإن اللّه بالذات غني عن العالمين ) فلا يمكن شهوده من هذا الوجه ( وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ولم تكن الشهادة إلا في مادة فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله ) . ثم رجع إلى أصل المسألة وأعاد ليثبت عليها الأحكام فقال :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال رضي الله عنه : (فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين. وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه. فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا.
 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال رضي الله عنه : (فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين. وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
أي في منفعل حالة انفعاله وفعله ، فإنّه جامع لشهود الحق منفعلا في عين كونه فاعلا في عين انفعال فعلا في عين انفعال وانفعالا في فعل ، وهاهنا أسرار مكتّمة ، وعلى من ليس من أهلها محرّمة .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه وسلم النساء لكمال شهود الحق فيهن ، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا ، فإن الله تعالى بالذات غنى عن العالمين ، فإذا كان الامر من هذا الوجه ممتنعا ، ولم تكن الشهادة إلا في مادة فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله ) .
أي في حالة النكاح لأنه في منفعل حالة انفعاله عن فاعل مع كونهما واحدا في الحقيقة الأحدية ، فإن النكاح من العارف المشاهد جامع شهود الحق منفعلا في عين كونه فاعلا فعلا في انفعال وانفعالا في فعل .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب ، صلى الله عليه وسلم ، النساء لكمال شهود الحق فيهن ، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا . فإن الله بالذات غنى عن العالمين . ) ولا نسبة بينه وبين شئ من هذا الوجه أصلا ، فلا يمكن شهوده مجردا عنها .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ولم تكن الشهادة إلا في مادة ، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله . ) أي وأكمل الشهود في النساء أيضا في حالة النكاح الموجب لفناء المحب في المحبوب .
وكمال الشهود في غير تلك الحالة بالنسبة إلى من يلاحظ جمال الحق في صور الأكوان دائما ، لا يغفل عنه إلا أوقاتا يسيرة .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 4:47 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا أحبّ صلّى اللّه عليه وسلّم النّساء لكمال شهود الحقّ فيهنّ ، إذ لا يشاهد الحقّ مجرّدا عن الموادّ أبدا ؛ فإنّ اللّه بالذّات غنيّ عن العالمين ، فإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ، ولم تكن الشّهادة إلّا في مادّة ، فشهود الحقّ في النّساء أعظم الشّهود وأكمله. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا ) أي : ولتمام شهود الحق في هذه الوصلة مع الكمال المذكور ( أحب عليه السّلام النساء ) ، وإن كن من حيث هن حجبا على الحق والفناء فيهن موجبا للغسل ، ( فكمال شهود الحق فيهن ) باعتبار هذه الوصلة عند التطهر ، وإن كان يتوهم أن رؤية الحق في الصورة التنزيهية أكمل ، ( إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد ) ، بل إنما يرى في المادة الأسمائية أو الكونية ، لكن المادة الأسمائية لا تكون إلا فاعلة ، والمادة الكونية لا تكون إلا أحدهما ،
قال رضي الله عنه :  ( فإن اللّه بالذات غني عن العالمين ) ، إذ يشاهد ذاته وكمالاتها بذاته في غاية الظهور ، وإنما يطلب ظهورها بصور الأسماء أو آثارها ، إذ لا مجال للحوادث في ذاته ، فكأنه بهذا الاعتبار محتاج إلى إظهار ذلك ، والفعل بدون الحاجة عبث يمنع صدوره عن الحكيم ، ( فإذا كان الأمر ) أي : أمر المشهود ( من هذا الوجه ) أي : وجه المتجرد عن المواد ( ممتنعا ) ، وليس المراد الامتناع العقلي ؛ لأن الحق يرى ذاته بذاته ، بل ( لم يكن ) يحسب السنة الإلهية ( الشهادة ) لنا ( إلا في مادة ) من الصور الأسمائية أو الكونية .
 
قال رضي الله عنه :  ( فشهود الحق في ) وصلة ( النساء أعظم الشهود و أكمله ) ؛ لجمعه بين شهود الذات وشهود حبه لذاته في حبه لمن خلقه على صورته ، وشهود محبوبية الحق لنفسه ولعبده ، والجملة لرؤيته فاعلية الحق ومنفعليته في أمر واحد وهو الرجل ، وكذا المرأة باعتبار تأثيرها في حب الرجل ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فلهذا أحب صلَّى الله عليه وسلَّم النساء ، لكمال شهود الحقّ فيهنّ ، إذ لا يشاهد الحقّ مجرّدا عن الموادّ أبدا ) ، أي في سائر المشاهد والمجالي التي في الحضرات الإطلاقيّة والعوالم التقييديّة ( فإنّ الله بالذات غنيّ عن العالمين ) .
وكأنّك قد اطَّلعت على أنّ الغناء المطلق الذي هو الكمال الذاتي ينفي تغاير الثنويّة والسوائيّة التي لا يمكن الشهود بدونه أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ، ولم تكن الشهادة إلَّا في مادّة ) - وبيّن أنّ الموادّ متفاوتة بحسب الجمعيّة والكمال ، كما أنّ المرائي متفاوتة في صفائها وضيائها ، قال رضي الله عنه :  ( فشهود الحقّ في النساء أعظم الشهود ) لاشتماله على الوجهين حسبما عرفت آنفا ( وأكمله ) لأنّها أكثر جمعيّة من سائر المشاهد المادّية ، لأنّ الجمعيّة الكماليّة التي اختصّ بها الإنسان قد تفرّدت بها على مزيد منها ،
حيث أنّها أنزل أفراده وقد عرفت من قوانين التحقيق أنّ الأنزل أجمع وأكمل ، ولذلك ترى الشهود فيها قد انطوى على أعظم الوصلة ، وهي التي الشاهد يلتذ فيها بجميع الأجزاء الماديّة.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا أحبّ صلى اللّه عليه وسلم النّساء لكمال شهود الحقّ فيهنّ ، إذ لا يشاهد الحقّ مجرّدا عن الموادّ أبدا . فإنّ اللّه بالذّات غنيّ عن العالمين . فإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشّهادة إلّا في مادّة، فشهود الحقّ في النّساء أعظم الشّهود وأكمله .)
 
( فلهذا أحب صلى اللّه عليه وسلم النساء لكمال شهود الحق فيهن ، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا . فإن اللّه بالذات غنى العالمين ) ، لا علاقة بينه وبين شيء أصلا بالشهود لا بغيره ( فإن كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ولم تكن الشهادة ) ، أي الشهود ( إلا في مادة فشهود الحق في النساء ) ، عند المواقعة ( أعظم الشهود وأكمله ). وأعظم الوصلة ، بين الرجل والمرأة في وجودهما الجسماني.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 4:56 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النّكاح وهو نظير التّوجّه الإلهيّ على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه صورته بل نفسه فسوّاه وعدله ونفخ فيه من روحه الّذي هو نفسه ، فظاهره خلق وباطنه حقّ .
ولهذا وصفه بالتّدبير لهذا الهيكل ، فإنّه تعالى :يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِوهو العلوّ ،إِلَى الْأَرْضِ[ السجدة : 5 ] وهو أسفل السّافلين ، لأنّها أسفل الأركان كلّها. )
.
قال رضي الله عنه :  (وأعظم الوصلة) في هذا الشهود المقتضي للمحبة (النكاح ).
قال تعالى : " فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ" [ النساء :3]. أي ما أوجب لكم الكشف الإلهي ، لأن اللذة حينئذ روحانية جسمانية ، ثم قال تعالى :"مَثْنى" وهو الظهور الغيب في الشهادة والعالم الروحاني في الجسماني ("وَثُلاثَ") وهو توسط العالم البرزخي النفساني" وَرُباعَ"[ النساء : 2 ] ، وهو استجلاء برق الوجود الذاتي بالمحو والإثبات .
 
قال رضي الله عنه :  (وهو) ، أي النكاح في عالم الكون (نظير التوجه) الإلهي (الإرادي) في عالم العين الأزلية الإلهية (على) إيجاد (من خلقه) تعالى (على صورته) ، وهو الإنسان الكامل (ليخلفه) ، أي يخلف الحق تعالى في الأرض النفسانية (فيرى) الحق تعالى (فيه) ، أي في ذلك الخليفة (نفسه) سبحانه في مادة كونية (فسوّاه) ، أي جعله خلقا سويا وضعيفا قويا (وعدله) ، أي جعله معتدلا لتساوي أوصافه بجمعه بين الأضداد ، فهو موجود معدوم قديم حادث قادر عاجز حي ميت مريد مقهور سميع بصير أعمى متكلم أخرس .
 
وهكذا في إحصائه لجميع الأسماء الحسنى الإلهية (ونفخ فيه من روحه) تعالى (الذي هو) ، أي ذلك الروح (نفسه) ، بفتح الفاء أي نفس الحق تعالى . والنفخ هو اقتران صفاته تعالى القديمة الكاملة بصفات العبد الحادثة الناقصة (فظاهره) ، أي الإنسان الكامل (خلق) ، أي عدم وحدوث وعجز وموت وقهر وصمم وعمى وخرس ونحو ذلك (وباطنه) ، أي الإنسان الكامل (حق) ، أي وجود وقدم وقدرة وحياة وإرادة وسمع وبصر وكلام وغير ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا) ، أي لكون الأمر كذلك (وصفه) ، أي وصف اللّه تعالى الإنسان الكامل على حسب الظاهر (بالتدبير لهذا الهيكل) ، أي جسده في أمر معاشه ومعاده فقال تعالى :"وَكُلُوا وَاشْرَبُوا" [ الأعراف : 31 ] ،
وقال :" وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" [ البقرة : 195 ] ، وقال :" وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ"[ الحشر : 18 ] ، إلى غير ذلك مما هو مطلوب من هذا الإنسان على وجه تدبيره لنفسه في أمور الدنيا وأمور الآخرة فإنه تعالى يدبر الأمر ،
 
كما قال سبحانه من السماء وهو العلو مما غاب عن الإنسان ولم يدخل تحت تصريفه كأحوال التقدير الأزلي الجاري عليه بمراد اللّه تعالى في كل حال من أحواله إلى الأرض وهو أسفل سافلين موضع النفوس ودواعيها والغفلة والحجاب لأنها ، أي الأرض أسفل الأركان الأربعة النار والهواء والماء والأرض كلها فلا أسفل من الأرض ، فلهذا ذكرت هنا ، فالمدبر في الكل هو اللّه تعالى بصور الأسباب السماوية والأرضية ،"فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً( 5 ) "[ النّازعات : 5 ] هي الأسباب السماوية والأرضية باللّه تعالى أيضا ،
 وهو الأوّل والآخر والظاهر والباطن ثم لما تمّم مقام الجمع في هذه الآية أشار إلى مقام الفرق بقوله : وهو أي اللّه تعالى "بِكُلِّ شَيْءٍ" وهو العالم "عَلِيمٌ"[ البقرة : 29 ] وهو عالم صفاته وأسمائه ، فالقضية جمع وفرق ، لا بد من ذلك للمريد السالك .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها. )
 
قال رضي الله عنه : ( وأعظم الوصلة النكاح ) أي الجماع الحلال وهو إما بالنكاح أو بالملك إذ الجماع بدونهما لا روح له فلا يشاهد فيه الحق أبدا لذلك حرّم الزنا في جميع الأديان فكنى عن الجماع الحلال بالنكاح ( وهو ) أي النكاح ( نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه ) أي ليكون خليفة في الملك كما قال :"إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً " [ البقرة : 30 ] ،
 
قال رضي الله عنه : ( فيرى فيه ) أي فيمن خلقه ( صورته بل ) يرى ( نفسه ) فإن المتعين بكل تعين هي الطبيعة التي هي مظهر الذات الإلهية ( فسوّاه وعدّله ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه ) أي عينه من جهة حقيقته وباطنته لا من جهة إمكانه وحدوثه وخلقه فإنه قال عليه السلام : « أوّل ما خلق اللّه روحي » .
 
"" أضاف الجامع :
 ورد الحديث : واستدل بحديث جابر المروي في "المواهب اللدنية" حيث قال: "قلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلق الله قبل الأشياء فقال: يا جابر! إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيت شاء الله ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول حملة العرش، ومن الثاني الكرسي، ومن الثالث باقي الملائكة, ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول السماوات ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنة والنار ثم قسم الرابع أربعة ... أورده الصنعاني في الحديث التَّحبير لإيضَاح مَعَاني التَّيسير.
وأطال في "قصد السبيل" بيان ذلك، وأن نوره - صلى الله عليه وسلم - أصل الأشياء كلها.
* وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : قام فينا رسول الله  صلى الله عليه وسلم مقاما، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، حفظ ذلك من حفظه, ونسيه من نسيه. أخرجه البخاري. أورده الصنعاني التَّحبير لإيضَاح مَعَاني التَّيسير.
 
حديث : (أول ما خلق اللهُ نورُ نبِيكِ يا جابر - الحديث) رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله بلفظ قال قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شئ خلقه الله قبل الأشياء.
قال: يا جابر، أن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقُدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جِنِّيٌ ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول القلم ومن الثاني اللوح ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول حَمَلَة العرش ومن الثاني الكرسي ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول السماوات ومن الثاني الأرضين ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين ومن الثاني نور قلوبهم وهى المعرفة بالله ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله - الحديث، كذا في المواهب، وقال فيها أيضا واختُلِف هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدي أم لا فقال الحافظ أبو يعلى الهمداني: الأصح أن العرش قبل القلم، لِما ثبت في الصحيح عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء. كشف الخفاء ومزيل الإلباس العجلوني ""
 
فإنه باعتبار إضافته إلى الرسول خلق وحادث وباعتبار نسبته إلى الحق حق وقديم فكان نسبة الروح إلى الحق نسبة الصفات الإلهية إليه
لذلك قال ( فظاهره ) أي ظاهر من خلقه على صورته ( خلق ) أي متصف بصفة الخلقية من الإمكان والحدوث ولوازمها ( وباطنه ) الذي هو الروح ( حق ) أي ثابت محقق لا يفنى بخراب البدن موصوف ببعض الصفات الإلهية من القدم والربوبية والتدبير ( ولهذا ) أي ولأجل كون باطنه حقا ( وصفه ) أي وصف الحق الروح .
( بالتدبير لهذا الهيكل ) المحسوس ( فإنه تعالى به يدبر الأمر ) فوصفه بما وصف نفسه به ( من السماء وهو العلو إلى الأرض وهو أسفل السافلين لأنها ) أي الأرض ( أسفل الأركان كلها ) فدبر اللّه تعالى أمر الوجود من الروح الانساني وهو السماء إلى الأرض وهي الهيكل الانساني أو دبر اللّه الأمر من الرجل وهو السماء إلى الأرض وهي المرأة .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق. ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.  )
 
فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه. فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا.
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق. ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها. )
 
يشير رضي الله عنه  إلى النكاحات الخمسة الكلَّية الإلهية الموجبة لإنتاج العوالم المعنوية والروحية والنفسيّة والمثالية والحسيّة على اختلاف صورها ، كما مرّت فيما سلف ، فاذكر .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.  )
 
قال رضي الله عنه :  (وأعظم الوصلة النكاح ، وهو نظير التوجه الإرادى على من خلقه على صورته ليخلقه فيرى فيه صورته بل نفسه فسوّاه وعدله ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه فظاهره خلق وباطنه حق ) بطريق السببية بذلك الفعل والانفعال .
"" أضاف بالي زاده :-
وأعظم الوصلة النكاح : أي الجماع الحلال ، وهو بالنكاح أو الملك إذ بدونهما لا روح له فلا يشاهد الحق فيه أبدا ، لذلك حرم الزنا في جميع الأديان  .أهـ بالى زاده ""
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا وصفه ) أي وصف الله تعالى نفسه ( بالتدبير لهذا الهيكل ، فإنه تعالى :"يُدَبِّرُ الأَمْرَ من السَّماءِ " وهو العلو إلى الأرض ، وهو أسفل السافلين لأنها أسفل الأركان كلها ) وإنما قال ظاهره خلق وباطنه حق لأن الهوية المتعينة في عالم الغيب بصورة الروح باطنا ، تدبر الصورة الظاهرة وتصورها وتظهر فيها ، وهو بعينه صورة التدبير لهذا الهيكل المسمى عالما ، فإنه تنزلات خمسة للذات الأحدية إلى عالم الشهادة أي عالم الحس الذي هو آخر العالم في صورة الفعل والانفعال ، ولهذا شبهوها بالنكاح وسموها النكاح الخمسة ، وهو حقيقة واحدة في الفعل والانفعال ظاهرها العالم وباطنها الحق ، والباطن يدبر الظاهر ، وفي الحقيقة هو الظاهر والباطن ، فإن التنزلات ليست إلا تعينات وشئونا للذات الأحدية في الصور الأسمائية المؤثرة في صورها المتأثرة :
أولها : تجلى الذات في صور الأعيان الثابتة الغير المجعولة وهو عالم المعاني .
وثانيها : التنزل من عالم المعاني إلى التعينات الروحية ، وهي عالم الأرواح المجردة .
وثالثها : التنزل إلى التعينات النفسية ، وهي عالم النفوس الناطقة .
ورابعها : التنزلات المثالية المتجسدة المتشكلة من غير مادة وهي عالم المثال وباصطلاح الحكماء عالم النفوس المنطبقة ، وهو بالحقيقة خيال العالم .
فما أحبهن : أي فإذا راعى مرتبتهن في الوجود حيث .
وخامسها : عالم الأجسام المادية ، وهو عالم الحس وعالم الشهادة ، والأربعة المتقدمة مراتب الغيب وكل ما هو أسفل فهو كالنتيجة لما هو أعلى الحاصلة بالفعل والانفعال ، ولهذا شبهت بالنكاح وذلك عين تدبير الحق تعالى للعالم
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.  )


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح . ) أي ، الجماع ( وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليحلفه ، فيرى فيه صورته بل نفسه . فسواه وعدله ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه . ) أي ، النكاح هو نظير التوجه الإلهي لإيجاد الإنسان ليشاهد فيه صورته وعينه ، لذلك سواه وعدله ونفخ فيه من روحه ، وكذلك الناكح يتوجه لإيجاد ولد على صورته بنفخ بعض روحه فيه الذي يشتمل عليه النطفة ، ليشاهد نفسه وعينه في مرآة ولده ، ويخلفه من بعده . فصار النكاح المعهود نظيرا للنكاح الأصلي الأزلي .
( فظاهره خلق ، وباطنه حق . ) أي ، فظاهر ما سواه . وعدله من الصورة الإنسانية ، خلق موصوف بالمعبودية . وباطنه حق ، لأن باطنه من روح الله الذي يدبر الظاهر ويربه ، بل هو عينه وذاته الظاهرة بالصورة الروحانية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل الإنساني . ) أي ، ولكون باطنه الذي هو الروح حقا ، جعله الحق مدبرا لهذا الهيكل الإنساني ، ووصفه بالتدبير حيث قال : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) والخليفة مدبر بالضرورة ، والمدبر لا يكون إلا حقا .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإنه تعالى "يدبر الأمر" أي ، أمر الوجود في صور المظاهر ( "من السماء" وهو العلو ، "إلى الأرض" وهو أسفل سافلين ، لأنها أسفل الأركان كلها . ) وفي العالم الإنساني المرأة بالنسبة إلى الرجل كالأرض بالنسبة إلى السماء ، فالروح المدبر لصورة الرجل والمرأة مدبر للسماء والأرض .

 
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 4:59 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.  )
 
قال رضي الله عنه : (  وأعظم الوصلة النّكاح وهو نظير التّوجّه الإلهيّ على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه صورته بل نفسه فسوّاه وعدله ونفخ فيه من روحه الّذي هو نفسه ، فظاهره خلق وباطنه حقّ ) .
 
( وأعظم الوصلة النكاح ) لما ذكرنا مع أنه يتضمن باعتبار طلب الولد به إرادة الحق ، وتكوينه للإنسان الكامل لظهور سره فيه ،
وإليه الإشارة بقوله : ( وهي نظير التوجه ) الإرادي الذي استيلاء القدرة ( على من خلقه ) كاملا ؛ لكونه ( على صورته ) ، فتوجه إليه بهذه الإرادة للخليقة ( على صورته ، فيرى فيه ) نفسه ، أي : ذاته بكمال ظهورها ، ولما كان لا يتم الظهور إلا بالتسوية والاعتدال ، ( فسواه ) أي : سوى مزاجه ، وبالغ في تسويته حتى ( عدله ) بحيث لا تميل بعض الأطراف ، ( ونفخ فيه من روحه ) الأعلى من أرواح سائر الحيوانات والنباتات ، فإنها من العناصر وروحه ليس كذلك ، فإنه ( الذي هو كأنه نفسه ) الرحماني وهو عين الحق ، وقد صار باطنه عندما يصور روحه بصورة النار عند اشتعال البدن به ، ( فظاهره خلق وباطنه ) الذي هو مبدأه ( حق ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا وصفه بالتّدبير لهذا الهيكل ، فإنّه تعالى :يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ وهو العلوّ ،إِلَى الْأَرْضِ [ السجدة : 5 ] ، وهو أسفل السّافلين ، لأنّها أسفل الأركان كلّها).
 
( ولهذا ) أي : ولكون باطن الروح المدبر لهذا الهيكل الإنساني بالاتفاق ( وصفه الحق بالتدبير لهذا الهيكل ) ، فإنه تعالى قال :يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ[ السجدة  :5 ].
، والمعنى المجازي إذا كان أهم من الحقيقي أولى ، فالمراد بالتدبير أعم من التدبير الظاهر والباطن ، والمراد من السماء ما ارتفع حسّا أو معنى ، وهو العلو فتدخل فيه الروح ، والمراد بقوله :إِلَى الْأَرْضِ أي : ما انخفض حسّا أو معنى ، ( وهو أسفل السافلين ) ، فيدخل فيه الهيكل الإنساني ؛
وذلك ( لأنها ) أي : الأرض ( أسفل الأركان كلها ) ، وهي النار والهواء والماء والأرض ، وكذا الهيكل الإنساني أسفل المولدات ، وهي المعادن والنبات والحيوانات والإنسان ، لكن سفل الهيكل الإنساني من حيث التأخر في الرتبة ، وهذا المعنى في لفظ النساء أظهر ؛ وذلك لأنه عليه السّلام سماهن بالنساء .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح ) المنطوي على غاية يلتذّ فيها الناكح بجميع الأعضاء الجسمانيّة ، غير مختصّ بالمشاعر الروحانيّة والبرزخيّة .
 
اللمس أنزل المراتب الإدراكيّة وأكملها
فإنّك قد عرفت أنّ اللمس أنزل المراتب الإدراكيّة وأكملها ، ولذلك ترى مداركه غير مختصّة بعضو دون آخر ، ولا بظاهر الأعضاء فقط ، فله الإحاطة والجمعيّة بحسب شمول الموضوعات والأفراد ، فإنّه ما من حيوان إلَّا وله هذه القوة - سواء كان تامّ الخلقة أو غير تامّها - وأيضا هو الذي بين سائر المدارك والمشاعر غير محتاج عند إدراكه إلى الواسطة ، كالهواء والضياء في المشعرين الإلهيّين - على ما عرفت - وكذلك كالهواء والرطوبة في الآخرين .
 
هذا في المشاعر الحسيّة الظاهرة وأما الباطنة منها فمحتاجة أيضا إلى ضرب ما من الصورة - أو ما يجري مجراها - بواسطتها تدرك ذلك ، بخلاف اللمس ، سيّما في الحالة التي هي غاية النكاح ، فإنّك قد عرفت أنّ الإدراك فيها لظهوره بصورته الكماليّة الدوريّة يستتبع لذّة كماليّة لا يوازيها غيرها .
 
توجيه محبّة النساء بلسان التحقيق
هذا وجه خصوصيّته بلسان الحكمة المتعارفة الظاهرة ( و ) وجه خصوصيّة ذلك بلسان التحقيق - الذي هو منتهى أطوار الحكم - ( هو ) أنّه
 
قال رضي الله عنه :  ( نظير التوجّه الإلهيّ على من خلقه على صورته ) ، يعني الإنسان الذي هو غاية الحركة التوجّهيّة الإيجاديّة التي بيديه قد توجّه الحق إليها ( ليخلقه فيرى فيه نفسه ) .
ووجه المناسبة بينهما هو أنّ الشاهد - هذا - أخذ مشهوده منفعلا بيديه مقابلا له ( فسوّاه ) تسوية قابل بها كل جزء من الفاعل زوجه من مقابله ، فتحصل منها صورة دائرة ( وعدّله ) عند استواء ميزان التقابل بين جملة أعضائه وأجزائه ، حيث لا يكون لإحدى الكفّتين رجحان عند كمال التوجّه والحركة الشوقيّة التي هي عبارة عن السعي في ذلك التعديل ، إلى أن يترتّب عليه غايته ، ( ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه ) لما عرفت أنّ النفخ هو النفس الرحماني .
فعلم إنّ النكاح له صورة جمعيّة كماليّة ، ( فظاهره خلق ، وباطنه حقّ ) وقد سلف لك مما مهّد من الأصول ، أنّ الباطن هو الذي له الفعل والتأثير .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل ، فإنّه تعالى وهو العلو ) روحانيّا كان أو جسمانياًّ لطيفا ، فهو الذي له منزلة الرجل (" يُدَبِّرُ الأَمْرَ من السَّماءِ إِلَى الأَرْضِ " [ 32 / 5 ] وهو أسفل سافلين ) فإنّها لو لم يكن كذلك ما كان أسفل مطلقا ، إذ لو كان تحتها أسفل ، كان عاليا بالنسبة إليه ، فما كان أسفل مطلقا ، ولا يترتّب عليها حكمها الخاصّ بها ، وهو حكم الأنوثة والأمومة ، وهو في الأجسام يختصّ به ركن الأرض ( لأنّها أسفل الأركان كلها ) .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.  )
 
قال رضي الله عنه : (  وأعظم الوصلة النّكاح وهو نظير التّوجّه الإلهيّ على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه صورته بل نفسه فسوّاه وعدله ونفخ فيه من روحه الّذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حقّ. ولهذا وصفه بالتّدبير لهذا الهيكل ، فإنّه تعالى :يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ وهو العلوّ ،إِلَى الْأَرْضِ[ السجدة : 5 ] وهو أسفل السّافلين، لأنّها أسفل الأركان كلّها.)
 
(وأعظم الوصلة ) ، بين الرجل والمرأة في وجودهما الجسماني ( النكاح ) ، يعني المواقعة ( وهو نظير التوجه الإرادي على من خلقه على صورته ليخلفه ) ، أي يصير خليفة له ( فيرى فيه صورته ) باعتبار التعين ( بل نفسه ) باعتبار عينه المطلقة ( فسواه وعدله ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه فظاهره ) ، أي ظاهر ما سواه وهو صورته ( خلق وباطنه ) وهو عينه المطلقة ( حق . ولهذا ) ، أي لكون باطنه حقا
 
 ( وصفه ) ، أي رسمه ( بالتدبير لهذا الهيكل ) الجسماني ( فإنه ) ، أي الحق ( تعالى ) به أي بالباطن ( يدبر الأمر من السماء وهو العلو إلى الأرض وهو أسفل سافلين لأنها أسفل الأركان كلها )  وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 7 مايو 2020 - 3:16 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 5:08 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه. )
 
قال رضي الله عنه :  (  وسمّاهنّ بالنّساء وهو جمع لا واحد له من لفظه ، ولذلك قال عليه السّلام : " حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : النّساء " ولم يقل المرأة . فراعى تأخّرهنّ في الوجود عنه ، فإنّ النّسأة هي التّأخير قال تعالى :"إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ"[ التوبة : 37 ] والبيع بنسيئة يقول بتأخير . فلذلك ذكر النّساء . فما أحبّهنّ إلّا بالمرتبة وأنّهنّ محلّ الانفعال . فهنّ له كالطّبيعة للحقّ الّتي فتح فيها صور العالم بالتّوجه الإرادي والأمر الإلهيّ الّذي هو نكاح في عالم الصّور العنصريّة ، وهمّة في عالم الأرواح النّوريّة ، وترتيب مقدّمات في المعاني للإنتاج . وكلّ ذلك نكاح الفرديّة الأولى في كلّ وجه من هذه الوجوه . )
 
قال رضي الله عنه :  (وسماهنّ) تعالى (بالنساء وهو) ، أي لفظ النساء (جمع لا واحد له من لفظه) إشارة إلى عدم اختلافهن في المظهرية الانفعالية وإلى تساويهن في نقصان الدرجة عن لفظ الرجال ، الذي هو جمع وله واحد من لفظه ، فيقال رجل (ولذلك) ، أي لعدم الواحد من لفظ النساء (قال النبي) عليه السلام (حبب إليّ من دنياكم ثلاث : النساء) .
 
قال رضي الله عنه :  (ولم يقل) عليه السلام (المرأة لأنه ) ليس واحد من لفظ النساء فيفوت ما يفهم من لفظ النساء .
 
قال رضي الله عنه :  (فراعى) صلى اللّه عليه وسلم بذكر النساء (تأخرهنّ في الوجود عنه) ، أي عن الرجل ، كما ورد : « أخروهن من حيث أخرهنّ اللّه » . رواه عبد الرزاق في المصنف والطبراني في المعجم الكبير ، عن عبد اللّه بن مسعود .
(فإن النساء) في اللغة (هي التأخير قال اللّه تعالى إنما النسيء ) فعيل والنساء بالفتح والمد .
 
والنّسء بفتح وسكون ، والنّسأ بفتحتين مصدر نسأه إذا أخره ، وكان الجاهلية يؤخرون حرمة الشهر إلى شهر آخر ، حتى كانوا إذا جاء شهر حرام وهم يتحاربون أحلوه وحرموا مكانه شهرا آخر ، حتى رفضوا خصوص الشهر واعتبروا مجرد العدد زيادة في الكفر ، لأنه تحريم ما أحله اللّه تعالى وتحليل ما حرمه اللّه تعالى ، فهو كفر آخر ضموه إلى كفرهم (والبيع بنسيئة يقول )قائل ذلك في بيانه (أي بتأخير) وتأجيل لثمنه .
 
قال رضي الله عنه :  (فلذلك) أي لأجله ذكر صلى اللّه عليه وسلم (النساء) في حديثه (فما أحبهنّ) ، أي النساء إلا بالمرتبة ، أي بسببها وهي كونهن تحت الرجال ، وللرجال عليهن درجة (وأنهن) ، أي النساء محل الانفعال ، أي قبول الفعل أو التأثر (فهن) ، أي النساء له ،
أي للنبي صلى اللّه عليه وسلم وكذلك لكل إنسان كامل (كالطبيعة) الكلية (للحق) تعالى ، أي لنزول أمره التي نعت للطبيعة (فتح) ، أي الحق تعالى (فيها) ، أي في الطبيعة (صور العالم) ،
أي المخلوقات كلها عاليها وسافلها محسوسها ومعقولها وموهومها (بالتوجه الإرادي) من الأزل
 
قال رضي الله عنه :  (والأمر الإلهي) الواحد (الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية) الحيوانية والإنسانية إن علم وإن لم يعلم (وهمة في عالم الأرواح النورية) منبعثة على التدبير أو التسخير في الملائكة والكاملين من البشر .
(وترتيب مقدمات) عقلية وقياسات يقينية (في) عالم (المعاني للإنتاج) ، أي استنباط العلوم الفكرية عند أهلها وكل ذلك المذكور بأنواعه الثلاثة (نكاح) الحضرة (الفردية الأولى) من مقام الروح الأعظم الكلي وهو روح اللّه تعالى الذي ملأ الوجود بأنواع الجود بل بنفسه في أشكال مختلفة كما ورد في الحديث :" إن للّه ملكا يملأ ثلث الكون ، وملكا يملأ ثلثيه وملكا يملأ الكون كله ". أورده المناوي في فيض القدير
قال رضي الله عنه :  (في كل وجه من هذه الوجوه) المذكورة كلياتها وجزئياتها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه. )
 
قال رضي الله عنه : ( وسماهن ) أي سمى الحق والرسول من تأخر في الوجود عن الرجل ( بالنساء ) لتأخرهن عن الرجال ( وهو جمع لا واحد له من لفظه ولذلك ) أي ولأجل تأخرهن عن الرجال ( قال عليه السلام : « حبب إليّ من دنياكم ثلاث النساء » ولم يقل المرأة فراعى ) رسول اللّه عليه السلام ( تأخرهن في الوجود عنه ) أي عن الرجل ( فإن النساء هي التأخير قوله تعالى إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِوالبيع بنسيئة يقول بتأخير فلذلك ) أي فلأجل كون وجود معنى التأخير في وجودهن .
 
قال رضي الله عنه : ( ذكر النساء فما أحبهن ) أي فإذا راعى مرتبتهن في الوجود حيث قال النساء علم أنه ما أحبهن ( إلا بالمرتبة وإنهن محل الانفعال ) بخلاف ما إذا قال المرأة فإنها لا تفيد ما أفاد به النساء لجواز أن يحبهن لقضاء الشهوة لعدم وجود ما روعي في النساء ( فهن له ) أي النساء للرجل ( كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي والأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية وهمة في عالم الأرواح النورية وترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج وكل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه ) فالأمر واحد وهو فتح الحق الصور في الطبيعة الكلية بالتوجه الإرادي والمراتب كثيرة.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر». والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء. فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج. و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه. )
 
فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه. فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا.
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر». والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء. فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج. و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.  (
 
يشير رضي الله عنه  إلى شهود الحق في المحلّ الذي فيه يلتذّ عينه ، فلو شهد الحقّ إذ ذاك شهودا أحديا جمعيا عين الفاعل والمنفعل مع شهوده عدم انحصاره وتقيّده بالتعيّن في أحدهما أو كليهما معا أو في الجمع أو الإطلاق عن الجمع ، بل شهودا مطلقا عن هذه الاعتبارات والتنزّه عنها جمعا وفرادى ، كان حينئذ هو ذلك الرجل الكامل الملتذّ بالحق في كل عين عين وتعيّن تعيّن ، وهو أوحد زمانه ونسيج وحده في أقرانه وأخدانه ، وهو من الكمّل أو من ندّر الأفراد .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه ولذلك قال « حبب إلىّ من دنياكم ثلاث النساء » ولم يقل المرأة ، فراعى تأخرهن في الوجود عنه فإن النساء هي التأخير قال تعالى :" إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الْكُفْرِ " والبيع بنسيئة تقول بتأخير فلذلك ذكر النساء) يعنى راعى فيه معنى التأخير بلسان الإشارة لا العبارة كما ذكر في السجن فلا يلزم الاشتقاق
 
قال رضي الله عنه :  ( فما أحبهن إلا بالمرتبة ، وإنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح الله فيها صور العالم بالتوجه الإرادى والأمر الإلهي الذي هو النكاح في عالم الصور العنصرية ، وهمة في عالم الأرواح النورية ، وترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج ، وكل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه ،) أي جهل أنه من هو كما يجهله غيره
حتى يخبره أنى فلان فيعرفه .
 
"" أضاف بالي زاده :-
قال النساء علم أنه ما أحبهن إلا بالمرتبة ، بخلاف ما لو قال المرأة ، فإنه لا تفيد ما أفاد به النساء لجواز أن يحبهن لقضاء الشهوة لعدم وجود ما روعي في النساء .أهـ بالى زاده 
 
فكان غناؤه وفاعليته الأولية مسببا عن تلك الدرجة ، فإن الصورة المخلوقة على صورة فاعل ثان لأنه متصرف العالم خلافة عن الله فما له الإلهية التي للحق ، فتميز الحق عنه بالمرتبة فتميزت الأعيان عن الحق بالمراتب ، وتميز بعضها عن بعض بحصة معينة فأعطى كل ذي حق حقه بلا نقص وزيادة ، متخلفا بتخلف إلهي وهو عين حقه فاقتضى عين محمد حبهن فأعطى الله حقه فأحبهن ، فاقتضت أعيان النساء أن يحبهن الرجل فأعطى محمد حقهن مما أعطاه له فكل عارف أعطى كل ذي حق حقه ،
وهذا معنى قوله : فما أعطاه : أي فما أعطى الحق الحب لمحمد إلا باستحقاق استحقه : أي حبهن .أهـ بالى زاده
 
وذلك سريان آخر فإن الطبيعة تسرى في وجود الأرواح بالذات والنفس الرحماني يسرى بسريان الطبيعية الجوهرية  .أهـ بالى زاده ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.  )


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن ب‍ "النساء" وهو جمع لا واحد له من لفظه ، ولذلك ) أي ، ولكونهن متأخرة في الوجود عن الرجل ، سماهن بالنساء حين قال ، صلى الله عليه وسلم : ( "حبب إلى من دنياكم ثلاث : النساء" ولم يقل : المرأة . ) أي ، قال "النساء " الذي هو مأخوذ من "النسأة" هي التأخير ، إشارة إلى تأخر مرتبتهن عن مرتبة الرجال وتأخر وجودهن .
( فراعى تأخرهن في الوجود عنه ) أي ، عن الرجل . ( فإن النسأة هي التأخير . ) ( النسأة ) بالسين الغير المنقوطة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى : "إنما النسئ زيادة في الكفر " ) أي ، التأخير زيادة في الكفر .
وتفسير الآية : أن الكفار ما كانوا يصبرون عن القتل والنهب والفساد إلى أن يخرج الأشهر الحرم - وهي رجب وذي القعدة وذي الحجة ومحرم - وكانوا يؤخرون الحرمة التي فيها إلى أشهر أخر فيقاتلون فيها ، فنزلت .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والبيع بنسئة تقول بتأخير ، فلذلك ذكر النساء . ) أي ، فلأجل تأخرهن في الوجود عن وجود الرجل ، ذكر لفظ ( النساء ) ولم يقل المرأة .
( فما أحبهن إلا بالمرتبة ) أي ، بمرتبتهن عند الله . وهي مرتبة الطبيعة الكلية .
(وإنهن محل الانفعال .) أي ، وبأنهن قابلات للتأثير والانفعال ، عطفا على قوله : (بالمرتبة) .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهن له ) أي للرجل ( كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي والأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية ، وهمة في عالم الأرواح النورية ، وترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج . وكل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه . )
واعلم ، أن أول النكاحات هو الاجتماع الأسمائي لإيجاد عالم الأرواح وصورها في النفس الرحماني المسماة ب‍الطبيعة الكلية  .
ثم ، اجتماع الأرواح النورية لإيجاد عالم الأجساد الطبيعية والعنصرية . ثم ، الاجتماعات الأخر المنتجة للمولدات الثلاثة ولواحقها .
ولكون الاجتماعات الأسمائية واجتماعا الأرواح النورية واجتماعات المعاني المنتجة للنتائج المعنوية في البراهين غير داخلة في حكم الزمان.
جعل كل ذلك ( نكاح الفردية الأولى ) ، أي ، النكاح الذي به حصل الفردية الأولى التي هي الذات الأحدية والأسماء الإلهية والطبيعة الكلية في المرتبة الوجودية ، والاجتماعات الأخر التي هي سبب المواليد ، هي من النكاحات الثانية والثالثة إلى أن ينتهى إلى النكاح الرابع الذي هو آخر النكاحات الكلية . وليس هذا موضع بيانه .
 
ولما كان تأثير الأرواح النورانية بالتوجه والهمة وتأثير المقدمات بالترتيب الخاص ، قال رضي الله عنه  : ( وهمة في عالم الأرواح . . . وترتيب مقدمات في المعاني ) . والكل تفاريع النكاح الأول وداخل فيه على أي وجه كان من هذه الوجوه التي هي النكاح في الصور العنصرية ، والهمة في عالم الأرواح وترتيب المقدمات في عالم المعاني .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 5:11 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.)
 
قال رضي الله عنه : ( وسمّاهنّ بالنّساء وهو جمع لا واحد له من لفظه ، ولذلك قال عليه السّلام : « حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : النّساء » ، ولم يقل المرأة ، فراعى تأخّرهنّ في الوجود عنه ، فإنّ النّسأة هي التّأخير قال تعالى :إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ [ التوبة : 37 ] والبيع بنسيئة يقول بتأخير ، فلذلك ذكر النّساء ، فما أحبّهنّ إلّا بالمرتبة وأنّهنّ محلّ الانفعال ؛ فهنّ له كالطّبيعة للحقّ الّتي فتح فيها صور العالم بالتّوجّه الإرادي والأمر الإلهيّ الّذي هو نكاح في عالم الصّور العنصريّة ، وهمّة في عالم الأرواح النّوريّة ، وترتيب مقدّمات في المعاني للإنتاج ، وكلّ ذلك نكاح الفرديّة الأولى في كلّ وجه من هذه الوجوه ) .
 
الهيكل الإنساني أسفل المولدات ، وهي المعادن والنبات والحيوانات والإنسان ، لكن سفل الهيكل الإنساني من حيث التأخر في الرتبة ، وهذا المعنى في لفظ النساء أظهر ؛ وذلك لأنه عليه السّلام ( سماهن بالنساء ، وهو جمع ) بتأخر رتبته عن رتبة الواحد ، وإن كان ( لا واحد له من لفظه ) والتأخر أدنى من التقدم ؛ ( ولذلك قال عليه السّلام : « حبب إليّ من دنياكم ») ، فأشار إلى دنوهن « ثلاث » ، فقدم الثلاث ، ثم قال : " النساء " المشعر بالتأخر من جهة كونه جمعا ، ( ولم يقل : المرأة ) ، وإن كان المقصود المرائية .
 
( فراعى بتأخرهن في الوجود عنه ) ؛ ليظهر أثر الإرادة ، إذ لا أثر لها في التقديم ، وكيف لا ولفظ النساء مشعر بذلك بحسب شبهة الاشتقاق من النسأة والنسيء والنسية ، ( فإن النسأة ) والنسيء والنسية ( هي التأخير ) قال تعالى :"إِنَّمَا النَّسِيءُ" [ التوبة : 37 ] هو مصدر كالشعير والحريق ، أي : تأخير الأشهر الحرم "زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ" [ التوبة : 37 ] بتحليل الحرام ، وتحريم الحلال ،
قال : لعل العرف المتبع ( بنسيئة ) أي : ( بتأخير ) في إذن الثمن ، ( فلذلك ) أي : فلإشعار لفظ النساء بمعنى التأخير المشير إلى نفوذ القدرة بالإرادة ، وإلى الدخول تحت الأمر ( ذكر النساء ) في خبر الحب الذي يتشبه فيه بحب الحق للمراتب المنفعلة منه بظهور صور ذاته وصفاته وأسمائه ، ( فما أحبهن إلا بالمرتبة ) ، أي : باعتبار كونهن مراتب ظهوره عليه السّلام ، والظهور إنما يتم بانفعال المحل بصورة الشخص ،
وذلك يقضي أنه إنما أحبهن من حيث ( إنهن محل الانفعال ) ، إذ محل الانفعال هو المتوجه إليه بالإرادة ، وقد أحب الحق ظهوره في محل الانفعال الكلي وهو الطبيعة بهذه الإرادة ؛ لأنها تنتج في الصور المختلفة والنساء بالولادة كذلك ؛ ( فهن له كالطبيعة للحق ) أحبها ؛ لأنها ( التي فتح فيها صور العالم ) التي هي صور ذاته وصفاته وأسمائه ( بالتوجه الإرادي ) كتوجه الناكح إلى طلب الولد.
 
ثم استشعر سؤالا بأن التشبه بالإله في هذه الوصلة التي أعظمها النكاح ، إنما يتم لو تصور النكاح في حقه عزّ وجل ؟
فأجاب بأن : النكاح الحقيقي وإن لم يتصور ، فالمجازي متصور فيه وهو كاف ، وهو أن يقول ( الأمر الإلهي ) الذي به طلب الإيجاد ( هو النكاح ) ؛ لأنه يجمع ( في عالم الصور العنصرية ) بين العناصر ، ولكن لا جمع للمختلفات في عالم الأرواح والمعادن ، فيقول الأمر الإلهي ( همته ) ، أي : قصده في ( عالم الأرواح النورية ) التي لا تركيب فيها لتجردها ، ( وترتيب المقدمات ) في عالم ( المعاني ) ، ولكن الهمة والترتيب إنما يكونان ( للإنتاج ) ، أي :إنتاج الأرواح والمعاني ، والإنتاج في الحيوان يؤدي إلى النكاح ،
 
فصح أن يقال : ( كل ذلك نكاح الفردية الأول ) ، وهي ذات واردة والنكاح ، إنما هو في الفاعل وقد حصل الاجتماع بين هذه الثلاثة ، فصح إطلاق لفظ النكاح بالمجاز ( في كل وجه من هذه الوجوه ) ، أي : إيجاد عالم الصور العنصرية ، والأرواح النورية ، والمعاني النظرية ،
وإذا كان في حب النساء هذه الأسرار ، وهن رؤية نكاح الفردية الأول ، وأنهن له كالطبيعة للحق في إيجاد صور العالم ، والتوجه الإرادي في إيجاد من يكون على صورته ، وحبه له ولذاته ، ورؤية الحق في الفاعل والمنفعل .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه. )
 
وجه التعبير في الحديث بالنساء دون المرأة
ثمّ إنه قد أشار إلى وجه خصوصيّة عبارة " حبّب إليّ " هاهنا ، فأراد أن يبيّن وجه خصوصيّة عبارة « النساء » ، قائلا : ( وسمّاهن بـ " النساء " ، وهو جمع لا واحد له من لفظه ) ، كما أنّ مرتبة الأمومة هي طرف الكثرة الجمعيّة التي لا يقابلها الواحد ، وتلك الكثرة هي التي باعتبار آخر يقال له الواحد بالوحدة الحقيقيّة ، وهو طرف الابوّة والأول مولد النسب ، والثاني مسقطها - كما عرفت .
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك قال عليه السّلام : « حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : النساء » ) مبيّنا للثلاث به ( ولم يقل : « المرأة » فراعى ) في اعتبار مفهوم الاشتقاق اللغوي ( تأخّرهن في الوجود عنه ، فإنّ « النسأة » : هي التأخير قال تعالى : " إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الْكُفْرِ ").
وهو الستر الذي من مقتضى أمر الإظهار والظهور ، وإنّما كان زيادة في الكفر ، لأنّ حكم التعيّن الذي به الكفر ومنه الستر ، قد غلب على النساء بفضل منه وزيادة ، ولذلك ترى   الشرع قد أمر عليهن بزيادة من الستر ، وذلك من مقتضى أمر القبول والانفعال الذي يستتبع التأخّر عن الفاعل وما يقبله منه - على ما دلّ عليه لفظ النساء - وإليه أشار بقوله : ( والبيع بنسية : تقوّل بتأخير ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلذلك ذكر النساء ، فما أحبّهن إلَّا بالمرتبة ) ، ولذلك تراهنّ مغلوبة تحت حكم الرجال ، إذ حكم المرتبة له قهرمان في هذه النشأة الجمعيّة وذلك لأنّ مرتبتهن التأخّر ( فإنّهن محل الانفعال ) ممّن هو في صدد النكاح بهن
 
قال رضي الله عنه :  ( فهنّ له كالطبيعة للحقّ ، التي فتح فيها صور العالم بالتوجّه الإراديّ ، والأمر الإلهيّ )، وازدواجهما عند سراية حكم الجمعيّة فيهما ، وذلك الازدواج هو ( الذي ) في هذه النشأة الجمعيّة له وجوه ثلاثة ، قد عبّر عنها في الحديث المذكور بالصور الثلاث .
 
وذلك ( هو نكاح في عالم الصور العنصريّة ) وقد عبّر عنه بالنساء  ( وهمّة في عالم الأرواح النوريّة ) - وقد عبّر عنه بالطيب ، باعتبار نشر نفحات الآثار منه ، وهو قوله تعالى : " وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُه ُ بِإِذْنِ رَبِّه ِ " ( وترتيب مقدّمات في المعاني للإنتاج ) وهذا من صور الإظهار . وقد عبّر عنه بالصلاة ، ولانقهار حكم التعيّن في المعاني لظهور سلطان حضرات الإطلاقية فيها طوى عن ذكر العالم في هذه الصورة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكلّ ذلك نكاح الفرديّة الأولى ) ، التي هي مؤدّى الكلمة الختميّة ومقتضى حكمتها الجمعيّة ، وذلك النكاح هو الساري ( في كل وجه من هذه الوجوه ) الثلاثة ، وأبين الوجوه وأجمعها هو النساء ، لانطوائها على غيرها من الوجهين ، ولذلك قدّمها .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي والأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، وهمة في عالم الأرواح النورية، وترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
وكل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.  )
 
قال رضي الله عنه :  (وسمّاهنّ بالنّساء وهو جمع لا واحد له من لفظه ، ولذلك قال عليه السّلام :  )
(وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه ولذلك ) ، أي لكونهن مسماة بالنساء
 
قال رضي الله عنه :  ( « حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : النّساء » ولم يقل المرأة . فراعى تأخّرهنّ في الوجود عنه ، فإنّ النّسأة هي التّأخير قال تعالى :إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ[ التوبة : 37 ] والبيع بنسيئة يقول بتأخير . فلذلك ذكر النّساء . فما أحبّهنّ إلّا بالمرتبة وأنّهنّ محلّ الانفعال . فهنّ له كالطّبيعة للحقّ الّتي فتح فيها صور العالم بالتّوجّه الإرادي والأمر الإلهيّ الّذي هو نكاح في عالم الصّور العنصريّة ، وهمّة في عالم الأرواح النّوريّة ، وترتيب مقدّمات في المعاني للإنتاج . وكلّ ذلك نكاح الفرديّة الأولى في كلّ وجه من هذه الوجوه . )
 
( قال النبي عليه السلام حبب إلي من دنياكم ثلاث : النساء ولم يقل المرأة فرعى تأخرهن في الوجود عنه ) ، أي عن الرجل ( فإن النّسأة هي التأخير قال اللّه تعالى :إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) [ التوبة : 37 ] ، وذلك أن الكفار ما كانوا يصبرون على القتل والنهب والفساد إلى أن تخرج الأشهر الحرام وكانوا يؤخرون الحرمة إلى أشهر أخر ويقاتلون فيها
 
( والبيع بنسيئة أي بتأخير فلذلك ) ، لكون النساء التأخر ( ذكر النساء ) لا المرأة ( فما أحبهن إلا بالمرتبة ) ، أي إلا بسبب مرتبتهن التي هي التأخر عن الرجال ولذلك تراها مغلوبة تحت حكمهم ( و ) إلا بسبب ( أنهن محل الانفعال ) والتأثير من الرجل فأحبهن للالتذاذ بالتأثير فيهن وبظهور الآثار منهن كالأولاد ( فهن له ) ، أي للرجل
 
( كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي والأمر الإلهي الذي هو نكاح ) ، أي صورته نكاح ومواقعة بين الذكر والأنثى ( في عالم الصور العنصرية ) ، فإذا تعلق الأمر الإلهي بوجود ولد في العالم العنصري ظهر بصورة النكاح والوقاع بين ذكر وأنثى يترتب عليه الولد
 
( و ) كذا الأمر الإلهي هو ( همة ) وتوجه ( في عالم الأرواح النورية ) ، فإذا تعلق الأمر الإلهي بصدور نتيجة من الأرواح النورية تظهر صور همهم وتوجهاتهم إلى صدورها ( و ) كذلك الأمر الإلهي ( ترتيب مقدمات في ) عالم ( المعاني للانتاج ) فإذا تعلق الأمر الإلهي بحصول صورة علمية نظرية في ذهن أحد ظهر بصورة ترتيب المقدمات المنتجة لها ( وكل ذلك نكاح الفردية الأولى ) وصورة جمعيته وهي الذات الأحدية والأسماء الإلهية والطبيعية الكلية وذلك النكاح هو الساري ( في كل وجه من هذه الوجوه ) الثلاثة .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 5:18 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة االخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن أحبّ النّساء على هذا الحدّ فهو حبّ إلهيّ ، ومن أحبّهنّ على جهة الشّهوة الطّبيعيّة خاصّة نقصه علم هذه الشّهوة ، فكان صورة بلا روح عنده ، وإن كانت تلك الصّورة في نفس الأمر ذات روح ولكنّها غير مشهودة . لمن جاء امرأته أو أنثى حيث كانت لمجرّد الإلتذاذ ولكن لا يدري لمن فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمّه هو بلسانه حتّى يعلم كما قال بعضهم : صحّ عند النّاس أنّي عاشق .... غير أن لم يعرفوا عشقي لمن .. كذلك هذا أحبّ الالتذاذ فأحبّ المحلّ الّذي يكون فيه وهو المرأة ولكن غاب عنه روح المسألة ، فلو علمها لعلم بمن التذّ ومن التذّ . وكان كاملا . )
 
قال رضي الله عنه :  (فمن أحب النساء على هذا الحد) المذكور (فهو) إنسان كامل وحبه (حب إلهي) ظاهر فيه له ومنه للنساء ، (ومن أحبهنّ) ، أي النساء (على جهة الشوق الطبيعية خاصة) ، أي من غير انضمام معرفة إلهية كشفية إلى ذلك (نقصه) في نفسه (علم هذه الشهوة) التي يجدها (فكان) منه (صورة) نكاح (بلا روح) ، أي أمر إلهي (عنده) ، أي في وجدانه (وإن كانت تلك الصورة) النكاحية (في نفس الأمر) من حيث لا يشعر هو بها (ذات روح) ، أي أمر إلهي ، وكذلك عند كل ما في الوجود من محسوس ومعقول وموهوم (ولكنها) ، أي تلك الصور النكاحية (غير مشهودة) ذوقا وكشفا (لمن جاء) ، أي جامع ا(مرأته أو أنثى) غيرها كأمته (حيث كانت) ، أي تلك الأنثى مرادة عنده لمجرد الالتذاذ بنكاحها .
 
قال رضي الله عنه :  (ولكن لا يدري) ، أي ذلك المجامع للمرأة لمن كان ميله وحبه في ذلك الحال (فجهل من نفسه) ، قبل أن يجهل من المرأة حيث لم يعرف نفسه ليعرف المتجلى عليه بها ، فيعرف المتجلي بالمرأة (ما) ، أي الأمر الذي (يجهل) ، أي يجهله (الغير منه) ، إذا رآه ولم يكن من العارفين ، فإن العارف يعرف من الجاهل ما لا يعرفه الجاهل من نفسه ، والجاهل يجهل من العارف ما يجهله الجاهل من نفسه (ما لم يسمه) ، أي ذلك الأمر (هو) ، أي الجاهل (بلسانه حتى يعلم) ذلك الغير منه ما جهله كما (قال بعضهم) ، أي بعض الشعراء من هذا المعنى المذكور .
قال رضي الله عنه :  (صح) ، أي ثبت وتحقق (عند الناس أني عاشق) لمحبوب لما وجدوا من المحبة والتولع (غير أنهم لم يعرفوا) ، أي الناس (عشقي لمن) ، أي لأي محبوب هو (كذلك هذا) ، أي المجامع للمرأة (أحب) مجرد (الالتذاذ) بالمرأة (فأحب المحل الذي يكون فيه) ذلك الالتذاذ
 
قال رضي الله عنه :  (وهو المرأة ولكن غاب عنه) فجهل (روح المسألة) النكاحية الصادرة منه لغلبة حيوانيته على إنسانيته ، فشارك البهائم في انهماكه في الشهوات وحرمانه علوم الأسرار الإلهية والمعارف الربانية (فلو علمها) ، أي روح المسألة لعلم في نفسه ذوقا إلهيا وكشفا ربانيا بمن التذ وكانت المرأة مظهرا للسر المكتوم (و) العالم المعلوم وعلم أيضا (من التذ) بذلك منه .
قال تعالى :" أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ" [ الرعد : 33 ]. وكان إنسانا كاملا لا حيوانا حاملا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن أحب النساء على هذا الحد ) أي على المرتبة ( فهو ) أي حبه ( حب إلهي ) يشاهد ربه في هذه المرآة الأكمل ( ومن أحبهن على جهة الشهوة الطبيعة خاصة نقصه ) أي نقص هذا المحب عن مشاهدة الحق في النساء ( علم هذه الشهوة فكان ) هذا الحب ( صورة بلا روح عنده ) أي عند المحب ( وإن كانت تلك الصورة ) أي صورة الشهوة الطبيعية
 
قال رضي الله عنه :  ( في نفس الأمر ذات روح ولكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت بمجرد الالتذاذ لكن لا يدري لمن التذاذه ) ومن استفهام ( فجهل ) هذا الرجل من نفسه ( ما يجهل الغير منه ) والمراد بالغير من أحبهن بحب إلهي فإنه يعلم أن التذاذ هذا الرجل لمن وما في قوله ما يجهل للنفي والضمير في منه راجع إلى الرجل الجاهل من نفسه.
 
قال رضي الله عنه :  ( ما لم يسم هو ) أي ما دام لم يسم الغير هذا الرجل الجاهل ( بلسانه ) أي بلسان ذلك الرجل ( حتى يعلم ) يعني يعلم ذلك الرجل من نفسه ما هو وما تلذذه وما امرأته ولمن يلتذ إذا أخبره غيره الذي هو عالم بذلك فحينئذ يعلم من هو وما تلذذه ولمن ثبت التذاذه وما امرأته ( كما قال بعضهم شعر :
صح عند الناس أني عاشق  .... غير أن لم يعرفوا عشقي لمن
كذلك هذا الجاهل أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون ) فيه الالتذاذ وهو المرأة ( ولكن غاب عنه روح المسألة ) وهي مشاهدة الحق في المرأة فاعلا ومنفعلا ( فلو علمها ) أي روح المسألة ( لعلم بمن ) موصول أو استفهام ( التذ ومن التذ وكان كاملا ) في رتب العلم باللّه لكونه مشاهدا للحق أعظم شهود.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن. فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم: صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي  .. لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )
 
فحن الرجل إلى أصله الذي هو ربه کحنين المرأة إليه، إذ هو أصلها. فمحبته، عليه السلام، للنساء محبة الأصل الفرعه كما أحب الله تعالى عبده.
 
ثم ذكر أن المحبة أوجبت عموم الشهوة بجميع البدن قال: ولذلك وجب الغسل من الانزال.
قال: وسر وجوبه أن لذة الانزال في الجماع تغمر قلب العبد حتى يغيب غالبا عن حضوره مع الله تعالى، والغيبة نجاسة عمت جميع أجزاء العبد"، فوجب أن يتطهر في جميعه ويرجع بالنظر الاعتباري إلى أن يرى كل ما فني فيه قلب العبد بالغيبة عن ربه تعالى، فهي نجاسة ولا يكون إلا ذلك، فإن الأنانية نجاسة واضمحلال الرسم باب الشهود الإلهي وفي هذا الكلام أسرار شريفة يقال مشافهة إن شاء الله تعالی.
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )
قال رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن. فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم: صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي  .. لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )
 
يشير رضي الله عنه  إلى شهود الحق في المحلّ الذي فيه يلتذّ عينه ، فلو شهد الحقّ إذ ذاك شهودا أحديا جمعيا عين الفاعل والمنفعل مع شهوده عدم انحصاره وتقيّده بالتعيّن في أحدهما أو كليهما معا أو في الجمع أو الإطلاق عن الجمع ، بل شهودا مطلقا عن هذه الاعتبارات والتنزّه عنها جمعا وفرادى ، كان حينئذ هو ذلك الرجل الكامل الملتذّ بالحق في كل عين عين وتعيّن تعيّن ، وهو أوحد زمانه ونسيج وحده في أقرانه وأخدانه ، وهو من الكمّل أو من ندّر الأفراد .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي ، ومن أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة فكان صورة بلا روح عنده وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح ولكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت لمجرد الالتذاذ لكن لا يدرى لمن ، فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلمه ) أي جهل أنه من هو كما يجهله غيره  حتى يخبره أنى فلان فيعرفه
"" أضاف بالي زاده :-
قال النساء علم أنه ما أحبهن إلا بالمرتبة ، بخلاف ما لو قال المرأة ، فإنه لا تفيد ما أفاد به النساء لجواز أن يحبهن لقضاء الشهوة لعدم وجود ما روعي في النساء .أهـ بالى زاده 
 
فكان غناؤه وفاعليته الأولية مسببا عن تلك الدرجة ، فإن الصورة المخلوقة على صورة فاعل ثان لأنه متصرف العالم خلافة عن الله فما له الإلهية التي للحق ، فتميز الحق عنه بالمرتبة فتميزت الأعيان عن الحق بالمراتب ، وتميز بعضها عن بعض بحصة معينة فأعطى كل ذي حق حقه بلا نقص وزيادة ، متخلفا بتخلف إلهي وهو عين حقه فاقتضى عين محمد حبهن فأعطى الله حقه فأحبهن ، فاقتضت أعيان النساء أن يحبهن الرجل فأعطى محمد حقهن مما أعطاه له فكل عارف أعطى كل ذي حق حقه ،
وهذا معنى قوله : فما أعطاه : أي فما أعطى الحق الحب لمحمد إلا باستحقاق استحقه : أي حبهن .أهـ بالى زاده
 
وذلك سريان آخر فإن الطبيعة تسرى في وجود الأرواح بالذات والنفس الرحماني يسرى بسريان الطبيعية الجوهرية  .أهـ بالى زاده ""
 
قال رضي الله عنه :  ( كما قال بعضهم :
صح عند الناس أنى عاشق  ..... غير أن لم يعرفوا عشقى لمن
كذلك هذا إذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة ، ولكن غاب عنه روح المسألة ، فلو علمها العلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا )
أي لو علم علما شهودا بحيث شهد الحق في تلك الحالة شهودا أحديا جمعيا عين الفاعل والمنفعل مع عدم انحصاره في تعينهما أو في تعين الكل ولا تجرده عن الجميع ، بل مطلقا عن هذه العبارات كان حينئذ هو الرجل الكامل الملتذ بالحق في كل شيء .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن أحبّ النّساء على هذا الحدّ فهو حبّ إلهيّ ، ومن أحبّهنّ على جهة الشّهوة الطّبيعيّة خاصّة نقصه علم هذه الشّهوة ، فكان صورة بلا روح عنده ، وإن كانت تلك الصّورة في نفس الأمر ذات روح ولكنّها غير مشهودة ، لمن جاء امرأته أو أنثى حيث كانت لمجرّد الالتذاذ ولكن لا يدري لمن فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمّه هو بلسانه حتّى يعلم كما قال بعضهم : صحّ عند النّاس أنّي عاشق  ..... غير أن لم يعرفوا عشقي لمن
كذلك هذا أحبّ الالتذاذ فأحبّ المحلّ الّذي يكون فيه وهو المرأة ولكن غاب عنه روح المسألة ، فلو علمها لعلم بمن التذّ ومن التذّ ، وكان كاملا ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن أحب النساء على هذا الحد ، فهو حب إلهي ) ، أي : يخلق بحبه تعالى وراجع إلى حبه عزّ وجل ، ( ومن أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية ) احتزر بذلك عن جهة كونها مظهر الحب الإلهي ( خاصة ) ، أشار بذلك إلى أن هذه الجهة لو انضمت إلى تلك لم [ . . . ] .
 
 روح المسألة ، ولم ينقص علم الشهوة ( نقصه علم ) سبب إيجاده ( هذه الشهوة ) ، فإنها إنما خلقت ليصير مظهر حبه لمن أوجده على صورته ومظهر توجهه الإرادي إلى إيجاده ، والعلم بالشيء هو روح منه إلى العالم ، فإذا نقصه علم هذه الشهوة ، ( فكان ) حبه لأجلها ( صورة بلا روح ) حصل منها ( عنده ) ، أي : عند هذا الحب ( وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح ) إذلا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ[ الروم : 30 ] ،
 
فلابدّ أن يوجد مع هذه الشهوة روحها وهي المعنى الذي خلقها اللّه لأجله من كونها مظهرا لحبه وتوجهه الإرادي ، ( ولكنها ) أي : روح هذه الصورة ( غير مشهودة ) ، ولا تخلق بدون الشهود ( لمن جاء امرأته ) المنكوحة أو المملوكة ، وإن كان من شأنها أن يكون حبها تخلقا بالحب الإلهي ، ( أو أنثى ) لشبهه وإن لم تكن محبوبته حتى يتخلق فيها بالمذكور بخلاف من زنا أو لاط ، فإنه لا روح هناك أصلا ، وهنا وإن وجدت ، فهي كالعدم ( حيث كانت ) غير امرأته مما ليس من شأنها ذلك حيث كانت شهوته ( لمجرد الالتذاذ ) ، وإن كان هذا الالتذاذ مظهرا لالتذاذ الحق بحبه لذاته .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولكن لا يدري ) هذا الرجل ( لمن ) تحصل هذه اللذة أتحصل لنفسه من حيث هي نفسه فلا وجه لمظهريتها للذة الحق ، ولنفسه من حيث هي مظهر الحق ، فتكون لذاتها مظهر لذاته تعالى ، وهل يلتذ بالمرأة من حيث هي امرأة أو من حيث كونها على صورته أو صورة الحق ، فكأنه لا يدري من نفسه أنها ملتذة أصلا وأن المرأة ملتذة بها ، ( فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ) من لذته .
"" أضافة المحقق :
الحاصل أن العارف لمحل الالتذاذ يظهر ذلك عند نفسه ، ويظهر للغير والجاهل به يخفى عند ذلك ويخفى للغير ، وإن كان الالتذاذ بنفسه ظاهرا له ولغيره . عبد الرحمن الجامي""
 
قال رضي الله عنه :  ( ما لم يسمه هو بلسانه حتى ) بدا من وجه آخر كرؤية أسبابها في حقه ، ولكنه يقع التلذذ في الواقع لمظهر الحق بمظهره وإن لم يشعر به هذا الرجل ، فصار ( كما قال بعضهم : صح عند الناس أني عاشق غير أن لم يعرفوا عشقي لمن ) ؛ لأنه ( كذلك ) الناس ( هذا الرجل أحب الالتذاذ ) بالشهوة من حيث هو الالتذاذ بها ، فصار محبوبا له بالذات ، ( فأحب ) بتبعيته ( المحل الذي يكون منه وهو المرأة ) بينه ؛ لئلا يتوهم أن المرأة نفسه فإنها أيضا محل حصول لهذه اللذة ، فالالتذاذ وإن كان مظهرا لالتذاذ الحق من حبه ذاته والمرأة وإن كانت مظهرا لذاته ، يقال : ومعرفة ذلك روح مسألة حبها ، ( ولكن غاب عند روح المسألة ) ، إذ لم يكن له مقصودا مع أنه يحب كونه مقصودا بالذات وغيره مقصودا بالتبعية ، ( فلو علمها ) أي : روح المسألة ( لعلم بمن التذ ) ، وهو نفسه من حيث هو على صورة ربها ، ( ومن التذ ) وهي المرأة من حيث هي على صورة ربها ، ( فكان كاملا ) يرى الحق في كل شيء وأنه المحب والمحبوب .

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 5:21 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة االخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :-                                                 الجزء الأول
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن أحب النساء على هذا الحد ) من المعرفة ، والعلم بحقيقة المحبوب وأنواره ( فهو حب إلهي . ومن أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة ، نقصه علم هذه الشهوة ، فكان صورة بلا روح عنده ، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح ، ولكنها غير مشهودة ) أي غير معلومة ( لمن جاء لامرأته - أو لأنثى حيث كانت - لمجرد الالتذاذ ، ولكن لا يدرى لمن . ) أي ، لا يعرف لمن يلتذ ، ومن المتجلي بتلك اللذة .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ) وهو نفسه وحقيقته الظاهرة في صورة المرأة ( ما لم يسمه ) أي ، ما دام لم يسمه . ( هو بلسانه حتى يعلم ) أنه من هو وما شأنه . فإذا أخبر عن نفسه وشأنه بلسانه فحيث يعلم أنه من هو ، والغرض أنه جهل من نفسه وما عرف أنه مظهر من مظاهر الحق ، فلذلك جهل امرأته التي هي صورة من صور نفسه وليست غيرها في الحقيقة ، فما عرف أن الحق المتجلي بصورته هو الذي يلتذ بالحق المتجلي في صورتها .
كما قال بعضهم شعرا :
( صح عند الناس إني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي لمن )
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك هذا ) الرجل الجاهل ( أحب الالتذاذ ، فأحب المحل الذي يكون فيه ) أي ، يحصل الالتذاذ فيه . ( وهو المرأة ، ولكن غاب عنه روح المسألة . فلو علمها ) علما يقينيا ، أو عيانيا شهوديا ، ( لعلم من التذ وبمن التذ ، وكان كاملا . ) لشهوده الحق في صورة نفسه وصورة امرأته .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )

حبّ النساء ذو وجهين : إلهيّ وشهوي
قال رضي الله عنه :  ( فمن أحبّ النساء على هذا الحد فهو حبّ إلهيّ ، ومن أحبّهن على جهة الشهوة الطبيعيّة خاصة ) غير عاثر على ذلك الوجه وحدّه ( نقصه علم هذه الشهوة ) ، فشهوته خالية عن معناها ، ( فكانت صورة بلا روح عنده ، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح ، ولكنّها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى ، حيث كانت لمجرّد الالتذاذ ، ولكن لا يدري لمن ) ذلك الالتذاذ وممّن ذلك ،

قال رضي الله عنه :  ( فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ، ما لم يسمه هو بلسانه ) الذي هو مصدر الإظهار ( حتى يعلم ) فالحقّ حينئذ في مكمن الجهل والخفاء ظهورا وإظهارا ، فإنّه ما لم يسمّ محل التذاذه لم يظهر ذلك عند الغير ، بقي على ما عليه من الخفاء .
والحاصل أنّ العارف بمحلّ الالتذاذ يظهر ذلك عند نفسه ويظهر للغير ، والجاهل به يخفى عنده ذلك ويخفى للغير ، وإن كان الالتذاذ نفسه ظاهرا له ولغيره ( كما قال بعضهم ) :
( صحّ عند الناس أنّي عاشق ....  غير أن لم يعرفوا عشقى لمن ؟ )
وهذا خفاؤه بالنسبة إلى الغير وأمّا بالنسبة إلى نفسه فكذلك ،

وإليه أشار بقوله : ( كذلك هذا أحبّ الالتذاذ ، فأحبّ المحلّ الذي يكون فيه - وهو المرأة - ولكن غاب عنه روح المسألة ) وهو العلم بالمرأة ، ( فلو علمها لعلم بمن التذّ ، ومن التذّ ، فكان كاملا ) لجمعه بين مرتبتي الظهور والإظهار ، الكاشفين عن الشعور والإشعار .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. )

قال رضي الله عنه : ( فمن أحبّ النّساء على هذا الحدّ فهو حبّ إلهيّ ، ومن أحبّهنّ على جهة الشّهوة الطّبيعيّة خاصّة نقصه علم هذه الشّهوة ، فكان صورة بلا روح عنده ، وإن كانت تلك ).

( فمن أحب النساء على هذا الحد ) ، الذي ذكرناه من العلم والمعرفة ( فهو ) ، أي حبه ( حب الهي ومن أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة)

قال رضي الله عنه :  ( الصّورة في نفس الأمر ذات روح ولكنّها غير مشهودة . لمن جاء امرأته أو أنثى حيث كانت لمجرّد الإلتذاذ ولكن لا يدري لمن فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمّه هو بلسانه حتّى يعلم كما قال بعضهم : صحّ عند النّاس أنّي عاشق  .... غير أن لم يعرفوا عشقي لمن .. كذلك هذا أحبّ الالتذاذ فأحبّ المحلّ الّذي يكون فيه وهو المرأة ولكن غاب عنه روح المسألة ، فلو علمها لعلم بمن التذّ ومن التذّ . وكان كاملا . )

(فكان صورة بلا روح عنده ، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح ولكنها ) ، أي لكن روح تلك الصورة ( غير مشهودة ) ، أي غير معلومة ( لمن جاء امرأته أو أنثى ) غيرها من السراري ( حيث كانت لمجرد الالتذاذ ولكن لا يدري لمن ) ذلك الالتذاذ في مظهر الرجال وممن ذلك الالتذاذ في مظهر المرأة ،

( فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ) ، من الملتذ والملتذ به ( ما ) دام ( لم يسمعه هو ) للغير ( بلسانه حتى يعلم ) ، على البناء للفاعل والضمير للغير أو على البناء للمفعول والضمير لما يجهل .

والحاصل أن العارف لمحل الالتذاذ يظهر ذلك عند نفسه ويظهر للغير والجاهل به يخفى عند ذلك ويخفى للغير ، وإن كان الالتذاذ بنفسه ظاهرا له ولغيره ( كما قال بعضهم) :
(صح عند الناس أني عاشق  ..... غير أن لم يعرفوا عشقي لمن )
( كذلك هذا ) أي الرجل الجاهل ( أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون ) الإلتذاذ ( فيه وهو المرأة ولكن غاب عنه روح المسألة ، فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ ، وكان كاملا ).

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 5:43 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السادسة عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :-                                                 الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وكما نزلت المرأة عن درجة الرّجل بقوله :"وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ "[ البقرة : 228 ] نزل المخلوق على الصّورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته .  فبتلك الدّرجة الّتي تميّز بها عنه ، بها كان غنيّا عن العالمين وفاعلا أوّلا ، فإنّ الصّورة فاعل ثان . فما له الأوّليّة الّتي للحقّ . فتميّزت الأعيان بالمراتب : فأعطى كلّ ذي حقّ حقّه كلّ عارف . فلهذا كان حبّ النّساء لمحمّد صلى اللّه عليه وسلم عن تحبّب إلهيّ وأنّ اللّه تعالى :"أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] وهو عين حقّه . فما أعطاه إلّا باستحقاق استحقّه بمسمّاه ؛ أي بذات ذلك المستحقّ . )
 
قال رضي الله عنه :  (وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل) في أصل الخلقة بقوله تعالى ":وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ" [ البقرة : 228 ] ، أي على النساء (درجة) ، وهي رتبة الذكورة الفاعلة في رتبة الأنوثة المنفعلة لها (نزل) الإنسان الكامل (المخلوق على الصورة) الإلهية (عن درجة) ، أي رتبة (من أنشأه على صورته) وهو الحق تعالى لأن له رتبة الفاعلية وللإنسان رتبة المفعولية (مع كونه) ، أي الإنسان (على صورته) تعالى كما ورد في الحديث السابق ذكره .
 
قال رضي الله عنه :  (فتلك الدرجة التي تميز) ، أي الحق تعالى (بها) ، أي بتلك الدرجة (عنه) ، أي عن الإنسان الكامل بها ، أي بسببها كان ، أي الحق تعالى (غنيا عن) جميع (العالمين) من حيث ذاته ، فلا افتقار فيه إلى شيء أصلا (و) كان الحق تعالى أيضا (فاعلا أولا) ، أي في الرتبة الفاعلية الأولى الحقيقة من حيث أسماؤه (فإن الصورة) الإنسانية الكاملة فاعل ثان بالنظر إلى المراتب فما له ، أي للإنسان الكامل رتبة الفاعلية (الأوّلية التي) هي (للحق) تعالى وإن كان له رتبة الفاعلية الثانية المجازية.
 
قال رضي الله عنه :  (فتميزت الأعيان) كلها الكونية مع العين الإلهية (بالمراتب) الاعتبارية التقديرية ، والعين المطلقة الوجودية السارية في الكل قام بها الكل واتصفت بالكل وهي واحدة غنية عن العالمين (فأعطى كل ذي حق) من رب أو عبد (حقه) الواجب له (كل عارف) ، أي إنسان كامل لانفعاله عما هو فوقه في الدرجة وفعله لما هو تحته في الدرجة .
قال تعالى :"أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" وهو أعم" ثُمَّ هَدى"[ طه: 50 ] وهو أخص فهو الإنسان الكامل والعالم المتحقق العامل (فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى اللّه عليه وسلم) حاصلا فيه (عن تحبّب إلهي) لا غرض نفساني، وكذلك الحال في كل وارث محمدي كامل إلى يوم القيامة .
قال تعالى :"قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ"( 108 ) [ يوسف : 108 ] .
 
تقديره : ومن اتبعني أيضا ليس من المشركين . ولم يصرح به لوجود الاتحاد في البصيرة الواحدة التي هما عليها بواسطة الاتباع ، فإنها مقتضية لذلك أيضا ، ولهذا نقل عن الإمام الشافعي رحمه اللّه تعالى : أنه كان يختار في الإيمان أن يقول : آمنت باللّه وبما جاء عن اللّه على مراد اللّه ، وآمنت برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبما جاء به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على مراد رسول اللّه ، ليلتحق باتحاد البصيرة واستكمال البريرة (وأن اللّه) تعالى: ("أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ")[ طه : 50 ] .
كما ورد في الآية المذكورة قريبا في كلامنا (وهو) ، أي الخلق الذي أعطاه تعالى كل شيء
 
قال رضي الله عنه :  (عين حقه) ، أي حق ذلك الشيء ، ولكن لا يقال فيه تعالى أن الشيء عليه حقا ويقال خلق وفي غيره تعالى يقال ذلك (فما أعطاه) ، أي اللّه تعالى للشيء (إلا باستحقاق استحقه) ذلك الشيء (بمسمّاه أي بذات ذلك المستحق) ، يعني بما اقتضته ذاته من الاستحقاق للوجود من حيث افتقاره إليه أزلا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقولهوَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌنزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته فتلك الدرجة التي تميز ) الحق ( بها ) أي بسبب تلك الدرجة ( عنه ) أي عن مخلوقه على صورته ( بها ) أي بسبب تلك الدرجة ( كان ) الحق ( غنيا عن العالمين وفاعلا أوّلا ) فكان غناؤه وفاعليته الأولية مسببا عن تلك الدرجة ( فإن الصورة ) المخلوقة على صورته ( فاعل ثان ) لأنه متصرف في العالم خلافة عن اللّه ( فما ) أي ليس ( له الأولية التي للحق ) فتميز الحق عنه بالمرتبة ( فتميزت الأعيان ) عن الحق ( بالمراتب ) وتميز بعضها عن بعض بحصة معينة ( فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف ) بلا نقص وزيادة متخلفا بتخلق إلهي ( فلهذا ) أي فلأجل إعطاء كل عارف وكل ذي حق حقه
 
قال رضي الله عنه :  ( كان حب النساء لمحمد عليه السلام عن تحبب إلهي وإن اللّه أعطى كل شيء خلقه وهو عين حقه ) فاقتضى عين محمد عليه السلام حبهن فأعطى اللّه حقه فأحبهن فاقتضت أعيان النساء أن يحبهن الرجل فأعطى محمد عليه السلام حقهن مما أعطاه اللّه له فكل عارف أعطى كل ذي حق حقه وهذا معنى قوله ( فما أعطاه ) أي فما أعطى الحق الحب لمحمد عليه السلام ( إلا باستحقاق استحقه ) أي استحق محمد عليه السلام حبهن ( بمسماه أي بذات ذلك المستحق).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
قال رضي الله عنه : ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته. فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان. فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف. فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق. )
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي  …. وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا   …… فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
قال رضي الله عنه : ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته. فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان. فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف. فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق. )
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الحق لمّا تعيّن في كل متعيّن من كلّ زوج عارف وغير عارف ، أعطى كلّ ذي مرتبة ما يستحقه لحقيقته ، فأعطى المنفعل خلقه في انفعاله وتأخّره عن الدرجة وهو حقه ، وأعطى كلّ الفاعل خلقه كذلك في فاعليّته وتقدّمه وذلك حقّه ، وأعطى العارف بذلك شهود الحق في الكلّ والالتذاذ به وهو خلقه وحقّه ، وأعطى غير العارف خلقه وهو صورة الالتذاذ بلا روح عنده وذلك حقّه وخلقه .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله تعالى :"  ولِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ " نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته فتلك الدرجة التي تميز بها عنه بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا ، فإن الصورة فاعل ثان فما له الأولية التي للحق ) أي ليست له الأولية المطلقة الأزلية التي للحق .
 
( فتميزت الأعيان بالمراتب فأعطى "كل شيء خلقه" كما أعطى كل ذي حق حقه كل عارف ، فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه وسلم عن تحبيب إلهي ، وأن الله أعطى كل شيء خلقه ، وهو عين حقه ، فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه : أي بذات ذلك المستحق ) .
يعنى أن الحق لما تعين في كل متعين من كل روح عارف وغير عارف بل في كل شيء أعطى كل ذي حق ومرتبة ما يستحقه بحقيقته وعينه ، فأعطى المنفعل خلقه في انفعاله ، وتأخره في الدرجة وهو حقه ،
وأعطى الفاعل خلقه كذلك في فاعليته وتقدمه وذلك حقه ، وأعطى العارف بذلك شهود الحق في الكل والالتذاذ به وهو خلقه وحقه ، وأعطى غير العارف خلقه وهو صورة الالتذاذ بلا روح عنده وذلك حقه ، وقس على ذلك كل شيء .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله : "وللرجال عليهن درجة" نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.)
أي ، كما أن المرأة نازلة في الدرجة عن الرجل ، كذلك نازل عن درجة الحق مع أنه مخلوق على صورته .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتلك الدرجة التي تميز الحق بها عنه ) أي ، عن الرجل . ( بها ) أي ، بتلك الدرجة ( كان ) الحق ( غنيا عن العالمين وفاعلا أولا ، فإن الصورة ) أي ، الصورة النوعية التي هي الحقيقة الإنسانية المخلوقة على صورة الحق ( فاعل ثان . ) أما كونه فاعلا ، فلأنه خليفة في العالم ، متصرف في أعيانها كلها .
وأما وقوع فعله في ثاني المرتبة ، فلأن فعله على سبيل التبعية والخلافة ، لا الأولية والأصالة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما له الأولية التي للحق ) أي ، فليس للإنسان الأولية الحقيقية التي للحق إذا أوليته غير أولية الأعيان ، كما مر في أول الكتاب .
 
( فتميزت الأعيان بالمراتب ) أي ، تميزت الأعيان الكونية من الحق تعالى بمراتبها التي اتصفت بها في الأزل وتميز بعضها عن بعض بحصة من عين تلك المراتب ، إذ لكل منها مرتبة معينة وحد مخصوص واستعداد مناسب أفاض الحق لها بالفيض الأقدس .
كما قال تعالى : ( أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف . ) أي ، كل من عرف الحقائق والمراتب ، أعطى كل عين حقها وما نقص عنه ولا زاد عليه .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلهذا كان حب النساء لمحمد ، صلى الله عليه وسلم ، عن تحبب إلهي ، وإن الله "أعطى كل شئ خلقه " ) أي ، ولأجل أن العارف المحقق يعطى حق كل ذي حق ، كان حب النساء في القلب المحمدي عن تحبب إلهي ، أي ، جعل قلبه محبا للنساء لاقتضاء أعيانهن أن تكن محبوبات للرجال واقتضاء أعيانهم حبهن .
 
( وهو عين حقه ) أي ، ذلك العطاء عين حق ذلك الشئ ، فحب محمد صلى الله عليه وسلم ، للنساء عين حق محمد ، لأن أعيان الرجال يقتضى حب النساء ، وان كان من وجه آخر الرجل محبوبا للمرأة ومعشوقا لها ، والمرأة محبة وعاشقة له .
وباجتماع صفتي العاشقية والمعشوقية في كل منهما حصل الارتباط بينهما وسرت المحبة في جميع المظاهر ، فصار كل منهما عاشقا من وجه ، معشوقا من وجه ، كما أن الحق محب من وجه ، محبوب من وجه ، فصارت المحبة رابطة بين الحق والخلق أيضا .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما أعطاه ) أي ، فما أعطى الحب لمحمد ، صلى الله عليه . ( إلا باستحقاق استحقه بمسماه ، أي ، بذات ذلك المستحق . ) أي ، عين المستحق طلب ذلك الحب من الله ، فأعطاه إياه .

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 5:46 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله‌   

الفص المحمدي الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :-                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
قال رضي الله عنه : ( وكما نزلت المرأة عن درجة الرّجل بقوله :وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [ البقرة : 288]. نزل المخلوق على الصّورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته ، فبتلك الدّرجة الّتي تميّز بها عنه ، بها كان غنيّا عن العالمين وفاعلا أوّلا ، فإنّ الصّورة فاعل ثان ، فما له الأوّليّة الّتي للحقّ . فتميّزت الأعيان بالمراتب : فأعطى كلّ ذي حقّ حقّه كلّ عارف ) .
 
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يفوته روح المسألة مع أن المحب والمحبوب في حقه صورة الحق في الواقع ؟
فأجاب بقوله : ( وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل ) مع كونها مخلوقة على صورته علم ذلك ( بقوله تعالى :وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) [ البقرة : 228 ] ؛ لكونهم سبب وجودهن وأصله ( نزل المخلوق على الصورة ) ، أي : صورة الخالق ( عن درجة ) من النشأة على صورته ، إذ كونه منشأ يوجب له درجة رفيعة ، وكيف لا ينزل المخلوق على الصورة المعنوية عن درجة ( من أنشأه على صورته ) بنوع مناسبة ضعيفة مع عظم التفاوت بين الصورتين ، وقد حصل التنزل في صورة المرأة عن درجة الرجل ( مع كونها على صورته ) حسّا ، ومعني بمناسبة قوية مع قلة التفاوت بين الصورتين ، فدل ذلك على التفاوت بين محبة الحق ومحبة صورته ، فإذا قصدت الصورة من حيث هي صورة الحق بمحبة الحق بالذات ، فالصورة بالتبعية وإذا قصدت الصورة نفسها ، فليس هناك محبة الحق أصلا في قصده ،
 
وأشار إلى عظم التفاوت بين صورة الحق والمخلوق على صورته الموجبة للحق درجة عظيمة عليه بقوله : ( فتلك الدرجة التي تميز بها ) الحق ( عنه ) ، أي : عن المخلوق على صورته ( بها ) ، أي : بتلك الدرجة الكائنة عن عظم التفاوت .
( كان ) الحق ( غنيّا عن العالمين ) ، وبها كان ( فاعلا أولا ) في كل فعل حتى في أفعالنا ، ( فإن الصورة فاعل ) كان كحركة صورة المرأة من حركة ذي الصورة ، ( فما له ) أي : الفاعل الثاني ( الأولوية التي للحق ) لا في فعله كما تقوله المعتزلة ، ولا في الذات والصفات والأسماء بالاتفاق ، وإذا وجب التمايز بين الحق والمخلوق على صورته بالدرجة ظهر ذلك فيما بين الأعيان كلها ،
( فتميزت الأعيان بالمراتب ) حتى تميزت أفراد نوع واحدتها ، ومعرفة هذا التمييز موجب لتمييز الحقوق ؛ ( فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف ) ، فأعطى الحق حقه من المحبة فيراه محبوبا بالذات ، وأعطى الحق حقه هي المحبة فيراه محبوبا لأجل الحق ، وأكمل العلوم للّه تعالى وقد ظهر به في حبيبه محمد صلّى اللّه عليه وسلّم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا كان حبّ النّساء لمحمّد صلّى اللّه عليه وسلّم عن تحبّب إلهيّ وأنّ اللّه تعالى :"أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] وهو عين حقّه ، فما أعطاه إلّا باستحقاق استحقّه بمسمّاه ؛ أي بذات ذلك المستحقّ )
 
( فلهذا كان حب النساء لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم عن تحبب إلهي ) ؛ لأنه لكمال معرفته رأى الحق محبّا ومحبوبا بالذات وغيره بالتبعية ، وإنما كان حب العارف عن تحبيب إلهي دون حب غيره ؛ لأنه صح ( أن اللّه تعالى :أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) أيما كان خلقه عليه من استعداده ، وكيف لا يعطي كل شيء خلقه ( وهو عين حقه ) الثابت في علمه الأزلي ، المطلع على الاستحقاق الذي يوجب الجواد ( أعطاه ) بحسب السنة الإلهية ، فهو وإن أعطاه تفضلا باعتبار غنى ذاته عن الكل ، فما أعطاه باعتبار العلم والجود ( لا باستحقاق ) ،
 
وكيف لا يعطي ذلك الاستحقاق وقدست ( مسماه ) ، أي : باعتبار كونه محل تصرف اسم من أسماء الحق التي لا تغايره من كل وجه ، فكأنه أعطى ذاته ذلك ، ولكن الذات غنية عن العالمين ، فلا يظهر تصرف الأسماء إلا في ذوات الأشياء ؛ فلذلك قال ، ( أي : بذات ذلك المستحق ) الذي استحقه باعتبار كونه محل تصرف الأسماء الإلهية لا باعتبار كونه عينا ثابتة ، فإن ذلك إنما هو في العلم الأزلي وهي لا تقبل التصرف بذلك الاعتبار ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
نزول درجة المرأة عن الرجل ، والمخلوق عن الخالق
قال رضي الله عنه :  (وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل - بقوله : " وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ " - نزل المخلوق على الصورة ) - يعني الإنسان الكامل ، الذي صورة تمامه الخاتم - ( عن درجة من أنشأه على صورته ) يعني الحقّ ، وتفاوت الدرجتين في الرتبة يقتضي تباين الحكمين ( مع كونه على صورته ) .
 
قال رضي الله عنه :  (فتلك الدرجة التي تميّز بها عنه ) - أي عن المخلوق على الصورة بها - ( كان غنيّا عن العالمين ) فإنّ تلك الدرجة هي مبدأ خصوصيّته الامتيازيّة وذلك المبدء هو المعبّر عنه بالغناء المطلق .
 
ولما كان الغناء إذا اعتبر مقيدا بأن يكون عن العالمين أثبت العالم في مقابلة الحقّ ، ولا يكون غنيّا عنه حينئذ إلَّا به ، فظهر الفاعليّة له أوّلا ، ولذلك قال : ( وفاعلا أولا ، فإنّ الصورة ) أيضا لها الفعل ، إلَّا أنّه ( فاعل ثان ، فما له الأولية التي للحقّ ) وهو التقدّم الرتبي الذي هو مبدأ الخصوصيّة الامتيازيّة .
قال رضي الله عنه :  ( فتميّزت الأعيان بالمراتب ) ، والعارف هو الذي يعلم الأعيان بعلاماتها الخاصّة بها ، وتعرف كلا بسيماهم - على ما عليه أهل الأعراف من الرجال - ( فأعطى كل ذي حقّ حقّه ) ، وهو وجهه الخاص به على ما يراه به ( كلّ عارف ) وقد عرفت أنّ أصل هذه النسبة المؤلفة إنّما هو من الحقّ ، حيث أنّه الفاعل الأول من الصورتين المتماثلتين .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا كان حبّ النساء لمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم عن تحبّب إلهيّ ، وإنّ الله " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " وهو عين حقّه ) الذي أعطاه العارف .
وهاهنا نكتة تلويحية حيث أن ذلك الإعطاء إذا نسب إلى العبد العارف يكون حقّه ، وإذا نسب إلى الحق يكون خلقه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فما أعطاه إلَّا بما استحقّه بمسمّاه ، أي بذات ذلك المستحقّ ) كما للخاتم بالنسبة إلى الفرد الأول .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.  فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه. فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وكما نزلت المرأة عن درجة الرّجل بقوله :وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [ البقرة : 228 ] نزل المخلوق على الصّورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته .  فبتلك الدّرجة الّتي تميّز بها عنه ، بها كان غنيّا عن العالمين وفاعلا أوّلا ، فإنّ الصّورة فاعل ثان. فما له الأوّليّة الّتي للحقّ. فتميّزت الأعيان بالمراتب : فأعطى كلّ ذي حقّ )
 
(نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ نزل المخلوق على الصورة درجة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته فتلك الدرجة ) الرفيعة ( التي تميز ) الحق تعالى ( بها عنه ) ، أي عن المخلوق على الصورة وقوله بها ، بدل من تلك أي بتلك الدرجة الرفيعة .
( كان ) الحق تعالى ( غنيا عن العالمين وفاعلا أولا فإن الصورة ) ، أي المخلوق على الصورة ( فاعل ثان ) ، أي في المرتبة الثانية باعتبار مظهريته لفعل الحق ( فما له ) ، أي للمخلوق على الصورة ( الأولية التي للحق فتميزت الأعيان ) الوجودية بعضها عن بعض حقا كان أو خلقا
( بالمراتب . فأعطى كل شيء خلقه كما أعطى كل ذي حق ) ، من أصحاب المراتب


قال رضي الله عنه :  ( حقّه كلّ عارف . فلهذا كان حبّ النّساء لمحمّد صلى اللّه عليه وسلم عن تحبّب إلهيّ وأنّ اللّه تعالى :أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] وهو عين حقّه . فما أعطاه إلّا باستحقاق استحقّه بمسمّاه ؛ أي بذات ذلك المستحقّ .)


( حقه كل عارف فلهذا ) ، أي لإعطاء كل ذي حق حقه ( كان حب النساء لمحمد صلى اللّه عليه وسلم عن تحبب إلهي ) ، لا عن محبة نفسانية شهوانية لأن حقه الذي يستحقه كان ذلك التحبب لا هذه المحبة ( وأن اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ وهو ) ، أي ما أعطاه كل شيء ( عين حقه ) ، أي حق ذلك الشيء ( فما أعطاه ) ، أي اللّه ذلك الشيء ( إلا بالاستحقاق الذي استحقه بمسماه أي ) ، بذاته يعني ( بذات ذلك ) الشيء ( المستحق) وإنما قدم النساء ، في الحديث المذكور لأنهن محل الانفعال كالطبيعة لا جرم تقدمت في الذكر.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 7 مايو 2020 - 3:20 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 6:07 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم 

 الفقرة السابعة عشر :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال رضي الله عنه :  (  وإنما قدّم النساء لأنّهنّ محلّ الانفعال ، كما تقدّمت الطبيعة على من وجد منها بالصّورة . وليست الطّبيعة على الحقيقة إلّا النّفس الرّحمانيّ ، فإنّه فيه انفتحت صور العالم أعلاه وأسفله لسريان النّفخة في الجوهر الهيولانيّ في عالم الأجرام خاصّة . وأمّا سريانها لوجود الأرواح النّوريّة والأعراض فذلك سريان آخر . )

قال رضي الله عنه :  (وإنما قدم) صلى اللّه عليه وسلم (النساء) على بقية الثلاث التي حببت إليه (لأنهن) ، أي النساء

قال رضي الله عنه :  (محل الانفعال) عن الرجال (كما تقدمت الطبيعة) الكلية التي هي محل الانفعال عن الأمر الإلهي (على من وجد منها) ، أي من الطبيعة (بالصورة) الزائدة عليها في كل ما وجد (وليست الطبيعة) المذكورة (على الحقيقة إلا النّفس) بفتح الفاء (الرحماني) ، أي المنسوب إلى الرحمن كما ورد به الحديث المذكور فيما سبق (فإنه) ، أي النفس الرحماني (فيه انفتحت) من طي عدمها صور العالم كله أعلاه وأسفله لسريان النفخة الروحية الإلهية في الجوهر الهيولاني العنصري المنقسم إلى أربعة أقسام وهي الأركان الأربعة التي هي مادة في عالم الأجرام كلها خاصة فيسمى ذلك السريان روحا جماديا ونباتيا وحيوانيا وإنسانيا .

قال رضي الله عنه :  (وأما سريانها) ، أي النفخة المذكورة في عالم الطبيعة (لوجود الأرواح النورية الملكية و) لوجود (الأعراض) بالعين المهملة والضاد المعجمة جمع عرض بفتحتين ، وهي الصفات المتنقلة بالحوادث كالألوان والطعوم والروائح والأضواء والظلم ، ونحو ذلك مما هو من تدبيرات الأرواح النورية العلوية في العوالم السفلية .

قال رضي الله عنه : (فذلك) السريان المذكور (سريان آخر) مرتب على الأوّل ومنفتح معه من النفس الرحماني وبه تم التدبير وكمل التسخير.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال رضي الله عنه :  (وإنما قدم ) الرسول في الحديث ( النساء لأنهن محل الانفعال كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها ) قوله ( بالصورة ) متعلق بقوله تقدمت ( وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني فإنه ) أي فإن الشأن ( فيه ) أي في النفس الرحماني ( انفتحت صور العالم ) لا في غيره ( أعلاه وأسفله ) ولا يغني بالطبيعة إلا هو فكانت الطبيعة عين النفس الرحماني في أن كل واحدة منهما محل لانفتاح صور العالم فقدمت الطبيعة على من وجد منها من صور العالم .


قال رضي الله عنه :  ( لسريان النفخة ) يتعلق بقوله انفتحت وهي قوله " فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ".
( في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة ) فكانت الطبيعة والنفس الرحماني واحد لأن كل واحد منهما يسري في الأجسام بواسطة الهيولى الجسمية .

قال رضي الله عنه :  ( وأما سريانها ) أي سريان الطبيعة ( لوجود الأرواح النورية والأعراض فذلك سريان آخر ) فإن الطبيعة تسري في وجود الأرواح بالذات والنفس الرحماني يسري بواسطة سريان الطبيعة الجوهرية.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة. وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.

قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة. وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

يشير رضي الله عنه  في تغليب رسول الله في كلماته الكاملات التامّة ، وعباراته العالية العامّة التأنيث على التذكير مع كونه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أنفس أنفس العرب وغاية رعاية العرب لعكس ذلك في تغليب التذكير على التأنيث إلى أنّ ذلك لكمال تحقّقه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعلم الحقائق ونهاية عنايته برعاية الحقوق ، وذلك ، الأصل في الكلّ الأمّ ، والتأنيث في الأم .

ثمّ إنّ الأمّ الأمّهات وأصل الأصول الذي ما فوقه فوق هي العين أو الحقيقة أو الذات المطلقة تباركت وتعالت وقد وقعت صورة التأنيث في هذه الألفاظ كلَّها ، وإن كانت هذه الأمّ من جهة المعنى أبا ، ولكنّ الحقيقة تجمع بالذات بين الفعل والانفعال الذاتيين الحقيقيين ، فهي أمّ باعتبارين وأب أيضا باعتبارين ، فإنّ العين المطلقة أو الحقيقة أو الذات.



شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال كما قدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة ، وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني ، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه وأسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة ، وأما سريانها الوجود الأرواح النورية والأعراض فذلك سريان آخر) .

ثم إنه عليه الصلاة والسلام غلب في هذا الخير التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء  فقال : ثلاث ، ولم يقل ثلاثة بالهاء التي هو لعدد الذكران ، إذ وفيها ذكر الطيب  أي فيها ذكر النساء ، وفيها ذكر الطيب .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء ، لأنهن محل الانفعال ، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة . ) أي ، تقديم النساء في الحديث إشارة إلى تقدم مرتبتهن ، لأنهن محل الانفعال ، ولا بد أن يتقدم القابل على المقبول ، كما يتقدم الفاعل على مفعوله .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني ، فإنه فيه انفتحت صور العالم ، أعلاه وأسفله ، لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة . ) قد مر في ( الفص العيسوي ) أن الطبيعة نسبتها إلى النفس الرحماني نسبة الصورة النوعية التي للشئ إليه .

فقوله رضي الله عنه  : ( على الحقيقة ) إشارة إلى أن العقل وإن كان يميز بين الشئ وبين صورته النوعية ، لكنها في الحقيقة عين ذلك الشئ .
وقوله : ( فإنه فيه ) أي في النفس انفتحت صور العالم ، أي عالم الأجسام أعلاه وأسفله ، تعليل ذلك . أي ، فإن الصور النوعية التي للعالم الجسماني موجودة في النفس . وهي كأفراد مطلق الطبيعة الكلية .
وقد بان أن الصور النوعية التي للشئ عين ذلك الشئ في الوجود ، فالطبيعة الكلية عن النفس الرحماني .


وقوله رضي الله عنه  : ( السريان النفخة ) تعليل لقوله : ( فإنه فيه انفتحت صور العالم . ) أي ، وذلك لسريان النفخة الإلهية في الجوهر الهيولاني الذي هو القابل لصور الأجسام خاصة .
وإنما قيدنا العالم بعالم الأجسام ، وإن كان عالم الأرواح أيضا صورا منتفخة في النفس الرحماني ، لقوله : ( وأما سريانها لوجود الأرواح النورية والأعراض ، فذلك سريان آخر . ) أي ، وأما سريان الطبيعة في وجود الأرواح النورية التي هي المجردات وفي الأعراض ، فذلك سريان آخر .
وذلك لأن سريان النفس في الجواهر الروحانية كلها بواسطة سريان الطبيعة الجوهرية فيها ، لا بواسطة الهيولى الجسمية ، وفي الأعراض بواسطة الطبيعة العرضية التي هي مظهر التجلي الإلهي وظهوره

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 7 مايو 2020 - 3:21 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 6:12 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم 

 الفقرة السابعة عشر :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قدّم النساء لأنّهنّ محلّ الانفعال ، كما تقدّمت الطبيعة على من وجد منها بالصّورة ، وليست الطّبيعة على الحقيقة إلّا النّفس الرّحمانيّ ، فإنّه فيه انفتحت صور العالم أعلاه وأسفله لسريان النّفخة في الجوهر الهيولانيّ في عالم الأجرام خاصّة، وأمّا سريانها لوجود الأرواح النّوريّة والأعراض فذلك سريان آخر).

( وإنما قدم النساء ) مع اعتبار التأخر بالرتبة في حبهن في بعض الوجوه ؛ لأنهن في هذا الاعتبار يشبهن الطبيعة ؛ ( لأنهن محل الانفعال ) لطلب من هو على صورته وهو الولد ، فقدمهن ( كما تقدمت الطبيعة ) بالصورة النفسية ( على من وجد ) تشبيها من صور العالم ؛ وذلك لأنه ( ليست الطبيعة على الحقيقة ) ، وإن كان المتعارف أنها الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ( إلا ) صورة ( النفس الرحماني ) ؛ لذلك صارت مبتدأ الفعل والانفعال ، وهو أعم من المتعارف ؛ لشموله جميع الموجودات تأثيرا أو تأثرا ،

( فإنه ) أي : النفس الرحماني عند تصوره بصورة الطبيعة بسريان نفخته ( فتحت فيه صور العالم ) كصور الحروف في النفس الإنساني ( أعلاه ) الروحاني ، ( وأسفله ) الأجسام وأعراضها وقواها ، لكن انفتاح صور العالم فيه ( بسريان النفخة في الجوهر الهيولاني ) القابل لصور الأجرام كما تقوله الفلاسفة ، لكن لا تقول نقدمه خلافا لهم ( في ) صور ( عالم الأجرام خاصة ، وإنما سريانها ) أي : النفخة

( لوجود الأرواح النورية ) احترز به عن القوة النباتية والحيوانية (والأعراض ، فذلك سريان آخر ) غير السريان في الجوهر الهيولاني ، أما الأرواح النورية فلتجردها عن المادة ، وأما الأعراض فلأنها ليست بجواهر حتى تقوم صورها الجوهر الهيولاني .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قدّم النساء لأنّهنّ محالّ الانفعال ) الذي هو من مقتضى القابليّة الأولى ، فلها رتبة التقدّم ( كما تقدّمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة ) إذ لا يتقدّم الطبيعة على الموجود بالمادّة ، فإنّها مادة الكلّ ، علويّات كانت أو سفليّات ، وذلك لأنّ للطبيعة - على عرفه الخاصّ - لها العموم ، وهو المطابق لإطلاق أساطين الحكمة من القدماء - كما عرفت تحقيقه - وإليه أشار بقوله :


ليست الطبيعة إلا النفس الرحماني
قال رضي الله عنه :  ( وليست الطبيعة على الحقيقة إلَّا النفس الرحماني ، فإنّه فيه ) أي في النفس الرحماني - المعبّر عنه بالنفخة في بعض موارده القرآنية المعربة - ( انفتحت صور العالم ، أعلاه وأسفله ) أي الأجرام الكثيفة الهيولانيّة ، والأرواح اللطيفة النورانيّة وما بينهما من الأعراض وكذلك ينبغي أن يفهم من عبارة "السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَما بَيْنَهُما " على تخالف صيغها وتباين نسبها ، وإلى ذلك المعنى أشار بقوله : ( لسريان النفخة من الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام ) تعليلا لما ذكر من التعميم الذي للطبيعة ، المعبّر عنها حقيقة بالنفس الرحماني والنفخة أيضا عبارة عنها .

ثمّ إنّ السماوات العلى والأرضين السفلى وإن كان كلَّها مجالي الحقّ ومظاهره بلسان الجمع الوجوديّ ، ولكن بلسان التفصيل الكتابيّ فيه تفرقة وتمييز فإنّ طرف الأجرام الهيولانيّة السفليّة الأرضيّة له جهة اختصاص بتلك المظهريّة، حيث أن الأحديّة الجمعيّة به ظهرت على مجالي العيان،
ولذلك ترى الفاتحة التي هي امّ الكتاب ، الكاشف عن التفصيل بما عليه ، قد ورد فيها - على ما ستطلع عليه - : « إنّه منصّف بنصفين ، أحدهما للحقّ خاصّة ، والآخر للعبد » وإلى ذلك أشار بقوله : ( خاصة ) أي سريان النفخة لظهور الأجرام الهيولانيّة والعوالم الكيانيّة ، له خصوصيّة خاصة به .

قال رضي الله عنه :  ( وأما سريانها لوجود الأرواح النوريّة والأعراض ) التي هي الواسطة بين الطرفين - كما قد اطلعت على وجه تحقيقه في المقدّمة ( فذلك سريان آخر ) غير ما له خاصّة .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر. )

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قدّم النساء لأنّهنّ محلّ الانفعال ، كما تقدّمت الطبيعة على من وجد منها بالصّورة . وليست الطّبيعة على الحقيقة إلّا النّفس الرّحمانيّ ، فإنّه فيه انفتحت صور العالم أعلاه وأسفله لسريان النّفخة في الجوهر الهيولانيّ في عالم الأجرام خاصّة . وأمّا سريانها لوجود الأرواح النّوريّة والأعراض فذلك سريان آخر . )

(وإنما قدم النساء ) ، في الحديث المذكور ( لأنهن محل الانفعال ) ، كالطبيعة لا جرم تقدمت في الذكر ( كما تقدمت الطبيعة ) ، بالذات ( على من وجد منهما بالصورة ) ، أي بصورته المعينة التي استحقها ( وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني فإنه فيه انفتحت صور العالم ) الجسماني ( أعلاه وأسفله ) لكن لا لنفسه بل ( لسريان النفخة ) ، أي النفس الرحماني ( أولا في الجوهر الهيولاني ) القابل للصور الجسمانية

( في عالم الأجرام خاصة ) ، دون عالم الأرواح والأعراض وانفتاح تلك الصور فيه ثانيا ( وأما سريانها لوجود الأرواح النورية ) ، فلا يكون إلا بواسطة سريانها في الطبيعة العرضية التي هي جنس للأعراض .
وهذا بخلاف ما عليه الحكماء من الطبيعة العينية ليست جنسا لما تحتها من الأغراض ذاتيا لها كالطبيعة الجوهرية بل أمر عارض ( فذلك ) السريان لوجود الأرواح والأعراض ( سريان آخر ) ، مغايرا لسريانها في الهيولى الجسمانية .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 7 مايو 2020 - 3:22 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 6:18 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثامنة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم 

 الفقرة الثامنة عشر :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه صلى اللّه عليه وسلم غلّب في هذا الخبر التّأنيث على التّذكير لأنّه قصد التّهمّم بالنّساء فقال : « ثلاث » ولم يقل « ثلاثة » بالهاء الّذي هو لعدد الذّكران ، إذ همّه فيها .  ذكر الطّيب وهو مذكّر . وعادة العرب أن تغلّب التّذكير على التأنيث فتقول « الفواطم وزيد خرجوا » ولا تقول خرجن . فغلّبوا التّذكير - وإن كان واحدا - على التّأنيث وإن كنّ جماعة ؛ وهو عربيّ صلى اللّه عليه وسلم فراعى المعنى الّذي قصد به في التّحبّب ما لم يكن يؤثر حبّه. )
 
قال رضي الله عنه :  (ثم إنه) ، أي النبي (عليه السلام غلّب) بالتشديد (في هذا الخبر) ، أي الحديث المذكور (التأنيث على التذكير) في إشارة العدد (لأنه) عليه السلام (قصد التهمّم) ، أي الاعتناء (بالنساء فقال) في التغليب المذكور (ثلاث) من غير هاء لإرادة المعدود المؤنث (ولم يقل ثلاثة بالهاء الذي هو لعدد الذكران) بعكس القاعدة
(وفيها) ، أي الثلاث (ذكر الطيب وهو مذكر وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث) في الكلام (فتقول الفواطم) جمع فاطمة اسم امرأة (وزيد خرجوا) بتغليب المذكر وإن كان واحدا وهو زيد فتأتي بواو جماعة المذكر كما تقول الرجال خرجوا
 
قال رضي الله عنه :  ) ولا تقول( الفواطم وزيد )خرجن( بتغليب المؤنث على المذكر كما تقول النسوة خرجن فغلبوا ، أي العرب التذكير وإن كان واحدا على التأنيث وإن كن جماعة وهو ، أي هذا القول عربي فصيح فراعى ، أي اعتبر (صلى اللّه عليه وسلم المعنى الذي قصد) بالبناء للمفعول ، أي قصده للّه تعالى يعني أراده عليه السلام )به( ، أي بذلك المعنى.
 
قال رضي الله عنه :  ) في( ذكر )التحبيب( ، أي تحبيب اللّه تعالى إليه صلى اللّه عليه وسلم في قوله : حبب إلي ما ، أي الأمر الذي لم يكن صلى اللّه عليه وسلم يؤثر ، أي يقدم ويختار حبّه على غيره من قبل نفسه باعتبار غرضها أصلا وذلك المعنى هو ما تقدم من شهود الحق تعالى في المرأة من حيث هو فاعل منفعل مما هو أكمل ما يكون .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد ) الرسول ( التهمم بالنساء وقال ثلاث ولم يقل ثلاثة بالهاء الذي هو لعدد الذكران إذ وفيها ) أي في الثلاث الواو للعطف والمعطوف عليه مقدر تقديره إذ فيها ذكر النساء وفيها ( ذكر الطيب وهو مذكر وعادة العرب أن يغلب التذكير على التأنيث فتقول الفواطم وزيد خرجوا ولا تقول خرجن فغلبوا التذكير وإن كان واحدا على التأنيث وإن كن جماعة وهو ) أي والحال أن الرسول ( عربي ) أفصح الفصحاء مع أنه خالف قاعدتهم في ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( فراعى النبي عليه السلام المعنى الذي قصد ) الرسول ( به ) أي بهذا المعنى ( في التحبب إليه ) وهو قوله حبب إليّ ولم يقل أحببت من نفسه ( ما ) دام ( لم يكن يؤثر حبه ) أي حب الرسول فقوله ما لم يكن قيد لقوله فراعى أي فراعى هذا المعنى ما دام لم يكن حب الرسول إليهن مؤثرا بل هو متأثر بحبهن فيحبهن بحب اللّه فغلب التأنيث على التذكير رعاية لهذا المعنى.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة. وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة. وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. (
 
يشير رضي الله عنه  في تغليب رسول الله في كلماته الكاملات التامّة ، وعباراته العالية العامّة التأنيث على التذكير مع كونه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أنفس أنفس العرب وغاية رعاية العرب لعكس ذلك في تغليب التذكير على التأنيث إلى أنّ ذلك لكمال تحقّقه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعلم الحقائق ونهاية عنايته برعاية الحقوق ، وذلك ، الأصل في الكلّ الأمّ ، والتأنيث في الأم .
 
ثمّ إنّ الأمّ الأمّهات وأصل الأصول الذي ما فوقه فوق هي العين أو الحقيقة أو الذات المطلقة تباركت وتعالت وقد وقعت صورة التأنيث في هذه الألفاظ كلَّها ، وإن كانت هذه الأمّ من جهة المعنى أبا ، ولكنّ الحقيقة تجمع بالذات بين الفعل والانفعال الذاتيين الحقيقيين ، فهي أمّ باعتبارين وأب أيضا باعتبارين ، فإنّ العين المطلقة أو الحقيقة أو الذات - تبارك وتعالت - تقتضي لحقيقتها الجمع بين التعيّن واللاتعيّن ، فيتحقّق لها بهذين الاعتبارين كما مرّ مرارا نسبتا الظهور والبطون فهي الموصوفة بهما معا ، والعين أو الحقيقة هي المتعيّنة بالتعين الأوّل ، واللامتعيّنة في اللاتعين وبه ، وأحدية العين تقتضي الاعتدال ، أعني بين الفعل والانفعال .
 
ثمّ التّعين بظهور الذاتي يقتضي أن يكون مسبوقا باللاتعين والإطلاق ، وكلّ مسبوق بأصل يستند إليه ، فإنّه منفعل عن ذلك الأصل ومظهر له ولا بدّ ، والمتعيّن بالتعين الأوّل من العين المطلقة عن نسبتي التعيّن واللا تعين فهو منفعل من كونه متعيّنا عن نفسه من كونه مطلقا ، وأمّا اللاتعين فإن اعتبرناه بمعنى سلب التعيّن ، فإنّ المعرفة بذلك متوقّفة على المتعيّن ،
إذ لولا التعيّن لما تحقّق اللاتعين في العلم ، فهو في العلم منفعل التحقّق عن المتعيّن بالتعيّن الأوّل والمتعيّن به ، وإلَّا تعيّن باعتبارين لتحقّق الفعل لكلّ منها من حيث تحقّق الانفعال للآخر ، ومن كون العين المطلقة تقتضي اللاتعيّن والتعيّن معا دائما ، فإنّها تتعيّن وتظهر بالتعيّن الأوّل عن بطونها في اللاتعيّن وغيبها الذاتي إلى شهادتها الكبرى الأولى ،
وكلّ مظهر ومجلى من كونه معيّنا مقيّدا للمطلق بخصوصيّة - فاعل لتقييد المطلق وتعيين غير المتعيّن بتكييفه ، فصدق من هذا الوجه للمتعيّن والتعيّن الفعل والتأثير في غير المتعيّن المطلق عن التعين واللاتعيّن من قبوله لذلك ، والانفعال لذلك المطلق ، فصدقت الأمومة والأبوّة من حيث الفعل والانفعال للحقيقة .
 
ولهذا السرّ صحّ التأنيث في الحقيقة أو العين أو الذات ، فتحقّق أنّ الحقيقة الأصليّة - التي هي محتد الحقيقة الإنسانية - تقبل لحقيقتها الفعل والانفعال والظهور والبطون ، فإنّ هذه النسب شؤونها الذاتية ، فلا تحول ولا تزول ، والحقيقة الأحدية الجمعية توجب البرزخية الجامعة بين الإطلاق والتقييد ، والتعيّن واللاتعيّن ،
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه عليه الصلاة والسلام غلب في هذا الخير التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء ، فقال : ثلاث ، ولم يقل ثلاثة بالهاء التي هو لعدد الذكران ، إذ وفيها ذكر الطيب ) أي فيها ذكر النساء ، وفيها ذكر الطيب .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو مذكر وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث ، فتقول : الفواطم وزيد خرجوا ولا تقول خرجن ، فغلبوا التذكير وإن كان واحدا على التأنيث وإن كن جماعة وهو عربى ، فراعى صلى الله عليه وسلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه ) أي ما لم يكن يختار حبه ، أي ليس يحبهن إياهن بنفسه ، بل بتحبيب الله إياهن إليه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم ، إنه ، عليه السلام ، غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير ، لأنه قصد التهمم بالنساء ، فقال : " ثلاث " ، ولم يقل : ثلاثة . ب‍ " الهاء " الذي هو لعدد الذكران ) ظاهر .
 
قوله رضي الله عنه  : ( إذ وفيها ذكر الطيب ) تعليل . أي ، لأن فيها ذكر النساء وذكر الطيب . ف‍ ( الواو ) في ( وفيها ) للعطف . ( وهو مذكر ) أي ، الطيب مذكر .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعادة العرب أن يغلب التذكير على التأنيث ، فيقول : الفواطم وزيد خرجوا . ولا يقول خرجن . فغلبوا التذكير ، وإن كان واحدا على التأنيث ، وإن كن جماعة . وهو عربي ) أي ، ورسول الله المتكلم بهذا الكلام عربي وأفصح الفصحاء كلهم .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فراعى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه ) قوله : ( قصد ) يجوز أن يكون مبنيا للمفعول .
أي ، راعى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في هذا التغليب المعنى الذي قصده الله بالتحبيب إلى الرسول . وقوله ، صلى الله عليه وسلم : ( حبب إلى . . . ) يؤكده .
ويجوز أن يكون مبنيا للفاعل . أي ، راعى المعنى الذي قصده الرسول بهذا التغليب في التحبيب إليه ما دام لم يكن مؤثرا حب ذلك المعنى لنفسه ، بل يختاره ويؤثره لله تعالى ، فيحبهن بحب الله.
 
فضمير ( به ) للتغليب و ( به ) متعلق ب‍ ( راعى ) . وضمير الصلة محذوف . أي ، قصده به . وضمير ( إليه ) للنبي صلى الله عليه وسلم . و ( ما ) للمدة . وضمير ( حبه ) ( المعنى ) والإضافة إلى المفعول .
ويجوز أن يكون ضمير ( حبه ) عائد إلى ( النبي ) صلى الله عليه وسلم ، فيكون الإضافة إلى الفاعل . ومعناه : ما دام لم يكن مؤثرا حبه لهن لنفسه .

 .
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 6:22 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثامنة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم 

 الفقرة الثامنة عشر :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه صلّى اللّه عليه وسلّم غلّب في هذا الخبر التّأنيث على التّذكير لأنّه قصد التّهمّم بالنّساء ؛ فقال : « ثلاث » ، ولم يقل : " ثلاثة " بالهاء الّذي هو لعدد الذّكران ، إذ همّه فيها ، ذكر الطّيب وهو مذكّر ، وعادة العرب أن تغلّب التّذكير على التأنيث فتقول : « الفواطم وزيد خرجوا » ، ولا تقول خرجن ، فغلّبوا التّذكير وإن كان واحدا على التّأنيث وإن كنّ جماعة ؛ وهو عربيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فراعى المعنى الّذي قصد به في التّحبّب ما لم يكن يؤثر حبّه ) .
 
( ثم إنه عليه السّلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير ) في العدد المفسر بهما ؛ ( لأنه قصد التهمم بالنساء ) كما ذكرنا من الوجوه ، وكأنه قصدهن بالذات بذلك العدد ، فقال :
" حبب إليّ من دنياكم ثلاث " . بحذف الهاء المختصة بعدد الإناث ،
( ولم يقل ثلاثة بالهاء الذي هو لعدد الذكران ) مع أنه مفسر بما يشتمل على المذكر ( إذ ) مفسره المذكور أن بعده ، ( وفيها ذكر الطيب وهو مذكر ) لفظا ومعنى ، ( وعادة العرب أن يغلب التذكير على التأنيث ) إلا لنكتة ، ( فتقول : الفواطم وزيد خرجوا ، ولا نقول : خرجن ) مع أنهن أكثر وأقدم ، ( فغلبوا التذكير ، وإن كان واحدا على التأنيث ، وإن كن جماعة ) مقدمة ، إلا أنه لم يعتبره الشيخ - رحمه اللّه - لعدم كونه مقدما من كل وجه فيما نحن فيه ، فهنا النساء والصلاة وإن كانتا أكثر من الطيب ، فعادة العرب تقتضي تغليب التذكير على التأنيث ( وهو صلّى اللّه عليه وسلّم عربي ) فلا يترك عادتهم إلا لنكتة .
 
( فراعى صلّى اللّه عليه وسلّم المعنى الذي قصد به ) ، أي : قصده الحق أن يتحقق عليه السّلام به ( في التحبيب ) إليه ، أي : تحبيب الحق إليه ( ما لم يكن عليه السّلام ) بنفسه ( يؤثر حبه ) وهن النساء ، يعني أنه عزّ وجل لما حبب إليه النساء لما ذكرنا من الوجوه أتم نشأتهن ، فراعى حقهن حتى غلبهن على المذكور في العدد ، ولو كان ذلك عن نفسه لما تحقق بتلك المعاني ، ولم يكن له هذا الاهتمام الموجب لرعاية حقهن ، فلما كان هذا التحبيب الإلهي مقصودا من اللّه لتلك المعاني ، ولم يكن من نفسه عليه السّلام ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
رجوع إلى التأمّل في لفظ الحديث
قال رضي الله عنه :  ( ثم ) إنّه من جملة غرائب حكم هذا التركيب البديع الختمي ( إنّه عليه السّلام غلَّب في هذا الخبر التأنيث على التذكير ، لأنّه قصد التهمّم بالنساء ) المكنى بها هاهنا عن الطبيعة التي هي أصل صور العالم ، ( فقال : « ثلاث » ولم يقل : "ثلاثة" بالهاء الذي
هو لعدد الذكران ، إذ فيها ذكر الطيب - وهو مذكَّر - وعادة العرب أن يغلَّب التذكير على التأنيث ، فتقول : « الفواطم وزيد خرجوا » ولا يقول : « خرجن » فغلَّبوا التذكير - وإن كان واحدا - على التأنيث - وإن كنّ جماعة وهو عربي )
قد أبكم مصاقع الصفحاء ببلاغة عربيّه المبين وبيانه المتين ( فراعى - عليه الصلاة والسلام - المعنى الذي قصد به في التحبّب إليه )  بدون اختيار منه في ذلك ، حيث أسند إليه حبّب ، دون « أحببت » ليدلّ على أنّ ذلك التهمّم والتحبّب بالنساء من أصل الخلقة الإلهيّة
 
فإنّ ذلك ( ما لم يكن يؤثّر ) بنفسه ( حبّه ) على ما هو مؤدى قوله : " حبّب إليّ " ، ويكون سلطانه مستوليا عليه ، حيث جمع منهن غاية ما يجمع من الكثرة - يعني أنهاها ، وهي التسعة - فلا بدّ وأن يكون من أصل جبلَّته الختميّة ، كما علم تحقيقه ووجه لميّته في المفاحص.
 
فتأمّل ما استشعر منه الخاتم - صلوات الله عليه - بهذا التركيب المعرب والكلام الكامل ، على ما نبّهت على خصائص مفرديه أولا ، يعني " حبّب " و "النساء" ، وعلى خصوصيّة التركيب والنسبة الإسناديّة بينهما ثانيا من لطائف الحكم الإلهية الختميّة ، الدالَّة على علوّ مرتبة كاشفها في الأكمليّة .
وذلك أيضا من مقتضى أصل الجبلَّة ، كما أشار إليه بقوله
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه صلى اللّه عليه وسلم غلّب في هذا الخبر التّأنيث على التّذكير لأنّه قصد التّهمّم بالنّساء ).
 
( ثم إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم ) ، أي الاهتمام  بالنساء.
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال : « ثلاث » ولم يقل « ثلاثة » بالهاء الّذي هو لعدد الذّكران ، إذ همّه فيها . ذكر الطّيب وهو مذكّر . وعادة العرب أن تغلّب التّذكير على التأنيث فتقول « الفواطم وزيد خرجوا » ولا تقول خرجن . فغلّبوا التّذكير - وإن كان واحدا - على التّأنيث وإن كنّ جماعة ؛ وهو عربيّ صلى اللّه عليه وسلم فراعى المعنى الّذي قصد به في التّحبّب ما لم يكن يؤثر حبّه . )
 
(فقال : ثلاث ولم يقل ثلاثة بالهاء الذي هو لعدد الذكران ) إذ فيها ذكر النساء ( إذ همه فيها . ذكر الطيب ) فالواو في وفيها للعطف على مقدر ( وهو ) ، أي الطيب ( مذكر وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول الغواني وزيد خرجوا ولا تقول خرجن فغلبوا التذكير وإن كان واحدا على التأنيث وإن كنّ جماعة فراعى صلى اللّه عليه وسلم المعنى الذي قصد به ) ، أي بالتغليب وذلك المعنى هو التهمم بالنساء بترجيح التذكير على التأنيث وذلك التهمم إنما هو
( في التحبب ) ، أي فيما يتحبب إليه عليه السلام ( ما لم يكن يؤثر ) ، هو عليه السلام بنفسه ( حبه ) ، وهو النساء وحاصله أنه عليه السلام راعى التهمم بالنساء فيما يتحببن إليه بناء على أصل إلهي من غير أن يؤثر هو بنفسه حبهن فما في قوله ما لم تكن موصلة وهي فاعل

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 7 مايو 2020 - 3:24 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 6:34 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة التاسعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة التاسعة عشر :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلّمه اللّه ما لم يكن يعلم وكان فضل اللّه عليه عظيما . فغلّب التّأنيث على التّذكير بقوله : « ثلاث » بغير هاء فما أعلمه صلى اللّه عليه وسلم بالحقائق ، وما أشدّ رعايته للحقوق !  ثمّ إنّه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التّأنيث وأدرج بينهما التّذكير ، فبدأ بالنّساء وختم بالصّلاة وكلتاهما تأنيث ، والطّيب بينهما كهو في وجوده ، فإنّ الرّجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه ، فهو بين مؤنّثين : تأنيث ذات ، وتأنيث حقيقيّ. كذلك النّساء تأنيث حقيقيّ والصّلاة تأنيث غير حقيقيّ والطّيب مذكّر بينهما كآدم بين الذّات الموجود هو عنها وبين حواء الموجودة عنه ، وإن شئت قلت الصّفة فمؤنثة أيضا ، وإن شئت قلت القدرة فمؤنّثة أيضا ، فكن على أيّ مذهب شئت ، فإنك لا تجد إلّا التّأنيث يتقدّم حتّى عند أصحاب العلّة الّذين جعلوا الحقّ علّة في وجود العالم والعلّة مؤنّثة . )
 
قال رضي الله عنه :  (فعلمه) صلى (اللّه) عليه وسلم اللّه تعالى (ما لم يكن يعلم) من الأسرار والعلوم (وكان فضل اللّه) ، أي إكرامه وإنعامه وإحسانه عليه صلى اللّه (عليه) وسلم (عظيما) كما قال له تعالى في القرآن وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً[ النساء : 113 ] (فغلّب) إشارة (التأنيث) في العدد (على) إشارة (التذكير فيه بقوله : ثلاث بغير هاء) لما علمه اللّه تعالى من السر العظيم والنبأ الجسيم (فما أعلمه) ، أي أكثر علمه (صلى اللّه عليه وسلم بالحقائق الإلهية وما أشد رعايته للحقوق) الربانية ثم إنه صلى اللّه عليه وسلم (جعل الخاتمة )، أي آخر الثلاث في الذكر وهي الصلاة (نظيرة الأولى) ، أي النساء (في التأنيث وأدرج بينهما) ، أي بين الأولى والأخيرة التذكير بذكر الطيب (فبدأ) صلى اللّه عليه وسلم (بالنساء وختم بالصلاة وكلتاهما تأنيث) ، كما هو الظاهر (والطيب بينهما) ، أي بين النساء والصلاة
 
قال رضي الله عنه :  (كهو) ، أي كالنبي صلى اللّه عليه وسلم من حيث هو إنسان كامل (في وجوده) وأما بيانه .
قال رضي الله عنه :  (فإن الرجل مندرج) ، أي واقع في الوسط بين ذات الإلهية (ظهر هو) ، أي ذلك الرجل (عنها) ، أي عن تلك الذات باعتبار أوصافها وأسمائها (وبين امرأة ظهرت) تلك المرأة (عنه) أي عن ذلك الرجل يعني عن سببية وبواسطة (فهو) ، أي الرجل مدرج بين مؤنثين تأنيث لفظ ذات وهو مجازي (وتأنيث حقيقي كذلك النساء) الواقع في الحديث (تأنيث حقيقي) لأنهنّ ذوات فروج والصلاة تأنيث غير حقيقي) .
وإن كان بالتاء فإن التأنيث الحقيقي ما له فرج كالأنثى (والطيب مذكر بينهما ، أي بين المؤنثين.
 
قال رضي الله عنه :  (كآدم) عليه السلام (بين الذات) الإلهية (الموجود هو) ، أي آدم عليه السلام (عنها وبين حوّاء الموجودة) هي (عنه وإن شئت قلت) عوض الذات الموجود آدم عليه السلام عنها (الصفة) الإلهية التي توجهت على إيجاده (فمؤنثه أيضا) بالتاء (وإن شئت قلت القدرة) أيضا (فمؤنثة أيضا فكن ).
 
يا أيها السالك فيما وجد عنه آدم عليه السلام (على أي مذهب شئت) من مذاهب الناس ، أي اعتبر ذلك (فإنك لا تجد إلا التأنيث) في ذلك (يتقدم) لك (حتى عند أصحاب العلة) وهم حكماء الفلاسفة (الذين جعلوا الحق) تعالى (علة في وجود العالم) ، أي صدور المخلوقات عنه ، وسموه عندهم علة العلل والعلة مؤنثة في اللفظ أيضا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمه اللّه ) من الحقائق والأسرار ( ما لم يكن يعلم ) فأخبرنا بلسانه الفصيح مما علمه اللّه فقال حبب إليّ ولم تقل أحببت لتعلق حبه بربه قال وثلاث ولم يقل ثلاثة لقصده التهمم بالنساء ( وكان فضل اللّه عليه ) أجرا ( عظيما فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء فما أعلمه عليه السلام بالحقائق وما أشدّ رعايته للحقوق ) فإن حق التأنيث في هذا المقام التغليب على التذكير فهو أعطى كل ذي حق حقه ( ثم إنه ) أي النبي عليه السلام ( جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما التذكير فبدأ بالنساء وختم الصلاة وكلتاهما تأنيث والطيب بينهما كهو ) أي النبي عليه السلام أو كآدم ( في وجوده فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه فهو ) أي الرجل ( بين مؤنثين تأنيث ذات وتأنيث حقيقي كذلك النساء تأنيث حقيقي والصلاة تأنيث غير حقيقي والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجودة هو ) أي آدم
 
قال رضي الله عنه :  ( عنها وبين حوّاء الموجودة عنه وإن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا وإن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا فكن على أيّ مذهب شئت فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى أن أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم والعلة مؤنثة ) والمقصود إظهار كمال الرسول في الفصاحة والبلاغة كيف علم الحقائق وراعاها في كلامه الفصيح وعلمنا ما لم نكن نعلم مما علمه اللّه ما لم يكن يعلم.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )
 
قال رضي الله عنه : ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما. فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر. فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي. كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا. فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )
 
قال رضي الله عنه : ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما. فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر. فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي. كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا. فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )
 
يشير رضي الله عنه  في تغليب رسول الله في كلماته الكاملات التامّة ، وعباراته العالية العامّة التأنيث على التذكير مع كونه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أنفس أنفس العرب وغاية رعاية العرب لعكس ذلك في تغليب التذكير على التأنيث إلى أنّ ذلك لكمال تحقّقه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعلم الحقائق ونهاية عنايته برعاية الحقوق ، وذلك ، الأصل في الكلّ الأمّ ، والتأنيث في الأم .
ثمّ إنّ الأمّ الأمّهات وأصل الأصول الذي ما فوقه فوق هي العين أو الحقيقة أو الذات المطلقة تباركت وتعالت وقد وقعت صورة التأنيث في هذه الألفاظ كلَّها ، وإن كانت هذه الأمّ من جهة المعنى أبا ، ولكنّ الحقيقة تجمع بالذات بين الفعل والانفعال الذاتيين الحقيقيين ، فهي أمّ باعتبارين وأب أيضا باعتبارين ، فإنّ العين المطلقة أو الحقيقة أو الذات - تبارك وتعالت - تقتضي لحقيقتها الجمع بين التعيّن واللاتعيّن ، فيتحقّق لها بهذين الاعتبارين كما مرّ مرارا نسبتا الظهور والبطون فهي الموصوفة بهما معا ، والعين أو الحقيقة هي المتعيّنة بالتعين الأوّل ، واللامتعيّنة في اللاتعين وبه ، وأحدية العين تقتضي الاعتدال ، أعني بين الفعل والانفعال .
 
ثمّ التّعين بظهور الذاتي يقتضي أن يكون مسبوقا باللاتعين والإطلاق ، وكلّ مسبوق بأصل يستند إليه ، فإنّه منفعل عن ذلك الأصل ومظهر له ولا بدّ ، والمتعيّن بالتعين الأوّل من العين المطلقة عن نسبتي التعيّن واللا تعين فهو منفعل من كونه متعيّنا عن نفسه من كونه مطلقا ، وأمّا اللاتعين فإن اعتبرناه بمعنى سلب التعيّن ، فإنّ المعرفة بذلك متوقّفة على المتعيّن ،
إذ لولا التعيّن لما تحقّق اللاتعين في العلم ، فهو في العلم منفعل التحقّق عن المتعيّن بالتعيّن الأوّل والمتعيّن به ، وإلَّا تعيّن باعتبارين لتحقّق الفعل لكلّ منها من حيث تحقّق الانفعال للآخر ، ومن كون العين المطلقة تقتضي اللاتعيّن والتعيّن معا دائما ، فإنّها تتعيّن وتظهر بالتعيّن الأوّل عن بطونها في اللاتعيّن وغيبها الذاتي إلى شهادتها الكبرى الأولى ،
وكلّ مظهر ومجلى من كونه معيّنا مقيّدا للمطلق بخصوصيّة - فاعل لتقييد المطلق وتعيين غير المتعيّن بتكييفه ، فصدق من هذا الوجه للمتعيّن والتعيّن الفعل والتأثير في غير المتعيّن المطلق عن التعين واللاتعيّن من قبوله لذلك ، والانفعال لذلك المطلق ، فصدقت الأمومة والأبوّة من حيث الفعل والانفعال للحقيقة .
 
ولهذا السرّ صحّ التأنيث في الحقيقة أو العين أو الذات ، فتحقّق أنّ الحقيقة الأصليّة - التي هي محتد الحقيقة الإنسانية - تقبل لحقيقتها الفعل والانفعال والظهور والبطون ، فإنّ هذه النسب شؤونها الذاتية ، فلا تحول ولا تزول ، والحقيقة الأحدية الجمعية توجب البرزخية الجامعة بين الإطلاق والتقييد ، والتعيّن واللاتعيّن ،
 
والظهور والبطون ، والفعل والانفعال ، والبرزخية الإنسانية المشار إليها أيضا منفعلة عن العين بين التعيّن الأوّل ولا تعيّن الذات جامعا لهما وفاصلا بينهما ظاهرا بتثليث فرديته الأولى التي هي محتد نشأته وأصل وجوده ، صلَّى الله عليه ، والتأنيث نعت للمنفعل ، ذاتيّ ،
والتذكير كذلك وصف للفاعل ، والأمر بين حق باطن أو ظاهر ، وخلق باطن أو ظاهر كذلك في مقامي الأوّلية والآخرية بنسبتي الظهور والبطون ، أو الغيب والشهادة ، والحقيقة واحدة في الكلّ ، والفعل والانفعال صادقان لها في جميع هذه النسب أعني الظاهرية والباطنية ، والغيب والشهادة ، والخلقية والحقّية ، والربّ والعبد بالذات من حيث أحدية العين ،
فالبرزخ الجامع فاعل بين منفعلين كالتذكير بين تأنيثين ، فأظهر صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الأسرار والحقائق من كونه أوتي جوامع الكلم - في جميع أقواله وأفعاله ، وراعى الفردية كذلك في الكلّ ،
فقدّم التأنيث الحقيقيّ الذي للذات أو الحقيقة أو العين أو الإلهية أو الربوبية أو الصفة أو العلَّة على اختلاف المشاهد والنظر ، وأخّر التأنيث أيضا في الصلاة من حيث اللفظ وأدرج الطيب - مذكَّرا - بين مؤنّثين ، فما أعلمه صلَّى الله عليه وسلَّم كما ذكر ، رضي الله عنه بالحقائق ، فاعلم ذلك ، فإنّ هذه المباحث وإن تكرّر ذكرها في هذا الكتاب فهي على صعوبتها عند من لم تنكشف له حقيقة ، والله الموفّق .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم ، وكان فضل الله عليه عظيما ، فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء ، فما أعلمه صلى الله عليه وسلم بالحقائق ، وما أشد رعايته للحقوق . ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر فبدأ بالنساء وختم بالصلاة وكلتاهما تأنيث ، والطيب بينهما كهو في وجوده ، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه فهو بين مؤنثين تأنيث ذات وتأنيث حقيقي ، كذلك النساء تأنيث حقيقي والصلاة تأنيث غير حقيقي ، والطيب مذكر بينهما ، كآدم بين الذات الموجود هو عنها وبين حواء الموجودة عنه ، وإن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا ، وإن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا ، فكن على أي مذهب شئت ، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أهل العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم ، والعلة مؤنثة ) .
 
يعنى أنه صلى الله عليه وسلم ما غلب التأنيث على التذكير مع كونه أفصح العرب العرباء من سرة البطحاء إلا لكمال عنايته برعاية الحقوق بعد بلوغ النهاية بتحقيق الحقائق ،
 
وذلك أن أصل كل شيء يسمى الأم لأن الأم يتفرع عنها الفروع ألا ترى قوله :" وخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً ونِساءً " وهي مؤنثة مع أن النفس الواحدة المخلوق منها أيضا مؤنثة ، وكذلك أصل الأصول الذي ليس فوقه فوق يعبر عنه بالحقيقة ، كما سأل كميل بن زياد إلى علي رضي الله عنه ما الحقيقة ؟
فقال : ما شأنك والحقيقة ثم عرفها له في حديث طويل ، وكذا العين والذات « تباركت وتعاليت » وكل هذه الألفاظ تؤنث فمراده من التغليب الاعتناء بحال النساء لما فيها من معنى الأصالة للتفرع كما في الطبيعة بل في الحقيقة ، فإن الحقيقة وإن كان أبا للكل لأنه الفاعل المطلق ، فهي أم أيضا لأنها الجامعة بين الفعل والانفعال فهي عين المنفعل في صورة المنفعل ،
كما أنها عين الفاعل في صورة الفاعل لأنها بحقيقتها تقتضي الجمع بين التعين واللا تعين فهي المتعينة بكل تعين ذكرا وأنثى كما أنها هي المنزهة عن كل تعين ، ومن حيث أنها متعينة بالتعين الأول فهي العين الواحدة المقتضية للاستواء والاعتدال بين الفعل والانفعال والظهور والبطون ، وهي من حيث أنه الباطن في كل صورة فاعل ،
ومن حيث أنه الظاهر ينفعل كما مر في الروح ومدبريته للجسم ، وقد شهد التعين الأول بظهوره لذاته بلا تعينها وإطلاقها لأن التعين بذاته مسبوق باللاتعين ، فإن الحقيقة من حيث هي هي متحققة في كل متعين فاقتضى التعين أن يكون مسبوقا باللاتعين بل كل متعين فهو باعتبار الحقيقة مع قطع النظر عن القيد مطلق فالمتعين مستند إلى المطلق متقوم به فهو منفعل من حيث ذلك الأصل المطلق ومظهر له وذلك الأصل فاعل فيه مستتر فهو منفعل من حيث أنه متعين من نفسه من حيث أنه مطلق مع أن العين واحدة ، وإن اعتبرنا التعين بمعنى سلب التعين وهي الماهية أو الحقيقة بشرط لا شيء في اصطلاح العقلاء فإن تعقلها من تلك الحيثية موقوف على التعين في التعين في العالم فهو في العلم منفعل التعين والتحقق عن المتعين بالتعين الأول ، فإن اعتبرنا الحقيقة مطلقة عن التعين،
 
واللا تعين فلها السبق عليهما ، وهما أعنى التعين واللا تعين بمعنى السلب مسبوقان منفعلان عنها ، فإنهما نسبتان لها متساويتان ، والحقيقة تظهر بالتعين الأول عن بطونها الذاتي إلى شهادتها الكبرى الأولى ،
وكل ينزل من منازل التنزلات الخمسة ظهور بعد بطون وشهادة بعد غيب ، كل مظهر ومجلى من حيث كونه معينا ومقيدا للمطلق فاعل فيه ، فصح من هذا الوجه للمتعين والتعين الفعل والتأثير في الحقيقة من هذا الوجه للمتعين فالحقيقة أينما سلكت وفي أي وجه ظهرت فلها الفعل والانفعال والأبوة والأمومة ، فلهذا صح التأنيث في الحقيقة والعين والذات والبرزخ الجامع الذي هو آدم الحقيقي مذكور بين مؤنثين ،
 
فأظهر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأسرار من حيث أوتى جوامع الكلم في جميع أقواله وأفعاله ، وراعى الفردية الأولى في الكل وألفاظ الكتاب ظاهرة ، وأما الصفة والقدرة فبناء على مذهب الأشاعرة في كون الصفات زائدة على الذات بالوجود ، وكونها متوسطة بين الذات والفعل : أي الخلق .
 
وأما العلة فعلى مذهب الحكماء أو ردها لبيان التثليث في الكل ، ووقوع الذكر بين انثيين في جميع المذاهب .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم ، وكان فضل الله عليه عظيما . ) أي ، علمه الله المعنى الموجب لمحبة النساء لذلك غلب التأنيث على التذكير . ولولا تعليمه إياه ، لكان كلامه على ما جرت به عادة العرب .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فغلب التأنيث على التذكير بقوله عليه السلام : "ثلث" بغير "هاء" . فما أعلمه ، صلى الله عليه ، بالحقائق وما أشد رعايته للحقوق . ثم ، إنه ) أي ، أن النبي .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث ، وأدرج بينهما التذكير ، فبدأ بالنساء وختم بالصلاة . وكلتاهما تأنيث ، والطيب بينهما ك‍ "هو" ) أي ، كالنبي ، عليه السلام .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( في وجوده ، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها ، وبين امرأة ظهرت عنه ، فهو بين مؤنثين : تأنيث ذات ، وتأنيث حقيقي . كذلك النساء تأنيث حقيقي ، والصلاة تأنيث غير حقيقي ، والطيب مذكر بينهما ، كآدم بين الذات الموجودة هو عنها ، وبين حواه الموجودة عنه . وإن شئت قلت : الصفة فمؤنثة أيضا ، وإن شئت قلت : القدرة فمؤنثة أيضا . فكن على أي مذهب شئت ، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم ، حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم ، والعلة مؤنثة . )
أشار رضي الله عنه ، بلسان الذوق أن الخاتمة نظيرة السابقة الأزلية . وذلك لأن آدم الحقيقي الغيبي وآدم الشهادة كل منهما مذكر ، واقع بين مؤنث غير حقيقي ، وهو لفظة ( الذات ) ، وبين مؤنث حقيقي ، وهي حواء ، عليها سلام الله .
 
إن عبرت عنها بالحقيقة الأصلية أو العين الإلهية ، فكذلك . وإن جعلت السبب لوجود آدم
الصفة ، كالقدرة ، وجعلتها مغائرة للذات كما هو مذهب المتكلمين أو جعلتها عينا كما هو مذهب الحكماء الإلهيين أو جعلت الذات من حيث هي بلا اعتبار الصفة علة لوجود العالم، أيضا كذلك.
ولما كان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
أفصح فصحاء العرب والعجم وأعلم علماء أهل العالم ، أشار فيما تكلم به إلى ما عليه الوجود تنبيها لأهل الذوق والشهود .

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 6:53 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة التاسعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة التاسعة عشر :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )

قال رضي الله عنه : ( فعلّمه اللّه ما لم يكن يعلم وكان فضل اللّه عليه عظيما ، فغلّب التّأنيث على التّذكير بقوله : « ثلاث » بغير هاء فما أعلمه صلّى اللّه عليه وسلّم بالحقائق ، وما أشدّ رعايته للحقوق ).
( فعلمه اللّه ) في رعاية حقهن ( ما لم يكن يعلم ) من عادة العرب ،( وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) [ النساء : 113 ] .
في إفاضة تلك المعاني عليه في حبه النساء ورعاية حقهن ؛ لأن التحبيب كان من اللّه تعالى بقصد هذه المعاني التي جعلت الأمر النفساني في العادة أجل من الروحاني كالصلاة ، ومن المشرك بين الروحاني والجسماني وهو الطيب ، ( فغلب التأنيث على التذكير ) ؛ للإشارة إلى غلبة حبهن على حب الطيب مع كماله بالاشتراك بين الروحاني والجسماني
( بقوله : « ثلاث » بغير هاء ) ، فكأنه قصد ذكر من دون غيرهن في المجمل من العدد الشامل عليهن وعلى غيرهن ، ( فما أعلمه بالحقائق ) ، إذ علم هذه الوجوه في حبهن وهي أكثر وأجل من التي في حب الطيب والصلاة مع جلالة شأنها ، ( وما أشد رعايته للحقوق ) إذ قدمهن وقصدهن في العدد الشامل عليهن وعلى غيرهن ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .

قال رضي الله عنه : ( ثمّ إنّه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التّأنيث وأدرج بينهما التّذكير ، فبدأ بالنّساء وختم بالصّلاة وكلتاهما تأنيث ، والطّيب بينهما كهو في وجوده ، فإنّ الرّجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه ، فهو بين مؤنّثين : تأنيث ذات ، وتأنيث حقيقيّ ، كذلك النّساء تأنيث حقيقيّ والصّلاة تأنيث غير حقيقيّ والطّيب مذكّر بينهما كآدم بين الذّات الموجود هو عنها وبين حواء الموجودة عنه ، وإن شئت قلت : الصّفة فمؤنثة أيضا ، وإن شئت قلت : القدرة فمؤنّثة أيضا ، فكن على أيّ مذهب شئت ، فإنك لا تجد إلّا التّأنيث يتقدّم حتّى عند أصحاب العلّة الّذين جعلوا الحقّ علّة في وجود العالم والعلّة مؤنّثة ).

( ثم إنه صلّى اللّه عليه وسلّم جعل الخاتمة ) وهي الصلاة ( نظير الأولي ) ، وهي النساء ؛ ليشعر بأن النهاية تشبه البداية ( في التأنيث ) ؛ ليشعر بأن مرجع الأسماء إلى الذات الإلهية ، ( وأدرج ) أي : وسط ( بينهما التذكير ) ؛ ليشعر بأن تردد الرجال إنما هو بين الذات والأسماء ، لكن لا يقصدون في الأسماء سوى الذات ،

( فبدأ بالنساء ) للاهتمام بهن من حيث كونهن مظهر الذات ، ( وختم بالصلاة ) ليشعر بأن طالب الذات لا يجدها إلا في لبسه الأسماء ، ولكن من حيث رجوعها إلى الذات بدليل اعتبار التأنيث فيها أيضا إذ ( كلتاهما تأنيث والطيب بينهما ) ؛ ليعلم أن الطيب إنما يكون لمن يدور بينهما ، فإنه كمال الرجال ، فالطيب بين التأنيث ( كهو ) ، أي : الرجل ( في الوجود ) الذي هو أول كمالاته وآخرها [ تحت ] أن يشبه الأول .


( فإن الرجل في الوجود مدرج بين ذات ) إلهية ( ظهر عنها ) على صورتها ، ( وبين امرأة ظهرت ) تلك المرأة ( عنه ) على صورته ، ( فهو ) في حال الكمال أيضا ( بين مؤنثين ذات ) وأسماء من حب رجوعها إلى الذات ، لكن في وجوه الأول السابق مؤنث غير حقيقي ، والثاني مؤنث حقيقي ، وفي النهاية كلا المؤنثين غير حقيقيين ؛ لأن الكمال أزال عنهما الانفعال ، لكن الترتيب في الخبر على عكس وجود الرجل .

كما أشار إليه بقوله :
( كذلك ) ، أي : مثل وجود الرجل من مؤنثين حقيقي وغير حقيقي الطيب ، إذ ( النساء تأنيث حقيقي ، والصلاة تأنيث غير حقيقي ، والطيب مذكر بينهما ) ، لكن المؤنث الأول في وجود الرجل غير حقيقي ، والثاني حقيقي ، والطيب بالعكس ؛ ليشعر بأن أول أمر الطيب الانفعال بتحصيل الأخلاق الطيبة حتى إذا كمل سار مترددا بين الذات والأسماء في الفعل بهما فيمن دونه ، فمرجعه إلى التأنيث من حيث هو عبد ، لكنه لما تصور بصورة الحق صار كأنه غير منفعل عند ظهور جهة الفاعلية فيه ، وكان عند وجوده الأول لا ينفعل عن الهوى أولا ، ثم صار منفعلا عنه ، ولما لم يظهر هذا التمثيل في كل رجل وامرأة ، وتردد في كون آدم من الذات أو من الصفة عند القائل بهما أو من العلة عند القائل بها .

قال : ( كآدم ) مدرج ( بين الذات الموجود هو عنها ) إما باعتبار الروح فظاهر ، وإما باعتبار البدن ؛ فلأن تجمير طينته منسوب إليها ( وبين حواء الموجودة عنه ) ، وإن كان موجدها الذات أيضا ، لكن السبب يتنزل منزلة الموجد ، ( وإن شئت قلت ) : نظرا إلى استغناء الذات عن العالمين مدرج بين ( الصفة ) الإلهية وبين حواء مؤنثة ، أي : ( فالصفة مؤنثة أيضا وإن شئت قلت ) : نظرا إلى أن في الصفات ما هو مذكور كالعلم ، والسمع والبصر والكلام بين ( القدرة ) وحواء ( فمؤنثه أيضا ، فكن على أي مذهب شئت ، فإنك لا تجد ) في المبدأ ( إلا التأنيث ) مقدما على المذكر حتى ( عند أصحاب العلة ) ، وهم الفلاسفة ( الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم ) ؛ لقولهم : بأنه موجب بالذات ، فجعلوا العالم قديما ؛ لامتناع تخلف المعلول عن علته ( والعلة مؤنثة ) هذا ما يتعلق بحب النساء من الحكمة .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )

كما أشار إليه بقوله : ( فعلَّمه الله ما لم يكن يعلم ، وكان فضل الله عليه عظيما ) وذلك الخصوصيّة أنّه عرف رتبة النساء في أمر الإظهار ، الذي هو بصدد تكميله ، ( فغلَّب التأنيث على التذكير ) ظاهرا ، وما أهمل في ذلك التغليب حكم التذكير أيضا ، حيث عبّر عن صورة التغليب ( بقوله : « ثلاث » - بغير « ها » ) وهو علامة التأنيث في لغة العرب .


تأمّل في ترتيب المذكورات في الحديث
قال رضي الله عنه :  ( فما أعلمه صلَّى الله عليه وسلَّم بالحقائق ) عند الإبانة عن مراتبهم في مدارج الإظهار
ومكامن الخفاء ( وما أشدّ رعايته للحقوق ) حيث أعطى كل شيء ما هو حقّه في مراقي كماله عند الإنباء عنه بكلامه .

وجه تقديم ذكر النساء
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه ) من جلائل خواصّ هذا التركيب أنّه ( جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث ) موافقا لما في الوجود من القابليّة الأولى والصورة الخاتمة لها ( وأدرج بينهما المذكر ) إدراج المعنى في الصورة المحيطة به من الطرفين ، وإدراج المتكلم به بين امّه والكلمة الكاملة المنبئة عن الرسالة الختميّة ( فبدأ بالنساء ) التي هي صورة القابليّة الأولى ، التي هن مولد الكلّ ظهورا ( وختم بالصلاة ) التي هي الصورة الخاتمة التي هي مجمع الجميع ، من الفاتحة إلى الخاتمة إظهارا .

قال رضي الله عنه :  (وكلتاهما تأنيث ، والطيب بينهما كهو في وجوده ، فإنّ الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه ، فهو بين مؤنّثين ) ، فإنّ التأنيث قد يكون من نفس الجمعيّة الكماليّة والإحاطة الذاتيّة ، التي لا يمكن أن يكون في مقابلته شيء - فضلا عن الذكر - وهو المعبّر عنه بـ "غير الحقيقي " في عرف النحو وأدب العربيّة ، وقد يكون باعتبار مقابلته للذكر الذي هو من نوعه ، وهو المسمّى بالحقيقيّ في ذلك العرف ،

وذلك لأنّ « النون » الذي هو مظهر العين إذا قورن « بالثاء » الذي منه ثوران موادّ الثنويّة لكثرة تفرقتها ، يقتضي إنفاذ حكم الجمع والكثرة ، وهو أن يتولَّد من أكمام الجمعيّة ذات الكثرة ثمرة جمعيّة  أخرى ، إذ ما من كثرة اجتمعت إلَّا ولا بدّ وأن يتولَّد منها شيء آخر ومن هاهنا قيل : " كلّ جمع مؤنث " .

وقد عرفت أن الكثرة قد تطلق على ما يكون في الوحدة الحقيقيّة ، وهي التي بها تسمى « كلا » ، وبهذا الاعتبار نسب إليه الأنوثة ، وهو كثرة اعتباريّة غير حقيقيّة ، فكذلك الأنوثة التي تتفرّع عنها وقد تطلق الكثرة على ما في مقابلة الوحدة وهي الكثرة الحقيقيّة ،
فكذلك الأنوثة المتفرّعة عليها وعرف العربيّة هاهنا طابق التحقيق ، ولذلك بيّن المؤنثين بقوله : ( تأنيث ذات وتأنيث حقيقي ) ، وجعل التأنيث الحقيقي في مقابلة تأنيث الذات .

قال رضي الله عنه :  ( كذلك النساء ) في العبارة الختميّة التي هي الصورة الكاملة للكلّ ( تأنيث حقيقي ، والصلاة تأنيث غير حقيقي ، والطيب مذكَّر بينهما ) فوقوع الطيب هاهنا في هذه الصورة الإظهاريّة الكلاميّة ( كآدم بين الذات الموجود هو عنها ، وبين حوّا ، الموجودة عنه ) في الصورة الظهوريّة الوجوديّة ، هذا على مذهب من جعل الذات مصدرا بدون توسّط ولا تسبّب .

قال رضي الله عنه :  ( وإن شئت قلت : الصفة ) ، على ما ذهب إليه المتكلَّمون ، ممّن جعل الصفة زائدة على الذات ( فمؤنّثة أيضا ، وإن شئت قلت : القدرة ( على ما هو رأى جمهور العامة ، فمؤنثة أيضا ، ) فكن على أيّ مذهب شئت ، فإنّك لا تجد إلَّا التأنيث يتقدّم ، حتى عند أصحاب العلَّة ) - يعني الفلاسفة - وفي التعبير عنهم بهذه العبارة لا يخلو عن نكتة ، وذلك لأنّهم ( الذين جعلوا الحقّ علَّة في وجود العالم ، والعلَّة مؤنثة ) .

ومن اللطائف الكاشفة عن هذا السرّ أنّه لا يمكن أن يشار إلى الهويّة الإطلاقيّة إلَّا في طيّ الثنويّة التقابليّة وصورتها الكاشفة عنها ، وتلك الثنويّة هي التي بها ظهرت الكثرة بمحوضتها ، بدون نسبة جمعيّة ولا سمة وحدة ، إذ لو اعتبرت النسبة معهما كان ثلاثة بالضرورة ، وذلك كما تراه في عبارة الإله والعبد ، والخالق والخلق ، والحقّ والعالم ، والمعشوق والعاشق ، والعلَّة والمعلول وغير ذلك .

 

فمن لم يكن له قوّة الوصول إلى المشهد الجمعيّ وطوى الإطلاق الذاتي بما اعتاد عند السلوك في مسالك ترقّيه من التلبّس بنعلي التقابل ، والتوسّل لدى الانتهاج فيها بهما ، فإنّهم قد ضعف أقدام سعيهم على طيّ ذلك الطوى الكماليّ ، مجرّدا عن ذينك النعلين ، فلذلك لا يعبّرون عن مشهدهم إلَّا بصيغة التأنيث ، والتأنيث والتثنّي من واد واحد عند من تصفّح الألواح الحرفيّة وفي قوله تعالى : " إِنْ يَدْعُونَ من دُونِه ِ إِلَّا إِناثاً  "إشارة جليّة إليه لمن تدبّر فيه .

ومن تلك اللطائف أيضا : أنّ القابليّة الأصليّة - التي هي امّ التعيّنات كلَّها - قد ظهر سلطانها فيمن انتسب إليها من أولادها المتشبّهين بها ، المائلين إليها من جهة سفليّتها ، دون المتشبّهين منهم إلى الآباء العلى ،
وقد عرفت فيما سلف لك إنّ أولاد آدم ، منهم من استفاض من الصور الوجوديّة الكاشفة ، وهم أصحاب الكشف والوجود ، وهم أبناؤه المماثلون لآبائهم ومنهم من استفاض من الصور الكونيّة الحاجبة ، وهؤلاء أهل العقل والبرهان ، وهم بناته المماثلات لامّهاتهم .
وإذا تقرّر هذا ظهر أنّ المنتسبين إلى الامّ إنّما يشيرون أبدا إلى محتد نسبتهم لا يتجاوزون عنه أصلا .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.  )


قال رضي الله عنه :  (فعلّمه اللّه ما لم يكن يعلم وكان فضل اللّه عليه عظيما . فغلّب التّأنيث على التّذكير بقوله : « ثلاث » بغير هاء فما أعلمه صلى اللّه عليه وسلم بالحقائق ، وما أشدّ رعايته للحقوق !
ثمّ إنّه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التّأنيث وأدرج بينهما التّذكير ، فبدأ بالنّساء وختم بالصّلاة وكلتاهما تأنيث ، والطّيب بينهما كهو في وجوده ، فإنّ الرّجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه ، فهو بين مؤنّثين : تأنيث ذات ، وتأنيث حقيقيّ . كذلك النّساء تأنيث حقيقيّ والصّلاة تأنيث غير حقيقيّ والطّيب مذكّر )

( فعلمه اللّه ما لم يكن يعلم ) ، هو بنفسه وهو المعنى الباعث على تغليب التأنيث على التذكير خلاف ما جرت به عادة العرف .
( وكان فضل اللّه عليه عظيما ، فغلب التأنيث على التذكير بقوله « ثلاث » بغير هاء فما أعلمه صلى اللّه عليه وسلم بالحقائق وما أشد رعايته للحقوق) .

(ثم إنه صلى اللّه عليه وسلم ) ، تنبيها بلسان الإشارة على أن الخاتمة نظيرة السابقة الأزلية ( جعل الخاتمة ) في الحديث المذكور ( نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما التذكير ، فبدأ بالنساء وختم بالصلاة وكلتاهما تأنيث والطيب بينهما مذكر كهو ) ، أي كالنبي صلى اللّه عليه وسلم ( في وجوده فإن الرجل مندرج بين ذات ظهر هو ) ، أي ذلك الرجل ( عنها وبين امرأة ظهرت عنه ، فهو بين مؤنثين : تأنيث ذات ، وتأنيث حقيقي . كذلك النساء تأنيث حقيقي والصلاة ).

قال رضي الله عنه :  ( بينهما كآدم بين الذّات الموجود هو عنها وبين حواء الموجودة عنه ، وإن شئت قلت الصّفة فمؤنثة أيضا ، وإن شئت قلت القدرة فمؤنّثة أيضا ، فكن على أيّ مذهب شئت ، فإنك لا تجد إلّا التّأنيث يتقدّم حتّى عند أصحاب العلّة الّذين جعلوا الحقّ علّة في وجود العالم والعلّة مؤنّثة) .

تأنيث غير حقيقي والطيب مذكر (بينهما كآدم بين الذات الموجود هو عنها أو بين حواء الموجودة عنه ، وإن شئت قلت الصفة ) ، كالعلم والإرادة والقدرة ( فمؤنثة أيضا ، وإن شئت قلت : القدرة فمؤنثة أيضا ، فكن على أي مذهب شئت فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم ) ، وهم الحكماء وفي التعبير عنهم بأصحاب العلة إيهام لطيف .
( والعلة مؤنثة . وأما حكمة جعل الطيب مما أحب صلى اللّه عليه وسلم وجعله بعد النساء في الذكر مبنيا على تأخيره في الرتبة ،

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 7:01 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة العشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة العشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة العشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة الطّيب وجعله بعد النّساء فلما في النّساء من روائح التّكوين ، فإنّه أطيب الطّيب عناق الحبيب . كذا قالوا في المثل السائر . ولمّا خلق عبدا بالأصالة لم يرفع رأسه قطّ إلى السّيادة ، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتّى كوّن اللّه عنه ما كوّن . فأعطاه رتبة الفاعليّة في عالم الأنفاس الّتي هي الأعراف الطّيّبة . فحبّب إليه الطّيب : فلذلك جعله بعد النّساء . )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة) ذكر (الطيب وجعله بعد) ذكر (النساء فلما في النساء من روائح التكوين) ، أي الإيجاد الإلهي للمخلوقات (فإنه) ، أي الشأن (أطيب الطيب) ، أي ما يكون منه (عناق) ، أي التزام (الحبيب) خصوصا الحبيب الحقيقي (كذا قالوا في المثل) بفتحتين (السائر) بين الناس لمعنى العام (ولما خلق) نبيا صلى اللّه عليه وسلم (عبدا) خالصا للّه تعالى (بالأصالة) ، أي الاستقلال دون التبعية لشيء من الدنيا والآخرة أي لاعتبار احتياجه إلى اللّه تعالى في أمر من الأمور مطلقا .
 
قال تعالى : وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) سورة الجن .
 
فسماه عبدا للاسم الذاتي الجامع (لم يرفع رأسه) صلى اللّه عليه وسلم (قط) ، أي لم يلتفت ولم يرغب (إلى) شائبة من (السيادة) فعبوديته للّه تعالى محضة (بل لم يزل) عليه السلام (ساجدا) بين يدي اللّه تعالى كما قال تعالى :وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ( 219 ) [ الشعراء : 219 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (واقفا) في خدمة مولاه كما قام من الليل حتى تورمت قدماه فأنزل اللّه تعالى عليه :" طه ( 1 ) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ( 2 ) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى( 3 )"[ طه : 1 - 3 ] ،
أي إلا أن تذكر بالقرآن تذكرة لكل من يخشى اللّه تعالى من الناس (من كونه) صلى اللّه عليه وسلم (منفعلا) أي مخلوقا عن قدرة اللّه تعالى (حتى كوّن) بالتشديد أي خلق (اللّه) تعالى (عنه) صلى اللّه عليه وسلم ما كوّن ، أي خلق من نسائه عليه السلام كما أشار إليه صلى اللّه عليه وسلم بقوله : « استوصوا بالنساء خيرا ، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا » . رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة .
 
قال رضي الله عنه :  (فأعطاه) اللّه تعالى لنبينا عليه السلام (رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس) ، وهو الخلق الجديد المتكرر مع اللمحات من غير التباس ، كما أعطى تعالى ذلك لمن هو دونه عليه السلام آصف بن برخيا وزير سليمان عليه السلام ، فقال :أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ[ النمل:40 ].
 وأتى به كما قال بأمر اللّه تعالى الذي هو "كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ"[ القمر : 50 ] .
بأنه كان من أولي الأمر التي هي ، أي الأنفاس الأعراف جمع عرف بالفتح وهو الرائحة الطيبة الفائحة من حضرة الحق تعالى .
 
قال رضي الله عنه :  (فحبب إليه) صلى اللّه عليه وسلم (الطيب) ، لأنه يذكر ذلك في الجملة ، ويشبهه عنده على قرب منه وعدم غفلة عنه (فلذلك جعله)، أي الطيب في الذكر (بعد النساء).
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة الطيب وجعله بعد النساء فلما في النساء من روائح التكوين ) فإنهن سبب لتكوين الأولاد ( فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب كذا قالوا في المثل السائر ) .
ولما فرغ عن بيان حقائق كلامه شرع في بيان كماله في نفسه فقال ( ولما خلق ) رسول اللّه عليه السلام ( عبدا بالأصالة لم يرفع رأسه قط ) فعلا وقولا ( إلى السيادة بل لم يزل ساجدا واقفا ) أي ثابتا .
 
قال رضي الله عنه :  ( مع كونه منفعلا ) ولم يتجاوز إلى كونه فاعلا ( حتى كوّن اللّه عنه ما كوّن ) كما قال خلقتك من نوري وخلقت الأشياء من نورك ( فأعطاه ) أي أعطى اللّه النبي ( رتبة الفاعلية ) يتصرف بأمر اللّه خلافة عنه ( في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة ) وهي عالم الأرواح المدبرة بنفوسهم في الوجود الشهادي فإن فيها روائح الطيبة الوجودية فعالم الأنفاس بمنزلة النساء في الشهادة فأعطاه رتبة الفاعلية في النساء فكما وجد في النساء روائح التكوين كذلك وجد في عالم الأنفاس روائح الوجود إذ ما يحصل الوجود الشهادي إلا بعالم الأنفاس .
 
قال رضي الله عنه :  ( فحبب إليه الطيب ) كما حبب إليه ما فيه الطيب وهو عالم الأنفاس والنساء فالطيب هو الرائحة الطيبة فكانت عرضا متأخرا الوجود عن الجوهر قائما به قوله فحبب إليه يجوز أن يكون معلوما ومجهولا ( فلذلك ) أي فلأجل كون الطيب متأخرا بالوجود عما يقوم به ( جعله ) أي جعل رسول اللّه عليه السلام الطيب ( بعد النساء).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )
 
قال رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب. كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة. فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )
 
قال رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب. كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة. فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )
يشير رضي الله عنه  إلى أنّه من حيث برزخيته الجامعة لمّا كان منفعلا عن عين العين الجامعة ببرزخيته وفعله وانفعاله ، ظهر صلَّى الله عليه وسلَّم بتحقّق العبدانية المنفعلة بالأصالة عن الربوبية الفعّالة المؤثّرة - ولم يظهر بالربوبية والسيادة ، فآتاه الله الفعل من عين العين ، فتساوى فيه طرفا الفعل والانفعال ، فكان قاب قوسي بحر الوجوب والإمكان بوجوده ، كما كان جامعا بين التعين واللا تعين برتبته ،
وأوتي السيادة العظمى لما تحقّق بالعبودة الكاملة الكبرى ، فكان فاعليته في عالم الأنفاس لكونه أوتي جوامع الكلم ، وهي هيئات اجتماعية نفسية بحقائق الحروف كما علمت ، فلهذا حبّب الطيب إليه ، وتأخيره عن « النساء » كشفا من حيث إنّ النفس متأخّر عن الأصل والأمّ الذي هو المتعيّن الأوّل الذاتي ، وأوّل ما تعيّن وخرج من غير انتقال عن هذا الأمّ هو النفس الذي نفّس الله عن الحقائق كلَّها به ، فظهرت به ، فهو مسبوق بالمتنفّس بذلك النفس المنفّس عن نفسه وعمّا في نفسه ، كما مرّ ، فتذكَّر .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة الطيب وجعله بعد النساء لما في النساء من روائح التكوين ، فإن أطيب الطيب عناق الحبيب كذا قالوا في المثل السائر ، ولما خلق ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عبدا بالأصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة بل لم يزل ساجدا خاضعا واقفا مع كونه منفعلا حتى كوّن الله عنه ما كون فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة ، فحبب إليه الطيب فلذلك جعله بعد النساء)
 
يعنى لما كان عليه الصلاة والسلام متعينا بالتعين الأول منحصرا في برزخيته منفعلا عن الحقيقة عبدا مقيدا في تعينه ظاهرا في خلقيته ، وإن كان جامعا للحقية والخلقية والوجوب والإمكان ، لكن الغالب عليه حكم الخلقية والإمكان ، لم يرفع رأسه إلى السيادة مراعيا للأدب مع الله ، غير مجاوز حد مرتبته في العبودية ساجدا لله غير متكبر ، لأنه غاية التذلل في مقابلة كمال العظمة وصورة الفناء الذي هو من لوازم الإمكان وأحكامه ،
 
واقفا في مقام الانفعال الذي هو حق الممكن وخاصيته بالأصالة ، فإن أصله عدم ثم انفعال من حيث ثبوت عينه من موجده بإيجاده حتى آتاه الله الفعل والتأثير لما فيه من الحقية ، وغلب فيه حكمها على أحكام الخلقية ، وأظهر أحكام الوجوب فتساوى فيه طرف الفعل والانفعال " فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ " الوجوب والإمكان ، وفوض إليه الفاعلية بحكم الخلافة والسيادة الكبرى في عالم الأنفاس لكونه أوتى جوامع الكلم ،
وهي هيئات اجتماعية بحقائق الحروف الأولية : أي المعاني المنفردة الجنسية والفصلية ، والصفات العارضة التي يتركب منها الماهيات المسماة كلمات : أي الحقائق الظاهرة بالوجود الخارجي ، فإن الأنفاس فيضان الوجودات على الحقائق النوعية المتعينة بالتعينات الشخصية حتى يتحقق بالتكوين ،
فنسائم التكوين هي الأنفاس والأعراف : أي الروائح الطيبة ، فعند ذلك حبب له الطيب فلذا أخره عن النساء تنبيها على أن النفس متأخر عن الأصل المتنفس الذي هو الأم ، أي التعين الأول .
وأول ما ظهر عن هذه الأم ، المسماة أم الكتاب باعتبار هو النفس الذي نفس الله به عن الحقائق التي هي أحرف هذا الكتاب وكلماته فظهرت به فهو مسبوق بالمتنفس بذلك النفس ،
 
"" أضاف بالي زاده :-
ذو العرش لاستوائه : أي استواء النبي العرش باسم الرحمن ، فإن العرش مخلوق من العقل الأول الذي هو روحه عليه الصلاة والسلام فكان عليه الصلاة والسلام ذا العرش ، فإن الدرجات كما تنسب إلى الحق تنسب إليه عليه الصلاة والسلام تبعا لا أصله ، فإذا استوى على العرش فلا يبقى فيمن حوى  .أهـ بالى زاده ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة الطيب وجعله بعد النساء ، فلما في النساء من روائح التكوين (
أي ، روائح تكوين أهل العالم . لأن المرأة لها رتبة الأمومة التي بها وجود الأولاد .
وصاحب الكشف يشم روائح وجودهم فيها ويدرك بذوق الشم ، فلذلك جعله بعد ذكر النساء . وتلك الرائحة ألذ الروائح .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإنه "أطيب الطيب عناق الحبيب" . كذا قالوا في المثل السائر . ) أي ، الشأن أن أطيب الطيب ما يجده المحب من عناق الحبيب ، وذلك لأنه يجد فيه رائحة عينه وحقيقته .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما خلق ) رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . ( عبدا بالأصالة ، لم يرفع رأسه قط إلى السيادة ) مراعاة لما تقتضيه عينه الثابتة من العبودية الذاتية الحاصلة من التعين والتقيد وحفظا للأدب مع الحضرة الإلهية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( بل لم يزل ساجدا ) لربه متذللا لحضرته ( واقفا مع كونه منفعلا ) أي ، واقفا في مقام عبوديته ومرتبة انفعاليته . ( حتى كون الله عنه ما كون . ) أي ، حتى وجد الله من روحه جميع الأرواح ومظاهرها .
كما جاء في الحديث : ( إن الله لما خلق العقل ، قال له : أقبل ، فأقبل . ثم قال له : أدبر ، فأدبر . فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب إلى منك ، بك آخذ وبك أعطى وبك أثيب وبك أعاقب ) . - الحديث . و ( العقل ) المذكور هو روحه المشار إليه بقوله : ( أول ما خلق الله نوري ) .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأعطاه رتبة الفاعلية ) بأن جعله خليفة للعالم ، متصرفا في الوجود العيني ، معطيا لكل من أهل العالم كماله .
 
ولما كان كلامه صلى الله عليه وسلم  في الطيب ، جعل ذلك التصرف في عالم الأنفاس فقال رضي الله عنه  : ( في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة ، فحبب إليه الطيب ، فلذلك جعله ) رسول الله ، صلى الله عليه . ( بعد النساء . ) المراد ب‍ ( عالم الأنفاس ) هو عالم الأرواح المؤثرة بأنفاسهم في الوجود الظاهري ، وب‍ ( الأعراف الطيبة ) الروائح الطيبة الوجودية .
 
ولما كانت الأرواح مبادئ للموجودات الشهادية التي تحملها الطبيعة الكلية الروحانية ، صارت موصوفة ب‍ ( الأعراف الطيبة ) .
وهي الروائح الوجودية للأعيان الأزلية العلمية . ولكون هذه الروائح حاصلة بعد وجود الطبيعة التي هي أم بالنسبة إلى الكل ، جعل الطيب بعد ذكر النساء .

 .
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 7:04 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة العشرون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة العشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة العشرون :-                                                 الجزء الثاني


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة الطّيب وجعله بعد النّساء فلما في النّساء من روائح التّكوين ، فإنّه أطيب الطّيب عناق الحبيب . كذا قالوا في المثل السائر ، ولمّا خلق عبدا بالأصالة لم يرفع رأسه قطّ إلى السّيادة ، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتّى كوّن اللّه عنه ما كوّن . فأعطاه رتبة الفاعليّة في عالم الأنفاس الّتي هي الأعراف الطّيّبة ، فحبّب إليه الطّيب : فلذلك جعله بعد النّساء ).

(وأما حكمة الطيب وجعله بعد النساء فلما في النساء من روائح التكوين ) ، فإنهن ، وإن ظهرت فيهن الذات الإلهية ، فإنما ظهرت فيهن من حيث الانفعال المشار إليه في قوله :وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ[ الشورى : 25 ] ، وهو سابق في حق العبد على تخلقه بالأخلاق الإلهية التي هي الروائح الطيبة ، بل إنما تحصل بالانفعال ، وإنما كانت روائح طيبة إذ بها غاية التقرب من المحبوب بحيث يصير فاعلا بأسمائه كفعله ، فكأنه معانق له والمعانقة غاية الطيب ، ( فإنه من أطيب الطيب عناق الحبيب ) ، وهو وإن لم يكن كلام من يتمسك بقوله من الأنبياء والأولياء ؛ فهو مقبول في العامة فيصح التمسك به في باب الإشارات التي تكفي فيها الخطائيات  إذ هم ( كذا قالوا في المثل السائر ) 
ثم استشعر سؤالا بأنه عليه السّلام كيف قدم جهة الانفعال فيما حبب إليه بعد النبوة التي لا تكون إلا بكمال التخلق ؟

فأجاب بقوله : ( ولما خلق صلّى اللّه عليه وسلّم عبدا ) ؛ لأن جهة العبودية فيه ( بالأصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة ) التي يفعل بها بالأسماء الإلهية عند التحقيق بها بعد التخلق ، وإن بلغ من كمال التخلق ما بلغ ، بل من كمال التخلق ما بلغ ، ( بل لم يزل ساجدا ) وهو أنه كان عند التخلق بالأسماء الإلهية ( واقفا مع كونه منفعلا ) عنها إلا فاعلا بها ( حتى كون اللّه عنه ما كون ) بأسمائه التي تخلق بها ، ( فأعطاه رتبة الفاعلية ) بتلك الأسماء ؛ ليتحقق بها بعد التخلق الذي هو انفعال عنها ، وذلك بأن جعله عند كمال التخلق بها ( في عالم الأنفاس ) الرحمانية ( التي هي الأعراف ) ، أي : الروائح ( الطيبة ) عن تلك الأسماء للنفخ في الموجودات .

وهي المشار إليها بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « ألا إن للّه في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها » ، رواه الطبراني في الأوسط  والكبير والسيوطي في الجامع الصغير والهيثمي في مجمع الزوائد
فانقسم هذا الطيب إلى طيب التخلق ، ( فحبب إليه الطيب ) عند كمال طيبه المعنوي الطالب لمناسبة الذي هو الطيب الحسي ، وكان الطيب الأول انفعاليّا وهذا فعليّا ؛ ( فلذلك جعله بعد النساء ) كأنه إذ ضل فيهن الطيب الانفعالي ، فكأنه لظهور الحق بأسمائه فيه ترتيب ،


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )

وجه ذكر الطيب بعد النساء
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة الطيب وجعله بعد النساء ) - وهما حكمتان - ( فلما في النساء من روائح التكوين ) والفعل ، فإنّ أصل ما هي عليه إنّما هو التكوّن والانفعال ، والكلمة الجامعة لا بدّ وأن تكون مع جمعيّتها للأطراف متناسبة الأحكام ، والنساء - مع أنّها في أصل طبيعتها لها الانفعال - فيها رائحة الفعل أيضا ، بتلك الرائحة تناسب الطيب ، ( فإنّه « أطيب الطيب عناق الحبيب » ) أي أشدّه تأثيرا ( - كذا قالوا في المثل السائر - ) الذي به يتكلَّم لسان الوقت في كلّ زمان .
فظهر من هذا الكلام وجه المناسبة بينهما، وحكمة التعرّض للطيب ، وهو الأول من الحكمتين .
وأمّا بيان ترتيبه - وهو الثاني منهما - فهو أنّ النساء عبارة عمّا عليه الأصل من القابليّة والانفعال ، المعبّر عنه في لسان الشريعة بالعبوديّة .

قال رضي الله عنه :  ( ولما خلق عبدا بالأصالة ) ، أي قدّره على ما عليه في أصل جبلَّته وخلقته ( لم يرفع قطَّ رأسه إلى السيادة ) التي هي مقتضى الفعل والظهور ، (بل لم يزل ساجدا ) على جهة عبودته ووجهة عبادته ( واقفا مع كونه منفعلا) غير متجاوز عنه أصلا

قال رضي الله عنه :   ( حتّى كوّن الله عنه ما كوّن ، فأعطاه ) الله ( رتبة الفاعليّة ) والظهور بها ( في عالم الأنفاس ) ، بصورها المظهرة الكلاميّة ، الكاشفة عن سيماء الكلّ .

فعلم إنّ عالم الأنفاس والمرتبة الكلاميّة ( التي هي الأعراف الطيّبة ) متأخّرة عن العبد ، متكوّنة عنه بالكون الإلهي ، ( فحبّب إليه الطيب ) الذي هو آخر المراتب ، فإنّه إشارة إلى مرتبة النفس الرحماني ، الذي هو مادّة الكلام وهو صورته ، ( فلذلك جعله بعد النساء ) التي هي كناية عن القابليّة الأولى ، فهما صورتا الأول والآخر ، والصلاة هي صورة الجمعيّة التي بها يصل الأول بالآخر .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. )

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة الطّيب وجعله بعد النّساء فلما في النّساء من روائح التّكوين ، فإنّه أطيب الطّيب عناق الحبيب . كذا قالوا في المثل السائر . ولمّا خلق عبدا بالأصالة لم يرفع رأسه قطّ إلى السّيادة ، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتّى كوّن اللّه عنه ما كوّن . فأعطاه رتبة الفاعليّة في عالم الأنفاس الّتي هي الأعراف الطّيّبة . فحبّب إليه الطّيب : فلذلك جعله بعد النّساء .)

( وأما حكمة ) جعل ( الطيب ) مما أحب صلى اللّه عليه وسلم ( وجعله بعد النساء ) في الذكر مبنيا على تأخيره في الرتبة ، أما الأولى ( فلما في النساء من روائح التكوين ) ، متضاعفة أي تكوين اللّه إياها في أنفسها وتكوين الأولاد منها وفيها مرتبة ، وأما روائحه فالنفحات الجودية والأنفاس الرحمانية الوجودية التي تشم منها من حيث أنفسها ومن حيث أولادها الذين منهم الطيبون والطيبات ،

فكما وجدت النساء بمقتضى قوله : حبب إليّ النساء مرتبة المحبوبين له صلى اللّه عليه وسلم كذلك الروائح الطيبة الفائحة منهن عند لقائها وعناقها صارت محبوبة ( فإن أطيب الطيب عناق الحبيب ) ، أي ما يثمر عناقه ( كذا قالوا في المثل السائر ) ، وحيث حبب إليه تلك الروائح بتبعية النساء حبب إليه كل طيب يكون وراءها لأنه صورتها ، وأما الثاني فلأن النساء في أصل جبلتهن للقابلية والانفعال عما فوقهن .


( و ) النبي صلى اللّه عليه وسلم ( لما خلق عبدا بالأصالة ) ، أي منفعلا متأثرا عن سيده ومولاه في أصل جبلته ( لم يرفع رأسه قط إلى السيادة ) ، التي هي الظهور بالفعل والتأثير ( بل لم يزل ساجدا ) ، على جهة عبوديته ( واقفا مع كونه منفعلا ) غير متحاذر عنه أصلا ( حتى كوّن اللّه عنه ما كوّن فأعطاه رتبة الفاعلية والتأثير في عالم النفوس ) ، حتى أتى بجوامع الكلم

( التي هي الأعراف الطيبة ) ، المتأخرة عن مرتبة عبديته ( فحبب إليه الطيب ، فلذلك ) ، أي ترتب الأعراف الطيبة المرتبة على رتبة فاعليته المتأخرة عن جهة عبوديته التي هي القابلية
والانفعال ( جعله ) ، أي الطيب ( بعد النساء ) التي هي صورة تلك القابلية والانفعال .

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الحادية والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الحادية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الحادية والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فراعى الدّرجات الّتي للحقّ في قوله :رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ[ غافر :15].  لاستوائه عليه باسمه الرّحمن . فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرّحمة الإلهيّة : وهو قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] ، والعرش وسع كلّ شيء .والمستوي الرّحمن فبحقيقته يكون سريان الرّحمة في العالم كما قد بيّناه في غير موضع من هذا الكتاب ومن الفتوح المكّي . )
 
قال رضي الله عنه :  (فراعى) صلى اللّه عليه وسلم (الدرجات التي للحق) تعالى فإن عالم الأمر الذي كني عنه بالأنفاس لا يتبين وتفوح به روائح الإيجاد الإلهي إلا بعد عالم الخلق لأنها درجات بعضها فوق بعض وإن كان الأعلى مقدما على الأسفل (في قوله) تعالى (رفيع الدرجات ذو) ، أي صاحب (العرش) وهو غاية الدرجات في الرفعة (لاستوائه تعالى عليه) ، أي على العرش (باسمه الرحمن) الجامع لجميع الأسماء الحسنى كما قال تعالى :الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى( 5 ) [ طه : 5 ] .
 
وقال تعالى :"قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى"[الإسراء:110].
(فلا يبقى فيما حواه العرش) الحاوي لكل مخلوق من ، أي شيء (لا تصيبه الرحمة الإلهية) المتجلي بها الرحمن تعالى (وهو) ، أي هذا المعنى هو معنى (قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] والعرش وسع كل شيء )، إذ لا شيء خارج عنه أصلا (والمستوي) ، أي المستولي والمتجلي عليه هو (الرحمن) سبحانه كما في الآية .
 
قال رضي الله عنه :  (فبحقيقته) ، أي الاسم الرحمن (يكون سريان) ، أي شمول (الرحمة) الإلهية (في العالم) جميعه (كما قدمنا في غير موضع) واحد بل في مواضع متعددة (في هذا الكتاب) الذي هو فصوص الحكم (ومن) كتاب (الفتوح المكية) ، أي الفتوحات المكية أيضا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فراعى ) رسول اللّه عليه السلام في هذا الترتيب ( الدرجات التي للحق في قوله "رَفِيعُ الدَّرَجاتِ") فأول الدرجات العقل الأول وهو آدم الحقيقي والثاني النفس الكلية وهي حوّاء فالعقل الأول مذكر بين المؤنثين ذات الحق والنفس الكلية فراعى النبي عليه السلام هذه الدرجات الإلهية بجعل المذكر بين المؤنثين
فكان رسول اللّه رفيع الدرجات الثلاث بإضافة حبهن إليه في قوله : حبب إليّ وكذلك رفيع جميع الدرجات من الجواهر المجردة والأجسام ( ذو العرش لاستوائه ) أي لاستواء النبي العرش ( باسم الرحمن ) فإن العرش مخلوق من العقل الأول الذي هو روح محمد عليه السلام فكان محمد عليه السلام ذا العرش فإن الدرجات كما تنسب إلى الحق تنسب إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم تبعا لا أصالة فإذا استوى الرحمن على العرش .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يبقى فيمن حوى ) أي أحاط واشتمل ( عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية الرحمانية وهو ) أي المعنى المذكور معنى ( قوله تعالى ":وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" والعرش وسع كل شيء والمستوي ) أي الحاكم والمستولى عليه ( الرحمن ) فكان العرش مظهر الرحمن يظهر منه فيض الرحمن على ما تحته من الموجودات ( فبحقيقته ) أي بحقيقة اسم الرحمن ( يكون سريان الرحمة في العالم كما قد بيناه في غير موضع من هذا الكتاب ومن الفتوح المكيّ).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
قال رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن. فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
قال رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن. فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّه من حيث برزخيته الجامعة لمّا كان منفعلا عن عين العين الجامعة ببرزخيته وفعله وانفعاله ، ظهر صلَّى الله عليه وسلَّم بتحقّق العبدانية المنفعلة بالأصالة عن الربوبية الفعّالة المؤثّرة - ولم يظهر بالربوبية والسيادة ، فآتاه الله الفعل من عين العين ، فتساوى فيه طرفا الفعل والانفعال ، فكان قاب قوسي بحر الوجوب والإمكان بوجوده ، كما كان جامعا بين التعين واللا تعين برتبته ،
وأوتي السيادة العظمى لما تحقّق بالعبودة الكاملة الكبرى ، فكان فاعليته في عالم الأنفاس لكونه أوتي جوامع الكلم ، وهي هيئات اجتماعية نفسية بحقائق الحروف كما علمت ، فلهذا حبّب الطيب إليه ، وتأخيره عن « النساء » كشفا من حيث إنّ النفس متأخّر عن الأصل والأمّ الذي هو المتعيّن الأوّل الذاتي ، وأوّل ما تعيّن وخرج من غير انتقال عن هذا الأمّ هو النفس الذي نفّس الله عن الحقائق كلَّها به ، فظهرت به ، فهو مسبوق بالمتنفّس بذلك النفس المنفّس عن نفسه وعمّا في نفسه ، كما مرّ ، فتذكَّر .
 
ثمّ الكراهة والطيب المتقابلان عارضان على حقيقة النفس من جهة المتنفّس والمحلّ القابل ، فهو من حيث الأصالة النفسية طيّب كلَّه ، ثمّ غير الطيّب والطيّب بحسب المدرك والمدرك ، فيحمد ويذمّ ، ويكره ويحبّ بحسب القابل ومزاجه ، فافهم .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
قال رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله تعالى:" رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ " لاستوائه عليه باسم الرحمن ).
 
 فراعى الدرجات التي للحق في قوله :" رَفِيعُ الدَّرَجاتِ " فقدم درجة المتنفس الذي هو اسم الله الرحمن المستوي على العرش ، وبهذا الاستواء وصفه بقوله :" ذُو الْعَرْشِ " ولما كانت الأسماء نسبا ذاتية موقوفة على المسمى غير أو سوى وسمت بالعبدانية ، فإنها من الحضرة الإمكانية لتوقف وجودها على وجود الغير فراعى أولا طرف العبدانية في نفسه الشريفة التي هي النسمة المباركة ومظهر الاسم الرحمن ،
ثم عند ترقبه في الدرجات حتى بلغ مبلغ ما أعده الله له من الكمال على ما ذكر قال " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " وذلك عند شمول رحمته للكل ، وحين خوطب " وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ " فإن الرحمن الذي هو مظهره عام الفيض بالنسبة إلى الكل فصح قوله : لولاك لما خلقت الأفلاك ، فإنها من كريم أنفاسه المذكورة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية ، وهو قوله تعالى :" ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " والعرش وسع كل شيء والمستوي عليه الرحمن ، فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما قد بيناه في غير موضع من هذا الكتاب ومن الفتوح المكي )
 
قوله  وجعل الطيب : أي استعمل تعالى في براءة عائشة فجعل الطيب المحض المخصوص بالالتحام النكاحى حاصلا في براءتها ، على أن قوله في هذا الالتحام صفة للطيب ،
وقوله في براءة مفعول ثان لجعل : أي جعل الله الطيب الواقع في هذا الالتحام النكاحى كائنا في براءتها ، لأنه تعالى خص الطيبين بالطيبات في الالتحام النكاحى والطيبات بالطيبين ، وكذا في الخبيثين والخبيثات ، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم أطيب الطيبين فلزم طيب من اختص به في هذا الالتحام ، وانتفاء الخبث عنها بشهادة الله تعالى وبراءتها ، فجعل دولتهم طيبة فتكون روائحهم طيبة وتكون أقوالهم طيبة ، لأن القول نفس والنفس عين الرائحة ، فإنه نكهة فتكون أفعالهم طيبة لأن الأصل الطيب لا يصدر عنه إلا الطيب " والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً "  فالطيب والخبث صفتان متقابلتان عارضتان للنفس بحسب المحل فالنفس من حيث هو نفس أمر إلهي بالأصالة فيكون طيبا بالذات لكنه بحسب المحل الخبيث قد يحصل هيئة طيبة فيصير أطيب.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله : "رفيع الدرجات ذو العرش" لاستوائه عليه باسمه "الرحمن ". ) أي ، فراعى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هذا الترتيب : الدرجات الإلهية والمراتب الكلية التي للحق المشار إليها في قوله : ( رفيع الدرجات ذو العرش ) .
وذلك لأن أول ما وجد هو العقل الأول ، وهو آدم الحقيقي ، ثم النفس الكلية ، منها وجدت النفوس الناطقة كلها ، وهي حواء ثم الطبيعة التي بواسطتها ظهر الفعل والانفعال في الأشياء ، ثم الهيولى الجسمية ، ثم الجسم الكلى ، ثم الفلك الأطلس الذي هو العرش الكريم ، ثم الكرسي ، ثم العنصريات من السماوات والأرض ، على ما مر من أن السماوات متولدة من ( دخان ) الأرض ، ثم حصلت المواليد الثلاث ، وتم الملك والملكوت .
 
وهذه الحقائق كلها درجات إلهية ومراتب رحمانية ، تقدمت عليها النفس الكلية ، وبالتنزل إلى المرتبة الجسمية حصل الاستواء الرحماني .
فالروح المحمدي الذي هو المظهر الرحماني هو الذي استوى على العرش ، فتعم رحمته على العالمين . كما قال : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .
 
قال رضي الله عنه :  (فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية. وهو قوله تعالى: ) أي ، وهذا المعنى المذكور في قوله تعالى : ("ورحمتي وسعت كل شئ ") .
أي ، فليس في كل ما يحيط به هذا الاسم الرحماني ومظهره الذي هو العرش من الموجودات من لا تصيبه الرحمة الرحمانية . وهي كالوجود والرزق وأمثالهما من النعم العامة الظاهرة والباطنة . لذلك قال تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شئ ) .
 
ولما كان العرش محيطا بكل ما فيه من الموجودات - كما قد مر أن العرش الروحاني الذي هو العقل الأول محيط بجميع الحقائق الروحانية والجسمانية والعرش الجسماني محيط بجميع الأجسام - قال : ( والعرش وسع كل شئ ) .
 
وقوله رضي الله عنه  : ( والمستوى "الرحمن" ) إشارة إلى قوله تعالى : "الرحمن على العرش استوى" أي ، الحاكم والمستولي على العرش من الأسماء هو الاسم "الرحمن " والعرش مظهره الذي منه وبه يفيض على ما تحته من الموجودات ، فإن الأسماء من حيث إنها نسب الذات لا تصير مصدرا للأنوار الفائضة منها إلا بمظاهرها الروحانية ، ثم الجسمانية .
 
قال رضي الله عنه :  ( فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم ) أي ، بحقيقة هذا الاسم الرحماني يحصل سريان الرحمة في العالم ، وهي ما يمتاز الاسم به عن غيره .
وإن شئت قلت : وبحقيقة العرش يكون هذا السريان في العالم . وهي العين الثابتة التي ظهر بها الرحمن في العالم ، كما ظهر بالعقل الأول في عالم الأرواح ، وبالفلك الأطلس في عالم الأجسام ، فإن الظاهر والمظهر بحسب الوجود واحد .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب ومن الفتوح المكي . ) من أن حقيقة الاسم هو ما يمتاز به عن غيره ، وهي الصفة ، فإن الذات مشتركة في الكل .

وحقيقة الرحمة الرحمانية التي هي الرحمة الذاتية يقتضى الرحمة الصفاتية التي تظهر في المظاهر العينية بسريانها فيها سريان الرحمة في العالم .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 7:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الحادية والعشرون الجزء الثانية ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الحادية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الحادية والعشرون :-                                                 الجزء الثانية

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
قال رضي الله عنه : ( فراعى الدّرجات الّتي للحقّ في قوله :رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ[ غافر : 15 ] لاستوائه عليه باسمه الرّحمن ، فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرّحمة الإلهيّة ؛ وهو قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف : 156 ] ، والعرش وسع كلّ شيء ، والمستوي الرّحمن فبحقيقته يكون سريان الرّحمة في العالم كما قد بيّناه في غير موضع من هذا الكتاب ومن الفتوح المكّي ).
 
( فراعى ) في ترتيب ما في هذا الخبر ( الدرجات التي للحق ) في ظهوره بالأسماء ، فإنه يظهر أولا بالانفعال وآخرا بالفعل ، وذلك عند استوائه على عرشه الذي هو قلب الكامل .
 
كما هو المشار إليه ( في قوله :رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ) [ غافر : 15 ] ، فأعلى درجات ظهوره كونه ذا العرش ؛ ( لاستوائه عليه باسمه الرحمن ) الذي هو أعلى الأسماء الفاعلية اللاحقة باسم الذات ، في قوله تعالى :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ[ الإسراء: 110].
 
؛ ولذلك اختص به تعالى ، وذلك عموم رحمته ( فلا يبقي فيمن حوى العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية ) .
( وهو ) أي : الدليل على ذلك ( قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) [ الأعراف : 156].
 
، وكيف لا تسع رحمته كل شيء ( والعرش وسع كل شيء ) ؛ لإحاطته لكن العرش الحقيقي هو الحقيقة المحمدية ، ( والمستوي ) عليه أي : العرش المحمدي اسمه ( الرحمن ) ؛ لإحاطته بجميع المراتب حتى أنه وسع العرش الجسماني وما دونه ، فاستوى اسم الرحمن بالحقيقة عليه ويحسب الظاهر على العرش الجسماني ، ( فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم ) الذي يدخل فيه العرش الجسماني وغيره ( كما قدمنا في غير موضع ) واحد ، بل في مواضع كثيرة (من هذا الكتاب ومن الفتوح المكي ) .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فراعى ) صلَّى الله عليه وسلَّم في قوله هذا ( الدرجات التي للحقّ في قوله : " رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ " ) . فإنّك قد عرفت أنّ النفس الرحماني - الذي قد عبّر عنه في بعض الاعتبارات بالطبيعة - جامع لجميع الدرجات والمراتب ، و " ذُو الْعَرْشِ " إشارة إلى ذلك النفس ، المنتسب إلى الرحمن ( لاستوائه عليه باسمه الرحمن ، فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش ) - من الصور الجسمانيّة والجسدانيّة والروحانيّة ، والمعاني الأسمائيّة والحقائق الإلهيّة - ( من لا تصيبه الرحمة الإلهيّة وهو ) الذي أشار إليه ( قوله : " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ  " والعرش وسع كل شيء ، والمستوي الرحمن ) .
فملخص هذا الكلام أنّ الخاتم - صلوات الله وسلامه عليه - هو الذي كان عبدا بالأصالة ، ما فيه غير محض القابليّة وكمال الانفعال حتّى كوّن الله فيه ما كوّن ،
 
إلى أن ظهر صورة شخصه من العرب ، وأعرب عن الكلّ بكلامه ( فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم ، كما قد بيّناه في غير موضع من هذا الكتاب ، ومن الفتوح المكي ) . كتاب الفتوحات المكية
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي. )

قال رضي الله عنه :  ( فراعى الدّرجات الّتي للحقّ في قوله :رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ[ غافر : 15 ] لاستوائه عليه باسمه الرّحمن . فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرّحمة الإلهيّة : وهو قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] ، والعرش وسع كلّ شيء . والمستوي الرّحمن فبحقيقته يكون سريان الرّحمة في العالم كما قد بيّناه في غير موضع من هذا الكتاب ومن الفتوح المكّي . )

( فراعى ) صلى اللّه عليه وسلم في هذا الحديث ( الدرجات التي للحق ) سبحانه ( في قوله :رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ) [ غافر : 15 ] ، والعرش إشارة إلى النفس الرحماني المعبر عنه بالطبيعة الكلية ( لاستوائه ) ، أي لاستواء الحق ( عليه باسم الرحمن . فلا يبقى فيما حواه ) عليه ذلك ( العرش ) ، من الصور الجسمانية والجسدانية والروحانية والمعاني الأسمائية الإلهية والحقائق الكونية المسماة بالأعيان الثابتة

( من لا تصيبه الرحمة الإلهية وهو ) ، ما يدل عليه ( قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ والعرش ) الذي هو النفس الرحماني أيضا ( وسع كل شيء والمستوي ) عليه الاسم ( الرحمن فبحقيقته ) ، أي بحقيقة العرش أو بحقيقة الاسم الرحمن المستوي عليه ( يكون سريان الرحمة في العالم كما قدمنا في غير موضع في هذا الكتاب وفي الفتوح المكية ) وقد جعل الطيب ، الحق تعالى واستعمله في هذا الالتحام النكاحي  المعلوم لكل واحد  .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 15:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثانية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثانية والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  

قال رضي الله عنه :  ( وقد جعل الطّيب في هذا الالتحام النّكاحي في براءة عائشة فقال :الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ[ النور : 26 ] . فجعل روائحهم طيّبة وأقوالهم صادقة لأنّ القول نفس ، وهو عين الرّائحة فيخرج بالطّيّب والخبيث على حسب ما يظهر في صورة النّطق . فمن حيث إنه إلهيّ بالأصالة كلّه طيّب : فهو طيّب ؛ ومن حيث ما يحمد ويذمّ فهو طيّب وخبيث . )

قال رضي الله عنه :  (وقد جعل الطيب اللّه تعالى في هذا الالتحام) ، أي الانضمام والاتحاد (النكاحي) ، فإن النكاح معناه الضم والجمع والالتحام بين الأشياء .

قال الشاعر :إن القبور تنكح الأيامى  .... النسوة الأرامل اليتامى
أي تجمعهن ، وتضمهن ، وتسترهن بالتحامها عليهن ، حيث ذكر تعالى الطيب (في) بيان (براءة عائشة) أم المؤمنين زوجة النبي صلى اللّه عليه وسلم مما رماها به المنافقون مما هي مطهرة منه (رضي اللّه عنها) فقال تعالى : ("الْخَبِيثاتُ") من النساء ("لِلْخَبِيثِينَ") من الرجال أي كائن ذلك في تقدير اللّه تعالى وخلقه على طبق تقديره سبحانه ولا بد من المناسبة في ذلك لأنها العدل الإلهي والوزن المستقيم كما قال تعالى : ("وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ") [الحجر : 19 ] فالمناسبة كائنة من النساء للرجال وبالعكس أيضا .

كما قال الشيخ رضي الله عنه :  ("وَالْخَبِيثُونَ") من الرجال ("لِلْخَبِيثاتِ") من النساء ("وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ ") كذلك ("أُولئِكَ")، أي الطيبات من النساء والطيبون من الرجال (" مُبَرَّؤُنَ") بتغليب الرجال لشرفهم ("مِمَّا يَقُولُونَ") [ النور : 26 ] ، أي المنافقون .

قال رضي الله عنه :  (فجعل) اللّه تعالى (روائحهم) ، أي الطيبات والطيبين المبرئين (طيبة) ، أي زكية حسنة لا خبث فيها ولا قبح (لأن القول نفس) المتكلم بفتح الفاء ، أي الهواء الخارج من فمه (وهو) ، أي النفس (عين الرائحة فيخرج) ، أي النفس من التنفس به (بالطيب) من القول (وبالخبيث) منه (على حسب ما يظهر) ، أي ذلك القول متصفا (به في صورة النطق فمن حيث هو) ، أي ذلك النطق (إلهي) كما قال تعالى الذي أنطق كل شيء (بالأصالة) ، أي من دون شائبة دعوى نفسانية إذ الأصل نسبة الأمور إلى خالقها كله ، أي القول (طيب) لأنه صادر عن الحق تعالى (فهو) ، أي القول (طيب) فقط ولا خبيث منه أصلا (ومن حيث ما يحمد) من ذلك النطق باعتبار معناه وما يذم منه بذلك الاعتبار (فهو) ، أي القول قسمان (طيب) لطيب معناه (وخبيث) لخبث معناه .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  

قال رضي الله عنه :  ( وقد جعل الحق الطيب في هذا الالتحام النكاحي ) أي نكاح الشهادي الواقع بين الرجل والمرأة ( في براءة عائشة رضي اللّه عنها فقال :الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) [ النور : 26 ].


من الافتراء في حقهن فإن عائشة رضي اللّه عنها وباقي أزواجه أطيب الطيبات كما أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم أطيب الطيبين ( فجعل روائحهم ) أي فجعل الحق روائح الطيبين وهي أقوالهم لأن الطيب من يتكلم كلمة طيبة أي صادقة والخبيث من يتكلم كلمة خبيثة وهي كلمة كاذبة طيبة أي صادقة وإنما جعل أقوالهم روائح .

قال رضي الله عنه :  ( لأن القول نفس هو ) أي النفس ( عين الرائحة فيخرج النفس بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق ) أي يخرج النفس من الطيب طيبا ومن الخبيث خبيثا ( فمن حيث هو إلهي بالأصالة كلمة طيب فهو) أي النطق أو القول كله
 ( طيب ومن حيث ما يحمد ويذم ) النفس ( فهو ) أي القول ( طيب وخبيث).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  


قال رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون». فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  
 

قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  

قال رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون». فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب: فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  
يشير رضي الله عنه  إلى أنّه من حيث برزخيته الجامعة لمّا كان منفعلا عن عين العين الجامعة ببرزخيته وفعله وانفعاله ، ظهر صلَّى الله عليه وسلَّم بتحقّق العبدانية المنفعلة بالأصالة عن الربوبية الفعّالة المؤثّرة - ولم يظهر بالربوبية والسيادة ، فآتاه الله الفعل من عين العين ، فتساوى فيه طرفا الفعل والانفعال ، فكان قاب قوسي بحر الوجوب والإمكان بوجوده ، كما كان جامعا بين التعين واللا تعين برتبته ،

وأوتي السيادة العظمى لما تحقّق بالعبودة الكاملة الكبرى ، فكان فاعليته في عالم الأنفاس لكونه أوتي جوامع الكلم ، وهي هيئات اجتماعية نفسية بحقائق الحروف كما علمت ، فلهذا حبّب الطيب إليه ، وتأخيره عن « النساء » كشفا من حيث إنّ النفس متأخّر عن الأصل والأمّ الذي هو المتعيّن الأوّل الذاتي ، وأوّل ما تعيّن وخرج من غير انتقال عن هذا الأمّ هو النفس الذي نفّس الله عن الحقائق كلَّها به ، فظهرت به ، فهو مسبوق بالمتنفّس بذلك النفس المنفّس عن نفسه وعمّا في نفسه ، كما مرّ ، فتذكَّر .

ثمّ الكراهة والطيب المتقابلان عارضان على حقيقة النفس من جهة المتنفّس والمحلّ القابل ، فهو من حيث الأصالة النفسية طيّب كلَّه ، ثمّ غير الطيّب والطيّب بحسب المدرك والمدرك ، فيحمد ويذمّ ، ويكره ويحبّ بحسب القابل ومزاجه ، فافهم .

 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  


قال رضي الله عنه : ( وقد جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحى في براءة عائشة رضي الله عنها فقال :" الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ والْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ والطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ والطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ " فجعل روائحهم طيبة لأن القول نفس ، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب وبالخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق ، فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب فهو طيب ، ومن حيث ما يحمد ويذم فهو طيب وخبيث ) .

قوله  وجعل الطيب : أي استعمل تعالى في براءة عائشة فجعل الطيب المحض المخصوص بالالتحام النكاحى حاصلا في براءتها ، على أن قوله في هذا الالتحام صفة للطيب ،

وقوله في براءة مفعول ثان لجعل : أي جعل الله الطيب الواقع في هذا الالتحام النكاحى كائنا في براءتها ، لأنه تعالى خص الطيبين بالطيبات في الالتحام النكاحى والطيبات بالطيبين ، وكذا في الخبيثين والخبيثات ، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم أطيب الطيبين فلزم طيب من اختص به في هذا الالتحام ، وانتفاء الخبث عنها بشهادة الله تعالى وبراءتها ، فجعل دولتهم طيبة فتكون روائحهم طيبة وتكون أقوالهم طيبة ،

لأن القول نفس والنفس عين الرائحة ، فإنه نكهة فتكون أفعالهم طيبة لأن الأصل الطيب لا يصدر عنه إلا الطيب " والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً "  فالطيب والخبث صفتان متقابلتان عارضتان للنفس بحسب المحل فالنفس من حيث هو نفس أمر إلهي بالأصالة فيكون طيبا بالذات لكنه بحسب المحل الخبيث قد يحصل هيئة طيبة فيصير أطيب ،
 فترتب المدح والذم على النفس بحسب هاتين الهيئتين في النطق ، ألا يرى أن نفس النائم لا يحمد ولا يذم ، وهو طيب في نفسه إما بحسب صورة النطق فمنه طيب ومنه خبيث


"" أضاف بالي زاده :-
والمستوي عليه الرحمن فكان العرش مظهر الرحمن ، يظهر منه فيض الرحمن على ما تحته من الموجودات ، فبحقيقته : أي بحقيقة اسم الرحمن يكون سريان الرحمة في العالم   .أهـ بالى زاده ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».

فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد جعل الطيب الحق تعالى في هذا الالتحام النكاحي ) الواقع بين الرجل والمرأة ، وجعل الطيب ( في براءة عائشة ، فقال : "الخبيثات للخبيثين والخبيثون
للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات" ) لأن الطيب ماله الطيب ، فشهد الحق فيها بأنها طيبة ونفى الخبث عنها بقوله : ("أولئك مبرؤون مما يقولون") لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أطيب الطيبين ، وعائشة وباقي أزواج النبي ، عليه السلام ، أطيب الطيبات .

 
وإنما قلنا إنه أطيب الطيبين ونساؤه أطيب الطيبات ، لأن الأفراد الإنسانية من حيث إن كلا منها إنسان ، ليس فيها خبث ، بل كلها طيب بالطيب الذاتي ، لأن كلا منها مخلوق بيديه وحامل لما عنده من الصفات الإلهية .
وكون بعضها طيبا بالطيب الصفاتي ، وبعضها خبيثا ، إنما هو باتصاف البعض بالكمالات ،
والبعض الآخر بالنقائص ، ولا شك أن أكمل الأفراد الإنسانية من الرجال هو النبي ، وأكملها من النساء أزواجه ، وإذا كان كذلك ، فأولئك مبرؤون عما يقول الظالمون فيهن .
(فجعل روائحهم) أي ، روائح الطيبين ، يعنى ، لوازمهم من الصفات والأفعال طيبة وأقوالهم صادقة ، وروائح الخبيثين خبيثة وأقوالهم كاذبة.

 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لأن القول نفس ، وهو عين الرائحة ) المراد ب‍ ( الرائحة ) هنا اللازم ، إذ الرائحة كيفية من الكيفيات الوجودية ، لازمة للجوهر الذي عرضت فيه .
وإنما جعل ( النفس ) عين الرائحة ، لأنه لازم لوجود المتنفس ، كما أن الرائحة لازمة لمحلها .

ولما استعار لفظة ( الرائحة ) على لوازم وجوداتهم والرائحة لا تدرك إلا بواسطة الهواء شبه اتصافها بالطيب والخبيث بمرور الرائحة واتصافها بأحكام ما مر عليه بواسطة الهواء ترشيحا للاستعارة ، فقال : ( فيخرج بالطيب وبالخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق ) أي ، فيخرج النفس من الطيب بسبب أنه طيب في صورة النطق طيبا ، ومن الخبيث بواسطة أنه خبيث في صورة نطقه خبيثا .

 
فقوله : ( في صورة النطق ) متعلق بقوله : ( فيخرج ) .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن حيث هو إلهي ) أي ، فمن حيث إن النفس منسوب إلى الله ، ( بالأصالة ، كله طيب ، فهو طيب ، ) أي ، فالقول : كله طيب ، لأنه صفة من الصفات الكمالية الإلهية .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن حيث ما يحمد ويذم ، فهو طيب وخبيث . ) أي ، ومن حيث إن القول بعضه محمود وبعضه مذموم ، ينقسم بالطيب والخبيث ويوصف بهما .
 .
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 15 أبريل 2020 - 15:31 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثانية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثانية والعشرون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  

قال رضي الله عنه :  ( وقد جعل الطّيب في هذا الالتحام النّكاحي في براءة عائشة فقال :     الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ[ النور : 26 ] ، فجعل روائحهم طيّبة وأقوالهم صادقة لأنّ القول نفس ، وهو عين الرّائحة فيخرج بالطّيّب والخبيث على حسب ما يظهر في صورة النّطق ، فمن حيث إنه إلهيّ بالأصالة كلّه طيّب ؛ فهو طيّب ؛ ومن حيث ما يحمد ويذمّ فهو طيّب وخبيث . )

ولذلك قال تعالى فيه :وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [ الأنبياء : 107 ] في الاستواء العرشي أنه ( قد جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي ) فيما أنزل ( في براءة عائشة - رضي اللّه عنها ، فقال :الْخَبِيثاتُ) من الأزواج ( لِلْخَبِيثِينَ) من الرجال ،( وَالْخَبِيثُونَ ) من الرجال ( لِلْخَبِيثاتِ ) من الأزواج ،( وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ،وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ ) حصر كل قسم من النساء والرجال فيمن يناسبه في أمر النكاح الكامل الموجب للمودة والرحمة ، ثم قال :( أُولئِكَ )أي : الطيبون من الرجال والنساء( مُبَرَّؤُنَ )[ النور : 26 ] من خباثة أنفسهم يعرف ذلك

( مما يقولون ) ، أي :  من أقوالهم المتزوجة بما في بواطنهم ، ( فجعل روائحهم ) الظاهرة في أقوالهم ( طيبة ) لطيب بواطنهم التي خرجت منها أنفاسهم الحامية لأسرارها وهي ( صادقة أقوالهم ؛ لأن القول نفس ) ، والنفس ريح ، والريح ( هي عين الرائحة ) عند تجاوزها للمريح ، وبواطنهم مريحة ، ( فتخرج ) النفس من الباطن ( بالطيب ) من أثر المريح الباطن وهو الرائحة ، ( وبالخبيث على حسب ما ظهرت ) تلك النفس به عند المقاولة ( في صورة النطق ) ، ولكن إنما يشتم تلك الرائحة الكمّل الذين يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ [ الأعراف : 46] ؛ فلذلك قال تعالى :" فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ " [ محمد : 30 ] .

وهذا النفس الإنساني مظهر النفس الرحماني المنزه عن الخباثة ، ( فمن حيث ) هو ، أي : النفس الإنساني ( إلهي بالأصالة ) ، والنفس الإلهي ( كله طيب ) ، فهو أي : النفس الإنساني باعتبار مظهريته له طيب ، ولكنه ( من حيث ما ) تأثر هذا النفس الإنساني من مخرجه بوصفه الذي ( يحمد ) تارة ( ويذم ) أخرى ، ( فهو ) بهذا الاعتبار ( طيب ) تارة ( وخبيث ) أخرى .

فالنفس الإنساني في هذا الأمر كسائر الموجودات ، فإنها من حيث أعيانها الثابتة في العلم الإلهي المنزه عن الخبائث كلها طيبة ، ومن حيث اتصافها بالعوارض عند ظهورها بصور الأشياء تنقسم إلى طيبة وخبيثة ، فاعتبر صلّى اللّه عليه وسلّم بعضها باعتبار تلك العوارض.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  

قال رضي الله عنه :  ( و ) مما يدلّ على ما ذكرناه في معنى الطيب وأنّه صورة الالتحام الذي في النكاح الساري في جميع الذراري ، إنّه ( قد جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي ) الذي لشخص الخاتم ( في براءة عايشة ) التي هي أقرب النساء والزوجات إليه ( فقال : " الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ" ). من الخباثة التي قد نسبوها إليهم إذ الطيّب لا يخرج منه إلَّا الطيّب ،

قال رضي الله عنه :  ( فجعل روائحهم طيّبة ) والأقوال المتعلَّقة بهم ، الدالَّة على أحوالهم مبرّأة عن النقص والخبث ( لأنّ القول نفس ، وهو عين الرائحة ، فيخرج بالطيّب، وبالخبيث، على حسب ما يظهر به في صورة النطق) من الدلالة على الأعيان وأحوالها، صدقا كان أو كذبا.

 
وجه كون شيء طيّبا أو خبيثا
قال رضي الله عنه :  ( فمن حيث هو إلهيّ بالأصالة ) وأنّه صورة من صور النفس الرحماني ( كله طيّب فهو ) بهذا الاعتبار ( طيّب ، ومن حيث ما يحمد ويذمّ ) بلسان التفصيل ( فهو طيّب وخبيث ) ، وهذا التفصيل لا يتعلَّق بالأعيان أنفسها ، بل إنما يتعلَّق ذلك بأحكامها المترتّبة عليها


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( جعل الطيب تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين  والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث. )  

قال رضي الله عنه :  ( وقد جعل الطّيب في هذا الالتحام النّكاحي في براءة عائشة فقال : الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ [ النور : 26 ] .  فجعل روائحهم طيّبة وأقوالهم صادقة لأنّ القول نفس ، وهو عين الرّائحة فيخرج بالطّيّب والخبيث على حسب ما يظهر في صورة النّطق .)

(وقد جعل الطيب ) ، الحق ( تعالى ) واستعمله ( في هذا الالتحام النكاحي ) المعلوم لكل واحد ( في براءة عائشة رضي اللّه عنها فقال :الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) [ النور : 26 ] في شأنهم من الخبائث التي قد نسبوها إليهم .

( فجعل روائحهم ) ، أي أقوالهم الدالة على أحوالهم ( طيبة ) ، أي مبرأة عن النقص والخبث ( وأقوالهم صادقة لأن القول نفس وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب وبالخبيث على حسب ما يظهر به ) من الدلالة على أعيانهم الموجودات وأحوالها ( في صورة النطق ) ، صدقا كان أو كذبا .

قال رضي الله عنه :  ( فمن حيث إنه إلهيّ بالأصالة كلّه طيّب : فهو طيّب؛ ومن حيث ما يحمد ويذمّ فهو طيّب وخبيث).

(فمن حيث هو إلهي ) منسوب إلى اللّه ( بالأصالة كله طيب فهو ) بهذا الاعتبار ( طيب ومن حيث ما يحمد ) بعضه ( ويذم ) بعضه لانتسابه إلينا ( فهو طيب وخبيث). فقال  صلى اللّه عليه وسلم في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 أبريل 2020 - 5:34 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثالثة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثالثة والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  تكرهه الملائكة بالذات، )

قال رضي الله عنه :  ( فقال في خبث الثّوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها . فالعين لا تكره ، وإنّما يكره ما يظهر منها . والكراهة لذلك إمّا عرفا أو بعدم ملاءمة طبع أو غرض أو شرع ، أو شرع ، أو نقص عن كمال مطلوب وما ثمّ غير ما ذكرناه . ولمّا انقسم الأمر إلى خبيث وطيّب كما قرّرناه ، حبّب إليه الطّيّب دون الخبيث ووصف الملائكة بأنّها تتأذّى بالرّوائح الخبيثة لما في هذه النّشأة العنصريّة من التّعفين فإنّه مخلوق من صلصال من حمأ مسنون أي متغيّر الرّيح ، فتكرهه الملائكة بالذّات .)


قال رضي الله عنه :  (فقال) النبي صلى اللّه عليه وسلم (في خبث الثوم هي) ، أي شجرة الثوم باعتبار ما يبقى من ساقها بعد أخذ ثمرته (شجرة أكره ريحها) . رواه مسلم و البيهقي في سننه الكبرى ورواه غيرهما.


أي ما ينبعث عنها من الرائحة ، فهي خبيثة ، كالقول المنبعث عن المتكلم يطيب ويخبث (ولم يقل) صلى اللّه عليه وسلم (أكرهها) ، أي شجرة الثوم (فالعين لا تكره) لطيبها مطلقا لأنها منسوبة إلى من هي صادرة عنه ، وهو الحق تعالى ، وهو طيب فهي طيبة (وإنما يكره ما ظهر عنها) ، أي من العين من الأوصاف ، لأن ذلك منسوب إلى العين لصدوره عنها بالحكم الإلهي ونسبة السببية .

قال رضي الله عنه :  (والكراهة لذلك) الظاهر من العين المذكورة (إما عرفا) ، أي بحسب العرف ، أي الاصطلاح كما لو اصطلح قوم على كراهة شيء أو أمر من الأمور بينهم (أو بملائمة طبع) لأمر فيكره ذلك الطبع مفارقة ما يلائمه أو ضد ما يلائمه أو ما يلائمه غرض ، أي حظ نفساني كذلك أو شرع ، أي بيان إلهي اقتضى ذلك (أو نقص عن كمال مطلوب) فإنه يقتضي الكراهة أيضا وما ثم بالفتح ، أي هناك من أوجه الكراهة (غير ما ذكرناه) في ذلك. " وفي نسخة أخرى : أو بعدم ملائمة طبع".

قال رضي الله عنه :  (ولما انقسم الأمر) الإلهي وهو القول الحق والكلام المفصل باعتبار معناه المفهوم منه (إلى خبيث) لقبح دلالته ونسبته (وطيب) لحسن دلالته ونسبته (كما قررناه) قريبا (حبب إليه) صلى اللّه عليه وسلم (الطيب) من كل شيء (دون الخبيث) من ذلك (ووصف) صلى اللّه عليه وسلم (الملائكة) عليهم السلام (بأنها) ، أي الملائكة (تتأذى) ، أي تتضرر لطيب نشأتها النورانية (بالروائح الخبيثة) مثل تضرر الضد بضده ثم (لما في هذه النشأة) ، أي الخلقة الإنسانية (العنصرية من التعفين) ، أي تغيير خلقة العناصر بمزجها (فإنه) ، أي صاحب هذه النشأة وهو الإنسان (مخلوق) .

كما قال تعالى :" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ (مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ")[ الحجر : 26 ] طين أسود (متغير الريح) ، أي الرائحة (فتكرهه) ، أي هذا الإنسان باعتبار خلقته الملائكة عليهم السلام (بالذات) ، أي بمقتضى ذاتها وذاته هو أيضا ، وإن أحبته بسبب ما اتصف به من الإيمان والانقياد لأمر اللّه تعالى وطاعته وما اتصف هو به أيضا من ذلك ، فإن خلقته الذاتية تقتضي النفرة عن خلقته الذاتية وكراهتها .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات، )

قال رضي الله عنه :  ( وقال في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها فالعين لا تكره وإنما يكره ما يظهر منها والكراهة لذلك ) أي لما ظهر منها وهي الرائحة التي هي العرض القائم بها ( إما عرفا أو بعدم ملاءمة طبع أو غرض أو شرع أو نقص عن كمال مطلوب وما ثمة ) أي وليس في كراهة العين سبب ( غير ما ذكرناه ولما انقسم الأمر إلى الطيب والخبيث كما قررناه حبب إليه ) أي إلى محمد عليه السلام ( الطيب دون الخبيث ووصف ) النبي عليه السلام .

قال رضي الله عنه :  ( الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفين فإنه ) أي الإنسان ( مخلوق من صلصال من حمأ مسنون أي متغير الريح فتكرهه الملائكة بالذات ) لعدم ملاءمة طبعهم فيكره عين الإنسان لهم لما ظهر منه من تغير الريح فيتضرر مزاج الملائكة دون غيرهم.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات، )

قال رضي الله عنه : ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها. فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه. ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات. )


قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.

قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات. )

قال رضي الله عنه : ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها. فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه. )

يشير رضي الله عنه  إلى أنّه من حيث برزخيته الجامعة لمّا كان منفعلا عن عين العين الجامعة ببرزخيته وفعله وانفعاله ، ظهر صلَّى الله عليه وسلَّم بتحقّق العبدانية المنفعلة بالأصالة عن الربوبية الفعّالة المؤثّرة - ولم يظهر بالربوبية والسيادة ، فآتاه الله الفعل من عين العين ، فتساوى فيه طرفا الفعل والانفعال ، فكان قاب قوسي بحر الوجوب والإمكان بوجوده ، كما كان جامعا بين التعين واللا تعين برتبته ،
وأوتي السيادة العظمى لما تحقّق بالعبودة الكاملة الكبرى ، فكان فاعليته في عالم الأنفاس لكونه أوتي جوامع الكلم ، وهي هيئات اجتماعية نفسية بحقائق الحروف كما علمت ، فلهذا حبّب الطيب إليه ، وتأخيره عن « النساء » كشفا من حيث إنّ النفس متأخّر عن الأصل والأمّ الذي هو المتعيّن الأوّل الذاتي ، وأوّل ما تعيّن وخرج من غير انتقال عن هذا الأمّ هو النفس الذي نفّس الله عن الحقائق كلَّها به ، فظهرت به ، فهو مسبوق بالمتنفّس بذلك النفس المنفّس عن نفسه وعمّا في نفسه ، كما مرّ ، فتذكَّر .
ثمّ الكراهة والطيب المتقابلان عارضان على حقيقة النفس من جهة المتنفّس والمحلّ القابل ، فهو من حيث الأصالة النفسية طيّب كلَّه ، ثمّ غير الطيّب والطيّب بحسب المدرك والمدرك ، فيحمد ويذمّ ، ويكره ويحبّ بحسب القابل ومزاجه ، فافهم .

 
قال رضي الله عنه : ( ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات. )

يشير رضي الله عنه  إلى ارتفاع الخبيث عن الإدراك ، وإلَّا فمن حيث أعيان الأشياء وما به هي هي ، ومن حيث الوجود الحق المتعين بكل شيء فليس شيء في  العالم خبيثا وما يكون بعض الأمور طيّبا أو خبيثا عند الحق فذلك من حيث تعيّنه في مرتبة ما ، فيطيب له ما يشاكل الحال والوصف والنعت الخصيص بتلك المرتبة ، وتكره أيضا كذلك من حيث هي ما يضارّها ويناقضها ويباينها وينافيها لا غير ، والكل - من حيث هو هو - طيّب له وعنده ، وهو عند الكلّ طيّب كلَّه ، كما مرّ .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات. )

قال رضي الله عنه :  ( فقال في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها فالعين لا تكره ) لأنه أمر إلهي وكذلك النفس ( وإنما يكره ما يظهر منها ، والكراهة لذلك إما عرفا أو بملاءمة طبع أو عرض أو شرع أو نقص عن كمال مطلوب ، وما ثم غير ما ذكرناه )
فلذلك قد يكون المدح والذم في الرائحة والنفس بحسب القابل والشام والسامع ، لا من جهة المحل : أي الرائحة والمنفس ، فقد يكون القول في نفسه طيبا ، ويكرهه السامع لأنه لا يوافق غرضه ، وكذلك الرائحة .

قال رضي الله عنه :  ( ولما انقسم الأمر إلى خبيث وطيب كما قررناه حبب إليه الطيب دون الخبيث ) لمناسبته لذاته الطيبة الطاهرة ( ووصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفين فإنه مخلوق من صلصال من حمأ مسنون ) أي متغير الريح ( فتكره الملائكة بالذات ) لأنه لا بد لهذه النشأة من العفونات والفضلات المنتنة فلا تناسب ذواتهم المجردة الطيبة الطاهرة ، ولذلك أمرنا بطهارة الثوب والجسد ودوام الوضوء لتناسب ذواتنا الذات الملكوتية ، ولذا يحب خبيث الجوهر الخبائث ويكره الطيبات.


"" أضاف بالي زاده :-
فتكره الملائكة بالذات لعدم ملاءمة طبعهم فتكره عين الإنسان لهم لما ظهرت منه من تعين الريح فيتضرر مزاج الملائكة دون غيرهم   .أهـ بالى زاده 
والإنسان على الصورتين : أي مخلوق على صورتي الحق والعالم ، والصورة ما يمتاز به الشيء عن غيره ، والمطلوب هنا أن العالم والإنسان على صورة أسمائه وصفاته فيكون فيهما الاختلاف والتنافي ، فإنه تعالى يحب الشيء ويكرهه لا في مقام جمعه فيوجد فيهما الطيب والخبيث   .أهـ بالى زاده ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات، )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقال في خبث الثوم : هي شجرة خبيثة أكره ريحها . ولم يقل : أكرهها . فالعين لا تكره ، وإنما يكره ما يظهر منها . والكراهة لذلك ) أي ، لما يظهر منها : ( إما عرفا ، أو بعدم ملائمة طبع ، أو غرض ، أو شرع ، أو نقص ) أي ، بسبب شرع أو بسبب نقص ( عن كمال مطلوب وما ثم غير ما ذكرناه . ) .

للاختلاف بحسب الطبائع والأغراض والشرائع قد يكون الشئ محمودا بالنسبة إلى البعض ومذموما بالنسبة إلى الآخر ، حراما في شرع ، حلالا في آخر ، كمالا بالنسبة إلى شئ ، نقصانا بالنسبة إلى الآخر .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولما انقسم الأمر إلى خبيث وطيب كما قررناه حبب إليه الطيب دون الخبيث ووصف النبي ، صلى الله عليه ، الملائكة بأنها تنادي بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفين.)

ولما كان الإنسان مخلوقا من النشأة العنصرية وفيه شئ من التعفين ، قال : ( فإنه ) أي ، فإن الإنسان (مخلوق من"صلصال من حمأ مسنون". أي متغير الريح . فتكرهه الملائكة بالذات ) أي ، فتكره الملائكة الإنسان المتغير الريح الذي هو الخبيث بذواتهم ، لطهارة نشأتهم عن العفونات والفضلات المنتنة .
ولذلك أمرنا بطهارة الثوب والبدن ودوام الوضوء .
واستحب استعمال الروائح الطيبة لتحصل المناسبة بيننا وبين الملائكة ، فتلحق بالطيبن.

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 16 أبريل 2020 - 5:55 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 أبريل 2020 - 5:39 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الثالثة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الثالثة والعشرون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات، )

قال رضي الله عنه :  ( فقال في خبث الثّوم : هي شجرة أكره ريحها ، ولم يقل أكرهها ؛ فالعين لا تكره ، وإنّما يكره ما يظهر منها ، والكراهة لذلك إمّا عرفا أو بعدم ملائمة طبع أو غرض أو شرع ، أو نقص عن كمال مطلوب وما ثمّ غير ما ذكرناه ، ولمّا انقسم الأمر إلى خبيث وطيّب كما قرّرناه ، حبّب إليه الطّيّب دون الخبيث ووصف الملائكة بأنّها تتأذّى بالرّوائح الخبيثة لما في هذه النّشأة العنصريّة من التّعفين ؛ فإنّه مخلوق من صلصال من حمأ مسنون أي متغيّر الرّيح ، فتكرهه الملائكة بالذّات ).

قال رضي الله عنه :  ( فقال : « في خبث الثوم هي شجرة ) خبيثة " . ثم أشار إلى أن خبثها من عوارضها ، فقال : ( « أكره ريحها ») ، رواه مسلم وأحمد في  المسند .

قال رضي الله عنه :  (ولم يقل أكرهها ) مع أنه وصفه بالخباثة ، والخبيث لا بدّ وأن يكره للإشارة إلى أن خباثتها ليست من ذاتها ، وإلا لكانت حين تثبت في العلم الأزلي خبيثة مع أنها منزه عن الخبائث ، ( فالعين ) من حيث ثبوتها في العلم الأزلي ( لا تكره ، وإنما يكره ما ظهر منها ) ، ومع تك ( الكراهة لذلك ) الظاهر ليس من حيث أنه تلك العين ، أو من حيث أنه الظاهر ، بل ( إما عرفا ) لكونه خلاف ما أطبق عليه الجمهور ( أو بعدم ملائمة طبع ، أو بعدم غرض ، أو ) بعدم موافقة ( شرع ، أو ) بوجود ( نقص عن كمال مطلوب ) ، وهذه كلها عوارض ذلك الظاهر ( وما ثمة ) ، أي : في المكروهات سبب الكراهة ( غير ما ذكرنا ) ، فالأشياء وإن كانت طيبة بالأصالة ونظر الكامل إلى الأصل ؛

ولكن ( لما انقسم الأمر ) ، أي : أمر الموجودات بحسب هذه العبارات ( إلى خبيث وطيب كما قررناه ، حبب إليه الطيب ) ؛ لبقائه على صفة الأصل المحبوب ، فهو في ( الخبيث ) المتغير عن الأصل ؛ لأنه بالتغير صار إلى ضد المحبوب ، وإنما لم يحب الخبيث ؛ لبقائه على أصل الفطرة ، والدليل عليه أنه ( وصف الملائكة ) الذين لا يتغيرون عن الفطرة ( بأنها تتأذي من الروائح الخبيثة ) ، وإن لم يكرهها بعض الإنسان بنشأتها لهذه التغييرات ( لما في هذه النشأة العنصرية من التعفين ؛ فإنه مخلوق منصَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ[ الحجر : 26 ] ،
أي : متغير الريح ) ، فهو يحبها بهذا العوارض ، لكن لا عارض في الملائكة ( فتكرهه الملائكة بالذات ) ، فالشيء الواحد يختلف حاله طيبا وخباثة بالنظر إلى المنتفعين به والمتضررين ،


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات، )


قال رضي الله عنه :  ( فقال صلَّى الله عليه وسلَّم في خبث الثوم : « هي شجرة أكره ريحها » ، ولم يقل : " أكرهها " فالعين لا يكره ، وإنما يكره ما يظهر منها ) مما يخالف العرف أو طبعه أو غرضه المطلوب ، أو الشرع الذي في زمانه ، أو يكون ناقصا عن كماله وغايته المطلوبة منه ، فمبدأ الكراهة منحصر في هذه الصور الخمس ، لا مزيد عليها ، كما لا يخفى أمره على الذكيّ ، وإليه أشار بقوله :

مبدأ الكراهة محصور في خمسة  
قال رضي الله عنه :  ( والكراهة لذلك إمّا عرفا ، أو بعدم ملاءمة طبع ، أو غرض ، أو شرع )
والظاهر من السياق أن يكون « الشرع » منصوبا ، ويكون عطفا على قوله :
"عرفا " ، ولكن إنّما جعل كذلك ليدلّ على أنّ العرف إنّما يحكم على الأشياء بما ظهر عنها كراهة وقبولا بمجرّد الاعتياد ، ليست له غاية صحيحة تكون مبدأ لذلك الحكم .

وأمّا غير ذلك ، فلا بدّ وأن يكون ذا غاية صحيحة ، راجعة إلى الحاكم - وهو الكارة هاهنا - أو إلى المحكوم عليه - وهو المكروه - أمّا الأول فمنحصر في الصور الثلاث : أعني الطبع والغرض والشرع فغاية حكم الكراهة ومبدؤه في هذه الثلاثة المذكورة تتعلَّق بصاحب الكراهة ، وهو الكارة .
وقد تتعلَّق مبدأ الكراهة بالمكروه ، وهو الرابع ، وإليه أشار بقوله : ( أو نقص عن كمال مطلوب ) عطفا على عدم ملاءمة .

وهذه الوجوه لها حصر عقلي :
وهو أنّ مبدأ ذلك الحكم إمّا أن يكون مما يتعلَّق بالمكروه ، وهو النقص عن الكمال المطلوب منه - وهو القسم الأخير - أو ممّا يتعلَّق بالكاره .

وذلك إنّما يتحقّق في أربع صور :
فإنّ ما يتعلَّق بالكاره من مبدأ الكراهة إمّا أن يكون مجرّد الاعتياد ومشاهدة أبناء زمانه من المشاركين له في مرتبته على ذلك الكراهة ، ليس له غاية صحيحة وراء ذلك ، كما هو المشاهد من تلبّس كلّ صنف بضرب من اللباس - يكره غيره . أو يكون له غاية صحيحة وراء ذلك ،
وهي لا تخلو عن الوجوه الثلاثة ، فإنّه إمّا أن يكون من طبعه كالاستراحات البدنيّة التي تأبى الطبيعة خلافها أو من النواميس المنزلة الشرعيّة كما في المكاره الشرعيّة أو من النفس وعلوّها التجوّهيّة كالقناعة بالأوضاع المتّصفة ، وذلك هو المعبّر عنه بالغرض وإلى ذلك الحصر أشار بقوله : ( وما ثمّ غير ما ذكرناه ) .


تقسيم الخبيث والطيّب إلى ما بالذات وما بالنسبة
قال رضي الله عنه :  ( ولما انقسم الأمر ) بحسب ما يظهر من الأعيان ( إلى خبيث وطيّب - كما قررناه ) من أنّ الأعيان أنفسها لا يكره ، وإنّما يكره ما يظهر منها - ولذلك ( حبّب إليه ) يعني إلى الخاتم ، الذي بيده أزمّة أمر الإظهار ( الطيّب ، دون الخبيث ) ، تحبّبا إلهيّا على ما هو مقتضى ختمه الكماليّ، وهو غير الحبّ الطبيعي الذي له من حيث أنّه إنسان، فإنّ طبيعة الإنسان من حيث هي مائلة إلى الطيّب والخبيث.

وهذا أيضا من خصائص عبارة « حبّب إليّ » ، فإنّ الإنسان قد يكون الخبيث عنده هو الطيّب ، ويميل إليه ميل حبّ طبيعيّ ، حسبما له من المناسبة الطبيعيّة التي في هذه النشأة العنصريّة الامتزاجيّة التي لا بدّ له من التعفّن ، حتى يحصل المزاج ، والملأ الأعلى - المفارق عن الهيولانيّات - هو المائل إلى الطيّب بالذات .


قال رضي الله عنه :  ( و ) لذلك تراه ( قد وصف الملائكة بأنّها تتأذّى بالروائح الخبيثة ) التي تتبع المزاج الإنساني ، لما ( في هذه النشأة العنصريّة من التعفين ، فإنّه مخلوق " من صَلْصالٍ " ) - وهو الطين الجافّ المنتن - وأشار به إلى المزاج الأول النباتيّ الذي له ، " من حَمَإٍ " وهو الطين المنتن الأسود ، وأشار به إلى المزاج الحيوانيّ الذي له في ثاني الحال ،
وذلك إذا تغيّر بضرب آخر من الطرق المسنونة الواضحة الاعتداليّة حصل المزاج الإنساني الذي هو الثالث من المراتب ، وإليه أشار بقوله : " مَسْنُونٍ ".
وفي سائر المراتب لا بدّ له من التغيير ، وإليه أشار بقوله : ( أي متغيّر الريح ) ، والملائكة لصفاء روحانيتها عن التغيّر المذكور جملة يتنفّر عنها بالطبع ، ( فتكرهه الملائكة بالذات ) ولا يدلّ على كراهته في نفسه فإنّ الطبائع متخالفة، والكراهة بحسب الملاءمة التي مبدؤها الطبيعة.
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.  فتكرهه الملائكة بالذات، )

قال رضي الله عنه :  ( فقال في خبث الثّوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها . فالعين لا تكره ، وإنّما يكره ما يظهر منها . والكراهة لذلك إمّا عرفا أو بعدم ملاءمة طبع أو غرض أو شرع ، أو نقص عن كمال مطلوب وما ثمّ غير ما ذكرناه . ولمّا انقسم الأمر إلى خبيث وطيّب كما قرّرناه ، حبّب إليه الطّيّب دون الخبيث ووصف الملائكة بأنّها تتأذّى بالرّوائح الخبيثة لما في هذه النّشأة العنصريّة من التّعفين فإنّه مخلوق من صلصال من حمأ مسنون أي متغيّر الرّيح ، فتكرهه الملائكة بالذّات .)

( في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها ، فالعين لا تكره وإنما يكره ما ظهر عنها والكراهة لذلك ) ، أي لما يظهر منها ( إما ) واقعه ( عرفا ) ، وعادة بأن تكون هذه الكراهة مجرد الاعتياد ومشاهدة عرف أبناء زمانه من غير ملاحظة غرض صحيح كما هو المشاهد من تلبس أهل كل بلد بنوع من اللباس يكره غيره

( أو بعدم ملائمة طبع ) ، أي بسبب عدم ملائمته لطبع الكاره كالأعمال البدنية التي يكرهها لما في طبعه وجبلته من الكسل والبطالة ( أو ) بسبب عدم ملائمته ( غرض ) بأن لا يكون موافقا لغرض إنكاره كالحريص على اكتساب المال والجاه فإنه يكره كل أمر يعوقه عن ذلك الاكتساب ( أو ) بسبب عدم ملاءمة ( شرع ) ، أي حكم شرعي كبعض المنكرات الشرعية التي يكرهها الشرع ، كما أنها موافقة لطبعه
( أو نقص عن كمال مطلوب ) عطف على عدم ملاءمة طبع ، أي أو يكون مبدأ الكراهة بسبب نقص المكروه عن الكمال المطلوب منه كما يكره بعضنا بعضا لجهله وعدم اتصاله بالأخلاق المرضية والأفعال الحسنة ( وما ثم ) شيء يكون سببا لكراهة ( غير ما ذكرناه ) من الأسباب الخمسة .

(ولما انقسم الأمر إلى خبيث وطيب كما قررناه حبب إليه الطيب دون الخبيث ) تحببا إلهيا لا حبا طبيعيا ( ووصف ) النبي صلى اللّه عليه وسلم ( الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة ) وهذا مبدأ كراهتهم الإنسان
( ثم لما في هذه النشأة العنصرية ) الإنسانية ( من التعفين فإنه مخلوق من صلصال ) وهو الطين الجاف المنتن ( من حمأ ) وهو الطين الأسود المنتن ( مسنون ، أي متغير الريح فتكرهه الملائكة بالذات ) لصفاء روحانيتها عن الأمور المذكورة ؛ ولذلك أمرنا بطهارة الثوب والبدن ودوام الوضوء واستعمال الروائح الطيبة لتحصيل المناسبة بيننا وبين الملائكة فيلحق بالطيبين وذلك لتضرر الأمور المتقابلة بعضها ببعض.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 16 أبريل 2020 - 5:57 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 أبريل 2020 - 5:50 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الرابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الرابعة والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد و ي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
ومن كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الطيب من كل شيء وما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كما أنّ مزاج الجعل يتضرّر برائحة الورد وهي الرّوائح الطّيبة . فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة . ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضرّ بالحقّ إذا سمعه وسرّ بالباطل : وهو قوله :وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ؛ ووصفهم بالخسران فقال :أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [ العنكبوت : 52 ] الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ [ الأنعام : 12 ] فإنّه من لم يدرك الطّيّب من الخبيث فلا إدراك له .  فما حبّب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلّا الطّيّب من كلّ شيء وما ثمّة إلّا هو . وهل يتصوّر أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلّا الطيّب من كلّ شيء ولا يعرف الخبيث أم لا ؟ قلنا هذا لا يكون : فإنّا ما وجدناه في الأصل الّذي ظهر العالم منه وهو الحقّ ، فوجدناه يكره ويحبّ ؛ وليس الخبيث إلّا ما يكره ولا الطّيب إلّا ما يحبّ . )
 
قال رضي الله عنه :  (كما أن مزاج الجعل) بضم الجيم وفتح العين المهملة دابة مولدة من الزبل والنجاسة يتضرر برائحة الورد ، فإذا وضع في الورد يكاد يموت من ريح ذلك وهي ، أي رائحة الورد من الروائح الطيبة دون الخبيثة (فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة) لعدم ملاءمتها لمزاجه .
قال رضي الله عنه :  (ومن كان) من الناس (على مثل هذا المزاج) ، أي مزاج الجعل (معنى) من حيث تولده في المخالفات وإنشاؤه في قبائح الأحوال حتى انطبع على المآثم والفواحش والضلال والغي.
قال رضي الله عنه :  (وصورة) من حيث إنه صار يتضرر بضد ذلك الذي انتشى عليه وانطبع فيه (أضرّ به) ، أي بخلقته (الحق) من الأقوال والأعمال والأحوال (إذا سمعه) من أحد وسر ، أي دخل عليه السرور (بالباطل) من ذلك (وهو) ، أي ما ذكر معنى (قوله) تعالى (والذين آمنوا) ، أي صدقوا وأذعنوا واعترفوا (بالباطل) من الأديان والآلهة (وكفروا باللّه تعالى الحق وما فعلوا ذلك مع وجود عقولهم إلا للمناسبة التي عليها فيما انطبعوا فيه من الغي والضلال وظنوه رشدا وهداية بل قطعوا بأنه كذلك .
قال رضي الله عنه :  (ووصفهم) اللّه تعالى (بالخسران) فيما فعلوا (فقال) تعالى ("أُولئِكَ")، أي الذين فعلوا ما ذكر (هم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم) حيث لم يقدروا من ضعف بصائرهم وأبصارهم بما هم فيه من الضلال أن يفرقوا بين الحق والباطل ، فكأنهم لا نفوس لهم لعدم إمكانهم الانتفاع بها في الفرق المذكور فقد خسروها.
قال رضي الله عنه :  (فإنه) ، أي الشأن من (لم يدرك) بنفسه (الطيب من الخبيث فلا إدراك له) أصلا (فما حبب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا الطيب من كل شيء) لصحة مزاجه صلى اللّه عليه وسلم وكمال نشأته (وما ثم) ، أي هناك في العالم (إلا هو) ، أي الطيب كما سبق في القول إنه من حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب .
 
قال رضي الله عنه :  (وهل يتصوّر) ، أي يجوز أن يكون في هذا العالم مزاج لأحد من المخلوقين (لا يجد إلا الطيب من كل شيء لا يعرف) ، أي ذلك المزاج الأمر (الخبيث ، أم لا) يكون ذلك قلنا في الجواب عن ذلك هذا الأمر المذكور لا يكون أبدا فإنا ما وجدناه ، أي المذكور معشر المحققين في معرفة اللّه تعالى (في الأصل الذي ظهر) جميع هذا العالم منه وهو ، أي ذلك الأصل الحق تعالى فكيف نجده في غيره سبحانه فوجدناه تعالى كما ورد في النصوص يكره أشياء ويحب أشياء .
 
قال تعالى :"وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ"[ التوبة : 46 ] .  وقال :" فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ"[ المائدة : 54 ] .
وفي الحديث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إن اللّه يكره من الرجال الرفيع الصوت ويحب الخفيض من الصوت » . رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي أمامة .
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إن اللّه يكره فوق سمائه أن يخطأ أبو بكر الصديق في الأرض » . رواه الطبراني في الكبير ومسند الشاميين عن معاذ .
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إن اللّه يحب العطاس ويكره التشاؤب » . رواه البخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة .
وليس الخبيث من الأشياء إلا ما يكره سبحانه ولا الطيب منها إلا ما يحبه تعالى.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «والذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، ووصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء و ما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)
 
قال رضي الله عنه  : ( كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة فليس الورد عند الجعل بريح طيبة ) كما أن رائحة النكهة التي حصلت من الصوم يتضرر الإنسان بها وهي عند اللّه أطيب من المسك ( ومن كان ) من الناس ( على مثل هذا المزاج ) أي الجعل ( معنى ) بأن يكون قلبه مائلا إلى الباطل ( وصورة ) بأن يفعل القبائح ( أضرّ به الحق ) وهو ريح طيبة ( إذا سمعه وسرّ بالباطل ) وهو ريح خبيثة فكان محمد عليه السلام عند هذه الطائفة كالورد عند الجعل ( وهو ) أي المذكور ( قوله تعالى :"وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ")[ العنكبوت : 52 ] ، ووصفهم بالخسران .
 
فقال رضي الله عنه  : ("أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ . الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ "فإنه ) أي الشأن ( من لم يدرك الطيب من الخبيث ) كالملائكة التي نازعت في آدم فقالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ولم يدركوا أن آدم طيب مدرج في الخبيث ، ( فلا ادراك له فما حبب إلى رسول اللّه عليه السلام إلا الطيب من كل شيء وما ثمة ) أي وليس في الحقيقة أي بالنسبة إلى مقام الجمع لا بالنسبة إلى المظاهر ( إلا هو ) أي الطيب .
 
قال رضي الله عنه  : ( وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء لا يعرف الخبيث أم لا ، قلنا : هذا لا يكون فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق فوجدناه يكره ويحب وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب ) مبنيان للمفعول هذا باعتبار المظاهر فإن اللّه يحب ويكره بها وأما باعتبار الجمعي الاتحادي فيحب كل شيء وإلا لما أجاد ما يكرهه في المظاهر فظهر أن ما يكرهه في المظاهر يحبه في مقامه الجمعي.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
و من كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «والذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء وما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)


قال رضي الله عنه : ( كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة. و من كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «والذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له. فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء وما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا. 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
و من كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «و الذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، ووصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الطيب من كل شيء وما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)
 
قال رضي الله عنه : ( كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة. و من كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «والذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له. فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء وما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)
 
يشير رضي الله عنه  إلى ارتفاع الخبيث عن الإدراك ، وإلَّا فمن حيث أعيان الأشياء وما به هي هي ، ومن حيث الوجود الحق المتعين بكل شيء فليس شيء في  العالم خبيثا وما يكون بعض الأمور طيّبا أو خبيثا عند الحق فذلك من حيث تعيّنه في مرتبة ما ، فيطيب له ما يشاكل الحال والوصف والنعت الخصيص بتلك المرتبة ، وتكره أيضا كذلك من حيث هي ما يضارّها ويناقضها ويباينها وينافيها لا غير ، والكل - من حيث هو هو - طيّب له وعنده ، وهو عند الكلّ طيّب كلَّه ، كما مرّ .
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضر به الحق إذا سمعه و سر بالباطل: و هو قوله «والذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء و ما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة ، فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة ، ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل ، وهو قوله تعالى :" والَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وكَفَرُوا بِالله " ووصفهم بالخسران فقال :" أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ " ،   "الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ " فإنه لم يدرك الطيب من الخبيث ) أي لم يميزه منه ( فلا إدراك له ، فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الطيب من كل شيء ، وما ثم إلا هو ) أي وما بحضرته إلا هو : أي الطيب ( وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء لا يعرف الخبيث أم لا ؟ قلنا : هذا لا يكون ) إلا إذا انحرف عن الاعتدال الطبيعي وآل إلى مزاج مرضى ، كما أن بعض من انحرف مزاجه يجد من كل شيء رائحة الدخان والعفونة في هذا الإدراك والتمييز
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنا وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق فوجدناه يكره ويحب ، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب )
يعنى رفع الخبيث عن الإدراك بالذوق فإن الطبائع مختلفة ، وليس الطيب إلا ما يلائم مزاج المدرك وطباعه ، والخبيث ما لا يلائم مزاجه وطبعه ، وكل طيب بالنسبة إلى مدرك فقد يكون خبيثا بالنسبة إلى مريض ومزاجه مزاج الذي يستطيبه ويستلذه كما ذكر في رائحة الورد مع الجعل ، فالطيب والخبيث أمران نسبيان ،
فإن المبرود يكره رائحة الكافور والمحرور يستطيعه ، فلا يصح رفع الخبيث عن الكون بالنسبة إلى صور الأسماء المتضادة المؤثرة في العالم ، فأما من حيث أعيان الأشياء وحقائقها من حيث هي هي ، من حيث أن الوجود الحق هو المتعين بكل شيء فليس شيء في العالم خبيثا .
وأما كون بعض الأمور طيبا عند الحق وبعضه خبيثا عنده فذلك من حيث تعين ذلك الشيء في مرتبة ما فيطيب منه ما يشكل مرتبة ويناسبها في الحال ، ويكره منه ما يضادها وينافيها بحسب الحال
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
ومن كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «و الذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله»، ووصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء و ما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، و ليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)
 
واستحب استعمال الروائح الطيبة لتحصل المناسبة بيننا وبين الملائكة ، فتلحق بالطيبن ( كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد ، وهي من الروائح الطيبة ، فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة . ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة ، أضر به الحق إذا سمعه ، وسر بالباطل ) ( وهو ) أي ، هذا المعنى المذكور .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قوله : "والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله" . ووصفهم بالخسران فقال : "أولئك هم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم" فإنه من لم يدرك الطيب من الخبيث ) أي ، من لم يدرك المعنى الطيب الذي هو مدرج في الخبيث وباطن فيه ولم يميز بينهما ( فلا إدراك له . )
وإنما قال كذلك ، لأن ما هو خبيث الذي هو مشتمل بوجه آخر على المعاني الطيبة في نفسها ، فإنه مظهر من مظاهر الهوية الإلهية ، وهي الطيبة ، وإن كان خبيثا في الظاهر .
وأيضا ، لو لم يكن كذلك ، لما وجد من الطيب الحقيقي ، إذ لا بد من المناسبة بين العلة والمعلول ولو بوجه ما . وفي الحقيقة خبث الخبيث وطيب الطيب أمران نسبيان ، يعودان إلى المدرك ، وليس في نفس الأمر إلا الطيب .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا الطيب من كل شئ ، وما ثمة إلا هو.) أي ، وما يكون في حضرته إلا الطيب .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شئ ولا يعرف الخبيث ، أم لا ؟ قلنا : هذا لا يكون : فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه ، وهو الحق ، فوجدناه يكره ويحب ، وليس الخبيث إلا ما يكره ، ولا الطيب إلا ما يحب )
على المبنى للمفعول والعالم على صورة الحق .

 .
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 أبريل 2020 - 5:54 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الرابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الرابعة والعشرون :-                                                 الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد و هي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
و من كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه و سر بالباطل: و هو قوله «و الذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء و ما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه و هو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، و ليس الخبيث إلا ما يكره و لا الطيب إلا ما يحب.)
 
قال رضي الله عنه : ( كما أنّ مزاج الجعل يتضرّر برائحة الورد وهي الرّوائح الطّيبة . فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة . ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضرّ بالحقّ إذا سمعه وسرّ بالباطل : وهو قوله : وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ[ العنكبوت : 52 ] . )
 
( كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي ) في العرف من ( الروائح الطيبة ) ، لكن لا يتضرر بالطيب أحد يكون عنده طيبا ، ( فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة ) لغاية بعده عن الأصل بكثرة التغيرات ؛ ولذلك ( من كان على هذا المزاج ) الجعلي ( معنى ) بذهاب إنسانيته ( وصورة ) بدناءة عقله وغمته وتلطخه بالقاذورات آخرية ( الحق ، إذا سمعه وسر بالباطل ) لبعده عن الأصل وألفه للتغيرات الباطلة ، ( وهو ) الذي أشار إليه ( قوله :وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ .)
 
قال رضي الله عنه :  ( ووصفهم بالخسران ؛ فقال :أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [ العنكبوت : 52 ]الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ [ الأنعام : 12 ] ؛ فإنّه من لم يدرك الطّيّب من الخبيث فلا إدراك له ، فما حبّب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلّا الطّيّب من كلّ شيء وما ثمّة إلّا هو ، وهل يتصوّر أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلّا الطيّب من كلّ شيء ولا يعرف الخبيث أم لا ؟
قلنا : هذا لا يكون ؛ فإنّا ما وجدناه في الأصل الّذي ظهر العالم منه وهو الحقّ ، فوجدناه يكره ويحبّ ؛ وليس الخبيث إلّا ما يكره ولا الطّيب إلّا ما يحبّ )
 
وأشار إلى سبب ذلك بما ( وصفهم بالخسران ) للأصل ، ( فقال :أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) [ العنكبوت : 52 ] بطريق الحصر ، ثم بيّن أنه خسران الأصل الذي به إنسانيتهم ، فقال الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ[ الأنعام : 12 ] ؛ لخسران إنسانيتهم بفوات الإدراك ، ( فإنه لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له ) ، والحب فرع الإدراك ، وهو بقدر الإنسانية ، وهي بقدر البقاء على الفطرة ، ( فما حبب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلا الطيب من كل شيء ) ؛ لكمال بقائه على الفطرة التي هي أنسب للأصل ، فيحب بهذه المناسبة ما بقي على الأصل ،
 
وإن كان ( ما ثمة ) أي : في الأصل ( إلا هو ) ، أي : الطيب باعتبار مظهرية الحق ، ونظر الكامل إنما يكون إلى الأصل ، لكنه مع ذلك إنما يحب ما لم يتغير عنه ، وينظر إلى التغيرات بمزاجه الذي يناسبه ، والكامل من المزاج ، وإن كان يدرك الأصل باعتبار رجوعه إلى الوحدة عند إنكار طبائع أجزائه ، لكن ( هل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا ) يدرك ( إلا الطيب من كل شيء ) بحيث ( لا يعرف الخبيث أم لا ، قلنا : هذا ) وإن أمكن عقلا ( لا يكون ) موجودا ، فإن غاية أمر المزاج في ترك الطبائع المختلفة ، والأخذ في الوحدة أن يتشبه بالأصل الذي وجد منه ، لكن ليس هذا في ذلك .
 
( فإن ما وجدناه في الأصل الذي ظهر منه العالم ) الذي من جملته المزاج ، ولما توهم من الأصل هاهنا الهيولى أو العناصر ، قال :وَهُوَ الْحَقُّ[ محمد : 2 ] ، بل وجدنا فيه ما يدل على إدراكه الخبيث والطيب ، ( فوجدناه يكره ) شيئا ( ويحب ) شيئا آخر ، ( وليس الخبيث إلا ما يكره ، ولا الطيب إلا ما يحب ) فوجب في حقه التمييز بينهما كالأصل
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله»، ووصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء وما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)
 
قال رضي الله عنه :  (كما إنّ المزاج الجعلي يتضرّر برائحة الورد ، وهي من الروائح الطيّبة ) في نفسها ، ( فليس الورد عند الجعل بريح طيّبة ) ، فالذي يكره بطبعه من ميله الذاتي وحبّه المزاجي - لا التحبّب الإلهي - سبيله في كراهة الأشياء سبيل الجعل ، وإليه أشار بقوله : ( ومن كان على مثل هذا المزاج صورة ومعنى ) - يعني في المكاره الحسيّة الجسمانيّة التي تخالف طبعه صورة ، والعقليّة الروحانيّة التي تخالف أغراضه معنى ، كما لذوي العقائد التقليديّة من أصحاب الأغراض النفسانيّة - ( أضرّ به الحقّ إذا سمعه ) - كما أضرّ بالجعل رائحة الورد - ( وسرّ بالباطل ) سروره بالرائحة الخبيثة .
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) الذي يدلّ على ذلك في القرآن ( هو قوله تعالى : "وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِالله " ووصفهم بالخسران فقال : " أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ " ، " الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ " )  في عدم الإدراك والكمال العلمي الذي هو أصل بضاعة السفر الوجوديّ ، والحركة الحبّية
( فإنّه من لم يدرك الطيّب من الخبيث فلا إدراك له ) - إذ من شأن الإدراك التمييز.
 
قال رضي الله عنه :  ( فما حبّب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ) بالتحبّب الإلهيّ دون حبّه الطبيعيّ والنفسانيّ ( إلَّا الطيّب من كلّ شيء ، وما ثمّ )  في مشهده الختميّ ومقامه المحمود ( إلَّا هو ) ، يعني الطيّب من كلّ شيء بالتحبّب الإلهيّ لا الحبّ المزاجيّ .
 
هل يمكن رفع الخبيث عن العالم
قال رضي الله عنه :  ( وهل يتصوّر أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلَّا الطيّب من كلّ شيء ولا يعرف الخبيث ) من حيث المزاج والطبيعة ، لا بالتحبّب الإلهيّ ، ( أم لا ) ؟
(قلنا : هذا لا يكون ، فإنّا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر منه العالم ، وهو الحقّ ، فوجدناه يكره ويحبّ ) بهويّته الإطلاقيّة المحتوية على الأضداد وتعانق الأطراف ، ( وليس الخبيث إلا ما يكره والطيّب إلا ما يحبّ ) ، والعالم على صورة الحقّ ، والإنسان على الصورتين صورة العالم وصورة الحقّ .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة. فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة أضر به الحق إذا سمعه وسر بالباطل: و هو قوله «والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله»، ووصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» . فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء وما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون: فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحب.)


قال رضي الله عنه :  ( كما أنّ مزاج الجعل يتضرّر برائحة الورد وهي الرّوائح الطّيبة . فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة . ومن كان على مثل هذا المزاح معنى وصورة أضرّ بالحقّ إذا سمعه وسرّ بالباطل : وهو قوله :"وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ"؛ ووصفهم بالخسران فقال :"أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ"[ العنكبوت : 52 ]. "الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ" [ الأنعام : 12 ] فإنّه من لم يدرك الطّيّب من الخبيث فلا إدراك له .  فما حبّب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلّا الطّيّب من كلّ شيء وما ثمّة إلّا هو . وهل يتصوّر أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلّا الطيّب من كلّ شيء ولا يعرف الخبيث أم لا ؟ قلنا هذا لا يكون : فإنّا ما وجدناه في الأصل الّذي ظهر العالم منه وهو الحقّ، فوجدناه يكره ويحبّ؛ وليس الخبيث إلّا ما يكره ولا الطّيب إلّا ما يحبّ ).


( كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي من الروائح الطيبة ) عند الإنسان ( فليس الورد ) ، أي ريحه ( عند الجعل بريح طيبة ومن كان على مثل هذا المزاج ) ، الجعلي في الأمور الجسمانية الحسية ( معنى ) في المكاره العقلية الروحانية ( وصورة أضرّ به الحق إذا سمعه ) ، كما أضرب بالجعل رائحة الورد ( وسر بالباطل ) ، سرور الجعل بالرائحة الخبيثة ( و ) الذي يدل على ذلك ( هو قوله :وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ ووصفهم بالخسران فقال :أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ[ العنكبوت : 52 ] الذين خسروا أنفسهم فإنه من لم يدرك الطيب ) مميزا إياه
( من الخبيث فلا إدراك له فما حبب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) بالتحبب الإلهي دون التحبب الطبيعي ( إلا الطيب من كل شي وما ثم ) ، أي في الوجود ( إلا هو ) ، أي الطيب
 
( وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء ولا يعرف الخبيث أم لا ؟ قلنا : هذا لا يكون ، فإنّا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه وهو الحق ، فوجدناه يكره ويحب ، وليس الخبيث إلا ما يكره ولا الطيب إلا ما يحبّ).
والعالم على صورة الحق والإنسان على الصورتين صورة الحق وصورة الخلق
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 7 مايو 2020 - 3:41 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 أبريل 2020 - 6:01 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الأول ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌

موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي‌ ‌الطائي‌ ‌الحاتمي‌ ‌جامعها‌ ‌لإظهارها‌ ‌عبدالله‌ ‌المسافر‌ ‌بالله

الفص المحمدي الفقرة الخامسة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

 الفقرة الخامسة والعشرون :-                                                 الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.  وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
 
قال رضي الله عنه :  ( والعالم على صورة الحقّ والإنسان على الصّورتين فلا يكون ثمّة مزاج لا يدرك إلّا الأمر الواحد من كلّ شيء ، بل ثمّة مزاج يدرك الطّيّب من الخبيث ، مع علمه بأنّه خبيث بالذّوق طيّب بغير الذّوق، فيشغله إدراك الطّيّب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون . وأمّا رفع الخبيث من العالم - أي من الكون - فإنّه لا يصحّ . ورحمة اللّه في الخبيث والطّيب . والخبيث عند نفسه طيّب والطيّب عنده خبيث . فما ثمّة شيء طيّب إلّا وهو من وجه في حقّ مزاج ما خبيث : وكذلك بالعكس . )
 
قال رضي الله عنه :  (والعالم) جميعه ما عدا الإنسان الكامل مخلوق (على صورة الحق) تعالى من حيث ظهور محسوسات العالم ومعنوياته كلها كلياتها وجزئياتها عنه تعالى ، فهي آثار أسمائه الحسنى المختلفة التي هي صورته سبحانه ، وقد ظهرت في العالم مسميات تلك الأسماء كلها (والإنسان) الكامل وحده مخلوق (على الصورتين) ، أي صورة الحق تعالى التي هي مجموع أسمائه الحسنى في باطنه وصورة العالم التي هي آثار تلك الأسماء الحسنى في ظاهره .
 
قال رضي الله عنه :  (فلا يكون ثمة) ، أي هناك (مزاج) في العالم . وفي الإنسان الكامل (لا يدرك إلا الأمر الواحد) الذي هو الطيب (من كل شيء) ولا يدرك الخبيث ، ولا بالعكس أيضا لما تقرر (بل ثم) بالفتح ، أي هناك (مزاج يدرك الطيب من) الأمر (الخبيث مع علمه بأنه) ، أي ذلك الخبيث (خبيث بالذوق) ، أي بالحس والوجدان والمعاناة له (طيب) ، أي ذلك الأمر الخبيث (بغير الذوق) له بل بالمعرفة الإلهية (فيشغله) ، أي الإنسان (إدراك الطيب منه) ، أي من ذلك الأمر الخبيث (عن الإحساس بخبثه) ، أي إدراكه (ذلك) هذا الشيء (قد يكون) في الصالحين (وأما رفع) ، أي إزالة (الخبيث) مطلقا (من العالم أي من الكون) كله بحيث لا يبقى له فيه وجود (فإنه) ، أي هذا الأمر (لا يصح) أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  (ورحمة اللّه) تعالى التي وسعت كل شيء (ظاهرة في الخبيث والطيب) أوجدتهما حتى لا يخلو عنها شيء وسعته (والخبيث عند نفسه) ليس بخبيث وإنما هو (طيب والطيب عنده) ، أي عند الخبيث (خبيث فما ثم) ، أي هناك (شيء طيب إلا وهو) ، أي ذلك الطيب (من وجه) آخر في حق مزاج ما ، أي بعض الأمزجة خبيث ، وكذلك بالعكس ، أي ليس شيء خبيث إلا وهو طيب في حق مزاج آخر كما مر آنفا ، أي قريبا في تضررها بالوجود للجعل ، وإن على هذا المزاج من يحصل له السرور بالباطل .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.  وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
 
قال رضي الله عنه :  ( والعالم على صورة الحق والإنسان على الصورتين ) صورة الحق وصورة العالم فقد سبق تفصيله ( فلا يكون ثمة ) أي في العالم ( مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد ) الطيب والخبيث ( من كل شيء بل ثمة مزاج يدرك الطيب من الخبيث مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق فيشغله ) أي فيشغل هذا المزاج ( إدراك الطيب منه ) أي من الخبيث ( عن الإحساس ) أي عن إحساس ذلك المزاج .
 
قال رضي الله عنه :  ( خبثه ) أي خبث ذلك الخبيث ( هذا قد يكون ) أي هذا المزاج قد يوجد ( وأما رفع الخبيث من العالم أي من الكون فإنه لا يصح ) لاختلاف الطبائع ( ورحمة اللّه ) موجودة ( في الخبيث والطيب والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده ) أي عند الخبيث .
 
قال رضي الله عنه :  ( خبيث فما ثمة ) أي فما في الكون ( شيء طيب إلا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث وكذلك بالعكس).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.  وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
 
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.  وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح. ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث. فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
 
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص، 
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
 
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟: 
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا 
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين. 
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
 
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
 
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا.
 
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ 
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.  وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
 
قال رضي الله عنه  : ( فالعالم على صورة الحق والإنسان على الصورتين ، فلا يكون ثمّ مزاج لا يدرك إلَّا الأمر الواحد من كل شيء ، بلى ثمّ مزاج يدرك الطيّب من الخبيث مع علمه بأنّه خبيث بالذوق ، طيّب من غير الذوق ، فيشغله إدراك الطيّب منه عن الإحساس بخبثه ، هذا قد يكون ، وأمّا رفع الخبيث من العالم - أي من الكون - فإنّه لا يصحّ ) .
 
يشير رضي الله عنه  إلى ارتفاع الخبيث عن الإدراك ، وإلَّا فمن حيث أعيان الأشياء وما به هي هي ، ومن حيث الوجود الحق المتعين بكل شيء فليس شيء في  العالم خبيثا وما يكون بعض الأمور طيّبا أو خبيثا عند الحق فذلك من حيث تعيّنه في مرتبة ما ، فيطيب له ما يشاكل الحال والوصف والنعت الخصيص بتلك المرتبة ، وتكره أيضا كذلك من حيث هي ما يضارّها ويناقضها ويباينها وينافيها لا غير ، والكل - من حيث هو هو - طيّب له وعنده ، وهو عند الكلّ طيّب كلَّه ، كما مرّ .
 
قال رضي الله عنه  : ( ورحمة الله في الخبيث والطيّب ) يعني بالنسبة والإضافة . ( والخبيث عند نفسه طيّب ، والطيب عنده خبيث ، فما ثمّ شيء طيّب إلَّا وهو من وجه في حقّ مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس . )
 
يعني  رضي الله عنه  أنّ قرّة عين الحبيب بمشاهدة الحبيب
  
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.  وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
 
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق ، والإنسان على الصورتين فلا يكون ، ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث مع علمه بأنه خبيث بالذوق وطيب بغير الذوق فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه هذا قد يكون ، وأما رفع الخبيث من العالم : أي من الكون فإنه لا يصح )
يعنى رفع الخبيث عن الإدراك بالذوق فإن الطبائع مختلفة ، وليس الطيب إلا ما يلائم مزاج المدرك وطباعه ، والخبيث ما لا يلائم مزاجه وطبعه ، وكل طيب بالنسبة إلى مدرك فقد يكون خبيثا بالنسبة إلى مريض ومزاجه مزاج الذي يستطيبه ويستلذه كما ذكر في رائحة الورد مع الجعل ، فالطيب والخبيث أمران نسبيان ، فإن المبرود يكره رائحة الكافور والمحرور يستطيعه ، فلا يصح رفع الخبيث عن الكون بالنسبة إلى صور الأسماء المتضادة المؤثرة في العالم ، فأما من حيث أعيان الأشياء وحقائقها من حيث هي هي ،
من حيث أن الوجود الحق هو المتعين بكل شيء فليس شيء في العالم خبيثا . وأما كون بعض الأمور طيبا عند الحق وبعضه خبيثا عنده فذلك من حيث تعين ذلك الشيء في مرتبة ما فيطيب منه ما يشكل مرتبة ويناسبها في الحال ،
ويكره منه ما يضادها وينافيها بحسب الحال ، والكل من حيث هو هو طيب له أي لله عنده وعند نفسه أيضا وكذلك عند الكامل العارف وإن وجد خبثه بحسب الحال والمرتبة في الحس كما ذكره ، فإن إدراكه ووجدانه لطيبة من هذه الحيثية يشغله عن إدراك خبثه بالحس
 
فلذلك قال ( ورحمة الله في الخبيث والطيب ) أي حاصلة فيهما بالنسبة والإضافة ، وبالنظر إلى ذات كل واحد منهما (والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث ، فما ثم شيء طيب إلا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس ) كما مر آنفا .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.  وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
 
قوله رضي الله عنه  : ( والعالم على صورة الحق . ) ولا يتوهم أن قول الشيخ : ( فإنا ما وجدناه في الأصل ) ينافي ما ذكرناه ، لأن الحق يحب وجود كل شئ ويريده ، فيوجده ، سواء كان طيبا أو خبيثا . ولو كان يكره شيئا ما مطلقا ، لما أوجده وما يتعلق إرادته به .
 
وقوله رضي الله عنه  : ( فوجدناه يكره ويحب ). محمول على أنه تعالى في المظاهر يحب الشئ ويكرهه ، لا في مقام جمعه ، فإن ( الكراهة ) من الصفات المنسوبة إلى العالم ( الضحك ) و ( الاستهزاء ) وغيرهما ، فما هو منسوب إلى الله في القرآن والحديث كقوله تعالى : (الله يستهزئ بهم) . (وضحك الله البارحة مما فعلتما) .
(والإنسان على الصورتين.) أي ، مخلوق على صورتي الحق والعالم .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلا يكون ثمة مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شئ . ) إما الطيب ، وإما الخبيث .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( بل ثمة مزاج يدرك الطيب من الخبيث ) إذ لا خبيث إلا وله نصيب من الطيب ، ولو بالنسبة إلى بعض الأمزجة .
( مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. ) كما روى عن بعض المشايخ أنه مر مع جمع من المريدين ، فرأى جيفة ملقاة . فقال : ( ما أشد بياض أسنانه )  .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذا قد يكون . وأما رفع الخبث من العالم ، أي من الكون ، فإنه لا يصح . )
لأن الطبائع مختلفة : فما يلائم طبيعة هو عندها طيب ، وما لا يلائمها فهو عندها خبيث . والخبيث عند طبيعة أخرى يلائمها طيب . فإن لعاب فم الإنسان طيب عنده ، سم بالنسبة إلى الحية ، وكذا سم الحية سبب الحياة عندها ، قاتل بالنسبة إلى الإنسان .
والعسل نافع بالنسبة إلى مزاج المبرودين كالمشايخ ، ضار بالنسبة إلى مزاج المحرورين كالشبان ، فلا يمكن رفعه من الكون .
فأما أعيان الأشياء وذواتها لكونها راجعة إلى عين الذات الإلهية فليس شئ منها خبيثا .
( ورحمة الله في الخبيث والطيب . ) أي ، ورحمة الله حاصلة فيهما . ولولا تلك الرحمة ، لما وجد شئ منهما ، إذ الوجود عين الرحمة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والخبيث عند نفسه طيب ، والطيب عنده خبيث . ) لأن الشئ لا يحب إلا نفسه وما يناسبه ، لا ما يضاده .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما ثمة شئ طيب إلا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس. ) كما مر .

 .
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» خطبة الكتاب "السفر الثامن والعشرون" فص حكمة ختمية في كلمة محمدية موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى