المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: موسوعة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي :: موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 2
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
03122019
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين
اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام.
فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز.
فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه.
فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه».
فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله.
فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه.
وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك.
وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها.
ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.
فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي.
فوقع الخلاف بين أهل الملل في عيسى ما هو؟
فمن ناظر فيه من حيث صورته الإنسانية البشرية، فيقول هو ابن مريم.
ومن ناظر فيه من حيث الصورة الممثلة البشرية فينسبه إلى جبريل.
ومن ناظر فيه من حيث ما ظهر عنه من إحياء الموتى فينسبه إلى الله بالروحية فيقول روح الله. أي به ظهرت الحياة فيمن نفخ فيه.
فتارة يكون الحق فيه متوهما- اسم مفعول وتارة يكون الملك فيه متوهما،
وتارة تكون البشرية الإنسانية فيه متوهمة: فيكون عند كل ناظر بحسب ما يغلب عليه.
فهو كلمة الله وهو روح الله وهو عبد الله، وليس ذلك في الصورة الحسية لغيره، بل كل شخص منسوب إلى أبيه الصوري لا إلى النافخ روحه في الصورة البشرية.
فإن الله إذا سوى الجسم الإنساني كما قال تعالى «فإذا سويته» نفخ فيه هو تعالى من روحه فنسب الروح في كونه وعينه إليه تعالى.
وعيسى ليس كذلك، فإنه اندرجت تسوية جسمه وصورته البشرية بالنفخ الروحي، وغيره كما ذكرناه لم يكن مثله.
فالموجودات كلها كلمات الله التي لا تنفد، فإنها عن «كن» وكن كلمة الله. فهل تنسب الكلمة إليه بحسب ما هو عليه فلا تعلم ماهيتها، أو ينزل هو تعالى إلى صورة من يقول «كن» فيكون قول كن حقيقة لتلك الصورة التي نزل إليها وظهر فيها؟
فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد، وبعضهم إلى الطرف الآخر، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري.
وهذه مسألة لا يمكن أن تعرف إلا ذوقا كأبي يزيد حين نفخ في النملة التي قتلها فحييت فعلم عند ذلك بمن ينفخ فنفخ فكان عيسوي المشهد.
وأما الإحياء المعنوي بالعلم فتلك الحياة الإلهية الدائمة العلية النورية التي قال الله فيها «أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» فكل من أحيا نفسا ميتة بحياة علمية في مسألة خاصة متعلقة بالعلم بالله، فقد أحياه بها وكانت له نورا يمشي به في الناس أي بين أشكاله في الصورة.
فلولاه ولولانا ... لما كان الذي كانا
فإنا أعبد حقا ... وإن الله مولانا
وإنا عينه فاعلم ... إذا ما قلت إنسانا
فلا تحجب بإنسان ... فقد أعطاك برهانا
فكن حقا وكن خلقا ... تكن بالله رحمانا
وغذ خلقه منه ... تكن روحا وريحانا
فأعطيناه ما يبدو ... به فينا وأعطانا
فصار الأمر مقسوما ... بإياه وإيانا
فأحياه الذي يدري ... بقلبي حين أحيانا
فكنا فيه أكوانا ... وأعيانا وأزمانا
وليس بدائم فينا ... ولكن ذاك أحيانا
ومما يدل على ما ذكرناه في أمر النفخ الروحاني مع صورة البشر العنصري هو أن الحق وصف نفسه بالنفس الرحماني ولا بد لكل موصوف بصفة أن يتبع الصفة جميع ما تستلزمه تلك الصفة.
وقد عرفت أن النفس في المتنفس ما يستلزمه.
فلذلك قبل النفس الإلهي صور العالم.
فهو لها كالجوهر الهيولاني، وليس إلا عين الطبيعة.
فالعناصر صورة من صور الطبيعة.
وما فوق العناصر وما تولد عنها فهو أيضا من صور الطبيعة وهي الأرواح العلوية التي فوق السموات السبع.
وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.
فبما فيه من الحرارة علا، وبما فيه من البرودة والرطوبة سفل، وبما فيه من اليبوسة ثبت ولم يتزلزل. فالرسوب للبرودة والرطوبة.
ألا ترى الطبيب إذا أراد سقي دواء لأحد ينظر في قارورة مائه، فإذا رآه راسا علم أن النضج قد كمل فيسقيه الدواء ليسرع في النجح.
وإنما يرسب لرطوبته وبرودته الطبيعية.
ثم إن هذا الشخص الإنساني عجن طينته بيديه وهما متقابلتان و إن كانت كلتا يديه يمينا فلا خفاء بما بينهما من الفرقان، و لو لم يكن إلا كونهما اثنين أعني يدين، لأنه لا يؤثر في الطبيعة إلا ما يناسبها و هي متقابلة.
فجاء باليدين: ولما أوجده باليدين سماه بشرا للمباشرة اللائقة بذلك الجناب باليدين المضافتين إليه.
وجعل ذلك من عنايته بهذا النوع الإنساني فقال لمن أبى عن السجود له «ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت» على من هو مثلك- يعني عنصريا أم كنت من العالين عن العنصر ولست كذلك.
ويعني بالعالين من علا بذاته عن أن يكون في نشأته النورية عنصريا وإن كان طبيعيا.
فما فضل الإنسان غيره من الأنواع العنصرية إلا بكونه بشرا من طين، فهو أفضل نوع من كل ما خلق من العناصر من غير مباشرة.
والإنسان في الرتبة فوق الملائكة الأرضية والسماوية، والملائكة العالون خير من هذا النوع الإنساني بالنص الإلهي.
فمن أراد أن يعرف النفس الإلهي فليعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذي ظهر فيه: أي العالم ظهر في نفس الرحمن الذي نفس الله به عن الأسماء الإلهية ما تجده من عدم ظهور آثارها.
فامتن على نفسه بما أوجده في نفسه، فأول أثر كان للنفس إنما كان في ذلك الجناب، ثم لم يزل الأمر ينزل بتنفيس العموم إلى آخر ما وجد.
فالكل في عين النفس ... كالضوء في ذات الغلس
والعلم بالبرهان في ... سلخ النهار لمن نعس
فيرى الذي قد قلته ... رؤيا تدل على النفس
فيريحه من كل غم ... في تلاوته «عبس»
ولقد تجلى للذي ... قد جاء في طلب القبس
فرآه نارا وهو نور ... في الملوك و في العسس
فإذا فهمت مقالتي ... تعلم بأنك مبتئس
لو كان يطلب غير ذا ... لرآه فيه وما نكس
وأما هذه الكلمة العيسوية لما قام لها الحق في مقام «حتى نعلم» ويعلم، استفهما عما نسب إليها هل هو حق أم لا مع علمه الأول بهل وقع ذلك الأمر أم لا فقال له «أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله».
فلا بد في الأدب من الجواب للمستفهم لأنه لما تجلى له في هذا المقام وهذه الصورة اقتضت الحكمة الجواب في التفرقة بعين الجمع، فقال: وقدم التنزيه «سبحانك» فحدد بالكاف التي تقتضي المواجهة والخطاب «ما يكون لي» من حيث أنا لنفسي دونك «أن أقول ما ليس لي بحق» أي ما تقتضيه هويتي ولا ذاتي.
«إن كنت قلته فقد علمته» لأنك أنت القائل، ومن قال أمرا فقد علم ما قال، وأنت اللسان الذي أتكلم به كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه في الخبر الإلهي فقال «كنت لسانه الذي يتكلم به».
فجعل هويته عين لسان المتكلم، ونسب الكلام إلى عبده.
ثم تمم العبد الصالح الجواب بقوله «تعلم ما في نفسي» والمتكلم الحق، ولا أعلم ما فيها. فنفى العلم عن هوية عيسى من حيث هويته لا من حيث إنه قائل وذو أثر.
«إنك أنت» فجاء بالفصل والعماد تأكيدا للبيان واعتمادا عليه، إذ لا يعلم الغيب إلا الله.
ففرق وجمع، ووحد وكثر، ووسع وضيق ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.
ولما كان الأمر ينزل بحكم المراتب، لذلك ينصبغ كل من ظهر في مرتبة ما بما تعطيه حقيقة تلك المرتبة:
فمرتبة المأمور لها حكم يظهر في كل مأمور، ومرتبة الآمر لها حكم يبدو في كل آمر.
فيقول الحق «أقيموا الصلاة» فهو الآمر والمكلف والمأمور.
ويقول العبد «رب اغفر لي» فهو الآمر والحق المأمور.
فما يطلب الحق من العبد بأمره هو بعينه يطلبه العبد من الحق بأمره.
ولهذا كان كل دعاء مجابا ولا بد، وإن تأخر كما يتأخر بعض المكلفين ممن أقيم مخاطبا بإقامة الصلاة فلا يصلي في وقت فيؤخر الامتثال ويصلي في وقت آخر إن كان متمكنا من ذلك. فلا بد من الاجابة و لو بالقصد.
ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة.
ثم أعلم أن للحق الرقيب الاسم الذي جعله عيسى لنفسه وهو الشهيد في قوله عليهم شهيدا. فقال «وأنت على كل شي ء شهيد».
فجاء «بكل» للعموم و«بشيء» لكونه أنكر النكرات.
وجاء بالاسم الشهيد، فهو الشهيد على كل مشهود بحسب ما تقتضيه حقيقة ذلك المشهود. فنبه على أنه تعالى هو الشهيد على قوم عيسى حين قال «وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم».
فهي شهادة الحق في مادة عيسوية كما ثبت أنه لسانه وسمعه وبصره.
ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.
فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه.
«فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى.
وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة.
فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.
فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
15 - نقش فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
من خصائص الروح أنه ما يمر على شيءٍ إلا حيي ذلك الشيء.
ولكن إذا حيي يكون تصرفه بحسب مزاجه واستعداده لا بحسب الروح.
فإن الروح قدسيٌ .
ألا ترى أن النفخ الإلهي في الأجسام المسواه مع نزاهته وعلو حضرته كيف يكون تصرفه بقدر استعداد المنفوخ فيه.
ألا ترى السامري لما عرف تأثير الأرواح كيف قبض فخّار العجل فذلك استعداد المزاج.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 3 ديسمبر 2019 - 10:03 عدل 2 مرات
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى : - الجزء الثانيالفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
15 - فك ختم الفص العيسوى
1 / 15 - اعلم ان لفظ النبي قد وردت بالهمزة وبدونه ، فبالهمزة هو مشتق من النبإ ، وهو الاخبار ، وبدون الهمزة هو من نبا ينبو ، إذا ارتفع ، ومراد شيخنا رضى الله عنه من اقرانه هذه الحكمة بالنبوة ليس بمعنى الاخبار ، فان كل من ذكره من الأنبياء في هذا الكتاب مشتركون في ذلك ، وانما مراده معنى الرفعة ، وسأذكر معنى الرفعة وغيرها من صفات الخصيصة بعيسى عليه السلام ما يسر الله ذكره ، لكن بعد تقديم مقدمة كلية مشتملة على اسرار شتى ، يستعان بها في فهم ما اذكره في شأن عيسى عليه السلام واسرار رفعته .
2 / 15 - فأقول : اعلم ان الموجودات متفاوتة الدرجات في الشرف والخسة والنقص والكمال ، فأي موجود قلت الوسائط بينه وبين موجده او ارتفعت وقلت فيه احكام الكثرة الامكانية وقويت نسبته من حضرة الوحدانية الإلهية كانت اشرف وأتم قربا من الحق من حيث وحدانيته ، وكثرة الوسائط وتضاعف وجوه امكاناتها مع وفور الاحكام الامكانية في الموجود يقضى بخسته ونزول درجته وبعد نسبته من حضرة الوحدانية ، واما النقص والكمال :
فهما بحسب وفور الجمعية بين الصفات الإلهية والحقائق الكونية ، لأنها المستلزمة لوفور الحظ من صورة الحضرة الإلهية التي حذى عليها الصورة الادمية والقرب من مرتبة المضاهاة او بحسب نقصه - اعنى نقص الحظ المذكور - فأي موجود كان اكثر استيعابا للصفات الربانية والحقائق الكونية ظاهرا بها بالفعل ، كانت نسبته من حضرة المضاهاة والخلافة الإلهية اقرب ، وحظه من صورة الحضرة اوفر ، والأقل حظا مما ذكرنا له النقص.
3 / 15 - ثم ان درجات النقص والكمال تتفاوت بحسب قلة الجمعية الفعلية وكثرتها ، وبها تظهر النقائص والكمالات النسبية وتثبت المفاضلة بين الأنبياء والأولياء ، والمستوعب في كل عصر وزمان بالذات والمرتبة والعلم والحال والفعل بجميع الحقائق الأسماء الإلهية والصفات والحقائق الكونية وأحكامها المتصلة أخر كثرته .
برزخ البرازخ الجامع بين الغيب الذاتي الإلهي الإطلاقى واحكام الوحدانية الوجوبية وبين الحقائق والخواص الكونية وأحكامها الامكانية على سبيل الحيطة ، له الكمال الذي يستند اليه مرتبة الخلافة الكبرى ، والوحدانية التي يقرب النسبة منها يثبت الشرف لمن ذكرنا.
4 / 15 - ثم ليعلم انه ما من موجود الا وارتباطه بالحق من وجهين :
الوجه الواحد جهة سلسلة الترتيب والوسائط ، والجهة الاخرى لا حكم فيها لواسطة من الوسائط اصلا ، والمحققون يسمون هذا الوجه : الذي لا واسطة .
فيه بين كل موجود وبين ربه بالوجه الخاص ، غير ان باب هذا الوجه مسدود عن اكثر الخلق من حيثهم : وقد نبه على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما موضع من إشاراته .
فإنه كان يروى أحيانا عن جبرئيل ، وجبرئيل عن ميكائيل وميكائيل عن اسرافيل واسرافيل عن الله تعالى ، وكان يروى أحيانا عن جبرئيل عن الله وكان يروى أحيانا عن الله تعالى - دون واسطة جبرئيل - ويقول : قال لي ربى ، ويقول ايضا : لي مع الله وقت لا يسعني فيه غير ربى ، ويقول : أتاني ربى ، ونحو ذلك .
5 / 15 - وإذا وضح هذا الأصل وما تقدم ذكره فاعلم :
ان جبرئيل وميكائيل وغيرهما - ما عدا القلم الأعلى - يأخذون عن الله بواسطة وبغير واسطة ، وكذلك الأكابر من الأنبياء والأولياء .
ومن جملة ما اخذه جبرئيل عن الله بلا واسطة الكلمة الإلهية العيسوية التي ألقاها الى مريم ، وتلك الكلمة متحصلة من الحروف التي كان اجتماعها سببا لوجود الأرواح وهي ثمانية حروف وتاسعها التجلي النفسي الساري في كل موجود والموجب لظهور السر الإلهي المتعين بعيسى عليه السلام ، وفيه هو معنويات تلك الحروف وانها عبارة عن جملة احكام الوجوب التي هي آثار الأسماء الذاتية وتوجهاتها بتجلى الحق من حيث هي في مرتبة الالوهية ، وتعين ثمانية قابليات في المؤثر فيه - هو تاسعها.
6 / 15 - فتلك ثمانية عشر ومظاهرها من الحروف هذا الترتيب : الباء والجيم والدال والهاء والواو والحاء والطاء والياء والكاف والميم والفاء والقاف والراء والتاء والثاء والخاء والسين والظاء ، وسبب اختلاف وجود الأرواح وأحوالهم هو بحسب مرتبة التي يقع فيها الاجتماع بين توجهات الحقائق المذكورة وما يقابلها من قابليات حقائق الأعيان المؤثر فيها .
7 / 15 - وإذا علمت هذا فاعلم : ان الحروف الغير المنقوطة من هذه الثمانية عشر مظاهر توجهات الحقائق المذكورة ، والمنقوطة مظاهر قابليات الحقائق المؤثر فيها فافهم ، والله اعلم .
8 / 15 - وصورة تأليفها كلها كلمة هي حقيقة روحية عيسى عليه السلام ، وصورة عيسى مكونة من صيغة الكلمة الإلهية بالصفة جبرئيلية ، وبسبب ثباتها في هذا العالم مدة هو مكتسب من سر طبيعة مريم ، وموجب سراية القوة الطبيعية من مريم فبما نفخه جبرئيل من الكلمة هو خاصية التمثيل الجبرئيلى بشرا سويا ، اى حسنا معتدلا ، وحال الفعل هو من وجه شبيه بالاحتلام .
9 / 15 - ولما كان مقام جبرئيل بالسدرة والسدرة مقام برزخى ، لأنه متوسط بين العالم الطبيعة العنصرية وبين عالم الطبيعة الكلية - في مرتبتها الثابتة المختصة بعالم المثال والعرش والكرسي وما اشتملوا عليه - لهذا كانت صورة جبرئيل التي جاء بها مشتملة على خواص ما فوق السدرة وما تحتها .
10 / 15 - واما احياء عيسى الموتى : فلغلبة السر الروحي المتعجن فيه .
11 / 15 - واما الاذن الإلهي له : فعبارة عن تمكين الحق له من فعله ما فعل ، وذلك من آثار الأسماء الذاتية وتوجهاتها التي قلت انها حروف كلمته وحلية صورته هي من النسبة الحاصلة من الصورة الجبرئيلية .
12 / 15 - ومن علم ان جبرئيل هو روح طبيعة عالم العناصر وما ظهر عنها - كالسماوات السبع وما اشتملت عليه العناصر هذا من المولدات - علم ان عيسى عليه السلام من وجه هو صوره روحانية جبرئيل ومظهر مقامه عند السدرة الموصوفة آنفا بالبرزخية كما ان مريم صورة الطبيعة الكبرى ، و يعرف ان فك له ختام ما ذكرت في هذا الفص لم كان عيسى عليه السلام روح الله والى اى اسم ينضاف من الأسماء التي يشتمل عليها الاسم الله .
وساكشف القناع عن بقية اسرار أحواله الكلية ان شاء الله تعالى لتعرف بتوفيق الله وإرشاده من ذلك سر ختميته وسر كونه آخر الأولياء ما حظه من الجمعية الكبرى الخصيصة بالحقيقة الانسانية الإلهية الكمالية المنبه عليها من قبل .
وأنبه على الحكمة التي يتضمنها نزوله ودخوله في دائرة الشريعة المحمدية وانصباغ ما يوحى به اليه حالتئذ بحكمها وصفاتها ، وتعرف من لوازم هذه الأحوال المذكورة من اسرار شئونه وأحكامه زوائد أخر ، يتضمنها التنبيهات المذكورة .
13 / 15 - فأقول بعون الله وتوفيقه وتأييده :
واما سر ختميته عليه السلام فثابتة من وجهين : أحدهما من جهة ما تضمنه الإشارة الإلهية بقوله تعالى : " إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ " [ آل عمران / 59 ] فآدم عليه السلام اول مظهر بصورة الجمعية الحقيقة الانسانية الإلهية التي بها ختم الحق مراتب الإيجاد .
وعيسى عليه السلام ظهر بصفة روح تلك الجمعية لا صورتها ، فان صورته عرضية ومرتبتها مثالية .
فمماثلة عيسى لادم عليهما السلام ثابتة من حيث الجمعية والختمية ولهذا عرف الحق سبحانه آدم في الآية انه: " خَلَقَه من تُرابٍ " [ آل عمران : 59 ].
ليعلم ان المماثلة بين عيسى وآدم ليست من حيث المادة والخلقة ، بل من وجوه اخرى ، كالذي نبهتك عليه من شأن الجمعية والختمية وغيرهما.
14 / 15 - ولما كانت روحية عيسى كلية عامة الحكم بالنسبة الى صورة الكون وأضافها الحق الى نفسه لا بطريق التبعيض ، بل بطريق التشريف ، مع ما علم ان للروح بالنسبة الى الصورة في التعين والظهور مرتبة الاخرية ، و لهذا توقف تعين الأرواح الجزئية وتعلقها بالأبدان للتدبير المستلزم للاستكمال ، على صورة المزاجية التي لها درجة الأولية.
علم ان ختم مرتبة الإيجاد الإنساني الذي ظهرت به الحقيقة الانسانية الجامعة الإلهية انما يكمل بالنفخ الروحي جزء بالنسبة الى افراد صور الأناسي ، وكلا بالنسبة الى مطلق صورة الكون المعبر عنها أحيانا بظاهر الحق وأحيانا بتفصيل الصورة الانسانية الحقيقية .
ومن تتبع ما أسلفناه في هذا الكتاب في هذا الباب وضح له بتأييد الله صحة ما سبقت الإشارة اليه.
15 / 15 - واما الوجه الاخر المنبه على سر ختميته : فهو ما أشار اليه نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت المتضمن جملة من آثار الساعة واماراتها وفيه انه إذا قبض عيسى ومن معه من المؤمنين بريح يأتيهم من قبل الجنة .
وفي رواية : من قبل الشام ،
وفي رواية : من قبل اليمن ،
تأخذهم من تحت آباطهم فيموتون فلا يبقى على وجه الأرض مؤمن ويبقى شرار الناس يتهارشون تهارش حمر الوحش في البرية ، لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما .
فعليهم تقوم الساعة فإذا لم يبق يومئذ على وجه الأرض مؤمن ، فأحرى ان لا يبق ولى ، فثبت ختميته من هذا الوجه ايضا .
16 / 15 - واما حظه من الجمعية الانسانية : فصفة كلية من صفات روح الجمعية وهو الموجب لدخوله في دائرة الشريعة المحمدية وحكمه ، فان سر الاحكام الشرعية ، الروحانية النسبة من حيث الملقى والملقى عليه ، ولما قويت نسبته عليه السلام من روح الجمعية الانسانية وجب دخوله في دائرة الشريعة الجامعة التي هي خاتمة الشرائع وانصباغ ما يوحى به اليه بصبغة الشريعة المحمدية . فافهم .
17 / 15 - واما نزوله فلأمرين :
أحدهما تتميم احكام روح الجمعية - كما نبهت على كلية ذلك .
والامر الاخر هو تنبيه على طلوع الفجر الاخراوى ولهذا يحارب الدجال ، فان الدجال مظهر حقيقة الدنيا وحكم الحق فيها ، ولهذا كان أعور عين اليمنى .
فإنه عديم روح مرتبة الربوبية التي روحها الآخرة دار الحيوان فالنزاع بين مظهر الدنيا والآخرة . ولما كان ذلك الوقت هو زمان طلوع الفجر الاخراوى وزمان موت الدنيا وذهابها ، لزم ان يهلك عيسى الدجال ولزم ان يكون ذلك بباب « لد » من بيت المقدس ، لان ذلك ألد الخصام والنزاع والخصومة .
18 / 15 - فهذا بعض ما يسر الله ذكره من اسرار عيسى عليه السلام ، فان اسراره كثيرة والشروع في بيانها يفضي الى التطويل ، فاكتفيت بهذا ، وسأذكر في فك ختم الفص المحمدي ما بقي من تتمة هذا الأصل ، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل .
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية :
مصطلح النفخ
في اللغة : " نفخ البوق أو الناي وغيره : ملأه بريح أخرجه من فيه " .
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" النفخ : هو الهواء الخارج من تجويف القلب الذي هو روح الحياة " .
ويقول : " ومن شأن الحكم الإلهي أنه ما سوى محلا إلا ويقبل روحا إلهيا عبر عنه بـ النفخ فيه ، وما هو إلا حصول الاستعداد من تلك الصورة المسواة لقبول الفيض المتجلي الدائم الذي لم يزل ولا يزال " .
يقول الشيخ عز الدين عبد السلام:
" النفخ : هو عبارة عما اشتعل به نور الروح في المحل القابل . فالنفخ سبب الاشتعال ، وصورة النفخ في حق الله محال ، والمسبب غير محال " .
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري:
" النفخ : إرسال النفس على المنفوخ فيه " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" النفخة الواحدة من النافخ تطفي السراج وتشعل الحشيش الذي فيه النار ، فلم
ذلك ؟ أللمحل أم للنفخة ؟ " .
يقول الشيخ محيي الدين الطعمي علم النفخ الإلهي:
" علم النفخ الإلهي : هو سبب الحياة السارية في المولدات الأعيانية ، ولولاه لما تولد شيء ، وهذا العلم أصله آدم وعيسى {عليه السلام} " .
تقول د. سعاد الحكيم :
"ان عيسى وجد عن امرين هما: النفخ الإلهي ومريم. فهو وان كان رجلا الا انه منفعل عن النفخ الإلهي الذي اتخذ هنا المرتبة " القلمية " - ان أمكن التعبير."
" النفث: أحد طرق العلم الإلهي، كالالقاء والاملاء والوحي والنفخ. ."
مصطلح النفث :
تقول د. سعاد الحكيم في المعجم الصوفي ابن العربي عن نفث الأنبياء:
" فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: ان روح القدس [جبريل] نفث في روعي ولا يكون النفث الا ريحا بريق، لا بد من ذلك، حتى يعم، فكما أعطاه [الروح القدس] من روحه بريحه. أعطاه [الروح القدس] في نشأته الطبيعية من ريقه. فجمع له الكل في النفث، بخلاف النفخ فإنه: ريح مجرد. . . " (فتوحات ج3/ 370).
مصطلح النفس الرحماني:
يقول الشيخ ابن العربي ماهية النفس الرحماني:
النفس الرحماني: عبارة عن الجوهر، الذي تفتحت فيه صور الوجود بأجمعها، وهو يحتويها [صور الوجود] بالقوة، كما يحتوي نفس الانسان جميع ما يصدر عنه من كلمات وحروف.
النفس الرحماني أطلقه ابن العربي على الوجود في صورته الأولى قبل ان تظهر فيه أعيان الممكنات. اي هو سابق لمرحلتي وجود الممكن: الثبوت، عالم الثبوت ، والظهور في الأعيان "العالم الخارجي".
ولا يخفي أهمية اطلاق ابن العربي عبارة: " النفس الرحماني "، على الجوهر الذي سيتفتح فيه الوجود لما للنفس من علاقة: بالكلام من جهة - وبالنفخ من جهة ثانية
يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي :
1- النفس الرحماني جوهر العالم ". . . وليست الطبيعة على الحقيقة الا: النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه وأسفله، لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الاجرام خاصة 1. . . " (فصوص 1/ 219).
" ان جوهر العالم: النفس الرحماني، الذي ظهرت فيه صور العالم " (ف 3/ 452).
" ان الحق وصف نفسه بالنفس الرحماني، ولا بد لكل موصوف بصفة، ان يتبع الصفة جميع ما تستلزمه تلك الصفة. وقد عرفت ان النفس في المتنفس ما يستلزمه. فلذلك قبل النفس الإلهي صور العالم. فهو لها كالجوهر الهيولاني وليس الا عين الطبيعة " (فصوص 1/ 143 - 144).
2 - النفس الرحماني: أول غيب ظهر لنفسه - العماء " والكلمات كظهور العالم من العماء، الذي هو نفس الحق الرحماني، في المراتب المقدرة في الامتداد المتوهم لا في جسم. . . " (ف 2/ 395).
". . . فالنفس أول غيب ظهر لنفسه، فكان فيه الحق من اسم الرب، مثل
العرش اليوم الذي استوى عليه: بالاسم الرحمن " (ف 3/ 420).
3 - النفس الرحماني والكلمات "المخلوقات" :
" فالكلمات عن الحروف، والحروف عن الهواء، والهواء عن النفس الرحماني. . " (ف 1/ 168).
" الكلام: صفة مؤثرة نفسية رحمانية، مشتقة من الكلم، وهو الجرح. فلهذا قلنا: مؤثرة، كما اثر الكلم في جسم المجروح، فأول ما شق اسماع الممكنات، كلمة " كن ". فما ظهر العالم الا عن صفة الكلام، وهو توجه نفس الرحمن على عين من الأعيان، ينفتح في ذلك النفس، شخصية ذلك المقصود. فيعبر عن ذلك الكون بالكلام، وعن المتكون فيه بالنفس، كما ينتهي النفس من المتنفس المريد ايجاد عين حرف، فيخرج النفس المسمى: صوتا، ففي اي موضع انتهى أمد قصده، ظهر عند ذلك: عين الحرف المقصود. . . " (ف 2/ 181).
". . . والمادة التي ظهرت فيها كلمات اللّه، التي هي العالم، هي: نفس الرحمن. ولهذا عبر عنه " بالكلمات " وقيل في عيسى عليه السلام. انه: كلمة اللّه. . . " (ف 4/ 65)
4 - النفس الرحماني والنفخ :
النفخ إشارة إلى أن الانسان من نفس الرحمن " ولما كانت نشأته [الانسان] من هذه الأركان الأربعة، والمسماة في جسده اخلاطا. حدث عن نفخه [تعالى]، اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الانسان: نارا، لأجل نشأته. . . فلو كانت نشأته طبيعية، لكان روحه، نورا. وكنى عنه: بالنفخ، يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا، لا نورا. فبطن نفس الرحمن فيما كان به الانسان انسانا " (الفصوص 1/ 16).
مصطلح المسيح
في اللغة : " المسيح : وهو بالعبرانية مشيح وبالسريانية مشيحا وباليونانية خريستس ، ومعناهن : ممسوح . سمي به ، لأنه مسح من الله كاهنا ونبيا وملكا . وكانت العادة في القديم أن يمسح الكهنة والملوك بالدهن " .
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي:
" المسح في الحقيقة : كناية عن رجوع إلى الحقيقة الجامعة " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
المسيح : كل من مسح أرضه بالمشي فيها ، والسياحة في نواحيها ليرى آثار ربه .
والمسيح أيضا : من مسحت عينه التي يرى بها نفسه ، وبقى عليه عينه الذي يرى بها ربه .
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" المسيح : وهو روحه المنفوخ في جسده الإنساني من حيث أنه من أمر الله تعالى " .
القلب موضع الغيب من الإنسان
يقول الشيخ ابن العربي الفتوحات المكية الباب الثاني والسبعون :
وإنما وقع الستر من جهة القلب لأنه موضع الغيب من الإنسان وعنه تظهر الأفعال في عالم الشهادة وهي الجوارح
فلو لا قصده لتحريكها ما ظهرت عليها حركة
فذلك تأثير الغيب في الشهادة وأصل ذلك من العلم الإلهي
قول الله تعالى في الذكر إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه
الذكر الإلهي المستور والذكر العلانية
يقول الشيخ ابن العربي الفتوحات المكية الباب الثاني والسبعون :
اعلم أن له ذكرا مستورا نسبه إلى نفسه وأن له ذكرا علانية والعين واحدة ما لها وجهان مع وجود الاختلاف في الحكم
وعن هذه النسبة الإلهية ظهر العالم في مقام الزوجية
فقال ومن" كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ "وإن كان واحدا فله نسبتان ظاهرة وباطنة
إذ كان هو الظاهر والباطن
فما أعز معرفة الله على أهل النظر الفكري وما أقربها على أهل الله جعلنا الله من أهله. آمين
الأولياء الذاكرون :
يقول الشيخ ابن العربي الفتوحات المكية الباب الثالث والسبعون :
ملائكة الإله أتت إلينا ..... لتوقفنا على النبإ اليقين
فقالت قول معصوم عليم ..... بري ء من ملابسة الظنون
ومن الأولياء الذاكرون الله كثيرا والذاكرات رضي الله عنهم تولاهم الله بإلهام الذكر ليذكروه فيذكرهم
وهذا يتعلق بالاسم الآخر وهو صلاة الحق على العبد
فالعبد هنا سابق والحق مصل لأن المقام يقتضيه
فإنه قال تعالى "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " فأخر ذكره إياهم عن ذكرهم إياه
وقال من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم
وقال من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا
وقال: " فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله " فكل مقام إلهي يتأخر عن مقام كوني فهو من الاسم الآخر
ومن باب قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ " فالأمر يتردد بين الاسمين الإلهيين الأول والآخر وعين العبد مظهر لحكم هذين الاسمين .
وهذا هو الفصل الذي تسميه الكوفيون العماد مثل قوله أنت من قوله "كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ"
الظاهر والباطن بالنسبة إلينا بين جلي وخفي
يقول الشيخ ابن العربي الفتوحات المكية الباب الثالث والسبعون :
اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الله لما سمي نفسه بالظاهر والباطن اقتضى ذلك أن يكون الأمر الوجودي بالنسبة إلينا بين جلي وخفي فما جلاه لنا فهو الجلي وما ستره عنا فهو الخفي وكل ذلك له تعالى جلي
قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في دعائه اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك
وهو الجلي عند من علمه الله إياه والخفي عمن لم يعلمه ثم قال أو استأثرت به في علم غيبك
فهذا خفي عما سوى الله فلا يعلمه إلا الله فإنه تعالى يَعْلَمُ السِّرَّ وهو ما بينه وبين خلقه
وأَخْفى وهو ما لا يعلمه إلا هو مثل مفاتح الغيب التي عنده لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ
فهو" عالِمُ الْغَيْبِ " وهو الخفي والشَّهادَةِ وهو الجلي وما أوجده من الممكنات وهو الجلي أيضا وما لم يوجده منها وهو الخفي أيضا ولا يخلو العالم من هاتين النسبتين دنيا ولا آخرة
فالمزيد الواقع من العالم في العالم فهو من الخفي والمزيد لا يزال فالعالم مزيد خارج من الخفاء إلى الجلاء لا يزال
فالجلي من سؤال السائلين إنما يسمعه الحق من الاسم الظاهر
والخفي منه يسمعه من الاسم الباطن
فإذا أعطاه ما سأل فالاسم الباطن يعطيه للظاهر والظاهر يعطيه للسائل
فالظاهر حاجب الباطن والجلي حاجب الخفي كما إن الشعور حاجب العلم
واعلم أن الله عز وجل يعامل عباده بما يعاملونه به فكأنه تعالى بحكم التبعية لهم
وإن كان ابتداء الأمر منه ولكن هكذا علمنا وقرر لدينا فإنا لا ننسب إليه إلا ما نسبه إلى نفسه ولا يتمكن لنا إلا ذلك فمن حكم تبعية الحق تعالى للمخلوق
قوله تعالى:" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله"
وقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الصحيح "إن الله لا يمل حتى تملوا"
وقوله تعالى "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ "
وقوله سبحانه "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه"
فلا يكون العبد في حالة ..... إلا يكون الحق في مثلها
وكلها منه ولكنه ..... كذا أتانا الحكم في شكلها
فكل مخالف أمر الحق فإنه يستدعي بهذه المخالفة من الحق مخالفة غرضه
ولذلك لا يكون العفو والتجاوز والمغفرة من الحق جزاء لمخالفة العبد في بعض العبيد
وإنما يكون ذلك امتنانا من الله عليه
فإن كان جزاء فهو جزاء لمن عفا عن عبد مثله وتجاوز وغفر لمن أساء إليه في دنياه
فقام له الحق في تلك الصفة من العفو والصفح والتجاوز والمغفرة مثلا بمثل يدا بيدها
وها ورد في الخبر الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم "ما كان الله لينهاكم عن الربا ويأخذه منكم" فما نهى الله عباده عن شيء إلا كان منه أبعد
ولا أمركم بكريم خلق إلا كان الحق به أحق .أهـ جل شأنه وتعالى
.
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثانية الجزء الأولى .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية : - الجزء الأولىجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
هذا فص الحكمة العيسوية ، ذكره بعد حكمة العزير عليه السلام ، لأنه كان في بني إسرائيل بعد العزير عليه السلام ، وقد ادعى فيه ما ادعي في العزير من طائفة من اليهود ، ولأن حكمة عيسى عليه السلام نبوية روحانية تناسب ذكرها بعد مبحث النبوة في حكمة العزير عليه السلام.
(فص حكمة نبوّية) منسوبة إلى النبوّة من النبأ وهو الخبر والنبوة وهي الرفعة في (كلمة عيسوية).
إنما اختصت حكمة عيسى عليه السلام كونها نبوّة ، لأنه من روح اللّه تعالى والنبوة إخبار الروح بالوحي في القلوب على وجه خاص من روحانية جبريل عليه السلام عن أمر اللّه تعالى
شعر :
(عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين )
(عن ماء ) متعلق يتكون في البيت الثاني مريم ، أي منها الذي نزل أو عن نفخ جبرين بالنون بدل عن اللام لغة في جبريل وهو الملك المعروف عليه السلام في صورة متعلق بنفخ البشر الموجود من طين ، وهو مريم عليها السلام .
قال تعالى :" وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ" [ الأنبياء : 91 ] .
والوارد في الأحاديث : أن حمل مريم بعيسى عليه السلام كان بنفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها فحملت به ووضعته من وقتها على الأشهر كرامة لها ومعجزة له صلى اللّه عليه وسلم وإنما نسب النفخ في الآية إلى اللّه تعالى جريا على عادته سبحانه في نسبة الأمور إليه تعالى تارة إلى الواسطة أخرى لقوله تعالى :" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها " [ الزمر : 42 ] مع قوله سبحانه : " قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ" [ السجدة : 11 ] .
وقوله تعالى : " زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ " [ النمل : 4 ]
مع قوله سبحانه :" وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ" [ الأنفال : 48 ].
(تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين )
قال رضي الله عنه : (تكون) بالتشديد للواو أي تصور (الروح) ، وهو عيسى عليه السلام من قوله تعالى :" وَرُوحٌ مِنْهُ " في ذات نورانية شريفة مطهرة عن حكم الطبيعة ، أي غلبتها عليه بمقتضياتها تدعوها ، أي تلك الطبيعة يعني تسميها الذات المطهرة بسجين كما قال تعالى :" كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ" [ المطففين : 7 ] ، أي أنفسهم المكتوب فيها بأقلام حركاتهم الاختيارية في مخالفة الأوامر الإلهية لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ ( 8 ) كِتابٌ مَرْقُومٌ" [ المطففين : 7 - 9 ] ، وهو غلبة الطبيعة عليهم بمقتضياتها .
وقال تعالى : " يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ" [ آل عمران : 55 ] ، أي مخرج لك عن حكم الطبيعة وَرافِعُكَ إِلَيَّ، أي إلى حضرتي في جوار الملأ الأعلى وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، أي من حالتهم التي غلبت عليهم فيها الطبيعة بمقتضياتها .
(لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين)
قال رضي الله عنه : (لأجل ذلك) ، أي كونه مطهرا من حكم الطبيعة المقتضية التركيب والانحلال بسرعة قد طالت إقامته فيها ، أي في تلك الذات المطهرة ولم ينفصل عنها من حين ولد إلى الآن فزاد عمره عليه السلام على ألف سنة بتعيين .
لأنه رفع قبيل بعثة نبينا عليه السلام فله الآن حياة بالحياة النورانية الغالبة عليه من حكم غلبة الروح الأمري في صورته البشرية ، وصاحب هذه الحياة لا يموت أبدا كالخضر عليه السلام ، فإنه حي بهذه الحياة النورانية لا الحياة الظلمانية الطبيعية ، التي يموت صاحبها بالموت الطبيعي.
وينحل تركيبه لغلبة الحيوانية فيه على الإنسانية ، ولعل الخضر حين يقتله الدجال في آخر الزمان يكون بعد غلبة الطبيعة عليه ، ولهذا يظهر له فيعرفه ويقدره اللّه تعالى كما أقدر اليهود على زكريا ويحيى وغيرهما من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام فقتلوهم .
فإذا نزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان يخالط الأحياء بالحياة الطبيعية ، كما كان نبينا صلى اللّه عليه وسلم نيابة عنه في شريعتنا هذه المحمدية فيأكل ويشرب ويتزوج وينكح ، ثم يموت بالموت الطبيعي ، ويدفن في حجرة النبي صلى اللّه عليه وسلم كما مات نبينا صلى اللّه عليه وسلم متابعة سنته عليه السلام .
لأنه يصير من أمته عليه السلام فالموت النفساني فرض في الحياة الدنيا كما قال عليه السلام : « موتوا قبل أن تموتوا » . الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع ابن حجر العسقلاني
وقال تعالى في عيسى عليه السلام :يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ[ آل عمران : 55 ] ،
أي من حظوظ نفسك فنفسك قائمة بيدي لا بيدك وهو قول نبينا عليه السلام : « والذي نفسي بيده » والموت الطبيعي سنة محمدية ، وعيسى عليه السلام مات الموت النفساني ، ثم رفع إلى السماء ولم يمت الموت الطبيعي فلا بد أن ينزل في آخر الزمان ، ويموت الموت الطبيعي أيضا كما مات نبينا صلى اللّه عليه وسلم ويدفن معه في حجرته كما ورد في الأخبار الصحيحة .
(روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين)
قال رضي الله عنه : (روح) ، أي عيسى عليه السلام منفوخ (من) أمر (اللّه) تعالى بلا واسطة قال تعالى :" وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ" [ النساء : 171 ]( لا) روح (من غيره) سبحانه كالروح الحيواني المنفوخ بواسطة الطبيعة فإنه عليه السلام لما نفخ في فرج مريم لم يتدنس بطبيعة أب جسماني ، ولا انبعث في رحم أمه عن مقتضى شهوة نفسانية ، فلم يكن كغيره من الناس أصلا ، ولهذا أمكن أن يبقى في السماء من غير قوت كما هو مقتضى الخلقة الملكية ، ونبينا صلى اللّه عليه وسلم لما صعد إلى السماء ليلة المعراج بعد الإسراء كان ذلك له من غلبة الروحانية الأمرية عليه كعيسى عليه السلام ، ولكن حقيقة مقامه المحمدي الجامع للطبيعة وغيرها اقتضى هبوطه إلى الأرض في تلك الليلة وعدم بقائه في السماء شرفا لمقام الكشفي الجامع .
قال رضي الله عنه : (فلذا) ، أي لكونه عليه السلام روحا من اللّه تعالى من أمر اللّه تعالى بلا واسطة أحيا الجسم الموات بإذن اللّه تعالى وإنشاء ، أي خلقه عليه السلام بإذن اللّه تعالى (الطير من طين) .
قال تعالى :" وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي" [ المائدة :110]
وقال تعالى حكاية عنه عليه السلام :" وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ " تعالى [ آل عمران : 49 ] .
(حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون)
(حتى يصح له من ربه) ، الذي خلقه (نسب) بقطع الأنساب عنه وصدوره عنه بلا واسطة ؛ ولهذا قال :" وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا" [ التحريم : 12 ] ونسب تعالى النفخ إليه سبحانه مع أنه بالملك ، كما أن جميع الأنساب ترتفع يوم القيامة في ذلك النشىء الأخروي " وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى"( 47 ) [ النجم : 47 ] .
وفي الحديث يقول تعالى : " اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم " رواه الحاكم
وهو قوله تعالى : " فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ" ( 101 ) [ المؤمنون 101 ].
فتكون الناس في يوم القيامة مثل خلقة عيسى ابن مريم عليه السلام عن اللّه تعالى سبحانه ، ويظهر سر قوله عليه السلام : « إن اللّه خلق آدم على صورته ».
وفي رواية : « على صورة الرحمن » وهم في الدنيا كذلك ، ولكن حجاب الطبيعة مانع من شهود الأمر على ما هو عليه عند البعض ، وليس في القيامة إلا ظهور الأمر على ما هو عليه ، وشهود الكل له كما قال تعالى : "وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ " [ النور : 25 ]
وقال تعالى :" فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ " [ ق : 22 ] ، وقال تعالى :" يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ "[ آل عمران : 106 ] الآية .
به ، أي بسبب هذا النسب المخصوص (يؤثر) عيسى عليه السلام بإذن اللّه تعالى (في العالي) ، وهو إحياء الموتى ونفخ الروح في الطير ، لأنه تصرف في العالم الروحاني وهو أعلى من الجسماني (وفي الدون)، أي السافل وهو تصوير صورة الطير من الطين وإبراء الأكمه والأبرص .
(الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين )
(اللّه) سبحانه (طهّره) ، أي عيسى عليه السلام (جسما )، أي من حيث جسمه فغلبت عليه الروحانية ، وانسلخ من عالم الطبيعة ، فخرج من الظلمات إلى النور على معنى أنه تعالى خلقه طاهرا كذلك حيث لم يخلقه بواسطة الأب الجسماني الطبيعي ، بل بالأب الجسماني النوراني ، وهو صورة البشر السوي التي جاء بها جبريل عليه السلام إلى مريم .
فخرج عيسى عليه السلام كذلك صورة جسمانية نورانية لا طبيعية ظلمانية ، فكان صورة جبريل عليه السلام لما جاء أمه فاستعاذت منه مخافة أن يكون جسما طبيعيا ظلمانيا ، فعرفته فنفخ فيها حتى ظهر عيسى عليه السلام في صورة الملائكة عليهم السلام ، فهو إنسان ملك لا إنسان حيوان ، ولما طلبوا نزول الملائكة بأحكام الشريعة للتبليغ من غير واسطة بشر بقولهم :"وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً" [المؤمنون : 24 ] .
قال تعالى :" وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ" ( 9 ) [ الأنعام : 9 ] ، يعني من الصورة الإنسانية وحقق تعالى ذلك بخلق عيسى ابن مريم عليه السلام كما قال سبحانه :" إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ ( 59 ) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ( 60 ) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ " [ الزخرف : 59 - 61 ] ؛ ولهذا ينزل عليه السلام في آخر الزمان فيكون نزوله من أشراط الساعة .
قال رضي الله عنه : (ونزّهه) عليه السلام (روحا) ، أي من حيث هو روح ، لأنه من أمر اللّه تعالى فله التنزيه التام والتقديس العام (وصيّره مثلا )، أي نظيرا له تعالى في خلافته عنه في الأرض ، يحكم بأحكامه ويقوم بصفاته ويتسمى بأسمائه ويتحقق بذاته ويفعل بأفعاله كما قال (بتكوين) ، أي بسبب تكوينه أي خلقه الطير من الطين أو مثلا مكونا ، أي مخلوقا . وهذا معنى كون آدم عليه السلام مخلوق على صورة الحق تعالى .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
ولأجل حصول هذه الحكمة في كلمته أخبر عن نبوته في المهد بقوله "إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا " بخلاف سائر الأنبياء فإنهم لا يدعي أحد منهم مثل ذلك والمراد بها النبوة العامة لا النبوة التشريعية فعيسى عليه السلام ختم النبوة العامة والولاية العامة فالأنبياء والأولياء لا يأخذونها إلا من مشكاته إلا ختم الرسل
( شعر ) :
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
قال رضي الله عنه : ( عن ماء مريم ) استفهام تقرير حذفت همزته ( أو ) بمعنى الواو ( عن نفخ جبرين ) أي جبرئيل قوله ( في صورة البشر الموجود ) ظرف لجبرين أي المخلوق ( من طين ) وقوله عن ماء مريم متعلق بقوله :
(تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين)
قال رضي الله عنه : ( تكون الروح ) العيسوي ( في ذات مطهرة ) وهي ذات مريم ( من الطبيعة ) أي من أدناسها وأرجاسها ومقتضياتها من اللذات الشهوانية ( تدعوها ) أي الطبيعة التي تدعو مريم أي شأن هذه الطبيعة أن تدعو مريم ( بسجين ) أي بجحيم
(لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين)
قال رضي الله عنه : ( لأجل ذلك ) أي لأجل تكون الروح العيسوي في الذات المطهرة ( قد طالت إقامته فيها ) أي في السماوات فإن طهارة المحل تبعد الحال عن الكون والفساد ( فزاد على ألف بتعيين ) مبين في علم التواريخ .
(روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين)
قال رضي الله عنه : ( روح ) خبر مبتدأ محذوف ( من اللّه لا من غيره ) أي هو خلقه اللّه بذاته لا بواسطة روح من الأرواح ( فلذا ) أي فلكون روحه من اللّه بغير واسطة ( أحي الموات وأنشأ الطير من طين ) بسبب تقربه إلى اللّه وتحققه بصفاته الخاصة به وإنما أحي الموتى وأنشأ الطير.
(حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون)
قال رضي الله عنه : ( حتى يصح ) أي كي يصح أو معناه لأجل إحياء الأموات وإنشاء الطير صح ( له من ربه نسب ) بفتح النون مصدر والمراد به وصف أو بالكسر جمع نسبة وكلاهما صحيح ( به ) أي بسبب هذا النسب ( يؤثر في العالي ) وهو إحياء الموتى من الإنسان ( وفي الدون ) وهو خلق الطير المعروف من الطين .
(الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين )
قال رضي الله عنه : ( اللّه طهره جسما ) من أرجاس الطبيعة ( ونزهه روحا ) عما يوجب
النقائض وزينه بالصفات الإلهية والأخلاق الكريمة ( وصيره ) أي جعله ( مثلا ) أي مماثلا له تعالى ( بتكوين ) أي بسبب تكوين الطير .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
قال رضي الله عنه : ( عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين .. تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين .. لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين .. روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين .. حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون .. الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
قلت قوله : من ماء مريم أو من نفخ جبرئيل في صورة البشر الموجود من طين
يعني أن الله تعالى خلق من ماء مريم ومن نفخ جبرئیل عیسی ، عليهما السلام، في صورة أبيه آدم، فإنه الموجود من طين.
قوله: أو المراد الواو كما قال: "أو یزیدون" (الصافات: 147).
البيت الثاني: تكون الروح إلى آخره. یعنی أن روح عیسی مطهرة من ظلمة الطبيعة التي تدعوها "بسجین" وسجین اسم من أسماء دار الفجار.
وأقول: إن هناك اعتبارا آخر يكون فيه الأجسام أكمل من الأرواح وأثبت في الوجود الإلهي.
البيت الثالث : لأجل ذلك قد طالت إقامته فيها إلى آخره، يعني لأجل كون الروح تكون من ذات مطهرة طال عمر عیسی علیه السلام، فهو إلى الآن حي وقد زاد على ألف سنة من تاريخ تكون روحه.
البيت الرابع: روح من الله لا من غيره إلى آخره، يعني لما كانت روح عیسی، عليه السلام، هي من الله لا من غيره لا جرم أحيا الموتى وخلق من الطين طائرا فنفخ فيه فعاش.
والبيت الخامس: "حتى يصح له من ربه نسب إلى آخره، يعني بذلك النسب، يكون التأثير في العالي وفي الدون.
البيت السادس: الله طهره جسما ونزهه روحا وصيره مثلا بتکوین، یعنی طهر جسمه ونزه روحه عن الطبيعة وصيره بالتكوين مثلا له في إحياء الموتی وجميع ما أتی به إلى أبيات الشعر التي يقول فيها: فلولاه ولولانا، لا يحتاج إلى شرح، لوضوحه وإن كان غريب المسلك.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسوية
قال العبد : أضيفت هذه الحكمة النبويّة إليه عليه السّلام لاختصاصه بالنبوّة وهو في المهد قبل بلوغه إلى زمان البعث للنبوّة ، كما أشار إليه الكامل صلى الله عليه وسلم :
« ما بعث نبيّ إلَّا على رأس أربعين » فإنه عليه السّلام قد أنبأ أمّه - وهو في بطنها - بقوله :
" أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا " .
لقد أسند الشيخ حكمته إلى النبوّة لكون الغالب على عيسى عليه السّلام الإنباء عن الحق وإنباء الحق عنه له وعن نفسه ولعلوّه وارتفاعه الروحي والإلهي عن أبناء البشر ، كما ستعرف .
وبقوله في المهد : " وَجَعَلَنِي نَبِيًّا " كما مرّ في الفهرس ويأتي فيما بعد .
قال رضي الله عنه :
(عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين)
(تكون الروح في ذات مطهرة ...... من الطبيعة تدعوها بسجين )
يشير رضي الله عنه إلى أنّ تكوّن الروح في حكم النظر العقلي يجوز أن يكون عن نفخ جبرئيل عليه السّلام فإنّ الروح الأمين على أنباء الله التي أنبأ بها جميع الأنبياء عن الحق بنبوّاتهم .
ويجوز أن يكون من حيث طهارة المحلّ وهو مريم عليها السّلام فإنّها أيضا منبأة من عند الله بما يكون عنها بقوله تعالى : " إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْه ُ اسْمُه ُ الْمَسِيحُ " وذلك عين الإنباء من عند الله وقد أنبأت نبيّ الله زكريّا بقولها :
" هُوَ من عِنْدِ الله إِنَّ الله يَرْزُقُ من يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ " ، فصلحت إضافة تكوّن عيسى عليه السّلام نبيّا عن نفخ جبرئيل الأمين في صورة البشر ، وعن مائها الطاهر ، وعنهما معا ، ومقتضى الكشف أنّ النبوّة كانت مدرجة في الكلمة الإلهية وهي وجود عيسى ، فبدأ - رضي الله عنه - في نظمه مستفهما لهذا الاحتمال في النظر العقلي .
قال : الأصل في وجود نشأته عليه السّلام إمّا جبرئيل عليه السّلام أو مريم عليها السّلام أو هما معا .
وفي الكشف الاسم هو الكلمة الإلهية التي أنبأ الله بها أمّه وجبرئيل بكلّ نبأ واقع على لسانه وفي قلب أمّه وعن جبرئيل بالنسبة إلى أمّه وإليه ، لأنّ الإنباء الحقيقي إنّما هو للوجود المتعيّن في مظهرية كلّ منهم ، وهو الكلمة والروح الحقيقي .
قال - رضي الله عنه - :
(لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين )
يشير رضي الله عنه إلى إقامة روح الله في الصورة البشرية الطبيعية من جهة أمّه .
فإنّ تكوّن الروح بشرا إنّما كان من أجل المحلّ القابل وهي الطبيعة ، فإنّ وجود مريم من أظهر المظاهر الطبيعية وأصفاها ، ووجوده عليه السّلام ضرب مثل وإنباء من الله لمن عقل عنه لوجود الروح الإنساني الكمالي عن الطبيعية من حيث التعيّن وظهور أحكام الروح وآثاره وقواه في مظاهرها الطبيعية الجسمانية .
لأنّ الروح الإنساني بعينه حادث بحدوث البدن ، ولم يكن هذا التعيّن موجودا قبل النشأة الطبيعية ، فإنّ وجود الروح قبل وجود البدن وجود روحاني في صورة روحانية نورانية فلكية وعرشية ونورية ومثالية .
وإنّما ظهرت آثار قواه وتصرّفاتها في العالم مظاهرها بين البدن ، ومتعلَّق الحدوث إنّما هو التعيّن ، والحدوث في الصور العنصرية والمزاج الجسماني ، وليس ذلك إلَّا لقواها وآثارها وتصرّفاتها في الأرواح الثلاثة : الطبيعيّ والحيواني والنفساني ، فافهم .
قال رضي الله عنه :
(روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين)
يشير رضي الله عنه: إلى أنّ هذا الروح الكامل مظهر الاسم « الله » وأنّ النافخ له هو الله من حيث الصورة الجبرئيلية ، ليس من حضرة اسم آخر من الأسماء التابعة الفرعية .
فإنّ كلم أرواح سائر الأنبياء كما علمت ممّا تقدّم وإن كانت من حضرة الاسم « الله » ولكن من حيث تجلَّيه من سائر الحضرات الإلهية إلَّا أنّه من باطن أحدية جمع الحضرة الإلهية .
كما مرّ في شرح فصّ شيث عليه السّلام فتذكَّر ، فتعيّن هذا الروح من باطن الحضرة الإلهية ، ولهذا قال الله تعالى إنّه روح الله وكلمته ، فالكلمة لباطن الله وهويّته الغيبية ، والروح لله ، ولهذا هو عبد الله ومظهره وقد ظهر به ، من الدلائل على ذلك الإحياء والإبراء والخلق .
قال رضي الله عنه :
(حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون )
يشير رضي الله عنه : إلى الإحياء والخلق ، فإنّ الإحياء من خصوص الإلهية وكذلك الخلق ، " قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ " فلمّا ظهرا منه ، صحّ له نسب من الاسم الله ، فأثّر بالإحياء والإبراء وقد عجز عن ذلك غيره في الصور العالية الإنسانية ، وأثّر في الدون بالخلق ، وهو صورة الخفّاش .
قال رضي الله عنه :
(الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين )
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ جسمانيّته تمثّليّ روحاني ، ليس فيها من التلوينات الطبيعية البشرية ما يقدح في روحانيته ، فإنّ صورته روح متجسّد في رأي العين وليس فيها من الجسم إلَّا حقيقة الجسمية التي بها يثبت متحيّزا لعيان العيون ، ويبقى كذلك مدّة مديدة .
وذلك من طينة أمّه الطيّبة الطاهرة ، وتنزيه روحه عن التقيّد بمرتبة جزئيّة من
مراتب الأسماء وعن آثار الطبيعة فيه ، كما في غيره من الأرواح البشرية ، فإنّها بحسب الطبيعية والصور الجسمانية ، بخلاف صورته - صلوات الله عليه - فإنّها روحانية بحسب الروح ، فلا يقيّده حيّز بالحصر والحبس ، بل هو مطلق.
ولهذا ما قتل وما صلب في الصحيح كما أخبر الله عنه ولكن خيّل لهم ذلك ، وشبّه شبهه حين ألقي شبهه على من سعى في دمه ، وكذلك جميع أحواله الطبيعية من الأكل والشرب تمثيل إلَّا ما قال الله تعالى عنه : " كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ " في رأي العين ، فكان يتغذّى بروحانية الطعام الذي يريهم أنّه يأكله أو يشربه لا غير .
وأمّا تصيّره مثلا فهو بتكوين الجوهر الطيري من الطين ، وتكوين الأعراض من الحياة والصحّة والألوان بلا مادّة ظاهرة ، فصحّت له المثلية من هذه الوجوه ظاهرا في نشأته الأولى النبويّة ، وبكونه خليفة الله في نشأته الثانية بختمية الولاية العامّة ، كما علمت في شرح الفصّ الشيثي ، فتذكَّر .
.
يتبع
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية : - الجزء الثانيشرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
إنما اختصت الكلمة العيسوية بالحكمة النبوية ، وإن كان جميع هذه الحكم نبوية لأن نبوته فطرية غالبة على حاله ، وقد أنبأ عن الله في بطن أمه بقوله "أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا" وفي المهد بقوله " آتانِيَ الْكِتابَ وجَعَلَنِي نَبِيًّا " إلى بعثته وهو الأربعون لقوله عليه الصلاة والسلام « ما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين » .
وقيل إنها ليست مهموزة من النبأ ، بل ناقصة من نبا ينبو نبوا بمعنى ارتفع لارتفاع مقامه كما يأتي ، ولقوله : " بَلْ رَفَعَه الله إِلَيْه " ولختم الولاية عليه ، والله أعلم .
قال الشيخ رضي الله عنه :
( عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين .... في صورة البشر الموجود من طين )
( تكون الروح في ذات مطهرة ..... من الطبيعة تدعوها بسجين )
لما كانت النبوة مدرجة في الكلمة الإلهية التي هي حقيقة عيسى الملقب بروح الله في ذات مطهرة من عالم الطبيعة في حالة كونك تدعو تلك الطبيعة أو يدعوها الظاهرة في صورة بشرية طبيعية احتمل تكونه من ماء مريم لنشأته الطبيعية ، فإنها نفس طاهرة منبأة من عند الله بما يكون عنها في قوله تعالى : " إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْه اسْمُه الْمَسِيحُ ".
"" أضاف بالي زادة : ( عن ماء مريم ) استفهام تقرير حذفت همزته ( أو ) بمعنى الواو ( عن نفخ جبرين ) أي جبريل ( في ) يتعلق بجبرين ( صورة البشر الموجود ) أي المخلوق ( من طين ) وعن متعلق بقوله : ( تكون الروح ) العيسوى ( في ذات مطهرة ) ذات مريم ( من الطبيعة ) أي من أدناسها وأرجاسها ومقتضياتها من اللذات الشهوانية ( تدعوها ) أي الطبيعة التي تدعو مريم أي شأن هذه الطبيعة أن تدعو مريم ( بسجين ) أي جحيم .اهـ بالى زادة.""
ومن نفخ جبريل فإنه الروح الأمين على أنباء الله التي أنبأ بها جميع الأنبياء عن الحق ومنهما جميعا بحسب روحانيته وجسمانيته فاستفهم عن وجود نشأته ، أنه من أيهما تكون لاحتمال الجميع في النظر العقلي .
فقال : أعن ماء مريم بل أعن نفخ جبرين تكون هذا الروح ، وهذا الاستفهام مبنى على النظر العقلي .
وأما بحسب الكشف فهو الكلمة الإلهية التي أنبأ الله أمه وجبريل هو الواسطة الذي وقع على لسانه إلى أمه وأداه إلى قلبها كسائر الأنباء التي ألقاها إلى الأنبياء ، ولا بد من توسط الروح الذي هو جبريل ليتعين هذا الروح والكلمة الإلهية ويصل إلى مريم عليها السلام :
(لأجل ذلك قد طالت إقامته .... فيها وزاد على ألف بتعيين )
أي من أجل تكون هذا الروح في ذات مطهرة من الطبيعة الفاسدة وهي الصورة المثالية ، أو ذات كائنة من عالم الطبيعة طهرت من الخبائث وهو صورة عيسى أو أمه .
"" أضاف بالي زادة : (لأجل ذلك ) أي لأجل تكون الروح العيسوى في الذات المطهرة ( قد طالت إقامته فيها ) أي في السماوات ، فإن طهارة المحل تبعد الحال عن الكون والفساد ( فزاد على ألف بتعيين ) مبين؟؟؟ في علم التواريخ إلى حين اهـ بالى . ""
طالت إقامتها في صورة البشر وزاد طول إقامتها على ألف على التعيين ، فإن مولد عيسى كان قبل مولد النبي عليه الصلاة والسلام بخمسمائة وخمس وخمسين سنة .
وقد بقي بعد ، وسينزل ويدعو الناس إلى دين محمد عليه الصلاة والسلام فزاد على ألف بالتعين فعلى هذا طال إقامته في صورة البشر إما معللا بطهارته ونزاهته من الطبيعة وإما بطهارة أمه ، وكونه في صورة البشر إنما هو لأجل المحل القابل وهو الطبيعة :
( روح من الله لا من غيره فلذا .... أحيا الموات وأنشأ الطير من طين )
أي هو روح كامل مظهر لاسم الله ، والله هو النافخ له من حيث الصورة الجبريليه لا غيره ، فهو من اسم ذاتي لا من اسم من الأسماء الفرعية ، فيكون بينه وبين الله وسائط كثيرة كسائر أرواح الأنبياء .
فإنها وإن كانت من حضرة اسم الله لكن بتوسط تجليات كثيرة من سائر الحضرات الأسمائية وعيسى تعين من باطن أحدية جمع الحضرة الإلهية ، ولهذا سماه روحه وكلمته وكانت دعوته إلى الباطن والعالم القدسي .
"" أضاف بالي زادة : ( روح ) خبر مبتدإ محذوف ( من الله لا من غيره ) أي خلقه الله بذاته لا بواسطة روح من الأرواح ( فلذا ) أي فلكون روحه من الله لا من غيره ( أحيا الموات وأنشأ الطير من طين ) بسبب تقربه إلى الله وتحققه بصفاته أحيا الموات وأنشأ الطير اهـ بالى . ""
فإن الكلمة إنما هي من باطن الله وهويته الغيبية من الله واسمه الجبريلى ولهذا هو عبد الله ومظهره ، وظهر عليه صفاته من إحياء الموتى والخلق وأنشأ الطير من الطين وأبرأ الأكمه وغيرها :
( حتى يصح له من ربه نسب .... به يؤثر في العالي وفي الدون )
أي لما صدر من الله بلا وسائط لا من غيره صح له نسب بظهور صفاته تعالى منه وصدور أفعاله الخاصة به عنه من إحياء الموتى وخلق الطير ، وبتأثيره في الجنس العالي من الصور الإنسانية بإحيائها ، وفي الجنس الدون كخلق الخلق الخفاش من الطين وهما من خصائص الله.
"" أضاف بالي زادة : ( حتى يصح ) أي كي يصح ( له من ربه نسب ) بفتح النون مصدر ، أو بالكسر جمع نسبة وكلاهما صحيح ( به ) أي بسبب هذا النسب ( يؤثر في العالي ) وهو إحياء الموتى من الإنسان ( وفي الدون ) خلق الطير المعروف من الطين اه ( الله طهره جسما ) من أرجاس الطبيعة ( ونزهه روحا ) عما يوجب النقائص وزينه بالصفات الإلهية ( وصيره ) جعله ( مثلا ) أي مماثلا له تعالى ( بتكوين ) أي بسبب تكوين الطير اهـ بالى . ""
كما قال تعالى : " قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ " - :
( الله طهره جسما ونزهه ..... روحا وصيره مثلا بتكوين )
وفي نسخة : لتكوين ، أي الله خاصة طهر جسمه عن الأقذار الطبيعية ، فإنه روح متجسد في بدن مثالي روحاني ولذلك بقي مدة مديدة زائدة على ألف في زماننا هذا ، ومن الهجرة سبعمائة وثلاثون بثلاثمائة وستة وثلاثين ، فإن من ميلاد النبي إلى زماننا هذا سبعمائة وإحدى وثمانين سنة ، وذلك إما من صفاء جوهر طينته ولطافتها وصفاء طينة أمه وطهارتها ، ونزه روحه وقدسه من التأثر بالهيئات الطبيعية والصفات البدنية لتأيده بروح القدس الذي هو على صورته ، ولهذا ما قتل وما صلب كما أخبر الله عنه لتجرده عن الملابس الهيولانية ، وصيره مثلا له بتكوين الطير من الطين وتكوين الأعراض من الحياة والصحة في الموتى والمرضى في نشأته الأولى ، وبكونه خليفة الله وخاتم الولاية في نشأته الثانية أي مثله في الصفات ، أو صيره مثل الخلق في الصورة بتكوينه تعالى إياه من الطبيعة الجسمانية .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
إنما نسب الحكمة النبوية إلى الكلمة ( العيسوية ) لأنه عليه السلام نبي بالنبوة العامة أزلا وأبدا ، وبالنبوة الخاصة حين البعثة .
لذلك أنبأ عن نبوته في المهد بقوله : ( وآتاني الكتاب وجعلني نبيا ) . وأنبأ في بطن أمه عن سيادته الأزلية بقوله : ( لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ) . أي ، سيدا على القوم ، ولذلك غلب عليه الأنبياء عن أحوال الروحانيين ، وكانت دعوته إلى الباطن أغلب .
وقيل إنها من ( نبا ، ينبوا ) - غير مهموز - بمعنى ارتفع ، لارتفاعه إلى السماء ،
كما قال تعالى : ( بل رفعه الله إليه ) .
وليس المراد بالنبوة التشريعية التي هي مشتركة بين الأنبياء ، ليلزم اشتراكهم فيها ، بل المراد بها النبوة العامة الأزلية .
ولا اشتراك لأحد من الأنبياء والأولياء فيها ، لأن النبوة العامة نتيجة الولاية ، والأنبياء والأولياء لا يأخذون الولاية إلا من مشكوته ، وهو صاحب هذا المقام أزلا وأبدا لخاتميته كما مر في الفص الثاني ، فله النبوة العامة الأزلية بالأصالة .
وغيره لا يتصف بالولاية والإنباء إلا عند تحصيل شرائطها ، كما أن نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، نبي أزلا بالنبوة التشريعية وغيره من الأنبياء لا يكون إلا عند البعثة .
ولهذا السر جعل هذه الحكمة بعد الحكمة القدرية ، لأنه بين الولاية فيها ، وجعل لها النبوة العامة ، وتكلم عليها بما قدر الله ، فأردفها ليتكلم على بعض خواصها في الكلمة العيسوية . والله أعلم .
شعر :
( عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين)
(تكون الروح في ذات مطهرة ...... من الطبيعة تدعوها بسجين )
استفهام على سبيل التقرير .
تقديره : أعن ماء مريم أو عن نفخ جبرئيل ، أو عنهما معا ، تكون هذا الروح ؟
ف ( أو ) بمعنى ( الواو ) .
و ( جبرين ) لغة في جبرئيل كجبرئيل . أي ، يكون روح الله عن ماء مريم ونفخ جبرئيل معا حال كونه متمثلا في صورة البشر الذي خلق من الطين ، كما قال تعالى : ( فتمثل لها بشرا سويا ) .
فجسمانيته من ماء مريم ، وروحانيته من نفخ جبرئيل ، فإنه تلقاها من الله بغير واسطة وألقاها إلى مريم .
وإنما قال : ( في صورة البشر ) لأنه ملك ظاهر في الصورة البشرية وليس ببشر .
و ( الذات المطهرة ) يجوز أن يكون مريم ، عليها السلام ، التي تطهرت من غلبة أحكام الطبيعة المطلقة عليها ، أو من الطبيعة المسماة ب ( السجين ) .
فالمراد الطبيعة الخاصة التي هي في المرتبة السفلى ، وهو عالم الكون والفساد ، لا مطلق الطبيعة ، لذلك سميت بالسجين ، إذ الأملاك السماوية والسماوات كلها عنده طبيعة عنصرية ، وما فوقها طبيعة غير عنصرية . كما سنذكره في هذا الفص .
وتطهرها منها خروجها عن أحكام عالم التضاد لغلبة النورية عليها .
ويجوز أن يكون الذات العيسوية التي تعلقت به الروح العيسوي . فالتكون بمعنى الظهور ، لا الحدوث .
ويؤيد الثاني قوله : ( لأجل ذلك قد طالت إقامته ) وإن كان الأول أسبق في الذهن .
و ( تدعوها ) صفة ( الطبيعة ) . أي ، من الطبيعة المدعوة بالسجين .
و ( تاء ) هـ للخطاب إلى العارف المحقق ، أي بتسميها . أو ب ( الياء ) المنقوطة من تحت .
أي ، يدعوها الله في كلامه بالسجين . وفيه إشارة إلى أن عالم الكون والفساد عين الجحيم ، كما قال ، عليه السلام : ( الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر ) .
أو مآله إلى الجحيم عند قيام الساعة . و ( من الطبيعة ) متعلق ب ( مطهرة ) و ( السجين ) مأخوذ من السجن .
وإنما جعل عالم الكون والفساد سجينا ، لأن كل من هو فيها مسجون محبوس مقيد بالتعلقات الجسمانية والقيود الظلمانية ، محجوب عن الأنوار الروحانية ، إلا العارفون الذين قطعوا تعلقاتهم الجسمانية ، وخلصوا عن القيود الظلمانية ، ورفعوا الحجب ، وتنور بواطنهم بأنوار الروح ، فخرجوا إلى فضاء عالم القدس .
فهم الذين فازوا بالنعيم بعد ورودهم إلى الجحيم ، كما قال الصادق ، عليه السلام ، حين قرئ عنده : وإن منكم إلا واردها : ( جزناها وهي خامدة ) .
قال الشيخ رضي الله عنه : (لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين )
أي ، لأجل أن الذات المنفوخ فيها الجسم العيسوي ، وهي مريم عليها السلام ،
كانت مطهرة عن غلبه أحكام الطبيعة عليها ، طالت إقامته في السماء ، فإن طهارة
بدن الوالدين - مما يوجب النقص - توجب طهارة بدن الولد أيضا منه هذا على الأول
.
وأما على الثاني ، فمعناه : ولأجل أن الذات المنفوخ فيها الروح العيسوي وهو بدنه - كانت مطهرة من أدناس الطبيعة وأرجاسها ومن أحكامها المتضادة المقتضية للانفكاك وخراب البدن سريعا - طالت إقامته فيها .
أي ، إقامة الروح في تلك الذات حتى زاد ألف سنة .
فإنه ، عليه السلام ، بعث قبل نبينا ، صلوات الله عليهما ، بخمسمائة وخمس وخمسين سنة . وهذا مبنى على أنه ببدنه في السماء ومن ولادة نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، إلى زماننا هذا سبعمأة وأحد وثمانون سنة ، فالمجموع ألف وثلاثمأة وست وثلاثون سنة .
وتحقيقه : أن البدن الحاصل من الجسم الكثيف الظلماني مشارك في الحقيقة والجوهرية مع الجسم اللطيف النوراني الذي منه أجسام الأفلاك ، بل لا يمكن أن يتعلق الروح المجرد بهذا الجسم الكثيف أيضا إلا بواسطة ذلك الجسم اللطيف .
ولذلك يتعلق أولا بالروح الحيواني الذي هو الجسم اللطيف البخاري الحاصل من امتزاج لطائف الأركان الأربعة بعضها مع بعض ، ثم بواسطته يتعلق بالقلب ، ثم الكبد ، ثم الدماغ . على ما هو مقرر عند الحكماء . وفي قوة هذه الجسم الكثيف أن تبدل بذلك الجسم اللطيف وبالعكس ، عند تعلق القدرة الإلهية بذلك ، إذ الكثافة واللطافة من عوارض حقيقة الجسم ، خصوصا إذا تنورت النفس بالنور الرباني ، فتنورت بدنها ، كما قال : ( وأشرقت الأرض بنور ربها ) .
وحينئذ يشارك صاحبه الملائكة ويرتفع إلى مقامهم . فارتفاع عيسى ، عليه السلام ، إلى السماء من هذا القبيل . وسيجيئ بيانه أكثر من هذا ، كما سنذكره في ( الفص الإلياسي ) .
والسماء ، عند أهل الحقيقة ، عنصري ، قابل للخرق والالتيام ، كما سنذكره ، وقوله تعالى عن لسانه : ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ) .
حينئذ يكون محمولا على أن ( التوفي ) عبارة عن رفعه إلى السماء ، لا على المفارقة
بين الروح وبدنه .
قيل : إن حقيقة عيسى ، عليه السلام ، ظهرت بالصورة المثالية المتجسدة في هذا العالم . كما صرح هذا القائل بقوله : ( فإنه روح متجسدة في بدن مثالي روحاني ، لذلك بقي مدة مديدة ) . وفيه نظر .
لأن الصورة المتجسدة لا يحتاج إلى الأكل والشرب في دار الدنيا ، وقد قال الله فيه وفي أمه : ( وكانا يأكلان الطعام ) .
وأيضا ، إنما يتجسد الأرواح بالصورة الحسية بأمر الله تعالى لمقاصد تتعلق بالعباد ، فإذا انقضت ، رجعوا إلى ما كانوا عليه .
وذلك مدة يسيرة بين العباد الذين في دار الدنيا ، لا مدة ألف سنة وفي السماء .
والظهور ثانيا لا يحتاج إلى بقاء الصور المتجسدة مدة طويلة ، لأن لهم قوة الظهور والتجسد في كل آن ( روح من الله لا من غيره فلذا ..... أحيا الموات وأنشأ الطير من طين )
واعلم ، أن الأرواح المهيمة التي منها العقل الأول وأرواح الأفراد والكمل كلها
صف واحد ، حصل من الله ليس بعضها بواسطة بعض ، وإن كانت الصفوف الباقية من الأرواح بواسطة العقل الأول ، فإنه واسطة التدوين والتسطير للكمالات الوجودية .
والروح العيسوي من الصف الأول ، لذلك قال : ( روح من الله لا من غيره . )
أي ، الروح العيسوي فائض من الحضرة الإلهية مقام الجمع بلا واسطة اسم من الأسماء وروح من الأرواح ، كما قال تعالى : ( وروح منه ) .
أي ، من الله . لذلك أحيا الأموات وخلق الطير من الطين ، وهو الخفاش .
قال تعالى حاكيا عنه : ( إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير ) . فانفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله . وأبرء الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله .
فهو مظهر للإسم الجامع الإلهي ، كنبينا ، صلى الله عليه وسلم .
لذلك كمل نسبته إليه في كونه صاحب الاسم الأعظم ، وقرب ظهوره بظهوره ، وينزل من السماء مرة أخرى ، ويدعو الخلق بدين نبينا ، صلى الله عليه وسلم .
( حتى يصح له من ربه نسب .... به يؤثر في العالي وفي الدون )
قال رضي الله عنه : ( النسب ) بفتح النون ، وبالكسر ، وهم . أي ، إحياء الأموات وخلق الطير ، ليصح نسبه ، ونسبته إلى الله بكونه صادرا منه مظهرا للإسم الجامع الإلهي ، لا بأنه ابنه ، كما يقول الظالمون . تعالى عنه علوا كبيرا .
( به يؤثر ) أي ، بذلك النسب يؤثر في العالي ، أي فيمن له العلو المرتبي كالإنسان ، وفيمن له السفل المرتبي وهو الدون كالطير ، بإحياء الموتى وخلق الطير ، أو يؤثر ويتصرف في العالم العلوي السماوي والسفلى الأرضي كلها .
(الله طهره جسما ونزهه ..... روحا وصيره مثلا بتكوين )
وفي بعض النسخ : ( لتكوين ) .
أي ، الله طهر جسمه وبدنه من الأدناس الطبيعية التي بواسطتها يتصرف الشيطان في الإنسان ، كما شق جبرئيل صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطهره ونزه روحه عما يوجب النقائص والمذام ، وحلاه بجميع الكمالات والمحامد .
قال رضي الله عنه : ( وصيره مثلا ) أي ، متماثلا لربه في إحياء الأموات وخلق الطير وتكوينه لكونه مخلوقا على صورته .
وإطلاق المثلية هنا مجاز ، إذ لا مثل له ولا نظير ، لكون الكل منه . أو صيره مماثلا لآدم في كونه تكون من غير أب ، كما تكون آدم من غير أب .
قال تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ) .
وتقديم اسم ( الله ) يفيد التعظيم - كما يقال : السلطان أمر بهذا الحكم - واحصر ، على أنه طهر جسمه من غير واسطة لا غيره ، كما أوجد روحه من غير واسطة .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
الفصّ العيسوي
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
أي : ما يتزين به ويكمل العلم اليقيني الباحث عن رتبة خاصة في النبوة ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى عيسى بن مريم - عليهما السلام ، إذ ظهر بها في بطن أمه "أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا" [ مريم : 24 ] ، وفي المهد قال :" إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا " [ مريم : 30 ] ، وفي حال الكهولة :" أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ"[ آل عمران : 49 ] إلى قوله :" وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ " [ آل عمران : 49 ] .
"" أضاف المحقق : لفظة النبي التي وردت بالهمز وبدونه ، فبالهمز مشتق من النبأ بمعنى الإخبار فنسب الشيخ حكمته إليه ؛ لأنه أنبأ عن نبوته في المهد بقوله :آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا[ مريم : 30 ] .
وفي بطن أمه بقوله :أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا[ مريم : 24 ] أي : سيدا على القوم بالنبوة ، فله زيادة خصوصية بها ، وبدون الهمز من نبا ينبو بمعنى ارتفع لارتفاعه إلى السماء ، قال تعالى :"بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ"[ النساء : 158 ] ( شرح الجامي ص 325 ) .""
قال رضي الله عنه :
(عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين .... في صورة البشر الموجود من طين)
ولما كانت له هذه الرتبة لطهارة فطرته ، واتصاله بالأرواح العلوية ؛ ولذلك رفع إلى السماء أخذ يبحث عنها ؛ فقال ( عن ) متعلق يتكون ، وهمزة الاستفهام محذوفة والمنفصلة حقيقية أي : بل عنهما جميعا يكون ( ماء مريم ) عن سريان الشهوة فيها .
إذ قال لها جبريل عليه السّلام : " إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا "[ مريم : 19 ] ، وقد تمثل لَها" بَشَراً سَوِيًّا" [ مريم : 17 ] ، إذ لا بدّ منه لفيضان الروح على الجسم الإنساني ، فإنه من ماء المرأة ، ومن ماء الرجل بحسب السنة الإلهية التي لم تجد لها تبديلا وتحويلا .
فلذا قال رضي الله عنه : ( وعن نفخ جبرين ) أي : جبريل ، فإنه من حيث تضمنه النفس المشبه بالنفس الحيواني حامل رطوبة متوهمة ، وذلك لظهوره ( في صورة البشر ) ( الموجود من طين ) ، وهو تراب مبلول بالماء ، فلا يخلو نفسه عن رطوبة محققة ، فما تمثل به يوجب نفخة رطوبة متوهمة يفيد اجتماعهما تركيب جسم إنساني معتدل
تكوّن الرّوح في ذات مطهّرة .... من الطّبيعة تدعوها بسجّين
قال رضي الله عنه : ( تكون ) أي : فاض ( الروح ) العيسوي ( في ذات ) .
أي : جسم إنساني هو ذاته المعروضة لحيوانه من الروح ( مطهرة ) ( من الطبيعة ) الحيوانية من حيث تركيبها من المختلفات المحققة المستدعية انحلالها عند بطلان اعتدالها المبطل تدبير الروح عنها ، وإن كان ذلك التركيب بعينه عند اعتدال أجزائه يستدعي تدبيره في جسمه ؛ لذلك ( يدعوها ) أي : تلك الطبيعة ( بسجين ) بحبس الروح العلوي . ثم تخليه عند بطلان اعتداله
لأجل ذلك قد طالت إقامته .... فيها فزاد على ألف بتعيين
قال رضي الله عنه : ( لأجل ذلك ) أي : لتطهر ذاته عن تلك الطبيعة المستدعية تدبير الروح تارة وإخلاؤه تارة
قال رضي الله عنه : ( قد طالت إقامته ) أي : إقامة روحه ( فيها ) أي : في ذاته ، ( فزاد ) قدر إقامته فيها ( على ألف ) من السنين ( بتعيين ) في هذا الألف المزيد عليه ، إذ لا تتصور زيادة على شيء بدون تعيين ذلك الشيء ؛ وذلك لأنه عليه السّلام ولد قبل نبيّنا عليه السّلام بخمسمائة وخمس وخمسين سنة ، وقد بقي بعد ، وقد مضى بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أكثر من خمسمائة سنة.
وإذا كانت الذات العيسوية منزهة عن الطبيعة ، فالروح المتكون فيها
روح من اللّه لا من غيره فلذا .... أحيا الموات وأنشأ الطّير من طين
(روح من اللّه لا من غيره) من العقول والنفوس والأفلاك والعناصر ؛ لأن فيضانه يختلف باختلاف المحل نزاهة وتعلقا.
حتّى يصحّ له من ربّه نسب .... به يؤثّر في العالي ، وفي الدّون
اللّه طهّره جسما ونزّهه .... روحا وصيّره مثلا بتكوين
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
بسم الله الرّحمن الرّحيم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة
وجه تسمية الفصّ
إنّما اختصّت الكلمة العيسويّة بين الأنبياء كلَّها بالحكمة النبويّة لما قد اطَّلعت عليه أولا من أن النبوة - التي هي الإخبار عن الله بأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامها كلها - مبنى أمرها على الوجود الكلاميّ ، ومنشأ ظهورها من النقطة النطقيّة التي بها ينطبق قوسا البطون والظهور ، ويتمّ الكمال الوجوديّ بالشهوديّ ، والظهوريّ بالشعوريّ .
ثمّ إنّ الكلمة العيسويّة هي التي تفرّدت بين الكلمات بمظهرية هذه المرتبة من الوجود استقلالا ، بدون تعلَّم ولا تعمّل اكتساب وتدبّر - دون غيرها من الأنبياء - فهي التي تظهر هذه المرتبة لذاتها ، ولذلك ترى أول أثر يترتّب على شخصه الكماليّ هو هذه ، إذ تكلَّم في بطن امّه بقوله : “ أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا “ [ 19 / 24 ] وفي المهد بقوله : “ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا” [ 19 / 30 ] .
وهذا هو وجه المماثلة والمشابهة بينه وبين آدم ، على ما أفصح عنه قوله :
“ إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَه ُ من تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَه ُ كُنْ “ كلمة كاملة ذات نطق وكلام “ فَيَكُونُ “ [ 3 / 59 ] فإنّ « ثمّ » يدل هاهنا على أنّ أمر “ كُنْ “ إنما يتوجّه إلى مرتبة وراء خلق آدم ، مرتّبة عليه ، فعيسى مثل آدم في مصدرية الكلام الكماليّ ومظهريّة الكمال الكلاميّ بدون تعلَّم من أحد ولا تطفّل على أحد ، فلذلك اختصّت بالنبوّة .
ومما يلوّح عليه أن في لفظة « النبويّة » جميع ما في الكلمة العيسويّة من الحروف ، إمّا بأعيانها ، أو ببيّناتها .
وبيّن أن ظهور الكلمة العيسويّة بمرتبة الإنبائيّة الكلاميّة - التي بها صحّت مماثلتها لآدم - ليس على ما عليه الطبيعة الجزئيّة البشريّة ، فإنّها ليست ظاهرة بها إلا بعد تعلَّم من الأبوين ، وزيادة تدبّر وتعاون من القوى ، على استحصال تلك الملكة ، فليس لها في ذاتها إلا القابليّة لها فقط . ولذلك كان امّها من جزئيات هذه الطبيعة البشريّة ، والنفخ الجبرئيليّ فيها بمنزلة الأب .
مبدأ خلق عيسى عليه السّلام
فأشار إلى ذلك بضرب من التلطَّف مستفهما عن ترديد على معنى منع الخلوّ دون الجمع قائلا :
( عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين )
فإن الماء للين جوهره وكمال قبوله وانفعاله هو الامّ ، والنفخ لقوّة فعله وشدّة تأثيره هو الأب . على أن الماء هو الامّ مادّة ، كما أنّ « النفخ » « أب » في قاعدة العقد على ما يلوّحك عليه بيّنات العدد منه ، إذا نسب إلى الأب بيّناته أو اسمه - تأمّل .
ثمّ إن ماء مريم بجوهريّته قابل لذلك ، كما أن نفخ جبرين بصورته الفعليّة فاعل له ، فلذلك ظهر الولد بجوهره
.
يتبع
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثانية الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية : - الجزء الثالثتابع : شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
( في صورة البشر الموجود من طين )
كما أنّه بفعله في صورة الملك الموسوم بالجبرين ، وفي تبديل لامه بالنون إشارة إلى ما عليه في حالة النفخ ، أعني الصورة الإنسانية ، فإنّ النون من امّهات موادّ ذلك الاسم - كما لا يخفى - فمتعلَّق هذه الظروف كلها قوله :
( تكوّن الروح في ذات مطهّرة )
من آثار تلك الصورة وأفعالها الهيولانيّة المظلمة ، فإن أفعال عيسى ومبدأها - أعني الروح - من جبرين ، إذ تكوّن الروح عن النفخ ، كما أن صورة البشر من الماء ، على ما يطلعك عليه تركيبه بترتيبه .
ثمّ إنّه قد حصل هاهنا صورة مزاجيّة اعتداليّة بين قاهرين قويّين :
أحدهما تكوّن روحه في ذات غير قابلة للفساد ، والتغيّر والحدوث ، مطهّرة من ذلك الأوصاف ، يجذبه إلى العلو مستقر جلالها ومسرع عزّها وإطلاقها .
والآخر تكوّن صورته ( من الطبيعة ) التي لم تزل تفسد وتتغيّر ( تدعوها ) إلى السفل معدن كمالها المسمى ( بسجّين ) الحصر والقيد .
وبيّن أن المزاج المعتدل بين القوّتين المتقاومتين ، لا بدّ وأن يكون لها بقاء بقدر قوّتهما وتكافؤهما عند تحاذيهما ، واستقرارهما في الاعتدال ( لأجل ذلك قد طالت ) للروح ( إقامته )
في تلك الذات ومكثه ( فيها ، فزاد ) مقدار إقامته ، ( على ألف ) وهو أنهى درجات مراتب المقدار وأطولها من السنة التي هي أنهى درجات مراتب الزمان وأطولها ( بتعيين ) مقداريّ عددا وزمانا .
وذلك الاعتدال فيه لقوّة أمر الروح ، حيث لم ينقهر من حكم الطبيعة مع أنّه متنزّل في مرتبتها ، ظاهر بحكمها ، كما انقهر غيره من الكلمات .
ووجه اختصاص روحه بتلك القوّة أنّه :
( روح من الله لا من غيره فلذا أحيا الموات )
إحياء إعادة( وأنشأ الطير من طين )إنشاء بدء . فتحقّق بالمبدئيّة والمعيديّة .
( حتّى يصحّ له من ربّه نسب به يؤثّر في العالي )
من المتروحين المتجرّدين ( وفي الدون ) من المتركَّبين المتدنّسين لما عرفت أنّه بصورته الاعتداليّة الجمعيّة محيط بالطرفين وجودا ، فإنّه بصورته الجسميّة التي هي نهاية المراتب الوجوديّة باقية في الجسم الكلّ ، مؤثّر في صورهم الوجوديّة ، كما أنّ محمّدا بصورته الكلاميّة التي هي غاية الكلّ ، باق مؤثّر في كمالهم الشهوديّ .
وبيّن أن الإحاطة المذكورة إنما يتصوّر بمظهريّة الجمعيّة الإلهيّة ، وذلك إنما يتمّ بطهارة كمال قابليّته ، المطهّر بطرفيه الروحانيّ والجسمانيّ عن التدنّس والتغيّر ، حتّى يصحّ منهما المزاج الاعتداليّ المثليّ ، وإليه أشار بقوله :
(الله طهّره جسما ونزّهه ... روحا وصيّره مثلا بتكوين )
وقد نبّهت على وجه مماثلته بآدم ، وهذا وجه مماثلته للحقّ ، وهو الظهور بالإبداء والإعادة فعلا ، والتطهير والتنزيه ذاتا وصفة .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه .... روحا وصيره مثلا بتكوين ) .
الفصّ العيسوي
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
قال رضي الله عنه : ( عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين .. تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين)
فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
لفظة النبي التي وردت بالهمز وبدونه ، فبالهمز مشتق من النبأ بمعنى الإخبار فنسب الشيخ رضي اللّه عنه حكمته إليه لأنه أنبأ عن نبوته في المهد بقوله : "وآتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا "[ مريم : 30 ] .
وفي بطن أمه بقوله :" أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا " [ مريم: 24] ،
أي سيدا على القوم بالنبوّة ، فله زيادة خصوصية بها ، وبدون الهمز من نبا ينبو بمعنى ارتفع لارتفاعه إلى السماء . قال تعالى: " بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ "[ النساء : 158 ] .
ثم اعلم أن لعيسى عليه السلام جهة جسمانية وجهة روحانية وأحدية جمع للجهتين ، فإذا نظر إلى جهة الجسمانية يظن أنه تكوّن من ماء مريم وإذا نظر إلى جهة الروحانية وآثارها من إحياء الموتى وخلق الطير من الطين يحكم أنه من نفخ جبريل .
وإذا نظر إلى أحدية جمعهما يقال : إنه متكوّن منهما ، فلذا قال الشيخ رضي اللّه عنه على سبيل منع الخلق المحتمل انفراد كل من الأمرين واجتماعه في تكونه ( عن ماء مريم أو نفخ جبريل ) هو لغة في جبريل ، وهذا الكلام يحتمل أن يكون خبرا كما هو الظاهر واستفهاما للتقدير بتقدير الهمزة ( في صورة البشر الموجود في طين ) حال من جبريل .
أي عن ماء مريم أو عن جبريل حال كونه متمثلا في صورة بشرية كما قال تعالى :" فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا " [ مريم : 17 ] .
قال رضي الله عنه : ( تكون الروح ) ، أي الحقيقة المعنوية العيسوية بصورته الشخصية الخارجية ( في ذات مطهرة عن الطبيعة ) ، أي عن غلبة أحكام الطبيعة السفلية العنصرية ( التي يدعوها ) اللّه سبحانه ويسميها في كتابه العزيز ( بسجين ) مأخوذ من السجن لأن كل ما هو في عالم الطبيعة مسجون محبوس مقيد بالتعلقات الجسمانية والقيود الظلمانية .
وفي بعض النسخ تدعوها بتاء الخطاب أو التأنيث ، أي الطبيعة تدعوها : أنت بسجين أو الطبيعة التي تدعو بتلك الذات المطهرة إلى سجين فتكون الباء بمعنى إلى
قال رضي الله عنه : ( لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين .. روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين .. حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون ...الله طهره جسما ونزهه ... روحا وصيره مثلا بتكوين)
قال رضي الله عنه : (لأجل ذلك ) ، أي لأجل تكونه من نفخ جبريل ، لأن للأرواح صفة البقاء أو لأجل تكونه في ذات مطهرة ، لأن طهارة المحل توجب طهارة المحمول والطهارة تستدعي طول البقاء ( قد طالت إقامته ) ، أي إقامة الروح الذي هو عيسى عليه السلام ( فيها ) ، أي في صورة البشر ( على ألف ) من السنين ( بتعيين ) ، أي بتعيين الحق تلك المدة لما يقتضي استعداده إياها .
وفي رواية إلى حين ، أي زيادة ممتدة إلى حين عينه الحق سبحانه بمقتضى استعداده .
وإنما حكم بزيادة طوال إقامته على ألف لأن مولد عيسى عليه السلام كان قبل مولد نبينا صلى اللّه عليه وسلم بخمسمائة وخمسة وخمسين سنة وقد بقي بعده سينزل ويدعو الناس إلى نبينا صلى اللّه عليه وسلم ( روح ) ، أي هو روح ملقى ( من اللّه ) أحدية جمع الأسماء ، وكلمة ملقاة منه بواسطة جبريل إلى مريم ليكون مظهرا لهذا الاسم الجامع ( لا من غيره ).
يعني لا من غير ذلك الاسم الجامع من الأسماء التالية له ، ولا من الوسائط الكونية فهو ملقى منه بلا واسطة ( فلذا ) ، أي لكونه ملقى من هذا الاسم الجامع ، ومظهرا له ظهر منه آثار الأسماء المتكثرة كما أنه ( أحيى الموتى ) فإن إحياء الموات إنما يترتب على أسماء كثيرة من أسمائه سبحانه كالحي العليم المريد القادر المحيي ( و ) كما ( أنشأ الطير ) يعني الخفاش ( من طين ) فإن إنشاء الطير كذلك يترتب على ما سبق من الأسماء وعلى الخالق والصور أيضا ، وإنما أحيى الموتى وأنشأ الطير .
قال رضي الله عنه : ( حتى يصح ) ، أي يثبت ويظهر ( له من ربه ) الذي هو الاسم الجامع ( نسب ) بالفتحتين أي نسبه بالمظهرية ( به ) ، أي بذلك السبب ( يؤثر في العالي ) المرتبة الذي هو الإنسان بإحياء الأموات منه بالرتبة كالطير بإنشاء نوع منه أو في العلويات ( وفي الدّون ) والسفليات ( اللّه طهره جسما ) من أدناس الطبيعة ( ونزهه روحا ) ، من الصفات الوخيمة والملكات الرذيلة ( وصيره مثلا ) ، أي مماثلا مشابها لنفسه ( بتكوين ) ، أي بجامع التكوين ، فكما أنه سبحانه يكون الأنبياء كذلك هو يكون .
وقيل : معناه صيره مثالا لآدم بتكوينه من غير أب .
.
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثالثة الجزء الأولى .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة : - الجزء الأولىجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : (اعلم أنّ من خصائص الأرواح أنّها لا تطأ شيئا إلّا حيي ذلك الشّيء وسرت الحياة فيه . ولهذا قبض السّامريّ قبضة من أثر الرسول الّذي هو جبرئيل عليه السلام وهو الرّوح . وكان السّامري عالما بهذا الأمر . فلما عرف أنّه جبرئيل ، عرف أنّ الحياة قد مرت فيما وطئ عليه ، فقبض قبضة من أثر الرّسول بالضّاد أو بالصّاد أي بملء يده أو بأطراف أصابعه ، فنبذها في العجل فخار العجل ، إذ صوت البقر إنّما هو خوار ، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصّوت الّذي لتلك الصّورة كالرّغاء للإبل والثّؤاج للكباش واليعار للشياه والصّوت للإنسان أو النّطق أو الكلام . )
قال رضي الله عنه : (اعلم) يا أيها السالك (أن من خصائص الأرواح) القدسية التي هي وجوه الروح الأعظم الأمري ورقائق شعاعاته المبثوثة في جميع العوالم أنها (لا تطأ) ، أي تمس (شيئا) من صور العالم الكثيفة أو اللطيفة (إلا حيي ذلك الشيء) ، أي صار حيا وسرت الحياة الإنسانية أو الحيوانية أو النباتية أو الجمادية (فيه) ، أي في ذلك الشيء ، كما سرت الحياة النباتية في الفروة ، وهي وجه الأرض التي جلس عليها الخضر عليه السلام ، وهو يتحقق بغلبة الروحانية كما ذكرنا ، فاخضرت تلك الأرض وسمي الخضر لأجل ذلك كما قيل ، ومن مشى على الماء أو في الهواء وهو هذه الحالة فقد سرت منه الحياة الجمادية في الماء والهواء في وقت مشيه ذلك ، والملك الذي جاء مريم عليها السلام في صورة البشر السوي لما نفخ فيها سرت في نطفتها داخل فرجها الحياة الإنسانية ، فكان عيسى عليه السلام .
قال رضي الله عنه : (ولهذا) ، أي لما ذكر (قبض السامري) في بني إسرائيل (قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل) عليه السلام لما جاء وقت الذهاب إلى الطور ، وقد كان موسى عليه السلام وعد قومه أربعين ليلة أنه يذهب لميقات ربه ليأتيهم بكتاب فيه بيان ما يأتون وما يذرون فجاء جبريل عليه السلام على فرس يقال له « فرس الحياة » ولا تصيب شيئا إلا حيي ليذهب بموسى عليه السلام إلى ربه (وهو) ، أي المقبوض من أثره (الروح ) الذي به تحيا الأشياء .
(وكان السامري) رجلا صالحا قد أظهر الإيمان بموسى عليه السلام على وجه النفاق ، وكان من قوم يعبدون البقر (عالما بهذا الأمر) ، أي بأن الروح لا يمس شيئا إلا حيي فلما عرف أنّه ، أي ذلك الرسول الذي جاء إلى موسى عليه السلام (جبريل) عليه السلام ورأى موضع قدم فرسه يخضر في الحال فيعطي الحياة النباتية للمستعد لها (عرف) ، أي السامري أن الحياة قد سرت فيها ، أي في وجه الأرض الذي (وطيء) ، أي داس (عليه السلام ) ذلك الفرس بحافره ، وقال : إن لهذا الفرس شأنا (فقبض) بيده (قبضة من أثر) ، أي تربة حافر فرس الرسول الذي هو جبريل عليه السلام والقبضة بالضاد المعجمة (أو بالصاد) المهملة كما قرىء بذلك .
(أي بملء يده) وهي القبضة بالمعجمة (أو بأطراف أصابعه) ، وهي القبضة بالمهملة ، وهذا بناء على أنه ألقي في روعه أنه إذا ألقي في شيء غيره حيي ، وقد كان موسى عليه السلام لما ذهب إلى الميقات خلف أخاه هارون عليه السلام في بني إسرائيل فقال لهم هارون : قد تحملتم أوزارا من زينة القوم ، أي حليهم فإنهم كانوا قد استعاروا حليا كثيرا من قوم فرعون قبل خروجهم من مصر بعلة غرض لهم .
فأهلك اللّه تعالى فرعون وقومه ، وبقيت تلك الحلي في أيدي بني إسرائيل ، فقال لهم هارون : تطهروا منها ، فإنها نجس وأوقد لهم نارا وأمرهم بقذف ما كان معهم ففعلوا ، فأقبل السامري إلى النار وقال : يا نبي اللّه ألقي ما في يدي قال : نعم وهو يظن أنه حلي فقذفه فيها فقال : كن عجلا جسدا له خوار .
قال رضي الله عنه : (فنبذها) ، أي تلك القبضة أو القبصة (في العجل) حتى صار عجلا من ذهب والعجل ولد البقر إلى أن يكبر قيل : خرج عجلا من ذهب مرصعا بالجواهر كأحسن ما يكون (فخار) ذلك (العجل) إذ ، أي لأن (صوت البقر إنما هو خوار . )
قال السدي رحمه اللّه تعالى : كان يخور ويمشي فقال السامري : هذا إلهكم وإله موسى فنسي ، أي تركه ههنا وخرج يطلبه ، وأخطأ طريق إصابته فافتتنوا به ودعاهم إلى عبادته فعبدوه .
قال رضي الله عنه : (ولو أقامه) ، أي السامري (صورة أخرى) غير العجل (لنسب إليه) ، أي إلى ما أقامه (اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء) بالغين المعجمة للإبل والثّؤاج) بالمثلثة والجيم للكباش من الغنم واليعار بالمثناة التحتية والعين المهملة (للشاة والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام) ، ولكن إنما أقامه عجلا ، لأنه كان من قوم يعبدون البقر كما ذكرنا .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : ( واعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيى ذلك الشيء وسرت الحياة فيه ) لأن الحياة أول صفة تعرض للروح فيؤثر بها الروح فيما يطأ عليه ( ولهذا ) أي ولأجل سريان الحياة فيما يطأ عليه الروح ( قبض السامري قبضة من أثر الرسول ) أي أخذ السامري ترابا من مكان الذي وطئ عليه الرسول عليه السلام .
قال رضي الله عنه : ( الذي هو جبرائيل وهو الروح وكان السامري عالما بهذا الأمر فلما عرف أنه جبرائيل عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه فقبض قبضة من أثر الرسول عليه السلام بالضاد ) المعجمة ( أو بالصاد ) المهملة ( أي بملء يده ) تفسير بالضاد المعجمة ( أو بأطراف أصابعه ) تفسير بالصاد المهملة .
قال رضي الله عنه : ( فنبذها ) أي القبضة والمراد به المقبوضة ( في العجل فخار العجل ) لسريان الحياة فيه وإنما لم يصوت غير الخوار ( إذ صوت البقر إنما هو خوار ) لا غير ( ولو إقامة ) أي لو نبذ السامري ما قبضه من أثر الرسول عليه السلام ( صورة أخرى ) أي غير صورة العجل .
قال رضي الله عنه : ( لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثواج للكباش والعياء للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام ) .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه. ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح. وكان السامري عالما بهذا الأمر. فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
معناه ظاهر.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : ( اعلم : أنّ من خصائص الأرواح أنّها لا تطأ شيئا إلَّا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه ، ولهذا قبض السامريّ " قَبْضَةً من أَثَرِ الرَّسُولِ " الذي هو جبرئيل وهو الروح ، وكان السامريّ عالما بهذا الأمر . لمّا عرف أنّه جبرئيل ، عرف أنّ الحياة قد سرت فيما وطئ عليه ، فقبض قبضة من أثر الرسول - بالصاد أو بالضاد - أي بملء يده أو بأطراف أصابعه ، فنبذها في العجل فخار العجل ، إذ صوت البقر إنّما هو الخوار ، ولو أقامه صورة أخرى نسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش والثغاء للشياه ، والصوت للإنسان ، أو النطق أو الكلام .)
قال العبد : قد علمت فيما تقدّم أنّ الروح نفس رحماني ، فالحياة ذاتية له ، وإذا أثّر أو باشر بصورته المثالية جسما من الأجسام ، ظهر سرّ الحياة فيه بحسب صور ذلك الجسم ، والجسم ليست له الحياة التي تفيد الحركة والحسّ الخاصّة بالحيوان ، وإنّما هي من خاصّة الروح .
ثمّ الروح إذا كان كلَّيا يكون تأثيره بحسبه وبحسب قوّته ، وجبرئيل هو الروح الكلَّي المسلَّط على عالم العناصر كلَّها وسلطانها ، ومقامه سدرة المنتهى ، وليس كما يزعم الفلاسفة أنّه العقل الفعّال يعنون روح فلك القمر .
فإنّ روحانية فلك القمر هو إسماعيل ، وليس بإسماعيل النبيّ ، بل هو ملك مسلَّط على عالم الكون والفساد ، هو من أتباع جبرئيل عليه السّلام .
وليس لإسماعيل حكم فيما فوق فلك القمر ، ولا لجبرئيل فيما فوق السدرة ، وحكمه على السماوات السبع وما تحتها من الأسطقسّات والعناصر والمواليد ، فلمّا ظهر هذا الروح الأمين الكلَّي متمثّلا على البراق ، والبراق أيضا روح متمثّل كذلك من روح البراق المتمثّل أثّر في التراب الذي وطئ عليه ، فسرت فيه الحياة ، لقوّة روحانيته المتعدّية ، فلمّا نبذ التراب في تلك الصورة المسوّاة على صورة البقر ، أثّر فيها من الحياة هذا القدر .
قال رضي الله عنه : (« فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمّى لاهوتا ») .
يعني رضي الله عنه : لمّا كانت الحياة من خصوص الإلهية ، فأيّ شيء سرت فيه الحياة - أيّ نوع كان من أنواع الحياة المختلفة الظهور في الأجسام القابلة التي تسري فيها - يسمّى لاهوتا .
قال رضي الله عنه : ( والناسوت هو المحلّ القائم به ذلك الروح ، فسمّي الناسوت روحا بما قام به ) .
يعني رضي الله عنه : بالتضمّن ، ولكن إذا كان الروح قائما بصورة إنسانية يسمّى ناسوتا بالحقيقة ، وإذا قام بغير الصورة الإنسانية ، قد يسمّى ناسوتا بالمجاز ، لكونه محلا للَّاهوت .
قال رضي الله عنه : ( فلمّا تمثّل الروح الأمين الذي هو جبرئيل عليه السّلام لمريم بشرا سويّا ، تخيّلت أنّه بشر يريد مواقعتها ، فاستعاذت بالله منه استعاذة تجمّعيّة منها ليخلَّصها الله منه ، لما تعلم أنّ ذلك ممّا لا يجوز ، فحصل لها حضور تامّ مع الله وهو الروح المعنوي ) .
يعني رضي الله عنه : أنّ حضورها لأجل التنفيس عنها استدعى روحا معنويا ، لأنّه لا يكون إلَّا بتجلّ نفسي رحماني في معنى الإنسان .
قال رضي الله عنه : ( فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على تلك الحالة ، خرج عيسى لا يطيقه أحد ، لشكاسة خلقه لحال أمّه ) .
يعني : أنّ ظهور الروح وتعيّنه في كل محلّ إنّما يكون يحسب حال ، فلمّا كانت حال مريم عليها السّلام حال الاستعاذة والضجر والتحرّج من تخيّلها وقوع المواقعة ، فلمّا رأت صورة بشرية على صورة التقيّ النجّار ، وكانت متبتّلة إلى الله ، زاهدة في الدنيا وفي النكاح ، حصورة ، فخرجت نفسها ممّا رأت ، فلو نفخ جبرئيل فيها روح الله وكلمته وأمانته على تلك الحالة ، لسرت حالتها في الروح ، فخرج كذلك منكَّس الخلق لا يطيقه أحد ، فعلم الروح الأمين منها ذلك ، فأنسها بقوله : " إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ ".
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيى ذلك الشيء وسرت الحياة فيه ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل وهو الروح وكان السامري عالما بهذا الأمر فلما عرف أنه جبريل عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه فقبض قبضة من أثر الرسول بالضاد أو بالصاد أي بملء يده أو بأطراف أصابعه فنبذها في العجل فخار العجل ، إذ صوت البقر إنما هو خوار ، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل ، والثؤاج للكباش ، واليعار للشياه ، والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام )
لما كانت الحياة للروح ذاتية لأن الروح من نفس الرحمن لم يؤثر في جسم إذ لم يباشره بالصورة المثالية إلا ظهر فيه خاصية الحياة وأثر من آثارها بحسب صورة ذلك الجسم ، فإن كان ذا مزاج معتدل قابل للحياة ظهر فيه الحس والحركة وجميع خواص الحياة بحسب المزاج المخصوص ، وإن لم يكن ظهر فيه أثر من الحياة بحسب صورته كالخوار لصوت البقر ، وكلما كان الروح أقوى كان تأثيره أقوى وأشد وخاصيته أظهر .
"" أضاف بالي زادة : ( وسرت الحياة فيه ) لأن الحياة أول صفة تعرض الروح فيؤثر بها الروح فيما يطأ عليه . ""
وجبريل عند أهل العرفان هو الروح الكلى المسلط على السماوات السبع وما تحتها من العناصر والمواليد ومحل سلطنته السدرة المنتهى وهي صورة نفس الفلك السابع .
وكل ما في المرتبة العالية من الأرواح فهو مؤثر في جميع ما في المراتب السافلة التي تحتها فأرواح سائر الأفلاك التي تحت السابع كأعوانه وقواه .
وأما روح فلك القمر الذي سماه الفلاسفة العقل الفعال ، فالعرفاء يسمونه إسماعيل ، وهو ليس بإسماعيل النبي عليه السلام بل ملك مسلط على عالم الكون والفساد من أعوان جبريل وأتباعه ، وليس له حكم فيما فوق فلك القمر .
كما لا حكم لجبريل فيما فوق السدرة فظهر جبريل في الصورة المثالية على الحيزوم الذي هو أيضا صورة متمثلة من الروح الحيواني سرى في التراب الذي وطئ عليه فسرت فيه قوة الحياة المتعدية وكان السامري عالما بذلك فقبض قبضة من ذلك التراب فنبذها في الصورة المفرغة على صوره العجل فظهر فيه ما ناسب صورته من الحياة وهو الخوار .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : ( اعلم ، أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيى ذلك الشئ وسرت الحياة فيه . ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبرئيل ، عليه السلام ، وهو الروح . وكان السامري عالما بهذا الأمر . فلما عرف أنه جبرئيل ، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه ، فقبض قبضة من أثر الرسول - بالصاد أو بالضاد . أي ، بملء ء يده ، أو بأطراف أصابعه فنبذها في العجل ، فخار العجل ، إذ صوت البقر إنما هو خوار . ولو أقامه صورة أخرى ، لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة ، كالرغا للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشاة والصوت للإنسان ، أو النطق أو الكلام).
اعلم ، أن الأرواح مظاهر اسم ( الرب ) . فإن الحق بها يرب مظاهره .
و ( الحياة ) بحسب الوجود أول صفة يلزمها ، وهي أصل جميع الصفات الوجودية ، لذلك جعل الاسم ( الحي ) إمام الأئمة السبعة ، فإن العلم والقدرة والإرادة وغيرها من الصفات لا يتصور وجودها إلا بعد الحياة ، ولكل شئ روح يخصه فائض عليه من ربه ، فله حياة خاصة تناسبه ، تظهر فيه هي وما يتبعها من لوازمها ، كالعلم والإرادة والقدرة وغيرها بحسب مزاج ذلك الشئ.
فإن مزاجه إن كان قريبا من الاعتدال ، كالإنسان ، يظهر فيه جميع خواصه ، أو أكثرها .
وإن كان بعيدا منه ، يختفي نفس الحياة فيه وجميع لوازمه ، كما في الجماد والمعدن .
وجبرئيل ، عليه السلام ، هو المتصرف في السماوات السبع والعناصر وما يتركب منها ، إذ هو روحانيتها ومقامه ( السدرة ) كما قال تعالى : ( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ) .
فإذا تجسد بصورة مثالية أو جسمية ووطأ أرضا من الأراضي ، يهب ذلك المقام حياة زائدة على حياة ما لم يطأ بخصوصيته منه . وجميع الأرواح العالية بهذه المثابة .
فلما عرف السامري هذا المعنى وعرف جبرئيل حين تجسده بنور باطنه وقوة استعداده ، فقبض قبضة من أثرها ، فنبذها على صورة العجل المتجسدة من حلي القوم ، فحيى ، فخار .
ولو كان صورة أخرى ، لكان صوتها بحسب تلك الصورة .
.
يتبع
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة : - الجزء الثانيخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : (اعلم أنّ من خصائص الأرواح أنّها لا تطأ شيئا إلّا حيي ذلك الشّيء وسرت الحياة فيه ، ولهذا قبض السّامري قبضة من أثر الرسول الّذي هو جبرائيل عليه السّلام ، وهو الرّوح ، وكان السّامريّ عالما بهذا الأمر ، فلما عرف أنّه جبرائيل ، عرف أنّ الحياة قد مرت فيما وطئ عليه ، فقبض قبضة من أثر الرّسول بالضّاد أو بالصّاد أي بملء يده أو بأطراف أصابعه ، فنبذها في العجل فخار العجل ، إذ صوت البقر إنّما هو خوار ، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصّوت الّذي لتلك الصّورة كالرّغاء للإبل والثّؤاج للكباش واليعار للشياه والصّوت للإنسان أو النّطق أو الكلام ) .
جبريل من حيث تضمنه النفس المشبه بالنفس الحيواني حامل رطوبة متوهمة ، وذلك لظهوره ( في صورة البشر ) ( الموجود من طين ) ، وهو تراب مبلول بالماء ، فلا يخلو نفسه عن رطوبة محققة ، فما تمثل به يوجب نفخة رطوبة متوهمة يفيد اجتماعهما تركيب جسم إنساني معتدل ( تكون ) أي : فاض ( الروح ) العيسوي ( في ذات ) .
أي : جسم إنساني هو ذاته المعروضة لحيوانه من الروح ( مطهرة ) ( من الطبيعة ) الحيوانية من حيث تركيبها من المختلفات المحققة المستدعية انحلالها عند بطلان اعتدالها المبطل تدبير الروح عنها ، وإن كان ذلك التركيب بعينه عند اعتدال أجزائه يستدعي تدبيره في جسمه ؛ لذلك ( يدعوها ) أي : تلك الطبيعة ( بسجين ) بحبس الروح العلوي .
ثم تخليه عند بطلان اعتداله ( لأجل ذلك ) أي : لتطهر ذاته عن تلك الطبيعة المستدعية تدبير الروح تارة وإخلاؤه تارة ( قد طالت إقامته ) أي : إقامة روحه ( فيها ) أي : في ذاته ، ( فزاد ) قدر إقامته فيها ( على ألف ) من السنين ( بتعيين ) في هذا الألف المزيد عليه ، إذ لا تتصور زيادة على شيء بدون تعيين ذلك الشيء ؛ وذلك لأنه عليه السّلام ولد قبل نبيّنا عليه السّلام بخمسمائة وخمس وخمسين سنة ، وقد بقي بعد ، وقد مضى بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أكثر من خمسمائة سنة .
وإذا كانت الذات العيسوية منزهة عن الطبيعة ، فالروح المتكون فيها (روح من اللّه لا من غيره) من العقول والنفوس والأفلاك والعناصر ؛ لأن فيضانه يختلف باختلاف المحل نزاهة وتعلقا.
قال رضي الله عنه : ( فلذا ) أي : فلكونه من اللّه الحي القادر العليم في الأرواح ( قبض السامري ) من بني إسرائيل ( قبضة من أثر الرسول ) ، وهو التراب الذي أثر فيه قدم قرينته الأنثى ، وهو من عالم الأرواح ؛ لأنه فرس الرسول ( الذي هو جبريل ) في قول المفسرين لقوله تعالى حكاية عن ( فقبضت قبضة من أثر الرسول ) ، وجبريل ( هو الروح ) .
كما فسّر به قوله تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ( 193 ) عَلى قَلْبِكَ [ الشعراء : 194 ، 193 ] ) ، ففرسه لا بدّ وأن يكون من عالم الأرواح أيضا ، وإذا كان لفرسه هذا الأثر ، فأن يكون لنفسه أولى كيف ، وفرسه أثر في التراب الذي هو أبعد من قبول الحياة مما هو معتدل المزاج ، فلما أثر فيه الضعيف التأثير فقوى التأثير في الكامل القبول أولى .
قال رضي الله عنه : ( وكان السامري ) مع جهله باللّه الموجب لتجريه عليه ( عالما بهذا الأمر ) لما سمع من موسى أو من علماء بني إسرائيل ، وقد عرف أن الراكب على الفرس الأنثى قدام فرس فرعون هو إنما هو جبريل يريد أن يدخل البحر بفرسه الأنثى لتتبعها فرس فرعون ، ( فلما عرف أنه جبريل عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ فيه ) ولو بواسطة الفرس ، وفيما ضعف قبول أثر الحياة فيه ( فقبض قبضة من أثر الرسول ) كما ورد به القرآن ، لكن شكّ في مقدار المأخوذ إذ قرئ ( بالضاد ) المعجمة ( أو بالصاد ) المهملة ( أي : بملء يده ) .
يعني : ملء كفه على الأولى ، ( أو بأطراف أصابعه ) على الثانية ، ( فنبذها ) أي : القبضة أو القبضة ( في ) صورة ( العجل ) المعمولة من حلي قوم فرعون ، فصار عجلا ذا حياة ، (فخار العجل).
والحياة البقرية لم تتعين له من وطئ جبريل بل من الصورة التي أقامها له السامري ، ( إذ صوت البقر إنما هو خوار ) ، والفائض على كل صورة من الحياة ما يناسبها ، والصوت إنما يكون مما يناسب تلك الحياة ، وإن كانت الصورة معمولة للبشر غير فائضة من الأرواح العلوية.
قال رضي الله عنه : ( ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي الصّورة كالرّغاء للإبل والثّؤاج للكباش واليعار للشياه والصّوت للإنسان أو النّطق أو الكلام ) فصل هذا التفصيل ؛ ليشير إلى أن تلك الصور ، وإن اتحدت في الجنس القريب أو البعيد ، فلابدّ وأن يختلف اسم الصوت باختلاف في النوع صدقا ، ولا يختلف اسم الصوت عند اتحاد النوع صدقا ، وإن تعددت أسماؤه المترادفة أو المتواصلة ، وهذا مبالغة في مبالغة مناسبة الصوت للحياة الدالة على مبالغة مناسبة الحياة للصورة .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
الروح مبدأ الحياة
وبيّن أن موضوع البحث في الحكمة النبويّة - على ما عرفت - إنما هو تحقيق أمر الكلام ، والكشف عن أصل مادته التي هي الحياة ، ومبدأ صورته التي هي الصوت ، وبيان أنّ ذلك قد يتمّ أمره على غير المنهج المعتاد من التوالد والتناسل الطبيعيّ ، بل بضرب من الامتزاج الروحيّ بالموادّ العنصريّة ، فلذلك قدّم قصّة السامريّ قائلا :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن من خصائص الأرواح أنّها لا تطأ شيئا )
أي لا تقع على أرض من أراضي القوابل وتطأها ( إلا حييّ ذلك الشيء ) بقوّة قبوله ( وسرت الحياة فيه ) بحسب تلك القوّة التي لها نباتيّة أو حيوانيّة - على اختلاف طبقاتها - ( ولهذا قبض السامريّ قبضة من أثر الرسول الذي هو جبرئيل ، وهو الروح ) .
العقل الأول في اعتباراته المختلفة
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أن للعقل الأول أسماء بحسب طريان الاعتبارات المتخالفة له ، وظهور سلطانها عليه ، فإنّه باعتبار التدوين والتسطير يسمّى بالقلم ، وباعتبار التصرّف والتصريف يسمّى بالروح ، وباعتبار ضبطه وإحصائه الأسماء والرقائق الوجودية يسمى بالعقل ، هذه أسمائه في مرتبته .
ثمّ إذا تنزّل في عوالم الحجب فباعتبار وساطته ورسالته في إنزال أصول الصور الكلاميّة على الإنسان الكامل يسمى بجبرئيل ، كما أن العقل الأخير المسمى بالعقل الفعّال باعتبار وساطته في إحداث الصور الحرفيّة وإسماعها يسمى بإسماعيل .
"" أضاف المحقق : قال مؤيد الجندي في شرح الفصوص : وجبرئيل هو الروح الكليّ المسلط على عالم العناصر كلها ، وسلطانه ومقامه سدرة المنتهى ، وليس كما يزعم الفلاسفة أنه العقل الفعال - يعنون روح فلك القمر - فإن روحانية فلك القمر هو إسماعيل ، وليس بإسماعيل النبيّ ، بل هو ملك مسلّط على عالم الكون والفساد ، وهو من أتباع جبرئيل عليه السّلام ، وليس لإسماعيل حكم فيما فوق فلك القمر ، ولا لجبرئيل فيما فوق السدرة ، وحكمه على السماوات السبع وما تحتها من الأسطقسات والمواليد ""
وما قيل: « إنّ جبرئيل عند العرفاء هو ما يختصّ أمر سلطنته بالفلك السابع وما دونه »
""أضاف المحقق :هذا المعنى ظاهر كلمات الجندي والكاشاني والقيصري""
فهو غير ما علم من تصفّح كلام الشيخ ، فإنّه قد صرّح في كتاب عقلة المستوفز:
أنّ فلك البروج - الذي هو الفلك الأطلس عنده - فيه خلق عالم المثل الإنسانية والحجب الجسدانيّة ، وفي هذا الفلك مقام جبرئيل ، وإليه ينتهي علم علماء الرصد لا يجاوزه أصلا - هذا كلامه .
ثمّ هاهنا تلويح وهو أنّك قد عرفت ما في ( ال ) من الإحاطة بتمام الكلام ، « فجبرال » - بحسب الاشتقاق الكبير - الذي هو المعوّل عليه عند كبار المحققين - يدل على أنّه « الجائي برأي ال » كما أن « إسماعيل » يدل على أنّه المصدر « لإسماع ال » .
وبيّن أن ( ال ) هو الكلام الجامع بين المقطَّع والمركَّب ، والصورة الحائزة للجمع والتفرقة والفرقان القرآن .
ومن تفطَّن لهذا الأصل عرف كثيرا من الدقائق ، منها وجه التمييز بين القرآن المنزل السماويّ والحديث القدسيّ النبويّ .
السامريّ وخوار عجله
( وكان السامريّ ) لملازمته سدّة النبوّة مقتبسا من مشكاة حكمها الأنوار العلميّة ( عالما بهذا الأمر ) - وهو أن الحياة تترتّب على مواطأة الروح حيثما وطئ
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما عرف أنّه جبرئيل ، عرف أنّ الحياة قد سرت فيما وطئ عليه ، فقبض قبضة من أثر الرسول - بالضاد أو بالصاد ، أي بملء يده ، أو بأطراف أصابعه فنبذها بالعجل ،فخار العجل ) لأنّه أثّر الحياة في صورة العجل وغاية ما يترتّب على إقامة بنيته .
فإنّ الصورة الفصليّة للنوع هي الغاية الكماليّة التي بها يصير ذلك النوع بالفعل . ومبدأ تخالف تلك الصورة هي المادّة الاميّة المسماة بالجنس ، فإنّها تختلف بحسب اختلاف تلك المادّة .
قال رضي الله عنه : ( إذ صوت البقر إنما هو خوار ، ولو ) أنّ السامريّ ( أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة ) ضرورة ترتّب ذلك على تركيب هيئته وصورة حياته ، التي هي المادّة الجنسيّة ( كالرغاء للإبل ، والثواج للكباش ، والثغاء للشياة ، والصوت للإنسان ) ممّن كان له صورة هذا النوع ( أو النطق ) ممّن له الإدراك منهم والنظر في الأمور العقليّة ( أو الكلام ) لمن له الكمال الإنساني .
وقد راعى المراتب الثلاث ، أعني أصل القابليّة وكمالها ، والواسطة بينهما في المادّة والصورة . فتكملت المراتب الستّ بذلك - فلا تغفل .
وإذ قد عرفت أنّ الحياة - التي هي إمام أئمة الأسماء الإلهيّة - قد تسري في الموادّ الهيولانيّة لمواطأة الروح لها ، ويجعلها ذا صورة كماليّة وجمعيّة كليّة يصلح لأن تكون مصدرا للقوى الطبيعيّة والإدراكات الكليّة بحسب قوّة قبولها وقربها للاعتدال الجمعي الوحداني .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت ).
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن من خصائص الأرواح ) المجردة التي من صفاتها الذاتية الحياة ومن شأنها التمثل بالصورة المثالية ( أنها لا تتعلق بشيء ) في مقام تجردها إلا حيي ذلك الشيء المتعلق به بحسب استعداده للحياة ( ولا تطأ شيئا ) ولا يمسه في حال تمثلها ( إلا حيي ذلك الشيء ) الموطوء عليه ( وسرت ) منها
قال رضي الله عنه : ( الحياة فيه. ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح. وكان السامري عالما بهذا الأمر. فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام. )
قال رضي الله عنه : ( الحياة فيه ) ، بل فيما يلابسه ذلك الشيء الموطوء عليه ( ولهذا ) السريان والعلم به ( قبض السامري قبضة ) ، أي قبضة من تراب ( من أثر ) براق ( الرسول الذي هو جبريل عليه السلام ) متمثلا بصورة بشرية ( وهو ) ، أي جبريل هو ( الروح ) حقيقة باعتبار حقيقته المجردة ومجازا باعتبار صورته المثالية ( وكان السامري عالما بهذا الأمر فلما عرف ) بنور بصيرته المكتسبة في صحبة موسى عليه السلام ( أنه ) ، أي الرسول ( جبريل عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه ) من التراب وأنها تسري من ذلك التراب الموطوء عليه إلى ما يلابسه .
قال رضي الله عنه : ( فقبض قبضة من أثر ) براق ( الرسول بالضاد ) المعجمة ( وبالصاد المهملة أي على يده ) ، على الأول ( أو بأطراف أصابعه ) ، على الثاني ( فنبذها ) ، أي طرح السامري هذه القبضة من التراب ( في ) صورة ( العجل ) المتخذة من حلي القوم ( فخار العجل ) لسراية الحياة فيه ، وإنما سمي الصوت الظاهر من العجل خوارا ( إذ ) العجل من نوع البقر و ( صوت البقر إنما هو خوار ولو أقامه ) ، أي السامري العجل باعتبار مادته ( صورة أخرى ) إبلية أو كبشية أو شاتية أو إنسانية أو غير ذلك ( لتسبّب ) على البناء للمفعول أو الفاعل أي تسبب اللّه سبحانه أو السامري بأن يكون الفعل مسندا إلى السبب ( إليه ) ، أي إلى العجل الذي أقامه صورة أخرى.
قال رضي الله عنه : ( اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء ) بضم الراء والغين المعجمة ( للإبل ) خاصة ( والثواج ) بضم المثلثة والجيم (للكباش ) خاصة ( واليعار ) بفتح الياء المنقوطة نقطتين من تحت العين المهملة ( للشاة ) خاصة ( والصوت للإنسان ) ولغيره أيضا ( أو النطق له ) خاصة ( والكلام).
.
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الرابعة الجزء الأولى .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة : - الجزء الأولىجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السّارية في الأشياء يسمّى لا هوتا ، النّاسوت هو المحلّ القائم به ذلك الرّوح فسمّي النّاسوت روحا بما قام به . فلمّا تمثّل الرّوح الأمين الّذي هو جبرئيل لمريم عليهما السّلام بشرا سويّا تخيّلت أنّه بشر يريد مواقعتها فاستعاذت باللّه منه استعاذة بجمعيّة منها ليخلّصها اللّه منه لما تعلم أنّ ذلك ممّا لا يجوز . فحصل لها حضور تامّ مع اللّه وهو الرّوح المعنويّ . فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى عليه السّلام لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمّه.فلمّا قال لها :إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ جئت لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا[ مريم : 19 ] انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها فنفخ فيها في ذلك الحين فخرج عيسى . وكان جبرئيل ناقلا كلمة اللّه لمريم كما ينقل الرّسول كلام اللّه لأمّته . وهو قوله :وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ[ النساء : 171 ] . )
قال رضي الله عنه : (فذلك القدر من الحياة السارية) من الروح (في الأشياء يسمى لا هوتا) .
فاللاهوت أثر الروح الساري فيما مسه من ذلك الشيء على حسب ذلك الشيء .
(والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح) من الأشياء المحسوسة بالروح وهو الجسم (فيسمى الناسوت) الذي هو الجسم (روحا بما) ، أي بسبب الروح الذي (قام به) لغلبته عليه واستهلاك حكم الناسوت فيه ، كما سمي ناسوت عيسى عليه السلام روحا باعتبار غلبة الروح عليه وسمي جبريل عليه السلام روحا في حال مجيئه إلى مريم في صورة البشر السوي .
قال رضي الله عنه : (فلما تمثل) ، أي دخل في عالم المثال وهو برزخ بين الوجود والعدم واسع جدا فيه صورة كل شيء لا تدخله إلا الروحانيون من الملائكة والجن والإنس ، فإذا دخلوه استتروا بأي صورة شاؤوا منه ، فيراهم الرائي فيها على حسب ما يريدون وهم على ما هم عليه في خلقتهم الأصلية لا يتغيرون أصلا ، نظير الملابس التي تلبسها الناس فتظهر بها من غير أن يتغير اللابس عن حاله الأصلي (الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليها السلام بشرا سويا) ، أي مستوي الخلقة معتدل الهيئة حسن الصورة (تخيلت) ، أي مريم عليها السلام أنه ، أي جبريل عليه السلام .
(بشر) من الناس ولم تعلم أنه ملك نزل في صورة إنسان وتوهمت (أنه يريد مواقعتها) عليها السلام .
قال رضي الله عنه : (فاستعاذت باللّه تعالى منه) ، أي التجأت إليه تعالى واحتمت به باطنا وقالت :
ظاهرا أعوذ بالرحمن منك ، وخصت اسم الرحمن دون اسم اللّه ، لأنها طلبت أن اللّه تعالى يرحمها بالحفظ والصيانة من شره وأذاه (استعاذة) كانت (بجمعية) قلبية (منها) ، أي من مريم عليها السلام ، فتوجهت همتها من حضرة الرحمن المستوي على عرش قلبها بالرحمة ، فتحرك لسانها بذكره (ليخلصها اللّه) تعالى (منه) ، أي من ذلك البشر السوي لما تعلم ، أي لعلمها أن ذلك الأمر الذي توهمت منه مما لا يجوز في الشرع فيحصل لها عند ذلك حضور تام مع اللّه تعالى ، أي استحضار لقيوميته عليها وشهود لتجليه في باطنها وظاهرها فرارا من نفسها إليه سبحانه ليحميها ودخولا في ظل عنايته ليصونها ويريبها .
قال رضي الله عنه : (وهو) ، أي ذلك الحضور التام الروح المعنوي الذي سرى فيها من توجيه الروح السوي الذي هو جبريل عليه السلام إليها وتأثير باطنه فيها (فلو نفخ) ، أي جبريل عليه السلام فيها ، أي في مريم عليها السلام (في ذلك الوقت على هذه الحالة) التي كانت عليها مريم عليها السلام من القبض والجلال (لخرج عيسى عليه السلام) صاحب قبض وجلال بحيث لا يطيقه أحد من الناس (لشكاسة) ، أي صعوبة (خلقه) ، أي عادته وطبيعته لحال أمه مريم عليها السلام ، لأن أحوال الأمهات والآباء لها تأثير في أخلاق الأولاد في خلقتهم باطنا وظاهرا .
(فلما قال) ، أي جبريل عليه السلام لها ، أي لمريم عليها السلام "إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ".
علمت أنه جبريل عليه السلام ، ثم قال لها : جئت ، أي من عند اللّه تعالى إليك ("لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا") [ مريم : 19 ] ، أي طيبا طاهرا .
فعند ذلك (انبسطت) لقوله عن ذلك القبض الذي كان فيها وزال عنها الجلال الذي قد اعتراها وانشرح صدرها لما يريده اللّه تعالى منها فنفخ ، أي جبريل عليه السلام فيها ، أي في مريم عليها السلام (في ذلك الحين فخرج عيسى) عليه السلام مفعول نفخ ، لأنه عين النفخ الجبريلي والروح الأمري والسر الإلهي .
قال رضي الله عنه : (فكان جبريل عليه السلام ناقلا كلمة اللّه) تعالى (لمريم) عليها السلام كما ينقل الرسول من الأنبياء عليهم السلام كلام اللّه تعالى القديم المنزه عن الحروف والأصوات (لأمته) ، أي أمة ذلك الرسول بلسانه هو وحروفه وأصواته ، فيتكلمون به هم بألسنتهم وحروفهم وأصواتهم من غير أن يتغير كلام اللّه تعالى القديم عما هو عليه في الأزل ، ولا ينقطع توجه ذلك القديم الذي هو صفة من صفات المتكلم به أزلا وأبدا عن ذلك العبد المتكلم به ، وعما أتى به من الحروف والأصوات .
بحيث تبقى تلك الحروف والأصوات إذا نوى القارئ بها أنه يقرأ كلام اللّه تعالى القديم بمنزلة الصورة المثالية التي يتصوّر بها الروحاني فيستتر بها ويظهر فيها ، وهي فعله الممسوك به وهو قيومها الماسك لها ، فهي هو عند الناظر وهو غيرها في نفس الأمر ، وإذا كانت هي هو كان وجوده ظاهرا فيها وهي معدومة بعدمها الأصلي ، فلا تغير لوجوده عما هو عليه ، وإذا كان هو غيرها في نفس الأمر لم يكن لها وجود في نفسها أصلا .
قال رضي الله عنه : (وهو قوله) تعالى في عيسى عليه السلام ("وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ") [ النساء : 171 ] سبحانه ، فعيسى عليه السلام كلمة اللّه تعالى ، كما نقول الآن من غير فرق أصلا للكلمة التي نتكلم بها نحن من القرآن والآية أنها كلمة اللّه تعالى عندنا حقيقة ، على معنى أنها مظهر للكلمة الإلهية وصورة لنا في لساننا من غير حلول ولا اتحاد ولا انحلال ، لأن قيوم الوجود لا يصح أن يحل أو يتحد أو ينحل عنه ذلك الشيء القائم به المعدوم في نفسه ، فجسد عيسى عليه السلام المشتمل على تركيب أعضائه الإنسانية بمنزلة حروف تلك الكلمة وباطنه عليه السلام مما تضمنه من الأسرار والعلوم بمنزلة معنى تلك الكلمة .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : (فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى ) الروح ( لاهوتا ) لكون الحياة صفة إلهية فيسمى الروح بسبب اتصافه بالحياة السارية في الأشياء لاهوتا ( والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح ) فالناسوت هو البدن ( فسمي الناسوت روحا بما ) أي بسبب الذي ( قام ) هو ( به ) أي الناسوت وقد يسمى المجموع روحا لقوله عليه السلام : « وهو روح منه » .
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبرائيل لمريم عليها السلام بشرا سويا تخيلت مريم ( أنه ) أي جبرائيل ( بشر يريد مواقعتها فاستعاذت باللّه منه استعاذة بجمعية منها ) أي استعاذة بجميع قواها الروحانية من نفسها ( ليخلصها اللّه منه لما تعلم ) مريم ( أن ذلك ) الفعل ( مما لا يجوز ) للإنسان أن يفعله ( فحصل لها ) بسبب هذه الاستعاذة ( حضور تام مع اللّه ) على وجه لا يبقى مناسبته خليقية لها .
قال رضي الله عنه : ( وهو ) أي الحضور التام ( الروح المعنوي ) فلما حصلت هذه الحالة لمريم لم ينفخ جبرئيل فيها في ذلك الوقت ( فلو نفخ فيها في ذلك الوقت ) حال كون مريم ( على هذه الحالة ) أي على الحضور التام مع اللّه ( لخرج عيسى عليه السلام لا يطيقه أحد لشكاسة ) أي لصعوبة ( خلقه بحال أمه ) لأن الولد يتبع الأم في الصفات والأخلاق .
قال رضي الله عنه : ( فلما قال ) جبرائيل ( لها :إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّاانبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى عليه السلام فكان جبرائيل ناقلا كلمة اللّه لمريم كما ينقل الرسول كلام اللّه لأمته وهو ) أي تلك الكلمة المنقولة عن جبرائيل إلى مريم .
قال رضي الله عنه : ( قوله تعالى وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) وتذكير الضمير باعتبار عيسى عليه السلام أو باعتبار ما بعده فإذا نفخ فيها .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به. فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي. فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها. فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
معناه ظاهر.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : (« فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمّى لاهوتا ») .
يعني رضي الله عنه : لمّا كانت الحياة من خصوص الإلهية ، فأيّ شيء سرت فيه الحياة - أيّ نوع كان من أنواع الحياة المختلفة الظهور في الأجسام القابلة التي تسري فيها - يسمّى لاهوتا .
قال رضي الله عنه : ( والناسوت هو المحلّ القائم به ذلك الروح ، فسمّي الناسوت روحا بما قام به ) .
يعني رضي الله عنه : بالتضمّن ، ولكن إذا كان الروح قائما بصورة إنسانية يسمّى ناسوتا بالحقيقة ، وإذا قام بغير الصورة الإنسانية ، قد يسمّى ناسوتا بالمجاز ، لكونه محلا للَّاهوت .
قال رضي الله عنه : ( فلمّا تمثّل الروح الأمين الذي هو جبرئيل عليه السّلام لمريم بشرا سويّا ، تخيّلت أنّه بشر يريد مواقعتها ، فاستعاذت بالله منه استعاذة تجمّعيّة منها ليخلَّصها الله منه ، لما تعلم أنّ ذلك ممّا لا يجوز ، فحصل لها حضور تامّ مع الله وهو الروح المعنوي ) .
يعني رضي الله عنه : أنّ حضورها لأجل التنفيس عنها استدعى روحا معنويا ، لأنّه لا يكون إلَّا بتجلّ نفسي رحماني في معنى الإنسان .
قال رضي الله عنه : ( فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على تلك الحالة ، خرج عيسى لا يطيقه أحد ، لشكاسة خلقه لحال أمّه ) .
يعني : أنّ ظهور الروح وتعيّنه في كل محلّ إنّما يكون يحسب حال ، فلمّا كانت حال مريم عليها السّلام حال الاستعاذة والضجر والتحرّج من تخيّلها وقوع المواقعة ، فلمّا رأت صورة بشرية على صورة التقيّ النجّار ، وكانت متبتّلة إلى الله ، زاهدة في الدنيا وفي النكاح ، حصورة ، فخرجت نفسها ممّا رأت ، فلو نفخ جبرئيل فيها روح الله وكلمته وأمانته على تلك الحالة ، لسرت حالتها في الروح ، فخرج كذلك منكَّس الخلق لا يطيقه أحد ، فعلم الروح الأمين منها ذلك ، فأنسها بقوله : " إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ ".
قال رضي الله عنه : « فلمّا قال لها : " إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ " جئت " لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا " ، انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها ، فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى ، فكان جبرئيل ناقلا كلمة الله لمريم ، كما ينقل الرسول كلام الله لأمّته وهو قوله : " وَكَلِمَتُه ُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْه ُ " .)
قال العبد : أمّا سراية الشهوة في مريم فبأمر الله " لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كانَ مَفْعُولًا " ، ولا سيّما وكان الله قبل ذلك أنبأ مريم وبشّرها " بِكَلِمَةٍ مِنْه ُ اسْمُه ُ الْمَسِيحُ " ابن مريم ، أي تولَّد منها روح حين " قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ " .
وإنّما قالت ذلك بحكم العادة المتعارف في التوليد البشري ، فلو غلب عليها إذ ذاك شهود قدرة القدير ، لم تقل ذلك بحكم العرف ، بل بحكم الكشف والشهود .
فقال الملك : " كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ " ، أي خلق الولد بلا مسّ البشر بصورة الوقاع ، " وَلِنَجْعَلَه ُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا " هذا في وقت النفخ .
والذي قبل ذلك وهي في محرابها " إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْه ُ اسْمُه ُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمن الْمُقَرَّبِينَ " الآية « 6 » ، فانتظرت ذلك من الله .
فلمّا قال جبرئيل : " إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا " تذكَّرت وزال عنها القبض ، فسرت الشهوة من حيث ما اشتهرت ، وتمنّت وقوع ما بشّرها الله به ، فنفخ أمين الله عند انشراح صدرها روح الله .
فخرج منشرح الصدر ، غالبا عليه البسط ، حسن الصورة ، بسّاما ، طليق الوجه ، مستبشرة ، رزقنا الله وإيّاك الاجتماع به يقظة ورؤيا في الدنيا والآخرة ، إنّه قدير .
وأمّا خلق جسم عيسى عليه السّلام من ماء محقّق فمن حيث سراية الشهوة فيها ، ومن ماء متوهّم فمن حيث توهّم مريم أنّ الرسول بشر أو روح في صورة بشرية ، وإذا ظهر الروح في صورة بشرية بأمر الله لإيجاد الولد ، فبما زعمت عرفا لا يكون إلَّا من ماء الرجل ، فتأثّرت بالوهم ، فوجد من ذلك ماء روحاني نوراني .
منه خلق جسم الروح صلوات الله عليه ثمّ الروح لمّا لم يكن جسمانيا وليس فيه ماء حسيّ عرفا ، ولكن في قانون التحقيق لمّا تحقّقت ممّا أسلفنا في هذا الكتاب أنّ الأرواح وإن كانت غير متحيّزة ولكن في قوّتها ومن شأنها أنّها شاءت أو شاء الحق .
ظهرت في صورة متمثّلة كالمتحيّز وحينئذ أضيف إليها ما يضاف إلى تلك الصورة الجسمية من الأوصاف والأحكام واللوازم ، فلمّا ظهر الروح الأمين لمريم في صورة من شأنها أن يكون الولد عند التوليد من مائها ، أعني صورة البشر السويّ ، أي التامّ الخلق .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا ، والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح فيسمى الناسوت روحا بما قام به )
لما كانت الحياة من خواص الحضرة الإلهية بل هي عين الذات الإلهية سميت الحياة السارية في الأشياء لاهوتا ، والمحل القائم به ذلك الروح الحي الذي يحيا به المحل ناسوتا وقد سمى المحل الذي يقوم به الروح روحا مجازا تسمية المحل باسم الحال كالرؤية .
وإذا كان المحل الذي يقوم به صورة إنسانية سميت ناسوتا بالحقيقة ، وإذا كان غير الصورة الإنسانية سميت ناسوتا مجازا باعتبار كونه محلا للاهوت .
"" أضاف عبد الرحمن جامي : (هو المحل القائم به ذلك الروح ) بل صفاته السارية منه فيه ، فإن الروح ليس قائما بالمحل بل القائم بها هو الصفات السارية من الروح إليه ، والناسوت وإن كان مأخوذا من الناس ليس مخصوصا به بل يطلق عليه وعلى غيره باعتبار محليته لصفات الروح وقيامها به . ولما كان اسم الروح يطلق على الصورة وعلى الصورة المثالية الجبريلية أراد أن ينبه على أنه على سبيل التجوز فقال ( فتسمى الناسوت روحا ) اهـ جامى . ""
قال رضي الله عنه : ( فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليها السلام " بَشَراً سَوِيًّا " تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها فاستعاذت باللَّه منه استعاذة بجمعية منها أي بكلية وجودها ) وجوامع هممها بحيث صارت منخلعة من جميع الجهات إلى الله.
قال رضي الله عنه : (ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز ، فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي )
لأن حضورها مع الله نفس عنها الحرج الذي بها ، فحصل لها روح معنوي لا يكون إلا بتجل نفسي رحماني .
قال رضي الله عنه : ( فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه )
لأن الروح في كل محل يظهر بحسب حال المحل ، فلو كان نفخ الروح فيها في حال الاستعاذة ، وهي حال التحرج والضجر من تخيلها وقوع الفاحشة من البشر الذي تمثل لها ، وكان في صورة التقى النجار لجاء عيسى منقبضا شكس الخلق على صور حال أمه لأنها لما رأته وكانت مقبلة إلى الله زاهدة في الدنيا حصورة عن النكاح تضجرت وحرجت نفسها مما رأت ، فعلم الروح الأمين منها ذلك فآنسها بقوله – " إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ " .
قال رضي الله عنه : ( فلما قال لها – "إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ " - جئت – " لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا " - انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها فنفخ فيها ذلك الحين عيسى ، فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته وهو قوله – " وكَلِمَتُه أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنْه " )
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى " لاهوتا ".) لأن ( الحياة ) صفة إلهية ، و ( الحي ) اسم من أسمائه وإمام الأئمة السبعة .
( و " الناسوت " هو المحل القائم به ذلك الروح . ) أي ، البدن هو المسمى ب ( الناسوت ) ، كما تسمى الروح المجردة ب ( اللاهوت ) .
( فيسمى " الناسوت " روحا بما قام به . ) والمراد ب ( الروح ) هنا ، الروح المنطبعة في البدن ، إذا الروح قد تكون مجردة ، وقد تكون منطبعة وتسمى بالنفس المنطبعة ، وقد تسمى ( البدن ) باشتماله على الروح روحا مجازا ، كما يقال لبائع الخبز : يا خبز .
ف ( الباء ) في ( بما قام ) للسببية . ويجوز أن يكون بمعنى ( مع ) أي ، البدن مع ما قام به من الروح يسمى روحا ، لذلك سمى الله تعالى عيسى ( روحا ) بقوله : ( وروح منه ) .
قال رضي الله عنه : ( فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبرئيل لمريم ، عليها وعليه السلام ، بشرا سويا ، تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها ، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها . ) أي ، بجميع همها وقواها الروحانية .
قال رضي الله عنه : (ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز ، فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي . )
أي ، ذلك الحضور التام هو الروح المعنوي .
لذلك يجعل ( الحضور ) في الصلاة بمثابة الروح لها ، والصلاة مع عدم الحضور ، كالبدن الذي
لا روح فيه .
وفي بعض النسخ : ( فحصل لها حضورا تاما ) . - من ( التحصيل ) .
أي ، حصل جبرئيل لمريم ، عليهما السلام ، الحضور التام بتمثله عندها في الصورة
البشرية مريدا مواقعتها .
قال رضي الله عنه : ( فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة ، لخرج عيسى ، عليه السلام ، لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه كحال أمه . )
لأن الولد إنما يكون بحسب ما غلب على الوالدين من الصفات والهيئات النفسانية والأعراض الجسمانية . و ( شكاسة الخلق ) ردائته .
قال رضي الله عنه : ( فلما قال لها : " إنما أنا رسول ربك جئت لأهب لك غلاما زكيا " . انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها ، فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى ، عليه السلام . ) وإنما انشرح صدرها وانبسطت من ضجرها ، لأن الله تعالى كان بشرها بعيسى ، كما
قال رضي الله عنه : ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ) .
فتذكرت ذلك وزال انقباضها ، فخرج عيسى ، عليه السلام ، منبسطا منشرح الصدر ( وكان جبرئيل ناقلا " كلمة الله " لمريم ، كما ينقل الرسول كلام الله لأمته . )
أي أخذ الكلمة العيسوية جبرئيل من الله ، فنقلها إلى مريم من غير تصرف فيها ، كما ينقل الرسول كلام الله لأمته من غير تغير وتبديل .
وفي هذا التشبه إيماء إلى تشبيه الكلمة الإلهية الروحانية بالكلمة اللفظية الإنسانية ، لأن كلا منهما إنما يحصل بواسطة التعين اللاحق على النفس في مراتبه التي تعبر النفس عليها .
والفرق أن هذه الكلمة تعينها يعرض على النفس الإنساني ، والكلمة الروحانية تعينها يعرض على النفس الرحماني . وبهذا الاعتبار تسمى الأرواح ، بل الموجودات كلها ، بكلمات الله . كما مر بيانه في صدر الكتاب .
قال رضي الله عنه : ( وهو قوله : " وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " . ) الضمير عائد إلى ( كلام الله ) أي ، ذلك الكلام المنقول مثل قوله تعالى : ( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) .
وإنما أتى بالآية المعينة ، لكونها دالة على ما هو في صدد بيانه .
وتلك الكلمة المنقولة هو الذي قال تعالى عنه : ( وكلمته ألقاها إلى مريم ) .
وتذكير الضمير باعتبار المعنى وهو عيسى ، عليه السلام . أو يكون عائدا إلى ( النقل ) الذي يتضمنه قوله : ( ناقلا ) . أي ، وذلك النقل ثابت بقوله تعالى : ( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) . وهذا أنسب
.
يتبع
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الرابعة الجزء الثانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة : - الجزء الثانيةخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : (فذلك القدر من الحياة السّارية في الأشياء يسمّى لاهوتا ، والنّاسوت هو المحلّ القائم به ذلك الرّوح فسمّي النّاسوت روحا بما قام به ، فلمّا تمثّل الرّوحالْأَمِينُ [ الشعراء : 193 ] الّذي هو جبرائيل لمريم - عليها السّلام -بَشَراً سَوِيًّا [ مريم : 17 ] تخيّلت أنّه بشر يريد مواقعتها ، فاستعاذت باللّه منه استعاذة بجمعيّة منها ليخلّصها اللّه منه لما تعلم أنّ ذلك ممّا لا يجوز ، فحصل لها حضور تامّ مع اللّه ، وهو الرّوح المعنويّ ، فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى عليه السّلام لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمّه ).
وإذا كانت هذه الحياة للأشياء قابضة من الأرواح الفائضة عن اللّه تعالى ، (فذلك القدر من الحياة) قل أو كثر ( السارية في الأشياء ) من إشراق الأرواح عليها ، وقد أشرق عليها الذات الإلهية باسمها الحي ( يسمى : لاهوتا ) من غير اختصاص ذلك بالكمّل كعيسى وغيره لمناسبتها الصفة الإلهية التي هي الحياة نوع مناسبة ، لكن الكامل فيها أولى ( والناسوت هو المحل ) أي : البدن لا من حيث هو بدن فقط ، بل من حيث هو .
قال رضي الله عنه : ( القائم به ذلك الروح ) المشرق بنور الاسم الحي الإلهي ، ولو بواسطة إشراق الأرواح العلوية عليها ، وهي الحاملة لنور ذلك الاسم بالذات ، فلا تبطل هذه الناسوتية بهذه اللاهوتية ، كما يتوهم ذلك من القول نفي الناسوت وبقاء اللاهوت ، بل غايته أن يسمي هذا البدن من حيث كونه محل ذلك الروح هو روحا كما قال رحمه اللّه .
""أضاف المحقق : بل صفاته السارية منه فيه ، فإن الروح ليس قائما بالمحل بل القائم بها هو الصفات السارية من الروح إليه ، والناسوت وإن كان مأخوذا من الناس ليس مخصوصا به بل يطلق عليه وعلى غيره باعتبار محليته لصفات الروح وقيامها به .شرح القاشاني ص210)""
قال رضي الله عنه : ( فسمى الناسوت روحا بما قام به ) ، فأطلقوا على أنه فنا بمعنى أنه صار مغلوبا بذلك الروح ، فنال أنوار الكواكب عند غلبة نور الشمس عليها ، وهذه إشارة إلى تأويل ما ورد في الإنجيل من لفظ اللاهوت والناسوت ، فتوهم منه الحلول والاتحاد فوقع من وقع بذلك في الضلال والإلحاد ، ولما كان للروح مع الواسطة بهذا الأثر فيما ضعف قابليته للحياة مما لم يقض منه ، فكيف إذا أثر بلا واسطة فيما قويت قابليته وفاض منه.
وما كان في ذلك المحل مما لم يقض منه حاملا معنى فيه كالحضور مع اللّه تعالى الذي كان من مريم حين استعاذتها باللّه بجمعية منها ، وكان الروح المنفوخ من اللّه تعالى جاء به هذا الروح الذي له هذا التأثير ، فكيف لا يقوى أثر فيه حتى يصير محييا للموتى ، متصرفا في أبدان الناس ، باقيا إلى الدهور .
قال رضي الله عنه : ( فلما تمثل الروح الأمين ) احترز به عن الشيطان ، فإنه وإن لم يكن من المجردات يسمى روحا للطافته ، لكن ليس بأمين إذ يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ( الذي هو جبريل ) المخبر عنه بالروح في القرآن ؛ ليشير إلى أن الروح العيسوي إنما وصل إلى مريم بواسطة الروح الأمين ؛ لتتم له قوة التصرف في العوالم وقوة تحمل أعباء الرسالة ، وفسّره المفسرون بجبريل بدليل أن النازل بالقرآن على النبي عليه السّلام هو جبريل بالإجماع .
وقد قال تعالى : " نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ " [ الشعراء : 193 ، 194 ].
قال رضي الله عنه : ( لمريم - عليها السّلام ) ؛ لتستعيذ باللّه منه أولا ، فيحصل لها حضور تام مع اللّه ، وهو الروح المعنوي ، ثم يحصل لها نشاط وانشراح يوجب سريان الشهوة فيها لحصول ما يحقق ( بشرا ) ؛ ليتوهم من نفخه رطوبة يفيد طينها اعتدالا ، ويفيض عليه الصورة البشرية ( سويّا ) ، إذ لا نشاط يوجب سريان الشهوة بدون ذلك ( تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها ) ؛ لظهوره في مكان خلوتها التي كانت تغتسل فيه غير الحيض ، ( فاستعاذت باللّه منه استعاذة بجمعية منها ) أي : جمعت في التوجه بهذه الاستعاذة إلى اللّه تعالى نفسها وقلبها وروحها وسرها وخفيها ، وجميع حواسها وقواها .
قال رضي الله عنه : ( ليخلصها اللّه منه ) أي : من مراده الذي توهمته منه ، ولا يحصل غالبا بالاستعاذة بأي وجه كان ، بل لا بدّ لحصوله على القطع من الاستعاذة بالجمعية ، ( لما تعلم أن ذلك ) المراد ( مما لا يجوز ) للمرأة بغير زوجها وسيدها ، وإن أكرهت وجب عليها الدفع بما أمكنها ، ولم يمكنها حينئذ سوى الاستعاذة المذكورة .
ولما استعاذت بجمعية فيها ، ( فحصل لها حضور تام مع اللّه ، وهو الروح المعنوي ) صار معينا في دفع الطبيعة الرديئة عن بابها للروح الأمين المفيد رطوبة متوهمة بدفع الطبيعة من حيث كونها من الملائكة ، والنفخ في هذه الحالة ، وإن كان أتم في استفاضة الروح الأكمل إلا أنه يفيد المشكاسة في الصورة الظاهرة لعيسى عليه السّلام .( فلو نفخ فيها في ذلك الوقت ) .
أي : وقت الجمعية ( على هذه الحالة ) أي : حالة الاستعاذة ( يخرج عيسى ) في الصورة الظاهرة ( لا يطيقه ) أي : لا يطيق رؤيته ( أحد لشكاسة خلقه ) مع تمام روحانيته من حيث الروح المعنوي من الاستعاذة ، ومن حيث نفخ جبريل عليه السّلام إذ الصورة لا تتبع الروح بل ( لحال أمه ) ، فإن صورة الولد تتبع الوالدين في الحال الغالبة عليها وقت المعلوق ، وحالة الاستعاذة حالة قبض وشكاسة ، فلابدّ من إذهاب ذلك بالبشارة المفيدة نشاطها المفيد صاحبتها التي هي ضد الشكاسة .
قال رضي الله عنه : (فلمّا قال لها :إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ [ مريم : 19 ] ، جئت لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا[ مريم : 19 ] ، انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها فنفخ فيها في ذلك الحين فخرج عيسى ، وكان جبرائيل ناقلا كلمة اللّه لمريم كما ينقل الرّسول كلام اللّه لأمّته ، وهو قوله :وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [ النساء : 171 ] )
قال رضي الله عنه : ( فلما قال لها :إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) [ مريم : 19 ] ، وعرفت وصدقت بالانشراح ، وذهاب القبض منه مع بقائه هناك ، ولم يدفعه عنها كمال حضورها الكامل للتأثير ؛ لكونه من كامل الحال ؛ ولعلمه كشف عن باطنها حجاب المثال الذي كان فيه التخيل حيث حذف ؛ لأنه دلّ على لفظ الرسول "لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا" [ مريم : 19 ] تنمو فضائله بكمال روحانيته ، وتتطهر عن الرذائل الطبيعية لما ذكرنا ( انبسطت عن ذلك القبض ) الذي كان لها عن خوف المواقعة المحرمة ، (وانشرح صدرها) بالبشارة الإلهية على لسان الرسول ،(فنفخ فيها في ذلك الحين).
أي : حين انبساطها وانشراحها عيسى روحه والأمر المتوهم من مادته ، بل من البشارة والنفخ حصلت مادته الحقيقية ، إذ سرى فيها الشهوة عنهما مع رؤية صورة بشر سوي مأمون عن الفعل المحرم في وقت انقطاع الحيض لم يكن اللّه تعالى ، ولا جبريل أبا له .
إذ ( كان جبريل ناقلا كلمة اللّه لمريم ) من غير إفادة رطوبة ، ولا نقلها عن اللّه تعالى ، بل ( نقل الرّسول كلام اللّه لأمّته ) من غير نقل مادة حرف وصوت منه ، وإن حصلت عند النقل للأمة ، فهذه الرطوبة في نفخة لم تكن من اللّه ، ولا من جبريل .
إذ لم يتحقق ذلك لكونه ملكا في الحقيقة ، وإنما توهمت ذلك منه مريم كما يتوهم بعض الأمم الحرف والصوت لكلام اللّه تعالى ، وهو أي : الدليل على أن جبريل إنما هو ناقل كلمة اللّه لمريم لا مفيد لروحانية عيسى وإلا لمادته ، ولا أنه ناقل لها عن اللّه ( قوله تعالى :وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ[ النساء : 171 ] ) ، وليس ذلك إلقاء لكلامه الذي هو صفته بل الملقي ( روح منه ) أي : حاصل من كل أمه الذي هو صفته .
ولما انبسطت وانشرحت ، وقد رأت "بَشَراً سَوِيًّا" [ مريم : 17 ] مبشرا وقت انقطاع الحيض.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى « لاهوتا » ، والناسوت هو المحلّ القائم به ذلك الروح ) في الظهور .
وإن كان الروح مقوّم ما حلّ فيه في الوجود ووطئ عليه ، كما حقّق ذلك في المادّة الهيولانيّة مع الصور الجسمانيّة بلسان النظر .
و " اللاهوت " فعلوت من لاه ، يليه : إذا تستّر .
و " الناسوت " من ناس ، ينوس : إذا تذبذب وظهر بفعله .
وأنت عرفت أنّ المادّة الاميّة هي المحتجبة بالصورة الكماليّة الظاهرة بالأثر ، على ما عرفت في مراتب الصوت مادّة وصورة .
ومما يلوّح على ذلك أن ما يختصّ به الأوّل - يعني اللام والهاء - فضله هو الدالّ على الامّ ، كما أنّ ما يختصّ به الثاني - وهو السين والنون - على الصورة الشاخصة .
يقال : سننته سنّا : إذا صوّرته .
كيفية النفخ في مريم عليها السّلام
( فسمّي الناسوت ) - مثل عيسى مثلا - ( روحا بما قام به ) أي لقيام الروح به وظهور أحكامه منه بلا تلبّس وتشوّب . فكأنّه هو ، كما قيل :
رقّ الزجاج ورقّت الخمر .... فتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر ، ولا قدح .... وكأنما قدح ، ولا خمر
قال رضي الله عنه : ( فلما تمثّل الروح الأمين - الذي هو جبرئيل - لمريم عليهما السّلام بشرا سويّا )
أي معتدلا سنّا وخلقة ، فإنّ من شأن الأعلى أن يقدر على تصوّره بصورة الأنزل كيفما شاء ، فلمّا رأت تلك الصورة بشبابها وحسنها ، لاعتدالها سنّا وخلقة
قال رضي الله عنه : ( تخيّلت أنّه بشر يريد مواقعتها ، فاستعاذت باللَّه منه استعاذة بجمعيّة منها ) ضرورة انضباط تلك الصورة البشريّة في متخيّلتها عند الاستعاذة .
قال رضي الله عنه : ( ليخلصها الله منه ، لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز ، فحصل لها حضور تامّ) صورة ومعنى ( مع الله ) وذلك الحضور ( هو الروح المعنويّ ) لعيسى .
"" أضاف المحقق : قال القيصري : « فحصّل لها حضورا تامّا » من التحصيل ، أي حصّل جبرئيل لمريم عليهما السلام الحضور التام . ""
ومن هنا يقال له : "روح الله " فاللام لام العهد .
( فلو نفخ فيها ) جبرئيل ( في ذلك الوقت ) - يعني عند حضورها - ( على هذه الحالة ) - وهي حالة توحّشها وانقباضها من الصورة البشريّة - ( لخرج عيسى لا يطيقه أحد ، لشكاسة خلقه ) - أي لصعوبة خلقه وعبوسه - ( لحال امّه ) وسرايتها في الولد - لما مهّد آنفا من ترتّب الصورة الكماليّة الفصليّة على المادّة الاميّة الجنسيّة .
قال رضي الله عنه : ( فلمّا " قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ " جئت " لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا " [ 19 / 19 ] انبسطت عن ذلك القبض ) .
برفعه حجب الوحشة ، وبسطه معها بساط التكلَّم والخطاب ، بما ينبئ عن رقيقة نسبته إليها ، مبشّرا إيّاها بأنّه مرسل إليها من عند ربّها .
( وانشرح صدرها ) ببشارة مثل ذلك الغلام ، لأنّها قد بشّرت قبل هذا به .
إشارة إلى قوله تعالى : " إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّه َ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْه ُ اسْمُه ُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " [ 3 / 45 ]
فلمّا رأت الآثار متطابقة انشرحت بذلك ( فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى ) .
إذ قد كان جبرئيل رسولا مبلَّغ ما يظهر به الروح المعنوي الحاصل من حضورها مع الله ( فكان جبرئيل ناقلا كلمة الله لمريم . كما ينقل الرسول كلام الله لامّته ) والكلام هو الذي يظهر به الروح المعنويّ الحاصل من حضور كل من الأمم مع الله - فلا تغفل .
وفي لفظة « عي سا » ما يلوّح على تحقيق هذا المعنى عند التفصيل والتمييز .
"" أضاف المحقق : لعل الشارح يعني أن « عي » صيغة خاطب من « وعي ، يعي » والسين والألف « سا » قلب الإنسان ولبه وروحه ، ومنزلة روح اللَّه من مريم منزلة روحها الذي حيّيت به والشارح يشير إلى وجود حروف الإنسان في « عي سا » ""
ثمّ أنه علم من هذا الكلام أن عيسى - من حيث صورته الوجوديّة المعبّر عن ظاهرها بالكلمة ، وعن باطنها بالروح - من الله ، وجبرئيل من حيث صورته الوجوديّة ناقل له فقط .
( و ) الذي يدلّ عليه ( هو قوله : " وَكَلِمَتُه ُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْه ُ " [ 4 / 171 ] .
خلق عيسى من ماء محقق وماء متوهّم
ثمّ إنّ النفخ الجبرئيلي له حيثيّتان :
إحداهما جهة حمله كلمة الله ونقله إيّاها إلى مريم ، وهي الصادرة عنه من حيث صورته الوجوديّة الملكيّة .
والأخرى جهة بخاريّته وسراية رطوبته منها في مريم ، وهي الصادرة عنه من حيث صورته الكونيّة .
وهذه الجهة هي المشار إليها في نظمه المصدّر به الفصّ وإليه أشار بقوله :
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
قال رضي الله عنه : (فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به. )
قال رضي الله عنه : (فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء ) بل الروح الذي منه سرت تلك الحياة في الأشياء ( يسمى لاهوتا ) .
لأن الحياة صفة إلهية تستلزم صفات إلهية أخرى كالعلم والإرادة والقدرة ( والناسوت هو المحل القائم به وذلك الروح ) بل صفاته السارية منه فيه ، فإن الروح ليس قائما بالمحل بل القائم به إنما هو الصفات السارية من الروح إليه ، فالناسوت إن كان مأخوذا من الناس ليس مخصوصا به بل يطلق عليه وعلى غيره باعتبار محليته لصفات الروح وقيامها به .
ولما كان اسم الروح يطلق على الصورة المشهودة العيسوية وعلى الصورة المثالية الجبريلية ، أراد أن ينبه على أنه على سبيل التجوز فقال :
قال رضي الله عنه : ( فيسمى الناسوت روحا ) ، كما قلناه في عيسى وجبريل عليهما السلام ( بما قام به ) ، أي باسم ما قام به باعتبار قيام صفاته وظهورها فيه تسمية للمحل باسم الحال
قال رضي الله عنه : ( فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي. فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.فنفخ فيها في ذلك الحين)
قال رضي الله عنه : ( فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا ) ، أي تام الخلقة .
( تخيلت ) مريم ( أنه بشر يريد مواقعتها فاستعاذت باللّه منه استعاذة بجمعية ) ، أي بجمعية الهمم والقوى ( منها ) ، أي من مريم ( ليخلصها اللّه منه لما كانت ) مريم ( تعلم أن ذلك مما لا يجوز ) في الشرائع ( فحصل لها عند حصول تلك الجمعية حضور تام مع اللّه سبحانه ) ، بحيث لا يسع غيره .
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه ، فحصل من التحصيل ، أي جبريل لها ، أي لمريم حضورا تاما مع اللّه سبحانه ( وهو ) ، أي هذا الحضور وهو ( الروح المعنوي ) الذي حييت به مريم الحياة المعنوية الحقيقية التي هي التحقق بشهود الحق سبحانه ، فلروح آخر غير الروح الأمين دخل في وجود عيسى عليه السلام الذي هو أيضا روح ( فلو نفخ جبريل فيها ) ، أي في مريم في ذلك الوقت .
أي وقت استعاذتها ( على هذه الحالة ) التي كانت عليها من تحرج صدرها وضجرها لتخيلها أنه بشر يريد مواقعتها على وجه لا يجوز في الشرائع ( لخرج عيسى عليه السلام ) بحيث ( لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه ) ، أي رداءته ( لحال أمه ) ، أي لسراية حال أمه فيه لأن الولد إنما يتكون بحسب ما غلب على الوالدين من المعاني النفسانية والصور الجسمانية .
قال رضي الله عنه : ( فلما قال ) جبريل ( لها ) ، أي لمريم (" إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ " جئت ) من عنده (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا[ مريم : 19 ] انبسطت ) مريم ( عن ذلك القبض ) لما عرفت أنه مرسل إليها من عند ربها ( وانشرح صدرها ) لما تذكرت بشارة ربها إياها بعيسى إذا قالت
قال رضي الله عنه : ( عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». )
الملائكة " إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " [ مريم : 45 ] .
قال رضي الله عنه : ( فنفخ فيها في ذلك الحين ) حين الانبساط والانشراح ( عيسى ) فخرج عيسى عليه السلام منبسطا منشرح الصدر لسراية حال أمه فيه ( فكان جبريل ناقلا كلمة اللّه ) التي هي النفس الرحماني المتعين بالتعينات العيسوية في مرتبة العلم ، فنقله جبريل إلى مرتبة العين في رحم مريم بتحصيل شرائط انتقاله من العلم ، إلى العين .
فالمراد بالكلمة الحقيقة العلمية العيسوية الجامعة بين روحه وجسده الثابتة في العلم ، ويمكن أن يراد بها حقيقته الروحانية المعتين بها النفس الروحاني في مرتبة الأرواح قبل تسوية بدنه ، وتكوّن نقله عبارة عن تحصيل شرائط انتقاله من مقام تجرده إلى مرتبة تعلقه بالبدن العيسوي ، وعلى التقديرين جبريل عليه السلام هو ناقل كلمة اللّه إلى مريم لا موجدها .
قال رضي الله عنه : ( كما ينقل الرسول كلام اللّه ) المجرد في حدّ ذاته عن الكيفيات الصوتية والحرفية فيكسوها بحسب استعداده بلسان الصوت والحرف وينقلها ( لأمته ) ، أي إلى أمته على أن تكون اللام بمعنى إلى أو لأجل أمته ( و ) الذي يدل على كون جبريل ناقلا كلمة اللّه إلى مريم ( هو قوله تعالى : "وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ " [ النساء : 171] ).
بذلك النفخ الحاصل من الصورة الاعتدالية المتمثلة البشرية عند انبساطها
.
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الخامسة الجزء الأولى .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة : - الجزء الأولىجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال رضي الله عنه : ( فسرت الشّهوة في مريم فخلق جسم عيسى من ماء محقّق من مريم ، ومن ماء متوهّم من جبرئيل ، سرى في رطوبة ذلك النّفخ لأنّ النّفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء . فتكوّن جسم عيسى من ماء متوهّم ومن ماء محقّق ، وخرج على صورة البشر من أجل أمّه ، ومن أجل تمثّل جبرئيل على صورة البشر حتّى لا يقع التّكوين في هذا النّوع الإنساني إلّا على الحكم المعتاد . فخرج عيسى يحيي الموتى لأنّه روح إلهيّ ، وكان الإحياء للّه والنّفخ لعيسى كما كان النّفخ لجبرائيل والكلمة للّه . )
قال رضي الله عنه : (فسرت الشهوة في مريم) عليها السلام حين اطمأن قلبها بأنه ملك لا بشر ، وانبسطت عن قبضها ، وانشرح صدرها ، وأمنت منه السوء والفاحشة فخلق جسم عيسى عليه السلام ("مِنْ ماءٍ") ، أي من مني محقق وجوده من مريم عليها السلام ، ولا ينكر منها سريان الشهوة فيها عند رؤية البشر السوي لأنه أمر طبيعي لا يدخل تحت التكليف ، كحالة الجوع والعطش عند رؤية المأكل والمشرب خصوصا ، وليس من جهتها قصد لوجود ذلك ولا إرادة له .
وللّه تعالى في ذلك إرادة مقتضية لحكمة عظيمة ، فأنفذها سبحانه على طبق قضائه الأزلي وتقديره ومن ماء متوهم وجوده (من جبريل) عليه السلام لما جاء في صورة البشر السوي ، فإن النفخ كان من فم ذلك البشر السوي ، والفم فيه ماء الريق (سرى ذلك) الماء (في رطوبة ذلك النفخ ، لأن النفخ من الجسم الحيواني) وهو ماء فيه حياة نامية متحركة بالإرادة (رطب لما فيه).
أي في ذلك النفخ (من ركن الماء) فكان الهواء والماء من صورة النافخ ، والنار والتراب من صورة المنفوخ فيه ، وهو مريم عليها السلام ، فالنار من الشهوة والتراب من كثافة جرم المني ، فقد اجتمعت العناصر الأربعة على طريقة سائر المولدات (فيكوّن) بسبب ذلك جسم عيسى عليه السلام من ماء متوهم الوجود وماء محقق الوجود كما قال تعالى في حق كل إنسان إنه "خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ( 6 ) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ "( 7 ) [ الطارق : 6-7] .
قال رضي الله عنه : (وخرج) عيسى عليه السلام (على صورة البشر من أجل أمه) ، فإنها صورة بشر (ومن أجل تمثل جبريل) عليه السلام (في صورة البشر) فقد ظهر بشر من بين بشرين بحسب الظاهر كغيره من الناس (حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على هذا الحكم المعتاد) والأمر في الباطن ليس كذلك ، فإنه ظهور روح من بين روح وبشر ، فرفع مع الأرواح بعد نزوله منها ، وسينزل نزولا آخر على المنارة البيضاء شرقي دمشق نظير نزوله أوّلا على المنارة العذراء البيضاء ، ويغلب عليه حكم تلك المنارة ، فتأخذه الطبيعة النورانية المنيرة له ، فيتزوج وينكح ويتبع الشريعة المحمدية ، ويموت ويدفن بالحجرة كما ذكرناه قريبا .
قال رضي الله عنه : (فخرج عيسى) عليه السلام ("يحى الموتى" لأنه روح إلهي) من أمر اللّه تعالى وكان الإحياء للموتى الظاهر من عيسى عليه السلام للّه تعالى فالمحيي هو اللّه تعالى وحده والنفخ في الطير الذي خلقه من طين وأحياه بالتوجه على أجسام الموتى وأرواحهم المفارقة لعيسى عليه السلام ، فالنافخ هو كما كان في خلقه عيسى عليه السلام النفخ في مريم عليها السلام لجبريل عليه السلام والكلمة ، أي تفصيل حروفها بتبيين أعضاء عيسى عليه السلام وتركيب بنيته وهيئته وتسوية صورته وتوجيه معانيه الباطنية بانتشار قواه الروحانية للّه تعالى وحده ، فالنافخ هو جبريل عليه السلام والمتكلم بإظهار كلمته هو اللّه تعالى .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم فخلق جسم عيسى عليه السلام من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبرائيل سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه ) أي في الجسم الحيواني .
قال رضي الله عنه : ( من ركن الماء فيكون جسم عيسى عليه السلام من ماء متوهم ) ماء جبرائيل ( و ) من ( ماء محقق ) ماء مريم فكان لكل واحد منهما خواص تظهر من عيسى عليه السلام .
قال رضي الله عنه : ( وخرج على صورة البشر من أجل أمّه ومن أجل تمثل جبرائيل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني الأعلى الحكم المعتاد ) فإن حفظ هذه الصورة الشريفة واجب على أنه لو لم يكن على هذه الصورة لما كان نبيا مبعوثا إليهم لعدم بقاء المناسبة بينه وبينهم .
قال رضي الله عنه : ( فخرج عيسى عليه السلام ) بسبب تكونه من هذين الأمرين ( يحيي الموتى لأنه روح إلهي وكان الأحياء للَّه والنفخ لعيسى عليه السلام كما كان ) النفخ ( لجبرائيل والكلمة للَّه)
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم: فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء. فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد. فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
معناه ظاهر.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فسرت الشهوة في مريم ، فخلق جسم عيسى من ماء محقّق من مريم ومن ماء متوهّم من جبرئيل سرى في رطوبة ذلك النفخ ، لأنّ النفخ من الجسم الحيواني رطب ، لما فيه من ركن الماء ، فخلق جسم عيسى من ماء متوهّم ومن ماء متحقّق .
وخرج على صورة البشر من أجل أمّه ومن أجل تمثّل جبرئيل في صورة البشر ، حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد ) .
قال العبد : أمّا سراية الشهوة في مريم فبأمر الله " لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كانَ مَفْعُولًا " ، ولا سيّما وكان الله قبل ذلك أنبأ مريم وبشّرها " بِكَلِمَةٍ مِنْه ُ اسْمُه ُ الْمَسِيحُ " ابن مريم ، أي تولَّد منها روح حين " قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ " .
وإنّما قالت ذلك بحكم العادة المتعارف في التوليد البشري ، فلو غلب عليها إذ ذاك شهود قدرة القدير ، لم تقل ذلك بحكم العرف ، بل بحكم الكشف والشهود .
فقال الملك : " كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ " ، أي خلق الولد بلا مسّ البشر بصورة الوقاع ، " وَلِنَجْعَلَه ُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا " هذا في وقت النفخ .
والذي قبل ذلك وهي في محرابها " إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْه ُ اسْمُه ُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمن الْمُقَرَّبِينَ " الآية « 6 » ، فانتظرت ذلك من الله .
فلمّا قال جبرئيل : " إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا " تذكَّرت وزال عنها القبض ، فسرت الشهوة من حيث ما اشتهرت ، وتمنّت وقوع ما بشّرها الله به ، فنفخ أمين الله عند انشراح صدرها روح الله .
فخرج منشرح الصدر ، غالبا عليه البسط ، حسن الصورة ، بسّاما ، طليق الوجه ، مستبشرة ، رزقنا الله وإيّاك الاجتماع به يقظة ورؤيا في الدنيا والآخرة ، إنّه قدير .
وأمّا خلق جسم عيسى عليه السّلام من ماء محقّق فمن حيث سراية الشهوة فيها ، ومن ماء متوهّم فمن حيث توهّم مريم أنّ الرسول بشر أو روح في صورة بشرية ، وإذا ظهر الروح في صورة بشرية بأمر الله لإيجاد الولد ، فبما زعمت عرفا لا يكون إلَّا من ماء الرجل ، فتأثّرت بالوهم ، فوجد من ذلك ماء روحاني نوراني ، منه خلق جسم الروح صلوات الله عليه ثمّ الروح لمّا لم يكن جسمانيا وليس فيه ماء حسيّ عرفا .
ولكن في قانون التحقيق لمّا تحقّقت ممّا أسلفنا في هذا الكتاب أنّ الأرواح وإن كانت غير متحيّزة ولكن في قوّتها ومن شأنها أنّها شاءت أو شاء الحق .
ظهرت في صورة متمثّلة كالمتحيّز وحينئذ أضيف إليها ما يضاف إلى تلك الصورة الجسمية من الأوصاف والأحكام واللوازم ، فلمّا ظهر الروح الأمين لمريم في صورة من شأنها أن يكون الولد عند التوليد من مائها ، أعني صورة البشر السويّ ، أي التامّ الخلق .
فتوهّمت عليها السّلام من حيث هذا السرّ مضافا إلى ما ذكر قبل أن يكون الولد من ماء وبه النفخ الواقع من الصورة الجبرئيلية التمثيلية في صورة البشر .
فظهرت رطوبة الحياة الروحية من ذلك الريح المنفوخ وهو هواء حارّ رطب ، ولا سيّما وجبرئيل سلطان العناصر أجرى في نفسه الرحماني روح الماء والحياة الذي عليه عرش الرحمن ، فتكون صورة الروح الظاهرة من هذا الماء الروحاني الإلهي الرحماني الساري في الماء البشري المريمي القدسي .
وأمّا خروجه على صورة البشر فلأنّ صورته نتيجة الصورة البشرية من جانب جبرئيل ومن جانب أمّه ، فأشبه الأصل ، ولما ذكره سلام الله عليه فاذكر ، حتى لا يكون التكوين والإيجاد الإنسانى إلَّا بالصورة الإنسانية تشريفا لهذه الصورة وتنزيها أن يتكوّن إلَّا عن الإنسان في الإنسان .
فإنّ خلق الإنسان مخصوص بالله من كونه متجلَّيا في صورة إنسانية ، ولهذا خمّر طينة آدم بيديه أربعين صباحا ، فكان الله تبارك وتعالى يتجلَّى في صورة إنسانية وتخمّر طينة في مادّة نورية لاهوتية .
من حيث الأحدية الجمعية البرزخية العظمى التي مرّ مرارا ذكرها ، فتذكَّر ، وكذلك الله ما تجلَّى من حضرة من الحضرات لإيجاد نوع أو جنس فما دونها وما فوقها إلَّا على صورة ذلك النوع والجنس والصنف والشخص الذي يريد إيجاده كائنا ما كان .
وبعد خلقه تامّا كاملا ارتضاه صورة له ، وكان هو ربّه وروحه ، فهو صورة أنانيّة الحقّ ، وهويتها - من حيث ذلك التجلَّي الأوّل الذي تجلَّى لإيجاده - على صورة عينه الثابتة ، فافهم - وما أظنّك تفهم - إن شاء الله العليم .
قال رضي الله عنه : ( فخرج عيسى يحيي الموتى ، لأنّه روح إلهي ، وكان الإحياء لله والنفخ لعيسى ، كما كان النفخ لجبرئيل والكلمة لله ) .
قال العبد : اعلم أن الكلم وإن كانت كثيرة بحسب حضرات المتكلَّم منها ، ولكنّها تنحصر في أمّهات ثلاث :
الأولى : كلمة هي هيئة أحدية جمعية من حروف ظاهرة ملكية شهادية كونية جسمانية كسائر الموجودات الجسمانية ، فإنّ كل موجود موجود جسمانيّ كلمة إلهية كذلك .
الثانية : وكلمة هي هيئة جمعية من حروف باطنة ملكوتية روحانية ، كالموجودات الإبداعية الروحية كالأرواح والعقول والنفوس والملائكة ، فإنّها كلمات رحمانية قدسية طاهرة سبّوحيّة .
والثالثة : كلمة هي هيئة أحدية جمعية بين حقائق حرفية إلهية ، وحروف روحية جسمانية وهي حقائق الكمّل من النوع الإنساني ، ولكنّ الغالب على كل واحد من الكمّل حكم مرتبة من هذه المراتب .
فكانت الكلمة العيسوية المسيحية الظاهرة هيأة أحدية جمعية بين حقائق حرفية إلهية ، وحقائق حرفية روحية إلهية أيضا ، وحقائق حرفية جسمانية روحانية إنسانية في مرتبة البطون ، والغالب على حرف جسمانيته الحروف الروحية والغالب على حرف روحيته الحروف اللاهوتية.
ولهذا قيل فيه : " إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " غلطا من جهة القائل المنحرف .
فلو قالوا : هو الله ، لم يكن غلطا ، فإنّ هوية الصورة العيسوية المسيحية الروحية لله ، كما أنّه هوية الإنيّات كلَّها بلا حصر في شيء منها ، ولكنّهم ادّعوا الحصر ، فكفروا وجهلوا وغلطوا ، فافهم ، فإنّه بحث شريف لطيف عال غال ، حقّقنا الله وإيّاك بتحقّقه وتحقيقه بحسن توفيقه ، إنّه على ما يشاء قدير .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال رضي الله عنه : (فسرت الشهوة في مريم ، فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ، ومن ماء متوهم من جبريل سرى في رطوبة ذلك النفخ ، لأن النفخ من الجسم الحاوانى رطب لما فيه من ركن الماء ، فتكون جسم عيسى من ماء متوهم ومن ماء محقق ، وخرج على صورة البشر من أجل أمه ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر ، حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنسانى إلا على الحكم المعتاد )
إنما سرت الشهوة في مريم حين قال لها ما قال ، لأنها آنست حين كانت في محرابها بقول الملائكة في قوله تعالى : "إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْه اسْمُه الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ . وَجِيهاً في الدُّنْيا والآخِرَةِ ومن الْمُقَرَّبِينَ " .
فكانت منتظرة من الله إنجاز وعده . فلما سمعت قول جبريل تذكرت وعلمت أنه حان وقت ذلك وانبسطت ودنا منها جبريل في صورة البشر عند النفخ فتحركت شهوتها بحكم البشرية لأن أكثر هيجان الشهوة في النساء وقت النقاء من الحيض ، وكان انتباذها من فوتها للاغتسال وقت انقطاع الدم ، وكان الوقت وقت غلبة الشهوة ودنو جبرائيل منها في صورة الشاب الحسن ، وتصورت أنه وقت إنجاز وعد ربها – " لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا " .
فاجتمعت الموافقة لما قدر الله من غلبة الشهوة وتمنى ما بشر الله بها وفرح بمداناة الشاب المليح ، فتحركت الشهوة كما في الاحتلام بعينه ، فاحتلمت وجرى ماؤها مع النفخ إلى الرحم النقي الطاهر فعلقت وخلق من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم متخيل من نفخ جبريل .
"" أضاف بالي زادة : ( من ماء متوهم ومن ماء محقق ) فكان لكل واحد منهما خواص تظهر من عيسى اهـ . بالى
فإن حفظ هذه الصورة الشريفة واجب على أنه لو لم يكن على هذه الصورة لما كان نبيا مبعوثا إليهم لعدم بقاء المناسبة بينه وبينهم هذه الصورة صورة الآيات أو صورة عيسى .اهـ بالى . ""
لأن النفخ من الحيوان رطب فيه أجزاء لطيفة مائية بالفعل مع أجزاء هوائية سريعة المصير إلى الماء ، واجتمع الماءان المحقق والمتكون لتوهمها من مادة النفخ فتكون جسم عيسى روح الله منهما في وقت غلب على أمه البسط والروح بتحقق ما بشرت به في تصورها .
فخرج منشرح الصدر طليق الوجه متبشرا بساطا حسن الصورة غالبا عليه البسط والماء المتوهم ، جاز أن يكون من توهمها أن الولد لا يكون إلا من ماء الرجل فخلق الماء من النفخ بقوة وهمها.
وأن يكون من جهة جبريل لأنه سلطان العناصر يقدر أن يجرى من نفسه الرحماني روح الماء في النفخ فيجعله ماء ، وأما كون عيسى على صورة البشر فلانتسابه إلى أمه ولتمثل جبريل في صورة البشر السوي فكان تكونه على السنة المعتادة والحكمة المتعارفة .
ولأن أشرف الصور هي الصورة الإنسانية المخلوقة على صورة الله تعالى المكرمة عند الله ، ولأن الله لا يتجلى في الحضرات الإيجادية إلا في صورة النوع الذي يوجده أي نوع كان .
ولهذا لما خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا كان متجليا في صورة إنسانية .
ولهذا قال الشيخ رضي الله عنه : حتى لا يقع التكوين الإنسانى إلا على الحكم المعتاد في هذا النوع ، فإن تكوين عيسى كان في هذا النوع .
قال رضي الله عنه : ( فخرج عيسى يحيى الموتى لأنه روح إلهي ، وكان الإحياء لله والنفخ لعيسى كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله )
كل موجود كلمة من الله : إما كونية كالأجساد وإما إبداعية كالأرواح ، وإما أحدية جمعية من الظاهر والباطن ، واللاهوت والناسوت كالإنسان الكامل .
والغلبة في كل كامل إنما تكون لمرتبة من المراتب ، وكان الغالب على عيسى حكم اللاهوت فلذلك كان يحيى الموتى وكان الغالب على جسمانيته حكم الروح ، فلذلك رفع إلى الله وبقي عنده في الصورة الروحانية المثالية ، وقد مر أن الفعل والتأثير لا يكون إلا لله ، فلهذا كان الإحياء لله عند نفخ عيسى والكلمة لله عند نفخ جبريل .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 3 ديسمبر 2019 - 11:45 عدل 2 مرات
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الخامسة الجزء الثانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة : - الجزء الثانيةمطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد. فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم وخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبرئيل . سرى في رطوبة ذلك النفخ من الجسم ، لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء . )
اعلم ، أن للشهوة روحا معنويا وهي المحبة الذاتية التي كانت سببا لوجود العالم ، كما قال : ( فأحببت أن أعرف ) .
فلما تعلق إرادة الله بإيجاد عيسى عليه السلام ، من مريم ، تحرك الشهوة الكامنة فيها بأمر الله ، ونفخ الروح الأمين حين تمثله بالصورة البشرية فيها ماء يشبه البحار ، فإن في النفس أجزاء صغارا مائية مختلطة بالأجزاء الهوائية ، فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ، ومن ماء متوهم من جبرئيل .
وإنما جعله متوهما ، لأن النافخ روح متمثل ، والمنفوخ أيضا معنى جزئي تمثل بصورة بخار الحسى في العالم المثالي ، ومن شأن الوهم إدراك المعاني الجزئية ، فكان متوهما : لا محسوسا محضا ولا معقولا صرفا .
وأيضا ، أن مريم لما شاهدت عرفا أن الإنسان لا يتولد إلا من منى الرجل والمرأة ، توهمت أن لهذا المتمثل ماء كماء المولد للولد ، فتأثرت تأثرا تاما بوهمها ، فحصل جسم عيسى .
فعلى الأول تكون جسمه منهما ،
وعلى الثاني تكون من الماء المحقق ، والماء والمتوهم كالشرط لذلك التكون . وأطلق التكون منهما مجازا .
فإن قلت : كيف يمكن حصول الولد من ماء الأنثى وحده ، وليس لها حرارة تامة صالحة للتولد وهي من شروط التكوين ؟
وأيضا ، منى الرجل كالبذر الذي به يتولد الولد ، فعند عدمه لا يمكن حصول الولد .
قلت : لم لا يجوز أن يفيض عليها عند ظهور الروح الأمين عندها من الله تلك الحرارة الغريزية الصالحة للتوليد ؟ خصوصا عند إرادة الحق تعالى منها ذلك .
وقد قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إذا أراد الله بعبد خيرا هيأ أسبابه ) .
بل في قدرة القادر المطلق أن يوجد من غير وجود الوالدين ، كآدم وعزير ، ومن غير وجود المرأة ، كايجاد حوا من آدم .
وكون منى الرجل كالبذر لا ينافي أن يكون منى المرأة أيضا ذلك البذر .
ولا دليل لأحد على عدمه ، بل الدليل ثابت على وجوده .
وهو أن لنفس كل منهما قوة ما يولد المثل ، فالمني الذي حصل منها إن لم تكن صالحا لتوليد المثل ، لا يكون فيها تلك القوة .
غاية ما في الباب ، أن تلك القوة في نفس الرجل أقوى ، وقد يكون نفس المرأة أقوى تأثيرا من نفوس كثيرة من الرجال ، خصوصا إذا صارت مرأة للتجليات الإلهية .
فإذا أرادت النفس التي هذا شأنها حصول النتيجة ، أثرت في بدنها ، فحصلت الحرارة الغريزية الصالحة للتوليد .
كما مر أن العارف بهمته يخلق ما يشاء ، لكونه متصفا بالصفات الإلهية ، والعادة التي هي السنة الإلهية لا تمنع القدرة الخارقة لها .
فبولادة عيسى من غير أب ثبت الأقسام الأربعة التي للولادة : وهو حصول الولد من غير أبوين ، وحصوله بهما ، وبالذكر وحده ، وبالأنثى وحدها .
قال رضي الله عنه : ( فسبحان الذي هو على كل شئ قدير . فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق ).
) قوله : ) وخرج على صورة البشر من أجل أمه ومن أجل تمثل جبرئيل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد .
) جواب سؤال مقدر . وهو قول القائل : لما كان النافخ جبرئيل ، والولد سر أبيه ، كان الواجب أن يظهر عيسى على صورة الروحانيين . فقال : إنما كان على صورة البشر ، لأن الماء المحقق كان من أمه وهي بشر ، ولأجل تمثل جبرئيل عند النفخ بالصورة البشرية والصور التي يشهدها المرأة ويتخيلها حال المواقعة ، لها تأثير عظيم في صورة الولد .
حتى قيل : إن امرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر وجسمه جسم الحية . ولما سئل عنها ، أخبرت بأنها حين المواقعة رأت حية .
ثم علل الشيخ تمثل جبرئيل بصورة البشر بقوله : ( حتى لا يقع التكوين )
أي ، الإيجاد في هذا النوع ، إلا على السنة المعتادة . وأيضا ، الصورة الإنسانية هي أشرف الصور . وأيضا ، لو كان على صورة غيرها ، لما حصلت المناسبة بينه وبين العباد المبعوث إليهم ، لكنه واجب أن يخلق عليها للدعوة .
كما قال رضي الله عنه : ( ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ) .
(فخرج عيسى يحيى الموتى ، لأنه روح إلهي ، وكان الإحياء لله والنفخ لعيسى ،
كما كان النفخ لجبرئيل والكلمة لله . )
لما كان وجود عيسى ، عليه السلام ، بالنفخ الجبرئيلي بلا واسطة أب بشرى وروحه فائضا من الحضرة الإلهية بلا واسطة روح من الأرواح أو اسم من الأسماء ، حصل في الوجود الخارجي متصفا بالصفة الإلهية ، وهو إحياء الموتى ، لغلبة لاهوته على ناسوته وروحانيته على جسمانيته حتى قيل فيه إنه ( روح الله ) . ولذلك ارتفع إلى السماء مقام الملائكة .
وإنما أضاف ( الإحياء ) إلى ( الله ) و ( النفخ ) بعيسى ، وإن كان في الظاهر لا يحصل إلا منه ، لأن الصفات الكمالية بالأصالة لله وبالتعبية لغيره ، لذلك أضاف ( النفخ ) إلى جبرئيل ، وأضاف ( الكلمة ) إلى الله.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد. فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال رضي الله عنه : فسرت الشّهوة في مريم ، فخلق جسم عيسى من ماء محقّق من مريم ، ومن ماء متوهّم من جبرئيل ، سرى في رطوبة ذلك النّفخ ؛ لأنّ النّفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء ، فتكوّن جسم عيسى من ماء متوهّم ، ومن ماء محقّق ، وخرج على صورة البشر من أجل أمّه ، ومن أجل تمثّل جبرائيل على صورة البشر حتّى لا يقع التّكوين في هذا النّوع الإنساني إلّا على الحكم المعتاد ، فخرج عيسى يحيي الموتى لأنّه روح إلهيّ ، وكان الإحياء للّه ، والنّفخ لعيسى كما كان النّفخ لجبرائيل والكلمة للّه .)
قال رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم ، فحصل ) فيها مادة ( جسم عيسى ) ماء محققا مع رطوبة متوهمة من نفخ جبريل ، فخلق جسم عيسى الذي هو محل روحه ( من ماء محقق من مريم ) عن سريان الشهوة فيها ( وماء متوهم من نفخ جبريل ) ، وهو بهذا التوهم أفاد ماءها البارد غير القابل للروح اعتدالا أوجب قبوله إياه ( سرى ) أي : حصل ذلك الماء ضمنا ( في رطوبة ذلك النفخ ) ، فإنها وإن كانت متوهمة فهي من حيث هي عرض لا تتصور بدون المحل ، والأصل في محلها الماء ، وإنما كانت لهذا النفخ رطوبة مع كونه من الملك ؛ لأنه لا تمثل لصورة البشر الذي هو حيوان فلا نفخة عن رطوبة ؛ ( لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه ) أي : في الجسم الحيواني ( من ركن الماء ) .
فنفخه ، وإن كان إخراجا للهواء من باطنه ، فهواؤه لا يخلو من اختلاط الماء ، وهو وإن كان متوهما ؛ فهو في حكم المحقق ، ( فيكون جسم عيسى من ماء متوهم ) من نفخ جبريل ، ( وماء محقق ) من سريان الشهوة في مريم ، وكان مقتضى هذا خروج عيسى في صورة مركبة من البشرية والملكية .
ولكنه ( خرج على صورة البشر ) متمحضة ( من أجل أمه ، ومن أجل ) عيسى عليه السّلام ( تمثل جبريل ) في صورة البشر ، فإنه كما أثر توهم الماء اعتدالا في مادته أثر توهم الصورة البشرية تمحض الصورة البشرية في صورته اقتضت الحكمة الإلهية ذلك ؛ ( لئلا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني ) ، وإن كان على خرق العادة في إيجاد الولد بلا أب ( إلا على الحكم المعتاد ) من الجمع بين مائين ، ولو على وجه التوهم رعاية للحكمة بقدر الإمكان ، فكأنه جامع للعادة ولخرقها فهو أعظم من خرق العادة وحده ، وإذا كان روح عيسى من اللّه ، وإن نقله جبريل .
قال رضي الله عنه : ( فخرج عيسى عليه السّلام يحيي الموتى ؛ لأنه روح ) من خواصه الإحياء سيما أنه ( إلهي ) ، ويختص به الإحياء الحقيقي ، والحاصل من الأرواح ظهور الحياة البشرية عليها من اللّه ، فكان ( الإحياء ) العيسوي في الواقع ( للّه والنفخ ) الموجب لإشراقها في الموتى هو الواقع ( لعيسى ) ، فاجتمع في الإحياء العيسوي الذي أسند إليه حقيقة باعتبار الظهور منه ، وإن كان مسندا إلى اللّه باعتبار الإيجاد منه حقيقة .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم ) بذلك النفخ الحاصل من الصورة الاعتداليّة البشريّة تمثّلا عند انبساطها ، ( فخلق جسم عيسى من ماء محقّق من مريم وماء متوهّم من جبرئيل ، سرى في رطوبة ذلك النفخ ) سريان الشهوة في مريم بالنفخ فإنّ للوهم سلطانا في أمر الشهوة وسائر ما به يعمل القوى الفعليّة في الإنسان .
وذلك لأنّ الوهم في المملكة الإنسانيّة بيده إطلاق ديوان التحريك وتحت أمره عمّال قضايا الفعل والتأثير ، ولذلك ترى الوهم يؤثّر في الذائقة - عند تخيّل الحموضة أو رؤيتها وتذكَّر ما يتبع ذوقها - مثل ما يتبعه في الوجود العينيّ .
ومن ثمّة كثيرا ما تتحرك به الشهوة ويستفرغ منه المني ، وذلك إنما يكون عند وجود محلّ يقبل ذلك ، كحالة انبساط مريم عند رؤية الصورة البشريّة الاعتداليّة متوجّهة إليها لأن يسرى فيها الشهوة ، وكحال النفخ في الجسم الحيوان ، لسريان الماء فيه .
قال رضي الله عنه : ( لأنّ النفخ من الجسم الحيوانيّ رطب ، لما فيه من ركن الماء ، فتكوّن جسم عيسى من ماء متوهّم وماء محقّق ) .
فلئن قيل : إنما يكون الماء متوهّما إذا لم يكن له صورة في العين ، وحيث بيّن أن النفخ من الجسم الرطب الحيوانيّ مشتمل على ركن الماء بالفعل كيف يكون متوهّما ؟
قلنا : إنّ الماء وإن كان له وجود عينيّ وصورة مشخّصة في النفخ المذكور ، ولكن من حيث أنّه يصلح لأن يكون مبدأ لتكوّن جسم إنسانيّ هو معنى جزئيّ إنما يدركه الوهم ، بل الوهم هو الذي حصّل للماء المذكور ذلك المعنى - على ما لا يخفى .
فهذا الوهم من مريم ، لا من جبرئيل - كما توهّمه البعض بأنّه سلطان العناصر - لأنّه لو كان كذلك جعل بسلطنته ذلك الماء محقّقا لا متوهّما ، كيف - ولا يطلق على الملك التوهّم إلا بضرب من التمحّل .
""أضاف المحقق : فيها إشارة إلى ما قاله الكاشاني : الماء المتوهم جاز أن يكون من توهمها أن الولد لا يكون إلا من ماء الرجل ، فخلق الماء من النفخ بقوة وهمها وأن يكون من جهة جبرئيل ، لأنه سلطان العناصر ،يقدر أن يجري من نفسه الرحماني روح الماء في النفخ ، فيحصله ماء.""
صورة عيسى عليه السّلام
قال رضي الله عنه : (وخرج على صورة البشر من أجل امّه ، ومن أجل تمثّل جبرئيل في صورة البشر ، حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد )
وهو أن يكون من الأبوين ، من ذلك النوع ، وعلى صورته الطبيعيّة إذ لو لم يتمثّل جبرئيل في صورة البشر لما كان التكوين على الحكم المعتاد ، وذلك لأن التكوين والإيجاد هو الظهور من المكوّن بصورة الأثر ، فلا بدّ للفاعل من أن يتصوّر بصورة ما أراد مفعوله عليها ، حتّى يتمّ التصوّر بصورته ، فلذلك تمثّل جبرئيل بصورة البشر لأجل ذلك الحكم المعتاد والوجوب العادي.
ولذلك أيضا ورد : " إن الله تعالى يتجلَّى في الصورة الإنسانية عند تخميره طينة آدم " .
ولا بدّ هاهنا من أن يكون مفعوله - وهو جسم عيسى - على الصورة المذكورة من التشكَّل بالشكل المعهود من تلك الأفراد ، لئلَّا يتنفّر منه طباع المستكملين من بني نوعه فيفوت الغاية المطلوبة من الإنباء والإرسال ، وذلك لأنّ تخالف الصور بالشخص تقتضي التوحّش ، كما أنّ توافقها توجب المؤانسة .
رمز إحياء الموتى بيد عيسى عليه السّلام
قال رضي الله عنه : ( فخرج عيسى يحيى الموتى لأنّه روح إلهي ) كما سبق بيانه من أنّ معنوية تلك الكلمة وروحها إنّما كذا حصل من الحضور الذي حصل لمريم مع الله بجمعية منها تامّة عند رؤيتها الصورة البشريّة الاعتداليّة في أيّام انتباذها من القوم مكانا شرقيّا ، أعني أيّام نقائها من الحيض ، فإنّ فيها مزيد هيجان لشهوة النسوان ، وزمان وقوعها في مكان يشرق فيها نيّر الإظهار والإشعار .
ثمّ إن أمر التوهّم والتحقّق - الذين في أصل خلقة الكلمة العيسويّة لهما دخل في سائر أحكامها . ولذلك قال : ( وكان الإحياء لله ، والنفخ لعيسى ) في صورة إحياء عيسى الموتى ( كما كان النفخ لجبرئيل والكلمة لله ) في صورة تكوين عيسى .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد. فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. ) .
قال رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم: فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء. فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر )
قال رضي الله عنه : ( فسرت الشهوة في مريم ) بذلك النفخ الحاصل من الصورة الاعتدالية المتمثلة البشرية عند انبساطها ( فخلق جسم عيسى من ماء محقق ) من مريم بلا واسطة توهم أحد .
قال رضي الله عنه : ( ومن ماء متوهم من جبريل ) توهمته مريم فترتب وجود ذلك الماء على توهمها فإن وجود بعض الأشياء قد يترتيب على توهمه كترتب السقوط عن الجذع على توهمه ( سرى ) ذلك الماء المتوهم ( في رطوبة ذلك النفخ ) المتوهمة سراية في وهم مريم فتحقق مطابقا لما توهمته ، وإنما توهمت مريم سراية الماء في رطوبة النفخ.
قال رضي الله عنه : ( لأن ) ذلك ( النفخ ) إنما وقع ( من ) جبريل حال تمثله في صورة الجسم الحيواني الذي هو صورته البشرية والنفخ ، أي الهواء المنفوخ ( من الجسم الحيواني رطب ) لا محالة ( لما فيه من ركن الماء ) ، فتسري منه الرطوبة إلى الهواء المنفوخ فيصير ماء ، فتوهمت مريم نفخ جبريل على هذه الحالة ، فتولدت من توهمها الماء.
قال رضي الله عنه : ( وكوّن جسم عيسى من ماء متوهم ) حققه وهم مريم ( ومن ماء محقق من مريم ) لا دخل لتوهمها في تحققه ، ويمكن أن يراد بالماء المتوهم الهواء المنفوخ المحقق الذي مائيته متوهمة ، فتكوّن جسم عيسى من ماء تحقق ومن هواء منفوخ توهمت فيه المائية ، أو يراد بالماء المتوهم ما لا يكون له تحقق في الخارج .
ويكون معنى تكون جسم عيسى منه أن له مرتبة الشرطية فمتى لم تتوهم هذا الماء لم يتكون جسم عيسى من الماء المحقق ( وخرج ) عيسى ( على صورة البشر ) دون الملك
قال رضي الله عنه : ( من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد. فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله. )
قال رضي الله عنه : ( من أجل أمه ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر ) وإنما مثل في صورة البشر .
( حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد ) الذي جرت به العادة غالبا وهو تولد من شخصين إنسانيين ، ولما ذكر رضي اللّه عنه أن عيسى عليه السلام روح من اللّه نفخه جبريل في مريم وكلمته ألقاها إلى مريم ، وإن تكوّن جسمه إنما هو من ماء محقق وماء متوهم ، أراد أن يبين أن الأحوال الجارية عليه أيضا مناسبة لهذه الأمور .
فقال رضي الله عنه : ( فخرج عيسى عليه السلام ) بحيث كان ( يحيي الموتى لأنه روح إلهي ) ومن خصائص الروح الحياة والإحياء ( وكان ) في صورة إحيائه ، أي إحياء عيسى الموتى ( الإحياء ) بحسب الحقيقة ( للّه والنفخ ) الذي يترتب عليه الإحياء صورة ( لعيسى كما كان ) في صورة تكوين عيسى ( النفخ ) ، أي نفخ الكلمة في مريم ( لجبريل والكلمة ) المنفوخة ( للّه ) فكان النفخ من عيسى بمنزلة النفخ من جبريل .
وكان كون الإحياء حقيقة من اللّه وصورة من عيسى ككون الكلمة حقيقة من اللّه وصورة من جبريل.
.
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السادسة الجزء الأولى .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة : - الجزء الأولىجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : ( وكان إحياء عيسى عليه السّلام للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمّه . وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه وإنّما كان للّه . فجمع لحقيقته الّتي خلق عليها كما قلناه إنّه مخلوق من ماء متوهّم وماء محقّق ينسب إليه الإحياء بطريق التّحقيق من وجه وبطريق التّوهّم من وجه . فقيل فيه من طريق التّحقيق وَأُحْيِ الْمَوْتى وقيل فيه من طريق التّوهّم فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ [ آل عمران : 49 ] فالعامل في المجرور فيكون ، لا أنفخ . ويحتمل أن يكون العامل فيه أنفخ فيكون طيرا ، من حيث صورته الحسّيّة الجسميّة . وكذلك وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ [ المائدة : 110 ] وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن اللّه . وإذن الكناية في مثل قوله :بِإِذْنِي وبإذن الله فإذا تعلّق المجرور بتنفخ ، فيكون النّافخ مأذونا له في النّفخ ويكون الطّائر عن النّافخ بإذن اللّه . وإذا كان النّافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التّكوّن للطّائر . فيكون العامل عند ذلك فيكون فلو لا أنّ في الأمر توهّما وتحقّقا ما قبلت هذه الصّورة هذين الوجهين . بل لها هذان الوجهان لأنّ النّشأة العيسويّة تعطي ذلك . )
قال رضي الله عنه : (فكان إحياء عيسى) عليه السلام (للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه) في الطير والميت بالتوجه الروحاني ، لأنه كذلك في الحس والعيان (كما ظهر هو) ، أي عيسى عليه السلام (عن صورة أمه) مريم عليها السلام ظهورا متحققا في الحس والعيان وكان إحياؤه ، أي عيسى عليه السلام أيضا ، أي كونه محققا متوهما أنه ، أي ذلك الإحياء منه ، أي من عيسى عليه السلام ، لأنه ظهر به وإنما كان ذلك الإحياء للّه تعالى وحده حقيقة ، لأنه هو الذي يحيي ويميت كما هو معلوم عند كل مؤمن بنبي )فجمع( عيسى عليه السلام )بحقيقته( الإنسانية الروحانية )التي خلق عليها كما قلنا( فيما مر إنه .
أي عيسى عليه السلام )مخلوق من ماء متوهم( من نفخ جبريل عليه السلام ومن )ماء محقق( من أمه مريم عليها السلام ، فهو بسبب ذلك )ينسب إليه( ، أي عيسى عليه السلام )الإحياء بطريق التحقيق( باعتبار الظاهر من وجه وبطريق التوهم ظاهرا أيضا )من وجه( آخر فقيل فيه ، أي في عيسى عليه السلام من طريق التحقق وأحيي الموتى من أن المحيي هو اللّه تعالى المتجلي بصورة عيسى عليه السلام.
وقيل فيه من طريق التوهم فتنفخ فيه ، أي فيما خلقه لهم كهيئة الطير فيكون طيرا بإذن اللّه تعالى فالعامل في المجرور ، أي الذي يتعلق به الجار والمجرور في قوله تعالى : بِإِذْنِ اللَّهِ هو قوله فيكون .
أي يكون طيرا بإذن اللّه تعالى لا قوله تنفخ فيبقى نفخه مثل نفخ غيره من الناس إذا نفخ ، وإنما الخصوصية في اعتبار اللّه تعالى نفخه ذلك وتكوينه تعالى للطير عقيب نفخه إجابة له وتصديقا لدعواه ويحتمل أن يكون العامل فيه ، أي في المجرور بأن يكون الجار والمجرور متعلقا بـ تنفخ فيكون نفخه بإذن اللّه تعالى ليس كنفخ غيره من الناس .
فالخصوصية في النفخ لا في تكوين اللّه تعالى الطير ، فكل من نفخ مثل ذلك النفخ بإذن اللّه تعالى كان عنه ما أراد كما نقل أن أبا يزيد البسطامي قدس اللّه سره نفخ في نملة ماتت فأحييت بإذن اللّه تعالى فيكون طيرا من حيث صورته الجسمية الحسية على حسب ما خلقه من تلك الهيئة .
وكذلك قوله تعالى عنه (وتبريء الأكمه والأبرص) بإذن اللّه تعالى وجميع ما نسب إليه ، أي إلى عيسى عليه السلام وإلى إذن اللّه تعالى وإلى إذن الكناية عن اللّه تعالى وهي ضمير المتكلم في مثل قوله تعالى بإذني وبإذن اللّه تعالى كما ذكرنا فيما مر من قوله تعالى :" وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي" [ المائدة : 110 ] .
وقوله تعالى :"أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ" [ آل عمران : 49 ] .
فإذا تعلق الجار والمجرور وهو قوله بإذني وقوله : بإذن اللّه بتنفخ في الآية الأولى وأنفخ في الثانية فيكون النافخ مأذونا له في النفخ من جهة الحق تعالى ويكون الطير ، أي يتكون ويظهر طيرا عن النافخ بإذن اللّه تعالى .
وإذا كان النافخ في الآيتين نافخا لا عن الإذن ، أي إذن اللّه تعالى فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن اللّه تعالى فيكون العامل في تعلق الجار والمجرور به عند ذلك قوله فيكون .
فلولا أن في الأمر الإلهي والشأن الرباني المتوجه على خلق عيسى عليه السلام توهما من وجه وتحققا من وجه آخر فهو متوهم من حيث الصورة ومتحقق من حيث الوجود .
فمن هذه صورته ليس هذا فعله ولا تأثير له أصلا ومن هذا وجوده فهو الفاعل المؤثر ولا صورة له فهذا هو وليس هذا هو فهو لا هو فكأنه هو فلا هو إلا هو ما قبلت هذه الصورة العيسوية هذين الوجهين وجه التوهم في كونه يخلق من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طيرا ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ووجه التحقق منه في ذلك أيضا بل لها .
أي للصورة العيسوية هذان الوجهان لأن النشأة ، أي الخلقة العيسوية من أصل تكوينها عن جبريل عليه السلام النافخ في مريم عليها السلام تعطي ذلك ، أي الوجهين المذكورين وجه التوهم في صدوره عن ماء متوهم ووجه التحقق في صدوره عن ماء محقق كما مر .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : (فكان إحياء عيسى عليه السلام للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخته كما ظهر هو عن صورة أمّه فكان إحياؤه أيضا متوهما أنه ) أي الإحياء ( منه).
( وإنما كان ) أي الإحياء ( للَّه ) حقيقة ولعيسى عليه السلام مجازا ( فجمع ) عيسى عليه السلام هذين الوجهين ( بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه إنه لمخلوق من ماء متوهم ومن ماء محقق لينسب إليه الأحياء بطريق التحقيق من وجه ) أي من حيث أن الإحياء في الحقيقة للَّه .
( فقيل فيه ) أي في حق عيسى عليه السلام ( من طريق التحقيق وتحيي الموتى ) أي أسند الإحياء إليه حقيقة ( وقيل فيه من طريق التوهم فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن اللّه فالعامل في المجرور يكون لا قوله : تنفخ ) فيكون الطير صادرا عن اللّه في الحقيقة فما كان لعيسى عليه السلام إلا النفخ .
قال رضي الله عنه : ( ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ فيكون طيرا ) صادرا عن نفخ عيسى عليه السلام ( من حيث صورته الجسمية المحققة ) في الإحياء لعيسى عليه السلام حقيقة وما كان للَّه إلا الإذن بالنفخ ( وكذلك ) أي وكذا القول في قوله تعالى في حق عيسى عليه السلام (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وجميع ما ينسب إليه ( أي إلى عيسى عليه السلام ( وإلى إذن اللّه أو إذن الكناية.
قال رضي الله عنه : (يقبل الجهتين جهة التحقيق وجهة التوهم ( في مثل قوله تعالى بِإِذْنِي وهو إذن الكناية .
قال رضي الله عنه : ( وبِإِذْنِ اللَّهِ فإذا تعلق المجرور بتنفخ فيكون النافخ مأذونا له في النفخ فيكون الطائر عن النافخ بإذن اللّه ) وهذا هو جهة الحقيقة .
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن فيكون التكوين للطائر طائرا ) نفسه ( بإذن اللّه فيكون العامل عند ذلك يكون ) هذا هو جهة التوهم فثبت أن حقيقة عيسى عليه السلام من ماء متوهم.
قال رضي الله عنه : ( فلو لا أن في الأمر ) أي في حقيقة عيسى عليه السلام ( توهما تحققا ما قبلت هذه الصورة ) صورة الآيات وصورة عيسى عليه السلام ( في هذين الوجهين بل ) ثابت أو مختص ( لها ) أي لهذه الصورة ( هذان الوجهان لأن النشأة ) أي الحقيقة ( العيسوية يعطي ذلك ) الوجهين للصورة العيسوية .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله. فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ». ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية. وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله. فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون». فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
معناه ظاهر.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : (فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه) .
يعني : من حيث حصول الإحياء عن نفخه ظاهرا رأي عين ، فتصحّ إضافة الإحياء إليه بمشاهد الحسّ عرفا عاديا وتحقيقا أيضا ، لأنّ هويته الله ، وهو أحدية جمع اللاهوت والروحية والصورة ، فيضاف إليه حقيقة من حيث هويته اللاهوتية ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( كما ظهر هو عن صورة أمّه ) .
يعني رضي الله عنه : في المعتاد من إيلاد الأولاد ، وبهذا الوجه أضيف إلى أمّه ونسب إليها ، فقيل فيه : إنّه عيسى بن مريم ، وهكذا إضافة الإحياء إلى الصورة العيسوية النافخة للإحياء .
قال رضي الله عنه : ( وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه ، وإنّما كان من الله ، فجمع لحقيقته - التي خلق عليها كما قلناه - أنّه مخلوق من ماء متوهّم وماء محقّق ، ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهّم من وجه ، فقيل فيه من طريق التحقيق : « وتحيي الموتى » و قيل فيه من طريق التوهّم : " فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي " فالعامل في المجرور يكون « تكون » لا « تنفخ » ويحتمل أن يكون العامل فيه « تنفخ » فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسّية ) .
يشير رضي الله عنه : إلى إنّه لمّا كان أصل خلقته من متحقّق ومتوهّم ، ظهر ذلك في فعله الذي هو فرع عليه متوهّم الإضافة إليه من وجه ، ومتحقّق الإضافة إليه أيضا من آخر ، فاعتبر الحق في العبارة المعجزة القرآنية كلا الوجهين ، لكونهما من مقتضى أصل خلقته ، فقال في الأوّل " فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي " فكان التقدير يكون المنفوخ فيه بإذن الله طائرا ، فيكون العامل في المجرور - أعني « بإذن الله » - « تكون » لا « تنفخ » ، فيكون الموجب لكونه طيرا بإذن الله ، فيكون طائرا بنفخه .
سرّ للخواصّ اعلم : أنّ حقيقة الإذن أمر من الله ، يمكَّن المأذون له من إيجاد الفعل الخارق للعادة الذي لا يضاف إلَّا إلى الله عرفا عاديا .
ثمّ إنّ تمكين الله تعالى للعبد وأمره بذلك إنّما يكون بخصوص استعداد ذاتي للعبد من حيث صورته المعلومية لله أزلا وعينه الثابتة ، لأنّ الله علم من حقيقة قفداء العبد أنّ له صلاحية في الوجود وقابلية في الحقيقة لمثل هذا التمكين والأمر من الله بخلاف غير المأذون .
فهو من قدم الصدق الذي كان له عند ربّه المليك المقتدر ، اقتضى هذا العبد بتلك الخصوصية من الله هذا النوع من العناية والتمكين ، فأظهر الله في الوجود العيني من العبد هذا التمكين ممّا كان عليه في وجوده العلمي ، فإذن الله هو تمكين العين الثابتة ، وحسن تأتّيها باستعدادها الذاتي للوجود الحق أن يظهر هذا التمكين والإذن فيه بالحق ، فافهم .
قال رضي الله عنه - : ( وكذلك " تُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ " وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله : " بِإِذْنِي " و " بِإِذْنِ الله " فإذا تعلَّق المجرور بـ « تنفخ » فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله ، وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله ، فيكون العامل عند ذلك « فتكون » فلو لا أنّ في الأمر توهّما وتحقّقا ، ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان ، لأنّ النشأة العيسوية تعطي ذلك ).
قلت : كلّ هذا ظاهر بيّن .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر من نفخه ) .
أي من حيث حصول الإحياء عند نفخه ظاهرا رأى عين فتصح إضافة الإحياء إليه بشاهد الحق عرفا وعادة وتحقيقا أيضا ، لأن هويته هو الله وهو أحدية جمع اللاهوت والناسوت والروحية والصورية ، فيضاف حقيقة من حيث حقيقته اللاهويته .
( كما ظهر هو عن صورة أمه ) أي في المعتادة من ولادة الأولاد ، بهذا الوجه أضيف إلى أمه ونسب إليها فقيل فيه إنه عيسى بن مريم ، وهكذا إضافة الإحياء إلى الصورة العيسوية النافخة للأحياء ( وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله )
وفي نسخة : وإنما كان من الله وهو أصح ( فجمع ) أي الإحياء المحقق والمتوهم .
قال رضي الله عنه : ( بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه إنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق ، ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ، وبطريق التوهم من وجه فقيل فيه من طريق التحقيق – فـ " تُحْيِ الْمَوْتى " - وقيل فيه من طريق التوهم – " فَأَنْفُخُ فِيه فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله " - فالعامل في المجرور يكون لا تنفخ ، ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية )
أي لما كان أصل خلقته من ماء محقق وماء متوهم ظهر ذلك في فعله فنسب إليه الإحياء من الوجهين بطريق التحقيق وطريق التوهم .
لأن الفعل فرع على أصل تكوينه فقيل في حقه في الكلام المعجز ما يدل على الوجهين : أما من طريق التحقيق فقوله - فتحى الموتى - وأما من طريق التوهم – " فَأَنْفُخُ فِيه فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله " - على أن العامل في بإذن الله يكون لا تنفخ فيه فيكون الموجب لكونه طيرا إذن الله .
وأمره لا نفخ عيسى ، وإن جعلنا العامل تنفخ كان الموجب لكونه طيرا هو نفخ عسى بإذن الله ، وكان طيرا من حيث أن صورته الجسمية الحسية صورة طير لا طير بالحقيقة .
واعلم أن الإذن هو تمكين الله للعبد من ذلك وأمره به ، فيكون عين العبد المأذون له في إيجاد المأمور والخارق العادة التي لا تنسب إلا إلى الله في العادة .
فحشا معينا بها في الأزل مختصة بذلك الاستعداد علم الله تعالى أن يفعل ذلك عند وجوده وحكم به فيكون حكمه بذلك هو الإذن ، وتمكين عينه الثابتة في الأزل باستعدادها الذاتي هو عناية الله في حقه ، والله أعلم.
قال رضي الله عنه : ( وكذلك تبرئ الأكمه والأبرص وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وإذن الله ، فإذا تعلق المجرور بتنفخ فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النفخ بإذن الله ، وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله فيكون العامل عند ذلك يكون ، فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصور هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان ، لأن النشأة العيسوية تعطى ذلك ) .
هذا غنى عن الشرح ومعلوم مما مر .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : ( وكان إحياء عيسى ، عليه السلام ، للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخة ، كما ظهر هو عن صورة أمه . وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه ، وإنما كان لله . فجمع بحقيقته التي خلق عليها . كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم ومن ماء محقق ، ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ، وبطريق التوهم من وجه . )
أي ، الإحياء تارة ينسب إلى عيسى ، عليه السلام ، من حيث إنه يظهر من نفخه وحصل من مظهره ، وكان هو السبب القريب فيه على سبيل الحقيقة .
فمن هذه الحيثية يكون إحياؤه إحياء محققا ، كما كان في أصل خلقته ماء محقق وهو ماء مريم ، لأنه منها ظهر بحسب الصورة الحسية .
وأخرى نسب إلى الله على الحقيقة ، لأن الفاعل الحقيقي وصاحب الصفات الكمالية هو الله لا غيره .
فإحياؤه إحياء متوهم ، كما كان في أصل خلقته ماء متوهم . فجمع عيسى بما في حقيقته التي خلق عليها من الماء المحقق والماء المتوهم هذين الوجهين فيما حصل منه من الإحياء وخلق الطير ، فينسب إليه الإحياء تارة على سبيل الحقيقة ، وأخرى على سبيل المجاز .
قال رضي الله عنه : ( فقيل فيه من طريق التحقيق : " ويحيى الموتى " ، وقيل فيه من طريق التوهم " فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله " . فالعامل في المجرور ، " فيكون " لا " تنفخ " . و يحتمل أن يكون العامل فيه " تنفخ " ، فيكون طيرا . )
أي ، قال تعالى في حقه : "ويحيى الموتى " . ونسب الإحياء إليه وأضافه بطريق التحقيق ، وإن كان من حيث إنه آلة والفاعل على الحقيقة والمحيي للأموات هو الله ، فنسبة الإحياء إليه بطريق التوهم ، وخلق الطير ينسب إليه بطريق التحقيق ، وبطريق التوهم .
كما قال أيضا في حقه : ( فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ) ومتعلق بإذن الله .
والعامل فيه يجوز أن يكون ( فيكون ) ، ويجوز أن يكون ( فتنفخ ) . وعلى الأول ، فيكون النفخ من عيسى والكون من الطير بإذن الله وأمره . كما مر في ( الفص اللوطي ) أن الأمر من الله والتكون من نفس المأمور ب ( كن ) . أو من أمر الله . وعلى التقديرين ، لا يكون من عيسى إلا النفخ فقط . وعلى الثاني ، يكون الخلق منه حين كونه مأذونا به . فاجتمع فيما صدر منه من الإحياء والخلق جهتا التحقيق والتوهم ، كما اجتمع فيما خلق منه .
وقوله : ( من حيث صورته الحسية الجسمية ) قيل معناه : إنه يكون من حيث صورته طيرا ، ولا يكون طيرا بالحقيقة وفيه نظر .
لأن المخلوق الطير بالحقيقة وهو الخفاش لا صورة الطير ، وليس جعل صورة الطير مجردا عن روحه مما يعد من المعجزات .
بل معناه : فيكون طائرا محققا صادرا من عيسى من حيث صورته المحققة في الحس ، لأن كلامه حينئذ في إثبات كونه محققا .
كما قال هذا القائل : ( وإن جعلنا العامل ينفخ ، كان الموجب لكونه طيرا هو نفخ عيسى
بإذن الله ) .
وإذن الله لعبده في الإتيان بخوارق العادات قسمان : ذاتي قديم ، وعرضي حادث أما الأول .
فهو جعل الحق عين العبد مستعدا قابلا للتصرف في الوجود العيني على سبيل الخرق عند تجليه بفيضه الأقدس الموجب لتعين الأعيان في العلم أزلا . وأما الثاني ، فهو تمكين العبد من التصرف مع إلهام قلبي أو وحى نازل لذلك التصرف حين حصول الوقت المقدر ، وجميع شرائطه بفيضه المقدس .
فلا ينبغي أن يتصور أن الإذن هو الأمر بالتصرف ، سواء كان مستعدا له أولا . فإن روح ذلك الأمر أيضا هو الاستعداد الذاتي الذي يستدعى بلسان الحال من الله إظهار كماله .
قال رضي الله عنه : (وكذلك " تبرئ الأكمه والأبرص " وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله.)
وكذلك جميع ما ينسب إلى عيسى من خوارق العادات من إبراء الأكمه والأبرص وغيرهما ، يشتمل على الجهتين المذكورتين ، أي ، جهة التحقق وجهة التوهم .
لذلك جاء في الكل ( بإذن الله ) أو ( بإذني ) كما قال : ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني ) .
وهو المراد بقوله : ( أو إذن الكناية في مثل قوله تعالى : " بإذني وبإذن الله " فإذا تعلق المجرور ب ( تنفخ ) فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ، ويكون ) أي ، تحصل .
( الطائر على النافخ بإذن الله . ) هذا إشارة إلى الجهة المحققة كما مر بيانها .
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التكوين للطائر طيرا بإذن الله . ) أي ، يكون عين الطائر نفسه في الخارج . كما مرت الإشارة إليه من أن الأمر من الله ، والتكوين من نفس الشئ المكون .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فيكون العامل عند ذلك "فيكون" . فلولا أن في الأمر توهما وتحققا ، ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين . ) أي ، ولولا أن في أصل الخلقة العيسوية - وهو المراد ب ( الأمر ) - جهتا التوهم والتحقق ، ما قبلت صورة عيسى لهذين الوجهين .
( بل لها هذان الوجهان ، لأن النشأة العيسوية تعطى ذلك . ) ظاهر مما مر .
.
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة : - الجزء الثانيخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله. فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : ( وكان إحياء عيسى عليه السّلام للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمّه ، وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه ، وإنّما كان للّه ، فجمع لحقيقته الّتي خلق عليها كما قلناه : إنّه مخلوق من ماء متوهّم وماء محقّق ينسب إليه الإحياء بطريق التّحقيق من وجه ، وبطريق التّوهّم من وجه ، فقيل فيه من طريق التّحقيق وَأُحْيِ الْمَوْتى [ آل عمران : 49 ] ، وقيل فيه من طريق التّوهّم فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ [ آل عمران : 49 ] ؛ فالعامل في المجرور فيكون ، لا أنفخ ، ويحتمل أن يكون العامل فيه أنفخ فيكون طيرا ، من حيث صورته الحسّيّة الجسميّة .)
قال رضي الله عنه : (فكان إحياء عيسى عليه السّلام الأموات إحياء محققا ) أي : مسند إليه حقيقة ( من حيث ما ظهر عن نفخه ) المسند إليه حقيقة ، إذ حقيقة النفخ ، وهو إخراج الهواء عن جوف النافخ لا يتصور في حق اللّه تعالى ، ولا منع في إسناد الظهور الحقيقي إلى غير اللّه تعالى .
قال رضي الله عنه : ( كما ظهر هو عن صورة أمه ) ، وإن كان عن صورة جبريل أيضا ؛ فهو أيضا باعتبار توهم أمه أنها صورته لتمثله لها بتلك الصورة ، ( وكان إحياؤه أيضا ) مستندا إليه حقيقة باعتبار أنه كان ( متوهما أنه منه ) فيسنده الجاهل إليه حقيقة ، فإن الإسناد الحقيقي هو إسناد أمر إلى ما له عند المتكلم في الظاهر .
( وإنما كان ) في الواقع باعتبار الإيجاد ( للّه ، فجمع ) في إسناد الإحياء إليه حقيقة بين الأمر المحقق الذي هو الظهور والمتوهم الذي هو توهم أنه منه ( بحقيقته التي خلق عليها ) ، باعتبار أن روحه في الواقع للّه ، ويتوهم أنه من جبريل ( كما قلنا ) في بدئه ( أنه مخلوق من ماء متوهم ) من نفخ جبريل ، ( وماء محقق ) من مريم .
"" أضاف المحقق : فيه إشارة إلى أن النفخ لا يفيد إلا حياة الجسم المنفوخ فيه ، وأما خصوصية كونه طائرا لا من حيث الحقيقة ، وفيه نظر ؛ فإنه إذا تعلقت الحياة بالصورية الطيرية يكون طيرا بالحقيقة لا محالة ، وقيل : هو بيان المناسبة بين المكوّن الذي هو عيسى وبين المكوّن الذي هو الطير لا بدّ منها في التكوين كما في التوليد فيه بعد ( شرح الجامي ص 331 ) . ""
فلو لا أن حقيقته جامعة لم تحصل هذه الجمعية في روحه وبدنه ، فالفعل الصادر من الحقيقة الجامعة ينبغي أن يكون جامعا ؛ فلذلك ( ننسب إليه الإحياء ) بالإسناد الحقيقي ( بطريق التحقيق من وجه ) ، وهو أنه ظهر من نفخة ( وبطريق التوهم من وجه ) ، وهو أنه بتوهم أنه منه ، وليس له في الواقع ؛ ( فقيل فيه ) في الكتاب الإلهي الجامع بين الطرق كلها ( من طريق التحقيق) ، وأحي الْمَوْتى[ آل عمران : 49 ] .
بإسناد الإحياء إليه باعتبار ظهوره منه ، والأصل فيه الحقيقة ، ولم يشعر بكونه من اللّه ، ( وقيل فيه من طريق التّوهم ،فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ [ آل عمران : 49 ] ) ، فنفى فيه تارة إسناد تكوين الإحياء إلى عيسى ، وأسنده إلى إذن اللّه ، وأسند التكوين إليه تارة باعتبار تعلقه بالصورة الحسية الجسمية للطير ، وهما باعتبار الواقع ، وأسند فيه تكوين الإحياء إلى عيسى تارة باعتبار التوهم .
قال رضي الله عنه : ( فالعامل في المجرور ) أي : قوله : « بإذن اللّه » هو قوله : يكون من ( فيكون ) فأسند تكوين الطير إلى إذن اللّه ( لا ) قوله : " ينفخ " حتى يستند تكوينه إلى نفخه ، ( ويحتمل أن يكون العامل فيه ) أي : في المجرور ، أعني بإذن اللّه « ينفخ » ، فلا يستند تكوين الطير إلى إذن اللّه ، وليس له في الطائر مستند إليه مع أنه لا بدّ منه ، ولا يستند الإحياء إلى عيسى في الواقع ؛ فهو محمول على تكوين صورته الحسية .
قال رضي الله عنه : ( فيكون طائرا ) عن تكوين عيسى عليه السّلام في الواقع ( من حيث صورته الحسية الجسمية ) لا من حيث اتحاد الحياة فيه لا باعتبار الظهور ، وقد ذكر مرة ؛ فلا يعاد أو باعتبار التوهم ، وسيذكره مع الإشارة إلى عموم طريق التحقيق ، وطريق التوهم كل ما نسب إلى نفخ عيسى ، وإلى إذن اللّه .
قال رضي الله عنه : (وكذلك :وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ [ المائدة 110 ] وجميع ما ينسب إليه ، وإلى إذن اللّه ، وإذن الكناية في مثل قوله :بِإِذْنِي ،وبإذن اللّه فإذا تعلّق المجرور ب « تنفخ » ، فيكون النّافخ مأذونا له في النّفخ ، ويكون الطّائر عن النّافخ بإذن اللّه ، وإذا كان النّافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التّكوّن للطّائر ، فيكون العامل عند ذلك فيكون فلو لا أنّ في الأمر توهّما وتحقّقا ما قبلت هذه الصّورة هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان ؛ لأنّ النّشأة العيسويّة تعطي ذلك ) .
قال رضي الله عنه : ( وكذلك ) أي : مثل قوله : فينفخ فيه ، فيكون طيرا بإذن اللّه ، ( أبرئ الأكمه والأبرص ) مسند حقيقة إلى اللّه تعالى بطريق التحقيق ، وإلى عيسى بطريق التوهم ، ولا يختص هذا بآية دون أخرى ، بل ( وجميع ما ينسب إليه ) أي :
إلى فعل عيسى كنفخه ، ( وإلى إذن اللّه ) أي : المضاف إلى اسم اللّه الجامع للظاهر والباطن .
( وإذن الكناية ) أي : المضاف إلى ياء المتكلم المختص بالباطن ، فالمضاف إلى الكناية ( في مثل قوله : بإذني ) وإلى اسم اللّه في مثل قوله : ( بإذن اللّه ) ، فإن الإسناد التكويني إلى الإذن المضاف إلى أحدهما بطريق التحقيق ، وإلى عيسى عليه السّلام بطريق التوهم .
وإن قلنا : إن إسناده باعتبار الظهور إلى عيسى عليه السّلام بطريق الحقيقة ، فذاك في نفس ظهور الحياة لا ظهور تكوينها ؛ إذ لا فعل في تكوينها لغير اللّه تعالى ؛ فغاية ما يتصور في حقّ عيسى عليه السّلام أنه فعل الظاهر فيه دون المظهر ، فإسناده باعتبار الظهور إلى المظهر نوع من التوهم .
قال رضي الله عنه : ( فإذا تعلق المجرور ) أي : بإذن اللّه أو بإذني ، ( فينفخ ) أي : بما هو فعل عيسى عليه السّلام حقيقة ، ( فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ) فيتوهم ما ترتب على نفخه من فعل اللّه أنه فعل النافخ ، ( فيكون الطائر عن النافخ ) فيما يتوهم كما قالت المعتزلة في الأفعال المتولدة ، فيسند تكوينه إلى عيسى بطريق الحقيقة جهلا ، ( وإذا كان النافخ نافخا ، لا عن الإذن ) بألا ( يكون ينفخ عاملا ) في المجرور .
قال رضي الله عنه : ( فيكون التكون للطائر ) طيرا ( بإذن اللّه ) أي : مسند إلى اللّه حقيقة ، وهو طريق التحقيق ، إما باعتبار نفس التكوين ؛ فلا يشك فيه ، وإما باعتبار ظهوره ؛ فلأن الفعل إنما للظاهر لا للمظهر ، قال رضي الله عنه : ( فيكون العامل ) في المجرور أي : بإذن اللّه أو بإذني ( عند ذلك ) .
أي : عند جعل التكوين للّه كما هو الواقع لفظة يكون ، فاجتمع في عيسى عليه السّلام باعتبار ظهور الفعل منه تحقيقا وتوهما باعتبارين ، فالتحقيق باعتبار الفعل المترتب عليه وهو النفخ والتوهم باعتبار المترتب وهو التكوين .
قال رضي الله عنه : ( فلو لا أن في الأمر ) أي : في حقيقة عيسى عليه السّلام ( توهما وتحققا ) في روحه وبدنه وظهوره وأفعاله ( ما قبلت هذه الصورة ) أي : صورة إسناد الفعل إلى عيسى عليه السّلام باعتبار الظهور منه ( هذين الوجهين ) من التحقيق باعتبار الفعل الأول ، وهو النفخ والتوهم باعتبار الفعل الثاني .
وهو التكوين ( بل لها ) أي : لهذه الصورة ( هذان الوجهان ) في الواقع ، وإن لم يصرّح بإسناد فعله إليه ، وإلى إذن اللّه ، وإذن الكناية ؛ ( لأن النشأة العيسوية تقتضي ذلك ) ، ومقتضى النشأة لا يتغير بالتصريح وتركه .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه ، كما ظهر هو عن صورة امّه ، وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه ، وإنّما كان لله ) وفي بعض النسخ: « وإنما كان من الله » وهو أظهر .
قال رضي الله عنه : ( فجمع ) الإحياء المحقق والمتوهّم ( لحقيقته التي خلق عليها - كما قلنا : إنّه مخلوق من ماء متوهّم ، وماء محقّق - نسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ،وبطريق التوهّم من وجه(.
وقد سرى هذان الوجهان في جملة أوضاعه وأحواله إلى أن سرى فيما انزل من القرآن المجيد في قصّته عليه السّلام ( فقيل فيه من طريق التحقيق : "يحيي الموتى" وقيل فيه من طريق التوهّم : « فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله » فالعامل في المجرور « يكون » )
أي يكون طيرا بإذن الله أي كونه ووجوده بإذن الله على ما عليه الأمر في نفسه .
قال تعالى : " وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيه ِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّه ِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّه ِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [ ال عمران / 49 ] ."
تعلق الإذن بتكوّن الطائر أو بالنفخ ؟
فيكون طائرا صورة ومعنى . لأن الأمر فيه حينئذ تنزّل على مدارجه المقدّرة من المراتب الاستيداعية والاستقرارية ، والموجب لذلك الكون إذا الله ، لا نفخ عيسى فنسبة تكوّنه إليه من طريق التوهّم .
هذا على تقدير أن يكون العامل في المجرور « يكون » ( لا « ينفخ » ) .
( ويحتمل أن يكون العامل فيه « ينفخ » ) وحينئذ يكون الطائر من النافخ بإذن الله ، إذ الإذن في عرف التحقيق نفاذ الأمر . فإذا كان الطائر من النافخ بنفاذ أمر الله فيه ، يكون من عيسى وهو روح الله . فيكون الأمر في تكوّن الطائر على هذا التقدير على غير مدارجه المقدّرة ، لا استيداعية منها ولا استقرارية . بل على معارجه الجعليّة ومرابطة المزاجيّة التوليديّة .
وأنت عرفت أن أمر التكوين والتوليد لا بدّ وأن يكون على الحكم المعتاد ، وهو أن يكون تولَّد كل فرد من أبويه النوعي - كما عرفت في قضية تمثّل جبرئيل في صورة البشر - فلا بدّ وأن يكون الاشتراك بتمام الحقيقة بين الوالدين وولده وبين المكوّن والمتكوّن .
وإذ لم يكن الاشتراك هاهنا بين عيسى وما تكوّن من نفخه إلا في معنى الجسميّة والإحساس - الذي هو حقيقة الحيوان - صرّح بذلك إفصاحا بما مهّد أولا ، وإشعارا بما ينبئ عن الوجه المحقّق ثانيا في قوله :
قال رضي الله عنه : ( فيكون طائرا من حيث صورته الجسميّة الحسيّة ) .
أمّا الأول فظاهر مما مرّ . وأما الثاني فلأن تكوّن الطير من حيث أنّه من عيسى محقّق ، ضرورة أنه ترتّب على نفخه بإذن الله ، فهو منه على طريق التحقيق ، كما أن إحياء الموتى على ما صرّح به من الحيثيّة المذكورة من عيسى على طريق التحقيق .
وإذا تقرّر هذا الموضع هكذا لدى المتفطَّن لا يخفى حينئذ عليه وهن ما قيل في توجيهه من أنّه : طير من حيث الجسميّة والحسّ ، لا بالحقيقة ، فإنّه لا حقيقة له وراء ذلك . فظهر أنّه الوجه المحقّق من الوجهين .
""أضاف المحقق: القائل الكاشاني وقد اعترض عليه القيصري أيضا حيث قال: « وفيه نظر لأن المخلوق الطير بالحقيقة لا صورة الطير ، وليس جعل الصورة مجردة عن روحه مما يعدّ من المعجزات ""
لا يقال : الكون والإحياء المحقّق إنما هو من الله ؟
لأنّا نقول : الكلام فيما نسب إلى عيسى : إنّ له وجهين تحقيقيّ وتوهّمي ، ( وكذلك ) جميع ما ينسب إليه من خوارق العادات له هذان الوجهان ، كقوله: ( " تُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ " [ 5 / 110 ] وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله ) مما يتعلَّق بالكون والوجود ( أو إذن الكناية ) وذلك فيما يتعلَّق بأحوال الوجود وأحكامه ، كما ( في مثل قوله : "وَتُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي " [ 5 / 110 ] و ) قوله : " فَأَنْفُخُ فِيه ِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله " [ 3 / 49 ] على طريقة اللفّ والنشر .
قال رضي الله عنه : (وإذا تعلَّق المجرور " بـ " ينفخ فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ، ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله . وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التكوّن للطائر طائرا بإذن الله ، فيكون العامل عند ذلك " يكون " ، فلو لا أنّ في الأمر توهّما )
كما في الثاني ( وتحقّقا ) كما في الأول ( ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسويّة تعطي ذلك).
ما ظهر من عيسى من جهة انتسابه إلى مريم ونفخ جبرئيل عليه السّلام
إنّ سائر ما يظهر من عيسى من جلائل الأحوال وكرائم الأخلاق كلَّها ، إمّا أن يكون محقّقا من جهة مريم - من الأوصاف العبديّة الخلقيّة - وإمّا مقدّرا من جهة جبرئيل وروحانيّته المعنويّة من الله من الأوصاف الإلهيّة
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : (فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله. )
قال رضي الله عنه : ( فكان إحياء عيسى عليه السلام للأموات إحياء محققا ) ، أي انتساب الإحياء إليه أمرا محققا ( من حيث ما ظهر ) ، أي من حيث ظهور ذلك الإحياء ( عن نفخه ) وترتبه عليه ( كما ظهر هو عن صورة اللّه وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه ) .
"" أضاف المحقق : وفي نسخة [ أمه ] بدل [ اللّه ] وهو ما اعتمدناه وأثبتناه في نسخة المتن في الأعلى .""
أي وكان انتساب الإحياء إليه بأنه منه أيضا متوهما ، فإن الإحياء بسبب التحقيق إنما هو منتسب إلى اللّه سبحانه ، لأن الفاعل الحقيقي والمؤثر في الوجود إنما هو اللّه سبحانه ، فانتسابه إلى عيسى يكون متوهما من ترتبه على نفخه صورة( وإنما كان ) الإحياء حقيقة ( للّه ) صادرا عنه.
وفي بعض النسخ : وإنما كان من اللّه وهو أظهر
قال رضي الله عنه : ( فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ». ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية. وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه )
قال رضي الله عنه : ( فجمع ) عيسى عليه السلام في الإحياء بين التحقيق والتوهم ( بحقيقته ) ، أي لأجل حقيقته (التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم ومن ماء محقق ) فكما كان للتحقيق والتوهم دخل في حقيقته فكذلك لهما دخل في الإحياء ( ينتسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ) وهو ظهوره عن نفخه .
قال رضي الله عنه : ( وبطريق التوهم من وجه ) وهو أن الفاعل الحقيقي إنما هو اللّه سبحانه ، فالإحياء بحسب الحقيقة له وليس لعيسى إلا المظهرية ( فقيل فيه ) ، أي في عيسى ( من طريق التحقيق ) نظرا إلى ترتب الإحياء على نفخه ("ويُحْيِ الْمَوْتى ") فأسند الإحياء إليه لا إلى اللّه سبحانه .
قال رضي الله عنه : ( وقيل فيه من طريق التوهم ) نظرا إلى أن المحيي في الحقيقة هو اللّه سبحانه ، وإسناد الإحياء إلى عيسى إنما هو على سبيل التوهم ( فتنفخ فيه ) ، أي فيما تخلقكَهَيْئَةِ الطَّيْرِ( فيكون طيرا بإذن اللّه ) ، أي كونه ذا حياة وطيران إنما هو بإذن اللّه ونفاذ أمره .
قال رضي الله عنه : (والعامل في المجرور ) على هذا المعنى قوله ( فيكون لا ) قوله ( تنفخ ويحتمل أن يكون العامل فيه ) ، أي في المجرور قوله : ( تنفخ ) ، فإن النفخ أيضا بإذن اللّه يجعل عين النافخ أولا بالقبض الأقدس مستعدا قابلا للتصرف ، وبتمكينه ثانيا بالقبض المقدس في الوجود العيني مع إلهام قلبي أو وحي نازل فيشر بكونه طائرا ذا حياة وطيران على نفخ عيسى فيكون من قبيل الوجه المحقق.
قال رضي الله عنه : ( فيكون ) حينئذ ما خلقه عيسىكَهَيْئَةِ الطَّيْرِ( طائرا ) من جهة نفخه وقوله : ( من حيث صورته الحسية الجسمية ) إشارة إلى أن النفخ لا يفيد إلا حياة الجسم المنفوخ فيه ، وأما خصوصية كونه طائرا لا من حيث الحقيقة وفيه نظر .
فإنه إذا تعلقت الحياة بالصورية الطيرية يكون طيرا بالحقيقة لا محالة .
وقيل : هو بيان المناسبة بين المكوّن الذي هو عيسى وبين المكوّن الذي هو الطير لا بد منها في التكوين كما في التوليد فيه بعد .
وقيل : معناه فيكون طائرا محققا صادرا من عيسى من حيث صورته المحققة الحسية الجسمية ، لأن الكلام في جهة التحقيق ( وكذلك يشتمل ) على جهة التحقيق والتوهم إبراء الأكمة والأبرص المنسوب إلى عيسى عليه السلام بالحقيقة في قوله تعالى : ("وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ" [ المائدة : 110 ] وجميع ما ينسب ) تارة ( إليه ) ، أي إلى عيسى عليه السلام من الأفعال الخارقة للعادات
قال رضي الله عنه : ( وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون». فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه : (و) تارة (إلى بإذن اللّه) ، أي الإذن المضاف إلى اللّه (أو إذن الكناية) ، أي الإذن المضاف إلى ضمير هو كناية عن اللّه ( في مثل قوله بإذني ) كما قال تعالى :" وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي " [ المائدة :110]
قال رضي الله عنه : (وفي مثل قوله : بإذن اللّه ) كما قال تعالى حكاية عنه :فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ،وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ[ آل عمران : 49 ] .
قال رضي الله عنه : ( فإذا تعلق المجرور بتنفخ فيكون النافخ مأذونا في النفخ ويكون ) ، أي يوجد ( الطير عن النافخ ) ، أي الذي ينفخ (بِإِذْنِ اللَّهِ) فيترتب وجود الطائر على نفخه الذي وقع بالإذن ويكون ترتبه عليه على وجه التحقيق ( وإذا ) تعلق المجرور بقوله فيكون ( كان النافخ نافخا لا عن الإذن فيكون التكوين ) ، أي التكوين ( للطائر ) بالإذن ( ويكون العامل ) في المجرور ( عند ذلك ) .
قوله رضي الله عنه : ( فيكون ) فنسبة التكوين إلى عيسى عليه السلام وترتبه على نفخه تكون على وجه التوهم ( فلو لا أن الأمر ) ، أي أمر عيسى بحسب أصل خلقته ( توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة ) الكلامية التي وقعت في بيان معجزاته ( هذين الوجهين ) ، أي وجهي التحقيق والتوهم ( بل لها ) ، أي لتلك الصورة الكلامية ( هذان الوجهان ، لأن النشأة العيسوية تعطى ذلك ) كما عرفت .
.
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السابعة الجزء الأولى .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة : - الجزء الأولىجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
قال رضي الله عنه : (وخرج عيسى من التّواضع إلى أن شرّع لأمّته أنيُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ [ التوبة : 29 ] وأنّ أحدهم إذا لطم في خدّه وضع الخدّ الآخر لمن لطمه ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه . هذا له من جهة أمّه إذ المرأة لها السّفل ، فلها التّواضع لأنّها تحت الرّجل حكما وحسّا . وما كان فيه من قوّة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبرئيل في صورة البشر فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر . ولو لم يأت جبرئيل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصريّة من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى عليه السّلام لا يحيي الموتى إلّا حين يتلبّس بتلك الصّورة ويظهر فيها . )
قال رضي الله عنه : (وخرج عيسى) عليه السلام فيه شبهان : شبه بأمه مريم عليها السلام وشبه بأبيه جبريل عليه السلام وهو البشر السوي وإن كان لا يسمى أباه ، لأن اجتماعه بمريم لا على وجه اجتماع الزوجين ، ولا كان حملها منه بإيلاج الذكر ، وإنما هو نفخ في الفم ، وهي عذراء بكر على ما هي عليه ، فكان عيسى عليه السلام (من التواضع) الذي في أخلاقه المرضية (إلى أن شرّع) بالبناء للمفعول .
أي شرع اللّه تعالى في ملتنا المحمدية (لأمته) عليه السلام وهم النصارى الزاعمون بقاء ملته وعدم نسخ أحكام التوراة والإنجيل ، فجاء في ملتنا المحمدية الناسخة لجميع الملل والأديان إبقاؤهم على ما يزعمون وإقرارهم على ما في دينهم بالجزية في أموالهم والخراج في أراضيهم حتى ينزل هو عليه السلام من السماء ، فيكذبهم فيما هم فيه ، ويلزمهم باتباع شريعتنا هذه المحمدية ، فيقتلهم أو ليسلموا والذي شرع أن يعطوا الجزية في أموالهم عن يد وهم صاغرون .
أي متذللون كما قال تعالى : " قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ "( 29 ) [ التوبة : 29 ] .
وهذا حكمهم في شريعتنا بسبب زعمهم البقاء على ملته واستقرارهم على متابعته ، فاقتضى تواضعه أن يكون من يزعم أنه متابع له قائما في هذه الذلة والصغار وبذل المال .
قال رضي الله عنه : (وأن أحدهم) ، أي الواحد منهم معطوف على أن شرع ، أي خرج من التواضع إلى أن الواحد منهم ، أي من أمته شرع له في ملتهم المنسوخة إذا لطم ، أي لطمه أحد من الناس (في خده وضع الخدّ الآخر لمن لطمه ، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه) ، أي في مقابلة فعله معه هذا الأمر له ، أي لعيسى عليه السلام من جهة شبه أمه مريم عليها السلام إذ ، أي لأن مطلق المرأة لها السفل من الرجل فلها التواضع خلقة لأنها تحت الرجل حيث خلقت منه فهي متواضعة له فأسفل مرتبتها حكما شرعيا . قال تعالى :" وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ "[ البقرة : 228 ] وقال عليه السلام : « أخروهن من حيث أخرهن اللّه » وحسا لنقصانها عنه عقلا كما ورد : أنهن أنقص عقلا ودينا تمكث إحداهن شطر عمرها من غير صلاة .
وقال تعالى :" الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ" [ النساء : 34 ] الآية .
(وما كان فيه) ، أي في عيسى عليه السلام (من قوة الإحياء) للموتى (والإبراء) للأكمه والأبرص (فمن جهة) شبه الملك النافخ في أمه حتى حملت به ووضعته لأنه متكوّن من (نفخ جبريل) عليه السلام حين جاء إلى مريم (في صورة البشر) السوي (فكان عيسى) عليه السلام لأجل ذلك يحيي الموتى بصورة البشر التي هو مخلوق عليها مشابهة لصورة البشر السوي التي جاء بها جبريل إلى مريم عليها السلام حين النفخ فيها ولو لم يأت جبريل عليه السلام إلى مريم عليها السلام في صورة البشر السوي ولكن أتى إليها في صورة أخرى غيرها من صورة الأكوان العنصرية .
أي المركبة من العناصر الأربعة التراب والماء والهواء والنار من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى عليه السلام لا يحيي الموتى وكذلك لا يبرئ الأكمه والأبرص إلا حتى يتلبس بتلك الصورة التي جاء بها جبريل إلى أمه عليها السلام ويظهر متمثلا فيها حتى يكون على صورة أبيه وطبيعته المقتضية لنفخ الروح والسر السبوحي .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
قال رضي الله عنه : ( وخرج عيسى عليه السلام من التواضع إلى أن شرّع ) بتشديد الراء ( لامته ) فسرى ذلك التواضع الحاصل لعيسى عليه السلام من جهة أمّه إلى ( أن يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) أي متذللون متواضعون جاعلون لأنفسهم حقيرا ذليلا منقادا .
قال رضي الله عنه : ( وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن يلطمه ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه هذا له ) أي هذا التواضع حاصل لعيسى عليه السلام ( من جهة أمّه إذ المرأة لها السفل ) في الحقيقة ( فلها التواضع في الصورة لأنها تحت الرجل حكما ) كما في قوله تعالىالرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ.
قال رضي الله عنه : ( وحسا ) كما في التصرف فما كان فيه وأمته من الضعف فهو من جهة أمّه ( وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبرائيل عليه السلام في صورة البشر فكان عيسى عليه السلام يحيي الموتى بصورة البشر ) من أجل ذلك .
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يأت جبرائيل عليه السلام في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى عليه السلام لا يحيي الموتى إلا حين يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها ).
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
قال رضي الله عنه : (وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه. هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا. وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر. ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
معناه ظاهر.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
قال رضي الله عنه : ( وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرّع لأمّته أن " يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ " وأنّ أحدهم إذا لطم في خدّه وضع الخدّ الآخر أن يلطمه ، ولا يرتفع عليه ، ولا يطلب القصاص منه ، هذا له من جهة أمّه ، إذ المرأة لها السفل ، فلها التواضع ، لأنّها تحت الرجل حكما وحسّا ) .
يعني رضي الله عنه : بقوله : « حكما » ما قال الله تعالى : " الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ
وقوله " لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ " و " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ " وغير ذلك .
قلت : وأمّا حسّا فظاهر .
قال رضي الله عنه : ( وما كان فيه من قوّة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبرئيل في صورة البشر فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر ، ولو لم يأت جبرئيل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد ، لكان عيسى عليه السّلام لا يحيي الموتى إلَّا حين يتلبّس بتلك الصورة )
يشير ضي الله عنه : فيما سردنا وأوردنا من نصّ الفصّ إلى أنّ الإحياء والإبراء من خصائص الأرواح ، لكونها جملة أسماء اللاهوت ، وإحياء عيسى لما أحياء من جهة جبرئيل الأمين ، فإنّ الحياة للأرواح ذاتية ، فإنّها أنفاس رحمانية ، وإحياء عيسى وغيره ممّن أحيا فمن الروح الأمين أو غيره ، فلا يكون الإحياء منه إلَّا إذا كان عيسى على تلك الصورة التي كان عليها جبرئيل حين تمثّل لإلقاء الكلمة إلى مريم .
وفيما ذكر رضي الله عنه : إشارة أيضا إلى أنّ جبرئيل سلطان العناصر ، وأنّ له أن يظهر في السماوات السبع وما تحتها من العنصريات والعناصر لأهلها بأيّ صورة شاء من صور العنصريات بحسب الموطن والمقام والمناسبة واستعداد من ظهر له ، وأنّ صورته الأصلية غير عنصرية ، بل طبيعية نورية ما بين الثامن والسابع ، وأنّه ليس له أن يخرج عن هذه الطبيعة التي هي له بالأصالة إلى ما فوقها إلَّا أن يشاء الله ، فهو لا يتعدّى سدرة المنتهى .
فلو كان تمثّل جبرئيل عند النفخ في صورة عنصر أو عنصرين ، لما كان الإحياء من عيسى إلَّا بعد ظهوره بتلك الصورة ، ولو كان جبرئيل إذ ذاك في صورته الأصلية الطبيعية النورية ،
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
قال رضي الله عنه : (وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن يلطمه ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه ، هذا له من جهة أمه إذ المرأة لها السفل فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا )
لما كان ماء المرأة محققا كان الغالب على أحواله الجسمانية الخصال الانفعالية واللين لما في الإناث من السفل حكما لقوله – " الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ " - وقوله – " لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ " - و – " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ " - وشهادة امرأتين بشهادة رجل واحد وحسا ظاهر.
قال رضي الله عنه : ( وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر فكان عيسى يحيى الموتى بصورة البشر ، ولو لم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد كان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها )
لما كان الإحياء والإبراء من خصائص الأرواح ، لأن الحياة لها ذاتية كانت له خاصية الإحياء من جهة جبريل ، فكان عيسى ينتسب إليه في تلك الخاصية على الصورة التي تمثل بها عند النفخ وإلقاء الكلمة إلى مريم ، لأنه عليه السلام نتيجة تلك الصورة ولهذا يغلب على الولد ما يغلب على الوالد من الأخلاق والهيئات النفسانية حين ينفصل عنه مادة الولد ، ولو أتى بصورة غير الصورة البشرية لما قدر عيسى على الإحياء إلا في تلك الصورة سواء كانت عنصرية عارضية مما له عليها حكم وسلطنة أو نورية طبيعية له .
"" أضاف بالي زادة : ( فكان يقال فيه ) حين تلبسه بالصورتين عند إحيائه الموتى ( هو ) من حيث تلبسه بالصورة البشرية ( لا هو ) من حيث تلبسه بالصورة النورية اهـ بالى . ""
ومعنى قوله : إذ لا يخرج عن طبيعته أنه لا يتجاوز عن صورته النورية الطبيعية إلى ما فوقه ، لأن التمثل بصورة ما تحت قهره وسلطنته في قوته ومنعته كما في صورة العنصريات ، وفيه إشارة إلى أن جبريل سلطان العناصر .
وعلى الأصل الذي قررناه فله أن يتمثل بصورة ما في حيز الفلك السابع وجميع ما تحته ، وليس في قوته أن يتمثل في صورة ما فوق السدرة .
هذا على ما ذكره الشيخ قدس سره : وعندي أن جبريل لو لم يتمثل بصورة البشر لم يتولد عيسى من ماء مريم ونفخه لعدم الجنسية بينه وبين مريم ، ولم تسر الشهوة فيها فضلا عن عدم قدرته على الإحياء في تلك الصورة ويعضد ما قلناه قوله : على تقدير تمثل جبريل عن إلقاء الكلمة إليها في الصورة النورية لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية مع الصورة البشرية من جهة أمه .
وذلك لأن النسبتين يجب كونهما محفوظين فيه عند فعله فكذا يجب حفظ النسبة بين أصليهما في تكونه ، ولو كان عيسى عند الإحياء متمثلا في الصورة النورية الجبريلية مع الصورة البشرية لما في سنخه لكان متحولا عن الطينة البشرية إلى الجوهر النوري ، ولكان يقال فيه إنه عيسى بحسب الهيئة البشرية ليس بعيسى بحسب الجوهر النوري ، فتقع فيه الحيرة من الناظرين ولم تتحقق فائدة الإعجاز
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
قال رضي الله عنه : (وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن " يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " ، وأن أحدهم إذا لطم في خده ، وضع الخد الآخر لمن يلطمه ، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه . هذا له من جهة أمه ، إذ المرأة لها السفل ، فلها التواضع ، لأنها تحت الرجل حكما وحسا.)
إنما قال : ( شرع لأمته ) على صيغة الماضي ، والمشرع لها رسول الله ، عليه السلام ، لأنه حين نزوله من السماء لا بد أن يقرر أمر الجزية ، كما شرع عليهم رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، فهو بمعنى المضارع .
ومثله قوله تعالى : ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ) . أي ، ينادى في الآخرة . وذلك لأن ما هو ثابت في علم الله لا بد أن يكون ، فهو بمنزلة ما كان وتحقق .
وفيه سر آخر يظهر لمن عرف أحوال الكمل ودرجاتهم . والمراد أنه لما كان عيسى ، عليه السلام ، من ماء مريم ، وهي الجهة المتحققة في أصل خلقته ، خرج في غاية التواضع إلى أن يشرع لأمته ، أي ، تقرر حكم الشريعة المحمدية لأمته عند نزوله أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون متواضعون جاعلون لأنفسهم حقيرا منقادا ، كما قرر لأمته أنه إذا لطم أحدهم في خده ، يدير الخد الآخر ليلطمه ، و لا يطلب الارتفاع على اللاطم ولا القصاص منه ، لأن المرأة تحت الرجل ( حكما ) .
كما قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء وللرجال عليهن درجة وللذكر مثل حظ الأنثيين ) . و ( حسا ) كما يتصرف الرجل فيها تصرف الملاك في أملاكهم ، فسرى أحكامها في ابنها وأمته
قال رضي الله عنه : ( وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء، فمن جهة نفخ جبرئيل في صورة البشر، فكان عيسى يحيى الموتى بصورة البشر . ).
أي ، قوة الإحياء والإبراء التي كانت في عيسى ، عليه السلام ، هي مستفاد من نفخ جبرئيل في مريم ، عليها سلام الله ، حين تمثل في صورة البشر ، كما استفاد التواضع من مريم ، فإن الهيئات الغالبة على نفوس الوالدين حال اجتماعهما مؤثرة في نفس الولد وسارية فيها .
فكذلك ظهر عيسى بحيث يحيى الموتى وتبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ، كما ظهر
من جهة أمه متواضعا .
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يأت جبرئيل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية ، من حيوان أو نبات أو جماد ، لكان عيسى ، عليه السلام ، لا يحيى الموتى إلا حين يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها . )
أي ، ولو أتى جبرئيل على صورة غير الصور الإنسانية ، لكان عيسى يظهر بتلك الصورة ، إذ الولد أكثر مشابهة لوالده من غيره .
أو حين الإحياء ، كما يظهر بتلك الصورة ، ليؤثر ويتصرف في غيره ، لأن للصورة أيضا مدخلا في العلية . لذلك يخلق من نطفة الإنسان من هو على صورته ، ومن نطفة الحمار ما هو على صورته . فيتحفظ صور الأنواع بمراعاة الصور .
.
يتبع
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة : - الجزء الثانيخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
قال رضي الله عنه : (وخرج عيسى من التّواضع إلى أن شرّع لأمّته أنيُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ [ التوبة : 29 ] ، وأنّ أحدهم إذا لطم في خدّه وضع الخدّ الآخر لمن لطمه ، ولا يرتفع عليه ، ولا يطلب القصاص منه ، هذا له من جهة أمّه إذ المرأة لها السّفل ، فلها التّواضع لأنّها تحت الرّجل حكما وحسّا ، وما كان فيه من قوّة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبرائيل في صورة البشر ، فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر . ولو لم يأت جبرائيل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصريّة من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى عليه السّلام لا يحيي الموتى إلّا حين يتلبّس بتلك الصّورة ويظهر فيها ،)
ثم أشار إلى أن ظهور التكوين كيف يكون في الواقع من مظهره ، وقد ذكرنا أن ظهوره من أمه ، ومقتضى ذلك العجز ، ومقتضى هذه الأفعال كمال القدرة ، بل عام منشأ هذا الإظهار ظهوره عن صورة جبريل ؛ فقال : ( وخرج عيسى عليه السّلام من التواضع ) جدّا ( إلى أن أشرع لأمته ) إذا عجزوا عن إقامة دينهم قبل نسخه إلا بالقتال أو إعطاء الجزية ( أنيُعْطُوا الْجِزْيَةَ [ التوبة : 29 ] ) .
وإن قدروا على القتال بلا ذلة وصغار"عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ" [ التوبة : 29 ] ، وإلى أن شرع لهم ( أن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن يلطمه ، ولا يرتفع عليه ) بابا فضلا عن طلب الجزاء ، وشرع لهم ( ألا يطلب أحدهم القصاص منه ) أي : من قاتل مورثه ( هذا ) الذي شرع لأمته ثابت ( له ) أولا ( من جهة أمه ) ، وإنما شرع لأتباعه لاكتسابهم استعداد ذلك بمتابعته ، فأنى يكون له من هذه الجهة قوة الإحياء والإبراء .
قال رضي الله عنه : ( إذ المرأة لها ) بالطبع ( السّفل ) الموجب للعجز والتذلل ؛ ( لأنها تحت الرجل حكما ) أي : في الحكم الشرعي ، إذ له الولاية عليها شرعا ( وحسّا ) ؛ لافتقادها إليه في تحصيل المصالح ودفع المضار ، وعلى هذا ( ما كان فيه من قوة ) إظهار ( الإحياء ) أي :
إحياء الطير والموتى ، ( والإبراء ) أي : قوة إظهار وإبراء الأكمه والأبرص الكائنين عن نفخه
ونفسه ، ( فمن جهة نفخ جبريل ) روحه ، وإن كان من اللّه ، فإنما يناسب تكوين ذلك لا ظهوره ، لكن نسبة التكوين إليه أمر متوهم نعم حصول قوة الإحياء له من غير نظر إلى تكوينه أو ظهوره يناسب كونه من اللّه ، وهو المراد بما سبق ، وكان مقتضى هذا أن يكون عند إظهار الإحياء والإبراء على أي صورة تلبس بها جبريل من غير اختصاص بالصورة البشرية إلا أنه اختص بها .
لأن جبريل كان عند النفخ ( في صورة البشر ، فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر ) ؛ لأن نفخه ونفسه صريح نفخ جبريل ، وهذه الصورة ، وإن كانت له باعتبار التخيل والتوهم ؛ فهذا القدر كاف في التأثير المذكور ، وإن كانت لم تتم باعتبار التحقيق ، فليس لها باعتبار كونها امرأة بل لها من حيث كونها إنسانا دلائل منها العجز والذلة من هذه الجهة .
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة ) غيرها ، فلو أتى في صورة ( الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد ) أشار باستيفاء هذه الصور إلى أن نفخه لم يكن باعتبار الصورة ، إذ لا يأتي من الجماد والنبات ، بل من الجهة الملكية إلا أنه خص بالصورة البشرية لهذه النكتة التي هو بضدها .
أعني قوله : ( لكان عيسى عليه السّلام لا يحيي الموتى ) ، ولا يبرئ الأكمه والأبرص ( إلا حين يتلبس بتلك الصورة في نفسه ويظهر فيها ) لعين غيره اعتبرهما جميعا ؛ ليخالف ظهور العبد بصورة غير في نظر العين من غير تلبس بها ، لكنه يلزم بهذا التلبس اجتماع صورتين مختلفتين فيه .
إذ ظهوره بصورة البشر من جهة أمه ، وهو أمر محقق لا يمكن زواله بالأمر المتوهم الذي هو تصور جبريل بصورة البشر.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
ما ظهر من عيسى من جهة انتسابه إلى مريم ونفخ جبرئيل عليه السّلام
إنّ سائر ما يظهر من عيسى من جلائل الأحوال وكرائم الأخلاق كلَّها ، إمّا أن يكون محقّقا من جهة مريم - من الأوصاف العبديّة الخلقيّة - وإمّا مقدّرا من جهة جبرئيل وروحانيّته المعنويّة من الله من الأوصاف الإلهيّة ( و ) من ذلك أنه :
قال رضي الله عنه : ( خرج عيسى من التواضع ، إلى أن شرع لامّته أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ،وأنّ أحدهم إذا لطم في خدّه وضع الخدّ الآخر لمن لطمه )
أي لا يكون في صدد الانتقام .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا يرتفع عليه ، ولا يطلب القصاص منه - هذا له من جهة امّه ، إذ المرأة لها السفل ، فلها التواضع ، لأنها تحت الرجل حكما).
أي من حيث المرتبة والشرف ، ولذلك ترى نصيبه ضعف نصيبها في قوله : " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ " [ 4 / 11 ] وشهادة اثنين منها بشهادة واحد منه ، ( وحسّا ) أي من حيث الوجود واقتضاء أصل الطبيعة ، ووضع الجزية صورة التحتيّة الحكميّة ، كما أنّ احتمال اللطم صورة التحتيّة الحسّية ، هذا ما له من جهة امّه .
وفيه تلويح أنّ الأوضاع المشروعة لامّته ما له من جهة امّه .
قال رضي الله عنه : (وما كان فيه من قوّة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبرئيل عليه السّلام في صورة البشر ) . وأنت عرفت أن من شأن الحكم الإلهي واقتضاء الوجوب ظهور الأثر بصورة مؤثّره ، وتكوّن الولد على هيئة والده ، ولذلك لما أتى جبرئيل عند النفخ بصورة البشر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر ، ولو لم يأت جبرئيل بصورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصريّة - من حيوان أو نبات أو جماد - لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حين يتلبّس بتلك الصورة ويظهر فيها ،) لا الطبيعة.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. ).
قال رضي الله عنه : (وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه. هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.)
قال رضي الله عنه : ( وخرج عيسى ) ، أي ظهر ( من التواضع إلى أن شرع ) على بناء الفاعل ، أي شرع عيسى ( لأمته أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) متواضعون عاجلون لأنفسهم حقيرا منقادا ( وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر ) وأداره ( لمن يطلمه ) ، أي لا يكون بصدد الانتقام ( ولا يرتفع عليه ) ، أي على اللاطم ( ولا يطلب القصاص منه هذا له من جهة أمه إذ المرأة لها السفل فلها التواضع ) .
وإنما قلنا : المرأة لها السفل ( لأنها تحت الرجل حكما ) ، أي أدون منه في الأحكام الشرعية وغيرها ولذلك ترى جعل نصيبه ضعف نصيبها في قوله :"لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ"[ البقرة : 11 ] وشهادة اثنين منها بشهادة واحد منه ( وحسا ) ، وهو ظاهر
قال رضي الله عنه : (وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر. فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر. ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها. )
قال رضي الله عنه : ( وما كان فيه )، أي في عيسى ( من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل ) عليه السلام حال كونه متمثلا ( في صورة البشر فكان عيسى عليه السلام يحيي الموتى ) حين تلبسه ( بصورة البشر ولو لم يأت جبريل ) حين النفخ في مريم ( في صورة البشر وأتى في صورة غيرهما من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حين يتلبس بتلك الصورة ) .
أي تمثل تلك الصورة التي أتى فيها جبريل ( ويظهر فيها ) ولكن مع الصورة البشرية من جهة أمه فتلبس عيسى بتلك الصورة إنما يجب بقدر ما يمكن أن يجتمع مع الصورة البشرية .
وذلك لأن ظهور خواص الوالدين وأحكامهما في الولد إنما هو بحسب تكونه على صورتهما ، أي أن البغل المتولد من الفرس والحمار إنما تجري عليه أحكام الفرس من حسن الجري وشدة العدو ولما فيه من الصورة الفرسية .
وكذلك خواص الحمار توجد فيه لما فيه من صورة الحمارية.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 16 ديسمبر 2019 - 13:37 عدل 1 مرات
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثامنة الجزء الأولى .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة : - الجزء الأولىجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : ( ولو أتى جبرئيل بصورته النّوريّة الخارجة عن العناصر والأركان - إذ لا يخرج عن طبيعته - لكان عيسى لا يحيي الموتى إلّا حين يظهر في تلك الصّورة الطبيعيّة النّوريّة لا العنصريّة مع الصّورة البشريّة من جهة أمّه فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو . وتقع الحيرة في النّظر إليه كما وقعت في العاقل عند النّظر الفكريّ إذا رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى ، وهو من الخصائص الإلهيّة ، إحياء النّطق لا إحياء الحيوان بقي النّاظر حائرا ، إذ يرى الصّورة بشرا بالأثر الإلهي . فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، وأنّه هو اللّه بما أحيا به الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو السّتر لأنّهم ستروا اللّه الّذي أحيا الموتى بصورة بشريّة عيسى) .
فقال تعالى :" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " [ المائدة : 17 ] فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كلّه لا بقولهم هو اللّه ولا بقولهم ابن مريم .
ولو أتى جبريل إلى مريم عليها السلام بصورته النورية التي خلقه اللّه تعالى عليها الخارجة عن العناصر الأربعة والأركان التي لا بد لكل مولد من المركبات الجسمانية أن يكون مستمدا منها إذ ، أي لأنه يعني جبريل عليه السلام لا يخرج عن طبيعته التي هو مركب الصورة منها .
وهي منقسمة إلى أربعة أقسام نظير العناصر الأربعة والأركان الأربعة ، وهي :
1 - الحرارة
2 - والبرودة
3 - والرطوبة
4 - واليبوسة .
وأرواح الملائكة العلوية عليهم السلام منفوخة في صور جسمانية لطيفة طبيعية مركبة من هذه الطبائع الأربع المذكورة من العناصر (لكان عيسى) عليه السلام (لا يحيي الموتى) ولا يبرئ الأكمه والأبرص ولا يخلق الطير من الطين أيضا (إلا حين "حتى" يظهر في تلك الصورة) الملكية الجبريلية (الطبيعة النورية لا العنصرية مع) ظهوره أيضا في الصورة البشرية الإنسانية العنصرية من جهة أمه مريم عليها السلام .
لأنه متولد عن هاتين الصورتين حينئذ الصورة الطبيعية الملكية والصورة العنصرية الإنسانية (فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى) وإبراء الأكمه والأبرص حيث يظهر في الصورتين معا فيكون ملكا بشرا (هو) .
أي عيسى عليه السلام من حيث الصورة البشرية ، لأنه بشر ابن مريم عليها السلام (لا هو) عيسى عليه السلام ، لأنه في الصورة الطبيعية الملكية ، لأنه ملك من نفخ جبريل عليه السلام .
(وتقع الحيرة) حينئذ عند العقلاء (في النظر إليه) ، لأنهم يرون بشرا يفعل فعل ملك فيقولون بشر للصورة ، ويقولون ملك للفعل ، كما قالت النسوة المفتتنات بيوسف عليه السلام عنه من فرط حسنه وجماله .
وحكى تعالى ذلك حيث قال : " فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ " [ يوسف : 31 ] .
(كما وقعت) ، أي الحيرة (في) الإنسان (العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا )، أي من البشر يحيي الموتى وهو ، أي إحياء الموتى من جملة الخصائص الإلهية إحياء النطق الإنساني ، لأنه أبلغ لكمال الحيوان الناطق لا إحياء مطلق الحيوان من غير نطق كإحياء أبي يزيد رضي اللّه عنه النملة .
وإحياء شيخنا الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي اللّه عنه الهرة وكان اسمها لؤلؤة ، وقد ماتت وألقيت على المزبلة فناداها لؤلؤة ، فجاءت مسرعة إليه .
والملا عبد الرحمن الجامي قدس اللّه سره أحيا الدجاجة التي وضعها السلطان مطبوخة قدامه وهي ميتة لا مذبوحة امتحانا له ، فصفق بيديه حتى قامت من الصحن مسرعة .
ومثل هذا الأمر لا يوقع حيرة بل كرامة عند الناظرين ، وإنما الحيرة في إحياء إنسان ، فإنه إذا صار من أحد.
قال رضي الله عنه : (بقي الناظر) إلى ذلك (حائرا) فيه إذ يرى الصورة من ذلك الشخص الذي صدر منه إحياء الميت بشرا وهو مع ذلك ظاهر (بالأثر الإلهي) " والأثر إلهيا " .
الذي هو مخصوص به سبحانه وهو إحياء الموتى فأدى ، أي أوصل هذا الأمر بعضهم ، أي بعض العقلاء فيه ، أي في حق ذلك الشخص الذي أحيا الميت (إلى القول بالحلول) أي حلول اللّه تعالى المخصوص بإحياء الموتى في ذلك الشخص .
كما قالته طائفة من النصارى في عيسى عليه السلام وفي رهابينهم وقسيسهم .
وتبعتهم الرافضية في علي وأولاده رضي اللّه عنهم .
والدروز والتيامنة والنصيرية في الحاكم بأمر اللّه وفي عقلائهم ، والباطنية في كل شيء ، وهو كفر صريح كما أوضحوا رده في علم الكلام .
وقد رميت به المحققون من أهل اللّه تعالى عند من لا خلاق له من جهلة العلماء الذين لا يعرفون اصطلاح الشرع في الكتاب والسنة .
ويعدلون عنه إلى اصطلاح آخر درج عليه أهل الكلام وأدى ذلك أيضا بعضهم وهم طائفة من النصارى أيضا إلى القول في عيسى عليه السلام أنه هو اللّه تعالى بما أحيا به من الموت وذلك مخصوص باللّه تعالى لا يقدر عليه غيره سبحانه ولذلك ، أي لأجل ما صدر منهم من القول المذكور نسبوا في شرعنا المحمدي إلى الكفر كما يأتي .
وهو ، أي الكفر معناه الستر لأنهم ، أي القائلين بذلك ستروا اللّه تعالى الذي أحيا الموتى وهو متجل عند الناظرين بصورة بشرية عيسى عليه السلام كما هو متجل بصورة روحانية عنده فقال اللّه تعالى :" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " [ المائدة : 17 ] .
وهم النصارى قالوا ذلك من جهلهم بما الأمر عليه في نفسه فجمعوا بين الخطأ بترك ما هو الصواب والكفر في الدين في تمام الكلام الذي قالوه كله وهو قولهم :إ" ِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " ، لا جمعوا بين الخطأ والكفر بقولهم : "هُوَ، أي عيسى عليه السلام اللَّهَ من حيث إنه تعالى متجل بالصورة العيسوية بسبب أنه قيوم عليها إلا أنها مخلوقة له لا بالحلول ولا الاتحاد ولا الانحلال .
واللّه تعالى يتجلى في أي صورة شاء في الدنيا والآخرة من غير أن يتغير عن إطلاقه الحقيقي وتنزيهه الذاتي عن مشابهة كل شيء لما ظهر لموسى عليه السلام في صورة النار والشجر "فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى( 11 ) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ " [ طه : 11 - 12 ] .
وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : « رأيت ربي في أحسن صورة » . رواه الدارمي والطبري
وقال صلى الله عليه وسلم : " ويتحوّل يوم القيامة في الصور لأهل المحشر " .
كما ورد في حديث مسلم ولا بقولهم أيضا هُوَعيسى عليه السلام ابْنُ مَرْيَمَ، لأنه ابن مريم من غير شبهة .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : (ولو أتى جبرائيل عليه السلام بصورته النورية الخارجية عن العناصر ) والسماوات فإن كلها عنصرية .
قال رضي الله عنه : ( والأركان إذ ) أي حيث ( لا يخرج عن ) صورة ( طبيعية ) النورية ( لكان عيسى عليه السلام لا يحيي الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمّه فكان يقال فيه ) أي في حق عيسى عليه السلام حين تلبسه بالصورتين ( عند إحيائه الموتى هو ) من حيث تلبسه بالصورة البشرية ( لا هو ) من حيث تلبسه بالصورة النورية .
قال رضي الله عنه : ( وتقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا سويا من البشر يحيي الموتى وهو ) أي إحياء الموتى ( من الخصائص الإلهية إحياء النطق ) أي يحيي الإنسان الميت ناطقا لعيسى عليه السلام مجيبا لدعوته فكان الأحياء مع النطق .
قال رضي الله عنه : ( لا احياء الحيوان ) أي لا الإحياء الذي يتحرك الميت ويقوم من قبره بدون النطق إذ لو كان كذلك لم يكن معجزة فلما أحيى سام فقام وشهد نبوته ثم رجع إلى أول حاله تحيروا فيه فاختلفوا على حسب مظهر نظرهم ( بقي الناظر حائرا إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي فأدّى ) نظر ( بعضهم فيه ) أي في حق عيسى عليه السلام ( إلى القول بالحلول ) .
يعني قال بعضهم من النصارى أن اللّه تعالى حل عيسى عليه السلام فأحيا الموتى ( وأنه ) أي وبعد قولهم بالحلول قال ذلك البعض أن عيسى ( هو اللّه بما ) أي بسبب الذي ( أحيا به الموتى ) وهو قوله : قمبِإِذْنِ اللَّهِ ( ولذلك ) أي ولأجل أن بعضهم قالوا إن اللّه حل في صورة عيسى عليه السلام وأن عيسى عليه السلام هو اللّه ( نسبوا إلى الكفر وهو الستر لأنهم ستروا اللّه الذي أحيا الموتى ) قوله ( بصورة بشرية ) تنازع فيه ستروا وأحيا فأيهما عمل حذف مفعول الآخر ( عيسى ) عليه السلام بيان لصورة بشرية .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه. فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
معناه ظاهر.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : (ولو أتى جبرئيل في صورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان - إذ لا يخرج عن طبيعته - لكان عيسى لا يحيي الموتى إلَّا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمّه ، فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى : « هو لا هو » وتقع الحيرة في النظر إليه ) .
يشير ضي الله عنه : فيما سردنا وأوردنا من نصّ الفصّ إلى أنّ الإحياء والإبراء من خصائص الأرواح ، لكونها جملة أسماء اللاهوت ، وإحياء عيسى لما أحياء من جهة جبرئيل الأمين ، فإنّ الحياة للأرواح ذاتية ، فإنّها أنفاس رحمانية ، وإحياء عيسى وغيره ممّن أحيا فمن الروح الأمين أو غيره ، فلا يكون الإحياء منه إلَّا إذا كان عيسى على تلك الصورة التي كان عليها جبرئيل حين تمثّل لإلقاء الكلمة إلى مريم .
وفيما ذكر رضي الله عنه : إشارة أيضا إلى أنّ جبرئيل سلطان العناصر ، وأنّ له أن يظهر في السماوات السبع وما تحتها من العنصريات والعناصر لأهلها بأيّ صورة شاء من صور العنصريات بحسب الموطن والمقام والمناسبة واستعداد من ظهر له ، وأنّ صورته الأصلية غير عنصرية ، بل طبيعية نورية ما بين الثامن والسابع ، وأنّه ليس له أن يخرج عن هذه الطبيعة التي هي له بالأصالة إلى ما فوقها إلَّا أن يشاء الله ، فهو لا يتعدّى سدرة المنتهى .
فلو كان تمثّل جبرئيل عند النفخ في صورة عنصر أو عنصرين ، لما كان الإحياء من عيسى إلَّا بعد ظهوره بتلك الصورة ، ولو كان جبرئيل إذ ذاك في صورته الأصلية الطبيعية النورية ، لكان الحكم كالحكم في الواقع ، فلم يكن يحيي عيسى إلَّا إذا ظهر في صورة جبرئيل الأصلية مع جمعه بين ذلك وبين صورته البشرية من جهة أمّه ، إذ لا يخرج على كل حال عن صورته الأصلية وطبيعته ، فلا بدّ له من الظهور بصورة أصله من جهة جبرئيل ومن جهة أمّه ، حتى لا يخرج بالكلَّية عن طبيعته وصورته الإنسانية .
فيقال فيه :
« هو لا هو » وفات المراد المطلوب وهو إحياؤه وإبراؤه في صورة بشرية ، وإلَّا لكان إحياء عيسى على ذلك التقدير في تلك الصورة الجبرئيلية مع الصورة البشرية ، فيراه الرائي متحوّلا من صورته العيسوية إلى صورته الجبرئيلية ووقعت الحيرة .
قال رضي الله عنه : ( كما وقعت في العاقل عند النظر الفكريّ ، إذا رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى - وهو من الخصائص الإلهية - إحياء النطق لا إحياء الحيوان ، بقي الناظر حائرا ، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر إلهيا ) .
يعني رضي الله عنه : كان يحيي بالنطق ، فيقول : قم حيّا بالله أو بإذن الله أو باسم الله ، فتخرج الموتى بالنطق والدعاء ، فتجيبه فيما كلَّمها به نطقا ، لا إحياء الحيوان الذي يبقى حيّا عمرا على ما نقل في قصّة أنّه أحيا بنطقه سام بن نوح عليه السّلام فشهد بنبوّته ، ثمّ ترجّع على حالته .
قال رضي الله عنه : ( فأدّى بعضهم فيه) أي عند إحيائه الموتى
( إلى القول بالحلول ) يعني نسبوا الإحياء إلى الله حال حلوله في صورة عيسى
( وأنّه هو الله بما أحيا به الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو الستر ، لأنّهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى ).
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : (ولو أتى جبريل بالصور النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو ، وتقع الحيرة في النظر إليه ) .
لما كان الإحياء والإبراء من خصائص الأرواح ، لأن الحياة لها ذاتية كانت له خاصية الإحياء من جهة جبريل ، فكان عيسى ينتسب إليه في تلك الخاصية على الصورة التي تمثل بها عند النفخ وإلقاء الكلمة إلى مريم ، لأنه عليه السلام نتيجة تلك الصورة ولهذا يغلب على الولد ما يغلب على الوالد من الأخلاق والهيئات النفسانية حين ينفصل عنه مادة الولد ، ولو أتى بصورة غير الصورة البشرية لما قدر عيسى على الإحياء إلا في تلك الصورة سواء كانت عنصرية عارضية مما له عليها حكم وسلطنة أو نورية طبيعية له .
"" أضاف بالي زادة : ( فكان يقال فيه ) حين تلبسه بالصورتين عند إحيائه الموتى ( هو ) من حيث تلبسه بالصورة البشرية ( لا هو ) من حيث تلبسه بالصورة النورية اهـ بالى . ""
ومعنى قوله رضي الله عنه : إذ لا يخرج عن طبيعته أنه لا يتجاوز عن صورته النورية الطبيعية إلى ما فوقه ، لأن التمثل بصورة ما تحت قهره وسلطنته في قوته ومنعته كما في صورة العنصريات ، وفيه إشارة إلى أن جبريل سلطان العناصر .
وعلى الأصل الذي قررناه فله أن يتمثل بصورة ما في حيز الفلك السابع وجميع ما تحته ، وليس في قوته أن يتمثل في صورة ما فوق السدرة .
هذا على ما ذكره الشيخ قدس سره : وعندي أن جبريل لو لم يتمثل بصورة البشر لم يتولد عيسى من ماء مريم ونفخه لعدم الجنسية بينه وبين مريم ، ولم تسر الشهوة فيها فضلا عن عدم قدرته على الإحياء في تلك الصورة ويعضد ما قلناه قوله : على تقدير تمثل جبريل عن إلقاء الكلمة إليها في الصورة النورية لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية مع الصورة البشرية من جهة أمه .
وذلك لأن النسبتين يجب كونهما محفوظين فيه عند فعله فكذا يجب حفظ النسبة بين أصليهما في تكونه ، ولو كان عيسى عند الإحياء متمثلا في الصورة النورية الجبريلية مع الصورة البشرية لما في سنخه لكان متحولا عن الطينة البشرية إلى الجوهر النوري ، ولكان يقال فيه إنه عيسى بحسب الهيئة البشرية ليس بعيسى بحسب الجوهر النوري ، فتقع فيه الحيرة من الناظرين ولم تتحقق فائدة الإعجاز
قال رضي الله عنه : ( كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا يحيى الموتى ، وهو من الخصائص الإلهية إحياء النطق لا إحياء الحيوان ، بقي الناظر حائرا إذ يرى الصورة بشرا للأثر الإلهي ).
أي لكانت الحيرة واقعة في أنه عيسى أوليس عيسى كما وقعت ، مع كونه غير متحرك لا في صورته ولا في طينته من العقلاء بحسب النظر الفكري ، حين رأوا شخصا بشريا لا شك فيه صدر عنه خاصية إلهية هي إحياء الموتى إحياء النطق والدعاء ، يعنى إحياء بالنطق والدعاء ، فكان يقول : قم حيا بإذن الله أو باسم الله أو باللَّه ، فيحيا ويجيبه فيما كلمه به ويقول لبيك إذا دعاه ، لا إحياء الحيوان الذي يمشى ويأكل ويبقى حيا مدة على ما روى في قصته أنه أحيا بنطقه سام بن نوح فشهد بنبوته ثم رجع إلى حالته ، فبقوا حائرين فيه كيف تصدر الآثار الإلهية من البشر
"" أضاف بالي زادة : قوله ( وهو ) أي إحياء الموتى ( من الخصائص الإلهية إحياء النطق ) أي يحيى الإنسان الميت ناطقا كعيسى مجيبا لدعوته فكان الإحياء إحياء مع النطق ( لا إحياء الحيوان ) أي لا الإحياء الذي يتحرك ويقوم بدون النطق ، إذ لو كان كذلك لم يكن معجزة ، فلما أحيا سام فقام وشهد بنبوته عليه السلام ثم رجع إلى أول حاله تحيروا فيه فاختلفوا على حسب نظرهم بقي الناظر حائرا اهـ بالى"" .
قال رضي الله عنه : ( فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول وأنه هو الله بما أحيا به من الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو الستر ، لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى )
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : ( ولو أتى جبرئيل بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان - إذ لا يخرج عن طبيعته - لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية ، لا العنصرية . )
أي ، لو ظهر جبرئيل بصورته النورية التي له في السدرة الخارجة عن طبيعة السماوات والعناصر - فإن كلها عنصرية - لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين تظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية ، لأن تلك الصورة أيضا جزء للعلة ، وهي له طبيعية ، والشئ لا يخرج عن طبيعته بمجرد تنزله إلى مرتبه ما هو تحته . ففي الكلام تقديم وتأخير .
هذا على أن ( إذ ) للتعليل . ويجوز أن يكون بمعنى ( حين ) ، فيكون إذ لا يخرج في موضعه . ومعناه
حينئذ : لو أتى جبرئيل بصورته النورية حين لا يخرج عن طبيعته النورية ولا يتمثل بالصورة العنصرية ، لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة .
قال رضي الله عنه : (مع الصورة البشرية من جهة أمه ، فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى : هو لا هو . )
أي ، كان يظهر عيسى حين الإحياء في الصورة الطبيعية النورية مع الصورة البشرية المستفادة من جهة أمه ، فكان يقال فيه حينئذ : بشر وليس ببشر . كما قال الناظرون في يوسف ، عليه السلام : ( ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ) . لغلبة النورية عليه .
قال رضي الله عنه : ( ويقع الحيرة في النظر إليه ، كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيى الموتى ، وهو من الخصائص الإلهية إحياء النطق لا إحياء الحيوان ، بقي الناظر حائرا . إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي . )
( الباء ) في قوله : ( بالأثر ) باء الملابسة . أي ، ملتبسا بالأثر الإلهي . ومعناه : أنه لو كان
كذلك ، لوقع الناظر إليه في الحيرة ، كما تحير أرباب العقل عند النظر الفكري في
حاله . لأنهم رأوا شخصا بشريا بالصورة أحيا الموتى بقوله : ( قم بإذن الله ) . أو :
قم باسم الله .
قال رضي الله عنه : ( إحياء النطق ) أي ، إحياء للميت الناطق مع نطقه ، فقام الميت ناطقا ملبيا مجيبا لدعوته . لا إحياء كحياة الحيوان حتى يتحرك الميت في قبره ، أو يقوم منه ويمشي بحيث يعلم أنه حي مجردا عن النطق ، إذ لو كان كذلك ، لنسبوه إلى السيميا من النيرنجات والطلسمات وغيرهما .
فلما قام ونطق - كما جاء في قصته أنه أحيا سام بن نوح : فقام وشهد بنبوته ، ثم رجع على ما كان تحيروا في إحيائه ، لأنه من الخصائص الإلهية .
قال رضي الله عنه : ( فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، وأنه هو الله بما أحيا به الموتى . ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو الستر ، لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى ، عليه السلام . )
أي ، فأدى نظر بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، فقالوا : إن الله حل في صورة عيسى ، فأحيى الموتى . وقال بعضهم : إن المسيح هو الله . ولما ستروا الله بالصورة العيسوية المقيدة فقط ، نسبوا إلى الكفر .
.
يتبع
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة : - الجزء الثانيخصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : ( ولو أتى جبرائيل بصورته النّوريّة الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلّا حين يظهر في تلك الصّورة الطّبيعيّة النّوريّة لا العنصريّة مع الصّورة البشريّة من جهة أمّه . فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو ، وتقع الحيرة في النّظر إليه كما وقعت في العاقل عند النّظر الفكريّ إذا رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى ، وهو من الخصائص الإلهيّة ، إحياء النّطق لا إحياء الحيوان بقي النّاظر حائرا ، إذ يرى الصّورة بشرا بالأثر الإلهي ).
قال رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل بصورته النورية ) ، وتسمى صورة وإن لم تكن شكلا ولا صورة جسمية ولا نوعية لما في ذلك من تقيد مطلق الطبيعة النورية بقيد خاص ؛ ليقيد الجسم بشكل خاص أو جسمية أو نوعية ، فغاية ذلك أنه يقيد بالصورة ( الخارجة عن ) صور ( العناصر والأركان ) ، لكنها صورة طبيعية نورية .
قال رضي الله عنه : ( إذ لا يخرج عن طبيعته ) النورية ، وإن تقيدت هذه الطبيعة ، فليست ظلمانية مخرجة له عما كان عليه بخلاف الصورة الجسمانية والنوعية والشكل ، فإنها ظلمانية مخرجة للأصل عن طبيعته التي تكون عليها لو فرض مجردا عنها ، فيبقى جبريل في هذه الصورة على تجرده بخلاف الأجسام ، ( لكان عيسى عليه السّلام لا يحيي الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية ) لم يذكر التلبس هاهنا ؛ لامتناع أن يتلبس العنصري بصورة نورية من حيث هو عنصري ، وإن جاز أن يظهر بذلك بغلبة الروحانية على جسمانيته ، ولا يتأتى ذلك لأهل الشعبذة "الشعوذة"؛ فلا حاجة إلى الفرق باعتبار هذه الصورة ، ولكن لا بدّ له
الظهور بهذه الصورة أن يكون مقرونا ( مع الصورة البشرية من جهة أمه ) ؛ لأنه لزمه من أمر محقق ، فإن أمكن الظهور بهما مع امتناع التلبس بهما معا .
قال رضي الله عنه : ( فكان يقال عند إحيائه الموتى : ) ظاهرا بالصورة النورية مع الصورة البشرية ( هو ) عيسى مع أنه يقال أيضا : ( لا هو ) ، ( وتقع الحيرة في النظر إليه ) حيرة يصعب رفعها ؛ لأنها من الأمر المحسوس ( كما وقعت ) الحيرة في إحيائه من غير ظهوره بالصورة النورية ( في العاقل عند النظر الفكري ) حيرة يسهل رفعها ؛ لكثرة المعارضة والمناقضة فيه بخلاف الأمر المحسوس ، فلم نعبأ بوقوع هذه الحيرة .
وذلك أنه يتحير العاقل ( إذا رأى شخصا بشريّا ) أي : في صورة البشر مع أنه في الواقع أيضا ( من البشر يحيي الموتى ) من الناطقين ، ( وهو ) أي : الأمر والشأن من ( الخصائص الإلهية إحياء الناطق لا إحياء الحيوان ) ، فإنه قد يظهر به المشعبذ مع أنه لا يظهر بإحياء الناطق أصلا ( بقي الناظر حائرا ) في هذه الحيرة السهلة رفعها ، مع أن هذه السهولة تقتضي عدم بقاء هذه الحيرة ، ( إذ يرى الصورة ) أي :
صورة المحيي ( بشرا ) مضروبا ( بالأثر الإلهي ) المخصوص وهو دون الظهور بالصورة النورية في إفادة هذه الحيرة .
قال رضي الله عنه : (فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، وأنّه هو اللّه بما أحيا به الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو السّتر لأنّهم ستروا اللّه الّذي أحيا الموتى بصورة بشريّة عيسى.)
قال رضي الله عنه : ( فأدى بعضهم فيه ) أي : في حق عيسى أو في هذا التحير السهل رفعه ( إلى القول بالحلول ) أي : حلول ذات اللّه القائم بها هذا الأثر وبالاتحاد ، وهو ( أنه هو اللّه ) مع أنه لا شكّ في استجماعه الكمالات كلها ، ولم يروا ذلك في عيسى عليه السّلام ، وإنما رأوا فيه إحياء بعض الموتى ، فقالوا : هو اللّه ( بما أحيا به ) أي : بإحيائه من ( الموتى ) أي : بعضهم ، وفيه
"" شعبذ يشعبذ ، وقال الثعالبي : لا أصل لقولهم مشعبذ ، وإنما هو بالواو ، وقد أثبته الزمخشريّ وغيره ، وتقول العامة : الشّعبثة ، ( انظر : تاج العروس )"" .
إشارة إلى أنه لو كان اللّه حالا فيه أو متحدا لكان إحياء الجميع منسوبا إليه مع أنه لا ينسب إليه إحياء الجميع بالاتفاق .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك نسبوا ) فنسبوا أي : القائلون بالحلول والاتحاد ( إلى الكفر ) بهذا القول لا يجعله مظهرا إلهيّا كما يقوله الصوفية ؛ وذلك لأن الكفر ( هو الستر ) الذي هو نقيض الظهور ، فلا يتأتى في القول به ؛ ( لأنهم ستروا اللّه الذي أحيا الموتى ) ظاهرا في المظهر العيسوي ( بصورة بشرية عيسى عليه السّلام ) ، إذ جعلوا هذه الصورة محلا لذاته ، وليس محليتها للذات كمحلية الجوهر للعرض ، إذ يبعد القول بجعل ذات الحق عرضا لذات غيره بحيث لا يوجد بدونها ، ولا هي كمحلية المكان للمتمكن .
ولا شكّ أن المكان سائر للمتمكن غالبا ، وكذا إذا جعلوا ذات الحق متحدة بذات عيسى مع أنهم يرون عيسى في صورة بشريته ، وهذا المعنى في الاتحاد أتم وأعم .
فقال تعالى :" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " [ المائدة : 17 ] ، فكفرهم في جعلهم جهة الربوبية متحدة بجهة البشرية .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : (ولو أتى جبرئيل بصورته النوريّة الخارجة عن العناصر والأركان ) لا الطبيعة .
( إذ لا تخرج عن طبيعتها) - فإنّ الكل داخل تحت الطبيعة بما عرفت من قبل - ( لكان عيسى لا يحيي الموتى إلَّا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النوريّة ) التي عليها الفاعل للإحياء - بناء على الأصل السابق .
قال رضي الله عنه : ( لا العنصريّة مع الصورة البشريّة من جهة امّه ) أي لا يمكن له الإحياء في الصورة العنصريّة التي مع الصورة البشريّة من جهة امّه ، التي هي طرف القابل ، فإنّه في القبول يتبعها .
ومن ثمّة ترى عيسى عند قبوله الأحكام المنزلة بالأوضاع المشروعة إنّما يقبل منها ما يتعلَّق بالانقياد والإذعان كما سبق بيانه آنفا .
وأمّا في الفعل – مثل الإحياء وإظهار المعجزة - فلا يمكن له ذلك إلا بأن يتأسّى الفاعل .
وفي بعض النسخ : « من الصورة البشريّة » وهو أظهر .
وملخّص الكلام أنّه لو لم يكن الإحياء منه في صورته العنصريّة التي مع الصورة البشريّة المستحصلة من امّه لوقعت الحيرة حينئذ . ( فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى : هو ) من حيث إحيائه الموتى ، ( لا هو ) من حيث أنّه عيسى . لتبائن الصورتين حينئذ في مداركهم ( وتقع الحيرة في النظر ) الحسّي ( إليه ، كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري ، إذ رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى ، وهو من الخصائص الإلهيّة ) التي لا يمكن ذلك بنوع من الصناعات العمليّة والأعمال الطلسميّة .
فإنّ غاية ما تكلَّموا عليها تهيّؤ مادّة قابلة وتركيب أركان معيّنة ، بمقادير متّزنة بالميزان الذي عندهم ، حتى يفاض عليها نفس من العبد لا إحياء البدن الميّت فإن ذلك مما لا كلام لهم ولغيرهم عليه أصلا ، سيّما إذا كان ( إحياء النطق ) - أي إحياء ناطق من الحيوان - ( لا إحياء الحيوان ) فقط على ما هو المتبادر إلى الأذهان من إحياء الموتى ، فإنّه ليس من الخصائص الإلهيّة في شيء .
"" أضاف المحقق : لعله إشارة إلى ما قاله الكاشاني : " يعني إحياء بالنطق والدعاء ، فكان يقول : قم حيّا بإذن اللَّه أو : باسم اللَّه أو : باللَّه .
فيحيا ويجيبه فيما كلمه به ويقول : « لبّيك » إذا دعاه . لا إحياء الحيوان الذي يمشي ويأكل ويبقى حيّا مدّة - على ما روي في قصّته أنّه أحيا سام بن نوح ، فشهد بنبوته ، ثمّ رجع إلى حالته " .""
إذ عند ورود التعفينات وإيرادها على الجيف الموتى لا بدّ من حصول الحيوانات منها وتولدها فيها .
ويمكن أن يحمل إحياء النطق على الإحياء بالكلام والخطاب أو الدعاء منه - كما قيل إنّه ورد كذلك - لولا وقوعه في مقابلة قوله : « لا إحياء الحيوان » فاستشعار ذلك منه على سبيل الإيماء وضرب من الإيهام والإشارة ، لا منطوق اللفظ وفحوى العبارة .
علميّة الاعتقاد بالإلهيّة في عيسى عليه السّلام
هذا إذا ثبت ورود ذلك ، وإلا فلا حاجة إليه ، فإن إحياء الموتى مطلقا من الخصائص الإلهيّة ، ولذلك ( بقي الناظر حائرا ، إذ يرى الصورة ) بالصورة ( بشرا ، بالأثر إلها ) فإنّها من الخصائص الإلهيّة ، كما تقرّر عند أهل النظر أنّ وجود الخاصّة يستلزم وجود صاحبها ، فلا بدّ وأن يكون الناظر حائرا عند رؤيته ذلك .
قال رضي الله عنه : ( فأدّى بعضهم فيه ) ذلك النظر ( إلى القول بالحلول ) لما هم عليه أبدا في أصل ذوقهم ومشربهم من ثنويّة العلَّة والمعلول ، فإنّهم ما خلعوا قطَّ نعلي تعدّد المتقابلين ، مع توجّههم وقصدهم على مطايا النيّات بلوغ طوى التنزيه المقدّس عن التثنّي والتغاير .
ولذلك ذهبوا إلى القول بالحالّ والمحل ، ( وأنّه هو الله بما أحيا الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر - وهو الستر - لأنّهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشريّة عيسى) ، فقال : "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" [ 5 / 17 ].
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
قال رضي الله عنه : (ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه. فكان يقال فيه عند )
قال رضي الله عنه : ( ولو أتي جبريل بصورته النورية الخارجة عن طباع العناصر والأركان ) ، أي المرتقية عنها لا عن الطبيعة مطلقا ( إذ ) هو طبيعي نوري ( لا يخرج عن طبيعته النورية ) ، وإن خرج من العناصر والأركان .
وذلك لأن جبريل سلطان العناصر وله أن يظهر في السماوات السبع وما تحتها من العناصر والعنصريات لأهليها بأي صورة شاء من صورها بحسب الموطن والمقام والمناسبة واستعداد من ظهر له .
وأن يخرج عن صورها بالترقي عنها والرجوع إلى صورته الأصلية الطبيعية النورية ، فإن صورته الأصلية غير عنصرية بل طبيعية نورية ما بين الفلك الثامن والسابع وليس له أن يخرج عن هذه الطبيعة التي هي له بالأصالة بالترقي إلى ما فوقها وهذا معنى ما روى أنه لا يتعدى سدرة المنتهى .
فإن السدرة هي منتهى السابع صعودا والثامن هبوطا ( لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا ) الصورة ( العنصرية ) ظهورا جامعا ( مع الصورة البشرية من جهة أمه ) فتكون طبيعته نورية غير عنصرية في صورة بشرية
قال رضي الله عنه : ( إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.)
قال رضي الله عنه : (فكان يقال فيه ) ، أي في عيسى ( عند إحياء الموتى ) أنه ( هو ) ، أي جبريل بطبيعته النورية الغير العنصرية ( لا هو ) بصورته البشرية ( وتقع الحيرة في النظر إليه ) هل هو جبريل أوليس بجبريل ( كما وقعت الحيرة في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا ) ، أي على صورة البشر ( من نوع البشر يحيي الموتى وهو ) ، أي إحياء الموتى ( من الخصائص الإلهية ) .
التي لا تكون لغير اللّه بالصناعات العملية والأعمال الطلسمية ، فإن غاية ما تكلم أربابها عليه بهيئة مادة قابلة وتركيب أركان معينة بمقادير متزنة بالميزان الذي عندهم حتى يفيض عليها نفس من المبدأ أو إرادة الميت حيا صورة لا حقيقة لا إحياء ما مات بعدما كان حيا حقيقة وهو المراد بإحياء الموتى ، فإن ذلك مما لا كلام لأحد عليه أصلا .
قال رضي الله عنه : ( إحياء النطق ) منصوب على أنه مفعول مطلق لقوله : محيي الموتى أو مرفوع على أنه بيان وتفسير للضمير المرفوع ، والمراد بالإحياء النطق أما الإحياء الذي يوجب نطق الجسم المائت والذي يحصل بنطق المحيي ودعائه
وقوله : قم بإذن اللّه ، وعلى الأول فهو إما بيان للواقع على ما روى في قصته أنه أحيا سام بن نوح فنطق وشهد بنبوته ثم رجع إلى حالته
وحينئذ معنى قوله : ( لا إحياء الحيوان ) ، أي الحيوان الذي يمشي ويأكل ويبقى حيا مدة ، فحاصله أن الإحياء الواقع من عيسى ذاك لا هذا ، وإما تقييد للإحياء ليصير من الخصائص الإلهية وفيه أن إحياء الجيف مطلقا سواء كانت جيف الحيوانات الناطقة أو غيرها من الخصائص الإلهية.
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله