اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

15032020

مُساهمة 

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري.
فكان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب، فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين. كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.
و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.
كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات علىسبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، و المدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. و كل ذلك من العالم و هو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها و اتصف بها. فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».
وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة.
فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها.
فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها.
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة.
فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون».  فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.
فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.
فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.
فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.
فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه.
فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.
وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة.
و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر.
ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.
فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك.
وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف ».  فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.
وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت.
فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين، وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.
فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل.
فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.
فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار».
فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.
ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا.
فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية.
فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده.
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.
ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.
وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.
فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.
فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم. فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه.
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه، وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى.
وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.
فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب.
ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال.
فلما جعل موسى المسئول عنه عين العالم، خاطبه فرعون بهذا اللسان والقوم لا يشعرون.
فقال له «لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين».
و السين في «السجن» من حروف الزوائد: أي لأسترنك: فإنك أجبت بما أيدتني به أن أقول لك مثل هذا القول.
فإن قلت لي: فقد جهلت يا فرعون بوعيدك إياي، والعين واحدة، فكيف فرقت، فيقول فرعون إنما فرقت المراتب العين، ما تفرقت العين ولا انقسمت في ذاتها.
ومرتبتي الآن التحكم فيك يا موسى بالفعل، وأنا أنت بالعين وغيرك بالرتبة.
فلما فهم ذلك موسى منه أعطاه حقه في كونه يقول له لا تقدر على ذلك، والرتبة تشهد له بالقدرة عليه و إظهار الأثر فيه: لأن الحق في رتبة فرعون من الصورة الظاهرة، لها التحكم على الرتبة التي كان فيها ظهور موسى في ذلك المجلس.
فقال له، يظهر له المانع من تعديه عليه، «أو لو جئتك بشي ء مبين».
فلم يسع فرعون إلا أن يقول له «فأت به إن كنت من الصادقين» حتى لا يظهر فرعون عند الضعفاء الرأي من قومه بعدم الإنصاف فكانوا يرتابون فيه، و هي الطائفة التي استخفها فرعون فأطاعوه «إنهم كانوا قوما فاسقين»: أي خارجين عما تعطيه العقول الصحيحة من إنكار ما ادعاه فرعون باللسان الظاهر في العقل، فإن له حدا يقف عنده إذا جاوزه صاحب الكشف واليقين.
ولهذا جاء موسى في الجواب بما يقبله الموقن والعاقل خاصة .
«فألقى عصاه» ، وهي صورة ما عصى به فرعون موسى في إبائه عن إجابة دعوته، «فإذا هي ثعبان مبين» أي حية ظاهرة.
فانقلبت المعصية التي هي السيئة طاعة أي حسنة كما قال «يبدل الله سيئاتهم حسنات» يعني في الحكم. فظهر الحكم هنا عينا متميزة في جوهر واحد .
فهي العصا وهي الحية و الثعبان الظاهر، فالتقم أمثاله من الحيات من كونها حية والعصي من كونها عصا.
فظهرت حجة موسى على حجج فرعون في صورة عصي و حيات و حبال، فكانت للسحرة الحبال ولم يكن لموسى حبل.
والحبل التل الصغير: أي مقاديرهم بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة. فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.
ولما علمت السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه و أقروا له بذلك فقالوا له: إنما تقضي هذه الحياة الدنيا فاقض ما أنت قاض ، فالدولة لك . فصح قوله «أنا ربكم الأعلى».
وإن كان عين الحق فالصورة لفرعون. فقطع الأيدي والأرجل وصلب بعين حق في صورة باطل لنيل مراتب لا تنال إلا بذلك الفعل.
فإن الأسباب لا سبيل إلى تعطيلها لأن الأعيان الثابتة اقتضتها، فلا تظهر في الوجود إلا بصورة ما هي عليه في الثبوت إذ لا تبديل لكلمات الله.
وليست كلمات الله سوى أعيان الموجودات ،فينسب إليها القدم من حيث ثبوتها، و ينسب إليها الحدوث من حيث وجودها و ظهورها.
كما تقول حدث عندنا اليوم إنسان أو ضيف، ولا يلزم من حدوثه أنه ما كان له وجود قبل هذا الحدوث.
لذلك قال تعالى في كلامه العزيز أي في إتيانه مع قدم كلامه «ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون»: «ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين».
والرحمن لا يأتي إلا يأتي إلا بالرحمة.
ومن أعرض عن الرحمة استقبل العذاب الذي هو عدم الرحمة.
وأما قوله «فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده» إلا قوم يونس، فلم يدل ذلك على أنه لا ينفعهم في الآخرة لقوله في الاستثناء إلا قوم يونس، فأراد أن ذلك لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا، فلذلك أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه.
هذا إن كان أمره أمر من تيقن بالانتقال في تلك الساعة.
وقرينة الحال تعطي أنه ما كان على يقين من الانتقال، لأنه عاين المؤمنين يمشون في الطريق اليبس الذي ظهر بضرب موسى بعصاه البحر.
فلم يتيقن فرعون بالهلاك إذ آمن، بخلاف المحتضر حتى لا يلحق به.
فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على التيقن بالنجاة، فكان كما تيقن لكن على غير الصورة التي أراد.
فنجاه الله من عذاب الآخرة في نفسه، ونجى بدنه كما قال تعالى «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية»، لأنه لو غاب بصورته ربما قال قومه احتجب.
فظهر بالصورة المعهودة ميتا ليعلم أنه هو. فقد عمته النجاة حسا ومعنى.
ومن حقت عليه كلمة العذاب الأخروي لا يؤمن ولو جاءته كل آية حتى يروا العذاب الأليم، أي يذوقوا العذاب الأخروي.
فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلك: والأمر فيه إلى الله، لما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص في ذلك يستندون إليه.
وأما آله فلهم حكم آخر ليس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما يقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أي مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهية: وأعني من المحتضرين : و لهذا يكره موت الفجاءة و قتل الغفلة.
فأما موت الفجاءة فحده أن يخرج النفس الداخل و لا يدخل النفس الخارج.
فهذا موت الفجاءة. وهذا غير المحتضر.
وكذلك قتل الغفلة بضرب عنقه من ورائه وهو لا يشعر: فيقبض على ما كان عليه من إيمان أو كفر.
ولذلك قال عليه السلام «ويحشر على ما عليه مات» كما أنه يقبض على ما كان عليه.
والمحتضر ما يكون إلا صاحب شهود، فهو صاحب إيمان بما ثمة.
فلا يقبض إلا على ما كان عليه، لأن «كان» حرف وجودي لا ينجر معه الزمان إلا بقرائن الأحوال: فيفرق بين الكافر المحتضر في الموت وبين الكافر المقتول غفلة أو الميت فجاءة كما قلنا في حد الفجاءة. وأما حكمة التجلي والكلام في صورة النار، فلأنها كانت بغية موسى .
فتجلى له في مطلوبه ليقبل عليه ولا يعرض عنه.
فإنه لو تجلى له في غير صورة مطلوبه أعرض عنه لاجتماع همه على مطلوب خاص .
ولو أعرض لعاد عمله عليه وأعرض عنه الحق، وهو مصطفى مقرب.
فمن قربه أنه تجلى له في مطلوبه وهو لا يعلم.
كنار موسى رآها عين حاجته ... وهو الإله ولكن ليس يدريه
 

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
25 – نقش فص حكمة علوية في كلمة موسوية
سرت إليه حياة كل من قتله فرعون من أجله. ففراره لمّا خاف إنما كان لإبقاء حياة المقتولين. فكأنه في حق الغير.
فأعطاه الله الرسالة والكلام والإمامة التي هي الحكم كلمة الله في غير حاجته لاستفراغ همه فيها.
فعلمنا أن الجمعية مؤثرة وهو الفعل بالهمة.
ولمّا علم من علم مثل هذا ضل عن طريق هداه حين إهتدى غيره به.
فأقامه مقام القرآن في المثل المضروب:
" يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ " [البقرة: 26] وهم الخارجون عن طريق الهدى الذي فيه.
 
 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
25 - فك ختم الفص الموسوي
1 / 25 - اعلم ان سر اضافة هذه الحكمة الى الصفة العلوية هو من أجل علو مرتبة موسى عليه السلام ورجحانه على كثير من الرسل بامور أربعة : احدها اخذه عن الله بدون واسطة ملك وغيره .
 
2 / 25 - والثاني كتابة الحق له التورية بيده "ألواح التوراة" ، فان كتابة التورية احد الأمور التي باشرها الحق بنفسه دون واسطة ، على ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في تعيين ما باشره الحق بنفسه فقال : ان الله كتب التورية بيده وغرس شجرة طوبى بيده وخلق جنة عدن بيده وخلق آدم بيديه .
 
3 / 25 - الثالث قرب نسبته من مقام الجمعية التي خص بها نبينا صلى الله عليه وسلم المشار اليه بقوله تعالى : " وكَتَبْنا لَه في الأَلْواحِ من كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ " [ الأعراف / 145 ] وباعتبار الحق به لما وفر حظه من عطايا  اسمه الظاهر ، أراد ان يريه طرفا من احكام الاسم الباطن للجمع بين الطرفين - ولو من بعض الوجوه.
 
4 / 25 - فنبهه على شرف الخضر عليه السلام وشوقه الى لقائه ، ثم اذن له في المشي اليه وجمع بينه وبينه فصحبه حتى رأى نموذجا من احكام الإرادة ، فعلم الفرق بينها وبين احكام الامر ، غير انه غلبت عليه صبغة التشريع وحالها ،
فلم يصبر كما قال صلى الله عليه وسلم : رحمة الله علينا وعلى موسى ، ليته صبر حتى يقص علينا من انبائهما ، وفي رواية اخرى متفق على صحتها ايضا : لو صبر لرأى العجب ولكن أخذته من صاحبه ذمامة . . . . الحديث .
 
5 / 25 - وعلى الجملة فإنه لو لم يكن من الفائدة في اجتماع موسى عليه السلام بالخضر الا علمه بان العلم الذي كان حصل له وكان يراه الغاية وان ليس بعده ما هو اشرف منه بما اراه الحق : ان لله وراء ما أعطاه من العلم علوما واسرارا يهبهما لمن يشاء من عباده ، فلم يبق له بعد ذلك وقوف عند الغاية ، لكان كافيا .
 
6 / 25 - واما الامر الرابع الذي ثبت به رجحانه على كثير من الرسل فاخبار نبينا صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة حال عرض الأمم عليه صلى الله عليه وسلم انه لم ير امة نبى من الأنبياء اكثر من امة موسى ،
وقوله صلى الله عليه وسلم ايضا في حديث اليهودي لما قال : والذي اصطفى موسى على البشر ولطم الصحابي له ،
وقوله : تقول هذا ورسول الله بين أظهرنا ؟
فلما اشتكى اليهودي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تفضلوني على موسى ، فان الناس يصعقون فأكون اول من تفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش فلا أدرى أجوزي بصعقة الطور او كان ممن استثنى الله تعالى  .
 

7 / 25 - فهذا بعض ما اعرفه من كمالاته الموجبة اضافة حكمته الى الصفة العلوية ، وسأذكر في شرح الحديث الذي يتضمن ذكر قصة اجتماعه مع الخضر عليه السلام وما جرى بينهما وما يتضمنه تلك القصة من الاسرار الربانية والعلوم الغيبية وفي شرح الحديث المتضمن ذكر موته واتيان ملك الموت وقفاء عينه وما أخبر في ذلك ما يسر الحق ذكره وشاء بيانه ، والله يقول الحق.  
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:20 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 15 مارس 2020 - 1:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولي:                                           الجزء الثاني
كلمات ومصطلحات وردت في فص حكمة علوية في كلمة موسوية
مصطلح التجلي الصوري
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في  تجليات الربوبية:
" للربوبية تجليان : تجل معنوي ، وتجل صوري .
فالتجلي المعنوي : ظهوره في أسمائه وصفاته على ما اقتضاه القانون التنزيهي من أنواع الكمالات .
والتجلي الصوري : ظهوره في مخلوقاته على ما اقتضاه القانون الخلقي التشبيهي وما حواه المخلوق من أنواع النقص . فإذا ظهر سبحانه في خلق من مخلوقاته على ما استحقه ذلك المظهر من التشبيه ، فإنه على ما هو له من التنزيه والأمر بين صوري ملحق بالتشبيه ، ومعنوي ملحق بالتنزيه . إن ظهر الصوري فالمعنوي مظهر له ، وإن ظهر المعنوي فالصوري مظهر له ، وقد يغلب حكم أحدهما فيستتر الثاني تحته فيحكم بالأمر الواحد على حجاب ".
 
يقول الشيخ عبد اللطيف المقري القرشي:
" التجلي الصوري : هو برزخ بين توحيد الأفعال وتوحيد الصفات ".
 
يقول الشيخ أحمد السرهندي :
التجلي الصوري : هو التجلي الحاصل في السير الآفاقي بجميع أقسامه ، وحاصل في مرتبة علم اليقين.
 
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي عن التجلي الصوري :
يقول : " التجلي في الأنوار الطبيعية : هو التجلي الصوري المركب ، فيعطي من المعارف بحسب ما ظهر فيه من الصور ، وهو يعم من الفلك إلى أدنى الحشرات ، وهو السماء والعالم ، فهو تجل في السماء والعالم . ومن هذا التجلي تعرف المعاني ، واللغات ، وصلاة كل صورة ، وتسبيحها.
 
 
يقول الشيخ عبد الله خورد عن الرؤية والتجلي الصوري  :
وكل أحد يرى الله في المثال بصورة الحقيقة المحمدية باعتبار تقيدها بعينه الثابتة فلا يرى الله ولا يرى محمد إلا بقدر استعداده ... وجميع النسب الكمالية تترقى وتكمل وتنتهي في الدار الآخرة ، كالتجلي الصوري ، والمعنوي ، والذاتي ، والمعرفة ، والاستهلاك ، والفناء ، والبقاء .
فالتجلي الصوري إذا انتهى وكمل أمره وكمل يسمى : رؤية “ .
 
يقول الشيخ في الفتوحات الباب الثاني والخمسون وخمسمائة عن الفيض والتجلي الصوري
اعلم أيدنا الله وإياك أن الأمر في التجلي قد يكون بخلاف ترتيب الحكمة التي عهدت
وذلك إنا قد بينا استعداد القوابل
وأن هناك ليس منع بل فيض دائم وعطاء غير محظور
فلو لم يكن المتجلي له على استعداد أظهر له ذلك الاستعداد هذا المسمى تجليا ما صح أن يكون له هذا التجلي فكان ينبغي له أن لا يقوم به دك ولا صعق
هذا قول المعترض علينا قلنا له يا هذا الذي قلناه من الاستعداد نحن على ذلك الحق متجل دائما
والقابل لإدراك هذا التجلي لا يكون إلا باستعداد خاص وقد صح له ذلك الاستعداد فوقع التجلي في حقه فلا يخلو أن يكون له أيضا استعداد البقاء عند التجلي أو لا يكون له ذلك
فإن كان له ذلك فلا بد أن يبقى وإن لم يكن له فكان له استعداد قبول التجلي ولم يكن له استعداد البقاء ولا يصح أن يكون له فإنه لا بد من اندكاك أو صعق أو فناء أو غيبة أو غشية فإنه لا يبقى له مع الشهود غير ما شهد فلا تطمع في غير مطمع
وقد قال بعضهم شهود الحق فناء ما فيه لذة لا في الدنيا ولا في الآخرة فليس التفاضل ولا الفضل في التجلي
وإنما التفاضل والفضل فيما يعطي الله لهذا المتجلي له من الاستعداد
وعين حصول التجلي عين حصول العلم لا يعقل بينهما بون كوجه الدليل في الدليل سواء بل هذا أتم وأسرع في الحكم
وأما التجلي الذي يكون معه البقاء والعقل وإلا لالتذاذ والخطاب والقبول فذلك التجلي الصوري ومن لم ير غيره ربما حكم على التجلي بذلك مطلقا من غير تقييد والذي ذاق الأمرين فرق ولا بد.
وبلغني عن الشيخ المسن شهاب الدين السهروردي ابن أخي أبي النجيب أنه يقول بالجمع بين الشهود والكلام فعلمت مقامه وذوقه عند ذلك.
فما أدري هل ارتقى بعد ذلك أم لا وعلمنا أنه في مرتبة التخيل وهو المقام العام الساري في العموم.
وأما الخواص فيعلمونه ويزيدون بأمر ما هو ذوق العامة وهو ما أشار إليه السياري ونحن ومن جرى مجرانا في التحقيق من الرجال.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
 
ويقول الشيخ الباب الثاني والعشرون وخمسمائة عن المسافرين في الله والتجلي الصوري
ثم إن المسافرين من التجار الذين أمرهم الله بالزاد الذي لا يفضل عنهم بعد انقضاء سفرهم منه شيء بل يكون على قدر المسافة فهم على ثلاثة أصناف :-
صنف منهم يسافر برا
وآخر يسافر بحرا
وآخر يسافر برا وبحرا بحسب طريقه
فمسافر البحر بين عدوين نفس الطريق وما فيه
ومسافر البر ذو عدو واحد
والجامع بينهما في سفره ذو ثلاثة أعداء
فمسافر البحر أهل النظر في المعقولات ومن النظر في المعقولات النظر في المشروعات فهم بين عدو شبهة وهو عين البحر وبين عدو تأويل وهو العدو الذي يقطع في البحر
ومسافر البر المقتصرون على الشرع خاصة وهم أهل الظاهر
والمسافر الجامع بين البر والبحر هم أهل الله المحققون من الصوفية أصحاب الجمع والوجود والشهود وأعداؤهم ثلاثة :-
عدو برهم صور التجلي
وعدو بحرهم قصورهم على ما تجلى لهم
أو تأويل ما تجلى لهم لا بد من ذلك
فمن سلم من حكم التجلي الصوري ومن القصور الذي يناقض المزيد
ومن التأويل فيما تجلى لهم فقد سلم من الأعداء وحمد طريقه وربحت تجارته وكان من المهتدين
فهذا وأمثاله يعطيه هذا الذكر وهو ذكر الالتباس من أجل ذكر التقوى لما في ذلك من تخيل تقوى الله
ولهذا أبان الله عن تلك التقوى ما هي وفصل بينها وبين تقوى الله
فقال في تمام الآية "واتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ" وجعل المجاور لهم في تقوى الله لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ برفع الحرج والسؤال فيما تزودوه في سفرهم من التقوى
فإنه فضل على تقوى الله فإن الأصل تقوى الله
فقال لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا من رَبِّكُمْ وهو التجارة مع علمك بأنه زاد التقوى وهذا القدر كاف فإن المجال فيه واسع. والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
 
موضوع : إيمان فرعون
* لا يوجد دليل قطعي الدلالة و قطعي الثبوت ان الله تعالى لم يقبل ايمان فرعون
وانه مكتوب عند الله تعالى ان فرعون مات على الكفر وغير مقبول الإبمان .


من كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي تأليف محمود محمود الغراب ص 314 – 316 ج 3
إيمان فرعون
لما علم فرعون الحق، وأثبت في كلامه بأن موسى عليه السلام مرسل بقوله: (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) فإنه ما جاء من نفسه، لأنه دعا إلى غيره، فبقيت تلك الخميرة عند فرعون تختمر بها عجين طينته، وما ظهر حكمها ولا اختمر عجينه إلا في الوقت الذي قال فيه: «آمَنْتُ»
فتلفظ باعتقاده الذي معه «أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ» وما سمى اللّه، ليرفع اللبس والشك،
إذ قد علم الحاضرون أن بني إسرائيل ما آمنت إلا بالإله الذي جاء موسى وهارون من عنده إليهم،
فلو قال: «آمنت بالله» وهو قد قرر أنه ما علم لقومه من إله غيره،
لقالوا: لنفسه شهد لا للذي أرسل موسى إلينا، كما شهد اللّه لنفسه، فرفع هذا اللبس بما قاله،
عند ذلك أخذ جبريل حال البحر فألقمه في فم فرعون حتى لا يتلفظ بالتوحيد، ويسابقه مسابقة غيره على جناب الحق، مع علمه بأنه علم أنه لا إله إلا اللّه،
وغلبه فرعون، فإنه قال كلمة التوحيد بلسانه كما أخبر اللّه تعالى عنه في كتابه العزيز، فجاء فرعون باسم الصلة وهو «الَّذِي» ليرفع اللبس عند السامعين ولرفع الإشكال عند الأشكال،
وهذا هو التوحيد الثاني عشر في القرآن، وهو توحيد الاستغاثة، وهو توحيد الصلة، فإنه جاء بالذي في هذا التوحيد، وهو من الأسماء الموصولة، وقدم الهوية في قوله: " أنه" ليعيد ضمير "به" عليه، ليلحق بتوحيد الهوية،
ثم تمم وقال: «وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» خطاب منه للحق، لعلمه بأنه تعالى يسمعه ويراه،
قال ذلك لما علم أن الإله هو الذي ينقاد إليه ولا ينقاد هو لأحد، أعلم بذلك فرعون، ليعلم قومه برجوعه عما كان ادعاه فيهم من أنه ربهم الأعلى، فأمره إلى اللّه، فإنه آمن عند رؤية البأس، وما نفع مثل ذلك الإيمان فرفع عنه عذاب الدنيا، إلا قوم يونس، ولم يتعرض للآخرة، ثم إن اللّه صدّقه في إيمانه بقوله: "آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" [سورة يونس: آية 91]
قال تعالى لفرعون: «آلْآنَ» قلت ذلك، فأثبت اللّه بقوله: «آلْآنَ» أنه آمن عن علم محقق واللّه أعلم وإن كان الأمر فيه احتمال، فدل على إخلاصه في إيمانه، ولو لم يكن مخلصا لقال فيه تعالى كما قال في الأعراب الذين قالوا: (آمَنَّا) (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فشهد اللّه لفرعون بالإيمان، وما كان اللّه ليشهد لأحد بالصدق في توحيده إلا ويجازيه به، وبعد إيمانه فما عصى، فقبله اللّه إن كان قبله طاهرا، والكافر إذا أسلم وجب عليه أن يغتسل، فكان غرقه غسلا له وتطهيرا،
حيث أخذه اللّه في تلك الحال نكال الآخرة والأولى، وجعل ذلك عبرة لمن يخشى،
وما أشبه إيمانه إيمان من غرغر، فإن المغرغر موقن بأنه مفارق، قاطع بذلك،
وهذا الغرق هنا لم يكن كذلك، لأنه رأى البحر يبسا في حق المؤمنين، فعلم أن ذلك لهم بإيمانهم، فما أيقن بالموت، بل غلب على ظنه الحياة، فليس منزلته منزلة من حضره الموت فقال: (إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) ولا هو من الذين يموتون وهم كفار فأمره إلى اللّه تعالى. "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ "[سورة يونس: آية 92]
 
كان حكم آل فرعون في نفس الأمر خلاف حكم فرعون في نفسه:
كان حكم آل فرعون في نفس الأمر خلاف حكم فرعون في نفسه، فإنه علم صدق موسى عليه السلام، وعلم حكم اللّه في ظاهره بما صدر منه،
وحكم اللّه في باطنه بما كان يعتقده من صدق موسى فيما دعاهم إليه، وكان ظهور إيمانه المقرر في باطنه عند اللّه مخصوصا بزمان مؤقت، لا يكون إلا فيه، وبحالة خاصة، فظهر بالإيمان لما جاء زمانه وحاله،
فغرق قومه آية، ونجاة فرعون ببدنه دون قومه عند ظهور إيمانه آية،
فمن رحمة اللّه بعباده أن قال «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ» يعني دون قومك «لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» أي علامة لمن آمن باللّه أي ينجيه اللّه ببدنه أي بظاهره، فإن باطنه لم يزل محفوظا بالنجاة من الشرك، لأن العلم أقوى الموانع،
فسوّى اللّه في الغرق بينهم، وتفرقا في الحكم، فجعلهم سلفا ومثلا للآخرين،
يعني الأمم الذين يأتون بعدهم، وخص فرعون بأن تكون نجاته آية لمن رجع إلى اللّه بالنجاة، فإن الحق خاطب فرعون بلسان العتب وأسمعه "آلْآنَ" أظهرت ما قد كنت تعلمه "وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" فهي كلمة بشرى لفرعون عرفنا الحق بها لنرجو رحمته مع إسرافنا وإجرامنا،
ثم قال: «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ» فبشره قبل قبض روحه «بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» يعني لتكون النجاة لمن يأتي بعدك «آيَةً» علامة،
إذا قال ما قلته تكون له النجاة مثل ما كانت لك، وما في الآية أن بأس الآخرة لا يرتفع ولا أن إيمانه لم يقبل، وإنما في الآية أن بأس الدنيا لا يرتفع عمن نزل به إذا آمن في حال رؤيته إلا قوم يونس، فقوله: «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ» إذ العذاب لا يتعلق إلا بظاهرك، وقد أريت الخلق نجاته من العذاب، فكان ابتداء الغرق عذابا، فصار الموت فيه شهادة خالصة بريئة لم تتخللها معصية، فقبضت على أفضل عمل، وهو التلفظ بالإيمان،
كل ذلك حتى لا يقنط أحد من رحمة اللّه، والأعمال بالخواتيم، فلم يزل الإيمان باللّه يجول في باطن فرعون، وجاء طوعا في إيمانه، وما عاش بعد ذلك،
فقبض فرعون ولم يؤخر في أجله في حال إيمانه، لئلا يرجع إلى ما كان عليه من الدعوى، ثم قوله تعالى في تتميم قصته هذه «وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ»
وقد أظهرت نجاتك آية أي علامة على حصول النجاة، فغفل أكثر الناس عن هذه الآية وقضوا على المؤمن بالشقاء،
وأما قوله تعالى: (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) فما فيه نص أنه يدخلها معهم،
بل قال اللّه: (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) ولم يقل (أدخلوا فرعون وآله) ورحمة اللّه أوسع من حيث أن لا يقبل إيمان المضطر، وأي اضطرار أعظم من اضطرار فرعون في حال الغرق، واللّه يقول: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) فقرن للمضطر إذا دعاه الإجابة وكشف السوء عنه، وهذا آمن للّه خالصا، وما دعاه في البقاء في الحياة الدنيا خوفا من العوارض، أو يحال بينه وبين هذا الإخلاص الذي جاءه في هذه الحال،
فرجح جانب لقاء اللّه على البقاء بالتلفظ بالإيمان، وجعل ذلك الغرق (نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) فلم يكن عذابه أكثر من غم الماء الأجاج، وقبضه على أحسن صفة هذا ما يعطي ظاهر اللفظ،
وهذا معنى قوله: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) يعني في أخذه نكال الآخرة والأولى، وقدم ذكر الآخرة وأخر الأولى ليعلم أن العذاب - أعني عذاب الغرق - هو نكال الآخرة،
فلذلك قدمها في الذكر على الأولى، وهذا هو الفضل العظيم.
 
أضاف الجامع : ما يؤيد ما ذهب اليه الشيخ في مسألة ايمان فرعون
قال تعالى : "إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) سورة هود .  كله حق وواقع لا محالة.
قال تعالى : " وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) " سورة الصافات
قال تعالى : "وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)" سورة مريم . حق واقع لا محالة  للجميع مؤمن + كافر + مشركين
قال تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) " سورة النساء  . وهو كله حق وواقع لا محالة  للجميع مؤمن + كافر + مشركين
قال تعالى : " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) " سورة الحديد
قال تعالى : " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) ". سورة الزخرف.
 
الحديث في صحيح مسلم عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم" ، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: "يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته".
 
الحديث في صحيح مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى هذا الحديث وقال
فيه: " يهلكون مهلكا واحدا، ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم" . وأخرجه أيضا : أحمد والبخاري ، وابن حبان. وأبو نعيم في الحلية .
والحديث فى صحيح مسلم عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه".  ورواه الحاكم ورواه أحمد وغيرهم.
 
والحديث في سنن ابن ماجه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يحشر الناس على نياتهم". ورواه أحمد في المسند.
 
والحديث في صحيح ابن حبان عن جابر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه، المؤمن على إيمانه، والمنافق على نفاقه".
والحديث في مسند أحمد عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مات على شيء بعثه الله عليه " .
الحديث : (يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله أخرجوا من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية ) رواه البخاري، ومسلم  وغيرهما
الحديث لابن حبان :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «يدخل الله أهل الجنة الجنة، يدخل من يشاء برحمته، ويدخل أهل النار [النار]، ثم يقول: أخرجوا من كان في قلبه حبة خردل من إيمان، فيخرجون منها حمما، فيلقون في نهر في الجنة، فينبتون كما تنبت حبة في جانب السيل، ألم ترها صفراء ملتوية؟ » رواه ابن حبان في صحيحه.
 
الحديث لأحمد بالمسند:  (إذا خلص اللهُ المؤمنين من النارِ وأمنوا فما مجادلةُ أحدِكم لصاحبِهِ فى الحقِّ يكونُ له فى الدنيا أشدُّ مجادلةً من المؤمنين لربهم فى إخوانِهم الذين أُدخلوا النارَ
قال يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتَهم النارَ فيقولُ اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكلُ النارُ صورَهم فمنهم من أخذته النارُ إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه  فيخرجونهم فيقولون ربنا أخرْجَنا مَنْ قد أمرتنا ،
ثم يقولُ أخرجوا من كان فى قلبه وزنُ دينارٍ من الإيمان ثم من كان فى قلبه وزنُ نصف دينار ثم من كان فى قلبه مثقالُ حبة من خَرْدَلٍ"
قال أبو سعيد فمن لم يصدق هذا فليقرأ : " إنَّ اللهَ لا يظلمُ مثقالَ ذرةٍ وإن تكُ حسنةً يُضاعِفْها ويؤتِ من لدنه أجرًا عظيمًا" [النساء: 40] ) اخرجه أحمد بالمسند، وابن ماجه في السنن وغيرهما .
 
حديث مسلم : "سمعت أسامة بن زيد بن حارثة، يحدث قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: " يا أسامة، أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ " قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذا، قال: فقال: «أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟» قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم". رواه مسلم
 
حديث مسلم : عن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقال لا إله إلا الله وقتلته؟» قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفا من السلاح، قال: «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟» فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ".
فكل من حكم وأصر باستمرار كفر فرعون وانه كان خائفا من الموت فآمن وشهد "قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) سورة يونس" .
القائلين بعدم قبول الله تعالى ايمان فرعون يفتقرن للدليل القاطع الدلاله والقاطع الثبوت بعدم قبول الله تعالى إيمان فرعون ، والذي يطيح باحتهادهم كله كراهية ورفض رسول الله صلى الله عليه وسلم  فعله أسامة «أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟» ، «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟» .
كراهية وبراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما فعله خالد ابن الوليد رضي الله عنه  عندما قتل كل من لم يحسن ان يقول اسلمنا كما جاء في حديث البخاري :
" بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فقالوا: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره،
فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد» مرتين". رواه البخاري والنسائي والترمذى والحاكم وابن حبان واحمد والبيهقي والبزار وغيرهم
 
أقول لهم هل شققتم عن قلب "فرعون" حتى تحكموا عليه انه عند الله مازال مكتوب كافرا غير مقبول الإيمان  ؟؟
الأصوب ات تتركوا مسأله قبول الله ايمانه لله تعاى يحكم فيها فالله.
 
يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني في اليواقيت والجواهر  ج 1 ص 33 :
قال شيخ الإسلام الخالدي رحمه اللّه:
والشيخ محيي الدين بتقدير صدور ذلك عنه لم ينفرد به بل ذهب جمع كثير من السلف إلى قبول إيمانه لما حكى اللّه عنه أنه قال:" حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [يونس: 90] وكان ذلك آخر عهده بالدنيا،
وقال أبو بكر الباقلاني: قبول إيمانه هو الأقوى من حيث الاستدلال ولم يرد لنا نص صريح أنه مات على كفره انتهى
ودليل جمهور السلف والخلف على كفره أنه آمن عند اليأس وإيمان أهل اليأس لا يقبل واللّه أعلم. أهـ
 
ويقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني في اليواقيت والجواهر  ج 2 ص 205 :
"أنه قال بقبول إيمان فرعون جماعة منهم القاضي أبو بكر الباقلاني
على أنه قال بقبول إيمان فرعون جماعة منهم القاضي أبو بكر الباقلاني وبعض الحنابلة قالوا لأن اللّه حكى عنه الإيمان آخر عهده بالدنيا انتهى. أهـ "
قلبي قطبي، وقالبي أجفاني  .... سرى خضري، وعينه عرفاني.
روحي هارون وكليمي موسى  .... نفسي فرعون والهوى هاماني
 
"وجمهور العلماء قاطبة على عدم قبول إيمانه، وإيمان جميع من آمن في البأس لأن من شرط الإيمان الاختيار وصاحب إيمان البأس كالمجلئ إلى الإيمان والإيمان لا ينفع صاحبه إلا عند القدرة على خلافه حتى يكون المرء مختارا ولأن متعلق الإيمان هو الغيب وأما من يشاهد نزول الملائكة لعذابه فهو خارج عن موضوع الإيمان واللّه تعالى أعلم." أهـ
 
الإيمان في اصطلاح الشيخ الأكبر ابن العربي  في بحث د. سعاد الحكيم :
حول مصطلح "الإيمان" ومعانيه عند الشيخ الأكبر بالنقاط التالية :
أولا : الإيمان هو فعل التصديق عامة .
إن الإيمان هنا غير مرتبط بالإسلام ، فهو فعل التصديق بشكل عام ، فكل من صدق آمن وإن كان موضوع تصديقه ضلالا ،
 وابن العربي الطائي الحاتمي بذلك ينهج نهج القرآن فيقول :
" أما الإيمان فهو أمر عام وكذلك الكفر الذي هو ضده ، فإن الله قد سمى مؤمنا من آمن بالحق ، وسمى مؤمنا من آمن بالباطل ، وسمى كافرا من يكفر بالله وسمى كافرا من يكفر بالطاغوت “.
ثانيا : الإيمان هو نور من الله ، قابل لكل ما يرد منه من دين أو شرع، حاصل في قلب العبد، موصلا إياه إلى الأمن، فهو إذن تصديق واستعداد للتصديق، قبل المشاهدة والعيان وبعدهما.
 
يقول الشيخ ابن العربي :
" إن الإيمان عبارة عن نور حاصل من قبل الحق تعالى ، متعين من حضرة الاسم الرحيم والهادي والمؤمن لإزالة ظلمة الهوى والطبع ، قابل لكل ما يرد منه من دين أو شرع أو نحوهما فيستحق حامله ... الأمن من سخط الرحمن ، فيسمى بهذا الوصف والحكم الخاص إيمانا وتصديقا “.
 
ثالثا : إن الإيمان طاقة قابلة للإيمان ، وليس إيمانا بنص محدود ، وهذه من أمهات الأفكار عند الشيخ الأكبر ، إذ إن كل ما في الإنسان من القوى كالخيال والفكر يتحول إلى طاقة مستعدة لقبول أية صورة ترد عليها ، فكمال علم كل قوة من قواه في تخلصها من كافة ما تعلم ورجوعها إلى حالة الاستعداد” ...
يظهر ذلك عند الشيخ من خلال هذا البيت :
لقد صار قلبي قابلا كل صورة ....  فمرعى لغزلان ودير لرهبان “ .
هنا يشير ابن العربي الطائي الحاتمي إلى وصول القلب عنده إلى مرتبة كماله ؛ لأن كمال القلب هو في رجوعه إلى حالة الاستعداد التي أشرنا إليها ، وعندما يصل إلى هذا الكمال يقبل كل صورة .
 
رابعا : فسر شيخنا الأكبر الإيمان من خلال التوازن النفسي الذي يعطيه للشخصية ، بل جعله عين ذلك التوازن ، هذا التوازن هو في الواقع ثمرة الوصول ، فيقول :
" الإيمان : هو عبارة عن استقرار القلب وطمأنينة النفس “.
 
وبهذا فارق ابن العربي الطائي الحاتمي علم النفس الحديث بجعله الإيمان فعلا سلبيا المؤمن فيه قابلا للإيمان وليس فاعلا له ، فالإيمان نور من الله وهو هديته لأهل منته وأحبابه “ .
 
تقول د. سعاد الحكيم في المعجم الصوفي للإيمان معنيان عند ابن العربي:
الإيمان هو فعل التصديق عامة، وضده الكفر.
أن الإيمان هنا غير مرتبط بالإسلام. فهو فعل التصديق بشكل عام بعيدا عن موضوع التصديق، فكل من صدق آمن وان كان موضوع إيمانه ضلالا.
 
وابن العربي بذلك ينهج نهج القرآن يقول:
" وأما الإيمان فهو امر عام 4 وكذلك الكفر الذي هو ضده؟،
فان اللّه قد سمى مؤمنا من آمن بالحق 5 وسمى مؤمنا من آمن بالباطل 6 وسمى كافرا من يكفر باللّه 7 وسمى كافرا من يكفر بالطاغوت 8 ". (فتوحات 3/ 338).
وفي نص آخر يبين ابن العربي :
ان الإيمان هو تصديق عامة، وان العبد سمى مؤمنا في كل فعل ايمان، ولكن فعل ايمانه باللّه يعطيه اسم " الحنيف " اي المائل يقول:
" ولهذا قال فيه حنفاء للّه 9 أي مائلين به إلى جانب الحق الذي شرعه واخذه على المكلفين من جانب الباطل، إذ قد سماهم الحق مؤمنين في كتابه
فقال في طائفة: انهم آمنوا بالباطل وكفروا باللّه فكساهم حلة الإيمان.
فما الإيمان مختص بالسعداء ولا الكفر مختص بالأشقياء، فوقع الاشتراك وتميزه قرائن الأحوال. . . " (فتوحات 4/ 57).

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:22 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 15 مارس 2020 - 1:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الأولى الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
الفقرة الأولي:                                           الجزء الثالث
كلمات ومصطلحات وردت في فص حكمة علوية في كلمة موسوية
تقول د . سعاد الحكيم :
الإيمان هو نور من اللّه 10 قابل لكل ما يرد منه من دين أو شرع، حاصل في قلب العبد، موصلا إيّاه إلى الأمن 11 فهو إذن تصديق واستعداد للتصديق 12 قبل المشاهدة والعيان وبعدهما.
 
يقول الشيخ رضي الله عنه  :
أن الإيمان عبارة عن نور حاصل من قبل الحق تعالى، متعين من حضرة الاسم الرحيم والهادي والمؤمن لإزالة ظلمة الهوى والطبع، قابل لكل ما يرد منه [من الحق تعالى] من دين أو شرع أو نحوهما فيستحق حامله. . .
الأمن من سخط الرحمن، فيسمى بهذا الوصف والحكم الخاص أيمانا وتصديقا، وعلى التحقيق أنما هو أول اعتبار من العلم متعلق بالدين والشرع. . . من غير اعتبار تأييد بدليل وبرهان عقلي أو سمعي أو كشفي. . .
والدليل على كونه نورا قول النبي صلى اللّه عليه وسلم: فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور 13. . .
وأما الدليل على وروده على القلب 14 قوله عز من قائل " أولئك كتب في قلوبهم الإيمان" (58/ 22). . . " (تحرير البيان في تقرير شعب الإيمان ص 2 - 3).
 
". . . ان حقيقة الأيمان كالشمس: تشرق على بصائر القلوب دون حجاب. . . ويعبر عنه في اصطلاح القوم باسفار صبح الكشف وهو: مقام عين اليقين.
فإذا حالت بينهما غيوم الغفلات والهوى نقص الإشراق. . . فإذا ذهبت الغيوم والهوى زاد في إشراقه فاستقر القلب واطمأنت النفس وانبسطت الجوارح للعبودية 21. فالنور 22 هدية اللّه لأهل منته 23 وأحبابه وأوليائه والسعداء من عبيده ". (تذكرة الخواص فقرة 79).
 
وهناك نص آخر يظهر فيه الإيمان طاقة قابلة للإيمان، وليس إيمانا بنص محدود وهذه من أمهات الأفكار عند الشيخ الأكبر.
إذ أن كل ما في الإنسان من القوى كالخيال والفكر يتحول إلى طاقة مستعدة لقبول آية صورة ترد عليها، فكمال 15 علم كل قوة من قواه في تخلصها من كافة ما تعلم ورجوعها إلى حالة الاستعداد 16.
" ولقد آمنا باللّه وبرسله وما جاء به مجملا ومفصلا مما وصل إلينا من تفصيله وما لم يصل إلينا 17، ولم يثبت عندنا فنحن مؤمنون بكل ما جاء به. . .
أخذت ذلك عن ابويّ اخذ تقليد. . . فعملت على إيماني بذلك حتى كشف اللّه عن بصري وبصيرتي وخيالي. . .
فصار الأمر لي مشهودا والحكم المتخيل المتوهم بالتقليد موجودا. . .
فلم أزل أقول واعمل ما أقوله واعمله لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم لا لعلمي ولا لعيني ولشهودي، فواخيت بين الإيمان والعيان 18 وهذا عزيز الوجود في الاتباع.
فان مزلة الاقدام للاكابر انما تكون هنا:
إذا وقعت المعاينة لما وقع به الإيمان فتعمل على عين "اي عن شهود" لا على إيمان فلم يجمع بينهما. . . والكامل من عمل على الإيمان مع ذوق العيان وما انتقل ولا اثر فيه العيان. . . " (فتوحات 3/ 323).
 
تقول د . سعاد الحكيم :
وقد فسر شيخنا الأكبر الإيمان من خلال التوازن النفسي الذي يعطيه للشخصية بل جعله عين ذلك التوازن، هذا التوازن هو في الواقع ثمرة الوصول 19.
ولكنه فارق علم النفس الحديث بجعله الأيمان فعلا سلبيا المؤمن فيه قابلا للإيمان وليس فاعلا له، فالأيمان نور من اللّه وهو هديته لأهل منته وأحبابه.
 
يقول الشيخ ابن العربي:
" الإيمان، هو عبارة عن استقرار القلب وطمأنينة النفس. وذلك ان العبد لما كان طالبا لربه مترددا في طلبه مرة إلى الوثن ومرة إلى الشمس والقمر ومرة إلى النيران، وهو في ذلك كله متحير 20 لا يستقر ولا يسكن، فلما علم اللّه منه صدق القصد أفاض على قلبه نور الهداية فاستقر القلب واطمأنت النفس. . . " (تذكرة الخواص فقرة 78).
 
يقول الشيخ ابن العربي عن إيمان فرعون :
علم فرعون صدق موسى عليه السلام وأضمر الإيمان في نفسه الذي أظهره "الإيمان " عند غرقه حين رأى البأس " (فتوحات 3/ 421 طبعة بولاق).
 
فلما اخذ "فرعون" قلوبهم "قلوب قومه" بالكلية إليه ولم يبق للّه فيهم نصيب يعصمهم، اغضبوا اللّه فغضب فانتقم فكان حكمهم في نفس الأمر خلاف حكم فرعون في نفسه، فإنه علم صدق موسى عليه السلام، وعلم حكم اللّه في ظاهره بما صدر عنه وحكم اللّه في باطنه بما كان يعتقده من صدق موسى فيما دعاهم إليه، وكان ظهور إيمانه المقرر في باطنه عند اللّه مخصوصا بزمان مؤقت لا يكون إلا فيه وبحالة خاصة فظهر الإيمان لما جاء زمانه وحاله فغرق قومه آية ونجا فرعون ببدنه دون قومه عند ظهور إيمانه آية، فمن رحمة اللّه بعباده قال فاليوم ننجيك ببدنك يعني دون قومك لتكون لمن خلفك آية أي علامة لمن آمن باللّه أن ينجيه اللّه ببدنه. . . " (فتوحات 3/ 217 بولاق).
 
فعلم " فرعون" أن الذي أرسلا "موسى وهارون" به هو الحق، فحصل القبول في نفسه وستر ذلك عن قومه. . .
فلما رأى البأس قال آمنت فتلفظ باعتقاده الذي ما زال معه فقال له اللّه: "الأن" قلت ذلك.
فاثبت اللّه بقوله الأن انه آمن عن علم محقق واللّه اعلم. . . "
(فتوحات 3/ 697 بولاق).
 
فقالت : "امرأة فرعون" لفرعون في حق موسى انه" قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " [28/ 9] فبه قرّت عينها بالكمال الذي حصل لها. . .
وكان قرة عين لفرعون بالأيمان الذي أعطاه اللّه عند الغرق فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث، لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام.
والإسلام يجبّ ما قبله. . . " (فصوص الحكم ج 1 ص 201).
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:23 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 15 مارس 2020 - 8:02 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثانية :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
 
25 -  فص حكمة علوية في كلمة موسوية
هذا فص الحكمة الموسوية ، ذكره بعد حكمة هارون عليه السلام ، لأن اللّه تعالى وهبه رحمة لأخيه موسى عليهما السلام كما قال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا( 53 ) [ مريم:53].
والرحمة سابقة على المرحوم بها ولأنه أكبر من موسى عليه السلام في السن فهو مقدم عليه في الذكر فيوجد قبله في الرسم .
قال صلى اللّه عليه وسلم : « الأكبر من الأخوة بمنزلة الأب » . رواه الطبراني في المعجم الكبير ورواه ابن عبد البر في الاسيتعاب ورواه غيرهما .
فص حكمة علوية منسوبة إلى العلو وهو الرفعة والشرف في كلمة موسوية .
" قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) سورة طه "
إنما اختصت حكمة موسى عليه السلام بكونها علوية لارتفاعها على حكمة أخيه وشرفها عليها ، فإن نبوة موسى عليه السلام أكبر وأعظم من نبوة أخيه هارون عليه السلام لتبعيته له .
قال تعالى : سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ [ القصص : 35 ] وما شد به العضد كان تابعا .
 
قال رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى عليه السلام لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل لأجله لأنّه قتل على أنّه موسى . وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته على موسى عليه السّلام أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسيّة ، بل هي على فطرة " بلى " . فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو؛ فكلّ ما كان مهيّئا لذلك المقتول ممّا كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السّلام .  وهذا اختصاص إلهيّ لموسى لم يكن لأحد قبله . فإنّ حكم موسى كثيرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهيّ في خاطري . فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
 
قال رضي الله عنه :  (حكمة) تقدير اللّه تعالى (قتل الأبناء) جمع ابن بأمر فرعون ، فإن الكهنة قالوا لفرعون إنه يولد مولود يكون هلاكك وهلاك قومك على يديه ، فكان يقتل كل مولود يولد حتى قتل أولاد كثيرون لاحتمال أن يكون واحد منهم هو الغلام المذكور ، ثم سلم اللّه تعالى موسى عليه السلام ، ووضعته أمه وحفظه اللّه تعالى من شر عدوّه حتى كان سبب هلاك فرعون وقومه وإغراقهم في البحر بإذن اللّه تعالى ، ولم يمنع الحذر من القدر .
قال رضي الله عنه :  (من أجل) ظهور (موسى عليه السلام لتعود إليه) ، أي إلى موسى عليه السلام بالإمداد له أي تقوية الروحانية (حياة كل من قتل) من أبناء المذكورين (من أجله) ، أي موسى عليه السلام (لأنه) ، أي كل من قتل إنما قتل بناء (على أنه) ،
 
أي ذلك المقتول (موسى) عليه السلام (وما ثم) ، أي هناك في نفس الأمر (جهل) للحق تعالى بموسى عليه السلام بل قدر اللّه تعالى ذلك على علم منه سبحانه بأن كل مقتول هو غير موسى عليه السلام وتقدير اللّه تعالى ليس بعبث بل كل أفعاله جارية على الحكمة (فلا بد أن تعود حياته) ، أي كل مقتول (على موسى) عليه السلام (أعني حياة المقتول من أجله) ، أي موسى عليه السلام (وهي) ، أي تلك الحياة التي لكل مقتول (حياة طاهرة) من الطهارة التي هي ضد الدنس ، أي نظيفة كائنة (على الفطرة) ، أي على الخلقة الأصلية وهي فطرة الإسلام لأنهم كانوا كلما ولد مولود حي ذبحوه .
 
قال تعالى :فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ[ الروم : 30 ] .
وفي الحديث : كل مولود يولد على الفطرة ولكن أبواه يهوّداته أو ينصرانه أو يمجسانه » .
رواه البخاري ورواه مسلم ورواه غيرهما .
 
 لم تدنسها ، أي تلك الحياة الأغراض بالمعجمة أي الحظوظ والمقاصد النفسية ، أي المنسوبة إلى النفس بل هي ، أي تلك الحياة على فطرة أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى أي نعم أنت ربنا كما قال تعالى (: أي خلقة عالم الذر) حين جمع اللّه تعالى ذرية آدم عليه السلام وهم كالذر فتجلى عليهم
وقال لهم : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ( 173 ) [ الأعراف : 172 - 173 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (فكان موسى) عليه السلام (مجموع حياة) كل (من قتل) ، من الأبناء المذكورين بناء (على أنه) ، أي
ذلك المقتول (هو )، أي موسى عليه السلام (فكل ما كان مهيئا) بطريق الإمكان (لذلك المقتول) من الأبناء (مما كان استعداد روحه) ، أي روح ذلك المقتول (له) من أنواع الكمال التي لو عاش في الدنيا ذلك المقتول لنافسها ووصل إليها بقوّة روحانيته وقبلتها حقيقته من الجناب المقدس .
 
قال رضي الله عنه :  (كان) ذلك (في موسى عليه السلام وهذا) الأمر المذكور (اختصاص إلهي بموسى) عليه السلام (لم يكن لأحد) من الأنبياء عليهم السلام (قبله) ، أي موسى عليه السلام ،
ولعل هذه هي الحكمة في كثرة الأنبياء في بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام ، وكانوا يحكمون بالتوراة فكأنما موسى عليه السلام لما كان مجموع حياة كل من قتل تفرق ذلك المجموع بموت موسى عليه السلام
فكانت كل حياة في نبي من الأنبياء الذين جاؤوا بعد موسى عليه السلام ممدة من تلك الحياة المجموعة ،
فقد روي أن اللّه تعالى بعث بعد موسى عليه السلام إلى عصر عيسى عليه السلام أربعة آلاف نبي ، وقيل : سبعين ألف نبي وكلهم كانوا على دين موسى عليه السلام .
حتى روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال : "كل الأنبياء عليهم السلام من بني إسرائيل إلا عشرة : نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلى اللّه عليه وسلم" . رواه الحاكم في المستدرك ورواه الطبراني في الكبير وضياء المقديسي في المختارة والبيهقي وغيرهم.
 
ولا يذهب عليك أن هذا هو التناسخ الباطل ، فإنه مجرد إمداد من حضرة الروح الكل بدلا عن إمداد تلك الأرواح التي انقصرت عن التصرف في أجسامها لعروض الفساد في الأجسام ، وليس هذا انتقال الأرواح كما يزعم أهل التناسخ ؛ ولهذا كانت العبارة هنا بلفظ الحياة والإمداد .
 
قال رضي الله عنه :  (فإنّ حكم) جمع حكمة (موسى) عليه السلام أو ما أودع اللّه تعالى في أحواله ووقائعه من الأسرار (كثيرة ) لا تحصى (وأنا إن شاء اللّه) تعالى أسرد ، أي أذكر (منها) ، أي من تلك الحكم (في هذا الباب) ، أي النوع من أنواع العلم الإلهي (على قدر ما يقع به الأمر الإلهي) ، أي الإلهام الرباني (في خاطري) من غير فكر أصلا ، لأن الفكر ظلمة النفس فلا يمكن أن يكتسب بها أحد نور العلم الرباني (فكان هذا) ، أي ما ذكر من حكمة قتل الأبناء من أجل موسى عليه السلام أوّل ما شوفهت ، أي خوطبت من حضرة الإلهية (به) في قلبي (من هذا الباب) ، أي النوع من أنواع العلم الإلهي .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .  )
 
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
أورد الحكمة العلوية في كلمة موسى عليه السلام فإن علو موسى عليه السلام يقتضي من هو علا عليه باعتبار إبطال دعوى علوية من هو علا عليه وأنه قال تعالى في حقه :لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى[ طه : 68 ]
فكان موسى عليه السلام علا على من ادّعى العلوية الربوبية بقوله "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى " فأبطل دعويه الكاذبة وسحره ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ) عليه السلام ( ليعود إليه ) أي إلى موسى عليه السلام ( بالامداد حياة كل من قتل من أجله ) أي يمددن موسى عليه السلام في هلاك فرعون ويعينونه فيه فكان موسى أعلى على فرعون بالامداد من أرواحهم وإنما يعود إليه بالامداد .
 
قال رضي الله عنه :  ( لأنه قتل على أنه موسى وما ثمة ) أي وما في قتل الأبناء من أجل موسى ( جهل ) لعلمه بأن من الكائن قد يدفع بمباشرة الأسباب إذ ليس بلا حكمة يعني ما قتل الأبناء من أجل موسى عن جهل بل إنما قتل من أجله عن علم وحكمة وهي العود إليه بالامداد .
ولو لم يقتل من أجل موسى لا يعود إليه بالامداد فقد كان في علمه تعالى أن موسى لا يعلو على فرعون إلا بالامداد ممن قتل من أجله على يد فرعون إلا ما هو في علم اللّه
ويجوز أن يكون معناه وما ثمة جهل أي وما قتل الأبناء على أنه موسى عليه السلام جهل بل علم قتل كل واحد منهم على أنه موسى بالنص الإلهي أو معناه وما جهل فرعون أن قتل الأبناء على أنه موسى عليه السلام ليس بموسى فكان ذلك القتل عمدا وظلما فوجب عليه القصاص فعلى كل حال .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله ) وفيه معنى لطيف وهو أنه لما قتل فرعون على أنه موسى وجب عليه القصاص فوجب على موسى أداء من قتل من أجله فاجتمعوا مع موسى وطلبوا حقهم منه .
فكأنهم قالوا يا موسى إنا قد قتلنا من أجلك فكان لنا حقا ثابتا عليك فأدّ إلينا حقنا فقتل موسى فرعون أداء لما هو عليه من حقهم فما كان قتل فرعون على الحقيقة إلا قصاصا ( وهي ) أي حياة المقتول .
 
قال رضي الله عنه :  ( حياة ظاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية بل هي على فطرة بلى ) فهي أرواح لطيفة مجردة عن تعلق الصور المادية وأنوار لطيفة وكذلك روح موسى نور لطيف فناسب كل منهم الآخر كذلك اتحد كلهم كاتحاد نور القمر والشمس في النهار
فمثل هذه الأرواح للطافتها قد يتحد بعضها مع بعض ويمتاز أخرى كما يمتاز نور القمر عن نور الشمس بعد اتحاده معها في النهار فإذا انقطع روح موسى عن تعلق الصورة الموسومة العنصرية افترقوا عنه
وامتاز كل واحد منهم على الآخر كما امتاز قبل الاتحاد فانفرد كل واحد منهم كما انفرد قبل الاجتماع ورجع إلى مقامهم الأصلي فانفرد روح موسى كما انفرد قبله فإن لكل صورة روح خاص عند اللّه ممتاز عن روح الصورة الأخرى وبهذا المذكور قد انقطع وهم التناسخ من ظاهر كلامه ( فكان موسى ) أي فإذا اجتمع هذه الأرواح الطيبة اللطيفة في حياة موسى
وكان موسى ( مجموع ) بالنصب خبر كان ( حياة من قتل على أنه هو وكل ما كان مهيئا لذلك المقتول ) قوله ( مما ) بيان لما ( كان استعداد روحه ) الضمير يرجع إلى المقتول ( له ) راجع إلى ما في قوله مما ( كان في موسى ) أي ظهرت تلك الكمالات المهيئات للمقتول في استعداد روحه في صورة موسوية .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) الأمداد ( اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد قبله ) من الأنبياء ولا يكون أيضا بعده فلا تعجب اختصاص هذا الحكم بموسى دون غيره من الأنبياء ( فإن حكم موسى ) أي فإن الأحكام الإلهية المختصة لموسى ( كثيرة ) فإن شأن موسى في اختصاص الأحكام الإلهية لا كشأن سائر الأنبياء قبله .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنا إن شاء اللّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما بلغ به الأمر الإلهي في خاطري وكان هذا ) الاختصاص المذكور ( أول ما شوفهت ) أي خوطبت ( به ) مشافهة ( من هذا الباب )
 أي من الفص الموسوي فإذا كان الأمر في حق موسى على ما ذكرناه.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .  )


قال رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى. وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى». فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام. وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .  )
 
قلت: قال، رضي الله عنه: حكمة قتل الأبناء هو من أجل موسی، عليه السلام، ليجوز حياتهم كلهم وذواتهم وعلومهم وبالجملة جميع ما يقبله استعدادهم من مراتب الحياة الشريفة، فكان فرعون في قتل أبناء بني اسرائيل خادما لموسى عليه السلام وهو لا يشعر على ما قرره الشيخ رضي الله عنه. 
قال: وهذا اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد ممن هو قبله. 
قال: وحكم موسی كثيرة ووعد أن يذكر منها ما يتيسر. 
وقوله: على قدر ما يرد به الأمر فيه الخاطر.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .  )


25 - فصّ حكمة علويّة في كلمة موسوية
إنّما أضيفت هذه الحكمة العلوية إلى الكلمة الموسوية ، لما جعل الله هذه الكلمة هي العليا ، وكلمة فرعون والسحرة وآل فرعون هي السفلى ، فقال :   " لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى " [طه : 68]   فأشركه الله في صفته الأعلويّة وإن كانت أعلوية الله مطلقة وأعلوية موسى نسبية ،
 وذلك من قوله تعالى : " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " [الأعلى : 1 ] صفة لـ " ربّك " ولما قال فرعون: " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى [النازعات : 24 .]  
وقال الله تعالى في حقّه :   " إِنَّه ُ كانَ عالِياً من الْمُسْرِفِينَ " [الدخان : 31] وهم أهل الغلوّ في العلوّ ، فأعلم الله موسى أنّه هو الأعلى ، فأعلوية موسى بالنسبة إلى فرعون وغلوّه في علوّه ، وأعلوية الله لا بالنسبة والإضافة ، فهو الأعلى بذاته لذاته في ذاته وفي كل عال وأعلى ، والعلوّ والأعلويّة له أولى وأولى .
"" أعلى الله مكانته ، وأخبره أنّه هو الأعلى ، فقال : " لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى " وأعلى الله كلمته العليا على من ادّعى العلوّ بقوله: "أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى" و "كانَ عالِياً من الْمُسْرِفِينَ" .""


قال رضي الله عنه  : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل من أجله ، لأنّه قتل على أنّه موسى ، وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته على موسى ، أعني حياة المقتول من أجله ، وهي حياة ظاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النفسية ، بل هي على فطرة « بَلى » فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو ، فكلّ ما كان مهيّئا لذلك المقتول - ممّا كان استعداد روحه له - كان في موسى عليه السّلام وهذا اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد قبله ، فإنّ حكم موسى كثيرة ) .
 
قال العبد : اعلم : أنّ النفس الكلَّية أحدية جمع النفوس الجزئية الإنسانية ، وهي إنّما تعيّنت في صورتها الكلَّية أحدية جمعية كلَّية لحقائقها الكلية الجزئية ، ثمّ تعيّنت في صور حقائقها الكلية في النفوس السماوية الكلَّية المحيطة الفلكية أوّلا فأوّلا ، ثم تعيّنت لحقائقها التابعة التفصيلية في الأجزاء الفلكية من الدرج والدقائق والثواني والثوالث ، بالغا ما بلغ ، فما من جزء من الأجزاء الفلكية السماوية إلَّا وقد قبلت روحا ونفسا بحسب أمزجتها الفلكية الطبيعية وهم الملائكة والأرواح الفلكية النورانية .
 
وهم على طبقات وجدت في كل فلك فلك ، وسماء سماء ، وجزء وجزء من أجزائه على مزاج خاص وطبيعة خصيصة بذلك الفلك والاسم المستوي على عرش تلك السماء أو الفلك ، حتى عمّر الله بهم الأفلاك والسماوات ، فمنهم حملة العرش والكروبيّون والحافّون والصافّون ، وكلَّهم طبيعيون نورانيّون ، ولهم صور طبيعية عرشية وفلكية ، ثمّ سماوية ، والنفس من ورائهم محيطة بالإمداد والنور والروح والحياة .
وإمدادها لهم بالفيض النوري الروحي الذي يقبله من التجلَّيات الأسمائية الذاتية . ومن جملة ما تشتمل عليه هذه النفس الكلية التي هي مظهر الاسم المفصّل ، واسمها في لسان الشرع اللوح المحفوظ وهي أمّ الكتاب المفصّل والتي تحتوي عليه هي الأرواح البشرية الإنسانية الكمالية الكلَّية والنفوس البشرية الجزئية ،
وهذا الروح الأعظم الأكمل ، مع من تعيّن من الأرواح والنفوس السماوية يفيض وتفيض الأنوار الروحية والأشعّة النفسية على الطبيعيات والعنصريات فمهما تعيّنت - بحسب التشكَّلات الفلكية والأوضاع الرفيعة السماوية والاتّصالات والانفصالات الكوكبية وامتزاجاتها بموجب مقتضى أرواحها ونفوسها ،
والأسماء الإلهية الظاهرة بها والمتوجّهة إلى إيجاد الصور الأحدية الجمعية الكمالية الإنسانية في العوالم العنصرية السفلية عند الظاهرية المسمّاة بعالم الكون والفساد عرفا رسميا - أمزجة بشرية إنسانية مستعدّة لقبول أرواح إنسانية ،
 
فإنّ فيض الأرواح والنفوس العلوية ، وفيض النفس الكلَّية يتعيّن فيها بحسب ما استعدّت له من الكمالات بالميل التامّ والعشق العامّ من القابل والمقبول إلى صاحبه ،
أعني المزاج العنصريّ وفيض الروح الفلكيّ والكلمة الإلهية المحمولة في ذلك الفيض الروحاني والنفس الرحمانيّ ،
فينبعث في عصر "عصر" من الأرواح الإنسانية من هذا اللوح الإلهي والروح الأعظم الرحماني ما أراد الله إظهاره في ذلك العصر من آياته وأسمائه الكلَّية وكلماته الكمالية ، ولا مانع لتعيّن الفيض الروحي والنور النفسي المحمول في الأنوار والأشعّة الكوكبية في أمزجة خصيصة بها مشاكلة مناسبة لظهور حقائقها وخصائصها فيها وبها إلَّا حصول التعيّن المزاجي العنصري وكمال التسوية لقبول النفخ الملكي الإلهي للروح فيه ، فافهم هذا الأصل الكلَّيّ والضابط الإلهي الجمليّ .
 
ثمّ اعلم : أنّه لمّا أراد الله إظهار آياته الكاملات وكلماته الفاضلات وحكمه العامّات التامّات الشاملات في الكلمة الموسوية ، وسرى حكم "حكم" هذه الإرادة في النفس الكلَّية ونزول الوحي الإلهي بذلك إلى عالم العنصر ، وتوجّهت الأسماء الكلية الظاهرة ، والأرواح والأنفس الطاهرة إلى تحصيل مطالبهم وتوصيل مآربهم ، فتعيّنت بموجبها أمزجة كثيرة بحسب حقائق ما في الروح الموسوي قبل تعيّن مزاجه الكامل النبوي ،
فقبلت تلك الأمزجة - من الأنوار والأشعّة والأرواح المنبثّة من النفوس الكلية الفلكية - أنفسا جزئية لا على الوجه الأكمل ، لظهور الكمالات الموسوية وإظهار الآيات التي أراد الله أن يظهرها ، فلمّا لم تكن وافية وكافية في مظهريتها ، أراد الله أن يبدلها ربّها خيرا منها ،
 
وكانت حكماء الزمان وعلماء القبط أخبروا فرعون أنّ هلاكه وهلاك ملكه يكون على يدي مولود يولد في ذلك الزمان ، فأمر فرعون بقتل كل ولد يولَّد في ذلك الزمان ، ولم يعلم أنّ الذي قدّر الله هلاكه وهلاك ملكه على يده ، وأراد الله حياته ، لن يظفر به ولن يقدر عليه ، فإنّه لا رادّ لأمر الله ولا معقّب لحكمه ،
 
فقتلوا بأمر فرعون كلّ مولود ولد ووجد في ذلك الزمان على أنّه ذلك الذي يكون هلاك فرعون على يده ، فقتلت عن نفوسها ،
أعني تلك الصورة والأشخاص والأمزجة التي قبلت تلك الأرواح الحاصلة للأسرار الكمالية والفضائل الروحانية التي كان ظهورها في موسى عليه السّلام أكمل وأتمّ ،
ولا شكّ أنّ الزمان زمان ظهورها ، والأمر الإرادي الإلهي قد نفذ بذلك ، فلمّا تبادرت بالظهور ، قبل تكامل النور ، وبلوغ عين الزمان والوقت الذي فيه التجلَّي الجامع لحقائق الحكم والآيات والكمالات التي للكلمة الموسوية ، فقبلت على اسمه ،
لما علم الله أنّ ظهورها في مزاج واحد كلي محيط بما كانت متفرّقة فيها أجمع وأتمّ وأنفع وأعمّ ، فتوجّهت أرواح هؤلاء المقتولين إلى الروح الموسوي الكمالي الموجّه من الله لإظهار ما أراده ومظهريته ، على الوجه الأفضل الأكمل ،
فاتّصلت الأنوار بنوره ، وتحصّلت الأرواح إلى روحه ، فتجمّعت فيه خصائص الكلّ ، وحقائق الفرع والأصل ، فكان الروح الموسوي مجموع تلك الأرواح كلَّها وجامعها ،
 
فتضاعفت القوى وتقوّت ، وتكاملت الأنوار واستوت ، وتعيّن مزاجه الشريف الجسماني المبارك عليه السّلام فنفخ الله فيه هذا الروح الكامل الجامع الموسوي المجموع ، ولهذا كانت آياته ومعجزاته في كمال الوضوح والظهور ، لكمال توجّه الهمم الروحانية والنفوس والملائكة وهمم أهل الزمان أجمعهم ، فظهر أمر الله وشأنه ، وغلبت حجّته وبرهانه ، وغلبت قوّته وسلطانه ، وقهر فرعون وآله و حكمه وأنصاره وأعوانه ، الحمد لله .
 
قال رضي الله عنه  : ( وأنا إن شاء الله تعالى أسرد منها "يعني من الحكم الموسوية " في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري ، فكان أول ما شوفهت به من هذا الباب).
 
قال العبد : اعلم : أنّ القرب والبعد نسبتان للقريب والبعيد من الحق من المقامين الإلهيّين ، وعليهما تترتّب مراتب السعادات والولايات ، وكذلك الشقاوات ومحالّ البعد .
المقام الأوّل : مقام الأحدية الإلهية ، فإنّ الكثرات كلَّها منها تنزّلت وتفصّلت وتعدّدت ، فمن كانت الوسائط بينه وبين الموجد الواحد الأحد أقلّ ، فهو أقرب ،
وكذلك التعينات الأوّل أوّل ما تظهر وتبدو - تكون قريبة من ربّها الذي هو قيّامها ، وقيّوم  يقوم بإقامة صورته ، فيسخّر بمقامه من ربّه وموجده من ليس له هذا النوع من القرب الأوّلي في الظهور والحدوث ، كالصغار من الأولاد ،
فإنّ الحق الظاهر المتعيّن في صورهم يسخّر لهم من طال مكثه في قبول التجلَّيات مدّة مديدة ، وله حكم آخر كمالي غير هذا القريب وهو الثاني ، وذلك هو القرب الحقيقي الذاتي الإلهي الكمالي من حيث الصورة الأحدية الجمعية الكمالية الإلهية الإنسانية ، فمن كانت نسبته من هذه الجمعية الكمالية أكمل وأتمّ ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .  )


25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
إنما خصت الكلمة الموسوية بالحكمة العلوية ، لعلوه على من ادعى الأعلوية ، فقال : " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " فكذبه الله تعالى بقوله لموسى : " إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى " على القصر يعنى لا هو مع أنه تعالى وصفه بالعلوية في قوله : "من فِرْعَوْنَ إِنَّه كانَ عالِياً من الْمُسْرِفِينَ ".
ولعلو درجته في النبوة بأن كلمه الله بلا واسطة ملك ، وكتب له التوراة بيده تعالى ، كما ورد في الحديث ، ويقرب مقامه من مقام الجمعية التي اختص بها نبينا صلى الله عليه وسلم المشار إليه بقوله :"وكَتَبْنا لَه في الأَلْواحِ من كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ".
وبكثرة أمته كما أخبر عليه الصلاة والسلام في حديث القيامة حال عرض الأمم عليه أنه لم ير أمة نبي من الأنبياء أكثر من أمة موسى عليه السلام وبكثرة معجزاته .
 
قال رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود عليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى وما ثمة جهل فلا بد أن تعود حياته على موسى أعنى حياة المقتول من أجله ، وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية بل هي على فطرة بلى ، فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو ، فكل ما كان مهيأ لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له كان في موسى عليه السلام ، وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد قبله فإن حكم موسى كثيرة ، وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري ، فكان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب ).
 
اعلم أن التعينات اللاحقة للوجود المطلق بعضها كلية معنوية كالتعينات الجنسية والنوعية والصنفية ، والنسب التي تحصل بها أسماء الله الحسنى المرتبة الشاملة بعضها لبعض شمول اسم الله والرحمن سائر الأسماء ،
وبعضها جزئية كالتعينات الغير المتناهية المندرجة تحت الأولى ، فتحصل من نسبة الأولى إليها أسماء غير متناهية في حضرات أمهات الأسماء المتناهية ،
والتعينات الأولية تقتضي في عالم الأرواح حقائق روحانية مجردة وطبائع كلية ، فالتعيين الأول هو العقل الأول المسمى أم الكتاب ، والقلم الأعلى والعين الواحدة والنور المحمدي كما ورد في الحديث « أول ما خلق الله العقل » وفي رواية « نوري وروحى » وهو يتفصل بحسب التعينات الروحانية إلى العقول السماوية والأرواح العلوية والكروبيين وأرواح الكمل من الأنبياء والأولياء ،
 
فالعقل الأول هو متعين كل طبيعي ، يشمل جميع المتعينات ويمدها وبقومها ويفيض عليها النور والحياة دائما ، ثم يتنزل مراتب التعينات إلى تعين النفس الكلية المسماة باللوح المحفوظ ، ونسبتها إلى النفوس الناطقة المجردة الطاهرة في مظاهر جميع الأجرام السماوية أفلاكها وكواكبها ، وإلى النفوس الناطقة الإنسية بعينها نسبة العقل الأول إلى الأنواع والأصناف التي هي تحتها في عالمها ،
وهذه النفس الكلية أيضا مراتب تعيناته في التنزل ، ثم مراتب النفوس المنطبعة في الأجرام التي يسمى عالمها عالم المثال ،
ثم مراتب العناصر التي هي آخر مراتب التنزلات ، وكلها تعينات الوجود الحق المتجلى في مراتب النفوس بصور التعينات الخلقية وشئونها الذاتية كما مر غير مرة فالأرواح المتعينة بالتعينات الكلية من المجردات العقلية والنفوس السماوية والأرواح النبوية مفيضات وممدات لما تحتها من الأرواح المتعينة بالتعينات الجزئية البشرية ، ومقومات لها تقويم الحقائق النوعية أشخاصها ، ومدبرات وحاكمات عليها سياسة لها سياسة الأنبياء أممها والسلاطين خولها ،
ومن هذا يعرف سر قوله « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » ويفهم معنى قوله :" إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً ".
 
 والأرواح المتعينة بالتعينات الجزئية والهيئات المزاجية الشخصية تحت قهرها وسياستها وتصريفها بحسب إرادتها ،
فهي بالنسبة إليها كالقوى الجسمانية والنفسانية والروحانية على اختلاف مراتبها بالنسبة إلى روحنا المدبرة لأبداننا ،
وكالخدم والأعوان والعبيد بالنسبة إلى المخادم والسلاطين والموالي ، وكالأمم والأتباع بالنسبة إلى الأنبياء والمتبوعين .
إذا تقرر هذا فنقول : أرواح الأنبياء هم التعينات بالتعينات الكلية في الصف الأول ، وأرواح أممهم بل أكثر الملائكة والأرواح والنفوس الفلكية كالقوى والأعوان والخدم بالنسبة إليهم ، ومن هذا يعرف سر سجود الملائكة لآدم ، وسر طاعة أهل العالم العلوي والجن والإنس لسليمان ولذي القرنين وسر إمداد الملائكة للنبي عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى :" أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ من الْمَلائِكَةِ " الآية ،
 
فعلى هذا كانت الأبناء الذين قتلوا في زمان ولادة موسى هي الأرواح التي تحت حيطة روح موسى عليه السلام وفي حكم أمته وأعوانه ،
فلما أراد الله إظهار آيات الكلمة الموسوية ومعجزاتها وحكمها وأحكامها ، وقدر الأسباب العلوية والسفلية من الأوضاع الفلكية والحركات السماوية المعدة لمواد العالم ، والامتزاجات العنصرية والاستعدادات القابلة المهيأة لظهور ذلك وقرب زمان ظهوره ، تعينت أمزجة قابلة لتلك الأرواح فتعلقت بأبدانها ،
وكان علماء القبط وحكماؤهم أخبروا قومهم أنه يولد في ذلك الزمان مولود من بني إسرائيل يكون هلاك فرعون وذهاب ملكه على يده ،
فأمر فرعون بقتل كل من يولد من الأبناء في ذلك الزمان حذرا مما قضى الله وقدر ،
ولم يعلم أن لا مرد لقضائه ولا معقب لحكمه
 
فكان ذلك سببا لاجتماع تلك الأرواح في عالمها وانضمامها إلى روح موسى ، وعدم تفرقها وانبثاثها عنه بالتعلق البدني والانفراد في عالم الطبيعة فيتقوى بهم ويجتمع فيه خواصهم ويعتضد بقواهم ،

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:25 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 15 مارس 2020 - 8:03 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :                                         الجزء الثاني
تابع شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
وذلك اختصاص من الله لموسى وتأييد بإمداده بتلك الأرواح كإمداده بالأرواح السماوية وقوى النيرات الناظرة إلى طاعته
فلما تعلق الروح الموسوي ببدنه تعاضدت تلك الأرواح والأرواح السماوية في إمداده بالحياة والقوة والأيد والنصرة ،
وكل ما هو مهيأ لتلك الأرواح الطاهرة من الكمالات فكان مؤيدا بهم بتلك الأرواح كلها ،
ونظير ذلك ما قال أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه ، حين قال له بعض أصحابه عند ظفره بأصحاب الجمل : وددت أن أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك الله به على أعدائك ، فقال : أهوى أخيك معنا ؟
قال : نعم ، قال : فقد شهدنا ، ولقد شهدنا في عسكرنا هذا قوم في أصلاب الرجال وقرارات النساء سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الإيمان ،
فالحكمة فيما دبره الله من قتلهم أن أرواحهم تتلاحق في إمداد موسى حتى يبلغ أشده بما ذكر ،
ثم تتلاحق عند دعوته بالتعلق بأبدانها وتتكامل في القوة والشدة متفقين في تصرفه ، كما قال : سيرعف بهم الزمان ، ويقوى بهم الإيمان .
 
( فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة ) باتصال تلك الأرواح به متوجهة إليه مقبلة نحوه بهواها ومحبتها ونوريتها خادمة له ، ولذلك كان محبوبا إلى كل من يراه لنوريته بتشفيع أنوار تلك الأرواح .
"" إضافة بالي زاده :
فهي أرواح لطيفة مجردة عن تعلق الصور المادية وأنوار لطيفة ،
وكذلك روح موسى نور لطيف فناسب كل منهم للآخر لذلك اتحد كلهم كاتحاد نور القمر والشمس في النهار ، فمثل هذه الأرواح للطافتها قد يتحد بعضها مع بعض ويمتاز أخرى كما يمتاز نور القمر عن نور الشمس بعد اتحاده في النهار ،
فإذا انقطع روح موسى عن تعلق الصورة الموسوية العنصرية افترقوا عنه وامتاز كل واحد عن الآخر ورجع إلى مقامهم الأصلي ، فانفرد روح موسى كما انفرد قبله ، فإن لكل صورة روحا خاصا عند الله ، وبهذا قد انقطع وهم التناسخ من ظاهر كلام الشيخ . أهـ بالى زادة   ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري.  فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .)

24 - فص حكمة علية في كلمة موسوية

إنما اختص موسى ، عليه السلام ، بالحكمة ( العلوية ) ، لقوله تعالى : ( لا تخف إنك أنت الأعلى ) . فعلى بالحق على من ادعى العلو بقوله : ( أنا ربكم الأعلى ) ولعلو مرتبته عند الله اختص بأمور : منها أنه تعالى كلمه بلا واسطة الملك .
ومنها ما جاء في الحديث الصحيح أنه تعالى كتب له التوراة بيده ، وغرس شجرة طوبى بيده ، وخلق جنة عدن بيده ، وخلق آدم بيديه .
ومنها قرب نسبته من المقام الجامعية التي اختص بها نبينا ، صلى الله عليه وسلم .
ومنها كثرة أمته . كما جاء في حديث ( العرض ) في القيامة الكبرى ومنها قوله ، عليه السلام : " لا تفضلوني على موسى : فإن الناس يصعقون ، فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطشا بقائمة العرش . فلا أدرى أجوزي بصعقة الطور ، أو كان ممن استثنى الله تعالى " . وبكمالات أخرى يظهر لمن يتأمل في قصته في القرآن .

قال رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله . لأنه قتل على أنه موسى ، وما ثمة جهل ، فلا بد أن يعود حياته على موسى ، أعني حياة المقتول من أجله . وهي حياة ظاهرة على الفطرة، ولم يتدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة "بلى " ، فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو ، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له ، كان في موسى ، عليه السلام .)
اعلم أنه ، قد مر في المقدمات أن الوجود حقيقة واحدة لا تعدد فيها ولا تكثر ، وتتعدد بحسب التجليات والتعينات ، فتتكثر وتصير أرواحا وأجساما ومعاني روحانية وأعراضا جسمانية . والأرواح منها كلية ومنها جزئية .
فأرواح الأنبياء ، عليهم السلام ، أرواح كلية يشتمل كل روح منها على أرواح من يدخل في حكمه ويصير من أمته ، كما أن الأسماء الجزئية داخلة في الأسماء الكلية على ما بينا في فصل الأسماء . وإليه أشار بقوله تعالى : " إن إبراهيم كان أمة قانتا واحدة لله حنيفا " .
وإذا كان الأمر كذلك ، يجوز أن يتحد بعض الأرواح مع بعض بحيث لا يكون بينهما امتياز ، كاتحاد قطرات الأمطار وأنوار الكواكب مع نور الشمس في النهار .

فإذا علمت هذا ، فلنرجع إلى المقصود فنقول : الحكمة في قتل الأبناء على يد فرعون هي أن تعود أرواحهم مع الروح الموسوي ويمدونه في الغلبة على فرعون وقومه ، وكل من قتل من الأبناء على أنه موسى رجع مع الروح الموسوي ، وأعانه في هلاك فرعون ، لتحصل المجازاة والقصاص الذي لا بد منه الوجود .

وقوله رضي الله عنه  : ( وما ثمة جهل ) معناه أن فرعون كان يقتلهم على أنهم موسى ، وما كانوا عين موسى ، ولا يقتل الشخص لغيره ، كما قال : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
والفاعل الحقيقي هو الحق ، وهو العليم الخبير ، لا يجهل على ما يجرى في وجوده ، ولا يفعل إلا ما ينبغي أن يفعل ، فقتل الأبناء في المادة الفرعونية على أنها موسى كان لعلمه في الأزل على أنهم يجتمعون مع الروح الموسوي في هلاك فرعون ،
فما كان الهلاك عن جهل ، بل عن علم متقن بما هو الأمر عليه ، وإن كان لا يشعر فرعون بذلك تفصيلا، ويشعر به إجمالا، لذلك أمر بقتلهم.
فاجتمعت أرواحهم واتحدت ، فظهرت بالصورة الموسوية استيفاء لحقوقهم وإعانة لربهم ومددا لنبيهم ، إذ كانوا على الفطرة الأصلية والطهارة الأزلية ، ما عملوا شيئا يجب به قتلهم .
فإذا اتحدت وظهرت في الصورة الموسوية ، ظهرت معها جميع ما كانت مهيئا لهم من الاستعدادات والكمالات المترتبة عليها .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد من قبله ) أي ، هذا الاجتماع للإمداد والاتحاد للأرواح اختصاص إلهي لأجل موسى ، عليه السلام ، ولم يكن ذلك لأحد من الأنبياء ، عليهم السلام ، قبل موسى .
ولما كان هذا حكمة من جملة الحكم التي خصه الله بها ، قال : ( فإن حكم موسى كثيرة . وأنا إن شاء الله تعالى أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري . ) أي ، عينه في قلبي للإظهار .

قال رضي الله عنه :  ( فكان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب . ) أي ، أول ما خوطبت به في المكاشفة من الحضرة المحمدية في هذا الفص الموسوي كان هذا المعنى المذكور ، وهو اتحاد أرواح الأبناء المقتولين وعودهم في المادة الموسوية .
فالشيخ ، رضى الله عنه ، مأمور بإظهار هذا المعنى ، والمأمور معذور .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .  )

الفصّ الموسوي
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية

أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق باستعلاء المتصرف بالحق ، والمقيم أوامره ونواهيه على المتصرف بنفسه ، والمقيم أوامرها ونواهيها ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى موسى عليه السّلام ؛ لاستعلائه على فرعون القائل :" أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى" [النازعات : 24 ] قولا وفعلا ، قال تعالى في حقه :"إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى"  [طه :86] ،" فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ " (31) سورة الدخان فغلب على السحرة أولا بإبطال عظيم سحرهم ، وأثر فيهم الإيمان ، وأغرق فرعون وقومه ، وورث ملكهم .


""أضاف المحقق : إنما خصت الكلمة الموسوية بالحكمة العلوية ، لعلوه على من ادعى الأعلوية ؛ فقال : أنا ربكم الأعلى ؛ فكذبه اللّه تعالى بقوله لموسى : إنك أنت الأعلى ، على القصر يعني لا هو مع أنه تعالى وصفه بالعلوية . . . ،
ولعلو درجته في النبوة بأنه كلمة اللّه بلا واسطة ملك ، وكتب له التوراة بيده تعالى ، ويقرب مقامه من مقام الجمعية التي اختص بها نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم . ( شرح القاشاني ص 303 ) . أهـ""

قال رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى عليه السّلام لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل لأجله ؛ لأنّه قتل على أنّه موسى ، وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته على موسى عليه السّلام أعني حياة المقتول من أجله ، وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسيّة بل هي على فطرة " بلى " ، فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو ؛ فكلّ ما كان مهيّئا لذلك المقتول ممّا كان استعداد روحه له ، كان في موسى عليه السّلام ، وهذا اختصاص إلهيّ لموسى لم يكن لأحد قبله ، فإنّ حكم موسى كثيرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهيّ في خاطري ، فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب ).

فأشار إلى سبب هذا الاستعلاء من جهة روحه وبدنه ، فقال : ( حكمة قتل الأبناء ) ، فأراه اللّه تعالى الرؤيا لفرعون أنه خرجت نار من ديار بني إسرائيل ، فأحرقت قصر فرعون وديار قومه ، ولم يصل إلى ديار بني إسرائيل منها شيء ، فأولها المعبرون بخروج ولد منهم يكون على يديه هلاك ملكه ، فأمر بقتل كل غلام يولد لهم فهمان قتلهم ( من أجل موسى عليه السّلام ) ، وإن قصد الأمر ، والمباشر قتل موسى بالذات .

قال رضي الله عنه :  ( لتعود إليه بالإمداد ) أي : إمداد تلك الأرواح روح موسى ، وإن امتنع اتحاد ذهابه من كل وجه ، واجتماعها معه بالتصرف في بدنه ( حياة ) ، أي : فائدة حياة ( كل من قتل من لأجله ) ، إذ لا معنى للقتل من أجله من اللّه تعالى سوى هذا الإمداد ، وكيف لا يحصل هذا الإمداد وقد جعل الحق روح المقتول كأنه روح موسى ؛

قال رضي الله عنه : ( لأنه قتل على أنه موسى ) ، وهم وإن فعلوه جهلا بموسى ، ولكن ( ما ثمة ) أي : في حق اللّه تعالى ( جهل ) ، وقد دعاهم بهذا المنام إلى قبلهم على أنه موسى ، فلابدّ لروحهم مع روحه من نوع اتحادية يكون إمدادهم لروحه ، كيف وقد فوت الحق على المقتول فائدة حياته باستدلال قتله ولا معطل في صنعه ، إذ لا يفعل عبثا ؛

قال رضي الله عنه : ( فلابدّ أن تعود حياته على موسى عليه السّلام ، أعني : حياة المقتول من أجله ) فيه إشارة إلى أن من مات حتفا فقد استكمل فائدة حياته ، فلا تعود حياته على أحد ، وكذا من قتل لا من أجل أحد ، وكذا ما قتلناه من أجل أحد لا عن أمر اللّه واستدعائه .

ثم أشار إلى أنه إنما يتم هذا الإمداد بقتل الصغار دون الكبار ، بقوله : ( وهي حياة طاهرة ) ؛ لأنها باقية ( على الفطرة ) ، والباقية عليها ظاهرة ، إذ ( لم تدنسها الأغراض النفسية ) ، وإن تعلقت بالنفوس حينا فهذا التعلق مع عدم حصول الغرض من المتعلق كالعدم ،

قال رضي الله عنه : ( بل هي على فطرة " بلى " ) يكون له كمال التصرف بما يتعلق به ، لكن امتنع تعلقها ببدن موسى ؛ لتعلق روحه ببدنه بالتصرف لكانت ممدة له ، ( فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو ) ، وإن لم يكن مجموع أرواحهم ، وإن كانت روحه كلية جامعة لأرواح أمته إلا أنها بعد التفصيل لا تعود إلى الإجمال ؛ لأنها غير قابلة للفناء .

ولما كان تفويت الحق فوائد الحياة على أرواح المقتولين موجبا لعود حياتها إلى من قتلهم الحق بطريق الاستدعاء المنافي لأجله ، كان ( كل ما كان مهيئا لذلك المقتول ) لو عاش مدة ( مما كان استعداد روحه له ) ، وإن لم يبلغ بدنه إلى حدّ هذا الاستعداد ( كان في موسى عليه السّلام ) ؛ لئلا يضيع ذلك الاستعداد بالكلية مع أن السنة الإلهية جرت ألا تقبع شيئا من الاستعدادات بمقتضى الجود الإلهي المعطى لكل شيء خلقه ،

قال رضي الله عنه : ( وهذا ) أي : إمداد الشخص بأرواح المقتولين من أجله ( اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد قبله ) ، فإنه وإن قتل باسم إبراهيم عن رؤيا أراها اللّه إياه أنه طلع نجم فذهب بضوء الشمس والقمر ، فعبر بولد يولد في ناحيته ، فيذهب ملكه على يديه ، فأمر أولا بعزل النساء .
ثم لما حملت به أمه أخبره المنجمون بعلوه ، فأمر بقتلهم فما قتلهم إلا بعد كمال روحانيته ، وأرواحهم مشتغلة بتدبير أبدانها بخلاف المقتولين من أجل موسى ،
فإنهم قتلوا قبل حمل أمه به ، فكانوا فارغين عن تدبير أبدانهم حينئذ ، فتم إمدادهم لروح موسى عند تعلقه ببدنه ، كأنهم متعلقون به أيضا ، وهذا من الحكمة الإلهية في حق موسى عليه السّلام ، قال رضي الله عنه : ( فإنّ حكم موسى كثيرة ، فأنا إن شاء اللّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي ) بطريق الإلهام ( في خاطري ) ، فإنه في حقه كالمشافهة بالوحي للأنبياء ، ( فكان هذا
أول ما شوفهت به ) أي : ألهمت إلهاما كالمشافهة ( من هذا الباب ) ؛ لأنه وقع قبل خلقته ، فهي أول الحكم .

 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .)

25 - فصّ حكمة علوية في كلمة موسوية
وجه تسمية الفصّ
اعلم أنّ علوّ الرتبة في الوجود والتفوّق على البريّة في أمر الإنباء والإظهار إنما يتصوّر لمن اختصّ بين الكمّل بالتحقّق بما هو الأنزل رتبة والأسفل ظهورا ودرجة ، كما أنّ الأوّلية فيه إنما يتصوّر لمن تفرّد بالآخريّة والختميّة وبيّن أنّ الأنزل رتبة والأسفل درجة في الظهور إنما هو الكلام كما بيّن أمره والمختصّ بتحقّقه بين الأنبياء الذين هم أساطين بنيان الإظهار والإشعار هو موسى .

ولذلك قد ورد في التنزيل : "وَكَلَّمَ الله مُوسى تَكْلِيماً "  [ 4 / 164 ] ، فإنّه يدلّ مع تحقّقه بالكلام ، على اختصاصه بمزيد من التكثير فيه ، على ما هو مقتضى تلك المرتبة ومن ثمّة تراه قد ورد في الآثار الختميّة : « إنّه تعالى كتب التوراة بيده ، كما أنّه خلق آدم بيده » ، فهو في أمر الإظهار بمنزلة آدم في الظهور ، وإنّه قد اختصّ بين الأنبياء بتكثّر الامّة .

وإذا عرفت هذا فقد ظهر لك وجه اختصاص حكمته بالعلوّ ، ومن هاهنا ترى من قابله في سباق ميدان الظهور إنما ركب مطيّة العلوّ والتفرّد بادّعائه ، وهو قد غلبه بذلك حيثما نصّ على اختصاصه له في صورة الخطاب الذي هو أرفع المنازل وأعلاها لدى التكلَّم بقوله تعالى : " إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى ".   
وأيضا فإنّ في تلويح الكلمة الموسويّة ما يدلّ على اختصاصه بالحكمة العلويّة عند حذف المكرّر منها ، كما أنّ مادّته هي مادّة السموّ والسماء .
ثم إنّ من آيات علوّ الرتبة الإحاطة والحكم على من دونه بالغلبة والقهر ، ولذلك تراه عند سطوع تباشير ظهوره قد قتل أبناء امّته في ورود مقدمه في هذه المرتبة الكماليّة ، إمدادا لقوّة جمعيّته وقربانا له ، وإليه أشار بقوله :

حكمة قتل الأبناء من أجل موسى
(حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ، لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل من أجله ) وتحقيق هذا الكلام يحتاج إلى تذكَّر مقدمة حكميّة هي أنّ التعيّن الذي هو عبارة عن العوارض المميّزة لأفراد الحقيقة النوعيّة الواحدة بالذات ، تميّزا عرضيا كونيّا على ضربين :
أحدهما ما يتميّز به الشخص عند نفسه ممّا تصوّر به قلبه ، وهو صورة باطنه المسماة بالهمة - وقد وقفت في صدر الكتاب عليه .
والآخر ما يتميّز به عند بني نوعه ممّا يظهر به عندهم من الأعراض الخارجيّة وهو صورة ظاهره المسمّاة بالهويّة وبيّن أن الأول منهما إنما يظهر في الشخص عند تمييزه وبلوغه كمال الاستواء ، فلا يكون للطفل قبل تمييزه منه شيء .
فإذا عرفت هذا تبيّن لك أنّه ليس لتلك الأبناء المقتولين من ذينك التعيّنين شيء مما يعود إليهم .
أما الأول فلما عرفت .
وأما الثاني فلأنهم متعيّنون عند بني نوعه بالتعيّن الموسوي ، متّفقين فيه عندهم ، ( لأنّه قتل على أنّه موسى ) ، وهو في نفسه كذلك ، فإنّه إذ لم يكن لهم تعيّن يظهرون به وقد يكمل استعدادهم له ، فإنما يتكوّنون بالتعيّن الكلَّي الغالب الذي له القهرمان في ذلك الزمان على ما هو غير مستبعد ولا خفيّ عند الذكيّ ، الخالص ذائقة فهمه عن شوائب التقليد وتعصّبه ، وإليه أشار بقوله :" إمداد موسى بحياة جميع من قتل من أجله "

قال رضي الله عنه  : ( وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته ) ، أي حياة من قتل من شخص الإنسان ، بناء على ما مرّ من أنّ في النوع - من الكليّات المتبطَّنة فيه ،
المتقوّمة هو بها - أحكاما وآثارا يظهر بها أفراده ، كالحياة من الحيوان في أفراد الإنسان ، فلا بدّ من عود الحياة "على موسى - أعني حياة المقتول من أجله "ضرورة أنه متكوّن بتعيّنه ( وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النفسيّة ، بل هي على فطرة " بَلى " ) الدالَّة على كمال قابليّته لتربيته الربّ المظهر ،

قال رضي الله عنه  : ( فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو ، فكلّ ما كان مهيّأ لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له ) مما اشتمل على حقيقته النوعيّة من الحياة والعلم ، اللذين هما أحكام جنسه وفصله ( كان في موسى عليه السّلام ) ، فهو يستمدّ من همم أشخاص الامّة ، كما أنّ محمّدا صلَّى الله عليه وسلَّم يمدّ الهمم - على ما عرفت - ويطلعك عليه ما في القرآن الكريم من قوله تعالى حكاية عن موسى :
" رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي " [ 20 / 25 ] وخطابا لمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم : " أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ " [ 94 / 1 ] فإنّ الصدر هو طرف ظاهريّة القلب ، وهو صورته المعبّر عنها بالهمّة - كما عرفت .


ولذلك قال رضي الله عنه  : ( وهذا اختصاص إلهيّ بموسى لم يكن لأحد من قبله ، فإنّ حكم موسى كثيرة ، وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري ، فكان هذا أوّل ما شوفهت به في هذا الباب ) وهذا من غلبة حكم النبوّة في حكم موسى ، حيث شوفه بها كلاما .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .   )


الفصّ الموسوي
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
قال رضي الله عنه :  ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى عليه السّلام لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل لأجله لأنّه قتل على أنّه موسى . وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته على موسى عليه السّلام أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسيّة ، بل هي على فطرة « بلى » . فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو)
فص حكمة علوية في كلمة موسوية
علو قدر موسى عليه السلام ورفعه مقامه بين الأنبياء عليهم السلام أظهر من أن تحتاج إلى البيان ، وكذا كثرة آياته وقوة معجزاته أبين من أن تفتقر إلى البرهان . ومن هذا القبيل ظفره على أعدائه وغلبته على خصمائه ، وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى ، ولا شك أن كل واحد من هذه الأمور يكفي في توصيف حكمته بالعلوية ،

فإذا اجتمعت فبالطريق الأولى ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه ) الظاهر أن يقال : حكمة قتل الأبناء أن يعود أو قتل الأبناء لأن يعود ، فكأن مؤدى الحكمة واللام واحدا فلا يبعد أن يجعل الثاني تأكيدا للأول بحسب المعنى يريد رضي اللّه عنه أن الحكمة في قتل فرعون وأعوانه الأبناء من أطفال بني إسرائيل من أجل موسى أن يعود إلى موسى ( بالإمداد حياة كل من قتل من أجله ) ، أي روحانيته التي هي حقيقة وجودية منصبغة بصفة الحياة ولذلك عبر عنها بالحياة
( لأنه قتل على أنه موسى وما ثم جهل ) ، فهو تعالى يعلم أنه قتل على أنه موسى


قال رضي الله عنه :   ( فلا بد أن تعود حياته ) ، أي روحانيته بالإمداد ( على موسى أعني حياة المقتول من أجله ) ، وروحانيته ليجازي قاتله في صورة موسى فإن الوجود مجازي مكافى كل ما ألقى إليه بصورة الفعل ألقى مثله إلى الفاعل في صورة الجزاء وما أشبه كونه مقتولا في صورة موسى توهما بكونه قابلا لقاتله في صورته حقيقة ( وهي ) ،

 أي ( حياة ) المقتول وروحانيته ( طاهرة ) باقية ( على الفطرة ) ، التي فطرها اللّه عليها ( لم تدنسها الأغراض النفسية ) ، المانعة لها عن الإمداد ( بل هي على فطرة بلى ) القابلة بها أن يفيض عليها من الرب المطلق ما يمد به موسى في قتل فرعون وأعوانه جزاء وفاقا ( فكان موسى مجموع حياة كل من قتل ) ، وروحانيتهم حين قتل كل واحد منهم ( على أنه هو ) ، أي


قال رضي الله عنه :  ( فكلّ ما كان مهيّئا لذلك المقتول ممّا كان استعداد روحه له ، كان في موسى عليه السّلام .  وهذا اختصاص إلهيّ لموسى لم يكن لأحد قبله . فإنّ حكم موسى كثيرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهيّ في خاطري .  فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
موسى ( وكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له ) من أسباب الإمداد من الحياة والعلم والقدرة والإرادة وغيرها ( كان مهيأ في ) صورة ( موسى ) ، للانتقام من فرعون وأعوانه .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) ، أي اجتماع أرواح الأبناء المقتولين لإمداد موسى ( اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد قبله ) وحكمة واحدة من الحكم التي خصه اللّه بها ( فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء اللّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به ) ، أي باطنها ( الأمر الإلهي في خاطري فهذا أول ما شوفهت به ) ، من الحضرة الإلهية في الصورة المحمدية ( من هذا الباب ) ، أي الفص الموسوي.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:26 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 15 مارس 2020 - 16:53 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلّا وهو مجموع أرواح كثيرة وجمع قوى فعّالة لأنّ الصّغير يفعل في الكبير .  ألا ترى الطّفل يفعل في الكبير بالخاصيّة فينزّل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ويظهر له بعقله . فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ؛ ثمّ يشغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه حتّى لا يضيق صدره . هذا كلّه من فعل الصّغير بالكبير وذلك لقوّة المقام فإنّ الصّغير حديث عهد بربه لأنّه حديث التّكوين والكبير أبعد . فمن كان من اللّه أقرب سخّر من كان من اللّه أبعد .  كخواصّ الملك للقرب منه يسخّرون الأبعدين . )
 
قال رضي الله عنه :  (فما ولد موسى )عليه السلام (إلا وهو مجموع أرواح) ، أي قوى أرواح لو بقيت في الدنيا تدبر أجسامها لظهرت لها هذه القوى المذكورة بطريق الإمكان (كثيرة) بعدد استعداد من قتل من الأبناء المذكورين ولهذا قال (جمع قوى) واحدها قوّة لا أنه عليه السلام مجموع تلك الأرواح بعينها وإلا كان تناسخا ، فإن تلك القتلى تحشر يوم القيامة كلها بأرواحها المنفوخة في أجسامها على حسب ما قتلت عليه من أحوال الفطرة لم ينقص منها شيء ، وموسى عليه السلام يحشر أيضا بروحه المنفوخة في جسمه الترابي ولكن روحه مجموعة من قوى فعالة طاهرة من كل دنس ،
لأنها كانت قابلة أن تكون قوى لتلك الأرواح الكثيرة المنفوخة في أجسام القتلى من الأبناء المذكورين ، فصرفها اللّه عنها وجعلها لروحانية موسى عليه السلام وإطلاق الأرواح على القوى الفعالة سائغ في الكلام ، فإن قوّة البصر روح العين وقوّة السمع روح الأذن ، وقوّة البطش روح اليد وقوّة المشي روح الرجل ، ونحو ذلك ، فسرها بها قدس اللّه سره بعد ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (فعالة) ، تلك القوى بطريق التسخير لا المباشرة لأن الصغير من الأطفال (يفعل) ، أي يؤثر في نفس الكبير ألا ترى يا أيها السالك (الطفل) الصغير يفعل ، أي يؤثر في الإنسان الكبير ما يقتضيه حاله (بالخاصية) المودوعة فيه (فينزل) الإنسان الكبير في القدر من مقام (رياسته) وجاهه إليه ، أي إلى ذلك الطفل فيلاعبه بأفعال مخصوصة تعجب ذلك الطفل فيضحك منها ويزقزق ، أي يصوت له ، أي للطفل بصوت يفرحه ويضحكه ويظهر ، أي ذلك الكبير له ، أي للطفل بعقله ، أي بفعل يناسب أفعال عقل ذلك الطفل .
 
قال رضي الله عنه :  (فهو) ، أي الكبير تحت تسخيره ، أي تسخير الصغير يسعى في خدمته وإدخال السرور عليه وهو ، أي الكبير لا يشعر بذلك ثم يشغله ، أي الصغير يشغل الكبير بتربيته حتى يكبر في طعامه وشرابه وكسوته وغسل ثيابه وبدنه من النجاسات والأوساخ وحمايته ، أي حفظه من كل ما يؤذيه وتفقد مصالحه ، أي حوائجه التي تقوم بها مؤونته في كل أحواله وتأنيسه بالكلام وغيره مع محبة بقائه وسلامته حتى لا يضيق صدره ، أي الصغير من أمر من الأمور ومتى أصابه وجع أو مرض أو موت تأسف عليه غاية الأسف وحزن غاية الحزن هذا كله الذي ذكر وغيره أيضا أكثر من ذلك من فعل الصغير بالكبير وقد يخرج بعد ذلك عدوا له كما قال تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ [ التغابن : 14 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (وذلك) ، أي فعل الصغير إنما كان منه (لقوة المقام) الذي فيه الصغير والقرب الإلهي الذي هو عليه (فإن الصغير حديث) ، أي قريب عهد بربه تعالى لأنه حديث جديد التكوين ، أي الخلقة (والكبير أبعد منه) عهدا بربه ولحدوث معنى الغيرية واستحكامها في نفس الكبير حتى أوجب ذلك بعدا عن خلقته ولا وجود لذلك في نفس الصغير بربه فمن كان من اللّه تعالى (أقرب) ، أي أكثر قربا (سخر من كان من اللّه) تعالى أبعد ، أي أكثر بعدا ، والقرب من اللّه تعالى هو قرب الخلقة في الصغير ، والكبير أيضا إذا كان من أولي الأمر القائمين بأمر اللّه تعالى بأن غلبت عليه روحانيته وضعفت فيه جسمانيته وزال عنه الالتباس الطبيعي من الخلق الجديد وهي فطرة الإسلام التي فطر عليها الناس كما قال تعالى فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها[ الروم : 30 ] .
 
وهي التي غيرها على الصغير صحبة أبويه وأمثاله بوسواس القرين من الشياطين في أنه يريهم ما يرى من جمود الكائنات والتباس الخلق الجديد عليهم ، والبعد من اللّه تعالى هو بعد الالتباس والجهل بالأمر الإلهي والوقوف مع عالم الخلق الظاهر كخواص الملك ، أي السلطان يعني المقربين عنده للقرب ، أي لأجل القرب منه والحظوة لديه يسخرون الأبعدين جمع البعد من بقية الناس فينقادون إليهم رغبة في القرب إلى الملك وقضاء حوائجهم عنده .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة ) موجودة بوجود واحد بحيث لا امتياز بينها ( جمع قوى فعالة ) على صيغة المفعول بدل من قوله مجموع أرواح أي فما ولد موسى إلا وهو جمع قوى فعالة ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى المجموع وهو ما يدل من مجموع على ما ذكر أو صفة له أو خبر مبتدأ محذوف أي هو جمع قوى فعالة أو منصوب بنزع الخافض أي كجمع قوى فعالة وإنما قلنا جمع قوى فعالة
 
قال رضي الله عنه :  ( لأن الصغير يفعل في الكبير ) لذلك يفعل موسى في صغره لفرعون وغيره لأنه مجموع أرواح الأطفال وهي قوى فعالة ( ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل ) من التنزيل ( الكبير من رياسته إليه فيلاعبه الكبير ) ولهذا صح هذه الملاعبة في الشرع مع أنه قال الشارع كل لعب حرام لأن هذه الملاعبة ليست من فعل الكبير بل فعل الصغير في الكبير يظهر من صورة الكبير يصدر منه بلا اختيار وشعور ولا يؤخذ الفاعل بمثل هذا الفعل .
 
قال رضي الله عنه :  ( ( ويزقزق ) أي يتكلم الكبير بلسان الصغير ( له ) أي للصغير ( ويظهر له بعقله ) أي وينزل الكبير للصغير في مرتبة عقل الصغير ( فهو ) أي الكبير ( تحت تسخيره وهو ) أي الكبير ( لا يشعر ) أنه تحت تسخير الصغير ( ثم يشغله ) أي يجعل الطفل الكبير مشغولا ( بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه حتى لا يضيق صدره هذا كله من فعل الصغير بالكبير وذلك ) أي فعل الصغير بالكبير
 
 قال رضي الله عنه :  ( لقوة المقام فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين والكبير أبعد فمن كان من اللّه أقرب سخر من كان من اللّه أبعد كخواص الملك للقرب منه ) أي لكونهم قريبا من الملك ( يسخرون إلا بعدين).
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير. ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره. هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد. فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
فكان فرعون في قتل أبناء بني اسرائيل خادما لموسى عليه السلام وهو لا يشعر على ما قرره الشيخ رضي الله عنه. 
قال: وهذا اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد ممن هو قبله. 
قال: وحكم موسی كثيرة ووعد أن يذكر منها ما يتيسر. 
وقوله: على قدر ما يرد به الأمر فيه الخاطر.
قال فما ولد موسى إلا وهو مجموع الأرواح ثم بين أن من كان أقرب إلى الله كان أعظم تأثيرا ممن هو أبعد،  وهو رضي الله عنه يقول في غير هذا: إن من كان أعلى مقاما عند الله كان أبعد من التأثير، ولكل مقام مقال


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فما ولد موسى إلَّا وهو مجموع أرواح كثيرة ، جمع قوى فعالة ، لأنّ الصغير يفعل في الكبير ، ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصيّة ، فينزل الكبير من رياسته إليه يلاعبه ويزقزق له ، ويظهر له بعقله ، فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ، ثم شغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه ، حتى لا يضيق صدره ، هذا كلَّه من فعل الصغير بالكبير ، وذلك لقوّة المقام ، فإنّ الصغير حديث عهده بربّه ، لأنّه حديث التكوين ، والكبير أبعد ، فمن كان من الله أقرب ، سخّر من كان من الله أبعد ، كخواصّ الملك للقرب  منه يسخّرون الأبعدين ) .
 
قال العبد : اعلم : أنّ القرب والبعد نسبتان للقريب والبعيد من الحق من المقامين الإلهيّين ، وعليهما تترتّب مراتب السعادات والولايات ، وكذلك الشقاوات ومحالّ البعد .
المقام الأوّل : مقام الأحدية الإلهية ، فإنّ الكثرات كلَّها منها تنزّلت وتفصّلت وتعدّدت ، فمن كانت الوسائط بينه وبين الموجد الواحد الأحد أقلّ ، فهو أقرب ،
وكذلك التعينات الأوّل أوّل ما تظهر وتبدو - تكون قريبة من ربّها الذي هو قيّامها ، وقيّوم  يقوم بإقامة صورته ، فيسخّر بمقامه من ربّه وموجده من ليس له هذا النوع من القرب الأوّلي في الظهور والحدوث ، كالصغار من الأولاد ،
فإنّ الحق الظاهر المتعيّن في صورهم يسخّر لهم من طال مكثه في قبول التجلَّيات مدّة مديدة ، وله حكم آخر كمالي غير هذا القريب وهو الثاني ، وذلك هو القرب الحقيقي الذاتي الإلهي الكمالي من حيث الصورة الأحدية الجمعية الكمالية الإلهية الإنسانية ، فمن كانت نسبته من هذه الجمعية الكمالية أكمل وأتمّ ،
فهو أقرب إلى الله من حيث أحدية جمع جمع الكمالات الذاتية والإلهية ، وقربه من الله أعظم وأعمّ وأوسع وأكمل وأتمّ ، فالكبير القريب من هذه المرتبة القريبة لكماله ينزل لتكميل ذلك القريب الأوّل من حداثة تعيّن المربوبية ، بإحداثه وإظهاره والتجلَّي له وبه وفيه ، اتّباعا للحق النازل إليه وإلى مربوبيته ومظهريته.
 
وحدثه وحداثة وجوده من أصله الذي انبعث منه روحه وتعيّن من المحتد العنصري مزاجه وهيكله ، فهذا معنى القرب والبعد ومراتبهما ، وإلَّا فمن حيث الوجود الحق المتعيّن الظاهر في الكلّ على السواء ، فلا بعد ، والكلّ في نفس المظهرية والمرآتية فعلى السواء .
 
والأفضل فيه الأكمل جمعية والأشمل حيطة وسعة ، فقد يكون من بلغ ستّين سنة من عمره أبعد من مبدئيته وأوّله  بعين الحق فيه وإن تضاعفت التجلَّيات واستنامت الفضائل والكمالات فيه بأضعاف أضعاف ما كان له أو لغيره في البدو وأوّل الفطرة ، فافهم.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه :  ( جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير ، ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ويظهر له بعقله :
أي ينزل إلى مبلغ عقله فهو تحت تستخيره وهو لا يشعر ، ثم شغله بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه حتى لا يضيق صدره هذا كله من فعل الصغير بالكبير وذلك لقوة المقام ، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين والكبير أبعد ، فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد ، كخواص الملك المقرب منه يسخرون الأبعدين ) .
القرب والبعد نسبتان معتبرتان باعتبارات كثيرة لقلة التعينات والوسائط بين الشيء وبين الحق وكثرتها .
 
فالأقل الوسائط أقرب ، ولهذا سخر الأرواح الأجساد والعقول النفوس كتسخير العقل الأول من دونه من العقول والنفوس ،
وكاستجماع الفضائل والكمالات في الاتصاف بها والتخلي عنها ، فالأكثر بالكمالات والأوفر بالفضائل أقرب إلى الله ممن يخلو عنها ، فيسخر بقرب مقامه من الله من دونه في ذلك كتسخير الأنبياء والأولياء أممهم وأتباعهم ،
 
وكل من له أحدية الجمعية الكمالية الإلهية أقرب إلى الله ممن غلب عليه أحكام الكثرة فيسخر له ، وأما القرب والبعد في هذا الموضع فهو باعتبار حدوث تجلى الحق وطراوته بحسب الزمان وتمادى مدته وبعد عهده ،
 
فإن طراوة ظهور الحق في مجلى واحدة بتصرفاته وأفعاله وصفاته كما في الصغار قرب لهم بربهم وصفاء ، لكونهم على فطرتهم الأصلية والعهد الأول والاتصال الحقيقي وتقادم الزمان بالكبر وغلبة أحكام النشأة والهيئات النفسانية كالمادة الحيوانية والطبيعية بعدلهم من ربهم وتكرر وسقوط عن الفطرة فلذلك يسخر الصغير الكبير فيخدمه ،
وأما تنزل الكبير العارف الكامل إلى مرتبته للتربية مع كونه في غاية القرب بالنسبة إلى الطفل فذلك للرحمة والعناية الإلهية ،
وهو أمر آخر باعتبار آخر فلا ينافي ما ذكرناه لأنه رجع إلى الله بعد البعد بالمعنى المذكور حتى صار أقرب مما كان أولا .
 
"" إضافة بالي زاده :
( فيلاعبه الكبير ) ولهذا تصح هذه الملاعبة في الشرع مع أن كل لعب حرام لأنها ليست من فعل الكبير بل من فعل الصغير بالكبير يظهر من صورة الكبير يصدر منه بلا اختيار ، ولا يؤخذ الفاعل بمثل هذا الفعل ( ويزقزق ) أي يتكلم الكبير بلسان الصغير ويظهر له بعقله : أي وينزل الكبير للصغير في مرتبة عقله بالى. أهـ بالى زادة    . ""
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة) باتحاد بعضها مع بعض . ويعلم سر هذا الاتحاد من يعلم كيفية تنزل الأرواح والمعاني من الحضرة العلمية في
مراتب الجبروت والملكوت إلى أن يظهر في الصورة المشهودة من عالم الشهادة ( جمع ) على البناء للمفعول .
 
قال رضي الله عنه :  ( قوى فعالة ) وإنما قال : فعالة : ( لأن الصغير يفعل بالكبير . ) أي، في الكبير بالتصرف فيه. (ألا ترى أن الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه) الكبير . ( ويزقزق له ) أي ، يتكلم بلسانه .
( ويظهر له بعقله ) أي ، ينزل إلى مبلغ عقله . ( فهو تحت تسخيره ، وهو لا يشعر ) أي، الكبير تحت تسخير الطفل ولا يشعر أنه يسخره أو الطفل لا يشعر أنه يسخره (ثم ، يشغله) أي ، الطفل يشغل الكبير .
 
قال رضي الله عنه :  ( بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه حتى لا يضيق صدره . هذا كله من فعل الصغير بالكبير . وذلك لقوة المقام : فإن الصغير حديث عهد بربه ، لأنه حديث التكوين ، والكبير أبعد ، فمن كان من الله أقرب ، يسخر من كان من الله أبعد . )
لطهارة نفسه ونسبته إلى منبع القوى والقدر ، ولهذا كانت الأرواح المجردة فعالة في النفوس الناطقة ، وهي في النفوس المنطبعة ، وهي في الأجسام .
( كخواص الملك المقرب منه يسخرون الأبعدين ) كذلك تصرف الكمل من الأنبياء والأولياء في غيرهم .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:27 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 15 مارس 2020 - 16:56 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فما ولد موسى إلّا وهو مجموع أرواح كثيرة وجمع قوى فعّالة لأنّ الصّغير يفعل في الكبير )
 
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلا وهو ) من حيث الاستمداد بأرواحهم كأنه ( مجموع أرواح كثيرة ) ، وإن امتنع اجتماعها في التصرف في بدن واحد للرد على الفساد عن وقوع الاختلاف بينهما وإن انتفت ، فلا أقل من جواز الاختلاف بينها فهو خلاف الحكمة المطلوبة من جمعها ، فهذا الجمع وإن امتنع فلا يمتنع إمدادها ، إذ هي في الإمداد كالقوى ،
فقد ( جمع قوى فعالة ) ، وهذا ما قاله الشيخ الكامل المحقق سعد الدين الحموي في كتابه « المحبوب في دائرة ضادية » : أيد روح نبيه موسى عليه السّلام بأرواح الأطفال المقتولين على يد فرعون وأقوامه ، فتجمعت تلك الأرواح على روحه ،
كما تجمعت الملائكة على سدرة المنتهى لما غشيها نور الخلاق من قبل أرض الإشراق ؛ لتحقق أمر التلاقي يوم التفاف الساق بالساق ، فروح المحبوب وروح موسى كليم اللّه مؤيدة بأرواح المؤمنين ، وبنصرة رب العالمين ،
وهذا كلامه ، وكأنه أشار بسدرة المنتهى إلى الشجرة الكلية المحمدية الجامعة لأرواح الملائكة والناس ، وبنور الخلاق إلى النور المفاض عليها لإفادة الوجود الخارجي ، فإنه لا وجود للماهية الكلية إلا في ضمن الجزئيات .
وهذه الإفاضة تنزل الحق بالظهور في المظاهر ، وأشار إليه بأرض الإشراق ، وأناره بتحقق أمر التلاقي إلى تلاقي الوجود والماهية في الموجودات ، وبالتفاف الساق بالساق إلى اختلاط العوارض الوجودية بعضها ببعض ،
فإنه لا وجود للماهية إلا بالعوارض الشخصية والعامة ، فروح المحبوب المشار إليها بسدرة المنتهى ، وروح الكليم مؤيد بأرواح المؤمنين وبنصرة رب العالمين ، لكن تأييد روح الكليم مشروط بقتلهم صغارا على أنهم هم الكليم ، وتأييد روح المحبوب ليس بمشروط بشيء لإطلاقه عن القيود اللاحقة بغيره ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
ولما كانت تلك القوى فعالة مع ضعف الأطفال في المقاومة ؛ ( لأن الصغير يفعل ) أي : يؤثر أثرا ملصقا ( بالكبير ) ، إذ يفيده أوصافه .
 
قال رضي الله عنه :  (ألا ترى الطّفل يفعل في الكبير بالخاصيّة فينزّل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ويظهر له بعقله ، فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ؛ ثمّ يشغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه حتّى لا يضيق صدره . هذا كلّه من فعل الصّغير بالكبير وذلك لقوّة المقام فإنّ الصّغير حديث عهد بربه لأنّه حديث التّكوين والكبير أبعد ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى الطفل يفعل ) أي : يؤثر أمرا مستقرا ( في الكبير بالخاصية ) أي : بإعطائه إياه خاصية نفسه لقوة روحانية ، وإن ضعفت جسمانيته كالأدوية الضعيفة القوام ، القوية التأثير ، ( فينزل الكبير من رئاسته إليه ) أي : إلى ما يختص به الصغير مع صعوبة هذا الفعل إذا قصده الكبير الآخر معه ، ( فيلاعبه ) .« ولهذا تصح هذه الملاعبة في الشرع مع أن كل لعب حرام ؛ لأنها ليست من فعل الكبير ، بل من فعل الصغير بالكبير يظهر من صورة الكبير يصدر منه بلا اختيار ، ولا يؤخذ الفاعل بمثل هذا الفعل .القاشاني أهـ » ،
 
وإن قلتم يشارك فيه الكبير نقول : ( يزقزق ) أي : يخرج لسانه ( له ) ، وإن قلتم : إنه أسهل ، فنقول : ( يظهر له بعقله ) وهذا أصعب ، وإذا كانت هذه الأفعال مما لا يتأتى من الكبير مع الكبير إلا بصعوبة ، ويتأتى من الصغير مع الكبير بلا صعوبة ، ( فهو ) أي : الكبير ( تحت تسخيره ) ، أي : تسخير الصغير .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي : الكبير ( لا يشعر ) بهذا الفعل ؛ لكونه تأثيرا بالباطن الروحاني ، ( ثم ) أي :
بعد هذا التأثير فيه بالخاصية ( يشغله بتربيته ) بالتعليم ، وتهيئة الطعام والكسوة ، ( وحمايته ) عن أعدائه وعما يضره وينقص فيه ، ( وتفقد مصالحه ) لحفظ أمواله وتنميتها ، والاشتغال بمعالجته ( وتأنيسه وذلك ).  " في نسخة أخرى ذلك = هذا كله ".
 
أي : ( فعل الصغير بالكبير ) هذه الأفعال مع ضعفه في الظاهر ؛ ( لقوة المقام ) أي : مقامه من ربه المؤثر بالفعل ؛ ( لأن الصغير حديث عهد بربه ؛ لأنه حديث التكوين ) ، والتكوين نسبة بينه وبين ربه ، فهو قريب من مكونه لا واسطة بينه وبين ربه إلا هذه النسبة بهذا الاعتبار ، وإن كانت ثمة وسائط كثيرة باعتبارات أخرى ، ( والكبير ) من حيث بعد عهد تكوينه ( أبعد ) من التكوين ، كان أقرب إليه من جهات أخرى .
 
قال رضي الله عنه :  (فمن كان من اللّه أقرب سخّر من كان من اللّه أبعد ، كخواصّ الملك للقرب منه يسخّرون الأبعدين )
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان من اللّه أقرب ) باعتبار ( تسخير من كان من اللّه أبعد ) بذلك الاعتبار ، وإن كان مسخرا له باعتبار آخر به قرب ذلك المسخر اسم الفاعل ، إذ للقرب هذه الخاصية في البعد ( كخواص الملك للقرب ) وإن قل ، ( يسخرون الأبعدين ) سواء قل بعددهم أو كثر ، والغائب من ذلك كالشاهد ، إذ وقع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند بعده من جهة التكوين مع المطر من جهة قربه بالتكوين ، مع أن وجوه قرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من اللّه بحيث لا يعد ولا يحصى ، إذ ..
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه  : (فما ولد موسى إلَّا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعّالة ، لأنّ الصغير يفعل في الكبير ) بما عرفت غير مرّة أنّ التّأثير إنما هو من طرف البطون والصغير قريب العهد به ( ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصيّة ، فينزل الكبير من رياسته إليه ، فيلاعبه ويزقزق له ) ويرقصه ( ويظهر له بعقله ، فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ، ثم شغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه ، حتى لا يضيق صدره ) .
 
قال رضي الله عنه  : ( هذا كله من فعل الصغير بالكبير ، وذلك لقوّة المقام ) والمقام والمرتبة هو المؤثّر لبطونه وعدميّته ، وإنما قوى مقامه على الكبير ( فإنّ الصغير حديث عهد بربّه لأنّه حديث التكوين ، والكبير أبعد ) .
 
القريب من الحقّ تعالى يسخّر البعيد
ثمّ إنّه كما أنّ القرب الزماني من المبدء الحقّ يوجب قوّة التسخير من القريب به على البعيد بذلك البعد - كما في المثال المذكور - فكذلك القرب بحسب قلَّة الوسائط وكثرة وجوه المناسبات - من اللطافة والنزاهة في الجملة - فإنّه أيضا يوجب تسخير القريب به على البعيد ، كما بين الملإ الأعلى والحقّ ، وإليه أشار بقوله : ( فمن كان من الله أقرب سخّر من كان من الله أبعد ، كخواصّ الملك ، للقرب منه يسخّرون الأبعدين ) .
 
ثمّ إنّ من جهات القرب إلى الحقّ تصحيح نسبة العبوديّة وتخليص رقيقتها عن شوائب التعمّلات الاختياريّة والأحكام الجعليّة ، وإنفاذ أحكامها ومقتضياتها ، من كمال الإذعان وتمام الانقياد والتبرّي عمّا هو مشوب بضرب من الإباء والاستقلال كما للجمادات ،
وإليه أشار بقوله:
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فما ولد موسى إلّا وهو مجموع أرواح كثيرة وجمع قوى فعّالة لأنّ الصّغير يفعل في الكبير . ألا ترى الطّفل يفعل في الكبير بالخاصيّة فينزّل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ويظهر له بعقله .  فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ؛ ثمّ يشغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه حتّى لا يضيق صدره . هذا كلّه من فعل الصّغير بالكبير وذلك لقوّة المقام فإنّ الصّغير حديث عهد بربه لأنّه حديث التّكوين والكبير أبعد . فمن كان من اللّه أقرب ).


قال رضي الله عنه :  ( فما ولد موسى إلا وهو ) مع ما معه من أرواح أبناء بني إسرائيل بالإمداد والتأييد ( مجموع أرواح كثيرة جمعت قوى فعالة ، لأن الصغير يفعل بالكبير ) ، ويؤثر فيه أفعالا كثيرة وتأثيرات عجيبة ( ألا ترى الطفل يفعل في الكبير ) ويؤثر فيه ( بالخاصية ) ،
وإنما قال بالخاصية لخفاء سبب ذلك الفعل ( فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ) ، بالزاي المعجمة أي يرقصه ( ويظهر له بعقله ) ، أي ينزل مبلغ عقله ( فهو تحت تسخيره وهو ) ، أي الكبير ( لا يشعر بذلك ثم يشغله ) ، أي الطفل الصغير الكبير ( بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه حتى لا يضيق صدره . هذا كله من فعل الصغير بالكبير ، وذلك لقوة المقام فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين والكبير أبعد ) ، وكما أن القرب الزماني من المبدأ الحق يوجب قوة التسخير كما في المثال المذكور وكذا القرب بسحب قلة الوسائط وكثرة وجوه المناسبات من القدس والنزاهة يوجب قوة التسخير
 
قال رضي الله عنه :  ( سخّر من كان من اللّه أبعد . كخواصّ الملك للقرب منه يسخّرون الأبعدين . )

وإليه أشار بقوله ( فمن كان من اللّه أقرب سخر من كان من اللّه أبعد كخواص الملك للقرب منه ) ، أي من اللّه بقلة الوسائط وكثرة وجوه المناسبات يسخرون الأبعدين .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:28 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 16 مارس 2020 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتّى يصيب منه ويقول إنّه حديث عهد بربّه . فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النّبيّ ما أجلّها وما أعلاها وأوضحها . فقد سخّر المطر أفضل البشر لقربه من ربّه فكان مثل الرّسول الّذي ينزل إليه بالوحي فدعاه بالحال بذاته إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربّه .فلولا ما حصّلت له منه الفائدة الإلهيّة بما أصاب منه ، ما برز بنفسه إليه .  فهذه رسالة ماء جعل اللّه منه كلّ شيء حيّ فافهم . )
 
قال رضي الله عنه :  ( (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) كما ورد عنه في الحديث يبرز ، أي يظهر بنفسه للمطر أوّل ما يكون في السنة إذا نزل من السماء ويكشف رأسه عليه السلام له ، أي لذلك المطر حتى يصيب رأسه منه ويقول عليه السلام إنه ، أي ذلك المطر حديث ، أي "قريب (عهد بربه ") تعالى ، رواه مسلم وأبو داود .
أي هو مخلوق جديد يعلمهم الاحتفال بالخلق الجديد والاحترام له والتبرك به
فانظر يا أيها السالك إلى هذه المعرفة باللّه تعالى من هذا النبي الجليل العظيم صلى اللّه عليه وسلم ما أجلها ، أي هذه المعرفة وما أعظمها وما أوضحها ،
أي أبينها وأكشفها لكل من عنده أدنى ذوق من مشارب أهل اللّه تعالى وما يصدف "يعرض" عنها إلا المتكبرون عن طريق الفقراء الصادقين جهلا منهم بهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( (فقد سخر المطر) النازل من السماء أفضل البشر وهو نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم حيث أبرزه له من بيته بنفسه وحمله على كشف رأسه لقربه ،
أي المطر من ربه وحدوث عهده بالخلقة فكان ، أي ذلك المطر مثل الرسول ، أي الملك الذي ينزل من السماء إليه ،
أي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم بالوحي من اللّه تعالى فدعاه ، أي المطر دعا النبي صلى اللّه عليه وسلم بالحال ،
أي بحال المتلبس به ذلك المطر بذاته التي هو عليها في نفس الأمر مما يعلمه النبي صلى اللّه عليه وسلم ما يعلمه غيره من الحاضرين كما كان يأتيه الملك في صورة رجل أعرابي وفي صورة دحية بن خليفة الكلبي ، فيكون ذلك وحيا إليه من اللّه تعالى ، ولا يعلم به الحاضرون فبرز ، أي ظهر صلى اللّه عليه وسلم إليه ،
أي إلى المطر بنفسه ليصيب عليه السلام منه ، أي من ذلك المطر ما أتاه ، أي ذلك المطر به من ربه تعالى من الوحي العلمي .
 
قال رضي الله عنه :  ( (فلولا ما حصّلت له) صلى اللّه عليه وسلم منه ، أي المطر الفائدة الإلهية ، أي المنسوبة إلى الإله تعالى بما ، أي بالجزء المطر الذي أصاب صلى اللّه عليه وسلم منه ، أي من ذلك المطر ما برز ، أي ظهر صلى اللّه عليه وسلم بنفسه إليه ،
أي إلى ذلك المطر فهذه ، أي الحكمة المستفادة له صلى اللّه عليه وسلم من المطر رسالة ماء من اللّه تعالى إليه عليه السلام (جعل اللّه تعالى منه)، أي من ذلك الماء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [ الأنبياء : 30 ].
 
كما قال تعالى : وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ، والحي هو اللّه تعالى .
كما قال سبحانه : هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ[ غافر : 65 ] .
فحصر الحياة فيه تعالى بتعريف الخبر فكل شيء مجعول من الماء هالك إلا وجهه والوجه هو الحي تعالى (فافهم) يا أيها السالك ما تضمنته هذه الرسالة المائية إلى الحضرة المحمدية .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قال رضي الله عنه :  ( (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبرز ) أي يظهر ( بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه حتى يصيب منه ويقول إنه حديث عهد بربه ) وبروزه عليه السلام إليه تلقيه إلى ما ينزل عليه من ربه من العلوم والمعارف الإلهية وكشف رأسه رفع التعينات المانعة لوصول الفيض الإلهي
قال رضي الله عنه :  ( فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وما أوضحها فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان ) المطر ( مثل الرسول ) أي الملك وهو جبرائيل ( الذي ينزل إليه ) أي إلى الرسول ( بالوحي فدعاه بالحال بذاته ) أي دعا المطر الرسول بذاته بلسان الحال كما دعا الملك بلسان الوحي ( فبرز إليه ) إلى المطر النازل ( ليصيب منه ما أتاه من ربه ) من المعارف وحقائق العلوم الإلهية كما برز للملك النازل ليصيب من الملك ما أتاه به من ربه من الوحي
قال رضي الله عنه :  ( ( فلو لا ما حصل له ) أي للرسول ( منه ) أي من المطر ( الفائدة الإلهية بما أصاب ) إلى الرسول ( منه ) أي من المطر ( ما برز بنفسه إليه ) فقوله بما أصاب يتعلق بقوله حصلت وفاعل أصاب يرجع إلى ما ، وما في قوله فلو لا ما حصلت زائدة زيدت لتأكيد الفائدة الحاصلة من المطر .
( فهذه ) أي ما ذكر من أحوال النبي مع المطر ( رسالة ماء جعل اللّه منه كل شيء حي فافهم)


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.  فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها. فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه. فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
وهو رضي الله عنه يقول في غير هذا: إن من كان أعلى مقاما عند الله كان أبعد من التأثير، ولكل مقام مقال
ثم ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل من المطر رسالة الماء الذي جعل منه كل شيء حيا. 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قال رضي الله عنه  : ( كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يبرّز نفسه للمطر إذا نزل ، ويكشف رأسه له ، حتى يصيب منه ، ويقول : إنّه حديث عهد بربّه .  فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبيّ ما أجلَّها وما أعلاها وأوضحها ، فقد سخّر المطر أفضل البشر ، لقربه من ربّه ، فكان مثل الرسول الذي ينزل عليه بالوحي ، فدعاه بالحال بذاته ، فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه من ربّه ، فلو لا حصل له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه ، ما برز بنفسه إليه ، فهذه رسالة ماء جعل الله منه كلّ شيء حيّ . فافهم ).
 
يشير إلى أنّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم كان يشاهد صور العلم الإلهي النازل بالوحي في المطر ، فيبرز إليه ويبرّز جسده المبارك وكرم رأسه تلقّيا لسرّ العلم الإلهي النازل على أمّ رأسه من الكتاب الأكبر الذي هو رتبته بالبرزخية الأولى في التعين الأوّل ، فافهم ،
فكذلك توجّهت الأسماء الإلهية والأرواح الكلية الفلكية والسماوية التي منها انبعثت أرواح أولئك المقتولين على اسم موسى عليه السّلام إلى الصورة الموسوية وروحه المدبّر ،
إذ ذاك لجسده الشريف ، حتى فعلت في أعداء ما فعلت وأظهرت من آيات الله ما أظهرت وحملت ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرز نفسه للمطر إذا نزل ، ويكشف رأسه له حتى يصيب منه ، ويقول « إنه حديث عهد بربه » فانظر إلى هذه المعرفة باللَّه من هذا النبي ، ما أجلها وما أعلاها وأوضحها ، فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه )
أي فكان المطر مثل الملك الذي ينزل إليه بالوحي يعنى جبريل ، لأنه كان يشاهد فيه صورة العلم الإلهي النازل إليه بواسطة الملك فيتلقاه ، ومخصوصا رأسه الذي هو منه بمثابة الكتاب الأكبر الذي رتبته في التعين الأول والبرزخية الأولى ومظهر العلم الإلهي الأول ، ويعرف قربه من الحق بالتجلي الجديد فلذلك سخره .
( فدعاه بالحال لذاته ) أي فدعا المطر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان الحال بذاته النازلة إليه من عند ربه في صورة العلم والحياة كالملك فأجابه
( فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه ) من المعنى الذي به يحيى كل شيء ( فلولا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه ما برز بنفسه إليه ، فهذه رسالة ماء جعل الله تعالى منه كل شيء حي فافهم )
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ، ويكشف رأسه له ) أي ، للمطر ( حتى يصيب منه ، ويقول : إنه حديث عهد بربه . فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها . فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه قد فكان مثل الرسول الذي ينزل إليه بالوحي . )
أي ، كان المطر بالنسبة إليه مثل الملك الذي أرسل إليه بالوحي . فإن الكمل يجدون في جميع ما يدركونه بالحواس الظاهرة معاني نزلت إليهم من الحضرة الإلهية في صور المحسوسات وخصوصا المطر ، فإنه صورة العلم النازل من الحضرة والبروز إليه .
هو إشارة إلى تلقى الروح الكامل إلى ما يفيض عليه . و ( كشف الرأس ) إشارة إلى رفعه الموانع عن ظهور الحقائق والعلوم ، وإلى أن محل ظهور المعاني الكلية والجزئية الدماغ ، كما أن محل حصول الوجدانيات هو القلب .
 
قال رضي الله عنه :  ( فدعاه بالحال بذاته ) أي ، دعا المطر الرسول بلسان الحال وذاته . ( فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه . ) أي ، فبرز رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى المطر ليصيب منه ما أتى المطر به من حضرة ربه من المعاني والأسرار ، كالحياة والعلم والرزق وغير ذلك .
 
وعدى (أتى) بنفسه، كما قال تعالى : (هل أتيك حديث الغاشية) . وب‍ (الباء) كما يقال : أتيت زيدا بفلان .
و(من ربه) متعلق ب‍ (أتى) . كما يقال : أتيتك بزيد من البصرة . وليس بيانا ل‍ ( ما ) .
( فلولا ، ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه ما برز بنفسه إليه . )
( الفائدة ) عطف بيان ( ما ) . أي ، فلولا الفائدة الإلهية التي حصلت له من المطر بواسطة ما أصاب إليه من المطر ، ما برز الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، إليه بنفسه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهذه رسالة ماء ، جعل الله تعالى منه كل شئ حي . فافهم . ) لما كان الماء أصل الأشياء ومظهرا للحياة وحاملا للأسرار الإلهية التي هي فيه بالقوة ، جعله رسولا ونبه على كونه أصل كل شئ حي . فافهم .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:29 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 16 مارس 2020 - 0:54 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتّى يصيب منه ، ويقول : إنّه حديث عهد بربّه ، فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النّبيّ ما أجلّها وما أعلاها وأوضحها ، فقد سخّر المطر أفضل البشر لقربه من ربّه فكان مثل الرّسول الّذي ينزل إليه بالوحي فدعاه بالحال بذاته إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربّه ، فلو لا ما حصّلت له منه الفائدة الإلهيّة بما أصاب منه ، ما برز بنفسه إليه ، فهذه رسالة ماء جعل اللّه منه كلّ شيء حيّ ؛ فافهم ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان من اللّه أقرب ) باعتبار ( تسخير من كان من اللّه أبعد ) بذلك الاعتبار ، وإن كان مسخرا له باعتبار آخر به قرب ذلك المسخر اسم الفاعل ، إذ للقرب هذه الخاصية في البعد ( كخواص الملك للقرب ) وإن قل ، ( يسخرون الأبعدين ) سواء قل بعددهم أو كثر ، والغائب من ذلك كالشاهد ، إذ وقع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند بعده من جهة التكوين مع المطر من جهة قربه بالتكوين ، مع أن وجوه قرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من اللّه بحيث لا يعد ولا يحصى ، إذ
 
قال رضي الله عنه :  ( كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ، يكشف له رأسه حتى يصيب منه ، ويقول : ) في عذره عن البروز له وكشف الرأس لإصابته ( إنه حديث عهد بربه ) ، فله قرب ما بهذا الوجه يوجب تعظيمه والتبرك به .
قال رضي الله عنه :  ( فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النبي ) الذي هو أعظم الأنبياء ( ما أجلها ) ، إذ علم أنه لا نهاية لوجوه القرب منه ( وأعلاها ) ، إذ علم ألا يمكن الإحاطة لأحد بوجوه القرب منه ( وأوضحها ) ، إذ علم تجليه في كل شيء باسم خاص لا يحصل إلا بواسطته ، وإن كان ذلك الاسم من جزئيات اسمه عليه السّلام ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد سخر المطر ) بما فيه تجلي الأسماء الإلهية المختصة به ، وفضل النبي الذي تجلى اسمه شامل على تجليات تلك الأسماء ، لكن تلك الأسماء له بواسطة مجاليها الخاصة ، كأنها مقدمات ومتممات له ؛ ( لقربه ) أي : قرب المطر ( من ربه ) الذي هو الاسم الخاص ، وإن كانت من جزئيات اسمه عليه السّلام ، وكان قربه عليه السّلام من ذلك الاسم أتم من كل قرب ؛ لكن القرب إلى جزئيات ذلك الاسم المختصة بجزئيات العالم بالذات لا يحصل لغيرها إلا بواسطتها ، وإن كان الكل بواسطته عليه السّلام باعتبار الكلية ، وهذا باعتبار الجزئية  
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان ) أي : المطر في التسخير ( مثل ) الملك ( الرسول الذي نزل إليه بالوحي ) بتسخير له نبينا عليه السّلام ؛ لحصول التجلي العلمي بواسطته ، فيجيب دعوته بلسان المقال ، والمطر يأتيه بتجلي اسمه الحي ، ( فدعاه بالحال ) أي : بلسان الحال ( بذاته ) ، فإن الحياة مطلوبة بالذات يتوقف عليها جميع الكمالات ، فيسخر له فيبرز ( إليه ؛ ليصيب منه ما أتاه ) المطر ( به من ربه ) من تجلي اسمه الحي المتجلي أولا عليه على الخصوص ، وإن تجلى أولا على الروح المحمدي من جملة الأسماء إلا أن للمختص بالشيء مزيد قرب منه .


قال رضي الله عنه :  ( فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية ) من كمال الحياة الإلهية المرتب عليها كمال العلم وسائر الصفات ، ( ما برز بنفسه إليه ) ، كما لم يبرز له أثر ما هو قريب العهد من ربه ، فهذا التسخير للمطر كالتسخير للرسول الآتي بالوحي ، ( فهذه ) الفائدة من تجلي هذا الاسم على أتم الوجوه ( ورسالة ماء ) إليه من حيث ( جعل اللّه منه كل حي ؛ فافهم ) هذا المعنى الدقيق الذي خصّ به نبينا عليه السّلام ، ثم من ورائه من الكمّل .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قوله  رضي الله عنه  : ( كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ، ويكشف رأسه له حتى يصيب منه ، ويقول : « إنّه حديث عهد بربه » ) أحمد المسند ومستدرك الحاكم و حلية الأولياء .
وهو العهد الذي بينه وبين العباد في ميثاق " أَلَسْتُ " [ 7 / 172 ] بأن لا يشوب رقيقة العبوديّة بما يخالطها ، وقد التزموا ذلك بقولهم : " بلى " .
 
معرفة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم باللَّه
قال رضي الله عنه  : (فانظر إلى هذه المعرفة باللَّه من هذا النبيّ : ما أجلَّها وما أعلاها وما أوضحها ) .
أمّا وجه جلالة هذه المعرفة فهو أنّه مع ختمه سائر الصفات الكماليّة التي للعبد وعلوّ شأنه على البريّة كلَّها ، قد اتّضع للجماد الذي هو أنزل البريّة وأخسّها وهذا صورة تماميّة الجلالة معرفة وعلما ، فإنّه إنما يتمّ كلّ شيء في مقابله عند العارف به ،
وإلى هذا الوجه أشار بقوله  رضي الله عنه : ( فقد سخّر للمطر أفضل البشر لقربه من ربّه ) في مدارج العبوديّة والبعد العبدي ، الذي هو المسلك الذاتيّ للممكنات ، والطريق الأصليّ للكائنات .


وأمّا وجه علوّها فهو أنّه فهم من وجه عبوديّته هذه لسان الرسالة حيث اتّخذه رسولا ( فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه ، فيدعوه بالحال ) التي عليها ( بذاته ) ، فإنّ الممكن له الافتقار والعبوديّة بذاته .


وأمّا وجه وضوحها : فهو أنّه أجاب دعوته وسمع رسالته سماع امتثال وطاعة ، واستقبل بلاغة استقبال شوق وخضوع ، ( فيبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربّه ) من الحياة والعلم ، اللذين هما إمام أئمّة الأسماء والحقائق ، وبهما تنفجر عيون مزارع الظهور والإظهار فإنّ للماء دلالة عليهما صورة ومثالا - كما عرفت .
 
قال رضي الله عنه  : ( فلو لا ما حصلت له منه الفائدة له منه الفائدة الإلهيّة ) من لطائف العلوم والمعارف ، ( بما أصاب منه ) على رأسه المنكشف له - الذي هو جمجمة جميع المدارك والمشاعر ، ( ما برز بنفسه إليه ) مستقبلا إيّاه ، استقبال رسول كريم .
( فهذه رسالة ماء جعل الله منه ) " كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ "  حياة صوريّة طبيعيّة ، ومعنويّة علميّة ، على ما هو من خصائص الختمين ( فافهم ) .
هذا حكمة قتل أولاد بني إسرائيل من جهة موسى .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
 
قال رضي الله عنه :  ( كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبرز بنفسه للمطر إذا أنزل ويكشف رأسه له حتّى يصيب منه ويقول إنّه حديث عهد بربّه . فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النّبيّ ما أجلّها وما أعلاها وأوضحها . فقد سخّر المطر أفضل البشر لقربه من ربّه فكان مثل الرّسول الّذي ينزل إليه بالوحي فدعاه بالحال بذاته إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربّه .  فلو لا ما حصّلت له منه الفائدة الإلهيّة بما أصاب منه ، ما برز بنفسه إليه . فهذه رسالة ماء جعل اللّه منه كلّ شيء حيّ فافهم . )


قال رضي الله عنه :  ( كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبرز نفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه ويقول إنه حديث عهد بربه . فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها . فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان ) ،
أي المطر في نزوله من ربه عليه ( مثل الرسول ) ، أي الملك ( الذي ينزل إليه بالوحي فدعاه ) ، أي المطر أفضل البشر ( بالحال ) ، أي بلسان الحال ( بذاته ) ، أي إلى ذاته ونفسه.
 
( فبرز إليه ليصيب منه ما آتاه به من ربه ) من المعاني والأسرار كالإشارة إلى الحياة والعلم والرزق وغير ذلك ( فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية ) ، لفظة ما موصولة وقوله : الفائدة الإلهية بدل أو عطف بيان للموصول أو لضميره ( ما أصاب منه ما برز بنفسه إليه فهذه ) ، أي دعوة المطر أفضل البشر وإتيانه بما آتاه من ربه ( رسالة ما جعل اللّه منه كل شيء حي ) ، حياة صورة طبعية بصورته وحياة معنوية حقيقة نعتا أعني العلم ( فافهم ).

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:31 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 16 مارس 2020 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)  
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة إلقائه في التّابوت ورميه في اليمّ : فالتّابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوّة النّظريّة الفكريّة والقوى الحسيّة والخياليّة الّتي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النّفس الإنسانيّة إلا بوجود هذا الجسم العنصريّ .   فلما حصلت النّفس في هذا الجسم وأمرت بالتّصرّف فيه وتدبيره ، جعل اللّه لها هذه القوى آلات تتوصّل بها إلى ما أراده اللّه منها في تدبير هذا التّابوت الّذي فيه سكينة الرّبّ . فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم . فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الرّوح المدبّر له هو الملك ؛ فإنّه لا يدبّره إلّا به ، فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا النّاسوت الّذي عبّر عنه بالتّابوت في باب الإشارات والحكم . )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة إلقائه) ، أي موسى عليه السلام وهو صغير في التابوت من الخشب الذي ألهم اللّه تعالى أمه أن تصنعه له وترضعه وتضعه فيه وحكمة رميه ، أي ذلك التابوت الذي فيه موسى عليه السلام بعد ذلك في اليم ، أي البحر .
كما قال تعالى :وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ( 7 ) [ القصص  :7].
وقال تعالى : وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى ( 37 ) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى ( 38 ) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ[ طه : 37 – 39].
 
قال رضي الله عنه :  (فالتابوت) بطريق الإشارة (ناسوته) ، أي جسم موسى عليه السلام (واليم) ، أي البحر ما (حصل له) ، أي لموسى عليه السلام (من العلم) الإلهي الشرعي والعقلي (بواسطة هذا الجسم) الطبيعي العنصري (مما أعطته القوّة النظرية) ، أي الحاصلة بنظر العقل (الفكرية) ، أي المنسوبة إلى الفكر (والقوى الحسية) ، أي الظاهرة في الحواس الخمس والقوى (الخيالية) كالمصورة والموهمة (التي) نعت للقوى كلها (لا يكون شيء) ، أي إدراك وغيره (منها) ،
 
أي من تلك القوى (ولا من أمثالها) من بقية القوى السارية في مواضع في البدن كالقوّة الجاذبة والدافعة والماسكة وغير ذلك (لهذه النفس الإنسانية) الناطقة التي بها يتميز الإنسان عن بقية الحيوان (إلا بوجد هذا الجسم العنصري) ، أي المركب من العناصر الأربعة .
 
قال رضي الله عنه :  (فلما حصلت النفس) الإنسانية المذكورة (في هذا الجسم) بالنفخ الإلهي من الروح الأمري وأمرت النفس المذكورة ، أي أذن لها اللّه تعالى (بالتصرف فيه) ، أي في هذا الجسم (وتدبيره) في أمر معاشه ومعاده على وفق الحكمة الشرعية (جعل اللّه ) تعالى (لها) ، أي لتلك النفس (هذه القوى) المذكورة (آلات) جمع آلة وهي الأداة التي يستعان بها في العمل المقصود (تتوصل) تلك النفس (بها) ، أي بتلك الأداة (إلى ما أراده اللّه تعالى منها) من الأحوال النافعة (في تدبير هذا التابوت) ، أي الجسم الإنساني (الذي فيه) ، أي في ذلك التابوت (سكينة) ، أي هيبة وعظمة الرب تعالى كما حكى تعالى عن فتى موسى يوشع بن نون عليهما السلام لما أخبر بني إسرائيل عن طالوت الملك : وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ [ البقرة : 248 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (فرمى) تعالى (به) ، أي بهذا التابوت (في اليم) ، أي بحر العلم (ليحصل) ، أي موسى عليه السلام (بهذه القوى) المذكورة (على فنون العلم) الإلهي (فأعلمه) ، أي اعلم تعالى موسى عليه السلام بذلك ، أي برميه في اليم (أنه) ، أي موسى عليه السلام (وإن كان الروح) ، أي روحه (المدبر له هو الملك) القائم بأمر اللّه تعالى (فإنه) ، أي ذلك الملك لا يدبره إلا به ، أي بموسى عليه السلام فأصحبه ، أي اصحب اللّه تعالى موسى عليه السلام ، أي أبقى له إلى آخر عمره (هذه القوى الكائنة) ، أي الموجودة (في هذا الناسوت) ، أي الجسم (الذي عبر عنه بالتابوت) في الآية المذكورة (من باب الإشارات) القرآنية (والحكم) الربانية .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)  
 
قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم ) وهو المسمى بالنبل ( فالتابوت ) إشارة إلى ( ناسوته ) وهو الجسم العنصري الموسوي ( واليم ) إشارة إلى ( ما حصل له ) أي لموسى ( من العلم بوساطة هذا الجسم ) قوله ( مما ) بيان للعلم ( أعطته ) ذلك العلم لموسى ( القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية )
قوله ( التي ) صفة لقوى المذكورة كلها ( لا يكون شيء منها ) أي من تلك القوى ( ولا ) يكون أيضا ( من أمثالها لهذه النفس الانسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري )
 
فالجسم العنصري الانساني أجل مخلوق اللّه تعالى خلقه اللّه للإنسان ليحصل كمالاته المودعة في نشأته وبه عظم اللّه آدم فأمر الملائكة بالسجود .
قال رضي الله عنه :  ( فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره جعل اللّه لها ) أي للنفس الانسانية ( هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده اللّه منها ) أي من النفس ( في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب ) إذ ربوبيته تعالى لا تزال تتحرك إلى أن تصل إلى هذا المربوب التام فسكن فيه الرب لحصول ما هو المقصود من الربوبية بهذا التابوت دون غيره.
 
قال رضي الله عنه :  ( فرمى به ) على صيغة المجهول أي رمى موسى بالتابوت أو المعلوم أي رمى الحق موسى بالتابوت على يد أمّه ( في اليم ليحصل ) أي ليكون موسى مستعليا ( بهذه القوى ) وهي القوى المذكورة للنفس بواسطة الجسم العنصري ( على فنون العلم ) يعني أن هذا الرمي إشارة إلى النفس الانسانية ألقيت في تابوت البدن ورميت به في يم العلم لتكون بهذه القوى الحاصلة لها في التابوت مستعلية على فنون العلم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فأعلمه ) أي الحق موسى ( بذلك ) الرمي ( أنه ) أي الشأن ( وإن كان الروح المدبر له ) أي للتابوت هو الجسم العنصري ( هو الملك ) بفتح الميم وكسر اللام إذ الروح مالك التابوت وجاز بكسر الميم وسكون اللام فإن الروح ملك الحق ( فإنه ) أي فإن الشأن ( لا يدبره ) أي لا يدبر هذا التابوت ( إلا به ) أي بسبب هذا التابوت ( فاصحبه ) أي فاصحب اللّه الروح ( هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر ) على البناء للمفعول من التعبير ( عنه بالتابوت في باب الإشارات ) قوله ( والحكم ) على صيغة الجمع أي يقال في اصطلاح أهل الإشارة للناسوت تابوتا فدبر الروح ملكه الذي هو الجسم العنصري بملكه التي هي القوى الكائنة في هذا الناسوت فدبر ملكه بملكه


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)  
 
قال رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب. فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به. فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)  
 
ثم بين أن التابوت هو جسم موسی، والیم وهو العلم المكتسب بطريق الجسم، فصورة الجسم خضر طبيعي وباطنه حياة أبدية بالعلم الذي يتحصل بواسطة الجسم.
ثم بين أن موسی قرة عين لامرأة فرعون بما حصل لها من الكمال بطريق موسى وقرة عين لفرعون الايمان فرعون عند خوف الغرق 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم..)  
 
قال رضي الله عنه  : ( وأمّا حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليمّ فالتابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بوساطة هذا الجسم ، ممّا أعطته القوّة النظرية الفكرية ، والقوى الحسيّة والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلَّا بوجود هذا الجسم العنصري ، فلمّا حصلت النفس في هذا الجسم ، فأمرت بالتصرّف فيه وتدبيره ، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصّل بها إلى ما أراد الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الربّ ، فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم ، فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الروح المدبّر  له هو الملك ، فإنّه لا يدبّره إلَّا به ، فأصحبه هذه القوى الكامنة في هذا الناسوت الذي عبّر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم ).
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ العالم وصورة ظاهريات مظاهر الأسماء الحسنى والصفات العلى ، ولهذا كثرت الصور مع أحدية العين ، فهذه النقوش والأشكال والصور منها ولها وبها ، وباطن العالم وهويته للوجود الحق المتعيّن فيها بحسبها ، فصورة العالم ناسوته ، والتابوت وروحه هو الوجود المتعيّن فيه ، وهو سكينة الربّ ، واليمّ بهذا الاعتبار هو الوجود المطلق الحقّ ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)  
 
قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم ، فالتابوت ناسوته واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية الخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري ، فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره جعل الله لها هذه القوى آلات تتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب )
لأن اليقين والعلم الذي تزداد به الإيمان والسكينة النفس إلى ربها وتطمئن لا يحصل إلا فيه
 
قال رضي الله عنه :  ( فرمى به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم ، فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك ، فإنه لا يدبره إلا به ، فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم )
كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أي بالعالم أو بصورته فما دبره إلا به ، كتوقف الولد على إيجاد الوالد فإن التدبير الذي دبره الحق العالم فيه بنفس العالم : أي بعضه ببعض ، وهو مثل توقف الولد على إيجاد الحق الوالد الحقيقي .
 
"" إضافة بالي زاده :
يعنى أن هذا الرمي إشارة إلى أن النفس الإنسانية ألقيت في تابوت البدن ، ورميت به في يم العلم ، لتكون بهذه القوى الحاصلة مستعلية على فنون العلم .أهـ بالى زادة  ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)  
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم : فالتابوت ناسوته ) أي ، التابوت إشارة إلى ناسوته .
( واليم ) إشارة إلى ( ما حصل له من العلم بوساطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شئ منها ) أي ، من تلك القوى .
( ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري . ) لأن كل واحدة منها حقيقة برأسها ، كالنفس الإنسانية نزلت لخدمتها في هذه النشأة العنصرية وسجدت لها وانقادت بأمر ربها.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :   (فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره ، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها ) أي ، من النفس .
( في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب . ) وإنما كانت السكينة فيه ، لأن الأمور الكلية
والمعاني الحقيقة لا تزال تتحرك بالمحبة الذاتية إلى أن تصل إلى الحضرة الشهادية وتدخل تحت الاسم ( الظاهر ) ، فيجد السالك فيها المعاني بصورها ويسكن إليها .
 
لذلك كانت المحسوسات أجلى البديهيات . فاليقين والعلم الذوقي والإيمان الغيبي والتجلي الشهودي لا يحصل إلا في هذه الحضرة وبواسطتها ، لذلك صارت الدنيا مزرعة الآخرة فصارت سكينة الرب (فرمى به في اليم ليحصل بالقوى) المذكورة (على فنون العلم.) أي ، ليكون بها مستعليا على أنواع العلوم الحاصلة بالحواس الظاهرة والباطنة .
يقال : حصل فلان على عرشه . إذا استعلى عليه .
( فأعلمه ) أي ، الحق. ( بذلك ) أي ، بذلك الرمي موسى بوضعه في التابوت وإلقائه في اليم ( أنه ) أي، الشأن . (وإن كان الروح المدبر له هو الملك ، فإنه لا يدبره إلا به.) أي ، فإن الروح المدبر له لا يدبره إلا بواسطة هذا  التابوت .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه ب‍ " التابوت " في باب الإشارات والحكم.) على صيغة الجمع .

أي ، جعل الله الروح مصاحبا لهذه القوى الحالة في البدن الذي عبر الحق سبحانه عنه ب‍التابوت في باب الإشارة ، أي ، هذا المقول ثابت في باب الإشارة الربانية والحكم الإلهية.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:32 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 16 مارس 2020 - 1:01 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)  
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة إلقائه في التّابوت ورميه في اليمّ ؛ فالتّابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوّة النّظريّة الفكريّة والقوى الحسيّة والخياليّة الّتي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النّفس الإنسانيّة إلا بوجود هذا الجسم العنصريّ ، فلمّا حصلت النّفس في هذا الجسم وأمرت بالتّصرّف فيه وتدبيره ، جعل اللّه لها هذه القوى آلات تتوصّل بها إلى ما أراده اللّه منها في تدبير هذا التّابوت الّذي فيه سكينة الرّبّ ، فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم ، فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الرّوح المدبّر له هو الملك ؛ فإنّه لا يدبّره إلّا به ، فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا النّاسوت الّذي عبّر عنه بالتّابوت في باب الإشارات والحكم ) .
 
ولما فرغ عن بحث استمداد روحه من أرواح الأطفال ، فإنها قوى روحه شرع في بحث استمداده من قوى بدنه ،
فقال رضي الله عنه  : ( وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم ) ، فهي تنبيهية بطريق الإشارة إلى أن تعلق روحه ببدنه لتجري في بحار المحسوسات بالقوى التي فيه ، فيرجع بالكمالات العلمية والعملية المستفادة منها إلى ربه ، فيفوز بأعلى وجوه السعادات والقرب من ربه ؛ وذلك ليصرف عنان همته في تحصيل ذلك ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فالتابوت ) بطريق الإشارة ( ناسوته ) أي : بدنه الشامل على القوى ، ( واليم ) بتلك الطريق ( ما حصل له من العلم ) ، إذ هو بحر لا ساحل له ، ورميه في اليم إشارة إلى أن حصول هذا العلم بواسطته ( بوساطة هذا الجسم ) الشامل على هذه القوى ؛ لأنه عند التجرد الأول لم يكن عالما به ، وإنما كان بالمعقولات المحضة في هذا العلم
قال رضي الله عنه :   ( مما أعطته القوة النظرية ) ، وهذه القوة النظرية إنما أعطته القوة ( الفكرية ) ، إذا ترتبت المقدمات النظرية ، إنما تكون بالتركيب والتحليل بين صور المحسوسات والمعاني المدركة منها ، وهذه القوة جسمانية ثابتة في وسط الدماغ ،
ومما أعطته:
( القوى الحسية ) أي : المشاعر الظاهرة ، فإنها علوم عند الأشعري ،
( والخيالية ) أي : الحواس الباطنة غير المنكرة وهي الحس المشترك ، والخيال والحافظة والمتوهمة ( التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها ) من القوى المحركة ( لهذه النفس الإنسانية ) ، وهي القلب
قال رضي الله عنه :  ( إلا بوجود هذا الجسم ) ؛ لأنها جسمانية فلا تحل في المجردات ، ولا تحصل له من حيث هو مجرد عنصري ؛ ذكره ليشير إلى أن هذه النفس لو تعلقت بالأجرام السماوية لم يكن لها هذه القوى الحسية والخيالية والمفكرة ، إذ ليس لهذه الأجرام جر نفع ولا دفع ضر ، وإنما هو في الجسم ( العنصري ) الذي يتوارد عليه الكون والفساد .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما حصلت النفس في هذا الجسم ) العنصري المحتاج إلى جر نفع ودفع ضر لتوارد الكون والفساد عليه ، ( وأمرت بالتصرف فيه ) لإخراج ما فيه بالقوة إلى الفعل ، ( وتدبيره ) بجذب المنافع ودفع المضار ، والنفس لا تستقل بذلك في الأمور الخارجية ، ( جعل اللّه لها هذه القوى ) الحالة في هذا البدن الذي تعلقت به النفس ، فحصل بينهما اجتماع
 
قال رضي الله عنه :   ( آلات يتوصل بها إلى ما أراده منها ) من الأفعال الصناعية ( في تدبير هذا التابوت ) البدن ( الذي فيه سكينة ) ، أي : سكون أسرار ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، ( فرمي به ) أي : بهذا التابوت البدني ( في اليم ) أي : يم العلوم باستعمال هذه القوى في تحصيلها ؛
قال رضي الله عنه :  ( ليحصل بالقوى ) فيقف ( على فنون العلم ) من النظريات ، والبديهيات ، والمحسوسات بعد ما كانت لها المعقولات المحضة لو بقيت على تجردها ، وإذا كان ألقي موسى في التابوت ، ورميه في اليم إشارة إلى ما ذكرنا.
( فأعلمه بذلك ) الإلقاء والرمي في اليم ( أنه وإن كان الروح المدبر له ) ، أي : للبدن
 
قال رضي الله عنه :  ( هو الملك ) المتشبه بالمالك الحق حتى صارت معرفته مستلزمة لمعرفته ، ( فإنه لا يدبره إلا به ) ؛ لأن هذه القوى شعب النفس الحيوانية الحاصلة من النداء اللطيف في القوى أيضا منه ، وإذا كان تدبيره بهذه القوى ، وليس محلا لها ، ولا يمكن اجتماعها معه في عالم المجردات ، ( فأصحبته هذه القوى ) الحالية ( في هذا الناسوت ) ، أي : البدن
 
 ( الذي عبّر عنه بالتابوت ) ؛ لاشتماله على هذه القوى بطريق الحلول فيه ، وهذا وإن لم يكن مراد النص بطريق العبارة ، فهو مراد ( في باب الإشارات ) ، وهي وإن لم يؤخذ بها في باب الاستدلال يؤخذ بها ( والحكم ) المستفادة من القرآن ، إذ أكثرها بطريق الإشارة بحيث لا تناقض مفهوم العبادة ، ولا تذكر بطريق العبارة ؛ لصعوبة فهمها على العامة فيكون سببا لضلالهم ، فإذا علم ذلك علم كمال تشبهه بالحق.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)  
 
حكمة إلقاء موسى في التابوت ورميه في اليمّ
قال رضي الله عنه  : ( وأمّا حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليمّ : فالتابوت ناسوته ) من حيث الحصر والإحاطة ، ( واليمّ ما حصل له من العلم ) ، فإنّ له نسبة إلى العلم حكمة وتلويحا .
أمّا الأول فلاشتماله على الماء الذي هو صورة العلم ولكمال سعته وإحاطته .
وأمّا الثاني فلأنّه بيّنات ميمي « العلم » ولامه الظاهر بهما عين عينه عيانا ولذلك جعله إشارة إلى العلم الخاصّ المستحصل من العين ببيّنات أشكالها المنتجة لضروب الحقائق ، وهو العلم الحاصل للنفس  ( بواسطة الجسم ، مما أعطته القوّة النظريّة الفكريّة ) من الحقائق التنزيهيّة ( والقوى
 
الحسّية والخياليّة ) من اللطائف التشبيهيّة كما وقفت عليه .
وأيضا اليمّ : صورة طرفي الجسم وبيّناتهما ، فلذلك جعله إشارة إلى العلم الحاصل من الجسم بتلك القوى ، ضرورة أنّ تلك القوى هي
قال رضي الله عنه  : ( التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانيّة إلَّا بوجود هذا الجسم العنصري ) الكثيف وذلك لأنّ القوى المذكورة إنما هي هيئات برزخيّة ، مستحصلة من تعاكس النور المجرّد اللطيف عن الجسم الهيولانيّ الكثيف ، كما عرفت تحقيقه في المقدّمة .
 
اثر ارتباط النفس مع الجسم في ترقّيها
فالنفس ما لم تحصل له علاقة التصرّف والتدبير في الجسم ، لا يمكن لها وجود قوّة من تلك القوى ولا أمثالها ، مما يستحصل به إدراك المحسوسات من العوارض الجسمانيّة والأشباح الهيولانيّة والمثاليّة والمعاني الجزئيّة ،
قال رضي الله عنه  : ( فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرّف فيه ، جعل الله له هذه القوى آلات يتوصّل بها إلى ما أراده الله منها ) ، من المدارك الجمعيّة الكماليّة الحاصلة من تعاكس النور المجرّد عن الجسم ، مكتسبا منه جمعيّته البرزخيّة متدرّجا في تلك الجمعيّة إلى أن يصل إلى القلب ،
برزخ البرازخ وهو الذي أراده الله من النفس عند تفويض التصرّف إليها ( في تدبير هذا التابوت ) يعني الوعاء الثابت الذي يصلح لأن يودع فيه الجسد عند سكونه عن حركة الحياة واضطرابها ، وصلوحه لأن يستكنّ في القبر ، الذي هو صورة القرب .
 
تأويل التابوت بالمزاج الإنساني
هذا بحسب العرف واللغة مطلقا ، فإنّه هاهنا في قوله تعالى : "أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيه ِ سَكِينَةٌ من رَبِّكُمْ " .
 كناية عن المزاج الإنساني الذي يصلح لأن يظهر فيه الوحدة الاعتداليّة القلبيّة الساكنة المطمئنّة عن الميول الانحرافيّة الأطرافيّة التي هي محل قرب الحقّ وسكينة كمال الربّ وظهوره ،
 
ولذلك قال رضي الله عنه  : ( الذي فيه سكينة الربّ ، فرمى به في اليمّ ) العلمي المحيط بالكل ، ( ليحصل بهذه القوى ) قوّة مسلطة قادرة ( على فنون العلم ) ذوقيّة وبرهانيّة ، بديهيّة وكسبيّة ، كتابيّة وكلاميّة ، رقميّة ولفظيّة ، تشبيهيّة وتنزيهيّة فإنّ هذه الفنون من العلوم انما يستحصل إذا القى موسى النفس إلى تابوت الناسوت والقى في يمّ مداركه الجسمانيّة .
 
ثمّ إنّه من جملة ما علم من هذه الحكمة الجهة الارتباطيّة التي بين الروح والجسد الجسمانيّ ،
 
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( فأعلمه الله بذلك ) التابوت ( أنّه وإن كان الروح المدبر له هو الملك ) في مدينة جمعيّته الإنسانيّة ، ( فإنّه لا يدبّره ) - أي لا يدبّر هذا الجسم الموسويّ الكماليّ تدبيرا يوصله إلى غايته النوعيّة وكماله الحقيقيّ الذي هو صلوحه لأن يكون سكينة للربّ ( إلَّا به ) ، باعتبار استجماع هذا الجسم المنوّر بتدبير الملك صنوفا من القوى والجوارح ، بها تقتنص شوارد الحقائق عن شواهق علوّ إطلاقها .
 
وقد استقصينا الكلام في أمر تلك المملكة وتبيين أشغالها ووجوه عمّالها ، وتفاوت درجاتهم عند تدبير الوصول إلى كمالها في المناظرات الخمس ، من أراد ذلك فليطالع ثمّة .
 
قال رضي الله عنه  : (فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت ، الذي عبّر عنه ) عند استشعار التدبير الربطي منه ( بالتابوت من باب الإشارات ) التلويحيّة من الصور الحرفية - وهي أنّ « التابوت » خصوصيّته الفارقة له عن "الناسوت" إنما هو التاء والباء ، اللذان يلوّحان على التدبير الربطي - ( والحكم ) الذوقيّة من النسب المعنوية وهي أنّ الربط بين التابوت وما فيه من الجسد الميّت إلى حيث يتحرّك بتحريكه اليمّ ويسكن بتسكينه إيّاه ، وهي غاية قوّة الجهة الارتباطية .
 
فعلم أنّ تدبير الروح الذي عليه ملاك أمر الكمال الوجوديّ إنما هو بالجسم ، ومبنى الكل على الجهة الارتباطيّة والنسبة الامتزاجيّة التي بين بين .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم..)  
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة إلقائه في التّابوت ورميه في اليمّ : فالتّابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوّة النّظريّة الفكريّة والقوى الحسيّة والخياليّة الّتي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النّفس الإنسانيّة ).
 
قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم فالتابوت ) بلسان الإشارة ( ناسوته ) ، أي صورته الإنسانية ( واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ) من تلك القوى ( ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية )
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا بوجود هذا الجسم العنصريّ . فلمّا حصلت النّفس في هذا الجسم وأمرت بالتّصرّف فيه وتدبيره ، جعل اللّه لها هذه القوى آلات تتوصّل بها إلى ما أراده اللّه منها في تدبير هذا التّابوت الّذي فيه سكينة الرّبّ . فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم . فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الرّوح المدبّر له هو الملك ؛ فإنّه لا يدبّره إلّا به ، فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا النّاسوت الّذي عبّر عنه بالتّابوت في باب الإشارات والحكم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا بوجود هذا الجسم العنصري . فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه والتدبير فيه جعل اللّه لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده اللّه منها ) ، أي من النفس ( في تدبير هذا التابوت الذي في سكينة الرب ) ، لأن اليقين والعلم الذي يزداد به الإيمان وتسكن به النفس إلى ربها وتطمئن لا يحصل إلا فيها ( فرمى به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم . فأعلمه بذلك ) ،
 
أي أعلم اللّه سبحانه موسى بما فهم بلسان الإشارة عن إلقائه في التابوت ورميه في اليم ( أنه ) ، أي الجسم ( وإن كان الروح المدبر له هو الملك فإنه لا يدبره إلا به فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات ) ، الإلهية ( والحكم ) الربانية

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:33 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 9:30 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحقّ العالم فإنّه ما دبّره إلّا به أو بصورته .
فما دبّره إلّا به كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها ، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلّتها ، والمحقّقات على حقائقها . وكلّ ذلك من العالم . وهو تدبير الحقّ فيه فما دبّره إلّا به .
وأمّا قولنا أو بصورته - أعني صورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصّفات العلى الّتي تسمّى الحقّ بها واتّصف بها . )
 
قال رضي الله عنه :  (كذلك) ، أي مثل ذلك (تدبير الحق) تعالى (العالم) بفتح اللام بأسره محسوسه ومعقوله وموهومه (فإنه ما دبره تعالى إلا به) ، أي بالعالم نفسه على حسب ما يقتضيه حاله من القوى المختلفة فيه (أو بصورته) ، أي العالم التي تسمى اللّه تعالى بها واتصف بها فما دبره أي دبر اللّه تعالى العالم به أي العالم نفسه بل العالم دبر من حيث إنه صورته تعالى نفسه من حيث إنه عالم فإذا دبر الحق تعالى العالم بالعالم توقف بعض العالم على بعض (كتوقف) وجود (الولد على إيجاد الوالد) من كل نوع من أنواع الحيوان وتوقف وجود
 
قال رضي الله عنه :  (المسببات) العادية والشرعية والعقلية على وجود أسبابها كذلك وتوقف وجود (المشروطات) الشرعية وغيرها على وجود شروطها ، كذلك وتوقف وجود المعلولات العقلية وغيرها (على) وجود عللها ، كذلك وتوقف وجود المدلولات من كل نوع من حيث هي مدلولات لثبوتها عند المستدل على وجود أدلتها كذلك وتوقف وجود (المحققات من كل شيء على) وجود (حقائقها) ، أي ماهياتها ولوازمها الذاتية .
قال رضي الله عنه :  (وكل ذلك) ، أي المسببات والأسباب والمشروطات والشروط والمعلولات والعلل والمدلولات والأدلة والمحققات والحقائق من جملة العالم بفتح اللام بل هي العالم لا غير ، فالعالم منقسم إلى مؤثر ومتأثر باللّه تعالى لا بنفسه (وهو) ، أي هذا التدبير من بعض العالم في بعض تدبير الحق تعالى (فيه) ، أي في العالم (فما دبره) ، أي دبر اللّه تعالى العالم (إلا به) ، أي بالعالم من حيث قيام الكل باللّه تعالى .
 
قال رضي الله عنه :  (وأما قولنا) فيما مر قريبا أو (بصورته أعني صورة العالم) يعني أن اللّه تعالى ما دبر العالم إلا بصورة العالم فأعني به ، أي بالمدبر من صورة العالم الأسماء الحسنى الجميلة الجليلة (والصفات العلى) ، أي المنزهة المقدسة (التي تسمى الحق) تعالى (بها واتصف بها) من حيث مراتبه تعالى الوجودية المعتبرة أزلا وأبدا بالنسبة إلى الأعيان الثابتة بأنفسها في العدم الأصلي الموجودة مرتبة كما هي عليه بتلك المراتب الوجودية المذكورة ، فالأعيان عينت المراتب الأسمائية والحضرات الصفاتية من الذات العلية ، والمراتب المذكورة عينت الوجود للأعيان على حسب ما تقتضيه تلك الأعيان فالأزل للمراتب والأبد للأعيان .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبّر العالم أيضا إلّا بصورة العالم . ولذلك قال في آدم الّذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة الّتي هي الذات والصّفات والأفعال : « إنّ اللّه خلق آدم على صورته » وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة . فأوجد في هذا المختصر الشّريف الّذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل وجعله روحا للعالم فسخّر له العلو والسّفل لكمال الصّورة )
 
قال رضي الله عنه :  (فما وصل) إلينا معشر المكلفين من اسم تسمى به الحق تعالى في القرآن والسنة (إلا ووجدنا معنى ذلك الاسم) ، أي مقتضاه الظاهر بآثاره كالعليم والقدير ، فإن معناهما الكشف عن الأثر المعدوم ، ثم إفاضة الوجود عليه بحسبه (وروحه) ، أي سر ذلك الاسم وهو خصوصية الموقوف عليها تأثير الاسم الآخر كجعل الأثر متميزا عما سواه في نفسه الثابتة في العدم الأصلي بالاسم العليم ، فإن ذلك روح ، أي سر الاسم العليم زيادة على معناه الذي هو مجرد الكشف عن ذلك وكتحقيق معنى الوجود في الأثر بالاسم القدير فإنه روح ،
 
أي سر الاسم القدير زيادة على معناه الذي هو مجرد إفاضة الوجود على الأثر المعدوم (في) هذا (العالم) المحسوس والمعقول ،
فكل عليم قدير ممن يصنع معنى الاسم العليم ظاهر فيه بالكشف عن معلومه وروح الاسم بتميزه عما سواه ، ومعنى الاسم القدير بإضافة الوجود عليه بنقله من حالة مادية إلى حالة غائية ، كالنجار يفيض الوجود بالصنع للكرسي المقدر في نفسه وهو في مادته التي هي الخشب ، فينتقل ذلك الكرسي من بطون مادته الخشبية إلى ظهور عينه الصورية ، وروح الاسم بتحقيق معنى ذلك الصنع وإثبات صورة الكرسي تامة الهيئة في الحس ، وهكذا في كل صانع وفي جميع الأسماء .
 
قال رضي الله عنه :  (فما دبر) ، أي الحق تعالى (العالم) كله (أيضا) ، أي زيادة على مجرد تدبيره إلا وهو ظاهر للعالم بصورة العالم ، أي مجموع أسماء العالم وصفاته .
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك) ، أي لكون الأمر كذلك (قال) عليه السلام كما ورد في الحديث (في حق آدم) عليه السلام الذي هو ، أي آدم عليه السلام الأنموذج وهي كلمة معربة وقد تسمى بالفهرست ومعناها مجموع ما اشتمل عليه الشيء من كل عنوان فيه على نوع من أنواعه (الجامع) ذلك (لنعوت الحضرة الإلهية) ، أي عنوانات أنواع مراتبها (التي هي) ،
أي تلك النعوت الذات الواحدة والصفات) والأسماء الكثيرة (والأفعال) الكثيرة (إن اللّه) تعالى (خلق آدم عليه السلام على صورته) ، أي صورة اللّه تعالى على التنزيه المطلق ، ويؤيده الرواية الأخرى على صورة الرحمن (وليست صورته
 
""ونصه : ( لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن ) . رواه الطبراني في الكبير
ورواه الدارقطني ولفظه عنده : ( لا تقبحوا الوجه فإن اللّه خلق آدم على صورة الرحمن عز وجل ) .""
 
أي اللّه تعالى سوى الحضرة الإلهية التي هي مجمع ذاته تعالى وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه ؛ خمس مراتب بعضها أعلى من بعض في حقيقة الوجود المطلق بالإطلاق الحقيقي المنزه عن معرفة العارفين به وجهل الجاهلين له ، لأنه من حيث هو لا يعرف ولا يجهل .
(فأوجد) سبحانه (في هذا المختصر) من العالم الكبير (الشريف) من قوله تعالى : وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ [ الإسراء : 70 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (الذي هو الإنسان الكامل) في الظاهر والباطن (جميع الأسماء الإلهية) ، التي هي مجموع المراتب الخمس المذكورة فله ذات وله صفات وله أسماء وله أفعال وله أحكام مضاهاة للحضرة الإلهية وأوجد تعالى فيه أيضا (حقائق) ، أي ماهيات وأعيان مثل جميع (ما خرج عنه) ،
أي عن ذلك الإنسان من الأشياء الموجودة (في العالم الكبير المنفصل) عنه ففيه:
سماوات وهي دماغه ،
ونجوم وهي حواسه الظاهرة والباطنة ،
وعرش وهو روحه ،
وكرسي وهو نفسه ،
وقلم هو عقله ،
ولوح هو ذهنه ،
وعوالم ملائكة وهي قواه السارية في بدنه ،
وجن وهي قواه الباطنة منها مطيع ومنها عاص ،
وشياطين وهي قواه الخبيثة في أفعال المعاصي ،
وفيه أرضون وهي جسمه ،
وفيه بحر محيط وهو دمه ،
وجبال وهي عظامه ،
وتلال وهي عروقه ،
ونبات هو شعره ،
وماء حلو في فمه ،
وماء مر في أذنه ،
 وماء وسخ في أنفه ،
وماء قذر في بوله ،
وفيه عناصر أربعة :
صفراء هي ناره ،
ودم هو هواه ،
وبلغم هو ماؤه ،
وسوداء هي ترابه ،
وهكذا مما يطول بيانه مضاهاة للعالم الكبير بأسره (وجعله) ، أي جعل اللّه تعالى هذا الإنسان الكامل (روحا للعالم) الكبير جميعه (فسخر اللّه) تعالى (له) ، أي لهذا الإنسان الكامل (العلو) من السماوات وما فيها والسفل من الأرضين وما فيهن لكمال الصورة التي هو فيها مضاه للحضرة الإلهية وللعوالم الإمكانية كلها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم فإنه ما دبره إلا به ) أي الحق ما دبر العالم إلا بالعالم ( أو بصورته ) وتفسير الصورة سيأتي من بعد فأيا ما كان ( فما دبره إلا به ) أي فما دبر الحق العالم إلا بالعالم إذ صورة العالم من العالم لكنه ليس من عالم الناسوت فجعل مقابلا تارة بقوله أو بصورته ومتحدا بقوله فما دبره إلا به
 
قال رضي الله عنه :  ( كتوقف الولد على إيجاد الوالد والمسببات على أسبابها والمشروطات على شروطها والمعلولات على عللها والمدلولات على أدلتها والمحققات ) بفتح القافين ( على حقائقها وكل ذلك من العالم وهو)  . أي توقف المذكور
 
قال رضي الله عنه :  ( تدبير الحق فيه ) أي في العالم ( فما دبره إلا به وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به ) أي بقوله صورة العالم ( الأسماء الحسنى والصفات العليا ) قوله ( التي ) صفة للأسماء والصفات ( تسمى الحق بها ) أي بالأسماء الحسنى ( واتصف ) الحق ( بها ) أي بالصفات العليا
"" كنار موسى يراها عين حاجته ..... وهو الإله ولكن ليس يدريه ""
وإنما فسر الصورة هاهنا بالأسماء الحسنى والصفات العليا مع أن صورة العالم هي الأعيان الثابتة في العلم وهي مظاهر الأسماء الحسنى والصفات العليا نظر إلى اتحادهما بالذات فإذا دبر الحق العالم بالأسماء والصفات
 
قال رضي الله عنه :  ( فما وصل إلينا من اسم تسمى به ) الحق ( إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم فما دبر العالم أيضا ) كتدبيره بالعالم ( إلا بصورة العالم ) فاجتمع في كل فرد فرد من العالم الناسوت تدبيران من وجهين تدبير بصورته وهي الأسماء الحسنى وحينئذ ليست الأسماء الحسنى والصفات العليا والأعيان الثابتة في العلم من العالم بل هي صورة العالم فصورة العالم ليست من العالم بالنسبة إلى ذي الصورة ، وأما بالنسبة إلى ذات الحق المدبرة لها فهي من العالم فذات الحق مدبرة لها فالمراد هاهنا بالعالم ما عدا الأسماء الحسنى إذ الكلام في عالم الناسوت وهو التابوت والعالم الجسماني وعالم الملك لا في عالم اللاهوت وهو عالم الأسماء والأرواح فتدبير الحق في مثل هذا العالم عالم الأسماء لا يكون إلا بذاته لا بواسطة أمر آخر بخلاف عالم الناسوت فلا بد من تدبير الحق فيها من واسطة وتدبير العالم بالعالم مثله فالحرف الفاصلة بمعنى الواصلة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن الحق ما دبر العالم إلا بصورة العالم ( قال في خلق آدم الذي هو البرنامج ) أي الأنموذج ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال قوله إن اللّه خلق آدم على صورته ) مقول قال ( وليست صورته ) أي صورة الحق ( سوى ) تلك ( الحضرة الإلهية فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية و )  جميع ( حقائق ما خرج ) هو ( عنه ) أي عن هذا المختصر
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( في العالم الكبير المنفصل ) وإنما قال حقائق ما خرج عنه إذ ما يوجد في المختصر جميع ما في العالم الكبير بصورها وتشخصاتها وتعيناتها بل ما يوجد ما في العالم الكبير إلا بحقائقها وهي الأمور الكلية التي تحتها أفراد شخصية فلا يوجد في الإنسان الكامل الأشخاص الجزئية الموجودة في العالم الكبير بل توجد حقائق تلك الأشخاص فيه ( وجعله روحا للعالم ) الكبير المنفصل ( فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة ) التي خلق اللّه الإنسان الكامل عليها فالمراد بآدم في قوله خلق آدم على صورته هو آدم الحقيقي الذي يسمى الإنسان الكامل والروح المحمدي
 
وهو قوله أول ما خلق اللّه روحي وهو عالم اللاهوت لا آدم الصوري العنصري وهو جزء من عالم الكبير عالم الملك مسخر لهذا الروح الكلي وهو صورة العالم الكبير وروحه فدبر الحق الإنسان الكامل بذاته ودبر العالم بالإنسان الكامل


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به. وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
 
في كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم فإنّه ما دبّره إلَّا به أو بصورته ، فما دبّره إلَّا به كتوقّف الولد على وجود الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها ، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلَّتها ، والمحقّقات على حقائقها ، وكل ذلك من العالم ، وهو تدبير الحق فيه ، فما دبّره إلَّا به . وأمّا قولنا : « أو بصورته » - أعني بصورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي يسمّى الحق بها واتّصف بها ) .
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ العالم وصورة ظاهريات مظاهر الأسماء الحسنى والصفات العلى ، ولهذا كثرت الصور مع أحدية العين ، فهذه النقوش والأشكال والصور منها ولها وبها ، وباطن العالم وهويته للوجود الحق المتعيّن فيها بحسبها ، فصورة العالم ناسوته ، والتابوت وروحه هو الوجود المتعيّن فيه ، وهو سكينة الربّ ، واليمّ بهذا الاعتبار هو الوجود المطلق الحقّ ، فافهم .
قال رضي الله عنه  : ( فما وصل إلينا اسم يسمّى به إلَّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ، فما دبّر العالم أيضا إلَّا بصورة العالم ) .
يعني  رضي الله عنه  : أنّ الأسماء الإلهية كالحيّ والعالم والمريد والخالق والقادر والرازق التي يسمّى بها الحق حقائقها وأرواحها هي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والخلق والرزق ، وهي موجودة في الحيّ والعالم والمعلوم والمراد والمقدور والمخلوق والمرزوق في العالم ، فما دبّر العالم إلَّا بصورته وهي الهيئة الاجتماعية من الأسماء الإلهية .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرزخ الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال :" إنّ الله خلق آدم على صورته" وليست صورته سوى الحضرة الإلهية ، فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المفصّل وجعله روحا للعالم ، فسخّر له العلو والسفل لكمال الصورة )  
 
فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة ، والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ولا موت ، ووجود فلا عدم ، وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض ،
وحركتها قوله : ( اهْتَزَّتْ ) ، وحملها قوله :  ( وَرَبَتْ ) ، وولادتها قوله :
( وَأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ )  أي أنّها ما ولدت إلَّا ما يشبهها أي طبيعيا مثلها ، فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولَّد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحق كانت الكثرة له ، وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب نشأته حقائق الأسماء الإلهية ، فثبتت به " .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّه كما شفعت النتائج والثمرات أصولها ، كذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحقّ ، فإنّ الأسماء تثبت للوجود الحق بالعالم ، إذ هو المألوه والمربوب المقتضي وجود الربوبية والإلهية .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به )
أي بالعالم ( أو بصورته فما دبره إلا به ، كتوقف الولد على إيجاد الوالد ) فإن التدبير الذي دبره الحق العالم فيه بنفس العالم : أي بعضه ببعض ، وهو مثل توقف الولد على إيجاد الحق الوالد الحقيقي .
"" إضافة بالي زاده :
يعنى أن هذا الرمي إشارة إلى أن النفس الإنسانية ألقيت في تابوت البدن ، ورميت به في يم العلم ، لتكون بهذه القوى الحاصلة مستعلية على فنون العلم .أهـ بالى زادة  ""
 
قال رضي الله عنه :  ( والمسببات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها والمعلولات على عللها والمدلولات على أدلتها ، والمحققات على حقائقها ) أي الأشخاص المتحققة على حقائقها النوعية .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه ، فما دبره إلا به ،
وأما قولنا : أو بصورته أعنى صورة العالم فأعنى به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها ، فما وصل إلينا من اسم يسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ، فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم )
 
ليس المراد بصورة العالم صورته الشخصية الحسية ، وإلا رجع إلى القسم الأول ولم يطابق تفسيره ، بل الصورة النوعية العقلية وهي الأسماء الحسنى وحقائقها التي هي الصفات العلى ، فإن صور العالم مظاهر الأسماء والصفات فهي صوره الحقيقية الباطنة ، والمحسوسات صوره الشخصية الظاهرة ، فهذه نقوش وأشكال تتبدل ،
 
وتلك بأعيانها باقية ثابتة لا تتبدل ، فهذه هياكل وأشباح وتلك معانيها وأرواحها ،
فكل ما تسمى به الحق من الأسماء كالحي والعالم والمريد والقادر واتصف به من الصفات كالحياة والعلم والإرادة والقدرة موجود في العالم ، فما دبر الله ظواهر العالم إلا ببواطنه
فالقسم الأول : هو تدبير بعض الصور الظاهرة من أجزاء العالم ببعضها ،
والقسم الثاني : تدبير الصور الشخصية الظاهرة بالصور النوعية الباطنة ، وكلاهما تدبير العالم بالعالم ، ومعنى الاسم وروحه حقيقته التي هو به ، فإن الاسم ليس إلا الذات مع الصفة ، فالأسماء كلها بالذات حقيقة واحدة هو الحق تعالى فلا امتياز من هذا الوجه ، فالاسم والمعاني والحقائق التي تحصل بها الأسماء هي الصفات فالمراد بمعنى الاسم وروحه الصفة التي يتميز به الاسم عن غيره ، ومعنى قوله : فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم ، فما دبر العالم إلا بصورته التي هي الهيئة الاجتماعية من الأسماء الإلهية.
 
"" إضافة بالي زاده :
أي دبر الروح ملكه الذي هو الجسم العنصري بملكه التي هي القوى الكائنة في هذا الناسوت فدبر ملكه بملكه ، كذلك تدبير الحق ما دبر العالم إلا بالعالم .أهـ بالى زادة  ""
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال « إن الله خلق آدم على صورته )
الأنمونامج بحذف الذال والأنموذنامج معرب معناه النسج ، ويقال بالفارسية نمودار نامه ، والأول بحذف الدال معرب وفي بعض النسخ البرنامج ، ولعله تصحيف وقع من بعض الناظرين في الكتاب على معنى النسخة الكبرى من العالم ،
وهو في النسخة الأولى المعول عليها أعجمي كالعلم لتعينه الجامع صفة أو خبر ثان الذي هو صدر الصلة ، وعلى الثانية إن صح والمعنى ظاهر ، ومعرب نمودار نامه الأنموذج.
 
قال رضي الله عنه :  ( وليست صورته سوى الحضرة الإلهية ، فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل عنه )
أي وأوجد فيه حقائق الأشياء الخارجة عن الإنسان في العالم الكبير المنفصل ، فإن أجزاء العالم كالسماوات والعناصر والمعادن والنبات وأصناف الحيوانات ليست بموجودة في الإنسان صورها وأشخاصها ،
لكن حقائقها التي بها هي كالأرواح والنفوس الناطقة والمنطبقة والطبائع العنصرية والصور الجسمية المادية والقوى المعدنية والنباتية والحيوانية بأسرها ، وفي الجملة الجواهر والأعراض كلها موجودة فيه فصح أنه تعالى أوجد جميع ما في الحضرة الإلهية ، وجميع الحقائق بأعيانها وأجزائها في الإنسان الكامل
 
قال رضي الله عنه :  ( وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة)
أي بالعالم ، والمعنى أنه كما شفعت المواليد من المواليد من الثمرات والنتائج أصولها فكذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحق ، فإن الأسماء تثنت للوجود الحق بالعالم إذ هو المألوه المربوب المقتضى لوجود الإلهية والربوبية ، وهما لا يكونان إلا بالأسماء .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (كذلك تدبير الحق العالم : فإنه ما دبره إلا به. أو بصورته.) أي ، بالعالم . إذ لولا الأعيان القابلة للتدبير ، ما كان التدبير ، ومن تدبير الحق العالم بالعالم ، جعل بعضها متوقفا على البعض كتوقف المسببات على أسبابها .
 
والمراد بقوله : ( أو بصورته ) الأعيان الثابتة التي هي الصور العلمية للعالم ، كما فسره من بعد وجعل الأعيان عين الأسماء الحسنى . ولولا تفسيره ، رضي الله عنه ، قوله : ( أو بصورته ) بما ذكر ، لفسرناه بالإنسان الكامل . فإنه على صورة الحق وصورة العالم . وكان حسنا .
 
فشبه تدبير الحق للعالم بتدبير الروح للبدن ، فكما أن الروح يدبر بدنه بعين البدن - إذ لولا الأعضاء البدنية وقواها ما كان يحصل التدبير كذلك الحق روح العالم يدبر العالم بعين العالم  وكما أن الروح يدبر لبدنه بقواه ، كذلك الحق يدبر العالم بأسمائه وصفاته . فنسبة الحق إلى العالم ونسبة العالم إليه كنسبة الروح إلى البدن ونسبة البدن إلى الروح .
 
قال رضي الله عنه :  (فما دبره إلا به) أي ، ما دبر الحق العالم إلا بالعالم . (كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، المسببات على أسبابها والمشروطات على شروطها والمعلولات على عللها والمدلولات على أدلتها والمحققات ) على صيغة المفعول ( على حقائقها . وكل ذلك من العالم . ) أي ، جعل بعضها واسطة في تدبير البعض الآخر وسببا .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو تدبير الحق فيه ، فما دبره إلا به ) وضمير ( هو ) عائد إلى ( التوقف ) . أي ، جعله  بعض العالم موقوفا على البعض ، تدبير من الحق في العالم ، فما دبر الحق العالم إلا بالعالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما قولنا : "أو بصورته" أعني صورة العالم فأعني به ) أي ، بقولنا صورة العالم .
( الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها ) أطلق الأسماء على الأعيان التي هي صور الأسماء في العلم ، وهي النسب المعنوية ، كما مر مرارا .
فالحق يفيض المعاني على الأعيان القابلة لها بواسطة أسمائه وصفاته
التي هي النسب العقلية ، ويدبر بواسطة الأعيان العلمية الأرواح الخارجية ، وبواسطتها النفوس المنطبعة ، وبها الأبدان الشخصية .
فالأعيان أرواح للأرواح ، وهي لها كالأبدان للأرواح . كما مر في المقدمات . فتظهر ربوبية الرب في جميع مراتب الوجود ، فما دبر العالم إلا بالعالم .
 
قال رضي الله عنه :  (فما وصل إلينا من اسم تسمى به وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم . ) معنى ( الاسم ) وروحه الصفة التي هي المميزة له عن غيره . وجميع الصفات التي هي أرواح الأسماء الواصلة إلينا ، من الحياة والعلم والإرادة والقدرة وغير ذلك ، حاصلة في العالم ، ثابتة له ، والأسماء والصفات من حيث تكثرها وامتيازها عن الذات الأحدية ملحقة بالعالم ، فصح أنه تعالى ما دبر العالم إلا بالعالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ، ولأجل أنه تعالى دبر العالم بالعالم ، جعل آدم خليفة على العالم ودبر العالم به . ( قال في حق آدم الذي هو البرنامج ) ( البرنامج ) فارسي معرب أصله : ( البرنامه ) . و ( بر ) بالفارسية هو ( الصدر ) . أي ، صدر المكتوب .
والمراد به ( الأنموذج ) وهو أيضا معرب ( نمودار ) بالفارسية ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال "إن الله خلق آدم على صورته" . وليست صورته ) أي ، صورة الحق ( سوى الحضرة الإلهية ) وهي حضرة الأسماء والصفات .
 
قال رضي الله عنه :  ( فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية ) التي هي النسب الذاتية ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، وجعله روحا للعالم ، فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة . ) التي خلقه الله عليها .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:40 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 9:36 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )

قال رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحقّ العالم فإنّه ما دبّره إلّا به أو بصورته ، فما دبّره إلّا به كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها ، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلّتها ، والمحقّقات على حقائقها ، وكلّ ذلك من العالم ، وهو تدبير الحقّ فيه فما دبّره إلّا به ، وأمّا قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصّفات العلى الّتي تسمّى الحقّ بها واتّصف بها ، فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبّر العالم أيضا إلّا بصورة العالم ).
ثم يكمل تشبهه به باستعمال تلك القوى في تحصيل الكمالات المرادة منها ؛ لأنه إذا علم ذلك من نفسه مع بدنه ، علم أنه ( كذلك تدبير الحق للعالم ؛ لأنه ما دبره إلا به ) أي :

بما هو من أجزائه ( أو بصورته ) ، أي : صورة العالم من الأسماء الإلهية والصفات ، وهي وإن كانت صورة الحق ، فهي من حيث إن معانيها أرواحها في العالم صورة المعالم ( فما دبره ) في الوجهين ( إلا به ) ؛ لأن تدبيره ( بصورته ) من الأسماء تدبير بما فيه من معانيها ، فمثال تدبير العالم بنقص أجزائه .

قال رضي الله عنه :  ( كتوقف ) إيجاد ( الولد ) من حيث هو ولد ( على إيجاد الوالد ) ، وتوقف إيجاد ( المسببات على أسبابها ) ، والسبب ما يتوقف عليه الشيء ويؤثر فيه ، ولكن لا يوجب وجوده ، ( والمشروطات على شروطها ) ، والشرط ما يتوقف عليه الشيء ، ويؤثر فيه ويوجبه هذا في الموجودات الخارجية .

وأما الموجودات الذهنية فيتوقف إيجاد ( المدلولات ) في الذهن ( على ) إيجاد ( أدلتها ) في الذهن ، وتوقف إيجاد ( المحققات على حقائقها ) ، وهي من حيث هي أعم من الخارجية ( وكل ذلك ) أي : الأسباب ، والشروط ، والعلل ، والأدلة ، والحقائق ( من ) أجزاء ( العالم ، وهو ) أي : ترتيب الولد ، والمسبب ، والمشروط ، والمعلول على الوالد ، والسبب ، والشرط ، والعلة


قال رضي الله عنه :   ( تدبير الحق فيه ) ، أي : في العالم وجملة ما في العالم منحصر في هذه الأقسام ، ( فما دبره إلا به ) بالاستقراء التام ، لكنه إنما يتم في الولد ، والمسببات ، والمشروطات ، والمعلولات لا في الوالد ، والسبب ، والشرط ، والعلة السابق منها ، فالتدبير فيه بصورته ، فأشار إليه بقوله : ( وأما قولنا أو بصورته أعني : صورة العالم ) بينه ؛ لئلا يتوهم أنها صورة الحق ، فلا يكون تدبير الحق بها للعالم تدبيرا بالعالم ، ( فأعني به ) أي : بذلك القول


قال رضي الله عنه :  ( الأسماء الحسنى ، والصفات العلا ) ، فإنها وإن كانت هي ( التي تسمى الحق بها واتصف بها ) ، فهي صورة العالم إذ هي صور لما في العالم من المعاني والأرواح ، وإن كانت صور العالم صورا لهذه الأسماء ، كما أنها صور لتلك المعاني والأرواح ، ولا يختص بذلك بعض الأسماء دون بعض مما ظهر لنا .


قال رضي الله عنه :  ( فما وصل إلينا ) بطريق الكتاب أو السنة ، أو الإجماع أو الكشف ( من اسم تسمى به ) ، وإن كان من الأسماء المختصة به كاللّه والرحمن ( إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ) ، والشيء صورة لمعناه وروحه ، فالأسماء الإلهية صور لما في العالم من المعاني والأرواح ، والاسم عبارة عن الذات مع الصفة ، والذات صورة للعالم ، فالصورة الحقيقية له هي الصفات ، وإذا كان تدبير العالم بهذه الأسماء والصفات ، ( فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم ) ، وهو تدبير له بما فيه من معانيها وأرواحها ، فهو أيضا تدبير العالم بالعالم .

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك قال في آدم الّذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة الّتي هي الذات والصّفات والأفعال : « إنّ اللّه خلق آدم على صورته » ، وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة ، فأوجد في هذا المختصر الشّريف الّذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، وجعله روحا للعالم فسخّر له العلو والسّفل لكمال الصّورة ).

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولكون تدبير الحق للعالم بصورة العالم ( قال ) على لسان رسوله الذي وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى [ النجم : 3 ، 4 ] .
( في ) حق ( آدم الذي هو البرنامج ) معرب « نموجه » ، وقد حذفت منه الذال ، وقد يقال فيه : الأنموذج وهو لحن العامة ، والصواب « النموذج » معرب ، وفي بعض النسخ : "البرنامج معرب برنامه " ، وإنما كان أنموذج العالم ؛ لكونه ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية ) أي : معانيها (التي هي الذات والصفات والأفعال)، إذ ظهر فيه الوجود، والصفات السبع، والصناعات ، فكانت الذات والصفات والأفعال صورة لما فيه («إن اللّه خلق آدم على صورته»).

أي : صورة آدم كما يقوله بعض أهل الظاهر ، لكنهم يتوهمون أن المراد منه أنه خلق من أول الأمر على ما كان عليه حال الكبر ، وليس فيه فائدة يعتد بها ، إذ لم يكن متولدا من الأبوين ، بل المراد على صورته من الذات والصفات والأفعال ،

كما أشار إليه بقوله : (وليست صورته ) أي : صورة آدم حين خلق ( سوى الحضرة الإلهية ) التي هي صورة لما في آدم من هذه النعوت ، فاتفق هذا القول بقول من جعل الضمير للّه تعالى ، لكن لا يكون بذلك نموذج العالم من كل وجه ؛ لاختصاصه بحقائق انفصل بها عن الحق .

قال رضي الله عنه :  ( فأوجدها في هذا المختصر ) لا في كل واحد مما صدق عليه الإنسان عرفا ، بل في ( الشريف ) منه ( الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية ) ، أي : معانيها وأرواحها ، وهذا الوجد به اتصال العالم بالحق ، وكذا إيصال الإنسان به وجمع فيه أيضا ( حقائق ما خرج عنه ) ، أي : عن الحق ، فلم يكن من معاني أسمائه وأرواحها ، وإنما كان من آثارها ( في العالم الكبير المنفصل ) عن الحق بتلك الحقائق ؛ لجمعه بين الأسماء الإلهية ، وبين تلك الحقائق ؛

ولذلك ( جعله روحا للعالم ) ، إذ صار مناسبا للحق وللعالم والروح مسخر له البدن ، ( فسخر له العلو ) أي : الأرواح العلوية ( والسفل ) ، أي : الأجسام السفلية ، وإنما كان روحا للعالم مع كون العالم جامعا بين الأسماء الإلهية ، والحقائق الخارجة عنه ؛ ( لكمال الصورة ) الإنسانية بخلاف صورة العالم .
وإذا كان إلقاء موسى في التابوت إشارة إلى إلقاء الروح في البدن ، وإلقاء التابوت في اليم إشارة إلى : إلقاء الروح بواسطة البدن في فنون العلوم المختلفة الموجبة لإنسانيته الكاملة المنجية من موت الجهل الجاهل إنسانيته محض الحيوانية ،

 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )

كيفيّة تدبير العالم
قال رضي الله عنه  : ( كذلك تدبير الحقّ العالم ، ما دبّره إلا به ) نفسه ( أو بصورته ) الوجوديّة التي هذه الأشكال والصور الكونيّة من ظلالها ( فما دبّره إلَّا به ) نفسه كتدبير بعض أجزاء العالم بالبعض وتوقّفه عليه ، ( كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ) فإنّ تدبير وجود الولد إنما هو بالوالد وإيجاده إيّاه مع تباين ذاتيهما وضعف القوّة الارتباطيّة .

قال رضي الله عنه  : (والمسبّبات على أسبابها ) ، فإنّ تدبير السرير - مثلا - في العالم إنما هو بالنجّار وتخيّله صورته وغايته المترتّبة عليه ، المشوّقة له إلى تحريكه نحو ترتيب المادّة والصورة منه ، وهذا الارتباط أقوى من الأول ، ولكنه إنما يحتاج إلى عدم المانع ووجود المقتضي ، وهو المعبّر عنه بالشرط ، ولذلك قال بعده : ( والمشروطات على شروطها ) فإنّه تدبّر بها ويترتّب عليها وجود المسبّبات ضرورة .

هذا كلَّه في المركَّبات الامتزاجيّة الزمانيّة ، وأمّا في المجرّدات والعقليّات وما بعدها من الحقائق الجلائيّة كتدبير المعلولات بعللها التامّة فإليه أشار بقوله : ( والمعلولات على عللها ) هذا الارتباط مع تباين الوجودين في الخارج وأما فيما لا تغاير بين وجودي المرتبطين في الخارج فلا شكّ في قوّة الجهة الارتباطيّة هناك ، فلذلك تراه موصلا - لمن تحقّق بأحدهما - إلى الآخر.

وهما قسمان :
أحدهما ما اشتمل على نسبة مستقلة ،
والآخر ما لا نسبة فيه أيضا والأول هو المشار إليه بقوله : ( والمدلولات على أدلَّتها ) ، فإنّه انما يدبّر في تحصيل المدلول بدليله ، والقوّة الارتباطيّة بينهما وصلت إلى مرتبة الاتّحاد ، فإنّ الأدلة تحمل على مدلولاتها بـ هو هو ، ولكن ذلك الاتّحاد في الخارج فقط ، وأمّا في العقل فبينهما تغاير ، ضرورة أنّ الدليل سابق فيه ، وهو الذي توصل المتحقّق به إلى المدلول .

هذا فيما فيه نسبة ، وأمّا ما لا نسبة فيه وهو الغاية في سلسلة الربط الاتّحادي التدبيري فإليه أشار بقوله : ( والمحقّقات بحقائقها ) كالأشخاص المحقّقة الخارجيّة ، فإنّه إنما يدبّر تحصيلها بحقائقها النوعيّة التي هي عينها خارجا وعقلا ، ظاهرا وباطنا فلا تغفل عن تدرّج هذه القوّة الارتباطيّة إلى الوحدة الجمعيّة العينيّة وما نبّهت عليه في المقدّمة أنّ العالم مشتمل على أفراد وأعيان متفرّقة ،
وعلى نسب جمعيّة بينها ولذلك قال : ( وكلّ ذلك من العالم و ) الارتباط الوحداني منه بين الأفراد ( هو تدبير الحقّ فيه ، فما دبّره إلا به ) .


العالم تجلي الأسماء الحسنى وصفات الحقّ العلى
قال رضي الله عنه  : ( وأمّا قولنا : « أو بصورته » أعني بصورة العالم ) إشارة إليه بلسان التفصيل كما عبّر عنه أولا بلسان الإجمال ، وذلك لأنّه قد اطَّلعت مما وقفت عليه آنفا أن للعالم صورة كونيّة هي عبارة عن كثرة نسبيّة .
وذلك أعيانها المفردة الظاهرة حسّا - وصورة وجوديّة هي عبارة عن وحدة نسبيّة ، وذلك هي النسب الجمعيّة المتبطَّنة فيه ، الظاهرة أحكامها وآثارها في الإنسان .

وتلك النسب في الحقيقة هي أسماء الحق وأوصافه ، كالحياة والعلم والقدرة والإرادة وغيرها ، وهي التي فيه مستند الأفعال والآثار والأحكام وبيّن أنّ إطلاق صورة العالم على المعنى الثاني منهما غريب في مدارك العامّة من المسترشدين ،
فلذلك خصّه بالذكر قائلا : ( فأعني به الأسماء الحسنى ) .

ثمّ إنّه كما أنّ للعالم ظاهرا محسوسا وباطنا معقولا ، لا بدّ وأن يكون للصورة منه ما يطابق الطرفين جميعا ، فلذلك قال : ( والصفات العلى ) إشارة إلى ما يطابق طرف الباطن منها ، كما أنّ الأول إشارة إلى ما يطابق طرف الصورة وفي عبارته إشارة غير خفيّة إلى الطرفين ، حيث وصفهما بالحسنى والعلى فإنّ الحسن مقتضى الظاهر ، كما أن العلوّ مقتضى الباطن .
ثمّ إنّه يريد أن يبيّن ما به يتحقّق وجوديّة هذه الصورة منهما ، وكونها وحدة نسبيّة فقال : ( التي تسمّى الحقّ بها ) اسما حسنا ( واتّصف بها ) صفة عليّا .

وقوله رضي الله عنه  : ( فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلَّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه ) بطرفيه ( في العالم ) إشارة إلى بيان كونه صورة وذلك أنّ المعنيّ من معنى الشيء هو طرف خفائه واندماج أحكامه وآثاره ، وما يقرب إلى العدم منه .
وبيّن أنّ الصورة الكونيّة بهذه النسبة أولى من الوجوديّ ، فإنّ معنى الأسماء حقيقة هو الأعيان الكونيّة ، وإن كان بحسب مداركنا إذا قسنا إلى الترتيب الواقع فيها ظهر الأمر على عكس ذلك ولكن الكلام هاهنا إنما هو بحسب الأمر نفسه لا بحسب المدارك والمجالي ، فإنّها نسب تتخالف بالاعتبار .
قال رضي الله عنه  : ( فما دبّر العالم ) في لسان التفصيل ( أيضا إلا بصورة العالم ) .


آدم هو الجامع بين الصورتين
ثمّ إنّ مجموع الصورتين بأحديّة جمع الصور إنما هو صورة الحقّ ، وآدم هو الجامع بينهما
 ( ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج ) - معرّب " برنامه " بالفارسية . وفي بعض النسخ : « هو الأنمونامج » ، معرّب " نموذ نامه " .
وعلى التقديرين هو العنوان الجامع لما في صحيفة الكتاب من السلام والأوصاف والأحكام - فإنّ آدم أيضا هو ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة التي هي الذات والصفات والأفعال : " إن الله خلق آدم على صورته"). رواه البخاري و مسلم وابن حبان و أحمد في المسند  و البيهقي وغيرهم .

فإنّ في اسم « آدم » ما يلوح على المراتب الثلاث التي للحضرة الإلهيّة فإنّ « الألف » إشارة إلى الذات ، و « الدال » الدالَّة على الأسماء إشارة إلى الصفات ، لأنّها مبدأ الاسم ، دالَّة عليه و " الميم " المتمّم للكل إشارة إلى الأفعال كما أن في اسم « الله » ما يلوّح على تفصيل الحضرة الإلهيّة وتكرار اللام الدالّ على الصفات في هذا السياق يلوّح إلى ما للصفات من النسبة إلى الذات ، وهي التي تصير بها أسماء الحقّ وإلى الأفعال والآثار التي باعتبارها تصير عينا .

 
آدم جامع الأسماء الإلهيّة
قال رضي الله عنه  : ( وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة ) الظاهرة بها آدم ، فهو مثله - وليس كمثله شيء .
( فأوجد في هذا المختصر الشريف ) الممتزج به صور التفاصيل امتزاجا تنعكس به نسبة بعضها إلى البعض ، به يأنس الكلّ ضرورة أنّ الاختصار يوجب قرب الأجزاء ، والقرب يستلزم الأنس ، فحيثيّة الاختصار فيه هو مبدأ تسميته بالإنسان ،

ولذلك وصفه بقوله رضي الله عنه  : (الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة ) ، التي هي الصورة الوجوديّة للعالم ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ) بعضها عن البعض ، فإنّها أعيان مفردة متمايزة بالذات كثيرة ، وهي الصورة الكونيّة للعالم ، فللإنسان الصورة الكاملة الجامعة بين الجمع الوجوديّ والتفرقة الكونيّة .

 
آدم روح العالم والعالم مسخّر له
قال رضي الله عنه  : ( وجعله ) باعتبار تلك الجمعيّة والكمال ( روحا للعالم ) ، مقوّما لأعيانه المتفرّقة المنفصلة بالذات ، بأن صيّر ذلك الكثير شخصا واحدا ، تقويم الروح الحيواني جسده .
( فسخّر له العلو ) وهو طرف اللطائف الروحانية والمجرّدات ( والسفل ) وهو طرف الكثائف الجسمانيّة والمتعلَّقات بالموادّ الهيولانيّة ، ( لكمال الصورة ) الجامعة بين الكيانيّة من الصور والإلهيّة منها وبهذا الكمال يطلق عليه المثليّة .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها   . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».  وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )

قال رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحقّ العالم فإنّه ما دبّره إلّا به أو بصورته. فما دبّره إلّا به كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها، والمدلولات على أدلّتها ، والمحقّقات على حقائقها. وكلّ ذلك من العالم.)

قال رضي الله عنه :  ( كذلك تدبير الحق العالم فإن ما دبره إلا به أو بصورته فما دبره إلا به ) ، أي فالذي دبره ( كتوقف الولد على إيجاد الوالد و ) كتوقف ( المسببات على أسبابها ) كتوقف السرير على النجار والخشب وتخيله صورته وغايته ولكنه مع ذلك يحتاج إلى عدم المانع ووجود المقتضى وهو المعبر عنه بالشرط .
( و ) كتوقف ( المشروطات على شروطها ) ، كما عرفت مثالهما ( و ) كتوقف ( المعلولات على عللها ) التامة كتوقف وجود النهار على طلوع الشمس ( و ) كتوقف ( المدلولات على دلائلها و ) كتوقف ( المحققات ) بصيغة اسم المفعول ، أي الأشخاص ( على حقائقها ) النوعية التي عينها خارجا وعقلا ظاهرا وباطنا ( وكل ذلك من العالم وهو ) ، أي جعل العالم موقوفا بعضه على بعض

قال رضي الله عنه :  ( وهو تدبير الحقّ فيه فما دبّره إلّا به . وأمّا قولنا أو بصورته - أعني صورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصّفات العلى الّتي تسمّى الحقّ بها واتّصف بها .
فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبّر العالم أيضا إلّا بصورة العالم . ولذلك قال في آدم الّذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة الّتي هي الذات والصّفات والأفعال : « إنّ اللّه خلق آدم على صورته » وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة . فأوجد في هذا المختصر الشّريف الّذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، وجعله روحا للعالم )

قال رضي الله عنه :  ( تدبير الحق فيه فما دبره ) ، أي العالم ( إلا به ) ، أي بالعالم .
( وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها ) ، باسم حسن ( واتصف بها ) بصفة علياء ( فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ) ، ومن البين أن الاسم صورة لمعناه وروحه ، فإذا كان معناه وروحه مما في العالم يكون هو صورة ما في العالم ( فما دبر العالم ) إذ دبر بأسمائه الحسنى ( أيضا إلا بصورة العالم ) ، وكما أن الأسماء الحسنى والصفات العلى صورة العالم كذلك هي صورة الحضرة الإلهية . ( ولذلك قال في حق آدم الذي هو البرنامج ) معرب برنامه.

وفي بعض النسخ هو الأنمونامج معرب بمونامه . وعلى التقديرين هو العنوان الجامع لما في صحيفة الكتاب من السلام والأوصاف والأحكام فإن آدم أيضا هو ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال : « إن اللّه خلق آدم على صورته » وليست صورته سوى الحضرة الإلهية . فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ) بعضها عن بعض

وإنما قال : وحقائق ما خرج منه في العالم الكبير ، لأن جميع ما في العالم ليست موجودة في الإنسان بحسب صورها بل بحسب حقائقها التي هي بها هي ( وجعله ) ، باعتبار تلك الجمعية ( روحا للعالم ) ، بأن صير ذلك الكثير شخصا واحدا تصير الروح الأعضاء المتكثرة جسدا واحدا.


قال رضي الله عنه :  ( فسخّر له العلو والسّفل لكمال الصّورة .) تصير الروح الأعضاء المتكثرة جسدا واحدا ( فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة ) وجامعيتها الصورة الإلهية والكونية
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:41 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 16:04 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).


قال رضي الله عنه :  ( فكما أنّه ليس شيء في العالم إلّا وهو يسبّح اللّه بحمده ، كذلك ليس شيء في العالم إلّا وهو مسخّر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته . فقال تعالى :" وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ " [ الجاثية : 13 ] فكلّ ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه - وهو الإنسان الكامل - وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان . )
 
قال رضي الله عنه :  (فكما أنه) ، أي الشأن (ليس شيء من هذا العالم إلا وهو) ، أي ذلك الشيء (يسبح اللّه تعالى) ، أي ينزهه بحمده ، أي يوصفه تعالى بجميل صفاته وجليلها كما قال تعالى :تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [ الإسراء :44].
 
قال رضي الله عنه :  (كذلك ليس شيء من العالم) المسبح للّه تعالى بحمده إلا وهو ، أي ذلك الشيء مسخر لهذا الإنسان الكامل لما ، أي لأجل الذي (تعطيه حقيقة صورته) ، أي صورة هذا الإنسان الكامل من الجمعية الذاتية والحضرة الإحاطية .
 
قال رضي الله عنه :  (قال اللّه تعالى :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ ) من فلك أو ملك ("وَما فِي الْأَرْضِ") من جماد أو نبات أو حيوانات ، وغير ذلك أيضا من عالم الحس والمعاني ، ومن المركبات والمباني جميعا تأكيد لذلك (" مِنْهُ" ) [ الجاثية :13].
أي صادر ذلك من الحق تعالى ، لأنه القيوم على كل شيء فمفهومه شرط للتسخير ، إذ من لم يعرف الحق تعالى في كل شيء فليس بإنسان كامل ، فلا يسخر له ذلك فكل ما في العالم العلوي والسفلي تحت تسخير الإنسان الكامل علم ذلك الأمر من علمه من الناس وهو ، أي الذي يعلمه الإنسان الكامل لا غير وجهل ذلك الأمر من جهله منهم وهو ، أي الذي يجهله الإنسان الناقص الذي غلبت عليه حيوانيته فهو (الحيوان)
وهو قسمان :
قسم مع جهله مؤمن به مذعن لأهله على الغيب وله السعادة بالتبعية لا بالإضافة ، لأن السعادة بالأصالة للإنسان الكامل لا غير ، ومن ذلك قول الجنيد رضي اللّه عنه : الإيمان بكلام هذه الطائفة ولاية يعني ولاية بطريق التبعية والالتحاق لا الاستقلال .
وقسم مع جهله منكر جاحد ينفي ما لا يعرفه من أحوال أهل الصدق وهو كافر عند اللّه تعالى ، وإن حكم بإسلامه ظاهرا في معاملة الدنيا بين الجاهلين مثله الذين لا يعرفون .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكانت صورة إلقاء موسى في التّابوت ، وإلقاء التّابوت في اليمّ صورة هلاك في الظّاهر وفي الباطن كانت نجاة له من القتل . فحيّي كما تحيا النّفوس بالعلم من موت الجهل .  كما قال :أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً يعني بالجهل فَأَحْيَيْناهُ يعني بالعلم وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ [ الأنعام : 122 ] وهو الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ [ الأنعام : 122 ] وهي الضّلال لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [ الأنعام : 122 ] أي لا يهتدي أبدا : فإنّ الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها . )
 
(فكانت صورة إلقاء موسى) عليه السلام (في التابوت) وبعد ذلك (إلقاء التابوت في اليم) ، أي البحر صورة هلاك لموسى عليه السلام مرتين : مرة بإلقائه مع صغره في التابوت ومرة مع إلقائه في البحر وفي الباطن ، أي في سر هذا الأمر كانت تلك الفعلة نجاة له ، أي لموسى عليه السلام من القتل لو ظفر به جماعة فرعون فإنهم كانوا يقتلونه لأمر فرعون وتشديده في ذلك فيحيى موسى عليه السلام بذلك الفعل ، فإنه لما جاء به الموج إلى تحت قصر فرعون أمر بإخراجه ، فإذا فيه غلام صغير فألقى اللّه تعالى الشفقة والمحبة له في قلب فرعون ، فلم يقتله ورباه إلى أن كان منه ما كان .
قال تعالى :وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي[ طه : 39 ] (كما تحيا النفوس) البشرية (بالعلم من موت الجهل) كما سبق في معنى إشارة الآية أن
التابوت : جسد موسى عليه السلام ،
والبحر : ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسد فهي حياة علمية ، وفي العبارة حياة حسية
( كما قال)  تعالى : (" أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً " [ الأنعام : 122 ] يعني بالجهل "فَأَحْيَيْناهُ " بالعلم ) وهو العلم الإلهي ، لأنه اليقين وكل ما سوى الحق تعالى ظن فليس بعلم لعدم اليقين فيه .
 
ولهذا قال المفسرون من أهل الظاهر في آيات العلم : إن المراد به العلم باللّه تعالى فقالوا في قوله تعالى :إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ[ فاطر : 28 ] ،
أي العلماء باللّه دون غيرهم . وقال بعضهم : متى شهد نفسه احتجب اللّه عنه بنور وحدانيته المنزهة عن شهود غير معها أصلا ، فلا يكون عارفا بل هو جاهل ، وإن حمل أوقارا من أسفار العلوم ، وإنسانيته إنما هي بنور معرفته ، فمتى ثبت له الجهل انتفت عنه الإنسانية نوبة واحدة .
 
(وجعلنا له) ، أي للذي أحييناه بالعلم نورا وهو نور اللّه تعالى وجعله ظهور تعلقه به فقيوميته عليه (" يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ ") [ الأنعام : 122 ] كقوله عليه السلام : « اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه عز وجل » . أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الحكيم والطبراني وابن عدي عن أبي أمامة .
 
وفي رواية ابن جرير عن ثوبان قال عليه السلام : « احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه وينطق بتوفيق اللّه ». رواه الطبراني والديلمي في الفردوس ورواه غيرهما.
 
وهو ، أي جعل ذلك النور الهدى ، أي الإرشاد إلى الحق في كل أمر كمن ، أي كالذي مثله ، أي مثاله يعني حاله يشبه حال من هو في الظلمات الحسية كالإنسان في بيت لا منفذ له تحت الأرض بالليل ، فهي ثلاث ظلمات لو انفردت واحدة منها لكانت ظلمة مستقلة وهي ، أي تلك الظلمات الضلال في الاعتقاد والقول والعمل (" لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ") [ الأنعام : 122].
 
أي من الظلمات يعني لا يهتدي أبدا لاستحكام الضلال منه حيث كان في اعتقاده فصار على لسانه ثم ظهر في علمه فإن الأمر الإلهي في نفسه لا غاية له من حيث هو أمر اللّه تعالى والغاية للحق القائم به ، فإذا التبس الأمر على أحد فكان ضلالا ، فلم يزل صاحب ذلك الضلال يتقلب في أنواع من ذلك الضلال إلى الأبد إذ لا نهاية لما دخل فيه يوقف عندها ، أي عند تلك الغاية . وفي الهدى كذلك إذا انكشف له أمر اللّه تعالى لا نهاية لهدايته أيضا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).


 
قال رضي الله عنه :  ( فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح اللّه بحمده كذلك ليس شيء في العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته ) أي تقتضي حقيقة الإنسان الكامل وهو صورة العالم أن يكون العالم كله مسخرا له
 
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقال وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاًمنه وكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك ) أي علم كون كل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ( من علمه ) أي من علم الإنسان ( وهو ) أي العالم بذلك ( الإنسان الكامل ) إذ علمه عن كشف إلهي وتجلي جمعي ( وجهل ذلك ) التسخير ( من جهله ) أي من جهل الإنسان
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي الجاهل بذلك ( الإنسان الحيوان فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت في اليم صورة هلاك في الظاهر وفي الباطن كانت نجاة له من القتل ) فدبر الحق حياة موسى في صورة الهلاك
( فحي ) موسى بأليم من موت القتل ( كما تحيى النفوس بالعلم عن موت الجهل كما قال أو من كان ميتا يعني بالجهل فأحييناه يعني بالعلم ،وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وهو ) أي النور ( الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ وهي ) أي الظلمات
 
قال رضي الله عنه :  ( الظلال ليس بخارج منها أي لا يهتدي أبدا فإن الأمر في نفسه لا غاية له ) يوقف عندها فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة فيعلم  الإنسان أن الأمر حيرة فالظلال هاهنا ما يقابل الحيرة الحاصلة من العلم إذ هو تفسير للظلمات وهو الجهل وهو لا يهتدي الإنسان به إلى الحيرة فلا يعلم أن الأمر حيره .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).


قال رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته. فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان. فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).


قال رضي الله عنه :  ( فكما أنّه ليس شيء من العالم إلَّا وهو يسبّح بحمده ، كذلك ليس شيء من العالم إلَّا وهو مسخّر لهذا الإنسان الكامل ، لما تعطيه حقيقته صورته " وَسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه ُ " فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت وإلقاء التابوت في اليمّ صورة هلاك يعني في الظاهر وفي الباطن كانت نجاة له من القتل فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال تعالى: " أَوَمن كانَ مَيْتاً " يعني بالجهل "فَأَحْيَيْناهُ " يعني بالعلم" وَجَعَلْنا لَه ُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ" وهو الهدى   "كَمَنْ مَثَلُه ُ في الظُّلُماتِ" وهي الضلال ، "لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها" أي لا يهتدي أبدا ، فإنّ الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها ).
يشير رضي الله عنه : إلى أنّه كما شفعت النتائج والثمرات أصولها ، كذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحقّ ، فإنّ الأسماء تثبت للوجود الحق بالعالم ، إذ هو المألوه والمربوب المقتضي وجود الربوبية والإلهية .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).


قال رضي الله عنه :  ( فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح الله بحمده كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته ، فقال :" وسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه " فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله وهو الإنسان الحيواني ، فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك في الظاهر ، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل فحيي كما تحيى النفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال :" أَومن كانَ مَيْتاً "، يعنى بالجهل " فَأَحْيَيْناه " يعنى بالعلم " وجَعَلْنا لَه نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ " وهو الهدى " كَمَنْ مَثَلُه في الظُّلُماتِ " وهي الضلال " لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها " أي لا يهتدى أبدا ،
فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها )
 
أي بالعالم ، والمعنى أنه كما شفعت المواليد من المواليد من الثمرات والنتائج أصولها فكذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحق ، فإن الأسماء تثنت للوجود الحق بالعالم إذ هو المألوه المربوب المقتضى لوجود الإلهية والربوبية ، وهما لا يكونان إلا بالأسماء .
"" إضافة بالي زاده :
ولذلك : أي ولأجل أن الحق ما دبر العالم إلا بصورة العالم ، قال في خلق آدم . اهـ
 
وإنما قال حقائق ما خرج عنه :
أي ما يوجد في المختصر جميع ما في العالم الكبير بصورها وتشخصاتها ، بل ما يوجد ما في العالم الكبير إلا بحقائقها وهي الأمور الكلية التي تحتها أفراد شخصية ، فلا يوجد في الإنسان الكامل الأشخاص الجزئية الموجودة في العالم الكبير ، بل توجد حقائق تلك الأشخاص فيه .أهـ بالى زادة  ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
 
وإنما قال رضي الله عنه  : ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير ) لأن جميع ما في العالم ليست موجودة في الإنسان بحسب صورها ، بل بحسب حقائقها وأعيانها التي هي بها هي .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكما أنه ليس شئ في العالم إلا وهو يسبح الله بحمده ، كذلك ليس شئ في العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته . )
إنما شبه تسخر العالم للإنسان بتسبيحه وتحميده للحق ، لأن تسخره للإنسان عبادة منه له ، وتلك العبادة يستلزم التنزيه والتحميد ، لأنه بعبادته للإنسان يوصل الهوية الإلهية الظاهرة في الصورة الإنسانية إلى الكمال الحقيقي والمقام الجمعي الإلهي ، وهو عين التنزيه من النقائص والاتصاف بالمحامد .
 
فكأنه قال : فكما أنه يسبح للحق سبحانه ، كذلك هو يسبح الخليفة الذي هو الإنسان .
وفي الحقيقة تنزيهه للإنسان وتسبيحه له ، أيضا تنزيه للحق وتسبيح له . ولا يعطى هذا التسخير إلا حقيقة الصورة الإنسانية ، لأن لها مقام الجمع الإلهي ، وجميع الأسماء سدنة ربه الذي
هو الاسم الأعظم ، فمظاهرها أيضا مسخرة له .
 
ثم استشهد بالآية تأنيسا للمحجوبين وتنبيها للطالبين : ( فقال : " وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه" ) .
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ، علم ذلك من علمه - وهو الإنسان الكامل - ) إذ هو الذي يعلمه بالكشف والعيان والذوق والوجدان ( وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان ) صورة ( الحيوان ) معنى .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت ، وإلقاء التابوت في اليم ، صورة هلاك في الظاهر ، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل . ) إذ كان خلاصه من فرعون بذلك .
 
( فحيى ) موسى بالإلقاء في اليم ، ( كما تحيى النفوس بالعلم من موت الجهل . ) إنما شبه الحياة الحسية الموسوية الباقية بواسطة اليم بالحياة العقلية الحاصلة بالعلم تنبيها على أن الماء صورة العلم الذي به حياة النفوس ، كما أن حياة الأبدان بالماء الذي منه كل شئ حي .
 
ثم ، استشهد بالآية وفسرها بمقتضى الباطن
بقوله رضي الله عنه  : ( كما قال تعالى : "أو من كان ميتا" . يعنى بالجهل. " فأحييناه" يعنى بالعلم. "وجعلنا له نورا يمشى به في الناس" وهو الهدى. "كمن مثله في الظلمات" وهي الضلال. "ليس بخارج منها " أي لا يهتدى أبدا .) أي العالم بالحقائق لا يكون كالجاهل بها .
 
ثم علل قوله رضي الله عنه   : (لا يهتدى أبدا) بقوله : (فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها.) أي، فإن الأمر الإلهي لا نهاية له ليقف عنده. أي، الذي في الظلمات لا يخلص من الضلال ولا يهتدى أبدا. أي ، الضال الحائر من الجهالة لا يحصل له العلم بالحقيقة .

ولما فسر (الضلال) في مواضع من قبل ب‍ (الحيرة) والحيرة قد تحصل من العلم ، كما يحصل من الجهل ، فيقع الضلال أيضا للعالم ، كما يقع للجاهل أراد أن يفرق بينهما
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:44 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 16:13 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).


قال رضي الله عنه :  ( فكما أنّه ليس شيء في العالم إلّا وهو يسبّح اللّه بحمده ، كذلك ليس شيء في العالم إلّا وهو مسخّر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته ، فقال تعالى :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [ الجاثية : 13]. فكلّ ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه ، وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان ) .
 
ثم شبّه هذا التسخير في العموم بتسبيح الحق ؛ لأن الكمال هو المقتضي للتسبيح والتسخير ، فقال : ( فكما أنه ليس شيء في العالم إلا وهو يسبح اللّه بحمده ، كذلك ليس شيء في العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان "الكامل" لما تعطيه حقيقة صورته ) من الكمال الذي أشبه كمال الحق في اقتضاء العموم ،
( فكل ما في العالم ) سواء كان من السماوات والأرض أو من الأمر ، إلا على ( تحت تسخير الإنسان ) حتى أن الملائكة المقربين تحت تسخيرهم ، إذ يستغفرون لمن في الأرض ، ويوصلون الوحي والإلهام إليهم ، ويدبرون سائر أحوالهم ،
( علم ذلك من علمه ، وهو الإنسان الكامل ) الذي جمع بين المحسوسات ، والمعقولات ، والكشفيات ، ( وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان ) بزعم أن اللّه تعالى إنما نص تسخير ما في السماوات والأرض لا بتسخير ما فوق السماوات .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكانت صورة إلقاء موسى في التّابوت ، وإلقاء التّابوت في اليمّ صورة هلاك في الظّاهر ، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل ، فحيّي كما تحيا النّفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال :"أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً  فَأَحْيَيْناهُ " يعني بالجهل"وَجَعَلْنا" يعني : بالعلم لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ[ الأنعام : 122] وهو الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ [الأنعام : 122]. وهي الضّلال بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ [الأنعام : 122] أي لا يهتدي أبدا :فإنّ الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها)  
 
وإذا كان إلقاء موسى في التابوت إشارة إلى إلقاء الروح في البدن ، وإلقاء التابوت في اليم إشارة إلى : إلقاء الروح بواسطة البدن في فنون العلوم المختلفة الموجبة لإنسانيته الكاملة المنجية من موت الجهل الجاهل إنسانيته محض الحيوانية ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فكانت صورة إلقاء موسى في التّابوت ، وإلقاء التّابوت في اليمّ صورة هلاك في الظّاهر ) ، إذ الأغلب غرق التابوت في البحر وتلف ما فيه ، ( وفي الباطن ) باعتبار كونه يشبه إلقاء الروح في البدن ، وإلقاؤه في بحر العلم ( كانت نجاة له من القتل ) ، أي : قتل قوم فرعون إياه الذي هو شبه قتل الجهل ، وقد كان هذا الباطن غالبا على أمه بالوحي الإلهي إليها ، فأثر في حقه فنجا من القتل ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فحيّي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل ) القاتل لإنسانيته ، وإن بقيت حيوانيته في شكل الإنسان ( كما قال تعالى :أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً يعني : بالجهل ،فَأَحْيَيْناهُ يعني : بالعلم ) أشار إلى منفعة العلم ومضرة الجهل ، بقوله :( وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي ) في فنون العلم والأحوال والمقامات حتى يسري نوره ( فِي النَّاسِ ) ،وذلك النور ( هو الهدى ) الذي به المشي فيما ذكرنا ،( كَمَنْ مَثَلُهُ) [ الأنعام : 122 ] أي : صفته المعروفة التي يضرت بها المثل أنه مستقر راسخ ( فِي الظُّلُماتِ وهي ) وجوه ( الضلال ) ، ومسمى وجوه الحياة المذمومة ( لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ،أي : لا يهتدي أبدا ) .
 
بل كلما زيد في حقه بيان الهدى ، ازداد له اعتراض الشبه ، فالمهتدي لا ينتهي سيره فيما ذكرنا من العلوم والأحوال والمقامات ، والمقال لا تنتهي شبهه كما قال تعالى :" فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ" [ التوبة : 124 - 125 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن الأمر في نفسه ) ، أي : أمر الإنسان في الهدى ، الضلال ( لا غاية له يوقف عندها ) حتى أن المهتدي يتحير في تعارض الأدلة ، وفي المقامات والأحوال ، فيرى نقصه في كل واحد منها ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).


قال رضي الله عنه  : ( فكما أنّه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح الله بحمده ) بما يعطيه حقيقة ذاته ، ( كذلك ليس شيء في العالم إلَّا وهو سخّر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته ، فقال ) مفصحا عن ذينك الطرفين : ( " وَسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه ُ "   فكلّ ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه ، وهو الإنسان الكامل ) لأنّه ظاهر بصورته الكماليّة الكلاميّة
 
الإظهاريّة ( وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان ) لاندماج ذلك الكمال في المادّة الحيوانيّة الظهوريّة فقط .
 
عود إلى بيان حكمة إلقاء موسى في اليمّ
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إذا كان ظلمات بحر الحيوان مما يوجب خفاء تلك الصورة الكماليّة الإظهاريّة والجهل بمقتضاها ، فكيف يتصوّر أن يجعل اليمّ إشارة إلى العلم الحاصل بواسطة الجسم ، كما أشار إليه
فاستشعر لما يندفع به ذلك بقوله رضي الله عنه  : ( فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت وإلقاء التابوت في اليمّ صورة هلاك ) ، كما هو الظاهر من التابوت وإلقائه في اليمّ ، ( وفي الباطن كانت ) الصورة المذكورة ( له نجاة من القتل ) فكذلك يمّ الإدراكات الجسمانيّة وإلقاء موسى إليه بعد إلقائه في التابوت من القوى الجسمانيّة الحاصرة له ، وإن كان في الظاهر صورة هلاكه في ظلمات الجهالة ، ولكن في الباطن له نجاة منها .
 
الإحياء بالعلم
قال رضي الله عنه  : ( فحيّي ) بماء هذا اليمّ ( كما يحيي النفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال : " أَوَمن كانَ مَيْتاً " يعني بالجهل " فَأَحْيَيْناه ُ " يعني بالعلم ) هذا في العلم الظاهر للعالم باعتبار ظهوره له ، وأما باعتبار إظهاره للغير ،
 
فإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( " وَجَعَلْنا لَه ُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ " ) أي يسلك فيهم وبهم مسلك السداد ، ( وهو الهدى " كَمَنْ مَثَلُه ُ في الظُّلُماتِ " ) أي ظلمات الموادّ الهيولانيّة (وهي الضلال " لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها "  أي لا يهتدي أبدا ) ولا يترقّى من مهاوي تلك المدارك الجسمانيّة إلى الحقائق الجمعيّة الكماليّة ،
 
كما عرفت ( فإنّ الأمر في نفسه ) - صعودا كان أو هبوطا - ( لا غاية له يوقف عندها ) وينقطع بها السلوك ويتمّ الوصول .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).


قال رضي الله عنه :  ( فكما أنّه ليس شيء في العالم إلّا وهو يسبّح اللّه بحمده ، كذلك ليس شيء في العالم إلّا وهو مسخّر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته . فقال تعالى :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ[ الجاثية : 13 ] فكلّ ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان . فكانت صورة إلقاء موسى في التّابوت ، وإلقاء التّابوت في اليمّ صورة هلاك في الظّاهر وفي الباطن كانت نجاة له من القتل . فحيّي كما تحيا النّفوس بالعلم من موت الجهل . كما قال : أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً يعني بالجهل فَأَحْيَيْناهُ يعني بالعلم وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ [ الأنعام : 122 ] وهو الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ [ الأنعام : 122 ]. وهي الضّلال لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [ الأنعام : 122 ] أي لا يهتدي أبدا : فإنّ الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها . )
 
وجامعيتها الصورة الإلهية والكونية ( فكما أنه ليس من العالم إلا وهو يسبح اللّه بحمده ) ما يعطيه حقيقة ذاته والمسبح مسخر لمن يسبحه ( كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته قال تعالى :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ[ الجاثية : 13 ] فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل ) ، إذ هو الذي يعلمه بالكشف والوجدان .
 
قال رضي الله عنه :  ( وجهل ذلك من جهله وهو الإنسان الحيوان . فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت والقاء التابوت في اليم صورة هلاك في الظاهر وفي الباطن كانت نجاة من القتل . فيحيا موسى بالإلقاء في اليم كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل . كما قالأَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً يعني بالجهل فَأَحْيَيْناهُ يعني بالعلم وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وهو الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ وهي الضلال لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [ الأنعام : 122 ] ، أي لا يهتدي أبدا وإنما كان لا يهتدي أبدا فإن الأمر ) ، أي أمر الضلال ( في نفسه لا غاية له يوقف عندها ) فينجو الضال الحائر من ضلالة الجهالة .

 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:46 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 16:17 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة .  والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ، فلا موت ؛ ووجود ، فلا عدم .
وكذلك في الماء الّذي به حياة الأرض ، وحركتها ، قوله تعالى :اهْتَزَّتْوحملها ، قوله :وَرَبَتْ[ الحج : 5 ] وولادتها قوله :وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ الحج : 5 ] . أي أنّها ما ولدت إلّا من يشبهها أي طبيعيّا مثلها . فكانت الزّوجيّة الّتي هي الشّفعيّة لها بما تولّد منها وظهر عنها ).
 
قال رضي الله عنه :  (فالهدى) المذكور (هو أن يهتدي الإنسان) ، أي يصل (إلى الحيرة) في الحق تعالى ، هل هو الظاهر أو هو الباطن فلا يذهب إلى واحدة منهما وينكر الآخر لورودهما معا في قوله تعالى :"هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ"[ الحديد : 3 ] .
والعقل ينفي اجتماع الضدين والإيمان يقتضي ذلك حيث ثبت بقول الصادق ، فيتجاذب العقل والإيمان طرفي القضية ، فتقع الحيرة في قلب الإنسان بالتنزيه العقلي والتشبيه الإيماني (فيعلم) ،
 
أي الإنسان (أن الأمر) الإلهي كله (حيرة) في اللّه تعالى (والحيرة قلق) ، أي انزعاج واضطراب (وحركة) دائما لعدم القطع بحال يجده المخلوق من صورة أو نفيها في الحس أو العقل أو الوهم ، لأن الكل قائم بالأمر الإلهي الواحد سواء كان صورة حسية أو عقلية أو وهمية أو نفي شيء من ذلك ، لأن النفي صورة أيضا ، لأنه أحد قسمي الحكم العقلي وهما النفي والإثبات (والحركة) في شيء (حياة) ، والكل متحرك لأنه يتحرك إلى الوجود ويتحرك إلى العدم فالكل حي فلا سكون لشيء أصلا في الحس والعقل والوهم وإن كانت الأجسام جامدة في نظر العقل والحس ، فهو حسبان كما قال تعالى :وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً[ النمل : 88 ] وهذا ليس مخصوصا بيوم القيامة وإنما المخصوص ظهوره للكل ، فإن أمر اللّه تعالى كلمح بالبصر كما قال سبحانه :وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [ القمر : 50 ] .
 
وقال تعالى :وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ[ الروم : 25 ] فالسماوات والأرض كلمح بالبصر فلا موت لشيء أصلا إذ الكل مسبح كما قال تعالى :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[ الإسراء : 44 ] ،
والمسبح حي وكل مسبح ملك من الملائكة كما قال تعالى :وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [ الصافات : 166 ] .
وتعريف الخبر يفيد الحصر والحركة وجود أيضا لأنها كون جديد في كل لمحة بالبصر فكل متحرك موجود والكل متحرك فهو موجود فلا عدم لشيء أصلا من وجه حركته وله العدم من وجه سكونه ، لأنه تعالى الظاهر بالوجود ، فأمره الذي هو كلمح بالبصر ظهوره ، والكل باطن فهو ساكن في عين حركة الأمر الإلهي . قال تعالى :وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ[ الأنعام : 13 ] . وهذا الوجه ليس هو صورة الحيرة وإنما صورة الحيرة هو الأوّل .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كذلك وجود الحقّ كانت الكثرة له وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا ، بما ظهر عنه من العالم الّذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهيّة .  فثبت به وبخالقه أحديّة الكثرة . وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولانيّ أحديّ العين من حيث ذاته كثير بالصّور الظّاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته .  كذلك الحقّ بما ظهر منه من صور التّجلّي ، فكان الحقّ مجلى صور العالم مع الأحديّة المعقولة)
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك) الحكم (في الماء) لأنه من جملة الأشياء (الذي به) ، أي الماء (حياة الأرض) بالحياة النباتية فإن به تتحرك الأرض حركة حياة (وحركتها) ، أي الأرض لأن الحركة حياة كما ذكر (قوله) تعالى :"وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ"[ الحج : 5 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (فاهتزت) تحركت (وحملها قوله) تعالى بعد ذلك ("وَرَبَتْ") ، أي زادت وولادتها قوله تعالى بعده ("وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ") ، أي مبتهج من البهجة وهي الحسن أي أنها يعني الأرض (ما ولدت إلا من يشبهها) بعد نزول الماء عليها فإنها صارت به زوجا كأنها أنثى والماء ذكر (أي) مولودا (طبيعيا )، أي منسوبا إلى الطبيعة لتركبه منها كالنباتات المختلفة وغيرها من أنواع الحيوانات فإنها مخلوقة من الأرض أيضا بسبب مادة المأكل والمشرب الذي هو أصل النطفة . قال تعالى :وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً [ نوح : 17 ] (مثلها) ، أي مثل الأرض في كونه زوجا ، وهو ظاهر في الحيوانات ، كلها وفي النباتات أيضا ، كالتمر يشتمل على النواة في وسطه والحشيش والساق والورق وشرشه في الأرض ، والسنبل فيه الحب بحيث لا ينبت بشيء من الأرض إلا وهو زوج لا يكون فردا أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  (فكانت الزوجية التي هي الشفعية لما يولد منها) ، أي من الأرض كأنواع الحيوانات كلها (وظهر عنها) ، أي عن الأرض كأنواع النباتات والمعادن والأحجار ، فإن منها المليح وضده فهما زوج كذلك ، أي نظير ما ذكر (وجود الحق) تعالى المطلق بالإطلاق الحقيقي كانت ، أي ثبتت (الكثرة) في المظاهر (له) ، أي لوجوده تعالى وكان له أيضا (تعداد الأسماء) الإلهية (أنه) تعالى (كذا وكذا )، أي حي عليم قدير إلى آخر الأسماء الحسنى
 
قال رضي الله عنه :  (بما ) متعلق بكانت أي بسبب الذي ظهر عنه تعالى من العالم المختلف بالجنس والنوع والشخص (الذي يطلب بنشأته) ، أي خلقته (حقائق الأسماء الإلهية) أن يكون آثارا لها وتكون مؤثرة فيه (فثبتت) أي حقائق الأسماء الإلهية يعني تعينت من ذات الوجود المطلق (به) ، أي بالعالم الثابت في العدم الأصلي من غير وجود ، فقد ظهرت الأسماء الإلهية عن الوجود المطلق ، وتفرعت حضراتها وتكثرت باعتبار إضافة أعيان العالم الثابتة في عدمها الأصلي إلى ذلك الوجود المطلق وظهر للأسماء الإلهية أيضا آثارا مضافة إليها (ويخالفه) .  "" وفي نسخة وبخالقه  بدل  (ويخالفه) .""
 
أي العالم المقتضي للكثرة أحدية تلك الكثرة ، أي كونها واحدة باعتبار صدوره عن الوجود المطلق فإنه واحد أحد ، وهو بهذا الوصف في كل فرد من أجزاء العالم .
 
قال رضي الله عنه :  (وقد كان) ، أي العالم قبل أن تظهر كثرته المختلفة للحس والعقل والوهم (أحديّ العين) ، أي عينه واحدة كقول من قال : لا يصدر عن الواحد إلا الواحد وكان الأمر كذلك ، وقد صدر عن الواحد واحد ولكن من غير لزوم عليه لأنه يمكن صدور الكثرة عن الواحد ابتداء عندنا لأمر يقتضيه وسع الواجب وعدم القيد فيه لإطلاقه الحقيقي (من حيث ذاته) ، أي العالم يعني مادته الأصلية التي تفرعت أصوله وأركانه منها (كالجوهر) الفرد (الهيولاني أحديّ العين من حيث ذاته) المسمى بنور محمد صلى اللّه عليه وسلم باعتبار كما ورد في مسند عبد الرزاق بسنده عن جابر ،
قال : يا رسول اللّه أخبرني عن أوّل شيء خلقه اللّه تعالى قبل الأشياء .
قال صلى اللّه عليه وسلم : « يا جابر إن اللّه خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره » إلى آخر الحديث .
ويسمى بالقلم الأعلى أيضا باعتبار كما صح في الحديث : « أوّل ما خلق اللّه القلم » .
ويسمى بالعقل كما ورد « أوّل ما خلق اللّه العقل الحديث »  .
وللقوم فيه أسماء مختلفة :
منهم من يسميه الجوهر الهيولاني ،
ومنهم من يسميه المادة الأولى ،
ومنهم من يسميه العلم الأوّل ،
ومنهم من يسميه المرآة الحق والحقيقة ،
ومنهم من يسميه المفيض ،
ومنهم من يسميه مركز الدائرة ،
وغير ذلك مما يطول ذكره كثير كثرة مختلفة بالصور الظاهرة فيه حسا وعقلا ووهما الذي نعت للصور هو ،
أي ذلك الجوهر الهيولاني حامل لها ، أي لتلك الصور بذاته ، أي بسبب كون ذاته عين كل صورة مع زيادة تشخص تلك الصورة .
 
كذلك أي نظير ذلك الحق تعالى بما ، أي بسبب الذي ظهر منه تعالى من صور التجلي الإلهي والانكشاف الرباني فإنه تعالى واحد بذاته كثير بصور تجلياته التي هي مقتضى كثرة أسمائه وصفاته فكان ،
أي الحق تعالى مجلى ، أي موضع انجلاء ظهور وانكشاف صور العالم كلها لها بحيث يرى بعضها بعضا فيه تعالى كالمرآة يرى الإنسان نفسه فيها من غير أن يحل فيها شيء منه ولا يحل فيه شيء منها ولا يتحد كذلك مع ثبوت الأحدية للحق تعالى المعقولة بحيث يؤمن بها العقل غيبا في حال شهوده كثرتها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة فيعلم ) الإنسان ( أن الأمر حيرة ) فالظلال هاهنا ما يقابل الحيرة الحاصلة من العلم إذ هو تفسير للظلمات وهو الجهل وهو لا يهتدي الإنسان به إلى الحيرة فلا يعلم أن الأمر حيره .
( والحيرة قلق ) بثلاث فتحات ( وحركة ) عطف تفسير للقلق ( والحركة حياة فلا سكون فلا موت ) أبدا لمن كان حيا بحياة العلم ( ووجود ) عطف على حياة أي الحركة وجود ( فلا عدم ) فظهر بذلك أن العلم حياة ووجود والجهل موت وعدم ( وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض ) أي كما أن حياة الإنسان بالعلم كذلك حياة الأرض بالماء .
 
قال رضي الله عنه :  ( وحركتها ) أي حركة الأرض ( قوله فاهتزت ) وهو قوله "وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً" أي ميتة ساكنة فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ أي تحركت والحركة حياة فكانت الأرض الميتة حيا بالماء كما أن النفوس الميتة حيا بالعلم وَرَبَتْ أي ازدادت (وحملها قوله "وَرَبَتْ" وولادتها قوله "وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ" أي أنها ) أي الأرض ( ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها ) كما أن أرض بدن الإنسان ما ولدت إلا مثلها .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها ) أي للأرض ( بما تولد منها وظهر عنها كذلك وجود الحق كانت الكثرة له وتعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ) أي بسبب ما ( ظهر عنه ) أي عن الحق ( من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية ) ليظهر عن الحق سبب اتصافه بها ( فثنيت به ) على صيغة المجهول من باب التفعيل أي شفعت بسبب العالم ( وبخالقه ) بالقاف أي وبسبب خالق العالم إذ الحق لا يوجد العالم إلا من حيث اتصافه بحقائق الأسماء الإلهية وهي الحياة والعلم والقدرة
فثنيت بهذا المجموع أي العالم وحقائق الأسماء وبالفاء أي ثنيت بالعالم وبالأسماء ، إذ الأسماء والعالم حضرتان متقابلتان بالربوبية والمربوبية فالمعنى واحد بل الفاء أقرب إلى الفهم وأنسب بالمقام لأن الأسماء الحسنى ما ذكرت في هذا المقام إلا مقابلا ومخالفا للعالم فهي خلاف العالم وصورته وروحه المدبرة له قال الشارح القصيري وصحف بعض الشارحين قوله بخالقه وقرأ بخالفه من الخلاف وهو خطأ تم كلامه فانظر بنظر الانصاف هل هو محل تخطئة أم لا .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أحدية الكثرة )  مفعول قام مقام فاعل ثنيت ( وقد كان ) والحال أن الحق ( إحدى العين من حيث ذاته ) غني عن العالمين واحدية الكثرة نشأ بما ظهر عنه من العالم.
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كالجوهر الهيولاني احدى العين من حيث ذاته كثير من حيث الصور الظاهرة فيه ) أي في الجوهر ( حامل لها بذاته ) بين أوّلا أن الحق أحدى العين من حيث ذاته وكثير بالأسماء والعالم وشبه بالجوهر الهيولاني ثم عكس التشبه اهتماما في بيان هذه المسألة التي هي أصل المسائل الإلهية .
 
فقال ( كذلك ) أي كالجوهر الهيولاني ( الحق ) إحدى العين من حيث ذاته كثير ( بما ظهر منه من صور التجلي وكان ) الحق ( مجلى صورة العالم مع أحديته المعقولة ) كالمرآة الواحدة التي كانت مجلى للصور الكثيرة مع أحديتها .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).


قال رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.  وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج». أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.  فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.  كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).


كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة.  ).
قال رضي الله عنه :  ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة ، والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ولا موت ، ووجود فلا عدم ، وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض ، وحركتها قوله : "اهْتَزَّتْ " ، وحملها قوله :  " وَرَبَتْ " ، وولادتها قوله : "وَأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " أي أنّها ما ولدت إلَّا ما يشبهها أي طبيعيا مثلها ، فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولَّد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحق كانت الكثرة له ، وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب نشأته حقائق الأسماء الإلهية ، فثبتت به)
يشير رضي الله عنه : إلى أنّه كما شفعت النتائج والثمرات أصولها ، كذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحقّ ، فإنّ الأسماء تثبت للوجود الحق بالعالم ، إذ هو المألوه والمربوب المقتضي وجود الربوبية والإلهية .
قال رضي الله عنه  : ( ويخالفه أحدية الكثرة ، وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدىّ العين من حيث ذاته ، كثير بالصور الظاهرة فيه ، التي هو حامل لها بذاته ، كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلَّي ، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة )
 
قال العبد : كما أنّ التابوت كان ضرب مثل للهيكل الجسماني الإنساني الذي فيه سكينة الربّ وهو الروح الذي أسكنه الله في هيكله وسكَّنه به ، وموسى صورة الروح من حيث هذا الوجه ، واليمّ - الذي هو البحر - صورة العلم الحاصل للروح الإنساني بسبب هذه النشأة العنصرية أي الحاصل ظهور ما كان لها بالقوّة بواسطته بالفعل ، فإنّ القوّة العلمية ذاتية للنفس ،
ولكن ظهورها بالفعل على الوجه الأكمل متوقّف على مظاهر قواها من هذه الصورة الهيكلية العنصرية .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالهدى هو أن يهتدى الإنسان إلى الحيرة فيعلم أن الأمر حيرة والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة فلا سكون ولا موت ، ووجود فلا عدم ، وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها قوله :" اهْتَزَّتْ " وحملها قوله :" ورَبَتْ " ولادتها ، قوله :" وأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها : أي طبيعيا مثلها ، فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحق كانت الكثرة له وتعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية فثنيت به ) .
 
أي بالعالم ، والمعنى أنه كما شفعت المواليد من المواليد من الثمرات والنتائج أصولها فكذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحق ، فإن الأسماء تثنت للوجود الحق بالعالم إذ هو المألوه المربوب المقتضى لوجود الإلهية والربوبية ، وهما لا يكونان إلا بالأسماء .
"" إضافة بالي زاده :
ولذلك : أي ولأجل أن الحق ما دبر العالم إلا بصورة العالم ، قال في خلق آدم . اهـ
 
وإنما قال حقائق ما خرج عنه :
أي ما يوجد في المختصر جميع ما في العالم الكبير بصورها وتشخصاتها ، بل ما يوجد ما في العالم الكبير إلا بحقائقها وهي الأمور الكلية التي تحتها أفراد شخصية ، فلا يوجد في الإنسان الكامل الأشخاص الجزئية الموجودة في العالم الكبير ، بل توجد حقائق تلك الأشخاص فيه .أهـ بالى زادة  ""
 
قال رضي الله عنه :  ( ويخالفه أحدية الكثرة ) أي ويخالف ما ظهر عنه من العالم أحدية الكثرة التي له لذاته .
قال رضي الله عنه :  ( وقد كان إحدى العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني إحدى العين من حيث ذاته كثير بالصور الظاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته ، كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي فكان مجلى صورة العالم مع الأحدية المعقولة )
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
 
فقال رضي الله عنه  : ( فالهدى هو أن يهتدى الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أن الأمر حيرة ) وإنما جعل الاهتداء إلى الحيرة عين الهداية ، لأن الحيرة الحاصلة من الهداية والعلم إنما يحصل من شهود وجود التجليات المتكثرة المحيرة للعقول والأوهام وظهور الأنوار الحقيقة العاجزة عن إدراكها البصائر والأفهام ، وذلك عين الهداية .
 
لذلك قال أكمل البشر "رب زدني فيك تحيرا" . أي هداية وعلما .
فإن وجود اللازم يستلزم وجود الملزوم . بخلاف الحيرة الحاصلة من الجهل ، فإنها الحيرة المذمومة .
لذلك جعل الضلال الموجب للحيرة المذمومة في مقابلة الهدى الموجبة للحيرة المحمودة (والحيرة قلق وحركة) أي ، تعطى القلق والاضطراب (والحركة حياة) . أي، يستلزم الحياة . لأن الحركة لا تحصل إلا من الحي .
(فلا سكون، فلا موت) أي، فإذا كانت الحركة حاصلة دائما ، فلا سكون لمن يتحرك ، وإذا لم يكن له السكون ، فلا موت له ، لأن السكون من لوازم الموت . ألا ترى أن سكون النبض كيف يصير علامة للموت .
(ووجود، فلا عدم) عطف على قوله : (حياة) . أي، الحركة حياة ووجود. وإذا كانت الحركة مستلزمة للوجود ، فلا عدم ، لأنهما لا يجتمعان في محل واحد . والحاصل أن الهداية تعطى البقاء الأبدي .
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض) أي، كما أن الحياة العلمية تعطى الهداية والسير في الناس فتؤدى إلى البقاء الأبدي ، كذلك الأمر في الماء الطبيعي الذي به حياة الأرض ، وهي البدن (وحركتها قوله : "واهتزت") أي ،
 
فالإشارة إلى حركتها، أي إلى حركة الأرض التي هي البدن الإنساني، قوله : ( فاهتزت ) في قوله تعالى : ( وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ) .
 
قال رضي الله عنه :  (وحملها قوله : "وربت ".) أي، الإشارة إلى حملها، أي حمل الأرض التي هي البدن ، قوله: ( وربت ) . أي ازدادت .
 
قال رضي الله عنه :  (وولادتها) أي، والإشارة إلى ولادة الأرض المذكورة. (قوله:"وأنبتت من كل زوج بهيج " . أي ، أنها ) أي ، أن الأرض ( ما ولدت إلا من يشبهها ، أي طبيعيا مثلها . فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها ) أي ، الأرض البدن .
 
قال رضي الله عنه :  (بما تولد منها وظهر عنها.) أي ، كما حصلت الزوجية التي هي المسماة ب‍ (الشفعية) بواسطة ما تولد منها وظهر عنها (كذلك وجود الحق كانت الكثرة له ، وتعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.)
أي ، كذلك الكثرة حصلت لوجود الحق بواسطة ما ظهر منه من وجود العالم ، لأنه يطلب بحقيقته ونشأته المرتبية حقائق الأسماء الإلهية ، وهي الأرباب المتكثرة .
(فثبت به وبخالقه أحدية الكثرة.) أي ، فثبت بالعالم والحق الذي هو خالقه ، أي بهذا المجموع ، أحدية الكثرة .
 
كما مر في (الفص الإسماعيلي) أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء والصفات .
وصحف بعض الشارحين قوله : (وبخالقه) وقرأ (يخالفه) من (الخلاف) . وهو خطأ
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد كان أحدي العين من حيث ذاته ، كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته ، كثير بالصور الظاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته . ) أي ، وقد كان الخالق أحدي العين من حيث ذاته ، كثيرا من حيث أسمائه وصفاته ، كما أن الجوهر الهيولاني الحامل لصور الأشياء كلها أحدي بالذات ، كثير بالصور الظاهرة فيه.
( كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي . ) أي ، كذلك الحق أحدي من حيث ذاته ، كثير بسبب ما ظهر منه من صور تجلياته التي هي الأسماء والصفات .
 

قال رضي الله عنه :  ( فكان ) الحق . ( مجلي صور العالم مع الأحدية المعقولة . ) وذلك باعتبار أن ذاته مرآة تظهر فيها صور الأعيان العلمية والعينية .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 7 أبريل 2020 - 20:06 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة ، والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ، فلا موت ؛ ووجود ، فلا عدم ).
 
( فالهدى ) الكامل ( هو أن يهتدي الإنسان ) من كشف العلوم ، والأحوال ، والمقامات ( إلى الحيرة ) ، وهي الحيرة المحمودة المشار إليها بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « رب زدني فيك تحيرا » .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيعلم ) من هذا الهدى ( أن الأمر ) ، أي : أمر الإنسان في الهدى والضلال ( حيرة ) ، وهي مفيدة للحياة الوجودية ، فإن كانت محمودة كانت حياة محضة ، وإن كانت مذمومة اجتمع في حقه الحياة والموت ، فلا يموت ولا يحيى ؛ وذلك لأن ( الحيرة قلق ) ، والقلق ( وحركة ) تمنع عن الاستقرار ، ( والحركة حياة ) إذ الميت لا يتحرك حركة الحيوان ،
فالحيرة حركة
( فلا سكون ) له في السير إلى اللّه ، لكنه إما في النور أو في الظلمات ، والحيرة حياة ( فلا موت ) له بموت العدم ، وذلك أن الحركة والحياة ( وجود فلا عدم ) ، فالحياة الوجودية لازمة للكل، والحياة العلمية إذا انقسمت إليها صارت حياة محضة تشبه الحياة الإلهية.
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في الماء الّذي به حياة الأرض ، وحركتها ، قوله تعالى :"اهْتَزَّتْ " وحملها ، قوله :"وَرَبَتْ" [ الحج : 5 ] . وولادتها قوله :"وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ" [ الحج : 5 ] . أي : أنّها ما ولدت إلّا من يشبهها أي : طبيعيّا مثلها ، فكانت الزّوجيّة الّتي هي " الشّفعيّة لها بما تولّد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحقّ كانت الكثرة له وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا ، بما ظهر عنه من العالم الّذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهيّة ، فثبت به ، وبخالقه أحديّة الكثرة ، وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولانيّ أحديّ العين من حيث ذاته كثير بالصّور الظّاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته ، كذلك الحقّ بما ظهر منه من صور التّجلّي ، فكان الحقّ مجلى صور العالم مع الأحديّة المعقولة ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي : مثل الحياة العلمية في مناسبة الحياة المائية انتهاء الحياة التي ( في الماء ) حتى صار إلقاء التابوت في اليم إشارة إلى : الحياة العلمية المفيدة لصاحبها التشبه باللّه تعالى ، وذلك أن الماء هو ( الذي به حياة الأرض ) مشابه لحياة الحيوان أولا ، وللحياة الإلهية آخرا ، فالحياة الحيوانية مستلزمة للحركة والنمو والولادة ، والحياة الإلهية بإشراق نورها في الموجودات ، وهي مستلزمة للشفعية بعد الوترية ،
 
وإليه الإشارة بقوله : ( وحركتها ) أي : وبه حركة الأرض بالاهتزاز الذي أشار إليه ( قوله تعالى :اهْتَزَّتْ ،وحملها ) الذي أشار إليه ( قوله :وَرَبَتْ ) أي : ازدادت انتفاخا كانتفاخ بطن الحامل، ( وولادتها ) التي أشار إليها (قوله: " وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [ الحج : 5]
، وليست هذه الزوجية بالجودة والرداءة كما يقول أهل الظاهر ، إذ لا دليل يقوم على ذلك في كل ما يخرج من الأرض ، بل بما أشار إليه بقوله ، ( أي : إنها ما ولدت إلا من يشبهها ) ، أي : ما فيه بعض شبهها ، كالزوج مع الزوجة من الإنسان .
 
ثم بيّن ذلك الشبه بقوله رضي الله عنه  : ( أي : طبيعيا مثلها ) ؛ لأن الشبه في الجسمية الوجودية لا يمتد به ، فصار للأرض الشفعية بعد وتريتها ، والشفعية زوج ، ( فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها ) ، أي : للأرض ( بما تولّد منها وظهر عنها ) ، إنما ذكره ليتوسل بذلك إلى شبه هذه الحياة بالحياة الإلهية التي لا يولد في شأنها ، وإنما يصور فيها الظهور ،
 
وإليه الإشارة بقوله رضي الله عنه : ( كذلك ) ، أي : مثل ما حصل للأرض من الشفعية بعد وتريتها بما ظهر عنها من حياتها بالماء ، ( ووجود الحق كانت ) له الوترية في الأصل باعتبار اتحاد الصفات بالذات من غير نظر إلى العالم ، ثم كانت ( الكثرة له ) في الصفات ( وتعداد الأسماء ) لا باعتبار حدوث التغاير فيها بعد الاتحاد ، بل يصدق ( أنه كذا أو كذا ) أي : حي عالم ، مريد قادر ، سميع بصير متكلم ( بما ظهر عنه من العالم الذي ) شفع وتريته بهذه الأسماء والصفات ؛ لأنه الذي ( يطلب بنشأته حقائق الإلهية ) أي : معانيها وأرواحها ، فلابدّ من تصورها حينئذ هناك مع أن لها ألا تتميز عن الذات ، ( فثبت به ) أي : بالعالم ، ( وبخالقه أحدية الكثرة ) في الحق .
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد كان ) الحق قبل وجود العالم ( أحدي العين من حيث ذاته ) لا يحتاج فيه إلى اعتبار كثرة الصفات والأسماء ، فكأنه لم يكن فيه هذه الكثرة أصلا ، ثم مثل صيرورة الحق أحدي الكثرة بعد كونه أحدي العين بالهيولى والصور التي لا تتميز عنها في الوجود ،
فقال رضي الله عنه  : ( كالجوهر الهيولاني ) على مذهب القائلين به ، وهم الفلاسفة ( أحدي العين من حيث ذاته ) بحيث لا كثرة فيه أصلا بذلك الاعتبار ( كثير بالصور الظاهرة فيه ) ، ولكن لا تبطل أحديتها بالكلية ، بل يجعلها أحدية الكثرة ؛ لعدم تميزها عنها في الوجود .
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ) أي : مثل الجوهر الهيولاني ( الحق ) في صيرورة أحديته بالعين أحدية الكثرة ، لكن لا باعتبار لحوق الصور به ، بل ( بما ظهر منه صور التجلي ) ، وهي أجزاء العالم الطالبة بنشأتها حقائق الأسماء الإلهية بحيث تتصور في الحق ، ( فكان مجلى صور العالم ) ، وهي الأسماء الإلهية التي معانيها وأرواحها في العالم ، فظهرت كثرتها في الحق ( مع الأحدية المعقولة ) للذات عند ظهور هذه الكثرة فيها ،
فصارت هذه الشفعية كشفعية الأرض بما ظهر عنها من حياتها بالماء ، فأشبهت إشراق الحياة الإلهية في الموجودات كالحياة العلمية ، حتى صار إلقاء التابوت في اليم إشارة إلى هذه الحياة العلمية .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة.  ).
 
الهدى عبارة عن الاهتداء إلى الحيرة
قال رضي الله عنه  : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة ) وذلك لأنّ النقائض والأضداد متعانقة في الوحدة الحقيقيّة والهويّة الإطلاقيّة ، وتقابل الأحكام مما يوجب الحيرة ضرورة .
هذا من جهة المسلك . وعلم أنّه ليس فيه ما ينقطع به السلوك ، وكذلك من جهة السالك لا يمكن له أن يقعد عن السلوك ، فإنّ الأمر حيرة كما عرفت .
قال رضي الله عنه  : (والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ، فلا موت - ووجود فلا عدم ) .
( وكذلك في الماء الذي ) بحسب الظاهر سبب خراب الأرض وهدم صورة جمعيّتها ، فإنّه ( به حياة الأرض و ) به ( حركتها ) كما كشف عنها ( قوله : فـ " اهْتَزَّتْ" )  .
( و ) به ( حملها - قوله : " وَرَبَتْ " ) ( و ) به ( ولادتها "وَأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " أي أنّها ما ولدت إلا من يشبهها ، أي طبيعيّا مثلها )
فالزوج عبارة عن الولد هاهنا ، فإنّه زوج والده بحسب المماثلة الطبيعيّة ، وصورة بسطه على ما دلّ عليه بهيج .
 
الزوجية تلزم الوجود
قال رضي الله عنه  : ( وكانت الزوجيّة التي هي الشفعيّة لها بما تولَّد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحقّ كانت الكثرة له وتعداد الأسماء أنّه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم ) ظهور الزوج عن النابت له ، وهو ( الذي يطلب بنشأته ) الحاملة لسائر القوابل ( حقائق الأسماء الإلهيّة ) التي هي أولاد القوابل وأزواجها ، طلب اهتزاز وانبساط وربى ، ( فنبت به ، وبخالقه أحديّة الكثرة ) أي نبت بالعالم وبخالقه شجرة أحديّة الكثرة العدديّة التي هي ذات ثمار كريمة ونعم جسيمة ومن ذلك جلائل العلوم وفنون الحقائق التي ظهرت من الحروف المتعدّدة وأعدادها .
 
فقد ظهر من هذا أنّ الشفعيّة والزوجيّة التي هي أحديّة الكثرة تلزم وجود الحقّ بما ظهر عنه .
قال رضي الله عنه  : ( وقد كان ) قبل هذا الطلب ( أحديّ العين من حيث ذاته ) فنبت أحديّ العين ، أحديّ كثرة نبات الواحد العددي سائر المراتب العدديّة المتكثّرة .
هذا مثاله في العقل ، وأمّا ما في الخارج منه فهو المشار إليه بقوله : ( كالجوهر الهيولانيّ ، أحديّ العين من حيث ذاته ، كثير بالصور الظاهرة فيه ، التي ) ذلك الجوهر الهيولانيّ ( هو حامل لها بذاته ) ، فإنّه من حيث أحديّة عينه محيط بالصور الكثيرة ، إحاطة الحامل بالجنين .
 
ومن هاهنا ترى كلمة المشّاءين وغيرهم من الحكماء متّفقة على أنّ وحدة الهيولى شخصيّة لا غير ، ( كذلك الحقّ بما ظهر منه من صور التجلَّي ، فكان مجلى صور العالم مع الأحديّة المعقولة ) كما أنّ الجوهر الهيولاني مع أحديّة عينه مجلى سائر صوره النوعيّة وتنوّعاته الطبيعيّة ، التي أرض قابليته أنبتت بها من كلّ زوج بهيج .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت  به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).


قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أنّ الأمر حيرة.)

قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ) المحمودة الحاصلة من شهود وحدة التجليات المتكثرة المحيرة للعقول والأوهام وظهور الأنوار الحقيقية العاجزة عن إدراكها البصائر والأفهام وذلك عين الهداية ولذلك قال صلى اللّه عليه وسلم : « رب زدني تحيرا » ، أي هداية وعلما .( فيعلم أن الأمر حيرة )
"" كان الشيخ الشبلي رضي الله عنه يقول  : "يا دليل المتحيرين زدني تحيراً"
ويقول عمر ابن الفارض رضي الله عنه :-
زدني بفرط الحب فيك تحيرا ... وارحم حشى بلظي هواك تسعرا
وإذا سألتك أن أراك حقيقة ... فاسمح ولا تجعل جوابي: لن ترى
""


قال رضي الله عنه :  ( والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ، فلا موت ؛ ووجود ، فلا عدم . وكذلك في الماء الّذي به حياة الأرض ، وحركتها ، قوله تعالى :اهْتَزَّتْ وحملها ، قوله :وَرَبَتْ [ الحج : 5 ] وولادتها قوله :وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ الحج : 5 ] . أي أنّها ما ولدت إلّا من يشبهها أي طبيعيّا مثلها . فكانت الزّوجيّة الّتي هي الشّفعيّة لها بما تولّد منها وظهر عنها . كذلك وجود الحقّ كانت الكثرة له وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا ، بما ظهر عنه من العالم الّذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهيّة .  فثبت به وبخالقه أحديّة الكثرة .)
 
قال رضي الله عنه :  ( والحيرة ) فيها ( قلق وحركة والحركة ) فيها ( حياة فلا سكون ) ، فيها ، أي في الحيرة لما فيها من الحركة المنافية للسكون وإذ لا سكون ( فلا موت ) ، فإن انتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم .
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) كما أن الحركة فيها حياة فكذلك فيها ( وجود ولا عدم ) ، لأنهما لا يجتمعان في محل واحد والحاصل أن العلم يعطي الهداية ، والهداية تعطي الحيرة ، والحيرة توجب الحركة ، والحركة فيها الحياة والوجود فلا موت فيها ولا عدم فيعطى العلم التقاء الأبدي ( وكذلك في الماء ) ، أي كحال العلم الحال في الماء ( الذي به حياة الأرض ) كما يدل عليه قوله تعالى :وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ الحج : 5 ] .
( وحركتها ) ، أي حركة الأرض اللازمة لحياتها مما يدل عليه ( قوله :اهْتَزَّتْ وحملها ) الذي أعطاه إنزال الماء عليها إنزال النطفة على المرأة ما يدل
 
قال رضي الله عنه :  ( قوله : (وَرَبَتْ) ، أي ازدادت ( وولادتها ) بعد حملها ما يدل عليه ( قوله :وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ يعني أنها الأمر ما ولدت إلا من يشبهها ) ، ( أي أمرا طبيعيا مثلها ) ، فالروح عبارة عن الولد فإنه روح والده بحسب المماثلة الطبيعية ( وكانت الزوجية التي هي الشفعية ) ، حاصلة ( لها ) ، أي للأرض ( بما تولد منها يظهر عنها كذلك وجود الحق ) ، الذي هو أحديّ العين كالأرض الهامدة ( كانت الكثرة له وتعدد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم ) ، ظهور مّا أنبتته الأرض من كل زوج بهيج فإن العالم ( هو الذي يطلب بنشأته ) ، الحاملة للقوابل كلها ( حقائق الأسماء الإلهية ) التي هي كالأرواح الثابتة من أرض تلك القابليات ، ( فثبت ) بالثاء المثلثة كذا في النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه . وصححه بعض الشارحين بالنون أي نبت ( به ) ، أي بالعالم ( وبخالقه أحدية الكثرة ) الأسمائية
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولانيّ أحديّ العين من حيث ذاته كثير بالصّور الظّاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته . كذلك الحقّ بما ظهر منه من صور التّجلّي، فكان الحقّ مجلى صور العالم مع الأحديّة المعقولة.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني الذي هو أحدي العين من حيث ذاته كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته كذلك الحق سبحانه ) أحديّ العين من حيث ذاته كبير ( بما ظهر منه من صور التجلي ) التي هي الأسماء والصفات .
( وكان ) الحق سبحانه ( مجلى صورة العالم ) ومرآتها فظهرت فيه كثرة صورها المشهورة ( مع الأحدية المعقولة ) وذلك بلسان الإشارة حيث أشار بالأحوال الثابتة للأرض والطارئة لها بعد إنزال الماء عليها إلى أحد عينيته سبحانه وتعالى في حدّ ذاته وأحدية كثرته الثابتة له من حيث ظهور كثرة صورة العالم عنه .

 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 7 أبريل 2020 - 20:08 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 17:51 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فانظر ما أحسن هذا التّعليم الإلهيّ الّذي خصّ اللّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده .   ولمّا وجده آل فرعون في اليمّ عند الشّجرة سمّاه فرعون موسى : والمو هو الماء بالقبطيّة ، والسّا هو الشّجر فسمّاه بما وجده عنده ، فإنّ التّابوت وقف عند الشّجرة في اليمّ . فأراد قتله فقالت امرأته - وكانت منطقة بالنّطق الإلهيّ - فيما قالت لفرعون ، إذ كان اللّه خلقها للكمال كما قال عليه السّلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الّذي هو للذّكران ، فقالت لفرعون في حقّ موسى: " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " [ القصص : 9 ]. )
 
قال رضي الله عنه :  (فانظر) يا أيها السالك (ما أحسن هذا التعليم الإلهي) من اللّه تعالى ومنا لغيرنا (الذي خص اللّه) تعالى (بالاطلاع عليه السلام ) ، أي بفهمه ومعرفته والتحقق به من شاء ، أي أراده سبحانه من عباده المؤمنين.
 
قال رضي الله عنه :  (ولما وجده) ، أي موسى عليه السلام وهو موضوع في التابوت (آل فرعون) ، أي قومه (في اليم ) ، أي البحر (عند الشجرة) في حافة البحر (سماه فرعون موسى والمو هو الماء) ، أي اسم الماء بالقبطية ، أي لغة فرعون وقومه (والسا هو الشجر فسماه) ، أي فرعون (بما وجده) ، أي موسى عليه السلام (عنده) من الماء والشجر بلغته لغة القبط فإن التابوت ، أي تابوت موسى عليه السلام الذي وضعته فيه أمه وألقته في اليم (وقف عند الشجر في) شط (اليم) ، أي البحر .
 
قال الشيخ زاده رحمه اللّه في حاشية البيضاوي ، موسى هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام .
 
وقيل : أن موسى اسم مركب من كلمتين بالعبرانية وهما : مووشا بالشين المعجمة فمو هو الماء بلسانهم وشا هي الشجر فعربته العرب فقالوا : موسى
وقالوا : إنما سمي به لأن أمه جعلته في التابوت حين خافت عليه من فرعون وألقته في البحر ، فدفعته أمواج البحر حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون ، فخرجت جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت ، فأخذنه فسمي عليه السلام باسم المكان الذي أصيب فيه وهو الماء والشجر .
 
(فأراد) فرعون (قتله) ، أي موسى عليه السلام (فقالت امرأته) ، أي آسية امرأة فرعون (وكانت منطقة) ، أي تنطق (بالنطق الإلهي) لا بالنطق النفساني لإيمانها باللّه تعالى وكفرها بفرعون باطنا (فيما قالت) ، أي في قولها (لفرعون) من الكلام الآتي إذ كان اللّه تعالى من قبل (خلقها) ، أي امرأة فرعون (للكمال) ، أي متهيئة له مستعدة لقبوله (كما قال) ، أي نبينا (عليه السلام عنها) ، أي عن آسية امرأة فرعون في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة عن أبي موسى الأشعري .
 
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ».
رواه البخاري ورواه مسلم والترمذي وابن ماجة ورواه غيرهم .
 
قال رضي الله عنه :  (حيث شهد) صلى اللّه عليه وسلم (لها) ، أي لآسية امرأة فرعون (ولمريم بنت عمران بالكمال) الإلهي (الذي هو للذكران) ، أي حاصل للكاملين منهم (فقالت) ، أي آسية (لفرعون في حق موسى) عليه السلام إنه ، أي موسى عليه السلام ("قُرَّتُ عَيْنٍ") ، أي سرور دائم ("لِي وَلَك َأيضا") [ القصص : 9 ] .
قال تعالى : "وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ" [ القصص : 9 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( فبه قرّت عينها بالكمال الّذي حصل لها كما قلنا ؛ وكان قرّة عين لفرعون بالإيمان الّذي أعطاه اللّه عند الغرق .  فقبضه طاهرا مطهّرا ليس فيه شيء من الخبث لأنّه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام . والإسلام يجبّ ما قبله . وجعله آية على عنايته سبحانه لمن شاء حتّى لا ييأس أحد من رحمة اللّه إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ[ يوسف : 87 ] فلو كان فرعون ممّن ييأس ما بادر إلى الإيمان . )
 
قال رضي الله عنه :  (فبه) ، أي بموسى عليه السلام (قرت عيناها) ، أي آسية بالكمال الإلهي الذي حصل لها ببركة تربية موسى عليه السلام وحفظه وحمايته ممن يريده بسوء كما قلنا ، أنه شهد لها بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكان أيضا (قرة عين لفرعون بالإيمان) ، أي الإذعان والتصديق بدين موسى عليه السلام ونبوته ورسالته (الذي أعطاه اللّه) تعالى (عند الغرق) في البحر أي قبله ، لما شاهد أسباب الهلاك ، وقد رأى موسى وقومه من بني إسرائيل نجوا من الغرق في البحر والهلاك فيه بإيمانهم وإسلامهم ،
 
وتحقق بأن ذلك حق فأمن وأسلم طمعا في اللحاق بهم ورجاء في السلامة والنجاة من الغرق لا يأسا من الحياة ،
كما قال بعضهم بأن : إيمان اليأس غير مقبول كما سيأتي ؛ ولهذا قال لما أدركه الغرق :آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ يونس : 90 ] وخص بني إسرائيل لعله يلتحق بهم وينجيه اللّه تعالى من الغرق كما أنجاهم وكانت قد حضرت منيته واستكملت حياته ولن يؤخر اللّه نفسا إذا جاء أجلها .
 
قال رضي الله عنه :  (فقبضه) ، أي فرعون ، يعني أماته اللّه تعالى (طاهرا) من دنس الكفر ، أي مؤمنا مسلما بإيمان وإسلام ثابت في النص المتواتر وهو القرآن العظيم فيجب الإيمان به وتصديقه وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا[ النساء : 122 ] ، وأما كون ذلك لم يقبل منه وليس بصريح الآية ولا مفهوما أيضا فإن قوله تعالى :آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ[ يونس : 91 ] .
 
يقتضي المعاتبة له في تأخير إيمانه إلى ذلك الوقت لا عدم قبوله ، وقد خص عصيانه بعدم إيمانه بكونه قبل ، أي عصيت قبل الآن لا الآن ، والآن لم تعص فأطعت .
 
وقوله تعالى :فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ[ يونس : 92 ] ، أي وحدك ولا ننجي معك أحدا من قومك لكونك آمنت إيمان طمع ورجاء كما ذكرنا ،
ومن قال أن نجاته بكون حيتان البحر لم تأكل جسده فليس هذا المعنى بنجاة ، وإن وقع فإن النجاة المعتبرة عند حلول الأجل إنما هي نجاة الإيمان والإسلام خصوصا ، وقد أضافها اللّه تعالى إليه بنون العظمة ،
وقرنها بقوله سبحانه لتكون لمن خلفك آية للأمم المتأخرين علامة على سعة رحمة اللّه تعالى في كل من جاءها مؤمنا مسلما مثلك طامعا فيها بمراده راجيا منها حصول مقصوده حتى لا ييأس أحد من رحمة اللّه تعالى ، ولا يقنط من إحسانه وقبول توبته ،
وما ذكره البغوي في المصابيح وذكره غيره أيضا من حديث أن جبريل عليه السلام كان يأخذ من طين البحر ويضع في فم فرعون لئلا يتوب لم يصح .
 
قال الفخر الرازي في تفسيره :
الأقرب أنه لا يصح ، لأن في تلك الحالة إما أن يقال إن كان التكليف ثابتا لم يجز لجبريل عليه السلام أن يمنعه من التوبة ، بل يجب عليه أن يعينه على التوبة وعلى الطاعة لقوله تعالى :وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ[ المائدة : 2 ] ،
وأيضا لو منعه بما منعه من الطين كانت التوبة ممكنة لأن الأخرس قد يتوب بأن يندم بقلبه ويعزم على ترك معاودة القبيح ، وحينئذ لا يبقى لما فعله جبريل عليه السلام فائدة .
وأيضا لو منعه لكان قد رضي ببقائه على الكفر والرضى بالكفر كفر وأيضا ،
 
فكيف يليق باللّه تعالى أن يقول لموسى وهارون عليهما السلام :فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [ طه : 44 ] ، ثم يأمر جبريل بأن يمنعه من الإيمان ،
(ولو قيل) : إن جبريل عليه السلام إنما فعل ذلك عن نفسه لا بأمر اللّه تعالى ، فهذا يبطله قول جبريل عليه السلام عن نفسه وعن الملائكة وما نتنزل إلا بأمر ربك ، وقوله تعالى في صفتهم :وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ[ الأنبياء : 28 ] .
(وقوله تعالى ) :لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [ الأنبياء : 27 ] .
وأما إن قيل : التكليف كان زائلا عن فرعون في ذلك الوقت فحينئذ لا يبقى لهذا الفعل الذي نسب جبرائيل عليه السلام إليه فائدة أصلا .
وذكر أبو عيسى الترمذي في جامعه بإسناده عن ابن عباس إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :
"لما أغرق اللّه تعالى فرعون قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل فقال جبريل عليه السلام : يا محمد فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة " هذا حديث حسن . سنن الترمذي .
وروي بإسناده أيضا عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه ذكر أن جبريل عليه السلام جعل يدس في في فرعون الطين خشية أن يقول : لا إله إلا اللّه فيرحمه اللّه أو خشية أن يرحمه اللّه . هذا حديث حسن غريب صحيح انتهى .
 
(فقوله) : خشية أن يرحمه اللّه مخافة أن تدركه الرحمة يعني في الحياة الدنيا فينجو من الغرق فيكون فتنة لبني إسرائيل أو فيعود إلى ما كان عليه من الكفر قال تعالى :وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ[ الأنعام :28] الآية .
ولا يتصوّر أحد أن المعنى مخافة أن تدركه الرحمة في الآخرة فيموت على الإيمان فإن هذا أمر بعيد من قصد جبريل له الملك المعصوم عليه السلام كما ذكرناه عن الرازي (مطهرا )،
أي مغسولا بماء البحر (ليس فيه) ، أي فرعون في ذلك الوقت (شيء من الخبث) ،
أي النجاسة المعنوية والحسية (لأنه) ، أي اللّه تعالى (قبضه) ، أي مات فرعون (عند إيمانه) ،
أي في وقت حصول الإيمان منه والإسلام للّه تعالى بإخلاص قلبه وصدق لبه كما قال تعالى :فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[ العنكبوت : 65 ] .
 
وهذا حالهم وهم في السفينة مشرفون على الهلاك ، فكيف بمن هو في وسط البحر وقد أشرف على الهلاك وطمع في النجاة والسلامة لمعاينة وقوع ذلك لغيره في ذلك الوقت فإن إخلاصه للّه تعالى في إيمانه وتوبته أبلغ وأكثر (قبل أن يكتسب) ، أي فرعون (شيئا من الآثام) ، أي الذنوب (والإسلام) إذا حصل من المكلف (يجبّ) ، أي يقطع حكم (ما) كان (قبله) من جميع المعاصي والمخالفات .
 
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « الإسلام يجبّ ما كان قبله » . رواه ابن سعد عن الزبير وعن جبير بن مطعم وهذا في حقوق اللّه تعالى . رواه ابن سعد في طبقاته ورواه أحمد الطبراني
 
وأما في حقوق العباد فيبقى عليه بعد الإسلام أمر التبعات والمظالم كتسخيره لقومه قهرا عنهم في البعض وغصب أموالهم وإضلالهم بعبادته كما قال تعالى :وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى [ طه : 79 ] ،
وقد يكون في ضمن إيمانه وإسلامه ندم على صدور ذلك منه كله ولم يعش بعده زمانا يتيسر فيه الاستحلال من قومه في مظالمهم والهداية لهم بدلالتهم على الإيمان بموسى عليه السلام فيكون مات تائبا أيضا من حقوق العبد والاستحلال بإرضاء الخصوم شرط التوبة من حقوق العباد إذا أمكنه ذلك وإذا لم يمكنه فالندم يكفيه كما ورد في الحديث : « الندم توبة » أخرجه ابن ماجة   والحاكم في مستدركه عن ابن مسعود والبيهقي عن أنس بن مالك .
 
وفي رواية الطبراني وأبي نعيم في الحلية عن أبي سعيد الأنصاري : « الندم توبة ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ».
وفي الفتاوى البزارية أوائل كتاب الزكاة : من مات وعليه ديون وكان من قصده الأداء لا يؤاخذ به يوم القيامة ، لأنه يتحقق المطل انتهى .
وذكر اللقاني المالكي في شرح جوهرته .
قال : وأما رد المظالم والخروج عنها برد المال أو الإبراء منه أو الاعتراف إلى المغتاب واسترضائه إن بلغته الغيبة ونحو ذلك فواجب عندنا في نفسه لا يدخل له في الندم على ذنب آخر لما قاله إمام الحرمين في الشامل وهو مذهب الجمهور
 
وقال الآمدي : إذا أتى المظلمة كالقتل والضرب مثلا فقد وجب عليه أمران :
التوبة والخروج عن المظلمة بتسليم نفسه مع الإمكان ليقتص منه ، ومن أتى بأحد الواجبين لم تكن صحة ما أتى به لتوقفه على الإتيان بالواجب الآخر ، كمن وجب  عليه صلاتان فأتى بإحداهما دون الأخرى ،
 
نعم إذا أراد أن يتوب من تلك الظلامة نفسها فلا بد من ردها أو التحليل ممن هي له ، إن وجد فيه شرط التحليل وأمن عند الطلب ذلك مما هو أعظم من المعصية التي ارتكبها انتهى . وتمامه هناك .
 
وغرضنا من هذا الكلام أن حقوق العباد إذا تاب منها العبد بالندم بقلبه صحت توبته من معصية التجري على الغير والتعدي عليه في حقه ، وبقي عين الحق في ذمة التائب دينا عليه يلزمه أداؤه ، فإذا كان ناويا أداءه لو عاش زمانا وتمكن من ذلك فإنه لا يؤاخذ به أيضا يوم القيامة ، خصوصا وقد مات فرعون غرقا في البحر ، فحصل له رتبة شهيد البحر بعد قبول إيمانه ، واللّه على كل شيء قدير .
 
وفي حديث الطبراني وابن ماجة عن أبي أمامة : « شهيد البحر مثل شهيد البر والميت في البحر كالمتشحط في دمه في البر وما بين الموجتين في البحر كقاطع الدنيا في طاعة اللّه وأن اللّه عز وجل وكّل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهداء البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين ويغفر لشهيد البحر الذنوب كلها والدين ». المزي في تهذيب الكمال
 
فاعتنى اللّه تعالى به وجعل حاله بعكس حال إبليس في سعادته آخرا وسعادة إبليس أوّلا . وكان ذلك ببركة تربية موسى عليه السلام وصبره على انتهاك حرمته حين قبض على لحيته وهو رئيس قومه ، وكانت لحية فرعون منظومة بالجواهر واللآلىء وموسى عليه السلام صغير في حجره حتى أراد فرعون قتله لفعله ذلك فقالوا لفرعون إنه لا يفرق بين التمرة والجمرة ، ولما عرض عليه ذلك أخذ الجمرة ووضعها في فمه فأحرقت لسانه ،
فقيل : إن اللكنة التي كانت في لسان موسى عليه السلام كانت من ذلك كما قال :وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي ( 27 ) يَفْقَهُوا قَوْلِي ( 28 )[ طه : 27 - 28 ] . وقال : أخي هارون هو أفصح مني لسانا .
 
قال رضي الله عنه :  (وجعله) ، أي جعل اللّه تعالى فرعون آية كما قال تعالى لتكون لمن خلفك آية أي علامة واضحة (على عنايته) ، أي اعتنائه (سبحانه بمن شاء) من عباده (حتى لا ييأس واحد من رحمة اللّه) تعالى (فإنه) ، أي الشأن كما قال تعالى :"لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ،" أي رحمته "إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ"[ يوسف : 87 ].
 فلو كان فرعون ممن ييأس من رحمة اللّه تعالى ما بادر إلى الإيمان وأسرع إليه حين أدركه الغرق معرفة منه وتحققا أن الإيمان ينجيه لا نجاة له سواه وقد واجهه من اللّه تعالى صريح النجاة بقوله سبحانه :فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ[ يونس : 92 ] .
 
ولم ينقل عنه أنه سلم من الغرق ولم يمت من ذلك ، فتعين أن تكون نجاته هي النجاة التي أرادها بإيمانه وإسلامه ، أعني نجاة القبول له من اللّه تعالى وإلحاقه ببني إسرائيل في إيمانهم وإسلامهم وسلامتهم من الغرق .
 
وفي تقدير اللّه تعالى أنه يموت غريقا ، وقد حل أجله فمات ، وكذلك وبنو إسرائيل أطول معه عمرا فعاشوا بعده وقد حصل له اللحاق بهم في إيمانهم وإسلامهم كما ورد في صريح الآية :آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ يونس : 90 ] ، والأصل القبول حتى يأتي قاطع من الأدلة ينفيه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص اللّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده ) وإنما كان هذا التعليم إلهيا إذ كل ما ذكر من التعليم هو التحقيق الذي علمه اللّه في كلامه المجيد ( ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى والمو هو الماء بالقبطية وسى هو الشجر فسماه بما وجده عنده فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم فأراد قتله فقالت امرأته ) آسية وكانت ( منطقة بالنطق الإلهي ) أي هي التي أنطقها اللّه من غير اختيار ( فيما قالت لفرعون ) وإنما قالت منطقة بالنطق الإلهي ( إذ كان اللّه خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران ) .
 
قوله رضي الله عنه  : ( بالكمال ) يتعلق بقوله شهد أي شهد بالكمال ( الذي هو للذكران ) وهذا معنى حديث النبي عليه السلام : "كملت من النساء أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة وفاطمة "
""ورد بلفظ: « كمل من الرّجال كثير ولم يكمل من النّساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران » ذكره البخاري ومسلم والترمذي  .
 
فشهد رسول اللّه عليه السلام في حقهن بالكمال الذي هو للرجال فجعل رسول اللّه عليه السلام آسية من زمرة الرجال فكانت منطقة بالنطق الإلهي أي تخبر عن الكمال الذي يحصل لها ولفرعون بموسى فكلاهما صدق واقع ( فيما قالت لفرعون في حق موسى أنه قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) فلما قالت كذلك ( فبه ) أي فبموسى ( قرة عينها ) أي عين آسية ( بالكمال الذي حصل لها ) أي أعطاها اللّه ذلك بسبب موسى.
 
( كما قلنا ) من أن الرسول عليه السلام شهد لها بالكمال الذي هو للذكران فكان قرة عين لها بهذا الكمال المشهود به .
 
قال  رضي الله عنه :  ( فكان ) موسى ( قرة عين لفرعون بالايمان الذي أعطاه اللّه عند الغرق ) والمراد بذلك الكلام إتيان الشاهدة للعادلة لإيمان فرعون من النساء الصادقة المكرمة عند اللّه متزكيا بقول الرسول حيث قال عليه السلام عنها حيث شهد لها ( فقبضه اللّه ) على تقدير ثبوت ما ذكر من الدليل ( طاهرا ) أي حال كونه طاهرا ( مطهرا ) من حيث البدن والروح ( ليس فيه ) أي بحيث لا يوجد فيه عند الانتقال ( شيء من الخبث ) وهو الشرك وإنما قلنا قبضه على الطهارة ( لأنه ) أي لأن الشأن ( قبضه اللّه عند إيمانه ) وهو قوله آمنت بالذيآمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَفظهر جسده وروحه بالايمان ثم قبض فكان قبض الروح واقعا بعد الايمان ( وقبل أن يكتب شيئا من الآثام والإسلام يجب ) أي يسقط ويمحو ( ما قبله ) .
 
من حقوق اللّه ومقتضى مثل هذا الايمان أن يجعل صحيحا معتدّا به أي لم يعارضه الدليل أو لم يردّ المنع على دليله فسنذكره إن شاء اللّه ما فيه من المنع  والمعارضة فقوله وكانت منطقة بالنطق الإلهي دليل ، وقوله لأنه قبضه دليل
 
وقوله رضي الله عنه : ( وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة اللّه ) دليل وقوله ( فإنه لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ فلو كان فرعون ممن ييأس ) من رحمة اللّه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ما بادر إلى الايمان ) دليل وقوله من بعد وقرينة الحال تعطى أنه ما كان على يقين بالانتقال دليل ونتيجة الدلائل المذكورة .
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال  رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.  ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك». فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله. وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال رضي الله عنه  : ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهيّ الذي خصّ الله بالاطَّلاع عليه من شاء من عباده ، ولمّا وجده آل فرعون في اليمّ عند الشجرة ، سمّاه فرعون موسى ، و "المو " هو الماء بالقبطية و « السّا » هو الشجر ، فسمّاه بما وجده عنده ، فإنّ التابوت وقف عند الشجرة في اليمّ) .
 
قال العبد : كما أنّ التابوت كان ضرب مثل للهيكل الجسماني الإنساني الذي فيه سكينة الربّ وهو الروح الذي أسكنه الله في هيكله وسكَّنه به ، وموسى صورة الروح من حيث هذا الوجه ، واليمّ - الذي هو البحر - صورة العلم الحاصل للروح الإنساني بسبب هذه النشأة العنصرية أي الحاصل ظهور ما كان لها بالقوّة بواسطته بالفعل ، فإنّ القوّة العلمية ذاتية للنفس ،
ولكن ظهورها بالفعل على الوجه الأكمل متوقّف على مظاهر قواها من هذه الصورة الهيكلية العنصرية ، فكذلك فرعون صورة الهوى الذي هو السلطان الغالب في مصر النشأة العنصرية ، ووجدانه للتابوت وحصوله له وعنده صورة تعيّن الروح ووقوفه أوّلا في تعمير البدن في حكم الهوى وعنده ،
فإنّ تربية الروح الإنساني إنّما تتمّ بوجود الهوى للنفس في تعمير البدن ومع تكامل القوى المزاجية تتكامل تربية الروح ، فيظهر قواه بالروح الإنساني  إلى أن يبلغ أشدّه ويظفر بالهوى ويملك مصر الكمال الطبيعي ، ووقوف تابوته عند الشجر إشارة إلى أنّ الهيكل الكماليّ الإنساني يتوقّف وجوده على الأركان المتشاجرة الأغصان من أصل الطبيعة الواحدة ،
فإنّ الشجر إنّما سمّي شجرا لاختلاف أغصانه والتفافها ، والمشاجرة هي المخالفة والمخاصمة ، كذلك هذا التابوت الناسوتي الهيكلي واقف عند الهوى بمقتضى القوى والخصائص الروحانية ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه  : ( فأراد قتله ، فقالت امرأته - وكانت منطقة بالنطق الإلهي الذي أنطق به كلّ شيء  فيما قالت لفرعون ، إذا كان الله خلقها للكمال ، كما قال عليه السّلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو الذكران فقالت لفرعون في حق موسى : إنّه " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " فيه قرّت عينها بالكمال الذي حصل لها ، كما قلنا وكان قرّة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق ، فقبضه طاهرا مطهّرا ، ليس عليه شيء من الخبث ، لأنّه قبضه عند إيمانه ، قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ، والإسلام يجبّ ما قبله ، وجعله آية على عنايته - سبحانه - لمن شاء ، حتى لا ييأس أحد من رحمة الله "إِنَّه ُ لا يَيْأَسُ " ،" من رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ "  فلو كان فرعون ممّن يئس ، ما بادر إلى الإيمان )
 
قال العبد : قد تقرّر في نفوس العامّة من المسلمين وغيرهم من اليهود والنصارى أنّ فرعون كافر وأنّه من أهل النار بما ثبت عنه قبل الغرق من المعاداة لنبيّ الله ولنبي إسرائيل وبما قال :   " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى "  
وبقوله :   "ما عَلِمْتُ لَكُمْ من إِله ٍ غَيْرِي "   وبأفعاله السيّئة إذ ذاك ، ولكنّ القرآن أصدق شاهد بإيمانه عند الغرق قبل أن يغرغر ، بل حال تمكَّنه من النطق بالإيمان وعلمه بأنّ النجاة حصر في ذلك ،
فقال : آمنت بالَّذى   " آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا من الْمُسْلِمِينَ "  وهذا إخبار صحيح لا يدخله النسخ ، ولكنّ فيه دليلا أيضا أنّه لم يكن مؤمنا قبل هذا الإيمان ، كما زعم أهل الأخبار أنّه كان مؤمنا في الباطن ، وأنّه كان يكتم إيمانه عن قومه سياسة حكمية ، إذ لا دليل على ذلك من القرآن ولا فيما صحّ من الحديث ، فلم يكن إيمانه إلَّا عند الغرق بالاستدلال على وجود الله وكمال قدرته بما رأى أنّه أنجى بني إسرائيل الذين آمنوا به من الغرق ، فآمن به ، إمّا طلبا للنجاة أو إيمانا لا لعلَّة .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون».  فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده ، ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى والمو : هو الماء بالقبطية ، والسا : هو الشجرة فسماه بما وجده عنده ، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم ، فأراد قتله فقالت امرأته وكانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون إذ كان الله خلقها للكمال ، كما قال تعالى عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو الذكران
بقوله :" وكانَتْ من الْقانِتِينَ " بعد الجمع بينهما في ضرب المثل
 
قال رضي الله عنه :  ( فقالت لفرعون في حق موسى  إنه " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي ولَكَ " فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا ، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث ، لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ، والإسلام يجبّ ما قبله ، وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله  فـ " إِنَّه لا يَيْأَسُ من رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ " ، فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الإيمان ).
 
على تأويل التابوت بالبدن الإنسانى وموسى بالروح يؤول فرعون بالنفس الأمارة والشجر بالقوة الفكرية ، فمن أراد التطبيق فليرجع إلى تأويلات القرآن التي كتبناها فليس هذا موضع ذكره ، وأما الإيمان الذي بادر إليه فرعون قبل موته إذ أدركه الغرق وكونه منتفعا به مقبولا ، فهو مما أنكره بعضهم على الشيخ قدس سره وليس بذلك لأن القياس أثبت صحته كما ذكر ، فإن النص دل على ما أفصح عنه قبل أن يتغرغر حيث قال :" آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ وأَنَا من الْمُسْلِمِينَ " .
وليس بمناف لكتاب الله كما زعم هذا المنكر ، فإن كونه طاهرا مطهرا من الخبث الاعتقادي كالشرك ودعوى الألوهية لا ينافي الإنكار في قوله :" آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ من الْمُفْسِدِينَ "
 يعنى الآن مؤمن لأنه متوجه إلى كونه سببا للنجاة من الغرق ، ولهذا جعل الموجب له العصيان السابق والإفساد ، ولا ينافي أيضا تعذيبه في الآخرة بسبب الظلم وارتكاب الكبائر ، فإن الذنوب التي يجبها الإسلام هي التي بين العبد والرب ،
فأما المظالم التي تتعلق برقبته من جهة الخلق فلا ، ولهذا أخبر عن وعيده في الكتاب على الإضلال بقوله : " يَقْدُمُ قَوْمَه يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وأُتْبِعُوا في هذِه لَعْنَةً ويَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ".
 
وبقوله : " وأَتْبَعْناهُمْ في هذِه الدُّنْيا لَعْنَةً ويَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ من الْمَقْبُوحِينَ " فإن مثل هذه الوعيد والتعذيب ثابت للفساق من المؤمنين مع صحة إيمانهم ، وأما نفع إيمانه وفائدته فهو في انتفاء خلوده في النار وخلاصه من العذاب في العاقبة ، فإن المؤمن لا يخلد في النار لا أنه لا يدخل النار ، وأما قوله :" وحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ". وأمثاله فهو مخصوص بالآل وهم كفار.

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:05 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 18:00 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :                                                 الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده . ) ( التعليم الإلهي ) إشارة إلى قوله تعالى : ( اتقوا الله يعلمكم الله ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) . فمن اتقى ولم يثبت لغيره وجودا ، يستحق بأمثال هذه اللطائف والمعارف .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة ، سماه فرعون "موسى" . و"المو" هو "الماء" بالقبطية . و"السا" هو الشجر ، فسماه بما وجده عنده : فإن التابوت وقف عند الشجر في اليم . فأراد قتله . فقالت امرأته وكانت منطقة بالنطق الإلهي )
أي ، كانت ممن أنطقه الله بالنطق الإلهي من غير اختيارها ، كما قال تعالى من لسان الأعضاء : ( أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ ) . وكانت مؤيدة من الله.
 
قال رضي الله عنه :   ( فيما قالت لفرعون إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال ، عليه السلام ، عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران ) أي ، بحسب الغلبة .
 
وهو إشارة إلى قوله عليه السلام : ( كملت من النساء أربع : مريم بنت عمران ، وآسية امرأة
فرعون ، وخديجة ، وفاطمة ، رضى الله عنهن ) . ولهذا الكمال قال تعالى في مريم : ( وكانت من القانتين ) . فجعلها في زمرة الرجال .
وصرح الشيخ في الفتوحات ، في باب الأولياء : "إن هذه المقامات ليست مخصوصة بالرجال ، فقد تكون للنساء أيضا ، لكن لما كانت الغلبة للرجال ، تذكر باسم الرجال" .
( فقالت لفرعون في حق موسى إنه "قره عين لي ولك" . فيه ) أي ، في موسى
 
قال رضي الله عنه :  ( قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلناه . وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله له عند الغرق . ) وذلك لأن الحق تكلم بلسانها من غير اختيارها وأخبر بأنه قرة عين لها ولفرعون ، فوجب أن يكون كذلك في نفس الأمر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقبضه ) أي ، الحق . ( طاهرا مطهرا ، ليس فيه شئ من الخبث ، لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام والإسلام يجب ما قبله وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله . فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون . فلو كان فرعون ممن ييأس ، ما بادر إلى الإيمان ).
لما كان إيمان فرعون في البحر ، حيث رأى طريقا واضحا عبر عليه بنوا إسرائيل ، قبل التغرغر وقبل ظهور أحكام الدار الآخرة له مما يشاهدونه عند الغرغرة ، جعل إيمانه صحيحا معتدا به ، فإنه إيمان بالغيب ، لأنه كان قبل الغرغرة .
وهو بعينه كإيمان من يؤمن عند القتل من الكفار . وهو صحيح من غير خلاف  وإنما كان إيمان المتغرغر غير صحيح لظهور أحكام الدار الآخرة له ، من النعيم والجحيم والثواب والعذاب .
 
وجعله ( طاهرا مطهرا ) من الخبث الاعتقادي ، أي ، من الشرك ودعوى الربوبية ، لأن الإسلام يجب ما قبله - كما جاء في الخبر الصحيح - ولم يكتسب بعد الإيمان شيئا من الآثام والعصيان .
وقوله تعالى : "الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين" .
أي ، آمنت الان ، وكنت من العاصين المفسدين من قبل ، نوع من العتاب عند التوجه إلى الحق والإيمان به . وهو لا ينافي صحة إيمانه .
 
وما جاء من قوله : "يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود" . الضمير "القوم " و "المورد" الذي هو فرعون ، لا يجب دخوله فيهم .
وقوله : "واتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود" . وقوله : " وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين " . الضمير " القوم " و "اللعنة" ودخول النار لا ينافي الإيمان ، لأن اللعنة هي البعد ، وهي تجتمع مع الإيمان .
 
كما في المحجوبين والعصاة والفسقة من المسلمين .
والورود في النار ليس مخصوصا بهم ، بل عام شامل للكل ، كما قال : "وإن منكم إلا واردها" . فهو لا ينافي الإيمان .
وليس بكفر فرعون بعد إيمانه نص صريح فيه . وما جاء فيه كان حكاية عما قبل .
 
وقوله رضي الله عنه  : ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ) . صريح في آله ، لا في فرعون .
وفائدة إيمانه ، على تقدير التعذيب ، عدم الخلود في النار . والتعذيب بالمظالم وحقوق العباد ، مما لا يرتفع بالإسلام ، لا ينافي أيضا الإيمان والطهارة من الشرك وخبث العقيدة .
فلا ينكر على الشيخ ما قاله مع أنه مأمور بهذا القول ، إذ جميع ما في الكتاب مسطور بأمر الرسول ، صلى الله عليه وسلم فهو معذور .  كما أن المنكر المغرور معذور .
 
وقوله : "وجعله آية على عنايته " إشارة إلى قوله تعالى : "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية " . وهذا أيضا صريح في نجاته ، لأن (الكاف)
خطاب له . أي ، ننجيك مع بدنك من العذاب ، لوجود الإيمان الصادر منك بعد العصيان . والله أعلم بالسرائر من كل مؤمن وكافر .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أحسن هذا التّعليم الإلهيّ الّذي خصّ اللّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده ، ولمّا وجده آل فرعون في اليمّ عند الشّجرة سمّاه فرعون موسى ، والمو هو الماء بالقبطيّة ، والسّا هو الشّجر فسمّاه بما وجده عنده ، فإنّ التّابوت وقف عند الشّجرة في اليمّ ، فأراد قتله فقالت امرأته وكانت منطقة بالنّطق الإلهيّ فيما قالت لفرعون ، إذ كان اللّه خلقها للكمال كما قال عليه السّلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الّذي هو للذّكران ، فقالت لفرعون في حقّ موسى :" قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ" [ القصص : 9 ] ، فبه قرّت عينها بالكمال الّذي حصل لها كما قلنا ؛ وكان قرّة عين لفرعون بالإيمان الّذي أعطاه اللّه عند الغرق ، فقبضه طاهرا مطهّرا ليس فيه شيء من الخبث ؛ لأنّه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ، والإسلام يجبّ ما قبله ، وجعله آية على عنايته سبحانه لمن شاء حتّى لا ييأس أحد من رحمة اللّه "إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ " [ يوسف : 87 ] فلو كان فرعون ممّن ييأس ما بادر إلى الإيمان ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي ) لموسى ، ولمن بعده من الأنبياء والأولياء - عليهم السّلام ( الذي خص اللّه بالاطلاع عليه من يشاء من عباده ) .
"" أضاف المحقق :
وذلك بلسان الإشارة حيث أشار بالأحوال الثابتة للأرض والطارئة لها بعد إنزال الماء عليها إلى أحدية عينية سبحانه وتعالى في حد ذاته وأحدية كثرته الثابتة له من حيث ظهور كثرة صورة العالم عنه . شرح الجامي.""
 
ولما فرغ من بيان نتيجة إلقائه في التابوت من حيث الإشارة المذكورة من الباطن ، شرع في بيان نتيجة ذلك من حيث الظاهر ،
فقال رضي الله عنه   : ( ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة ) المعترضة في طريق جري التابوت بقرب مجلس فرعون من الساحل ، ( سماه فرعون موسى ) ، وسبب هذه التسمية أن ( المو : هو الماء بالقبطية ) التي هي لسان فرعون وقومه ، ( والسا : هو الشجرة ) في لسانهم ، ( فسماه ) موسى مركبا امتزاجيّا ( بما وجده عنده ) من الشجرة مع ما يليها من الماء ؛ ( فإن التابوت ) الذي فيه موسى ( وقف عند الشجرة في اليم ) ، فكأنه قصد استهانته بذلك ،
 
واللّه تعالى أراد بذلك الإشارة إلى أنه الماء الذي هو حياة كل حي ، والشجرة المثمرة للعلوم والأعمال ، والأحوال والمقامات ، والأخلاق ، وتفويضه إلى العدو ؛ للإشعار بأنه كالمعترف بذلك ،
وإن لم يكن له شعور به فظن فرعون أنه إنما جعل في التابوت خوفا من القتل ، ورأى جري تابوته في الماء على خرق العادة ، وقد رأى النور من الصندوق عند فتحه ، ورأى زوال جرح ابنته بلعابه ، وقد عجز عنه الأطباء فظن أنه الغلام الذي يكون على يديه هلاك ملكه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فأراد قتله ، فقالت امرأته : ) آسية بنت مزاحم - قدس اللّه روحها :" قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا " [ القصص : 9 ] ، ( وكانت منطقة ) عين حين نطقت بهذه الكلمات ( بالنطق الإلهي ) ، وإن كانت تحت فرعون ، فقد كان ذلك بالجبر ، وهي من بني إسرائيل من أولاد الأنبياء ( فيما قالت لفرعون ) ، وإن لم تكن منطقة بالنطق الإلهي في جميع ما كانت تنطق به ، إذ أحوال الكمّل لا تدوم في الأكثر ، لكن كانت منطقة بالنطق الإلهي في هذه الكلمات ؛ لتعلقها بأمر النبوة التي كمالها مشابه لكمال أهل النبوة ، فلا تتكلم في ذلك إلا عن النطق الإلهي ،
 
قال رضي الله عنه :  ( إذ كان اللّه خلقها للكمال ) المشابه كمال الأنبياء ، فلا يكون كلامها في ذلك إلا عن كمال حالها ، وهذا الكمال لما كانت مخلوقة له كان لها من أول نشأتها ، ( كما قال عليه السّلام ) مخبرا ( عنها ) بغاية الكمال لا بطريق الإشارة ، بل بطريق التصريح ( حيث شهد لها ، ولمريم بنت عمران ) بقوله : « كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية امرآة فرعون » . رواه البخاري ، ومسلم .
 
فقد شهد لهما صلّى اللّه عليه وسلّم ( بالكمال الذي هو للذكران ) ، وهو كمال النبوة ، وإن لم يكن في النساء نبي ، وقد كثرت الولاية فيهن ، فهذا الكمال كمال مشابه لكمال الأنبياء ، فكما أن أهل النبوة لا تنطق في أمر النبوة عن الهوى ، فكذا من أشبه كماله كمالهم ، ( فقالت لفرعون في حق موسى ) الذي خلق للنبوة ، وإن لم تشعر بنبوته ، فالكلام في حقه لا يكون إلا عن الإنطاق الإلهي أنه ( قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ) ،وكيف لا تكون منطقة بالنطق الإلهي ، وقد وقع جميع ما تكلمت في حقه ( فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها ) بالإيمان بنبوته ، فإن كمالها صار أكمل مما كان بذلك السبب ،
قال رضي الله عنه :  ( كما قلنا ) أنها خلقت للكمال والمخلوق للكمال لا بدّ وأن يتزايد كماله كل حين ، فقد قيل : « من استوى يوماه ؛ فهو مغبون » ، رواه البيهقي ، وأبو نعيم في الحلية.
 
ولم يقتصر صدق كلامها في حقها فقط ، بل صدق في حق فرعون أيضا ، ( إذ كان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه اللّه ) المنطق لها بذلك ( عند الغرق ) ، ولو أعطاه قبله ربما كان يتغير عنه ، والغرق لم يكن كاشفا له عن أحوال الآخرة ، ولا ملجأ إلى الإيمان ، كما لم يلجأ إليه قومه إذ لم يحك اللّه عنهم ذلك .
 
وقد حكي عنه ولم يظهر موجب تخصيص فيه ، ولم تكن دلالة الغرق على الأمور الأخروية أشد من دلالة المعجزات التي من جملتها انفلاق البحر ، ولو آمن عند رؤية ذلك لقبل اتفاقا ، ولم ينقطع رجاؤه عن نفسه ؛ لأنه آمن لينجو عن الغرق كما نجا منه بنو إسرائيل ، وهذا القصد لا ينافي إيمانه كما لا ينافي قصد الكافر إذا أسلم لدفع ما به من المرض ، وقوله :آلْآنَ[ يونس : 91 ] لوم على هذا القصد ، وإشعار بعدم حصوله الآن ، مع أنه رتب عليه النجاة ،
 
ومن قال : المراد الإلقاء على نجوة أي : مرتفع من الأرض خلاف الظاهر ، ( فقبضه ) اللّه ( طاهرا ) عن الكفر وجميع المعاصي حين قبضه ( مطهرا ) عن الكفر السابق والمعاصي السابقة التي كانت بينه وبين اللّه تعالى ، وإن لم يطهر عن حقوق الخلق من إضلاله قوما غير محصورين ،
وقتله أولاد بني إسرائيل واسترقاقهم وغير ذلك ، وتقدمه إلى النار لهذا الإضلال وقبحه لذلك ؛ ولقتله واسترقاقه ولعنه أيضا لذلك ، كما لعن القاتل المتعمد ، وكونه إماما داعيا إلى النار ربما تقدم منه من الكفر والظلم الذي صار سنة منه لمن بعده ، فكان ذلك أيضا من حقوق الخلق
 
قال رضي الله عنه :  ( ليس فيه شيء من الخبث ) ، وإن لم يصرح بإيمانه بموسى ، والملائكة ، واليوم الآخر والقدر ؛ ( لأنه قبضه عند ) تمام ( إيمانه ) ، بقوله :" وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ " [ يونس : 90 ] ،
فصار مؤمنا بموسى ، وما عطف عليه ، وليس عدم قبوله من أجل كونه مقلدا لكونه آمن عن قول موسى .
وقوله دليل لدلالة معجزاته على صدقه ، وجعل جبريل فيه ، وحال البحر لا يضره بعد تمام الإيمان ، وإنما يمنعه عن النجاة من الغرق ، فهي الرحمة التي خاف جبريل أن تدركه من الحق ؛ لأنه إذا نجا ربما يتغير عن هذا الإيمان ، وإلا فجبريل لا يرضى بالكفر ، فإن الرضا بالكفر كفر ، فقبضه ( قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ) ، إذ لم تعد فرصة ذلك ، ( " والإسلام يجب ما قبله " ) . ذكره ابن حجر في الإصابة ، وابن كثير في التفسير .
 
والمؤاخذة على الكفر السابق كانت قبل هذا الإيمان ، فلم يجبها هذا الإيمان ، وإنما يجب ما بعده من المؤاخذة الأخروية ، والمؤاخذة الدنيوية على الكفر لا تستلزم المؤاخذة الأخروية إذا آمن بعد هذه المؤاخذة قبل معاينة الأمور الأخروية ،
 
فإن أسر الكافر واسترقاقه مؤاخذة على كفره باقية بعد الإيمان ، إذ لا يعتق بمجرد الإيمان ، لكن لا يؤاخذ بذلك الكفر في الآخرة ، ولا دلالة للنصوص على أنه معذب في الآخرة على كفره ، ولا على خلوده في النار ، ولا على عدم قبول إيمانه ، كيف وقد رتب على إيمانه نجاته ، ( إذ جعله ) أي : إيمانه بعد كونه قائلا :ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي[ القصص : 38 ] ،
أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى[ النازعات : 24 ] .
 
مستمرا على ذلك مدة حياته ؛ ( آية على عنايته سبحانه لمن يشاء ) من عباده ، إذ وفقه على ذلك الإيمان ، وقبضه إليه قبل أن يكسب شيئا من الآثام ( حتى لا ييأس أحد ) ممن مضى عمره على مثل ما كان عليه فرعون ( من رحمة اللّه ) ، فينقطع عن التوبة ، ولا ينقطع عن الإصرار ، فهو وإن آمن بالنبوة والآخرة يكون كافرا بهذا ألا ييأس ،( إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ ) [ يوسف : 87 ] ، ولم ييأس فرعون عند الغرق حتى يقال فيه : إنه وإن آمن بالكل كان آيسا ، فإن إياس مثله مانع من أصل الإيمان .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو كان فرعون ممن ييأس ما بادر إلى الإيمان ) ؛ لأنه إنما بادر إليه لرجاء النجاة من الغرق ؛ ولذلك لامه جبريل عليه ، وإذا كان آخر أمر فرعون الإيمان ، وإن كان مع هلاكه وهلاكه ملكه ، لكن كان سبب نجاته عن الخلود في النار ، وإن كان بعد المدة المديدة حتى يقال عليها الخلود مجازا كما ورد في حق القائل ، والإضلال أشد منه ، وقد كان منه أيضا .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال رضي الله عنه  : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خصّ الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده ) من أمر التولَّد والتوالد الواقع بين الوالد وزوجه ، ومن أمر تعانق الأطراف الموجب للحيرة كالنجاة من القتل في صورة الهلاك ، والاهتداء في صورة الضلال ، والعلم في الحيرة ، وتربية الأرض وإنباتها في صورة الهدم وتخريبها ، وأحديّة العين في كونه مجلى للكثير .
 
كلّ ذلك قد استشعر من الآيات الدالَّة عليه ، دلالة غير خفيّة على الخواصّ من عباده من الورثة الختميّة الواقفين على مطلع الآيات وغاياتها وفي عبارته ما يشعر به .
 
تسمية موسى وحضانة آل فرعون له
ثمّ إنّه تنشعب من هذا الأصل تربية آل فرعون موسى : ( و ) لذلك ( لما وجده آل فرعون ) يعني القوى الطبيعيّة الهيولانيّة ( في اليمّ عند الشجرة ) ، وهي الجمعيّة الحيوانيّة بأصولها وفروعها وشعبها وأغصانها وثمرتها ، وهي الإنسان ( سماه فرعون : موسى ) فإنّ من شأن المقابل أن يسمّى
 
مقابله الآخر بما عنده من وجوه النسبة ، كالابن ، فإنّه الذي سمّى الأب أبا ، كما قيل : « فبضدها تتبيّن الأشياء » .
قال رضي الله عنه  : ( و « المو » هو الماء بالقبطيّة ، و « السا » هو الشجرة فسماه بما وجده عنده ) من الماء الذي هو صورة العلم والنطق ، والشجرة التي هي صورة الجمعيّة الحيوانيّة ( فإنّ التابوت ) - يعني الناسوت ، باعتبار تدبير الظاهر بين بين ، تدبيرا وحدانيّ الحكم ، تامّ الأثر - ( وقف عند الشجرة في اليمّ ) لا يتجاوز عن تلك الجمعيّة مزاجا ، وقوف تنزّل الوحدة الجنسيّة لذي الطبيعة الحيوانيّة طبعا .
 
تأويل فرعون وموسى
وإذا كان فرعون صورة شخصيّة تلك الطبيعة من حيث حيوانيّتها الجنسيّة فإنّه هو الإنسان الحيوان كما أنّ موسى صورة شخصيّة تلك الطبيعة أيضا ، ولكن من حيث بلوغها ونوعيّتها الكماليّة ، فلذلك قابله ( فأراد قتله ) وإبادة ما له من البنيان الجمعيّ الكمالي المتوجّه إلى إبادة فرعون ( فقالت امرأته ) وهي التي تحت فرعون الطبيعة الهيولانيّة الفرقيّة العينيّة ، من الجمعيّة المتبطَّنة فيها ، الحاكمة عليه بالصوت النطقي ، وذلك عين حقيقتها الذاتيّة - كما ستقف عليه –
ولذلك قال رضي الله عنه : ( وكانت منطقة بالنطق الإلهي ) الذي به نطق كلّ شيء ( فيما قالت لفرعون ، إذ كان الله خلقها للكمال ) ولهذا أنطقه بالكلام الذي هو صورة " الكمال ".
 
الجنس والفصل
ثمّ إنّه لا بدّ من الإفصاح هاهنا عن تتميم هذا المساق والإبانة عن الجهات الارتباطيّة التي بها يتكلَّم لسانه هذا في وجوه تأويله ، وذلك بأن يفهم من فرعون صورة حصّة المادّة الجنسيّة من الحيوان ، فإنّه المسمّي ما تحته ،
كما أشار إليه في تسمية موسى وامرأته التي تحته هي صورة حصّة طبيعة الفصل الذي للحيوان ، فإنّها خلقت لكمال هذه المادّة وتحصيلها مواسية لها ومساوية إيّاها ، كما أنّ مريم ابنة عمران صورة فصل الإنسان ، فإنّها ولدت من الحيوان الذي هو صورة عمران العالم ، كما ولدت منها كلمة الله عيسى ، الذي هو صورة تمام المراد .
 
وهاتان المرأتان في الصدر الأول هما الكاملتان باعتبار مبدئيّتهما للشعور والإشعار ، ومصدريّتهما للظهور والإظهار .
 
وأما وجه المناسبة : فهو أنّ الفصل مصدر حمل النوع وفصاله ، كما أنّ الجنس مبدأ تلك المادّة التي بها حمل الفصل وفصاله .
فلئن قيل : إنّ الجنس متوغَّل في بطون إبهامه وغيب غمومه ، وكذلك الفصل من حيث أنّه كلَّي ، وبيّن أنّ هذه القصص التنزيليّة إنما هي حكاية أشخاص عينيّة خارجيّة ، فكيف يتصوّر تنزيلها على الكلَّيات وتأويلها بها ؟ .
قلنا : كانّك قد اطَّلعت مما مهّدنا في الفصّ الآدمي أنّ لكل من تلك الكلَّيات من حيث طبيعتها حقيقة نوعيّة واحدة بالذات في مرتبته ، سواء
 
كان ذلك جنسا أو نوعا ذاتيّين ، أو عرضا وخاصّا خارجيّين بالقياس إلى الأفراد المفروضة لدى البحث - كما بيّن وجه تحقيقه في الصناعة الباحثة عنه - وتلك الحقيقة هي التي يتحصّل بها لأشخاص التي لها ، متعيّنة في الخارج ، فإنّه إذا تأمّلت في الجوهر - مثلا - صادفته عند تحصّل حقيقته النوعيّة في مرتبته التي قد علت على جملة الممكنات قد تعيّن في الخارج بصور اشخاص الملإ الأعلى ، أهل التقديس والتسبيح ، فإنّ العلويات - على تفاوت درجاتهم - أفراد حقيقته النوعيّة ، وهم الذين قابلوا آدم في الخلافة الإلهيّة.
 
خاصيّة الإنسان وأقسامه
ثمّ إنّه إذا تقرر هذا ، فاعلم أنّه قد ظهر لك غير مرّة أنّ الإنسان من حيث هو قابل لظهور أحكام سائر الكلَّيات بأجناسها المترتّبة ، ومصدر نفوذ آثارها ، فإنّ الإنسان صورة عين الكلّ ، فمن أفراده من ظهر بأحكام العوالي وغلب عليه آثارها الخاصّة بها ، وهم الواقفون في مواقف التسبيح والتقديس - كما وقفت عليه - ومنهم من غلب عليه أحكام الأواسط والأسافل ،
وبه قابل من غلب عليه أمر الاعتدال الإنساني والحكم الجمعيّ المضادّ لسائر الخصوصيّات من الكمّل ، الظاهرين في كلّ زمان بحسبه كفرعون فإنّه لغلبة حكم الطغيان - الذي هو مقتضى الطبيعة الحيوان ،
 
آخر تنزّلات تلك السلسلة - قابله موسى في أمر العبوديّة التي هي مقتضى العدالة الإنسانيّة وكذلك لكل نبيّ مقابل في مرتبته من تلك السلسلة به يظهر ، " وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ "
وتفصيل الكلام في مثل هذا المرام يقتضي مجالا آخر - يسّرنا الله لذلك .
 
ثمّ هاهنا نكتة إجماليّة لا يبعد أن يدرج فيه ويومي إليه ، :
وهي أنّ الأول في كل ترتيب ونظام له حكم العلوّ والشرف فيه ، كما أنّ الآخر منه له حكم الجمعيّة والكمال فالمستعدّ للظهور في كلّ نظام هو الأول منه والآخر ، وما بينهما ظهوره بحسب القرب من أحدهما والتشابه به ،
ففيما نحن فيه من السلسلة الإنبائيّة الإظهاريّة له هذا السبيل ، ومن هاهنا ترى ورود قصّة آدم وموسى في التنزيل القرآني أكثر من سائر القصص .
 
ثمّ إنّه لا يخفى على الواقفين بأساليب اولي الذوق ، من مستكشفي رموز التنزيل ولطائف التأويل ، أنّ تنزيل فرعون على هذا المعنى أعلى وأحكم تطبيقا من النفس الأمّارة التي هي بعض تنزّلات النفس الناطقة بعينها ، المسمّاة بالروح ، الظاهرة بالتابوت ، الذي هو الناسوت الموسوي - على ما صرّح به الشيخ .
"" أضاف المحقق :
تعريض لقول القاشاني: " على تأويل التابوت بالبدن الإنساني وموسى بالروح يأول فرعون بالنفس الأمارة والشجر بالقوة العلوية " . ""
 
أما الأول : فلأنّ هذه الصورة للنفس إنما هي من أحكام تلك الحصّة وآثارها الظاهرة وعينها ، فهذا المعنى أيضا مما يندرج فيما نزّلنا عليه فله العلوّ .
 
وأمّا الثاني : فلأنّ ما نزل عليه فرعون مما أشرنا إليه حقيقة مستقلَّة في الأثر لها سدنة خاصة وأهالي ممتازة في الوجود والأثر ، منها ما هو أقرب من الكلّ يمتزج به تحته امتزاج حمل  ويتولَّد من ذلك الامتزاج آخر من جنسه ، فهو الصالح لأن يكون مرآته إذ الآثار الإدراكيّة التي هي مبدأ الكمال ومصدر الإذعان والإيمان منها ،
كما دلّ عليه الآيات الكاشفة عنها ، وبيّن أنّ الأصول إنما يتمّ عند تطبيقها بسائر الفروع وأحكامها ، سيّما فيما نزل عليه الحقائق التنزيليّة .
 
ثمّ هاهنا نكتة تؤيّد ذلك التطبيق وتقرره :
 وهي أنّه قد ثبت في الميزان العقليّ أنّ الفصل له نسبتان إلى الجنس :
إحداهما تقويم أمره وتحصيل حقيقته بالامتزاج الحملي ، وهي نسبة الزوجيّة
والأخرى تقسيم تلك الحقيقة بعد الحمل والفصال إلى ما يتولَّد من ذلك الامتزاج الحملي ، وهو المعبّر عنها بنسبة البنت
وقد عرفت أيضا أنّ الخاتم صورة كماليّة الكلّ ، وشخص جمعيّة الجميع وعينه ، فجمع فيه النسبتان ضرورة .
 
وإلى ذلك كلَّه أشار بقوله صلى الله عليه وسلم  : " كملت من النساء أربع : مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة ، وفاطمة " .
ويمكن استخراج كثير من الحقائق الجليلة عنه بهذا التطبيق فلا تغفل عنه .
ثمّ إنّ هذا على حدّ ما ذهب إليه الشيخ في سياقه هاهنا ، ويمكن تنزيل كلّ من هذه الكلمات على غير ذلك مما ينطوي عليه وعلى غيره علوا من الأصول المنبئة بحسب المؤيّدات الحكميّة والبيّنات التلويحيّة ، مما قضى الزمان به ، إن قادنا التوفيق الإلهي نتعرّض بجملة منها في مجال غير هذا إن شاء الله تعالى .
ثمّ إنّه قد علم في طيّ هذه النكت وجه قوله : ( كما قال عليه السّلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران ) .
فإنّهم طرف ظهور الحقّ - على ما بيّن تحقيقه في الفصّ الأول - على ما دلّ عليه لفظ « الذكران » ، وهن طرف خفائه وستره على ما لا يخفى وقد عرفت وجه اختصاص هاتين المرأتين بالكمال بلسان هذا السياق ، فلا نعيده .
 
تأويل قول آسية
قال رضي الله عنه  : (فقالت لفرعون في حق موسى : إنه " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " فيه قرّت عينها بالكمال الذي حصل لها ، كما قلنا ) وهذا من مؤيّدات ذلك التأويل فإنّ « الكمال » هو « الكلام » تلويحا وتحقيقا ، كما عرفت غير مرّة وهو إنّما حصل لفصل الحيوان الذي هو مبدأ سائر الإدراكات بوحدانيّة الناسوت ، فهو قرّة عين له ، كما أنّه قرّة عين للحيوان ، فإنّه مبدأ إذعانه ، وكسر شكيمة عصيانه الذي هو مقتضى ذاته .
 
إيمان فرعون
وإليه أشار بقوله : ( وكان قرّة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله ) فإنّه حصل له الإيمان من الوهب الإلهي ، وأصل ما هو عليه إنّما هو الإباء والعصيان ،
وذلك الوهب إنّما فاز به عند إعداده المحلّ يعني ( عند الغرق ) في بحر الوحدة الإطلاقية ، باقتفائه آثار موسى ومتابعته إيّاه في الخوض فيما خاض
 
قال رضي الله عنه  : ( فقبضه طاهرا ) من حدث الشرك بمتابعته موسى ، ( مطهّرا ، ليس فيه شيء من الخبث ) يعني خبث الإباء والعصيان .
 
قال رضي الله عنه  : ( لأنّه قبضه عند إيمانه ) وإذعانه لموسى بالتزام المتابعة فدخل في الإيمان قولا وفعلا ( قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ، و « الإسلام يجبّ ما قبله » )
""أضاف الجامع :
( الإسلام يجبّ ما قبله حقيقة وقاعدة راسخة أجمعت عليها الأمة والأئمة ، وهي متواترة في جل كتب تفاسير القرآن وكتب شراح الحديث وكتب الفقة .)
ووردت بحديث : (قد عفوت عنك، وقد أحسن الله بك حيث هداك للإسلام، والإسلام يجب ما كان قبله) . قاله لهبار بن الأسود أسلم بعد فتح مكة . أوره جمع الجوامع للسيوطي و كنز العمال للمتقي الهندي
وشاهد لها حديث :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب، كمن لا ذنب له» رواه ابن ماجة والطبراني والبيهقي وابي نعيم في حلية الأولياء وغيرهم .
 ،وفي رواية أخرى : (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب، كمن لا ذنب له»   ثم تلا "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين")  . ""
 
وذلك أنه عبارة عن الدخول في الوحدة الوجوديّة الجمعيّة الكماليّة الظاهرة في كل زمان بصورة الرسول المبعوث فيه على لسان قومه ، والإذعان فيه لأحكامه ومقتضياته ، فيجبّ حينئذ حكم التفرقة العدميّة التي لذلك الشخص قبل دخوله في هذه الوحدة الوجوديّة جبّ سائر الأحكام العدميّة التي قبل هذه النشأة بالدخول فيها.
 
ثمّ إنّ هذا الكلام مما تفرّد به الشيخ المؤلَّف بين أئمة الإسلام ، وبذلك سار مضغة للقاصرين عن فهمه من أهل الظاهر جميعا ، وشنعة عند الذاهلين من فرق المعطَّلين كلهم ،
فتعرّض أولا لما يصلح لأن يكون حجّة للمسترشدين عليهم من النصوص التنزيليّة ،
وثانيا لما يمكن أن يدفع به ما يستدلَّون منه على عدم الاعتداد بإيمانه ذلك على قواعدهم .
فإلى الأول أشار بقوله : ( وجعله آية على عنايته سبحانه ) على ما نصّ عليه بقوله :
 
"فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً " فإنّه إنّما يكون آية لو كان من أهل النجاة مقبول الإيمان ، ليدلّ على أنّه عناية الحقّ غير متعلَّقة بطاعة العبد وعصيانه ، فإنّ ذلك ( لمن يشاء ، حتى لا ييأس أحد من رحمة الله ، فإنّه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون ) وفي هذا الحصر دلالة على عدم دخول فرعون فيهم ، فإنّه ما ييأس من رحمة الله ، ( فلو كان فرعون ممن ييأس ما بادر إلى الإيمان ) .
 
فعلم إن إيمانه هذا ليس إيمان الغرغرة عند اليأس - على ما ذهب إليه الظاهريون - كما يتّفق للكافرين عند ظهور أحكام الدار الآخرة عليهم ، بعد تعطيل قواهم الحسيّة ، فإنّ ذلك عند اليأس ، وهو الذي لا يعتبر شرعا وأمّا فرعون فهو على ثقة من النجاة بإيمانه ، لما رأى طريقا واضحا في البحر يختصّ بالمؤمنين من بني إسرائيل ممّن تابع موسى ، وبيّن أنّ التجربة إذا شوهدت مكرّرة مما يفيد اليقين ، فهو على يقين من نجاته ، فضلا عن أنّه ييأس منها .
 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:06 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 18:01 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة التاسعة الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :                                         الجزء الثالث
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أحسن هذا التّعليم الإلهيّ الّذي خصّ اللّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده . ولمّا وجده آل فرعون في اليمّ عند الشّجرة سمّاه فرعون موسى : والمو هو الماء بالقبطيّة ، والسّا هو الشّجر فسمّاه بما وجده عنده ، فإنّ التّابوت وقف عند الشّجرة في اليمّ . فأراد قتله فقالت امرأته - وكانت منطقة بالنّطق الإلهيّ - فيما قالت لفرعون ، إذ كان اللّه خلقها للكمال كما قال عليه السّلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الّذي هو للذّكران ، فقالت لفرعون في حقّ موسى : قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ [ القصص : 9 ] .)
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص بالاطلاع عليه من شاء من عباده ) وذلك بلسان الإشارة حيث أشار بالأحوال الثابتة للأرض والطارئة لها بعد إنزال الماء عليها إلى أحد عينيته سبحانه وتعالى في حدّ ذاته وأحدية كثرته الثابتة له من حيث ظهور كثرة صورة العالم عنه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما وجده آل فرعون في اليم عند السحرة سماه فرعون موسى . والمو هو الماء بالقبطية والسّا هو الشجر فسماه بما وجده عنده فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم فأراد قتله فقالت امرأته وكانت منطقة بالنطق الإلهي ) الظاهر فيها من غير تعمد واختيار ولهذا كانت صادقة ( فيما قالت لفرعون إذ كان اللّه خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران ) ، قال صلى اللّه عليه وسلم : « كمل من النساء أربع : مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة وفاطمة رضي اللّه عنهن » رواه البخاري
 
قال رضي الله عنه :  ( فبه قرّت عينها بالكمال الّذي حصل لها كما قلنا ؛ وكان قرّة عين لفرعون بالإيمان الّذي أعطاه اللّه عند الغرق .  فقبضه طاهرا مطهّرا ليس فيه شيء من الخبث لأنّه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام . والإسلام يجبّ ما قبله . وجعله آية على عنايته سبحانه لمن شاء حتّى لا ييأس أحد من رحمة اللّهإِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ[ يوسف : 87 ] فلو كان فرعون ممّن ييأس ما بادر إلى الإيمان .)
 
قال رضي الله عنه :  ( فقالت لفرعون في حق موسى إنه :"قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ" فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه اللّه عند الغرق لقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث ، لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام والإسلام يجب ما قبله ) كما قال صلى اللّه عليه وسلم : «الإسلام يجب ما قبله»   رواه مسلم و ابن حبان ومسند أحمد وأبي داود ومنبع الزوائد الهيثمي وغيرهم .
 
والتوبة تجب ما قبلها أي يقطعان ويمحوان ما كان قبلهما من الكفر والمعاصي والذنوب
قال رضي الله عنه :  ( وجعله آية على عنايته سبحانه لمن شاء ) من عباده كما قال تعالى : فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً [ يونس : 92 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( حتى لا ييأس أحد من رحمة اللّه فإنه لا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون ) ، وفي حصر اليأس في الكافرين دلالة على عدم دخول فرعون فيهم ( فإنه لو كان ممن ييأس من رحمة اللّه ما بادر إلى الإيمان ) .
ثم قد رشح في نفوس العامة شقاوة فرعون وكفره ودخوله النار خالدا بما ثبت عنه قبل الغرق من المعاداة لموسى وبما قال :أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى[ النازعات : 24 ] .
 
وبقوله : ما علمت لكم من اله غيري وغيره من أقواله وأفعاله السيئة إذ ذاك ، ولكن القرآن أصدق شاهد بإيمانه عند الغرق قبل أن يغرغر وتظهر أحكام الدار الآخرة عليه بعد تعطيل قواه الحسية ، فإن ذلك هو الذي لا يعتبر شرعا بل حال يمكنه من النطق من الإيمان ، و
علمه بأن النجاة في ذلك فقال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ، وهذا إخبار صحيح لا يدخله النسخ ولا نص على عدم قبول إيمانه هذا ،
فإن الآيات التي يستدل بها أهل الظاهر على عدم قبول إيمانه قابلة للتأويل على وجه لا ينافي قبول إيمانه كما أولها بعض الشارحين ،
ثم أن هذا الكلام لما كان تفرد به الشيخ رضي اللّه عنه بين أئمة الإسلام مع رسوخ اعتقاد كفر فرعون وعباده في النفوس شنع عليه القاصرون وبالغوا في إنكاره فلا حاجة إلى تلك المبالغة فإنه لا مبالغة رضي اللّه عنه ،
كذلك يقول في آخر هذا الفص : هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن ثم إنا نقول بعد ذلك والأمر فيه إلى اللّه لما استقر في نفوس عامّة الخلق من شقائه.
وما لهم نص في ذلك يستندون إليه .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:26 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 18:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه :قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا [ القصص : 12 ]. وكذلك وقع فإنّ اللّه نفعهما به عليه السّلام وإن كانا ما شعرا بأنّه هو النّبيّ الّذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله .
ولمّا عصمه اللّه من فرعون وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً[ القصص : 10 ] من الهمّ الّذي كان قد أصابها . )
 
قال رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت) آسية (امرأة فرعون فيه) ، أي في موسى عليه السلام أنه ، أي موسى عليه السلام ("قُرَّتُ عَيْنٍ") ، أي فرح دائم وسرور لازم ("لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا") [ القصص : 12 ] ، أي في وقت الشدة وكذلك وقع فإن اللّه تعالى نفعهما به ، أي بموسى عليه السلام وحقق رجاءهما وطمعمهما في ذلك ،
كما حقق اللّه تعالى رجاء عبد المطلب جد نبينا صلى اللّه عليه وسلم لما وضعته آمنة بعد موت أبيه عبد اللّه ، فسماه جده محمدا حتى قيل له : لم سميت ابنك محمدا وليس من أسماء آبائك ولا قومك ؟
فقال : رجوت أن يحمد في السماء والأرض ، فكان الأمر كذلك ، ولو رجى أن ينتفع به لحقق اللّه تعالى رجاءه بالأولى .
 
قال رضي الله عنه :  (وإن كانا) ، أي فرعون وآسية امرأته (ما شعرا )، أي علما (بأنه) ، أي موسى عليه السلام هو (النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك) ، أي سلطنة (فرعون) في مصر ونواحيها (وهلاك آله) ، أي آل فرعون يعني قومه وأتباعه كما قال تعالى :وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ[ القصص : 9 ]
ولا يرد على القول بقبول إيمان فرعون وإسلامه كما ذكرنا ذكره تعالى لفرعون في القرآن بالذم والتقبيح عليه في صريح الآيات كقوله تعالى :وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى [ طه : 79 ]
وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ[ الأعراف : 137 ]
وما أشبه ذلك ، فإنه كان قبل توبته وإيمانه وإسلامه ، وأما قوله تعالى :وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ ( 96 ) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [ هود : 96 - 97 ].
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ( 98 ) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ( 99 ) [ هود : 98 - 99 ]
 
فلا يخفى أن قوله وما أمر فرعون برشيد حكاية حاله قبل توبته ، وقوله : يقدم قومه يوم القيامة .
أي يتقدم عليهم ، لأنه كان في الدنيا أمامهم في الكفر ، وكان سبب كفرهم بمتابعتهم له فيقدمهم ، أي يتقدم عليهم في يوم القيامة من حيث صورته وشخصه الذي كانوا يعبدون ، لأنهم كانوا يرونه إلها مع اللّه تعالى وهو في نفسه عبد مخلوق مبرأ من وصف الألوهية ، فالذي يقدمهم يوم القيامة بل يكون معهم في النار صورته التي عبدوها كما قال تعالى :إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ[ الأنبياء : 98 ]
 
وقال تعالى :وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ[ البقرة : 24 ] ، وهي الأصنام التي كانوا يعبدونها تكون معهم في النار يعذبون بها لا هي تعذب معهم ، وكذلك عباد الملائكة وعباد عيسى ابن مريم والعزير عليهم السلام يكون معهم في النار عين ما عبدوا ، وهم إنما عبدوا الصور التي تخيلوها في نفوسهم آلهة من الملائكة وعيسى والعزير عليهم السلام لا أن الملائكة وعيسى وعزيرا عليه السلام يكون معهم في النار ، وكذلك فرعون بمقتضى قولنا بقبول إيمانه .
 
ولهذا قال تعالى :"فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ" بصيغة الماضي يعني فعل ذلك بهم في الدنيا قبل توبته ولم يقل تعالى : فيوردهم بصيغة المضارع كما قال : يقدم قومه ، وإيرادهم النار كناية عن إيقاعهم فيما يقتضي خلودهم فيها ، ويؤيده قوله تعالى :وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً[ هود : 99 ] ،
أي في الدنيا ، ولئن كان أوردهم في الآخرة ما ذكر أنه يرد معهم ،
وقال تعالى في حق فرعون :وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ ( 39 ) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ( 40 ) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ( 41 ) وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ( 42 )  [ القصص: 39- 42].
 
ولا يخفى عليك أن استكباره وظنه ونبذه في اليم كان قبل توبته ، وباقي الآية في حق قومه خصوصا بعد قوله : وجعلناهم ، أي قوم فرعون ، أئمة يدعون إلى النار ، يعني كانوا يدعون بعضهم بعضا إلى عبادة فرعون التي هي كفر ، فهي نار يوم القيامة .
 
وقال تعالى :فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى( 25 ) [ النازعات ] ، أي أخذه أخذا يقتضي النكال عليه والتقبيح في الدنيا والآخرة ، وأصل النكال القيد ، وهو إغراقه في البحر هو وقومه ، فإنه عقاب واحد جمع اللّه تعالى عليه عقاب الدنيا والآخرة ، وآية إيمانه وإسلامه السابق ، بيانها تقتضي أن ما وقع له من الغرق ما ذكر ههنا من نكال الآخرة والدنيا ، ولهذا قدم الآخرة على الدنيا لتقدم نكالها عليها ، وجمعه مع نكال الدنيا والآيات يفسر بعضها بعضا .
 
قال رضي الله عنه :  (ولما عصمه) ، أي موسى عليه السلام حفظه (اللّه) تعالى (من) شر عدوّه
(فرعون "وَأَصْبَحَ فُؤادُ")، أي قلب ("أُمِّ مُوسى فارِغاً") ، أي خاليا من الهم والحزن الذي كان (قد أصابها) خوفا على موسى عليه السلام من فرعون أن يقتله .
قال تعالى :وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ[ القصص : 10 ] ، أي كادت أن تخبر أنه ولدها من عدم خوفها عليه لما رأت من الحظوظ عند فرعون ، لكن اللّه تعالى ربط قلبها عن ذلك لئلا يفتنها فرعون بقتل ولدها فيفوتها الإيمان بالحق .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّ اللّه حرّم عليه المراضع حتّى أقبل على ثدي أمّه فأرضعته ليكمّل اللّه لها سرورها به .  كذلك علم الشّرائع ، كما قال تعالى :لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً- أي طريقا -وَمِنْهاجاً[ المائدة : 5 ] . أي من تلك الطّريقة جاء . فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الّذي منه جاء .   فهو غذاؤه كما أنّ فرع الشّجرة لا يتغذّى إلّا من أصله . )
 
قال رضي الله عنه :  (ثم إن اللّه) تعالى (حرم عليه) ، أي موسى عليه السلام النساء (المراضع) ، فكان لا يقبل ثدي واحدة منهنّ (حتى) جيء له بأمه لترضعه ولم يعلم أحدا أنها أمه فقبلها أقبل (على ثدي أمّه فأرضعته) ، أي أمه (ليكمل اللّه) تعالى (لها) ، أي لأمه سرورها به ، أي بموسى عليه السلام .
كذلك ، أي مثل المراضع بالنسبة إلى المكلفين علم الشرائع ، فإنه يختلف باختلاف أحوال المكلفين كما قال تعالى  ("لِكُلّ") ٍأي لكل واحد ("جَعَلْنا مِنْكُمْ") [ المائدة : 48 ] يا معشر المكلفين ("شِرْعَةً") أي طريقا يسلكه بمقتضى أحواله عليه من دين الحق ("وَمِنْهاجاً") [ المائدة : 48 ] أي من تلك الشرعة والطريق جاء أي كل واحد منكم أي من تلك الطريقة جاء فهو متولد فهي أمه التي ترضعه ، أي تمده بمقتضاها ، وقد حرمت عليه المراضع غيرها فكان هذا القول في معنى الآية إشارة لا عبارة إلى الأصل الذي منه ، أي من ذلك الأصل جاء ، أي ذلك المكلف فهو ، أي ذلك الأصل غذاؤه ، أي غذاء ذلك المكلف كما أن فرع الشجرة جاء من أصلها فالفرع لا يتغذى ، أي يصل إليه الغذاء أي المادة إلا من أصله .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)
 
قوله رضي الله عنه  : ( فكان موسى كما قالت امرأة فرعون فيه ) أي في حق موسى ( أنه قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ. . . عَسى أَنْ يَنْفَعَنا وكذلك وقع فإن اللّه نفعهما به عليه السلام ) أي بموسى ( وإن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك إله ) وليس كل واحد منها دليلا قطعيا على مقبولية إيمان فرعون وصحته عند المصنف لورود المنع على كل منها لا مجموعها دليلا عنده أيضا على صحة إيمانه لتعارض الإجماع .
 
أما الأول فلأن قوله وكانت منطقة بالنطق الإلهي أنه قرة عين لي ولك عسى أن ينفعنا احتمل أن يكون من قبيل قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ فكان هذا القول من الكاملة نجاة لموسى عليه السلام عن القتل عن يد فرعون سواء كان موسى قرة عين لفرعون بالايمان أم لا ،
فكان سببا لحياة موسى فلا يلزم الكذب على تقدير عدم صحة الايمان لصدور هذا الكلام عن حكمة وهي النجاة عن القتل فوقع كما قالت مع أنها لا تقول هذا القول إلا على مراد فرعون مما في قلبه من تشوق الولد
فإن الصبيان قرة عين للأبوين فكان موسى قرة عين لفرعون في زمان صباوته فصدقت في قولها عسى أن ينفعنا من غير احتياج إلى صحة الايمان .
 
وأما الثاني فلأن قوله لأنه قبضه عند إيمانه نص في وجود الايمان ولا يلزم منه الدلالة على صحة الايمان أي على منفعته لجواز ثبوت الايمان ولا منفعة لعدم وقوعه في وقته إذ الايمان هو التصديق بما جاء به من عند اللّه والمقبولة خارجة عن ماهية التصديق لازمة له بحسب الوقت كقوله يوملا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها.
 
وأما الثالث فلأن قوله وجعله آية على عنايته سبحانه وتعالى بمن شاء ممنوع لكثرة الدلالة على عنايته سبحانه في الاخبارات الإلهية فلا احتياج إلى الدليل على عنايته بمن شاء إلى صحة إيمانه .
وأما الرابع فلأن قوله فلو كان فرعون ممن ييأس من رحمة اللّه ما بادر إلى الايمان
يحتمل أن يكون فرعون بادر إلى الايمان ولم يكن مأيوسا عن رحمة اللّه بل راجيا رحمته من اللّه وبادر إلى الايمان
وكان كافرا لعدم وقوع رجاء الرحمة كما آمن الناس كلهم عند طلوع الشمس مغربها وذلك الايمان لا يكون إلا عن رجاء
فإنهم لا ييأسون ويبادرون إلى الايمان لكنهم كافرون لعدم وقوع رجائهم وإيمانهم في وقته فكان إيمان فرعون ضروريا خارجا عن الاختيار لانكشاف ما جاءت به الاخبارات الإلهية من الوعد والوعيد .
 
وأما الخامس فلأن قوله وقرينة الحال تعطى أنه ما كان على يقين بالانتقال لأنه عاين المؤمنين يمشون في الطريق فإنه يجوز أن يكون إيمانه في تلك الساعة للنجاة عن الهلاك وأسرّ في نفسه بعدها دعوة الربوبية فعلم اللّه منه ذلك فلم يقبل إيمانه
وسبب ذلك أن فرعون حيث رأى السحرة لما آمنوا نجوا عن الهلاك فزعم أن مجرد الإقرار باللسان سبب النجاة عن الهلاك ففعل فعلا لم ينفع له في الدنيا والآخرة
فقد ظهر لك أن قوله فقبضه اللّه طاهرا مطهرا لا يثبت عنده إلا على تقدير ثبوت الأدلة المذكورة في إثباته
 
فلم يكن هذه الأدلة عنده نصوصا في إيمانه كما لم تكن الأدلة الدالة على شقائه في الآخرة عند أهل الظاهر نصوصا عنده لأن قوله تعالى :"آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" [ يونس : 91 ] ، يحتمل أن يكون عتابا لفرعون لا رادّا للإيمان وكذا سائر الآيات الدالة على شقائه مثل هذه الآية فلما لم ينص المصنف بآية من القرآن الكريم وبحديث النبي في سعادته وشقاوته في الآخر ذهب إلى التوقف في حق فرعون فقال والأمر فيه إلى اللّه وأما حديث ابن عباس أنه لما قال فرعون لا إله إلا اللّه أتاه جبرائيل فحاشى فاه التراب خشية أن تدركه الرحمة فنص في منع الرحمة عقيب الايمان لا غير
 
ولو كان له نص في ذلك لوجب عليه الحكم بمقتضى النص فقال والأمر فيه إلى الايمان ، ولم يقل كذلك إشارة إلى ورود المنع المذكور ولم يترجح أحد الدليلين على الآخر عنده فتوقف فمن عثر مراتب الأدلة لم يعسر عليه قبول مثل هذا الكلام
ولا تعرف أن التوقف في مثل هذا المقام مثل هذا الكامل يخالف الإجماع
وإنما المخالف من ذهب إلى صحة إيمانه حاشا من العقلاء فضلا عن هذا الكامل فإن التوقف هو الوقوف مع النسبة الحكمية وهو نوع من التقليل إلى الجماعة ودخول فيهم في الجملة لأنه الوقوف مع خلفهم لإخلافهم الذي هو صحة الايمان فلا يكون خارجا منقطعا عنهم ولئن سلم التوقف ليس مذهب الشيخ
 
وإنما مذهبه ما قاله في الفتوحات المكية فرعون ونمرود مؤبدان في النار
والمراد في هذا المقام إظهار الدلائل الموصلة إلى التوقف التي لم يتفطن عليها علماء الرسوم ولا يأتيها أحد غيره من أهل اللّه فلا يكون التوقف مذهبا للشيخ كيف ؟
وقد قال في هذا الكتاب وفي بعض كتبه لا بد لأهل الكشف أن يتبع إماما من الأئمة الأربعة في الاعتقادات الدينية والعمليات الشرعية ولا شك أن شقاء فرعون من الاعتقادات الدينية وإلا لما كفر من قال بإيمانه ولا دلالة في عبارات الكتاب على صحة إيمانه
بل عبارته كلها تدل على جواز صحته بالنظر إلى ظاهر القرآن من غير نظر إلى الإجماع لتوقفه في آخر المسألة فيما ذكرناه حصل التوفيق بينه وبين أهل الشرع عند أهل الانصاف
فظهر لك أن ما يقوله الناس في هذه المسألة في حق الشيخ افتراء منهم عليه
ولعل غلط العامة ينشأ من كلام الشارحين الذي لم يصلوا بروحانية الشيخ وبينوا كلامه على خلاف مراده لعدم مناسباتهم بالمجردات وموضع غلطهم قوله في حق فرعون فقبضه اللّه طاهرا مطهرا .
 
قال داود  القيصري في شرح هذا الكلام:
لما كان إيمان فرعون في البحر حيث رأى طريقا واضحا عبر عليها بنو إسرائيل قبل التغرغر وقبل ظهور أحكام الآخرة له مما يشاهده الناس عند الغرغرة جعل إيمانه صحيحا معتدّا به فإنه إيمان بالغيب.أهـ  تم كلامه
 
وليس بصحيح لأنه لو جعل إيمانه صحيحا معتدّا به لم يتوقف في آخر كلامه أصلا فقد توقف وجعل الإجماع دليلا على توقفه
فقال هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن ولم يقل نص ثم نقول بعد ذلك والأمر فيه إلى اللّه لما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه
فتبين آخر الكلام ما هو المراد من قوله فقبضه اللّه طاهرا مطهرا وهو الجواز لا الصحة أي فجاز أن يقبضه اللّه ظاهرا مطهرا
وقد ثبت في علم الأصول أن الكلام يتوقف على آخره إن كان آخره مغيرا بمنزلة الشرط والاستثناء .
 
والشيخ قد حرر كلامه في مسألة فرعون على هذه القاعدة وإن كان منفصلا في الظاهر لكنه متصل في المعنى
لأن الكلام في مسألة واحدة وهي مسألة فرعون مع أنه جاز عند البعض منفصلا فالحكم والاعتبار للآخر دون الأول .
 
فكل ما ذكر من الأدلة في حق إيمان فرعون مجمل يحتمل البيان ، فقوله :
ثم إنا نقول بعد ذلك والأمر فيه إلى اللّه بيان المجمل وهو بيان تفسير فيصح موصولا ومفصولا
وما علم هذا الشارح مراد النص ، فغلط ومن غلطه غلط بعض الناس حتى أكثر الصوفية في زماننا فشاع هذا المعنى فيما بينهم فاشتهر فزعموا أن الشيخ قد ذهب إلى أن فرعون من أهل الإسلام وهو بريء من زعمهم هذا .
 
والمقصود أن اللّه قد تجلى لأهل اللّه برحمته فانكشف لهم جواز الرحمة في حق فرعون من وجوه الآيات وإشاراتها التي لا تنكشف للعلماء وسيتم الكلام في المسألة في آخر الفص إن شاء اللّه .
فإن قيل فما الحكمة في انكشاف هذا المعنى في حق فرعون من الآيات لأهل اللّه وعدم انكشافه لأهل الظاهر
قلنا : أما عدم الانكشاف فلأنه لما كان رجاء العوام غالبا على خوفهم لبعضهم عن الحق باحتجابهم بالصفات النفسانية ،
وكان العلماء رئيسهم ومقتداهم جعل اللّه في قلوبهم غيرة وجرأة حتى اجتمعوا وحكموا بحسب ورود ظاهر القرآن على شقائه في الآخرة ، فلم ينكشف لهم هذا المعنى اللطيف من الآيات ليظهر هذه الحكمة المقصودة ظهورها .
فلو كشف اللّه لهم ما كشف لأهل الفناء لم يظهر منهم هذا الحكم بل يظاهرون جواز الرحمة فيهلك الناس من الجهلاء بتخفيف الشرع المطهر فإنهم إذا سمعوا من علمائهم الذين هم رئيسهم جواز رحمة اللّه بمثل هذا الكافر المدعي الربوبية كانوا مغرورين بكرمه ولطفه وسعة رحمته ،
 
فزال عن قلوبهم خوف عظمة اللّه وكبريائه وقهاريته فاجترءوا على اللّه وارتكبوا المنهيات فهلكوا في بحار العصيان كهلاك فرعون وقومه .
وأما الانكشاف فلأنه لما كان خوف هذه الطائفة غالبا على رجائهم لأنهم أهل فناء وأهل قرب وكان حالهم أن يروا أنفسهم أحقر الأشياء وإذ لها عند اللّه حتى يشاهدون عند غلبة الفناء أن الكفار أعز وأكرم منهم عند اللّه فلو لم يطلعهم اللّه بإشارات القرآن الكريم في حق فرعون لمالوا عن الاعتدال
وهو بين الخوف والرجاء وخرجوا عن دائرة العقل بسبب ازدياد خوفهم ويبقوا حيارى ساقطين عن العمل أو تصدعت قلوبهم من خشية اللّه لشهود استحقاقهم بعذاب اللّه
فأظهر اللّه لهم شمول رحمته بأخبث الأشياء وهو المدعي الربوبية تسلية لهم وحفطا عن مثل هذه المهالك
فكانت هذه الدلائل الرحمانية آية لأهل الفناء حتى لا ييأس أحد منهم من رحمة اللّه فهم بتلك الدلائل يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ . وبالدلائل القهارية يخافون عذاب اللّه .
فهم بين الخوف والرجاء بالآيات الواردة في حق فرعون فإنهم إذا نظروا إلى الإجماع خافوا عقاب اللّه وإذا نظروا إلى إشارات الآيات يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ
فهم صاحب الدليلين لأنهم جامعون بين الشريعة والحقيقة وتلك الدلائل القهارية والانتقامية وهي الإجماع .
 
وظاهر القرآن آية لأهل الوجود حتى لا يجترئ أحد منهم على المعاصي فهم بذلك يخافون عذاب اللّه فقط حيث قهره اللّه ومن تابعه في الدنيا بالهلاك وفي الآخرة بالعذاب الأبدي ولا رجاء لهم في حق فرعون لعدم اطلاعهم بالحقائق القرآنية .
 
فهم صاحب دليل واحد وأما حكمة ظهور هذه المعاني من لسانهم فهي ابتلاء من اللّه للراسخين في العلم من علماء الظاهر .
حتى علموا أن للَّه عبادا لم يصلوا درجتهم في رتب العلم ويلقوا أنفسهم في مدرجة العجز ويضمحل علمهم في علم ذلك العبد .
 
فمثل هذا الكلام من كراماتهم القولية وتشابهاتهم يصدر منهم بأمر اللّه تعالى ومن لم يعلم محكمات أقوالهم أو لم يردّها إلى المحكمات فقد أخطأ باتباعه بالمشابهات فضل وأضل وأنكر وظن السوء لخفاء سببها عليه .
 
فبعد صدور مثل هذا الكلام منهم وقع الخلاف بين الناس فمنهم من علم مرادهم من كلامهم وعلم مرتبتهم في العلم لسلامة عقلهم وقوة مناسبتهم الروحانية بينهما .
ومنهم من فوّض أمرهم إلى اللّه تعظيما لهذه الطائفة واتصافا من أنفسهم .
ومنهم من أنكر لعدم المناسبة والكل مصيب ومأجور إلا من اتبع المتشابهات وعمل بها فإنه ضال مضل أعوذ باللّه من الاتباع بالمشابهات والعمل بها واللّه أعلم بحقيقة الحال .
 
ثم رجع إلى أحوال موسى عليه السلام فقال:
قال رضي الله عنه :  ( ولما عصمه اللّه من فرعون أصبح فؤاد أم موسى فارغا من الهم الذي كان قد أصابها ثم إن اللّه حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل اللّه لها سرورها ) أي سرور أمه ( به ) أي بالإرضاع أو بموسى ( كذلك علم الشرائع ) من التعلم .
أي كما أن اللّه حرم على موسى المراضع وعلم ثدي أمه من عنده كذلك علم الشرائع لموسى من لدنه وحرم عليه اتباع شريعة غيره .
 
أو من العلم أي نسبة علم الشرائع مع صاحبها كنسبة موسى مع لبن أمه.
أو معناه كما أن اللّه حرم على موسى المراضع وعلمه طريق لبنه كذلك علم لكل نبي شريعة أي طريقة علمه الذي جاء منها وحرّم على ذلك النبي شريعة غيره كما حرم على موسى ثدي غير أمه.
 
قال رضي الله عنه :  ( كما قال : لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً و منهاجا أي طريقا ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء) كل واحد منكم وغذاؤكم الروحاني والجسماني من طريقتكم الخاصة التي هي الأصل ، كما أن موسى وغذاؤه جاء عن أصله وهي أمه.
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي الأصل ( غذاؤه ) أي غذاء الذي جاء منه ( كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)
 
قال رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».  وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها. ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به. كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا. ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء. فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)


قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى عليه السّلام كما قالت امرأة فرعون عنه:  إنّه : " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " ، "لا تَقْتُلُوه ُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا "  وكذلك وقع ، فإنّ الله نفعهما به عليه السّلام إذا كانا ما شعرا بأنّه هو النبيّ الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله.)
قال العبد : قد تقرّر في نفوس العامّة من المسلمين وغيرهم من اليهود والنصارى أنّ فرعون كافر وأنّه من أهل النار بما ثبت عنه قبل الغرق من المعاداة لنبيّ الله ولنبي إسرائيل وبما قال :   ( أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى )  
وبقوله :   ( ما عَلِمْتُ لَكُمْ من إِله ٍ غَيْرِي )   وبأفعاله السيّئة إذ ذاك ، ولكنّ القرآن أصدق شاهد بإيمانه عند الغرق قبل أن يغرغر ، بل حال تمكَّنه من النطق بالإيمان وعلمه بأنّ النجاة حصر في ذلك ،
فقال : آمنت بالَّذى   ( آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا من الْمُسْلِمِينَ )   وهذا إخبار صحيح لا يدخله النسخ ، ولكنّ فيه دليلا أيضا أنّه لم يكن مؤمنا قبل هذا الإيمان ، كما زعم أهل الأخبار أنّه كان مؤمنا في الباطن ، وأنّه كان يكتم إيمانه عن قومه سياسة حكمية ، إذ لا دليل على ذلك من القرآن ولا فيما صحّ من الحديث ، فلم يكن إيمانه إلَّا عند الغرق بالاستدلال على وجود الله وكمال قدرته بما رأى أنّه أنجى بني إسرائيل الذين آمنوا به من الغرق ، فآمن به ، إمّا طلبا للنجاة أو إيمانا لا لعلَّة .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولمّا عصمه الله من فرعون " أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً "  من الهمّ الذي كان قد أصابها ) .
قال العبد : أمّ موسى صورة المزاج القابل للروح الإنساني من طبيعته الخاصّة والاعتدال الخصيص المنتج لهذه النتيجة الشريفة الروحية ، فإنّ الروح الإنساني وإن كان عندنا موجودا قبل وجود البدن ، ولكن تعيّن هذا الروح المعيّن مثلا متوقّف على المزاج ، وكان موجودا بصورته الروحانية الخصيصة به الموجود هو فيها وبها قبل تعلَّقها بالبدن وجودا روحانيا عقليا نورانيا لا نقليا جسمانيا ، فالحادث بوجود هذه الأمّ الشريفة إنّما هو هذا التعيّن الشخصيّ لا الروح في حقيقته الجوهرية ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه  : ( ثم إنّ الله حرّم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمّه فأرضعته  ليكمل الله لها سرورها به ، كذلك علم الشرائع ، كما قال : « لكلّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجا أي طريقا ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء ، فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء ، فهذا غذاؤه كما أنّ فرع الشجرة لا يتغذّى إلَّا من أصلها)
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ اللبن الذي يرضعه كل مولود وإن كان في الصورة عينا واحدة هو اللبن ، ولكن لبن شخص دون شخص ما هو عين ذلك اللبن ،
وكذلك الشريعة التي جعلها الله لنبيّ وجبله عليها هي التي يأخذها ذلك النبيّ دون غيرها ، فإنّ الشرائع وإن كانت كلَّها منزلة من عند الله ولله ، ولكن لكل أحد شرعة منها شرع في طلب الحق والتوجّه إليه ، ومنها جاء في الأصل .
وأمّا تنزيل تحريم المراضع على حقيقتها في الروح الإنساني من البدن ، فهو أنّ لكل نفس نفس مزاجا خاصّا يناسبها ، لا يليق إلَّا لها في ثاني حصول كمالاتها لها في هذا المزاج الخاصّ ، فيكون محرّما على الأرواح الزاكية الكاملة الطاهرة أن يتغذى بالقوّة المخالفة للقوى الروحية وهي الهوى والشيطان والنفس ، وصور هذه القوى هي التي حرّمت على موسى مراضعها من نساء أهل فرعون ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه إنه " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي ولَكَ لا تَقْتُلُوه عَسى أَنْ يَنْفَعَنا " ،  وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام ، وإن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله )
 
على تأويل التابوت بالبدن الإنسانى وموسى بالروح يؤول فرعون بالنفس الأمارة والشجر بالقوة الفكرية ، فمن أراد التطبيق فليرجع إلى تأويلات القرآن التي كتبناها فليس هذا موضع ذكره ، وأما الإيمان الذي بادر إليه فرعون قبل موته إذ أدركه الغرق وكونه منتفعا به مقبولا ، فهو مما أنكره بعضهم على الشيخ قدس سره وليس بذلك لأن القياس أثبت صحته كما ذكر ، فإن النص دل على ما أفصح عنه قبل أن يتغرغر حيث قال :" آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ وأَنَا من الْمُسْلِمِينَ " .
وليس بمناف لكتاب الله كما زعم هذا المنكر ، فإن كونه طاهرا مطهرا من الخبث الاعتقادي كالشرك ودعوى الألوهية لا ينافي الإنكار في قوله :" آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ من الْمُفْسِدِينَ "
 يعنى الآن مؤمن لأنه متوجه إلى كونه سببا للنجاة من الغرق ، ولهذا جعل الموجب له العصيان السابق والإفساد ، ولا ينافي أيضا تعذيبه في الآخرة بسبب الظلم وارتكاب الكبائر ، فإن الذنوب التي يجبها الإسلام هي التي بين العبد والرب ،
فأما المظالم التي تتعلق برقبته من جهة الخلق فلا ، ولهذا أخبر عن وعيده في الكتاب على الإضلال بقوله : " يَقْدُمُ قَوْمَه يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وأُتْبِعُوا في هذِه لَعْنَةً ويَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ".
 
وبقوله : " وأَتْبَعْناهُمْ في هذِه الدُّنْيا لَعْنَةً ويَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ من الْمَقْبُوحِينَ " فإن مثل هذه الوعيد والتعذيب ثابت للفساق من المؤمنين مع صحة إيمانهم ، وأما نفع إيمانه وفائدته فهو في انتفاء خلوده في النار وخلاصه من العذاب في العاقبة ، فإن المؤمن لا يخلد في النار لا أنه لا يدخل النار ، وأما قوله :" وحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ". وأمثاله فهو مخصوص بالآل وهم كفار.
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما عصمه الله من فرعون أصبح فؤاد أم موسى فارغا من الهم الذي كان قد أصابها تم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به كذلك علم الشرائع ) .
أي مثل تحريم المراضع عليه إلا لبن أمه علم الشرائع ، فإن لكل نبي شريعة مخصوصة دون شرائع سائر الأنبياء ، فحرم عليه جميع شرائع الأنبياء إلا شريعته ، فتحريم المراضع عليه صورة ذلك المعنى وآية أنه النبي الموعود .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما قال :" لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً " أي طريقا " ومِنْهاجاً " أي من تلك الطريقة جاء فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء فهو غذاؤه )
هذا القول إشارة إلى الآية المذكورة والأصل
 
"" إضافة بالي زاده :
موسى بن عمران بن قاهاث بن لاوى بن يعقوب أوحى الله إلى موسى إن توفى هارون فأت به إلى جبل كذا فانطلقا ، فإذا هما بسرير فناما عليه وأخذ هارون الموت ورفع إلى السماء ، وكان أكبر من موسى بثلاث سنين توفى وعمره مائة وثنتان وعشرون سنة وشهر واحد ،
واتهم بنو إسرائيل موسى بقتل أخيه هارون حين رجع إليهم وحده ، فأنزل الله السرير وعليه هارون وقال إني مت ولم يقتلني أخي ،
ثم توفى موسى بعده بأحد عشر شهرا وعمره مائة وعشرون سنة ( إلى الأصل الذي منه جاء ) أي كل واحد منكم وغذاؤكم الروحاني والجسماني من طريقتكم الخاصة التي هي الأصل كما أن موسى وغذاءه جاء عن أصله وهي أمه .أهـ بالى زادة  ""
 
الذي منه جاء هو الاسم الإلهي الذي رباه الله به موسى ، وذلك تجليه تعالى بذاته في صورة عينه الثابتة وغذاؤه علم ذلك العين ونقشه ،
وذلك خزانة الاسم العلم الإلهي المختص بموسى وعينه من التعينات الكلية الشاملة لتعينات جزئية كثيرة مندرجة تحتها كما مر ، فهو يتغذى من ذلك الأصل .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله )
يعنى أن الأمر الذي كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر ، وإن كان عينا واحدة في الصور النوعية والحقيقة ، لكن الذي هو حلال في شرع ليس بعينه ذلك الحرام الذي مضى في الشرع السابق بناء على أن كل شيء في كل آن خلق جديد ، ولا تكرار في التجلي كما ذكر غير مرة .
 

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:27 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 18:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :                                         الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)
 
قال رضي الله عنه :  (فكان موسى ، عليه السلام ، كما قالت امرأة فرعون فيه : " إنه قرة عين لي ولك عسى أن ينفعنا " . وكذلك وقع : فإن الله نفعهما به ، عليه السلام ، وإن كانا ) أي ، فرعون وامرأته .
قال رضي الله عنه :  ( ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله . ولما عصمه الله من فرعون : " أصبح فؤاد أم موسى فارغا ". من الهم الذي كان قد أصابها . ) ظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  (ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته، ليكمل الله لها سرورها به.) أي ، من جملة الاختصاصات والنعم التي كان في حق موسى وأمه أن الله حرم عليه المراضع حتى لا يقبل إلا ثدي أمه ، فإن الطفل لا يوافقه شئ مثل لبن أمه 
فجعل رضاعته وربوبيته على يد أمه ليكمل الله لها سرورها بولدها .
 
قال رضي الله عنه :  ( كذلك علم الشرائع ، كما قال تعالى : "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ". أي ، طريقا ومنهاجا من تلك الطريقة جاء . فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء . ) ولما كان اللبن صورة العلم - كما أوله رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في رؤياه به - مثل وشبه تعليم الشرائع بتحريم المراضع .
أي ، كما حرم أن لا يشرب موسى لبن أحد غير أمه التي هي أصله ، كذلك علم الشرائع من لدنه ، وجعله نبيا صاحب شريعة غير متابع لشريعة غيره ، فكان يأخذ الشريعة والعلم من الله منبع العلوم ومحتد الشرائع ، وكان يكلمه كفاحا ، أي ، من غير حجاب .
 
ثم ، استدل بقوله : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) . وفسر (الشرعة) بالطريق ، و (المنهاج) أيضا هو الطريق . لكن لما يوقف عليه ، يصير منهاجا ،
فشبهه بالكلمتين : إحديهما : ( منها ) ، والآخر : ( جاء ) .
فأخذ عليهما وفسر بقوله : أي من تلك الطريقة جاء . فصار قوله منهاجا إشارة إلى الأصل الذي منه جاء ونزل إلى هذا العالم ، وليس إلا الحق ، فإنه منه بدأ كل شئ وإليه يعود ، فهو المبدأ والمعاد .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو غذاؤه ، كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله . ) أي ، فالأصل الذي منه جاء موسى وحصل في هذه النشأة العنصرية هو غذاؤه ، لا يتغذى إلا منه .
أي ، لا يستفيض المعاني وما به قوامه ولا يجد المدد إلا من أصله ، كما أن فرع الشجرة لا يتغذى ولا يجد المدد إلا من أصله .
ولما جعل الأصل غذاءا للفرع ، والغذاء قد يكون حلالا وقد يكون حراما ، نقل الكلام إليهما

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء. فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)

 
قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى عليه السّلام كما قالت امرأة فرعون فيه :قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا [ القصص : 12 ] ، وكذلك وقع ؛ فإنّ اللّه نفعهما به عليه السّلام ، وإن كانا ما شعرا بأنّه هو النّبيّ الّذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله ، ولمّا عصمه اللّه من فرعونوَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [ القصص : 10 ] من الهمّ الّذي كان قد أصابها ، ثمّ إنّ اللّه حرّم عليه المراضع حتّى أقبل على ثدي أمّه فأرضعته ليكمّل اللّه لها سرورها به ) .

قال رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السّلام كما قالت امرأة فرعون : فيه" قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ") [ القصص :9 ]
، (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) [ القصص : 9 ] ، ويظل زعم من قال : إنه لم ينفعه ؛ لأنه رد قولها عليها ، وقال : لك لا لي ؛ لأنه ( كذلك وقع ) ، وكذا بطل قول من قال : إن كمالها كان عند إيمانها ، وكان إيمانها عند غلبة موسى السحرة ،

فنقول : إنها إنما أظهرت الإيمان عند ذلك ، وكانت مؤمنة قبله ؛ لكونها من بني إسرائيل من أولاد الأنبياء ، لكن أخفت الإيمان عليهم لما غلب عليها الحال فأظهرت ، ثم إن رد الناقص قول الكامل لا يبطله بالكلية ، فيكفي أن يبطل النفع الدنيوي عنه .
ثم استشعر سؤالا بأنها لو قالت عن اطلاع لاطلعت على نبوته ، وعلمت أنه النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون ؟

فأجاب : إن المنطق من النطق الإلهي لا يلزم أن يشعر بما ينطق به فضلا عما لا ينطق ؛
فقال رضي الله عنه  : ( وإن كانا ما شعرا بأنّه هو النّبيّ الّذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله ) ، ومن اطلع على أمر غيبي لا يلزم أن يطلع على جميع الأمور الغيبية ؛ فإنه لا يظهر على غيبه الكلي أحد إلا من ارتضى من رسول ،
هذا ما جعله الشيخ رحمه اللّه في هذا الكتاب مقتضى الظاهر من صدور هذا الإيمان منه ، مع عدم ما يدل على منع القبول ،ولم يجزم بذلك بل صرّح بأن أمره موكول إلى اللّه .

وقد مثّل به في « الفتوحات » المتكبر على اللّه من جملة المجرمين المخلدين في النار ، فقال في الباب الثاني والستين في مراتب أهل النار : وهؤلاء المجرمون أربع طوائف كلها في النار لا يخرجون منها ، وهم المتكبرون على اللّه كفرعون وأمثاله ممن ادعى الربوبية لنفسه ، ونفاها عن اللّه ،

فقال :يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي[ القصص : 38 ] ، وقال :أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى[ النازعات : 24 ] يريد أنه ما في السماء إله غيري ، وكذلك نمرود وغيره ، والطائفة الثانية المشركون ، وهم الّذين يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ[ الحجر : 96 ] ،

فقالوا :ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [ الزمر : 3 ] ، وقالوا :أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ[ ص : 5 ] ، والطائفة الثالثة المعطلة ، وهم الذين يقولون الأشياء جملة واحدة ، فلم يثبتوا إلها للعالم ، ولا من العالم ، والطائفة الرابعة هم المنافقون ، وهم الذين أظهروا الإسلام من إحدى هؤلاء الطوائف الثلاث للقهر الذي حكم عليهم ، فخافوا على ذمامهم ، وذراريهم ، وأموالهم ، وهم في نفوسهم على ما هم عليه من اعتقاد هؤلاء الطوائف الثلاث ، انتهى


ووجه التوفيق بين كلاميه من وجوه :
الأول : أن كلام الفتوحات على تقدير عدم إتيانه بالإيمان الذي أتى به عند الغرق .
الثاني : أنه على تقدير عدم قبول ذلك الإيمان على مذهب الجمهور .
والمثال الغرضي كان الثالث أن مذهب الشيخ هو مذهب الجمهور ،
لكنه مهما طالب الدليل على عدم قبوله كما يشعر به كلامه في آخر هذا النص ، وإنما أورد ذلك ؛ ليشعر أن النصوص لا دلالة لها على عدم قبول إيمانه ، ولا على خلوده في النار ، ولا على أن مؤاخذته الأخروية على الكفر ،
بل إما أن يدل على كفره وطغيانه قبل هذا الإيمان ، أو على مؤاخذته الدنيوية على ذلك الكفر ، وهو لا يستلزم المؤاخذة الأخروية إذا حصل الإيمان قبل مشاهدة أحوال الآخرة ومكاشفة عالم الملكوت ، والاعتقاد الواجب هاهنا موافقة الجمهور للمقلد سيما والشيخ غير جازم ، وكذا للمجتهد والمكاشف أو لم يثبت الإجماع .


فقد رأيت في بعض الرسائل ينقل الخلاف عن بعض المفسرين ، وعن « شعب الإيمان » للبيهقي ، وعن جماعة من العلماء ، فحينئذ يجوز للمجتهد أن يقول بقول إيمانه إذا أدى اجتهاده إلى ذلك ، وكذا لمن كوشف ،
ولكن الأولى في حقّه تفويض الأمر إلى اللّه ؛ لأنه قد كوشف غيره بخلافه ، وعلى تقدير الإجماع لا يصح الاعتماد على الكشف ، كما لا يجوز على الاجتهاد ؛ لأن الإجماع دليل قطعي لا ابتلاء فيه ، والمكاشف قد يكافأ على خلاف الدليل الشرعي ابتلاء ، ولا يجوز له العمل بذلك
كما قاله الشيخ رحمه اللّه في مواقع النجوم ،
والاعتقاد أشد من العمل ؛ لأن العمل يجوز بالدليل الظني ، ولا يجوز الاعتقاد به ، وهاهنا أبحاث طويلة عريضة عميقة يأتي ذكرها في آخر هذا النص إن شاء اللّه تعالى .
ولما فرغ عن بحث كونه قرة عين لامرأة فرعون ولفرعون أيضا ، شرع في بيان كونه قرة عين لأمه ،

فقال رضي الله عنه  : ( ولما عصمه اللّه من ) قتل ( فرعون وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاًمن الهم الذي قد كان أصابها ) من توهم غرق التابوت ، أو خروجه عن حد مصر ، ومن توهم قتل فرعون الذي كانت تهرب منه ، ولا ينافي هذا التأويل قوله من بعده " إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها" [ القصص : 10 ] ؛ لأن ذلك كان قبل التقاط فرعون أو استيفائه عن قول امرأته ، وهذا بعد العصمة عن قتله ، وذلك أن الشيطان أنساها الوحي الذي أوحى اللّه إليها حين أمرها أن تلقيه في اليم :"وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي" [ القصص : 7 ] ، والعهد الذي عهد أن يرده إليها ، ويجعله من المرسلين ، فجاءها الشيطان ،
وقال : كرهت أن يقتل فرعون ولدك ، فيكون لك أجره وثوابه ، وتوليت أنت قتله فألقيته في البحر وأغرقتيه .

ولما أتاها الخبر بأن فرعون أصابه في النيل ، قالت : إنه وقع في يد عدوه الذي فررت منه ، فأنساها عظيم البلاء ما كان من عهد اللّه إليها ، ثم إنه كان لها غم الفراق ، فأشار إلى إزالته بقوله رضي الله عنه  : ( ثم إن اللّه حرم عليه المراضع ) فلم يقبل على ثدي مرضعة ( حتى ) جيء بأمه ، فلما رآها ( أقبل على ثدي أمه ، فأرضعته ) ، فعينها اللّه لرضاعته ؛ ( ليكمل اللّه لها سرورها ) بعد ما حصل لها السرور من زوال ما أصابها من الهم ( به ) ، أي : بهذا الإرضاع الموجب لرده إليها بحسب الوعد الإلهي .

قال رضي الله عنه :  ( كذلك علم الشّرائع ، كما قال تعالى : "لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً" أي : طريقا وَمِنْهاجاً [ المائدة : 5 ] ، أي : من تلك الطّريقة جاء ، فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الّذي منه جاء ، فهو غذاؤه كما أنّ فرع الشّجرة لا يتغذّى إلّا من أصله ).

ثم أشار إلى أن تغذي القلب والروح بالشرع ، كتغذي البدن بالرضاع في الإحياء والتنمية والتقوية ؛ فقال رضي الله عنه  : ( كذلك ) ، أي : مثل الرضاع ( علم الشرائع ) ، فتحريمها من غير أمه إشارة إلى تحريم غير الشريعة المخصوصة بكل طائفة عليها ، ( كما قال تعالى :لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ،) وأشار بطريق الإشارة إلى سبب هذا الاختصاص بقوله : (وَمِنْهاجاً ) [ المائدة : 5 ] ، فإنه وإن كان معناه بطريق العبارة الطريق الواضح ،

فهو إشارة إلى ما ذكرنا أيضا ، ( أي : من تلك الطريقة جاء ) كأنه مركب من جاء بخلاف الهمزة بالتخفيف ومن منها ، والضمير إلى الشريعة ، ( فكان هذا القول ) باعتبار مشابهته ياء لفظا ( إشارة إلى ) أن اختصاص كل طائفة بشرعة ؛ لأنها ( الأصل الذي منه جاء ) كل فرد من تلك الطائفة ؛ لكونه في استعداد عينه الثابتة ، وهو الاستعداد منه ، فجيء كل شخص في الخارج في أصل الوجود ، وفي تحصيل الصفات الكمالية التي من جملتها التعبد بالشريعة المخصوصة .

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي : التعبد بتلك الشرعة ( غذاؤه ) سيما من جهة كونه من أصله ؛ فإنه أتم المغذيات في المتغذي الأول وهو النبات ، وإليه الإشارة بقوله ، ( كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله ) ؛ ولذلك يصب الماء في السقي على أصولها لا على أغصانها وساقها ؛ ولاختلاف الأصول اختلفت الشرائع .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء. فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)

قال رضي الله عنه  : ( فكان موسى كما قالت امرأة فرعون فيه ) منطقا بالنطق الإلهي  :(إنّه " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " ، " عَسى أَنْ يَنْفَعَنا "  وكذلك وقع ، فإنّ الله نفعهما به ، وإن كانا ما شعرا بأنّه النبيّ الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله ) .


ردّ موسى إلى امّه
( ولما عصمه الله من فرعون ) وإجراء أحكامه الخاصّة به عليه ، من الانقهار تحت ظلمته الطبيعيّة وإبادة ما عليه جبلَّة موسى من الأنوار الكماليّة العلميّة ( " أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى " ) التي ألقاه في التابوت ، فألقاه في اليمّ - ( " فارِغاً "  من الهمّ ) مطلقا ، عن الهويّات المقيّدة له من ( الذي كان قد أصابها ) قبل ، فما تقيّد بشيء ممّا كان مقيّدا به قبل تلك العصمة ، فتأكَّد بهذه الفراغة والإطلاق الباطني رقيقة النسبة بينها وبين ابنها .
وقد عرفت أنّ امّ موسى هي عبارة في سياقه هذا عن الصورة الفصليّة التي بحملها وفصالها تتحقّق الحقيقة الكليميّة ، وذلك مبدأ صنوف الكمالات العلميّة ومولد جملة اللطائف الإدراكيّة ، فمن أفراد تلك الحقيقة الكماليّة من اغتذى عند الرضاع بغير ما أرضعته امّه التي منها فصاله ، وذلك من جهة تقيّد قابليّته وعدم فراغ امّه فممّا اختصّ به موسى فراغها وإطلاقها الذي به كملت النسبة بينها وبين ابنها .

قال رضي الله عنه  : ( ثمّ إنّ الله حرّم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمّه ، فأرضعته ، ليكمّل الله لها سرورها به ) وانبساطها منه ، حتى يظهر به سائر الحقائق العلميّة من المعارف الإلهيّة .


الشرائع
قال رضي الله عنه  : ( كذلك علم الشرايع ) الكاشفة عن أصل الأمر كلَّه ، فإنّه يبيّن أحكام أفعال الإنسان الذي هو الآخر في تنزّلات الوجود ونهايتها ، وقد عرفت مرارا أنّ الأول هو الآخر عينا ، والنهاية هو البداية حكما ، ( كما قال : " لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً " ) أي طريقا نشأ منكم (" وَمِنْهاجاً " أي من تلك الطريقة جاء ) الكل ، ( فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي جاء منه )
الكل ، يعني القابليّة الأولى التي هي الامّ ، ومنها يغتذي الجميع وبها يقوم أمرهم ( فهو غذاؤه ، كما أنّ فرع الشجرة لا يتغذّى إلا من أصله ) ، وهو مزاج واحد لا اختلاف فيه أصلا ، فالاختلاف إنّما ظهر بالمغتذي عند تفنّن مقتضياته وتشعّب جهات وجهته وطرق نباته ،

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.   
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.  فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء. فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.)

قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى عليه السّلام كما قالت امرأة فرعون فيه :قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا [ القصص : 12 ] .  وكذلك وقع فإنّ اللّه نفعهما به عليه السّلام وإن كانا ما شعرا بأنّه هو النّبيّ الّذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله . ولمّا عصمه اللّه من فرعون وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [ القصص : 10 ] من الهمّ الّذي كان قد أصابها . ثمّ إنّ اللّه حرّم عليه المراضع حتّى أقبل على ثدي أمّه فأرضعته ليكمّل اللّه لها سرورها به . كذلك علم الشّرائع ، كما قال تعالى :لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً أي طريقا )

قال رضي الله عنه :  (فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه إنه قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا وكذلك وقع فإن اللّه نفعهما به عليه السلام وإن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله . ولما عصمه اللّه من فرعون وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [ القصص : 10 ] من الهم الذي كان قد أصابها ثم إن ) من جلة الاختصاصات والنعم التي كانت في حق موسى وأمه أن ( اللّه حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل اللّه سرورها به كذلك ) ، أي كما حرم اللّه عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه

 كذلك ( حرم على الشرائع ) التي نسخت بشريعته عليه حتى أقبل على الأصل الذي منه جاء ( كما قال تعالى : لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً) ، أي طريقة
قال رضي الله عنه :  ( وَمِنْهاجاً [ المائدة : 5 ] . أي من تلك الطّريقة جاء . فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الّذي منه جاء . فهو غذاؤه كما أنّ فرع الشّجرة لا يتغذّى إلّا من أصله. )

 
قال رضي الله عنه :  ( ومنهاجا ) فسر الشريعة بالطريق والمنهاج أيضا هو الطريق ، لكن عند الوقف يصير منهاجا فتشبه الكلمتين إحداهما منها والأخرى جاء فيمكن أن يفهم من يفهم لسان الإشارة المعنى الذي ذكره ، وفهم هذا المعنى لا يتوقف على قراءة بعض القراء جاء بالمد ،

ولهذا قال رضي الله عنه  : ( أي من تلك الطريقة جاء فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء ) ، إلى هذا العالم وليس إلا الحق ( فهو ) ، أي الأصل الذي منه جاء هو ( غذاؤه ) ، أي ما يتغذى منه ( كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله ) ولما أشار إلى أن شريعته نسخة الشرائع الأخر وذلك النسخ لا يكون إلا بتحليل ما كان حراما يكون بعينه حلالا .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:28 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 18:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الحادية عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه.).


 قال رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصّورة : أعني قولي يكون حلالا ، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى ، لأنّ الأمر خلق جديد ولا تكرار . فلهذا نبّهناك . فكنّى عن هذا في حقّ موسى بتحريم المراضع . )
 
قال رضي الله عنه :  (فما كان) من أفعال المكلفين (حراما في شرع) من الشرائع الماضية (يكون) ذلك الفعل (حلالا في شرع آخر) غير الشرع الأوّل (يعني) بذلك الفعل أنه عين الأوّل في مثل الصورة الأولى لا أنه عين الفعل الأوّل المحكوم عليه أوّلا من حيث كليته بكونه حراما حكم عليه ثانيا بأنه حلال إلا من حيث صورته (أعني) بكونه في الصورة (قولي يكون حلالا) ، وهو ذلك الفعل الكلي المحكوم عليه بالحرمة .
 
قال رضي الله عنه :  (وفي نفس الأمر ما هو) ، أي المحكوم عليه بالحل ثانيا (عين ما مضى) فحكم عليه بالحرمة أوّلا لأن الأمر الإلهي دائما ("خلق جديد") بالصورة المتشابهة ولا تكرار في ذلك الخلق الجديد بل كان لمحة يذهب الأمر بخلق ويأتي بخلق آخر غير الأول (فلهذا) ، أي لكون الأمر كذلك (نبهناك) يا أيها السالك على ما ذكرناها هنا .
 
قال رضي الله عنه :  (وكنّي) بالبناء للمفعول ، أي كنى اللّه تعالى (عن هذا) الأمر الذي هو اختلاف الشرائع للأمم فكل جاءت شريعتها ممدة لها لأنها أصلها فهي ترضعها وتغذوها وقد حرم عليها غيرها في حق موسى عليه السلام بتحريم المراضع عليه ، لأنه يأتي بشريعة ناسخة للشرائع قبله فشريعته هي أمه التي ترضعه بطريق الإشارة .
 
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمّه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته ، فإنّ أمّ الولادة حملته على جهة الأمانة فتكوّن فيها وتغذّى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان ، فإنّه ما تغذي إلّا بما لو لم يتغذّ به ولم يخرج عنها ذلك الدّم لأهلكها ، وأمرضها ، فللجنين المنّة على أمّه بكونه تغذّى بذلك الدّم فوقاها بنفسه من الضّرر الّذي كانت تجده لو امتسك هذا الدّم عندها ولا يخرج ولا يتغذّى به جنينها والمرضعة ليست كذلك . فإنّها قصدت برضاعته حياته وإبقاءه . )
 
قال رضي الله عنه :  (فأمه في الحقيقة هي من أرضعته) ، لأنها تغذيه بجزء منها ولهذا حرمت عليه المراضع لئلا ينتسب إلى غير أمه التي ولدته ، فيفوت حظها منه وقد تعبت في حمله ووضعه وحمل همه وحزنه خوفا من أذية فرعون ، فهي أحق به من غيرها ؛ ولهذا قال تعالى :فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ[ طه : 40 ]
(لا) أمه في الحقيقة (من ولدته فإن أم الولادة حملته) ، أي ولدها فهو (على جهة الأمانة) فيها لأبيه لا لها كما قال تعالى :ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ[ الأحزاب : 5 ] ، وقال تعالى :وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ[ البقرة : 233 ] ،
وقال تعالى :وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها[ هود : 6 ] وهو الموضع الذي تستقر فيه ، أي تسكين ومستودعها ، أي الموضع الذي أودعت فيه وهو رحم أمها فيرزقها ولا ينساها .
 
قال رضي الله عنه :  (فتكوّن) بالتشديد ، أي أنشىء وخلق (فيها) ، أي في أمه يعني في بطنها (وتغذى) ، أي اقتات (بدم طمثها) بالمثلثة ، أي حيضها ، ولهذا كانت الحامل لا تحيض ، وما رأته من الدم من زمن حملها فهو استحاضة وليس بحيض ، لأن الجنين يأكل دم الحيض في بطنها (من غير إرادة لها) ، أي لأمه (في ذلك) ، أي في التغذي بدمها (حتى لا يكون لها )، أي للام (عليه) ،
 
أي على ولدها (امتنان) ، أي فضل وإنعام بذلك (فإنه) ، أي الجنين (ما تغذى) في بطن أمه (إلا بما) ، أي بدم (لو لم يتغذ ذلك) الجنين (به و) لو (لم يخرج عنها) ، أي عن الأم (ذلك الدم) الفاسد المحتبس في رحمها (لأهلكها) باستيلائه على قلبها (وأمرضها) بأمر آخر من أمور تصرفه في بطنها .
 
قال رضي الله عنه :  (فللجنين المنة) ، أي الفضل (على أمه) الحاملة به (بكونه) ، أي الجنين (تغذى بذلك الدم) في رحمها ولم يتركه يضرها (فوقاها) ، أي حفظ أمه (بنفسه) حيث أكل دمها (من الضرر الذي كانت) ، أي أمه (تجده لو امتسك) بالبناء للمفعول أي بقي (ذلك الدم عندها) في بطنها (ولا) كان (يخرج) منها ولا كان (يتغذى به) ، أي بذلك الدم (جنينها والمرضعة) للولد (ليست كذلك) ، أي ما هي كأم الولادة (فإنها قصدت برضاعته) لبنها الذي هو جزء منها (حياته) ، أي الولد (وإبقاءه) في الدنيا بوصف الصحة والعافية .
 
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه.).


قال رضي الله عنه :  (  فما كان حراما في شرع يكون ) عين ما كان ( حلالا في شرع آخر ) كما أن ما كان حراما لموسى من المراضع يكون حلالا لآخر .
 
قال رضي الله عنه :  ( يعني في الصورة أعني قولي يكون حلالا ) أي عينيته الحلال والحرام لا يكون إلا في الصورة ( وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى لأن الأمر خلق جديد ولا تكرار ) في نفس الأمر فالخمر الحرام في شرعنا هو عين الخمر المباح في شرع آخر في الصورة وأما في نفس الأمر فليس ما كان حراما في شرع يكون عين ما كان حلالا في شرع آخر.
 
 قال رضي الله عنه :  ( فلهذا ) أي فلأجل كون الأمر خلقا جديدا ( نبهناك فكنى ) الحق ( عن هذا في حق موسى ) إشارة إلى قوله فما كان حراما وإلى قوله لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ أو إلى قوله كذلك علم الشرائع .
 
قال رضي الله عنه :  ( بتحريم المراضع فأمه ) أي أم الولد ( على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون ) من التكون ( فيها ) أي في رحم الأم ( وتغذى بدم طمثها ) وهو دم الحيض ( من غير إرادة لها في ذلك ) التكون والتغذي ( حتى لا يكون عليه امتنان فإنه ) أي الشأن ( ما تغذى إلا بما أنه ) أي الشأن .
 
قال رضي الله عنه :  ( لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو أمسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها والمرضعة ليس كذلك فإنها قصدت برضاعته وحياته وبقائه ) وقد أشار بذلك أن الأنبياء والمرشدين والمعلمين مرضعة العلم للناس قال الرسول : « أنا أب الأرواح وأم الأشياء » وهو أم ولادة وأم مرضعة كما كان أم موسى .
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. ).  
 
قال رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد ولا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها. فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. ).  


كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. ).


قال رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة ، أعني قولي : يكون حلالا  وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى ، لأنّ الأمر خلق جديد ولا تكرار ، ولهذا نبّهناك ، فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع ).
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ اللبن الذي يرضعه كل مولود وإن كان في الصورة عينا واحدة هو اللبن ، ولكن لبن شخص دون شخص ما هو عين ذلك اللبن ،
وكذلك الشريعة التي جعلها الله لنبيّ وجبله عليها هي التي يأخذها ذلك النبيّ دون غيرها ، فإنّ الشرائع وإن كانت كلَّها منزلة من عند الله ولله ، ولكن لكل أحد شرعة منها شرع في طلب الحق والتوجّه إليه ، ومنها جاء في الأصل .
 
وأمّا تنزيل تحريم المراضع على حقيقتها في الروح الإنساني من البدن ، فهو أنّ لكل نفس نفس مزاجا خاصّا يناسبها ، لا يليق إلَّا لها في ثاني حصول كمالاتها لها في هذا المزاج الخاصّ ، فيكون محرّما على الأرواح الزاكية الكاملة الطاهرة أن يتغذى بالقوّة المخالفة للقوى الروحية وهي الهوى والشيطان والنفس ، وصور هذه القوى هي التي حرّمت على موسى مراضعها من نساء أهل فرعون ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه  : ( فأمّه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته ، فإنّ أمّ الولادة حملته على جهة الأمانة ، فيكوّن فيها ويغذّي بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك ، حتى لا يكون لها عليه امتنان ، فإنّه إنّما يتغذّى بما لو لم يتغذّ به ولم يخرج عنها ذلك الدم ، لأهلكها وأمرضها ، فللجنين المنّة على أمّه بكونه تغذّى بذلك الدم ، فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولم يخرج ولم يتغذّ بها جنينها ، والمرضعة ليست كذلك ، فإنّها قصدت برضاعته حياته وإبقاءه )
 
قال العبد : الأرواح الكاملة التي للكمّل كما أنّها أبناء أرواح كاملة كلية ، فكذلك أمزجتهم العادلة الفاضلة إنّما تكون من حقائق كلية طبيعية تامّه معتدلة مشاكلة لها في مظهرية الكمالات الإلهية المطلوبة منها ، وتلك الهيئة الاجتماعية - الفاصلة بين هذه الحقائق الطبيعية العادلة التي استجلبت واستدعت تعيّن الفيض الإلهي الكامل والروح الإنساني الفاضل إن كانت تربية الروح بعد التعين فيها أيضا بها وبحسبها ، كانت التربية أنسب وبالكمالات المطلوبة منها أشكل وأكمل ، وكذلك كانت أمّ موسى من بني إسرائيل مؤمنة موحّدة أوحي إليها بشهادة الله في القرآن بقوله :   " أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى " الآية فأراد تكميل تربيته وانتشائه عليه السّلام على يديها رحمة وامتنانا بهما جميعا ، من حيث تشعر أمّه ولا يشعر هو إذ ذاك بذلك .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر ، يعنى في الصورة ، أعنى قولي يكون حلالا ، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى لأن الأمر خلق جديد ولا تكرار ، فلهذا نبهناك ) .
 
يعنى أن الأمر الذي كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر ، وإن كان عينا واحدة في الصور النوعية والحقيقة ، لكن الذي هو حلال في شرع ليس بعينه ذلك الحرام الذي مضى في الشرع السابق بناء على أن كل شيء في كل آن خلق جديد ، ولا تكرار في التجلي كما ذكر غير مرة .
 
( وكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع ) فإن اللبن صورة العلم النافع أعنى علم الشريعة الذي هو غذاء الروح الأخص حتى يكمل .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته ، فإن أم الولادة حملته على وجه الأمانة فتكون فيها ، وتغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان ، فإنه ما تغذى إلا بما أنه لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها ، فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم ، فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها ، والمرضعة ليست كذلك فإنها قصدت برضاعته حياته وإبقاءه )
 
فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته أي عن الطبيعة بالمفارقة الكلية بل خرق حجابها بالتجرد عنها عن غواشيها إلى عالم القدس ، كما قال تعالى :" فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ " ،  
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. ).


بقوله رضي الله عنه  : ( فما كان حراما في شرع، يكون حلالا في شرع آخر ، يعنى في الصورة : أعني قولي يكون حلالا. وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد ولا تكرار . فلهذا نبهناك . ) أي ، الذي كان حراما في شريعة ثم صار حلالا في شريعة أخرى ، أو بالعكس ، ليس إلا بحسب الصورة .
وأما في نفس الأمر ، فليس هذا الحلال عين ما كان حراما ، لأن الخلق لا يزال جديد ولا يقع التكرار في التجلي أبدا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع . ) ( عن هذا ) إشارة إلى قوله : ( كذلك علم الشرائع . )
 أي ، كنى عن علم الشرائع في حق موسى بتحريم المراضع ، أي ، أرضعته أمه الحقيقي التي ولدته ، لا غيرها .
 
وإرضاعها إشارة إلى ربوبية الذات الإلهية بإعطائه العلم الشرعي ليجعله نبيا بين عباده .
وتحريم إرضاع غير أمه ، إشارة إلى عدم تحققه بعلوم ما يتعلق بالولاية وأسرار الباطن ، إذ كان الغالب عليه علوم ما يتعلق بالنبوة والظاهر ، لذلك قال له الخضر ، عليه السلام : ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ) .
وقيل : قال له الخضر : إن الله قد أعطاك علما لم يعطني إياه ( وهو علم الظاهر ) ، وأعطاني علما لم يعطك إياه . ( وهو علم الباطن ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فأمه ) أي ، فأم الولد . وليس المراد به موسى ، لأنه ما أرضعته غير أمه ، بل أورده تحقيقا لحق المرضعة على الولد .
لذلك قال : فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته بعد هذا التحقيق ( على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته ، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة ، فتكون فيها وتغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان ، فإنه ما تغذى إلا بما أنه لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم ، لأهلكها وأمرضها .

فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها . والمرضعة ليست كذلك ، فإنها قصدت برضاعته حياته وإبقائه .) أي ، قصدت برضاعها للولد حياته . فالإضافة إضافة إلى المفعول.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:30 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 18:33 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الحادية عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها. والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. ).


قال رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصّورة ، أعني : قولي يكون حلالا ، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى ، لأنّ الأمر خلق جديد ولا تكرار .  فلهذا نبّهناك ، فكنّى عن هذا في حقّ موسى بتحريم المراضع ، فأمّه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته ، فإنّ أمّ الولادة حملته على جهة الأمانة فتكوّن فيها وتغذّى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتّى لا يكون لها عليه امتنان ، فإنّه ما تغذّى إلّا بما لو لم يتغذّ به ولم يخرج عنها ذلك الدّم لأهلكها ، وأمرضها ، فللجنين المنّة على أمّه بكونه تغذّى بذلك الدّم فوقاها بنفسه من الضّرر الّذي كانت تجده لو امتسك هذا الدّم عندها ولا يخرج ولا يتغذّى به جنينها والمرضعة ليست كذلك ؛ فإنّها قصدت برضاعته حياته وإبقاءه ) .
 
( فما كان حراما في شرع ) لتضرر أهله به بحسب استعدادهم الذي هو أصلهم ،
 
قال رضي الله عنه :  ( يكون حلالا في شرع آخر ) ؛ لانتفاع أهله به بحسب استعدادهم ، وليس هذا من البلاء ، أو تبدل القول في شيء ؛ لأنه إنما يتصور في المتحد من كل وجه ، ولا اتحاد هاهنا من كل وجه ، بل ( نعني ) بصيرورة الحرام ( حلالا ) ما اتحدا في الصورة ، ولا يلزم منه الاتحاد بالشخص ، بل غايته الاتحاد بالنوع ، فإن اتحدا بالشخص ، فليس ذلك اتحادا من كل وجه ، إذ الحاضر .
 
قال رضي الله عنه :  ( في نفس الأمر ما هو عين ما مضى ) من كل وجه ؛ لأنه إنما يتصور عند اتحاد الذات وجميع العوارض ، لكن العوارض متجددة بالامتثال ؛ ( لأن الأمر خلق جديد ) ، فإن قلنا بإعادة المعدوم ، فليس الثاني عين الأول من كل وجه ، إذ من عوارض الأول زمانه ، ولا يمكن إعادته ؛ ولذلك قلنا : ( لا تكرار ) في التجلي ، وإذا وجب اختلاف الشرائع مع أن حلال شريعة ليس عين حرام الأخرى مع اتحادهما بالشخص أو النوع .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا نبهناك ) لئلا تتحير حيرة اليهود بعد ما نبّههم اللّه في حق موسى عليه السّلام ، ( فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع ) مع تحليلها لغيره ، ففيه إشارة إلى أن له شريعة مختصة ليست لغيره ، وكذا لكل رسول بعده ، وإذا كان الرضاع بظاهره مفيدا لإحياء البدن ، وتنميته وتقويته ، وبباطنه مفيدا لإحياء الروح والقلب ، وتنميتهما وتقويتهما بالشرائع ،
 
قال رضي الله عنه :   ( فأمه على الحقيقة من أرضعته ) إحدى الرضاعين ؛ لأن منهما الكمال المطلوب للبدن ، أو للروح والقلب ( لا من ولدته ) ، وإن كان لها أصل النشأة والتربية في البطن ، ( فإن أم الولادة ) في أمر النشأة حملته ( على جهة الأمانة ) نطفة من الوالد ، ولا كمال له فيه بالفعل ( فتكون فيها ) ، وهو وإن كان كمالا له بالفعل ، فلا يعتد به بدون بقائه ، وهو بالتربية ، والتربية التي منها لا تعتد بها ؛ لأنها بأن ( تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك ) ، والمنة اللازمة للتربية منوطة بها ، فنفيت الإرادة ( حتى لا يكون لها عليه امتنان )، بل يكون له عليها امتنان.
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه ما تغذى ) في بطنها ( إلا بما ) أنه ( لو لم يتغذ به ) ، وأيضا ( لم يخرج ذلك الدم عنها لأهلكها ) ، ولو لم يهلكها ( لأمرضها ، فللجنين ) في تربيتها إياه بهذا الوجه ( المنّة على أمه ) المربية له ؛ ( لكونه تغذى بذلك الدم ) ، إذ أفادها أتم مما استعاد منها ، ( فوقاها بنفسه ) من غير فعل لأمه ( من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ) ، وذلك الضرر ( بألا يخرج ) دم طمثها ؛ لانسداد الرحم ، ( ولا يتغذى به جنينها ) ، فيغلب الخلط الدموي على سائر الأخلاط ، فيبطل اعتدال مزاجها ، وهو موجب الهلاك أو المرض .
 
قال رضي الله عنه :  ( والمرضعة ليست كذلك ) أي : كألم الولادة استعادت أكمل مما أفادت ، ( فإنها قصدت برضاعته حياته وإبقاءه ) ، ولا شيء أجل منهما يستفيده من الرضع ، وإذا كانت المنة التامة للمرضعة لآلام الولادة مع أن لها عليه منة ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها. والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. ).


قال رضي الله عنه  : ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة ) التي هي ثمرة شجرة الظهور ، وأنهى ما يتفرّع على الأصل من فنون مراتبه وصنوف تنوّعاته .
 
وبيّن أن الأحكام الشرعيّة لا تظهر لها صورة محسوسة إلَّا في مرتبة الكلام ، فقال مفصحا عنه : ( أعني قولي يكون حلالا ) والفعل الذي هو معروض الحلَّية التي ظهرت بهذا القول في زمانه ، غير ما هو معروض الحرمة فيما قبله منه ، كحرمة الجمع بين الأختين مثلا في شرعنا فإنّ تزويجهما في الشرائع المتقدمة كان حلالا، والأختان في تلك الشرائع غير الأختين في شريعتنا .
 
وبيّن أنّ الفعل - أعني التزويج - وإن كان واحدا في الصورتين صدقا ومفهوما ، ( و ) لكن ( في نفس الأمر ما هو عين ما مضى ، لأنّ الأمر خلق جديد فلا تكرار ) في الوجود أصلا ، كما سبق بيانه .
 
فعلم بذلك أنّ الغذاء له الوحدة الأصليّة ، وإن اختلفت الصور من المغتذي بحسب اختلاف الأزمنة وتباين مقتضياتها ، فإن نشوء كلّ أحد إنّما يتصوّر أن يكون مما حضر في وقته ، فلا يغتذي إلا من طرّيات لحوم زمانه ، ولا يحتظي إلا بيوانع أثمار أوانه ، وأما الاغتذاء من الأصل والارتضاع من امّ الولادة فليس حدّ كلّ أحد ( فلهذا نبّهناك ) على اختصاص موسى بذلك .
 
الأمّ من أرضعت ، لا من ولدت
قال رضي الله عنه  : ( وكنّى عن هذا ) الاختصاص ( في حق موسى بتحريم المراضع ، فامّه ) التي فرغ فؤادها له ( على الحقيقة من أرضعته ، لا من ولَّدته ، فإنّ امّ الولادة حملته على جهة الأمانة ، فتكوّن فيها ) بدون جعل منها ( وتغذّى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك ، حتى لا يكون لها عليه امتنان ، فإنّه ما تغذّى إلا بما لو لم يتغذّ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها فللجنين المنّة على امّه بكونه تغذّى بذلك الدم ، فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده ، لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذّى بها جنينها والمرضعة ليست كذلك ، فإنّها قصدت برضاعته حياته وإبقاءه ) .
 
تأويل الإيلاد والرضاع
ثمّ إنّ هاتين المدرجتين من الامّ في تربية الولد ، يمكن تطبيقها على ما نزلت عليه وأولت به من الحصّة الكماليّة المذكورة ، التي عبّر عن باطنها بالعلم ، وعن ظاهرها بالنطق ،
وذلك في الإنسان هي خصوصيّته المنفرد هو بها وذلك أنّ لها مرتبتين في تربية الحقيقة النوعيّة المتولَّدة عنها ، إحداهما عند حملها في بطون العقل إيّاه بتقويم مفهومه الحدّي العقلي وسائر ما يلزمه من النسب الاعتباريّة
 
التي لا تزال في بطون العقل مقصورا بها ، وبيّن أنّ ذلك التقويم والتصوير من فضلات تلك الحصّة الكماليّة ، حيث أنّها لو لم تصدق على الجنين العقلي وتتّحد بها لأهلكت تلك الطبيعة وبطلت عن وحدتها الوجوديّة ،
وذلك التقويم والاغتذاء إنما هو في العقل من غير اختيار لتلك الحصّة فيه ، فإنّ ذلك قبل ظهورها في العين ،
والأخرى عند فصالها في الأفراد الخارجيّة التي لذلك النوع ، بتكميل تلك الحصّة في عينها إيّاها ، وإظهار آثارها الكماليّة فيها من العلم الذي هو الحياة الحقيقة والبقاء السرمدي ، كما أشار إليه في تربية المرضعة .
 
ثمّ إنّ الارتضاع من هذه الحصّة الكماليّة التي هي خصوصيّة هذا النوع وهو عبارة عن الاغتذاء بلبن العلم الجمعيّ القلبىّ ، الذي هو مؤدّى النطق الإنساني قلَّما يهتدي إليه الأولاد من أفراده ، ضرورة أنّ ذلك مما تفرّد به واحد بعد واحد من الكمّل فإنّ العامّة من أفراد هذا النوع يرتضعون بغير زوجة هذا النوع التي هي امّ الولادة لهم ،
فإنّهم إنّما يغتذون في مهد قبولهم باللذات الجسمانيّة وما يترتّب عليها في مداركهم الجزئيّة في طائفة ، وباللذات الروحانيّة وما يترتّب عليها في مداركهم الكليّة في أخرى وبيّن أنّ ذينك الغذائين لا يستفاضان من امّ ولادتهم - أعني النطق الإنساني والعلم الجمعي - بل من امّهات أخر أجنبيّات .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.  فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: 
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها. والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. ).


قال رضي الله عنه :  ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصّورة : أعني قولي يكون حلالا ، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى ، لأنّ الأمر خلق جديد ولا تكرار . فلهذا نبّهناك .  فكنّى عن هذا في حقّ موسى بتحريم المراضع . فأمّه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته ، فإنّ أمّ الولادة حملته على جهة الأمانة فتكوّن فيها وتغذّى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان ، فإنّه ما تغذّى إلّا بما لو لم يتغذّ به ولم يخرج عنها ذلك الدّم لأهلكها . ).
 
أشار إليه بقوله رضي الله عنه  : ( فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر ) ، وبالعكس ( يعني في الصورة أعني قولي يكون حلالا ) ، يعني حكم أن ما كان حراما يكون بعينه حلالا إنما هو في الصورة ، ( ولكن في نفس الأمر ما هو ) أي ليس الذي هو حلال آخر قال رضي الله عنه :  ( عين ما مضى ) وكان حراما ( لأن الأمر ) ، أي أمر الوجود
( خلق جديد ولا تكرار ) في المتجلي الوجودي مع الآنات فكيف مع الدهور والأعوام فليس أحدهما عين الآخر بل مثله ( ولهذا ) ، أي لأن الأمر خلق جديد ( نبهناك ) على أن الاتحاد بينهما إنما هو بحسب الصورة لا بحسب نفس الأمر ( فكنى ) اللّه سبحانه ( عن هذا ) ، أي عن عدم تغذيته إلا من أصله
قال رضي الله عنه :  ( في حق موسى بتحريم المراضع فأمه على الحقيقة من أرضعته ) وإن لم تك لا من ولدته ولم ترضعه وهذا بحسب الفرض والتقدير ، لأن ما أرضعته إلا أم ولادته وإنما قلنا أم الولد من أرضعته
قال رضي الله عنه :  ( لا من ولدته فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكوّن فيها وتغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان فإنه ما تغذى إلا بما أنه لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمرضها ، فللجنين المنّة على أمّه بكونه تغذّى بذلك الدّم فوقاها بنفسه من الضّرر الّذي كانت تجده لو امتسك هذا الدّم عندها ولا يخرج ولا يتغذّى به جنينها والمرضعة ليست كذلك . فإنّها قصدت برضاعته حياته وإبقاءه . )
 
ولأمرضها وللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها .
والمرضعة ليست كذلك فإنها قصدت بإرضاعه حياته وإبقاءه
فجعل اللّه ذلك لموسى في أم ولادته فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقرّ عينها بتربيته وتشاهد انتشاءه في حجرها ولا تحزن ونجاه اللّه من غم التابوت  ثم التابوت إشارة إلى ظلمة الطبيعة والنجاة منها إنما يكون بالعلم ؛

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:31 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 19:18 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثانية عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).


قال رضي الله عنه :  ( فجعل اللّه تعالى ذلك لموسى في أمّ ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلّا لأمّ ولادته لتقرّ عينها أيضا بتربيته وتشاهد انتشاءه في حجرها ،وَلا تَحْزَنَ [ طه : 40 ] .  ونجّاه اللّه تعالى من غمّ التّابوت ، فخرق ظلمة الطّبيعة بما أعطاه اللّه من العلم الإلهيّ وإن لم يخرج عنها . وفتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقّق في نفسه صبره على ما ابتلاه اللّه به .)

(فجعل اللّه تعالى ذلك) الأمر الذي في المرضعة (لموسى) عليه السلام (في أمّ ولادته) فكانت مرضعته دون غيرها فلم يكن لامرأة أجنبية عليه ، أي على موسى عليه السلام (فضل) ومنة إلا لأم ولادته حيث جعلها اللّه تعالى ترضعه لتقر عينها ، أي أم ولادته (أيضا بتربيته) كما قرت عينها بولادته وتشاهد انتشاءه ، أي كبره شيئا فشيئا (في حجرها) الحجر مثلث الحاء المهملة فالجيم الساكنة حضن الإنسان (ولا تحزن) عليه (ونجاه) ، أي سلم موسى عليه السلام (اللّه تعالى من غم التابوت) الذي وضعته أمه فيه بإلهام من اللّه تعالى ، وأما في إشارة التابوت .


(فخرق) موسى عليه السلام حجاب (ظلمة الطبيعة) الجسمانية (بما أعطاه اللّه تعالى) لروحه النورانية (من العلم الإلهي وإن لم يخرج) ، أي موسى عليه السلام (عنها) ، أي عن ظلمة طبيعته بالكلية لأنه بشر ولكن غلب عليها بنورانيته (وفتنه) ، أي فتن اللّه تعالى موسى عليه السلام فتونا مصدر مؤكد للفعل أي (اختبره) وامتحنه (في مواطن كثيرة) من أحوال الدنيا ووقائعها ليتحقق ، أي موسى عليه السلام يصير متحققا (في نفسه) ، أي نفس موسى عليه السلام (صبره) ، أي موسى عليه السلام مفعول يتحقق (على ما ابتلاه اللّه) تعالى (به) من أنواع البلاء فيكمل فيه مقام الصبر بالتحقق به في نفسه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأوّل ما ابتلاه اللّه قتله القبطيّ بما ألهمه اللّه ووفّقه له في سرّه وإن لم يعلم بذلك ، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقّف حتّى يأتيه أمر ربّه بذلك ، لأنّ النّبيّ معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتّى ينبّا أي يخبر بذلك .  ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكّر قتله القبطيّ فقال له الخضروَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي[ الكهف : 82 ] ينبّهه على مرتبته قبل أن ينبّأ أنّه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك وأراه أيضا خرق السّفينة الّتي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب . جعل له ذلك في مقابلة التّابوت الّذي كان في اليمّ مطبقا عليه . فظاهره هلاك وباطنه نجاة . )


قال رضي الله عنه :  (فأوّل ما ابتلاه اللّه) تعالى (به) من البلاء (قتله) ، أي موسى عليه السلام (القبطي) الذي هو من آل فرعون وكزه موسى عليه السلام فقضى عليه بما ألهمه اللّه تعالى فعل ذلك ووفقه ، أي أرشده له في سره ، أي قلبه وإن لم يعلم ، أي موسى عليه السلام بذلك ، أي أنه بإلهام له من اللّه تعالى وتوفيق ؛ ولهذا قال إنه من عمل الشيطان إنه عدو مضلّ مبين


قال رضي الله عنه :  (ولكن لم يجد) ، أي موسى عليه السلام في نفسه اكتراثا بالمثلثة ، أي استعظاما ومبالاة بقتله ، أي القبطي مع كونه ، أي موسى عليه السلام ما توقف في القتل حتى يأتيه أمر ربه ، تعالى له بذلك القتل بل بادر إليه بالإلهام والتوفيق لأن النبي معصوم ، أي محفوظ الباطن خصه ، لأنه منشأ الحركة الاختيارية من حيث لا يشعر بعصمة باطنه عن جميع المخالفات حتى ينبأ أي يخبر ، مبنيان للمفعول بذلك ، أي أنه معصوم الباطن .

قال رضي الله عنه :  (ولهذا) ، أي لكون الأمر كذلك أراه ، أي موسى عليه السلام الخضر عليه السلام قتل الغلام كما قال تعالى :حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ[ الكهف : 74 ] .
(فأنكر) ، أي موسى عليه ، أي على الخضر عليه السلام قتله ، أي الغلام كما قال تعالى : قال :أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً[ الكهف : 74 ] ولم يتذكر ، أي موسى عليه السلام قتله القبطي من قوم فرعون فقال له ، أي لموسى عليه السلام الخضر عليه السلام في آخر قوله ("وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي") [ الكهف : 82].
يعني بل عن أمر اللّه تعالى بذلك في باطن (ينبهه) ، أي يوقظ موسى عليه السلام (على مرتبته) وهي عصمته لما قتل القبطي قبل أن ينبأ ، أي يخبره اللّه تعالى (أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر) عن كل مخالفة لأمر اللّه تعالى (وإن لم يشعر بذلك) ، أي بكون الخضر عليه السلام ينبهه كما ذكر .


قال رضي الله عنه :  (وأراه) ، أي الخضر أرى موسى عليه السلام (أيضا خرق السفينة التي) ركبا فيها وهي (ظاهرها هلاك) ، لكل من فيها والقياس ظاهره ، أي خرقها
وتأنيث الضمير باعتبار المضاف إليه نحو قول الشاعر الأعشى :
وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدّم
"" والشاهد: أن كلمة «صدر» اكتسبت التأنيث من القناة، بالإضافة ولذلك أنّث الفعل المسند إليه وهو «شرقت» لأن المضاف يكتسب من المضاف إليه عشرة أشياء:
التعريف، والتنكير، والاستفهام، والشرط، والتأنيث والتذكير، والبناء، ومعنى الظرف من الزّمان والمكان، ومعنى المصدر .
المعنى : ينقطع كلامك في حلقك، يريد أنه ينقطع كلامك حتى لا تقدر على أن تتكلم لما تسمعه من هجائي لك، بسبب ما تذيعه وتنشره من السب والشتم لي .. كما شرقت صدر القناة
، يريد: أنّ الدم إذا وقع على صدر القناة وكثر عليها لم يتجاوز الصدر إلى غيره لأنه يجمد عليه، فأراد أنّ كلامه يقف في حلقه ولا يمكنه إخراجه كما يقف الدم على صدر القناة فلا يذهب. ""

 
وكذلك قوله رضي الله عنه  : (وباطنها نجاة) ، أي سلامة وخلاص (من يد الغاصب) ، وهو الملك الذي يأخذ كل سفينة غضبا (جعل له) ، أي لموسى عليه السلام (ذلك) ، أي السفينة التي خرقها (في (مقابلة التابوت له) ، أي لموسى عليه السلام الذي كان في اليم ، أي البحر (مطبقا) بصيغة اسم المفعول (عليه) ، أي على موسى عليه السلام فظاهره ، أي التابوت (هلاك) ، لأنه حبس لطفل صغير في داخل صندوق مقفل ، وقد ألقى في البحر (وباطنه) ، أي التابوت (نجاة) من الهلاك.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).

قال رضي الله عنه :  ( فجعل اللّه ذلك ) الرضاع ( لموسى في أم ولادته فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقرّ عينها أيضا ) كما تقرّ عين امرأة فرعون أو كما تقرّ عينها بعصمة اللّه عن الهلاك من فرعون لكون فؤادها فارغا من الهم .

قال رضي الله عنه :  ( بتربيته وتشاهد إنشاءه في حجرها ولا تحزن ونجاه اللّه ) أي ونجا اللّه روح موسى ( من غم التابوت ) أي موسى البدن ( فخرق ) موسى ( ظلمة الطبيعة بما أعطاه اللّه من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها ) أي عن الطبيعة بالكلية لكن نجى عن حجاب ظلمات الطبيعة

قال رضي الله عنه :  ( وفتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه اللّه به فأول ما ابتلاه اللّه به قتله القبطي بما ألهمه اللّه وو فقه له في سرّه وإن لم يعلم بذلك ) التوفيق ( ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا ) أي مبالاة ( بقتله مع كونه ما توقف ) أي ما صبر ( حتى يأتيه أمر ربه بذلك ) القتل وإنما قتله بإلهام اللّه وتوفيقه مع عدم العلم بذلك الإلهام والتوفيق (لأن النبي معصوم الباطن) عن الكبائر (من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك ) أي كونه معصوم الباطن


قال رضي الله عنه :  (ولهذا) أي ولأجل عدم شعور موسى بكونه معصوم الباطن ( أراه الخضر قتل الغلام وأنكر عليه ) أي أنكر موسى على الخضر ( قتله ) حيث قالأَ " قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً" ( ولم يتذكر ) موسى بقتل الخضر الغلام ( قتله القبطي ) فاحتاج إلى تنبيه آخر ( فقال له الخضر ما فعلته عن أمري ينبهه ) أي ينبه الخضر موسى عليهما السلام بقولهما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ( على مرتبته ) أي مرتبة موسى ( قبل أن ينبأ أنه ) أي الشأن ( كان ) موسى ( معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر ) موسى ( بذلك ) أي كونه معصوم الحركة فعلم موسى بذلك التنبيه أن قتله القبطي عن أمر إلهي ( وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاضب جعل ) الخضر ( له ) أي لموسى

قال رضي الله عنه :  ( ذلك )أي خرق السفينة ( في مقابلة التابوت له ) أي لموسى ( الذي كان في اليم مطبقا عليه فظاهره هلاك وباطنه نجاة).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).

قال رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن». ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به. فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك. ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب. جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).

كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده. فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).

قال رضي الله عنه :  ( فجعل الله ذلك لموسى في أمّ أولاده فلم يكن لامرأة عليه فضل إلَّا لأمّ ولادته لتقرّ أيضا عينها بتربيته وتشاهد انتشاءه في حجرها ولا تحزن ، ونجاها الله من غمّ التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها) .

قال العبد : الأرواح الكاملة التي للكمّل كما أنّها أبناء أرواح كاملة كلية ، فكذلك أمزجتهم العادلة الفاضلة إنّما تكون من حقائق كلية طبيعية تامّه معتدلة مشاكلة لها في مظهرية الكمالات الإلهية المطلوبة منها ، وتلك الهيئة الاجتماعية - الفاصلة بين هذه الحقائق الطبيعية العادلة التي استجلبت واستدعت تعيّن الفيض الإلهي الكامل والروح الإنساني الفاضل إن كانت تربية الروح بعد التعين فيها أيضا بها وبحسبها ، كانت التربية أنسب وبالكمالات المطلوبة منها أشكل وأكمل ، وكذلك كانت أمّ موسى من بني إسرائيل مؤمنة موحّدة أوحي إليها بشهادة الله في القرآن بقوله :   " أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى " الآية فأراد تكميل تربيته وانتشائه عليه السّلام على يديها رحمة وامتنانا بهما جميعا ، من حيث تشعر أمّه ولا يشعر هو إذ ذاك بذلك .

قال رضي الله عنه  : ( وفتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ، ليتحقّق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به ، فأوّل ما ابتلاه الله به قتله القبطيّ بما ألهمه الله ووفّقه له في سرّه ، وإن لم يعلم بذلك ، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله ، مع كونه ما توقّف ، حتى يأتيه أمر ربّه بذلك ، لأنّ النبيّ عليه السّلام معصوم الباطن من حيث لا يشعر ، حتى ينبّأ أي يخبر بذلك ، ولهذا أراه الخضر قتل الغلام ، فأنكر عليه ولم يتذكَّر قتله القبطيّ ، فقال له الخضر : "ما فَعَلْتُه ُ عَنْ أَمْرِي " ينبّهه على مرتبته قبل أن ينبّأ أنّه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك ) .


يشير رضي الله عنه  إلى أنّ جميع أفعاله عليه السّلام وحركاته وما جرى عليه ومنه إنّما كان بأمر الله وإرادته وعلمه وإن لم يشعر به إذ ذاك ، فكان معصوما في جميع أفعاله بما لا يشبه أفعال المعصومين ، كقتله القبطيّ فإنّه عليه السّلام لم يعلم به حينئذ أنّه كان بعلم الله وإرادته وأمره ، ولهذا ألحقه بالشيطان وأضافه إلى نفسه ،

فقال : " هذا من عَمَلِ الشَّيْطانِ "  أي بعيد عن الحق والصواب وكان الحق والصواب فيه من حيث ما أراد الله ذلك وأمره بالفعل لا بالقول ، بل فعله على يده لما كان يعلم أنّه لو بقي أفسد ما بين بني إسرائيل ، وأفضى إلى فتنة عظيمة ، فردّ الله بقتله الفتنة .

 
قال رضي الله عنه  : ( وأراه خرق السفينة التي ظاهرها هلك وباطنها نجاة عن يد الغاصب ، جعل له ذلك في مقابلة التابوت الذي كان في اليمّ مطبقا عليه ، وظاهره هلاك وباطنه نجاة وإنّما فعلت به أمّه ذلك خوفا من يد الغاصب )

قال العبد : سمعت الشيخ الأكمل ، قدوة الكمّل ، أبا المعالي ، صدر الحق والدين محيي الإسلام والمسلمين ، محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف - سلام الله عليه - عن الشيخ خاتم الأولياء المحمديّين سلام الله تعالى عليه في الأوّلين والآخرين أنّه اجتمع بأبي العبّاس خضر صلوات الله عليهما فقال له : " كنت أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة ممّا جرى عليه من أوّل ما ولد إلى زمان اجتماعه ، فلم يصبر على ثلاث مسائل منها » تنبيها من الخضر لموسى أنّ جميع ما جرى عليه ويجري بأمر الله وإرادته وعلمه الذي لا يمكن وقوع خلافه ،

وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « ليت أخي موسى سكت ، حتى يقصّ علينا من أنبائهما » تنبيها على هذه الأسرار ، فإنّ العلم بها من خصوص الولاية التي لا ردّ فيها ولا إنكار ، فإنّ من شاهد أنّ ما يجري على أيدي العباد وعليهم إنّما هو من أمر الله الذي لا يردّ ، فإنّه مقترن بالإرادة ، مؤيّد بها ، ولا بدّ من وقوعه لا يصدر منه إنكار عليه ولا نهي عنه ولا أمر بخلافه ، ولو اطَّلع الرسول على سرّ القدر ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.

فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).

قال رضي الله عنه :  ( فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته ، وتشاهد انتشاءه في حجرها ولا تحزن ، ونجاه الله من غم التابوت فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي ، وإن لم يخرج عنها ) .
أي عن الطبيعة بالمفارقة الكلية بل خرق حجابها بالتجرد عنها عن غواشيها إلى عالم القدس ، كما قال تعالى :" فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ " ،  (وفتناه فتونا : أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به )
فإن أكثر الكمالات المودعة في الإنسان لا تظهر عليه ولا تخرج إلى الفعل إلا بالابتلاء


قال رضي الله عنه :  ( فأول ما ابتلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله وو فقه له في سره وإن لم يعلم بذلك ، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك ، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر ، ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ، ولم يتذكر قتله القبطي ، فقال له الخضر :" ما فَعَلْتُه عَنْ أَمْرِي " ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك ) .

فلذلك نسبه إلى الشيطان و " قالَ هذا من عَمَلِ الشَّيْطانِ " واستغفر ربه " قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي "  لأنه لم يشعر بعد أنه نبي يعصمه الله عن الكبيرة ، ولا يجرى على يده إلا ما هو خير كله


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب ، جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه ، فظاهره هلاك وباطنه نجاة ،)
وإنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي تنظر إليه مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر فوجدت في نفسها أنها ترضعه.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).

قال رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته ، لتقر عينها أيضا بتربيته وتشاهد انتشائه في حجرها ، " ولا تحزن " و نجاه الله من غم التابوت . ) أي ، من هم بدنه للخلاص من الهلاك .

قال رضي الله عنه :  ( فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي ، وإن لم يخرج عنها ) أي ، خرق حجاب الطبيعة الظلمانية بالعلم الحاصل لروحه من الحضرة الإلهية ، وحصل في العالم النوراني كما أشار إليه بقوله : ( فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى ) .  وإن لم يخرج عن الطبيعة بالكلية وأحكامها ( وفتنه فتونا.) .
إشارة إلى قوله تعالى : (وفتناك فتونا) . ( أي، اختبره في مواطن كثيرة، ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.) ويصير ذلك سببا لكمالاته .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأول ما ابتلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره وإن لم يعلم بذلك ، ولكن لم يجد في نفسه اكترائا بقتله ) أي ، قتله القبطي إنما كان بأمر الله وإلهامه على قلبه وتوفيقه له بذلك في سره ، ولكن ما علم موسى بذلك ، لذلك نسبه إلى الشيطان بقوله : ( هذا من عمل الشيطان ) .

ولكن لم يجد في نفسه اكترائا بقتله ، أي ، مبالاة والتقاتا إليه ( مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك ) ( ما ) للنفي . أي ، ما صبر حتى يأتيه الأمر الإلهي والوحي في ذلك ، لأنه ما قتله بنفسه ، بل قتله الحق على يده من غير اختياره .
كما قال لنبيه ، صلى الله عليه وسلم : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )  وقال الخضر ، عليه السلام : ( ما فعلته عن أمري ).

وقوله رضي الله عنه  : ( لأنه النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ ، أي ، يخبر بذلك . ) دليل قوله : ( فأول ما ابتلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ) أي ، قتله  بالأمر الإلهي ، وإن لم يعلم ذلك ، لأن النبي معصوم من الكبائر في الباطن ، لكنه لا يشعر على أنه قتله بالأمر الإلهي حتى يخبر به .
 

قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي ، ولهذا الشعور والاطلاع ( أراه الخضر ، عليه السلام ، قتل الغلام ، فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي . فقال له الخضر : " ما فعلته عن أمري " . ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر ، وإن لم يشعر بذلك . وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب . جعل له ذلك في مقابلة التابوت الذي كان له في اليم مطبقا عليه : فظاهره هلاك وباطنه نجاة . ) أي ، الخضر إنما أراده قتل الغلام وقال ما فعلته عن أمري.


لينبه موسى عليه السلام ، على أن قتله القبطي أيضا كان كذلك بالأمر الإلهي ، لا من الشيطان ونفسه ، بل هو نبي معصوم عن الكبائر .
وأراه خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من الغاصب في مقابلة التابوت الذي كان له في اليم .
فإن خرق ظلمة هذه الطبيعة والبدن بالتوجه إلى الله وقهر النفس في الموت الإرادي ، بالأمراض والمحن في الموت الطبيعي ، وإن كان ظاهره مشعرا بالهلاك ، ولكن باطنه عين النجاة.

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:32 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 17 مارس 2020 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثانية عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فجعل اللّه تعالى ذلك لموسى في أمّ ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلّا لأمّ ولادته لتقرّ عينها أيضا بتربيته ، وتشاهد انتشاءه في حجرها ،"وَلا تَحْزَنَ" ) [طه: 40].
 
قال رضي الله عنه :  ( فجعل اللّه تعالى ذلك ) الإرضاع ( لموسى في أم ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل ) أي : منة ( إلا لأم ولادته ) ؛ تقليلا لمنة الخلق عليه ، كأنه مان غير ممنون عليه من جهة الخلق ؛ وتكميلا لسرور أمه ( لتقر عينها أيضا بعد ) تقريرها بالنجاة من الغرق والقتل بتربيته ، وإنما كانت ( تربيته ) تقريرا لعيناها ، بأن ( تشاهد انتشاءه في حجرها ،وَلا تَحْزَنَ) بغيبته ، والحزن حار ، فزواله موجب لقرة العين .
 
قال رضي الله عنه :  ( ونجّاه اللّه تعالى من غمّ التّابوت ، فخرق ظلمة الطّبيعة بما أعطاه اللّه من العلم الإلهيّ وإن لم يخرج عنها ، وفتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقّق في نفسه صبره على ما ابتلاه اللّه به ، فأوّل ما ابتلاه اللّه قتله القبطيّ بما ألهمه اللّه ووفّقه له في سرّه وإن لم يعلم بذلك ، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقّف حتّى يأتيه أمر ربّه بذلك ؛ لأنّ النّبيّ معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتّى ينبّأ أي : يخبر بذلك ) .
 
وكما نجّاها اللّه من هذه الغموم ، ( نجّاه اللّه تعالى من غمّ التابوت ) من حيث العبارة من الغرق ، والخروج عن حدّ مصر ، ومن حيث الإشارة عن ظلمة الطبيعة اللازمة لبدنه الذي هو بمثابة التابوت ، ( فخرق ظلمة الطبيعة ) اللازمة للبدن حين استنار بنور النفس المستنيرة بنور القلب المستنير بنور الروح ( بما أعطاه اللّه من العلم الإلهي ) المنير لما ذكرنا ، الجاعل للقلب ، وما دونه كأنه روحاني ، ( وإن لم يخرج عنها ) ، أي : عن الطبيعة بالكلية ، بل بقيت فيه بحيث يخاف عود ظلمتها عليه ؛ ولذلك ( فتناه فتونا ) .
 
"" أضاف المحقق :
غمّ التابوت إشارة إلى ظلمة الطبيعة والنجاة منها إنما يكون بالعلم ؛ والخلاص منها بالكلية لا يتيسر في هذه النشأة . شرح الجامي ""
 
ولما توهم أنها الابتلاء بالمعصية ، وأن الفتون مصدر لا جمع إزالة بقوله : ( أي : اختبرنا ) بالفتن صبره المزيل ظلمته الطبيعية من كل وجه ( على ) كل ( ما ابتلاه اللّه به ) في تبليغ الرسالة ، ( فأول ما ابتلاه اللّه به قتله القبطي ) ؛ لتحقق صبره على مقاومة فرعون بقتل من يعترف بربوبيته ، ويعينه على ظلمه في تسخير بني إسرائيل واستعبادهم ، وكان قتله ( بما ألهمه اللّه ) بأنه قتل واحد من أعداء الدين ، ودفع الظلم العظيم ، وذلك بأن
 
قال رضي الله عنه :   ( ووفقه له في سره ) الذي هو باطن القلب ، ( وإن لم يعلم بذلك ) بظاهره ، فنسبه إلى الشيطان ، ( ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله ) مع أن نفوس الأنبياء أقل مراتبها أن تكون لوامة ، فلابدّ أن يلومه على ما هو معصية في الواقع ، فعلم أنه كان ملهما بما في قتله من هذه الفائدة الدينية الموجبة لقتله ( مع كونه ما توقف ) على إلهامه بالظاهر مع توقف الباطن عليه ؛ فإن ما في الباطن ، وإن كان يسري إلى الظاهر ،
 
فلا يكون ذلك إلا برفع الحجب عن الظاهر ، فيجوز ألا يقف ظاهر الشخص على ما وقف عليه باطنه ، ( حتى يأتيه أمر ربه بذلك ) بأن أمره برفع الحجب فيما بينه ، وبين الظاهر عند كمال تزكية النفس ، وتصفية القلب ، وإنما قلنا بأنه عليه السّلام كان ملهما في قتل القبطي مع كونه معصية في الظاهر ، وفي اعتقاد ظاهر قلبه أيضا ؛ ( لأن النبي معصوم الباطن ) الذي هو مبعث الأفعال ، لكن تكون عصمته قبل النبوة ( من حيث لا يشعر حتى ينبّأ ) .
 
ولما توهم من ظاهره أنه لا يشعر حتى يصير نبيّا مع أنه يجوز أن يشعر به بإخبار نبي آخر ، ويجوز أن يصير نبيّا ، ولا يعلم عصمته قبل أن يخبر به ، فسره بقوله : ( أي : يخبر بذلك ) أي : يخبره الوحي أو نبي آخر .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا أراه الخضر قتل الغلام ، فأنكر عليه قتله ، ولم يتذكّر قتله القبطيّ ؛ فقال له الخضر : وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [ الكهف : 82 ] ينبّهه على مرتبته قبل أن ينبّأ أنّه كان معصوم الحركة في نفس الأمر ، وإن لم يشعر بذلك ، وأراه أيضا خرق السّفينة الّتي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب ، جعل له ذلك في مقابلة التّابوت الّذي كان في اليمّ مطبقا عليه ؛ فظاهره هلاك وباطنه نجاة. ( 
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولكون الأنبياء معصومي الباطن أبدا ، وإن ظهر منهم قبل النبوة ما ينافيها ( أراه الخضر قتل الغلام ) حقّا في صورة باطل ؛ ليعلم أن قتله القبطي كان كذلك ، ( فأنكر عليه قتله ، ولم يتذكر قتله القبطي ) المقصود من هذه الإراءة ، ( فقال له الخضر :وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ؛) لأني نبي ، وكل نبي لا يفعل ما يفعل إلا عن أمر ربه بإلهام قبل النبوة ، ووحي بعدها ، كأنه ( ينبهه ) بهذا الجواب ( على مرتبته ) ، أي : مرتبة موسى
 
قال رضي الله عنه :  ( قبل أن ينبّأ ) ، أي : يجعل نبيّا ( أنه كان معصوم الحركة ) قيد بذلك ؛ لأنه قد لا يكون معصوم القصد ( في نفس الأمر ، وإن ) قصدها على وجه المعصية ؛ لأنه ( لم يشعر بذلك ) أي : ما هو في نفس الأمر لا بعد النبوة ولا قبلها ، أما بعد النبوة ؛ فلإنكاره على الخضر ، وأما قبلها ؛ فلإنكاره على نفسه ؛ ولذلك نسبه إلى الشيطان مع أنه من إلهام الرحمن .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأراه أيضا ) فيما يخالف الباطن الظاهر ( خرق السفينة التي ) صفة للخرق بما أضيف إليه ، ( ظاهرها هلاك ، وباطنها نجاة من يد الغاصب ، جعل ) الخضر ( له ) أي :
لموسى ( ذلك ) الخرق المهلك في الظاهر ، المنجي في الباطن ( في مقابلة ) إلقاء ( التابوت ) له ، أي : لأجل محافظة موسى مع أن هذا التابوت هو ( الذي كان في اليم ) المغرق للتابوت المهلك ما فيه ، سيما مع كونه ( مطبقا عليه ) لا يمكنه الخروج إلى الساحل بخلاف ما إذا غرقت السفينة ، ( فظاهره هلاك ، وباطنه نجاة ) من غصب فرعون وقتله ، كخرق الخضر
للسفينة ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).
 
قال رضي الله عنه  : ( فجعل الله ذلك ) الرضاع ( لموسى في امّ ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلَّا لامّ ولادته ، لتقرّ عينها أيضا ) - كما قرّت عين فرعون وامرأته  
 
( بتربيته ) هذا عند ظهور آثارها به في العين ، ( وتشاهد انتشاه في حجرها ) ، أي عند عروجه في مراقي أمر الإظهار أيضا يشاهد امّه أنّه في طيّ تربيتها وحجر اصطناعها ، فتنبسط به ( " وَلا تَحْزَنَ " ) ومن ثمة اختصّ بكمال الصورة الكليميّة ، ( ونجّاه الله من غمّ التابوت ) المادّة الجسميّة ، ( فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله ) عند فوزه برتبة الكمال الكليمي ( من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها ) بحسب تعيّنه الجسديّ .
 
فنبّه بهذا أنّ العروج في معراج الكمالات إنما هو بالعلم والخلاص من ظلمات المراتب الطبيعيّة الكونيّة لا يتحقّق إلَّا به .
 
قتل القبطي وتأويله
قال رضي الله عنه  : ( وفتّنه فتونا - أي اختبره في مواطن كثيرة ) ظلمانيّة عند مقابلة فرعون ، ونورانيّة عند مصاحبة خضر ، ( ليتحقّق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به فأوّل ما ابتلاه الله به قتله القبطيّ بما ألهمه الله ووفّقه له ووقى شرّه ) عند النهوض بمقابلته ، والقبط على طبق ما ذكر من التأويل كناية عن الشركة التطبيقيّة التي من قبل المادّة الجنسيّة .
 
وفي بعض النسخ : « ووفّقه له في سرّه » - ( وإن لم يعلم له بذلك ) الإلهام والتوفيق ، ( ولكن ) يظهر أثره عنده ، وهو أنّه ( لا يجد في نفسه اكتراثا بقتله ، مع كونه ما توقّف حتى يأتيه أمر ربّه بذلك ) الفعل ، كما هو دأب النبوّة .
وذلك كلَّه ( لأنّ النبي معصوم الباطن ) في نفسه ( من حيث لا يشعر حتى ينبّأ أي يخبر بذلك ولهذا أراه الخضر ) عندما قصد تنبيهه على ما ذهل عنه من العلوم المخزونة فيه .
 
قال رضي الله عنه  : ( قتل الغلام ، فأنكر عليه قتله ولم يتذكَّر قتله القبطيّ ، فقال له الخضر : " ما فَعَلْتُه ُ عَنْ أَمْرِي " ، ينبّهه على مرتبته قبل أن ينبّأ : إنّه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك ) وإنّه ما فعل ذلك عن أمره .
وقدّم هذا التنبيه لعظم شأنه وظهور آثاره على موسى ، وكمال نبوّته واختباره به ، وإلَّا فالمقدّم وجودا وذكرا أمر السفينة .
 
تأويل خرق السفينة
قال رضي الله عنه  : ( وأراه أيضا خرق السفينة ، التي ظاهرها هلك وباطنها نجاة من يد الغاصب ) الذي يتصرّف فيما لغيره أن يتصرّف فيه ويفسده عن مزاجه المتوجّه نحو غايته المقصودة منه ، ( جعل له ذلك في مقابلة التابوت الذي كان في اليمّ مطبقا عليه ) فإنّ إلقاء الشخص في التابوت المطبق عليه ( ظاهره هلاك وباطنه نجاة ) وإنّما فعلت به امّه ذلك خوفا من يد الغاصب . أي القوّة الحيوانيّة المتفرّعة عن أصل الحيّ ، الطاغية عليه ، وهي التي عبّر عن مبدئها باسم فرعون .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره  وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.  وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فجعل اللّه تعالى ذلك لموسى في أمّ ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلّا لأمّ ولادته لتقرّ عينها أيضا بتربيته وتشاهد انتشاءه في حجرها ،وَلا تَحْزَنَ[ طه : 40 ] . ونجّاه اللّه تعالى من غمّ التّابوت ، فخرق ظلمة الطّبيعة بما أعطاه اللّه من العلم الإلهيّ وإن لم يخرج عنها . وفتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقّق في نفسه صبره على ما ابتلاه اللّه به . فأوّل ما ابتلاه اللّه قتله القبطيّ بما ألهمه اللّه ووفّقه له في سرّه وإن لم يعلم بذلك ، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقّف حتّى يأتيه أمر ربّه بذلك ، لأنّ النّبيّ معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتّى ينبّأ أي يخبر بذلك .)
 
قال رضي الله عنه :  ( فجعل اللّه ذلك لموسى في أم ولادته فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقرّ عينها بتربيته وتشاهد انتشاءه في حجرها ولا تحزن ونجاه اللّه من غم التابوت ) .
غم التابوت إشارة إلى ظلمة الطبيعة والنجاة منها إنما يكون بالعلم ؛
 
ولذلك قال رضي الله عنه  : ( فحرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه اللّه من العلم الإلهي وإن لم يخرج منها ) ، فالخلاص منها بالكلية لا يتيسر في هذه النشأة ( وفتنه فتونا ) ، إشارة إلى قوله : وفتناه والتلاوة وفتناك فتونا ، ( أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه اللّه . فأول ما ابتلاه اللّه به قتله القبطي بما ألهمه اللّه ووفقه له في سره ) متعلق بالهمة ( وإن لم يعلم بذلك ) الإلهام والتوفيق .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولكن ) كان فيه علامة على ذلك وهو أنه ( لم يجد في نفسه اكتراثا ) يعني مبالاة ( بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك ) الفعل يعني القتل كما هو مقتضى منصب النبوة فعدم مبالاته بقتله مع عدم انتظاره الوحي علامة كونه ملهما به في السرور وألا ينبغي أن تعتريه وحشة عظيمة من ذلك الفعل .
 
وإنما قلنا : إنه عليه السلام كان ملهما في قتل القبطي ( لأن النبي معصوم الباطن ) ، أي باطنه معصوم عن أن يميل إلى أمر لم يكن مأمورا به من عند ربه ( وإن كان في السر من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك ) ، أي بأن ذلك الأمر مأمور به في السر .


قال رضي الله عنه :  ( ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكّر قتله القبطيّ فقال له الخضر وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي[ الكهف : 82 ] ينبّهه على مرتبته قبل أن ينبّأ أنّه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك وأراه أيضا خرق السّفينة الّتي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب . جعل له ذلك في مقابلة التّابوت الّذي كان في اليمّ مطبقا عليه . فظاهره هلاك وباطنه نجاة . )


قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) ، أي لكون النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ ( أراه الخضر ) حين قصد تنبيهه على ما ذهل عنه من كونه ملهما بقتل القبطي ( قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي[ الكهف : 82 ] ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ ) ، أي يخبر بأنه كان من سره مأمورا بقتل القبطي .
 
قال رضي الله عنه :  ( أنه كان معصوم الحركة في قتله في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك ) ، وقدم ذكر قتل الغلام لعظم شأنه وإلا فالمقدم وجودا وذكرا أمر السفينة ( وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها ) ، أي ظاهر خرقها ( هلاك وباطنها ) ، أي باطن خرقها ( نجاة من يد الغاصب جعل له ذلك في مقابلة التابوت الذي كان في اليم مطبقا عليه فإن ظاهره هلاك وباطنه نجاة ).
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:33 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 18 مارس 2020 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثالثة عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنّما فعلت به أمّه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي تنظر إليه .مع الوحي الّذي ألهمها اللّه تعالى به من حيث لا تشعر . فوجدت في نفسها أنّها ترضعه .  فإذا خافت عليه ألقته في اليمّ فإنّ في المثل « عين لا ترى قلب لا يفجع » فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر ، وغلب على ظنّها أنّ اللّه ربّما ردّه إليها لحسن ظنّها به ، فعاشت بهذا الظّن في نفسها ، والرّجاء يقابل الخوف واليأس ، وقالت حين ألهمت لذلك لعلّ هذا هو الرّسول الّذي يهلك فرعون والقبط على يديه . فعاشت وسرّت بهذا التّوهم والظّنّ بالنّظر إليها ؛ وهو علم في نفس الأمر . )
 
 (وإنما فعلت به) أي بموسى عليه السلام (أمه ذلك) بأن ألقته في التابوت فألقته في اليم (خوفا) عليه (من يد الغاصب) له الذي هو (فرعون أن يذبحه صبرا) ، أي على وجه الصبر منه عليه السلام وهي ، أي أمه (تنظر إليه) ، أي على موسى عليه السلام ولا يمكنها الدفع عنه (مع الوحي) الإلهامي (الذي ألهمها اللّه تعالى به من حيث لا تشعر) ، أي أم موسى بأنه وحي إلهامي (فوجدت) ، أي أم موسى عليه السلام (في نفسها أنها ترضعه) ، أي موسى عليه السلام
 
قال رضي الله عنه :   (فإذا خافت عليه السلام ) من عدوّه فرعون (ألقته في اليم) ، أي البحر ليذهب خوفها عنها بعدم علمها بحاله ، كأنها قالت في نفسها إن كان هذا هو صاحب الشأن فهو محفوظ ، وإن لم يكن فلا يبقى فإن في المثل المشهور (عين لا ترى قلب لا يفجع) ، أي لا يشتد حزنه وأسفه (فلم تخف) ، أي أم موسى عليه السلام (عليه )، أي موسى عليه السلام (خوف مشاهدة عين) باصرة ، وإن خافت عليه في أمر مغيب عنها .
 
وقد (غلب على ظنها) ، أي أم موسى عليه السلام أن اللّه تعالى ربما رده ، أي موسى عليه السلام إليها في خير وعافية (لحسن ظنها به) ، أي باللّه تعالى فعاشت ، أي أم موسى عليه السلام
قال رضي الله عنه :  (بهذا الظن) المذكور (في نفسها والرجاء) ، أي المتأمل والطمع في حصول الشيء (يقابل) ، أي يضادد (الخوف) ويضادد اليأس ، أي القنوط من الشيء ، فقد جمعت بين أمرين متقابلين :
خوفها على موسى عليه السلام ، ورجائها من اللّه تعالى سلامته وحفظه وعدم يأسها من ذلك (وقالت) في نفسها (حين ألهمت) ، أي ألهمها اللّه تعالى لذلك الفعل الذي هو جعله في التابوت ثم إلقاؤه في اليم (لعل هذا) المولود
 
قال رضي الله عنه :  (هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط )وهم قوم فرعون (على يديه) كما اشتهر من ذلك قول الكهنة ، فقتل فرعون بسبب كل مولود ولد (فعاشت) ، أي أم موسى عليه السلام ، أي بقيت في الدنيا منتعشة وسرت ، أي فرحت (بهذا التوهم والظن) في نفسها الموجود (بالنظر إليها) مما لا يشعر به أحد غيرها (وهو) ، أي ذلك التوهم والظن (علم) مطابق للواقع (في نفس الأمر) من غير شعور بذلك منها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر)
 
قال رضي الله عنه :  (وإنما فعلت به ) أي بموسى ( أمه ذلك ) الفعل وهو جعله في التابوت والقاؤه في اليم ( خوفا من يد الغاضب فرعون ) بدل من الغاضب ( أن يذبحه ضيرا ) وهو ضرب عظيم من الذبح ( وهي ) أي أم موسى ( تنظر إليه ) خوفا من أن يذبحه فرعون على نظر أمه فإنه أشدّ إيلاما من أن يذبحه على غيبتها قوله ( مع الوحي ) يتعلق بقوله إنما فعلت ( الذي ألهمها اللّه من حيث لا تشعر ) فعلم موسى بفعل الخضر بالسفينة أن ما فعلت أمه به ليس عن أمرها بل عن أمر اللّه وإلهامه لها وإن لم تشعر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فوجدت في نفسها أنها ترضعه ) فوقعت كما وجدت في نفسها ( فإذا فعلت ) ذلك الفعل بموسى ( خافت عليه الفتنة ) أي خافت على موسى أن يصيبه الفتنة ( في اليم ) وهو خوف غيبته فقوله خافت جزاء لأذا الذي للشرط وفعل الشرط محذوف لوجود قرينة وهي فعلت.
 
قال رضي الله عنه :  ( لأن في المثل عين لا ترى قلب لا يفجع فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر وغلب على ظنها أن اللّه ربما يردّه إليها لحسن ظنها به ) أي باللّه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فعاشت بهذا الظن في نفسها والرجاء يقابل الخوف واليأس ، وقالت حين ألهمت ) أي حين ألهمها اللّه فعل التابوت ( لذلك ) الرجاء وحسن الظن فقوله لذلك يتعلق بقالت (لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه فعاشت وسرّت ) من السرور.
 
قال رضي الله عنه :  ( بهذا التوهم والظن بالنظر إليها وهو ) أي ذلك التوهم ( علم في نفس الأمر). ففعل موسى بنفسه مثل ما فعلته أمه به ، فمثل فرار موسى كمثل فعل التابوت من أمه في أن صورة كل منهما خوف ومعناهما حب .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر)
 
قال رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.  فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».  فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.  فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.  فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر)

كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر)
 
قال رضي الله عنه :  ( الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي تنظر إليه مع الوحي الذي ألهمها الله به ، من حيث لا تشعر ، فوجدت في نفسها أنّها ترضعه ، فإذا خافت عليه ، ألقته في اليمّ ، لأنّ في المثل « عين لا ترى ، قلب لا يتّجع » فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر ، وغلب على  قلبها أنّ الله ربما ردّه إليها ، لحسن ظنّها به ، فعاشت بهذا الظنّ في نفسها ، والرجاء يقابل الخوف واليأس ، وقالت حين ألهمت لذلك : لعلّ هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يده ، فعاشت وسرّت بهذا التوهّم بالنظر إليها ، وهو علم في نفس الأمر ) .
 
قال العبد : سمعت الشيخ الأكمل ، قدوة الكمّل ، أبا المعالي ، صدر الحق والدين محيي الإسلام والمسلمين ، محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف - سلام الله عليه - عن الشيخ خاتم الأولياء المحمديّين سلام الله تعالى عليه في الأوّلين والآخرين أنّه اجتمع بأبي العبّاس خضر صلوات الله عليهما فقال له : " كنت أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة ممّا جرى عليه من أوّل ما ولد إلى زمان اجتماعه ، فلم يصبر على ثلاث مسائل منها » تنبيها من الخضر لموسى أنّ جميع ما جرى عليه ويجري بأمر الله وإرادته وعلمه الذي لا يمكن وقوع خلافه ،
 
وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « ليت أخي موسى سكت ، حتى يقصّ علينا من أنبائهما » تنبيها على هذه الأسرار ، فإنّ العلم بها من خصوص الولاية التي لا ردّ فيها ولا إنكار ، فإنّ من شاهد أنّ ما يجري على أيدي العباد وعليهم إنّما هو من أمر الله الذي لا يردّ ، فإنّه مقترن بالإرادة ، مؤيّد بها ، ولا بدّ من وقوعه لا يصدر منه إنكار عليه ولا نهي عنه ولا أمر بخلافه ، ولو اطَّلع الرسول على سرّ القدر ،
فإنّ همّته ربما تفتر عن إبلاغ ما أمر بتبليغه ، فإنّه إنّما أمر بتبليغه على علم من الله بوقوع المأمور به من البعض وعدم وقوع ذلك من آخرين ، والمراد بأمره للرسول بالتبليغ هو التبليغ فقط ،
فإنّه ما على الرسول إلَّا البلاغ ، فقد ينظر المطَّلع على سرّ القدر عدم وقوع ما أمر بتبليغه فلم يقتصر على أنّه مأمور بالتبليغ فقط ، سواء وقع المأمور به ، أو لم يقع ، فربما يتقاعد عن تبليغ ما أمر بتبليغه أو يفتر أو يشقّ عليه ،
فطوى الله علم ما شاكل هذه الأسرار عن الأنبياء ، رحمة بهم ، ولا يوجب ذلك نقصا في مراتبهم النبوية ، ولا يقدح في كمالاتهم الخصيصة بهم ، فإنّ أكملهم - أعني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقد  كشف من هذه العلوم ما لم يكشف غيره - أشار إلى هذا السرّ ،
 
فقال : « شيّبتني هود وأخواتها » ، لما اشتملت على الأمر بالاستقامة في الدعوة التي قد تردّ عند الكافر ولا تردّ عند المؤمن ، فيشقّ عليه أن يردّ أمر الله ، ولا يجد بدّا من الدعوة ، لكونه مأمورا بها بامتثال قوله تعالى :- ( فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ ) فالمحمّديّ المشهد
 
لا يأخذه عند شهود ذلك فتور ولا لومة لائم ، ولم يكن غيره من الأنبياء كذلك ، فافهم ، ولا تجبن ، فإنّ المحمديين يرون ذلك ، ويدعون إلى الله على بصيرة ، وعلم هذه الأسرار للأنبياء الكمّل من كونهم رسلا ، فهكذا أمر موسى مع الخضر ومع الحق ، فاعلم ذلك .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر)
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي تنظر إليه مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم ، لأن في المثل عين لا ترى قلب لا يفجع فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر ، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به ، فعاشت بهذا الظن في نفسها والرجاء يقابل الخوف واليأس ، وقالت حين ألهمت لذلك : لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه ، فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها ) إنما هو توهم وظن بالنسبة إليها  ( وهو علم في نفس الأمر ) متحقق عند الله . 
ثم إنه  أي موسى لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر ، وكان في المعنى حبا في النجاة ، فإن الحركة أبدا إنما هي حبية ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر.
كالغضب والخوف والحزن والميل ، وقد يتحقق ذلك مما ذكر في الهوى ، والمحجوب عن الأصل يسندها إلى الأسباب القريبة ، ولهذا عللها لفرعون المحجوب في قوله :" فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ "  بالخوف لاحتجابه عن الأصل ، فإنه لولا حب الحياة لما خاف ، وكيف لا والخوف يقتضي الجمود والسكون لا الحركة .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر)


قال رضي الله عنه :  ( وإنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاضب فرعون أن يذبحه ضيرا وهي تنظر إليه )
قوله : "ضيرا " ب‍ "الضاد"المعجمة و "الياء" المنقوطة من تحت بنقطتين ، أي خوفا من أن يذبحه ذبحا مشتملا على الضرر العظيم لأمه ، لأن ذبح الولد على نظر أمه أشد إيلاما للأم من ذبحه على غير نظرها .
 
في بعض النسخ : ( صبرا ) ويلائمه قوله : ( مع الوحي ) أي ، وإنما فعلت ما فعلت بالوحي ( الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر . فوجدت في نفسها أنها ترضعه ) أي ، علمت بالوجدان بأنها ترضعه وتربيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا خافت عليه ، ألقته في اليم ، لأن في المثل "عين لا ترى قلب لا يفجع " فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به . ) أي بالله .
قال رضي الله عنه :  ( فعاشت بهذا الظن في نفسها ، والرجاء يقابل الخوف واليأس . وقالت حين ألهمت لذلك : لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه . فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها . )
 
أي ، كون هذا المعنى توهما وظنا إنما هو بالنظر أي بالنسبة إلى أم موسى ، لا بنفس الأمر ، لذلك قال : ( وهو علم ) أي ، ذلك التوهم والظن كان علما ( في نفس الأمر . ) .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:36 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 18 مارس 2020 - 1:07 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثالثة عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر)

قال رضي الله عنه :  ( وإنّما فعلت به أمّه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي تنظر إليه ، مع الوحي الّذي ألهمها اللّه تعالى به من حيث لا تشعر ؛ فوجدت في نفسها أنّها ترضعه ، فإذا خافت عليه ألقته في اليمّ ؛ فإنّ في المثل « عين لا ترى قلب لا يفجع » ، فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر ، وغلب على ظنّها أنّ اللّه ربّما ردّه إليها لحسن ظنّها به ، فعاشت بهذا الظّن في نفسها ، والرّجاء يقابل الخوف واليأس ، وقالت حين ألهمت لذلك لعلّ هذا هو الرّسول الّذي يهلك فرعون والقبط على يديه ، فعاشت وسرّت بهذا التّوهم والظّنّ بالنّظر إليها ؛ وهو علم في نفس الأمر ) .

قال رضي الله عنه :  ( إذ فعلت به أمه ذلك ) الإلقاء مع ما فيه من خوف الغرق ؛ ( خوفا من يد الغاصب فرعون ) بغضبه عنها .
ثم قال رضي الله عنه :  ( يذبحه صبرا ) ، أي : فهرا ، ( وهي تنظر إليه ) ، فذاك أشد عليها من أن يهلكه اليم ، وهي لا تنظر إليه ( مع الوحي ) لا كوحي الأنبياء ، إذ لا نبوة للمرأة ، بل ( الذي ألهمها اللّه به ) ، وإن كانت ( من حيث لا تشعر ) بكونه إلها ما إلهيّا ، بل احتمل عندها كونه وسوسة شيطانية أو نفسانية ، إذ ألهمها اللّه ، ( فوجدت في نفسها أنها ترضعه ) قبل الخوف عليه ،

قال رضي الله عنه :  ( فإذا خافت عليه ألقته في اليم ) ، فإنه إن أهلكه اليم في غيبتها أهون عليها ، ( فإن المثل عين لا ترى ، قلب لا يفجع ) ، فإن فجعه حينئذ كما لا فجع ، فإن خافت من ذلك أو حزنت ، ( فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر ) ، ومع ذلك لا يعتد بهذا الخوف والحزن ، إذ ( غلب على ظنها أن اللّه ربما رده إليها لحسن ظنها به ) ، إذ علمت بالسماء من قدماء بني إسرائيل أن اللّه عند ظن عبده به ، ( فعاشت ) أي : طاب عيشها ( بهذا الظن ) الموجب لها رجاء ( في نفسها ) مستقرا .


قال رضي الله عنه :  ( والرجاء يقابل الخوف ، واليأس ) الموجب للحزن ، فكأنها لا تخاف أصلا ولا تحزن ، وقد ازداد في شأنها هذا العيش ، إذ ( قالت حين ألهمت لذلك ) القول إلهاما تامّا ورؤية إرهاصاته من عدم احتراقه في التنور المصطلي : ( لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يده ، فعاشت ) أي زادت طيب عيش ، فزال ما تبقى فيها من أثر الخوف ،


قال رضي الله عنه :  ( وسرت ) فزال ما بقي فيها من أثر الحزن ، فصار ذلك ربطا على قلبها بعد ما كادت تبدي لما فيها من الخوف والحزن ( بهذا التوهم ) ، وقوي ما في حقها ، فصار بمنزلة الظن ، ولكنه ( ظن بالنظر إليها ) أي : إلى اعتقادها في الوقت ، ( وهو علم في نفس الأمر ) ؛ لأنه محقق عند اللّه ، إذ كان هو الواقع ؛ ولذلك سماه اللّه وحيا بمعنى الإلهام ، فقال : "وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ" إلى قوله : "وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين" َ[ القصص : 7 ] .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر )

وإنّما فعلت به امّه ذلك خوفا من يد الغاصب) .
أي القوّة الحيوانيّة المتفرّعة عن أصل الحيّ ، الطاغية عليه ، وهي التي عبّر عن مبدئها باسم ( فرعون ) لما يدلّ عليه مادّة كلمته من الفرع الفرقي الرفيع والعرف الظاهر الكوني ، ظاهرة بالواو والنون ، الذين من أبين دلائل التفرقة والكون ، ولذلك تراها في لغة العرب ، المعرب علامة الجمع .

الجنس السافل أجمع للكثرة ثمّ هاهنا نكتة حكمية لها كثير دخل فيما نحن بصدده ، وهي أنّ سلطان التفرقة إنّما استقرّت على سرير خلافته في الجنس السافل وطبيعته ، فإنّ غيره من الأجناس وإن كان أعم مفهوما وأشمل أفرادا ، 

ولكن تخالف حقائق الأفراد وتباين أحكامها المتباعدة عن ربط الوحدة فيه أشدّ تضادا وأظهر حكما وبيّن أنّ ذلك التخالف والتبائن هو مرقى ظهور التفرقة الإمكانيّة ، ومستوى حكم الكثرة الكونيّة فالجنس السافل أجمع لوجوه الكثرة والأحكام الكونيّة من الكل ، ولذلك ترى حقيقته منطوية على حقائق العوالي كلها.
فإذا عرفت هذا وجدت المطابقة الطبيعيّة بين ذلك الاسم وهذا المعنى بما لا مزيد عليه .


مقتضى الكلمة الموسوية طرف العلو
ثمّ إنّه إنّما وقع التطبيق في القصّة الموسويّة بلسان أهل النظر ، وظهرت الكلمات المنزلة فيها بصور أصول الحكمة النظريّة كما عرفت لأنّ مقتضى الكلمة الكاملة الموسويّة طرف الظهور والعلو من كل مسلك وموطن ،
ومن ثمّة تراه قد طلب في موطن الشعور ومرتبة الظهور الرؤية التي هي أجلى المحسوسات وأعلاها قدرا في أمر الظهور ،
وفي موطن الإشعار ومرتبة الإظهار فاز برتبة الكليميّة التي أنهى غايات كماله ، وذروة شاهق جلاله ، وفي موطن الإنباء ومرتبة الرسالة بإنزال كتاب التوراة المشحونة بالقصص والأحكام ، المشتمل صورتها التلويحية على مادّة الرؤية ، محفوفة بتاء التفصيل والتبيين .

فكذلك في أمر تبيين الحقائق ، فإنّه ظهر فيه بما هو أبين أطرافه ، وهو مدرك القوّة النظريّة العقليّة التي تشترك فيها العامّة من أهل الظاهر ، ولذلك سلك فرعون عند مناظرته إيّاه وسؤاله عنه حقيقة الحقّ مسلكهم في إيراد " مطلب ما " في مطلع استكشافه - كما ستقف عليه - وكان اللسان المتداول والعلم المتناول بينهم في زمانهم هو الحكمة بهذه الصورة " وَما أَرْسَلْنا من رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِه ِ " .

 
كل حكم ولازم لا بد له من صورتين عدميّة ووجوديّة
ثم إنّ كل حكم ولازم ظهر - في أيّ مرتبة كانت لا بدّ له من الصورتين :
إحداهما عدميّة كونيّة من نفس المرتبة التي هي الظاهرة منها ،
وأخرى وجوديّة من أصل حقيقتها وكذلك ما هو مبدأ فعل امّ موسى به ، له فيها صورة ظاهرة عدميّة ، وهي الخوف من يد الغاصب ( أن يذبحه صبرا ، وهي تنظر إليه ) أي بمحضر منها ، فإنّ هذه الصورة هي أشدّ ما يكون تأثيرا في الامّ ونكاية لها ، والذبح صبرا هو أن يحبس ذو روح لأن يرمى عليه لقتله .

وفيه إشارة إلى ما بين تلك المادّة وبين اللطيفة الإنسانيّة من البعد الرتبي وقصدها بتوجيه سهام القوى واقتضاءاتها المتفرّقة المفرّقة نحوها ، وهي المهلكة لها عن صورتها الجمعيّة الكماليّة اللطيفة ، من غير ضعف ونقصان للقابل ، بل بقهر من الفاعل ، وهو المعبّر عنه بالذبح .

وإلى الصورة الأخرى الوجوديّة التي للمبدإ أشار بقوله : ( مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر ) ، فإنّه طرف خفاء ذلك المبدء ، ( فوجدت ) من حيث هذه الصورة الوجوديّة الأصليّة التي لها ( في نفسها أنّها ترضعه فإذا خافت عليه ) من حيث سريان الصورة الأخرى فيها ( ألقته في اليمّ ) ، يعني طرف المدارك المتفرقة الجسمانيّة ، ليغيب عن نظرها فيخفّ نكايته عليها ( لأنّ في المثل : « عين لا ترى ، قلب لا يفجع » ) أي لا توجع ، من أفجعته المصيبة :  إذا أوجعته .

قال رضي الله عنه  : ( فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ) هذا عند النظر وقبله ، ( ولا حزنت عليه ) بعد ذلك ( حزن رؤية بصر ) ولتقدم الخوف على الحزن في الوجود والرتبة - جارحة ومدركا - تقدّم الأصل على فرعه خصّ كلا منهما بمحله المرتّب ذلك الترتيب .
ثم إنّه من مقتضى غلبة الصورة الوجوديّة على باطنها ظهر عليها ( وغلب على ظنّها أنّ الله ربما ردّه إليها بحسن ظنها به ، فعاشت بهذا الظن في نفسها والرجاء ) الذي من أثر ذلك المبدء الوجودي ( يقابل الخوف واليأس ) الذي هو مبدأ الحزن ، مقابلة الرسول فرعون والقبط وغلب حكم هذا الرجاء حتى ظهر أمره في الكلام .

قال رضي الله عنه : (فقالت حين ألهمت لذلك : لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يده ، فعاشت وسرّت بهذا التوهم والظنّ)
اللذين هما مبدأ الحزن والخوف العدميين ، الحاصلين بالنظر إلى المظهر الكوني ، ولذلك قال : ( بالنظر إليها ) .
وأمّا من حيث الأمر الوجودي ( فهو علم في نفس الأمر ) ، وهذا كلَّه ظهر من الامّ التي هي الخصوصيّة الكماليّة التي للنوع الحقيقيّ الكماليّ وقد عرفت أنّ تلك الخصوصيّة هي أحديّة الجمعيّة ، فيصلح لأن يكون مولدا للكل كما نبّه إليه .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا  وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر )

قال رضي الله عنه:  ( وإنّما فعلت به أمّه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي تنظر إليه . مع الوحي الّذي ألهمها اللّه تعالى به من حيث لا تشعر . فوجدت في نفسها أنّها ترضعه .  فإذا خافت عليه ألقته في اليمّ فإنّ في المثل « عين لا ترى قلب لا يفجع » فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنّها أنّ ).

قال رضي الله عنه:  ( وإنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي أن تنظر إليه ) .
فإن هذه الصورة هي أشد ما يكون تأثيرا في الأم فقوله : صبرا بالصاد المهملة وبالياء الموحدة لأنه العبارة المتعارفة في مثل هذا القتل لا بالضاد المعجمة والياء المنقوطة من تحتها بنقطتين فإنه تصحيف والذبح صبرا هو أن تحبس ذو روح لأن يرمى عليه لقتله .

 
قال رضي الله عنه:  ( مع الوحي الذي ألهمها اللّه به من حيث لا تشعر فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم فإن في المثل : « عين لا ترى قلب لا يفجع » ) ، أي لا يوجع من أفجعته المصيبة إذا أوجعته المصيبة ( فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر وغلب على ظنها أن).


قال رضي الله عنه :  ( اللّه ربّما ردّه إليها لحسن ظنّها به ، فعاشت بهذا الظّن في نفسها ، والرّجاء يقابل الخوف واليأس ، وقالت حين ألهمت لذلك لعلّ هذا هو الرّسول الّذي يهلك فرعون والقبط على يديه . فعاشت وسرّت بهذا التّوهم والظّنّ بالنّظر إليها ؛ وهو علم في نفس الأمر . )
(اللّه ربما رده إليها لحسن ظنها به فعاشت بهذا الظن في نفسها والرجاء يقابل الخوف واليأس)

فحين جاء الرجل انكسرت سورة الخسوف واليأس ( وقالت حين ألهمت لذلك ) ، أي لقولها ( لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها ) ، إذ لم يكن عندها دليل يفيد العلم بذلك ( وهو ) ، أي ذلك التوهم والظن ( علم ) باعتبار أن متعلقها حق مطابق للواقع متحقق ( في نفس الأمر) .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:36 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 18 مارس 2020 - 1:42 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الرابعة عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ أنّه لمّا وقع عليه الطّلب خرج فارّا خوفا في الظّاهر وكان في المعنى حبّا في النّجاة ، فإنّ الحركة أبدا إنّما هي حبّيّة ، ويحجب النّاظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك .  وذلك لأنّ الأصل حركة العالم من العدم الّذي كان ساكنا فيه إلى الوجود ، ولذلك يقال إنّ الأمر حركة عن سكون : فكانت الحركة الّتي هي وجود العالم حركة حبّ . وقد نبّه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ذلك بقوله : " كنت كنزا مخفيّا لم أعرف فأحببت أن أعرف" ).
 
قال رضي الله عنه :  (ثم إنه) ، أي موسى عليه السلام (لما وقع عليه الطلب) بالقتل من قوم فرعون حين قتل القبطي (خرج) من مصر (فارا) ، أي هاربا من فرعون وقومه لما علم بذلك قال تعالى :وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ( 20 ) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ( 21 ) [ القصص : 20 21 ] .
وكان خروجه (خوفا في الظاهر) من القتل (وإن كان في المعنى حبا) ، أي رجاء وطمعا (في النجاة) والسلامة (فإن الحركة) خصوصا السريعة (أبدا إنما هي حبية) ، أي منسوبة إلى الحب بمعنى المحبة ، فإن مبدأها الشوق إلى التحرك إليه من كل أمر (ويحجب الناظر فيها) ، أي في الحركة عن معرفة كونها حبية (بأسباب أخر) غير الحب الداعي إليها تسمى بها مقاصد الحركة كالأكل والشرب والكلام والمشي ونحو ذلك (وليست تلك) الأسباب بحاجبة في نفس الأمر للمتأمل .
 
قال رضي الله عنه :  (وذلك) ، أي بيان كون الحركة حبية (لأن الأصل) في التكوين (حركة العالم) ، أي المخلوقات (من العدم الذي كان) ذلك العالم (ساكنا فيه) على معنى التوهم إذ العالم كان عدما صرفا في نفسه (إلى الوجود) الذي اتصف به ظاهرا وهي حركة أمر اللّه تعالى الذي قام به خلقه كلمح بالبصر وهو قوله :”كُنْ فَيَكُونُ”؛
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك) ، أي لأجل ما ذكر (يقال) عند المحققين (إن الأمر) الإلهي (حركة) تصدر (عن سكون) متقدم فيها فيتحرك الساكن الذي هو المأمور بالحركة التي هي ذلك الأمر ، كالانفعال الذي هو عين ظهور فعل الفاعل كقولهم : كسرت الإناء فانكسر ، فحركة الكسر هي بعينها حركة الانكسار ، ظهرت على المنفعل لها ، وكانت ساكنة فيه .
 
قال رضي الله عنه :  (فكانت الحركة التي هي) نفس (وجود العالم) ، لأنها عين الأمر الإلهي (حركة حب) ، أي محبة من صاحب الأمر تعالى (وقد نبّه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ذلك) ، أي كون حركة وجود العالم حبية بقوله في الحديث القدسي (" كنت كنزا مخفيّا لم أعرف") بالبناء للمفعول ("فأحببت أن أعرف ") بالبناء للمفعول أيضا وبقية الحديث : " فخلقت خلقا تعرفت إليهم فبي عرفوني ".
 
قال رضي الله عنه :  ( فلولا هذه المحبّة ما ظهر العالم في عينه . فحركته من العدم إلى الوجود حبّ الموجد لذلك ، ولأنّ العالم أيضا يحبّ شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا ، فكانت بكلّ وجه حركته من العدم الثّبوتي إلى الوجود حركة حبّ من جانب الحقّ ومن جانبه فإنّ الكمال محبوب لذاته .   وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غنيّ عن العالمين هو له وما بقي له إلّا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الّذي يكون من هذه الأعيان ، أعيان العالم ، إذا وجدت . فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين . )
 
قال رضي الله عنه :  (فلولا هذه المحبة) من الحق تعالى (ما ظهر) هذا (العالم في عينه) ، أي عين العالم إذ العالم ظاهر للحق تعالى من الأزل وليس بظاهر لنفسه فظهر بالمحبة القديمة (فحركته) ، أي حركة المحبة للعالم (من العدم) الذي هو فيه (إلى الوجود) الذي اتصف به ظاهرا (حركة حب) ، أي محبة (الموجد) ، أي الحق تعالى الذي أوجد العالم (لذلك) ، أي لإيجاد العالم ليعرف به .
 
قال رضي الله عنه :  (ولأن العالم أيضا يحب شهود) ، أي معاينة (نفسه وجودا) ، أي موجودة (كما شهدها )، أي نفسه (ثبوتا) أي ثابتة في عدمها الأصلي (فأنت بكل وجه) من الوجوه (حركته) أي العالم (من العدم الثبوتي) الأصلي (إلى الوجود) الذي اتصف به (حركة حب) أي لمحبة (من جانب الحق) تعالى (ومن جانبه) اي العالم أيضا فإن الكمال الذي هو الموجود (محبوب لذاته) أي من حيث هو وجود فيحبه الحق تعالى للعالم ويحبه العالم لنفسه .
 
قال رضي الله عنه :  (وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين) أي من حيث ذاته المجردة عن اعتبار مراتب أسمائه وصفاته هو أي ذلك العلم ثابت له تعالى فهو عالم بذاته أزلا أبدا ، وأما علمه تعالى بنفسه من حيث مراتب أسمائه وصفاته فقد أشار إليه بقوله (وما بقي له إلا تمام مرتبة العلم) الإلهي (بالعلم الحادث) في الظهور لا في الثبوت (الذي يكون من هذه الأعيان) الكونية بنفسها وبغيرها على قدر استعدادها في معرفة الغير ومقدار طاقتها ، فكان علمها هو علمها بنفسها عند التحقيق .
 
قال رضي الله عنه :  (أعيان) بدل من الأعيان (العالم) كالملك والإنس والجن ، بل كل المخلوقات ذات علم عندنا كما تقتضيه العبارة هنا (إذا وجدت) أي تلك الأعيان من عدم نفسها ، فإن العلم القديم بها من حيث إنها حضرات الأسماء والصفات يتفرق عليها بحسبها معلومة فيه (فتظهر صورة الكمال) الإلهي للحق تعالى (بالعلم المحدث) وهو علمه تعالى بمظاهر مراتب أسمائه وصفاته ، وذلك قوله تعالى :أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ[ النساء : 166 ] وقوله :ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ( 2 ) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ[ الأنبياء : 2 - 3 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (و) العلم (القديم) وهو علمه تعالى بذاته المجردة من كل مرتبة (فتكمل) حينئذ من حيث الظهور إذ هي من حيث الثبوت كاملة للّه تعالى (مرتبة العلم) الإلهي (بالوجهين) وجه الذات ووجه الأسماء والصفات .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارّا خوفا في الظاهر وكان في المعنى حبا للنجاة ) ففعل موسى بنفسه مثل ما فعلته أمه به ، فمثل فرار موسى كمثل فعل التابوت من أمه في أن صورة كل منهما خوف ومعناهما حب .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن الحركة أبدا إنما هي حبية ويحجب ) مبني للمفعول ( الناظر فيها ) أي في الحركة ( بأسباب أخر ) كالخوف والغضب وغير ذلك ( وليست تلك الأسباب ) المحجبة للناظر أسبابا لها على الحقيقة بل إنما كان سببا حبا ( وذلك ) أي وبيانه أي أن الحركة لا تكون أبدا إلا حبية ( لأن الأصل حركة العالم من العدم الذي كان ) العالم ( ساكنا فيه ) أي العدم ( إلى الوجود ) يتعلق بالحركة ( ولذلك ) الأصل ( يقال إن الأمر ) أي الوجود ( حركة عن سكون فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة الحب وقد نبه رسول اللّه عليه السلام على ذلك ) الحب .
 
قال رضي الله عنه :  ( بقوله : « كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف » ، فلو لا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه ) أي في وجوده الخارجي ( وحركته ) أي حركة العالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك ) العالم أي السبب لحركة العالم حب اللّه الموجد للعالم فكان الحق يحب حركة العالم من العدم إلى الوجود ليكون مرآة لكمالاته الذاتية والاسمائية والصفاتية ( ولأن العالم أيضا يحب ) في حال عدمه ( شهود نفسه وجودا ) خارجيا ( كما شهدها ثبوتا ) أي في الأعيان الثابتة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكانت ) الحركة ( بكل وجه حركته ) أي حركة العالم ( من العدم الثبوتي إلى الوجود العيني حركة حب من جانب الحق وجانبه ) أي جانب العالم وإنما كانت الحركة حبية .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن الكمال محبوب لذاته ) يقول الحركة حبية لأنه وجود عيني والوجود كمال والكمال محبوب لذاته والحركة محبوبة لذاتها ( وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين هو له ) أي هذا العلم علمه تعالى لذاته بذاته مختص للَّه تعالى وهو تمام مرتبة العلم الأزلي القديم .
 
قال رضي الله عنه :  ( وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان أعيان العالم إذا وجدت فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث و ) العلم .
 
( القديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ) أي تكمل مرتبة العلم بالعلم القديم الذي كان من ذاته تعالى من حيث غناه عن العالمين وهو الوجه القديم وتكمل بالعلم بالحادث الذي يكون في صور الأعيان الخارجية وهو الوجه الحادث .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب. وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه. فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين (
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
قال رضي الله عنه  : ( ثم إنّه لمّا وقع عليه الطلب ، خرج فارّا خوفا في الظاهر وكان في المعنى حبّا في النجاة ، فإنّ الحركة أبدا إنّما هي حبّية ، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر وليست تلك ، وذلك لأنّ الأصل حركة العالم من العدم - الذي كان ساكنا فيه - إلى الوجود ، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون ، فكانت الحركة - التي هي وجود العالم - حركة حبّية ، قد نبّه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على ذلك ، بقوله : « كنت كنزا لم أعرف ، فأحببت أن أعرف » فلو لا هذه المحبّة ما ظهر العالم في عينه ، فحركته من العدم إلى الوجود حركة حبّ الموجد لذلك ، ولأنّ العالم أيضا يحبّ شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا ، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حبّية من جناب الحق وجانبه ، فإنّ الكمال محبوب لذاته .  وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غنيّ عن العالمين - هو له وما بقي له إلَّا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان ، أعيان العالم إذا وجدت ، فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم ، فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
يعني : إذا أضيف إلى الأزلي في غير الأزلي ، كما مرّ في الفصّ الشيثي ، فتذكَّر .
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ حركة موسى وفراره ، وإن كانت - على ما علَّل ذلك عند فرعون بقوله : " فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ "  بسبب الخوف ، وكذلك حركة كل ذي خوف وفراره " من أمر مخوف وإن كان بالنظر الظاهر معلَّلا بسبب قريب وهو الخوف ،
ولكنّ التحقيق يقتضي أن لا تكون الحركة عن خوف ، فإنّ الخوف يقتضي السكون والجمود ، ولا يقتضي الحركة ،
وإنّما السبب الموجب للحركة فيمن يفرّ عن مكروه هو حبّ الحياة والنجاة ، فلمّا رأى أمرا يوجب فوت محبوبه - وهو النجاة والحياة - خاف ذلك فتحرّك وفرّ طلبا للحياة ، فموجب الحركة في الحقيقة لم يكن الخوف ، بل الحبّ للنجاة أو الحياة أو غير ذلك ممّا يحبّ وجوده ويخاف عدمه .
 
ثمّ بيّن  رضي الله عنه  أنّ الحركة في الأصل حبّية ، وذكر في ذلك أسرارا عالية في الجناب الإلهي والعالم ، وأنّها وإن سبقت الإشارة إليها فيما سلف ، ولكن نبحث هاهنا على ما يبقى من الأسرار ، وهو أنّ قوله تعالى على لسان أكمل مظاهره الإنسانية : « أحببت أن أعرف » ليس محتده هذه المحبّة ، وأصل هذا التجلَّي من حيث الذات ، الغنيّة عن العالمين ،
وذلك لأنّ الكمال الذاتي حاصل للذات بالذات ، ومتعلَّق المحبّة أبدا أمر معدوم غير حاصل المعرفة به ، فما يسمّى « غيره » و « سواه » فلم يكن حاصلا ، لعدم المعارف إذ ذاك ، فأحبّ حصوله ووجوده ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه ) أي موسى ( لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر ، وكان في المعنى حبا في النجاة ، فإن الحركة أبدا إنما هي حبية ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ) كالغضب والخوف والحزن والميل ، وقد يتحقق ذلك مما ذكر في الهوى ، والمحجوب عن الأصل يسندها إلى الأسباب القريبة ، ولهذا عللها لفرعون المحجوب في قوله :" فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ "  بالخوف لاحتجابه عن الأصل ، فإنه لولا حب الحياة لما خاف ، وكيف لا والخوف يقتضي الجمود والسكون لا الحركة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وليست تلك وذلك لأن الأصل حركة العالم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود ، ولذلك يقال : إن الأمر حركة عن سكون فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب ، وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله « كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف » فلو لا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك ) .
 
أي لأن يعرف ويشهد ذاته من ذاته ومن غيره على تقدير وجود الغير بالاعتبار
 
قال رضي الله عنه :  ( ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا ، فكانت بكل وجه حركة من العدم الثبوتي إلى الوجود العيني حركة حب من جانب الحق وجانبه ، فإن الكمال محبوب لذاته ، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غنى عن العالمين هو له )
دون اعتبار غيره ، فإنه تعالى من تلك الحيثية ليس إلا الذات وحدها فلم يكن معه شيء
 
"" إضافة بالي زاده :
( حب الموجد لذلك للعالم ) أي السبب لحركة العالم حب الله الموجد للعالم ، فكان الحق يحب حركة العالم من العدم إلى الوجود ليكون مظهرا لكمالاته الذاتية والأسمائية والصفاتية بالى .
في الوقت متعلق بقوله فذكر : أي ذكر في وقت ملاقاته فرعون ، وهو قوله: "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ " إلخ الذي أي السبب الأقرب الذي هو كصورة الجسم البشر. اهـ  بالى زاده ""
 
قال رضي الله عنه :  ( وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان أعيان العالم إذا وجدت ، فيظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فيكمل مرتبة العلم بالوجهين ) .
فإن العلم القديم غيب لم يكن له ظهور وانتشار ، وبالظهور في المظاهر المسمى حدوثا يكمل كمال العلم الغيبي
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب، خرج فارا خوفا في الظاهر وكان في المعنى حبا في النجاة ، فإن الحركة أبدا إنما هي حبية. ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر وليست تلك.) أي ، ومن جملة العناية الإلهية أن موسى خرج فارا من خوف القتل ، وكان ذلك الفرار في الحقيقة حبا في الحياة والنجاة من الهلاك .
ثم بين أن الحركة لا تحصل أبدا إلا عن محبة، وإن كان في الظاهر لها أسباب أخر، كالخوف والغضب وغير ذلك، فيحجب من يعلم الحقائق بالأسباب الظاهرة ويسندها إليها، وليست أسبابها في الحقيقة تلك الأسباب الظاهرة . قوله : ( ويحجب ) مبنى للمفعول .
 
قال رضي الله عنه :  (وذلك لأن الأصل حركة العالم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة الحب. وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك . ) رواية من الله تعالى .
 
قال رضي الله عنه :  ( بقوله : "كنت كنزا مخفيا، لم أعرف فأحببت أن أعرف". فلولا هذه المحبة، ما ظهر العالم في عينه . ) أي ، وجوده العيني .
( فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك ) أي ، لوجود العالم ، إذ به تظهر كمالات ذاته وأنوار أسمائه وصفاته .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا ، كما شاهدها ثبوتا ، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود العيني حركة حب من جانب الحق وجانبه . ) أي ، من جانب العالم : ( فإن الكمال محبوب لذاته ) وهو لا يظهر إلا بالوجود العيني .
 
قال رضي الله عنه :  ( وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غنى عن العالمين هو له . وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان أعيان العالم إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم، فتكمل مرتبة العلم بالوجهين.) هذا جواب عن سؤال مقدر.
وهو أن يقال : الحق، سبحانه وتعالى، قديم، عالم بذاته وبكمالاته كلها، فهي حاصلة له قبل الظهور ووجود العالم في العين، فما فائدة الظهور؟
 

فقال : علمه بذاته من حيث غنائه عن العالمين حاصل له أزلا وأبدا ، لكن تمام مرتبة العلم هو العلم في صور المظاهر الذاتية، وهو العلم الحادث الذي يظهر في الأعيان عند وجودها. وهو المشار إليه بقوله تعالى : " لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ".
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:40 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 18 مارس 2020 - 1:45 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الرابعة عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه لمّا وقع عليه الطّلب خرج فارّا خوفا في الظّاهر ، وكان في المعنى حبّا في النّجاة ، فإنّ الحركة أبدا إنّما هي حبّيّة ، ويحجب النّاظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك ، وذلك لأنّ الأصل حركة العالم من العدم الّذي كان ساكنا فيه إلى الوجود ، ولذلك يقال : إنّ الأمر حركة عن سكون ؛ فكانت الحركة الّتي هي وجود العالم حركة حبّ ، وقد نبّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ذلك بقوله : « كنت كنزا مخفيّا لم أعرف ؛ فأحببت أن أعرف » ).
 
ولما فرغ عن بيان نجاته من غم التابوت ، وغم قتل فرعون إياه على أنه الغلام الذي هلاك ملك فرعون على يديه ، ونجاة أمه كذلك ، شرع في بيان نجاته من غمّ قتل فرعون إياه قصاصا ، فقال : ( ثم إنه وقع عليه الطلب ) من جهة فرعون ؛ ليقتله قصاصا ، ( خرج ) من ملكه ( فارّا ) من فرعون ؛ ( خوفا ) من القصاص ( في الظاهر ) ،
 
أي : في ظاهر قصده ، ولكن ( كان ) فراره ( في المعنى ) المطلوب بالذات مضمنا في ذلك القصد ( حبّا في النجاة ) ، إذ الفرار حركة ، ولا يطلب بها بالذات الخوف ، ( إن الحركة ) من حيث يطلب بها الوصول إلى المتحرك إليه ( أبدا ) ، أي : سواء كانت عن خوف أو غضب أو هيمان ، ( إنما هي حبية ) .
 
أي : راجعة إلى طلب محبوب من وجه من الوجوه ، كالاستقرار في الحيز الطبيعي في الحركة الطبيعية ، والإجراء على خلاف الطبع في القسرية ؛ ( وذلك لأن الأصل ) في الحركات طلب الكمال وهو محبوب ؛ فلذلك كان في أول الحركات ، وهو ( حركة العالم من العدم الذي كان ساكنا فيه ) ، وهو نقص ( إلى الوجود ) ، وهو كمال للعالم ، وكذا لوجود الحق ولعلمه ، لكن من حيث كونها نفس الوجود والعلم .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولكون وجود العالم حركة عن العدم إلى الوجود ( يقال : إن الأمر ) أي : المطلوب بأمر « كن » ، ( حركة عن سكون ) ؛ فإنه إنما أمر لتحصل له ، وللمأمور الكمال المحبوب لهما ، وهو حصول الوجود للعالم ، ورتبة الوجود الحادث والعلم الحادث للوجود والعلم اللذين أعلى مراتبهما للحق ، فكان الوجود الحادث والعلم الحادث حاصلان له ،
قال رضي الله عنه :  ( فكانت الحركة التي هي ) سبب ( وجود العالم حركة حب ) من الحق ومن العالم ، وكيف لا تكون حركة حب من الحق ، ( وقد نبّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ذلك عن اللّه بقوله : " كنت كنزا مخفيّا لم أعرف ؛ فأحببت أن أعرف " ) ؛ فالحبّ سبب هذه الحركة التي هي سبب وجود العالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلولا هذه المحبّة ما ظهر العالم في عينه ؛ فحركته من العدم إلى الوجود حبّ الموجد لذلك ، ولأنّ العالم أيضا يحبّ شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا ، فكانت بكلّ وجه حركته من العدم الثّبوتي إلى الوجود حركة حبّ من جانب الحقّ ومن جانبه ، فإنّ الكمال محبوب لذاته ، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غنيّ عن العالمين هو له وما بقي له إلّا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الّذي يكون من هذه الأعيان ، أعيان العالم ، إذا وجدت ، فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو لا هذه المحبة ) الموجبة لإرادة إيجاد العالم ، ليظهر فيه بعد كونه كنزا مخفيّا عندما ( ظهر العالم في عينه ) بالوجود الخارجي ، بل كان باقيا في خفاء العدم الثبوتي ؛ لأن الحق غير موجب بالذات ، بل فاعل بالإرادة التي منشأها المحبة ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الوجود لذلك ) التحرك ؛ فإن حبه يحرك عن الاكتفاء بظهور ذاته وأسمائه في ذاته إلى الظهور في المظاهر ، فحرك الإرادة المحركة للأمر المحرك للعالم من العدم إلى الوجود هذا بيان حب الحق لإيجاد العالم ، وأما بيان حب العالم لذلك ؛ فذلك ( لأن العالم أيضا ) باعتبار عينه الثابتة .
قال رضي الله عنه :  ( يحب شهود نفسه وجودا ) عينيّا ( كما شهدها ثبوتا ) علميّا ، ( فكانت بكل وجه ) أي : سواء كانت قسرية ، أو طبيعية ، أو إرادية ( حركته من العدم الثبوتي ) ، أي :
له مع كونه عدما ثبوتيّا في العلم باعتباره يكون ساكنا فيه ومتحركا عنه ( إلى الوجود ) الخارجي ( حركة حب من جانب الحق وجانبه ) ، أي : جانب العالم لحصول الكمال الذي أقله الوصول إلى المتحرك إليه وهو محبوب .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن الكمال محبوب لذاته ) ، فلا تعارض في طلبه الاستغناء الإلهي ، وذلك أن ( علمه بنفسه ) قيد به ؛ لأن علمه بالأكوان المحدثة لا يوجب الاستغناء عنها ؛ ولذلك ذكر ( من حيث هو غني عن العالمين ) ؛ ليحترز عن علمه بنفسه من حيث هو موجد للعالمين ، فإنه لا يوجب الاستغناء عنها أيضا هو كمال له يستغني به عن كل علم ، لكن نفس العلم لا يكفي بها كما قال :
وما يلقى الإيمان مرتبة العلم ، وإن حصلت أكمل مراتبه ، وهو العلم القديم المتعلق بذات الحق ، فكملت ( مرتبة العلم بالعلم الحادث ) ، وليس هو العلم الإلهي المتعلق بالحوادث ، بل هو ( الذي يكون ) موجودا ( من هذه الأعيان ) لا من حيث ثبوتها في العلم الأزلي ، بل من حيث كونها ( أعيان العالم ) ؛ لأنها إنما تعلم بالعلم الحادث إذا صارت أعيان العالم ،
 
وذلك ( إذا وجدت ) في الخارج وقبل ذلك ، إنما يعلم بالعلم الأزلي الذي ثبت فيه لا غير في العلم الأزلي ، وإذا كان كاملا في الرتبة الأزلية ، فليس له صورة الكمال في الرتبة الجامعة للمراتب ، ( فتظهر ) بحدوث العلم في أعيان العالم ( صورة الكمال ) بجمع المراتب للعلم من حيث هو علم فقط ، إلا من حيث هو علم أزلي إلهي ( بالعلم المحدث ) ، والعلم ( القديم ) ، والصورة كمال فعلي ( فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ) بعد ما كان له ذلك بالقوة ، وما بالقوة نقص ما دام بالقوة ، فكان العلم من حيث هو علم فقط ناقصا قبل ظهور هذه الصورة .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
الحركة الحبّية
قال رضي الله عنه  : ( ثمّ إنّه ) سرت خصوصيّات الامّ في ولدها وخلفها الحقّ ، ولذلك ( لما وقع عليه الطلب خرج فارّا خوفا في الظاهر ، وكان في المعنى حبّا في النجاة ، فإنّ الحركة أبدا إنّما هي حبّية ، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ) عدميّة قريبة إلى الصورة الكونيّة ، لكونه محجوبا بها ،


قال رضي الله عنه  : ( وليست ) الأسباب في الحقيقة ( تلك ) الأمور ، ( وذلك لأنّ الأصل ) في سائر الحركات ( حركة العالم من العدم الذي كان ساكنا فيه ) إلى العدم الإضافي الذي له بالقياس إلى كونه عالما ، وهو المسمّى بالثبوت ، فإنّه ينتقل عين العالم منه ( إلى الوجود ، ولذلك يقال : إنّ الأمر حركة عن سكون فكانت الحركة - التي هي وجود العالم - حركة حبّ ) يعني الحياة والبقاء ، كما يلوّح عليهما بحرفيه .
 
قال رضي الله عنه  : (وقد نبّه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم على ذلك بقوله : « كنت كنزا لم أعرف ، فأحببت أن اعرف » ) أي أظهر ، ( فلو لا هذه المحبّة ما ظهر العالم في عينه ، فحركته من العدم إلى الوجود حركة حبّ الموجد لذلك ) .
 
هذا بلسان الإجمال ، وأما لسان التفصيل : فأشار إليه بقوله رضي الله عنه  :
( ولأنّ العالم أيضا يحبّ شهود نفسه وجودا ، كما شهدها ثبوتا ) في الحضرات الجلائيّة ( فكانت بكلّ وجه حركته من العدم الثبوتيّ إلى الوجود حركة حبّ من جانب الحقّ و ) من ( جانبه فإنّ الكمال محبوب لذاته ) وساير ما ينسب إليه المحبّة فلاشتماله على الكمال كالحسن - مثلا - فإنّه كمال النسبة الاعتداليّة التي هي ظلّ الوحدة ، وكذلك كلّ ما يميل إليه القلب من المستلذّات الجسمانيّة فإنّه كمال تلك القوة المدركة لتلك اللذة فإنّ الكمال هو الظهور على نفسه بصورته الكلَّية العلميّة والجزئيّة الحسيّة .
 
علمه تعالى مبدأ وجود الخلق
قال رضي الله عنه  : ( وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غنيّ عن العالمين ، هو ) الظهور الكمالي الذي ( له ) لذاته ، وهو الذي يقال له الكمال الذاتي وبيّن أنّ الكمال الإلهي أعمّ من الذاتي والأسمائي ، إذ له الكمال على الإطلاق .
 
فإلى الأسمائيّ منه أشار بقوله : ( وما بقي ) له ( الإتمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان ، أعيان العالم ) الظاهرة بصورة الآثار من كلّ اسم ، كالعلم مثلا ، فإنّه ظاهر بصورة الكلام الذي هو أثره ، والحياة فإنّها ظاهرة بصورة الحسّ والحركة الإراديّة التي هي أثرها وكذا في سائر الأسماء .
 
وكأنّك قد عرفت أنّه كما أنّ في الأعيان آثارا من الأسماء - كما بيّن - كذلك في الأسماء آثارا من الأعيان ، وهي اتّصافها بالحدوث وذلك لأنّ الأعيان
 
 
قال رضي الله عنه  : (إذا وجدت ) حكمت على علمها بالحدوث ، ( فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم ، فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ) وكذا غيره من الأسماء ( وكذلك تكمل مراتب الوجود ) وإذ كان الوجود أصل الكلّ فمرتبة كل اسم هي مرتبة الوجود ، نبّه إلى تلك الدقيقة بصيغة الجمع .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.  فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك. وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.  وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ).
 
قال رضي الله عنه : ( ثمّ أنّه لمّا وقع عليه الطّلب خرج فارّا خوفا في الظّاهر وكان في المعنى حبّا في النّجاة ، فإنّ الحركة أبدا إنّما هي حبّيّة ، ويحجب النّاظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك .  وذلك لأنّ الأصل حركة العالم من العدم الّذي كان ساكنا فيه إلى الوجود ، ولذلك يقال إنّ الأمر حركة عن سكون : فكانت الحركة الّتي هي وجود العالم حركة حبّ . وقد نبّه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ذلك بقوله : « كنت كنزا مخفيّا لم أعرف فأحببت أن أعرف » . فلو لا هذه المحبّة ما ظهر العالم في عينه . فحركته من العدم إلى الوجود حبّ الموجد لذلك ، ولأنّ العالم أيضا يحبّ شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا ، فكانت )
 
قال رضي الله عنه : (ثم أنه لما وقع عليه ) ، أي على موسى ( الطلب ) لأجل قتل القبطي ( خرج فارا خوفا ) من القتل ( في الظاهر وإن كان في المعنى فارا حبا في النجاة فإن الحركة أبدا إنما هي حبية ويحجب الناظر فيها ) ، أي في الحركة عن الأسباب الحقيقية ( بأسباب أخر ) ، غير حقيقية ( وليست ) هذه الأسباب الغير الحقيقية ( تلك ) الأسباب الحقيقية .
 
قال رضي الله عنه : ( وذلك لأن الأصل ) في الحركات ( حركة العالم من العدم ) الإضافي الذي هو الوجود العلمي ( الذي كان ) العالم ( ساكنا ) ، أي ثابتا ( فيه إلى الوجود ) العيني بل من مرتبة للوجود باطنة إلى مرتبة أخرى له ظاهرة ( ولذلك يقال إن الأمر ) ، أي أمر الوجود ( حركة عن سكون فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب وقد نبه الرسول صلى اللّه عليه وسلم على ذلك بقوله ) .
عن اللّه عز وجل : ( كنت كنزا مخفيا لم أعرف فأحببت أن أعرف فلو لا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه ) ، أي في وجوده العيني ( فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب . الموجد لذلك ) ، أي لوجود العالم إذ به تظهر كمالات ذاته وآثار أسمائه وصفاته ( ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا ) ، أي حيث الثبوت العلمي


قال رضي الله عنه :  ( بكلّ وجه حركته من العدم الثّبوتي إلى الوجود حركة حبّ من جانب الحقّ ومن جانبه فإنّ الكمال محبوب لذاته . وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غنيّ عن العالمين هو له وما بقي له إلّا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الّذي يكون من هذه الأعيان ، أعيان العالم ، إذا وجدت . فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين . )
 
( فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي ) ، أي العدم الذي ليس للعالم فيه إلا الثبوت في العلم ( إلى الوجود ) العيني ( حركة حب من جانب الحق ومن جانبه ) ، أي جانب العالم ( فإن الكمال محبوب لذاته ) وهو لا يظهر إلا بالوجود العيني .
 
ولما كان لقائل أن يقول كان علم الحق قبل وجود العالم متعلقا بذاته وصفاته وكمالاته فما فائدة وجود العالم دفعه بقوله : ( وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين هو ) حاصل ( له ) أزلا وأبدا ( وما بقي له إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون ) ظاهر ( من هذه الأعيان أعيان العالم إذا وجدت . فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين ) ، وكذا غيره من الأسماء والصفات كالإرادة والقدرة وغيرهما .
 
وفي الفتوحات المكية وجود الممكنات لكمال مراتب الوجود الذاتي والفرقاني والعلم الحادث الذي يظهر في المظاهر هو المشار إليه بقوله : ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:41 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 18 مارس 2020 - 1:52 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الخامسة عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم. فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.   )

 

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك تكمل مراتب الوجود ؛ فإنّ الوجود منه أزليّ وغير أزلي وهو الحادث . فالأزليّ وجود الحقّ لنفسه ، وغير الأزليّ وجود الحقّ بصور العالم الثّابت . فيسمّى حدوثا لأنّه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبّية للكمال فافهم . )

قال رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود) التي هي مراتب الأسماء والصفات بظهور آثارها (فإن الوجود منه أزلي) أي قديم ومنه (غير أزلي وهو) أي غير الأزلي (الحادث فالأزلي) من الوجود (وجود الحق) تعالى (لنفسه) وهو الوجود المطلق بالإطلاق الحقيقي المنزه عن مشابهة كل شيء (وغير الأزلي) من الوجود هو (وجود الحق) تعالى أيضا لا لنفسه بل لما سواه وهو وجوده تعالى القائم (بصور العالم الثابت) ذلك العالم في العدم الأصلي (فيسمى) أي هذا الوجود المذكور (حدوثا لأنه) أي هذا الوجود (ظهر بعضه لبعضه) من حيث أنواع مراتب أسمائه وصفاته ، وترتب في الظهور بالتقدم والتأخر والزيادة والنقصان .


قال رضي الله عنه :  (فظهر) أي هذا الوجود (لنفسه) متجليا (بصور العالم) المختلفة كما هو ظاهر لها من الأزل بغير تلك الصور (فكمل الوجود) في ظهوره بمراتب أسمائه وصفاته ، وهو كامل في ظهوره بذاته لذاته من الأزل (فكانت حركة) وجود (العالم) في كل لمحة حركة (حبية) أي منبعثة عن المحبة من الحق تعالى ومن أعيان العالم أيضا كما مر ، وهي حركة إيجاد للعالم بالنسبة إلى الحق تعالى ، وحركة عمل خير أو شر أو إباحة في المكلف ،

وغير ذلك في غيره بالنسبة إلى أعيان العالم ، وهي حركة واحدة في نفس الأمر للأمر الإلهي لا لغيره ، ولكنها كثرت وتنوعت نسبتها إلى أنواع كثيرة كما كثر الأمر مع وحدته في نفسه ، وكثرت المحبة لكثرة أنواع الحركة الواحدة ، فكانت أنواع المحبة كلها (للكمال) أي لطلبه وتحصيله وهو الوجود المتنوع بالصور (فافهم) يا أيها السالك .
 

قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه كيف نفّس عن الأسماء الإلهيّة ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمّى العالم فكانت الرّاحة محبوبة له .  ولم يوصل إليها إلّا بالوجود الصّوريّ الأعلى والأسفل . فثبت أنّ الحركة كانت للحبّ ، فما ثمّ حركة في الكون إلّا وهي حبيّة .  فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السّبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النّفس . )
 

قال رضي الله عنه :  (ألا تراه) أي لوجود الحق (كيف نفّس) بتشديد الفاء من قوله عليه السلام : " نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن " .
فكان الأنصار ، والنفس : بفتح الفاء يحصل التنفيس به أي التعريج عما في القلوب الحيوانية من حرارة الروح المنفوخ على جهة المثال للمقصود ، فإذا أراد الحيوان أخرج ذلك النفس بالتنفيس صوتا فإن كان إنسانا يظهره صور حروف وكلمات تحمل معاني مقصودة له أو غير مقصودة كما قال تعالى :فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ[ الذاريات : 23 ] .


قال رضي الله عنه :  (عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده) أي الأسماء من الكرب (من عدم ظهور آثارها) المقدرة لها (في عين مسمى العالم) على اختلافه ، فلم يزل ذلك التنفيس أبدا ، ومنه إجابة الدعاء لكل داع خصوصا المسلم والمؤمن والمحسن لانكشاف ذلك له ولو إسلاما ولو إيمانا

قال رضي الله عنه :  (فكانت الراحة) من تعب التوجه بالآثار على الظهور والتحقق كتعب الداعي في قضاء حاجة بطريق التشبيه في تقريب المعاني البعيدة عن الأفهام (محبوبة له) أي للحق تعالى (ولم يوصل) أي يتوصل الحق تعالى لاقتضاء التقدير الأزلي ذلك (إليها) أي إلى تلك الراحة المحبوبة له كمحبة الراحة بالحاجة للداعي في قضائها بل هو منه لو (عرف إلا بالوجود الصوري) أي المصوّر بالصورة المخصوصة في العالم (الأعلى والأسفل) ولا يكون غير ذلك .


قال رضي الله عنه :  (فثبت) مما ذكر (أن الحركة) الوجودية الإيجادية بالنظر إليها وإلى غيرها (كانت للحب) أي لأجل المحبة الباعثة لها من الأصل والفرع (فما ثمّ) بالفتح أي هناك (حركة في الكون) ظاهرا أو باطنا مطلقا إلا (وهي) أي تلك الحركة حركة (حبية) أي مبدؤها المحبة من القديم والحادث والمحبة واحدة أيضا وتختلف باختلاف النسب في صور الأعيان والتجرد عنها .

قال رضي الله عنه :  (فمن العلماء) باللّه تعالى (من يعلم ذلك) التعميم في الحركة الحبية ، فيعرف استقامة العالم في حالة اعوجاجه وكماله في حالة نقصه ، ويشهد الاعتبارات التي بها يظهر الكمال والنقص في العالم ، ويصدق بها لسان الشريعة والحقيقة .


قال رضي الله عنه :  (ومنهم) أي العلماء باللّه تعالى (من يحجبه) عن علم ذلك شهود (السبب الأقرب) للحركة في العالم فيعتبر داعي النية في كل حركة ويسميها باسمها المخصوص في الظاهر (لحكمه) أي لأجل حكم ذلك النسب (في الحال) الذي هو فيه (واستيلائه) أي السبب (على النفس) الإنسانية بمقتضاه المخصوص .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم. فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس. . )

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي وكما تكمل مراتب العلم ( تكمل مراتب الوجود منه أزلي وغير أزلي وهو الحادث فالأزلي وجود الحق لنفسه ) وهو الوجود من حيث غناه عن العالمين .

قال رضي الله عنه :  ( وغير الأزلي وجود الحق بصور العالم الثابت ) والمراد منه تعلق وجود الحق إلى العالم فالحدوث وصف للتعلق لا للوجود فلا يلزم أن يكون وجوده تعالى محلا للحوادث ألا ترى أن الوجود وصف للموجود والعدم وصف للوجود فلا يلزم منه أن يكون الموجود محلا للعدم.

قال رضي الله عنه :  ( فيسمى حدوثا ) وإنما يسمى هذا الوجود وجود العالم حدوثا ( لأنه ظهر بعضه ) أي بعض العالم ( لبعضه وظهر ) الحق ( لنفسه بصور العالم فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال ) وهو الوجود والعلم.

قال رضي الله عنه :  ( فافهم ، ألا تراه ) أي الحق ( كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين يسمى العالم فكانت الراحة ) أي راحة عباده وأسمائه ( محبوبة له ) أي للحق فيجب أن يوصلها إلى عباده ( ولم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل ) فلا يتوهم أن الحق يتصف بالراحة المعلومة لنا فإنه يستحيل ذلك على اللّه فإن كانت الراحة وصفا له فلا بد من معنى لائق بحضرته كما أن حياته غير حياتنا كذلك راحته غير راحتنا.

قال رضي الله عنه :  ( فثبت أن الحركة كانت للحب فما ثمة حركة في الكون ) أي فما في العالم حركة ( إلا وهي حبية ) فقوله في الكون بدل من قوله ثمة ( فمن العلماء من يعلم ذلك ) أي كون الحركة للحب وهي أهل الكشف .

قال رضي الله عنه :  ( ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه ) أي لحكم السبب الأقرب ( في الحال واستيلائه عن النفس ) أي على نفس المحجوب فيجعلها محجوبة عن الاطلاع بالحقائق.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.  فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.   )


قال رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.  فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.  فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم. ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل.  فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية. فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس. )


كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.  فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل.   فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.   )

قال رضي الله عنه  : ( وكذلك تكمل مراتب الوجود ، فإنّ الوجود ، منه أزليّ ) .
يعني : إذا أضيف إلى الأزلي في غير الأزلي ، كما مرّ في الفصّ الشيثي ، فتذكَّر .

قال رضي الله عنه  : ( وغير أزليّ وهو الحادث " يعني غير الأزلي " والأزلي وجود الحق لنفسه وغير الأزلي وجود الحق بصور العالم الثابت ، فيسمّى حدوثا لأنّه ظهر بعضه لبعضه ، وظهر لنفسه بصور العالم ، فكمل الوجود ، فكانت حركة العالم حيث للكمال ، فافهم ) .

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ حركة موسى وفراره ، وإن كانت - على ما علَّل ذلك عند فرعون بقوله : ( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ )  " بسبب الخوف ، وكذلك حركة كل ذي خوف وفراره " من أمر مخوف وإن كان بالنظر الظاهر معلَّلا بسبب قريب وهو الخوف ،
ولكنّ التحقيق يقتضي أن لا تكون الحركة عن خوف ، فإنّ الخوف يقتضي السكون والجمود ، ولا يقتضي الحركة ،

وإنّما السبب الموجب للحركة فيمن يفرّ عن مكروه هو حبّ الحياة والنجاة ، فلمّا رأى أمرا يوجب فوت محبوبه - وهو النجاة والحياة - خاف ذلك فتحرّك وفرّ طلبا للحياة، فموجب الحركة في الحقيقة لم يكن الخوف، بل الحبّ للنجاة أو الحياة أو غير ذلك ممّا يحبّ وجوده ويخاف عدمه.

ثمّ بيّن  رضي الله عنه  أنّ الحركة في الأصل حبّية ، وذكر في ذلك أسرارا عالية في الجناب الإلهي والعالم ، وأنّها وإن سبقت الإشارة إليها فيما سلف ، ولكن نبحث هاهنا على ما يبقى من الأسرار ، وهو أنّ قوله تعالى على لسان أكمل مظاهره الإنسانية : « أحببت أن أعرف » ليس محتده هذه المحبّة ، وأصل هذا التجلَّي من حيث الذات ، الغنيّة عن العالمين ،

وذلك لأنّ الكمال الذاتي حاصل للذات بالذات ، ومتعلَّق المحبّة أبدا أمر معدوم غير حاصل المعرفة به ، فما يسمّى « غيره » و « سواه » فلم يكن حاصلا ، لعدم المعارف إذ ذاك ، فأحبّ حصوله ووجوده ،

فخلق الخلق وتعرّف إليهم ، فعرفوه ، فكمل مرتبة العلم والوجود ، فوضح وصحّ أنّ الكناية بتاء "أحببت " لا تعود إلى ذات الذات ، تعالت وتباركت وجلَّت عن مثل ذلك ، وإنّما تاء الكناية تعود إلى أحدية النسب الذاتية - وهي حقائق الأسماء - وإلى الشؤون الغيبية العينية ، فإنّ هذه النسب هي التي لم تكن موجودة لأعيانها ولا ظاهرة في مظاهرها ،

فإنّ الألوهية والربوبية والخالقية والرازقية وسائر النسب في حقائقها متوقّفة الوجود والتحقّق على المألوه والمربوب والمخلوق والمرزوق وجودا وتقديرا ، وحيث لم يكن عالم يكون مألوها ، مربوبا ،  مخلوقا ، مرزوقا ، موجودا في عينه وكذلك الخالقية والرازقية والربوبية والإلهية ، لم تكن ظاهرة الأعيان ولا موجودة الآثار ،

فكانت مستهلكة تحت قهر الأحدية الإحاطية الذاتية مع النسب التي هي عليها متوقّفة كاستهلاك النصفية والثلثية والربعية والخمسية وغيرها - من النسب العددية التي لا تتناهى - في أحدية الواحد ،
فإنّ الواحد قبل أن يتعدّد وينشئ الأعداد في أحدية واحديته لا نصف ولا ثلث ولا ربع ولا خمس ولا سدس ولا غيرها بالفعل ، ولكن ثبوت هذه النسب للواحد مشروط بإنشائه العدد بنفسه ، فإذا وجد الواحد في مرتبتين أو ثلاثة أو أربعة بالفعل بنفسه ، حينئذ كان الواحد عين هذه النسب بالفعل ، وظهرت هذه النسب فيه عينها ،

فكان الواحد بالفعل نصف الاثنين وثلث الثلاثة وربع الأربعة وخمس الخمسة وجزءا من أيّ عدد فرضت بالفعل فهكذا كانت النسب الأسمائية مستهلكة الأعيان في أحدية الذات ، فـ « أحببت » أي أحبّ الواحد - من حيث هي لا من حيث هو هو ذاته الغيبية الغنيّة عن العالمين - أن يظهرها متمايزة الأعيان في الوجود ،

موجودة الآثار في عرصة الشهود كناية عن تلك النسب ، فتجلَّى تجلَّيا حبّيا منها وفيها ، فسرى سرّ التجلَّي الحقّ في الحقائق كلَّها ، فتحرّكت حقائق نسب الواحد من مقام استهلاكها إلى قوابلها ومظاهرها ، فحبّت الإلهية إلى المألوه والربوبية إلى المربوب والخالقية إلى المخلوق ،

وكذلك تحرّكت المخلوقية إلى الخالقية والمرزوق إلى الرازق والمربوب إلى الربّ ، فأحبّ الخلق من حيث هي لا من حيث ذاته ، لإسعافهم بأعيان مطالبهم وإيجاد مقاصدهم ومآربهم ، لأنّه من حيث ذاته الغنية عن العالمين لا يمكن أن يعرف أو يعلم ،

وإنّما يعرف ويعلم بأسمائه وصفاته وشئونه ونسب ذاته وإضافاته ، فهذه النسب هي الكنز الذي لم يكن يعرف ، فأحبّ الحق أن يعرف من حيث كونه هي أن يعرف ،
فتجلَّى بنفسه ونفسه الذي هو فيها هي فظهر بوجوده الحق الذي به تحقّقت المتحقّقات من الماهيات في مراتب حقائق الممكنات


التي لا تتناهى ، ويسمّى بأسماء المراتب جميعها ، وما ثمّ إلَّا هو ، والظهور والتعيّن والأسماء كلَّها نسب لا تحقّق لها إلَّا به وله ، إذ الظهور لا تحقّق له إلَّا بالظاهر ،

وكذلك التعيّن لا وجود له من حيث هو هو ، بل بالمتعيّن بذلك التعيّن ، فالواحد هو هو واحد ، في جميع هذه المراتب العددية ، فواحد وواحد اثنان ، وواحد وواحدان ثلاثة ، وهكذا إلى ما لا يتناهى ، فتسمّى الواحد بأسماء الأعداد غير المتناهية وقبل الكلّ وصحّت إضافة الجميع إليه لا من حيث ذاته ، بل من حيث ظهوراته وتجلَّياته وتعيّناته ، فافهم .

واللطيفة الشريفة الأخرى أنّ الله الواحد الأحد الحقّ يعظم ويجلّ أن يعرفه غيره ، وما ثمّ إلَّا هو ، والمعروف والعارف والمعرفة يقضي بالكثرة والكثير ، وإذا كان الله ولا شيء معه ، فلا يمكن أن يعرفه غيره ، ولكنّ الواحد إذا ظهر بوجوده ونفسه في مراتب كثيرة عددية ،

فإنّه - من حيث تعيّنه في مرتبة غيره من كونه متعيّنا في مرتبة أخرى - له أن يعرف نفسه حقيقة فلم يعرفه إلَّا هو به ، فليس الاثنان ثلاثة ولا أربعة ولا خمسة ولا ستّة ولا سبعة ، فتحقّقت الغيرية النسبية والتغاير الاعتباري ،
فعرف نفسه ، فكان عارفا - من حيث ظهوره بوجود العالم في المألوه والمربوب المخلوق المرزوق - ومعروفا من كونه موجدا لها ربّا خالقا رازقا ، فحصل ما تعلَّقت به المحبّة الإلهية أن يعرف ، ولكن ما عرفه إلَّا هو ،

فهو العارف وهو المعروف من حيثيّتين متغايرتين بالنسبة والإضافة إلى التعين والظهور في مراتب عددية معقولة لا وجود لها إلَّا بهذا الواحد المنشئ بذاته للأعداد ، فسبحانه لا إله إلَّا هو الواحد الأحد الذي لا وجود لأحد في ذاته إلَّا هو ، فتحقّق هذه المباحث ، فإنّها من فيض أنوار ما دسّ الشيخ  رضي الله عنه في متن الكتاب ، وأنّه لباب الحق في الباب ، عند ذوي الألباب ، والله الموفّق للصواب .


قال رضي الله عنه  : ( ألا تراه كيف نفّس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمّى العالم ، فكانت الراحة محبوبة له ، ولم يوصل إليها إلَّا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل ) .
يشير رضي الله عنه  إلى الوجود الظاهر بعين الحق والخلق ، فالأعلى وجود الحق المطلق بأسمائه وصفاته ، والأسفل وجود العالم المقيّد بأجناسه وأنواعه وشخصيّاته .

قال رضي الله عنه  : ( فثبت أنّ الحركة كانت للحبّ ، فما ثمّ حركة في الكون إلَّا وهي حبّية ، فمن العلماء من يعلم ذلك ، ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس)

يشير رضي الله عنه  في كل هذه الحقائق إلى أنّ قوله : "لَمَّا خِفْتُكُمْ " رعاية منه لمفهوم العموم ، فافهم ، ما ينظرون إلَّا إلى السبب الأقرب الظاهر لا إلى الحقيقة وباطن السرّ .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.  فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.  )

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك تكمل مراتب الوجود ، فإن الوجود منه أزلي وغير أزلي وهو الحادث فالأزلى وجود الحق لنفسه ) يعنى حقيقة الوجود من حيث هو وجود لأن الحق له حقيقة غير الوجود فيضاف الوجود إليها كسائر الماهيات
( وغير الأزلي وجود الحق بصور العالم الثابت ) أي الوجود الذي هو الحق أي الوجود الظاهر بصور العالم الثابت عينه في العالم الأزلي ، ويسمى الوجود الإضافي ( فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه ) كظهور سائر الأكوان للإنسان

 
قال رضي الله عنه :  ( وظهر لنفسه بصور العالم فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم ، ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم فكانت الراحة محبوبة له )
لأن الراحة إنما هي بالوصول إلى الكمال المحبوب الذي يصفو به الحب عن ألم الشوق عند الفراق فهي الابتهاج الحاصل بصفاء الحب عن شوب الألم ، ولأنها كمال لذة الحب بالوصل قال ( ولم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري ) أي الظاهر


قال رضي الله عنه :  ( الأعلى والأسفل ، فثبت أن الحركة كانت للحب فما ثم حركة في الكون إلا وهي حبية ، فمن العلماء من يعلم ذلك ، ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلاؤه على النفس .)
وهو أن ظاهر الكلام بقدر أدنى الفهوم وباطنه وحقائقه ولطائفه بقدر أعلاها ، كما قال عليه الصلاة والسلام : "ما من آية إلا ولها ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع " .

 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.  فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل.  فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.  )

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك يكمل مراتب الوجود : فإن الوجود منه أزلي، ومنه غير أزلي، وهو الحادث. فالأزلي وجود الحق لنفسه، وغير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت، فيسمى حدوثا لأنه يظهر بعضه لبعضه، وظهر لنفسه بصور العالم. فكمل الوجود، فكانت حركة العالم حبته للكمال . فافهم. )

أي ، كما قلنا في العلم ، كذلك نقول في الوجود وجميع مراتبه ولوازمه ، لأن الوجود أزلي وغير أزلي : والأزلي هو الوجود عينه مع كمالاته ، وغير الأزلي هو الوجود المتعين بتعينات خاصة ظاهرة على صور الأعيان الثابتة . والأول قديم ، والثاني حادث ، فكمل الوجود ومراتبه بالعالم ، فظهر أن حركة العالم حبية .

قال رضي الله عنه :  ( إلا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم ) أي ، ألا ترى الحق كيف نفس عن أسمائه الإلهية ما كانت تجد الأسماء الإلهية من الكرب حين عدم الظهور بكمالاتها في أعيان العالم ( فكانت الراحة محبوبة لها ) أي ، للحق .

قال رضي الله عنه :  ( ولم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري ) أي ، الظاهر الشهادي (الأعلى والأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب.) أي ، ثبت أن أصل الحركة وحقيقتها حصلت من الحب ( فما ثمة حركة في الكون إلا وهي حبية . ) لأن الجزئي مشتمل على كليه .

قال رضي الله عنه :  ( فمن العلماء من يعلم ذلك ) وهو العالم بالحقائق ( ومنهم من يحجبه السبب الأقرب ) وهو العالم بالأحكام ، لا بالحقائق الناظر في الأسباب الظاهرة ( لحكمه في الحال واستيلائه على النفس ) أي ، لغلبة حكم ذلك السبب القريب واستيلائه على نفس المحجوب .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:44 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 18 مارس 2020 - 1:58 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الخامسة عشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.  فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.  )
 
قال رضي الله عن: (  وكذلك تكمل مراتب الوجود ؛ فإنّ الوجود منه أزليّ وغير أزلي وهو الحادث ، فالأزليّ وجود الحقّ لنفسه ، وغير الأزليّ وجود الحقّ بصور العالم الثّابت ، فيسمّى حدوثا ؛ لأنّه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبّية للكمال ؛ فافهم ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك تكمل مراتب الوجود ) بظهور الصورة الجامعة لمراتبه ، فإن له أيضا مراتب ، ( فإن الوجود منه أزلي وغير أزلي ) ، وهو وإن سميناه بالكون بالنظر إلى الموجودات ، فهو وجودها باعتبار كونه صورة وجود الحق ؛ ولذلك نقول فيه هو الوجود.
 
قال رضي الله عنه :  ( الحادث ) مع قولنا الوجود واجد أزلي ، ( فالأزلي وجود الحق لنفسه ، وغير الأزلي وجود الحق بصور العالم ؛ فيسمى ) هذا الوجود من حيث عدم امتيازه عن الكون الذي للعالم من حيث كونه عالما ( حدوثا ) ، وإن لم يحصل للحق حدوث ، بل إنما حصل له الظهور مع ما له من الظهور الأزلي ، فحدث له الظهور للعالم ولنفسه في العالم ، أما حصول ظهوره للعالم ؛
 
فذلك ( لأنه ظهر بعضه ) أي : بعض العالم الذي ظهر فيه الحق ( لبعضه ) ، وأما حصول ظهوره لنفسه ؛ فلأنه ظهر لنفسه بصور العالم بعد ( ظهوره لنفسه ) بنفسه ، ( فكمل الوجود ) إذ الظهور وجود ، والخفاء عدم ، ( فكانت حركة العالم حبية ) أي : عن حب العالم لوجوده الذي هو كماله ولحب الحق ظهوره للعالم ولنفسه ، وهذا الظهور وجود ؛ لأنه صورة الوجود الأزلي والوجود كمال ، فكانت حبّا ( للكمال ) الوجودي ؛
( فافهم ) ولا تقل باستكمال الحق وجوده وعلمه ، أو بحدوث هذا الكمال له في ذاته ، بل إنه لما كان كمالا للوجود والعلم اللذين غاية كمالهما فيه ، فكان هذا الكمال حاصل له أيضا .
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه كيف نفّس عن الأسماء الإلهيّة ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمّى العالم فكانت الرّاحة محبوبة له ، ولم يوصل إليها إلّا بالوجود الصّوريّ الأعلى والأسفل ، فثبت أنّ الحركة كانت للحبّ ، فما ثمّ حركة في الكون إلّا وهي حبّيّة ، فمن العلماء من يعلم ذلك ، ومنهم من يحجبه السّبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النّفس ).
ثم استدل على كون الحركة حبية باعتبار هذا الظهور بقوله : ( ألا تراه ) أي : الحق ( كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده ) مما يشبه الكرب ( من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم ) أي : في الحقيقة المسماة بالعالم ، وإن كانت آثارها ظاهرة في الأعيان من حيث استعدادها حين ثبوتها ، وإنما لم يقل : وعدم ظهور صورها ؛ لأنها لما كانت معلومة ، فكانت صورها حاضرة له ، فلم يحصل لها من ذلك ما يشبه الكرب والكرب مبغوض ، ( فكانت الراحة ) التي هي ضد الكرب ( محبوبة له ) ؛ لأنها ضد المبغوض من حيث دفعه إياه محبوب ، ( ولم يصل إليها ) أي : إلى تلك الراحة
( إلا بالوجود الصوري ) أي : الذي هو صورة الوجود الحق في الأعيان ، فإن تلك الآثار عوارض تلك الصور والذات ، وإن لم يكن لها ما يشبه الكرب من عدم ظهور صور الوجود ، فالأسماء ما تشبهه ، وهي في مرتبة الذات ولا تغايره ، فكان هذا الكرب في الذات أيضا ، فهذا الوجود الصوري موجب للراحة مزيل للكرب .
 
وإن كان منقسما إلى ( الأعلى والأسفل ) ، فإن الأسفل ليس بنقص بل هو كمال ، وبه تظهر آثار بعض الأسماء ، كالمذل والمنتقم والقهار ، وهذا الوجود الصوري والآثار العارضة له ، إنما تحصل بحركة الذات والأسماء من الخفاء إلى الظهور ،
قال رضي الله عنه :  ( فثبت أن الحركة ) سواء كانت حركة الذات التي لا كرب فيها من حيث هي ذات أو حركة الأسماء ( كانت للحب ) ، وإذا كانت حركة الذات والأسماء للحب ، ( فما ثم ) أي : في الواقع ( حركة في الكون ) التي هي صورة تلك الحركة ، ( إلا وهي حبية ) ؛ لأن صورة الشيء في المرآة لا تخالف الشيء ، فالحب هو السبب الأصلي لكل حركة ، وإن ظهر غيره .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن العلماء من يعلم ذلك ) ؛ فإنه لوقوفه على الظواهر والبواطن يعلم ما هو باطن الأسباب الظاهرة من الأسباب الباطنة ، ( ومنهم من يحجبه السبب الأقرب ) الظاهر عن الأبعد الباطن ، وإن علم في الجملة ما في ضمنه ( لحكمه ) أي : السبب الأقرب على النفس ، وذلك من ( استيلائه على النفس ) حتى أن موسى عليه السّلام كان محجوبا حين فراره عن ملك فرعون ، إذ كان ذلك قبل النبوة ،
ثم أشار إلى سبب عدم ذكر الأنبياء عليهم السلام الحقائق بالعبارات المختصة الصريحة للخاصة فقط ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.  فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل.  فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.  )
 
قال رضي الله عنه  : ( فإنّ الوجود منه أزليّ ، وغير أزليّ وهو الحادث : فالأزلي وجود الحقّ لنفسه ) وعليه يطلق الكمال الذاتي ، ويلزمه الغناء المطلق من حيث علمه بنفسه فإنّه به مستغن عن العالم .
 
قال رضي الله عنه  : ( وغير الأزلي وجود الحقّ بصور العالم الثابت ) في المراتب الجلائيّة ، القديم بذلك الوجه إلَّا أنّ العالم بذلك الوجه له الخفاء من حيثيّة العالم ، ولذلك ما كانت أعيانه ظاهرة بصورها لنفسها ولا بعضها للبعض ، فإنّه إنما يتحقّق له ذلك في الوجود الذي له بحقّ الوهب من حضرة الجود ، ويستقلّ كل من تلك الأعيان به ظهورا وإظهارا فتحدث النسب الإدراكية التي بعضها للبعض .
 
وإليه أشار بقوله : ( فيسمّى حدوثا ، لأنّه ظهر بعضه لبعضه ) في أعيان العالم ، ( فظهر لنفسه ) من حيث تلك الأعيان ( بصور العالم ) ، كما ظهر لها بصورته ، ( فكمل الوجود ) بصورتيه وظهوريه .
 
قال رضي الله عنه  : ( فكانت حركة العالم حبّية للكمال ) الأسمائي الذي هو عبارة عن ظهور الأعيان بعضها للبعض ، ولنفسها جملة وفرادى ، وتفرقة وجمعا ( فافهم ) بل الحركة مطلقا سواء كان للعالم أو للحضرات كلها حبّية .
 
النفس الرحماني
قال رضي الله عنه  : ( ألا تراه )  يعني الهوية المطلقة  ( كيف نفّس عن الأسماء الإلهيّة ما كانت تجده ) في غيبه ( من عدم ظهور آثارها في عين مسمّى العالم ) ، فإنّه نفّس في عين العالم عن الأسماء الإلهيّة - المعبّر عنها جملة بالرحمن - مالها من الكرب الذي لها في عينه ولهذا يقال له النفس الرحماني (فكانت الراحة محبوبة له ، ولم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري ، الأعلى والأسفل ) يعني الحضرات والعوالم .
 
العلم بالحركة الحبيّة وعدمه سبب اختلاف الصوفيّة وأهل النظر
قال رضي الله عنه  : ( فثبت أنّ الحركة كانت للحبّ ، فما ثمّ حركة في الكون إلَّا وهي حبّية فمن العلماء من يعلم ذلك ) فينسب سائر ما يظهر في المراتب الكونيّة من الآثار إلى الحبّ ، باعتبار المحبيّة والمحبوبيّة ، كبعض المتأخّرين من الصوفيّة ، الذين يجعلون موضوع كلامهم العاشق والمعشوق ، ويثبتون سائر الأحكام بهما
قال رضي الله عنه  : ( ومنهم من يحجبه السبب الأقرب ) كأكثر أهل النظر من الحكماء والمتكلمين ( بحكمه في الحال واستيلائه على النفس ) ، فإنّ أعيان المراتب المحسوسة منها الآثار والأحكام ، لظهور حكمها على مدارك العامّة ، هي أقرب ما ينسب إليه تلك الآثار - ومما يتفرّع على ذلك الأصل الاختلاف بين أهل النظر في أنّ اللذة والراحة من دفع المنافي وإدراك الملائم .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.  فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.   
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل.  فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك تكمل مراتب الوجود ؛ فإنّ الوجود منه أزليّ وغير أزلي وهو الحادث . فالأزليّ وجود الحقّ لنفسه ، وغير الأزليّ وجود الحقّ بصور العالم الثّابت . فيسمّى حدوثا لأنّه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبّية للكمال فافهم . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك تكمل مراتب الوجود فإن الوجود منه أزلي وغير أزلي وهو الحادث فالأزلي . وجود الحق لنفسه وغير الأزلي وجود الحق ) ، وظهوره ( بصور العالم الثابت ) في مرتبة العلم ( فيسمى ) ظهوره بصورة العالم ( حدوثا لأنه ظهر بعضه ) ، أي بعض العالم ( لبعضه ) بعدما لم يكن ظاهرا له ( وظهر لنفسه بصور العالم ) ، بعد ما لم يكن ظاهرا بها .
( فكمل الوجود ) بانضمام الوجود الحادث إلى الوجود القديم ( فكانت حركة العالم ) من العين إلى العين ( حركة حبية ) منبعثة من الحق أو العالم ( للكمال ) ، أي لظهور الكمال الإلهي أو الكوني ( فافهم) .


قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه كيف نفّس عن الأسماء الإلهيّة ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمّى العالم فكانت الرّاحة محبوبة له . ولم يوصل إليها إلّا بالوجود الصّوريّ الأعلى والأسفل . فثبت أنّ الحركة كانت للحبّ ، فما ثمّ حركة في الكون إلّا وهي حبّيّة .  فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السّبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النّفس. )


قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه ) ، أي الحق سبحانه ( كيف نفس عن الأسماء الإلهية ) ، أي أزال عنها ( ما كانت تجده ) تلك الأسماء من الكروب ( من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم فكانت الراحة ) ، بزوال كرب ظهور الأسماء بآثارها واندراجها في مرتبة البطون ( محبوبة له تعالى ولم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري ) العيني الشاهدي .
( الأعلى والأسفل فثبت أن الحركة مطلقا كانت للحب فما ثمة حركة في الكون إلا وهي حبية فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه ) ، أي حكم السبب الأقرب ( واستيلائه في الحال على النفس ) ، أي نفس المحجوب .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:44 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 1:29 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
قال رضي الله عنه : ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطيّ ، وتضمّن الخوف حبّ النّجاة من القتل . ففرّ لمّا خاف ؛ وفي المعنى ففرّ لمّا أحبّ النّجاة من فرعون وعمله به . فذكر السّبب الأقرب المشهود له في الوقت الّذي هو كصورة الجسم للبشر . وحبّ النّجاة مضمّن فيه تضمين الجسد للرّوح المدبّر له . )
 
قال رضي الله عنه : (فكان الخوف) من القتل (لموسى) عليه السلام وهو السبب الأقرب للحركة (مشهودا له) في ذلك الحين (بما وقع) منه (من قتل القبطي) الذي هو من قوم فرعون (وتضمن) ذلك (الخوف) من القتل (حب النجاة) منه والسلامة (لموسى) عليه السلام (من القتل ففر) أي هرب (لما خاف) من ذلك كما قال ففررت منكم لما خفتكم
 
قال رضي الله عنه : (والمعنى ففر لمّا أحب النجاة من فرعون وعمله به) وهو القتل (فذكر) في كلامه (السبب الأقرب) لتلك الحركة الحبية (المشهود) أي ذلك السبب (له) أي لموسى عليه السلام في ذلك (الوقت الذي هو) أي ذلك السبب للسبب الحبي (كصورة الجسم للبشر) يظهر بها الواحد من البشر وتظهر به وحب النجاة الذي هو السبب الأصلي الحبي للحركة الفرارية (مضمن فيه) ، أي في ذلك السبب الأقرب الذي هو الخوف من القتل مثل (تضمين الجسد) البشري (للروح المدبر له) ، وهو كمال الظهور .
 
قال رضي الله عنه :  ( والأنبياء صلوات اللّه عليهم لهم لسان الظّاهر به يتكلّمون لعموم الخطاب ، واعتمادهم على فهم السّامع العالم . فلا يعتبر الرّسل إلّا العامّة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ؛ كما نبّه عليه السّلام على هذه الرّتبة في العطايا فقال : « إنّي لأعطي الرّجل وغيره أحبّ إليّ منه مخافة أن يكبّه اللّه في النّار ) .
 
قال رضي الله عنه : (والأنبياء) عليهم السلام (لهم لسان الظاهر) ، أي التعبير عن المعاني الظاهرة به ، أي بلسان الظاهر المفهوم لكل أحد (يتكلمون) ، فينزلون البواطن في صور الظواهر ويأتون بالأسرار الغيبية في قوالب الأشياء الحسية (لعموم الخطاب) في خواص أممهم وعوامهم كما قال تعالى :وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ[ إبراهيم : 4 ] .
 
قال رضي الله عنه : (واعتمادهم) ، أي الأنبياء عليهم السلام في معرفة المراد (على فهم) الإنسان (العالم) ، أي صاحب العلم (السامع) لذلك الخطاب كما قال نبينا عليه السلام « فليبلغ الشاهد منكم الغائب » . رواه الطبراني في المعجم الكبير ورواه أحمد في المسند ورواه غيرهما .
 
مثل أولاد المكتب يقري بعضهم بعضا ينسبون في التعليم إلى الشيخ (فلا تعتبر الرسل) عليهم السلام ، أي لا اعتبار لهم في خطابهم (إلا العامة) من أممهم دون الخاصة فيراعونهم في الفهم ليفهموا عنهم ما يخاطبونهم (لعلمهم) ، أي الرسل عليهم السلام (بمرتبة أهل الفهم) ، من خواص أممهم (كما نبّه) نبينا (عليه السلام على هذه المرتبة) التي هي الاعتماد على فهم أهل الخصوص من الأمم (في) أمر (العطايا) الدنيوية في الغنائم وغيرها (فقال) صلى اللّه عليه وسلم (إني لأعطي الرجل) من مال اللّه تعالى الذي تحت يدي (وغيره) ، ممن أحرمه من العطايا وأعطيه أقل من الأوّل (أحب) ، أي أكثر حبا (إلي منه) ، أي من ذلك الرجل
 (مخافة) ، أي خوفا مني عليه من ضعف يقينه بأمر الآخرة وكثرة حبه للدنيا أن (يكبّه) ، أي يسقطه ويلقيه (اللّه) تعالى على وجهه (في النار) بإساءة أدبه ظاهرا وباطنا في حقي.
 
والحديث برواية: « أما بعد فو اللّه إني لأعطي الرجل وأدع الرجل والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ولكن أعطي أقواما لما يرى في قلوبهم من الجزع والهلع وأكل أقواما إلى ما جعل اللّه في قلوبهم من الغنى والخير منهم عمرو بن ثعلب » رواه البخاري عن عمرو بن ثعلب .
 
وفي حديث آخر أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده  والنسائي عن سعد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إني أعطي رجالا وأدع من أحب إلي منهم لا أعطيه شيئا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم » .
وفي حديث البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « رحم اللّه موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر » ،
وهذا ما قاله النبي صلى اللّه عليه وسلم حين قال رجل يوم حنين :" واللّه إن هذه لقسمة ما عدل فيها ولا أريد بها وجه اللّه فتغير وجهه صلى اللّه عليه وسلم " ثم ذكره ، وكان كلامه هذا شفقة عليهم ونصحا في الدين لا تهديدا ولا تثريبا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى عليه السلام مشهودا له بما وقع من قتله القبطي وتضمن الخوف حب النجاة من القتل ففرّ لما خاف وفي المعنى ففرّ لما أحب النجاة من فرعون وعمله به )
فكان سبب الفرار في الظاهر الخوف وفي المعنى حب النجاة ( فذكر ) موسى ( السبب الأقرب المشهود له ) .
 
قوله رضي الله عنه  : ( في الوقت ) يتعلق بقوله فذكر أي ذكر موسى في وقت ملاقاته مع فرعون وهو قوله "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ " ( الذي ) أي السبب الأقرب الذي ( هو كصورة الجسم للبشر ، وحب النجاة متضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له والأنبياء عليهم السلام لهم لسان الظاهر به ) الباء يتعلق بقوله ( يتكلمون ) . وإنما يتكلمون بلسان الظاهر ولم يبينوا ما في الظاهر من المعنى.
 
قال رضي الله عنه :  ( لعموم الخطاب واعتمادهم على فهم العالم السامع فلا تعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم كما نبه رسول اللّه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال : « إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ منه مخافة أن يكبه اللّه في النار » ) .
 
روى سعد بن وقاص كان يقسم الغنيمة بين رهط فترك منهم رجلا
فقلت يا رسول اللّه ما أعطيت فلانا وهو مؤمن
فقال الحديث فعلم الرسول أن إيمانه ضعيف فلو لم يعطه لأعرض عن الحق فارتدّ فكان من أهل النار فخاف لأجل ذلك وأعطى. فكان سببه الخوف لا الحب
وعلم من هذا الرجل أن إيمانه كامل تام ، فلا يخاف عليه بترك العطاء فلم يعطه من الغنيمة مع أنه أحب إليه من الرجل الذي أعطى له فيظن المحجوب أن الإعطاء أثر الحب وتركه أثر البغض . فنبه الرسول عليه السلام أن الأمر ليس كذلك
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به. فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر. وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له. والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع. فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطيّ ، وتضمن الخوف حبّ النجاة من القتل ، ففرّ لمّا خاف ، وفي المعنى فرّ لمّا أحبّ النجاة من فرعون وعمله به ، فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر ، وحبّ النجاة مضمّن فيه تضمين الجسد للروح المدبّر له ،  والأنبياء لهم لسان الظاهر ، به يتكلَّمون لعموم الخطاب ، واعتمادهم على فهم العالم السامع ، فلا يعتبر الرسل إلَّا العامّة ، لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ، كما نبّه عليه السّلام على هذه الرتبة في العطايا ، فقال : «إنّي لأعطي الرجل وغيره أحبّ إلىّ منه ، مخافة أن يكبّه الله في النار»)
يشير رضي الله عنه  في كل هذه الحقائق إلى أنّ قوله : "لَمَّا خِفْتُكُمْ " رعاية منه لمفهوم العموم ، فافهم ، ما ينظرون إلَّا إلى السبب الأقرب الظاهر لا إلى الحقيقة وباطن السرّ .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
قال رضي الله عنه :  ( وكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي ، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل ففر لما خاف ، وفي المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون وعمله به ، فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر ، وحب النجاة متضمن فيه تضمن الجسد للروح المدبر له ، والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب واعتمادهم على فهم العالم السامع فلا تعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ، كما نبه عليه الصلاة والسلام ، وعلى هذه الرتبة في العطايا فقال: « لأعطى الرجل وغيره أحب إلى منه مخافة أن يكبه الله في النار») وهذا ظاهر الكلام.
 
وهو أن ظاهر الكلام بقدر أدنى الفهوم وباطنه وحقائقه ولطائفه بقدر أعلاها ، كما قال عليه الصلاة والسلام : "ما من آية إلا ولها ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع " .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى ، عليه السلام ، مشهودا له بما وقع من قتله القبطي ، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل . فقر لما خاف ) في الظاهر (وفي المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون وعمله.) .
 
لأنه ما كان على طريق الحق ( به ) أي ، بالفرار حصل النجاة من فرعون وعمله . لذلك قال له شعيب ، صلوات الله عليه : ( لا تخف نجوت من القوم الظالمين ) . تنبيها لسبب حركته .
 
( فذكر ) موسى ( السبب الأقرب المشهود له في الوقت ) أي ، في وقت الملاقاة معه ( الذي هو كصورة الجسم للبشر . وحب النجاة تضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له . )
قوله : ( الذي ) صفة ( السبب الأقرب ) . أي، هو كالصورة، وحب النجاة مدرج فيه كالروح ، كما أن الصورة الجسمية متضمنة لروحها
 
قال رضي الله عنه :  ( والأنبياء ، صلوات الله عليهم لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم أهل الخطاب ، واعتمادهم على فهم السامع العالم . فلا تعتبر الرسل ، عليهم السلام ، إلا العامة ، لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ، كما نبه ، عليه السلام ، على هذه الرتبة في العطايا ، فقال : " إني لأعطي الرجل ، وغيره أحب إلى منه ، مخافة أن يكبه الله في النار " . )
تقديره : أنى لأعطي الرجل مخافة أن يكبه الله في النار ، والحال أن غيره أحب إلى منه .
ومعنى ( يكبه ) يدخله فيها 
وقال أيضا : " لو كان العلم في الثريا ، لناله رجال من فارس ".
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:47 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 1:33 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
قال رضي الله عنه :  (فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطيّ ، وتضمّن الخوف حبّ النّجاة من القتل ، ففرّ لمّا خاف ؛ وفي المعنى ففرّ لمّا أحبّ النّجاة من فرعون وعمله به ، فذكر السّبب الأقرب المشهود له في الوقت الّذي هو كصورة الجسم للبشر ، وحبّ النّجاة مضمّن فيه تضمين الجسد للرّوح المدبّر له ).
 
( فكان الخوف لموسى مشهودا ) لما وقع استيلاؤه على نفسه ( من قتل القبطي ) ؛ فلذلك قال له بعد النبوة مخبرا عن حالة قبلها  :" فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ " [ الشعراء : 21 ] ،
 
وإن ( تضمن الخوف ) المذكور في قوله وقصده : ( حب النجاة من القتل ) ، لكنه لم يقصده حينئذ ، ( ففر لما خاف ) ، ولكنه علم حين قاله بعد النبوة أنه ( في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون وعمله به ) أي : القتل ودعوى الربوبية ، لكنه رجح الحال التي كانت له حين فراره على العلم الذي حصل له عند ذلك .
"" أضاف المحقق :
الباء متعلقة بعلمه والضمير راجع إلى موسى ، أو متعلقة بالنجاة والضمير للموصوف . شرح الجامي . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت ) أي : وقت الفرار ، وسبب كونه مشهودا أنه ( الذي هو كصورة الجسم للبشر ) ، وهي المشهودة منه دون روحه ، (وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح) فهو غير مشهود وإن كان معلوما ؛ لأنه (المدبر له).
 
قال رضي الله عنه :  ( والأنبياء صلوات اللّه عليهم لهم لسان الظّاهر به يتكلّمون لعموم الخطاب ، واعتمادهم على فهم السّامع العالم ؛ فلا يعتبر الرّسل إلّا العامّة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ؛ كما نبّه عليه السّلام على هذه الرّتبة في العطايا ؛ فقال : « إنّي لأعطي الرّجل وغيره
أحبّ إليّ منه مخافة أن يكبّه اللّه في النّار ».) رواه البخاري ومسلم . 
 
ثم ذكر أنه لو قصد موسى عليه السّلام حب النجاة بالفرار حين فرّ لم يكن ليذكره عند العامة ؛ لأن الأنبياء عليهم السلام لا يذكرون الحقائق إلا في ضمن الظواهر ؛ فقال : ( والأنبياء صلوات اللّه عليهم لهم ) من كل ما يذكرون من الحقائق ( لسان الظاهر ) ،
إذ لكل باطن ظاهر بتضمنه ( به يتكلمون ) مع الخواص والعوام سواء قصدوا الحقائق وحدها أو لا ( لعموم ) تعلق ( الخطاب ) منهم بالكل من الخواص والعوام مع أنه تضرر للعوام بتلك الحقائق ، ولا يفوت بذلك مقصود الخواص عند ( اعتمادهم على فهم السامع العالم ) بطريق الانتقال من الظواهر إلى الحقائق ، وإذا كان لسان الظاهر مفيدا للكل غير مخل بشيء من مقاصدهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يعتبر الرسل ) في العبارات ( إلا العامة ) ، لكن إنما يتأتى لهم هذه العبارات الظاهرة المشيرة إلى الحقائق دون غيرهم ؛ ( لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ) ، فيأتون من العبارات ما يفي بمقاصد كل ذي مرتبة ؛ لذلك كانت لهم جوامع الكلم ، فاعتبروا في بيان الحقائق العامة أيضا بنيان الظواهر ؛ ليحصل لهم النجاة بحصول الاعتقادات الواجبة فيهم ، وإن لم يبلغوا كنه الحقائق تكفيهم ظواهر الاعتقادات في إفادة النجاة فأعطوهم إياها كذلك ، ( كما نبّه عليه السّلام على هذه الرتبة ) ، أي : رتبة العامة ( في العطايا ) الدنيوية أنها إنما تعطى لهم لتفيدهم النجاة ؛
قال رضي الله عنه :  ( فقال : « إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه » ) ، لكن إنما أعطيه ( مخافة أن يكبه اللّه في النار ) ؛ لأنه إنما يثبت على الإيمان عند وجدانه الشهوات التي يتوسل إليها بالمال ، فإذا فقدها ربما ينقلب على عقبيه والعياذ باللّه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
 ذكر سبب فرار موسى
قال رضي الله عنه  : ( فكان الخوف لموسى مشهودا له لما وقع من قتله القبطي ) ، فهو صورته الكونيّة ، ( وتضمّن الخوف حبّ النجاة من القتل ) ، تضمّن الصور الكونيّة حقائقها الوجوديّة ، ( ففرّ ) عندما هو الظاهر عند العامّة ( لمّا خاف وفي المعنى : ففرّ لمّا أحبّ النجاة من فرعون وعمله به فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر ) ، فإنها الصورة الكونية للشخص ( وحبّ النجاة متضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبّر له ) وهو صورة حقيقته الوجوديّة .
 
الأنبياء يتكلمون بلسان العموم ، والخاصة يفهمون منهم الإشارات
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : « لو كان الأمر كذلك ، كان منطوق التنزيل على طبقه ، والواقع على خلاف ذلك فإنّ منطوق التنزيل في هذا الأمر أنّ سبب الفرار إنما هو الخوف ، بقوله : " فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ".
 
فأشار إلى دفع ذلك بقوله : ( والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلَّمون لعموم الخطاب ) ، فإنّ بعث الأنبياء للعامّة أولا ، وكلامهم في ظاهر ما فهم منه معهم ، والخواصّ إنما يفهمون الحقائق منه بضرب من الإشارات الخفيّة والدلالات الطبيعيّة ، دون الجعليّة الوضعيّة ،
( واعتمادهم ) في اخفاء الحقائق ( على فهم العالم السامع ، فلا يعتبر الرسل ) عند إظهار الأحكام في الصور الكلاميّة
 
قال رضي الله عنه  : ( إلَّا العامّة ، لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ، كما نبّه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على هذه المرتبة في العطايا ، فقال : " إنّي لاعطى الرجل - وغيره أحبّ إليّ منه - مخافة أن يكبّه الله في النار " ) ، فعلم أنّه في إحكام رقيقة الأبعدين ، مخافة أن يبعدوا عنه كلّ البعد ، فيكبّوا في النار .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطيّ ، وتضمّن الخوف حبّ النّجاة من القتل . ففرّ لمّا خاف ؛ وفي المعنى ففرّ لمّا أحبّ النّجاة من فرعون وعمله به . فذكر السّبب الأقرب المشهود له في الوقت الّذي هو كصورة الجسم للبشر. وحبّ النّجاة مضمّن فيه تضمين الجسد للرّوح المدبّر له. والأنبياء صلوات اللّه عليهم لهم لسان الظّاهر به يتكلّمون لعموم الخطاب ، واعتمادهم على فهم السّامع العالم . فلا يعتبر الرّسل إلّا العامّة لعلمهم بمرتبة أهل . )


قال رضي الله عنه :  ( فكان الخوف لموسى مشهود له بما وقع من قتل القبطي وتضمن الخوف حب النجاة لموسى من القتل ففر ) في الظاهر ( لما خاف والمعنى : فرّ لما أحب النجاة من فرعون وعلمه به ) الباء متعلقة بعلمه والضمير راجع إلى موسى ، أو متعلقة بالنجاة والضمير للموصوف ( لذكر ) موسى ( السبب الأقرب المشهود له في الوقت ) ، أي وقت الفرار السبب ( الذي هو كصورة الجسم للبشر ) من حيث أنه هو المشهود أولا
( وحب النجاة مضمن فيه ) ، أي في السبب الأقرب أعني الخوف ( تضمين الجسد للروح المدبر له . والأنبياء صلوات اللّه عليهم لهم لسان الظاهر ) ، الذي تفهمه الخواص والعوام
 
قال رضي الله عنه :  ( به يتكلمون لعموم الخطاب ) ، أي لعموم خطاب كل من أرسلوا إليه فينبغي أن يكون خطابهم على وجه تفهمه العامة ( واعتمادهم على فهم السامع العالم ) الذي يفهم بمجرد
 
قال رضي الله عنه : ( الفهم ؛ كما نبّه عليه السّلام على هذه الرّتبة في العطايا فقال : « إنّي لأعطي الرّجل وغيره أحبّ إليّ منه مخافة أن يكبّه اللّه في النّار » ).


ما سمع الكلام الملقى إلى العامة الحقائق بضرب من الإشارات الخفية التي لا يفهمها العامة ( فلا تعتبر الرسل ) في خطاباتهم ( إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ) ، فاكتفوا في مخاطبتهم بإشارة غامضة وتنبيهات خفية منطوية تحت ما ألقوا إليّ العامة .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما نبه صلى اللّه عليه وسلم على هذه المرتبة في العطايا وقسمتها فقال : إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ منه مخافة أن يكبه ) ، أي يلقي ( اللّه ) ذلك الرجل على وجهه ( في النار ) لو لم أعطه فاعتبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قسمة العطايا  الضعيف العقل والنظر .

 .


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:47 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 1:37 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضّعيف العقل والنّظر الّذي غلب عليه الطّمع والطّبع .
فكذا ما جاؤوا به من العلوم جاؤوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة ، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ! ويراها غاية الدّرجة . ويقول صاحب الفهم الدّقيق الغائص على درر الحكم - بما استوجب هذا - « هذه الخلعة من الملك » . فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثّياب ، فيعلم منها قدر من خلعت عليه ، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممّن لا علم له بمثل هذا . )
 
قال رضي الله عنه :  (فاعتبر) صلى اللّه عليه وسلم في تفريقه المال الرجل (الضعيف العقل) والضعيف (النظر) ، أي الرأي والفكر (الذي غلب عليه الطمع) في الدنيا وغلب عليه (الطبع) الخسيس ، فأعطاه وأجزل نصيبه من المال ، ولم يعتبر أهل القوة الإيمانية واليقين الصادق ، فربما حرمهم من ذلك ، كما كان عليه السلام يقسم الغنائم على بعض المهاجرين ويحرم الأنصار منها وهم أحوج منهم لمعرفته بقلوبهم.
 
قال رضي الله عنه :   (فكذا) ، أي مثل العطايا (ما جاؤوا) ، أي الأنبياء عليهم السلام به فبلغوه إلى الناس (من العلوم) الإلهية (جاؤوا به) من عند اللّه تعالى بالوحي (وعليه خلعة أدنى الفهوم) من الناس يعني بعبارات العامة فيما اصطلحوا عليه من الكلام (ليقف) ، أي يطلع على ذلك (من لا غوص له) ، أي لا معرفة عنده بدقائق الأمور وغوامض الأسرار .
 
قال رضي الله عنه :  (عند الخلعة) التي هي خلعة أدنى الفهوم المناسبة له لكونه من عامة الناس (فيقول) عند ذلك (ما أحسن هذه الخلعة) ، أي العبارة التي لبسها ذلك المعنى فظهر بها له (ويراها غاية الدرجة) فيما يمكن بالنسبة إليه من الكلام (ويقول) عند ذلك (صاحب الفهم الدقيق) من خواص الأمّة الغائص في بحر الكلم النبوية (على درر الحكم) جمع حكمة (بما) يعني بأي سبب (استوجب) ، أي استحق (هذا) المعنى العظيم أن يلبس (هذه الخلعة) التي هي أدنى منه فيظهر بها بين المكلفين من الخاص والعام (من الملك) الحق الذي منه كل شيء .
 
قال رضي الله عنه :  ( (فينظر) ، أي صاحب الفهم (في قدر) ، أي مرتبة (الخلعة) التي لبسها ذلك المعنى الوارد عن الحق تعالى بلسان الرسول عليه السلام (و) في (صنفها) يعني من أي نوع هي (من) أنواع (الثياب) المعتبرة عند الناس (فيعلم) ، أي صاحب الفهم (منها) ، أي من تلك الخلعة (قدر) ، أي مرتبة ومزية (من) ، أي المعنى الإلهي الذي (خلعت) تلك الخلعة (عليه) فترتفع عنده مزايا الأمور المخفوضة عند العامة لعدم علمهم بها ، ويعرف مقدار قصور العامة عن إدراك ما عندهم من الظواهر الإلهية والأحوال الربانية (فيعثر) ، أي يطلع (على علم) إلهي عظيم شريف (لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا ) العلم الرباني الشريف .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا علمت الأنبياء والرّسل والورثة أنّ في العالم وفي أمّتهم من هو بهذه المثابة ، عمدوا في العبارة إلى اللّسان الظّاهر الّذي يقع فيه إشتراك الخاصّ والعامّ ، فيفهم منه الخاصّ ما فهم العامّة منه وزيادة ممّا صحّ له به اسم أنّه خاصّ فتميّز به عن العامّي . فاكتفى المبلّغون العلوم بهذا .  فهذا حكمة قوله : عليه السلام :فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ [ الشعراء : 21 ] ولم يقل ففررت منكم حبّا في السّلامة والعافية . )
 
قال رضي الله عنه :  (ولما علمت الأنبياء والرسل) عليهم السلام والأولياء (الورثة) لعلومهم كما قال تعالى :ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا[ فاطر : 32 ] ، وقال تعالى :أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ [ المؤمنون : 10 ] .
 
وفي الحديث : " العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء وورثتي وورثة الأنبياء " أخرجه السيوطي في الجامع الصغير أخرجه أيضًا: الرافعى وأورده العجلوني في كشف الخفاء وقال رواه ابن عدي عن علي رضي اللّه عنه ، وهو حديث صحيح كما قال المناوي .  
 
وفي رواية : " العلماء ورثة الأنبياء يحبهم أهل السماء وتستغفر لهم الحيتان في البحر إذا ماتوا إلى يوم القيامة ". رواه ابن النجار عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه . وأبو نعيم، والديلمى، وابن النجار عن البراء. و روى نحوه ابن ماجة في سننه
 
وفي رواية العلم : " ميراثي وميراث الأنبياء قبلي ". السيوطي في الجامع الصغير ورواه أبو حنيفة في المسند ، روايته عن إسماعيل بن عبد الملك و أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أم هانىء رضي اللّه عنها و أخرجه أبو نعيم.
 
قال رضي الله عنه :  (أن في) جملة (العالم) بالفتح أي المخلوقات (وفي أمتهم) ، أي اتباعهم المؤمنين بهم (من هو بهذه المثابة) من أصحاب الفهم الدقيق والذوق الأنيق (عمدوا في العبارة) التي يكشفون بها عما عندهم من العلوم الإلهية والأسرار الربانية (إلى اللسان الظاهر) المفهوم للكل الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام من الناس فيفهم منه الخاص من الناس ما فهم العامة منه وزيادة اختصوا بها دون العامة (مما) ، أي من الأمر الذي (صح له) ، أي للواحد من الخاص (به) ، أي بسبب ذلك الأمر اسم فاعل أنه ، أي ذلك الواحد منهم.
 
قال رضي الله عنه :  (خاص فيتميز) ذلك الخاص (به) ، أي بذلك الأمر (عن العامي) من الناس (فاكتفى المبلغون )الذين يبلغون العلوم الإلهية إلى الناس من الأنبياء وورثتهم كما مر (بهذا) بمراعاة اللسان الظاهر المفهوم للكل .
 
قال رضي الله عنه :  (فهذا الأمر هو حكمة قوله) ، أي موسى ("عليه السلام فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ")[ الشعراء : 21 ] والخوف من غير اللّه تعالى مذموم كما قال سبحانه :فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[ آل عمران : 175 ] . وقال تعالى :وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ[ الأحزاب : 37 ] .
وحاشا الأنبياء عليهم السلام والورثة على طريقهم من الخوف من غير اللّه تعالى في باطن الأمر كما قال سبحانه :وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ[ الأحزاب : 39 ] .
 
ولكن لهم لسان الظاهر كما تقرر هنا (ولم يقل) ، أي موسى عليه السلام (ففررت منكم حبا ) ، أي محبة مني (في السلامة والعافية ) ستر للمعاني الإلهية بالأمور الظاهرة الكونية .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة. ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.  
ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع ، وكذا ما جاؤوا به من العلوم جاؤوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ، ليقف من لا غوص له عند الخلعة ، فيقول : ما أحسن هذه الخلعة أو براها غاية الدرجة ، ويقول صاحب الفهم الدقيق ، الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا : - « هذه الخلعة من الملك » فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب ، فيعلم منها قدر ما خلعت عليه ، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممّن لا علم له بمثل هذا . ولمّا علمت الأنبياء والرسل والورثة أنّ في العالم وفي أمّتهم من هو بهذه المثابة ، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاصّ والعامّ ، فيفهم منه الخاصّ ما فهم العامّ منه وزيادة ما صحّ له به اسم أنّه خاصّ يميّز به عن العامّيّ ، فاكتفى المبلَّغون للعلوم بهذا ، فهذا حكمة قوله عليه السّلام : "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ " ولم يقل : ففررت منكم حبّا في السلامة والعافية ) .


يشير رضي الله عنه  في كل هذه الحقائق إلى أنّ قوله : "لَمَّا خِفْتُكُمْ " رعاية منه لمفهوم العموم ، فافهم ، ما ينظرون إلَّا إلى السبب الأقرب الظاهر لا إلى الحقيقة وباطن السرّ .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع ، وكذا ما جاؤوا به من العلوم جاؤوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ، ليقف من لا غوص له عند الخلعة ، فيقول : ما أحسن هذه الخلعة أو براها غاية الدرجة ، ويقول صاحب الفهم الدقيق ، الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا : - « هذه الخلعة من الملك » فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب ، فيعلم منها قدر ما خلعت عليه ، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممّن لا علم له بمثل هذا . ولمّا علمت الأنبياء والرسل والورثة أنّ في العالم وفي أمّتهم من هو بهذه المثابة ، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاصّ والعامّ ، فيفهم منه الخاصّ ما فهم العامّ منه وزيادة ما صحّ له به اسم أنّه خاصّ يميّز به عن العامّيّ ، فاكتفى المبلَّغون للعلوم بهذا ، فهذا حكمة قوله عليه السّلام : "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ " ولم يقل : ففررت منكم حبّا في السلامة والعافية ) .
 
يشير رضي الله عنه  في كل هذه الحقائق إلى أنّ قوله : "لَمَّا خِفْتُكُمْ " رعاية منه لمفهوم العموم ، فافهم ، ما ينظرون إلَّا إلى السبب الأقرب الظاهر لا إلى الحقيقة وباطن السرّ .
 
 شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر ضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع ، فكذا ما جاؤوا به من العلوم جاؤوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة فيقول : ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة ، ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا : هذه الخلعة من الملك ، فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب ) وهذا ظاهر الكلام
 
قال رضي الله عنه :  ( فيعلم منها قدر من خلعت عليه فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا) وهو أن ظاهر الكلام بقدر أدنى الفهوم وباطنه وحقائقه ولطائفه بقدر أعلاها ، كما قال عليه الصلاة والسلام : "ما من آية إلا ولها ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع " .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم من أمتهم من هو بهذه المثابة عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص فيتميز عن العامي فاكتفى المبلغون العلوم بهذا فهذا حكمة قوله : "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ " ولم يقل ففرت منكم حبا للسلامة والعافية ).
 
يعنى أن قوله لما خفتكم عليه منه عليه السلام لفهم العامة ، فإنهم لا ينظرون إلا في السبب القريب لا في الحقيقة كما ذكر .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر ) أي النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع ) بفتح ( الباء ) ، أي الرين . إشارة إلى قوله : ( وطبع الله على قلوبهم ) . كما قال : ( كلا ، بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكذا ما جاؤوا به من العلوم ) أي ، فكذا حال ما جاء الأنبياء به من العلوم والحقائق ( جاؤوا به ) أي ، جاؤوا بما جاؤوا به (وعليه خلعة أدنى الفهوم.) أي ، وعليه خلعة ولباس يفهمه من له أدنى فهم (ليقف من لا غوص له عند الخلعة) أي ، الصورة الظاهرة .
فلما استعار لها لفظ ( الخلعة ) ، رشح بقوله : ( فيقول : ما أحسن هذه الخلعة قد ويراها غاية الدرجة . ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا ) أي ، المعطى له .
 
قال رضي الله عنه :  ( هذه الخلعة من الملك . فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب ، فيعلم منها قدر من خلعت عليه ، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا . ) وهذا مثال لعلماء الظاهر والباطن .
والخلعة مثال لظاهر الآيات والأخبار ، فإن صاحب أدنى الفهوم يقف على ظواهرها ، ولا
يغوص في قعر بحرها ، وصاحب الفهم الدقيق يستخرج منه لآلئ المعاني ودرر الحكم والمعارف .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وفي أمتهم من هو بهذه المثابة ، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام ، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص ، فيتميز به عن العامي . فاكتفى المبلغون العلوم بهذا . ) أي ، بلسان الظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهذا حكمة قوله عليه السلام : "ففررت منكم لما خفتكم" . ولم يقل ، ففررت منكم حبا في السلامة والعافية ) رعاية لجانب الظاهر ولسان العامة .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:49 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضّعيف العقل والنّظر الّذي غلب عليه الطّمع والطّبع ، فكذا ما جاؤوا به من العلوم جاؤوا به ، وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة ، فيقول : ما أحسن هذه الخلعة ! ويراها غاية الدّرجة ، ويقول صاحب الفهم الدّقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا : " هذه الخلعة من الملك " ، فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثّياب ، فيعلم منها قدر من خلعت عليه ، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممّن لا علم له بمثل هذا ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر ضعف العقل ) في العطايا ، إذ عند ضعفه يقوى داعي الشهوات ، فلا يبالي بدلالة المعجزة على صدق النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عند فقد ما غلب على نفسه طلبه ، وهذا العقل وإن كان مفيدا للنظر الموجب للتكليف ، لكنه ( النظر الذي غلب عليه الطمع والطبع ) ، والحكم للغالب ، وإذا اعتبر في العطايا المالية ضعف العقل ، فكيف ولا يعتبره في العلوم التي الزلة
 
منها خرور من السماء ، وإليه الإشارة بقوله : ( فكذا ما جاءوا به من العلوم ) المشتملة على الحقائق والدقائق ، ( جاءوا به ، وعليه خلعة أدنى الفهوم ) أي : العبارة التي تدل بظاهرها على ما يفهمه من له أدنى المفهوم ، ويكون كنه الحقيقة مستورا فيها ؛ ( ليقف من لا غوص له ) في كنه الأشياء ( عند ) ظاهر "المعنى"
 قال رضي الله عنه :  ( الخلعة ، فيقول : ما أحسن هذه الخلعة ) ؛ لاشتماله على وجوه البلاغة والبديع ، ( ويراها غاية الدرجة ) التي بها الإعجاز .
 
قال رضي الله عنه :  ( ويقول صاحب « الفهم الدقيق » ) : وليس المراد أهل صنعة المعاني والبيان ، وإنما هو ( الغائض على درر الحكم ) ، وهي الأمور التي تحار فيها أفكار الفلاسفة والمتكلمين ، ولا يصلون أدنى حصصها بما استوجب هذا المعنى الظاهر ( هذه الخلعة ) الخاصة مع أن له خلعا كثيرة ، فلابدّ من النظر في هذا الاختصاص ؛ لكونها ( من الملك ) المطلق الذي يملك الخلع كلها ، ويعطى كل ذي حق حقه ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فينظر في قدر الخلعة ) من الإيجاز والإطناب ، وتمام الألفاظ وقصورها ، ( وصنفها ) من الحقيقة ، والمجاز المرسل ، والاستعارة ، والكناية ، ومن الحروف والاشتقاقات وشبهها ، فيعلم وجه اختصاصها بهذا المعنى من بين ( الثياب ) الكثيرة التي يمكن أن تخلع هذا المعنى بكل واحد منها ، ( فيعلم منها قدر ما خلعت عليه ) ؛ لدلالته الظاهرة على الباطن ، ( فيعثر على علم ) من الحقائق بطريق التضمن ، أو الالتزام ، أو الإشارات ( لم يحصل لغيره ) ، وإن بلغ في العلوم المتداولة كلها درجة الاجتهاد ، إذا لم يكن ( ممن لا علم له بمثل هذا ) ، أي : قدر الخلعة وصنفها .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا علمت الأنبياء والرّسل والورثة أنّ في العالم وفي أمّتهم من هو بهذه المثابة ، عمدوا في العبارة إلى اللّسان الظّاهر الّذي يقع فيه اشتراك الخاصّ والعامّ ، فيفهم منه الخاصّ ما فهم العامّة منه وزيادة ممّا صحّ له به اسم أنّه خاصّ فتميّز به عن العامّي ، فاكتفى المبلّغون العلوم بهذا ، فهذا حكمة قوله عليه السّلام : فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ [ الشعراء : 21 ] ، ولم يقل : ففررت منكم حبّا في السّلامة والعافية )
 
ثم أشار إلى سبب عدم ذكر الأنبياء عليهم السلام الحقائق بالعبارات المختصة الصريحة للخاصة فقط ،
فقال رضي الله عنه   : ( ولمّا علمت الأنبياء والرّسل والورثة ) من علماء السلف ذكر الكل ؛ ليدل على أنه طريق الكل ما داموا يعلمون ( أن في العالم ) ، ولا سيما ( في أمتهم من هو بهذه المثابة ) من فهم الحقائق من الظواهر بخلاف المتأخرين ، فإنهم إنما ذكروا الحقائق بالعبارات المختصة بها ؛ لعلمهم أن ليس في العالم ظاهرا من يفهم هذه الحقائق من الظواهر ما لم يعلموها أولا بالعبارات الصريحة ( عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر ) ، إذ يحصل به الإتلاف والاتفاق بين الكل ، ولا يقع الافتراق ؛ لأن هذا اللسان هو ( الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام ) ، وإن اختلفت مراتبهم في الفهم ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فيفهم منه الخاص ما فهم العام منه ) ؛ لأنه مراد منه لا كما تقوله أهل الطامّات من الصوفية ، ولا الباطنية من الشيعة ، ويفهم منه الخاص زيادة لا تخالف مفهوم العبارة لو عبر عن تلك ( الزيادة ) بعبارة صريحة لا يكون مفهوم إحدى العبارتين مناقضا لمفهوم الأخرى ،
فتلك العبارة ( مما صح له به اسم أنه خاص ) ؛ لأنه مبتدع ملحد كما تزعم الجهّال بالحقائق ، وكيف لا يكون فهمها خاصّا ، وهو ( يتميز به ) ، أي : بهذا الفهم ( عن العامي ) بعد اشتراكهما في المفهوم الظاهر ، والخصوص إنما يحصل للخاص بحصول المميز من الفصل أو الخاصة.
 
ولما كان هذا مقصد الأنبياء والرسل عليهم السلام من البيان باللسان الظاهر ، والورثة تابعون لهم من كل وجه ، ( فاكتفى المبلغون العلوم ) عنهم هذا قبل ظهور القصور في فهم الحقائق عن هذه الظواهر فقط ، وإذا كان الأنبياء عليهم السلام دعوا العامة من أممهم حتى علماء الظاهر منهم ، فكيف لا يزعمون به الجهّال المخالفين ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فهذه حكمة قوله عليه السّلام ) في خطاب فرعون وقومه فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ [ الشعراء : 21 ] ، ولم يقل : ففرت منكم حبّا في السلامة ) عن قتلكم ، ( والعافية ) عن عملكم واعتقادكم ،
وإن كانت هذه الحقيقة من الظواهر التي لا يتضرر العامة بفهمها ، إلا أنهم في بيان الحقائق بطريق الإشارة على نهج واحد لا يقال : إنما يصح هذا التقرير لو قال : « لما خفتكم » بكسر اللام ، وتخفيف "ما " ،
وهو إنما قال : « لما » بالفتح والتشديد ؛ لأنّا نقول : لما كان الكلام في الاعتذار جرى مجرى التعليل ، وإنما قال : أو لأحيى في النجاة ، وهاهنا حبّا في السلامة والعافية ؛ لأن هذا تفصيل ، وذاك إجمال ، والإجمال سابق على التفصيل .
ولما فرغ عن بيان كيفية نجاته ، شرع في بيان كيفية فراره بالدرجات حتى يقرب إلى اللّه تعالى ، فجعله من المرسلين ،
وهو أنه لما فرّ من فرعون وعمله وخرج من ملكه ..
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 
قال رضي الله عنه  : (فاعتبر الضعيف العقل والنظر ، الذي غلب عليه الطمع و ) هو عين ( الطبع ) الذي طبع على قلوبهم - بميم التمام ، بدل باء الإبانة والظهور - ( فكذا ما جاؤوا به من العلوم ، جاؤوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ) أي صورة قبول من كان في أوائل درجات الفهم الذي يختصّ بنوعه ( ليقف من لا غوص له ) في الصور القشريّة التي هي لشخص المعنى - وبدن الأب بمنزلة الخلقة للشخص من الأبعدين .
 
قال رضي الله عنه  : ( عند الخلعة ) كعلماء الرسوم المتدبّرين فيه بما عندهم من العلوم الأدبيّة المميّزة بين الفاخرة من تلك الخلع التركيبيّة وغيرها ، والعلوم الاعتقاديّة العلميّة والعمليّة أصولا وفروعا .
 
قال رضي الله عنه  : ( فيقول : ما أحسن هذه الخلعة ) عند مطابقتها أصل عقيدتهم وعلى قدر نيّتهم وامنيّتهم فيما يحسنونه من العلوم ، ( ويراها غاية الدرجة ) حيث يقول صاحب علم الأدب : « إنّه حد الإعجاز » .
 
قال رضي الله عنه  : ( ويقول صاحب الفهم الدقيق ، الغائص على درر الحكم ) عند الخوض في بحور معانيه ولطائف حقائقه ( بما استوجب هذا ) القول ( « هذه الخلعة  - الفاخرة التي على قدر جملة النيّات والعقائد -  من الملك » ) الذي إنما يخلع على كل أحد بقدّ قابليّته .
(  فينظر في قدر الخلعة ) من الصفاء والخلوص المعبّر عندهم بالفصاحة والبلاغة  (وصنفها من الثياب ) المعمولة هي منها ، ككونها في كسوة العربيّ أو السريانيّ ، أو غير ذلك .
 
قال رضي الله عنه  : ( فيعلم منها قدر من خلعت عليه ) من المعاني اللطيفة الذوقيّة المستنبطة تارة من قدر تلك الخلعة وصورتها التركيبيّة وخواصّ هيئاتها الجمعيّة ، وأخرى من أصل كسوتها وموادّ حروفها ، رقميّة ولفظيّة ، ( فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا ) الانتقال والاستنباط .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أنّ في العالم وفي امّتهم من هو بهذه المثابة ) في الفهم عن الكلام المنزل إليهم ، الظاهر عنهم ، ( عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاصّ والعامّ ، فيفهم منه الخاصّ ما فهم العام منه وزيادة ، مما صحّ له به اسم أنّه خاصّ ، فيتميّز به عن العامّي فاكتفى المبلَّغون ) في إبلاغهم ( العلوم بهذا ) القدر من الإيماء والإشارة .
 
لا منافاة بين فهم أهل الخصوص والعموم من القرآن الكريم
ثم إنّه ممّا علم في طيّ هذه المقدّمات من الحكم أنّ فهم أهل الخصوص يشارك فهم العامّة عند الاحتظاء من الكلام النبوي ويوافقونهم عند الاغتذاء من نوال كمالهم غير أنّ الخواصّ يفهمون مع ذلك غيره من اللطائف الذوقيّة ، فلا منافاة بين المفهومين أصلا ،
والذي تسمعه من المعزوّين إلى الصوفية " إنّ ما في التفاسير من المعاني غير مراد من القرآن ، وإنّ المراد منه أمر آخر " .
 
فمما لا أصل له في التحقيق ، فإنّ كل ما فهم منه عند الأذكياء على أصل من أصول ، لا بدّ وأن يكون من المراد نعم - الحصر في معنى معيّن ومفهوم خاصّ من ذلك المعاني ينافي التحقيق ، كما علم أنّ غير الأنبياء من ورثتهم ، الذين لهم استحقاق إبلاغ العلوم ، لا بدّ وأن يكون كلامهم أيضا جامعا بين الطرفين ، محيطا بالفهمين .
 
) قال رضي الله عنه  : ال رضي الله عنه  : فهذا حكمة قوله : “ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ “ ) حيث عبر عن مبدأ فراره وحركته بالخوف ، تنزّلا إلى مدارك فهوم العامّة ، وممّا يؤيّد هذا تكرر الخطاب بصورة الجمع والتفرقة الكونيّة ( ولم يقل : « ففررت منكم حبّا في السلامة والعافية » ) .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.   ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية. )
 


قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر الضّعيف العقل والنّظر الّذي غلب عليه الطّمع والطّبع .  فكذا ما جاؤوا به من العلوم جاؤوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة ، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ! ويراها غاية الدّرجة . ويقول صاحب الفهم الدّقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا « هذه الخلعة من الملك » . فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثّياب ، فيعلم منها قدر من خلعت عليه ، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممّن لا علم له بمثل هذا .)
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعتبر ) رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قسمة العطايا ( الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع ) إما بفتح الباء أي الذين أشار إلى قوله :طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ[ النحل : 108 ]
كما قال :بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ [ المطففين : 14 ] أو بسكونها وبه قيد النسخة المقروءة عليه رضي اللّه عنه هوى الطبع فهو بحكمه لا بحكم الشرع على الطبع فكما اعتبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الضعيف العقل في العطايا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكذا ما جاؤوا ) ، أي الأنبياء ( به من العلوم جاؤوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ) ، أي خلعة يصل أدنى المفهوم إلى ما تحتها في أول مرتبة ( ليقف من لا غوص له عند الخلعة فيقول : ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة ) ، هذا مثال لعلماء الظاهر وإرسال إلى علماء الباطن بقوله : ( ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم ) ، عند الخوض في بحور معانيه
 
قال رضي الله عنه :  ( بما استوجب هذا ) ، أي بموجب استحقاقه هذا القول ( هذه الخلعة من الملك ) هذا مقول القول ( فينظر ) بعد هذا القول ( في قدر الخلعة وصنفها ) بين الخلع والفصاحة والبلاغة وغيرهما وصنفها ( من الثياب ) أعربية هي أم سريانية أو غيرهما ( فيعلم منها قدر من خلعت عليه ) من الحقائق والدقائق ( فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا ) الذي ذكر من قدر الخلعة وصنفها وقدر من خلعت عليه .


قال رضي الله عنه :  ( ولمّا علمت الأنبياء والرّسل والورثة أنّ في العالم وفي أمّتهم من هو بهذه المثابة ، عمدوا في العبارة إلى اللّسان الظّاهر الّذي يقع فيه إشتراك الخاصّ والعامّ ، فيفهم منه الخاصّ ما فهم العامّة منه وزيادة ممّا صحّ له به اسم أنّه خاصّ فتميّز به عن العامّي . فاكتفى المبلّغون العلوم بهذا .  فهذا حكمة قوله : عليه السّلام :فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ [ الشعراء : 21 ] ولم يقل ففررت منكم حبّا في السّلامة والعافية .  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة في العالم وفي أمتهم من هو بهذه المثابة عمدوا في العبارة ) عن مقاصدهم ( إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص فتميز به عن العامي فاكتفى المبلغون العلوم بهذا ) القدر من الإيمان والإشارة في حق الخواص ( فهذا الأمر حكمة قوله فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ) [ الشعراء : 21 ] .
حيث عبر عن سبب فراره وحركته بالخوف الذي هو السبب الأقرب المشاهد للعامة ( ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية).
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:50 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 1:48 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثامنة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )
 
قال رضي الله عنه : ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين "فَسَقى لَهُما" من غير أجر ."ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ" الإلهيّ فقال :"رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ" [ القصص : 24 ] فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزل اللّه إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخير الذي عنده ) .
 
قال رضي الله عنه : (فجاء )، أي موسى عليه السلام إلى مدين بلاد شعيب عليه السلام وهي قريبة من مصر فوجد الجاريتين ، أي البنتين هما لشعيب عليه السلام ("فَسَقى لَهُما") غنم شعيب عليه السلام التي كانت معهما من غير أجر ، أي أجرة يأخذها على ذلك ("ثُمَّ تَوَلَّى")،.
 
قال رضي الله عنه : (أي عدل "إِلَى الظِّلِّ" الإلهي) وهو قيامه بالمراتب الإلهية والحضرات الربانية وخروجه عن شهود نفسه بالكلية في شهود ربه المتجلي عليه في صورته الروحانية والجسمانية فكان ربانيا لا نفسانيا فأظله اللّه تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله بسبب محبته البنات في اللّه تعالى والمتحابان في اللّه تعالى في ظله كما ورد في الحديث .
 
وقد يكون لعدوله عن مقتضى نفسه إلى به كما في حديث السبعة الذين يظلهم اللّه تعالى في ظله أن منهم رجلّا عرضت عليه امرأة ذات منصب وجمال فتركها لجلال اللّه تعالى .
(وفي رواية) : « رجل غض عينه عن محارم اللّه تعالى » .  رواه الطبراني في الكبير و أبو يعلى والسيوطي في الجامع الصغير و الحافظ العراقي في تخريح احاديث الإحياء .
 
وعلى هذا فاللام في الظل للعهد الذهني فَقالَ: ، أي موسى عليه السلام ("رَبِّ")، أي يا رب ("إِنِّي لِما")، أي لأجل الذي ("أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ") [ القصص:24 ].
 
إليك في إنزال غيره (فجعل) عليه السلام (عين عمله السقي ) لبنات شعيب عليه السلام (عين الخير) ، أي العمل الصالح الذي أنزله اللّه تعالى إليه ، أي إلى موسى عليه السلام ثم رفعه تعالى له في صحيفته (ووصف) ، أي موسى عليه السلام (نفسه بالفقر) ، أي الاحتياج إلى اللّه تعالى (في) حصول (الخير الذي عنده) ، أي اللّه تعالى أيضا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكّره سقايته من غير أجر ، إلي غير ذلك ممّا لم نذكر حتّى تمنّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم - أن يسكت موسى عليه السّلام ولا يعترض حتّى يقصّ اللّه عليه من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى عليه السّلام من غير علم منه .  إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الّذي قد شهد اللّه له عند موسى وزكّاه وعدّله ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللّه وعمّا شرطه عليه في اتّباعه، رحمة بنا إذ نسينا أمر اللّه. ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً[ الكهف : 68 ] أي إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا . فأنصف . )
 
قال رضي الله عنه : (فأراه) ، أي موسى عليه السلام أراه (الخضر) عليه السلام في زمان متابعته له ليعلمه مما علم رشدا (إقامة) ، أي تعمير (الجدار) في القرية التي استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما (من غير أجر) ، أي أجرة أخذها الخضر عليه السلام منهم (فعتبه) ، أي موسى عتب على الخضر عليه السلام (على ذلك) الفعل بقوله :"لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً"[ الكهف : 77 ] ، أي أجرة تأكل بها بدل ما منعونا منه حين استطعمناهم .
 
قال رضي الله عنه : (فذكّره) بالتشديد لأن موسى عليه السلام نسي (بسقايته) ، أي موسى عليه السلام الغنم لبنات شعيب عليه السلام (من غير أجر) ، أي أجرة يأخذها على ذلك ، ولم يتذكر موسى عليه السلام فاعترضه فيما صدر منه ، وهكذا السالك الملتزم بالعهد متابعة الكامل يجد منه ما وقع له من المخالفات قبل سلوكه التي لم يتب منها تذكرا له بها ،
 
فإن تذكر وتاب وجد ما صدر من شيخه خيرا محضا ، وإن لم يتب وأصر في إنكاره عليه ، فإنما هو في نفس الأمر منكر على نفسه ولم يشعر بذلك ، فيفارقه شيخه لعدم قابليته في السلوك وعدم استعداده لمعارف الرجل ،
وهي عبرة عظيمة قصها اللّه تعالى لنا في القرآن إلى يوم القيامة ، وإن كانت من قبيل حسنات الأبرار سيئات المقربين (إلى غير ذلك مما لم يذكر) في القرآن منه وقائع وقعت لموسى عليه السلام لو صبر مع الخضر عليه السلام لذكره الخظر بها كلها .
 
قال رضي الله عنه : (حتى تمنى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يسكت موسى ولا يعترض على الخضر حتى يقص اللّه) تعالى (عليه) ، أي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (من أمرهما) ، أي موسى والخضر عليهم السلام في بيان الخضر له جميع ما وقع منه بمثاله ليختبر قوة إدراكه في معرفة الحقائق الإلهية الطالب معرفتها ،
 
كما قال نبينا صلى اللّه عليه وسلم ،"  رحمة اللّه علينا وعلى أخي موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب . » أخرجه أبو داود والنسائي ذكره السيوطي في الجامع الصغير .
 
قال رضي الله عنه : (فيعلم) رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (بذلك) ، أي بما يقصه اللّه تعالى عليه من أمرهما (ما وفّق) ، أي وفق اللّه تعالى (إليه موسى عليه السلام) مما يصدر منه مع الخضر عليه السلام من الوقائع العجبية (من غير علم منه) ، أي من موسى عليه السلام بما وقع له من ذلك (إذ لو كان) ما وقف له (عن علم) منه به (ما أنكر مثل ذلك) الذي رآه (على الخضر) مثالا لما صدر منه قبله (الذي) نعت للخضر (قد شهد اللّه) تعالى (له) بزيادة العلم (عند موسى) عليه السلام كما ورد في حديث البخاري وغيره (وزكّاه) اللّه تعالى (وعدّله)  حيث مدحه بقوله سبحانه :فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً( 65 ) [ الكهف : 65 ] ،
 
قال رضي الله عنه : (ومع هذا) التعديل والمدح من اللّه تعالى له (غفل موسى) عليه السلام (عن تزكية اللّه) تعالى وتعديله للحضر عليه السلام وغفل أيضا (عما شرطه )، أي الخضر عليه السلام (عليه) ، أي على موسى عليه السلام (في اتباعه) له "قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66)  قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ( 67 ) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ( 68 ) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ( 69 ) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً( 70 ) [ الكهف : 66 - 70 ] .
 
قال رضي الله عنه : (رحمة بنا) معشر المكلفين (إذا نسينا أمر اللّه ) تعالى في حال من الأحوال ، فنتأسى بموسى عليه السلام ، وأنه رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه كما ورد في الحديث (ولو كان موسى) عليه السلام (عالما بذلك) ، أي بما أنكره على الخضر عليه السلام (لما قال له الخضر) عليه السلام (ما لم تحط به خبرا) وتقدير كلامه أي إني على علم حاصل لي من ذوق ولم يحصل لك ، أنت هذا العلم عن ذوق كما أنك أنت على علم ذائق له لا أعلمه أنا فلست على ذوق منه فأنصف ، أي الخضر في قوله ذلك .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )
 
قال رضي الله عنه :  (فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فسقى لهما من غير أجر ثم تولى إلى الظل الإلهي فقال : "رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير" فجعل عين عمله السقي ) أي عمله هو السقي
( عين الخير الذي أنزله اللّه لو ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخبر الذي عنده ) وهو العلوم الحكمية المتعلقة بالنبوة ، فالماء صورة العلم فسقيه عين افاضته العلوم عليهما ، فلا أجر لمثل هذا العمل فإنه بأمر اللّه فأجره على اللّه بل هو محتاج إلى اللّه في إفاضته هذا الخير إلى محله وأهله.
قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك ) أي عتب موسى عليه السلام الخضر عليه السلام على إقامة الجدار من غير أجر ( فذكره ) من التذكير ( بسقايته ) أي ذكر الخضر موسى عليه السلام بسقاية موسى عليه السلام لجاريتين ( من غير أجر وغير ذلك ) من أحوالهما ( مما لم يذكر ) في كلام اللّه تعالى
فما أورد في هذا الكتاب إلا ما ذكر في كلام رب العزة وروي أنه قد أخبره الخضر في كشفه فقال أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أوّل ما ولد إلى زمان الاجتماع مما وفق اللّه إليه موسى من غير علم ، فلم يصبر عليه السلام على ثلاث مسائل منهما .
 
فاستخبر الشيخ هذه المسائل كلها عن الخضر فأخبره تفصيلا ولم يذكر الشيخ حفظا للأدب
قال رضي الله عنه :  ( حتى تمنى رسول اللّه عليه السلام أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص اللّه عليه ) أي على رسول اللّه عليه السلام ( من أمرهما فيعلم ) الرسول ( بذلك ) أي ما يقص اللّه عليه ( ما وفق إليه موسى عليه السلام من غير علم منه ) فنبه رسول اللّه عليه السلام بهذا التمني أن أمرهما لا ينحصر بما يقص اللّه عليه في كلام المجيد رسول اللّه عليه السلام بهذا التمني أن أمرهما لا ينحصر بما يقص اللّه عليه في كلام المجيد مما وفق إليه موسى عليه السلام من غير علم وتذكيره الخضر بل كان كثير من الأمور مما وفق إليه موسى عليه السلام من غير علم كما وفق إلى هذه الأمور الثلاث من غير علم .
 
وإنما كان موسى عليه السلام في هذه الأمور من غير علم منه ( إذ لو كان ) موسى عليه السلام في تلك الأمور ( عن علم ما أنكر مثل ذلك ) أي مثل فعل نفسه ( على الخضر الذي قد شهد اللّه له عند موسى عليه السلام وزكاه وعدله ومع هذا قد غفل موسى عليه السلام عن تزكية اللّه وعما شرطه ) الخضر ( عليه في اتباعه ) فكانت تلك الغفلة
 
قال رضي الله عنه :  ( رحمة بنا إذا نسينا أمر اللّه ) لا تؤاخذنا بما نسينا فلم يكن موسى عليه السلام عالما بما علم الخضر ( ولو كان موسى عليه السلام عالما بذلك ) أي بما علم الخضر ( لما قال له الخضر ما لم تحط به خبرا أي أني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا فانصف ) الخضر في حق موسى .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده.  فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه. إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )
 
قال رضي الله عنه  : ( "فجاء إلى مدين ، فوجد الجاريتين ، " فَسَقى لَهُما " من غير أجر، " ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ " الإلهي " فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ من خَيْرٍ فَقِيرٌ " . فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ، فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر ، فعتبه على ذلك ، فذكَّره الخضر سقايته من غير أجر ، إلى غير ذلك ممّا لم يذكره ، حتى تمنّى صلَّى الله عليه وسلَّم أن يسكت موسى عليه السّلام ولا يعترض ، حتى يقص الله عليه من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى من غير علم منه ، إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكَّاه وعدّله ، ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعمّا شرطه عليه في اتّباعه ، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله ، ولو كان موسى عالما بذلك ، لما قال له الخضر : "ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً " أي إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق ، كما أنت على علم لا أعلمه أنا ، فأنصف . )
 
قال العبد : هذه الأحوال - التي يقصّ علينا - كلَّها صور أحوال للروح الإنساني الكمالي الإلهي من أوّل تعيّنه في المزاج الجسماني العنصري ، كما أومأنا إليه في حكمة تحريم المراضع ، فلنذكر من بعض ما يبقى من أسرارها والله الموفّق .
 
وذلك أنّ تربية الروح الإنساني وتغذيته إنّما تكون في بدو الفطرة وأوّل النشأة بالقوى الطبيعية التي للروح الطبيعي الشهودي الذي صورته الدم ،
والروح الحيواني الذي صورته البخار المتّصل من لطائف الروح الطبيعي ، وتربية الروح الإنساني النفساني الذي تعيّنه في القوى النفسانية وقوى الروح العقلي وخصائصه بهيئة أحدية جمعية اعتدالية بين قوى الروح النفساني ، وهذه القوى مختلط ومرتبط بعضها بالبعض في أوّل النشء والنماء .
 
والروح الإنساني ، وإن كانت ولادته وتعيّنه في تلك الهيئة العادلة الفاضلة الحاصلة بين قوى الروح النفساني فيمن سبقت له العناية الإلهية الأزلية ، ولكنّ القوى الروحية الحيوانية ، وقوى الروح الطبيعيّ غالبة في بدو النشء ،
وكذلك كانت تربية موسى في حجر أمّها التي هي صورة أفضل القوى الخصيصة بتربية الروح من قوى الطبيعة ، ولكن كان بين آل فرعون الذي هو صورة الهوى الطبيعي والحيواني - وآله صور القوى السبعية والشهوية التي للروح الحيواني والطبيعي وكانوا هم الغالبين إذ ذاك ،
ثمّ لمّا تمّ نشؤه وتكاملت قواه وبلغ أشدّه واستوى وميّز بين القوى الروحانية الإنسانية ، الإلهية وبين القوى الحيوانية الغضبيّة وبين القوى النفسانية الإنسانية وحصل على علم الفرقان بينها ، حينئذ فضّل القوى الروحانية الإنسانية على القوى الطبيعية كتفضيل موسى وآله من بني إسرائيل على قوى الهوى التي هي حقائق آل فرعون .
 
وأمّا قتله القبطيّ فهو صورة إبطال الروح العقلي لبعض القوى الإنحرافية الشيطانية التي تدعو إلى الشرّ ، وتسرع إلى الفساد والضرّ ، وتثبّط عن الخير بالضير ، وتمنع عن الصلاة والذكر ، وتأمر بتغليب القوى الطبيعية المزاجية على القوى الروحية العقلية التي كانت بنو إسرائيل صورها .
 
وبين هذه القوى الانحرافية الشيطانية وبين القوى الروحية العقلية والقوى الإيمانية لزام وخصام وجدال ونضال لا فتور لها ، كما كانت المخاصمة والمعاداة بين آل فرعون وبين بني إسرائيل حتى قتل القبطيّ بوكزة موسى ،
وصورة الوكز نظير حجر العقل والحجر وقهره لتلك القوّة بمعاونة قوّة الإيمان والفكر والذكر ، وقتله تعطيل تلك القوى الشيطانية بالكلَّية وتبطيل وجوده وشيطنته بسلطان الروح وبرهان العقل وتبيان في بعض النشآت الكمالية كنشأة موسى فيما نحن بصدد بيانه ،
ولكن بعض المحقّقين من أهل الكمال لا يبطلونها ولا يعطَّلونها بالكلَّية ، ولكنّهم يسخّرونها ويستعملونها في المصارف المستحسنة الكمالية كما أشار إلى ذلك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنّه مكَّن من أخذ العفريت ،
وأشار أيضا إلى أنّ شيطانه أسلم ولا يأمره إلَّا بخير ، فيقلَّب هؤلاء الكمّل أعيان القوى ، الآمرة بالشرّ إلى أعيان القوى ، الأمرة بالخير بالإكسير الكمالي الأحدي الجمعي ، الكاسرة لصور النقص والضير ، وهو من المشرب المحمّدي الختمي .
 
وأمّا حبّه النجاة وفراره من الهلاك فإنّه مستحسن في الله ، فإنّ نفسه لله لا له ، كما قال :" إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ " ونفوس الكمّل لله ، فيجب أن يحبّ كلّ منهم نجاته وحياته حبّا لله وفي الله ، فإنّ نفسه لله ، بل هو ظاهره وهو باطنه وهو عينه وهو هو من حيث تجلَّيه في حقيقته وعينه الثابتة ، والرجل الذي   " جاءَ من أَقْصَا الْمَدِينَةِ "   . . . 
" يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ من النَّاصِحِينَ " 
 هو الإلهام الإلهي من أصل الوحي يحصل من أقاصي القوى النفسانية الذي يرد على بعض النفوس الكاملة عناية من الله ، ولذلك الشخص كانت صورة القوّة الملهمة بأمره وإذنه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فسقى لهما من غير أجر ، ثم تولى إلى الظل الإلهي فقال :" رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ من خَيْرٍ فَقِيرٌ "  فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزل الله إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ) .
 
 لأنه عليه السلام تحقق أن له عند الله خيرا نزل إليه ، وقد أنزل الله هذا الخير : أي عمل السقي إليه ، فإنه خير في نفسه فعرض حاجته إلى الله في الخير الذي عنده مطلقا أو من الدنيا : أي إني لأجل الذي أنزلت إلى من خير الدين فقير إليك فيه أو من الدنيا ، قال : ذلك شكرا لله وإظهارا للرضا بالخير الديني من الخير الدنيوي أي بدله .
 
قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكره بسقايته من غير أجر إلى غير ذلك مما لم يذكر ، حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعرض ، حتى يقص الله عليه من أمرهما ) .
 
روى أنه صلى الله عليه وسلم قال « ليت أخي موسى سكت حتى يقص الله علينا من أنبائهما » وروى عن الشيخ قدس سره : أنه اجتمع بأبى العباس الخضر عليه السلام ، فقال : كنت أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان اجتماعه فلم يصبر على ثلاث مسائل منها .
 
"" إضافة بالي زاده :
فما أورد في هذا الكتاب إلا ما ذكر في كلام رب العزة .
وروى عن الشيخ أنه قد أخبر الخضر في كشفه فقال : أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان الاجتماع مما وفق إليه موسى من غير علم فلم يصبر موسى على ثلاث مسائل منها ، فاستخبر الشيخ هذه المسائل كلها من الخضر فأخبره تفصيلا ولم يذكرها الشيخ حفظ للأدب . اهـ  بالى زاده ""


قال رضي الله عنه :  ( تنبيها لموسى من الخضر أن جميع ما جرى عليه ويجرى إنما هو بأمر الله وإرادته الذي لا يمكن وقوع خلافه ، فإن العلم بها من خصوص الولاية ، وأما الرسول فقد لا يطلع عليه فإنه سر القدر ، ولو اطلع عليه لربما كان سببا لفتوره عن تبليغ ما هو مأمور بتبليغه فطوى الله علم ذلك عن بعض الرسل رحمة منه بهم ، ولم يطوه عن نبينا صلى الله عليه وسلم لقوة حاله ، ولهذا قال :" أَدْعُوا إِلَى الله عَلى بَصِيرَةٍ "  فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى عليه السلام من غير علم منه ) .
 
الظاهر أنه فيعلم بالياء والنصب عطفا على يقص والفاعل هو الرسول عليه السلام ، ويجوز أن يكون فنعلم بالنون والرفع عطفا على قصة الخضر : أي فنعلم نحن ما أراه الخضر ما وفق لموسى عليه السلام ، وأجرى على يده من الخيرات من غير علم منه.
 
قال رضي الله عنه :  ( إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله ، ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله له وعما شرط عليه في أتباعه رحمة بنا إذا نسينا أمر الله ، ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر : " ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً " أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا فأنصف ).
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )


قال رضي الله عنه :  (فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين "فسقى لهما" من غير أجر ، "ثم تولى إلى الظل " الإلهي ، فقال : "رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير" . فجعل عين عمله السقي.) و (السقي) بدل عن ( عمله ) ، أو عطف بيان .
 
قال رضي الله عنه :  (عين الخير الذي أنزله الله إليه، فوصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده.) إنما جعل عين السقي عين الخير الذي أنزل الله إليه ، لأن الخير المنزل إليه كانت النبوة وعلومها .
والماء صورة العلم لذلك فسر ابن عباس رضي الله عنهما، قوله تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماءا ) . أي علما
فأفاض بعلمه على الجاريتين عين ما استفاض من الله تعالى في الحقيقة ، وإن كان في الصورة غيره .
ولأن التوفيق والقدرة بذلك العمل ما كان إلا من الله ، فاستفاض ذلك منه وأفاض أثره عليهما ، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ، لأن الفيض إنما يحصل بحسب الاستعداد ، ومن جملة شروطه خلو المحل عما ينافي المعنى الفائض ، بل عن كل ما سوى الله .
والفقير التام هو الكامل المطلق من النوع البشرى.
 
قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر ، فعتبه موسى على ذلك ) بقوله : ( لو شئت لاتخذت عليه أجرا ) . فذكره الخضر ( بسقايته من غير أجر إلى غير ذلك مما لم نذكره . ) أي، في، هذا الكتاب واطلعنا عليه في الكشف عند شهود الخضر عليه السلام .
 
وقد روى عنه أنه اجتمع بالخضر في الكشف . فقال له الخضر : كنت قد أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان الاجتماع بينهما ، فلم يصبر على ثلاثة مسائل منها قد ( حتى تمنى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن يسكت موسى ، عليه السلام ، ولا يعترض حتى يقص الله تعالى عليه من أمرهما ) .
 
بقوله رضي الله عنه  : ( رحمة الله علينا وعلى موسى ، ليته صبر حتى يقص علينا من أنبائهما )
وفي رواية أخرى متفق على صحتها أيضا : " لو صبر أخي موسى، لرأى العجب، ولكن أخذ به من صاحبه دمامة " . - الحديث .
( فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى ، عليه السلام ، من غير علم منه ) " فيعلم " ب‍ " الياء " عطف على " يقص ". أي ، حتى يقص الله ، فيعلم رسول الله الذي وفق إليه موسى من الأعمال من غير علم منه واختيار منه .
 
قال رضي الله عنه :  ( إذ لو كان عن علم ، ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه ) الخضر .
(عليه في اتباعه رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.) أي ، تلك الغفلة رحمة من الله بنا إذا نسينا حكم الله ، حتى لا نؤاخذ بالنسيان .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولو كان موسى عالما بذلك، لما قال له الخضر : "ما لم تحط به خبرا" . أي ، إني على علم لم يحصل لك عن ذوق، كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. ) أي، الخضر . وأما حكمة فراقه ، فلأن الرسول يقول الله فيه في حقه وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.  
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:51 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 1:54 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثامنة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فَسَقى لَهُمامن غير أجر ،ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلّ ِالإلهيّ ؛فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[ القصص : 24 ] ، فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزل اللّه إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخير الذي عنده ).

قال رضي الله عنه : ( فجاء إلى مدين ) بلدة شعيب عليه السّلام ، ( فوجد الجاريتين ) بنتيه يذودان بقيمهما عن الماء ؛ لازدحام الناس عليه ،( فَسَقى لَهُما من غير أجر ) ؛ ليخلص عمله للّه ،( ثُمَّ تَوَلَّى )عن مكان السقي ( إِلَى الظِّلِّ )المتعارف في الظاهر ، وقصد التولي عن الالتفاف إلى ما سوى اللّه من الأعمال وغيرها ، إلا من حيث كونهما من الظل ( الإلهي ) ؛ ليعلم أن وجوده ظل وجود الحق ، وأن سقيه ظل فيض الحق ؛ ليعلم كمال افتقاره إلى الحق ، ويظهر افتقاره إلى آثاره من الفيض ،
( فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله اللّه إليه ) ، وهو الفيض الإلهي ، ( ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه ) ، إذ لم يقل : فقير إلى ذلك الخير ، بل بسبب ذلك الخير فقير إلى اللّه.


قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكّره سقايته من غير أجر ، إلى غير ذلك ممّا لم نذكر حتّى تمنّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يسكت موسى عليه السّلام ، ولا يعترض حتّى يقصّ اللّه عليه من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى عليه السّلام من غير علم منه ، إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الّذي قد شهد اللّه له عند موسى وزكّاه وعدّله ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللّه ، وعمّا شرطه عليه في اتباعه ، رحمة بنا إذ نسينا أمر اللّه ، ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر : ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً [ الكهف : 68 ] أي : إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا ، فأنصف ).


ولما كان سقيه من غير أجر مع شدة احتياجه إلى الأجر ، ( فأراه الخضر عليه السّلام إقامة الجدار من غير أجر ) مع افتقارهما إليه كل الافتقار ، ( فعاتبه ) موسى ( على ذلك ) بقوله : قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً [ الكهف : 77 ] ، فذكره الخضر بالاعتذار بسقايته من غير أجر مع شدة افتقاره إليه ، وقد قصد الخضر عليه السّلام الانتهاء من تذكيره ما جرى عليه إلى غير ذلك ( مما لم يذكره ) بعدم صبره ، وكانت من الأسرار العجيبة ( حتى تمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، وهو قوله عليه السّلام في بعض الروايات : « ليت أخي موسى سكت حتى يقص اللّه علينا من أنبائهما » . رواه البخاري والنسائي في السنن الكبرى 
وفي بعض الروايات : « رحمة اللّه علينا وعلى موسى ليته صبر حتى يقص اللّه علينا من أنبائهما » . رواه البخاري والنسائي في السنن الكبرى فتمني

 ( أن يسكت موسى عليه السّلام ) ؛ فإنه الواجب عند رؤية ما ينكر في الظاهر إذا صدر من من يؤثر بديانته ووقوفه على التأويلات الصحيحة ، ( ولا يعترض ) ، وإن وجب الاعتراض على مثله إذا صدر من العامي ، ولم يكن ذلك منه عليه السّلام تمنيا في كمال موسى ، بل تمنى ( حتى يقص اللّه عليه ) ما جرى ( من أمرهما ) ، وليس ذلك ليحصل له به كمال لا يحصل بدونه في حقه ، بل في معرفته بمرتبة موسى ، ( فيعلم بذلك ما وفق ) ، وانتهى ( إليه موسى ) ،


فسكت على ما رأى ما ينكر عليه ، فلم ينكر لكونه ( من غير علم منه ) ، فيعلم رتبته في الصبر ، ورعاية آداب المشايخ ، لكنه أنكر عليه مع كونه من غير علم منه ، ( إذ لو كان ) إنكار موسى في كل ما ينكره ( عن علم ) بباطن ما ينكره ، ( ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي لا يصدر عنه المنكرات في الباطن ؛ لأنه ) 
 

الذي شهد اللّه له عند موسى بقوله " :آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [ الكهف : 65 ] ، وإذا شهد بذلك ، فقد ( زكاه ) ؛ لأن الفاسق لا يستحق الرحمة العندية اللدنية بل إنما يستحقها صاحب العصمة ، فإن لم يكن معصوما فلا أقل من العدالة ، وإذا ( عدله ) لم يكن من شأنه أن يقول في المنكرات :إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً[ الكهف : 67 ] ،
فعلم أن إنكار موسى لم يكن عن علم بحال ما أنكره في الباطن ، ( ومع هذا ) أي : مع كون إنكاره لا عن علم ، ( غفل موسى عن تزكية اللّه ) المانعة عن الإنكار ، ( وعما شرطه ) الخضر ( عليه في اتباعه ) من قوله : فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً[ الكهف : 70] ؛
ولهذه الغفلة قال موسى عليه السّلام :لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً [ الكهف : 73 ] ، وقوله رحمة عليه ؛ لقوله : غفل بنا ( إذا نسينا أمر اللّه ) .

ثم أشار إلى أنه لم يكن له علم قبل الغفلة أيضا ، بقوله : ( ولو كان موسى عالما بذلك ) ، أي : بحال ما سينكره ( لما قال له الخضر:  وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ) [الكهف : 68]  
 ، وإن كان موسى وليّا ؛ لأنه رسول ، وكل رسول نبي وولي ، فهو وإن علم ذلك بالولاية ، فلم يحصل له في ذلك ذوق كما حصل للخضر ؛ لكمال ولايته وغلبتها على نبوته

حتى قيل : إنه ولي غير نبي كما غلبت النبوة والرسالة في موسى عليه السّلام على ولايته ؛ فلذلك فسره بقوله : ( أي : إني على علم لم يحصل لك عن ذوق ) ، وإن علمته بطريق الوحي والإلهام ، ( كما أنك على علم ) من جهة كمال النبوة والرسالة ( لا أعلمه ) ؛ لقصوري في ذلك عن رتبتك ، ( فأنصف ) الخضر بجعله كاملا في الرسالة النبوة اللتان هما أعلى من الولاية في حق من تجردت ولايته .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )


ارتباط سقي موسى للجاريتين وإقامة خضر للجدار
قال رضي الله عنه  : ( فجاء إلى مدين ) - الدين الجمعي والكمال الإظهاري وإفاضة علمي الظاهر والباطن الإنبائي والتشريعي ، العامّي والخاصّي - ( فوجد الجاريتين( القابلتين لتينك الإفاضتين بوثاقة نسبة القرب والجارية ، ( فسقى لهما من غير أجر ) من النقود الفعليّة المعدّة لهما في استفاضة ذلك النوع من صنفي الكمال والأعمال الصالحة ، المورّثة لهما تلك العلوم والمعارف .


قال رضي الله عنه  : ( " ثُمَّ تَوَلَّى " ) من التفرقة الكونيّة ( " إِلَى الظِّلِّ " الإلهيّ ) والجمع الإجمالي ، فإنّ « الظلّ » هو لام الجمعيّة الإلهيّة وشجرة كليّتها التي أصلها ثابت وفرعها في السماء - كما عرفت من تلويحاته - إذا ظهر به ظاء الظهور وبيّن أنّ هذا الظلّ مستقرّ الكلمات الكاملة ومقيل استراحتهم وقربهم إلى أصل تلك الشجرة ، وموطن مناداتهم ومناجاتهم معه .

قال رضي الله عنه  : ( " فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ " ) مما سقيته لهما ( "من خَيْرٍ") - يعني إفاضة اللطائف الكماليّة الوجوديّة فإنّ الخير هو الوجود - ( " فَقِيرٌ " ) إليك ، محتاج لأن تفيض علي من ذلك الخير ، ويشفي به غلَّة طلبي وشوقي ، ويكفي ذلك في إشباع غاذية استعدادي .

 
قال رضي الله عنه  : ( فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ، فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر ) ، يعني جدار الإظهار في مقابلة سقيه وإفاضته ، ( فعتبه على ذلك ، فذكَّره بسقايته من غير أجر ) تنبيها لظهور مثل ذلك منه، على ما هو مقتضى تقابل كلمتيهما وتعاكس الأمر فيهما، كما في الصورة المشار إليها ، ( إلى غير ذلك مما لم يذكر ).

 
النبوّة سلطان الاسم الظاهر ، والولاية سلطان الاسم الباطن
ثمّ هاهنا نكتة حكميّة لها كثير دخل في استكشاف أسرار هذا الموضع ووجوه لطائفه ، وهي أنّ طرف النبوّة - من حيث هي هي - لغلبة حكم الصورة فيها سلطنة للاسم الظاهر ،
كما أن سلطنة طرف الولاية - من حيث هي - لغلبة حكم المعنى فيها للاسم الباطن ومن ثمّة ترى الآثار المترتّبة على النبوّة ليست إلَّا إظهار الشرائع والنواميس ، وأحكامها الخصيصة بها إنّما هي الصور المنبئة عن الحقائق والأمور في نفسها والآثار المترتّبة على الولاية من حيث هي ليست إلَّا العلم بما انطوى عليه تلك الشرائع والنواميس من الحقائق ، وحكمها المختصّة بها إنّما هو كشف تلك الصور عن وجوه حقائقها .

 
 وجه اختفاء بعض الحكم على صاحب النبوّة
ويتفرّع عن هذا الأصل وجوه من الحكم :
منها : ما سبق الإيماء به من أنّ النبوّة - من حيث أنّها نبوّة - قد يظهر منها أحكام وصور ذوات حكم وإيقان على ذهول من صاحبها ، بل قد يشتبه عليه وجه حقيقتها مع كمال عصمته ، فضلا عن عثوره على وجوه حكمتها ، إلى أن يبلغ مجمع بحري الولاية والنبوّة ،


ويظهر حكم قهرمان الجمعيّة بمصاحبة الصاحبين هنالك وحينئذ ينكشف لصاحب النبوّة ما اشتبه عليه وذهل عنه كما اشتبه على الكلمة الموسويّة ما جرى عليها ، ذاهلة عنه من الأمور المعدّة لها في نشوء تلك المرتبة الرفيعة ،
إلى بلوغها الحافظة لها عمّا يعوقها عن كمالها الموصلة إيّاها ، لتمام أمرها من إفاضة مدرار الإنباء والإظهار - يعني صورة إلقاء موسى في التابوت ، وقتله القبط ، وسقيه الجاريتين - إلى أن عاين وجوه حكمة تلك الصور عندما بلغ مجمع البحرين وبه صاحب خضر .


وجه اختصاص الكلمة الموسويّة بهذه الخصوصيّات
ومنها : وجه اختصاص الكلمة الموسويّة بين الأنبياء بهذا الاشتباه والذهول وذلك لأنّ النبوّة قد ظهر فيها بخصوصيّات أحكامها المنفردة بها عمّا يقابلها من العلوّ والظهور بالقهر والقوّة ، وسائر مقتضيات الكثرة ولوازم الصورة - كما نبّهت عليه في مطلع الفصّ - ومن شأن الحكم الإلهيّة أنّه إذا ظهر أحد المتقابلين بخصوصيّته الفارقة ، لا بدّ وأن يستعدي ذلك الظهور إلى الآخر ، بل يوجب ظهور الآخر بما اختصّ به .

كما عرفت تحقيق ذلك آنفا عند الكلام في حكمة إلقاء موسى في التابوت ، وإلقائه في اليمّ ، من أنّ ظهور المقابل إنّما يتمّ ويكمل بظهور ما يقابله فلا بدّ وأن تظهر الولاية بخصوصيّتها المميّزة إيّاها من العلوم والحكم الفائضة من بطون الوحدة وحضرات القرب في كلمة خضريّة ، عند ظهور الكلمة الموسويّة بخصوصيّة النبوّة وأحكامها الفارقة من الصور والأوضاع الناشئة من ظهور الكثرة فإنّ منها ما اختصّ به تلك الكلمة من الظهور بالآيات التسع ، وهي أنهى مراتب الكثرة ، وأقصى غاية الصور .


ومن هاهنا ترى حكم الكثرة والتقابل سارية في سائر مدارج ظهورها :
حيث لا يحصل لها كمال في مرتبة إلَّا عند مقابلة الآخر لها في تلك المرتبة كالمنجمّين عند حكمهم على قتلها .
أول ما يدخل في المراتب الاستيداعية
ثمّ مقابلتها القبطي قبل دعوتها ،
ثمّ مناظرتها السحرة عند دعوتها وإظهار معجزتها ،
ثمّ معاداة فرعون إيّاها عند ظهور نبوّتها ،
ثمّ مباحثة خضر معها عند كمال نبوّتها
ولذلك قد امر عند طيّها طوى الغرب وبساط الخطاب بخلع نعلي التقابل .


الولاية والنبوّة في زمان الخاتم صلَّى الله عليه وآله
ثمّ إذا تقرّر هذا تبيّن لك أن ظهور الولاية والنبوّة بخصوصيّتهما الفارقتين ، المميّزتين إيّاهما ، المنبئتين عن قصص ما بينهما من تفاصيل الأحكام ، إنّما يتوقع بلوغهما إلى مرتبة التمام في أيّام موسى ، وظهور كلمته العليا ،
فإنّ زمان خاتم النبوّة صلَّى الله عليه وسلَّم - لظهوره بأحديّة جمع الخصائص الكماليّة كلَّها - قد غلب فيه حكم الجمعيّة والوحدة ، ولا مجال للكثرة والتقابل .

على أنّ الولاية مندمجة مغلوبة تحت حكم نبوّته الختميّة في ذلك الزمان ، فما كان لها أن يظهر فيها خصوصيّتها الامتيازيّة ، ولذلك تراه طالبا عند الإنباء عن تينك الخصوصيّتين والإفصاح عمّا نطق به لسان الولاية والنبوّة بخصوصيّتيهما أن يظهر لسان الولاية بأحكامها الخاصّة بها أكثر مما ظهر ،

قال رضي الله عنه  : ( حتى تمنّى صلَّى الله عليه وسلَّم أن يسكت موسى عليه السّلام ) عن مقتضيات خصوصيّة النبوّة والغلبة التي من جهتها - كما ورد في الآثار الصحيحة منه : « لو صبر لرأى العجب ، ولكن أخذته من صاحبه ذمامة » ، ضرورة أنّ أحكام الباطن التي هي من خصوصيّات الولاية موطن عجائب الآثار وغرائب الأطوار .


"" أضاف الجامع :
حديث مسلم : رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " رحمة الله علينا، وعلى موسى لولا أنه عجل، واستحيا وأخذته ذمامة من صاحبه، فقال: "إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني" [الكهف: 76] لرأى من صاحبه عجبا ". رواه مسلم وابن حبان وابي داود والنسائي وابن ماجة واحمد ابن حنبل والحاكم في المستدرك وغيرهم. ""


حكمة نسيان موسى وعدم سكوته عند خضر عليهما السّلام
فلو أنّ موسى يسكت ( ولا يعترض حتى يقصّ الله عليه ) بلساني موسى وخضر اللذين هما وجها النبوّة والولاية  ( من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى من غير علم منه ) فإنّه وجه النبوة .

وبيّن أن ذلك الوجه وإن صدر عنه الأفعال المتقنة والأوضاع المحكمة ذوات نظم وحكم ، ولكن لا علم له من هذا الوجه بها ، ( إذ لو كان عن علم ) فيما صدر منه ( ما أنكر مثل ذلك على الخضر ، الذي قد شهد الله له عند موسى ) بالعلم - حيث قال : " وَعَلَّمْناه ُ من لَدُنَّا عِلْماً " " وزكَّاه".

 
قال رضي الله عنه  : (وعدّله ) حيث قال " آتَيْناه ُ رَحْمَةً من عِنْدِنا " ( ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعمّا شرط عليه في اتّباعه ) ، على ما هو المستفاد
من قوله تعالى : ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً . قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً . قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ الله صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً . قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْه ُ ذِكْراً ) .


ثم إنّ موسى مع هذه التنبيهات والتعريكات قد غفل عمّا شرط عليه حتى سأل مع كمال تيقّظه وتفطَّنه  ( رحمة بنا إذا نسينا أمر الله ولو كان موسى عالما بذلك ما قال له الخضر : " ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً ")  

بعد قوله : " إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً " ( أي إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق ) ، فإنّ الخبرة هو العلم الحاصل من الذوق ، كما أنّ الإحاطة بالشيء يستلزم العلوّ عليه ، ( كما أنت على علم لا أعلمه أنا - فأنصف ) .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. )


قال رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فَسَقى لَهُما من غير أجر .ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلّ ِالإلهيّ فقال :رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[ القصص : 24 ] فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزل اللّه إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخير الذي عنده.
فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكّره سقايته من غير أجر ، إلى غير ذلك ممّا لم نذكر حتّى تمنّى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - أن يسكت موسى عليه السلام  )


قال رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فَسَقى لَهُما من غير أجر ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ الإلهي فقال :فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[ القصص : 24 ] فجعل عين عمله السقي ) منصوب على أنه مفعول لعمله لأنه مصدر وقيل مجرور على أنه بدل من عمله أو عطف بيان ( عين الخير الذي أنزله اللّه ، ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخير الذي عنده ) ، لا إلى ما أنزل إليه ولهذا قال :لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّولم يقل إلى ما أنزلت ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكره بسقايته من غير أجر إلى غير ذلك مما لم يذكر ) في هذا الكتاب بل في القرآن .
روي عن الشيخ رضي اللّه عنه أنه اجتمع بأبي العباس الخضر صلوات اللّه عليه فقال له : كنت أعددت لموسى بن عمران ألف تفصيلة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان اجتماعه فلم يصبر على ثلاث وكان ما أعده الخضر لموسى عليهما السلام كثيرا


قال رضي الله عنه :  ( السّلام ولا يعترض حتّى يقصّ اللّه عليه من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى عليه السّلام من غير علم منه . إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الّذي قد شهد اللّه له عند موسى وزكّاه وعدّله ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللّه وعمّا شرطه عليه في اتّباعه ، رحمة بنا إذ نسينا أمر اللّه . ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً[ الكهف : 68 ] أي إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا . فأنصف . )


قال رضي الله عنه :  ( حتى تمنى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص اللّه عليه ) ، أي على الرسول صلى اللّه عليه وسلم ( من أمرهما ) ، أي موسى والخضر ( فعلم بذلك ما وقف عليه موسى عليه السلام ) من الأعمال ( من غير علم منه ) واختيار ( إذ لو كان عن علم ) فيما صدر منه من الأعمال ( ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد اللّه له عند موسى بالعلم ) ، حيث قال :وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً


قال رضي الله عنه :  ( وزكاه وعدله ) حيث قال : وآتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا (ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللّه وعما شرطه ) الخضر ( عليه في اتباعه ) حيث قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً [ الكهف : 70 ] ، وإنما غفل موسى عما غفل ( رحمة بنا إذا نسينا أمر اللّه ) ، فإنه لما نسي تزكية اللّه ولم يؤاخذ بذلك علمنا أنه لم يؤاخذ أحدا بالنسيان فكان ذلك رحمة بنا .

قال رضي الله عنه :  ( ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر ) عليه السلام (ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق ) ، فإن الخبرة هي العلم الحاصل من الذوق ( كما أنت على علم لا أعلمه أنا فأنصف ) ، الخضر عليه السلام من نفسه .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:52 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة التاسعة عشر :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته. فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة فراقه فلأنّ الرّسول يقول اللّه فيه :وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[ الحشر : 7 ] فوقف العلماء باللّه الّذين يعرفون قدر الرّسالة والرّسول عند هذا القول . وقد علم الخضر أنّ موسى رسول اللّه فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفّي الأدب حقّه مع الرّسول .  فقال له :" إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي" [ الكهف : 76 ] ، فنهاه عن صحبته . فلما وقعت منه الثّالثة قال :هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [ الكهف : 78 ] . ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرّتبة الّتي هو فيها الّتي أنطقته بالنّهي عن أن يصحبه . )


قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة فراقه) ، أي الخضر لموسى عليه السلام (فلأن الرسول يقول اللّه) تعالى وفيه (" وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا") [ الحشر : 7 ] ، أي كونوا له في الأمر والنهي (فوقف اللّه العلماء باللّه) تعالى كالخضر ونحوه (الذين يعرفون قدر الرسالة) من اللّه تعالى إلى الخلق وقدر (الرسول) المبعوث بالهدى والنور (عند هذا القول) الإلهي في حق (الرسول وقد علم الخضر) عليه السلام (أن موسى) عليه السلام (رسول اللّه) إلى فرعون وبني إسرائيل (فأخذ يرقب) ، أي يضبط ويحفظ (ما يكون منه) ، أي من موسى عليه السلام ليوفي ، أي يتم (الأدب حقه مع الرسول) الذي أمر الحق تعالى بإطاعته .

قال رضي الله عنه :  (فقال )، أي موسى عليه السلام له ، أي للخضر عليه السلام (" إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها")، أي بعد هذه المرة ("فَلا تُصاحِبْنِي") [ الكهف :76 ].

 قد بلغت من لدني عذرا (فنهاه) ، أي موسى نهى الخضر عليه السلام عن صحبته فلما وقعت منه المرة الثالثة وهي قوله في إقامة الجدار لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال ، أي الخضر عليه السلام : ("هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ") [ الكهف : 78 ] ،

قال رضي الله عنه :  (ولم يقل له) أي للخضر (موسى) عليه السلام (لا تفعل) ، أي لا تفارقني (ولا طلب صحبته لعلمه) ، أي موسى عليه السلام (بقدر الرتبة) النبوية الرسالية (التي هو) ، أي موسى عليه السلام (فيها) وهي ما اختصه اللّه تعالى به من علوم الشريعة الظاهرة الإلهية.

 قال رضي الله عنه :  (التي أنطقته بالنهي عن أن يصحبه) بعد ذلك لظهور الفرق بينه وبينه ، فإن علوم الخضر عليه السلام باطنية حقيقية ، وعلوم موسى عليه السلام ظاهرية شرعية ، والإشارة بمجمع البحرين الذي كان اجتماعهما فيه يقتضي أنه اجتمع بحر العلوم الظاهرية وبحر العلوم الباطنية وهما :
موسى والخضر عليهما السلام ، ثم افترقا بسبب إقامة الجدار بينهما ولا هذا علم ما عند هذا ولا هذا علم ما عند هذا .
قال تعالى :"مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ( 19 ) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ" [الرحمن : 19 - 20 ] .
 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.  فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلان الرسول يقول اللّه فيه ) أي في حق الرسول : " وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [ الحشر : 7 ] ،
( فوقف العلماء باللّه الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول ) قوله ( عند هذا القول ) يتعلق بقوله فوقف ( وقد علم الخضر أن موسى عليه السلام رسول اللّه فأخذ يرقب ما يكون منه ) أي ينظر ما يصدر من موسى في الاستقبال وهو السؤال ( ليوفي الأدب حقه مع الرسول ) كما يقول اللّه في حق الرسول .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقال له "إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي" فنهاه عن صحبته ) فوفى الأدب حقه مع الرسول ( فلما وقعت من الثالثة قال :"هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ "ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته ) فوقف عند نهيه ( لعلمه بقدر الربوبية التي هو ) أي موسى

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيها التي أنطقته ) أي أنطقت تلك الربوبية الخضر ( بالنهي عن أن يصحبه ) وهو مرتبة النبوة.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.  فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )


قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول. وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته. فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك». ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )


كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته. فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة فراقه فلأنّ الرسول يقول الله فيه : " وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوه ُ وَما نَهاكُمْ عَنْه ُ فَانْتَهُوا " فوقفت العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول، وقد علم الخضر أنّ موسى عليه السّلام رسول الله ، فأخذ يرقب ما يكون منه ، ليوفّي الأدب حقّه مع الرسل ، فقال له :   " إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي " فنهاه عن صحبته ، فلمّا وقعت منه الثالثة) .

قال العبد : هذه الأحوال - التي يقصّ علينا - كلَّها صور أحوال للروح الإنساني الكمالي الإلهي من أوّل تعيّنه في المزاج الجسماني العنصري ، كما أومأنا إليه في حكمة تحريم المراضع ، فلنذكر من بعض ما يبقى من أسرارها والله الموفّق 
 

وذلك أنّ تربية الروح الإنساني وتغذيته إنّما تكون في بدو الفطرة وأوّل النشأة بالقوى الطبيعية التي للروح الطبيعي الشهودي الذي صورته الدم ،
والروح الحيواني الذي صورته البخار المتّصل من لطائف الروح الطبيعي ، وتربية الروح الإنساني النفساني الذي تعيّنه في القوى النفسانية وقوى الروح العقلي وخصائصه بهيئة أحدية جمعية اعتدالية بين قوى الروح النفساني ، وهذه القوى مختلط ومرتبط بعضها بالبعض في أوّل النشء والنماء .

والروح الإنساني ، وإن كانت ولادته وتعيّنه في تلك الهيئة العادلة الفاضلة الحاصلة بين قوى الروح النفساني فيمن سبقت له العناية الإلهية الأزلية ، ولكنّ القوى الروحية الحيوانية ، وقوى الروح الطبيعيّ غالبة في بدو النشء ،

وكذلك كانت تربية موسى في حجر أمّها التي هي صورة أفضل القوى الخصيصة بتربية الروح من قوى الطبيعة ، ولكن كان بين آل فرعون الذي هو صورة الهوى الطبيعي والحيواني - وآله صور القوى السبعية والشهوية التي للروح الحيواني والطبيعي وكانوا هم الغالبين إذ ذاك ،

ثمّ لمّا تمّ نشؤه وتكاملت قواه وبلغ أشدّه واستوى وميّز بين القوى الروحانية الإنسانية ، الإلهية وبين القوى الحيوانية الغضبيّة وبين القوى النفسانية الإنسانية وحصل على علم الفرقان بينها ، حينئذ فضّل القوى الروحانية الإنسانية على القوى الطبيعية كتفضيل موسى وآله من بني إسرائيل على قوى الهوى التي هي حقائق آل فرعون .

وأمّا قتله القبطيّ فهو صورة إبطال الروح العقلي لبعض القوى الإنحرافية الشيطانية التي تدعو إلى الشرّ ، وتسرع إلى الفساد والضرّ ، وتثبّط عن الخير بالضير ، وتمنع عن الصلاة والذكر ، وتأمر بتغليب القوى الطبيعية المزاجية على القوى الروحية العقلية التي كانت بنو إسرائيل صورها .

وبين هذه القوى الانحرافية الشيطانية وبين القوى الروحية العقلية والقوى الإيمانية لزام وخصام وجدال ونضال لا فتور لها ، كما كانت المخاصمة والمعاداة بين آل فرعون وبين بني إسرائيل حتى قتل القبطيّ بوكزة موسى ،

وصورة الوكز نظير حجر العقل والحجر وقهره لتلك القوّة بمعاونة قوّة الإيمان والفكر والذكر ، وقتله تعطيل تلك القوى الشيطانية بالكلَّية وتبطيل وجوده وشيطنته بسلطان الروح وبرهان العقل وتبيان في بعض النشآت الكمالية كنشأة موسى فيما نحن بصدد بيانه ،
ولكن بعض المحقّقين من أهل الكمال لا يبطلونها ولا يعطَّلونها بالكلَّية ، ولكنّهم يسخّرونها ويستعملونها في المصارف المستحسنة الكمالية كما أشار إلى ذلك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنّه مكَّن من أخذ العفريت ،

وأشار أيضا إلى أنّ شيطانه أسلم ولا يأمره إلَّا بخير ، فيقلَّب هؤلاء الكمّل أعيان القوى ، الآمرة بالشرّ إلى أعيان القوى ، الأمرة بالخير بالإكسير الكمالي الأحدي الجمعي ، الكاسرة لصور النقص والضير ، وهو من المشرب المحمّدي الختمي .

وأمّا حبّه النجاة وفراره من الهلاك فإنّه مستحسن في الله ، فإنّ نفسه لله لا له ، كما قال :" إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ " ونفوس الكمّل لله ، فيجب أن يحبّ كلّ منهم نجاته وحياته حبّا لله وفي الله ، فإنّ نفسه لله ، بل هو ظاهره وهو باطنه وهو عينه وهو هو من حيث تجلَّيه في حقيقته وعينه الثابتة ، والرجل الذي   " جاءَ من أَقْصَا الْمَدِينَةِ "   . . . 
" يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ من النَّاصِحِينَ " 
 هو الإلهام الإلهي من أصل الوحي يحصل من أقاصي القوى النفسانية الذي يرد على بعض النفوس الكاملة عناية من الله ، ولذلك الشخص كانت صورة القوّة الملهمة بأمره وإذنه .

وأمّا توجّهه تلقاء مدين فهو نظير إعراض الروح عن قوى الهوى التي آل فرعون صورة نظائرهم ، وتوجّهه بمقتضى القوى العقلية والعقدة الإيمانية النقلية إلى مدين وهو صورة الهيئة الاجتماعية بين خصائص القوى الروحية الإلهية وبين القوى الطبيعية الجسمانية القابلة للحقيقة القلبية التي شعيب مظهرها ،
فإنّ الروح الإنسانيّ بعد تميّزه وفرقانه بين الخير والشرّ ، والمحمود والمذموم يهاجر ويطلب النجاة من غلبة القوى الشهوية والحيوانية على القوى العقلية والإيمانية ، فيعرض من الانبساط إلى القوى الظاهرة الهيكلية القابلية إلى القوى الباطنة الروحانية القلبية .


وماء مدين صورة العلم المشروع للعالم في الحياة الدنيا الذي يشترك فيه أهل العموم والخصوص من القوى القابلية والقلبية .
والظلّ الإلهي هو الوجود الإلهي مأوى الروح العقلي الإنساني .
والشجرة التي منها الظلّ أحدية الجمع الجمعي الكمالي الإنساني روحانيّها وجسمانيّها غضبيّها وشهويّها ونفسانيّها ، فإنّها أحدية جمع كثرة متشاجرة أي متمازجة مختلطة .

والجاريتان صورتا قوّة الإيمان والهمّة ، وهما من نتائج القوى القلبية الجامعة بين خصائص القوى الروحية والقوى الطبيعية ، فافهم هذه الحكم أيضا ، فإنّها من مشرب الخضر المحمّدي ، والله الموفّق .

قال رضي الله عنه  : ( قال الخضر "هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ " ولم يقل له موسى : لا تفعل ، ولا طلب صحبته ، لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطَّقته بالنهي عن أن يصحبه )

قال العبد أيّده الله به : اعلم : أنّ الخضر صلوات الله عليه صورة الاسم « الله » الباطن ، وله علوم الولاية والقرب والغيب ، وأسرار القدر ، وعلوم الهوية والإنيّة ، والعلوم اللدنّية والأسرار ، ولهذا محتد ذوقه الوهب والإيتاء ،

قال الله تعالى - : " فَوَجَدا عَبْداً من عِبادِنا آتَيْناه ُ رَحْمَةً من عِنْدِنا وَعَلَّمْناه ُمن لَدُنَّا عِلْماً " وكما كان يشير إلى ذلك في كلماته الكاملات لموسى : بقوله :" فَأَرادَ رَبُّكَ "  فوحد وعين إنية الربوبية ، وأخبر عن الإرادة الربانية الباطنة ،
وقال :"فَأَرَدْتُ "  فعيّن وقيّد ، وأخبر عن تعيين علمه وتخصيص إرادته بعض ما في باطنه ،
وقال :" فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْه ُ زَكاةً " فجمع في الكناية ، وهو عين التوحيد وأحدية الإرادة والتصرّف والعلم عن ذوق وخبرة ، و
كل ذلك إشارة منه صلَّى الله عليه إلى أسرار البطون والغيب وخفّيات الغيبة وأسرار المشيّة وسرائر الإرادة .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.  فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )

قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه: "وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوه وما نَهاكُمْ عَنْه فَانْتَهُوا " فوقف العلماء باللَّه الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول )  أي لزموه وامتثلوه ولم يتجاوزوا عنه.

قال رضي الله عنه :  ( وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفى الأدب حقه مع الرسل فقال له :" إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي " فنهاه عن صحبته فلما وقعت منه الثالثة  قال " هذا فِراقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ " ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي أنطقته بالنهي ، عن أن يصحبه)

اعلم أن الخضر عليه السلام صورة اسم الله الباطن ومقامه مقام الروح ، وله الولاية والغيب وأسرار القدر وعلوم الهوية والإنية والعلوم اللدنية ، ولهذا كان محتد ذوقه الوهب والإيتاء ، قال تعالى :" فَوَجَدا عَبْداً من عِبادِنا آتَيْناه رَحْمَةً من عِنْدِنا وعَلَّمْناه من لَدُنَّا عِلْماً "  ولكماله في علم الباطن لما بين لموسى عليه السلام تأويل ما لم يستطع عليه صبرا من الوقائع الثلاث .

قال في الأولى " فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها " بالتقييد والإخبار عن تخصيص إرادته بعض ما في باطنه من معلوماته .
وفي الثانية : " فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْه زَكاةً " لجمع الضمير في الإرادة .
وفي الثالثة : " فَأَرادَ رَبُّكَ " بتوحيد الضمير والإخبار عن الإرادة الربانية الباطنة ،

كل ذلك إشارة منه إلى سر التوحيد وأحدية الإرادة والتصرف والعلم في الظاهر والباطن
عن ذوق وخبرة ، وأن الذي ظهر في المظاهر من الصفات الثلاث هي عين الصفات القديمة الباطنة من غير تعدد بحسب الحقيقة ، وهو من أسرار علوم الولاية .

 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.  فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )


قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه ، فلأن الرسول يقول الله فيه ) أي ، في حقه .
( "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" . فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول، وقد علم الخضر أن موسى رسول الله، فأخذ يرقب ما يكون منه ) أي ، ما يصدر منه ( ليوفى الأدب حقه مع الرسول ) أي، وقف العلماء بالله، كالخضر وغيره، عند هذا القول، وهو : ( ما آتاكم الرسول فخذوه ) ليوفى الأدب حقه مع الرسول .

قال رضي الله عنه :  ( فقال له : "إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني". فنهاه عن صحبته . فلما وقعت منه الثالثة، قال : "هذا فراق بيني وبينك". ولم يقل له موسى لا تفعل، ولا طلب صحبته، لعلمه بقدر الرتبة التي هو ) أي ، الخضر .

قال رضي الله عنه :  ( فيها التي أنطقته بالنهي عن أن يصحبه ) أي ، ولكون موسى عالما بالمرتبة التي حكمت عليه وأنطقته بالنهي عن المصاحبة . وتلك المرتبة هي مرتبة النبوة . فضمير ( علمه ) و ( هو ) عائدان إلى ( موسى ) .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:54 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 2:12 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة التاسعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة عشر :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.  فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة فراقه فلأنّ الرّسول يقول اللّه فيه : وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ الحشر : 7 ] ؛ فوقف العلماء باللّه الّذين يعرفون قدر الرّسالة والرّسول عند هذا القول ، وقد علم الخضر أنّ موسى رسول اللّه فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفّي الأدب حقّه مع الرّسول ؛ فقال له :إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً[ الكهف : 76 ] ؛ فنهاه عن صحبته ، فلما وقعت منه الثّالثة قال :قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [ الكهف : 78 ] ، ولم يقل له موسى : لا تفعل ، ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرّتبة الّتي هو فيها الّتي أنطقته بالنّهي عن أن يصحبه ؛ )
 
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف فارق موسى الخضر قبل استكمال ما طلب الكمال فيه ؟
وكيف فارقه الخضر قبل تكميله ، ومن شأن الكامل التكميل ؟
فقال رضي الله عنه  : ( وأما حكمة فراقه ) ، أي : مفارقة الخضر لموسى ؛ فلأن موسى رسول ، وكل رسول واجب الطاعة ، فتجب طاعته في قوله : فَلا تُصاحِبْنِي [ الكهف : 76 ] ، وإنما وجبت طاعة الرسول ؛ ( لأن الرسول يقول اللّه في حقه ) ، يعني من جهة كمال ظهور الحق فيه ، ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) [ الحشر : 7 ] ،
فإن أمره أمر اللّه ، ونهيه نهي اللّه ، مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [ النساء:80] .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فوقف العلماء باللّه الّذين يعرفون قدر الرّسالة والرّسول عند هذا القول ، وقد علم الخضر أنّ موسى رسول اللّه فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفّي الأدب حقّه مع الرّسول ؛ فقال له :إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً[ الكهف : 76 ] ؛ فنهاه عن صحبته ، فلما وقعت منه الثّالثة قال :قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [ الكهف : 78 ] ، ولم يقل له موسى : لا تفعل ، ولا طلب صحبته لعلمه )
أي : لعلم موسى ، ( بقدر الرتبة التي هو ) أي : موسى ( فيها ) ، وهي الرسالة ( التي أنطقته بالنهي عن أن يصحبه ؛) فسكت موسى  عند إخبار الخضر إياه بالفراق ؛
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.   فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )
 
حكمة فراق خضر وموسى
قال رضي الله عنه  : ( وأمّا حكمة فراقه ) - مع إمكان الاستفادة من الطرفين والإفاضة من آثارهما على العالمين ( فلأنّ الرسول يقول الله فيه ) إنباء لحكم مرتبته الرفيعة ، وتنبيها لمبلغ تعظيم الناس إيّاها : ( " وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوه ُ وَما نَهاكُمْ عَنْه ُ فَانْتَهُوا "  فوقفت العلماء باللَّه - الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول - عند هذا القول وقد علم الخضر ) في طيّ ما علَّمه الله من لدنه .
 
قال رضي الله عنه  : ( أنّ موسى رسول ، فأخذ يرقب ما يكون منه ، ليوفى الأدب حقّه مع الرسل ) توفية لعبوديّة الله حقّها .
( فقال له ) موسى الخضر فيما شرط معه : ( " إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي")
ووجه ذلك أنّ موسى له أن يسأل عن المواطن الثلاثة التي نبّهت عليه من مبدأ أمر النبوّة وأوسط ظهورها وكمال إظهارها
وأمّا الرابع منها - وهو موطن ختمها - فلا حقّ له في ذلك ،
 
فلذلك قال : " فَلا تُصاحِبْنِي "  بعد الثالثة ، ( فنهاه عن صحبته فلمّا وقعت منه الثالثة : قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ " ، ولم يقل له موسى : "لا تفعل " ، ولا طلب صحبته )
على كمال اهتمامه بما يترتّب على تلك الصحبة من العلوم ، كما استفاد من سوابق الشروط ووثائق العهود مرّة بعد أخرى .
 
 قال رضي الله عنه  : ( لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها ) وهي الرسالة العليا ( التي أنطقته بالنهي عن أن يصحبه ) بعد الثالثة من المواطن المذكورة.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.  فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة فراقه فلأنّ الرّسول يقول اللّه فيه :وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ الحشر : 7 ] فوقف العلماء باللّه الّذين يعرفون قدر الرّسالة والرّسول عند هذا القول . وقد علم الخضر أنّ موسى رسول اللّه فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفّي الأدب حقّه مع الرّسول .)


قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة فراقه ) مع أن في مواصلتها فائدة لهما وبكل من سمع قصتهما من العالمين ( فلأن الرسول يقول اللّه فيه ) ، أي في شأنه (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وَاتَّقُوا اللَّهَ [ الحشر : 7 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( فوقف العلماء باللّه الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول وقد علم الخضر أن موسى رسول اللّه فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسل )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال له :إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي[ الكهف : 76 ] فنهاه عن صحبته . فلما وقعت منه الثّالثة قال :هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ[ الكهف : 78 ] . ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرّتبة الّتي هو فيها الّتي أنطقته بالنّهي عن أن يصحبه . )

 فقال موسى له :إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي فنهاه عن صحبته ، فلما وقعت منه الثالثة قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ولم يقل له موسى : لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه ) ، أي لعلم موسى ( بقدر الرتبة التي هو ) ، أي موسى ( فيها ) وهي الرسالة ( التي أنطقته بالنهي عن أن يصحبه ) فسكت موسى عند إخبار الخضر إياه بالفراق .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:55 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 2:35 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة العشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة العشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العشرون :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
قال رضي الله عنه :  ( فسكت موسى ووقع الفراق . فانظر إلى كمال هذين الرّجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهيّ حقّه . وإنصاف الخضر عليه السّلام فيما اعترف به عند موسى عليه السّلام حيث قال له : « أنا على علم علّمنيه اللّه لا تعلمه أنت ، وأنت على علم علّمكه اللّه لا أعلمه أنا » . فكان هذا الإعلام من الخضر دواء لما جرّحه به في قوله :وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً [ الكهف : 68 ] مع علمه بعلوّ رتبته بالرّسالة ، وليست تلك الرّتبة للخضر ، وظهر ذلك في الأمّة المحمّديّة في حديث إبار النّخل ، فقال عليه السّلام لأصحابه : « أنتم أعلم بمصالح دنياكم » ولا شكّ أنّ العلم بالشّيء خير من الجهل به : ولهذا مدح اللّه نفسه بأنّه بكلّ شيء عليم . فقد اعترف صلى اللّه عليه وسلم بأنّهم أعلم بمصالح دنياهم منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنّه علم ذوق وتجربة ولم يتفرّغ عليه السّلام لعلم ذلك ، بل كان شغله بالأهمّ فالأهمّ . )
 
قال رضي الله عنه :  (فسكت موسى) عليه السلام عن الكلام معه ، وكذا الخضر عليه السلام (ووقع الفراق) بينهما بعد ذلك فلا يجتمعان أصلا (فانظر) يا أيها السالك (إلى كمال هذين الرجلين) موسى والخضر عليهما السلام (في العلم) الإلهي الظاهري في هذا والباطني في هذا (وفي توفية الأدب الإلهي حقه) من كل واحد منهما للآخر (وإنصافه الخضر عليه السلام فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له) ، كما ورد في حديث البخاري وغيره
 
قال رضي الله عنه :  (أنا على علم إلهي) باطني (علمنيه الله) تعالى كما قال تعالى : "وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً" (لا تعلمه) ، أي ذلك (أنت ، وأنت على علم) إلهي ظاهري (علمكه) ، أي علمك (اللّه) تعالى إياه (لا أعلمه أنا) وصدور هذا من الخضر دون موسى عليه السلام دليل على زيادة علم الخضر على علم موسى عليه السلام
 
وهو أعلم منه بنص الخبر في صحيح البخاري لما قال موسى عليه السلام لبني إسرائيل وقد قالوا له : هل في الأرض أعلم منك فقال : لا ، فأوحى اللّه تعالى إليه أن في مجمع البحرين رجلا أعلم منك ودله على الخضر عليهما السلام حتى وقع منهما ما وقع ، لأن الظاهر من خصائص النسبة النفسانية وهي حال الدنيا لا غير ، وعلم الباطن من خصائص النسبة الإلهية وهي حال الآخرة ، والدنيا سريعة الزوال فهي قليلة بالنظر إلى الآخرة ، والآخرة أبقى فعلمها أعظم .
 
قال رضي الله عنه :  (فكان هذا الإعلام من الخضر لموسى) عليهما السلام (دواء) ، أي مداواة منه لما جرّحه ، أي جرح الخضر عليه السلام به من الكلام في قوله له أوّل ما اجتمع به ("وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً") [ الكهف : 68 ] مع علمه) ، أي الخضر عليه السلام (بعلو رتبته) ، أي موسى عليه السلام عليه (بالرسالة وليست تلك الرتبة) التي لموسى (للخضر) عليه السلام (وظهر ذلك) ، أي الإعلام بأنه على علم لا يعلمه الآخر وبالعكس (في) هذه (الأمة المحمدية) ، أي المنسوبة إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم (في حديث إبار) ، أي تلقيح القوم (النخل) لما مر عليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : « لو تركوها أصلحت فتركوها فلم تثمر تلك السنة وأخبروه (فقال) عليه السلام لأصحابه (أنتم أعلم) ، أي مني ("بأمور دنياكم") » . روى نحوه ابن ماجة ورواه ابن حبان في صحيحه ورواه غيرهما .
 
فهم على علم لا يعلمه هو كما هو على علم لا يعلموه هم (ولا شك أن العلم بالشيء) ، أي شيء كان (خير من الجهل به) ، فعلمهم خير في الجملة من الجهل به ، والأعلمية زيادة علم ، وتلك الزيادة لم تكن للنبي صلى اللّه عليه وسلم فهي علمهم الذي هو خير من الجهل بها ؛
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا) ، أي لكون العلم مطلقا صفة كمال (مدح اللّه) تعالى (نفسه بأنه بكل شيء عليم ، فقد اعترف) النبي (صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه) صلى اللّه عليه وسلم ، أي أكثر علما مع مشاركته لهم في الأصل فلا يرد أنه صلى اللّه عليه وسلم علم علم الأوّلين والآخرين كما ورد في الحديث (لكونه) صلى اللّه عليه وسلم (لا خبرة له بذلك) ، أي بمصالح الدنيا ، وإن كان له بذلك علم (فإنه) ، أي علم الخبرة (علم ذوق وتجربة) ، أي حاصل عنها (ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك) بطريق الخبرة والتجربة مثلهم حتى تثبت له الأعلمية به (بل كان) صلى اللّه عليه وسلم (شغله بالأهم فالأهم) من أمور الدين والإسلام .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
قال رضي الله عنه :  ( فسكت موسى فوقع الفراق فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهي حقه و ) إلى ( إنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى حيث قال له أنا على علم علمنيه اللّه لا تعلمه أنت وأنت على علم علمك اللّه لا أعلمه أنا فكان هذا الأعلام من الخضر لموسى دواء لما جرحه به ) . أي لما جعل الخضر موسى عليهما السلام مجروحا به و
 
قال رضي الله عنه :   ( في قوله "وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً" مع علمه بعلو مرتبته ) أي مع كون الخضر عالما بعلو مرتبة موسى ( بالرسالة وليست تلك المرتبة ) وهي الرسالة ( للخضر ) فإن الخضر نبيّ لا رسول ( وظهر ذلك ) الانصاف ( في الأمة المحمدية ) أي من نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلّم في حق أمته ( في حديث إبار النخل فقال لأصحابه : « أنتم أعلم بأمور دنياكم ».
 
"" الحديث : أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَرَّ بقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقالَ: لو لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ قالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بهِمْ فَقالَ: ما لِنَخْلِكُمْ؟ قالوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بأَمْرِ دُنْيَاكُمْ. رواه مسلم والبزار في البحر الزاخر و العراقيى في تخريج الإحياء وابن رجب  والهيتمي في مجمع الزوائد. شعيب الأرناؤوط في مشكل الآثار "".
 
قال رضي الله عنه :   (ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به ولهذا ) أي ولأجل كون العلم بالشيء خيرا من الجهل به .
 
قال رضي الله عنه :  ( مدح اللّه نفسه بأنه كل شيء عليم فقد اعترف عليه السلام لأصحابه بالعلم بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه). أي من الرسول وإنما كانوا أعلم بمصالح الدنيا من الرسول
 ( لكونه ) أي لكون الرسول ( لا خبرة ) أي لا علم ( له بذلك ) الأمر وهو تأبير النخل وأمثاله ( فإنه ) أي هذا العلم ( علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ ) أي لم يشغل ( عليه السلام لعلم ذلك ) الأمر الدنيوي .
قال رضي الله عنه :  ( بل كان شغله بالأهم فالأهم).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
قال رضي الله عنه :  ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا». فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر. و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم». ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
قال رضي الله عنه :  ( فسكت موسى ووقع الفراق ، فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهيّ حقّه ، واتّصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى ، حيث قال : أنا على علم علَّمنيه الله ، لا تعلمه أنت ، وأنت على علم علَّمكه الله لا أعلمه أنا ، فكان هذا الإعلام من الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله :" وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً " مع علمه بعلوّ رتبته بالرسالة ، وليست تلك الرتبة للخضر ، فظهر ذلك في الأمّة المحمدية في إبار النخل ، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه : « أنتم أعلم بمصالح دنياكم » ولا شكّ أنّ العلم بالشيء خير من الجهل ، ولهذا مدح الله نفسه بأنّه بكل شيء عليم ، فقد اعترف صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه بأنّهم أعلم بمصالح الدنيا منه ، لكونه لا خبرة له بذلك ، فإنّه علم ذوق وتجربة ، ولم يتفرّغ صلَّى الله عليه وسلَّم لعلم ذلك ، بل كان شغله بالأهمّ فالأهم ).
 
قال العبد أيّده الله به : اعلم : أنّ الخضر صلوات الله عليه صورة الاسم « الله » الباطن ، وله علوم الولاية والقرب والغيب ، وأسرار القدر ، وعلوم الهوية والإنيّة ، والعلوم اللدنّية والأسرار ، ولهذا محتد ذوقه الوهب والإيتاء ،
قال الله تعالى - : " فَوَجَدا عَبْداً من عِبادِنا آتَيْناه ُ رَحْمَةً من عِنْدِنا وَعَلَّمْناه ُمن لَدُنَّا عِلْماً " وكما كان يشير إلى ذلك في كلماته الكاملات لموسى :
بقوله :" فَأَرادَ رَبُّكَ "  فوحد وعين إنية الربوبية ، وأخبر عن الإرادة الربانية الباطنة ،
وقال :"فَأَرَدْتُ "  فعيّن وقيّد ، وأخبر عن تعيين علمه وتخصيص إرادته بعض ما في باطنه ،
وقال :" فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْه ُ زَكاةً " فجمع في الكناية ، وهو عين التوحيد وأحدية الإرادة والتصرّف والعلم عن ذوق وخبرة ، و
كل ذلك إشارة منه صلَّى الله عليه إلى أسرار البطون والغيب وخفّيات الغيبة وأسرار المشيّة وسرائر الإرادة .
 
وأمّا موسى عليه السّلام فصورة الاسم « الظاهر » ، وله الرسالة والنبوّة وعلوم التشريع من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحكم بالظاهر ، ولذلك معجزاته في كمال الظهور والوضوح ، فلمّا أراد الله تكميل موسى بالجمع بين التجليات الظاهرة والباطنة وعلوم النبوّة وما في استعداده من علوم الولاية ،
وكان موسى قد ظهر بدعوى بين قومه أنّه أعلم أهل الأرض وذلك في ملأ من بني إسرائيل ، فأوحى الله إلى موسى ، بل عبد لنا بمجمع البحرين - أي بين بحرى الوجوب والإمكان ، أو بحر الظاهر وبحر الباطن ، أو بحر النبوّة وبحر الولاية  ،
فاستحى موسى من دعواه ، فسأل الله أن يقدّر الصحبة بينهما واستأذن في طلب الاجتماع به ، حتى يعلَّمه ممّا علَّمه الله ، فلو آثر صحبة الله وأخذ العلم منه من طريق الولاية ، من حيث إنّ كلّ نبيّ وليّ وأنّ الولاية باطن النبوّة ، لأغناه الله عن اتّباع الخضر ،
 
ولكنّه آثر صحبة الله المتجلَّي من الحضرة الخضرية والتجليات الباطنة الخفية والأسرار العليّة الإلَّيّة الحقّية ، فلمّا وقع الاجتماع ، ظهر النزاع لما بين الظهور والبطون من المباينة والمغايرة ،
وبعد حصول ما أراد الله إيصاله إلى موسى من ذلك في صحبة الخضر - صلى الله عليهما - كما بيّنّا ، وقع الفراق ،
 
 لأنّ الظاهر - من كونه ظاهرا - يفترق من الباطن من كونه باطنا ولا بدّ ، ولنا بحمد الله من المقام الخضري والمقام الموسوي من الوارث المحمدي حظَّ وافر ، والحمد لله الأوّل والآخر الباطن الظاهر .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
قال رضي الله عنه :  ( فسكت موسى ووقع الفراق ، فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهي حقه ، وإنصاف الخضر عليه السلام فيما اعترف به عند موسى حيث قال : أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت ، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا ، فكان هذا الإعلان من الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله :" وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً " مع علمه بعلو مرتبته بالرسالة وليست تلك الرتبة للخضر ، فظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث آبار النخل ، فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه « أنتم أعلم بأمور دنياكم » ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به ، ولهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم ، فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ، ولم يتفرغ عليه الصلاة والسلام لعلم ذلك بل كان شغله بالأهم فالأهم).
 
اعلم أن الخضر عليه السلام صورة اسم الله الباطن ومقامه مقام الروح ، وله الولاية والغيب وأسرار القدر وعلوم الهوية والإنية والعلوم اللدنية ، ولهذا كان محتد ذوقه الوهب والإيتاء ، قال تعالى :" فَوَجَدا عَبْداً من عِبادِنا آتَيْناه رَحْمَةً من عِنْدِنا وعَلَّمْناه من لَدُنَّا عِلْماً "
 ولكماله في علم الباطن لما بين لموسى عليه السلام تأويل ما لم يستطع عليه صبرا من الوقائع الثلاث .
قال في الأولى :" فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها " بالتقييد والإخبار عن تخصيص إرادته بعض ما في باطنه من معلوماته .
وفي الثانية : " فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْه زَكاةً " لجمع الضمير في الإرادة .
وفي الثالثة : " فَأَرادَ رَبُّكَ " بتوحيد الضمير والإخبار عن الإرادة الربانية الباطنة ،
 
كل ذلك إشارة منه إلى سر التوحيد وأحدية الإرادة والتصرف والعلم في الظاهر والباطن عن ذوق وخبرة ، وأن الذي ظهر في المظاهر من الصفات الثلاث هي عين الصفات القديمة الباطنة من غير تعدد بحسب الحقيقة ، وهو من أسرار علوم الولاية .
 
وأما موسى عليه السلام فهو صورة اسم الله الظاهر ومقامه مقام القلب ، وله علوم الرسالة والنبوة والتشريع من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحكم بالظاهر ، ولذلك كانت معجزاته في غاية الوضوح والظهور ،
فلما أراد الله تكميل موسى بالجمع بين التجليات الظاهرة والباطنة وعلوم نبوة وما في استعداده من علوم الولاية ، فكان موسى قد ظهر بين قومه بدعوى أنه أعلم أهل الأرض وذلك في ملأ من بني إسرائيل ،
 
فأوحى الله إليه : بل عبد لنا بمجمع البحرين : أي بين بحرى الوجوب والإمكان ، أو بحرى الظاهر والباطن ، أو بحرى النبوة والولاية ، فاستحى موسى من دعواه فسأل الله أن يقدر الصحبة بينهما ، واستأذن في طلب الاجتماع حتى يعلمه مما علمه الله ، فلو آثر صحبة الله وأخذ علم الولاية منه لإغناء الله عن اتباع الخضر ، فلما وقع الاجتماع ظهر النزاع لما بين الظهور من حيث الظهور ، والبطون من حيث البطون من المغايرة والمباينة ، فلذلك وقع بينهما الفراق بعد حصول ما قدر الله إيصاله إليه بصحبة الخضر من العلم ، ولا بد للمحمدي من الجمع بين الظاهر والباطن اتباعا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
قال رضي الله عنه :  ( فسكت موسى ووقع الفراق . فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهي حقه ) أي ، وتوفيتهما الأدب الإلهي حقه وإلى.
 
قال رضي الله عنه :  ( إنصاف الخضر ، عليه السلام ، فيما اعترف به عند موسى ، عليه السلام ، حيث قال : " أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت ، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا " فكان هذا الإعلام من الخضر لموسى عليها السلام دواء لما جرحه به في قوله : "وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا " . مع علمه بعلو رتبته بالرسالة ، وليست تلك الرتبة للخضر . وظهر ذلك في الأمة المحمدية ) .
 
أي ، ظهر مثل ذلك الإنصاف من نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، بالنسبة إلى أمته ( في حديث ( إبار النخل ) : فقال، عليه السلام، لأصحابه : "أنتم أعلم بأمور دنياكم " .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا شك أن العلم بالشئ خير من الجهل به، ولهذا مدح الله تعالى نفسه بأنه بكل شئ عليم .
فقد اعترف، صلى الله عليه وآله، لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح دنياهم منه، لكونه لا خبرة له بذلك، فإنه علم ذوق وتجربة، ولم يتفرع، عليه السلام، لعلمه ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم) فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه وتأديت بين يدي عباد الله بعدم الظهور بالدعوى والأنانية .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:57 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 2:45 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة العشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة العشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العشرون :                                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
قال رضي الله عنه :  ( فسكت موسى ووقع الفراق ، فانظر إلى كمال هذين الرّجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهيّ حقّه .
وإنصاف الخضر عليه السّلام فيما اعترف به عند موسى عليه السّلام حيث قال له : " أنا على علم علّمنيه اللّه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علّمكه اللّه لا أعلمه أنا "). رواه البخاري وابن حبان
( فكان هذا الإعلام من الخضر دواء لما جرّحه به في قوله :وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً [ الكهف : 68 ] مع علمه بعلوّ رتبته بالرّسالة ، وليست تلك الرّتبة للخضر ، وظهر ذلك في الأمّة المحمّديّة في حديث إبار النّخل ؛ فقال عليه السّلام لأصحابه :"أنتم أعلم بمصالح دنياكم" .) رواه ابن حبان والطبراني في الكبير والبزار في المسند
 
( ؛ فسكت موسى ) عند إخبار الخضر إياه بالفراق (ووقع الفراق ، فانظر إلى كمال هذين الرّجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهيّ حقّه ) ؛ فإن توفية كل منهما حق الأدب بالنسبة إلى الآخر كان للّه ، ومن اللّه فكان أدبهما إلهيّا .
 
قال رضي الله عنه :  وإنصاف الخضر عليه السّلام فيما اعترف به عند موسى عليه السّلام حيث قال له : «أنا على علم علّمنيه اللّه لا تعلمه أنت ، وأنت على علم علّمكه اللّه لا أعلمه أنا»  ؛ فكان هذا الإعلام من الخضر دواء لما جرّحه به في قوله :وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً [ الكهف : 68 ] مع علمه بعلوّ رتبته بالرّسالة ،
وليست تلك الرّتبة للخضر ، وظهر ذلك  الإنصاف الذي ظهر من الخضر من محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ( في ) شأن ( الأمّة المحمّديّة في حديث إبار النّخل ؛ فقال عليه السّلام لأصحابه : « أنتم أعلم بمصالح دنياكم ») مع كونهم دون كثير من الناس في الأمور الدنيوية ؛ لكثرة أشغالهم بالأمور الأخروية ؛ فأنصف لهم بتفضيلهم على نفسه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا شكّ أنّ العلم بالشّيء خير من الجهل به ، ولهذا مدح اللّه نفسه بأنّه بكلّ شيء عليم ، فقد اعترف صلّى اللّه عليه وسلّم بأنّهم أعلم بمصالح دنياهم منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنّه علم ذوق وتجربة ، ولم يتفرّغ عليه السّلام لعلم ذلك ، بل كان شغله بالأهمّ فالأهمّ )
 
"" أضاف المحقق :
لما أظهر موسى عليه السّلام مع فرعون ما كان عليه من أمر الرسالة والخلافة واقتضى الوقت أن يظهر فرعون أيضا ما كان عليه من الكمال كما أشار إليه رضي اللّه عنه . شرح الجامي ""
 
وذلك لأنه ( لا شكّ أن العلم بالشيء ) ، وإن كان أدنى ( خير من الجهل به ) ، وإن لم يضره ذلك في الكمالات الإنسانية التي خلق لها ؛ ( ولهذا مدح اللّه نفسه بأنه بكل شيء عليم ) ، وإذا كان العلم بالشيء كمالا للعالم وعدمه نقصا ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد اعترف صلّى اللّه عليه وسلّم ) لأصحابه بالكمال على نفسه ، وإن كان لا يعابه في الكمالات النبوية ، ( فإنهم أعلم بمصالح دنياهم )  مع أنه ليس بجاهل بذلك ؛ لأنه الأصل في جميع العلوم ، لكنهم فضلوا عليه بالخبرة ؛ ( لكونه لا خبرة له بذلك ) ، فكأنه لا علم له أصلا ، ( فإنه علم ذوق وتجربة ، ولم يتفرغ عليه السّلام لعلم ذلك ) ، وإن كان في قوة استعداده ، ( بل كان شغله في الأهم والأهم ) ؛ لأنه لا نهاية لما في استعداده ،
وإذا أخبرتك عن رعاية الخضر رتبة رسالة موسى ، ورعاية موسى رتبة ولاية الخضر ومشيخته ، وعن إنصاف الخضر لموسى ، وإنصاف محمد لأصحابه صلّى اللّه عليه وسلّم ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
 ( فسكت موسى ) عند إخبار الخضر إيّاه بالفراق وإجازته ذلك عنه ، ( فوقع الفراق ) من قبل موسى وسكوته عند الإخبار والاستجازة .
 
الكلام متعلق بالنبوّة والكتاب بالرسالة
ثمّ هاهنا نكتة جليلة لا بدّ من التلويح إليها ، وهي أنّك قد عرفت فيما بيّن لك أنّ ما يرسل به الرسل من الحروف له طرف ظاهر كلامي يتعلَّق بخصوصيّته النبويّة ، وطرف باطن كتابيّ يتعلَّق بخصوصيّته الولائيّة .
وكما أنّ الأول إنّما يظهر عند تموّج الهواء وتكيّفه بالكيفيّات المسموعة ، كذلك الثاني لا تظهر إلَّا بتوسّط الضياء وتكيّفه بالكيفيّات المبصرة .
 
وإذا تقرّر هذا فاعلم إنّ موسى بناء على الأصل الممهّد آنفا له استحقاق الظهور بالخصوصيّة النبويّة ، فلذلك عيّن له منصب الكليميّة وفاز به ، فلا بدّ أن يتحقّق بإزائه في زمانه من له استحقاق الظهور بالخصوصيّة الولائيّة وتعيّن بصورته الكتابيّة - وهو الخضر - فمن تأمّل في هذه التلويح ظهر له وجوه من الحكم منها سبب تسميته « خضرا » ودوام حياته وخوضه في الظلمات - إلى غير ذلك .
 
مراعاة موسي وخضر عليهما السّلام كمال الأدب الإلهي في التعليم والتعلَّم
قال رضي الله عنه  : ( فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم ) بشرائط التعليم والتعلَّم وانتهاج طريق الأدب فيهما خالصا عن شائبتي الرعونة والاستنكاف ، وهو الأدب الإلهيّ المنزّه عن حكم الكون ،
ولذلك قال رضي الله عنه  : ( وتوفية الأدب الإلهيّ حقّها ) ، وهو القيام بحقوق كلّ ذي رتبة من الاتّضاع له على قدر ما عليه من الارتفاع ، كسؤال موسى مع علوّ شأنه في الرسالة والخلافة : "هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً " .
 
قال رضي الله عنه  : ( وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى ، حيث قال : " أنا على علم علَّمنيه الله لا تعلمه أنت ، وأنت على علم علَّمك الله لا أعلمه أنا " ، فكان هذا الإعلام من الخضر ) الذي له رتبة التعليم والإرشاد في هذه الصحبة .
 
""أضاف الجامع :
حديث الحميدي: ( .... قال: رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى ثوبا فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام، قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا، قال: (إنك لن تستطيع معي صبرا)، يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، فقال موسى: "ستجدني إن شاء الله صابرا، ولا أعصي لك أمرا" [الكهف: 69]، فقال له الخضر: "فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا" [الكهف: 70]، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر....) صحيح البخاري و ابن حبان والبيهقي و مسند احمد ومسند الحميدي و الجامع الصغير للسيوطي ومسند ابي عوانه . ""
 
قال رضي الله عنه  : ( لموسى دواء لما جرحه به في قوله : " وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً ") كما هو مقتضى حكم الإرشاد والتسليك من تمكين السالك الطالب أولا في مقام التخلية مطلقا ، عمّا هو بصدد طلبه من الكمالات ،
وتنبيهه آخرا على ما هو المتحلَّى به في نفسه فمكَّن الخضر موسى في مقام التخلية أولا ( مع علمه بعلوّ مرتبته بالرسالة ، وليست تلك المرتبة للخضر ) وفاء بما له من الرتبة وتعليما للعباد من الأمم الآتية .
 
قال رضي الله عنه  : ( وظهر ذلك ) الإنصاف ( في الامّة المحمّديّة ) بالنسبة إلى محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم على كماله الأتمّ
قال رضي الله عنه  : ( في حديث إبار النخل ، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه : « أنتم أعلم بمصالح دنياكم » ) واعترف بأعلميّة الامّة في المصالح الجزئيّة ،
 
قال رضي الله عنه  : ( ولا شكّ أنّ العلم بالشيء ) مطلقا جزئيّا كان أو كليّا ( خير من الجهل به ) والاتّصاف به هو الكمال ، ( ولهذا مدح الله نفسه بأنّه :"  بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " فقد اعترف صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه بأنّهم أعلم بمصالح الدنيا منه ، لكونه لا خبرة له بذلك ، فإنّه علم ذوق وتجربة ) يحتاج إلى تكرّر مباشرة لذلك الفعل الذي هو مبدأ استعلامه ،
 
قال رضي الله عنه  : ( ولم يتفرّغ عليه السّلام لعلم ذلك ) الجزئيات المستحصلة من الأفعال ( بل كان شغله بالأهمّ فالأهمّ ) مما له دخل في أمر كماله الختميّ .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم )
 
قال رضي الله عنه :  ( فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرّجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهيّ حقّه.  وإنصاف الخضر عليه السّلام فيما اعترف به عند موسى عليه السّلام حيث قال له : « أنا على علم علّمنيه اللّه لا تعلمه أنت ، وأنت على علم علّمكه اللّه لا أعلمه أنا » .  فكان هذا الإعلام من الخضر دواء لما جرّحه به في قوله : وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً [ الكهف : 68 ] مع علمه بعلوّ رتبته بالرّسالة ، وليست تلك الرّتبة للخضر ، وظهر ذلك في الأمّة المحمّديّة في حديث إبار النّخل ، فقال عليه السّلام لأصحابه : « أنتم أعلم بمصالح دنياكم »  ولا شكّ أنّ العلم بالشّيء خير من الجهل به ).
 
قال رضي الله عنه :  (فسكت موسى ) عند إخبار الخضر إياه بالفراق ( فوقع الفراق فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهي حقه ) ، فإن توفية كل منهما حق الأدب بالنسبة إلى الآخر كان للّه ومن اللّه فكان أدبهما إلهيا .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنصافه الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له : « أنا على علم علمنيه اللّه لا تعلمه أنت وأنت على علم علمكه اللّه لا أعلمه أنا ») رواه البخاري  و مسلم وابن حبان في صحيحه  والترمذي و البيهقي ورواه غيرهما .


"" أضاف الجامع :
من حديث مسلم : (.....  فقال له الخضر: أنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ [ص:1849] قال: نعم، قال: إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه، قال له موسى عليه السلام: "هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا". قال: إنك لن تستطيع معي صبرا. وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) قال له الخضر "فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا" [الكهف: 70]، قال: نعم، فانطلق الخضر وموسى يمشيان على ساحل البحر.....) . ""
 
قال رضي الله عنه :  (فكان هذا الإعلام من الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله :وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً( 68 ) مع علمه بعلو مرتبته بالرسالة وليست تلك المرتبة للخضر وظهر مثل ذلك ) .
 
الإنصاف الذي ظهر من الخضر من محمد صلى اللّه عليه وسلم ( في ) شأن ( الأمة المحمدية في حديث إبار النخل فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : « أنتم أعلم بمصالح دنياكم » ) « رواه ابن حبان في صحيحه ،  والطبراني في المعجم الكبير ورواه غيرهما » .
 
"" أضاف الجامع :
حديث مسلم : (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون، فقال: «لو لم تفعلوا لصلح» قال: فخرج شيصا، فمر بهم فقال: «ما لنخلكم؟» قالوا: قلت كذا وكذا، قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم») رواه مسلم والترمذي ومسند السراج ومسند أحمد و الجامع الصغير للسيوطي .""
فاعترف بأعلميتهم في المصالح الجزئية ( ولا شك أن العلم بالشيء ) مطلقا جزئيا كان أو كليا
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا مدح اللّه نفسه بأنّه بكلّ شيء عليم . فقد اعترف صلى اللّه عليه وسلم بأنّهم أعلم بمصالح دنياهم منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنّه علم ذوق وتجربة ولم يتفرّغ عليه السّلام لعلم ذلك ، بل كان شغله بالأهمّ فالأهمّ ).
 
قال رضي الله عنه :  ( خير من الجهل ، ولهذا مدح اللّه نفسه بأنه بكل شيء عليم ، فقد اعترف صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك بل كان شغله بالأهم فالأهم ) ، ما له دخل في أمر الرسالة.



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:58 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 3:11 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الحادية والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الحادية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية والعشرون :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه. وقوله : فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً يريد الخلافة ؛وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ[ الشعراء : 21]. يريد الرّسالة : فما كلّ رسول خليفة . فالخليفة صاحب السّيف والعزل والولاية . والرّسول ليس كذلك : إنّما عليه بلاغ ما أرسل به . فإن قاتل عليه وحماه بالسّيف فذلك الخليفة الرّسول . فكما أنّه ما كلّ نبيّ رسولا ، كذلك ما كلّ رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التّحكّم فيه . وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهيّة الإلهيّة فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار حتّى يرى جوابه مع دعواه الرّسالة عن ربّه - وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم - فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه . )
 
قال رضي الله عنه :  (فقد نبهتك) يا أيها السالك (على أدب عظيم) من الأعلى في حق الأدنى إذا كان للأدنى في وصف أعلميته في شيء على الأعلى على أن لا يضيعها له (تنتفع به) ، أي بذلك الأدب إن (استعملت نفسك فيه) ، أي في ذلك الأدب الذي هو من أدب الأنبياء والمرسلين عليهم السلام .
 
قال رضي الله عنه :  (وقوله) ، أي موسى عليه السلام بعد ذكره فراره من القتل ("فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً [ الشّعراء : 21 ] يريد الخلافة") الإلهية في الأرض
("وَجَعَلَنِي")، أي ربي ("مِنَ الْمُرْسَلِينَ") إلى فرعون وبني إسرائيل (يريد الرسالة) النبوية (فما كل رسول) من اللّه تعالى (خليفة) في الأرض عن اللّه تعالى (فالخليفة) عن اللّه تعالى (صاحب السيف) ، أي الحكم القاهر وصاحب (العزل) لمن يشاء في المناصب الدينية والدنيوية (و) صاحب (الولاية) كذلك لمن يشاء على رفق الحكمة الإلهية ، فهو صاحب حكم وحكمة في الظاهر والباطن .
 
قال رضي الله عنه :  (والرسول) من اللّه تعالى (ليس كذلك إنما عليه السلام ) ، أي الرسول (البلاغ) فقط (لما أرسل به) من الأحكام إلى من أرسل إليه (فإن قاتل) ، أي الرسول (عليه) ، أي على ما أرسل به (وحماه) ، أي حفظ ما أرسل به من أحكام اللّه تعالى (بالسيف فذلك) المذكور هو (الخليفة الرسول) ، أي الجامع بين الوصفين (فكما أنّه) ، أي الشأن (ما كل نبي رسولا) إذ بعض الأنبياء رسل ، والبعض أنبياء من غير رسالة فبينهما عموم مطلق (كذلك ما كل رسول خليفة) ، أي (أعطاه اللّه تعالى الملك) ، أي الحكم والسلطنة (والتحكم فيه )، أي في الملك .
 
ولهذا قال بعض الأنبياء :"رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" [ الشعراء : 83 ] ، فطلب الخلافة الإلهية ، فقد يكون رسولا وليس بخليفة ، كما أنه قد يكون خليفة وليس بنبي ولا رسول ، كالأولياء المستخلفين في الأرض والملوك ، فبينهما عموم من وجه .
 
قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة سؤال فرعون) لموسى عليه السلام (عن الماهية الإلهية) بقوله :  وما رب العالمين (فلم يكن) ، أي ذلك السؤال له (عن جهل) منه برب العالمين ؛ ولهذا ورد أنه لما انقطع النيل في مصر دعا فرعون اللّه تعالى وتضرع إليه أن لا يفضحه بين قومه ، فأجرى اللّه تعالى له النيل ، ولولا معرفته به ما دعاه ، وإن قال :ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي[ القصص : 38 ] فإنه كاذب في ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (وإنما كان) ذلك السؤال منه (عن اختبار) ، أي امتحان لموسى عليه السلام (حتى يرى جوابه) ، أي موسى عليه السلام عن ذلك مع دعواه ، أي موسى عليه السلام الرسالة إلى قومه عن ربه تعالى .
 
قال رضي الله عنه :  (وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم) باللّه تعالى (فيستدل) ، أي فرعون (بجوابه) ، أي جواب موسى عليه السلام (على صدق دعواه) ، أي موسى عليه السلام رسالة اللّه تعالى .
 
 قال رضي الله عنه :  ( وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتّى يعرّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله . فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر ، أظهر فرعون - إبقاء لمنصبه - أنّ موسى ما أجابه على سؤاله . فيتبيّن عند الحاضرين - لقصور فهمهم - أنّ فرعون أعلم من موسى . ولهذا لمّا قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظّاهر غير جواب ما سئل عنه . )
 
قال رضي الله عنه :  (وسأل) فرعون (سؤال إيهام) للغير خلاف الحق ليتم له باطله الذي يدعيه (من أجل الحاضرين) من قومه المؤمنين به (حتى يعرفهم) ، أي فرعون (من حيث لا يشعرون) أنه يعرفهم (بما شعر هو) ، أي فرعون به (في نفسه في سؤاله) ذلك والذي شعر به في نفسه هو عجز موسى عليه السلام عن جواب سؤاله عن الماهية .
 
قال رضي الله عنه :  (فإذا أجابه) ، أي موسى عليه السلام (جواب العلماء بالأمر) الإلهي على ما هو عليه (أظهر فرعون) للحاضرين من قومه (إبقاء لمنصبه) وهو ألوهيته بينهم (أن موسى) عليه السلام (ما أجابه عن سؤاله) ذلك (فيتبين عند الحاضرين) من قوم فرعون( لقصور فهمهم) من كثرة جهلهم باللّه تعالى (أن فرعون أعلم) بالأمور (من موسى) عليه السلام
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا لما قال) ، أي موسى عليه السلام (له) ، أي لفرعون (في الجواب) عن سؤاله (ما ينبغي) ، أي يليق أن يكون هذا الجواب (وهو) ، أي جواب موسى عليه السلام (في الظاهر) ، أي بحسب ما تقتضيه كلمة ما الاستفهامية من معنى السؤال عن الماهية (غير جواب ما سئل) ، أي موسى عليه السلام (عنه) فإنه لا جواب لذلك السؤال أصلا ، إذ ماهية الحق تعالى يستحيل أن تكون من شيء من الحوادث ، أو تكون معرفة من حيث هي ماهية لأحد من الخلق ، وإنما عرف تعالى وتميز عن خلقه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه وقوله "فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً " يريد الخلافة "وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ" يريد الرسالة فما كل رسول خليفة فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية والرسول ليس كذلك إنما عليه البلاغ لما أرسل به فإن قاتل عليه وحماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول فكما أن ما كل نبي رسولا كذلك ما ) كان .
 
قال رضي الله عنه :  ( كل رسول خليفة أي ما أعطى الملك ولا التحكم فيه ) أي في الملك ( وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن ) ذلك السؤال من فرعون ( عن جهل ) فإنه يعلم أن الماهية الإلهية لإيجاب عنها ( وإنما كان ) هذا السؤال منه ( عن اختبار حتى يرى ) فرعون ( جوابه ) أي جواب موسى ( مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم باللّه فيستدل ) فرعون ( بجوابه على صدق دعواه وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتى يعرّفهم )  من التعريف.
 
قال رضي الله عنه :  ( من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه ) ومفعول أظهر قوله ( أن موسى عليه السلام ) أي أظهر فرعون أن موسى ( ما أجابه على سؤاله فتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى عليه السلام ولهذا ) أي ولأجل كون سؤال فرعون عن الماهية الإلهية ليتبين عند الحاضرين أن فرعون أعلم من موسى .
 
قال رضي الله عنه :  ( لما قال ) موسى ( له ) أي لفرعون ( في الجواب ) يتعلق بقوله ( ما ينبغي وهو ) أي والحال أن هذا الجواب ( في الظاهر ) يتعلق بقوله ( غير جواب على ما سئل عنه ) .
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال رضي الله عنه : (على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.  وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة. فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول. فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه. وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه  وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى. ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ) .
اعلم : أنّ الخضر صلوات الله عليه صورة الاسم « الله » الباطن ، وله علوم الولاية والقرب والغيب ، وأسرار القدر ، وعلوم الهوية والإنيّة ، والعلوم اللدنّية والأسرار ، ولهذا محتد ذوقه الوهب والإيتاء ،
وأمّا موسى عليه السّلام فصورة الاسم « الظاهر » ، وله الرسالة والنبوّة وعلوم التشريع من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحكم بالظاهر ، ولذلك معجزاته في كمال الظهور والوضوح ، فلمّا أراد الله تكميل موسى بالجمع بين التجليات الظاهرة والباطنة وعلوم النبوّة وما في استعداده من علوم الولاية ،
لأنّ الظاهر - من كونه ظاهرا - يفترق من الباطن من كونه باطنا ولا بدّ ، ولنا بحمد الله من المقام الخضري والمقام الموسوي من الوارث المحمدي حظَّ وافر ، والحمد لله الأوّل والآخر الباطن الظاهر .
 
قوله رضي الله عنه  : ( فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً " يريد به الخلافة   " وَجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ " يريد به الرسالة ، فما كل رسول خليفة ، والخليفة صاحب السيف والعزل والولاية ، والرسول ليس كذلك ، إنّما عليه بلاغ ما أرسل به ، فإنّ قاتل عليه وجاء بالسيف فذلك الخليفة الرسول ، فكما أنّ ما كلّ نبيّ رسولا ، فكذلك ما كلّ رسول خليفة ، أي ما أعطي الملك ولا الحكم فيه .
وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار ، حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربّه ،  وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم ، فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه ، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين ، حتى يعرّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر ، أظهر فرعون إبقاء لمنصبه : أنّ موسى ما أجابه على سؤاله ، فتبيّن عند الحاضرين - لقصور فهمهم - أنّ فرعون أعلم من موسى ، ولهذا لمّا قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه)
 
يشير رضي الله عنه  إلى فساد ما تقرّر في نفوس الجمهور أنّ سؤال فرعون بقوله :
“ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ “ غير صحيح ، لأنّه سؤال عن الماهية وهي على ما زعموا مركَّبة عن جنس وفصل فالسؤال غير صحيح وليس كما زعموا فإنّ الماهية مركَّبة عن جنس وفصل فيما من شأنه أن يدخل تحت الجنس والفصل ،
والموجود الذي لا يدخل تحت جنس وفصل لا يلزم أن لا يكون له حقيقة غير داخلة تحت الجنس ، والفصل ، ويسأل عن ماهيته وحقيقته ،
فإنّ السؤال عن الماهية هو السؤال عن الحقيقة ، ولا شكّ أنّ ربّ العالمين له حقيقة في نفسه ، وإلَّا لزم أن لا يكون له حقيقة وهو باطل بالضرورة ، فله حقيقة في نفسه ، ولكن لا تعلم ولا تعرف ، فلا يعرّف ، ونفس عدم دخوله تحت  الجنس والفصل يميّزه ويخصّصه ، فإنّ عدم العلامة علامة من لا علامة له ، ولا بدّ أنّ يكون لله حقيقة ، فالسؤال صحيح عن الحقيقة ، ولا يلزم أن يكون داخلا تحت جنس وفصل .
 
ويجاب عن ذلك أيضا بما يشترك فيه مع غيره من اللوازم الكلية العامة ، وبما يختصّه وينفرد به ، فكان سؤال فرعون صحيحا ، وجواب موسى أيضا صحيحا ، فإنّ سؤاله كان عن حقيقة ربّ العالمين .
ولكنّ الجواب عن هذا لا يكون إلَّا ببيان المضاف إليه ، فإنّ الربوبية معلومة لهم ، والربّ من الأسماء المضافة ولا يرد إلَّا مضافا ، وكان فرعون يقول :" أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " فكان يضيف إليهم ربوبيته العرضية ،
فلزم أن يعرف المضاف إليه في الجواب ، فيتحقّق امتياز ربوبية هذا الربّ عن ربوبية غيره ممّا توهّموا فيه الربوبية ، فقال في الجواب :" رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا "
 يعني : هذا الربّ ربوبيته محيطة كلَّية عامّة في كل ما هو موجود في السماوات العلويات والأرضين السفليات ،
ولمّا كان المتداول عندهم في التعريفات بيان الجنس والفصل ، ولم يقع الجواب على ذلك النهج ، أو هم فرعون الحاضرين بموجب ما كان مستقرّا في نفوسهم أنّ جواب موسى غير مطابق لسؤال فرعون .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه )
فكان موسى قد ظهر بين قومه بدعوى أنه أعلم أهل الأرض وذلك في ملأ من بني إسرائيل ،
فأوحى الله إليه : بل عبد لنا بمجمع البحرين :
أي بين بحرى الوجوب والإمكان ، أو بحرى الظاهر والباطن ، أو بحرى النبوة والولاية ، فاستحى موسى من دعواه فسأل الله أن يقدر الصحبة بينهما ، واستأذن في طلب الاجتماع حتى يعلمه مما علمه الله ، فلو آثر صحبة الله وأخذ علم الولاية منه لإغناء الله عن اتباع الخضر ، فلما وقع الاجتماع ظهر النزاع لما بين الظهور من حيث الظهور ، والبطون من حيث البطون من المغايرة والمباينة ، فلذلك وقع بينهما الفراق بعد حصول ما قدر الله إيصاله إليه بصحبة الخضر من العلم، ولا بد للمحمدي من الجمع بين الظاهر والباطن اتباعا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه :  ( وقوله : " فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً " يريد الخلافة :" وجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ " يريد الرسالة فما كل رسول خليفة فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية ، والرسول ليس كذلك إنما عليه البلاغ لما أرسل به ، فإن قاتل عليه وحماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول ).
 
 فكما أنه ما كل نبي رسول كذلك ما كل رسول خليفة : أي ما أعطى الملك ولا التحكم فيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية بقوله : " وما رَبُّ الْعالَمِينَ "  فلم يكن عن جهل وإنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه ، وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم باللَّه فيستدل بجوابه على صدق دعواه ، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين ).
 حيث أوهمهم في سؤاله أن لله ماهية غير الوجود يجب أن يعرفها من يدعى النبوة بحدها فسأل بما الطالبة لمعرفة ماهية الشيء .
 
قال رضي الله عنه :  ( حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله ) وهو أنه علم أن السائل بما يطلب حقيقة الشيء ، ولا بد لكل شيء أن يكون له حقيقة ، ولا يلزم أن يكون له ماهية مركبة يمكن تعرفها بالحد فأورد السؤال ذا وجهين ليتمكن من تخطئته ( فأجابه جواب العلماء بالأمر ) أي بحقيقة الأمر
 
في المعرفة الإلهية حيث قال :   " رَبُّ السَّماواتِ والأَرْضِ وما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " إيماء إلى حقيقة بسيطة لا يمكن تعريفها إلا بالنسب والإضافات ، وأكمل الرسوم له وأتمها نسبته بالربوبية إلى العالم كله إن كنتم من أهل الإيقان فموقنون حقيقة من حيث لا يعرفها إلا هو ، ومن حيث تعاريفها الخارجية أي بالنسب الذاتية لا يكون أتم من هذا ،
 
فإذا أصاب في الجواب ( أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجاب على سؤاله ) حيث قال لمن حوله : " أَلا تَسْتَمِعُونَ " يعنى أنه ما أجاب بالحد الذي هو حق السؤال بما ( فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى ، ولهذا لما قال له في الجواب - ما ينبغي - وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه ).
 
فإن ذلك حق الجواب وعين الصواب ، وقد عرفه قبل السؤال وعلمه أنه لا يقول إلا حقا فلذلك جعل السؤال محتمل الوجهين
"" إضافة بالي زاده :
فأمرهما الله تعالى باللين في القول ، وعلق الرجاء بإجابته عند الذكرى لما كان فيه من الحجاب بالعزة الإلهية التي اقتضت له المرتبة التي كان فيها وهي الملك – إذ " الملك لِلَّه الْواحِدِ الْقَهَّارِ "   ، فإذا تذكر ذلك رجع إليه ولو بعد حين ، وكذا كان نفعته الذكرى فتذكر عند الغرق وخشي الفوت فاستعجل بما قيده بإيمان بني إسرائيل فانتقل من نسب القبط إلى نسب الإسرائيليين في الإيمان ليدفع الإشكال والاحتمال ، ولذلك قال الله له  "آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ " فكلمه فصح له من موسى وراثة الكلام إذ كان الله قد كلم موسى تكليما حين قربه نجيا ،
فقال الله لفرعون ولم يذكر الواسطة " آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ " فما ذكر أنه عاصى في الحال " وكُنْتَ من الْمُفْسِدِينَ "  فيما مضى وقال له " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ " جمالية الشيخ الأكبر ، فكيف فرقت كلام فرعون يسأل عن جانب موسى فيقول فرعون في جوابه : موسى إنما فرقت : أي فلما فهم موسى ذلك الحكم والتسلط من فرعون أعطاه حقه في كونه يقول له : أي حال كون موسى قائلا لفرعون لا تقدر على ذلك التحكم يعنى أن قول موسى لفرعون لا تقدر على ذلك ، مجرد إعطاء لحق فرعون في مقابلة قوله لموسى : ومرتبتى الآن التحكم فيك يا موسى لا تكذيب له في قوله هذا . اهـ  بالى زاده ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.) وتأديت بين يدي عباد الله بعدم الظهور بالدعوى والأنانية .
 
قال رضي الله عنه :  ( وقوله : " فوهب لي ربى حكما " يريد الخلافة . " وجعلني من المرسلين" يريد الرسالة . فما كل رسول خليفة : فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية .
والرسول ليس كذلك ، إنما عليه البلاغ لما أرسل به . فإن قاتل عليه وحماه بالسيف ، فذلك الخليفة الرسول . فكما أنه ما كل نبي رسولا ، كذلك ما كل رسول خليفة . )
أي ( ما أعطى الملك ولا التحكم فيه . ) كل غنى عن الشرح .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية ) بقوله : ( ما رب العالمين ؟ )
( فلم يكن عن جهل ، وإنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه -
وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم ) بالله .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيستدل بجوابه على صدق دعواه ، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله )
من أنه لا بد أن يكون لكل شئ حقيقة يكون بها هو ، فأوهم الحاضرين بقوله : ( ما رب العالمين ؟ ) إن جوابه حينئذ هو الحد المشتمل على الجنس والفصل، لأن الحاضرين كانوا أرباب نظر وعقل ومعتادين أن يعلموا الأشياء بحدودها .
 
وهو كان عارفا يعلم أن حقيقة الحق لا يمكن أن تكون مركبة من الجنس والفصل ، لكنه تسلط عليه الشيطان فظهر بالأنانية .
( فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر ) أي ، فإذا أجابه موسى بما في نفس الأمر
 
قال رضي الله عنه :  ( أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله ، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى . ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي.) أن يجاب به .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه ) أي ، حقيقة الحق لا يتصور أن تعلم لغيره أصلا .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 1:00 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 19 مارس 2020 - 3:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الحادية والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الحادية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية والعشرون :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.   فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ، وقوله :فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً يريد الخلافة ؛وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ [ الشعراء : 21 ] ، يريد الرّسالة ، فما كلّ رسول خليفة ؛ فالخليفة صاحب السّيف والعزل والولاية ، والرّسول ليس كذلك ، إنّما عليه بلاغ ما أرسل به ؛ فإن قاتل عليه وحماه بالسّيف فذلك الخليفة الرّسول ، فكما أنّه ما كلّ نبيّ رسولا ، كذلك ما كلّ رسول خليفة أي : ما أعطي الملك ولا التّحكّم فيه ).
 
"" أضاف المحقق :
لما أظهر موسى عليه السّلام مع فرعون ما كان عليه من أمر الرسالة والخلافة واقتضى الوقت أن يظهر فرعون أيضا ما كان عليه من الكمال كما أشار إليه رضي اللّه عنه . شرح الجامي ""
 
( فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ) ، فلم تتكبر نفسك على رعاية الأدب مع من صغر عنك في رتبة إذا كبرت في أخرى .
 
ولما فرغ عن بيان فوزه بأدنى المراتب عند فراره عن مصر ووصوله إلى مدين ،
شرع في بيان فوزه بأعلى المراتب عند خروجه من مدين ، ورجوعه إلى مصر ، فقال : ( وقوله : فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً ) [ الشعراء : 21 ] : يريد الخلافة ) التي لا يخاف صاحبها على نفسه ، بل يخاف منه ، وليس المراد النبوة ، وإلا كان قوله وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) [ الشعراء : 21].
تكرارا ؛ لأنه ( يريد الرسالة ) ، وهي مستلزمة للنبوة ، وإن لم تستلزم الخلافة ، ( فما كل رسول خليفة ) ، كما أنه ليس كل خليفة رسولا أو نبيّا ،
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالخليفة ) سواء كان نبيّا أو رسولا أو لا ، ( صاحب السيف ) العام ( والعزل والولاية ) ، أي : التولية ( والرسول ) من حيث هو رسول ( ليس كذلك ) ، بل ( إنما عليه البلاغ ) ، أي : التبليغ ( لما أرسل به ) من الأحكام الأصلية أو الفرعية ، ( فإن قاتل عليه ) ، أي : على إلزام ما أرسل به مع المخالفين ، ( وحماه بالسيف للموافقين ، فذلك الخليفة الرسول ) ذي المرتبة جامعة من كل وجه ، ومرتبة الرسالة إنما تجمع النبوة والولاية ، ومرتبة النبوة إنما تجمع الولاية ، ومرتبة الولاية لا تجمع شيئا من ذلك إلا الخلافة في بعض الأحيان ، ( فكما أنه ما كل نبي رسول ، كذلك ما كل رسول خليفة ) ، وإن كان صاحب الأحكام ؛
 
فلذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أي : ما أعطى ) الحكم ، أي : حكم العزل والولاية ، أي : بتقييد الأحكام فيما أعطى فيه الحكم بالعزل والتولية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهيّة الإلهيّة ؛ فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار حتّى يرى جوابه مع دعواه الرّسالة عن ربّه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه ، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتّى يعرّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله ، فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر ، أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أنّ موسى ما أجابه على سؤاله ، فيتبيّن عند الحاضرين لقصور فهمهم أنّ فرعون أعلم من موسى ، ولهذا لمّا قال له في الجواب ما ينبغي ، وهو في الظّاهر غير جواب ما سئل عنه ).
 
ولما فرغ عن بيان حصول الرسالة له ، شرع في بيان قيامه من المقاومة مع المرسل إليهم ، وإظهار الآيات لهم ، فقال : ( وأما حكمة سؤال فرعون ) ، أي : الغرض المقصود له في السؤال ( عن الماهية الإلهية ) ، بقوله : وَما رَبُّ الْعالَمِينَ [ الشعراء : 23 ] سأل عن حده المشتمل على الجنسين والفصل ،
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلم يكن عن جهل ) من فرعون ، وإن الأنبياء وأتباعهم ، والفلاسفة يمنعون تحديده لسماعه ذلك من القدماء ، ( إنما كان عن اختبار ) لموسى من يعطى مقالتهم ( حتى يرى جوابه ) هل يشتمل على الجنسين والفصل فيخطئ ، ويبقي السؤال فلم لا ؟
( مع دعواه الرسالة عن ربه ) الذي لا يرسل من لا يعرفه عند المؤمنين باللّه والرسل ؛ وذلك لأنه ( قد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم ) عند المؤمنين بهم ، فإنهم لا يؤمنون برسول ما لم يعلموا باللّه ، أي : أعلى مراتب العلم ، والمنع من التحديد من مبادئ علومهم .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيستدل بجوابه ) الواجب لا يشتمل على الجنس والفصل ، ووافق كلامهم الرسل ماضين ( على صدق دعواه ) عند من يصدق الرسل ،
وفيه وجه آخر هو   : أنه سأل فرعون ، أي : ( سؤال إيهام ) ، أي : سؤالا يوهم السامع أن له جوابا غير جواب موسى ، لو أجاب بما لا يشتمل على الجنس والفصل ، ولم ينف السؤال ( من أجل الحاضرين ) ؛ ليوهمهم قصور موسى في الجواب عن الماهية بما لا يشتمل على الجنس والفصل ،
 
ويبقي السؤال فإنه إنما سأل عن الماهية الإلهية ( حتى يعرفهم ) ، أي : ليذكر لهم تعريفا صحيحا في نفس الأمر ، وهم يتوقعون منه غيره ؛ لأن عندهم التعريف بالحد التام الذي يسأل به بما ، إنما يكون للمركبات والبسائط ، فليس لها هذا التعريف أصلا ،
وليس ذلك بل يكون تعريف البسائط بالفصل وحده حدّا تامّا إن علمت بكنه الخليفة ، وإلا لكان الجواب عنها بالخاصة ؛ فإنها تنزل حينئذ منزلة الذاتي ،
 
فإذا عرفهم موسى الحق بالخواص خص لهم تعريفه ( من حيث لا يشعرون ) أنه تعريفه ، وإن كان تعريفه عند فرعون لأمر حيث هو منكر الإلهية ما سواه ، أو قائل أنه ربهم الأعلى ، بل من حيث أنه تعريف ( بما يشعر هو في نفسه ) من جواب موسى ( في سؤاله ) ؛ لعلمه أن الأنبياء يجعلون ذلك تعريف الحق بالحد التام ، وإذا كان هذا تعريف لهم من حيث لا يشعرون ، وقد شعر به فرعون .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا جاء به جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون ) في خلاف ما في نفسه ( إبقاء لمنصبه ) عند الحاضرين ، ( أن موسى ما أجابه ) على وفق ( سؤاله ) ، فإن جوابه إما بالجنس والفصل ، وأن يقال : إنه لا يتصور حتى يعرف ، ( فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم ) ، إذ لا يعرفون أن الخواص في حق البسائط التي لا يعرف كنهها ، تنزل منزلة الذاتيات ( أن فرعون أعلم من موسى ) في باب التعريفات ، والرسول لا بدّ وأن يكون أعلم من المرسل إليه ؛
 
 قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولقصور فهم الحاضرين عن تنزيل الخواص منزلة الذاتيات في تعريف البسائط التي لا يمكن الاطلاع على كنه حقيقتها ( لما قال له في الجواب ) عن سؤال الماهية : ( ما ينبغي ) ، وإن كان بالخواص ( وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه ) ، فرد فيه سؤال عن الذاتيات .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.   فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
 قال رضي الله عنه  : ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ) وهو أن لا يحجبك الكمال الذي أنت به عن الاستفادة وتمكين غيرك ممن هو دونك في الرتبة في مقام الفيض والإفادة .
ومما نبّه عليه من الأدب هو أنّه نسب هذا إلى الامّة أوّلا ثمّ بيّن أنّ من هو في مقام الإفادة والتعليم بالنسبة إلى الخاتم إنّما هو أصحابه لا غير وذلك في أمر جزئيّ لا دخل له في الكمال الإنسانيّ من حيث هو .
 
الخلافة والرسالة
قال رضي الله عنه  : ( وقوله " فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً " يريد الخلافة " وَجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ " يريد الرسالة).
 ولأنّ الخلافة التي له من الخصائص الإلهيّة  التي ليس للعبد من حيث أنّه عبد قوّة قبول واستعداد لها وعمل يوازيها ويورثها - نسبها إلى الوهب ، دون الرسالة ( فما كل رسول خليفة فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية ) بالظهور والغلبة ، ( والرسول ليس كذلك ، إنّما عليه البلاغ لما أرسل به ) على ما هو الظاهر من نصّ “ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ “ من الخضر ،
قال رضي الله عنه  : ( فإن قاتل عليه وحماه بالسيف ) وفرّق بين أهل نسبته بالعزل والولاية ( فذلك الخليفة الرسول فكما أنّه ما كلّ نبيّ رسولا ، كذلك ما كلّ رسول خليفة أي ما أعطي الملك والتحكَّم فيه ) .
 
الحكم في محاورة موسى وفرعون
ثمّ إنّ موسى لما انساق كلامه مع فرعون إلى أن يظهر ما عليه من الكمالين رسالة وخلافة في ذلك الوقت ، اقتضى الأمر أن يظهر فرعون ما عليه من الكمال ، فلذلك سأله عن الله بمطلب « ما » الحقيقة .
 
وهاهنا نكتة حكميّة لا بدّ من الوقوف عليها والتدبّر فيها ، وهي أنّ المادّة الجنسيّة التي هي مستقرّ سلطان الكثرة الكونيّة والتفرقة الشيطانيّة - على ما عرفت تحقيقه آنفا - لها من الكمال الإنساني - عند بلوغ أمرها إلى النوع العيني واستواء قامة تماميّتها في الشخص الخارجي - حظَّ خاصّ فيه ، هو منتهى مراقي ظهورها ،
 
وغاية صورة جمعيّتها وتماميّتها فإنّها إنّما ظهرت فيه بصورة الأثر ، وأثرها الظاهر هي به وصورتها البائنة من الشخص هي القوّة العقليّة النظريّة التي بها يستخرج جميع الحقائق من مكمن الخفاء الغيبي إلى مجلى الظهور العلمي تأمّل في هذه النكتة ثمّ تلطَّف ، فإنّه يستكشف به كثير من الدقائق :
منها ما وجد في بعض تصانيف صاحب المحبوب أنّ رئيس أهل النظر ابن سينا هو عكس صورة إبليس في عالمه الإنساني .
 
ومنها وجه ما جلس فرعون على ركبتي المناظرة عند مقابلته لموسى في إظهار كماله الخاصّ به ، كما أظهر له موسى فإنّه قد أظهر ذلك في صورة المباحثة ، وتكلَّم بلسان تلك القوّة ومصطلحات أهلها .
 
"" قال تعالى : قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) سورة الشعراء ""
 
فإنّه " قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ " عندما قال موسى " فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ ".
ثمّ إنّه يمكن أن يقال هاهنا : إنّ لسان أهل النظر ومقتضى أصولهم أن لا يسأل عن الواجب بـ « ما هو » ، فإنّ جوابه عندهم يجب أن يكون هو الحدّ الذاتي المشتمل على جزئين :
تمام المشترك وكمال المميّز وليس للواجب شيء منهما ، فلا يطابق سؤال فرعون هذا عرف تخاطبهم ولسان اصطلاحهم ، فقال مستشعرا منه دفع ذلك :
 
حكمة سؤال فرعون بـ « ما » الحقيقة
قال رضي الله عنه  : ( وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهيّة الإلهيّة ) مع تنزّهه عنها ، ( فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار ، حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربّه ، وقد علم فرعون ) بقوة كماله الخاصّ به ( مرتبة المرسلين في العلم ، فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه ) .
هذا بما له في نفسه ، وله ملاحظة ما حوله من أصحابه وأصحابه موسى في
هذا السؤال ، حيث لا يظهر عليهم أمر موسى قبله ، فلذلك أبهم في السؤال ( وسأل سؤال إيهام ) يحتمل الوجهين ، ظاهرا وخفيّا ، فإنّه سأل بمطلب الماء بحسب الحقيقة ، وهو في الظاهر إنّما يطلب به عن الجهتين والحد المشتمل عليهما وإن كان هاهنا ما طلب به فرعون إلا الحقيقة مطلقا ، كما سيتبيّن ذلك .
 
فسأل سؤالا يكون ذا جهتين مختلفتين بالتوجيه وعدمه
قال رضي الله عنه  : ( من أجل الحاضرين ) من الطائفتين ( حتى يعرّفهم ) ما يوافق مصالحه ويناسب ما له من المنصب ( من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه ) من أمر موسى ( في سؤاله ) إيّاه وجوابه له ( فـ ) لذلك تراه ( إذا أجابه جواب العلماء بالأمر ) - كما ستطلع عليه - ( أظهر فرعون إبقاء لمنصبه ) في نظر الحاضرين ( أنّ موسى ما أجابه على طبق سؤاله فيتبيّن عند الحاضرين ) المعوّدين برسوم أهل النظر والتزام معهوداتهم - فإنّ ذلك هو الغالب في زمان موسى ، فهم كسائر المقيّدين برسوم زمانهم ومستحسنات أبنائه ،
 
فإنّهم ما داموا على عادتهم المعهودة من آبائهم بمعزل عن أهليّة الكمال في أيّ زمان كانوا وأيّ طريقة سلكوا - ( لقصورهم فهمهم ) عن إدراك الأمر على ما عليه في نفسه ، حتّى أظهر لهم من جواب موسى ذلك ( أنّ فرعون أعلم من موسى ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي ) أن يجاب به سؤاله على ما سيبيّنه
 
قال رضي الله عنه  : ( وهو في الظاهر غير جواب على ما سأل عنه ) بناء على ما عهد من التخاطب والتقاول الذي بينهم.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.   فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه . وقوله :فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً يريد الخلافة ؛وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ [ الشعراء : 21 ] يريد الرّسالة : فما كلّ رسول خليفة . فالخليفة صاحب السّيف والعزل والولاية .  والرّسول ليس كذلك : إنّما عليه بلاغ ما أرسل به . فإن قاتل عليه وحماه بالسّيف فذلك الخليفة الرّسول . فكما أنّه ما كلّ نبيّ رسولا ، كذلك ما كلّ رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التّحكّم فيه . وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهيّة الإلهيّة فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار حتّى يرى جوابه مع دعواه الرّسالة عن ربّه - وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم - فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه .)
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد نبهتك على أمر عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ) ، وتأدبت بين يدي اللّه مع عباد اللّه تعالى بالاتصاف وعدم الظهور بالدعوى والإنابة .
( وقوله :فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً يريد الخلافة وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ [ الشعراء : 21 ] يريد الرسالة فما كل رسول خليفة فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية ) ، بالظهور والغلبة ( والرسول ليس كذلك إنما عليه البلاغ لما أرسل به ) لا غير كما قال تعالى :ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ[ المائدة : 99 ] .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قاتل عليه ) ، أي على ما أرسل به ( وحماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول فكما أنه ما كل نبي رسول كذلك ما كل رسول خليفة ، أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه ) .
ولما أظهر موسى عليه السلام مع فرعون ما كان عليه من أمر الرسالة والخلافة واقتضى الوقت أن يظهر فرعون أيضا ما كان عليه من الكمال .
كما أشار إليه رضي اللّه عنه بقوله : ( وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية ) مع تنزهه عنها إذا أريد بها الماهية المركبة من الجنس والفصل ( فلم يكن ) ناشئا ( عن جهل ) من فرعون تنزهه تعالى عن التركب من الجنس والفصل ( وإنما كان ) ناشئا ( عن ) قصد ( اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم ) باللّه على ما هو المطابق للواقع ( فيستدل
 
قال رضي الله عنه :  ( وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتّى يعرّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله .  فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر، أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أنّ موسى ما أجابه على سؤاله . فيتبيّن عند الحاضرين - لقصور فهمهم - أنّ فرعون أعلم من موسى . ولهذا لمّا قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظّاهر غير جواب ما سئل عنه . )
 
بجوابه على صدق دعواه ) الرسالة ( وسأل سؤال إبهام ) يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يسأل بما في قوله : وما رب العالمين عن تمام وحدة المشتمل على الجنس والفصل كما كان في مصطلحاتهم المعهودة عندهم .
وثانيهما : أن يسأل به عن حقيقته التي هو عليها في نفسه .
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه سؤال إيهام بنقطتين تحته ، أي سؤالا يوهم خلاف مقصود السائل فإنه قصد به السؤال عن حقيقته تعالى على ما هو عليه في حدّ ذاته لا عن الحد المشتمل على الجنس والفصل لكنه يوهمه وكان ذلك الإيهام في السؤال
 
قال رضي الله عنه :  ( من أجل الحاضرين ) من أصحاب موسى وأصحاب فرعون ( حتى يعرفهم ) أن جوابه غير مطابق لسؤاله ، فهو أعلم منه ( من حيث يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله ) ، من احتمال الوجهين بل كانوا يحلونه على ما هو المتعارف عندهم ( فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون ) ، بعد ما عرف صدق دعواه في رسالته .
 
قال رضي الله عنه :  ( إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على ) طبق ( سؤاله فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم ) عن إدراك ما والمقصود من السؤال ومطابقة الجواب له ( أن فرعون أعلم من موسى ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي ) أن يجاب به ( وهو في الظاهر ) ، أي في ظاهر ما كان معتادا لهم ( غير جواب ) منطبق على ( ما سئل عنه ).



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 1:01 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 20 مارس 2020 - 1:24 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثانية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية والعشرون :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره. فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
 قال رضي الله عنه :  ( وقد علم فرعون أنّه لا يجيبه إلّا بذلك - فقال لأصحابه "إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ" [ الشعراء : 27 ] أي مستور عنه علم ما سألته عنه ، إذ لا يتصوّر أن يعلم أصلا .  فالسّؤال صحيح ؛ فإنّ السّؤال عن الماهيّة سؤال عن حقيقة المطلوب ، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه . وأمّا الّذين جعلوا الحدود مركّبة من جنس وفصل ، فذلك في كلّ ما يقع فيه الاشتراك ، ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره . فالسّؤال صحيح على مذهب أهل الحقّ والعلم الصّحيح والعقل السّليم ، والجواب عنه لا يكون إلّا بما أجاب به موسى عليه السّلام . )
 
وقد علم فرعون أنه ، أي موسى عليه السلام لا يجيبه ، أي فرعون إلا بذلك ، أي بذكر الأوصاف كما قال تعالى :"قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ( 23 ) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ( 24 ) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَ لا تَسْتَمِعُونَ ( 25 ) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ" [ الشعراء  :23-26].
قال رضي الله عنه :  ( فقال) ، أي فرعون لأصحابه الحاضرين عنده ("إِنَّ رَسُولَكُمُ") على طريق الاستهزاء به والتهكم عليه ، وإلا فلا يريد أن يصدقه أنه رسولهم ، لأنه مكذب له ("الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ") أي مستور عنه ، أي عن عقله (علم ما سألته عنه) من الماهية الإلهية (إذ لا يتصوّر أن يعلم) بالبناء للمفعول ،
 
أي علم ما سأله (أصلا فالسؤال) عن ذلك صحيح لا شبهة فيه فإن السؤال عن الماهية ، أي ماهية الإله سؤال عن حقيقة الأمر المطلوب ولا بد أن يكون ذلك المطلوب على حقيقة ،
أي ماهية متحققة (في نفسه وأما الذين جعلوا الحدود) ، أي التعاريف الذاتية (مركبة من جنس) عام (وفصل) خاص كالحيوان الناطق مثلا في تعريف الإنسان
 
قال رضي الله عنه :  (فذلك) ، أي التركيب في الحد (في كل ما يقع فيه الاشتراك) بين الأنواع الداخلة تحت جنس واحد (ومن لا جنس له) إذ لا قدر مشترك بينه وبين غيره أصلا وهو اللّه تعالى لا يلزم منه (أن لا يكون على حقيقة في نفسه) حيث لم تكن حقيقة مشاركة لغيرها في قدر عام هو الجنس بحيث ينفرد بتلك الحقيقة حتى ( لا تكون لغيره) بل من لا جنس له وهو اللّه تعالى له حقيقة في نفسه انفرد بها فلا تكون لغيره أصلا ( فالسؤال ) عن ماهية اللّه تعالى وحقيقته ( صحيح على مذهب أهل الحق و) أهل ( العلم الصحيح و) أهل (العقل السليم والجواب عنه) ، أي عن ذلك السؤال (لا يكون إلا بما أجاب به موسى) عليه السلام
كما ذكر في القرآن من قوله :"رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما"[ مريم : 65 ] ،
وقوله :"رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ"[ الشعراء : 26 ] ،
وقوله :"رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما"[ الشعراء : 28 ] .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) الحال ( قد علم فرعون ) قبل السؤال ( أنه ) أي الشأن ( لا يجيبه ) أي لا يجيب موسى فرعون ( إلا بذلك ) الجواب ( فقال لأصحابه ) الحاضرين ( أن رسولكم الذي أرسل إليكم ) في زعمكم ( لمجنون أي مستور عنه علم ما سألته إذ لا يتصور ) ما سئل عنه وهي الماهية الإلهية ( أن يعلم أصلا ) فكلامه صادق في المعنى وإيهام في الظاهر فضله على موسى في رتبة العلم ( فالسؤال ) عن الماهية الإلهية ( صحيح ) .
لذلك لم يرد موسى سؤال فرعون عنها والجواب أيضا صحيح بما أجاب به موسى لذلك صدقه في المعنى بقوله لَمَجْنُونٌ.
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب ولا بد أن يكون ) المطلوب ( على حقيقة في نفسه وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل وذلك ) الحد المركب من الجنس والفصل .
 
قال رضي الله عنه :  ( في كل ما يقع فيه الاشتراك ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه ) قوله ( لا يكون لغيره ( صفة لقوله على حقيقة في نفسه
 
قال رضي الله عنه :  ( فالسؤال ) عن الماهية الإلهية ( صحيح على مذهب أهل الحق و ) على ( العلم الصحيح والعقل السليم والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى) أي أجاب موسى بفعل الحق وهو السماوات والأرض.
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
قال رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.  فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه . وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.  فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
بقوله: وامن أنه لا إله إلا الذي آمنت به بثوا إسرائيل وأنا من المسلمين [یونس: 90] ثم تمادي  
في كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علم فرعون أنّه لا يجيبه إلَّا بذلك فقال لأصحابه :" إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ " .  أي مستور عنه علم ما سألته عنه ، إذ لا يتصوّر أن يعلم أصلا ، فالسؤال صحيح ، فإنّ السؤال عن الماهية ، سؤال عن حقيقة المطلوب ، ولا بدّ أن يكون على حقيقة في نفسه لا يكون لغيره ، فالسؤال صحيح . وأمّا الذين جعلوا الحدود مركَّبة عن جنس وفصل ، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك ، ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره ، فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم ) .
 
يشير رضي الله عنه  إلى فساد ما تقرّر في نفوس الجمهور أنّ سؤال فرعون بقوله :
“ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ “ غير صحيح ، لأنّه سؤال عن الماهية وهي على ما زعموا مركَّبة عن جنس وفصل فالسؤال غير صحيح وليس كما زعموا فإنّ الماهية مركَّبة عن جنس وفصل فيما من شأنه أن يدخل تحت الجنس والفصل ،
والموجود الذي لا يدخل تحت جنس وفصل لا يلزم أن لا يكون له حقيقة غير داخلة تحت الجنس ، والفصل ، ويسأل عن ماهيته وحقيقته ،
فإنّ السؤال عن الماهية هو السؤال عن الحقيقة ، ولا شكّ أنّ ربّ العالمين له حقيقة في نفسه ، وإلَّا لزم أن لا يكون له حقيقة وهو باطل بالضرورة ، فله حقيقة في نفسه ، ولكن لا تعلم ولا تعرف ، فلا يعرّف ، ونفس عدم دخوله تحت  الجنس والفصل يميّزه ويخصّصه ، فإنّ عدم العلامة علامة من لا علامة له ، ولا بدّ أنّ يكون لله حقيقة ، فالسؤال صحيح عن الحقيقة ، ولا يلزم أن يكون داخلا تحت جنس وفصل .
 
ويجاب عن ذلك أيضا بما يشترك فيه مع غيره من اللوازم الكلية العامة ، وبما يختصّه وينفرد به ، فكان سؤال فرعون صحيحا ، وجواب موسى أيضا صحيحا ، فإنّ سؤاله كان عن حقيقة ربّ العالمين .
ولكنّ الجواب عن هذا لا يكون إلَّا ببيان المضاف إليه ، فإنّ الربوبية معلومة لهم ، والربّ من الأسماء المضافة ولا يرد إلَّا مضافا ، وكان فرعون يقول :" أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " فكان يضيف إليهم ربوبيته العرضية ،
فلزم أن يعرف المضاف إليه في الجواب ، فيتحقّق امتياز ربوبية هذا الربّ عن ربوبية غيره ممّا توهّموا فيه الربوبية ، فقال في الجواب :" رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا "
 يعني : هذا الربّ ربوبيته محيطة كلَّية عامّة في كل ما هو موجود في السماوات العلويات والأرضين السفليات ،
ولمّا كان المتداول عندهم في التعريفات بيان الجنس والفصل ، ولم يقع الجواب على ذلك النهج ، أو هم فرعون الحاضرين بموجب ما كان مستقرّا في نفوسهم أنّ جواب موسى غير مطابق لسؤال فرعون .


قال رضي الله عنه  : ( والجواب عنه لا يكون إلَّا بما أجاب به موسى)
يعنى ذلك الجواب "وهو ربّ السّموات والأرض وما بينهما " له في جواب قوله :" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ".
قال : الذي يظهر فيه صور العالم " أي بالمربوبية"  من علو وهو السماء أو سفل وهو الأرض 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك ) فإن ذلك حق الجواب وعين الصواب ، وقد عرفه قبل السؤال وعلمه أنه لا يقول إلا حقا فلذلك جعل السؤال محتمل الوجهين
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال لأصحابه : " إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ " أي مستور عنه علم ما سألته عنه إذ لا يتصور أن يعلم أصلا ) لجنونه وستر عقله
 
قال رضي الله عنه :  ( فالسؤال صحيح فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب ، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه ، وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك ، ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره ).
فإنه لا شيء إلا وله حقيقة هو بها هو لا يكون غيره على تلك الحقيقة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم ) ليس كما زعم من لا دراية له في العلوم أن من لا حد له لا يسأل بما ( فالجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى ) كما ذكر .
وهاهنا سر كبير فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )    
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك ، فقال لأصحابه : " إن رسولكم الذي أرسل إليكم " على ما يزعم أنه رسول " لمجنون " . مستور عنه علم ما سألته عنه ، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا . ) أي ، حقيقة الحق لا يتصور أن تعلم لغيره أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالسؤال صحيح : فإن السؤال عن المهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه . وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون تلك الحقيقة لغيره. فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم. والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى.) فإن تعريف البسائط لا يكون إلا بلوازمه البينة.

أي ، أجاب لمن سأل عن الحد الجامع لجميع ذاتيات الرب ، بفعله وهو ربوبيته للسموات والأرض .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 1:04 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 20 مارس 2020 - 1:27 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثانية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية والعشرون :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علم فرعون أنّه لا يجيبه إلّا بذلك ؛ فقال لأصحابه : إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ [ الشعراء : 27 ] أي : مستور عنه علم ما سألته عنه ، إذ لا يتصوّر أن يعلم أصلا ، فالسّؤال صحيح ؛ فإنّ السّؤال عن الماهيّة سؤال عن حقيقة المطلوب ، ولا بدّ أن يكون على حقيقة في نفسه ، وأمّا الّذين جعلوا الحدود مركّبة من جنس وفصل ، فذلك في كلّ ما يقع فيه الاشتراك ، ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره ؛ فالسّؤال صحيح على مذهب أهل الحقّ والعلم الصّحيح والعقل السّليم ، والجواب عنه لا يكون إلّا بما أجاب به موسى عليه السّلام ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علم فرعون ) أن جواب الماهية البسيطة التي لا تعرف حقيقتها بالكنه ، إنما يكون بالخواص ، فعلم ( أنه لا يجيبه إلا بذلك ) ، لكنه أخفاه عن أصحابه إبقاء لمنصبه ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال لأصحابه : إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) [ الشعراء : 27 ] ، ولما كانت إرادة ظاهر الجنون مع انتظام كلامه موجبا لنسبته في الغيب للصريح ، وهو يظهر من نفسه ألا يصدف ، فسره بقوله ( أي : مسؤولا عنه ) من الحق ، وهو الستر ( علم ما سألته عنه ) ، وهو باب التعريفات ، إذ التعريف بالحد التام المركب من الجنس والفصل إنما يكون للمركبات ، وبالفصل وحده للبسائط ولا جنس له ، ولا يعرف فصله فلا يكن بالحد التام ،
 
قال رضي الله عنه :  ( إذ لا يتصور أن يعلم أصلا ) ، والجواب بالخواص لا ينافي في السؤال عن الماهية ، لكنه إنما ينافي عند تنزيل الخاصة بمنزلة الذاتي ، فكان هذا سؤال اتهام ، ( فالسؤال ) على هذا الوجه ( صحيح ) ، وإن كان باطلا على الوجه الأول جيء به للاختيار ، إذ ليس سؤالا من الحد المركب من الجنس والفصل .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن السؤال عن الماهية ) ليس سؤالا عنه ، وإنما هو ( سؤال عن حقيقة المطلوب ) معرفته ، إذ الماهية ترادف الحقيقة وتقاربها ، والحق وإن لم يتركب من الماهية والوجود ، فإنه ( لا بدّ أن يكون على حقيقة في نفسه ) يتميز بها عما سواه ، وإن لم يكن له جنس يشارك فيه ، إذ الفصل قد يتميز المشارك في العرض المقام ، فيجوز أن يحد بحد لا يتركب من الجنس والفصل ، )
 وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من الجنس والفصل ) ، فذلك ليس في كل أحد ، وإنما هو في ( كل ما يقع فيه الاشتراك ) في ذات يكون فيه المشترك جنسا والمتميز فصلا ، ( ومن لا جنس له ) لعدم ما يشاركه في ذاته ، ( لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا يكون لغيره ) ، وإن قال بعض القدماء : إن الفصل مستلزم للجنس ، ولا يلزم أن يكون مركبا من فصلين ، بل يكون حده التام الفصل الواحد وحده ؛
 
قال رضي الله عنه :  ( فالسؤال ) عن الماهية الإلهية ( صحيح على مذهب أهل الحق ) ، وإن قال أكثر الفلاسفة والمتكلمين : إنه لا ماهية له ، والعلم الصحيح الكشفي الذي لا يضره إنكار الجمهور ، ولا سيما إذا أيده ( العقل السليم ) ، ولكن لا يجاب عنه بالفصل ؛ لعدم اطلاع السامع عليه ، فيكون تعريف الشيء ، فصح أن ( الجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى عليه السّلام ) وإن كان [ . . . ]عن الماهية لتنزيهه [ . . . ] "ما بين المعكوفتين غير واضح بالأصل"، الذاتي هذا بطريقة المناظرة الكلامية .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
( وقد علم فرعون أنّه لا يجيبه إلَّا بذلك ، فقال لأصحابه : " إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ " أي مستور عنه علم ما سألته عنه ، إذ لا يتصوّر أن يعلم أصلا ) ، فإنّ المستور عن المدارك لا يتصوّر أن يعلم .
 
قال رضي الله عنه  : ( فالسؤال صحيح ، فإنّ السؤال عن الماهية ) على ما هو مؤدّى " ما " الحقيقة ( سؤال عن حقيقة المطلوب ، ولا بدّ أن يكون على حقيقة في نفسه ) فإنّ لكلّ شيء حقيقة هو بها هو ، سواء كان بسيطا لا يمكن تفصيل مفهومها ، أو مركَّبا يفصّل ذلك ، ويسمى بالحد ،
ويقال في جواب « ما هو » ، على عرف تخاطبهم ولسان اصطلاحهم ، وبيّن أنّ القول الكاشف عن الحقيقة يصلح لأن يقال في جواب ما هو ، سواء كان فيه تفصيل المفهوم وتبيين جهتي الاشتراك والتمييز ، أو لم يكن - لغنائه عنه .
 
قال رضي الله عنه  : ( وأما الذين جعلوا الحدود مركَّبة من جنس وفصل ، فذلك في كلّ ما يقع فيه الاشتراك ) ، وقد عرفت أنّ الواحدة بالوحدة الحقيقيّة ممّا يمتنع أن تقع فيه الشركة ، فلا جنس له بالضرورة ، ( ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا يكون لغيره ) بل الذي لا جنس له ولا شركة مع غيره أحرى بذلك .
 
الجواب الحقّ ما أجاب موسى
قال رضي الله عنه  : ( فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحقّ ) وسواء سبيلهم الذي ليس فيه عوج الرسوم الاصطلاحية ، ( والعلم الصحيح ) الذي هو عن أصله خالص عن سقامة ما يستتبع النظر من الشبه والشكوك المدهشة ، ( والعقل السليم ) بفطرته الأصليّة عن تطرّق الآفات وطريان العوائق والعاهات ( والجواب عنه لا يكون إلَّا بما أجاب به موسى ) ظاهرا وباطنا .
 
أما الأول فلأنّه سأل عن ربّ العالمين بـ « ما » الحقيقة ، والجواب ظاهرا هو تفصيل ما دلّ عليه الاسم إجمالا ، والحدّ ليس إلَّا ذلك التفصيل وبيّن أنّ التثليث في متعلَّق الربوبيّة الذي أفصح عنه في الجواب هو غاية التفصيل فيه .
وأمّا الثاني فلأنّ الجواب هو الكاشف عن المسؤول بأبين ما له من الأحكام المظهرة له ، المحمولة عليه بهو هو وأبين الأحكام لما سأل عنه فرعون هو الفعل العينيّ الظاهر هو فيه بصورة الأثر - كما عرفت غير مرّة.
وإليه أشار بقوله :
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علم فرعون أنّه لا يجيبه إلّا بذلك - فقال لأصحابه إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ [ الشعراء : 27 ] أي مستور عنه علم ما سألته عنه ، إذ لا يتصوّر أن يعلم أصلا . فالسّؤال صحيح ؛ فإنّ السّؤال عن الماهيّة سؤال عن حقيقة المطلوب ، ولا بد أن )
 
(وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك ) ، ويفهم من ذلك تصديقه برسالته باطنا وإن لم يكن معترفا بها ظاهرا .
 
( فقال لأصحابه إن رسولكم الذي أرسل إليكم ) على زعمه ( لمجنون أي مستور عنه علم ما سألته عنه إذ لا يتصور أن يعلم ) ، على البناء للمفعول أي لا يتصور أن يعلم الحق الحقيقة ( أصلا ) أو على البناء للفاعل، أي لا يتصور أن يعلم مرسلكم الذي أرسل إليكم حقيقة الحق أصلا.
( فالسؤال صحيح فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب ولا بد أن )



قال رضي الله عنه :  ( يكون على حقيقة في نفسه . وأمّا الّذين جعلوا الحدود مركّبة من جنس وفصل ، فذلك في كلّ ما يقع فيه الاشتراك ، ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره . فالسّؤال صحيح على مذهب أهل الحقّ والعلم الصّحيح والعقل السّليم ، والجواب عنه لا يكون إلّا بما أجاب به موسى عليه السّلام . (


 قال رضي الله عنه : ) يكون ) المطلوب ( على حقيقة في نفسه . وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل ، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك ) ، في الجنس فيحتاج إلى الفصل المميز ( ومن لا جنس له ) ولا فصل
( لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون ) تلك الحقيقة ( لغيره فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى عليه السلام ) ، فإن تعريف البسائط لا يكون إلا بلوازمها البينة.

 .


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 1:05 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 20 مارس 2020 - 1:31 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثالثة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة والعشرون :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم». «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهنا سرّ كبير ، فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحدّ الذّاتي ، فجعل الحدّ الذّاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم . فكأنّه قال له في جواب قوله :وَما رَبُّ الْعالَمِينَ[ الشعراء : 23 ] . قال الّذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ[ الشعراء : 24 ] أو يظهر هو بها .  فلمّا قال فرعون لأصحابه :إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ [ القلم : 51 ] كما قلنا في معنى كونه مجنونا . زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهيّ ، لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك ، فقال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ويستتر وهو الظّاهر والباطن ، وما بينهما وهو قوله :بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ البقرة : 29 ] .إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[ الشعراء : 28 ] أي إن كنتم أصحاب تقييد ؛ فإنّ العقل يقيّد . )
 
قال رضي الله عنه :  (وهنا) في ذكر الربوبية المضافة التي هي كناية عن العقل الإلهي (سر كبير) من أسرار اللّه تعالى (فإنه) ، أي موسى عليه السلام (أجاب بالفعل لمن سأل) وهو فرعون (عن الحد) ، أي التعريف (الذاتي) بقوله :"وَما رَبُّ الْعالَمِينَ"[ الشعراء : 23].
 
قال رضي الله عنه :  (فجعل) ، أي موسى عليه السلام (الحد الذاتي) لماهية اللّه تعالى وحقيقته (عين إضافته) ، أي نسبته تعالى (إلى ما) ، أي الذي (ظهر) تعالى (به من صور العالم) ، أي المخلوقات (أو إلى ما ظهر) ، أي تبين (فيه) ، أي في الحق تعالى (من صور العالم فكأنه) ، أي موسى عليه السلام (قال له) ، أي لفرعون في جواب قوله ، أي فرعون ("وَما رَبُّ الْعالَمِينَ" قال) ، أي موسى عليه السلام (الذي تظهر فيه صور العالمين) من غير حلول فيه ، لأنها عدم وهو وجود صرف مطلق ،
والعدم لا يحل في الوجود والوجود لا يحل في العدم (من علو) بيان للصور (وهو) ، أي العلو (السماء و) من (سفل وهو) ، أي السفل (الأرض إن كنتم موقنين) باللّه تعالى (أو) الذي (يظهر هو) تعالى (بها) ، أي بصور العالمين من علو وسفل كما ذكر (فلما قال فرعون لأصحابه) الحاضرين عنده إنه ، أي موسى عليه السلام (" لَمَجْنُونٌ" [ الحجر : 6 ] كما قلنا) فيما مر قريبا
 
قال رضي الله عنه :  (في معنى كونه) ، أي موسى عليه السلام (مجنونا) ، أي مستورا عنه علم ما سئل عنه من الماهية الإلهية ولهذا أجاب بما ليس بجواب عن الماهية (زاد موسى) عليه السلام (في البيان) ، أي بيان الجواب (ليعلم فرعون رتبته) ، أي رتبة موسى عليه السلام (في العلم الإلهي لعلمه) ، أي موسى عليه السلام (بأن فرعون يعلم ذلك) ، أي العلم الإلهي لكن علمه باللّه على وجه الزندقة من عدم انقياده لموسى عليه السلام وإسلامه له
 
قال رضي الله عنه :  (فقال) ، أي موسى عليه السلام ("رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " فجاء بما يظهر) وهو المشرق يظهر الشمس و ما يستتر وهو المغرب يستر الشمس وهو ، أي اللّه تعالى (الظاهر والباطن) فتظهر شمس الأحدية من مشرق الصور الكونية ، ثم تغرب في غيب الهوية الذاتية ، فتخفي تلك الصور في حقائقها العدمية وما بينهما ، أي بين المشرق والمغرب وهو قوله تعالى
 
وهو ، أي اللّه تعالى ("بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ") [ البقرة : 29 ] فحصره العلم الإلهي إذ ظهر في العبد السالك كان بين الظهور والبطون وبين المشرق والمغرب ("إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" [ الشعراء : 28 ] ، أي إن كنتم أصحاب تقييد ) في الجناب الإلهي لا إطلاق (فإن للعقل التقييد) بالصور في التشبيه والتنزيه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم». «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهنا سرّ كبير فإنه أجاب بالفعل ) أي أجاب موسى بفعل الحق وهو السماوات والأرض .
قال رضي الله عنه :  ( لمن سأل عن الحد الذاتي فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم أو ) عين ( ما ظهر فيه من صور العالم فكأنه قال له في جواب قوله" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ") قوله ( قال ) مقول لقوله فكأنه .
 
قال رضي الله عنه : ( الذي تظهر فيه صور العالم من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض" إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " أو يظهر هو بها ) أي أو كأنه قال في الجواب الذي يظهر هو بصور العالم من علو وسفل مقول القول .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما قال فرعون لأصحابه أنه لمجنون كما قلنا في معنى كونه مجنونا زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهي لعلمه ) أي لكون موسى عالما ( بأن فرعون يعلم ذلك ) أي يعلم معنى ما زاد موسى في البيان فيعلم فرعون من هذا البيان مرتبة موسى في العلم الإلهي .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ) وهو موضع ظهور الشمس ( ويستتر ) وهو موضع استتار الشمس ( وهو ) أي الحق ( الظاهر والباطن ) أي جاء موسى بهذا القول إشارة إلى أن الحق هو الظاهر والباطن ( وما بينهما وهو ) أي معنى قوله :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُمامعنى ( قوله : وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أي إن كنتم أصحاب تقييد) وإنما فسر العقل بالتقييد ( فإن للعقل التقييد ) .
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم». «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.  فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها. فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».  «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد. )
 
بقوله: وامن أنه لا إله إلا الذي آمنت به بثوا إسرائيل وأنا من المسلمين [یونس: 90] ثم تمادي  
في كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم». «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )
 
قال رضي الله عنه  : ( وهنا سرّ كبير ، فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحدّ الذاتي ، فجعل الحدّ الذاتيّ غير إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو ما ظهر فيه من صور العالم فكأنّه قال )
يعنى ذلك الجواب ، وهو ربّ السّموات والأرض وما بينهما « له في جواب قوله :" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ". قال : الذي يظهر فيه صور العالم " أي بالمربوبية"  .
 
قال رضي الله عنه  :  ( من علو وهو السماء ، أو سفل وهو الأرض  " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " أو يظهر هو بما ) يعني بالربوبية .
قال رضي الله عنه :  ( فلمّا قال فرعون لأصحابه : إنّه "لَمَجْنُونٌ "  كما قلنا في معنى كونه مجنونا ، زاد موسى في البيان ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي ، لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك ، فقال :  " رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " فجاء بما يظهر ويستر وهو الظاهر والباطن وما بينهما وهو قوله : " بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ،  "إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي إن كنتم أصحاب تقييد ، إذ العقل تقييد )
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الجواب الأوّل على مقتضى الكشف والشهود ، فإنّه أعلم في ذلك أنّ الجواب عن الحقيقة والماهية - مع قطع النظر عن الإضافة - محال ،
فإعراضه بالفعل عن التصدّي للجواب عن السؤال بالماهية إعلام تامّ بأنّه مطلق عن كل قيد وحدّ ، ولا يدخل تحت حدّ بجنس وفصل ، لاستغراقه الكلّ ،
وعدل إلى بيان حقيقة الربوبية المضافة ببيان المضاف إليه ، بأنّه هو الذي له ربوبية العالمين ، وهو عالم الأرواح العالية والأجسام السافلة ، وربّ ما علا وما سفل من الأجسام أي الظاهر بربوبيته في العالمين ، والباطن بهويته ،
لكونها عين العالمين وما بينهما من الأسماء والصفات والنسب والإضافات .
 
والجواب الثاني بما ظهر من عالم الأجسام والخلق ، وما بطن عالم الأرواح والعقول ،
 وما بين الظاهر والباطن من التعينات الجامعة بين الأرواح والأجسام ، فإنّ المشرق للظهور ، والمغرب للبطون ،
والحق هو الظاهر المتعيّن بجميع ما ظهر بإشراق نوره وإطلاق ظهوره ، وهو الباطن المتعيّن بجميع ما بطن في غيب عينه وعين حضوره ،
وأهل التقييد والتحديد إمّا أن قيّدوه بالتشبيه بالأجسام الظاهرة ،
فيقولون : إنّه جسم مطلق أو مقيد ، أو ينزّهوه فيحدّوه ويقيّدوه بتمييزه عن الأجسام وكانوا حينئذ في عين التشبيه بالعقول والمجرّدات مع تنزيههم العقلي في زعمهم والوهمي في نظر أهل التحقيق والكشف ،
فلهذا قال : " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي أهل عقل وتقييد .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم». «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهاهنا سر كبير فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو ما ظهر فيه من صور العالم فكأنه قال له في جواب قوله : " وما رَبُّ الْعالَمِينَ "  قال الذي يظهر فيه صور العالمين ) أي بالمربوبية
قال رضي الله عنه :  ( من علو وهو السماء ، وسفل وهو الأرض " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " أو يظهر هو بها ) أي بالربوبية حق التركيب أن يقال الذي يظهر فيه من غير لفظة قال ليكون مقولا لقال له لكن لما وسط بين قال ومقوله في جواب قوله : "وما رَبُّ الْعالَمِينَ " كرر قال لطول الكلام .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما قال فرعون لأصحابه  " إِنَّه لَمَجْنُونٌ " كما قلنا في معنى كونه مجنونا زاد موسى في البيان ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك فقال : " رَبُّ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ "  فجاء بما يظهر ويستر ، وهو الظاهر والباطن وما بينهما ، وهو قوله : "وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ) .
 
 أي بما ظهر من عالم الأجسام والخلق ، وما بطن من عالم الأرواح والأمر ، وما بين الظاهر والباطن من التعينات والشؤون الجامعة بين الأرواح والأجسام ، فإن المشرق للظهور والمغرب للبطون ، وهو الحق الظاهر المتعين بجميع ما ظهر بإشراق نوره وإطلاق ظهوره ، وهو الباطن المتعين بجميع ما بطن في غيب عينه وعين حضوره بعلمه بما بينهما من النسب والتعينات التي ليست إلا في حيز العلم ( " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي إن كنتم أصحاب تقييد فإن للعقل للتقييد )
 وهل التقييد والتحديد إما أن يقيده بالتشبيه بالأرواح والعقول فتنزيههم وهمى لأنه عين التشبيه عند المحقق .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».  «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهاهنا سر كبير . فإنه أجاب بالفعل لمن سأله عن الحد الذاتي ، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو ما ظهر فيه من صور العالم ).
أي ، أجاب لمن سأل عن الحد الجامع لجميع ذاتيات الرب ، بفعله وهو ربوبيته للسموات والأرض .
 
والمراد ( بالفعل ) المفعول . وهو السماوات والأرض . فجعل إضافة الرب إلى ما ظهر الرب بواسطته . أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم عين الحد الذاتي .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكأنه قال له في جواب قوله : "وما رب العالمين ؟" قال : الذي يظهر فيه صور العالمين من العلو وهو السماء ، والسفل وهو الأرض " إن كنتم موقنين " . )
 
وقوله : ( أو يظهر هو بها ) عطف على قوله : ( الذي يظهر فيه ) أي ، كأنه قال في جواب ( ما رب العالمين ؟ ) هو الذي يظهر فيه صور العالمين . أو الذي يظهر هو بصور العالمين .
فضمير ( بها ) ( للصور ) .
 
قال رضي الله عنه :  (فلما قال فرعون لأصحابه : "إنه لمجنون". كما قلنا في معنى كونه مجنونا) وهو أنه غير عالم بما سألته . ( زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته ) أي ، مرتبة موسى .
( في العلم الإلهي ، لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك ) أي ، ذلك المعنى .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال : "رب المشرق والمغرب" . فجاء بما يظهر ويستتر ، وهو الظاهر والباطن وما بينهما ، وهو قوله : "بكل شئ عليم إن كنتم تعقلون". أي، إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد).
لما كان المشرق موضع ظهور الشمس والمغرب موضع استتارها وبطونها ،
 
قال : ( فجاء بما يظهر ويستر ) أي ، جاء به تنبيها على أن كل ما ظهر من عالم الشهادة وعلى كل ما بطن من عالم الغيب ، والحق هو الظاهر والباطن ، كما أخبر عن نفسه بقوله : ( وهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم ) .
فيكون عليما بما بين المشرق والمغرب ، وبما بين الظاهر والباطن من لوازمهما وعوارضهما ، كالتأثير والتأثر والفيض والاستفاضة في العلوم وغيرها .
وإنما جاء بقوله : "إن كنتم تعقلون " . لأن العقل يعطى التقييد ، والتقييد إما في الظاهر ، وهو الأجسام ولواحقها ، وإما في الباطن ، فهو المجردات وتوابعها .
فإن كنتم تعقلون ، فاعلموا أن الحق هو الذي ظهر بالظاهر والباطن وجميع الصور المقيدة .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 1:08 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 20 مارس 2020 - 1:38 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الثالثة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة والعشرون :                                         الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم». «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )


قال رضي الله عنه :  ( وهنا سرّ كبير، فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحدّ الذّاتي ، فجعل الحدّ الذّاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم ؛ فكأنّه قال له في جواب قوله :"وَما رَبُّ الْعالَمِينَ" [ الشعراء : 23 ] ، قال الّذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض "إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" [ الشعراء: 24].   أو يظهر هو بها ، فلمّا قال فرعون لأصحابه :"إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ" [ القلم : 51 ] كما قلنا في معنى كونه مجنونا ).

 
ثم قال رضي الله عنه  : ( وهنا ) أي : في جواب موسى ( سر كبير ) من علم الحقائق ، وهو أنه أشار إلى أنه لا يمكن تعريفه بحسب الذات ، وإنما هو بسبب ظهوره في العالم ، وهو اسمه الظاهر باعتبار ، أو بحسب ظهور العالم فيه ، وهو اسمه الباطن باعتبار ، أو بالجمع بينهما مع الإشارة إلى أنه لا يتقيد بذلك الجمع ولا بالانفراد ،
لكن غايته التقييد بلا تقيد ، وهو مطلق عن كل قيد بهذا الاعتبار ، وإن تقيد بفصله المميز ، وبالوجوب والقدم الذاتيين باعتبار ذاته ، فإنه حين قال في جواب قوله :" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ" [الشعراء : 23 ] ، قال :"رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ"[ الدخان : 7 ] ،قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ[ الشعراء : 25 ] ، قال :رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ[ الدخان : 8 ] ، قال :إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ[ الشعراء : 27 ] ،قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[ الشعراء : 28 ] قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ[ الشعراء : 29 ] .


قال رضي الله عنه :  ( أجاب بالفعل ) بأن الربوبية فعل التربية ، وهي نسبة بينه وبين المربوب ، والتربية تكمل للمربوب إما بظهور صورة الرب في مرآة المربوب ، أو ظهور صورة المربوب في مرآة الرب ( لمن سأل عن الحد الذاتي ) ، أي : الحد الذي بشأنه الاشتمال هي الذاتيات ( عين إضافته ) بإقامتها مقامه ( إلى ما ظهر الرب به من صور العالم ) ، أي : صور وجوده الظاهرة في مرآة العالم ،
وهو قوله :رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ، فظهر الرب فيهم بصور المحدثات الكائنة الفاسدة التي بحدوثها أظهر ، والحادث لا وجود له بذاته ، فهو من الحق ، فقد ظهر فيه الحق ظهورا واضحا ، لكنه يختفي غاية الخفاء بظهور حدوثها ، فيصير باعتبار ظهوره فيها باطنيا ،


قال رضي الله عنه :  ( وما ظهر فيه من صور العالم ) ، أي : إضافته بأي شيء ظهر ذلك الشيء في مرآة الحق من صور العالم هو قوله :رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ،فإنهما من حيث رؤية استمرارهما مدة مديدة غير كائنة ولا فاسدة توهم قدرة حتى قال بذلك في لغة أهل الضلال ، فكأنه ظهر الحق فيهما بقدمه ، لكن لا يظهر بالقدم في شيء كما لا يظهر بالإلهية في مظهر ، فكأنهما ظهرا في الحق ، ( فكأنه قال له في جواب قوله :وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ،) .


قال رضي الله عنه :  ( قال ) : أعاده ليعده ( الذي يظهر فيه صور العالمين من علو ، وهو السماء ) سواء كان روحانيّا كالروح والغيب ، أو جسمانيّا كالعرش وسائر الأفلاك ، ( وسفل وهو الأرض ) سواء كان من العناصر والمولدات وما بينهم ، أي : بين العلو والسفل من النفوس الحيوانية والنباتية والمعدنية ، والقوى المدركة والمحركة فيها باقية النوع والذات في نظر أهل الظاهر ،
فينظر الحق بها من حيث ظهوره فيها ، لكنه يتم ظهوره بالقدم الذي هو أخص لكنة باعتبار ما يري فيه من الاستمرار ومدة مديدة ؛
فلذلك قال فيه رضي الله عنه   :( إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ) أي : ناظرين بالكشف ؛ فإنه يظهر لكم فيها قدمه ، لكن في نظر أهل الظاهر منا هنا الظهور للسماوات والأرض وما بينهما في الحق ؛
فلذلك قال بعده : ( أو يظهر هو بها ) ، وذلك في الصور العنصرية من حيث الكون والفساد على ما بينا .


ولما كان الظهور هنا للحق لم يقل :"إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" ،لكنه لما خفي بظهور حدوثها ،
قال له فرعون :" إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ" ،( فلما قال فرعون لأصحابه " إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ") ،لا بالمعنى المتعارف ، بل ( كما قلنا في معنى كونه مجنونا ) ، وهو أن الحق قد استتر فيها بظهور حدوثها ، وإن دل ظهور الحدوث فيها على أن لا وجود لها من نفسها دلالة واضحة .

قال رضي الله عنه :  ( زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهيّ لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك ؛ فقال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ويستتر وهو الظّاهر والباطن ، وما بينهما وهو قوله : "بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [ البقرة : 29 ] ، "إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" [ الشعراء : 28 ] أي إن كنتم أصحاب تقييد ؛ فإنّ العقل يقيّد ).


قال رضي الله عنه :  ( زاد موسى في البيان ) بأنه في صورة السماء والأرض وما بينهما ظهر بالقدم ، واستتر بظهور صورها فيه ، وفي صورة الآباء ظهر بصورته في العالم واستتر بظهور حدوثهم ، فقد اجتمع فيه الظهور والبطون ؛

( ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهي ) ، وإنما قصد إعلام فرعون ذلك ؛ ( لعلمه بأن فرعون يعلم ) من المؤمنين باللّه ورسله أن الرسل يقولون ذلك ، وإن كان منكر لإلهية ما سواه فضلا عن إرساله رسولا ،


قال رضي الله عنه :  ( فقال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ،فجاء ) بطريق الإشارة في المشرق ( بما يظهر ) ، وفي المغرب ( بما يستتر ) ؛ وذلك ليفهم منه أنه ( هو الظاهر والباطن ) من غير تقييد بأحدهما ، ولا بالجمع بينهما ، ولا بانزواء أحدهما عن الآخر ؛ وذلك لأنه أيضا ما بينهما هو العلم ، إذ لا يظهر في الحس ولا يبطن في العقل ؛ فلذلك قال : وهو أي : قوله وَما بَيْنَهُما هو قوله : وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .
ثم أشار إلى أنه ، وإن نفي تقييده بشيء من ذلك ، فهو تقييد له بأنه لا يتقيد ،


فقال رضي الله عنه  : ( إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أي : إن كنتم أصحاب تقييد ) تقيدونه بعدم التقييد بشيء من ذلك ، فإن العقل من حيث اشتقاقه من العقال تقييد ، فهو يشير إلى التقييد لا بطريق العبارة ، بل بطريق الإشارة ، وفي بعض النسخ : ( فإن العقل التقييد ) ، وإذا اعتبر بظهور صورة الحق في الخلق أو صورة الخلق في الحق في الجواب الأول ، والبطون بالذات ، والظهور بالذات في الجواب الثاني.

 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم». «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

( وهنا سرّ كبير : فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي ) ، الذي يسأل عنه بـ « ما » ، ( فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ) وتلك الإضافة هي الفعل الظاهر في الحقّ بصورة أثره المسمّى بالعين .


تأمّل في جواب موسى
ثمّ إنّك قد عرفت أنّ العالم إذا نسب إلى الحقّ في مشهد الكمّل له صورتان يعبّر عنهما بقربي النوافل والفرائض فإنّه إمّا أن يكون العالم آلة ظهور الحقّ والظاهر هو الحق أو يكون على العكس ، والظاهر هو العالم والجواب يشمل الصورتين لذلك قال : ( أو ما ظهر فيه من صور العالم ) تنبيها إلى وجه تماميّة الجواب وجامعيّة كلمته .

ثمّ إنّ هذه الإضافة التي وقعت جوابا وحدا فيها إجمال ، فإنّها هو الكلام الكامل الذي هو صورة جمعيّة الكل من العلو والسفل ، وما بينهما من النسبة ، ومنه يظهر السرّ الكبير ، فلذلك بيّن تحقيقه سرّا بقوله: ( فكأنّه قال له في جواب قوله : " وَما رَبُّ الْعالَمِينَ "  قال : الذي يظهر فيه صور العالمين ) و « القال » لغة هو المنتشر من "القول" ، فهو نصب على المصدر ، أو فعل هو بجملته مقول القول .

وعلى التقديرين هو الفعل الذي أجاب به لمن سأل عن حدّه الذاتيّ فإنّ القول هذا هو الذي اومي به إلى منتهى مراتب الفعل والإضافة ، وآخر تنزّلاته التي فيه يظهر صور العالمين بتفاصيلها ، إيماء خفيّا على ما هو مقتضى صورة السرّ فإنّه إذا ظهر إنّما يتصوّر بما لا يطَّلع عليه إلا أهله - وهو أولو الأيدي والأبصار من ذوي الإيقان والغالب على ذوقهم من الصورتين هو الثانية منهما ، وهو أنّ الظاهر العالم ، كما قيل : " ظاهر لا يكاد يبدو ".


فلذلك قدّمه ذكرا وقال : « الذي يظهر فيه صور العالمين » ( من علو ) ، وهو طرف اللطائف من الوجوبيّات الروحانيّات (وهو السماء - ومن سفل ) وهو طرف الكثائف من الإمكانيات الجسمانيات (وهو الأرض " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " ) لما عليه الأمر نفسه بدون تقيّده بالمدارك ، وحصره بما يعطيه المشاعر ، ( أو يظهر هو بها ) ، على أنّ الظاهر إنّما هو الحقّ ، والعالم آلة لظهوره ، وهو الغالب على ذوق أرباب العقول والحكم .


ثمّ إنّ كلام فرعون في طيّ هذه المقاولة لقومه وإن كان بحسب الظاهر لارتفاع شأن منصبه في نظرهم وحطَّ مرتبة موسى ، ولكن في نفس الأمر يفيد لهم قوّة الترقّي إلى كمالهم وذلك لما لهم من الرقيقة الإخلاصيّة بالنسبة إليه
ولذلك لما قال لهم فرعون عندما قال موسى: "أَلا تَسْتَمِعُونَ " استحقّوا للخطاب ، فعدل موسى من الغيبة إلى الخطاب لهم
مبيّنا لما ذكر في جواب الـ "ما" بحسب الحقيقة : " رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ " فإنّ قوله : " رَبُّكُمْ " هو بيان ما بينهما بإضافة ربّه الخاص به إليه ، تبيينا لما هو أظهر صور تنوّعاته عندهم وقوله : " رَبُّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ " هو بيان السماوات والأرض ولذلك ما جعل هذا جوابا مستقلا وما تعرّض له المصنّف .

 
تطبيق بين قول موسى وما انزل على الخاتم صلَّى الله عليه وآله
فهذا الجواب بما قبله عند التحقيق هو مؤدّى ما صدر من الخاتم بقوله :
" هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ " على ما لا يخفى . كما أن الجواب الآخر يعني : " رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ "  مؤدّى قوله " الظَّاهِرُ وَالْباطِنُ " ، ولكن ما أعرب عن المقصود إعراب كلام الخاتم وإفصاحه .


ثمّ إنّ بسط الكلام في مثل هذا المرام يحبّ مجالا آخر ، يسع لتفصيل أطواره وبسط جوامع أسراره - حقّقنا الله تعالى به ووفّقنا إليه - وأما فيما نحن بصدده إذ قد انعطف أعنّة البيان نحو استكشاف ما في هذا الكتاب المتن ، فإنما نتعرّض لما له فيه أثر عنه ، محتذيا حذو المؤلَّف في طريق التأويل ومسلك الخوض في حقائق التنزيل .

 
فرق بيان الحقائق عند أهل الإيقان وأهل العقل
ثمّ إنّ بيان الحقائق له مسلكان :
أحدهما مسلك أهل الإيقان ، وهو إظهار الحقائق بصورها الكاشفة لها في نفسه مطلقا ، أعني الصور الوجوديّة الظاهرة لأهل الكشف والوجود - كما سبق بيانه –
والآخر مسلك العقل ، وهو إظهارها بصورها المتبيّنة بها لدى العقل ومشاعره
ويكفي في الأول نفس الصور الوجوديّة كما ظهر من الجواب الأول ،

والثاني يحتاج مع ذلك إلى ما يبيّنها ويظهرها عند العقل من الأدلَّة النظريّة وصورها الكونيّة وما يجري مجراها وهذا المسلك أبين ظهورا وأتمّ إبانة لدى المدارك المتعاورة للعامّة .


ولذلك لما أتى موسى عند الجواب على المسلك الأول بما أتى من البيان التامّ ،
 قال فرعون خوفا من عثور الأصحاب عليه : « إِنَّه ُ لَمَجْنُونٌ » .


رجوع إلى تحليل محاورة فرعون وموسى
قال رضي الله عنه  : ( فلمّا قال فرعون لأصحابه : « إِنَّه ُ لَمَجْنُونٌ » كما قلنا في معنى كونه مجنونا ) بأنّه مستور ، محجوب عن ربّه لا يكاد يتصوّره ، ( زاد موسى في البيان ) بأخذه في المسلك الثاني ( ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي ) بإحاطته وجمعه بين الطريق الكشفيّ الإيقانيّ والحكميّ العقليّ ، وتمّ به الكلام ، ( لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك ، فـ  ( قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) فجاء بما يظهر ويستتر ) ، وبيّن أنّ ذلك إنما يتصوّر بحسب المدارك والمشاعر ، فإنّ الحقّ في نفسه لا يطلق عليه الظهور ولا الاستتار .


قال رضي الله عنه  : ( وهو ) مؤدّى ما صدر من الخاتم - صلوات الله وسلامه عليه - بقوله : ( " الظَّاهِرُ وَالْباطِنُ " كما عبّر في المسلك الأول عن مؤدى قوله : " الأَوَّلُ وَالآخِرُ ".
وأمّا قوله في المسلكين : ( " وَما بَيْنَهُما " ) فهو أيضا ممّا أشعر به الكلام الختميّ مع زيادة من الحقائق


 قال رضي الله عنه  : ( وهو قوله : " بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ، "إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي إن كنتم أصحاب تقييد ، فإنّ العقل يقيّد ) مداركه كما عرفت في المقدمة .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم». «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سرّ كبير ، فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحدّ الذّاتي ، فجعل الحدّ الذّاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم . فكأنّه قال له في جواب قوله :وَما رَبُّ الْعالَمِينَ [ الشعراء : 23 ] قال الّذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء  وسفل - وهو الأرض إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ [ الشعراء : 24 ] أو يظهر هو بها .)

( وهنا ) ، أي هذا السؤال والجواب ( سر ) مستور عن نظر العقل ( كبير ) جليل قدره فإنه حقيقة مسألة التوحيد ومخها وهو أن رب العالمين عين العالم والعالم عينه ( فإنه ) ، أي موسى ( أجاب بالفعل ) ، أي بفعل الربوبية التي ليست الأظهر والرب بصورة المربوب ( لمن سأل عن الحد الذاتي فجعل الحد الذاتي عين إضافته ) ، أي إضافة الحق معبرا عنه بالرب يعني جعله عين الرب المضاف ( إلى ما ظهر ) الحق ( به من صور العالم أو ما ظهر فيه من صور العالم ) ، فيكون الظاهر صور العالم والوجود الحق مظهرا ومرآة لها ،

( فكأنه ) ، أي موسى ( قاله له ) ، أي لفرعون ( في جواب قوله : وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قال ) تأكيد القال الأول : رب العالمين هو ( الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء ) ، أي سماء الروحانيات المجردة ( وسفل وهو الأرض ) ، أي أرض الجسمانيات المادية السافلة ( وما بينهما ) ، أي البرزخ الجامع بينهما وهو عالم المثال المطلق والمقيد .
( إن كنتم موقنين ) ، أي أصحاب إيقان شهودي ولا تقييد في هذا الشهود فإن الصور لا تقيد المرآة فإن المرآة تسعها وغيرها .
( أو يظهر هو )، أي الحق ( بها ) ، وفيها ولا بد حينئذ من تقييد فإن الحق لا يظهر في مرآى الصور الكونية إلا بقدرها وحسب استعدادها ،

فالآية باعتبار هذا المعنى من قبيل الجواب الثاني ؛ فلهذا أخر قوله : أو يظهر هو بها عن قوله :إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ[ الشعراء : 24 ] .
ولما سمع فرعون هذا الجواب قال لمن حوله : ألا تستمعون فتهيؤوا لسماع كلامهم ، فلذلك عدل إلى مخاطبتهم ومؤداه مؤدى الجواب الأول .
وقالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ( 26 ) [ الشعراء : 26 ] ، فإن المشار إليه بآبائهم كماله دخل في وجودهم من السماوات والأرض وما بينهما فمرجع هذا الخطاب إلى ذلك الجواب ولهذا أطواه الشيخ رضي اللّه عنه عن البين


قال رضي الله عنه :  ( فلمّا قال فرعون لأصحابه :إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ[ القلم : 51 ] كما قلنا في معنى كونه مجنونا .  زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهيّ لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك فقال : رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ويستتر وهو الظّاهر والباطن ، وما بينهما وهو قوله :بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ البقرة : 29 ] .إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[ الشعراء : 28 ] أي إن كنتم أصحاب تقييد ؛ فإنّ العقل يقيّد .  )

وقال رضي الله عنه  : ( فلما قال فرعون لأصحابه :إِنَّهُ لَمَجْنُونٌكما قلنا في معنى كونه مجنونا ) ، أي مستورا عنه علم ما سئل عنه ( زاد في البيان موسى ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك ) ، أي العلم الإلهي ( فقالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ) ، وهو المشرق فإنه موضع ظهور النيران فنبه به على كل ما ظهر من عالم الشهادة وهو الاسم الظاهر ( وبما يستر ) .

وفي النسخة المقروءة عليه نفعنا اللّه وما ستر من الثلاثي على صيغة المجهول وهو المغرب فإنه موضع استتارات النيرات ، فنبه على كل ما بطن من عالم الغيب وهو الاسم الباطن وإلى هذين الاسمين
أشار بقوله : ( وهو ) ، أي ما يظهر وما يستر ( الظاهر و ) الاسم ( الباطن ) المذكوران في قوله تعالى :هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ[ الحديد : 3 ] .
( و ) رب ( ما بينهما ) ، أي بين المشرق والمغرب ( وهو ) ، أي ما يدل على ما بين الظاهر والباطن في الآية المذكورة .


قال رضي الله عنه  : ( قوله : وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فإن الشيء متناول لما بين الظاهر والباطن كما هو متناول لهما (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ، أي إن كنتم أصحاب تقييد فإن للعقل التقييد ) .
وفي النسخة المقروءة : فإن العقل يقيد

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 1:09 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 20 مارس 2020 - 18:31 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الرابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة والعشرون :                                         الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال. )


قال رضي الله عنه :  ( فالجواب الأوّل جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود . فقال لهم :إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ [ الشعراء : 24 ] أي أهل كشف ووجود ، فقد أعلمتكم بما تيقّنتموه في شهودكم ووجودكم .  فإن لم تكونوا من هذا الصّنف ، فقد أجبتكم في الجواب الثّاني إن كنتم أهل عقل وتقييد وحصرتم الحقّ فيما تعطيه أدلّة عقولكم فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه ، وعلم موسى أنّ فرعون علم ذلك - أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهيّة ، فعلم أنّه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما ، فلذلك أجاب فلو علم منه غير ذلك لخطّأه في السّؤال . )


فالجواب الأوّل وهو قول موسى عليه السلام " رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" [ الشعراء : 24 ] . (جواب الموقنين وهم أهل الكشف) عن الحضرات الإلهية (والوجود) المطلق (فقال لهم : )، أي موسى عليه السلام لفرعون وقومه ("إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " [ الشعراء:24]  أي إن كنتم أهل كشف إلهي وأهل وجود عيني فقد أعلمتكم بما تيقنتموه ، أي عرفتموه يقينا في شهودكم لكل شيء وفي

قال رضي الله عنه :  (وجودكم) لكم (فإن لم تكونوا من هذا الصنف) المذكور (فقد أجبتكم في الجواب الثاني) وهو قول موسى عليه السلام :قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ( 28 ) [ الشعراء : 28 ] ، يعني (إن كنتم أهل عقل وتقييد وحصرتم الحق) تعالى (فيما تعطيه أدلة) جمع دليل (عقولكم ) من المعاني والصور الخيالية .


قال رضي الله عنه :  (فظهر موسى) عليه السلام (بالوجهين) ، أي وجه الإطلاق في المعرفة لأهل اليقين ، ووجه التقييد فيها لأهل العقول (ليعلم فرعون فضله) ، أي موسى عليه السلام في المعرفة (وصدقه) في النصح للأمة (وعلم موسى) عليه السلام (أن فرعون يعلم ذلك) ، أي الذي ذكره موسى عليه السلام له (لكونه) ، أي فرعون (سأل عن الماهية) ، أي ماهية الإله من حيث لوازمها الفعلية .

قال رضي الله عنه :  (فعلم) ، أي موسى عليه السلام (أن سؤاله) ، أي فرعون (ليس على) مقتضى (اصطلاح القدماء) من حكماء الفلاسفة (في السؤال بما )، أي عن ماهية الشيء من حيث هي ماهية (فلذلك أجاب) ، أي موسى عليه السلام عن السؤال (فلو علم) ، أي موسى عليه السلام (منه) ، أي من فرعون (غير ذلك) ، أي غير سؤاله عن الماهية من حيث اللوازم الفعلية لها (لخطأه في السؤال) إذ ليست ماهيته تعالى بمركبة من عام وخاص كماهيات الأشياء، فلا يمكن معرفتها أصلا، فالسؤال عنها من هذه الحيثية عبث لأنه لا يتحصل للأفهام فيه شيء.

 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال.  )


فأجاب جوابين ( فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود ) فقال لهم :إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ أي أهل الكشف والوجود .

قال رضي الله عنه :  ( فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم فإن لم تكونوا من هذا الصنف فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل وتقييد وحصرتم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه وعلم موسى أن فرعون علم ) بلا تأمل وتنبيه من جواب موسى .

قال رضي الله عنه :  ( ذلك ) أي فضله في العلم باللّه ( أو يعلم ذلك ) بعد مدة يسيرة ولا ثالث في حق فرعون في هذا المقام إنما علم موسى ذلك من فرعون ( لكونه ) أي لكون فرعون ( سأل عن الماهية فعلم ) موسى ( أن سؤاله ليس على اصطلاح القدماء في السؤال بما ) فإنه لا يسئل في اصطلاح القدماء بما عما ليس له أجزاء ذاتية فاللّه سبحانه تعالى عن الأجزاء فلا يسئل عنه بما ( فلذلك ) أي فلأجل علمه بذلك ( أجاب فلو علم منه ) أي فلو علم موسى من فرعون ( غير ذلك لخطأه في السؤال ) .

فقال إن سؤالك خطأ لا يقع موقعه ، فعلم موسى من سؤال فرعون بأن فرعون يعلم فضل موسى في العلم باللّه .
إذ ظهر في الجواب بالوجهين فظهر لأجل هذا.

 

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال. )  

قال رضي الله عنه :  ( فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود. فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم. فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.  وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال. )  

بقوله: وامن أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين [یونس: 90] 
ثم تماديفي كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال. )  

قال رضي الله عنه : (  فالجواب الأوّل جواب الموقنين ، وهم أهل الكشف والشهود بالوجود ، فقال : "إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" أي أهل كشف ووجود ، فقد أعلمتكم بما تيقّنتموه في شهودكم ووجودكم ، وإن لم تكونوا من هذا الصنف فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل وتقييد وحصر ، ثم الحق فيما تعطيه أدلَّة عقولكم ، فظهر موسى بالوجهين ، ليعلم فرعون فضله وصدقه ) .

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الجواب الأوّل على مقتضى الكشف والشهود ، فإنّه أعلم في ذلك أنّ الجواب عن الحقيقة والماهية - مع قطع النظر عن الإضافة - محال ،
فإعراضه بالفعل عن التصدّي للجواب عن السؤال بالماهية إعلام تامّ بأنّه مطلق عن كل قيد وحدّ ، ولا يدخل تحت حدّ بجنس وفصل ، لاستغراقه الكلّ ،

وعدل إلى بيان حقيقة الربوبية المضافة ببيان المضاف إليه ، بأنّه هو الذي له ربوبية العالمين ، وهو عالم الأرواح العالية والأجسام السافلة ، وربّ ما علا وما سفل من الأجسام أي الظاهر بربوبيته في العالمين ، والباطن بهويته ،
لكونها عين العالمين وما بينهما من الأسماء والصفات والنسب والإضافات .


والجواب الثاني بما ظهر من عالم الأجسام والخلق ، وما بطن عالم الأرواح والعقول ،
 وما بين الظاهر والباطن من التعينات الجامعة بين الأرواح والأجسام ، فإنّ المشرق للظهور ، والمغرب للبطون ،
والحق هو الظاهر المتعيّن بجميع ما ظهر بإشراق نوره وإطلاق ظهوره ، وهو الباطن المتعيّن بجميع ما بطن في غيب عينه وعين حضوره ،
وأهل التقييد والتحديد إمّا أن قيّدوه بالتشبيه بالأجسام الظاهرة ،
فيقولون : إنّه جسم مطلق أو مقيد ، أو ينزّهوه فيحدّوه ويقيّدوه بتمييزه عن الأجسام وكانوا حينئذ في عين التشبيه بالعقول والمجرّدات مع تنزيههم العقلي في زعمهم والوهمي في نظر أهل التحقيق والكشف ،
فلهذا قال : " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي أهل عقل وتقييد .

قال رضي الله عنه  : ( وعلم موسى أنّ فرعون يعلم ذلك ، لكونه سأل عن الماهية ، فعلم أنّ سؤاله ليس على اصطلاح القدماء في السؤال بـ « ما هو » لكونهم لا يجيزون السؤال عن ماهية ما لا حدّ له بجنس وفصل ، فلمّا علم موسى ذلك ، أجاب ، فلو علم منه غير ذلك ، خطَّأه في السؤال ).


قال العبد : يشير رضي الله عنه  في كل ذلك إلى الربوبيات العرضية المبثوثة في كلّ من أعطاه الله تصرّفا ، فكل من كان تصرّفه وحكمه في الظاهر أتمّ وأعمّ ، فربوبيّته كذلك أعمّ وأتمّ ، فإنّ الربّ لغة هو المالك . وقيل : هو السيد ، والربّ هو المربّي .
والمالك يتصرّف في ملكه بما أراد ، والسيد يحكم بسيادته على العبيد بما يبقى له عليهم السيادة ولهم العبودية له ،
وهو كما يقال : ربّ الدار ، وربّ الخاتم ، وربّ الثوب ، وربّ القرية والمدينة ، وهو اسم إضافى أبدا ، وإذا عرّف بلام التعريف والعهد يكون مدلوله ربّ العالمين وربّ الأرباب ، فلم يبرح عن الإضافة في المعنى .
وهذه النسبة أعني الربوبية لعين واحدة ظاهرة بصور كثيرة شتّى وهي بعينها تربّي وتربّ وتصلح صورها التي هي لها مجال ومراء ومحالّ ظهور وتراء ، والربّ له خمسة معان ، فإنّه المالك ، والسيد ، والثابت ، والمصالح ، والمربّي ، والعين الأحدية الظاهرة بحقيقتها في كل صورة بقدر قابليتها –
لها أحدية جمع جميع هذه المعاني كلَّها ، فإنّها مالكة الصور المشهودة منها ، فهي لها ، ولها أيضا السيادة على الكلّ جميعا وعلى كل عين عين منها ما يخصّها ، فإنّها عين هذه الأعيان الظاهرة بصور الكلّ ،
وهي أيضا تصلحها بما تصلح لها وتربّيها وتغذّيها ، فتغذّى الصور بأعيانها المتعيّنة بها وفيها ، وتغذّى  الأعيان بالأحكام والآثار والأفعال والأحوال والنسب والإضافات والأسماء والصفات الخصيصة بها جمعا وفرادى ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال.  . )  

قال رضي الله عنه :  ( فالجواب الأول جواب الموقنين ، وهم أهل الكشف والوجود فقال له : " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " أي أهل كشف ووجود فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم ) .

وهو أن الجواب عن الحقيقة الإلهية مع قطع النظر عن الإضافة محال ، فإعراضه بالفعل عن التصدي للجواب عن السؤال بما هو عن الماهية إعلام بأنه مطلق عن كل قيد وحد ،
ولا يدخل تحت جنس ولا يتميز بفصل لاستغراقه الكل وعدوله إلى بيان حقيقة الربوبية بيان المضاف إليه بأنه هو الذي له ربوبية عالم الأرواح العالية وعالم الأجسام السافلة وما بينهما من التعينات والنسب والإضافات ،
الظاهر بربوبيته للكل الباطن بهويته في الكل ، لأنه عين العالمين في الشهود والوجود ينبه على أن تعريفه لا يمكن إلا بهذا الوجه من الإضافة إلى الكل والبعض ، كما قال : " رَبُّكُمْ ورَبُّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ "


قال رضي الله عنه :  (  فإن لم تكونوا من هذا الصنف فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل وتقييد ، وحصرتم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون سؤاله وصدقه ، وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية فعلم أن سؤاله ليس على اصطلاح القدماء في السؤال بما ، فلذلك أجاب ، فلو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال ) .
لكونهم لا يجيزون السؤال عن ماهية ما لا حد له بجنس وفصل فلما علم موسى ذلك .

المراد بهذا اللسان لسان الإشارة ، فإن فرعون كان غاليا من غلاة الموحدة عاليا من المسرفين في دعواه من جملة من قال عليه الصلاة والسلام عنه « شر الناس من قامت القيامة وعليه وهي حي » أي وقف على سر التوحيد والقيامة الكبرى قبل فناء أبنيته وموته الحقيقي في الله وهو يدعى الإلهية بتعينه ، ويدعو الخلق إلى نفسه لتوحيده العلمي لا الشهودي الذوقي

وهو يعلم لسان الإشارة ، فلما علم أن موسى موحد ناطق بالحق افترص فرصة دعوى الألوهية لأن غير الحق ممتنع الوجود في هذا اللسان الحق في الرتب والتجليات مختلف الظهور والأحكام ، فرتبة الحق الظاهر في صورة فرعون له التحكم في ذلك المجلس على الرتبة الموسوية فأيده جواب موسى بلسان التوحيد ، وقواه على دعواه مع إظهار السلطنة والقدرة بحسب الرتبة
فقال له ما قال ، ولما كان اللسان بلسان الإشارة أخذ فيه سين الجن من حروف الزيادة فبقي الجن بمعنى الستر وإن لم يكن مضاعفا.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب.
ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال.  . )

قال رضي الله عنه :  ( فالجواب الأول جواب الموقنين ، وهم أهل الكشف والوجود . فقال لهم : "إن كنتم موقنين" . أي ، أهل كشف ووجود ، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم . ) .

لأن ما لا يكون التركيب في ذاته لا يمكن أن يجاب عنه بالجنس والفصل، فما أجبتكم به ، هو جواب العارفين بالأمر ، أصحاب اليقين والعيان.


قال رضي الله عنه :  ( فإن لم تكونوا من هذا الصنف ، فقد أجبتكم في الجواب الثاني ، إن كنتم أهل عقل وتقييد وحصر . ثم ، الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم . فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه . وعلم موسى أن فرعون علم ذلك ، أو لم يعلم ذلك . ) .


أي ، علم موسى أن فرعون عالم بفضل موسى وصدقه فيما أجاب به . أو سيكون عالما بذلك من الجواب . إذ الجواب الحق ينبه السائل بما ليس عنده .

قال رضي الله عنه :  ( لكونه سئل عن المهية . فعلم ) موسى ( أن سؤاله ليس على اصطلاح القدماء في السؤال ب‍ " ما هو " ، فلذلك أجاب . فلو علم ) موسى ( منه غير ذلك ، لخطأه في السؤال . ) اصطلاح القدماء في السؤال ب‍ ( ما ) طلب الجواب بالأجزاء الذاتية .

فلما علم موسى منه أنه ما سئل بذلك الاصطلاح ، أجاب بما أجاب . ولو علم أنه سئل عن الاصطلاح ، لخطأ فرعون في سؤاله .
أي كان يقول له : كيف تسأل بما عن شئ ليس له أجزاء ذاتية ، فسؤالك ليس بسؤال العالمين بالاصطلاح .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 1:11 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 20 مارس 2020 - 18:39 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الموسوي الفقرة الرابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة والعشرون :                                         الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالجواب الأوّل جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود ، فقال لهم :" إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" [ الشعراء : 24 ] . أي : أهل كشف ووجود ، فقد أعلمتكم بما تيقّنتموه في شهودكم ووجودكم ، فإن لم تكونوا من هذا الصّنف ، فقد أجبتكم في الجواب الثّاني إن كنتم أهل عقل وتقييد وحصرتم الحقّ فيما تعطيه أدلّة عقولكم فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه ، وعلم موسى أنّ فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهيّة ، فعلم أنّه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما ، فلذلك أجاب فلو علم منه غير ذلك لخطّأه في السّؤال ).
 
فقال رضي الله عنه  : ( فالجواب الأول ) الذي باعتبار الظهورين هو ( جواب الموقنين ) عين اليقين ؛ وذلك لأنهم ( هم أهل الكشف ) تنطبع في قلوبهم صورة الحق الوجودية المجردة عن الماهية ؛ ولذلك يقال لهم : أهل ( الوجود ) ، فتجعل تلك الصورة قلوبهم منورة تنوير صورة الشمس للمرآة ، فيكاشفون عن الحق ، ثم تنعكس صورهم في الحق ، فيشاهد كل من الحق والنفس في مرآة الآخر ، ( فقال لهم :إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ،أي : أهل كشف ) كوشفتم بصورة كل من الحق والنفس في مرآة الآخر ، وذلك عند كونكم أهل ( وجود ) مجرد عن الماهية ،
 
فقال رضي الله عنه  : ( فقد أعلمتكم ) بقولي :رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا ، وبقولي :"رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ " إلا أنه خص ذكر الآيتين في القرآن بما اعتبر فيه ظهور صورة الخلق في الحق لسترها مرآة الحق ، ففيه وجه خفاء بخلاف ما اعتبر فيه ظهور صورة الحق في الخلق ، فالحق فيه واضح ( بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم ) ، فإن الحق وإن استتر في اعتبار ظهور صورة الخلق فيه ، فظهور صورة الخلقية إنما يكون بعد هذا الشهود والوجود .
 
فقال رضي الله عنه  : ( فإن لم تكونوا من هذا الصنف ، فقد أجبتكم في الجواب الثاني ) بما يدل على بطونه باعتبار ذاته المنزهة ، وعلى ظهوره باعتبار دلالة الأدلة عليه ( إن كنتم ) أصحاب ( عقل ) يدل على تنزهه في ذاته ، ( وتقييد ) تقيدون الحق بما دل العقل عليه من التنزيه ، ونحن نقول أيضا بتنزيهه على مقتضى العقل ، ولكن لا نحصره فيه ، إذ لا دلالة للعقل على هذا الحصر ، وأنتم
 
فقال رضي الله عنه  : ( حصرتم الحق فيما يعطيه أدلة عقولكم ) ، ونحن نقول لا دلالة للعقل على امتناع ظهور صورته في العالم ، وإن لم يكن له صورة في ذاته ، كما أنه لا لون لنور الشمس ، وتظهر له ألوان مختلفة عند نصب الزجاجات المختلفة الألوان ، وقد جاز ظهور الشيء بصورة غير صورته ، فكذا ظهور ما لا صورة له في ذاته بالصور المختلفة ؛ ولذا ورد في رؤيته يوم القيامة اختلاف الصور ،
 
فقال رضي الله عنه  : ( فظهر موسى ) في الجوابين ( بالوجهين ) وجه أهل الكشف جامعا لوجهي الظهور في الجوابين الأولين اللذين عدهما الشيخ - رحمه اللّه - وجها واحدا ، ووجه أهل العقل في الجواب الثاني فيما عده الشيخ ؛ ( ليعلم فرعون فضله ) بهذا الجمع ، ويعلم ( صدقه ) عند المؤمنين باللّه والرسل ، إذ لا يصدقون إلا من علموا كماله في العلم باللّه ، ولا كمال أتم منه . وإنما قصد موسى عليه السّلام إعلام فرعون بذلك ؛
 
لأنه ( علم موسى أن فرعون ) وإن لم يكن من أهل الكشف ولا يعتقد كلام أهل النظر ، لكنه ( علم ذلك ) في الماضي بالسماع من الفرقتين ، ( أو يعلم ذلك ) في المستقبل بالسؤال أو التأمل ، إذ له قوة ذلك ؛ ( لكونه سأل عن الماهية ) على طريقة أهل التحقيق العالمين بظهور كل من الحق والخلق في مرآة الآخر ، وإلا فلا تعرف ماهيته باعتبار ذاته ، إذ لا ماهية له واحد وحده .
 
فقال رضي الله عنه  : ( فعلم أن سؤاله ليس ) على طريق ( القدماء في السؤال بما ) فاتهم ، إنما يسألون بها عن الماهية المشتملة على الجنس والفصل ، ويسألون عن الفصل بأي شيء هو في ذاته ، وعن الخاصة بأي شيء هو في عرضه ، فعلم أنه سأل على طريقة المحققين من الأنبياء وأتباعهم ، وإن لم يكن على دينهم .
 
فقال رضي الله عنه  : ( فلذلك ) أي : فعلمه بأن سؤاله على طريقة التحقيق بما اطلع على قصده في سره ؛ وذلك لأنه ( لو علم ) موسى ( منه غير ذلك لخطأه في السؤال ) .
"" أضاف المحقق :
فإن تمكين المخطئ على الخطأ في قوة الخطأ حاشاه من ذلك فعلم من تمكين موسى له أن له علما بذلك . شرح الجامي ""
وبيّن له أنه لا يستحق الجواب ، ولما شكّ لم يأت بهذا الطريق الجامع ، ولما كان طريق موسى جامعا ، وابتداء بطريق الكشف علم فرعون رجحانه عنده .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال. )
 
قال رضي الله عنه  : ( فالجواب الأول جواب الموقنين ، وهم أهل الكشف والوجود ) وهم المطَّلعون على الأمر بما عليه في نفسه من الصورة الوجوديّة الشارحة له شرح علم وإيقان ،
 
قال رضي الله عنه  : ( فقال له : " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " أي أهل كشف ووجود ، فقد أعلمتكم بما تيقّنتموه في شهودكم ووجودكم ، فإن لم تكونوا من هذا الصنف فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل وتقييد ) ، وهم المدركون للأمر بما عليه لدى المدارك من الصور الكونيّة الحاجبة له ، العاقدة عليه عقد حصر وتقييد ، فهم أرباب العقود الاعتقاديّة الحاصرة ،
ولذلك قال : ( وحصرتم الحقّ فيما تعطيه أدلَّة عقولكم ) .
 
صحّة جواب موسى
قال رضي الله عنه  : ( فظهر موسى بالوجهين ) إظهارا للكمالين ( ليعلم فرعون فضله وصدقه ) في ادّعائه الرسالة والخلافة ، ( وعلم موسى أنّ فرعون علم ذلك ) البيان ( أو يعلم ذلك ) من كلامه ( لكونه سأل عن الماهيّة ، فعلم ) موسى ( إنّه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بـ « ما » ) حيث أنّهم ذهبوا إلى أنّه إنّما يسأل به عن الحدّ المشتمل على جزئي المسؤول عنه ، وهما الكاشفان عن جهتي تمام الاشتراك وكمال التمييز ،
 
والأمر عند المحقّقين على خلاف ذلك ، فإنّه إنّما يسأل بـ « ما » عن الحقيقة مطلقا ، ( فلذلك أجاب ) بما يكشف عنها بوجهها الشهوديّ والعقليّ .
 
تأويل ما قاله فرعون
قال رضي الله عنه  : ( فلو علم منه غير ذلك لخطَّأه في السؤال ) فإنّ تمكين المخطئ للجواب في قوّة الخطأ - حاشاه من ذلك - فعلم من تمكين موسى له أنّ له علما بذلك ،
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما  فلذلك أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالجواب الأوّل جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود .
فقال لهم :إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ[ الشعراء : 24 ] أي أهل كشف ووجود ، فقد أعلمتكم بما تيقّنتموه في شهودكم ووجودكم . فإن لم تكونوا من هذا الصّنف ، فقد أجبتكم في الجواب الثّاني إن كنتم أهل )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالجواب الأول جواب الموقنين : وهم أهل الكشف والوجود فقال لهم : إن كنتم موقنين ، أي أهل كشف ووجود فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم ، فإن لم تكونوا من هذا الصنف فقد أجبتكم في الجواب.
 
الثاني : إن كنتم من أهل عقل وتقييد وحصرتم الحق فيما تطلبه أدلة عقولكم ) والسر في أن الكشف والوجود يعطي الإطلاق والعقل التقييد ، أن صاحب الكشف يعرف الحق أولا على ما هو على من القدس والإطلاق ويتنزل من معرفته إلى معرفة مظاهره المقيدة ، فهو يعرف الأشياء بالحق لا الحق بالأشياء .



قال رضي الله عنه :  ( عقل وتقييد وحصرتم الحقّ فيما تعطيه أدلّة عقولكم فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه ، وعلم موسى أنّ فرعون علم ذلك - أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهيّة ، فعلم أنّه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما ، فلذلك أجاب فلو علم منه غير ذلك لخطّأه في السّؤال ).
 
وأما العقل فلا يعرف الحق إلا بالأشياء والأشياء مقيدات لا تعطي إلا التقييد ، كما أنك إذا لم تعرف زيدا أو وصل إليك كتابه فما تعرفه إلا بكونه كاتبا فهذه المعرفة لا تعطي إلا التقييد ، بخلاف ما إذا عرفت زيدا أولا بما هو عليه في نفس الأمر فتنزل من معرفته إلى معرفة كمالاته ، فلا شك أن لا تقيده بالكتابة إذا كان هناك كمالات أخر ،
 
فإن قلت : كما من الاثنين يحتمل الإطلاق والتقييد فلو حملتم الآية الأولى على الإطلاق الذي هو مقتضى الكشف والوجود ، والثانية على التقييد الذي هو مقتضى العقل .
قلنا : لئلا يلزم التكرار في الجواب فإنه لا يناسب الكمال الموسوي والقرينة على ذلك قوله :إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ وإِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ.
 
قال رضي الله عنه :  ( فظهر موسى بالوجهين ) : الكشفي والعقلي ( ليعلم فرعون فضله وصدقه ) في ادعائه الرسالة ( وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو ) من شأنه ( أنه يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية فعلم موسى أن سؤاله ليس على اصطلاح القدماء في السؤال بما ؛ فلذلك أجاب بالوجهين ) : الكشفي والعقلي .
( فلو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال ) ، فإن تمكين المخطىء على الخطأ في قوة الخطأ حاشاه من ذلك فعلم من تمكين موسى له أن له علما بذلك .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 1:12 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
» السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى