المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: موسوعة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي :: موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 2
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
15032020
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري.
فكان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب، فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين. كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.
و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.
كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات علىسبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، و المدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. و كل ذلك من العالم و هو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها و اتصف بها. فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته».
وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة.
فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها.
فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها.
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة.
فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.
فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا».
وكذلك وقع فإن الله نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله.
ولما عصمه الله من فرعون «أصبح فؤاد أم موسى فارغا» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمل الله لها سرورها به.
كذلك علم الشرائع، كما قال تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي طريقا.
ومنهاجا أي من تلك الطريقة جاء.
فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.
فما كان حراما في شرع يكون حلالا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني قولي يكون حلالا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك.
فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه.
فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضا بتربيته و تشاهد انتشاءه في حجرها، «ولا تحزن».
ونجاه الله من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، و فتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله به.
فأول ما أبلاه الله به قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك.
ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فعلته عن أمري» ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.
وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة من يد الغاصب.
جعل له ذلك في مقابلة التابوت له الذي كان في اليم مطبقا عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة.
و إنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المثل «عين لا ترى قلب لا يفجع».
فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن الله ربما رده إليها لحسن ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين ألهمت لذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه.
فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر.
ثم إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارا خوفا في الظاهر، وكان في المعنى حبا للنجاة.
فإن الحركة أبدا إنما هي حبية، ويحجب الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك.
وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكنا فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف ». فلولا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجد لذلك: ولأن العالم أيضا يحب شهود نفسه وجودا كما شهدها ثبوتا، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حب من جانب الحق وجانبه: فإن الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هو له.
وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت.
فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين، وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي وهو الحادث.
فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى حدوثا لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم.
فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبية للكمال فافهم.
ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له ، و لم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل.
فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثم حركة في الكون إلا و هي حبية.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه في الحال واستيلائه على النفس.
فكان الخوف لموسى مشهودا له بما وقع من قتله القبطي، وتضمن الخوف حب النجاة من القتل. ففر لما خاف، و في المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالم السامع.
فلا يعتبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار».
فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبع.
فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خلعة أدنى الفهوم ليقف من لا غوص له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحكم بما استوجب هذا «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.
ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى المبلغون العلوم بهذا.
فهذا حكمة قوله عليه السلام «ففررت منكم لما خفتكم»، ولم يقل ففررت منكم حبا في السلامة والعافية.
فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده.
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.
ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.
وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول الله فيه «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول.
وقد علم الخضر أن موسى رسول الله فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول: فقال له «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فنهاه عن صحبته.
فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فراق بيني و بينك».
ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.
فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله «وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر.
و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
ولا شك أن العلم بالشيء خير من الجهل به: و لهذا مدح الله نفسه بأنه بكل شيء عليم فقد اعترف صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم. فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه.
وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه، وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك فقال لأصحابه «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.
فالسؤال صحيح، فإن السؤال عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه .
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم ألا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى.
وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.
فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.
فقال له «إن كنتم موقنين» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم.
فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه.
وعلم موسى أن فرعون علم ذلك أو يعلم ذلك لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما فلذلك أجاب.
ولو علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال.
فلما جعل موسى المسئول عنه عين العالم، خاطبه فرعون بهذا اللسان والقوم لا يشعرون.
فقال له «لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين».
و السين في «السجن» من حروف الزوائد: أي لأسترنك: فإنك أجبت بما أيدتني به أن أقول لك مثل هذا القول.
فإن قلت لي: فقد جهلت يا فرعون بوعيدك إياي، والعين واحدة، فكيف فرقت، فيقول فرعون إنما فرقت المراتب العين، ما تفرقت العين ولا انقسمت في ذاتها.
ومرتبتي الآن التحكم فيك يا موسى بالفعل، وأنا أنت بالعين وغيرك بالرتبة.
فلما فهم ذلك موسى منه أعطاه حقه في كونه يقول له لا تقدر على ذلك، والرتبة تشهد له بالقدرة عليه و إظهار الأثر فيه: لأن الحق في رتبة فرعون من الصورة الظاهرة، لها التحكم على الرتبة التي كان فيها ظهور موسى في ذلك المجلس.
فقال له، يظهر له المانع من تعديه عليه، «أو لو جئتك بشي ء مبين».
فلم يسع فرعون إلا أن يقول له «فأت به إن كنت من الصادقين» حتى لا يظهر فرعون عند الضعفاء الرأي من قومه بعدم الإنصاف فكانوا يرتابون فيه، و هي الطائفة التي استخفها فرعون فأطاعوه «إنهم كانوا قوما فاسقين»: أي خارجين عما تعطيه العقول الصحيحة من إنكار ما ادعاه فرعون باللسان الظاهر في العقل، فإن له حدا يقف عنده إذا جاوزه صاحب الكشف واليقين.
ولهذا جاء موسى في الجواب بما يقبله الموقن والعاقل خاصة .
«فألقى عصاه» ، وهي صورة ما عصى به فرعون موسى في إبائه عن إجابة دعوته، «فإذا هي ثعبان مبين» أي حية ظاهرة.
فانقلبت المعصية التي هي السيئة طاعة أي حسنة كما قال «يبدل الله سيئاتهم حسنات» يعني في الحكم. فظهر الحكم هنا عينا متميزة في جوهر واحد .
فهي العصا وهي الحية و الثعبان الظاهر، فالتقم أمثاله من الحيات من كونها حية والعصي من كونها عصا.
فظهرت حجة موسى على حجج فرعون في صورة عصي و حيات و حبال، فكانت للسحرة الحبال ولم يكن لموسى حبل.
والحبل التل الصغير: أي مقاديرهم بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة. فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.
ولما علمت السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه و أقروا له بذلك فقالوا له: إنما تقضي هذه الحياة الدنيا فاقض ما أنت قاض ، فالدولة لك . فصح قوله «أنا ربكم الأعلى».
وإن كان عين الحق فالصورة لفرعون. فقطع الأيدي والأرجل وصلب بعين حق في صورة باطل لنيل مراتب لا تنال إلا بذلك الفعل.
فإن الأسباب لا سبيل إلى تعطيلها لأن الأعيان الثابتة اقتضتها، فلا تظهر في الوجود إلا بصورة ما هي عليه في الثبوت إذ لا تبديل لكلمات الله.
وليست كلمات الله سوى أعيان الموجودات ،فينسب إليها القدم من حيث ثبوتها، و ينسب إليها الحدوث من حيث وجودها و ظهورها.
كما تقول حدث عندنا اليوم إنسان أو ضيف، ولا يلزم من حدوثه أنه ما كان له وجود قبل هذا الحدوث.
لذلك قال تعالى في كلامه العزيز أي في إتيانه مع قدم كلامه «ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون»: «ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين».
والرحمن لا يأتي إلا يأتي إلا بالرحمة.
ومن أعرض عن الرحمة استقبل العذاب الذي هو عدم الرحمة.
وأما قوله «فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده» إلا قوم يونس، فلم يدل ذلك على أنه لا ينفعهم في الآخرة لقوله في الاستثناء إلا قوم يونس، فأراد أن ذلك لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا، فلذلك أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه.
هذا إن كان أمره أمر من تيقن بالانتقال في تلك الساعة.
وقرينة الحال تعطي أنه ما كان على يقين من الانتقال، لأنه عاين المؤمنين يمشون في الطريق اليبس الذي ظهر بضرب موسى بعصاه البحر.
فلم يتيقن فرعون بالهلاك إذ آمن، بخلاف المحتضر حتى لا يلحق به.
فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على التيقن بالنجاة، فكان كما تيقن لكن على غير الصورة التي أراد.
فنجاه الله من عذاب الآخرة في نفسه، ونجى بدنه كما قال تعالى «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية»، لأنه لو غاب بصورته ربما قال قومه احتجب.
فظهر بالصورة المعهودة ميتا ليعلم أنه هو. فقد عمته النجاة حسا ومعنى.
ومن حقت عليه كلمة العذاب الأخروي لا يؤمن ولو جاءته كل آية حتى يروا العذاب الأليم، أي يذوقوا العذاب الأخروي.
فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن.
ثم إنا نقول بعد ذلك: والأمر فيه إلى الله، لما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص في ذلك يستندون إليه.
وأما آله فلهم حكم آخر ليس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما يقبض الله أحدا إلا و هو مؤمن أي مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهية: وأعني من المحتضرين : و لهذا يكره موت الفجاءة و قتل الغفلة.
فأما موت الفجاءة فحده أن يخرج النفس الداخل و لا يدخل النفس الخارج.
فهذا موت الفجاءة. وهذا غير المحتضر.
وكذلك قتل الغفلة بضرب عنقه من ورائه وهو لا يشعر: فيقبض على ما كان عليه من إيمان أو كفر.
ولذلك قال عليه السلام «ويحشر على ما عليه مات» كما أنه يقبض على ما كان عليه.
والمحتضر ما يكون إلا صاحب شهود، فهو صاحب إيمان بما ثمة.
فلا يقبض إلا على ما كان عليه، لأن «كان» حرف وجودي لا ينجر معه الزمان إلا بقرائن الأحوال: فيفرق بين الكافر المحتضر في الموت وبين الكافر المقتول غفلة أو الميت فجاءة كما قلنا في حد الفجاءة. وأما حكمة التجلي والكلام في صورة النار، فلأنها كانت بغية موسى .
فتجلى له في مطلوبه ليقبل عليه ولا يعرض عنه.
فإنه لو تجلى له في غير صورة مطلوبه أعرض عنه لاجتماع همه على مطلوب خاص .
ولو أعرض لعاد عمله عليه وأعرض عنه الحق، وهو مصطفى مقرب.
فمن قربه أنه تجلى له في مطلوبه وهو لا يعلم.
كنار موسى رآها عين حاجته ... وهو الإله ولكن ليس يدريه
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
25 – نقش فص حكمة علوية في كلمة موسوية
سرت إليه حياة كل من قتله فرعون من أجله. ففراره لمّا خاف إنما كان لإبقاء حياة المقتولين. فكأنه في حق الغير.
فأعطاه الله الرسالة والكلام والإمامة التي هي الحكم كلمة الله في غير حاجته لاستفراغ همه فيها.
فعلمنا أن الجمعية مؤثرة وهو الفعل بالهمة.
ولمّا علم من علم مثل هذا ضل عن طريق هداه حين إهتدى غيره به.
فأقامه مقام القرآن في المثل المضروب:
" يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ " [البقرة: 26] وهم الخارجون عن طريق الهدى الذي فيه.
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
25 - فك ختم الفص الموسوي
1 / 25 - اعلم ان سر اضافة هذه الحكمة الى الصفة العلوية هو من أجل علو مرتبة موسى عليه السلام ورجحانه على كثير من الرسل بامور أربعة : احدها اخذه عن الله بدون واسطة ملك وغيره .
2 / 25 - والثاني كتابة الحق له التورية بيده "ألواح التوراة" ، فان كتابة التورية احد الأمور التي باشرها الحق بنفسه دون واسطة ، على ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في تعيين ما باشره الحق بنفسه فقال : ان الله كتب التورية بيده وغرس شجرة طوبى بيده وخلق جنة عدن بيده وخلق آدم بيديه .
3 / 25 - الثالث قرب نسبته من مقام الجمعية التي خص بها نبينا صلى الله عليه وسلم المشار اليه بقوله تعالى : " وكَتَبْنا لَه في الأَلْواحِ من كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ " [ الأعراف / 145 ] وباعتبار الحق به لما وفر حظه من عطايا اسمه الظاهر ، أراد ان يريه طرفا من احكام الاسم الباطن للجمع بين الطرفين - ولو من بعض الوجوه.
4 / 25 - فنبهه على شرف الخضر عليه السلام وشوقه الى لقائه ، ثم اذن له في المشي اليه وجمع بينه وبينه فصحبه حتى رأى نموذجا من احكام الإرادة ، فعلم الفرق بينها وبين احكام الامر ، غير انه غلبت عليه صبغة التشريع وحالها ،
فلم يصبر كما قال صلى الله عليه وسلم : رحمة الله علينا وعلى موسى ، ليته صبر حتى يقص علينا من انبائهما ، وفي رواية اخرى متفق على صحتها ايضا : لو صبر لرأى العجب ولكن أخذته من صاحبه ذمامة . . . . الحديث .
5 / 25 - وعلى الجملة فإنه لو لم يكن من الفائدة في اجتماع موسى عليه السلام بالخضر الا علمه بان العلم الذي كان حصل له وكان يراه الغاية وان ليس بعده ما هو اشرف منه بما اراه الحق : ان لله وراء ما أعطاه من العلم علوما واسرارا يهبهما لمن يشاء من عباده ، فلم يبق له بعد ذلك وقوف عند الغاية ، لكان كافيا .
6 / 25 - واما الامر الرابع الذي ثبت به رجحانه على كثير من الرسل فاخبار نبينا صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة حال عرض الأمم عليه صلى الله عليه وسلم انه لم ير امة نبى من الأنبياء اكثر من امة موسى ،
وقوله صلى الله عليه وسلم ايضا في حديث اليهودي لما قال : والذي اصطفى موسى على البشر ولطم الصحابي له ،
وقوله : تقول هذا ورسول الله بين أظهرنا ؟
فلما اشتكى اليهودي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تفضلوني على موسى ، فان الناس يصعقون فأكون اول من تفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش فلا أدرى أجوزي بصعقة الطور او كان ممن استثنى الله تعالى .
7 / 25 - فهذا بعض ما اعرفه من كمالاته الموجبة اضافة حكمته الى الصفة العلوية ، وسأذكر في شرح الحديث الذي يتضمن ذكر قصة اجتماعه مع الخضر عليه السلام وما جرى بينهما وما يتضمنه تلك القصة من الاسرار الربانية والعلوم الغيبية وفي شرح الحديث المتضمن ذكر موته واتيان ملك الموت وقفاء عينه وما أخبر في ذلك ما يسر الحق ذكره وشاء بيانه ، والله يقول الحق.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:20 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولي: الجزء الثاني
كلمات ومصطلحات وردت في فص حكمة علوية في كلمة موسوية
مصطلح التجلي الصوري
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في تجليات الربوبية:
" للربوبية تجليان : تجل معنوي ، وتجل صوري .
فالتجلي المعنوي : ظهوره في أسمائه وصفاته على ما اقتضاه القانون التنزيهي من أنواع الكمالات .
والتجلي الصوري : ظهوره في مخلوقاته على ما اقتضاه القانون الخلقي التشبيهي وما حواه المخلوق من أنواع النقص . فإذا ظهر سبحانه في خلق من مخلوقاته على ما استحقه ذلك المظهر من التشبيه ، فإنه على ما هو له من التنزيه والأمر بين صوري ملحق بالتشبيه ، ومعنوي ملحق بالتنزيه . إن ظهر الصوري فالمعنوي مظهر له ، وإن ظهر المعنوي فالصوري مظهر له ، وقد يغلب حكم أحدهما فيستتر الثاني تحته فيحكم بالأمر الواحد على حجاب ".
يقول الشيخ عبد اللطيف المقري القرشي:
" التجلي الصوري : هو برزخ بين توحيد الأفعال وتوحيد الصفات ".
يقول الشيخ أحمد السرهندي :
التجلي الصوري : هو التجلي الحاصل في السير الآفاقي بجميع أقسامه ، وحاصل في مرتبة علم اليقين.
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي عن التجلي الصوري :
يقول : " التجلي في الأنوار الطبيعية : هو التجلي الصوري المركب ، فيعطي من المعارف بحسب ما ظهر فيه من الصور ، وهو يعم من الفلك إلى أدنى الحشرات ، وهو السماء والعالم ، فهو تجل في السماء والعالم . ومن هذا التجلي تعرف المعاني ، واللغات ، وصلاة كل صورة ، وتسبيحها.
يقول الشيخ عبد الله خورد عن الرؤية والتجلي الصوري :
وكل أحد يرى الله في المثال بصورة الحقيقة المحمدية باعتبار تقيدها بعينه الثابتة فلا يرى الله ولا يرى محمد إلا بقدر استعداده ... وجميع النسب الكمالية تترقى وتكمل وتنتهي في الدار الآخرة ، كالتجلي الصوري ، والمعنوي ، والذاتي ، والمعرفة ، والاستهلاك ، والفناء ، والبقاء .
فالتجلي الصوري إذا انتهى وكمل أمره وكمل يسمى : رؤية “ .
يقول الشيخ في الفتوحات الباب الثاني والخمسون وخمسمائة عن الفيض والتجلي الصوري
اعلم أيدنا الله وإياك أن الأمر في التجلي قد يكون بخلاف ترتيب الحكمة التي عهدت
وذلك إنا قد بينا استعداد القوابل
وأن هناك ليس منع بل فيض دائم وعطاء غير محظور
فلو لم يكن المتجلي له على استعداد أظهر له ذلك الاستعداد هذا المسمى تجليا ما صح أن يكون له هذا التجلي فكان ينبغي له أن لا يقوم به دك ولا صعق
هذا قول المعترض علينا قلنا له يا هذا الذي قلناه من الاستعداد نحن على ذلك الحق متجل دائما
والقابل لإدراك هذا التجلي لا يكون إلا باستعداد خاص وقد صح له ذلك الاستعداد فوقع التجلي في حقه فلا يخلو أن يكون له أيضا استعداد البقاء عند التجلي أو لا يكون له ذلك
فإن كان له ذلك فلا بد أن يبقى وإن لم يكن له فكان له استعداد قبول التجلي ولم يكن له استعداد البقاء ولا يصح أن يكون له فإنه لا بد من اندكاك أو صعق أو فناء أو غيبة أو غشية فإنه لا يبقى له مع الشهود غير ما شهد فلا تطمع في غير مطمع
وقد قال بعضهم شهود الحق فناء ما فيه لذة لا في الدنيا ولا في الآخرة فليس التفاضل ولا الفضل في التجلي
وإنما التفاضل والفضل فيما يعطي الله لهذا المتجلي له من الاستعداد
وعين حصول التجلي عين حصول العلم لا يعقل بينهما بون كوجه الدليل في الدليل سواء بل هذا أتم وأسرع في الحكم
وأما التجلي الذي يكون معه البقاء والعقل وإلا لالتذاذ والخطاب والقبول فذلك التجلي الصوري ومن لم ير غيره ربما حكم على التجلي بذلك مطلقا من غير تقييد والذي ذاق الأمرين فرق ولا بد.
وبلغني عن الشيخ المسن شهاب الدين السهروردي ابن أخي أبي النجيب أنه يقول بالجمع بين الشهود والكلام فعلمت مقامه وذوقه عند ذلك.
فما أدري هل ارتقى بعد ذلك أم لا وعلمنا أنه في مرتبة التخيل وهو المقام العام الساري في العموم.
وأما الخواص فيعلمونه ويزيدون بأمر ما هو ذوق العامة وهو ما أشار إليه السياري ونحن ومن جرى مجرانا في التحقيق من الرجال.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
ويقول الشيخ الباب الثاني والعشرون وخمسمائة عن المسافرين في الله والتجلي الصوري
ثم إن المسافرين من التجار الذين أمرهم الله بالزاد الذي لا يفضل عنهم بعد انقضاء سفرهم منه شيء بل يكون على قدر المسافة فهم على ثلاثة أصناف :-
صنف منهم يسافر برا
وآخر يسافر بحرا
وآخر يسافر برا وبحرا بحسب طريقه
فمسافر البحر بين عدوين نفس الطريق وما فيه
ومسافر البر ذو عدو واحد
والجامع بينهما في سفره ذو ثلاثة أعداء
فمسافر البحر أهل النظر في المعقولات ومن النظر في المعقولات النظر في المشروعات فهم بين عدو شبهة وهو عين البحر وبين عدو تأويل وهو العدو الذي يقطع في البحر
ومسافر البر المقتصرون على الشرع خاصة وهم أهل الظاهر
والمسافر الجامع بين البر والبحر هم أهل الله المحققون من الصوفية أصحاب الجمع والوجود والشهود وأعداؤهم ثلاثة :-
عدو برهم صور التجلي
وعدو بحرهم قصورهم على ما تجلى لهم
أو تأويل ما تجلى لهم لا بد من ذلك
فمن سلم من حكم التجلي الصوري ومن القصور الذي يناقض المزيد
ومن التأويل فيما تجلى لهم فقد سلم من الأعداء وحمد طريقه وربحت تجارته وكان من المهتدين
فهذا وأمثاله يعطيه هذا الذكر وهو ذكر الالتباس من أجل ذكر التقوى لما في ذلك من تخيل تقوى الله
ولهذا أبان الله عن تلك التقوى ما هي وفصل بينها وبين تقوى الله
فقال في تمام الآية "واتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ" وجعل المجاور لهم في تقوى الله لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ برفع الحرج والسؤال فيما تزودوه في سفرهم من التقوى
فإنه فضل على تقوى الله فإن الأصل تقوى الله
فقال لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا من رَبِّكُمْ وهو التجارة مع علمك بأنه زاد التقوى وهذا القدر كاف فإن المجال فيه واسع. والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
موضوع : إيمان فرعون
* لا يوجد دليل قطعي الدلالة و قطعي الثبوت ان الله تعالى لم يقبل ايمان فرعون
وانه مكتوب عند الله تعالى ان فرعون مات على الكفر وغير مقبول الإبمان .
من كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي تأليف محمود محمود الغراب ص 314 – 316 ج 3
إيمان فرعون
لما علم فرعون الحق، وأثبت في كلامه بأن موسى عليه السلام مرسل بقوله: (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) فإنه ما جاء من نفسه، لأنه دعا إلى غيره، فبقيت تلك الخميرة عند فرعون تختمر بها عجين طينته، وما ظهر حكمها ولا اختمر عجينه إلا في الوقت الذي قال فيه: «آمَنْتُ»
فتلفظ باعتقاده الذي معه «أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ» وما سمى اللّه، ليرفع اللبس والشك،
إذ قد علم الحاضرون أن بني إسرائيل ما آمنت إلا بالإله الذي جاء موسى وهارون من عنده إليهم،
فلو قال: «آمنت بالله» وهو قد قرر أنه ما علم لقومه من إله غيره،
لقالوا: لنفسه شهد لا للذي أرسل موسى إلينا، كما شهد اللّه لنفسه، فرفع هذا اللبس بما قاله،
عند ذلك أخذ جبريل حال البحر فألقمه في فم فرعون حتى لا يتلفظ بالتوحيد، ويسابقه مسابقة غيره على جناب الحق، مع علمه بأنه علم أنه لا إله إلا اللّه،
وغلبه فرعون، فإنه قال كلمة التوحيد بلسانه كما أخبر اللّه تعالى عنه في كتابه العزيز، فجاء فرعون باسم الصلة وهو «الَّذِي» ليرفع اللبس عند السامعين ولرفع الإشكال عند الأشكال،
وهذا هو التوحيد الثاني عشر في القرآن، وهو توحيد الاستغاثة، وهو توحيد الصلة، فإنه جاء بالذي في هذا التوحيد، وهو من الأسماء الموصولة، وقدم الهوية في قوله: " أنه" ليعيد ضمير "به" عليه، ليلحق بتوحيد الهوية،
ثم تمم وقال: «وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» خطاب منه للحق، لعلمه بأنه تعالى يسمعه ويراه،
قال ذلك لما علم أن الإله هو الذي ينقاد إليه ولا ينقاد هو لأحد، أعلم بذلك فرعون، ليعلم قومه برجوعه عما كان ادعاه فيهم من أنه ربهم الأعلى، فأمره إلى اللّه، فإنه آمن عند رؤية البأس، وما نفع مثل ذلك الإيمان فرفع عنه عذاب الدنيا، إلا قوم يونس، ولم يتعرض للآخرة، ثم إن اللّه صدّقه في إيمانه بقوله: "آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" [سورة يونس: آية 91]
قال تعالى لفرعون: «آلْآنَ» قلت ذلك، فأثبت اللّه بقوله: «آلْآنَ» أنه آمن عن علم محقق واللّه أعلم وإن كان الأمر فيه احتمال، فدل على إخلاصه في إيمانه، ولو لم يكن مخلصا لقال فيه تعالى كما قال في الأعراب الذين قالوا: (آمَنَّا) (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فشهد اللّه لفرعون بالإيمان، وما كان اللّه ليشهد لأحد بالصدق في توحيده إلا ويجازيه به، وبعد إيمانه فما عصى، فقبله اللّه إن كان قبله طاهرا، والكافر إذا أسلم وجب عليه أن يغتسل، فكان غرقه غسلا له وتطهيرا،
حيث أخذه اللّه في تلك الحال نكال الآخرة والأولى، وجعل ذلك عبرة لمن يخشى،
وما أشبه إيمانه إيمان من غرغر، فإن المغرغر موقن بأنه مفارق، قاطع بذلك،
وهذا الغرق هنا لم يكن كذلك، لأنه رأى البحر يبسا في حق المؤمنين، فعلم أن ذلك لهم بإيمانهم، فما أيقن بالموت، بل غلب على ظنه الحياة، فليس منزلته منزلة من حضره الموت فقال: (إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) ولا هو من الذين يموتون وهم كفار فأمره إلى اللّه تعالى. "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ "[سورة يونس: آية 92]
كان حكم آل فرعون في نفس الأمر خلاف حكم فرعون في نفسه:
كان حكم آل فرعون في نفس الأمر خلاف حكم فرعون في نفسه، فإنه علم صدق موسى عليه السلام، وعلم حكم اللّه في ظاهره بما صدر منه،
وحكم اللّه في باطنه بما كان يعتقده من صدق موسى فيما دعاهم إليه، وكان ظهور إيمانه المقرر في باطنه عند اللّه مخصوصا بزمان مؤقت، لا يكون إلا فيه، وبحالة خاصة، فظهر بالإيمان لما جاء زمانه وحاله،
فغرق قومه آية، ونجاة فرعون ببدنه دون قومه عند ظهور إيمانه آية،
فمن رحمة اللّه بعباده أن قال «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ» يعني دون قومك «لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» أي علامة لمن آمن باللّه أي ينجيه اللّه ببدنه أي بظاهره، فإن باطنه لم يزل محفوظا بالنجاة من الشرك، لأن العلم أقوى الموانع،
فسوّى اللّه في الغرق بينهم، وتفرقا في الحكم، فجعلهم سلفا ومثلا للآخرين،
يعني الأمم الذين يأتون بعدهم، وخص فرعون بأن تكون نجاته آية لمن رجع إلى اللّه بالنجاة، فإن الحق خاطب فرعون بلسان العتب وأسمعه "آلْآنَ" أظهرت ما قد كنت تعلمه "وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" فهي كلمة بشرى لفرعون عرفنا الحق بها لنرجو رحمته مع إسرافنا وإجرامنا،
ثم قال: «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ» فبشره قبل قبض روحه «بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» يعني لتكون النجاة لمن يأتي بعدك «آيَةً» علامة،
إذا قال ما قلته تكون له النجاة مثل ما كانت لك، وما في الآية أن بأس الآخرة لا يرتفع ولا أن إيمانه لم يقبل، وإنما في الآية أن بأس الدنيا لا يرتفع عمن نزل به إذا آمن في حال رؤيته إلا قوم يونس، فقوله: «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ» إذ العذاب لا يتعلق إلا بظاهرك، وقد أريت الخلق نجاته من العذاب، فكان ابتداء الغرق عذابا، فصار الموت فيه شهادة خالصة بريئة لم تتخللها معصية، فقبضت على أفضل عمل، وهو التلفظ بالإيمان،
كل ذلك حتى لا يقنط أحد من رحمة اللّه، والأعمال بالخواتيم، فلم يزل الإيمان باللّه يجول في باطن فرعون، وجاء طوعا في إيمانه، وما عاش بعد ذلك،
فقبض فرعون ولم يؤخر في أجله في حال إيمانه، لئلا يرجع إلى ما كان عليه من الدعوى، ثم قوله تعالى في تتميم قصته هذه «وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ»
وقد أظهرت نجاتك آية أي علامة على حصول النجاة، فغفل أكثر الناس عن هذه الآية وقضوا على المؤمن بالشقاء،
وأما قوله تعالى: (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) فما فيه نص أنه يدخلها معهم،
بل قال اللّه: (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) ولم يقل (أدخلوا فرعون وآله) ورحمة اللّه أوسع من حيث أن لا يقبل إيمان المضطر، وأي اضطرار أعظم من اضطرار فرعون في حال الغرق، واللّه يقول: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) فقرن للمضطر إذا دعاه الإجابة وكشف السوء عنه، وهذا آمن للّه خالصا، وما دعاه في البقاء في الحياة الدنيا خوفا من العوارض، أو يحال بينه وبين هذا الإخلاص الذي جاءه في هذه الحال،
فرجح جانب لقاء اللّه على البقاء بالتلفظ بالإيمان، وجعل ذلك الغرق (نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) فلم يكن عذابه أكثر من غم الماء الأجاج، وقبضه على أحسن صفة هذا ما يعطي ظاهر اللفظ،
وهذا معنى قوله: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) يعني في أخذه نكال الآخرة والأولى، وقدم ذكر الآخرة وأخر الأولى ليعلم أن العذاب - أعني عذاب الغرق - هو نكال الآخرة،
فلذلك قدمها في الذكر على الأولى، وهذا هو الفضل العظيم.
أضاف الجامع : ما يؤيد ما ذهب اليه الشيخ في مسألة ايمان فرعون
قال تعالى : "إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) سورة هود . كله حق وواقع لا محالة.
قال تعالى : " وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) " سورة الصافات
قال تعالى : "وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)" سورة مريم . حق واقع لا محالة للجميع مؤمن + كافر + مشركين
قال تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) " سورة النساء . وهو كله حق وواقع لا محالة للجميع مؤمن + كافر + مشركين
قال تعالى : " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) " سورة الحديد
قال تعالى : " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) ". سورة الزخرف.
الحديث في صحيح مسلم عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم" ، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: "يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته".
الحديث في صحيح مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى هذا الحديث وقال
فيه: " يهلكون مهلكا واحدا، ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم" . وأخرجه أيضا : أحمد والبخاري ، وابن حبان. وأبو نعيم في الحلية .
والحديث فى صحيح مسلم عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه". ورواه الحاكم ورواه أحمد وغيرهم.
والحديث في سنن ابن ماجه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يحشر الناس على نياتهم". ورواه أحمد في المسند.
والحديث في صحيح ابن حبان عن جابر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه، المؤمن على إيمانه، والمنافق على نفاقه".
والحديث في مسند أحمد عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مات على شيء بعثه الله عليه " .
الحديث : (يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله أخرجوا من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية ) رواه البخاري، ومسلم وغيرهما
الحديث لابن حبان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدخل الله أهل الجنة الجنة، يدخل من يشاء برحمته، ويدخل أهل النار [النار]، ثم يقول: أخرجوا من كان في قلبه حبة خردل من إيمان، فيخرجون منها حمما، فيلقون في نهر في الجنة، فينبتون كما تنبت حبة في جانب السيل، ألم ترها صفراء ملتوية؟ » رواه ابن حبان في صحيحه.
الحديث لأحمد بالمسند: (إذا خلص اللهُ المؤمنين من النارِ وأمنوا فما مجادلةُ أحدِكم لصاحبِهِ فى الحقِّ يكونُ له فى الدنيا أشدُّ مجادلةً من المؤمنين لربهم فى إخوانِهم الذين أُدخلوا النارَ
قال يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتَهم النارَ فيقولُ اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكلُ النارُ صورَهم فمنهم من أخذته النارُ إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه فيخرجونهم فيقولون ربنا أخرْجَنا مَنْ قد أمرتنا ،
ثم يقولُ أخرجوا من كان فى قلبه وزنُ دينارٍ من الإيمان ثم من كان فى قلبه وزنُ نصف دينار ثم من كان فى قلبه مثقالُ حبة من خَرْدَلٍ"
قال أبو سعيد فمن لم يصدق هذا فليقرأ : " إنَّ اللهَ لا يظلمُ مثقالَ ذرةٍ وإن تكُ حسنةً يُضاعِفْها ويؤتِ من لدنه أجرًا عظيمًا" [النساء: 40] ) اخرجه أحمد بالمسند، وابن ماجه في السنن وغيرهما .
حديث مسلم : "سمعت أسامة بن زيد بن حارثة، يحدث قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: " يا أسامة، أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ " قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذا، قال: فقال: «أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟» قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم". رواه مسلم
حديث مسلم : عن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقال لا إله إلا الله وقتلته؟» قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفا من السلاح، قال: «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟» فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ".
فكل من حكم وأصر باستمرار كفر فرعون وانه كان خائفا من الموت فآمن وشهد "قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) سورة يونس" .
القائلين بعدم قبول الله تعالى ايمان فرعون يفتقرن للدليل القاطع الدلاله والقاطع الثبوت بعدم قبول الله تعالى إيمان فرعون ، والذي يطيح باحتهادهم كله كراهية ورفض رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله أسامة «أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟» ، «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟» .
كراهية وبراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما فعله خالد ابن الوليد رضي الله عنه عندما قتل كل من لم يحسن ان يقول اسلمنا كما جاء في حديث البخاري :
" بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فقالوا: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره،
فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد» مرتين". رواه البخاري والنسائي والترمذى والحاكم وابن حبان واحمد والبيهقي والبزار وغيرهم
أقول لهم هل شققتم عن قلب "فرعون" حتى تحكموا عليه انه عند الله مازال مكتوب كافرا غير مقبول الإيمان ؟؟
الأصوب ات تتركوا مسأله قبول الله ايمانه لله تعاى يحكم فيها فالله.
يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني في اليواقيت والجواهر ج 1 ص 33 :
قال شيخ الإسلام الخالدي رحمه اللّه:
والشيخ محيي الدين بتقدير صدور ذلك عنه لم ينفرد به بل ذهب جمع كثير من السلف إلى قبول إيمانه لما حكى اللّه عنه أنه قال:" حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [يونس: 90] وكان ذلك آخر عهده بالدنيا،
وقال أبو بكر الباقلاني: قبول إيمانه هو الأقوى من حيث الاستدلال ولم يرد لنا نص صريح أنه مات على كفره انتهى
ودليل جمهور السلف والخلف على كفره أنه آمن عند اليأس وإيمان أهل اليأس لا يقبل واللّه أعلم. أهـ
ويقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني في اليواقيت والجواهر ج 2 ص 205 :
"أنه قال بقبول إيمان فرعون جماعة منهم القاضي أبو بكر الباقلاني
على أنه قال بقبول إيمان فرعون جماعة منهم القاضي أبو بكر الباقلاني وبعض الحنابلة قالوا لأن اللّه حكى عنه الإيمان آخر عهده بالدنيا انتهى. أهـ "
قلبي قطبي، وقالبي أجفاني .... سرى خضري، وعينه عرفاني.
روحي هارون وكليمي موسى .... نفسي فرعون والهوى هاماني
"وجمهور العلماء قاطبة على عدم قبول إيمانه، وإيمان جميع من آمن في البأس لأن من شرط الإيمان الاختيار وصاحب إيمان البأس كالمجلئ إلى الإيمان والإيمان لا ينفع صاحبه إلا عند القدرة على خلافه حتى يكون المرء مختارا ولأن متعلق الإيمان هو الغيب وأما من يشاهد نزول الملائكة لعذابه فهو خارج عن موضوع الإيمان واللّه تعالى أعلم." أهـ
الإيمان في اصطلاح الشيخ الأكبر ابن العربي في بحث د. سعاد الحكيم :
حول مصطلح "الإيمان" ومعانيه عند الشيخ الأكبر بالنقاط التالية :
أولا : الإيمان هو فعل التصديق عامة .
إن الإيمان هنا غير مرتبط بالإسلام ، فهو فعل التصديق بشكل عام ، فكل من صدق آمن وإن كان موضوع تصديقه ضلالا ،
وابن العربي الطائي الحاتمي بذلك ينهج نهج القرآن فيقول :
" أما الإيمان فهو أمر عام وكذلك الكفر الذي هو ضده ، فإن الله قد سمى مؤمنا من آمن بالحق ، وسمى مؤمنا من آمن بالباطل ، وسمى كافرا من يكفر بالله وسمى كافرا من يكفر بالطاغوت “.
ثانيا : الإيمان هو نور من الله ، قابل لكل ما يرد منه من دين أو شرع، حاصل في قلب العبد، موصلا إياه إلى الأمن، فهو إذن تصديق واستعداد للتصديق، قبل المشاهدة والعيان وبعدهما.
يقول الشيخ ابن العربي :
" إن الإيمان عبارة عن نور حاصل من قبل الحق تعالى ، متعين من حضرة الاسم الرحيم والهادي والمؤمن لإزالة ظلمة الهوى والطبع ، قابل لكل ما يرد منه من دين أو شرع أو نحوهما فيستحق حامله ... الأمن من سخط الرحمن ، فيسمى بهذا الوصف والحكم الخاص إيمانا وتصديقا “.
ثالثا : إن الإيمان طاقة قابلة للإيمان ، وليس إيمانا بنص محدود ، وهذه من أمهات الأفكار عند الشيخ الأكبر ، إذ إن كل ما في الإنسان من القوى كالخيال والفكر يتحول إلى طاقة مستعدة لقبول أية صورة ترد عليها ، فكمال علم كل قوة من قواه في تخلصها من كافة ما تعلم ورجوعها إلى حالة الاستعداد” ...
يظهر ذلك عند الشيخ من خلال هذا البيت :
لقد صار قلبي قابلا كل صورة .... فمرعى لغزلان ودير لرهبان “ .
هنا يشير ابن العربي الطائي الحاتمي إلى وصول القلب عنده إلى مرتبة كماله ؛ لأن كمال القلب هو في رجوعه إلى حالة الاستعداد التي أشرنا إليها ، وعندما يصل إلى هذا الكمال يقبل كل صورة .
رابعا : فسر شيخنا الأكبر الإيمان من خلال التوازن النفسي الذي يعطيه للشخصية ، بل جعله عين ذلك التوازن ، هذا التوازن هو في الواقع ثمرة الوصول ، فيقول :
" الإيمان : هو عبارة عن استقرار القلب وطمأنينة النفس “.
وبهذا فارق ابن العربي الطائي الحاتمي علم النفس الحديث بجعله الإيمان فعلا سلبيا المؤمن فيه قابلا للإيمان وليس فاعلا له ، فالإيمان نور من الله وهو هديته لأهل منته وأحبابه “ .
تقول د. سعاد الحكيم في المعجم الصوفي للإيمان معنيان عند ابن العربي:
الإيمان هو فعل التصديق عامة، وضده الكفر.
أن الإيمان هنا غير مرتبط بالإسلام. فهو فعل التصديق بشكل عام بعيدا عن موضوع التصديق، فكل من صدق آمن وان كان موضوع إيمانه ضلالا.
وابن العربي بذلك ينهج نهج القرآن يقول:
" وأما الإيمان فهو امر عام 4 وكذلك الكفر الذي هو ضده؟،
فان اللّه قد سمى مؤمنا من آمن بالحق 5 وسمى مؤمنا من آمن بالباطل 6 وسمى كافرا من يكفر باللّه 7 وسمى كافرا من يكفر بالطاغوت 8 ". (فتوحات 3/ 338).
وفي نص آخر يبين ابن العربي :
ان الإيمان هو تصديق عامة، وان العبد سمى مؤمنا في كل فعل ايمان، ولكن فعل ايمانه باللّه يعطيه اسم " الحنيف " اي المائل يقول:
" ولهذا قال فيه حنفاء للّه 9 أي مائلين به إلى جانب الحق الذي شرعه واخذه على المكلفين من جانب الباطل، إذ قد سماهم الحق مؤمنين في كتابه
فقال في طائفة: انهم آمنوا بالباطل وكفروا باللّه فكساهم حلة الإيمان.
فما الإيمان مختص بالسعداء ولا الكفر مختص بالأشقياء، فوقع الاشتراك وتميزه قرائن الأحوال. . . " (فتوحات 4/ 57).
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:22 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الأولى الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولي: الجزء الثالث
كلمات ومصطلحات وردت في فص حكمة علوية في كلمة موسوية
* تقول د . سعاد الحكيم :
الإيمان هو نور من اللّه 10 قابل لكل ما يرد منه من دين أو شرع، حاصل في قلب العبد، موصلا إيّاه إلى الأمن 11 فهو إذن تصديق واستعداد للتصديق 12 قبل المشاهدة والعيان وبعدهما.
يقول الشيخ رضي الله عنه :
" أن الإيمان عبارة عن نور حاصل من قبل الحق تعالى، متعين من حضرة الاسم الرحيم والهادي والمؤمن لإزالة ظلمة الهوى والطبع، قابل لكل ما يرد منه [من الحق تعالى] من دين أو شرع أو نحوهما فيستحق حامله. . .
الأمن من سخط الرحمن، فيسمى بهذا الوصف والحكم الخاص أيمانا وتصديقا، وعلى التحقيق أنما هو أول اعتبار من العلم متعلق بالدين والشرع. . . من غير اعتبار تأييد بدليل وبرهان عقلي أو سمعي أو كشفي. . .
والدليل على كونه نورا قول النبي صلى اللّه عليه وسلم: فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور 13. . .
وأما الدليل على وروده على القلب 14 قوله عز من قائل " أولئك كتب في قلوبهم الإيمان" (58/ 22). . . " (تحرير البيان في تقرير شعب الإيمان ص 2 - 3).
". . . ان حقيقة الأيمان كالشمس: تشرق على بصائر القلوب دون حجاب. . . ويعبر عنه في اصطلاح القوم باسفار صبح الكشف وهو: مقام عين اليقين.
فإذا حالت بينهما غيوم الغفلات والهوى نقص الإشراق. . . فإذا ذهبت الغيوم والهوى زاد في إشراقه فاستقر القلب واطمأنت النفس وانبسطت الجوارح للعبودية 21. فالنور 22 هدية اللّه لأهل منته 23 وأحبابه وأوليائه والسعداء من عبيده ". (تذكرة الخواص فقرة 79).
وهناك نص آخر يظهر فيه الإيمان طاقة قابلة للإيمان، وليس إيمانا بنص محدود وهذه من أمهات الأفكار عند الشيخ الأكبر.
إذ أن كل ما في الإنسان من القوى كالخيال والفكر يتحول إلى طاقة مستعدة لقبول آية صورة ترد عليها، فكمال 15 علم كل قوة من قواه في تخلصها من كافة ما تعلم ورجوعها إلى حالة الاستعداد 16.
" ولقد آمنا باللّه وبرسله وما جاء به مجملا ومفصلا مما وصل إلينا من تفصيله وما لم يصل إلينا 17، ولم يثبت عندنا فنحن مؤمنون بكل ما جاء به. . .
أخذت ذلك عن ابويّ اخذ تقليد. . . فعملت على إيماني بذلك حتى كشف اللّه عن بصري وبصيرتي وخيالي. . .
فصار الأمر لي مشهودا والحكم المتخيل المتوهم بالتقليد موجودا. . .
فلم أزل أقول واعمل ما أقوله واعمله لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم لا لعلمي ولا لعيني ولشهودي، فواخيت بين الإيمان والعيان 18 وهذا عزيز الوجود في الاتباع.
فان مزلة الاقدام للاكابر انما تكون هنا:
إذا وقعت المعاينة لما وقع به الإيمان فتعمل على عين "اي عن شهود" لا على إيمان فلم يجمع بينهما. . . والكامل من عمل على الإيمان مع ذوق العيان وما انتقل ولا اثر فيه العيان. . . " (فتوحات 3/ 323).
* تقول د . سعاد الحكيم :
وقد فسر شيخنا الأكبر الإيمان من خلال التوازن النفسي الذي يعطيه للشخصية بل جعله عين ذلك التوازن، هذا التوازن هو في الواقع ثمرة الوصول 19.
ولكنه فارق علم النفس الحديث بجعله الأيمان فعلا سلبيا المؤمن فيه قابلا للإيمان وليس فاعلا له، فالأيمان نور من اللّه وهو هديته لأهل منته وأحبابه.
يقول الشيخ ابن العربي:
" الإيمان، هو عبارة عن استقرار القلب وطمأنينة النفس. وذلك ان العبد لما كان طالبا لربه مترددا في طلبه مرة إلى الوثن ومرة إلى الشمس والقمر ومرة إلى النيران، وهو في ذلك كله متحير 20 لا يستقر ولا يسكن، فلما علم اللّه منه صدق القصد أفاض على قلبه نور الهداية فاستقر القلب واطمأنت النفس. . . " (تذكرة الخواص فقرة 78).
يقول الشيخ ابن العربي عن إيمان فرعون :
" علم فرعون صدق موسى عليه السلام وأضمر الإيمان في نفسه الذي أظهره "الإيمان " عند غرقه حين رأى البأس " (فتوحات 3/ 421 طبعة بولاق).
" فلما اخذ "فرعون" قلوبهم "قلوب قومه" بالكلية إليه ولم يبق للّه فيهم نصيب يعصمهم، اغضبوا اللّه فغضب فانتقم فكان حكمهم في نفس الأمر خلاف حكم فرعون في نفسه، فإنه علم صدق موسى عليه السلام، وعلم حكم اللّه في ظاهره بما صدر عنه وحكم اللّه في باطنه بما كان يعتقده من صدق موسى فيما دعاهم إليه، وكان ظهور إيمانه المقرر في باطنه عند اللّه مخصوصا بزمان مؤقت لا يكون إلا فيه وبحالة خاصة فظهر الإيمان لما جاء زمانه وحاله فغرق قومه آية ونجا فرعون ببدنه دون قومه عند ظهور إيمانه آية، فمن رحمة اللّه بعباده قال فاليوم ننجيك ببدنك يعني دون قومك لتكون لمن خلفك آية أي علامة لمن آمن باللّه أن ينجيه اللّه ببدنه. . . " (فتوحات 3/ 217 بولاق).
" فعلم " فرعون" أن الذي أرسلا "موسى وهارون" به هو الحق، فحصل القبول في نفسه وستر ذلك عن قومه. . .
فلما رأى البأس قال آمنت فتلفظ باعتقاده الذي ما زال معه فقال له اللّه: "الأن" قلت ذلك.
فاثبت اللّه بقوله الأن انه آمن عن علم محقق واللّه اعلم. . . "
(فتوحات 3/ 697 بولاق).
" فقالت : "امرأة فرعون" لفرعون في حق موسى انه" قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " [28/ 9] فبه قرّت عينها بالكمال الذي حصل لها. . .
وكان قرة عين لفرعون بالأيمان الذي أعطاه اللّه عند الغرق فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث، لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام.
والإسلام يجبّ ما قبله. . . " (فصوص الحكم ج 1 ص 201)..
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:23 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
هذا فص الحكمة الموسوية ، ذكره بعد حكمة هارون عليه السلام ، لأن اللّه تعالى وهبه رحمة لأخيه موسى عليهما السلام كما قال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا( 53 ) [ مريم:53].
والرحمة سابقة على المرحوم بها ولأنه أكبر من موسى عليه السلام في السن فهو مقدم عليه في الذكر فيوجد قبله في الرسم .
قال صلى اللّه عليه وسلم : « الأكبر من الأخوة بمنزلة الأب » . رواه الطبراني في المعجم الكبير ورواه ابن عبد البر في الاسيتعاب ورواه غيرهما .
فص حكمة علوية منسوبة إلى العلو وهو الرفعة والشرف في كلمة موسوية .
" قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) سورة طه "
إنما اختصت حكمة موسى عليه السلام بكونها علوية لارتفاعها على حكمة أخيه وشرفها عليها ، فإن نبوة موسى عليه السلام أكبر وأعظم من نبوة أخيه هارون عليه السلام لتبعيته له .
قال تعالى : سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ [ القصص : 35 ] وما شد به العضد كان تابعا .
قال رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى عليه السلام لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل لأجله لأنّه قتل على أنّه موسى . وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته على موسى عليه السّلام أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسيّة ، بل هي على فطرة " بلى " . فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو؛ فكلّ ما كان مهيّئا لذلك المقتول ممّا كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السّلام . وهذا اختصاص إلهيّ لموسى لم يكن لأحد قبله . فإنّ حكم موسى كثيرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهيّ في خاطري . فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
قال رضي الله عنه : (حكمة) تقدير اللّه تعالى (قتل الأبناء) جمع ابن بأمر فرعون ، فإن الكهنة قالوا لفرعون إنه يولد مولود يكون هلاكك وهلاك قومك على يديه ، فكان يقتل كل مولود يولد حتى قتل أولاد كثيرون لاحتمال أن يكون واحد منهم هو الغلام المذكور ، ثم سلم اللّه تعالى موسى عليه السلام ، ووضعته أمه وحفظه اللّه تعالى من شر عدوّه حتى كان سبب هلاك فرعون وقومه وإغراقهم في البحر بإذن اللّه تعالى ، ولم يمنع الحذر من القدر .
قال رضي الله عنه : (من أجل) ظهور (موسى عليه السلام لتعود إليه) ، أي إلى موسى عليه السلام بالإمداد له أي تقوية الروحانية (حياة كل من قتل) من أبناء المذكورين (من أجله) ، أي موسى عليه السلام (لأنه) ، أي كل من قتل إنما قتل بناء (على أنه) ،
أي ذلك المقتول (موسى) عليه السلام (وما ثم) ، أي هناك في نفس الأمر (جهل) للحق تعالى بموسى عليه السلام بل قدر اللّه تعالى ذلك على علم منه سبحانه بأن كل مقتول هو غير موسى عليه السلام وتقدير اللّه تعالى ليس بعبث بل كل أفعاله جارية على الحكمة (فلا بد أن تعود حياته) ، أي كل مقتول (على موسى) عليه السلام (أعني حياة المقتول من أجله) ، أي موسى عليه السلام (وهي) ، أي تلك الحياة التي لكل مقتول (حياة طاهرة) من الطهارة التي هي ضد الدنس ، أي نظيفة كائنة (على الفطرة) ، أي على الخلقة الأصلية وهي فطرة الإسلام لأنهم كانوا كلما ولد مولود حي ذبحوه .
قال تعالى :فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ[ الروم : 30 ] .
وفي الحديث : كل مولود يولد على الفطرة ولكن أبواه يهوّداته أو ينصرانه أو يمجسانه » .
رواه البخاري ورواه مسلم ورواه غيرهما .
لم تدنسها ، أي تلك الحياة الأغراض بالمعجمة أي الحظوظ والمقاصد النفسية ، أي المنسوبة إلى النفس بل هي ، أي تلك الحياة على فطرة أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى أي نعم أنت ربنا كما قال تعالى (: أي خلقة عالم الذر) حين جمع اللّه تعالى ذرية آدم عليه السلام وهم كالذر فتجلى عليهم
وقال لهم : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ( 173 ) [ الأعراف : 172 - 173 ] .
قال رضي الله عنه : (فكان موسى) عليه السلام (مجموع حياة) كل (من قتل) ، من الأبناء المذكورين بناء (على أنه) ، أي
ذلك المقتول (هو )، أي موسى عليه السلام (فكل ما كان مهيئا) بطريق الإمكان (لذلك المقتول) من الأبناء (مما كان استعداد روحه) ، أي روح ذلك المقتول (له) من أنواع الكمال التي لو عاش في الدنيا ذلك المقتول لنافسها ووصل إليها بقوّة روحانيته وقبلتها حقيقته من الجناب المقدس .
قال رضي الله عنه : (كان) ذلك (في موسى عليه السلام وهذا) الأمر المذكور (اختصاص إلهي بموسى) عليه السلام (لم يكن لأحد) من الأنبياء عليهم السلام (قبله) ، أي موسى عليه السلام ،
ولعل هذه هي الحكمة في كثرة الأنبياء في بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام ، وكانوا يحكمون بالتوراة فكأنما موسى عليه السلام لما كان مجموع حياة كل من قتل تفرق ذلك المجموع بموت موسى عليه السلام
فكانت كل حياة في نبي من الأنبياء الذين جاؤوا بعد موسى عليه السلام ممدة من تلك الحياة المجموعة ،
فقد روي أن اللّه تعالى بعث بعد موسى عليه السلام إلى عصر عيسى عليه السلام أربعة آلاف نبي ، وقيل : سبعين ألف نبي وكلهم كانوا على دين موسى عليه السلام .
حتى روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال : "كل الأنبياء عليهم السلام من بني إسرائيل إلا عشرة : نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلى اللّه عليه وسلم" . رواه الحاكم في المستدرك ورواه الطبراني في الكبير وضياء المقديسي في المختارة والبيهقي وغيرهم.
ولا يذهب عليك أن هذا هو التناسخ الباطل ، فإنه مجرد إمداد من حضرة الروح الكل بدلا عن إمداد تلك الأرواح التي انقصرت عن التصرف في أجسامها لعروض الفساد في الأجسام ، وليس هذا انتقال الأرواح كما يزعم أهل التناسخ ؛ ولهذا كانت العبارة هنا بلفظ الحياة والإمداد .
قال رضي الله عنه : (فإنّ حكم) جمع حكمة (موسى) عليه السلام أو ما أودع اللّه تعالى في أحواله ووقائعه من الأسرار (كثيرة ) لا تحصى (وأنا إن شاء اللّه) تعالى أسرد ، أي أذكر (منها) ، أي من تلك الحكم (في هذا الباب) ، أي النوع من أنواع العلم الإلهي (على قدر ما يقع به الأمر الإلهي) ، أي الإلهام الرباني (في خاطري) من غير فكر أصلا ، لأن الفكر ظلمة النفس فلا يمكن أن يكتسب بها أحد نور العلم الرباني (فكان هذا) ، أي ما ذكر من حكمة قتل الأبناء من أجل موسى عليه السلام أوّل ما شوفهت ، أي خوطبت من حضرة الإلهية (به) في قلبي (من هذا الباب) ، أي النوع من أنواع العلم الإلهي .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
أورد الحكمة العلوية في كلمة موسى عليه السلام فإن علو موسى عليه السلام يقتضي من هو علا عليه باعتبار إبطال دعوى علوية من هو علا عليه وأنه قال تعالى في حقه :لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى[ طه : 68 ]
فكان موسى عليه السلام علا على من ادّعى العلوية الربوبية بقوله "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى " فأبطل دعويه الكاذبة وسحره ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ) عليه السلام ( ليعود إليه ) أي إلى موسى عليه السلام ( بالامداد حياة كل من قتل من أجله ) أي يمددن موسى عليه السلام في هلاك فرعون ويعينونه فيه فكان موسى أعلى على فرعون بالامداد من أرواحهم وإنما يعود إليه بالامداد .
قال رضي الله عنه : ( لأنه قتل على أنه موسى وما ثمة ) أي وما في قتل الأبناء من أجل موسى ( جهل ) لعلمه بأن من الكائن قد يدفع بمباشرة الأسباب إذ ليس بلا حكمة يعني ما قتل الأبناء من أجل موسى عن جهل بل إنما قتل من أجله عن علم وحكمة وهي العود إليه بالامداد .
ولو لم يقتل من أجل موسى لا يعود إليه بالامداد فقد كان في علمه تعالى أن موسى لا يعلو على فرعون إلا بالامداد ممن قتل من أجله على يد فرعون إلا ما هو في علم اللّه
ويجوز أن يكون معناه وما ثمة جهل أي وما قتل الأبناء على أنه موسى عليه السلام جهل بل علم قتل كل واحد منهم على أنه موسى بالنص الإلهي أو معناه وما جهل فرعون أن قتل الأبناء على أنه موسى عليه السلام ليس بموسى فكان ذلك القتل عمدا وظلما فوجب عليه القصاص فعلى كل حال .
قال رضي الله عنه : ( فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله ) وفيه معنى لطيف وهو أنه لما قتل فرعون على أنه موسى وجب عليه القصاص فوجب على موسى أداء من قتل من أجله فاجتمعوا مع موسى وطلبوا حقهم منه .
فكأنهم قالوا يا موسى إنا قد قتلنا من أجلك فكان لنا حقا ثابتا عليك فأدّ إلينا حقنا فقتل موسى فرعون أداء لما هو عليه من حقهم فما كان قتل فرعون على الحقيقة إلا قصاصا ( وهي ) أي حياة المقتول .
قال رضي الله عنه : ( حياة ظاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية بل هي على فطرة بلى ) فهي أرواح لطيفة مجردة عن تعلق الصور المادية وأنوار لطيفة وكذلك روح موسى نور لطيف فناسب كل منهم الآخر كذلك اتحد كلهم كاتحاد نور القمر والشمس في النهار
فمثل هذه الأرواح للطافتها قد يتحد بعضها مع بعض ويمتاز أخرى كما يمتاز نور القمر عن نور الشمس بعد اتحاده معها في النهار فإذا انقطع روح موسى عن تعلق الصورة الموسومة العنصرية افترقوا عنه
وامتاز كل واحد منهم على الآخر كما امتاز قبل الاتحاد فانفرد كل واحد منهم كما انفرد قبل الاجتماع ورجع إلى مقامهم الأصلي فانفرد روح موسى كما انفرد قبله فإن لكل صورة روح خاص عند اللّه ممتاز عن روح الصورة الأخرى وبهذا المذكور قد انقطع وهم التناسخ من ظاهر كلامه ( فكان موسى ) أي فإذا اجتمع هذه الأرواح الطيبة اللطيفة في حياة موسى
وكان موسى ( مجموع ) بالنصب خبر كان ( حياة من قتل على أنه هو وكل ما كان مهيئا لذلك المقتول ) قوله ( مما ) بيان لما ( كان استعداد روحه ) الضمير يرجع إلى المقتول ( له ) راجع إلى ما في قوله مما ( كان في موسى ) أي ظهرت تلك الكمالات المهيئات للمقتول في استعداد روحه في صورة موسوية .
قال رضي الله عنه : ( وهذا ) الأمداد ( اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد قبله ) من الأنبياء ولا يكون أيضا بعده فلا تعجب اختصاص هذا الحكم بموسى دون غيره من الأنبياء ( فإن حكم موسى ) أي فإن الأحكام الإلهية المختصة لموسى ( كثيرة ) فإن شأن موسى في اختصاص الأحكام الإلهية لا كشأن سائر الأنبياء قبله .
قال رضي الله عنه : ( وإنا إن شاء اللّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما بلغ به الأمر الإلهي في خاطري وكان هذا ) الاختصاص المذكور ( أول ما شوفهت ) أي خوطبت ( به ) مشافهة ( من هذا الباب )
أي من الفص الموسوي فإذا كان الأمر في حق موسى على ما ذكرناه.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
قال رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى. وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى». فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام. وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
قلت: قال، رضي الله عنه: حكمة قتل الأبناء هو من أجل موسی، عليه السلام، ليجوز حياتهم كلهم وذواتهم وعلومهم وبالجملة جميع ما يقبله استعدادهم من مراتب الحياة الشريفة، فكان فرعون في قتل أبناء بني اسرائيل خادما لموسى عليه السلام وهو لا يشعر على ما قرره الشيخ رضي الله عنه.
قال: وهذا اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد ممن هو قبله.
قال: وحكم موسی كثيرة ووعد أن يذكر منها ما يتيسر.
وقوله: على قدر ما يرد به الأمر فيه الخاطر.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
25 - فصّ حكمة علويّة في كلمة موسوية
إنّما أضيفت هذه الحكمة العلوية إلى الكلمة الموسوية ، لما جعل الله هذه الكلمة هي العليا ، وكلمة فرعون والسحرة وآل فرعون هي السفلى ، فقال : " لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى " [طه : 68] فأشركه الله في صفته الأعلويّة وإن كانت أعلوية الله مطلقة وأعلوية موسى نسبية ،
وذلك من قوله تعالى : " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " [الأعلى : 1 ] صفة لـ " ربّك " ولما قال فرعون: " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " [النازعات : 24 .]
وقال الله تعالى في حقّه : " إِنَّه ُ كانَ عالِياً من الْمُسْرِفِينَ " [الدخان : 31] وهم أهل الغلوّ في العلوّ ، فأعلم الله موسى أنّه هو الأعلى ، فأعلوية موسى بالنسبة إلى فرعون وغلوّه في علوّه ، وأعلوية الله لا بالنسبة والإضافة ، فهو الأعلى بذاته لذاته في ذاته وفي كل عال وأعلى ، والعلوّ والأعلويّة له أولى وأولى .
"" أعلى الله مكانته ، وأخبره أنّه هو الأعلى ، فقال : " لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى " وأعلى الله كلمته العليا على من ادّعى العلوّ بقوله: "أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى" و "كانَ عالِياً من الْمُسْرِفِينَ" .""
قال رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل من أجله ، لأنّه قتل على أنّه موسى ، وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته على موسى ، أعني حياة المقتول من أجله ، وهي حياة ظاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النفسية ، بل هي على فطرة « بَلى » فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو ، فكلّ ما كان مهيّئا لذلك المقتول - ممّا كان استعداد روحه له - كان في موسى عليه السّلام وهذا اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد قبله ، فإنّ حكم موسى كثيرة ) .
قال العبد : اعلم : أنّ النفس الكلَّية أحدية جمع النفوس الجزئية الإنسانية ، وهي إنّما تعيّنت في صورتها الكلَّية أحدية جمعية كلَّية لحقائقها الكلية الجزئية ، ثمّ تعيّنت في صور حقائقها الكلية في النفوس السماوية الكلَّية المحيطة الفلكية أوّلا فأوّلا ، ثم تعيّنت لحقائقها التابعة التفصيلية في الأجزاء الفلكية من الدرج والدقائق والثواني والثوالث ، بالغا ما بلغ ، فما من جزء من الأجزاء الفلكية السماوية إلَّا وقد قبلت روحا ونفسا بحسب أمزجتها الفلكية الطبيعية وهم الملائكة والأرواح الفلكية النورانية .
وهم على طبقات وجدت في كل فلك فلك ، وسماء سماء ، وجزء وجزء من أجزائه على مزاج خاص وطبيعة خصيصة بذلك الفلك والاسم المستوي على عرش تلك السماء أو الفلك ، حتى عمّر الله بهم الأفلاك والسماوات ، فمنهم حملة العرش والكروبيّون والحافّون والصافّون ، وكلَّهم طبيعيون نورانيّون ، ولهم صور طبيعية عرشية وفلكية ، ثمّ سماوية ، والنفس من ورائهم محيطة بالإمداد والنور والروح والحياة .
وإمدادها لهم بالفيض النوري الروحي الذي يقبله من التجلَّيات الأسمائية الذاتية . ومن جملة ما تشتمل عليه هذه النفس الكلية التي هي مظهر الاسم المفصّل ، واسمها في لسان الشرع اللوح المحفوظ وهي أمّ الكتاب المفصّل والتي تحتوي عليه هي الأرواح البشرية الإنسانية الكمالية الكلَّية والنفوس البشرية الجزئية ،
وهذا الروح الأعظم الأكمل ، مع من تعيّن من الأرواح والنفوس السماوية يفيض وتفيض الأنوار الروحية والأشعّة النفسية على الطبيعيات والعنصريات فمهما تعيّنت - بحسب التشكَّلات الفلكية والأوضاع الرفيعة السماوية والاتّصالات والانفصالات الكوكبية وامتزاجاتها بموجب مقتضى أرواحها ونفوسها ،
والأسماء الإلهية الظاهرة بها والمتوجّهة إلى إيجاد الصور الأحدية الجمعية الكمالية الإنسانية في العوالم العنصرية السفلية عند الظاهرية المسمّاة بعالم الكون والفساد عرفا رسميا - أمزجة بشرية إنسانية مستعدّة لقبول أرواح إنسانية ،
فإنّ فيض الأرواح والنفوس العلوية ، وفيض النفس الكلَّية يتعيّن فيها بحسب ما استعدّت له من الكمالات بالميل التامّ والعشق العامّ من القابل والمقبول إلى صاحبه ،
أعني المزاج العنصريّ وفيض الروح الفلكيّ والكلمة الإلهية المحمولة في ذلك الفيض الروحاني والنفس الرحمانيّ ،
فينبعث في عصر "عصر" من الأرواح الإنسانية من هذا اللوح الإلهي والروح الأعظم الرحماني ما أراد الله إظهاره في ذلك العصر من آياته وأسمائه الكلَّية وكلماته الكمالية ، ولا مانع لتعيّن الفيض الروحي والنور النفسي المحمول في الأنوار والأشعّة الكوكبية في أمزجة خصيصة بها مشاكلة مناسبة لظهور حقائقها وخصائصها فيها وبها إلَّا حصول التعيّن المزاجي العنصري وكمال التسوية لقبول النفخ الملكي الإلهي للروح فيه ، فافهم هذا الأصل الكلَّيّ والضابط الإلهي الجمليّ .
ثمّ اعلم : أنّه لمّا أراد الله إظهار آياته الكاملات وكلماته الفاضلات وحكمه العامّات التامّات الشاملات في الكلمة الموسوية ، وسرى حكم "حكم" هذه الإرادة في النفس الكلَّية ونزول الوحي الإلهي بذلك إلى عالم العنصر ، وتوجّهت الأسماء الكلية الظاهرة ، والأرواح والأنفس الطاهرة إلى تحصيل مطالبهم وتوصيل مآربهم ، فتعيّنت بموجبها أمزجة كثيرة بحسب حقائق ما في الروح الموسوي قبل تعيّن مزاجه الكامل النبوي ،
فقبلت تلك الأمزجة - من الأنوار والأشعّة والأرواح المنبثّة من النفوس الكلية الفلكية - أنفسا جزئية لا على الوجه الأكمل ، لظهور الكمالات الموسوية وإظهار الآيات التي أراد الله أن يظهرها ، فلمّا لم تكن وافية وكافية في مظهريتها ، أراد الله أن يبدلها ربّها خيرا منها ،
وكانت حكماء الزمان وعلماء القبط أخبروا فرعون أنّ هلاكه وهلاك ملكه يكون على يدي مولود يولد في ذلك الزمان ، فأمر فرعون بقتل كل ولد يولَّد في ذلك الزمان ، ولم يعلم أنّ الذي قدّر الله هلاكه وهلاك ملكه على يده ، وأراد الله حياته ، لن يظفر به ولن يقدر عليه ، فإنّه لا رادّ لأمر الله ولا معقّب لحكمه ،
فقتلوا بأمر فرعون كلّ مولود ولد ووجد في ذلك الزمان على أنّه ذلك الذي يكون هلاك فرعون على يده ، فقتلت عن نفوسها ،
أعني تلك الصورة والأشخاص والأمزجة التي قبلت تلك الأرواح الحاصلة للأسرار الكمالية والفضائل الروحانية التي كان ظهورها في موسى عليه السّلام أكمل وأتمّ ،
ولا شكّ أنّ الزمان زمان ظهورها ، والأمر الإرادي الإلهي قد نفذ بذلك ، فلمّا تبادرت بالظهور ، قبل تكامل النور ، وبلوغ عين الزمان والوقت الذي فيه التجلَّي الجامع لحقائق الحكم والآيات والكمالات التي للكلمة الموسوية ، فقبلت على اسمه ،
لما علم الله أنّ ظهورها في مزاج واحد كلي محيط بما كانت متفرّقة فيها أجمع وأتمّ وأنفع وأعمّ ، فتوجّهت أرواح هؤلاء المقتولين إلى الروح الموسوي الكمالي الموجّه من الله لإظهار ما أراده ومظهريته ، على الوجه الأفضل الأكمل ،
فاتّصلت الأنوار بنوره ، وتحصّلت الأرواح إلى روحه ، فتجمّعت فيه خصائص الكلّ ، وحقائق الفرع والأصل ، فكان الروح الموسوي مجموع تلك الأرواح كلَّها وجامعها ،
فتضاعفت القوى وتقوّت ، وتكاملت الأنوار واستوت ، وتعيّن مزاجه الشريف الجسماني المبارك عليه السّلام فنفخ الله فيه هذا الروح الكامل الجامع الموسوي المجموع ، ولهذا كانت آياته ومعجزاته في كمال الوضوح والظهور ، لكمال توجّه الهمم الروحانية والنفوس والملائكة وهمم أهل الزمان أجمعهم ، فظهر أمر الله وشأنه ، وغلبت حجّته وبرهانه ، وغلبت قوّته وسلطانه ، وقهر فرعون وآله و حكمه وأنصاره وأعوانه ، الحمد لله .
قال رضي الله عنه : ( وأنا إن شاء الله تعالى أسرد منها "يعني من الحكم الموسوية " في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري ، فكان أول ما شوفهت به من هذا الباب).
قال العبد : اعلم : أنّ القرب والبعد نسبتان للقريب والبعيد من الحق من المقامين الإلهيّين ، وعليهما تترتّب مراتب السعادات والولايات ، وكذلك الشقاوات ومحالّ البعد .
المقام الأوّل : مقام الأحدية الإلهية ، فإنّ الكثرات كلَّها منها تنزّلت وتفصّلت وتعدّدت ، فمن كانت الوسائط بينه وبين الموجد الواحد الأحد أقلّ ، فهو أقرب ،
وكذلك التعينات الأوّل أوّل ما تظهر وتبدو - تكون قريبة من ربّها الذي هو قيّامها ، وقيّوم يقوم بإقامة صورته ، فيسخّر بمقامه من ربّه وموجده من ليس له هذا النوع من القرب الأوّلي في الظهور والحدوث ، كالصغار من الأولاد ،
فإنّ الحق الظاهر المتعيّن في صورهم يسخّر لهم من طال مكثه في قبول التجلَّيات مدّة مديدة ، وله حكم آخر كمالي غير هذا القريب وهو الثاني ، وذلك هو القرب الحقيقي الذاتي الإلهي الكمالي من حيث الصورة الأحدية الجمعية الكمالية الإلهية الإنسانية ، فمن كانت نسبته من هذه الجمعية الكمالية أكمل وأتمّ ،
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
إنما خصت الكلمة الموسوية بالحكمة العلوية ، لعلوه على من ادعى الأعلوية ، فقال : " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " فكذبه الله تعالى بقوله لموسى : " إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى " على القصر يعنى لا هو مع أنه تعالى وصفه بالعلوية في قوله : "من فِرْعَوْنَ إِنَّه كانَ عالِياً من الْمُسْرِفِينَ ".
ولعلو درجته في النبوة بأن كلمه الله بلا واسطة ملك ، وكتب له التوراة بيده تعالى ، كما ورد في الحديث ، ويقرب مقامه من مقام الجمعية التي اختص بها نبينا صلى الله عليه وسلم المشار إليه بقوله :"وكَتَبْنا لَه في الأَلْواحِ من كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ".
وبكثرة أمته كما أخبر عليه الصلاة والسلام في حديث القيامة حال عرض الأمم عليه أنه لم ير أمة نبي من الأنبياء أكثر من أمة موسى عليه السلام وبكثرة معجزاته .
قال رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود عليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى وما ثمة جهل فلا بد أن تعود حياته على موسى أعنى حياة المقتول من أجله ، وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية بل هي على فطرة بلى ، فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو ، فكل ما كان مهيأ لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له كان في موسى عليه السلام ، وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد قبله فإن حكم موسى كثيرة ، وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري ، فكان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب ).
اعلم أن التعينات اللاحقة للوجود المطلق بعضها كلية معنوية كالتعينات الجنسية والنوعية والصنفية ، والنسب التي تحصل بها أسماء الله الحسنى المرتبة الشاملة بعضها لبعض شمول اسم الله والرحمن سائر الأسماء ،
وبعضها جزئية كالتعينات الغير المتناهية المندرجة تحت الأولى ، فتحصل من نسبة الأولى إليها أسماء غير متناهية في حضرات أمهات الأسماء المتناهية ،
والتعينات الأولية تقتضي في عالم الأرواح حقائق روحانية مجردة وطبائع كلية ، فالتعيين الأول هو العقل الأول المسمى أم الكتاب ، والقلم الأعلى والعين الواحدة والنور المحمدي كما ورد في الحديث « أول ما خلق الله العقل » وفي رواية « نوري وروحى » وهو يتفصل بحسب التعينات الروحانية إلى العقول السماوية والأرواح العلوية والكروبيين وأرواح الكمل من الأنبياء والأولياء ،
فالعقل الأول هو متعين كل طبيعي ، يشمل جميع المتعينات ويمدها وبقومها ويفيض عليها النور والحياة دائما ، ثم يتنزل مراتب التعينات إلى تعين النفس الكلية المسماة باللوح المحفوظ ، ونسبتها إلى النفوس الناطقة المجردة الطاهرة في مظاهر جميع الأجرام السماوية أفلاكها وكواكبها ، وإلى النفوس الناطقة الإنسية بعينها نسبة العقل الأول إلى الأنواع والأصناف التي هي تحتها في عالمها ،
وهذه النفس الكلية أيضا مراتب تعيناته في التنزل ، ثم مراتب النفوس المنطبعة في الأجرام التي يسمى عالمها عالم المثال ،
ثم مراتب العناصر التي هي آخر مراتب التنزلات ، وكلها تعينات الوجود الحق المتجلى في مراتب النفوس بصور التعينات الخلقية وشئونها الذاتية كما مر غير مرة فالأرواح المتعينة بالتعينات الكلية من المجردات العقلية والنفوس السماوية والأرواح النبوية مفيضات وممدات لما تحتها من الأرواح المتعينة بالتعينات الجزئية البشرية ، ومقومات لها تقويم الحقائق النوعية أشخاصها ، ومدبرات وحاكمات عليها سياسة لها سياسة الأنبياء أممها والسلاطين خولها ،
ومن هذا يعرف سر قوله « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » ويفهم معنى قوله :" إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً ".
والأرواح المتعينة بالتعينات الجزئية والهيئات المزاجية الشخصية تحت قهرها وسياستها وتصريفها بحسب إرادتها ،
فهي بالنسبة إليها كالقوى الجسمانية والنفسانية والروحانية على اختلاف مراتبها بالنسبة إلى روحنا المدبرة لأبداننا ،
وكالخدم والأعوان والعبيد بالنسبة إلى المخادم والسلاطين والموالي ، وكالأمم والأتباع بالنسبة إلى الأنبياء والمتبوعين .
إذا تقرر هذا فنقول : أرواح الأنبياء هم التعينات بالتعينات الكلية في الصف الأول ، وأرواح أممهم بل أكثر الملائكة والأرواح والنفوس الفلكية كالقوى والأعوان والخدم بالنسبة إليهم ، ومن هذا يعرف سر سجود الملائكة لآدم ، وسر طاعة أهل العالم العلوي والجن والإنس لسليمان ولذي القرنين وسر إمداد الملائكة للنبي عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى :" أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ من الْمَلائِكَةِ " الآية ،
فعلى هذا كانت الأبناء الذين قتلوا في زمان ولادة موسى هي الأرواح التي تحت حيطة روح موسى عليه السلام وفي حكم أمته وأعوانه ،
فلما أراد الله إظهار آيات الكلمة الموسوية ومعجزاتها وحكمها وأحكامها ، وقدر الأسباب العلوية والسفلية من الأوضاع الفلكية والحركات السماوية المعدة لمواد العالم ، والامتزاجات العنصرية والاستعدادات القابلة المهيأة لظهور ذلك وقرب زمان ظهوره ، تعينت أمزجة قابلة لتلك الأرواح فتعلقت بأبدانها ،
وكان علماء القبط وحكماؤهم أخبروا قومهم أنه يولد في ذلك الزمان مولود من بني إسرائيل يكون هلاك فرعون وذهاب ملكه على يده ،
فأمر فرعون بقتل كل من يولد من الأبناء في ذلك الزمان حذرا مما قضى الله وقدر ،
ولم يعلم أن لا مرد لقضائه ولا معقب لحكمه
فكان ذلك سببا لاجتماع تلك الأرواح في عالمها وانضمامها إلى روح موسى ، وعدم تفرقها وانبثاثها عنه بالتعلق البدني والانفراد في عالم الطبيعة فيتقوى بهم ويجتمع فيه خواصهم ويعتضد بقواهم ،
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:25 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمتابع شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
وذلك اختصاص من الله لموسى وتأييد بإمداده بتلك الأرواح كإمداده بالأرواح السماوية وقوى النيرات الناظرة إلى طاعته
فلما تعلق الروح الموسوي ببدنه تعاضدت تلك الأرواح والأرواح السماوية في إمداده بالحياة والقوة والأيد والنصرة ،
وكل ما هو مهيأ لتلك الأرواح الطاهرة من الكمالات فكان مؤيدا بهم بتلك الأرواح كلها ،
ونظير ذلك ما قال أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه ، حين قال له بعض أصحابه عند ظفره بأصحاب الجمل : وددت أن أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك الله به على أعدائك ، فقال : أهوى أخيك معنا ؟
قال : نعم ، قال : فقد شهدنا ، ولقد شهدنا في عسكرنا هذا قوم في أصلاب الرجال وقرارات النساء سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الإيمان ،
فالحكمة فيما دبره الله من قتلهم أن أرواحهم تتلاحق في إمداد موسى حتى يبلغ أشده بما ذكر ،
ثم تتلاحق عند دعوته بالتعلق بأبدانها وتتكامل في القوة والشدة متفقين في تصرفه ، كما قال : سيرعف بهم الزمان ، ويقوى بهم الإيمان .
( فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة ) باتصال تلك الأرواح به متوجهة إليه مقبلة نحوه بهواها ومحبتها ونوريتها خادمة له ، ولذلك كان محبوبا إلى كل من يراه لنوريته بتشفيع أنوار تلك الأرواح .
"" إضافة بالي زاده :
فهي أرواح لطيفة مجردة عن تعلق الصور المادية وأنوار لطيفة ،
وكذلك روح موسى نور لطيف فناسب كل منهم للآخر لذلك اتحد كلهم كاتحاد نور القمر والشمس في النهار ، فمثل هذه الأرواح للطافتها قد يتحد بعضها مع بعض ويمتاز أخرى كما يمتاز نور القمر عن نور الشمس بعد اتحاده في النهار ،
فإذا انقطع روح موسى عن تعلق الصورة الموسوية العنصرية افترقوا عنه وامتاز كل واحد عن الآخر ورجع إلى مقامهم الأصلي ، فانفرد روح موسى كما انفرد قبله ، فإن لكل صورة روحا خاصا عند الله ، وبهذا قد انقطع وهم التناسخ من ظاهر كلام الشيخ . أهـ بالى زادة ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .)
24 - فص حكمة علية في كلمة موسوية
إنما اختص موسى ، عليه السلام ، بالحكمة ( العلوية ) ، لقوله تعالى : ( لا تخف إنك أنت الأعلى ) . فعلى بالحق على من ادعى العلو بقوله : ( أنا ربكم الأعلى ) ولعلو مرتبته عند الله اختص بأمور : منها أنه تعالى كلمه بلا واسطة الملك .
ومنها ما جاء في الحديث الصحيح أنه تعالى كتب له التوراة بيده ، وغرس شجرة طوبى بيده ، وخلق جنة عدن بيده ، وخلق آدم بيديه .
ومنها قرب نسبته من المقام الجامعية التي اختص بها نبينا ، صلى الله عليه وسلم .
ومنها كثرة أمته . كما جاء في حديث ( العرض ) في القيامة الكبرى ومنها قوله ، عليه السلام : " لا تفضلوني على موسى : فإن الناس يصعقون ، فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطشا بقائمة العرش . فلا أدرى أجوزي بصعقة الطور ، أو كان ممن استثنى الله تعالى " . وبكمالات أخرى يظهر لمن يتأمل في قصته في القرآن .
قال رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله . لأنه قتل على أنه موسى ، وما ثمة جهل ، فلا بد أن يعود حياته على موسى ، أعني حياة المقتول من أجله . وهي حياة ظاهرة على الفطرة، ولم يتدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة "بلى " ، فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو ، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له ، كان في موسى ، عليه السلام .)
اعلم أنه ، قد مر في المقدمات أن الوجود حقيقة واحدة لا تعدد فيها ولا تكثر ، وتتعدد بحسب التجليات والتعينات ، فتتكثر وتصير أرواحا وأجساما ومعاني روحانية وأعراضا جسمانية . والأرواح منها كلية ومنها جزئية .
فأرواح الأنبياء ، عليهم السلام ، أرواح كلية يشتمل كل روح منها على أرواح من يدخل في حكمه ويصير من أمته ، كما أن الأسماء الجزئية داخلة في الأسماء الكلية على ما بينا في فصل الأسماء . وإليه أشار بقوله تعالى : " إن إبراهيم كان أمة قانتا واحدة لله حنيفا " .
وإذا كان الأمر كذلك ، يجوز أن يتحد بعض الأرواح مع بعض بحيث لا يكون بينهما امتياز ، كاتحاد قطرات الأمطار وأنوار الكواكب مع نور الشمس في النهار .
فإذا علمت هذا ، فلنرجع إلى المقصود فنقول : الحكمة في قتل الأبناء على يد فرعون هي أن تعود أرواحهم مع الروح الموسوي ويمدونه في الغلبة على فرعون وقومه ، وكل من قتل من الأبناء على أنه موسى رجع مع الروح الموسوي ، وأعانه في هلاك فرعون ، لتحصل المجازاة والقصاص الذي لا بد منه الوجود .
وقوله رضي الله عنه : ( وما ثمة جهل ) معناه أن فرعون كان يقتلهم على أنهم موسى ، وما كانوا عين موسى ، ولا يقتل الشخص لغيره ، كما قال : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
والفاعل الحقيقي هو الحق ، وهو العليم الخبير ، لا يجهل على ما يجرى في وجوده ، ولا يفعل إلا ما ينبغي أن يفعل ، فقتل الأبناء في المادة الفرعونية على أنها موسى كان لعلمه في الأزل على أنهم يجتمعون مع الروح الموسوي في هلاك فرعون ،
فما كان الهلاك عن جهل ، بل عن علم متقن بما هو الأمر عليه ، وإن كان لا يشعر فرعون بذلك تفصيلا، ويشعر به إجمالا، لذلك أمر بقتلهم.
فاجتمعت أرواحهم واتحدت ، فظهرت بالصورة الموسوية استيفاء لحقوقهم وإعانة لربهم ومددا لنبيهم ، إذ كانوا على الفطرة الأصلية والطهارة الأزلية ، ما عملوا شيئا يجب به قتلهم .
فإذا اتحدت وظهرت في الصورة الموسوية ، ظهرت معها جميع ما كانت مهيئا لهم من الاستعدادات والكمالات المترتبة عليها .
قال رضي الله عنه : ( وهذا اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد من قبله ) أي ، هذا الاجتماع للإمداد والاتحاد للأرواح اختصاص إلهي لأجل موسى ، عليه السلام ، ولم يكن ذلك لأحد من الأنبياء ، عليهم السلام ، قبل موسى .
ولما كان هذا حكمة من جملة الحكم التي خصه الله بها ، قال : ( فإن حكم موسى كثيرة . وأنا إن شاء الله تعالى أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري . ) أي ، عينه في قلبي للإظهار .
قال رضي الله عنه : ( فكان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب . ) أي ، أول ما خوطبت به في المكاشفة من الحضرة المحمدية في هذا الفص الموسوي كان هذا المعنى المذكور ، وهو اتحاد أرواح الأبناء المقتولين وعودهم في المادة الموسوية .
فالشيخ ، رضى الله عنه ، مأمور بإظهار هذا المعنى ، والمأمور معذور .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
الفصّ الموسوي
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق باستعلاء المتصرف بالحق ، والمقيم أوامره ونواهيه على المتصرف بنفسه ، والمقيم أوامرها ونواهيها ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى موسى عليه السّلام ؛ لاستعلائه على فرعون القائل :" أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى" [النازعات : 24 ] قولا وفعلا ، قال تعالى في حقه :"إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى" [طه :86] ،" فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ " (31) سورة الدخان فغلب على السحرة أولا بإبطال عظيم سحرهم ، وأثر فيهم الإيمان ، وأغرق فرعون وقومه ، وورث ملكهم .
""أضاف المحقق : إنما خصت الكلمة الموسوية بالحكمة العلوية ، لعلوه على من ادعى الأعلوية ؛ فقال : أنا ربكم الأعلى ؛ فكذبه اللّه تعالى بقوله لموسى : إنك أنت الأعلى ، على القصر يعني لا هو مع أنه تعالى وصفه بالعلوية . . . ،
ولعلو درجته في النبوة بأنه كلمة اللّه بلا واسطة ملك ، وكتب له التوراة بيده تعالى ، ويقرب مقامه من مقام الجمعية التي اختص بها نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم . ( شرح القاشاني ص 303 ) . أهـ""
قال رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى عليه السّلام لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل لأجله ؛ لأنّه قتل على أنّه موسى ، وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته على موسى عليه السّلام أعني حياة المقتول من أجله ، وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسيّة بل هي على فطرة " بلى " ، فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو ؛ فكلّ ما كان مهيّئا لذلك المقتول ممّا كان استعداد روحه له ، كان في موسى عليه السّلام ، وهذا اختصاص إلهيّ لموسى لم يكن لأحد قبله ، فإنّ حكم موسى كثيرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهيّ في خاطري ، فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب ).
فأشار إلى سبب هذا الاستعلاء من جهة روحه وبدنه ، فقال : ( حكمة قتل الأبناء ) ، فأراه اللّه تعالى الرؤيا لفرعون أنه خرجت نار من ديار بني إسرائيل ، فأحرقت قصر فرعون وديار قومه ، ولم يصل إلى ديار بني إسرائيل منها شيء ، فأولها المعبرون بخروج ولد منهم يكون على يديه هلاك ملكه ، فأمر بقتل كل غلام يولد لهم فهمان قتلهم ( من أجل موسى عليه السّلام ) ، وإن قصد الأمر ، والمباشر قتل موسى بالذات .
قال رضي الله عنه : ( لتعود إليه بالإمداد ) أي : إمداد تلك الأرواح روح موسى ، وإن امتنع اتحاد ذهابه من كل وجه ، واجتماعها معه بالتصرف في بدنه ( حياة ) ، أي : فائدة حياة ( كل من قتل من لأجله ) ، إذ لا معنى للقتل من أجله من اللّه تعالى سوى هذا الإمداد ، وكيف لا يحصل هذا الإمداد وقد جعل الحق روح المقتول كأنه روح موسى ؛
قال رضي الله عنه : ( لأنه قتل على أنه موسى ) ، وهم وإن فعلوه جهلا بموسى ، ولكن ( ما ثمة ) أي : في حق اللّه تعالى ( جهل ) ، وقد دعاهم بهذا المنام إلى قبلهم على أنه موسى ، فلابدّ لروحهم مع روحه من نوع اتحادية يكون إمدادهم لروحه ، كيف وقد فوت الحق على المقتول فائدة حياته باستدلال قتله ولا معطل في صنعه ، إذ لا يفعل عبثا ؛
قال رضي الله عنه : ( فلابدّ أن تعود حياته على موسى عليه السّلام ، أعني : حياة المقتول من أجله ) فيه إشارة إلى أن من مات حتفا فقد استكمل فائدة حياته ، فلا تعود حياته على أحد ، وكذا من قتل لا من أجل أحد ، وكذا ما قتلناه من أجل أحد لا عن أمر اللّه واستدعائه .
ثم أشار إلى أنه إنما يتم هذا الإمداد بقتل الصغار دون الكبار ، بقوله : ( وهي حياة طاهرة ) ؛ لأنها باقية ( على الفطرة ) ، والباقية عليها ظاهرة ، إذ ( لم تدنسها الأغراض النفسية ) ، وإن تعلقت بالنفوس حينا فهذا التعلق مع عدم حصول الغرض من المتعلق كالعدم ،
قال رضي الله عنه : ( بل هي على فطرة " بلى " ) يكون له كمال التصرف بما يتعلق به ، لكن امتنع تعلقها ببدن موسى ؛ لتعلق روحه ببدنه بالتصرف لكانت ممدة له ، ( فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو ) ، وإن لم يكن مجموع أرواحهم ، وإن كانت روحه كلية جامعة لأرواح أمته إلا أنها بعد التفصيل لا تعود إلى الإجمال ؛ لأنها غير قابلة للفناء .
ولما كان تفويت الحق فوائد الحياة على أرواح المقتولين موجبا لعود حياتها إلى من قتلهم الحق بطريق الاستدعاء المنافي لأجله ، كان ( كل ما كان مهيئا لذلك المقتول ) لو عاش مدة ( مما كان استعداد روحه له ) ، وإن لم يبلغ بدنه إلى حدّ هذا الاستعداد ( كان في موسى عليه السّلام ) ؛ لئلا يضيع ذلك الاستعداد بالكلية مع أن السنة الإلهية جرت ألا تقبع شيئا من الاستعدادات بمقتضى الجود الإلهي المعطى لكل شيء خلقه ،
قال رضي الله عنه : ( وهذا ) أي : إمداد الشخص بأرواح المقتولين من أجله ( اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد قبله ) ، فإنه وإن قتل باسم إبراهيم عن رؤيا أراها اللّه إياه أنه طلع نجم فذهب بضوء الشمس والقمر ، فعبر بولد يولد في ناحيته ، فيذهب ملكه على يديه ، فأمر أولا بعزل النساء .
ثم لما حملت به أمه أخبره المنجمون بعلوه ، فأمر بقتلهم فما قتلهم إلا بعد كمال روحانيته ، وأرواحهم مشتغلة بتدبير أبدانها بخلاف المقتولين من أجل موسى ،
فإنهم قتلوا قبل حمل أمه به ، فكانوا فارغين عن تدبير أبدانهم حينئذ ، فتم إمدادهم لروح موسى عند تعلقه ببدنه ، كأنهم متعلقون به أيضا ، وهذا من الحكمة الإلهية في حق موسى عليه السّلام ، قال رضي الله عنه : ( فإنّ حكم موسى كثيرة ، فأنا إن شاء اللّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي ) بطريق الإلهام ( في خاطري ) ، فإنه في حقه كالمشافهة بالوحي للأنبياء ، ( فكان هذا
أول ما شوفهت به ) أي : ألهمت إلهاما كالمشافهة ( من هذا الباب ) ؛ لأنه وقع قبل خلقته ، فهي أول الحكم .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب .)
25 - فصّ حكمة علوية في كلمة موسوية
وجه تسمية الفصّ
اعلم أنّ علوّ الرتبة في الوجود والتفوّق على البريّة في أمر الإنباء والإظهار إنما يتصوّر لمن اختصّ بين الكمّل بالتحقّق بما هو الأنزل رتبة والأسفل ظهورا ودرجة ، كما أنّ الأوّلية فيه إنما يتصوّر لمن تفرّد بالآخريّة والختميّة وبيّن أنّ الأنزل رتبة والأسفل درجة في الظهور إنما هو الكلام كما بيّن أمره والمختصّ بتحقّقه بين الأنبياء الذين هم أساطين بنيان الإظهار والإشعار هو موسى .
ولذلك قد ورد في التنزيل : "وَكَلَّمَ الله مُوسى تَكْلِيماً " [ 4 / 164 ] ، فإنّه يدلّ مع تحقّقه بالكلام ، على اختصاصه بمزيد من التكثير فيه ، على ما هو مقتضى تلك المرتبة ومن ثمّة تراه قد ورد في الآثار الختميّة : « إنّه تعالى كتب التوراة بيده ، كما أنّه خلق آدم بيده » ، فهو في أمر الإظهار بمنزلة آدم في الظهور ، وإنّه قد اختصّ بين الأنبياء بتكثّر الامّة .
وإذا عرفت هذا فقد ظهر لك وجه اختصاص حكمته بالعلوّ ، ومن هاهنا ترى من قابله في سباق ميدان الظهور إنما ركب مطيّة العلوّ والتفرّد بادّعائه ، وهو قد غلبه بذلك حيثما نصّ على اختصاصه له في صورة الخطاب الذي هو أرفع المنازل وأعلاها لدى التكلَّم بقوله تعالى : " إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى ".
وأيضا فإنّ في تلويح الكلمة الموسويّة ما يدلّ على اختصاصه بالحكمة العلويّة عند حذف المكرّر منها ، كما أنّ مادّته هي مادّة السموّ والسماء .
ثم إنّ من آيات علوّ الرتبة الإحاطة والحكم على من دونه بالغلبة والقهر ، ولذلك تراه عند سطوع تباشير ظهوره قد قتل أبناء امّته في ورود مقدمه في هذه المرتبة الكماليّة ، إمدادا لقوّة جمعيّته وقربانا له ، وإليه أشار بقوله :
حكمة قتل الأبناء من أجل موسى
(حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ، لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل من أجله ) وتحقيق هذا الكلام يحتاج إلى تذكَّر مقدمة حكميّة هي أنّ التعيّن الذي هو عبارة عن العوارض المميّزة لأفراد الحقيقة النوعيّة الواحدة بالذات ، تميّزا عرضيا كونيّا على ضربين :
أحدهما ما يتميّز به الشخص عند نفسه ممّا تصوّر به قلبه ، وهو صورة باطنه المسماة بالهمة - وقد وقفت في صدر الكتاب عليه .
والآخر ما يتميّز به عند بني نوعه ممّا يظهر به عندهم من الأعراض الخارجيّة وهو صورة ظاهره المسمّاة بالهويّة وبيّن أن الأول منهما إنما يظهر في الشخص عند تمييزه وبلوغه كمال الاستواء ، فلا يكون للطفل قبل تمييزه منه شيء .
فإذا عرفت هذا تبيّن لك أنّه ليس لتلك الأبناء المقتولين من ذينك التعيّنين شيء مما يعود إليهم .
أما الأول فلما عرفت .
وأما الثاني فلأنهم متعيّنون عند بني نوعه بالتعيّن الموسوي ، متّفقين فيه عندهم ، ( لأنّه قتل على أنّه موسى ) ، وهو في نفسه كذلك ، فإنّه إذ لم يكن لهم تعيّن يظهرون به وقد يكمل استعدادهم له ، فإنما يتكوّنون بالتعيّن الكلَّي الغالب الذي له القهرمان في ذلك الزمان على ما هو غير مستبعد ولا خفيّ عند الذكيّ ، الخالص ذائقة فهمه عن شوائب التقليد وتعصّبه ، وإليه أشار بقوله :" إمداد موسى بحياة جميع من قتل من أجله "
قال رضي الله عنه : ( وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته ) ، أي حياة من قتل من شخص الإنسان ، بناء على ما مرّ من أنّ في النوع - من الكليّات المتبطَّنة فيه ،
المتقوّمة هو بها - أحكاما وآثارا يظهر بها أفراده ، كالحياة من الحيوان في أفراد الإنسان ، فلا بدّ من عود الحياة "على موسى - أعني حياة المقتول من أجله "ضرورة أنه متكوّن بتعيّنه ( وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النفسيّة ، بل هي على فطرة " بَلى " ) الدالَّة على كمال قابليّته لتربيته الربّ المظهر ،
قال رضي الله عنه : ( فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو ، فكلّ ما كان مهيّأ لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له ) مما اشتمل على حقيقته النوعيّة من الحياة والعلم ، اللذين هما أحكام جنسه وفصله ( كان في موسى عليه السّلام ) ، فهو يستمدّ من همم أشخاص الامّة ، كما أنّ محمّدا صلَّى الله عليه وسلَّم يمدّ الهمم - على ما عرفت - ويطلعك عليه ما في القرآن الكريم من قوله تعالى حكاية عن موسى :
" رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي " [ 20 / 25 ] وخطابا لمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم : " أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ " [ 94 / 1 ] فإنّ الصدر هو طرف ظاهريّة القلب ، وهو صورته المعبّر عنها بالهمّة - كما عرفت .
ولذلك قال رضي الله عنه : ( وهذا اختصاص إلهيّ بموسى لم يكن لأحد من قبله ، فإنّ حكم موسى كثيرة ، وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري ، فكان هذا أوّل ما شوفهت به في هذا الباب ) وهذا من غلبة حكم النبوّة في حكم موسى ، حيث شوفه بها كلاما .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قتل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثم جهل ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
الفصّ الموسوي
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
قال رضي الله عنه : ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى عليه السّلام لتعود إليه بالإمداد حياة كلّ من قتل لأجله لأنّه قتل على أنّه موسى . وما ثمّ جهل ، فلا بدّ أن تعود حياته على موسى عليه السّلام أعني حياة المقتول من أجله وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنّسها الأغراض النّفسيّة ، بل هي على فطرة « بلى » . فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنّه هو)
فص حكمة علوية في كلمة موسوية
علو قدر موسى عليه السلام ورفعه مقامه بين الأنبياء عليهم السلام أظهر من أن تحتاج إلى البيان ، وكذا كثرة آياته وقوة معجزاته أبين من أن تفتقر إلى البرهان . ومن هذا القبيل ظفره على أعدائه وغلبته على خصمائه ، وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى ، ولا شك أن كل واحد من هذه الأمور يكفي في توصيف حكمته بالعلوية ،
فإذا اجتمعت فبالطريق الأولى ( حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه ) الظاهر أن يقال : حكمة قتل الأبناء أن يعود أو قتل الأبناء لأن يعود ، فكأن مؤدى الحكمة واللام واحدا فلا يبعد أن يجعل الثاني تأكيدا للأول بحسب المعنى يريد رضي اللّه عنه أن الحكمة في قتل فرعون وأعوانه الأبناء من أطفال بني إسرائيل من أجل موسى أن يعود إلى موسى ( بالإمداد حياة كل من قتل من أجله ) ، أي روحانيته التي هي حقيقة وجودية منصبغة بصفة الحياة ولذلك عبر عنها بالحياة
( لأنه قتل على أنه موسى وما ثم جهل ) ، فهو تعالى يعلم أنه قتل على أنه موسى
قال رضي الله عنه : ( فلا بد أن تعود حياته ) ، أي روحانيته بالإمداد ( على موسى أعني حياة المقتول من أجله ) ، وروحانيته ليجازي قاتله في صورة موسى فإن الوجود مجازي مكافى كل ما ألقى إليه بصورة الفعل ألقى مثله إلى الفاعل في صورة الجزاء وما أشبه كونه مقتولا في صورة موسى توهما بكونه قابلا لقاتله في صورته حقيقة ( وهي ) ،
أي ( حياة ) المقتول وروحانيته ( طاهرة ) باقية ( على الفطرة ) ، التي فطرها اللّه عليها ( لم تدنسها الأغراض النفسية ) ، المانعة لها عن الإمداد ( بل هي على فطرة بلى ) القابلة بها أن يفيض عليها من الرب المطلق ما يمد به موسى في قتل فرعون وأعوانه جزاء وفاقا ( فكان موسى مجموع حياة كل من قتل ) ، وروحانيتهم حين قتل كل واحد منهم ( على أنه هو ) ، أي
قال رضي الله عنه : ( فكلّ ما كان مهيّئا لذلك المقتول ممّا كان استعداد روحه له ، كان في موسى عليه السّلام . وهذا اختصاص إلهيّ لموسى لم يكن لأحد قبله . فإنّ حكم موسى كثيرة فأنا إن شاء اللّه تعالى أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهيّ في خاطري . فكان هذا أوّل ما شوفهت به من هذا الباب . )
موسى ( وكل ما كان مهيئا لذلك المقتول مما كان استعداد روحه له ) من أسباب الإمداد من الحياة والعلم والقدرة والإرادة وغيرها ( كان مهيأ في ) صورة ( موسى ) ، للانتقام من فرعون وأعوانه .
قال رضي الله عنه : ( وهذا ) ، أي اجتماع أرواح الأبناء المقتولين لإمداد موسى ( اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد قبله ) وحكمة واحدة من الحكم التي خصه اللّه بها ( فإن حكم موسى كثيرة وأنا إن شاء اللّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به ) ، أي باطنها ( الأمر الإلهي في خاطري فهذا أول ما شوفهت به ) ، من الحضرة الإلهية في الصورة المحمدية ( من هذا الباب ) ، أي الفص الموسوي.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:26 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثالثة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلّا وهو مجموع أرواح كثيرة وجمع قوى فعّالة لأنّ الصّغير يفعل في الكبير . ألا ترى الطّفل يفعل في الكبير بالخاصيّة فينزّل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ويظهر له بعقله . فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ؛ ثمّ يشغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه حتّى لا يضيق صدره . هذا كلّه من فعل الصّغير بالكبير وذلك لقوّة المقام فإنّ الصّغير حديث عهد بربه لأنّه حديث التّكوين والكبير أبعد . فمن كان من اللّه أقرب سخّر من كان من اللّه أبعد . كخواصّ الملك للقرب منه يسخّرون الأبعدين . )
قال رضي الله عنه : (فما ولد موسى )عليه السلام (إلا وهو مجموع أرواح) ، أي قوى أرواح لو بقيت في الدنيا تدبر أجسامها لظهرت لها هذه القوى المذكورة بطريق الإمكان (كثيرة) بعدد استعداد من قتل من الأبناء المذكورين ولهذا قال (جمع قوى) واحدها قوّة لا أنه عليه السلام مجموع تلك الأرواح بعينها وإلا كان تناسخا ، فإن تلك القتلى تحشر يوم القيامة كلها بأرواحها المنفوخة في أجسامها على حسب ما قتلت عليه من أحوال الفطرة لم ينقص منها شيء ، وموسى عليه السلام يحشر أيضا بروحه المنفوخة في جسمه الترابي ولكن روحه مجموعة من قوى فعالة طاهرة من كل دنس ،
لأنها كانت قابلة أن تكون قوى لتلك الأرواح الكثيرة المنفوخة في أجسام القتلى من الأبناء المذكورين ، فصرفها اللّه عنها وجعلها لروحانية موسى عليه السلام وإطلاق الأرواح على القوى الفعالة سائغ في الكلام ، فإن قوّة البصر روح العين وقوّة السمع روح الأذن ، وقوّة البطش روح اليد وقوّة المشي روح الرجل ، ونحو ذلك ، فسرها بها قدس اللّه سره بعد ذلك .
قال رضي الله عنه : (فعالة) ، تلك القوى بطريق التسخير لا المباشرة لأن الصغير من الأطفال (يفعل) ، أي يؤثر في نفس الكبير ألا ترى يا أيها السالك (الطفل) الصغير يفعل ، أي يؤثر في الإنسان الكبير ما يقتضيه حاله (بالخاصية) المودوعة فيه (فينزل) الإنسان الكبير في القدر من مقام (رياسته) وجاهه إليه ، أي إلى ذلك الطفل فيلاعبه بأفعال مخصوصة تعجب ذلك الطفل فيضحك منها ويزقزق ، أي يصوت له ، أي للطفل بصوت يفرحه ويضحكه ويظهر ، أي ذلك الكبير له ، أي للطفل بعقله ، أي بفعل يناسب أفعال عقل ذلك الطفل .
قال رضي الله عنه : (فهو) ، أي الكبير تحت تسخيره ، أي تسخير الصغير يسعى في خدمته وإدخال السرور عليه وهو ، أي الكبير لا يشعر بذلك ثم يشغله ، أي الصغير يشغل الكبير بتربيته حتى يكبر في طعامه وشرابه وكسوته وغسل ثيابه وبدنه من النجاسات والأوساخ وحمايته ، أي حفظه من كل ما يؤذيه وتفقد مصالحه ، أي حوائجه التي تقوم بها مؤونته في كل أحواله وتأنيسه بالكلام وغيره مع محبة بقائه وسلامته حتى لا يضيق صدره ، أي الصغير من أمر من الأمور ومتى أصابه وجع أو مرض أو موت تأسف عليه غاية الأسف وحزن غاية الحزن هذا كله الذي ذكر وغيره أيضا أكثر من ذلك من فعل الصغير بالكبير وقد يخرج بعد ذلك عدوا له كما قال تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ [ التغابن : 14 ] .
قال رضي الله عنه : (وذلك) ، أي فعل الصغير إنما كان منه (لقوة المقام) الذي فيه الصغير والقرب الإلهي الذي هو عليه (فإن الصغير حديث) ، أي قريب عهد بربه تعالى لأنه حديث جديد التكوين ، أي الخلقة (والكبير أبعد منه) عهدا بربه ولحدوث معنى الغيرية واستحكامها في نفس الكبير حتى أوجب ذلك بعدا عن خلقته ولا وجود لذلك في نفس الصغير بربه فمن كان من اللّه تعالى (أقرب) ، أي أكثر قربا (سخر من كان من اللّه) تعالى أبعد ، أي أكثر بعدا ، والقرب من اللّه تعالى هو قرب الخلقة في الصغير ، والكبير أيضا إذا كان من أولي الأمر القائمين بأمر اللّه تعالى بأن غلبت عليه روحانيته وضعفت فيه جسمانيته وزال عنه الالتباس الطبيعي من الخلق الجديد وهي فطرة الإسلام التي فطر عليها الناس كما قال تعالى فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها[ الروم : 30 ] .
وهي التي غيرها على الصغير صحبة أبويه وأمثاله بوسواس القرين من الشياطين في أنه يريهم ما يرى من جمود الكائنات والتباس الخلق الجديد عليهم ، والبعد من اللّه تعالى هو بعد الالتباس والجهل بالأمر الإلهي والوقوف مع عالم الخلق الظاهر كخواص الملك ، أي السلطان يعني المقربين عنده للقرب ، أي لأجل القرب منه والحظوة لديه يسخرون الأبعدين جمع البعد من بقية الناس فينقادون إليهم رغبة في القرب إلى الملك وقضاء حوائجهم عنده .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة ) موجودة بوجود واحد بحيث لا امتياز بينها ( جمع قوى فعالة ) على صيغة المفعول بدل من قوله مجموع أرواح أي فما ولد موسى إلا وهو جمع قوى فعالة ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى المجموع وهو ما يدل من مجموع على ما ذكر أو صفة له أو خبر مبتدأ محذوف أي هو جمع قوى فعالة أو منصوب بنزع الخافض أي كجمع قوى فعالة وإنما قلنا جمع قوى فعالة
قال رضي الله عنه : ( لأن الصغير يفعل في الكبير ) لذلك يفعل موسى في صغره لفرعون وغيره لأنه مجموع أرواح الأطفال وهي قوى فعالة ( ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل ) من التنزيل ( الكبير من رياسته إليه فيلاعبه الكبير ) ولهذا صح هذه الملاعبة في الشرع مع أنه قال الشارع كل لعب حرام لأن هذه الملاعبة ليست من فعل الكبير بل فعل الصغير في الكبير يظهر من صورة الكبير يصدر منه بلا اختيار وشعور ولا يؤخذ الفاعل بمثل هذا الفعل .
قال رضي الله عنه : ( ( ويزقزق ) أي يتكلم الكبير بلسان الصغير ( له ) أي للصغير ( ويظهر له بعقله ) أي وينزل الكبير للصغير في مرتبة عقل الصغير ( فهو ) أي الكبير ( تحت تسخيره وهو ) أي الكبير ( لا يشعر ) أنه تحت تسخير الصغير ( ثم يشغله ) أي يجعل الطفل الكبير مشغولا ( بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه حتى لا يضيق صدره هذا كله من فعل الصغير بالكبير وذلك ) أي فعل الصغير بالكبير
قال رضي الله عنه : ( لقوة المقام فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين والكبير أبعد فمن كان من اللّه أقرب سخر من كان من اللّه أبعد كخواص الملك للقرب منه ) أي لكونهم قريبا من الملك ( يسخرون إلا بعدين).
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير. ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره. هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد. فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
فكان فرعون في قتل أبناء بني اسرائيل خادما لموسى عليه السلام وهو لا يشعر على ما قرره الشيخ رضي الله عنه.
قال: وهذا اختصاص إلهي لموسى لم يكن لأحد ممن هو قبله.
قال: وحكم موسی كثيرة ووعد أن يذكر منها ما يتيسر.
وقوله: على قدر ما يرد به الأمر فيه الخاطر.
قال فما ولد موسى إلا وهو مجموع الأرواح ثم بين أن من كان أقرب إلى الله كان أعظم تأثيرا ممن هو أبعد، وهو رضي الله عنه يقول في غير هذا: إن من كان أعلى مقاما عند الله كان أبعد من التأثير، ولكل مقام مقال
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلَّا وهو مجموع أرواح كثيرة ، جمع قوى فعالة ، لأنّ الصغير يفعل في الكبير ، ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصيّة ، فينزل الكبير من رياسته إليه يلاعبه ويزقزق له ، ويظهر له بعقله ، فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ، ثم شغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه ، حتى لا يضيق صدره ، هذا كلَّه من فعل الصغير بالكبير ، وذلك لقوّة المقام ، فإنّ الصغير حديث عهده بربّه ، لأنّه حديث التكوين ، والكبير أبعد ، فمن كان من الله أقرب ، سخّر من كان من الله أبعد ، كخواصّ الملك للقرب منه يسخّرون الأبعدين ) .
قال العبد : اعلم : أنّ القرب والبعد نسبتان للقريب والبعيد من الحق من المقامين الإلهيّين ، وعليهما تترتّب مراتب السعادات والولايات ، وكذلك الشقاوات ومحالّ البعد .
المقام الأوّل : مقام الأحدية الإلهية ، فإنّ الكثرات كلَّها منها تنزّلت وتفصّلت وتعدّدت ، فمن كانت الوسائط بينه وبين الموجد الواحد الأحد أقلّ ، فهو أقرب ،
وكذلك التعينات الأوّل أوّل ما تظهر وتبدو - تكون قريبة من ربّها الذي هو قيّامها ، وقيّوم يقوم بإقامة صورته ، فيسخّر بمقامه من ربّه وموجده من ليس له هذا النوع من القرب الأوّلي في الظهور والحدوث ، كالصغار من الأولاد ،
فإنّ الحق الظاهر المتعيّن في صورهم يسخّر لهم من طال مكثه في قبول التجلَّيات مدّة مديدة ، وله حكم آخر كمالي غير هذا القريب وهو الثاني ، وذلك هو القرب الحقيقي الذاتي الإلهي الكمالي من حيث الصورة الأحدية الجمعية الكمالية الإلهية الإنسانية ، فمن كانت نسبته من هذه الجمعية الكمالية أكمل وأتمّ ،
فهو أقرب إلى الله من حيث أحدية جمع جمع الكمالات الذاتية والإلهية ، وقربه من الله أعظم وأعمّ وأوسع وأكمل وأتمّ ، فالكبير القريب من هذه المرتبة القريبة لكماله ينزل لتكميل ذلك القريب الأوّل من حداثة تعيّن المربوبية ، بإحداثه وإظهاره والتجلَّي له وبه وفيه ، اتّباعا للحق النازل إليه وإلى مربوبيته ومظهريته.
وحدثه وحداثة وجوده من أصله الذي انبعث منه روحه وتعيّن من المحتد العنصري مزاجه وهيكله ، فهذا معنى القرب والبعد ومراتبهما ، وإلَّا فمن حيث الوجود الحق المتعيّن الظاهر في الكلّ على السواء ، فلا بعد ، والكلّ في نفس المظهرية والمرآتية فعلى السواء .
والأفضل فيه الأكمل جمعية والأشمل حيطة وسعة ، فقد يكون من بلغ ستّين سنة من عمره أبعد من مبدئيته وأوّله بعين الحق فيه وإن تضاعفت التجلَّيات واستنامت الفضائل والكمالات فيه بأضعاف أضعاف ما كان له أو لغيره في البدو وأوّل الفطرة ، فافهم.
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : ( جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير ، ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ويظهر له بعقله :
أي ينزل إلى مبلغ عقله فهو تحت تستخيره وهو لا يشعر ، ثم شغله بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه حتى لا يضيق صدره هذا كله من فعل الصغير بالكبير وذلك لقوة المقام ، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين والكبير أبعد ، فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد ، كخواص الملك المقرب منه يسخرون الأبعدين ) .
القرب والبعد نسبتان معتبرتان باعتبارات كثيرة لقلة التعينات والوسائط بين الشيء وبين الحق وكثرتها .
فالأقل الوسائط أقرب ، ولهذا سخر الأرواح الأجساد والعقول النفوس كتسخير العقل الأول من دونه من العقول والنفوس ،
وكاستجماع الفضائل والكمالات في الاتصاف بها والتخلي عنها ، فالأكثر بالكمالات والأوفر بالفضائل أقرب إلى الله ممن يخلو عنها ، فيسخر بقرب مقامه من الله من دونه في ذلك كتسخير الأنبياء والأولياء أممهم وأتباعهم ،
وكل من له أحدية الجمعية الكمالية الإلهية أقرب إلى الله ممن غلب عليه أحكام الكثرة فيسخر له ، وأما القرب والبعد في هذا الموضع فهو باعتبار حدوث تجلى الحق وطراوته بحسب الزمان وتمادى مدته وبعد عهده ،
فإن طراوة ظهور الحق في مجلى واحدة بتصرفاته وأفعاله وصفاته كما في الصغار قرب لهم بربهم وصفاء ، لكونهم على فطرتهم الأصلية والعهد الأول والاتصال الحقيقي وتقادم الزمان بالكبر وغلبة أحكام النشأة والهيئات النفسانية كالمادة الحيوانية والطبيعية بعدلهم من ربهم وتكرر وسقوط عن الفطرة فلذلك يسخر الصغير الكبير فيخدمه ،
وأما تنزل الكبير العارف الكامل إلى مرتبته للتربية مع كونه في غاية القرب بالنسبة إلى الطفل فذلك للرحمة والعناية الإلهية ،
وهو أمر آخر باعتبار آخر فلا ينافي ما ذكرناه لأنه رجع إلى الله بعد البعد بالمعنى المذكور حتى صار أقرب مما كان أولا .
"" إضافة بالي زاده :
( فيلاعبه الكبير ) ولهذا تصح هذه الملاعبة في الشرع مع أن كل لعب حرام لأنها ليست من فعل الكبير بل من فعل الصغير بالكبير يظهر من صورة الكبير يصدر منه بلا اختيار ، ولا يؤخذ الفاعل بمثل هذا الفعل ( ويزقزق ) أي يتكلم الكبير بلسان الصغير ويظهر له بعقله : أي وينزل الكبير للصغير في مرتبة عقله بالى. أهـ بالى زادة . ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة) باتحاد بعضها مع بعض . ويعلم سر هذا الاتحاد من يعلم كيفية تنزل الأرواح والمعاني من الحضرة العلمية في
مراتب الجبروت والملكوت إلى أن يظهر في الصورة المشهودة من عالم الشهادة ( جمع ) على البناء للمفعول .
قال رضي الله عنه : ( قوى فعالة ) وإنما قال : فعالة : ( لأن الصغير يفعل بالكبير . ) أي، في الكبير بالتصرف فيه. (ألا ترى أن الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه) الكبير . ( ويزقزق له ) أي ، يتكلم بلسانه .
( ويظهر له بعقله ) أي ، ينزل إلى مبلغ عقله . ( فهو تحت تسخيره ، وهو لا يشعر ) أي، الكبير تحت تسخير الطفل ولا يشعر أنه يسخره أو الطفل لا يشعر أنه يسخره (ثم ، يشغله) أي ، الطفل يشغل الكبير .
قال رضي الله عنه : ( بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه حتى لا يضيق صدره . هذا كله من فعل الصغير بالكبير . وذلك لقوة المقام : فإن الصغير حديث عهد بربه ، لأنه حديث التكوين ، والكبير أبعد ، فمن كان من الله أقرب ، يسخر من كان من الله أبعد . )
لطهارة نفسه ونسبته إلى منبع القوى والقدر ، ولهذا كانت الأرواح المجردة فعالة في النفوس الناطقة ، وهي في النفوس المنطبعة ، وهي في الأجسام .
( كخواص الملك المقرب منه يسخرون الأبعدين ) كذلك تصرف الكمل من الأنبياء والأولياء في غيرهم .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:27 عدل 3 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثالثة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلّا وهو مجموع أرواح كثيرة وجمع قوى فعّالة لأنّ الصّغير يفعل في الكبير )
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلا وهو ) من حيث الاستمداد بأرواحهم كأنه ( مجموع أرواح كثيرة ) ، وإن امتنع اجتماعها في التصرف في بدن واحد للرد على الفساد عن وقوع الاختلاف بينهما وإن انتفت ، فلا أقل من جواز الاختلاف بينها فهو خلاف الحكمة المطلوبة من جمعها ، فهذا الجمع وإن امتنع فلا يمتنع إمدادها ، إذ هي في الإمداد كالقوى ،
فقد ( جمع قوى فعالة ) ، وهذا ما قاله الشيخ الكامل المحقق سعد الدين الحموي في كتابه « المحبوب في دائرة ضادية » : أيد روح نبيه موسى عليه السّلام بأرواح الأطفال المقتولين على يد فرعون وأقوامه ، فتجمعت تلك الأرواح على روحه ،
كما تجمعت الملائكة على سدرة المنتهى لما غشيها نور الخلاق من قبل أرض الإشراق ؛ لتحقق أمر التلاقي يوم التفاف الساق بالساق ، فروح المحبوب وروح موسى كليم اللّه مؤيدة بأرواح المؤمنين ، وبنصرة رب العالمين ،
وهذا كلامه ، وكأنه أشار بسدرة المنتهى إلى الشجرة الكلية المحمدية الجامعة لأرواح الملائكة والناس ، وبنور الخلاق إلى النور المفاض عليها لإفادة الوجود الخارجي ، فإنه لا وجود للماهية الكلية إلا في ضمن الجزئيات .
وهذه الإفاضة تنزل الحق بالظهور في المظاهر ، وأشار إليه بأرض الإشراق ، وأناره بتحقق أمر التلاقي إلى تلاقي الوجود والماهية في الموجودات ، وبالتفاف الساق بالساق إلى اختلاط العوارض الوجودية بعضها ببعض ،
فإنه لا وجود للماهية إلا بالعوارض الشخصية والعامة ، فروح المحبوب المشار إليها بسدرة المنتهى ، وروح الكليم مؤيد بأرواح المؤمنين وبنصرة رب العالمين ، لكن تأييد روح الكليم مشروط بقتلهم صغارا على أنهم هم الكليم ، وتأييد روح المحبوب ليس بمشروط بشيء لإطلاقه عن القيود اللاحقة بغيره ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
ولما كانت تلك القوى فعالة مع ضعف الأطفال في المقاومة ؛ ( لأن الصغير يفعل ) أي : يؤثر أثرا ملصقا ( بالكبير ) ، إذ يفيده أوصافه .
قال رضي الله عنه : (ألا ترى الطّفل يفعل في الكبير بالخاصيّة فينزّل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ويظهر له بعقله ، فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ؛ ثمّ يشغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه حتّى لا يضيق صدره . هذا كلّه من فعل الصّغير بالكبير وذلك لقوّة المقام فإنّ الصّغير حديث عهد بربه لأنّه حديث التّكوين والكبير أبعد ) .
قال رضي الله عنه : ( ألا ترى الطفل يفعل ) أي : يؤثر أمرا مستقرا ( في الكبير بالخاصية ) أي : بإعطائه إياه خاصية نفسه لقوة روحانية ، وإن ضعفت جسمانيته كالأدوية الضعيفة القوام ، القوية التأثير ، ( فينزل الكبير من رئاسته إليه ) أي : إلى ما يختص به الصغير مع صعوبة هذا الفعل إذا قصده الكبير الآخر معه ، ( فيلاعبه ) .« ولهذا تصح هذه الملاعبة في الشرع مع أن كل لعب حرام ؛ لأنها ليست من فعل الكبير ، بل من فعل الصغير بالكبير يظهر من صورة الكبير يصدر منه بلا اختيار ، ولا يؤخذ الفاعل بمثل هذا الفعل .القاشاني أهـ » ،
وإن قلتم يشارك فيه الكبير نقول : ( يزقزق ) أي : يخرج لسانه ( له ) ، وإن قلتم : إنه أسهل ، فنقول : ( يظهر له بعقله ) وهذا أصعب ، وإذا كانت هذه الأفعال مما لا يتأتى من الكبير مع الكبير إلا بصعوبة ، ويتأتى من الصغير مع الكبير بلا صعوبة ، ( فهو ) أي : الكبير ( تحت تسخيره ) ، أي : تسخير الصغير .
قال رضي الله عنه : ( وهو ) أي : الكبير ( لا يشعر ) بهذا الفعل ؛ لكونه تأثيرا بالباطن الروحاني ، ( ثم ) أي :
بعد هذا التأثير فيه بالخاصية ( يشغله بتربيته ) بالتعليم ، وتهيئة الطعام والكسوة ، ( وحمايته ) عن أعدائه وعما يضره وينقص فيه ، ( وتفقد مصالحه ) لحفظ أمواله وتنميتها ، والاشتغال بمعالجته ( وتأنيسه وذلك ). " في نسخة أخرى ذلك = هذا كله ".
أي : ( فعل الصغير بالكبير ) هذه الأفعال مع ضعفه في الظاهر ؛ ( لقوة المقام ) أي : مقامه من ربه المؤثر بالفعل ؛ ( لأن الصغير حديث عهد بربه ؛ لأنه حديث التكوين ) ، والتكوين نسبة بينه وبين ربه ، فهو قريب من مكونه لا واسطة بينه وبين ربه إلا هذه النسبة بهذا الاعتبار ، وإن كانت ثمة وسائط كثيرة باعتبارات أخرى ، ( والكبير ) من حيث بعد عهد تكوينه ( أبعد ) من التكوين ، كان أقرب إليه من جهات أخرى .
قال رضي الله عنه : (فمن كان من اللّه أقرب سخّر من كان من اللّه أبعد ، كخواصّ الملك للقرب منه يسخّرون الأبعدين )
قال رضي الله عنه : ( فمن كان من اللّه أقرب ) باعتبار ( تسخير من كان من اللّه أبعد ) بذلك الاعتبار ، وإن كان مسخرا له باعتبار آخر به قرب ذلك المسخر اسم الفاعل ، إذ للقرب هذه الخاصية في البعد ( كخواص الملك للقرب ) وإن قل ، ( يسخرون الأبعدين ) سواء قل بعددهم أو كثر ، والغائب من ذلك كالشاهد ، إذ وقع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند بعده من جهة التكوين مع المطر من جهة قربه بالتكوين ، مع أن وجوه قرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من اللّه بحيث لا يعد ولا يحصى ، إذ ..
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلَّا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعّالة ، لأنّ الصغير يفعل في الكبير ) بما عرفت غير مرّة أنّ التّأثير إنما هو من طرف البطون والصغير قريب العهد به ( ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصيّة ، فينزل الكبير من رياسته إليه ، فيلاعبه ويزقزق له ) ويرقصه ( ويظهر له بعقله ، فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ، ثم شغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه ، حتى لا يضيق صدره ) .
قال رضي الله عنه : ( هذا كله من فعل الصغير بالكبير ، وذلك لقوّة المقام ) والمقام والمرتبة هو المؤثّر لبطونه وعدميّته ، وإنما قوى مقامه على الكبير ( فإنّ الصغير حديث عهد بربّه لأنّه حديث التكوين ، والكبير أبعد ) .
القريب من الحقّ تعالى يسخّر البعيد
ثمّ إنّه كما أنّ القرب الزماني من المبدء الحقّ يوجب قوّة التسخير من القريب به على البعيد بذلك البعد - كما في المثال المذكور - فكذلك القرب بحسب قلَّة الوسائط وكثرة وجوه المناسبات - من اللطافة والنزاهة في الجملة - فإنّه أيضا يوجب تسخير القريب به على البعيد ، كما بين الملإ الأعلى والحقّ ، وإليه أشار بقوله : ( فمن كان من الله أقرب سخّر من كان من الله أبعد ، كخواصّ الملك ، للقرب منه يسخّرون الأبعدين ) .
ثمّ إنّ من جهات القرب إلى الحقّ تصحيح نسبة العبوديّة وتخليص رقيقتها عن شوائب التعمّلات الاختياريّة والأحكام الجعليّة ، وإنفاذ أحكامها ومقتضياتها ، من كمال الإذعان وتمام الانقياد والتبرّي عمّا هو مشوب بضرب من الإباء والاستقلال كما للجمادات ،
وإليه أشار بقوله:
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق له و يظهر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين و الكبير أبعد.
فمن كان من الله أقرب سخر من كان من الله أبعد، كخواص الملك للقرب منه يسخرون الأبعدين.)
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلّا وهو مجموع أرواح كثيرة وجمع قوى فعّالة لأنّ الصّغير يفعل في الكبير . ألا ترى الطّفل يفعل في الكبير بالخاصيّة فينزّل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ويظهر له بعقله . فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر ؛ ثمّ يشغله بتربيته وحمايته وتفقّد مصالحه وتأنيسه حتّى لا يضيق صدره . هذا كلّه من فعل الصّغير بالكبير وذلك لقوّة المقام فإنّ الصّغير حديث عهد بربه لأنّه حديث التّكوين والكبير أبعد . فمن كان من اللّه أقرب ).
قال رضي الله عنه : ( فما ولد موسى إلا وهو ) مع ما معه من أرواح أبناء بني إسرائيل بالإمداد والتأييد ( مجموع أرواح كثيرة جمعت قوى فعالة ، لأن الصغير يفعل بالكبير ) ، ويؤثر فيه أفعالا كثيرة وتأثيرات عجيبة ( ألا ترى الطفل يفعل في الكبير ) ويؤثر فيه ( بالخاصية ) ،
وإنما قال بالخاصية لخفاء سبب ذلك الفعل ( فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق له ) ، بالزاي المعجمة أي يرقصه ( ويظهر له بعقله ) ، أي ينزل مبلغ عقله ( فهو تحت تسخيره وهو ) ، أي الكبير ( لا يشعر بذلك ثم يشغله ) ، أي الطفل الصغير الكبير ( بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه حتى لا يضيق صدره . هذا كله من فعل الصغير بالكبير ، وذلك لقوة المقام فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين والكبير أبعد ) ، وكما أن القرب الزماني من المبدأ الحق يوجب قوة التسخير كما في المثال المذكور وكذا القرب بسحب قلة الوسائط وكثرة وجوه المناسبات من القدس والنزاهة يوجب قوة التسخير
قال رضي الله عنه : ( سخّر من كان من اللّه أبعد . كخواصّ الملك للقرب منه يسخّرون الأبعدين . )
وإليه أشار بقوله ( فمن كان من اللّه أقرب سخر من كان من اللّه أبعد كخواص الملك للقرب منه ) ، أي من اللّه بقلة الوسائط وكثرة وجوه المناسبات يسخرون الأبعدين .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:28 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الرابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قال رضي الله عنه : ( كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتّى يصيب منه ويقول إنّه حديث عهد بربّه . فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النّبيّ ما أجلّها وما أعلاها وأوضحها . فقد سخّر المطر أفضل البشر لقربه من ربّه فكان مثل الرّسول الّذي ينزل إليه بالوحي فدعاه بالحال بذاته إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربّه .فلولا ما حصّلت له منه الفائدة الإلهيّة بما أصاب منه ، ما برز بنفسه إليه . فهذه رسالة ماء جعل اللّه منه كلّ شيء حيّ فافهم . )
قال رضي الله عنه : ( (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) كما ورد عنه في الحديث يبرز ، أي يظهر بنفسه للمطر أوّل ما يكون في السنة إذا نزل من السماء ويكشف رأسه عليه السلام له ، أي لذلك المطر حتى يصيب رأسه منه ويقول عليه السلام إنه ، أي ذلك المطر حديث ، أي "قريب (عهد بربه ") تعالى ، رواه مسلم وأبو داود .
أي هو مخلوق جديد يعلمهم الاحتفال بالخلق الجديد والاحترام له والتبرك به
فانظر يا أيها السالك إلى هذه المعرفة باللّه تعالى من هذا النبي الجليل العظيم صلى اللّه عليه وسلم ما أجلها ، أي هذه المعرفة وما أعظمها وما أوضحها ،
أي أبينها وأكشفها لكل من عنده أدنى ذوق من مشارب أهل اللّه تعالى وما يصدف "يعرض" عنها إلا المتكبرون عن طريق الفقراء الصادقين جهلا منهم بهم .
قال رضي الله عنه : ( (فقد سخر المطر) النازل من السماء أفضل البشر وهو نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم حيث أبرزه له من بيته بنفسه وحمله على كشف رأسه لقربه ،
أي المطر من ربه وحدوث عهده بالخلقة فكان ، أي ذلك المطر مثل الرسول ، أي الملك الذي ينزل من السماء إليه ،
أي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم بالوحي من اللّه تعالى فدعاه ، أي المطر دعا النبي صلى اللّه عليه وسلم بالحال ،
أي بحال المتلبس به ذلك المطر بذاته التي هو عليها في نفس الأمر مما يعلمه النبي صلى اللّه عليه وسلم ما يعلمه غيره من الحاضرين كما كان يأتيه الملك في صورة رجل أعرابي وفي صورة دحية بن خليفة الكلبي ، فيكون ذلك وحيا إليه من اللّه تعالى ، ولا يعلم به الحاضرون فبرز ، أي ظهر صلى اللّه عليه وسلم إليه ،
أي إلى المطر بنفسه ليصيب عليه السلام منه ، أي من ذلك المطر ما أتاه ، أي ذلك المطر به من ربه تعالى من الوحي العلمي .
قال رضي الله عنه : ( (فلولا ما حصّلت له) صلى اللّه عليه وسلم منه ، أي المطر الفائدة الإلهية ، أي المنسوبة إلى الإله تعالى بما ، أي بالجزء المطر الذي أصاب صلى اللّه عليه وسلم منه ، أي من ذلك المطر ما برز ، أي ظهر صلى اللّه عليه وسلم بنفسه إليه ،
أي إلى ذلك المطر فهذه ، أي الحكمة المستفادة له صلى اللّه عليه وسلم من المطر رسالة ماء من اللّه تعالى إليه عليه السلام (جعل اللّه تعالى منه)، أي من ذلك الماء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [ الأنبياء : 30 ].
كما قال تعالى : وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ، والحي هو اللّه تعالى .
كما قال سبحانه : هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ[ غافر : 65 ] .
فحصر الحياة فيه تعالى بتعريف الخبر فكل شيء مجعول من الماء هالك إلا وجهه والوجه هو الحي تعالى (فافهم) يا أيها السالك ما تضمنته هذه الرسالة المائية إلى الحضرة المحمدية .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قال رضي الله عنه : ( (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبرز ) أي يظهر ( بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه حتى يصيب منه ويقول إنه حديث عهد بربه ) وبروزه عليه السلام إليه تلقيه إلى ما ينزل عليه من ربه من العلوم والمعارف الإلهية وكشف رأسه رفع التعينات المانعة لوصول الفيض الإلهي
قال رضي الله عنه : ( فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وما أوضحها فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان ) المطر ( مثل الرسول ) أي الملك وهو جبرائيل ( الذي ينزل إليه ) أي إلى الرسول ( بالوحي فدعاه بالحال بذاته ) أي دعا المطر الرسول بذاته بلسان الحال كما دعا الملك بلسان الوحي ( فبرز إليه ) إلى المطر النازل ( ليصيب منه ما أتاه من ربه ) من المعارف وحقائق العلوم الإلهية كما برز للملك النازل ليصيب من الملك ما أتاه به من ربه من الوحي
قال رضي الله عنه : ( ( فلو لا ما حصل له ) أي للرسول ( منه ) أي من المطر ( الفائدة الإلهية بما أصاب ) إلى الرسول ( منه ) أي من المطر ( ما برز بنفسه إليه ) فقوله بما أصاب يتعلق بقوله حصلت وفاعل أصاب يرجع إلى ما ، وما في قوله فلو لا ما حصلت زائدة زيدت لتأكيد الفائدة الحاصلة من المطر .
( فهذه ) أي ما ذكر من أحوال النبي مع المطر ( رسالة ماء جعل اللّه منه كل شيء حي فافهم)
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قال رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه. فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها. فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه. فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
وهو رضي الله عنه يقول في غير هذا: إن من كان أعلى مقاما عند الله كان أبعد من التأثير، ولكل مقام مقال
ثم ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل من المطر رسالة الماء الذي جعل منه كل شيء حيا.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قال رضي الله عنه : ( كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يبرّز نفسه للمطر إذا نزل ، ويكشف رأسه له ، حتى يصيب منه ، ويقول : إنّه حديث عهد بربّه . فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبيّ ما أجلَّها وما أعلاها وأوضحها ، فقد سخّر المطر أفضل البشر ، لقربه من ربّه ، فكان مثل الرسول الذي ينزل عليه بالوحي ، فدعاه بالحال بذاته ، فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه من ربّه ، فلو لا حصل له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه ، ما برز بنفسه إليه ، فهذه رسالة ماء جعل الله منه كلّ شيء حيّ . فافهم ).
يشير إلى أنّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم كان يشاهد صور العلم الإلهي النازل بالوحي في المطر ، فيبرز إليه ويبرّز جسده المبارك وكرم رأسه تلقّيا لسرّ العلم الإلهي النازل على أمّ رأسه من الكتاب الأكبر الذي هو رتبته بالبرزخية الأولى في التعين الأوّل ، فافهم ،
فكذلك توجّهت الأسماء الإلهية والأرواح الكلية الفلكية والسماوية التي منها انبعثت أرواح أولئك المقتولين على اسم موسى عليه السّلام إلى الصورة الموسوية وروحه المدبّر ،
إذ ذاك لجسده الشريف ، حتى فعلت في أعداء ما فعلت وأظهرت من آيات الله ما أظهرت وحملت ، فافهم .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قال رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرز نفسه للمطر إذا نزل ، ويكشف رأسه له حتى يصيب منه ، ويقول « إنه حديث عهد بربه » فانظر إلى هذه المعرفة باللَّه من هذا النبي ، ما أجلها وما أعلاها وأوضحها ، فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه )
أي فكان المطر مثل الملك الذي ينزل إليه بالوحي يعنى جبريل ، لأنه كان يشاهد فيه صورة العلم الإلهي النازل إليه بواسطة الملك فيتلقاه ، ومخصوصا رأسه الذي هو منه بمثابة الكتاب الأكبر الذي رتبته في التعين الأول والبرزخية الأولى ومظهر العلم الإلهي الأول ، ويعرف قربه من الحق بالتجلي الجديد فلذلك سخره .
( فدعاه بالحال لذاته ) أي فدعا المطر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان الحال بذاته النازلة إليه من عند ربه في صورة العلم والحياة كالملك فأجابه
( فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه ) من المعنى الذي به يحيى كل شيء ( فلولا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه ما برز بنفسه إليه ، فهذه رسالة ماء جعل الله تعالى منه كل شيء حي فافهم )
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قال رضي الله عنه : ( كان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ، ويكشف رأسه له ) أي ، للمطر ( حتى يصيب منه ، ويقول : إنه حديث عهد بربه . فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها . فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه قد فكان مثل الرسول الذي ينزل إليه بالوحي . )
أي ، كان المطر بالنسبة إليه مثل الملك الذي أرسل إليه بالوحي . فإن الكمل يجدون في جميع ما يدركونه بالحواس الظاهرة معاني نزلت إليهم من الحضرة الإلهية في صور المحسوسات وخصوصا المطر ، فإنه صورة العلم النازل من الحضرة والبروز إليه .
هو إشارة إلى تلقى الروح الكامل إلى ما يفيض عليه . و ( كشف الرأس ) إشارة إلى رفعه الموانع عن ظهور الحقائق والعلوم ، وإلى أن محل ظهور المعاني الكلية والجزئية الدماغ ، كما أن محل حصول الوجدانيات هو القلب .
قال رضي الله عنه : ( فدعاه بالحال بذاته ) أي ، دعا المطر الرسول بلسان الحال وذاته . ( فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه . ) أي ، فبرز رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى المطر ليصيب منه ما أتى المطر به من حضرة ربه من المعاني والأسرار ، كالحياة والعلم والرزق وغير ذلك .
وعدى (أتى) بنفسه، كما قال تعالى : (هل أتيك حديث الغاشية) . وب (الباء) كما يقال : أتيت زيدا بفلان .
و(من ربه) متعلق ب (أتى) . كما يقال : أتيتك بزيد من البصرة . وليس بيانا ل ( ما ) .
( فلولا ، ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه ما برز بنفسه إليه . )
( الفائدة ) عطف بيان ( ما ) . أي ، فلولا الفائدة الإلهية التي حصلت له من المطر بواسطة ما أصاب إليه من المطر ، ما برز الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، إليه بنفسه .
قال رضي الله عنه : ( فهذه رسالة ماء ، جعل الله تعالى منه كل شئ حي . فافهم . ) لما كان الماء أصل الأشياء ومظهرا للحياة وحاملا للأسرار الإلهية التي هي فيه بالقوة ، جعله رسولا ونبه على كونه أصل كل شئ حي . فافهم .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:29 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الرابعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قال رضي الله عنه : ( كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتّى يصيب منه ، ويقول : إنّه حديث عهد بربّه ، فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النّبيّ ما أجلّها وما أعلاها وأوضحها ، فقد سخّر المطر أفضل البشر لقربه من ربّه فكان مثل الرّسول الّذي ينزل إليه بالوحي فدعاه بالحال بذاته إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربّه ، فلو لا ما حصّلت له منه الفائدة الإلهيّة بما أصاب منه ، ما برز بنفسه إليه ، فهذه رسالة ماء جعل اللّه منه كلّ شيء حيّ ؛ فافهم ) .
قال رضي الله عنه : ( فمن كان من اللّه أقرب ) باعتبار ( تسخير من كان من اللّه أبعد ) بذلك الاعتبار ، وإن كان مسخرا له باعتبار آخر به قرب ذلك المسخر اسم الفاعل ، إذ للقرب هذه الخاصية في البعد ( كخواص الملك للقرب ) وإن قل ، ( يسخرون الأبعدين ) سواء قل بعددهم أو كثر ، والغائب من ذلك كالشاهد ، إذ وقع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند بعده من جهة التكوين مع المطر من جهة قربه بالتكوين ، مع أن وجوه قرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من اللّه بحيث لا يعد ولا يحصى ، إذ
قال رضي الله عنه : ( كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ، يكشف له رأسه حتى يصيب منه ، ويقول : ) في عذره عن البروز له وكشف الرأس لإصابته ( إنه حديث عهد بربه ) ، فله قرب ما بهذا الوجه يوجب تعظيمه والتبرك به .
قال رضي الله عنه : ( فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النبي ) الذي هو أعظم الأنبياء ( ما أجلها ) ، إذ علم أنه لا نهاية لوجوه القرب منه ( وأعلاها ) ، إذ علم ألا يمكن الإحاطة لأحد بوجوه القرب منه ( وأوضحها ) ، إذ علم تجليه في كل شيء باسم خاص لا يحصل إلا بواسطته ، وإن كان ذلك الاسم من جزئيات اسمه عليه السّلام ،
قال رضي الله عنه : ( فقد سخر المطر ) بما فيه تجلي الأسماء الإلهية المختصة به ، وفضل النبي الذي تجلى اسمه شامل على تجليات تلك الأسماء ، لكن تلك الأسماء له بواسطة مجاليها الخاصة ، كأنها مقدمات ومتممات له ؛ ( لقربه ) أي : قرب المطر ( من ربه ) الذي هو الاسم الخاص ، وإن كانت من جزئيات اسمه عليه السّلام ، وكان قربه عليه السّلام من ذلك الاسم أتم من كل قرب ؛ لكن القرب إلى جزئيات ذلك الاسم المختصة بجزئيات العالم بالذات لا يحصل لغيرها إلا بواسطتها ، وإن كان الكل بواسطته عليه السّلام باعتبار الكلية ، وهذا باعتبار الجزئية
قال رضي الله عنه : ( فكان ) أي : المطر في التسخير ( مثل ) الملك ( الرسول الذي نزل إليه بالوحي ) بتسخير له نبينا عليه السّلام ؛ لحصول التجلي العلمي بواسطته ، فيجيب دعوته بلسان المقال ، والمطر يأتيه بتجلي اسمه الحي ، ( فدعاه بالحال ) أي : بلسان الحال ( بذاته ) ، فإن الحياة مطلوبة بالذات يتوقف عليها جميع الكمالات ، فيسخر له فيبرز ( إليه ؛ ليصيب منه ما أتاه ) المطر ( به من ربه ) من تجلي اسمه الحي المتجلي أولا عليه على الخصوص ، وإن تجلى أولا على الروح المحمدي من جملة الأسماء إلا أن للمختص بالشيء مزيد قرب منه .
قال رضي الله عنه : ( فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية ) من كمال الحياة الإلهية المرتب عليها كمال العلم وسائر الصفات ، ( ما برز بنفسه إليه ) ، كما لم يبرز له أثر ما هو قريب العهد من ربه ، فهذا التسخير للمطر كالتسخير للرسول الآتي بالوحي ، ( فهذه ) الفائدة من تجلي هذا الاسم على أتم الوجوه ( ورسالة ماء ) إليه من حيث ( جعل اللّه منه كل حي ؛ فافهم ) هذا المعنى الدقيق الذي خصّ به نبينا عليه السّلام ، ثم من ورائه من الكمّل .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قوله رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ، ويكشف رأسه له حتى يصيب منه ، ويقول : « إنّه حديث عهد بربه » ) أحمد المسند ومستدرك الحاكم و حلية الأولياء .
وهو العهد الذي بينه وبين العباد في ميثاق " أَلَسْتُ " [ 7 / 172 ] بأن لا يشوب رقيقة العبوديّة بما يخالطها ، وقد التزموا ذلك بقولهم : " بلى " .
معرفة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم باللَّه
قال رضي الله عنه : (فانظر إلى هذه المعرفة باللَّه من هذا النبيّ : ما أجلَّها وما أعلاها وما أوضحها ) .
أمّا وجه جلالة هذه المعرفة فهو أنّه مع ختمه سائر الصفات الكماليّة التي للعبد وعلوّ شأنه على البريّة كلَّها ، قد اتّضع للجماد الذي هو أنزل البريّة وأخسّها وهذا صورة تماميّة الجلالة معرفة وعلما ، فإنّه إنما يتمّ كلّ شيء في مقابله عند العارف به ،
وإلى هذا الوجه أشار بقوله رضي الله عنه : ( فقد سخّر للمطر أفضل البشر لقربه من ربّه ) في مدارج العبوديّة والبعد العبدي ، الذي هو المسلك الذاتيّ للممكنات ، والطريق الأصليّ للكائنات .
وأمّا وجه علوّها فهو أنّه فهم من وجه عبوديّته هذه لسان الرسالة حيث اتّخذه رسولا ( فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه ، فيدعوه بالحال ) التي عليها ( بذاته ) ، فإنّ الممكن له الافتقار والعبوديّة بذاته .
وأمّا وجه وضوحها : فهو أنّه أجاب دعوته وسمع رسالته سماع امتثال وطاعة ، واستقبل بلاغة استقبال شوق وخضوع ، ( فيبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربّه ) من الحياة والعلم ، اللذين هما إمام أئمّة الأسماء والحقائق ، وبهما تنفجر عيون مزارع الظهور والإظهار فإنّ للماء دلالة عليهما صورة ومثالا - كما عرفت .
قال رضي الله عنه : ( فلو لا ما حصلت له منه الفائدة له منه الفائدة الإلهيّة ) من لطائف العلوم والمعارف ، ( بما أصاب منه ) على رأسه المنكشف له - الذي هو جمجمة جميع المدارك والمشاعر ، ( ما برز بنفسه إليه ) مستقبلا إيّاه ، استقبال رسول كريم .
( فهذه رسالة ماء جعل الله منه ) " كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ " حياة صوريّة طبيعيّة ، ومعنويّة علميّة ، على ما هو من خصائص الختمين ( فافهم ) .
هذا حكمة قتل أولاد بني إسرائيل من جهة موسى .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبرز بنفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة بالله من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها.
فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان مثل الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل الله منه كل شيء حي فافهم.)
قال رضي الله عنه : ( كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبرز بنفسه للمطر إذا أنزل ويكشف رأسه له حتّى يصيب منه ويقول إنّه حديث عهد بربّه . فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النّبيّ ما أجلّها وما أعلاها وأوضحها . فقد سخّر المطر أفضل البشر لقربه من ربّه فكان مثل الرّسول الّذي ينزل إليه بالوحي فدعاه بالحال بذاته إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربّه . فلو لا ما حصّلت له منه الفائدة الإلهيّة بما أصاب منه ، ما برز بنفسه إليه . فهذه رسالة ماء جعل اللّه منه كلّ شيء حيّ فافهم . )
قال رضي الله عنه : ( كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبرز نفسه للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه ويقول إنه حديث عهد بربه . فانظر إلى هذه المعرفة باللّه من هذا النبي ما أجلها وما أعلاها وأوضحها . فقد سخر المطر أفضل البشر لقربه من ربه فكان ) ،
أي المطر في نزوله من ربه عليه ( مثل الرسول ) ، أي الملك ( الذي ينزل إليه بالوحي فدعاه ) ، أي المطر أفضل البشر ( بالحال ) ، أي بلسان الحال ( بذاته ) ، أي إلى ذاته ونفسه.
( فبرز إليه ليصيب منه ما آتاه به من ربه ) من المعاني والأسرار كالإشارة إلى الحياة والعلم والرزق وغير ذلك ( فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية ) ، لفظة ما موصولة وقوله : الفائدة الإلهية بدل أو عطف بيان للموصول أو لضميره ( ما أصاب منه ما برز بنفسه إليه فهذه ) ، أي دعوة المطر أفضل البشر وإتيانه بما آتاه من ربه ( رسالة ما جعل اللّه منه كل شيء حي ) ، حياة صورة طبعية بصورته وحياة معنوية حقيقة نعتا أعني العلم ( فافهم ).
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:31 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الخامسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)
قال رضي الله عنه : ( وأمّا حكمة إلقائه في التّابوت ورميه في اليمّ : فالتّابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوّة النّظريّة الفكريّة والقوى الحسيّة والخياليّة الّتي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النّفس الإنسانيّة إلا بوجود هذا الجسم العنصريّ . فلما حصلت النّفس في هذا الجسم وأمرت بالتّصرّف فيه وتدبيره ، جعل اللّه لها هذه القوى آلات تتوصّل بها إلى ما أراده اللّه منها في تدبير هذا التّابوت الّذي فيه سكينة الرّبّ . فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم . فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الرّوح المدبّر له هو الملك ؛ فإنّه لا يدبّره إلّا به ، فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا النّاسوت الّذي عبّر عنه بالتّابوت في باب الإشارات والحكم . )
قال رضي الله عنه : (وأما حكمة إلقائه) ، أي موسى عليه السلام وهو صغير في التابوت من الخشب الذي ألهم اللّه تعالى أمه أن تصنعه له وترضعه وتضعه فيه وحكمة رميه ، أي ذلك التابوت الذي فيه موسى عليه السلام بعد ذلك في اليم ، أي البحر .
كما قال تعالى :وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ( 7 ) [ القصص :7].
وقال تعالى : وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى ( 37 ) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى ( 38 ) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ[ طه : 37 – 39].
قال رضي الله عنه : (فالتابوت) بطريق الإشارة (ناسوته) ، أي جسم موسى عليه السلام (واليم) ، أي البحر ما (حصل له) ، أي لموسى عليه السلام (من العلم) الإلهي الشرعي والعقلي (بواسطة هذا الجسم) الطبيعي العنصري (مما أعطته القوّة النظرية) ، أي الحاصلة بنظر العقل (الفكرية) ، أي المنسوبة إلى الفكر (والقوى الحسية) ، أي الظاهرة في الحواس الخمس والقوى (الخيالية) كالمصورة والموهمة (التي) نعت للقوى كلها (لا يكون شيء) ، أي إدراك وغيره (منها) ،
أي من تلك القوى (ولا من أمثالها) من بقية القوى السارية في مواضع في البدن كالقوّة الجاذبة والدافعة والماسكة وغير ذلك (لهذه النفس الإنسانية) الناطقة التي بها يتميز الإنسان عن بقية الحيوان (إلا بوجد هذا الجسم العنصري) ، أي المركب من العناصر الأربعة .
قال رضي الله عنه : (فلما حصلت النفس) الإنسانية المذكورة (في هذا الجسم) بالنفخ الإلهي من الروح الأمري وأمرت النفس المذكورة ، أي أذن لها اللّه تعالى (بالتصرف فيه) ، أي في هذا الجسم (وتدبيره) في أمر معاشه ومعاده على وفق الحكمة الشرعية (جعل اللّه ) تعالى (لها) ، أي لتلك النفس (هذه القوى) المذكورة (آلات) جمع آلة وهي الأداة التي يستعان بها في العمل المقصود (تتوصل) تلك النفس (بها) ، أي بتلك الأداة (إلى ما أراده اللّه تعالى منها) من الأحوال النافعة (في تدبير هذا التابوت) ، أي الجسم الإنساني (الذي فيه) ، أي في ذلك التابوت (سكينة) ، أي هيبة وعظمة الرب تعالى كما حكى تعالى عن فتى موسى يوشع بن نون عليهما السلام لما أخبر بني إسرائيل عن طالوت الملك : وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ [ البقرة : 248 ] .
قال رضي الله عنه : (فرمى) تعالى (به) ، أي بهذا التابوت (في اليم) ، أي بحر العلم (ليحصل) ، أي موسى عليه السلام (بهذه القوى) المذكورة (على فنون العلم) الإلهي (فأعلمه) ، أي اعلم تعالى موسى عليه السلام بذلك ، أي برميه في اليم (أنه) ، أي موسى عليه السلام (وإن كان الروح) ، أي روحه (المدبر له هو الملك) القائم بأمر اللّه تعالى (فإنه) ، أي ذلك الملك لا يدبره إلا به ، أي بموسى عليه السلام فأصحبه ، أي اصحب اللّه تعالى موسى عليه السلام ، أي أبقى له إلى آخر عمره (هذه القوى الكائنة) ، أي الموجودة (في هذا الناسوت) ، أي الجسم (الذي عبر عنه بالتابوت) في الآية المذكورة (من باب الإشارات) القرآنية (والحكم) الربانية .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)
قال رضي الله عنه : (وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم ) وهو المسمى بالنبل ( فالتابوت ) إشارة إلى ( ناسوته ) وهو الجسم العنصري الموسوي ( واليم ) إشارة إلى ( ما حصل له ) أي لموسى ( من العلم بوساطة هذا الجسم ) قوله ( مما ) بيان للعلم ( أعطته ) ذلك العلم لموسى ( القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية )
قوله ( التي ) صفة لقوى المذكورة كلها ( لا يكون شيء منها ) أي من تلك القوى ( ولا ) يكون أيضا ( من أمثالها لهذه النفس الانسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري )
فالجسم العنصري الانساني أجل مخلوق اللّه تعالى خلقه اللّه للإنسان ليحصل كمالاته المودعة في نشأته وبه عظم اللّه آدم فأمر الملائكة بالسجود .
قال رضي الله عنه : ( فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره جعل اللّه لها ) أي للنفس الانسانية ( هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده اللّه منها ) أي من النفس ( في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب ) إذ ربوبيته تعالى لا تزال تتحرك إلى أن تصل إلى هذا المربوب التام فسكن فيه الرب لحصول ما هو المقصود من الربوبية بهذا التابوت دون غيره.
قال رضي الله عنه : ( فرمى به ) على صيغة المجهول أي رمى موسى بالتابوت أو المعلوم أي رمى الحق موسى بالتابوت على يد أمّه ( في اليم ليحصل ) أي ليكون موسى مستعليا ( بهذه القوى ) وهي القوى المذكورة للنفس بواسطة الجسم العنصري ( على فنون العلم ) يعني أن هذا الرمي إشارة إلى النفس الانسانية ألقيت في تابوت البدن ورميت به في يم العلم لتكون بهذه القوى الحاصلة لها في التابوت مستعلية على فنون العلم .
قال رضي الله عنه : ( فأعلمه ) أي الحق موسى ( بذلك ) الرمي ( أنه ) أي الشأن ( وإن كان الروح المدبر له ) أي للتابوت هو الجسم العنصري ( هو الملك ) بفتح الميم وكسر اللام إذ الروح مالك التابوت وجاز بكسر الميم وسكون اللام فإن الروح ملك الحق ( فإنه ) أي فإن الشأن ( لا يدبره ) أي لا يدبر هذا التابوت ( إلا به ) أي بسبب هذا التابوت ( فاصحبه ) أي فاصحب اللّه الروح ( هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر ) على البناء للمفعول من التعبير ( عنه بالتابوت في باب الإشارات ) قوله ( والحكم ) على صيغة الجمع أي يقال في اصطلاح أهل الإشارة للناسوت تابوتا فدبر الروح ملكه الذي هو الجسم العنصري بملكه التي هي القوى الكائنة في هذا الناسوت فدبر ملكه بملكه
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)
قال رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب. فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به. فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)
ثم بين أن التابوت هو جسم موسی، والیم وهو العلم المكتسب بطريق الجسم، فصورة الجسم خضر طبيعي وباطنه حياة أبدية بالعلم الذي يتحصل بواسطة الجسم.
ثم بين أن موسی قرة عين لامرأة فرعون بما حصل لها من الكمال بطريق موسى وقرة عين لفرعون الايمان فرعون عند خوف الغرق
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم..)
قال رضي الله عنه : ( وأمّا حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليمّ فالتابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بوساطة هذا الجسم ، ممّا أعطته القوّة النظرية الفكرية ، والقوى الحسيّة والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلَّا بوجود هذا الجسم العنصري ، فلمّا حصلت النفس في هذا الجسم ، فأمرت بالتصرّف فيه وتدبيره ، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصّل بها إلى ما أراد الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الربّ ، فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم ، فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الروح المدبّر له هو الملك ، فإنّه لا يدبّره إلَّا به ، فأصحبه هذه القوى الكامنة في هذا الناسوت الذي عبّر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم ).
يشير رضي الله عنه إلى أنّ العالم وصورة ظاهريات مظاهر الأسماء الحسنى والصفات العلى ، ولهذا كثرت الصور مع أحدية العين ، فهذه النقوش والأشكال والصور منها ولها وبها ، وباطن العالم وهويته للوجود الحق المتعيّن فيها بحسبها ، فصورة العالم ناسوته ، والتابوت وروحه هو الوجود المتعيّن فيه ، وهو سكينة الربّ ، واليمّ بهذا الاعتبار هو الوجود المطلق الحقّ ، فافهم .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)
قال رضي الله عنه : (وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم ، فالتابوت ناسوته واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية الخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري ، فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره جعل الله لها هذه القوى آلات تتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب )
لأن اليقين والعلم الذي تزداد به الإيمان والسكينة النفس إلى ربها وتطمئن لا يحصل إلا فيه
قال رضي الله عنه : ( فرمى به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم ، فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك ، فإنه لا يدبره إلا به ، فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم )
كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أي بالعالم أو بصورته فما دبره إلا به ، كتوقف الولد على إيجاد الوالد فإن التدبير الذي دبره الحق العالم فيه بنفس العالم : أي بعضه ببعض ، وهو مثل توقف الولد على إيجاد الحق الوالد الحقيقي .
"" إضافة بالي زاده :
يعنى أن هذا الرمي إشارة إلى أن النفس الإنسانية ألقيت في تابوت البدن ، ورميت به في يم العلم ، لتكون بهذه القوى الحاصلة مستعلية على فنون العلم .أهـ بالى زادة ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم : فالتابوت ناسوته ) أي ، التابوت إشارة إلى ناسوته .
( واليم ) إشارة إلى ( ما حصل له من العلم بوساطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شئ منها ) أي ، من تلك القوى .
( ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري . ) لأن كل واحدة منها حقيقة برأسها ، كالنفس الإنسانية نزلت لخدمتها في هذه النشأة العنصرية وسجدت لها وانقادت بأمر ربها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره ، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها ) أي ، من النفس .
( في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب . ) وإنما كانت السكينة فيه ، لأن الأمور الكلية
والمعاني الحقيقة لا تزال تتحرك بالمحبة الذاتية إلى أن تصل إلى الحضرة الشهادية وتدخل تحت الاسم ( الظاهر ) ، فيجد السالك فيها المعاني بصورها ويسكن إليها .
لذلك كانت المحسوسات أجلى البديهيات . فاليقين والعلم الذوقي والإيمان الغيبي والتجلي الشهودي لا يحصل إلا في هذه الحضرة وبواسطتها ، لذلك صارت الدنيا مزرعة الآخرة فصارت سكينة الرب (فرمى به في اليم ليحصل بالقوى) المذكورة (على فنون العلم.) أي ، ليكون بها مستعليا على أنواع العلوم الحاصلة بالحواس الظاهرة والباطنة .
يقال : حصل فلان على عرشه . إذا استعلى عليه .
( فأعلمه ) أي ، الحق. ( بذلك ) أي ، بذلك الرمي موسى بوضعه في التابوت وإلقائه في اليم ( أنه ) أي، الشأن . (وإن كان الروح المدبر له هو الملك ، فإنه لا يدبره إلا به.) أي ، فإن الروح المدبر له لا يدبره إلا بواسطة هذا التابوت .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه ب " التابوت " في باب الإشارات والحكم.) على صيغة الجمع .
أي ، جعل الله الروح مصاحبا لهذه القوى الحالة في البدن الذي عبر الحق سبحانه عنه بالتابوت في باب الإشارة ، أي ، هذا المقول ثابت في باب الإشارة الربانية والحكم الإلهية.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:32 عدل 2 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الخامسة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)
قال رضي الله عنه : ( وأمّا حكمة إلقائه في التّابوت ورميه في اليمّ ؛ فالتّابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوّة النّظريّة الفكريّة والقوى الحسيّة والخياليّة الّتي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النّفس الإنسانيّة إلا بوجود هذا الجسم العنصريّ ، فلمّا حصلت النّفس في هذا الجسم وأمرت بالتّصرّف فيه وتدبيره ، جعل اللّه لها هذه القوى آلات تتوصّل بها إلى ما أراده اللّه منها في تدبير هذا التّابوت الّذي فيه سكينة الرّبّ ، فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم ، فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الرّوح المدبّر له هو الملك ؛ فإنّه لا يدبّره إلّا به ، فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا النّاسوت الّذي عبّر عنه بالتّابوت في باب الإشارات والحكم ) .
ولما فرغ عن بحث استمداد روحه من أرواح الأطفال ، فإنها قوى روحه شرع في بحث استمداده من قوى بدنه ،
فقال رضي الله عنه : ( وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم ) ، فهي تنبيهية بطريق الإشارة إلى أن تعلق روحه ببدنه لتجري في بحار المحسوسات بالقوى التي فيه ، فيرجع بالكمالات العلمية والعملية المستفادة منها إلى ربه ، فيفوز بأعلى وجوه السعادات والقرب من ربه ؛ وذلك ليصرف عنان همته في تحصيل ذلك ،
قال رضي الله عنه : ( فالتابوت ) بطريق الإشارة ( ناسوته ) أي : بدنه الشامل على القوى ، ( واليم ) بتلك الطريق ( ما حصل له من العلم ) ، إذ هو بحر لا ساحل له ، ورميه في اليم إشارة إلى أن حصول هذا العلم بواسطته ( بوساطة هذا الجسم ) الشامل على هذه القوى ؛ لأنه عند التجرد الأول لم يكن عالما به ، وإنما كان بالمعقولات المحضة في هذا العلم
قال رضي الله عنه : ( مما أعطته القوة النظرية ) ، وهذه القوة النظرية إنما أعطته القوة ( الفكرية ) ، إذا ترتبت المقدمات النظرية ، إنما تكون بالتركيب والتحليل بين صور المحسوسات والمعاني المدركة منها ، وهذه القوة جسمانية ثابتة في وسط الدماغ ،
ومما أعطته:
( القوى الحسية ) أي : المشاعر الظاهرة ، فإنها علوم عند الأشعري ،
( والخيالية ) أي : الحواس الباطنة غير المنكرة وهي الحس المشترك ، والخيال والحافظة والمتوهمة ( التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها ) من القوى المحركة ( لهذه النفس الإنسانية ) ، وهي القلب
قال رضي الله عنه : ( إلا بوجود هذا الجسم ) ؛ لأنها جسمانية فلا تحل في المجردات ، ولا تحصل له من حيث هو مجرد عنصري ؛ ذكره ليشير إلى أن هذه النفس لو تعلقت بالأجرام السماوية لم يكن لها هذه القوى الحسية والخيالية والمفكرة ، إذ ليس لهذه الأجرام جر نفع ولا دفع ضر ، وإنما هو في الجسم ( العنصري ) الذي يتوارد عليه الكون والفساد .
قال رضي الله عنه : ( فلما حصلت النفس في هذا الجسم ) العنصري المحتاج إلى جر نفع ودفع ضر لتوارد الكون والفساد عليه ، ( وأمرت بالتصرف فيه ) لإخراج ما فيه بالقوة إلى الفعل ، ( وتدبيره ) بجذب المنافع ودفع المضار ، والنفس لا تستقل بذلك في الأمور الخارجية ، ( جعل اللّه لها هذه القوى ) الحالة في هذا البدن الذي تعلقت به النفس ، فحصل بينهما اجتماع
قال رضي الله عنه : ( آلات يتوصل بها إلى ما أراده منها ) من الأفعال الصناعية ( في تدبير هذا التابوت ) البدن ( الذي فيه سكينة ) ، أي : سكون أسرار ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، ( فرمي به ) أي : بهذا التابوت البدني ( في اليم ) أي : يم العلوم باستعمال هذه القوى في تحصيلها ؛
قال رضي الله عنه : ( ليحصل بالقوى ) فيقف ( على فنون العلم ) من النظريات ، والبديهيات ، والمحسوسات بعد ما كانت لها المعقولات المحضة لو بقيت على تجردها ، وإذا كان ألقي موسى في التابوت ، ورميه في اليم إشارة إلى ما ذكرنا.
( فأعلمه بذلك ) الإلقاء والرمي في اليم ( أنه وإن كان الروح المدبر له ) ، أي : للبدن
قال رضي الله عنه : ( هو الملك ) المتشبه بالمالك الحق حتى صارت معرفته مستلزمة لمعرفته ، ( فإنه لا يدبره إلا به ) ؛ لأن هذه القوى شعب النفس الحيوانية الحاصلة من النداء اللطيف في القوى أيضا منه ، وإذا كان تدبيره بهذه القوى ، وليس محلا لها ، ولا يمكن اجتماعها معه في عالم المجردات ، ( فأصحبته هذه القوى ) الحالية ( في هذا الناسوت ) ، أي : البدن
( الذي عبّر عنه بالتابوت ) ؛ لاشتماله على هذه القوى بطريق الحلول فيه ، وهذا وإن لم يكن مراد النص بطريق العبارة ، فهو مراد ( في باب الإشارات ) ، وهي وإن لم يؤخذ بها في باب الاستدلال يؤخذ بها ( والحكم ) المستفادة من القرآن ، إذ أكثرها بطريق الإشارة بحيث لا تناقض مفهوم العبادة ، ولا تذكر بطريق العبارة ؛ لصعوبة فهمها على العامة فيكون سببا لضلالهم ، فإذا علم ذلك علم كمال تشبهه بالحق.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم.)
حكمة إلقاء موسى في التابوت ورميه في اليمّ
قال رضي الله عنه : ( وأمّا حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليمّ : فالتابوت ناسوته ) من حيث الحصر والإحاطة ، ( واليمّ ما حصل له من العلم ) ، فإنّ له نسبة إلى العلم حكمة وتلويحا .
أمّا الأول فلاشتماله على الماء الذي هو صورة العلم ولكمال سعته وإحاطته .
وأمّا الثاني فلأنّه بيّنات ميمي « العلم » ولامه الظاهر بهما عين عينه عيانا ولذلك جعله إشارة إلى العلم الخاصّ المستحصل من العين ببيّنات أشكالها المنتجة لضروب الحقائق ، وهو العلم الحاصل للنفس ( بواسطة الجسم ، مما أعطته القوّة النظريّة الفكريّة ) من الحقائق التنزيهيّة ( والقوى
الحسّية والخياليّة ) من اللطائف التشبيهيّة كما وقفت عليه .
وأيضا اليمّ : صورة طرفي الجسم وبيّناتهما ، فلذلك جعله إشارة إلى العلم الحاصل من الجسم بتلك القوى ، ضرورة أنّ تلك القوى هي
قال رضي الله عنه : ( التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانيّة إلَّا بوجود هذا الجسم العنصري ) الكثيف وذلك لأنّ القوى المذكورة إنما هي هيئات برزخيّة ، مستحصلة من تعاكس النور المجرّد اللطيف عن الجسم الهيولانيّ الكثيف ، كما عرفت تحقيقه في المقدّمة .
اثر ارتباط النفس مع الجسم في ترقّيها
فالنفس ما لم تحصل له علاقة التصرّف والتدبير في الجسم ، لا يمكن لها وجود قوّة من تلك القوى ولا أمثالها ، مما يستحصل به إدراك المحسوسات من العوارض الجسمانيّة والأشباح الهيولانيّة والمثاليّة والمعاني الجزئيّة ،
قال رضي الله عنه : ( فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرّف فيه ، جعل الله له هذه القوى آلات يتوصّل بها إلى ما أراده الله منها ) ، من المدارك الجمعيّة الكماليّة الحاصلة من تعاكس النور المجرّد عن الجسم ، مكتسبا منه جمعيّته البرزخيّة متدرّجا في تلك الجمعيّة إلى أن يصل إلى القلب ،
برزخ البرازخ وهو الذي أراده الله من النفس عند تفويض التصرّف إليها ( في تدبير هذا التابوت ) يعني الوعاء الثابت الذي يصلح لأن يودع فيه الجسد عند سكونه عن حركة الحياة واضطرابها ، وصلوحه لأن يستكنّ في القبر ، الذي هو صورة القرب .
تأويل التابوت بالمزاج الإنساني
هذا بحسب العرف واللغة مطلقا ، فإنّه هاهنا في قوله تعالى : "أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيه ِ سَكِينَةٌ من رَبِّكُمْ " .
كناية عن المزاج الإنساني الذي يصلح لأن يظهر فيه الوحدة الاعتداليّة القلبيّة الساكنة المطمئنّة عن الميول الانحرافيّة الأطرافيّة التي هي محل قرب الحقّ وسكينة كمال الربّ وظهوره ،
ولذلك قال رضي الله عنه : ( الذي فيه سكينة الربّ ، فرمى به في اليمّ ) العلمي المحيط بالكل ، ( ليحصل بهذه القوى ) قوّة مسلطة قادرة ( على فنون العلم ) ذوقيّة وبرهانيّة ، بديهيّة وكسبيّة ، كتابيّة وكلاميّة ، رقميّة ولفظيّة ، تشبيهيّة وتنزيهيّة فإنّ هذه الفنون من العلوم انما يستحصل إذا القى موسى النفس إلى تابوت الناسوت والقى في يمّ مداركه الجسمانيّة .
ثمّ إنّه من جملة ما علم من هذه الحكمة الجهة الارتباطيّة التي بين الروح والجسد الجسمانيّ ،
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : ( فأعلمه الله بذلك ) التابوت ( أنّه وإن كان الروح المدبر له هو الملك ) في مدينة جمعيّته الإنسانيّة ، ( فإنّه لا يدبّره ) - أي لا يدبّر هذا الجسم الموسويّ الكماليّ تدبيرا يوصله إلى غايته النوعيّة وكماله الحقيقيّ الذي هو صلوحه لأن يكون سكينة للربّ ( إلَّا به ) ، باعتبار استجماع هذا الجسم المنوّر بتدبير الملك صنوفا من القوى والجوارح ، بها تقتنص شوارد الحقائق عن شواهق علوّ إطلاقها .
وقد استقصينا الكلام في أمر تلك المملكة وتبيين أشغالها ووجوه عمّالها ، وتفاوت درجاتهم عند تدبير الوصول إلى كمالها في المناظرات الخمس ، من أراد ذلك فليطالع ثمّة .
قال رضي الله عنه : (فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت ، الذي عبّر عنه ) عند استشعار التدبير الربطي منه ( بالتابوت من باب الإشارات ) التلويحيّة من الصور الحرفية - وهي أنّ « التابوت » خصوصيّته الفارقة له عن "الناسوت" إنما هو التاء والباء ، اللذان يلوّحان على التدبير الربطي - ( والحكم ) الذوقيّة من النسب المعنوية وهي أنّ الربط بين التابوت وما فيه من الجسد الميّت إلى حيث يتحرّك بتحريكه اليمّ ويسكن بتسكينه إيّاه ، وهي غاية قوّة الجهة الارتباطية .
فعلم أنّ تدبير الروح الذي عليه ملاك أمر الكمال الوجوديّ إنما هو بالجسم ، ومبنى الكل على الجهة الارتباطيّة والنسبة الامتزاجيّة التي بين بين .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليم: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرمي به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم..)
قال رضي الله عنه : ( وأمّا حكمة إلقائه في التّابوت ورميه في اليمّ : فالتّابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوّة النّظريّة الفكريّة والقوى الحسيّة والخياليّة الّتي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النّفس الإنسانيّة ).
قال رضي الله عنه : (وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم فالتابوت ) بلسان الإشارة ( ناسوته ) ، أي صورته الإنسانية ( واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شيء منها ) من تلك القوى ( ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية )
قال رضي الله عنه : ( إلا بوجود هذا الجسم العنصريّ . فلمّا حصلت النّفس في هذا الجسم وأمرت بالتّصرّف فيه وتدبيره ، جعل اللّه لها هذه القوى آلات تتوصّل بها إلى ما أراده اللّه منها في تدبير هذا التّابوت الّذي فيه سكينة الرّبّ . فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم . فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الرّوح المدبّر له هو الملك ؛ فإنّه لا يدبّره إلّا به ، فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا النّاسوت الّذي عبّر عنه بالتّابوت في باب الإشارات والحكم. )
قال رضي الله عنه : ( إلا بوجود هذا الجسم العنصري . فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه والتدبير فيه جعل اللّه لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده اللّه منها ) ، أي من النفس ( في تدبير هذا التابوت الذي في سكينة الرب ) ، لأن اليقين والعلم الذي يزداد به الإيمان وتسكن به النفس إلى ربها وتطمئن لا يحصل إلا فيها ( فرمى به في اليم ليحصل بهذه القوى على فنون العلم . فأعلمه بذلك ) ،
أي أعلم اللّه سبحانه موسى بما فهم بلسان الإشارة عن إلقائه في التابوت ورميه في اليم ( أنه ) ، أي الجسم ( وإن كان الروح المدبر له هو الملك فإنه لا يدبره إلا به فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت في باب الإشارات ) ، الإلهية ( والحكم ) الربانية
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:33 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السادسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحقّ العالم فإنّه ما دبّره إلّا به أو بصورته .
فما دبّره إلّا به كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها ، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلّتها ، والمحقّقات على حقائقها . وكلّ ذلك من العالم . وهو تدبير الحقّ فيه فما دبّره إلّا به .
وأمّا قولنا أو بصورته - أعني صورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصّفات العلى الّتي تسمّى الحقّ بها واتّصف بها . )
قال رضي الله عنه : (كذلك) ، أي مثل ذلك (تدبير الحق) تعالى (العالم) بفتح اللام بأسره محسوسه ومعقوله وموهومه (فإنه ما دبره تعالى إلا به) ، أي بالعالم نفسه على حسب ما يقتضيه حاله من القوى المختلفة فيه (أو بصورته) ، أي العالم التي تسمى اللّه تعالى بها واتصف بها فما دبره أي دبر اللّه تعالى العالم به أي العالم نفسه بل العالم دبر من حيث إنه صورته تعالى نفسه من حيث إنه عالم فإذا دبر الحق تعالى العالم بالعالم توقف بعض العالم على بعض (كتوقف) وجود (الولد على إيجاد الوالد) من كل نوع من أنواع الحيوان وتوقف وجود
قال رضي الله عنه : (المسببات) العادية والشرعية والعقلية على وجود أسبابها كذلك وتوقف وجود (المشروطات) الشرعية وغيرها على وجود شروطها ، كذلك وتوقف وجود المعلولات العقلية وغيرها (على) وجود عللها ، كذلك وتوقف وجود المدلولات من كل نوع من حيث هي مدلولات لثبوتها عند المستدل على وجود أدلتها كذلك وتوقف وجود (المحققات من كل شيء على) وجود (حقائقها) ، أي ماهياتها ولوازمها الذاتية .
قال رضي الله عنه : (وكل ذلك) ، أي المسببات والأسباب والمشروطات والشروط والمعلولات والعلل والمدلولات والأدلة والمحققات والحقائق من جملة العالم بفتح اللام بل هي العالم لا غير ، فالعالم منقسم إلى مؤثر ومتأثر باللّه تعالى لا بنفسه (وهو) ، أي هذا التدبير من بعض العالم في بعض تدبير الحق تعالى (فيه) ، أي في العالم (فما دبره) ، أي دبر اللّه تعالى العالم (إلا به) ، أي بالعالم من حيث قيام الكل باللّه تعالى .
قال رضي الله عنه : (وأما قولنا) فيما مر قريبا أو (بصورته أعني صورة العالم) يعني أن اللّه تعالى ما دبر العالم إلا بصورة العالم فأعني به ، أي بالمدبر من صورة العالم الأسماء الحسنى الجميلة الجليلة (والصفات العلى) ، أي المنزهة المقدسة (التي تسمى الحق) تعالى (بها واتصف بها) من حيث مراتبه تعالى الوجودية المعتبرة أزلا وأبدا بالنسبة إلى الأعيان الثابتة بأنفسها في العدم الأصلي الموجودة مرتبة كما هي عليه بتلك المراتب الوجودية المذكورة ، فالأعيان عينت المراتب الأسمائية والحضرات الصفاتية من الذات العلية ، والمراتب المذكورة عينت الوجود للأعيان على حسب ما تقتضيه تلك الأعيان فالأزل للمراتب والأبد للأعيان .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبّر العالم أيضا إلّا بصورة العالم . ولذلك قال في آدم الّذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة الّتي هي الذات والصّفات والأفعال : « إنّ اللّه خلق آدم على صورته » وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة . فأوجد في هذا المختصر الشّريف الّذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل وجعله روحا للعالم فسخّر له العلو والسّفل لكمال الصّورة )
قال رضي الله عنه : (فما وصل) إلينا معشر المكلفين من اسم تسمى به الحق تعالى في القرآن والسنة (إلا ووجدنا معنى ذلك الاسم) ، أي مقتضاه الظاهر بآثاره كالعليم والقدير ، فإن معناهما الكشف عن الأثر المعدوم ، ثم إفاضة الوجود عليه بحسبه (وروحه) ، أي سر ذلك الاسم وهو خصوصية الموقوف عليها تأثير الاسم الآخر كجعل الأثر متميزا عما سواه في نفسه الثابتة في العدم الأصلي بالاسم العليم ، فإن ذلك روح ، أي سر الاسم العليم زيادة على معناه الذي هو مجرد الكشف عن ذلك وكتحقيق معنى الوجود في الأثر بالاسم القدير فإنه روح ،
أي سر الاسم القدير زيادة على معناه الذي هو مجرد إفاضة الوجود على الأثر المعدوم (في) هذا (العالم) المحسوس والمعقول ،
فكل عليم قدير ممن يصنع معنى الاسم العليم ظاهر فيه بالكشف عن معلومه وروح الاسم بتميزه عما سواه ، ومعنى الاسم القدير بإضافة الوجود عليه بنقله من حالة مادية إلى حالة غائية ، كالنجار يفيض الوجود بالصنع للكرسي المقدر في نفسه وهو في مادته التي هي الخشب ، فينتقل ذلك الكرسي من بطون مادته الخشبية إلى ظهور عينه الصورية ، وروح الاسم بتحقيق معنى ذلك الصنع وإثبات صورة الكرسي تامة الهيئة في الحس ، وهكذا في كل صانع وفي جميع الأسماء .
قال رضي الله عنه : (فما دبر) ، أي الحق تعالى (العالم) كله (أيضا) ، أي زيادة على مجرد تدبيره إلا وهو ظاهر للعالم بصورة العالم ، أي مجموع أسماء العالم وصفاته .
قال رضي الله عنه : (ولذلك) ، أي لكون الأمر كذلك (قال) عليه السلام كما ورد في الحديث (في حق آدم) عليه السلام الذي هو ، أي آدم عليه السلام الأنموذج وهي كلمة معربة وقد تسمى بالفهرست ومعناها مجموع ما اشتمل عليه الشيء من كل عنوان فيه على نوع من أنواعه (الجامع) ذلك (لنعوت الحضرة الإلهية) ، أي عنوانات أنواع مراتبها (التي هي) ،
أي تلك النعوت الذات الواحدة والصفات) والأسماء الكثيرة (والأفعال) الكثيرة (إن اللّه) تعالى (خلق آدم عليه السلام على صورته) ، أي صورة اللّه تعالى على التنزيه المطلق ، ويؤيده الرواية الأخرى على صورة الرحمن (وليست صورته )،
""ونصه : ( لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن ) . رواه الطبراني في الكبير
ورواه الدارقطني ولفظه عنده : ( لا تقبحوا الوجه فإن اللّه خلق آدم على صورة الرحمن عز وجل ) .""
أي اللّه تعالى سوى الحضرة الإلهية التي هي مجمع ذاته تعالى وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه ؛ خمس مراتب بعضها أعلى من بعض في حقيقة الوجود المطلق بالإطلاق الحقيقي المنزه عن معرفة العارفين به وجهل الجاهلين له ، لأنه من حيث هو لا يعرف ولا يجهل .
(فأوجد) سبحانه (في هذا المختصر) من العالم الكبير (الشريف) من قوله تعالى : وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ [ الإسراء : 70 ] .
قال رضي الله عنه : (الذي هو الإنسان الكامل) في الظاهر والباطن (جميع الأسماء الإلهية) ، التي هي مجموع المراتب الخمس المذكورة فله ذات وله صفات وله أسماء وله أفعال وله أحكام مضاهاة للحضرة الإلهية وأوجد تعالى فيه أيضا (حقائق) ، أي ماهيات وأعيان مثل جميع (ما خرج عنه) ،
أي عن ذلك الإنسان من الأشياء الموجودة (في العالم الكبير المنفصل) عنه ففيه:
سماوات وهي دماغه ،
ونجوم وهي حواسه الظاهرة والباطنة ،
وعرش وهو روحه ،
وكرسي وهو نفسه ،
وقلم هو عقله ،
ولوح هو ذهنه ،
وعوالم ملائكة وهي قواه السارية في بدنه ،
وجن وهي قواه الباطنة منها مطيع ومنها عاص ،
وشياطين وهي قواه الخبيثة في أفعال المعاصي ،
وفيه أرضون وهي جسمه ،
وفيه بحر محيط وهو دمه ،
وجبال وهي عظامه ،
وتلال وهي عروقه ،
ونبات هو شعره ،
وماء حلو في فمه ،
وماء مر في أذنه ،
وماء وسخ في أنفه ،
وماء قذر في بوله ،
وفيه عناصر أربعة :
صفراء هي ناره ،
ودم هو هواه ،
وبلغم هو ماؤه ،
وسوداء هي ترابه ،
وهكذا مما يطول بيانه مضاهاة للعالم الكبير بأسره (وجعله) ، أي جعل اللّه تعالى هذا الإنسان الكامل (روحا للعالم) الكبير جميعه (فسخر اللّه) تعالى (له) ، أي لهذا الإنسان الكامل (العلو) من السماوات وما فيها والسفل من الأرضين وما فيهن لكمال الصورة التي هو فيها مضاه للحضرة الإلهية وللعوالم الإمكانية كلها .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم فإنه ما دبره إلا به ) أي الحق ما دبر العالم إلا بالعالم ( أو بصورته ) وتفسير الصورة سيأتي من بعد فأيا ما كان ( فما دبره إلا به ) أي فما دبر الحق العالم إلا بالعالم إذ صورة العالم من العالم لكنه ليس من عالم الناسوت فجعل مقابلا تارة بقوله أو بصورته ومتحدا بقوله فما دبره إلا به
قال رضي الله عنه : ( كتوقف الولد على إيجاد الوالد والمسببات على أسبابها والمشروطات على شروطها والمعلولات على عللها والمدلولات على أدلتها والمحققات ) بفتح القافين ( على حقائقها وكل ذلك من العالم وهو) . أي توقف المذكور
قال رضي الله عنه : ( تدبير الحق فيه ) أي في العالم ( فما دبره إلا به وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به ) أي بقوله صورة العالم ( الأسماء الحسنى والصفات العليا ) قوله ( التي ) صفة للأسماء والصفات ( تسمى الحق بها ) أي بالأسماء الحسنى ( واتصف ) الحق ( بها ) أي بالصفات العليا
"" كنار موسى يراها عين حاجته ..... وهو الإله ولكن ليس يدريه ""
وإنما فسر الصورة هاهنا بالأسماء الحسنى والصفات العليا مع أن صورة العالم هي الأعيان الثابتة في العلم وهي مظاهر الأسماء الحسنى والصفات العليا نظر إلى اتحادهما بالذات فإذا دبر الحق العالم بالأسماء والصفات
قال رضي الله عنه : ( فما وصل إلينا من اسم تسمى به ) الحق ( إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم فما دبر العالم أيضا ) كتدبيره بالعالم ( إلا بصورة العالم ) فاجتمع في كل فرد فرد من العالم الناسوت تدبيران من وجهين تدبير بصورته وهي الأسماء الحسنى وحينئذ ليست الأسماء الحسنى والصفات العليا والأعيان الثابتة في العلم من العالم بل هي صورة العالم فصورة العالم ليست من العالم بالنسبة إلى ذي الصورة ، وأما بالنسبة إلى ذات الحق المدبرة لها فهي من العالم فذات الحق مدبرة لها فالمراد هاهنا بالعالم ما عدا الأسماء الحسنى إذ الكلام في عالم الناسوت وهو التابوت والعالم الجسماني وعالم الملك لا في عالم اللاهوت وهو عالم الأسماء والأرواح فتدبير الحق في مثل هذا العالم عالم الأسماء لا يكون إلا بذاته لا بواسطة أمر آخر بخلاف عالم الناسوت فلا بد من تدبير الحق فيها من واسطة وتدبير العالم بالعالم مثله فالحرف الفاصلة بمعنى الواصلة .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولذلك ) أي ولأجل أن الحق ما دبر العالم إلا بصورة العالم ( قال في خلق آدم الذي هو البرنامج ) أي الأنموذج ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال قوله إن اللّه خلق آدم على صورته ) مقول قال ( وليست صورته ) أي صورة الحق ( سوى ) تلك ( الحضرة الإلهية فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية و ) جميع ( حقائق ما خرج ) هو ( عنه ) أي عن هذا المختصر
قال الشيخ رضي الله عنه : ( في العالم الكبير المنفصل ) وإنما قال حقائق ما خرج عنه إذ ما يوجد في المختصر جميع ما في العالم الكبير بصورها وتشخصاتها وتعيناتها بل ما يوجد ما في العالم الكبير إلا بحقائقها وهي الأمور الكلية التي تحتها أفراد شخصية فلا يوجد في الإنسان الكامل الأشخاص الجزئية الموجودة في العالم الكبير بل توجد حقائق تلك الأشخاص فيه ( وجعله روحا للعالم ) الكبير المنفصل ( فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة ) التي خلق اللّه الإنسان الكامل عليها فالمراد بآدم في قوله خلق آدم على صورته هو آدم الحقيقي الذي يسمى الإنسان الكامل والروح المحمدي
وهو قوله أول ما خلق اللّه روحي وهو عالم اللاهوت لا آدم الصوري العنصري وهو جزء من عالم الكبير عالم الملك مسخر لهذا الروح الكلي وهو صورة العالم الكبير وروحه فدبر الحق الإنسان الكامل بذاته ودبر العالم بالإنسان الكامل
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به. وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
في كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم فإنّه ما دبّره إلَّا به أو بصورته ، فما دبّره إلَّا به كتوقّف الولد على وجود الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها ، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلَّتها ، والمحقّقات على حقائقها ، وكل ذلك من العالم ، وهو تدبير الحق فيه ، فما دبّره إلَّا به . وأمّا قولنا : « أو بصورته » - أعني بصورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي يسمّى الحق بها واتّصف بها ) .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ العالم وصورة ظاهريات مظاهر الأسماء الحسنى والصفات العلى ، ولهذا كثرت الصور مع أحدية العين ، فهذه النقوش والأشكال والصور منها ولها وبها ، وباطن العالم وهويته للوجود الحق المتعيّن فيها بحسبها ، فصورة العالم ناسوته ، والتابوت وروحه هو الوجود المتعيّن فيه ، وهو سكينة الربّ ، واليمّ بهذا الاعتبار هو الوجود المطلق الحقّ ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( فما وصل إلينا اسم يسمّى به إلَّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ، فما دبّر العالم أيضا إلَّا بصورة العالم ) .
يعني رضي الله عنه : أنّ الأسماء الإلهية كالحيّ والعالم والمريد والخالق والقادر والرازق التي يسمّى بها الحق حقائقها وأرواحها هي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والخلق والرزق ، وهي موجودة في الحيّ والعالم والمعلوم والمراد والمقدور والمخلوق والمرزوق في العالم ، فما دبّر العالم إلَّا بصورته وهي الهيئة الاجتماعية من الأسماء الإلهية .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرزخ الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال :" إنّ الله خلق آدم على صورته" وليست صورته سوى الحضرة الإلهية ، فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المفصّل وجعله روحا للعالم ، فسخّر له العلو والسفل لكمال الصورة )
فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة ، والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ولا موت ، ووجود فلا عدم ، وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض ،
وحركتها قوله : ( اهْتَزَّتْ ) ، وحملها قوله : ( وَرَبَتْ ) ، وولادتها قوله :
( وَأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) أي أنّها ما ولدت إلَّا ما يشبهها أي طبيعيا مثلها ، فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولَّد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحق كانت الكثرة له ، وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب نشأته حقائق الأسماء الإلهية ، فثبتت به " .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّه كما شفعت النتائج والثمرات أصولها ، كذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحقّ ، فإنّ الأسماء تثبت للوجود الحق بالعالم ، إذ هو المألوه والمربوب المقتضي وجود الربوبية والإلهية .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به )
أي بالعالم ( أو بصورته فما دبره إلا به ، كتوقف الولد على إيجاد الوالد ) فإن التدبير الذي دبره الحق العالم فيه بنفس العالم : أي بعضه ببعض ، وهو مثل توقف الولد على إيجاد الحق الوالد الحقيقي .
"" إضافة بالي زاده :
يعنى أن هذا الرمي إشارة إلى أن النفس الإنسانية ألقيت في تابوت البدن ، ورميت به في يم العلم ، لتكون بهذه القوى الحاصلة مستعلية على فنون العلم .أهـ بالى زادة ""
قال رضي الله عنه : ( والمسببات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها والمعلولات على عللها والمدلولات على أدلتها ، والمحققات على حقائقها ) أي الأشخاص المتحققة على حقائقها النوعية .
قال رضي الله عنه : ( وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه ، فما دبره إلا به ،
وأما قولنا : أو بصورته أعنى صورة العالم فأعنى به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها ، فما وصل إلينا من اسم يسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ، فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم )
ليس المراد بصورة العالم صورته الشخصية الحسية ، وإلا رجع إلى القسم الأول ولم يطابق تفسيره ، بل الصورة النوعية العقلية وهي الأسماء الحسنى وحقائقها التي هي الصفات العلى ، فإن صور العالم مظاهر الأسماء والصفات فهي صوره الحقيقية الباطنة ، والمحسوسات صوره الشخصية الظاهرة ، فهذه نقوش وأشكال تتبدل ،
وتلك بأعيانها باقية ثابتة لا تتبدل ، فهذه هياكل وأشباح وتلك معانيها وأرواحها ،
فكل ما تسمى به الحق من الأسماء كالحي والعالم والمريد والقادر واتصف به من الصفات كالحياة والعلم والإرادة والقدرة موجود في العالم ، فما دبر الله ظواهر العالم إلا ببواطنه
فالقسم الأول : هو تدبير بعض الصور الظاهرة من أجزاء العالم ببعضها ،
والقسم الثاني : تدبير الصور الشخصية الظاهرة بالصور النوعية الباطنة ، وكلاهما تدبير العالم بالعالم ، ومعنى الاسم وروحه حقيقته التي هو به ، فإن الاسم ليس إلا الذات مع الصفة ، فالأسماء كلها بالذات حقيقة واحدة هو الحق تعالى فلا امتياز من هذا الوجه ، فالاسم والمعاني والحقائق التي تحصل بها الأسماء هي الصفات فالمراد بمعنى الاسم وروحه الصفة التي يتميز به الاسم عن غيره ، ومعنى قوله : فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم ، فما دبر العالم إلا بصورته التي هي الهيئة الاجتماعية من الأسماء الإلهية.
"" إضافة بالي زاده :
أي دبر الروح ملكه الذي هو الجسم العنصري بملكه التي هي القوى الكائنة في هذا الناسوت فدبر ملكه بملكه ، كذلك تدبير الحق ما دبر العالم إلا بالعالم .أهـ بالى زادة ""
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال « إن الله خلق آدم على صورته )
الأنمونامج بحذف الذال والأنموذنامج معرب معناه النسج ، ويقال بالفارسية نمودار نامه ، والأول بحذف الدال معرب وفي بعض النسخ البرنامج ، ولعله تصحيف وقع من بعض الناظرين في الكتاب على معنى النسخة الكبرى من العالم ،
وهو في النسخة الأولى المعول عليها أعجمي كالعلم لتعينه الجامع صفة أو خبر ثان الذي هو صدر الصلة ، وعلى الثانية إن صح والمعنى ظاهر ، ومعرب نمودار نامه الأنموذج.
قال رضي الله عنه : ( وليست صورته سوى الحضرة الإلهية ، فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل عنه )
أي وأوجد فيه حقائق الأشياء الخارجة عن الإنسان في العالم الكبير المنفصل ، فإن أجزاء العالم كالسماوات والعناصر والمعادن والنبات وأصناف الحيوانات ليست بموجودة في الإنسان صورها وأشخاصها ،
لكن حقائقها التي بها هي كالأرواح والنفوس الناطقة والمنطبقة والطبائع العنصرية والصور الجسمية المادية والقوى المعدنية والنباتية والحيوانية بأسرها ، وفي الجملة الجواهر والأعراض كلها موجودة فيه فصح أنه تعالى أوجد جميع ما في الحضرة الإلهية ، وجميع الحقائق بأعيانها وأجزائها في الإنسان الكامل
قال رضي الله عنه : ( وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة)
أي بالعالم ، والمعنى أنه كما شفعت المواليد من المواليد من الثمرات والنتائج أصولها فكذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحق ، فإن الأسماء تثنت للوجود الحق بالعالم إذ هو المألوه المربوب المقتضى لوجود الإلهية والربوبية ، وهما لا يكونان إلا بالأسماء .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (كذلك تدبير الحق العالم : فإنه ما دبره إلا به. أو بصورته.) أي ، بالعالم . إذ لولا الأعيان القابلة للتدبير ، ما كان التدبير ، ومن تدبير الحق العالم بالعالم ، جعل بعضها متوقفا على البعض كتوقف المسببات على أسبابها .
والمراد بقوله : ( أو بصورته ) الأعيان الثابتة التي هي الصور العلمية للعالم ، كما فسره من بعد وجعل الأعيان عين الأسماء الحسنى . ولولا تفسيره ، رضي الله عنه ، قوله : ( أو بصورته ) بما ذكر ، لفسرناه بالإنسان الكامل . فإنه على صورة الحق وصورة العالم . وكان حسنا .
فشبه تدبير الحق للعالم بتدبير الروح للبدن ، فكما أن الروح يدبر بدنه بعين البدن - إذ لولا الأعضاء البدنية وقواها ما كان يحصل التدبير كذلك الحق روح العالم يدبر العالم بعين العالم وكما أن الروح يدبر لبدنه بقواه ، كذلك الحق يدبر العالم بأسمائه وصفاته . فنسبة الحق إلى العالم ونسبة العالم إليه كنسبة الروح إلى البدن ونسبة البدن إلى الروح .
قال رضي الله عنه : (فما دبره إلا به) أي ، ما دبر الحق العالم إلا بالعالم . (كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، المسببات على أسبابها والمشروطات على شروطها والمعلولات على عللها والمدلولات على أدلتها والمحققات ) على صيغة المفعول ( على حقائقها . وكل ذلك من العالم . ) أي ، جعل بعضها واسطة في تدبير البعض الآخر وسببا .
قال رضي الله عنه : ( وهو تدبير الحق فيه ، فما دبره إلا به ) وضمير ( هو ) عائد إلى ( التوقف ) . أي ، جعله بعض العالم موقوفا على البعض ، تدبير من الحق في العالم ، فما دبر الحق العالم إلا بالعالم .
قال رضي الله عنه : ( وأما قولنا : "أو بصورته" أعني صورة العالم فأعني به ) أي ، بقولنا صورة العالم .
( الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها ) أطلق الأسماء على الأعيان التي هي صور الأسماء في العلم ، وهي النسب المعنوية ، كما مر مرارا .
فالحق يفيض المعاني على الأعيان القابلة لها بواسطة أسمائه وصفاته
التي هي النسب العقلية ، ويدبر بواسطة الأعيان العلمية الأرواح الخارجية ، وبواسطتها النفوس المنطبعة ، وبها الأبدان الشخصية .
فالأعيان أرواح للأرواح ، وهي لها كالأبدان للأرواح . كما مر في المقدمات . فتظهر ربوبية الرب في جميع مراتب الوجود ، فما دبر العالم إلا بالعالم .
قال رضي الله عنه : (فما وصل إلينا من اسم تسمى به وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم . ) معنى ( الاسم ) وروحه الصفة التي هي المميزة له عن غيره . وجميع الصفات التي هي أرواح الأسماء الواصلة إلينا ، من الحياة والعلم والإرادة والقدرة وغير ذلك ، حاصلة في العالم ، ثابتة له ، والأسماء والصفات من حيث تكثرها وامتيازها عن الذات الأحدية ملحقة بالعالم ، فصح أنه تعالى ما دبر العالم إلا بالعالم .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك ) أي ، ولأجل أنه تعالى دبر العالم بالعالم ، جعل آدم خليفة على العالم ودبر العالم به . ( قال في حق آدم الذي هو البرنامج ) ( البرنامج ) فارسي معرب أصله : ( البرنامه ) . و ( بر ) بالفارسية هو ( الصدر ) . أي ، صدر المكتوب .
والمراد به ( الأنموذج ) وهو أيضا معرب ( نمودار ) بالفارسية ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال "إن الله خلق آدم على صورته" . وليست صورته ) أي ، صورة الحق ( سوى الحضرة الإلهية ) وهي حضرة الأسماء والصفات .
قال رضي الله عنه : ( فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية ) التي هي النسب الذاتية ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، وجعله روحا للعالم ، فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة . ) التي خلقه الله عليها .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:40 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السادسة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحقّ العالم فإنّه ما دبّره إلّا به أو بصورته ، فما دبّره إلّا به كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها ، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلّتها ، والمحقّقات على حقائقها ، وكلّ ذلك من العالم ، وهو تدبير الحقّ فيه فما دبّره إلّا به ، وأمّا قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصّفات العلى الّتي تسمّى الحقّ بها واتّصف بها ، فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبّر العالم أيضا إلّا بصورة العالم ).
ثم يكمل تشبهه به باستعمال تلك القوى في تحصيل الكمالات المرادة منها ؛ لأنه إذا علم ذلك من نفسه مع بدنه ، علم أنه ( كذلك تدبير الحق للعالم ؛ لأنه ما دبره إلا به ) أي :
بما هو من أجزائه ( أو بصورته ) ، أي : صورة العالم من الأسماء الإلهية والصفات ، وهي وإن كانت صورة الحق ، فهي من حيث إن معانيها أرواحها في العالم صورة المعالم ( فما دبره ) في الوجهين ( إلا به ) ؛ لأن تدبيره ( بصورته ) من الأسماء تدبير بما فيه من معانيها ، فمثال تدبير العالم بنقص أجزائه .
قال رضي الله عنه : ( كتوقف ) إيجاد ( الولد ) من حيث هو ولد ( على إيجاد الوالد ) ، وتوقف إيجاد ( المسببات على أسبابها ) ، والسبب ما يتوقف عليه الشيء ويؤثر فيه ، ولكن لا يوجب وجوده ، ( والمشروطات على شروطها ) ، والشرط ما يتوقف عليه الشيء ، ويؤثر فيه ويوجبه هذا في الموجودات الخارجية .
وأما الموجودات الذهنية فيتوقف إيجاد ( المدلولات ) في الذهن ( على ) إيجاد ( أدلتها ) في الذهن ، وتوقف إيجاد ( المحققات على حقائقها ) ، وهي من حيث هي أعم من الخارجية ( وكل ذلك ) أي : الأسباب ، والشروط ، والعلل ، والأدلة ، والحقائق ( من ) أجزاء ( العالم ، وهو ) أي : ترتيب الولد ، والمسبب ، والمشروط ، والمعلول على الوالد ، والسبب ، والشرط ، والعلة
قال رضي الله عنه : ( تدبير الحق فيه ) ، أي : في العالم وجملة ما في العالم منحصر في هذه الأقسام ، ( فما دبره إلا به ) بالاستقراء التام ، لكنه إنما يتم في الولد ، والمسببات ، والمشروطات ، والمعلولات لا في الوالد ، والسبب ، والشرط ، والعلة السابق منها ، فالتدبير فيه بصورته ، فأشار إليه بقوله : ( وأما قولنا أو بصورته أعني : صورة العالم ) بينه ؛ لئلا يتوهم أنها صورة الحق ، فلا يكون تدبير الحق بها للعالم تدبيرا بالعالم ، ( فأعني به ) أي : بذلك القول
قال رضي الله عنه : ( الأسماء الحسنى ، والصفات العلا ) ، فإنها وإن كانت هي ( التي تسمى الحق بها واتصف بها ) ، فهي صورة العالم إذ هي صور لما في العالم من المعاني والأرواح ، وإن كانت صور العالم صورا لهذه الأسماء ، كما أنها صور لتلك المعاني والأرواح ، ولا يختص بذلك بعض الأسماء دون بعض مما ظهر لنا .
قال رضي الله عنه : ( فما وصل إلينا ) بطريق الكتاب أو السنة ، أو الإجماع أو الكشف ( من اسم تسمى به ) ، وإن كان من الأسماء المختصة به كاللّه والرحمن ( إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ) ، والشيء صورة لمعناه وروحه ، فالأسماء الإلهية صور لما في العالم من المعاني والأرواح ، والاسم عبارة عن الذات مع الصفة ، والذات صورة للعالم ، فالصورة الحقيقية له هي الصفات ، وإذا كان تدبير العالم بهذه الأسماء والصفات ، ( فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم ) ، وهو تدبير له بما فيه من معانيها وأرواحها ، فهو أيضا تدبير العالم بالعالم .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال في آدم الّذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة الّتي هي الذات والصّفات والأفعال : « إنّ اللّه خلق آدم على صورته » ، وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة ، فأوجد في هذا المختصر الشّريف الّذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، وجعله روحا للعالم فسخّر له العلو والسّفل لكمال الصّورة ).
قال رضي الله عنه : ( ولذلك ) أي : ولكون تدبير الحق للعالم بصورة العالم ( قال ) على لسان رسوله الذي وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى [ النجم : 3 ، 4 ] .
( في ) حق ( آدم الذي هو البرنامج ) معرب « نموجه » ، وقد حذفت منه الذال ، وقد يقال فيه : الأنموذج وهو لحن العامة ، والصواب « النموذج » معرب ، وفي بعض النسخ : "البرنامج معرب برنامه " ، وإنما كان أنموذج العالم ؛ لكونه ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية ) أي : معانيها (التي هي الذات والصفات والأفعال)، إذ ظهر فيه الوجود، والصفات السبع، والصناعات ، فكانت الذات والصفات والأفعال صورة لما فيه («إن اللّه خلق آدم على صورته»).
أي : صورة آدم كما يقوله بعض أهل الظاهر ، لكنهم يتوهمون أن المراد منه أنه خلق من أول الأمر على ما كان عليه حال الكبر ، وليس فيه فائدة يعتد بها ، إذ لم يكن متولدا من الأبوين ، بل المراد على صورته من الذات والصفات والأفعال ،
كما أشار إليه بقوله : (وليست صورته ) أي : صورة آدم حين خلق ( سوى الحضرة الإلهية ) التي هي صورة لما في آدم من هذه النعوت ، فاتفق هذا القول بقول من جعل الضمير للّه تعالى ، لكن لا يكون بذلك نموذج العالم من كل وجه ؛ لاختصاصه بحقائق انفصل بها عن الحق .
قال رضي الله عنه : ( فأوجدها في هذا المختصر ) لا في كل واحد مما صدق عليه الإنسان عرفا ، بل في ( الشريف ) منه ( الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية ) ، أي : معانيها وأرواحها ، وهذا الوجد به اتصال العالم بالحق ، وكذا إيصال الإنسان به وجمع فيه أيضا ( حقائق ما خرج عنه ) ، أي : عن الحق ، فلم يكن من معاني أسمائه وأرواحها ، وإنما كان من آثارها ( في العالم الكبير المنفصل ) عن الحق بتلك الحقائق ؛ لجمعه بين الأسماء الإلهية ، وبين تلك الحقائق ؛
ولذلك ( جعله روحا للعالم ) ، إذ صار مناسبا للحق وللعالم والروح مسخر له البدن ، ( فسخر له العلو ) أي : الأرواح العلوية ( والسفل ) ، أي : الأجسام السفلية ، وإنما كان روحا للعالم مع كون العالم جامعا بين الأسماء الإلهية ، والحقائق الخارجة عنه ؛ ( لكمال الصورة ) الإنسانية بخلاف صورة العالم .
وإذا كان إلقاء موسى في التابوت إشارة إلى إلقاء الروح في البدن ، وإلقاء التابوت في اليم إشارة إلى : إلقاء الروح بواسطة البدن في فنون العلوم المختلفة الموجبة لإنسانيته الكاملة المنجية من موت الجهل الجاهل إنسانيته محض الحيوانية ،
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
كيفيّة تدبير العالم
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحقّ العالم ، ما دبّره إلا به ) نفسه ( أو بصورته ) الوجوديّة التي هذه الأشكال والصور الكونيّة من ظلالها ( فما دبّره إلَّا به ) نفسه كتدبير بعض أجزاء العالم بالبعض وتوقّفه عليه ، ( كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ) فإنّ تدبير وجود الولد إنما هو بالوالد وإيجاده إيّاه مع تباين ذاتيهما وضعف القوّة الارتباطيّة .
قال رضي الله عنه : (والمسبّبات على أسبابها ) ، فإنّ تدبير السرير - مثلا - في العالم إنما هو بالنجّار وتخيّله صورته وغايته المترتّبة عليه ، المشوّقة له إلى تحريكه نحو ترتيب المادّة والصورة منه ، وهذا الارتباط أقوى من الأول ، ولكنه إنما يحتاج إلى عدم المانع ووجود المقتضي ، وهو المعبّر عنه بالشرط ، ولذلك قال بعده : ( والمشروطات على شروطها ) فإنّه تدبّر بها ويترتّب عليها وجود المسبّبات ضرورة .
هذا كلَّه في المركَّبات الامتزاجيّة الزمانيّة ، وأمّا في المجرّدات والعقليّات وما بعدها من الحقائق الجلائيّة كتدبير المعلولات بعللها التامّة فإليه أشار بقوله : ( والمعلولات على عللها ) هذا الارتباط مع تباين الوجودين في الخارج وأما فيما لا تغاير بين وجودي المرتبطين في الخارج فلا شكّ في قوّة الجهة الارتباطيّة هناك ، فلذلك تراه موصلا - لمن تحقّق بأحدهما - إلى الآخر.
وهما قسمان :
أحدهما ما اشتمل على نسبة مستقلة ،
والآخر ما لا نسبة فيه أيضا والأول هو المشار إليه بقوله : ( والمدلولات على أدلَّتها ) ، فإنّه انما يدبّر في تحصيل المدلول بدليله ، والقوّة الارتباطيّة بينهما وصلت إلى مرتبة الاتّحاد ، فإنّ الأدلة تحمل على مدلولاتها بـ هو هو ، ولكن ذلك الاتّحاد في الخارج فقط ، وأمّا في العقل فبينهما تغاير ، ضرورة أنّ الدليل سابق فيه ، وهو الذي توصل المتحقّق به إلى المدلول .
هذا فيما فيه نسبة ، وأمّا ما لا نسبة فيه وهو الغاية في سلسلة الربط الاتّحادي التدبيري فإليه أشار بقوله : ( والمحقّقات بحقائقها ) كالأشخاص المحقّقة الخارجيّة ، فإنّه إنما يدبّر تحصيلها بحقائقها النوعيّة التي هي عينها خارجا وعقلا ، ظاهرا وباطنا فلا تغفل عن تدرّج هذه القوّة الارتباطيّة إلى الوحدة الجمعيّة العينيّة وما نبّهت عليه في المقدّمة أنّ العالم مشتمل على أفراد وأعيان متفرّقة ،
وعلى نسب جمعيّة بينها ولذلك قال : ( وكلّ ذلك من العالم و ) الارتباط الوحداني منه بين الأفراد ( هو تدبير الحقّ فيه ، فما دبّره إلا به ) .
العالم تجلي الأسماء الحسنى وصفات الحقّ العلى
قال رضي الله عنه : ( وأمّا قولنا : « أو بصورته » أعني بصورة العالم ) إشارة إليه بلسان التفصيل كما عبّر عنه أولا بلسان الإجمال ، وذلك لأنّه قد اطَّلعت مما وقفت عليه آنفا أن للعالم صورة كونيّة هي عبارة عن كثرة نسبيّة .
وذلك أعيانها المفردة الظاهرة حسّا - وصورة وجوديّة هي عبارة عن وحدة نسبيّة ، وذلك هي النسب الجمعيّة المتبطَّنة فيه ، الظاهرة أحكامها وآثارها في الإنسان .
وتلك النسب في الحقيقة هي أسماء الحق وأوصافه ، كالحياة والعلم والقدرة والإرادة وغيرها ، وهي التي فيه مستند الأفعال والآثار والأحكام وبيّن أنّ إطلاق صورة العالم على المعنى الثاني منهما غريب في مدارك العامّة من المسترشدين ،
فلذلك خصّه بالذكر قائلا : ( فأعني به الأسماء الحسنى ) .
ثمّ إنّه كما أنّ للعالم ظاهرا محسوسا وباطنا معقولا ، لا بدّ وأن يكون للصورة منه ما يطابق الطرفين جميعا ، فلذلك قال : ( والصفات العلى ) إشارة إلى ما يطابق طرف الباطن منها ، كما أنّ الأول إشارة إلى ما يطابق طرف الصورة وفي عبارته إشارة غير خفيّة إلى الطرفين ، حيث وصفهما بالحسنى والعلى فإنّ الحسن مقتضى الظاهر ، كما أن العلوّ مقتضى الباطن .
ثمّ إنّه يريد أن يبيّن ما به يتحقّق وجوديّة هذه الصورة منهما ، وكونها وحدة نسبيّة فقال : ( التي تسمّى الحقّ بها ) اسما حسنا ( واتّصف بها ) صفة عليّا .
وقوله رضي الله عنه : ( فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلَّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه ) بطرفيه ( في العالم ) إشارة إلى بيان كونه صورة وذلك أنّ المعنيّ من معنى الشيء هو طرف خفائه واندماج أحكامه وآثاره ، وما يقرب إلى العدم منه .
وبيّن أنّ الصورة الكونيّة بهذه النسبة أولى من الوجوديّ ، فإنّ معنى الأسماء حقيقة هو الأعيان الكونيّة ، وإن كان بحسب مداركنا إذا قسنا إلى الترتيب الواقع فيها ظهر الأمر على عكس ذلك ولكن الكلام هاهنا إنما هو بحسب الأمر نفسه لا بحسب المدارك والمجالي ، فإنّها نسب تتخالف بالاعتبار .
قال رضي الله عنه : ( فما دبّر العالم ) في لسان التفصيل ( أيضا إلا بصورة العالم ) .
آدم هو الجامع بين الصورتين
ثمّ إنّ مجموع الصورتين بأحديّة جمع الصور إنما هو صورة الحقّ ، وآدم هو الجامع بينهما
( ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج ) - معرّب " برنامه " بالفارسية . وفي بعض النسخ : « هو الأنمونامج » ، معرّب " نموذ نامه " .
وعلى التقديرين هو العنوان الجامع لما في صحيفة الكتاب من السلام والأوصاف والأحكام - فإنّ آدم أيضا هو ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة التي هي الذات والصفات والأفعال : " إن الله خلق آدم على صورته"). رواه البخاري و مسلم وابن حبان و أحمد في المسند و البيهقي وغيرهم .
فإنّ في اسم « آدم » ما يلوح على المراتب الثلاث التي للحضرة الإلهيّة فإنّ « الألف » إشارة إلى الذات ، و « الدال » الدالَّة على الأسماء إشارة إلى الصفات ، لأنّها مبدأ الاسم ، دالَّة عليه و " الميم " المتمّم للكل إشارة إلى الأفعال كما أن في اسم « الله » ما يلوّح على تفصيل الحضرة الإلهيّة وتكرار اللام الدالّ على الصفات في هذا السياق يلوّح إلى ما للصفات من النسبة إلى الذات ، وهي التي تصير بها أسماء الحقّ وإلى الأفعال والآثار التي باعتبارها تصير عينا .
آدم جامع الأسماء الإلهيّة
قال رضي الله عنه : ( وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة ) الظاهرة بها آدم ، فهو مثله - وليس كمثله شيء .
( فأوجد في هذا المختصر الشريف ) الممتزج به صور التفاصيل امتزاجا تنعكس به نسبة بعضها إلى البعض ، به يأنس الكلّ ضرورة أنّ الاختصار يوجب قرب الأجزاء ، والقرب يستلزم الأنس ، فحيثيّة الاختصار فيه هو مبدأ تسميته بالإنسان ،
ولذلك وصفه بقوله رضي الله عنه : (الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة ) ، التي هي الصورة الوجوديّة للعالم ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ) بعضها عن البعض ، فإنّها أعيان مفردة متمايزة بالذات كثيرة ، وهي الصورة الكونيّة للعالم ، فللإنسان الصورة الكاملة الجامعة بين الجمع الوجوديّ والتفرقة الكونيّة .
آدم روح العالم والعالم مسخّر له
قال رضي الله عنه : ( وجعله ) باعتبار تلك الجمعيّة والكمال ( روحا للعالم ) ، مقوّما لأعيانه المتفرّقة المنفصلة بالذات ، بأن صيّر ذلك الكثير شخصا واحدا ، تقويم الروح الحيواني جسده .
( فسخّر له العلو ) وهو طرف اللطائف الروحانية والمجرّدات ( والسفل ) وهو طرف الكثائف الجسمانيّة والمتعلَّقات بالموادّ الهيولانيّة ، ( لكمال الصورة ) الجامعة بين الكيانيّة من الصور والإلهيّة منها وبهذا الكمال يطلق عليه المثليّة .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحقّ العالم فإنّه ما دبّره إلّا به أو بصورته. فما دبّره إلّا به كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها، والمدلولات على أدلّتها ، والمحقّقات على حقائقها. وكلّ ذلك من العالم.)
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم فإن ما دبره إلا به أو بصورته فما دبره إلا به ) ، أي فالذي دبره ( كتوقف الولد على إيجاد الوالد و ) كتوقف ( المسببات على أسبابها ) كتوقف السرير على النجار والخشب وتخيله صورته وغايته ولكنه مع ذلك يحتاج إلى عدم المانع ووجود المقتضى وهو المعبر عنه بالشرط .
( و ) كتوقف ( المشروطات على شروطها ) ، كما عرفت مثالهما ( و ) كتوقف ( المعلولات على عللها ) التامة كتوقف وجود النهار على طلوع الشمس ( و ) كتوقف ( المدلولات على دلائلها و ) كتوقف ( المحققات ) بصيغة اسم المفعول ، أي الأشخاص ( على حقائقها ) النوعية التي عينها خارجا وعقلا ظاهرا وباطنا ( وكل ذلك من العالم وهو ) ، أي جعل العالم موقوفا بعضه على بعض
قال رضي الله عنه : ( وهو تدبير الحقّ فيه فما دبّره إلّا به . وأمّا قولنا أو بصورته - أعني صورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصّفات العلى الّتي تسمّى الحقّ بها واتّصف بها .
فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبّر العالم أيضا إلّا بصورة العالم . ولذلك قال في آدم الّذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة الّتي هي الذات والصّفات والأفعال : « إنّ اللّه خلق آدم على صورته » وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة . فأوجد في هذا المختصر الشّريف الّذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، وجعله روحا للعالم )
قال رضي الله عنه : ( تدبير الحق فيه فما دبره ) ، أي العالم ( إلا به ) ، أي بالعالم .
( وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها ) ، باسم حسن ( واتصف بها ) بصفة علياء ( فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ) ، ومن البين أن الاسم صورة لمعناه وروحه ، فإذا كان معناه وروحه مما في العالم يكون هو صورة ما في العالم ( فما دبر العالم ) إذ دبر بأسمائه الحسنى ( أيضا إلا بصورة العالم ) ، وكما أن الأسماء الحسنى والصفات العلى صورة العالم كذلك هي صورة الحضرة الإلهية . ( ولذلك قال في حق آدم الذي هو البرنامج ) معرب برنامه.
وفي بعض النسخ هو الأنمونامج معرب بمونامه . وعلى التقديرين هو العنوان الجامع لما في صحيفة الكتاب من السلام والأوصاف والأحكام فإن آدم أيضا هو ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال : « إن اللّه خلق آدم على صورته » وليست صورته سوى الحضرة الإلهية . فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ) بعضها عن بعض
وإنما قال : وحقائق ما خرج منه في العالم الكبير ، لأن جميع ما في العالم ليست موجودة في الإنسان بحسب صورها بل بحسب حقائقها التي هي بها هي ( وجعله ) ، باعتبار تلك الجمعية ( روحا للعالم ) ، بأن صير ذلك الكثير شخصا واحدا تصير الروح الأعضاء المتكثرة جسدا واحدا.
قال رضي الله عنه : ( فسخّر له العلو والسّفل لكمال الصّورة .) تصير الروح الأعضاء المتكثرة جسدا واحدا ( فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة ) وجامعيتها الصورة الإلهية والكونية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحقّ العالم فإنّه ما دبّره إلّا به أو بصورته ، فما دبّره إلّا به كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها ، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلّتها ، والمحقّقات على حقائقها ، وكلّ ذلك من العالم ، وهو تدبير الحقّ فيه فما دبّره إلّا به ، وأمّا قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصّفات العلى الّتي تسمّى الحقّ بها واتّصف بها ، فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبّر العالم أيضا إلّا بصورة العالم ).
ثم يكمل تشبهه به باستعمال تلك القوى في تحصيل الكمالات المرادة منها ؛ لأنه إذا علم ذلك من نفسه مع بدنه ، علم أنه ( كذلك تدبير الحق للعالم ؛ لأنه ما دبره إلا به ) أي :
بما هو من أجزائه ( أو بصورته ) ، أي : صورة العالم من الأسماء الإلهية والصفات ، وهي وإن كانت صورة الحق ، فهي من حيث إن معانيها أرواحها في العالم صورة المعالم ( فما دبره ) في الوجهين ( إلا به ) ؛ لأن تدبيره ( بصورته ) من الأسماء تدبير بما فيه من معانيها ، فمثال تدبير العالم بنقص أجزائه .
قال رضي الله عنه : ( كتوقف ) إيجاد ( الولد ) من حيث هو ولد ( على إيجاد الوالد ) ، وتوقف إيجاد ( المسببات على أسبابها ) ، والسبب ما يتوقف عليه الشيء ويؤثر فيه ، ولكن لا يوجب وجوده ، ( والمشروطات على شروطها ) ، والشرط ما يتوقف عليه الشيء ، ويؤثر فيه ويوجبه هذا في الموجودات الخارجية .
وأما الموجودات الذهنية فيتوقف إيجاد ( المدلولات ) في الذهن ( على ) إيجاد ( أدلتها ) في الذهن ، وتوقف إيجاد ( المحققات على حقائقها ) ، وهي من حيث هي أعم من الخارجية ( وكل ذلك ) أي : الأسباب ، والشروط ، والعلل ، والأدلة ، والحقائق ( من ) أجزاء ( العالم ، وهو ) أي : ترتيب الولد ، والمسبب ، والمشروط ، والمعلول على الوالد ، والسبب ، والشرط ، والعلة
قال رضي الله عنه : ( تدبير الحق فيه ) ، أي : في العالم وجملة ما في العالم منحصر في هذه الأقسام ، ( فما دبره إلا به ) بالاستقراء التام ، لكنه إنما يتم في الولد ، والمسببات ، والمشروطات ، والمعلولات لا في الوالد ، والسبب ، والشرط ، والعلة السابق منها ، فالتدبير فيه بصورته ، فأشار إليه بقوله : ( وأما قولنا أو بصورته أعني : صورة العالم ) بينه ؛ لئلا يتوهم أنها صورة الحق ، فلا يكون تدبير الحق بها للعالم تدبيرا بالعالم ، ( فأعني به ) أي : بذلك القول
قال رضي الله عنه : ( الأسماء الحسنى ، والصفات العلا ) ، فإنها وإن كانت هي ( التي تسمى الحق بها واتصف بها ) ، فهي صورة العالم إذ هي صور لما في العالم من المعاني والأرواح ، وإن كانت صور العالم صورا لهذه الأسماء ، كما أنها صور لتلك المعاني والأرواح ، ولا يختص بذلك بعض الأسماء دون بعض مما ظهر لنا .
قال رضي الله عنه : ( فما وصل إلينا ) بطريق الكتاب أو السنة ، أو الإجماع أو الكشف ( من اسم تسمى به ) ، وإن كان من الأسماء المختصة به كاللّه والرحمن ( إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ) ، والشيء صورة لمعناه وروحه ، فالأسماء الإلهية صور لما في العالم من المعاني والأرواح ، والاسم عبارة عن الذات مع الصفة ، والذات صورة للعالم ، فالصورة الحقيقية له هي الصفات ، وإذا كان تدبير العالم بهذه الأسماء والصفات ، ( فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم ) ، وهو تدبير له بما فيه من معانيها وأرواحها ، فهو أيضا تدبير العالم بالعالم .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال في آدم الّذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة الّتي هي الذات والصّفات والأفعال : « إنّ اللّه خلق آدم على صورته » ، وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة ، فأوجد في هذا المختصر الشّريف الّذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، وجعله روحا للعالم فسخّر له العلو والسّفل لكمال الصّورة ).
قال رضي الله عنه : ( ولذلك ) أي : ولكون تدبير الحق للعالم بصورة العالم ( قال ) على لسان رسوله الذي وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى [ النجم : 3 ، 4 ] .
( في ) حق ( آدم الذي هو البرنامج ) معرب « نموجه » ، وقد حذفت منه الذال ، وقد يقال فيه : الأنموذج وهو لحن العامة ، والصواب « النموذج » معرب ، وفي بعض النسخ : "البرنامج معرب برنامه " ، وإنما كان أنموذج العالم ؛ لكونه ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية ) أي : معانيها (التي هي الذات والصفات والأفعال)، إذ ظهر فيه الوجود، والصفات السبع، والصناعات ، فكانت الذات والصفات والأفعال صورة لما فيه («إن اللّه خلق آدم على صورته»).
أي : صورة آدم كما يقوله بعض أهل الظاهر ، لكنهم يتوهمون أن المراد منه أنه خلق من أول الأمر على ما كان عليه حال الكبر ، وليس فيه فائدة يعتد بها ، إذ لم يكن متولدا من الأبوين ، بل المراد على صورته من الذات والصفات والأفعال ،
كما أشار إليه بقوله : (وليست صورته ) أي : صورة آدم حين خلق ( سوى الحضرة الإلهية ) التي هي صورة لما في آدم من هذه النعوت ، فاتفق هذا القول بقول من جعل الضمير للّه تعالى ، لكن لا يكون بذلك نموذج العالم من كل وجه ؛ لاختصاصه بحقائق انفصل بها عن الحق .
قال رضي الله عنه : ( فأوجدها في هذا المختصر ) لا في كل واحد مما صدق عليه الإنسان عرفا ، بل في ( الشريف ) منه ( الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية ) ، أي : معانيها وأرواحها ، وهذا الوجد به اتصال العالم بالحق ، وكذا إيصال الإنسان به وجمع فيه أيضا ( حقائق ما خرج عنه ) ، أي : عن الحق ، فلم يكن من معاني أسمائه وأرواحها ، وإنما كان من آثارها ( في العالم الكبير المنفصل ) عن الحق بتلك الحقائق ؛ لجمعه بين الأسماء الإلهية ، وبين تلك الحقائق ؛
ولذلك ( جعله روحا للعالم ) ، إذ صار مناسبا للحق وللعالم والروح مسخر له البدن ، ( فسخر له العلو ) أي : الأرواح العلوية ( والسفل ) ، أي : الأجسام السفلية ، وإنما كان روحا للعالم مع كون العالم جامعا بين الأسماء الإلهية ، والحقائق الخارجة عنه ؛ ( لكمال الصورة ) الإنسانية بخلاف صورة العالم .
وإذا كان إلقاء موسى في التابوت إشارة إلى إلقاء الروح في البدن ، وإلقاء التابوت في اليم إشارة إلى : إلقاء الروح بواسطة البدن في فنون العلوم المختلفة الموجبة لإنسانيته الكاملة المنجية من موت الجهل الجاهل إنسانيته محض الحيوانية ،
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
كيفيّة تدبير العالم
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحقّ العالم ، ما دبّره إلا به ) نفسه ( أو بصورته ) الوجوديّة التي هذه الأشكال والصور الكونيّة من ظلالها ( فما دبّره إلَّا به ) نفسه كتدبير بعض أجزاء العالم بالبعض وتوقّفه عليه ، ( كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ) فإنّ تدبير وجود الولد إنما هو بالوالد وإيجاده إيّاه مع تباين ذاتيهما وضعف القوّة الارتباطيّة .
قال رضي الله عنه : (والمسبّبات على أسبابها ) ، فإنّ تدبير السرير - مثلا - في العالم إنما هو بالنجّار وتخيّله صورته وغايته المترتّبة عليه ، المشوّقة له إلى تحريكه نحو ترتيب المادّة والصورة منه ، وهذا الارتباط أقوى من الأول ، ولكنه إنما يحتاج إلى عدم المانع ووجود المقتضي ، وهو المعبّر عنه بالشرط ، ولذلك قال بعده : ( والمشروطات على شروطها ) فإنّه تدبّر بها ويترتّب عليها وجود المسبّبات ضرورة .
هذا كلَّه في المركَّبات الامتزاجيّة الزمانيّة ، وأمّا في المجرّدات والعقليّات وما بعدها من الحقائق الجلائيّة كتدبير المعلولات بعللها التامّة فإليه أشار بقوله : ( والمعلولات على عللها ) هذا الارتباط مع تباين الوجودين في الخارج وأما فيما لا تغاير بين وجودي المرتبطين في الخارج فلا شكّ في قوّة الجهة الارتباطيّة هناك ، فلذلك تراه موصلا - لمن تحقّق بأحدهما - إلى الآخر.
وهما قسمان :
أحدهما ما اشتمل على نسبة مستقلة ،
والآخر ما لا نسبة فيه أيضا والأول هو المشار إليه بقوله : ( والمدلولات على أدلَّتها ) ، فإنّه انما يدبّر في تحصيل المدلول بدليله ، والقوّة الارتباطيّة بينهما وصلت إلى مرتبة الاتّحاد ، فإنّ الأدلة تحمل على مدلولاتها بـ هو هو ، ولكن ذلك الاتّحاد في الخارج فقط ، وأمّا في العقل فبينهما تغاير ، ضرورة أنّ الدليل سابق فيه ، وهو الذي توصل المتحقّق به إلى المدلول .
هذا فيما فيه نسبة ، وأمّا ما لا نسبة فيه وهو الغاية في سلسلة الربط الاتّحادي التدبيري فإليه أشار بقوله : ( والمحقّقات بحقائقها ) كالأشخاص المحقّقة الخارجيّة ، فإنّه إنما يدبّر تحصيلها بحقائقها النوعيّة التي هي عينها خارجا وعقلا ، ظاهرا وباطنا فلا تغفل عن تدرّج هذه القوّة الارتباطيّة إلى الوحدة الجمعيّة العينيّة وما نبّهت عليه في المقدّمة أنّ العالم مشتمل على أفراد وأعيان متفرّقة ،
وعلى نسب جمعيّة بينها ولذلك قال : ( وكلّ ذلك من العالم و ) الارتباط الوحداني منه بين الأفراد ( هو تدبير الحقّ فيه ، فما دبّره إلا به ) .
العالم تجلي الأسماء الحسنى وصفات الحقّ العلى
قال رضي الله عنه : ( وأمّا قولنا : « أو بصورته » أعني بصورة العالم ) إشارة إليه بلسان التفصيل كما عبّر عنه أولا بلسان الإجمال ، وذلك لأنّه قد اطَّلعت مما وقفت عليه آنفا أن للعالم صورة كونيّة هي عبارة عن كثرة نسبيّة .
وذلك أعيانها المفردة الظاهرة حسّا - وصورة وجوديّة هي عبارة عن وحدة نسبيّة ، وذلك هي النسب الجمعيّة المتبطَّنة فيه ، الظاهرة أحكامها وآثارها في الإنسان .
وتلك النسب في الحقيقة هي أسماء الحق وأوصافه ، كالحياة والعلم والقدرة والإرادة وغيرها ، وهي التي فيه مستند الأفعال والآثار والأحكام وبيّن أنّ إطلاق صورة العالم على المعنى الثاني منهما غريب في مدارك العامّة من المسترشدين ،
فلذلك خصّه بالذكر قائلا : ( فأعني به الأسماء الحسنى ) .
ثمّ إنّه كما أنّ للعالم ظاهرا محسوسا وباطنا معقولا ، لا بدّ وأن يكون للصورة منه ما يطابق الطرفين جميعا ، فلذلك قال : ( والصفات العلى ) إشارة إلى ما يطابق طرف الباطن منها ، كما أنّ الأول إشارة إلى ما يطابق طرف الصورة وفي عبارته إشارة غير خفيّة إلى الطرفين ، حيث وصفهما بالحسنى والعلى فإنّ الحسن مقتضى الظاهر ، كما أن العلوّ مقتضى الباطن .
ثمّ إنّه يريد أن يبيّن ما به يتحقّق وجوديّة هذه الصورة منهما ، وكونها وحدة نسبيّة فقال : ( التي تسمّى الحقّ بها ) اسما حسنا ( واتّصف بها ) صفة عليّا .
وقوله رضي الله عنه : ( فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلَّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه ) بطرفيه ( في العالم ) إشارة إلى بيان كونه صورة وذلك أنّ المعنيّ من معنى الشيء هو طرف خفائه واندماج أحكامه وآثاره ، وما يقرب إلى العدم منه .
وبيّن أنّ الصورة الكونيّة بهذه النسبة أولى من الوجوديّ ، فإنّ معنى الأسماء حقيقة هو الأعيان الكونيّة ، وإن كان بحسب مداركنا إذا قسنا إلى الترتيب الواقع فيها ظهر الأمر على عكس ذلك ولكن الكلام هاهنا إنما هو بحسب الأمر نفسه لا بحسب المدارك والمجالي ، فإنّها نسب تتخالف بالاعتبار .
قال رضي الله عنه : ( فما دبّر العالم ) في لسان التفصيل ( أيضا إلا بصورة العالم ) .
آدم هو الجامع بين الصورتين
ثمّ إنّ مجموع الصورتين بأحديّة جمع الصور إنما هو صورة الحقّ ، وآدم هو الجامع بينهما
( ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج ) - معرّب " برنامه " بالفارسية . وفي بعض النسخ : « هو الأنمونامج » ، معرّب " نموذ نامه " .
وعلى التقديرين هو العنوان الجامع لما في صحيفة الكتاب من السلام والأوصاف والأحكام - فإنّ آدم أيضا هو ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة التي هي الذات والصفات والأفعال : " إن الله خلق آدم على صورته"). رواه البخاري و مسلم وابن حبان و أحمد في المسند و البيهقي وغيرهم .
فإنّ في اسم « آدم » ما يلوح على المراتب الثلاث التي للحضرة الإلهيّة فإنّ « الألف » إشارة إلى الذات ، و « الدال » الدالَّة على الأسماء إشارة إلى الصفات ، لأنّها مبدأ الاسم ، دالَّة عليه و " الميم " المتمّم للكل إشارة إلى الأفعال كما أن في اسم « الله » ما يلوّح على تفصيل الحضرة الإلهيّة وتكرار اللام الدالّ على الصفات في هذا السياق يلوّح إلى ما للصفات من النسبة إلى الذات ، وهي التي تصير بها أسماء الحقّ وإلى الأفعال والآثار التي باعتبارها تصير عينا .
آدم جامع الأسماء الإلهيّة
قال رضي الله عنه : ( وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة ) الظاهرة بها آدم ، فهو مثله - وليس كمثله شيء .
( فأوجد في هذا المختصر الشريف ) الممتزج به صور التفاصيل امتزاجا تنعكس به نسبة بعضها إلى البعض ، به يأنس الكلّ ضرورة أنّ الاختصار يوجب قرب الأجزاء ، والقرب يستلزم الأنس ، فحيثيّة الاختصار فيه هو مبدأ تسميته بالإنسان ،
ولذلك وصفه بقوله رضي الله عنه : (الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة ) ، التي هي الصورة الوجوديّة للعالم ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ) بعضها عن البعض ، فإنّها أعيان مفردة متمايزة بالذات كثيرة ، وهي الصورة الكونيّة للعالم ، فللإنسان الصورة الكاملة الجامعة بين الجمع الوجوديّ والتفرقة الكونيّة .
آدم روح العالم والعالم مسخّر له
قال رضي الله عنه : ( وجعله ) باعتبار تلك الجمعيّة والكمال ( روحا للعالم ) ، مقوّما لأعيانه المتفرّقة المنفصلة بالذات ، بأن صيّر ذلك الكثير شخصا واحدا ، تقويم الروح الحيواني جسده .
( فسخّر له العلو ) وهو طرف اللطائف الروحانية والمجرّدات ( والسفل ) وهو طرف الكثائف الجسمانيّة والمتعلَّقات بالموادّ الهيولانيّة ، ( لكمال الصورة ) الجامعة بين الكيانيّة من الصور والإلهيّة منها وبهذا الكمال يطلق عليه المثليّة .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم ما دبره إلا به أو بصورته، فما دبره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على سبابها، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلتها، و المحققات على حقائقها. وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها واتصف بها . فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم. فما دبر العالم أيضا إلا بصورة العالم.
ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن الله خلق آدم على صورته». وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحا للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة. )
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحقّ العالم فإنّه ما دبّره إلّا به أو بصورته. فما دبّره إلّا به كتوقّف الولد على إيجاد الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها، والمعلولات على عللها، والمدلولات على أدلّتها ، والمحقّقات على حقائقها. وكلّ ذلك من العالم.)
قال رضي الله عنه : ( كذلك تدبير الحق العالم فإن ما دبره إلا به أو بصورته فما دبره إلا به ) ، أي فالذي دبره ( كتوقف الولد على إيجاد الوالد و ) كتوقف ( المسببات على أسبابها ) كتوقف السرير على النجار والخشب وتخيله صورته وغايته ولكنه مع ذلك يحتاج إلى عدم المانع ووجود المقتضى وهو المعبر عنه بالشرط .
( و ) كتوقف ( المشروطات على شروطها ) ، كما عرفت مثالهما ( و ) كتوقف ( المعلولات على عللها ) التامة كتوقف وجود النهار على طلوع الشمس ( و ) كتوقف ( المدلولات على دلائلها و ) كتوقف ( المحققات ) بصيغة اسم المفعول ، أي الأشخاص ( على حقائقها ) النوعية التي عينها خارجا وعقلا ظاهرا وباطنا ( وكل ذلك من العالم وهو ) ، أي جعل العالم موقوفا بعضه على بعض
قال رضي الله عنه : ( وهو تدبير الحقّ فيه فما دبّره إلّا به . وأمّا قولنا أو بصورته - أعني صورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصّفات العلى الّتي تسمّى الحقّ بها واتّصف بها .
فما وصل إلينا من اسم يسمّى به إلّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم . فما دبّر العالم أيضا إلّا بصورة العالم . ولذلك قال في آدم الّذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهيّة الّتي هي الذات والصّفات والأفعال : « إنّ اللّه خلق آدم على صورته » وليست صورته سوى الحضرة الإلهيّة . فأوجد في هذا المختصر الشّريف الّذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهيّة وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، وجعله روحا للعالم )
قال رضي الله عنه : ( تدبير الحق فيه فما دبره ) ، أي العالم ( إلا به ) ، أي بالعالم .
( وأما قولنا أو بصورته أعني صورة العالم فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تسمى الحق بها ) ، باسم حسن ( واتصف بها ) بصفة علياء ( فما وصل إلينا من اسم تسمى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ) ، ومن البين أن الاسم صورة لمعناه وروحه ، فإذا كان معناه وروحه مما في العالم يكون هو صورة ما في العالم ( فما دبر العالم ) إذ دبر بأسمائه الحسنى ( أيضا إلا بصورة العالم ) ، وكما أن الأسماء الحسنى والصفات العلى صورة العالم كذلك هي صورة الحضرة الإلهية . ( ولذلك قال في حق آدم الذي هو البرنامج ) معرب برنامه.
وفي بعض النسخ هو الأنمونامج معرب بمونامه . وعلى التقديرين هو العنوان الجامع لما في صحيفة الكتاب من السلام والأوصاف والأحكام فإن آدم أيضا هو ( الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال : « إن اللّه خلق آدم على صورته » وليست صورته سوى الحضرة الإلهية . فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ) بعضها عن بعض
وإنما قال : وحقائق ما خرج منه في العالم الكبير ، لأن جميع ما في العالم ليست موجودة في الإنسان بحسب صورها بل بحسب حقائقها التي هي بها هي ( وجعله ) ، باعتبار تلك الجمعية ( روحا للعالم ) ، بأن صير ذلك الكثير شخصا واحدا تصير الروح الأعضاء المتكثرة جسدا واحدا.
قال رضي الله عنه : ( فسخّر له العلو والسّفل لكمال الصّورة .) تصير الروح الأعضاء المتكثرة جسدا واحدا ( فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة ) وجامعيتها الصورة الإلهية والكونية
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:41 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
قال رضي الله عنه : ( فكما أنّه ليس شيء في العالم إلّا وهو يسبّح اللّه بحمده ، كذلك ليس شيء في العالم إلّا وهو مسخّر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته . فقال تعالى :" وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ " [ الجاثية : 13 ] فكلّ ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه - وهو الإنسان الكامل - وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان . )
قال رضي الله عنه : (فكما أنه) ، أي الشأن (ليس شيء من هذا العالم إلا وهو) ، أي ذلك الشيء (يسبح اللّه تعالى) ، أي ينزهه بحمده ، أي يوصفه تعالى بجميل صفاته وجليلها كما قال تعالى :تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [ الإسراء :44].
قال رضي الله عنه : (كذلك ليس شيء من العالم) المسبح للّه تعالى بحمده إلا وهو ، أي ذلك الشيء مسخر لهذا الإنسان الكامل لما ، أي لأجل الذي (تعطيه حقيقة صورته) ، أي صورة هذا الإنسان الكامل من الجمعية الذاتية والحضرة الإحاطية .
قال رضي الله عنه : (قال اللّه تعالى :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ ) من فلك أو ملك ("وَما فِي الْأَرْضِ") من جماد أو نبات أو حيوانات ، وغير ذلك أيضا من عالم الحس والمعاني ، ومن المركبات والمباني جميعا تأكيد لذلك (" مِنْهُ" ) [ الجاثية :13].
أي صادر ذلك من الحق تعالى ، لأنه القيوم على كل شيء فمفهومه شرط للتسخير ، إذ من لم يعرف الحق تعالى في كل شيء فليس بإنسان كامل ، فلا يسخر له ذلك فكل ما في العالم العلوي والسفلي تحت تسخير الإنسان الكامل علم ذلك الأمر من علمه من الناس وهو ، أي الذي يعلمه الإنسان الكامل لا غير وجهل ذلك الأمر من جهله منهم وهو ، أي الذي يجهله الإنسان الناقص الذي غلبت عليه حيوانيته فهو (الحيوان)
وهو قسمان :
قسم مع جهله مؤمن به مذعن لأهله على الغيب وله السعادة بالتبعية لا بالإضافة ، لأن السعادة بالأصالة للإنسان الكامل لا غير ، ومن ذلك قول الجنيد رضي اللّه عنه : الإيمان بكلام هذه الطائفة ولاية يعني ولاية بطريق التبعية والالتحاق لا الاستقلال .
وقسم مع جهله منكر جاحد ينفي ما لا يعرفه من أحوال أهل الصدق وهو كافر عند اللّه تعالى ، وإن حكم بإسلامه ظاهرا في معاملة الدنيا بين الجاهلين مثله الذين لا يعرفون .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكانت صورة إلقاء موسى في التّابوت ، وإلقاء التّابوت في اليمّ صورة هلاك في الظّاهر وفي الباطن كانت نجاة له من القتل . فحيّي كما تحيا النّفوس بالعلم من موت الجهل . كما قال :أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً يعني بالجهل فَأَحْيَيْناهُ يعني بالعلم وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ [ الأنعام : 122 ] وهو الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ [ الأنعام : 122 ] وهي الضّلال لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [ الأنعام : 122 ] أي لا يهتدي أبدا : فإنّ الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها . )
(فكانت صورة إلقاء موسى) عليه السلام (في التابوت) وبعد ذلك (إلقاء التابوت في اليم) ، أي البحر صورة هلاك لموسى عليه السلام مرتين : مرة بإلقائه مع صغره في التابوت ومرة مع إلقائه في البحر وفي الباطن ، أي في سر هذا الأمر كانت تلك الفعلة نجاة له ، أي لموسى عليه السلام من القتل لو ظفر به جماعة فرعون فإنهم كانوا يقتلونه لأمر فرعون وتشديده في ذلك فيحيى موسى عليه السلام بذلك الفعل ، فإنه لما جاء به الموج إلى تحت قصر فرعون أمر بإخراجه ، فإذا فيه غلام صغير فألقى اللّه تعالى الشفقة والمحبة له في قلب فرعون ، فلم يقتله ورباه إلى أن كان منه ما كان .
قال تعالى :وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي[ طه : 39 ] (كما تحيا النفوس) البشرية (بالعلم من موت الجهل) كما سبق في معنى إشارة الآية أن
التابوت : جسد موسى عليه السلام ،
والبحر : ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسد فهي حياة علمية ، وفي العبارة حياة حسية
( كما قال) تعالى : (" أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً " [ الأنعام : 122 ] يعني بالجهل "فَأَحْيَيْناهُ " بالعلم ) وهو العلم الإلهي ، لأنه اليقين وكل ما سوى الحق تعالى ظن فليس بعلم لعدم اليقين فيه .
ولهذا قال المفسرون من أهل الظاهر في آيات العلم : إن المراد به العلم باللّه تعالى فقالوا في قوله تعالى :إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ[ فاطر : 28 ] ،
أي العلماء باللّه دون غيرهم . وقال بعضهم : متى شهد نفسه احتجب اللّه عنه بنور وحدانيته المنزهة عن شهود غير معها أصلا ، فلا يكون عارفا بل هو جاهل ، وإن حمل أوقارا من أسفار العلوم ، وإنسانيته إنما هي بنور معرفته ، فمتى ثبت له الجهل انتفت عنه الإنسانية نوبة واحدة .
(وجعلنا له) ، أي للذي أحييناه بالعلم نورا وهو نور اللّه تعالى وجعله ظهور تعلقه به فقيوميته عليه (" يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ ") [ الأنعام : 122 ] كقوله عليه السلام : « اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه عز وجل » . أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الحكيم والطبراني وابن عدي عن أبي أمامة .
وفي رواية ابن جرير عن ثوبان قال عليه السلام : « احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه وينطق بتوفيق اللّه ». رواه الطبراني والديلمي في الفردوس ورواه غيرهما.
وهو ، أي جعل ذلك النور الهدى ، أي الإرشاد إلى الحق في كل أمر كمن ، أي كالذي مثله ، أي مثاله يعني حاله يشبه حال من هو في الظلمات الحسية كالإنسان في بيت لا منفذ له تحت الأرض بالليل ، فهي ثلاث ظلمات لو انفردت واحدة منها لكانت ظلمة مستقلة وهي ، أي تلك الظلمات الضلال في الاعتقاد والقول والعمل (" لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ") [ الأنعام : 122].
أي من الظلمات يعني لا يهتدي أبدا لاستحكام الضلال منه حيث كان في اعتقاده فصار على لسانه ثم ظهر في علمه فإن الأمر الإلهي في نفسه لا غاية له من حيث هو أمر اللّه تعالى والغاية للحق القائم به ، فإذا التبس الأمر على أحد فكان ضلالا ، فلم يزل صاحب ذلك الضلال يتقلب في أنواع من ذلك الضلال إلى الأبد إذ لا نهاية لما دخل فيه يوقف عندها ، أي عند تلك الغاية . وفي الهدى كذلك إذا انكشف له أمر اللّه تعالى لا نهاية لهدايته أيضا .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
قال رضي الله عنه : ( فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح اللّه بحمده كذلك ليس شيء في العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته ) أي تقتضي حقيقة الإنسان الكامل وهو صورة العالم أن يكون العالم كله مسخرا له
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاًمنه وكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك ) أي علم كون كل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ( من علمه ) أي من علم الإنسان ( وهو ) أي العالم بذلك ( الإنسان الكامل ) إذ علمه عن كشف إلهي وتجلي جمعي ( وجهل ذلك ) التسخير ( من جهله ) أي من جهل الإنسان
قال رضي الله عنه : ( وهو ) أي الجاهل بذلك ( الإنسان الحيوان فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت في اليم صورة هلاك في الظاهر وفي الباطن كانت نجاة له من القتل ) فدبر الحق حياة موسى في صورة الهلاك
( فحي ) موسى بأليم من موت القتل ( كما تحيى النفوس بالعلم عن موت الجهل كما قال أو من كان ميتا يعني بالجهل فأحييناه يعني بالعلم ،وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وهو ) أي النور ( الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ وهي ) أي الظلمات
قال رضي الله عنه : ( الظلال ليس بخارج منها أي لا يهتدي أبدا فإن الأمر في نفسه لا غاية له ) يوقف عندها فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة فيعلم الإنسان أن الأمر حيرة فالظلال هاهنا ما يقابل الحيرة الحاصلة من العلم إذ هو تفسير للظلمات وهو الجهل وهو لا يهتدي الإنسان به إلى الحيرة فلا يعلم أن الأمر حيره .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
قال رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته. فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه». فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان. فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
قال رضي الله عنه : ( فكما أنّه ليس شيء من العالم إلَّا وهو يسبّح بحمده ، كذلك ليس شيء من العالم إلَّا وهو مسخّر لهذا الإنسان الكامل ، لما تعطيه حقيقته صورته " وَسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه ُ " فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت وإلقاء التابوت في اليمّ صورة هلاك يعني في الظاهر وفي الباطن كانت نجاة له من القتل فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال تعالى: " أَوَمن كانَ مَيْتاً " يعني بالجهل "فَأَحْيَيْناهُ " يعني بالعلم" وَجَعَلْنا لَه ُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ" وهو الهدى "كَمَنْ مَثَلُه ُ في الظُّلُماتِ" وهي الضلال ، "لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها" أي لا يهتدي أبدا ، فإنّ الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها ).
يشير رضي الله عنه : إلى أنّه كما شفعت النتائج والثمرات أصولها ، كذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحقّ ، فإنّ الأسماء تثبت للوجود الحق بالعالم ، إذ هو المألوه والمربوب المقتضي وجود الربوبية والإلهية .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
قال رضي الله عنه : ( فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح الله بحمده كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته ، فقال :" وسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه " فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله وهو الإنسان الحيواني ، فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك في الظاهر ، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل فحيي كما تحيى النفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال :" أَومن كانَ مَيْتاً "، يعنى بالجهل " فَأَحْيَيْناه " يعنى بالعلم " وجَعَلْنا لَه نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ " وهو الهدى " كَمَنْ مَثَلُه في الظُّلُماتِ " وهي الضلال " لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها " أي لا يهتدى أبدا ،
فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها )
أي بالعالم ، والمعنى أنه كما شفعت المواليد من المواليد من الثمرات والنتائج أصولها فكذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحق ، فإن الأسماء تثنت للوجود الحق بالعالم إذ هو المألوه المربوب المقتضى لوجود الإلهية والربوبية ، وهما لا يكونان إلا بالأسماء .
"" إضافة بالي زاده :
ولذلك : أي ولأجل أن الحق ما دبر العالم إلا بصورة العالم ، قال في خلق آدم . اهـ
وإنما قال حقائق ما خرج عنه :
أي ما يوجد في المختصر جميع ما في العالم الكبير بصورها وتشخصاتها ، بل ما يوجد ما في العالم الكبير إلا بحقائقها وهي الأمور الكلية التي تحتها أفراد شخصية ، فلا يوجد في الإنسان الكامل الأشخاص الجزئية الموجودة في العالم الكبير ، بل توجد حقائق تلك الأشخاص فيه .أهـ بالى زادة ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
وإنما قال رضي الله عنه : ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير ) لأن جميع ما في العالم ليست موجودة في الإنسان بحسب صورها ، بل بحسب حقائقها وأعيانها التي هي بها هي .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكما أنه ليس شئ في العالم إلا وهو يسبح الله بحمده ، كذلك ليس شئ في العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته . )
إنما شبه تسخر العالم للإنسان بتسبيحه وتحميده للحق ، لأن تسخره للإنسان عبادة منه له ، وتلك العبادة يستلزم التنزيه والتحميد ، لأنه بعبادته للإنسان يوصل الهوية الإلهية الظاهرة في الصورة الإنسانية إلى الكمال الحقيقي والمقام الجمعي الإلهي ، وهو عين التنزيه من النقائص والاتصاف بالمحامد .
فكأنه قال : فكما أنه يسبح للحق سبحانه ، كذلك هو يسبح الخليفة الذي هو الإنسان .
وفي الحقيقة تنزيهه للإنسان وتسبيحه له ، أيضا تنزيه للحق وتسبيح له . ولا يعطى هذا التسخير إلا حقيقة الصورة الإنسانية ، لأن لها مقام الجمع الإلهي ، وجميع الأسماء سدنة ربه الذي
هو الاسم الأعظم ، فمظاهرها أيضا مسخرة له .
ثم استشهد بالآية تأنيسا للمحجوبين وتنبيها للطالبين : ( فقال : " وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه" ) .
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ، علم ذلك من علمه - وهو الإنسان الكامل - ) إذ هو الذي يعلمه بالكشف والعيان والذوق والوجدان ( وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان ) صورة ( الحيوان ) معنى .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت ، وإلقاء التابوت في اليم ، صورة هلاك في الظاهر ، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل . ) إذ كان خلاصه من فرعون بذلك .
( فحيى ) موسى بالإلقاء في اليم ، ( كما تحيى النفوس بالعلم من موت الجهل . ) إنما شبه الحياة الحسية الموسوية الباقية بواسطة اليم بالحياة العقلية الحاصلة بالعلم تنبيها على أن الماء صورة العلم الذي به حياة النفوس ، كما أن حياة الأبدان بالماء الذي منه كل شئ حي .
ثم ، استشهد بالآية وفسرها بمقتضى الباطن
بقوله رضي الله عنه : ( كما قال تعالى : "أو من كان ميتا" . يعنى بالجهل. " فأحييناه" يعنى بالعلم. "وجعلنا له نورا يمشى به في الناس" وهو الهدى. "كمن مثله في الظلمات" وهي الضلال. "ليس بخارج منها " أي لا يهتدى أبدا .) أي العالم بالحقائق لا يكون كالجاهل بها .
ثم علل قوله رضي الله عنه : (لا يهتدى أبدا) بقوله : (فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها.) أي، فإن الأمر الإلهي لا نهاية له ليقف عنده. أي، الذي في الظلمات لا يخلص من الضلال ولا يهتدى أبدا. أي ، الضال الحائر من الجهالة لا يحصل له العلم بالحقيقة .
ولما فسر (الضلال) في مواضع من قبل ب (الحيرة) والحيرة قد تحصل من العلم ، كما يحصل من الجهل ، فيقع الضلال أيضا للعالم ، كما يقع للجاهل أراد أن يفرق بينهما
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:44 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السابعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
قال رضي الله عنه : ( فكما أنّه ليس شيء في العالم إلّا وهو يسبّح اللّه بحمده ، كذلك ليس شيء في العالم إلّا وهو مسخّر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته ، فقال تعالى :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [ الجاثية : 13]. فكلّ ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه ، وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان ) .
ثم شبّه هذا التسخير في العموم بتسبيح الحق ؛ لأن الكمال هو المقتضي للتسبيح والتسخير ، فقال : ( فكما أنه ليس شيء في العالم إلا وهو يسبح اللّه بحمده ، كذلك ليس شيء في العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان "الكامل" لما تعطيه حقيقة صورته ) من الكمال الذي أشبه كمال الحق في اقتضاء العموم ،
( فكل ما في العالم ) سواء كان من السماوات والأرض أو من الأمر ، إلا على ( تحت تسخير الإنسان ) حتى أن الملائكة المقربين تحت تسخيرهم ، إذ يستغفرون لمن في الأرض ، ويوصلون الوحي والإلهام إليهم ، ويدبرون سائر أحوالهم ،
( علم ذلك من علمه ، وهو الإنسان الكامل ) الذي جمع بين المحسوسات ، والمعقولات ، والكشفيات ، ( وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان ) بزعم أن اللّه تعالى إنما نص تسخير ما في السماوات والأرض لا بتسخير ما فوق السماوات .
قال رضي الله عنه : ( فكانت صورة إلقاء موسى في التّابوت ، وإلقاء التّابوت في اليمّ صورة هلاك في الظّاهر ، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل ، فحيّي كما تحيا النّفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال :"أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ " يعني بالجهل"وَجَعَلْنا" يعني : بالعلم لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ[ الأنعام : 122] وهو الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ [الأنعام : 122]. وهي الضّلال بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ [الأنعام : 122] أي لا يهتدي أبدا :فإنّ الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها)
وإذا كان إلقاء موسى في التابوت إشارة إلى إلقاء الروح في البدن ، وإلقاء التابوت في اليم إشارة إلى : إلقاء الروح بواسطة البدن في فنون العلوم المختلفة الموجبة لإنسانيته الكاملة المنجية من موت الجهل الجاهل إنسانيته محض الحيوانية ،
قال رضي الله عنه : ( فكانت صورة إلقاء موسى في التّابوت ، وإلقاء التّابوت في اليمّ صورة هلاك في الظّاهر ) ، إذ الأغلب غرق التابوت في البحر وتلف ما فيه ، ( وفي الباطن ) باعتبار كونه يشبه إلقاء الروح في البدن ، وإلقاؤه في بحر العلم ( كانت نجاة له من القتل ) ، أي : قتل قوم فرعون إياه الذي هو شبه قتل الجهل ، وقد كان هذا الباطن غالبا على أمه بالوحي الإلهي إليها ، فأثر في حقه فنجا من القتل ،
قال رضي الله عنه : ( فحيّي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل ) القاتل لإنسانيته ، وإن بقيت حيوانيته في شكل الإنسان ( كما قال تعالى :أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً يعني : بالجهل ،فَأَحْيَيْناهُ يعني : بالعلم ) أشار إلى منفعة العلم ومضرة الجهل ، بقوله :( وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي ) في فنون العلم والأحوال والمقامات حتى يسري نوره ( فِي النَّاسِ ) ،وذلك النور ( هو الهدى ) الذي به المشي فيما ذكرنا ،( كَمَنْ مَثَلُهُ) [ الأنعام : 122 ] أي : صفته المعروفة التي يضرت بها المثل أنه مستقر راسخ ( فِي الظُّلُماتِ وهي ) وجوه ( الضلال ) ، ومسمى وجوه الحياة المذمومة ( لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ،أي : لا يهتدي أبدا ) .
بل كلما زيد في حقه بيان الهدى ، ازداد له اعتراض الشبه ، فالمهتدي لا ينتهي سيره فيما ذكرنا من العلوم والأحوال والمقامات ، والمقال لا تنتهي شبهه كما قال تعالى :" فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ" [ التوبة : 124 - 125 ] .
قال رضي الله عنه : ( فإن الأمر في نفسه ) ، أي : أمر الإنسان في الهدى ، الضلال ( لا غاية له يوقف عندها ) حتى أن المهتدي يتحير في تعارض الأدلة ، وفي المقامات والأحوال ، فيرى نقصه في كل واحد منها ،
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
قال رضي الله عنه : ( فكما أنّه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح الله بحمده ) بما يعطيه حقيقة ذاته ، ( كذلك ليس شيء في العالم إلَّا وهو سخّر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته ، فقال ) مفصحا عن ذينك الطرفين : ( " وَسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه ُ " فكلّ ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه ، وهو الإنسان الكامل ) لأنّه ظاهر بصورته الكماليّة الكلاميّة
الإظهاريّة ( وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان ) لاندماج ذلك الكمال في المادّة الحيوانيّة الظهوريّة فقط .
عود إلى بيان حكمة إلقاء موسى في اليمّ
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إذا كان ظلمات بحر الحيوان مما يوجب خفاء تلك الصورة الكماليّة الإظهاريّة والجهل بمقتضاها ، فكيف يتصوّر أن يجعل اليمّ إشارة إلى العلم الحاصل بواسطة الجسم ، كما أشار إليه
فاستشعر لما يندفع به ذلك بقوله رضي الله عنه : ( فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت وإلقاء التابوت في اليمّ صورة هلاك ) ، كما هو الظاهر من التابوت وإلقائه في اليمّ ، ( وفي الباطن كانت ) الصورة المذكورة ( له نجاة من القتل ) فكذلك يمّ الإدراكات الجسمانيّة وإلقاء موسى إليه بعد إلقائه في التابوت من القوى الجسمانيّة الحاصرة له ، وإن كان في الظاهر صورة هلاكه في ظلمات الجهالة ، ولكن في الباطن له نجاة منها .
الإحياء بالعلم
قال رضي الله عنه : ( فحيّي ) بماء هذا اليمّ ( كما يحيي النفوس بالعلم من موت الجهل ، كما قال : " أَوَمن كانَ مَيْتاً " يعني بالجهل " فَأَحْيَيْناه ُ " يعني بالعلم ) هذا في العلم الظاهر للعالم باعتبار ظهوره له ، وأما باعتبار إظهاره للغير ،
فإليه أشار بقوله رضي الله عنه : ( " وَجَعَلْنا لَه ُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ " ) أي يسلك فيهم وبهم مسلك السداد ، ( وهو الهدى " كَمَنْ مَثَلُه ُ في الظُّلُماتِ " ) أي ظلمات الموادّ الهيولانيّة (وهي الضلال " لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها " أي لا يهتدي أبدا ) ولا يترقّى من مهاوي تلك المدارك الجسمانيّة إلى الحقائق الجمعيّة الكماليّة ،
كما عرفت ( فإنّ الأمر في نفسه ) - صعودا كان أو هبوطا - ( لا غاية له يوقف عندها ) وينقطع بها السلوك ويتمّ الوصول .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكما أنه ليس شيء من العالم إلا وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
فقال تعالى «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان.
فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل.
فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى «أو من كان ميتا» يعني بالجهل «فأحييناه» يعني بالعلم، «وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» و هو الهدى، «كمن مثله في الظلمات» وهي الضلال «ليس بخارج منها» أي لا يهتدي أبدا: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها. ).
قال رضي الله عنه : ( فكما أنّه ليس شيء في العالم إلّا وهو يسبّح اللّه بحمده ، كذلك ليس شيء في العالم إلّا وهو مسخّر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته . فقال تعالى :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ[ الجاثية : 13 ] فكلّ ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان الحيوان . فكانت صورة إلقاء موسى في التّابوت ، وإلقاء التّابوت في اليمّ صورة هلاك في الظّاهر وفي الباطن كانت نجاة له من القتل . فحيّي كما تحيا النّفوس بالعلم من موت الجهل . كما قال : أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً يعني بالجهل فَأَحْيَيْناهُ يعني بالعلم وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ [ الأنعام : 122 ] وهو الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ [ الأنعام : 122 ]. وهي الضّلال لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [ الأنعام : 122 ] أي لا يهتدي أبدا : فإنّ الأمر في نفسه لا غاية له يوقف عندها . )
وجامعيتها الصورة الإلهية والكونية ( فكما أنه ليس من العالم إلا وهو يسبح اللّه بحمده ) ما يعطيه حقيقة ذاته والمسبح مسخر لمن يسبحه ( كذلك ليس شيء من العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته قال تعالى :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ[ الجاثية : 13 ] فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان علم ذلك من علمه وهو الإنسان الكامل ) ، إذ هو الذي يعلمه بالكشف والوجدان .
قال رضي الله عنه : ( وجهل ذلك من جهله وهو الإنسان الحيوان . فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت والقاء التابوت في اليم صورة هلاك في الظاهر وفي الباطن كانت نجاة من القتل . فيحيا موسى بالإلقاء في اليم كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل . كما قالأَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً يعني بالجهل فَأَحْيَيْناهُ يعني بالعلم وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وهو الهدى كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ وهي الضلال لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [ الأنعام : 122 ] ، أي لا يهتدي أبدا وإنما كان لا يهتدي أبدا فإن الأمر ) ، أي أمر الضلال ( في نفسه لا غاية له يوقف عندها ) فينجو الضال الحائر من ضلالة الجهالة .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 مارس 2020 - 23:46 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثامنة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة . والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ، فلا موت ؛ ووجود ، فلا عدم .
وكذلك في الماء الّذي به حياة الأرض ، وحركتها ، قوله تعالى :اهْتَزَّتْوحملها ، قوله :وَرَبَتْ[ الحج : 5 ] وولادتها قوله :وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ الحج : 5 ] . أي أنّها ما ولدت إلّا من يشبهها أي طبيعيّا مثلها . فكانت الزّوجيّة الّتي هي الشّفعيّة لها بما تولّد منها وظهر عنها ).
قال رضي الله عنه : (فالهدى) المذكور (هو أن يهتدي الإنسان) ، أي يصل (إلى الحيرة) في الحق تعالى ، هل هو الظاهر أو هو الباطن فلا يذهب إلى واحدة منهما وينكر الآخر لورودهما معا في قوله تعالى :"هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ"[ الحديد : 3 ] .
والعقل ينفي اجتماع الضدين والإيمان يقتضي ذلك حيث ثبت بقول الصادق ، فيتجاذب العقل والإيمان طرفي القضية ، فتقع الحيرة في قلب الإنسان بالتنزيه العقلي والتشبيه الإيماني (فيعلم) ،
أي الإنسان (أن الأمر) الإلهي كله (حيرة) في اللّه تعالى (والحيرة قلق) ، أي انزعاج واضطراب (وحركة) دائما لعدم القطع بحال يجده المخلوق من صورة أو نفيها في الحس أو العقل أو الوهم ، لأن الكل قائم بالأمر الإلهي الواحد سواء كان صورة حسية أو عقلية أو وهمية أو نفي شيء من ذلك ، لأن النفي صورة أيضا ، لأنه أحد قسمي الحكم العقلي وهما النفي والإثبات (والحركة) في شيء (حياة) ، والكل متحرك لأنه يتحرك إلى الوجود ويتحرك إلى العدم فالكل حي فلا سكون لشيء أصلا في الحس والعقل والوهم وإن كانت الأجسام جامدة في نظر العقل والحس ، فهو حسبان كما قال تعالى :وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً[ النمل : 88 ] وهذا ليس مخصوصا بيوم القيامة وإنما المخصوص ظهوره للكل ، فإن أمر اللّه تعالى كلمح بالبصر كما قال سبحانه :وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [ القمر : 50 ] .
وقال تعالى :وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ[ الروم : 25 ] فالسماوات والأرض كلمح بالبصر فلا موت لشيء أصلا إذ الكل مسبح كما قال تعالى :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[ الإسراء : 44 ] ،
والمسبح حي وكل مسبح ملك من الملائكة كما قال تعالى :وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [ الصافات : 166 ] .
وتعريف الخبر يفيد الحصر والحركة وجود أيضا لأنها كون جديد في كل لمحة بالبصر فكل متحرك موجود والكل متحرك فهو موجود فلا عدم لشيء أصلا من وجه حركته وله العدم من وجه سكونه ، لأنه تعالى الظاهر بالوجود ، فأمره الذي هو كلمح بالبصر ظهوره ، والكل باطن فهو ساكن في عين حركة الأمر الإلهي . قال تعالى :وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ[ الأنعام : 13 ] . وهذا الوجه ليس هو صورة الحيرة وإنما صورة الحيرة هو الأوّل .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك وجود الحقّ كانت الكثرة له وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا ، بما ظهر عنه من العالم الّذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهيّة . فثبت به وبخالقه أحديّة الكثرة . وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولانيّ أحديّ العين من حيث ذاته كثير بالصّور الظّاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته . كذلك الحقّ بما ظهر منه من صور التّجلّي ، فكان الحقّ مجلى صور العالم مع الأحديّة المعقولة)
قال رضي الله عنه : (وكذلك) الحكم (في الماء) لأنه من جملة الأشياء (الذي به) ، أي الماء (حياة الأرض) بالحياة النباتية فإن به تتحرك الأرض حركة حياة (وحركتها) ، أي الأرض لأن الحركة حياة كما ذكر (قوله) تعالى :"وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ"[ الحج : 5 ] .
قال رضي الله عنه : (فاهتزت) تحركت (وحملها قوله) تعالى بعد ذلك ("وَرَبَتْ") ، أي زادت وولادتها قوله تعالى بعده ("وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ") ، أي مبتهج من البهجة وهي الحسن أي أنها يعني الأرض (ما ولدت إلا من يشبهها) بعد نزول الماء عليها فإنها صارت به زوجا كأنها أنثى والماء ذكر (أي) مولودا (طبيعيا )، أي منسوبا إلى الطبيعة لتركبه منها كالنباتات المختلفة وغيرها من أنواع الحيوانات فإنها مخلوقة من الأرض أيضا بسبب مادة المأكل والمشرب الذي هو أصل النطفة . قال تعالى :وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً [ نوح : 17 ] (مثلها) ، أي مثل الأرض في كونه زوجا ، وهو ظاهر في الحيوانات ، كلها وفي النباتات أيضا ، كالتمر يشتمل على النواة في وسطه والحشيش والساق والورق وشرشه في الأرض ، والسنبل فيه الحب بحيث لا ينبت بشيء من الأرض إلا وهو زوج لا يكون فردا أصلا .
قال رضي الله عنه : (فكانت الزوجية التي هي الشفعية لما يولد منها) ، أي من الأرض كأنواع الحيوانات كلها (وظهر عنها) ، أي عن الأرض كأنواع النباتات والمعادن والأحجار ، فإن منها المليح وضده فهما زوج كذلك ، أي نظير ما ذكر (وجود الحق) تعالى المطلق بالإطلاق الحقيقي كانت ، أي ثبتت (الكثرة) في المظاهر (له) ، أي لوجوده تعالى وكان له أيضا (تعداد الأسماء) الإلهية (أنه) تعالى (كذا وكذا )، أي حي عليم قدير إلى آخر الأسماء الحسنى
قال رضي الله عنه : (بما ) متعلق بكانت أي بسبب الذي ظهر عنه تعالى من العالم المختلف بالجنس والنوع والشخص (الذي يطلب بنشأته) ، أي خلقته (حقائق الأسماء الإلهية) أن يكون آثارا لها وتكون مؤثرة فيه (فثبتت) أي حقائق الأسماء الإلهية يعني تعينت من ذات الوجود المطلق (به) ، أي بالعالم الثابت في العدم الأصلي من غير وجود ، فقد ظهرت الأسماء الإلهية عن الوجود المطلق ، وتفرعت حضراتها وتكثرت باعتبار إضافة أعيان العالم الثابتة في عدمها الأصلي إلى ذلك الوجود المطلق وظهر للأسماء الإلهية أيضا آثارا مضافة إليها (ويخالفه) . "" وفي نسخة وبخالقه بدل (ويخالفه) .""
أي العالم المقتضي للكثرة أحدية تلك الكثرة ، أي كونها واحدة باعتبار صدوره عن الوجود المطلق فإنه واحد أحد ، وهو بهذا الوصف في كل فرد من أجزاء العالم .
قال رضي الله عنه : (وقد كان) ، أي العالم قبل أن تظهر كثرته المختلفة للحس والعقل والوهم (أحديّ العين) ، أي عينه واحدة كقول من قال : لا يصدر عن الواحد إلا الواحد وكان الأمر كذلك ، وقد صدر عن الواحد واحد ولكن من غير لزوم عليه لأنه يمكن صدور الكثرة عن الواحد ابتداء عندنا لأمر يقتضيه وسع الواجب وعدم القيد فيه لإطلاقه الحقيقي (من حيث ذاته) ، أي العالم يعني مادته الأصلية التي تفرعت أصوله وأركانه منها (كالجوهر) الفرد (الهيولاني أحديّ العين من حيث ذاته) المسمى بنور محمد صلى اللّه عليه وسلم باعتبار كما ورد في مسند عبد الرزاق بسنده عن جابر ،
قال : يا رسول اللّه أخبرني عن أوّل شيء خلقه اللّه تعالى قبل الأشياء .
قال صلى اللّه عليه وسلم : « يا جابر إن اللّه خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره » إلى آخر الحديث .
ويسمى بالقلم الأعلى أيضا باعتبار كما صح في الحديث : « أوّل ما خلق اللّه القلم » .
ويسمى بالعقل كما ورد « أوّل ما خلق اللّه العقل الحديث » .
وللقوم فيه أسماء مختلفة :
منهم من يسميه الجوهر الهيولاني ،
ومنهم من يسميه المادة الأولى ،
ومنهم من يسميه العلم الأوّل ،
ومنهم من يسميه المرآة الحق والحقيقة ،
ومنهم من يسميه المفيض ،
ومنهم من يسميه مركز الدائرة ،
وغير ذلك مما يطول ذكره كثير كثرة مختلفة بالصور الظاهرة فيه حسا وعقلا ووهما الذي نعت للصور هو ،
أي ذلك الجوهر الهيولاني حامل لها ، أي لتلك الصور بذاته ، أي بسبب كون ذاته عين كل صورة مع زيادة تشخص تلك الصورة .
كذلك أي نظير ذلك الحق تعالى بما ، أي بسبب الذي ظهر منه تعالى من صور التجلي الإلهي والانكشاف الرباني فإنه تعالى واحد بذاته كثير بصور تجلياته التي هي مقتضى كثرة أسمائه وصفاته فكان ،
أي الحق تعالى مجلى ، أي موضع انجلاء ظهور وانكشاف صور العالم كلها لها بحيث يرى بعضها بعضا فيه تعالى كالمرآة يرى الإنسان نفسه فيها من غير أن يحل فيها شيء منه ولا يحل فيه شيء منها ولا يتحد كذلك مع ثبوت الأحدية للحق تعالى المعقولة بحيث يؤمن بها العقل غيبا في حال شهوده كثرتها .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
قال رضي الله عنه : (فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة فيعلم ) الإنسان ( أن الأمر حيرة ) فالظلال هاهنا ما يقابل الحيرة الحاصلة من العلم إذ هو تفسير للظلمات وهو الجهل وهو لا يهتدي الإنسان به إلى الحيرة فلا يعلم أن الأمر حيره .
( والحيرة قلق ) بثلاث فتحات ( وحركة ) عطف تفسير للقلق ( والحركة حياة فلا سكون فلا موت ) أبدا لمن كان حيا بحياة العلم ( ووجود ) عطف على حياة أي الحركة وجود ( فلا عدم ) فظهر بذلك أن العلم حياة ووجود والجهل موت وعدم ( وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض ) أي كما أن حياة الإنسان بالعلم كذلك حياة الأرض بالماء .
قال رضي الله عنه : ( وحركتها ) أي حركة الأرض ( قوله فاهتزت ) وهو قوله "وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً" أي ميتة ساكنة فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ أي تحركت والحركة حياة فكانت الأرض الميتة حيا بالماء كما أن النفوس الميتة حيا بالعلم وَرَبَتْ أي ازدادت (وحملها قوله "وَرَبَتْ" وولادتها قوله "وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ" أي أنها ) أي الأرض ( ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها ) كما أن أرض بدن الإنسان ما ولدت إلا مثلها .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها ) أي للأرض ( بما تولد منها وظهر عنها كذلك وجود الحق كانت الكثرة له وتعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ) أي بسبب ما ( ظهر عنه ) أي عن الحق ( من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية ) ليظهر عن الحق سبب اتصافه بها ( فثنيت به ) على صيغة المجهول من باب التفعيل أي شفعت بسبب العالم ( وبخالقه ) بالقاف أي وبسبب خالق العالم إذ الحق لا يوجد العالم إلا من حيث اتصافه بحقائق الأسماء الإلهية وهي الحياة والعلم والقدرة
فثنيت بهذا المجموع أي العالم وحقائق الأسماء وبالفاء أي ثنيت بالعالم وبالأسماء ، إذ الأسماء والعالم حضرتان متقابلتان بالربوبية والمربوبية فالمعنى واحد بل الفاء أقرب إلى الفهم وأنسب بالمقام لأن الأسماء الحسنى ما ذكرت في هذا المقام إلا مقابلا ومخالفا للعالم فهي خلاف العالم وصورته وروحه المدبرة له قال الشارح القصيري وصحف بعض الشارحين قوله بخالقه وقرأ بخالفه من الخلاف وهو خطأ تم كلامه فانظر بنظر الانصاف هل هو محل تخطئة أم لا .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أحدية الكثرة ) مفعول قام مقام فاعل ثنيت ( وقد كان ) والحال أن الحق ( إحدى العين من حيث ذاته ) غني عن العالمين واحدية الكثرة نشأ بما ظهر عنه من العالم.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كالجوهر الهيولاني احدى العين من حيث ذاته كثير من حيث الصور الظاهرة فيه ) أي في الجوهر ( حامل لها بذاته ) بين أوّلا أن الحق أحدى العين من حيث ذاته وكثير بالأسماء والعالم وشبه بالجوهر الهيولاني ثم عكس التشبه اهتماما في بيان هذه المسألة التي هي أصل المسائل الإلهية .
فقال ( كذلك ) أي كالجوهر الهيولاني ( الحق ) إحدى العين من حيث ذاته كثير ( بما ظهر منه من صور التجلي وكان ) الحق ( مجلى صورة العالم مع أحديته المعقولة ) كالمرآة الواحدة التي كانت مجلى للصور الكثيرة مع أحديتها .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم. وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج». أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها. فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته. كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة ، والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ولا موت ، ووجود فلا عدم ، وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض ، وحركتها قوله : "اهْتَزَّتْ " ، وحملها قوله : " وَرَبَتْ " ، وولادتها قوله : "وَأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " أي أنّها ما ولدت إلَّا ما يشبهها أي طبيعيا مثلها ، فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولَّد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحق كانت الكثرة له ، وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب نشأته حقائق الأسماء الإلهية ، فثبتت به)
يشير رضي الله عنه : إلى أنّه كما شفعت النتائج والثمرات أصولها ، كذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحقّ ، فإنّ الأسماء تثبت للوجود الحق بالعالم ، إذ هو المألوه والمربوب المقتضي وجود الربوبية والإلهية .
قال رضي الله عنه : ( ويخالفه أحدية الكثرة ، وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدىّ العين من حيث ذاته ، كثير بالصور الظاهرة فيه ، التي هو حامل لها بذاته ، كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلَّي ، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة )
قال العبد : كما أنّ التابوت كان ضرب مثل للهيكل الجسماني الإنساني الذي فيه سكينة الربّ وهو الروح الذي أسكنه الله في هيكله وسكَّنه به ، وموسى صورة الروح من حيث هذا الوجه ، واليمّ - الذي هو البحر - صورة العلم الحاصل للروح الإنساني بسبب هذه النشأة العنصرية أي الحاصل ظهور ما كان لها بالقوّة بواسطته بالفعل ، فإنّ القوّة العلمية ذاتية للنفس ،
ولكن ظهورها بالفعل على الوجه الأكمل متوقّف على مظاهر قواها من هذه الصورة الهيكلية العنصرية .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدى الإنسان إلى الحيرة فيعلم أن الأمر حيرة والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة فلا سكون ولا موت ، ووجود فلا عدم ، وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها قوله :" اهْتَزَّتْ " وحملها قوله :" ورَبَتْ " ولادتها ، قوله :" وأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها : أي طبيعيا مثلها ، فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحق كانت الكثرة له وتعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية فثنيت به ) .
أي بالعالم ، والمعنى أنه كما شفعت المواليد من المواليد من الثمرات والنتائج أصولها فكذلك كثرة الأسماء شفعت أحدية الوجود الحق ، فإن الأسماء تثنت للوجود الحق بالعالم إذ هو المألوه المربوب المقتضى لوجود الإلهية والربوبية ، وهما لا يكونان إلا بالأسماء .
"" إضافة بالي زاده :
ولذلك : أي ولأجل أن الحق ما دبر العالم إلا بصورة العالم ، قال في خلق آدم . اهـ
وإنما قال حقائق ما خرج عنه :
أي ما يوجد في المختصر جميع ما في العالم الكبير بصورها وتشخصاتها ، بل ما يوجد ما في العالم الكبير إلا بحقائقها وهي الأمور الكلية التي تحتها أفراد شخصية ، فلا يوجد في الإنسان الكامل الأشخاص الجزئية الموجودة في العالم الكبير ، بل توجد حقائق تلك الأشخاص فيه .أهـ بالى زادة ""
قال رضي الله عنه : ( ويخالفه أحدية الكثرة ) أي ويخالف ما ظهر عنه من العالم أحدية الكثرة التي له لذاته .
قال رضي الله عنه : ( وقد كان إحدى العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني إحدى العين من حيث ذاته كثير بالصور الظاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته ، كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي فكان مجلى صورة العالم مع الأحدية المعقولة )
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
فقال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدى الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أن الأمر حيرة ) وإنما جعل الاهتداء إلى الحيرة عين الهداية ، لأن الحيرة الحاصلة من الهداية والعلم إنما يحصل من شهود وجود التجليات المتكثرة المحيرة للعقول والأوهام وظهور الأنوار الحقيقة العاجزة عن إدراكها البصائر والأفهام ، وذلك عين الهداية .
لذلك قال أكمل البشر "رب زدني فيك تحيرا" . أي هداية وعلما .
فإن وجود اللازم يستلزم وجود الملزوم . بخلاف الحيرة الحاصلة من الجهل ، فإنها الحيرة المذمومة .
لذلك جعل الضلال الموجب للحيرة المذمومة في مقابلة الهدى الموجبة للحيرة المحمودة (والحيرة قلق وحركة) أي ، تعطى القلق والاضطراب (والحركة حياة) . أي، يستلزم الحياة . لأن الحركة لا تحصل إلا من الحي .
(فلا سكون، فلا موت) أي، فإذا كانت الحركة حاصلة دائما ، فلا سكون لمن يتحرك ، وإذا لم يكن له السكون ، فلا موت له ، لأن السكون من لوازم الموت . ألا ترى أن سكون النبض كيف يصير علامة للموت .
(ووجود، فلا عدم) عطف على قوله : (حياة) . أي، الحركة حياة ووجود. وإذا كانت الحركة مستلزمة للوجود ، فلا عدم ، لأنهما لا يجتمعان في محل واحد . والحاصل أن الهداية تعطى البقاء الأبدي .
قال رضي الله عنه : (وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض) أي، كما أن الحياة العلمية تعطى الهداية والسير في الناس فتؤدى إلى البقاء الأبدي ، كذلك الأمر في الماء الطبيعي الذي به حياة الأرض ، وهي البدن (وحركتها قوله : "واهتزت") أي ،
فالإشارة إلى حركتها، أي إلى حركة الأرض التي هي البدن الإنساني، قوله : ( فاهتزت ) في قوله تعالى : ( وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ) .
قال رضي الله عنه : (وحملها قوله : "وربت ".) أي، الإشارة إلى حملها، أي حمل الأرض التي هي البدن ، قوله: ( وربت ) . أي ازدادت .
قال رضي الله عنه : (وولادتها) أي، والإشارة إلى ولادة الأرض المذكورة. (قوله:"وأنبتت من كل زوج بهيج " . أي ، أنها ) أي ، أن الأرض ( ما ولدت إلا من يشبهها ، أي طبيعيا مثلها . فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها ) أي ، الأرض البدن .
قال رضي الله عنه : (بما تولد منها وظهر عنها.) أي ، كما حصلت الزوجية التي هي المسماة ب (الشفعية) بواسطة ما تولد منها وظهر عنها (كذلك وجود الحق كانت الكثرة له ، وتعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.)
أي ، كذلك الكثرة حصلت لوجود الحق بواسطة ما ظهر منه من وجود العالم ، لأنه يطلب بحقيقته ونشأته المرتبية حقائق الأسماء الإلهية ، وهي الأرباب المتكثرة .
(فثبت به وبخالقه أحدية الكثرة.) أي ، فثبت بالعالم والحق الذي هو خالقه ، أي بهذا المجموع ، أحدية الكثرة .
كما مر في (الفص الإسماعيلي) أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء والصفات .
وصحف بعض الشارحين قوله : (وبخالقه) وقرأ (يخالفه) من (الخلاف) . وهو خطأ
قال رضي الله عنه : ( وقد كان أحدي العين من حيث ذاته ، كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته ، كثير بالصور الظاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته . ) أي ، وقد كان الخالق أحدي العين من حيث ذاته ، كثيرا من حيث أسمائه وصفاته ، كما أن الجوهر الهيولاني الحامل لصور الأشياء كلها أحدي بالذات ، كثير بالصور الظاهرة فيه.
( كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي . ) أي ، كذلك الحق أحدي من حيث ذاته ، كثير بسبب ما ظهر منه من صور تجلياته التي هي الأسماء والصفات .
قال رضي الله عنه : ( فكان ) الحق . ( مجلي صور العالم مع الأحدية المعقولة . ) وذلك باعتبار أن ذاته مرآة تظهر فيها صور الأعيان العلمية والعينية .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 7 أبريل 2020 - 20:06 عدل 3 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثامنة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة ، والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ، فلا موت ؛ ووجود ، فلا عدم ).
( فالهدى ) الكامل ( هو أن يهتدي الإنسان ) من كشف العلوم ، والأحوال ، والمقامات ( إلى الحيرة ) ، وهي الحيرة المحمودة المشار إليها بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « رب زدني فيك تحيرا » .
قال رضي الله عنه : ( فيعلم ) من هذا الهدى ( أن الأمر ) ، أي : أمر الإنسان في الهدى والضلال ( حيرة ) ، وهي مفيدة للحياة الوجودية ، فإن كانت محمودة كانت حياة محضة ، وإن كانت مذمومة اجتمع في حقه الحياة والموت ، فلا يموت ولا يحيى ؛ وذلك لأن ( الحيرة قلق ) ، والقلق ( وحركة ) تمنع عن الاستقرار ، ( والحركة حياة ) إذ الميت لا يتحرك حركة الحيوان ،
فالحيرة حركة
( فلا سكون ) له في السير إلى اللّه ، لكنه إما في النور أو في الظلمات ، والحيرة حياة ( فلا موت ) له بموت العدم ، وذلك أن الحركة والحياة ( وجود فلا عدم ) ، فالحياة الوجودية لازمة للكل، والحياة العلمية إذا انقسمت إليها صارت حياة محضة تشبه الحياة الإلهية.
قال رضي الله عنه : ( وكذلك في الماء الّذي به حياة الأرض ، وحركتها ، قوله تعالى :"اهْتَزَّتْ " وحملها ، قوله :"وَرَبَتْ" [ الحج : 5 ] . وولادتها قوله :"وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ" [ الحج : 5 ] . أي : أنّها ما ولدت إلّا من يشبهها أي : طبيعيّا مثلها ، فكانت الزّوجيّة الّتي هي " الشّفعيّة لها بما تولّد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحقّ كانت الكثرة له وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا ، بما ظهر عنه من العالم الّذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهيّة ، فثبت به ، وبخالقه أحديّة الكثرة ، وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولانيّ أحديّ العين من حيث ذاته كثير بالصّور الظّاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته ، كذلك الحقّ بما ظهر منه من صور التّجلّي ، فكان الحقّ مجلى صور العالم مع الأحديّة المعقولة ).
قال رضي الله عنه : ( وكذلك ) أي : مثل الحياة العلمية في مناسبة الحياة المائية انتهاء الحياة التي ( في الماء ) حتى صار إلقاء التابوت في اليم إشارة إلى : الحياة العلمية المفيدة لصاحبها التشبه باللّه تعالى ، وذلك أن الماء هو ( الذي به حياة الأرض ) مشابه لحياة الحيوان أولا ، وللحياة الإلهية آخرا ، فالحياة الحيوانية مستلزمة للحركة والنمو والولادة ، والحياة الإلهية بإشراق نورها في الموجودات ، وهي مستلزمة للشفعية بعد الوترية ،
وإليه الإشارة بقوله : ( وحركتها ) أي : وبه حركة الأرض بالاهتزاز الذي أشار إليه ( قوله تعالى :اهْتَزَّتْ ،وحملها ) الذي أشار إليه ( قوله :وَرَبَتْ ) أي : ازدادت انتفاخا كانتفاخ بطن الحامل، ( وولادتها ) التي أشار إليها (قوله: " وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [ الحج : 5]
، وليست هذه الزوجية بالجودة والرداءة كما يقول أهل الظاهر ، إذ لا دليل يقوم على ذلك في كل ما يخرج من الأرض ، بل بما أشار إليه بقوله ، ( أي : إنها ما ولدت إلا من يشبهها ) ، أي : ما فيه بعض شبهها ، كالزوج مع الزوجة من الإنسان .
ثم بيّن ذلك الشبه بقوله رضي الله عنه : ( أي : طبيعيا مثلها ) ؛ لأن الشبه في الجسمية الوجودية لا يمتد به ، فصار للأرض الشفعية بعد وتريتها ، والشفعية زوج ، ( فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها ) ، أي : للأرض ( بما تولّد منها وظهر عنها ) ، إنما ذكره ليتوسل بذلك إلى شبه هذه الحياة بالحياة الإلهية التي لا يولد في شأنها ، وإنما يصور فيها الظهور ،
وإليه الإشارة بقوله رضي الله عنه : ( كذلك ) ، أي : مثل ما حصل للأرض من الشفعية بعد وتريتها بما ظهر عنها من حياتها بالماء ، ( ووجود الحق كانت ) له الوترية في الأصل باعتبار اتحاد الصفات بالذات من غير نظر إلى العالم ، ثم كانت ( الكثرة له ) في الصفات ( وتعداد الأسماء ) لا باعتبار حدوث التغاير فيها بعد الاتحاد ، بل يصدق ( أنه كذا أو كذا ) أي : حي عالم ، مريد قادر ، سميع بصير متكلم ( بما ظهر عنه من العالم الذي ) شفع وتريته بهذه الأسماء والصفات ؛ لأنه الذي ( يطلب بنشأته حقائق الإلهية ) أي : معانيها وأرواحها ، فلابدّ من تصورها حينئذ هناك مع أن لها ألا تتميز عن الذات ، ( فثبت به ) أي : بالعالم ، ( وبخالقه أحدية الكثرة ) في الحق .
قال رضي الله عنه : ( وقد كان ) الحق قبل وجود العالم ( أحدي العين من حيث ذاته ) لا يحتاج فيه إلى اعتبار كثرة الصفات والأسماء ، فكأنه لم يكن فيه هذه الكثرة أصلا ، ثم مثل صيرورة الحق أحدي الكثرة بعد كونه أحدي العين بالهيولى والصور التي لا تتميز عنها في الوجود ،
فقال رضي الله عنه : ( كالجوهر الهيولاني ) على مذهب القائلين به ، وهم الفلاسفة ( أحدي العين من حيث ذاته ) بحيث لا كثرة فيه أصلا بذلك الاعتبار ( كثير بالصور الظاهرة فيه ) ، ولكن لا تبطل أحديتها بالكلية ، بل يجعلها أحدية الكثرة ؛ لعدم تميزها عنها في الوجود .
قال رضي الله عنه : ( كذلك ) أي : مثل الجوهر الهيولاني ( الحق ) في صيرورة أحديته بالعين أحدية الكثرة ، لكن لا باعتبار لحوق الصور به ، بل ( بما ظهر منه صور التجلي ) ، وهي أجزاء العالم الطالبة بنشأتها حقائق الأسماء الإلهية بحيث تتصور في الحق ، ( فكان مجلى صور العالم ) ، وهي الأسماء الإلهية التي معانيها وأرواحها في العالم ، فظهرت كثرتها في الحق ( مع الأحدية المعقولة ) للذات عند ظهور هذه الكثرة فيها ،
فصارت هذه الشفعية كشفعية الأرض بما ظهر عنها من حياتها بالماء ، فأشبهت إشراق الحياة الإلهية في الموجودات كالحياة العلمية ، حتى صار إلقاء التابوت في اليم إشارة إلى هذه الحياة العلمية .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
الهدى عبارة عن الاهتداء إلى الحيرة
قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أنّ الأمر حيرة ) وذلك لأنّ النقائض والأضداد متعانقة في الوحدة الحقيقيّة والهويّة الإطلاقيّة ، وتقابل الأحكام مما يوجب الحيرة ضرورة .
هذا من جهة المسلك . وعلم أنّه ليس فيه ما ينقطع به السلوك ، وكذلك من جهة السالك لا يمكن له أن يقعد عن السلوك ، فإنّ الأمر حيرة كما عرفت .
قال رضي الله عنه : (والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ، فلا موت - ووجود فلا عدم ) .
( وكذلك في الماء الذي ) بحسب الظاهر سبب خراب الأرض وهدم صورة جمعيّتها ، فإنّه ( به حياة الأرض و ) به ( حركتها ) كما كشف عنها ( قوله : فـ " اهْتَزَّتْ" ) .
( و ) به ( حملها - قوله : " وَرَبَتْ " ) ( و ) به ( ولادتها "وَأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " أي أنّها ما ولدت إلا من يشبهها ، أي طبيعيّا مثلها )
فالزوج عبارة عن الولد هاهنا ، فإنّه زوج والده بحسب المماثلة الطبيعيّة ، وصورة بسطه على ما دلّ عليه بهيج .
الزوجية تلزم الوجود
قال رضي الله عنه : ( وكانت الزوجيّة التي هي الشفعيّة لها بما تولَّد منها وظهر عنها ، كذلك وجود الحقّ كانت الكثرة له وتعداد الأسماء أنّه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم ) ظهور الزوج عن النابت له ، وهو ( الذي يطلب بنشأته ) الحاملة لسائر القوابل ( حقائق الأسماء الإلهيّة ) التي هي أولاد القوابل وأزواجها ، طلب اهتزاز وانبساط وربى ، ( فنبت به ، وبخالقه أحديّة الكثرة ) أي نبت بالعالم وبخالقه شجرة أحديّة الكثرة العدديّة التي هي ذات ثمار كريمة ونعم جسيمة ومن ذلك جلائل العلوم وفنون الحقائق التي ظهرت من الحروف المتعدّدة وأعدادها .
فقد ظهر من هذا أنّ الشفعيّة والزوجيّة التي هي أحديّة الكثرة تلزم وجود الحقّ بما ظهر عنه .
قال رضي الله عنه : ( وقد كان ) قبل هذا الطلب ( أحديّ العين من حيث ذاته ) فنبت أحديّ العين ، أحديّ كثرة نبات الواحد العددي سائر المراتب العدديّة المتكثّرة .
هذا مثاله في العقل ، وأمّا ما في الخارج منه فهو المشار إليه بقوله : ( كالجوهر الهيولانيّ ، أحديّ العين من حيث ذاته ، كثير بالصور الظاهرة فيه ، التي ) ذلك الجوهر الهيولانيّ ( هو حامل لها بذاته ) ، فإنّه من حيث أحديّة عينه محيط بالصور الكثيرة ، إحاطة الحامل بالجنين .
ومن هاهنا ترى كلمة المشّاءين وغيرهم من الحكماء متّفقة على أنّ وحدة الهيولى شخصيّة لا غير ، ( كذلك الحقّ بما ظهر منه من صور التجلَّي ، فكان مجلى صور العالم مع الأحديّة المعقولة ) كما أنّ الجوهر الهيولاني مع أحديّة عينه مجلى سائر صوره النوعيّة وتنوّعاته الطبيعيّة ، التي أرض قابليته أنبتت بها من كلّ زوج بهيج .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم.
وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركتها، قوله تعالى «اهتزت» وحملها، قوله «وربت»، وولادتها قوله «وأنبتت من كل زوج بهيج».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعيا مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
فثبت به و بخالقه أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة. ).
قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة، فيعلم أنّ الأمر حيرة.)
قال رضي الله عنه : ( فالهدى هو أن يهتدي الإنسان إلى الحيرة ) المحمودة الحاصلة من شهود وحدة التجليات المتكثرة المحيرة للعقول والأوهام وظهور الأنوار الحقيقية العاجزة عن إدراكها البصائر والأفهام وذلك عين الهداية ولذلك قال صلى اللّه عليه وسلم : « رب زدني تحيرا » ، أي هداية وعلما .( فيعلم أن الأمر حيرة )
"" كان الشيخ الشبلي رضي الله عنه يقول : "يا دليل المتحيرين زدني تحيراً"
ويقول عمر ابن الفارض رضي الله عنه :-
زدني بفرط الحب فيك تحيرا ... وارحم حشى بلظي هواك تسعرا
وإذا سألتك أن أراك حقيقة ... فاسمح ولا تجعل جوابي: لن ترى ""
زدني بفرط الحب فيك تحيرا ... وارحم حشى بلظي هواك تسعرا
وإذا سألتك أن أراك حقيقة ... فاسمح ولا تجعل جوابي: لن ترى ""
قال رضي الله عنه : ( والحيرة قلق وحركة ، والحركة حياة ، فلا سكون ، فلا موت ؛ ووجود ، فلا عدم . وكذلك في الماء الّذي به حياة الأرض ، وحركتها ، قوله تعالى :اهْتَزَّتْ وحملها ، قوله :وَرَبَتْ [ الحج : 5 ] وولادتها قوله :وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ الحج : 5 ] . أي أنّها ما ولدت إلّا من يشبهها أي طبيعيّا مثلها . فكانت الزّوجيّة الّتي هي الشّفعيّة لها بما تولّد منها وظهر عنها . كذلك وجود الحقّ كانت الكثرة له وتعدّد الأسماء أنّه كذا وكذا ، بما ظهر عنه من العالم الّذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهيّة . فثبت به وبخالقه أحديّة الكثرة .)
قال رضي الله عنه : ( والحيرة ) فيها ( قلق وحركة والحركة ) فيها ( حياة فلا سكون ) ، فيها ، أي في الحيرة لما فيها من الحركة المنافية للسكون وإذ لا سكون ( فلا موت ) ، فإن انتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم .
قال رضي الله عنه : ( و ) كما أن الحركة فيها حياة فكذلك فيها ( وجود ولا عدم ) ، لأنهما لا يجتمعان في محل واحد والحاصل أن العلم يعطي الهداية ، والهداية تعطي الحيرة ، والحيرة توجب الحركة ، والحركة فيها الحياة والوجود فلا موت فيها ولا عدم فيعطى العلم التقاء الأبدي ( وكذلك في الماء ) ، أي كحال العلم الحال في الماء ( الذي به حياة الأرض ) كما يدل عليه قوله تعالى :وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ الحج : 5 ] .
( وحركتها ) ، أي حركة الأرض اللازمة لحياتها مما يدل عليه ( قوله :اهْتَزَّتْ وحملها ) الذي أعطاه إنزال الماء عليها إنزال النطفة على المرأة ما يدل
قال رضي الله عنه : ( قوله : (وَرَبَتْ) ، أي ازدادت ( وولادتها ) بعد حملها ما يدل عليه ( قوله :وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ يعني أنها الأمر ما ولدت إلا من يشبهها ) ، ( أي أمرا طبيعيا مثلها ) ، فالروح عبارة عن الولد فإنه روح والده بحسب المماثلة الطبيعية ( وكانت الزوجية التي هي الشفعية ) ، حاصلة ( لها ) ، أي للأرض ( بما تولد منها يظهر عنها كذلك وجود الحق ) ، الذي هو أحديّ العين كالأرض الهامدة ( كانت الكثرة له وتعدد الأسماء أنه كذا وكذا بما ظهر عنه من العالم ) ، ظهور مّا أنبتته الأرض من كل زوج بهيج فإن العالم ( هو الذي يطلب بنشأته ) ، الحاملة للقوابل كلها ( حقائق الأسماء الإلهية ) التي هي كالأرواح الثابتة من أرض تلك القابليات ، ( فثبت ) بالثاء المثلثة كذا في النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه . وصححه بعض الشارحين بالنون أي نبت ( به ) ، أي بالعالم ( وبخالقه أحدية الكثرة ) الأسمائية
قال رضي الله عنه : ( وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولانيّ أحديّ العين من حيث ذاته كثير بالصّور الظّاهرة فيه الذي هو حامل لها بذاته . كذلك الحقّ بما ظهر منه من صور التّجلّي، فكان الحقّ مجلى صور العالم مع الأحديّة المعقولة.)
قال رضي الله عنه : ( وقد كان أحديّ العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني الذي هو أحدي العين من حيث ذاته كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته كذلك الحق سبحانه ) أحديّ العين من حيث ذاته كبير ( بما ظهر منه من صور التجلي ) التي هي الأسماء والصفات .
( وكان ) الحق سبحانه ( مجلى صورة العالم ) ومرآتها فظهرت فيه كثرة صورها المشهورة ( مع الأحدية المعقولة ) وذلك بلسان الإشارة حيث أشار بالأحوال الثابتة للأرض والطارئة لها بعد إنزال الماء عليها إلى أحد عينيته سبحانه وتعالى في حدّ ذاته وأحدية كثرته الثابتة له من حيث ظهور كثرة صورة العالم عنه .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 7 أبريل 2020 - 20:08 عدل 3 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة التاسعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فانظر ما أحسن هذا التّعليم الإلهيّ الّذي خصّ اللّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده . ولمّا وجده آل فرعون في اليمّ عند الشّجرة سمّاه فرعون موسى : والمو هو الماء بالقبطيّة ، والسّا هو الشّجر فسمّاه بما وجده عنده ، فإنّ التّابوت وقف عند الشّجرة في اليمّ . فأراد قتله فقالت امرأته - وكانت منطقة بالنّطق الإلهيّ - فيما قالت لفرعون ، إذ كان اللّه خلقها للكمال كما قال عليه السّلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الّذي هو للذّكران ، فقالت لفرعون في حقّ موسى: " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " [ القصص : 9 ]. )
قال رضي الله عنه : (فانظر) يا أيها السالك (ما أحسن هذا التعليم الإلهي) من اللّه تعالى ومنا لغيرنا (الذي خص اللّه) تعالى (بالاطلاع عليه السلام ) ، أي بفهمه ومعرفته والتحقق به من شاء ، أي أراده سبحانه من عباده المؤمنين.
قال رضي الله عنه : (ولما وجده) ، أي موسى عليه السلام وهو موضوع في التابوت (آل فرعون) ، أي قومه (في اليم ) ، أي البحر (عند الشجرة) في حافة البحر (سماه فرعون موسى والمو هو الماء) ، أي اسم الماء بالقبطية ، أي لغة فرعون وقومه (والسا هو الشجر فسماه) ، أي فرعون (بما وجده) ، أي موسى عليه السلام (عنده) من الماء والشجر بلغته لغة القبط فإن التابوت ، أي تابوت موسى عليه السلام الذي وضعته فيه أمه وألقته في اليم (وقف عند الشجر في) شط (اليم) ، أي البحر .
قال الشيخ زاده رحمه اللّه في حاشية البيضاوي ، موسى هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام .
وقيل : أن موسى اسم مركب من كلمتين بالعبرانية وهما : مووشا بالشين المعجمة فمو هو الماء بلسانهم وشا هي الشجر فعربته العرب فقالوا : موسى
وقالوا : إنما سمي به لأن أمه جعلته في التابوت حين خافت عليه من فرعون وألقته في البحر ، فدفعته أمواج البحر حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون ، فخرجت جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت ، فأخذنه فسمي عليه السلام باسم المكان الذي أصيب فيه وهو الماء والشجر .
(فأراد) فرعون (قتله) ، أي موسى عليه السلام (فقالت امرأته) ، أي آسية امرأة فرعون (وكانت منطقة) ، أي تنطق (بالنطق الإلهي) لا بالنطق النفساني لإيمانها باللّه تعالى وكفرها بفرعون باطنا (فيما قالت) ، أي في قولها (لفرعون) من الكلام الآتي إذ كان اللّه تعالى من قبل (خلقها) ، أي امرأة فرعون (للكمال) ، أي متهيئة له مستعدة لقبوله (كما قال) ، أي نبينا (عليه السلام عنها) ، أي عن آسية امرأة فرعون في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة عن أبي موسى الأشعري .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ».
رواه البخاري ورواه مسلم والترمذي وابن ماجة ورواه غيرهم .
قال رضي الله عنه : (حيث شهد) صلى اللّه عليه وسلم (لها) ، أي لآسية امرأة فرعون (ولمريم بنت عمران بالكمال) الإلهي (الذي هو للذكران) ، أي حاصل للكاملين منهم (فقالت) ، أي آسية (لفرعون في حق موسى) عليه السلام إنه ، أي موسى عليه السلام ("قُرَّتُ عَيْنٍ") ، أي سرور دائم ("لِي وَلَك َأيضا") [ القصص : 9 ] .
قال تعالى : "وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ" [ القصص : 9 ] .
قال رضي الله عنه : ( فبه قرّت عينها بالكمال الّذي حصل لها كما قلنا ؛ وكان قرّة عين لفرعون بالإيمان الّذي أعطاه اللّه عند الغرق . فقبضه طاهرا مطهّرا ليس فيه شيء من الخبث لأنّه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام . والإسلام يجبّ ما قبله . وجعله آية على عنايته سبحانه لمن شاء حتّى لا ييأس أحد من رحمة اللّه إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ[ يوسف : 87 ] فلو كان فرعون ممّن ييأس ما بادر إلى الإيمان . )
قال رضي الله عنه : (فبه) ، أي بموسى عليه السلام (قرت عيناها) ، أي آسية بالكمال الإلهي الذي حصل لها ببركة تربية موسى عليه السلام وحفظه وحمايته ممن يريده بسوء كما قلنا ، أنه شهد لها بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكان أيضا (قرة عين لفرعون بالإيمان) ، أي الإذعان والتصديق بدين موسى عليه السلام ونبوته ورسالته (الذي أعطاه اللّه) تعالى (عند الغرق) في البحر أي قبله ، لما شاهد أسباب الهلاك ، وقد رأى موسى وقومه من بني إسرائيل نجوا من الغرق في البحر والهلاك فيه بإيمانهم وإسلامهم ،
وتحقق بأن ذلك حق فأمن وأسلم طمعا في اللحاق بهم ورجاء في السلامة والنجاة من الغرق لا يأسا من الحياة ،
كما قال بعضهم بأن : إيمان اليأس غير مقبول كما سيأتي ؛ ولهذا قال لما أدركه الغرق :آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ يونس : 90 ] وخص بني إسرائيل لعله يلتحق بهم وينجيه اللّه تعالى من الغرق كما أنجاهم وكانت قد حضرت منيته واستكملت حياته ولن يؤخر اللّه نفسا إذا جاء أجلها .
قال رضي الله عنه : (فقبضه) ، أي فرعون ، يعني أماته اللّه تعالى (طاهرا) من دنس الكفر ، أي مؤمنا مسلما بإيمان وإسلام ثابت في النص المتواتر وهو القرآن العظيم فيجب الإيمان به وتصديقه وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا[ النساء : 122 ] ، وأما كون ذلك لم يقبل منه وليس بصريح الآية ولا مفهوما أيضا فإن قوله تعالى :آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ[ يونس : 91 ] .
يقتضي المعاتبة له في تأخير إيمانه إلى ذلك الوقت لا عدم قبوله ، وقد خص عصيانه بعدم إيمانه بكونه قبل ، أي عصيت قبل الآن لا الآن ، والآن لم تعص فأطعت .
وقوله تعالى :فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ[ يونس : 92 ] ، أي وحدك ولا ننجي معك أحدا من قومك لكونك آمنت إيمان طمع ورجاء كما ذكرنا ،
ومن قال أن نجاته بكون حيتان البحر لم تأكل جسده فليس هذا المعنى بنجاة ، وإن وقع فإن النجاة المعتبرة عند حلول الأجل إنما هي نجاة الإيمان والإسلام خصوصا ، وقد أضافها اللّه تعالى إليه بنون العظمة ،
وقرنها بقوله سبحانه لتكون لمن خلفك آية للأمم المتأخرين علامة على سعة رحمة اللّه تعالى في كل من جاءها مؤمنا مسلما مثلك طامعا فيها بمراده راجيا منها حصول مقصوده حتى لا ييأس أحد من رحمة اللّه تعالى ، ولا يقنط من إحسانه وقبول توبته ،
وما ذكره البغوي في المصابيح وذكره غيره أيضا من حديث أن جبريل عليه السلام كان يأخذ من طين البحر ويضع في فم فرعون لئلا يتوب لم يصح .
قال الفخر الرازي في تفسيره :
الأقرب أنه لا يصح ، لأن في تلك الحالة إما أن يقال إن كان التكليف ثابتا لم يجز لجبريل عليه السلام أن يمنعه من التوبة ، بل يجب عليه أن يعينه على التوبة وعلى الطاعة لقوله تعالى :وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ[ المائدة : 2 ] ،
وأيضا لو منعه بما منعه من الطين كانت التوبة ممكنة لأن الأخرس قد يتوب بأن يندم بقلبه ويعزم على ترك معاودة القبيح ، وحينئذ لا يبقى لما فعله جبريل عليه السلام فائدة .
وأيضا لو منعه لكان قد رضي ببقائه على الكفر والرضى بالكفر كفر وأيضا ،
فكيف يليق باللّه تعالى أن يقول لموسى وهارون عليهما السلام :فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [ طه : 44 ] ، ثم يأمر جبريل بأن يمنعه من الإيمان ،
(ولو قيل) : إن جبريل عليه السلام إنما فعل ذلك عن نفسه لا بأمر اللّه تعالى ، فهذا يبطله قول جبريل عليه السلام عن نفسه وعن الملائكة وما نتنزل إلا بأمر ربك ، وقوله تعالى في صفتهم :وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ[ الأنبياء : 28 ] .
(وقوله تعالى ) :لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [ الأنبياء : 27 ] .
وأما إن قيل : التكليف كان زائلا عن فرعون في ذلك الوقت فحينئذ لا يبقى لهذا الفعل الذي نسب جبرائيل عليه السلام إليه فائدة أصلا .
وذكر أبو عيسى الترمذي في جامعه بإسناده عن ابن عباس إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :
"لما أغرق اللّه تعالى فرعون قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل فقال جبريل عليه السلام : يا محمد فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة " هذا حديث حسن . سنن الترمذي .
وروي بإسناده أيضا عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه ذكر أن جبريل عليه السلام جعل يدس في في فرعون الطين خشية أن يقول : لا إله إلا اللّه فيرحمه اللّه أو خشية أن يرحمه اللّه . هذا حديث حسن غريب صحيح انتهى .
(فقوله) : خشية أن يرحمه اللّه مخافة أن تدركه الرحمة يعني في الحياة الدنيا فينجو من الغرق فيكون فتنة لبني إسرائيل أو فيعود إلى ما كان عليه من الكفر قال تعالى :وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ[ الأنعام :28] الآية .
ولا يتصوّر أحد أن المعنى مخافة أن تدركه الرحمة في الآخرة فيموت على الإيمان فإن هذا أمر بعيد من قصد جبريل له الملك المعصوم عليه السلام كما ذكرناه عن الرازي (مطهرا )،
أي مغسولا بماء البحر (ليس فيه) ، أي فرعون في ذلك الوقت (شيء من الخبث) ،
أي النجاسة المعنوية والحسية (لأنه) ، أي اللّه تعالى (قبضه) ، أي مات فرعون (عند إيمانه) ،
أي في وقت حصول الإيمان منه والإسلام للّه تعالى بإخلاص قلبه وصدق لبه كما قال تعالى :فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[ العنكبوت : 65 ] .
وهذا حالهم وهم في السفينة مشرفون على الهلاك ، فكيف بمن هو في وسط البحر وقد أشرف على الهلاك وطمع في النجاة والسلامة لمعاينة وقوع ذلك لغيره في ذلك الوقت فإن إخلاصه للّه تعالى في إيمانه وتوبته أبلغ وأكثر (قبل أن يكتسب) ، أي فرعون (شيئا من الآثام) ، أي الذنوب (والإسلام) إذا حصل من المكلف (يجبّ) ، أي يقطع حكم (ما) كان (قبله) من جميع المعاصي والمخالفات .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « الإسلام يجبّ ما كان قبله » . رواه ابن سعد عن الزبير وعن جبير بن مطعم وهذا في حقوق اللّه تعالى . رواه ابن سعد في طبقاته ورواه أحمد الطبراني
وأما في حقوق العباد فيبقى عليه بعد الإسلام أمر التبعات والمظالم كتسخيره لقومه قهرا عنهم في البعض وغصب أموالهم وإضلالهم بعبادته كما قال تعالى :وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى [ طه : 79 ] ،
وقد يكون في ضمن إيمانه وإسلامه ندم على صدور ذلك منه كله ولم يعش بعده زمانا يتيسر فيه الاستحلال من قومه في مظالمهم والهداية لهم بدلالتهم على الإيمان بموسى عليه السلام فيكون مات تائبا أيضا من حقوق العبد والاستحلال بإرضاء الخصوم شرط التوبة من حقوق العباد إذا أمكنه ذلك وإذا لم يمكنه فالندم يكفيه كما ورد في الحديث : « الندم توبة » أخرجه ابن ماجة والحاكم في مستدركه عن ابن مسعود والبيهقي عن أنس بن مالك .
وفي رواية الطبراني وأبي نعيم في الحلية عن أبي سعيد الأنصاري : « الندم توبة ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ».
وفي الفتاوى البزارية أوائل كتاب الزكاة : من مات وعليه ديون وكان من قصده الأداء لا يؤاخذ به يوم القيامة ، لأنه يتحقق المطل انتهى .
وذكر اللقاني المالكي في شرح جوهرته .
قال : وأما رد المظالم والخروج عنها برد المال أو الإبراء منه أو الاعتراف إلى المغتاب واسترضائه إن بلغته الغيبة ونحو ذلك فواجب عندنا في نفسه لا يدخل له في الندم على ذنب آخر لما قاله إمام الحرمين في الشامل وهو مذهب الجمهور
وقال الآمدي : إذا أتى المظلمة كالقتل والضرب مثلا فقد وجب عليه أمران :
التوبة والخروج عن المظلمة بتسليم نفسه مع الإمكان ليقتص منه ، ومن أتى بأحد الواجبين لم تكن صحة ما أتى به لتوقفه على الإتيان بالواجب الآخر ، كمن وجب عليه صلاتان فأتى بإحداهما دون الأخرى ،
نعم إذا أراد أن يتوب من تلك الظلامة نفسها فلا بد من ردها أو التحليل ممن هي له ، إن وجد فيه شرط التحليل وأمن عند الطلب ذلك مما هو أعظم من المعصية التي ارتكبها انتهى . وتمامه هناك .
وغرضنا من هذا الكلام أن حقوق العباد إذا تاب منها العبد بالندم بقلبه صحت توبته من معصية التجري على الغير والتعدي عليه في حقه ، وبقي عين الحق في ذمة التائب دينا عليه يلزمه أداؤه ، فإذا كان ناويا أداءه لو عاش زمانا وتمكن من ذلك فإنه لا يؤاخذ به أيضا يوم القيامة ، خصوصا وقد مات فرعون غرقا في البحر ، فحصل له رتبة شهيد البحر بعد قبول إيمانه ، واللّه على كل شيء قدير .
وفي حديث الطبراني وابن ماجة عن أبي أمامة : « شهيد البحر مثل شهيد البر والميت في البحر كالمتشحط في دمه في البر وما بين الموجتين في البحر كقاطع الدنيا في طاعة اللّه وأن اللّه عز وجل وكّل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهداء البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين ويغفر لشهيد البحر الذنوب كلها والدين ». المزي في تهذيب الكمال
فاعتنى اللّه تعالى به وجعل حاله بعكس حال إبليس في سعادته آخرا وسعادة إبليس أوّلا . وكان ذلك ببركة تربية موسى عليه السلام وصبره على انتهاك حرمته حين قبض على لحيته وهو رئيس قومه ، وكانت لحية فرعون منظومة بالجواهر واللآلىء وموسى عليه السلام صغير في حجره حتى أراد فرعون قتله لفعله ذلك فقالوا لفرعون إنه لا يفرق بين التمرة والجمرة ، ولما عرض عليه ذلك أخذ الجمرة ووضعها في فمه فأحرقت لسانه ،
فقيل : إن اللكنة التي كانت في لسان موسى عليه السلام كانت من ذلك كما قال :وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي ( 27 ) يَفْقَهُوا قَوْلِي ( 28 )[ طه : 27 - 28 ] . وقال : أخي هارون هو أفصح مني لسانا .
قال رضي الله عنه : (وجعله) ، أي جعل اللّه تعالى فرعون آية كما قال تعالى لتكون لمن خلفك آية أي علامة واضحة (على عنايته) ، أي اعتنائه (سبحانه بمن شاء) من عباده (حتى لا ييأس واحد من رحمة اللّه) تعالى (فإنه) ، أي الشأن كما قال تعالى :"لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ،" أي رحمته "إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ"[ يوسف : 87 ].
فلو كان فرعون ممن ييأس من رحمة اللّه تعالى ما بادر إلى الإيمان وأسرع إليه حين أدركه الغرق معرفة منه وتحققا أن الإيمان ينجيه لا نجاة له سواه وقد واجهه من اللّه تعالى صريح النجاة بقوله سبحانه :فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ[ يونس : 92 ] .
ولم ينقل عنه أنه سلم من الغرق ولم يمت من ذلك ، فتعين أن تكون نجاته هي النجاة التي أرادها بإيمانه وإسلامه ، أعني نجاة القبول له من اللّه تعالى وإلحاقه ببني إسرائيل في إيمانهم وإسلامهم وسلامتهم من الغرق .
وفي تقدير اللّه تعالى أنه يموت غريقا ، وقد حل أجله فمات ، وكذلك وبنو إسرائيل أطول معه عمرا فعاشوا بعده وقد حصل له اللحاق بهم في إيمانهم وإسلامهم كما ورد في صريح الآية :آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ يونس : 90 ] ، والأصل القبول حتى يأتي قاطع من الأدلة ينفيه .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
قال رضي الله عنه : ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص اللّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده ) وإنما كان هذا التعليم إلهيا إذ كل ما ذكر من التعليم هو التحقيق الذي علمه اللّه في كلامه المجيد ( ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى والمو هو الماء بالقبطية وسى هو الشجر فسماه بما وجده عنده فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم فأراد قتله فقالت امرأته ) آسية وكانت ( منطقة بالنطق الإلهي ) أي هي التي أنطقها اللّه من غير اختيار ( فيما قالت لفرعون ) وإنما قالت منطقة بالنطق الإلهي ( إذ كان اللّه خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران ) .
قوله رضي الله عنه : ( بالكمال ) يتعلق بقوله شهد أي شهد بالكمال ( الذي هو للذكران ) وهذا معنى حديث النبي عليه السلام : "كملت من النساء أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة وفاطمة "
""ورد بلفظ: « كمل من الرّجال كثير ولم يكمل من النّساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران » ذكره البخاري ومسلم والترمذي .
فشهد رسول اللّه عليه السلام في حقهن بالكمال الذي هو للرجال فجعل رسول اللّه عليه السلام آسية من زمرة الرجال فكانت منطقة بالنطق الإلهي أي تخبر عن الكمال الذي يحصل لها ولفرعون بموسى فكلاهما صدق واقع ( فيما قالت لفرعون في حق موسى أنه قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) فلما قالت كذلك ( فبه ) أي فبموسى ( قرة عينها ) أي عين آسية ( بالكمال الذي حصل لها ) أي أعطاها اللّه ذلك بسبب موسى.
( كما قلنا ) من أن الرسول عليه السلام شهد لها بالكمال الذي هو للذكران فكان قرة عين لها بهذا الكمال المشهود به .
قال رضي الله عنه : ( فكان ) موسى ( قرة عين لفرعون بالايمان الذي أعطاه اللّه عند الغرق ) والمراد بذلك الكلام إتيان الشاهدة للعادلة لإيمان فرعون من النساء الصادقة المكرمة عند اللّه متزكيا بقول الرسول حيث قال عليه السلام عنها حيث شهد لها ( فقبضه اللّه ) على تقدير ثبوت ما ذكر من الدليل ( طاهرا ) أي حال كونه طاهرا ( مطهرا ) من حيث البدن والروح ( ليس فيه ) أي بحيث لا يوجد فيه عند الانتقال ( شيء من الخبث ) وهو الشرك وإنما قلنا قبضه على الطهارة ( لأنه ) أي لأن الشأن ( قبضه اللّه عند إيمانه ) وهو قوله آمنت بالذيآمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَفظهر جسده وروحه بالايمان ثم قبض فكان قبض الروح واقعا بعد الايمان ( وقبل أن يكتب شيئا من الآثام والإسلام يجب ) أي يسقط ويمحو ( ما قبله ) .
من حقوق اللّه ومقتضى مثل هذا الايمان أن يجعل صحيحا معتدّا به أي لم يعارضه الدليل أو لم يردّ المنع على دليله فسنذكره إن شاء اللّه ما فيه من المنع والمعارضة فقوله وكانت منطقة بالنطق الإلهي دليل ، وقوله لأنه قبضه دليل
وقوله رضي الله عنه : ( وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة اللّه ) دليل وقوله ( فإنه لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ فلو كان فرعون ممن ييأس ) من رحمة اللّه .
قال رضي الله عنه : ( ما بادر إلى الايمان ) دليل وقوله من بعد وقرينة الحال تعطى أنه ما كان على يقين بالانتقال دليل ونتيجة الدلائل المذكورة .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
قال رضي الله عنه : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده. ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك». فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله. وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
قال رضي الله عنه : ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهيّ الذي خصّ الله بالاطَّلاع عليه من شاء من عباده ، ولمّا وجده آل فرعون في اليمّ عند الشجرة ، سمّاه فرعون موسى ، و "المو " هو الماء بالقبطية و « السّا » هو الشجر ، فسمّاه بما وجده عنده ، فإنّ التابوت وقف عند الشجرة في اليمّ) .
قال العبد : كما أنّ التابوت كان ضرب مثل للهيكل الجسماني الإنساني الذي فيه سكينة الربّ وهو الروح الذي أسكنه الله في هيكله وسكَّنه به ، وموسى صورة الروح من حيث هذا الوجه ، واليمّ - الذي هو البحر - صورة العلم الحاصل للروح الإنساني بسبب هذه النشأة العنصرية أي الحاصل ظهور ما كان لها بالقوّة بواسطته بالفعل ، فإنّ القوّة العلمية ذاتية للنفس ،
ولكن ظهورها بالفعل على الوجه الأكمل متوقّف على مظاهر قواها من هذه الصورة الهيكلية العنصرية ، فكذلك فرعون صورة الهوى الذي هو السلطان الغالب في مصر النشأة العنصرية ، ووجدانه للتابوت وحصوله له وعنده صورة تعيّن الروح ووقوفه أوّلا في تعمير البدن في حكم الهوى وعنده ،
فإنّ تربية الروح الإنساني إنّما تتمّ بوجود الهوى للنفس في تعمير البدن ومع تكامل القوى المزاجية تتكامل تربية الروح ، فيظهر قواه بالروح الإنساني إلى أن يبلغ أشدّه ويظفر بالهوى ويملك مصر الكمال الطبيعي ، ووقوف تابوته عند الشجر إشارة إلى أنّ الهيكل الكماليّ الإنساني يتوقّف وجوده على الأركان المتشاجرة الأغصان من أصل الطبيعة الواحدة ،
فإنّ الشجر إنّما سمّي شجرا لاختلاف أغصانه والتفافها ، والمشاجرة هي المخالفة والمخاصمة ، كذلك هذا التابوت الناسوتي الهيكلي واقف عند الهوى بمقتضى القوى والخصائص الروحانية ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( فأراد قتله ، فقالت امرأته - وكانت منطقة بالنطق الإلهي الذي أنطق به كلّ شيء فيما قالت لفرعون ، إذا كان الله خلقها للكمال ، كما قال عليه السّلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو الذكران فقالت لفرعون في حق موسى : إنّه " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " فيه قرّت عينها بالكمال الذي حصل لها ، كما قلنا وكان قرّة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق ، فقبضه طاهرا مطهّرا ، ليس عليه شيء من الخبث ، لأنّه قبضه عند إيمانه ، قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ، والإسلام يجبّ ما قبله ، وجعله آية على عنايته - سبحانه - لمن شاء ، حتى لا ييأس أحد من رحمة الله "إِنَّه ُ لا يَيْأَسُ " ،" من رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ " فلو كان فرعون ممّن يئس ، ما بادر إلى الإيمان )
قال العبد : قد تقرّر في نفوس العامّة من المسلمين وغيرهم من اليهود والنصارى أنّ فرعون كافر وأنّه من أهل النار بما ثبت عنه قبل الغرق من المعاداة لنبيّ الله ولنبي إسرائيل وبما قال : " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى "
وبقوله : "ما عَلِمْتُ لَكُمْ من إِله ٍ غَيْرِي " وبأفعاله السيّئة إذ ذاك ، ولكنّ القرآن أصدق شاهد بإيمانه عند الغرق قبل أن يغرغر ، بل حال تمكَّنه من النطق بالإيمان وعلمه بأنّ النجاة حصر في ذلك ،
فقال : آمنت بالَّذى " آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا من الْمُسْلِمِينَ " وهذا إخبار صحيح لا يدخله النسخ ، ولكنّ فيه دليلا أيضا أنّه لم يكن مؤمنا قبل هذا الإيمان ، كما زعم أهل الأخبار أنّه كان مؤمنا في الباطن ، وأنّه كان يكتم إيمانه عن قومه سياسة حكمية ، إذ لا دليل على ذلك من القرآن ولا فيما صحّ من الحديث ، فلم يكن إيمانه إلَّا عند الغرق بالاستدلال على وجود الله وكمال قدرته بما رأى أنّه أنجى بني إسرائيل الذين آمنوا به من الغرق ، فآمن به ، إمّا طلبا للنجاة أو إيمانا لا لعلَّة .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
قال رضي الله عنه : ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده ، ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى والمو : هو الماء بالقبطية ، والسا : هو الشجرة فسماه بما وجده عنده ، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم ، فأراد قتله فقالت امرأته وكانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون إذ كان الله خلقها للكمال ، كما قال تعالى عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو الذكران )
بقوله :" وكانَتْ من الْقانِتِينَ " بعد الجمع بينهما في ضرب المثل
قال رضي الله عنه : ( فقالت لفرعون في حق موسى إنه " قُرَّتُ عَيْنٍ لِي ولَكَ " فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا ، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث ، لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ، والإسلام يجبّ ما قبله ، وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله فـ " إِنَّه لا يَيْأَسُ من رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ " ، فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الإيمان ).
على تأويل التابوت بالبدن الإنسانى وموسى بالروح يؤول فرعون بالنفس الأمارة والشجر بالقوة الفكرية ، فمن أراد التطبيق فليرجع إلى تأويلات القرآن التي كتبناها فليس هذا موضع ذكره ، وأما الإيمان الذي بادر إليه فرعون قبل موته إذ أدركه الغرق وكونه منتفعا به مقبولا ، فهو مما أنكره بعضهم على الشيخ قدس سره وليس بذلك لأن القياس أثبت صحته كما ذكر ، فإن النص دل على ما أفصح عنه قبل أن يتغرغر حيث قال :" آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ وأَنَا من الْمُسْلِمِينَ " .
وليس بمناف لكتاب الله كما زعم هذا المنكر ، فإن كونه طاهرا مطهرا من الخبث الاعتقادي كالشرك ودعوى الألوهية لا ينافي الإنكار في قوله :" آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ من الْمُفْسِدِينَ "
يعنى الآن مؤمن لأنه متوجه إلى كونه سببا للنجاة من الغرق ، ولهذا جعل الموجب له العصيان السابق والإفساد ، ولا ينافي أيضا تعذيبه في الآخرة بسبب الظلم وارتكاب الكبائر ، فإن الذنوب التي يجبها الإسلام هي التي بين العبد والرب ،
فأما المظالم التي تتعلق برقبته من جهة الخلق فلا ، ولهذا أخبر عن وعيده في الكتاب على الإضلال بقوله : " يَقْدُمُ قَوْمَه يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وأُتْبِعُوا في هذِه لَعْنَةً ويَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ".
وبقوله : " وأَتْبَعْناهُمْ في هذِه الدُّنْيا لَعْنَةً ويَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ من الْمَقْبُوحِينَ " فإن مثل هذه الوعيد والتعذيب ثابت للفساق من المؤمنين مع صحة إيمانهم ، وأما نفع إيمانه وفائدته فهو في انتفاء خلوده في النار وخلاصه من العذاب في العاقبة ، فإن المؤمن لا يخلد في النار لا أنه لا يدخل النار ، وأما قوله :" وحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ". وأمثاله فهو مخصوص بالآل وهم كفار.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 مارس 2020 - 0:05 عدل 1 مرات
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص الموسوي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة التاسعة : الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
قال رضي الله عنه : ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده . ) ( التعليم الإلهي ) إشارة إلى قوله تعالى : ( اتقوا الله يعلمكم الله ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) . فمن اتقى ولم يثبت لغيره وجودا ، يستحق بأمثال هذه اللطائف والمعارف .
قال رضي الله عنه : ( ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة ، سماه فرعون "موسى" . و"المو" هو "الماء" بالقبطية . و"السا" هو الشجر ، فسماه بما وجده عنده : فإن التابوت وقف عند الشجر في اليم . فأراد قتله . فقالت امرأته وكانت منطقة بالنطق الإلهي )
أي ، كانت ممن أنطقه الله بالنطق الإلهي من غير اختيارها ، كما قال تعالى من لسان الأعضاء : ( أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ ) . وكانت مؤيدة من الله.
قال رضي الله عنه : ( فيما قالت لفرعون إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال ، عليه السلام ، عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران ) أي ، بحسب الغلبة .
وهو إشارة إلى قوله عليه السلام : ( كملت من النساء أربع : مريم بنت عمران ، وآسية امرأة
فرعون ، وخديجة ، وفاطمة ، رضى الله عنهن ) . ولهذا الكمال قال تعالى في مريم : ( وكانت من القانتين ) . فجعلها في زمرة الرجال .
وصرح الشيخ في الفتوحات ، في باب الأولياء : "إن هذه المقامات ليست مخصوصة بالرجال ، فقد تكون للنساء أيضا ، لكن لما كانت الغلبة للرجال ، تذكر باسم الرجال" .
( فقالت لفرعون في حق موسى إنه "قره عين لي ولك" . فيه ) أي ، في موسى
قال رضي الله عنه : ( قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلناه . وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله له عند الغرق . ) وذلك لأن الحق تكلم بلسانها من غير اختيارها وأخبر بأنه قرة عين لها ولفرعون ، فوجب أن يكون كذلك في نفس الأمر .
قال رضي الله عنه : ( فقبضه ) أي ، الحق . ( طاهرا مطهرا ، ليس فيه شئ من الخبث ، لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام والإسلام يجب ما قبله وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله . فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون . فلو كان فرعون ممن ييأس ، ما بادر إلى الإيمان ).
لما كان إيمان فرعون في البحر ، حيث رأى طريقا واضحا عبر عليه بنوا إسرائيل ، قبل التغرغر وقبل ظهور أحكام الدار الآخرة له مما يشاهدونه عند الغرغرة ، جعل إيمانه صحيحا معتدا به ، فإنه إيمان بالغيب ، لأنه كان قبل الغرغرة .
وهو بعينه كإيمان من يؤمن عند القتل من الكفار . وهو صحيح من غير خلاف وإنما كان إيمان المتغرغر غير صحيح لظهور أحكام الدار الآخرة له ، من النعيم والجحيم والثواب والعذاب .
وجعله ( طاهرا مطهرا ) من الخبث الاعتقادي ، أي ، من الشرك ودعوى الربوبية ، لأن الإسلام يجب ما قبله - كما جاء في الخبر الصحيح - ولم يكتسب بعد الإيمان شيئا من الآثام والعصيان .
وقوله تعالى : "الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين" .
أي ، آمنت الان ، وكنت من العاصين المفسدين من قبل ، نوع من العتاب عند التوجه إلى الحق والإيمان به . وهو لا ينافي صحة إيمانه .
وما جاء من قوله : "يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود" . الضمير "القوم " و "المورد" الذي هو فرعون ، لا يجب دخوله فيهم .
وقوله : "واتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود" . وقوله : " وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين " . الضمير " القوم " و "اللعنة" ودخول النار لا ينافي الإيمان ، لأن اللعنة هي البعد ، وهي تجتمع مع الإيمان .
كما في المحجوبين والعصاة والفسقة من المسلمين .
والورود في النار ليس مخصوصا بهم ، بل عام شامل للكل ، كما قال : "وإن منكم إلا واردها" . فهو لا ينافي الإيمان .
وليس بكفر فرعون بعد إيمانه نص صريح فيه . وما جاء فيه كان حكاية عما قبل .
وقوله رضي الله عنه : ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ) . صريح في آله ، لا في فرعون .
وفائدة إيمانه ، على تقدير التعذيب ، عدم الخلود في النار . والتعذيب بالمظالم وحقوق العباد ، مما لا يرتفع بالإسلام ، لا ينافي أيضا الإيمان والطهارة من الشرك وخبث العقيدة .
فلا ينكر على الشيخ ما قاله مع أنه مأمور بهذا القول ، إذ جميع ما في الكتاب مسطور بأمر الرسول ، صلى الله عليه وسلم فهو معذور . كما أن المنكر المغرور معذور .
وقوله : "وجعله آية على عنايته " إشارة إلى قوله تعالى : "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية " . وهذا أيضا صريح في نجاته ، لأن (الكاف)
خطاب له . أي ، ننجيك مع بدنك من العذاب ، لوجود الإيمان الصادر منك بعد العصيان . والله أعلم بالسرائر من كل مؤمن وكافر .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص الله بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة سماه فرعون موسى: والمو هو الماء بالقبطية والسا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم.
فأراد قتله فقالت امرأته و كانت منطقة بالنطق الإلهي فيما قالت لفرعون، إذ كان الله تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذكران فقالت لفرعون في حق موسى إنه «قرت عين لي و لك».
. فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.
فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام. والإسلام يجب ما قبله.
وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة الله، «فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». فلو كان فرعون ممن يئس ما بادر إلى الايمان.)
قال رضي الله عنه : ( فانظر ما أحسن هذا التّعليم الإلهيّ الّذي خصّ اللّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده ، ولمّا وجده آل فرعون في اليمّ عند الشّجرة سمّاه فرعون موسى ، والمو هو الماء بالقبطيّة ، والسّا هو الشّجر فسمّاه بما وجده عنده ، فإنّ التّابوت وقف عند الشّجرة في اليمّ ، فأراد قتله فقالت امرأته وكانت منطقة بالنّطق الإلهيّ فيما قالت لفرعون ، إذ كان اللّه خلقها للكمال كما قال عليه السّلام عنها حيث شهد لها ولمريم بنت عمران بالكمال الّذي هو للذّكران ، فقالت لفرعون في حقّ موسى :" قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ" [ القصص : 9 ] ، فبه قرّت عينها بالكمال الّذي حصل لها كما قلنا ؛ وكان قرّة عين لفرعون بالإيمان الّذي أعطاه اللّه عند الغرق ، فقبضه طاهرا مطهّرا ليس فيه شيء من الخبث ؛ لأنّه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ، والإسلام يجبّ ما قبله ، وجعله آية على عنايته سبحانه لمن شاء حتّى لا ييأس أحد من رحمة اللّه "إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ " [ يوسف : 87 ] فلو كان فرعون ممّن ييأس ما بادر إلى الإيمان ) .
قال رضي الله عنه : ( فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي ) لموسى ، ولمن بعده من الأنبياء والأولياء - عليهم السّلام ( الذي خص اللّه بالاطلاع عليه من يشاء من عباده ) .
"" أضاف المحقق :
وذلك بلسان الإشارة حيث أشار بالأحوال الثابتة للأرض والطارئة لها بعد إنزال الماء عليها إلى أحدية عينية سبحانه وتعالى في حد ذاته وأحدية كثرته الثابتة له من حيث ظهور كثرة صورة العالم عنه . شرح الجامي.""
ولما فرغ من بيان نتيجة إلقائه في التابوت من حيث الإشارة المذكورة من الباطن ، شرع في بيان نتيجة ذلك من حيث الظاهر ،
فقال رضي الله عنه : ( ولما وجده آل فرعون في اليم عند الشجرة ) المعترضة في طريق جري التابوت بقرب مجلس فرعون من الساحل ، ( سماه فرعون موسى ) ، وسبب هذه التسمية أن ( المو : هو الماء بالقبطية ) التي هي لسان فرعون وقومه ، ( والسا : هو الشجرة ) في لسانهم ، ( فسماه ) موسى مركبا امتزاجيّا ( بما وجده عنده ) من الشجرة مع ما يليها من الماء ؛ ( فإن التابوت ) الذي فيه موسى ( وقف عند الشجرة في اليم ) ، فكأنه قصد استهانته بذلك ،
واللّه تعالى أراد بذلك الإشارة إلى أنه الماء الذي هو حياة كل حي ، والشجرة المثمرة للعلوم والأعمال ، والأحوال والمقامات ، والأخلاق ، وتفويضه إلى العدو ؛ للإشعار بأنه كالمعترف بذلك ،
وإن لم يكن له شعور به فظن فرعون أنه إنما جعل في التابوت خوفا من القتل ، ورأى جري تابوته في الماء على خرق العادة ، وقد رأى النور من الصندوق عند فتحه ، ورأى زوال جرح ابنته بلعابه ، وقد عجز عنه الأطباء فظن أنه الغلام الذي يكون على يديه هلاك ملكه .
قال رضي الله عنه : ( فأراد قتله ، فقالت امرأته : ) آسية بنت مزاحم - قدس اللّه روحها :" قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا " [ القصص : 9 ] ، ( وكانت منطقة ) عين حين نطقت بهذه الكلمات ( بالنطق الإلهي ) ، وإن كانت تحت فرعون ، فقد كان ذلك بالجبر ، وهي من بني إسرائيل من أولاد الأنبياء ( فيما قالت لفرعون ) ، وإن لم تكن منطقة بالنطق الإلهي في جميع ما كانت تنطق به ، إذ أحوال الكمّل لا تدوم في الأكثر ، لكن كانت منطقة بالنطق الإلهي في هذه الكلمات ؛ لتعلقها بأمر النبوة التي كمالها مشابه لكمال أهل النبوة ، فلا تتكلم في ذلك إلا عن النطق الإلهي ،
قال رضي الله عنه : ( إذ كان اللّه خلقها للكمال ) المشابه كمال الأنبياء ، فلا يكون كلامها في ذلك إلا عن كمال حالها ، وهذا الكمال لما كانت مخلوقة له كان لها من أول نشأتها ، ( كما قال عليه السّلام ) مخبرا ( عنها ) بغاية الكمال لا بطريق الإشارة ، بل بطريق التصريح ( حيث شهد لها ، ولمريم بنت عمران ) بقوله : « كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية امرآة فرعون » . رواه البخاري ، ومسلم .
فقد شهد لهما صلّى اللّه عليه وسلّم ( بالكمال الذي هو للذكران ) ، وهو كمال النبوة ، وإن لم يكن في النساء نبي ، وقد كثرت الولاية فيهن ، فهذا الكمال كمال مشابه لكمال الأنبياء ، فكما أن أهل النبوة لا تنطق في أمر النبوة عن الهوى ، فكذا من أشبه كماله كمالهم ، ( فقالت لفرعون في حق موسى ) الذي خلق للنبوة ، وإن لم تشعر بنبوته ، فالكلام في حقه لا يكون إلا عن الإنطاق الإلهي أنه ( قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ) ،وكيف لا تكون منطقة بالنطق الإلهي ، وقد وقع جميع ما تكلمت في حقه ( فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها ) بالإيمان بنبوته ، فإن كمالها صار أكمل مما كان بذلك السبب ،
قال رضي الله عنه : ( كما قلنا ) أنها خلقت للكمال والمخلوق للكمال لا بدّ وأن يتزايد كماله كل حين ، فقد قيل : « من استوى يوماه ؛ فهو مغبون » ، رواه البيهقي ، وأبو نعيم في الحلية.
ولم يقتصر صدق كلامها في حقها فقط ، بل صدق في حق فرعون أيضا ، ( إذ كان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه اللّه ) المنطق لها بذلك ( عند الغرق ) ، ولو أعطاه قبله ربما كان يتغير عنه ، والغرق لم يكن كاشفا له عن أحوال الآخرة ، ولا ملجأ إلى الإيمان ، كما لم يلجأ إليه قومه إذ لم يحك اللّه عنهم ذلك .
وقد حكي عنه ولم يظهر موجب تخصيص فيه ، ولم تكن دلالة الغرق على الأمور الأخروية أشد من دلالة المعجزات التي من جملتها انفلاق البحر ، ولو آمن عند رؤية ذلك لقبل اتفاقا ، ولم ينقطع رجاؤه عن نفسه ؛ لأنه آمن لينجو عن الغرق كما نجا منه بنو إسرائيل ، وهذا القصد لا ينافي إيمانه كما لا ينافي قصد الكافر إذا أسلم لدفع ما به من المرض ، وقوله :آلْآنَ[ يونس : 91 ] لوم على هذا القصد ، وإشعار بعدم حصوله الآن ، مع أنه رتب عليه النجاة ،
ومن قال : المراد الإلقاء على نجوة أي : مرتفع من الأرض خلاف الظاهر ، ( فقبضه ) اللّه ( طاهرا ) عن الكفر وجميع المعاصي حين قبضه ( مطهرا ) عن الكفر السابق والمعاصي السابقة التي كانت بينه وبين اللّه تعالى ، وإن لم يطهر عن حقوق الخلق من إضلاله قوما غير محصورين ،
وقتله أولاد بني إسرائيل واسترقاقهم وغير ذلك ، وتقدمه إلى النار لهذا الإضلال وقبحه لذلك ؛ ولقتله واسترقاقه ولعنه أيضا لذلك ، كما لعن القاتل المتعمد ، وكونه إماما داعيا إلى النار ربما تقدم منه من الكفر والظلم الذي صار سنة منه لمن بعده ، فكان ذلك أيضا من حقوق الخلق
قال رضي الله عنه : ( ليس فيه شيء من الخبث ) ، وإن لم يصرح بإيمانه بموسى ، والملائكة ، واليوم الآخر والقدر ؛ ( لأنه قبضه عند ) تمام ( إيمانه ) ، بقوله :" وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ " [ يونس : 90 ] ،
فصار مؤمنا بموسى ، وما عطف عليه ، وليس عدم قبوله من أجل كونه مقلدا لكونه آمن عن قول موسى .
وقوله دليل لدلالة معجزاته على صدقه ، وجعل جبريل فيه ، وحال البحر لا يضره بعد تمام الإيمان ، وإنما يمنعه عن النجاة من الغرق ، فهي الرحمة التي خاف جبريل أن تدركه من الحق ؛ لأنه إذا نجا ربما يتغير عن هذا الإيمان ، وإلا فجبريل لا يرضى بالكفر ، فإن الرضا بالكفر كفر ، فقبضه ( قبل أن يكتسب شيئا من الآثام ) ، إذ لم تعد فرصة ذلك ، ( " والإسلام يجب ما قبله " ) . ذكره ابن حجر في الإصابة ، وابن كثير في التفسير .
والمؤاخذة على الكفر السابق كانت قبل هذا الإيمان ، فلم يجبها هذا الإيمان ، وإنما يجب ما بعده من المؤاخذة الأخروية ، والمؤاخذة الدنيوية على الكفر لا تستلزم المؤاخذة الأخروية إذا آمن بعد هذه المؤاخذة قبل معاينة الأمور الأخروية ،
فإن أسر الكافر واسترقاقه مؤاخذة على كفره باقية بعد الإيمان ، إذ لا يعتق بمجرد الإيمان ، لكن لا يؤاخذ بذلك الكفر في الآخرة ، ولا دلالة للنصوص على أنه معذب في الآخرة على كفره ، ولا على خلوده في النار ، ولا على عدم قبول إيمانه ، كيف وقد رتب على إيمانه نجاته ، ( إذ جعله ) أي : إيمانه بعد كونه قائلا :ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي[ القصص : 38 ] ،
أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى[ النازعات : 24 ] .
مستمرا على ذلك مدة حي
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله