المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: موسوعة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي :: موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
13042020
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولى :- الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
إنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.
ولما كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة ، لذلك قال في باب المحبة التي هي أصل الموجودات «حبب إلي من دنياكم ثلاث» بما فيه من التثليث، ثم ذكر النساء والطيب وجعلت قرة عينه في الصلاة.
فابتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة، وذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه، فإن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه. لذلك قال عليه السلام «من عرف نفسه عرف ربه».
فإن شئت قلت بمنع المعرفة في هذا الخبر و العجز عن الوصول فإنه سائغ فيه، وإن شئت قلت بثبوت المعرفة.
فالأول أن تعرف أن نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك: والثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فافهم.
فإنما حبب إليه النساء فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشأة الإنسانية العنصرية «و نفخت فيه من روحي».
ثم وصف نفسه بشدة الشوق إلى لقائه فقال للمشتاقين «يا داود إني أشد شوقا إليهم» يعني المشتاقين إليه.
وهو لقاء خاص: فإنه قال في حديث الدجال إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت، فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يأبى المقام ذلك. فأشبه قوله «حتى نعلم» مع كونه عالما.
فهو يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها إلا عند الموت، فيبل بها شوقهم إليه كما قال تعالى في حديث التردد و هو من هذا الباب «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي».
فبشره وما قال له لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.
و لما كان لا يلقى الحق إلا بعد الموت كما قال عليه السلام «إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت» لذلك قال تعالى «ولا بد له من لقائي».
فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة:
يحن الحبيب إلى رؤيتي ... و إني إليه أشد حنينا
و تهفو النفوس و يأبى القضا ... فأشكو الأنين و يشكو الأنينا
فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه.
ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟
ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده أخلاطا، حدث عن نفخه اشتعال بما في جسده من الرطوبة، فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.
ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار وجعل حاجته فيها.
فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير إلى أنه من نفس الرحمن، فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه، وباستعداد المنفوخ فيه كان الاشتعال نارا لا نورا.
فبطن نفس الرحمن فيما كان به الإنسان إنسانا.
ثم اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته فحن إليها حنين الشيء إلى نفسه، و حنت إليه حنين الشيء إلى وطنه.
فحببت إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشأتهم الطبيعية. فمن هناك وقعت المناسبة.
والصورة أعظم مناسبة وأجلها و أكملها: فإنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة حق ورجل وامرأة، فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه. فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته.
فما وقع الحب إلا لمن تكون عنه، وقد كان حبه لمن تكون منه وهو الحق.
فلهذا قال «حبب» ولم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته، فإنه أحبها بحب الله إياه تخلقا إلهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، ولذلك أمر بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.
فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه، إذ لا يكون إلا ذلك.
فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل، لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، و من نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب صلى الله عليه و سلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا، فإن الله بالذات غني عن العالمين.
وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود و أكمله.
وأعظم الوصلة النكاح و هو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه فسواه وعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل، فإنه تعالى به «يدبر الأمر من السماء» وهو العلو، «إلى الأرض»، و هو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.
وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك قال عليه السلام «حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء» ولم يقل المرأة، فراعى تأخرهن في في الوجود عنه ، فإن النسأة هي التأخير قال تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر».
والبيع بنسيئة يقول بتأخير، ولذلك ذكر النساء.
فما أحبهن إلا بالمرتبة و أنهن محل الانفعال فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الإرادي و الأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية، و همة في عالم الأرواح النورية، و ترتيب مقدمات في المعاني للإنتاج.
و كل ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.
فمن أحب النساء على هذا الحد فهو حب إلهي، و من أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة، فكان صورة بلا روح عنده، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة لمن جاء لامرأته أو لأنثى حيث كانت- لمجرد الالتذاذ، ولكن لا يدري لمن.
فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه ما لم يسمه هو بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعرفوا عشقي
لمن كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة، ولكن غاب عنه روح المسألة. فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ وكان كاملا.
و كما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله «وللرجال عليهن درجة» نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه، بها كان غنيا عن العالمين وفاعلا أولا، فإن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق. فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه و سلم عن تحبب إلهي وأن الله «أعطى كل شيء خلقه» و هو عين حقه.
فما أعطاه إلا باستحقاق استحقه بمسماه: أي بذات ذلك المستحق.
وإنما قدم النساء لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر.
ثم إنه عليه السلام غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال «ثلاث» ولم يقل «ثلاثة» بالهاء الذي هو لعدد الذكران، إذ وفيها ذكر الطيب وهو مذكر، وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث فتقول «الفواطم وزيد خرجوا» ولا تقول خرجن. فغلبوا التذكير وإن كان واحدا- على التأنيث وإن كن جماعة.
وهو العربي، فراعى صلى الله عليه و سلم المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه.
فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.
فغلب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هاء. فما أعلمه صلى الله عليه و سلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر.
فبدأ بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث، و الطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات و تأنيث حقيقي.
كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها و بين حواء الموجودة عنه و إن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضا، و إن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضا.
فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة.
وأما حكمة الطيب و جعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب.
كذا قالوا في المثل السائر. و لما خلق عبدا بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجدا واقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون.
فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة.
فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. فراعى الدرجات التي للحق في قوله «رفيع الدرجات ذو العرش» لاستوائه عليه باسمه الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: و هو قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء»: والعرش وسع كل شيء، والمستوي الرحمن.
فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وفي الفتوح المكي.
وقد جعل الطيب- تعالى في هذا الالتحام النكاحي في براءة عائشة فقال «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، أولئك مبرؤن مما يقولون».
فجعل روائحهم طيبة: لأن القول نفس، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب والخبيث على حسب ما يظهر به في صورة النطق. فمن حيث هو إلهي بالأصالة كله طيب:
فهو طيب، ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب وخبيث.
فقال في خبث الثوم هي شجرة أكره ريحها ولم يقل أكرهها.
فالعين لا تكره، و إنما يكره ما يظهر منها. والكراهة لذلك إما عرفا بملاءمة طبع أو غرض، أو شرع، أو نقص عن كمال مطلوب و ما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر إلى خبيث و طيب كما قررناه، حبب إليه الطيب دون الخبيث و وصف الملائكة بأنها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفن ، فإنه مخلوق من صلصال من حمإ مسنون أي متغير الريح.
فتكرهه الملائكة بالذات، كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد و هي من الروائح الطيبة.
فليس الورد عند الجعل بريح طيبة.
و من كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر به الحق إذا سمعه و سر بالباطل: و هو قوله «و الذين آمنوا بالباطل و كفروا بالله»، و وصفهم بالخسران فقال «أولئك هم الخاسرون ... الذين خسروا أنفسهم» *. فإن من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا إدراك له.
فما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الطيب من كل شيء و ما ثم إلا هو.
وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد إلا الطيب من كل شيء، لا يعرف الخبيث، أم لا؟ قلنا هذا لا يكون:
فإنا ما وجدناه في الأصل الذي ظهر العالم منه و هو الحق ، فوجدناه يكره و يحب، و ليس الخبيث إلا ما يكره و لا الطيب إلا ما يحب.
والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون.
وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث:
وكذلك بالعكس. وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم».
وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.
ولما كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد.
فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.
ومن ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «و جعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له.
فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي.
ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.
وثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله، إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
وكان الفراغ منه في عاشر شهر جمادي الآخرة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة أحسن الله عاقبتها بمحمد وآله آمين.
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
27 - نقش فص حكمة فردية في كلمة محمدية
معجزته القرآن . والجمعية إعجاز على أمر واحد لما هو الإنسان عليه من الحقائق المختلفة . كالقرآن بالآيات المختلفة بما هو كلام الله مطلقاً . وبما هو كلام الله . وحكاية الله . فمن كونه كلام الله مطلقاً هو معجز . وهو الجمعية .
وعلى هذا يكون جمعية الهمة : " وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ " [التكوير : 22] .
فما بخل بشيءٍ مما هو لكم ولا " بِضَنِينٍ " .
أي ما يتهم في أنه بخل بشيءٍ من الله هو لكم .
الخوف مع الضلال قال : " مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى " [النجم : 2] .
أي ما خاف في حيرته لأنه من علم أن الغاية في الحق هي الحيرة فقد اهتدى فهو صاحب هدىً وبيانٍ في إثبات الحيرة .
وصلى الله على على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم .
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
27 - فك ختم الفص المحمدي
1 / 27 - لقد لقب شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالحكمة الكلية والحكمة الفردية ، ولكل واحد من اللقبين سر ستعرفه من هذه القاعدة المنبه على سر الكمال المحمدي ومحتده وسر جمعيته وختميته ونسبة حظوظ الأنبياء وآياتهم الى آياته و حظه من الحق ، وبهذه القاعدة اختم الكلام على ختوم هذه الفصوص ان شاء الله تعالى .
2 / 27 - فأقول : اعلم ان كل شيء فإنه مظهر من مظاهر الحق ، لكن من جهة حيثية مخصوصة واعتبار معين ، فيتعين للحق من حيث ذلك الاعتبار وتلك الحيثية بما يوجد بهما من الممكنات اسم من شأنه ان لا يستند ذلك الموجود الى الحق الا من حيث ذلك الاعتبار وتلك الحيثية ، وهكذا هو شأن كل موجود مع الحق ، غير ان الفرق بين الأنبياء والأكابر من اهل الله وغيرهم :
ان الأنبياء والأكابر مظاهر الأسماء الكلية التي نسبتها الى الأسماء التي يستند إليها بقية الموجودات وعموم الناس ، نسبة الأجناس والأنواع الى الاشخاص ، ثم كما انه بين الأجناس والأنواع تفاوت في الحكم والحيطة ، كذلك هو الامر في مقام المفاضلة بين الأنبياء والأولياء ، واليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة :
انه يجيء النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجلان ، والنبي ومعه الرجل الواحد ، والنبي وليس معه احد .
3 / 27 - والسر فيما أشرت اليه هو من أجل ان كل نبى وولى ما خلا نبينا صلى الله عليه وسلم والكمل من ورثته انما يستند الى الحق ويرتبط به من جهة حيثية معينة واعتبار مخصوص يسمى اسما من اسماء الحق ،
وذلك ان الحق من حيث اطلاق ذاته وصرافة وحدته ووحدة فيضه الذاتي لا يرتبط به شيء ولا يستند اليه موجود ما من الموجودات - كما سبقت الإشارة الى ذلك غير مرة - وقصارى الأكابر من اهل الله ان ينتهى ارتباطهم بالحق صعدا الى التعين الأول ، التالي للاحدية الذاتية الجامع للتعينات كلها المضافة الى الحق باعتبار وحدانيته من حيث انها مشرع الصفات والأسماء ، ويسميها بعضهم بأحكام الوجوب التي نتائج الحيثيات والاعتبارات .
4 / 27 - والمضافة ايضا الى مرتبة الإمكان من حيث احكام المعلومات الممكنة المعددة بتقيداتها الامكانية المتكثرة واستعداداتها المتفاوتة المختلفة للوجود الواحد الفائض من الحق بالوجود الذاتي المطلق الذي لا يتعين له موجب بتحققه احد من الأنبياء والأولياء الا الكمل منهم .
5 / 27 - وشأن نبينا صلى الله عليه وسلم والكمل من ورثته مع التعين الأول الذي قلت انه مشرع الصفات والأسماء مخالف لشأن غيرهم ، فان هذا التعين ليس هو غايتهم من كل وجه في معرفة الحق واستنادهم اليه ، بل هم متفردون بحال يخصهم لا يعرفه بعد الحق سواهم ولا يذكرونه لاحد الا لمن اطلعوا على ان ذلك الشخص لا بد له ان يصير إنسانا كاملا ، فينبهونه على هذا ومثله تربية له ، مع ان هذا ايضا انما يمكن وقوعه من كامل مكمل مقدر له تربية كامل مكمل على يديه وتربيته ، وهذا هو اكمل شئون الحق ، لكونه اكمل ما ظهر بإيجاده من أنشأه على صورة حضرته واستخلفه على خليقته ، فافهم .
6 / 27 - ثم أقول في إتمام ما التزمت كشف سره وبيانه : وقد أشرت فيما مر ان كل نبى هو مظهر اسم من اسماء الحق ، وان نبوته ورسالته انما يتعين ويستند الى الحق من حيثية ذلك الاسم .
7 / 27 - فاعلم ايضا ان آيات كل نبى ، متعددة كانت الآيات او واحدة ، فإنها عبارة عن احكام الحق الاسم الذي يستند اليه رسالته ونبوته ، وهذا سر من اطلعه الله عليه عرف سبب تفاوت درجات الأنبياء والأولياء ومراتبهم في الولاية والنبوة والرسالة ، وسر قوله تعالى : " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة / 253 ] .
وان تلك المفاضلة وان ثبتت على انحاء فليست من حيث نفس الرسالة ، كما قال : " لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ من رُسُلِه " [ البقرة / 285 ] .
في صحة استنادها الى الحق لوحدة الرسالة من حيث حقيقتها ، وانما التفاوت في مشرعها واستنادها الى اى صفة او اسم يستند من صفات الحق وأسمائه ، ولا خفاء في تفاوت مراتب الصفات والأسماء في سعة الحكم والحيطة والتعلق وقوة التأثير - كما أشرت اليه في غير ما موضع ونبهت على ان الخالق والبارئ والمصور والقابض والباسط وأمثالها كالسدنة للاسم القادر ، وتأثير القادر مع احاطته بما ذكرنا من الأسماء فإنه تابع للمريد كتبعية المريد للعالم.
8 / 27 - فمراتب الأسماء كما نبهت عليها متفاوتة ، فبعضها كالاجناس وبعضها كالانواع وبعضها كالاشخاص على نحو ما مر ومتى فهمت هذه القاعدة واستحضرتها :
عرفت ان كل نبى اتى باية يختص بأصل من اصول العالم ، فان استناد نبوته الى الحق ثابت من حيثية الاسم الذي يستند اليه ذلك الأصل ، كاختصاص نوح عليه السلام في الماء وإبراهيم عليه السلام بعمارة الكعبة وبالنار وبشهود كيفية التركيب المطلق الكلى العنصري ، فإنه يفضل غيره بسعة الدائرة والحكم ، لقرب نسبته من حضرة الجمعية الاحاطية التي انفرد بها نبينا صلى الله عليه وسلم ، فالأقرب نسبة الى مقام جمعيته ، اعلا نبوة وأتم حيطة .
9 / 27 - وتدبر ايضا احكام نبوة موسى عليه السلام وآياته كالنار والعصا والشجر والماء والحجر الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وسر انتهاء آياته في العدد التسع التي هي منتهى بسائط الاعداد بخلاف هود عليه السلام ، الذي كانت آيته الريح فقط .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 15 أبريل 2020 - 3:46 عدل 12 مرات
رجاء احمد يعجبه هذا الموضوع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة الخامسة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الخامسة والعشرون :- الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحقّ والإنسان على الصّورتين فلا يكون ثمّة مزاج لا يدرك إلّا الأمر الواحد من كلّ شيء ، بل ثمّة مزاج يدرك الطّيّب من الخبيث ، مع علمه بأنّه خبيث بالذّوق طيّب بغير الذّوق، فيشغله إدراك الطّيّب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون . وأمّا رفع الخبيث من العالم - أي من الكون - فإنّه لا يصحّ . ورحمة اللّه في الخبيث والطّيب . والخبيث عند نفسه طيّب والطيّب عنده خبيث . فما ثمّة شيء طيّب إلّا وهو من وجه في حقّ مزاج ما خبيث : وكذلك بالعكس . )
قال رضي الله عنه : (والعالم) جميعه ما عدا الإنسان الكامل مخلوق (على صورة الحق) تعالى من حيث ظهور محسوسات العالم ومعنوياته كلها كلياتها وجزئياتها عنه تعالى ، فهي آثار أسمائه الحسنى المختلفة التي هي صورته سبحانه ، وقد ظهرت في العالم مسميات تلك الأسماء كلها (والإنسان) الكامل وحده مخلوق (على الصورتين) ، أي صورة الحق تعالى التي هي مجموع أسمائه الحسنى في باطنه وصورة العالم التي هي آثار تلك الأسماء الحسنى في ظاهره .
قال رضي الله عنه : (فلا يكون ثمة) ، أي هناك (مزاج) في العالم . وفي الإنسان الكامل (لا يدرك إلا الأمر الواحد) الذي هو الطيب (من كل شيء) ولا يدرك الخبيث ، ولا بالعكس أيضا لما تقرر (بل ثم) بالفتح ، أي هناك (مزاج يدرك الطيب من) الأمر (الخبيث مع علمه بأنه) ، أي ذلك الخبيث (خبيث بالذوق) ، أي بالحس والوجدان والمعاناة له (طيب) ، أي ذلك الأمر الخبيث (بغير الذوق) له بل بالمعرفة الإلهية (فيشغله) ، أي الإنسان (إدراك الطيب منه) ، أي من ذلك الأمر الخبيث (عن الإحساس بخبثه) ، أي إدراكه (ذلك) هذا الشيء (قد يكون) في الصالحين (وأما رفع) ، أي إزالة (الخبيث) مطلقا (من العالم أي من الكون) كله بحيث لا يبقى له فيه وجود (فإنه) ، أي هذا الأمر (لا يصح) أصلا .
قال رضي الله عنه : (ورحمة اللّه) تعالى التي وسعت كل شيء (ظاهرة في الخبيث والطيب) أوجدتهما حتى لا يخلو عنها شيء وسعته (والخبيث عند نفسه) ليس بخبيث وإنما هو (طيب والطيب عنده) ، أي عند الخبيث (خبيث فما ثم) ، أي هناك (شيء طيب إلا وهو) ، أي ذلك الطيب (من وجه) آخر في حق مزاج ما ، أي بعض الأمزجة خبيث ، وكذلك بالعكس ، أي ليس شيء خبيث إلا وهو طيب في حق مزاج آخر كما مر آنفا ، أي قريبا في تضررها بالوجود للجعل ، وإن على هذا المزاج من يحصل له السرور بالباطل .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق والإنسان على الصورتين ) صورة الحق وصورة العالم فقد سبق تفصيله ( فلا يكون ثمة ) أي في العالم ( مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد ) الطيب والخبيث ( من كل شيء بل ثمة مزاج يدرك الطيب من الخبيث مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق فيشغله ) أي فيشغل هذا المزاج ( إدراك الطيب منه ) أي من الخبيث ( عن الإحساس ) أي عن إحساس ذلك المزاج .
قال رضي الله عنه : ( خبثه ) أي خبث ذلك الخبيث ( هذا قد يكون ) أي هذا المزاج قد يوجد ( وأما رفع الخبيث من العالم أي من الكون فإنه لا يصح ) لاختلاف الطبائع ( ورحمة اللّه ) موجودة ( في الخبيث والطيب والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده ) أي عند الخبيث .
قال رضي الله عنه : ( خبيث فما ثمة ) أي فما في الكون ( شيء طيب إلا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث وكذلك بالعكس).
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح. ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث. فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قوله: فقال للمشتاقين يا داود إني أشد شوقا إليهم يعني للمشتاقين إليه وهو لقاء خاص،
فإنه قال في حديث الدجال: «إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (29) فلا بد من الشوق لمن هذه صفته.
قلت: يعني أن من لا يرى ربه حتى يموت كيف لا يشتاق إلى لقاء ربه ثم أن ربه تعالی أشوق إليه.
فإن قال قائل: فكيف يشتاق الحق إليهم وهم عنده وهو عندهم. فالجواب: أنه مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم ثم انشاده؟:
يحن الحبيب إلى رؤيتي وإني إليه أشد حنينا
وتهفو النفوس ويأبي القضا فأشكو الأنين ويشكو الأنينا
الحق تعالی أشد حنينا إلى الإنسان من الإنسان إليه في هذين البيتين.
قال: إني إليه أشد حنين، فإذن الناطق بهذين البيتين جعلهما على لسان الحق، لأنه هو الذي هو أشد حنین.
قال: وإنما اشتاق الحق تعالى إلى نفسه لأنه تعالی نفخ فيه من روحه فإلى روحه اشتاق. وقد ذكر، رضي الله عنه، أن الروح المنفوخة في الإنسان هي نار أي حار يابسة وهو الحق ولولا طول الكلام لشرحت كيف ذلك ومنه الخطاب الموسوي في النار.
قال: ثم اشتق له أي للإنسان من ذاته شخصا هو حواء خلقت من ضلع آدم، عليه السلام، فالمرأة خلقت من الرجل، فحنينه إليها حنينه إلى ذاته وهو لها وطن، فحنينها إليه حنين إلى الوطن والحق تعالى هو الوطن فلذلك تحن إليه قلوب العارفين.
قاله رضي الله عنه: ولا يشاهد الحق تعالی مجردا عن المواد آبدا.
ثم قال: فلو علمها أي علم مرتبة الأنوثة حقيقة لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟
وهذا كلام يتضمن التوحيد الذي به الكمال وهو حاصل للنشأة المحمدية وعن ذلك عبر، عليه السلام، بقوله: "حبب إلي النساء."
وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قال رضي الله عنه : ( فالعالم على صورة الحق والإنسان على الصورتين ، فلا يكون ثمّ مزاج لا يدرك إلَّا الأمر الواحد من كل شيء ، بلى ثمّ مزاج يدرك الطيّب من الخبيث مع علمه بأنّه خبيث بالذوق ، طيّب من غير الذوق ، فيشغله إدراك الطيّب منه عن الإحساس بخبثه ، هذا قد يكون ، وأمّا رفع الخبيث من العالم - أي من الكون - فإنّه لا يصحّ ) .
يشير رضي الله عنه إلى ارتفاع الخبيث عن الإدراك ، وإلَّا فمن حيث أعيان الأشياء وما به هي هي ، ومن حيث الوجود الحق المتعين بكل شيء فليس شيء في العالم خبيثا وما يكون بعض الأمور طيّبا أو خبيثا عند الحق فذلك من حيث تعيّنه في مرتبة ما ، فيطيب له ما يشاكل الحال والوصف والنعت الخصيص بتلك المرتبة ، وتكره أيضا كذلك من حيث هي ما يضارّها ويناقضها ويباينها وينافيها لا غير ، والكل - من حيث هو هو - طيّب له وعنده ، وهو عند الكلّ طيّب كلَّه ، كما مرّ .
قال رضي الله عنه : ( ورحمة الله في الخبيث والطيّب ) يعني بالنسبة والإضافة . ( والخبيث عند نفسه طيّب ، والطيب عنده خبيث ، فما ثمّ شيء طيّب إلَّا وهو من وجه في حقّ مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس . )
يعني رضي الله عنه أنّ قرّة عين الحبيب بمشاهدة الحبيب
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق ، والإنسان على الصورتين فلا يكون ، ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث مع علمه بأنه خبيث بالذوق وطيب بغير الذوق فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه هذا قد يكون ، وأما رفع الخبيث من العالم : أي من الكون فإنه لا يصح )
يعنى رفع الخبيث عن الإدراك بالذوق فإن الطبائع مختلفة ، وليس الطيب إلا ما يلائم مزاج المدرك وطباعه ، والخبيث ما لا يلائم مزاجه وطبعه ، وكل طيب بالنسبة إلى مدرك فقد يكون خبيثا بالنسبة إلى مريض ومزاجه مزاج الذي يستطيبه ويستلذه كما ذكر في رائحة الورد مع الجعل ، فالطيب والخبيث أمران نسبيان ، فإن المبرود يكره رائحة الكافور والمحرور يستطيعه ، فلا يصح رفع الخبيث عن الكون بالنسبة إلى صور الأسماء المتضادة المؤثرة في العالم ، فأما من حيث أعيان الأشياء وحقائقها من حيث هي هي ،
من حيث أن الوجود الحق هو المتعين بكل شيء فليس شيء في العالم خبيثا . وأما كون بعض الأمور طيبا عند الحق وبعضه خبيثا عنده فذلك من حيث تعين ذلك الشيء في مرتبة ما فيطيب منه ما يشكل مرتبة ويناسبها في الحال ،
ويكره منه ما يضادها وينافيها بحسب الحال ، والكل من حيث هو هو طيب له أي لله عنده وعند نفسه أيضا وكذلك عند الكامل العارف وإن وجد خبثه بحسب الحال والمرتبة في الحس كما ذكره ، فإن إدراكه ووجدانه لطيبة من هذه الحيثية يشغله عن إدراك خبثه بالحس
فلذلك قال ( ورحمة الله في الخبيث والطيب ) أي حاصلة فيهما بالنسبة والإضافة ، وبالنظر إلى ذات كل واحد منهما (والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث ، فما ثم شيء طيب إلا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس ) كما مر آنفا .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قوله رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق . ) ولا يتوهم أن قول الشيخ : ( فإنا ما وجدناه في الأصل ) ينافي ما ذكرناه ، لأن الحق يحب وجود كل شئ ويريده ، فيوجده ، سواء كان طيبا أو خبيثا . ولو كان يكره شيئا ما مطلقا ، لما أوجده وما يتعلق إرادته به .
وقوله رضي الله عنه : ( فوجدناه يكره ويحب ). محمول على أنه تعالى في المظاهر يحب الشئ ويكرهه ، لا في مقام جمعه ، فإن ( الكراهة ) من الصفات المنسوبة إلى العالم ( الضحك ) و ( الاستهزاء ) وغيرهما ، فما هو منسوب إلى الله في القرآن والحديث كقوله تعالى : (الله يستهزئ بهم) . (وضحك الله البارحة مما فعلتما) .
(والإنسان على الصورتين.) أي ، مخلوق على صورتي الحق والعالم .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا يكون ثمة مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شئ . ) إما الطيب ، وإما الخبيث .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بل ثمة مزاج يدرك الطيب من الخبيث ) إذ لا خبيث إلا وله نصيب من الطيب ، ولو بالنسبة إلى بعض الأمزجة .
( مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. ) كما روى عن بعض المشايخ أنه مر مع جمع من المريدين ، فرأى جيفة ملقاة . فقال : ( ما أشد بياض أسنانه ) .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( هذا قد يكون . وأما رفع الخبث من العالم ، أي من الكون ، فإنه لا يصح . )
لأن الطبائع مختلفة : فما يلائم طبيعة هو عندها طيب ، وما لا يلائمها فهو عندها خبيث . والخبيث عند طبيعة أخرى يلائمها طيب . فإن لعاب فم الإنسان طيب عنده ، سم بالنسبة إلى الحية ، وكذا سم الحية سبب الحياة عندها ، قاتل بالنسبة إلى الإنسان .
والعسل نافع بالنسبة إلى مزاج المبرودين كالمشايخ ، ضار بالنسبة إلى مزاج المحرورين كالشبان ، فلا يمكن رفعه من الكون .
فأما أعيان الأشياء وذواتها لكونها راجعة إلى عين الذات الإلهية فليس شئ منها خبيثا .
( ورحمة الله في الخبيث والطيب . ) أي ، ورحمة الله حاصلة فيهما . ولولا تلك الرحمة ، لما وجد شئ منهما ، إذ الوجود عين الرحمة .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والخبيث عند نفسه طيب ، والطيب عنده خبيث . ) لأن الشئ لا يحب إلا نفسه وما يناسبه ، لا ما يضاده .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما ثمة شئ طيب إلا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس. ) كما مر .
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة الخامسة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الخامسة والعشرون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحقّ والإنسان على الصّورتين فلا يكون ثمّة مزاج لا يدرك إلّا الأمر الواحد من كلّ شيء ، بل ثمّة مزاج يدرك الطّيّب من الخبيث ، مع علمه بأنّه خبيث بالذّوق طيّب بغير الذّوق ، فيشغله إدراك الطّيّب منه عن الإحساس بخبثه ، هذا قد يكون .
وأمّا رفع الخبيث من العالم أي من الكون فإنّه لا يصحّ ، ورحمة اللّه في الخبيث والطّيب . والخبيث عند نفسه طيّب والطيّب عنده خبيث . فما ثمّة شيء طيّب إلّا وهو من وجه في حقّ مزاج ما خبيث : وكذلك بالعكس ) .
(والعالم على صورة الحق ) ، فوجب في حقه التمييز بينهما كالأصل ( والإنسان على الصورتين ، فلا يكون ) فيه ما ليس منهما ، والمزاج من جملة ما في الإنسان ، فلا يكون ( ثمة ) أي : في الإنسان ( مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد ) وهو الطيب ( من كل شيء ) بحيث لا يعرف الخبيث أصلا ، ( بل ) غاية ما في الباب أن يكون ( ثمة ) أي : في الإنسان ( مزاج يدرك ) الوصف ( الطيب من ) الشيء ( الخبيث ) باعتبار بلوغ ذلك المزاج غاية الوحدة ، لكن ذلك إنما كان له من التعفن في طبائع العناصر التي حصل هذا المزاج من تركبها ، فيكون إدراكه للطيب والخبيث
( مع علمه بأنه خبيث ) ، كيف وقد أدرك خبثه ( بالذوق ) ، وما علم من أنه ( طيب ) فهو إنما علم ( بغير الذوق ) ، وهو النظر إلى الأصل والمعلوم بالذوق يغلب المعلوم بغير الذوق في أكثر الأحوال ، لكن قد يغلب في بعض الأشخاص النظر إلى الأصل ؛ ( فيشغله إدراك ) الوصف ( الطيب منه ) أي :
من الخبيث ( عن الإحساس بالخبيث ، هذا قد يكون ) على سبيل الندرة ، ويقرب منه ما روي : « أن عيسى عليه السّلام مرّ مع أصحابه بجيفة ، فقالوا : ما أنتن ريحها ! فقال : ما أحسن بياض أسنانها » ، رواه أبو نعيم في حلية الأولياء
ولكن يكون الخبيث محبوبا له لوجوده في العالم .
كما أشار إليه بقوله : ( وأما رفع الخبيث من العالم ) ، ولما توهم أن المراد غير الإنسان أزاله بقوله ، ( أي : من الكون ، فإنه لا يصح ) ، بل يجب إيجاده لطيبه بالنظر إلى نفسه ، وبالنظر إلى بعض الموجودات ؛ ولذلك يقول ( رحمة اللّه ) : الإيجادية ( في الخبيث والطيب ) لا كما تقول النبوية من أنه لا ينسب إليه الشر ، كيف ( والخبيث ) إنما يكون ممتنع الإيجاد ولو كان خبيثا في نفسه ، ولكن الخبيث ( عند نفسه طيب ) ،
إذ لا يتضرر شيء بنفسه ، ولا يتأذى منه ولا يكرهه أصلا ، ولو امتنع إيجاده لخبثه عند الغير ، لامتنع إيجاد الطيب إذ ( الطيب عنده خبيث ) ، ولو اعتبر انتفاع الغير وتضرره في إيجاد الشيء وإعدامه ، لوجب إيجاد كل شيء وإعدامه معا ، ( فما ثمة ) أي : في العالم ( شيء طيب إلا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث ) ، كالورد في الجعل ، والحق للكافر ، ( وكذلك بالعكس ) ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحقّ ، والإنسان على الصورتين ) : صورة العالم وصورة الحقّ ( فلا يكون ثمّ ) في الإنسان وعالمه الجمعي ( مزاج لا يدرك إلَّا الأمر الواحد من كلّ شيء ، بل ثمّ مزاج يدرك الطيّب من الخبيث ، مع علمه بأنّه خبيث بالذوق ، طيّب بغير الذوق فيشغله إدراك الطيّب منه عن الإحساس بخبثه ) .
قال رضي الله عنه : ( هذا قد يكون وأما رفع الخبث من العالم - أي من الكون ) الذي هو منشأ حدث الحدوث وخبث الخبث - ( فإنّه لا يصحّ ، ورحمة الله في الخبيث والطيّب ) على السواء من حيث الوجود ( والخبيث عند نفسه طيّب ، والطيّب عنده خبيث ) ، ضرورة أنّ أحد المتقابلين بالقياس إلى مقابله في نقص وخبث عند منعه ظهور أحكامه الخاصّة به ، ( فما ثمّ شيء طيّب إلَّا وهو من وجه في حقّ مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس ) .
ثمّ إنّ هاتين المرتبتين المشار بهما إلى القابل والفاعل - قد احتوتا على سائر مراتب الظهور.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين فلا يكون ثم مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء، بل ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه. هذا قد يكون. وأما رفع الخبث من العالم- أي من الكون- فإنه لا يصح.
ورحمة الله في الخبيث و الطيب. والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث.
فما ثم شيء طيب إلا و هو من وجه في حق مزاج ما خبيث: وكذلك بالعكس.)
قال رضي الله عنه : ( والعالم على صورة الحقّ والإنسان على الصّورتين فلا يكون ثمّة مزاج لا يدرك إلّا الأمر الواحد من كلّ شيء ، بل ثمّة مزاج يدرك الطّيّب من الخبيث ، مع علمه بأنّه خبيث بالذّوق طيّب بغير الذّوق ، فيشغله إدراك الطّيّب منه عن الإحساس بخبثه . )
(والعالم على صورة الحق والإنسان على الصورتين ) . صورة الحق وصورة الخلق ( فلا يكون ثمة مزاج لا يدرك إلا الأمر الواحد من كل شيء ، بم ثم مزاج يدرك الطيب من الخبيث ) ، إذ لا خبيث إلا وله نصيب من الطيب ولو بالنسبة إلى بعض الأمزجة ( مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق ، فيشغله إدراك الطيب منه عن الإحساس بخبثه)
قال رضي الله عنه : ( هذا قد يكون . وأمّا رفع الخبيث من العالم - أي من الكون - فإنّه لا يصحّ . ورحمة اللّه في الخبيث والطّيب . والخبيث عند نفسه طيّب والطيّب عنده خبيث . فما ثمّة شيء طيّب إلّا وهو من وجه في حقّ مزاج ما خبيث : وكذلك بالعكس . )
( هذا قد يكون وأما رفع الخبيث من العالم ، أي من الكون فإنه لا يصح ورحمه اللّه ) حاصله ( ظاهرة في الخبيث والطيب ) على سواء ( والخبيث عند نفسه طيب والطيب عنده خبيث) . فما ثم شيء طيب إلا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس.
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة السادسة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة السادسة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السادسة والعشرون :- الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
قال رضي الله عنه : ( وأمّا الثالث الّذي به كملت الفرديّة فالصّلاة . فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » لأنّها مشاهدة : وذلك لأنّها مناجاة بين اللّه وبين عبده كما قال :فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ. وهي عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين : فنصفها للّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصّحيح عن اللّه تعالى أنّه قال : « قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل.يقول العبد :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 1 ) يقول اللّه : ذكرني عبدي . يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) يقول اللّه حمدني عبدي . يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 3 ) يقول اللّه : أثنى عليّ عبدي . يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( 4 ) يقول اللّه : مجّدني عبدي ، فوّض إليّ عبدي . فهذا النّصف كلّه للّه تعالى خالص . ثمّ يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( 5 ) يقول اللّه : هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فأوقع الاشتراك في هذه الآية . يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) [ الفاتحة : 1 - 7 ] يقول اللّه : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل . فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأوّل له تعالى . فعلم من هذا وجوب قراءةالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) . فمن لم يقرأها فما صلّى الصّلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده " ).
قال رضي الله عنه : (وأما) الشيء (الثالث الذي به كملت الفردية) في الشيئين المذكورين : النساء والطيب ، فإنها موجودة في كل واحد بانفراده ، وعند انضمامهما تختفي بالزوجية ، فإذا ضم إليها هذا الشيء الثالث ظهرت تلك الفردية وتقررت (فالصلاة ، فقال) صلى اللّه عليه وسلم في الحديث المذكور
قال رضي الله عنه : (وجعلت) بالبناء للمفعول (قرة عيني في الصلاة لأنها) ، أي الصلاة (مشاهدة) للحق تعالى فيها وبيان (ذلك لأنها) ، أي الصلاة (مناجاة )، أي مخاطبة في السر (بين اللّه) تعالى (وبين عبده) المؤمن كما قال تعالى في حصول معنى المفاعلة (فاذكروني) بالحضور (أذكركم) بالتجلي والظهور ، واذكروني بالوصول أذكركم بالقبول ، واذكروني بإزالة القيود أذكركم بكشف الوجود ، واذكروني بمراعاة حقوقي أذكركم بالحفظ في غروبي وشروقي ، واذكروني بالقلب واللسان أذكركم بإفاضة أنواع الإحسان .
قال رضي الله عنه : (وهي) ، أي الصلاة (عبادة مقسومة بين اللّه) تعالى (وبين عبده) المؤمن (بنصفين فنصفها) الأوّل (للّه) تعالى باعتبار اشتمالها على الثناء والمجد للّه تعالى
قال رضي الله عنه : (ونصفها) الثاني (للعبد) باعتبار اشتمالها على الدعاء والسؤال منه تعالى كما ورد هذا (في الخبر الصحيح) الذي تكلم به النبي صلى اللّه عليه وسلم (عن اللّه تعالى) أنه سبحانه (قال قسمت الصلاة ذات الركوع والسجود باعتبار قراءة الفاتحة فيها بيني وبين عبدي المصلي نصفين فنصفها الأوّل من كل ركعة منها لي ونصفها الثاني كذلك لعبدي ومع ذلك لعبدي ما سأل ، أي أجيبه في كل ما دعاني به فيها .
وبيان ذلك أنه (يقول العبد) في الصلاة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه") تعالى عند ذلك (ذكرني عبدي) فكل من غاب عن قوله ذلك بنفسه في الصلاة وشهد قيومية الحق تعالى عليه في جميع شؤونه تلك ،
سمع بأذن قلبه قول الحق تعالى : ذكرني عبدي ، فكشف له أن قوله هو عين قوله تعالى ، بزوال النسبة وانقلاب الشؤون كما قال سبحانه :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ[ الرحمن :29].
ثم خاطب عقل العبد وإيمانه بقوله تعالى :فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ( 13 ) [ الرحمن : 13 ] من التباس الحس عليكما وبعد الحقيقة عنكما .
وهكذا بقية أحوال الصلاة وقد أخبرني بعض من اجتمعت به أنه كان إذا صلى سمع الحق تعالى يقول ذلك من أوّله إلى آخره على طبق هذا الحديث . وكان رجلا من ضعف الحال رحمه اللّه تعالى .
قال رضي الله عنه : (يقول العبد : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يقول اللّه) تعالى بعين قول عبده لذلك عند من يسمعه اللّه تعالى كما قال سبحانه:"واللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ"[ فاطر : 22 ] (حمدني عبدي) ، أي شكرني
قال رضي الله عنه : (يقول العبد الرَّحْمنِ الرَّحِيم ) ِتعالى كذلك (أثنى علي عبدي) ، أي مدحني بالرحمة العامة والخاصة
قال رضي الله عنه : (يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ") ، أي يوم القيامة (يقول اللّه) تعالى بذلك (مجدني) ، أي ذكر مجدي وفخري وجاهي (عبدي) أو يقول : (فوّض إلي عبدي) ، أي اتكل في جميع أموره على قدرتي وإرادتي (فهذا النصف) من الصلاة باعتبار قراءتها كما ذكرنا (كله للّه تعالى خالص) ليس فيه ذكر العبد أصلا .
قال رضي الله عنه : (ثم يقول العبد) في النصف الثاني ("إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" يقول اللّه) تعالى (هذه) ، أي المقالة (بيني وبين عبدي) ، لأن فيها ذكر اللّه تعالى بالخطاب وذكر العبد بالعبادة والاستعانة (ولعبدي ما سأل) ، أي من قبول عبادته والإعانة له (فأوقع) تعالى (الاشتراك في هذه الآية) بينه وبين عبده .
قال رضي الله عنه : (يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) يقول اللّه) تعالى (هؤلاء) الكلمات كلهن (لعبدي) لأن فيهن طلب الهداية والوقاية من أحوال أهل الغواية (ولعبدي ما سأل) باستجابة دعائه فيما ذكر (فخلص) اللّه تعالى (هؤلاء) الكلمات المذكورات (لعبده) المصلي (كما خلص) الكلمات (الأولى له تعالى .)
والحديث في صحيح مسلم وموطأ مالك ومسند أبي داود والترمذي والنسائي بإسنادهم إلى أبي هريرة قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : قال اللّه عز وجل : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل " . وفي رواية : « فنصفها لي ونصفها لعبدي » ،
فإذا قال العبد : "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"( 2 ) قال اللّه عز وجل : حمدني عبدي .
وإذا قال :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 3 ) قال اللّه عز وجل : أثنى علي عبدي
وإذا قال :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( 4 ) قال : مجدني عبدي وقال مرة : فوّض إليّ عبدي ،
وإذا قال :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( 5 ) قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل
فإذا قال :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) [ الفاتحة ] ،
قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل » . أخرج هذه الرواية مسلم ومالك والترمذي والنسائي .
وفي رواية لأبي داود والترمذي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير تمام » . قال أبو السائب مولى هشام بن زهرة قلت : يا أبا هريرة إني أحيانا أكون وراء الإمام قال : فغمز ذراعي .
ثم قال : اقرأها في نفسك يا فارسي وساق الحديث نحو ما تقدم .
وقال في آخرها : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل . انتهى .
أقول : وهذه الزيادة محمولة عند الحنفية على وجوب الفاتحة في الصلاة لا الفرضية ، فترك الواجب يقتضي النقصان لا البطلان ، وهو معنى الخداج ومعنى قوله غير تمام ،
وقوله : اقرأها في نفسك يا فارسي زيادة من فقه الراوي ، فإن مذهب أبي حنيفة رحمه اللّه تعالى منع المقتدي عن القراءة بأحاديث أخرى صريحة في ذلك لا تحتمل التأويل ذكرناها في كتابنا في فقه الفروع المذهبية .
فعلم من هذا المذكور في هذا الحديث وجوب قراءة "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"( 2 ) إلى آخر الفاتحة في الصلاة فمن لم يقرأها في صلاته فما صلى الصلاة المقسومة ، كما ورد في هذا الحديث بين اللّه تعالى وبين عبده فهي صلاة ناقصة وليست بتامة ولا كاملة .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة ) فقال ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وإنما جعلت الصلاة قرة عين المصلي ( لأنها مشاهدة ) أي سبب لمشاهدة العبد المصلي ربه ( وذلك ) أي بيان كون الصلاة مشاهدة ( لأنها مناجاة بين اللّه وبين عبده كما قال فاذكروني أذكركم وهي ) أي الصلاة ( عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين فنصفها للَّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن اللّه تعالى أنه قال : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه تعالى : ذكرني عبدي يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
يقول اللّه حمدني عبدي يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه أثنى عليّ عبدي يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يقول اللّه مجدني عبدي فوّض إليّ عبدي فهذا النصف كله للَّه تعالى خالصا ثم يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
يقول اللّه هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فأوقع الاشتراك في هذه الآية
بقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَيقول اللّه فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل " فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى فعلم من هذا وجوب قراءة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده ) . ذكره الترمذي في سننه والبيهقي في السّنن الكبرى.
فعلم منه أن الصلاة مناجاة بين اللّه وبين عبده
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
قال رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة. فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين: فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل. يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي. يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي. يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي. يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي. فهذا النصف كله له تعالى خالص. ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية. يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل. فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى. فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
قال رضي الله عنه : ( وأمّا الثالثة التي بها كملت الفردية فالصلاة ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » لأنّها مشاهدة ) .
يعني رضي الله عنه أنّ قرّة عين الحبيب بمشاهدة الحبيب .
قال رضي الله عنه : ( وذلك لأنّها مناجاة بين الله وبين عبده » يعني الصلاة « كما قال :" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " وهي عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين ، فنصفها لله ونصفها للعبد ، كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى : أنّه قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ، يقول العبد :"بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " يقول الله : ذكرني عبدي. يقول العبد : "الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ " يقول الله : حمدني عبدي . يقول العبد :" الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " يقول الله : أثنى عليّ عبدي . يقول العبد :" مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " يقول الله : فوّض إليّ عبدي ، فهذا النصف كلَّه لله تعالى خالص . ثم يقول العبد :" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " يقول الله : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فأوقع الاشتراك في هذه الآية . يقول العبد :" اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " السورة يقول الله : هؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل ، فخلص هؤلاء لعبده ، كما خلص الأولى له تعالى ، فعلم من هذا وجوب قراءة « الحمد لله ربّ العالمين » فمن لم يقرأها ، فما صلَّى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده ) .
قال العبد : لمّا ذكر الله تعالى على لسان رسوله الصادق صلَّى الله عليه وسلَّم في أوّل الحديث الصحيح نقلا وعقلا وكشفا : يقول العبد : " بسم الله الرحمن الرحيم " فهو دليل لنا وللشافعي رحمه الله أنّ « بسم الله الرحمن الرحيم » من الفاتحة ، ولا سيّما ويعضدنا في الاستدلال بذلك قوله عليه السّلام : « لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب » مع ما ذكر في هذا الحديث على لسان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي " .
ولمّا تمّم التقسيم في الفاتحة بل الفاتحة هي الصلاة المقسومة ومن لم يقرأها ، فلا صلاة له ، وأيضا لمّا كان الافتتاح شرعا في كل أمر إنّما هو بالبسملة ، ومن لم يبدأ بها في أمره ، فهو أبتر ، والفاتحة مبدأ كتاب الله ، فالأحق والأحرى عقلا أن يكون البسملة آية من الفاتحة بدأ بها الله أوّل هذه السورة التي افتتح بها كتابه الكريم ، وسمّاها فاتحة الكتاب . وفي ترجيح ما ذهبنا إليه دلائل شرعية ليس هذا موضع ذكرها ، نذكرها في كتاب الفقه إن شاء الله تعالى .
وأمّا الحق الذي قسم الصلاة بينه وبين عبده نصفين ، فهو الحق المعبود المعتقد في العقيدة الإسلاميّة وغيرها ، وذلك لأنّ الإله الذي في قبلة المصلَّي كما قال :" فَأَيْنَما تُوَلُّوا " هو الذي قسم الصلاة وهو الإله المعتقد وأنّ الله الذي هو ربّ العالمين غير منحصر في قبلة المصلَّي ، فإنّه كما قال :" فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه ُ الله " و" هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ " ، فانظر التثليث والفردية في أمّ الكتاب الذي خصّ به محمّد صلى الله عليه وسلم فإنّ القسم الأوّل منه يختصّ بالحق ، والأخير يختصّ بالكون أو العبد ، وما بينهما مشترك بين الحق والعبد .
الرؤية والشهود والسماع من العبد المصلَّي للحق ، قد تكون ببصر الإيمان ، وقد تكون ببصر البصيرة والفهم ، وقد تكون بالرؤية البصرية ، فيتمثّل الحق متجلَّيا مشهودا له ، قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع هذه كلَّها للعبد الكامل أو الفرد النادر ، وقد ينفرد كلّ واحد منها بواحد واحد منها ، وهكذا في السمع ، والذي يجمع له بين الكلّ فهو أكمل الكلّ .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
قال رضي الله عنه : (وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة ، فقال « وجعلت قرة عيني في الصلاة » لأنها مشاهدة ) لأن عين الحبيب إنما تكون بمشاهدة الحبيب ( وذلك لأنها ) أي الصلاة ( مناجاة بين الله وبين عبده كما قال الله تعالى :" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " وهي عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين فنصفها لله ونصفها للعبد ، كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد : بسم الله الرحمن الرحيم ، يقول الله : ذكرني عبدي ، يقول العبد :
الحمد لله رب العالمين ، يقول الله حمدني عبدي ، يقول العبد : الرحمن الرحيم ، يقول الله أثنى على عبدي ، يقول العبد : مالك يوم الدين ، يقول الله : مجدنى عبدي فوض إلى عبدي فهذا النصف كله لله تعالى خالص ، ثم يقول العبد : إياك نعبد وإياك نستعين ، يقول الله هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل « فأوقع الاشتراك في هذه الآية » يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين ، يقول الله : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول لله تعالى فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده )
كما قال عليه الصلاة والسلام « لا صلاة إلا بالفاتحة الكتاب » وكذلك علم من هذا الحديث الصحيح أن البسملة جزء من الفاتحة ، بل من الصلاة لأن الفاتحة هي الصلاة المقسومة وقد عد البسملة قسما منها وقد بين الله في الفاتحة الفردية الأولى التي خص بها محمد صلى الله عليه وسلم وبنى الوجود عليها أعنى التثليث ، لأن القسم الأول مختص بالحق ، والأخير بالعبد ، وما بينهما مشترك بين الحق والعبد .
"" أضاف عبد الرحمن جامي :-
لأنها أي الصلاة إذا وقعت على وجه الكمال ، كما قال علي رضي الله عنه : لم أعبد ربا لا أراه مشاهدة ومشاهدة المحبوب تقر عين المحب ، وذلك : أي كونها مشاهدة لأنها مناجاة بين الله وبين عبده ، ولا بد في المناجاة من مشاهدة كل من الطرفين لمناجاة الآخر ، ولأن المناجاة ذكر ، والمناجى ذاكر لربه ، والذاكر جليس المذكور ، والجليس مشاهد للجليس الآخر ، وكون المناجاة بين الله وبين عبده ككون الذكر بينهما ، كما قال تعالى:" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " وهي : أي الصلاة عبادة مقسومة . أهـ عبد الرحمن جامي""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة . ) وفيه إيماء بقوله ،
صلى الله عليه وسلم : ( حبب إلى من دنياكم ثلاث : النساء ، والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .
تقديره : النساء والطيب والصلاة ، وجعلت قرة عيني في الصلاة . وحذف الثالث اكتفاء بذكر ما بعده .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فقال : "وجعلت قرة عيني في الصلاة" لأنها مشاهدة .) أي ، لأنها سبب المشاهدة ومشاهدة المحبوب قرة عين المحب .
"وذلك لأنها مناجاة بين الله وبين عبده كما قال تعالى : " فاذكروني أذكركم " أي ، لأن الصلاة مناجاة" .
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( المصلى يناجى ربه ما دام في الصلاة ، فهو في المناجاة ) . ولما كانت مستلزمة للذكر من الطرفين ، استشهد بقوله تعالى : "فاذكروني أذكركم".
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهي ) أي ، الصلاة ( عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين : فنصفها لله ، ونصفها للعبد ، كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل .
يقول العبد : "بسم الله الرحمن الرحيم" يقول الله : ذكرني عبدي .
يقول العبد : الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي . يقول العبد الرحمن الرحيم . يقول الله تعالى : أثنى على عبدي .
يقول العبد : "مالك يوم الدين" يقول الله : مجدني عبدي ، فوض إلى عبدي . فهذا النصف كله له تعالى خالص . ثم يقول العبد : "إياك نعبد وإياك نستعين"
يقول الله : هذه بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل . فأوقع الاشتراك في هذه الآية .
يقول العبد : " إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم
ولا الضالين" يقول الله تعالى : فهؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل . فخلص هؤلاء لعبده
كما خلص الأول له تعالى . فعلم من هذا وجوب قراءة "الحمد لله رب العالمين" . فمن لم
يقرأها ، فما صلى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده . ) كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) . ولزم من هذا الحديث أيضا ( الفردية ) .
فإن القسم الأول خالص لله ، والثاني مشترك بين العبد وبين الله ، والثالث خالص للعبد . ولزم أيضا إن البسملة من ( الفاتحة ) .
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة السادسة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة السادسة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السادسة والعشرون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
قال رضي الله عنه : ( وأمّا الثالث الّذي به كملت الفرديّة فالصّلاة ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » ؛ لأنّها مشاهدة ، وذلك لأنّها مناجاة بين اللّه وبين عبده كما قال :فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ،وهي عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين : فنصفها للّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصّحيح عن اللّه تعالى أنّه قال : « قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ، يقول العبد :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِيقول اللّه : ذكرني عبدي ، يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يقول اللّه : حمدني عبدي ، يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول اللّه : أثنى عليّ عبدي ، يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يقول اللّه : مجّدني عبدي ، فوّض إليّ عبدي . فهذا النّصف كلّه للّه تعالى خالص ، ثمّ يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يقول اللّه : هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فأوقع الاشتراك في هذه الآية ، يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ[ الفاتحة : 71 ] يقول اللّه :" فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل". رواه أحمد في المسند ، وابن حبان. فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأوّل له تعالى ، فعلم من هذا وجوب قراءة " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فمن لم يقرأها فما صلّى الصّلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده ).
( وأما الثالث الذي كملت به الفردية ) ، أي : بها تمام الإلهية ، فإنه بالأسماء لغنى الذات عن العالمين ، والصفات بالنظر إلى الذات عينها ، وإنما تتميز بالأسماء الجامعة بينهما ، ( فالصلاة ) الموجبة محبة الأسماء عن مشاهدة الحق بصورها .
)قال صلّى اللّه عليه وسلّم : « وجعلت قرة عيني في الصلاة ( ، وإنما كانت قرة عينه ؛ ( لأنها مشاهدة ) ، أي : مستلزمة لمشاهدة الحبيب الإلهي ، ( وذلك ) أي : استلزامها للمشاهدة ؛ ( لأنها مناجاة بين اللّه وبين عبده ) ، وهي ذكر وهو مستلزم للمجالسة بالحديث ، وهي مستلزمة للمشاهدة على ما يأتي بيانه ، وإنما كانت ذكرا لقوله تعالى :"وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي" [ طه : 14 ] ، وإنما كان الذكر مستلزما للمجالسة ؛ لاستلزامه ذكر العبد ذكر الحق ( كما قال :فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [ البقرة : 152 ] ، فلزم التشارك في الذكر ، وهو يستلزم التشارك في الصلاة ،
ولذلك ( عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده ) ، ومن شأن الشريكين في أمر اجتماعهما عنده ، وليس هذا المحل المنقسم مما لا يلتفت إليه أحد الشريكين لقلة نصيبه ، بل هو منقسم ( بنصفين ) ، وهذا النصف وإن كان في القراءة وحدها، فهي لما كانت أعظم مقاصدها وكانت كلها منقسمة .
( فنصفها للّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح ، فعن اللّه تعالى أنه قال :
"قسمت الصلاة " ) أي : بتقسيم القراءة المتضمنة المعاني جميعها ( « بيني وبين عبدي نصفين ) رواه مسلم وابن حبان.
، ولم أترك هذا القسم منها وإن كنت أترك شركا في عمل أشرك فيه معي غيري ، ( " فنصفها لي ونصفها لعبدي" ) ، ولا أتغلب على العبد بأخذ نصفه كما هو شأن الجبابرة ، بل ( لعبدي ما سأل ) والسؤال بي ( يقول العبد:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" ،يقول اللّه : ذكرني عبدي ) بأخص أسماء ذاتي وصفاتي ، فكأنما جمع وجوه ذكري ، ( يقول العبد:"الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"،يقول اللّه : حمدني عبدي ) بجميع محامد العالمين يجعل الحمد عليهم حمدا عليّ ؛ لأنهم إنما استحقوا الحمد بتربيتي إياهم ، فهو حمدي مع الحمد الذي في ذاتي ،
فكأنما جمع وجوه محامدي ، ( يقول العبد:"الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"،يقول اللّه : أثني عليّ عبدي ) بعموم الجود وخصوصه ، ( يقول العبد :"مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ"، يقول اللّه : مجدني عبدي ، فوض إليّ عبدي ) ، فلم يوجب عليه شيئا ، إذ جعلني مالكا فلا يملك على أحد شيئا فيوجبه ، بل الجود بمحض التفضيل منّي ؛ (فهذا النصف ) من القدر المتميز ( كله للّه خالص ) ، وإن كان ذكر فيه العالمون ؛ لأن المقصود ذكر يختص بالربوبية .
( ثم ) بعد الفراغ من خالص ما يتعلق بالربوبية الواجب تقديمه على المشترك والمختص للعبد ، ( يقول العبد :"إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"،يقول اللّه : هذا بيني وبين عبدي ) من غير تميز ما يختص باللّه ، وما يختص بالعبد في اللفظ ، ( فأوقع الاشتراك في هذه الآية ) وإن كان المقصود منها بذلك العبد واستعانته ، فقد كان المقصود تخصيص الحق بالمعبودية والإعانة ، بدليل تقديم إِيَّاكَ، ( يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ( 7 )، يقول اللّه : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل » ) من هداية طريق المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين درجتهم من طريقة أهل الغضب من الكفار والفساق ، ومن طريقة أهل الضلال عن موجبات القرب ،
( فخلص هؤلاء لعبده ) وإن ذكر فيه الرب ، ( كما خلص الأول له تعالى ) وإن ذكر فيه العالمون ، إذ لا عبرة بغير المقصود ( فعلم من هذا ) الخبر الجاعل قراءة الفاتحة كل الصلاة في القسمة
( وجوب قراءة :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) لعله أشار إلى عدم وجوب البسملة كما هو مذهب مالك والشيخ منهم ، وإنما أوردرَبِّ الْعالَمِينَ ؛لئلا يتوهم قيام سورة الأنعام وغيرها مما ابتدأت بالحمد فيه مقامها ، كيف والمقصود من وضع الصلاة هذه القسمة ، ( فمن لم يقرأها ) في ( الصلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده ) ، فكأنما ضيع حق اللّه وحق نفسه ، فما حصلت له صلاة كاملة ولا ناقصة .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله و بين عبده.)
الصلاة
قال رضي الله عنه : ( وأمّا الثالث الذي به كملت الفرديّة ) الختميّة ( فالصلاة ) التي هي الجامعة لأمر الإظهار ، والقائمة بتفصيل أحكامه كلَّها وإذ كان مرتبة الإظهار الكماليّ الفرديّ هي التي انبسط بها عين الحقيقة الختميّة بعد جعل من الخاتم عند وضعه الصور الكاشفة عن ذلك ( فقال « وجعلت قرّة عيني في الصلاة:").
وإنما خصّ انبساط عينه الختميّة بالصلاة ( لأنّها مشاهدة ) وذلك أنهى مراتب الإظهار ، المثبت للعبد المشاهد والحق المشهود ( وذلك لأنّها مناجاة بين الله وبين عبده ، كما قال : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " ، وما لم يتمّ ظهور الطرفين - كلّ منهما على الآخر - لا يتحقّق الإظهار بكماله .
الصلاة مقسومة بين العبد والمعبود
والصلاة هي العبادة الجامعة بين الظهورين ، المستتبع للإظهارين الكماليّين أعني إظهار العبد والحقّ في المرتبة الكلاميّة الذكريّة ، التي هي أنهى مدارج الإظهار وأتمّها
قال رضي الله عنه : ( و ) ذلك لأنّها ( هي عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين : فنصفها لله ، ونصفها للعبد ) فإن الإظهار إنّما يتحقّق كذلك ، إذ لا بدّ له من مظهر وظاهر فالصلاة - التي هي الدعوة التامّة للحق ، والصورة الكاملة لإظهاره - لا بدّ وأن تكون منصّفة بنصفين .
قال رضي الله عنه : (كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى إنّه قال : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل " ) فإنّ أمر الإظهار راجع إلى طلب العبد وسؤاله ، والصلاة هي غاية ذلك الطلب ، وقصارى قصده وحركته فللعبد زيادة نصيب وسهم في هذه القسمة ، حيث أنّه قد اختصّ فيه بإجابة سؤاله وإنجاح مطلوبه .
هذا لسان الإجمال وأما لسان التفصيل في ذلك التقسيم ، فهو الكاشف عنه قوله : ( يقول العبد : " بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " . يقول الله : « ذكرني عبدي » ) فإنّه مشتمل على اسم الله الجامع ، مصرّحا فيه بالرحمتين - كما سبق بيانه - وهو غاية الإظهار الذكري .
قال رضي الله عنه : ( يقول العبد " الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ " يقول الله « حمدني عبدي » ) فإنّ الحمد تعريف للمحمود ، وأتمه ما هو بصفات الالوهيّة والربوبيّة في صورة العالمين ( يقول العبد "الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " يقول الله : « أثنى عليّ عبدي » ) فإنّ الثناء ما يذكر من المحامد ، فيثنّى حالا فحالا ذكره ، فهو إشاعة الحمد والتعريف وتكراره ، وبهذا الاعتبار تسمّى سور القرآن « مثاني » ، لأنّها تكرر وتثنّى على مرور الأيّام .
قال رضي الله عنه : ( يقول العبد : " مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " يقول الله : « مجّدني عبدي ، فوّض إليّ عبدي » ) على ما هو مؤدّى المالكيّة ومقتضاها من العظمة والاختيار ، ( فهذا النصف كلَّه له خالصا ثمّ يقول العبد : " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " يقول الله : « هذا بيني وبين عبدي ")
لما قد تقرّر أن بين كلّ من المتقابلين لا بدّ أن يكون جامع يحويهما ، فهذه الآية من امّ الكتاب هو الجامع بين الله وعبده ، والأول مؤدّى الكاف ، والثاني مؤدّى النون ، وهو " كُنْ " الذي به ظهر ما ظهر - فلا تغفل عن تلويحه . وبيّن أنّ سائر مراتب الظهور - كيانيّة أو إلهيّة - إنّما هو على مقتضى سؤال العبد وطلبه - كما وقفت عليه غير مرّة –
وإليه أشار بقوله :("ولعبدي ما سأل " فأوقع الاشتراك في هذه الآية ) فهو البرزخ الجامع كما عرفت .
" غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ " . ( يقول الله : " فهؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل " . فخلص هؤلاء لعبده ، كما خلص الأول له تعالى ) وجمع بينهما في الآية المشتركة في الوسط .
وبيّن أنّ صور العبادات التي وضعها الأنبياء مراقي للعباد ومراصد للمنتهجين إلى مسالك الرشاد ، أكملها وأتمّها نظما هو الذي طابق الجمعيّة الوجوديّة بمبدئها ومعادها ، حتّى يمكن أن يستكشف بتلك الصورة الجعليّة عن الجمعيّة الوجوديّة ويترتّب على الوضع المذكور ما هو غايته المطلوبة منها ، وهو الكشف عن كنه ما عليه الأمر مطلقا ، من المبدء إلى المعاد .
قال رضي الله عنه : ( فعلم من هذا وجوب قراءة : " الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ " ) في العبادة الكاملة ، يعني الصلاة الختميّة ، لما عرفت من المطابقة التي لها إلى مراتب الوجود ، من الإلهيّة المطلقة والعبديّة المطلقة والجامعة بينهما ، ( فمن لم يقرأها فما صلَّى - الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده ) .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.
فقال «وجعلت قرة عيني في الصلاة» لأنها مشاهدة: وذلك لأنها مناجاة بين الله و بين عبده كما قال: «فاذكروني أذكركم». وهي عبادة مقسومة بين الله و بين عبده بنصفين:
فنصفها لله ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين: فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل.
يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله ذكرني عبدي.
يقول العبد الحمد لله رب العالمين: يقول الله حمدني عبدي.
يقول العبد الرحمن الرحيم: يقول الله أثنى علي عبدي.
يقول العبد مالك يوم الدين: يقول الله مجدني عبدي: فوض إلي عبدي.
فهذا النصف كله له تعالى خالص.
ثم يقول العبد إياك نعبد و إياك نستعين : يقول الله هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية.
يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين: يقول الله فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل.
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى.
فعلم من هذا وجوب قراءة الحمد لله رب العالمين. فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده.)
قال رضي الله عنه : ( وأمّا الثالث الّذي به كملت الفرديّة فالصّلاة . فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » لأنّها مشاهدة : وذلك لأنّها مناجاة بين اللّه وبين عبده كما قال : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ. وهي عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين : فنصفها للّه ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصّحيح عن اللّه تعالى أنّه قال : « قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل . يقول العبد : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( 1 ) يقول اللّه : ذكرني عبدي . يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ( 2 ) يقول اللّه حمدني عبدي . يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( 3 ) يقول ).
(وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة فقال : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » لأنها ) ، أي الصلاة إذا وقعت على وجه الكمال كما قال علي رضي اللّه عنه لم أعبد ربا لم أره ( مشاهدة ) ومشاهدة المحبوب تقر عين المحب
( وذلك ) ، أي كونها مشاهدة ، ( لأنها مناجاة بين اللّه وبين عبده ) ، ولا بد من المناجاة من مشاهدة كل من طرفي المناجاة للآخر ، أو لأن المناجاة ذكر والمناجي ذاكر والذاكر جليس المذكور والجليس يشاهد الجليس وكون المناجاة بين اللّه وعبده ككون الذاكر بينهما ( كما قال ) تعالى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وهي ) ، أي الصلاة
( عبادة مقسومة بين اللّه وبين عبده بنصفين : فنصفها له تعالى ونصفها للعبد كما ورد في الخبر الصحيح عن اللّه تعالى : أنه قال : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد :بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 1 ) يقول اللّه : ذكرني عبدي يقول العبد :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) يقول اللّه : حمدني عبدي يقول العبد :الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 3 ) ).
قال رضي الله عنه : ( اللّه : أثنى عليّ عبدي . يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( 4 ) يقول اللّه : مجّدني عبدي ، فوّض إليّ عبدي . فهذا النّصف كلّه للّه تعالى خالص . ثمّ يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( 5 ) يقول اللّه : هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فأوقع الاشتراك في هذه الآية . يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ( 6 )صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) [ الفاتحة : 1 - 7 ] . يقول اللّه : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل .
فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأوّل له تعالى . فعلم من هذا وجوب قراءة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) . فمن لم يقرأها فما صلّى الصّلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده »).
يقول اللّه : أثنى علي عبدي . يقول العبد :مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( 4 ) يقول اللّه : مجدني عبدي فوّض إلي عبدي فهذا النصف كله للّه تعالى خالص . ثم يقول العبد :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( 5 ) يقول اللّه : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فأوقع الاشتراك في هذه الآية يقول العبد :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ( 6 )صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) [ الفاتحة ] يقول اللّه : هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل" . رواه مسلم وابن خزيمة وابن حبان ورواه غيرهم .
( فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأولى له تعالى فعلم من هذا وجوب قراءة :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 2 ) فمن لم يقرأها فما صلى الصلاة المقسومة بين اللّه وبين عبده )
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة السابعة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة السابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السابعة والعشرون :- الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال رضي الله عنه : ( ولمّا كانت مناجاة فهي ذكر ، ومن ذكر الحقّ فقد جالس الحقّ وجالسه الحقّ . فإنّه صحّ في الخبر الإلهيّ أنّه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » . ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه . فهذه مشاهدة ورؤية . فإن لم يكن ذا بصر لم يره . فمن ههنا يعلم المصلّي رتبته هل يرى الحقّ هذه الرّؤية في هذه الصّلاة ، أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنّه يراه فيخيّله في قبلته عند مناجاته ، ويلقي السّمع لما يرد به عليه من الحقّ . فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به وللملائكة المصلّين معه - فإنّ كلّ مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة تصلّي خلف العبد ؛ إذا صلّى وحده كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرّسول في الصّلاة . وهي النّيابة عن اللّه . وإذا قال سمع اللّه لمن حمده. فيخبر نفسه ومن خلفه بإنّ اللّه قد سمعه .فتقول الملائكة والحاضرون ربّنا ولك الحمد. فإنّ اللّه قال على لسان عبده: سمع اللّه لمن حمده.)
قال رضي الله عنه : (ولما كانت) الصلاة (مناجاة) بين اللّه تعالى وبين عبده (فهي ذكر للّه) تعالى بجميع الأعضاء على كيفيات مختلفة .
(و) كل (من ذكر الحق) تعالى (فقد جالس الحق) تعالى (وجالسه الحق) تعالى والمعنى حضر مع الحق تعالى كما أن الحق تعالى حاضر معه والحضور ضد الغيبة وهي الغفلة يعني زالت عنه الغفلة واشتغال الخاطر بغير اللّه تعالى فوجد اللّه تعالى ظاهرا بكل شيء حاضرا عند كل شيء غير غائب عن شيء (فإنه صح) ، أي ثبت وتحقق (في الخبر الإلهي) ،
أي الحديث القدسي (أنه تعالى قال : أنا جليس) ، أي مجالس كل (من ذكرني) ، لأنه تعالى حاضر لا يغيب أصلا وإنما العبد يغيب عنه لغفلته ويحضر بين يديه ليقظته فإذا ذكره ، أي تذكره وجده حاضرا ، فيكون اللّه تعالى جليسه .
قال رضي الله عنه : (و) كل (من جالس من) ، أي أحدا (ذكره وهو) ، أي الذي يجالس (ذو) ، أي صاحب (بصر) بأن كان يرى وليس بأعمى (رأى جليسه) من غير شبهة أصلا والذي لا يرى فهو أعمى .
قال رضي الله عنه : (فهذه) الحالة التي هي حالة الذكر (مشاهدة) للحق تعالى (ورؤية) له (فإن لم يكن) ذلك الذي جالس من ذكره (ذا بصر) فإنه (لم يره) ، أي لا يرى من يجالسه لكونه أعمى .
قال رضي الله عنه : (فمن هنا يعلم المصلي رتبته) في الدين والمعرفة (هل يرى الحق) تعالى (هذه الرؤية) ، أي رؤية الجليس من يجالسه (في هذه الصلاة) التي صلاها (أم لا فإن لم يره) ، أي الحق تعالى وهو في صلاته (فليعبده) ، أي الحق تعالى (بالإيمان) له بالغيب في تلك الصلاة (كأنه) ، أي مثل الذي (يراه فيخيله) بعقله ، أي يتصوّر الحق تعالى (في قبلته عند مناجاته) كما ورد : « أن اللّه في قبلة أحدكم » .
وهذا التصوّر لا يضره في اعتقاده إذا كان عارفا بقصوره وعجزه عنه تعالى ،
قال سبحانه :لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها[ البقرة : 286 ] (ويلقي) ، أي يهيىء (السمع) منه (لما يرد به عليه الحق) تعالى في نفسه من الإلهام (فإن كان إماما لعالمه) بفتح اللام (الخاص به) وهي أعضاؤه وجوارحه (وللملائكة) الحفظة وغيرهم (المصلين معه) ، (فإن كل مصل) وحده (فهو إمام بلا شك) لغيره (فإن الملائكة) عليهم السلام (تصلي) بالاقتداء (خلف العبد) المؤمن (إذا صلى وحده كما ورد في الخبر) ، أي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم .
وذكر السبكي من الشافعية : أن الجماعة تحصل بالملائكة ، وفرّع على ذلك :
لو صلى في قضاء بأذان وإقامة منفردا ، ثم حلف أنه صلى بالجماعة لم يحنث . وقد ورد في حديث أحمد بن حنبل عن ابن مسعود في قصة الجن وفيه : فلما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي أدركه شخصان منهم فقالا : يا رسول اللّه إنا نحب أن تؤمنا في صلاتنا . قال : فصفهما خلفه ثم صلى بهما ثم انصرف . ذكره في الأشباه والنظائر (فقد حصل له) ، أي للذي يصلي وحده (رتبة الرسول) صلى اللّه عليه وسلم (في الصلاة) ، فإنه كان الإمام المقدم فيها (وهي) ، أي تلك الرتبة (النيابة عن اللّه) تعالى في وجوب متابعته على المقتدين به ممن خلفه .
قال رضي الله عنه : (وإذا قال) ذلك المصلي (سمع اللّه لمن حمده فيخبر نفسه ومن خلفه بأن اللّه ) تعالى (قد سمعه) في كل ما قال من سورة الحمد وغيرها من الثناء عليه تعالى (فتقول الملائكة) عليهم السلام عند ذلك (و) كذلك (الحاضرون) من المقتدين إن كانوا (ربنا) أي يا ربنا (ولك الحمد) وكان هذا القول عقيب سماعهم من الإمام قوله : سمع اللّه لمن حمده فحمدهم امتثال لما حثهم عليه من الحمد ( فإن اللّه قال على لسان عبده) المصلي (سمع اللّه لمن حمده) كما ورد في الحديث : " المصلي مظهر إلهي" .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال رضي الله عنه : ( ولما كانت مناجاة فهي ) أي الصلاة ( ذكر ) الحق ( ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسة الحق فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال : أنا جليس من ذكرني ومن جالس من ذكره وهو ) أي والحال أن من جالس من ذكره ( ذو بصر رأى جليسه فهذه ) الصلاة ( مشاهدة ورؤية فإن لم يكن ) ذلك الجليس ( ذا بصر لم يره ) أي لم ير جليسه .
قال رضي الله عنه : ( فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا فإن لم يره فليعبده بالايمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته ويلقي السمع لما يرد به عليه من الحق فإن كان إماما لعالمه الخاص به ) أي بالمصلي ( وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر ) قوله : ( فقد حصل له رتبة الرسول عليه السلام في الصلاة ) جواب لقوله : فإن كان فإن الإمامة مرتبة بالرسول .
قال رضي الله عنه : ( وهي ) أي الإمامة ( النيابة عن اللّه إذا قال ) الامام ( سمع اللّه لمن حمده فيخبر نفسه ومن خلفه بأن اللّه قد سمعه فيقول الملائكة والحاضرون : ربنا لك الحمد فإن اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده).
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية. فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا. فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله. إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية. فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا. فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله. إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال العبد : الرؤية والشهود والسماع من العبد المصلَّي للحق ، قد تكون ببصر الإيمان ، وقد تكون ببصر البصيرة والفهم ، وقد تكون بالرؤية البصرية ، فيتمثّل الحق متجلَّيا مشهودا له ، قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع هذه كلَّها للعبد الكامل أو الفرد النادر ، وقد ينفرد كلّ واحد منها بواحد واحد منها ، وهكذا في السمع ، والذي يجمع له بين الكلّ فهو أكمل الكلّ .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال رضي الله عنه : ( ولما كانت الصلاة مناجاة فهي ذكر ، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسة الحق ، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه فهذه مشاهدة ورؤية فإن لم يكن ذا بصر لم يره ، فمن هنا يعلم المصلى رتبته ، هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه متخيله في قبلته عند مناجاته ، ويلقى السمع لما يرد به عليه من الحق ، فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه ، فإن كل مصل فهو إمام بلا شك ، فإن الملائكة تصلى خلف العبد إذا صلى وحده ، كما ورد في الخبر ) ،
وكما بين في غير موضع أن كل جزء من العالم موجود في الإنسان إما بصورته كالعناصر ، وإما بحقيقته وعينه كالأفلاك وسائر الأشياء ، فيكون العالم فيه والملائكة قواه الطبيعية والنفسانية والروحانية ( فقد حصل له رتبة الرسول في الصلاة ، وهي النيابة عن الله تعالى ) فقوله قد حصل له جواب الشرط
قال رضي الله عنه : ( وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فيخبر عن نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه ، فتقول الملائكة والحاضرون : ربنا لك الحمد ، فإن الله تعالى قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده)
اعلم أن الرؤية والسماع والشهود من العبد المصلى للحق ، قد يكون بقوة الإيمان واليقين حتى يكون خاتمة اليقين منه بمثابة الإدراك البصري والسمعي ، أعنى في قوة الضروريات والمشاهدات ،
وقد يكون ببصر القلب : أي نور البصيرة والفهم ، أعنى بنور تجليات الصفات الإلهية للقلب حتى صار العلم عيانا ، وقد يكون بالرؤية البصرية فيتمثل له الحق متجليا مشهودا له قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع الله هذه كلها لعبده الكامل الأوحدي، وقد يختص كل واحد.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني.
ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولما كانت ) الصلاة ( مناجاة ، فهي ذكر ، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق . فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال : "أنا جليس من ذكرني" . ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر )
كقوله رضي الله عنه : ( فبصرك اليوم حديد ) ( رأى جليسه . فهذه ) أي ، الصلاة ( مشاهدة ورؤية ) أي ، يحصل للمصلى الشهود الروحي والرؤية العينية في مواد الأعيان الموجودة الروحانية والجسمانية .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإن لم يكن ذا بصر ) وعرفان أنه هو المتجلي لكل شئ وهو المتجلي عن كل شئ . ( لم يره . فمن هناك يعلم المصلى رتبته : هل يرى الحق هذه الرؤية ) العيانية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( في هذه الصلاة، أم لا. فإن لم يره، فليعبده بالإيمان كأنه يراه ) كالمؤمنين المحجوبين . ( فيخيله في قبلته عند مناجاته ، ويلقى السمع لما يرد به عليه من الحق ) من الواردات الروحانية والمعاني الغيبية ( فإن كان إماما لعالمه الخاص به ) أي ، للأناسي .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وللملائكة المصلين معه - فإن كل مصل فهو إمام بلا شك ، فإن الملائكة تصلى خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة . ) لأن إمامة الناس من مراتب الرسول .
وقوله رضي الله عنه : ( فقد حصل ) جواب الشرط . أي ، فإن كان إماما للناس ، فقد حصل له رتبة الرسول .
ولما كانت الإمامة قياما بحقوق العباد وهي من جملة شؤون الحق ،
قال رضي الله عنه : ( وهي النيابة عن الله . وإذا قال : "سمع الله لمن حمده" ) فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه أي ، يخبر الإمام نفسه لمن اقتداه بأن الله سمع حمد من حمده ومناجاة من ناجاه . وذلك لأنه مشاهد ربه وعالم بأنه سمع حمد الحامدين .
فتقول الملائكة والحاضرون : ربنا ولك الحمد . فإن الله تعالى قال على لسان عبده : "سمع الله لمن حمده ".
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة السابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السابعة والعشرون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال رضي الله عنه : ( ولمّا كانت مناجاة فهي ذكر ، ومن ذكر الحقّ فقد جالس الحقّ وجالسه الحقّ ؛ فإنّه صحّ في الخبر الإلهيّ أنّه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » ) رواه ابن أبي شيبة في المصنف.
(ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه ، فهذه مشاهدة ورؤية ؛ فإن لم يكن ذا بصر لم يره ، فمن هاهنا يعلم المصلّي رتبته هل يرى الحقّ هذه الرؤية في هذه الصّلاة، أم لا؟
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنّه يراه فيخيّله في قبلته عند مناجاته ، ويلقي السّمع لما يرد به عليه من الحقّ ).
ثم رجع إلى بيان ما أجمل من مقدمات كونها مشاهدة ، فقال : ( ولما كانت ) الصلاة ( مناجاة ) ، لما روي أنس عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال : « إن أحدكم إذ قام إلى الصلاة ، فإنما يناجي ربه ، وإن ربه بينه وبين القبلة ، فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ، ولكن عن يساره أو تحت قدمه ، ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ، ثم رد بعضه على بعض ، فقال : أو يفعل هكذا » رواه البخاري ومسلم
( فهي ذكر ) إذ المناجاة مكالمة ، وقد قال تعالى :"وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي" [ طه : 14].
(ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق ، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه قال : « أنا جليس من ذكرني » ) ، والمراد ما يلازم المجالسة من الرؤية ، وذلك أن ( من جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه ) ، ولكن لا يمكن رؤية الحق بالبصر الظاهر في الدنيا ، ( فهذه ) الرؤية لذاكره ( مشاهدة ) قلبية ، ( ورؤية ) روحية إن كان لقلبه وروحه بصر ، ( فإن لم يكن ) الذاكر ( ذا بصر ) قلبي ولا روحي
( لم يره ) ، كما لا يبصر أعمي العين الظاهرة جليسه ، والمصلي ذاكر ، ( فمن هنا ) أي : من رؤية الذاكر البصير ، وعدم رؤية الذاكر الأعمى ( يعلم المصلي رتبته هل ) هي رتبة الذاكر البصير ، فهو ( يرى الحق هذه الرؤية ) القلبية أو الروحية ( في هذه الصلاة ) التي هي جامعة وجوه الذكر ، أو هي رتبة الذاكر الأعمال ، فهو لا يرى الحق هذه الرؤية .
(فإن لم يره هذه الرؤية فليعبده بالإيمان ) الموجب اعتقاد قربه كما يعتقد الجليس الأعمى قرب جليسه ، فتبلغ بذلك رتبة الإحسان ، فيصير ( كأنه يراه فتخيله في قبلته عند مناجاته ) كما ورد به الحديث المذكور آنفا ، ( ويلقي السمع ) في حالتي الرؤية والإحسان ( لما يرد عليه من الحق ) في معاني كلامه ، وفيما يأتي به من سائر الأفعال إذ يصير كأنه يسمع من اللّه تعالى على ما نقله الشيخ شهاب الدين السهروردي في الباب الثاني من « العوارف » عن الإمام جعفر الصادق : "أنه خرّ مغشيا عليه ، وهو في الصلاة ، فسئل عن ذلك ، فقال : ما زلت أردد الآية حتى سمعتها من المتكلم بها " .
قال رضي الله عنه : (فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به وللملائكة المصلّين معه فإنّ كلّ مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة تصلّي خلف العبد ؛ إذا صلّى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرّسول في الصّلاة ، وهي النّيابة عن اللّه ، وإذا قال : سمع اللّه لمن حمده ، فيخبر نفسه ومن خلفه بأنّ اللّه قد سمعه ، فتقول الملائكة والحاضرون : ربّنا ولك الحمد ؛ فإنّ اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده )
ثم قال الشيخ شهاب الدين رحمه اللّه : فالصوفي لما حالت له ناصية التوحيد ، وألقى سمعه عند سماع الوعد والوعيد ، وقلبه ضاق بالتخلص عما سوى اللّه صار بين يدي اللّه حاضرا شهيدا يرى لسانه ولسان غيره له في التلاوة كشجرة موسى عليه السّلام حيث أسمعه اللّه منها خطابه إياه :"إِنِّي أَنَا اللَّهُ "[ القصص : 30 ] ، ولكن إن لم يكن هذا إلماما لعالمه لم تحصل له رتبة الرسول مع هذا السماع من اللّه تعالى ، ( فإن كان إماما لعالمه الخاص وبه للملائكة المصلين معه ) قيد بذلك ؛ لأن إمامته للملائكة وحدهم لا تبلغه هذه الرتبة ، إذ لا تبلغ صلاتهم بسببه إلى خمس وعشرين صلاة أو سبع وعشرين ، بل هم يكملون صلاته ومع ذلك هو إمامهم ، ( فإن كل مصلّ ) إمام كان في الظاهر أو منفرد ( هو ) إمام لعالمه أو للملائكة ( بلا شك ) ،
( فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر ) ، وهو قوله عليه السّلام فيما رواه صاحب « قوت القلوب » و « العوارف » : « إن العبد إذا قام للصلاة ، رفع اللّه الحجاب بينه وبينه ، وواجهه بوجهه ، وقامت الملائكة من لدن منكبه إلى الهواء يصلون بصلاته ، ويؤمنون على دعائه » . ذكره ابن عجيبة في البحر المديد وأبو طالب المكي في قوت القلوب.
( فقد حصل ) للمصلي عند كونه إماما لعالمه الخاص ( رتبة الرسول ) ، ( وهي النيابة عن اللّه ) في إيصال فيضه إلى الجماعة بما يجعل صلاتهم الواحدة خمسا وعشرين أو سبعا وعشرين ، وقد ناب عنه ( إذا قال : سمع اللّه لمن حمده ) ، كأنه سمع على لسانه من اللّه.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
الحقّ بمرأى ومسمع المصلي
قال رضي الله عنه : ( ولما كانت ) الصلاة المذكورة لقسمتها بين الله وبين العبد ( مناجاة ) - على ما ورد : « المصلي يناجي ربّه » - ( فهي ذكر ) ضرورة ، ( ومن ذكر الحقّ فقد جالس الحقّ وجالسة الحقّ ، فإنّه صحّ عن خبر إلهي أنّه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » ) وهو الحضور في مستقرّ التمكَّن على مجلى السمع والبصر .
أمّا الأول فظاهر ، لأنّ الذكر إنّما يتحقّق في السمع .
وأما الثاني : فلأنّ ( من جالس من ذكره - وهو ذو بصر - رأى جليسه ) بالضرورة ، وإلَّا لم يكن جليسه ( فهذه مشاهدة ) وهو الحضور بجوامع الحواسّ - ولهذا يسمّى عالم المحسوسات : عالم الشهادة - ( ورؤية ، فإن لم يكن ذو بصر لم يره ) وإن سمع كلامه .
قال رضي الله عنه : ( فمن هنا يعلم المصلَّي رتبته : هل يرى الحقّ هذه الرؤية في هذه الصلاة ، أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنّه يراه ) وهو المسمّى بـ "الإحسان " وهو دون المشاهدة وأعلى من الإيمان الغيبي ، لأنّه مشبه بالرؤية ، وهو الصورة الخياليّة ، كما ورد في الحديث : « اعبد ربّك كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك »
قال رضي الله عنه : ( فيخيّله في قبلته عند مناجاته ) ، فإنّ الصورة الخياليّة هي التي بمنزلة الصورة المبصرة هذا أقلّ ما للعبد في مجلى البصر في صلاته .
وأما السمع ، فقد ظهر أمره في الصلاة أيضا ( و ) ذلك لأنّه ( يلقي السمع لما يرد به عليه الحق ) ، فالصلاة الكاملة هي الجامعة بين المشهدين الكماليّين الختميّين ، على ما نبّهت عليه غير مرّة في معنى قوله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ".
المصلَّي في مقام الرسالة
هذا ما يتعلَّق بباطن الصلاة من أحكام الولاية ، وأمّا ما يتعلَّق بالظاهر منها : ( فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به ) من الأشخاص المشتركين معه في ذلك العالم - هذا إن كان إماما - ( وللملائكة المصلَّين معه ) إن لم يكن إماما لعالمه الخاصّ به ، ( فإنّ كل مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلَّى وحده - كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرسول في الصلاة ، وهي النيابة عن الله ) في الإنباء عمّا عليه الحقّ من الصفات الثبوتيّة
التي له عندما حمده الحامدون ، ( إذ قال : « سمع الله لمن حمده » ، فيخبر نفسه ومن خلفه ) - من أهل عالمه والملائكة المصلَّين معه - ( بأنّ الله قد سمعه ، فيقول الملائكة والحاضرون ) عندما بلغهم ذلك النبأ الكريم من المصلَّي : ( " ربّنا لك الحمد " ) تصديقا للمبلَّغ وإيمانا به ، ( فإنّ الله قال على لسان عبده : « سمع الله لمن حمده » ) فلسان العبد في هذا القرب آلة لقول الحقّ الذي به يفصل ، وهو المسمّى بقرب الفرائض .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كانت مناجاة فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق، فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال أنا جليس من ذكرني. ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر رأى جليسه. فهذه مشاهدة ورؤية.
فإن لم يكن ذا بصر لم يره. فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا.
فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه فيخيله في قبلته عند مناجاته، و يلقي السمع لما يرد به عليه الحق . فإن كان إماما لعالمه الخاص به وللملائكة المصلين معه فإن كل مصل فهو إمام بلا شك، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسل في الصلاة وهي النيابة عن الله.
إذا قال سمع الله لمن حمده، فيخبر نفسه ومن خلفه بأن الله قد سمعه فتقول الملائكة والحاضرون ربنا ولك الحمد. فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده. )
قال رضي الله عنه : ( ولمّا كانت مناجاة فهي ذكر ، ومن ذكر الحقّ فقد جالس الحقّ وجالسه الحقّ . فإنّه صحّ في الخبر الإلهيّ أنّه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » . ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه . )
( ولما كانت ) ، أي الصلاة ( مناجاة ) لما قال عليه السلام المصلي يناجي ربه ( فهي ) ، أي الصلاة ( ذكر ) للحق سبحانه لأنه لا بد في مناجاة الحق من ذكرنا ولو بمجرد خطوره وحضوره في القلب ( ومن ذكر الحق فقد جالس الحق وجالسه الحق . فإنه صح في الخبر الإلهي بأنه تعالى قال : « أنا جليس من ذكرني » رواه ابن أبي شيبة "الرجل يذكر اللّه وهو على الخلاء أو وهو يجامع" . ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر حديد رأى جليسه .
قال رضي الله عنه : ( فهذه مشاهدة ورؤية . فإن لم يكن ذا بصر لم يره . فمن ههنا يعلم المصلّي رتبته هل يرى الحقّ هذه الرّؤية في هذه الصّلاة ، أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنّه يراه فيخيّله في قبلته عند مناجاته ، ويلقي السّمع لما يرد به عليه من الحقّ .
فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به وللملائكة المصلّين معه - فإنّ كلّ مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة تصلّي خلف العبد ؛ إذا صلّى وحده كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرّسول في الصّلاة . وهي النّيابة عن اللّه . وإذا قال سمع اللّه لمن حمده . فيخبر نفسه ومن خلفه بإنّ اللّه قد سمعه . فتقول الملائكة والحاضرون ربّنا ولك الحمد . فإنّ اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده . ).
(فهذه ) الصلاة ( مشاهدة ) عيانية روحانية في المقام الجمعي ( ورؤية ) عينية بصرية في المظاهر الفرقية ( فإن لم يكن ذا بصر لم يره فمن هنا يعلم المصلي رتبته هل يرى الحق هذه الرؤية في هذه الصلاة أم لا ؟ فإن لم يره فليعبده بالإيمان كأنه يراه ) ، وهو المسمى بالإحسان وهو المشاهدة وأعلى من الإيمان الغيبي ، لأنه مشبه بالرؤية وهي الصورة الخيالية ( فيخيله في قبلته عند مناجاته ويلقي السمع لما يرد به ) ، الباء للتعدية ، أي لما أورده عليه ( الحق ) من الواردات الروحانية والمعاني العينية .
( فإن كان إماما لعالمه الخاص به ) ، من الأشخاص المشاركين له في هذا العالم في الصلاة ( وللملائكة المصلين معه ) ، إن لم يكن إماما لعالمه الخاص به ( فإن كل مصل فهو إمام بلا شك ، فإن الملائكة تصلي خلف العبد إذا صلى وحده كما ورد في الخبر فقد حصل له رتبة الرسول في الصلاة ) ،
فإن الإمامة للناس من مراتب الرسالة وقوله : فقد حصل له جواب الشرط ( و ) الصلاة ( هي النيابة عن اللّه . وإذا قال ) المصلي نيابة عن اللّه ( سمع اللّه لمن حمده) فيخبر نفسه ومن خلفه بأنّ اللّه قد سمعه أي قبل حمد من حمده .
( فتقول الملائكة والحاضرين ) ، أي مع الحاضرين ربنا ولك الحمد ، فإن اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده .
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة الثامنة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثامنة والعشرون :- الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد. وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
قال رضي الله عنه : ( فانظر علوّ رتبة الصّلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها . فمن لم يحصّل درجة الرّؤية في الصّلاة فما بلغ غايتها ولا كان له قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه . فإن لم يسمع ما يرد من الحقّ عليه فيها فما هو ممّن ألقى السّمع . ولا سمعه . ومن لم يحضر فيها مع ربّه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصلّ أصلا ، ولا هو ممّن ألقى السّمع وهو شهيد . وما ثمّة عبادة تمنع من التّصرّف في غيرها - ما دامت - سوى الصّلاة . وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال . وقد ذكرنا صفة الرّجل الكامل في الصّلاة في الفتوحات المكيّة كيف تكون لأنّ اللّه تعالى يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ، لأنّه شرع للمصلّي أن لا يتصرّف في غير هذه العبادة ما دام فيها ويقال له مصلّ .وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُيعني فيها : أي الذّكر الّذي يكون من اللّه لعبده حين يجيبه في سؤاله . والثّناء عليه أكبر من ذكر العبد ربّه فيها ، لأنّ الكبرياء للّه تعالى . ولذلك قال :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ[ العنكبوت : 45 ] . وقال :أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ ق : 37 ] فإلقاؤه السّمع هو لما يكون من ذكر اللّه إيّاه فيها .)
قال رضي الله عنه : (فانظر) يا أيها السالك (علو رتبة الصلاة) عند اللّه تعالى (وإلى أين تنتهي) ، أي تصل (بصاحبها) من مقامات القرب إلى اللّه تعالى .
قال رضي الله عنه : (فمن لم يحصل) بتوفيق اللّه تعالى له (درجة الرؤية) الإلهية (في الصلاة فما بلغ غايتها) ، أي الصلاة (ولا كان له) ، أي لذلك المصلي (فيها) ، أي في الصلاة (قرة عين) برؤية المحبوب الحق لأنه لم ير من يناجيه لما في قلبه من العمى عنه .
قال تعالى :فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[ الحج : 46 ] .
وهذه فروع الإيمان الأربعة لكل واحد منها رتبة خاصة إلهية ، فالصلاة الرؤية الإلهية بقوله عليه السلام : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » .
وللصوم لقاء اللّه تعالى لقوله عليه السلام : « للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه » . رواه مسلم و الترمذي في سننه ورواه غيرهما.
وللزكاة طيب النفس ، لقوله عليه السلام في حديث : « صلوا خمسكم » إلى أن قال : « وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم » . رواه الطبراني في الكبير عن أبي أمامة الباهلي ورواه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ، ترجمة يزيد بن مرثد .
وللحج الزيارة إلى بيت اللّه تعالى ومصافحته سبحانه لقوله عليه السلام : " الحجر الأسود يمين اللّه في الأرض " . رواه عبد الرزاق في المصنف ورواه الديلمي في الفردوس .
، والشهادتان إخبار عن المعاينة والشهود والرؤية ، فهذه أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها ، فالإسلام أحوال قلبية لها في الظاهر الإشارة الفعلية ، وأصل هذا كله التصديق بالقلب ، وهو الإيمان ، فمن لم يتيقن الإيمان ويتحقق بالإيقان لم يتوصل إلى مقام الإسلام .
قال رضي الله عنه : (وإن لم يسمع) هذا المصلي (ما يرد به الحق) تعالى (عليه) من المخاطبات الأنسية والمناجاة القدسية (فيها) ، أي في الصلاة (فما هو) ، أي ذلك المصلي (ممن ألقى) ، أي هيأ (السمع) لما يرد به الحق تعالى (ولا سمعه) ، أي ما يرد به الحق تعالى (ومن لم يحضر فيها) ، أي في الصلاة (مع ربه) تعالى باليقظة وزوال الغفلة عن قلبه (مع كونه) أيضا (لم يسمع) ما يرد به عليه ربه تعالى في صلاته كما مر (فليس بمصل أصلا) بل هو مشبه بالمصلي في أداء الأركان وقلبه فيما هو فيه من أحوال الدنيا كما كان (ولا هو) ، أي ذلك المصلي ممنأَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق :37]. لصممه وعماه عمن يناجيه ويتجلى عليه بحسب ما يريد .
قال رضي الله عنه : (وما ثم) ، أي هناك (عبادة) للّه تعالى (تمنع من التصرف في غيرها) من العبادات أو العادات (ما دامت) قائمة تلك العبادة (سوى الصلاة) فإنها خلوة شرعية وحظوة إلهية (وذكر اللّه) تعالى (فيها) ، أي في الصلاة (أكبر ما فيها) ، أي الصلاة من الأعمال .
قال تعالى :وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ[العنكبوت :45] ، والذكر شامل لقراءة القرآن وغيرها (لما تشتمل) ، أي الصلاة (عليه من أقوال وأفعال) وتجليات وأحوال ، وعلوم إلهية ، وإلهامات ربانية ، وإشارات لائحة ، وحقائق معارف فائحة (وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة) على أتمّ الوجوه (في) كتاب (الفتوحات المكية كيف يكون) في ظاهره وباطنه (لأن اللّه) تعالى يقول عن هذه الصلاة المذكورة إِنَّ الصَّلاةَ[ النّساء : 103 ] ،
أي الكاملة وهي لا تكون إلا من الكامل (" تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ")[ العنكبوت : 45 ] فتحفظ صاحبها مدة عمره من مهالك الدنيا والآخرة .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إذا أراد اللّه بقوم عاهة نظر إلى أهل المساجد فصرف عنهم » . رواه ابن عدي والديلمي في مسند الفردوس وأهل المساجد هم المصلون (لأنه) ، أي الشأن (شرع) بالبناء للمفعول (للمصلي أن لا يتصرف في غير هذه العبادة) التي هي الصلاة (ما دام) ذلك المصلي فيها ، أي في الصلاة (ويقال له) في الشرع (مصل) لإتيانه بأفعال الصلاة وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ[ العنكبوت : 45 ] .
كما قال تعالى (يعني فيها) أي في الصلاة وهو (الذكر الذي يكون من اللّه) تعالى (لعبده حين يجيبه) ، أي يجيب اللّه تعالى عبده (في سؤاله) ، أي دعائه وطلبه منه والثناء عليه كما سبق في الحديث (أكبر من ذكر العبد ربه) تعالى (فيها) ، أي في الصلاة (لأن) أكبر مشتق من الكبرياء ، أي العظمة وذلك (للّه تعالى) لا لغيره فهي لذكره لا لذكر غيره (ولذلك قال) تعالى ("يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ") [ العنكبوت : 45 ] .
أي لا يخفى عليه صنعكم ومنه ذكركم فهو دون ذكره (وقال) تعالى (" أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ" [ ق :37] فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر اللّه) تعالى (إياه) ، أي العبد (فيها) ، أي في الصلاة لعظمة الذكر .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
قال رضي الله عنه : ( فانظر علوّ رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ولا كان له فيها قرة عين لأنه لم ير من يناجيه فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى اسمع ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم ير فليس بمصلّ أصلا ولا هو ممنأَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) فكانت الفردية الثلاثة في الصلاة مرتبة الحضور وهي أدنى مرتبة للصلاة ومرتبة السمع ومرتبة الرؤية فمن صلى الصلاة خارجة عن أحد هذه الثلاثة لم يكن مصليا ( وما ثمة ) أي وما في جنس العبادة أو في العالم ( عبادة تمنع ) أي تمنع العابد .
قال رضي الله عنه : ( من التصرف في غيرها ما دامت ) أي مدة بقائها ودوامها ( سوى الصلاة وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما تشتمل ) الصلاة ( عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية ) فلا يكون في الصلاة فعل أو قول خارج عن أقوال الصلاة وأفعالها ( كيف يكون لأن اللّه تعالى يقول :"إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ" لأنه ) أي لأن الشأن ( شرع للمصلي أن لا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها ويقال له مصل ولذكر اللّه أكبر يعني فيها ) أي في الصلاة .
قال رضي الله عنه : ( أي الذكر الذي يكون من اللّه تعالى لعبده حين يجيبه في سؤاله والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها لأن الكبرياء للَّه تعالى ولذلك ) أي ولأجل أن ذكر اللّه فيها أكبر ( قال : واللّه يعلم ما تصنعون وقال : أو ألقى السمع وهو شهيد فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر اللّه إياه فيها).
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
قال رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها. فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه. ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله. والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى. ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد». فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
قال رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها. فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه. ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد. )
قال العبد : الرؤية والشهود والسماع من العبد المصلَّي للحق ، قد تكون ببصر الإيمان ، وقد تكون ببصر البصيرة والفهم ، وقد تكون بالرؤية البصرية ، فيتمثّل الحق متجلَّيا مشهودا له ، قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع هذه كلَّها للعبد الكامل أو الفرد النادر ، وقد ينفرد كلّ واحد منها بواحد واحد منها ، وهكذا في السمع ، والذي يجمع له بين الكلّ فهو أكمل الكلّ .
قال رضي الله عنه : ( وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة. وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل. «و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله. والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى. ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد». فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
يقول العبد : يتحرّك الإنسان دوريا بالإرادة ، ولكنّه بالطبع يتحرّك في نموّه على استقامة قامته ، والحيوان يتحرّك في نشئه بالطبيعة أفقيا ، والنبات يتحرّك بطبيعته منكوسا بالعروق بالأصالة ، ثم يتحرّك حركة فرعية على عكس حركته الأصلية منكوسا أيضا ، فيظنّ أنّ له حركة مستقيمة وليس ذلك كذلك ، فإنّ حركته الأصلية منكوسة ، فإنّ أصله ثابت في الأرض وإن كان فرعه في ظاهر الأرض إلى السماء .
ثمّ اعلم : أنّ الوجود الكونيّ ، لمّا كان عن حركة معقولة من حقيقة العالم ، خرجت بها من العدم العيني إلى الشهود الوجودي ، فكانت حركة الوجود على ثلاثة أنحاء من الحركات المعقولة الأولى كما مرّ في سرّ الألف - : حركة تنزّل ونذل من الفوق إلى التحت وهي حركة منكوسة لإيجاد عالم السفل وهو الكون ، وحركة من التحت إلى الفوق وهي حركة مستقيمة لإيجاد عوالم الأسماء الإلهية والنسب ، فإنّها إنّما توجد بوجود الكون ويندرج فيه الحركة المعراجية لإيجاد الأرواح والأنفس ، والحركة الجمعية لإيجاد العالم الإنساني الجمعي .
هذا في صلاة الحق ، الخصيصة به وهو التجلَّي الإيجادي - وكذلك في صلاة العبد وهو الوصل والارتباط من قبل العبد بالحق ، فتمّت بهذه الحركات الثلاث القيام والركوع والسجود ، هذا في أفعاله ، وكذلك في أقواله . كما مرّ في الفاتحة ، فانظر سرّ الفردية والتثليث ساريا في هذا القسم الأخير الذي به تتمّ الفردية المحمدية ما أطفّها وما أشرفه لمن عقل .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
قال رضي الله عنه : ( فانظره علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها ، فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ولا كان له فيها قرة عين لأنه لم ير من يناجيه ، فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى السمع ، ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم يره فليس بمصلّ أصلا ، ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد )
اعلم أن الرؤية والسماع والشهود من العبد المصلى للحق ، قد يكون بقوة الإيمان واليقين حتى يكون خاتمة اليقين منه بمثابة الإدراك البصري والسمعي ، أعنى في قوة الضروريات والمشاهدات ،
وقد يكون ببصر القلب : أي نور البصيرة والفهم ، أعنى بنور تجليات الصفات الإلهية للقلب حتى صار العلم عيانا ،
وقد يكون بالرؤية البصرية فيتمثل له الحق متجليا مشهودا له قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع الله هذه كلها لعبده الكامل الأوحدي ،
وقد يختص كل واحد منهم ، اللهم اجعلنا من الجامعين الذين جمعت لهم كلمات الأولين والآخرين من المحمديين البالغين السابقين برحمتك يا أرحم الراحمين .
( وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت ) أي ما بقيت بمعنى ما ثبتت واستقرت ، وهي قوله :" ما دامَتِ السَّماواتُ والأَرْضُ " فتكون تامة لا ناقصة .
"" أضاف بالي زاده :-
فكانت الفردية الثلاثة في الصلاة مرتبة الحضور ، وهي أدنى مرتبة الصلاة ، ومرتبة السمع ، ومرتبة الرؤية وبدون هذه الثلاثة لا يتم أداء الصلاة .أهـ بالى زاده ""
قال رضي الله عنه : ( سوى الصلاة ، وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله يقول " إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ "لأنه شرع للمصلي أن لا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها ، ويقال له : مصل ، ولذكر الله أكبر ، يعنى فيها : أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها ، لأن الكبرياء لله تعالى ، ولذلك قال :" والله يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ " وقال :" أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ " وإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها ،)
المراد بالحركة المستقيمة ليس ما عدا المستديرة كما هو اصطلاح الحكماء ، بل التي تكون من جهة السفل إلى العلو على أحسن التقويم ، وهو ما يضاد المنكوسة .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فتقول الملائكة والحاضرون : ربنا ولك الحمد . فإن الله تعالى قال على لسان عبده : "سمع الله لمن حمده ". فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها . فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة ، فما بلغ غايتها ، ولا كان له فيها قرة عين ، لأنه لم ير من يناجيه . فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها ) أي ، في الصلاة من الواردات الغيبية .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما هو ممن ألقى سمعه . ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه ، لم يسمع ولم ير ، فليس بمصل أصلا ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد . ) أي ، أدنى مرتبة الصلاة الحضور مع الرب .
فمن لا يرى ربه فيها ولا يشهد شهودا روحانيا أو رؤية عيانية قلبية أو مثالية خيالية أو قريبا منه المعبر عنه بقوله ، عليه السلام : " أعبد الله كأنك تراه " .
ولا يسمع كلامه المطلق بغير واسطة الروحانيات وبواسطة منهم ولا يحصل له الحضور القلبي المعبر عنه : "فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك" . أي فاعلم أنه يراك ، فليس بمصلي . وصلاته أفادت له الخلاص من القتل ، لا غير .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما ثمة عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت ) أي ، ما بقيت وثبتت .
ف ( ما دامت ) تامة لا ناقصة ، كقوله تعالى : ( خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض ) .
( سوى الصلاة ، وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل ) الصلاة ( عليه من أقوال وأفعال ) ( اللام ) في ( لما تشتمل ) ، مستعمل بمعنى ( من ) للبيان . أي ، مما يشتمل عليه الصلاة من الأقوال والأفعال .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوح المكية كيف يكون . )
هذا اعتراض وقع بين المدلول ودليله وهو قوله : ( لأن الله يقول : "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء" أي ، عن المناهي "والمنكر" . ) أي ، عن الاشتغال بغيره . سواء كان مباحا في غير الصلاة ، أو لم يكن . فالمنكر أعم من الفحشاء .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( لأنه ) الضمير للشأن ( شرع للمصلى ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و ) ما دام ( يقال له مصل . ) هذا تعليل أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .
وبيان أن الإنسان إذا اشتغل في الصلاة بالقراءة والذكر والأفعال المخصوصة ، لا يمكن أن يشتغل بغير هذه الأشياء ، فبالضرورة ينتهى عما سواها .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( "ولذكر الله أكبر" . يعنى فيها . ) من تتمة الدليل الأول على أن ذكر الله أكبر ما فيها .
ولما كان هذا القول أعلى ولذكر الله أكبر إشارة إلى معنيين ، أحدهما ذكر الحق العبد وثانيهما عكسه ، والأول من تتمة الدليل ، أراد أن يشير إلى المعنى الثاني ، لأن ذكر العبد ربه نتيجة ذكر الرب عبده ،
فقال رضي الله عنه : ( أي ، الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله . والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها ، لأن الكبرياء لله تعالى . )
لما قال إن الذكر في الصلاة أكبر شئ فيها ، وكان الذكر من الطرفين ، قال الذكر الذي من طرف الحق هو أكبر من الذي من طرف العبد ، لأن الكبرياء حقيقة الحق سبحانه وتعالى .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولذلك قال : "والله يعلم ما تصنعون" ) أي ، ولأجل أن الصلاة مشتملة على الأقوال والأفعال ، قال الله تعالى : ( والله يعلم ما تصنعون )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقال :"أو ألقى السمع وهو شهيد" فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها.) أي إلقاء السمع أن يسمع ذكر الله إياه في صلاته ، ويفهم المراد منه بسمع قلبه وفهم روحه .
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة الثامنة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثامنة والعشرون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
قال رضي الله عنه : ( فانظر علوّ رتبة الصّلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها ) رواه البخاري ومسلم .
( فمن لم يحصّل درجة الرّؤية في الصّلاة فما بلغ غايتها ولا كان له قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه ، فإن لم يسمع ما يرد من الحقّ عليه فيها فما هو ممّن ألقى السّمع ، ولا سمعه ، ومن لم يحضر فيها مع ربّه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصلّ أصلا ، ولا هوأَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] ) .
( فيخير نفسه ومن خلفه ) من الناس والملائكة ، ( فإن اللّه قد سمعه ) فيصدقه المخبر لهم ما سمعوا على لسانه من قول اللّه ، ( فيقول ) المخبر لهم وهم ( الملائكة ) ، وإنما تسرون ربنا لك الحمد كما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال : « إذا قال الإمام : سمع اللّه لمن حمده ، فقولوا : اللهم ( ربنا لك الحمد ) ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه » .
وإلا فلا معنى لهذه الأخبار منه ، وهذا القول منهم عقيب قوله ، فتعين أن اللّه نزله منزلة الرسول الذي ينطق على لسانه ، كما أشار إليه بقوله : ( فإن اللّه قال على لسان عبده : سمع اللّه لمن حمده ) .
كما ورد في قصة شعيب عليه السّلام : أنه نطق اللّه تعالى على لسانه كما نقله محيى السنة في تفسير قوله تعالى :"وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ" [ الإسراء : 4 ] من معالم التنزيل ، وإذا كان للمصلي رتبة رؤية الحق وسماع كلامه وإمامة الملائكة ، وقد يبلغ في ذلك رتبة الرسل ، ( فانظر علو رتبة الصلاة ، وإلى أين تنتهي بصاحبها ) من مراتب الرسل الذين ينطق على لسانهم الحق ، وذلك بمشاهدة الحق فيها ، وسماع كلامه منه فيها ، ( فمن لم تحصل له درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ) ، أي : المقصود منها ، ( ولا كان له ) فيها ( قرة عينه ) اللازمة لغايتها ؛ ( لأنه لم ير من يناجيه ) وهي غاية الصلاة .
( فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها ) من جواب قراءته ، وبيان معانيها الخفية ، وأشار أنها اللطيفة وسائر ما يتعلق بالأذكار والأفعال ، ( فما هو ممن ألقى السمع ) ، كما أنه ليس بصاحب الطيب الرائي ، ( ومن لم يحضر فيها مع ربه ) الذي يذكره كما هو شأن من يعبده بالإيمان ( مع كونه لم يسمع ولم ير ) ، أشار بذلك إلى أنه لا يطلب حضور الفاني في الحق والباقي به الرائي إياه ببصره ، والسامع منه بسمعه ، ( فليس بمصلّ أصلا ) عند اللّه ، وعند أصله في حكم الآخرة وإن كانت صلواته تمنع قتله ، وأفتى بصحتها فقهاء الدنيا ،
(ولا ) يقال : ( هو ممن ألقى السمع ) ، لكنه لم يسمع لعدم حضوره ؛ لأنا نقول لا يتصور إلقاء السمع من أحد إلا ( وهو شهيد ) ، وكيف لا يشرط الحضور في صحتها .
قال رضي الله عنه : ( وما ثمّة عبادة تمنع من التّصرّف في غيرها ما دامت سوى الصّلاة ، وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال ، وقد ذكرنا صفة الرّجل الكامل في الصّلاة في « الفتوحات المكيّة » كيف تكون لأنّ اللّه تعالى يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ[ العنكبوت : 45 ] ، لأنّه شرع للمصلّي أن لا يتصرّف في غير هذه العبادة ما دام فيها ويقال له : مصلّ ،وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ[ العنكبوت : 45 ] ، يعني فيها : أي الذّكر الّذي يكون من اللّه لعبده حين يجيبه في سؤاله . والثّناء عليه أكبر من ذكر العبد ربّه فيها ، لأنّ الكبرياء للّه تعالى ، ولذلك قال :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ[ العنكبوت : 45 ] ، وقال :أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] فإلقاؤه السّمع هو لما يكون من ذكر اللّه إيّاه فيها ) .
( وما ثمة عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت ) باقية ( سوى الصلاة ) ، كما أن التصرف فيها شاغل عن الحضور فيها ، كيف والإخلال بالحضور إخلال مقصود الذكر ، ( وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما يشتمل عليه من أقوال وأفعال ) لا تقصد بعينها لذكر اللّه فيها ، فإذا أخل بمقصود الذكر ، فقد أخل بأكبر ما فيها وللتكبر حكم الكل ، ( وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في « الفتوح المكية » كيف تكون ) في أقواله وأفعاله فيها مستحضرا لمعانيها ، منتظرا لما يرد عليه من الحق فيها ، والغفلة عنها من الفواحش المنافية للصلاة ؛ ( لأن اللّه تعالى يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [ العنكبوت : 45 ] ، وينعكس بعكس النقيض إلى أن كل ما لا ينهى عن الفحشاء والمنكر فليس بصلاة ، وإنما كانت الغفلة عنها من الفواحش ؛ ( لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها ) ؛ لأن التصرف في غيرها موجب للغفلة عنها ، وخلاف المشروع فاحشة ، وهذا التصرف وإن لم يكن فاحشة في سائر الأوقات في حق المصلي وغيره ، ولكنه فاحشة في حق المصلي ما دام ( يقال له : مصلّ ) ، وكيف لا يكون فاحشة في حقه ، وهو إعراض عن سماع ذكر اللّه إياه وقت قيامه بين يديه ؟ ! كما أشار إليه بقول :(" وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ") [ العنكبوت : 45 ] .
ولما توهم من إطلاقه أن اللّه تعالى ذاكر له في كل حين ، فيكون كل تصرف شغل عنه فاحشة ، لكن ليس كذلك بالاجتماع ، قال : ( يعني فيها ) ، بدليل أن ذكره تعالى مرتب على ذكر العبد في قوله :"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ" [ البقرة : 152 ] ،
ولما توهم جواز كونه من إضافة المصدر إلى المفعول والاسم المقصود ، قال ( أي : الذكر الذي يكون مع اللّه لعبده ) ، وأشار إلى وجه تخصيصه بحال الصلاة بقوله : ( حين يجيبه في سؤاله ، والثناء عليه ) على ما يدل عليه حديث قسمة الصلاة ( أكبر من ذكر العبد ربه فيها ) ، فهو وإن كان ذاكرا معرض عما هو أكبر ، فكأنه معرض مطلقا ، واستدل على أن المراد إضافة المصدر إلى الفاعل بقوله : ( لأن الكبرياء للّه ) ، ولو كان ذكر اللّه أكبر ، لكان له الكبرياء وهو باطل ؛ ( ولذلك ) أي : ولكبر هذا الذكر ذكر الحق المعرض بالوعيد الشديد ، والمقبل بالمدح ، إذ هم ( قال ) تعالى في حق المعرض "وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ") [ العنكبوت : 45 ] .
( وقال ) في حق المقبل :("أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ ق : 37 ] ) ، فألحقه بصاحب القلب ، والآية وإن لم تنزل في حق المصلي خاصة ، فهو داخل فيها ، ( فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر اللّه إياه فيها ) وهو ثابت بالنص ، فلا يكون من جملة تخيلاته ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها- ما دامت- سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
المصلَّي إذا لم يحصل الدرجة المطلوبة
قال رضي الله عنه : ( فانظر علوّ رتبة الصلاة ) ظاهرا وباطنا ( وإلى أين تنتهي بصاحبها ) ، حيث أنّه قد أوصله في مواطن الولاية بمشهدي السمع والبصر ، الذي هو أنهى مدارج الكمّل في التقرّب بقرب النوافل ، وفي مواقف النبوّة برتبة الرسالة ، المنطوية على إبلاغ قربي الفرائض والنوافل حقّهما .
أمّا الأول فلما مرّ . وأمّا الثاني فإليه أشار بقوله : ( فمن لم يحصّل درجة الرؤية في الصلاة ) تحصيل جعل منه واختيار ( فما بلغ غايتها ) المطلوبة منها ( ولا كان له فيها قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه ، فإن لم يسمع ما يردّ به الحقّ عليه فيها ) - أي في الصلاة من الكلام عند القربين المذكورين - ( فما هو ممن ألقى السمع ومن لم يحضر فيها مع ربّه ) بالمشاهدة الحسّية التي هي مواطن القرب ، وأقلَّها الموطن الخيالي ، المعبّر عنه ب « الإحسان » ، وهو المشهد الذي يحضر فيها العبد مع ربّه ( مع كونه لم يسمع ولم ير فليس بمصلّ أصلا ) ، لعدم وصوله إلى المشهد الخيالي ، المعبّر عنه بقوله : « كأنّك تراه » ، ( ولا هو ممّن ألقى السمع وهو شهيد ) .
الصلاة هي العبادة الكاملة الجامعة
فعلم من هذا أنّ الصلاة - هذه - هي الجامعة في العبادات بين قربي النوافل والفرائض ، ( و ) لذلك تراه ( ما ثمّ عبادة تمنع من التصرّف في غيرها ما دامت ، سوى الصلاة ) التي لا يسع بالقرب الوقتيّ الذي هي تنطوي عليه في الباطن ملك مقرّب ، ولا في الظاهر نبيّ مرسل .
قال رضي الله عنه : ( وذكر الله فيها ) - وهو الذي قال الله به على لسان عبده المسمى بقرب الفرائض - ( أكبر ما فيها ) من القربات النافلة التي للعبد ، ( لما يشتمل عليه ) الذكر ( من أقوال ) في الذكر اللفظيّ ( وأفعال ) في الذكر الذي يتعلَّق بباقي الجوارح ، باطنة وظاهرة والعبادة الكاملة هي الجامعة بين الأقوال والأفعال باطنة وظاهرة ، على ما عليه الصلاة ، كما حقّق أمره في الرسالة المعمولة في أسرارها .
قال رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكيّة ، كيف يكون لأنّ الله يقول : " إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ " لأنّه شرع للمصلَّي أن لا يتصرّف في غير هذه العبادة ما دام فيها ، ويقال له : مصلّ ) ،
فالصلاة بين العبادات هي الحاصرة للعبد أن لا يتصرّف فعلا ولا قولا في غير ما شرّع فيها من الأذكار ، فهو أكبر العبادات ، ما انفكَّت شريعة منها ، وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع ، "إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً " ،
قال رضي الله عنه : ( " وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ " يعني ما فيها ) من العبادات والقربات المودعة فيها ( أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربّه فيها ، لأنّ الكبرياء لله تعالى ) إذ العلوّ له في ذاته ، ( ولذلك قال : " وَالله يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ " ) ، وروح الذكر هو العلم ، فإنّ الصورة العلميّة هي أصله المقوّمة له ، وبيّن أنّ الذكر القائم بروحه العلميّ أكبر من الذكر الذي لا روح له .
ثمّ إنّه كما لا يتمّ وجوده إلَّا بعد العلم القائم بالمتكلَّم ، فلا يمكن أيضا إلَّا بعد إلقاء السمع القائم بالسامع ، ( و ) من ثمّة ( قال ) : " إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ " يعلم - فإنّه مصدر العلم الكماليّ الذي يختص بالإنسان - ( " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " ) ، فوقع إلقاء السمع في مقابلة العلم ، فهو أيضا روحه وغايته الكماليّة ( وإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إيّاه فيها ) .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها.
فمن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها و لا كان له فيها قرة عين، لأنه لم ير من يناجيه. فإن لم يسمع ما يرد من الحق عليه فيها فما هو ممن ألقى سمعه.
ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع و لم ير، فليس بمصل أصلا، ولا هو ممن ألقى السمع و هو شهيد.
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت سوى الصلاة.
وذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون لأن الله تعالى يقول «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و يقال له مصل.
«و لذكر الله أكبر» يعني فيها: أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله.
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها، لأن الكبرياء لله تعالى.
ولذلك قال: «والله يعلم ما تصنعون» وقال «أو ألقى السمع وهو شهيد».
فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر الله إياه فيها. )
قال رضي الله عنه : ( فانظر علوّ رتبة الصّلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها . فمن لم يحصّل درجة الرّؤية في الصّلاة فما بلغ غايتها ولا كان له قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه .)
( فانظر علو رتبة الصلاة وإلى أين تنتهي بصاحبها ، فمن لم يحصل درجة الرؤية قي الصلاة فما بلغ غايتها ) ، المطلوبة منها ( ولا كان له فيها قرة عين لأنه لم ير من يناجيه) .
قال رضي الله عنه : ( فإن لم يسمع ما يرد من الحقّ عليه فيها فما هو ممّن ألقى السّمع . ولا سمعه . ومن لم يحضر فيها مع ربّه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصلّ أصلا ، ولا هو ممّن ألقى السّمع وهو شهيد . وما ثمّة عبادة تمنع من التّصرّف في غيرها - ما دامت - سوى الصّلاة . وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال . وقد ذكرنا صفة الرّجل الكامل في الصّلاة في الفتوحات المكيّة كيف تكون لأنّ اللّه تعالى يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ، لأنّه شرع للمصلّي أن لا يتصرّف في غير هذه العبادة ما دام فيها ويقال له مصلّ .)
(فإن لم يسمع ما يرد به الحق عليه فيها ) ، أي في الصلاة ( فما هو ممن ألقى السمع ولا سمعه . ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصل أصلا ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد . وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها ما دامت ) ، أي ما بقيت وثبتت ، فما دامت تامة ، ويحتمل أن تكون ناقصة والخبر محذوف ، أي ما دامت كائنة قائمة
( سوى الصلاة وذكر اللّه فيها أكبر ما فيها ) ، وإنما ثبتت الأكبرية لذكر اللّه فيها لما تشتمل ، أي لأجل ما تشتمل الصلاة عليه من أقوال متعددة وأفعال كثيرة ومستحقرة بالنسبة إلى ذكره تعالى .
وقيل : معناه ذكر اللّه أكبر فيها ( لما تشتمل ) الذكر ( عليه من أقوال ) في الذكر اللفظي ( وأفعال ) في الذكر الفعلي الذي يتعلق بباقي الجوارح باطنة وظاهرة .
( وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية ) في باب طويل من المجلد الأول .
( كيف يكون ) ، أي كيف ينبغي أن يكون الرجل الكامل في الصلاة وإنما ذكرنا صفة ذلك الرجل ، ( لأن اللّه يقول :إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [ العنكبوت : 45 ] فيبنبغي أن نبين المراد بالفحشاء والمنكر حتى يجتنب عنهما المصلي ويكون من الرجال الكاملين في صلاتهم ، فكل أمر يغاير الصلاة فاشتغال المصلي به حين هو مصل من قبيل الفحشاء والمنكر
( لأنه شرع للمصلي أن لا يتصرف في غير هذه العبادة ما دام فيها و ) ما دام ( يقال له ) هو ( مصل ) فإذا تصرف في غيرها على خلاف ما شرع له فذلك التصرف منه من قبيل الفحشاء والمنكر ، وفي الفتوحات أن معناه بحسب الظاهر أن المصلي ما دام في الصلاة ما يتمكن من فعل الفحشاء والمنكر بقدرها .
وبحسب الباطن أن العبادة الحقيقية تنهى عن الفحشاء والمنكر اللذين هما بمعنى الغير ورؤية نفس السالك المتوجه إلى اللّه ، فإن هذا هو الفحشاء والمنكر المنهي عنهما لا غيره ولما كان ذكر اللّه يحتمل معنيين :
أحدهما : أن يكون من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول
والثاني : أن يكون من قبيل إضافته إلى الفاعل .
قال رضي الله عنه : ( وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَر ُيعني فيها : أي الذّكر الّذي يكون من اللّه لعبده حين يجيبه في سؤاله . والثّناء عليه أكبر من ذكر العبد ربّه فيها ، لأنّ الكبرياء للّه تعالى . ولذلك قال :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ[ العنكبوت : 45 ] . وقال :أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] فإلقاؤه السّمع هو لما يكون من ذكر اللّه إيّاه فيها. )
( ولذكر اللّه أكبر يعني فيها أي : الذكر الذي يكون من اللّه لعبده حين يجيبه في سؤاله و ) في ( الثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها ) ، أي في الصلاة ( لأن الكبرياء ) ، أي العلو ( للّه تعالى ) في ذاته وصفاته وأفعاله ( ولذلك ) ، أي لأجل أن المراد بالذكر ذكر اللّه في مقابلة ما يصنع العبد من السؤال والثناء ( قال تعالى :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) [ العنكبوت : 45 ] ،
يعني في سلامتكم من الأقوال والأفعال .
( وقال :أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ فإلقاؤه السمع هو لما يكون من ذكر اللّه إياه فيها). ومن ذلك المذكور من الحقائق المودعة في الصلاة .
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة التاسعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة التاسعة والعشرون :- الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
قال رضي الله عنه : ( ومن ذلك أنّ الوجود لمّا كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمّت الصّلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلّي ، وحركة أفقيّة وهي حال ركوع المصلّي ، وحركة منكوسة ؛ وهي حال سجوده فحركة الإنسان مستقيمة وحركة الحيوان أفقيّة وحركة النّبات منكوسة ؛ وليس للجماد حركة من ذاته : فإذا تحرّك حجر فإنّما يتحرّك بغيره . وأمّا قوله : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » - ولم ينسب الجعل إلى نفسه - فإنّ تجلّي الحقّ للمصلّي إنّما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلّي . فإنّه لو لم يذكر هذه الصّفة عن نفسه لأمره بالصّلاة على غير تجلّ منه له . )
قال رضي الله عنه : (ومن ذلك) ، أي عظمة ذكره تعالى (أن) هذا (الوجود لما كان) صادرا (عن حركة) فلكية ملكية (معقولة) من المدبرات أمرا (نقلت العالم) كله (من العدم) الذي هو ثابت فيه غير منفي (إلى الوجود) في كل لمحة (عمت الصلاة) لكونها جامعة أنواع العبادات كجمعية الوجود أنواع المخلوقات جميع أقسام الحركات وهي ، أي الحركات ثلاث الأولى حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي واقفا على قدميه في الصلاة (و) الثانية (حركة أفقيه) ، أي في الأفق بين السماء والأرض (وهي) حركة في
قال رضي الله عنه : (حال ركوع المصلي) في الصلاة (و) الثالثة (حركة منكوسة وهي) الحركة في (حال سجوده) ، أي المصلي (فحركة الإنسان مستقيمة) ، لأنه يمشي على قدميه مستقيم القامة (وحركة الحيوان أفقية) لأنها بين السماء والأرض (وحركة النبات منكوسة) ، أي في الأرض أي كل ما ينبت من الأرض فيتحرك نابتا فيها (وليس للجماد حركة من ذاته) أصلا لأنه ساكن خلقة ( فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره) كإنسان يحركه أو ريح أو نحو ذلك .
قال رضي الله عنه : (وأما قوله) صلى اللّه عليه وسلم (وجعلت) بالبناء للمفعول (قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل) المذكور (إلى نفسه) صلى اللّه عليه وسلم فيقول : حبب إلى من دنياكم ثلاث النساء والطيب و "جعلت قرة عينى فى الصلاة " . مسند أحمد، والنسائى، وابن سعد، وأبو يعلى، والحاكم ووافقه الذهبى والألباني، والبيهقى، وسمويه الإصفهاني، والضياء في المختارة عن أنس.
قال رضي الله عنه : (فإنّ تجلي) ، أي انكشاف (الحق) تعالى (للمصلي) في صلاته بحيث يراه يتمتع برؤيته (إنما هو راجع إليه تعالى) فهو الذي يتجلى إذا أراد (لا إلى المصلي) إذ ليس للمصلي شيء من أمره فإنه صلى اللّه عليه وسلم لو لم يذكر هذه الصفة وهي جعل الصلاة قرة عينه (عن نفسه) عليه السلام .
قال رضي الله عنه : (لأمره) ، أي اللّه تعالى (بالصلاة على غير تجل) ، أي انكشاف وظهور (منه) تعالى (له) عليه السلام .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
قال رضي الله عنه : (ومن ذلك ) أي ومن اشتمال الصلاة الأمور العجيبة ( أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم ) أي من أعيان العلمية ( إلى الوجود ) العيني ( عمت ) جواب لما ( الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي وحركة أفقية وهي حال الركوع المصلي وحركة منكوسة وهي حال سجوده فحركة الإنسان مستقيمة وحركة الحيوان أفقية وحركات النبات منكوسة وليس للجماد حركة من ذاته فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره وأما قوله : وجعلت قرّة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه ) كما لم ينسب الحب إلى نفسه.
قال رضي الله عنه : ( فإن تجلى الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي ) وإنما كان تجلي الحق للمصلي من اللّه تعالى من لا المصلي ( فإنه لو لم يذكر ) الحق تعالى ( هذه الصفة عن نفسه ) بأن يقول للرسول عليه السلام : جعلت أنا قرّة عينك في الصلاة ولم يذكر الحق بلسان نبيه ( لأمره ) أي الرسول عليه السلام ( بالصلاة على غير تجل منه ) أي من الحق ( له ) أي للرسول.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
قال رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده. فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره. وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
قال رضي الله عنه : ( ومن ذلك أنّ الوجود لمّا كان من حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود ، عمّت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلَّي ، وحركة أفقيّة وهي حال ركوع المصلَّي ، وحركة منكوسة وهي حال سجوده ، فحركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة وليس للجماد حركة من ذاته ، فإذا تحرّك حجر فإنّما يتحرّك بغيره .)
يقول العبد : يتحرّك الإنسان دوريا بالإرادة ، ولكنّه بالطبع يتحرّك في نموّه على استقامة قامته ، والحيوان يتحرّك في نشئه بالطبيعة أفقيا ، والنبات يتحرّك بطبيعته منكوسا بالعروق بالأصالة ، ثم يتحرّك حركة فرعية على عكس حركته الأصلية منكوسا أيضا ، فيظنّ أنّ له حركة مستقيمة وليس ذلك كذلك ، فإنّ حركته الأصلية منكوسة ، فإنّ أصله ثابت في الأرض وإن كان فرعه في ظاهر الأرض إلى السماء .
ثمّ اعلم : أنّ الوجود الكونيّ ، لمّا كان عن حركة معقولة من حقيقة العالم ، خرجت بها من العدم العيني إلى الشهود الوجودي ، فكانت حركة الوجود على ثلاثة أنحاء من الحركات المعقولة الأولى كما مرّ في سرّ الألف - : حركة تنزّل ونذل من الفوق إلى التحت وهي حركة منكوسة لإيجاد عالم السفل وهو الكون ، وحركة من التحت إلى الفوق وهي حركة مستقيمة لإيجاد عوالم الأسماء الإلهية والنسب ، فإنّها إنّما توجد بوجود الكون ويندرج فيه الحركة المعراجية لإيجاد الأرواح والأنفس ، والحركة الجمعية لإيجاد العالم الإنساني الجمعي .
هذا في صلاة الحق ، الخصيصة به - وهو التجلَّي الإيجادي - وكذلك في صلاة العبد وهو الوصل والارتباط من قبل العبد بالحق ، فتمّت بهذه الحركات الثلاث القيام والركوع والسجود ، هذا في أفعاله ، وكذلك في أقواله . كما مرّ في الفاتحة ، فانظر سرّ الفردية والتثليث ساريا في هذا القسم الأخير الذي به تتمّ الفردية المحمدية ما أطفّها وما أشرفه لمن عقل .
قال رضي الله عنه : ( وأمّا قوله : " وجعلت قرّة عيني في الصلاة" ولم ينسب الجعل إلى نفسه ، فإنّ تجلَّي الحق للمصلَّي إنّما هو راجع إليه - تعالى - لا إلى المصلَّي فإنّه لو لم يذكره بهذه الصفة عن نفسه ، لأمره بالصلاة على غير تجلّ منه له )
يعني رضي الله عنه : في شيء موجود ، فعلَّقت المشيّة بوجوده من قولهم : كل شيء بشيئيّته أي بمشيئته . و « غير شيء » ما لم يتعلَّق به المشيّة من النسب .
وقوله : « من الاستقرار » لطيفة ، وذلك أنّ العبد إنّما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه ، لقرار عينه بعين الحق حين المشاهدة ، فلا يشاهد سواه ، ويفنى هو عن نفسه وعن كل ما يسمّى سوى الحق في هذا الشهود ، وعلى هذا القرار يثبت .
وتقرّ بفتح القاف - إذا ابتهج برؤية ما يسرّه . وقرّ يقرّ - بكسر القاف - إذا ثبت ، وإنّما يقرّ عين المحبّ إذا ثبت لمشاهدته محبوبه ببقاء عين الحق وفناء عين العبد فيه عن حجابية تعيّن غيريته واتّحاد بقائه ببقاء الحق ، وهذا الشهود فوق اللقاء المنتظر الموعود ، لأنّ اللقاء يقتضي الاثنينيّة ، وهذا الشهود يقتضي أحدية العين ، فافهم .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
قال رضي الله عنه : ( ومن ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاثة : مستقيمة ، وهي حال قيام المصلى ) .
المراد بالحركة المستقيمة ليس ما عدا المستديرة كما هو اصطلاح الحكماء ، بل التي تكون من جهة السفل إلى العلو على أحسن التقويم ، وهو ما يضاد المنكوسة .
قال رضي الله عنه : ( وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلى وحركة منكوسة وهي حال سجوده ، فحركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة وليس للجماد حركة من ذاته فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره )
والمراد بهذه الحركات ، الحركات الطبيعية المحسوسة : أي التوجه من الشيء في حركته إلى جهته ، وإلا فقد يتحرك الإنسان بالإرادة حركة دورية لكنه ليس يتحرك بالطبع في نموه إلا على استقامة قامته بحيث يصعد رأسه إلى السماء كالحركة المعراجية ، والحيوان يتحرك في نموه بالطبع إلى جهة الأفق ، والنبات يتحرك بطبعه في نموه منكوسا ، فإن أصل النبات هو أصله الذي يوجهه نحو السفل ضد المستقيمة ، فحركات العالم في وجوده لا تكون إلا على هذه الأنحاء الثلاثة ،
وكذلك حركات الوجود الكوني المعقولة من حقيقة العالم التي خرجت بها من الغيب إلى الشهادة على هذه الأنحاء ، وهي الحركة الإرادية من الحق بالتوجه إلى العالم السفلى لإيجاده وهو التكوين بالحركة المنكوسة وبالتوجه إلى العالم العلوي لإيجاد عوالم الأسماء الإلهية والنسب ، وهو الإبداع بالحركة المستقيمة وتندرج فيه الحركة الإرادية لإيجاد الأرواح والأنفس ،
وبالتوجه إلى الأجرام السماوية المتوسطة بينهما من الأفق إلى الأفق ، فإنها على هيئة الركوع حركة أفقية هذا في صلاة الحق المختصة به في التجلي الإيجاد ، وكذا في الصلاة العبد باتصاله وارتباطه بالحق بهذه الحركات الثلاث ، أي القيام والركوع والسجود هذا في أفعاله ، وأما في أقواله فقد مر في الفاتحة فانظر إلى سريان سر الفردية المحمدية بالتثليث في كل تطلع على عجائب :
قال رضي الله عنه : ( وأما قوله « وجعلت قرة عيني في الصلاة » ولم ينسب الجعل إلى نفسه ، فإن تجلى الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلى ، فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له )
يعنى في شيء موجود تعلقت المشيئة بوجوده من قولهم ، كل شيء بمشيئة الله تعالى أي بمشيئته وغير شيء ما تتعلق به المشيئة من الأعيان والنسب والتجليات ، وإنما أخذ القرة من الاستقرار : أي القرار ، لأن من شاهد حبيبه استقرت عينه : أي ثبتت وقرت من القرار فلا تلتفت إلى غيره ، ولهذا يقال : قرير العين بمعنى المسرور ، فإن كل مسرور فسروره إنما هو بوصول مطلوبه فلا بد تولى غيره ،
وقيل : من القر أي البرد ، لأن السرور تبرد عينه والمغموم تسخن عينه ، لأن برودتها إنما يكون بسكونها وقرارها بالنظر إلى ما يسره وسخونها لحركتها واضطرابها في طلب ما يسره فهو لما ذكر تعليل الحركة بالخوف ،
وفي الأصل معللة بالحب لكن المحجوب عند السبب القريب ، وأهل الكشف يذهبون إلى الأصل بخرق الحجب ، فالعبد إنما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه لقرار عينه بوجه الحق فلا يشاهد سواه ، ويفنى عن نفسه وعن كل ما يسمى سوى الحق في هذا الشهود فتقر عينه وتثبت ،
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن ذلك ) أي ، ومما يشتمل عليه الصلاة من الأسرار ( أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم ) الإضافي ( إلى الوجود ) الخارجي ( عمت الصلاة جميع الحركات . وهي ثلاث :
حركة مستقيمة ، وهي حال قيام المصلى ،
وحركة أفقية ، وهي حال ركوع المصلى ،
وحركة منكوسة ، وهي حال سجوده .
فحركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة وليس للجماد حركة محسوسة من ذاته : فإذا تحرك حجر ، فإنما يتحرك بغيره).
لما كان الإنسان متحركا بحركة طبيعية عند نموه إلى جهة العلو ، وحركة الحيوان إلى الأفق ، أي جهة رأسه ، وحركة النبات إلى السفل ، فإن رأسه هو الأصل الذي في الأرض ، جعل حركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة ، وإن كانت حركة النبات من وجه آخر إلى السماء مستقيمة ، وحركة الانسان والحيوان عند الإرادة قد تكون دورية .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وأما قوله : "وجعلت قرة عيني في الصلاة" . ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلى الحق للمصلى إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلى ) لأنه من عنايته الأزلية في حق بعض عباده ، وما يرجع إلى العبد فيه هو الاستعداد .
وذلك أيضا راجع إلى الله تعالى وفيضه الأقدس . كما مر في الفص الأول .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه ، لأمره بالصلاة على غير تجلى منه له . )
أي ، فإن الحق سبحانه لو لم يخبر عن نفسه بلسان نبيه ، صلى الله عليه وسلم ، بأنه يقر عينه في الصلاة بالمشاهدة ولم يكن له ذلك ، لكان أمر الله بالصلاة واقعا مع عدم التجلي من الله لنبيه ، عليه السلام ، لأن الصلاة مما فرضه الله على عباده ، فهي واجبة على العبد ، والتجلي منه ليس بواجب ، بل موقوف على عنايته تعالى .
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة التاسعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة التاسعة والعشرون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
قال رضي الله عنه : ( ومن ذلك أنّ الوجود لمّا كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمّت الصّلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلّي ، وحركة أفقيّة وهي حال ركوع المصلّي ، وحركة منكوسة ؛ وهي حال سجوده فحركة الإنسان مستقيمة وحركة الحيوان أفقيّة وحركة النّبات منكوسة ؛ وليس للجماد حركة من ذاته : فإذا تحرّك حجر فإنّما يتحرّك بغيره).
( ومن ذلك ) أي : ومن علو رتبة الصلاة أنها اشتملت على أنواع الحركات الاختيارية ، والمشبهة بها مما تطلب بها الكمالات ، وتحترز عن النقائص ، وهي التي أخرجت العالم عن غاية النقص إلى غاية الكمال ، وذلك ( أن الوجود ) أي : وجود العالم ( لما كان عن حركة معقولة ) للعالم ( نقلب العالم ) والقدم الذي هو غاية النقص ، ( إلى الوجود ) الذي هو غاية الكمال ، ( عمت الصلاة ) التي تطلب بها الكمالات ، وتهرب بها عن النقائص ( جميع الحركات ) الاختيارية وما أشبهها في السير إلى الجهات المختلفة ،
( وهي ثلاثة : حركة مستقيمة ) يصير بها المتحرك كالخط المستقيم ، ( وهي حال قيام المصلي ، وحركة أفقية ) يتوجه بها المتحرك إلى الأفق الذي هو الدوائر المتوهمة بين النصف الظاهر من الفلك والنصف الباطن منه ، ( وهي حال ركوع المصلي ، وحركة منكوسة ) بجعل أعلى المتحرك أسفله وأسفله أعلاه ، ( وهي حالة سجوده ) ، فجمعت الصلاة هذه الحركات المتفرقة على المواليد التي هي منتهى كمالات العالم مما يتحرك بالاختبار أو بما يشبهه .
( فحركة الإنسان ) من القعود والوقوف إلى القيام ( مستقيمة ) بجعله كالخط المستقيم ، ( وحركة الحيوان أفقية ) إذ وجهه إلى الأفق فيها ، ( وحركة النبات ) في نشر عروقها التي بها قوامها ( منكوسة ) ولا عبر بسائر حركاتها كسائر حركات الإنسان والحيوان ، وهذه الحركة النباتية نسبة الاختيارية في أخذ الجهات المختلفة ،
( وليس للجماد ) وإن كان من المواليد حركة ( من ذاته ) باختيار أو بما يشبهه ، وإلا لتحرك مع كونه في مركزه كالإنسان والحيوان والنبات ، ( فإذا تحرك ) حجر في مركزه بالزحزحة مثلا ، فإنما يتحرك ( بغيره ) فليس بها طالبا للكمال لنفسه حتى يعتد بحركته ، فإذا جمعت الصلاة هذه الحركات الكمالية لما هي منتهى كمالات العالم مما يتحرك لطلب الكمال والهرب من النقائص ، كانت الصلاة كذلك بمجرد صور هذه الحركات ، فأين ما يقصد من معانيها ومعاني ما يتلى فيها .
قال رضي الله عنه : ( وأمّا قوله : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » ، ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإنّ تجلّي الحقّ للمصلّي إنّما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلّي ، فإنّه لو لم يذكر هذه الصّفة عن نفسه لأمره بالصّلاة على غير تجلّ منه له)
ثم أشار إلى أن أعظم ما فيها قرة العين ، وهي من المواهب دون المكاسب ، فقال :
وأما قوله : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » ، فنسب الجعل إلى اللّه تعالى ؛ ليشير إلى أن هذه القرة من جملة المواهب ، وإن كانت مسنده إلى عين العبد ، ولكن ( لم ينسب الجعل إلى نفسه ) التي لها التصرف في عينه ، إذ لا مدخل للكسب فيها ، وهي وإن كانت من الصلاة فهي متوقفة على التجلي ولا فعل للمصلي فيه ، ( فإن تجلي الحق للمصلي ، إنما هو راجع إلى اللّه لا إلى المصلي ) وإن فرض جريان السنة بحصوله عند الصلاة ، والمشاهدة من لوازمه ، والقرة من لوازم المشاهدة ، وإذا لم يكن للعبد قدرة على الملزوم ، لم يكن له قدرة على اللازم ، علمنا أن له قدرة على القرة والمشاهدة من حيث أنهما من فعله ، لكنهما إذا كانا مقدورين كانا مورين ؛ لأنهما من جملة الكمالات سيما في الصلاة ، بل كانا المقصود من الصلاة ولا يمكن الأمر بهما عند التجلي لحصولهما عنده ولا يؤمر بتحصيل الحاصل ، فلا يمكن الأمر بالصلاة عند التجلي ،
وإليه الإشارة بقوله : ( فإنه ) أي : الحق ( لو لم يذكر هذه الصفة ) ، أي : إفادة القرة والمشاهدة ( عن نفسه ) ، بل جعلها من كسب نبيه عليه السّلام ( لأمره بالصلاة ) إذا كان ( على غير تجلّ منه ) ، لكنه مأمور بالصلاة عند التجلي وعدمه بالاتفاق ، فإنه لا يسقطها سوى زوال العقل مع أنهما يتوقفان على التجلي ، فيكون الأمر بهما أمرا بالتجلي الذي لا يقدر على تحصيله ، فلا يؤمر به حين عدم التجلي ؛ لعدم القدرة عليه ولا حين التجلي ؛ لأنه أمر بتحصيل الحاصل ، فعلم أن القرة والمشاهدة غير مقدورة للعبد ، فلا يؤمر بهما ، بل يمن بهما على العبد كالتجلي ،
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
شمول الصلاة لجميع أقسام الحركات
قال رضي الله عنه : ( ومن ذلك ) الوجوه الدالَّة على كمال الصلاة بين سائر العبادات ( أنّ الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود ) والحركات منحصرة حصرا عقليّا - من حيث ما إليه الحركة الوجوديّة التي هي المركز – إلى ثلاث حركات ، وذلك لأنّها إمّا أن يكون منه أو إليه أو عليه - لا مزيد على ذلك عقلا –
( عمّت الصلاة جميع الحركات ) ، تطبيقا لها بأصل الوجود عند سريانه في المراتب ، وتوفيقا بين الصورة الإظهاريّة الختميّة وبين الصورة الوجوديّة الظهوريّة .
قال رضي الله عنه : ( وهي ثلاث : حركة مستقيمة ، وهي حال قيام المصلَّي وحركة افقيّة : وهي حال ركوع المصلَّي وحركة منكوسة ، وهي حال سجوده ) .
( فحركة الإنسان مستقيمة ) ولذلك ترى الشارع قد طوّل فيه وأوجب قراءة الفاتحة المنبئة عن الصلاة الحقيقيّة والسبع المثاني في هذا الركن ، ( وحركة الحيوان افقيّة ) ، وهو أنزل رتبة من الإنسان الذي هو المصلَّي ، إلَّا أنّها أجمع وأعظم ظهورا ، لوقوعها برزخا بينهما ، ولذلك شرّع فيه التسبيح بـ « سبحان ربي العظيم » ، ( وحركة النبات ) أيضا كذلك ( منكوسة ) إنما يختصّ بما هو أنزل رتبة من المصلَّي وهي أقصى نهاية لتلك الحركة المنزلة ، وهو الأسفل مطلقا ، ولذلك شرّع فيه ذلك التسبيح بما يفصح عن أنّه الأعلى .
ثمّ إنّ قيام الإنسان بلوازم هذين المرتبتين اللتين ليستا له ، إنما هو لاشتمال نشأته عليهما وقيامها بهما من حيث أنّهما الجزءان المحاطان لصورته الاعتداليّة الكماليّة ، كما عرفت في غير هذا المجال ولذلك ترى كلا من تينك الحركتين في الوضع الختميّ متخلَّلا بين الحركة المستقيمة الاعتداليّة التي للمصلَّي بالذات ،
وهي محيطة بكلّ منهما - إحاطة الكلّ بالأجزاء - ولهذا البحث مباد كثيرة طويلة الأذناب ، قد بيّن شطر منها في الرسالة المعمولة في أسرار الصلاة .
الحركة الطبيعيّة والقسريّة
ثمّ إنّ الحركة التي تنقسم بهذه الحركات الثلاث ، هو الحركة الطبيعيّة الأصليّة التي هي مادّة الكلّ ، لأنّ هذه الأقسام كلَّها هي صورة تنوّعات تلك الحركة ، فإنّ كل نوع من الأنواع الكماليّة مختصّ بقسم من تلك الأقسام الحاصرة .
ومما يدلّ على أنّ هذه الحركة من الطبيعة الأصليّة وينبوع إطلاقها أنّ المتحرك بها جمع نوعين من الحركة ، مختلفتين بالحقيقة : أحدهما من مقولة الكمّ والآخر من مقولة الأين . أما الأول فظاهر وأمّا الثاني فلأنّ المتحرّك بتلك الحركة في الزمان السابق جزء للمتحرّك بها في الزمان اللاحق ، وبيّن أنّ مكان الكلّ مغاير لمكان الجزء بالضرورة ، فحصل له بها نقلة مكانيّة .
قال رضي الله عنه : ( و ) ظهر من هذا أنّه ( ليس للجماد حركة من ذاته ) يختصّ به ، فإنّ حركته في الجسد الإنساني إنما هو الحركة إلى المركز ، فإنّ الغالب عليه هو الثقيلان وذلك هو الحركة المنكوسة التي للنبات .
وأيضا فإنّ المتحرك بذاته إنما يقال لما يتحرّك إذا خلَّي وطبعه بدون طريان حالة غريبة ، أو سنوح أمر خارج عن ذاته ، وبيّن أنّ تينك الحركتين اللتين من الجماد ، أحدهما من المركز للخفيفين ، والآخر إليه للثقيلين ، وهما اللتان سمّيتا بالحركة الطبيعيّة في صناعة الحكمة الرسميّة - ليستا كذلك فإنّ الأجسام الجماديّة المذكورة إنما تتحرّك بتينك الحركتين إذا أخرجت عن أحيازها بقسر ، وعرض لها هذه الحالة الغريبة .
فظهر أنّ تسمية هذه الحركة التي نحن نتكلَّم عليها بالطبيعة أولى من ذلك ، فإنّ تلك الحركة إنّما عرض لها باعتبار حالة غريبة ، خارجة عن طبيعته وإليه أشار بقوله : ( فإذا تحرّك حجر ، فإنّما يتحرك بغيره ) ، فإنّ الحركة الطبيعيّة الأصليّة منحصرة في الصور الثلاث ، وهذا أيضا من سريان سرّ الفرديّة الختميّة - فتأمّل .
رجوع إلى تفسير قوله صلَّى الله عليه وآله : وجعلت قرة عيني في الصلاة
قال رضي الله عنه : ( وأما قوله : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » ولم ينسب الجعل إلى نفسه - فإنّ تجلَّى الحقّ للمصلَّي إنّما هو راجع إليه تعالى ، لا إلى المصلَّي ) ولذلك قيل له : « المصلَّي » ، إذ الحقّ في ذلك المضمار هو السابق ( فإنّه لو لم يذكر هذه الصفة ) الكاشفة له عن تجلَّي الحقّ - وهو الذكر الذي من الله أكبر - ( عن نفسه ، لأمره بالصلاة على غير تجل منه ) - أي من الله
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث: حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي، وحركة منكوسة وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وليس للجماد حركة من ذاته: فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره.
وأما قوله «وجعلت قرة عيني في الصلاة ولم ينسب الجعل إلى نفسه فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي: فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له. )
قال رضي الله عنه : ( ومن ذلك أنّ الوجود لمّا كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمّت الصّلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلّي ، وحركة أفقيّة وهي حال ركوع المصلّي ، وحركة منكوسة ؛ وهي حال سجوده وقد أشار فيما سبق إلى المعنى الأول أراد أن يشير إلى المعنى الثاني فقال : )
( ومن ذلك ) المذكور من الحقائق المودعة في الصلاة ( أن الموجود لما كان عن حركة معقولة ) ، لا محسوسة ( نقلت العالم من العدم ) ، أي الثبوت العلمي مع عدم اتصافه بالوجود العيني ( إلى الوجود ) العيني
( عمت الصلاة جميع الحركات ) الوجودية الطبيعية لأن الإرادية ( وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي ) ، فإنه لا يتحقق القيام إلا بالحركة من السفل إلى العلو على الاستقامة .
فالمراد بالحركة المستقيمة ما يكون من جهة السفل إلى العلو وهو ما يضاد المنكوسة لا المستديرة كما هو مصطلح الحكيم ( وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي ) فإنه لا يتيسر إلا بتحريك رأسه ( وحركة منكوسة وهي حال سجوده ) فإنه لا يتحقق إلا بالانتكاس .
قال رضي الله عنه : ( فحركة الإنسان مستقيمة وحركة الحيوان أفقيّة وحركة النّبات منكوسة ؛ وليس للجماد حركة من ذاته : فإذا تحرّك حجر فإنّما يتحرّك بغيره . وأمّا قوله : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » - ولم ينسب الجعل إلى نفسه - فإنّ تجلّي الحقّ للمصلّي إنّما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلّي . فإنّه لو لم يذكر هذه الصّفة عن نفسه لأمره بالصّلاة على غير تجلّ منه له . ).
( فحركة الإنسان مستقيمة ) ، فإنه لا يتحرك بالطبع في نموه حركة أظهر مما سواها إلا على استقامة قامته كأنه يصعد رأسه إلى السماء ( وحركة الحيوان ) ما عدا الإنسان ( أفقية ) ، فإنه يتحرك في نموه حركة أظهر مما سواها نحو الأفق ( وحركة النبات منكوسة ) ،
فإن رأس النبات هو أصله الذي به يتغذى فجعل حركتها منكوسة
أن يقال : انتكاس حركته إنما هو باعتبار عروقه النابتة في الأرض فله حركتان : حركة مستقيمة وحركة منكوسة .
ولو جعلت العبارة المستقيمة عبارة عن الحركة من القدم إلى الرأس والحركة المنكوسة عبارة عن الحركة من الرأس إلى القدم لاستقام الكلام من غير تكلف
( وليس للجماد ) إذا خلي وطبعه من غير أن أخرجه قاصر من حيزه ( حركة من ذاته ) ولهذا انحصرت الحركات الطبيعية في الثلاث ( فإذا تحرك حجر ) إما بتحريك قاسر عن حيزه أو مثلا إما بحركته إلى حيزها ، بعد ذلك التحريك ( فإنما يتحرك بغيره ) لا بذاته .
ثم اعلم أن الحركات الثلاث التي للمصلي في صلاته إنما هي إشارة إلى حركات الوجود الساري في حقائق العالم ، إما لنقلها من العدم إلى الوجود وذلك حركة منكوسة من أعلى عليين أعني التعبير الأول من أسفل سافلين أعني وجود الإنسان بصورته العنصرية ،
وإما لإيصالها وإرجاعها إلى انتشائه ولا يتصور ذلك إلا في الإنسان فإن في استعداده الرجوع إلى ما ابتدأ عنه وذلك حركة مستقيمة من أسفل سافلين إلى أعلا عليين ،
وإما لإيصال كل حقيقة من الحقائق الآفاقية إلى كمالها اللائق بها وذلك حركة أفقية عرضية لا طولية ولا يبعد أن يجعل
قول الشيخ رضي اللّه عنه : وليس للجماد حركة إيماء إلى أن القعدة الأخيرة من الصلاة التي لا حركة فيها المنطوية على التشهد إشارة إلى أعلا مراتب الشهود الذي هو مستقر الكمل حيث لا يتحركون عنها ولا يفارقونها أبد الآبدين واللّه تعالى أعلم .
( وأما قوله ) ، أي حكمة قوله : ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ، حيث أتى بصيغة الفعل المبني للمفعول ( ولم ينسب الجعل إلى نفسه فأن تجلي الحق ) بفتح الهمزة جواب أما أي الحكمة فيه أن تجلى الحق ( للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي فإنه ) ، أي الحق سبحانه
( لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه ) ، ولم يظهر بها والمراد بها ذكره للعبد بتجليه عليه عند سؤاله والثناء عليه ( لأمره بالصلاة من غير تجل فلما كان منه ذلك ) ، أي ذكره للعبد بالتجلي.
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثلاثون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة الثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثلاثون :- الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال رضي الله عنه : ( لمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال : وجعلت قرّة عيني في الصّلاة . وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء . ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه . بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ( 14 ) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ( 15 ) [ القيامة : 14 - 15 ] فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله فإنّ حاله له ذوقيّ . )
قال رضي الله عنه : (فلما كان منه) تعالى (ذلك) ، أي التجلي في الصلاة (بطريق الامتنان) على النبي صلى اللّه عليه وسلم كما قال تعالى :وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً[ النساء : 113 ] . (كانت المشاهدة بطريق الامتنان فقال) صلى اللّه عليه وسلم عند ذلك : (« وجعلت قرة عيني في الصلاة ») من باب التحدث بالنعمة شكرا لها . قال تعالى :وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ( 11 ) [ الضحى : 11].
قال رضي الله عنه : (وليست) قرة العين في الصلاة (إلا مشاهدة المحبوب) الحق سبحانه في الصلاة بحضور القلب (التي) نعت للمشاهدة (تقرّ بها) ، أي بالمشاهدة (عين المحبوب) له مشتق ذلك (من الاستقرار فتستقرّ العين) ، أي عين المحب (عند رؤيته) ، أي المحبوب (فلا ينظر) ، أي المحب بعينه أو بقلبه (معه) ، أي مع المحبوب (إلى شيء) آخر (غيره في) سبب (شيء) ، أي أمر ضروري داع إلى ذلك النظر (وفي غير شيء) أيضا ، أي من غير حاجة ولا غرض صحيح (ولذلك) ، أي لأجل ما ذكر (نهي) بالبناء للمفعول (عن الالتفات) بعينه أو بقلبه قال رضي الله عنه : (في الصلاة) إلى شيء مطلقا (فإن الالتفات شيء يختلسه) ، أي يسرقه (الشيطان) بخفية من حيث لا يشعر به المصلي (من صلاة العبد) فتنقص صلاته .
والحديث في صحيح البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " .
وفي رواية الطبراني : « لا تلتفتوا في صلاتكم فإنه لا صلاة للملتفت » .
قال رضي الله عنه : (فيحرمه) ، أي الشيطان يحرم العبد لذلك (مشاهدة محبوبه) الحق سبحانه (بل لو كان) الحق تعالى (محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه) ، أي وجه صورته في الظاهر ووجه قلبه في الباطن ، فإن الكعبة قبلة الظاهر والحضرة الإلهية قبلة الباطن (والإنسان يعلم حاله) الذي هو عليه (في نفسه هل هو بهذه المثابة) ، أي المرتبة المذكورة في الحضور في صلاته وزوال الغفلة عن قلبه (في هذه العبادة الخاصة أم لا) ، أي ليس هو كذلك .
قال رضي الله عنه : (فإن الإنسان على نفسه بصيرة) ، أي يعرف نفسه أكثر من معرفة غيره به (ولو ألقى) ، أي هيأ وأعد للغير (معاذيره) ، أي أعذاره في كل حال من أحواله ، فإنه لا يغتر بما يظهر له من غيره في حقه فإن الغير لا يتكلم إلا بمقدار ما يعلم (فهو) ، أي الإنسان (يعرف كذبه) ، أي كذب نفسه في الصلاة وغيرها (من صدقه في نفسه) بذلك (لأن الشيء لا يجهل حاله) الذي هو فيه (فإن حاله) ، أي حال الشيء (له) ، أي للشيء (ذوقي) ، أي مكشوف له ذوقا فهو يحس بما هو فيه ما لا يحس منه غيره وقد يستولي عليه الجهل والغباوة فلا يعرف نفسه فيغتر بمدح الناس له فيهلك من حيث لا يشعر .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال رضي الله عنه : ( فلما كان منه ) أي من الحق ( ذلك ) التجلي ( بطريق الامتنان ) لا بطريق كسب العبد ( كانت المشاهدة ) التي تحصل للنبي عليه السلام من التجلي الامتناني ( بطريق الامتنان ) من اللّه ( فقال ) لأجل ذلك ( وجعلت قرّة عيني في الصلاة ) على البناء للمفعول ( وليس ) قرة العين ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقرّ بها ) بهذه المشاهدة ( عين المحب ) والقرّة مأخوذة ( من الاستقرار فيستقر العين عند رؤيته ) أي رؤية المحبوب في شيء في التجلي الصفاتي وفي غير شيء في التجلي الذاتي فإنه بلا واسطة شيء وإن كان لا يخلو عن صورة ما لكن هذه الصورة التي تقع فيها تجلي الذاتي ليست من الأمور الموجودة في الخارج وإنما قلنا لا يخلو عن صورة ما لأن مشاهدة الحق لا يمكن مجردة عن المراد ( فلا ينظر ) المحب ( معه ) أي مع المحبوب ( إلى شيء غيره ) أي غير المحبوب ( في شيء ) كما في التجلي الصفاتي أي موجود في الخارج .
قال رضي الله عنه : ( وفي غير شيء ) كما في التجلي الذاتي أي معدوم في الخارج يعني لا يجمع بينهما في النظر في شيء والمقصود أن النظر في المحبوب لا يسع منه غيره لاستقرار العين عند مشاهدة محبوبه فالرؤية والنظر تنازعا في شيء وغير شيء فاعملنا النظر وقدّرنا مفعول الرؤية كما عرفت
قال رضي الله عنه : ( ولذلك ) أي ولأجل أن المحب لا ينظر مع محبوبه إلى شيء غيره ( نهى عن الالتفات في الصلاة فإن الالتفات ) في الصلاة إلى الغير ( شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه ) أي فيحرم الشيطان العبد عن ( مشاهدة محبوبه بل لو كان ) الحق ( محبوب هذا الملتفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه ) وإنما قال بوجهه ولم يقبل بعينه مع أن الالتفات للعين لا للوجه إشارة إلى أن الوجه حيث ما التفت إليه البصر فمن التفت بوجهه في الصلاة إلى غير قبلته فقد حرم عليه مشاهدة ربه والالتفات بالوجه يعم وجه القلب ووجه الصوري
قال رضي الله عنه : ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ) أي هل يصلي صلاته على هذا الوجه المذكور أم لا ( فإن الإنسان على نفسه بصيرة لو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ) والكذب كناية عن الصلاة التي يلتفت فيها إلى غير القبلة والصدق بخلافه ( لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي).
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة. وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه. بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه. والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره». فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال رضي الله عنه : ( فلمّا كان ذلك منه بطريق الامتنان ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » وليست إلَّا مشاهدة المحجوب ، التي تقرّ بها عين المحبّ - من الاستقرار - فيستقرّ العين عند رؤيته ، فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ) .
يعني رضي الله عنه : في شيء موجود ، فعلَّقت المشيّة بوجوده من قولهم : كل شيء بشيئيّته أي بمشيئته . و « غير شيء » ما لم يتعلَّق به المشيّة من النسب .
وقوله : « من الاستقرار » لطيفة ، وذلك أنّ العبد إنّما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه ، لقرار عينه بعين الحق حين المشاهدة ، فلا يشاهد سواه ، ويفنى هو عن نفسه وعن كل ما يسمّى سوى الحق في هذا الشهود ، وعلى هذا القرار يثبت .
وتقرّ بفتح القاف - إذا ابتهج برؤية ما يسرّه . وقرّ يقرّ - بكسر القاف - إذا ثبت ، وإنّما يقرّ عين المحبّ إذا ثبت لمشاهدته محبوبه ببقاء عين الحق وفناء عين العبد فيه عن حجابية تعيّن غيريته واتّحاد بقائه ببقاء الحق ، وهذا الشهود فوق اللقاء المنتظر الموعود ، لأنّ اللقاء يقتضي الاثنينيّة ، وهذا الشهود يقتضي أحدية العين ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة ، فإنّ الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت إلى غير قبلته بوجهه ) .
يعني رضي الله عنه : إن وقع التفات بعينه في جهة القبلة من غير ليّ لوجهه إلى جهة غير القبلة ، فإنّ الحق قد يعفو عنه ، إذا هو في قبلته ولم يلتفت معرضا عن القبلة إلى غيرها .
قال رضي الله عنه : ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ؟ فإنّ "الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه ِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَه ُ " فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشيء لا يجهل حاله ، فإنّ حاله له ذوقيّ . )
يشير رضي الله عنه إلى أنّ المصلَّي هو التابع للمجلي ، وهو عبارة عن كون التجلَّي بحسب المتجلَّى له ، فإنّ تعيّن الوجود الحق وظهوره في تجلَّيه إنّما يكون بحسب خصوص قابليّة المتجلَّى له ، كما أشار إليه الأستاذ بقوله : « لون الماء لون إنائه » يعني ليس للحق صورة معيّنة تسمّى ، فتميّزه عن صورة أخرى ، كالماء لا لون له ، ولكنّ لون الماء يتلوّن بحسب لون إنائه ، فإنّ الحق لذاته يقتضي القبول لكل نعت والظهور بكل وصف بحسب الواصف والحاكم والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزئي نسبي ، ظهر في معتقدة ، ومن لا حسبان له في علمه بالله ، بحسب عقد معيّن ولم يتقيّد في معرفته وشهوده بعقيدة معيّنه دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته بالله وشهوده له إحاطته بالجميع بحيث لا يشذّ عنه صورة إلا وعنده له وجه حقيقة ، وسع الحق وغمره بتجلَّيه وأنانيّته
كما قال رضي الله عنه :
عقد الخلائق في الإله عقائدا .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوا
فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له يخرج الماء إلى ذلك اللون ويكسبه ما ليس له إلَّا فيه لا في نفسه ، وفي قوله رحمة الله عليه دلالة على أنّ سائله لم يكنّ إلَّا صاحب عقد معيّن ، فأجابه الجنيد بجواب كلَّي يفيد الكلّ معرفة بالمعرفة بالله ، فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإنّ من كان على ما ذكرنا لا لون له ، فيظهر الحق بحسبه ، كما هو تعالى في نفسه ، ولقد أشرت إلى هذا المقام بأبيات وردت عقيب شهود كلَّي وفناء حقيقي ، اتّفق في عشر ذي الحجّة ، خلوت بالحق في بيت الخلوة الذي للجنيد عليه السّلام بمحروسة « دار السلام » ، وهي كثيرة منها في المقام ،
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال رضي الله عنه : ( فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان كانت المشاهدة بطريق الامتنان ، فقال « جعلت قرة عيني في الصلاة » وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب من الاستقرار فتستقر العين عند رؤيته فلا ينظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ).
يعنى في شيء موجود تعلقت المشيئة بوجوده من قولهم ، كل شيء بمشيئة الله تعالى أي بمشيئته وغير شيء ما تتعلق به المشيئة من الأعيان والنسب والتجليات ، وإنما أخذ القرة من الاستقرار : أي القرار ، لأن من شاهد حبيبه استقرت عينه : أي ثبتت وقرت من القرار فلا تلتفت إلى غيره ، ولهذا يقال : قرير العين بمعنى المسرور ، فإن كل مسرور فسروره إنما هو بوصول مطلوبه فلا بد تولى غيره ،
وقيل : من القر أي البرد ، لأن السرور تبرد عينه والمغموم تسخن عينه ، لأن برودتها إنما يكون بسكونها وقرارها بالنظر إلى ما يسره وسخونها لحركتها واضطرابها في طلب ما يسره فهو لما ذكر تعليل الحركة بالخوف ، وفي الأصل معللة بالحب لكن المحجوب عند السبب القريب ، وأهل الكشف يذهبون إلى الأصل بخرق الحجب ، فالعبد إنما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه لقرار عينه بوجه الحق فلا يشاهد سواه ، ويفنى عن نفسه وعن كل ما يسمى سوى الحق في هذا الشهود فتقر عينه وتثبت ،
وإنما يقال : قرت عينه تقر بفتح القاف إذا ابتهج برؤية ما يسره ، وقرير بكسر القاف إذا ثبت الفرق ، وهذا الشهود فوق اللقاء منتظر الموعود لأن اللقاء يقتضي الإثنينية وهذا يقتضي أحدية العين والله الأحد ، وأما تغيير النظم عن الأسلوب الطبيعي ، ولم يعطف الثالث وسلك طريقة أسلوب الحكيم وهو صلى الله عليه وسلم أفصح العرب ، تنبيهات على أن الثالث أعظم من الباقيين وهو المقصود بالقصد الأول ، فإن أجل المطلوب شهود المحبوب .
"" أضاف بالي زاده :-
لأنه لو لم يذكر الحق هذه الصفة عن نفسه بأن يقول الرسول : جعلت أنا قرة عينك في الصلاة ، ولم يذكر الحق بلسان نبيه لأمر الرسول بالصلاة على غير تجل منه ، أي من الحق للرسول .أهـ بالى زاده
عن وجود العبد أي لا تظهر هذه الصلاة منه إلا بعد وجود العبد كما تتأخر رحمته عن شفاعة الشافعين في الآخرة .أهـ بالى زاده ""
قال رضي الله عنه : ( ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان الحق محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه )
البتة : يعنى لما كانت القبلة في الحقيقة وجه المحبوب ، والمحبوب ينبغي أن يتجليه في سمت قبلته لم يجز الالتفات في الصلاة إلى غير قبلته ، فإن وقع منه الالتفات في جهة القبلة من غير توجهه إلى جهة غير القبلة ، فإن الحق قد يعفو عنه لأنه في قبلته .
قال رضي الله عنه : ( والإنسان يعلم حاله في نفسه ، هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ، فإن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه لأن الإنسان لا يجهل حاله فإن حاله ذوقي )
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال :"وجعلت قرة عيني في الصلاة ".) أي ، فلما حصل ذلك التجلي من الله لنبيه على طريق الامتنان عليه ، كانت المشاهدة من جانب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أيضا بطريق الامتنان من الله ، إذ لولا توفيقه لتلك المشاهدة ، ما كانت حاصلة .
فلذلك قال رضي الله عنه : ( جعلت ) على المبنى للمفعول ، ولم يقل : جعلت . على المبنى للفاعل .
( ليس ) قرة عينه ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقربها عين المحب من الاستقرار ، فيستقر العين عند رؤيته ، فلا ينظر معه إلى شئ غيره ) قوله : ( تقر ) بفتح ( القاف ) وبكسرها والأول للسرور ، والثاني للقرار .
وقوله رضي الله عنه : ( من الاستقرار ) أي ، مأخوذة من الاستقرار ، لأن عين المحب الطالب إذا رأت محبوبه ومطلوبه ، تستقر ولا تلتفت إلى غيره ، ويكون صاحبه مسرورا قرير العين .
ولو كانت ( القرة ) من ( القر ) بمعنى ( البرد ) ، كانت أيضا دليلة على المسرة ، فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه فيما وجده ، وعين المغموم تسخن لاضطراب باطنه وحصول الحركة فيه إلى رفع ما يجده .
وقوله رضي الله عنه : ( في شئ وغير شئ . ) متعلق ب ( الرؤية ) . أي تستقر عين المحب عند رؤية محبوبه في صورة من صور المجالي ، كما تجلى لموسى ، عليه السلام ، في صورة النار ، ولنبينا صلى الله عليه وسلم ، في صورة أمرد - كما جاء في الخبر الصحيح .
وفي غير صورة ، كالتجلي الذاتي الذي لا يرى المتجلى له فيه شيئا إلا صورته لا غير . كما مر في الفص الثاني . فلا يتوهم أنه متعلق بقوله : ( فلا ينظر ) .
ويجوز أن يكون متعلقا بقوله : ( فلا ينظر ) . أي ، فلا ينظر معه في شئ موجود تعلقت المشية بوجوده ، وغير شئ أي ، فيما لم يتعلق بوجوده المشية من الأعيان والنسب إلى شئ غيره ، أي ، إلى جهة الغيرية . وفيه نظر
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، وأن الالتفات شئ يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه) الشيطان ، أو الالتفات ( مشاهدة محبوبه . ) سواء كان الالتفات قلبيا ، أو حسيا .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . )
بل لو كان الحق محبوب هذا الملتفت إلى الغير وكان هو محبا له ، ما التفت في صلاته إلى غيره ، لأن وجه المحبوب مشاهده في قبلته ، فالإعراض عنه حرام .
واعلم ، أن الالتفات قد يكون بالوجه ، وقد يكون بالعين والوجه إلى القبلة . ولما كان الإعراض بالوجه أشد كراهة ، قال : ( بوجهه ) ، ولم يقل : بعينه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة ، أم لا . فإن "الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره" فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأن الشئ لا يجهل حاله ، فإن حال له ذوقي . ) أي ، وجداني .
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثلاثون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفص المحمدي الفقرة الثلاثون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثلاثون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال رضي الله عنه : ( فلمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان ؛ فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » ، وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ) .
وإليه الإشارة بقوله : ( فلما كان منه ) ، أي : من الحق ( ذلك ) التجلي ( بطريق الامتنان ) ، إذ لا فعل للعبد فيه أصلا ( كانت المشاهدة ) من حيث لزومها له ( بطريق الامتنان ) ، وإن كانت من فعل العبد ، وكذا لازمها التي هي القرة .
( فقال : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » ) ، وإذا كانت من المشاهدة في الصلاة ، فليس موجبها ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب ) .
""أضاف المحقق :
القرة إما من المقر يعني البرد فتكون قرة عينه كناية عن المسرة ؛ فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه وعين المهموم تسخن لاضطراب باطنه ، وإما من القرار فيكون المراد بقرة العين ما تستقر عليه العين . عبد الرحمن الجامي ""
فإن القرة ( من الاستقرار ) ، واستقرار عين المحب برؤية المحبوب لانتهاء طلبها لمرئي آخر عند رؤيته ، ( فتستقر العين عند رؤيته ) عن طلب مرئي آخر ، بل يخاف أن يشارك رؤيته رؤية المحبوب ، ففوته التلذذ بالمحبوب بقدر ما انصرف عن رؤيته إلى الغير ، ( فلا ينظر معه إلى شيء غيره ) سواء رأى المحبوب ( في شيء وفي غير شيء ) ، وهي الرؤية في غير المظاهر كما في الآخرة ، فلا تشغله رؤية الشيء عند رؤية المحبوب فيه ، إذ لا يراه أصلا .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يحتلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه ، والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ "الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ" [ القيامة:14-15 ]. فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله ؛ فإنّ حاله له ذوقيّ ) .
( ولذلك ) أي : ولكون عين المحب لا ينظر عند رؤية المحبوب إلى شيء آخر ( نهى عن الالتفات ) الموجب لرؤية الغير ( في الصلاة ) التي فيها مشاهدة المحبوب ، كيف وهو مانع
عن مشاهدة المحبوب ،
( فإن الالتفات شيء يختلسه ) ، أي : يختلس بسببه ( الشيطان ) المشاهدة ( من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل ) يسلب عنه محبته ، إذ ( لو كان محبوب هذا المتلفت ) ( في صلاته ) الموجبة لمشاهدته ( إلى غير قبلته ) التي يشاهد فيها محبوبه على ما أشار إليه الحديث السابق ( بوجهه ) الذي به مشاهدته ، والمقصود من هذا النهي : النهي عن الالتفات إلى غير الحق سواء تخيله في جهة القبلة أم لا ، فيجب الانتهاء عنه ، فيجب على العبد صرف نفسه بالكلية إلى الحق بحيث لا يلتفت إلى غيره ( في هذه العبادة الخاصة ) التي يضيع هو بالكلية بتضييعها عن تضييع التوجه الكلي إلى الحق فيها ( أم لا ، فإنالْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) [ القيامة : 14 ، 15 ] .
بأنه من الدقائق التي فاتته ، وأن حضور نفسه ليس من مقدوراته ، ( فهو يعرف كذبه من صدقه ) ، إذا كانا في نفسه ؛ ( لأن الشيء لا يجهل حاله ) ، وإن دقّ فإن ( حاله له ذوقي ) ، والذوقي في الضروري ، وإن صعب بيانه ، وهذه المشاهدة كانت من مجالسه المصلي مع الحق لاجتماعهما على الصلاة التي انقسمت بينهما .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال رضي الله عنه : ( له ، فلما كان منه ذلك ) التجلَّي ( بطريق الامتنان كانت المشاهدة ) - المعبّر عنها بقرّة العين - ( بطريق الامتنان ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » )
وما قال : " جعلت " ، ليدلّ أنّ المشاهدة مجعولة بطريق الامتنان في حقّه ، وإن كانت الصلاة من موضوعات النبيّ ومجعولاته ، لأنّ النبيّ من حيث أنّه نبيّ جعلها .
قال رضي الله عنه : ( وليس ) تلك القرّة ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقرّ بها عين المحبّ - من الاستقرار - فتستقرّ العين عند رؤيته ) استقرار تمكَّن ، وأصل ذلك من القرّ ، وهو البرد ، لأن البرد يقتضي السكون ، كما أنّ الحرارة تقتضي الحركة ، ومنه قوله تعالى : " هَبْ لَنا من أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ " وهي ما يسكَّن به العين ، فلا يطمح إلى غيره وكذلك فيما نحن فيه .
الملتفت إلى غير الحقّ في الصلاة لا صلاة له
قال رضي الله عنه : ( فلا ينظر معه إلى شيء غيره في شيء ، وفي غير شيء ) - أي سواء كان في مظهر موجود مما يتعلَّق به المشيئة ، أو في غير ذلك من النسب الاعتباريّة الكونيّة .
وبالجملة فالغير في صلاة المشاهدة غير منظور مع المحبوب في مظهر عينيّ تشبيهيّ ، أو في غيره من المواطن الغيبيّة التنزيهيّة ، فإنّ النظر إنّما يقع في الكلّ على المحبوب فقط ، ( ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، فإنّ الالتفات شيء يختلسه الشيطان ) - الذي هو مادّة البعد والتفرقة ( من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ) في صلاة المناجاة والمناداة مع الحقّ .
فإنّ المحبوب - بما هو محبوب - لا يمكن أن ينحرف عنه نظر التفات المحبّ ، فإذا التفت العبد إلى غير الحقّ في صلاته لا يكون الحقّ محبوب هذا العبد الملتفت ضرورة ( بل لو كان محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته ) الكاشفة عن النسبة الجمعيّة الاتحاديّة ( إلى غير قبلته ) بوجهة قلبه المعبّر عنها ( بوجهه ) .
قال رضي الله عنه : ( والإنسان ) وإن يظهر حاله عند الناس على أحسن وضع وأتمّ نظم ، ولم يزل يلقى معاذيره فيما ظهر لديهم من الذنوب ، ولكن ( يعلم حاله في نفسه :
هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة ) الجامعة لفنون العبادات وصنوف أركانها جملة - من الصوم الذي هو الإمساك ، والزكاة التي هي عبارة عن التطهير والحجّ الذي هو توجّه القبلة ، والجهاد الذي هو القيام بمخالفة الهوى والشيطان فيما يأمران به
وذلك هو المعبّر عنه في الشريعة بالجهاد الأكبر وبيّن أنّ كلّ أحد يعرف من نفسه عندما خلَّي وإيّاها أنّ له من هذه الصورة الجامعة حظَّ الجمعيّة الكماليّة .
قال رضي الله عنه : ( أم لا ؟ فإنّ " الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه ِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَه ُ " فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشيء لا يجهل حاله ) بناء على الأصل الممهّد : " إنّ العلم يلازم الوجود ، ولا يفارقه أصلا " .
فكل شيء له علم بحسب مدارج دركه ومداركه المختصّة به ، ولذلك يجهل الآخر عن وجه ظهور العلم فيه وإظهاره منه ، كما نصّ عليه قوله تعالى : " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ".
وبيّن أنّ مدرجة الذوق من كلّ شيء هي جهة خصوصيّته التي له إلى أصله، ولذلك يرتبط به اليقين، وإليه أشار بقوله : (فإنّ حاله له ذوقي)
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )
قال رضي الله عنه : ( فلمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال : وجعلت قرّة عيني في الصّلاة . وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار ).
( كان منه ذلك ) ، أي ذكره للعبد بالتجلي ( بطريق الامتنان كانت المشاهدة ) ، المترتبة عليه أيضا ( بطريق الامتنان فقال : وجعلت قرة عيني في الصلاة )
من غير أن يكون لنفسه دخل في هذا الجعل سوى استعداده الراجع إلى الفيض الأقدس ( وليس ) ، أي قرة العين ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب ) ، والقرة إما من المقر يعني البرد فتكون قرة عينه كناية عن المسرة فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه وعين المهموم تسخن لاضطراب باطنه .
وإما من القرار فيكون المراد بقرة العين ما تستقر عليه العين .
ولما كان المشهور أن قرة العين مأخوذة من القر بمعنى البرد كما ذكرنا أراد رضي اللّه عنه أن يشير إلى جواز أخذها من القرار فإنه أنسب بالمقام وألطف فقال : ( من الاستقرار)
قال رضي الله عنه : ( فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء . ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه . بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ( 14 ) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ( 15 ) [ القيامة : 14 - 15 ] فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله فإنّ حاله له ذوقيّ . )
(فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره ) ، سواء كانت تلك الرؤية ( في شيء ) من المجالي الصورية كما تجلى لموسى عليه السلام في صورة النار ولنبينا صلى اللّه عليه وسلم في صورة شاب أمرد ( وفي غير شيء ) من تلك المجالي كما في التجليات الذاتية الذوقية المعنوية .
(ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة فإن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه ) الشيطان ( مشاهدة محبوبه ) في زمان الالتفات ( بل لو كان ) الحق ( محبوب هذا ) المصلي ( الملتفت ) على صيغة اسم الفاعل ( ما التفت ) في صلاته ( إلى غير قبلته بوجهه ) الباء متعلقة بالالتفات أي ما التفت بوجهه ولا صرفه إلى غير قبلته التي هي مشاهدة محبوبه إذ ليس من شأن المحب أن يصرف نظره عن مشاهدة محبوبه عند تيسرها .
( والإنسان ) وإن لم يزل يظهر حاله عند الناس على أحسن وجه ويلقى معاذيره فيما يظهر لديهم من النقائص لكنه ( يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ؟ فإن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ) ، عندما يظهر حاله إلى الناس
( لأن الشيء ) ، أي شيء كان ( لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي ) ، أي إدراك حاله له ذوقي وجداني لا حاجة فيه إلى أمر خارج عنه فكيف يفارقه ، وهذا التعميم بناء على أن العلم لازم للوجود ، فكل ما اتصف بالوجود اتصف بالعلم لكن بحسب استعداده.
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الحادية والثلاثون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الحادية والثلاثون :- الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( ثمّ إنّ مسمّى الصّلاة له قسمة أخرى ؛ فإنّه تعالى أمرنا أن نصلّي له وأخبرنا أنّه يصلّي علينا . فالصّلاة منّا ومنه . فإذا كان هو المصلّي فأنّما يصلّي باسمه الآخر ، فيتأخّر عن وجود العبد : وهو عين الحقّ الّذي يخلقه العبد في قلبه ، بنظره الفكريّ أو بتقليده وهو الإله المعتقد . ويتنوّع بحسب ما قام بذلك المحلّ من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والمعارف . فقال لون الماء لون إنائه . . وهو جواب سادّ أخبر عن الأمر بما هو عليه . )
قال رضي الله عنه : (ثم إن مسمى الصلاة) ، أي ما يسمى صلاة من الفعل المخصوص (له قسمة أخرى) غير قسمته بين اللّه تعالى وعبده كما مر في الحديث (فإنه تعالى أمرنا) معشر المكلفين أن نصلي له بقوله تعالى :وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ[ البقرة :110] ، وقوله :وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ [ البقرة : 238 ] .
قال رضي الله عنه : (وأخبرنا) سبحانه (أنه يصلي علينا) بقوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ[ الأحزاب : 43 ] .
(فالصلاة) حاصلة (منا ومنه) تعالى أيضا (فإذا كان تعالى هو المصلي فإنما يصلي) متجليا (باسمه) تعالى (الآخر فيتأخر) ظهوره تعالى (عن وجود العبد) ، لأن العبد مظهره ، والظاهر بالمظهر متأخر الظهور عن وجود المظهر (وهو) ، أي ذلك المتجلي باسمه الآخر (عين الحق الذي يخلقه) ، أي يقدر صورته (العبد في قبلته) ، كما ورد أن اللّه في قبلة أحدكم (بنظره الفكري) وخياله العقلي (أو بتقليده) لغيره من أصحاب العقائد (وهو) ، أي الحق المذكور (إله) ، أي معبود (المعتقد) بصيغة اسم المفعول ، أي الاعتقاد .
قال رضي الله عنه : (ويتنوّع) إلى أنواع كثيرة (بحسب ما قام بذلك المحل) ، أي اعتقاد الإنسان (من الاستعداد) ، أي القوّة النورانية الكشفية وضعفها .
وهذا أمر لازم في اعتقاد كل معتقد من الناس في الكاملين والقاصرين ، وما بينهما من المراتب في طبقات العقلاء ، وصاحب هذا الإله المذكور إن عرف إطلاق الإله الحق عن جميع القيود والصور في حال تجليه بتلك القيود كلها والصور فهو من العارفين ، وإن جهل الإطلاق وحصر الحق تعالى في إله المعتقد المذكور ونفى ما عداه ، خصوصا إذا ظن أن ذلك التحديد والتقييد الذي في خياله وعقله إطلاق للحق تعالى ، فهو جاهل به تعالى ، وليس بعارف .
قال رضي الله عنه : (كما قال) أبو القاسم (الجنيد) رضي اللّه عنه (حين سئل) ، أي سأله سائل (عن المعرفة باللّه) تعالى ما هي (و) عن (العارف) باللّه تعالى ما هو (فقال) :أي الجنيد رحمه اللّه تعالى في الجواب (لون الماء لون إنائه) يعني أن
المعرفة باللّه تعالى : هي أن تعرف أنه تعالى مطلق لا صورة له في الحس ولا في العقل والخيال أصلا ، ولكن العارف به هو الذي يكشف عما في حسه وعقله وخياله ، فيرى الحق تعالى المطلق ظاهرا له بحسب استعداده في الحس والعقل والخيال في جميع تلك الصور ظهورا باعتبار الرائي والمرئي ، لأن المرئي على ما هو عليه لم يتغير ، والرائي يتغير بالأطوار والأحوال ، فتتنوع عليه المعرفة ، ويختلف عليه تجلي المعروف الحق سبحانه على الأبد في الدنيا والآخرة .
فالماء من حيث هو ماء مطلقا لا لون له أصلا ولا صورة له ، ومن حيث هو في الأواني المختلفة فلونه لون الإناء وصورته صورة الإناء ، ولا تفهم الحلول في هذا المثال ، فإن الأواني لها وجود في نفسها مع الماء المتلون بألوانها ، وليس وجود الأواني تابعا لوجود الماء بحيث يكون صادرا عنه ، بل كل واحد من الماء والأواني موجود بوجود آخر مستقل ، واللّه تعالى الموجود الحق بوجود مستقل يستحيل عقلا وشرعا أن يكون معه شيء آخر غيره من محسوس أو معقول أو موهوم ، موجود أيضا مثله بوجود آخر مستقل غير تابع له تعالى في الإيجاد حتى يلزم ما يفهم القاصر من الحلول في هذا المثال ، فإن الماء حل في الإناء ، لأن الإناء له وجود مستقل ليس صادرا عن توجه قدرة الماء ، ولأجل هذا ثبت الحلول في كون الماء في الإناء .
وأما جميع المخلوقات الصادرة عن قدرة اللّه تعالى وتوجه أمره القديم الواحد سبحانه ، فإنها لا وجود لها من نفسها أصلا ، وإلا لاستغنت عن اللّه تعالى وقامت بنفسها وبطل وصف القيومية للّه تعالى ، وذلك ممتنع لثبوت القيومية له تعالى في الشرع ،
فكما أنه تعالى خالق لكل شيء ، فهو قيوم على كل شيء ، فكل شيء لولا توجه أمر اللّه تعالى عليه في كل طرفة عين بالإيجاد لما وجد ، فكل شيء موجود بإيجاد اللّه تعالى على الدوام في الكليات والجزئيات ، والأشياء كلها في أنفسها مع قطع النظر عن إيجاد اللّه تعالى لها معدومة بالعدم الأصلي ، لا وجود لها ولا شمت رائحة الوجود أصلا ،
ثم إنك إذا اعتبرتها كذلك معدومة بالعدم الأصلي ، وأردت أن تعرف كيف أوجدها اللّه تعالى ، فاعتبر أنها أواني مقدرة مختلفة ، وأن وجود الحق تعالى الواحد المطلق بإطلاقه الحقيقي ظهر في تلك الأواني المعدومة المقدرة ،
فكان لونه لونها وصورته صورتها من غير أن يحل هو فيها ، لأن الوجود لا يحل في العدم من غير أن يتحد معها أيضا ، فأين الحادث ممن له وصف القدم بل هو في تلك الحالة غيرها وهي غيره ،
ولكن شدة القرب بينهما أوجبت الالتباس على عقول الناس ، فهلك بالجهل منهم كثيرون ، وحار كثيرون فتوقفوا ولم يهتدوا ، وتحقق كثيرون ومن لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور ( وهو ) ، أي قول الجنيد قدس اللّه سره (جواب ساد) ، أي قوي (أخبر عن الأمر) الإلهي المسؤول عنه (بما هو) ، أي ذلك الأمر (عليه) في نفسه .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ) بين اللّه وبين عباده ( فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا ) في كلامه المجيد ( أنه يصلي علينا ) فإذا كان كذلك ( فالصلاة منا ومنه فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر فيتأخر ) ظهور الحق بهذا الاعتبار ( عن وجود العبد ) أي لا يظهر هذه الصلاة منه إلا بعد وجود العبد كما يتأخر رحمته للمذنبين في اليوم الآخر عن شفاعة الشافعين .
قال رضي الله عنه : ( وهو ) أي الحق المصلي علينا ( عين الحق الذي يخلقه العبد ) أي يتصوره ( في قلبه بنظره الفكري ) ويعتقد أن الحق في نفسه على تصوره قوله : بنظره يتعلق بقوله يخلقه وكذلك ( أو بتقليده وهو إله المعتقد ) بكسر القاف ( ويتنوع ) الحق ( بحسب ما قام بذلك المحل ) قوله : ( من الاستعداد ) بيان لما أي يتنوع بحسب الاستعداد فالحق بنفسه تعالى عن التنوع فالتنوع للاستعداد لا للحق ( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والعارف لون الماء لون إنائه ) فنزه الحق من كل قيد ( وهو جواب ساد ) أي محكم مطابق للواقع ( أخبر عن الأمر بما هو عليه فهذا ) أي الإله المتنوع بحسب الاعتقادات.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه. فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد. ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه. فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد. ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. فهذا هو الله الذي يصلَّي علينا )
يشير رضي الله عنه إلى أنّ المصلَّي هو التابع للمجلي ، وهو عبارة عن كون التجلَّي بحسب المتجلَّى له ، فإنّ تعيّن الوجود الحق وظهوره في تجلَّيه إنّما يكون بحسب خصوص قابليّة المتجلَّى له ، كما أشار إليه الأستاذ بقوله : « لون الماء لون إنائه » يعني ليس للحق صورة معيّنة تسمّى ، فتميّزه عن صورة أخرى ، كالماء لا لون له ، ولكنّ لون الماء يتلوّن بحسب لون إنائه ، فإنّ الحق لذاته يقتضي القبول لكل نعت والظهور بكل وصف بحسب الواصف والحاكم والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزئي نسبي ، ظهر في معتقدة ، ومن لا حسبان له في علمه بالله ، بحسب عقد معيّن ولم يتقيّد في معرفته وشهوده بعقيدة معيّنه دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته بالله وشهوده له إحاطته بالجميع بحيث لا يشذّ عنه صورة إلا وعنده له وجه حقيقة ، وسع الحق وغمره بتجلَّيه وأنانيّته
كما قال رضي الله عنه :
عقد الخلائق في الإله عقائدا .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوا
فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له يخرج الماء إلى ذلك اللون ويكسبه ما ليس له إلَّا فيه لا في نفسه ، وفي قوله رحمة الله عليه دلالة على أنّ سائله لم يكنّ إلَّا صاحب عقد معيّن ، فأجابه الجنيد بجواب كلَّي يفيد الكلّ معرفة بالمعرفة بالله ، فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإنّ من كان على ما ذكرنا لا لون له ، فيظهر الحق بحسبه ، كما هو تعالى في نفسه ، ولقد أشرت إلى هذا المقام بأبيات وردت عقيب شهود كلَّي وفناء حقيقي ، اتّفق في عشر ذي الحجّة ، خلوت بالحق في بيت الخلوة الذي للجنيد عليه السّلام بمحروسة « دار السلام » ، وهي كثيرة منها في المقام ،
شعر :
حرام على عيني معاينة السوي .... وحلّ دمي إن كان غيرك في عيني
لقد كنت عيني حيث كنت ولم أكن .... وكنت عن الأغيار في عزة الصون .
فكن لك بي لا لي كما كنت دائما .... أكن لك عين الكلّ فيك بلا كوني
فلا أين يحويني ولا كيف حاصري .... ولا في هيولى الكلّ منحصر عيني
يقولون :
لون الماء لون إنائه .... أنا الآن من ماء إناء بلا لون.
والله الموفّق المؤيّد للمؤيّد الموفّق
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلى علينا فالصلاة منا ومنه ، فإذا كان هو المصلى فإنما يصلى باسمه الآخر فيتأخر عن وجود العبد ، وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قبلته بنظره الفكري أو بتقليده وهو إله المعتقد )
وفي نسخة الإله المعتقد بفتح القاف ، وهو أنسب لما بعده والمعنى واحد .
قال رضي الله عنه : ( ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد ، كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللَّه والعارف فقال : لون الماء لون إنائه ، فهو جواب ساد أخبر عن الأمر بما هو عليه فهذا هو الله الذي يصلى علينا ) المصلى هو التابع للمجلى إلى السابق ، وهو إشارة إلى أن التجلي بحسب المتجلى له ، فإن تعين الوجود الحق وظهوره في تجليه إنما يكون بحسب خصوص قابلية المتجلى له ،
كما أشار إليه الجنيد رضي الله عنه بقوله : لون الماء لون إنائه ، يعنى ليس للحق صورة معينة تسمى ، فيميزه السامع عن صورة أخرى كالماء لا لون له ، ولكن يتلون بحسب إنائه ، فإن الحق لذاته يقتضي الظهور بكل وصف ، والقبول لكل نعت بحسب الواصف والناعت والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزوي ظهر معتقده بحسب عقد معين ، ولم يتقيد في معرفته بحسبه فهو بالنسبة إلى كل اعتقاد على حكم معتقده ،
ومن لم يكن في علمه باللَّه بحسب عقد معين ، ولم يتقيد في معرفته وشهوده بعقيدة معينة دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته باللَّه وشهوده مطلقة بحيث لا شيء ولا صورة إلا وهو يرى للحق وجها فيه حقيقة بتجليه له في ذلك الشيء وتلك الصورة ، ويرى وجهه الوجود المطلق ،
كما قال قدس سره :
عقد الخلائق للإله عقائدا .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له فيستحيل الماء : أي ذلك اللون ، ويكسبه ما ليس له إلا فيه لا في نفسه ،
وقول الجنيد رضي الله عنه مشعر أن سائله لم يكن إلا صاحب عقد معين ، فأجابه بجواب كلى يفيد الكل معرفته بالمعرفة باللَّه فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإن من كان على ذكر صافيا لا لون له ظهر الحق له بحسبه كما هو تعالى في نفسه
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
فكان لونه لونها وصورته صورتها من غير أن يحل هو فيها ، لأن الوجود لا يحل في العدم من غير أن يتحد معها أيضا ، فأين الحادث ممن له وصف القدم بل هو في تلك الحالة غيرها وهي غيره ،
ولكن شدة القرب بينهما أوجبت الالتباس على عقول الناس ، فهلك بالجهل منهم كثيرون ، وحار كثيرون فتوقفوا ولم يهتدوا ، وتحقق كثيرون ومن لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور ( وهو ) ، أي قول الجنيد قدس اللّه سره (جواب ساد) ، أي قوي (أخبر عن الأمر) الإلهي المسؤول عنه (بما هو) ، أي ذلك الأمر (عليه) في نفسه .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ) بين اللّه وبين عباده ( فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا ) في كلامه المجيد ( أنه يصلي علينا ) فإذا كان كذلك ( فالصلاة منا ومنه فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر فيتأخر ) ظهور الحق بهذا الاعتبار ( عن وجود العبد ) أي لا يظهر هذه الصلاة منه إلا بعد وجود العبد كما يتأخر رحمته للمذنبين في اليوم الآخر عن شفاعة الشافعين .
قال رضي الله عنه : ( وهو ) أي الحق المصلي علينا ( عين الحق الذي يخلقه العبد ) أي يتصوره ( في قلبه بنظره الفكري ) ويعتقد أن الحق في نفسه على تصوره قوله : بنظره يتعلق بقوله يخلقه وكذلك ( أو بتقليده وهو إله المعتقد ) بكسر القاف ( ويتنوع ) الحق ( بحسب ما قام بذلك المحل ) قوله : ( من الاستعداد ) بيان لما أي يتنوع بحسب الاستعداد فالحق بنفسه تعالى عن التنوع فالتنوع للاستعداد لا للحق ( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والعارف لون الماء لون إنائه ) فنزه الحق من كل قيد ( وهو جواب ساد ) أي محكم مطابق للواقع ( أخبر عن الأمر بما هو عليه فهذا ) أي الإله المتنوع بحسب الاعتقادات.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه. فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد. ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه. فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد. ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. فهذا هو الله الذي يصلَّي علينا )
يشير رضي الله عنه إلى أنّ المصلَّي هو التابع للمجلي ، وهو عبارة عن كون التجلَّي بحسب المتجلَّى له ، فإنّ تعيّن الوجود الحق وظهوره في تجلَّيه إنّما يكون بحسب خصوص قابليّة المتجلَّى له ، كما أشار إليه الأستاذ بقوله : « لون الماء لون إنائه » يعني ليس للحق صورة معيّنة تسمّى ، فتميّزه عن صورة أخرى ، كالماء لا لون له ، ولكنّ لون الماء يتلوّن بحسب لون إنائه ، فإنّ الحق لذاته يقتضي القبول لكل نعت والظهور بكل وصف بحسب الواصف والحاكم والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزئي نسبي ، ظهر في معتقدة ، ومن لا حسبان له في علمه بالله ، بحسب عقد معيّن ولم يتقيّد في معرفته وشهوده بعقيدة معيّنه دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته بالله وشهوده له إحاطته بالجميع بحيث لا يشذّ عنه صورة إلا وعنده له وجه حقيقة ، وسع الحق وغمره بتجلَّيه وأنانيّته
كما قال رضي الله عنه :
عقد الخلائق في الإله عقائدا .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوا
فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له يخرج الماء إلى ذلك اللون ويكسبه ما ليس له إلَّا فيه لا في نفسه ، وفي قوله رحمة الله عليه دلالة على أنّ سائله لم يكنّ إلَّا صاحب عقد معيّن ، فأجابه الجنيد بجواب كلَّي يفيد الكلّ معرفة بالمعرفة بالله ، فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإنّ من كان على ما ذكرنا لا لون له ، فيظهر الحق بحسبه ، كما هو تعالى في نفسه ، ولقد أشرت إلى هذا المقام بأبيات وردت عقيب شهود كلَّي وفناء حقيقي ، اتّفق في عشر ذي الحجّة ، خلوت بالحق في بيت الخلوة الذي للجنيد عليه السّلام بمحروسة « دار السلام » ، وهي كثيرة منها في المقام ،
شعر :
حرام على عيني معاينة السوي .... وحلّ دمي إن كان غيرك في عيني
لقد كنت عيني حيث كنت ولم أكن .... وكنت عن الأغيار في عزة الصون .
فكن لك بي لا لي كما كنت دائما .... أكن لك عين الكلّ فيك بلا كوني
فلا أين يحويني ولا كيف حاصري .... ولا في هيولى الكلّ منحصر عيني
يقولون :
لون الماء لون إنائه .... أنا الآن من ماء إناء بلا لون.
والله الموفّق المؤيّد للمؤيّد الموفّق
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلى علينا فالصلاة منا ومنه ، فإذا كان هو المصلى فإنما يصلى باسمه الآخر فيتأخر عن وجود العبد ، وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قبلته بنظره الفكري أو بتقليده وهو إله المعتقد )
وفي نسخة الإله المعتقد بفتح القاف ، وهو أنسب لما بعده والمعنى واحد .
قال رضي الله عنه : ( ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد ، كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللَّه والعارف فقال : لون الماء لون إنائه ، فهو جواب ساد أخبر عن الأمر بما هو عليه فهذا هو الله الذي يصلى علينا ) المصلى هو التابع للمجلى إلى السابق ، وهو إشارة إلى أن التجلي بحسب المتجلى له ، فإن تعين الوجود الحق وظهوره في تجليه إنما يكون بحسب خصوص قابلية المتجلى له ،
كما أشار إليه الجنيد رضي الله عنه بقوله : لون الماء لون إنائه ، يعنى ليس للحق صورة معينة تسمى ، فيميزه السامع عن صورة أخرى كالماء لا لون له ، ولكن يتلون بحسب إنائه ، فإن الحق لذاته يقتضي الظهور بكل وصف ، والقبول لكل نعت بحسب الواصف والناعت والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزوي ظهر معتقده بحسب عقد معين ، ولم يتقيد في معرفته بحسبه فهو بالنسبة إلى كل اعتقاد على حكم معتقده ،
ومن لم يكن في علمه باللَّه بحسب عقد معين ، ولم يتقيد في معرفته وشهوده بعقيدة معينة دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته باللَّه وشهوده مطلقة بحيث لا شيء ولا صورة إلا وهو يرى للحق وجها فيه حقيقة بتجليه له في ذلك الشيء وتلك الصورة ، ويرى وجهه الوجود المطلق ،
كما قال قدس سره :
عقد الخلائق للإله عقائدا .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له فيستحيل الماء : أي ذلك اللون ، ويكسبه ما ليس له إلا فيه لا في نفسه ،
وقول الجنيد رضي الله عنه مشعر أن سائله لم يكن إلا صاحب عقد معين ، فأجابه بجواب كلى يفيد الكل معرفته بالمعرفة باللَّه فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإن من كان على ذكر صافيا لا لون له ظهر الحق له بحسبه كما هو تعالى في نفسه
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم ، إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له ، وأخبرنا أنه يصلى علينا . ) بقوله : ( هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما) .
قوله رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ) ليس أنه معنى واحد ينقسم إلى معنيين ، كما أن معنى الكلمة ينقسم إلى اسم وفعل وحرف ، وهو في كل منها موجود . بل معناه : أن الصلاة لها مسمى ، وهو الأفعال المخصوصة ، ولها مسمى آخر ، وهو التجلي والإيجاد والرحمة . كما قيل : ( إن الصلاة من الله الرحمة . . . ) .
فصدق أن مسمى الصلاة منقسم ، أي متعدد . ( فالصلاة منا ومنه . )
ولما كان ( المصلى ) لغة يطلق على الفرس التابع للمجلى ، وهو الفرس السابق في حلبة السباق قال : ( فإذا كان هو المصلى ، فإنما يصلى باسمه " الآخر" ) أي ، فإذا كان الحق هو المصلى ، أي المتجلي لنا بصور استعداداتنا ، فإنما يصلى ويتجلى لنا باسمه ( الآخر ) ، لأن الآخرية مستفادة منه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فيتأخر ) الحق ( عن وجود العبد ، وهو عين الحق الذي يتخيله العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده وهو إله المعتقد . ) وفي بعض النسخ : ( وهو الإله المعتقد ) . الأول بكسر ( القاف ) ، والثاني بفتحها . ولا شك أن الاعتقاد تابع لوجود المعتقد ، فيتأخر عن وجوده .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد ، كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله والعارف ، فقال : "لون الماء لون إنائه" . وهو جواب ساد أخبر عن الأمر بما هو عليه . ) أي وتتنوع صور إله الاعتقادات بحسب الاستعدادات القائمة بمحالها وأعيانها ، لأن الحق المطلق لا تعين له ولا تقيد أصلا ، بلا اسم له ولا نعت ولا صفة من هذه الحيثية ، وكل ما ينسب ويضاف إليه فهو عينه .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 7 مايو 2020 - 4:14 عدل 1 مرات
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الحادية والثلاثون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الحادية والثلاثون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( ثمّ إنّ مسمّى الصّلاة له قسمة أخرى ؛ فإنّه تعالى أمرنا أن نصلّي له وأخبرنا أنّه يصلّي علينا ؛ فالصّلاة منّا ومنه ، فإذا كان هو المصلّي فإنما يصلّي باسمه الآخر ، فيتأخّر عن وجود العبد : وهو عين الحقّ الّذي يخلقه العبد في قلبه ، بنظره الفكريّ أو بتقليده وهو الإله المعتقد ، ويتنوّع بحسب ما قام بذلك المحلّ من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والمعارف ؛ فقال : لون الماء لون إنائه ، وهو جواب سادّ أخبر عن الأمر بما هو عليه )
""أضاف المحقق :
أي : المتنزل إلى رتبة من هو دونه ، وهذا التنزل هو ظهوره بصور الأشياء لإظهار كمالاته ؛ فهو ناظر إلى الحمد ، والغفور أي : الساتر هذا التنزل كما هو مقتضى التنزيه والتسبيح . عبد الرحمن الجامي . ""
( ثم إن مسمى الصلاة ) ، أي : مفهوم لفظها ( له قسمة أخرى ) باعتبار اشتراكها اللفظي بين المعنى القائم بنا ، والمعنى القائم بالحق ، ( فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له ) بقوله :
"وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ "[ البقرة : 43 ] ( أخبرنا أنه يصلي علينا ) بقوله :"هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ"[ الأحزاب : 43 ] ،
( فالصلاة ) منها شيء هو الجامع للأذكار والأفعال المخصوصة ، ومنها شيء آخر هو سبب الإخراج من الظلمات إلى النور ، وليس عين الأفعال والأذكار إذ لا يتنافي عنه ، ولا يليق بجنابه ، فهو شيء من تجلياته على المصلي يصدق عليه اسم المصلي ببعض المعاني ، وقد وجدنا المصلي يطلق على الفرس المتأخر من السابق في الحلبة ، فيكون تجليه على المصلي منها بما يناسب هذا المعنى ،
( فإذا كان الحق هو المصلي ، فإنما يصلي باسمه الآخر ) ، وليس هذا الاسم الآخر هو الذي تجلى به على العبد فوجد العبد به ؛ لأنه سبب لإخراج العبد بعد وجوده من الظلمات إلى النور .
( فيتأخر عن وجود العبد ) ، وهذا المتجلي بالاسم الآخر في الصلاة ، المتأخر عن وجود العبد ( هو عين الحق ) الذي يتصوره العبد في قبلته ، والتصوير من فعل العبد ، فهو ( الذي يخلقه العبد في قلبه ) ، وكيف لا وهو يقيده ( بنظره الفكري ، أو بتقليده ) للمتكلمين القائلين بالتنزيه المحض مع أن كونه في قبلته ينافي ذلك ، وإنما هو بالظهور منه مع أنه غير مقيد بذلك الظهور ولا بتنزيه المتكلمين ، ( وهو ) أنه ( المعتقد ) الذي يعتقد تقيده بمعتقده يخرجه من الظلمات إلى النور بحسب اعتقاده .
ولما كان الاعتقاد بحسب استعداد المعتقد ، فهو ( يتنوع ) مع تنزهه في اعتقادات هؤلاء ( بحسب ما قام بذلك المحل ) ، أي : محل الاعتقاد ) من الاستعداد ) لتصوير تنزيهه ، فهذه الصور التنزيهية المتنوعة بحسب تنوع استعدادات محل الاعتقاد من المعتقدين
( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه ، والعارف ، فقال : "لون الماء لون إنائه " ، فإنه لا لون للماء ، وإنما هو للإناء ، لكن يرى في الماء لون الإناء ) ، فكذا الحق منزه عما يقيده المعتقدون فيه وإن قالوا بالتنزيه ، لكن تتقيد صور اعتقاداتهم بحسب ما قام بمحلها من الاستعدادات .
( وهو جواب ساد ) قل من أجاب به ، ولكنه ( أخبر عن الأمر ) ، أي : أمر المعرفة ( بما هو عليه ) ، فإن الحق لا يتقيد بما يتصور العبد إلا في اعتقاده ، وإذا كان الفيض الإلهي في الإخراج من الظلمات إلى النور بحسب الصورة الاعتقادية للعبد
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
الصلاة لها قسم آخر
ثمّ إنّ هذا الكلام في حقيقة الصلاة ذات الأركان ، واسم الصلاة قد يطلق عليها وعلى غيرها بحسب تخالف الأوضاع ، والكلّ مسمى الصلاة ، ولذلك قال : ( ثمّ إنّ مسمّى الصلاة له قسمة أخرى ، فإنّه تعالى أمرنا أن نصلَّي له ، وأخبرنا أنّه يصلَّي علينا ) ، وخبره صدق وكلامه حقّ ، ( فالصلاة منّا ومنه ) ، ولا بد من تحقيق الصلاتين وتبيين أمرها في الطرفين .
قال رضي الله عنه : ( فإذا كان هو المصلَّي ، فإنّما يصلَّي باسمه الآخر ) الذي هو من أسمائه الكليّة التي تحقّقت بها الهويّة الإطلاقيّة ، ( فيتأخّر عن وجود العبد ) عندما يكون مسمّى ذلك الاسم ضرورة ، لأنّه إضافة ونسبة ، وما ثمّ غير الحقّ والعبد ، والمتأخّر
قال رضي الله عنه : ( هو عين الحقّ الذي يخلقه العبد في قلبه ، بنظره الفكريّ ) - إن كان ذا رأي ونظر ( أو بتقليده ) إن لم يكن له ذلك الرتبة ، وكأنّك قد اطَّلعت فيما تقدّم على تحقيق من هذا الكلام وزيادة بسط فيه ، فلا يحتاج إلى الإعادة .
( وهو الإله المعتقد ) الذي يختلف صورة بحسب استعداد المعتقد ومبلغ كماله ( ويتنوع ) صورة ذلك المعتقد ( بحسب ما قام بذلك المحلّ من الاستعداد ) تنوّع صورة الماء مثلا بحسب ما قام بمحلَّه من الأعراض المحسوسة التي أجلاها اللون .
قال رضي الله عنه : ( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللَّه والعارف ) يعني عن النسبة التي بينهما وإذ كان النسبة المسؤول عنها إنّما هي ما بين الصورة المعتقدة والمعتقد لها ، قال : « عن المعرفة باللَّه » ، لا " عن الله " ، إشعارا بذلك المعنى ( فقال : « لون الماء لون إنائه » وهو جواب سادّ ) حيث طابق النسبة المسؤول عنها بطرفيها سالما عن خلل النقص والزيادة ، كاشفا عن أمر النسبة وتبيين حالها بما لا مزيد عليه ،
مشيرا إلى ذلك بقوله : ( أخبر عن الأمر بما هو عليه ) حيث خصّص بالإله المعتقد على ما هو رتبة السائل ، وعمّم ذلك بحيث يشمل جميع المعتقدات ،
كما قال الشيخ نظما :
عقد الخلائق في الإله عقائدا .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
وهذا كلَّه موطن أرباب العقائد - تقليديّة كانت ، أو فكريّة برهانيّة - وصاحب الذوق الإحاطيّ له في هذا الموطن رتبة الجمع ، والسابق في تلك الرتبة هو الحقّ ، والعبد هو المصلَّي ، كما قيل :
يقولون :
لون الماء لون إنائه .... أنا الآن من ماء إناء بلا لون
كما أنّ العبد في الأولى له رتبة التقدّم ،
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة منا ومنه.
فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده و هو الإله المعتقد.
ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله و العارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب ساد خبر عن الأمر بما هو عليه. )
قال رضي الله عنه : ( ثمّ إنّ مسمّى الصّلاة له قسمة أخرى ؛ فإنّه تعالى أمرنا أن نصلّي له وأخبرنا أنّه يصلّي علينا . فالصّلاة منّا ومنه . فإذا كان هو المصلّي فأنّما يصلّي باسمه الآخر ، فيتأخّر عن وجود العبد : وهو عين الحقّ الّذي يخلقه العبد في قلبه ، بنظره الفكريّ أو بتقليده وهو الإله المعتقد . ويتنوّع بحسب ما قام بذلك المحلّ من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والمعارف . فقال لون الماء لون إنائه . . وهو جواب سادّ أخبر عن الأمر بما هو عليه .)
( ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى ) ، فالمراد بمسمى الصلاة ما يسمى صلاة ، فالمعنى المشترك بين الانقسام هو هذا لا المفهوم العامي كما يقال مسمى ، أي ما يسمى بهذا الاسم إما ذهب أو عين جارية أو ذات قائمة بنفسها أو غير ذلك ، وهكذا كل مشترك لفظي يصح انقسامه بهذا التأويل . ( فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا بأنه يصلي علينا ) ، بقوله : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ[ الأحزاب : 43 ]
( فالصلاة ) منقسمة بالصلاة ( منا و ) بالصلاة ( منه فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر ) ، فإن المصلي هو الفرس التابع المتأخر عن المجلى وهو السباق في حلبة السابق ( فيتأخر ) ، أي الحق ( عن وجود العبد وهو ) ، أي الحق المتأخر ( عين الحق الذي يخلقه العبد في قبلته بنظره الفكري ) إن كان ذا رأي وفكر ( أو بتقليده لغيره ) إن لم يكن ذا رأي وفكر ( وهو الإله المعتقد ) ولا شك أن الاعتقاد تابع لوجود المعتقد فيتأخر عن وجوده .
( ويتنوع ) الإله المعتقد ( بحسب ما قام بذلك المحل ) القائم بهذه الصورة الاعتقادية به ( من الاستعداد ) للصور تنوع الماء بحسب ما قام بمحله أعني الإناء من الأعراض المحسوسة التي أجلاها اللون ( كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة باللّه والعارف فقال : لون الماء لون إنائه ) ، يعني حال المعرفة في مراتبها التقييدية إنما هي بحسب حال العارف في استعداداتها المتفاوتة للمعرفة ، كما أن الماء له لون في حد ذاته ويتلون بألوان ظرفه ، وإن كان ظرفه مما لا لون له فلا يتلون بلون بل يبقى على عدم لون لونيته
( وهو ) ، أي ما قاله الجنيد ( جواب ساد ) ، أي سديد صائب مستقيم أخبر ( أخبر عن الأمر بما هو عليه ) ، وإن كان العارف من أصحاب الاعتقادات التقييدية فكرية كانت أو تقليدية ، فحاله كحال الماء المتلون بلون إنائه المتلون ،
وإن كان هيولاني الوصف قابلا لجميع صور الاعتقادات تابعا للتجليات الإلهية الأسمائية من غير تقييد ببعضها فحاله ما قيل : يقول لون الماء لون إنائه ، أنا الآن من ماءنا بلا لون..
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
قال رضي الله عنه : ( فهذا هو اللّه الّذي يصلّي علينا . وإذا صلّينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنّا فيه كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ، فنكون عنده بحسب حالنا ، فلا ينظر إلينا إلّا بصورة ما جئناه بها فإنّ المصلّي هو المتأخّر عن السّابق في الحلبة . وقوله تعالى :كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [ النور : 41 ] أي رتبته في التّأخّر في عبادته ربّه ، وتسبيحه الّذي يعطيه من التّنزيه استعداده . فما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد ربّه الحليم الغفور . ولذلك لا نفقه تسبيح العالم على التّفصيل واحدا واحدا . )
قال رضي الله عنه : (فهذا)، أي إله المعتقدات المختلفة الظاهر لنا بصورنا ، وهو على ما هو عليه ، ونحن على ما نحن عليه (هو اللّه) تعالى (الذي يصلي علينا) كما أخبر في الآية المذكورة سابقا (وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر) أيضا الذي كان له تعالى لما صلى علينا كما مر (فكنا) نحن حينئذ (فيه) ، أي في باطن هذا الاسم بحيث يظهر هذا الاسم بنا (كما ذكرناه) قريبا (في حال من له هذا الاسم) الآخر وهو الحق تعالى ، فإن هذا الاسم له سبحانه ، وحاله إذا كان هو المصلي تعالى أن يظهر بهذا الاسم فيتأخر عن وجود العبد ليتحقق له الاسم الآخر ، وإن كان لنا هذا الاسم نتأخر نحن في الظهور عنه تعالى كذلك ليتحقق لنا اسم الآخر .
قال رضي الله عنه : (فنكون) نحن (عنده) تعالى (بحسب حالنا) الذي نحن عليه في حضرة علمه القديم وتقديره الأزلي (فلا ينظر) سبحانه حين اتصافنا بالاسم الآخر (إلينا إلا بصورة ما جئناه) تعالى في عدمنا إلى الوجود (بها) ، أي بتلك الصورة لأن لنا الاسم الآخر عنه سبحانه به (فإن المصلي) منا ومنه (هو المتأخر) على كل حال (عن السابق في الحلبة) بالفتح ، أي الميدان ،
لأن من أسماء الخيل في السابق:
المجلّي وهو السابق في الحلبة ثم يليه المصلي ، لأن رأسه عند صلوي المجلّي تثنية صلى وهو ما من يمين الذنب وشماله من الظهر ثم يليه المسلي ثم التالي ثم المرتاح ثم الخطى ، ثم العاطف ، ثم المؤمل ثم اللطيم ثم السكيت ويقال له : الفسكل والناشور
، فهذه عشرة أنواع من الخيل كانت العرب تعتد بها ولا يعتدون بالجائي بعد ذلك .
قال رضي الله عنه : (وقوله تعالى) :أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ( كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ)[ النور : 41 ] ، واللّه عليم بما يفعلون فصلاته (أي رتبته في التأخر عن عبادة ربه) تعالى يعني قصوره عن السبق فيها بإتيان ما يستطيع فيها ، فإن الإتيان بالمستطاع كشف للتأخر عن غير المستطاع وبيان لمقدار الاستعداد القابل لذلك
قال رضي الله عنه : (وتسبيحه) هو المقدار (الذي يعطيه من التنزيه) للحق تعالى عما لا يليق به (استعداده) فاعل يعطيه (فما من شيء) محسوس أو معقول أو موهوم (إلا وهو) ، أي ذلك الشيء (يسبح بحمد ربه) تعالى (الحليم الغفور) كما قال عز وجل :"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً"[ الإسراء : 44 ] .
قال رضي الله عنه : (ولذلك) رأى لكونه تعالى حليما يحلم علينا فلا يعجل يتنفيذ مراده فينا ، غفورا أي ستارا يسترنا عن المؤاخذة أو يسترها عنا (لا نفقه) ، أي لا نفهم (تسبيح العالم) كله (على التفصيل واحدا واحدا) فالحلم يقتضي التأني بنا فيورثنا الغباوة وقلة الفهم ، والغفر كذلك ، لأنه ستر لنا وهو الحجاب يحجب بصائرنا عن المعرفة ، وذلك من كمال الرحمة بنا كالمطر الذي ينزل من السماء فتحيا به الأرض بعد موتها ، فإذا زاد أغرق فكان سببا لموت الأرض وعدم إنباتها النبات المختلف ، وليس ذلك منه تعالى لنا إلا على حسب استعدادنا لقبول ذلك ، فهو عدل منه تعالى لأنه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ[ طه : 50 ] فأعطانا خلقنا ،
فكان ذلك عدم فهم منا لتفصيل ذلك التسبيح العام من كل شيء ، وأخبرنا تعالى أن سبب ذلك تجلي اسمه تعالى الحليم واسمه الغفور علينا ، وهما اسمان جميلان ولكن اقتضيا ظهور الجلال فينا لأجل استعدادنا لظهور ذلك ، فانقلبا في حقنا اسمين جميلين لإظهارهما الجلال فينا نظير قوله تعالى :يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً[ البقرة : 26 ] ، أي بالقرآن العظيم مع أنه حق كله وهو واحد ، وكمن ظهر عند كل أحد بمقتضى استعداده ، فكان أساطير الأولين وإفكا افتراه وأعانه عليه قوم آخرون عند طائفة من الناس ، وكان قرآنا عظيما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد عند طائفة أخرى من الناس .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
قال رضي الله عنه : ( هو اللّه الذي يصلي علينا ) وهذا بيان لنزول الحق في الصلاة فينا وهو بعينه نزول الحق في السماء الدنيا في الثلاث الأخير من الليل فوجود الحق أي ظهوره إلينا من حيث النزول يتأخر عن وجودنا ووجود السماء والليل فلا إشكال في مثل هذه الكلمات ( وإذا صلينا نحن له كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه ) أي في تصليتنا الحق ( كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) وهو الاسم الآخر يعني فكما إذا كان هو المصلي يتأخر عن وجودنا في ظهور بصور استعدادنا إذ المتنوع يتأخر عن ما به التنوع فإذا صلينا نحن له كنا بمنزلة الحق إذا صلى علينا ( فتكون عنده بحسب حالنا ) واعتقادنا ( فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها ) .
قوله بصورة يتعلق بينظر قوله بها يتعلق بجئنا أي ينظر الحق إلينا بصورة ما جئنا الحق بهذه الصورة ما زائدة لتأكيد النظر بهذه الصورة وجاز لتأكيد عموم النكرة .
قال رضي الله عنه : ( فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلية وقوله "كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ "أي ) علم ( رتبته في التأخر و ) علم رتبته ( في عبادته ربه و) علم رتبته ( في تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده ) الضمير المنصوب في يعطيه يرجع إلى الحق واستعداده فاعل يعطيه والضمير يرجع إلى كل ( فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم ) الذي لا يعجل بالعقوبة للمذنبين ( الغفور ) الذي يستر ذنوب العباد فكان لكل شيء تسبيحا خاصا لربه الخاص الحليم الغفور له ( ولذلك ) أي ولأجل أن لكل شيء تسبيحا ( لا نفقة ) أي لا نطلع ( تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا ) لامتناع إحاطتنا ما في العالم فردا فردا.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
قال رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا. وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة. وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور. ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
قال رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا ، فإذا صلَّينا نحن ، كان لنا الاسم « الآخر » فكنّا فيه ما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ، فنكون عنده بحسب حالنا فلا ينظر إلينا إلَّا بصورة ما جئناه بها ، فإنّ المصلَّي هو المتأخّر عن السابق في الحلبة ) .
وذلك لأنّ مرآة الحق تظهرنا على ما نحن عليه ، فما نكون عنده إلَّا بحسب حالنا في صلاتنا ، ولو كنّا فيها بحسبه ، فقد كملت صلاتنا كصلاة أهل الكمال والرسوخ .
قال رضي الله عنه : ( وقوله :" كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَه ُ وَتَسْبِيحَه " أي رتبته في التأخّر في عبادة ربّه وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده ، فما من شيء إلَّا وهو يسبّح بحمد ربّه الحليم الغفور ) .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ للأشياء - في تأخّر وجودها عن ربّها بمظهريّاتها له أو ظهورها فيه - حكمين :
أحدهما ثبوتي والآخر سلبي فالسلبي هو الذي يسلب وينفى به عن الحق ما هي عليه من التقيّد والنقائص ونقائض الكمالات ، وهو تنزيهها للحق وتسبيحها من النقائص التي هي عليها .
والحكم الآخر : إثبات الكمالات التي هي عليها للحق على الوجه الأكمل الأليق بجنابه - تعالى - على ما مرّ مرارا .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك لا نفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا)
يعني رضي الله عنه : لمّا كان كلّ شيء كما ذكرنا مشتملا على محامد وكمالات خصيصة به ، ولا تظهر تلك المحامد على الوجه الذي ظهرت فيه إلَّا منه وبه لا من غيره وفي سواه ، مستوعبا أيضا لكمالات يشترك فيها مع غيره ، فهو يحمد عين وجوده الظاهر فيه بتلك الكمالات ، بل يحمد بوجوده الخاصّ به عينه الثابتة وحقيقته التي هذه المحامد نسبها ولوازمها ، كانت كامنة في عينها الغيبي ، فأظهرها الوجود الحق لها ووصفها وعرّفها بها فيه أوله.
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
قال رضي الله عنه : ( وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرناه في حال من هو له هذا الاسم فنكون عنده بحسب حالنا ، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها ، فإن المصلى هو المتأخر عن السابق في الحلبة ) وذلك لأن مرآة الحق تظهرنا على ما نحن عليه فما نكون عنده إلا بحسب حالنا في صلاتنا ، ولو كنا فيه بحسبه فقد كملت صلاتنا كصلاة أهل الكمال الراسخين في العلم.
قال رضي الله عنه : ( وهو قوله تعالى :" كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَه وتَسْبِيحَه " أي رتبته في التأخر في عبادة ربه وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده ، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور ) .
أي كل شيء قد علم رتبته في تأخر وجوده عن ربه بمظهريته له التي هي عبادته لربه ، وتسبيحه الخاص به بتنزيهه عما يخصه من الكمالات الإلهية ربه عن نقصه الذاتي لكل ممكن ، ونقصه الخاص به بمقتضى عينه وهو تقييده بأحكام عينه ، وقصور استعداده عن قبول جميع كمالات الوجود إلا ما يخصه من النقائص ،
وبحمده بما يظهر من الكمالات الثبوتية التي يقبلها من ربه الحليم الذي لا يعجل بعقوبة نقائصه ، الغفور الذي يستر نقائصه وظلمته الإمكانية وسيئات تقصيره عن قبول سائر الكمالات بنور وجوبه ، ووجود تجليات صفاته التي يظهر بما فيه .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك ) أي ولأن لكل شيء تسبيحا يخصه ( لا نفقة تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا (
يعنى : ثم إن في وجود كل شيء مرتبة فيها يعود الضمير في بحمده إلى العبد المسيح ، وذلك لأن لكل موجود مرتبة في الوجود المطلق ، والمقيد هو المطلق مع التعين الذي يقيده فله كمالات ومحامد مختصة به وكمالات يشترك فيها مع غيره ، فهو بالقسم الأول يحمد نفسه : أي هوية الحق المقيدة بقيد تعين ، وينزه عن النقائص التي يقابلها لأن تلك المحامد لا تظهر على الوجه الذي ظهرت فيه إلا منه وله لا من غيره ،
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
كما قال أمير المؤمنين كرم الله وجهه : ( كمال الإخلاص نفى الصفات عنه ) . وعند التجلي يتجلى بحسب استعداد المتجلى له على صورة عقيدته - كما يدل عليه حديث ( التحول ) - يوم القيامة .
لذلك أجاب الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله والعارف بقوله : ( لون الماء لون إنائه ) . أي ، تجلى الحق بصورة المعرفة ، إنما هو بحسب استعداد المتجلى له . وهو جواب محكم مطابق لما في نفس الأمر : فإن الماء لا لون له ويتلون بألوان ظروفه ، فكذلك الحق لا تعين له يحصره ويتعين على حسب من يتجلى له .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلى علينا . ) أي ، هذا المتجلي بصور الاستعدادات في العقائد هو الذي يصلى علينا ويتأخر عنا . كما جاء في الآية المذكورة على لسان المتجلي بصور الاعتقادات .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا صلينا نحن ، كان لنا الاسم "الآخر" ) أي ، كنا نحن المتحقق بالآخرية حينئذ فلنا الاسم ( الآخر ) .
( فكنا فيه ) أي ، في هذا المقام والتجلي ( آخرا ) . ( كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) من أنه يتأخر عن وجود العبد .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فتكون عنده ) أي ، عند الحق ( بحسب حالنا . ) وصفاتنا التي فينا ( فلا ينظر إلينا ) ولا يتجلى لنا ( إلا بصورة ما جئناه بها ) كمالا ونقصا . ( فإن المصلى هو المتأخر عن السابق في الحلبة . ) أي ، وإذا صلينا نحن ، كان لنا الاسم "الآخر" ، فإن المصلى متأخر عن المجلى في ميدان السباق .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقوله تعالى : "كل قد علم صلاته وتسبيحه " . أي ، رتبته في التأخر في عبادة ربه ، وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده . ) لما فسر المصلى بالمتأخر ، جعل صلاته رتبته في التأخر في العبادة .
أي ، كل منا ومن الحق الظاهر بصور عقائدنا ( قد علم صلاته ) أي ، مرتبته في التأخر وتسبيحه لربه :
أما صلاتنا له وتسبيحنا إياه وتحميدنا وثنائنا عليه بالوجه المشروع لنا وتنزيهنا إياه عما لا يليق بحضرته .
وأما صلاته لنا وتسبيحه إيانا فتكميله إيانا وجعله لنا موصوفا بالصفات الجمالية والجلالية وتطهرنا عن دنس النقائص ورين الحجب الإمكانية .
هذا لسان إشارته ، وهو لسان الباطن المعرب عن مطلع الآية .
وأما لسان عبارته الذي هو لسان الظاهر ، معناه : كل من الأعيان الموجودة وقد علم رتبته في عبادة ربه وتسبيحه الذي يعطيه استعداده ، وهو تنزيه كل من الأعيان ربه على حسب استعداده من النقائص اللازمة لعينه ، وعلم أن رتبة عبادته متأخرة عن صلاة ربه ، فإنه لولا صلاته ورحمته الوجودية وإخراجه للأعيان من ظلمات العدم إلى نور الوجود وظلمات الضلالة إلى نور الهداية ، ما كان أحد منهم يصلى .
فقوله رضي الله عنه : ( في عبادة ) متعلق ب ( رتبته ) لا ب ( التأخر ) . أي ، علم رتبته في عبادة ربه . وضمير ( يعطيه ) عائد إلى ( كل ) وفاعله ( استعداده ) .
وفي بعض النسخ : ( عن عبادته ربه ) . فحينئذ يكون متعلقا ب ( التأخر ) .
وفي بعض النسخ أيضا : ( عن عبادة ربه ) . فمعناه : كل قد علم صلاته ، أي رتبته في عبادته ، أنها متأخرة عن صلاة ربه له ، وعبادة ربه إياه بالإيجاد والإيصال إلى الكمال والرحمة والمغفرة . كما قال في مواضع أخر : (فيعبدني وأعبده) .
لكن الأولين أنسب إلى الأدب بين يدي الله تعالى .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما من شئ إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.) أي ، الذي لا يعاجل بالعقوبة ويعفو عن كثير من السيئات ، الغفور الذي يستر ذنوب الذوات وقد يجعلها للمحبوبين من الحسنات .
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولذلك لا نفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا.) أي ، ولأجل أن لكل شئ تسبيحا خاصا ونحن لا نقدر على الاطلاع على تفاصيل الوجود وأسراره كلها ، لا نفقه تسبيح العالم كله .
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية والثلاثون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور. ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
قال رضي الله عنه : ( فهذا هو اللّه الّذي يصلّي علينا ، وإذا صلّينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنّا فيه كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ، فنكون عنده بحسب حالنا ، فلا ينظر إلينا إلّا بصورة ما جئناه بها فإنّ المصلّي هو المتأخّر عن السّابق في الحلبة ، وقوله تعالى :"كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ"[ النور : 41 ] أي : رتبته في التّأخّر في عبادته ربّه ، وتسبيحه الّذي يعطيه من التّنزيه استعداده ، فما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد ربّه الحليم الغفور .)
( فهذا هو اللّه الذي يصلي علينا ) ، فيفيض علينا بحسب صور اعتقاداتنا المختلفة ، وإن اتفقت في كونها تنزيهية ، لكنها تختلف كمالا ونقصا ، وإذا كان تجلي الحق علينا بالاسم الآخر في الصلاة ، فالمعطي من حيث هو مصلّ مظهر هذا الاسم ، ( فإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر ) يظهر به في مرآة الحق عند مشاهدتنا إياه ، ( فكنا فيه ) ، أي : في الحق يعني في مرآته على صور اعتقاداتنا في اللّه ( كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) المتجلي به فينا حال الصلاة ، أنه يكون بحسب استعدادات محل اعتقاداتنا ، ( فيكون عنده ) من غير حلول فيه كمال حلول له فينا عند ظهوره بمرآتنا ( بحسب حالنا ) من تجليه بهذا الاسم فينا ، وإذا كانت هذه صورتنا في نفوسنا ، وفي مرآتنا .
( فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها ) ، ويكون فيضه بحسب هذه الصورة ، وإنما كان تجلي الحق على المصلي بالاسم الآخر ؛ لصدق معنى المتأخر على من صدق عليه اسم المصلي كصدق معنى العابد عليه ، ( فإن المصلي ) من فرس المسابقة ( هو المتأخر عن السابق في الحلبة )
أي : الميدان ، وقد تقرر إطلاق اسم العابد على مع أن للعابد إنما يسمي مصليا ؛ لتأخر رتبة العبدية عن رتبة الربوبية ، فتعين أن يكون إطلاق اسم المصلي عليه باعتبار تجليه بالاسم الآخر ، وهو ظهوره للعبد بصورة اعتقاده ، وهو أي : الدليل على أن الصلاة بمعنى التأخر أنها قد جاءت في حق العباد بهذا المعنى ، فكيف لا يكون في حق اللّه تعالى بهذا المعنى ( قوله تعالى :كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) [ النور : 41 ] .
فإنه من المعلوم أنه لا يصلي كل طير ودابة الصلاة التي هي ذات الأذكار والأفعال المخصوصة ، فلابد له من تأويل ، وأحسن التأويلات ما بين معنى العبادة اللازمة لصلاتنا ، وبين معنى التأخير المفهوم من الصلاة في الجملة اللازم للعبادة ،
وهو الذي أشار إليه قوله :
( أي : رتبة في التأخير ) عن درجة ربه عرف تنزيهه عن رتبة نفسه ، وعرف أيضا ( تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه ) الكلي الإلهي ( استعداده ) ، فإنه لا يصل أحد إلى كنه تنزيهه الكلي ، وإنما يصل إلى مقدار ما يتنزه في نفسه ، فالملائكة أكثر تنزيها من عامة البشر ، وهم أكثر من الدواب حتى ينتهي تنزيه بعضهم إلى أنه لا يكون عين ذاته لا غير "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" [ الإسراء : 44 ] في عدم مؤاخذته من لم ينزهه حتى تنزيهه ، كيف وقد تجلي عليهم بالاسم الغفور السائر كنه تنزيهه عليهم .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك لا نفقه تسبيح العالم على التّفصيل واحدا واحدا )
( ولذلك ) أي : ولكون تسبيح الكل بما يعطيه استعداده ، ولكل واحد من الموجودات غير المتناهية استعدادات خاصة تخالف استعداد كل واحد استعداد غيره بوجه من الوجوه ، ولا يمكن لنا الاطلاع على تفاصيلها ( لا نفقه تسبيح العالم ) ، وإن علمنا إجمالا اتفاقهم في تنزيه الحق ( على التفصيل واحدا ) بعد ( واحد ) ، وهذا مبني على أن الضمير في قوله : "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ " يعود إلى اللّه تعالى.
"" أضاف المحقق :
هذا كله في التسبيح والحمد اللذين في مرتبة صلاة العبد ؛ فالمصلي والمسبح والحامد في هذه المرتبة هو العبد . عبد الرحمن الجامي ""
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور.
ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
ولذلك قال : ( فهذا هو الله الذي يصلَّي علينا ) في صورة اسمه الآخر ، ( وإذا صلَّينا نحن كان لنا الاسم الآخر ) وهو الأول ، ( فكنّا فيه كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) كما ظهر أمره في الصورة الأولى ، ( فنكون ) نحن ( عنده بحسب حالنا ) التي نتحوّل عليها في طيّ الأطوار والأدوار ، ( فلا ينظر ) الحقّ ( إلينا إلَّا بصورة ما جئناه بها ) في كلّ لحظة ولمحة من تلك الأحوال السريعة الزوال .
ثمّ هاهنا نكتة خفيّة لا بدّ من الاطلاع عليها ، وهي أنّ مقتضى العبوديّة والتقيّة الأسمائي هو الحصر في صورة معيّنة ، كما أنّ مقتضى الالوهيّة والإطلاق الذاتي إنّما هو عدم الحصر في صورة والتقيّد بحال .
إذا عرفت هذا ، فإذا كان الحقّ هو المصلَّي والسابق ، إنّما يكون العبد حينئذ لا بدّ وأن يكون قبلة التوجّه في تلك الصلاة ، صورة عقديّة عقليّة معيّنة - كما سبق بيانه .
وإذا كان العبد هو المصلَّي ، يكون السابق حينئذ الحقّ لا غير ، فيكون قبلة التوجه في تلك الصلاة صورة علميّة انشراحيّة غير معيّنة بحال ، ولا محصورة في صورة .
وقد أشار في طيّ عبارته إلى هذه الدقيقة إشارة خفيّة ، إنّما يتفطَّن لها اللبيب من قوله : « بحسب حالنا » وقوله : « جئناه بها » ، أي بتلك الصور المتحوّلة التي جاء العبد حقيقة معها ، فإنّ السابق في مثل تلك الصور المتحوّلة إنّما هو الحق ، والمصلَّي هو العبد .
قال رضي الله عنه : ( فإنّ المصلَّي هو المتأخّر عن السابق في الحلبة ) فصلاة العبد هو الذي لكل واحد من الصور المتحوّل عليها العبد في كلّ وقت ، مما هو من أصل الإطلاق الذاتيّ ، وذلك أولا وبالذات للحقّ ، وثانيا وبالعرض للعبد وما للعبد بحسب ذاته هو ما يعطيه استعداده الأصليّ من التنزيه الصرف الثابت ، الذي لا تحوّل فيه ولا تغيّر عنه بحال .
قال رضي الله عنه : ( وقوله تعالى : " كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَه ُ وَتَسْبِيحَه ُ " ) إشارة إلى تينك المرتبتين فإنّ قوله : " صَلاتَه ُ " ( أي رتبته في التأخّر عن عبادة ربّه ) عند التحوّل معه في شؤونه فإنّ العبد تلويحه كاشف عن أنّه هو العين الدائر بربّه فيما هو فيه من الشؤون في كلّ يوم .
قال رضي الله عنه : ( وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده ) ، فإنّ أصل الاستعداد إنما يعطي التنزيه ، فإن كان ذلك الاستعداد متوقّفا عند الرسوم ، ما يعطي إلَّا التنزيه الرسمي ، وإن كان من السالكين مسالك الحقيقة فتنزيهه تنزيه حقيقيّ - كما عرفت .
ثمّ إنّ لكلّ من الموجودات علمين : أحدهما وجوديّ إطلاقيّ ، وهو الذي يتعلَّق بحاله المتحوّلة بها لحظة فلحظة ، وهو الذي به يصلَّي ويحمد.
والآخر عدميّ نسبيّ ، وهو الذي يتعلَّق بخصوصيّته الخاصّة الثابتة التي يعطيها أصل استعداده ، وهو الذي به يسبّح وبيّن أنّ هذه الخصوصيّة أيضا من جملة تلك الأحوال عند التحقيق .
ما من شيء إلا وهو مسبّح لربّه
قال رضي الله عنه : ( فما من شيء إلَّا وهو يسبّح بحمد ربّه ) أي تنزّهه عن الخصوصيّة التي أظهره بتلك الخصوصيّة تعيّن تلك الخصوصيّة ، على ما هو حقّ التسبيح والتنزيه ، يعني التسبيح بعين الحمد والتنزيه في نفس التشبيه . هذا إذا أعيد ضمير بحمده إلى « الرب » ، أي بحمد ربّه .
( الحليم ) وهو الذي تنزل إلى رتبة من دونه في القدر ، وهو مقتضى الحمد الذي هو ظهور الحقّ بصور الأشياء وإظهارها له ، فإنّ الحمد إنّما هو الإظهار والتعريف .
( الغفور ) وهو الذي يستر ذلك التنزّل ، كما هو مقتضى التنزيه والتسبيح .
ثمّ إنّك قد عرفت أنّ مبدأ ذينك الحمد والتسبيح هو الخصوصيّة من كلّ أحد ، إذ بها يسبّح بالحمد ، كما لا يخفى على الواقف بالأصول الممهّدة قبل ، ( ولذلك لا يفقه تسبيح العالم واحدا واحدا ) على التفصيل فإنّ خصوصيّة كلّ أحد لا دخل للآخر فيه ، وإلَّا لا يكون خصوصيّة له .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فهذا هو الله الذي يصلي علينا.
وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده بحسب حالنا، فلا ينظر إلينا إلا بصورة ما جئناه بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.
وقوله «كل قد علم صلاته وتسبيحه» أي رتبته في التأخر في عبادته ربه، و تسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم الغفور. ولذلك لا يفقه تسبيح العالم على التفصيل واحدا واحدا. )
قال رضي الله عنه : ( فهذا هو اللّه الّذي يصلّي علينا . وإذا صلّينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنّا فيه كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ، فنكون عنده بحسب حالنا ، فلا ينظر إلينا إلّا بصورة ما جئناه بها فإنّ المصلّي هو المتأخّر عن السّابق في الحلبة . وقوله تعالى :كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [ النور : 41 ] أي رتبته في التّأخّر في عبادته ربّه ، وتسبيحه الّذي يعطيه من التّنزيه استعداده . فما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد ربّه الحليم الغفور . ولذلك لا نفقه تسبيح )
( فهذا ) ، أي الإله المعتقد ( هو اللّه الذي يصلي علينا ) ، كما جاء في الآية المذكور ، أي يتجلى علينا بصورة اسمه الآخر ( وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر ) ، وهو الأول ( فكنا فيه بنا ) ، أي في مقام صلاتنا له متأخرين عنه
( كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم ) ، وهو الإله المعتقد الذي له الاسم الآخر ، فكما أن في صورة صلاته علينا له الاسم الآخر وله الاسم الأول ( فنكون ) نحن ( عنده بحسب حالنا ) ، أي بحسب أحوالنا التي نتحول فيها بحسب تقلبه في الشؤون والأفعال ( فلا ينظر ) الحق ( إلينا ) ، أي لا يتجلى علينا ( إلا بصورة ما جئناه بها ) ، في كل لحظة ولمحة من تلك الأحوال التابعة لتقلبه في شؤونه وأفعاله ، فباعتبار هذه التبعية نحن مصلون له متأخرون عنه وباعتبار تجليه علينا بحسب استعداداتنا هو مصل علينا ( فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة ) فيصح التعبير به عن كل من الحق والعبد .
والحاصل أن للحق سبحانه تجليين :
أحدهما : تجليه بصور استعدادات العبد من حيث تقلبه في الشؤون والأفعال ، فاستعدادات العبد في هذا التجلي تابعة لتقلبه في الشؤون والأفعال .
والثاني : تجليه عليه بحسب تلك الاستعدادات ، فهو سبحانه في هذا التجلي تابع للاستعدادات ،
فباعتبار الأول : نحن نصلي له ،
أو باعتبار الثاني : هو يصلي علينا ، أو بالنظر إلى هذين الاعتبارين حمل صاحب اللمعات قول الجنيد تارة على لون معنى المحبوب لون محبه ، وتارة على معنى لون المحب لون محبوبه .
( وقوله تعالى : كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) [ النور : 41 ] ، أي كل منا ومن الحق فالعبد علم صلاته ( أي رتبته في التأخر عن عبادة ربه وتسبيحه ) ، أي ( الذي يعطيه من التنزيه استعداده ) الفطري الأصلي
فإن أصل الاستعداد إنما يعطى التنزيه ، وكذلك الحق على صلاته ، أي رتبة تأخره عن العبد فيما ذكرنا ، وتسبيحه : أي تطهيره العبد عن دنس النقائص الإمكانية ( فما من شيء إلا ويسبح ربه الحليم ) ، أي المتنزل إلى رتبة من هو دونه وهذا التنزل هو ظهوره بصور الأشياء لإظهار كمالاته فهو ناظر إلى الحمد ( الغفور ) ، أي الساتر هذا التنزل كما هو مقتضى التنزيه والتسبيح ( ولذلك ) ، أي لعموم تسبيح كل شيء ( لا نفقه تسبيح ) أفراد.
قال رضي الله عنه : ( العالم على التّفصيل واحدا واحدا)
( العالم على التفصيل واحدا واحدا ) ، لأنا لا نقدر على الاطلاع على تفاصيل الوجود وأسرارها بل لا نفقه على سبيل التفصيل إلا تسبيح بعضها ، وأما تسبيح الكل فلا نفقهه إلا على سبيل الإجمال .
هذا كله في التسبيح والحمد اللذين في مرتبة صلاة العبد فالمصلي والمسبح والحامد في هذه المرتبة هو العبد
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
قال رضي الله عنه : ( وثمّة مرتبة يعود الضّمير على العبد المسبّح فيها في قوله :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أي بحمد ذلك الشّيء . فالضّمير الّذي في قوله"بِحَمْدِهِ"[الإسراء:44]
يعود على الشّيء أي بالثّناء الّذي يكون عليه . كما قلنا في المعتقد إنّه إنّما يثني على الإله الّذي في معتقده وربط به نفسه ، وما كان من عمله فهو راجع إليه ، فما أثنى إلّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصّنعة فإنّما مدح الصّانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها . وإله المعتقد مصنوع للنّاظر فيه ، فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه . ولهذا يذم معتقد غيره ، ولو أنصف لم يكن له ذلك . إلّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في اللّه . )
قال رضي الله عنه : (وثم) بالفتح ، أي هناك (مرتبة) أخرى (يعود الضمير) وهو الهاء في قوله بحمده (على العبد) ، أي الشيء كما قال تعالى أن :إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً[ مريم : 93 ] فالأشياء كلها عبيد اللّه تعالى (المسبّح فيها) ، أي في تلك المرتبة في قوله تعالى : ("وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ")[ الإسراء : 44 ] ، أي يسبح (بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله) تعالى (بحمده يعود على الشيء) المذكور في قوله وإن من شيء (أي) يسبح (بالثناء الذي يكون عليه) ذلك الشيء ، أي مقدار استعداده ، أي ثنائه على اللّه تعالى
قال رضي الله عنه : (كما قلنا) قريبا (في) حق الإنسان (المعتقد) بصيغة اسم الفاعل ، أي الذي يعتقد الألوهية في ربه تعالى وباقي حضراته سبحانه (إنه) ، أي ذلك المعتقد (إنما يثني على الإله الذي في معتقده) بصيغة اسم المفعول ، أي اعتقاده بحسب استعداده في معرفته به (فيربط) ذلك المعتقد (نفسه) في تصويره له على أكمل ما تقدر من أنوع الكمال ، ولا يترك من جهده شيئا في تحسين ذلك (به) ، أي بالذي اعتقد أنه إلهه الحق تعالى .
قال رضي الله عنه : (وما كان من عمله) في الطاعات واجتناب المنهيات (فهو راجع إليه) ، أي إلى ذلك الذي اعتقد أنه إلهه الحق سبحانه (فما أثنى) في حقيقة الأمر (إلا على نفسه) ، إن عرف من نفسه ذلك فإنه ، أي الشأن (من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع) لها (بلا شك) في ذلك فإنّ حسنها ، أي الصنعة (وعدم حسنها) ، أي الصنعة (راجع) بحسب مقتضى ذلك من المدح أو الذم إلى (صانعها) ، أي تلك الصنعة والإله المعتقد بصيغة اسم المفعول مصنوع للناظر فيه يعتقده في نفسه .
قال رضي الله عنه : (فهو) من حيث الصورة القائمة بخيال المعتقد له (صنعته) ، أي صنعة ذلك المعتقد له ، صنعه بفكره وعقله ليصرف إليه جميع أعماله باعتبار الضرورة اللازمة في ذلك ، لأنه لو نفاه لعطل الإله الحق وأنكره من الوجود وهو كفر ، فلهذا جاء الشرع بقبول هذا الإله المصنوع في الاعتقادات عند الكل ، إذ هو مما لا يمكن الامتناع منه فإثباته في النفس فرض على كل مكلف ، ولكن مع معرفة العجز عن معرفة الحق المطلق بالإطلاق الحقيقي الذي هذا الإله المصنوع في النفس مقدار الاستعداد من معرفته ، فذلك لا يعرف من حيث هو أصلا ،
وإنما يعرف من حيث هذا الإله المصنوع في النفس كيفما كان ، وكل من حصر الحق المطلق بالإطلاق الحقيقي في هذا المصنوع عنده في نفسه فقد جهل وخرج عن المعرفة الإلهية الصحيحة الواردة في الكتاب والسنة ، وكان من المجسمين المشبهين المبتدعة الخارجين عن مذهب أهل السنة والجماعة ولا يكفر لتأويله نصوص الإطلاق الحقيقي بالإطلاق المجازي العقلي كقوله تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[ الشورى : 11 ] ، أي شيء من هذه المحسوسات ونحو ذلك .
قال رضي الله عنه : (فثناؤه) ، أي ذلك المعتقد (على ما اعتقده) في نفسه أنه إلهه الحق (ثناؤه على نفسه) التي صورت فيها هذا الاعتقاد المذكور (ولهذا) ، أي لكون الأمر كذلك يذمّ ذلك المعتقد بصيغة اسم الفاعل (معتقد) بصيغة اسم المفعول ، أي ما يعتقده (غيره) من الناس (ولو انصف) ذلك المعتقد الذام (لم يكن له ذلك) ، أي الذم لمعتقد غيره ، لأن كل المعتقدات سواء من جهة كونها مخلوقة للّه تعالى بواسطة المعتقدين لها ، وكونها غير مطابقة للحق تعالى المطلق بالإطلاق الحقيقي ، فلا معنى لترجيح بعضها على بعض في حسن أو قبح ، وإنما الترجيح بمعرفة أنها مقدار استعداد كل معتقد من الناس ، وأن الإله الحق المطلق بالإطلاق الحقيقي غيب أبدا معجوز عن معرفته للكل من وجه ما هو عليه في نفسه .
قال تعالى :وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ[ المطففين : 26 ] ، وإياك أن تظن أن هذا الكلام يقتضي إثبات إلهين اثنين ، فتكون افتريت علينا وعلى المصنف قدس اللّه سره بما لا تفهمه بعقلك ولا أنت من أهله ، واللّه على ما نقول وكيل (إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص) الذي ضبطه في نفسه بصورة خيالية منسوبة عنده إلى الحق تعالى المطلق بالإطلاق الحقيقي ، محكوم عليه تعالى أنه هكذا كما اعتقده خصوصا مع اعتقاده أنه تعالى لا تتصوّره العقول والأفكار ، حيث جزم بما عنده وحكم بالخطأ فيما عند غيره من ذلك (جاهل بلا شك) أصلا (في ذلك) ، أي في جهله المذكور لاعتراضه على غيره ، أي إنكاره ما يعتقده غيره مما هو مقتضى استعداد ذلك الغير (فيما) ، أي في الاعتقاد الذي (اعتقده في) حق (اللّه) تعالى .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
قال رضي الله عنه : ( وثمة ) أي وفي مقام التسبيح ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها ) الضمير في قوله فيها يعود إلى المرتبة ( في قوله وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أي بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله بحمده يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه ) أي يكون العبد على ذلك الثناء وفي قوله :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍيتعلق بالمقدّر أي الضمير كان في قولهوَإِنْ مِنْ شَيْءٍ( كما قلناه ) أي هذا المذكور ( في المعتقد ) بكسر القاف ( أنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه وما كان من عمله ) أي من عمل العبد المعتقد ( فهو راجع إليه ) لا إلى الحق ( فما أثنى ) ذلك المعتقد ( إلا على نفسه فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك فإن حسنها وعدم حسنها ) أي الصنعة ( راجع إلى صانعها وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه فهو ) أي ذلك الإله .
قال رضي الله عنه : ( صنعته ) أي صنعة الناظر ( فثناؤه ( أي ثناء الناظر ( على ما اعتقده ) أي اعتقد أنه إله ( ثناؤه على نفسه ) واللّه تعالى في حدّ ذاته منزه عن الثناء على هذا الحد وعن هذا الاعتقاد لكن اللّه تعالى يقبل ثناء عبده واعتقاده كرما ولطفا منه إذ لا وسعة لكل أحد أن ينظر الحق على إطلاقه ويثني عليه فكان ذلك المعتقد يعين الحق ويقيده على حسب اعتقاده ( ولهذا ) أي ولأجل تعيين الحق وحصره على ما اعتقده ( يذم معتقد غيره ولو أنصف ) ذلك المعتقد ( لم يكن له ذلك ) الذم لما أنه مثله أيضا فهو محمود عند صاحبه ( إلا ) استثناء منقطع ( أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل لا شك في ذلك ) أي في ثنائه على نفسه ولا يشعر أن ثناءه على نفسه وظن أنه يثني على اللّه تعالى
قال رضي الله عنه : ( لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في ) حق ( اللّه ) تعالى.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
قال رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء. فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه. وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها. وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه : فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه. ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك. إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في) .
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
قال رضي الله عنه : ( وثمّ قرينة بعود الضمير فيها على العبد المسبّح في قوله :"وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه" أي بحمد ذلك الشيء ، فالضمير الذي في قوله : «بحمده» يعود على «الشيء» أو بـ " لثناء" الذي يكون عليه ) .
يعني رضي الله عنه : لمّا كان كلّ شيء كما ذكرنا مشتملا على محامد وكمالات خصيصة به ، ولا تظهر تلك المحامد على الوجه الذي ظهرت فيه إلَّا منه وبه لا من غيره وفي سواه ، مستوعبا أيضا لكمالات يشترك فيها مع غيره ، فهو يحمد عين وجوده الظاهر فيه بتلك الكمالات ، بل يحمد بوجوده الخاصّ به عينه الثابتة وحقيقته التي هذه المحامد نسبها ولوازمها ، كانت كامنة في عينها الغيبي ، فأظهرها الوجود الحق لها ووصفها وعرّفها بها فيه أوله ، فإذن لم يحمد كلّ شيء بذاته ووجوده إلَّا نفسه ، فإليه يعود الضمير في قوله :" يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ ".
وأمّا تسبيحه وهو تنزيهه عن نقائص كونيّة فيكون بمعنى نفي النقص مطلقا ، أي كل ما ظهر به النقائص النسبيّة المتوهّمة كمالات حقّيّة خفيّة نسبية للوجود والعين بالنسبة إلى ذلك ، فينزّه وجوده وحقيقته جمعا وفرادى عمّا توهّمه متوهّم النقص فيه ،
إذ لا نقص إلَّا بالنسبة والإضافة ، ولكن ظهور الوجود في حقيقة الشيء هو كذلك ، وذلك درجة أو مرتبة لتجلَّي الوجود أو ظهور تلك العين والحقيقة في الوجود الحق بحسبه كذلك ليس إلَّا على هذا الوجه ، ولكنّ الناظر بنظره الوهمي يرى ذلك بالنسبة إلى ظهور آخر في مظهر ومرآة أخرى - نقصا ، فليس في الوجود نقص حقيقي ، بل بالنسبة والإضافة في وهم المتوهّم أو في التخيّل أو التعقّل لا غير ، ومقتضى التحقيق أنّه لمّا كان للوجود الحق صلاحية الظهور بتلك المحامد التي ذلك الشيء عليها ، وقبول الظهور لتلك الأحكام - التي توهم النقص من حيث التعيّن والظهور ، ذاتيّا ، كانت المحامد والمذامّ المتوهّمة عائدة على الوجود الحق بالأصالة في الحقيقة ، فاحتمل الضمير في قوله :"يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ " الوجهين معا ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( كما قلنا في المعتقد : إنّه إنّما يثني على الإله الذي في معتقده وربطه به نفسه ، وما كان - من عمل - فهو راجع إليه فما أثنى إلَّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصنعة فإنّما يمدح الصانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ، وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه ، فهو صنعته ، فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ، ولهذا يذمّ معتقد غيره ، ولو أنصف ، لم يكن له ذلك إلَّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك ، لاعتراضه على غيره ، فما اعتقده في الله ،)
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الضمير في قوله : « بحمده » من " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ " الراجع إلى المسبّح المعتقد لا يصلح أن يكون راجعا إلى الله إلَّا من حيث الوجه المحقّق الذي ذكرنا و لا إلى ما اعتقده ، فإنّ صورة معتقده مصنوعة له ومخلوقة له كذلك ، وليست لموجد الأشياء الذي يجب له التسبيح ، فإنّ الله أخبر عن نفسه بأنّه "سُبْحانَه ُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ " فإنّ كل معتقد خاصّ فإنّما يصفه بصفة كمال هو عليه لا غير ،
إذ لا يعرف غير ذلك الوصف ، وأخبر أنّه " لا يُحِيطُونَ به عِلْماً " وكلّ ذي اعتقاد فإنّه محيط بصورة معتقدة ، وأخبر تعالى أيضا في كتابه الذي "لا يَأْتِيه ِ الْباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْه ِ وَلا من خَلْفِه " على خلاف ما هو عليه معتقده ، وذلك لأنّ المنزّة بالتنزيه العقلي صوّر في اعتقاده صورة ليست بجسم ولا جوهر ولا غرض ولا كذا ولا كذا ،
وكذلك المشبّه حصره فيما شبّههه به وهو محيط بما صوّره ، لأنّه مصنوعه ، وصورة معتقد كلّ منهما محدودة بما يباين الآخر ويتميّز عنه ، وكل متميّز عن غيره متناهي الحدود إلى ذلك الغير ، ومحدود بما به يخصّص ويميّز ، فالإله الذي يعبده في زعمه هو ما صنعه في خياله ووهمه ، فما حمده به يرجع إليه ، فما حمد إلَّا نفسه ، لأنّه موجد تلك الصورة الذهنية في ذهنه ، فما سبّح الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ،
فإنّه غير محدود بحدّ ، ولا محصور في حكم ، ولا محاط به عقلا ، فإنّه هو المحيط بالعقل وبكلّ شيء بالذات إحاطة ذاتية ، كما علمت ، فسبحانه وتعالى عمّا يقولون علوّا كبيرا .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
قال رضي الله عنه : ( ثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله :" وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه " أي بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله بحمده يعود على الشيء : أي بالثناء الذي يكون عليه ) .
يعنى : ثم إن في وجود كل شيء مرتبة فيها يعود الضمير في بحمده إلى العبد المسيح ، وذلك لأن لكل موجود مرتبة في الوجود المطلق ، والمقيد هو المطلق مع التعين الذي يقيده فله كمالات ومحامد مختصة به وكمالات يشترك فيها مع غيره ، فهو بالقسم الأول يحمد نفسه : أي هوية الحق المقيدة بقيد تعين ، وينزه عن النقائص التي يقابلها لأن تلك المحامد لا تظهر على الوجه الذي ظهرت فيه إلا منه وله لا من غيره ،
كما أنه بالقسم الثاني يحمد ربه : أي الهوية المطلقة فهو بلسان مرتبته يحمده بكمالاته المختصة عين وجوده الظاهر هو به ، بل يحمد بوجوده الخاص به عينه الثابتة التي هذه المحامد خواصها فيها فأظهرها الوجود الحق لها ووصفها به كما أنه بلسان هويته المطلقة يحمد ربها ، فليس الحمد والثناء إلا لله ومن الله في الحالين ، وكذلك في تسبيحه نزه نفسه عن النقائص الكونية المخصوصة بما عداه من الأشياء معينة
"" أضاف بالي زاده :-
الضمير المنصوب في يعطيه يرجع إلى الحق ، واستعداده ، فاعل يعطيه ، وضميره يرجع إلى الكل يحمد ربه ، الحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة المذنبين ، الغفور الذي يستر ذنوب العباد ، فكان لكل شيء تسبيح خاص لربه الخاص الحليم الغفور له .أهـ بالى زاده ""
قال رضي الله عنه : ( كما قلناه في المعتقد أنه إنما يثنى على الإله الذي في معتقده وربط نفسه به ، وما كان من عمله فهو راجع إليه فما أثنى إلا على نفسه ، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك ، فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ، وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ، ولهذا يذم معتقد غيره ولو أنصف لم يكن له ذلك ، إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله)
هذا تشبيه بحمد الشيء نفسه : أي في وجوده الخاص بلسان المرتبة بحمد المعتقد الإله الذي يعتقده ، فإن ذلك الحمد يرجع إلى نفسه لأن ذلك الإله من عمله وصنعته لأنه تخيله فهو مصنوع له والثناء على الصنع ثناء على الصانع فهو يثنى على نفسه بذلك الثناء ،
إلا أن الأشياء بالطبع مثنية على أنفسها حامدة لها ولا تذم غيرها فهي عالمة بإلهها الذي تعين بأعيانها فهي عالمة بصلاتها وتسبيحها ، بخلاف الجاهل فإنه لاستحسانه صنعته ومحبته إياه يذم معتقد غيره ، وذلك لأن مصنوعه يلائمه ، ومصنوع غيره لا يلائمه فيذمه .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله).
قال الشيخ رضي الله عنه : (وثم مرتبة يعود الضمير) أي ، ضمير (بحمده) . (على العبد المسبح فيها) أي ، في تلك المرتبة .
ويجوز أن يعود ضمير ( فيها ) إلى ( الصلاة ) . وهي : ( في قوله : "وإن من شئ إلا يسبح بحمده ".) أي ، بحمد ذلك الشئ .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالضمير الذي في قوله : "بحمده" يعود على "الشئ" أي ، بالثناء الذي يكون عليه) أي ، كما أن كل شئ يسبح ربه المطلق ويحمده ، كذلك في مرتبة أخرى يسبح نفسه ويحمده ، فتنزيهه لربه تنزيه لنفسه وحمده له حمد لنفسه .
فيعود ضمير ( بحمده ) إلى نفس الشئ المسبح . وذلك لأن الهوية الأحدية كما هي ظاهرة بالمرتبة الإلهية وصارت معبودة للكل ، كذلك ظاهرة في المراتب الكونية ، فحينئذ إذا سبح شئ من الأكوان نفسه ، يسبح الهوية الظاهرة على صورته ، وهي عينه ، فهو المسبح المسبح ، وهو الحامد والمحمود .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كما قلناه في المعتقد إنه إنما يثنى على الإله الذي في معتقده ويربط به نفسه ).
ولكن ( ما كان من عمله فهو راجع إليه ، فما أثنى إلا على نفسه . فإنه من مدح الصنعة ، فإنما مدح الصانع بلا شك ، فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها . وإلى المعتقد مصنوع للناظر فيه ، فهو صنعه ، فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه . )
شبه ثناء الأشياء على أنفسها بالثناء على ما هو مجعول لها . أي ، الإنسان يثنى على الإله الذي هو في اعتقاده إله ، وهو في الحقيقة مجعول له مصنوع ، وهو جاعله وصانعه . لأن الإله المطلق لا ينحصر بتعين خاص ولا بعقد معين .
فكل ثناء يثنى عليه فهو ثناء على نفسه ، وهو لا يشعر بذلك . لأن كل من أثنى على الصنعة ، أثنى على صانعها . لأن حسنها وعدم حسنها راجع إليه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولهذا يذم معتقد غيره . ولو أنصف ، لم يكن له ذلك ) أي ، ولأجل أنه يعينه فيما أدركه ، يذم ما عين غيره ، وجعل معتقد نفسه محمودا . ولو أنصف ، لم يكن له أن يذم معتقد غيره ، فإنه أيضا مثله .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك ، لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله . ) أي ، فثناؤه على ما اعتقده ثناء على نفسه ، إلا أنه جاهل لا يشعر بذلك . ولو كان له شعور به ، لما اعترض على غيره فيما اعتقده ، وأثنى عليه .
لأنه لو علم أن معبوده مجعول لنفسه ، وهو يثنى على نفسه ، لعلم أن ما جعله غيره أيضا مجعول له وثناؤه عائد إليه . والذوات مجبولة على الثناء على أنفسها .
ولو علم أن معبوده المعين هو الإله المطلق الذي تجلى في قلبه وتعين بحسب استعداده ، لعلم هذا المعنى في إله غيره أيضا ، فلم ينكر عليه .
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة والثلاثون :- الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها. وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله )
قال رضي الله عنه : ( وثمّة مرتبة يعود الضّمير على العبد المسبّح فيها في قوله :"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" [ الإسراء :44] ، أي : بحمد ذلك الشّيء ، فالضّمير الّذي في قوله "بِحَمْدِهِ" [ الإسراء : 44 ] ، يعود على الشّيء أي بالثّناء الّذي يكون عليه ،
كما قلنا في المعتقد : إنّه إنّما يثني على الإله الّذي في معتقده وربط به نفسه ، وما كان من عمله فهو راجع إليه ، فما أثنى إلّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصّنعة فإنّما مدح الصّانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ، وإله المعتقد مصنوع للنّاظر فيه ، فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ) .
"" أضاف المحقق :
هذا كله في التسبيح والحمد اللذين في مرتبة صلاة العبد ؛ فالمصلي والمسبح والحامد في هذه المرتبة هو العبد . عبد الرحمن الجامي ""
( وثمة ) أي : في الواقع ( مرتبة ) كشفية ( يعود الضمير إلى العبد ) لمن نظر ( فيها ) ، أي : في تلك المرتبة
( في قوله :" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" أي : بحمد ذلك الشيء ) ؛ لأنه أقرب المذكورين ، واللّه تعالى أبعدهما في ( الضمير الذي في قوله :بِحَمْدِهِ يعود على الشيء )، أي : وإن لم يقصد حمد نفسه ، بل حمده اللّه تعالى ( بالثناء الذي يكون عليه ) ؛ لأنه إنما يسبح بقدر استعداده ، فهو إنما يثني على من يتصور منزها بقدر استعداده ، فصار ثناؤه عليه ( كما قلنا في المعتقد ) المقيد معبوده ، بل أدى إليه نظره الفكري أو تقليده للمتكلمين ، ( أنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده ) ، وكيف لا يكون ثناؤه عليه ، وقد زين نفسه به ، فزعم أنه خالق نفسه ، ( وربط به ) ( ما كان من عمله ، فهو ) أي : ثناؤه على اللّه ( راجع إليه ) ، أي : إلى معتقده الذي بصورة من فعله هو صنعته .
( فما أثنى ) في ثنائه على اللّه ( إلا على نفسه ، فإنه من مدح الصنعة ) ، فإنه مدح الصانع بلا شك ؛ لأن مدح الصنعة ( إنما ) كان فعل ( الصانع ) ورعايته ما ينبغي فيها ، فهو وإن كان قبيحا في سائر الاعتبارات كان ممدوحا باعتبار الصنعة ،
( فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ) ، والمعتقد اسم الفاعل صانع لما يتصوره من الإله في قلبه ، إذ ( إله المعتقد مصنوع للناظر فيه ) بنظر الحقيقة ، وإن زعم المعتقد إن ذلك الإله في اعتقاده صانعه ، وفي المصنوع أثر صنعة الصانع التي يمدح الصانع من أجلها ،
( فهو ) أي : إله المعتقد من حيث اشتماله على أثر صنعة الصانع المعتقد المصور له صنعة ، فثناؤه على ما اعتقده على أثر ( صنعته ) فيه ، وهو ثناء على صنعته والصنعة من الصانع ، فهو ( ثناؤه على نفسه ) .
قال رضي الله عنه : ( ولهذا يذمّ معتقد غيره ، ولو أنصف لم يكن له ذلك ، إلّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في اللّه )
( ولهذا ) أي : ولكون إله المعتقد من صنعته ( يذم معتقد غيره ) كما يذم بعض الصناع صنعة غيره إذا لم ينصف ، ( ولو أنصف لم يكن له ذلك ) ؛ لأنهما في اعتقاد أصل التنزيه على السوية ، إلا أن الأشعري يزعم أنه إنما ينزه عن النقائص لو ثبتت له صفات زائدة من الحياة والعلم ، والإرادة والقدرة ، والسمع والبصر والكلام والمعتزلي يزعم أنه إنما ينزه عن الكثرة لو كانت الصفات عين الذات ، ولو اتصف العلماء أن كلا منهما مصيب من وجه مخطئ من وجه ، فهو منزه عن كثرة الصفات باعتبار استقراره في مقر غيره ، وله صفات باعتبار تعلقه بالعالم ،
( إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص ) لا يتأتى له ذلك ، والإنصاف ؛ لأنه ( جاهل ) بالجهل المركب ، فزعم أنه عالم ( بلا شك في ذلك ) المعتقد ؛ ( لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في اللّه ) .
ولو لم يكن جهله مركبا لم يعترض عليه ، بل قال مثل قول المحققين ،
وإليه الإشارة بقوله : إذ لو عرف ما قال الجنيد : " لون الماء لون إنائه " ، لسلم كل ذي اعتقاد.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها. وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك.
إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله)
إله المعتقد مصنوع معتقده
هذا كله في التسبيح والحمد اللذين في صلاة العبد ، فأمّا إذا أخذا على ما هو في صلاة الحقّ ، فالضمير المذكور حينئذ إنّما يعود إلى الشيء ، وإلي ذلك أشار بقوله : ( وثمّ مرتبة يعود الضمير إلى العبد المسبّح فيها ) ، أي في تلك المرتبة ، فإنّ أصل التسبيح في صلاة الحقّ إنّما هو للعبد والحقّ فيها تابع مصلّ وذلك الضمير هو الذي
قال رضي الله عنه : ( في قوله : " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ " أي بحمد ذلك الشيء ، فالضمير الذي في قوله : " بِحَمْدِه ِ " يعود على الشيء ، أي بالثناء الذي يكون عليه ) فإنّ الحمد هو الثناء بالجميل ، وبيّن أنّ كلّ أحد إنّما يحمد ويثنى الصورة الاعتقاديّة التي جعلها إلها لنفسه ،
قال رضي الله عنه : ( كما قلنا في المعتقد إنّه إنّما يثنى على الإله الذي في معتقده ) عندما يصلَّي بالصلاة العبدانيّة ، ( فتربط به نفسه ) ربط العبيد بالإله ، والفروع بالأصل وبيّن أنّ تلك الرابطة لقرب المربطين وثيقة جدّا ، فإنّ تلك الصورة عمل المعتقد ، ( وما كان من عمله فهو راجع إليه فما أثنى إلَّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصنعة فإنّما مدح الصانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ) والمدح والذمّ راجعان إليه .
قال رضي الله عنه : ( والإله المعتقد مصنوع للناظر فيه ) إن كان ذا نظر ، وأمّا المقلَّد فهو إنما يقلَّد ذا نظر ، فإلهه أيضا مصنوع للناظر فيه ( وهو صنعته ) المعمولة بيدي مقدّمتيه ، ( فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ، ولهذا يذمّ معتقد غيره )
فإنّه على خلاف ما صنعه ، ( ولو أنصف ) إنصاف عارف بالأمر ( لم يكن له ذلك ) فإنّ الكلّ مجالي صور المعبود الحقّ .
قال رضي الله عنه : ( إلَّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك ) ضرورة أنّ نظره إنّما هو على الخصوصيّة المصنوعة المعمولة ( لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله ) الجامع لجميع الأسماء بحقيقته الكليّة الجمعيّة الأحديّة ،
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» أي بحمد ذلك الشيء.
فالضمير الذي في قوله «بحمده» يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه كما قلنا في المعتقد إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده وربط به نفسه.
وما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى صانعها. وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه: فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.
ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك. إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله)
قال رضي الله عنه : ( وثمّة مرتبة يعود الضّمير على العبد المسبّح فيها في قوله :"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" أي بحمد ذلك الشّيء . فالضّمير الّذي في قوله بِحَمْدِهِ [ الإسراء : 44 ] يعود على الشّيء أي بالثّناء الّذي يكون عليه. كما قلنا في المعتقد إنّه إنّما يثني على الإله الّذي في معتقده وربط به نفسه ، وما كان من عمله فهو راجع إليه ، فما أثنى إلّا على نفسه ، فإنّه من مدح الصّنعة فإنّما مدح الصّانع بلا شكّ ، فإنّ حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها . وإله المعتقد مصنوع للنّاظر فيه ، فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه . ولهذا يذمّ معتقد غيره ، ولو أنصف لم يكن له ذلك . إلّا أنّ صاحب هذا المعبود الخاصّ جاهل بلا شكّ في ذلك لاعتراضه على.)
( وثم مرتبة ) ، أي وهي مرتبة صلاة الحق على العبد ، فالمصلي والمسبح والحامد في هذه المرتبة هو الحق وحينئذ ( يعود الضمير على العبد المسبح ) ، على أنه لسان من ألسنة الحق يسبح ويحمد به ( فيها ) ، أي في تلك المرتبة وذلك الضمير هو الضمير المجرور الذي ( في قوله :" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" [ العنكبوت : 44 ] ،
أي بحمد ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله بحمده يعود على الشيء ) ، أي يسبح ( بالثناء الذي يكون عليه ) ، فإن الحمد هو الثناء وثناء الحق على الشيء بما هو عليه مما يثنى به ثناء الحق على نفسه ، فإن العبد مصنوع له تعالى وثناء الصنع راجع إلى الصانع ( كما قلنا في المعتقد إنه إنما أثنى ) ، في صلاته التي هي صلاة العبد للحق ( على الإله ) المجعول (الذي في معتقده فيربط به نفسه ) .
ربط العبد بآلاته الغير المجعول ( و ) لكن ( ما كان من عمله فهو راجع إليه فما أثنى إلا على نفسه فإنه من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها ) .
والمدح والذم راجعان إليهما ( والإله المعتقد مصنوع للناظر فيه ) ، إن كان ذا نظر ، وأما المقلد فهو إنما يقلد ذا نظر فإلهه أيضا مصنوع للناظر فيه ( فهو صنعته ) المعمولة له ( فثناؤه على ما اعتقده ثناء على نفسه ولهذا يذم معتقد غيره ) ، فإنه على خلاف ما صنعه ( ولو أنصف ) إنصاف عارف بالأمر ( لم يكن له ذلك ) الذم لمعتقد غيره لحضرة الحق في صورة اعتقاده المعمول له.
( إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل ) لا إنصاف به ( بلا شك في ذلك ) ،
قال رضي الله عنه : ( غيره فيما اعتقده في اللّه) .
( لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في اللّه ) الجامع لجميع الأسماء بحقيقته المطلقة الجمعية الأحدية.
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الرابعة والثلاثون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة والثلاثون :- الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلّم لكلّ ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف اللّه في كلّ صورة وكلّ معتقد . فهو ظان ليس بعالم ، فلذلك قال : «أنا عند ظنّ عبدي بي» أي لا أظهر له إلّا في صورة معتقده : فإن شاء أطلق وإن شاء قيّد . فإلّه المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الّذي وسعه قلب عبده ، فإنّ الإله المطلق لا يسعه شيء لأنّه عين الأشياء وعين نفسه : والشّيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم ،وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ[ الأحزاب : 4 ] .
قال رضي الله عنه : (إذ) ، أي لأنه (لو عرف) ذلك المعترض على غيره (ما قال) ، أي قول (الجنيد) رضي اللّه عنه السابق ذكره لون الماء لون إنائه كما قدمنا بيانه قريبا لسلّم لكل ذي اعتقاد في اللّه تعالى ما اعتقده ، لأن الكل مخلوق في النفوس فهو سواه ، والاختلاف في ذلك إنما هو بحسب استعداد كل أحد في قوّة بصيرته ، والحق تعالى المطلق بالإطلاق الحقيقي غيب عن الكل ، مطلقا على حسب ما هو عليه في الأزل (وعرف اللّه) تعالى ظاهرا متجليا له في كل صورة حسية أو عقلية أو )و( همية وفي (كل معتقد) بصيغة اسم المفعول أي ما يعتقده كل أحد على حسب ما قررنا سابقا .
) قال رضي الله عنه : فهو( ، أي ذلك المعترض على غيره في الاعتقاد ظان ، أي صاحب ظن في اللّه تعالى كما قال سبحانه :وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا[ الأحزاب :10].، وقال تعالى :إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ[ الأنعام : 116 ] وإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً[ يونس :36].
، ثم قال تعالى بعد ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا[ النجم : 29 ] ، أي من حيث الإطلاق الحقيقي ليس ذلك بعالم باللّه تعالى أصلا لعدم عجزه بالذوق والوجدان عن ذلك الغيب المطلق .
قال رضي الله عنه : (فلذلك) ، أي لأجله (قال) تعالى كما ورد في الحديث القدسي (" أنا عند ظن عبدي بي") فليظن بي ما شاء » . رواه الطبراني والحاكم عن واثلة بن الأسقع.
وفي رواية : " أنا عند ظن عبدي بي فإن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله " . رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة .
قال رضي الله عنه : (أي لا أظهر له) ، أي لذلك العبد (إلا في صورة معتقده) ، أي ما يعتقده في حق اللّه تعالى (فإن شاء أطلق) في معتقده من حيث ما يدري ذلك العبد من عدم التخصيص بصورة في نفسه ، وهو الإطلاق المجازي العقلي لا الإطلاق الحقيقي ، الذي هو عليه الحق تعالى في نفسه ، لأن ذلك ليس بإطلاق أحد (وإن شاء قيد) في معتقده صورة خاصة ولكنه لا يبقي ما عداها لئلا يفتري على غيره فيفتري الغير عليه ظاهرا أو باطنا أو بلسان الحال (فإله المعتقدات) ،
أي الذي في الاعتقادات المختلفة على حسب استعداد كل استعداد منها تأخذه الحدود ، أي المقادير والصور والهيئات بحسب العقول المختلفة (وهو الإله الذي) ورد في الحديث القدسي أنه قال رضي الله عنه : (وسعه قلب عبده) المؤمن في قول النبي صلى اللّه عليه وسلم عن اللّه تعالى : " وما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن " . والعبد المؤمن هو كل من في السماوات والأرض .
قال تعالى :إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً[ مريم : 93 ]
لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ( 94 ) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً( 95 ) [ مريم : 94 - 95 ].
قال رضي الله عنه : (فإن الإله) الحق (المطلق) بالإطلاق الحقيقي (لا يسعه شيء) أصلا ، فإن الأشياء كلها بالنسبة إليه عدم صرف وهو الوجود الحق الحقيقي (لأنه) ، أي الإله المطلق (عين الأشياء) كلها المحسوسة المعقولة والموهومة من حيث التجلي والانكشاف بالوجود الحق المطلق ، لا من حيث الصور الممكنة العدمية الظاهرة بذلك التجلي الإلهي والانكشاف الرباني
قال رضي الله عنه : (و) هو أيضا تعالى من تلك الحيثية المذكورة (عين نفسه) ، أي ذاته (والشيء لا يقال فيه) ، أي في حقه أنه (يسع نفسه) إذ لا مغايرة بينه وبين نفسه ولا يقال فيه أيضا (أنه لا يسعها) ، أي نفسه لأن النفي مرتب على الإثبات ، فإذا لم يمكن الإثبات في أمر فلا معنى لاعتبار النفي فيه حينئذ .
قال رضي الله عنه : (فافهم) يا أيها السالك جميع ما ذكرناه لك في هذا الكتاب مفصلا ومجملا (واللّه سبحانه يقول الحق ) بلسان عبده المؤمن (وهو) تعالى الذي ("يَهْدِي السَّبِيلَ")، أي الطريق المستقيم والدين المحمدي القويم لا هادي سواه ولا إله إلا اللّه .
وقال شارحه سامحه اللّه تعالى : وهذا آخر ما يسره اللّه تعالى لنا من الشرح على كتاب فصوص الحكم ، الذي ناوله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي رضي اللّه عنه في منامه المشتمل على رؤيا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الحق الصدق ،
الذي من رآه في منامه فقد رآه حقا كما ورد عنه صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الشريف .
وقال له : " اخرج به إلى الناس ينتفعون به " .
فخرج به رضي اللّه عنه في بلادنا هذه دمشق الشام المحروسة إن شاء اللّه تعالى من كل سوء على مدى الأيام ، وانتفع الناس به كما قال صلى اللّه عليه وسلم ، "وما تضرر به إلا من غلبت عليه الحيوانية ، وضعفت إنسانيته فليس من الناس إلا في الصورة دون المعنى " .
وقد سبق بيان هذه الرؤيا المبشرة في أوّل هذا الكتاب تلطيف ذلك الكلام المستطاب ، واللّه تعالى قد تفضل الآن بإتمام شرحنا هذا الذي خدمنا به ألفاظ المتن بحسب فتوح الوقت من غير مراجعة شرح من شروحه أصلا من أوّله إلى آخره، واتكلنا فيه على معونة اللّه تعالى لنا وحسن توفيقه.
وقد كشفنا فيه عن العبارات المغلقة وحررنا ما يحتاج إليه في بيان ما أشكل من معانيه التي هي عند كثير من الناس مغلقة ، وكان هذا التحرير من أوّله إلى آخره في بلادنا هذه دمشق الشام ، التي كان تصنيف المتن فيها بمعونة الملك العلام .
وقد فرغنا منه بعد صلاة الجمعة بالجامع الأموي نهار الجمعة الخامس والعشرين من شعبان المبارك من شهور سنة ست وتسعين بعد الألف .
قال هذا مصنفه العبد الحقير والعاجز الفقير عبد الغني بن إسماعيل بن النابلسي
عفا اللّه تعالى عنه ولطف به في الدارين ، وختم له بالحسنى وجعله من خير الفريقين .
وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والحمد للّه رب العالمين ، ورضوان اللّه تعالى على جميع الصحابة والتابعين إلى يوم الدين ، والحمد للّه رب العالمين .
قال شارحه سامحه اللّه تعالى وقد أحببنا هذا الشرح المبارك بأبيات ثلاثة عشر ، نظمناها بعد فراغنا من تصنيفه بيومين ، تشتمل في آخرها على تاريخ إتمام هذا الشرح إذا حسبت الجملة الواقعة بعد قولي : " أرخت " وهي : « صار شرح الفصوص » .
وذلك قولي :
بعلوم حوى كتاب الفصوص ... تنتهي قلوب أهل الخصوص
نور حي مؤيد هو فينا ... من كتاب وسنة بالنصوص
لكن الحق باطل بالتعامي ... عنه ممن في دينهم كاللصوص
ويرى المؤمن الأذى من سواه ... ولو انحاز عنه في أفحوص
"" أفحوص : مشتق من فحصت القطاة والدجاجة إذا بحثت في التراب موضعا تبيض فيه ، والأفحوص مبيض القطا وعش الطائر ( لسان العرب )""
إن هذا الكتاب للّه باب ... يا هنا أهل بيته المخصوص
فيه دين الإله أحياه محيي ال ... دين بحر الكمال روض الخلوص
كيف لا والرسول ناوله ذا ... وله قال في مساق الشخوص
خذه واخرج به إلى الناس حتى ... يقتفوا نفعه بزجر القلوص
"" القلوص : كل أنثى من الإبل ، الشّابة أو الباقية على السير ( القاموس المحيط ) .""
عصبة الحق في معانيه قاموا ... كبناء عن الهوى مرصوص
والجهول الذي له حرمان ... من بداه بحظه المنقوص
أذهب العمر منكرا بجناح ... عن نهوض إلى العلى مقصوص
وفق اللّه حيث قمنا بنصر ... للهدى في مراده المنصوص
وعليه لنا تيسر شرح ... فيه أرخت صار شرح الفصوص
* * *
تم الفص المحمدي
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ) ذلك العابد للمعبود الخاص ( ما قال الجنيد لون الماء لو إنائه ) وما مفعول عرف ( لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده وعرف اللّه في كل صورة و ) في ( كل معتقد ) فإذا لم يعرف اللّه في كل صورة.
قال رضي الله عنه : ( فهو ظان ليس بعالم فلذلك قال تعالى : أنا عند ظن عبدي بي أي لا أظهر له إلا في صورة معتقده فإن شاء أطلق وإن شاء قيد ) إذ لا بد من القيد بالإطلاق أو بغيره ( فإله المعتقدات ) بكسر القاف ( تأخذه الحدود ) لتقيده بحسب استعداد المعتقد ( وهو الإله الذي وسعه قلب عبده فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء ) بحسب الحقيقة لا بحسب الأسماء والصفات .
قال رضي الله عنه : ( وعين نفسه ) إذ لا شيء في مرتبة الإطلاق غيره ( والشيء لا يقال فيه ) أي في حقه ( يسع نفسه ولا لا يسعها ) فظهور الحق في قلب عبده غير ظهوره في مرتبة إطلاقه فالحق واحد حقيقي والتعدد بحسب الأسماء والصفات
ففي مرتبة يقال : الإله المطلق وفي مرتبة الإله المحدود وغير ذلك من المراتب فالأمر واحد ( فافهم "وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ") .
خاتمة الكتاب
تمّ الكتاب بعون اللّه الملك الجليل
حمدا لمن اطلع شمس المعرفة في سماء قلوب كمل أوليائه ، وفجر منها ينابيع الحكمة ، فقاموا على قدم الخدمة ، شكرا لآلائه ، ومحى فضلا نقطة الغين فعاينوا وحدة وجوده ، وأثبت العين فتملوا بمشاهدة جماله وشهوده ، وحباهم حبه فهم مصونون صفاء طبعهم فاض يقينا ، راضون شذا شكرهم دام ينمو يمينا ، عارفون باللّه حقا مشاهدون الوحدة في الكثرة صدقا ، والصلاة والسلام على عين الوجود سر الجمع المفرد .علة كل موجود سيدنا ومولانا محمد ، صلى اللّه عليه وعلى آله وأصحابه ، وتابعيه وأنصاره وأحبابه ما لاح بارق ، وذر شارق ، وسلم تسليما كثيرا .
وأما بعد فإن من أجل مؤلفات سيدنا قطب الوجود ، حاتمي الأصل والعلم معدن الفضل والجود ، الامام الرباني الشيخ الأكبر ، الغوث الفرد الصمد أبي الكبريت الأحمر ، سيدي ومولاي ووسيلتي ومنتماي أبي عبد اللّه محمد محيي الدين بن عليّ بن العربي ، الحاتمي الطائي الأندلسي قدس اللّه سره وروحه ، ونور مرقده وضريحه كتابه الموسوم بفصوص الحكم ، بيد أنه كنز مغلق مطلسم ، جليّ العبارة خفيّ الإشارة ، قد انتدب الجم الغفير لفتح كنوزه ، وحل مشكلات رموزه .
وكان من جملة من أتى بالشرح المفيد ، وذكر ما ليس عليه مزيد ، بشر زمانه ، وجنيد عصره وأوانه ، العلامة الفاضل ، الفهامة الكامل ، الشيخ بالي أفندي عليه رحمة المعيد المبدي المكنى بخليفة الصوفية المتوفى 960 تسعمائة وستين كما نقله في كتاب كشف الظنون ، فلعمري أنه الشرح الكافي الكافل الوافي بحال ما فيه من المشاكل .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد. فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد. فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه وهذا آخر الكتاب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم الكتاب بحمد الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد : « لون الماء لون إنائه » لسلَّم كلّ ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف الله في كل صورة وكلّ معتقد » . )
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الضمير في قوله : « بحمده » من " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ " الراجع إلى المسبّح المعتقد لا يصلح أن يكون راجعا إلى الله إلَّا من حيث الوجه المحقّق الذي ذكرنا و لا إلى ما اعتقده ، فإنّ صورة معتقده مصنوعة له ومخلوقة له كذلك ، وليست لموجد الأشياء الذي يجب له التسبيح ، فإنّ الله أخبر عن نفسه بأنّه "سُبْحانَه ُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ " فإنّ كل معتقد خاصّ فإنّما يصفه بصفة كمال هو عليه لا غير ،
إذ لا يعرف غير ذلك الوصف ، وأخبر أنّه " لا يُحِيطُونَ به عِلْماً " وكلّ ذي اعتقاد فإنّه محيط بصورة معتقدة ، وأخبر تعالى أيضا في كتابه الذي "لا يَأْتِيه ِ الْباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْه ِ وَلا من خَلْفِه " على خلاف ما هو عليه معتقده ، وذلك لأنّ المنزّة بالتنزيه العقلي صوّر في اعتقاده صورة ليست بجسم ولا جوهر ولا غرض ولا كذا ولا كذا ،
وكذلك المشبّه حصره فيما شبّههه به وهو محيط بما صوّره ، لأنّه مصنوعه ، وصورة معتقد كلّ منهما محدودة بما يباين الآخر ويتميّز عنه ، وكل متميّز عن غيره متناهي الحدود إلى ذلك الغير ، ومحدود بما به يخصّص ويميّز ، فالإله الذي يعبده في زعمه هو ما صنعه في خياله ووهمه ، فما حمده به يرجع إليه ، فما حمد إلَّا نفسه ، لأنّه موجد تلك الصورة الذهنية في ذهنه ، فما سبّح الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ،
فإنّه غير محدود بحدّ ، ولا محصور في حكم ، ولا محاط به عقلا ، فإنّه هو المحيط بالعقل وبكلّ شيء بالذات إحاطة ذاتية ، كما علمت ، فسبحانه وتعالى عمّا يقولون علوّا كبيرا .
قال رضي الله عنه : ( فهو ظانّ ليس بعالم ، فلذلك قال : " أنا عند ظنّ عبدي بي " أي لا أظهر له إلَّا في صورة معتقدة ، فإن شاء أطلق ، وإن شاء قيّد ، فإله المعتقدات تأخذه الحدود ، وهو الإله الذي وسعه قلب عبده ، فإنّ الإله المطلق لا يسعه شيء ، لأنّه عين الأشياء وعين نفسه ، والشيء لا يقال فيه : يسع نفسه ، ولا : لا يسعها ، فافهم والله يقول الحقّ وهو يهدي السّبيل).
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الأحدية الذاتية تستهلك ما يسمّى غيره ، فما ثمّ إلَّا هو هو ، حتى أنّ الأحدية ليست نعتا له ، بل الأحدية في هذا المقام عين الواحد الأحد ، فلا اثنينيّة ، فما ثمّ من يسعه سواه ، فآلهة الاعتقادات صور وهميّة تعقّلها المعتقدون من حيث إنّ اعتقاد كلّ معتقد على التعيين يخالف اعتقاد مخالفه ، وقد ميّز كل منهم معتقده عن معتقد مخالفه ، فحدّده بما به ميّزه وعقده ، وحصر الحق الذي في زعمه في صورة اعتقاده ، وعقد عليه عقده ، واعتقد عقيدة ، وأنكر الحق الذي في معتقد غيره وجحد ،
لكنّ الله الواحد الأحد محيط بكلّ ما توحّد فتأحّد ، وما تعدّد فتحدّد ، لا تقدح في أحديته كثرة ما يتعدّد في مراتب العدد ، ولا في إطلاقه تقيّد ما تعيّن وتقيّد ، فتحدّد ، فيتنوّع التجلَّي من ينبوع تعيناته في منصّات تجلَّياته ومجالي تعيناته بحسب خصوصيات شؤون ذاته ،
فيقبل كلّ ذلك لنفسه من نفسه باقتضاء له ذاتيّ فوسع الكلّ ، ولم يسعه الكلّ ، فالذي وسعه قلب عبده هو الإله الذي اعتقده ، فوسع قلبه وملأه ، فلا يسع معه غيره .
ولكنّ هاهنا تحقيقا لمن آتاه الله نظرا دقيقا ولطفا في الإدراك وتدقيقا وهو أنّ الله لمّا كان بوجوده عيّن ما ظهر وعيّن ما بطن واستتر ،
فهذه الصور الاعتقادية تكون من جملة ظهوراته وتعيّناته في مراتب الأذهان والأوهام والأفهام والبصائر والعقول والقلوب والشهود والوجود ، فقد وسع الحق هذه الصور كلَّها ، فإنّها صورة في تلك المراتب الخصيصة بها .
ولا يقال : إنّه من حيث ظهوره في صورة عين ما ظهر بصورة أخرى : فإنّه - من حيث ظهوره في صورة ما - متعيّن فيها بحسبها ، محدود بحدّها .
ولا يقال أيضا : إنّه من كونه عين الكلّ هو هذا على التعيين ، فإنّ هذا هذا لا غير ، ليس ذاك وهو عين الكلّ ، والكل صورته وهو هوية الكل فمن لم يحصره في صورة معينة دون غيره فقد عرف الحق على ما هو عليه في نفسه ، فإنّه في نفسه مطلق عن كل قيد وحصر وهو المحيط غير المحاط ، من كونه هو هو هو هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن ،
وما ثمّ إلَّا ظاهر أو باطن أو أوّل أو آخر ، فمن كونه عينا في غيب عينه باطن أوّل لا اطَّلاع عليه من هذا الوجه أصلا ورأسا ، وهو من كونه عين ما ظهر من كل صورة حسّيّة جسميّة طبيعية أو عنصرية أو غير حسيّة بل عقلية أو وهمية أو خيالية عين الكلّ من غير حصر في صورة ما منها على التعيين ، ولا في الجميع ولا في الإطلاق عن الجمع والجميع وعن كل قيد وحصر .
وقوله رضي الله عنه : ( الذي وسعه القلب هو الإله المعتقد يريد بذلك الاعتقادات الجزئية التقييدية من تنزيه أو تشبيه أو غير ذلك سوى الذي وسعه قلب الكامل ، فإنّ قلب الإنسان الكامل - المشاهد للأمر على ما هو عليه في نفسه - منقلب مع الحق أوله في صور شؤونه الذاتية أبدا دائما ، فهو مطلق لا قيد له في عقد ، فما له معتقد معيّن ، لحصر الحق فيه ولا يكون صورا اعتقادية ، بل هو مع الحق في صور شؤونه التي فيه ، يتقلَّب ويتحوّل فيها لمقتضى ذاته وقد وسعه ، لأنّ قلبه أحديّة جمع جميع الشؤون الذاتية ، وهو عين الأعيان الغيبيّة العينيّة ، وهو قلب الوجود ، ولبّ الشاهد والمشهود والشهود ، لأنّه صورة التعين الأوّل الذاتي ، وهو قلب الحق المطلق والخلق المقيّد ،
فافهم إن كان لك قلب يسع الحق على ما هو عليه الحق في نفسه ،
وإلَّا فألق السمع إلى الحق الذي أنزل القرآن على رسوله ، ونطق على لسان هذا الرسول بالحق ، فإنّه "ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ".
فليؤمن بما أنزل الله من الكتاب كلَّه وبجميع ما نطق به على السنة أنبيائه ورسله وأوليائه ، من غير تأويل نفسيّ أو تحكيم عقلي ورأي من عنده ظنّيّ أو حدسيّ أو علمي في زعمه فكريّ فعساه يكون من أهل النجاة والرشاد والسّداد ، ولله ولَّي التوفيق والإرشاد والإسعاد ، واهب الاستعداد أبد الآباد .
والحمد لله الأوّل الآخر الباطن الظاهر ، منتهى الأعداد ، ومبلغ الأمداد ، ومداد الإمداد ، وغاية الدهور والآماد ، ملء السماوات والأرضين وما بينهما وما فوقهما وما تحتهما وما أحاط بهما ، عدد خلقه وزنة عرشه ورضى نفسه ومداد كلماته .
وصلَّى الله على خاتم الرسل والأنبياء ووارثه الأكمل في خصوص ختميته ، خاتم الأولياء المحمديين ، وخاتم الولاية العامّة المطلقة ، روح الله وكلمته وخاتم الأولياء أجمعين ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلاته وسلامه على محمد وآله أجمعين الطَّيبين الطاهرين .
تمّ بتوفيق الله في أوائل ذي القعدة الحرام لسنة خمس وسبعين وثمانمائة الهجرية 875 اللهمّ اغفر وارحم لكاتبه ولجميع المؤمنين ، آمين .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه ، لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده وعرف الله في كل صورة وفي كل معتقد )
هذا تشبيه بحمد الشيء نفسه : أي في وجوده الخاص بلسان المرتبة بحمد المعتقد الإله الذي يعتقده ، فإن ذلك الحمد يرجع إلى نفسه لأن ذلك الإله من عمله وصنعته لأنه تخيله فهو مصنوع له والثناء على الصنع ثناء على الصانع فهو يثنى على نفسه بذلك الثناء ،
إلا أن الأشياء بالطبع مثنية على أنفسها حامدة لها ولا تذم غيرها فهي عالمة بإلهها الذي تعين بأعيانها فهي عالمة بصلاتها وتسبيحها ، بخلاف الجاهل فإنه لاستحسانه صنعته ومحبته إياه يذم معتقد غيره ، وذلك لأن مصنوعه يلائمه ، ومصنوع غيره لا يلائمه فيذمه .
قال رضي الله عنه : ( فهو ظان ليس بعالم فلذلك قال تعالى أنا عند ظن عبدي بي أي لا أظهر له إلا في صورة معتقده فإن شاء أطلق وإن شاء قيد ، قاله المعتقدات تأخذه الحدود فهو الإله الذي وسعه قلب عبده ، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه، الشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم ، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ) .
إنما قال تعالى أنا عند ظن عبدي لأنه بكل شيء محيط بأحديته المطلقة فلا بد أن يحيط بجميع الصور الحسية والخيالية والوهمية أو بالعقلية الظنية والعلمية ، فعلى أي وجه يكون ظن العبد في معتقده من تشبيه حسى أو خيالي أو وهمى أو تنزيه عقلي ، فاللَّه هو الظاهر بصورة معتقده ذلك ، ولا يظهر له إلا بتلك الصورة أطلق أو قيد ، والإطلاق ليس من شأن العقل وما دونه من المدركات لأن العقل مقيد إلا المقيد بقيد الإطلاق ، فإنه أيضا مقيد لا مطلق من حيث هو بالحقيقة ، فلا بد لإله المعتقدات أن تأخذه الحدود المميز بعضها عن بعض ، فهو الذي وسعه قلب العبد المؤمن بالإيمان العيني ، فإن المعتقد لا يكون إلا في القلب ، وأما الإله المطلق الذي هو عين كل شيء فلا يسعه شيء إلا قلب العارف الذي هو عين الكل ، فإنه متقلب مع الحق في إطلاقه وتقيده لتجرده عن تعينه ، وتعينه لفنائه في الحق وبقائه ، فهو قلب الحق متعين بالتعين الأول الحقي الذي يستهلك جميع التعينات فيه ، وأما قوله : الشيء لا يقال ومع نفسه ولا لا يسعها ، فالمراد أنه لا يقال إنه عرف بحسب الحس ، وأما بحسب العلم فقد يسع نفسه فإن الله يقول :" وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً " وعن قول الملائكة "رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْماً " ولا شك أنه تعالى عالم بذاته فهو يسع نفسه علما وكيفا ،
"" أضاف بالي زاده :-
فظهور الحق في قلب عبده غير ظهوره في مرتبة إطلاقه ، فالحق واحد حقيقي والتعدد بحسب الأسماء والصفات في مرتبة يقال الإله المطلق وفي مرتبة الإله المحدود وغير ذلك من المراتب فالأمر واحد فافهم .أهـ بالى زاده ""
وقال الشيخ في الفص الإسحاقي بهذه العبارة لو أن ما لا يتناهى وجوده إلى آخر ما قال ، ومثله أجل وأعلى منصبا من أن يكون في كلامه تناقض حاشاه من ذلك فهو محمول على أن الأمر تنزيه وتشبيه ،
والله تعالى لا يكون مشهودا بالبصر من حيث التنزيه كما ذكر في قوله تعالى - "لا تُدْرِكُه الأَبْصارُ " بل يكون معلوما بالقلب ويكون مشهودا بالبصر من حيث التشبيه ، والظاهر في صورة المعتقد لا يكون إلا مشهودا ،
فمن ثم قال : هو الذي يسعه عبده المؤمن : أي من حيث الشهود ولا يسعه شيء من حيث الإطلاق ، وأعنى بالتشبيه والتنزيه الإطلاق والتقييد ، وقد مر مثل هذا التنزيه والتشبيه في شرح قوله : " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " .
وليكن هذا آخر ما أردنا إيراده ، والله تعالى هو البالغ أمره ومراده ، اللهم اعصمنا من الخطأ والزلل في الإيراد ، ووفقنا في العلم والقول والعمل للحق والصواب والسداد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
بحمد الله تعالى قد تم طبع كتاب : شرح الأستاذ الفاضل والعالم الكامل الشيخ عبد الرزاق القاشاني على فصوص الحكم
.
يتبع
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الرابعة والثلاثون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة والثلاثون :- الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد : "لون الماء لون إنائه" . لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد . ) أي ، إذ لو عرف أن الحق هو الذي يتجلى بصور الأعيان وصور الأذهان بحسب الاستعدادات وقابلياتها ، يسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف الله في كل صورة يظهر بها ، وآمن بالحق فيها ، وكان من أصحاب السعادة العظمى .
وقوله : ( وكل معتقد ) بالاعتقاد الخاص ( فهو ظان ، ليس بعالم . ) إذ لو كان عالما عارفا ، لعرف الله في كل الصور والعقائد . ف ( كل ) مبتدأ ، ( فهو ظان ) خبره .
ويجوز أن يكون معطوفا على قوله : ( في كل صورة ) . أي عرف الله في كل صورة وكل عقيدة . فيفتح ( القاف ) .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلذلك قال تعالى : "أنا عند ظن عبدي بي" . أي ، لا أظهر له إلا في صورة معتقده : فإن شاء أطلق . ) وعبد الإله المطلق الظاهر في كل المظاهر والمجالي .
(وإن شاء قيد ) بصورة معينة يعطيها استعدادها . ( فإله المعتقدات تأخذه الحدود . ) لأنه مقيد معين .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهو الإله الذي وسعه قلب عبده ، فإن الإله المطلق لا يسعه شئ ، لأنه عين الأشياء وعين نفسه ، والشئ لا يقال فيه يسع نفسه ، ولا لا يسعها . فافهم ذلك . والله يقول الحق وهو يهدى السبيل . )
أي ، القلب لما كان معينا مقيدا مكتنفا بعوارض تعينه وحدود تشخصه ، لا يدرك إلا مثله ، ولا يسعه إلا ما هو معين محدود مثله . والإله المطلق جل عن الحدود وعز عن الإحاطة ، فلا يسعه شئ .
فكيف يسعه وهو عين الأشياء ، ولا شئ غيره ؟ ولا يوصف الشئ بأنه يسع لنفسه ، ولا بأنه لا يسعها . فافهم ترشد .
لا يقال قوله : ( فإن الإله المطلق لا يسعه شئ ) . يناقض ما ذكره من قبل من أن قلب العارف يسع الحق . لأن ذلك بحسب التجلي ، والتجلي أبدا لا يكون إلا على قدر استعداد المتجلى له ، والمتجلى له عين مقيد ، فلا يمكن أن يتجلى له الحق المطلق من حيث إطلاقه ، إذ هذا النوع من التجلي لا يبقى للمتجلى له وجودا وتعينا ، للمنافاة بينهما .
ولا يمكن أن يتجلى لشئ بجميع أسمائه وصفاته دفعة وهذا هو المراد وإن كان قلب الكامل العارف قابلا لجميع التجليات الأسمائية ، لكن لا يتجلى له الحق دفعة بالجميع ، ولا له قابلية ذلك .
والله يقول الحق بلسان الكاملين، ويهدى سبيله للمتوجهين إليه والطالبين، وهو الموفق للرشاد، ومنه المبدأ وإليه المعاد. وهذا آخر ما أردنا بيانه.
والحمد لله على التوفيق والشكر لولى الحقائق.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلّم لكلّ ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف اللّه في كلّ صورة وكلّ معتقد ، فهو ظان ليس بعالم ).
ولو لم يكن جهله مركبا لم يعترض عليه ، بل قال مثل قول المحققين ،
وإليه الإشارة بقوله : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد : " لون الماء لون إنائه " ، لسلم كل ذي اعتقاد ) من أهل التنزيه ، والجامع بين التنزيه والتشبيه باعتبار استقراره في مقر غيره ، وتعلقه بالعالم ( ما اعتقده ، وعرف اللّه ) ظاهرا ( في كل صورة ) من صور العالم ، ولم ينكر على الصوفية القائلين بظهوره في العالم بصور المحدثات ، فإنه وإن لم يكن له صور في ذاته ، فلا يبعد أن يتصور عند ظهوره في حقائق الأشياء ، كما أنه لا لون لنور الشمس ، وهو يتلون بألوان الزجاجات إذا أشرق عليها فيما يحبها ، وإذا كان ( كل معتقد ) من الأشاعرة والمعتزلة مصيبا من وجه ومخطئا من وجه ، فكل معتقد يقيده ، ( فهو ظانّ ) في الحق "وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً " [ النجم : 28 ] ( ليس بعالم ) .
قال رضي الله عنه : ( فلذلك قال : « أنا عند ظنّ عبدي بي » . رواه البخاري ومسلم
أي : لا أظهر له إلّا في صورة معتقده : فإن شاء أطلق وإن شاء قيّد ، فإلّه المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الّذي وسعه قلب عبده ، فإنّ الإله المطلق لا يسعه شيء لأنّه عين الأشياء وعين نفسه ، والشّيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم ،وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) [ الأحزاب : 4] .)
(ولذلك ) أي : ولكون كل معتقد ظانّا ( قال ) اللّه تعالى : ( « أنا عند ظن عبدي بي » ) ، ولم يقل : عند علم عبدي بي ، ( أي : لا أظهر له ) في الدنيا والآخرة ( إلا في صورة معتقده ) ما دام اعتقاده باقيا على ما مر ، فإذا ظهر في صورة أخرى أنكره ، ( فإن شاء أطلق ) فلا يتقيد بتنزيه في كل موضع ولا بتشبيه في الكل ، فإن التنزيه المحض نقص ، والتشبيه المحض كفر ، ( وإن شاء قيد ) وأخطأ بالنقص أو بالكفر أو البدعة ، قال : ( المعتقدات ) ما حد ( الحدود ) المانعة من دخول معتقد الغير فيه ، فالمنزه يمنع من التشبيه في الظهور أيضا ، والمشبه يمنع من التنزيه والمبتدع يمنع من التنزيه عن النقائص بعدم الصفات ، واللّه تعالى ليس بمحدود .
ثم أشار إلى أن المتصور في الإله شيئا من الإفراد بالتنزيه أو التشبيه أو الجمع بينهما ، فإلهه أيضا محدود وإن بلغ حد الكشف بقوله ، ( وهو ) أي : المحدود هو ( الإله الذي وسعه قلب عبده ) دون المطلق ، ( فإن الإله المطلق لا يسعه شيء ؛ لأنه ) باعتبار الظهور ( عين الأشياء ) التي من جملتها قلب هذا العبد ، وباعتبار البطون ( عين نفسه ) ، وليس وسعه القلب باعتبار بطونه ، إذ هو باعتبار التجلي له ، فتعين أن يكون باعتبار الظهور ، ولكنه ليس على الإطلاق في الظهور بحيث يشمل القلب ؛
لأن ( الشيء لا يقال ) أنه ( يسع نفسه ، ولا يسعها ) ذو فهم يعني قوله عزّ وجل : « وسعني قلب عبدي المؤمن » . ؛ فإنه إنما وسعه ما يتصوره ، وإن كان أقرب إلى مطابقة ما عليه الحق في نفسه بالنظر إلى متصرفه من دونه لا في نفس الأمر ،("وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ") [ الأحزاب : 4 ] .
والحمد للّه عدد كل حرف ملء السماوات والأرض ، وملء مالا يدرك له طرق على ما وفقني فيه للتوفيق بين ظاهر الشرع في كل أصل وفرع يظنه المسمى بالحقيقة ،
فأخرجته من ظلمات إنكار المنكرين عن سوء الفهم ، وإقرار من يعترف به مع ما فهم فيه من مخالفة الشرع ، إذ لم يكن له من التوفيق بينهم ، فكانت كلتا الفرقتين في درك مقاصده في ذلك ضلال الهاوية " تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ " [ الغاشية : 4 ، 5 ] .
إلى يوم الهداية الجامعة بين أسرار الحقيقة ، وأنوار الشريعة بعون اللّه تعالى "فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ " [ الحاقة : 22 ] .
لا تسمع فيها من مخالفة الشرع والعقل " لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً " [ الغاشية : 11 ] ، فقيل لأربابها : " كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ " [ الحاقة : 24 ]
قُطُوفُها من فوائد الكتاب "دانِيَةٌ" [ الحاقة : 23 ] ،
ومن لطائف نكات العلم "عَيْنٌ جارِيَةٌ " [ الغاشية : 12 ] ،
ومن تمهيدات قواعده " سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ " [ الغاشية : 13 ] ،
ومن التقريبات إلى العقل بنقيضه من الكتاب والسنة ، أو قدماء الصوفية ، أو البراهين العقلية "وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ " [ الغاشية : 14].
وقلع أى رفع الشبه ، وأوهام الكفر والبدعة والخشوع "وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ " [ الغاشية : 15 ، 16 ] ،
والحمد للّه الذي نجانا من القوم الظالمين ، وأحلنا برحمته في عباده المؤمنين ،
والحمد للّه الذي هدانا لهذا التحقيق ، وما كنا لنهتدي لهذا التدقيق لولا أن هدانا اللّه بانتهاء أنواع التوفيق ، وقد أضل كثيرا من الشارحين ، فجعلهم "فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ" [ الشعراء : 225 ] ، وفي مواضع الإشارة بعضهم " فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ" [ البقرة : 15].
وصلّ اللّه على سيدنا ، بل سيد الرسل والأنبياء محمد ،
وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ، والملائكة المقربين ،
وأهل السماوات والأرضين من عباده المؤمنين .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد - « لون الماء لون إنائه » - لسلَّم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده ) فإنّ اللون الذي اكتسبه الحقّ في ذلك المعتقد عين لون الحقّ ، وتلك الصورة صورة الحقّ ، ( وعرف الله في كل صورة وكل معتقد فهو ظانّ ، ليس بعالم ) ضرورة أن صاحب الاعتقاد فيما عقده عليه ما وصل إلى مرتبة العلم اليقيني والانشراح الصدري ، فإنّه بعد في مرتبة العقد العقلي ، فهو داخل في مرتبة الظنّ
قال رضي الله عنه : ( فلذلك قال ) : تطمينا لجميع أرباب العقائد : ( « أنا عند ظنّ عبدي بي » أي لا أظهر له ) ظهور ما تبيّن عند الشخص ( إلَّا في صورة معتقده ، فإن شاء أطلق ) في سائر الصور الاعتقاديّة ، كما هو عند أهل الذوق والكشف ، ( وإن شاء قيّد ) بصورة خاصّة فيها على ما هو عند أصحاب النظر والتقليد . وبيّن أنّ الحقيقة ما لم تكن محصورة تحت انضباط الصورة لا يقبل الحدّ أصلا ، على ما لا يخفى عند الواقف بأساليب طريق العقل وميزانه ، وإليه أشار بقوله : ( وإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده )
باعتبار إحاطته إيّاه وحصره صورته المحصورة به وفيه ، ( فإن الإله المطلق ) من حيث أنّه مطلق ( لا يسعه شيء لأنّه عين الأشياء ، وعين نفسه ، والشيء لا يقال فيه : « يسع نفسه » ، ولا « لا يسعه » ) فإنّك قد نبّهت من قبل في المقدّمة أنّ من شأن الهويّة الإطلاقيّة جمعيّة الأضداد وتعانق الأطراف وبيّن أنّ صدق الضدين معا يستلزم كذبهما معا ، فهو قد آثر صورة النفي هاهنا في التعبير عن هذه اللطيفة لما في النفي من المناسبة إلى الإطلاق .
قال رضي الله عنه : ( فافهم ) فإنّه من فهم هذه الدقيقة فهو على أبين السبل وأقرب الطرق من فهم الإطلاق الذاتي .
( والله يقول الحق ) بالقول الثابت القرآنيّ الختميّ ( وهو يهدي السبيل ) إلى مدارك لطائفه الختميّة .
فبلطائف نقوش الختم انختم الكتاب ونجز التعليقات عليه في يوم الجمعة ، عشرين من الصفر ، ختم بالخير والظفر ، بسنة أربع عشر وثمان مائة حامدا لله ومصليّا على الخاتم والسلام .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.
فهو ظان ليس بعالم، ولذلك قال «انا عند ظن عبدي بي» لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق و إن شاء قيد.
فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه: والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا لا يسعها فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تم بحمد الله و عونه وحسن توفيقه، والحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه وسلم تسليما كثيرا. )
قال رضي الله عنه : ( إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه لسلّم لكلّ ذي اعتقاد ما اعتقده ، وعرف اللّه في كلّ صورة وكلّ معتقد . فهو ظان ليس بعالم ، فلذلك قال : « أنا عند ظنّ عبدي بي » أي لا أظهر له إلّا في صورة معتقده : فإن شاء أطلق وإن شاء قيّد. فإلّه المعتقدات تأخذه الحدود وهو الإله الّذي وسعه قلب عبده ، فإنّ الإله المطلق لا يسعه شيء لأنّه عين الأشياء وعين نفسه : والشّيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا أنه لا يسعها فافهم ،وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [ الأحزاب : 4 ] .)
( إذ لو عرف ما قاله الجنيد لون الماء لون إنائه لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده وعرف اللّه في كل صورة ) .
قال رضي اللّه عنه :
عقد الخلائق في الإله عقائدا .... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
( وكل معتقد فهو ظان ) ، ظنا غير مطابق للواقع باعتبار حصره في صورة معتقده وإن كان صادقا باعتبار أنه من صوره فهو ( ليس بعالم ) بالأمر على ما هو عليه ( ولذلك ) ، أي لأجل أن كل معتقد ظان
( قال تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، أي لا أظهر له إلا في صورة معتقده فإن شاء ) الأمر على ما هو عليه ( أطلق ) وشاهد الحق في جميع الصور الاعتقادية وغيرها .
( وإن شاء قيد ببعضها ) على ما هو عند أصحاب النظر والتقليد ( فإله المعتقدات ) ، أي الإله الذي له نسبة إلى صورة خاصة من الصور المعتقدة بالنسبة إلى كل معتقد ( تأخذه الحدود وهو الإله الذي وسعه قلب عبده فإن الإله المطلق ) من حيث إطلاقه ( لا يسعه شيء) ، لأنه عين الأشياء ( وعين نفسه ) فالوجود كله عينه ونفسه ( والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا أنه لا يسعها فافهم ) .
فإن ذلك معنى إطلاقه الذاتي هذا هو القول الحق الذي لا سبيل إليه إلا من خلص من المقيد بالاعتقادات الجزئية الفكرية أو التقليدية ( واللّه يقول الحق ) بلسان العبد (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) إليه وينصب الدليل عليه .
قال مؤلفه رحمة اللّه عليه : لقد وفق للفراغ عن فك ختام هذه الفصوص ، وكشف إيهام هذه النصوص ، العبد المتذلل بالشخوص بين يدي عموم أهل الخصوص عبد الرحمن بن أحمد الجامي ، تجاوز اللّه سبحانه عن مزال أقدامه ومزالق أقلامه ، غرة جمادى الأولى المنتظمة في سلك شهور سنة ست وتسعين وثمانمائة ، واللّه أعلم .
تمّ الفص المحمدي
.
السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الخامسة والثلاثون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة والثلاثون :-
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :27 – شرح نقش فص حكمة فردية في كلمة محمدية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( معجزته القرآن . والجمعية إعجاز على أمر واحد لما هو الإنسان عليه ).
إنّما خصّت الكلمة المحمّدية بالحكمة الفردية لأنّه صلّى الله عليه و سلم أوّل التعيّنات الذي تعيّن به الذات الأحدية قبل كل تعيّن تظهر به من التعيّنات الغير المتناهية. وهذه التعيّنات مترتّبة ترتّب الأجناس و الأنواع و الأصناف والأشخاص، مندرج بعضها تحت بعض. فهو يشمل جميع التعيّنات.
فهو واحد فرد في الوجود، لا نظير له، إذ لا تعيّن يساويه في المرتبة، و ليس فوقه إلّا الذات الأحدية المطلقة المنزّهة عن كلّ تعيّن وصفة و اسم و رسم و حدّ و نعت.
فله الفردية مطلقا. وأيضا أوّل ما حصل به الفردية إنّما هو بعينه الثابتة، لأنّ أوّل ما فاض بالفيض الأقدس من الأعيان هو عينه الثابتة.
فحصل بالذات الأحدية والمرتبة الإلهية وعينه الثابتة الفردية الأولى.
و توصيف هذه الحكمة ب «الكلية»، كما وقع في بعض نسخ الفصوص، لشمول التعيّن الأوّل- الذي هو حقيقته عليه السلام- كلّ التعيّنات.
اعلم أنّ الحقائق العلمية إن كانت معتبرة لا بأحوالها، تسمّى "حروفا غيبية"، و مع أحوالها، «كلمات غيبية»، والوجودية بلا أحوالها، "حروفا وجودية"، ومعها، «كلمات وجودية»، فالدالّة منهما على جملة مفيدة، "آية"، والبعض الجامع لتلك الجمل، «سورة»، ومجموع المقولات أو الموجودات باعتبار التفصيل، "فرقانا"، و باعتبار الجمع، «قرآنا».
ولجمعيتها في الإنسان الكامل سمّى نفسه أيضا «قرآنا»، وعبارتها الواردة عليه من الحق أيضا "قرآنا".
إذا عرفت هذا، فنقول، (معجزته) الدالّة على نبوّته صلّى الله عليه و سلم هي القرآن، الذي هو نفسه و حقيقته باعتبار جمعيتها الحقائق كلها، أو العبارة الدالّة على تلك الجمعية الواردة عليه صلّى الله عليه وسلم من الحق سبحانه.
وأيّا ما كان، فهو معجز، فانّه ليس لحقيقة من الحقائق هذه الجمعية، لأنّ الحقائق كلها داخلة تحت الحقيقة المحمّدية دخول الجزء تحت الكل، ولا لكتاب من الكتب الدلالة على تلك الجمعية، فانّ القرآن أحدية جمع جميع الكتب الإلهية.
وقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنّه قال، «أنزل الله مائة و أربع كتب من السماء.
قال الشيخ رضي الله عنه : (من الحقائق المختلفة . كالقرآن بالآيات المختلفة بما هو كلام الله مطلقاً . وبما هو كلام الله . وحكاية الله . فمن كونه كلام الله مطلقاً هو معجز . وهو الجمعية .
وعلى هذا يكون جمعية الهمة : " وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ " [التكوير : 22] .
فما بخل بشيءٍ).
فأودع علوم المائة في الأربع، وهي التورية والإنجيل والزبور والفرقان.
ثمّ أودع علوم هذه الأربع في القرآن. ثمّ أودع علوم القرآن في المفصّل من سوره.
ثمّ أودع علوم المفصّل في الفاتحة. فمن علم تفسير الفاتحة، علم تفسير جميع كتب الله المنزلة. ومن قرأها، كأنّما قرأ التورية والإنجيل والزبور والفرقان. اورده السيوطي الدر المنثور
و لمّا كانت جمعية الهمّة من بعض بطون معنى القرآن- كما وقعت الإشارة إليه في الفص الموسوي- أراد رضى الله عنه أن ينبّه على أنّ تلك الجمعية أيضا إعجاز، فقال، (والجمعية اعجاز على أمر واحد) ، أي جمعية الهمّة على أمر واحد إعجاز، (لما هو الإنسان عليه من الحقائق المختلفة) و القوى المتعدّدة المتكثّرة الروحانية أو الجسمانية.
و لكل من تلك الحقائق و القوى اقتضاء خاصّ و حكم متعيّن يغاير أحكام ما عداه.
فالجمعية التي هي استهلاك تلك الكثرة في الوحدة أمر خارق لعادة الجمهور، فهو إعجاز.
والإنسان المتكثّر بحقائقها المختلفة (كالقرآن) المتكثّر (بالآيات المختلفة)، أي المنقسم، ( بما هو كلام الله مطلقا)، أي من غير أن يكون حكاية عن كلام أحد حكاية لفظية، (و بما هو كلام الله) من حيث أنّه سبحانه تكلّم به، و لكنّه في الحقيقة ليس كلام الله، بل (حكاية الله) عن كلام متكلّم آخر. حكاية لفظية.
(فمن كونه)، أي فالقرآن من حيث كونه، (كلام الله مطلقا هو معجز)، لا من حيث أنّ بعضه كلام متكلّم آخر حكاه الله سبحانه بلفظه، فانّه ليس يلزم أن يثبت له الاعجاز من هذه الحيثية.
(وهو)، أي كون القرآن المتكثّر بآياتها المختلفة متّحدا في كونه كلام الله هو، (الجمعية)، التي تستلزم الاعجاز.
(و على هذا)، أي على طريق تلك الجمعية، يكون جمعية الهمة للإنسان بحقائقها المختلفة. فكما أنّ تلك الجمعية إعجاز، فكذلك جمعية الهمّة، لما عرفت.
قال تعالى، «وَ ما صاحِبُكُمْ»، يعنى محمّدا صلّى الله عليه و سلم، «بِمَجْنُونٍ»،
قال الشيخ رضي الله عنه : ( مما هو لكم ولا " بِضَنِينٍ " . أي ما يتهم في أنه بخل بشيءٍ من الله هو لكم . الخوف مع الضلال قال : " مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى " [النجم : 2] . )
من «الجنون» بمعنى الستر، (أي ما ستر عنه شيء)، إذ "لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض" و لا في السماء من حيث حقّيّته،
وإن كان يقول، «أنتم أعلم بأمور دنياكم» من حيث بشريته. رواه مسلم
وذلك لأنّ الحقيقة المحمّدية- التي هي صورة الاسم الجامع الإلهي- هي التي تربّ صور العالم كلها بالربّ الظاهر فيها الذي هو ربّ الأرباب.
فلا بدّ لها من الاتّصاف بالصفات الإلهية كلها من العلم الشامل و القدرة الكاملة و غيرهما، ليتصرّف بها في أعيان العالم على حسب استعداداتها، ولكنّ ذلك إنّما هو من جهة حقّيّتها، لا من جهة بشريتها، فانّها من تلك الجهة عبد مربوب محتاج إلى ربّها، كما نبّه سبحانه على هذه الجهة بقوله، قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ، وعلى الجهة الأولى بقوله، وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ الله رَمى، فأسند رميه إلى الله.
والحاصل أنّ ربوبيته للعالم بالصفات الإلهية التي له من حيث مرتبته، وعجزه و مسكنته وجميع ما يلزمه من النقائص الامكانية من حيث بشريته، الحاصلة من التقيّد والتنزّل إلى العالم السفلى، ليحيط بظاهره بخواصّ العالم الظاهر وبباطنه بخواصّ العالم الباطن، فيصير مجمع البحرين ومظهر العالمين.
فنزوله أيضا كماله، كما أنّ عروجه إلى مقامه الأصلي كماله. فالنقائص أيضا كمالات باعتبار آخر يعرفها من تنوّر قلبه بالنور الإلهي.
"ولا بضنين"، من «الضنّ» وهو البخل أي ليس صاحبكم صلّى الله عليه و سلم ببخيل،
(فما بخل بشيء مما هو لكم) ، أي بشيء يكون من جملة ما ينبغي لكم و يقتضيه استعداداتكم.
(و لا بظنين)، من "الظنّ" بمعنى التهمة، كما وقع في بعض القراآت، (أي ما يتهم في أنه بخل بشيء ) حاصل لديه (من) عند (الله هو لكم)، لأنّه صلّى الله عليه و سلم بربوبيته المذكورة أعطى كل ذى حق حقّه و أفاض عليه جميع ما احتاج إليه و استحقّه.
ثمّ إنّه (لما كان الخوف) لا يتحقّق إلّا (مع الضلال)، الذي هو الحيرة- فانّ الخوف عبارة عن انسلاخ القلب عن طمأنينة الأمن لتوقّع مكروه ممكن الحصول، و لا شكّ أنّ توقّع المكروه من غير جزم به حيرة و تردّد- فحيث أراد الله تعالى نفى الخوف عنه صلّى الله عليه و سلم، حكم بنفي الضلال عنه، كما (قال سبحانه، «ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى» [النجم : 2].
و لكن ينبغي أن تعلم أنّ للضلال ثلاث مراتب: بداية و وسط و نهاية. و الضلال المنفي عنه صلّى الله عليه و سلم هو ما عدا المرتبة الأخيرة، فإنّ المرتبة الأخيرة هي مقامه صلّى الله عليه و سلم الذي طلب المزيد فيه بقوله، «ربّ زدني فيك تحيّرا»، كما أشار إليه رضى الله عنه بقوله،
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أي ما خاف في حيرته لأنه من علم أن الغاية في الحق هي الحيرة فقد اهتدى فهو صاحب هدىً وبيانٍ في إثبات الحيرة .)
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم .
(أي ما خاف في حيرته)، التي هي المرتبة الأخيرة التي يتمنّاها الكمّل ولا يتعدّونها أبد الآباد.
وإنّما لم يخف صلّى الله عليه وسلم في هذه المرتبة (لأنه)، أي لأنّ الشأن أنّه صلّى الله عليه و سلم علم أنّ الغاية القصوى في معرفة الحق هي الحيرة، و(من علم أن الغاية القصوى في) معرفة (الحق سبحانه هي الحيرة، فقد اهتدى) في حيرته إلى أنّها هي الغاية. و من اهتدى في حيرته إلى ذلك، (فهو صاحب هدى و بيان في اثبات الحيرة). و إنّها هي الغاية، فكيف يخاف فيها.
اعلم أنّ المرتبة الأولى من الضلال تختصّ بحيرة أهل البدايات من جمهور الناس، و حكم الثانية يظهر في المتوسّطين من أهل الكشف و الحجاب، و حكم الثالثة مختصّ بأكابر المحقّقين.
أمّا سبب الحيرة الأولى العامّة، فهو كون الإنسان فقيرا طالبا بالذات، فلا يمرّ عليه نفس يخلو فيه من الطلب.
وذلك الطلب متعلّقه في نفس الأمر الكمال الذي هو غاية الطالب.
والغايات تتعيّن بالهمم و المقاصد و المناسبات الداعية الجاذبة. فما لم يتعيّن للإنسان وجهة يرجّحها أو مذهب أو اعتقاد يتقيّد به، بقي حائرا قلقا.
وأوّل مزيل لهذه الحيرة تعيّن المطلب المرجّح، ثمّ معرفة الطريق الموصل، ثمّ السبب المحصّل، ثمّ ما يمكن الاستعانة به في تحصيل الغرض، ثمّ معرفة العوائق و كيفية إزالتها. فإذا تعيّنت هذه الأمور، تزول هذه الحيرة.
ثمّ إنّ حال الإنسان بعد أن يتعيّن له وجهة، و يرجّح أمرا ما يراه الغاية، على ضربين: إمّا يستوعبه ذلك الأمر بحيث لا يبقى فيه فضلة يطلب بها المزيد، كما هو حال أهل الاعتقادات والنحل غالبا، أو يبقى فيه فضلة من صحو، فتراه مع ركونه إل
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله