اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

اذهب الى الأسفل

04102023

مُساهمة 

الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Empty الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني




الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

موسوعة القرآن العظيم ج 1  د. عبد المنعم الحفني

471 . الناس أتوا في المتشابهات بكلام يحتمل الكفر والإيمان ؟

أكثر الناس في موضوع المتشابه من القرآن ، من أمثال :الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى( 5 ) ( طه ) ، فالاستواء من المتشابهات في الصفات ، أي التي يصف اللّه تعالى بها نفسه ، وآيات أو متشابهات الصفات كثيرة في القرآن ، وتحفل أسفار موسى الخمسة بها ، ومنها الكثير أيضا في الأناجيل ، واليهود والنصارى مع الرأي الذي يقول بحمل المتشابهات على ظواهرها ، مع بقائها على ما هي عليه مما هو في واقع الناس ، وبهذا الرأي أيضا قال المجسّمة والمشبّهة ،
غير أن المعوّل عليه في الإسلام في أمور العقيدة : أن يكون الدليل على المعنى قطعي ، واللّه تعالى في التصوّر الإسلامي ليس جسما ، ولا يتحيّز ، ولا يتجزى ، ولا يتركّب ، وليس ناقصا يكمله شئ أو أحد ، ولا يحتاج إلى مكان ولا إلى زمان . ومن المتفق عليه عند المسلمين أن الاستواء على العرش
- بمعنى الجلوس عليه ، من التمكّن والتحيّز - مستحيل في حقّ اللّه ، لأنه تعالى لا يشبه خلقه ، كقوله :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ( 11 ) ( الشورى ) .
ولقد تصوّر البعض أن في الإمكان حلّ هذا الإشكال بتفويض اللّه تعالى في تحديد معنى الاستواء الذي وصف به نفسه ، وهو تعالى الأعلم بنفسه ، وهؤلاء هم المسمون المفوّضة .
وفيهم آخرون ذهبوا إلى أن الآية إثبات صفة الاستواء للّه بدون تعيين ، ومن عيّن منهم قال إن استواءه تعالى على العرش يعنى أنه سخّره وقهره لإرادته ، والعرش هو الوجود كله ، والقول بهذه التأويلات فيه إثبات للملزوم ونفى اللازمة ، وهو تناقض صريح ، فما من عاقل يمكن إن يقول إن الاستواء هو الاستواء ، أي الجلوس المعروف الذي يستلزم أن يكون للّه تعالى جسم ، وأن يتحيّز في المكان !
وأيضا فإن القول بأن الاستواء مع ذلك ليس كما نعرف ، نفى للقول الأول وتناقض معه ، وكأننا به نقول مرة أنه لا يمكن أن يستوى كاستواء الأجسام المتحيّزة ، ومرة نقول إن هذا الاستواء ليس ما نعرف من الاستواء ، فنثبت الصفة المتشابهة مرة وننفيها أخرى ، فنقول شيئا وننقضه .
ولو قلنا إن الاستواء على ما يعلمه اللّه ولا نعلمه نحن ، وهو من الغيب لأنه متعلق به تعالى ، وصفاته كلها غيب ، فما كان غيبا لا نقاش فيه ولا جدال ، لأرحنا واسترحنا ، وأقنعنا واقتنعنا ، لأن المتشابه من الصفات من المجاز وليس من الحقيقة ، ولأنه كذلك فلا بد أن يصرف عن ظاهره ، طالما هناك قرينة تمنع من إرادة معناه الأصلي .
ويفسد أن نقيس غائب بشاهد ، وأن نتصوّر للّه ما ندركه في البشر بحواسنا وعقولنا ، واللّه تعالى مجرّد ، وتصوّر المجرّد ماديا لا يجوز ، وطالما أن اللّه تعالى كذلك فهو ليس بجسم ، ولامكان له ولا جهة ، ولا يعنى القول بذلك أنه تعالى غير موجود ، فهو لا يشبهنا والحكم عليه ليس كالحكم علينا ، 
وامتناع التحيّز عنه لا يمتنع مع وجوده ، والقول بصفات متقابلة عن اللّه تعالى لا يفيد التناقض ، فلصفاته تعالى مظهران : الأول يظهر لنا في عباده ، والثاني هو المنسوب إليه تعالى .
وفي القرآن الآية :قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ( 14 ) ( التوبة ) ، فالتعذيب منسوب للّه من خلال أيدي العباد ، والآية :إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ( 10 ) ( الفتح )
تعنى أن البيعة وإن كانت في ظاهرها للنبىّ فإنها في الحقيقة للّه الذي يدعو إليه النبىّ ، والآية :وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى( 17 ) ( الأنفال ) تنسب فعل الجوارح إليه تعالى وإن كان الفاعل هو النبىّ صاحب الجوارح ، وليس في ذلك تشبيه للّه ولا تجسيم له ، وإنما جاء التعبير القرآني تأنيسا للقلوب ، وتقريبا للأفهام .
ومع ذلك يطعن الملاحدة في القرآن لاشتماله على هذه المتشابهات ، وكانت فرصة هيأت لكل صاحب مذهب أن ينسب مذهبه إلى القرآن ويستشهد به ، فالجبرى يتمسك بآية مثل :وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً( 25 ) ( الأنعام ) ، والقدري يتمسك بالآية :وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ( 5 ) ( فصلت ) ،
والآية :وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ( 88 ) ( البقرة ) ، بمعنى أن الكفر لم يفرضه اللّه عليهم وإنما اختاروه لأنفسهم ؛ وكذلك يتمسك منكرو الرؤية بالآية :لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ( 103 ) ( الأنعام ) ،
بينما المثبت للرؤية يتمسّك بالآية :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ( 23 ) ( القيامة ) ،
ومثبت الجهة يدفع عن نفسه بالآية :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ( 50 ) ( النحل ) ، ورافض الجهة حجته مطلق الآية :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ( 11 ) ( الشورى )
وكل واحد من هؤلاء لديه ما يحتج به من القرآن ، وكان من المفروض أن هؤلاء جميعا يردّون المتشابه إلى المحكم على القواعد اللغوية ، وعلى ما تواضع العرب عليه ، وعلى ما كان يفهمه الصحابة والتابعون من القرآن والسنة .
والمحكم هو أم الكتاب ، والمتشابه مردود إليه ، ولا تنافى بينهما ، وكلّ له حكمه وله مزاياه ، ومزية المحكم أنه أم الكتاب وترد إليه المتشابهات ، ومزية المتشابه أنه اختبار لمدّعى الإيمان وابتلاء للمؤمن ، وشحذ لهمة العالم ليقدح ذهنه ، ويوسّع فهمه ، ويعمل اجتهاده . واللجوء لتأويل المتشابه ليس منطقيا وليس سليما موضوعيا ،
وفي القرآن يأتي وصف التأويليين بأنهم :فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ( 7 ) ( آل عمران ) ، يعنى أنهم يحكمون بالهوى في تفسير القرآن ، وذلك الضرب من التأويل هو المنهى عنه ، وأما التأويل السليم فهو الذي يقوم على البرهان والحجّة ، وعلى الهداية والرشد . وكان الظاهرية تأويليين يصرفون ألفاظ المتشابه عن ظاهرها الموهم للتشبيه أو المحال ، وكذلك فعل الإسماعيلية والباطنية ، فقد اتّبعوا المتشابه ابتغاء الفتنة وضلّوا عن الصواب والحجّة والبرهان فأضلوا .
نسأل اللّه الهداية وللمسلمين سواء السبيل .

  * * *   

472 . كيف يقال للكفار « وأنتم تعلمون » مع وصفهم بالختم والطبع على القلوب وبالصمم والبكم والعمى ؟

هذا كلام المستشرقين وأهل الكتاب ، قالوا : القرآن وصف المنكرين له بأن اللّه ختم على قلوبهم وسمعهم ( الجاثية 23 ) ، وعلى أفواههم ( يس 65 ) ، وطبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ( النحل 108 ) ، 
فهم صم بكم عمى ، لا يرجعون إلى علم ولا عقل ( البقرة 18 ) مع ملاحظة أن قوله تعالى : « وأنتم تعلمون » تأتى في القرآن 56 مرة خطابا ، فكيف يستقيم ذلك ؟ أليس القرآن يعارض بعضه بعضا ؟ 
وكيف يكون لديهم العلم مع أنهم صمّ بكم عمى ؟ 
والجواب من وجهين ، أحدهما : أن « وأنتم تعلمون » يشير بها إلى العلم العام عند البسطاء ، فهم يعلمون أنه تعالى خلق الخلق ، وأنزل الماء ، وأنبت الرزق ، ولكنهم لا يعبدونه كمنعم ليس له كفء ولا ند ، فهم يقولون بطريقة عفوية تقليدية نحمد اللّه ، لمّا حاروا ولم يدروا جوابا ، وعموا عنه كمعبود أوحد ، فلم يعملوا العقل ، وأخذوا بالتقليد ، وأشركوا كآبائهم ، وعبدوا الأصنام والأوثان ، كفعل المشركين والنصارى الذين قالوا بثلاثة آلهة ، وكفعل اليهود الذين ألّهوا أسلافهم ، ورفعوا شعبهم مكانا عاليا ، حتى صاروا يتعبّدونه دون اللّه . 
والثاني : أن علمهم باللّه هو علم بالإمكان ، أي لو استخدموا عقولهم وتدبّروا ونظروا ولم يقلّدوا ، لأمكنهم أن يعلموا ، وفي ذلك أمر باستعمال حجج العقول وبإبطال التقليد . فهؤلاء وأولئك قد يوصفون بالختم والطبع على القلوب إلخ وإن كانوا يعلمون ، فعلمهم هو علم السذّج ، أو علم التقليد الذي مضمونه الشرك أو الإلحاد والكفر ، وهو علم لا يفيدهم ويضرّهم أكثر مما ينفعهم .
  * * *

473 . هل تتعارض بعض آيات القرآن ؟

مثل الآية :وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ( 24 ) ( فاطر ) ، والآية :لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ( 6 ) ( يس ) . فالأولى : تثبت النذير لكل أمة ؛ 
والثانية : تقرّ بأن هؤلاء القوم ما أنذروا من قبل ، يعنى لم يكن لهم نذير ، والآيتان من ثم تتعارضان ؟ فهل القرآن تتعارض آياته ؟ 
والجواب : أنه لا تعارض البتة بين الآيتين ، 
فالأولى : تتحدث عن الأمم ، وأن لكل أمة نذير ، كقوله :إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ( 7 ) ( الرعد ) ، وقوله :وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا( 36 ) ( النحل ) ، والآيات في هذا كثيرة ؛ 
والثانية : الخطاب فيها للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، والإخبار فيها عن آبائه صلى اللّه عليه وسلم من أمثال أبى جهل ، فما من نذير قد جاءهم من قبل ، وبقية الآيات بعد هذه الآية تروى عنهم ، وأنه لا فائدة من إنذارهم ، وإنما الإنذار منك لمن يخشى اللّه فيتبعك ؛ وبقوله :لِتُنْذِرَ قَوْماًتتحقق فيهم الآية الأولى : أن لكل أمة ، أو لكل قوم نذيرا . 
وأما أنهم كأمة جاءتهم النذر من قبل ، فهذا صحيح ، والنذير الأول لأمة العرب كان إبراهيم وإسماعيل ، وهذا في « الزمن البعيد » ، وأما في « الزمن القريب » وهو المتضمن لقوله تعالى « آباؤهم » فما كان لهم من نذير قبل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ولذا قال له :وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ( 214 ) ( الشعراء ) ، 
وقال :لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها( 92 ) ( الأنعام ) أي مكة وأرباضها حيث آباؤه الأقربون ، وفي تفسير هؤلاء الأقربين من أهله أو عشيرته قال ابن عباس : لما نزلت :وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ( 214 ) ( الشعراء ) أتى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم الصفا ، فصعد عليه ثم نادى : « يا صباحاه » فاجتمع الناس إليه ، بين رجل يجيء إليه وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « يا بنى عبد المطلب ، يا بنى فهر ، يا بنى لؤي ! 
أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم ، صدّقتمونى » ؟
قالوا : نعم . قال : « فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد » . 
وفي رواية أخرى عند أحمد عن عائشة قالت : لمّا نزلت :وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ( 214 ) ( الشعراء ) ، 
قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال : « يا فاطمة ابنة محمد ! يا صفية ابنة عبد المطلب ! يا بنى عبد المطلب ! لا أملك لكم من اللّه شيئا ! سلوني من مالي ما شئتم » . 
وفي رواية أبي هريرة قال : دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قريشا فعمّ وخصّ ، فقال : « يا معشر قريش ، انقذوا أنفسكم من النار ! يا معشر بنى كعب انقذوا أنفسكم من النار ! يا معشر بني هاشم ، انقذوا أنفسكم من النار ! 
يا معشر بنى عبد المطلب ، اشتروا أنفسكم من اللّه ! يا صفية ( عمة رسول اللّه ) ، وفاطمة ( بنت رسول اللّه ) ، اشتريا أنفسكما من اللّه ، فإني لا أغنى عنكما من اللّه شيئا ! سلانى من مالي ما شئتما » . 
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال : « يا بنى قصّى ! يا بني هاشم ! يا بنى عبد مناف ! أنا النذير ، والموت المغير ، والساعة الموعد » . 
فهذا إذن هو معنى قوله تعالى : لتنذر يا محمد قوما لم ينذر آباؤهم ، فهؤلاء القوم هم من عدّدهم في ندائه حيث عمّ قريشا ، وبنى قصى ، وبنى كعب ، وبني هاشم ، وبنى عبد مناف ، وبنى فهر ، وبنى لؤي ، وبنى عبد المطلب ، وخصّ : فاطمة ابنته ، وصفية عمّته . 
والخلاصة : أنه لا تعارض بين الآيتين ولو ظاهريا . والحمد للّه .
  * * *

474 . القول بتشابه خاتمة سورة هود وخاتمة التوراة

اشتهر كعب الأحبار بالإسرائيليات ، وكان يهوديا وقيل أنه أسلم . ومما ادّعاه من الإسرائيليات ودلّسه على المسلمين وخاصة أهل التفسير : أن خاتمة سورة هود ، وهي قوله : وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ( 123 ) هي خاتمة التوراة ،
وربما يقصد خلاصة التوراة ، باعتبار الآية تتضمن الإخبار عن اللّه : أن له غيب السماوات والأرض وشهادتهما ، وأنه لا أمر لمخلوق إلا بإذنه ، وأنه يجازى كلا بعمله ، فإذا عبدت فلا تعبد إلا اللّه .
وإلا فالتوراة ليست لها هذه الخاتمة ! وكعب الأحبار كاذب في دعواه ، وسيّئ النية ،
فأولا : لا وجود لكتاب اسمه التوراة عند اليهود ، وقالوا : التوراة هي كتب موسى الخمسة : التكوين ، والخروج ، والأحبار ، والعدد ، وتثنية الاشتراع ، وذلك غير حقيقي ، فما أوتى موسى هو الألواح ، وعددها لوحان ، حملهما موسى على يديه نزولا من الجبل ، وعليهما كتابات الشريعة والوصية ، حفرت على الحجارة بطريقة المصريين في تسجيلاتهم على الحجر ، فكيف صار اللوحان خمسة كتب أو أسفار ؟
وهل معقول أن يكتب موسى يقول في هذه التوراة المدّعاة : « ثم ذهب موسى » ؟
ويقول : « ومات موسى وبكاه الشعب » ؟ !
وثانيا : فأي كتاب من هذه الكتب الخمسة جاءت خاتمته مشابهة لخاتمة سورة هود ، علما بأن الكتب الخمسة ليست فيها خاتمة كخاتمة هود ، لا من قريب ولا من بعيد ؟
وكعب الأحبار خبيث ، أراد أن يقول : إن القرآن يأخذ من التوراة ويعتمد عليه ، وأن التوراة هي الكتاب الأم ، وهذا نفسه قال به المستشرقون افتراء من بعد : أن القرآن يسطو على التوراة في كثير من الأحيان ! !
فاحذر يا أخي كلّ ما يقوله كعب الأحبار هذا ، وخاصة أن الطبري وابن كثير ، كثيرا ما ينقلان عنه بلا تمحيص ، وحسبنا اللّه !

  * * *

475 . هل معنى « من قبل أن نطمس وجوها ( 47 ) » ( النساء ) أنه تعالى يجعل الوجه كالقفا على الحقيقة ؟

الخطاب في الآية لليهود ، وكان منهم عبد اللّه بن صوريا ، وكعب بن أسد ، فقال لهم النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : « يا معشر يهود ! اتقوا اللّه وأسلموا ، فو اللّه إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق » .
قالوا : ما نعرف ذلك يا محمد ! وجحدوا ما عرفوا ، وأصرّوا على الكفر ، فأنزل اللّه فيهم :يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها( 47 ) ( النساء ) ،
وطمس الوجه يعنى محوه ، وليس المعنى أنه تعالى يطمس وجوه المكذّبين حقيقة فيجعلها كالقفا ، فيذهب بالأنف والفم والحاجب والعين ، وإنما هو تعبير عن الضلالة في قلوبهم ، وقد سلبوا التوفيق ؛ وربما المعنى من قبل أن تصل بكم الضلالة أن لا تهتدوا أبدا ؛ أو أن الآية تمثيل ، فإن لم يؤمنوا يفعل ذلك بهم عقوبة لهم ، وهناك من يفسّر الآية بأن اللّه تعالى يذهب أنوفهم وشفاههم وأعينهم وحواجبهم ، 

فلا تكون وجوههم معروفة ، ويصبحون نكرات ؛ وقوله :فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها( 47 ) ( النساء ) يقوّى هذا المعنى فعلا ،
فتزال الأعين خاصة بالطمس ، وتردّ في القفا ، فيكون ذلك ردّا على الدبر ، فيمشون القهقرى بدلا من أن يمشوا للأمام . وقيل إن كعب الأحبار اليهودي كان يمشى بالليل فمر برجل يقرأ :يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا . . .( 47 ) ( النساء ) الآية ،
فوضع كفّيه على وجهه ورجع القهقرى إلى بيته ، وقال : خفت ألا أبلغ بيتي حتى يطمس وجهي ! - وكلام كعب غير موثوق به وربما له خبئ .
ويروّج اليهود أيضا أن عبد اللّه بن سلام وكان يهوديا كذلك - جاء النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يبدي خوفه أن يحوّل وجهه في قفاه . والمستشرقون يعتبرون الآية زلة في القرآن !
فاللّه - كما يقولون - يهدد أهل الكتاب بالطمس إن لم يؤمنوا ، وهم لم يؤمنوا ، ولم يفعل بهم ذلك ! - واليهود والمستشرقون من ملّتهم على هذا القول ، لأنهم ماديون ، والآية تمثيل ، والطمس كقوله تعالى :وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ( 66 ) ( يس ) ي
عنى أنهم وإن كانوا يرون ، وأداة إبصارهم سليمة ، إلا أن وظيفتها معطلة ، فلم يعودوا يدركون الحق ، مثل قوله تعالى :لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها( 179 ) ( الأعراف ) ،
فهذا هو المعنى المراد ، وأخطأ من قال في التفسير أن من آمن منهم رفع الوعيد عن الباقين ؛ ومن قال لا بد من طمس ومسخ في اليهود قبل يوم القيامة .

  * * *

476 . هل كان الإسلام ناقصا قبل آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ( 3 ) ( المائدة ) ؟ وهل كان الرسول صلى اللّه عليه وسلم قبلها يدعو إلى دين ناقص ؟

يقول تعالى :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً( 3 ) ( المائدة ) ،
فالإسلام أكبر نعمه تعالى على هذه الأمة ، فلما اكتمل لم يعودوا يحتاجون إلى دين غير الإسلام ، ولا إلى نبىّ غير محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وقبله كانت الأنبياء تترى يكملون بعضهم البعض ، إلا الإسلام ، فكان هو الدين الحاكم ، ونبيّه النبىّ الخاتم ، ولمّا كان بمكة لم تكن إلا فريضة الصلاة وحدها ، فلما قدم المدينة ، أنزل اللّه الحلال والحرام ، إلى أن حجّ ، فكمل الدين ، فلا حلال إلا ما أحلّه ، ولا حرام إلا ما حرّمه ، وكل ما أخبر به هو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف ، كقوله تعالى :تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا( 115 ) ( الأنعام ) ،
وباكتمال الدين تمت على المسلمين النعمة ،
وفي الخبر عن ابن عباس قال : 
« اليوم أكملت لكم دينكم » أي الإسلام ، أخبر اللّه نبيه والمسلمين أنه قد كمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة ، وأتمه بلا نقصان ، ورضيه فلا يسخطه .
وكان نزول الآية يوم عرفة ، في يوم جمعة ، وبعدها لم ينزل لا حلال ولا حرام ، وتوفى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعدها 
بواحد وثمانين يوما .
وقيل : كان نزول هذه الآية يوم الحج الأكبر ، فبكى عمر ، وسأله النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : « ما يبكيك » ؟ قال : أبكاني أنّا كنا في زيادة من ديننا ، فأمّا إذا كمل فإنه لم يكمل الشيء إلا نقص .
فقال : « صدقت » !
- وفي خلافة عمر جاءه كعب الأحبار يقول : 
إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ! قال : وأي آية ؟ قال : قوله :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً( 3 ) ( المائدة )
فقال عمر : قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه ، والمكان الذي أنزلت فيه :
في يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، وكلاهما بحمد اللّه لنا عيد !
وعند النسائي ، قال : أنزلت ليلة جمعة .
وعن علىّ بن أبي طالب قال : نزلت على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وهو قائم عشية عرفة .

والقول الصحيح : أن الآية نزلت في يوم جمعة ، وكان يوم عرفة بعد العصر ، في حجّة الوداع ، سنة عشر ، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واقف بعرفة على ناقته العضباء ( أي مشقوقة الأذن ) .
قيل : كاد عضد الناقة ينقدّ ( أي ينفتل وينهدّ ) من ثقل معاني الآية ، حتى أن الناقة بركت ! فالآية إعلان بتمام وكمال الإسلام ، والدين الذي كمل هو الشرائع التي تتابعت بها الآيات نجوما ، فكان آخر ما تنزّل منها هذه الآية :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ . . .( 3 ) ( المائدة ) ،ولم ينزل بعدها حكم .
وقيل المراد « بالدين » معظم الفرائض والتحليل والتحريم ، أمّا أنه نزل بعدها قرآن أو لم ينزل ، فقد نزل بعدها قرآن كثير ، ونزلت آية الربا ، وآية الكلالة ، إلى غير ذلك ، وإنما كمل معظم الدين ، وكمل أمر الحج ، ولم يكن يطوف مع المسلمين في هذه السنة مشرك ، ولا عريان ، ووقف المسلمون معظمهم بعرفة ، فقيل لهم :أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ( 3 ) ( المائدة ) ،
يعنى أظهرته لكم على سائر الأديان ، وقد دخلتم مكة وصرتم إلى بيت اللّه - ويتبقّى وجه لنقد الآية روّج له المستشرقون ، وشنّعوا به على الإسلام ، فالآية تعنى عندهم : أن الدين كان قبل نزولها ناقصا ، ولم يكن قد اكتمل ، وأن اللّه لم يكن قد رضى به دينا بعد ، وأن نعمته على المسلمين ما كانت قد تمّت . فهل من مات من المهاجرين والأنصار ، ومن شهدوا بدرا والحديبية ، ومن بايعوا الرسول صلى اللّه عليه وسلم البيعتين جميعا ، وبذلوا أنفسهم للّه ، مع كلّ ما حلّ بهم من المحن ، وحاق بهم من البلايا ، ماتوا على دين ناقص ؟ وأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعوهم إلى دين ناقص ؟
والنقص عيب ، ودين اللّه قيّم ، فهل كان الإسلام قبل هذه الآية معيبا ولم يكن دينا قيما ؟

والجواب : أن النقص ليس بعيب ، فالشهر ينقص ، والعمر ينقص ، وصلاة المسافر تنقص ، وأيام الحيض قد تنقص ، وأيام الحمل ، والمال قد ينقص ، فما يقال إن ذلك عيب ، فلم يكون عيبا في الإسلام ؟
ثم إن الشرائع في الدين الواحد تتوالى وتتزايد 
كالبنيان ، فلا تعاب بذلك ، فإن كان بها نقصان فهو النقصان المقيّد ،
يعنى أن كل تشريع في كل ديانة يلحقه آخر وينضم إليه ، فلا يقال أن الديانة كانت قبل التشريع الآخر ناقصة ، كالإنسان يبلغ المائة ، فيقال إن اللّه أكمل عمره ، ولا يقال أنه وقت أن كان في الستين من عمره كان ناقصا نقص قصور وخلل ، وإنما قد يقال كان ناقصا نقصا مقيّدا ، يعنى كان ناقصا عمّا كان اللّه قد أعدّ له من العمر .
وقد جعل اللّه تعالى صلاة الظهر أربعا ، وكذلك العصر والعشاء ، فهل تعتبر صلاة الصبح ناقصة نقص قصور وخلل ، لأنها ركعتان وليست أربعا ؟ ولو قيل كانت ناقصة وحدها كصلاة دون أن تضم إليها سائر الصلوات ، لكان صحيحا ، وهكذا شرائع الإسلام ، فلقد أنزلها اللّه تعالى شيئا فشيئا إلى المنتهى الذي أصبح الدين عنده كاملا .

وقد يكون معنى :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ( 3 ) ( المائدة )
أنه تعالى وفّقهم للحج الذي لم يتبق غيره عليهم من أركان الدين ، فلما حجّوا تحقق لهم أداء كافة الأركان ، وفي الحديث : « بنى الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمد رسول اللّه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان » ، فلما كانوا قد سبق لهم التشهّد ، وصلّوا ، وزكّوا ، وصاموا ، وجاهدوا ، واعتمروا ، ولم يكونوا قد حجّوا ، فلما حجّوا ذلك اليوم مع النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، أنزل اللّه تعالى وهم بالموقف عشية عرفة :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي( 3 ) ( المائدة ) ، يريد أنه قد اكتملت لهم أركان الدين ، وبها يقوم الإسلام ، ومن ثم أعلمهم برضاه بما تحقق لهم منه فقال :وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً( 3 ) ( المائدة ) ،
في ذلك اليوم ، وفي أي يوم ، فلا يزال رضاه به علينا قائما ، ولا يزال الإسلام برضاه عنا باقيا بكماله . والحمد للّه ربّ العالمين .

  * * *

477 . الوصية وحكمة تقديمها على الدّين في آية المواريث

المعقول في الآية :مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ( 11 ) ( النساء ) أن يأتي ذكر الدّين قبل ذكر الوصية ، والنّبى صلى اللّه عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية ،
وقال : « الدّين قبل الوصية » أخرجه الدارقطني ، إلا أن القرآن يأتي بالوصية قبل الدين من وجوه : أنه لا يعرف الدّين إلا من الوصية ، فالوصية أشمل والدّين أخصّ ، وفي الوصية ينصّ على الدين ، ثم إن الوصية ألزم للميت ، وليس كل ميّت له أو عليه دين ، فالدّين شذوذ ، وقد يكون أو لا يكون ، فبدئ بذكر ما لا بد منه ، وعطف بالذي قد يقع أحيانا ، فكان العاطف بأو وليس بالواو ، ولو كان الدّين راتبا لعطفه بالواو . والوصية حظ أهل الميت من الوالدين والأقربين ، وهم 
الضعفاء ، فقدّموا ، وأخّر الدّين ، لأنه حظ الأقوياء الأغنياء ، والدائن صاحب قوة وسلطان ومعه القانون ، والوارث مسكين وأمره متروك للوصية .
وأيضا فإن كتابة الوصية مكلف بها الموصى ، وهو ينشئها من قبل نفسه ، فلذلك قدّمت ، وأما الدّين فثابت وسيؤدّى حتما فأخّر .

  * * *

478 . الزعم بأن بعض الفروض كانت على النبىّ خاصة وغير ملزمة بعده

قالوا في قوله تعالى :وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ( 102 ) ( النساء )
أن المقصود بالآية النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فليس عليهم بعده صلى اللّه عليه وسلم « صلاة الخوف » ، لأن الخطاب في الآية كان خاصا به وحده ، بقوله تعالىوَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ، ومَعَكَ، فإذا لم يكن فيهم ومعهم لم يكن لهم ذلك ، لأنه لا أحد مثله منهم ، وكانوا جميعا يتمنون أن يأتمّوا به ويصلّوا خلفه ، وليس أحد يقوم في الفضل مقامه بعده .

والردّ على هؤلاء : أن الخطاب صحيح للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ولكنه يتناول الأئمة بعده إلى يوم القيامة ، ومثله قوله تعالى :خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً( 103 ) ( التوبة ) ،
فهل تسقط الصدقة بعده ؟ أو أن المكلّف بها بعده هم أولو الأمر ؟ وكذلك هذه الصلاة وسائر العبادات التي كان الخطاب فيها للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، لا تسقط بوفاته .
وقد أمرنا باتباعه والتأسّى به ، فقال تعالى :فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ( 63 ) ( النور ) ،
وقال صلى اللّه عليه وسلم : « صلوا كما رأيتموني أصلى » أخرجه البخاري ، فلزم اتّباعه .
ولو كان ما قالوه دليلا على الخصوص ، للزم قصر الخطابات على من توجهت له ، وحينئذ كان يلزم أن تقتصر الشريعة على من خوطب بها ، وفي قوله تعالى :خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً( 103 ) لا توجب الاقتصار على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وحده ، فكان من بعده من قام مقامه .

  * * *


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 4 أكتوبر 2023 - 21:23 عدل 2 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 4 أكتوبر 2023 - 21:11 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

479 . في معنى قوله تعالى : « وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها ( 6 ) » ( هود )

ظاهر الآية العموم ، ومعناها الخصوص ، والكثير من الدواب تهلك قبل أن ترزق ، إلا أن الرزق أشمل وأعمّ من أن يقتصر على كل دابة لا ترزق ما تتعيش به ، فقد رزقنا الأعضاء ، والفطرة ، والحيلة التي يمكن بها أن نتحصل الرزق ، فعلى العصفور أن يطير إلى الجرن ليجد رزقه فيه ، وإلا فسيموت في عشّه ، واللّه تعالى أعدّ للجميع أرزاقهم . والدابة هي كل حيوان يدبّ ، والرزق حقيقته ما يتغذى به الحىّ ويكون فيه بقاؤه ونماؤه .
وقد قيل لبعض الفلاسفة : من أين تأكل ؟ فقال : الذي خلق الرّحى يأتيها بالطحين ، والذي شدّق الأشداق ( يعنى جوانب الفم ) هو خالق الأرزاق - وقيل لبعض العارفين : من أين تأكل ؟

فقال : سبحان اللّه واللّه أكبر . إن اللّه يرزق الكلب ، أفلا يرزقني ؟ !
- وقيل للصوفى الكبير حاتم الأصم : من أين تأكل ؟ فقال : من عند اللّه .
فقيل له : اللّه ينزل لك دنانير ودراهم من السماء ؟ فقال : كأن اللّه ليس له إلا السماء ؟ !
يا هذا - الأرض له ، والسماء له ، فإن لم يؤتنى رزقي من السماء ساقه لي من الأرض ،
وأنشد :
وكيف أخاف الفقر واللّه رازقى * ورازق هذا الخلق في العسر واليسر
تكفّل بالأرزاق للخلق كلهم * وللضّب في البيداء والحوت في البحر
والمشكلة أن الإنسان يسرق رزق أخيه الإنسان ، وأن الرأسمالى يحصل على رزقه ويستولى على أرزاق الآلاف غيره ، يسرقهم بخسف الأجور ، وتسرقهم الدولة المستبدة بترسيخ سوء توزيع الثروة الاجتماعية ، وعلى العكس تتدخل الحكومات الديموقراطية بالتشريعات لحماية الحقوق وتقريب الفوارق في الدخول ، وإلا اختل الميزان الاجتماعي ، ومال العدل عن القصد ، وساد الجور والظلم ، وعمّ الفساد ، واللّه يقول :وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ( 9 ) ( الرحمن ) ،
أي : اجعلوا « العدل أساس الملك ، وأساس علاقاتكم الاجتماعية ، وأتوا الناس ما يستحقونه وجعله اللّه لهم رزقا ، ولا تبخسوهم منه شيئا ، وزنوا بالقسطاس المستقيم » .

  * * *

480 . في معنى قوله تعالى « يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ( 31 ) »

يكثر المستشرقون من نقد القرآن من خلال آيات كهذه الآية :يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ( 31 ) ( المدثر ) ، وتتكرر في القرآن سبع عشرة مرة ، ويقوم نقدهم على أن القرآن متناقض فهو ينسب الضلالة والهدى للّه ، ومع ذلك يخيّر الناس أن يضلوا أو يهتدوا .
والآية لا تعنى أن اللّه يضل أو يضلّل الناس عن هداه ، ويهديهم عن هواه ، أو أنه تعالى يجبر من يضلّ أو يضلّل ، على الضلال ، ويقسر من يهدى على الهدى ، أو أنه يكره الناس على سلوك سبيل الخير أو الشر ، فالإكراه من هذا القبيل ينافي العدل الإلهى ، ويناقض حكمة التشريع السماوي ، ولا يتفق مع نصوص الشريعة المتواترة القاطعة ، ومؤدّاها أن كل الناس لهم حق الاختيار ، وأنهم يملكون إرادتهم ، ولهم مشيئتهم ، والإرادة والمشيئة مناط التكليف والمؤاخذة ، وفي ذلك يروى أن رجلا سأل علي بن أبي طالب : أكان سيرك إلى الشام - يعنى لقتال أهلها - بقضاء اللّه وقدره ؟
فقال له علىّ : ويحك ! لعلك ظننت قضاء لازما ، وقدرا حاتما ؟
ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ! إن اللّه سبحانه أمر عباده تخييرا ، ونهاهم تحذيرا ، وكلّف يسيرا ، ولم يكلف عسيرا ، ولم ينزّل الكتاب للناس عبثا ، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا !
ذلك ظنّ الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار !

  * * *
   481 . تحريف التوراة ، وحقيقة اتهام القرآن لليهود ؟
لم يتنزل القرآن إلا لأن التوراة حرّفها اليهود ، ويأتي اتهام القرآن بتحريف اليهود للتوراة في سور : البقرة ، والنساء ، والمائدة ، بحسب ترتيب النزول ؛ فمن ذلك في سورة البقرة :أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ( 75 ) ،
يعنى لا تطمعوا أيها المسلمون أن يؤمن اليهود بالإسلام وينقادوا للقرآن ، لأن التحريف من طبعهم ، يقصدون إليه لخدمة مصالحهم ، فلا أسهل عندهم من أن يغيّروا في كلام اللّه ويتأوّلونه على غير معناه ، ويفسّرونه بغير مراد اللّه قصدا . وفي سورة النساء :مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ( 46 ) ؛ ومنه في سورة المائدة :فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ( 13 ) ،
وقوله :وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ( 41 ) ، يعنى أن هؤلاء اليهود - بما هم كذلك - قد فسدت فهومهم ، وساء تصرفهم ، وتأوّلوا ما أنزل اللّه على غير ما أنزله ، وحملوه على غير مراده ، وقالوا فيه ما لم يقله اللّه ، وتركوا العمل به رغبة عنه ، وأهملوا عرى دينهم وما اختصّهم اللّه به ، واختصّوا أنفسهم بغيره حتى قال اللّه فيهم :مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً( 5 ) ( الجمعة ) ،
فذمّهم بأقسى ما يمكن أن يذمّ به شعب من الشعوب ، وأمّة من الأمم ، فلقد منحوا التوراة لعلّهم يهتدون بها وينصلح حالهم ، فأولوها ظهورهم ولم يعملوا بها ، كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدرى ما فيها ، فهو يحملها حملا حسّيا ولا يدرى ما عليه ، وما قيمته ، وما الهدف منه ، فكانوا أسوأ من الحمار ، لأن الحمار لا فهم له ، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها ، كما قال :أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ( 179 ) ( الأعراف ) .
ويقول المستشرقون : إن القرآن يتناقض مع نفسه عندما يتّهم اليهود بتحريف التوراة ، ثم يقول عنها أنها :هُدىً وَنُورٌ( 44 ) ( المائدة ) ،وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ( 184 ) ( آل عمران ، وفاطر 25 ) ، والْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ( 117 ) ( الصافات ) ،
وكانت :إِماماً وَرَحْمَةً( 12 ) ( الأحقاف ، وهود 17 ) ،
وبلغ المديح القمة في قوله تعالى :ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي 
أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ( 154 ) ( الأنعام ) ،

وفي قوله :أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ( 91 ) ( الأنعام ) .
فما حكاية هذا التناقض ؟ ولما ذا يهجو اليهود ومع ذلك يعلو بكتابهم التوراة إلى السماكين ؟

  * * *

482 . التوراة والقرآن والتناقض بينهما

يقول اللّه تعالى عن القرآن واعتباره للتوراة :مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ( 89 ) ( البقرة ) ، ومُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ( 92 ) ( الأنعام ) ، ومُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ( 41 ) ( البقرة ) ، ومُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ( 48 ) ،
يعنى أنه - أي القرآن - يصادق على كل ما سبقه من الكتب السابقة عليه وهي التوراة والإنجيل ، ومصادقته على ما كان منها قد أوحى به اللّه تعالى ، وأما غير ذلك فيصادمه ولا يصادقه ، ومن ذلك قوله تعالى :يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ( 15 ) ( المائدة )
يعنى أنه قد جاء يبين ما بدّلوه وحرّفوه وأوّلوه وافتروا على اللّه فيه ، ويسكت عن كثير مما غيّروه ولا فائدة في بيانه .
فتلك واحدة ؛
والثانية : أنه جاء مصادقا للتوراةوَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ( 48 ) ( المائدة ) ، يعنى أن القرآن أمين على مضمون التوراة ومؤتمن عليه ، فما وافق القرآن من التوراة أو الأناجيل فهو حق ، وما خالفه فهو باطل ، فالقرآن حاكم على هذين الكتابين ، لأنه أي القرآن - آخر الكتب ، وخاتمها ، وأشملها ، وأكملها ، فجمع اللّه فيه محاسن ما قبله ، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره ، ولهذا جعله مهيمنا ، أي شاهدا وأمينا وحاكما عليها كلها ؛
والثالثة : أن القرآن نزل ليصحّح غلو اليهود والنصارى ، يقول :يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ( 171 ) ( النساء ) ،
فاليهود غلوا في دينهم بأن جعلوه خاصتهم ، وزعموا أن اللّه اصطفاهم في الأول ، وسيظل هذا الاصطفاء لهم حتى لو ضلوا ، وأنهم لذلك في الجنة وإن أفسدوا ؛وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ( التوبة 30 ) ، وقالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ( المائدة 73 ) ،
وقال القرآن :إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ( 171 ) ( النساء ) ، فلفت إلى كفرهم وحاجاهم ، وقال :لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ( 70 ) ( آل عمران ) وقال :لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ( 71 ) ( آل عمران ) ،
وقال في اليهود .وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ( 75 ) ( آل عمران ) ،
وقال فيهم وفي النصارى :وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ 
اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ( 78 ) ( آل عمران ) ،
فحذّر من غشّهم وخداعهم ، ومعاييرهم الأخلاقية المزدوجةdouble bind- وهي التي نعانى منها ونعاينها في حياتنا المعاصرة ، ولذلك حرّفوا الكلم عن مواضعه ، وكانوا أساتذة في هذا العلم المقيت ، وبدّلوا كلام اللّه وأزالوه عن المراد له ، ليوهموا أن ما زيّفوه واخترعوه هو من كلام اللّه ، ونسبوه إليه تعالى ، وفضحهم كذبهم ، سواء في كتب العهد القديم أو في كتب العهد الجديد ، ومن أجل ذلك اختلفت التوراة والأناجيل عن القرآن ، وما ورد عنهما في القرآن ليس مقصودا به هذه التوراة ولا هذه الأناجيل ، والمقصود بالتوراة في القرآن شريعة موسى وتعاليمه التي أنزلها ربّ العالمين عليه ، ودوّنها اللّه كما يقولون ، أو دوّنها موسى - كما نعتقد - في اللوحين ، ومن أجلها بقي فوق الجبل أربعين يوما .
والتوراة إذن تعنى الشريعة أو التعاليم ، وهي ما اصطلح عليه باسم الوصايا العشر ، وهي في الحق أكثر من هذا العدد . غير أن اليهود ينسبون إلى موسى أسفارا - جمع سفر - وهو الكتاب ، عددها خمسة أسفار ، وواضح من سياقها أن موسى لم يكتبها ، ولم تتنزل عليه ، ولم توح إليه ، ولم يلهمها ، لأن موسى لا يمكن أن يقول عن نفسه أثناء روايته « إن موسى كيت وكيت » ، أو « فعل موسى كذا وكذا » ، وبعض ما أوردته هذه الأسفار عن وقائع توردها بأسماء كانت لها في زمان لاحق على موسى ، ولم يشهد موسى من هذه الوقائع شيئا ، ولم يعرف من هذه الأسماء اسما .
واليهود عادة عندما يتحدثون عن التوراة لا يقصرون الحديث فيها على الأسفار الخمسة ، والتي عرفت في اليونانية باسم البانتاتيوكس ، وظل ذلك اسمها عند اللاتين ثم عند الأوروبيين ، فهناك غير هذه الكتب اثنان وأربعون كتابا يؤلفون مع الكتب الخمسة ما يسمى بالعهد العتيق ، واليهود يؤمنون بها جميعا إلا السامريين منهم ، فلا يقرون إلا بسبعة كتب منها لا غير ، هي الكتب الخمسة المنسوبة إلى موسى ، بالإضافة إلى كتاب يوشع بن نون ، وكتاب القضاة : والسامريون يختلفون مع اليهود حتى في التوراة نفسها ، ولهم نسختهم الخاصة التي تختلف عن نسخة اليهود .
وكذلك يخالف المسيحيون اليهود في اعتبار أسفار أستير ، وباروخ ، ودانيال ، وطوبيا ، ويهوديت ، والحكمة ، والجامعة ، والمقابيين أول وثان من الكتاب المقدس ، وكانوا حتى سنة 325 م يرفضونها بالإجماع ، ثم لمّا انعقد مجلس كبرائهم لذلك في تلك السنة أوجبوا التسليم بسفر يهوديت ، وأبقوا الشك في الكتب الثمانية الأخرى ، ثم اجتمعوا مرة أخرى سنة 364 م ، فأوجبوا التسليم مرة أخرى بسفر يهوديت ، واجتمعوا للمرة الثالثة سنة 397 م فأقرّوا أيضا أسفار الحكمة ، وطوبيا ، وباروخ ، والجامعة ، والمقابيين الأول والثاني . وظل الحال على هذا الوضع إلى أن ظهر 
البروتستانت فردّوا هذه الكتب ، ووصفوها بأنها مؤلفات محرّفة ، سيما كتاب المقابيين الأول والثاني .
والمهم أن هناك اختلافا بشأنها ، ومنازعات حول صدق أحكام السلف ، فإما أنهم على صواب بشأن هذه الكتب وأسلافهم على خطأ ، وإما أنهم على خطأ وأسلافهم على صواب ، والحق أن أسفار التوراة كلها ، وأسفار العهد القديم برمتها ، مؤلفة ، وتباين مؤلفوها فتباينت الروايات فيها ، وقيل إن عزرا بن سرايا المشهور بالكاتب ، قد بدأ تدوين التوراة ، بإعادة صياغتها ، وتنظيم عباراتها ، بالأحرف الآرامية المربعة المعروفة بالخط الأشورى ، وذلك بعد عودته من السبي ، في السنة السابعة من حكم ملك الفرس أرتحششتا نحو سنة 458 ق . م . ،
وكان كلما كتب شيئا قرأه على الأحبار وفسّره لهم ، فيعدّلون عليه ، أو يصلحون من شأن ما يكتب ، ويوجّهونه ، فبان أن أكثر من واحد هو الذي قام بوضع هذه التوراة ، ومع ذلك نسب هذا الجهد لعزرا ، وبجّلوه لذلك ، وأنزلوه من أنفسهم منزلة عالية ، واعتبروه في المنزلة بعد موسى ، فإن كان موسى قد شرّع لهم لأول مرة ، فعزرا هو الذي حفظ الشريعة ، وأحيا مواتها ، وجلّاها ، وذكره القرآن فقال اللّه تعالى :وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ( 30 ) ( التوبة ) ،
أي كان الأحرى بهؤلاء وهؤلاء أن يتحرّوا الصدق فيما نسبوه لموسى أو للمسيح ، فحرّفوا كلامهما ، وزادوا على شريعتيهما ، وأنقصوا فيهما ، وشابهوا عزيز أو المسيح باللّه ، وضاهئوهما به تعالى ، وليس كذلك الإسلام ولا القرآن ، فلما التقى عدى بن حاتم وكان نصرانيا ، بالرسول صلى اللّه عليه وسلم ، قرأ عليه الآية :اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ( 31 ) ( التوبة )
فقال عدىّ : إنهم لم يعبدوهم ! فردّ عليه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وقال : « بلى ، إنهم حرّموا عليهم الحلال ، وأحلّوا لهم الحرام ، فاتّبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم » .
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « يا عدىّ ، ما تقول ؟ أيضرّك أن يقال اللّه أكبر ؟ فهل تعلم شيئا أكبر من اللّه ؟ أيضرّك أن يقال لا إله إلا اللّه ؟ فهل تعلم إلها غير اللّه ؟ » .
- فهذا ما ينتقده الإسلام في اليهودية : أن عزرا كتب التوراة ، وكتبها معه الأحبار ، فحللوا وحرّموا ، واستعلوا وتكبّروا ، وأخفضوا من قدر الناس وبثّوا الكره لهم . وما حرّفوه وبدّلوه وزيّفوه وشرّعوه هو ما نعانى منه الآن ، وسبق أن عانت منه البشرية وكل الأمم عبر تاريخ تواجد اليهود بين شعوبها ، ولقد ترك اليهود الدعوة إلى الحق والعدل والمساواة بين الناس ، وأن يعبدوا اللّه ، وبشروا بأنهم يحكمون العالم ، وأنهم صفوة الخلق ، والمصطفون من اللّه ، وقد أخذ العهد على نفسه بذلك ، ونسبوا إلى اللّه تعالى أنه أعطاهم أرضا ليست لهم ، وأموالا ليست من حقّهم ، وذهبوا يعيثون في الأرض فسادا ، بالجنس والمخدرات والتآمر ، وسيطرت المافيا اليهودية على أسواق المال ، وعلى تجارات العالم ومصارفها ، وصار اليهود سدنة التجسّس والوشاية والإيقاع 
بين الشعوب ، فذلك ما يأخذه الإسلام عليهم ، وكان سبب ذلك كله « عزرا وأعوانه » وما شرّعوه من دون اللّه ، فشاركوا اللّه في التشريع وتأوّلوا عليه ، تعالى اللّه عن ذلك وتقدّس ، وتنزّه عن الشركاء والنظراء والأعوان والأضداد والأولاد ، لا إله إلا هو ، ولا ربّ سواه .
واليهود لا يسندهم في دعواهم بربّانية التوراة والكتاب المقدس شئ ، وتسقط دعواهم أن هذه الكتب ملهمة ، فحتى لو سلّمنا بإلهام عزرا وغيره ، يبقى على اليهود أن يثبتوا بالدليل القاطع أن كتابهم أو كتبهم هذه إنما كتبها بحق النبىّ الفلاني وليس أشخاصا مجهولين ، وأن يصل إلينا ما كتبه النبىّ بالسند المتصل بلا تغيير ولا تبديل مثلما حدث مع القرآن .
والقول بأن التوراة أو غيرها إنما كتبها شخص ملهم بمجرد الظن والوهم أنه كذلك ، لا يكفى في إثبات أن التوراة أو غيرها ( وسنرى نفس الشيء في الأناجيل عند النصارى ) من تصنيف هذا النبىّ أو ذاك . وكذلك مجرد الادعاء أن الذي اشترك في الصياغة ربّانيون وأحبار تعاقبوا على هذا العمل وتوافروا عليه لا يكفى أيضا .
والسامريون يكذّبون الربّانيين من اليهود في صحة نسبة هذه الكتب للأنبياء ، وكذلك يكذّبهم البروتستانت من النصارى . والربّانيون والكاثوليك والأرثوذكس يكذّبون السامريين والبروتستنت ، وإذا كان الأمر كذلك فلا نعتقد أن مجرد إسناد هذا الكتاب أو ذاك إلى نبىّ أو ولى أو صدّيق ، يقضى بأن هذا الكتاب أو ذاك ملهم أو موحى به ، وأنه واجب التسليم والإقرار به .
ومجرد ادعاء اليهود أو غيرهم لا يكفى بل يحتاج إلى دليل . وهم يعتذرون عن انقطاع السند بالنسبة إلى التوراة وكتب العهد القديم كلها بحجة ما عانوا من اضطهاد ومصادرات طوال تاريخهم كله ، وفي مختلف بلدان العالم .
وتتبقى الحقيقة الدامغة : أنه لا سند حقيقي من الواقع يمكن أن يجزم بصحة نسبة التوراة الحالية إلى موسى ؛ وأن هذه التوراة قد انقطع تواترها من قبل زمان يوشيا بن أمنون ، والنسخة التي عثر عليها بعد ثماني عشرة سنة من تولية يوشيا ، لم تكن كذلك نسخة معتمدة موثقة ، ومع ذلك فقد ضاعت هذه النسخة قبل حادثة بختنصر ، وفي هذه الحادثة لم يعد للتوراة وجود ، وانتفت سائر كتب العهد العتيق من الوجود تماما . وحتى لمّا أعاد عزرا كتابة التوراة على زعمهم ، اعتمادا على ما حفظته ذاكرة الأحبار ، ضاعت كذلك نسخة عزرا في حادثة أنتيوكس الذي حكم سوريا من سنة 174 إلى 164 ق . م ، واضطهد اليهود وذبحهم ! !

ومن الأمور المردود عليها أن اليهود يدّعون أن السفرين الأول والثاني من « أخبار الأيام » كتبهما عزرا بمعاونة حجىّ وزكريا الرسولين ، ومع ذلك تناقض كلامهم في البابين السابع والثامن من السفر الأول في بيان عدد أولاد بنيامين وأسمائهم ، وخالفوا في ذلك التوراة ، وجاء في الباب السابع أن أبناء بنيامين ثلاثة ، وفي الباب الثامن جاء أنهم خمسة ، وجاء في التوراة أنهم عشرة ، واتفق علماء اليهود أن ما جاء في « سفر أخبار الأيام » خطأ ،
وبيّنوا سبب هذا الخطأ : أن عزرا ما حصل له التمييز بين الأبناء وأبناء الأبناء ، وان مراجعه في النسب التي نقل عنها كانت ناقصة ، وعزرا وحجىّ وزكريا رسل ، وما كان يمكن في الحقيقة أن يخطئوا لو أنهم وجدوا التوراة الحقيقية وتابعوها بدلا من المراجع المنتقصة التي لجأوا إليها وظنّوها صحيحة ! ولو كانت هذه التوراة التي بأيدينا هي توراة موسى حقّا ، لما خالفوها ، ولما وقعوا في الخطأ ، ولما أمكن لهم أن يتركوها ويلجئوا إلى ما يخالفها .
وكذلك لو كانت التوراة التي كتبها عزرا واعتمد فيها على الإلهام والوحي من اللّه على زعم أحبار اليهود ، هي نفسها هذه التوراة التي بين أيدينا ، لما خالفوها ،
والخلاصة : أن التوراة الحقيقية التي أنزلت على موسى ليست هذه التوراة التي بين أيدينا ، وليست هي التي كتبها عزرا ، والحق أن ما بأيدينا اليوم ليس سوى حكايات وروايات كان اليهود يتداولونها فيما بينهم ، ووعاها عنهم الأحبار ، وكأي شئ يختزن في الذاكرة فإن النسيان يلحق ببعضه ، والتحريف يلحق بالبعض الآخر ، وهو ما تعلّمناه من دراساتنا في علم النفس وفي الطب النفسي ، ولم يكن الأحبار يدققون فيما يقال لهم ، وكان الغرض والهوى يتحكم فيما نقلوه من هذه الروايات ، فنسبوا إلى اللّه أنه عاهدهم بلا مقابل ، ونسبوا إلى إبراهيم أن اللّه وعده أرض فلسطين ، وجوّزوا القتل والنهب والسلب والفساد في الأرض ، واختلفت رواياتهم وتناقضت ، فعلمنا من هذه التناقضات والمخالفات أن هؤلاء الأنبياء الثلاثة : عزرا ، وحجّى ، وزكريا - حتى مع تصديق نبوتهم كما يزعم اليهود فيهم - ليسوا بمعصومين في التحرير والتبليغ !

ويهمنا هنا أن ننبه إلى بعض أخطاء كتب اليهود المقدّسة المسماة بالعهد العتيق ، فالباب الخامس والأربعين ، والسادس والأربعين من كتاب حزقيال يتخالف في الأحكام صراحة مع الباب الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من سفر العدد من أسفار التوراة . وحزقيال اتّبع التوراة في زمانه ، فلو كانت تلك التوراة التي اتّبعها هي نفسها التوراة التي نعرفها الآن والتي بين أيدينا لما حدثت المخالفة .
وكذلك وقع في التوراة التي بين أيدينا في مواضع عديدة أن الأبناء يؤخذون بذنوب الآباء إلى ثلاثة أجيال ، بينما في العبارة العشرين من الباب الثامن عشر من كتاب حزقيال : « إن النفس التي تخطئ فهي تموت ، والابن لا يحمل إثم الأب ، والأب لا يحمل إثم الابن ، وبرّ البار عليه يعود » ، ونفاق المنافق عليه يعود ، فعلمنا من هذه العبارة أن أحدا لا يؤخذ بذنب غيره ، وهو الحقّ كما في قوله تعالى في القرآن :وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى( الأنعام 164 ، وفاطر 18 ، والزمر 7 ، والإسراء 15 ) .

ونعلم من ذلك أن هذه التوراة التي بين أيدينا ليست هي التوراة الحقّة ، ولو كانت هذه التوراة منزّلة ، ولو كانت من تصنيف موسى ، لكان الأمر مختلفا بشأن عباراتها .
والمتّبع في هذه التوراة التي بين أيدينا ، أن مؤلفها فيما يزعمه منسوبا إلى اللّه ، يذكره مسبوقا ب « قال اللّه » ، وما يزعمه منسوبا إلى موسى يذكره مسبوقا ب « قال موسى » ، فعبّر عن اللّه وعن موسى بصيغة الغائب ، ولو كانت التوراة من تصنيف موسى لكان عبّر عن نفسه بصيغة المتكلم ، والذي يشهد عليه الظاهر أن هذه التوراة لا هي من وحى اللّه ولا بإلهامه ، ولا هي من تصنيف موسى ، وإنما من وضع الوضّاعين ، ودليلنا ما فيها من تعارض وتخالف ، وما حوته من أقوال عن اللّه لا تصدر عن اللّه ، وما نسب منها إلى موسى ولا يمكن أن يصدر عن موسى ، لما في ذلك من معارف ومعلومات وأسماء وأماكن لم يعلمها موسى ، وما كانت قد حدثت في زمنه بعد !
وعلى عكس ذلك القرآن فالمعارف والمعلومات والقضايا والمسائل والأسماء والأماكن فيه ، كلها تناسب وقتها ، ولا تعارض أبدا ما سيكشف عنها فيما يلحق من الأزمان . وما ينسب إلى اللّه في القرآن ، هو أليق وأنسب إليه تعالى وليس محل نقد .
وما ينسب من نقد إلى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ما كان يمكن أن يتنزّل ويعلن على المسلمين في نفس الوقت ليبقى على مرّ العصور ويتلى بينهم ، لو كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم هو واضع القرآن .
والقصص في القرآن منه الكثير في التوراة ، وما في التوراة فيه كلام يسيئ إلى الأنبياء ويظهرهم كعامة الناس وأنهم ضد الفضائل ، وليس في القصص في التوراة أية مواعظ أو دروس في الأخلاق ، والأمر بخلاف ذلك تماما في القرآن ، فالقصص القرآني مقاصده عالية وراقية وسامية ، ولم يأت اعتباطا وإنما لأن له إحالات إلى الواقع في حياة المسلمين أيام الرسول صلى اللّه عليه وسلم . والقصص والأحكام في التوراة ، من الواضح أن مؤلفها لا يمكن أن يكون قبل زمن داود ، ولا بعد زمن حزقيال ، وأنها كتبت في كنعان أو أورشليم ، وليس في الصحراء بتصنيف موسى .

ومن المعوّل عليه في التأليف أيا كان ، أن المؤلف لو كان يكتب عن حالات ، وعن مواقف وأحوال تخصّه ، أو عاينها بنفسه ، فإنه يكتبها بحيث يظهر أنه هو نفسه الكاتب وليس غيره . وموسى في هذه التوراة التي بين أيدينا يظهر بجلاء أنه ليس كاتبها ، وإنما آخرين يكتبون عنه ، ولو كانت عبارة واحدة قد صدرت عن موسى بصيغة المتكلم لكانت للتوراة اعتبارات أخرى ، وإنما كل ما جاء بها عن موسى تسبقه هذه العبارة : قال موسى .
ويزعم علماء اليهود أن الذي كتب ذلك عن موسى هو نبىّ مثله يروى عنه ، وأنه يلحق بكلام موسى كلاما من عنده ، أي من عند هذا النبىّ ، وذلك ادعاء لا يسنده برهان ، لأنه ما كتب نبىّ أنه ألحق هذه الفقرة أو تلك بالباب الفلاني ، ولا كتب أن غيره كتب ذلك ، ولم يثبت ذلك بالدليل . وأسلوب الكلام في التوراة وفي غيرها من الكتب واحد ، ولا فرق بينها في ذلك ، وكان الأحرى أن يكون هناك فرق في الأسلوب بحسب الفرق في الزمن ، وقد يبلغ 
هذا الفرق نحو تسعمائة سنة ! وعلماء اليهود أنفسهم يجزمون بأن تأليف التوراة لا بد قد حدث في عهد سليمان ، أي قبل ألف سنة من ميلاد المسيح ، وفي الزمن الذي كان فيه هومر ، ولدينا دليل من دراسة الإنجليزية اليوم ، ودراستها من ألف سنة ، أن هناك فرقا في الأسلوب ومعاني الكلمات في الزمانين ، والفرق فعلا كبير جدا ، وكان مثله سيظهر حتما في التوراة وسائر الكتب ، ولكنه لم يظهر شئ من ذلك .
وفي هذه التوراة التي بين أيدينا جاء في سفر تثنية الاشتراع ، في الباب السابع والعشرين ، العبارات الخامسة حتى الثامنة :

« وتبنون هناك مذبحا للربّ إلهكم من الحجارة غير المنحوتة ، وتكتبون على الحجارة جميع كلام هذه التوراة كتابة واضحة » ، فنعلم أن حجم التوراة كان بحيث لو كتب على حجارة المذبح لكان المذبح يسع ذلك ، فلو كانت التوراة هي هذه الأسفار الخمسة التي تستنفد من كتاب العهد العتيق ثلاثمائة وخمسين صفحة ، لما أمكن ذلك ، ثم بأي خط كتب موسى ؟
أبهذا الخط العبراني الحالي ؟ أبدا ، فلم يعرف أنه كان للعبرانيين خط خاص بهم ، وإذن فكيف كتب موسى هذه التوراة ؟ ومن أين تأتّى له الخط ؟ وأين هي النسخة بهذا الخط غير المعروف ؟
وحتما فإن هذه النسخة الحالية من التوراة ليست هي توراة موسى . ولو كانت هي توراته التي كتبها ما وقع موسى وهو النبىّ كليم اللّه - في هذه الأخطاء الحافلة بها التوراة ، كالخطإ في العبارة الخامسة عشرة ، من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين والتي تقول : « هؤلاء بنو ليّة الذين ولدتهم ليعقوب في فدان أرام مع دينة ابنته : جميع نفوس بنيه وبناته ثلاثة وثلاثون » ، والصحيح أنهم أربعة وثلاثون نفسا ، فلو عددنا الأسماء مع دينة صاروا أربعة وثلاثين ، ودينة ابنته ، لا بد من عدّها !
ومثل آخر لهذه الأخطاء في التوراة ، هو الخطأ في العبارة الثانية من الباب الثالث والعشرين من التوراة سفر تثنية الاشتراع التي تقول : « من كان ولد زانية لا يدخل جماعة الربّ ولو في الجيل العاشر ، لا يدخل منه أحد في جماعة الربّ » ، فطبقا لذلك لا يلزم أن يدخل داود ولا آباؤه إلى فارص بن يهوذا في جماعة الربّ ، لأن فارص ولد زنا ، فقد زنا أبوه يهوذا بأرملة ابنه وأنجبه منها ، وداود هو الجيل العاشر من فارص كما جاء في إنجيل متّى عن بيت المسيح في الفصل الأول ، في العبارات من العبارة الثانية حتى الخامسة ، فهل يعقل ذلك ؟
وهل من المقبول أن يكون المسيح من بيت داود كما جاء في الفصل الثاني من إنجيل لوقا العبارة الرابعة ، وداود نفسه يقال عنه إنه ولد زنا ؟ هل هذا معقول ؟
ولا بد أن هذه العبارة من التوراة قد وردت خطأ لأنها شديدة التجافي مع قدسية هؤلاء الأنبياء ، وموسى لا يمكن أن يخطئ في التشريع ، واللّه تعالى لا يمكن أن يوافقه على تشريع يعلم سلفا أنه سينطبق على داود ، وأن المسيح سيكون من نسل داود ، وإذن فهذه التوراة التي بين أيدينا ليست من تصنيف موسى ، وليست من وحى اللّه ولا إلهامه .

ومثل آخر من الأخطاء في التوراة : الخطأ في سفر العدد ، الفصل الأول ، العبارات من 46 حتى 49 التي تقول : « هؤلاء المعدودون الذين عدّهم موسى من ابن عشرين سنة فصاعدا ، المؤهلون لحمل السلاح في الحرب مع الإسرائيليين ، كان جميع المعدودين ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسين ، وأما اللاويون فلم يعدّوا ، إذ كان الربّ قد كلم موسى قائلا : أما سبط لاوى فلا تعدّهم ، ولا تحص جملتهم من بين بني إسرائيل » . 
ونعلم من هذه العبارات أن عدد الشبان في سن التجنيد عند الخروج من مصر ، وفي صحراء سيناء ، كان أكثر من ستمائة ألف ليس منهم اللاويون الذكور والإناث ، وكذلك إناث كل البيوت من غيرهم من الإسرائليين ، وكذا ذكورهم الذين لم يبلغوا العشرين ، ولا الشيوخ ، فيكون الكل تقديرا نحو مليونين وخمسمائة ألف ، وهذا كذب !
- لما ذا ؟ لأنه مذكور في التوراة في سفر التكوين ، الباب 46 ، العبارة 7 ، وفي سفر الخروج ، الباب الأول ، العبارة الخامسة ، وفي سفر تثنية الاشتراع ، الباب العاشر ، العبارة 22 : أن الإسرائيليين الذكور من أولاد يعقوب بما فيهم يوسف وولداه كانوا سبعين فقط ! ! فهل هؤلاء السبعون أنجبوا مليونين وخمسمائة ألف من الذكور عند الخروج ؟
وفي سفر الخروج أيضا العبارة 22 يجيء : إن فرعون مصر أمر جميع شعبه أن كل ذكر يولد للإسرائيليين يغرقونه في النهر » ، ونجا موسى من هذا المصير ، وجرى له ما جرى ، وعاد ينذر فرعون وموسى في الثمانين ، أي أن هذا التقتيل لذكور بني إسرائيل كان يجرى قبل مجىء موسى بثمانين سنة واستمر خلال ذلك ، ورغم هذا التقتيل لكل الذكور مدة ثمانين سنة ، كان هناك هذا العدد من الشباب دون العشرين ؟ ! !
فإما أن خبر هذا التقتيل كان فرية ، وإما أن هذا العدد غلط كله من أوله لآخره ! ! ! ثم نأتى إلى عدد سنين إقامتهم في مصر ، منذ مجىء يعقوب إلى الخروج ، ففي سفر الخروج أيضا ، الباب الثاني عشر ، العبارة 40 : « وكان مقام بني إسرائيل الذي أقاموه بمصر أربعمائة وثلاثين سنة » ، ولكن في الباب السادس من سفر الملوك الأول ،
العبارة الأولى : « أن سليمان في السنة الرابعة من حكمه وبعد مرور 480 سنة من الخروج من مصر بنى بيت الربّ » ، فهل يعقل أنه قد مضى من موسى حتى سليمان خمسون سنة فقط ؟ ! وموسى هو ابن يوكابد بنت لاوى ، وابن عمران بن قهات بن لاوى .
وقهات جدّ موسى ولد قبل مجىء بني إسرائيل إلى مصر كما جاء في العبارة 11 من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين ، فلا يمكن أن ينقضى من مجىء الجد إلى خروج الحفيد 430 سنة ! ؟
والمعقول لذلك أن تكون مدة البقاء في مصر هي 215 سنة ، وهي المدة التي يقرّها مؤرخو اليهود ومفسرو التوراة عن النسختين السامرية واليونانية من التوراة ، وفيهما صححت عبارة التوراة عن الأربعمائة وثلاثين سنة التي 
سكنها الإسرائيليون في مصر إلى أنها مدة بقاء العبرانيين وآبائهم وأجدادهم في أرض كنعان لا في أرض مصر ، وربما ذلك صحيح لأن مدة بقاء إبراهيم منذ دخل كنعان إلى ولادة إسحاق 25 سنة ، وإسحاق كان ابن ستين سنة لما ولد له يعقوب ، ويعقوب دخل مصر وكان ابن مائة وثلاثين سنة ، فالمجموع 215 ، سنة ، ومدة بقاء العبرانين في مصر 215 فيكون المجموع 430 سنة ، وعلى ذلك تكون عبارة سكن العبرانيون مصر 430 سنة خطأ ، ويكون رقم الشباب الحامل للسلاح خطأ كذلك ، لأن عدد هؤلاء الشباب مرتبط بعدد سكناهم مصر .
ومن أمثلة الخطأ كذلك أن يأتي في التوراة في سفر الخروج ، الباب السادس ، العبارة 20 : « فاتخذ عمرام يوكابد عمّته زوجة له ، فولدت له هارون وموسى » ،
ثم يكون هناك التشريع في سفر الأحبار ، الباب الثامن عشر ، العبارة 12 : « سوأة أخت أبيك لا تكشفها إنها ذات قرابة لأبيك » ، فكأنه بهذا الحكم قد جرّم القول السابق بأن أباه تزوّج عمّته التي هي أم موسى ، ومع أن الشريعة الجديدة قد حرّمت ذلك إلا أنه ينبقى أن موسى وهارون ولدا من حرام ، وإن كان هذا الحرام قد جلّى من بعد .
وكذلك سبق في التوراة أن داود من نسل فارص ولد يهوذا من تامار زوجة ابنه ، فكأنه ولد زنا بحسب الشريعة اليهودية التي تمد التحريم إلى الجيل العاشر ، مع التنبيه إلى أن المسيح من نسل داود كذلك ، وهي أمور منفّرة وغير مقبولة ، بالمقارنة بما ثبت عن نبيّنا صلى اللّه عليه وسلم ، فقد روى ابن سعد ، بطريق محمد بن علىّ بن الحسين عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، أنه قال : « إنما خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم ، ولم يصبني من سفاح أهل الجاهلية شئ ، ولم أخرج إلا من طهر » ؛ وعن عائشة ، عنه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : « خرجت من نكاح غير سفاح » ؛ وعن هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه ، قال : « كتبت للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم خمسمائة أم ، فما وجدت فيهن سفاحا ، ولا شيئا مما كان من أمر الجاهلية » .

ومن أمثلة الخطأ كذلك في سفر التكوين ، الباب الرابع ، العبارة الثامنة من النسخة العبرانية ، يأتي : « وقال قابيل لهابيل أخيه لنخرج إلى « الصحراء » ، فلما كانا في « الصحراء » وثب قابيل على هابيل أخيه فقتله » ، وفي النسخ السامرية واليونانية واللاتينية يأتي « في الحقل » بدلا من « في الصحراء » !
ومن الأخطاء أيضا : العبارة السابعة عشرة من الباب السابع ، من سفر التكوين من النسخة العبرانية ، وفيها يأتي : « وكان الطوفان أربعين يوما على الأرض » ، وفي النسختين اللاتينية واليونانية يأتي « أربعين يوما وليلة على الأرض » ، وفارق بين العبارتين !
وأيضا العبارة التاسعة عشرة من الباب السادس من سفر صموئيل الأول ، وفيها يأتي :
« وأهلك الرّب أهل بيت الشمس لأنهم فتحوا صندوق الرّب ورأوه ، فأهلك منهم خمسين ألفا وسبعين إنسانا » ، والتحريف واضح في العبارة ، فإما قد سقطت منها بعض الألفاظ ، وإما زيد فيها خمسون ألفا ، جهلا أو قصدا ! لأنه لا يعلم أن يكون أهل تلك القرية الصغيرة بهذا المقدار !
ومن السخف أن يصحّح محررو الترجمة هذا الخطأ كالآتى : « وقتل من الشعب سبعون رجلا وكانوا خمسين ألف رجل » ! ! وهو شئ يعدم الثقة تماما في نسخ التوراة جميعها ، قديمها وحديثها ، والاختلافات فيها في هذه العبارة متباينة .

ومن أغرب الخطأ أن ترد العبارة 22 في سفر التكوين في الباب الخامس والثلاثين كالآتى :
« وحدث أن كان إسرائيل ساكنا في تلك الأرض ، أن رأوبين ذهب فضاجع بلهة سرية أبيه ، فسمع بذلك إسرائيل » ، ورأوبين هو ابن إسرائيل البكر ، وبلهة أنجب منها أبوه ولدين هما دان ونفتالى ! !
ورأوبين إذن ضاجع امرأة أبيه ، فهل تكون هذه العبارة صحيحة ؟ وهل أولاد الأنبياء ونساؤهم زناة ؟ إننا نعجب أن يشيع الزنا في بيوت أنبياء إسرائيل بهذا الشكل السافر والمستشرى : في لوط ، وموسى ، وإسرائيل ، وداود ، وسليمان ، وزكريا ، ويحيى ، ومريم ، وعيسى ! ! !

  * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 4 أكتوبر 2023 - 22:07 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

483 . اليهود أنكروا القرآن لأنه ينسخ التوراة ، وأنكروا النسخ لما تحوّل المسلمون بقبلتهم من بيت المقدس إلى الكعبة

كان كفر اليهود منذ البداية حول هذه المقولة : أن نزول القرآن ينسخ التوراة ، وهم لا يمكن أن يكفروا بالتوراة ، ومن ثم كفروا بالقرآن وألغوا فيه ، وجحدوا أحكامه ، لقولهم أنها تناقض أحكام التوراة ، ولم يقرّوا بنبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وبنبوة عيسى عليه السلام من قبله لنفس السبب ، لأنهما نقضا الناموس
- أي الشرع الموسوي ، فأنزل اللّه تعالى :ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 106 ) أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ( 107 ) ( البقرة ) . 

ومعنى أن ينسخ الآية أن يبدلها ، أو ينقل حكمها إلى غيرها .
والنسخ : في الأمر والنهى ، والحظر والإطلاق ، والمنع والإباحة ، فأما الأخبار فلا نسخ فيها ولا منسوخ .
وأصل النسخ أن نقول نسخ الكتاب :

أي نقله ، فكذلك نسخ الحكم هو تحويله ، والآية إذا نسخت ، سواء في حكمها أو خطّها فهي في الحالتين منسوخة .
والنسخ عند علماء الأصول : هو رفع الحكم بدليل شرعي متأخر ، ويندرج في ذلك نسخ الأخف بالأثقل وعكسه ، والنسخ بدون بدل .
وقوله « ننسها » فيه القراءة بالنون المضمومة أو بالنون المفتوحة ، وفيه أيضا « ننسأها » فمن يقرأها بفتح النون فمعناها نؤخّرها ، ومن يقرأها « ننسأها » فمعناها نثبت خطّها ونبدّل حكمها ،

وكان عمر يقرأها « ننسأها » ويقول أي نؤخّرها ، فأما القراءة بضم النون ، فكان قتادة يقول ادعاء : كان اللّه ينسى نبيّه صلى اللّه عليه وسلم ما يشاء ، وينسخ ما يشاء » !
- وقال الطبراني زاعما : قرأ رجلان سورة أقرأها لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فكانا يقرءان بها ، فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف ، فأصبحا غاديين على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فذكرا ذلك له ، فقال : « إنها مما نسخ وأنسى فالهوا عنها » !
وفي قول الزاعمين أن قوله تعالى : « نأت بخير منها أو مثلها » تعنى في الحكم لمصلحة المكلّفين ، فما كان أصلح في الحكم لهم قضى به اللّه تعالى ونسخ ما قبله ، واللّه تعالى - كما يقول ابن عباس - يحكم لنا بما فيه خير ومنفعة وبما هو أرفق بنا . وقوله تعالى :أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ( 107 ) ( البقرة ) ،
يعلّمنا بأنه تعالى المتصرّف وله الخلق والأمر ، يحلّ ما يشاء ويحرّم ما يشاء ، كقوله تعالى :لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ( 23 ) ( الأنبياء ) .
والنسخ في الإسلام يا أخي المسلم الذكي المقصود بها - بمعنى أن بعضه ينسخ بعضه - غير موجود ، وآية النسخ أن الإسلام ينسخ ما قبله من الديانات ، أي اليهودية والنصرانية ، واليهود أنكروا النسخ كما قلنا لهذا السبب ، فأخبرهم اللّه بأنه تعالى له أن يقرر وأن ينهى ، وأن يمحو وأن يثبت .

وما يزال اليهود حتى اليوم يحملون على النسخ ، ويقلّدهم المسيحيون ، والعلمانيون حاليا ، واليهود لهم مصلحة وهي إنكار أن تنسخ النصرانية شريعتهم ، والنصارى لهم مصلحة وهي إنكار أن ينسخ الإسلام ديانتهم ، والعلمانيون دعاة للتنوير والهيمنة الأوروبية والعولمة الأمريكية ، ويدعون إلى إبطال الأديان والأخذ بالمنهج العلمي وإلغاء القيم كلية ، وكلهم معاند شديد العناد ،
والرّد عليهم - أخي المسلم الذكي - إنما بتذكيرهم أن العقل لا يرفض النسخ في الأحكام بما فيه المصلحة ، وفي القديم كان اللّه قد أحلّ أن يتزوج الأخ بأخته كما فعل إبراهيم ، ثم نسخ ذلك ؛ وأحلّ لنوح أن يطعم لحم أي حيوان ، ثم نسخ الحل ببعضها وحرّمه ؛ وكان نكاح العمة مباحا كما فعل أبو موسى ، وحرّمته شريعة التوراة ؛ وأمر إبراهيم بذبح ولده ثم نسخ الأمر ، والأمثلة كثيرة في ذلك يطول سردها .

وكان أكثر ما يضايق اليهود من النسخ تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، فذلك ما أغاظهم في الإسلام وأضجّهم منه ، فأخذوا يلغون في النّبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ويهزءون بالإسلام ، فأنزل اللّه تعالى :سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ( 142 ) ( البقرة )
والسفهاء هم اليهود ، قالوا : ما لهؤلاء المسلمين يستقبلون تارة بيت المقدس ، وتارة يستقبلون الكعبة ؟ فكان جواب اللّه تعالى : عليهم :قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُيتضمن نفس الرّد السالف على النسخ : أنه تعالى المتصرّف وله الأمر كله ،
وقال :لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها( البقرة 148 ) ، والوجهة هي القبلة ، شرحها أكثر فقال :لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً( 48 ) ( المائدة ) ،
يعنى يا أيها اليهود لكم قبلتكم التي ترضونها ، وللمسلمين قبلتهم التي ارتضاها اللّه لهم ، وللنصارى قبلتهم التي تابعوا اليهود عليها ، وكل ملّة لها شرعة ومنهاج ، أي سنن وطرائق ، واللّه تعالى جعل الناس شعوبا وقبائل ( الحجرات 13 ) ،
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً( المائدة 48 ) ،وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا( النحل 36 ) ، 

وجعل لكل منها منسكا هم ناسكوه ( الحج 67 ) ، وهذا هو الإقرار « بالتباين » في الإسلام ، و « احترام الغير أو الآخر ، والقول بالديموقراطية الدينية ! !
وكل ذلك أخي المسلم الذكي - يقوم عليه الإسلام ولا شئ منه في اليهودية ، ولا في النصرانية ، وأهيب بك - يا أخي المسلم الذكي - أن يكون ذلك منطلق حوارك مع الآخر ، وأساس بلاغك له عن الإسلام ، ودعوتك إليه أن يقرّ بالحق ، وأن يقول الصدق ، وأن يقدّر الملل أقدارها . وللّه الحمد والمنة .
  * * *

484 . آمين : هل هي مأخوذة من اليهودية والمسيحية ؟

لا توجد « آمين » في النصوص اليهودية القديمة ، وفي المزامير أضاف المرتلون « آمين » من عندهم ، يثنّون بها مرتين على المجموعة الثامنة من المزمور 31 حتى المزمور 72 ، ثم يقولون : تمت صلوات داود بن يسى .
ولخلو شعائرهم من « آمين » ، قال الرسول صلى اللّه عليه وسلم : 
« حسدتكم اليهود على آمين » .
والنصارى ينهون الصلاة بآمين ، ويختمون الدعاء في سفر متّى ، الفصل السابع ، « بآمين » .
وفي الإسلام « آمين » جزء ركين من الفاتحة ، وهي سنّة ، وتقال عقب قراءة الفاتحة سواء في الصلاة أو في غيرها ، والفارق بين الحالتين أنها في الصلاة تقال بعد أن يدعو بها الإمام ، وفي غير ذلك تقال عقب الفاتحة مباشرة .
وفي الحديث : « إذا أمّن الإمام فأمّنوا » .

وآمين تقال عقب كل دعاء سوى الفاتحة ، وهي كالخاتم على الكتاب ، يقول صلى اللّه عليه وسلم : « آمين خاتم ربّ العالمين » ، أي هي الطابع على الدعاء ، ومعناها : اللهمّ استجب ، أو فليكن كما دعونا ، أو ربّنا افعل ما دعونا . وقول « آمين » عقب الدعاء له تأثيره النفسي ، فهي تعطى الدعاء قوة ، ويشعر الداعي أنه يستنزل بها البركة . وقيل : إن آمين اسم من أسماء اللّه ، والنطق بها كقولنا « يا ربّ » .
ومن الخطأ تشديد الميم عند النطق بها ، لأن الميم ، المشددة تعنى شيئا آخر مثل قوله تعالى :وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ( 2 ) ( المائدة ) ، فآمين المشددة فيها الميم تعنى « قاصدون إليك » .
والإمام يجهر بآمين ، وفي عهد النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا قرأ « ولا الضالين » قال : آمين - يرفع بها صوته ليسمعها أهل الصف الأول ، فيقولها بعده كل من في المسجد ، فيرتج بها المكان ارتجاجا .
والجهر بآمين إشهار لها كشعار يندب العباد إلى إظهاره .

وفي الحديث أن اللّه أعطى أمّة الإسلام ثلاثا ، منها « آمين » ، اختصّ بها المسلمين دون غيرهم ، وفي الحديث عن عائشة عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال : « ما حسدتكم اليهود على شئ ، ما حسدتكم على آمين ، فأكثروا من قول آمين » .
وموجب الحسد الذي لم يستوعبه المستشرقون : 
أن الفاتحة التي لا مثيل لها عندهم ، أولها الحمد للّه والثناء عليه ، ثم الإقرار بعظمته وطلب الاستعانة به ، ثم الدعاء بالهداية إلى الصراط المستقيم ، وأن لا نكون من الضالين ولا من المغضوب عليهم .
فآمين إذن تذكر قصدا ، ولها فلسفة ومرجعية تاريخية ، وليس الأمر كذلك عند النصارى خصوصا وهم الذين يقولون آمين ، ولا هو كذلك عند اليهود الذين لا يعرفون التأمين أصلا .
ولهذا يتّهم المسلمون بأنهم سرقوا آمين من النصارى ، وشتّان بين آمين عند النصارى الذين لا يقولونها إلا لماما ، وبينها عند المسلمين الذين تشكل بالنسبة لهم ركنا من أركان العقيدة ويلهجون بها دوما وأبدا ، وليس قول النصارى ، بسرقة المسلمين لآمين إلا من باب الحسد والغيرة والحقد والاستعلاء . وحسبنا اللّه .

  * * *

485 . أكاذيب اليهود في مناسبة الآية : « ويوم يعضّ الظّالم على يديه »

الآية :وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ( الفرقان 27 ) صارت مثلا سائرا ، والظالم تاريخيا هو عقبة من معيط ، وخدنه أميّة بن خلف الجمحي ، أو أنه أبىّ بن خلف أخو أميّة ، وكان عقبة واقعا تحت قهر أمية لسبب ما ، ربما يفسره قولهم إنهما كانا خدنين يعنى متحابين ، فربما أحدهما مأبون والآخر لوطى ،
ولما كان عقبة قد اضطر أن يعلن إسلامه كي يحضر النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وليمة له أقامها لأشراف قريش ، وكان أمية غائبا ، فقد أجبره أمية بعد ذلك أن يرتد ففعل ، فأنزل اللّه :وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ( 27 ) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا ( 28 ) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا( 29 ) ( الفرقان ) .

وشنّع اليهود بتفسيرات أخذ بها بعض المفسرين من المسلمين للأسف ، فقالوا : إن عقبة وأمية أخذا أسيرين يوم بدر ، وأن عقبة قتله علىّ بن أبي طالب ، وأن أمية قتله الرسول صلى اللّه عليه وسلم بنفسه ! ! !
ومعروف أنه صلى اللّه عليه وسلم لم يحدث أن قتل أحدا ، لا في معركة ولا في غيرها ، وما أمر بقتل أسير قط ! ! !
وفي تشنيعة أخرى قالوا إن عقبة قتل صبرا في بدر ، وذلك أيضا لم يأمر به النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وما كان يفعل ذلك مطلقا ! والصحيح أن عقبة قتل في وقعة بدر ، وأن أمية قتل في أحد !
ومن أكاذيب اليهود في مسألة عقبة هذا ، أن أمية لما علم أن خدنه أسلم ، قاطعه إلا أن يذهب إلى محمد ويبصق في وجهه ويطأ عنقه ويسبّه قائلا كيت وكيت ، وأن عدو اللّه فعل ما أمره خليله ! ! ! فهل هذا يصدّق ؟
أن يتركه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يفعل فيه كل ذلك ؟ وأن يترك الصحابة رسولهم يكيل له هذا المأبون كل هذه الإهانات ؟ ! ! 

وللأسف فإن هذا ما ورد عند الواحدي في أسباب النزول ! وفي تفسير الطبري ! وفي الدر المنثور ! ! !
والظالم في هذه الآيات عام في كل ظالم ، والشيطان عام في كل محرّض على الإثم ، وهو كل من يطيعه آخر في المعصية ، ويصدق فيه الحديث عن « جليس السوء والجليس الصالح » ، فلما سألوا الرسول صلى اللّه عليه وسلم : أي الجلساء خير ؟
قال في الجليس الصالح : « من ذكّرتكم باللّه رؤيته ، وزاد في علمكم منطقه ، وذكّركم بالآخرة عمله » أخرجه العسكري في الأمثال ، والشاعر يقول :
وصاحب خيار الناس تنج مسلّما * وصاحب شرار الناس يوما فتندما

  * * *

486 . كذب اليهود أن محمدا أمر بصيام عاشوراء اقتداء بهم

الكلام في قوله تعالى :وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ( 50 ) ( البقرة ) لبنى إسرائيل ، قالوا : إن نجاتهم كانت في عاشوراء ، وأن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم سألهم : « ما هذا اليوم الذي تصومونه » ؟ 
فقالوا : هذا يوم عظيم ، أنجى اللّه فيه موسى وقومه ، وأغرق فرعون وقومه ، فصامه موسى شكرا ، فنحن نصومه ، فقال لهم النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : « فنحن أحق وأولى بموسى منكم » ، فصامه وأمر بصيامه .
وهذا كذب وافتراء ، يريد اليهود بأحاديث من مثل ذلك ، الزعم بأن دينهم هو الدين المهيمن على الإسلام ، والحقيقة كما قالت عائشة : كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصومه في الجاهلية ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك صيام يوم عاشوراء ، فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه » .
فمن غير المعقول أن يحاكى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم اليهود فيه ، وهو الحريص أن يخالفهم في كل شئ ، فلمّا وجد اليهود تصوم اليوم العاشر مصادفة مع المسلمين
- يقول ابن عباس : أمر النبىّ صلى اللّه عليه وسلم الناس فقال : صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود » ، ثم إن التقويم اليهودي لا يتوافق مع التقويم الهجري ! فيا أخي المسلم ، أذكر ذلك وادفع عن دينك ، فهؤلاء الناس هم شرّ البرية ، وأكذب خلق اللّه ، وحسبنا اللّه فيهم !

  * * *

487 . « الغرانيق في سورة النجم بحسب الإسرائيليات »

الغرنوق أو الغرنيق من طيور الماء الجميلة الشكل ، ولذا قد يقال للشاب المليح أنه غرنوق من باب المدح ، والجمع غرانيق ، ويقال للأنثى أنها غرنوق وغرنوقة أيضا ، والجمع غرانيق أيضا وغرنوقات .
وينهج المفسّرون للقرآن بالإسرائيليات على نهج يهود المدينة ، ونهج اليهود بعامة ، فالإسرائيليات لم يختص بها الإسلام ، فقد فسّر اليهود بها الفلسفة اليونانية ، واتهموا فلاسفة اليونانية بسرقة الأفكار من التوراة ؛ واتهموا الحضارة المصرية القديمة بأنها عبرانية ونسبها المصريون لأنفسهم ؛ وفي حربهم مع المسلمين حاليا ادّعوا أنه لا وجود لحضارة إسلامية ، ولا لحضارة عربية ، وأن الحضارة هي فقط الحضارة الغربية وأساسها يهودي وهو التوراة ، وأن ما يسمى بحضارة إسلامية أو عربية منقولة عن العبرانية . وقديما اختلفوا في تفسيرهم للقرآن ،
ومن قبل ذلك وحتى الآن في تفسيرهم للتوراة ، ويذهبون إلى اختلاق الروايات المتناقضة مع القرآن ، مما يوافق هواهم وأمزجتهم ونواياهم الخبيثة ، ومن ذلك ما ذكروه في تفسير بعض آيات من سورة النجم ، رووا في تفسيراتهم عنها حكاية غريبة عرفت من بعد برواية الغرانيق ، وكان أول من قال بها الحبر الأكبر عبد اللّه بن عباس ، ونقلها عنه وروّج لها تلميذه سعيد بن جبير ، ثم شاعت عنه إلى أن تداولها المستشرقون ، ووجدوا فيها المناسبة المرتجاة للطعن في الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وفي القرآن ، وفي الإسلام عموما .

ومؤدّى الحكاية كما يروونها : أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لما أنزلت عليه سورة النجم قرأها على من حوله ، فلما بلغ الآيات :لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ( 18 ) أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ( 19 ) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ( 20 ) أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى ( 21 ) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى ( 22 ) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى ( 23 ) أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى( 24 ) ،
تلبّسه الشيطان ، ودلّس عليه آيتين إضافيتين تصفان اللات والعزى ومناة ، فتصير الآيات المتضمنة لها هكذا : « أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ، تلك الغرانق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى » .
فكأن الرسول صلى اللّه عليه وسلم - طبقا لهذه الرواية - يمكن أن يتلبّسه الشيطان ويدلّس عليه في رواية القرآن ، ولو كان ذلك صحيحا ، فهل يمكن أن يوثق فيه إذن في الرواية عن اللّه عموما ، وفي أي شئ آخر يتعلق بالدين ، طالما أنه عرضة للتأثير عليه في أهم أدوات الدين وهو كتاب اللّه ؟ فهذه هي خطورة الرواية ، وخطورة الاتهام الذي تتضمنه .

ونلاحظ ان ابن عباس لم يحضر نزول السورة ، لأنه وقت وفاة النّبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان في  الثالثة عشرة من عمره ، وكذلك ابن جبير ، فإنه من مواليد سنة 45 هـ . أي بعد وفاة الرسول صلى اللّه عليه وسلم باثنتين وثلاثين سنة ! 
ومع ذلك فقد اعتمد روايته السيوطي من بعد ، ونشرها في كتابه « الدر » ،
وكذلك كتب عنها ابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وابن مردوية ، وفيما رووا أن ابن جبير قال عن ابن عباس : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ بمكة سورة النجم ، فلما بلغ :أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ( 19 ) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى( 20 )
ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلا ، وإن شفاعتهن لترتجى » .
وقال : عندئذ سجد الرسول ، وسجد المشركون أيضا ، وقالوا : لقد ذكر آلهتنا بخير ولم يكن قد فعل ذلك من قبل .
وانتشرت الحكاية عن طريق من سمعها من النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ممن كانوا حوله .
ثم إن جبريل لمّا جاء بعد ذلك يسأل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أن يعرض عليه ما جاءه به من قرآن ، قرأ عليه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ما عنده ، فلما بلغ : « تلك الغرانيق العلا ، وإن شفاعتهن لترتجى » ، قال : لم آتك بهذا ! هذا من الشيطان !
- قال سعيد : فأنزل اللّه :وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( 52 ) ( الحج ) !
والزيادة التي قال بها ابن جبير ذكر قتادة أنها : « وأنهنّ لهنّ الغرانيق العلى » .
وفي رواية الواقدي قال : سجد المشركون كلهم - أي عندما قرئت هذه الزيادة - إلا الوليد بن المغيرة ، وكان شيخا كبيرا ، فإنه أخذ ترابا من الأرض فرفعه إلى جبهته وسجد عليه ( أي أنه لكبره لم يستطع السجود ) ، وقيل إن الذي فعل ذلك أخاه سعيد بن العاص .
وقال قتادة : حتى نزل جبريل فقرأ عليه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فقال جبريل : ما جئتك به !
- وأنزل اللّه :لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا( 74 ) ( الإسراء ) .

فهذه حكاية الغرانيق التي يزعمونها والتي تصيّدها المستشرقون ، وأنكروا بها على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وعلى القرآن والإسلام .
والحكاية إما أنها حقيقية ، وإما إنها ملفقة قال بها رواة غير موثوق بهم ، لم يتحرّجوا أن ينقلوا الكفر ، ولم يكلّفوا أنفسهم عناء مناقشة هذه الروايات ، كشأن المؤرخين الباحثين .
ولقد جاءت رواياتهم مضطربة غير متوافقة مع بعضها ، فقائل يقول : إن النبىّ أخطأ وكان يقرأ في الصلاة ؛
وآخر يقول : إنه أصابته سنة ( أي غفوة ) وهو يقرأ ؛ وقال آخر : إنه سها ؛ وقال آخر : ارتصده الشيطان في سكتة من السكتات ، فنطق بتلك الكلمات ، محاكيا نغمة كلام الآيات من قبلها ، حتى أن من سمعه من المقربين ، ظنوا أن ما قاله هو من القرآن فأشاعه ! وكل هذه الروايات مرسلة ومنقطعة ولا يحتج بها ، وطرقها ضعيفة ومتهافتة ومنكرة ، ولم يحفل بها البخاري ومسلم لهذا السبب .

والمنكرون لهذه الروايات قالوا إن معنى « ألقى الشيطان » : أن الشيطان نطق بألفاظ سمعها  الكفار عند قول النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ( 19 ) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى( 20 ) فالتبس الأمر على من سمعها ممن كانوا بالقرب من النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فظنوا أنه قائلها وليس الشيطان ، فكان عذرهم أقبح من ذنب الآخرين !
والقرآن ينكر تماما أن يكون للشيطان تأثير على المؤمن ، ناهيك أن يكون هذا المؤمن هو النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ! كقول ربّ العزة مخاطبا الشيطان :إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ( 42 ) ( الحجر ) ،
وقوله عنه :إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ( 99 ) ( النحل ) ، وقوله عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى ( 2 ) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ( 3 ) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى( 4 ) ( النجم ) ، ويقول بلسان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ( 15 ) ( يونس ) ،
وقوله عن عقوبة أن يتقوّل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم على اللّه :وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ ( 44 ) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ( 45 ) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ( 46 ) ( الحاقة ) .
وإذن فحكاية الغرانيق لا تثبت من جهة النقل ، فالقرآن لا يمكن أن يناقض بعضه ، كما لا يمكن أن يطعن فيه من طريق أحاديث في التفسير من المراسيل والمنقطعات - وهي التي دخل أكثر البلاء على الإسلام من خلالها .

ثم إن القصة من جهة السياق لا تستقيم مع ما قبلها ، فاللات والعزى ومناة بحسب السياق هي مجرد أسماء سمّاها المشركون وآباؤهم ثم عبدوها ، و « الأسمائية » مدرسة في الفكر تقول : أنه طالما أن هناك اسما فإنه لا بد أن يكون لشئ موجود في الواقع وإن لم يكن مرئيا ولا مسموعا ؛ ونقيضها « الوضعية المنطقية » التي تقول : « أن الاسم إن لم يكن موجودا في الواقع فهو فارغ المعنى » ، وأسماء اللات والعزى ومناة « فارغة المعنى » ، لأنها ليست من الواقع في شئ .
فإن قال قائل : إن اللّه تعالى - بالمثل - غير مرئى ولا مسموع ، يعنى أنه غير واقع ثم فارغ المعنى ،
فنقول : إنه تعالى مدرك بما له من أفعال نراها بالبصر ، ونسمعها بالأذن ، ونحيط بها بالعقل ، فيما حولنا من مظاهر الكون ، ما ظهر منها وما خفى ، فاللّه تعالى اسم كالأسماء ، ولكنه على مسمّى متعيّن ندركه بالحواس والعقول والأفهام .
وأما اللات والعزى ومناة - فكما جاء في الآيات - هي أسماء فقط ما أنزل اللّه بها من سلطان ، أي ليس لها واقع ، والمعرفة بها معرفة ظنية ، يعنى إن سئل الكفار عنها يقولون عنها أشياء بالظن ولا يوصفون واقعا ، وظنهم بحسب هواهم ، أي وفق أمزجتهم ورغباتهم .
والآيات إذن تذم هذه الآلهة أو بالأحرى الإلاهات ، لأنهم إناث وليسوا ذكورا ، والقرآن يعيب على الكفار أنهم جعلوا الآلهة شركاء اللّه إناثا ولم يجعلوهم ذكورا ، مع أنهم لا يحبون أن تكون لهم الإناث ويؤثرون عليهن الذكور ، فلما ذا يجعلون للّه ما  يكرهون لأنفسهم ؟
ويصف القرآن ذلك بأنه ليس عدلا منهم ، فهل بعد هذا الذم يأتي اللّه تعالى بمدح لهذه الإلاهات يناقض الذم السابق ، فيصفها تعالى بأنها غرانيق علا ترتجى شفاعتهن ؟ ! !
ومن جهة أخرى فلو أمعنا العقل في هاتين العبارتين المضافتين « تلك الغرانيق العلا ، وإن شفاعتهن لترتجى » فقد لا نرى أن المعنى فيهما متعارض مع السياق ، فالعبارتان تقالان من باب السخرية والازدراء لأسماء اللات والعزى ومناة ،
فيكون المعنى : اللات والعزى وهذه المناة الأخرى ، اللاتي يقولون إن شفاعتهن ترتجى ! !
وهي طريقة في الكلام نسمعها كثيرا في العامية كلما أراد المتحدث التهوين من شأن شئ ما ، وتكون العبارتان إذن ذما شكلا وموضوعا ، وليس بهن أي مدح ولو أقل القليل .

وهذه الفرية أو التشنيعة التي شارك فيها الأقدمون والمحدثون ، أحزنت النبىّ صلى اللّه عليه وسلم في وقتها لما أثارته من الشبهات ، وما سببته من الفتن .
وقد ربط البعض لذلك بين هذه الحادثة وبين آيتين ، الأولى :وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ( 73 ) وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا ( 74 ) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً( 75 ) ( الإسراء ) ؛
والثانية :وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( 52 ) ( الحج ) ، والآيتان نزلتا في أمور أخرى وليست لهما صلة بهذه الحادثة ، فلا يحتج بهما على أن حادثة الغرانيق هذه قد جرت فعلا ، وسنتناول الآيتين بعد الانتهاء من حكاية الغرانيق ، وسياقهما مختلف تماما ، وقوله تعالى في الأولى :كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ليس معناها أنهم قاربوا أن يحققوا لأنفسهم ذلك ، وإنما أنهم حاولوا من خلال إنصاته لهم ، ولم يفلحوا أن يفتنوه لأنه معصوم ومثبّت من اللّه .
فكما ترى الآية تحكى عن شئ آخر ، ومع ذلك فهي بإزاء الحكاية التي نحن بصددها تؤكد استحالة وقوعها ، لأنه مع العصمة والثبات لا يمكن أن يلقى شيطان على لسانه صلى اللّه عليه وسلم شيئا مخالفا لمطلوبه تعالى .

وكذلك فإن الآية الثانية تؤكد أن محاولات شياطين الإنس والجن لم تتوقف عن التشويش على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم في رسالته ، ومعنى :إِلَّا إِذا تَمَنَّىأي حدّث ،
ومعنى :أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِأي في حديثه ،فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُأي يبطله . والآية موضوعها ليس الغرانيق ، إلا أنها كذلك تؤكد أن حادثة الغرانيق هذه ما كان يمكن أن تحدث للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم بالطريقة التي رووا عنها ، ولذلك فقد حاول آخرون روايتها بطريقة مختلفة ، فذكر الكلبي أن النبىّ لمّا بلغ :أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ( 19 ) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى( 20 ) لبّس عليه الشيطان أن يضيف « والغرانقة العلا وإن شفاعتهن لترتجى » ، وفسّر الغرانقة بالملائكة .
ولم ير القشيري هذا التفسير ، لأن اللّه يقول فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ أي يبطله ، وشفاعة الملائكة غير باطلة .

ومن كل هذا التضارب كما ترى يتأكد أن حكاية الغرانيق من أراجيف رواة الإسرائيليات ، وتلقّفها المستشرقون للتشنيع على الإسلام ، أو أنها لو كانت قد جرت ، فإنها لم تكن تعدو إشاعة أو تشنيعة ، وفي علم نفس الإشاعات توصف أمثال هذه الإشاعة بأنها مستبشعة ، ومن دأب العدو الذي يروّج لها أن يهوّل منها ، فكلما زاد التهويل كلما كان للإشاعة مردود على الجماهير ، ولو ببعض التأثير ، ولن تكون عديمة التأثير أبدا ، ومن تهويلهم في شأن حكاية الغرانيق - أنهم قالوا إن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لمّا عرف ما قال ، ندم عليه وقال : افتريت على اللّه وقلت ما لم يقل !
  * * *

488 . آية الفتنة من سورة الإسراء مثل آخر كالغرانيق

قال المستشرقون إذا كانت قصة الغرانيق في سورة النجم غير صحيحة ، فلما ذا كانت « آية الفتنة » إذن التي تقول :وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ( 73 ) وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا ( 74 ) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً( 75 ) ( الإسراء ) ، أليس ذلك لأن قصة الغرانيق صحيحة ، وتثبتها آية الفتنة ؟
ويقول راوي الإسرائيليات سعيد بن جبير ، المولود سنة 45 هـ ، والذي لم يحضر أيا من أسباب نزول القرآن : كاد النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يستلم الحجر الأسود في طوافه ، فمنعته قريش ، وقالوا : لا ندعك تستلم حتى تلمّ بآلهتنا ( أي تزورها ) .
فحدّث نفسه ( أي الرسول صلى اللّه عليه وسلم ) ، وقال : ما علىّ أن ألمّ بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر ، واللّه يعلم أنى لها كاره ؟ فأبى اللّه تعالى ذلك وأنزل عليه هذه الآية !
- فهذه رواية ابن جبير تطعن في أخلاقه صلى اللّه عليه وسلم ، ويريد منا هذا الملعون أن نصدقه فيها ! والمستشرقون يصدقونه ويروّجون لمثل أقواله .
ورواية سعيد جاء مثلها : عند الطبري في « جامع البيان » ، والماوردي في تفسيره ، وابن عطية في « المجرد الوجيز » .

وجاء عند الطبري والماوردي عن مجاهد وقتادة ، وفي رواية أخرى ، نقلا عن ابن عباس ،والثلاثة من صناع الإسرائيليات ورواتها : أن هذه الآية نزلت في وفد ثقيف لمّا أتوا النبىّ صلى اللّه عليه وسلم فسألوه شططا ، فقالوا : متّعنا بآلهتنا سنة حتى نأخذ ما يهدى لها ، فإذا أخذناه كسرناها وأسلمنا ، فهمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يعطيهم ذلك ، فنزلت هذه الآية .
وقوله « همّ الرسول » هو تأكيد للمرة الثانية للصفة الزرية التي ينسبونها للنّبىّ صلى اللّه عليه وسلم : أنه كان من الممكن أن يمالئ هذا أو ذاك ، ولولا السماء لفعل ذلك !
وفي رواية أخرى : أن أكابر قريش قالوا للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم : اطرد عنا هؤلاء السقّاط الموالى ، حتى نجلس معك ونسمع منك ، فهمّ بذلك حتى نهى عنه .
وفسّر ذلك قتادة فقال : ذكر لنا أن قريشا خلوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات ليلة إلى الصبح ، يكلّمونه ، ويفخّمونه ، ويسوّدونه ، ويقاربونه ، فقالوا : إنك تأتى بشيء لا يأتي به أحد من الناس ، وأنت سيدنا . وما زالوا به حتى كاد يقاربهم في بعض ما يريدون ، ثم عصمه اللّه من ذلك ، وأنزل هذه الآية !
والرواية هنا أكثر نكرا ، لأنهم يظهرونه فيها كما لو أنه ينطلى عليه تفخيمهم له وتسييدهم ، حتى ليكاد يرضخ لهم !
ومما يرويه قتادة أكثر من ذلك : أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لما نزلت هذه الآية قال : اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين » رواه الطبري وأبو حبان ، وذلك بسبب قوله تعالى :لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًاأي تميل إلى أقوالهم ، لولا أن اللّه ثبّته على الحق ، وعصمه من موافقتهم ، وحال بينه وبينهم ، ومنعه من أن يرضخ لهم ولرغباتهم وينقلب على أصحابه ومبادئه إرضاء لهم ! !
وهذه الأقوال كلها باطلة ، ولا تستقيم مع السياق ولا مع القرآن وتضاده تماما ، فظاهر الخطاب في الآية للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وباطنه إخبار عن أهل ثقيف الذين كانوا موضوع الآية ، وكانوا يمتدحونه ، ويستميلونه إليهم ، ولولا فضل اللّه عليه بالاصطفاء والنبوة والعصمة ، لكان منه ميل إلى موافقتهم ، ولو فعل لأذاقه اللّه تعالى مثلىّ عذاب الدنيا والآخرة ، فكلما كانت الدرجة أعلى كلما كان العذاب عند المخالفة أشدّ وأنكى ، كما جاء عن نساء النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ( 30 ) ( الأحزاب ) . 

ومن ثم فلا صلة بين آية الفتنة وقصة الغرانيق التي تناولناها قبلا ، والتي ذهب في تفسيرها رواة الإسرائيليات ، مذاهب تحطّ من شأن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وتظهره بمظهر مشين ، وللأسف فإن رواياتها قد صدرت أولا عن منافقين مدلّسين كانوا مسلمين اسما ، وقالوا بهذه التفسيرات ، فلم يكن عجيبا أن يحتج بها المستشرقون وأعداء الإسلام من بعد للطعن في النبىّ صلى اللّه عليه وسلم طالما أن مروّجيها كانوا مسلمين ولو اسما !
  * * *

489 . الإسرائيليات في آية الاستفزاز

يقول اللّه تعالى :وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا( 76 ) ( الإسراء ) . 
وكدأب ابن عباس غالبا عندما ينقل عن اليهود أسبابا لنزول القرآن ، أو لتفسيره ، من شأنها أن تهزّ صورة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم عند المسلمين وتجعله يبدو كما لو كان اليهود يتلاعبون به ،
قال : حسدت اليهود مقام النبىّ صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة ، فقالوا :إن الأنبياء إنما بعثوا بالشام ، فإن كنت نبيا فالحق بها ( أي بالشام ) ، فإنك إن خرجت إليها صدّقناك وآمنا بك .
يقول ابن عباس : فوقع ذلك في قلب النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لما يحب من إسلامهم !
فرحل من المدينة على مرحلة ( أي مسافة ) ، فأنزل اللّه هذه الآية وتسمى آية الاستفزاز .
وقيل : إن الرسول صلى اللّه عليه وسلم غزا تبوك لا يريد إلا الشام ، فلما نزل تبوك نزلت الآية ، فكان ذلك أمرا له بالرجوع .
ومعنى « يستفزونك » يستخفونك ويزعجونك ويخرجونك من المدينة ، فقد غاظهم استقراره بها ، فلعله إن خرج تخلو المدينة لهم ويستتب لهم الأمر !

وابن عباس غلط ، لأنه جعل الآية مدنية بينما سورة الإسراء مكية ، وقال غير واحد من المفسرين أنها نزلت لما همّ أهل مكة أن يخرجوا النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ولكن اللّه أمره بالهجرة .
ثم إن هذه الآية قد أتت الآيات قبلها عن أهل مكة ، ولم يكن فيها ذكر لليهود ، وليس قوله تعالى « من الأرض » إلّا لأنه أراد بها أرض مكة ، وجماع الكفار بأرض مكة ، ولذا قال تعالى :وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا، وفي قراءة « لا يلبّسون » بالباء المشددة ، أي لا يدعهم اللّه على حالهم في مكة إلا لزمن قليل بعده ، يقصد بالقليل المدة التي لبثوها بعده بعد إخراجهم له ، واندحارهم يوم بدر .

ومن هذا ترى تهافت التفسيرات بالإسرائيليات ، وغلط من قالوا بها ، الأمر الذي يتحتم معه اطّراحها وتنزيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكتاب اللّه مما يروّجون ضدهما من أراجيف ، يريدون بها إظهار النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وكأنما كل ما يفعله لا يعدو ردود أفعال وليس مبادرات موحى بها ، فاليهود يوعزون إليه ويؤلّبونه ويستثيرونه ، وهو يرضخ لهم في مسألة مصيرية كهذه ، وابن عباس تنطلي عليه تفسيراتهم التي قالوا بها ، حتى ليقول فيها : فوقع ذلك في قلب النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لما يحب من إسلامهم ، فرحل من المدينة !
وإني لأعجب كيف عرف أنه وقع في قلبه ، وأنه يحب إسلامهم ، وكان في ذلك الوقت طفلا غريرا بعد ؟

  * * *

490 . أيام اللّه : هل هو مصطلح إسلامي أم مسروق من التوراة ؟

المستشرق اليهودي يوسف هوورفيتس من أشد أعداء الإسلام ، ولا يألو جهدا أن يذيع عن الإسلام الأكاذيب لعله يهزّ عقيدة المسلمين وينفّر الأوروبيين من اتّباع الإسلام ، وتلك أماني المستشرقين والمبشرين ، واللّه تعالى يأبى إلا أن يتم نوره ويذيع الإسلام بنقدهم الذي ينتقدونه .
وهو روفيتس يقول إن « أيام اللّه » في القرآن في الآية :وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ( 5 ) ( إبراهيم ) ،
والآية :قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ( 14 ) ( الجاثية ) ، مأخوذة من التوراة ، سفر العدد ، الفصل الواحد والعشرين ، العبارة 14 ، من قوله « كتاب حروب الرّب » ، ويقصد به مجموعة الحروب التي دخلها اليهود في فلسطين ، ومنها حربهم مع الأموريين واجتياحهم لأراضيهم .
وهذا إذن هو نصّ المصطلح ، والسياق الذي ذكر فيه ، فأي عاقل يمكن أن يقول إن هذا المصطلح هو نفسه المصطلح القرآني « أيام الربّ » ؟
وفي الآية الأولى التي ورد بها المصطلح فإن في الحديث المرفوع عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم في قوله : « وذكّرهم بأيام الربّ » قال معناها ذكّرهم : « بنعم اللّه » ،
وهو نفس المعنى في الآية الثانية لقوله :لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، حيث المعنى فيه إحالة إلى الآية الأخرى من سورة البقرة :يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ( 40 ) ،
وكان ذلك في الزمن الغابر طالما كانوا يتقون اللّه ، فلما ضلّوا وأضلّوا ونقضوا العهد ، صرفت عنهم النّعم ، ولذلك يذكّرهم اللّه بأيامه معهم التي كان فيها راضيا عنهم ، وكانت له أياد عليهم ؛ وقيل هي أربع عشرة نعمة أحصاها القرآن ، فأي صلة بين « حروب الربّ » التي في سفر العدد ، وبين « أيام اللّه » التي وردت في القرآن ؟
ثم إن « حروب الربّ » ليست اصطلاحا من الاصطلاحات بالمعنى المتعارف عليه ، ولكن « أيام اللّه » اصطلاح أكيد ، وعند العرب مثله ، فهم يقولون عن النسّابين أنهم الأعلم « بأيام العرب » ، يعنى بتواريخهم القديمة التي فيها أمجادهم .
فكأن هذا المستشرق اليهودي الموتور هوروفيتس ، أراد أن يستخرج شيئا من لا شئ ، ولم يفعل إلا أن أبان عن حقده وتعصّبه وجهله ، وما أكثر ما يجهله هؤلاء المستشرقون ! !

  * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى