المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الباب الثلاثون في تفصيل أخلاق الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: قسم علوم و كتب التصوف :: من كتب الصوفية :: عوارف المعارف الشيخ عمر السهروردي
صفحة 1 من اصل 1
28052021
الباب الثلاثون في تفصيل أخلاق الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
الباب الثلاثون في تفصيل أخلاق الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
عوارف المعارف للشيخ شهاب الدين عمر السهروردي القرشي التميمي البكري الشافعي المتوفى سنة 632 ه
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الثلاثون في تفصيل أخلاق الصوفيةمن أحسن أخلاق الصوفية التواضع ، ولا يلبس العبد لبسة أفضل من التواضع . ومن ظفر بكنز التواضع والحكمة يقيم نفسه عند كل أحد مقدارا يعلم أنه يقيمه . ويقيم كل أحد على ما عنده من نفسه ، ومن رزق هذا فقد استراح وأراح ، وما يعقلها إلا العالمون .
أخبرنا أبو زرعة عن أبيه الحافظ المقدسي قال أنا عثمان بن عبد اللّه قال أنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا عبد الرحمن بن حمدان قال حدثنا أبو حاتم الرازي قال حدثنا النضر بن عبد الجبار قال أنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال " إن اللّه تعالى أوحى إلى أن تواضعوا ، ولا يبغى بعضكم على بعض " .
وقال عليه السلام في قوله تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي [سورة آل عمران : الآية 31 .]
قال " على البر والتقوى والرهبة وذلة النفس " .
وكان من تواضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يجيب دعوة الحر والعبد ، ويقبل الهدية ، ولو أنها جرعة لبن ، أو فخذ أرنب ، ويكافئ عليها ، ويأكلها ، ولا يستكبر عن إجابة الأمة والمسكين .
وأخبرنا أبو زرعة إجازة عن ابن خلف إجازة عن السلمى قال أنا أحمد بن علي المقرى قال أنا محمد بن المنهال قال حدثني أبى عن محمد بن جابر اليماني عن سليمان بن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إن من رأس التواضع أن تبدأ بالسلام على من لقيت ، وترد على من سلم عليك ، وأن ترضى بالدون من المجلس ، وألا تحب المدحة والتزكية والبر " .
" 260 "
وورد أيضا عنه عليه السلام " طوبى لمن تواضع من غير منقصة ، وذل في نفسه من غير مسكنة " .
سئل الجنيد عن التواضع فقال : خفض الجناح ، ولين الجانب .
وسئل الفضيل عن التواضع فقال : تخضع للحق ، وتنقاد له ، وتقبله ممن قاله ، وتسمع منه .
وقال أيضا : من رأى لنفسه قيمة فليس له في التواضع نصيب .
وقال وهب بن منبه : مكتوب في كتب اللّه : إني أخرجت الذر من صلب آدم ، فلم أجد قلبا أشد تواضعا إلى من قلب موسى عليه السلام ، فلذلك اصطفيته وكلمته .
وقيل : من عرف كوامن نفسه لم يطمع في الغلو والشرف ، ويسلك سبيل التواضع ، فلا يخاصم من يذمه ، ويشكر اللّه لمن يحمده .
وقال أبو حفص : من أحب أن يتواضع قلبه فليصحب الصالحين وليلتزم بحرمتهم ، فمن شدة تواضعهم في أنفسهم يقتدى بهم ولا يتكبر .
وقال لقمان عليه السلام : لكل شيء مطية ومطية العمل التواضع .
وقال النوى : خمسة أنفس أعز الخلق في الدنيا : عالم زاهد ، وفقيه صوفي ، وغنى متواضع ، وفقير شاكر ، وشريف سنى .
وقال الجلاء : لولا شرف التواضع كنا إذا مشينا نخطر .
وقال يوسف بن أسباط وقد سئل ما غاية التواضع قال : أن تخرج من بيتك فلا تلقى أحدا إلا رأيته خيرا منك .
ورأيت شيخنا ضياء الدين أبا النجيب وكنت معه في سفره إلى الشام وقد بعث بعض أبناء الدنيا له طعاما على رؤوس الأسارى من الإفرنج وهم
" 261 "
في قيودهم ، فلما مدت السفرة والأسارى ينتظرون الأواني حتى تفرغ ، قال للخادم : أحضر الأسارى حتى يقعدوا على السفرة مع الفقراء ، فجاء بهم وأقعدهم على السفرة صفا واحدا ، وقام الشيخ من سجادته ومشى إليهم وقعد بينهم كالواحد منهم ، فأكل وأكلوا ، وظهر لنا وجهة ما نازل باطنه من التواضع للّه ، والانكسار في نفسه ، وانسلاخه من التكبر عليهم بإيمانه وعلمه وعمله .
أخبرنا أبو زرعة إجازة عن أبي بكر بن خلف إجازة عن السلمى قال سمعت أبا الحسين الفارسي يقول سمعت الجريري يقول : صح عند أهل المعرفة أن للدين رأس مال : خمسة في الظاهر وخمسة في الباطن .
فأما اللواتي في الظاهر ، فصدق في اللسان ، وسخاوة في الملك ، وتواضع في الأبدان ، وكف الأذى ، واحتماله بلا إباء .
وأما اللواتي في الباطن ، فحب وجود سيده ، وخوف الفراق من سيده ، ورجاء الوصول إلى سيده ، والندم على فعله ، والحياء من ربه .
وقال يحيى بن معاذ : التواضع في الخلق حسن ،
ولكن في الأغنياء أحسن ، والتكبر سمج في الخلق ، ولكن في الفقراء أسمج .
وقال ذو النون : ثلاثة من علامات التواضع :
تصغير النفس معرفة بالعيب ،
وتعظيم الناس حرمة للتوحيد ،
وقبول الحق والنصيحة من كل واحد .
وقيل لأبى يزيد : متى يكون الرجل متواضعا ؟
قال : إذا لم ير لنفسه حقا ما ولا حالا من علمه بشرها وازدرائها ، ولا يرى أن في الخلق شرا منه .
" 262 "
قال بعض الحكماء : وجدنا التواضع مع الجهل والبخل أحمد من الكبر مع الأدب والسخاء .
وقيل لبعض الحكماء : هل تعرف نعمة لا يحسد عليها ، وبلاء لا يرحم صاحبه عليه ؟
قال : نعم ، أما النعمة فالتواضع ، وأما البلاء فالكبر .
والكشف عن حقيقة التواضع أن التواضع رعاية الاعتدال بين الكبر والضعة ، فالكبر رفع الإنسان نفسه فوق قدره ، والضعة وضع الإنسان نفسه مكانا يزرى به ويقضى إلى تضييع حقه .
وقد أنفهم من كثير من إشارات المشايخ في شرح التواضع أشياء إلى حد أقاموا التواضع فيه مقام الضعة ، ويلوح فيه الهوى من أوج الإفراد إلى حضيض التفريط ، ويوهم انحرافا عن حد الاعتدال ، ويكون قصدهم في ذلك المبالغة في قمع نفوس المريدين خوفا عليهم من العجب والكبر ، فقل أن ينفك مريد من مبادئ ظهور سلطان الحال من العجب ، حتى لقد نقل عن جمع من الكبار كلمات مؤذية بالإعجاب .
وكل ما نقل من ذلك القبيل من المشايخ لبقايا السكر عندهم ، وانحصارهم في مضيق سكر الحال ، وعدم الخروج إلى فضاء الصحو في ابتداء أمرهم ، وذلك إذا حدق صاحب البصيرة نظره يعلم أنه من استراق النفس السمع عند نزول الوارد على القلب ، والنفس إذا استرقت السمع عند ظهور الوارد على القلب ظهرت بصفتها على وجه لا يجفو على الوقت وصلافة الحال .
فيكون من ذلك كلمات مؤذنة بالعجب ، كقول بعضهم : من تحت خضراء السماء مثلي ؟
وقول بعضهم : قدمي على رقبة جميع الأولياء ،
وكقول بعضهم : أسرجت وألجمت وطفت في أقطار الأرض وقلت هل من مبارز ، فلم يخرج إلى أحد ، إشارة منه في ذلك إلى تفرده في وقته .
" 263 "
ومن أشكل عليه ذلك ، ولم يعلم أنه من استراق النفس السمع ، فليزن ذلك بميزان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وتواضعهم ، واجتنابهم أمثال هذه الكلمات ، واستبعادهم أن يجوز للعبد التظاهر بشيء من ذلك ، ولكن يجعل لكلام الصادقين وجه في الصحة ، ويقال إن ذلك طرح عليهم في سكر الحال ، وكلام السكارى يحمل .
فالمشايخ أرباب التمكين لما علموا في النفوس هذا الداء الدفين ، بالغوا في شرح التواضع إلى حد ألحقوه بالضعة تداويا للمريدين . والاعتدال في التواضع أن يرضى الإنسان بمنزلة دون ما يستحقه ، ولو أمن الشخص جموح النفس لأوقفها على حد يستحقه من غير زيادة ولا نقصان .
ولكن لما كان الجموح في جبلة النفس لكونها مخلوقة من صلصال كالفخار ، فيها نسبة النارية وطلب الاستعلاء بطبعها إلى مركز النار ، احتاجت للتداوي بالتواضع وإيقافها دون ما تستحقه ، لئلا يتطرق إليها الكبر .
فالكبر ظن الإنسان أنه أكبر من غيره ، والتكبر إظهاره ذلك ، وهذه صفة لا يستحقها إلا اللّه تعالى ، ومن ادعاها من المخلوقين يكون كاذبا .
والكبر يتولد من الإعجاب ، والإعجاب من الجهل بحقيقة المحاسن ، والجهل الانسلاخ من الإنسانية حقيقة . وقد عظم اللّه تعالى شأن الكبر بقوله تعالى : إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ [سورة النحل : الآية 23 .]
وقال تعالى : أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [سورة الزمر : الآية 60 .]
وقد ورد قول اللّه تعالى : " الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما قصمته " وفي رواية " قذفته في نار جهنم " .
" 264 "
وقال عز وجل ردا للإنسان في طغيانه إلى حده وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا [سورة الإسراء : الآية 37]
وقال تعالى : فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ( 5 ) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ [سورة الطارق : الآيات 5 - 6 .].
وأبغ من هذا قوله تعالى قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ ( 17 ) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ( 18 ) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ [سورة عبس : الآيات 17 - 19 .]
وقد قال بعضهم لبعض المتكبرين : أولك نطفة مذرة ، وآخرك جيفة قذرة ، وأنت فيما بين ذلك حامل العذرة .
وقد نظم الشاعر هذا المعنى :
كيف يزهو من رجيعه *** أبد الدهر ضجيعه
وإذا ارتحل التواضع من القلب وسكن الكبر ، انتشر أثره في بعض الجوارح ، ويرشح الإناء بما فيه ، فتارة يظهر أثره في العنق بالتمايل ، وتارة في الخد بالتصعير ، قال اللّه تعالى : وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ [سورة لقمان : الآية 18 .]
وتارة يظهر في الرأس عند استعصاء النفس . قال اللّه تعالى لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [سورة المنافقون : الآية 5 .]
وكما أن الكبر له انقسام على الجوارح والأعضاء تتشعب منه شعب ، فكذلك بعضها أكثف من البعض ، كالتيه والزهو والعزة وغير ذلك ، إلا أن العزة تشتبه بالكبر من حيث الصورة ، وتختلف من حيث الحقيقة ، كاشتباه التواضع بالضعة ، والتواضع محمود ، والضعة مذمومة ، والكبر مذموم ، والعزة محمودة . قال اللّه تعالى وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [سورة المنافقون : الآية 8]
" 265 "
والعزة غير الكبر ، ولا يحل لمؤمن أن يذل نفسه ، فالعزة معرفة الإنسان بحقيقة نفسه ، وإكرامها أن لا يضعها لأغراض عاجلة دنيوية ، كما أن الكبر جهل الإنسان بنفسه وإنزالها فوق منزلتها .
قال بعضهم للحسن : ما أعظمك في نفسك ، قال : لست بعظيم ولكنني عزيز .
ولما كانت العزة غير مذمومة ، وفيها مشاكلة بالكبر ، قال اللّه تعالى :
تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [سورة الإسراء : الآية 37 .]
فيه إشارة خفية لإثبات العزة بالحق ، فالوقوف على حد التواضع من غير انحراف إلى الضعة وقوف على صراط العزة المنصوب على متن نار الكبر ، ولا يؤيد في ذلك ولا يثبت عليه إلا أقدام العلماء الراسخين ، والسادة المقربين ، ورؤساء الأبدال والصديقين .
قال بعضهم : من تكبر فقد أخبر عن نذالة نفسه ، ومن تواضع فقد أظهر كرم طبعه .
وقال الترمذي : التواضع على ضربين :
الأول أن يتواضع العبد لأمر اللّه ونهيه ، فإن النفس لطلب الراحة تتلهى عن أمره ، والشهوة التي فيها تهوى في نهيه ، فإذا وضع نفسه لأمره ونهيه فهو تواضع ،
والثاني أن يضع نفسه لعظمة اللّه ، فإن اشتهت نفسه شيئا مما أطلق له من كل نوع من الأنواع منعها ذلك .
وجملة ذلك أن يترك مشيئته لمشيئة اللّه تعالى .
واعلم أن العبد لا يبلغ حقيقة التواضع إلا عند لمعان نور المشاهدة في قلبه ، فعند ذلك تذوب النفس ، وفي ذوبانها صفاؤها من غش الكبر والعجب ، فتلين وتطيع للحق والخلق لمحو آثارها ، وسكون وهجها وغبارها . وكان الحظ الأوفر من التواضع لنبينا عليه السلام في أوطان القرب ، كما روى عن عائشة رضي اللّه عنه في الحديث الطويل قالت : فقدت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات ليلة
" 266 "
فأخذني ما يأخذ النساء من الغيرة ظنا منى أنه عند بعض أزواجه ، فطلبته في حجر نسائه فلم أجده ، فوجدته في المسجد ساجدا كالثوب الخلق وهو يقول في سجوده " سجد لك سوادي وخيالي ، وآمن بك فؤادي ، وقر بك لساني ، وها أنا ذا بين يديك يا عظيم يا غافر الذنب العظيم " .
وقوله عليه السلام " سجد لك سوادي وخيالي " استقصاء في التواضع بمحو آثار الوجود حيث لم تتخلف ذرة منه عن السجود ظاهرا وباطنا .
ومتى يكن للصوفى حظ من التواضع الخاص على بساط القرب لا يتوفر حظه من التواضع للخلق . وهذه سعادات إن أقبلت جاءت بكليتها .
والتواضع من أشرف أخلاق الصوفية .
ومن أخلاق الصوفية المداراة ، واحتمال الأذى من الخلق . وبلغ من مداراة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه وجد قتيلا من أصحابه بين اليهود ، فلم يحف عليهم ولم يزد على مر الحق ، بل وداه بمائه ناقة من قبله ، وإن بأصحابه لحاجة إلى بغير واحد يتقوون به .
وكان من حسن مداراته أن لا يذم طعاما ، ولا ينهر خادما .
أخبرنا الشيخ العالم ضياء الدين عبد الوهاب بن علي قال أنا أبو الفضل الكرخي قال أنا أبو نصر الترياقي قال أنا الجراحى قال أنا أبو العباس المحبوبي قال أنا أبو عيسى الترمذي قال حدثني قتيبة قال حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال : خدمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط ، وما قال لي لشيء صنعته لم صنعته ، ولا لشيء تركته لم تركته .
وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أحسن الناس خلقا ، وما مسست خزا قط ولا حريرا ولا شيئا كان ألين من كف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ولا شممت مساقط ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
" 267 "
فالمداراة مع كل أحد من الأهل والأولاد والجيران والأصحاب والخلق كافة من أخلاق الصوفية ، وباحتمال الأذى يظهر جوهر النفس .
وقد قيل : لكل شيء جوهر ، وجوهر الإنسان العقل ، وجوهر العقل الصبر .
أخبرنا أبو زرعة طاهر عن أبيه الحافظ المقدسي قال أنا أبو محمد الصرفينى قال أنا أبو القاسم عبيد اللّه بن حبابة قال أنا أبو القاسم عبد اللّه ابن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا علي بن الجعد قال أنا شعبة عن الأعمش عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال " المؤمن الذي يعاشر الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على آذاهم " .
وفي الخبر " أيعجز أحدكم أن يكون كأبى ضمضم .
قيل : ما ذا كان يصنع أبو ضمضم ؟ قال : كان إذا أصبح قال : اللهم إني تصدقت اليوم بعرضي على من ظلمني ، فمن ضربني لا أضربه ، ومن شتمني لا أشتمه ، ومن ظلمني لا أظلمه " .
وأخبرنا ضياء الدين عبد الوهاب قال أنا أبو الفتح الهروي قال حدثنا الترياقي قال أنا الجراحى قال أنا المحبوبي قال أنا أبو عيسى الترمذي قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن عروة عن عائشة رضي اللّه عنه قالت : استأذن رجل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا عنده فقال " بئس ابن العشيرة أو أخو العشيرة " ثم اذن له فآلان له القول ، فلما خرج قلت يا رسول اللّه قلت له ثم ألنت له القول ، قال " يا عائشة إن من شر الناس من يتركه الناس أو يدعه الناس اتقاء فحشه " .
وروى أبو ذر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال " اتق اللّه حينما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن " .
" 268 "
فما شيء يستدل به على قوة عقل الشخص ووفور علمه وحلمه كحسن المداراة .
والنفس لا تزال تشمئز ممن يعكس مرادها ، ويستفزها الغيظ والغضب ، وبالمداراة قطع حمة النفس ، ورد طيشها ونفورها .
وقد ورد " من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخبره في أي الحوار شاء " .
وروى جابر رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال " ألا أخبركم على من تحرم النار ؟ على كل هين لين سهل قريب " .
وروى أبو مسعود الأنصاري رضي اللّه عنه قال : أتى النبي عليه السلام برجل فكلمه فأرعد فقال " هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد " .
وعن بعضهم في معنى لين جانب الصوفية :
هينون لينون أيسار بنو يسر * سواس مكرمة أبناء أيسار
لا ينطقون عن الفحشاء إن نطقوا * ولا يمارون إن ماروا بإكثار
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم * مثل النجوم التي يسرى بها الساري
وروى أبو الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال " من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير ، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير " .
حدثنا شيخنا ضياء الدين أبو النجيب إملاء قال حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن أبي عبد اللّه المالينى قال أنا أبو الحسين عبد الرحمن بن أبي طلحة الداودي قال أنا أبو محمد بعد اللّه الحموي السرخسي قال أنا أبو عمر ابن عيسى ابن عمر السمرقندي قال أنا عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي قال أنا محمد بن أحمد بن أبي خلف قال حدثنا عبد الرحمن محمد عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد اللّه بن أبي بكر عن رجل من العرب قال : زحمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم حنين وفي رجلي نعل كثيفة فوطئت بها
" 269 "
على رجل رسول اللّه فنفحنى نفحة بسوط في يده وقال بسم اللّه أوجعتنى .
قال : فبت لنفسي لايما أقول أوجعت رسول اللّه . قال : فبت بليلة كما يعلم اللّه ، فلما أصبحنا إذا رجل يقول أين فلان ؟ قلت هذا واللّه الذي كان منى بالأمس . قال فانطلقت وأنا متخوف ، فقال لي إنك وطئت بنعلك على رجلي بالأمس فأوجعتنى فنفحتك نفحة بالسوط ، فهذه ثمانون نعجة فخذها بها .
ومن أخلاق الصوفية الإيثار والمواساة ، ويحملهم على ذلك فرط الشفقة والرحمة طبعا وقوة اليقين شرعا ، يؤثرون بالموجود ، ويصبرون على المفقود .
قال أبو يزيد البسطامي : ما غلبني أحد ما غلبني شاب من أهل بلخ ، قدم علينا حاجا فقال لي : يا أبا يزيد ما حد الزهد عندكم ؟ قلت : إذا وجدنا أكلنا ، وإذا فقدنا صبرنا ، فقال : هكذا عندنا كلاب بلخ ، فقلت له : وما حد الزهد عندكم ؟ قال : إذا فقدنا شكرنا ، وإذا وجدنا آثرنا .
وقال ذو النون : من علامة الزاهد المشروح صدره ثلاث : تفريق المجموع ، وترك طلب المفقود ، والإيثار بالقوت .
روى عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم النضير للأنصار " إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وتشاركونهم في هذه الغنيمة ، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم نقسم لكم شيئا من الغنيمة " فقالت الأنصار : بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها ، فأنزل اللّه تعالى وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [سورة الحشر : الآية 9 .]
وروى أبو هريرة رضي اللّه عنه قال : جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد أصابه جهد فقال يا رسول اللّه إني جائع فأطعمني ، فبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى أزواجه هل عندكن شيء ، فكلهن قلن والذي بعثك بالحق نبيا ما عندنا إلا الماء ، فقال
" 270 "
رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ما عندنا ما نطعمك هذه الليلة ، ثم قال : من يضيف هذا هذه الليلة رحمه اللّه ؟
فقام رجل من الأنصار فقال أنا يا رسول اللّه ، فأتى به منزله فقال لأهله : هذا ضيف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأكرميه ولا تدخرى عنه شيئا ، فقالت : ما عندنا إلا قوت الصبية ، فقال : فقومى علليهم عن قوتهم حتى يناموا ولا يطعمون شيئا ثم أسرجى ، فإذا أخذ الضيف ليأكل قومي كأنك تصلحين السراج فأطفئيه وتعالى نمضغ ألسنتنا لضيف رسول اللّه ، حتى يشبع ضيف رسول اللّه ، فقامت إلى الصبية فعللتهم حتى ناموا عن قوتهم ولم يطعموا شيئا ، ثم قامت فأثردت وأسرجت ، فلما أخذ الضيف ليأكل قامت كأنها تصلح السراج فأطفأته ، فجعلا يمضغان ألسنتهما لضيف رسول اللّه ، وظن الضيف أنهما يأكلان معه حتى شبع الضيف وباتا طاويين فلما أصبحوا غدوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فلما نظر إليهما تبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قال : لقد عجب اللّه من فلان وفلانة هذه الليلة ، وأنزل اللّه تعالى وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [سورة الحشر : الآية 9 .]
وقال أنس رضي اللّه عنه : أهدى لبعض أصحابه رأس شاة مشوى وكان مجهودا ، فوهبه إلى جار له ، فتداوله سبعة أنفس ثم عادا إلى الأول ، فأنزلت الآية لذلك .
وروى أنا أن الحسن الأنطاكي اجتمع عنده نيف وثلاثون رجلا بقرية بقرى الري ، وله أرغفة معدودة لم تشبع خمسة منهم ، فكسروا الرغفان وأطفأوا السراج وجلسوا للطعام ، فلما رفعوا الطعام فإذا هو بحاله لم يأكل أحد منهم إيثارا منه على نفسه .
وحكى عن حذيفة العدوي قال : انطلقت يوم اليرموك لطلب ابن عم لي ومعي شيء من ماء وأنا أقول إن كان به رمق سقيته ومسحت وجهه ، فإذا
" 271 "
أنا به فقلت أسقيك ؟ فأشار إلى نعم ، فإذا رجل يقول آه ، فقال ابن عمى :
انطلق به إليه ، فجئت إليه ، فإذا هو هشام بن العاص ، فقلت أسقيك ؟ فسمع هشام آخر يقول : آه ،
فقال : انطلق به إليه ، فجئت إليه فإذا هو قد مات ، ثم رجعت إلى هشام فإذا هو أيضا قد مات ، ثم رجعت إلى ابن عمى ، فإذا هو أيضا قد مات .
وسئل أبو الحسين البوشنجي عن الفتوة ، فقال : الفتوة عندي ما وصف اللّه تعالى به الأنصار في قوله وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ[سورة الحشر : الآية 9 .]
قال ابن عطاء : يؤثرون على أنفسهم جودا وكرما وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ "[ سورة الحشر : الآية 9 .]. يعنى جوعا وفقرا .
قال أبو حفص : الإيثار هو أن يقدم حظوظ الإخوان على حظوظه في أمر الدنيا والآخرة .
وقال بعضهم : الإيثار لا يكون عن اختيار إنما الإيثار أن تقدم حقوق الخلق أجمع على حقك ، ولا تميز في ذلك بين أخ وصاحب وذي معرفة .
وقال يوسف بن الحسين : من رأى لنفسه ملكا لا يصح منه الإيثار لأنه يرى نفسه أحق بالشيء برؤية ملكه ، إنما الإيثار ممن يرى الأشياء كلها للحق ، فمن وصل إليه فهو أحق به ، فإذا وصل شيء من ذلك إليه يرى نفسه ويده فيه يد أمانة يوصلها إلى صاحبها أو يؤديها إليه .
وقال بعضهم : حقيقة الإيثار أن تؤثر بحظ آخرتك على إخوانك ، فإن الدنيا أقل خطرا من أن يكون لإيثارها محل أو ذكر .
ومن هذا المعنى ما نقل أن بعضهم رأى أخا له فلم يظهر البشر الكثير في وجهه ، فأنكر أخوه ذلك منه ،
فقال : يا أخي سمعت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال
" 272 "
" إذا التقى المسلمان ينزل عليهما مائة رحمة تسعون لأكثرهما بشرا وعشرة لأقلهما بشرا " فأردت أن أكون أقل بشرا منك ليكون لك الأكثر .
أخبرنا الشيخ ضياء الدين أبو النجم إجازة قال أنا أبو حفص عمر بن الصفار النيسابوري قال أنا أبو بكر أحمد بن خلف الشيرازي قال أنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى قال سمعت أبا القاسم الرازي يقول سمعت أبا بكر بن أبي سعدان يقول : من صحب الصوفية فليصحبهم بلا نفس ولا قلب ولا ملك ، فمن نظر إلى شيء من أسبابه قطعه ذلك عن بلوغ مقصده .
وقال سهل بن عبد اللّه : الصوفي من يرى دمه هدرا ، وملكه مباحا .
وقال رويم : التصوف مبنى على ثلاث خصال : التمسك بالفقر والافتقار ، والتحقق بالبذل والإيثار ، وترك التعرض والاختيار .
قيل : لما سعى بالصوفية وتميز الجنيد بالفقه ، وقبض على الشجام والرقام والنوري ، وبسط النطع لضرب رقابهم ، تقدم النوري فقيل له : إلى ماذا تبادر ؟ فقال : أوثر إخواني بفضل حياة ساعة .
وقيل : دخل الروذباري دار بعض أصحابه فوجده غائبا وباب بيته مغلق ، فقال : صوفي وله باب مغلق ، اكسروا الباب ، فكسروه وأمر بجميع ما وجدوا في البيت أن يباع ، فأنفذوه إلى السوق واتخذوا رفقا من الثمن وقعدوا في الدار ، فدخل صاحب المنزل ولم يقل شيئا ، ودخلت امرأته وعليها كساء فدخلت بيتا فرمت بالكساء وقالت : هذا أيضا من بقية المتاع فبيعوه ، فقال الزوج لها : لم تكلفت هذا باختيارك ؟
قالت : اسكت مثل الشيخ يباسطنا ويحكم علينا ، ويبقى لنا شيء ندخره عنه .
وقيل : مرض قيس بن سعد ، فاستبطأ إخوانه في عيادته ، فسأل عنهم ، فقالوا : إنهم يستحيون بمالك عليهم من الدين ، فقال : أخزى اللّه مالا
" 273 "
يمنع الإخوان عن الزيارة ، ثم أمر مناديا ينادى : من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل ، فكسرت عتبة داره بالعشى لكثرة عواده .
وقيل : أتى رجل صديقا له ودق عليه الباب ، فلما خرج قال : لماذا جئتني ؟
قال : لأربعمائة درهم دين لي ، فدخل الدار ووزن أربعمائة درهم وأخرجها إليه ودخل الدار باكيا ، فقالت امرأته ، هلا تعللت حين شق عليك الإجابة ؟
فقال : إنما أبكى لأنى لم أتفقد حاله حتى احتاج أن يفاتحنى به .
وأخبرنا الشيخ أبو زرعة عن أبيه الحافظ المقدسي قال أنا محمد بن محمد إمام جامع أصفهان قال حدثنا أبو عبد اللّه الجرجاني قال أنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمداباذى قال حدثنا أبو البحتري قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا بريدة بن أبي بردة عن أبي موسى قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو وقل طعام عيالهم جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموا في إناء واحد بالسوية ، فهم منى وأنا منهم " .
وحدث جابر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه إذا أراد أن يغزو قال : " يا معشر المهاجرين والأنصار إن من إخوانكم قوما ليس لهم مال ولا عدة ، فليضم أحدكم إليه الرجل والرجلين والثلاثة ، فما لأحدكم من ظهر جمله إلا عقبة كعقبة أحدكم " قال : فضممت إلى اثنين أو ثلاثة مالي إلا عقبة كعقبة أحدهم من جملة .
وروى أنس قال : لما قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة آخى النبي عليه السلام بينه وبين سعد بن الربيع ، فقال له : أقاسمك مالي نصفين ، ولي امرأتان فأطلق إحداهما ، فإذا انقضت عدتها تتزوجها ، فقال له عبد الرحمن : بارك اللّه لك في أهلك ومالك .
فما حمل الصوفي على الإيثار إلا طهارة نفسه ، وشرف غريزته .
وما جعله اللّه تعالى صوفيا إلا بعد أن سوى غريزته لذلك . وكل من كانت
" 274 "
غريزته السخاء والسخى يوشك أن يصير صوفيا ، لأن السخاء صفة الغريزة ، وفي مقابلته الشح ، والشح من لوازم صفة النفس .
قال اللّه تعالى وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [سورة الحشر : الآية 9 .]
حكم بالفلاح لمن يوقى الشح ، وحكم بالفلاح لمن أنفق وبذل فقال وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [سورة البقرة : الآية 3]
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [سورة البقرة : الآية 5]
والفلاح أجمع اسم لسعادة الدارين .
والنبي عليه السلام نبه بقوله " ثلاث مهلكات وثلاث منجيات " فجعل إحدى المهلكات شحا مطاعا ، ولم يقل مجرد الشح يكون مهلكا ، بل يكون مهلكا إذا كان مطاعا ، فأما كونه موجودا في النفس غير مطاع فإنه لا ينكر ذلك ، لأنه من لوازم النفس مستمدا من أصل جبلتها الترابى ، وفي التراب قبض وإمساك ، وليس ذلك بالعجب من الآدمي وهو جبلى فيه ، وإنما العجب وجود السخاء في الغريزة ، وهو لنفوس الصوفية الداعي لهم إلى البذل والإيثار.
والسخاء أتم وأكمل من الجود ، ففي مقابلة الجود البخل ، وفي مقابلة السخاء الشح ، والجود والبخل يتطرق إليهما الاكتساب بطريق العادة ، بخلاف الشح والسخاء إذا كان من ضرورة الغريزة . وكل سخى جواد وليس كل جواد سخيا .
والحق سبحانه وتعالى لا يوصف بالسخاء ، لأن السخاء من نتيجة الغرائز ، واللّه تعالى منزه عن الغريزة . والجود يتطرق إليه الرياء ويأتي به الإنسان متطلعا إلى عوض من الخلق أو الحق بمقابل ما من الثناء وغيره من الخلق والثواب من اللّه تعالى .
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 28 مايو 2021 - 9:29 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
الباب الثلاثون في تفصيل أخلاق الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي :: تعاليق
الباب الثلاثون في تفصيل أخلاق الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
عوارف المعارف للشيخ شهاب الدين عمر السهروردي القرشي التميمي البكري الشافعي المتوفى سنة 632 ه
بسم الله الرحمن الرحيمتابع الباب الثلاثون في تفصيل أخلاق الصوفية
" 275 "
والسخاء لا يتطرق إليه الرياء ، لأنه ينبع من النفس الزكية المرتفعة عن الأعواض دنيا وآخرة ، لأن طلب العوض مشعر بالبخل لكونه معلولا بطلب العوض ، فما تمحض سخاء ، فالسخاء لأهل الصفاء ، والإيثار لأهل الأنوار . ويجوز أن يكون قوله تعالى : إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً [سورة الإنسان : الآية 9 .]
إنه نفى في الآية الإطعام لطلب الأعواض حيث قال ( لا نريد ) بعد قوله ( لوجه اللّه ) فما كان للّه لا يشعر بطلب العوض ،
بل الغريزة لطهارتها تنجذب إلى مراد الحق لا لعوض ، وذلك أكمل السخاء من أطهر الغرائز .
روت أسماء بنت أبي بكر قالت قلت : يا رسول اللّه ليس لي من شيء إلا ما أدخل على الزبير ، فأعطى ؟
قال : " نعم لا توكى فيوكى عليك " .
ومن أخلاق الصوفية التجاوز والعفو ، ومقابلة السيئة بالحسنة .
قال سفيان : الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك ، فإن الإحسان إلى المحسن متاجرة كنقد السوق خذ شيئا وهات شيئا .
وقال الحسن : الإحسان أن تعم ولا تخص ، كالشمس والريح والغيث .
وروى أنس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " رأيت قصورا مشرفة على الجنة ، فقلت يا جبرائيل لمن هذه ؟
قال : للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس " .
روى أبو هريرة رضي اللّه عنه أن أبا بكر رضي اللّه عنه كان مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في مجلس فجاء رجل فوقع في أبى بكر وهو ساكت والنبي عليه السلام يتبسم ، ثم رد أبو بكر عليه بعض الذي قال ، فغضب النبي وقام ، فلحقه أبو بكر فقال : يا رسول اللّه شتمني وأنت تتبسم ثم رددت عليه بعض ما قال فغضبت وقمت ، فقال " إنك حيث كنت ساكنا كان معك ملك يرد عليه ، فلما تكلمت وقع
" 276 "
الشيطان فلم أكن لأقعد في مقعد فيه الشيطان . يا أبا بكر ثلاث كلهن حق : ليس عبد يظلم بمظلمة فيعفو عنها إلا أعز اللّه نصره ، وليس عبد يفتح باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده اللّه قله ، وليس عبد يفتح باب عطية أو صلة يبتغى بها وجه اللّه إلا زاده اللّه بها كثرة " . أخبرنا ضياء الدين عبد الوهاب بن علي قال أنا الكروخي قال أنا الترياقي قال أنا الجراحى قال أنا المحبوبي قال أنا أبو عيسى الترمذي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن عبد اللّه بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم ، إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساؤا فلا تظلموا " .
وقال بعض الصحابة : يا رسول اللّه الرجل أمر به فلا يقرينى ولا يضيفنى ، فيمر بي أفأجزيه ؟ قال : " لا ، أقره " .
وقال الفضيل : الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان .
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " ليس الواصل المكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " .
وروى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من مكارم الأخلاق : أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتعطى من حرمك " .
ومن أخلاق الصوفية البشر وطلاقة الوجه .
الصوفي بكاؤه في خلوته ، وبشره وطلاقة وجهه مع الناس . فالبشر على وجهه من آثار أنوار قلبه ، وقد تنازل باطن الصوفي منازلات إلهية ، ومواهب قدسية ، يرتوى منها القلب ، ويمتلئ فرحا وسرورا قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا [سورة يونس : الآية 58 .]
" 277 "
والسرور إذا تمكن من القلب فاض على الوجه آثاره . قال اللّه تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ [سورة عبس : الآية 38 .] أي مضيئة مشرقة مُسْتَبْشِرَةٌ أي فرحة .
قيل : أشرقت من طول ما اغبرت في سبيل اللّه . ومثال فيض النور على الوجه من القلب كفيضان نور السراج على الزجاج والمشكاة .
فالوجه مشكاة ، والقلب زجاج ، والروح مصباح ، فإذا تنعم القلب بلذيذ المسامرة ظهر البشر على الوجه .
قال اللّه تعالى : تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ [سورة المطفيين : الآية 24]
أي نضارته وبريقه ، يقال : أنضر النبات إذا أزهر ونور وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَة [سورة القيامة : الآيات 22 - 23 .]
فلما نظرت نضرت.
فأرباب المشاهدة من الصوفية تنورت بصائرهم بنور المشاهدة ، وانصقلت مرآة قلوبهم ، وانعكس فيها نور الجمال الأزلي .
وإذا أشرقت الشمس على المرآة المصقولة استنارت الجدران . قال اللّه تعالى : سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [سورة الفتح : الآية 29 .]
وإذا تأثر الوجه بسجود الظلال وهي القوالب في قول اللّه تعالى : وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ [سورة الرعد : الآية 15 .]
كيف لا يتأثر بشهود الجمال .
أخبرنا ضياء الدين عبد الوهاب بن علي قال أنا الكروخي قال أنا الترياقي قال أنا الجراحى قال أنا المحبوبي قال أنا أبو عيسى الترمذي قال حدثنا قتيبة قال حدثنا المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد اللّه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " كل معروف صدقة ، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق ، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك " .
..........................................................................................
( 1 ) سورة عبس : الآية 38 .
( 2 ) سورة المطفيين : الآية 24 .
( 3 ) سورة القيامة : الآيات 22 - 23 .
( 4 ) سورة الفتح : الآية 29 .
( 5 ) سورة الرعد : الآية 15 .
" 278 "
وقال سعد بن عبد الرحمن الزبيدي : يعجبني من القراء كل سهل طلق مضحاك . فأما من تلقاه بالبشر ويلقاك بالعبوس كأنه يمن عليك فلا أكثر اللّه في القراء مثله .
ومن أخلاق الصوفية السهولة ، ولين الجانب ، والنزول مع الناس إلى أخلاقهم وطباعهم ، وترك التعسف والتكلف . وقد روى في ذلك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخبار . وأخلاق الصوفية تحاكى أخلاق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
وكان يقول عليه الصلاة والسلام " أما إني أمزح ولا أقول إلا حقا " .
وروى أن رجلا يقال له زاهر بن حرام ، وكان بدويا ، وكان لا يأتي إلى رسول اللّه إلا جاء بطرفة يهديها إلى رسول اللّه ، فجاء يوما من الأيام فوجده رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سوق المدينة يبيع سلعة له ، ولم يكن أتاه ذلك اليوم ، فاحتضنه النبي عليه السلام من ورائه بكفيه ، فالتفت فأبصر النبي صلى اللّه عليه وسلم فقبل كفيه ، فقال النبي عليه السلام :
من يشترى العبد فقال : إذا تجدني كاسدا يا رسول اللّه ، فقال ولكن عند اللّه ربيح . ثم قال عليه السلام : لكل أهل حضر بادية ، وبادية آل محمد زاهر بن حرام .
وأخبرنا أبو زرعة طاهر بن الحافظ المقدسي عن أبيه قال أنا المطهر بن محمد الفقيه قال أنا أبو الحسن قال أنا أبو عمرو بن حكيم قال أنا أبو أمية قال حدثنا عبيد بن إسحاق العطار قال حدثنا سنان بن هارون عن حميد عن أنس قال : جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه احملنى على جمل ، فقال أحملك على ابن الناقة ، قال أقول لك احملنى على جمل وتقول أحملك على ابن الناقة ؟
فقال عليه السلام : فالجمل ابن الناقة .
وروى صهيب فقال : أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبين يديه تمر يأكل
فقال : أصب من هذا الطعام ، فجعلت آكل من التمر ،
فقال : أتأكل وأنت رمد فقلت : إذا أمضغ من الجانب الآخر ، فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
" 279 "
وروى أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له ذات يوم : يا ذا الأذنين . وسئلت عائشة رضى اللّه عنها كيف كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا خلا في البيت ؟
قالت : كان ألين الناس ، بساما ضحاكا .
وروت أيضا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سابقها فسبقته ، ثم سابقها بعد ذلك فسبقها ؟
فقال : هذه بتلك .
وأخبرنا الشيخ العالم ضياء الدين عبد الوهاب بن علي قال أنا أبو الفتح الهروي قال أنا أبو نصر الترياقي قال أنا أبو محمد الجراحى قال أنا أبو العباس المحبوبي قال أنا أبو عيسى الحافظ الترمذي قال حدثنا عبد اللّه بن الوضاح الكوفي قال حدثنا عبد اللّه بن إدريس عن شعبة عن أبي التياح عن أنس رضي اللّه عنه قال : إن كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليخالطنا حتى إنه كان يقول لأخ لي صغير :
يا أبا عمير ما فعل النغير ؟ والنغير عصفور صغير .
وروى أن عمر سابق زبيرا رضي اللّه عنه فسبقه الزبير ،
فقال : سبقتك ورب الكعبة ، ثم سابقه مرة أخرى فسبقه عمر ، فقال عمر : سبقتك ورب الكعبة .
وروى بكر بن عبد اللّه بن عباس قال قال لي عمر : تعال أنافسك في الماء أينا أطول نفسا ، ونحن محرومون .
وروى بكر بن عبد اللّه قال : كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتمازحون حتى يتبادحون بالبطيخ ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال . يقال بدح يبدح إذا رمى ، أي يترامون بالبطيخ .
وأخبرنا أبو زرعة عن أبيه قال أنا الحسن بن أحمد الكرخي قال حدثنا أبو طالب محمد بن إبراهيم قال حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن عبد اللّه قال حدثني إسحاق الحربي قال حدثنا أبو سلمة قال حدثنا حماد بن خالد قال أنبأنا محمد بن عمرو بن علقمة قال حدثنا أبو الحسن بن محصن الليثي عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة قال : إن عائشة
" 280 "
رضى اللّه عنها قالت : أتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم بحريرة طبختها له وقلت لسودة والنبي صلى اللّه عليه وسلم بيني وبينها : كلى فأبت ، فقلت لها : كلى فأبت ، فقلت لتأكلن أو لألطخن بها وجهك ، فأبت ، فوضعت يدي في الحريرة فلخطت بها وجهها ، فضحك النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فوضع فخذه وقال لسودة ألطخى وجهها ، فلطخت بها وجهي ، فضحك النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فمر عمر رضي اللّه عنه على الباب فنادى يا عبد اللّه يا عبد اللّه ، فظن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه سيدخل ، فقال : قوما فاغسلا وجهكما ، فقالت عائشة رضى اللّه عنها : فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إياه .
ووصف بعضهم ابن طاوس فقال : كان مع الصبى صبيا ومع الكهل كهلا ، وكان فيه مزاحة إذا خلا .
وروى معاوية بن عبد الكريم قال : كنا نتذاكر الشعر عند محمد بن سيرين وكان يقول ونمزح عنده ويمازحنا ، وكنا نخرج من عنده ونحن نضحك ، وكنا إذا دخلنا على الحسن نخرج من عنده ونحن نكاد نبكى .
فهذه الأخبار والآثار دالة على حسن لين الجانب ، وصحة حال الصوفية ، وحسن أخلاقهم فيما يعتمدونه من المداعبة في الربط ، وينزلون مع الناس على حسب طباعهم ، لنظرهم إلى سعة رحمة اللّه ، فإذا خلوا وقفوا موقف الرجال ، واكتسوا ملابس الأعمال والأحوال .
ولا يقف في هذا المعنى على حد الاعتدال إلى صوفي قاهر للنفس ، عالم بأخلاقها وطباعها ، سائس لها بوفور العلم ، حتى يقف في ذلك على صراط الاعتدال بين الإفراط والتفريط .
ولا يصلح الإكثار من ذلك للمريدين المبتدئين ، لقلة علمهم ومعرفتهم بالنفس ، وتعديهم حد الاعتدال . فللنفس في هذه المواطن نهضات ووثبات تجر إلى الفساد ، وتجنح إلى العناد . فالنزول إلى طباع الناس
" 281 "
يحسن بمن صعد عنهم ، وترقى لعلو حاله ومقامه ، فينزل إليهم وإلى طباعهم ، حتى ينزل بالعلم . فأما من لم يصعد بصفاء حاله عنهم ، وفيه بقية مزح من طباعهم ونفوسهم الجامحة الأمارة بالسوء إذا دخلت في هذه المداخل أخذت النفس حظها ، واغتنمت مآربها ، واستروحت إلى الرخصة ، والنزول إلى الرخصة يحسن لمن يركب العزيمة غالب أوقاته ، وليس ذلك شأن المبتدى .
فللصوفية العلماء فيما ذكرناه ترويح يعلمون حاجة القلب إلى ذلك ، والشيء إذا وضع للحاجة يتقدر بقدر الحاجة ، ومعيار مقدار الحاجة في ذلك علم غامض لا يسلم لكل أحد .
قال سعيد بن العاص لابنه : اقتصد في مزاحك ، فالإفراط فيه يذهب بالبهاء ، ويجرئ عليك السفهاء ، وتركه يغيظ المؤانسين ، ويوحش المخالطين .
قال بعضهم : المزاح مسلبة للبهاء ، مقطعة للإخلاء .
وكما يصعب معرفة الاعتدال في ذلك يصعب معرفة الاعتدال في الضحك ، والضحك من خصائص الإنسان ، ويميزه عن جنس الحيوان ، ولا يكون الضحك إلا عن سابقة تعجب ، والتعجب يستدعى الفكر ، والفكر شرف الإنسان وخاصيته . .
ومعرفة الاعتدال فيه أيضا شأن من ترسخ قدمه في العلم ، ولهذا قيل : إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب .
وقيل : وكثرة الضحك من الرعونة .
وروى عن عيسى عليه السلام أنه قال : إن اللّه تعالى يبغض الضحاك من غير عجب ، والمشاء في غير إرب .
وذكر فرق بين المداعبة والمزاح ، فقيل : المداعبة ما لا يغضب جده ، والمزاح ما يغضب جده .
" 282 "
وقد جعل أبو حنيفة رحمه اللّه القهقهة في الصلاة من الذنب ، وحكم ببطلان الوضوء بها وقال : يقوم الإثم مقام خروج الخارج . فالاعتدال في المزاح والضحك لا يتأتى إلا إذا خلص وخرج من مضيق الخوف والقبض والهيبة ، فإنه يتقوم بكل مضيق من هذه المضايق بعض التقويم ، فيعتدل الحال فيه ويستقيم ، فالبسط والرجاء ينشئان المزاح والضحك ، والخوف والقبض يحكمان فيه بالعدل .
ومن أخلاق الصوفية ترك التكلف ، وذلك أن التكلف تصنع وتعمل وتمايل على النفس لأجل الناس ، وذلك يباين حال الصوفية ، وفي بعضه خفى منازعة للأقدار ، وعدم الرضا بما قسم الجبار .
ويقال : التصوف ترك التكلف .
ويقال : التكلف تخلف ، وهو تخلف عن شأو الصادقين .
روى أنس بن مالك قال : شهدت وليمة لرسول اللّه ما فيها خبز ولا لحم .
وروى عن جابر أنه أتاه ناس من أصحابه فأتاهم بخبز وخل وقالوا :
كلوا فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : " نعم الإدام الخل " .
وعن سفيان بن سلمة قال : دخلت على سلمان الفارسي فأخرج إلى خبزا وملحا وقال : كل ، لولا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهانا أن يتكلف أحد لأحد لتكلفت لكم .
والتكلف مذموم في جميع الأشياء ، كالتكلف بالملبوس للناس من غير نية فيه ، والتكلف في الكلام ، وزيادة التملق الذي صار دأب أهل الزمان ، فما يكاد يسلم من ذلك إلا آحاد وأفراد . وكم من متملق لا يعرف أنه تملق ولا يفطن له ، فقد يتملق الشخص إلى حد يخرجه إلى صريح النفاق ، وهو مباين لحال الصوفي .
" 283 "
أخبرنا الشيخ العالم ضياء الدين عبد الوهاب بن علي قال أنبأنا أبو الفتوح الهروي قال أنا أبو نصر التريياقى قال أنا أبو محمد الجراحى قال أنا أبو العباس المحبوبي قال أنا أبو عيسى الترمذي حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن مطرف عن حسان بن عطية عن أبي أمامة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال " لحياء والعى شعبتان من الإيمان ،
والبذاء والبيان شعبتان من النفاق " البذاء الفحش .
وأراد بالبيان ههنا كثرة الكلام والتكلف للناس بزيادة تملق وثناء عليهم ، وإظهار التصفح ، وذلك ليس من شأن أهل الصدق .
وحكى عن أبي وائل قال : مضيت مع صاحب لي نزور سلمان ، فقدم إلينا خبز شعير وملحا جريشا ، فقال صاحبي : لو كان في هذا الملح سعتر كان أطيب ، فخرج سلمان ورهن مطهرته وأخذ سعترا ،
فلما أكلنا قال صاحبي : الحمد للّه الذي قنعنا بما رزقنا : فقال سلمان : لو قنعت بما رزقك لم تكن مطهرتى مرهونة ، وفي هذا من سلمان ترك التكلف قولا وفعلا .
وفي حديث يونس النبي عليه السلام أنه زاره إخوانه فقدم إليهم كسرا من خبز شعير ، وجز لهم بقلا كان يزرعه ثم قال : لولا أن اللّه لعن المتكلفين لتكلفت لكم .
قال بعضهم : إذا قصدت للزيارة فقدم ما حضر ، وإذا استزرت فلا تبق ولا تذر .
وروى الزبير بن العوام قال : نادى مناد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوما " اللهم اغفر للذين يدعون لأموات أمتي ولا يتكلفون ، ألا إني برئ من التكلف وصالحو أمتي " .
" 284 "
وروى أن عمر رضي اللّه عنه قرأ قوله تعالى فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا ( 27 ) وَعِنَباً وَقَضْباً ( 28 ) وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا ( 29 ) وَحَدائِقَ غُلْباً ( 30 ) وَفاكِهَةً وَأَبًّا ( 31 ) [سورة عبس : الآيات 27 - 31 .]
ثم قال : هذا كله قد عرفناه فما الأب ؟ قال : وبيد عمر عصاة فضرب بها الأرض ثم قال :
هذا لعمر اللّه هو التكلف ، فخذوا أيها الناس ما بين لكم منه ، فما عرفتم اعملوا به ، ومن لم تعرفوا فكلوا علمه إلى اللّه .
ومن أخلاق الصوفية الإتقان من غير إقتار ، وترك الادخار ، وذلك أن الصوفي يرى خزائن فضل الحق ، فهو بمثابة من هو مقيم على شاطئ بحر ، والمقيم على شاطئ البحر لا يدخر الماء في قربته وروايته .
روى أبو هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال " ما من يوم إلا له ملكان يناديان ، فيقول أحدهما : اللهم اعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللّه اعط ممسكا تلفا " .
وروى أنس قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد .
وروى أنه أهدى لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث طوائر ، فأطعم خادمه طيرا ، فلما كان الغد أتاه به ، فقال رسول اللّه : ألم أنهك أن تخبئ شيئا لغد ، فإن اللّه تعالى يأتي برزق كل غد .
وروى أبو هريرة رضى اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخل على بلال وعنده صرة من تمر ، فقال : ما هذا يا بلال ؟
فقال : أدخر يا رسول اللّه ، قال : أما تخشى ، أنفق بلالا ، ولا تخش من ذي العرش إقلالا .
وروى أن عيسى بن مريم كان يأكل الشجر ، ويلبس الشعر ، ويبيت حيث أمسى ، ولم يكن له ولد يموت ، ولا بيت يخرب ، ولا يخبئ شيئا لغد .
فالصوفى كل خباياه في خزائن اللّه لصدق توكله ، وثقته بربه .
" 285 "
فالدنيا للصوفى كدار الغربة ، ليس له فيها ادخار ، ولا له منها استكثار . قال عليه السلام : " لو توكلتم على اللّه حق توكله لزرقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " .
أخبرنا شيخنا ضياء الدين أبو النجيب قال أنا أبو عبد الرحمن محمد بن أبي عبد اللّه المالينى قال أنا أبو الحسن عبد الرحمن الداودي قال أنا أبو محمد عبد اللّه السرخسي قال أنبأنا أبو عمران السمرقندي قال أنا عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي قال أنا محمد بن يوسف عن سفيان عن أبي المنكدر عن جابر قال : ما سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم قط فقال لا . .
قال ابن عيينة : إذا لم يكن عنده وعد .
وبالإسناد عن الدارمي قال أنا يعقوب بن حميد قال أنا عبد العزيز بن محمد عن ابن أخي الزهري قال : إن جبريل عليه السلام قال : ما في الأرض أهل عشيرة من أبيات إلا قلبتهم ، فما وجدت أحدا أشد إنفاقا لهذا المال من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
ومن أخلاق الصوفية القناعة باليسير من الدنيا .
قال ذو النون المصري : من قنع استراح من أهل زمانه ، واستطال على أقرانه .
وقال بشر بن الحارث : لو لم يكن في القناعة إلا التمتع بالعز لكفى صاحبه .
وقال بنان الحمال : الحر عبد ما طمع ، والعبد حر ما قنع .
وقال بعضهم : انتقم من حرصك بالقناعة كما تنتقم من عدوك بالقصاص .
" 286 "
وقال أبو بكر المراغي : العاقل من دبر أمر الدنيا بالقناعة والتسويف ، ودبر أمر الآخرة بالحرص والتعجيل . وقال يحيى بن معاذ : من قنع بالرزق فقد ذهب بالآخرة وطاب عيشه .
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه : القناعة سيف لا ينبو .
أخبرنا أبو زرعة عن أبيه أبى الفضل قال أنا أبو القاسم عبد اللّه بن الحسن الخلال ببغداد قال أنا أبو حفص عمر بن إبراهيم قال حدثنا أبو القاسم البغوي قال حدثنا محمد بن عباد قال حدثنا أبو سعيد عن صدقة بن الربيع عن عمارة بن غزية عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال :
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو على الأعواد يقول " ما قل وكفى خير مما كثر والهى " .
وروى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال " قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا " .
وروى جابر رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال " القناعة مال لا ينفد " .
وروى عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال : كونوا أوعية الكتاب ، وينابيع الحكمة ، وعدوا أنفسكم في الموتى ، واسألوا اللّه تعالى الرزق يوما بيوم ، ولا يضركم ألا يكثر لكم .
وأخبرنا أبو زرعة طاهر عن أبي الفضل والده أنا أبو القاسم إسماعيل بن عبد اللّه الشاوى قال أنا أحمد بنعلى الحافظ قال أنا أبو عمرو بن حمدان قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عمرو بن مالك البصري قال حدثنا مروان بن معاوية قد حدثنا عبد الرحمن بن أبي سلمة الأنصاري قال أخبرني سلمة بن عبد اللّه بن محصن عن أبيه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من أصبح آمنا في سربه ، معافى في بدينه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا " .
" 287 "
وقيل في تفسير قوله تعالى فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [سورة النحل : الآية 97 .]هي القناعة .
فالصوفى قوام على نفسه بالقسط ، عالم بطبائع النفس ، وجدوى القناعة والتوصل إلى استخراج ذلك من النفس لعلمه بدائها ودوائها .
وقال أبو سليمان الدارانى : القناعة من الرضا كما أن الورع من الزهد .
ومن أخلاق الصوفية ترك المراء والمجادلة إلا بحق ، واعتماد الرفق والحلم ، وذلك أن النفوس تثبت وتظهر في الممارين .
والصوفي كلما رأى نفس صاحبة ظاهرة قابلها بالقلب ، وإذا قوبلت النفس بالقلب ذهبت الوحشة ، وانطفأت الفتنة . قال اللّه تعالى تعليما لعباده ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [سورة فصلت : الآية 34 .]
ولا ينزع المراء إلا من نفوس زكية انتزع منها الغل ، ووجود الغل في النفوس مراء الباطن ، وإذا انتزع المراء من الباطن ذهب من الظاهر أيضا . وقد يكون الغل في النفس مع من يشاكله ويماثله لوجود المنافسة . من استقصى في تذويب النفس بنار الزهادة في الدنيا ينمحى الغل من باطنه ، ولا يبقى عنده منافسة دنيوية في حظوظ عاجلة من جاه ومال . قال اللّه تعالى في وصف أهل الجنة المتقين وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [سورة الأعراف : الآية 7]
قال أبو حفص : كيف يبقى الغل في قلوب ائتلفت باللّه ، واتفقت على محبته ، واجتمعت على مودته ، وأنست بذكره ، فإن تلك قلوب صافية من هواجس النفوس ، وظلمات الطبائع ، بل كحلت بنور التوفيق ، فصارت إخوانا .
فهكذا قلوب أهل التصوف والمجتمعين على الكلمة الواحدة ، ومن التزم بشروط الطريق والانكباب على الظفر بالتحقيق .
" 288 "
والناس رجلان : رجل طالب ما عند اللّه تعالى ، ويدعو إلى ما عند اللّه نفسه وغيره ، فما للمحقق الصوفي مع هذا منافسة ومراء وغل ، فإن هذا معه في طريق واحد ، ووجهة واحدة ، وأخوه ومعينه والمؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا .
ورجل مفتتن بشيء من محبة الجاه والمال والرياسة ونظر الخلق ، فما للصوفى مع هذا منافسة ، لأنه زهد فيما فيه رغب . فمن شأن الصوفي أن ينظر إلى مثل هذا نظر رحمة وشفقة حيث يراه محجوبا مفتتنا فلا ينطوى له على غل ، ولا يماريه في الظاهر على شيء ، لعلمه بظهور نفسه الأمارة بالسوء في المراء والمجادلة .
أخبرنا الشيخ العالم ضياء الدين عبد الوهاب بن علي قال أنا أبو الفتح الهروي قال أنا أبو نصر الترياقي قال أنا أبو محمد الجراحى قال أنا أبو العباس المحبوبي قال أنا أبو عيسى الترمذي قال حدثنا زياد بن أيوب قال حدثنا المحاربي عن ليث عن عبد الملك عن عكرمة عن ابن عباس رضى اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال " لا تمارى أخاك ، ولا تعده موعدا فتخلفه " .
وفي الخبر " من ترك المراء وهو مبطل بنى له بيت في ربض الجنة ، ومن ترك المراء وهو محق بنى له في وسطها ، ومن حسن خلقه بنى له في أعلاها " .
وأخبرنا شيخنا شيخ الإسلام أبو النجيب قال أنا أبو عبد الرحمن السهروردي محمد بن أبي عبد اللّه المالينى قال أنا أبو الحسن عبد الرحمن الداودي قال أنا أبو محمد عبد اللّه بن أحمد الحموي قال أنا أبو عمران عيسى السمرقندي قال أنا أبو محمد عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي قال حدثنا يحيى ابن بسطام عن يحيى بن حمزة قال حدثني النعمان بن مكحول عن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من طلب العلم ليباهى به
" 289 "
العلماء ، أو يمارى به السفهاء ، أو يريد أن يقبل بوجوه الناس إليه ، أدخله اللّه تعالى جهنم " .
أنظر كيف جعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المماراة مع السفهاء سببا لدخول النار ، وذلك بظهور نفوسهم في طلب القهر والغلبة ، والقهر والغلبة من صفات الشيطنة في الآدمي .
وقال بعضهم : المجادل الممارى يضع في نفسه عند الخوض في الجدال أن لا يقنع بشيء ، ومن لا يقنع إلا أن لا يقنع فما إلى قناعته سبيل . فنفس الصوفي تبدلت صفاتها ، وذهب عنه صفة الشيطنة والسبعية ، وتبدل باللين والرفق والسهولة والطمأنينة .
روى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال " والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه " .
أنظر كيف جعل النبي صلى اللّه عليه وسلم من شرط الإسلام سلامة القلب واللسان .
وروى عنه عليه السلام " أنه مر بقوم وهم يجدون حجرا قال ما هذا ؟
قالوا : هذا حجر الأشداء ، قال : " ألا أخبركم بأشد من هذا ؟ رجل كان بينه وبين أخيه غضب فأتاه فغلب شيطانه وشيطان أخيه فكلمه " .
وروى أنه جاء كلام لأبى ذر وقد كسر رجل شاة ، فقال أبو ذر : من كسر رجل هذه الشاة ؟ فقال أنا ؟ قال ولم فعلت ذلك ؟ قال عمدا فعلت ، قال ولم ؟ قال أغيظك فتضربنى فتأثم ، فقال أبو ذر : لأغيظن من حضك على غيظي ، فأعتقه .
وروى الأصمعي عن أعرابي قال : إذا أشكل عليك أمران لا تدرى أيهما أرشد فخالف أقربهما إلى هواك ، فإن أكثر ما يكون الخطأ من متابعة الهوى .
" 290 "
أخبرنا أبو زرعة عن أبيه أبى الفضل قال أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي قال أنا خورشيد قال حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه قال حدثنا أحمد بن محمد بن سليم قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا سعيد بن سعد عن أخيه عن جده عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : " ثلاث منجيات ، وثلاث مهلكات ، فأما المنجيات فخشية اللّه في السر والعلانية ، والحكم بالحق عند الغضب والرضا ، والاقتصاد عند الفقر والغنى ، وأما المهلكات فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه " . فالحكم بالحق عند الغضب والرضا لا يصح إلا من عالم رباني ، أمير على نفسه ، يصرفها بعقل حاضر ، وقلب يقظان ، ونظر إلى اللّه بحسن الاحتساب .
نقل إنهم كانوا يتوضأون عن إيذاء المسلم يقول بعضهم : لأن أتوضأ من كلمة خبيثة أحب إلى من أتوضأ من طعام طيب .
وقال عبد اللّه بن عباس رضى اللّه عنهما : الحدث حدثان : حدث من فرجك ، وحدث من فيك .
فلا يحل حبوة الوقار والحلم إلا الغضب ، ويخرج عن حد العدل إلى العدوان بتجاوز الحد . فبالغضب يثور دم القلب ، فإن كان الغضب على من فوقه مما يعجز عن إنقاذ الغضب فيه ذهب الدم من ظاهر الجلد ، واجتمع في القلب ، ويصير منه الهم والحزن والانكماد ، ولا ينطوى الصوفي على مثل هذا ، لأنه يرى الحوادث والأعراض من اللّه تعالى ، فلا ينكمد ولا يغتم ، والصوفي صاحب الرضا صاحب الروح والراحة .
والنبي عليه السلام أخبر أن الهم والحزن في الشك والسخط .
سئل عبد اللّه بن عباس رضى اللّه عنهما عن الغم والغضب قال : مخرجهما واحد واللفظ يختلف ، فمن نازع من يقوى عليه أظهره غضبا ،
" 291 "
ومن نازع من لا يقوى عليه كتمه حزنا . الحرد غضب أيضا ، ولكن يستعمل إذا قصد المغضوب عليه . وإن كان الغضب على من يشاكله ويماثله ممن يتردد في الانتقام منه يتردد دم القلب بين الانقباض والانبساط ، فيتولد منه الغل والحقد ، ولا يأوى مثل هذا إلى قلب الصوفي .
قال اللّه تعالى وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [سورة الأعراف : الآية 7]
وسلامة قلب الصوفي وحاله يقذف زبد الغل والحقد كما يقذف البحر الزبد ، لما فيه من تلاطم أمواج الأنس والهبة .
وإن كان الغضب على من دونه ممن يقدر على الانتقام منه ثار دم القلب ، والقلب إذا ثار دمه يحمر ويقسو ويتصلب ، وتذهب عنه الرقة والبياض ، ومنه تحمر الوجنتان ، لأن الدم في القلب ثار وطلب الاستعلاء ، وانتفخت منه العروق ، فظهر عكسه وأثره على الخد ، فيتعدى الحدود حينئذ بالضرب والشتم ، ولا يكون هذا في الصوفي إلا عند هتك الحرمات والغضب للّه تعالى ، فأما في غير ذلك فينظر الصوفي عند الغضب إلى اللّه تعالى ، ثم تقواه تحمله على أن يزن حركته وقوله بميزان الشرع والعدل ، ويتهم النفس بعدم الرضا بالقضاء .
قيل لبعضهم : من أقهر الناس لنفسه ؟ قال : أرضاهم بالمقدور .
وقال بعضهم : أصبحت وما لي سرور إلا مواقع القضاء .
وإذا اتهم الصوفي النفس عند الغضب تداركه العلم ، وإذا لاح علم العلم قوى القلب وسكنت النفس ، وعاد دم القلب إلى موضعه ومقره ، واعتدل الحال ، وغاضت حمرة الخد ، وبانت فضيلة العلم .
قال عليه السلام : " السمت الحسن والتودد والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزء من النبوة " .
" 292 "
وروى حارثة بن قدامة قال : قلت يا رسول اللّه أوصني وأقلل لعلى أعيه ، قال " لا تغضب " فأعاد عليه كل ذلك يقول " لا تغضب " قال عليه السلام " إن الغضب جمرة من النار ، ألم تنظروا حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه ، من وجد ذلك منكم فإن كان قائما فليجلس ، وإن كان جالسا فليضطجع " .
أخبرنا ضياء الدين عبد الوهاب بن علي قال أنبأنا أبو الفتح الهروي قال أنا أبو النصر الترياقي قال أنا الجراحى قال أنا المحبوبي قال أنا أبو عيسى الترمذي قال حدثنا محمد بن عبد اللّه قال حدثنا بشر بن المضل عن قرة بن خالد عن أبي حمزة عن ابن عباس رضى اللّه عنهما أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لأشج عبد القيس " إن فيك خصلتين يحبهما اللّه تعالى : الحلم والأناة " .
ومن أخلاق الصوفية التودد والتآلف والموافقة مع الإخوان وترك المخالفة . قال اللّه تعالى في وصف أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلى اللّه عليه وسلم أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ " [سورة الفتح : الآية 29 .]
لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ "[ سورة الأنفال : الآية 63]
والتودد والتآلف من ائتلاف الأرواح على ما ورد في الخبر الذي أوردناه ، فما تعارف منها ائتلف .
قال اللّه تعالى فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً [سورة آل عمران : الآية 103]
وقال سبحانه تعالى : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [سورة آل عمران : الآية 103]
وقال عليه السلام " المؤمن آلف مألوف ، لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف " .
وقال عليه السلام " مثل المؤمنين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى ، وما التقى مؤمنان إلا استفاد أحدهما من صاحبه خيرا " .
" 293 "
وقال أبو إدريس الخولاني لمعاذ : إني أحبك في اللّه ، فقال أبشر ثم أبشر ، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : " ينصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، يفزع الناس وهم لا يفزعون ، ويخاف الناس وهم لا يخافون ، وهم أولياء اللّه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، قيل من هؤلاء يا رسول اللّه ؟ قال المتحابون في اللّه " . وقيل : لو تحاب الناس وتعاطوا أسباب المحبة لاستغنوا بها عن العدالة .
وقيل : العدالة خليفة المحبة ، تستعمل حيث لا توجد المحبة .
وقيل : طاعة المحبة أفضل من طاعة الرهبة ، فإن طاعة المحبة من داخل ، وطاعة الرهبة من خارج .
ولهذا المعنى كانت صحبة الصوفية مؤثرة من البعض في البعض ، لأنهم لما تحابوا في اللّه تواصوا بمحاسن الأخلاق ، ووقع القبول بينهم لوجود المحبة ، فانتفع لذلك المريد بالشيخ ، والأخ بالأخ ، ولهذا المعنى أمر اللّه تعالى باجتماع الناس في كل يوم خمس مرات في المساجد ، أهل كل درب وكل محلة ، وفي الجامع في الأسبوع مرة أهل كل بلد ، وانضمام أهل السواد إلى البلدان في الأعياد في جميع السنة مرتين ، وأهل الأقطار من البلدان المتفرقة في العمر مرة للحج ، كل ذلك لحكم بالغة ، منها تأكيد الألفة والمودة بين المؤمنين . وقال عليه السلام " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " .
أخبرنا أبو زرعة قال أنا والدي أبو الفضل قال أنا أبو نصر محمد بن سلمان العدل قال أنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي قال أنا أبو العباس عبد اللّه بن يعقوب الكرماتى قال حدثنا يحيى الكرماني قال حدثنا حماد بن زيد عن مجالد بن سعد عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول " ألا إن مثل المؤمنين في توادهم وتحابهم
" 294 "
وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالسهر والحمى " .
والتآلف والتودد يؤكد أسباب الصحبة ، والصحبة مع الأخيار مؤثرة جدا .
وقبل قيل : لقاء الإخوان لقاح .
ولا شك أن البواطن تتلقح ويتقوى البعض بالبعض ، بل بمجرد النظر إلى أهل الصلاح يؤثر صلاحا ، والنظر في الصور يؤثر أخلاقا مناسبة لخلق المنظور إليه ، كدوام النظر إلى المخزون يحزن ، ودوام النظر إلى المسرور يسر .
وقد قيل : من لا ينفك لحظه لا ينفك لفظه . والجمل الشرود يصير ذلولا بمقارنة الجمل الذلول ، فالمقارنة لها تأثير في الحيوان والنبات والجماد ، والماء والهواء يفسدان بمقارنة الجيف . والزروع تنفى عن أنواع العروق في الأرض والنبات لموضع الإفساد بالمقارنة .
وإذا كانت المقارنة مؤثرة في هذه الأشياء ، ففي النفوس الشريفة البشرية أكثر تأثيرا .
وسمى الإنسان إنسانا لأنه يأنس بما يراه من خير وشر .
والتآلف والتودد مستجلب للمزيد ، وإنما العزلة والوحدة تحمد بالنسبة إلى أراذل الناس وأهل الشر ، فأما أهل العلم والصفاء والوفاء والأخلاق الحميدة فيغتنم مقارنتهم ، والاستئناس بهم استئناس باللّه تعالى ، كما أن محبتهم محبة اللّه ، والجامع معهم رابطة الحق ، ومع غيرهم رابطة الطبع .
فالصوفى مع غير الجنس كائن بائن ، ومع الجنس كائن معاين .
والمؤمن مرآة المؤمن ، إذا نظر إلى أخيه يستشف من وراء أقواله وأعماله وأحواله تجليات إلهية ، وتعريفات وتلويحات من اللّه الكريم خفية ، غابت عن الأغيار ، وأدركها أهل الأنوار .
" 295 "
ومن أخلاق الصوفية شكر المحسن على الإحسان ، والدعاء له ، وذلك منهم مع كمال توكلهم على ربهم ، وصفاء توحيدهم ، وقطعهم النظر إلى الأغيار ، ورؤيتهم النعم من المنعم الجبار ، ولكن يفعلون ذلك اقتداء برسول اللّه صلى الله عليه وسلم على ما ورد أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خطب فقال " ما من الناس أحد آمن علينا في صحبته وذات يده من ابن أبي قحافة ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا " . وقال " ما نفعني مال كمال أبى بكر " .
فالخلق حجبوا عن اللّه بالخلق في المنع والعطاء .
فالصوفى في الابتداء يفنى عن الخلق ، ويرى الأشياء من اللّه حيث طالع ناصيته التوحيد ، وخرق الحجاب الذي منع الخلق عن صرف التوحيد ، فلا يثبت للخلق منعا ولا عطاء ، ويحجبه الحق عن الخلق ، فإذا ارتقى إلى ذروة التوحيد يشكر الخلق بعد شكر الحق ، ويثبت لهم وجودا في المنع والعطاء ، بعد أن يرى المسبب أولا ، وذلك لسعة علمه وقوة معرفته يثبت الوسائط ، فلا يحجبه الخلق عن الحق كعامة المسلمين ، ولا يحجبه الحق عن الخلق كأرباب الإرادة والمبتدئين ، فيكون شكره للحق ، لأنه المنعم والمعطى والمسبب ، ويشكر الخلق لأنهم واسطة وسبب .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " أول ما يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون اللّه تعالى في السراء والضراء " .
وقال عليه السلام " من عطس أو تجشأ فقال الحمد للّه على كل حال ، دفع اللّه تعالى بها سبعين داء أهونها الجذام " .
وروى جابر رضي اللّه عنها قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " ما من عبد ينعم عليه بنعمة فحمد اللّه إلا كان الحمد أفضل منها " .
فقوله عليه السلام " كان الحمد أفضل منها " يحتمل أن يرضى الحق بها شكرا ، ويحتمل أن الحمد أفضل منها نعمة ، فتكون نعمة الحمد أفضل من
" 296 "
النعمة التي حمد عليها ، فإذا شكروا المنعم الأول يشكرون الواسطة المنعم من الناس ويدعون له . روى عن أنس رضي اللّه عنه قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أفطر عند قوم قال " أفطر عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، ونزلت عليكم السكينة " .
أخبرنا أبو زرعة عن أبيه قال أنا أحمد بن محمد بن أحمد البزار قال أنا أبو حفص عمر بن إبراهيم قال حدثنا عبد اللّه بن محمد البغوي قال أنا عمرو بن زرارة قال حدثنا عيينة بن يونس عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " من قال لأخيه :
جزاك اللّه خيرا فقد أبلغ في الثناء " .
ومن أخلاق الصوفية بذل الجاه للإخوان والمسلمين كافة ، فإذا كان الرجل وافر العلم ، بصيرا بعيوب النفس وآفاتها وشهواتها ، فليتوصل إلى قضاء حوائج المسلمين ببذل الجاه والمعاونة في إصلاح ذات البين . وفي هذا المعنى يحتاج إلى مزيد علم لأنها أمور تتعلق بالخلق ومخالطتهم ومعاشرتهم ، ولا يصلح ذلك إلا لصوفى تام الحال عالم رباني .
روى عن زيد بن أسلم أنه قال : كان نبي من الأنبياء يأخذ بركاب الملك يتألفه بذلك لقضاء حوائج الناس .
وقال عطاء : لأن يراني الرجل سنين فيكتسب جاها يعيش فيه مؤمن أتم له من أن يخلص العمل لنجاة نفسه .
وهذا باب غامض لا يؤمن أن يفتتن به خلق من الجهال المدعين ، ولا يصح هذا إلا لعبد اطلع اللّه على باطنه ، فعلم منه ألا رغبة له في شيء من الجاه والمال . ولو أن ملوك الأرض وقفوا في خدمته ما طغى ولا استطال ولو دخل إلى أتون يوقد ما ظهرت نفسه بصريح الإنكار لهذا الحال .
" 297 "
وهذا لا يصلح إلا لآحاد من الخلق وأفراد من الصادقين ينسلخون عن إرادتهم واختيارهم ، ويكاشفهم اللّه تعالى بمراده منهم ، فيدخلون في الأشياء بمراد اللّه تعالى ، فإذا علموا أن الحق يريد منهم المخالطة وبذل الجاه يدخلون في ذلك بغيبة صفات النفس . وهذا لأقوام ماتوا ثم حشروا ، وأحكموا مقام الفناء ثم رقوا إلى مقام البقاء ، فيكون لهم في كل مدخل ومخرج برهان وبيان وإذن من اللّه تعالى ، فهم على بصيرة من ربهم ، وهذا ليس فيهم ارتياب لصاحب قلب مكاشف بصريح المراد في خفى الخطاب ، فيأخذ وقته أبدا من الأشياء ، ولم تأخذ الأشياء من وقته ، ولا يكون في قطر من الأقطار إلى واحد متحقق بهذا الحال .
قال أبو عثمان الحيري : لا يكمل الرجل حتى يستوى قلبه في أربعة أشياء : المنع ، والعطاء ، والعز ، والذل ، ولمثل هذا الرجل يصلح بذل الجاه والدخول فيما ذكرناه .
قال سهل بن عبد اللّه : لا يستحق الإنسان الرياسة حتى تجتمع فيه ثلاث خصال :
يصرف جهله عن الناس ،
ويحتمل جهل الناس ،
ويترك ما في أيديهم ، ويبذل ما في يده لهم .
وهذه الرياسة ليست عين الرياسة التي زهد فيها وتعين الزهد فيها لضرورة صدقه وسلوكه ، وإنما هذه رياسة أقامها الحق لصلاح خلقه ، فهو فيها باللّه يقوم بواجب حقها وشكر نعمتها للّه تعالى .
.
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» الباب التاسع والعشرون في أخلاق الصوفية وشرح الخلق .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الأول في ذكر منشأ علوم الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الرابع في شرح حال الصوفية واختلاف طريقهم .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثاني عشر في شرح خرقة المشايخ الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب التاسع في ذكر من أنتمى إلى الصوفية وليس منهم .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الأول في ذكر منشأ علوم الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الرابع في شرح حال الصوفية واختلاف طريقهم .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثاني عشر في شرح خرقة المشايخ الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب التاسع في ذكر من أنتمى إلى الصوفية وليس منهم .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله