المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان أعلام التصوف و أئمة الصوفية رضى الله عنهم :: السادة المدرسة الشاذلية :: كتب الشيخ ابن عطاء الله السكندري :: اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية ابن عطاء الله السكندري
صفحة 1 من اصل 1
02122023
الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية
الحكمة الحادية عشرة « 1 » : « اخرج من أوصاف بشريّتك ، عن كلّ وصف مناقض لعبوديّتك ، لتكون لنداء الحقّ مجيبا ، ومن حضرته قريبا » .
شرح الحكمة : نمهد لشرح هذه الحكمة بالقول : إن الإنسان مركب من قوى مادية ومن قوى روحية ، لذلك كانت احتياجاته ومتطلباته كثيرة ومتنوعة . منها ما هو.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 34 ) في النص الكامل للحكم .
حسي حيواني كشهوتي البطن والفرج ، ومنها ما هو ملكوتي نفسي كالصفات القلبية المتضادة : الكبر والتواضع ، والحسد وسلامة الصدر ، والغلظة واللين ، وحب الغنى والأغنياء وكراهة الفقر والفقراء وغير ذلك . ومنها ما هو روحي جبروتي كمراقبة الإنسان المسلم للّه تعالى وشعوره أنه في حضرته من حيث أنه سبحانه وتعالى شاهده وناظره ومطلع عليه .
إن الشريعة الإسلامية لم تترك الإنسان يسير على غير هدى باحثا عن هذه الاحتياجات ، بل جاءت بما يشبع هذه القوى المادية والروحية على السواء ، فشرعت أركان الدين الإسلامي الثلاثة : الإسلام والإيمان والإحسان .
إن الإسلام يتضمن أحكام ظاهر الإنسان بما في ذلك من ماديات ، والإيمان يتضمن أحكام باطن الإنسان القلبي بما في ذلك من ملكوت ، والإحسان يتضمن أحكام باطن الإنسان الروحي بما في ذلك من جبروت .
والإنسان المسلم إذا التزم الدين الإسلامي بأركانه الثلاثة سالفة الذكر الإسلام والإيمان والإحسان ، يكون بذلك خارجا عن أوصاف بشريته المناقضة لعبوديته للّه تعالى ، ويكون لنداء الحق مجيبا ومن حضرته قريبا ،
وتفصيل شرح ذلك أن نقول :
إن الإنسان مطالب بأن يكون عبدا خالصا للّه تعالى ، بأن يمتثل أوامره ويجتنب نواهيه ، والنفس والشيطان وشهوات الدنيا يعملون على منع الإنسان من الخضوع للّه تعالى ، فيجعلونه يتخلّق بالأوصاف البشرية المناقضة لعبوديته للّه تعالى .
إن الإنسان مطالب بأن يكون عبدا خالصا للّه تعالى ، بأن يمتثل أوامره ويجتنب نواهيه ، والنفس والشيطان وشهوات الدنيا يعملون على منع الإنسان من الخضوع للّه تعالى ، فيجعلونه يتخلّق بالأوصاف البشرية المناقضة لعبوديته للّه تعالى .
فبالنسبة لظاهره وجوارحه ، يرتكب المخالفات الشرعية لجهله بفقه الحلال والحرام ، فلا يطيع اللّه تعالى بل يعصيه ، فلا يؤدي الفرائض من صلاة وزكاة وصيام وحج ، ويشبع شهوتي بطنه وفرجه من الحرام .
وبذلك يكون مخالفا لأوصاف عبوديته المتعلقة بمقام الإسلام .
وبالنسبة لنفسه وقلبه يتركهما دون تربية فيتخلّق بالأوصاف الذميمة وهي أخلاق الشياطين كالكبر والحسد والحقد والغضب والبطر والغلظة والبخل والشح والرياء والعجب والكذب وغير ذلك من أوصاف مناقضة لعبوديته في مقام الإيمان .
وبالنسبة لروحه يترك الإخلاص والصبر والتوكل والتواضع والزهد والحياء والقناعة ، وصدق التوجه إلى اللّه تعالى والاعتماد عليه ، ويترك الخشوع ومراقبة اللّه سبحانه وتعالى في السر والعلن ، وغير ذلك من صفات مناقضة لعبوديته في مقام الإحسان ، وهو مقام : أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
أيها الإنسان المسلم إذا أردت أن تخرج من أوصاف بشريتك المناقضة لعبوديتك لتكون لنداء الحق مجيبا ومن حضرته قريبا ، عليك أن تتفقه في الدين فتؤدي الفرائض وتجتنب النواهي وتأخذ من الدنيا وشهواتها قدر ما سمح لك الحق تعالى بأخذه من الحلال.
وأن تزكي نفسك وتطهرها من الرذائل وتحلي قلبك بمكارم الأخلاق المحمدية التي بعث بها إلينا ، وأن تستغني باللّه تعالى عن كل ما سواه وتعلم بأن اللّه تعالى يراك في كل أحوالك وشؤونك فتراقبه على الدوام لتشعر بقربه تعالى منك فتأنس وتطمئن به تعالى.
فنسأل اللّه تعالى أن يجعلنا لندائه مجيبين ومن حضرته قريبين .
وبالنسبة لنفسه وقلبه يتركهما دون تربية فيتخلّق بالأوصاف الذميمة وهي أخلاق الشياطين كالكبر والحسد والحقد والغضب والبطر والغلظة والبخل والشح والرياء والعجب والكذب وغير ذلك من أوصاف مناقضة لعبوديته في مقام الإيمان .
وبالنسبة لروحه يترك الإخلاص والصبر والتوكل والتواضع والزهد والحياء والقناعة ، وصدق التوجه إلى اللّه تعالى والاعتماد عليه ، ويترك الخشوع ومراقبة اللّه سبحانه وتعالى في السر والعلن ، وغير ذلك من صفات مناقضة لعبوديته في مقام الإحسان ، وهو مقام : أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
أيها الإنسان المسلم إذا أردت أن تخرج من أوصاف بشريتك المناقضة لعبوديتك لتكون لنداء الحق مجيبا ومن حضرته قريبا ، عليك أن تتفقه في الدين فتؤدي الفرائض وتجتنب النواهي وتأخذ من الدنيا وشهواتها قدر ما سمح لك الحق تعالى بأخذه من الحلال.
وأن تزكي نفسك وتطهرها من الرذائل وتحلي قلبك بمكارم الأخلاق المحمدية التي بعث بها إلينا ، وأن تستغني باللّه تعالى عن كل ما سواه وتعلم بأن اللّه تعالى يراك في كل أحوالك وشؤونك فتراقبه على الدوام لتشعر بقربه تعالى منك فتأنس وتطمئن به تعالى.
فنسأل اللّه تعالى أن يجعلنا لندائه مجيبين ومن حضرته قريبين .
* * *
الحكمة الثانية عشرة « 1 » : « لا تصحب من لا ينهضك حاله ، ولا يدلّك على اللّه مقاله » .
شرح الحكمة : إن الإنسان كائن اجتماعي يتأثر بالآخرين المحيطين به ويتأثرون به ، لذلك كان لزاما على المسلم أن يتخير أصحابه ، لأن الصاحب ساحب والمرء على دين خليله ، فعليه أن ينظر من يصاحب ، قال محمد بن سيرين : « إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم » . فهذه الحكمة تنصحنا بصحبة من يرفعنا حاله ويدلنا على اللّه مقاله .وهذا الصاحب الذي ينهضك حاله هو الإنسان المسلم بجوارحه ونفسه ، المؤمن بعقله وقلبه ، المحسن بروحه وسره ، ربّى جوارحه ونفسه على امتثال أوامر اللّه تعالى واجتناب نواهيه لا يقدم على عمل حتى يعلم حكم اللّه تعالى فيه ، وربّى عقله على العقيدة الصحيحة من حيث الإيمان بوحدانية اللّه تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه وبأن اللّه تعالى متصف بكل كمال ومنزّه عن كل نقص ، أخذا من قوله تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشّورى : 11 ] .
وربّى قلبه على مكارم الأخلاق فتخلّق بأخلاق النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم القائل : « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » .
وربّى روحه وسره على الاعتماد والتوكل على اللّه تعالى والثقة به في كل شؤونه ، فهو دائم المراقبة والذكر له تعالى .
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 43 ) في النص الكامل للحكم .
قال تعالى :وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ( 28 )[ الكهف : 28 ] .
فعليك أيها المسلم بصحبة من كان هذا حاله ، فإذا جالسته دلّك على اللّه تعالى مقاله ونقلك من الغفلة إلى الذكر والحضور واليقظة مع اللّه تعالى ، ونقلك من الطمع والتعلق بالدنيا إلى الزهد فيها وفي كل ما سوى اللّه تعالى ، ونقلك من المعصية إلى التوبة والرجوع إلى رحمة اللّه تعالى ومغفرته ، ونقلك من الجهل بالدين إلى العلم والتفقه به .
ولا تصحب أخي المسلم من كان حاله بخلاف ما ذكرنا ، قال أحد العارفين باللّه تعالى : « خمسة لا تصح صحبتهم : الجاهل بالدين ، والذي يسقط حرمة المسلمين ، والذي يخوض فيما لا يعنيه ، والذي يتبع الهوى في كل شيء فهو صاحب بدعة ، وسئ الخلق » وقال سهل بن عبد اللّه التستري : « احذر صحبة ثلاثة أصناف : الجبابرة الغافلين ، والقراء المداهنين ، والمتصوفة الجاهلين » ، ولبعض الحكماء : « لا تؤاخ من الناس من يتغير عليك في أربع : عند غضبه ورضاه وعند طمعه وهواه » . ونسب لسيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه وكرّم وجهه قوله :
« شر الأصدقاء من أحوجك إلى المداراة وألجأك إلى الاعتذار » .
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رحمه اللّه تعالى : « أوصاني خليلي فقال : « لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب اللّه ، ولا تجلس إلا حيث تأمن غالبا من معصية اللّه ، ولا تصحب إلا من تستعين به على طاعة اللّه ، ولا تصطف لنفسك إلا من تزداد به يقينا باللّه تعالى ، وقليل ما هم » . فلا تصحب أخي المسلم من لا ينهضك حاله ولا يدلك على اللّه مقاله .
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 48 ) في النص الكامل للحكم .
المقصود القلب الصنوبري المادي الذي يضخ الدم في جسد الإنسان مصداقا لقول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم :
« ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب » .
فهذا القلب ، هو الذي يولد الطاقة الإيمانية في الإنسان بشرط أن يكون حيا وصالحا . ويتحقق ذلك بأمور منها : ذكر اللّه تعالى ، والزهد في الدنيا ، واشتغال الجوارح بطاعة اللّه تعالى ، وصحبة العلماء باللّه تعالى وبشرعه ، وهذا القلب ينطبق في حقه قوله تعالى :إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)[الأنفال : 2].
وسبب موت القلب أمور منها : الغفلة عن ذكر اللّه مصداقا لقوله تعالى :وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ( 124 )[ طه : 124 ] ومنها : استعمال الجوارح في معصية اللّه تعالى مصداقا لقول اللّه تعالى :كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ( 14 )[ المطفّفين : 14 ] وقوله تعالى :فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ( 10 ) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ( 11 ) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ ( 12 )[ البقرة :
الآيات 10 - 12 ] ومنها : حب الدنيا ، قال تعالى :وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى ( 131 )[ طه : 131 ] ومنها : الجهل بالدين ، قال تعالى :فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ[ التّوبة : 122 ] .
وذكر العلماء علامات يعرف بها موت القلب ، منها : عدم حزنه على ما فاته من الطاعات ، فلا يحزن إذا ما قصر في واجباته الدينية ، ولا يكترث لذلك ، لأنه منصرف عن رضا مولاه بالدنيا ، مستغرق في جمع حطامها ظنا منه أنه مخلّد فيها ، ونسي أنها دار عبور وفناء وليست دار استقرار وخلود . ومنها : عدم الندم والحزن والمسارعة إلى التوبة إذا ما صدر منه معصية للّه تعالى ، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة ؟ فهو غافل عن سخط اللّه تعالى وغضبه .
أما القلب الحي فإنه يفرح بصدور الطاعة منه ، لأنها دليل على رضا اللّه تعالى عنه فيفرح بها ، وكذلك يحزن مسرعا تائبا إلى اللّه تعالى إذا ما فعل سيئة ، لأنه يعرف أن ذلك مما يغضب اللّه تعالى ، مصداقا لقول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « من سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن »
والأغصان : معروفة وهي جمع غصن ، وهي ما تشعب عن جذع الشجرة .
والبذر : هو الحب الذي يزرع في الأرض .
والطمع : هو ميل النفس إلى الشيء وتعلقها به وحرصها عليه .
وقالوا في معنى الطمع أيضا : هو تعلق القلب بما في أيدي الخلق وتشوفه إلى غير مولاه سبحانه وتعالى .
فيكون معنى الحكمة لا تغرس بذر الطمع في قلبك فتخرج منه شجرة الذل وتتشعب أغصانها .
والطمع من أعظم آفات النفس لأنه أصل الذل للخلق وهو ينافي العزة المشار إليها بقوله تعالى :وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ[ المنافقون : 8 ]
فهو ينافي حقيقة الإيمان ويقدح في العبودية للّه تعالى ، لأنه يصرف الهمة عن التعلق باللّه والثقة به والاعتماد والتوكل عليه تعالى إلى التذلل إلى الخلق واعتقاد أنهم ينفعونه وأن الخير وأصل إليه منهم وفي ذلك ذله من عدة وجوه ، منها : شكه في قدرة اللّه تعالى المتعلقة في المقدور ، ومنها : تملقه للمطموع فيه ، ومنها : استشعاره الخيبة والمهانة عند الطلب ، ومنها : بذله ماء وجهه عند مواجهة المطلوب منه . وفي ذلك من المذلة ما لا يخفى .
قال أحد العلماء باللّه تعالى : « أيها الرجل ما قدر لما ضغيك أن يمضغاه فلا بد أن يمضغاه ، ويحك فكله بعز ولا تأكله بذل » .
وقال الشيخ أبو الحسن الوراق رحمه اللّه تعالى : « من أشعر في نفسه محبة شيء من الدنيا فقد قتلها بسيف الطمع ، ومن طمع في شيء ذلّ له ، وبذلّه هلاكه » .
وقال الشيخ ابن عطاء اللّه في كتابه التنوير في إسقاط التدبير : « وتفقد وجود الورع من نفسك أكثر مما تتفقد ما سواه ، وتطهر من الطمع في الخلق ، فلو تطهر الطامع فيهم بسبعة أبحر ما طهره إلا اليأس منهم ورفع الهمة عنهم » .
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 60 ) في النص الكامل للحكم .
وقدم سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه وكرّم وجهه إلى مدينة البصرة في العراق فدخل جامعها ، فوجد القصّاص يقصّون فأقامهم - أي طردهم من المسجد - حتى جاء إلى الحسن البصري رضي اللّه عنه ، فقال له : يا فتى إني سائلك عن أمر فإن أجبتني عنه أبقيتك - أي في التدريس - وإلا أقمتك كما أقمت أصحابك - وكان قد رأى عليه سمتا وهديا - فقال الحسن البصري : سل ما شئت ، قال : ما ملاك الدين - أي أصله وقوامه ؟ قال : - أي الحسن البصري : ملاك الدين الورع .
قال - أي سيدنا علي - : فما فساد الدين ؟ قال : الطمع . قال : - أي سيدنا علي - : اجلس فمثلك من يتكلم على الناس » .
فعليك أخي المسلم بعدم الطمع لأنه أصل الذل ، ورحم اللّه تعالى القائل :
ترك المطامع للفتى شرف له * حتى إذا طمع الفتى ذلّ الشرف
وقال آخر :اضرع إلى اللّه لا تضرع إلى الناس * واقنع بعز فإن العز في الياس
واستغن عن كل ذي قرب وذي رحم * إن الغني من استغنى عن الناس
وفي المثل المشهور : الطمع ضر وما نفع ، وما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع .
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 70 ) في النص الكامل للحكم .
وسنتكلم على كل صفة من هذه الصفات الثلاث كلّ على حدة لتوضيح الحكمة .
أما الأولى : وهي الإجابة عن كل سؤال ، فهذا يقتضي أنه أحاط بجميع العلوم والمعارف ، وهذا محال بدليل قوله تعالى :وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا[ الإسراء : 85 ] .
هذا من وجه ، ومن وجه آخر على المسؤول عن مسألة أن يراعي حال السائل في سؤاله ، قيل للإمام الجنيد رحمه اللّه تعالى : يسألك الرجلان عن المسألة الواحدة فتجيب هذا بخلاف ما تجيب هذا ؟
فقال الجنيد : إن الجواب يكون على قدر السائل لا على قدر المسائل .
وروي أن أحد العلماء سئل عن مسألة فلم يجب عنها فقال له السائل : أما علمت أن من كتم علما نافعا ألجمه اللّه تعالى يوم القيامة بلجام من نار ؟ فقال له العالم : ضع اللجام واذهب ، فإن جاء من يستحقه وكتمته عنه فليلجمني .
وقد سئل الإمام مالك رحمه اللّه تعالى عن اثنتين وثلاثين مسألة ، فأجاب عن ثلاث وقال في الباقي : لا أدري .
أما الفقرة الثانية : وهي التعبير عن كل ما يراه من أمور ، سواء كانت حسية تتعلق بالآخرين أو كانت معنوية تتعلق به هو ، من كرامات ومكاشفات وغير ذلك من أحوال ومقامات روحانية ذوقية ، فإن تعبيره عنها دليل على جهله ، لأنه بفعله هذا يكون مفشيا للأسرار ، وقديما قالوا : قلوب الأحرار قبور الأسرار ، وهتك الأسرار من شأن الأشرار .
وقال الشاعر :لا يكتم السر إلا كل ذي ثقة * فالسر عند خيار الناس مكتوم
وأيضا فإن مثل هذه المشاهدات تعتبر أمورا روحانية وأسرارا ربانية لا يفهمها إلا من ذاقها ،
وفي ذلك قالوا :لا يعرف الشوق إلا من يكابده * ولا الصبابة إلا من يعانيها
فلا فائدة ترجى من التعبير عنها . والدليل على ما ذكرنا أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر سيدنا حارث بن مالك الأنصاري بعدم التعبير عما رآه قائلا له : عرفت فالزم . والحديث بتمامه هو
أن الحارث بن مالك الأنصاري مرّ برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال له : « كيف أصبحت يا حارثة ؟ » قال : أصبحت مؤمنا حقا ، قال : « انظر ما تقول ؟ فإن لكل شيء حقيقة ، فما حقيقة إيمانك ؟ » فقال : قد عزفت نفسي عن الدنيا ، وأسهرت لذلك ليلي ، وأظمأت نهاري ، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا ، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها ، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها . فقال : « يا حارثة عرفت فالزم » ثلاثا « 1 » .
أما فيما يتعلق بالفقرة الأخيرة وهي : تحدّثه بكل ما علمه من علوم ، سواء أكانت مادية أم ربانية ، والاستدلال على جهله بتصرفه هذا ، فما ورد في الخبر :
« لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم » .
وقد قيل : « إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا العلماء باللّه ، فإذا أظهروه أنكره أهل الغرة باللّه » وقال سيدنا أبو هريرة رضي اللّه تعالى عنه : « حفظت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم جرابين من العلم :
أما أحدهما فبثثته في الناس ، وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم » .
وللإمام زين العابدين علي بن الحسين رضي اللّه عنه قوله شعرا :
يا ربّ جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحلّ رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا
إني لأكتم من علمي جواهره * كي لا يرى الحقّ ذو جهل فيفتتنا
وقال الإمام الغزالي رحمه اللّه تعالى : قد تضر علوم الحقائق بأقوام كما يتضرر الجعل بالمسك والورد ( والجعل بضم الجيم حشرة الخنفس ) .
فعلى الإنسان العاقل أن لا يجيب عن كل ما يسأل عنه ، وأن لا يخجل من قوله لا أدري ، وأن لا يعبّر عن كل ما يشهده من أسرار وأذواق روحانية ، وأن لا يتحدث بكل ما علمه من معارف ربانية ، لكي لا يكذب من الآخرين ويوصف بالجهل أو بالكفر والزندقة .
.............................................................................
( 1 ) المعجم الكبير للطبراني 3 / 266 ومصنف ابن أبي شيبة 7 / 226 .
( 2 ) ورقمها ( 86 ) في النص الكامل للحكم .
والشهوات ، فإنها تضلل الإنسان وتجعله يعتز بما يفنى ، فيتعلق بالمال والعشيرة والولد والمنصب والسلطان وغير ذلك من أمور الدنيا الفانية التي يظن أن عزه فيها فيشغل قلبه بها ، مع أنه لو ملك الدنيا جميعها واعتزّ بها إنما يكون قد اعتزّ بأقل من جناح بعوضة بدليل قول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فيما صحّ عنه : « لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء » « 1 » .
وأما الإنسان العاقل صاحب النفس المطمئنة بنور الإيمان ، فإنه يعتز بما يبقى ، لأنه يريد أن يكون له عز لا يفنى ، وهو : العز باللّه تعالى وبطاعته وامتثال أمره وموالاة أحبابه ، قال تعالى :كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ( 27 )[ الرّحمن : 26 ، 27 ] وقال تعالى :مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً[ فاطر : 10 ] وقال تعالى :وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ ( 56 )[ المائدة :
56 ] وقال تعالى :وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ[ المنافقون : 8 ] .
وروي عن سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه وكرّم وجهه قوله : « من أراد الغنى بغير مال ، والكثرة بغير عشيرة فلينتقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة » أي من استعز باللّه تعالى لا يقدر أحد أن يذله ، ويروى في ذلك قصة الرجل الذي أمر هارون الرشيد بالمعروف فغضب منه وحنق عليه ، فقال : - أي هارون الرشيد - اربطوه مع بغلة سيئة الخلق لتقتله ، فلم تفعل معه شيئا ، ثم قال : اسجنوه وطيّنوا عليه الباب ففعلوا ، فرئي في بستان فأتي به فقال له : من أخرجك من السجن ؟ فقال : الذي أدخلني البستان ، فقال : ومن أدخلك البستان ؟ فقال : الذي أخرجني من السجن ، فعلم هارون الرشيد أنه لم يقدر على ذله ، وأمر الرشيد أن يركب الرجل وينادى عليه : ألا إن هارون أراد أن يذل عبدا أعزّه اللّه فلم يقدر » .
فعليك أخي المسلم ، إذا أردت أن يكون لك عز لا يفنى ، أن لا تستعز بغير اللّه تعالى القائل :أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً[ النّساء : 139 ] . وقال تعالى :وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً[ طه : 97 ] .
.............................................................................
( 1 ) الترمذي رقم 2320 .
وهذه الحكمة تحدثنا عن العلاقة بين اللّه تعالى وبين عبده في العطاء والمنع ، فهي تبين أن اللّه تعالى إذا أعطى عبدا شيئا فإنه يكون بذلك العطاء يريد أن يشهده برّه ولطفه به وفضله عليه ، وإن منع عنه شيئا بأن حرمه ما يوافق طبعه وهواه ، أو ابتلاه بما يكره ، فإنه يكون بذلك المنع يريد أن يشهد عبده القهر الإلهي ، قال تعالى :وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ[ الأنعام : 18 ] وفي كلتا الحالتين : العطاء والمنع يتعرف العبد على لطف اللّه تعالى به ، قال تعالى :وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[ البقرة : 216 ] .
فلطف اللّه تعالى لا ينفك عن العبد سواء في العطاء أم في المنع . قال تعالى :أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ( 14 )[ الملك : 14 ] فاللّه تعالى لطيف بعبده خبير بما يصلحه وبما يفسده ، قال الشيخ ابن عطاء اللّه الإسكندري مؤلف هذه الحكم :
« من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره » .
فالحق تعالى يريد من عبده المحسن السالك طريق معرفته : - المسلم والمؤمن والمحسن السائر والسالك على الصراط المستقيم صراط الدين الكامل الموصل إلى معرفة اللّه تعالى - أن يشهد عند العطاء صفاته الجمالية ، من الرحمة والجود والبرّ والكرم والإحسان واللطف وغير ذلك ، وأن يشهد عند المنع صفاته الجلالية ، من القهر والكبرياء والعزة والاستغناء وغير ذلك ، فيصل العبد عند ذلك إلى درجة الكمال
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 93 ) في النص الكامل للحكم .
الديني ، فيعرف معنى قوله تعالى :لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ[ الحديد : 23 ]
والمؤمن إذا أعطاه اللّه تعالى شكر ، فأثابه اللّه تعالى على هذا الشكر ، وإذا منعه صبر ، فأثابه اللّه تعالى على هذا الصبر ، فكل شؤون المؤمن خير ، وهذا هو عين اللطف الإلهي بعباده ، فمتى أعطاهم أشهدهم برّه ، ومتى منع عنهم أشهدهم قهره ، وهو في كل ذلك متعرف إليهم بإشهادهم لطفه تعالى عليهم .
إنّ المراد بكلمة ( موجود ) : ممكن الوجود وهو : ما يتصور في العقل وجوده وعدمه ، ويسمى أيضا بالجائز ، أي : يجوز في حقه الوجود والعدم ، ويسمى أيضا بالحادث ، أي : حدث بعد أن لم يكن .
والمراد من قوله ( مكوّن ) أي : مخلوق من كون الشيء أي : أحدثه وأوجده . وهي تبين المراد من كلمة موجود الواردة سابقا ، فخرج بها الموجود الواجب كذاته اللّه تعالى وصفاته .
أشرع في بيان معنى الحكمة العام فأقول : إن كل ما سوى اللّه تعالى من المخلوقات أصله العدم السابق على الوجود ، قال اللّه تعالى :هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ( 1 )[ الإنسان : 1 ]
وقال اللّه تعالى :وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً[ مريم : 9 ] فأول نعمة أنعمها اللّه تعالى على الموجودات هي إخراجها من العدم إلى الوجود فهذه هي نعمة الإيجاد .
وأما النعمة الثانية فهي نعمة الإمداد وبيانها : أن الكائنات بعد وجودها من العدم دائمة الافتقار إلى غنى اللّه تعالى ليمدها بالبقاء ، قال اللّه تعالى :* يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ( 15 )[ فاطر : 15 ]
وقال اللّه تعالى :إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا[ فاطر : 41 ]
فالعالم دائم الاحتياج إلى أن يمده اللّه تعالى بأسباب وجوده من المنافع التي تقتضي بقاء صورته ومعناه ، قال الشيخ أبو
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 97 ) في النص الكامل للحكم .
مدين رحمه اللّه تعالى : « الحق ممد والوجود مستمد ، والمادة من عين الجود فلو انقطعت المادة انهدم الوجود » . وكلامه هذا مستمد من قول اللّه تعالى :أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( 15 )[ ق : 15 ] .
فعلى الإنسان أن يداوم على شكر اللّه تعالى الذي أنعم عليه حسا ومعنى ، قال اللّه تعالى :وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً[ لقمان : 20 ] وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « أحبّوا اللّه لما يغذوكم به من نعمه »« 1 »
ونعمه تعالى الظاهرة هي : كل ما فيه بقاء أجسادنا من غذاء ولباس ومسكن ،
ونعمه الباطنة هي : كل ما فيه تزكية نفوسنا وتطهير قلوبنا وتفتّح عقولنا وترقّي أرواحنا .
فالحمد للّه الذي حبّب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا ، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، قال اللّه تعالى :وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً[الحجرات : 7، 8].
وقبل الشروع في شرح هذه الحكمة لا بد من تفسير معنى الهوى لأن فهم معناه يسهل علينا فهمها .
الهوى : مصدر هواه إذا أحبه واشتهاه وجمعه الأهواء ، ثم سمي به المهوي المشتهى محمودا كان أو مذموما ، ثم غلب على غير المحمود ، فيطلق على من زاغ عن طريقة أهل السنة والجماعة وكان من أهل القبلة فيقال : فلان اتبع هواه .
وعرّف الهوى أيضا : بأنه الميل إلى الشهوات والمستلذات من غير داعية الشرع ، وبأنه ميل النفس إلى ما يلائمها من الشهوات ، وإعراضها عما ينافرها ، وقد يطلق الهوى ويراد به مطلق الميل والمحبة ليشتمل على الميل للحق وغيره ، وقال الشعبيّ رحمه اللّه تعالى وهو من التابعين : إنما سمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه . وبعد بيان معنى الهوى ،
.............................................................................
( 1 ) رواه الترمذي عن ابن عباس وصححه حديث رقم ( 3789 ) .
( 2 ) ورقمها ( 107 ) في النص الكامل للحكم .
أبدأ بشرح الحكمة فأقول : إنه لا يخاف على المسلم أن تلتبس عليه الطرق التي توصله إلى اللّه تعالى ورضوانه ، لأن اللّه تعالى قال :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً[ المائدة : 3 ] .
وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي »
وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم أيضا : « تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ بعدي عنها إلا هالك » .
فبما أن طريق الهدى واضح وهو كتاب اللّه تعالى وسنة نبيه ومن اتبعهما لن يضل أبدا ، لم يبق إلا أن يخاف على المسلم أن يغلبه هواه فيتبعه فيضل عن الصراط المستقيم ، وضلاله من وجهين : إما أن هواه سيدفعه إلى الانغماس في شهوات الدنيا ومستلذاتها فتفسد نفسه ويقسو قلبه ويسوء عمله ، وإما أن يدفعه إلى البدع والاعتقادات الباطلة فيزيغ عقله ويضعف إيمانه ويتلاشى فيخسر آخرته التي فيها حياته الأبدية . قال اللّه تعالى :وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ[ الأنعام : 119 ] ،
وقال اللّه تعالى :وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ[ القصص : 50 ] ،
وقال اللّه تعالى :أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ[ الجاثية : 23 ]
قال سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه وكرّم وجهه : « أخاف عليكم اثنين : اتباع الهوى وطول الأمل ، فإن اتباع الهوى يصد عن الحق وطول الأمل ينسي الآخرة » وقال الحسن البصري وهو من كبار التابعين : « أفضل الجهاد ، جهاد الهوى » .
إن اتباع الهوى يؤدي إلى فساد الفرد والمجتمع بل والعالم مصداقا لقوله تعالى :وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ[ المؤمنون : 71 ] .
فعليك أخي المسلم أن تخالف هواك وتجعله يسير تبعا لما جاء به سيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم لتفوز بجنة ربك ، قال صلى اللّه عليه وآله وسلم : « لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به »
وقال اللّه تعالى :وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ( 40 ) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ( 41 )[ النّازعات : الآيتان 40 ، 41 ] .
( 1 ) ورقمها ( 116 ) في النص الكامل للحكم .
شرح الحكمة : قبل الشروع في شرح الحكمة وذكر المقصود منها أوضح نصها فأقول : أمرك ( أي اللّه تعالى ) في هذه الدار ( أي الدنيا ) بالنظر ( أي بالتفكر والاعتبار ) في مكوناته ( أي مخلوقاته ) وسيكشف لك ( أيها المسلم ) في تلك الدار ( أي الآخرة ) عن كمال ذاته ( أي عنها وذلك بشهودها مصداقا لقوله تعالى :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ( 23 )[ القيامة : 22 ، 23 ] .
أبدأ في الشرح فأقول : إن غاية خلق الإنسان والعالم هي معرفة اللّه تعالى بدليل قوله تعالى :وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56 )[ الذّاريات : 56 ] فسّر سيدنا عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما قول اللّه تعالى :لِيَعْبُدُونِ[ الذّاريات : 56 ] ب « ليعرفون » ، ويكون الحق تعالى عبّر عن الغاية التي هي المعرفة بالوسيلة التي هي العبادة . والعبادة متنوعة منها ما هو حسي متعلق بالجوارح كأركان الإسلام ، ومنها ما هو معنوي روحي متعلق بركني الإيمان والإحسان .
وهذه الحكمة تتحدث عن عبادة التفكر والاعتبار التي تتحقق من خلال النظر في الآفاق والأنفس ، وقد أمرنا اللّه تعالى بها في قوله :قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ[ يونس : 101 ] وقوله :وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ[ آل عمران : 191 ]
وقوله تعالى :سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ[ فصّلت : 53 ] .
إن النظر في المكونات والتفكر فيها يوصل إلى معرفة اللّه تعالى . قال أبو العتاهية :وفي كل شيء له آية * تدل على أنه الواحدإن الأثر يدل على المؤثر ، والصنعة تدل على الصانع ، وقال أعرابي : إن البعرة تدل على البعير ، والسير يدل على المسير ، أفأرض ذات فجاج وسماء ذات أبراج أفلا تدل على الواحد القهّار .
إن نظر هذا الأعرابي في مخلوقات اللّه وتفكره فيها أوصله إلى الاعتراف بوجود اللّه تعالى الواحد القهّار .
فكل جزء من أجزاء هذا العالم إما أن يدل على صفة من صفاته تعالى ، وإما أن يدل على اسم من أسمائه تعالى ، وإما أن يدل على فعل من أفعاله تعالى ، فهو بمجموعه يوصل العبد إلى معرفة وحدانية اللّه تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه .
وقد أمرنا شرعا بالتفكر في خلق اللّه ولم نؤمر بالتفكر في ذاته تعالى ، لأن اللّه عزّ وجل لا يدرك من حيث الحقيقة والكنه والماهية ، قال اللّه تعالى :لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ[ الأنعام : 103 ] . وإنما نعرف منه تعالى صفاته وأسماءه وأفعاله ، ونعرف آثار هذه الصفات والأسماء والأفعال ، لذلك قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « تفكروا في آلاء اللّه ولا تفكروا في اللّه » .
والشريعة المطهرة بما فيها من إسلام وإيمان وإحسان تؤهل الإنسان لرؤية اللّه تعالى في الآخرة مصداقا لقوله تعالى :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ( 23 )[ القيامة : 22 ، 23 ] ،
وقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : « إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته » « 1 » .
وهذا هو المقصود من الحكمة في شطرها الأخير : « وسيكشف لك في تلك الدار عن كمال ذاته » .
وربّى قلبه على مكارم الأخلاق فتخلّق بأخلاق النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم القائل : « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » .
وربّى روحه وسره على الاعتماد والتوكل على اللّه تعالى والثقة به في كل شؤونه ، فهو دائم المراقبة والذكر له تعالى .
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 43 ) في النص الكامل للحكم .
قال تعالى :وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ( 28 )[ الكهف : 28 ] .
فعليك أيها المسلم بصحبة من كان هذا حاله ، فإذا جالسته دلّك على اللّه تعالى مقاله ونقلك من الغفلة إلى الذكر والحضور واليقظة مع اللّه تعالى ، ونقلك من الطمع والتعلق بالدنيا إلى الزهد فيها وفي كل ما سوى اللّه تعالى ، ونقلك من المعصية إلى التوبة والرجوع إلى رحمة اللّه تعالى ومغفرته ، ونقلك من الجهل بالدين إلى العلم والتفقه به .
ولا تصحب أخي المسلم من كان حاله بخلاف ما ذكرنا ، قال أحد العارفين باللّه تعالى : « خمسة لا تصح صحبتهم : الجاهل بالدين ، والذي يسقط حرمة المسلمين ، والذي يخوض فيما لا يعنيه ، والذي يتبع الهوى في كل شيء فهو صاحب بدعة ، وسئ الخلق » وقال سهل بن عبد اللّه التستري : « احذر صحبة ثلاثة أصناف : الجبابرة الغافلين ، والقراء المداهنين ، والمتصوفة الجاهلين » ، ولبعض الحكماء : « لا تؤاخ من الناس من يتغير عليك في أربع : عند غضبه ورضاه وعند طمعه وهواه » . ونسب لسيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه وكرّم وجهه قوله :
« شر الأصدقاء من أحوجك إلى المداراة وألجأك إلى الاعتذار » .
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رحمه اللّه تعالى : « أوصاني خليلي فقال : « لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب اللّه ، ولا تجلس إلا حيث تأمن غالبا من معصية اللّه ، ولا تصحب إلا من تستعين به على طاعة اللّه ، ولا تصطف لنفسك إلا من تزداد به يقينا باللّه تعالى ، وقليل ما هم » . فلا تصحب أخي المسلم من لا ينهضك حاله ولا يدلك على اللّه مقاله .
* * *
الحكمة الثالثة عشرة «1» : « من علامات موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من الموافقات ، وترك النّدم على ما فعلت من وجود الزّلّات ».
شرح الحكمة : إن مدار هذه الحكمة على قلب الإنسان وهي تتحدث عن بعض علامات موته . والمقصود بالقلب هنا اللطيفة النورانية الموجودة في الإنسان وليس.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 48 ) في النص الكامل للحكم .
المقصود القلب الصنوبري المادي الذي يضخ الدم في جسد الإنسان مصداقا لقول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم :
« ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب » .
فهذا القلب ، هو الذي يولد الطاقة الإيمانية في الإنسان بشرط أن يكون حيا وصالحا . ويتحقق ذلك بأمور منها : ذكر اللّه تعالى ، والزهد في الدنيا ، واشتغال الجوارح بطاعة اللّه تعالى ، وصحبة العلماء باللّه تعالى وبشرعه ، وهذا القلب ينطبق في حقه قوله تعالى :إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)[الأنفال : 2].
وسبب موت القلب أمور منها : الغفلة عن ذكر اللّه مصداقا لقوله تعالى :وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ( 124 )[ طه : 124 ] ومنها : استعمال الجوارح في معصية اللّه تعالى مصداقا لقول اللّه تعالى :كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ( 14 )[ المطفّفين : 14 ] وقوله تعالى :فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ( 10 ) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ( 11 ) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ ( 12 )[ البقرة :
الآيات 10 - 12 ] ومنها : حب الدنيا ، قال تعالى :وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى ( 131 )[ طه : 131 ] ومنها : الجهل بالدين ، قال تعالى :فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ[ التّوبة : 122 ] .
وذكر العلماء علامات يعرف بها موت القلب ، منها : عدم حزنه على ما فاته من الطاعات ، فلا يحزن إذا ما قصر في واجباته الدينية ، ولا يكترث لذلك ، لأنه منصرف عن رضا مولاه بالدنيا ، مستغرق في جمع حطامها ظنا منه أنه مخلّد فيها ، ونسي أنها دار عبور وفناء وليست دار استقرار وخلود . ومنها : عدم الندم والحزن والمسارعة إلى التوبة إذا ما صدر منه معصية للّه تعالى ، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة ؟ فهو غافل عن سخط اللّه تعالى وغضبه .
أما القلب الحي فإنه يفرح بصدور الطاعة منه ، لأنها دليل على رضا اللّه تعالى عنه فيفرح بها ، وكذلك يحزن مسرعا تائبا إلى اللّه تعالى إذا ما فعل سيئة ، لأنه يعرف أن ذلك مما يغضب اللّه تعالى ، مصداقا لقول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « من سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن »
* * *
الحكمة الرابعة عشرة « 1 » : « ما بسقت أغصان ذلّ إلّا على بذر طمع » .
شرح الحكمة : بسقت أي : طالت وبسقت النخلة إذا طالت ، قال تعالى :وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ[ ق : 10 ] أي طويلات .والأغصان : معروفة وهي جمع غصن ، وهي ما تشعب عن جذع الشجرة .
والبذر : هو الحب الذي يزرع في الأرض .
والطمع : هو ميل النفس إلى الشيء وتعلقها به وحرصها عليه .
وقالوا في معنى الطمع أيضا : هو تعلق القلب بما في أيدي الخلق وتشوفه إلى غير مولاه سبحانه وتعالى .
فيكون معنى الحكمة لا تغرس بذر الطمع في قلبك فتخرج منه شجرة الذل وتتشعب أغصانها .
والطمع من أعظم آفات النفس لأنه أصل الذل للخلق وهو ينافي العزة المشار إليها بقوله تعالى :وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ[ المنافقون : 8 ]
فهو ينافي حقيقة الإيمان ويقدح في العبودية للّه تعالى ، لأنه يصرف الهمة عن التعلق باللّه والثقة به والاعتماد والتوكل عليه تعالى إلى التذلل إلى الخلق واعتقاد أنهم ينفعونه وأن الخير وأصل إليه منهم وفي ذلك ذله من عدة وجوه ، منها : شكه في قدرة اللّه تعالى المتعلقة في المقدور ، ومنها : تملقه للمطموع فيه ، ومنها : استشعاره الخيبة والمهانة عند الطلب ، ومنها : بذله ماء وجهه عند مواجهة المطلوب منه . وفي ذلك من المذلة ما لا يخفى .
قال أحد العلماء باللّه تعالى : « أيها الرجل ما قدر لما ضغيك أن يمضغاه فلا بد أن يمضغاه ، ويحك فكله بعز ولا تأكله بذل » .
وقال الشيخ أبو الحسن الوراق رحمه اللّه تعالى : « من أشعر في نفسه محبة شيء من الدنيا فقد قتلها بسيف الطمع ، ومن طمع في شيء ذلّ له ، وبذلّه هلاكه » .
وقال الشيخ ابن عطاء اللّه في كتابه التنوير في إسقاط التدبير : « وتفقد وجود الورع من نفسك أكثر مما تتفقد ما سواه ، وتطهر من الطمع في الخلق ، فلو تطهر الطامع فيهم بسبعة أبحر ما طهره إلا اليأس منهم ورفع الهمة عنهم » .
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 60 ) في النص الكامل للحكم .
وقدم سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه وكرّم وجهه إلى مدينة البصرة في العراق فدخل جامعها ، فوجد القصّاص يقصّون فأقامهم - أي طردهم من المسجد - حتى جاء إلى الحسن البصري رضي اللّه عنه ، فقال له : يا فتى إني سائلك عن أمر فإن أجبتني عنه أبقيتك - أي في التدريس - وإلا أقمتك كما أقمت أصحابك - وكان قد رأى عليه سمتا وهديا - فقال الحسن البصري : سل ما شئت ، قال : ما ملاك الدين - أي أصله وقوامه ؟ قال : - أي الحسن البصري : ملاك الدين الورع .
قال - أي سيدنا علي - : فما فساد الدين ؟ قال : الطمع . قال : - أي سيدنا علي - : اجلس فمثلك من يتكلم على الناس » .
فعليك أخي المسلم بعدم الطمع لأنه أصل الذل ، ورحم اللّه تعالى القائل :
ترك المطامع للفتى شرف له * حتى إذا طمع الفتى ذلّ الشرف
وقال آخر :اضرع إلى اللّه لا تضرع إلى الناس * واقنع بعز فإن العز في الياس
واستغن عن كل ذي قرب وذي رحم * إن الغني من استغنى عن الناس
وفي المثل المشهور : الطمع ضر وما نفع ، وما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع .
* * *
الحكمة الخامسة عشرة « 1 » « من رأيته مجيبا عن كلّ ما سئل ، ومعبّرا عن كلّ ما شهد ، وذاكرا كلّ ما علم ، فاستدلّ بذلك على وجود جهله » .
شرح الحكمة : هذه الحكمة تتضمن ثلاثة أمور : الإجابة عن كل سؤال ، والتعبير عن كل مشهود ، والتكلم بكل ما يعلم . وهي تدل على جهل من تصدر عنه . فأي إنسان صادفته يجيب عن كل ما يسأل عنه ، ويعبر عن كل ما يراه من أمور ، ويتكلم بكل ما يعلمه من علوم ، فاستدل بهذه الأمور الثلاثة على جهل هذا الرجل المتصف بها ..............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 70 ) في النص الكامل للحكم .
وسنتكلم على كل صفة من هذه الصفات الثلاث كلّ على حدة لتوضيح الحكمة .
أما الأولى : وهي الإجابة عن كل سؤال ، فهذا يقتضي أنه أحاط بجميع العلوم والمعارف ، وهذا محال بدليل قوله تعالى :وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا[ الإسراء : 85 ] .
هذا من وجه ، ومن وجه آخر على المسؤول عن مسألة أن يراعي حال السائل في سؤاله ، قيل للإمام الجنيد رحمه اللّه تعالى : يسألك الرجلان عن المسألة الواحدة فتجيب هذا بخلاف ما تجيب هذا ؟
فقال الجنيد : إن الجواب يكون على قدر السائل لا على قدر المسائل .
وروي أن أحد العلماء سئل عن مسألة فلم يجب عنها فقال له السائل : أما علمت أن من كتم علما نافعا ألجمه اللّه تعالى يوم القيامة بلجام من نار ؟ فقال له العالم : ضع اللجام واذهب ، فإن جاء من يستحقه وكتمته عنه فليلجمني .
وقد سئل الإمام مالك رحمه اللّه تعالى عن اثنتين وثلاثين مسألة ، فأجاب عن ثلاث وقال في الباقي : لا أدري .
أما الفقرة الثانية : وهي التعبير عن كل ما يراه من أمور ، سواء كانت حسية تتعلق بالآخرين أو كانت معنوية تتعلق به هو ، من كرامات ومكاشفات وغير ذلك من أحوال ومقامات روحانية ذوقية ، فإن تعبيره عنها دليل على جهله ، لأنه بفعله هذا يكون مفشيا للأسرار ، وقديما قالوا : قلوب الأحرار قبور الأسرار ، وهتك الأسرار من شأن الأشرار .
وقال الشاعر :لا يكتم السر إلا كل ذي ثقة * فالسر عند خيار الناس مكتوم
وأيضا فإن مثل هذه المشاهدات تعتبر أمورا روحانية وأسرارا ربانية لا يفهمها إلا من ذاقها ،
وفي ذلك قالوا :لا يعرف الشوق إلا من يكابده * ولا الصبابة إلا من يعانيها
فلا فائدة ترجى من التعبير عنها . والدليل على ما ذكرنا أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر سيدنا حارث بن مالك الأنصاري بعدم التعبير عما رآه قائلا له : عرفت فالزم . والحديث بتمامه هو
أن الحارث بن مالك الأنصاري مرّ برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال له : « كيف أصبحت يا حارثة ؟ » قال : أصبحت مؤمنا حقا ، قال : « انظر ما تقول ؟ فإن لكل شيء حقيقة ، فما حقيقة إيمانك ؟ » فقال : قد عزفت نفسي عن الدنيا ، وأسهرت لذلك ليلي ، وأظمأت نهاري ، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا ، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها ، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها . فقال : « يا حارثة عرفت فالزم » ثلاثا « 1 » .
أما فيما يتعلق بالفقرة الأخيرة وهي : تحدّثه بكل ما علمه من علوم ، سواء أكانت مادية أم ربانية ، والاستدلال على جهله بتصرفه هذا ، فما ورد في الخبر :
« لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم » .
وقد قيل : « إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا العلماء باللّه ، فإذا أظهروه أنكره أهل الغرة باللّه » وقال سيدنا أبو هريرة رضي اللّه تعالى عنه : « حفظت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم جرابين من العلم :
أما أحدهما فبثثته في الناس ، وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم » .
وللإمام زين العابدين علي بن الحسين رضي اللّه عنه قوله شعرا :
يا ربّ جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحلّ رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا
إني لأكتم من علمي جواهره * كي لا يرى الحقّ ذو جهل فيفتتنا
وقال الإمام الغزالي رحمه اللّه تعالى : قد تضر علوم الحقائق بأقوام كما يتضرر الجعل بالمسك والورد ( والجعل بضم الجيم حشرة الخنفس ) .
فعلى الإنسان العاقل أن لا يجيب عن كل ما يسأل عنه ، وأن لا يخجل من قوله لا أدري ، وأن لا يعبّر عن كل ما يشهده من أسرار وأذواق روحانية ، وأن لا يتحدث بكل ما علمه من معارف ربانية ، لكي لا يكذب من الآخرين ويوصف بالجهل أو بالكفر والزندقة .
* * *
الحكمة السادسة عشرة « 2 » « إن أردت أن يكون لك عزّ لا يفنى ، فلا تستعزّنّ بعزّ يفنى » .
شرح الحكمة : إن الإنسان بفطرته يصبو إلى الجاه والعز ، ويحب أن يكون عزيزا بالدنيا ، وإنّ النفس تحث صاحبها على السعي جاهدا في سبيل الوصول إلى هذا العز ونيله ، ولكنها إن كانت أمّارة بالسوء جاهلة بربها محجوبة عنه بظلمات المعاصي.............................................................................
( 1 ) المعجم الكبير للطبراني 3 / 266 ومصنف ابن أبي شيبة 7 / 226 .
( 2 ) ورقمها ( 86 ) في النص الكامل للحكم .
والشهوات ، فإنها تضلل الإنسان وتجعله يعتز بما يفنى ، فيتعلق بالمال والعشيرة والولد والمنصب والسلطان وغير ذلك من أمور الدنيا الفانية التي يظن أن عزه فيها فيشغل قلبه بها ، مع أنه لو ملك الدنيا جميعها واعتزّ بها إنما يكون قد اعتزّ بأقل من جناح بعوضة بدليل قول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فيما صحّ عنه : « لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء » « 1 » .
وأما الإنسان العاقل صاحب النفس المطمئنة بنور الإيمان ، فإنه يعتز بما يبقى ، لأنه يريد أن يكون له عز لا يفنى ، وهو : العز باللّه تعالى وبطاعته وامتثال أمره وموالاة أحبابه ، قال تعالى :كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ( 27 )[ الرّحمن : 26 ، 27 ] وقال تعالى :مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً[ فاطر : 10 ] وقال تعالى :وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ ( 56 )[ المائدة :
56 ] وقال تعالى :وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ[ المنافقون : 8 ] .
وروي عن سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه وكرّم وجهه قوله : « من أراد الغنى بغير مال ، والكثرة بغير عشيرة فلينتقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة » أي من استعز باللّه تعالى لا يقدر أحد أن يذله ، ويروى في ذلك قصة الرجل الذي أمر هارون الرشيد بالمعروف فغضب منه وحنق عليه ، فقال : - أي هارون الرشيد - اربطوه مع بغلة سيئة الخلق لتقتله ، فلم تفعل معه شيئا ، ثم قال : اسجنوه وطيّنوا عليه الباب ففعلوا ، فرئي في بستان فأتي به فقال له : من أخرجك من السجن ؟ فقال : الذي أدخلني البستان ، فقال : ومن أدخلك البستان ؟ فقال : الذي أخرجني من السجن ، فعلم هارون الرشيد أنه لم يقدر على ذله ، وأمر الرشيد أن يركب الرجل وينادى عليه : ألا إن هارون أراد أن يذل عبدا أعزّه اللّه فلم يقدر » .
فعليك أخي المسلم ، إذا أردت أن يكون لك عز لا يفنى ، أن لا تستعز بغير اللّه تعالى القائل :أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً[ النّساء : 139 ] . وقال تعالى :وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً[ طه : 97 ] .
.............................................................................
( 1 ) الترمذي رقم 2320 .
* * *
الحكمة السابعة عشرة « 1 » : « متى أعطاك أشهدك برّه ، ومتى منعك أشهدك قهره ، فهو في كلّ ذلك متعرّف إليك ، ومقبل بوجود لطفه عليك » .
شرح الحكمة : إن النفس البشرية تحب العطاء لأنه يوافق الهوى والطبع ، وتكره المنع لأنه يخالفهما ، لأن العطاء وجود والمنع عدم ، وهي تحب الوجود وتكره العدم ، فمن أعطاها من الخلق شيئا أحبّته لذلك ، ومن منع عنها شيئا سخطت عليه وكرهته ، ولذلك قيل : « جبلت النفوس على حب من أحسن إليها » وذلك شأن العبد مع ربه ، إذا أعطاه فرح وإذا منعه حزن ، مصداقا لقوله تعالى :فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ( 15 ) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ ( 16 )[ الفجر : الآيتان 15 ، 16 ] .وهذه الحكمة تحدثنا عن العلاقة بين اللّه تعالى وبين عبده في العطاء والمنع ، فهي تبين أن اللّه تعالى إذا أعطى عبدا شيئا فإنه يكون بذلك العطاء يريد أن يشهده برّه ولطفه به وفضله عليه ، وإن منع عنه شيئا بأن حرمه ما يوافق طبعه وهواه ، أو ابتلاه بما يكره ، فإنه يكون بذلك المنع يريد أن يشهد عبده القهر الإلهي ، قال تعالى :وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ[ الأنعام : 18 ] وفي كلتا الحالتين : العطاء والمنع يتعرف العبد على لطف اللّه تعالى به ، قال تعالى :وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[ البقرة : 216 ] .
فلطف اللّه تعالى لا ينفك عن العبد سواء في العطاء أم في المنع . قال تعالى :أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ( 14 )[ الملك : 14 ] فاللّه تعالى لطيف بعبده خبير بما يصلحه وبما يفسده ، قال الشيخ ابن عطاء اللّه الإسكندري مؤلف هذه الحكم :
« من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره » .
فالحق تعالى يريد من عبده المحسن السالك طريق معرفته : - المسلم والمؤمن والمحسن السائر والسالك على الصراط المستقيم صراط الدين الكامل الموصل إلى معرفة اللّه تعالى - أن يشهد عند العطاء صفاته الجمالية ، من الرحمة والجود والبرّ والكرم والإحسان واللطف وغير ذلك ، وأن يشهد عند المنع صفاته الجلالية ، من القهر والكبرياء والعزة والاستغناء وغير ذلك ، فيصل العبد عند ذلك إلى درجة الكمال
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 93 ) في النص الكامل للحكم .
الديني ، فيعرف معنى قوله تعالى :لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ[ الحديد : 23 ]
والمؤمن إذا أعطاه اللّه تعالى شكر ، فأثابه اللّه تعالى على هذا الشكر ، وإذا منعه صبر ، فأثابه اللّه تعالى على هذا الصبر ، فكل شؤون المؤمن خير ، وهذا هو عين اللطف الإلهي بعباده ، فمتى أعطاهم أشهدهم برّه ، ومتى منع عنهم أشهدهم قهره ، وهو في كل ذلك متعرف إليهم بإشهادهم لطفه تعالى عليهم .
* * *
الحكمة الثامنة عشرة «1» « نعمتان ما خرج موجود عنهما، ولا بدّ لكلّ مكوّن منهما : نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد ».
شرح الحكمة : هذه الحكمة تتحدث عن نعمة إيجاد المخلوقات من العدم ، وعن نعمة إمدادها بالوجود ، وقبل الشروع في بيان معناها العام ، أشرح بعض الألفاظ الواردة فيها ، ليسهل علينا بعد ذلك فهمها .إنّ المراد بكلمة ( موجود ) : ممكن الوجود وهو : ما يتصور في العقل وجوده وعدمه ، ويسمى أيضا بالجائز ، أي : يجوز في حقه الوجود والعدم ، ويسمى أيضا بالحادث ، أي : حدث بعد أن لم يكن .
والمراد من قوله ( مكوّن ) أي : مخلوق من كون الشيء أي : أحدثه وأوجده . وهي تبين المراد من كلمة موجود الواردة سابقا ، فخرج بها الموجود الواجب كذاته اللّه تعالى وصفاته .
أشرع في بيان معنى الحكمة العام فأقول : إن كل ما سوى اللّه تعالى من المخلوقات أصله العدم السابق على الوجود ، قال اللّه تعالى :هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ( 1 )[ الإنسان : 1 ]
وقال اللّه تعالى :وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً[ مريم : 9 ] فأول نعمة أنعمها اللّه تعالى على الموجودات هي إخراجها من العدم إلى الوجود فهذه هي نعمة الإيجاد .
وأما النعمة الثانية فهي نعمة الإمداد وبيانها : أن الكائنات بعد وجودها من العدم دائمة الافتقار إلى غنى اللّه تعالى ليمدها بالبقاء ، قال اللّه تعالى :* يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ( 15 )[ فاطر : 15 ]
وقال اللّه تعالى :إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا[ فاطر : 41 ]
فالعالم دائم الاحتياج إلى أن يمده اللّه تعالى بأسباب وجوده من المنافع التي تقتضي بقاء صورته ومعناه ، قال الشيخ أبو
.............................................................................
( 1 ) ورقمها ( 97 ) في النص الكامل للحكم .
مدين رحمه اللّه تعالى : « الحق ممد والوجود مستمد ، والمادة من عين الجود فلو انقطعت المادة انهدم الوجود » . وكلامه هذا مستمد من قول اللّه تعالى :أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( 15 )[ ق : 15 ] .
فعلى الإنسان أن يداوم على شكر اللّه تعالى الذي أنعم عليه حسا ومعنى ، قال اللّه تعالى :وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً[ لقمان : 20 ] وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « أحبّوا اللّه لما يغذوكم به من نعمه »« 1 »
ونعمه تعالى الظاهرة هي : كل ما فيه بقاء أجسادنا من غذاء ولباس ومسكن ،
ونعمه الباطنة هي : كل ما فيه تزكية نفوسنا وتطهير قلوبنا وتفتّح عقولنا وترقّي أرواحنا .
فالحمد للّه الذي حبّب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا ، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، قال اللّه تعالى :وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً[الحجرات : 7، 8].
* * *
الحكمة التاسعة عشرة « 2 » « لا يخاف عليك أن تلتبس الطّرق عليك ، وإنّما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك » .
شرح الحكمة : هذه الحكمة تتحدث عن أمرين : الأول عدم الخوف على المسلم من خفاء الطرق الموصلة له إلى مولاه عزّ وجل ، والثاني الخوف على السائر إلى اللّه تعالى من أن يتبع هواه .وقبل الشروع في شرح هذه الحكمة لا بد من تفسير معنى الهوى لأن فهم معناه يسهل علينا فهمها .
الهوى : مصدر هواه إذا أحبه واشتهاه وجمعه الأهواء ، ثم سمي به المهوي المشتهى محمودا كان أو مذموما ، ثم غلب على غير المحمود ، فيطلق على من زاغ عن طريقة أهل السنة والجماعة وكان من أهل القبلة فيقال : فلان اتبع هواه .
وعرّف الهوى أيضا : بأنه الميل إلى الشهوات والمستلذات من غير داعية الشرع ، وبأنه ميل النفس إلى ما يلائمها من الشهوات ، وإعراضها عما ينافرها ، وقد يطلق الهوى ويراد به مطلق الميل والمحبة ليشتمل على الميل للحق وغيره ، وقال الشعبيّ رحمه اللّه تعالى وهو من التابعين : إنما سمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه . وبعد بيان معنى الهوى ،
.............................................................................
( 1 ) رواه الترمذي عن ابن عباس وصححه حديث رقم ( 3789 ) .
( 2 ) ورقمها ( 107 ) في النص الكامل للحكم .
أبدأ بشرح الحكمة فأقول : إنه لا يخاف على المسلم أن تلتبس عليه الطرق التي توصله إلى اللّه تعالى ورضوانه ، لأن اللّه تعالى قال :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً[ المائدة : 3 ] .
وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي »
وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم أيضا : « تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ بعدي عنها إلا هالك » .
فبما أن طريق الهدى واضح وهو كتاب اللّه تعالى وسنة نبيه ومن اتبعهما لن يضل أبدا ، لم يبق إلا أن يخاف على المسلم أن يغلبه هواه فيتبعه فيضل عن الصراط المستقيم ، وضلاله من وجهين : إما أن هواه سيدفعه إلى الانغماس في شهوات الدنيا ومستلذاتها فتفسد نفسه ويقسو قلبه ويسوء عمله ، وإما أن يدفعه إلى البدع والاعتقادات الباطلة فيزيغ عقله ويضعف إيمانه ويتلاشى فيخسر آخرته التي فيها حياته الأبدية . قال اللّه تعالى :وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ[ الأنعام : 119 ] ،
وقال اللّه تعالى :وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ[ القصص : 50 ] ،
وقال اللّه تعالى :أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ[ الجاثية : 23 ]
قال سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه وكرّم وجهه : « أخاف عليكم اثنين : اتباع الهوى وطول الأمل ، فإن اتباع الهوى يصد عن الحق وطول الأمل ينسي الآخرة » وقال الحسن البصري وهو من كبار التابعين : « أفضل الجهاد ، جهاد الهوى » .
إن اتباع الهوى يؤدي إلى فساد الفرد والمجتمع بل والعالم مصداقا لقوله تعالى :وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ[ المؤمنون : 71 ] .
فعليك أخي المسلم أن تخالف هواك وتجعله يسير تبعا لما جاء به سيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم لتفوز بجنة ربك ، قال صلى اللّه عليه وآله وسلم : « لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به »
وقال اللّه تعالى :وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ( 40 ) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ( 41 )[ النّازعات : الآيتان 40 ، 41 ] .
* * *
الحكمة العشرون « 1 » : « أمرك في هذه الدّار بالنّظر في مكوّناته وسيكشف لك في تلك الدّار عن كمال ذاته » .
.............................................................................( 1 ) ورقمها ( 116 ) في النص الكامل للحكم .
شرح الحكمة : قبل الشروع في شرح الحكمة وذكر المقصود منها أوضح نصها فأقول : أمرك ( أي اللّه تعالى ) في هذه الدار ( أي الدنيا ) بالنظر ( أي بالتفكر والاعتبار ) في مكوناته ( أي مخلوقاته ) وسيكشف لك ( أيها المسلم ) في تلك الدار ( أي الآخرة ) عن كمال ذاته ( أي عنها وذلك بشهودها مصداقا لقوله تعالى :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ( 23 )[ القيامة : 22 ، 23 ] .
أبدأ في الشرح فأقول : إن غاية خلق الإنسان والعالم هي معرفة اللّه تعالى بدليل قوله تعالى :وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56 )[ الذّاريات : 56 ] فسّر سيدنا عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما قول اللّه تعالى :لِيَعْبُدُونِ[ الذّاريات : 56 ] ب « ليعرفون » ، ويكون الحق تعالى عبّر عن الغاية التي هي المعرفة بالوسيلة التي هي العبادة . والعبادة متنوعة منها ما هو حسي متعلق بالجوارح كأركان الإسلام ، ومنها ما هو معنوي روحي متعلق بركني الإيمان والإحسان .
وهذه الحكمة تتحدث عن عبادة التفكر والاعتبار التي تتحقق من خلال النظر في الآفاق والأنفس ، وقد أمرنا اللّه تعالى بها في قوله :قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ[ يونس : 101 ] وقوله :وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ[ آل عمران : 191 ]
وقوله تعالى :سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ[ فصّلت : 53 ] .
إن النظر في المكونات والتفكر فيها يوصل إلى معرفة اللّه تعالى . قال أبو العتاهية :وفي كل شيء له آية * تدل على أنه الواحدإن الأثر يدل على المؤثر ، والصنعة تدل على الصانع ، وقال أعرابي : إن البعرة تدل على البعير ، والسير يدل على المسير ، أفأرض ذات فجاج وسماء ذات أبراج أفلا تدل على الواحد القهّار .
إن نظر هذا الأعرابي في مخلوقات اللّه وتفكره فيها أوصله إلى الاعتراف بوجود اللّه تعالى الواحد القهّار .
فكل جزء من أجزاء هذا العالم إما أن يدل على صفة من صفاته تعالى ، وإما أن يدل على اسم من أسمائه تعالى ، وإما أن يدل على فعل من أفعاله تعالى ، فهو بمجموعه يوصل العبد إلى معرفة وحدانية اللّه تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه .
وقد أمرنا شرعا بالتفكر في خلق اللّه ولم نؤمر بالتفكر في ذاته تعالى ، لأن اللّه عزّ وجل لا يدرك من حيث الحقيقة والكنه والماهية ، قال اللّه تعالى :لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ[ الأنعام : 103 ] . وإنما نعرف منه تعالى صفاته وأسماءه وأفعاله ، ونعرف آثار هذه الصفات والأسماء والأفعال ، لذلك قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « تفكروا في آلاء اللّه ولا تفكروا في اللّه » .
والشريعة المطهرة بما فيها من إسلام وإيمان وإحسان تؤهل الإنسان لرؤية اللّه تعالى في الآخرة مصداقا لقوله تعالى :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ( 23 )[ القيامة : 22 ، 23 ] ،
وقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : « إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته » « 1 » .
وهذا هو المقصود من الحكمة في شطرها الأخير : « وسيكشف لك في تلك الدار عن كمال ذاته » .
* * *
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي :: تعاليق
لا يوجد حالياً أي تعليق
مواضيع مماثلة
» الحكم العطائية من 01 الى 10 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 21 الى 30 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» المقدمة لكتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري
» رسائل الشيخ ابن عطاء الله السكندري لبعض إخوانه .كتاب غيث المواهب العلية فى شرح الحكم العطائية
» الحكم العطائية من 21 الى 30 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» المقدمة لكتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري
» رسائل الشيخ ابن عطاء الله السكندري لبعض إخوانه .كتاب غيث المواهب العلية فى شرح الحكم العطائية
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله