المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
تفسيرالآيات من "104 - 150" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم الجزء الأول من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 1
29052019
تفسيرالآيات من "104 - 150" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسيرالآيات من "104 - 150" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 104 إلى 105
وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ( 104 ) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً ( 105 )
ما ثم شارع إلا اللّه تعالى قال تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم :« لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ »ولم يقل بما رأيت بل عتبه سبحانه وتعالى لما حرم على نفسه باليمين في قضية عائشة وحفصة ، فقال تعالى :« يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ »فكان هذا مما أرته نفسه . فهذا يدلك أنّ قوله تعالى« بِما أَراكَ اللَّهُ »أنه ما يوحي به إليه لا ما يراه في رأيه .
ما ثم شارع إلا اللّه تعالى قال تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم :« لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ »ولم يقل بما رأيت بل عتبه سبحانه وتعالى لما حرم على نفسه باليمين في قضية عائشة وحفصة ، فقال تعالى :« يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ »فكان هذا مما أرته نفسه . فهذا يدلك أنّ قوله تعالى« بِما أَراكَ اللَّهُ »أنه ما يوحي به إليه لا ما يراه في رأيه .
فلو كان الدين بالرأي ، لكان رأي النبي صلّى اللّه عليه وسلم أولى من رأي كل ذي رأي فإذا كان هذا حال النبي صلّى اللّه عليه وسلم فيما أرته نفسه فكيف رأي من ليس بمعصوم ومن الخطأ أقرب إليه من الإصابة . فدل أن الاجتهاد الذي ذكره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، إنما هو طلب الدليل على تعيين الحكم في المسألة الواقعة لا في تشريع حكم في النازلة ، فإن ذلك شرع لم يأذن به اللّه .
فالمؤمنون يؤمنون بأن رأيه صلّى اللّه عليه وسلم شرع ، وأن اللّه أراه ذلك ، فإنه لا ينطق عن الهوى ، فحكمه حكم اللّه ، وهو ناقل عن اللّه ومبلغ عنه بما أراه اللّه ، وهو سرّ السنة في إثبات الحكم .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 106 إلى 108
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ( 106 ) وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً ( 107 ) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ( 108 )
ما أحسن ما قال تعالى« يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ »فإنهم مجبولون على النسيان« وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ »الذي لا يضلّ ولا ينسى . وكان الأولى لو صح عكس القضية
ما أحسن ما قال تعالى« يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ »فإنهم مجبولون على النسيان« وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ »الذي لا يضلّ ولا ينسى . وكان الأولى لو صح عكس القضية
ص 544
إلا أنه لا يصح أن يستخفي شيء عن اللّه ، والسبب الموجب للاستخفاء عن الناس هو حبّ الثناء وطلب المحمدة . فإذا أطلع الناس على العمل الذي يخفيه سقطت حرمة العامل من قلب الذي يراه وقام عليه لسان الذمّ منه وسبب ذلك الجنسية ، ولا يستخفي إلا مؤمن فإنه يكره فعل ما يستخفى منه بأن هذا لا يجوز عمله شرعا .« إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ »وهو الجهر بالسوء من القول« وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً » .ينبه أن هذا العمل قد أحاط اللّه به علما .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 109 إلى 110
ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ( 109 ) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ( 110 )
الظالم نفسه طلب منه الاستغفار مع أنه يغفر له ، وإن لم يستغفر ، وإنما أمره الحق بالاستغفار ليقيمه إذا جنى ثمرة ذلك من مقام الإدلال لما له في ذلك من الكسب ؛ فإن الذي يأخذ من جهة الهبة قصير اليد ، والذي يأخذ من كسبه طويل اليد ، فإنه طالب حق ومستحقه .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 111 إلى 113
وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ( 111 ) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ( 112 ) وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ( 113 )
وعلمك ما لم تكن تعلم به ، فعرفته في موطن الإنكار ولذلك عظّم اللّه هذا الفضل
ص 545
فقال« وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً »ثم نبه تعالى على طهارة الفم المعنوية بقوله :
سورة النساء ( 4 ) : آية 114
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ( 114 )
" لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ "ولها مواطن مخصوصة ، وهو أن يأمره في السر لا في الجهر ، فإن الجهر علة لا يشعر بها . لأنه قد يعطيها لغير اللّه .
ثم قال: أَوْ مَعْرُوفٍ » ،وقول المعروف هو القول في موطنه الذي عينه اللّه ، ويرجو حصول الفائدة به في حق السامع ، فهذا معنى« أَوْ مَعْرُوفٍ » .
فمن لم يفعل فهو جاهل وإن ادعى العلم .
ثم قال« أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ » ،فيعلم أنّ مراد اللّه التوادد والتحابب فيسعى في ذلك .
وإن لم يجعل الكلام في موضعه أدى إلى التقاطع والتنافر والتدابر .
ثم بعد هذا كله قال في حق المتكلم « ومن لم يفعل ذلك ابتغاء مرضات اللّه » ولا يكون ذلك إلا ممن يعلم ما يرضي اللّه ، ولا يعلم ما يرضي اللّه إلا بالعلم بما شرع اللّه في كتابه وعلى لسان رسوله ، فيرى عندما يريد أن ينطق بالأمر هل نطقه به في ذلك الموطن يرضي اللّه من جميع الوجوه ؟ فإن وجد وجها يقدح فيه ، فالكل غير مقبول وغير مرضي عند اللّه ، فإنه لا يحتمل التجزي ولا الانقسام . واعلم أن من شعب الإيمان قول الخير والصمت عن الشر ؛ قال صلّى اللّه عليه وسلم : كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمر بمعروف أو نهي عن منكر .
وقال صلّى اللّه عليه وسلم : من صمت نجا . فصمت اللسان مفردا للعامة يخفف الأوزار ، وصمت القلب مفردا ينتج النطق بالحكمة ، ومن صمت عن شر ، نطق بخير قطعا .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 115 إلى 116
وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ( 115 ) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً ( 116 )
إذا كان الحق حرّم على نفسه المغفرة للمشرك ، وجبت المؤاخذة في الشرك ولا بدّ .
ص 547
واعلم أن اللّه لم يغفر للمشركين ولا لأهل التبعات ، بل ضمن التباعات ، وجعل مغفرتهم موقوفة على رضا المظلومين ، فيصلح بينهم يوم القيامة . جاء في الخبر أن اللّه تعالى يقول يوم القيامة لأهل الحشر « يا عبادي ما كان بيني وبينكم فقد غفرته لكم فانظروا فيما بينكم فإنّه لا يجاوزني ظلم ظالم » . ويظهر في الشرك أنه فيما بينه وبينهم فلما ذا أخذ به ولم يغفره ؟ فاعلم وفقك اللّه أن الشرك باللّه باب من التباعات وظلم الغير ولهذا أخذ اللّه به ، فإن التباعات على ضروب في الدماء والأموال والأعراض ، والشرك من باب تباعات الأعراض ، وهو من باب الفرية ، وأن يقال في الشيء ما ليس فيه ، وهو البهتان . وليس الشرك من الأمور التي بين اللّه وبين العبد . وهو من أكبر الكبائر .
فإذا كان يوم القيامة وحشر الناس في صعيد واحد وضج المظلومون عند معاينة ما لا طاقة لهم بحمله من الأهوال ؛ ضجت الأصناف الذين اتخذوا آلهة من دون اللّه من حجر وشجر وحيوان وإنسان وكوكب وروحاني وقالوا :
يا ربنا خذ لنا حقنا ممن افترى علينا ، ونسب إلينا ما ليس فينا وقال : إنا آلهة فعبدونا ، ونحن لا نضر ولا ننفع ، وليس لنا من الأمر شيء ، فخذ لنا حقنا . وهنا يقع تفصيل ، فأمّا كل من عبد من دون اللّه من حجر وشجر وإنسان مشرك أشرك نفسه مع اللّه وحيوان وروحاني مشرك أيضا ، فإنهم يدخلون مع الذين عبدوهم في نار جهنم ليكون أنكى لهم إذا عاينوهم ؛ ومن كان ارتضى منهم ما ينسب إليه كفرعون وغيره ، فهو مشارك لهم في عذابهم . ومثل الأحجار والأشجار ، فلم تدخل للعذاب ، ولكن دخلت لنكايتهم أن تكون معهم آلهتهم كما قال اللّه تعالى« إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ » .
ويقول المشركون هناك« لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ » .وقال تعالى« وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ » *وهم المشركون ، وهم الأصنام المعبودون من دون اللّه ، ونفى الأصناف الذين سبقت لهم الحسنى وكانوا عن النار مبعدين ، وهم الذين اتخذوا مثلة على صورتهم عبدوها كالصليب للنصارى والصور التي يصورونها للمشركين التي صنعوها على صورة هذا المعصوم السعيد كائنا من كان ؛ فتلك الأمثال تدخل معهم النار ، وهذا ينكيهم جدا .
ووجه آخر من نكاية اللّه لهم : إن لأهل الجنة اطلاعا على أهل النار يعاين هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء ، فيزيد نعيم هؤلاء ويزيد عذاب هؤلاء ؛ يقول اللّه تعالى« فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ »« وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ
ص 547
ضَلالًا بَعِيداً »لأنهم أوقعوا أنفسهم في الحيرة لكونهم عبدوا ما نحتوا بأيديهم وعلموا أنه لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم من اللّه شيئا ، فهي شهادة من اللّه بقصور نظرهم وعقولهم .
سورة النساء ( 4 ) : آية 117
إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطاناً مَرِيداً ( 117 )
الشيطنة البعد يقال ركية شطون إذا كانت بعيدة القعر .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 118 إلى 125
لَعَنَهُ اللَّهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ( 118 ) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً ( 119 ) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً ( 120 ) أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً ( 121 ) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً ( 122 )
لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً ( 123 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ( 124 ) وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً ( 125 )
ما سمى إبراهيم عليه السلام بالخليل إلا بسلوكه سواء السبيل . نزل ضيف من غير ملة إبراهيم عليه السلام بإبراهيم عليه السلام ، فقال له إبراهيم عليه السلام : وحّد اللّه حتى أكرمك وأضيفك فقال يا إبراهيم من أجل لقمة أترك ديني ودين آبائي ؟ فانصرف عنه . فأوحى
ص 548
اللّه إليه يا إبراهيم صدقك ؛ لي سبعون سنة أرزقه ، وهو يشرك بي فتريد أنت منه أن يترك دينه ودين آبائه لأجل لقمة ؟ فلحقه إبراهيم عليه السلام ، وسأله الرجوع إليه ليقريه واعتذر إليه . فقال له المشرك يا إبراهيم ما بدا لك ؟
فقال إن ربي عتبني فيك ، وقال لي : أنا أرزقه منذ سبعين سنة على كفره بي ، وأنت تريد منه أن يترك دينه ودين آبائه لأجل لقمة ؟ فقال المشرك أو قد وقع هذا ؟ مثل هذا ينبغي أن يعبد .
فأسلم ورجع مع إبراهيم عليه السلام إلى منزله . ثم عمّت كرامته خلق اللّه من كل وارد ورد عليه ، فقيل له في ذلك فقال : تعلمت الكرم من ربي ، رأيته لا يضيع أعداءه فلا أضيعهم . فأوحى اللّه إليه : أنت خليلي حقّا .
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل[ الخلة ]
- الخلة - اعلم أن المخاللة لا تصحّ إلا بين اللّه وبين عبده ، ولا تصح المخاللة بين المخلوقين المؤمنين ، فإن شروط الخلة لا تصح بين المؤمنين ولا بين النبي وتابعيه ، فإذا لم تصح شروطها ، لا تصح هي في نفسها ، فإن النبي والمؤمن بحكم اللّه لا بحكم خليله ولا بحكم نفسه . ومن شروط الخلة أن يكون الخليل بحكم خليله ، وهذا لا يتصور مطلقا بين المؤمنين ولا بين الرسل وأتباعهم في الدار الدنيا . والمؤمن تصح الخلة بينه وبين اللّه ، ولا تصح بينه وبين الناس . فالنبي ليس له خليل ولا هو صاحب لأحد سوى نبوته ، وكذلك المؤمن ليس له خليل ولا صاحب سوى إيمانه . فمن لا يتصرف إلا عن أمر إلهي لا يكون خليلا لأحد ولا صاحبا أبدا . فمن اتخذ خليلا غير اللّه ، فقد جهل مقام الخلة ، فلا خليل إلا اللّه .
قال صلّى اللّه عليه وسلم : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، لكن صاحبكم خليل اللّه . فإذا علمت أن اللّه لا يستحيل عليه خلة عباده ، فاجهد أن تكون أنت ذلك الخليل بأن تنظر إلى ما يؤدي إلى تحصيل هذه الخلة الشريفة ، فإنك لا تجد لها سببا إلا الموافقة ، ولا علم لنا بموافقتنا الحق إلا موافقتنا شرعه ؛ فما حرّم حرّمناه ، وما أحلّ أحللناه ، وما أباحه أبحناه ، وما كرهه كرهناه ، وما ندب إليه ندبنا إليه ، وما أوجبه أوجبناه ، فإذا عمك هذا في نفسك ، وكانت هذه صفتك ، وقمت فيها مقام حق ، صحت لك الخلة لا بل المحبة التي هي أعظم وأخص من الخلة ، لأن الخليل يصحبك لك ، والمحب يصحبك لنفسه ، فشتان ما بين الخلة والمحبة . فالخليل يعتضد بخليله والحبيب يبطن في محبه فيقيه بنفسه
. فالحق مجنّ المحبوب ، والخليل مجنّ خليله . فينبغي للإنسان الطالب مقام الخلة أن يحسن عامة لجميع خلق اللّه كافرهم ومؤمنهم طائعهم
ص 549
وعاصيهم ، وأن يقوم في العالم مع قوته مقام الحق فيهم مع شمول الرحمة وعموم لطائفه من حيث لا يشعرهم أن ذلك الإحسان منه ، ويوصل الإحسان إليهم من حيث لا يعلمون . فإذا كان العبد بهذه المثابة ، صحت له الخلة ، وإذا لم يستطع بالظاهر لعدم الموجود ، أمدهم بالباطن ، فدعا لهم في نفسه بينه وبين ربه ، هكذا تكون حالة الخليل فهو رحمة كله . فالخليل على عادة خليله وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلم : المرء على دين خليله أي على عادة خليله . فمن كانت عادته في خلق اللّه ما عودهم اللّه من لطائف مننه ، وأسبغ عليهم من جزيل نعمه ، وأعطف بعضهم على بعض ، فلم يظهر في العالم غضب لا تشويه رحمة ولا عداوة لا تتخللها مودة ، فذلك مستحق اسم الخلة لقيامه بحقها واستيفائه شروطها .
سورة النساء ( 4 ) : آية 126
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً ( 126 )
أي له في كل شيء إحاطة ، بما هو ذلك المعلوم عليه ، ويريد هنا شيئية الوجود لا شيئية الثبوت ، فإن الأمر هناك لا يتصف بالإحاطة . فالوجود في نقطة دائرة هذا الاسم« اللَّهُ »ساكن وقد اشتمل عليه بحقيقته اشتمال الأماكن على المتمكن الساكن ، فليس لشيء خروج عنه تعالى ، فهو مستو على عرشه الأعلى ، ولو دليتم بحبل لهبط على اللّه . اجتمع أربعة من الأملاك على الكعبة : واحد نازل من السماء ، وآخر عرج من الأرض السفلى ، والثالث جاء من ناحية المشرق ، والرابع من ناحية المغرب ، فسأل كل واحد منهم صاحبه من أين جئت ، فكلهم قالوا : من عند اللّه . وعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال : إن اللّه في السماء كما هو في الأرض ، وإن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم . فهو تعالى - جل جلاله عن التقييد - القبلة المعتبرة للقلوب . لا تقيده الجهات ولا تحصره الأينيات وهو بالعين في كلّ أين ، ليس ذلك لسواه ، ولا يوصف به موجود إلا إياه .
سورة النساء ( 4 ) : آية 127
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً ( 127 )
ص 550
سورة النساء ( 4 ) : آية 128
وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ( 128 )
وأحضرت الأنفس الشح لأنها من الطبيعة ومن حكمها الشح والبخل فيمن تركب منها ، وسببه فينا أن الفقر والحاجة ذاتي لنا ولكل ممكن ، فالمكون عن الطبيعة شحيح بخيل بالذات كريم بالعرض .
سورة النساء ( 4 ) : آية 129
وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ( 129 )
الأحكام للمواطن التي تملك ، وما لا يملك منها إذا وقع فيها الجور ، فإن صاحبه لا يهلك ، القسمة بين الأزواج ، في النفقة والنكاح على السواء ، وما يقع به الالتذاذ من طريق الأشباح ، والقسمة في الوداد ، خارجة عن مقدور العباد ، فلا حرج ولا جناح ، في جور الأرواح . الودّ للمناسبة ، فزالت فيه المعاتبة . لا يقال : لم لم تحبني ؟ ويقال : لم لا تقربني ؟
قربة الأجساد مقدور عليه في المعتاد وقرب الفؤاد لا يكون إلا بحكم الوداد .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 130 إلى 132
وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً ( 130 ) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً ( 131 ) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً ( 132 )
ص 551
سورة النساء ( 4 ) : آية 133
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً ( 133 )
يتضح من هذه الآية أن الاقتدار يأبى إلا الوجود ، وعلق الإرادة والمشيئة بالإعدام فقال« إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ »أي يردكم إلى الحالة التي كنتم موصوفين فيها بالعدم وعلق الاقتدار بإيجاد قوم آخرين فقال : « ويأت بقوم آخرين »« وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ »ولم يقل ذينك على التثنية ؛ فكانت الإشارة من حيث أحديتها للأقرب ، وهو الذي أتى به« قَدِيراً » ،فإن اللّه تعالى هو الوجود ، فلا يعطي إلا الوجود لأن الخير كله بيديه ، والوجود هو الخير كله ، والحقّ لا يعدم عدم العين ، ولكن يكون عنه العدم الإضافي وهو الذهاب والانتقال ، فينقلك أو يذهبك من حال إلى حال مع وجود عينك في الحالين ومن مكان إلى مكان مع وجود عينك في كل واحد منهما وبينهما ؛ فالإتيان بصفة القدرة والذهاب بالإرادة من حيث ما هو ذهاب خاصة ، فالحق مذهب الأشياء لا معدمها ، فهو وإن أذهب الأشياء من موطن كان لها وجود في موطن آخر . فالموت إذهاب لا إعدام ، فإنه انتقال من دنيا إلى آخرة ، التي أولها البرزخ .
فلما كان الإذهاب من صفات الحق لا الإعدام ، قال تعالى« إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ »أيها الناس« وَيَأْتِ بِآخَرِينَ »ولم يقل يعدمكم« وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً » .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 134 إلى 135
مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً ( 134 ) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ( 135 )
ص 552
سورة النساء ( 4 ) : آية 136
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً ( 136 )
" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا "
الوجه الأول :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا »في الأخذ الميثاقي« آمَنُوا »لقول الرسول إليكم من عندنا ، فلولا أن الإيمان كان عندهم ما وصفوا به ، فما ثم إيمان محدث بل هو مكتوب في قلب كل مؤمن ، فإن زال في حقّ المريد الشقاء ، فإنما تزول وحدانية المعبود لا وجوده ، وبالتوحيد تتعلق السعادة ، وبنفيه يتعلق الشقاء المؤبد . فما في العالم إلا مؤمن ، لأن ما في العالم إلا من هو ساجد للّه إلا بعض الثقلين من الجن والإنس ، فإن الإنسان الواحد منهم كثيرا ممن يسبح اللّه ويسجد للّه وفيه من لا يسجد للّه وهو الذي حق عليه العذاب .
فقوله تعالى« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا »فسماهم مؤمنين وأمرهم بالإيمان ؛ فالأول عموم الإيمان ، فإن اللّه قال في حق قوم والذين آمنوا بالباطل ، والثاني خصوص الإيمان وهو المأمور به ، والأول إقرار منهم من غير أن يقترن به تكليف ، بل ذلك عن علم ، وأيسره في بني آدم حين أشهدهم على أنفسهم فقال« أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى » ،فخاطبهم بالمؤمنين حين أيه بهم ، ثم أمرهم بالإيمان في هذه الحالة الأخرى . وقوله« آمِنُوا بِاللَّهِ »ولم يقل بتوحيد اللّه ، فمن آمن بوجود اللّه فقد آمن ، ومن آمن بتوحيده فما أشرك . فالإيمان إثبات ، والتوحيد نفي الشريك .
الوجه الثاني : تدل هذه الآية على إطلاق لفظة الإيمان من حيث الإطلاق وعدم التقييد على كل من آمن بالباطل فإنه قال« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا »فأطلق اللّه الإيمان ولم يقيده ، فإنه قال في المشركين« وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ »وقال« وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا » ،فسمى المشرك مؤمنا ، وما كانوا مؤمنين إلا بالباطل . فهؤلاء هم المؤمنون الذين أيه اللّه بهم في قوله« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ »فميزهم عن أهل الكتاب والكتب ، وما ثم مخبر جاء بخبر إلا الرسل ، فتعين أن المؤمنين الذين أمروا بالإيمان أنهم الذين آمنوا بالباطل وآمنوا بالشريك ، ودلّ على أنه ما خاطب أهل الكتاب فقط ، فإنه أمرهم بالإيمان بالكتاب الذي أنزل من قبل ، ولا شك أنهم به مؤمنون أعني علماء أهل الكتاب ، ثم قيد الكفر في هذه الآية ولم يقيد الإيمان فقال« وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ »فقيد في الذكر ما أمر به عبده أن يؤمن به ، وما تعرض في الذكر للكفر المطلق ، كما أطلق الإيمان ونعتهم به في قوله« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا »وما كانوا مؤمنين إلا بالباطل ، فإن
ص 553
المؤمن باللّه لا يقال له : آمن باللّه فإنه به مؤمن ، وإن احتمل أن يؤمن به لقول هذا الرسول الخاص على طريق القربة ، ولكن التحقيق في ذلك ما ذهبنا إليه ولا سيما والحق قد أطلق اسم الإيمان على من آمن بالباطل ، واسم الكفر على من كفر بالطاغوت - الوجه الثالث -« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا »يريد أهل الكتاب حيث قالوا ما قالوه لأمر نبيهم عيسى أو موسى أو من كان من أهل الإيمان بذلك من الكتب المتقدمة ، ولهذا قال لهم« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا »ثم قال لهم« آمَنُوا »بأنبيائي ، قولوا لا إله إلا اللّه لقول محمد صلّى اللّه عليه وسلم لا لعلمكم بذلك ولا لإيمانكم بنبيكم الأول ، فتجمعوا بين الإيمانين فيكون لكم أجران .
ومن هنا يعلم الفرق بين العلم بالشيء وبين الإيمان به ، وأنّ السعادة في الإيمان وهو أن تقول ما تعلمه ، وما قلته لقول رسولك الأول لقول هذا الرسول الثاني الذي هو محمد صلّى اللّه عليه وسلم لا لعلمك ولا للقول الأول ، فحينئذ يشهد لك بالإيمان ومآلك السعادة ، وإذا قلت ذلك لا لقوله ، وأظهرت أنك قلت ذلك لقوله ، كنت منافقا ، فما اختبر اللّه العالم إلا ليعلم ما هو به عالم فقال« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا: هذا ذلك من وجه ، فهذا مؤمن كلف أن يؤمن بما هو به مؤمن .
لذلك قال« آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ » ،ولا يؤمن بالرسول إلا ما خاطبه الحق في سرّه ، وإن لم يشعر به المخاطب ولا يعرف ، ولكن يجد التصديق به في قلبه . فلولا تجلي الحق لقلب المؤمن وتعريفه إياه بغير واسطة ما آمن بالرسول ولا صدّق .
وكذلك في إيمان المؤمن بما جاء به الرسول وهو قوله« وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ » ،لولا تجلي الرسول بقلبه وتعريفه إياه بغير واسطة ما آمن بما جاء به ولا صدق وإن لم يشعر المؤمن ولا يدري كيف آمن ، فما كل مؤمن يعرف من أين حصل له الإيمان - الوجه الرابع - لما كان التأيه والنداء مؤذنا بالبعد عن الحالة التي يدعو إليها من يناديه من أجلها فيقول« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا »فلبعدهم مما أيه بهم أن يؤمنوا به ، لذلك أيه بهم ، فإن كانوا موصوفين في الحال بما دعاهم إليه فيتعلق البعد بالزمان المستقبل في حقهم ، أي اثبتوا على حالكم الذي ارتضاه الدين لكم في المستقبل كما قال يعقوب لبنيه« فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ »في حال حياته ، فأمرهم بالإسلام في المستقبل أي بالثبوت عليه ، والاستقبال بعيد عن زمان الحال ، فيكون التأيه أيضا بما هو موجود في الحال أن يكون باقيا في المستقبل . واعلم أن النداء الإلهي يعمّ المؤمن والكافر والطائع والعاصي والأرواح والروحانيين ، فمن أجاب سمي مطيعا وكان سعيدا ، وإن لم
ص 554
يجب سمي عاصيا وكان شقيا . ونداء الحق لا يكون إلا بما يكون في إجابته السعادة للعبد .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 137 إلى 140
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ( 137 ) بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ( 138 ) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ( 139 ) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ( 140 )
من لم يحضر عند الكلام بسمعه لم يعرف هل كفر به أو لم يكفر ؟ ولا يصدق في دعواه أنه سمع فإنه لا يغنيه سماع الأذن من اللّه تعالى شيئا ، فلا يعقل إلا من سمع ، ولا يسمع إلا من حضر . فلما أخبر سبحانه أن الذين يخوضون في آيات اللّه إذا قعد معهم سامع لهم أنه في مقامهم وأنه يجازى من حيث هم للاشتراك ، أوصانا وحذرنا بقوله تعالى« إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ »إذا أقمتم معهم وهم بهذه المثابة ، وإن لم نخض معهم فإنه لا يرضى بهذه المنزلة إلا منافق ، ولهذا قال تعالى« إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً »فالكافر الخائض والمنافق الجليس له والمستمع لخوضه ، فيخاض بهم حيث يكرهون كما خاضوا هنا حيث يكره الحق منهم
سورة النساء ( 4 ) : آية 141
الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ( 141 )
ص 555
سورة النساء ( 4 ) : آية 142
إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ( 142 )
ما يخادع اللّه إلا جاهل باللّه غاية الجهل . وقوله تعالى« يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ »أي خداعهم هو خداع اللّه بهم فهو خادعهم بعين اعتقادهم أنهم يخادعون اللّه . وقال تعالى« وَهُوَ خادِعُهُمْ »ولم يقل مخادعهم ، فإنه يخدعهم حقيقة ، وهم لا يقدرون أن يخدعوه .
« وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ »فهم في بواطنهم على خلاف ما يبدو للناس .
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 143 إلى 145
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ( 143 ) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً ( 144 ) إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً ( 145 )
إذا كان يوم القيامة يحشر اللّه هذه الأمة وفيها منافقوها ، فإذا انبعثت كل أمة إلى ما كانت تعبد ، ودخلت الأمم النار ، ونصب الصراط على جسر جهنم ، أتي بالمنافقين الذين أظهروا الإيمان بألسنتهم وصلوا وصاموا ، وقاموا بفروع الشريعة في الصورة الظاهرة كما قام المؤمنون ، أتى بهم اللّه تعالى حتى انفهقت لهم الجنة بما تحويه من الخير والسرور ، فتنعموا برؤيتها وظنوا أنهم داخلوها ، فكانت تلك النظرة والفرح الذي قام لهم بالطمع بدخولها جزاء لما جاءوا به من الأعمال الظاهرة ظاهرا بظاهر ، عدلا منه سبحانه .
فإذا طابق الجزاء أعمالهم وأخذوا حقّهم ، وهم لا يعلمون أنهم يصرفون عنها ، ضرب اللّه بينهم وبين الجنة سورا ، باطنه الجنة ، وظاهره من قبله العذاب ، فيؤمر بهم إلى النار ، فهذا هو استهزاء اللّه بهم وسخرية اللّه بهم ، فجمع سبحانه في هذا الفعل الواحد بين العدل والاستهزاء كما جمعوا بين الإسلام
ص 556
والكفر . وليس للمنافقين من النار إلا الدرك الأسفل وهي النار التي تطلع على الأفئدة لما هم عليه من إصرار الكفر ، وليس لهم في أعلاها مكان إلا على قدر معاصيهم الظاهرة ولما أتوا به من الأعمال الظاهرة . والكافر يتعذب في النار علوا وسفلا بخلاف المنافق ، فما عنده من يعصمه من نار اللّه ولا من جهنم ، وكلهم في جهنم جميعا : ومن أعجب ما روينا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كان قاعدا مع أصحابه في المسجد فسمعوا هدة عظيمة فارتاعوا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : أتعرفون ما هذه الهدة ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم قال حجر ألقي من أعلى جهنم منذ سبعين سنة ، الآن وصل إلى قعرها . فكان وصوله إلى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة . فما فرغ من كلامه صلّى اللّه عليه وسلم إلا والصراخ في دار منافق من المنافقين ، قد مات وكان عمره سبعين سنة فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : اللّه أكبر فعلم علماء الصحابة أن هذا الحجر هو ذاك المنافق وأنه منذ خلقه اللّه يهوي في نار جهنم وبلغ عمره سبعين سنة ، فلما مات حصل في قعرها ، فكان سماعهم تلك الهدة التي أسمعهم اللّه ليعتبروا . فانظر ما أعجب كلام النبوة ، وما ألطف تعريفه ، وما أحسن إشارته ، وما أعذب كلامه صلّى اللّه عليه وسلم .
واعلم أن جهنم كلها مائة درك من أعلاها إلى أسفلها نظائر درج الجنة التي ينزل فيها السعداء ، فتساوى عدد الدرك والدرج . ويقع الامتياز بأن امتازت النار عن الجنة بأنه ليس في النار دركات اختصاص إلهي ولا عذاب اختصاص إلهي من اللّه ، فإن اللّه ما عرفنا قطّ أنه اختص بنقمته من يشاء كما أخبرنا أنه يختصّ برحمته من يشاء وبفضله ، فأهل النار معذبون بأعمالهم لا غير ، وأهل الجنة ينعمون بأعمالهم وبغير أعمالهم في جنات الاختصاص . ولما كان مذهبنا أن جميع الناس كافة من مؤمن وكافر ومنافق مكلفون مخاطبون بأصول الشريعة وفروعها وأنهم مؤاخذون يوم القيامة بالأصول والفروع ، لهذا كان المنافق في الدرك الأسفل من النار وهو باطن النار ، وأن المنافق معذب بالنار التي تطلع على الأفئدة ، إذ أتى في الدنيا بصورة ظاهر الحكم المشروع من التلفظ بالشهادة وإظهار تصديق الرسل والأعمال الظاهرة ، وما عندهم في بواطنهم من الإيمان مثقال ذرة . فبهذا القدر تميّزوا من الكفار وقيل فيهم : إنهم منافقون ، وقال تعالى : إن المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ، فذكر الدار . فالمنافقون يعذبون في أسفل جهنم ، والكافرون لهم عذاب الأعلى والأسفل.
سورة النساء ( 4 ) : آية 146
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ( 146 )
ص 557
سورة النساء ( 4 ) : الآيات 146 إلى 148
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ( 146 ) ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً ( 147 ) لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ( 148 )
ما علم الحكم بكون القول سوءا إلا من القول إذ لولا القول ما وصل علمه إلينا .
فالقول بالسوء بطريق التعريف أنه سوء قول خير يجب الجهر به لأنه تعليم حتى لا يجهر به عند الاستعمال إذا قضى اللّه على المكلف استعمال هذا . فنفى المحبة أن يكون متعلقها الجهر بالسوء من القول ، والجهر بالسوء قد يكون قولا ، وقد يكون في الأفعال التي لا تكون قولا ، فيريد بالجهر فيها ظهور الفحشاء من العبد ، كما قال صلّى اللّه عليه وسلم من بلي منكم بهذه القاذورات فليستتر ؛ يعني لا يجهر بها . ولما وقع الاصطلاح في اللسان على السيئ والحسن ، نزل الشرع من عند اللّه بحسب التواطؤ ، فهم سموه سوءا ، وقالوا : إن ثمّ سوءا فقال « إن اللّهلا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ »الذي سميتموه سوءا لكونه لا يوافق أغراضكم« إِلَّا مَنْ ظُلِمَ »والجهر بالسوء من القول وإن كان جزاء بقوله« إِلَّا مَنْ ظُلِمَ »ولكن السكوت عنه أفضل« وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ».
سورة النساء ( 4 ) : آية 149
إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً ( 149 )
اعلم أن كل مخالف أمر الحق فإنه يستدعي بهذه المخالفة من الحق مخالفة غرضه ، ولذلك لا يكون العفو والتجاوز والمغفرة من الحق جزاء لمخالفة العبد في بعض العبيد ، وإنما يكون ذلك امتنانا من اللّه عليه ، فإن كان جزاء فهو جزاء لمن عفا عن عبد مثله وتجاوز وغفر لمن أساء إليه في دنياه ، فقام له الحق في تلك الصفة من العفو والصفح والتجاوز والمغفرة مثلا بمثل يدا بيدها وها ، فما نهى اللّه عباده عن شيء إلا كان منه أبعد ، ولا أمرهم بكريم خلق إلا كان الحق به أحق .
سورة النساء ( 4 ) : آية 150
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ( 150 )
ص 558
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 1 أبريل 2021 - 8:36 عدل 3 مرات
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
تفسيرالآيات من "104 - 150" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: تعاليق
تفسيرآلآيات من "104 - 150" من سورة النساء .كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
سورة النساء ( 4 ) : آية 150
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ( 150 )
لذلك قال لهم الحق تعالى« وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ »فإنهم قالوا« نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ »وهو الحق« وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ »وهو الباطل فخلطوا بينهما ويتخيلون أن الحق يختلط بالباطل وليس كذلك« وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا »أي يحدثوا طريقا أخرى من عند أنفسهم .
واعلم أن جماعة من العقلاء جعلوا الشريعة بمعزل فيما زعموا ؛ والشريعة أبدا لا تكون بمعزل ، فإنها تعم قول كل قائل واعتقاد كل معتقد ومدلول كل دليل ، لأنها عن اللّه المتكلم ، فيه قد نزلت .
وإنما قلنا في هذه الطائفة المعينة أنها جعلت الشريعة بمعزل مع كونها قالت ببعض ما جاءت به الشريعة ؛ فما أخذت من الشريعة إلا ما وافق نظرها . وما عدا ذلك رمت به أو جعلته خطابا للعامة التي لا تفقه ، هذا إذا عرفت واعتقدت أن ذلك من عند اللّه لا من نفس الرسول ،
فقال تعالى عنهم على طريق الذم« إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا » .وإن كان قد جاء الشرع بما هم عليه فما أخذوا ما أخذوا من كون الشرع جاء به وإنما قالوا به للموافقة احتجاجا .
والطائفة السعيدة لا ترمي من الشريعة شيئا ، بل تترك نظرها وحكم عقلها بعد ثبوت الشرع لحكم ما يأتي به الشرع إليها ، ويقضي به ، فهم سادات العالم ، وأما تنزيه الحق عما تنزهه عباده مما سوى العبودية ، فلا علم لهم بما هو الأمر عليه ، فإنه يكذب ربه في كل حال يجعل الحق فيه نفسه مع عباده ، وهذا أعظم ما يكون من سوء الأدب مع اللّه أن ينزهه عما نسبه سبحانه إلى نفسه بما نسبه إلى نفسه ، فهو يؤمن ببعض وهو قوله« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »
ويكفر ببعض ، فأولئك هم الكافرون حقّا ، فجعل العبد نفسه أعلم منه بربه نفسه ، وأكثر من هذا الجهل فلا يكون .
والعبد المؤمن ينبغي له أن ينسب إلى الحق ما نسبه الحق إلى نفسه على حد ما يعلمه اللّه من ذلك ، إذا لم يكن ممن كشف اللّه عن بصيرته ، حتى رأى الأمر على ما هو عليه . وهذا هو الشرك الخفي فإنه نزاع للّه تعالى خفي في العبد ، لا يشعر به كل أحد ولا سيما الواقع فيه ، ويتخيل أنه في الحاصل ، وهو في الفائت .
فهذا المنزه الجاهل ينزهه عن ذلك الوصف الذي وصف به الحق نفسه ، وأخذ يثني عليه بما يرى أنه ثناء على اللّه ، واللّه ما أمره أن ينزهه إلا بحمده أي بما أثنى على
ص 559
نفسه به في كتبه وعلى ألسنة رسله . فإذا أراد العبد نجاة نفسه وتحصيل أسباب سعادته ، فلا يحمد اللّه إلا بحمده كان ما كان ، على علم اللّه في ذلك من غير تعيين ، فإن قبضه اللّه تعالى على ذلك اطلع على الأمر على ما هو عليه ، إذا لم يكن من أهل الكشف في الحياة الدنيا ، وإن لم يفعل وتأول فهو لما تأوله ، وحرمه اللّه كل ما خرج عن تأويله ، فلم يره فيه ، وهذا أعظم الحرمان ، وعند الكشف الأخروي يرى ما كان عليه من سوء الأدب مع اللّه والجهل به ، كما ورد أن أهل هذا المقام ، إذا تجلى لهم الحق تعالى في الآخرة ينكرونه ولا يقرون به لأنهم ما عبدوا ربا إلا مقيدا بعلامة ، فإذا ظهر لهم بتلك العلامة أقروا له بالربوبية وهو عين ما أنكروه ، وأي جهل أعظم من أن يقر بما هو له منكر .
.
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» تفسيرالآيات من "01 - 46" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسيرالآيات من "47 - 78" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسيرالآيات من "151 - 176" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسيرالآيات من "79 - 103" من سورة النساء .كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسيرالآيات من "01 - 17" من سورة آل عمران .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسيرالآيات من "47 - 78" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسيرالآيات من "151 - 176" من سورة النساء .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسيرالآيات من "79 - 103" من سورة النساء .كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسيرالآيات من "01 - 17" من سورة آل عمران .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله