اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل

01012020

مُساهمة 

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب:
أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب.
وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا».
فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.
وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.
ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله».
أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.
فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.
وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك.
غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.
فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله.
وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.
فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل.
ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم.
على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم، فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة.
فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.
وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف.
وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما.
بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.
ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.
فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.
ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.
فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي.
والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا
وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق.
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
17- نقش فص حكمة وجودية في كلمة داودية
وهب داود فضلاً معرفة به لا يقتضيها عمله.
فلو اقتضاها عمله لكانت جزاء، ووهب له فضلاً سليمان عليه السلام: " وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ " [ص: 30].
وبقي قوله: "وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ" [سبأ: 10].
هل هذا العطاءجزاء أو بمعنى الهبة.
وقال: " وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " [سبأ: 13]، ببنية المبالغة.
ليعم شكر التكليف. وشكر التبرع.
فشكر التبرع : (أفلا أكون عبداً شكوراً)، قول النبي عليه السلام.
وشكر التكليف ما وقع به الأمر مثل: (واشكروا لله)، (واشكروا نعمة الله).
وبين الشكرين ما بين الشكورين لمن غفل عن الله.
وداود "منصوصٌ" على خلافته والإمامة. وغيره ليس كذلك.
ومن أعطي الخلافة فقد أعطي التحكم والتصرف في العالم "ترجيع الجبال معهُ بالتسبيح والطير" تؤذن بالموافقة.  فموافقة الإنسان له أولى.


الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
17 - فك ختم الفص الداودي
1 / 17  - اعلم ان كثيرا مما عزمت بمشيئة الله تعالى على ذكره في شرح هذا الفص هو من وجه كالتتمة لما ذكر في بيان اسرار احوال سليمان ، فان بين اسرار احوال سليمان وداود عليهما السلام اشتراكا عظيما قد نبه الحق سبحانه في كتابه عليه بقوله : “ ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وسُلَيْمانَ عِلْماً “ [ النمل / 15 ] .
بما حكاه من سليمان حيث قال : “ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وأُوتِينا من كُلِّ شَيْءٍ “ [ النمل / 16 ] فاشترك معه إياه فيما رزقاه .
وكذلك شرك الحق بينهما في طلب الشكر ولذلك : قالا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ من عِبادِه الْمُؤْمِنِينَ [ النمل / 15 ] فاشتركا في الامر والحكم ايضا .
كما قال تعالى : “ وداوُدَ وسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ في الْحَرْثِ “ [ الأنبياء / 78 ] وبقوله : “ كُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وعِلْماً “ [ الأنبياء / 79 ] فافهم .
 
2 / 17 -  وذلك سر اقران شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالوجود حيث قال :
فص حكمة وجودية في كلمة داودية ، فكأنه أشار الى شيء مما أوضحته من سر الوجود وسيره في درجات ظهوره وكونه عين الرحمة التي وسعت كل شيء .
 
 3 / 17 - فأقول : قد بينا ان الرحمة ذاتية وصفاتية وان لكل منهما حكما عاما وخاصا ، وذكرنا حكم ( 3 ) العام الخصيص بالرحمة العامة واختصاصه بسليمان وما يتعلق بذلك كله مع زوائد شتى .
 
4 / 17 - فاعلم ان الحكم الخاص المضاف الى الرحمة العامة الصفاتية من الخلافة الإلهية ، فظهرت أحكامها في المراتب الوجودية بالتدريج بحسب مظاهر حقيقة الانسانية الكمالية الإلهية ، المنتهى كمال ظهورها الى الصورة الادمية التي هي اكمل مظاهرها ، ولما كانت مظاهر المتقدمة على الصورة الادمية غير مستعدة لان يظهر بها وفيها الحقيقة الانسانية ظهورا تاما ، كان ظهور احكام مرتبتها المعبر عنها بالالوهية هناك وبالخلافة هنا ايضا كذلك ، ولا تم ظهورها بآدم عليه السلام ، صار لها ظهور وسير وبسط آخر في عرصة العرض الإنساني ، ولهذا اشترت في الفص السليماني الى ما معناه :
ان بروز الوجود وأحكامه من الغيب الى الشهادة كان بالتدريج حتى انتهى الامر الى النوع الإنساني، فصار ذلك الظهور على وجه آخر مخصوص، ثم لم يزل يظهر الامر بسير آخر في مراتب الاعتدال التي يتضمنها عرض النوع الإنساني، فان الخلافة لم تبسط حكمها تاما بآدم - لقلة وجود المستخلفين عليهم - فلم يكن ثمة من ينبسط عليه احكام مرتبته الا طائفة يسيرة من ذريته، ولهذا لم يتضمن خلافته مرتبة الرسالة، بل بقيت فيه بالقوة وفيما خلف من ذراريه والمتناسلين منهم بعده الى زمان نوح عليه السلام الذي هو اول المرسلين .
 
5 / 17 -  ثم نقول : فما برحت احكام الخلافة من حيثها ومن حيث مرتبة المستخلف يزداد ظهورا وانبساطا - كالوجود - حتى انتهى الامر الى داود عليه السلام ، فتم بوجوده مرتبة الخلافة وانبسطت أحكامها في الوجود بحسب درجات الأكملية بعد استيفاء ما هو شرط في حصول مقام الكمال ، وكمل انبساط الاحكام والصفات المذكورة بابنه سليمان ، وقد ورد التنبيه على ذلك في القرآن الكريم ، اعنى ثبوت الاشتراك بينهما في الحكم والعلم وغير ذلك على ما ذكر في اول الفص ، فلينظر هناك ، فاشار سبحانه الى ما منحه ومنح ابنه مما زادا به على من تقدمهما من الخلفاء من العلم وانبساط احكام الخلافة ونفوذها وعموم التأثير في الخلق .
 
6 / 17 - ومن جملة ما رجحت به خلافة داود على خلافة آدم:
ان حظه من الأسماء على ما صرح به كان علمه بها واما داود: فتحقق بها علما وحالا وعملا، فاما علما : فقد سبقت الإشارة الى ذلك ، مع انه لا يخفى على الألباء ان اعظم الشروط في التحقق بمرتبة الخلافة وأولها وأولاها هو العلم .
واما تحققه من حيث العمل : فاخبار النبي صلى الله عليه وسلم عنه انه كان اعبد اهل الأرض .
واما تحققه بها ، اعنى بالأسماء حالا : فكون الحق سبحانه قدر له تزويج تسعة وتسعين زوجة  ، ضرب مثال الأسماء الحسنى ، ولما أراد ان يتم عند المائة ، مع ان المتمم للمائة هو الاسم الله باعتبار دلالته على الذات والمرتبة  .
 
7 / 17 - وذلك لما رأى من قوة قابليته لكل ما يشتمل عليه الحضرة ، فان من شأن الكمل ان كل ما هو متعذر الحصول لاحد من الحق ، هو عندهم بالنسبة الى كمال قابليتهم غير متعذر ولا مستحيل ، الى ان يخبرهم الحق باخبار مخصوصة خارج عن خواص المواد والوسائط ، فحينئذ يصدقون ربهم ويحكمون باستحالة حصول ذلك الامر - كحال موسى عليه السلام في طلب الرؤية على وجه مخصوص - فلما أخبر بتعذر ذلك ، تاب وآمن.
 
8 / 17 - ولما كان الامر الذي به يتم مظهرية المائة متعذر الحصول لذاته من حيث “ إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به “ [ النساء / 48 ] لهذا نبهه الحق على ذلك بما ابدى له من حيث الامثلة التي روعي فيها الأدب التام مع مرتبته ، تعظيما للمرتبة تنبيها له ، ليعرف ان الله قد اقامه في مرتبة اول من قام بحق أدبها من اقامه فيها .
كما قال تعالى ايضا بلسان البشارة مع الأدب والتعريف: “يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ “ [ ص / 26 ] .
 
9 / 17  - فلسان الأدب في هذه الاية قوله : “ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله “ .
والا لكان الأنسب من مقتضى المواجهة له ان يقول :
انك ان ضللت عن سبيل الله فلك عذاب شديد ، فخرج من خطاب المواجهة الى المغايبة - معرضا لا مصرحا - فتنبه وتذكر ما ذكرت لك تعرف رجحان خلافة داود على خلافة آدم بما نبهت عليه آنفا وبالحكم بين الناس أيضا.
لأنه ليس في خلافة آدم التصريح بالحكم وايضا فإنه حين اعطى الخلافة لم يكن ثمة من الناس من يحكم عليه واما الجن :
فلم يكن منهم الا ابليس الذي ابى ان يسجد له اولا وازلَّه وزوجته ودلاهما بغرور.
ثانيا - بخلاف داود وسليمان عليهما السلام - فإنه نفذ حكمهما في الجن والانس وغيرهما من الموجودات، فكان الجن والشياطين محكومين لهما بين: “بَنَّاءٍ وغَوَّاصٍ وآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ في الأَصْفادِ “ [ ص / 37 ] فشتان بين الأمرين .
 
10 / 17 - ومما يؤيد ما ذكرته من رجحان خلافة داود وسليمان على خلافة آدم وعلو مرتبتهما في العلم ونيل الهمة ما ورد في الحديث الثابت الاسناد:
ان الله خير سليمان بين العلم والملك والمال، وفي رواية بدل المال النبوة، فاختار العلم، فأعطاه الله الملك والمال والنبوة لاختياره العلم.
واما آدم : فان الله اسجد له الملائكة بأجمعهم وادخله الجنة وقال له : “ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى وأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها ولا تَضْحى “ [ طه / 118 و 119 ] .
ومع ذلك لما سمع قول ابليس : “ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِه الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا من الْخالِدِينَ “ [ الأعراف / 20 ] صدقه هو وزوجته وانفعلا لقوله .
 
11 / 17 - وهذه القضية تشتمل على امرين مشكلين لم ار أحدا تنبه لهما ولا أجابني احد من اهل العلم الظاهر والباطن عنهما وهو : انه عليه السلام بعد سجود الملائكة له بأجمعهم ومشاهدة رجحانه عليهم بذلك وتعلم الأسماء والخلافة ووصية الحق له .
كيف أقدم على المخالفة وتشوف بقول ابليس الى ان يكون ملكا، وكيف لم يعلم ان من دخل الجنة المعرفة بلسان الشريعة لم يخرج منها.
وان النشأة الجنانية لا تقبل الكون والفساد لذاتها فهي تقتضي الخلود؟


12 / 17 - فكان هذه الحال يدل دلالة واضحة على ان الجنة التي كان فيها ليست الجنة الى عرضها السموات والأرض والتي عرضها الكرسي الذي هو الفلك الثامن وسقفها عرش الرحمن.
فان تلك لا تخفى على من دخلها انها ليست محل الكون والفساد ولا ان يكون نعيمه موقتا ممكن الانقطاع ، فان ذلك المقام يعطى بذاته معرفة ما يقتضيه حقيقته وهو عدم انقطاع نعيمه بموت او غيره كما قال تعالى : “ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ “ [ هود / 108 ] اى غير منقطع ولا متناه ، فافهم ما نبهت عليه من غرائب العلوم وغوامضه ترشد .
 
13 / 17 - فحالة آدم وحوا عليهما السلام في هذه القضية كحال بنى اسرائيل الذين قال الله تعالى في حقهم : “ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ “ [ البقرة / 61 ] ولهذه المناسبة والمشاركة اردف الحق قصة آدم في سورة البقرة بقصة موسى وبنى اسرائيل - مع ما بينهما من طول المدة - فراعى سبحانه في ذلك المضاهاة في الفعل والحال - دون الزمان - فافهم سر هذا من اسرار القرآن .
 
14 / 17 - فان القرآن العزيز ورد فيه ذكر جماعة من الأنبياء في مواضع كثيرة وسردت  أسمائهم في موضع بترتيب مخصوص ، ثم ذكروا في موضع آخر بترتيب مخالف للترتيب الأول بمعنى انه قدم ذكر من أخر ذكره في الترتيب الأول وأخر من قد كان قدم ذكره من قبل ، وذكروا في موضع ثالث ورابع بترتيب غير التراتيب المقدمة هكذا في مواضع شتى مخالف بعضها بعضا .
 
15 / 17 - السر فيه هو : انه روعي من موضع ذكرهم بحسب تفاوت مراتبهم ودرجات ما فضل به بعضهم على بعض المشار اليه بقوله تعالى : تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ “ [ البقرة / 253 ] .
وتارة روعي في ترتيب ذكرهم تقدمهم وتأخرهم الزمانى، وتارة روعي في ترتيب ذكرهم مشاركتهم في الفعل والحال المذكورين في السورة او القصة، فالأقرب شبها ونسبة يكون هو المقدم في الذكر الأنسب فالانسب الى الامر المذكور.
وتارة يراعى فيها الاشتراك في الشرائع وأحكامها،
فان الله تعالى يقول: “لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهاجاً “ [ المائدة / 48 ]
وقال : “ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ “ [ البقرة / 60 ]
فإذا كثر اتفاق الاحكام المشروعة بين نبيين وثبوت تقدم أحدهما ورجحانه، تلاه في الذكر الأقوى مشاركة له في احكام شريعته.
 
16 / 17 -  فاعلم ذلك واستقره تجده مطرد الحكم ، كما نبهت عليه في ارداف قصة آدم بقصة موسى وبنى اسرائيل ، وهذه النكتة وان وقع ذكرها هنا من وجه بالعرض ، فإنها مفتاح شريف يفتح به جملة من اسرار ترتيب آى القرآن وقصصه وسوره وآياته ، ان تم الاطلاع على أصله ومحتده .
فافهم والله الهادي .
 
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة وجودية في كلمة داودية :


مصطلح الخلافة - الاستخلاف
في اللغة : " استخلفه : جعله خليفته .
الخلافة : 1. نيابة عن الغير . 2. إمارة أو إمامة .
الخليفة : 1. المستخلف . 2. لقب حكام المسلمين ".
 
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الإستخلاف:
" الاستخلاف : هو الإمامة . والخلق على الصورة ، فلا بد للخليفة أن يظهر بكل صورة يظهر بها من استخلفه فلا بد من إحاطة الخليفة بجميع الأسماء والصفات الإلهية التي يطلبها العالم الذي ولاه عليه الحق سبحانه ".
 
خلافة الظاهر والباطن في اصطلاح الكسنزان :
نقول خلافة الظاهر والباطن : هي الخلافة التي تمت إلى الإمام علي ، حيث حصل على خلافة الظاهر من مبايعة المسلمين إليه ، وحصل على خلافة الباطن من مبايعته للرسول فجمع بين الخلافتين .
 
تقول د. سعاد الحكيم الخلافة في مفهوم الشيخ الأكبر:
يمكن تلخيص فكر الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي في الخلافة بالنقاط الآتية :
" نظر ابن العربي الطائي الحاتمي إلى الخلافة على أنها نيابة مجردة عن شخص النائب والمنوب عنه ، فكل متصرف بالنيابة عن آخر فهو : خليفة المنوب عنه فيما ملكه التصرف فيه ، وبذلك تتعدد أشخاص الخلائف بتعدد فعل الاستخلاف .
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي الخليفة هو الله:
1 - " يقول رسول الله في دعائه ربه في سفره : " أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل "، فما جعله خليفة في أهله إلا عند فقدهم إياه ، فينوب الله عن كل شيء أي يقوم فيهم مقام ذلك الشيء بهويته ".
2. الخلفاء هم أفراد النوع الإنساني ، وهم أما خلفاء عن الله ( رسل وأنبياء ) أو يخلفون الرسل ويخلف بعضهم بعضا .
" لقد خص ابن العربي الطائي الحاتمي ( الخلافة عن الله ) بكلية اهتمامه ، فنراه يوضح شروط استحقاقها ويبين ماهيتها وأشكال ظهورها في المستخلف .
 
شروط استحقاق الخلافة عن الله شرطان :
وهما الصورتان : الإلهية والكونية ، أي من جمع في ذاته جميع حقائق الحق والعالم ، وهو الإنسان الكامل .
2. ماهية الخلافة عن الله :
إن الخلافة عن الله بلغة ابن العربي الطائي الحاتمي ، هي ظهور الإنسان الكامل في العالم بالأسماء والصفات الإلهية ، وهو مقام قرب النوافل الذي يتحقق فيه العبد أن الحق سمعه وبصره وكل قواه .
 
3. أشكال ظهور الخلافة عن الله في ( الإنسان ) ستة أشكال وهي :
الولاية ، النبوة ، الرسالة ، الإمامة ، الأمر ، الملك .
أ. الولاية : إن الخلافة تظهر بعد انقطاع الرسالة بالولاية .
ب. النبوة : وهي عند ابن العربي الطائي الحاتمي نبوتان : نبوة تشريع ، ونبوة عامة .
- كلمة ( خليفة ) معرفة تؤدي إلى أحد أمرين ، أما أن الخليفة هو الإنسان الكامل ، القطب صاحب الوقت ، وهنا يتعدد بتعدد الأزمنة ، وأما أنه الخليفة الواحد يظهر في كل زمان بصورة صاحب الوقت أو القطب .
 
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني :
" الخلافة هي قسمان :
خلافة صغرى : وهي الإمامة والرياسة الظاهرية .
وخلافة كبرى : وهي الإمامة والرياسة الباطنية ، كما كان لعلي رضى الله عنه ".
 
يقول الباحث محمد غازي عرابي في أنواع الخلافة:
" الخلافة خلافتان ظاهرة وباطنة .
فالظاهرة ما تعارف عليه الناس من انتخاب خليفة لهم ، يقوم بشؤونهم ...
واختلف في الموقف من الإمام الجائر أو الحاكم الجائر ، هل يخلع ويخرج عليه أم تكون في ذلك فتنة ؟ ..
والحق أن أمثال هذه الأمور اجتهادية ، لأنه وضح بعد الدراسات العميقة للقرآن أنه ترك هذه المسائل وأمثالها مفتوحة صالحة لتطور الزمن ، وأن في وسع الناس أن يختاروا وما يتفق وأحوالهم ، وإلا فما كان يعجز الله أن يضع حدا وأسسا لهذه الأمور .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 15:53 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 1 يناير 2020 - 22:06 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الجزء الثاني
تابع كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة وجودية في كلمة داودية :
أما الخلافة الباطنة فهي سر وستر .
ولقد تحدثت كتب الصوفية عن مراتب هذه الخلافة والقائمين بها كالغوث والقطب والعرفاء والأبدال وما شابه .
وما يهمنا هو الحديث عن خليفة علم الباطن ، فهؤلاء آحاد أفراد ، ولا يوجد فيهم في الزمان إلا واحد ، وقد لا يوجد البتة ، وقد يكون أمره ظاهرا ...
وقد يكون أمره مخفيا ومستورا . وخليفة علم الباطن ، هو المصطفى للتكليم والمشافهة والرؤية ، وهذه كلها من مراتب الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله .
فلا بد من مصطفى لله اختصه برحمته ، وكشف له الغطاء ، وأورثه علم الأولين والآخرين ، وجعله لسانه يملي عليه فيكتب إملاء ...
وخلافة علم الباطن خاصة بالأمة المحمدية ، فهؤلاء وصلوا إلى كشف الذات ، وهو المحق الذاتي . ولا بد للمصطفى من هذه المرتبة أن يكون فانيا بنفسه قائما بالله أي لسان الله ".

يقول الشيخ أحمد بن عجيبة لمن إرادة الخلافة ؟:
" إرادة الخلافة وكمال المعرفة : هي لمن ظهرت نجابته ، وكملت أهليته ، وصرح له بالخلافة من شيخ كامل أو هاتف صادق ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في شروط الخلافة الحقيقية:
" من شروط الخلافة الحقيقية التي هي خلافة الأولياء الكاملين : أن يفنى ، أي : يمحق الخليفة عن الله تعالى في أرضه و بين عباده ، وجميع صفات نفسه بحول ربه وقوته ... بحيث يصير معدوما بنفسه موجودا بربه ".

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي مقام الخلافة :
" مقام الخلافة : هو مظهر الجمال والجلال ".

يقول الشيخ ولي الله الدهلوي الخلافة الباطنة :
" الخلافة الباطنة : هي تعليم الكتاب والحكمة ، وتزكيتهم بالنور الباطن بقوارع الوعظ وجواذب الصحبة ".
يقول : " الخلافة الظاهرة : إقامة الجهاد والقضاء والحدود ، وجباية العشور والخراج وقسمتها على مستحقيها ، وقد حمل أعباءها العادلون من ملوك الإسلام ". 

يقول الشيخ أبو العباس التجاني الخلافة العظمى :
هي استخلاف الحق تعالى للأولياء على مملكته ، تفويضا عاما أن يفعلوا في المملكة كل ما يريدون ، ويملكهم كلمة التكوين ( كن ) ، متى قالوا للشيء : كن كان من حينه ، فلا يستعصي عليهم شيء من الوجود .

نقول موسوعة الكسنزان  إن الخلفاء بعد رسول الله على نوعين :
النوع الأول : هم خلفاء الباطن أو الروح وأولهم إمامنا علي بن ابي طالب .
النوع الثاني : خلفاء الظاهر وهم الخلفاء الراشدون ومن تبعهم .

يقول الشيخ داود القيصري في صفات الخليفة:
" الخليفة لابد أن يكون موصوفا بجميع الأوصاف الإلهية إلا الوجوب الذاتي ، ومتحققا بكل أسمائه ليعطي مظاهر الأسماء كلها ما يطلبونه ، ويوصل كلا منهم إلى كماله ... 
فحقيقته الخليفة : حقيقة الحقائق كلها ، وكل من أعيان العالم إنما يربه هذا الخليفة ويوصله إلى كماله اللائق به ويمده بما منه في حقيقته .
فالخليفة : عبد لله ، رب للعالم بربوبيته له : فكل ما في العالم ، سواء أكان من أهل الجبروت أو الملكوت أو الملك لا يأخذ إلا منه فكمالهم به . كما أن خلافته أيضا بهم . إذ لولا العالم لما كان الخليفة خليفة ، وكون الخليفة يحكم البشرية موصوفا بصفات العجز والنقصان ، لا يقدح هذا في كونه متصفا بصفات الملك الرحمن . وهذا الخليفة لا يتصرف في أهل العالم إلا بما اقتضته العناية الإلهية . والمشيئة الذاتية وأعطته الأعيان الثابتة باستعداداتها في الأزل ".

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في أقسام الخلفاء:
" اعلم أن الخلفاء على أقسام :
خلفاء الله على ما هو له ، يقومون بصفاته عنه .
وخلفاء الله على ما هو منه ، يقومون به في خلقه .
وخلفاء لخلفاء الله تعالى في كلا القسمين .
والخلافة المحضة فيما من الله تعالى لمحمد وحده . وللأنبياء والأولياء الكمل نوابه ، فهم خلفاء خلافته ".

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي يحفظ العالم بالخليفة:
" الله تعالى يحفظ العالم بالخليفة كما يحفظ الخزائن بالختم . وهو القطب الذي لا يكون في كل عصر إلا واحدا ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي سبب اختيار آدم للخلافة:
" إنما كانت الخلافة لآدم عليه السلام دون غيره من أجناس العالم ، لكون الله تعالى خلقه على صورته ، فالخليفة لا بد أن يظهر فيما استخلف عليه بصورة مستخلفه وإلا فليس بخليفة له فيهم ، فأعطاه الأمر والنهي ، وسماه بالخليفة ، وجعل البيعة له بالسمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الموحد من جميع الوجوه ، لا يصح أن يكون خليفة . فإن الخليفة مأمور بحمل أثقال المملكة كلها ، والتوحيد يفرده إليه ولا يترك فيه متسعا لغيره ".

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى في سبب تسمية الإنسان بالخليفة:
" سمي الإنسان خليفة لمعنيين :
أحدهما : أنه يخلف عن جميع المخلوقات ولا يخلفه المكونات بأسرها ، وذلك لأن الله جمع فيه ما في العوالم كلها من الروحانيات والجسمانيات والسماويات والأرضيات والدنيويات والأخرويات والجماديات والنباتيات والحيوانيات والملكوتيات ...
والثاني : أنه يخلف وينوب عن الله صورة ومعنى .
 
أما صورة : فوجوده في الظاهر يخلف عن وجود الحق في الحقيقة ، لأن وجود الإنسان يدل على وجود موجده ، كالبناء يدل على وجود الباني ويخلف وحدانية الإنسان عن وحدانية الحق وذاته عن ذاته وصفاته عن صفاته ... ولا مكانية روحه عن لا مكانيته ، ولا جهتيته عن لا جهتيته ...
وأما معنى : فليس في العالم مصباح يستضيء بنار نور الله ، فيظهر أنوار صفاته في الأرض خلافة عنه إلا مصباح الإنسان ، فإنه مستعد لقبول فيض نور الله ... فإذا أراد الله أن يجعل في الأرض خليفة يتجلى بنور جماله لمصباح السر الإنساني ، فيهدي لنوره فتيلة خفاء من يشاء ، فيستنير مصباحه بنار نور الله ، فهو على نور من ربه ، فيكون خليفة الله في أرضه ، فيظهر أنوار صفاته في هذا العالم بالعدل والإحسان والرأفة والرحمة لمستحقيها ، وبالعزة والقهر والغضب والانتقام لمستحقيها ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في سبب تسمية الإنسان الكامل بالخليفة:
" الإنسان الكامل هو العلامة التي بها يختم الملك على خزانته ، وسماه خليفة : من أجل هذا ، لأنه تعالى الحافظ به خلقه كما يحفظ الختم الخزائن ، فما دام ختم الملك عليها لا يجسر أحد على فتحها إلا بإذنه ، فاستخلفه في حفظ الملك ، فلا يزال العالم محفوظا ما دام فيه هذا الإنسان الكامل ".

ويقول الشيخ علي الخواص :
" سمي الكامل خليفة... لأن الله تعالى وكل إليه الأمر ظاهرا وباطنا .
أما في الظاهر : فبإطلاق لفظ الخليفة عليه .
وأما في الباطن : فلكونه جعل علة للخلق في الوجود ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الخلافة للإنسان الكامل:
" ما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل ".
" الخليفة له التصرف العام والحكم الشامل التام في جميع المملكة الإلهية ، وله بحسب ذلك الأمر والنهي والتقرير والتوبيخ والحمد والذم على حسب ما يقتضيه مراد الخليفة ، سواء كان نبيا أو وليا مستوون في هذه المرتبة . والرسول ليس له عموم الأمر والنهي إلا ما سمعه من مرسله سبحانه وتعالى ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في سبب عدم التنصيص بالخلافة:
" أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول . فنقول فيه بلسان الكشف : خليفة الله ، وبلسان الظاهر خليفة رسول الله . ولهذا ... ما نص بخلافة عنه إلى أحد .
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه ، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الفرق بين الخليفة والرسول:
" ما كل رسول خليفة . فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية . والرسول ليس كذلك ، إنما عليه البلاغ ".
إن الخليفة من كانت إمامته  ... ليس الخليفة من قامت أدلته
له التقدم بالمعنى وليس له  .... فيدعي الحق و الأسياف تعضده
من صورة الحق والأسماء تعضده ....  من الهوى وهوى الأهواء يقصده
توقيع حق ولا شرع يؤيده   ..... وهو الكذوب ونجم الحق يرصده

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى عن خليفة الله:
" إن رسول الله كان لوصفه بالفناء ، فانيا في الله ، باقيا بالله ، قائما مع الله ، فكان خليفة الله على الحقيقة فيما يعامل الخلق حتى قال : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ". وكان الله خليفته فيما يعامله الخلق حتى قال : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله "، ولهذا كان يقول : " الله خليفتي على أمتي "."

يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
خليفة الله : هو الغوث ، فالله يتجلى عليه بالأسماء الإلهية على رأى منه .
خليفة الله : هو الذي تتوفر فيه عبوديتان ، عبودية التعريف ، وعبودية التكليف .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي حضرة الخليفة والختم :
حضرة الخليفة والختم : هي حضرة حصول الإنسان من ذاته في برزخ البرازخ مقام المجد الشامخ ، والعز الباذخ ، فيه تكون ليلة قدره ، وكمال بدره .
يميز فيه بين الأشياء ، ويفصل بين الأموات والأحياء ، ويطلع على أهل البلاء والنعماء .
فيه تقوم قيامته الخاصة بذاته واستواء إقامته ، فيحصل على الورث الإنبائي والمقام الاختصاصي ، متملك في هذه الحضرة ، حيث ينقلب الولي نبيا والنبي وليا .

مصطلح الوجود
بقول الإمام القشيري :
قال بعضهم الوجود : هو تمام وجد الواجد .

يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني:
" الوجود : هو أن تشتغل الروح بحلاوة النظر ، ويبقى السر فارغا من الرقيب للحق مع الحق.
والوجود : هو شراب يسقيه المولى وليه ، على منبر كرامته .
فإذا شرب طاش ، وإذا طاش طار قلبه بأجنحة الأنس في رياض القدس ، فيقع في بحور الهيبة ، فيصرع فلذلك يخشى على الواجد ".

يقول الشيخ أبو محمد القاسم بن عبد البصري:
" الوجود : هو اسم لثلاثة معان :
الأول : وجود علم لدني يقطع علم الشواهد في صحبة مكاشفة الحق إياك .
والثاني : وجود الحق وجودا غير منقطع عن مشاع الإشارة .
والثالث : وجود مقام اضمحلال رسم الوجود بالاستغراق في الأولية ".

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى
الوجود في مقام المشاهدة : هو ظلمة شديدة في الأول ، فإذا صفت تشكلت بهيئة الغيم الأسود .

الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " الوجود كله حروف وكلمات وسور وآيات فهو القرآن الكبير الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو محفوظ العين ، فلا يتصف بالعدم ، لأن العدم نفي الشيئية والشيئية معقولة وجودا وثبوتا ، وما ثم رتبة ثالثة ".
الوجود : هو وجدان الحق في الوجد على نعت مجهول .


يقول العلامة حسن بن حمزة الشيرازي:
" الوجود : هو الرحمة التي وسعت كل شيء "

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الوجود : هو حقيقة معلومة بالبداهة ، مقابلة للوهم ، لا يختلف إلا بالخفاء والظهور ،ويمتاز أفرادها بالإضافة فحسب ، كوجود العالم ووجود الإنسان وغير ذلك ".
ويقول : " الوجود : هو الإنسان الكامل ، وهو العين المقصود ".
ويقول : " الوجود : وجدان الحق ذاته بذاته ، ولهذا تسمى حضرة الجمع : حضرة الوجود ".
ويقول : " الوجود : ليس إلا عين الحق تعالى ".

يقول الشريف الجرجاني:
" الوجود : هو فقدان العبد بمحاق أوصاف البشرية ووجود الحق ، لأنه لا بقاء للبشرية عند ظهور سلطان الحقيقة ".

يقول الشيخ محمد فضل الله البرهانبوري:
" الوجود : هو الحق ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي:
" الوجود : هو مفهوم واحد لا يختلف إلا باللوازم والاعتبارات ، فهو في القديم قديم ، وفي الحادث حادث ، كما أنه في الإنسان إنسان ، وفي الجامد جماد . والوجود نفس الماهية الموصوفة به على التحقيق ، وهي في القديم مطلق وفي الحادث مقيد ".

يقول السيد محمود أبو الفيض المنوفي:
" الوجود : هو وحدة مطلقة ، ظاهرها الكائنات المتعددة ، وباطنها الحقائق المتوحدة المقومة للكل ولها بين بطونها ".

يقول الشيخ سليمان بن يونس الخلوتي:
" الوجود في اصطلاح القوم : هو البعد من حضرة الخلق ، والقرب من حضرة الحق ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في أقسام الوجود:
" .. الوجود فمنه ظلمة : وهي الطبيعة ، ومنه نور : وهو النفس الرحماني الذي يعطي الوجود لهذا الممكن العالم ".

ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" الوجود ينقسم إلى قسمين : وجود الحق ، ووجود الباطل ،
وإن شئت قلت : الوجود القديم والوجود الحادث ،
وإن شئت قلت : الوجود الرب والوجود العبد ".
ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" مراتب الوجود : هي العوالم الثلاثة ، الملك ، والملكوت ، والجبروت ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي الوجود أربعة:
" ما ثم إلا ذات وصفات ، وصفات صفات ، وهي : الأفعال ، ومنفعلات : وهي العالم .
فالأول : هو المعبود . مرتبة الله تعالى .
والثاني : الموصل إليه ، وهو المعبود . مرتبة محمد .
والثالث : هو العابد . مرتبة المؤمنين .
والرابع : هو العائق والمانع . مرتبة الشيطان .
وهذه الأربعة في الحقيقة شيء واحد ، لكنه تنزل وتفصل ، فظهرت له هذه الأطوار ، وتعددت وجوداته .

فالوجود العيني : مرتبة الذات .
والوجود العلمي : مرتبة الصفات .
والوجود القولي : مرتبة الأفعال .
والوجود الرقمي : مرتبة الانفعالات .
وهذه الأربع وجودات هي صورة الحق ، وقد خلق الله تعالى آدم مشتملا على هذه الصورة ".
ويقول : " هذه الوجودات الأربعة ... فهو الله في عالم الذات العلية ، ومحمد في عالم الصفات السنية ، والمؤمن في عالم الأفعال ، والشيطان في عالم الانفعال ".
 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الكمال والنقص في الوجود:
" اعلم أنه من كمال الوجود وجود النقص فيه ، إذ لو لم يكن لكان كمال الوجود ناقصا بعدم النقص فيه ، قال تعالى في كمال كل ما سوى الله : " أعطى كل شيء خلقه "،
فما نقصه شيئا أصلا ، حتى النقص أعطاه خلقه ، فهذا كمال العالم الذي هو كل ما سوى الله إلا الله .
ثم الإنسان فله كمال يليق به وللإنسان كمال يقبله ، ومن نقص من الأناسي عن هذا الكمال فذلك النقص الذي في العالم ، لأن الإنسان من جملة العالم ، وما كل إنسان قبل الكمال ، وما عداه فكامل في مرتبته ".

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني في لا موجود إلا الله:
" ليس مراد المبتدئ في الطريق أن ينفي وجود العالم كما يظن من لا علم له بأحوال أهل الطريق ، بل مراده أن الله تعالى قد أخذ حبه بمجامع قلبه حتى حجبه عن شهود خلقه ".
 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الوجود الذي لا يعول عليه:
" وجود الحق عند الاضطرار لا يعول عليه ، لأنه حال ، والحال لا يعول عليه ، فإذا وجده في غير حال الاضطرار فذلك الذي يعول عليه . وتعريه عن الاضطرار حال غير مرضي ووجود الحق فيه مرضي ".


يقول الشيخ أبو العباس التجاني في أول موجود:
" أول موجود أوجده الله تعالى من حضرة الغيب : هو روح سيدنا محمد ".

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني في أول موجود من الممكنات:
" أول موجود من الممكنات ، هو العقل الأول ، لأنه أول قابل للوجود المفاض ".

 

يقول الشيخ ولي الله الدهلوي في معنى الوجود والثبوت:

" لنبحث عن هذا الثبوت وعن هذا الوجود أي شيء منبعهما .
فالذي وقع عندنا أن الوجود منبعه ومصدره : الوجود المنبسط على هياكل الموجودات ، أو النفس الرحماني أو النفس الكلية أيا ما شئت فقل ...
وهو صادر من الذات الإلهية ، وإن الثبوت منبعه : اقتضاء الذات الإلهية للعالم في عالم العقل قبل الوجود الخارجي ، وهو الذي تسميه الصوفية : بالتنزل العلمي ، ولا يريدون بالعلم ارتسام صور الأشياء لكنهم يريدون صدور الأشياء منه مرة واحدة في المرتبة العقلية قائمة بالواجب لا بنفسها .

ولنبين ذلك بمثال :
إذا وضعت الخاتم على الشمعة انتقش فيها الحروف المكتوبة في الخاتم ، فالحروف الظاهرة في الشمع إنما كانت بعلة فاعلة وهو الخاتم ، وعلة قابلة وهي الشمعة ، وإنما وجدت عند اجتماعهما وانطباق أحدهما على الآخر ، لكن للخاتم استعداد قام به منذ كان الخاتم ، إنه لو انطبق عليه شيء سواء كان شمعا أو طينا فاض منه على ذلك الشيء صورة الحروف .
فكل ما وجد عند الانطباق كان ثابتا قبله في نفس الأمر قائما بالشمعة ، فكذلك كل ما وجد حينا من الزمان فإنه كان قائما بالذات الإلهية من حيث الثبوت ، ومن حيث أنه كمال للواجب ومقتضاه ، وهذا هو الذي تسميه الصوفية : بالفيض الأقدس والحكماء :

تقول د. سعاد الحكيم في الفرق بين الوجود والموجود:
" يفرق ابن العربي الطائي الحاتمي بين الوجود والموجود . فالموجودات ليست موجودة بوجود حادث ، بل هي موجودة بالحق ، أما وجود خاص فليس لها ذلك .
وبكلام آخر : فالموجودات ليس لها وجود ، بل هي ثابتة في العدم لم تفارقه .
وقد يطلق ابن العربي الطائي الحاتمي على الموجودات أحيانا صفة الوجود ، ولكن يجب أن نفهم إطلاقه هذا محض اشتراك لفظي لا معنوي .
فالوجود للحق و العدم للممكن . ومن هنا برزت كل الصفات التي ألحقها بلفظ الوجود ، لتعبر عن وجود الممكن ، في مقابل الوجود الحقيقي ، أو الوجود المطلق والصرف الذي هو للحق . مثلا :
الوجود الخيالي ، الوجود الإضافي ، الوجود المقيد ، الوجود الإمكاني ، الوجود المستفاد ، الوجود المستعار ، الوجود المجاز وما إلى ذلك من عبارات تدل على طبيعة الممكن ."

وهكذا بين الشيخ ابن العربي أن وجود المخلوقات ، ثابتة في العدم لم تفارقه ،  لافتقارها الدائم المستمر إلى الحق ، من حيث إنه خالق على الدوام ، ويكون وجودها هو وجود الحق ليس إلا.
 

مصطلح المعصية - العصيان
في اللغة :" معصية : 1. مخالفة الأمر والخروج عن الطاعة .


في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام أبو حامد الغزالي:
" المعصية : هي حجاب ، ولا يرفعها إلا التوبة ، والخروج من المظالم ، وتصميم العزم على ترك العود ، وتحقيق الندم على ما مضى ، ورد المظالم ، وإرضاء الخصوم ".

يقول الشيخ إبن عطاء الله السكندري:
" المعصية : هي أسباب التفرقة ووسائلها فلذلك نهي عنها ".

يقولالشيخ أحمد زروق :
 " المعصية : هي مخالفة أمر الله الواجب ".


يقول الشيخ محمود أبو الشامات اليشرطي:
" المعصية : هي الغفلة عن الله تبارك وتعالى ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في أصل المعاصي:
" أصل المعاصي في العباد يستند إلى نسبة إلهية ، وهي أن الله هو الآمر عباده والناهي تعالى ، والمشيئة لها الحكم في الأمر الحق المتوجه على المأمور ، أما بالوقوع أو بعدم الوقوع ، فإن توجهت بالوقوع سمي ذلك العبد طائعا ، ويسمى ذلك الوقوع طاعة وإن لم تتوجه المشيئة بوقوع ذلك الأمر عصت الإرادة الأمر ، وليس في قوة الأمر الحكم على المشيئة فظهر حكم المشيئة في العبد المأمور ، فعصى أمر ربه أو نهيه وليس ذلك إلا للمشيئة الإلهية ".

ويقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" الرضا عن النفس : أصل كل معصية وغفلة وشهوة ".

ويقول الشيخ حاتم الأصم :
" اصل المعصية ثلاثة أشياء : الكبر ، والحرص ، والحسد ".


يقول الشيخ أبو عبد الله بن خفيف الشيرازي في عصيان الأنبياء:
" عصيان الأنبياء سبب لقربتهم ، وفوائد لأمتهم ، ولا يسمون عصاة بعصيانهم بل نقول: عصى آدم ، ولا نقول : هو عاص ".
 
يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام " وعصى آدم ربه ":
" طالع الجنان بعينه فنودي عليه إلى يوم القيامة : " وعصى آدم ربه " ، ولو طالعها بقلبه لنودي عليه بالهجران أبد الأبد ".

ويقول الشيخ إبن عطاء الأدمي :
" اسم العصيان مذمة إلا أن الاجتباء والاصطفاء منعا أن يلحق آدم اسم المذمة بحال ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" قال بعضهم : الطاعة تجر إلى النور ، والمعصية تجر إلى النار ، والنور أشد إحراقا ".

يقول الشيخ حسين الحصني الشافعي
العاصي : هو من امتثل وتابع أوامر الحق تعالى بباطنه دون ظاهره .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 15:56 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 5:18 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب.) .

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
هذا فص الحكمة الداودية ، ذكره بعد حكمة سليمان عليه السلام ، لأنه أبوه فذكره بعده وكان القياس تقديم ذكر الأب على الابن ، لأنه أصله لما وهبه اللّه تعالى لأبيه وجمع سر الخلافة الإلهية فيه وفهمه الحكمة وحققه بالرحمة كان عمل أبيه الصالح المقدم بين يديه .
والمشار به إليه قال تعالى :"وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"( 30 ) [ ص : 30 ] .
وقال تعالى :" فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً " [ الأنبياء : 79 ] ، فقد سبق أباه بالفهم وضرب له في مقام المظهرية الإلهية بأوفى سهم .
(فص حكمة وجودية) ، أي منسوبة إلى الوجود (في كلمة داودية) إنما اختصت حكمة داود عليه السلام بكونها وجودية لأنها كانت بتصرف الوجود في الوجود ، ولهذا ورد التصريح لها بالخلافة دون آدم عليه السلام ولين لها الحديد وأوّبت معها الجبال لكما اتصالها بالوجود عن تحقق كشف وشهود انفصالها عن حكم الأعيان الثابتة الظاهرة بنور الحق سبحانه فكأنها نفس النور الوجودي من كمال المقام الشهودي .

قال رضي الله عنه :  (اعلم أنّه كانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهيّا ليس فيها شيء من الاكتساب أعني نبوّة التّشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السّلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها جزاء فإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال . فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] يعني لإبراهيم الخليل - عليه السّلام - وقال في أيّوب - عليه السّلام -وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ [ ص : 43 ] ؛ وقال في حقّ موسى - عليه السّلام -وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا( 53 ) [ مريم : 53 ] إلى مثل ذلك . فالّذي تولّاهم أوّلا هو الّذي تولّاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلّا اسمه الوهّاب .)

(اعلم) يا أيها السالك (أنه) ، أي الشأن لما كانت النبوّة والرسالة في النبي والرسول (اختصاصا إلهيا) ، أي مجرد خصوصية يختص اللّه تعالى بها من يشاء من عباده (ليس فيها) ،
أي في النبوّة وكذلك الرسالة (شيء من الاكتساب) ، أي التحصيل بالسعي أصلا (أعني) بالنبوّة (نبوّة التشريع) ، أي المقتضية لتشريع الشرائع الإلهية وتكليف العباد بها احترازا عن نبوّة الخبر كالإلهام في حق الأولياء والوحي الوارد للنحل والأرض كما قال تعالى :وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ[ النحل : 68 ] ، وقال سبحانه :يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ( 4 ) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها( 5 ) [ الزلزلة : 4 - 5 ] .

وقوله تعالى : وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ [ القصص : 7 ] ، وغير ذلك فإنه كان بمعنى وحي الإلهام ونبوّة الخبر دون وحي النبوّة ونبوّة التشريع (كانت عطاياه تعالى لهم) ، أي للأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) غير النبوّة والرسالة (من هذا القبيل) ، أي من قبيل نبوّتهم ورسالاتهم مجرد اختصاصات إلهية ومحض (مواهب) رحمانية (ليست جزاء) منه تعالى لهم على عمل أصلا (ولا) هي عمل منه تعالى (يطلب) بالبناء للمفعول (عليها) ،
أي على تلك العطايا (منهم) ، أي من الأنبياء عليهم السلام (جزاء) ، لأن اللّه تعالى غني عن العالمين (بإعطائه) تعالى (إياهم) ، أي للأنبياء عليهم السلام تلك العطايا (على طريق الإنعام) منه سبحانه (والإفضال) ، أي الإحسان والتكرم .
(فقال) تعالى ("وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ " )[ الأنعام : 84 ] ابن إسحاق (يعني لإبراهيم الخليل) عليه السلام (وقال) تعالى (في أيوب) عليه السلام (" وَوَهَبْنا لَهُ") ،

أي لأيوب عليه السلام (أَهْلَهُ)، وهم أولاده وزوجاته فقيل : إن اللّه تعالى أحياهم له (وَمِثْلَهُمْ)، أي أولاده وزوجاته مقدارهم أيضا (مَعَهُمْ) [ ص : 43 ] وقال تعالى أيضا (في حق موسى) عليه السلام : ("وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا")( 53 ) [ مريم : 53 ] ، فشد اللّه تعالى عضده به وقوّاه وجعل لهما سلطانا في الأرض (إلى مثل ذلك) كقوله تعالى في زكريا عليه السلام :وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى[ الأنبياء : 90 ] ، (فالذي تولاهم) ،

أي الأنبياء عليهم السلام يعني كان وليا لهم (أوّلا) فجعلهم بمحض فضله عليهم وإحسانه إليهم أنبياء ومرسلين (هو الذي تولاهم آخرا) ،
أي قام على نفوسهم بجميع ما اكتسبوا (في عموم أحوالهم) ظاهرا وباطنا من غير نسبة إلى نفوسهم عندهم أصلا (أو) في (أكثرها) ، أي أحوالهم ، وفي الأقل بنسبتها إلى نفوسهم عندهم ونفوسهم قائمة به سبحانه كما كان يقسم صلى اللّه عليه وسلم بقوله : « والذي نفسي بيده » رواه البخارى ومسلم .
(وليس) ذلك الذي تولاهم (إلا اسمه) تعالى (الوهاب) كما ورد فعله بذلك في الآيات المذكورة


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب
 
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فص حكمة وجودية ) أي فص الحكمة المنسوبة إلى الوجود الإنساني حاصلة ( في كلمة داودية ) أي في روح منسوبة إلى داود عليه السلام وإنما نسب الحكمة الوجودية إلى داود عليه السلام لأن المقصود من الوجود الإنساني الخلافة ولا يتم ذلك بكماله إلا بداود عليه السلام
لذلك ما ظهرت الخلافة في أحد مثل ظهورها في داود عليه السلام حيث خاطبه الحق
بقوله :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً بخلاف آدم عليه السلام فإنه ليس بهذه المثابة في التصريح فلا يظهر خلافة آدم بتمامه إلا بداود .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب ) أي لا يحصل بتعلق إرادة الإنسان ( أعني نبوة التشريع ) فالنبوة العامة لكونها لازمة للولاية الكسبية خارجة عن هذا الحكم ( كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل )

قوله رضي الله عنه  : ( مواهب ليست جزاء ولا يطلب عليها منهم جزاء فاعطاؤه تعالى إياهم على طريق الإنعام والإفصال ) بدل قوله من هذا القبيل على التفضيل ( فقال :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ *يعني لإبراهيم الخليل ، وقال في أيوب :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُم ْوقال في حق موسى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّاإلى مثل ذلك فالذي تولاهم أوّلا ) .
أي تولا بإعطاء كمالاتهم في الدنيا من غير كسب ( هو الذي تولاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرهم ) بإعطاء درجاتهم من غير كسب فكانت نعم اللّه عليهم في الدنيا والآخرة بطريق الإفضال لكونهم مظاهر اسمه الوهاب فلا ينفك تصرف الاسم الوهاب ولا الجواد عنهم ( وليس ) متوليهم ( إلا اسمه الوهاب ).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب).

قال رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء. فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك. فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)
قلت : استفتح كلامه في معنى قوله تعالى لداود، عليه السلام: ولقد آتينا داود منا فضلا (سبأ: 10) ولم يقل جزاء بل عطاء منه وموهبة .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)

17 - فصّ حكمة وجودية في كلمة داوودية
قال العبد : قد ذكرنا علَّيّة استناد الحكمة الوجودية إلى الكلمة الداودية في شرح الفهرست ، وفي شرح فصّ سليمان ، أنّه صورة كمال ظهور الوجود ، ونتمّمه إن شاء الله في شرح المتن .
" إنّما كانت حكمته وجودية لما تمّ في وجوده حكم الوجود العامّ في التسخير ، وجمع الله له بين الملك والحكمة والنبوّة ، ووهبه سليمان الذي آتاه التصرّف في الوجود على العموم ، وخاطبه بالاستخلاف ظاهرا صريحا ، فبلغ الوجود بوجوده كمال الظهور ."
قال رضي الله عنه : « اعلم : أنّه لمّا كانت النبوّة والرسالة اختصاصا إلهيّا ليس فيها شيء من الاكتساب ، أعني نبوّة التشريع ، كانت عطاياه - تعالى - لهم عليهم السّلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها منهم جزاء ، وإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال ،
فقال :  (وَوَهَبْنا لَه ُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ)  ، يعني لإبراهيم الخليل ،
 وقال في أيّوب : ( وَوَهَبْنا لَه ُ أَهْلَه ُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ )   ،
وقال في حق موسى :   ( وَوَهَبْنا لَه ُ من رَحْمَتِنا أَخاه ُ هارُونَ نَبِيًّا )   فالذي تولَّاهم أوّلا هو الذي تولَّاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلَّا اسمه « الوهّاب »
قال العبد : يشير رضي الله عنه بإسناد هذه الحكمة الوجودية إلى الكلمة الداودية ، إلى أنّ الكمال الوجوديّ والوجود الكماليّ إن يظهرا في أحدية جمع الجمع الإنساني الإلهي ، بالخلافة والنيابة الإلهية الكلَّية من حضرة الجواد الوهّاب ،

فإنّ الوجود فيض ذاتي جودي ، وهو نفس رحماني وجودي ، وهذا وإن ظهر في كل خليفة الله في أرضه وقطب قام بنيابته في نفله وفرضه في كل عصر ،عصر من الأنبياء والأولياء ، ولكن ظهوره في داوود عليه السّلام كان أتمّ وأبين ، بمعنى أنّ الله جمع له - صلوات الله عليه - بين الخلافة الحقيقية المعنوية الإلهية وبين الخلافة الظاهرة بالسيف والتحكيم الكلَّي في العالم.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
إنما خصت الكلمة الداودية بالحكمة الوجودية ، لأن الوجود إنما تم بالخلافة الإلهية في الصورة الإنسانية ، وأول من ظهر فيه الخلافة في هذا النوع كان آدم ، وأول من كمل فيه الخلافة بالتسخير داود حيث سخر الله له الجبال والطير في ترجيع التسبيح معه كما قال -   ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَه يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ والإِشْراقِ والطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَه أَوَّابٌ ) - وجمع الله به فيه بين الملك والخطاب والنبوة في قوله - ( وشَدَدْنا مُلْكَه وآتَيْناه الْحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ ) - وخاطبه بالاستخلاف ظاهرا صريحا هو داود عليه السلام . ولما كان التصرف في الملك بالتسخير أمرا عظيما لم يتم عليه بانفراده ، وهبه سليمان وشركه في ذلك لقوله -   ( ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وسُلَيْمانَ عِلْماً وقالا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي فَضَّلَنا ) - الآية ، وقال - ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وعِلْماً ) - فكان تتمة لكماله في الخلافة بما خصصه الله به من كمال التصرف في العموم فبلغ الوجود بوجود كماله في الظهور ، وهذا هو السر في اقتران الحكمة الداودية بالحكمة السليمانية ، وتقديم السليمانية على الداودية للمزية الظاهرة له بخصوصية ، فكأنها حكمة واحدة فيما يرجع إلى ظهور كمال الوجود ، وحكمتان في ظهور الرحمانية في الفرع ، إذ كل فرع فيه ما في الأصل وزيادة تخصه ، فقدم للزيادة وللتنبيه على أنهما حكمتان متميزتان بتقديم الآخر على الأول كما فعل الله بقصة البقرة .

قال رضي الله عنه :  ) اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب أعنى نبوة التشريع كانت عطاياه تعالى لهم عليهم الصلاة والسلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ولا يطلب عليها منهم جزاء ، فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال فقال : " ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ " يعنى لإبراهيم الخليل ، وقال في أيوب : " ووَهَبْنا لَه أَهْلَه ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ " . وقال في حق موسى :" ووَهَبْنا لَه من رَحْمَتِنا أَخاه هارُونَ نَبِيًّا " إلى مثل ذلك ،
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلا اسمه الوهاب)

اعلم أنه لما كان أصل الوجود الفائض على الأشياء من محض الجود كان كماله الذي هو الخلافة الإلهية أيضا من محض الجود ،
فكانت للنبوة والرسالة التي لا بد للخلافة الإلهية منهما مع التصرف في الملك بالتسخير اختصاصا إلهيا من حضرة اسم الجواد الوهاب ، ليس للكسب والعمل فيه مدخل لا أولا بأن يكون جزاء لعمل منهم ولا آخرا بأن يطلب منهم شكرا وثناء ، ويكون قضاء لحق النعمة عليهم ،
كما ذكر في الآيات المذكورة ، وإنما خصص النبوة بالتشريع احترازا عن نبوة الإنباء العام من البحث في معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله وآثاره ،
وعن علم الوراثة في قوله : « العلماء ورثة الأنبياء » . وقوله: " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " .

فإن تحصيل علوم النبوة بالكسب وبالعمل الذي يثمره في قوله عليه الصلاة والسلام:  « من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم » نوع النبوة الكسبية ،
فالذي تولاهم أولا بأن أعطاهم تفضلا من غير عمل منهم تولاهم آخرا بأن يحفظ عليهم تلك النعمة في جميع الأحوال أو أكثرها ويزيدها ولا يطلب منهم شكرها مع أنهم لا يخلون بالقيام عن شكرها ، لأن نشأتهم النبوية تعطيهم القيام بحقوق العبدانية على أكمل الوجوه ،
كما قال عليه الصلاة والسلام « أفلا أكون عبدا شكورا » .

 
ولهذا ذكر أنه أتى داود شكرا فضلا ولم يذكر أنه أعطاه ما أعطاه جزاء لعمله ولم يطلب منه جزاء على ذلك الفضل ، وإنما طلب الشكر بالعمل من آل داود على النعمة التي أنعم بها عليهم وعلى آل داود ، ولأن النعمة على الأسلاف نعمة على الأخلاف .
"" أضاف بالى زادة : فالعبد الشكور هو الذي شكر الله على ما أنعم من غير طلب من الله الشكر ، وأما الذي شكر عن طلب ربه فليس بعبد شكور ، فما كان الشكور من العباد إلا الأنبياء خاصة لورود النص في حقهم ، وأما غيرهم من المؤمنين وإن كانوا شاكرين لكنهم لا يكونون عبدا شكورا لعدم النص في حقهم ، نعم قد أنعم الله على بعض المؤمنين ببعض نعمة من غير طلب الشكر فتبرعوا بالشكر من عند أنفسهم ، فكانوا حينئذ عبدا شكورا ولم يأت النص به اهـ بالى.""
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
المراد بالحكمة الوجودية حكمة وجود العالم الإنساني ، لا مطلق الوجود ،  فإنه غير مختص بشئ من الأشياء فضلا عن أن يكون مختصا بنبي من الأنبياء .
ولما كان آدم ، عليه السلام ، أول الأفراد ولم يظهر فيه إلا ما يقتضيه تعينه من  جمعية الحقيقة الإنسانية ، وما يليق باستعداده واعتدال مزاجه الشخصي ، وما أمكن ظهور مقام الخلافة بتمامه فيه ، كما لم يظهر مقام الرسالة أولا إلا في نوح عليه السلام ، فكان أول المرسلين - ظهرت آثار تلك الجمعية وأحكامها في كل من الأنبياء بالتدريج حتى ظهرت بتمامها في داود ، عليه السلام ، وكملت في ابنه سليمان ، عليه السلام .
ولاشتراكهما في هذه الجمعية ، شركه الحق في ذلك بقوله : ( ولقد آتينا داود وسليمان علما ) .
وبقوله : ( يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ ) .

وقال رضي الله عنه : ( وكلا آتيناه حكما وعلما ) . وقالا شكرا لتلك النعمة :  ( الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ) .
ولكون داود ، عليه السلام ، أول من ظهر فيه أحكام الخلافة بتمامها ، صرح الحق بخلافته ، ولم يصرح في آدم مخاطبا
فقال رضي الله عنه  : ( يا داود ، إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) .
فناسب أن يقرن الحكمة الوجودية الخصيصة بالإنسان بهذه الكلمة الداودية .  والله أعلم .

( اعلم ، أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شئ  من الاكتساب ، أعني نبوة التشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم ، عليهم السلام ، من هذا  القبيل ) أي ، من قبيل الاختصاص والامتنان : ( مواهب ليست جزاء ولا يطلب عليها منهم جزاء . فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال )

قد تقدم مرارا أن الحق تعالى لا يعطى أعيان العالم إلا ما يقتضيه بأعيانها واستعداداتها الثابتة في
حال عدمها . فالنبوة والرسالة اللتان هما اختصاص إلهي في حق المصطفين من عباده وإن كان بحسب العناية الإلهية ، لكنها أيضا ترجع إلى أعيانهم .
كما قال في  ( الفص الشيثي ) . إلا أنه من جهة العبد عناية من الله سبقت له ، هي من جملة أحوال عينه يعرفها صاحب هذا الكشف .

فقوله  رضي الله عنه : ( اختصاصا إلهيا ) لا ينافي اقتضاء أعيانهم ذلك ، بل الاقتضاء علة الاختصاص في الفيض المقدس ، وفي الفيض الأقدس علة اقتضاء الأسماء الأول ، فلا يرد .
والغرض أنهما ليستا مكتسبتين بالأعمال والعبادات ، فهما  موهبتان من الله تعالى من حيث اسمه ( الوهاب ) و ( الجواد ) .
وليستا جزاء لعمل ، ولا يطلب الحق عليهما منهم جزاء ، أي عملا على إزائهما ، أو شكرا وثناء على عطائهما .

فإعطاؤه ، أي إعطاء الحق ، إياهم النبوة والرسالة على طريق الإنعام عليهم والإفضال في حقهم .  ( فإعطاؤه ) إضافة إلى الفاعل ، وأحد المفعولين محذوف .
وإنما قيد ( نبوة التشريع ) ، لأن النبوة العامة التي تلزم الولاية خارجة عن هذا الحكم ، فإن الولاية في المحبين مكتسبة وفي المحبوبين غير مكتسبة .
وفي الجملة ، للكسب مدخل في الإنباء العام . ومعنى ( الكسب ) تعلق إرادة الممكن بفعل ما دون غيره ، فيوجده الاقتدار الإلهي عند هذا التعلق ، فسمى ذلك ( كسبا ) .
هذا كلام الشيخ رضي الله عنه  : ذكره في الجلد الأول من فتوحاته في المسائل .
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال : " ووهبنا له إسحاق ويعقوب " يعنى لإبراهيم الخليل ، عليه السلام ، وقال في أيوب ، عليه السلام : " ووهبنا له أهله ومثلهم معهم " . وقال في حق موسى ، عليه السلام : " ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا " إلى مثل ذلك . فالذي تولاهم  أولا ، هو الذي تولاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرها . )
أي ، الذي تولاهم أولا وأوجدهم من غير عمل سابق وكسب ، وجعلهم أنبياء مرسلين وتمم عليهم
نعمة ، تولاهم آخرا بحفظ تلك النعم عليهم وإيصالهم إلى كمالاتهم المقدرة  لهم .
أو تولاهم أولا حال إفاضة أعيانهم الثابتة بحيث كانت مستعدة لهذه النعم  وقابلة طالبة لها ، تولاهم آخرا بإيجادهم على مقتضى تلك الأعيان .
وإنما قال رضي الله عنه : ( في عموم أحوالهم أو أكثرها ) لئلا يلزم وجوب كونهم في جميع الأحوال كذلك .
( وليس ) ذلك المتولي . ( إلا اسمه "الوهاب" .) ) أي ، فلم يقرن الحق ما أعطاه لداود جزاء ، أي عملا ، يطلب الحق إياه من داود ، عليه السلام .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 15:58 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 5:36 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)
 
الفص الداودي
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالكمالات الوجودية المذكورة ، التي لأجلها كان كل الوجود ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى داود عليه السّلام ؛ لجمعه بين كمال النبوة بما أوتي من الحكمة ، وفصل الخطاب ، وكمال الولاية بما أوتي من تأويب الجبال والطير معه في التسبيح ، وكمال الخلافة بالتنصيص الإلهي عليها دون خلافة آدم وسائر الخلفاء من ذريته ، وكمال الهيئات الخاصة كسليمان عليه السّلام .


(اعلم أنّه كانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهيّا ليس فيها شيء من الاكتساب أعني نبوّة التّشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السّلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها جزاء ؛ فإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال ، فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] يعني لإبراهيم الخليل عليه السّلام ، وقال في أيّوب عليه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ[ ص : 43 ] ؛ وقال في حقّ موسى عليه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا[ مريم : 53 ] إلى مثل ذلك ؛ فالّذي تولّاهم أوّلا هو الّذي تولّاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلّا اسمه الوهّاب ) .

 
فأشار أولا إلى أن هذه الأمور بلغت أولا من الكمال بحيث لا يقابلها شيء ، فلا يقع جزاء على شيء ، ولا يطلب صاحبها بعمل أو شكر ، فقال : ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيّا ) لعبده ابتداء بتكميله بطريق الجذب ( ليس فيها شيء من الاكتساب ) ، وإلا كان الكسب علته ، وهي أعلى من المعلول ، فلا يكون هذا من الكمالات المطلقة التي هي المقصودة بالذات .

ثم فسّر النبوة بقوله : ( أعني نبوة التشريع ) ؛ ليشير إلى أنها وإن كانت أدنى من ولاية النبي ونبوته العالية ؛ فهي لا تكون إلا لمن يكون جامعا للولاية والنبوة العالية ، فهي نهاية الكمالات باعتبار انضمامها معهما ، وهذا لازم لها ، فكأنها أكمل الأشياء بالذات ( كانت عطاياه تعالى لهم عليه السّلام من هذا القبيل ) .

أي : الاختصاص الإلهي ليست في مقابلة شيء سابق أو لا حق ، فكانت ( مواهب ليست جزاء ) على ما سبق منهم ، وإلا لاستحقه من سبق له مثله ، فيلزم أن يساويهم آحاد أممهم في ذلك ، ( ولا يطلب عليها جزاء ) من عمل أو شكر ؛ لأنه إن طلب ما لا يكافئها ، فلا يليق بالحكم الجواد ذلك ، وإن طلب المكافئ عجزوا في جميع وجوهها بخلاف ( إعطائه ) في حسنات غيرهم عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فصاعدا ،

فإن في ذلك وجه مقابلة العمل في الجملة ؛ ولذلك لم يكن هذا ( كإنعامه ) على سائر العمال في التضعيف بل بطريق ( الإفضال ) لهم على غيرهم من كل وجه .
واستدل على هذا بالاستقرار لما ورد في عطاياهم إذ نسب جميعها إلى اسمه الوهاب الذي لا يكون عطاؤه في مقابلة شيء أصلا بقوله : فقال :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] ، ولما توهم عود الضمير إلى داود لسوقه نص الكلام في حقه فسره بقوله :
( يعني لإبراهيم الخليل ) ، ( وقال في حق أيوب :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) [ ص : 43] ،
(  وقال في حق موسى عليه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا[ مريم : 53 ] إلى مثل ذلك ، كقوله :وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ[ ص : 30 ] ،

وإذا كانت عطاياهم كنبوتهم في امتناع دخول الكسب فيهما ، ( فالذي تولاهم ) من أسماء اللّه تعالى ( أولا ) بإعطاء النبوة ( تولاهم آخرا ) بإعطاء المواهب ( في عموم أحوالهم أو أكثرها ) تردد لجواز أن يكون لهم أعمال يجزون عليها بمقدار ما يجزى به الكل في أممهم في التضعيف لا أزيد منه ، ( وليس ذلك ) المتولي ( إلا الاسم الوهاب ) ،
وإن اقتضى كل عطاء اسما خاصّا ، وأيضا وإن كان لكل نبيّ اسم كلي إلهي خاص لا يكون لغيره إلا أنها في الهبة راجعة إلى هذا الاسم ، لكن إنما يعلو عطاؤه بمساعدة تلك الأسماء ، وإلا نقص بقدر عدم مساعدتها .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)
 

17 - فصّ حكمة وجوديّة في كلمة داودية

ويلوّح على تلك النسبة بيّنات عددهما.
النبوّة والرسالة اختصاص إلهي ، لا كسبي
وبيّن أن مراتب كمال العباد ومدارج ترقّيهم فيه ضربان :
أحدهما : ما يصلح لأن تحصل لهم وراثة من أعمالهم المعدّة لهم في استحصاله ، كاستفاضة المعارف واستعلام الحقائق واستجلاب تطوّرات الأحوال وفنون الأذواق بضرب من الأفكار الصافية والتوجّهات الخالصة عن الشوائب المشوّشة .
وثانيهما : ما لا يصلح لأن يكون من العبد عمل يوازيه ، ويورث ذلك ، لجلالة شأنه عن رتبة العبد بما هو عبد ، واختصاصه بالحق ، كالرسالة والنبوّة التشريعيّة ،
ولما كان من مقتضى الكلمة الداوديّة ومؤدّى كمالاته الخصيصة به أمر الخلافة وكمالها الذي هو الرسالة والنبوّة التشريعيّة ،
صدّر الفصّ بتحقيقها قائلا : ( اعلم أنّه لما كانت النبوّة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب - أعني نبوة التشريع - ) ، وهو وضع الصور الجزئيّة والأحكام التكليفيّة - الكاشفة عن الأمر وتفصيله - على ما هو حقّ الإنباء وكماله .
وقد احترز به عن نبوّة تعريف الحقائق الكليّة وتبيين العلوم الإلهيّة - مما يمكن اكتسابه بوراثة الأعمال الفكرية والمهيّجات الذوقيّة ، كما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم :
" من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم " أو بقرب نسبة الأنبياء ووراثتهم ذلك منهم ، كما قال: " العلماء ورثة الأنبياء " .
وذلك لأنّه قد يستحصل كليّات الحقائق الأسمائيّة والمعارف الإلهيّة الجمليّة بالفكر وسائر ضروب التوجّهات وفنون التعمّلات ، دون جزئيّات تفاصيل  تلك الحقائق ، على طبق ما في العين من الأشخاص الخارجيّة .
 

فإنّ ذلك من الخصائص الإلهيّة التي إنما يتحقّق بها العبد بطريق الوهب فقط وبيّن أن حكم الأصول الكليّة يسري في الفروع وجزئيّاتها ، فلذلك ( كانت عطاياه لهم من هذا القبيل : مواهب ليست جزاء ) لسوابق أعماله الوارثة لها ( ولا يطلب عليها منهم جزاء ) بلواحق شكره المستجلبة للمزيد عليها .


( فإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال ) بدون سوابق مقتضيات ولا لواحقها
( فقال : “  وَوَهَبْنا لَه ُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ “  [ 6 / 84 ] يعني لإبراهيم الخليل ، وقال في أيوب : “  وَوَهَبْنا لَه ُ أَهْلَه ُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ “ [ 38 / 43 ] ، وقال في حقّ موسى : “  وَوَهَبْنا لَه ُ من رَحْمَتِنا أَخاه ُ هارُونَ نَبِيًّا “ [ 19 / 53 ] ، إلى مثل ذلك ) مما حصل لسائر الأنبياء من جلائل النعم ودقائقها بطريق الوهب ، على ما نصّ عليه في كلامه .
وفي هذه الآيات الكريمة ما يكشف عن كمال تحقّق الخليل وبلوغه فيه مبلغ التمام ، حيث أنّ موهوبه ليست فيه نسبة ولا غيبة مما هو مقتضى السلوب والإضافات ، بل محض الوجود - كما اطَّلعت عليه في فصّه ، فتذكَّر .

( فالذي تولَّاهم أوّلا ) في كليّة أمرهم - أعني النبوّة التشريعيّة - ( هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم ) الجزئيّة ( أو أكثرها ) ، فإنّه يمكن أن يكون بعض تلك الجزئيّات بالكسب ولكن على سبيل الندرة . 
ويعلم من هذا الكلام وجه امّية الخاتم ، ومعنى قوله : "أنتم أعلم بأمور دنياكم " .
( وليس ) ذلك المتولي أوّلا وثانيا ( إلا اسمه الوهّاب ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)

الفصّ الداودي
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّه كانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهيّا ليس فيها شيء من الاكتساب أعني نبوّة التّشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السّلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها جزاء فإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال . فقال تعالى : "وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ"[ الأنعام : 84 ] يعني لإبراهيم الخليل عليه السّلام وقال في أيّوب عليه السّلام : وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ"[ ص : 43 ] ؛)

فص حكمة وجودية في كلمة داودية
إنما وصف الحكمة المودعة في الكلمة الداودية بالوجودية ، لأن المراد بالوجودية إما معناه المشهور أو بمعنى الوجدان وعلى كل من التقديرين فلوصف الحكم الداودية بالوجودية به نوع اختصاص ، أما على الأول فلأن المراد بالوجود الإنساني الكمالي لا مطلقا إذ لا اختصاص له بشيء ، وكمال الوجود الإنساني إنما هو بظهور حقائق الخلافة بتمامها ،

وهي قد ظهرت فيما تقدم من الأنبياء بالتدريج حتى ظهرت بتمامها في داود عليه السلام كلمة ابنه الذي هو منه ، وأما على الثاني فلأن داود عليه السلام إنما وجد هذا الحكم بمجرد الوهب من غير تجشم كسب كما سيأتي فتكون حكمة وجدانية محضة لا دخل فيها للتعمل والكسب حتى لا يصح استنادها إليه إلا بأنه وجدها لا بأنه اكتسبها إلى غير ذلك من العبارات .

( اعلم ) أيها الطالب المسترشد ( أنه لما كانت النبوة والرسالة ) التي هي خصوص مرتبة في النبوة ( اختصاصا إلهيا ليس ) يجزي ( فيها شيء من الاكتساب أعني ) بالنبوة المحضة ببعض العمل اختصاصا إلهيا ( نبوة التشريع كانت عطاياه تعالى لهم ) ، أي للأنبياء ( عليهم السلام من هذا القبيل ) ، أي من قبيل الاختصاص والامتنان ( مواهب ليست جزاء ) لعمل من أعمالهم ( ولا يطلب عليها منهم جزاء فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال ) ، ولذلك عبر سبحانه عن هذا الإعطاء بالهبة التي لا يطلب عليها عوض ولا عرض ( فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] ، يعني ( لإبراهيم الخليل عليه السلام وقال في أيوب عليه السلام :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ[ ص : 43 ] ، وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) سورة ص


قال رضي الله عنه :  (وقال في حقّ موسى عليه السّلام وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا( 53 ) [ مريم : 53 ] إلى مثل ذلك . فالّذي تولّاهم أوّلا هو الّذي تولّاهم [ آخرا ] في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلّا اسمه الوهّاب . )

وقال في حق موسى عليه السلام : "وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا"( 53 ) [ مريم : 53 ] ) ، متضمنا ذلك الوهب الإلهي المذكور في هؤلاء الأنبياء ( إلى مثل ذلك ) الوهب بالنسبة إلى من عداهم ( فالذي ) ، أي الاسم الذي ( تولاهم أولا ) حيث اختصهم بالنبوة والرسالة ( هو ) بعينه الاسم ( الذي تولاهم ) ثانيا بعد اختصاصهم بهما ( في عموم أحوالهم وأكثرها وليس ذلك ) الاسم المتولي ( إلا اسمه الوهاب ) .
ثم لما بين ذلك المعنى في بعض الأنبياء أراد أن ينتقل إلى داود عليه السلام الذي هو المقصود بالذكر ههنا فقال :

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 15:58 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 6:43 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.  فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وقال في حقّ داود - عليه السّلام – "وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا "[ سبأ : 10 ] فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الّذي ذكره جزاء . ولمّا طلب الشّكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرّض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود .   فهو في حقّ داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حقّ آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ" [ سبأ : 13] .
وإن كانت الأنبياء عليهم السّلام قد شكروا للّه على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك على طلب من اللّه ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتّى تورّمت قدماه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر . فلمّا قيل له في ذلك قال : « أفلا أكون عبدا شكورا » ؟ وقال في نوح :" إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً " [ الإسراء : 3 ] . والشّكور من عباد اللّه تعالى قليل . فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود - عليه السّلام - أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال . فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم ، وهي الدّال والألف والواو).
 
قال رضي الله عنه :  (وقال) تعالى (في حق داود) عليه السلام " وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا " [ سبأ  : 10] ،
أي فضيلة على جميع أهل زمانه بمزايا اختصه بها وعطايا منحه إياها (فلم يقرن) ، أي اللّه تعالى في كلامه (به) ، أي بذلك الفضل الذي ذكر سبحانه أنه آتاه لداود عليه السلام (جزاء) من شكر ونحوه (يطلبه) سبحانه وتعالى (منه) ، أي من داود عليه السلام في مقابلة ما آتاه (ولا أخبر) تعالى (أنه) سبحانه (أعطاه) ، أي أعطى داود عليه السلام (هذا) الفضل (الذي ذكره) سبحانه (جزاء) لداود عليه السلام على عمل سبق له .
قال رضي الله عنه :  (ولما طلب) تعالى (الشكر على ذلك) الفضل الذي آتاه لداود عليه السلام (بالعمل) الصالح (طلبه) ، أي ذلك الشكر (من آل) ، أي قوم (داود) عليه السلام ، وهم المتبعون له من أهله وأعوانه (ولم يتعرض) سبحانه (لذكر داود) عليه السلام بطلب شكر منه ولا غيره (ليشكره) تعالى (الآل) ، أي آل داود عليه السلام (على ما أنعم به) سبحانه وتعالى (على داود) عليه السلام من الفضل (فهو) ، أي ذلك الفضل (في حق داود) عليه السلام (عطاء نعمة) من اللّه تعالى عليه (وإفضال) ، أي إحسان إليه (وفي حق آله) ، أي آل داود عليه السلام (على) وجه (غير ذلك) الوجه وهو كونه (لطلب المعاوضة) من الآل وهي الشكر بالعمل الصالح .
 
قال رضي الله عنه :  (فقال تعالى) في ذلك الطلب : ("اعْمَلُوا آلَ") بحذف حرف النداء والتقدير (يا آل داود عليه السلام شكرا) ، أي عملا شكرا وهو المنظور فيه إلى اللّه تعالى العامل له لا إليه (" وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ") [ سبأ : 13 ] .
أي من يظهر هذا الاسم الإلهي فيه عند العمل فيعبد اللّه كأنه يراه فيكون شاكرا والشاكر من أسماء اللّه تعالى أيضا قال تعالى :" اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ " [ البقرة : 158 ] ، ثم إنه لا يرى اللّه تعالى فيراه اللّه تعالى بما يرى به نفسه فيكون شكورا وهو القليل من العباد (وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا للّه على ما أنعم به عليهم) .
 
من أنواع النعم (ووهبهم) من الهبات الكثيرة في ظواهرهم وبواطنهم (فلم يكن ذلك) ، أي الشكر منهم (عن طلب من اللّه) تعالى (بل) هم (تبرعوا بذلك) الشكر من تلقاء نفوسهم الفاضلة (كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) من الليل (حتى تورمت قدماه) من كثرة التهجد (شكرا) .
أي على وجه الشكر للّه تعالى (لما) ، أي لأجل أنه (غفر اللّه) تعالى (له) ، أي لنبينا صلى اللّه عليه وسلم (ما تقدم من ذنبه وما تأخر) ،أي إلى آخر عمره عليه السلام (فلما قيل له في ذلك).
أي لم تفعل كذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال صلى اللّه عليه وسلم أفلا أكون عبدا للّه تعالى من حيث الصورة شكورا من حيث القيام بهذا الاسم الإلهي والتحقق به وقال اللّه تعالى في حق نوح عليه السلام إنه ، أي نوحا عليه السلام كانَ عَبْداً شَكُوراً[ الإسراء : 3 ] ، أي كلاما متحققا بنفسه وبربه والعبد الشكور ، كما ذكرنا من عباد اللّه تعالى قليل كما هو في الآية المذكورة .
 
قال رضي الله عنه :  (فأول نعمة أنعم اللّه) تعالى (بها على داود) عليه السلام (أن أعطاه) تعالى (اسما) سماه به (ليس فيه حرف من حروف الاتصال) ، أي متصل مع الحرف الآخر بل كل منه منفصل عن الآخر وهو اسم داود عليه السلام فقطعه اللّه تعالى عن التعلق بشيء من العالم المحسوس والمعقول بذلك الاسم إخبارا منه تعالى (لنا) معشر هذه الأمة عنه ، أي داود عليه السلام (بمجرد هذا الاسم ) الذي سماه به في الكتاب والسنة (وهي) ، أي حروف الاسم المذكور (الدال) المهملة (والألف والواو) فهي ثلاثة حروف من غير تكرار ، ومع التكرار خمسة حروف الدالان والواوان والألف ،
وقد حذفت من الكتابة إحدى الواوين لأنها جوفية فناسب استتارها مع وجودها في النطق ، كما حذفت في نظائره كطاوس وناوس ، فأوّل اسمه حرف في آخر اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وآخر اسمه كذلك نظير ظهوره عليه السلام بالصورة المحمدية ، وفي وسط اسمه ثلاثة حروف من حروف العلة أحدها مكرر وهو الواو نظير النفس والعقل فإنهما ملكوتيان مستتران بالصورة الجسمانية الملكية ، وأحدهما مستتر في الآخر صورة وظاهر حركة وتدبيرا نظير الواو ، والمحذوف في الخط والحرف الآخر الألف نظير الروح المنفوخ من عالم الأمر الإلهي ،
 
فالصورة في الحضرة العلمية ثابتة نظير الدال الأولى ، والروح والعقل والنفس نظير الألف ، والواوين أوّل ما ظهر من تلك الصورة الثابتة في العالم على الترتيب ، ثم ظهرت تلك الصورة وهي الدال الثانية ، وعندنا كلام آخر في الاسم من حيث دال الوجود المطلق يطول ذكره ، ومن حيث واو الهوية ومن حيثيات أخر .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قوله رضي الله عنه  : (وقال في حق داود عليه السلام :وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا) الحق ( به ) أي بإعطائه لداود عليه السلام ( جزاء ) أي عملا ( يطلب منه ) .
أي بطلب الحق ذلك العمل من داود عليه السلام ( ولا أخبر ) الحق ( أنه ) أي الفاضل ( أعطاه ) أي أعطى الحق لداود عليه السلام ( هذا ) مبتدأ ( الذي ذكره ) صفة ( جزاء ) خبره أي ولا أخبر الحق أن الفضل الذي أعطى لداود عليه السلام جزاء من عمل داود عليه السلام .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما طلب الشكر على ذلك بالعمل طلبه ) أي طلب الحق ذلك الشكر ( من آل داود عليه السلام ولم يتعرض لذكر داود عليه السلام ) في طلب الشكر ( ليشكره ) يتعلق بطلبه أي إنما طلب الحق الشكر من آل داود ليشكر ( الآل ) الحق ( على ما أنعم به على داود ) عليه السلام حتى يزيد نعم اللّه على عباده بالشكر لقوله تعالى :لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ[ إبراهيم : 7 ] .
فكان طلب الشكر من العباد نعمة وعطاء محضا من اللّه على عباده فإعطاء النعمة على العباد أحب إليه تعالى لذلك طلب الشكر الذي يزيد به النعمة فالشكر أحب الأعمال إلى اللّه تعالى فإذا لم يطلب على ما أنعم به على داود عليه السلام من داود عليه السلام جزاء .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو ) أي ذلك الفضل ( في حق داود عليه السلام عطاء نعمة وإفضال ) فإذا طلب على ذلك من آله جزاء لم يكن النعمة في حق آله إفضالا لذلك قال : ( وفي حق آله على غير ذلك ) بالإعطاء والإفضال ( لطلب المعاوضة ) في حق آله دون داود عليه السلام ( فقال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) أي أشكروا اللّه يا أمة محمد على ما أنعمت به على نبيكم محمد عليه السلام كما شكر آل داود عليه السلام على ما أنعمت به على نبيهم داود عليه السلاموَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُوهو بيان لعظمة شأن الشكر عند اللّه فلا يصل إلى مرتبة الشكر من العباد إلا قليل.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الأنبياء قد شكروا اللّه على ما أنعم به عليهم ) الحق ( ووهبهم ) من الرسالة والنبوة والكمالات المختصة بهم ( فلم يكن ذلك ) الشكر منهم ( عن طلب من اللّه بل تبرعوا بذلك ) الشكر ( من نفوسهم كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى تورّمت قدماه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلما قيل له في ذلك ) يعني قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن اللّه غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فلم فعلت ذلك الفعل الشاق.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أفلا أكون عبدا شكورا ) لعلمه أن الشكر أعظم منزلة عند اللّه فالعبد الشكور من خواص عباده تعالى لذلك قال قل الشكور فطلب رسول اللّه والأنبياء كلهم أن يكون عبدا شكورا .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال في نوح عليه السلام :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراًوالشكور من عباد اللّه قليل ) فالعبد الشكور هو الذي شكر اللّه على ما أنعم اللّه به عليه من غير طلب من اللّه الشكر وأما الذي شكر عن طلب من اللّه فهو ليس عبدا شكورا فما كان الشكور من عباد اللّه إلا الأنبياء عليهم السلام خاصة لورود النص في حقهم .
وهو قوله تعالى في حق نوح عليه السلام :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُور اًو قول الرسول عليه السلام : « أفلا أكون عبدا شكورا » وأما غيرهم من المؤمنين وإن كانوا شاكرين لكنهم لا يكونون عبدا شكورا لعدم ورود النص في حقهم نعم قد أنعم على المؤمنين بعض نعمة من غير طلب الشكر فتبرعوا الشكر من عند أنفسهم فكانوا حينئذ عبدا شكورا لكن الكلام في النص الإلهي.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال ) والاتصال يعتبر إلى البعد فهذه الحروف لا تتصل إلى حرف بعدها ويتصل بها غيرها قبلها فهذه الحروف تنقطع عن الحروف الباقية وتتصل الحروف الباقية إليها فداود عليه السلام ينقطع عن العالم أي لا يميل إليه والعالم يتصل إليه لذلك ترجع الجبال معه.
( فقطعه ) أي قطع الحق داود عليه السلام ( عن العالم بذلك ) أي بإعطاء ذلك الاسم له فكان هذا الاسم سببا لقطعه تعالى عن العالم وإنما فعل الحق ذلك في حق داود عليه السلام ( إخبارا ) أي للإخبار ( لنا عنه ) أي عن العالم ( بمجرد هذا الاسم ) المنقطع الحروف قوله بمجرد يتعلق بإخبارا ( وهي الدال والألف والواو ) فلما أعطاه ذلك علمنا منه أن اللّه قد قطعه عن العالم بدون مجاهدة وكسب من داود عليه السلام فكان ذلك القطع عطاء نعمة وإفضال من اللّه على داود عليه السلام .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قال رضي الله عنه : (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود. فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور». وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟ وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل. فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قلت : استفتح كلامه في معنى قوله تعالى لداود، عليه السلام: ولقد آتينا داود منا فضلا (سبأ: 10) ولم يقل جزاء بل عطاء منه وموهبة .
ولذلك لم يأمره بالشكر بل قال اعملوا آل داود شكرا، وآل داود غیر داود 
قال: وشكر الأنبياء لربهم تبارك وتعالى، هو تبرع منهم ولم يكلفوا به، ثم ذكر أمورا ظاهرة من كلامه، ومن جملتها ما ذكره من قوله تعالى: "وألنا له الحديد" (سبأ: 10) إن الحديد هنا هي قلوب قاسية كالحديد فألانها الله تعالى لداود حتى اطاعته تلك القلوب.
"وألنا له الحديد" إن الحديد هنا هي قلوب "بعض" العباد قاسية كالحديد فألانها الله تعالی لداود حتى اطاعته تلك القلوب..


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داوود عليه السّلام :   ( وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا )   فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء ، ولمّا طلب الشكر على ذلك بالعمل ، طلبه من آل داوود ، ولم يتعرّض لذكر داوود ليشكره الآل على ما أنعم به على داوود ) .
قال العبد : يشير رضي الله عنه بإسناد هذه الحكمة الوجودية إلى الكلمة الداودية ، إلى أنّ الكمال الوجوديّ والوجود الكماليّ إن يظهرا في أحدية جمع الجمع الإنساني الإلهي ، بالخلافة والنيابة الإلهية الكلَّية من حضرة الجواد الوهّاب ،
فإنّ الوجود فيض ذاتي جودي ، وهو نفس رحماني وجودي ، وهذا وإن ظهر في كل خليفة الله في أرضه وقطب قام بنيابته في نفله وفرضه في كل عصر ،عصر من الأنبياء والأولياء ، ولكن ظهوره في داوود عليه السّلام كان أتمّ وأبين ، بمعنى أنّ الله جمع له - صلوات الله عليه - بين الخلافة الحقيقية المعنوية الإلهية وبين الخلافة الظاهرة بالسيف والتحكيم الكلَّي في العالم.
وأعطاه النبوّة والحكمة وفصل الخطاب والملك الكامل والسلطان والحكم الشامل في جميع أنواع العالم وأجناسه ،
كمال ظهور حكم ذلك في سليمان ، فإنّه حسنة من حسنات داوود - على نبيّنا وعليهم السّلام وتكملة لكماله وتتمّة لفضله وإفضاله ، وسليمان مع ما أعطاه الله من الملك والسلطان موهوب لداود عليه السّلام .
قال الله تعالى :   ( وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ )   ومن جملة كمالاته الاختصاصية - التي اختصّه الله بها ممّا لم يظهر في غيره من الخلفاء والكمّل أنّ الله تعالى نصّ على خلافته .
بقوله :  ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ )   فحكمه بالحقّ على الخلق ، ولم يصرّح بمثل ذلك في غيره ،
وقوله تعالى :   ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً )   فيه احتمال في حق آدم عليه السّلام من كونه أوّل الخلفاء وأباهم ، ولكنّ احتمال متناول غيره من أولاده ، وقرينة الحال تدلّ على أنّ الاحتمال في حق داوود أرجح ، لأنّ آدم ما أفسد ولا سفك الدماء .
ومحاجّة الملائكة مع الربّ في جواب قوله :   ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً )   بقولهم :   ( أَتَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ ) مرجّحة للاحتمال في حق داوود ، لأنّه سفك دماء أعداء الله من الكفرة كثيرا ، وقتل جالوت وأفسد ملكه .
وجعل كما قال تعالى حكاية عن بلقيس :   ( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ )   فظهر من داوود عليه السّلام هذا النوع من الفساد في الكفّار الذين أمر الله داوود وأولي العزم من خلفائه بإفساد ملكهم وحالهم ، لأنّه عين إصلاح الملك والدين ، فصحّ في حق داوود ما قالت الملائكة .
 
فلقائل أن يقول : المراد على التعيين من قوله :   ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً )   هو داوود ، فلم تبق مرتبة وجودية إلَّا ظهر كمال داوود وخلافته فيها ، حتى في كلام الله ومرتبة اللفظ والرقم ، فلهذا نسبت الحكمة الوجودية إلى الكلمة الداودية .


ثمّ اعلم : أنّ الشيخ رضي الله عنه أشار إلى أنّ النبوّة والرسالة تكونان بالاختصاص الإلهي ، وليستا بكسب ، ولا مجازاة عن عمل أو ثوابا عن سابق حسنة وطاعة تكونان نتيجة عنها ، ولا لشكر أو عبادة متوقّعة منهم عليهما ،
وإذا كانتا كذلك ، فلا تحصلان لأحد بتعمّل وكسب ، كما وهم فيه القائلون من أهل النظر الفكري بأنّهما تحصلان لمن كملت علومه وأعماله ، وأنّ النبوّة عبارة عن كمال العلم والعمل فكلّ من كمل علمه وعمله ، فهو نبيّ في زعمهم ،
وهذا باطل ، وإلَّا لكان كل من تكامل علمه وعمله رسولا نبيّا يوحى إليه وينزل عليه الملك بالتشريع وليس كذلك ، فكم من عالم عامل كامل في العلم والعمل ولا ينزل عليه الملك بالوحي والتشريع ، فصحّ أنّها ليست إلَّا عن اختصاص إلهي ، ومن لوازمها كمال العلم والعمل ، فلا يتوقّف تحقّقها - أعني النبوّة - على لوازمها ، فإنّ تحقّق وجود اللازم بتحقّق وجود الملزوم لا بالعكس ، وهذا ظاهر .
 
ولمّا كانت اختصاصا إلهيّا ، لم يطلب منهم عليها جزاء ولا شكورا - وإن وقع الشكر منهم دائما - أو ثوابا لإعمال الصالحات في مقابلة ذلك ، فليس ذلك مطلوبا بالقصد الأوّل من الاختصاص ، ولا هم مطالبون بذلك عوضا عن ذلك ،
 كما قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قيامه الليل كلَّه ، حتى تورّمت قدماه ، فقيل له :
اقصر ، فقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر : « فلا أكون عبدا شكورا » ولهذا لم يرد طلب الجزاء والشكر من داوود ، وإنّما ورد ما ورد في حق آل داوود حيث جعلهم الله من آل من هذا شأن كمالاته ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه : " وهو في حق داوود "   يعني ما وهبه الله « عطاء نعمة وإفضال ، وفي حق آله على غير ذلك ، لطلب المعاوضة ، فقال تعالى  ( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً )   يعني الأعمال الصالحة الزاكية عند الله   ( وَقَلِيلٌ من عِبادِيَ الشَّكُورُ )  ،
وإن كانت الأنبياء عليهم السّلام قد شكروا الله تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك عن طلب من الله ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورّمت قدماه شكرا لما غفر له من ذنبه ، ما تقدّم وما تأخّر ،
فلمّا قيل له في ذلك ، قال : « أفلا أكون عبدا شكورا ؟ »
وقال في حق نوح : ( إِنَّه ُ كانَ عَبْداً شَكُوراً )   والشكور من عباد الله قليل ، فأوّل نعمة أنعم الله بها على داوود أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال ، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم ، وهي الدال والألف والواو » .
 
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الله أخبره كشفا أنّه قطعه عن العالم من كونه غيرا وسوى بما اختصّه به من الجمع بين النبوّة والرسالة والخلافة والملك والعلم والحكمة والفصل ، بلا وساطة غيره ، وظهرت أسرار هذا القطع في حروف اسمه ، لكونه من أقطاب كمل الاسم « الظاهر » فإنّ الألقاب مع الأسماء تنزل من السماء ،
أي عن سماء الأسماء بتسمية ربّ حكيم عليم بما سمّى به كلّ عبد من الاسم ، وهذه الحروف من حروف الاسم الأعظم المتصرّف في الأكوان ، وكان هو - صلوات الله عليه - بعينه معنى الاسم الأعظم وصورته في عصره .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قال رضي الله عنه :  (، وقال في حق داود: "ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا " فلم يقرن به جزاء يطلب منه ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء ، ولما طلب الشكر على ذلك بالعمل طلبه من آل داود ، ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ) .
 
وإنما خصص النبوة بالتشريع احترازا عن نبوة الإنباء العام من البحث في معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله وآثاره ،
وعن علم الوراثة في قوله : « العلماء ورثة الأنبياء » . وقوله: " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " .
فإن تحصيل علوم النبوة بالكسب وبالعمل الذي يثمره في قوله عليه الصلاة والسلام:  « من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم » نوع النبوة الكسبية ،
فالذي تولاهم أولا بأن أعطاهم تفضلا من غير عمل منهم تولاهم آخرا بأن يحفظ عليهم تلك النعمة في جميع الأحوال أو أكثرها ويزيدها ولا يطلب منهم شكرها مع أنهم لا يخلون بالقيام عن شكرها ، لأن نشأتهم النبوية تعطيهم القيام بحقوق العبدانية على أكمل الوجوه ،
كما قال عليه الصلاة والسلام « أفلا أكون عبدا شكورا » .
ولهذا ذكر أنه أتى داود شكرا فضلا ولم يذكر أنه أعطاه ما أعطاه جزاء لعمله ولم يطلب منه جزاء على ذلك الفضل ، وإنما طلب الشكر بالعمل من آل داود على النعمة التي أنعم بها عليهم وعلى آل داود ، ولأن النعمة على الأسلاف نعمة على الأخلاف .
 
"" أضاف بالى زادة : فالعبد الشكور هو الذي شكر الله على ما أنعم من غير طلب من الله الشكر ، وأما الذي شكر عن طلب ربه فليس بعبد شكور ، فما كان الشكور من العباد إلا الأنبياء خاصة لورود النص في حقهم ، وأما غيرهم من المؤمنين وإن كانوا شاكرين لكنهم لا يكونون عبدا شكورا لعدم النص في حقهم ، نعم قد أنعم الله على بعض المؤمنين ببعض نعمة من غير طلب الشكر فتبرعوا بالشكر من عند أنفسهم ، فكانوا حينئذ عبدا شكورا ولم يأت النص به اهـ بالى.""
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال وفي حق آله على غير ذلك لطب المعاوضة ، فقال الله تعالى :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وقَلِيلٌ من عِبادِيَ الشَّكُورُ " وإن كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد شكروا الله تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم فلم يكن ذلك عن طلب من الله بل تبرعوا بذلك من نفوسهم . كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فلما قيل له في ذلك قال « أفلا أكون عبدا شكورا ». وقال في نوح :" إِنَّه كانَ عَبْداً شَكُوراً " فالشكور من عباد الله قليل فأول نعمة أنعم الله بها على داود أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال ، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم ، وهي الدال والألف والواو ) .

أي أخبره كشفا أنه قطعه عن العالم من حيث كونه غيرا وسوى ، وأخبرنا إيماء ورمزا بهذا الاسم بظهور معنى القطع فيه ، فإن الألقاب تنزل من السماء.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 16:00 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 6:49 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.  فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)

قال رضي الله عنه :  ( وقال في حق داود ، عليه السلام : "ولقد آتينا داود منا فضلا " . فلم يقرن به جزاء منه يطلبه منه ) أي ، فلم يقرن الحق ما أعطاه لداود جزاء ، أي عملا ، يطلب الحق إياه من داود ، عليه السلام .

قال رضي الله عنه :  ( ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء . ولما طلب الشكر على ذلك  بالعمل ، طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ، ليشكره الآل على ما أنعم به على داود . )
لأن الإنعام على نبي أمة في الحقيقة أيضا إنعام على تلك الأمة ، فأوجب الشكر عليهم .

قال رضي الله عنه :  ( فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة . فقال تعالى : " اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور " . وإن كانت الأنبياء ، عليهم السلام ، قد شكروا الله تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك عن طلب من الله ، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم ، كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حتى تورمت قدماه ، شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . فلما قيل له في ذلك ، قال : "أفلا أكون عبدا شكورا " . وقال في نوح : " إنه كان عبدا شكورا " . والشكور من عباد الله قليل . فأول نعمة أنعم الله بها على داود ، عليه السلام ، أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال . )
أي ، ليس فيه حرف يتصل بما بعده واتصال ما قبله من الحروف به .
واتصال ما قبله في غير هذا الاسم ، لا يوجب كونه من حروف الاتصال مطلقا  .
( فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم ، وهي "الدال " و " الألف " و " الواو " ) ( إخبارا ) منصوب بفعل مقدر .

تقديره : أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال ، وجعله إخبارا لنا عنه .
أو ، فأخبر ذلك الاسم إخبارا لنا . أو حال من ( الاسم ) .
أو من ضمير الفاعل في ( قطعه ) ، أي مخبرا .
ولما كان بين الاسم والمسمى عند أهل الحقيقة مناسبة جامعة ، أشار بأن كون اسمه من حروف منقطعة بعضها عن البعض في الوجود الكتابي ، إشارة من الله وإخبار لنا أنه تعالى قطعه عن العالم ، إذ الحروف متكثرة ، والكثرة للعالم ، كما أن الوحدة للحق .
فانقطاع بعضها عن البعض يوجب اتصال كل منها إلى  نفسه وحقيقته التي هو بها هو ، فالمنقطع عن العالم والكثرة ، واصل إلى حقيقته الواحدة ، وهو الحق .
لذلك قيل : ( الاستيناس بالناس يوجب الإفلاس ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)

قال رضي الله عنه :  (وقال في حقّ داود عليه السّلام :وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا[ سبأ : 10 ] فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الّذي ذكره جزاء ، ولمّا طلب الشّكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ، ولم يتعرّض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ، فهو في حقّ داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حقّ آله على غير ذلك لطلب المعاوضة ؛ فقال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] . وإن كانت الأنبياء عليهم السّلام قد شكروا للّه على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك على طلب من اللّه ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى تورّمت قدماه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ؛ فلمّا قيل له في ذلك قال : « أفلا أكون عبدا شكورا » ؟ رواه البخاري ومسلم  .

وقال في نوح :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً[ الإسراء : 3 ] ، والشّكور من عباد اللّه تعالى قليل ، فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود عليه السّلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال ، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم ، وهي الدّال والألف والواو ) .


ثم رجع إلى المقصود من تمهيد هذه المقدمة مع الاستدلال على أن فعل الوهاب لا يقتضي من الموهوب له شيئا في مقابلة ما وهبه بقوله : ( وقال في حق داود :وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا )[ سبأ : 10 ] ، ( فلم يقرن به جزاء ) من عمل أو شكر ( يطلبه منه ) في المستقبل ، إذ لم يقل أن اشكر للّه أو اعمل له ، ( ولا أخبر أنه إعطاء هذا الذي ذكره من الفضل جزاء ) على ما مضى منه إذ لم يقل جزاء على كذا ، بل صرّح بأنه اختصاص منه ، إذ قال : منا .

قال رضي الله عنه :  ( ولما طلب الشكر على ذلك بالعمل طلبه من آل داود ) ، كالدية على العاقلة تدفع عن الجاني ؛ لكونه أخطأ مع أن تضييع الدم صعب ، فألزم من يأخذ منه الإرث أن يتحمل عنه الدية إذ الغرم بالغنم ، ( ولم يتعرض لداود ) ، فلم يقل له : وقل لا لك أن اشْكُرُوا لِلَّهِ[ البقرة : 172 ] ، وإن كان هذا الأمر ؛ ( ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ) من حيث إنه واسطة كمالاتهم وسببها ، وبه مباهاتهم بين أقرانهم ؛ لأن امتثال هذا الأمر نوع شكر على ما أنعم به عليه ، وهو إشارة إلى أنه يعرض له عليه السّلام أن يأمر آله بالشكر على ما أنعم عليهم خاصة .

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي : الفضل المعطى لداود ( في حق داود عليه السّلام عطاء نعمة ) انتفع بها في الدنيا والآخرة ، ( وإفضال ) فضل بها أكثر الأنبياء - عليهم السّلام - لم يطلب عليه الشكر منه ، ولا أمره بطلبه من آله ، ( وفي حق آله ) ، وإن لم يكن نعمة عليهم وفضلا بالذات ، بل بواسطة كونه سببا لما أنعم به عليهم ( على غير ذلك ) الوجه ،

أي : وجه الإنعام والإفضال ؛ ( لطلب المعاوضة ) وهي الشكر منهم على ما هو سبب الإنعام عليهم ، فقال تعالى مخاطبا للآل ابتداء :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً[ سبأ : 13 ] أي : على ما أنعمت به على داود ؛ لارتباط ما أنعمت به عليكم بإنعامي عليه ، فهو في حكم إنعامي عليكم .

ثم عظّم أمر هذا الشكر حتى أشار عزّ وجل إلى أنه عجز الأكبر منهم عن شكر هذا الإنعام على داود من حيث كونه سبب الإنعام عليهم فضلا عن المنعم عليه ، فقال :وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] ؛ لقلة من يعرف مقدارها ، ومقدار ما وصل إليه منها مما يوجب قربه من ربه ، والتنعم بجواره من دار خلده ( مع أن من عرف مقدارها لم يطالبوا بشكرها ) ، وهم الأنبياء - عليهم السّلام ، ( وإن كانت الأنبياء - عليهم السّلام - قد شكروا اللّه تعالى على ما أنعم به عليهم ) ، وإن كانت نعما جليلة تعجزون عن الشكر عليها ؛ لكنهم لعرفانهم بذلك العجز يصيرون شاكرين لها ، وإن كان الحق قد ( وهبهم ) تلك النعم ،

قال رضي الله عنه :  ( فلم يكن ذلك ) الشكر منهم ( على طلب من اللّه ) ، وإن طالبهم بالشكر على نعم أخرى تشاركهم فيها أممهم ، كما قال في حقّ لقمان على إيتاء الحكمة :وَاشْكُرُوا لِلَّهِ[ البقرة : 172 ] ، وكذا كلف سائر الأنبياء - عليهم السّلام - أعمالا لهم في الإتيان بها شاكرون ، لكن ليس ذلك في النعم الخاصة كالنبوة والولاية والخلافة .

قال رضي الله عنه :  ( بل تبرعوا بذلك من عند نفوسهم ) لما عرفوا أن الشكر موجب للمزيد ، وهم وإن أنعموا بهذه النعم العظيمة في الغاية ، فلا نهاية لمراتب القرب من اللّه تعالى ، والدليل على كونهم متبرعين بالشكر أنه ( قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) متهجدا ( حتى تورمت قدماه شكرا ، لما غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) ، فلا يتصور فيه تكليف ، ( فلما قيل له في ذلك ) القيام لم يكون مع عدم الموجب له بذلك هذا الغفران ،

قال رضي الله عنه :  ( قال : « أفلا أكون عبدا شكورا ») ، وإن لم يجب عليّ ذلك ، لكن إنما تكمل عبوديتي والتحقق بالاسم الشكور بهذا الفعل ، ويتحقق المزيد بذلك ، فهذا وإن دلّ على شكره عليه السّلام كان عليه نعمة مشتركة بينه وبين أكمل أمته ، وهي غفران الذنوب ، فلنا دليل آخر على شكر الأنبياء - عليهم السّلام - على مطلق ما أنعم به عليهم من المشتركة والخاصة ، وهو ما ( قال تعالى في حق نوح عليه السّلام :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً )[ الإسراء : 4 ].
 أي : على جميع النعم الخاصة والمشتركة ، وإذا كانت النعم على الأنبياء نعما على الأمم ، ولا يعرفون مقدارها إلا نادرا ، بل لا يعرفون مقدار ما أنعم به عليهم بذواتهم أو بواسطة هذه النعم التي على أنبيائهم 

قال رضي الله عنه :  ( فالشكور من عباد اللّه ) المخصوصين بالإضافة إليه ؛ لكونهم من أمة الإجابة ( قليل ) ، وإن قاموا بالصلاة والصيام وسائر أنواع العبادات فضلا عن غيرهم ،

"" أضاف المحقق : الشكور : من لا يرى لغير اللّه نعمة ، وهذا هو الشاكر للّه حق شكره إنعاما منه ، لقوله لموسى عليه السّلام : « إذا رأيت النعم ؛ فقد شكرتني حق الشكر » ، وهذا هو العبد المشاهد نعمة اللّه في كل بلاء وعافية . ( لطائف الإعلام ص 224 ) .""
بل إنما يأتي من الأنبياء أو الأولياء الكمّل لا غير من أن غاية شكرهم أن يعرفوا عجزهم عن القيام بحقيقة شكره ،
ويعترفوا أن شكرهم لو تمّ باعتبار نعمة من النعم ، فهو أيضا نعمة موجبة لشكر آخر إلى أن يتسلسل ، وكيف يتأتى للعامة شكرها ، والحق لم يعرفها إياهم ،
وإنما عرفها من عرفها بإيماء خفي يختص بفهمه خاصة الخاصة دون غيرهم ، بل إنما عرفهم بذلك الطريق مقدماتها دونها .

قال رضي الله عنه :  ( فأول نعمة ) من النعم الوهبية التي مقدمة لسائرها ( أنعم اللّه بها على داود ) ، وهي نعمة انقطاعه عن العالم الموجب كمال اتصاله بربه ، إنما دلّ عليها بأشكال الحروف التي تركب عنها اسمه ، وذلك ( أن أعطاه أسماء ليس فيه حرف من حروف الاتصال ) بما بعده في الخط العربي ، ( فقطعه ) .

أي : دلّ على قطعه ( عن العالم بذلك ) الاسم من حيث إن الحكيم إذا سمى شخصا باسم راعى فيه المناسبة بينه وبين مسماه بوجه من الوجوه ، والمناسبة التامة أولى بالاعتبار ، وهي الشاملة لكل الحروف ، وهي هاهنا إنما هي لمناسبة الخطيئة الدالة على القطع عن المتأخر ، وهو العالم باعتبار حدوثه مع أن لكل حرف منها قوة الاتصال بما تقدمه ، والقطع عن العالم يستلزم الاتصال بالحق القديم ، فكأنه دلّ التزاما على اتصاله بالحق ، ( إخبارا لنا )
 أي : لأهل الخصوص منا ( بمجرد ) خط حروف ( هذا الاسم ) المركب من حروف الانفصال ، ( وهي الدال ، والألف ، والواو ) المنفصلة بما بعدها .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)

ما آتى الله تعالى داود عليه السّلام من الفضل
(وقال في حق داود : “  وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا “  ) [ 34 / 10 ] . ( فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ) بل نسب ذلك إلى نفسه وقال : “ مِنَّا “  ، ( ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء ) بل نصّ على أنّه كان فضلا وعطاء .
( ولما طلبه الشكر على ذلك ) النعمة الجليلة ( بالعمل ) الذي هو مقتضى حكمه ( طلب من آل داود ولم يتعرّض لذكر داود ، ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ، فهو في حقّ داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حقّ آله على غير ذلك ، لطلب المعاوضة ) بالأعمال القلبيّة والجوارحيّة ، شكرا لتلك النعمة .
وهذا الطلب من آل داود مما عليه داود من الخلافة المطلقة المنصوص عليها .
فإنّه إذا كان يطلب من غيره المستخلفين عليهم الأعمال شكرا على ما أنعم على داود يكون غاية في تعظيم خلافته وجلال قدره ، سيّما إذا طلب ذلك من أهل الخليفة الذين هم مجبولون على التنافس والتباغض ، فإنّ دلالته على جلالة قدر الخليفة أكثر وأظهر .

(فقال تعالى : “  اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً “  [ 34 / 13 ] ، فعلم أنّ انتصاب “  شُكْراً “  إمّا على التمييز ، وإمّا على أنّه مفعول لأجله .

 شكر الأنبياء
ثمّ إنّ الشكر وإن لم يكن مطلوبا من الأنبياء عليهم السّلام ، ولكن لم يزل يواظبون عليه ، وذلك الشكر هو البالغ في الشكريّة . وإلى ذلك أشار بقوله تعالى : ("وَقَلِيلٌ من عِبادِيَ الشَّكُورُ “) [ 34 / 13 ] .

وإليه نبّه بقوله رضي الله عنه :  ( وإن كانت الأنبياء قد شكروا الله تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك عن طلب من الله ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى تورّمت قدماه ، شكرا لما غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، فلما قيل له في ذلك قال  : " أفلا أكون عبدا شكورا "
وقال في نوح : “  إِنَّه ُ كانَ عَبْداً شَكُوراً “  [ 17 / 3 ] ، فالشكور من عباد الله قليل )
وذلك لأن الشكر البالغ إلى كماله التامّ فيه هو أن يكون بلا طلب من المنعم الواهب ، وهو إنما يكون للكمّل من الأنبياء الذين يصل إليهم النعم من ديوان الوهب كما عرفت .

خصوصيّة اسم داود
ثم إنّ الخلافة التي تحقّق بها داود إنما تقتضي التصرّف والتأثير في العالم ، وهو إنما يتصور بعد قطعه عن العالم ، ضرورة أنّ المتأثّر ما لم ينفصل عن المؤثّر فيه - انفصال قطع يقابله به - لم يتمكَّن من التصرّف فيه والتسلَّط عليه كلّ التسلَّط 

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأوّل نعمة أنعم الله بها على داود أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال ، فقطعه بذلك عن العالم إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم )

فإنّ اسم « داود » يلوح على القطع بعينه بأوّل بيناته ، وذلك لأنّ الأسامي والألقاب المنزلة من سماء الوهب مخبرة عمّا اشتمل عليه المسمى من الخصائص والأوصاف التي له عند العارف بفنون دلالات الحروف ووجوه كشفها وتبيّنها ،
وهذا من خصائص علوم أصحاب الأئمّة الهداة وتلامذتهم - وقد نبّهت عليه في المقدمة - فيكون انتصاب « إخبار » على أنه مفعول له من « قطعه » لا غير.
 

الحروف المتصلة والمنفصلة 
ثمّ إنّ الحروف الكتابيّة التي هي الكاشفة عن الحقائق ، التي تتعلَّق بطرف الولاية والبطون - كما سبق التنبيه عليه - تنقسم بالحصر القطعي إلى ما يتّصل ويتّصل به - وهو حروف الاتّصال ، وأكثر الحروف كذلك - وإلى ما يتّصل ولا يتّصل به ، بل ينقطع به الكلمة وينفصل ، فهو جهة تمامها ، وهو حروف الانفصال .
وذلك ستّة يجمعها « روزداذ » وإلى ما لا يتّصل ولا يتّصل به ، وهذا غير ظاهر ولا معدود في الحروف .
لأنّ الظهور يستدعي مظهرا يتّصل به حتّى يتمكَّن من البروز عن سواد الخفاء على بياض الظهور ، فهذا القسم مندمج في سواد الخفاء غير معدود في جملة الحروف .
لأنّ ملاك أمرها إنما هو الإظهار والإبراز - كما عرفت - وهذا هو الهمزة فقط . 

المناسبات الحرفية في اسمي محمّد وداود عليهما السّلام
ثمّ إنّ المناسب لعالم الامتزاج والاختلاط هو القسم الأوّل ،
كما أنّ الموافق لعظمة الخلافة وحشمة أمرها هو الانفراد والانقطاع عن الرعايا وهو القسم الثاني .
فلذلك سمّي داود الذي قد اختصّ في التنزيل بنصّ منشور الخلافة بحروف هذا القسم ،
( وهي : الدال ، والألف ، والواو ،)
وذلك لأنّ الاسم محل إظهار الشخص بما هو عليه ، ولما كان محمد صلَّى الله عليه وسلَّم خاتم أمر الإظهار وسلطان حكمه - الذي إنما يتحقّق في الكثرة والانفصال مع انطوائه على تمام المعنى الذي يقتضي الوحدة والاتّصال - لا بدّ وأن يكون من الحروف المختصّة به دلالة على وجهيه .
 
إذا عرفت هذا تبيّن لك أنّه لا بدّ من اشتمال اسمه على النوعين من الحروف ، دلالة منه على طرفيه . وسائر الأنبياء وإن كانوا ذا طرفين ولكن ليس لأحد بينهم أمر تمام الإظهار وختمه ، فلا يكون في اسمه الذي هو مبدأ الإظهار دال عليه .

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)

قال رضي الله عنه :  (وقال في حقّ داود - عليه السّلام -وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا [ سبأ : 10 ] فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الّذي ذكره جزاء . ولمّا طلب الشّكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرّض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود .  فهو في حقّ داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حقّ آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] . وإن كانت الأنبياء عليهم السّلام قد شكروا للّه على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك على طلب من اللّه ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتّى تورّمت قدماه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر . فلمّا قيل له في ذلك )

قال رضي الله عنه :  ( وقال في حق داود :"وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا "فلم يقرن فيه ) ، أي بالفضل الذي آتاه داود ( جزاء يطلبه منه ) ، كالشكر مثلا ( ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره ) من الفضل ( جزاء ) العمل من أعماله ( ولما طلب الشكر على ذلك ) الفضل ( العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ) ،
وإنما طلب من آل داود ( ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ، فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال وفي حق آله على غير ذلك ) ، أي على غير كونه عطاء نعمة وإفضال بل عطاء.
قال رضي الله عنه :  ( لطلب المعاوضة ) منهم ( فقال تعالى ) آمرا لهم طالبا منهم الشكر بالعمل (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [ سبأ : 10 و 13 ] ،
 
فداود عليه السلام ليس يطلب منه الشكر على ذلك العطاء ( وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكرو اللّه تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم ) إياه ( فلم يكن ذلك ) الشكر الواقع منهم منبعثا قال رضي الله عنه :  ( عن طلب من اللّه تعالى بل تبرعوا بذلك من ) عند ( نفوسهم كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى تورمت قدماه ) ، من غير أن يكون مأمورا بالقيام على هذا الوجه ( شكرا لما غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخير.)

قال رضي الله عنه :  ( قال : « أفلا أكون عبدا شكورا » ؟ وقال في نوح :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً[ الإسراء :3  ] . والشّكور من عباد اللّه تعالى قليل . فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود - عليه السّلام - أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال . فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم ، وهي الدّال والألف والواو . )

قال رضي الله عنه :  (فلما قيل له في ذلك) قال : « أفلا أكون عبدا شكورا » وقال في نوح إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً[ الأسراء : 3 ] والشكور من عباد اللّه قليل ، فأول نعمة أنعم اللّه بها على داود أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال ) ، وهي الحروف الذي من شأنها أن تتصل بما بعدها ، فالاتصال والانفصال إنما يعتبران بالنسبة إلى ما بعد ، وأما بالنسبة إلى ما قبل فكل الحروف تقبل الاتصال ( فقطعه ) ، أي نبه على قطعه

قال رضي الله عنه :  ( عن العالم بذلك ) ، أي بأن أعطاه حرفا ليس فيه حرف الاتصال ( إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم ) ، من غير نظر إلى شيء آخر .
( وهي الدال والألف ووالواو ) ، فإن المناسبة بين الاسم والمسمى مما يفهمها أهل الحقيقة.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير. وأعطاه القوة ونعته بها، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وسمّى اللّه محمّدا عليه الصّلاة والسّلام بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالتين . في اسمه كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد صلوات اللّه عليهما أعني التّنبيه عليه باسمه . فتمّ له الأمر عليه الصلاة والسّلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه « أحمد » فهذا من حكمة اللّه تعالى .  ثمّ قال في حقّ داود عليه السّلام ، فيما أعطاه إيّاه على طريق الإنعام عليه ، ترجيع الجبال معه بالتّسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطّير . وأعطاه القوّة ونعته بها ، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب . )
 
قال رضي الله عنه :  (وسمّى اللّه) تعالى (محمدا) نبينا صلى اللّه عليه وسلم (بحروف الاتصال) وحروف (والانفصال) فله أسماء متصلة كلها كمحمد ومصطفى ومجتبى وطه ، وأسماء منفصلة الحروف كرؤوف من قوله تعالى :بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (فوصله) ، أي اللّه تعالى به وأشار إلى ذلك بأسماء الاتصال وفصله تعالى عن جميع العالم المحسوس والمعقول بأسماء الانفصال فجمع سبحانه وتعالى له ، أي لنبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم (بين الحالين) ، أي حال الاتصال وحال الانفصال .
(في اسمه) صلى اللّه عليه وسلم المتصل الحروف والمنفصل الحروف (كما جمع) تعالى
 
قال رضي الله عنه :  (لداود) عليه السلام (بين الحالين) حال الاتصال به سبحانه وحال الانفصال عن جميع العالمين (من طريق المعنى) فقط (ولم يجعل) تعالى (ذلك) الجمع (في اسمه) ، أي اسم داود عليه السلام بل جعل في اسمه الانفصال في الحروف فقط .
 
قال رضي الله عنه :  (فكان ذلك) الجمع بين الحالين في الاسم (اختصاصا لمحمد) نبينا صلى اللّه عليه وسلم (على داود) عليه السلام أعني بذلك الاختصاص التنبيه عليه ، أي على الجمع بين الحالين باسمه صلى اللّه عليه وسلم كما ذكرنا فتم ، أي كمل له ، أي لنبينا صلى اللّه عليه وسلم الأمر وهو الجمع المذكور عليه الصلاة والسلام من جميع جهاته اللفظية والمعنوية وكذلك تم له الأمر في اسمه أحمد صلى اللّه عليه وسلم ، فإن بعض حروفه منفصل والبعض متصل فقد جمع الاتصال والانفصال في اسم واحد ، ومثله اسمه محمود هادي وشافع ، فهذا الأمر المذكور من جملة حكمة اللّه تعالى في خلق الأنبياء عليهم السلام .
 
قال رضي الله عنه :  (ثم قال) تعالى (في حق داود عليه السلام فيما) ، أي في جملة ما (أعطاه) اللّه تعالى من العطايا والمواهب (على طريق الإنعام عليه ) والإحسان إليه (ترجيع الجبال معه) ، أي مع داود عليه السلام (بالتسبيح) للّه تعالى والتقديس كما قال تعالى :يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ[ سبأ : 10 ] .
أي رجعي التسبيح (فتسبح) الجبال (بتسبيحه) ، أي تأخذ منه تسبيحه وتسبح به ، كما يأخذ المتعلم الكلمة من فم معلمه ويتكلم بها هو ، فيكون رجعها ثانيا بتكلمه بها (ليكون) ، أي سبب ذلك الترجيع (له) ، أي لداود عليه السلام ثواب (عملها) ، لأنه إمامها في التسبيح وهي مقتدية به في ذلك ومتابعة له فيه وللإمام ثواب عمل كل من اقتدى به (وكذلك الطير) ، اسم جنس ، أي الطيور بأنواعها كانت تسبح معه فيكون له ثواب ترجيعها لمتابعتها له فيما يقول من التسبيح والتقديس وهو نطق الجماد له والحيوان بمثل ما يريد .
 
قال رضي الله عنه :  (وأعطاه اللّه) تعالى أيضا (القوّة) وهو تليين الحديد له فكان في يديه مثل العجين يفعل به ما يشاء من شدّة قوّته عليه السلام التي أمده بها (ونعته) عليه السلام ، أي وصفه اللّه تعالى (بها) في قوله سبحانه :وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ[ ص : 17 ] ، والأيدي جمع يد وهي القدرة والقوّة وأعطاه اللّه تعالى (الحكمة) وهي العلم باللّه تعالى مع العمل الصالح (وفصل الخطاب) ، أي الخطاب الفاصل بين الحق والباطل ، وذلك حكمه في بني إسرائيل وقضاؤه بينهم بالحق ، وقيل : فصل الخطاب قوله : أما بعد في كل خطبة وموعظة . قال اللّه تعالى :وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ[ ص : 20 ] .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمّى اللّه محمدا عليه السلام بحروف الاتصال والانفصال فوصله ) أي محمدا صلى اللّه عليه وسلم بذلك الاسم من جهته وصله ( به ) أي بالحق أو وصله بسبب هذا الاسم إلى الحق ( وفصله ) بهذا الاسم من جهة فصله ( عن العالم فجمع له ) أي لمحمد عليه السلام ( بين الحالتين ) حالتي الاتصال والانفصال ( في ) لفظ ( اسمه ) فعلمنا من اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم قد انفصل عن العالم واتصل بالحق بخلاف داود عليه السلام فإنه وإن علمنا انقطاعه عن العالم واتصاله بالحق لكن الاتصال بدلالة المعنى فإن الانقطاع عن العالم يوجب الاتصال بالحق فدل اسم داود عليه السلام عليه التزاما وهو معنى قوله ( كما جمع لداود عليه السلام بين الحالتين من طريق المعنى ولم يجعل ذلك ) الجمع .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( في اسمه فكان ذلك ) الجمع في اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم ( اختصاصا لمحمد عليه السلام على داود عليه السلام ) قوله ( أعني التنبيه عليه باسمه ) تفسير لقوله فكان ذلك اختصاصا .
( فتم له الأمر ) أي أمر الجمع ( من جميع جهاته ) من الاسم والمعنى ( وكذلك في اسمه أحمد فهذا ) أي الجمع بين الحالتين في اسم محمد واسم داود عليهما السلام ( من حكمة اللّه تعالى ) وهي الانقطاع عن العالم والاتصال ظاهر بالحق فلا يخلو ما في الوجود لفظا وكتابه وعقلا وخارجا عن حكمة إلهية ولا يطلع على هذا المعنى إلا من اكتحل بصره بالنور الإلهي .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال في حق داود عليه السلام ) والضمير المنصوب ( فيما أعطاه ) راجع إلى ما أي وما أعطاه إياه ( على طريق الانعام ) والضمير المجرور في ( عليه ) راجع إلى داود عليه السلام والجار والمجرور يتعلق بالانعام ترجيع الجبال معه التسبيح مقول قال التسبيح منصوب بترجيع أي قال اللّه في حق داود عليه السلام .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ترجيع الجبال معه التسبيح ) في قوله : سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ( فتسبح ) الجبال ( تسبيحه ليكون له ) أي لداود عليه السلام ( عملها ) أي عمل الجبال .
( وكذلك ) خبر مقدم ( الطير ) مبتدأ أي وكالجبال الطير في الترجيع معه التسبيح أو بالجر على تقدير المضاف أي وكذلك قال اللّه تعالى ترجيع الطير معه التسبيح في قوله :وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ[ ص : 19 ] .
وتسبيح الجبال والطير معه وهو تسبيح داود لا التسبيح المخصوص بكل منهما ( وأعطاه القوة ونعته بها ) في القرآن الكريم بكلامه ذا الأيد إنه أوّاب ( وأعطاه الحكمة ) أي علم الحقائق والأسماء والصفات ( و ) أعطاه ( فصل الخطاب ) قال مولانا سعد الدين في كتابه المسمى بالمطول يقال الكلام البين فصل بمعنى المفصول ففصل الخطاب البين من الكلام الملخص الذي ينبه من يخاطب ولا يلتبس عليه أو بمعنى الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الحق والباطل والثواب والخطأ .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  (وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه. فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى. ثم قال في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير. وأعطاه القوة ونعته بها، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب.)
المعنى ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب. )
 
قال رضي الله عنه : « وسمّى محمّدا صلى الله عليه وسلم  بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم ، فجمع له بين الحالين في اسمه ، كما جمع لداود بين الحالين من حيث المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد على داوود ، أعني التنبيه عليه باسمه ، فتمّ له الأمر عليه السّلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسم أحمد ، فهذا من حكمة الله » .
أي إنّما سمّاهما الله لحكمة دالَّة على حقائقهما من هذه الحروف والترتيب والتركيب والوضع والوزان التي في أسمائهما لمن عقل عن الله وما أغفل شيئا من الأشياء إلَّا شاهد حكمة الله المودعة فيه .

قال رضي الله عنه  : « ثم قال في حق داوود ، فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع  الجبال معه التسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ، ليكون له عملها ، وكذلك الطير » .
 
قال العبد : يريد أن يوفي بحمد الله إلى الحكم والحقائق التي أوجبت ترجيع الجبال والطير لداود عليه السّلام بلسان الإشارة الكشفية ، فنقول : الجبال هي صورة الرسوخ والتمكَّن والثبات ، الخصيصة بالكمّل ، المتعيّنة حجابياتها في الجسمانيات والأماكن العالية ، المحتوية على جواهر الحقائق الكمالية التي أومأنا إليها ممّا يصعب الصعود عليها ، وقد أودعت في الحقائق الجسمية ، ممّا ليس في عالم الأرواح إلَّا روحانياتها ، ولا في عالم المعاني إلَّا معانيها وأعيان حقائقها من كمال الظهور والعلوّ وأحدية الجمع ، وما ذكرنا .
 
والطير صور القوى والحقائق والخصائص الروحانية في نشأة الإنسان الكامل ، ولمّا كان داوود عليه السّلام من كمال تبتّله وانقطاعه إلى الله بالمحبّة الدائمة والهيمان فيه والعشق وإيثار جنابه - تعالى - على نفسه وسواه وشدّة الشوق إليه بحيث تبعته قواه الجسمانية وقواه الروحانية ، فغلب عليه وعلى قواه الجسمانية والروحانية الانقطاع والرجوع إلى الله والتبتّل ، وتحقّق فيه هذا السرّ ، أظهر الله لسرّ تبعية ظاهره وباطنه ، كما قلنا له في التنزيه والتقديس الإلهي صورة ومثالا ترجيع الجبال والطير ، لمّا كان الغالب عليه في زمانه تجلَّي الاسم « الظاهر » على « الباطن » ، فكانت الحقائق والمعاني تظهر صورا قائمة لهم لما أهّله الله وخصّه بكمال الظهور الوجودي .
قال رضي الله عنه : « أعطاه القوّة ونعته بها وأعطاه الحكمة » يعني : وضع الأمور مواضعها ، وكان يحكم بالأحكام المؤيّدة بالحكمة .
قال : « وفصل الخطاب » .
يعني الإفصاح بحقيقة الأمر وقطع القضايا والأحكام باليقين من غير ارتياب ولا شكّ أو توقّف


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال فوصله به وفصله عن العالم ، فجمع له بين الحالتين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى ) وهو اختصاصه بالجمع بين النبوة والرسالة والخلافة والملك والعلم والحكمة والفصل بلا واسطة غيره .
قال رضي الله عنه :  ( ولم يجعل ذلك في اسمه فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهم الصلاة والسلام : أعنى التنبيه عليه باسمه ، فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه أحمد فهذا من حكمة الله ) .
أي اختصاصهما بالاسمين الدالين بحروفهما على ما ذكر من المعنيين فيهما من حكمة الله التي في تسميتهما لمن عقل عن الله ولم يعقل شيئا من الأشياء إلا شاهد حكمة الله المودعة فيه .
قال رضي الله عنه :  ( ثم قال في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال والطير معه التسبيح فتسبح بتسبيحه ليكون له عملها وكذلك الطير ) في الإنعام عليه بترجيع الجبال والطير معه والتسبيح إيماء إلى حكمة ترجيعهما بكون عملهما له ،
وهي أن الجبال تحكي بصورها رسوب الأعضاء والتمكن والثبات التي هي مخصوصة بالكمل في ظواهرهم ، والطير تحكي بطيرانها حركة القوى الروحانية فيه وفي كل عبد كامل إلى تحصيل مطالبها عند تسبيح الكامل بما يخصه من تنزيه الله عن النقص وبراءته عن صفات الإمكان وحكامه والاتصاف بصفات الوجود وأحكامه ،
 
ولما كان داود من كمال توجهه وتجرده وانقطاعه إلى الله بالمحبة الذاتية ، والهيمان والعشق وإيثار جنابه على نفسه وما يتعلق به تبعته ظواهره وبواطنه وجوارحه وقواه كلها .
أظهر الله تعالى سر انخراط أعضائه وقواه الروحانية في التنزيه والتقديس في صور الجبال والطير متمثلة له فرجعت معه التسبيح ، لأن الغالب في زمانه تجلى الاسم الظاهر على الباطن لما بقي من حكم الدعوة الموسوية إلى الاسم الظاهر ،
فكانت الحقائق والمعاني مظهر صور قائمة لهم لما أهله وخصه به من كمال ظهور الوجود ( وأعطاه القوة ونعته بها ) .
 
في قوله : ( واذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الأَيْدِ )   أي القوة ( وأعطاه الحكمة ) أي سياسة الخلق وتدبير الملك بوضع الأشياء مواضعها ، وتوجيه الأكوان إلى غاياتها بالتأييد الإلهي والأمر الشرعي.
 
 (وفَصْلَ الْخِطابِ ) أي الإفصاح عن حقائق الأمور على ما هي عليه ، وفصل الأحكام وقطع القضايا باليقين من غير شك وارتياب ولا توقف فيها .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسمى الله محمدا صلى الله عليه وسلم  بحروف الاتصال والانفصال ، فوصله به ) أي ، بالحق . وفصله عن العالم ، فجمع له بين الحالتين في اسمه ، كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى ) أي ، طريق المسمى .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود ، صلوات الله عليهما ، أعني ، التنبيه عليه باسمه . فتم له الأمر ) أي ، لمحمد ، صلى الله عليه وسلم .
قال رضي الله عنه :  ( من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه "أحمد" . فهذا من حكمة الله . )
قوله : ( هذا ) إشارة إلى ما ذكره من التنبيه بالاسم : من قطعهما عن العالم ووصلهما بالحق . أي ، هذا المعنى من جملة حكم الله الحاصلة في الوجود ، لا يخلو عن حكمة إلهية .
( ثم قال في حق داود ، عليه السلام ، فيما أعطاه ) أي ، في جملة ما أعطى داود .
( على طريق الإنعام عليه ، ترجيع الجبال معه التسبيح ) بالنصب ، على أنه مفعول لقوله ( ترجيع ) . وهو منصوب على أنه مفعول ثان ( إعطاه ) .
أو  بنزع الخافض المبين ( ما ) ، أي من ( ترجيع الجبال ) . والمفعول الثاني الضمير . أي ، فيما أعطاه إياه .
( فتسبح لتسبيحه ، ليكون له عملها . وكذلك الطير . ) بالجر . أي ، ترجيع الطير وتسبيحه . أو بالنصب . أي ، وكذلك سخر له الطير يسبح معه تسبيحه .
قال رضي الله عنه :  ( وأعطاه القوة ونعته بها ، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب . ) أي "إيضاح الغموض والتباس الأمور وكشف حقيقتها " ، وقال في حقه : " إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب " .
وقال : ( يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد ) . فجعل ترجيع الجبال معه التسبيح ، فكانت تسبح بتسبيحه لتكون له ذلك التسبيح أيضا .
وكذلك تسخير الطير لتسبح معه ليكون تسبيحه معه أيضا تسبيحا له .
وأعطاه القوة ونعته بها بقوله : ( واذكر عبدنا داود ذا الأيد أنه أواب وأعطاه الحكمة ) .
بأن جعله عالما بالحقائق ، عارفا بالله ومراتبه وأسمائه ، عاملا بمقتضى علمه ، وجعله
( فصل الخطاب ) . أي ، واسطة بين الله وعباده .
كما قال رضي الله عنه  : ( ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) . فعينه ذلك الحجاب الذي يتجلى الحق من ورائه على العباد .
 
واعلم ، أن روحه ، عليه السلام ، لما توجه بكليته إلى الحضرة الإلهية بالتسبيح والتحميد ، انعكس منه النور الإلهي الفائض عليه إلى قواه وأعضائه ، فسبحت تسبيح الروح بالمتابعة ، غير التسبيح المخصوص بكل منها ، فكان كل ذلك للروح أصالة ولغيرها تبعية .
" التسبيح المخصوص قوله تعالى : "وإن من شئ إلا يسبح بحمده " "
ولما كانت الجبال الظاهرة والطير المحشورة مثالا للأعضاء والقوى الروحانية والجسمانية - وصورا ظاهرة في الخارج لهذه الحقائق التي في العالم الإنساني وكانت الأعضاء والقوى يسبحن معه بالعشي والإشراق.
حصل ذلك التأثير الروحاني أيضا في روحانية الجبال والطيور ، فيسبحن ذلك التسبيح بعينه ، فكان ذلك التسبيح له "داود" عليه السلام  بالأصالة ، ولهن بالتبعية ،
كما قال الشاعر :
فلو قيل مبكاها بكيت صبابة  .... بسعدى شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكاء  .... بكاها ، فقلت : الفضل للمتقدم

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 21:24 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسمّى اللّه محمّدا عليه الصّلاة والسّلام بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالتين في اسمه كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد - صلوات اللّه عليه - أعني : التّنبيه عليه باسمه ، فتمّ له الأمر - عليه الصلاة والسّلام - من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه " أحمد " فهذا من حكمة اللّه تعالى ، ثمّ قال في حقّ داود عليه السّلام ، فيما أعطاه إيّاه على طريق الإنعام عليه ، ترجيع الجبال معه بالتّسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطّير ، وأعطاه القوّة ونعته بها ، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب . )
 
ثم أشار إلى تفضيل نبينا عليه السّلام على داود باعتبار اسمه المشهور ، فقال : ( وسمي محمدا ) بحروف ( الاتصال والانفصال ) ، وهي الحاء الحلقية ، والميم الشفوية ، والدال اللسانية ،
 
"" أضاف المحقق :
الاتصال : هو مقام توارد الإمداد من حضرة الكريم الجواد ، وهو أحد المنازل العشرة التي يشتمل عليها قسم الحقائق ، فإن السائر إلى اللّه تعالى إذا انتهى به إلى مقام البسط الذي يوجب السكر ؛ فإن ارتقى عنه إلى مقام الصحو نزل بعده في منزلة الاتصال ، ثم ينفصل عن رؤية الاتصال المنبئ عن نوع من الانفصال .
والانفصال : مقام فوق الاتصال الذي مرّ ذكره لأن فيه يحصل الانفصال عن رؤيتهما ، أعني رؤية الاتصال والانفصال لكونهما عين الاعتلال ( لطائف الإعلام ص 5 )"" .
 
( فوصله به ، وفصله عن العالم ) أي : دل بوصل حروفه أولا على اتصاله بالقديم ، وبفصل الحرف الأخير منه على انقطاعه عن العالم الحادث ، وراعى فيه لطيفة أخرى هي أنه وصل ظاهريته بباطنيته أولا ، ثم ظاهريته بالجامع بين الظاهر والباطن المتوسط بينهما مع اعتبار انفصاله عن الحدوث ؛ لأنه إذا كان هو الظاهر والباطن جميعا ، فلا غيرة للعالم معه ،
( فجمع له ) أي : لمحمد عليه السّلام بين الحالتين الاتصال بالحق القديم ، والانفصال عن العالم الحادث ( في ) دلالة ( اسمه ) باعتبار اتصال بعض حروف وانفصال بعضها في الخط عليهما .
( كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ) ، بأن كان اتصاله بالحق مدلولا لمدلول انفصال الحروف ، وهو انفصاله عن العالم ؛ فإنه يدل بطريق نسبة دلالة الالتزام على اتصاله بالحق ؛ لأن انفصاله عن العالم مع كونه خليفة عليه لا يكون إلا لاتصاله بالحق ، ولكن ( لم يجعل ذلك ) الجمع داخلا في مدلول انفصال الحروف ( اسمه ) ، بل يكون مدلولا لهذا المدلول بطريق نسبة دلالة الالتزام مع عدم ظهور القرينة ،
( فكان ذلك ) الجمع بينهما في اسم محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ( اختصاصا لمحمد ) فضل به على داود ( صلوات اللّه عليهما ) ؛ لقصور الدلالة الالتزامية عن دلالة المطابقة فيما دلّ بالوضع ، فكيف فيما يشبهها فيما دلّ على الملزوم بطريق الرمز الخفي مع خفاء القرينة ، فتكون هذه الدلالة كالعدم ، وعدم الدال ، وإن لم يدل على عدم المدلول ؛ فهو يشبه الدال على عدم المدلول فيدل وجود هذا الدال في حق محمد على جمعيته على كمال هذا المدلول فيه ، وعدمه في حق داود كأنه يدل على قصور هذا المدلول فيه .
ثم قال : ( أعني التنبيه عليه باسمه ) ؛ لئلا يتوهم أن لفظة ذلك إشارة إلى الجمع بين الاتصال والانفصال مطلقا ، وهو باطل لحصول ذلك الجمع لداود عليه السّلام من طريق المعنى ، وإذا كان الانفصال دلالة على الاتصال بطريق يشبه الالتزام ، وقد حصل الاتصال أيضا بالفعل في اسم محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ،
( فتم له ) أي : لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ( الأمر ) أي : أمر الجمع بينهما ( من جميع جهاته ) أي : من جهة ما يشبه دلالة المطابقة ، وما يشبه دلالة الالتزام على الاتصال الذي هو المقصود بالذات ، وقد تأكد ذلك بتكريره مع تحقق ما يشبه دلالة المطابقة على ما يقصد لأجله وهو الانفصال أيضا .
 
( وكذلك ) أي : كما جمع له بينهما في اسمه محمد كذلك جمع له ( في اسمه أحمد ) ؛ لأن الألف والدال فيه من حروف الانفصال ، فدل على انفصال أوليته وآخريته عن الخلق ، والحاء والميم فيه من حروف الاتصال ،
فدل على اتصال باطنيته وظاهريته بالحق ،
لكن اعتبر في الدلالة الأولى موقع الحرف ،
وفي الثانية مخرجه مع الدلالة الخطية جمعا بين وجوه المناسبة الكثيرة حيث لم تكن المناسبة الواحدة شاملة للحروف ، ( فهذا ) أي : فهم هذه الأمور من هذه الاعتبارات مأخوذ ( من حكمة اللّه ) الموجبة رعاية المناسبة بين الاسم والمسمى ،
وإن لم يكن للاسم هذه الدلالة لا بالفعل ولا بالوضع مطابقة أو تضمنا أو التزاما ، ويكفي في ذلك أنه ( تعالى ) ألهم أصولها أن يسموها بما يدل بمناسبة الخط ، والموقع ، والمخرج على هذه الأمور الجليلة ، وإن لم يشعرهم بذلك .
 
ثم أشار رحمه اللّه تعالى : إلى نعم أخرى على داود عليه السّلام طالب آله بالشكر عليها ، وإن لم يشعر بوجه كونها نعما عليه أو عليهم إلا بطريق دقيق لا يدركه إلا آحاد أهل التحقيق ،
فقال : ( ثم قال في حق داود عليه السّلام فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال معه التسبيح ) ، ووجه الإنعام به عليه أنه يحصل له ثواب تسبيحهم ، وإن كانت عبادة شخص لا تحصل لغيره حتى لا يصح فيها التوكيل إلا أن الجبال لما لم تكن من أهل الجزاء ، فلابدّ من أن يحصل ثواب عملها لغيرها ، وإلا كانت أعمالها ضائعة بالكلية ،
وليس البعض أولى من الآخر إلا بنسبة السببية ، وهي منه عليه السّلام ؛ لأنه عليه السّلام كان يسبح " فتسبح " الجبال " لتسبيحه " ، وليست من أهل الثواب ،
وهي إنما سبحت ( ليكون له عملها ) ، فتسبيحها نعمة عليه موجبة للشكر على آله من حيث إنه لما حصل له التقرب إلى اللّه تعالى بأعماله وأعمال غيره استفاض منه ما أفاض عليهم فيما أفادهم الكمالات ، ومن جملة ما أعطاه على وجه الإنعام ، وأوجب الشكر على آله ، ولم يشعر بموجبه إلا بالطريق الخفي .
 
( أعطاه القوة ) على الجمع بين أمور الدنيا والدين ، ( ونعته ) أي : مدحه بها ؛ بقوله :وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ[ ص : 17 ] ، ( وأعطاه الحكمة ) العلم اليقيني بحقائق الأشياء وصفاتها وخواصها مع تأتي وضع كل في مواضعها ، ( وفصل الخطاب ) أي :
الخطاب الفاصل بين الحق والباطل بإقامة الحجج ، ودفع الشبه على الوجه اليقيني إذ بهذه القوة ناسب الحق والخلق ، واستفاض ثم أفاض ، وتمت له الأمور العلمية والعملية بالحكمة ، والتولية بفصل الخطاب ، فكانت نعما عليه وعليهم ، وتم كل ذلك بسبب خلافته .
 
ولذلك قال : ( ثم المنة الكبرى ) على داود عليه السّلام الموجبة لكمال الشكر على الآل مع عدم عرفان أكثرهم ، فذرها لرؤيتهم إياها من أمور الدنيا المضرة بالدين ، وهي ( المكانة الزلفى ) عند اللّه بها كمال النبوة والولاية ( التي خصه اللّه بها ) بقوله :وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ[ ص : 25 ] ، ورتبه على هذه الخلافة التنصيص على خلافته لدلالة ( التنصيص ) من الكامل الذي ليس من شأنه ذكر المحقرات إلا لغرض التحقير على كمال النصوص ، والخلافة إذا انضمت مع النبوة والولاية كانت غاية الكمال لهما ،
فالتنصيص عليها يدل على كونها في غاية الغايات ، وتجاوزها أقصى النهايات ، وبها تتم المنة بظهور القوة ، ونفاذ الحكمة ، وفصل الخطاب ،
إذ لا يكون معها معاندة الجاهل غالبا ، ( ولم يفعل ذلك ) التنصيص بأحد أي : بخلافة ( أحد من أبناء جنسه ) من الأنبياء فضلا عن خلفائهم وعن سائر الملوك .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه : (وسمّي محمّدا صلَّى الله عليه وسلَّم بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصّله عن العالم ، فجمع له بين الحالتين في اسمه ) .
 
وذلك لأنّ الاسم محل إظهار الشخص بما هو عليه ، ولما كان محمد صلَّى الله عليه وسلَّم خاتم أمر الإظهار وسلطان حكمه - الذي إنما يتحقّق في الكثرة والانفصال مع انطوائه على تمام المعنى الذي يقتضي الوحدة والاتّصال لا بدّ وأن يكون من الحروف المختصّة به دلالة على وجهيه.
 
إذا عرفت هذا تبيّن لك أنّه لا بدّ من اشتمال اسمه على النوعين من الحروف ، دلالة منه على طرفيه . وسائر الأنبياء وإن كانوا ذا طرفين ولكن ليس لأحد بينهم أمر تمام الإظهار وختمه ، فلا يكون في اسمه الذي هو مبدأ الإظهار دال عليه . 
فلذلك قال : " فجمع له بين الحالتين في اسمه " ، ( كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ) .
 
"" أضاف المحقق :
قال الكاشاني : وهو اختصاصه بالجمع بين النبوة والرسالة والخلافة والملك والعلم والحكمة.""
( فكان هذه ) الجمعيّة الاسميّة ( اختصاصا بمحمّد على داود ) لما بينهما من الاشتراك في الظهور بالخلافة والرسالة الإحاطيّة .
ومن ثمّة ترى المشترك بين اسميهما هو « الدال » الدالّ على الدولة والظهور ، ولكن لما كان في المحمد متصلا بميم التمام والكمال يكون دالَّا على جمعيّته الصوريّة والمعنويّة ، فإنّ الاتّصال يستتبع الاتّحاد الذي هو من لوازم المعاني والعلوم .
وإليه أشار بقوله : ( أعني التنبيه عليه ) - أي على الاختصاص المذكور الذي له بين الأنبياء - ( باسمه ، فتمّ له عليه السّلام الأمر من جميع جهاته ) اسما ومسمّى وصورتا ومعنى .
وفي آدم وإن كان الدال فيه مع ميم التمام ، ولكن منفصلا عنه ، غير متّصل به فلا يدلّ إلا على الدولة الصوريّة والجمعيّة الوجوديّة التي له .
( وكذلك في اسمه ) المنصوص عليه اسميّته في التنزيل في قوله تعالى “ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي من بَعْدِي اسْمُه ُ أَحْمَدُ “  [ 61 / 6 ] .
( فهذا من حكمة الله ) المستفادة من الصور المنزلة من عنده ، فإنّ الحكم منها ما يستحصل بالفكر وما يجري مجراه من أنواع التعمّلات والسعي وفنون التسبّبات والكسب . ومنها ما يستفاد من الصور الحرفيّة القرآنيّة ، والدلائل الكشفيّة العيانيّة .
وبيّن أنّ الحكم وإن كان كلها من الله ، ولكن المنتسب منها إليه أوّلا وبالذات هو الثاني .
 
سرّ تسبيح الجبال والطير مع داود عليه السّلام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثمّ قال في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال معه التسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطير ) ،
والوجه في تخصيص هذين النوعين بالمتابعة ، هو أنّهما أشدّ أنواع الأكوان ترفّعا على الإنسان ، وعلوّا عليه وإباء لقبول الإذعان له ، لغلوّ القساوة والخفّة فيهما ، وبيّن أن كلا منهما يمنع الانقياد وقبول التصرف .
أمّا الأوّل فلإفراطها في طرف الكثافة العاصية عن القبول.
وأمّا الثاني فلتفريطه في طرف الخفّة وعدم استقراره بين يدي الفاعل عند التأثّر والقبول .
وبيّن أنّ الطرفين مع غلوّ إبائهما وعلوّهما على الإنسان إذا دخلا في انقياده وإسلامه ، فما في أواسطهما - مما يقرّب إلى حدّ الاعتدال - يكون بذاك الانقياد أحرى وأولى .
ضرورة أنّ رقيقة نسبته إلى الإنسان أوثق وأظهر .
ولا يخفى على الواقف بأساليب هذا الكلام من المستبصرين ، أنّ تأويل الجبال والطير هاهنا بالعظام والقوى لا يوافق كمال خلافة داود وانقياد البريّة له وتسلَّطه عليها.
 
ثمّ هذا المعنى وإن كان له وجه في حدّه عند الكلام على الحكم الأنفسيّة ، ولكن لا يوافق هذا السياق ، فإنّه في صدد تسخير الأكوان الآفاقية له ، على ما هو من خصائص خلافته الخاصّة به ، وسيجئ في معنى تليين الحديد ما يؤيّد ذلك .
 
سرّ إعطاء القوّة والحكمة لداود عليه السّلام
ثمّ إنّ مثل هذه الخلافة لا بدّ وأن يكون بالقوّة التي بها يتمكَّن من الظهور سياسة وحكما . والحكمة التي بها تترتّب الأمور على الوضع الأتمّ والنظم الأليق ، والفصاحة التي بها تظهر الأشياء والأحكام فإلى هذه الأمور أشار بقوله : ( وأعطاه القوّة ونعته بها ) في كريم كتابه إظهارا لما أنعم عليه فيها ، كما هو مقتضى كمال أمر الخلافة وتمام إظهارها في قوله : “  وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّه ُ أَوَّابٌ “  [ 38 / 17 ] أيّ القوّة ( وأعطاه “  الْحِكْمَةَ “  ) أي معرفة حقائق الموجودات كلها تحقيقا ( “  وَفَصْلَ الْخِطابِ “  ) [ 38 : 17] أي إظهار ما يفصّل الأشياء ويميّزها حقّ التمييز من الكلام والخطاب اللايق بأمم زمانه .
"" أضاف المحقق :
كلام الشارح تعريض لما أورده الجندي وتبعه الكاشاني فقال : " إن الجبال تحكي بصورها رسوب الأعضاء والتمكن والثبات التي هي مخصوص بالكمل في ظواهرهم ، والطير تحكي بطيرانها حركة القوى الروحانية فيه وفي كل عبد كامل إلى تحصيل مطالبها عند التسبيح الكامل   
ولما كان داود من كمال توجهه وتجرده وانقطاعه إلى اللَّه بالمحبة الذاتية . . .
تبعته ظواهره وبواطنه وجوارحه وقواه كلها ، أظهر اللَّه تعالى سر انخراط أعضائه وقواه الروحانية في التنزيه والتقدس في صور الجبال والطير متمثلة له ...." .
 
وقال القيصري مكملا لكلامهم : " .... ولما كانت الجبال الظاهرة والطير المحشورة مثالا للأعضاء والقوى الروحانية والجسمانية ، وصورا ظاهرة في الخارج لهذه الحقائق التي في العالم الإنساني ... حصل ذلك التأثير الروحاني أيضا في روحانية الجبال والطير ، فسبحن ذلك التسبيح بعينه ..." . أهـ ""
 
ومبدأ فصل الخطاب هو ما أنعم عليه في اسمه بحسب الصورة الخطيّة كما يشعر به عبارته هذه ، كما أنّ مبدأ المعرفة ما فيه بحسب معناه ، كما لا يخفى
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  (وسمّى اللّه محمّدا عليه الصّلاة والسّلام بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالتين . في اسمه كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد صلوات اللّه عليهما أعني التّنبيه عليه باسمه . فتمّ له الأمر عليه الصلاة والسّلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه « أحمد » فهذا من حكمة اللّه تعالى . ثمّ قال في حقّ داود )


قال رضي الله عنه :  ( وسمي محمدا صلى اللّه عليه وسلم بحرف من حروف الانفصال هي الدال وما عداها من حروف الاتصال ) فحروف الانفصال هي الدال وما عداها من حروف الاتصال ( فوصله ) ، أي دل على وصوله
 ( به ) ، أي بالحق سبحانه بحروف الاتصال (وفصله عن العالم فجمع له) ، أي لمحمد عليه الصلاة والسلام ( بين الحالتين ) الاتصال بالحق والانفصال عن العالم ( في اسمه كما جمع لداود عليه السلام بين الحالتين من طريق المعنى ) ، فإنه لا بد لكل من الكمل من ذلك الاتصال والانفصال .
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) لكن ( لم يجعل ذلك في اسمه ) كما جعل في اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم ( فكان ذلك اختصاصا بمحمد وتفضيلا له على داود ) صلوات اللّه عليهما ( أعني ) باسم الإشارة المذكور في قوله فكان ذلك ( التنبيه عليه ) ، أي على الجمع بين الحالتين ( باسمه فتم له الأمر من جميع جهاته ) ، جهة الاسم وجهة المسمى .
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) الأمر ( في اسمه أحمد ) جمع فيه بين الحالتين بحروف الاتصال وهي الحاء والميم وحروف الانفصال وهي الألف والدال ( فهذا من حكمة اللّه سبحانه ثم قال ) تعالى ( في حق داود ) عليه السلام :يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ[ سبأ : 10 ] ترك المقول لكونه معلوما في كتاب اللّه ولدلالة ما بعده عليه


قال رضي الله عنه :  (عليه السّلام ، فيما أعطاه إيّاه على طريق الإنعام عليه ، ترجيع الجبال معه التّسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطّير .  وأعطاه القوّة ونعته بها ، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب . )
 
قال رضي الله عنه :  ( عليه السّلام فيما أعطاه ) ، أي في جملة ما أعطى داود ( على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال معه ) أو منصوب على أنه مفعول القول بتضمينه معنى الذكر ، أي ذكر أو منصوب على أنه المفعول الثاني لأعطاه وتكون ما مصدرية أو على أنه مفعول للإنعام ( التسبيح ) بالنصب على أنه مفعول للترجيع ( فتسبح ) الجبال ( لتسبيحه ليكون له ) ، أي لداود ( عملها ) ، أي عمل الجبال لأن تسبيحها لما كان لتسبيحه منشأ منه لا جرم يكون ثوابه عائدا إليه لا إليها لعدم استحقاقها لذلك ( وكذلك الطير ) ،
أي مثل الجبال الطير في الترجيع ، وإنما كان تسبيح الجبال والطير لتسبيحه لأنه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه إلى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك إلى أعضائه وقواه ، فإنها مظاهر روحه ومنها إلى الجبال والطير ، فإنها صور أعضائه وقواه في الخارج ، فلا جرم يسبحن تسبيحه ويعود فائدة تسبيحها إليه (وأعطاه) أي داود ( القوة ونعته بها ) ،
حيث قال :وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ[ ص : 17 ] ، فإن الأيد هي القوة ( وأعطاه الحكمة ) ، أي العلم بالأشياء على ما هي عليه والعمل بمقتضاها إن كان متعلقا بكيفية العمل ( وفصل الخطاب ) لبيان تلك الحكمة على الوجه المفهم .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله»أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته . ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي .  ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص : 26 ] ولم يقل : « فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد )
 .
(ثم المنة) من اللّه تعالى على داود عليه السلام (الكبرى) التي هي أكبر المنن عليه (والمكانة) ، أي المنزلة والرتبة (الزلفى) ، أي القريبة إلى حضرة اللّه تعالى التي خصه ، أي داود عليه السلام اللّه تعالى بها هي التنصيص في كلام اللّه تعالى على خلافته في الأرض بطريق المشافهة في الخطاب ولم يفعل اللّه تعالى (ذلك )، أي التنصيص المذكور (مع أحد من أبناء جنسه) ، أي داود من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (وإن كان فيهم) ، أي الأنبياء عليهم السلام الذين هم أبناء جنسه خلفاء في الأرض كثيرون وهم المرسلون منهم ، ومنهم من لم يستخلفه اللّه تعالى كغير المرسلين من الأنبياء عليهم السلام حتى آدم عليه السلام لم يصرح اللّه تعالى له بالخلافة وإنما قال تعالى :وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] الآية .
 
فقال تعالى في داود عليه السلام ("يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً") عنا ("فِي الْأَرْضِ")، الجسمانية حيث نغيب نحن عن حواس المكلفين من العباد وعقولهم وتحضر أنت عند حواسهم وعقولهم فَاحْكُمْ أنت حينئذ بحكمنا نيابة عنه ("بَيْنَ النَّاسِ") وهم أهل الأرض الذين يختصمون إليك فلا يجدون حاكما غيرك ، وأما أهل السماء فإنهم إذا اختصموا كما في اختصام الملأ الأعلى يتحاكمون إلى اللّه تعالى ، لأنهم يجدونه من عدم غفلتهم عنه سبحانه وحضورهم معه بِالْحَقِّ الذي أنزله إليك مع جبريل عليه السلام وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى النفساني أي ما يخطر لك في حكمك بين الأخصام المتحاكمين إليك من غير وحي مني إليك بذلك فَيُضِلَّكَ،
أي الهوى الذي تتبعه عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل (أي عن الطريق الذي أوحي به إلى رسلي) الذين هم مثلك خلفائي في الأرض ، فتبقى إذا أردت الاستمداد مني بعد ذلك لا تعرف طريقه لالتباسه عليك بخواطر نفسك .
(ثم تأدب) ، أي اللّه (سبحانه) يعني عامله معاملة المتأدب (معه) ، أي مع داود عليه السلام نظير معاملته هو مع اللّه تعالى فإنه تعالى الملك الديان يدين كما يدان.
فانظر كيف تأدب الحق مع عباده حتى نتأدب معه ومع عباده . " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".
 
فقال تعالى ("إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ") في الدنيا والآخرة (بِما نَسُوا) أي بسبب نسيانهم (يَوْمَ الْحِسابِ )[ ص : 26 ] ، وهو يوم القيامة الذي يحاسب اللّه تعالى به كل من حكم بين الناس بما يخطر له ويستحسنه بعقله من غير وحي من اللّه تعالى إن كان من أهل الوحي أو متابعة لأهل الوحي أو لمن أمر بمتابعتهم كالمقلد يتبع المجتهدين فيما استنبطوه من أدلتهم الشرعية (ولم يقل) سبحانه له ، أي لداود عليه السلام (فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد) احتراما من اللّه تعالى له من عزته عليه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله»أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى ) أي المرتبة القربى من اللّه ( التي خصه اللّه تعالى بها التنصيص ) قوله ثم المنة مبتدأ والتنصيص خبره ( على خلافته ولم يفعل ذلك ) التنصيص ( مع أحد من أبناء جنسه ) أي من بني آدم .
( وإن كان فيهم خلفاء ) فلا يكون نفس الخلافة لداود المنة الكبرى والمكانة الزلفى بل المنة الكبرى التنصيص على خلافته لعموم الخلافة وخصوص تنصيصه وإنما كان تنصيص الخلافة المنة الكبرى دون تنصيص سائر النعم التي خصها لداود لأن الخلافة لكونها المرتبة الألوهية أعلى المراتب كلها فتنصيصها كذلك ولم يلزم فضل داود عليه السلام بذلك التنصيص على سائر الخلفاء من الأنبياء عليهم السلام تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ من عباده .
ولو كان داود عليه السلام فاضلا بذلك التنصيص على الخلفاء لما نص فضل محمد عليه السلام كلها فتنصيص الخلافة غير تنصيص الفضل مع أن الفضل بذلك لا يستلزم الفضل مطلقا فالشيء الواحد جاز أن يكون فاضلا ومفضولا بحسب الوجوه والمراتب وقد بيناه غير مرة .
قال رضي الله عنه :  ( فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي ما يخطر لك في حكمك من غير مني يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطريق الذي أوحى أنا بها ) . أي بهذا الطريق
 
قال رضي الله عنه :  ( إلى رسلي ثم تأدب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ، ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ).
فانظر كيف تأدب الحق مع عباده حتى نتأدب معه ومع عباده . " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته. ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله».أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي. ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد. )
 
قال اعملوا آل داود شكرا، وآل داود غیر داود 
قال: وشكر الأنبياء لربهم تبارك وتعالى، هو تبرع منهم ولم يكلفوا به، ثم ذكر أمورا ظاهرة من كلامه، ومن جملتها ما ذكره من قوله تعالى: "وألنا له الحديد" (سبأ: 10) إن الحديد هنا هي قلوب قاسية كالحديد فألانها الله تعالى لداود حتى اطاعته تلك القلوب.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه : « ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزلفى - التي خصّه الله بها - التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك بأحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء ،
فقال : ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى )   ،
 
أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي   ( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله )   أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي ، "ثمّ تأدّب سبحانه معه" " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".
، فقال :   ( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ )  "ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ."
فإن قلت : وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته .
قلنا : ما نصّ مثل التنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة : " إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً " ،ولم يقل : إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) وفي نسخة بأحد ، وهو أفصح من اتحادهما في المعنى ( وإن كان فيهم خلفاء فقال : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الْهَوى )  .
أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحى منى ( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله )  أي عن الطريق الذي أوحى به إلى رسلي ، ثم تأدب سبحانه معه " ليعلمنا سبحانه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم "
فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ )  .
 ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد .
فإن قلت : فآدم قد نص على خلافته ، قلنا : ما نص مثل التنصيص على داود ،
وإنما قال للملائكة : "إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً "  ولم يقل إني جاعل آدم خليفة ،
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
فقال رضي الله عنه  : ( ثم ، المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله تعالى بها ، التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ، وإن كان فيهم خلفاء . يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ) .
 
أي ، ما يخطر لك في حكمك من غير وحى منى . ( فيضلك عن سبيل الله ) أي ، عن الطريق
الذي (أوحى به . ) بسكون ( الياء ) للمتكلم . ( إلى رسلي ) .
قوله : ( ثم المنة ) مرفوع على الابتداء ، وخبره : ( التنصيص ) .
أو بكسر الميم ، من المنة ، عطفا على ( الإنعام ) . أي ، أعطاه على طريق الإنعام عليه . ثم ، المنة الكبرى والمكانة الزلفى . أو بفتحها ، عطفا على المفعول الثاني لأعطاه .
أو مرفوع على الابتداء ، وخبره ( التنصيص ) ، و ( ثم ) هنا للرتبة ، كقوله تعالى : ( ثم كان من الذين آمنوا ) .
وإنما كانت الخلافة المنة الكبرى والمكانة الزلفى ، لأنها صورة مرتبة الألوهية المعطاة لمن هو خليفة على العالم بالتبعية ، ولا مرتبة أعلى منها .
 

قال رضي الله عنه :  ( ثم ، تأدب سبحانه معه ، فقال : "إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب " . ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد . ) "ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم " و الباقي ظاهر .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 17 يناير 2020 - 5:00 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:34 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  (ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ، وإن كان فيهم خلفاء ؛  فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى[ ص : 26 ] أي : ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[ ص: 26 ] ، أي : عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي ) .
 
ولذلك قال : ( ثم المنة الكبرى ) على داود عليه السّلام الموجبة لكمال الشكر على الآل مع عدم عرفان أكثرهم ، فذرها لرؤيتهم إياها من أمور الدنيا المضرة بالدين ، وهي ( المكانة الزلفى ) عند اللّه بها كمال النبوة والولاية ( التي خصه اللّه بها ) بقوله :وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ[ ص : 25 ] ، ورتبه على هذه الخلافة التنصيص على خلافته لدلالة ( التنصيص ) من الكامل الذي ليس من شأنه ذكر المحقرات إلا لغرض التحقير على كمال النصوص ، والخلافة إذا انضمت مع النبوة والولاية كانت غاية الكمال لهما ،
فالتنصيص عليها يدل على كونها في غاية الغايات ، وتجاوزها أقصى النهايات ، وبها تتم المنة بظهور القوة ، ونفاذ الحكمة ، وفصل الخطاب ،
إذ لا يكون معها معاندة الجاهل غالبا ، ( ولم يفعل ذلك ) التنصيص بأحد أي : بخلافة ( أحد من أبناء جنسه ) من الأنبياء فضلا عن خلفائهم وعن سائر الملوك .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان فيهم خلفاء ) جامعون بين النبوة والولاية والخلافة ؛ لعدم اعتداده بخلافتهم بالنظر إلى خلافة هذا ، فلما اعتد بخلافته نص عليها ، ( فقال :يا داوُدُ )، فذكر اسمه العلم المزيل للشركة ، ثم أكد ذلك بالنداء المزيل توهم إرادة من يشاركه في الاسم اشتراكا لفظيّا ، وأتى بحرف النداء الدال على بعد المنادى مع أنه رتب على خلافته الزلفى عنده ، وحسن المآب للدلالة على بعد درجته عن إفهام غيره :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً[ ص : 26 ]
بذكر لفظ الخلافة المشعرة بالنيابة عن اللّه مشعرا بعظمتها بإسنادها إلى نون التعظيم المذكورة مقرنين مع التنصيص عليه بكاف الخطاب في الأرض التي هي وسط العالم والسلطان ، إنما يكون في وسط مملكته ، وهو محل الكون والفساد ، فيتم التصرف فيها بظهور الآثار المختلفة فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ الذين هم أشرف أنواع الخلائق ، وقد سخر لهم جميع ما في العالم بِالْحَقِّ لا بك ، وهو الحكم بما أعطاك الحق من الحكمة ، وفصل الخطاب ،وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى.
ولما كان المشهور أن الهوى ما تميل إليه النفس بطبيعتها الأمارة ، وهو عليه السّلام معصوم عن ذلك لكمال حاله ، فلا حاجة إلى نهيه عما ليس من شأنه بينه ،
فقال رضي الله عنه  : ( أي : ما يخطر لك من حكمك ) بطريق العقل والقياس من غير وحي مني فيه أو في أصله ،فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
ولما كان المشهور أن الضلال في الحكم هو الأخذ بطريق الكفرة أو الظلمة ، وهو عليه السّلام معصوم عن ذلك بينه بقوله : ( أي : عن طريقي الذي أوحي به إلى رسلي ) ، فإن طريق العقل والقياس من غير أصل منصوص مبعد عن الطريق الإلهي الذي وضعه للوصول إليه ؛ فلذلك كان موجبا للعذاب الشديد .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص :26] ، ولم يقل : « فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد » ).
 
( ثم تأدب سبحانه معه ) "ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم " رعاية لمقتضى منصبه الذي نص عليه للاعتناء به ، ( فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )[ ص : 26 ] ،
وإن اتبعوا سبيل العقل والقياس من غير أصل منصوص ،لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌبما نسوا يوم الحساب الذي يحاسب فيه مقتضى العقل والقياس من غير أصل مع الموحى به من الأنبياء ، فيظهر نقيض مقتضياتهما بل فسادها بحيث لا يحاسب معه أصلا ،
فقال رضي الله عنه  : ( ولم يقل : فإن ضللت عن سبيلي ، فلك عذاب شديد ) مع أنه مقتضى الظاهر عدل عنه لما فيه من نسبة الضلال إليه ، والحكم عليهم بالعذاب الشديد صريحا ، وهما يخلان بالأدب ، وهو ينافي مقتضى التنصيص على الخلافة من التعظيم ، والإخلال الضمني ليس كالصريح فروعي فيه الأدب بقدر الإمكان .
وإنما قال في حق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم :لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[ الزمر : 65 ] ؛ للمبالغة في التحذير عن أمر الشرك ، والتحذير عن الضلال في الحكم لا يكون له تلك المبالغة فيه ، ولا تتأتى رعاية الأدب مع المبالغة في التحذير .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
اختصاص داود عليه السّلام بالتنصيص على خلافته
وبيّن أنّ هذه الكمالات الوجوديّة المستتبعة لإظهار ما عليه كلمته ، من فنون جلائل الأوصاف كلَّها متفرّعة على خلافته المنصوص عليها في التنزيل فهي مبدؤها وأصلها .
وإليه أشار بقوله : ( ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصّه الله بها التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) من الرسل ( وإن كان فيهم خلفاء ، فقال : “  يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى “  [ 38 / 26 ] أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني “  فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله “ أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي ) .
وذلك أنّ لكل عبد طريقين إلى منهج الاستفهام واستعلام الأحكام :
أحدهما طرف قدس العقل ، الذي به يوحى إذا ترقى أمره إلى غايته الكمالية ، كما في الرسل عليهم السلام ، وهو الذي يأتي بالحقّ على مدارج تنزّلاته الوجوديّة ، وترتيبها الأصلي التي منها جاء من عالم المعاني إلى المثال ، إلى الحسّ والآخر طرف هويّته الإطلاقيّة وجمعيّته الكماليّة التي يسمّى بالهوى .
 
وهما في الحقيقة سبيل الله . فإنّ الهوى يلوّح بيّناته على الحقّ  ، ولذلك فسّر سبيل الله بقوله : " أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي " ، تفسير تخصيص .
فإنّ الخلافة إنما يتمّ أمرها بالترتيب الحكمي المتقن ، على ما عليه السلام نظام الوجود في مدارج تنزّلانه ، وطريق الوحي هو المعطي لذلك الحكم دون الهوى . فإنّ الغالب في هذا الطريق أمر الإجمال وأذواقه الجماليّة ، وقد اختفى فيه أمر الفرق ونظام أحكامها جملة ، كما يلوّح ذلك من بيناته .
 
( ثمّ تأدّب سبحانه معه ) إعظاما لقدر مرتبته العظمى ، وترشيحا لمزيد حشمته التي ربّى لها
( فقال : إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) [ 38 / 26 ] أي موطن تمام التفصيل الذي من جملته تعرّف أحكام الجزئيّات وخواصّها ،
وهي إنما يستكشف حق الكشف والتبيين من العدد والحساب ، كما عرفت وجه لمّيته في المقدمة - فتذكّر .
(ولم يقل له : " فإن زللت عن سبيلي فلك عذاب شديد " ) .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  (ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته . ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى .
أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي . ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما)


قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة ) ، أي المرتبة ( الزلفى التي خصه اللّه بها ) ، أي ميزه بها عمن سواه حيث أعطاه إياه ولم يعطهم ( التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) ، وهم الأنبياء عليهم السلام .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى، أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، أي عن الطريق الذي أوحى به ) .
على صيغة المتكلم الواحد ( إلى رسلي ) ، إنما كان التنصيص على الخلافة المنة الكبرى والمكانة الزلفى لأنها صورة المرتبة الإلهية أعطيت للخلفاء ( ثم تأدب سبحانه معه ) ، أي مع داود عليه السلام


قال رضي الله عنه :  ( نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص : 26 ] ولم يقل : " فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد " . )
 
قال رضي الله عنه :   ( فقال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا) ، أي بسبب نسيانهم (يَوْمَ الْحِسابِ) [ ص : 26 ] حيث لم يسند الضلال إليه ( ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ) ، كما هو مقتضى الظاهر بل أسنده إلى الجماعة الغائبين الذين داود عليه السلام واحد منهم .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:39 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته ، قلنا ما نصّ مثل التّنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] ولم يقل إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ولو قال أيضا مثل ذلك ، لم يكن مثل قوله :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً [ ص :26  ] في حقّ داود ، فإنّ هذا محقّق وذلك ليس كذلك . وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الّذي نصّ اللّه عليه فاجعل بالك لإخبارات الحقّ عن عباده إذا أخبر.)
 
(فإن قلت) يا أيها السالك (وآدم عليه السلام) أيضا (قد نص) ، أي نص اللّه تعالى في القرآن (على خلافته) أيضا وليس ذلك مخصوصا بداود عليه السلام قلنا في الجواب (ما نص) اللّه تعالى على خلافة آدم عليه السلام (مثل التنصيص على) خلافة داود عليه السلام من جهة التصريح له بذلك والمشافهة في الخطاب وإنما قال تعالى للملائكة قبل خلق آدم عليه السلام إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ولم يقل تعالى إني جاعل آدم عليه السلام خليفة في الأرض ولو قال اللّه تعالى أيضا كذلك لم يكن مثل قوله تعالى : (إنا جعلناك خليفة في حق داود) عليه السلام .
 
فإن هذا التصريح أمر محقق في ذلك لا احتمال فيه وذلك الوارد في آدم عليه السلام بطريق الإشارة إليه في المعنى ليس كذلك ، أي ما هو أمر محقق وما يدل ذكر آدم عليه السلام في القصة ، أي قصة ذكر الخلافة للملائكة عليهم السلام بعد ذلك ، أي بعد ذكر الخلافة على أنه ، أي آدم عليه السلام (عين ذلك الخليفة الذي نص) اللّه تعالى عليه وإنما كان مفهوما أنه هو الخليفة من ذكر تعليمه الأسماء وسجود الملائكة له كلهم أجمعين إلا إبليس إن هذه لا تكون إلا صفات من استخلف في الأرض على أبناء جنسه ،
 
فإن إطاعة الجند واجتماعهم على ولي الأمر ابتداء شأن الخلافة وهو من لوازمها فدل ذلك بالمفهوم على خلافة آدم عليه السلام في الأرض (فاجعل بالك) يا أيها السالك (لإخبارات الحق) تعالى عن (عباده إذا أخبر) عنهم تجد لاختلاف ذلك أسرارا عظيمة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته ) فما معنى اختصاص التنصيص على خلافة داود عليه السلام ( قلنا ما نص ) آدم عليه السلام على خلافته ( مثل التنصيص على ) خلافة ( داود عليه السلام : وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ولم يقل أني جاعل آدم عليه السلام في الأرض ) خليفة.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو قال ) أني جاعل آدم عليه السلام خليفة ( لم يكن ) هذا القول الذي في حق آدم ( مثل قوله إنا جعلناك خليفة في حق داود عليه السلام فإن هذا ) أي قوله في حق داود عليه السلام ( محقق ) لأنه خطاب ( وليس ذلك ) أي وليس قوله أني جاعل آدم عليه السلام خليفة ( كذلك ) في التحقيق لأنه غيب ( وما ) أي ولا ( يدل ذكر آدم عليه السلام في القصة بعد ذلك ) أي بعد قوله :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ( على أنه ) أي على أن آدم عليه السلام ( عين ذلك الخليفة الذي نص اللّه عليه فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبرك ) أي أخبر بالتنصيص أم لا .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته. قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض. ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك. وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.)
المعنى ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن قلت : وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته .
قلنا : ما نصّ مثل التنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة : ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً ) ، ولم يقل : إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ،  ولو قال ، لم يكن مثل قوله : « جَعَلْناكَ خَلِيفَةً » في حق داوود ، فإنّ هذا محقّق ، وليس ذلك كذلك ، وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الذي نصّ الله عليه ، فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر )
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحكم مستنده إلى حضرة الاسم « الله » فإنّ الحكم لله ، والألوهية كمال الحكم والتصرّف بالفعل والإيجاد والاختراع .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن قلت : فآدم قد نص على خلافته ، قلنا : ما نص مثل التنصيص على داود ، وإنما قال للملائكة : ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً )  ولم يقل إني جاعل آدم خليفة ،
ولو قال أيضا ، لم يكن مثل قوله : ( إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً )   في حق داود ، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك .
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه ، فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر ، )
وكذلك في حق إبراهيم الخليل عليه السلام : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً )  ولم يقل خليفة
وإن كنا نعلم أن الإمامة هاهنا خلافة ،
ولكن ما هي مثلها لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة ،
ثم في داود عليه السلام من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلا عن الله ).
 
"" أضاف بالى زادة : فلا تكون نفس الخلافة لداود المنة الكبرى ، بل التنصيص على خلافته لعموم الخلافة وخصوص تنصيصه ، وإنما كان تنصيصه منه دون تنصيص سائر النعم ، لأن الخلافة مرتبة الألوهية ، ومرتبة الألوهية أعلى المراتب كلها فتنصيصه كذلك اهـ بالى .

فالإمامة تعم الخلافة وغيرها ، وهذه المرتبة والمساواة برسول الله لمن سبقت له العناية من كبار الأولياء ، واتحاد الولي مع النبي في درجة واحدة لا ينافي أفضلية الأنبياء على الأولياء اهـ بالى . ""
أي لا تسند الحكم إلا إلى حضرة الاسم الشامل كلها وهو الله - فإن الحكم لله ، والإمامة بالنسبة إلى الخلافة كالولاية بالنسبة إلى النبوة ، فكما أن الولي قد لا يكون نبيا كذلك الإمام قد لا يكون خليفة والخليفة بمعنى من يخلف ، فلا يكون خليفة حتى يحكم الله على خلافته ، وداود كان كذلك قد أمره الله بالحكم .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته. قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض. ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك. وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر. ) كله غنى عن الشرح .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:43 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
قال رضي الله عنه :  ( ولم يقل : « فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد » ، فإن قلت : وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته ، قلنا : ما نصّ مثل التّنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] ، ولم يقل : إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ، ولو قال أيضا مثل ذلك ، لم يكن مثل قوله :" إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً " [ ص : 26 ] في حقّ داود ، فإنّ هذا محقّق ، وذلك ليس كذلك ، وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الّذي نصّ اللّه عليه ، فاجعل بالك لإخبارات الحقّ عن عباده إذا أخبر ،)
 
وإن اتبعوا سبيل العقل والقياس من غير أصل منصوص ،لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌبما نسوا يوم الحساب الذي يحاسب فيه مقتضى العقل والقياس من غير أصل مع الموحى به من الأنبياء ، فيظهر نقيض مقتضياتهما بل فسادها بحيث لا يحاسب معه أصلا ،
( ولم يقل : فإن ضللت عن سبيلي ، فلك عذاب شديد ) مع أنه مقتضى الظاهر عدل عنه لما فيه من نسبة الضلال إليه ، والحكم عليهم بالعذاب الشديد صريحا ، وهما يخلان بالأدب ، وهو ينافي مقتضى التنصيص على الخلافة من التعظيم ، والإخلال الضمني ليس كالصريح فروعي فيه الأدب بقدر الإمكان .
وإنما قال في حق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم :لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[ الزمر : 65 ] ؛ للمبالغة في التحذير عن أمر الشرك ، والتحذير عن الضلال في الحكم لا يكون له تلك المبالغة فيه ، ولا تتأتى رعاية الأدب مع المبالغة في التحذير ؛ ( فإن قلت : فآدم قد نص على خلافته ) إذ قال في كتابه :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] ، ثم عيّنه بقوله :وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها[ البقرة : 31 ] ، وقوله :وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ[ البقرة : 34 ] وغير ذلك ، فلم قلت : لم يفعل ذلك لواحد من أبناء جنسه ؟ قلنا : كان ذلك نصّا في الجملة ، لكن ( ما نصّ ) على خلافته ( مثل التنصيص ) ( على ) خلافة ( داود ) ، فإنه لم يقل : يا آدم إنا جعلناك خليفة في الأرض .
( وإنما قال : الملائكة ) من غير نداء آدم إني جاعل في الأرض خليفة ، ومع ذلك ( لم يقل : إني جاعل آدم خليفة في الأرض ) يذكر اسمه العلم مع تأتّي ذكره وإن امتنع النداء ، ( ولو قال ) : إني جاعل آدم خليفة ، فهو ( أيضا ) ( لم يكن ) من التنصيص على خلافته ( مثل ) قوله :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً ( في حق داود فإن هذا ) ؛ لكونه ماضيا ( محققا ) أي : دال على تحققه ؛
 
"" أضاف المحقق : رتبة الخلافة : هي رتبة الخلافة والكمال المشتملة على الجميع الجامعة ، بين البداية والنهاية ، وأحكامها ، وأحكام الجمع والتفرقة ، والوحدة ، والكثرة ، والحقية ، والخلقية ، والقيد ، والإطلاق عن حضور من غير غيبة ويقين بلا ريب ولا شبهة . ( لطائف الإعلام ص 153 ) .""


( وذلك ) لكونه اسم فاعل بمعنى الاستقبال بدليل أنه قاله الملائكة قبل خلق آدم ، ( ليس كذلك ) في الدلالة على التحقق ، وإن كانت أخبار الحق لا بدّ لها من التحقق إلا أنه إنما يعلم من العقل ، فلا يكون من قبيل التنصيص ، وما ذكرتم أنه تعالى عين الخليفة بقوله :وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها[ البقرة : 31 ] وغيره ، فيكون تنصيصا باطلا ، بل غايته أنه ذكره بعد ذكر الخليفة ، ( وما يدل ذكر آدم ) ، ولو ( في القصة ) الواحدة ( بعد ذلك ) من غير طول فصل ( على أنه عين ذلك الخليفة الذي نصّ اللّه عليه ) إذ ذكره في نصّ كتابه مجملا ، إذ ليس في اللفظ ما يدل على العينية بل غايته أن يفهم باستعانة العقل ، كما يفهم سائر المجملات التي لا تنصيص فيها ، ولا بيان يعقبها باستعانة العقل ، وإذا كان الحق سبحانه وتعالى ينص في حق البعض دون البعض في أمر واحد ، ( فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر ) لماذا ينص ؟ ولماذا ترك التنصيص ؟
ولا شك أن النص على الخلافة ؛ لتعظيم شأنها واطلاع الكل عليها ليعتقدوا كمالها .
ثم أشار إلى سؤال آخر ، وهو أنه سبحانه وتعالى وإن لم ينص على خلافة آدم ، فقد نص على خلافة إبراهيم عليه السّلام ؛ فلم قلت : لم يفعل ذلك بأحد من أبناء جنسه ؟
وأجاب عنه بقوله : ( وكذلك ) أي : مثل قوله :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30]
في عدم التنصيص على الخلافة في حقّ آدم ، قوله : ( في حق إبراهيم الخليل عليه السّلام :إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً )[ البقرة : 124] ،
وإن صار بالخطاب في حكم المنادى العلم ، وكان اسم الفاعل فيه بمعنى الماضي أو الحال ؛ وذلك لأنه ( لم يقل ) في حقه : إني جاعلك ( خليفة ) ، بل قال :إِماماً، وهو مشترك بين الخلافة وإمامة الصلاة ، فلا يكون نصّا في الخلافة .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
تفاضل آدم وإبراهيم وداود عليهم السّلام في الخلافة
قال رضي الله عنه :  (فإن قلت : « وآدم ، قد نصّ على خلافته » ؟
قلنا : ما نصّ مثل التنصيص على داود ) على صورة التفويض مخاطبا إيّاه ، آمرا له بالحكم ،
( وإنما قال ) في قضيّة خلافة آدم : (" لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً “  [ 2 / 30 ] ، ولم يقل : « إني جاعل آدم خليفة في الأرض » ولو قال ، لم يكن مثل قوله : “  جَعَلْناكَ خَلِيفَةً “ في حقّ داود ، فإن هذا محقّق ) .
لدلالة النصّ على تفويض الخلافة لداود ، على ما لا يخفى ، ( وذلك ) النصّ الوارد في آدم (ليس كذلك ) ، أمّا أو لا فلأنّه ليس فيه صيغة التفويض أصلا ، بل إنما هو إخبار .
وأمّا ثانيا فلأنّه لا يدلّ بوجه من وجوه الدلالات على أن ذلك - الخليفة التي هو جاعلها - آدم .
 
قال رضي الله عنه :  (وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الذي نصّ الله عليه ) وبيّن أن مرتبة الكلام من المراتب له الكمال في المجالي الوجوديّة لأنّه مع ظهور الأمر فيه ، مظهر إيّاه ، كاشف عن الخصائص والأوصاف ووجوه التفاصيل التي فيه . ومن ثمّة ترى دلائل خلافة آدم في هذه المرتبة إجماليّة ، لعدم ظهور الخلافة بأحكامها الخصيصة بها فيه مفصّلا ، بل كان فيه مجملا وبالقوّة .
وإلى مثل هذا أشار بقوله : ( فاجعل بالك لإخبارات الحقّ عن عباده إذا أخبر ) فإنّها كاشفة عن المرتبة التي لذلك العبد ، مبيّنة عن مبلغ كماله فيها ، كما في قصّة آدم وإجمال حكم خلافته .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته ، قلنا ما نصّ مثل التّنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [ البقرة : 30 ] ولم يقل إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ولو قال أيضا مثل ذلك ، لم يكن مثل قوله :" إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً" [ ص : 26 ] في حقّ داود ، فإنّ هذا محقّق وذلك ليس كذلك . وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الّذي نصّ اللّه عليه فاجعل بالك لإخبارات الحقّ عن عباده إذا أخبر . )

قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت : وآدم عليه السلام ) أيضا ( قد نص ) ، أي اللّه سبحانه ( على خلافته ) فليس داود مخصوصا بالتنصيص على خلافته ( قلنا ما نص ) على خلافة آدم ( مثل التنصيص على ) خلافة ( داود وإنما قال سبحانه للملائكة ) في قصة آدم عليه السلام (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ولم يقل سبحانه ( إني جاعل آدم في الأرض خليفة ) فيحتمل أن يكون الخليفة الذي أراده اللّه سبحانه غير آدم بأن يكون بعض أولاده ( ولو قال ) أيضا : "إني جاعل آدم خليفة" .
 
قال رضي الله عنه :  ( لم يكن مثل قوله :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً) بضمير الخطاب ( في حق داود فإن هذا أمر محقق ) ليس فيه احتمال غير المقصود ( وذلك ) ، أي قوله : إني جاعل آدم خليفة ( ليس كذلك ) ، أي مثل قوله :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً، فضمير المخاطب لا يحتمل الغير بخلاف اسم الغائب .
ثم لما كان ههنا مظنة أن يقال : ذكر آدم في القصة قرينة دالة على أن المراد بالخليفة آدم عليه السلام ، فيكون التنصيص عليه مثل التنصيص على داود عليه السلام دفعه بقوله :
 
قال رضي الله عنه :  ( وما يدل ذكر آدم عليه السلام في القصة بعد ذلك ) دلالة تحتمل الغير ( على أنه ) ، أي آدم عليه السلام ( عين ذلك الخليفة الذي نص اللّه عليه ) لاحتمال أن يكون بعض أولاده كما قلنا ، مع أن التنصيص الحاصل بلا قرينة ليس مثل التنصيص الواقع بها كما لا يخفى.
 
قال رضي الله عنه :  ( فاجعل بالك لإخبارات الحق سبحانه عن عباده ) ، فاجتهد في إدراك خصوصيتها ( إذا أخبر ) عنهم حتى يفهم ما فضل به بعضهم على بعض.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:50 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.  . ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حقّ إبراهيم الخليل :قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [ البقرة : 124 ] ولم يقل خليفة ، وإن كنّا نعلم أنّ الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها ، لأنّه ما ذكرها بأخصّ أسمائها وهي الخلافة .  ثمّ في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلّا عن اللّه تعالى فقال له فاحكم بين النّاس بالحقّ ، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهيّ فيهم ، وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلّا في التّنصيص عليه والتّصريح به .  وللّه في الأرض خلائف عن اللّه ، وهم الرّسل . وأمّا الخلافة اليوم فعن الرّسل لا عن اللّه . فإنّهم ما يحكمون إلّا بما شرع لهم الرّسول لا يخرجون عن ذلك . غير أن ههنا دقيقة لا يعلمها إلّا أمثالنا . وذلك في أخذ ما يحكمون به ممّا هو شرّع للرّسول عليه السّلام.)
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك) ، أي مثل آدم في عدم التصريح بالخلافة ، قال اللّه تعالى (في حق إبراهيم الخليل) عليه السلام إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً[ البقرة : 124] ، أي ليقتدوا بك في جميع شؤونهم ولم يقل له اللّه تعالى : إني جاعلك للناس خليفة عني وإن كنا نحن معاشر العارفين نعلم يقينا (أن الإمامة هنا خلافة) عن اللّه تعالى في الأرض ولكن هذه الخلافة ما هي بمعنى الإمامة (ما هي مثلها) ، أي مثل خلافة داود (ولو ذكرها) اللّه تعالى ، أي هذه الخلافة بمعنى الإمامة (بأخص أسمائها وهي) ، أي أخص الأسماء والتأنيث من قبيل قولهم  :
وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدم
 
"" البيت للأعشى. يخاطب عمير بن عبد الله بن المنذر وكان بينهما مهاجاة.
وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدّم
، وتشرق:بالنصب عطفا على فعل منصوب في بيت سابق ..
ومعنى تشرق: ينقطع كلامك في حلقك، يريد أنه ينقطع كلامك حتى لا تقدر على أن تتكلم لما تسمعه من هجائي لك، بسبب ما تذيعه وتنشره من السب والشتم لي...
كما شرقت صدر القناة، يريد: أنّ الدم إذا وقع على صدر القناة وكثر عليها لم يتجاوز الصدر إلى غيره لأنه يجمد عليه، فأراد أنّ كلامه يقف في حلقه ولا يمكنه إخراجه كما يقف الدم على صدر القناة فلا يذهب ...
و «ما» في «كما» مصدرية.والشاهد: أن كلمة «صدر» اكتسبت التأنيث من القناة، بالإضافة ولذلك أنّث الفعل المسند إليه وهو «شرقت» لأن المضاف يكتسب من المضاف إليه عشرة أشياء: التعريف، والتنكير، والاستفهام، والشرط، والتأنيث والتذكير، والبناء، ومعنى الظرف من الزّمان والمكان، ومعنى المصدر . أهـ""
 
قال رضي الله عنه :  (الخلافة) فقال تعالى : إني جاعلك للناس خليفة عني لم يكن ذلك مثل التنصيص على خلافة داود عليه السلام ، لأن خلافة داود عليه السلام خلافة حكم بين الناس وهذه خلافة علم ومتابعة فليست مثلها .
قال رضي الله عنه :  (ثم في داود) عليه السلام (من الاختصاص بالخلافة) الإلهية عن اللّه تعالى أن جعله ، أي اللّه تعالى (خليفة حكم) في الأرض بين الناس (وليس ذلك) الاستخلاف بالحكم في الأرض بين الناس إلا نيابة (عن اللّه تعالى فقال) ، أي اللّه تعالى له ، أي لداود عليه السلام بعد التنصيص على خلافته فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ[ ص : 26 ] .
 
فأعلمه أنه خليفة حكم (وخلافة آدم) عليهما السلام (قد لا تكون من هذه المرتبة) ، أي مرتبة خلافة الحكم في بنيه بالحق إذ ليس فيها من التصريح بذلك مثل هذه الخلافة الداودية (فتكون خلافته) ، أي آدم عليه السلام (أن يخلف من كان فيها) ، أي في الأرض قبل ذلك ، أي قبل استخلاف آدم عليه السلام وهم الجن الذين كانوا يسكنون في الأرض لا أنه ، أي آدم عليه السلام نائب عن اللّه تعالى (في خلقه بالحكم الإلهي فيهم ) مثل داود عليه السلام ، فإنه نائب عن اللّه تعالى بالحكم الإلهي في الخلق (وإن كان الأمر كذلك وقع) ،
أي أن آدم عليه السلام نائب عن اللّه تعالى في خلقه بالحكم الإلهي (ولكن ليس كلامنا) الآن (إلا في التنصيص عليه) ، أي على هذا الأمر الواقع والتصريح به ، أي بهذا الأمر المذكور وللّه تعالى في الأرض خلائف جمع خليفة عن اللّه تعالى في العلم والحكم (وهم الرسل) عليهم السلام سواء ورد ذكر خلافتهم في القرآن أو لم يرد ذكرها .
 
قال رضي الله عنه :  (وأما الخلافة اليوم) في الأولياء (فعن الرسل) عليهم السلام (لا عن اللّه) تعالى (فإنهم) ، أي الخلفاء اليوم (ما يحكمون) بين الناس في الظاهر والباطن (إلا بما شرع) ، أي بين (لهم الرسول) صلى اللّه عليه وسلم من الأحكام الإلهية لا يخرجون عن ذلك أصلا في قول أو عمل أو اعتقاد أو حال غير أن ههنا في هذه المسألة إشارة (دقيقة) جدا .
(لا يعلمها) ذوقا وكشفا (إلا أمثالنا) من المحققين أصحاب الوراثة الكاملة والدائرة الكبرى الشاملة وإذا سمعها الأجنبي عن هذا المقام يتخيلها بعقله فيظن أنه عرفها فربما ينكرها الظهور عنده بخلاف ما هي عليه في نفسها عند صاحبها المتحقق بها .
(وذلك) ، أي ما ههنا من تلك الدقيقة في كيفية أخذ ما يحكمون ، أي الخلفاء (به بما هو شرع للرسول عليه السلام) مقرر عنه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل. وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك.
غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.).


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل : قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً . ولم يقل خليفة وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة ولكن ما هي مثلها لأنه ) أي الشأن .
( ما ذكرها ) أي ما ذكر الحق الإمامة ( بأخص أسمائها وهي الخلافة ) وغيرها فالامامة تعم الخلافة وغيرها.
 ( ثم في داود عليه السلام من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم وليس ذلك ) أي خليفة حكم .
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا عن اللّه فقال :فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ، وخلافة آدم عليه السلام قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها ) أي في الأرض .
( قبل ذلك ) أي قبل آدم عليه السلام من الملائكة ( لا أنه ) أي لا يدل أن آدم عليه السلام ( نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهي فيهم وإن كان الأمر كذلك وقع ) أي وإن كان آدم نائبا عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهي فيهم في نفس الأمر .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولكن ليس كلامنا ) في حق داود عليه السلام ( إلا في التنصيص عليه ) أي على داود عليه السلام ( والتصريح به ) فامتاز داود عليه السلام عن آدم عليه السلام في الخلافة تنصيصها ( وللَّه في الأرض خلائف عن اللّه وهم الرسل ) فلا اختصاص في الخلافة كما اختص داود عليه السلام إلا على تنصيصها .
قال رضي الله عنه :  ( وأما الخلافة اليوم ) أي الخلافة التي بعد انقضاء الرسل ( فعن الرسل لا عن اللّه فإنهم ) أي الخلفاء اليوم ( ما يحكمون إلا بما شرّع لهم الرسول عليه السلام ولا يخرجون عن ذلك ) التشريع (غير أن هنا ) أي إلا أن في مقام الخلافة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( دقيقة لا يعلمها ) ذوقا وحالا ( إلا أمثالنا ) في العلم والمرتبة ( وذلك ) الدقيقة المعلومة لنا حاصلة ( في أخذ ما يحكمون به ) ومن في ( مما ) بيان لما ( هو ) راجع إلى ما في مما ( شرّع للرسول عليه السلام ) على البناء للمجهول من التشريع .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.  . ).


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة. ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به. ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل. وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.).
معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.).


قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك في حق إبراهيم : " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ، ولم يقل : خليفة ، وإن كنّا نعلم أنّ الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها لو ذكرها بأخصّ أسمائها وهي الخلافة . ثم في داوود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلَّا عن الله تعالى فقال له : « فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ  ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحكم مستنده إلى حضرة الاسم « الله » فإنّ الحكم لله ، والألوهية كمال الحكم والتصرّف بالفعل والإيجاد والاختراع .
 
قال رضي الله عنه :  ( وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ، فتكون خلافته أن « 3 » يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم ، وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلَّا في التنصيص عليه والتصريح به ، ولله في الأرض خلائف عن الله وهم الرسل ، وأمّا الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله ) يريد بها الخلافة الظاهرة بالملك والسيف .
 
قال رضي الله عنه : ( فإنّهم ما يحكمون إلَّا بما شرع لهم الرسول ، ولا يخرجون عن ذلك غير أنّ هنا دقيقة لا يعلمها إلَّا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به ممّا هو شرّع للرسول عليه السّلام ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحاكم من الخلفاء الإلهيّين الآخذين الخلافة عن الله - بعد أن يرثها عمّن استخلفه بما يأخذ الحكم أيضا كذلك عن الله فيحكم بحكم الله - عليه أن يحكم تحكيمه إيّاه في خلقه ، ويطابق حكمه حكم المشروع ، فهو مأمور من قبل لله بالحكم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.).


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل عليه السلام : " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً "  ولم يقل خليفة  وإن كنا نعلم أن الإمامة هاهنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة ، ثم في داود عليه السلام من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلا عن الله ).
 
"" أضاف بالى زادة : فلا تكون نفس الخلافة لداود المنة الكبرى ، بل التنصيص على خلافته لعموم الخلافة وخصوص تنصيصه ، وإنما كان تنصيصه منه دون تنصيص سائر النعم ، لأن الخلافة مرتبة الألوهية ، ومرتبة الألوهية أعلى المراتب كلها فتنصيصه كذلك اهـ بالى .
 
فالإمامة تعم الخلافة وغيرها ، وهذه المرتبة والمساواة برسول الله لمن سبقت له العناية من كبار الأولياء ، واتحاد الولي مع النبي في درجة واحدة لا ينافي أفضلية الأنبياء على الأولياء. اهـ بالى . ""
أي لا تسند الحكم إلا إلى حضرة الاسم الشامل كلها وهو الله - فإن الحكم لله ، والإمامة بالنسبة إلى الخلافة كالولاية بالنسبة إلى النبوة ، فكما أن الولي قد لا يكون نبيا كذلك الإمام قد لا يكون خليفة والخليفة بمعنى من يخلف ، فلا يكون خليفة حتى يحكم الله على خلافته ، وداود كان كذلك قد أمره الله بالحكم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال له " فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ " وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به ، ولله في الأرض خلائف عن الله وهم الرسل . وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن الله ، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك ، غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام ) .
 
يعنى خلفاء الرسول لهم الخلافة الظاهرة لا يخرجون عما شرع لهم ، ومنهم من يأخذ الحكم الذي شرع للرسول عن الله ، فهو خليفة الله باطنا يأخذ الحكم عنه ، وخليفة الرسول ظاهرا بأن يكون حكمه المأخوذ من الله مطابقا للحكم المشروع الذي ورثه من الرسول ، فهو مأمور من قبل الله أن يحكم بحكمه الذي جاء به الرسول في خلقه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام. ).


قال رضي الله عنه :  (وكذلك في حق إبراهيم الخليل ، قال : " إني جاعلك للناس إماما " . ولم يقل : خليفة . وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها ، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة . ) كله غنى عن الشرح .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم ، في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم . وليس ذلك إلا عن الله تعالى ، فقال : "فاحكم بين الناس بالحق" . وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ، فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم . وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به . )
 
أي ، اختص داود ، عليه السلام ، بالخلافة في الحكم ، ليحكم على العالمين بالحق .
وليست هذه الخلافة إلا عن الله ، فإن الله هو الحاكم على عباده لا غيره .
وخلافة آدم وإن كانت أيضا واقعة من الله ، لكن لما لم يكن منصوصا عليه بالخلافة من الله في الحكم ، يمكن أن يتوهم متوهم أنه خليفة ممن سبقه من الملائكة أو غيرها .
 
( وانه ) وفي بعض النسخ عوض ( وإنه ) : " ولله في الأرض" ( خلائف عن الله هم الرسل . وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن الله . ) الضمير للشأن .
أي ، والشأن أنه في الأرض خلفاء عن الله ظاهرا وباطنا .
أما ظاهرا ، فهم الرسل ومتابعوهم من العلماء بالشرائع والأحكام الإلهية ، كالأئمة والمجتهدين في الأمة المحمدية  ، وأما باطنا ، فكالكمل والأقطاب ، وسنذكره .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنهم لا يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول ، لا يخرجون عن ذلك . غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول . )
 
الدقيقة هي أن الأولياء الكمل لغاية صفاء بواطنهم وظهور الحق و تجليه فيهم ، يعلمون بعض أحكام الله ويأخذونه منه ، كما يأخذ الرسول أو الملك منه ، فيحكمون به . وذلك إما بانكشاف الأعيان الثابتة وأحكامها ، وإما بإخبار الله عن تلك الأحكام . كما مر في ( الفص الشيثي ) .
 
وقوله رضي الله عنه   : ( ذلك ) إشارة إلى الدقيقة ، ذكره باعتبار المعنى . و ( شرع ) على صيغة المبنى للمفعول .
و ( من ) في ( مما ) بيان ما يحكمون به . أي ، وتلك الدقيقة في صورة أخذ ما يحكمون به من الحق سبحانه من حكم ما هو شرع للرسول .
ويجوز أن يكون مبنيا للفاعل . و ( من ) صلة ( الأخذ ) ، و ( ما ) عبارة عن الحق .
أي ، ذلك في أخذ ما يحكمون به من الحق الذي هو شرعه للرسول .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:53 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح بهولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.  . ).
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك في حقّ إبراهيم الخليل " :قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " [ البقرة : 124 ] ، ولم يقل خليفة ، وإن كنّا نعلم أنّ الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها ؛ لأنّه ما ذكرها بأخصّ أسمائها وهي الخلافة )
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي : مثل قوله :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30]
في عدم التنصيص على الخلافة في حقّ آدم ، قوله : ( في حق إبراهيم الخليل عليه السّلام :إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً )[ البقرة : 124] ،
وإن صار بالخطاب في حكم المنادى العلم ، وكان اسم الفاعل فيه بمعنى الماضي أو الحال ؛ وذلك لأنه ( لم يقل ) في حقه : إني جاعلك ( خليفة ) ، بل قال :إِماماً، وهو مشترك بين الخلافة وإمامة الصلاة ، فلا يكون نصّا في الخلافة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كنا نعلم ) بالقرينة ( أن الإمامة هنا ) ليست إمامة الصلاة ، بل إنما هي ( خلافة ، ولكن ما هي ) أي : لفظة الإمامة ( مثلها ) أي : مثل لفظة الخلافة في إفادة التنصيص ؛ ( لأنه ) إنما يحصل التنصيص على الشيء إذا ذكر بأخص أسمائه ، وهو سبحانه وتعالى ( ما ذكرها ) أي : خلافة إبراهيم ( بأخص أسمائها ، وهي الخلافة ) المنفردة بهذا المعنى ، فلا تحوج إلى قرينة بخلاف اللفظ المشترك ؛ فإنه يحوج إليها فلا تتم دلالته بدونها فكأنها عقلية لا لفظية .
قال رضي الله عنه :  )ثمّ في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلّا عن اللّه تعالى فقال له فاحكم بين النّاس بالحقّ ، وخلافة آدم عليه السّلام قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهيّ فيهم ، وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلّا في التّنصيص عليه والتّصريح به ، وللّه في الأرض خلائف عن اللّه ، وهم الرّسل . وأمّا الخلافة اليوم فعن الرّسل لا عن اللّه ، فإنّهم ما يحكمون إلّا بما شرع لهم الرّسول لا يخرجون عن ذلك ، غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلّا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به ممّا هو شرّع للرّسول عليه السّلام ،)


قال رضي الله عنه :  ( ثم ) إن خلافة آدم عليه السّلام وإن ذكرت بأخص أسمائها ، فلا تبلغ رتبة خلافة ( داود ) ، إذ في خلافة داود عليه السّلام وجه ( من الاختصاص بالخلافة ) الإلهية ليس ذلك في خلافة آدم عليه السّلام ، وهو ( أن جعله خليفة حكم ) إلهي إذ رتبه على خلافته ، فكانت خلافته خلافة عن اللّه ؛ وذلك لأنه ( ليس ذلك ) الحكم إلا في الخلافة ( عن اللّه ) ، فأراد الحق التنصيص على ذلك ، فقال له :فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ ،ثم زاد تنصيصا بقوله :بِالْحَقِّ ،( وخلافة آدم عليه السّلام ) بحسبما يفهم من قوله :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ،( قد لا يكون ) بحسب الاحتمال لمن لم ينظر في الواقع ، بل اقتصر نظره على هذه اللفظة ( من هذه المرتبة ) أي : خلافة الحكم ، ( فتكون خلافته ) على ذلك الاحتمال بمعنى : ( أن يخلف ) أي : ينوب ( من كان فيها ) أي :
في الأرض من الجن أو غيرهم ( قبل ذلك ) أي : وجود آدم ( لا ) بمعنى ( أنه نائب عن اللّه ) استخلفه ( في خلقه ) ، فأقامه ( بالحكم الإلهي فيهم ) مقامه ، فإن اللفظ ليس فيه بل يحتمل له ، ولما ذكرناه .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان الأمر ) أي : أمر خلافة آدم عليه السّلام ( كذلك ) أي : مثل خلافة داود ( وقع ) ، فكانت خلافة عن اللّه في الحكم الإلهي ، ( ولكن ليس كلّ منّا إلا في التنصيص عليه ) أي :
على كونه خليفة حكم ، ( والتصريح به ) من اللّه تعالى باللفظ ، وإن كانت القرائن كالمصرحة بهذا الأمر ، وإلا فنحن لا ننكر خلافة آدم وإبراهيم - عليهما السّلام - عن اللّه في الحكم مع هذه النصوص ، مع أنّا نقر بخلافة من لم يذكر اللّه خلافتهم أصلا ، ونقول :
قال رضي الله عنه :  ( « وللّه في الأرض خلائف » ) لا بمعنى أنهم خلفوا من تقدمهم ، بل بمعنى أنهم خلفاء ( عن اللّه ) في حكمة .
ولما أوهم ذلك أنه يعم كل خليفة نبيّا أو غيره ، أزال ذلك بقوله : ( وهم الرسل ) ، وفيه إشارة إلى حصول هذه الرتبة لنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم ، وعدم التنصيص في حقه إن صح ؛ فلعدم الحاجة إليه لظهور دينه على الدين كله إلى يوم القيامة ، وكذلك خلافة إلهية ، وقد قام مقام الحق في أن صار الخلفاء بعده خلفاء عنه ، وهم في ذلك في معنى الخلفاء عن اللّه ،
 
وإليه الإشارة بقوله : ( « وأما الخلافة اليوم » ) أي : بعد الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، ( فعن رسل اللّه لا عن اللّه ) ، وإن كان فيهم من بلغ رتبة الكشف ، ( فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك ) ، وإن كوشفوا بخلافه إذ شرعه غير قابل للنسخ ، وليس لهم رتبة التشريع (غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا ) من أهل الكشف دون أهل الظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك في أخذ ما يحكمون به ) ، فإنهم لا يأخذونه عن الرسول ، وإن كان ( مما هو شرع للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ) ؛ لأن ذلك نوع تقليد ، وهم قادرون على التحقيق بالمعاينة ، لكن لا تكون معاينتهم مخالفة لما جاء به الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، فإن وقعت المخالفة ؛ فهي ابتلاء من اللّه تعالى لا يعمل بها الولي كما صرّح به الشيخ رحمه اللّه في مواقع النجوم ، ونقله صاحب تحفة البررة عن الشيخ روزبهان السراري رحمه اللّه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح بهولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.  . ).


قال رضي الله عنه :  (وكذلك في حقّ إبراهيم الخليل : “إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً“) [ 2 / 124 ] فإنّه وإن دلّ على وجوه من الكمال الذي له حيث خاطبه وخصّصه بإمامة الناس والإمام هو المقدّم رتبة وشرفا ، فعلا وقولا ،
ليقتدى به الأمم فالإمامة أخصّ من الخلافة ، وكل خاصّ يستلزم عامّه ، ولكن لما قال « إماما » ( ولم يقل : « خليفة » ) ما دلّ على خصوصية كمال الخلافة فيه وما ظهر ذلك منه ، ( وإن كنّا نعلم ) ضمنا بحسب النظر العقليّ - كما عرفت آنفا .
قال رضي الله عنه :  ( أن الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها لو ذكرها بأخصّ أسمائها ، وهي الخلافة ) كما في خلافة داود ، فإنّه ذكرها باسمها الخاصّ بها ، مفوّضا لها إيّاه ، دون خلافة إبراهيم ، وإن كان لذلك أيضا وجوه من الكمال ، قد خلت عنها غيره ،
من جملتها التعبير عن تقدّم إبراهيم فيه بالوجوه المذكورة بالجملة الاسميّة ، الدالَّة على الاستمرار الزماني وبالاسم الفاعل لئلا يتوهّم التجدّد الزماني في جعله إماما ، كما لغيره من الأنبياء ، فهو ذاتي له ، ولذلك ترى الخاتم يقتدي به في الصلاة عليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ) في الوجود الكلامي والتنزيل الختمي ، الذي هو منتهى مراتب الإظهار وغاية أمر الكلّ في تطورات الشعور والإشعار ، ( وليس ذلك ) الإظهار ( إلا عن الله ، فقال له : “  فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ “  [ 38 / 26 ] ،
وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ) .
في أمر الإظهار والتنصيص في التنزيل بالخلافة في الحكم ، الذي هو السلطنة ، فإنّ الخلافة قد تطلق على من يخلف من هو قبله ، فيحتمل أن يكون خلافة آدم من هذا القبيل ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فيكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب من الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم . وإن كان الأمر كذلك وقع ) في آدم بحسب الظهور ، فإن ظهور الخلافة فيهما سواء
( ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به ) في التنزيل الختمي العربيّ المبين ، الذي هو أجلى مراتب الإظهار ، وأتمّ أصناف الصور وأجلّ أطوارها .
 
 خليفة الله تعالى ، وخليفة رسول الله صلَّى الله عليه وآله
قال رضي الله عنه :  (وللَّه في الأرض خلائف عن الله ، وهم الرسل . وأمّا الخلافة اليوم فعن الرسول ، لا عن الله) وذلك لأنّ أمر الإظهار مطلقا - إمامة كان أو نبوّة ، أو رسالة أو خلافة - إنما يتمّ دائرة كماله ويختم خزائن ترقّيه بالخاتم الرسول ، فقبل بلوغ أمر الإظهار تلك المرتبة تكون الخلافة عن الله حتى يتمّ كماله ، فإذا بلغ وتمّ فإنّما يتفرّع من الخاتم ذلك ، كما لا يخفى . فالخلفاء بعد محمّد إنما هم عنه لا عن الله .
قال رضي الله عنه :  ( فإنّهم لا يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول ، لا يخرجون عن ذلك ) .
 
قال رضي الله عنه :  (غير أنّ هاهنا دقيقة ) ذوقيّة إنما يدركها أصحاب الرسول الخاتم برقيقة نسبتهم إليه ، وقرابتهم المورثة لهم عنه ( فلا يعلمها إلا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به ، مما هو شرع للرسول صلّى الله عليه وآله .)
 
ولا يخفى على من له ذائقة إدراك اللطائف من موائد الحقائق ، أن الأوضاع الشرعيّة والصور المنزلة الفرقانيّة والقرآنيّة بهيئاتها الجمعيّة الوحدانيّة ، من جملة الصور الشخصيّة التي للخاتم الرسول عليه السّلام ، الباقية على صفحات الأيّام مدى الدهور والأعوام .
فتلك الصورة هي محلّ استفاضة خواصّ امّته ، ومجلى هدايتهم ، فهو الطريق الأمم والصراط الأقوم لمن له نسبة القرابة المورثة إلى موطن تحقّق الخاتم ، ومأخذ أحكامه ، فإنّه إذا اجتمع النسبة المعنويّة المورثة مع صورته الختمية لا يمكن أن يكون لذلك عائق عن الوصول .
 
وإلى ذلك أشار بقوله  صلّى الله عليه وآله: " إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي " .
فمن سلك مسلكه من وارثيه وتصوّر بصورته الباقية ، لا بدّ وأن يصل إلى الحقّ ،
 
ويأخذ الأحكام من معدنه ، ولكن في مادة الخاتم أيضا .
فإن الواصل هو الرقيقة الاتحادية الأصليّة ، في صورة شخصيّة الخاتم ، فهم في صورة الخفاء والكمون بين أصحاب الخاتم . وإلى مثل ذلك أشار حيث لم يقل : « منّا »
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح بهولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حقّ إبراهيم الخليل :"قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً"[ البقرة : 124 ] ولم )


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) الحال ( في حق إبراهيم الخليل ) عليه السلام ليس التنصيص على خلافته مثل التنصيص على خلافة داود ، فإنه تعالى قال في حق الخليل عليه السلام : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً )


قال رضي الله عنه :  ( يقل خليفة ، وإن كنّا نعلم أنّ الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها ، لأنّه ما ذكرها بأخصّ أسمائها وهي الخلافة . ثمّ في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلّا عن اللّه تعالى فقال له فاحكم بين النّاس بالحقّ ، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهيّ فيهم ، وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلّا في التّنصيص عليه والتّصريح به . وللّه في الأرض خلائف عن اللّه ، وهم الرّسل . وأمّا الخلافة اليوم فعن الرّسل لا عن اللّه . فإنّهم ما يحكمون إلّا بما شرع لهم الرّسول لا يخرجون عن ذلك . غير أن ههنا دقيقة لا يعلمها إلّا أمثالنا . وذلك في أخذ ما يحكمون به ممّا هو شرّع للرّسول عليه السّلام . )
 
ولم يقل له خليفة ، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة ولكن ما هي مثلها لأنه ما ذكرها ) ، أي الخلافة ( بأخص أسمائها وهي الخلافة ) ، لأنها خصوص مرتبة في الإمامة .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم في داود ) عليه السلام ( من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ) بأن حكم بين الناس بدلا من المستخلف ( وليس ذلك ) المذكور من الخلافة في الحكم ( إلا عن اللّه ) تعالى ( فقال ) تعالى ( له "فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ " وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ) بحسب الاحتمال العقلي واللفظي .
 
قال رضي الله عنه :  ( فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها ) ، أي في الأرض ( قبل ذلك ) من الملك والجن وغيرهما ( لا أنه نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهي فيهم وإن كان الأمر كذلك وقع ) فإن آدم عليه السلام خليفة في الحكم عن اللّه بحسب الواقع ( ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به . وللّه في الأرض خلائف عن اللّه وهم الرسل ) صلوات الرحمن عليهم ، ( وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن اللّه . فإنهم لا يحكمون إلا بما شرع الرسول لا يخرجون عن ذلك غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا وذلك ) المذكور من الدقيقة واقع .
قال رضي الله عنه :  ( في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع ) على صيغة المصدر
 
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالل

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالخليفة عن الرّسول من يأخذ الحكم بالنّقل عنه صلى اللّه عليه وسلم أو بالاجتهاد الّذي أصله أيضا منقول عنه صلى اللّه عليه وسلم . وفينا من يأخذه عن اللّه بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من حيث كانت المادّة لرسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فهو في الظّاهر متّبع لعدم مخالفته في الحكم كعيسى عليه السّلام إذا نزل فحكم ، وكالنّبيّ محمّد صلى اللّه عليه وسلم في قوله :أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ[ الأنعام : 90 ] .  وهو في حقّ ما يعرفه من صورة الأخذ مختصّ موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرّره النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم من شرع من تقدّم من الرّسل بكونه قرّره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنّه شرع لغيره قبله . )
 
قال رضي الله عنه :  (فالخليفة عن الرسول) صلى اللّه عليه وسلم في تقديره للأمة وتفصيله لهم والحكم به هو كل (من يأخذ الحكم الإلهي) في قضيته (بالنقل عنه) ، أي عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم حيث ورد التصريح به في كتاب أو سنة أو اجتمعت عليه الأمة أو يأخذه (بالاجتهاد) وهو الاستنباط بالفهم والمقايسة مما ورد في الكتاب والسنة أو الإجماع (الذي أصله) ، أي الاجتهاد أيضا ، أي مثل الكتاب والسنة أو الإجماع منقول ، أي الإذن فيه والإجازة له عنه صلى اللّه عليه وسلم قال تعالى :لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ[ النساء : 83 ] .
 
وقال عليه السلام : « من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر »  ولما أرسل النبي صلى اللّه عليه وسلم معاذا إلى بلاد اليمن قال له : « بماذا تحكم يا معاذ فقال : أحكم بكتاب اللّه تعالى ، قال : فإن لم تجد ، قال : فسنة نبيه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : فإن لم تجد قال : أرى رأيي وأحكم فقال : اللهم وفق رسول رسولك » رواه أبو داود والترمذي .
 
قال رضي الله عنه :  (وفينا) ، أي معشر المحققين من أهل اللّه تعالى العارفين (من يأخذه) ، أي الحكم الإلهي في القضية (عن اللّه) تعالى من غير واسطة دليل ظاهر (فيكون) حينئذ (خليفة عن اللّه) تعالى (بعين ذلك الحكم) الذي تلقاه من وحي الإلهام (فتكون المادة له) في تلقي ذلك الحكم عن اللّه تعالى (من حيث كانت المادة) فيه (لرسوله صلى اللّه عليه وسلم) وهذا المقام يسمى مقام القربة ، وللمصنف قدس اللّه سره في تبيينه وتحقيقه رسالة مستقلة ذكر فيها أن هذا مقام فوق الصديقية ودون النبوّة ، وإن أبا حامد الغزالي وبعض العارفين ينكره ويقول : ليس فوق الصديقية إلا النبوة .
 
والشيخ رضي اللّه عنه قد حقق به ووجده مذكورا في بعض كتب أبي عبد الرحمن السلمي نصا واسمه مقام القربة ، وأن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه كان له هذا المقام في زمان خلافته زيادة على مقام الصديقية .
ومن هذا المقام قاتل بني حنيفة وسباهم وقال عمر رضي اللّه عنه : فما هو إلا أن رأيت أن اللّه قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .
قال رضي الله عنه :  (فهو) ، أي صاحب هذا المقام المذكور (في الظاهر متبع) للرسول صلى اللّه عليه وسلم فيما جاء به من شرائع الأحكام (لعدم مخالفته) له (في الحكم) أصلا وهو في الباطن مستقل بأخذ عين الحكم الشرعي من اللّه تعالى بغير واسطة رسول من البشر وإليه الإشارة بقوله تعالى :يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ[ غافر : 15 ] الآية .
 
وقوله تعالى :قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي[ يوسف : 108 ]
فقد أخبر تعالى أن المتبع في الظاهر على بصيرة أيضا مثل الرسول صلى اللّه عليه وسلم كعيسى ابن مريم عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان فحكم بشريعتنا فإنه متبع في الظاهر ، وفي الباطن إنما هو مستقل بوحي اللّه تعالى إليه عين هذا الحكم الذي في شريعتنا ، ولا يأخذه عليه السلام من اجتهاد عقلي لعصمته من الخطأ واحتماله .
قال رضي الله عنه :  (وكان النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم في قوله) تعالى له عن الأنبياء الماضين عليهم السلام أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ[ الأنعام : 90 ] ، أي اتبع لهم في هداهم مع أنه صلى اللّه عليه وسلم يوحى إليه بعين ذلك الحكم المأمور بالاتباع فيه فهو متبع في الظاهر ومستقل في الباطن.
 
قال رضي الله عنه :  (وهو) ، أي صاحب هذا المقام (في حق ما نعرفه) نحن (من صورة) ، أي كيفية الأخذ ، أي أخذ الحكم عن اللّه مثل أخذ الأنبياء عليهم السلام لكن من وحي الإلهام لا وحي النبوة مختص بذلك دون غيره من أهل طريقه (موافق هو) ، أي صاحب هذا المقام فيه ، أي في الحكم المأخوذ للحكم الوارد عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم (بمنزلة ما قرره النبي صلى اللّه عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل) عليهم السلام بكونه ، أي بسبب كونه عليه السلام قرره ، أي ذلك الحكم (فاتبعناه من حيث تقريره) له صلى اللّه عليه وسلم لا اتبعناه (من حيث إنه) ، أي ذلك الحكم (شرع لغيره) عليه السلام قبله من شرائع المرسلين عليهم السلام .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه وسلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه ) هذا تفصيل لقوله وأما الخلافة اليوم فعن الرسل إلى قوله غير أن هنا شرع في تفصيل قوله غير أن هنا دقيقة إلى آخره بقوله ( وفينا من يأخذه ) أي الحكم.
( عن اللّه فيكون خليفة عن اللّه بعين ذلك الحكم ) أي الحكم الذي يأخذه خليفة الرسول بالنقل أو بالاجتهاد ويأخذ منا ذلك الحكم بعينه عن اللّه كما يأخذ الرسول عنه ( فتكون المادة له ) في أخذ الحكم .
 
قال رضي الله عنه :  ( من حيث كانت المادة لرسول اللّه ) عليه السلام وهذه المرتبة والمساواة برسول اللّه عليه السلام لمن سبقت له العناية الأزلية من كبار أولياء اللّه واتحاد الولي مع النبي في درجة واحدة وهي مادة أخذ العلم أو في غير ذلك من الكمالات لا ينافي أفضلية الأنبياء على الأولياء ( فهو ) أي من يأخذ الحكم عن اللّه ( في الظاهر ) متعلق بقوله
( متبع ) أي للرسول ( لعدم مخالفته ) الرسول ( في الحكم ) لكون الأخذ من معدن واحد ( كعيسى ) عليه السلام ( إذا نزل فحكم ) فإنه يأخذ الحكم عن اللّه ويتبع الرسول في الظاهر فيكون خليفة عن اللّه لا خليفة عن الرسول إذ لم يأخذ الحكم بالنقل عنه أو بالاجتهاد لكن بلسان الظاهر يقال خليفة رسول اللّه ( وكالنبي محمد عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى :أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ، فقد أمر اللّه تعالى الرسول باتباع هدى الأنبياء والمرسلين فالهدى حقيقة واحدة تدوم بدوام الإنسان إلى يوم القيامة باتباع اللاحق بالسابق .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي الأخذ عن اللّه تعالى ( في حق ما نعرفه ) على صيغة التكلم أو الغائب ( من صورة الأخذ ) بيان لما ( مختص ) أي لا يأخذ الحكم إلا عن اللّه ( موافق ) للرسول في الحكم فقوله وهو مبتدأ مختص خبره وموافق صفة مختص أو خبر ثان ( هو ) مبتدأ أي ذلك الأخذ ( فيه ) أي في أخذه عن اللّه وتقرير شرع رسول اللّه عليه السلام وخبر المبتدأ قوله : ( بمنزلة ما قرره النبي من شرع من تقدم من الرسل ) قوله ( بكونه ) يتعلق بقوله ( قرره ) أي قرر الرسول شرع من تقدم من الرسل بإيجاده لا بالنقل عنهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فاتبعناه ) أي الرسول فيما قرره من شرع من تقدم ( من حيث تقريره ) أي تقرير الرسول ( لا من حيث أنه هو شرع لغيره قبله ) إذ لا يكون من هذه الحيثية شرع محمد صلى اللّه عليه وسلم فنحن مأمورون باتباع شريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم لا باتباع شريعة غيره من الرسل.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).


قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم. وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).


قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه وسلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم وفينا من يأخذه عن الله ، فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من حيث كانت المادّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في الظاهر متّبع ، لعدم مخالفته في الحكم ، كعيسى إذا نزل فحكم ، وكان النبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم في قوله : " أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه ْ "   وهو في حق ما يأخذه من صورة الأخذ مختصّ موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرّره النبيّ صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدّم من الرسل بكونه قرّره ، فاتّبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنّه شرع لغيره قبله )،
 
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الخليفة منّا أو الرسول فيما أمر باقتداء هدى الله الذي هدى به من قبله من الأنبياء وإن وقعت صورة الاقتداء والاتّباع ، فإنّ ذلك منهم موافقة لكونه مختصّا بالحكم من الله ، فإنّه وإن وقع الحكم بما يحكم به من قبله ، ولكنّه أخذ الحكم عن الله لا عمّا أخذه العامّة من علماء الرسوم ، وإن اشتركهم في شيء خصّصت به من بينهم وحدي ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه وسلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه عليه الصلاة والسلام ، وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله عليه الصلاة والسلام : أي مأخذ حكمه حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم كعيسى عليه السلام إذا نزل فحكم ، كالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله « أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه » وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق هو فيه بمنزلة ما قرره النبي عليه الصلاة والسلام من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث أنه شرع لغيره قبله ،)
 
أي الخليفة من الوالي الآخذ الحكم عن الله متبع في الظاهر لعدم مخالفته في الحكم كعيسى حين ينزل فيحكم بما حكم محمد صلى الله عليه وسلم فيما أمر باقتداء هدى الله الذي هدى به من قبله من الأنبياء ، فإنه مختص بالحكم من الله باعتبار أخذه منه موافق لما كان قبله في صورة الحكم صورته صورة الاقتداء ، وهو مأمور به على وجه الاختصاص من عند الله ،
فهذا الخليفة مختص لأنه أخذ الحكم عن الله لا عما أخذه علماء الرسوم بالنقل ، ومشارك لهم في ذلك الأخذ أيضا فهو معهم مثل ما قالوا فيه :
لي سكرتان وللندمان واحدة  .... شيء خصصت به من بينهم وحدي
لأنه أخذ خلاف الأول كرفع القصاص مثلا .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه ، عليه السلام ، أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه ، عليه السلام . وفينا من يأخذه عن الله ، فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم ، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله ، صلى الله عليه
وسلم فهو ) أي ، ذلك الآخذ من الله .
 
قال رضي الله عنه :  ( في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم ، كعيسى ، عليه السلام ، إذا نزل فحكم . ) بما حكم به رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
 
قال رضي الله عنه :  (وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده".)
أمر نبينا ، عليه السلام ، باتباع هدى الذين سبقوا عليه من الأنبياء والرسل . لا باتباعهم ، بل باتباع هداهم ، ليكون آخذا من الله ، كما أخذوا منه .
فكذلك من له التأسي به في جميع أحواله ، يأخذ الحكم من الله تأسيا برسل الله ، صلوات الله عليهم أجمعين ، مع أنه في الظاهر متبع له وتحت حكمه .
 
قال رضي الله عنه :  (وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من شرع من تقدم من الرسل ، بكونه قرره.)
( هو ) مبتدأ ، خبره ( مختص ) ، ( موافق ) خبر ثان .
قوله : ( هو فيه ) مبتدأ آخر بمنزلة خبره .
ومعناه : هذا الولي الآخذ من الله ، عين الحكم الذي قرره الرسول الشارع ، مختص بالإختصاص الإلهي في حق ما يعرفه من صورة الأخذ ، أي مخصوص بهذا المعنى ، موافق لشريعة الرسول المشرع في ذلك الحكم .
( هو فيه )  أي ، هذا الآخذ فيما أخذه من الله وقرره في شرع رسول الله بمنزلة ما قرره رسول الله من أحكام شريعة من تقدم عليه من الرسل .
( فاتبعناه من حيث تقريره ، لا من حيث إنه شرع لغيره قبله . ) أي ، فاتبعنا ما قرر رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، من شرع من تقدم عليه من حيث إنه ، عليه السلام ، قرره وجعله من شريعته وأخبر أن الحكم كذلك عند الله ، لا من حيث إنه شريعة غيره . فإنا لسنا مأمورين بشريعة الغير .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالل

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).


قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرّسول من يأخذ الحكم بالنّقل عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أو بالاجتهاد الّذي أصله أيضا منقول عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ، وفينا من يأخذه عن اللّه بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من حيث كانت المادّة لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ، فهو في الظّاهر متّبع لعدم مخالفته في الحكم كعيسى عليه السّلام إذا نزل فحكم ، وكالنّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه وسلم في قوله :" أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ"[ الأنعام : 90 ] ، وهو في حقّ ما يعرفه من صورة الأخذ مختصّ موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرّره النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من شرع من تقدّم من الرّسل بكونه قرّره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنّه شرع لغيره قبله ).
 
قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول ) في الظاهر والباطن ( من ) لم ( تأخذ الحكم عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ) في الكتاب والسنة ( أو ) الإجماع إذ لا يخلو عن سند منهما إلا ( بالاجتهاد الذي أصله ) أي :
حكم أصله ، وهو المقيس عليه ( أيضا منقول عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، وإن لم ينقل عنه غير الأصل ، ولا تعديتها إلى الفرع ،
( وفينا من يأخذه عن اللّه ) ، وإن لم تكن له رتبة التشريع ، فيكون خليفة عن اللّه من حيث أخذه عن اللّه ، ولكن لعدم كونه مشرعا يأخذ ( بعين ذلك الحكم ) الذي جاء به الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، فهو وإن لم يكن له رتبة التشريع له أن يأخذ من مأخذ صاحب التشريع.
قال رضي الله عنه : ( فتكون المادة ) أي : مأخذ الحكم ( له ) أي : لهذا المكاشف ( من حيث كانت المادة لرسوله ) ، إذ لا حجز في الوصول إلى ذلك المكان من المكاشفة ، وإن حجز عن الأخذ بالزيادة والنقصان للتناقض لو كوشف بأخذها ابتلاء بخلاف الرسول إذا كوشف بأخذها بعد ما كوشف له أو لغيره من الرسول بخلافه ،
فهو أي : ذلك الأخذ عن اللّه ، وإن كان خليفة عنه في الباطن ( وهو في الظاهر متبع ) للرسول ؛ ( لعدم مخالفته في الحكم ) ، وإن خالف كشفه حينا مع أنه الأصل في التشريع والسابق في الزمان ، فهو خليفة عنه بهذا الاعتبار ، ولا بعد في ذلك ، فإنه فيه ( كعيسى عليه السّلام إذا نزل ) من السماء ، ( فحكم ) بالشرع المحمدي ، فهو متبع له عليه السّلام مع أنه أخذ عن اللّه وخليفة عنه ، وكان ( النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) فيما قرر من شرع من يقدمه ، فإنه متبع لما يقدمه ، وإن كان أخذا من اللّه بلا واسطة من تقدم ، كما ذكر في قوله تعالى : أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ[ الأنعام : 90 ] .
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يكون عيسى مقتديا بالنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، وهو عليه السّلام مقتد به فيما قرر من شرعه ، فيلزم أن يكون عيسى عليه السّلام مقتديا بمن اقتدى به في أمر هو به مستقل ، وهو باطل بالضرورة ؟
فأجاب عنه بقوله رضي الله عنه   : ( وهو ) أي : عيسى عليه السّلام ( في حق ما يعرفه من صورة الأخذ ؛ لكون ) شرعه قبل محمد عليه السّلام ( مختص بتشريعه ) ، ومستقل بشأنه غير مقتدي فيه من حيث هذا الاختصاص ، ولكن ( موافق هو ) أي : محمد صلى الله عليه وسلم إياه ( فيه ) ، فلما وافقه فيه فهو أي : ما يعرفه عيسى عليه السلام  من صورة الأخذ ، واختص به فوافقه محمد صلّى اللّه عليه وسلّم في حق عيسى عليه السلام  بعد نزوله تابعا لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ( بمنزلة ما قرره النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من شرع من يقدمه من الرسل ) عيسى عليه السلام  أو غيره إذا صار ذلك المقرر شرعه لا بطريق اقتدائه به في التحقيق ،
بل ( بكونه قرره فاتبعناه ) أي : طائفة الأمة فيه ( من حيث تقريره ) الذي جعله شرعه الواجب اتباعه فيه ( لا من حيث أنه شرع ) تقرير ( لغيره ) ،
 
وإن كان شرعا له إذ ليس علينا اتباع شرائعهم من حيث هي شرائعهم ، وصار عيسى عليه السّلام بعد النزول من أمته فاتبعه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرعه ( قبله ) ، حتى يكون مقتديا بمن اقتدى به في أمر هو فيه مستقل مختص إذ بطل اختصاصه ، واستقلاله بهذا الشرع المحمدي ، فلم يبق محمد مقتديا فيه ، وإن وافقه وقرره .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلّى الله عليه وآله أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه عليه السّلام ) .
ولا يخفى على من له ذائقة إدراك اللطائف من موائد الحقائق ، أن الأوضاع الشرعيّة والصور المنزلة الفرقانيّة والقرآنيّة بهيئاتها الجمعيّة الوحدانيّة ، من جملة الصور الشخصيّة التي للخاتم الرسول عليه السّلام ، الباقية على صفحات الأيّام مدى الدهور والأعوام .
 
فتلك الصورة هي محلّ استفاضة خواصّ امّته ، ومجلى هدايتهم ، فهو الطريق الأمم والصراط الأقوم لمن له نسبة القرابة المورثة إلى موطن تحقّق الخاتم ، ومأخذ أحكامه ، فإنّه إذا اجتمع النسبة المعنويّة المورثة مع صورته الختمية لا يمكن أن يكون لذلك عائق عن الوصول .
 
وإلى ذلك أشار بقوله  صلّى الله عليه وآله: « إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي » .
فمن سلك مسلكه من وارثيه وتصوّر بصورته الباقية ، لا بدّ وأن يصل إلى الحقّ ، ويأخذ الأحكام من معدنه ، ولكن في مادة الخاتم أيضا . فإن الواصل هو الرقيقة الاتحادية الأصليّة ، في صورة شخصيّة الخاتم ، فهم في صورة الخفاء والكمون بين أصحاب الخاتم . وإلى مثل ذلك أشار حيث لم يقل : « منّا »
 
وقال  رضي الله عنه :  ( وفينا من يأخذه عن الله ، فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من حيث كانت المادّة لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ) .
( فهو في الظاهر ) بصورة شخصيّته العنصريّة ( متّبع ، لعدم مخالفته في الحكم ) ، وإن كان في نفسه مستقلّ في أخذه ذلك الحكم ، ( كعيسى إذا نزل فحكم ) ، فإنّه في الظاهر متّبع ، وفي نفس الأمر مستقلّ .
وإذ كان للخاتم مرتبة تمام الإظهار في جميع ما يحقّق به غيره من الكمّل سرى ذلك في سائر الأحكام منه ، فكذا في أمر الاتّباع .
 
وإليه أشار بقوله : ( وكالنبي في قوله : “  أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه ْ “  ) [ 6 / 90 ] ، فإنّه ظهر أمر الاتّباع والاقتداء في مرتبة الإظهار الكلاميّ المعرب .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) - أي الحكم المأخوذ على الاستقلال من الوليّ المتّبع - ( في حقّ ما يعرفه من صورة الأخذ مختصّ ) بالآخذ من وجه و ( موافق ) لشرع النبيّ من آخر ، فالحكم المذكور للوليّ المتّبع ، ( هو فيه بمنزلة ما قرّره النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من شرع من تقدّم من الرسل ، بكونه قرّره ، فاتّبعناه من حيث تقريره ) الذي هو وجه موافقته ، ( لا من حيث أنّه شرع لغيره قبله ) الذي هو وجه الاختصاص .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرّسول من يأخذ الحكم بالنّقل عنه صلى اللّه عليه وسلم أو بالاجتهاد الّذي أصله أيضا منقول عنه صلى اللّه عليه وسلم . وفينا من يأخذه عن اللّه بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من )


قال رضي الله عنه : ( للرسول فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى اللّه عليه وسلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى اللّه عليه وسلم وفينا من يأخذه عن اللّه ) ، بلا واسطة وذلك
 
قال رضي الله عنه :  (حيث كانت المادّة لرسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فهو في الظّاهر متّبع لعدم مخالفته في الحكم كعيسى عليه السّلام إذا نزل فحكم ، وكالنّبيّ محمّد صلى اللّه عليه وسلم في قوله :أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [ الأنعام : 90 ] . وهو في حقّ ما يعرفه من صورة الأخذ مختصّ موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرّره النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم من شرع من تقدّم من الرّسل بكونه قرّره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنّه شرع لغيره قبله . )


لكمال متابعته للنبي صلى اللّه عليه وسلم فإنه وصل به إلى مقام يأخذ الحكم بلا واسطة كما أخذه صلى اللّه عليه وسلم بلا واسطة ( فيكون خليفة عن اللّه بعين ذلك الحكم ) لا بغيره ( فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) ، أي مأخذ حكمه مأخذ حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( فهو في الظاهر متبع ) له صلى اللّه عليه وسلم (لعدم مخالفته) له ( في الحكم ) ، وإن كان في الباطن مستقلا لأخذه عن اللّه بلا واسطة (كعيسى عليه السلام إذا نزل فحكم ) بما حكم به الرسول صلى اللّه عليه وسلم أخذا من اللّه كما أخذه صلى اللّه عليه وسلم.
 
قال رضي الله عنه :  ( وكالنبي محمد صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى :أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [ الأنعام : 90 ] حيث أمر باتباع هداهم لاتباعهم ليكون أخذا من اللّه كما أخذوا منه ، والفرق بين أخذ النبي وعيسى عليهما السلام وبين أخذ التابع بغير واسطة أن التابع وصل إلى هذا المقام بواسطة المتابعة ، وهما عليهما السلام لم يصلا إليه بواسطة متابعة أحد .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي الخليفة منا الآخذ الحكم عن اللّه ( في حق ما يعرفه ) ويتحقق به (من صورة الأخذ) من اللّه ( مختص ) بهذا الأخذ باطنا ( موافق ) للنبي صلى اللّه عليه وسلم ظاهرا ( هو ) ، أي هذا الخليفة ( فيه ) ، أي في الحكم الذي اختص بأخذه عن اللّه ( بمنزلة ما قرره النبي صلى اللّه عليه وسلم ) ، أي بمنزلة النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحكم الذي قرره ( من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره ) ، أي من حيث كونه قرره .
قال رضي الله عنه :  ( فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث أنه شرع لغيره قبله ،).

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.  فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن اللّه عين ما أخذه منه الرّسول فنقول فيه بلسان الكشف خليفة اللّه وبلسان الظّاهر خليفة رسول اللّه . ولهذا مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نصّ بخلافة عنه إلى أحد . ولا عيّنه لعلمه أنّ في أمّته من يأخذ الخلافة عن ربّه فيكون خليفة عن اللّه مع الموافقة في الحكم المشروع . فلمّا علم ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يحجر الأمر .  فللّه خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرّسول ما أخذته الرّسل عليهم السّلام . ويعرفون فضل المتقدّم هناك لأنّ الرّسول قابل للزّيادة : وهذا الخليفة ليس بقابل للزّيادة الّتي لو كان الرّسول قبلها . فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرع إلّا ما شرع للرّسول خاصّة ؛ فهو في الظّاهر متّبع غير مخالف ، بخلاف الرّسل . )

قال رضي الله عنه :  (وكذلك أخذ الخليفة) صاحب مقام القربة المذكور (عن اللّه) تعالى (عين ما أخذه منه) ، أي من اللّه تعالى الرسول صلى اللّه عليه وسلم فنقول معشر المحققين فيه ، أي في الخليفة المذكور (بلسان الكشف) عن حقيقة ما هو عليه في مقامه وذلك هو (خليفة رسول اللّه في الأرض ونقول أيضا فيه (بلسان الظاهر) من حاله هو (خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ ولهذا) ، أي لكون الأمر كما ذكر (مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نص) ، أي صرح بخلافة عنه صلى اللّه عليه وسلم إلى أحد من الصحابة رضي اللّه عنهم ولا عينه ، أي ذلك الأحد لعلمه صلى اللّه عليه وسلم (أن في أمته من يأخذ الخلافة) في الأرض (عن ربه) تعالى (فيكون) ذلك (خليفة عن اللّه) تعالى كما كانت الأنبياء والرسل عليهم السلام ، وهم الأفراد الخارجون عن نظر القطب.

قال رضي الله عنه :  (مع الموافقة) للرسول صلى اللّه عليه وسلم (في الحكم) الإلهي (المشروع) للأمة (فلما علم ذلك) في أمته صلى اللّه عليه وسلم إلى يوم خروج المهدي في آخر الزمان (لم يحجر الأمر) بالنص لأحد على الخلافة عنه وترك ذلك شورى بين الصحابة رضي اللّه عنهم (فللّه) تعالى (خلفاء) عنه سبحانه (في خلقه) ، أي مخلوقاته وليسوا بأنبياء (يأخذون) من علم الشرائع والأحكام ومعرفة الحلال من الحرام (من معدن الرسول) صلى اللّه عليه وسلم ،
أي موضع أخذه شريعته ومعدن الرسل عليهم السلام قبله ما ، أي الحكم مفعول يأخذون الذي

قال رضي الله عنه :  (أخذته الرسل عليهم السلام) فيكونون مستقلين موافقين في الباطن ومتبعين في الظاهر ومن هنا قال أبو القاسم الجنيدي رضي اللّه عنه المريد الصادق غني عن علم العلماء ، أي هو عالم بعلمهم من غير أن يحتاج إلى تعلمه منهم لأخذه ذلك عن اللّه تعالى إذا كان من أهل هذا المقام المذكور .

قال رضي الله عنه :  (ويعرفون) ، أي الخلفاء المذكورون (فضل) الرسول (المتقدم) عليهم الذي أخذوا من مأخذه (هناك) ، أي مما يأخذونه من الحكم الشرعي (لأن الرسول) الذي أخذوا من مأخذه (قابل للزيادة) في ذلك الحكم المشروع بإظهار حكم آخر ونسخ له (وهذا الخليفة) عن اللّه تعالى المذكور (ليس بقابل للزيادة) فيما أخذه عن اللّه تعالى من ذلك ( فلا يعطى) ، أي ذلك الخليفة من العلم الإلهي والحكم فيما ، أي في الأمر الذي شرع ، أي أظهر وبيّن لا تباعه إلا ما شرع الرسول لأمته خاصة ، من غير قابلية زيادة ولا نقصان ولهذا ورد في الحديث « الشيخ في أهله كالنبي في أمته » ، رواه الديلمي في مسند الفردوس .
وفي رواية ابن حبان في صحيحه . قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " الشيخ في بيته كالنبي في أمته " .


قال رضي الله عنه :  (فهو) ، أي الخليفة المذكور (في الظاهر متّبع) للرسول صلى اللّه عليه وسلم (غير مخالف) له أصلا وإن كان مستقلا في أخذ الحكم الشرعي عن اللّه تعالى بالرقيقة الممتدة له من روحانية جبريل عليه السلام تنفث في روعه بعين الحكم الذي نزل به جبريل عليه السلام على الرسول قبله وبعضهم يسميه جبريل عليه السلام ، ولكنه ما اتصف (بخلاف الرسل) عليهم السلام فإنهم يعطون زيادة في العلم والحكم .

 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها. فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل.) .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك ) يعني كما أن ما أخذه الرسول عن اللّه عين ما أخذه الرسل منه كذلك ( أخذ الخليفة عن اللّه عين ما أخذه منه الرسول فنقول فيه ) أي في حق الأخذ عن اللّه ( بلسان الكشف خليفة اللّه وبلسان الظاهر خليفة رسول اللّه ولهذا ) أي ولأجل أن من عباد اللّه من يأخذ الخليفة عن اللّه.

قال الشيخ رضي الله عنه : ( مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد عنه ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون ) ذلك الأخذ ( خليفة عن اللّه مع الموافقة ) لرسول اللّه ( في الحكم المشروع ) والنصوص الواردة في حق الأصحاب في الإمامة لا في الخلافة وإن كان الأمر قد وقع كذلك لكن أمر الخلافة لا كأمر الإمامة كما عرفت .
( فلما علم ذلك عليه السلام لم يحجر الأمر ) أي لم يمنع أمر الخلافة عن أحد فإذا لم يمنع الرسول الخلافة ( فللّه خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ) .
 

قوله ( ما أخذته الرسل ) مفعول يأخذون المعدن هو ذات الحق وأسمائه وصفاته ( ويعرفون ) عطف على يأخذ ( فضل المتقدم ) في الرتبة ( هنالك ) أي في الأخذ عن اللّه فإن الأخذ عن اللّه يتفاوت بحسب المشارب والمراتب وكم بين أخذ الأنبياء عن اللّه وبين الأولياء فيتفاوت أخذ الأنبياء بحسب درجاتهم .
قال اللّه تعالى :تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ[البقرة : 253 ] ،

وكذا الأولياء وإنما فضل الرسول على الخلفاء في المرتبة ( لأن الرسول قابل للزيادة وهذا الخليفة ) أي الخليفة الذي يأخذ عن اللّه مع الموافقة في الحكم المشروع للرسول ( ليس بقابل للزيادة التي لو كان ) هذا الخليفة ( الرسول قبلها ) على صيغة الماضي فإذا كان الأمر كذلك ( فلا يعطي ) اللّه ذلك الخليفة ( من العلم والحكم فيما شرع له ) على البناء للمجهول الأمر ( إلا ما شرع للرسول خاصة فهو ) أي الولي الأخذ عن اللّه ( في الظاهر ) .
متعلق بقوله : ( متبع غير مخالف بخلاف الرسل ) فإن شريعة بعضهم تخالف شريعة من قبلهم في بعض الأحكام المشروعة وإن كانت شريعة كلهم متفقة في الهدى لقوله تعالى : "فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ " فالهداية لا تقبل الزيادة والنقصان بخلاف الأحكام.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها. فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل) .

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول. فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله. ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها. فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل.)   معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.  فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )

قال رضي الله عنه : (وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول « فنقول فيه » أي في خليفة من خلفاء الأولياء منّا « بلسان الكشف : خليفة الله ، وبلسان الظاهر : خليفة رسول الله ، ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نصّ بخلافة عنه إلى أحد ولا عيّنه ، لعلمه أنّ في أمّته من أخذ الخلافة عن ربّه ، فيكون خليفة عن الله تعالى ليوافقه في الحكم المشروع ، فلمّا علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجز الأمر ، فللَّه خلفاء في خلقه ، يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السّلام ويعرفون فضل المتقدّم هناك ، لأنّ الرسول قابل للزيادة ، وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها ، فلا يعطى من العلم والحكمة فيما شرع إلَّا ما شرع للرسول خاصّة ، وهو في الظاهر متّبع غير مخالف بخلاف الرسل )

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الخلافة المنفردة عن النبوّة التشريعية ورسالتها المنقطعتين بخاتم الأنبياء والرسل عليهم السّلام ليس لها هذا المنصب من الحكم ظاهرا من وجهين :

أحدهما : أنّ الخلفاء من بني العبّاس خلفاء من تقدّمهم من خلفاء رسول الله ، والحكم الذي كانوا يحكمون به غير مأخوذ عن الله ، على ما كان يأخذه الرسول أو الوليّ الخليفة ، بل مأخوذ عن النقل أو باجتهاده لا غير ، فلو كان الخليفة منهم آخذا خلافته عن الله وحكمه فيما يحكم به عن الله ، وكان له الحكم والسيف ظاهرا ، لكان له هذا المنصب الذي كنّا بصدده كخلافة داوود ومحمّد وموسى صلوات الله عليهم .

والثاني : أنّ الكمّل من خلفاء الله من الأولياء - وإن تحقّقوا بمقام الكمال وارتقوا في درجات الأكملية فليس لهم منصب الخلافة ظاهرا بالسيف ولا الحكم بالقتل والإبقاء على الاستقلال والاستبداد ، وإن كان كل منهم إماما متبوعا للعالمين كافّة فيما يشترك فيه الكلّ ، وللخاصّة فيما يخصّهم ، وينفردون بخصوصيات ليست لغيرهم من الأولياء ، ممّن لم يتحقّقوا بدرجة الكمال والخلافة ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )

قال رضي الله عنه :  (وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه من الرسول عليه الصلاة والسلام ) .
أي الخليفة من الوالي الآخذ الحكم عن الله متبع في الظاهر لعدم مخالفته في الحكم كعيسى حين ينزل فيحكم بما حكم محمد صلى الله عليه وسلم فيما أمر باقتداء هدى الله الذي هدى به من قبله من الأنبياء ، فإنه مختص بالحكم من الله باعتبار أخذه منه موافق لما كان قبله في صورة الحكم صورته صورة الاقتداء ، وهو مأمور به على وجه الاختصاص من عند الله ،
فهذا الخليفة مختص لأنه أخذ الحكم عن الله لا عما أخذه علماء الرسوم بالنقل ، ومشارك لهم في ذلك الأخذ أيضا فهو معهم مثل ما قالوا فيه :
لي سكرتان وللندمان واحدة  .... شيء خصصت به من بينهم وحدي
لأنه أخذ خلاف الأول كرفع القصاص مثلا .

قال رضي الله عنه :  ( فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله ، ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافته عنه إلى أحد ولا عينه ، لعلمه أن في عباد الله من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع ، فلما علم ذلك عليه الصلاة والسلام لم يحجر الأمر ، فلله خلفاء يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام ، ويعرفون فضل المتقدم هناك ، لأن الرسول قابل للزيادة ، وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرح إلا ما شرع للرسول خاصة ، فهو في الظاهر متبع غير مخالف بخلاف الرسول ،)

"" أضاف عبد الرحمن جامي : ( التي لو كان الرسول قبلها ) الرسول مرفوع وكان تامة وقبلها جواب لو : أي الزيادة لو وجد الرسول في زمان ذلك الخليفة كان قابلا لتلك الزيادة أو ناقصة والخبر محذوف : أي لو كان الرسول كائنا في زمان ذلك الخليفة لقبل تلك الزيادة واقتصر على الزيادة لأن النقصان أيضا زيادة اهـ جامى .""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول . فنقول فيه بلسان الكشف "خليفة الله " ، وبلسان الظاهر "خليفة رسول الله " . ولهذا مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وما نص بخلافة عنه إلى أحد ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه ، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع . فلما علم ذلك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لم يحجر الأمر . )
 أي ، لما علم النبي صلى الله عليه وسلم ، أن لله تعالى عبادا من أمته ، وفي قوتهم أن يأخذوا الخلافة من الله سبحانه ، ما عين من يخلفه وجعل التعيين إلى الله  ولما كان في تعيينه ، عليه السلام ، منعا للبعض الذي ما عين ذلك المقام ،

 
قال رضي الله عنه: ( ولم يحجر الأمر ) أي ، لم يمنع أحدا من هذا الأمر ، يعنى أمر الخلافة .
(فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ) "اللام " للعهد ، والمعهود نبينا ، صلى الله عليه وسلم . "والرسل " . أي ، يأخذون من معدن نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، أو من معدن الرسل الذين تقدموا عليه . ( ما أخذته الرسل ، عليهم السلام . ) من أحكام الشرائع والعلوم والمعارف وغيرها .

والمراد ب‍ ( المعدن ) عين الذات الإلهية وأسماؤه والأعيان التي لا يأخذ الحق أيضا إلا منها ، كما مر في ( الفص العزيري ) و ( الشيثي ) . فهؤلاء الكمل محكومون معه بذلك الحكم المأخوذ من الله بالجهتين : من جهة الرسول ، ومن جهة الحق المكلف بذلك .
فصدق في حقهم ما قاله الشاعر"ابن نباته المصري ":
لي سكرتان وللندمان واحدة ... شيء خصصت به من دونهم وحدي
الغوث يا من إليه قد مددت يدي ... ثم اقتدحت فاوْرى بالثنا زندي

قال رضي الله عنه: ( ويعرفون فضل المتقدم هناك ، لأن الرسول قابل للزيادة ، وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها . ) .
( الرسول ) منصوب على أنه خبر ( كان ) . و ( قبلها ) على صيغة الماضي . أي ، الأولياء الخلفاء لله ، يعرفون فضل المتقدم من الرسل عليهم عند الله هناك ، أي في ذلك الأخذ .
والمراد بالتقدم ليس التقدم الزماني ، بل التقدم الرتبي ، لذلك علل بقوله : ( لأن الرسول قابل للزيادة ) والنقصان .


فالتقدم بالرتبة هو الذي يكون أرفع درجة وأعلى مرتبة وأكثر أخذا وأشد علما بالله وأسمائه .
وله فضيلة على غيره من الرسل .
وأما الخليفة فليس لقابل للزيادة التي لو كان هو رسولا لقبل تلك الزيادة ، فإن من جعله الله خليفة على العالم ، هو الذي جعله متحققا بأسمائه كلها ، فلا يمكن الزيادة فيه .
وأما من يكون خليفة على بعض العالم ، كخلفاء الأقطاب ، فيقبلون الزيادة والنقصان ، كما مرت الإشارة إليه من أن لكل إنسان نصيبا من الخلافة الكبرى والنيابة العظمى على حسب استعداده وقربه من الخلافة المطلقة .

قال رضي الله عنه: ( فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة . ) أي ، لا يعطى الله هذا الولي الأخذ من الله شيئا من العلم والحكم فيما شرع له ، إلا مثل ما شرع للرسول خاصة .

قال رضي الله عنه: ( فهو في الظاهر متبع غير مخالف ، بخلاف الرسل ) فإن الله شرع لكل منهم أحكاما يوافق بعضها شريعة من قبله ، ولا يوافق بعضها إلا بزيادة حكم ، أو نسخه.   
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 22:15 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن اللّه عين ما أخذه منه الرّسول فنقول فيه بلسان الكشف خليفة اللّه ، وبلسان الظّاهر خليفة رسول اللّه ، ولهذا مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وما نصّ بخلافة عنه إلى أحد ، ولا عيّنه لعلمه أنّ في أمّته من يأخذ الخلافة عن ربّه فيكون خليفة عن اللّه مع الموافقة في الحكم المشروع ، فلمّا علم ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يحجر الأمر ، فللّه خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرّسول ما أخذته الرّسل - عليهم السّلام ، ويعرفون فضل المتقدّم هناك لأنّ الرّسول قابل للزّيادة : وهذا الخليفة ليس بقابل للزّيادة الّتي لو كان الرّسول قبلها ، فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرع إلّا ما شرع للرّسول خاصّة ؛ فهو في الظّاهر متّبع غير مخالف ، بخلاف الرّسل ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي : مثل أخذ عيسى عليه السّلام بعد النزول من السماء عن اللّه استقلالا مع أنه في العمل به غير مستقل ، بل مقيد بالنبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم حتى فيما سبقه به إذ وافقه نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم ( أخذ الخليفة عن اللّه عين ما أخذه منه الرسول ) من غير استقلاله بالخليفة باعتبارين ، ( فنقول فيه بلسان الكشف ) من حيث أخذ الخليفة عن اللّه :
إنه ( خليفة اللّه ، وبلسان الظاهر ) الذي عمله به ( خليفة رسول اللّه ) ، فصح أن في خلفاء رسول اللّه من هو خليفة اللّه ، وخليفة اللّه يكون بالنص منه ، لكن الإجماع قائم مقام النص القاطع ، فيصير أبو بكر رضي اللّه عنه كالمنصوص على خلافته مثل داود عليه السّلام ، وكذلك الخلفاء الراشدون بعده ، فصارت هذه الرتبة لأتباع محمد صلّى اللّه عليه وسلّم .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولأجل أن في أمته من هو خليفة عن اللّه بالإجماع النازل منزلة النص القاطع ( مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، وما نص بخلافة ) أي : بنسبة خلافة ( عنه إلى أحد ) فضلا عن الثلاثة الذين هم أبو بكر ، وعلي ، والعباس ، فلا الخلافة بعدي لأحد غير هؤلاء الثلاثة ، ( ولا عينه ) ، فلم يقل : هو علي ، ولا هو أبو بكر ، ولا هو العباس ، مع أنه من أهم المهمات ، حتى أنه تركوا دفنه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل تعينه ،
 
ولو نصّ على أحدهم لكانوا على اقتدائه أحرص سيما في ذلك الوقت لما ( علم أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه ) ، ولو نص لكان خليفة عنه صلّى اللّه عليه وسلّم فقط ، فتركه واقتصر على ما علم من الإجماع النازل منزلة النص الإلهي عليه ،
قال رضي الله عنه :  ( فيكون ) من حيث عدم تنصيص النبي صلّى اللّه عليه وسلّم على خلافته ( خليفة عن اللّه ) تعالى ( مع ) حصول المقصود بالخلافة عن رسول اللّه من ( الموافقة في الحكم المشروع ) ، فيصير كداود عليه السّلام من حيث تنصيص الإجماع ، ويصير كعيسى عليه السّلام في الجمع بين الخلافتين فيما لها من فضيلة على أنه صلّى اللّه عليه وسلّم لو نص على أحد لم يكن لغيره الأخذ بها أصلا في وقته ولا بعده ، مع أن هذا لو أخذها في وقت خلافة ذاك بدلا عنه أو بعده في الخلافة الظاهرة أو معه في الخلافة الباطنة لكان له ذلك ؛ لأن لكل واحد منهما قوة الأخذ من اللّه تعالى ( فلما علم صلّى اللّه عليه وسلّم ذلك ) . " في نسخة أخرى : « فلمّا علم ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم »".
 
أي : قوة الأخذ عن ( اللّه ) لجماعة من أمته ( لم يحجز الأمر ) بالتنصيص على البعض عن الباقين ، وإذا كان كذلك ، ( فلله خلفاء من خلقه ) ؛ لاحتياج أهل كل عصر إلى خليفة يقوم بأمور دينهم ودنياهم ، بل له خلفاء في الباطن يجتمعون في زمن واحد بلا مضايقة بينهم ولا منازعة منهم ، يخاف أن تقتضي إلى فساد في الأمة ،
بل العالم يزداد ضياء بهم ( يأخذون ) علومهم وأحكامهم ( من معدن الرسول ) محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومن معدن سائر الرسل عليهم السّلام إما على سبيل الاجتماع أو على سبيل البدل أو البعض دون البعض ، ومن هنا يقال : فلان على قلب محمد ، وفلان على قلب آدم أو إبراهيم أو موسى أو عيسى - عليهم السّلام .
 
قال رضي الله عنه :  ( ما أخذته الرسل - عليهم السّلام ) ، إذ لو كان خلافة ، فلا يأمنون فيه من تلبيس الشيطان أو ابتلاء الرحمن ، ولا يرون في ذلك فضل أنفسهم ، ولا تسويتها مع أولئك الأنبياء - عليهم السّلام ، بل ( يعرفون فضل المتقدم هناك ) وهو الرسول ،
إذ لا يمكن للولي الأخذ من ذلك المعدن قبل أخذ الرسول منه ، بل بتعينه ، وإلا أخذ الزائد على الرسول ، فلا يأمن من فيه من الوسوسة والابتلاء بخلاف الرسول ؛
 
قال رضي الله عنه :  ( لأن الرسول قابل للزيادة ) بالنسبة إلى رسول آخر فضلا عن الولي ، ( وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة ) على مأخوذ الرسول ، وإن كانت هذه الزيادة هي ( التي لو كان ) المكاشف بها هو ( الرسول قبلها ) لأمنه من الوسوسة والابتلاء في أخذ العلوم عن اللّه تعالى ، وإن كان كثيرا لا يبتلى في غير هذا الموضع بأخذها مع أن له نسخ شرع من تقدمه ، ( فلا يعطي ) هذا الخليفة ( من العلم ) الذي لا يقبل النسخ كالعلم باللّه والإخبار الواقعة ، ( والحكم فيما شرع ) له ( إلا ما شرع للرسول محمد صلّى اللّه عليه وسلّم خاصة ) دون سائر الرسل حتى لو جاز له ما جوز لبعض الرسل دون ما يقرر عليه دين محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، فلا يجوز له الأخذ ؛ فإنه ابتلاء في حقه ،
 
فبطل ما زعم بعض الجهّال من أنه يجوز أن يكاشف الولي بتجويز شرب الخمر له ؛ لكونه مباحا في دين بعض الأنبياء ، فيجوز أن ينسخ حرمته في حقه ، ولا يدري أن النسخ مخصوص بالأنبياء .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو ) وإن أخذ من معدن سائر الرسل علومهم وأذواقهم في الباطن هو في الباطن هو في العمل ( متبع ) لرسولنا ( غير مخالف ) له بمتابعة غيره من الرسل لا في الأعمال الظاهرة ، ولا في المساقي الباطنة القلبية ، وإن كان على قلوبهم ( بخلاف الرسل ) ، فإنهم وإن كانوا خلفاء لمن يقدمهم من الرسل وأخذوا من معدنه ، فإنهم إذا كوشفوا بزيادة ولو في الأعمال الظاهرة ، فلابدّ لهم من الأخذ بها ، وإنما تجب عليه موافقة من تقدمه في الأمور التي لا تقبل النسخ كذات اللّه تعالى وصفاته ، وأمور الآخرة ، والأخبار الإلهية .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. )
 
فضل حكم الرسول على حكم الخليفة
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله ) بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ( عين ما أخذه منه الرسول . فنقول فيه بلسان الكشف : خليفة الله ) - فإنّ الكشف هو المعرب عن وجه الاختصاص ، ليس إلا - ( وبلسان الظاهر : خليفة رسول الله .
 
ولهذا مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وما نصّ بخلافته عنه إلى أحد ولا عيّنه ) بوجه غير التنصيص ، ( لعلمه أنّ في امّته من يأخذ الخلافة عن ربّه ، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع ) ، لما تبيّن من لزوم اشتماله على وجهي الاختصاص والموافقة ، ( فلما علم صلَّى الله عليه وسلَّم لم يحجز الأمر ) .
 
قال رضي الله عنه :  (فللَّه خلفاء ) غير الرسل ( في خلقه يأخذون من معدن النبيّ والرسول ما أخذته الرسل عليهم السّلام . ويعرفون فضل المتقدم هناك ، لأن الرسول قابل للزيادة ) إذ لم يتمّ حينئذ أمر الإظهار ، ولم يختم أبواب خزائن النبوّة والرسالة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا الخليفة ) حيث أنّها بعد الخاتم ( ليس بقابل للزيادة ) فإن الأمر بعد ختمه وتمامه لا يقبل الزيادة بوجه ، وإلا فلا يكون ختما .
وهذا جهة فضل المتقدّم التي تعرفها الخليفة أن ما أخذته من الحكم لا يقبل الزيادة ( التي لو كان الرسول قبلها ) .
فبهذا فضل حكم الرسول على حكم الخليفة .
ثمّ إنّ إظهار العلم والحكم وتبيين الحقائق والمعارف من الأوضاع والأحكام المشروعة لما كان من خصائص منصب الوليّ والخليفة ، فهو يوهم أنّه زيادة من الخليفة ، نبّه على دفع مثله بقوله : ( فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرّع إلى ما شرّع الرسول خاصّة ، فهو في الظاهر ) عند إظهار تلك الحقائق العلميّة والمعارف الحكميّة ( متّبع غير مخالف ) حيث أن إظهارها وتبيينها من عين ما شرّع الرسول مطابقا إيّاه ، مستنبطا ذلك منه ، ودالَّا هو عليه ( بخلاف الرسل ) .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل )
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك أخذ الخليفة عن اللّه عين ما أخذه منه الرّسول فنقول فيه بلسان الكشف خليفة اللّه وبلسان الظّاهر خليفة رسول اللّه . ولهذا مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نصّ بخلافة عنه إلى أحد . ولا عيّنه لعلمه أنّ في أمّته من يأخذ الخلافة عن ربّه فيكون خليفة عن اللّه مع الموافقة في الحكم المشروع . فلمّا علم ذلك رسول)
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك أخذ الخليفة ) ، أي ما أخذه الخليفة ( عن اللّه عين ما أخذه منه الرسول ) ، فيتبعه الخليفة من حيث أنه أخذه عن اللّه لا من حيث أنه أخذه الرسول عن اللّه ( فنقول فيه بلسان الكشف : خليفة اللّه وبلسان الظاهر خليفة رسول اللّه ) لموافقته له في الظاهر قال رضي الله عنه :  ( ولهذا مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد ولا عينه ) بوجه غير التنصيص ( لعلمه أن في أمته ، يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن اللّه مع الموافقة ) له صلى اللّه عليه وسلم ( في الحكم المشروع فلما علم ذلك)


قال رضي الله عنه :  (صلى اللّه عليه وسلم لم يحجر الأمر .  فللّه خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرّسول ما أخذته الرّسل عليهم السّلام . ويعرفون فضل المتقدّم هناك لأنّ الرّسول قابل للزّيادة : وهذا الخليفة ليس بقابل للزّيادة الّتي لو كان الرّسول قبلها . فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرع إلّا ما شرع للرّسول خاصّة ؛ فهو في الظّاهر متّبع غير مخالف ، بخلاف الرّسل . )


قال رضي الله عنه :  (صلى اللّه عليه وسلم لم يحجر الأمر ) ، أي أمر الخلافة ، لم يحصره في الخلافة عنه ( فللّه خلفاء في خلقه ) غير الرسل ( يأخذون من معدن الرسول ) أي رسولنا صلى اللّه عليه وسلم والرسل الذين تقدموا عليه بالزمان ( ما أخذته الرسل ) ، أي رسولنا وسائر الرسل ( عليهم الصلاة والسلام ، ويعرفون فضل ) الرسول ( المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة ) ، أي لأن يزيد في الأحكام .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة ، لو كان الرسول قبلها ) ، أي الرسول مرفوع وكان تامة وقبلها جواب لو ، أي الزيادة التي لو وجد الرسول ، أي في زمان ذلك الخليفة كان قابلا لتلك الزيادة أو ناقصة والخبر محذوف ، أي لو كان الرسول كائنا في زمان ذلك الخليفة لقبل تلك الزيادة واقتصر على الزيادة لأن النقصان أيضا زيادة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يعطى من الحكم والعلم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة فهو في الظاهر متبع غير مخالف بخلاف الرسل ) ، فإنه قد تقع بينهم المخالفة .



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 17 يناير 2020 - 5:07 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه: فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.  فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكمعلى أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
 قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السّلام لمّا تخيّلت اليهود أنّه لا يزيد على موسى ، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرّسول ، آمنوا به وأقرّوه ، فلمّا زاد حكما ونسخ حكما كان قد قرّره موسى - لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنّه خالف اعتقادهم فيه ؟ وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه.  فطلبت قتله ، فكان من قصّته ما أخبرنا اللّه تعالى في كتابه العزيز عنه وعنهم . فلمّا كان رسولا قبل الزّيادة ، إمّا بنقص حكم قد تقرّر ،أو زيادة حكم ، على أنّ النّقص زيادة حكم بلا شكّ . والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنّما تزيد وتنقص على الشّرع الّذي قد تقرّر بالاجتهاد لا على الشّرع الّذي شوفه به محمّد صلى اللّه عليه وسلم.)
 
قال رضي الله عنه :  (ألا ترى) يا أيها السالك (عيسى) ابن مريم عليهما السلام (لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد) في الأحكام الشرعية (على) أحكام شريعة (موسى) بن عمران عليه السلام وظنوا أنه خليفة عن موسى عليه السلام (مثل ما قلناه في) حق (الخلافة) الإلهية في الأولياء (اليوم مع الرسول) صلى اللّه عليه وسلم لا يزيد عليه ولا ينقص عنه في حكم أصلا وإن أخذ من مأخذه آمنوا ، أي اليهود به ، أي بعيسى عليه السلام بقلوبهم أنه نبي ورسول إليهم متابعا لموسى عليه السلام وأقروا بألسنتهم به ولم يكذبوه .
قال رضي الله عنه :  (فلما زاد حكما) ليس عندهم في التوراة (أو نسخ حكما كان قد قرره) لهم موسى عليه السلام من أحكام التوراة (لكون عيسى) عليه السلام (رسولا) إليهم جاءهم بالإنجيل كما جاء موسى عليه السلام بالتوراة ، فقال لهم عليه السلام :وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ[ آل عمران : 50 ] (لم يتحملوا) ، أي اليهود ذلك ، أي ما زاده من الحكم ونسخه لأنه ،
أي عيسى عليه السلام (خالف اعتقادهم) ، أي اليهود فيه فإنهم كانوا يعتقدون أنه لا يزيد ولا ينقص من شريعة موسى عليه السلام شيئا ، فلما زاد أو نقص أنكروه وكفروا به (وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه) في نفسه لإنكارهم النسخ من أصله ، وأنه لا يقع في أحكام اللّه تعالى أصلا فطلبت ، أي اليهود قتله ، أي عيسى عليه السلام فكان من قصته عليه السلام مع اليهود لما هموا بقتله (ما أخبرنا اللّه تعالى في كتابه العزيز) عنه ، أي عن عيسى عليه السلام من رفعه إلى السماء وتطهره منهم قال تعالى :يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا[ آل عمران : 55 ] ، (وعنهم) ، أي عن اليهود من عدم قتله وصلبه ومن تشبهه لهم .
قال تعالى :وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ[ النساء : 157 ] ، وقال تعالى : "وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ "[ النساء : 157 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (فلما كان) ، أي عيسى عليه السلام (رسولا) إلى اليهود (قبل الزيادة) على شريعة موسى عليه السلام (إما بنقص) أو نسخ حكم من أحكام اللّه تعالى قد تقرر عندهم في شريعة موسى عليه السلام (أو زيادة حكم) فيها (على أن النقص) منها بنسخ الحكم زيادة حكم فيها بلا شك لثبوت الإباحة بنسخ التحريم والخلافة الإلهية في الأولياء (اليوم ليس لها هذا المنصب) الذي للأنبياء والرسل عليهم السلام (وإنما تنقص) ، أي الخلافة (أو تزيد على الشرع )المحمدي الذي قد تقرر بالاجتهاد وهو مذهب المجتهد فإنه شرع محمدي عند ذلك المجتهد ومن قلده فقط ، وكل صاحب مذهب من المجتهدين كذلك ،
 
وطريقة الاجتهاد باقية إلى يوم القيامة ، وتقع الزيادة والنقص وهو مذهب المجتهد بمجتهد آخر غيره ، لأن ذلك غلبة ظن لا محض يقين أرأيت أنه محتمل للخطأ كما ورد في حديث : « من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر »  والأنبياء والرسل عليهم السلام عصموا من الخطأ فيما يحكمون به من شرائعهم ، ولهذا امتنع في حقهم الاجتهاد لا تنقص أو تزيد (على الشرع الذي شوفه) به نبينا (محمد صلى اللّه عليه وسلم) ، أي شافهه اللّه تعالى في خطابه له بالوحي إليه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه: فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم. فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكمعلى أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على ) دين ( موسى عليه السلام مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول آمنوا به واقرّوا فلما زاد ) عيسى عليه السلام ( حكما أو نسخ حكما كان قد قرره موسى عليه السلام ) .
قوله رضي الله عنه  : ( لكون عيسى عليه السلام رسولا ) يتعلق بقوله فلما زاد ( لم يحتملوا ) أي اليهود ( ذلك ) الزائد أو النسخ فأنكروا عيسى عليه السلام واعرضوا عن حكمه وإنما لم يحتملوا ( لأنه خالف ) أي عيسى عليه السلام ( اعتقادهم فيه ) أي في الحكم الزائد أو الناسخ ( وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه ) أي جهلت اليهود أن الرسالة تقبل الزيادة والنقصان.
 
قال رضي الله عنه :  ( فطلبت قتله فكان من قصة ما أخبرنا اللّه في كتابه العزيز عنه وعنهم فلما كان ) عيسى أو الخليفة ( رسولا قبل الزيادة إما بنقص حكم قد تقرر أو زيادة حكم على أن النقص ) أي نقص قد تقرر ( زيادة حكم بلا شك ) فإن نقص الحكم حكم زائد على ما قرره ( والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب ) أي قبول الزيادة والنقص ولما قبل خلافة اليوم الزيادة والنقصان في بعض الأحكام المشروعة وهي المسائل الاجتهادية .
 
قال رضي الله عنه  : ( وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي قد تقرر بالاجتهاد ) و ( لا ) تزيد ولا تنقص ( على الشرع الذي شوفه ) أي خوطب ( به محمد صلى اللّه عليه وسلم ) والشرع الذي شوفه به محمد صلى اللّه عليه وسلم هو المشروع المنصوص الذي لا يقبل الزيادة والنقصان لامتناع دخول الاجتهاد فيه فلا يتغير بالزيادة أو النقص.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم. فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم.
على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه: فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟  وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم. فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم. على أن النقص زيادة حكم بلا شك. والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم.
على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
قال رضي الله عنه :  (ألا ترى عيسى عليه السّلام لمّا تخيّلت اليهود أنّه لا يزيد على موسى – مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول - آمنوا به وأقرّوا » . أي أثبتوه نبيّا وأقرّوا بنبوّته « فلمّا زاد حكما أو نسخ حكما كان قد قرّره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك ، لأنّه خالف اعتقادهم فيه ، وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه ، فطلبت قتله ، فكان من قصّته ما أخبرنا الله تعالى في كتابة العزيز عنه وعنهم فلمّا كان رسولا قبل الزيادة : إمّا بنقص حكم قد تقرّر ، أو زيادة حكم . على أنّ النقص زيادة حكم بلا شكّ . والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب ، وإنّما تنقص أو تزيد على الشرع الذي قد تقرّرنا بالاجتهاد ، لا على الشرع الذي شوفه به محمّد صلى الله عليه وسلم)


يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الخلافة المنفردة عن النبوّة التشريعية ورسالتها المنقطعتين بخاتم الأنبياء والرسل عليهم السّلام ليس لها هذا المنصب من الحكم ظاهرا من وجهين :
أحدهما : أنّ الخلفاء من بني العبّاس خلفاء من تقدّمهم من خلفاء رسول الله ، والحكم الذي كانوا يحكمون به غير مأخوذ عن الله ، على ما كان يأخذه الرسول أو الوليّ الخليفة ، بل مأخوذ عن النقل أو باجتهاده لا غير ، فلو كان الخليفة منهم آخذا خلافته عن الله وحكمه فيما يحكم به عن الله ، وكان له الحكم والسيف ظاهرا ، لكان له هذا المنصب الذي كنّا بصدده كخلافة داوود ومحمّد وموسى صلوات الله عليهم .
والثاني : أنّ الكمّل من خلفاء الله من الأولياء - وإن تحقّقوا بمقام الكمال وارتقوا في درجات الأكملية فليس لهم منصب الخلافة ظاهرا بالسيف ولا الحكم بالقتل والإبقاء على الاستقلال والاستبداد ، وإن كان كل منهم إماما متبوعا للعالمين كافّة فيما يشترك فيه الكلّ ، وللخاصّة فيما يخصّهم ، وينفردون بخصوصيات ليست لغيرهم من الأولياء ، ممّن لم يتحقّقوا بدرجة الكمال والخلافة ،
فيرى هذا الخليفة بعض الأحاديث المنقولة ثابت الإسناد في الظاهر ، عدلا عن عدل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غير ثابت عنده من طريق الكشف فيما أخذ عن الله ، فيحكم بخلافه إن أمر بذلك ، أو يسكت عنه إن أمر بذلك كذلك ، أو يبيّن الأمر فيه ،
 
فيقول : هذا الحديث ثابت ظاهر نقلا ، غير صحيح كشفا وبالعكس ، فيحكم بصحّة ما لم يصحّ في النقل الظاهر .
وكيفية علمه بصحّة ما صحّح كشفا - وإن لم يصحّ رواية وبالعكس هي أنّ الخليفة الكامل يحضر لتصحيح ذلك نقلا في الحضرة الإلهية ، ويجتمع بالرسول صلَّى الله عليه وسلَّم من حيث روحه في برزخه ، أو ينزل إليه روح الرسول ، أو ألحق مع الرسول ،
فيأخذ الحكم عن الله ، أو يسأل الرسول عن صحّة الحديث وعدم ثبوته عنه ، فيثبت ويصحّح له الرسول ما صحّ ، ويعرض عمّا لم يصحّ ،
فيقول : هذا صحيح كشفا لا نقلا ، وذلك غير صحيح كشفا إلَّا في النقل الظاهر ، فهذا سرّ الخلاف الواقع من الخليفة اليوم ، فلو كان مع الخلفاء من الأولياء الحكم بالهمم أو بغير الهمم من أنفسهم بل أمر بعض الأولياء المتصرّفين في العالم بالهمم ، فيخدمون ويمتثلون أمره وحكمه ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم.
على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
قال رضي الله عنه :   ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى مثل ما قلنا في الخلافة اليوم مع الرسول آمنوا به وأقروه ، فلما زاد حكما ونسخ حكما قد قرره موسى عليه السلام لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه ، وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله ، وكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم ، فلما كان رسولا قبل الزيادة ، إما بنقص حكم قد تقرر أو زيادة حكم ، على أن النقص زيادة حكم بلا شك )
"" أضاف عبد الرحمن جامي : ( التي لو كان الرسول قبلها ) الرسول مرفوع وكان تامة وقبلها جواب لو : أي الزيادة لو وجد الرسول في زمان ذلك الخليفة كان قابلا لتلك الزيادة أو ناقصة والخبر محذوف : أي لو كان الرسول كائنا في زمان ذلك الخليفة لقبل تلك الزيادة واقتصر على الزيادة لأن النقصان أيضا زيادة اهـ جامى .""
 
قال رضي الله عنه :   ( والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب ، وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي قد تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شرّفه به محمد صلى الله عليه وسلم ) .
أي خوطب به مشافهة ونص عليه له ، فإنه لا يجوز الاجتهاد في مثل هذا المشروع والمنصوص ، وإنما يجتهد فيما لم يثبت عند المجتهد بنص .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم.
على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى ، عليه السلام ، لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى - مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول - آمنوا به وأقروه ، فلما زاد حكما أو نسخ حكما - كان قد قرره موسى لكون عيسى رسولا - ثم يحتملوا ذلك ، لأنه خالف اعتقادهم فيه ، وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه . )
أي ، أمر الرسالة . فإنها يقتضى الزيادة والنقصان بحكم الوقت واستعداد قوم أرسل الرسول إليهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فطلبت قتله . وكان من قصته ما أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز عنه وعنهم . فلما كان رسولا قبل الزيادة ، إما بنقص حكم قد تقرر ، أو بزيادة حكم ، على أن النقص زيادة حكم بلا شك . )
لأن نقص الحكم المقرر في الشرع رفع ذلك الحكم ، ورفع الحكم حكم بالرفع زائد على ما قرر.
( والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب . ) أي ، منصب الزيادة والنقصان .
قال رضي الله عنه :  ( وإنما ينقص أو يزيد على الشرع الذي قد تقرر بالاجتهاد ، لا على الشرع الذي شوفه به محمد ، رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . ) أي ، خوطب به مشافهة .
 
وفي بعض النسخ : ( شرعه محمد ، عليه السلام ) .
وإنما يدخل الزيادة والنقصان على الشرع المتقرر بالاجتهاد ، لأنه حكم من وراء الحجاب ، فإذا ظهر من يكون عالما بنفس الأمر مكشوفا بالحقائق ، غير ما ليس في نفس الأمر كذلك .
وأما في المشروع المنصوص عليه ، فلا يدخل فيه الاجتهاد ولا التغيير أصلا . لأنه في نفس الأمر كذلك .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 17 يناير 2020 - 5:09 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم. على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
قال رضي الله عنه :  (ألا ترى عيسى عليه السّلام لمّا تخيّلت اليهود أنّه لا يزيد على موسى عليه السّلام ، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرّسول ، آمنوا به وأقرّوه ، فلمّا زاد حكما ونسخ حكما كان قد قرّره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنّه خالف اعتقادهم فيه ؟  وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه ، فطلبت قتله ، فكان من قصّته ما أخبرنا اللّه تعالى في كتابه العزيز عنه وعنهم . فلمّا كان رسولا قبل الزّيادة ، إمّا بنقص حكم قد تقرّر ، أو زيادة حكم ، على أنّ النّقص زيادة حكم بلا شكّ ، والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب ، وإنّما تزيد وتنقص على الشّرع الّذي قد تقرّر بالاجتهاد لا على الشّرع الّذي شوفه به محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السّلام ) كيف زاد على موسى مع كونه مصدقا لما بين يديه من التوراة إذا كان رسولا ، وإن كان خليفة لموسى عليه السّلام كما هو خليفة لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، والرسالة تقتضي ذلك لتفارق بها مجرد الخليفة المشارك له في الأخذ من معدنه ، وأيد الخوارق لكن ( لما تخيلت اليهود أنه ) وإن كان رسولا ، فهو كسائر خلفاء موسى عليه السّلام ( لا يزيد على موسى مثل ما قلنا في الخلافة اليوم ) أي : بعد نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم لامتناع نسخ شريعته ، فلا يمكن للخليفة ، وإن كان عيسى عليه السّلام المخالفة ( مع الرسول ) محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، ( آمنوا ) أي : آمن بعضهم به لما شاهدوا معجزاته مثل ما شاهدوا من موسى عليه السّلام ، ( وأقرّوه ) على دعوى الرسالة لإمكانها عندهم بعد موسى عليه السّلام مع امتناع نسخ الشريعة ، أي : شريعته عندهم .
قال رضي الله عنه :  ( فلما زاد ) عيسى عليه السّلام ( حكما ) لم يذكره موسى عليه السّلام بالكلية ، ورأوا فيه الإباحة أو المحرمة كما هو مذهب البصرية والبغدادية من المعتزلة اليوم ، أو ( نسخ حكما كان قد قرره موسى ) على وجه خاص من الوجوب أو الندب أو الحرمة أو الكراهة أو الإباحة أو الصحة أو الفساد ؛ ( لكون عيسى عليه السّلام رسولا ) مستقلا بخلاف سائر خلفاء موسى عليه السّلام ، وإن كانوا أنبياء ، وكانت شريعته قابلة للنسخ خلافه بعد ظهور محمد عليه السّلام إذ لا تقبل شريعته النسخ ، فلا يؤثر في ذلك كونه رسولا ،
 
قال رضي الله عنه :  ( لم يحتملوا ذلك ) لا لشبهة قوية فضلا عن حجة ؛ بل ( لأنه خالف اعتقادهم فيه ) أي : في عيسى أنه لا يزيد على موسى عليه السّلام كسائر خلفائه من أنبياء بني إسرائيل ، كيف وقد زعم أنه مصدق لما بين يديه من النورية ، ودعوى النسخ تكذيب له بل هي مكذبة لدعوى النبوة ، فكأنه تناقضت الدعوتان في حقه ، فلا يسمع شهادة المعجزات على صدقه ، وزعموا أنه كيف ينسخ الشريعة المأخوذة من العلم الإلهي ، وهو لا يقبل التغيير .
 
قال رضي الله عنه :  ( وجهلت اليهود الأمر ) أي : أمر العلم الإلهي والشريعة والرسالة ( على ما هو عليه ) ، فإن العلم الإلهي لغاية سعته يشتمل على ما هو كمال لكل فرقة ، وأهل كل زمان مع اختلاف طبائعهم وأحوالهم ، والشريعة تابعة لمصالحهم في كل زمان ، والرسالة تقتضي الزيادة والنسخ لتفارق الخلافة المجردة ، وإن اختلفت عن هذا المقتضى في زمان امتناعهما ، والنسخ قد وقع في شريعة آدم عليه السّلام إذ زوّج بناته ببنيه ، ثم استقرت الحرمة بعده ، (فطلبت ) اليهود ( قبله ) إذ كانت دعوى النسخ عندهم في معنى الردة ، ( فكان من قصته ما أخبرنا اللّه تعالى في كتابه العزيز عنه وعنهم ) بقوله عز من قائل :إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ [ آل عمران : 55 ] ، وقوله :وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ[ المائدة : 110 ] ، وقوله :فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ[ المائدة : 110 ] ، وقوله :إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ[ النساء : 157 ] .
 
فلما كانت شريعة موسى عليه السّلام قابلة للنسخ والزيادة ، ( فلما كان ) عيسى عليه السّلام ( رسولا ) إذ صدقته المعجزات ، ولم تكذبه دعوى النسخ والزيادة ، ( قبل الزيادة ) على شريعة موسى يجوز أن يفضل بعض الرسل بعضا والنسخ يأتي بخير مما يقدم أو مثله ، وإن كان بالنقص ، فإنه يفضل على الزيادة السابقة على أن النقص زيادة حكم لاستلزامه إياها ، فإنه إذا نسخ أحد الأحكام حصل بدله حكم آخر ، فكأنه نقص واحد وازداد آخر ، فالزيادة بمعنى الفضيلة أو بمعنى كثرة العدد ، ( إما بنقص حكم قد تقرر ) في الشريعة السابقة ولا ينقص لاختلاف الزمان والمكلفين ، ( أو زيادة حكم ) بلا نقصان آخر بلا شكر في كونه زيادة من كل وجه إذ لم يذكره من تقدمه ، وليس حكمه الإباحة أو الرحمة كما هو مذهب المعتزلة ،
 
بل فيه التوقف عند الشيخ أبي الحسن الأشعري إمام أئمة أهل السنة ، وفيه فضيلة العمل به وكثرة العدد في تعلق الحكم ، والزيادة لا تكون للتابع المطلق ، وإنما تكون للتابع المطلق من وجه دون وجه ، ( والنقص ) أيضا ( زيادة ) من حيث الفضيلة ، ومن حيث ( الحكم ) البدل أيضا ، فرجح وجه الزيادة فيه ، فلا يكون للتابع المطلق ، فقبول الزيادة بالزيادة في الحكم والنقص فيه كلاهما منصب الرسول ، ولو خليفة في زمان إمكان النسخ .
 
قال رضي الله عنه :  ( والخلافة اليوم ) ، أي : في زمان امتناع النسخ ( ليس لها هذا المنصب ) ، وإن كانت لعيسى عليه السّلام فليس له ولا لغيره من خلفاء هذه الأمة الزيادة والنقص في الشريعة المقررة لنبيّنا عليه السّلام بالنصوص القاطعة ، ( وإنما تنقص الخليفة اليوم من الشرع الذي يقرر بالاجتهاد بلا إجماع ) ، وإن كان فيه زيادة حكم ، لكن تلك الزيادة على رأي المجتهدين إذ يكاشف بغلطهم لا على الرسول عليه السّلام ،
إذ ( يزيد على الشرع الذي ) شرعه به محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، وثبت عنه بطريق قطعي أما الذي ينقص واحد وزيادة بدله ؛ فلامتناع الغلط ( فيما شوفه نبينا عليه السّلام ) ، وفي طريق النقل أيضا ، وأما الذي بطريق الزيادة المحضة ؛ فلامتناع أن يكاشف التابع بأكثر مما يكاشف المتبوع المطلق بخلاف ما إذ ظهر بطريق ظني .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم. على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
قال رضي الله عنه :  (ألا ترى عيسى عليه السّلام لما تخيّلت اليهود أنّه لا يزيد على موسى مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول ) - زعما منهم أن لعيسى رتبة الخلافة مع موسى لا غير ، ولذلك لم يروه يزيد حكما على حكمه .
قال رضي الله عنه :  (آمنوا به وأقرّوه ، فلما زاد حكما أو نسخ حكما كان قد قرّره موسى ) ورأوا منه ذلك لإظهاره على صحائف الأزمان والأعيان ( لكون عيسى رسولا ) ومقتضى أمر الرسالة إظهار أحكامه المنزّلة عليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( لم يحتملوا ذلك ، لأنّه خالف اعتقادهم فيه . وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه )
- من رسالة عيسى وأنّ إظهاره تلك الأحكام منه من تلك الحيثيّة الشريفة التي قد حصروها في موسى اعتقادا .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فطلبت قتله . وكان من قصّته ما أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز عنه وعنهم . فلما كان رسولا قبل الزيادة - إمّا بنقص حكم قد تقرّر ، أو زيادة حكم ) وكلاهما صورة الزيادة .
فإن الزيادة إدخال ما لم يكن معتبرا قبل في درجة الاعتبار ، سواء كان بإضافة أمر وزيادته على السابق ، أو بإسقاط شيء ونقصه عنه ، وإليه أشار بقوله :
 
مسألة الاجتهاد
قال رضي الله عنه :  (على أن النقص زيادة حكم بلا شك ، والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب ) ضرورة أنّ بعد ختم الرسالة ، يعني بلوغ أمر الإظهار إلى مرتبة تماميّته وختم خزائن الأحكام والأوضاع الشرعيّة المنبئة عن الحقائق بما هي عليه في نفس الأمر
قال رضي الله عنه :  ( وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي قد تقرر بالاجتهاد ) المنوط أمره برؤية الأئمّة وآراء العلماء .
وفي ذلك من وجوه السعة وصنوف الاحتمالات ما لا يخفى . فإنّهم مختلفون فيه حسب اختلافهم في مدارج الأذهان والقرائح تارة ، وفي موادّ العلوم والمعتقدات أخرى ، وذلك في الأحكام الخالية عن النصوص الجليّة والسنن البيّنة المؤيّدة بالقرائن ، فإنّ النصوص ما لم تكن كذلك تكون مورد تطرّق الاحتمالات ، فإنّ الألفاظ الدالَّة بتوسّط الأوضاع لا يخلو عن وجوه من الاحتمالات - مثل الحذف والإضمار وصنوف المجاز وغير ذلك .
 
 وفي عبارة الشيخ حيث قال : ( لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ) إيماء إلى ذلك ، فإن المشافهة تستتبع تلك القرائن ، دون التنصيص .
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم. على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى عليه السّلام لمّا تخيّلت اليهود أنّه لا يزيد على موسى ، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرّسول ، آمنوا به وأقرّوه ، فلمّا زاد حكما ونسخ حكما كان قد قرّره موسى - لكون عيسى رسولا - لم يحتملوا ذلك لأنّه خالف اعتقادهم فيه ؟  وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه . فطلبت قتله ، فكان من قصّته ما أخبرنا اللّه تعالى في كتابه العزيز عنه)
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى عيسى ) عليه السلام ( لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول آمنوا به وأقروا به فلما زاد حكما ونسخ حكما كان قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك ، لأنه خالف اعتقادهم فيه ) ، أي اعتقاد اليهود في شأن موسى عليه السلام أن شريعته لا تنسخ أو في شأن عيسى أن شريعته لا تنسخ شريعة موسى عليهما السلام .
 
قال رضي الله عنه :  ( وجهلت اليهود الأمر ) ، أي أمر الرسالة ( على ما هو عليه ) من اقتضائه الزيادة والنقصان بحكم الوقت واستعداد كل قوم أرسل الرسول إليهم ( فطلبت ) اليهود ( قتله فكان من قصته ما أخبرنا اللّه تعالى في كتابه العزيز عنه)


قال رضي الله عنه :  ( وعنهم . فلمّا كان رسولا قبل الزّيادة ، إمّا بنقص حكم قد تقرّر ، أو زيادة حكم ، على أنّ النّقص زيادة حكم بلا شكّ .  والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنّما تزيد وتنقص على الشّرع الّذي قد تقرّر بالاجتهاد لا على الشّرع الّذي شوفه به محمّد صلى اللّه عليه وسلم . )


(وعنهم فلما كان ) عيسى عليه السلام ( رسولا قبل الزيادة ) ، على شريعة موسى بشيء ( إما بنقص حكم قد تقرر أو زيادة حكم على أن النقص ) ، أي نقص حكم ( زيادة حكم بلا شك ) فإن نقص حكم إباحة شيء مثلا عن الشريعة يستلزم زيادة الحكم ومنه عليها وبالعكس .
 
قال رضي الله عنه :  ( والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب ) ، أي منصب الزيادة والنقصان ( وإنما تنقص ) ، أي الخلافة ( أو تزيد على الشرع الذي قد تقرر بالاجتهاد ) ، أي على المجتهد أن التي لا نص فيها حقيقة سواء نقل فيها نص أو لم ينقل وإنما حكم المجتهد فيها بالرأي قياسا ( لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى اللّه عليه وسلم ) ، أي خوطب به مشافهة من اللّه أو من أوحى به إليه .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 0:40 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  ).

قال رضي الله عنه :  (فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيخيّل أنّه من الاجتهاد وليس كذلك وإنّما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النّبيّ ؛ ولو ثبت لحكم به . وإن كان الطّريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النّقل على المعنى . فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم ، وكذلك يقع من عيسى عليه السّلام ، فإنّه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرّر فيبيّن برفعه صورة الحقّ المشروع الّذي كان عليه السّلام عليه . ولا سيّما إذا تعارضت أحكام الأئمّة في النّازلة الواحدة . فنعلم قطعا أنّه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه فذلك هو الحكم الإلهيّ . وما عداه وإن قرّره الحقّ فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمّة واتّساع الحكم فيها . )


قال رضي الله عنه :  (فقد يظهر من الخليفة) اليوم (ما يخالف حديثا ما) ، يعني أي حديث كان ( في الحكم) الشرعي (فيتخيل) بالبناء للمفعول أي يتخيل أحد من الناس (أنه) أي الخلاف الواقع من الخليفة لذلك الحديث (من الاجتهاد) كما يخالف المجتهد لغلبة ظنه بضعف الحديث أو نسخه أو فهمه منه ما لم يفهمه غيره .

قال رضي الله عنه :  (وليس الأمر) من الخليفة (كذلك) ، أي ما هو من قبيل الاجتهاد واستعمال العقل والفكر في الاستنباط من أحوال الشرع (وإنما هذا الإمام) الذي هو الخليفة عن اللّه تعالى في الأرض الذي يكشف بنور إيمانه ويقينه عما يقع في صدره من نفث ملك الإلهام الذي أيده اللّه تعالى به وأمده بمدده من روح القدس (لم يثبت عنده من جهة الكشف) المذكور الذي طريقه في المعرفة (ذلك الخبر) ، أي الحديث الذي ثبت عند غيره من الناس (عن النبي) صلى اللّه عليه وسلم (ولو ثبت) ذلك الحديث عنده بالطريق المخصوص له (لحكم به) كما حكم به من ثبت عنده

قال رضي الله عنه :  (وإن كان الطريق) عند أهل الظاهر (فيه) ، أي في ذلك الخبر النبوي حيث خالفه الخليفة (العدل) ، أي الميل منه عن قبول قول المخبر العدل الراوي لذلك الخبر .

(فما هو) ، أي ذلك المخبر العدل (معصوم عن) حصول (الوهم) له في سماع الخبر (ولا ) معصوم (من النقل) ، أي رواية ذلك الخبر عن الرسول المعصوم صلى اللّه عليه وسلم (على المعنى) ، أي بمعنى لفظ الرسول عليه السلام لا بعين لفظه والنقل بالمعنى قد أجازه علماء الحديث في غير جوامع الكلم من الأحاديث النبوية ، ولهذا اختلفت الروايات فيها والمعنى واحد في الغالب .

وقد يختلف المعنى فيكون الخليفة كشف عن الحكم الموافق لذلك الحديث لو رواه الراوي عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم بلفظه أو لم يتوهم فيه من النبي عليه السلام أو من شيخه الذي روى عنه حتى وصل إلى من ثبت عنده بغلبة ظنه كونه قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم (فمثل هذا) الأمر (يقع من الخليفة اليوم) ولا يكون مخالفا لحكم من أحكام الشريعة المحمدية أصلا في نفس الأمر وإن حكم عليه من ثبت الحديث عنده بالمخالفة فإنه ما اتصف في حكمه لعدم معرفته بالطريقة المأمونة عند المحققين .

وفي شرح الوصايا اليوسفية للمصنف قدس اللّه سره . :
قال : الواجب على المريد أن يرى نطق الشيخ نطق الحق في جميع ما ينطق به من خير وشر عرفا وشرعا ، وهذا عزيز في المريدين جدا ، بل الغالب على القابلين منهم أن يقبلوا ذلك إذا قبلوه ولم يردوه على كره منهم ، لا جرم أنهم يعاقبون على الرد وإن كان الحق بأيديهم في ذلك ، ولكن طاعة الشيخ أولى بالمريد على كل حال .
ولقد قال لي الشيخ يوما كلاما فيه فحش عظيم ، أو صله إلى الغير من عامة الناس ، وإيصال ذلك معصية في الشرع مقرر عندنا فبادرت لا متثال أمره بمحضر الجماعة
فقال لي : أو تفعل ذلك ؟
قلت له : أي واللّه ،
قال : وتعلم أن ذلك معصية شرعا ؟
قلت له : نعم ، قال : وكيف تفعله وأنت تعلم أنه معصية شرعا ؟
عن كره أو عن طيب نفس ؟
قلت له : عن طيب نفس قال : وبم ذلك ؟
قلت له : لأنا ما أخذنا الشرع عن الشارع وإنما أخذناه بالنقل عنه كما قال أبو يزيد : أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت .
وكلامك عندي هو الشرع المقرب إلى اللّه ، فإنك عندي ممن ينطق عن اللّه لا عن هوى نفسه ، والأخذ عنك أثبت وأصح من أخذي من أقوال علماء الشريعة .

فقال : بارك اللّه فيك اجلس لا تفعل ذلك ، فإني ما أردت ذلك إلا أري الجماعة صدقك في الخدمة وقيامك بالحرمة ، وقد ظهر والحمد للّه .
يا بني إن ذلك الذي أمرتك به معصية عندي ، وما كنت لأتركك تفعل ذلك ، وإنما ابتليتك حتى نعلم كما قال اللّه تعالى في محكم كتابه مع علمه "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ" [ محمد : 31 ] .

قال رضي الله عنه :  (وكذلك ) ، أي مثل ما يقع من الخليفة اليوم (يقع من عيسى عليه السلام) ، فإنه أي عيسى عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان (يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر) عن المجتهدين ومقلديهم اليوم فيبين ،
أي عيسى عليه السلام (برفعه) كما تقرر في شرع الاجتهاد (صورة الحق المشروع الذي كان عليه) نبينا محمد (صلى اللّه عليه وسلم ولا سيما) ، أي خصوصا (إذا تعارضت أحكام الأئمة) المجتهدين (في النازلة الواحدة) فذهب كل إمام إلى قول .

قال رضي الله عنه :  (فنعلم) نحن الآن (قطعا أنه) ، أي الشأن (لو نزل وحي) من اللّه تعالى في تلك القضية الواحدة المختلف فيها (لنزل) ذلك الوحي (بأحد الوجوه) التي ذهب إليها أحد تلك الأئمة .
(فذلك) النازل (هو الحكم الإلهي) القديم وما عداه من بقية الأحكام وإن قرره الحق تعالى وقبل العمل بمقتضاه فهو شرع تقرير من الحق تعالى وعدم إنكاره لرفع أي إزالة الحرج ، أي الصعوبة والعسر عن هذه الأمة . قال تعالى :وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[ الحج : 78 ] ولأجل اتساع الحكم الإلهي فيها ، أي في هذه الأمة .
قال تعالى :يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ[ البقرة : 185 ] ، وقال عليه السلام : « أتيتكم بالحنيفية السمحة السهلة » رواه الديلمي و أحمد في المسند.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وقد يظهر من الخليفة ) اليوم ( ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه ) على البناء للمفعول أي فيتخيل أهل الحجاب أن ذلك الحكم منه ( من الاجتهاد وليس كذلك وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي عليه السلام ولو ثبت ) ذلك الخبر عنده عن النبي من جهة الكشف ( لحكم به ) أي بذلك الخبر.

قال رضي الله عنه :  ( وإن كان الطريق فيه ) أي في ثبوت الخبر ( العدل من العدل فما هو ) أي فليس العدل ( معصوم عن الوهم ولا من النقل على المعنى ) فاحتمل فيه على ما هو الأمر عليه بخلاف الكشف الإلهي فإنه يعطي الأمر على ما هو عليه في نفسه فالكشف الإلهي أقوى وأرجح من العدل في إفادة اليقين .

قال رضي الله عنه :  ( فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم و ) كما يقع من الخليفة اليوم ما يخالف حديثا ما في الحكم ( كذلك يقع من عيسى عليه السلام فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر ) لعدم ثبوت ذلك الشرع الاجتهادي من جهة كشفه فكل حكم شرعي اجتهادي مقرر إذا وافق كشفه يثبته وإذا لم يوافق برفعه .

قال رضي الله عنه :  ( فيبين ) على صيغة المعلوم أو المجهول ( برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه النبي ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه فذلك هو الحكم الإلهي وما عداه ) أي ما عدا ذلك الوجه .
( وإن قرره الحق ) أي ما عدا الوجه الذي لو نزل وحي لنزل به ( فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها ) فعلم منه أن الشارع قد ستر الحق المشروع في بعض أحكامه فاختلف الناس فيه بحسب اجتهادهم وقرر اجتهاد كل منهم لرفع الحرج عن هذه الأمة فهذا عناية من اللّه في حقهم فرفع الحرج سبب لحياة الأمة فإذا نزل عيسى عليه السلام نزل معه الحرج فتمت مدة حياتهم وقرب هلاكهم .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به. وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى. فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي. وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.).  معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  )

قال رضي الله عنه :  (فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم ، فيتخيّل أنّه عن الاجتهاد وليس كذلك ،  وإنّما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ولو ثبت لحكم به ، وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل ، فما هو معصوم من الوهم ، ولا من النقل على المعنى ، فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم ، وكذلك يقع من عيسى عليه السّلام فإنّه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرّر ، فيبيّن برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السّلام ولا سيّما إذا تعارضت بأحكام الأئمّة في النازلة الواحدة ، فيعلم قطعا أنّه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه ، فذلك هو الحكم الإلهي ، وما عداه - وإن قرّره الحق - فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمّة واتّساع الحكم فيها ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الخلافة المنفردة عن النبوّة التشريعية ورسالتها المنقطعتين بخاتم الأنبياء والرسل عليهم السّلام ليس لها هذا المنصب من الحكم ظاهرا من وجهين :

أحدهما : أنّ الخلفاء من بني العبّاس خلفاء من تقدّمهم من خلفاء رسول الله ، والحكم الذي كانوا يحكمون به غير مأخوذ عن الله ، على ما كان يأخذه الرسول أو الوليّ الخليفة ، بل مأخوذ عن النقل أو باجتهاده لا غير ، فلو كان الخليفة منهم آخذا خلافته عن الله وحكمه فيما يحكم به عن الله ، وكان له الحكم والسيف ظاهرا ، لكان له هذا المنصب الذي كنّا بصدده كخلافة داوود ومحمّد وموسى صلوات الله عليهم .

والثاني : أنّ الكمّل من خلفاء الله من الأولياء - وإن تحقّقوا بمقام الكمال وارتقوا في درجات الأكملية فليس لهم منصب الخلافة ظاهرا بالسيف ولا الحكم بالقتل والإبقاء على الاستقلال والاستبداد ، وإن كان كل منهم إماما متبوعا للعالمين كافّة فيما يشترك فيه الكلّ ، وللخاصّة فيما يخصّهم ، وينفردون بخصوصيات ليست لغيرهم من الأولياء ، ممّن لم يتحقّقوا بدرجة الكمال والخلافة ،
فيرى هذا الخليفة بعض الأحاديث المنقولة ثابت الإسناد في الظاهر ، عدلا عن عدل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غير ثابت عنده من طريق الكشف فيما أخذ عن الله ، فيحكم بخلافه إن أمر بذلك ، أو يسكت عنه إن أمر بذلك كذلك ، أو يبيّن الأمر فيه ،

فيقول : هذا الحديث ثابت ظاهر نقلا ، غير صحيح كشفا وبالعكس ، فيحكم بصحّة ما لم يصحّ في النقل الظاهر .
وكيفية علمه بصحّة ما صحّح كشفا - وإن لم يصحّ رواية وبالعكس هي أنّ الخليفة الكامل يحضر لتصحيح ذلك نقلا في الحضرة الإلهية ، ويجتمع بالرسول صلَّى الله عليه وسلَّم من حيث روحه في برزخه ، أو ينزل إليه روح الرسول ، أو ألحق مع الرسول ،
فيأخذ الحكم عن الله ، أو يسأل الرسول عن صحّة الحديث وعدم ثبوته عنه ، فيثبت ويصحّح له الرسول ما صحّ ، ويعرض عمّا لم يصحّ ،

فيقول : هذا صحيح كشفا لا نقلا ، وذلك غير صحيح كشفا إلَّا في النقل الظاهر ، فهذا سرّ الخلاف الواقع من الخليفة اليوم ، فلو كان مع الخلفاء من الأولياء الحكم بالهمم أو بغير الهمم من أنفسهم بل أمر بعض الأولياء المتصرّفين في العالم بالهمم ، فيخدمون ويمتثلون أمره وحكمه ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك ، إنما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو ثبت لحكم به ،وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم عن الوهم).
أي فما ذلك العدل معصوم الخطأ .

قال رضي الله عنه :  ( ولا من النقل على المعنى ، فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم وكذلك يقع من عيسى عليه السلام ، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه الصلاة والسلام عليه ، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة فنعلم قطعا أنه لو نزل وحى لنزل بأحد الوجوه فذلك هو الحكم الإلهي ، وما عداه وإن قرره الحق فهو شرح تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها ). 

يعنى أن الخلافة المتقررة عن النبوة التشريعية والرسالة المنقطعتين بخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ليس لها هذا المنصب بتغيير الأحكام الاجتهادية ، وأكثر خلفاء اليوم خلفاء الرسول لا يأخذون عن الله الأحكام بل عن الرسول بالنقل ، وقد يكون فيهم الخلفاء الأولياء الذين يأخذون الأحكام عن الله مع موافقة الرسول فيها ،

فإنهم يأخذون من الحق ما أخذه الرسول فلا يغير حكما إلا أنه قد يظهر من أحدهم ما يخلف بعض الأحاديث في الحكم مع أن ذلك الحديث ثابت الإسناد في الظاهر نقله العدل عن العدل إلى رسول الله لكنه لو ثبت عنده بالكشف كونه عن النبي لحكم به فيحكم فيما يأخذ عن الله بخلافه إن أمر بذلك، فيتخيل الجاهل بحاله أنه إنما حكم بالاجتهاد على خلاف النص ،
وكذلك إن أمر بالسكوت عنه سكت، وإن أمر أن يبين أن الحديث ثابت ظاهرا من طريق النقل غير ثابت من طريق الكشف بين،

"" أضاف بالى زادة : فعلم منه أن الشارع قد ستر الحق المشروع في بعض أحكامه فاختلف الناس فيه بحسب اجتهادهم ، وقرر اجتهاد كل منهم لرفع الحرج عن هذه الأمة فهذا عناية من الله في حقهم فرفع الحرج سبب لحياة الأمة ، فإذا نزل عيسى نزل معه الحرج فتمت مدة حياتهم وقرب هلاكهم. اهـ بالى .""

فإن العدل قد يخطئ وقد يحكم بما لم تثبت صحته بالنقل لثبوت صحته بالكشف، إما بالأخذ عن الله وتصحيح ذلك في الحضرة الإلهية، وإما باجتماع روحه بروح الرسول بعروجه إليه أو بنزول روح الرسول إلى مرتبته وبرزخه في عالم المثال،
أو بالأخذ عن الله وسؤال الرسول عن صحة الحديث ونفى الرسول صحته، كما ينزل عيسى برفع كثير من الأحكام الاجتهادية المقررة في الشرع فيبين ما كان صلى الله الله عليه وسلم عليه، ولا سيما ما اختلف فيه من الأحكام وتعارض بين الأئمة،
 لأنا نعلم قطعا أن الحكم لو نزل بالوحي لنزل على أحد الوجهين المتعارضين ، هذا إذا كان الحكم إلهيا بالوحي
وما عداه مما لم ينزل به الوحي فهو شرع وتقرير قرر لدفع الحرج عن هذه الأمة ، بمقتضى قوله عليه الصلاة والسلام " بعثت بالحنيفية السمحة " فاتسع فيه.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ) الآخذ من الله الحكم . ( ما يخالف حديثا ما في الحكم ، فيتخيل أنه من الاجتهاد ، وليس كذلك . وإنما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ) لعله بطريق الكشف ما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ( ولو ثبت لحكم به ، وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل ، فما هو ) أي ، فليس ذلك العدل.


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى . فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم ، وكذلك يقع من عيسى ، عليه السلام ، فإنه إذا نزل ، يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيتبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه النبي ، صلى الله عليه وسلم . ) أي ، يبين صورة الحكم المشروع برفعه كثيرا من شرائع الاجتهاد . فالحق هنا مقابل الباطل .
 

قال رضي الله عنه :  ( ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة ، فيعلم قطعا أنه لو نزل وحى ، لنزل بأحد الوجوه ، فذلك هو الحكم الإلهي . وما عداه وإن قرره الحق ، فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها . )
كما قال تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) .
وقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( بعثت بالحنيفية السهلة السمحة ) . فتقريره لرفع الحرج إلى أن يبين الله أحكامه .
والحاصل ، أن الولي الآخذ من الله لا يرفع ما نص الرسول عليه من الأحكام ، بل يرفع الأحكام الاجتهادية التي اختلفت فيها ، ويحكم بما عليه الأمر في نفسه وعند الله ، فيرتفع الخلاف .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 3 يناير 2020 - 0:48 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 0:46 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيخيّل أنّه من الاجتهاد ، وليس كذلك ، وإنّما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النّبيّ ؛ ولو ثبت لحكم به ، وإن كان الطّريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النّقل على المعنى ، فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم ، وكذلك يقع من عيسى عليه السّلام ، فإنّه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرّر فيبيّن برفعه صورة الحقّ المشروع الّذي كان عليه السّلام ، ولا سيّما إذا تعارضت أحكام الأئمّة في النّازلة الواحدة ، فنعلم قطعا أنّه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه فذلك هو الحكم الإلهيّ ، وما عداه وإن قرّره الحقّ ؛ فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمّة واتّساع الحكم فيها ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ) اليوم إذا كان مكاشفا يأخذ من معدن الرسول ( ما يخالف حديثا في الحكم ) المنصوص فيه فضلا عن الثابت بالقياس عليه ، ( فيتخيل أن ) أي : ظهور الخلاف عنه ( من الاجتهاد ) ، فيطعن عليه أو يقال : إنه رجح ظنيّا على آخر لترجحه عنده ، ( وليس كذلك ) أي : لا اجتهاد في مقابلة النص لا ترجيح لقياس الفرع على الأصل أصلا ، ( وإنما هذا الإمام ) الذي هو أجل من ألا يعرف أنه لاجتهاد مع النص ، وإلا ترجح للفرع على الأصل ، ( لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، ولم ثبت ) عنده خبر بطريق الكشف ، ولم يصح عند أهل الظاهر ( فحكم به ) ، فله أن يحكم بالخبر الضعيف ، ولا يحكم بالخبر الصحيح ، ( وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل ) ؛ فإنه يمكن وقوع الغلط في خبره من جهة اللفظ والمعنى ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فما هو ) أي : العدل ( معصوم عن الوهم ) ، فربما يتوهم أنه سمع شيئا ، ولم يكن سمعه ، ( ولا ) معصوم ( عن النقل على المعنى ) ، فربما يظن للمسموع منه عليه السّلام معنى لم يكن له ، فيأتي له بعبارة من عنده ، ( فمثل هذا ) التغيير ، وإن امتنع وقوعه من المجتهدين ، غير أهل الكشف ( يقع من الخليفة ) المكاشف ، وإن امتنع تغيير آخر منه ، وإن وقع في كشفه ابتلاء ، لكن لا تلبيس عليه فيما ينقله عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي : مثل هذا التغيير الواقع عن الخليفة المجرد ( يقع عن عيسى عليه السّلام ) لا مثل ما وقع منه في حقّ موسى عليه السّلام قبل رفعه إلى السماء ، ( فإنه إذا نزل ) من السماء ، فغايته أنه ( يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر ) عند جمهور العلماء بلا إجماع منهم ؛ لكونه غير صورة الحق في الواقع ، ( فيتبين برفعه ) ؛ لكونه نبيّا معلوم الصدق بالضرورة بخلاف سائر الخلفاء ؛ فإنه لا يتبين برفعهم ( صورة الحق المشروع الذي كان نبينا عليه السّلام عليه ) ، وإن كان ينقل عنه بطريق قطعي فيها واحدة ، وإن قلنا بتصويب المجتهدين ،
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة ) ، فإنه وإن صوب البعض فيه كل مجتهد فهو من حيث رفع الحرج عنه ومن عمل بقوله من مقلديه ، ( فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي ) ، ونقل عندنا بطريق قطعي ( لنزل بأحد الوجوه ) المتقابلة لا بجميعها لامتناع اجتماعها .
قال رضي الله عنه :  ( فذلك ) الوجه الذي قدر نزول الوحي به ( هو الحكم الإلهي ) الصواب الموجب لمن أصابه من المجتهدين أجرين ، ( وما عداه ) من وجه أو وجوه ، ( وإن ) وعد عليه الأجر ، وأسقط عن القائل به والعامل به الوزن ، فليس مما لو نزل الوحي لنزل به ، ( فهو شرع تقرير ) لما فيه من أمارة ظنية موجبة للفتوى والعمل ، وإنما ( قرر ) مع كونه خلاف صورة ( الحق ) ؛ ( لرفع الحرج عن هذه الأمة ) في تكليف الإجابة مع خفاء الأمارة ، وهو مرفوع بقوله تعالى :وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[ الحج : 78 ] ، ( واتساع الحكم فيها ) للمصالح المختلفة بحسب الأحوال والأزمنة .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  ).  


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم ، فيتخيّل أنّه من الاجتهاد ، وليس كذلك وإنما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي ، ولو ثبت لحكم به ، وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل ، فما هو معصوم من الوهم ) الذي هو مبدأ السهو والنسيان .
قال رضي الله عنه :  ( ولا من النقل على المعنى ) الذي هو مثار سائر التبديلات والتحريفات .
( فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم ، وكذلك يقع من عيسى ) حين يزيد في الشرع ما يزيد ، ( فإنّه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرّر ) في زماننا بتقرير المجتهدين من الأئمّة الأربعة وغيرهم .
قال رضي الله عنه :  ( فيبيّن برفعه صورة الحقّ المشروع الذي كان عليه عليه الصلاة والسلام ) فإنّ الذي عليه الحقّ في نفسه من الصور التي اختلفت الأئمّة في زماننا فيها ، إنما هو الواحد منها بلا شكّ ، ( ولا سيّما إذا تعارضت أحكام الأئمّة في النازلة الواحدة ) .
 
قال رضي الله عنه :  (فتعلم قطعا أنّه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه ، فذلك هو الحكم الإلهي ، وما عداه - وإن قرّره الحقّ - ) في صور المجتهدين على ما مكَّنهم محمد صلَّى الله عليه وسلم في ذلك حيث قال : « أصحابي كالنجوم ، بأيّهم اقتديتم اهتديتم » فهو رحمة للعالمين .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو شرع تقرير ) إنما عمل ذلك ( لرفع الحرج عن هذه الامّة واتّساع الحكم فيها ) فإنّه لو لم يتعلَّق أمر إثبات الأحكام بالاجتهاد ما كان يظهر فيها الوجوه المتكثّرة التي هي صورة سعة الحقّ ، وهي مقتضى الرحمة المجبول عليها محمّد صلَّى الله عليه وسلم .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.  ).  
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيخيّل أنّه من الاجتهاد وليس كذلك وإنّما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النّبيّ ؛ ولو ثبت لحكم به . وإن كان الطّريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النّقل على المعنى . فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم ، وكذلك يقع من عيسى عليه السّلام ، فإنّه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرّر فيبيّن برفعه صورة الحقّ المشروع الّذي كان عليه السّلام عليه . ولا سيّما إذا تعارضت أحكام الأئمّة في النّازلة الواحدة . فنعلم قطعا أنّه لو نزل)
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد يظهر من الخليفة ) الآخذ الحكم من اللّه ( ما يخالف حديثا مّا في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس الأمر كذلك وإنما هذا الإمام ) يعني الخليفة الآخذ من اللّه ( لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولو ثبت لحكم به وإن كان الطريق ) ، أي طريق الإسناد ( فيه العدل عن العدل فما هو ) ، أي العدل ( معصوم ) بالرفع على لغة بني تميم ( من الوهم ) الذي هو مبدأ السهو والنسيان ( ولا من النقل على المعنى ) الذي هو مبدأ التبديلات والتحريفات .
 
قال رضي الله عنه :  (فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم وكذلك يقع من عيسى فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر ) بتقرير الأئمة المجتهدين ( فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة فنعلم قطعا أنه لو نزل).
 
قال رضي الله عنه :  ( وحي لنزل بأحد الوجوه فذلك هو الحكم الإلهيّ . وما عداه وإن قرّره الحقّ فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمّة واتّساع الحكم فيها . )
 
وحي لنزل بأحد الوجوه فذلك هو الحكم الإلهي وما عداه وإن قرره الحق ) في صورة المجتهدين . حديث « إذا بويع لخليفتين » رواه مسلم والبيهقي وغيرهما
قال رضي الله عنه :  ( فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها ) .
قال تعالى : "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ " [ البقرة : 185 ] .
وقال صلى اللّه عليه وسلم بعثت بالحنيفية السهلة السمحة ، وظاهر أنه لو لم يقع الاختلاف في الأحكام الاجتهادية ما كان يظهر فيها الوجوه المتكثرة التي هي صورة سعة الرحمة المجبول عليها نبينا صلى اللّه عليه وسلم ،
ولما كان لمتوهم أن يتوهم أن استصواب اختلافات الخلفاء والمجتهدين لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها ينافي ما ثبت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما » .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 0:56 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا قوله عليه السّلام إذا بويع لخلفتين فاقتلوا الآخر منهما فهذا في الخلافة الظّاهرة الّتي لها السّيف . وإن اتّفقا فلا بدّ من قتل أحدهما بخلاف الخلافة المعنويّة فإنّه لا قتل فيها .  وإنّما جاء القتل في الخلافة الظّاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام وهو خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن عدل . فمن حكم الأصل الّذي به تخيّل وجود إلهين .لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا[ الأنبياء : 22 ].  وإن اتّفقا فنحن نعلم أنّهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما ، فالنّافذ الحكم هو اللّه على الحقيقة ، والّذي لم ينفذ حكمه ليس بإله . )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما قوله) ، أي النبي (عليه السلام) في الحديث الصحيح (إذا بويع) ، أي بايع الناس (لخليفتين) في الأرض (فاقتلوا) الخليفة (الآخر منهما) وهو الثاني والخلافة للسابق . رواه مسلم والحاكم
(فهذا) الحكم (في) حق (الخلافة الظاهرة) في الناس (التي لها السيف) في القتل والسبي (وإن اتفقا) على الخلافة في الأرض (فلا بد من قتل أحدهما) ، أي الخليفتين ليصلح الأمر بين الناس ولا تفسد الأحوال .
 
قال رضي الله عنه :  (بخلاف الخلافة المعنوية) الباطنية المذكورة التي لها التأثير بالهمة مكان السيف فإنه ، أي الشأن (لا قتل فيها) لعدم معرفتها على أحد من الأولياء ، وإن قتل أحدهما من نازعه بحاله وهمته ،
كما وقع للشيخ شمس الدين الحنفي مع سيدي علي وفا قدس اللّه سرهما لما حضرا في مجلس
فقال سيدي علي :  هنا رجل تدور رحى الكائنات عليه ،
فقال الشيخ شمس الدين الحنفي : وهنا رجل لو قال لها بيده : اسكني لسكنت ،
فقام سيدي علي محموما ولم يعش غير سبعة أيام رحمهما اللّه تعالى .
وإنما جاء القتل في الظاهر من المكلفين بذلك في أمر الخلافة الظاهرة التي هي الملك والسلطنة في الظاهر وإن لم يكن لذلك الخليفة ،
أي السلطان في الظاهر هذا المقام الشريف الذي لصاحب الخلافة المعنوية المذكور وهو ، أي صاحب الخلافة الظاهرة خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن عدل في حكمه بين رعاياه الداخلين تحت ولايته ، وإن ظلم وجار على الرعية فهو خليفة الشيطان فمن أجل (حكم الأصل) في التوحيد الإلهي (الذي به )،
أي بسببه (يخيّل) بالبناء للمفعول أي للقاصرين (وجود إلهين) اثنين أي مؤثرين بقدرتين وإرادتين نافذتين وهو تخيل الشرك في تعداد الأمر الواحد وما أحسن ما أنشأه وأنشده السلطان سليم من بني عثمان رحمه اللّه تعالى :
الملك للّه من يظفر لنيله مني  .... يردده قهرا أو يضمن دونه الدركا
لو كان لي أو لغيري قدر أنملة ..... فوق البسيطة كان الأمر مشتركا
 
أي كان أمر اللّه تعالى مشتركا ولم يكن الأمر واحدا وأمر اللّه تعالى واحد كما قال سبحانه :وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ[ القمر : 50 ] وقال تعالى :لَوْ كانَ فِيهِما، أي في السماوات والأرض آلِهَةٌ جمع إله إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا[ الأنبياء : 22 ] ،
أي السماوات والأرض فما فسدتا ، فليس فيهما آلهة إلا اللّه وإن اتفقا ، أي الإلهان ولم يختلفا أصلا في خلق شيء فنحن نعلم أنهما ،
أي الإلهين يمكن اختلافهما ولو اختلفا تقديرا فأراد أحدهما إيجاد شيء والآخر إعدامه لنفذ حكم أحدهما قطعا لاستحالة اجتماع النقيضين فالنافذ الحكم هو إله تعالى على الحقيقة والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله لعجزه والإله لا بد أن يكون قادرا على كل شيء .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الأخير منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف ) قوله ( وإن ) مبالغة ( اتفقا فلا بد من قتل أحدهما بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها ) لأنه لا حكم للسيف لها أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة ) في حق الأخير ( وإن لم يكن لذلك الخليفة ) التي جاء القتل في حقه ( هذا المقام ) وهو أخذ الحكم عن اللّه ( هو خليفة رسول اللّه عليه السلام ) كالأولى ( أن عدل ) إذ قول الرسول عليه السلام في حقهما خليفتين يشتمل كليهما على السؤال وجواب أما قوله ( فمن حكم الأصل الذي به ) أي بسبب ذلك الأصل .
( تخيل وجود آلهين ) فالقتل يتوجه إلى من كان سببا لتخيل وجوده إلهين وهو الثاني دون الأول فإن الخليفة مظهر الحق فيتخيل بتعدده تعدد الحق فوجب لرفع التخيل قتل الثاني الذي هو سببه (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا وإن اتفقا ) أي آلهين .
 
قال رضي الله عنه :  ( فنحن نعلم ) قطعا ( أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة والذي لم ينفذ حكمه ليس بآله) أي ومن قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها. وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ). معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
قال رضي الله عنه : « وأمّا قوله عليه السّلام : « إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما » - هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف ، وإن اتّفقا ، فلا بدّ من قتل أحدهما ، بخلاف الخلافة المعنوية ، فإنّه لا قتل فيها » .
 
يعني رضي الله عنه : أنّ الخلافة الحقيقية المعنوية العطيّة الكمالية لا تكون في كل عصر إلَّا لواحد ، كما أنّ الله واحد ، فكذلك خليفته الذي هو نائبه في الكلّ واحد ، ولا يأخذ الحكم الكلَّي الواحد عن الله الواحد الأحد إلَّا ذلك الواحد ، أعني كامل العصر .
 
قال : « وإنّما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام » أي الأخذ عن الله ، تعالى .
قال رضي الله عنه : ( وهو خليفة رسول الله إن عدل - فمن حكم الأصل الذي به يخيّل وجود إلهين ،   " لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا " وإن اتّفقا ، فنحن نعلم أنّهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما ، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة ، والذي لا ينفذ حكمه ليس بإله )
 
يعني رضي الله عنه أنّ حكم الخليفة فيما خالف الحكم المقرّر في الشرع إذا نفذ ، علمنا أنّ نفوذه ليس إلَّا بإرادة الله ومشيّته ، إذ لا نفوذ إلَّا لما أراد الله ، لا ما تقرّر ممّا لا نفوذ له ، فليس في ذلك مشيّة التقرير النافذ ، ولا العمل غير النافذ ، فإنّ المشيّة ليس لها إلَّا التقرير التخصيصي لا العمل إلَّا ما تعلَّق به الإرادة من العمل ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
قال رضي الله عنه :  (وأما قوله عليه الصلاة والسلام « إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما » فهذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف ، وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما ، بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها )
هذا جواب سؤال أو اعتراض يرد على ما ذكر من أن الخليفة الولي الذي يأخذ الحكم عن الحق إذا خالف الحكم الثابت في الظاهر الثابت في الظاهر بالحديث الصحيح إسناده بنقل العدل عن العدل ، وجب على أهل الظاهر والسلطان القائم بأمر الشرع أي الخليفة الظاهر قتله بحكم هذا الحديث ، وكيف يصح حكمه .
وجوابه أن هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف والأخذ بالنقل فقط ، فإنهما وإن اتفقا في الحكم فلا بد من قتل أحدهما ليتحد الحكم ، وأما هذه الخلافة الحقيقية المعنوية فلا تكون في كل عصر إلا لواحد كما أن الله واحد وهو القطب وإنما هو نائبه ، ولا يظهر الحكم إلا بأمر الله ولا يعارضه أحد ، فإنه إن علم الحكم من عند الله ولم يأمره بالإظهار فلا يعارض الظاهر ، وإن أمر فلا يقدر أحد على منعه لأنه منصور من الله ، فلا قتل في هذه الخلافة .


قال رضي الله عنه :  ( وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة ، وإن لم يكن لذلك الخليفة ) أي الخليفة الظاهر إلا آخر ( هذا المقام ) أي أخذ الحكم عن الله .
( وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود الهين ) أي ما جاء القتل إلا في الخلافة الظاهرة ولم يكن للخليفة الظاهري .
الثاني مقام الأخذ من الله فهو خليفة رسول الله إن كان عادلا فمن حكم الأصل الذي هو وحدة الله تعالى جاء قتله لأنه الثاني ، وكونه ثاني الأول يخيل جواز وجود إلهين فهو محال .
"" أضاف بالى زادة :
فالقتل ينوبه إلى من كان سببا لتخيل وجود إلهين وهو الثاني ضد الأول ، فإن الخليفة مظهر الحق فيتخيل يتعدده تعدد الحق فوجب الرفع لتخيل قتل الثاني الذي هو سببه اهـ بالى .
الأصل هو برهان التمانع وحكمه : أي نتيجته وجوب وحدة الواجب ، فوجوب وحدته يحكم بوجوب وحدة الخليفة الذي هو ظله وقتل الآخر من الخليفتين ، فقوله : فمن حكم الأصلي جزاء لقوله : وإن لم يكن لذلك الخليفة اهـ جامى . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( و "لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا " وإن اتفقا فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما فالنافذ الحكم هو إله على الحقيقة ، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله ،)
بيان الملازمة : أنه لو كان فيهما آلهة غير الله كما زعموا أو إله آخر غيره لكانا إما إلهين بالذات أو بأمر زائد عليهما ،
فإن كان الثاني الزم افتقارهما في الإلهية إلى الغير فلم يكونا إلهين ،
وإن كان الأول ، فإما أن يتخالفا في الإيجاد والإعدام أو يتوافقا ، فإن تخالفا تخالفا لتساويهما في القوة فلا يقع إيجاد ولا إعدام ، وإن توافقا فإما أن ينفذ حكم كل واحد منهما في الآخر فلا يكون أحدهما إلها لنفوذ حكم الآخر فيه ،
وكذا إن لم ينفذ حكم كل واحد منهما في الآخر لعجز كل منهما ، فإن نفذ حكم أحدهما في الآخر دون العكس فالنافذ الحكم هو الإله دون الآخر .
ولما كان النافذ الحكم هو الإله دون غيره علمنا أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله ، وإن خالف الشرع المقرر في الظاهر إذ لا ينفذ إلا حكم الله في نفس الأمر ،
لأن كل ما وقع في العالم إنما وقع بحكم المشيئة الإلهية لا بحكم الشرع ، فإن تقريره إنما هو بالمشيئة ، ولذلك نفذ تقريره خاصة لا العمل به إلا ما تتعلق به المشيئة من العمل ، ولهذا قال بعد قوله : "كَلَّا إِنَّه تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَه وما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله "   .
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله ، صلى الله عليه وسلم : "إذا بويع لخليفتين ، فاقتلوا الأخير منهما " . فهذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف . وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما ، بخلاف الخلافة المعنوية ، فإنه لا قتل فيها . )
لما ذكر أن لله خلفاء يأخذون الحكم من الله ، ثم جعلهم ظاهرا وباطنا ، أورد الحديث وبين محل الحكم جوابا عن اعتراض مقدر .
وهو قول القائل : كيف يكون لله خلفاء ظاهرا وباطنا ، وقد قال نبيه ، صلى الله عليه وآله : ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الأخير منهما ) .
وإنما لم يكن القتل في الخلافة المعنوية ، لأن الخليفة في الباطن هو القطب ، ولا يمكن أن يكون أكثر من واحد ، وباقي الخلفاء المعنوية تحت حكمه وتصرفه .
وجواب ( ما ) قوله من بعد : ( فمن حكم الأصل ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة ، وإن لم يكن لذلك الخليفة ) أي ، الخليفة الأولى الذي لا يقتل . ( هذا المقام . ) أي ، مقام الخلافة ، أو أخذ الأحكام من الله .
 
( وهو خليفة رسول الله إن عدل . ) أي ، الذي قرر على الخلافة خليفة رسول الله إن عدل في الحكم بين الناس . وإن لم يعدل فهو خليفة ظاهرا ، لكن لا خليفة رسول الله ( فمن حكم الأصل الذي به يخيل وجود إلهين . ) هذا جواب ( أما ) .
 
أي أما قوله : ( إذا بويع لخليفتين ، فاقتلوا الأخير منهما ) . فمن حكم الأصل الذي هو وجوب كون الله تعالى واحدا .
والثاني الذي به يخيل جواز وجود إلهين واجب القتل ، لئلا يكونا خليفتين ، كما لا يكون إلهين .


وإنما كان بالخليفة الثانية تخيل ذلك ، لأن الخليفة مظهر الحق في الظاهر ، فكونها اثنين ، يكون دليلا وعلامة على الهين ظاهرين فيهما .
فيخيل أن الأمر كذلك ، لكن الثاني منتف بحكم الأصل ، فكذلك مظهره أيضا
 
قال رضي الله عنه :  ( "ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " . وإن اتفقا ) يعنى الإلهين .
قال رضي الله عنه :  ( فنحن نعلم أنهما لو اختلفا ، تقديرا ، لنفذ حكم أحدهما ، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة ، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله . ) غنى عن الشرح .

.
يتبع 

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 1:03 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
قال رضي الله عنه :  (وأمّا قوله عليه السّلام : "إذا بويع لخلفتين فاقتلوا الآخر منهما" ؛ فهذا في الخلافة الظّاهرة الّتي لها السّيف ، وإن اتّفقا فلابدّ من قتل أحدهما بخلاف الخلافة المعنويّة ؛ فإنّه لا قتل فيها ، وإنّما جاء القتل في الخلافة الظّاهرة ، وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام ، وهو خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إن عدل ، فمن حكم الأصل الّذي به تخيّل وجود إلهين ،لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [ الأنبياء : 22 ] ، وإن اتّفقا فنحن نعلم أنّهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما ، فالنّافذ الحكم هو اللّه على الحقيقة ، والّذي لم ينفذ حكمه ليس بإله ) . رواه مسلم والبيهقي
 
ثم استشعر سؤالا بأن الكلام السابق يشعر بتجويز تعدد الخلفاء في زمان واحد ، وقد ورد الحديث بقتل واحد عند تعددها على أنه يشعر بأن كل خليفة أخذ عن اللّه العلم والحكم ، وهو خلاف الواقع ، ويلزمه تجويز قتل الأخذ عن اللّه والعلم والحكم ، وهو باطل بالضرورة ؟
 
فأجاب عن ذلك بقوله رضي الله عنه  : ( وأما قوله عليه السّلام : « إذا بويع لخلفتين فاقتلوا الآخر منهما » ، فهذا في الخلافة الظاهرة ) ، وهي الرئاسة العامة القائمة بتنفيذ الأحكام الظاهرة ؛ لأن التعدد فيه مظنة للفساد إذ هي ( التي لها السيف ) ، والتعدد فيه على العموم موجب للمظنة المذكورة ، فيجب دفعها ،
وإن كانت شرّا متوهما بشرّ محقق في حق من حصل به التعدد وهو المتأخر ؛ لأنها لو وقعت كانت شرّا كثيرا ، وقتله شر يسير ، ودفع الشر الكثير بالشر اليسير خير كبير ،
وكذلك ( إن اتفقا ، فلابدّ من قتل أحدهما ) إقامة للمظنة مقام المظنون على ( ما ) هو ذات الشرع في الأمور التي لا تبسط ( بخلاف الخلافة المعنوية ) التي هي أخذ الشخص عن اللّه العلم والحكم ، ( فإنه لا قتل فيها ) ، وإن كان فيها تعدد في زمان واحدا ، إذ لا مظنة للفساد ( في ) هذا التعدد ، بل هو موجب لمزيد استنارة العالم واستقامة أحواله ، فإن كان فيهم ( من ) قام بالخلافة الظاهرة ؛ فلا يتصدى عدد منهم ؛ ذلك لأن هذا التعدد مظنة الفساد وهم عنها مبعدون .
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس ) كل خليفة عن اللّه آخذ عنه العلم والحكم ، ( وإنما ) هو ( الخليفة ) المعنوي ، ( والقتل في الخلافة الظاهرة ) ليس للخليفة عن اللّه الآخذ عنه العلم ، ( والحكم ) إنما القتل في الخلافة الظاهرة التي لا يلزم فيها أن يأخذ صاحبها العلم والحكم من اللّه ، وهو خليفة عنه ( إن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام ).
أي : مقام أخذ العلم والحكم عن اللّه بالكشف ، إذ يكفي فيه أن يقوم في العموم بحكمه ، وحينئذ لا يتحقق فيه ما هو سبب استنارة العالم ، واستقامة أحواله مع تحقق مظنة الفساد في تعدده ، وهو أي : الخليفة في الظاهر إذا لم يأخذ العلم والحكم عن اللّه ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو ) من هذا الوجه ( خليفة رسول اللّه ) وإن كان من وجه آخر خليفة اللّه ، وهو قيامه في العموم بحكمه ، لكن إن ( عدل ) ، وإلا فهو خليفة الشيطان والتعدد ، وإن جاز في الرسول ، فلا يجوز في اللّه ، وهو باعتبار الحكم في العموم خليفة اللّه ، فتعدده تخيل تعدد الآلهة الموجب لمظنة الفساد مع أنه من حيث هو خليفة الرسول يجوز أن ينقلب إلى خلافة الشيطان ، فرجح هذا الجانب لكونه الأصل سيما باعتبار السيف ؛ ولكونه الثابت الذي لا ينقلب.
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن حكم الأصل الذي تخيل به وجود إلهين ) أي : فالقتل في هذه الخلافة من مظنة الفساد التي بها الخلافة الشيطانية مع إيهام تعدد الآلهة بتعدد من يقوم بالحكم العام ، وهو مظنة الفساد كما قال تعالى :لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا[ الأنبياء : 22 ] .
باجتماع النقيضيين لو نفذ حكمهما المتناقضان ، أو ارتفاعهما لو لم ينفذ شيء منهما ، وهذا الفساد لازم ، ( وإن اتفقا فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا ) لزم ذلك الحساب أن نفذ حكمهما المختلفان أو لم ينفذ شيء منهما ، وإلا ( لنفذ حكم أحدهما ) دون الآخر ؛ ( فالنّافذ الحكم ) على تقدير الاختلاف ،. " في نسخة : « فالنّافذ الحكم هو اللّه على الحقيقة ، والّذي لم ينفذ حكمه » . "
 
وإن نفذ في صورة الوفاق ( ليس بإله ) ، وقد فرض إلها هذا خلف ؛ وذلك لأن الإلهية عبارة عن استجماع الكمالات الحقيقية التي من جملتها نفاذ القدرة في الممكنات كلها ، فعدم نفوذ الحكم مع إمكانه في ذاته نقص مخل بإلهيته .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
الخليفة الظاهرة واحدة
ثمّ لما استشعر أن يقال : « إنّ تعارض أحكام الخلفاء والمجتهدين ينافي ما عليه اتّفاقهم عن الأصل الذي ثبت صحته عن النبي عندهم من قتل الثاني من الخليفتين » ،
 
رفع ذلك بقوله : ( وأمّا قوله صلَّى الله عليه وسلم : « إذا بويع لخليفتين ، فاقتلوا الآخر منهما » ، هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف ، وإن اتّفقا فلا بدّ من قتل أحدهما ) - وهو الآخر رتبة وزمانا .
(بخلاف الخلافة المعنويّة ، فإنّه لا قتل فيها ) فإنّه لا يزاحم أحدهما الآخر كما في الصورة التي هي موطن التزاحم ومحل الضيق والتصادم .
 
وإليه أشار بقوله : ( وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة ) مطلقا ( وإن لم يكن لذلك الخليفة ) الظاهرة التي في الثانية من الرتبة (هذا المقام ، وهو ) مقام أخذ الحكم عن الله .
فإنّ ذلك لا يتعلَّق بالصورة التي هي الحاكمة بالقتل . فبين هذه الخليفة وبين الخليفة الأولى تخالف في رتبة الخلافة ، غير متّحد في النسبة فيها .
فإنّ الأولى أخذه عن الله ، وهو خليفة الله حقيقة والثانية ليست له هذا المقام ( خليفة رسول الله إن عدل ) .
 
فوجوب القتل فيها - مع تفاوت النسبة المعنويّة - لما في تعدّد ولاة الأمر والخلفاء الصوريّة من الفساد الذي في دليل التمانع ، الوارد في التنزيل السماويّ ، الذي هو أصل سائر الأحكام .
وإليه أشار بقوله : ( فمن حكم الأصل الذي به يحيل وجود إلهين ) جاء مثله ،
وهو قوله تعالى : (" لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا “  [ 21 / 22 ] وإن اتّفقا ) وذلك لأنّه على اتّفاقهما إمّا أن ينفذ حكم كل منهما في الآخر ، فلا يكون واحد منهما إلها ، لنفوذ حكم الآخر فيه .
وإن لم ينفذ أيضا فكذلك ، لعدم القدرة والعجز . وإن نفذ حكم أحدهما دون الآخر فالنافذ الحكم هو الإله ، فلا يكون في الآلهة تعدّد أصلا .
 
لا يجري حكم في العالم بغير مشيئة الله تعالى
ثم إنّه لما كان الكلام في قتل الخليفة الثانية - وإن عدلت - لذلك قيّد الدليل بقوله : « وإن اتّفقا » تطبيقا لما هو بصدد تبيينه من المدّعى ، وبعد ذلك تعرّض للشقّ الآخر تعميما للدليل بقوله :
( فنحن نعلم أنّهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما ) فقط ،
قال رضي الله عنه :  ( فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة ، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله .)
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما. بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.   ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا قوله عليه السّلام إذا بويع لخلفتين فاقتلوا الآخر منهما فهذا في الخلافة الظّاهرة الّتي لها السّيف . وإن اتّفقا فلا بدّ من قتل أحدهما بخلاف الخلافة المعنويّة فإنّه لا قتل فيها . وإنّما جاء القتل في الخلافة الظّاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام وهو خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن عدل .  فمن حكم الأصل الّذي به تخيّل وجود إلهين .)
 
وقال صلى اللّه عليه وسلم بعثت بالحنيفية السهلة السمحة ، وظاهر أنه لو لم يقع الاختلاف في الأحكام الاجتهادية ما كان يظهر فيها الوجوه المتكثرة التي هي صورة سعة الرحمة المجبول عليها نبينا صلى اللّه عليه وسلم ،
ولما كان لمتوهم أن يتوهم أن استصواب اختلافات الخلفاء والمجتهدين لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها ينافي ما ثبت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما » .
ما دفعه بقوله : ( وأما قوله صلى اللّه عليه وسلم إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما فهذا في الخلافة ) .
وفي بعض النسخ : وهذا في الخلافة وهو يصلح أن يكون جواب إما ، يعني هذا الحكم إنما هو في الخلافة ( الظاهرة التي لها السيف وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما ) ، وهو آخرهما ( بخلاف الخلافة المعنوية ) الغير المقرونة بالخلافة الظاهرة ( فإنه لا قتل فيها وإنما جاء القتل ) ، أي قتل الخليفة الآخر ( في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة ) الظاهري الآخر.
قال رضي الله عنه :   ( هذا المقام ) ، أي مقام الخلافة وأخذ الأحكام عن اللّه كالخليفة الظاهري الأول ( وهو ) ، أي الخليفة الآخر ( خليفة رسول اللّه إن عدل ) وحينئذ يكون بين الخليفتين تخالف في رتبة الخلافة ، فإن الأول خليفة اللّه والثاني خليفة رسول اللّه .
( فمن حكم الأصل ) ، أي وجوب القتل في الآخر مع هذا التفاوت القاضي بعدم تخالفهما في الحقيقة من حكم الأصل ( الذي به ) ، أي بهذا الحكم ( يخيل ) الأصل (وجود إلهين )
 
فالأصل هو برهان التمانع وحكمه ، أي نتيجته وحدة الواجب تعالى فبوجوب وحدة الواجب يحكم بوجوب وحدة الخليفة الذي هو ظله ونائبه وقتل الآخر من الخليفتين فقوله : فمن حكم الأصل جزاء لقوله : وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام ، ويجوز أن يكون جواب أما وتكون إن في قوله : وإن لم يكن ، وصلية .
ولما أشار رضي اللّه عنه إلى الأصل الذي هو برهان التمانع أخذ في تقريره .
 
قال رضي الله عنه :  ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [ الأنبياء : 22 ] .  وإن اتّفقا فنحن نعلم أنّهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما ، فالنّافذ الحكم هو اللّه على الحقيقة ، والّذي لم ينفذ حكمه ليس بإله . )
 
فقال رضي الله عنه  : ( لو كان فيهما آلهة إلا اللّه لفسدتا وإن اتفقا ) ، أي الإلهان فإن أقل مرتبة التعدد الاثنان ، وذلك لأنه على تقدير اتفاقهما إما أن ينفذ حكم كل منهما في الآخر فلا يكون واحد منهم إلها لنفوذ حكم الآخر فيه ، وإن لم ينفذ فكذلك أيضا لعدم القدرة والعجز ، وإن نفذ حكم أحدهما دون الآخر فالنافذ الحكم هو الإله ،
فلا يكون في الآلهة تعدد أصلا وأما إن اختلفا ( فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا ) ، أي فرضا ( لنفذ حكم أحدهما ) فقط.

 قال رضي الله عنه :  ( فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله )
أي من مقام نفاذ كون الحكم من خواص المرتبة الإلهية .



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 17 يناير 2020 - 5:15 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 1:10 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )


قال رضي الله عنه :  ( ومن ههنا نعلم أنّ كلّ حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم اللّه عزّ وجلّ ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظّاهر المسمّى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلّا للّه في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم إنّما هو على حكم المشيئة الإلهيّة لا على حكم الشّرع المقرّر . وإن كان تقريره من المشيئة . ولذلك نفذ تقريره خاصّة .  وأنّ المشيئة ليس لها فيه إلّا التّقرير ، لا العمل بما جاء به . فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذّات . لأنّها لذاتها تقتضي الحكم . فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة فإنّ الأمر الإلهيّ إذا خولف هنا بالمسمّى معصية فليس إلّا الأمر بالواسطة لا الأمر التّكوينيّ.)
 
قال رضي الله عنه :  (ومن هنا) ، أي من هذا الدليل الوارد في كلام اللّه تعالى على توحيده نعلم أن كل حكم من حاكم مطلق (ينفذ اليوم في العالم) المحسوس والمعقول والظاهر والباطن على طبق إرادة المخلوق أو على المكره منه .
(أنه) ، أي ذلك الحكم النافذ (حكم اللّه) تعالى من غير شك أصلا (وإن خالف الحكم) الإلهي (المقرر في الظاهر) عند المؤمنين (المسمى شرعا) محمديا (إذ لا ينفذ حكم) أصلا (إلا للّه تعالى) خالق كل شيء في نفس الأمر ، وإن كان ذلك الحكم منسوبا في الظاهر إلى المخلوق ، لأنه مظهر الحاكم الحق (لأن الأمر الواقع في العالم) سواء كان خيرا أو شرا إنما هو واقع (على) مقتضى (حكم المشيئة الإلهية) والإرادة الربانية (لا على) مقتضى (حكم الشرع) المحمدي (المقرر) عند المؤمنين (وإن كان تقريره) ، أي ذلك الشرع (من) حكم (المشيئة) الإلهية أيضا ؛
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك) ، أي لكونه من حكم المشيئة الإلهية (نفذ تقريره) بين المؤمنين به خاصة دون نفوذ مقتضاه في الكل (فإن المشيئة) الإلهية (ليس لها فيه) ، أي في الشرع المقرر إلا التقرير ، أي الإثبات والتبيين للمكلفين بالأنبياء والمرسلين عليهم السلام لا لها العمل بما جاء ذلك الشرع (به ، فالمشيئة) الإلهية (سلطانها عظيم) لنفوذها في كل شيء إيجادا وإمدادا (ولهذا) ، أي لعظم سلطانها (جعلها أبو طالب) المكي صاحب « قوت القلوب » عرش الذات الإلهية ،
أي مستولى الذات الإلهية ، فلا تظهر الأسماء الإلهية بآثارها في الملك والملكوت إلا بحسب مقتضاها في الخير والشر لأنها ، أي المشيئة الإلهية لذاتها ، أي لكونها مشيئة تقتضي الحكم ، أي ترجيح أحد طرفي الممكن الإيجاد والإعدام .
 
قال رضي الله عنه :  (فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع) من الوجود شيء خارجا عن المشيئة الإلهية أصلا (فإن الأمر الإلهي إذا خولف) ، أي خالفه مخالف من المكلفين به هنا ، أي في الشرع المقرر (بالمسمى معصية) من أفعال المكلفين (فليس) الذي خولف (إلا الأمر) الإلهي (بالواسطة) وهي الملائكة والأنبياء عليهم السلام والعلماء الناقلون ذلك عنهم (لا الأمر التكويني) ، أي الذي به تتكون الأشياء من عدمها ، وهو أمر المشيئة والإرادة كما قال تعالى :إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ( 40 ) [ النحل : 40 ].
  
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن هاهنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم فإنه حكم اللّه وإن ) مبالغة ( خالف ) ذلك الحكم النافذ ( الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا للَّه في نفس الأمر ) وإن كان ينفذ في الظاهر من مظهر خاص ( لأن الأمر الواقع ) الأمر يعم جميع الأفعال والأقوال .
( في العالم إنما هو على حكم المشية الإلهية لا على حكم الشرع المقرر وإن كان تقريره ) إن مبالغة أي وإن كان تقرير الشرع المقرر .
 
قال رضي الله عنه :  ( من المشية ولذلك ) أي ولكون تقرير الشرع من المشية ( نفذ تقريره خاصة ) عند عدم العمل به ( وإن ) بالفتح عطف على نفذ ( المشية ليست لها فيه ) أي في الشرع الذي نفذ تقريره خاصة ( إلا التقرير لا العمل بما جاء به )  فالمشية إذا تعلقت تقرير الحكم المشروع خاصة نفذ تقرير ذلك الحكم لا العمل به وإذا تعلقت تقريره مع العمل به نفذ تقرير ذلك الحكم والعمل به .
فالتكاليف نفذ تقريرها وأما العمل بها فقد ينفذ لتعلق المشية به وقد لا ينفذ لعدم تعلقها به فإذن لم يقع الأمر إلا بحسب المشية .
 
فإذا كان الأمر كذلك ( فالمشية سلطانها ) أي قوتها وقدرتها ( عظيم ولهذا ) أي ولأجل عظمة سلطان المشية ( جعلها أبو طالب ) وهو من كبار الأولياء ( عرش الذات ) أي يظهر حكم اللّه بها.
 
قوله رضي الله عنه  ( لأنها ) علة لقولها سلطانها عظيم ويجوز أن يكون علة لقوله عرش الذات أي لأن المشية ( لذاتها تقتضي الحكم فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع عنه ) قوله ( خارجا ) قيد بالوقوع والارتفاع ( عن المشية ).
 وعلل عدم خروج شيء عن المشية وجودا وارتفاعا بقوله ( فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا ) أي في مقام الشرع ( بالمسمى ) أي بالذي يسمى ( معصية).
 
قال رضي الله عنه :  ( فليس ) ذلك الأمر الإلهي الذي خولف ( إلا الأمر بالواسطة ) أي بواسطة الأنبياء كالصلاة إذا لم يفعل المكلف فإنه خالف الأمر الواسطي ( لا الأمر التكويني ) وهو قوله تعالى :إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ يس : 82 ] ، .
ولو أراد اللّه بالأمر التكويني عن ذلك العبد فعل الصلاة لفعل


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة. ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب "المكي"عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم. فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني. ) معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  (ومن هاهنا يعلم أنّ كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم الله ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظاهر المسمّى شرعا ، إذ لا ينفذ حكم إلَّا لله في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم ، إنّما هو على حكم المشيّة الإلهية ، لا على حكم الشرع المقرّر وإن كان تقريره من المشيّة ، ولذلك نفذ تقريره خاصّة ، فإنّ المشيّة ليس لها إلَّا التقرير لا العمل بما جاء به ) .
 
يعني رضي الله عنه أنّ حكم الخليفة فيما خالف الحكم المقرّر في الشرع إذا نفذ ، علمنا أنّ نفوذه ليس إلَّا بإرادة الله ومشيّته ، إذ لا نفوذ إلَّا لما أراد الله ، لا ما تقرّر ممّا لا نفوذ له ، فليس في ذلك مشيّة التقرير النافذ ، ولا العمل غير النافذ ، فإنّ المشيّة ليس لها إلَّا التقرير التخصيصي لا العمل إلَّا ما تعلَّق به الإرادة من العمل ، فافهم .
 
والذي ذكر فيما قبل فإنّه يشير رضي الله عنه إلى أنّ الحكم بقتل آخر الخليفتين من أصل تقرّر في وحدة الله تعالى من قوله : ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا )   .
وبيان ذلك على نحو ما قرّره الشيخ رضي الله عنه هو أنّه لو كان إلهان في العالم ، فإمّا أن يكونا إلهين بالذات أو بما خرج عن ذاتيهما ، لا جائز أن تكون إلهيّتهما بما خرج عنهما لا بالذات ، فإنّ غير الكامل بالذات في إلهيّته لا يكون إلها .
 
وإن كانا بالذات ، فلا يخلو في الإيجاد والإعدام من أن يتّفقا أو يتخالفا ، فإن تخالفا ، فلا يقع إيجاد ولا إعدام ، لتساوي تعادي أحد المقتضيين الآخر في أحد النقيضين ، لاقتضاء حكم أحدهما الإيجاد - مثلا - واقتضاء حكم الآخر بنقضه ونقيضه .
وإن اتّفقا فإمّا أن ينفذ حكم أحدهما في الآخر أو لم ينفذ ، فإن لم ينفذ فلا إلهية وإن نفذ فالنافذ الحكم هو الله وحده لا غير .
قال رضي الله عنه : « فالمشيّة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات » .
يعني ذات الألوهية لا ذات الذات المطلقة ، تباركت وتعالت .
 
قال رضي الله عنه : ( لأنّها تقتضي لذاتها الحكم » يعني المشيّة « فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيّة ، فإنّ الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمّى معصية ، فليس إلَّا الأمر الواسطة لا الأمر التكوينيّ ).
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ حقيقة المشيّة تقتضي الحكم لذاتها ، لأنّ المشيّة اقتضاء ، والاقتضاء حكم بتخصيص ما عيّنه العلم لأمر بالإيجاد ، فيقع ما تعلَّقت المشيّة بوقوعه أو بإعدامه ، فيكون كذلك ،
وذلك بحسب تعيّن العلم وحكمه على مقتضى ما تعيّن المعلوم في العلم وبموجبه ، وقد علمت فيما سلف أنّ الأمر الإلهي الذي لا رادّ له وحكم الله الذي لا معقّب لحكمه ، وهو ما اقترنت به الإرادة والمشيّة ، فيقع ضرورة ، لوقوع تعلَّق المشيّة بوقوعه .
وإن لم تقترن المشيّة بوقوع العمل واقترنت بوقوع الأمر ، لم يقع العمل ووقع الأمر ، لاقتران المشيّة بوقوع الأمر من الآمر به وعدم اقترانها بوقوع مقتضى الأمر والعمل من هذا العامل المعيّن .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه : ( ومن هذا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر ، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا على حكم الشرع المقرر وإن كان تقريره من المشيئة ولذلك نفذ تقريره خاصة ، فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به )
 
بيان الملازمة : أنه لو كان فيهما آلهة غير الله كما زعموا أو إله آخر غيره لكانا إما إلهين بالذات أو بأمر زائد عليهما ،
فإن كان الثاني الزم افتقارهما في الإلهية إلى الغير فلم يكونا إلهين ،
وإن كان الأول ، فإما أن يتخالفا في الإيجاد والإعدام أو يتوافقا ، فإن تخالفا تخالفا لتساويهما في القوة فلا يقع إيجاد ولا إعدام ، وإن توافقا فإما أن ينفذ حكم كل واحد منهما في الآخر فلا يكون أحدهما إلها لنفوذ حكم الآخر فيه ،
وكذا إن لم ينفذ حكم كل واحد منهما في الآخر لعجز كل منهما ، فإن نفذ حكم أحدهما في الآخر دون العكس فالنافذ الحكم هو الإله دون الآخر .
ولما كان النافذ الحكم هو الإله دون غيره علمنا أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله ، وإن خالف الشرع المقرر في الظاهر إذ لا ينفذ إلا حكم الله في نفس الأمر ،
لأن كل ما وقع في العالم إنما وقع بحكم المشيئة الإلهية لا بحكم الشرع ، فإن تقريره إنما هو بالمشيئة ، ولذلك نفذ تقريره خاصة لا العمل به إلا ما تتعلق به المشيئة من العمل ، ولهذا قال بعد قوله : "كَلَّا إِنَّه تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَه وما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله "   .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالمشيئة سلطانها عظيم ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات لأنها لذاتها تقتضي الحكم فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع عنه خارجا عن المشيئة ، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني )
 
يعنى أن حقيقة المشيئة تقتضي الحكم لذاتها لأنها نفس الاقتضاء والاقتضاء هو تخصيص ما عينه العلم بالحكم فيقع ما تعلقت المشيئة به ،
فإن الأمر الإلهي الذي لا راد له وحكم الله الذي لا معقب لحكمه هو الذي تعلقت المشيئة بوقوعه وجودا وعدما ، فإن لم تقترن المشيئة بوقوع العمل واقترن الأمر به لم يقع ، وإن اقترنت باقتران الأمر به يقع ، لأن المشيئة إنما اقتضت وقوع الأمر بذلك العمل لا وقوعه أي صدور العمل من المأمور المعين ،
"" أضاف بالى زادة : فالمشيئة إذا تعلقت تقرير الحكم المشروع خاصة نفذ تقرير ذلك الحكم لا العمل به ، وإذا تعلقت تقريره مع العمل به نفذ تقرير ذلك الحكم والعمل به فالتكاليف نفذ تقريرها ، وأما العمل بها فقد ينقذ لتعلق المشيئة به ، وقد لا ينفذ لعدم تعلقها به ، فإذن لم يقع الأمر إلا بحسب المشيئة اهـ بالى.
 
ولما يشعر كلامه أن للعبد تأثيرا في الجملة في وجود الفعل نفى ذلك بقوله ( وعلى الحقيقة ) فكان ذلك المحل شطا لصدور الفعل ( فأمر المشيئة ) يتعلق بالمشروط بتعلق آخر غير تعلقه بالشرط لا أن المشيئة تتعلق بعين العبد ، والعبد يفعل الفعل بلا تعلق المشيئة ،
فالمشيئة بذلك الفعل بل يشترك في الفعل معنى المشيئة ، فالمشيئة تستقل بوجود الفعل في التأثير كما تستقل في وجوه العبد ، فالعبد لا تأثير له في فعله كما لا تأثير له في وجود نفسه ،
وإنما بنى هنا المعنى على الحقيقة لأن بناء الظاهر هو أن العبد يكسب فعله ، فاللَّه يخلقه فكان للعبد تأثير في فعله بهذا الوجه ، ولا تأثير بذلك الوجه ، فمراد الله بحسب الوقوع في الخارج تابع لمشيئته ، وبحسب الوجود العلمي فالمشيئة تابعة له فلا جبر ، فإن كان الجبر فمن العبد لا من الله ، وإنما كان من الله أن لو كان المعلوم والمراد تابعا للعلم والمشيئة من كل الوجوه اهـ بالى .  ""
 
فالمسمى معصية ومخالفة إنما هو باعتبار أمر المكلف والشارع المتوسط لا باعتبار التكوين الذي هو المشيئة ، فلا يخالف الله في أمره الذي لا واسطة فيه فلا رادّ له ولا معقب ، فهذا يقتضي الألوهية .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )


قال رضي الله عنه :  ( ومن هاهنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم فإنه حكم الله - وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا - إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر ، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية ، لا على حكم الشرع المقرر . )
 
لما كان الإله في الوجود واحدا ، علم أن جميع الأحكام النافذة في العالم لا ينفذ إلا بحكم الله وإرادته وتنفيذه بين عباده ، وإن وقع ذلك الحكم مخالفا لما قرره الشرع ، لأن كل ما يقع في العالم إنما هو بحكم المشيئة الإلهية ، لا بحكم غيره .
فما شاء الحق وقوعه ، يقع البتة ، وما لم يشأ لم يقع ، سواء كان قرره الشرع أو لا .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان تقريره من المشيئة ، ولذلك نفذ تقريره خاصة . ) ( إن ) للمبالغة .  أي ، وإن كان تقرير الشرع المقرر أيضا واقعا بالمشيئة الإلهية ، فإن الحق شاء أن يقرر ، ( لذلك نفذ تقريره خاصة ) أي وقع التقرير ، لا العمل به عند من لم يعمل بذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير ، لا العمل بما جاء به )
( وأن ) بالفتح ، معطوف على قوله : ( ومن هاهنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم فإنه
حكم الله . ) أي ، فعلم أن المشيئة ليست لها فيه ، أي في ذلك الشرع المقرر ، إلا  التقرير ، لا العمل بما جاء به ذلك الشرع ، إلا ما تعلقت المشيئة أيضا بعمله .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب " عرش الذات " )
أي ، مظهرا به يظهر مقتضيات الذات في الوجود العلمي والعيني ، ( لأنها لذاتها تقتضي الحكم ، فلا يقع في الوجود شئ ولا يرتفع خارجا عن المشيئة ، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى "معصية " ) أي ، بما يسمى معصية .
 
قال رضي الله عنه :  ( فليس إلا الأمر بالواسطة . لا الأمر التكويني ) أي ، الأمر قسمان : أمر بواسطة المظاهر ، كالأنبياء والأولياء والمجتهدين ، وأمر بغير الوسائط . وما لا واسطة فيه ، وهو الأمر التكويني ، لا يمكن المخالفة فيه.
كقوله تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) . وما كان بالواسطة ، فقد يقع المخالفة فيه . لذلك آمن بعض الناس بالأنبياء وكفر بعض ، وممن آمن أتى بجميع أوامرهم بعضهم ، ولم يأت بعضهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشية . ) لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ( فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة . فافهم . )

أي ، فالمخالفة ما وقعت إلا في أمر الواسطة .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 1:16 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  (ومن هاهنا نعلم أنّ كلّ حكم ينفذ اليوم في العالم هو حكم اللّه عزّ وجل ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظّاهر المسمّى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلّا للّه في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم إنّما هو على حكم المشيئة الإلهيّة لا على حكم الشّرع المقرّر ، وإن كان تقريره من المشيئة ، ولذلك نفذ تقريره خاصّة ، وأنّ المشيئة ليس لها فيه إلّا التّقرير ، لا العمل بما جاء به ، فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذّات ؛ لأنّها لذاتها تقتضي الحكم ، فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة ، فإنّ الأمر الإلهيّ إذا خولف هنا بالمسمّى معصية فليس إلّا الأمر بالواسطة لا الأمر التّكوينيّ )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن هنا )  أي : ومن وجوب نفاذ حكم الإله أذل عارض حكم غيره ( تعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم ؛ فإنه حكم اللّه ) ، وإن نسب إلى غيره في الظاهر ، أما الأسباب السماوية أو الحيوانات أو غيرها ، فإن تأثيراتها لكونها من العالم ليست لذواتها لإمكانها ، فلا يكون وجودها من ذواتها ، فكيف تكون تأثيراتها من ذواتها ؛
 
فلذا نقول : حكم الخليفة حكم اللّه ، فإذا تعدد واختلف حكمهما تحقيقا أو تقديرا تخيل ذلك تعدد الآلهة الموجب للفساد المنوط باختلاف الحكم سيما العموم بالسيف ،
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن خالف هذا الحكم النافذ الحكم المقرر ) أي : الذي قرره اللّه تعالى بترك الاعتراض عليه في الظاهر أي : خالفه ( في ) المفهوم ( الظاهر ) من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ذكر ذلك ؛ ليشير إلى أنه لا يخالفه بينهما في الحقيقة إذ لا تعارض بينهما الاختلاف متعلقهما على ما يأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى ، ( المسمى شرعا ) ، وسمى الخارج عنه خارجا عن حكم اللّه ، فإن الحكمين للّه تعالى جميعا ، والخارج إنما يخرج عن أحدهما ( إذ لا ينفذ حكم ) على تقدير أن يكون أحدهما للّه والآخر لغيره ( إلا للّه ) ، وإلا لزم عجزه تعالى ، وهو مناف لإلهيته .
 
قال القاضي عبد الجبار بن أحمد من المعتزلة : ما ألزمني أحد مثل ما ألزمني مجوسي ، قلت له : أسلم ، فقال : إن شاء اللّه ، قلت : قد شاء اللّه ، لكن شيطانك يمنعك ،
فقال : فأنا مع الشريك الأغلب ، ولا تناقض بي الحكمين ، ولا يلزم عجزه مع عدم نفوذ الحكم الشرعي لاختلاف متعلقهما ، فإن متعلق حكم المشيئة وقوع الأمر ، ومتعلق حكم الشرع وقوع الجزاء ، والعجز إنما يلزم فيه لو عجز عن إيقاع الجزاء عليه .
 
وإليه الإشارة بقوله : ( لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا على حكم الشرع المقرر ) ؛ فإنه لوقوع الجزاء لا لوقوع الأمر بذاته ، بل إنما يقع إذا وقع بالمشيئة ، ( وإن كان تقريره من المشيئة ) ، ولكن التقرير غير الإيقاع وغير مستلزم له .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : لكون تقريره من المشيئة ( نفذ ) ، أي : لزم تقريره بحيث لا يعترض عليه ، ولولا أن المشيئة تعلقت بتقريره لم يتقرر ، وكما يتقرر أمر المشيئة إذا لم تتعلق المشيئة ( بتقريره خاصة ) دون وقوعه إذ ليس متعلق هذا الحكم الشرعي ، ولا لزم متعلق حكم المشيئة من هذا الحكم ولا عينه ، وذلك لما قلنا : ( أن المشيئة ليس لها فيه ) أي : في الحكم ( الشرعي ( إلا التقرير ) ، وإن كان متعلقها في الأصل وقوع الحكم .
 
كما أشار إليه بقوله : ( لا العمل بما جاء ) إذ تعلقها بالعمل الواقع غير تعلقها بالعمل بما جاء ( به ) الشرع ، وإذا نفذ حكم المشيئة مع عدم تقريره دون حكم الشرع مع تقريره .
( فالمشيئة سلطانها عظيم ) ، فلا يعارضها أمر آخر ؛ فلذلك لو عمل العامل مائة ألف سنة أعمال الملائكة والثقلين ، وكانت المشيئة إحباط أعماله نفذت دون حكم أعماله ، ولو عمل آخر مائة ألف سنة أعظم وجوه الكفر ، وأشد المعاصي ، وكانت المشيئة غفران ذنوبه نفذت دون حكم مساعيه ؛
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولكون سلطانها عظيما ( جعلها الشيخ الإمام أبو طالب المكي  رحمه اللّه عرش الذات ) ، أي : محل استواء الأسماء الذاتية التي لا تتخلف آثارها بحال بخلاف سائر الأسماء ، فإنه يتخلف آثارهما بمعارضة أسماء أخر ؛ وذلك ( لأنها ) أي : المشيئة ( لذاتها تقتضي الحكم ) ، في سبب الأسماء الذاتية بخلاف حكم الشرع ؛


فإنه إنما يقرر بالمشيئة ، وكذا تعلق الثواب والعقاب عليها بالمشيئة ، فجاز فيها التخلف ، فلا تكون ذاتية ، وإذا كانت المشيئة مقتضية للحكم بالذات ، وما بالذات لا يزول بالغير ، ( فلا يقع في الوجود شيء ) من الأفعال والثواب والعقاب خارجا عن المشيئة ، ( ولا يرتفع ) عن الوجود شيء منها ( خارجا عن المشيئة ) ، ويجوز وقوعهما على خلاف الأمر الشرعي ؛ لأنه ليس من الأسماء الذاتية .
قال رضي الله عنه :  ( فإن الأمر الإلهي الشرعي إذا خولف هنا ) أي : في محل اختلافه مع المشيئة ( المسمى معصية ) فعلا أو تركا فلا بعد في ذلك ، ( فليس ) الأمر الشرعي ( إلا الأمر بالواسطة ) ، أي : بواسطة أمر المشيئة ، فإنها اقتضت الأمر الشرعي فآثرت ،
واللاحق فإذا عارض السابق كان الحكم للسابق ؛ وذلك لأنّا نقول : ( لا ) يكون ( الأمر ) الشرعي الأثر ( التكويني ) ، وإن كان الأمر التكويني عامّا مطلقا بالنسبة إلى تقرير الأمر الشرعي ، فليس عامّا بالنسبة إلى وقوعه من حيث هو مقتضى الأمر الشرعي ،
وإن كان عامّا إلى كل واقع ، لكن لأمر حيث كونه شرعها بل بكونه متعلق المشيئة ، وإذا كان الأمران للّه والمخالفة منفية بالكلية ، إنما يتصور بمخالفة أمره من كلّ وجه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه : ( ومن هنا تعلم أن كلّ حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم الله وإن خالف الحكم المقرّر في الظاهر - المسمّى شرعا - إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية ، لا على حكم الشرع المقرّر ، وإن كان تقريره في المشيئة . ولذلك نفذ تقريره خاصّة ) دون العمل بأحكامه والتزام ما جاء به .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير ) أي إثبات عينه في الخارج ( لا العمل بما جاء به ) .
وكأنك قد اطَّلعت في مطلع الفصّ الآدمي عند الكلام على المشيئة ما يلوّح على هذا الكلام وعلى اشتقاق الشيء منها .
قال رضي الله عنه :  ( فالمشيئة سلطانها عظيم ) حيث أنّه لا شيء إلا ويستقرّ أمره بالمشيّة ، فهي مستقرّ الأشياء في الوجود ( ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات ، لأنها لذاتها تقتضي الحكم ) وتثبت الأمر وتقرّره بالذات ، دون توسّط رسالة نبيّ ولا دلالة أمر تنزيلي .
 
"" أضاف الجامع :
 قال الشيخ رضي الله عنه : 
إن المشيئة عرش الذات ليس لها ... في غيرها نسبة تبدو ولا أثر
وهي الوجود فلا عين تغايرها ... تفنى وتعدم لا تبقي ولا تذر
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وثلاثمائة:-
ليس للإرادة اختيار ولا نطق بها كتاب ولا سنة ولا دل عليها عقل وإنما ذلك للمشيئة فإن شاء كان وإن شاء لم يكن  قال عليه السلام: "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" .
فعلق النفي والإثبات بالمشيئة وما ورد ما لم يرد لم يكن بل ورد لو أردنا أن يكون كذا لكان كذا فخرج من المفهوم الاختيار فالإرادة تعلق المشيئة بالمراد وهو قوله إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ هذا تعلق المشيئة
وقد ذهب بعض الناس من أهل الطريق أن المشيئة هي عرش الذات وهو أبو طالب المكي أي ملكها أي بالمشيئة ظهر كون الذات ملكا لتعلق الاختيار بها فالاختيار للذات من كونها إلها فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل وهو التردد الإلهي
في الخبر الصحيح ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نسمة المؤمن يكره الموت. أهـ
تقول د. سعاد الحكيم :
إن المشيئة هي عرش الذات من حيث أن المتصوفة وخاصة أصحاب وحدة الوجود يرمزون إلى الوجود بالعرش ، فالمشيئة هي النسبة الإلهية التي استوت عليها الذات فأظهرت الوجود بأسره . ""

قال رضي الله عنه :  ( فلا يقع في الوجود شيء ، ولا يرفع خارجا عن المشيئة ، فإن الأمر ) التنزيلي ( الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية ، فليس إلا الأمر بالواسطة ) أعني الأمر التنزيلي الذي هو بواسطة النبيّ ، ( لا الأمر التكوينيّ ) الذي لا واسطة فيه .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن ههنا نعلم أنّ كلّ حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم اللّه عزّ وجلّ ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظّاهر المسمّى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلّا للّه في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم إنّما هو على حكم المشيئة الإلهيّة لا على حكم الشّرع المقرّر .
وإن كان تقريره من المشيئة . ولذلك نفذ تقريره خاصّة .  وأنّ المشيئة ليس لها فيه إلّا التّقرير ، لا العمل بما جاء به .)


قال رضي الله عنه :  (ومن هنا ) ، أي من مقام نفاذ كون الحكم من خواص المرتبة الإلهية ( نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم اللّه وإن خالف ) ذلك الحكم النافذ ( الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا للّه في نفس الأمر ) هذا تعليل للحكم المتقدم بإعادته والاستدلال عليه .
 
ففي الحقيقة هو تعليل بما استدل به عليه أعني  قوله رضي الله عنه : ( لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة ) الإلهية ( لا على حكم الشرع المقرر ) بالمشيئة فما شاء الحق وقوعه يقع البتة ، وما لم يشأ لم يقع سواء كان الشرع قرره أو لا ( وإن كان تقريره ) ، أي تقرير الشرع المقرر أيضا ( من المشيئة ) الإلهية ،
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك نفذ تقريره خاصة ) لا العمل به ( فإن المشيئة ) المتعلقة بتقرير الشرع ( ليس لها ) خاصة ( فيه ) ، أي في الشرع ( إلا التقرير لا العمل بما جاء به ) إلا إن تعلقت المشيئة به أيضا
 
قال رضي الله عنه :  ( فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذّات .
لأنّها لذاتها تقتضي الحكم . فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة فإنّ الأمر الإلهيّ إذا خولف هنا بالمسمّى معصية فليس إلّا الأمر بالواسطة لا الأمر التّكوينيّ . )


قال رضي الله عنه :   ( فالمشيئة سلطانها ) ، أي تأثيرها في الأشياء ( عظيم ) لا يتخلف عنها ما يتعلق به ( ولهذا ) ، أي لعظم شأنها ( جعلها أبو طالب عرش الذات ) ، فإنه إذا استقرت الذات واستوت عليها بالتجلي بها نفذت حكمها في أقطار الوجود ( لأنها لذاتها ) لا لغيرها ( تقتضي الحكم ) ونفوذها وما اقتضاه الذات لا يتخلف عنها ( فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة فإن الأمر الإلهي إذا خولف ههنا بالمسمى ).

أي بما يسمى (معصية فليس إلا الأمر بالواسطة) المسمى بالأمر التكليفي (لا الأمر التكويني).
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 1:27 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فما خالف اللّه أحد قطّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة ؛ فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم .وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنّما يتوجّه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل أن لا يكون ؛ ولكن في هذا المحلّ الخاصّ . فوقتا يسمّى به مخالفة لأمر اللّه ، ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر اللّه ، ويتبعه لسان الحمد والذّم على حسب ما يكون . ولمّا كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه لذلك كان مآل الخلق إلى السّعادة على اختلاف أنواعها. فعبّر عن هذا المقام بأنّ الرّحمة وسعت كلّ شيء ، وأنّها سبقت الغضب الإلهيّ . )
 
قال رضي الله عنه :  (فما خالف) اللّه تعالى (أحد قط في جميع ما يفعله) سبحانه (من حيث أمر المشيئة) الإلهية النافذة الحكم في كل شيء (فوقعت المخالفة) ممن وقعت منه (من حيث أمر الواسطة) وهو الأمر التكليفي في الشرع المقرر لا غير (فافهم) يا أيها السالك (وعلى الحقيقة فأمر المشيئة) الإلهية (إنما يتوجه) من الحق تعالى (على إيجاد عين الفعل) وهو العمل الصادر من المكلف المسمى خيرا أو شرا . قال تعالى :وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ( 96 ) [ الصافات : 96 ] ،
 
أي وخلق عملكم ، والخلق هو توجه المشيئة الإلهية (لا) يتوجه (على من ظهر ذلك) الفعل (على يده) إلا في حال تكوينه بأمر المشيئة الإلهية مثل تكوين فعله (فيستحيل) حينئذ عقلا وشرعا (أن لا يكون) ، أي لا يوجد ذلك الفعل الذي توجه عليه أمر المشيئة الإلهية ولكن في هذا (المحل الخاص) وهو العبد الفلاني من المكلفين .
قال رضي الله عنه :  (فوقتا يسمى) ، أي ذلك الفعل تسمية كائنة به ، أي بأمر المشيئة الإلهية (مخالفة لأمر اللّه ) تعالى ووقتا آخر يسمى ذلك الفعل (موافقة وطاعة لأمر اللّه تعالى .)
وهذه التسمية واردة في الشرع المقرر (ويتبعه) ، أي ذلك الفعل في الشرع (لسان الحمد) في تسميته موافقة وطاعة أو لسان الذم في تسميته مخالفة ومعصية (على حسب ما يكون) ذلك الفعل من المكلف (ولما كان الأمر) الإلهي والشأن الرباني (في نفسه على ما قدرناه) من أن أمر المشيئة لا يخالفه شيء أصلا ، فلم يخالف اللّه أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة الإلهية ، وإن خالفوه من حيث أمره الشرعي الذي كلفهم به على ألسنة الوسائط .
قال رضي الله عنه :  (لذلك) ، أي لما ذكر (كان مآل) ، أي مرجع (الخلق) ، أي المخلوقين كلهم (إلى السعادة) الأبدية (على) حسب (اختلاف أنواعها) ، أي السعادة (فعبر) بالبناء للمفعول في كلام اللّه تعالى (عن هذا المقام) الذي هو مرجع الكل إلى السعادة المختلفة (بأن الرحمة) الإلهية (وسعت كل شيء) ، قال اللّه تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] ،
فكل شيء ظهر منها ويرجع إليها ، ولهذا تسعه ولا تضيق عنه وأنها ، أي الرحمة سبقت الغضب الإلهي .
كما ورد في الحديث « أن رحمتي سبقت غضبي » . أخرجه البخاري
في رواية له ولمسلم : " إن رحمتي تغلب غضبي " .
وفي رواية للبخاري : « غلبت غضبي » .
وفي رواية لمسلم : " سبقت رحمتي غضبي "
وكان ذلك ، لأنها الأصل والغضب طارىء عليها باعتبار تقدير المخالفة والمعصية المقتضية له ، فإذا رجعت الأمور إلى أصولها وجدت الرحمة ووسعت المخالفة والمعصية فأوجدتها ، ووسعت العقوبة في الآخرة والعذاب والنار فأوجدت ذلك ، فغلب حكمها مع بقاء النار وجميع ما فيها من أنواع العقوبات ، فيظهر أن الغضب نوع من الرحمة ، ويتبين عند ذلك كون الرحمة سابقة الغضب ، ويزول من الأفهام القاصرة مقابلة الغضب للرحمة وكونها نقيضها ، ويعود نوعا منها وهو عينها مع بقاء عينه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله. ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما خالف اللّه أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشية فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ) إذا لم يتعلق المشية بذلك الأمر ( فافهم ) إشارة إلى أن هذه المسألة من دقائق الفن وأعظم مسائله .
 
ولما يشعر كلامه أن للعبد تأثيرا في الجملة في وجود الفعل نفى ذلك بقوله رضي الله عنه  :
( وعلى الحقيقة فأمر المشية إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر ) الفعل ( على يديه فيستحيل أن لا يكون ) ذلك الفعل ( ولكن في هذا المحل الخاص ) فكان ذلك المحل شرطا لصدور الفعل .
فأمر المشية يتعلق بالمشروط بتعلق آخر غير تعلقه بالشرط ، إلا أن المشية تتعلق بعين العبد والعبد يفعل الفعل بلا تعلق المشية بذلك الفعل أو يشترك في الفعل .
معنى المشية فالمشية تستقل في وجود الفعل في التأثير كما تستقل في وجود العبد .
فالعبد لا تأثير له في فعله كما لا تأثير له في وجود نفسه .
وإنما بنى هذا المعنى على الحقيقة لأنه بناء على الظاهر هو أن العبد يكسب فعله .
فاللّه يخلقه فكان للعبد تأثيرا في فعله بهذا الوجه ولا تأثير بذلك الوجه .
فمراد اللّه بحسب الوقوع في الخارج تابع لمشيته وبحسب الوجود العلي فالمشية تابعة له فلا جبر.
فإن كان الجبر فمن العبد لا من اللّه وإنما كان من اللّه أن لو كان المعلوم والمراد تابعا للعلم والمشية من كل الوجوه ( فوقتا يسمى به مخالفة لأمر اللّه ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر اللّه ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه ) من أنه لا يقع شيء في الوجود ولا يرتفع خارجا عن المشية .
 
( لذلك ) يتعلق بقوله ( كان مآل الخلق ) في الآخرة ( إلى السعادة ) أي إلى الرحمة ( على اختلاف أنواعها ) أي أنواع السعادة لأن مآل بعضهم إلى رحمة خالصة من شوب الألم وهم أهل الجنان وبعضهم إلى الرحمة الممتزجة من العذاب وهم المخلدون في النار قوله كان جواب لما.
( فعبر ) الحق ( عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء وأنها سبقت الغضب الإلهي ) أي العذاب الإلهي باستيفاء .
 
اعلم إن العذاب في حق العباد إلهي وإمكاني والعذاب الإلهي ينقطع باستيفاء حقوق اللّه وحقوق الناس في النار عن عصاة المؤمنين ثم يخرجون منها ويدخلون النعيم لأن ذواتهم يقتضي ذلك.
وعلم اللّه منهم فتعلقت مشيته على حسب علمه فوقع الأمر على حسب تعلق مشيته والعذاب الامكاني هو الذي يقتضيه ذات الممكن فلا ينفك ذلك العذاب عن ذات الممكن في الآخرة أبدا .
وهم المخلدون في جهنم أبدا فإنهم وإن انقطع العذاب الإلهي في حقهم باستيفاء الحقوق الشرعية لكن لا ينقطع عنهم العذاب الذي يقتضي ذواتهم ظهر لهم بانقطاع العذاب الإلهي عنهم فإن ذواتهم تقتضي ذلك .
وعلم اللّه منهم ذلك وتعلقت مشيته على ذلك فكانت المشية تابعة تقتضي ذواتهم فلا تسبق الرحمة في حقهم إلا على العذاب الإلهي لا العذاب الامكاني لتقدمه على المشية .
وإنما يكون ذلك أن لو كانت المشية مقدمة من كل الوجوه على ذوات المعلومات ومقتضياتها وليس كذلك كما قال الشيخ الأكبر :
خسف الكتاب فما شاء إلا بما علم وما علم إلا ما أعطته المعلومات فسبق في حقهم من جهة كونهم تابعة للمشية في وجودهم ووجود مقتضياتهم فما لهم إلى الرحمة من هذا الوجه ، وأما من جهة أن المشية تابعة بأحوالهم ومقتضياتهم فما لهم إلى الألم .
 
فاللّه تعالى أعطى كل ذي حق حقه فحقهم على حسب اقتضاء ذواتهم الراحة مع الألم وهذا هو النعيم في عين الجحيم والنعيم الذي في عين الجحيم لا يخلو أبدا عن نوع من العذاب وبه حصل التوفيق بين أهل الشرع وأهل التحقيق فلا يزالون عن العذاب الممتزج بالألم أبدا ولو كان أحد منهم آمن باللّه ورسوله وعمل بمقتضاه ولا يعصي اللّه قط في مدة عمره ولا يبقي على ذمته حقوقه الناس أصلا
وقبض في آخر جزء من عمره على الشرك للقضاء السابق عليه نعوذ باللّه من ذلك
فقد وصل في النار بلا حساب ولا عذاب غايته وهي الرحمة الممتزجة بالألم كما أن من أهل الجنة من ينال غايته بلا حساب ولا عذاب ،
وأما الذين لم يؤمنوا باللّه ورسوله فلهم عذاب أليم لاستيفاء الحقوق الشرعية ثم الوصول إلى غايتهم وهي الرحمة الممتزجة بالألم ،
ومن العذاب الذي نشأ من شقاوتهم الذاتية حبسهم في بيت مظلم بلا أكل وشرب على الأبد وهو أقل العذاب الأبد لهم وأشد عذابهم خلودهم في نار شقاوتهم الذاتية بعد انقطاع عذاب نار شقاوتهم العارضية وهي مخالفتهم الشرائع .
وقد فهمت هذه المسألة من كلام الشيخ هكذا فتوفقت ولم أسطر إلى أن جاء الإثبات على فهمي من روح صاحب الكتاب ولقد أورد الشيخ هذه المسألة كثيرا ما استعظاما لشأنها واهتماما على فهمها فافهم فإن فهمها سعادة ينحل به جميع المشكلات الاعتقادية الكلامية الشرعية .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.  وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون. ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون. ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.  فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قطَّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيّة ، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ، فافهم ) .
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ حقيقة المشيّة تقتضي الحكم لذاتها ، لأنّ المشيّة اقتضاء ، والاقتضاء حكم بتخصيص ما عيّنه العلم لأمر بالإيجاد ، فيقع ما تعلَّقت المشيّة بوقوعه أو بإعدامه ، فيكون كذلك ،
وذلك بحسب تعيّن العلم وحكمه على مقتضى ما تعيّن المعلوم في العلم وبموجبه ، وقد علمت فيما سلف أنّ الأمر الإلهي الذي لا رادّ له وحكم الله الذي لا معقّب لحكمه ، وهو ما اقترنت به الإرادة والمشيّة ، فيقع ضرورة ، لوقوع تعلَّق المشيّة بوقوعه .
وإن لم تقترن المشيّة بوقوع العمل واقترنت بوقوع الأمر ، لم يقع العمل ووقع الأمر ، لاقتران المشيّة بوقوع الأمر من الآمر به وعدم اقترانها بوقوع مقتضى الأمر والعمل من هذا العامل المعيّن .
فاعلم هذا تعلم أنّ المسمّى معصية ومخالفة إنّما هي باعتبار أمر المكلَّف والشارع المتوسّط ، وليست من حيث نسبتها إلى الله ، فإنّه لا مخالف لله في أمره الذي لا واسطة فيه ، فلا رادّ له ، والله يقتضي ، إذ لا معقّب لحكمه ، هذا مقتضى الألوهة .
 
قال رضي الله عنه : « وعلى الحقيقة فأمر المشيّة إنّما يتوجّه على إيجاد عين الفعل ، لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل إلَّا أن يكون ، ولكن في هذا المحلّ الخاصّ فوقتا يسمّى مخالفة لأمر الله ، ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر الله » .
 
يعني : فيمن وقع منه العمل بالطاعة ، بمعنى أنّ تعلَّق المشيّة والأمر الإرادي إنّما يكون بعين الفعل المأمور به ، فيقع بموجبه ، ولكن في هذا العبد المعيّن المسمّى مطيعا موافقا ، ويثاب عليه ، وذلك في ضمن تعلَّقها بعين فعله ، وأمّا بالنسبة إلى المخالف عرفا شرعيا فما تعلَّقت المشيّة به ولا بفعله ، لأنّ المشيّة ما تعلَّقت بعين الفعل في هذا المحلّ المعيّن ، ولم يكن في مقتضى حقيقته وعينه الثابتة في العلم أن يوجد منه هذا الفعل المأمور به ، بل في غيره ، لكون ذلك من مقتضى حقيقته ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه : « وينبعث لسان الحمد والذمّ على حسب ما يكون » على المخالفة لأمر الواسطة والموافقة لأمر الإرادة .
قال رضي الله عنه : ( ولمّا كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها ، فعبّر عن هذا المقام بأنّ الرحمة وسعت كلّ شيء ، وأنّها سبقت الغضب الإلهيّ ).
 
يعني : كانت الرحمة هي السابقة بالنصّ الإلهي ، فنالت الكلّ ، فالكلّ مرحوم ، ومآل الكلّ إلى الرحمة .
ثم اعلم : أنّ الشيخ نبّه على برهان عال عظيم على زوال الشقاء وعموم السعادة في الدنيا والآخرة آخرا ، وذلك أنّ المقتضي لعموم السعادة بالرحمة وزوال الشقاوة بها كذلك سالم وهو سبق الرحمة الغضب ، فلا يلحقها الغضب ، وإلَّا لم تكن سابقة ، فإذا لحق المغضوب عليه الرحمة السابقة لكونها في الغاية ووقفت ، لم يبق للغضب المسبوق فيه حكم .
 
وأيضا لأنّ عين المغضوب من كونه شيئا يجب أن يكون مرحوما فإنّ رحمته وسعت كلّ شيء ، ولم يقل : سبقت رحمتي عين المغضوب ، فأعيان الأشياء مرحومة ، لكونها موجودة فلا يلحقها الغضب ، لأنّها لحقت الرحمة ولحقتها الرحمة التي وسعت والرحمة التي سبقت الغضب وبعد اللَّحوق ، فالرحمة تحكم بمقتضاها لا بمقتضى نقيضها ، وهو الغضب ، فتعمّ الرحمة جميع الحقائق .



شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ، فافهم )
 
يعنى أن حقيقة المشيئة تقتضي الحكم لذاتها لأنها نفس الاقتضاء والاقتضاء هو تخصيص ما عينه العلم بالحكم فيقع ما تعلقت المشيئة به ،
فإن الأمر الإلهي الذي لا راد له وحكم الله الذي لا معقب لحكمه هو الذي تعلقت المشيئة بوقوعه وجودا وعدما ، فإن لم تقترن المشيئة بوقوع العمل واقترن الأمر به لم يقع ، وإن اقترنت باقتران الأمر به يقع ، لأن المشيئة إنما اقتضت وقوع الأمر بذلك العمل لا وقوعه أي صدور العمل من المأمور المعين ،
 
"" أضاف بالى زادة : فالمشيئة إذا تعلقت تقرير الحكم المشروع خاصة نفذ تقرير ذلك الحكم لا العمل به ، وإذا تعلقت تقريره مع العمل به نفذ تقرير ذلك الحكم والعمل به فالتكاليف نفذ تقريرها ، وأما العمل بها فقد ينقذ لتعلق المشيئة به ، وقد لا ينفذ لعدم تعلقها به ، فإذن لم يقع الأمر إلا بحسب المشيئة اهـ بالى.
ولما يشعر كلامه أن للعبد تأثيرا في الجملة في وجود الفعل نفى ذلك بقوله ( وعلى الحقيقة ) فكان ذلك المحل شطا لصدور الفعل ( فأمر المشيئة ) يتعلق بالمشروط بتعلق آخر غير تعلقه بالشرط لا أن المشيئة تتعلق بعين العبد ، والعبد يفعل الفعل بلا تعلق المشيئة ،
فالمشيئة بذلك الفعل بل يشترك في الفعل معنى المشيئة ، فالمشيئة تستقل بوجود الفعل في التأثير كما تستقل في وجوه العبد ،
فالعبد لا تأثير له في فعله كما لا تأثير له في وجود نفسه ، وإنما بنى هنا المعنى على الحقيقة لأن بناء الظاهر هو أن العبد يكسب فعله ، فاللَّه يخلقه فكان للعبد تأثير في فعله بهذا الوجه ، ولا تأثير بذلك الوجه ، فمراد الله بحسب الوقوع في الخارج تابع لمشيئته ، وبحسب الوجود العلمي فالمشيئة تابعة له فلا جبر ، فإن كان الجبر فمن العبد لا من الله ، وإنما كان من الله أن لو كان المعلوم والمراد تابعا للعلم والمشيئة من كل الوجوه اهـ بالى .  ""
 
فالمسمى معصية ومخالفة إنما هو باعتبار أمر المكلف والشارع المتوسط لا باعتبار التكوين الذي هو المشيئة ، فلا يخالف الله في أمره الذي لا واسطة فيه فلا رادّ له ولا معقب ، فهذا يقتضي الألوهية .
قال رضي الله عنه :  ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه فيستحيل أن لا يكون ، ولكن في هذا المحل الخاص فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله ) ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله  .
 
قال رضي الله عنه :  (يعنى أن أمر المشيئة إنما يتعلق على الحقيقة بعين الفعل مقتضيا وجوده لا بمن ظهر على يديه ، وإنما عدى فعل التوجه بعلي لتضمينه معنى الحكم ، يعنى أن أمر المشيئة يحكم على الفعل بالوجود متوجها نحوه ولا يحكم على فاعله فيستحيل أن لا يقع ، ولكن في المحل الخاص الذي يقع الفعل على يده يسمى وقتا موافقة وطاعة لأمر الله).
 
وذلك إذا كان ذلك الشخص مأمورا بذلك الفعل من جهة الشرع ، ووقتا مخالفة ومعصية لأمر الله إذا كان منهيا في الشرع عن ذلك الفعل ( ويتبعه لسان الحمد والذم على حسب ما يكون )
أي حسب الموافقة لأمر الواسطة والمخالفة ، وإن كان العبد في كليهما موافقا لأمر الإرادة مطيعا له .
 
قال رضي الله عنه :  (ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها ، فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء ، فإنها سبقت الغضب الإلهي).
 
يعنى أن الأمر لما كان على ما قررناه من اقتضاء المشيئة لوجود الفعل لزم أن يكون مآل الكل إلى السعادة سواء كان الفعل موافقة وطاعة أو مخالفة ومعصية ، لأن الإيجاد وهو الرحمة ، فالرحمة وسعت كل شيء حتى المعصية لعموم النص فإنها عمت وسبقت الغضب الإلهي فلا يلحقها الغضب وإلا لم تكن سابقة ، فإذا حكم الغضب على المغضوب عليه من حيث اقتضاء المعصية والمخالفة ذلك ،
وكانت الرحمة المقدمة هي الغاية لحق الرحمة السابقة في الغاية فنالته الرحمة فحكمت عليه إذا لم يسبق غيرها ، فثبت أن المآل إلى الرحمة والسعادة فلا يبقى للغضب حكم ، وأيضا فالأعيان مرحومة لأنها موجودة وداخلة في عموم الشيء الذي وسعته الرحمة وهي الغاية المتقدمة ، فكيف للغضب المحفوف بالرحمتين حكم ، فالغضب هو العسر بين اليسرين.
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.  فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشية . ) لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ( فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة . فافهم . )
أي ، فالمخالفة ما وقعت إلا في أمر الواسطة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه إلى إيجاد عين الفعل ، لا على من ظهر على يديه فيستحيل أن لا يكون ، ولكن في هذا المحل الخاص ) .
أي ، لا يتعلق أمر المشيئة على الحقيقة إلا بإيجاد عين الفعل ، لكن في هذا المحل الخاص ، لا على فاعله ليلزم أن يكون عدم الفعل منه مستحيلا .
فالمحل شرط صدور الفعل ، وتعلق أمر المشيئة بالمشروط لا الشرط ، والتعلق به بأمر آخر وبمشيئة أخرى .
كما وقع الخلاف بين العلماء أن الأمر بالشئ أمر بما لا يتم ذلك الشئ إلا به ، أو لا .
كالوضوء للصلاة . فذهب بعضهم إلى أن الأمر به ليس بعينه أمرا بما لا يتم إلا به ، بل بأمر آخر .
أما لو نازع فيه منازع ، لكان في موضعه ، لأن المشيئة تعلقت بالإيجاد في ذلك المحل ، فتعلقت المشيئة به أيضا .
ولما كان التوجه هاهنا متضمنا معنى الحكم ، عداه ب‍ ( على ) في قوله : ( لا على من ظهر ) .
قال رضي الله عنه :  ( فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله ، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله ، ويتبعه لسان الحمد والذم على حسب ما يكون . )
أي ، يسمى الفعل الصادر بسبب تعلق أمر المشيئة بعين ذلك الفعل ، عند كونه غير موافق لأمر الشارع ، ( معصية ) ومخالفة لأمر الله .
وعند كونه موافقا ، موافقة وطاعة ، وحينئذ يتبعه لسان الحمد في الطاعة ، والذم في المعصية .
 
قال رضي الله عنه :  (ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه ، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها . ) أي ، لما كانت الأفعال كلها بمشيئة الله كما قررناه - من أنه لا يقع شئ إلا بالمشيئة الإلهية ولا يرتفع إلا بها - كان مآل الخلق في الآخرة إلى السعادة على اختلاف أنواع الخلائق وسعاداتهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شئ وأنها سبقت الغضب الإلهي . ) أي ، عبر الحق عن لسان هذا المقام ب‍ ( أن الرحمة وسعت كل شئ ) .
فإن المشيئة الإلهية وسعت جميع الأشياء أعيانها وأحوالها ، لأنها بها وجدت في العلم ، وبها ظهرت في العين .
وقال أيضا : ( إن رحمتي سبقت غضبي ) . فرحمته السابقة مشيئته الذاتية العامة السابقة على كل شئ ، ( 23 ) أسماء كانت أو أعيانا .

.
يتبع 

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فما خالف اللّه أحد قطّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة ؛ فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ؛ فافهم ).
قال رضي الله عنه :  ( فما خالف اللّه أحد في جميع ما يفعله ) من طاعة ومعصية ، ( من حيث أمر المشيئة ) ، ولكن اتفق الكل على أن ترك المأمور ، وفعل المنهي مخالفة له ، ( فوقعت المخالفة من حيث أمر ) الرسالة ، وهو الأمر الشرعي من حيث أن تقرره بالمشيئة هو ووقوع الثواب والعقاب على صاحبه أيضا بها ، فهو من جميع وجوهه ( بالواسطة ) ، فالمخالفة فيه ليست تعجيزا للحق إذا وافق فيما هو أصله ؛ ( فافهم ) لئلا يتخذ عندك الأمران ولا حكمهما .
 
قال رضي الله عنه : ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنّما يتوجّه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل أن لا يكون ؛ ولكن في هذا المحلّ الخاصّ ، فوقتا يسمّى به مخالفة لأمر اللّه ، ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر اللّه ، ويتبعه لسان الحمد والذّمّ على حسب ما يكون ، ولمّا كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه لذلك كان مآل الخلق إلى السّعادة على اختلاف أنواعها ، فعبّر عن هذا المقام بأنّ الرّحمة وسعت كلّ شيء ، وأنّها سبقت الغضب الإلهيّ ، )
 
ثم أشار إلى أنه كيف تقع المخالفة في أمر المشيئة ، ولا شكّ أنه إنما يتصور في الأمر المقدور عليه للعبد ، لكنه غير مقدور للعبد فلا تكليف فيه فلا يخالفه ؛ فقال : ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل ) ، إذ بها ترجيح أحد جانبي الفعل والترك الموجب حصول الراجح منهما ، و ( لا ) يكون تكليفا ( على من ظهر على يديه ) ، إذ ليس في وسعه تركه ؛ لأن المشيئة موجبة بالذات ، ( فيستحيل ألا يكون ) ، وما يستحيل عدمه يجب وجوده ، والواجب خارج عن حدّ التكليف كالممتنع .
قال رضي الله عنه : ( ولكن ) هذا الفعل الذي توجهت المشيئة إلى إنجازه إنما يتحقق ( في هذا المحل الخاص ) ، فيتأثر به فيحصل له منه صفة منيرة أو مظلمة باعتبار قصده فيه ، وهو باعتبار ذلك مكلف مختار ، ( فوقتا يسمى به ) أي : بالنظر إلى المحل وقصده وما تأثر به ( مخالفة لأمر اللّه ) الشرعي ، ( ووقتا يسمى موافقة ) ، وهو عين ما يكون ( طاعة لموافقته الأمر الشرعي ) مع أمر المشيئة أيضا ، ( ويتبعه )
أي : الفعل باعتبار المحل الصادر هو عن قصده ، ولا يتبع أمر المشيئة ؛ لأنه ليس إلى العبد أصلا ، بل هو فيه تابع للحق بالضرورة ، فلا يحمد باعتباره ، ولا يذم الحمد فيما وقع موافقا للأمرين ؛ لإفادته إياه أثرا نوريّا وسعادة ، والذم فيما وقع مخالفا للأمر الشرعي ، وإن وافق أمر المشيئة ؛ لإفادته إياه أثرا ظلمانيّا وشقاوة .
 
ولكن يكون ( هذا الحمد والذم على حسب ما يكون ) الفعل ، فالحمد على الواجب ليس كالحمد على المندوب ، والذم على الحرام ليس كالذم على المكروه ، وإنما ذكره ؛ ليشير إلى أن التفاوت في الأفعال إنما يكون بحسب هذا الاعتبار لا بحسب المشيئة ، وإلا فلا تفاوت في المشيئة كما قال تعالى :ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ[ الملك : 3 ] ؛ ولذا لا يذم اللّه تعالى على خلق القبائح إذ لا قبح بالنسبة إليه .
 
ثم أشار إلى ذلك الكمال في جميع تلك الأفعال الذي به انتسابها إلى اللّه تعالى بأنها من تلك الجهة مقيدة للسعادة بوجه ما للعامل ، وإن كانت مفيدة للشقاوة بوجه آخر .
فقال : ( ولما كان الأمر ) أي : أمر الحق تعالى ( على ما قررناه ) من كونه أمر المشيئة وأمر التكليف ، وأنه لا بدّ للعبد في أفعاله كلها وموافقة أحدهما ، والموافقة موجبة للكمال كانت موجبة لكماله من وجه ؛ ( لذلك ) أي : لكون فعل كل موجب للكمال في الجملة ، ( كان مآل الخلق إلى السعادة ) التي هي الكمال المطلوب من اتحادهم ( على اختلاف أنواعها ) ، فنوع منها تنتفع به الروح والقلب والجسم ، وسائر ما يتعلق بها ، ونوع يختص نفعه بالأعيان الثابتة ، وهي سعادة القرب من الحق في التجلي الجلالي ، تلتذ بها الأعيان الثابتة دون الأرواح والقلوب والنفوس والأركان .
 
قال رضي الله عنه : ( فعبّر عن هذا المقام ) أي : مقام حصول نوع من السعادة لكل واحد ، وإن كان مع نقصها أنواع من الشقاوة بحيث يضمحل هذا النوع بالنظر إليها ( بأن الرحمة ) التي هي إفاضة الخير ، ( وسعت كل شيء ) حتى المغضوب عليه ، إذ يحصل له سعادة القرب من اللّه عند رجوعه إلى اللّه ، ولكن مع تنكس الرأس ، وعود الحجاب الظلماني عليه الموجب للعذاب ، ( وأنها سبقت الغضب الإلهي ) ، فلا بدّ للمغضوب عليه أن يصير محكوما عليه بها إذ وصل إلى غايته ، وذلك أن :
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.  فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فما خالف الله أحد قطَّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة ) التي لا دخل للواسطة فيه ولا لغيرها مما يشوب به صرافة الوحدة ( فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ، فافهم ) حيث أن منشأ المخالفة إنما هو إدخال الواسطة الحاكمة على ما يترتّب على إيجاد الفعل من العوارض الاعتباريّة التي تعرض الفعل المذكور بالإضافة إلى فاعله المخصوص في الزمان الخاصّ ، كالإباحة والحرمة وغيرهما .
 
مرجع المعصية والطاعة 
قال رضي الله عنه :  (وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجّه على إيجاد عين الفعل ، لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل إلا أن يكون ) ذلك الإيجاد بعينه ، ضرورة توجّه الأمر قادرا عليه ومستعليا وحاكما ومستوليا ، ولتضمّن التوجّه المذكور في نفسه هذه المعاني كلَّها عدّاه بـ "على " .
فعلم أنّ متوجّه أمر المشيئة المتحتّم امتثاله إنما هو إيجاد عين الفعل مطلقا .
ولكن لما كان ذلك إنما يتصوّر وجوده في الخارج ، إذا كان في محلّ وزمان يشخّصانه ، وبذلك يصير عرضة للمدح والذمّ والمخالفة والمعصية .
 
كما ورد في الحديث : " كلّ مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه " ، وإلى ذلك أشار بقوله : ( ولكن في هذا المحلّ الخاصّ فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله . ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر الله ) وذلك بحسب ما عيّنه الشارع ، حيث أن المشخّصين المذكورين إذا كان تشخيصهما في الحد الذي عيّنه الشارع يكون محمودا ، وإذا وقع خارجا عنه يكون مذموما . ولذلك قال : ( ويتبعه لسان الحمد والذمّ على حسب ما يكون ) فيه من جهتي الموافقة والمخالفة.
 
مآل الخلق إلى السعادة
قال رضي الله عنه :  ( ولما كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه ) من أنّ الحمد والذمّ والموافقة والمخالفة منشؤها إنما هو المشخّصات الخارجيّة ، وهي نسبة ذلك العين إلى الزمان والمكان المخصوص ، والنسب إنما هي اعتبارات محضة لا حظَّ لها من الوجود ،
فيكون عين الأفعال التي هي متوجّه أمر المشيئة في نفسها مبرّأة عن هذه النسب ، وإن كان في الخارج لا يخلو عن نسبة من تلك النسب ، ( لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة - على اختلاف أنواعها - ) ، فإنّ لكل نسبة خاصيّة وأثرا يترتّب عليها . إمّا في طرف الحمد - ويسمّى بدرجات الجنّة.
أو في جهة الذمّ - ويسمّى بدركات الجحيم ، والكلّ سعادة لشمول الرحمة إيّاه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فعبّر عن هذا المقام بأنّ « الرحمة وسعت كل شيء » ) من متوجّهات أمر المشيئة ، ( وأنّها سبقت الغضب الإلهي ) سبقا ذاتيّا يستلزم العلوّ والاستيلاء ،
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله. ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. )

قال رضي الله عنه :  (فما خالف اللّه أحد قطّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة ؛ فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم . وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنّما يتوجّه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل أن لا يكون ؛ ولكن في هذا المحلّ الخاصّ .
فوقتا يسمّى به مخالفة لأمر اللّه ، ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر اللّه ، ويتبعه لسان الحمد والذّمّ على حسب ما يكون .)
 
قال رضي الله عنه :  (فما خالف اللّه أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم . وعلى الحقيقة فأمر المشيئة ) إذا تعلقت بأفعال العباد
 ( إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر ذلك على يديه فيستحيل أن يكون ) ، أي فيستحيل من حالتي الفعل وجوده وعدمه إلا وجوده فإنه غير مستحيل بل واجب .
وفي بعض النسخ يستحيل أن لا يكون ومعناه ظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولكن في هذا المحل الخاص فوقتا يسمى ) عين الفعل ( به ) ، أي بأمر المشيئة ( مخالفة لأمر اللّه ) ، إذا لم يكن موافقا للأمر التكليفي ( ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر اللّه ) إذا كان موافقا له ( ويتبعه ) ، أي الفعل الذي تتعلق به المشيئة ( لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون ) موافقا أو مخالفا للأمر التكليفي فإن كان موافقا يحمد وإن كان مخالفا يذم .

قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه لذلك كان مآل الخلق إلى السّعادة على اختلاف أنواعها. فعبّر عن هذا المقام بأنّ الرّحمة وسعت كلّ شيء ، وأنّها سبقت الغضب الإلهيّ . )

قال رضي الله عنه :  (ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه ) من أنه لا يقع شيء إلا بالمشيئة الإلهية ولا يرتفع شيء إلا بها ( لذلك كان مآل الخلق ) في الآخرة ( إلى السعادة على اختلاف أنواعها ) واشتراكها في رفع العذاب عنهم ( فعبر ) الحق سبحانه ( عن هذا المقام ) ،

أي مقام كون مآل الكل إلى السعادة ( بأن الرحمة وسعت كل شيء ) فكما أن الرحمة الوجودية وسعت كل الأشياء حتى الغضب ، كذلك الرحمة المقابلة للغضب أيضا وسعتها ( وأنها ) ، أي وعبر عن هذا المقام أيضا بأنها ، أي الرحمة ( سبقت الغضب الإلهي ) سبقا يعم جميع معاني السبق من التقدم في الوجود ومن التعدي عن الشيء بعد اللحوق به ومن الغلبة والاستيلاء.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 1:38 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )

قال رضي الله عنه :  ( والسّابق متقدّم ، فإذا لحقه هذا الّذي حكم عليه المتأخّر حكم عليه المتقدّم فنالته الرّحمة إذ لم يكن غيرها سبق .  فهذا معنى سبقت رحمته غضبه . لتحكم على ما وصل إليها فإنّها في الغاية وقفت . والكلّ سالك إلى الغاية . فلا بدّ من الوصول إليها ، فلا بدّ من الوصول إلى الرّحمة ومفارقة الغضب .  فيكون الحكم لها في كلّ واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها .. فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا .... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنّا . . فما ثمّ إلّا ما ذكرناه فاعتمد ..... عليه وكن بالحال فيه كما كنّا . . فمنه إلينا ما تلونا عليكم .....  ومنّا إليكم ما وهبناكم منّا )

 

قال رضي الله عنه :  (والسابق) على الشيء (متقدم) عليه (فإذا لحقه) ، أي لحق ذلك السابق (هذا) الشيء (الذي حكم عليه) ، أي على السابق بكونه سابقا (المتأخر) عنه (حكم عليه) ، أي على ذلك المتأخر المسبوق وذلك (المتقدم) السابق فالرحمة ما سبقت الغضب إلا لما كانت متقدمة عليه ، فإذا لحقها الغضب الذي حكم عليها بالسبق إذ لولا تأخره عنها ما كانت سابقة عليه فقد حكمت الرحمة عليه بتأخره عنها (فنالته) ، أي الغضب الإلهي (الرحمة) الإلهية (إذ) ، أي لأنه (لم يكن غيرها) ، أي غير الرحمة (سبق) على الغضب حتى يناله ،

 

فإذا نالته الرحمة أحالته نوعا منها مع بقائه على حكمه ومقتضاه ، كالميتة إذا وقعت في المملحة فصارت ملحا كانت المملحة سابقة على تلك الميتة وكل سابق متقدم ، فإذا ألقيت تلك الميتة المتأخرة عن وجود المملحة في المملحة لم تزل المملحة متقدمة في الحكم ، فغلبت على أجزاء تلك الميتة فأحالتها ملحا مثلها وبقيت صورة الميتة على حالها ، فيقال فيها : ميتة حمار أو جمل أو طير ونحو ذلك . وفي نفس الأمر الكل ملح .

 

قال رضي الله عنه :  (فهذا معنى) أنه تعالى (سبقت رحمته غضبه) كما ورد في الحديث (لتحكم) ، أي الرحمة (على من وصل إليها) ممن هو آيل وراجع إليها لتأخره عنها بإدراك الغضب له ثم لا يزال يسير به الغضب خلف الرحمة حتى يصل إلى الرحمة فإنها ، أي الرحمة (في الغاية) التي إليها السير من الجميع كما قال تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] وقفت إذ هي رحمة اللّه تعالى ظهرت منه بظهور أمره ، فتوجهت على إيجاد كل شيء ، ثم تنوّعت أنواعا منها : نوع الغضب فساق هذا النوع منها المسمى بالغضب قوما بمخالفاتهم ومعاصيهم إليه تعالى لقيامهم بأمره من حيث لا يشعرون ، فلما رجع أمره إليه رجعوا هم أيضا إليه بحكم وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ وحكم وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فوجدوا الرحمة سبقتهم إليه ، لأنه غايتها فوقعوا فيها فوسعتهم ، فمنها كان ابتداؤهم وإليها كان مرجعهم وانتهاؤهم .

 

قال رضي الله عنه :  (والكل) ، أي كل شيء (سالك) مع الأنفاس إذ هو في خلق جديد كما مر (إلى الغاية) التي هي مستقر الرحمة وهي حضرة الحق تعالى (فلا بد من الوصول إليها) ، أي الغاية (فلا بد من الوصول إلى الرحمة) الإلهية ومن مفارقة غلبة حكم الغضب الإلهي في كل سالك إذ بالوصول إليها يستحيل الغضب رحمة كما ذكرنا (فيكون الحكم لها) ، أي الرحمة (في كل) سالك (واصل إليها) لكن حكما خاصا.

 

قال رضي الله عنه :  (بحسب ما يعطيه حال الواصل إليها )، أي إلى الرحمة من السالكين ، فلا يزال مسمى جهنم دركاتها وأنواع العذاب فيها لأهلها إلى الأبد ، ولكن الرحمة تسع ذلك كله فتحيله إليها ، فيرجع الكل رحمة مع بقاء الغضب غضبا والعذاب عذابا .

قال تعالى :" فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ" [ الحديد : 13 ].

وفي الحديث : « لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول : هل من مزيد حتى يضع الجبار قدمه فيها فتقول : قط قط وينزوي بعضها إلى بعض » . رواه النسائي واحمد .

قال رضي الله عنه :  (فمن كان) من السالكين (ذا) ، أي صاحب (فهم) منوّر بنور الإيمان كما ورد : " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه ".   (يشاهد) عيانا (ما) ، أي الذي قلناه في سبق الرحمة للغضب في أهل النار الذين هم أهلها مع بقاء الكل بحاله ولا يحتاج إلى معلم يعلمه ذلك (وإن لم يكن) له (فهم) كذلك (فيأخذه) ، أي ما قلنا من الأمر المذكور عنا ويتعلمه منا إن كان قابلا لذلك ، وكان مؤمنا بنا مصدقا لكلامنا وإلا فله ما رأى وحسابه على اللّه .

قال رضي الله عنه :  (فما ثم) ، بالفتح ، أي هناك في نفس الأمر من الحق إلا ما ذكرناه في هذا المحل وغيره (فاعتمد) يا أيها السالك (عليه) ، أي على ما ذكرناه (وكن بالحال) ، أي الذوق والشهود لا التخيل والفهم لمعناه فقط (فيه) ، أي فيما ذكرناه (كما كنا) نحن فإننا على شهود منه وذوق لا تخيل لمعناه وفهم .

قال رضي الله عنه :  (فمنه) ، أي من الأمر في نفسه وأصل (إلينا ما) ، أي الذي (تلوناه عليكم) من الكلام فإنه انكشف لنا بنور اللّه تعالى الذي نحن ننظر به من حيث إنا مؤمنون فعرفناه على ما هو عليه من حيث إنا محسنون نعبد اللّه كأنا نراه فإن لم نكن نراه فإنه يرانا .

قال تعالى :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ[ النور : 35 ] والنور يكشف كل مستور (ومنّا) وأصلا (إليكم ما وهبناكم منا) ، لأنه موقوف على الكشف عنه منه فإذا أخذتموه منا تخيلتموه بأفهامكم ، فلم يصل إليكم ما الأمر عليه في نفسه من ذلك ، لأنه لا يؤخذ إلا منه بنور اللّه تعالى كما أخذناه نحن لا منا من حيث ما نحن عندكم وعلى اللّه قصد السبيل .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم فإذا لحقه ) أي المتقدم أو السابق بالسلوك إذ هو غايته لأن الكل سالك إلى الغاية ( هذا ) فاعل لحقه ( الذي ) صفته ( حكم عليه المتأخر ) أي العذاب مدة أيام دولته ( حكم عليه المتقدم ) وهو الرحمة وإلا كان ذلك العبد عدما محضا ، وهو خلاف ما وقع عليه النص والكشف من أنهما مع أهلهما يبقيان لا يفنيان ( فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق ) من موانع ظهورها والعذاب الذي اجتمع معها لا يعدّ غيرها وإن لم يكن عينها ( فهذا ) أي هذا المعنى الذي بيناه بقولنا والسابق متقدم معنى « سبقت رحمته غضبه » وما سبقت الرحمة على الغضب إلا ( لتحكم الرحمة على من وصل إليها ) .

وإنما وجب الوصول إليها ( فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية فلا بد من الوصول إليها فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب ) فكانت الرحمة مركز العالم كلها ( فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها ) لأن بعضهم يصل إليها في عين الجحيم مع بقاء الألم وبعضها يصل في دار النعيم بلا ألم.

 شعر قال الشيخ رضي الله عنه : 
(فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا)
(فمن كان ذا فهم ) أي ذا بصيرة وصاحب كشف ( يشاهد ما قلنا ) من غير أخذ عن قولنا ( وإن لم يكن ) ذا ( فهم ) ( فيأخذه عنا ) أي فيدرك هذا المعنى عن قولنا على ما هو الأمر عليه بالعقل السليم وهم المؤمنون بحال أهل اللّه وفيه إشارة إلى أن المحبين من زمرة أولياء اللّه.

(فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا)
( فما ثمة ) أي فما في هذه المسألة في نفس الأمر (إلا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن بالحال فيه) أي فيما ذكرناه لا تكن بالقال ( كما كنا ) بالحال فيه
(فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا)
( فمنه ) أي من الحق أو من الرسول إذ ما في الكتاب كله نزل إليه من الرسول في الرؤيا وإن كان في التحقيق من اللّه ( إلينا ما تلونا ) أي الذي تلونا ( عليكم) ، (ومنا ) نزل ( إليكم ما ) أي ليس ( وهبناكم منا ) أي من عند أنفسنا .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )


قال رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.  فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية. فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها. فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا ... فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا ... فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . ) معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )


قال رضي الله عنه :  "والسابق متقدّم فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخّر ، حكم عليه المتقدّم ، فنالته الرحمة ، إذ لم يكن غيرها سبق » .
يعني : كانت الرحمة هي السابقة بالنصّ الإلهي ، فنالت الكلّ ، فالكلّ مرحوم ، ومآل الكلّ إلى الرحمة .
ثم اعلم : أنّ الشيخ نبّه على برهان عال عظيم على زوال الشقاء وعموم السعادة في الدنيا والآخرة آخرا ، وذلك أنّ المقتضي لعموم السعادة بالرحمة وزوال الشقاوة بها كذلك سالم وهو سبق الرحمة الغضب ، فلا يلحقها الغضب ، وإلَّا لم تكن سابقة ، فإذا لحق المغضوب عليه الرحمة السابقة لكونها في الغاية ووقفت ، لم يبق للغضب المسبوق فيه حكم .

وأيضا لأنّ عين المغضوب من كونه شيئا يجب أن يكون مرحوما فإنّ رحمته وسعت كلّ شيء ، ولم يقل : سبقت رحمتي عين المغضوب ، فأعيان الأشياء مرحومة ، لكونها موجودة فلا يلحقها الغضب ، لأنّها لحقت الرحمة ولحقتها الرحمة التي وسعت والرحمة التي سبقت الغضب وبعد اللَّحوق ، فالرحمة تحكم بمقتضاها لا بمقتضى نقيضها ، وهو الغضب ، فتعمّ الرحمة جميع الحقائق .

قال رضي الله عنه : ( فهذا معنى ) سبقت رحمته غضبه ( لتحكم على من وصل إليها ، فإنّها في الغاية ووقعت ، والكلّ سالك إلى الغاية ، فلا بدّ من الوصول إليها ، فلا بدّ من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب ، فيكون الحكم لها في كلّ واصل إليها بحسب ما يعطيه حال الواصل  إليها ) .
قال العبد : هذا برهان ظاهر .


قال رضي الله عنه :
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا  .... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنّا
وما ثمّ إلَّا ما ذكرناه فاعتمد  .... عليه وكن بالحال فيه كما كنّا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم  .... ومنّا إليكم ما وهبناكم منّا

يعني رضي الله عنه : ما قلناه لكم وارد إلينا من الحق ، وقد وهبناكم ، فلكم منّا ذلك ، وليس ذلك وارد من الحق إليكم ، بل منّا إلَّا ما شاء الله العزيز الحكيم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )


قال رضي الله عنه :  (والسابق متقدم ، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم ، فنالته الرحمة إذا لم يكن غيرها سبق ) .

يعنى أن الأمر لما كان على ما قررناه من اقتضاء المشيئة لوجود الفعل لزم أن يكون مآل الكل إلى السعادة سواء كان الفعل موافقة وطاعة أو مخالفة ومعصية ، لأن الإيجاد وهو الرحمة ، فالرحمة وسعت كل شيء حتى المعصية لعموم النص فإنها عمت وسبقت الغضب الإلهي فلا يلحقها الغضب وإلا لم تكن سابقة ، فإذا حكم الغضب على المغضوب عليه من حيث اقتضاء المعصية والمخالفة ذلك ،

وكانت الرحمة المقدمة هي الغاية لحق الرحمة السابقة في الغاية فنالته الرحمة فحكمت عليه إذا لم يسبق غيرها ، فثبت أن المآل إلى الرحمة والسعادة فلا يبقى للغضب حكم ، وأيضا فالأعيان مرحومة لأنها موجودة وداخلة في عموم الشيء الذي وسعته الرحمة وهي الغاية المتقدمة ، فكيف للغضب المحفوف بالرحمتين حكم ، فالغضب هو العسر بين اليسرين.

قال رضي الله عنه :  ( فهذا معنى سبقت رحمته غضبه لتحكم على من وصل إليها ، فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية فلا بد من الوصول إليها ، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب ، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما يعطيه حال الواصل إليها ) فإن حال الغضب لا يعطيه من الرحمة إلا التعوذ بالغضب والالتذاذ

 

بمقتضاه حتى يصير في حقه مسمى جهنم جنة ، وحال البعض الخلاف من الغضب ، وحال البعض وجدان أثر الرضا وروح الجنة ، وحال البعض البلوغ إلى الدرجات ، وفي الجملة لا يخلو أحد في العاقبة من سعادتهما وإن كانت نسبية :

( فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا .... وإن لم يكن فهم فيأخذوه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد     ..... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم      ..... ومنا إليكم ما وهبناكم منا )
أي فمن الحق ورد إلينا ما قلنا لكم وتلونا عليكم ، وليس بوارد منه إليكم ما وهبنا لكم :
أي ما وهبنا لكم فمنا ورد إليكم ، ويجوز أن يكون المعنى منا ورد إليكم ما وهبنا لكم بل منه بواسطتنا ، وكلا المعنيين يستقيم ، وتعدية وهبنا بنفسه كقوله :" واخْتارَ مُوسى قَوْمَه " في حذف الجار وإيصال الفعل إلى مفعوله .

"" أضاف بالى زادة : (فمن كان ذا فهم ؟ ) أي ذا بصيرة وكشف ( يشاهد ما قلنا ) من غير أخذ من قولنا ( وإن لم يكن ذا فهم فيأخذه عنا ) أي يدرك هذا المعنى عن قولنا على ما هو الأمر عليه بالعقل السليم وهم المؤمنون بحال أهل الله ،
وفيه إشارة إلى أن المحبين من أهل الله ( فما في ) أي فما في هذه المسألة في نفس الأمر ( إلا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن بالحال فيه ) أي فيما ذكرنا ، لا تكن بالقال ( كما كنا بالحال فيه ، فمنه ) أي من الحق أو من الرسول ( نزل إلينا ما تلونا ) أي الذي تلونا ( عليكم ومنا نزل إليكم ما ) أي ليس ( وهبناكم منا ) أي من عند أنفسنا .أهـ بالى ""

 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )

قال رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم ، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر ، حكم عليه المتقدم ، فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق ) أي ، إذا لحقه حكم الغضب الذي هو المتأخر بواسطة المخالفة ، حكم عليه المتقدم بالرحمة السابقة ، فأخذته من يد ( المنتقم ) .
وحكم الغضب إما قبل أخذ المنتقم حقه منه ، أو بعده ، أو حال الانتقام ، لأن السابق على الغضب هو الرحمة ، فالمآل أيضا إليها .


قال رضي الله عنه :  ( فهذا معنى سبقت رحمته غضبه ) اعلم ، أن ( السبق ) يستعمل على معان : منها التقدم بالوجود ومنها قولهم : سبق الفرس الفرس . أي ، لحقه وتعداه .
ومنها سبقه فلان في الصنعة ، أو في الكرم . أي ، زاد عليه وغلبه .
وفي قوله تعالى : ( سبقت رحمتي غضبي ) . جميع هذه المعاني مرعية:
 أما الأول ، فإنه لو لم تكن رحمته ، لما وجد شئ من الأشياء فضلا عن الغضب .
وأما الثاني ، فلأنه يلحق الرحمة فتأخذ المجرم من يد المنتقم .
وأما الثالث ، فعند توجه ( المنتقم ) إليه من الانتقام ، قد يتوجه ( الرحمن ) بالمغفرة والرحمة إليه ، فلا يبقى له حكم عليه .

فقوله رضي الله عنه  : ( هذا ) إشارة إلى قوله : ( والسابق متقدم ) إلى آخره .
وهو يجمع المعاني الثلاث . لذلك قال : ( فهذا معنى سبقت رحمتي غضبي ) .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لتحكم على من وصل إليها ، فإنها في الغاية وقفت ) أي ، لتحكم الرحمة على كل من وصل إليها ، أي ، إلى الرحمة . وفاعل (وصل) ضمير عائد إلى (من) .
فإن الرحمة السابقة على كل شئ لا يقف إلا في الغاية والنهاية ، ليكون ( الأول ) عين ( الآخر ) . فالرحمة الإلهية أول الأشياء وآخرها .
( والكل سالك إلى الغاية فلا بد من الوصول إليها ) أي ، إلى الغاية .


قال رضي الله عنه :  ( فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب . ) أي ، وكل العباد ، بل وكل الأشياء ،
سالك بقطع مراتب الوجود العلمي والعيني بالحركة الدورية الوجودية ، فلا بد من الوصول إلى غاياتها وكمالاتها ، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب وأحكامه ، لأن غايات الأشياء وكمالاتها لا يكون إلا مرغوبا فيها ، لا مهروبا عنها .
 

قال رضي الله عنه :  ( فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما يعطيه حال الواصل إليها . )
أي ، فحينئذ يكون الحكم للرحمة في كل عين من الأعيان التي وصلت إلى الغاية ، فتعم الرحمة عليها جميعا ، لكن على حسب درجاتهم وتفاوت طبقاتهم : فيكون للبعض نعيم في عين الجحيم ، ولبعض آخر في الجنة ، ولآخر في ( الأعراف ) الذي بينهما .
( فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا ....  وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا )
أي ، فمن كان ذا بصيرة وعرفان مكشوف القلب ، فيشاهد ما قلنا في الوجود شهودا أعيانيا . ومن لم يكن كذلك ، ويكون مؤمنا بالأنبياء والأولياء ، فيأخذه عنا تقليدا ايمانيا .

(فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد  .... عليه وكن بالحال فيه كما كنا )
أي ، فما في نفس الأمر إلا ما ذكرناه وبيناه لك . فاعتمد على قولنا وكن مشاهد أصحاب الحال في هذا الوجود الدنياوي ، كما كنا ، ليكون لك أرفع الدرجات ، لأنك لا تحشر إلا كما تنشر حال المفارقة .

( فمنه إلينا ما تلونا عليكم  ..... ومنا إليكم ما وهبنا كم منا )
أي ، فمن الحق نزل إلينا ما تلونا عليكم وبينا عندكم . ومنا نزل إليكم ما وهبناكم من المعارف والعلوم .
وفي بعض النسخ : ( وليس إليكم ما وهبناكم منا ) .
أي ، ليس ما ورد إليكم مما وهبناكم منا ، بل من الله . والظاهر تصحيف من الناسخ .

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )
 
قال رضي الله عنه :  ( والسّابق متقدّم ، فإذا لحقه هذا الّذي حكم عليه المتأخّر حكم عليه المتقدّم فنالته الرّحمة إذ لم يكن غيرها سبق ، فهذا معنى « سبقت رحمته غضبه » ، لتحكم على ما وصل إليها ؛ فإنّها في الغاية وقفت ، والكلّ سالك إلى الغاية ، فلا بدّ من الوصول إليها ، فلابدّ من الوصول إلى الرّحمة ، ومفارقة الغضب ، فيكون الحكم لها في كلّ واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها).  الحديث رواه ابن حبان والبيهقي
 
قال رضي الله عنه :  ( السابق ) في الطريق ( متقدم ) على اللاحق فيه ، بحيث يكون أقرب إلى الغاية أو واقفا فيها ، ( فإذا لحقه هذا الذي ) كان ( يحكم عليه المتأخر ) في أثناء الطريق ، فإنه يصير حينئذ بحيث ( يحكم عليه المتقدم ) ، إذ الحكم على كل شيء للأقرب منه دون الأبعد في طريق الرجوع إلى اللّه تعالى الرحمة متقدمة والغضب متأخر .
 
فمن كان الحاكم عليه الغضب في أثناء الطريق يصير الحاكم عليه الرحمة في الغاية ، ( فنالته الرحمة ) لا محالة إلا أن نفرض سبق شيء ثالث عليها ، لكنه باطل ( إذ لم يكن غيرها سبق ) ، وإلا لكان أولى بالذكر ، لكن لم يرد ذلك في الأخبار أصلا مع أنه أجل مما ذكر ، فلا يجوز للكمّل ترك ذكره مع ذكر الأدنى منه ،
قال رضي الله عنه :  ( فهذا معنى ) ما قيل : « سبقت رحمته غضبه »  ، لا ما يتوهم من غلبة الرحمة على الغضب لاستلزامه كثرة المرحومين لكنه باطل لما ورد في الحديث من أنه : « يبعث إلى النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون » . رواه البخاري ومسلم
 
وليس هذا السبق كسبق إعلام الطريق بعضها على بعض لا يؤثر في السائرين أصلا إذ لا معنى له هاهنا ، فإنما سبقت ؛ ( لتحكم على ما وصل إليها ) ، كما حكم المتأخر على من وصل إليه في أثناء الطريق ، وليس لها رجوع عن الغاية بعد سبقها إليها ، حتى يصح أن يقال : لا يحكم على كل من وصل إلى الغاية ؛
قال رضي الله عنه :  ( فإنها في الغاية وقفت ) ، ولا يحبس أحد في أثناء الطريق بحيث لا يصل إلى الغاية ، فلا تحكم عليها الرحمة التي فيها بل ( الكل سالك ) بحيث ( إلى الغاية ) التي فيها ، ( فلابدّ ) للكلّ ( من الوصول إليها ) ، فإنه لا بدّ للحركة من المنتهى ، ( فلابدّ من الوصول إلى الرحمة ) ؛
لأن الوصول إلى الغاية مستلزم للوصول إليها ، ( ومفارقة الغضب ) الذي في أثناء الطريق كما لا بدّ للواصل إلى منتهى الحركة من مفارقة وسط الطريق ، والحكم للموصول إليه دون المفارق .
قال رضي الله عنه :  ( فيكون الحكم لها ) لكن هذا الحكم ( بحسبما يعطيه حال الواصل إليها ) ، فإن اقتضت حالته الوصول إلى الأسماء الجمالية يكون حكم الرحمة عليه أن تنتفع بها الأعيان الثابتة ، والأرواح ، والقلوب ، والنفوس ، والأركان ، فيكون مرحوما مفارقا للغضب من كل وجه ،
وإن اقتضت حالته الوصول إلى الأسماء الجلالية يكون حكم الرحمة عليها أن تنتفع بها الأعيان الثابتة لا غير ، فيكون مرحوما لمفارقة غضب البعد المطلق مع حصول البعد من تجلي الأسماء الجمالية ، وهذه الرحمة أيضا مفيدة لانتفاع الأرواح والقلوب والنفوس والأجسام في حقّ المحب ، لكن هذا محجوب لا يلتذ بها تكن عدم التلذذ بالخلق لا يخل بحلاوته في نفسه ، فكذلك هذه الرحمة والقرب .
قال رضي الله عنه :  (
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنّا
فما ثمّ إلّا ما ذكرناه فاعتمد .... عليه وكن بالحال فيه كما كنّا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم  .... ومنّا إليكم ما وهبناكم منّا )
ولصعوبة فهم هذا الكلام على العوام قال :
( فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا ) بالذوق المفيد للعلم الضروري ، ( وإن لم يكن ) لأحد ( فهم فيأخذه ) تقليدا ( عنّا ) ، ولا ينبغي له أن ينكر علينا ما لم يفهم منا ، وليس لنا أن نذكر له غير ما ذكرنا عند إنكاره ،
( فما ثم ) أي : في الواقع ( إلا ما ذكرناه ) من وجوب نوع من الرحمة في الغاية لكل واحد ، وإن لم ينتفع بعضهم باعتبار غير الثابتة به ، ( فاعتمد عليه ) لا على ما قيل باختصاص الرحمة بطائفة دون أخرى من كل وجه ، ( وكن بالحال ) أي : بالذوق ( فيه ) أي : في عموم الرحمة إن لم يدركها في البعض بالحس أو العقل ، ( كما كنا ) تقليدا لنا إن لم يستقل ، فإنه ليس على العامة حرج في تقليد الكامل قبل أن يصل إلى حال التحقيق .
 
ثم أشار إلى وجه تلذذ المحب بتلك الرحمة ، وإن رآها المحجوب عين العذاب ، بقوله :
( فمنه إلينا ما تلونا عليكم ) من كون الرحمة في صورة العذاب ، إذ فيه رؤية المحبوب والقرب منه ، لكن هذا لمن أوتي المحبة ، وليس ذلك إلى اختيار المعذب حتى يأخذ به ، ويدفع عنه وجد العذاب كما قال ، ( وليس إليكم ) أي : إلى اختياركم ( ما وهبناكم منا ) من المحبة حتى تلذذوا بالعذاب لاختياركم ، بل يختص بمن أعطاه الحق محبته كخزنة جهنم ، وما فيها من الحيات والعقارب ، ومنه تقول النار للمؤمن : "جز يا مؤمن ، فإن نورك أطفأ لهبي ". رواه الطبراني في الكبير والحكيم الترمذي.
 
[ومنه دخول نبينا عليه السّلام في النار ؛ لإخراج أهلها بالشفاعة " رواه البخاري  ومسلم ومما نقل عن بعض العارفين أنه لو أدخل النار لا تبتغي منه فرحا . ]
""أضاف الجامع :
"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج بالشفاعة من النار قال: نعم" . رواه البخاري
" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يخرج قوما من النار بالشفاعة؟ قال: نعم ".رواه مسلم
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج الله تعالى قوما من النار بعدما امتحشوا فيها، وصاروا فحما، فيلقون في نهر على باب الجنة، يسمى نهر الحياة، فينبتون فيها كما تنبت الحبة في حميل السيل، أو كما تنبت الثعارير، فيدخلون الجنة، فيقال: هؤلاء عتقاء الله عز وجل من النار ". رواه ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية والمطالب العالية على رواية البخاري . ""
 
ثم شرع في بقية النعم التي طولب آل داود بالشكر عليها ، وهي النعمة التي بها تمام أمر الخلافة ، وهي مشيرة إلى كون الرحمة في عين النعمة ، وإلى المقصد الأعلى من النبوة والولاية.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )
 
( والسابق متقدّم ) في الوجود ونفاذ الأمر ، ( فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخّر ) يعني الغضب المسبوق بالقهر والشقاوة ( حكم عليه المتقدّم ) يعني الرحمة السابقة باللطف والسعادة ، ( فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق ) بالعلو الإحاطي الذي هو أثر التقدّم الذاتي.
 
 سبقة الرحمة على الغضب
قال رضي الله عنه :  ( فهذا معنى « سبقت رحمته غضبه » لتحكم على من وصل إليها . فإنّها في الغاية وقفت ) ، وهي الحدّ المحيط الذي ما وراءه شيء ، ( والكل سالك إلى الغاية ) ، متوجّه إليها في الحركة الظهوريّة ، ( فلا بدّ من الوصول إليها ، فلا بدّ من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب ) الذي له عند فقدان الغاية والحدّ ( فيكون ) الحاكم هو الغاية ،
و ( الحكم لها في كلّ واصل إليها بحسب ما يعطيه حال الواصل إليها ) وإذ كانت أحوال الواصلين متخالفة الأنواع ، تكون سعاداتهم متخالفة بحسبها .
ثمّ إنّه إذ قد انساق الكلام في الحكمة الوجوديّة إلى هذه الجمعيّة الحقيقيّة والتفصيل الجمعيّ ، حان أن ينتقل إلى النظم ويتنقل في مجلس انبساط الذوق ونشوات معارفه المنعشة للروح بلطائف ثمرات الوقت ويوانع الزمان ،
 
من مقطعات التفصيل ومنظومات الإجمال ، فإنّك قد نبّهت غير مرّة على أنّ النظم يكشف عن وجوه جمال الإجمال ما لا يكشفه غيره من العبارات ،
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا ....   وإن لم يكن فهم فيأخذه عنّا
بقوله رضي الله عنه  :( فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا ) مشاهدة يقين عينيّ ، فإنّه يفهم من مسطورات صحائف الأكوان ، سيّما في هذه الأوان ، أمر الإجمال على التفصيل الذي حقّقه ، واقتصاره على الفهم تنبيه على أنّ الزمان هذا مما يكفيه مجرّد الفهم ، ولا يحتاج إلى ترقّيه إلى رتبة الذوق ، لأنّ العقل إذا صفى موارد إدراكاته عن شوائب التقليدات وشواكل العقائد من الخياليّات لا يقصر فهمه عن إدراك الحقّ فيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن لم يكن فهم فيأخذه عنّا ) وذلك أيضا بعد تصفية الباطن عن ضروب العقائد التقليديّة الظنيّة ، حتى يكون له قابليّة الأخذ من ذوي الحقائق اليقينيّة .
 
وفيه استشعار ما ورد في الحديث  : « الناس عالم أو متعلَّم والباقي همج » .
"" عن خالد بن معدان، قال: الناس عالم ومتعلم، وما بين ذلك همج لا خير فيه". إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة ابن حجر العسقلاني""
""عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: «الناس عالم، ومتعلم، ولا خير، فيما بعد ذلك». رواه الدارامي""
"" وروي عن علي رضي الله عنه قال: «الناس ثلاث، فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة، والباقي همج رعاع أتباع كل ناعق» جامع البيان للقرطبي ""
 
وإليه إيماء بقوله : ( فما ثمّ إلا ما ذكرناه   .... فاعتمد عليه وكن بالحال ) التي أنت ( فيه ) في زمانك ، ( كما كنّا ) في زماننا
 
فمنه إلينا ما تلونا عليكم  ..... ومنّا إليكم ما وهبناكم منّا
قال رضي الله عنه :  ( فمنه إلينا ما تلونا عليكم ) من الصور الكتابيّة والكلاميّة المنزلة التي هي الكاشفة عن كنه التفاصيل ، كما بيّن في ديباجة الكتاب ،
قال رضي الله عنه :  (ومنّا إليكم ما وهبناكم منّا ) من الحقائق والمعارف التي هي لبّ تلك الصور ، وتلك الحقائق هي عين حقيقة الكمّل وفصّ كلمتها ، لا غيرها عند التحقيق . ف : « منّا » الثانية ، بيان ل « ما » على هذا التقدير .
ويحتمل أن يكون صلة للوهب ، والأولى منها ابتدائية .
ولما كانت هذه الحكمة من خزانة الوهب - كما بيّن - وباطن الكلمة الداوديّة وبيّناتها كاشفة عنها ، صرّح بعبارة الوهب تطبيقا لما مهّد سابقا .
 
وحاصل هذا الكلام أنّ الواصل إليه من المبدء بوساطة النبيّ صلَّى الله عليه وسلم إنما هو الكلام المتلوّ الكاشف عن الكل ، ذوقا لا لغة ووضعا .
 
وأما المعارف التي أظهرها وباح بإفشائها في عبارات دالَّة عليها وضعا ولغة ، فهي مستنبطة أولا من أصل حقيقتها ، التي هي الكتاب الجامع ،
ولتوافق النسخ وجد الكلام المنزل مطابقا له كما قيل :
يا معدن الأسرار يا كنز الغنى    ..... يا مشرق الأنوار للمتوسّم
يا عين غيب الله يا سرّ الهدى     ..... يا نقطة الخط البديع الأقوم
اقرأ كتابك قد كفى بك شاهدا     ..... يهديك منك علوم ما لم تعلم
وافقه رسوم هياكل قد أنزلت     ..... ينبئك عن سرّ الكتاب المبهم
 
وفي ترك لام الصلة بين « الوهب » ومفعوله إشعار بما بين الواهب والموهوب له من وجوب المناسبة الاتّصالية ، وعدم تخلَّل الوسائط هنالك.
 
تأويل تليين الحديد لداود عليه السّلام
ثمّ إنّه من الحكم المختصّة بالكلمة الداوديّة أمر تليين الحديد ، وهو إشارة إلى بلوغ تأثيره لدى الإبلاغ إلى أعصى البريّة للقبول ، وأقواها للإباء عند الدعوة النبويّة ، فإنّ قابليّات الأمم واستعداداتهم متخالفة في ذلك :
فمنهم من ليس له في مقابلة تلك الدعوة إلا القبول والإذعان ، وسائر الأنبياء في تسخيرهم متساوي القوّة لا اختلاف لهم في ذلك .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا . )
 
قال رضي الله عنه :  ( والسّابق متقدّم ، فإذا لحقه هذا الّذي حكم عليه المتأخّر حكم عليه المتقدّم فنالته الرّحمة إذ لم يكن غيرها سبق .  فهذا معنى سبقت رحمته غضبه . لتحكم على ما وصل إليها فإنّها في الغاية وقفت . والكلّ سالك إلى الغاية . فلا بدّ من الوصول إليها ، فلا بدّ من الوصول إلى الرّحمة ومفارقة الغضب .  فيكون الحكم لها في كلّ واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها .. فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا ...وإن لم يكن فهم فيأخذه عنّا )


قال رضي الله عنه :  ( والسابق ) بهذه المعاني ( متقدم فإذا لحقه ) بالاستحقاق به ( هذا ) البعد ( الذي حكم عليه المتأخر ) يعني الغضب ( حكم عليه المتقدم ) يعني الرحمة ( فنالته الرحمة ) وأخذته من يد غضب المنتقم ( إذا لم يكن غيرها ) ، أي غير الرحمة .
 
قال رضي الله عنه :  ( سبق فهذا معنى سبقت رحمته غضبه ، لتحكم ) ، أي الرحمة ( على من وصل إليها فإنها في الغاية وقفت ، والكل سالك إلى الغاية فلا بد من الوصول إليها ) ، أي إلى الغاية ( فلا بد من الوصول إلى الرحمة ) ، التي هي الغاية ( ومفارقة الغضب ) الذي عليه الرحمة ( فيكون الحكم لها ) ، أي الرحمة ( في كل واصل إليها ) ، أي إلى الغاية ( بحسب ما يعطيه حال الواصل إليها ) ، أي بحسب درجاتهم وتفاوت طبقاتهم فيكون للبعض نعيم في عين الجحيم ولبعض آخر في الجنة ولآخر في الأعراف الذي بينهما .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان ذا فهم ) عظيم يورثه الذوق والكشف ( يشاهد ما قلنا ) ، شهود أعياننا
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا .)
قال رضي الله عنه :  (وإن لم يكن ) له ( فهم فيأخذه عنا ) أخذا تقليديا وإيمانيا ( فما ثمة ) ، أي في نفس الأمر ( إلا ما ذكرناه فاعتمد . . عليه وكن بالحال فيه ) ، أي فيما ذكرناه يعني اجتهد حتى يصير حالك ولا تكتف بمجرد التقليد ( كما كنا ) الفعل منسلخ عن الزمان ، أي كما نحن بالحال فيه ( فمنه ) ، أي من الحق تعالى نزل ( إلينا ) وفاض علينا ( ما تلونا عليكم . . ومنا ) ، نزل ( إليكم ما وهبناكم منا ) فمنا ثانيا تأكيدا للأول أو متعلقا بوهبناكم من أحوالنا التي نزلت إلينا من الحق سبحانه .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 17 يناير 2020 - 5:21 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 1:55 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا تليين الحديد فقلوب قاسية يليّنها الزّجر والوعيد تليين النّار الحديد . وإنّما الصّعب قلوب أشدّ قساوة من الحجارة ، فإنّ الحجارة تكسّرها وتكلّسها النّار ولا تليّنها : وما ألان له الحديد إلّا لعمل الدّروع الواقية تنبيها من اللّه : أي لا يتّقى الشّيء إلّا بنفسه ، فإنّ الدّرع يتّقى بها السّنان والسّيف والسّكّين والنّصل ، فاتّقيت الحديد بالحديد . فجاء الشّرع المحمّديّ بأعوذ بك منك . فافهم ، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرّحيم . واللّه الموفّق . )

(وأما تليين الحديد) لداود عليه السلام كما قال اللّه تعالى :وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ[ سبأ : 10 - 11 ] ، (فقلوب) القوم غافلين عن اللّه تعالى (قاسية) من كثرة جهلها به سبحانه كما قال اللّه تعالى :ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ[ البقرة : 74 ] ، وهم أصحاب البقرة الذين هم كالبقر اليهود الذين كان فيهم داود عليه السلام (يلينها الزجر والوعيد )، أي الإنذار والتخويف (مثل تليين النار الحديد) حين ألقاه به فيها ، وذلك مما أكرم اللّه تعالى به داود عليه السلام (وإنما الصعب قلوب) القوم أكثر غفلة من الأوّلين (أشد قسوة من الحجارة) والحجارة أقسى من الحديد وهذه القلوب أقسى من الحجارة فإن الحديد تلينه النار .

(والحجارة تكسرها وتكلسها) ، أي تجعلها كلسا (النار ولا تلينها) وهذه القلوب القاسية لا تلينها المواعظ والآيات في الدنيا ولا النار في الآخرة ، ولهذا تبقى فيها إلى الأبد من غير تأثير فيها (وما ألان اللّه) تعالى (له) ، أي لداود عليه السلام (الحديد إلا لعمل الدروع) جمع درع (الواقية) ، أي الحافظة لمن يلبسها من معرة السلاح (تنبيها من اللّه) تعالى لداود عليه السلام وغيره على سر خفي (أن لا يتّقى الشيء إلا بنفسه) فنفسه وقاية منه .

(فإن الدرع) من الحديد (يتقى به السنان) جمع سن وهو نصل الرمح (والسيف والسكين والنصل) من السهام وهي من الحديد (فاتقيت الحديد بالحديد فجاء الشرع المحمدي) في نظير ذلك التنبيه (بأعوذ) ، أي بقول نبينا صلى اللّه عليه وسلم في دعائه : « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك » .أخرجه السيوطي في الجامع الصغير.

فلا تحصل الوقاية من اللّه تعالى إلا باللّه تعالى ، فكل من اتقاه بنفسه فليس بمتق ومن اتقاه به فهو المتقي ؛ ولهذا قال تعالى اقرأ باسم ربك فقرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال تعالى :وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[ البينة : 5 ] ، أي يعبدونه به لا بأنفسهم .

وقال تعالى للشيطان :إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ[ الحجر : 42 ] وهم العابدون له به وهم المخلصون . وقال تعالى حكاية عن الشيطان :لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ ص : 82 - 83 ] .
ونزل في ابتداء كل سورة : بسم اللّه الرحمن الرحيم إلا سورة التوبة لنزولها في قتال المشركين وبراءة اللّه تعالى ورسوله منهم فليسوا باسم اللّه وإنما هم بنفوسهم .

ولما كان الأمر في نفسه باللّه وإن جهلوه جاءت الباء في أوّل السورة إشارة إلى باء البسملة لكنها خفية ، لأنها جزء من براءة اللّه تعالى منهم وبراءة رسوله عليه السلام الكامنة في نفوسهم وهم لا يشعرون فافهم يا أيها السالك ما ذكر فهذا الأمر المذكور
روح ،أي سر تليين اللّه تعالى الحديد لداود عليه السلام فهو ، أي اللّه تعالى المنتقم فيتقي منه الرحيم فيكون وقاية لعباده منه .


قال تعالى :نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( 49 ) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ( 50 ) [ الحجر : 49 - 50 ] واللّه سبحانه هو الموفق لمن يشاء إلى هذه التقوى والحافظ لعباده في السر والنجوى .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية ) إشارة إلى القلوب القاسية التي (يلينها الزجر والوعيد تليين) أي كتليين ( النار الحديد وتليين الحديد ما هو صعب ) فلا صعب في القلوب القاسية التي كالحديد فإنها يلينها الوعظ كما يلين النار الحديد .

( وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها ) فالحجارة وإن كانت لا تلينها النار لكنها تكسرها فمن القلوب القاسية من أشد قسوة من الحجارة بحيث لا يلين بالزجر ولا تكسر وهو قوله تعالى :فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً[ البقرة : 74 ] ،

( وما الآن ) الحق له لداود عليه السلام ( الحديد إلا لعمل الدروع ) بضم الدال جمع الدرع (الواقية ) أي الحافظ عن ضرر سلاح العدوّ و ( تنبيها من اللّه أن لا يتقي ) على البناء المجهول ( الشيء إلا بنفسه فإن الدرع يتقي به السنان والسيف والسكين والنصل فاتقيت ) أنت ( الحديد ) أي من الحديد ( بالحديد ) فجاء الاتقاء من الحديد بالحديد في شرع داود عليه السلام .

( فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك ) من حيث رحمانيتك ( منك ) من حيث انتقامك ( فهذا ) المذكور ( روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم )  فيستعاذ من الاسم المنتقم بالرحيم
( واللّه الموفق ) لهذه الاستعاذة وإدراك روح الشريعة لا غير .


 شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )

قال رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد. وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها. وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد. فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )

 
قوله تعالى لداود عليه السلام: ولقد آتينا داود منا فضلا (سبأ: 10) ولم يقل جزاء بل عطاء منه وموهبة .
ولذلك لم يأمره بالشكر بل قال اعملوا آل داود شكرا، وآل داود غیر داود 
قال: وشكر الأنبياء لربهم تبارك وتعالى، هو تبرع منهم ولم يكلفوا به، ثم ذكر أمورا ظاهرة من كلامه، ومن جملتها ما ذكره من قوله تعالى: "وألنا له الحديد" (سبأ: 10) إن الحديد هنا هي قلوب قاسية كالحديد فألانها الله تعالى لداود حتى اطاعته تلك القلوب.
"وألنا له الحديد" إن الحديد هنا هي قلوب "بعض" العباد قاسية كالحديد فألانها الله تعالی لداود حتى اطاعته تلك القلوب.. الباقي معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )

قال رضي الله عنه : ( وأمّا تليين الحديد فقلوب قاسية يليّنها الزجر والوعيد تليين النار الحديد ، وإنّما الصعب قلوب أشدّ قساوة من الحجارة فإنّ الحجارة تكسرها وتكلَّسها النار ولا تليّنها) .
يعني رضي الله عنه  : أنّ الحجارة ليس فيها قبول التليين ، فإنّها للكسر أو للتكليس .

قال رضي الله عنه  : ( وما ألان له الحديد إلَّا لعمل الدروع الواقية ، تنبيها من الله أن لا يتّقى الشيء إلَّا بنفسه ، فإنّ الدروع يتّقى بها السنان والسيف والسكَّين والنصل ، فاتّقيت الحديد بالحديد ، فجاء الشرع المحمدي بـ « أعوذ بك منك » فافهم ، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم . والله الموفّق ).


يشير رضي الله عنه إلى أنّ صورة تليين الحديد على يد داوود والعمل للدروع صورة ما كان الله أعطاه من قوّة تليينه لقلب من يسمع كلامه ومزاميره ،
ومن جملة ذلك ترجيع الجبال والطير ، لقوّة تأثيره ولذّة ألحانه في الجماد والنبات والحيوان والإنسان ، فتليين القلوب روح تليين الحديد ،
لأنّ في الحديد قابلية للَّين كما في قلوب المؤمنين قابلية الانقياد والطاعة لكلامه وحكمه ، فإنّ من ليس فيه قابلية الزجر والوعيد والوعد والتشويق ، فهو في مرتبة أشدّ قساوة من الحجارة ، فـ
 ( إِنَّ من الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْه ُ الأَنْهارُ )   . . . ( وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ من خَشْيَةِ الله )  
، ومنها ما لم يكن قابلا للَّين ، فالنار أولى بها ، حتى تكسرها وتكلَّسها ، حتى تلحق بالتراب ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد ، وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة ، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها )
يعنى أن الحجارة ليس لها قبول التليين ، فإن النار تكسرها أو تكلسها ، فالقلوب التي تشبهها لا يؤثر فيها الزجر والوعيد


قال رضي الله عنه :  ( وما ألان الحديد له إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله أن لا يتقى الشيء إلا بنفسه ، فإن الدروع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل فاتقيت الحديد بالحديد ، فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك فافهم ، هذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم ، والله الموفق )

أي إنما ألان لداود الحديد لعمل الدروع الواقية من الحديد تنبيها له على أنه لا يتقى الله إلا به ، كما قال عليه الصلاة والسلام « أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك » فصورة تليين الحديد على يديه صورة ما أعطاه الله تعالى من قوة تليينه للقلوب السامعة لكلامه ومزاميره القابلة لمعانيها .
كما أن تسبيح الجبال والطير وترجيعها إياه معه صورة تسبيحه في جوارحه وقواه حتى تشكلت بالهيئة التنزيهية ، وانخرطت بالكلية في سلك التقديس والتوحيد ،
فتليين القلوب روح تليين الحديد ، والتوحيد الذاتي في أعوذ بك منك روح اتقاء الحديد بالحديد ، فتوحيد القلوب يسبب لها روح الروح ، فإنها إذا لانت وسعت الحق فعرفت أن المنتقم هو الرحيم .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )

قال رضي الله عنه :  (وأما تليين الحديد ، فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد . )
أي ، وأما كونه بحيث يلين الحديد ، فإشارة إلى تليينه بالمواعظ والحكم والتصرفات الروحانية القلوب القاسية الجافية كتليين النار الحديد .

قال رضي الله عنه :  ( وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة ، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.) أي ، تليين الحديد أمر سهل ، وإنما الصعب تليين قلوب هي أشد قساوة وصلابة من الحجارة التي هي أشد من الحديد .
فإن النار تلين الحديد ولا تلين الحجارة ، بل تكسرها وتكلسها ، أي تجعلها كليسا وهو النورة .
فالقلوب القاسية أصعب تليينا من كل شئ . "الكلس : الجص "

( وما ألأن ) أي الحق ( له ) أي لداود عليه السلام ( الحديد إلا لعمل الدروع الواقية ) أي ، الحافظة من العدو . ( تنبيها من الله إذ لا يتقى ) على صيغة المبنى للمفعول .
(الشئ إلا بنفسه فإن الدرع يتقى به السنان والسيف والسكين والنصل فاتقيت الحديد بالحديد.) أي ، فاتقيت أنت من الحديد بالحديد .

( فجاء الشرع المحمدي ب‍ "أعوذ بك منك " . فافهم . ) أي ، كما يتقى بالحديد من الحديد ، لذلك قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "أعوذ بك منك " .

قال رضي الله عنه :  ( فهذا روح تليين الحديد ، فهو "المنتقم الرحيم" . والله الموفق . ) أي ، هذا الذي ذكرته من أن تليين الحديد إشارة إلى تليين القلوب القاسية ، وأنه تعالى ألأن الحديد الصوري ، ليندفع الحديد بالحديد .
كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك ) .
فهو روح تليين الحديد ومعناه ، فإن الحق هو (المنتقم) وهو (الرحيم) ، فينبغي أن يستعاذ من الاسم ( المنتقم ) بالاسم ( الرحيم ) ، لتكون الاستعاذة بالله من الله ،
والله الموفق لهذه الاستعاذة والاطلاع لأسرارها ، لا غيره .

تم الفص الداودي
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 3 يناير 2020 - 2:00 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )
 
ثم شرع في بقية النعم التي طولب آل داود بالشكر عليها ، وهي النعمة التي بها تمام أمر الخلافة ، وهي مشيرة إلى كون الرحمة في عين النعمة ، وإلى المقصد الأعلى من النبوة والولاية ،
 
فقال : ( وأما تليين الحديد ) ، فإنما كان نعمة على آل داود عليه السّلام حتى طولبوا بالشكر عليها باعتبار ما يشير هذا التليين في حقهم في أمر بدايتهم ونهايتهم .
( فقلوب قاسية ) أي : فالحديد في حقّهم إشارة إلى قلوبهم القاسية نوع قسوة تقبل معها التليين ، وتليين الحديد إشارة إلى تليين القلوب لقبول الكمالات العلوية ، ولا بدّ منه في الابتداء لتتأثر بما يصدر من معدن النبوة والولاية من الآثار الروحانية ( تلينها الزجر ) عن الأمور التي قست عليها ، فاتصفت بالرذائل ، وتخلقت بها ، ( والوعيد ) المؤكد له في حقّ العامة ( تليين النار الحديد ) ؛ لإشعالهما نار الخوف والحزن فيها ، فأثرت هذه النار فيها إذا كانت في القساوة كالحديد قابلة للتليين لا كالحجارة أو أشد منها ، وإليه الإشارة بقوله :
( وإنما الصعب قلوب ) أي : المتعذر تليين قلوب هي ( أشد قساوة من الحجارة ) ، فإنها لا تلين بالزجر والوعيد ، كما لا تلين الحجارة بالنار ، وإن كانت النار تؤثر فيها بوجه آخر .
 
( فإن الحجارة تكسرها ، وتكلسها النار ، ولا تلينها ) ، فكذا قلوب المنافقين لم تتأثر بالزجر والوعيد الأخروي ، وقد تأثرت من خوف الأمر الدنيوي ، والتي كانت أشد منها وهي قلوب الكفار ، ولم تتأثر بالتكسر والتكلس أيضا فضلا عن التليين ، فهذه هي الفائدة في البداية ، وأما الفائدة في النهاية ، فهي المشار إليها بقوله : ( وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية ) عن وصول الحديد المتصور بصورة الأسلحة ؛ ( تنبيها ) لآله ( من اللّه ) الذي هو الجامع بين الرحمة والانتقام ، وسائر الأسماء المتضادة أي : لا يتقي الشيء إلا بنفسه ؛ ليعلموا أنه لا يتقي اللّه إلا باللّه .
 
(فإن الدروع يتقى بها السنان ، والسيف ، والسكين ، والنصل ) ، (فاتقيت ) في جميع هذه الصور المفيدة للاستقراء التام ( الحديد بالحديد ) ، فلا يضرنا فوات صورة تليين الحديد عند حصول تليين القلوب مع التصريح بالمقصود من هذا التليين ، ( فجاء الشرع المحمدي أعوذ بك منك ) ، وهو أصرح في اتقاء اللّه باللّه ، وهذا التعوذ به منه ( روح تليين الحديد ) لا يضرنا فوات صورته عند حصوله لنا أكمل مما حصل لهم ، وقد حصل هذا التليين لأكثر القلوب من هذه الأمة ، وهو المقصود من إظهار المعجزات والكرامات ،
سيما إذا كان المقصد الأقصى يحصل لنا أكمل مما حصل لهم ، وإذا كان هو المقصود منه ؛ ( فهو المنتقم الرحيم ) ، وكما اجتمعت الصفتان فيه فلا يبعد اجتماعهما في عذابه ، كما لا يبعد اجتماعهما فيما أنعم به على الكفار في الدنيا ، ( واللّه الموفق ) لاستخراج هذه الأسرار ، والتحقق بهذا المقام .
 
ولما فرغ عن بيان الحكمة الوجودية المشتملة على بيان الكمالات الوجودية التي لا تتم إلا عند كمال النفس الإنسانية باكتسابها من الروح والبدن جميعا عقبها بالحكمة النفسية ؛
فقال : فص الحكمة النفسية في الكلمة اليونسية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )
 
 تأويل تليين الحديد لداود عليه السّلام
ثمّ إنّه من الحكم المختصّة بالكلمة الداوديّة أمر تليين الحديد ، وهو إشارة إلى بلوغ تأثيره لدى الإبلاغ إلى أعصى البريّة للقبول ، وأقواها للإباء عند الدعوة النبويّة ، فإنّ قابليّات الأمم واستعداداتهم متخالفة في ذلك :
 
فمنهم من ليس له في مقابلة تلك الدعوة إلا القبول والإذعان ، وسائر الأنبياء في تسخيرهم متساوي القوّة لا اختلاف لهم في ذلك .
ومنهم من له قوّة التقابل والتجادل عند دعوتهم متمسّكين بالشبه الناشئة لديهم من الحجج ، والدلائل الدالَّة على عقائدهم التي لهم ، والأنبياء في تربيتهم متفاوتو القوّة ، متخالفون لدى التأثير والتصرّف .
 
وهم أيضا على اختلاف طبقاتهم طائفتان : منهم من يمكن أن يليّن شدّة إبائهم ، وهم بمنزلة الحديد في العصيان ، فإنّه يلينهم نار الزجر بالوعد والوعيد ، وإحراق ذلك شوائب شبههم . ومنهم من لا يمكن فيهم ذلك أصلا ، فهم في عدم القبول والامتناع عن التليين كالحجارة أو أشدّ قساوة منها .
 
ثمّ اعلم أن الأنبياء والمرسلين الذين لهم الخلافة والظهور بالسيف لا بدّ لهم في ذلك من تسخير الطائفة الثانية ، حتى يقابلوا بها أعداءهم الواقعين في تلك الدرجة ، فإنّ الحديد بالحديد يكسر ، وكذلك الحجارة أيضا .
 
وإلى ذلك كلَّه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( وأما تليين الحديد ، فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد ، تليين النار الحديد ) وهو إشارة إلى الطائفة الثانية ،
( وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة ) ، وهذه إشارة إلى الطائفة الثالثة ،
وإنما كانوا أشدّ قساوة من الحجارة ( فإنّ الحجارة تكسرها وتكلسها النار ) فيفنى صورتها النوعيّة بالكليّة ( ولا يلينها ) مع بقاء تلك الصورة وترتّب آثارها وأوصافها عليها .
 
ثمّ يشير إلى ما مهّدنا قبل من أنّ الظاهر بالخلافة لا بدّ له من تسخير الطائفة الثانية التي حكمة مظاهرته بهم بقوله رضي الله عنه  : ( وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله . أي لا يتّقى الشيء إلا بنفسه ) ، فإنّ الأنبياء عليهم السّلام ما لم يكونوا متلبّسين ومحفوفين بأقوام أشدّاء على مقاومة الأعداء .
 
الذين هم في الشدّة يماثلهم ، لم يمكن لهم أن يظهروا بالخلافة على الأمم .
ولما كانت طوائف الأعداء متخالفين بالنوع في شدّتهم وتمانعهم لقبول الدعوة الحقّة ، والطائفة الثانية إذا استكملوا بقرب الأنبياء وفازوا بقوّة الاقتفاء لهم تقاوموا جميعهم في فنون نكاياتهم وحروبهم .
أشار إلى ذلك بقوله رضي الله عنه  : ( فإنّ الدرع ) - يعني الطائفة الثانية - ( يتّقي به السنان والسيف والسكَّين والنصل ) ، إشارة في تفضيله إلى تنوع طوائف الأعداء وتطوّر حروبهم وتمانعهم ، مع كفاية الطائفة الثانية لقربهم إلى الأنبياء لمقاومة الكل .
وسرّ هذه الحكمة وروحها هو ظهور الوحدة الإجماليّة والإطلاق الذاتيّ في أقصى غايات الكثرة ونهاياتها ،
وعنه أفصح بقوله رضي الله عنه  : ( فاتّقيت الحديد بالحديد ، فجاء الشرع المحمدي ) المعرب المبين ( بـ « أعوذ بك منك » ) حيث أنّه عبّر عن تلك الجهة الجمعيّة الإجماليّة والوحدة الذاتيّة بكاف الخطاب ، الكاشف عن كنه الكل ( فافهم ) فإن كاف الخطاب مع دلالته على الوحدة التنزيهيّة لا يخلو من حيث الخطاب عن الجمعيّة التشبيهيّة .
قال رضي الله عنه :  ( فهذا روح تليين الحديد ، فهو المنتقم ) الذي في عين كونه منتقما وهو ( الرحيم . والله الموفق ) لفهمه وتحقيقه .
تم الفص الداودي
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا تليين الحديد فقلوب قاسية يليّنها الزّجر والوعيد تليين النّار الحديد .  وإنّما الصّعب قلوب أشدّ قساوة من الحجارة ، فإنّ الحجارة تكسّرها وتكلّسها النّار ولا تليّنها : وما ألان له الحديد إلّا لعمل الدّروع الواقية تنبيها من اللّه : أي لا يتّقى الشّيء إلّا بنفسه ، فإنّ الدّرع يتّقى بها السّنان والسّيف والسّكّين والنّصل ، فاتّقيت الحديد بالحديد .  فجاء الشّرع المحمّديّ بأعوذ بك منك . فافهم ، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرّحيم . واللّه الموفّق .)


قال رضي الله عنه :  ( وأما تليين الحديد فقلوب قاسية ) ، أي فتليين قلوب قاسية ( يلينها الزجر والوعيد مثل تليين النار ) ،أي مثل تليين النار ( الحديد وإنما الصعب قلوب أشد قسوة من الحجارة فإن الحجارة تكسرها أو تكلسها النار ) ، أي تجعلها كلسا ، وهي النورة .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا تلينها وما ألان ) ، أي الحق سبحانه ( له ) ، أي لداود عليه السلام ( الحديد إلا لعمل  الدروع يتقى به السنان والسيف والسكين والنصل ) ، وكلها حديد كالدرع .
 
قال رضي الله عنه :  ( فاتقيت الحديد بالحديد . فجاء الشرع المحمدي بـ "أعوذ بك منك" . فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم ) ،
فينبغي أن يتقي من الاسم المنتقم بالرحيم ( واللّه الموفق ) الجواد المفضل الكريم .
 
تم الفص الداودي
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 17 يناير 2020 - 5:23 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 5 يناير 2020 - 1:16 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
17 – شرح نقش فص حكمة وجودية في كلمة داودية
إنّما خصّت الكلمة الداودية بالحكمة الوجودية لأنّ الوجود إنّما تمّ بالخلافة الإلهية في الصورة الانسانية، و أوّل من ظهر فيه الخلافة في هذا النوع كان آدم عليه السلام.
و أوّل من كمل فيه الخلافة بالتسخير- حيث سخّر الله له الجبال و الطير في ترجيع التسبيح معه.
كما قال تعالى: "إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْراقِ وَ الطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ"- و جمع الله فيه بين الملك و الحكمة و النبوّة، .
في قوله تعالى: «وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ»، و خاطبه بالاستخلاف ظاهرا صريحا، هو داود عليه السلام.
و لمّا كان التصرّف في الملك بالتسخير أمرا عظيما لم يتمّ عليه بانفراده، وهبه سليمان و شرّكه في ذلك، كما قال:«وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَ سُلَيْمانَ عِلْماً وَ قالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى‏ كَثِيرٍ من عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ»
و قال تعالى: "فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً."
و كان تتمّة لكماله في الخلافة بما خصّصه الله به من كمال التصرّف في العموم. فبلغ الوجود بوجوده كماله في الظهور.
وهذا هو السرّ في اقتران الحكمة الداودية بالحكمة السليمانية.
 
و تقديم السليمانية على الداودية للمزية الظاهرة له بخصوصيته:
فانّ داود عليه السلام كان مظهر كليات الأحكام الأسمائية و الصفات الربّانية و الآثار الروحانية و القوى الطبيعية و مجتمعها، فاستحقّ لظهور مقام الخلافة و أحكامها و أحكام الحكمة و فصل الخطاب .
وورثه سليمان في الجمع وزاد في التفصيل الفعلى والحكم الظاهر الجلي والتسخير العامّ الكلى العلى.
فما ظهر في الوجود أحد من الناس أعظم ملكا ولا أعمّ حكما منه، ولا يظهر بعده، لأنّه لمّا بلغ ظهور ما قدّر الله ظهوره من أسرار الربوبية و الأمور التي سبق ذكرها المضافة إلى الحق وإلى الكون من حضرة العلم إلى أقصى درجات الظهور المعلومة عند الله، وقع التحجير باجابة دعوته.
فعادت هذه الأمور بعد كمال ظهورها راجعة من حضرة الظهور إلى حضرة البطون بنحو من التدريج الواقع في أزمنة بروزها من حضرة البطون إلى حضرة الظهور فانّه ما ثمّ إلّا ظهور من بطون أو بطون من ظهور.
 فما نقص من الباطن، أخذه الظاهر، و بالعكس.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهب داود فضلاً معرفة به لا يقتضيها عمله.
فلو اقتضاها عمله لكانت جزاء، ووهب له فضلاً سليمان عليه السلام: " وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ " [ص: 30].
وبقي قوله: " وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ " [سبأ: 10].
هل هذا العطاء جزاء أو بمعنى الهبة؟.)
 
اعلم أنّ النبوّة و الرسالة تكونان بالاختصاص الإلهي و ليستا بكسب و لا مجازاة عن عمل أو ثوابا عن سابق حسنة و طاعة تكونان نتيجة عنها، و لا لشكر أو عبادة متوقّعة منهم عليهما.
 
و إذا كانتا كذلك، فلا تحصلان لأحد بتعمّل و كسب و عمل، كما توهّم القائلون من أهل النظر الفكرى بأنّهما تحصلان لمن كمل علمه و عمله فانّ النبوّة عندهم عبارة عن كمال العلم و العمل فمن كمل علومه و أعماله، فهو نبى في زعمهم. و هذا باطل.
و إلّا لكان كلّ من تكامل علمه و عمله رسولا نبيا يوحى إليه، و ينزل عليه الملك بالوحي و التشريع.
فصحّ أنّهما ليستا إلّا من اختصاص إلهى، من لوازمهما كمال العلم و العمل.
فلا يتوقّف تحقّقهما على لوازمهما: فانّ‏ تحقّق وجود اللازم إنّما هو بتحقّق وجود الملزوم، لا بالعكس و هذا ظاهر.
و لمّا كانتا من اختصاص إلهى، لم يطلب منهم عليهما جزاء و لا شكورا.
و إن وقع الشكر منهم دائما، و أتوا بالأعمال الصالحات في مقابلتهما، فليس ذلك مطلوبا بالقصد الأوّل من الاختصاص، و لا هم مطالبون بذلك عوضا عنهما.
 
فلو اقتضاها، أي تلك المعرفة، عمله عليه السلام- كما قال النبي صلّى الله عليه و سلّم، «من عمل بما علم، ورّثه الله علم ما لم يعلم»- لكانت تلك المعرفة جزاء، لا هبة و عطاء. و قد سبق أنّ النبوّة و الرسالة اختصاص إلهى، لا مدخل فيهما للكسب و التعمّل، و كذلك أكثر ما يترتّب عليهما من المواهب و العطايا.
 
 
(و) كذلك (وهب) الله سبحانه (له) ، أي لداود، (سليمان عليه السلام)، ليكون تتمّة في كماله في خلافته، فقال تعالى، "وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ".
و بقي قوله تعالى، «وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا» في محلّ التوقّف، حيث لم يصرّح فيه بالهبة و لا بما يقابلها.
(هل هذا العطاء) المعبّر عنه بـ «إيتاء الفضل» عطاء جزاء لعمله، فيكون فضلا على مثل العمل- كقوله تعالى، «من جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها»- .
(أو) هو عطاء (بمعنى الهبة)، غير مترتّب على عمل
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال: " وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " [سبأ: 13]، ببنية المبالغة.
ليعم شكر التكليف. وشكر التبرع.
فشكر التبرع : (أفلا أكون عبداً شكوراً)، قول النبي عليه السلام.
وشكر التكليف ما وقع به الأمر مثل: (واشكروا لله)، (واشكروا نعمة الله).
وبين الشكرين ما بين الشكورين لمن غفل عن الله.
وداود "منصوصٌ" على خلافته والإمامة. وغيره ليس كذلك.)
 
و لا مطلوب منه جزاء؟
لكنّ الظاهر هو الثاني، لأنّه تعالى ذكر أنّه آتى داود فضلا، و لم يذكر أنّه أعطاه ما أعطاه جزاء لعمله. و لم يطلب منه جزاء على ذلك‏ الفضل.
و لمّا طلب الشكر على ذلك بالعمل، طلبه من آله، لا منه، كما قال تعالى، «اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً»، لأنّ النعمة على الأسلاف نعمة على الأخلاف فهو في حق داود عليه السلام عطاء هبة و إفضال، و في حق آله لطلب المعاوضة.
 
(و قال تعالى) بعد ما طلب من آل داود الشكر بالعمل، ("وَ قَلِيلٌ من عِبادِيَ الشَّكُورُ". )
فأورد «الشكور» (ببنية المبالغة)- فانّ صيغة «فعول» هاهنا للمبالغة في فاعل- (ليعم) و يشمل (شكر التكليف)، الذي كلّف الله سبحانه به عباده، (و شكر التبرع)، الذي لم يكلّفهم به، لكنّهم أتوا به تبرّعا فانّ المبالغة في الشكر إنّما هو بالإتيان بقسميه كليهما.
 
(فشكر التبرع ) ما يشير إليه قوله، («أ فلا أكون عبدا شكورا»- قول النبي صلّى الله عليه و سلّم) حيث قام الليل كله حتّى تورّمت قدماه، فقيل له، «اقصر، فقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك‏[203] و ما تأخّر».
فقال‏  صلّى الله عليه و سلّم ذلك.
(و شكر التكليف ما وقع به الامر) التكليفي الإلهي، مثل قوله تعالى، (وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ)، و قوله تعالى، ("وَ اشْكُرُوا نِعْمَتَ الله")، و غير ذلك ممّا ورد في الكتاب و السنّة.
 
(و بين الشكرين)  شكر التكليف و شكر التبرّع- من التفاوت و التفاضل (ما بين الشكورين) الشكور المكلّف و الشكور المتبرّع، فكما أن الشكور المتبرّع أفضل من الشكور المكلّف، فكذلك شكر التبرّع أفضل من شكر التكليف. و ذلك ظاهر جلى (لمن عقل) و فهم الأمور (من الله)، لا من نظره العقلي.
 
(و داود عليه السلام منصوص على خلافته) عن الله سبحانه في الحكم على الخليقة و التصرّف فيهم، كما قال عزّ من قائل، «يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ»، على صورة التفويض، مخاطبا إيّاه، آمرا له بالحكم، )و الامامة(، أي و كذلك هو عليه السلام منصوص على إمامته فانّ الامامة بالنسبة إلى الخلافة كالولاية بالنسبة إلى النبوّة، فكل خليفة إمام من غير عكس.
)و غيره ( ، أي غير داود، كآدم و الخليل عليهم السلام، )ليس كذلك  (منصوصا على خلافته و إمامته معا: أمّا الخليل عليه السلام، فلأنّه تعالى قال في حقّه، «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً»، و لم يقل، «خليفة».
و إن كنّا نعلم أنّ الامامة هاهنا خلافة، و لكن ما هي مثلها لو ذكرها بأخصّ أسمائها، أعنى «الخلافة».
و أمّا آدم عليه السلام، فلأنّه و إن نصّ على خلافته، فليس ما نصّ مثل التنصيص على خلافة داود عليه السلام فانّه تعالى قال للملائكة، «إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً»، و لم يقل، «إنّى جاعل آدم خليفة».
و ما ذكر في قصّته بعد ذلك لا يدلّ على أنّه عين ذلك الخليفة الذي نصّ الله عليه.
و أيضا لم يصرّح سبحانه بتحكيمه في الناس.
فيجوز أن يكون خلافة في الأرض أن يخلف فيها من كان قبله، لا أنّه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم- و إن كان الأمر في نفسه كذلك- إذ ليس كلامنا إلّا في التنصيص عليه و التصريح به.
و قال بعضهم قدّست أسرارهم، إنّ في قوله تعالى: «إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً»، احتمالا في حق آدم عليه السلام من كونه أوّل الخلفاء و أباهم.
و لكنّ الاحتمال متناول غيره من أولاده: و قرينة الحال تدلّ على أنّ الاحتمال في حق داود أرجح، لأنّ آدم ما أفسد و لا سفك الدماء.
 
و محاجّة الملائكة مع الربّ تعالى في جواب قوله، «إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً»، بقولهم، «أَتَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ»، مرجّحة للاحتمال في حق داود، لأنّه سفك دماء أعداء الله من الكفرة كثيرا وقتل جالوت وأفسد ملكه وجعل كما قال تعالى حكاية عن بلقيس،
"إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَ كَذلِكَ يَفْعَلُونَ".
فظهر من داود عليه السلام هذا النوع من الفساد في الكفّار، الذين أمر الله داود و أولى العزم من خلفائه بإفساد ملكهم و حالهم، لأنّه عين إصلاح الملك و الدين.
فصحّت في حق داود عليه السلام ما قالت الملائكة.
فلقائل أن يقول : المراد على التعيين من قوله، «إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً»، هو داود عليه السلام.
و في كتاب الفكوك قدّس سرّ من أفاده: «و من جملة ما رجّحت به خلافة داود على خلافة آدم عليهما السلام أنّ حظّ آدم من الأسماء- على ما صرّح به- كان علمه بها.
و أمّا داود، فتحقّق بها علما و عملا و حالا:
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن أعطي الخلافة فقد أعطي التحكم والتصرف في العالم "ترجيع الجبال معهُ بالتسبيح والطير" تؤذن بالموافقة.  فموافقة الإنسان له أولى.)
فأمّا علما ...، فلأنّه لا يخفى على الألبّاء أنّ أعظم الشروط في التحقّق بمرتبة الخلافة و أوّلها و أولاها هو العلم.
و أمّا تحقّقه من حيث العمل، فاخبار النبي صلّى الله عليه و سلّم عنه أنّه كان أعبد أهل الأرض.
و أمّا تحقّقه بها أعنى بالأسماء- حالا، فكون الحق سبحانه قدّر له تزويج تسع و تسعين زوجة ضرب مثال للأسماء الحسنى ...
(و أيضا فانّه) ، يعنى آدم، حين أعطى الخلافة لم يكن ثمّة من الناس من يحكم عليه.
و أمّا الجنّ، فلم يكن إلّا إبليس، الذي أبى أن يسجد له أوّلا، و أزلّه و زوجته و دلّاهما بغرور ثانيا .
بخلاف داود وسليمان عليهما السلام: فانّه نفذ حكمهما في الجنّ والانس وغيرهما من الموجودات.
فكانت الجنّ و الشياطين محكومين لهما بين «بنّاء» و غوّاص و آخرين مقرّنين في الأصفاد.  "فشتّان بين الأمرين!".
(و من أعطى الخلافة) العامّة عن الله سبحانه، (فقد أعطى التحكم و التصرف في العالم) كلّه.
 و داود عليه السلام من هذا القبيل: أعطى التصرّف في أنواع الموجودات، كما أشار إليه رضى الله عنه بقوله، ترجيع الجبال و ترديدها أصواتها معه،
أي مع داود عليه السلام، (بالتسبيح)، بحيث كلّما كان يرجّع التسبيح و يردّد صوته به، كانت الجبال ترجّعه و تردّد أصواتها به.
 وكذلك ترجيع الطير معه بالتسبيح (يؤذن بالموافقة)، أي بموافقة هذين النوعين و انقيادهما له.
 
والوجه في تخصيص هذين النوعين بالموافقة و المتابعة هو أنّهما أشدّ أنواع الأكوان ترفّعا على الإنسان و علوّا عليه و إباء لقبول الإذعان له، لغلبة القساوة و الخفّة فيهما.
وبيّن أنّ كلّا منهما يمنع الانقياد وقبول التصرّف:
أمّا الأوّل، فلإفراطها في طرف الكثافة العاصية عن القبول.
وأمّا الثاني، فلتفريطه في طرف الخفّة و عدم استقراره بين يدي الفاعل عند التأثّر و القبول.
وبيّن أنّ الطرفين، مع غلوّ إبائهما وعلوّ هما على الإنسان، إذا دخلا في انقياده وموافقته، (فموافقة الإنسان) الذي هو ممّا في أواسطهما ممّا يقرب إلى حدّ الاعتدال (له) ، أي لداود، (أولى) وأحرى، ضرورة أنّ رقيقة نسبته إلى الإنسان أوثق وأظهر.
 
ولا يخفى على الواقف المستبصر أنّ تأويل الجبال والطير هاهنا بـ "العظام" و "القوى" لا يوافق كمال خلافة داود عليه السلام وانقياد البرية له و تسلّطه عليها.
ثمّ هذا المعنى وإن كان له وجه في حدّه عند الكلام على الحكم الأنفسية، لكن لا يوافق المقصود، فانّه في صدد تسخير الأكوان الآفاقية له على ما هو من خصائص خلافته عليه السلام.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 5 يناير 2020 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
الفص السابع عشر حكمة وجودية في كلمة داودية
(1) فص الحكمة الوجودية في الكلمة الداودية داود وسليمان.
(1) تعتبر حكمة هذا الفص تتمة لحكمة الفص السابق في كثير من الوجوه.
فالمؤلف لا يزال يتكلم عن نوعي العلم الوهبي والكسبي اللذين ذكرهما هنالك وخصائص كل نوع منهما، وبأي النوعين اختص كل من داود وسليمان، بل بأيهما اختص الأنبياء أصحاب الشرائع والأنبياء الذين لا شرائع لهم: ومن أي النوعين علم الأولياء وعلم المجتهدين في الشرع وما إلى ذلك من المسائل التي مسها مسا خفيفا فيما سبق وشرحها شرحا وافيا مفصلا هنا.
وهو لا يقصد بسليمان وداود إلا مثالين من أمثلة «الإنسان الكامل» ظهر كل منهما بمظهر خاص من مظاهر الألوهية وتحقق به على الوجه الأكمل، شأنهما في ذلك شأن جميع الأنبياء والأولياء الذين يدخلهم ابن العربي تحت اسم «الكلمات الإلهية» أو الكاملين من أفراد بني الإنسان.
وقد ظهر أن أخص الصفات التي ظهر بها سليمان وتجلت فيه على الوجه الأكمل صفتان: القدرة على التسخير والعلم بحقائق الأشياء.
أما داود فقد امتاز بصفة الخلافة وكان له فيها شأن خاص.
وقد أشرنا فيما مضى في مواضع كثيرة- وسنشير في هذا الفص فيما يلي- إلى أن الخلافة عن الله ليست قصرا على داود عليه السلام، فإن كل نبي، بل كل إنسان خليفة لله في أرضه، من حيث أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته، وجعله ممثلا له في إظهار جميع كمالاته الوجودية: وهي صفة لا توجد لغير الإنسان من المخلوقات.
وقد كان هذا موضوع بحث الفص الأول أو الحكمة الآدمية حيث المراد بآدم الجنس البشري بأسره.
أما الفرق الحقيقي بين داود وغيره من «الخلفاء» فهو النص الصريح على خلافته وعدم وجود مثل ذلك النص في خلافة الآخرين.
قال تعالى: «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق .. إلخ،
وقال في حق آدم: «وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة» ولم ينص على أنه آدم.
 
ولكن هذا المعنى العام ليس هو المعنى الذي يقصده ابن العربي بالخلافة هنا، ولهذا يحصر كلامه في دائرة الأنبياء والرسل فيما يتعلق بعلمهم بالشرائع وخلافتهم عن الله في ذلك، أو خلافة بعضهم عن بعض ولذلك يفرق تفرقة هامة بين من يسميهم الخلفاء عن الله ومن يسميهم الخلفاء عن الرسل، ويقصر الوصف الأول على كل نبي لا يأخذ علمه بالشرع إلا عن الله مباشرة، كما يصف بالوصف الثاني كل نبي أو ولي يأخذ علمه بالشرع عن رسول صاحب شريعة.
ويسمي خلافة الصنف الأول خلافة التشريع كما يسمي خلافة الصنف الثاني الخلافة العامة.
فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم خليفة عن الله من حيث أخذه شريعته من الله، ولكنه في الوقت نفسه خليفة عن الرسل الذين سبقوه من حيث أخذه عنهم بعض قوانين شرائعهم.
وعيسى عليه السلام سيكون خليفة محمد عند ما ينزل إلى الأرض ويحكم بين الناس بشريعة الإسلام.
وكذلك الحال في كل من أتى بعد محمد وحكم بشرعه.
ولكل من الخلافتين نهاية تنتهي عندها.
فخلافة التشريع قد انتهت بخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم.
أما الخلافة العامة- التي يسميها ابن العربي أحيانا بالنبوة العامة، فتنتهي بخاتم الأولياء.
وهذا معناه أن الخلافة العامة قد أصبحت بعد موت محمد عليه السلام تراثا خاصا يرثه أولياء المسلمين عن نبيهم الذي يتبعونه فيما وضع لهم من قوانين شرعه، والذين «يجتهدون» في مسائل الشرع الأخرى التي لم يأت فيها النبي بتشريع صريح.
هؤلاء هم الورثة الروحيون للنبي، ولهم الآن دون غيرهم الخلافة العامة.
هذا هو السر في أن المؤلف يتعرض في هذا الفص لمسألة «الاجتهاد» ويعتبرها مظهرا خارجيا من مظاهر الخلافة الاسلامية.
 
(2) «اعلم أنه لما كانت النبوة و الرسالة اختصاصا إلهيا .. ليست جزاء».
(2) المراد بالنبوة هنا نبوة التشريع لا النبوة العامة التي تصحب صفة الولاية عادة.
وقد نص على أن النبوة (بهذا المعنى) والرسالة اختصاصان إلهيان ليس فيهما شيء من الاكتساب، ولكن نظريته العتيقة في الجبر لا تدع مجالا للتفرقة بين صفة أو حال مكتسبة وصفة أخرى أو حال يمنحها الله على سبيل الاختصاص.
وقد صرح بجبريته هذه في مواطن كثيرة من هذا الكتاب لا سيما في الفص الشيثي حيث بين أن أعيان الموجودات لا تعدو في ظهورها ما كانت عليه في حال ثبوتها، وأن كل موجود إنما هو مظهر من مظاهر الحق التي لا تحصى يتجلى فيه الحق بحسب استعداد عين الموجود نفسه.
وإذا كان الأمر كذلك لم يعد فرق بين أن يقال إن الله قد وهب كذا من الأشياء الصفة الفلانية على سبيل المنة، وأن يقال إن عين ذلك الشيء قد اقتضت ظهوره بهذه الصفة أي أنها كانت من كسبه هو.
ويزداد الأمر وضوحا عند ما نحلل تحليلا دقيقا ما أورده ابن العربي نفسه في الفتوحات المكية (ج 1 ص 51).
من تعريف للكسب حيث قال «الكسب تعلق إرادة الممكن بفعل ما دون غيره، فيوجده الاقتدار الإلهي عند هذا التعلق: فسمي ذلك كسبا للممكن».
ولكن أ ليس هذا كسبا صوريا محضا لأن تعلق إرادة الممكن بأمر دون غيره- اختياره هذا الشيء دون ذلك- راجع إلى ما تعين أزلا في طبيعة ذلك الممكن.
وفي الحق يجب أن نقول إن كل نبي وكل رسول أو ولي إنما كان كذلك من الأزل لأن طبيعة أعيانهم الثابتة قد اقتضت أن يكون كل منهم على ما هو عليه.
ولكن ابن العربي، حرصا على المحافظة على كرامة الرسل، وإبقاء على مركزهم الديني الخطير ومركز الرسالات التي بعثوا بها إلى الناس،
قد وضع حدا فاصلا بين نوعين من النبوة:
النوع الأول وهو ما يسميه نبوة الاختصاص غير المكتسبة،
والنوع الثاني وهو النبوة المكتسبة.
ولا يطلب الله على منح النوع الأول جزاء ولا شكورا، كما أنه لا يمنحه لمن أراد في مقابلة عوض.
أما النوع الثاني وهو النبوة المكتسبة فهو درجة من درجات الروحية التي يصل إليها الإنسان بطرق خاصة، كما يصل الصوفية إلى حالتهم الروحية الخاصة المعروفة بحال الوجد أو الفناء.
 
(3) الاجتهاد.
(3) تستعمل كلمة الاجتهاد في الفقه الإسلامي للدلالة على المنهج الخاص الذي يتبع في الوصول إلى قانون من قوانين الشرع لم يرد فيه نص صريح في الكتاب أو السنة، وإن كان يجب أن يستند إلى أصل ما من الأصول الواردة في القرآن أو الحديث الصحيح.
وعلى هذا فالاجتهاد نوع واحد لا أنواع كثيرة، وهو حق لكل مسلم يأنس من نفسه القدرة على القيام به وتكون فيه الأهلية لذلك، وإن كان العرف الاسلامي قد جرى باعتبار الأئمة الأربعة هم المجتهدين دون غيرهم.
والحق أنه لا معنى لهذا الحصر ولا لإقفال باب الاجتهاد في وجه أي مسلم بعد الأئمة الأربعة ما دمنا نفهم الاجتهاد على أنه نوع من التفقه في الدين والبحث في أحكام الشرع بحثا يعتمد على طريقة القياس وطرق الاستدلال الفقهية الأخرى، وما دامت الشروط اللازمة له متوافرة في الشخص الذي يقوم به.
ولكن ابن العربي يعطينا في هذا الفص وفي الفص الذي سبقه صورة جديدة عن الاجتهاد مختلفة تماما عما يفهمه فقهاء المسلمين منه.
فالمجتهد في نظره ليس المسلم الذي تفقه في الدين وأعمل عقله في استنباط الأحكام غير المنصوص عليها، بل هو خليفة الرسول، أو هو "الإمام".
ويظهر أن استعمال كلمة «أمام» هذا الاستعمال الخاص راجع إلى تأثر نظرية ابن العربي بأفكار الشيعة في الإمام المعصوم." .
الذي أخذ علمه بالشرع من نفس المنبع الروحي الذي أخذ منه الرسول علمه:
وهو بهذا المعنى وارث الرسول بل مشارك له في رسالته، وله القدرة على أن يغير ما شاء من قوانين الشرع التي وصل إليها غيره من المجتهدين كما سيحدث عند ما ينزل عيسى عليه السلام إلى هذه الأرض ويحكم فيها بشرع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه سيرد الإسلام إلى سيرته الأولى، وينقض بعض أحكام المجتهدين من المسلمين لا سيما ما حدث فيها خلاف حول نص خاص من نصوص الدين. بل إن لهذا الخليفة الإمام الحق في أن يرفض التسليم بصحة أي حديث نبوي اتخذه غيره أساسا لاجتهاده في مسألة من المسائل ثم كشف لهذا الإمام عن خطأ هذا الاجتهاد.


وعلى هذا فللاجتهاد نوعان عند ابن العربي: الأول اجتهاد الأولياء (وهم الأئمة الخلفاء الذين أشرنا إليهم) وهو حكمهم في مسألة من مسائل الشرع بما يطابق ما ورد في شريعة الرسول- أو يطابق حكم الله في هذه المسألة لو أن الله تعالى قد تولاها بنفسه.
ولهؤلاء الأولياء نفس المرتبة الروحانية التي للرسل، وعلمهم بالشرع المحمدي مستمد من نفس المصدر الذي استمد منه محمد عليه السلام علمه بشرعه، لأنهم يأخذون هذا العلم عن الله مباشرة، ويترجمون هذا العلم إلى الناس.
 
فهم ألسنة الحق بين الخلق، وهم الكاملون من الناس الذين لم يزل الله يلقي كلامه إلى قلوبهم: «فإن كلام الله ينزل على قلوب أولياء الله تلاوة فينظر الولي ما تلي عليه مثل ما ينظر النبي فيما أنزل عليه فيعلم ما أريد به في تلك التلاوة كما يعلم النبي ما أنزل عليه فيحكم بحسب ما يقتضيه الأمر».
وهذا معناه أن النبوة العامة لم تنقطع بموت النبي محمد عليه السلام وإن كانت الرسالة قد انقطعت.
والنوع الثاني من الاجتهاد هو اجتهاد أرباب النظر الذين يعتمدون على العقل والاستدلال دون الذوق والكشف: إن صح أي إن طابق ما ورد في الشرع فبمحض المصادفة، وإن أخطأ فلا سبيل لمعرفة صاحبه بخطئه ولا لمعرفة غيره ممن يتخذون العقل عمادا لهم في اجتهادهم بمثل هذا الخطأ.
وإنما يعرفه الولي الذي تنكشف له أصول الشرع وقوانينه بالإلهام والذوق.
 
(4) «و أما قوله عليه السلام إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ... »
(4) اختلف الشراح في تفسير هذه الفقرة لصعوبتها ورداءة أسلوبها.
غير أن معناها العام يمكن أن يلخص فيما يأتي: للخلافة نوعان:
1 - خلافة روحية أو باطنة.
2 - و خلافة حكم أو ظاهرة.
و كلا الخلافتين فيه تمثيل لله و نيابة عنه في الأرض، و لا يختلفان إلا في أن الخليفة الباطن يستمد علمه من الله مباشرة، في حين أن الخليفة الظاهر ليس إلا تابعا للرسول يستمد علمه منه.
و الأول هو خليفة الله على الحقيقة.
أما الثاني فهو خليفة الله من حيث هو خليفة رسول الله.
ولا يستحق اسم الخلافة إلا إذا عدل في خلافته.
لم يذكر النبي في الحديث المذكور شيئا عن عدد الخلفاء الباطنيين، فقد يوجد منهم في الزمان الواحد واحد أو أكثر من واحد، ولو أن بعض الشراح مثل القاشاني والقيصري قد قرروا استحالة وجود أكثر من خليفة باطني واحد في أي زمان، وذلك الخليفة هو الذي يسمونه بالقطب.
غير أن الحديث صريح في أنه إذا بويع خليفتان في زمان واحد وجب قتل الآخر منهما فلا بد أن يكون المراد بالخلفاء هنا الخلفاء الظاهريين.
وحكمة القتل في نظر المؤلف ترجع إلى أن مبايعة خليفتين كل منهما ممثل لله في الأرض توهم بوجود إلهين لأن قبول الاثنين على أنهما ممثلان ظاهران لله يتضمن التسليم بوجود إلهين، وهذا مخالف لعقيدة التوحيد الاسلامية، أما الخلفاء الباطنيون فلا يظهرون بين الناس بخلافتهم ولا يعرفون بها ولا بيعة لهم فلا خطر منهم على عقائد الناس.
هذا هو السر في نظر ابن العربي في أن الإسلام يسمح بكل نوع من أنواع الخلاف في الرأي في مسائل الفقه- ما دامت مستندة إلى اجتهاد صحيح- في حين أنه يحارب ما استطاع الخلاف في الرأي فيما يتعلق بالخلافة الظاهرة.
 
(5) «و لهذا جعلها أبو طالب عرش الذات ... ».
(5) الإشارة هنا إلى المشيئة الإلهية التي بمقتضاها يقع كل ما يقع في الكون من أحداث.
أما أبو طالب فهو محمد بن علي المكي مؤلف قوت القلوب المعروف توفي سنة 386 هـ.
يشير ابن العربي إلى أبي طالب وقولته هذه في غير الفصوص من كتبه: راجع الفتوحات ج 2 ص 51، ج 3 ص 62، ج 4 ص 55.


يسمي أبو طالب المكي المشيئة عرش الذات، ويسميها ابن العربي أحيانا بالوجود (فتوحات ج 4 ص 55 س 6 من أسفل)
وبالحق (الله) ويميزها عن الإرادة الإلهية التي تخرج إلى الوجود بالفعل كل ما هو موجود بالقوة، أما المشيئة فهي القوة الإلهية التي تقضي بأن يكون كل ما في الوجود مما هو بالفعل أو بالقوة على النحو الذي هو عليه.
فهي في الحقيقة عين الله أو هي القوة الخالقة السارية في الوجود بأسره الظاهرة في صور ما لا يحصى عدده من مظاهر الكون.
هي الحقيقة أو الشيء في ذاته أو المطلق في اصطلاح بعض المحدثين مثل شوبنهور.
أما تسميها بعرش الذات فراجعة إلى أنه بواسطتها تظهر الذات الإلهية في صورة العالم الخارجي الذي يطلق عليه الصوفية أحيانا اسم العرش.
أما عن الفرق بين المشيئة والإرادة فراجع مطلع الفص الثالث والعشرين.
 
(6) «وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه».
(6) يريد بذلك أن المشيئة الإلهية تقضي بوجود أفعال العباد من حيث هي أفعال لا بأن هذه الأفعال تظهر على يد فلان أو فلان من الفاعلين، وإلا استحال على أي إنسان بعينه أن يأتي فعلا غير ما قضت به المشيئة.
فهنا نوع من الجبرية ولكنها جبرية منصبة على المشروط الذي هو الفعل لا على الشرط الذي هو الفاعل.
وليس هناك تناقض بين أن يشاء الله حصول معصية من المعاصي وبين تحريمه ارتكابها، فإن فعل المعصية من حيث هو فعل تقضي به المشيئة الإلهية، وليس لها شأن بتحققه على يد فلان أو فلان من الناس، فإن هذا التحقق يرجع أمره إلى الناس أنفسهم، فإن فعلوا ما يوافق الأمر الإلهي (أمر الشرع) سمي فعلهم طاعة، وإن فعلوا ما يخالف ذلك الأمر سمي فعلهم معصية.
 
والفعل في كلتا الحالتين موافق تمام الموافقة للأمر التكويني الذي به تظهر الأشياء في وجودها على نحو ما كانت عليه في ثبوتها في العلم القديم. راجع التعليق التاسع في الفص الثامن.
 
(7) «ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون».
(7) لا يعتبر الفعل محمودا أو مذموما إلا في نظر الشرع لأنه إما أن يوافق أو يخالف الأوامر الشرعية التي أتى بها دين من الأديان.
أما في نظر الله أو في نظر المشيئة الإلهية التي لها أمر التكوين، فالأفعال لا محمودة و لا مذمومة، و لكنها حتمية الوقوع لأنها صادرة عن المشيئة الإلهية القديمة الخاضعة بدورها لطبيعة الأشياء ذاتها فالجبرية التي يقول بها ابن العربي ليست راجعة إلى عامل خارج عن طبيعة الأشياء بل مصدرها في النهاية طبائع الأشياء ذاتها. راجع الفص الثامن.
 
أما مشيئة الله تعالى حدوث الأفعال التي توافق أوامر الشرع وحدوث الأخرى التي تخالفها، فلإظهار أثر صفات الجلال والجمال في صور خارجية.
فإن الطاعة وما يتبعها أثر ومظهر لصفات الجمال، والمعصية وما يتبعها أثر ومظهر لصفات الجلال.
ويحاول ابن العربي أن يحمل الإنسان جزءا من تبعة أعماله في وسط هذه الجبرية الصارخة التي يقول بها.
فإنه يرى أن الطاعة والمعصية يصدران عن طبيعة الإنسان نفسه.
فإن الإنسان الذي يطيع الأمر الإلهي أحيانا ويعصيه أحيانا أخرى يطيع في الوقت نفسه دائما طبيعته الخاصة التي تخضع لقانون الوجود العام.
وذا القانون هو قانون المشيئة الإلهية. فمن حيث خضوع الإنسان في أفعاله لطبيعة ذاته يجعله ابن العربي مسئولا عن خيرها وشرها و إن كان في الوقت نفسه يسلب هذه الطبيعة كل قوة عند ما يخضعها لقانون المشيئة الإلهية.
 
(8) «فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها».
(8) من الواضح أن المراد بالرحمة هنا هو منح الوجود للموجودات لا الرحمة بمعناها الديني المعروف.
وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع أخرى من هذا الكتاب، وبهذا المعنى وسعت رحمة الله كل شيء وتقدمت على كل شيء حتى على الغضب الإلهي الذي هو الحرمان من الوجود.
فإذا رحم الله شيئا بهذا المعنى أوجده في الصورة التي تقتضيها طبيعة الشيء ذاته.
وهذا معنى قوله إن حكم الرحمة في المرحوم يكون لها بحسب ما تعطيه حال المرحوم نفسه.
وليست الرحمة الإلهية قاصرة على إيجاد الأشياء، أي أعيان الموجودات، بل تشمل الأفعال الانسانية أيضا.
قارن الفص السادس عشر، التعليق الثالث.
 
(9) «فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا».
(9) سبق أن ذكرنا أن كلمة فهم ترادف في اصطلاح ابن العربي كلمة الذوق أو الكشف الصوفي. قارن الفص 16 تعليق 19.
وهو يرى أن الفهم وحده هو الوسيلة التي يعرف بها الإنسان كيف وسعت الرحمة الإلهية كل شيء، وكيف كانت الغاية التي يتجه إليها كل شيء، فإن غاية كل موجود هي أنه يوجد، والرحمة الإلهية هي الموصلة إلى ذلك الوجود.
 
(10) «فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك .. فهذا روح تليين الحديد».
(10) في هذه الفقرة موازنة بين الحماية من الحديد بالحديد، و الاستعاذة من الله بالله.
وفي كلتا الحالتين يشير ابن العربي إلى مغزى فلسفي له خطره في نظريته العامة وهو فكرة الوحدة في الكثرة أو ذاتية المتغايرين. فالحديد الذي تصنع منه الدروع الواقية هو نفس الحديد الذي تصنع منه السيوف والرماح، وإن اختلفت صوره، فالذي بحمى من الحديد هو الحديد نفسه.
والله الرحمن الرحيم هو هو الله الموصوف بأنه المنتقم الجبار، وإن اختلفت عليه الأسماء والصور، فالله المستعاذ به في الحديث الشريف هو هو الله المستعاذ منه، وكما أن الحديد يفل الحديد ويحمى منه، كذلك تمحو صفة الرحمة صفة الغضب والانتقام ونحوهما.
هذا هو المغزى الفلسفي الذي يفهمه ابن العربي من تليين الحديد.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 10 يناير 2020 - 2:33 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 5 يناير 2020 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية 
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب:
أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب. "2"
وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا».
فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه)
.............................................................................
1 -  المناسبة بين التسمية وداود عليه السلام :
هي أن اسم داود عليه السلام مكون من ثلاثة أحرف من غير تكرار ، والثلاثة هي أقل الفردية ، والوجود لا يكون إلا عن الفردية كما سبق أن ذكرناه فسميت حكمة وجودية في كلية داودية لمناسبة الفردية .
 
2 ۔ الاسم الوهاب
الله هو الوهاب بما أنعم من العطايا لينعم لا جزاء ولا ليشكر به ويذكر . 
فتوحات ج 4 / 322 . 
 
ص 275
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.
وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى. "3"
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة ونعته بها، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب.
ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك)
.............................................................................
3 - حروف اسم داود عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم 
لما كان داود عليه السلام في دلالة اسمه عليه أشبه بني آدم با دم في دلالة اسمه عليه ، صرح الله بخلافته في القرآن في الأرض كما صرح بخلافة آدم في الأرض ، فإن حروف آدم غير متصلة بعضها ببعض ، وحروف داود كذلك ، إلا أن آدم فرق بينه وبين داود بحرف الميم ، الذي يقبل الاتصال القبلي والبعدي ، فأتى الله به آخرا حتى لا يتصل به حرف سواه ، وجعل قلبه واحدا من الحروف الستة التي لا تقبل الاتصال البعدي ، فأخذ داود من آدم ثلثي مرتبته في الأسماء ، وأخذ محمد صلى الله عليه وسلم  ثلثيه أيضا وهو الميم والدال ، غير أن محمدا متصل كله ، والحرف الذي لا يقبل الاتصال البعدي جعل آخرة ، حتى يتصل به ، ولا يتصل هو بشيء بعده .
فناسب محمد آدم عليهما الصلاة والسلام من وجهين : 
الأول مناسبة النقيض بالاتصال بادم و آدم له الانفصال كداود ، والميم من آدم کالدال من محمد فجاءتا آخرا لذلك ، أعني في آخر الاسم منهما . 
والثاني مناسبة النظير التي بين آدم ومحمد. في كون الحق علم آدم الأسماء كلها ، وأعطى محمدا من جوامع الكلم ، وعمت رسالته كما عم التناسل من آدم في ذريته.
 فالناس بنو آدم ، والناس أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، من تقدم منهم ومن تأخر.
فتوحات ج 4 / 100   
 
 
ص 267
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». "4"
أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل)
.............................................................................
4 - خلافة آدم وداود عليهما السلام
صرح الحق بالخلافتين على التعيين في حق آدم وداود عليهما السلام 
فقال تعالى في خلافة آدم « إني جاعل في الأرض خليفة » پرید آدم و بنيه 
وقال تعالى في داود عليه السلام « يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض » ، 
ثم قال فيه ما لم يقل في آدم « ولا تتبع الهوى » وسبب ذلك لما لم يجعل في حروف اسمه حرف من حروف الاتصال جملة واحدة .
فما في اسمه حرف تصل بحرف آخر من حروف اسمه . 
فعلم أن أمره فيه تشتیت ، لما كان لكل إنسان من اسمه نصيب . 
فكان نصيبه من اسمه ما فيه من التشتيت ، فأوصاه تعالى أن لا يتبع الهوى ، لانفراد كل حرف من اسمه بنفسه ، 
ثم إن له إلى الفردية وجوها في حركاته ، فهي ثلاثة وحروفه خمسة فهو فرد من جميع الوجوه . فلولا أنه قابل لما وقعت فيه الوصية من الله ما وصاه . 
ولما علم ذلك داود بما أعلمه الله بطريق التنبيه في نهيه إياه أن لا يتبع الهوى ، ولم يقل هواك ، أي لا تتبع هوى أحد يشير عليك ، واحكم بما أوحيت به إليك من الحق ، فإن الهوى ما له حكم إلا بالاتصال ، وحروف اسم داود لا نقتضي الأتصال . فعصمه الله من وجه خاص .
واعلم أن آدم أعطى لداود من عمره ستين سنة ، حين رأى صورته بين إخوانه فأحبه، فقبل ذلك داود ، فجحد آدم بعد ذلك ما أعطاه، فانكسر قلب داود عند ذلك، فجبره الله بذكر لم يعطه آدم .
فقال في آدم « إني جاعل في الأرض خليفة » وما عينه باسمه ، ولا جمع له بين أداة المخاطب وبين ما شرفه به ، فلم يقل له  وعلمتك الأسماء كلها ، وقال في خلافة داود « يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض » فسماه ، 
فلما علم الله أن مثل هذا المقام والاعتناء يورثه النفاسة على أبيه آدم ، فإنه على كل حال بشر يكون منه ما يكون من البشر ، 
فلما أراد الله تأديب داود لما يعطيه الذكر الذي سماه الله به من النفاسة على أبيه ، ولاسيما وقد تقدم من أبيه في حقه ما تقدم من الجحد
 
ص  277
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد"5"
فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم )
.............................................................................
لما امتن به عليه ، لكون الإنسان إذا مسه الخير منوعا، غير أن آدم ما جحد ما جحده إلا لعلمه بمرتبته ، حيث جعله الله محلا لعلم الأسماء الإلهية التي ما أثنت الملائكة على الله بها ، ولم تعط بعده إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهو العلم الذي كنى عنه بأنه جوامع الكلم ، 
فعلم آدم أن داود في تلك المدة التي أعطاه من عمره ، لا يمكن أن يعبد الله فيها إلا على قدر كماله ، وهو أنقص من آدم بلا شك لمجود الملائكة وما عليهم من الأسماء الإلهية ، 
فطلب آدم أن يكون له العمر الذي جاد به على ابنه داود عليه السلام ، ليقوم فيه بالعبادة لله ، على قدر علو مرتبته على ابنه داود وغيره ، مما لا يقوم بذلك داود ، فإذا قام بتلك العبادة في ذلك الزمان المعين ، وهب لابنه داود أجر ما تعطيه تلك العبادة من مثل آدم ، 
ولو ترك تلك المدة لداود لم تحصل له رتبة هذا الجزاء ، وحصل لآدم عليه السلام من الله على ذلك رتبة جزاء من آثر على نفسه ، فإنه يجزي بجزاء مثل هذا لم يكن يحصل له لو لم يكن ترك المدة لداود ، 
فكما أحبه في القبضة حين أعطاه من عمره ما أعطاه ، كذلك من حبه رجع في ذلك ، ليعطيه جزاء ما يقع في تلك المدة من آدم من العمل ، ولا علم لداود بذلك ، 
فلما جبره الله بذکر اسمه في الخلافة ، قال له من أجل ما ذكرناه من تطرق النفاسة التي في طبع هذه النشأة واليه " لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله" ، فحذره ، فشغله ذلك الحذر عن الفرح بما حصل له من تعيين الله له باسمه ، فأمره بمراقبة السبيل ، ثم تأدب الله معه حيث قال له « إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد » بما نسوا ، ولم يقل « فإنك إن ضللت عن سبيل الله لك عذاب شدید » . 
فتوحات ج 3 / 191 - ج 4 / 155 
 
5 - نفس العبارة بالنص واردة في الفتوحات ج 3 ص 191 
والأدب جماع الخير ، والحق هو الخير المحض
 
"" أضاف الجامع :  جاء فى تفسير روح البيان
فإن قلت : كيف يكون متابعة الهوى سببا للضلال؟.
قلت : لأن الهوى يدعو إلى الاستغراق في اللذات الجسمانية فيشغل عن طلب السعادات الروحانية التي هي الباقيات الصالحات .
فمن ضل عن سبيل الله الذي هو اتباع الدلائل المنصوبة على الحق أو اتباع الحق في الأمور وقع في سبيل الشيطان ، بل في حفرة النيران والحرمات.
"إن الذين يضلون عن سبيل الله" : تعليل لما قبله ببيان غائلته وإظهار في سبيل الله في موضع الإضمار للإيذان بكمال شناعة الضلال عنه.
"لهم عذاب شديد بما نسوا" ؛ أي : بسبب نسيانهم.
 ولما كان الضلال عن سبيل الله مستلزما لنسيان يوم الحساب كان كل منهما سببا وعلة لثبوت العذاب الشديد .
"تأدب" سبحانه وتعالى مع داود ، حيث لم يسند الضلال إليه ؛ 
بأن يقول : فلئن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد لما هو مقتضى الظاهر بل أسنده إلى الجماعة الغائبين الذين داود عليه السلام واحد منهم.
واعلم أن الله تعالى خلق الهوى الباطل على صفة الضلالة مخالفا للحق تعالى ؛ فإن من صفته الهداية والحكمة في خليفته يكون هاديا إلى الحضرة بضدية طبعه ومخالفة أمره كما أن الحق تعالى كان هاديا إلى حضرته بنور ذاته وموافقة أمره ليسير السائر إلى الله على قدمي موافقته أمر الله ومخالفته هواه.
 ولهذا قال المشايخ : لولا الهوى ما سلك أحد طريقا إلى الله تعالى ، 
وأعظم جنايات العبد وأقبح خطاياه متابعة الهوى كما قال عليه السلام : "ما عبد إله في الأرض أبغض على الله من الهوى". "" 
تفسير روح البيان ص 22

 
ص 278
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.
وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم،  "6"
وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك.
غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.
فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم. "7"
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم )
.............................................................................
6 - ۔ خلافة داود عليه السلام *
الاحتمال لم يزل واردة في النص الذي جاء في داود عليه السلام كما جاء في آدم عليه السلام ، 
وهو قول الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات ج 2 / ص 96 
" ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض" ، لمن تقدمك أو نيابة عنا . 
وهذا يخالف ما جاء في المتن في حق داود عليه السلام حيث يقول « فإن هذا محقق » وفيه حق آدم عليه السلام « وذلك ليس كذلك ».
 
7 -  أنبياء الأولياء
اعلم أن النبوة البشرية على قسمين :
قسم من الله إلى عبده من غير روح ملكي بين الله وبين عبده ، بل إخبارات إلهية ، يجدها في نفسه من الغيب أو في تجليات ، لا يتعلق بذلك الإخبار حکم تحليل ولا تحريم ، بل تعریف الهي ومزيد علم بالإله . 
أو تعریف بصدق حكم مشروع ثابت أنه من عند الله لهذا النبي الذي أرسل إلى من
 
ص 279
 
***
.............................................................................
أرسل إليه ، أو التعريف بفساد حكم قد ثبت بالنقل صحته عند علماء الرسوم ، فيطلع صاحب هذا المقام على صحة ما صح من ذلك ، 
وفساد ما فسد، مع وجود النقل بالطرق الضعيفة ، أو صحة ما فسد عند أرباب النقل ، أو فساد ما ص ح عندهم ، والإخبار بنتائج الأعمال وأسباب السعادات ، وحكم التكاليف في الظاهر والباطن ، ومعرفة الحد في ذلك والمطلع ، 
كل ذلك ببينة من الله وشاهد عدل الهي من نفسه ، غير أنه لا سبيل أن يكون على شرع يخالف شرع نبيه ورسوله الذي أرسل إليه وأمرنا باتباعه ، فيتبعه على علم صحیح وقدم صدق ثابت عند الله تعالى ، وهذا كله كان في الأمم السالفة ، 
وأما في هذه الأمة المحمدية فحكمهم ما ذكرناه وزيادة ، وهو أن لهم بحكم شرع محمد ع أن يسنوا سنة حسنة مما لا نحل حراما ولا تحرم حلالا ومما لها أصل في الأحكام المشروعة ، وتسنينه إياها أعطاه له مقامه ، وإنما حكم به الشرع وقرره بقوله « من سن سنة حسنة ۰۰۰ ( الحديث ) » 
والقسم الثاني من النبوة البشرية ، هم الذين يكونون مثل التلامذة بين يدي الملك ، ينزل عليهم الروح الأمين بشريعة من الله في حق نفوسهم يتعبدهم بها ، فيحل لهم ما شاء ، ويحرم عليهم ما شاء ، ولا يلزمهم اتباع الرسل ، وهذا كله كان قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، فأما اليوم فما بقي لهذا المقام أثر إلا ما ذكرنا .
وخلاصة هذا التعريف أن أنبياء الأولياء ، هم كل شخص أقامه الحق في تجل من تجلياته ، وأقام له مظهر محمد صلى الله عليه وسلم  ومظهر جبريل عليه السلام ، حتى إذا فرغ من خطابه وفزع عن قاب هذا الولي ، 
عقل صاحب هذا المشهد جميع ما تضمنه ذلك الخطاب من الأحكام المشروعة الظاهرة في هذه الأمة المحمدية ، فيأخذها هذا الولي كما أخذها المظهر المحمدي للحضور الذي حصل له في هذه الحضرة مما أمر به ذلك المظهر المحمدي من التبليغ لهذه الأمة ، 
فيرد إلى نفسه وقد وعى ما خاطب الروح به مظهر محمد صلى الله عليه وسلم  ، وعلم صحته علم يقين بل عين يقين ، فأخذ حكم هذا النبي وعمل به على بينة من ربه ، فرب حديث ضعيف قد ترك العمل به لضعف طريقه
 
ص 280
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»،  "8"
وهو )
.............................................................................
من أجل وضاع كان في روايته ويكون صحيحة في نفس الأمر ، ويكون هذا الواضع مما صدق في هذا الحديث ولم يضعه ، وإنما رده المحدث لعدم الثقة بقوله في نقله ، وذلك إذا انفرد به ذلك الواضع وكان مدار الحديث عليه ، 
وأما إذا شاركه فيه ثقة سمعه معه قبل ذلك الحديث من طريق ذلك الثقة ، 
وهذا ولي سمعه من الروح يلقيه على حقيقة محمد صل کما سمع الصحابة في حديث جبريل عليه السلام مع محمد صلى الله عليه وسلم  في الإسلام والإيمان والإحسان في تصديقه إياه ، 
وإذا سمعه من الروح الملقي فهو فيه مثل الصاحب الذي سمعه من فم رسول الله ، علما لا يشك فيه ، بخلاف التابع فإنه يقبله على طريق غلبة الظن ، لارتفاع التهمة المؤثرة في الصدق ، 
ورب حديث يكون صحيحة من طریق رواته يحصل لهذا المكاشف الذي قد عاين هذا المظهر فسأل النبي ملغ عن هذا الحديث الصحيح فأنكره ، 
وقال له لم أقله ولا حکمت به فيترك العمل به على بينة من ربه وإن كان قد عمل به أهل النقل لصحة طريقه وهو في نفس الأمر ليس كذلك ، 
وقد ذكر مثل هذا مسلم في صدر كتابه الصحيح . 
وقد يعرف هذا المكاشف من وضع ذلك الحديث الصحيح طريقه في زعمهم ، إما أن سمي له أو تقام له صورته ، فهؤلاء هم أنبياء الأولياء . 
الفتوحات ج 1 / 150 - ج 2 / 254 .
للزيادة راجع کتابنا « الفقه عند الشيخ الأكبر » 
و رؤية النبي صلى الله عليه وسلم  ص 22 .
و نزول الملائكة على البشر والإلهام ص 29
و الكرامات ص 38
 
8 - « أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده » الآية *
الوجه الأول - هدى الأنبياء عليهم السلام هو ما كانوا عليه من الأمور المقربة إلى الله ، وفي الدعاء المأثور سئواله صلى الله عليه وسلم هدى الأنبياء وعيشة السعداء ، و بالهدى تعطي التوفيق ، وهو الأخذ والمشي بهدي الأنبياء ، وتعطى البيان ، 
وهو شرح ما جاء به الحق ، إذ الهدي هديان : ، 
هدي تبیاني وهو قوله تعالى : " وما كان الله
 
ص 281
 
في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث
.............................................................................
ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون » 
وهذا الهدی قد يعطي السعادة وفد لا يعطيها ، إلا أنه يعطي العلم ، كقوله تعالى « وأضله الله على علم » وهدى توفيقي ، وهو هدي الأنبياء عليهم السلام وهو الذي يعطي سعادة العباد " وما توفيقي إلا بالله " ، 
وإذا كان الرسول سید البشر يقال له : « أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده » فما ظنك بالتابع !!
الوجه الثاني - قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " اتبع ما أوحي إليك من ربك " ، فإني خلقتك متبعا اسم مفعول لا متبعا اسم فاعل ، ولذلك قال له عند ذكر الأنبياء « فبهداهم اقتده » لا بهم ، وهداهم ليس سوى شرع الله ، 
فقال : " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا" ، وذكر من ذكر ، فكان الشارع لنا الله الذي شرع لهم ، فلو أخذ عنهم لكان تابعا .
الوجه الثالث - اعلم أن كل شرع بعث به نبي من الأنبياء فهو من شرع محمد صلى الله عليه وسلم من اسمه الباطن ، إذ كان نبيا و آدم بين الماء والطين ، 
فقوله تعالى له : « أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده » وما قال بهم ، إذ كان هداهم هداك الذي سرى إليهم ، فمعناه من حيث العلم ،
إذا اهتديت بهديهم فهو اهتداؤك بهديك ، لأن الأولية لك باطنا ، والأخرية لك باطنا ، والأولية لك في الآخرية ظاهرا وباطنا ، 
وعلمنا من ذلك أن محمدا صلى الله عليه وسلم  مساو لجميع من ذكره من الأنبياء ومن لم يذكره ، 
فإنه لكل نبي هدي كما ذكر « لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا » فهو سبحانه نصب الشرائع وأوضح المناهج ، 
وجمع ذلك كله في محمد صلى الله عليه وسلم  ، فمن رآه رأى جميع المقربين ، 
ومن اهتدى بهديه فقد اهتدى بهدى جميع النبيين ، ومن ذلك أن ما قرره النبي مع لنا مما كان شرعا للأنبياء عليهم السلام فعلتمناه على القطع فهو شرع لنا ، 
ومن هذه الآية علمنا أنه صلى الله عليه وسلم خص بعلم الشرائع كلها ، فأبان الله تعالى له عن شرائع المتقدمين ، وأمره أن يهتدي بهداهم ، وخص بشرع لم يكن لغيره . 
فتوحات ج 1 / 635 - ج 2 / 125 - ج 4 / 77 ، 82 ، 313 ، 408 
 
ص 282
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. "9"
وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.
فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام،. "10"
ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها. "11"
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل.
ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم.
على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب . "12"
وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد )
.............................................................................
9 - شرع من قبلنا :
شرع من قبلنا ما يلزمنا اتباعه إلا ما قرر شرعنا منه ، مع كون ذلك شرعا حقا لمن خوطب به ، لا نقول فيه بالباطل ؛ بل تؤمن بالله ورسوله وما أنزل إليه وما أنزل من قبله من كتاب وشرع منزل ، فإن شرع محمد صلى الله عليه وسلم تضمن جميع الشرائع المتقدمة، وما بقي لها حكم في هذه الدنيا إلا ما قررته الشريعة المحمدية ، فبتقريرها ثبتت ، فتعبدنا بها نفوسنا من حيث أن محمدا قررها لا من حيث أن النبي الخصوص بها في وقتها قررها في ح 2 / 165 .
 
10 - ما هنا موصولة وليست بنافية .  
 
11 ، 12  - المعنى واحد وهو قول الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات ج 3 / 458.
الوارث يحفظ بقاء الدعوة في الأمة عليها ، وما حظه إلا ذلك ، حتى إن الوارث
 
ص 283
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم، فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، "13"
وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة. فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.
وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهمابخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله. "14" )
.............................................................................
لو أتي بشرع ، ولا يأتي به ، ولكن لو فرضناه ما قبلته منه الأمة ، فلا فائدة لظهور الحال إذا لم يكن القبول كما كان للرسول .
 
13 -  راجع أولياء الأنبياء - هامش رقم 7 ص 279
14 - لو كان فيهما الهة إلا الله لفسدتا « الآية »
اعلم أن العلم بتوحيد الألوهة لمسمى الله، لا توحيد الذات، فإن الذات لا يصح أن تعلم أصلا ، فالعلم بتوحيد الله علم دلیل فکري لا علم شهود کشفي ، 
فالعلم بالتوحيد لا يكون ذوقا أبدا ، ولا تعلق له إلا بالمراتب . 
قال تعالى "لو كان فيهما آلهة إلا الله" ، وهذا بطريق فرض المحال ، فوحد الإله وما تعرض لذات الله سبحانه ، لأن الفكر فيها ممنوع شرعا « لفسدتا ».
أي لم توجدا يعني العالم العلوي وهو السماء والسفلي وهو الأرض ، أي لو كان مع الله إله آخر لفسد النظام والأمر ، وقد وجد الصلاح وهو بقاء العالم ، فدل على أن الموجد له لو لم يكن واحدة ما صح

ص 284
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 10 يناير 2020 - 3:15 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 5 يناير 2020 - 1:48 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

قال الشيخ رضي الله عنه : (ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل)
.............................................................................
وجود العالم ، هذا دليل الحق على أحديته ، وطابق الدليل العقلي في ذلك ، ولو كان غير هذا من الأدلة أدل منه عليه العدل إليه وجاء به. 
وما عرفنا بهذا ولا بالطريق إليه في الدلالة عليه ، فقوله تعالى و لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ، هذه مقدمة. 
والمقدمة الأخرى السماء والأرض - وأعني بهما كل ما سوى الله - ما فسدتا ، وهذه هي المقدمة الأخرى ، والجامع بين المقدمتين وهو الرابط ، الفساد ، فأتجتا أحدية المخصص ، وهي المطلوب ، وإنما قلنا ذلك لأنه لو كان ثم إله زائد على الواحد ، لم يخل هذا الزائد إما أن يتفقا في الإرادة أو يختلفا ، ولو اتفقا فليس بمحال أن يفرض الخلاف ، النظر من تنفذ إرادته منهما ، فإن اختلفا حقيقة أو فرضا في الإرادة، فلا يخلو إما أن ينفذ في الممكن حكم إرادتيهما معا وهو محال ، 
لأن الممكن لا يقبل الضدين ، وإما أن لا ينفذا وإما أن ينفذ حكم إرادة أحدهما دون الآخر ، فإن لم ينفذ حكم إرادتيهما ، فليس واحد منهما بإله ، وقد وقع الترجيح ، فلابد أن يكون أحدهما نافذ الإرادة ، وقصر الآخر عن تنفيذ إرادته ، فحصل العجز ، والإله ليس بعاجز ، فالإله من نفذت إرادته، 
وهو الله الواحد لا شريك له، ولهذا الأصل، ما بعث رسول الله من بعثا قط ولو كان اثنين إلا قدم أحدهما وجعل الآخر تبعا ، وإن لم يكن كذلك فسد الأمر والنظام، فلا يصح إقامة ملك بين مدبرين وإن اتحدت إرادتهما، 
ولما كان لا يصح عقلا ولا شرعا تدبير ملك بين أميرين متناقضين في أحكامهما ، وإن فرض اتحاد الإرادة في حق المخلوقين ، فإن حكم العادة والشرع يأبى ذلك في حق هذين الأميرين ، فلم يرد الله تعالى أن يدبر هذا الملك إلا واحد وصرح بذلك على لسان رسوله ق : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما . 
جمع الأنام على إمام واحد  .... عين الدليل على الإله الواحد
 
ص 285
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، "15"
فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.
فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت)
.............................................................................
فجعل الله للناس إماما في الظاهر واحدة ، يرجع إليه أمر الجميع لإقامة الدين ، وأمر عباده أن لا ينازعوه ، ومن ظهر عليه ونازعه أمرنا الله بقناله ، لما علم أن منازعته تؤدي إلى فساد في الدين الذي أمرنا الله إقامته ، 
وأصله قوله تعالى « لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا » فمن هناك ظهر اتخاذ الإمام وأن يكون واحدة في الزمان ظاهرة بالسيف . 
فتوحات ج 1 / 262 ، 680 - ج 2 / 289 ، 619 - ج 3 / 80 ، 173 - ج 4 / 13 - كتاب التدبيرات الإلهية .
 
15 - قول أبي طالب الملكي « مشيئته تعالی عرش ذاته »
اعلم أنه من شم رائحة من العلم بالله لم يقل لم فعل كذا وما فعل كذا ، وكيف يقول العالم بالله لم فعل كذا ؟ 
وهو يعلم أنه السبب الذي اقتضى كل ما ظهر وما يظهر وما قدم وما أخر ، وما رتب لذاته فهو عين السبب ، 
فلا يوجد لعلة سواه ولا يعدم ، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، فمشيئته عرش ذاته أي ملكها ، أي بالمشيئة ظهر كون الذات ملكا ، لتعلق الاختيار بها ،
فالإختيار للذات من كونها إلها ، فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ، قال عليه السلام « ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن» فعلق النفي والإثبات بالمشيئة فظهر الاختيار مع المشيئة، 
فإنه لیں الإرادة اختيار ولا نطق بها كتاب ولا سنة ولا دل عليها عقل ، وإنما ذلك للمشيئة ، فإن شاء كان وإن شاء لم يكن ، وما ورد ما لم يرد لم يكن ، بل ورد لو أردنا أن يكون كذا لكان كذا ، 
فخرج من المفهوم الاختیار ، فالإرادة تعلق المشيئة بالمراد .
فتوحات ج 2 / 39 - ج 3 / 48 
 
ص 286
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم. "16"
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.
ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه )
.............................................................................
16 - الأمر الإرادي والأمر التكليفي
الأمر أمران ، أمر بواسطة وأمر برفع الوسائط ، فأمره سبحانه لا يتصور أن يعصى ، لأنه بكن ، إذ كن لا تقال إلا لمن هو موصوف بلم يكن ، وما هو موصوف لم يكن ما يتصور منه الإباية ، 
وإذا كان الأمر الإلهي بالواسطة فلا يكون بكن ، فإنها من خصائص الأمر العدمي الذي لا يكون بواسطة ، وإنما يكون الأمر بما يدل على الفعل ، فيؤمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فيقال له « أقم الصلاة » « وآت الزكاة » 
فاشتق له من اسم الفعل اسم الأمر فيطيعه من يشاء منهم ويعصيه من شاء منهم ، والإنسان لا يقدر على دفع ما تكون في نفسه فإن كن إنما تعلقت بما تكون في نفس الإنسان ، فكان الحكم لما تكون فيمن تكون ، 
فآمن ولابد أو صلى ولابد أو صام ولابد ، على حسب ما تعطيه حقيقة الأمر الذي تعلق به کن ، وقد يرد الأمر بالواسطة ولا يرد الأمر الإلهي ، فلا يجد المخاطب آلة يفعل بها ، فيظهر كأنه عاص . 
وإنما هو عاجز فاقد في الحقيقة ، لأنه ما تكون فيه ما أمر به أن تكون عنه ، فلا أطوع من الخلق لأوامر الحق ، أي لقبول ما أمر الحق بتكوينه فيه ، ولكن لا يشعرون ، 
وليست الاوامر التي أوجبنا طاعتها إلا الأوامر الإلهية لا الأوامر الواردة على ألسنة الرسل ، 
فإن الأمر من الخلق طائع فيما أمر ، لأنه لو لم يؤمر بأن يأمر ما أمر ، فلو أن الذي أمره يستمع المأمور بذلك الأمر أمره لامتثل ، فإن أمر الله لا يعصى إذا ورد بغير الوسائط ، 
فالأمر الإلهي لا يخالف الإرادة الإلهية ، فإنها داخلة في حده وحقيقته ، وإنما وقع الالتباس من تسميتهم صيغة الأمر - وليست بأمر - أمرا ، والصيغة مرادة بلا شك ، فأوامر الحق إذا وردت على ألسنة المبلغين فهي صيغ الأوامر لا الأوامر ، فتعصى ، وقد يأمر الآمر بما لا يريد وقوع المأمور به ، فما عصى أحد قط أمر الله « إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون» .
فتوحات ج 2 / 588 - ج 4 / 424 ، 430
 
ص 287
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. "17"
فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي.
والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها. "18" )
.............................................................................
17 - العبد مجبور في اختياره
قال تعالى " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله" ، أن تشاؤوا ، فتلك على الحقيقة مشيئة الله لا مشيئته ، وأنت تشاء بها ، ونحن نقول في النسبة الاختيارية إن الله خلق للعبد مشيئة شاء بها ، حكم هذه النسبة وتلك المشيئة الحادثة عن مشيئة الله ، 
فاثبت سبحانه المشيئة له ولنا ، وجعل مشيئتنا موقوفة على مشيئته ، هذا في الحركة الاختيارية ، وأما في الاضطرارية كحركة المرتعش فالأمر عندنا واحد، 
فالسبب الأول مشيئة الحق ، والسبب الثاني المشيئة التي وجدت عن مشيئة الحق ، فالله هو الشيء وإن وجد العبد في نفسه إرادة لذلك ، فالحق عين إرادته ، فحكم المشيئة التي يجدها في نفسه ليست سوى الحق ، 
فإذا شاء كان ما شاءه ، فهو عين مشيئة كل مشيء. 
فقوله تعالى : " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " و عزاء أفاد علما ، ليثبت به العبد في القيامة حكما ، فهو تلقين حجة ، ورحمة من الله وفضل ، أي أن العبد مجبور في اختياره فعلم الجبر آخر ما ينتهي إليه المعاذر ، وهو سبب مال الخلق إلى الرحمة ، فإن الله يعذر خلقه بذلك فيما كان منهم 
فتوحات ج 3/ 84 ، 303 ، 351 ، 457 ، 464 . 
 
18 - قوله تعالی «رحمتي سبقت غضبي »
سبقت الرحمة الغضب لأنه بها كان الابتداء ، والغضب عرض ، والعرض زائل وأن الرحمة لما سبقت الغضب في الوجود عمت الكون كله ، ووسعت كل شيء ، فلما جاء الغضب في الوجود وجد الرحمة قد سبقته ، 
ولابد من وجوده ، فكان مع الرحمة ، لذلك لم يخلص الغضب الإلهي من الرحمة ، فحكمت على الغضب لأنها صاحبة المحل ، فإن الحكم للسابق ، واللاحق متأخر عنه، فينتهي غضب الله في
 
ص 288
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا   "19" )
.............................................................................
المغضوب عليهم ، ورحمة الله لا تنتهي ، فإن غضب الله لا يخلص من رحمة إلهية تشوبه ، فغضبه في الدنيا ما نصبه من الحدود والتعزيرات . 
وغضبه في الآخرة ما يميم من الحدود على من يدخل النار . 
فهو وإن كان غضبا فهو تطهير لما شابه من الرحمة في الدنيا والآخرة ، فيريد الله بقوله : « رحمتي سبقت غضبي » أن حكمه برحمته عباده سبق غضبه عليهم فهي تحوز العالم في الدارين بكرم الله . 
وما ذلك على الله بعزيز ، وإن كانوا في النار فلهم فيها نعيم فإنهم ليسوا منها بمخرجين .
ومن حيث المسابقة نقول قد تجاری غضب الله ورحمته في هذا الشأو ، وهو آدم وذريته ، فسبقت رحمته غضبه، فحازتنا لأن السابق يحوز قصب السبق . 
وقصب السبق هنا آدم وذريته ، ثم لحق الغضب فوجدنا في قبضة الرحمة ، قد حازتنا بالسبق ، فلم ينفذ الغضب فينا حكم التأييد . 
بل تلبس بنا للمشاهده بعض تلبس ، لما جمعنا مجلس واحد أثر فينا بقدر الاستعداد منا لذلك ، فلما انفصلت الرحمة من الغضب من ذلك المجلس أخذتنا الرحمه بحيازتها إيانا : وفارقنا غضب الله ، فحكمه فينا أعني بني آدم غير مؤبد، وفي غيرنا من المخلوقين ما أدري حكمه فيهم من الشياطين
فرحمته تعالى لما سبقت غضبه لحق الغضب بالعدم فإنه وإن كان شيئا فهو تحت إحاطة الرحمة الإلهية الواسعة ، فكيف يتسرمد العذاب وهو بهذه الصفة العامة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، 
ولاسيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباري لا تنفعه الطاعات ولا تضره المخالفات ، وأن كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه . 
وأن الخلق مجبورون في اختيارهم .
فتوحات ج 1 / 4 ، 749 - ج 2 / 281 ، 535 ، 673 - ج 3 / 7 ، 25 ، 333 - ج 4 / 405 
راجع كتاب الخيال - اجتماع الشيخ بآدم عليه السلام ص 94
 
19 - البيت الأول والثاني يشيران إلى شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب بحسب ما تقدم الكلام قبله .
 
ص 289
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك،  "20"
فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق. )
  
.............................................................................
البيت الثالث : الشطر الأول - أي أن هذا من العلم الإلهي « واتقوا الله ويعلمكم الله »۰ 
الشطر الثاني : معناه أنا وهبناكم هذا العلم لا نريد منكم جزاء ولا شكورا .
 
20 - قوله « أعوذ بك منك »
التعوذ يكون باسم إلهي من اسم إلهي ، وهو الذي نبه عليه صلى الله عليه وسلم  بقوله : "أعوذ بك منك" ، وهذا غاية ما يصل إليه تعظيم المحدث إذا عظم جناب الله ، 
فإنه اعلم أن الحق لا يقاوم إلا بالحق ، فيكون هو الذي يقاوم نفسه ، لأنه شتان بين مقام المعني ومقام الحرف ، فقال تعالى الحرف بالحرف قال مع « أعوذ برضاك من سخطك » ، 
وقابل المعني بالمعنى فقال صلى الله عليه وسلم  « وأعوذ بك منك » وهذا غاية المعرفة . 
ومن وجه آخر لما نطق من بالاستعاذة به بضمير الخطاب من غير تعيين اسم لم يجد له مقابلا ، لأنه ما عين اسما ، فلم يجد من يستعيذ منه ، فرأى نفسه على صورته ، 
فقال : منك ، فاستعاذ بالله من نفسه ، لأن النفس الذي هو المثل وردت في القرآن ، مثل قوله تعالى «ولا تزكوا أنفسكم» أي أمثالكم ، فيتوجه قوله « وأعوذ بك منك» أن الكافين واحدة على الوجه الأول ويتوجه أن يكون الكاف في منك تعود على المثل ، وهو نفس المستعيذ ، فإنه خليفة محصل للصورة على أتم الوجوه . 
 
فاستعاد بالله من نفسه ، لما يعلمه من المكر الخفي الإلهي ، فإنه ما أظهر الصورة المثلية في هذه النشأة على التشريف فقط ، بل هي شرف وابتلاء . 
 
فتوحات ج 1 / 108 - ج 3 / 183 - ج 4 / 190
 
ص 290
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 10 يناير 2020 - 3:21 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 5 يناير 2020 - 1:57 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية 
المرتبة 17: لفص حكمة وجودية في كلمة داودية من الاسمين المبين والمتين وسماء القمر وحرف الدال ومنزلة الإكليل
 القابض هو الذي يجعل حدا معينا للمقبوض عليه . فبالقابض تتبين الحدود فتتميز المراتب إذ أن لكل مرتبة قيود تقبضها في حدودها لتتميز .
أي أن الاسم القابض يستلزم ظهور الاسم المبين الذي به تتبين حقائق الأشياء متميزة عن بعضها البعض ، كما يستلزم ظهور الاسم المتين لأن الإبانة من مظاهر المتانة ، ولا معنى للقبض بدون متانة أي أن لا بقاء للمقبوض في القبضة إن لم يكن القابض متينا .
فلهذا كان للمتين المرتبة 17 . وهو المتوجه على إيجاد السماء الدنيا وكوكبها القمر وفلكه وليلته ليلة الجمعة ونهار الاثنين وحرف الدال ومنزلة الإكليل .
وقطب هذه السماء آدم عليه السلام . .
وللسماء علاقة بالمتين إذ أنها سقف مرفوع يستلزم قوة ، قال تعالى :" وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ" ( الذاريات ، 147 ) ،
أي بقوة كقوله تعالى :" داوُدَ ذَا الْأَيْدِ " ( ص ، 17 ) أي صاحب القوة .
ولهذا فإن أنسب الأنبياء لهذه المرتبة هو داود عليه السلام صاحب الكلمة الوجودية .
 
كذلك فللقمر علاقة بالمبين والمتين لأن القرآن وصف القمر بأنه نور وأهم صفة للنور التبيين والمتانة إذ لا قاهر للظلمات إلا النور رغم لطافته ، وقد قرن الحق تعالى النور الحق بالمبين فقال في الآية 25 من سورة النور " :" وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ " وفي الآية 15 من المائدة :" قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ".
والمتين كما يعرفه الشيخ في حضرة المتانة من الباب 559 من الفتوحات - هو الثابت الذي لا تتغير عينه رغم تنوع صوره وتجلياته وآثاره فهو كالنور . . .
وعلاقة الثبات بداود تظهر في الرمزية الحرفية التي فصلها الشيخ في الباب 463 من الفتوحات خلال كلامه عن القطب الذي على قدم داود فيقول عنه : ( وماله علم يتقدم فيه على غيره إلا علم ثبوت المحبة الإلهية والكونية ولهذا كان في مقام التفرقة )
 . . . ( يقول هذا القطب أن الحب ما ثبت وكل حب يزول فليس بحب . . . إلخ )
وفي اسم داود كلمة : ( ود ) وهو ثبوت الحب ولهذا نجد في كتاب العبادلة عنوانا هو : ( عبد اللّه ابن داود بن عبد الودود ) . . .
ولمقامه في التفرقة صلة بالمبين إذ الإبانة تمييز وتفريق .
ولحاله في الحب والتفرقة خوطب بقوله تعالى : " تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ "( ص ، 26 )
 ومن الإبانة عن نعم اللّه الشكر ولهذا نجد في كتاب " العبادلة " عنوانا هو " عبد اللّه بن عبد الشكور ابن داود " لقوله تعالى :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً " ( سبأ ، 13 ) .
ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص عن الشكر والزيادة التي تنتج عنه . . . ومن المتين تكلم عن الشدة التي تميز بها داود وظهرت في آيات منها " وَشَدَدْنا مُلْكَهُ " ( ص ، 20 ) .
"وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ " ( سبأ ، 10 ) . " وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ " ( البقرة ، 251 ) .
فقال الشيخ : ( وأعطاه القوة ونعته بها ) أي من اسمه المتين .
وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب أي من اسمه المبين .
ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه اللّه بها التنصيص على خلافته .
ولهذه المرتبة فلك القمر خليفة الشمس وروح آدم خليفة الحق تعالى .
وبين آدم وداود علاقات كثيرة جلها تستمد من الاسمين المبين المتين . فمن المبين خص كلاهما بكمال النطق وحسنه .
ولذلك جعل الشيخ في الباب 73 من الفتوحات داود قطب عالم الأنفاس من الأولياء أصحاب العدد الثابت ويعني بعالم الأنفاس عالم الحروف اللفظية . . .
وأول من تلفظ بها هو آدم عليه السلام قال تعالى : " الرَّحْمنُ ( 1 ) عَلَّمَ الْقُرْآنَ ( 2 ) خَلَقَ الْإِنْسانَ ( 3 ) عَلَّمَهُ الْبَيانَ " ( الرحمن ، 1 - 4 ) ، فلكون الإنسان خلق على صورة الرحمن كان نفسه الظاهر بالحروف مثلا كاملا لنفس الرحمن الظاهر بمراتب الوجود الثمانية والعشرين المناسبة لمنازل القمر ، لكل منزلة حرف . . .
 
ومن الاسم المبين أيضا كان لكل من آدم وداود مقام التفرقة ، حتى إن الشيخ رمز لاسم آدم في الباب 14 من الفتوحات باسم :
المفرق أي الذي منه تفرقت الذرية وبوجوده تبينت المراتب وتميزت درجات السعداء ودركات الأشقياء كما تبينت أسماء إلهية بآثارها التي لا ظهور لها إلا في الإنسان كاسمه تعالى : الجامع . . .
فبسريان نور الظهور في حضرات الأسماء تبينت مراتب الوجود في النفس الرحماني ، وبسريان القمر في دائرة الفلك تبينت المنازل الفلكية وبسريان الهواء عبر مخارج الحروف من نفس الإنسان تبينت الحروف . . .
ومن هذه التفرقة كانت حروف آدم وداود مفترقة .
 
وقد خصص الشيخ لرمزية حروفهما الباب 515 من الفتوحات
وقارن بينها وبين حروف محمد صلى اللّه عليه وسلم لاشتراكهم في الخلافة المنصوص عليها في القرآن فلآدم : "إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً " ( البقرة ، 30 ) " وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها "( البقرة ، 31 ) .
ولداود : " يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ " ( ص ، 26 ).
" وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ " ( ص ، 20 ) .
ولمحمد صلى اللّه عليه وآله وسلم : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ " ( الفتح ، 10 ) ،" "وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ( 3 ) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى" ( النجم ، 3 - 4 ) ،
وقوله صلى اللّه عليه وسلم :  أوتيت جوامع الكلم .
فانظر كيف قرن " شَدِيدُ الْقُوى " ( النجم ، 5 ) ، بالنطق لصلة المتين بالمبين . . .
ولا شك أن الخلافة تستلزم المتانة أي الشدة ولهذه الشدة التي ظهرت على داود كان اسمه الخاص به " عبد الملك " حسب ما ذكره الشيخ في الباب 270 من الفتوحات .
ومن المتين ظهر على لسان آدم ذكر :
لا حول ولا قوة إلا باللّه وهو الهجير الذي يستمد منه قلب كل خليفة لأنه قلب الأذكار
حسب ما ذكره الشيخ في الباب 466 .
وهو الذكر الذي علمه آدم للملائكة ليذكروه خلال الطواف بالكعبة .
ولأنه هو الذكر الذي علمه الملك من حملة العرش الأربعة الذي هو على صورة آدم ، علمه لبقية الحملة فأستطاعوا به حمل العرش حسب ما ذكره الشيخ في الباب 476 من الفتوحات.
 
وأما وصف حكمة هذا الفص بالوجودية فلعلاقة داود بالوجد والوجود .
فمن شدة وجده كان يسري حاله في ما يحيط به من أكوان فتسبح بتسبيحه الطير والجبال . . .
ثم إنه كما كملت مراتب الوجود بالإنسان فكذلك كملت مراتب الإنسان بالنطق والخلافة اللذين ظهر بهما على الكمال داود .
أي أنه بالكلمة الداودية تمت مراتب الوجود في الإنسان ، فحكمته وجودية .
والوجود فرقان لأن الخليفة لا يمكن له التصرف إلا في مقام التفرقة بخلاف الجمع الذي هو قرآن . . .
والمحمدي هو صاحب الجمع والوجود لتحققه بالقرآن والفرقان في عين العين
 وللخليفة المشيئة التي يسميها الشيخ أحيانا بالوجود . . .
لكل هذه الاعتبارات تكلم الشيخ في هذا الفص عن الشكر وعن حروف الأسماء وعن الشدة والحديد والدروع وعن الخلافة والهوى والمشيئة .
 
وختم الفص بتليين النار للحديد وفي هذا إشارتان :
الأولى : علاقة هذه السماء القمرية ذات النفس الداودي والروح الآدمي وبيان الحروف وشدة المتين ، علاقتها بالسماء الخامسة حيث روح هارون عليه السلام صاحب الفصاحة من الاسم المبين كما وصفه أخوه موسى عليه السلام :و " َأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً " ( القصص ، 34 ) ، وسماؤه بكوكبها الأحمر لها طبع النار ومعدن الحديد وهي سماء الحرب والجهاد  .
وكان داود مجاهدا صانعا للحديد حتى سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات بالصانع . . . ويسمي الشيخ سماء هارون أحيانا بسماء الخلافة لأن هارون كان خليفة موسى عليه السلام.
 
الثانية : في ذكر الشيخ للنار في آخر هذا الفص وللاسمين المنتقم الرحيم ، تمهيد للدخول في الفص 18 الموالي الموافق لمرتبة النار في فص يونس عليه السلام .
 
وهذه هي عادة الشيخ اللطيفة في التمهيد آخر كل باب للباب الموالي لإظهار الارتباط الوثيق والتسلسل المحكم البديع لمراتب الوجود .
وأما حرف هذه المرتبة فهو الدال الذي هو بداية ونهاية داود وقلب آدم .
 
وهو حرف الثبات والشدة لاستمداده من الاسم المتين وله عدد الثبات أي الأربعة التي بها قيام كل نشأة . . .
فالدال من الحروف المجهورة الشديدة المنفتحة المنسفلة ، وهو من حروف اسم الذات المقدسة لعدم اتصاله بالحروف . . .
وله منزلة الإكليل التي ثلثها الأول في برج الميزان الهوائي وثلثاها الباقيان لبرج العقرب المائي فالغالب عليها الرطوبة كسماء القمر . . .
ومعنى الإكليل التاج أو ما يوضع على الرأس فهو مناسب لمعنى الرئاسة والخلافة . . .
 
ولعلاقة الدال بالتربيع ذكر الشيخ في الفصل 27 من الباب 198 المناسب لهذه المرتبة أنه خلال تقييده رأى واقعة مدارها حول العدد أربعة .
 
فالرؤية وقعت في الليلة الرابعة من شهر ربيع الآخر ليلة الأربعاء عام 627 هـ - أي خلال كتابته للفصوص - فرأى ظاهر الهوية وباطنها في بساط نور في طبقات أربع من حيث شكلها وفي طبقات أربع من حيث روحها . . .
 
وفي هذا الفصل بين علاقة الحروف المقطعة في أوائل السور بمنازل القمر وكيفية العمل بها كما بين علاقة الحروف اللفظية بملائكتها ومراتبها الوجودية ،
وفصل مكانة الآدمي في الوجود وأن الخليفة هو الكلمة الجامعة وله من القوة بحيث أنه ينظر في النظرة الواحدة إلى الحضرتين الإلهية والكونية فيتلقى من الحق ويلقي إلى الخلق كما يتلقى القمر النور من الشمس ليلقيه على الأرض .



17 - سورة فص داود عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الماعون " التي مدارها حول أوصاف المكذب بالدين فبدأ الفص بذكر الوهب والجزاء ، والجزاء بعد الحساب من معاني كلمة الدين .
ولهذا بدأ الشيخ الباب 277 في الفتوحات وهو منزل سورة الماعون بقوله : " . . . إن العلم بالجزاء عن نور الإيمان لا عن نور العقل . . . " .
وجل الفص مداره حول الخلافة والرسالة والاجتهاد وكلها تابعة للقيام بالدين . . .
ومن معاني كلمة " الدين " الانقياد" ، فذكر انقياد الخلق لحكم الخليفة ، وعدم انقياد اليهود لعيسى عليه السلام .
 
وتكلم عن الشكور لأن جزاء الشكر الزيادة ، والجزاء هو الدين والقيام بالدين من الشكر كما قال صلى اللّه عليه وسلم لما تورمت قدماه من قيام الليل : " أفلا أكون عبدا شكورا " .
 
ويقال : " الصلاة عماد الدين وبرهانه الزكاة وروحه الإخلاص " وهذه هي الأعمال الظاهرة في سورة الماعون حيث إن فيها ذما للسهو عن الصلاة والبخل والرياء المناقضين للشكر وقد خاطب الحق تعالى آل داود بقوله :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ "( سبأ ، 13 ) .
 
ولعلاقة داود بالحكمة الوجودية نجد الشيخ يقرن سورة الدين - أي الماعون - بالعون وبالوجود فيقول في ديوانه : "
 من روح سورة الدين :
إن القبول للاقتدار معين .....  فيعان في حكم النهى ويعين
فالأمر ما بيني وبين مقسمي  .... فهو المعين وإنني لمعين
الحق حق فالوجود وجوده  ..... وأنا الأمين وما لدي أمين
دفع اليتيم محرم في شرعنا  ..... والشرع جانبه إليه يلين
 
 
* * *


تم بحمد الله وفضله
جمعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى