اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» توهّم لو أنّ اللّه فعل كذا لكان أحسن كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyاليوم في 21:15 من طرف عبدالله المسافر

» توهّم صحّة الأنس باللّه كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyأمس في 20:34 من طرف عبدالله المسافر

» توهّم أنّ نفوذ الأقدار متوقّف على وجود الخلق كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyأمس في 15:16 من طرف عبدالله المسافر

» مقصود الكتاب لمصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyأمس في 0:13 من طرف عبدالله المسافر

» مقدمة المصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 9 ديسمبر 2023 - 11:22 من طرف عبدالله المسافر

» مقدّمة التّحقيق و ترجمة المؤلّف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 8 ديسمبر 2023 - 9:33 من طرف عبدالله المسافر

» مقدمة كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 7 ديسمبر 2023 - 14:11 من طرف عبدالله المسافر

» فهرس بشرح المصطلحات الصوفية عند الشيخ ابن عطاء اللّه السكندري كما وردت في الحكم لمؤلف اللطائف الإلهية
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 7 ديسمبر 2023 - 1:49 من طرف عبدالله المسافر

» مكاتبات للشّيخ تاج الدّين أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ إلى بعض إخوانه ومريديه
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 6 ديسمبر 2023 - 21:23 من طرف عبدالله المسافر

» المناجاة الإلهيّة للشّيخ تاج الدّين أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 5 ديسمبر 2023 - 16:47 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائيّة الصغرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 4 ديسمبر 2023 - 20:54 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائيّة الكبرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 4 ديسمبر 2023 - 11:46 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائية من 21 الى 30 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 3 ديسمبر 2023 - 18:28 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 ديسمبر 2023 - 20:44 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائية من 01 الى 10 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 ديسمبر 2023 - 17:41 من طرف عبدالله المسافر

» المقدمة لكتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 ديسمبر 2023 - 16:30 من طرف عبدالله المسافر

» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 30 نوفمبر 2023 - 20:07 من طرف عبدالله المسافر

»  فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 30 نوفمبر 2023 - 20:07 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2313 إلى 2413 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 30 نوفمبر 2023 - 1:10 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2351 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 29 نوفمبر 2023 - 20:40 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2312 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 29 نوفمبر 2023 - 0:56 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2265 إلى 2281 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 28 نوفمبر 2023 - 0:13 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2249 إلى 2264 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 27 نوفمبر 2023 - 23:54 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2211 إلى 2248 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 27 نوفمبر 2023 - 0:32 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات أولا الإسلام السياسي من 2168 إلى 2210 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 26 نوفمبر 2023 - 11:48 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر الثالث عشر الحجّ والعمرة من 2084 إلى 2167 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 25 نوفمبر 2023 - 23:59 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب ثانيا الطعام والشراب من 2049 إلى 2083 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 25 نوفمبر 2023 - 16:10 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب أولا الصيام والفطر من 2002 إلى 2048 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 25 نوفمبر 2023 - 0:40 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات الحادي عشر الذكر والتسبيح والدعاء من 1961 إلى 2001 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 24 نوفمبر 2023 - 22:59 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات عاشرا السجود والمساجد والقبلة من 1921 إلى 1960 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 24 نوفمبر 2023 - 22:35 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات تاسعا صلاة الجمعة من 1903 إلى 1920 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 24 نوفمبر 2023 - 2:05 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات ثامنا الصلاة من 1826 إلى 1902 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 23 نوفمبر 2023 - 1:09 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات أولا الوضوء والاغتسال من 1794 إلى 1825 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 22 نوفمبر 2023 - 17:54 من طرف عبدالله المسافر

» كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني "53" المجلس الثالث والخمسون من عبد الله بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 22 نوفمبر 2023 - 0:53 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سابعا العدّة من 1782 إلى 1793 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 22 نوفمبر 2023 - 0:48 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سادسا الطلاق من 1744 إلى 1781 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 21 نوفمبر 2023 - 19:29 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي خامسا الأسرة من 1739 إلى 1743 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 21 نوفمبر 2023 - 19:05 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي رابعا الأولاد من 1734 إلى 1738 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 21 نوفمبر 2023 - 10:37 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثالثا الحمل والولادة والرضاع والفطام والحضانة من 1722 إلى 1733 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 20 نوفمبر 2023 - 23:21 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1681 إلى 1721 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 19 نوفمبر 2023 - 7:33 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1651 إلى 1680 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 19 نوفمبر 2023 - 1:17 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1623 إلى 1650 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 18 نوفمبر 2023 - 17:41 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي أولا المرأة في الإسلام من 1598 إلى 1622 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 17 نوفمبر 2023 - 21:34 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الخامس عشر الإسلام والحرب من 1547 إلى 1597 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 17 نوفمبر 2023 - 14:27 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الخامس عشر الإسلام و الحرب من 1519 إلى 1546 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 16 نوفمبر 2023 - 18:25 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1505 إلى 1518 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 16 نوفمبر 2023 - 2:40 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1480 إلى 1504 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 16 نوفمبر 2023 - 1:12 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الرابع عشر القرآن والفنون والصنائع والآداب والأخلاق من 1462 إلى 1479 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 15 نوفمبر 2023 - 10:56 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1436 إلى 1461 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2023 - 18:27 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1419 إلى 1435 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2023 - 9:39 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 13 نوفمبر 2023 - 14:20 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 12 نوفمبر 2023 - 22:48 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 12 نوفمبر 2023 - 13:01 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1312 إلى 1342 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 12 نوفمبر 2023 - 0:53 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1179 إلى 1311 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 11 نوفمبر 2023 - 14:21 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1146 إلى 1278 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 10 نوفمبر 2023 - 21:00 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1121 إلى 1245 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 9 نوفمبر 2023 - 21:24 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 9 نوفمبر 2023 - 13:16 من طرف عبدالله المسافر

» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 9 نوفمبر 2023 - 9:11 من طرف عبدالله المسافر

» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 16:26 من طرف عبدالله المسافر

» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1126 إلى 1129 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 9:40 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1076 إلى 1125 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 7 نوفمبر 2023 - 23:58 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1059 إلى 1075 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 7 نوفمبر 2023 - 10:57 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1045 إلى 1058 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 6 نوفمبر 2023 - 20:19 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1035 إلى 1044 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 6 نوفمبر 2023 - 0:34 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1026 إلى 1034 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 4 نوفمبر 2023 - 18:29 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1018 إلى 1025 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 3 نوفمبر 2023 - 13:24 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 2 نوفمبر 2023 - 14:48 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1013 إلى 1014 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 2 نوفمبر 2023 - 1:08 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 31 أكتوبر 2023 - 11:46 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 961 الى 980 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 30 أكتوبر 2023 - 2:02 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 29 أكتوبر 2023 - 1:55 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 941 الى 947 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 27 أكتوبر 2023 - 20:31 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 911 الى 940 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 26 أكتوبر 2023 - 10:07 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 25 أكتوبر 2023 - 12:48 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 24 أكتوبر 2023 - 15:33 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 23 أكتوبر 2023 - 22:04 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 22 أكتوبر 2023 - 16:03 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 21 أكتوبر 2023 - 18:19 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 20 أكتوبر 2023 - 10:31 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 19 أكتوبر 2023 - 15:04 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 697 الى 720 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 18 أكتوبر 2023 - 21:23 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 681 الى 696 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 17 أكتوبر 2023 - 22:39 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 661 الى 680 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 17 أكتوبر 2023 - 19:13 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 641 الى 660 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 17 أكتوبر 2023 - 1:09 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023 - 11:43 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 14 أكتوبر 2023 - 21:15 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 13 أكتوبر 2023 - 9:22 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 591 الى 600 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 12 أكتوبر 2023 - 15:46 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 582 الى 590 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 12 أكتوبر 2023 - 0:40 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 561 الى 581 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 10 أكتوبر 2023 - 20:42 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 541 الى 560 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 9 أكتوبر 2023 - 9:42 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 527 الى 540 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 8 أكتوبر 2023 - 16:33 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 6 أكتوبر 2023 - 9:34 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 5 أكتوبر 2023 - 22:31 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 4 أكتوبر 2023 - 22:07 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 3 أكتوبر 2023 - 20:32 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 2 أكتوبر 2023 - 19:50 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 421 الى 430 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 30 سبتمبر 2023 - 23:03 من طرف عبدالله المسافر

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل

01012020

مُساهمة 

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب:
أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب.
وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا».
فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.
وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.
ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله».
أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.
فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.
وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك.
غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.
فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله.
وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.
فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل.
ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم.
على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم، فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة.
فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.
وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف.
وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما.
بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.
ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.
فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.
ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.
فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي.
والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا
وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق.
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
17- نقش فص حكمة وجودية في كلمة داودية
وهب داود فضلاً معرفة به لا يقتضيها عمله.
فلو اقتضاها عمله لكانت جزاء، ووهب له فضلاً سليمان عليه السلام: " وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ " [ص: 30].
وبقي قوله: "وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ" [سبأ: 10].
هل هذا العطاءجزاء أو بمعنى الهبة.
وقال: " وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " [سبأ: 13]، ببنية المبالغة.
ليعم شكر التكليف. وشكر التبرع.
فشكر التبرع : (أفلا أكون عبداً شكوراً)، قول النبي عليه السلام.
وشكر التكليف ما وقع به الأمر مثل: (واشكروا لله)، (واشكروا نعمة الله).
وبين الشكرين ما بين الشكورين لمن غفل عن الله.
وداود "منصوصٌ" على خلافته والإمامة. وغيره ليس كذلك.
ومن أعطي الخلافة فقد أعطي التحكم والتصرف في العالم "ترجيع الجبال معهُ بالتسبيح والطير" تؤذن بالموافقة.  فموافقة الإنسان له أولى.


الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
17 - فك ختم الفص الداودي
1 / 17  - اعلم ان كثيرا مما عزمت بمشيئة الله تعالى على ذكره في شرح هذا الفص هو من وجه كالتتمة لما ذكر في بيان اسرار احوال سليمان ، فان بين اسرار احوال سليمان وداود عليهما السلام اشتراكا عظيما قد نبه الحق سبحانه في كتابه عليه بقوله : “ ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وسُلَيْمانَ عِلْماً “ [ النمل / 15 ] .
بما حكاه من سليمان حيث قال : “ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وأُوتِينا من كُلِّ شَيْءٍ “ [ النمل / 16 ] فاشترك معه إياه فيما رزقاه .
وكذلك شرك الحق بينهما في طلب الشكر ولذلك : قالا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ من عِبادِه الْمُؤْمِنِينَ [ النمل / 15 ] فاشتركا في الامر والحكم ايضا .
كما قال تعالى : “ وداوُدَ وسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ في الْحَرْثِ “ [ الأنبياء / 78 ] وبقوله : “ كُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وعِلْماً “ [ الأنبياء / 79 ] فافهم .
 
2 / 17 -  وذلك سر اقران شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالوجود حيث قال :
فص حكمة وجودية في كلمة داودية ، فكأنه أشار الى شيء مما أوضحته من سر الوجود وسيره في درجات ظهوره وكونه عين الرحمة التي وسعت كل شيء .
 
 3 / 17 - فأقول : قد بينا ان الرحمة ذاتية وصفاتية وان لكل منهما حكما عاما وخاصا ، وذكرنا حكم ( 3 ) العام الخصيص بالرحمة العامة واختصاصه بسليمان وما يتعلق بذلك كله مع زوائد شتى .
 
4 / 17 - فاعلم ان الحكم الخاص المضاف الى الرحمة العامة الصفاتية من الخلافة الإلهية ، فظهرت أحكامها في المراتب الوجودية بالتدريج بحسب مظاهر حقيقة الانسانية الكمالية الإلهية ، المنتهى كمال ظهورها الى الصورة الادمية التي هي اكمل مظاهرها ، ولما كانت مظاهر المتقدمة على الصورة الادمية غير مستعدة لان يظهر بها وفيها الحقيقة الانسانية ظهورا تاما ، كان ظهور احكام مرتبتها المعبر عنها بالالوهية هناك وبالخلافة هنا ايضا كذلك ، ولا تم ظهورها بآدم عليه السلام ، صار لها ظهور وسير وبسط آخر في عرصة العرض الإنساني ، ولهذا اشترت في الفص السليماني الى ما معناه :
ان بروز الوجود وأحكامه من الغيب الى الشهادة كان بالتدريج حتى انتهى الامر الى النوع الإنساني، فصار ذلك الظهور على وجه آخر مخصوص، ثم لم يزل يظهر الامر بسير آخر في مراتب الاعتدال التي يتضمنها عرض النوع الإنساني، فان الخلافة لم تبسط حكمها تاما بآدم - لقلة وجود المستخلفين عليهم - فلم يكن ثمة من ينبسط عليه احكام مرتبته الا طائفة يسيرة من ذريته، ولهذا لم يتضمن خلافته مرتبة الرسالة، بل بقيت فيه بالقوة وفيما خلف من ذراريه والمتناسلين منهم بعده الى زمان نوح عليه السلام الذي هو اول المرسلين .
 
5 / 17 -  ثم نقول : فما برحت احكام الخلافة من حيثها ومن حيث مرتبة المستخلف يزداد ظهورا وانبساطا - كالوجود - حتى انتهى الامر الى داود عليه السلام ، فتم بوجوده مرتبة الخلافة وانبسطت أحكامها في الوجود بحسب درجات الأكملية بعد استيفاء ما هو شرط في حصول مقام الكمال ، وكمل انبساط الاحكام والصفات المذكورة بابنه سليمان ، وقد ورد التنبيه على ذلك في القرآن الكريم ، اعنى ثبوت الاشتراك بينهما في الحكم والعلم وغير ذلك على ما ذكر في اول الفص ، فلينظر هناك ، فاشار سبحانه الى ما منحه ومنح ابنه مما زادا به على من تقدمهما من الخلفاء من العلم وانبساط احكام الخلافة ونفوذها وعموم التأثير في الخلق .
 
6 / 17 - ومن جملة ما رجحت به خلافة داود على خلافة آدم:
ان حظه من الأسماء على ما صرح به كان علمه بها واما داود: فتحقق بها علما وحالا وعملا، فاما علما : فقد سبقت الإشارة الى ذلك ، مع انه لا يخفى على الألباء ان اعظم الشروط في التحقق بمرتبة الخلافة وأولها وأولاها هو العلم .
واما تحققه من حيث العمل : فاخبار النبي صلى الله عليه وسلم عنه انه كان اعبد اهل الأرض .
واما تحققه بها ، اعنى بالأسماء حالا : فكون الحق سبحانه قدر له تزويج تسعة وتسعين زوجة  ، ضرب مثال الأسماء الحسنى ، ولما أراد ان يتم عند المائة ، مع ان المتمم للمائة هو الاسم الله باعتبار دلالته على الذات والمرتبة  .
 
7 / 17 - وذلك لما رأى من قوة قابليته لكل ما يشتمل عليه الحضرة ، فان من شأن الكمل ان كل ما هو متعذر الحصول لاحد من الحق ، هو عندهم بالنسبة الى كمال قابليتهم غير متعذر ولا مستحيل ، الى ان يخبرهم الحق باخبار مخصوصة خارج عن خواص المواد والوسائط ، فحينئذ يصدقون ربهم ويحكمون باستحالة حصول ذلك الامر - كحال موسى عليه السلام في طلب الرؤية على وجه مخصوص - فلما أخبر بتعذر ذلك ، تاب وآمن.
 
8 / 17 - ولما كان الامر الذي به يتم مظهرية المائة متعذر الحصول لذاته من حيث “ إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به “ [ النساء / 48 ] لهذا نبهه الحق على ذلك بما ابدى له من حيث الامثلة التي روعي فيها الأدب التام مع مرتبته ، تعظيما للمرتبة تنبيها له ، ليعرف ان الله قد اقامه في مرتبة اول من قام بحق أدبها من اقامه فيها .
كما قال تعالى ايضا بلسان البشارة مع الأدب والتعريف: “يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ “ [ ص / 26 ] .
 
9 / 17  - فلسان الأدب في هذه الاية قوله : “ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله “ .
والا لكان الأنسب من مقتضى المواجهة له ان يقول :
انك ان ضللت عن سبيل الله فلك عذاب شديد ، فخرج من خطاب المواجهة الى المغايبة - معرضا لا مصرحا - فتنبه وتذكر ما ذكرت لك تعرف رجحان خلافة داود على خلافة آدم بما نبهت عليه آنفا وبالحكم بين الناس أيضا.
لأنه ليس في خلافة آدم التصريح بالحكم وايضا فإنه حين اعطى الخلافة لم يكن ثمة من الناس من يحكم عليه واما الجن :
فلم يكن منهم الا ابليس الذي ابى ان يسجد له اولا وازلَّه وزوجته ودلاهما بغرور.
ثانيا - بخلاف داود وسليمان عليهما السلام - فإنه نفذ حكمهما في الجن والانس وغيرهما من الموجودات، فكان الجن والشياطين محكومين لهما بين: “بَنَّاءٍ وغَوَّاصٍ وآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ في الأَصْفادِ “ [ ص / 37 ] فشتان بين الأمرين .
 
10 / 17 - ومما يؤيد ما ذكرته من رجحان خلافة داود وسليمان على خلافة آدم وعلو مرتبتهما في العلم ونيل الهمة ما ورد في الحديث الثابت الاسناد:
ان الله خير سليمان بين العلم والملك والمال، وفي رواية بدل المال النبوة، فاختار العلم، فأعطاه الله الملك والمال والنبوة لاختياره العلم.
واما آدم : فان الله اسجد له الملائكة بأجمعهم وادخله الجنة وقال له : “ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى وأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها ولا تَضْحى “ [ طه / 118 و 119 ] .
ومع ذلك لما سمع قول ابليس : “ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِه الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا من الْخالِدِينَ “ [ الأعراف / 20 ] صدقه هو وزوجته وانفعلا لقوله .
 
11 / 17 - وهذه القضية تشتمل على امرين مشكلين لم ار أحدا تنبه لهما ولا أجابني احد من اهل العلم الظاهر والباطن عنهما وهو : انه عليه السلام بعد سجود الملائكة له بأجمعهم ومشاهدة رجحانه عليهم بذلك وتعلم الأسماء والخلافة ووصية الحق له .
كيف أقدم على المخالفة وتشوف بقول ابليس الى ان يكون ملكا، وكيف لم يعلم ان من دخل الجنة المعرفة بلسان الشريعة لم يخرج منها.
وان النشأة الجنانية لا تقبل الكون والفساد لذاتها فهي تقتضي الخلود؟


12 / 17 - فكان هذه الحال يدل دلالة واضحة على ان الجنة التي كان فيها ليست الجنة الى عرضها السموات والأرض والتي عرضها الكرسي الذي هو الفلك الثامن وسقفها عرش الرحمن.
فان تلك لا تخفى على من دخلها انها ليست محل الكون والفساد ولا ان يكون نعيمه موقتا ممكن الانقطاع ، فان ذلك المقام يعطى بذاته معرفة ما يقتضيه حقيقته وهو عدم انقطاع نعيمه بموت او غيره كما قال تعالى : “ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ “ [ هود / 108 ] اى غير منقطع ولا متناه ، فافهم ما نبهت عليه من غرائب العلوم وغوامضه ترشد .
 
13 / 17 - فحالة آدم وحوا عليهما السلام في هذه القضية كحال بنى اسرائيل الذين قال الله تعالى في حقهم : “ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ “ [ البقرة / 61 ] ولهذه المناسبة والمشاركة اردف الحق قصة آدم في سورة البقرة بقصة موسى وبنى اسرائيل - مع ما بينهما من طول المدة - فراعى سبحانه في ذلك المضاهاة في الفعل والحال - دون الزمان - فافهم سر هذا من اسرار القرآن .
 
14 / 17 - فان القرآن العزيز ورد فيه ذكر جماعة من الأنبياء في مواضع كثيرة وسردت  أسمائهم في موضع بترتيب مخصوص ، ثم ذكروا في موضع آخر بترتيب مخالف للترتيب الأول بمعنى انه قدم ذكر من أخر ذكره في الترتيب الأول وأخر من قد كان قدم ذكره من قبل ، وذكروا في موضع ثالث ورابع بترتيب غير التراتيب المقدمة هكذا في مواضع شتى مخالف بعضها بعضا .
 
15 / 17 - السر فيه هو : انه روعي من موضع ذكرهم بحسب تفاوت مراتبهم ودرجات ما فضل به بعضهم على بعض المشار اليه بقوله تعالى : تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ “ [ البقرة / 253 ] .
وتارة روعي في ترتيب ذكرهم تقدمهم وتأخرهم الزمانى، وتارة روعي في ترتيب ذكرهم مشاركتهم في الفعل والحال المذكورين في السورة او القصة، فالأقرب شبها ونسبة يكون هو المقدم في الذكر الأنسب فالانسب الى الامر المذكور.
وتارة يراعى فيها الاشتراك في الشرائع وأحكامها،
فان الله تعالى يقول: “لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهاجاً “ [ المائدة / 48 ]
وقال : “ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ “ [ البقرة / 60 ]
فإذا كثر اتفاق الاحكام المشروعة بين نبيين وثبوت تقدم أحدهما ورجحانه، تلاه في الذكر الأقوى مشاركة له في احكام شريعته.
 
16 / 17 -  فاعلم ذلك واستقره تجده مطرد الحكم ، كما نبهت عليه في ارداف قصة آدم بقصة موسى وبنى اسرائيل ، وهذه النكتة وان وقع ذكرها هنا من وجه بالعرض ، فإنها مفتاح شريف يفتح به جملة من اسرار ترتيب آى القرآن وقصصه وسوره وآياته ، ان تم الاطلاع على أصله ومحتده .
فافهم والله الهادي .
 
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة وجودية في كلمة داودية :


مصطلح الخلافة - الاستخلاف
في اللغة : " استخلفه : جعله خليفته .
الخلافة : 1. نيابة عن الغير . 2. إمارة أو إمامة .
الخليفة : 1. المستخلف . 2. لقب حكام المسلمين ".
 
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الإستخلاف:
" الاستخلاف : هو الإمامة . والخلق على الصورة ، فلا بد للخليفة أن يظهر بكل صورة يظهر بها من استخلفه فلا بد من إحاطة الخليفة بجميع الأسماء والصفات الإلهية التي يطلبها العالم الذي ولاه عليه الحق سبحانه ".
 
خلافة الظاهر والباطن في اصطلاح الكسنزان :
نقول خلافة الظاهر والباطن : هي الخلافة التي تمت إلى الإمام علي ، حيث حصل على خلافة الظاهر من مبايعة المسلمين إليه ، وحصل على خلافة الباطن من مبايعته للرسول فجمع بين الخلافتين .
 
تقول د. سعاد الحكيم الخلافة في مفهوم الشيخ الأكبر:
يمكن تلخيص فكر الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي في الخلافة بالنقاط الآتية :
" نظر ابن العربي الطائي الحاتمي إلى الخلافة على أنها نيابة مجردة عن شخص النائب والمنوب عنه ، فكل متصرف بالنيابة عن آخر فهو : خليفة المنوب عنه فيما ملكه التصرف فيه ، وبذلك تتعدد أشخاص الخلائف بتعدد فعل الاستخلاف .
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي الخليفة هو الله:
1 - " يقول رسول الله في دعائه ربه في سفره : " أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل "، فما جعله خليفة في أهله إلا عند فقدهم إياه ، فينوب الله عن كل شيء أي يقوم فيهم مقام ذلك الشيء بهويته ".
2. الخلفاء هم أفراد النوع الإنساني ، وهم أما خلفاء عن الله ( رسل وأنبياء ) أو يخلفون الرسل ويخلف بعضهم بعضا .
" لقد خص ابن العربي الطائي الحاتمي ( الخلافة عن الله ) بكلية اهتمامه ، فنراه يوضح شروط استحقاقها ويبين ماهيتها وأشكال ظهورها في المستخلف .
 
شروط استحقاق الخلافة عن الله شرطان :
وهما الصورتان : الإلهية والكونية ، أي من جمع في ذاته جميع حقائق الحق والعالم ، وهو الإنسان الكامل .
2. ماهية الخلافة عن الله :
إن الخلافة عن الله بلغة ابن العربي الطائي الحاتمي ، هي ظهور الإنسان الكامل في العالم بالأسماء والصفات الإلهية ، وهو مقام قرب النوافل الذي يتحقق فيه العبد أن الحق سمعه وبصره وكل قواه .
 
3. أشكال ظهور الخلافة عن الله في ( الإنسان ) ستة أشكال وهي :
الولاية ، النبوة ، الرسالة ، الإمامة ، الأمر ، الملك .
أ. الولاية : إن الخلافة تظهر بعد انقطاع الرسالة بالولاية .
ب. النبوة : وهي عند ابن العربي الطائي الحاتمي نبوتان : نبوة تشريع ، ونبوة عامة .
- كلمة ( خليفة ) معرفة تؤدي إلى أحد أمرين ، أما أن الخليفة هو الإنسان الكامل ، القطب صاحب الوقت ، وهنا يتعدد بتعدد الأزمنة ، وأما أنه الخليفة الواحد يظهر في كل زمان بصورة صاحب الوقت أو القطب .
 
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني :
" الخلافة هي قسمان :
خلافة صغرى : وهي الإمامة والرياسة الظاهرية .
وخلافة كبرى : وهي الإمامة والرياسة الباطنية ، كما كان لعلي رضى الله عنه ".
 
يقول الباحث محمد غازي عرابي في أنواع الخلافة:
" الخلافة خلافتان ظاهرة وباطنة .
فالظاهرة ما تعارف عليه الناس من انتخاب خليفة لهم ، يقوم بشؤونهم ...
واختلف في الموقف من الإمام الجائر أو الحاكم الجائر ، هل يخلع ويخرج عليه أم تكون في ذلك فتنة ؟ ..
والحق أن أمثال هذه الأمور اجتهادية ، لأنه وضح بعد الدراسات العميقة للقرآن أنه ترك هذه المسائل وأمثالها مفتوحة صالحة لتطور الزمن ، وأن في وسع الناس أن يختاروا وما يتفق وأحوالهم ، وإلا فما كان يعجز الله أن يضع حدا وأسسا لهذه الأمور .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 15:53 عدل 1 مرات
عبدالله المسافر
عبدالله المسافر
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6580
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 1 يناير 2020 - 22:06 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الجزء الثاني
تابع كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة وجودية في كلمة داودية :
أما الخلافة الباطنة فهي سر وستر .
ولقد تحدثت كتب الصوفية عن مراتب هذه الخلافة والقائمين بها كالغوث والقطب والعرفاء والأبدال وما شابه .
وما يهمنا هو الحديث عن خليفة علم الباطن ، فهؤلاء آحاد أفراد ، ولا يوجد فيهم في الزمان إلا واحد ، وقد لا يوجد البتة ، وقد يكون أمره ظاهرا ...
وقد يكون أمره مخفيا ومستورا . وخليفة علم الباطن ، هو المصطفى للتكليم والمشافهة والرؤية ، وهذه كلها من مراتب الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله .
فلا بد من مصطفى لله اختصه برحمته ، وكشف له الغطاء ، وأورثه علم الأولين والآخرين ، وجعله لسانه يملي عليه فيكتب إملاء ...
وخلافة علم الباطن خاصة بالأمة المحمدية ، فهؤلاء وصلوا إلى كشف الذات ، وهو المحق الذاتي . ولا بد للمصطفى من هذه المرتبة أن يكون فانيا بنفسه قائما بالله أي لسان الله ".

يقول الشيخ أحمد بن عجيبة لمن إرادة الخلافة ؟:
" إرادة الخلافة وكمال المعرفة : هي لمن ظهرت نجابته ، وكملت أهليته ، وصرح له بالخلافة من شيخ كامل أو هاتف صادق ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في شروط الخلافة الحقيقية:
" من شروط الخلافة الحقيقية التي هي خلافة الأولياء الكاملين : أن يفنى ، أي : يمحق الخليفة عن الله تعالى في أرضه و بين عباده ، وجميع صفات نفسه بحول ربه وقوته ... بحيث يصير معدوما بنفسه موجودا بربه ".

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي مقام الخلافة :
" مقام الخلافة : هو مظهر الجمال والجلال ".

يقول الشيخ ولي الله الدهلوي الخلافة الباطنة :
" الخلافة الباطنة : هي تعليم الكتاب والحكمة ، وتزكيتهم بالنور الباطن بقوارع الوعظ وجواذب الصحبة ".
يقول : " الخلافة الظاهرة : إقامة الجهاد والقضاء والحدود ، وجباية العشور والخراج وقسمتها على مستحقيها ، وقد حمل أعباءها العادلون من ملوك الإسلام ". 

يقول الشيخ أبو العباس التجاني الخلافة العظمى :
هي استخلاف الحق تعالى للأولياء على مملكته ، تفويضا عاما أن يفعلوا في المملكة كل ما يريدون ، ويملكهم كلمة التكوين ( كن ) ، متى قالوا للشيء : كن كان من حينه ، فلا يستعصي عليهم شيء من الوجود .

نقول موسوعة الكسنزان  إن الخلفاء بعد رسول الله على نوعين :
النوع الأول : هم خلفاء الباطن أو الروح وأولهم إمامنا علي بن ابي طالب .
النوع الثاني : خلفاء الظاهر وهم الخلفاء الراشدون ومن تبعهم .

يقول الشيخ داود القيصري في صفات الخليفة:
" الخليفة لابد أن يكون موصوفا بجميع الأوصاف الإلهية إلا الوجوب الذاتي ، ومتحققا بكل أسمائه ليعطي مظاهر الأسماء كلها ما يطلبونه ، ويوصل كلا منهم إلى كماله ... 
فحقيقته الخليفة : حقيقة الحقائق كلها ، وكل من أعيان العالم إنما يربه هذا الخليفة ويوصله إلى كماله اللائق به ويمده بما منه في حقيقته .
فالخليفة : عبد لله ، رب للعالم بربوبيته له : فكل ما في العالم ، سواء أكان من أهل الجبروت أو الملكوت أو الملك لا يأخذ إلا منه فكمالهم به . كما أن خلافته أيضا بهم . إذ لولا العالم لما كان الخليفة خليفة ، وكون الخليفة يحكم البشرية موصوفا بصفات العجز والنقصان ، لا يقدح هذا في كونه متصفا بصفات الملك الرحمن . وهذا الخليفة لا يتصرف في أهل العالم إلا بما اقتضته العناية الإلهية . والمشيئة الذاتية وأعطته الأعيان الثابتة باستعداداتها في الأزل ".

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في أقسام الخلفاء:
" اعلم أن الخلفاء على أقسام :
خلفاء الله على ما هو له ، يقومون بصفاته عنه .
وخلفاء الله على ما هو منه ، يقومون به في خلقه .
وخلفاء لخلفاء الله تعالى في كلا القسمين .
والخلافة المحضة فيما من الله تعالى لمحمد وحده . وللأنبياء والأولياء الكمل نوابه ، فهم خلفاء خلافته ".

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي يحفظ العالم بالخليفة:
" الله تعالى يحفظ العالم بالخليفة كما يحفظ الخزائن بالختم . وهو القطب الذي لا يكون في كل عصر إلا واحدا ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي سبب اختيار آدم للخلافة:
" إنما كانت الخلافة لآدم عليه السلام دون غيره من أجناس العالم ، لكون الله تعالى خلقه على صورته ، فالخليفة لا بد أن يظهر فيما استخلف عليه بصورة مستخلفه وإلا فليس بخليفة له فيهم ، فأعطاه الأمر والنهي ، وسماه بالخليفة ، وجعل البيعة له بالسمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الموحد من جميع الوجوه ، لا يصح أن يكون خليفة . فإن الخليفة مأمور بحمل أثقال المملكة كلها ، والتوحيد يفرده إليه ولا يترك فيه متسعا لغيره ".

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى في سبب تسمية الإنسان بالخليفة:
" سمي الإنسان خليفة لمعنيين :
أحدهما : أنه يخلف عن جميع المخلوقات ولا يخلفه المكونات بأسرها ، وذلك لأن الله جمع فيه ما في العوالم كلها من الروحانيات والجسمانيات والسماويات والأرضيات والدنيويات والأخرويات والجماديات والنباتيات والحيوانيات والملكوتيات ...
والثاني : أنه يخلف وينوب عن الله صورة ومعنى .
 
أما صورة : فوجوده في الظاهر يخلف عن وجود الحق في الحقيقة ، لأن وجود الإنسان يدل على وجود موجده ، كالبناء يدل على وجود الباني ويخلف وحدانية الإنسان عن وحدانية الحق وذاته عن ذاته وصفاته عن صفاته ... ولا مكانية روحه عن لا مكانيته ، ولا جهتيته عن لا جهتيته ...
وأما معنى : فليس في العالم مصباح يستضيء بنار نور الله ، فيظهر أنوار صفاته في الأرض خلافة عنه إلا مصباح الإنسان ، فإنه مستعد لقبول فيض نور الله ... فإذا أراد الله أن يجعل في الأرض خليفة يتجلى بنور جماله لمصباح السر الإنساني ، فيهدي لنوره فتيلة خفاء من يشاء ، فيستنير مصباحه بنار نور الله ، فهو على نور من ربه ، فيكون خليفة الله في أرضه ، فيظهر أنوار صفاته في هذا العالم بالعدل والإحسان والرأفة والرحمة لمستحقيها ، وبالعزة والقهر والغضب والانتقام لمستحقيها ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في سبب تسمية الإنسان الكامل بالخليفة:
" الإنسان الكامل هو العلامة التي بها يختم الملك على خزانته ، وسماه خليفة : من أجل هذا ، لأنه تعالى الحافظ به خلقه كما يحفظ الختم الخزائن ، فما دام ختم الملك عليها لا يجسر أحد على فتحها إلا بإذنه ، فاستخلفه في حفظ الملك ، فلا يزال العالم محفوظا ما دام فيه هذا الإنسان الكامل ".

ويقول الشيخ علي الخواص :
" سمي الكامل خليفة... لأن الله تعالى وكل إليه الأمر ظاهرا وباطنا .
أما في الظاهر : فبإطلاق لفظ الخليفة عليه .
وأما في الباطن : فلكونه جعل علة للخلق في الوجود ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الخلافة للإنسان الكامل:
" ما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل ".
" الخليفة له التصرف العام والحكم الشامل التام في جميع المملكة الإلهية ، وله بحسب ذلك الأمر والنهي والتقرير والتوبيخ والحمد والذم على حسب ما يقتضيه مراد الخليفة ، سواء كان نبيا أو وليا مستوون في هذه المرتبة . والرسول ليس له عموم الأمر والنهي إلا ما سمعه من مرسله سبحانه وتعالى ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في سبب عدم التنصيص بالخلافة:
" أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول . فنقول فيه بلسان الكشف : خليفة الله ، وبلسان الظاهر خليفة رسول الله . ولهذا ... ما نص بخلافة عنه إلى أحد .
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه ، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الفرق بين الخليفة والرسول:
" ما كل رسول خليفة . فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية . والرسول ليس كذلك ، إنما عليه البلاغ ".
إن الخليفة من كانت إمامته  ... ليس الخليفة من قامت أدلته
له التقدم بالمعنى وليس له  .... فيدعي الحق و الأسياف تعضده
من صورة الحق والأسماء تعضده ....  من الهوى وهوى الأهواء يقصده
توقيع حق ولا شرع يؤيده   ..... وهو الكذوب ونجم الحق يرصده

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى عن خليفة الله:
" إن رسول الله كان لوصفه بالفناء ، فانيا في الله ، باقيا بالله ، قائما مع الله ، فكان خليفة الله على الحقيقة فيما يعامل الخلق حتى قال : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ". وكان الله خليفته فيما يعامله الخلق حتى قال : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله "، ولهذا كان يقول : " الله خليفتي على أمتي "."

يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
خليفة الله : هو الغوث ، فالله يتجلى عليه بالأسماء الإلهية على رأى منه .
خليفة الله : هو الذي تتوفر فيه عبوديتان ، عبودية التعريف ، وعبودية التكليف .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي حضرة الخليفة والختم :
حضرة الخليفة والختم : هي حضرة حصول الإنسان من ذاته في برزخ البرازخ مقام المجد الشامخ ، والعز الباذخ ، فيه تكون ليلة قدره ، وكمال بدره .
يميز فيه بين الأشياء ، ويفصل بين الأموات والأحياء ، ويطلع على أهل البلاء والنعماء .
فيه تقوم قيامته الخاصة بذاته واستواء إقامته ، فيحصل على الورث الإنبائي والمقام الاختصاصي ، متملك في هذه الحضرة ، حيث ينقلب الولي نبيا والنبي وليا .

مصطلح الوجود
بقول الإمام القشيري :
قال بعضهم الوجود : هو تمام وجد الواجد .

يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني:
" الوجود : هو أن تشتغل الروح بحلاوة النظر ، ويبقى السر فارغا من الرقيب للحق مع الحق.
والوجود : هو شراب يسقيه المولى وليه ، على منبر كرامته .
فإذا شرب طاش ، وإذا طاش طار قلبه بأجنحة الأنس في رياض القدس ، فيقع في بحور الهيبة ، فيصرع فلذلك يخشى على الواجد ".

يقول الشيخ أبو محمد القاسم بن عبد البصري:
" الوجود : هو اسم لثلاثة معان :
الأول : وجود علم لدني يقطع علم الشواهد في صحبة مكاشفة الحق إياك .
والثاني : وجود الحق وجودا غير منقطع عن مشاع الإشارة .
والثالث : وجود مقام اضمحلال رسم الوجود بالاستغراق في الأولية ".

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى
الوجود في مقام المشاهدة : هو ظلمة شديدة في الأول ، فإذا صفت تشكلت بهيئة الغيم الأسود .

الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " الوجود كله حروف وكلمات وسور وآيات فهو القرآن الكبير الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو محفوظ العين ، فلا يتصف بالعدم ، لأن العدم نفي الشيئية والشيئية معقولة وجودا وثبوتا ، وما ثم رتبة ثالثة ".
الوجود : هو وجدان الحق في الوجد على نعت مجهول .


يقول العلامة حسن بن حمزة الشيرازي:
" الوجود : هو الرحمة التي وسعت كل شيء "

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الوجود : هو حقيقة معلومة بالبداهة ، مقابلة للوهم ، لا يختلف إلا بالخفاء والظهور ،ويمتاز أفرادها بالإضافة فحسب ، كوجود العالم ووجود الإنسان وغير ذلك ".
ويقول : " الوجود : هو الإنسان الكامل ، وهو العين المقصود ".
ويقول : " الوجود : وجدان الحق ذاته بذاته ، ولهذا تسمى حضرة الجمع : حضرة الوجود ".
ويقول : " الوجود : ليس إلا عين الحق تعالى ".

يقول الشريف الجرجاني:
" الوجود : هو فقدان العبد بمحاق أوصاف البشرية ووجود الحق ، لأنه لا بقاء للبشرية عند ظهور سلطان الحقيقة ".

يقول الشيخ محمد فضل الله البرهانبوري:
" الوجود : هو الحق ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي:
" الوجود : هو مفهوم واحد لا يختلف إلا باللوازم والاعتبارات ، فهو في القديم قديم ، وفي الحادث حادث ، كما أنه في الإنسان إنسان ، وفي الجامد جماد . والوجود نفس الماهية الموصوفة به على التحقيق ، وهي في القديم مطلق وفي الحادث مقيد ".

يقول السيد محمود أبو الفيض المنوفي:
" الوجود : هو وحدة مطلقة ، ظاهرها الكائنات المتعددة ، وباطنها الحقائق المتوحدة المقومة للكل ولها بين بطونها ".

يقول الشيخ سليمان بن يونس الخلوتي:
" الوجود في اصطلاح القوم : هو البعد من حضرة الخلق ، والقرب من حضرة الحق ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في أقسام الوجود:
" .. الوجود فمنه ظلمة : وهي الطبيعة ، ومنه نور : وهو النفس الرحماني الذي يعطي الوجود لهذا الممكن العالم ".

ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" الوجود ينقسم إلى قسمين : وجود الحق ، ووجود الباطل ،
وإن شئت قلت : الوجود القديم والوجود الحادث ،
وإن شئت قلت : الوجود الرب والوجود العبد ".
ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" مراتب الوجود : هي العوالم الثلاثة ، الملك ، والملكوت ، والجبروت ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي الوجود أربعة:
" ما ثم إلا ذات وصفات ، وصفات صفات ، وهي : الأفعال ، ومنفعلات : وهي العالم .
فالأول : هو المعبود . مرتبة الله تعالى .
والثاني : الموصل إليه ، وهو المعبود . مرتبة محمد .
والثالث : هو العابد . مرتبة المؤمنين .
والرابع : هو العائق والمانع . مرتبة الشيطان .
وهذه الأربعة في الحقيقة شيء واحد ، لكنه تنزل وتفصل ، فظهرت له هذه الأطوار ، وتعددت وجوداته .

فالوجود العيني : مرتبة الذات .
والوجود العلمي : مرتبة الصفات .
والوجود القولي : مرتبة الأفعال .
والوجود الرقمي : مرتبة الانفعالات .
وهذه الأربع وجودات هي صورة الحق ، وقد خلق الله تعالى آدم مشتملا على هذه الصورة ".
ويقول : " هذه الوجودات الأربعة ... فهو الله في عالم الذات العلية ، ومحمد في عالم الصفات السنية ، والمؤمن في عالم الأفعال ، والشيطان في عالم الانفعال ".
 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الكمال والنقص في الوجود:
" اعلم أنه من كمال الوجود وجود النقص فيه ، إذ لو لم يكن لكان كمال الوجود ناقصا بعدم النقص فيه ، قال تعالى في كمال كل ما سوى الله : " أعطى كل شيء خلقه "،
فما نقصه شيئا أصلا ، حتى النقص أعطاه خلقه ، فهذا كمال العالم الذي هو كل ما سوى الله إلا الله .
ثم الإنسان فله كمال يليق به وللإنسان كمال يقبله ، ومن نقص من الأناسي عن هذا الكمال فذلك النقص الذي في العالم ، لأن الإنسان من جملة العالم ، وما كل إنسان قبل الكمال ، وما عداه فكامل في مرتبته ".

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني في لا موجود إلا الله:
" ليس مراد المبتدئ في الطريق أن ينفي وجود العالم كما يظن من لا علم له بأحوال أهل الطريق ، بل مراده أن الله تعالى قد أخذ حبه بمجامع قلبه حتى حجبه عن شهود خلقه ".
 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الوجود الذي لا يعول عليه:
" وجود الحق عند الاضطرار لا يعول عليه ، لأنه حال ، والحال لا يعول عليه ، فإذا وجده في غير حال الاضطرار فذلك الذي يعول عليه . وتعريه عن الاضطرار حال غير مرضي ووجود الحق فيه مرضي ".


يقول الشيخ أبو العباس التجاني في أول موجود:
" أول موجود أوجده الله تعالى من حضرة الغيب : هو روح سيدنا محمد ".

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني في أول موجود من الممكنات:
" أول موجود من الممكنات ، هو العقل الأول ، لأنه أول قابل للوجود المفاض ".

 

يقول الشيخ ولي الله الدهلوي في معنى الوجود والثبوت:

" لنبحث عن هذا الثبوت وعن هذا الوجود أي شيء منبعهما .
فالذي وقع عندنا أن الوجود منبعه ومصدره : الوجود المنبسط على هياكل الموجودات ، أو النفس الرحماني أو النفس الكلية أيا ما شئت فقل ...
وهو صادر من الذات الإلهية ، وإن الثبوت منبعه : اقتضاء الذات الإلهية للعالم في عالم العقل قبل الوجود الخارجي ، وهو الذي تسميه الصوفية : بالتنزل العلمي ، ولا يريدون بالعلم ارتسام صور الأشياء لكنهم يريدون صدور الأشياء منه مرة واحدة في المرتبة العقلية قائمة بالواجب لا بنفسها .

ولنبين ذلك بمثال :
إذا وضعت الخاتم على الشمعة انتقش فيها الحروف المكتوبة في الخاتم ، فالحروف الظاهرة في الشمع إنما كانت بعلة فاعلة وهو الخاتم ، وعلة قابلة وهي الشمعة ، وإنما وجدت عند اجتماعهما وانطباق أحدهما على الآخر ، لكن للخاتم استعداد قام به منذ كان الخاتم ، إنه لو انطبق عليه شيء سواء كان شمعا أو طينا فاض منه على ذلك الشيء صورة الحروف .
فكل ما وجد عند الانطباق كان ثابتا قبله في نفس الأمر قائما بالشمعة ، فكذلك كل ما وجد حينا من الزمان فإنه كان قائما بالذات الإلهية من حيث الثبوت ، ومن حيث أنه كمال للواجب ومقتضاه ، وهذا هو الذي تسميه الصوفية : بالفيض الأقدس والحكماء :

تقول د. سعاد الحكيم في الفرق بين الوجود والموجود:
" يفرق ابن العربي الطائي الحاتمي بين الوجود والموجود . فالموجودات ليست موجودة بوجود حادث ، بل هي موجودة بالحق ، أما وجود خاص فليس لها ذلك .
وبكلام آخر : فالموجودات ليس لها وجود ، بل هي ثابتة في العدم لم تفارقه .
وقد يطلق ابن العربي الطائي الحاتمي على الموجودات أحيانا صفة الوجود ، ولكن يجب أن نفهم إطلاقه هذا محض اشتراك لفظي لا معنوي .
فالوجود للحق و العدم للممكن . ومن هنا برزت كل الصفات التي ألحقها بلفظ الوجود ، لتعبر عن وجود الممكن ، في مقابل الوجود الحقيقي ، أو الوجود المطلق والصرف الذي هو للحق . مثلا :
الوجود الخيالي ، الوجود الإضافي ، الوجود المقيد ، الوجود الإمكاني ، الوجود المستفاد ، الوجود المستعار ، الوجود المجاز وما إلى ذلك من عبارات تدل على طبيعة الممكن ."

وهكذا بين الشيخ ابن العربي أن وجود المخلوقات ، ثابتة في العدم لم تفارقه ،  لافتقارها الدائم المستمر إلى الحق ، من حيث إنه خالق على الدوام ، ويكون وجودها هو وجود الحق ليس إلا.
 

مصطلح المعصية - العصيان
في اللغة :" معصية : 1. مخالفة الأمر والخروج عن الطاعة .


في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام أبو حامد الغزالي:
" المعصية : هي حجاب ، ولا يرفعها إلا التوبة ، والخروج من المظالم ، وتصميم العزم على ترك العود ، وتحقيق الندم على ما مضى ، ورد المظالم ، وإرضاء الخصوم ".

يقول الشيخ إبن عطاء الله السكندري:
" المعصية : هي أسباب التفرقة ووسائلها فلذلك نهي عنها ".

يقولالشيخ أحمد زروق :
 " المعصية : هي مخالفة أمر الله الواجب ".


يقول الشيخ محمود أبو الشامات اليشرطي:
" المعصية : هي الغفلة عن الله تبارك وتعالى ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في أصل المعاصي:
" أصل المعاصي في العباد يستند إلى نسبة إلهية ، وهي أن الله هو الآمر عباده والناهي تعالى ، والمشيئة لها الحكم في الأمر الحق المتوجه على المأمور ، أما بالوقوع أو بعدم الوقوع ، فإن توجهت بالوقوع سمي ذلك العبد طائعا ، ويسمى ذلك الوقوع طاعة وإن لم تتوجه المشيئة بوقوع ذلك الأمر عصت الإرادة الأمر ، وليس في قوة الأمر الحكم على المشيئة فظهر حكم المشيئة في العبد المأمور ، فعصى أمر ربه أو نهيه وليس ذلك إلا للمشيئة الإلهية ".

ويقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" الرضا عن النفس : أصل كل معصية وغفلة وشهوة ".

ويقول الشيخ حاتم الأصم :
" اصل المعصية ثلاثة أشياء : الكبر ، والحرص ، والحسد ".


يقول الشيخ أبو عبد الله بن خفيف الشيرازي في عصيان الأنبياء:
" عصيان الأنبياء سبب لقربتهم ، وفوائد لأمتهم ، ولا يسمون عصاة بعصيانهم بل نقول: عصى آدم ، ولا نقول : هو عاص ".
 
يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام " وعصى آدم ربه ":
" طالع الجنان بعينه فنودي عليه إلى يوم القيامة : " وعصى آدم ربه " ، ولو طالعها بقلبه لنودي عليه بالهجران أبد الأبد ".

ويقول الشيخ إبن عطاء الأدمي :
" اسم العصيان مذمة إلا أن الاجتباء والاصطفاء منعا أن يلحق آدم اسم المذمة بحال ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" قال بعضهم : الطاعة تجر إلى النور ، والمعصية تجر إلى النار ، والنور أشد إحراقا ".

يقول الشيخ حسين الحصني الشافعي
العاصي : هو من امتثل وتابع أوامر الحق تعالى بباطنه دون ظاهره .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 15:56 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 5:18 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب.) .

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
هذا فص الحكمة الداودية ، ذكره بعد حكمة سليمان عليه السلام ، لأنه أبوه فذكره بعده وكان القياس تقديم ذكر الأب على الابن ، لأنه أصله لما وهبه اللّه تعالى لأبيه وجمع سر الخلافة الإلهية فيه وفهمه الحكمة وحققه بالرحمة كان عمل أبيه الصالح المقدم بين يديه .
والمشار به إليه قال تعالى :"وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"( 30 ) [ ص : 30 ] .
وقال تعالى :" فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً " [ الأنبياء : 79 ] ، فقد سبق أباه بالفهم وضرب له في مقام المظهرية الإلهية بأوفى سهم .
(فص حكمة وجودية) ، أي منسوبة إلى الوجود (في كلمة داودية) إنما اختصت حكمة داود عليه السلام بكونها وجودية لأنها كانت بتصرف الوجود في الوجود ، ولهذا ورد التصريح لها بالخلافة دون آدم عليه السلام ولين لها الحديد وأوّبت معها الجبال لكما اتصالها بالوجود عن تحقق كشف وشهود انفصالها عن حكم الأعيان الثابتة الظاهرة بنور الحق سبحانه فكأنها نفس النور الوجودي من كمال المقام الشهودي .

قال رضي الله عنه :  (اعلم أنّه كانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهيّا ليس فيها شيء من الاكتساب أعني نبوّة التّشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السّلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها جزاء فإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال . فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] يعني لإبراهيم الخليل - عليه السّلام - وقال في أيّوب - عليه السّلام -وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ [ ص : 43 ] ؛ وقال في حقّ موسى - عليه السّلام -وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا( 53 ) [ مريم : 53 ] إلى مثل ذلك . فالّذي تولّاهم أوّلا هو الّذي تولّاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلّا اسمه الوهّاب .)

(اعلم) يا أيها السالك (أنه) ، أي الشأن لما كانت النبوّة والرسالة في النبي والرسول (اختصاصا إلهيا) ، أي مجرد خصوصية يختص اللّه تعالى بها من يشاء من عباده (ليس فيها) ،
أي في النبوّة وكذلك الرسالة (شيء من الاكتساب) ، أي التحصيل بالسعي أصلا (أعني) بالنبوّة (نبوّة التشريع) ، أي المقتضية لتشريع الشرائع الإلهية وتكليف العباد بها احترازا عن نبوّة الخبر كالإلهام في حق الأولياء والوحي الوارد للنحل والأرض كما قال تعالى :وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ[ النحل : 68 ] ، وقال سبحانه :يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ( 4 ) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها( 5 ) [ الزلزلة : 4 - 5 ] .

وقوله تعالى : وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ [ القصص : 7 ] ، وغير ذلك فإنه كان بمعنى وحي الإلهام ونبوّة الخبر دون وحي النبوّة ونبوّة التشريع (كانت عطاياه تعالى لهم) ، أي للأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) غير النبوّة والرسالة (من هذا القبيل) ، أي من قبيل نبوّتهم ورسالاتهم مجرد اختصاصات إلهية ومحض (مواهب) رحمانية (ليست جزاء) منه تعالى لهم على عمل أصلا (ولا) هي عمل منه تعالى (يطلب) بالبناء للمفعول (عليها) ،
أي على تلك العطايا (منهم) ، أي من الأنبياء عليهم السلام (جزاء) ، لأن اللّه تعالى غني عن العالمين (بإعطائه) تعالى (إياهم) ، أي للأنبياء عليهم السلام تلك العطايا (على طريق الإنعام) منه سبحانه (والإفضال) ، أي الإحسان والتكرم .
(فقال) تعالى ("وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ " )[ الأنعام : 84 ] ابن إسحاق (يعني لإبراهيم الخليل) عليه السلام (وقال) تعالى (في أيوب) عليه السلام (" وَوَهَبْنا لَهُ") ،

أي لأيوب عليه السلام (أَهْلَهُ)، وهم أولاده وزوجاته فقيل : إن اللّه تعالى أحياهم له (وَمِثْلَهُمْ)، أي أولاده وزوجاته مقدارهم أيضا (مَعَهُمْ) [ ص : 43 ] وقال تعالى أيضا (في حق موسى) عليه السلام : ("وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا")( 53 ) [ مريم : 53 ] ، فشد اللّه تعالى عضده به وقوّاه وجعل لهما سلطانا في الأرض (إلى مثل ذلك) كقوله تعالى في زكريا عليه السلام :وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى[ الأنبياء : 90 ] ، (فالذي تولاهم) ،

أي الأنبياء عليهم السلام يعني كان وليا لهم (أوّلا) فجعلهم بمحض فضله عليهم وإحسانه إليهم أنبياء ومرسلين (هو الذي تولاهم آخرا) ،
أي قام على نفوسهم بجميع ما اكتسبوا (في عموم أحوالهم) ظاهرا وباطنا من غير نسبة إلى نفوسهم عندهم أصلا (أو) في (أكثرها) ، أي أحوالهم ، وفي الأقل بنسبتها إلى نفوسهم عندهم ونفوسهم قائمة به سبحانه كما كان يقسم صلى اللّه عليه وسلم بقوله : « والذي نفسي بيده » رواه البخارى ومسلم .
(وليس) ذلك الذي تولاهم (إلا اسمه) تعالى (الوهاب) كما ورد فعله بذلك في الآيات المذكورة


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب
 
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فص حكمة وجودية ) أي فص الحكمة المنسوبة إلى الوجود الإنساني حاصلة ( في كلمة داودية ) أي في روح منسوبة إلى داود عليه السلام وإنما نسب الحكمة الوجودية إلى داود عليه السلام لأن المقصود من الوجود الإنساني الخلافة ولا يتم ذلك بكماله إلا بداود عليه السلام
لذلك ما ظهرت الخلافة في أحد مثل ظهورها في داود عليه السلام حيث خاطبه الحق
بقوله :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً بخلاف آدم عليه السلام فإنه ليس بهذه المثابة في التصريح فلا يظهر خلافة آدم بتمامه إلا بداود .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب ) أي لا يحصل بتعلق إرادة الإنسان ( أعني نبوة التشريع ) فالنبوة العامة لكونها لازمة للولاية الكسبية خارجة عن هذا الحكم ( كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل )

قوله رضي الله عنه  : ( مواهب ليست جزاء ولا يطلب عليها منهم جزاء فاعطاؤه تعالى إياهم على طريق الإنعام والإفصال ) بدل قوله من هذا القبيل على التفضيل ( فقال :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ *يعني لإبراهيم الخليل ، وقال في أيوب :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُم ْوقال في حق موسى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّاإلى مثل ذلك فالذي تولاهم أوّلا ) .
أي تولا بإعطاء كمالاتهم في الدنيا من غير كسب ( هو الذي تولاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرهم ) بإعطاء درجاتهم من غير كسب فكانت نعم اللّه عليهم في الدنيا والآخرة بطريق الإفضال لكونهم مظاهر اسمه الوهاب فلا ينفك تصرف الاسم الوهاب ولا الجواد عنهم ( وليس ) متوليهم ( إلا اسمه الوهاب ).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب).

قال رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء. فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك. فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)
قلت : استفتح كلامه في معنى قوله تعالى لداود، عليه السلام: ولقد آتينا داود منا فضلا (سبأ: 10) ولم يقل جزاء بل عطاء منه وموهبة .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)

17 - فصّ حكمة وجودية في كلمة داوودية
قال العبد : قد ذكرنا علَّيّة استناد الحكمة الوجودية إلى الكلمة الداودية في شرح الفهرست ، وفي شرح فصّ سليمان ، أنّه صورة كمال ظهور الوجود ، ونتمّمه إن شاء الله في شرح المتن .
" إنّما كانت حكمته وجودية لما تمّ في وجوده حكم الوجود العامّ في التسخير ، وجمع الله له بين الملك والحكمة والنبوّة ، ووهبه سليمان الذي آتاه التصرّف في الوجود على العموم ، وخاطبه بالاستخلاف ظاهرا صريحا ، فبلغ الوجود بوجوده كمال الظهور ."
قال رضي الله عنه : « اعلم : أنّه لمّا كانت النبوّة والرسالة اختصاصا إلهيّا ليس فيها شيء من الاكتساب ، أعني نبوّة التشريع ، كانت عطاياه - تعالى - لهم عليهم السّلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها منهم جزاء ، وإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال ،
فقال :  (وَوَهَبْنا لَه ُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ)  ، يعني لإبراهيم الخليل ،
 وقال في أيّوب : ( وَوَهَبْنا لَه ُ أَهْلَه ُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ )   ،
وقال في حق موسى :   ( وَوَهَبْنا لَه ُ من رَحْمَتِنا أَخاه ُ هارُونَ نَبِيًّا )   فالذي تولَّاهم أوّلا هو الذي تولَّاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلَّا اسمه « الوهّاب »
قال العبد : يشير رضي الله عنه بإسناد هذه الحكمة الوجودية إلى الكلمة الداودية ، إلى أنّ الكمال الوجوديّ والوجود الكماليّ إن يظهرا في أحدية جمع الجمع الإنساني الإلهي ، بالخلافة والنيابة الإلهية الكلَّية من حضرة الجواد الوهّاب ،

فإنّ الوجود فيض ذاتي جودي ، وهو نفس رحماني وجودي ، وهذا وإن ظهر في كل خليفة الله في أرضه وقطب قام بنيابته في نفله وفرضه في كل عصر ،عصر من الأنبياء والأولياء ، ولكن ظهوره في داوود عليه السّلام كان أتمّ وأبين ، بمعنى أنّ الله جمع له - صلوات الله عليه - بين الخلافة الحقيقية المعنوية الإلهية وبين الخلافة الظاهرة بالسيف والتحكيم الكلَّي في العالم.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
إنما خصت الكلمة الداودية بالحكمة الوجودية ، لأن الوجود إنما تم بالخلافة الإلهية في الصورة الإنسانية ، وأول من ظهر فيه الخلافة في هذا النوع كان آدم ، وأول من كمل فيه الخلافة بالتسخير داود حيث سخر الله له الجبال والطير في ترجيع التسبيح معه كما قال -   ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَه يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ والإِشْراقِ والطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَه أَوَّابٌ ) - وجمع الله به فيه بين الملك والخطاب والنبوة في قوله - ( وشَدَدْنا مُلْكَه وآتَيْناه الْحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ ) - وخاطبه بالاستخلاف ظاهرا صريحا هو داود عليه السلام . ولما كان التصرف في الملك بالتسخير أمرا عظيما لم يتم عليه بانفراده ، وهبه سليمان وشركه في ذلك لقوله -   ( ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وسُلَيْمانَ عِلْماً وقالا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي فَضَّلَنا ) - الآية ، وقال - ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وعِلْماً ) - فكان تتمة لكماله في الخلافة بما خصصه الله به من كمال التصرف في العموم فبلغ الوجود بوجود كماله في الظهور ، وهذا هو السر في اقتران الحكمة الداودية بالحكمة السليمانية ، وتقديم السليمانية على الداودية للمزية الظاهرة له بخصوصية ، فكأنها حكمة واحدة فيما يرجع إلى ظهور كمال الوجود ، وحكمتان في ظهور الرحمانية في الفرع ، إذ كل فرع فيه ما في الأصل وزيادة تخصه ، فقدم للزيادة وللتنبيه على أنهما حكمتان متميزتان بتقديم الآخر على الأول كما فعل الله بقصة البقرة .

قال رضي الله عنه :  ) اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب أعنى نبوة التشريع كانت عطاياه تعالى لهم عليهم الصلاة والسلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ولا يطلب عليها منهم جزاء ، فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال فقال : " ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ " يعنى لإبراهيم الخليل ، وقال في أيوب : " ووَهَبْنا لَه أَهْلَه ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ " . وقال في حق موسى :" ووَهَبْنا لَه من رَحْمَتِنا أَخاه هارُونَ نَبِيًّا " إلى مثل ذلك ،
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلا اسمه الوهاب)

اعلم أنه لما كان أصل الوجود الفائض على الأشياء من محض الجود كان كماله الذي هو الخلافة الإلهية أيضا من محض الجود ،
فكانت للنبوة والرسالة التي لا بد للخلافة الإلهية منهما مع التصرف في الملك بالتسخير اختصاصا إلهيا من حضرة اسم الجواد الوهاب ، ليس للكسب والعمل فيه مدخل لا أولا بأن يكون جزاء لعمل منهم ولا آخرا بأن يطلب منهم شكرا وثناء ، ويكون قضاء لحق النعمة عليهم ،
كما ذكر في الآيات المذكورة ، وإنما خصص النبوة بالتشريع احترازا عن نبوة الإنباء العام من البحث في معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله وآثاره ،
وعن علم الوراثة في قوله : « العلماء ورثة الأنبياء » . وقوله: " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " .

فإن تحصيل علوم النبوة بالكسب وبالعمل الذي يثمره في قوله عليه الصلاة والسلام:  « من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم » نوع النبوة الكسبية ،
فالذي تولاهم أولا بأن أعطاهم تفضلا من غير عمل منهم تولاهم آخرا بأن يحفظ عليهم تلك النعمة في جميع الأحوال أو أكثرها ويزيدها ولا يطلب منهم شكرها مع أنهم لا يخلون بالقيام عن شكرها ، لأن نشأتهم النبوية تعطيهم القيام بحقوق العبدانية على أكمل الوجوه ،
كما قال عليه الصلاة والسلام « أفلا أكون عبدا شكورا » .

 
ولهذا ذكر أنه أتى داود شكرا فضلا ولم يذكر أنه أعطاه ما أعطاه جزاء لعمله ولم يطلب منه جزاء على ذلك الفضل ، وإنما طلب الشكر بالعمل من آل داود على النعمة التي أنعم بها عليهم وعلى آل داود ، ولأن النعمة على الأسلاف نعمة على الأخلاف .
"" أضاف بالى زادة : فالعبد الشكور هو الذي شكر الله على ما أنعم من غير طلب من الله الشكر ، وأما الذي شكر عن طلب ربه فليس بعبد شكور ، فما كان الشكور من العباد إلا الأنبياء خاصة لورود النص في حقهم ، وأما غيرهم من المؤمنين وإن كانوا شاكرين لكنهم لا يكونون عبدا شكورا لعدم النص في حقهم ، نعم قد أنعم الله على بعض المؤمنين ببعض نعمة من غير طلب الشكر فتبرعوا بالشكر من عند أنفسهم ، فكانوا حينئذ عبدا شكورا ولم يأت النص به اهـ بالى.""
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
المراد بالحكمة الوجودية حكمة وجود العالم الإنساني ، لا مطلق الوجود ،  فإنه غير مختص بشئ من الأشياء فضلا عن أن يكون مختصا بنبي من الأنبياء .
ولما كان آدم ، عليه السلام ، أول الأفراد ولم يظهر فيه إلا ما يقتضيه تعينه من  جمعية الحقيقة الإنسانية ، وما يليق باستعداده واعتدال مزاجه الشخصي ، وما أمكن ظهور مقام الخلافة بتمامه فيه ، كما لم يظهر مقام الرسالة أولا إلا في نوح عليه السلام ، فكان أول المرسلين - ظهرت آثار تلك الجمعية وأحكامها في كل من الأنبياء بالتدريج حتى ظهرت بتمامها في داود ، عليه السلام ، وكملت في ابنه سليمان ، عليه السلام .
ولاشتراكهما في هذه الجمعية ، شركه الحق في ذلك بقوله : ( ولقد آتينا داود وسليمان علما ) .
وبقوله : ( يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ ) .

وقال رضي الله عنه : ( وكلا آتيناه حكما وعلما ) . وقالا شكرا لتلك النعمة :  ( الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ) .
ولكون داود ، عليه السلام ، أول من ظهر فيه أحكام الخلافة بتمامها ، صرح الحق بخلافته ، ولم يصرح في آدم مخاطبا
فقال رضي الله عنه  : ( يا داود ، إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) .
فناسب أن يقرن الحكمة الوجودية الخصيصة بالإنسان بهذه الكلمة الداودية .  والله أعلم .

( اعلم ، أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شئ  من الاكتساب ، أعني نبوة التشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم ، عليهم السلام ، من هذا  القبيل ) أي ، من قبيل الاختصاص والامتنان : ( مواهب ليست جزاء ولا يطلب عليها منهم جزاء . فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال )

قد تقدم مرارا أن الحق تعالى لا يعطى أعيان العالم إلا ما يقتضيه بأعيانها واستعداداتها الثابتة في
حال عدمها . فالنبوة والرسالة اللتان هما اختصاص إلهي في حق المصطفين من عباده وإن كان بحسب العناية الإلهية ، لكنها أيضا ترجع إلى أعيانهم .
كما قال في  ( الفص الشيثي ) . إلا أنه من جهة العبد عناية من الله سبقت له ، هي من جملة أحوال عينه يعرفها صاحب هذا الكشف .

فقوله  رضي الله عنه : ( اختصاصا إلهيا ) لا ينافي اقتضاء أعيانهم ذلك ، بل الاقتضاء علة الاختصاص في الفيض المقدس ، وفي الفيض الأقدس علة اقتضاء الأسماء الأول ، فلا يرد .
والغرض أنهما ليستا مكتسبتين بالأعمال والعبادات ، فهما  موهبتان من الله تعالى من حيث اسمه ( الوهاب ) و ( الجواد ) .
وليستا جزاء لعمل ، ولا يطلب الحق عليهما منهم جزاء ، أي عملا على إزائهما ، أو شكرا وثناء على عطائهما .

فإعطاؤه ، أي إعطاء الحق ، إياهم النبوة والرسالة على طريق الإنعام عليهم والإفضال في حقهم .  ( فإعطاؤه ) إضافة إلى الفاعل ، وأحد المفعولين محذوف .
وإنما قيد ( نبوة التشريع ) ، لأن النبوة العامة التي تلزم الولاية خارجة عن هذا الحكم ، فإن الولاية في المحبين مكتسبة وفي المحبوبين غير مكتسبة .
وفي الجملة ، للكسب مدخل في الإنباء العام . ومعنى ( الكسب ) تعلق إرادة الممكن بفعل ما دون غيره ، فيوجده الاقتدار الإلهي عند هذا التعلق ، فسمى ذلك ( كسبا ) .
هذا كلام الشيخ رضي الله عنه  : ذكره في الجلد الأول من فتوحاته في المسائل .
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال : " ووهبنا له إسحاق ويعقوب " يعنى لإبراهيم الخليل ، عليه السلام ، وقال في أيوب ، عليه السلام : " ووهبنا له أهله ومثلهم معهم " . وقال في حق موسى ، عليه السلام : " ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا " إلى مثل ذلك . فالذي تولاهم  أولا ، هو الذي تولاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرها . )
أي ، الذي تولاهم أولا وأوجدهم من غير عمل سابق وكسب ، وجعلهم أنبياء مرسلين وتمم عليهم
نعمة ، تولاهم آخرا بحفظ تلك النعم عليهم وإيصالهم إلى كمالاتهم المقدرة  لهم .
أو تولاهم أولا حال إفاضة أعيانهم الثابتة بحيث كانت مستعدة لهذه النعم  وقابلة طالبة لها ، تولاهم آخرا بإيجادهم على مقتضى تلك الأعيان .
وإنما قال رضي الله عنه : ( في عموم أحوالهم أو أكثرها ) لئلا يلزم وجوب كونهم في جميع الأحوال كذلك .
( وليس ) ذلك المتولي . ( إلا اسمه "الوهاب" .) ) أي ، فلم يقرن الحق ما أعطاه لداود جزاء ، أي عملا ، يطلب الحق إياه من داود ، عليه السلام .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 15:58 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 5:36 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)
 
الفص الداودي
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالكمالات الوجودية المذكورة ، التي لأجلها كان كل الوجود ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى داود عليه السّلام ؛ لجمعه بين كمال النبوة بما أوتي من الحكمة ، وفصل الخطاب ، وكمال الولاية بما أوتي من تأويب الجبال والطير معه في التسبيح ، وكمال الخلافة بالتنصيص الإلهي عليها دون خلافة آدم وسائر الخلفاء من ذريته ، وكمال الهيئات الخاصة كسليمان عليه السّلام .


(اعلم أنّه كانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهيّا ليس فيها شيء من الاكتساب أعني نبوّة التّشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السّلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها جزاء ؛ فإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال ، فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] يعني لإبراهيم الخليل عليه السّلام ، وقال في أيّوب عليه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ[ ص : 43 ] ؛ وقال في حقّ موسى عليه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا[ مريم : 53 ] إلى مثل ذلك ؛ فالّذي تولّاهم أوّلا هو الّذي تولّاهم آخرا في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلّا اسمه الوهّاب ) .

 
فأشار أولا إلى أن هذه الأمور بلغت أولا من الكمال بحيث لا يقابلها شيء ، فلا يقع جزاء على شيء ، ولا يطلب صاحبها بعمل أو شكر ، فقال : ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيّا ) لعبده ابتداء بتكميله بطريق الجذب ( ليس فيها شيء من الاكتساب ) ، وإلا كان الكسب علته ، وهي أعلى من المعلول ، فلا يكون هذا من الكمالات المطلقة التي هي المقصودة بالذات .

ثم فسّر النبوة بقوله : ( أعني نبوة التشريع ) ؛ ليشير إلى أنها وإن كانت أدنى من ولاية النبي ونبوته العالية ؛ فهي لا تكون إلا لمن يكون جامعا للولاية والنبوة العالية ، فهي نهاية الكمالات باعتبار انضمامها معهما ، وهذا لازم لها ، فكأنها أكمل الأشياء بالذات ( كانت عطاياه تعالى لهم عليه السّلام من هذا القبيل ) .

أي : الاختصاص الإلهي ليست في مقابلة شيء سابق أو لا حق ، فكانت ( مواهب ليست جزاء ) على ما سبق منهم ، وإلا لاستحقه من سبق له مثله ، فيلزم أن يساويهم آحاد أممهم في ذلك ، ( ولا يطلب عليها جزاء ) من عمل أو شكر ؛ لأنه إن طلب ما لا يكافئها ، فلا يليق بالحكم الجواد ذلك ، وإن طلب المكافئ عجزوا في جميع وجوهها بخلاف ( إعطائه ) في حسنات غيرهم عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فصاعدا ،

فإن في ذلك وجه مقابلة العمل في الجملة ؛ ولذلك لم يكن هذا ( كإنعامه ) على سائر العمال في التضعيف بل بطريق ( الإفضال ) لهم على غيرهم من كل وجه .
واستدل على هذا بالاستقرار لما ورد في عطاياهم إذ نسب جميعها إلى اسمه الوهاب الذي لا يكون عطاؤه في مقابلة شيء أصلا بقوله : فقال :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] ، ولما توهم عود الضمير إلى داود لسوقه نص الكلام في حقه فسره بقوله :
( يعني لإبراهيم الخليل ) ، ( وقال في حق أيوب :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) [ ص : 43] ،
(  وقال في حق موسى عليه السّلام :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا[ مريم : 53 ] إلى مثل ذلك ، كقوله :وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ[ ص : 30 ] ،

وإذا كانت عطاياهم كنبوتهم في امتناع دخول الكسب فيهما ، ( فالذي تولاهم ) من أسماء اللّه تعالى ( أولا ) بإعطاء النبوة ( تولاهم آخرا ) بإعطاء المواهب ( في عموم أحوالهم أو أكثرها ) تردد لجواز أن يكون لهم أعمال يجزون عليها بمقدار ما يجزى به الكل في أممهم في التضعيف لا أزيد منه ، ( وليس ذلك ) المتولي ( إلا الاسم الوهاب ) ،
وإن اقتضى كل عطاء اسما خاصّا ، وأيضا وإن كان لكل نبيّ اسم كلي إلهي خاص لا يكون لغيره إلا أنها في الهبة راجعة إلى هذا الاسم ، لكن إنما يعلو عطاؤه بمساعدة تلك الأسماء ، وإلا نقص بقدر عدم مساعدتها .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)
 

17 - فصّ حكمة وجوديّة في كلمة داودية

ويلوّح على تلك النسبة بيّنات عددهما.
النبوّة والرسالة اختصاص إلهي ، لا كسبي
وبيّن أن مراتب كمال العباد ومدارج ترقّيهم فيه ضربان :
أحدهما : ما يصلح لأن تحصل لهم وراثة من أعمالهم المعدّة لهم في استحصاله ، كاستفاضة المعارف واستعلام الحقائق واستجلاب تطوّرات الأحوال وفنون الأذواق بضرب من الأفكار الصافية والتوجّهات الخالصة عن الشوائب المشوّشة .
وثانيهما : ما لا يصلح لأن يكون من العبد عمل يوازيه ، ويورث ذلك ، لجلالة شأنه عن رتبة العبد بما هو عبد ، واختصاصه بالحق ، كالرسالة والنبوّة التشريعيّة ،
ولما كان من مقتضى الكلمة الداوديّة ومؤدّى كمالاته الخصيصة به أمر الخلافة وكمالها الذي هو الرسالة والنبوّة التشريعيّة ،
صدّر الفصّ بتحقيقها قائلا : ( اعلم أنّه لما كانت النبوّة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب - أعني نبوة التشريع - ) ، وهو وضع الصور الجزئيّة والأحكام التكليفيّة - الكاشفة عن الأمر وتفصيله - على ما هو حقّ الإنباء وكماله .
وقد احترز به عن نبوّة تعريف الحقائق الكليّة وتبيين العلوم الإلهيّة - مما يمكن اكتسابه بوراثة الأعمال الفكرية والمهيّجات الذوقيّة ، كما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم :
" من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم " أو بقرب نسبة الأنبياء ووراثتهم ذلك منهم ، كما قال: " العلماء ورثة الأنبياء " .
وذلك لأنّه قد يستحصل كليّات الحقائق الأسمائيّة والمعارف الإلهيّة الجمليّة بالفكر وسائر ضروب التوجّهات وفنون التعمّلات ، دون جزئيّات تفاصيل  تلك الحقائق ، على طبق ما في العين من الأشخاص الخارجيّة .
 

فإنّ ذلك من الخصائص الإلهيّة التي إنما يتحقّق بها العبد بطريق الوهب فقط وبيّن أن حكم الأصول الكليّة يسري في الفروع وجزئيّاتها ، فلذلك ( كانت عطاياه لهم من هذا القبيل : مواهب ليست جزاء ) لسوابق أعماله الوارثة لها ( ولا يطلب عليها منهم جزاء ) بلواحق شكره المستجلبة للمزيد عليها .


( فإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال ) بدون سوابق مقتضيات ولا لواحقها
( فقال : “  وَوَهَبْنا لَه ُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ “  [ 6 / 84 ] يعني لإبراهيم الخليل ، وقال في أيوب : “  وَوَهَبْنا لَه ُ أَهْلَه ُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ “ [ 38 / 43 ] ، وقال في حقّ موسى : “  وَوَهَبْنا لَه ُ من رَحْمَتِنا أَخاه ُ هارُونَ نَبِيًّا “ [ 19 / 53 ] ، إلى مثل ذلك ) مما حصل لسائر الأنبياء من جلائل النعم ودقائقها بطريق الوهب ، على ما نصّ عليه في كلامه .
وفي هذه الآيات الكريمة ما يكشف عن كمال تحقّق الخليل وبلوغه فيه مبلغ التمام ، حيث أنّ موهوبه ليست فيه نسبة ولا غيبة مما هو مقتضى السلوب والإضافات ، بل محض الوجود - كما اطَّلعت عليه في فصّه ، فتذكَّر .

( فالذي تولَّاهم أوّلا ) في كليّة أمرهم - أعني النبوّة التشريعيّة - ( هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم ) الجزئيّة ( أو أكثرها ) ، فإنّه يمكن أن يكون بعض تلك الجزئيّات بالكسب ولكن على سبيل الندرة . 
ويعلم من هذا الكلام وجه امّية الخاتم ، ومعنى قوله : "أنتم أعلم بأمور دنياكم " .
( وليس ) ذلك المتولي أوّلا وثانيا ( إلا اسمه الوهّاب ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب: أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب)

الفصّ الداودي
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّه كانت النّبوّة والرّسالة اختصاصا إلهيّا ليس فيها شيء من الاكتساب أعني نبوّة التّشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السّلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها جزاء فإعطاؤه إيّاهم على طريق الإنعام والإفضال . فقال تعالى : "وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ"[ الأنعام : 84 ] يعني لإبراهيم الخليل عليه السّلام وقال في أيّوب عليه السّلام : وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ"[ ص : 43 ] ؛)

فص حكمة وجودية في كلمة داودية
إنما وصف الحكمة المودعة في الكلمة الداودية بالوجودية ، لأن المراد بالوجودية إما معناه المشهور أو بمعنى الوجدان وعلى كل من التقديرين فلوصف الحكم الداودية بالوجودية به نوع اختصاص ، أما على الأول فلأن المراد بالوجود الإنساني الكمالي لا مطلقا إذ لا اختصاص له بشيء ، وكمال الوجود الإنساني إنما هو بظهور حقائق الخلافة بتمامها ،

وهي قد ظهرت فيما تقدم من الأنبياء بالتدريج حتى ظهرت بتمامها في داود عليه السلام كلمة ابنه الذي هو منه ، وأما على الثاني فلأن داود عليه السلام إنما وجد هذا الحكم بمجرد الوهب من غير تجشم كسب كما سيأتي فتكون حكمة وجدانية محضة لا دخل فيها للتعمل والكسب حتى لا يصح استنادها إليه إلا بأنه وجدها لا بأنه اكتسبها إلى غير ذلك من العبارات .

( اعلم ) أيها الطالب المسترشد ( أنه لما كانت النبوة والرسالة ) التي هي خصوص مرتبة في النبوة ( اختصاصا إلهيا ليس ) يجزي ( فيها شيء من الاكتساب أعني ) بالنبوة المحضة ببعض العمل اختصاصا إلهيا ( نبوة التشريع كانت عطاياه تعالى لهم ) ، أي للأنبياء ( عليهم السلام من هذا القبيل ) ، أي من قبيل الاختصاص والامتنان ( مواهب ليست جزاء ) لعمل من أعمالهم ( ولا يطلب عليها منهم جزاء فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال ) ، ولذلك عبر سبحانه عن هذا الإعطاء بالهبة التي لا يطلب عليها عوض ولا عرض ( فقال تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ[ الأنعام : 84 ] ، يعني ( لإبراهيم الخليل عليه السلام وقال في أيوب عليه السلام :وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ[ ص : 43 ] ، وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) سورة ص


قال رضي الله عنه :  (وقال في حقّ موسى عليه السّلام وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا( 53 ) [ مريم : 53 ] إلى مثل ذلك . فالّذي تولّاهم أوّلا هو الّذي تولّاهم [ آخرا ] في عموم أحوالهم أو أكثرها ، وليس إلّا اسمه الوهّاب . )

وقال في حق موسى عليه السلام : "وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا"( 53 ) [ مريم : 53 ] ) ، متضمنا ذلك الوهب الإلهي المذكور في هؤلاء الأنبياء ( إلى مثل ذلك ) الوهب بالنسبة إلى من عداهم ( فالذي ) ، أي الاسم الذي ( تولاهم أولا ) حيث اختصهم بالنبوة والرسالة ( هو ) بعينه الاسم ( الذي تولاهم ) ثانيا بعد اختصاصهم بهما ( في عموم أحوالهم وأكثرها وليس ذلك ) الاسم المتولي ( إلا اسمه الوهاب ) .
ثم لما بين ذلك المعنى في بعض الأنبياء أراد أن ينتقل إلى داود عليه السلام الذي هو المقصود بالذكر ههنا فقال :

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 15:58 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 6:43 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.  فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وقال في حقّ داود - عليه السّلام – "وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا "[ سبأ : 10 ] فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الّذي ذكره جزاء . ولمّا طلب الشّكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرّض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود .   فهو في حقّ داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حقّ آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ" [ سبأ : 13] .
وإن كانت الأنبياء عليهم السّلام قد شكروا للّه على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك على طلب من اللّه ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتّى تورّمت قدماه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر . فلمّا قيل له في ذلك قال : « أفلا أكون عبدا شكورا » ؟ وقال في نوح :" إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً " [ الإسراء : 3 ] . والشّكور من عباد اللّه تعالى قليل . فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود - عليه السّلام - أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال . فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم ، وهي الدّال والألف والواو).
 
قال رضي الله عنه :  (وقال) تعالى (في حق داود) عليه السلام " وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا " [ سبأ  : 10] ،
أي فضيلة على جميع أهل زمانه بمزايا اختصه بها وعطايا منحه إياها (فلم يقرن) ، أي اللّه تعالى في كلامه (به) ، أي بذلك الفضل الذي ذكر سبحانه أنه آتاه لداود عليه السلام (جزاء) من شكر ونحوه (يطلبه) سبحانه وتعالى (منه) ، أي من داود عليه السلام في مقابلة ما آتاه (ولا أخبر) تعالى (أنه) سبحانه (أعطاه) ، أي أعطى داود عليه السلام (هذا) الفضل (الذي ذكره) سبحانه (جزاء) لداود عليه السلام على عمل سبق له .
قال رضي الله عنه :  (ولما طلب) تعالى (الشكر على ذلك) الفضل الذي آتاه لداود عليه السلام (بالعمل) الصالح (طلبه) ، أي ذلك الشكر (من آل) ، أي قوم (داود) عليه السلام ، وهم المتبعون له من أهله وأعوانه (ولم يتعرض) سبحانه (لذكر داود) عليه السلام بطلب شكر منه ولا غيره (ليشكره) تعالى (الآل) ، أي آل داود عليه السلام (على ما أنعم به) سبحانه وتعالى (على داود) عليه السلام من الفضل (فهو) ، أي ذلك الفضل (في حق داود) عليه السلام (عطاء نعمة) من اللّه تعالى عليه (وإفضال) ، أي إحسان إليه (وفي حق آله) ، أي آل داود عليه السلام (على) وجه (غير ذلك) الوجه وهو كونه (لطلب المعاوضة) من الآل وهي الشكر بالعمل الصالح .
 
قال رضي الله عنه :  (فقال تعالى) في ذلك الطلب : ("اعْمَلُوا آلَ") بحذف حرف النداء والتقدير (يا آل داود عليه السلام شكرا) ، أي عملا شكرا وهو المنظور فيه إلى اللّه تعالى العامل له لا إليه (" وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ") [ سبأ : 13 ] .
أي من يظهر هذا الاسم الإلهي فيه عند العمل فيعبد اللّه كأنه يراه فيكون شاكرا والشاكر من أسماء اللّه تعالى أيضا قال تعالى :" اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ " [ البقرة : 158 ] ، ثم إنه لا يرى اللّه تعالى فيراه اللّه تعالى بما يرى به نفسه فيكون شكورا وهو القليل من العباد (وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا للّه على ما أنعم به عليهم) .
 
من أنواع النعم (ووهبهم) من الهبات الكثيرة في ظواهرهم وبواطنهم (فلم يكن ذلك) ، أي الشكر منهم (عن طلب من اللّه) تعالى (بل) هم (تبرعوا بذلك) الشكر من تلقاء نفوسهم الفاضلة (كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) من الليل (حتى تورمت قدماه) من كثرة التهجد (شكرا) .
أي على وجه الشكر للّه تعالى (لما) ، أي لأجل أنه (غفر اللّه) تعالى (له) ، أي لنبينا صلى اللّه عليه وسلم (ما تقدم من ذنبه وما تأخر) ،أي إلى آخر عمره عليه السلام (فلما قيل له في ذلك).
أي لم تفعل كذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال صلى اللّه عليه وسلم أفلا أكون عبدا للّه تعالى من حيث الصورة شكورا من حيث القيام بهذا الاسم الإلهي والتحقق به وقال اللّه تعالى في حق نوح عليه السلام إنه ، أي نوحا عليه السلام كانَ عَبْداً شَكُوراً[ الإسراء : 3 ] ، أي كلاما متحققا بنفسه وبربه والعبد الشكور ، كما ذكرنا من عباد اللّه تعالى قليل كما هو في الآية المذكورة .
 
قال رضي الله عنه :  (فأول نعمة أنعم اللّه) تعالى (بها على داود) عليه السلام (أن أعطاه) تعالى (اسما) سماه به (ليس فيه حرف من حروف الاتصال) ، أي متصل مع الحرف الآخر بل كل منه منفصل عن الآخر وهو اسم داود عليه السلام فقطعه اللّه تعالى عن التعلق بشيء من العالم المحسوس والمعقول بذلك الاسم إخبارا منه تعالى (لنا) معشر هذه الأمة عنه ، أي داود عليه السلام (بمجرد هذا الاسم ) الذي سماه به في الكتاب والسنة (وهي) ، أي حروف الاسم المذكور (الدال) المهملة (والألف والواو) فهي ثلاثة حروف من غير تكرار ، ومع التكرار خمسة حروف الدالان والواوان والألف ،
وقد حذفت من الكتابة إحدى الواوين لأنها جوفية فناسب استتارها مع وجودها في النطق ، كما حذفت في نظائره كطاوس وناوس ، فأوّل اسمه حرف في آخر اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وآخر اسمه كذلك نظير ظهوره عليه السلام بالصورة المحمدية ، وفي وسط اسمه ثلاثة حروف من حروف العلة أحدها مكرر وهو الواو نظير النفس والعقل فإنهما ملكوتيان مستتران بالصورة الجسمانية الملكية ، وأحدهما مستتر في الآخر صورة وظاهر حركة وتدبيرا نظير الواو ، والمحذوف في الخط والحرف الآخر الألف نظير الروح المنفوخ من عالم الأمر الإلهي ،
 
فالصورة في الحضرة العلمية ثابتة نظير الدال الأولى ، والروح والعقل والنفس نظير الألف ، والواوين أوّل ما ظهر من تلك الصورة الثابتة في العالم على الترتيب ، ثم ظهرت تلك الصورة وهي الدال الثانية ، وعندنا كلام آخر في الاسم من حيث دال الوجود المطلق يطول ذكره ، ومن حيث واو الهوية ومن حيثيات أخر .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قوله رضي الله عنه  : (وقال في حق داود عليه السلام :وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا) الحق ( به ) أي بإعطائه لداود عليه السلام ( جزاء ) أي عملا ( يطلب منه ) .
أي بطلب الحق ذلك العمل من داود عليه السلام ( ولا أخبر ) الحق ( أنه ) أي الفاضل ( أعطاه ) أي أعطى الحق لداود عليه السلام ( هذا ) مبتدأ ( الذي ذكره ) صفة ( جزاء ) خبره أي ولا أخبر الحق أن الفضل الذي أعطى لداود عليه السلام جزاء من عمل داود عليه السلام .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما طلب الشكر على ذلك بالعمل طلبه ) أي طلب الحق ذلك الشكر ( من آل داود عليه السلام ولم يتعرض لذكر داود عليه السلام ) في طلب الشكر ( ليشكره ) يتعلق بطلبه أي إنما طلب الحق الشكر من آل داود ليشكر ( الآل ) الحق ( على ما أنعم به على داود ) عليه السلام حتى يزيد نعم اللّه على عباده بالشكر لقوله تعالى :لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ[ إبراهيم : 7 ] .
فكان طلب الشكر من العباد نعمة وعطاء محضا من اللّه على عباده فإعطاء النعمة على العباد أحب إليه تعالى لذلك طلب الشكر الذي يزيد به النعمة فالشكر أحب الأعمال إلى اللّه تعالى فإذا لم يطلب على ما أنعم به على داود عليه السلام من داود عليه السلام جزاء .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو ) أي ذلك الفضل ( في حق داود عليه السلام عطاء نعمة وإفضال ) فإذا طلب على ذلك من آله جزاء لم يكن النعمة في حق آله إفضالا لذلك قال : ( وفي حق آله على غير ذلك ) بالإعطاء والإفضال ( لطلب المعاوضة ) في حق آله دون داود عليه السلام ( فقال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) أي أشكروا اللّه يا أمة محمد على ما أنعمت به على نبيكم محمد عليه السلام كما شكر آل داود عليه السلام على ما أنعمت به على نبيهم داود عليه السلاموَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُوهو بيان لعظمة شأن الشكر عند اللّه فلا يصل إلى مرتبة الشكر من العباد إلا قليل.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الأنبياء قد شكروا اللّه على ما أنعم به عليهم ) الحق ( ووهبهم ) من الرسالة والنبوة والكمالات المختصة بهم ( فلم يكن ذلك ) الشكر منهم ( عن طلب من اللّه بل تبرعوا بذلك ) الشكر ( من نفوسهم كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى تورّمت قدماه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلما قيل له في ذلك ) يعني قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن اللّه غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فلم فعلت ذلك الفعل الشاق.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أفلا أكون عبدا شكورا ) لعلمه أن الشكر أعظم منزلة عند اللّه فالعبد الشكور من خواص عباده تعالى لذلك قال قل الشكور فطلب رسول اللّه والأنبياء كلهم أن يكون عبدا شكورا .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال في نوح عليه السلام :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراًوالشكور من عباد اللّه قليل ) فالعبد الشكور هو الذي شكر اللّه على ما أنعم اللّه به عليه من غير طلب من اللّه الشكر وأما الذي شكر عن طلب من اللّه فهو ليس عبدا شكورا فما كان الشكور من عباد اللّه إلا الأنبياء عليهم السلام خاصة لورود النص في حقهم .
وهو قوله تعالى في حق نوح عليه السلام :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُور اًو قول الرسول عليه السلام : « أفلا أكون عبدا شكورا » وأما غيرهم من المؤمنين وإن كانوا شاكرين لكنهم لا يكونون عبدا شكورا لعدم ورود النص في حقهم نعم قد أنعم على المؤمنين بعض نعمة من غير طلب الشكر فتبرعوا الشكر من عند أنفسهم فكانوا حينئذ عبدا شكورا لكن الكلام في النص الإلهي.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال ) والاتصال يعتبر إلى البعد فهذه الحروف لا تتصل إلى حرف بعدها ويتصل بها غيرها قبلها فهذه الحروف تنقطع عن الحروف الباقية وتتصل الحروف الباقية إليها فداود عليه السلام ينقطع عن العالم أي لا يميل إليه والعالم يتصل إليه لذلك ترجع الجبال معه.
( فقطعه ) أي قطع الحق داود عليه السلام ( عن العالم بذلك ) أي بإعطاء ذلك الاسم له فكان هذا الاسم سببا لقطعه تعالى عن العالم وإنما فعل الحق ذلك في حق داود عليه السلام ( إخبارا ) أي للإخبار ( لنا عنه ) أي عن العالم ( بمجرد هذا الاسم ) المنقطع الحروف قوله بمجرد يتعلق بإخبارا ( وهي الدال والألف والواو ) فلما أعطاه ذلك علمنا منه أن اللّه قد قطعه عن العالم بدون مجاهدة وكسب من داود عليه السلام فكان ذلك القطع عطاء نعمة وإفضال من اللّه على داود عليه السلام .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قال رضي الله عنه : (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود. فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور». وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟ وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل. فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قلت : استفتح كلامه في معنى قوله تعالى لداود، عليه السلام: ولقد آتينا داود منا فضلا (سبأ: 10) ولم يقل جزاء بل عطاء منه وموهبة .
ولذلك لم يأمره بالشكر بل قال اعملوا آل داود شكرا، وآل داود غیر داود 
قال: وشكر الأنبياء لربهم تبارك وتعالى، هو تبرع منهم ولم يكلفوا به، ثم ذكر أمورا ظاهرة من كلامه، ومن جملتها ما ذكره من قوله تعالى: "وألنا له الحديد" (سبأ: 10) إن الحديد هنا هي قلوب قاسية كالحديد فألانها الله تعالى لداود حتى اطاعته تلك القلوب.
"وألنا له الحديد" إن الحديد هنا هي قلوب "بعض" العباد قاسية كالحديد فألانها الله تعالی لداود حتى اطاعته تلك القلوب..


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داوود عليه السّلام :   ( وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا )   فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء ، ولمّا طلب الشكر على ذلك بالعمل ، طلبه من آل داوود ، ولم يتعرّض لذكر داوود ليشكره الآل على ما أنعم به على داوود ) .
قال العبد : يشير رضي الله عنه بإسناد هذه الحكمة الوجودية إلى الكلمة الداودية ، إلى أنّ الكمال الوجوديّ والوجود الكماليّ إن يظهرا في أحدية جمع الجمع الإنساني الإلهي ، بالخلافة والنيابة الإلهية الكلَّية من حضرة الجواد الوهّاب ،
فإنّ الوجود فيض ذاتي جودي ، وهو نفس رحماني وجودي ، وهذا وإن ظهر في كل خليفة الله في أرضه وقطب قام بنيابته في نفله وفرضه في كل عصر ،عصر من الأنبياء والأولياء ، ولكن ظهوره في داوود عليه السّلام كان أتمّ وأبين ، بمعنى أنّ الله جمع له - صلوات الله عليه - بين الخلافة الحقيقية المعنوية الإلهية وبين الخلافة الظاهرة بالسيف والتحكيم الكلَّي في العالم.
وأعطاه النبوّة والحكمة وفصل الخطاب والملك الكامل والسلطان والحكم الشامل في جميع أنواع العالم وأجناسه ،
كمال ظهور حكم ذلك في سليمان ، فإنّه حسنة من حسنات داوود - على نبيّنا وعليهم السّلام وتكملة لكماله وتتمّة لفضله وإفضاله ، وسليمان مع ما أعطاه الله من الملك والسلطان موهوب لداود عليه السّلام .
قال الله تعالى :   ( وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ )   ومن جملة كمالاته الاختصاصية - التي اختصّه الله بها ممّا لم يظهر في غيره من الخلفاء والكمّل أنّ الله تعالى نصّ على خلافته .
بقوله :  ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ )   فحكمه بالحقّ على الخلق ، ولم يصرّح بمثل ذلك في غيره ،
وقوله تعالى :   ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً )   فيه احتمال في حق آدم عليه السّلام من كونه أوّل الخلفاء وأباهم ، ولكنّ احتمال متناول غيره من أولاده ، وقرينة الحال تدلّ على أنّ الاحتمال في حق داوود أرجح ، لأنّ آدم ما أفسد ولا سفك الدماء .
ومحاجّة الملائكة مع الربّ في جواب قوله :   ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً )   بقولهم :   ( أَتَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ ) مرجّحة للاحتمال في حق داوود ، لأنّه سفك دماء أعداء الله من الكفرة كثيرا ، وقتل جالوت وأفسد ملكه .
وجعل كما قال تعالى حكاية عن بلقيس :   ( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ )   فظهر من داوود عليه السّلام هذا النوع من الفساد في الكفّار الذين أمر الله داوود وأولي العزم من خلفائه بإفساد ملكهم وحالهم ، لأنّه عين إصلاح الملك والدين ، فصحّ في حق داوود ما قالت الملائكة .
 
فلقائل أن يقول : المراد على التعيين من قوله :   ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً )   هو داوود ، فلم تبق مرتبة وجودية إلَّا ظهر كمال داوود وخلافته فيها ، حتى في كلام الله ومرتبة اللفظ والرقم ، فلهذا نسبت الحكمة الوجودية إلى الكلمة الداودية .


ثمّ اعلم : أنّ الشيخ رضي الله عنه أشار إلى أنّ النبوّة والرسالة تكونان بالاختصاص الإلهي ، وليستا بكسب ، ولا مجازاة عن عمل أو ثوابا عن سابق حسنة وطاعة تكونان نتيجة عنها ، ولا لشكر أو عبادة متوقّعة منهم عليهما ،
وإذا كانتا كذلك ، فلا تحصلان لأحد بتعمّل وكسب ، كما وهم فيه القائلون من أهل النظر الفكري بأنّهما تحصلان لمن كملت علومه وأعماله ، وأنّ النبوّة عبارة عن كمال العلم والعمل فكلّ من كمل علمه وعمله ، فهو نبيّ في زعمهم ،
وهذا باطل ، وإلَّا لكان كل من تكامل علمه وعمله رسولا نبيّا يوحى إليه وينزل عليه الملك بالتشريع وليس كذلك ، فكم من عالم عامل كامل في العلم والعمل ولا ينزل عليه الملك بالوحي والتشريع ، فصحّ أنّها ليست إلَّا عن اختصاص إلهي ، ومن لوازمها كمال العلم والعمل ، فلا يتوقّف تحقّقها - أعني النبوّة - على لوازمها ، فإنّ تحقّق وجود اللازم بتحقّق وجود الملزوم لا بالعكس ، وهذا ظاهر .
 
ولمّا كانت اختصاصا إلهيّا ، لم يطلب منهم عليها جزاء ولا شكورا - وإن وقع الشكر منهم دائما - أو ثوابا لإعمال الصالحات في مقابلة ذلك ، فليس ذلك مطلوبا بالقصد الأوّل من الاختصاص ، ولا هم مطالبون بذلك عوضا عن ذلك ،
 كما قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قيامه الليل كلَّه ، حتى تورّمت قدماه ، فقيل له :
اقصر ، فقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر : « فلا أكون عبدا شكورا » ولهذا لم يرد طلب الجزاء والشكر من داوود ، وإنّما ورد ما ورد في حق آل داوود حيث جعلهم الله من آل من هذا شأن كمالاته ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه : " وهو في حق داوود "   يعني ما وهبه الله « عطاء نعمة وإفضال ، وفي حق آله على غير ذلك ، لطلب المعاوضة ، فقال تعالى  ( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً )   يعني الأعمال الصالحة الزاكية عند الله   ( وَقَلِيلٌ من عِبادِيَ الشَّكُورُ )  ،
وإن كانت الأنبياء عليهم السّلام قد شكروا الله تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك عن طلب من الله ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورّمت قدماه شكرا لما غفر له من ذنبه ، ما تقدّم وما تأخّر ،
فلمّا قيل له في ذلك ، قال : « أفلا أكون عبدا شكورا ؟ »
وقال في حق نوح : ( إِنَّه ُ كانَ عَبْداً شَكُوراً )   والشكور من عباد الله قليل ، فأوّل نعمة أنعم الله بها على داوود أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال ، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم ، وهي الدال والألف والواو » .
 
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الله أخبره كشفا أنّه قطعه عن العالم من كونه غيرا وسوى بما اختصّه به من الجمع بين النبوّة والرسالة والخلافة والملك والعلم والحكمة والفصل ، بلا وساطة غيره ، وظهرت أسرار هذا القطع في حروف اسمه ، لكونه من أقطاب كمل الاسم « الظاهر » فإنّ الألقاب مع الأسماء تنزل من السماء ،
أي عن سماء الأسماء بتسمية ربّ حكيم عليم بما سمّى به كلّ عبد من الاسم ، وهذه الحروف من حروف الاسم الأعظم المتصرّف في الأكوان ، وكان هو - صلوات الله عليه - بعينه معنى الاسم الأعظم وصورته في عصره .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)
 
قال رضي الله عنه :  (، وقال في حق داود: "ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا " فلم يقرن به جزاء يطلب منه ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء ، ولما طلب الشكر على ذلك بالعمل طلبه من آل داود ، ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ) .
 
وإنما خصص النبوة بالتشريع احترازا عن نبوة الإنباء العام من البحث في معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله وآثاره ،
وعن علم الوراثة في قوله : « العلماء ورثة الأنبياء » . وقوله: " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " .
فإن تحصيل علوم النبوة بالكسب وبالعمل الذي يثمره في قوله عليه الصلاة والسلام:  « من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم » نوع النبوة الكسبية ،
فالذي تولاهم أولا بأن أعطاهم تفضلا من غير عمل منهم تولاهم آخرا بأن يحفظ عليهم تلك النعمة في جميع الأحوال أو أكثرها ويزيدها ولا يطلب منهم شكرها مع أنهم لا يخلون بالقيام عن شكرها ، لأن نشأتهم النبوية تعطيهم القيام بحقوق العبدانية على أكمل الوجوه ،
كما قال عليه الصلاة والسلام « أفلا أكون عبدا شكورا » .
ولهذا ذكر أنه أتى داود شكرا فضلا ولم يذكر أنه أعطاه ما أعطاه جزاء لعمله ولم يطلب منه جزاء على ذلك الفضل ، وإنما طلب الشكر بالعمل من آل داود على النعمة التي أنعم بها عليهم وعلى آل داود ، ولأن النعمة على الأسلاف نعمة على الأخلاف .
 
"" أضاف بالى زادة : فالعبد الشكور هو الذي شكر الله على ما أنعم من غير طلب من الله الشكر ، وأما الذي شكر عن طلب ربه فليس بعبد شكور ، فما كان الشكور من العباد إلا الأنبياء خاصة لورود النص في حقهم ، وأما غيرهم من المؤمنين وإن كانوا شاكرين لكنهم لا يكونون عبدا شكورا لعدم النص في حقهم ، نعم قد أنعم الله على بعض المؤمنين ببعض نعمة من غير طلب الشكر فتبرعوا بالشكر من عند أنفسهم ، فكانوا حينئذ عبدا شكورا ولم يأت النص به اهـ بالى.""
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال وفي حق آله على غير ذلك لطب المعاوضة ، فقال الله تعالى :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وقَلِيلٌ من عِبادِيَ الشَّكُورُ " وإن كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد شكروا الله تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم فلم يكن ذلك عن طلب من الله بل تبرعوا بذلك من نفوسهم . كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فلما قيل له في ذلك قال « أفلا أكون عبدا شكورا ». وقال في نوح :" إِنَّه كانَ عَبْداً شَكُوراً " فالشكور من عباد الله قليل فأول نعمة أنعم الله بها على داود أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال ، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم ، وهي الدال والألف والواو ) .

أي أخبره كشفا أنه قطعه عن العالم من حيث كونه غيرا وسوى ، وأخبرنا إيماء ورمزا بهذا الاسم بظهور معنى القطع فيه ، فإن الألقاب تنزل من السماء.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 16:00 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 6:49 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.  فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)

قال رضي الله عنه :  ( وقال في حق داود ، عليه السلام : "ولقد آتينا داود منا فضلا " . فلم يقرن به جزاء منه يطلبه منه ) أي ، فلم يقرن الحق ما أعطاه لداود جزاء ، أي عملا ، يطلب الحق إياه من داود ، عليه السلام .

قال رضي الله عنه :  ( ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء . ولما طلب الشكر على ذلك  بالعمل ، طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ، ليشكره الآل على ما أنعم به على داود . )
لأن الإنعام على نبي أمة في الحقيقة أيضا إنعام على تلك الأمة ، فأوجب الشكر عليهم .

قال رضي الله عنه :  ( فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة . فقال تعالى : " اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور " . وإن كانت الأنبياء ، عليهم السلام ، قد شكروا الله تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك عن طلب من الله ، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم ، كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حتى تورمت قدماه ، شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . فلما قيل له في ذلك ، قال : "أفلا أكون عبدا شكورا " . وقال في نوح : " إنه كان عبدا شكورا " . والشكور من عباد الله قليل . فأول نعمة أنعم الله بها على داود ، عليه السلام ، أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال . )
أي ، ليس فيه حرف يتصل بما بعده واتصال ما قبله من الحروف به .
واتصال ما قبله في غير هذا الاسم ، لا يوجب كونه من حروف الاتصال مطلقا  .
( فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم ، وهي "الدال " و " الألف " و " الواو " ) ( إخبارا ) منصوب بفعل مقدر .

تقديره : أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال ، وجعله إخبارا لنا عنه .
أو ، فأخبر ذلك الاسم إخبارا لنا . أو حال من ( الاسم ) .
أو من ضمير الفاعل في ( قطعه ) ، أي مخبرا .
ولما كان بين الاسم والمسمى عند أهل الحقيقة مناسبة جامعة ، أشار بأن كون اسمه من حروف منقطعة بعضها عن البعض في الوجود الكتابي ، إشارة من الله وإخبار لنا أنه تعالى قطعه عن العالم ، إذ الحروف متكثرة ، والكثرة للعالم ، كما أن الوحدة للحق .
فانقطاع بعضها عن البعض يوجب اتصال كل منها إلى  نفسه وحقيقته التي هو بها هو ، فالمنقطع عن العالم والكثرة ، واصل إلى حقيقته الواحدة ، وهو الحق .
لذلك قيل : ( الاستيناس بالناس يوجب الإفلاس ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)

قال رضي الله عنه :  (وقال في حقّ داود عليه السّلام :وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا[ سبأ : 10 ] فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الّذي ذكره جزاء ، ولمّا طلب الشّكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ، ولم يتعرّض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ، فهو في حقّ داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حقّ آله على غير ذلك لطلب المعاوضة ؛ فقال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] . وإن كانت الأنبياء عليهم السّلام قد شكروا للّه على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك على طلب من اللّه ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى تورّمت قدماه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ؛ فلمّا قيل له في ذلك قال : « أفلا أكون عبدا شكورا » ؟ رواه البخاري ومسلم  .

وقال في نوح :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً[ الإسراء : 3 ] ، والشّكور من عباد اللّه تعالى قليل ، فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود عليه السّلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال ، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم ، وهي الدّال والألف والواو ) .


ثم رجع إلى المقصود من تمهيد هذه المقدمة مع الاستدلال على أن فعل الوهاب لا يقتضي من الموهوب له شيئا في مقابلة ما وهبه بقوله : ( وقال في حق داود :وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا )[ سبأ : 10 ] ، ( فلم يقرن به جزاء ) من عمل أو شكر ( يطلبه منه ) في المستقبل ، إذ لم يقل أن اشكر للّه أو اعمل له ، ( ولا أخبر أنه إعطاء هذا الذي ذكره من الفضل جزاء ) على ما مضى منه إذ لم يقل جزاء على كذا ، بل صرّح بأنه اختصاص منه ، إذ قال : منا .

قال رضي الله عنه :  ( ولما طلب الشكر على ذلك بالعمل طلبه من آل داود ) ، كالدية على العاقلة تدفع عن الجاني ؛ لكونه أخطأ مع أن تضييع الدم صعب ، فألزم من يأخذ منه الإرث أن يتحمل عنه الدية إذ الغرم بالغنم ، ( ولم يتعرض لداود ) ، فلم يقل له : وقل لا لك أن اشْكُرُوا لِلَّهِ[ البقرة : 172 ] ، وإن كان هذا الأمر ؛ ( ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ) من حيث إنه واسطة كمالاتهم وسببها ، وبه مباهاتهم بين أقرانهم ؛ لأن امتثال هذا الأمر نوع شكر على ما أنعم به عليه ، وهو إشارة إلى أنه يعرض له عليه السّلام أن يأمر آله بالشكر على ما أنعم عليهم خاصة .

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي : الفضل المعطى لداود ( في حق داود عليه السّلام عطاء نعمة ) انتفع بها في الدنيا والآخرة ، ( وإفضال ) فضل بها أكثر الأنبياء - عليهم السّلام - لم يطلب عليه الشكر منه ، ولا أمره بطلبه من آله ، ( وفي حق آله ) ، وإن لم يكن نعمة عليهم وفضلا بالذات ، بل بواسطة كونه سببا لما أنعم به عليهم ( على غير ذلك ) الوجه ،

أي : وجه الإنعام والإفضال ؛ ( لطلب المعاوضة ) وهي الشكر منهم على ما هو سبب الإنعام عليهم ، فقال تعالى مخاطبا للآل ابتداء :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً[ سبأ : 13 ] أي : على ما أنعمت به على داود ؛ لارتباط ما أنعمت به عليكم بإنعامي عليه ، فهو في حكم إنعامي عليكم .

ثم عظّم أمر هذا الشكر حتى أشار عزّ وجل إلى أنه عجز الأكبر منهم عن شكر هذا الإنعام على داود من حيث كونه سبب الإنعام عليهم فضلا عن المنعم عليه ، فقال :وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] ؛ لقلة من يعرف مقدارها ، ومقدار ما وصل إليه منها مما يوجب قربه من ربه ، والتنعم بجواره من دار خلده ( مع أن من عرف مقدارها لم يطالبوا بشكرها ) ، وهم الأنبياء - عليهم السّلام ، ( وإن كانت الأنبياء - عليهم السّلام - قد شكروا اللّه تعالى على ما أنعم به عليهم ) ، وإن كانت نعما جليلة تعجزون عن الشكر عليها ؛ لكنهم لعرفانهم بذلك العجز يصيرون شاكرين لها ، وإن كان الحق قد ( وهبهم ) تلك النعم ،

قال رضي الله عنه :  ( فلم يكن ذلك ) الشكر منهم ( على طلب من اللّه ) ، وإن طالبهم بالشكر على نعم أخرى تشاركهم فيها أممهم ، كما قال في حقّ لقمان على إيتاء الحكمة :وَاشْكُرُوا لِلَّهِ[ البقرة : 172 ] ، وكذا كلف سائر الأنبياء - عليهم السّلام - أعمالا لهم في الإتيان بها شاكرون ، لكن ليس ذلك في النعم الخاصة كالنبوة والولاية والخلافة .

قال رضي الله عنه :  ( بل تبرعوا بذلك من عند نفوسهم ) لما عرفوا أن الشكر موجب للمزيد ، وهم وإن أنعموا بهذه النعم العظيمة في الغاية ، فلا نهاية لمراتب القرب من اللّه تعالى ، والدليل على كونهم متبرعين بالشكر أنه ( قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) متهجدا ( حتى تورمت قدماه شكرا ، لما غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) ، فلا يتصور فيه تكليف ، ( فلما قيل له في ذلك ) القيام لم يكون مع عدم الموجب له بذلك هذا الغفران ،

قال رضي الله عنه :  ( قال : « أفلا أكون عبدا شكورا ») ، وإن لم يجب عليّ ذلك ، لكن إنما تكمل عبوديتي والتحقق بالاسم الشكور بهذا الفعل ، ويتحقق المزيد بذلك ، فهذا وإن دلّ على شكره عليه السّلام كان عليه نعمة مشتركة بينه وبين أكمل أمته ، وهي غفران الذنوب ، فلنا دليل آخر على شكر الأنبياء - عليهم السّلام - على مطلق ما أنعم به عليهم من المشتركة والخاصة ، وهو ما ( قال تعالى في حق نوح عليه السّلام :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً )[ الإسراء : 4 ].
 أي : على جميع النعم الخاصة والمشتركة ، وإذا كانت النعم على الأنبياء نعما على الأمم ، ولا يعرفون مقدارها إلا نادرا ، بل لا يعرفون مقدار ما أنعم به عليهم بذواتهم أو بواسطة هذه النعم التي على أنبيائهم 

قال رضي الله عنه :  ( فالشكور من عباد اللّه ) المخصوصين بالإضافة إليه ؛ لكونهم من أمة الإجابة ( قليل ) ، وإن قاموا بالصلاة والصيام وسائر أنواع العبادات فضلا عن غيرهم ،

"" أضاف المحقق : الشكور : من لا يرى لغير اللّه نعمة ، وهذا هو الشاكر للّه حق شكره إنعاما منه ، لقوله لموسى عليه السّلام : « إذا رأيت النعم ؛ فقد شكرتني حق الشكر » ، وهذا هو العبد المشاهد نعمة اللّه في كل بلاء وعافية . ( لطائف الإعلام ص 224 ) .""
بل إنما يأتي من الأنبياء أو الأولياء الكمّل لا غير من أن غاية شكرهم أن يعرفوا عجزهم عن القيام بحقيقة شكره ،
ويعترفوا أن شكرهم لو تمّ باعتبار نعمة من النعم ، فهو أيضا نعمة موجبة لشكر آخر إلى أن يتسلسل ، وكيف يتأتى للعامة شكرها ، والحق لم يعرفها إياهم ،
وإنما عرفها من عرفها بإيماء خفي يختص بفهمه خاصة الخاصة دون غيرهم ، بل إنما عرفهم بذلك الطريق مقدماتها دونها .

قال رضي الله عنه :  ( فأول نعمة ) من النعم الوهبية التي مقدمة لسائرها ( أنعم اللّه بها على داود ) ، وهي نعمة انقطاعه عن العالم الموجب كمال اتصاله بربه ، إنما دلّ عليها بأشكال الحروف التي تركب عنها اسمه ، وذلك ( أن أعطاه أسماء ليس فيه حرف من حروف الاتصال ) بما بعده في الخط العربي ، ( فقطعه ) .

أي : دلّ على قطعه ( عن العالم بذلك ) الاسم من حيث إن الحكيم إذا سمى شخصا باسم راعى فيه المناسبة بينه وبين مسماه بوجه من الوجوه ، والمناسبة التامة أولى بالاعتبار ، وهي الشاملة لكل الحروف ، وهي هاهنا إنما هي لمناسبة الخطيئة الدالة على القطع عن المتأخر ، وهو العالم باعتبار حدوثه مع أن لكل حرف منها قوة الاتصال بما تقدمه ، والقطع عن العالم يستلزم الاتصال بالحق القديم ، فكأنه دلّ التزاما على اتصاله بالحق ، ( إخبارا لنا )
 أي : لأهل الخصوص منا ( بمجرد ) خط حروف ( هذا الاسم ) المركب من حروف الانفصال ، ( وهي الدال ، والألف ، والواو ) المنفصلة بما بعدها .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)

ما آتى الله تعالى داود عليه السّلام من الفضل
(وقال في حق داود : “  وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا “  ) [ 34 / 10 ] . ( فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ) بل نسب ذلك إلى نفسه وقال : “ مِنَّا “  ، ( ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء ) بل نصّ على أنّه كان فضلا وعطاء .
( ولما طلبه الشكر على ذلك ) النعمة الجليلة ( بالعمل ) الذي هو مقتضى حكمه ( طلب من آل داود ولم يتعرّض لذكر داود ، ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ، فهو في حقّ داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حقّ آله على غير ذلك ، لطلب المعاوضة ) بالأعمال القلبيّة والجوارحيّة ، شكرا لتلك النعمة .
وهذا الطلب من آل داود مما عليه داود من الخلافة المطلقة المنصوص عليها .
فإنّه إذا كان يطلب من غيره المستخلفين عليهم الأعمال شكرا على ما أنعم على داود يكون غاية في تعظيم خلافته وجلال قدره ، سيّما إذا طلب ذلك من أهل الخليفة الذين هم مجبولون على التنافس والتباغض ، فإنّ دلالته على جلالة قدر الخليفة أكثر وأظهر .

(فقال تعالى : “  اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً “  [ 34 / 13 ] ، فعلم أنّ انتصاب “  شُكْراً “  إمّا على التمييز ، وإمّا على أنّه مفعول لأجله .

 شكر الأنبياء
ثمّ إنّ الشكر وإن لم يكن مطلوبا من الأنبياء عليهم السّلام ، ولكن لم يزل يواظبون عليه ، وذلك الشكر هو البالغ في الشكريّة . وإلى ذلك أشار بقوله تعالى : ("وَقَلِيلٌ من عِبادِيَ الشَّكُورُ “) [ 34 / 13 ] .

وإليه نبّه بقوله رضي الله عنه :  ( وإن كانت الأنبياء قد شكروا الله تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك عن طلب من الله ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى تورّمت قدماه ، شكرا لما غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، فلما قيل له في ذلك قال  : " أفلا أكون عبدا شكورا "
وقال في نوح : “  إِنَّه ُ كانَ عَبْداً شَكُوراً “  [ 17 / 3 ] ، فالشكور من عباد الله قليل )
وذلك لأن الشكر البالغ إلى كماله التامّ فيه هو أن يكون بلا طلب من المنعم الواهب ، وهو إنما يكون للكمّل من الأنبياء الذين يصل إليهم النعم من ديوان الوهب كما عرفت .

خصوصيّة اسم داود
ثم إنّ الخلافة التي تحقّق بها داود إنما تقتضي التصرّف والتأثير في العالم ، وهو إنما يتصور بعد قطعه عن العالم ، ضرورة أنّ المتأثّر ما لم ينفصل عن المؤثّر فيه - انفصال قطع يقابله به - لم يتمكَّن من التصرّف فيه والتسلَّط عليه كلّ التسلَّط 

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأوّل نعمة أنعم الله بها على داود أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال ، فقطعه بذلك عن العالم إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم )

فإنّ اسم « داود » يلوح على القطع بعينه بأوّل بيناته ، وذلك لأنّ الأسامي والألقاب المنزلة من سماء الوهب مخبرة عمّا اشتمل عليه المسمى من الخصائص والأوصاف التي له عند العارف بفنون دلالات الحروف ووجوه كشفها وتبيّنها ،
وهذا من خصائص علوم أصحاب الأئمّة الهداة وتلامذتهم - وقد نبّهت عليه في المقدمة - فيكون انتصاب « إخبار » على أنه مفعول له من « قطعه » لا غير.
 

الحروف المتصلة والمنفصلة 
ثمّ إنّ الحروف الكتابيّة التي هي الكاشفة عن الحقائق ، التي تتعلَّق بطرف الولاية والبطون - كما سبق التنبيه عليه - تنقسم بالحصر القطعي إلى ما يتّصل ويتّصل به - وهو حروف الاتّصال ، وأكثر الحروف كذلك - وإلى ما يتّصل ولا يتّصل به ، بل ينقطع به الكلمة وينفصل ، فهو جهة تمامها ، وهو حروف الانفصال .
وذلك ستّة يجمعها « روزداذ » وإلى ما لا يتّصل ولا يتّصل به ، وهذا غير ظاهر ولا معدود في الحروف .
لأنّ الظهور يستدعي مظهرا يتّصل به حتّى يتمكَّن من البروز عن سواد الخفاء على بياض الظهور ، فهذا القسم مندمج في سواد الخفاء غير معدود في جملة الحروف .
لأنّ ملاك أمرها إنما هو الإظهار والإبراز - كما عرفت - وهذا هو الهمزة فقط . 

المناسبات الحرفية في اسمي محمّد وداود عليهما السّلام
ثمّ إنّ المناسب لعالم الامتزاج والاختلاط هو القسم الأوّل ،
كما أنّ الموافق لعظمة الخلافة وحشمة أمرها هو الانفراد والانقطاع عن الرعايا وهو القسم الثاني .
فلذلك سمّي داود الذي قد اختصّ في التنزيل بنصّ منشور الخلافة بحروف هذا القسم ،
( وهي : الدال ، والألف ، والواو ،)
وذلك لأنّ الاسم محل إظهار الشخص بما هو عليه ، ولما كان محمد صلَّى الله عليه وسلَّم خاتم أمر الإظهار وسلطان حكمه - الذي إنما يتحقّق في الكثرة والانفصال مع انطوائه على تمام المعنى الذي يقتضي الوحدة والاتّصال - لا بدّ وأن يكون من الحروف المختصّة به دلالة على وجهيه .
 
إذا عرفت هذا تبيّن لك أنّه لا بدّ من اشتمال اسمه على النوعين من الحروف ، دلالة منه على طرفيه . وسائر الأنبياء وإن كانوا ذا طرفين ولكن ليس لأحد بينهم أمر تمام الإظهار وختمه ، فلا يكون في اسمه الذي هو مبدأ الإظهار دال عليه .

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا». فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.)

قال رضي الله عنه :  (وقال في حقّ داود - عليه السّلام -وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا [ سبأ : 10 ] فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنّه أعطاه هذا الّذي ذكره جزاء . ولمّا طلب الشّكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرّض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود .  فهو في حقّ داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حقّ آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] . وإن كانت الأنبياء عليهم السّلام قد شكروا للّه على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك على طلب من اللّه ، بل تبرّعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتّى تورّمت قدماه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر . فلمّا قيل له في ذلك )

قال رضي الله عنه :  ( وقال في حق داود :"وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا "فلم يقرن فيه ) ، أي بالفضل الذي آتاه داود ( جزاء يطلبه منه ) ، كالشكر مثلا ( ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره ) من الفضل ( جزاء ) العمل من أعماله ( ولما طلب الشكر على ذلك ) الفضل ( العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ) ،
وإنما طلب من آل داود ( ليشكره الآل على ما أنعم به على داود ، فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال وفي حق آله على غير ذلك ) ، أي على غير كونه عطاء نعمة وإفضال بل عطاء.
قال رضي الله عنه :  ( لطلب المعاوضة ) منهم ( فقال تعالى ) آمرا لهم طالبا منهم الشكر بالعمل (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [ سبأ : 10 و 13 ] ،
 
فداود عليه السلام ليس يطلب منه الشكر على ذلك العطاء ( وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكرو اللّه تعالى على ما أنعم به عليهم ووهبهم ) إياه ( فلم يكن ذلك ) الشكر الواقع منهم منبعثا قال رضي الله عنه :  ( عن طلب من اللّه تعالى بل تبرعوا بذلك من ) عند ( نفوسهم كما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى تورمت قدماه ) ، من غير أن يكون مأمورا بالقيام على هذا الوجه ( شكرا لما غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخير.)

قال رضي الله عنه :  ( قال : « أفلا أكون عبدا شكورا » ؟ وقال في نوح :إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً[ الإسراء :3  ] . والشّكور من عباد اللّه تعالى قليل . فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود - عليه السّلام - أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتّصال . فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرّد هذا الاسم ، وهي الدّال والألف والواو . )

قال رضي الله عنه :  (فلما قيل له في ذلك) قال : « أفلا أكون عبدا شكورا » وقال في نوح إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً[ الأسراء : 3 ] والشكور من عباد اللّه قليل ، فأول نعمة أنعم اللّه بها على داود أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال ) ، وهي الحروف الذي من شأنها أن تتصل بما بعدها ، فالاتصال والانفصال إنما يعتبران بالنسبة إلى ما بعد ، وأما بالنسبة إلى ما قبل فكل الحروف تقبل الاتصال ( فقطعه ) ، أي نبه على قطعه

قال رضي الله عنه :  ( عن العالم بذلك ) ، أي بأن أعطاه حرفا ليس فيه حرف الاتصال ( إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم ) ، من غير نظر إلى شيء آخر .
( وهي الدال والألف ووالواو ) ، فإن المناسبة بين الاسم والمسمى مما يفهمها أهل الحقيقة.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:15 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير. وأعطاه القوة ونعته بها، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وسمّى اللّه محمّدا عليه الصّلاة والسّلام بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالتين . في اسمه كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد صلوات اللّه عليهما أعني التّنبيه عليه باسمه . فتمّ له الأمر عليه الصلاة والسّلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه « أحمد » فهذا من حكمة اللّه تعالى .  ثمّ قال في حقّ داود عليه السّلام ، فيما أعطاه إيّاه على طريق الإنعام عليه ، ترجيع الجبال معه بالتّسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطّير . وأعطاه القوّة ونعته بها ، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب . )
 
قال رضي الله عنه :  (وسمّى اللّه) تعالى (محمدا) نبينا صلى اللّه عليه وسلم (بحروف الاتصال) وحروف (والانفصال) فله أسماء متصلة كلها كمحمد ومصطفى ومجتبى وطه ، وأسماء منفصلة الحروف كرؤوف من قوله تعالى :بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (فوصله) ، أي اللّه تعالى به وأشار إلى ذلك بأسماء الاتصال وفصله تعالى عن جميع العالم المحسوس والمعقول بأسماء الانفصال فجمع سبحانه وتعالى له ، أي لنبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم (بين الحالين) ، أي حال الاتصال وحال الانفصال .
(في اسمه) صلى اللّه عليه وسلم المتصل الحروف والمنفصل الحروف (كما جمع) تعالى
 
قال رضي الله عنه :  (لداود) عليه السلام (بين الحالين) حال الاتصال به سبحانه وحال الانفصال عن جميع العالمين (من طريق المعنى) فقط (ولم يجعل) تعالى (ذلك) الجمع (في اسمه) ، أي اسم داود عليه السلام بل جعل في اسمه الانفصال في الحروف فقط .
 
قال رضي الله عنه :  (فكان ذلك) الجمع بين الحالين في الاسم (اختصاصا لمحمد) نبينا صلى اللّه عليه وسلم (على داود) عليه السلام أعني بذلك الاختصاص التنبيه عليه ، أي على الجمع بين الحالين باسمه صلى اللّه عليه وسلم كما ذكرنا فتم ، أي كمل له ، أي لنبينا صلى اللّه عليه وسلم الأمر وهو الجمع المذكور عليه الصلاة والسلام من جميع جهاته اللفظية والمعنوية وكذلك تم له الأمر في اسمه أحمد صلى اللّه عليه وسلم ، فإن بعض حروفه منفصل والبعض متصل فقد جمع الاتصال والانفصال في اسم واحد ، ومثله اسمه محمود هادي وشافع ، فهذا الأمر المذكور من جملة حكمة اللّه تعالى في خلق الأنبياء عليهم السلام .
 
قال رضي الله عنه :  (ثم قال) تعالى (في حق داود عليه السلام فيما) ، أي في جملة ما (أعطاه) اللّه تعالى من العطايا والمواهب (على طريق الإنعام عليه ) والإحسان إليه (ترجيع الجبال معه) ، أي مع داود عليه السلام (بالتسبيح) للّه تعالى والتقديس كما قال تعالى :يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ[ سبأ : 10 ] .
أي رجعي التسبيح (فتسبح) الجبال (بتسبيحه) ، أي تأخذ منه تسبيحه وتسبح به ، كما يأخذ المتعلم الكلمة من فم معلمه ويتكلم بها هو ، فيكون رجعها ثانيا بتكلمه بها (ليكون) ، أي سبب ذلك الترجيع (له) ، أي لداود عليه السلام ثواب (عملها) ، لأنه إمامها في التسبيح وهي مقتدية به في ذلك ومتابعة له فيه وللإمام ثواب عمل كل من اقتدى به (وكذلك الطير) ، اسم جنس ، أي الطيور بأنواعها كانت تسبح معه فيكون له ثواب ترجيعها لمتابعتها له فيما يقول من التسبيح والتقديس وهو نطق الجماد له والحيوان بمثل ما يريد .
 
قال رضي الله عنه :  (وأعطاه اللّه) تعالى أيضا (القوّة) وهو تليين الحديد له فكان في يديه مثل العجين يفعل به ما يشاء من شدّة قوّته عليه السلام التي أمده بها (ونعته) عليه السلام ، أي وصفه اللّه تعالى (بها) في قوله سبحانه :وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ[ ص : 17 ] ، والأيدي جمع يد وهي القدرة والقوّة وأعطاه اللّه تعالى (الحكمة) وهي العلم باللّه تعالى مع العمل الصالح (وفصل الخطاب) ، أي الخطاب الفاصل بين الحق والباطل ، وذلك حكمه في بني إسرائيل وقضاؤه بينهم بالحق ، وقيل : فصل الخطاب قوله : أما بعد في كل خطبة وموعظة . قال اللّه تعالى :وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ[ ص : 20 ] .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمّى اللّه محمدا عليه السلام بحروف الاتصال والانفصال فوصله ) أي محمدا صلى اللّه عليه وسلم بذلك الاسم من جهته وصله ( به ) أي بالحق أو وصله بسبب هذا الاسم إلى الحق ( وفصله ) بهذا الاسم من جهة فصله ( عن العالم فجمع له ) أي لمحمد عليه السلام ( بين الحالتين ) حالتي الاتصال والانفصال ( في ) لفظ ( اسمه ) فعلمنا من اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم قد انفصل عن العالم واتصل بالحق بخلاف داود عليه السلام فإنه وإن علمنا انقطاعه عن العالم واتصاله بالحق لكن الاتصال بدلالة المعنى فإن الانقطاع عن العالم يوجب الاتصال بالحق فدل اسم داود عليه السلام عليه التزاما وهو معنى قوله ( كما جمع لداود عليه السلام بين الحالتين من طريق المعنى ولم يجعل ذلك ) الجمع .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( في اسمه فكان ذلك ) الجمع في اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم ( اختصاصا لمحمد عليه السلام على داود عليه السلام ) قوله ( أعني التنبيه عليه باسمه ) تفسير لقوله فكان ذلك اختصاصا .
( فتم له الأمر ) أي أمر الجمع ( من جميع جهاته ) من الاسم والمعنى ( وكذلك في اسمه أحمد فهذا ) أي الجمع بين الحالتين في اسم محمد واسم داود عليهما السلام ( من حكمة اللّه تعالى ) وهي الانقطاع عن العالم والاتصال ظاهر بالحق فلا يخلو ما في الوجود لفظا وكتابه وعقلا وخارجا عن حكمة إلهية ولا يطلع على هذا المعنى إلا من اكتحل بصره بالنور الإلهي .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال في حق داود عليه السلام ) والضمير المنصوب ( فيما أعطاه ) راجع إلى ما أي وما أعطاه إياه ( على طريق الانعام ) والضمير المجرور في ( عليه ) راجع إلى داود عليه السلام والجار والمجرور يتعلق بالانعام ترجيع الجبال معه التسبيح مقول قال التسبيح منصوب بترجيع أي قال اللّه في حق داود عليه السلام .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ترجيع الجبال معه التسبيح ) في قوله : سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ( فتسبح ) الجبال ( تسبيحه ليكون له ) أي لداود عليه السلام ( عملها ) أي عمل الجبال .
( وكذلك ) خبر مقدم ( الطير ) مبتدأ أي وكالجبال الطير في الترجيع معه التسبيح أو بالجر على تقدير المضاف أي وكذلك قال اللّه تعالى ترجيع الطير معه التسبيح في قوله :وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ[ ص : 19 ] .
وتسبيح الجبال والطير معه وهو تسبيح داود لا التسبيح المخصوص بكل منهما ( وأعطاه القوة ونعته بها ) في القرآن الكريم بكلامه ذا الأيد إنه أوّاب ( وأعطاه الحكمة ) أي علم الحقائق والأسماء والصفات ( و ) أعطاه ( فصل الخطاب ) قال مولانا سعد الدين في كتابه المسمى بالمطول يقال الكلام البين فصل بمعنى المفصول ففصل الخطاب البين من الكلام الملخص الذي ينبه من يخاطب ولا يلتبس عليه أو بمعنى الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الحق والباطل والثواب والخطأ .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  (وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه. فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى. ثم قال في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير. وأعطاه القوة ونعته بها، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب.)
المعنى ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب. )
 
قال رضي الله عنه : « وسمّى محمّدا صلى الله عليه وسلم  بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم ، فجمع له بين الحالين في اسمه ، كما جمع لداود بين الحالين من حيث المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد على داوود ، أعني التنبيه عليه باسمه ، فتمّ له الأمر عليه السّلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسم أحمد ، فهذا من حكمة الله » .
أي إنّما سمّاهما الله لحكمة دالَّة على حقائقهما من هذه الحروف والترتيب والتركيب والوضع والوزان التي في أسمائهما لمن عقل عن الله وما أغفل شيئا من الأشياء إلَّا شاهد حكمة الله المودعة فيه .

قال رضي الله عنه  : « ثم قال في حق داوود ، فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع  الجبال معه التسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ، ليكون له عملها ، وكذلك الطير » .
 
قال العبد : يريد أن يوفي بحمد الله إلى الحكم والحقائق التي أوجبت ترجيع الجبال والطير لداود عليه السّلام بلسان الإشارة الكشفية ، فنقول : الجبال هي صورة الرسوخ والتمكَّن والثبات ، الخصيصة بالكمّل ، المتعيّنة حجابياتها في الجسمانيات والأماكن العالية ، المحتوية على جواهر الحقائق الكمالية التي أومأنا إليها ممّا يصعب الصعود عليها ، وقد أودعت في الحقائق الجسمية ، ممّا ليس في عالم الأرواح إلَّا روحانياتها ، ولا في عالم المعاني إلَّا معانيها وأعيان حقائقها من كمال الظهور والعلوّ وأحدية الجمع ، وما ذكرنا .
 
والطير صور القوى والحقائق والخصائص الروحانية في نشأة الإنسان الكامل ، ولمّا كان داوود عليه السّلام من كمال تبتّله وانقطاعه إلى الله بالمحبّة الدائمة والهيمان فيه والعشق وإيثار جنابه - تعالى - على نفسه وسواه وشدّة الشوق إليه بحيث تبعته قواه الجسمانية وقواه الروحانية ، فغلب عليه وعلى قواه الجسمانية والروحانية الانقطاع والرجوع إلى الله والتبتّل ، وتحقّق فيه هذا السرّ ، أظهر الله لسرّ تبعية ظاهره وباطنه ، كما قلنا له في التنزيه والتقديس الإلهي صورة ومثالا ترجيع الجبال والطير ، لمّا كان الغالب عليه في زمانه تجلَّي الاسم « الظاهر » على « الباطن » ، فكانت الحقائق والمعاني تظهر صورا قائمة لهم لما أهّله الله وخصّه بكمال الظهور الوجودي .
قال رضي الله عنه : « أعطاه القوّة ونعته بها وأعطاه الحكمة » يعني : وضع الأمور مواضعها ، وكان يحكم بالأحكام المؤيّدة بالحكمة .
قال : « وفصل الخطاب » .
يعني الإفصاح بحقيقة الأمر وقطع القضايا والأحكام باليقين من غير ارتياب ولا شكّ أو توقّف


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال فوصله به وفصله عن العالم ، فجمع له بين الحالتين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى ) وهو اختصاصه بالجمع بين النبوة والرسالة والخلافة والملك والعلم والحكمة والفصل بلا واسطة غيره .
قال رضي الله عنه :  ( ولم يجعل ذلك في اسمه فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهم الصلاة والسلام : أعنى التنبيه عليه باسمه ، فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه أحمد فهذا من حكمة الله ) .
أي اختصاصهما بالاسمين الدالين بحروفهما على ما ذكر من المعنيين فيهما من حكمة الله التي في تسميتهما لمن عقل عن الله ولم يعقل شيئا من الأشياء إلا شاهد حكمة الله المودعة فيه .
قال رضي الله عنه :  ( ثم قال في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال والطير معه التسبيح فتسبح بتسبيحه ليكون له عملها وكذلك الطير ) في الإنعام عليه بترجيع الجبال والطير معه والتسبيح إيماء إلى حكمة ترجيعهما بكون عملهما له ،
وهي أن الجبال تحكي بصورها رسوب الأعضاء والتمكن والثبات التي هي مخصوصة بالكمل في ظواهرهم ، والطير تحكي بطيرانها حركة القوى الروحانية فيه وفي كل عبد كامل إلى تحصيل مطالبها عند تسبيح الكامل بما يخصه من تنزيه الله عن النقص وبراءته عن صفات الإمكان وحكامه والاتصاف بصفات الوجود وأحكامه ،
 
ولما كان داود من كمال توجهه وتجرده وانقطاعه إلى الله بالمحبة الذاتية ، والهيمان والعشق وإيثار جنابه على نفسه وما يتعلق به تبعته ظواهره وبواطنه وجوارحه وقواه كلها .
أظهر الله تعالى سر انخراط أعضائه وقواه الروحانية في التنزيه والتقديس في صور الجبال والطير متمثلة له فرجعت معه التسبيح ، لأن الغالب في زمانه تجلى الاسم الظاهر على الباطن لما بقي من حكم الدعوة الموسوية إلى الاسم الظاهر ،
فكانت الحقائق والمعاني مظهر صور قائمة لهم لما أهله وخصه به من كمال ظهور الوجود ( وأعطاه القوة ونعته بها ) .
 
في قوله : ( واذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الأَيْدِ )   أي القوة ( وأعطاه الحكمة ) أي سياسة الخلق وتدبير الملك بوضع الأشياء مواضعها ، وتوجيه الأكوان إلى غاياتها بالتأييد الإلهي والأمر الشرعي.
 
 (وفَصْلَ الْخِطابِ ) أي الإفصاح عن حقائق الأمور على ما هي عليه ، وفصل الأحكام وقطع القضايا باليقين من غير شك وارتياب ولا توقف فيها .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسمى الله محمدا صلى الله عليه وسلم  بحروف الاتصال والانفصال ، فوصله به ) أي ، بالحق . وفصله عن العالم ، فجمع له بين الحالتين في اسمه ، كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى ) أي ، طريق المسمى .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود ، صلوات الله عليهما ، أعني ، التنبيه عليه باسمه . فتم له الأمر ) أي ، لمحمد ، صلى الله عليه وسلم .
قال رضي الله عنه :  ( من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه "أحمد" . فهذا من حكمة الله . )
قوله : ( هذا ) إشارة إلى ما ذكره من التنبيه بالاسم : من قطعهما عن العالم ووصلهما بالحق . أي ، هذا المعنى من جملة حكم الله الحاصلة في الوجود ، لا يخلو عن حكمة إلهية .
( ثم قال في حق داود ، عليه السلام ، فيما أعطاه ) أي ، في جملة ما أعطى داود .
( على طريق الإنعام عليه ، ترجيع الجبال معه التسبيح ) بالنصب ، على أنه مفعول لقوله ( ترجيع ) . وهو منصوب على أنه مفعول ثان ( إعطاه ) .
أو  بنزع الخافض المبين ( ما ) ، أي من ( ترجيع الجبال ) . والمفعول الثاني الضمير . أي ، فيما أعطاه إياه .
( فتسبح لتسبيحه ، ليكون له عملها . وكذلك الطير . ) بالجر . أي ، ترجيع الطير وتسبيحه . أو بالنصب . أي ، وكذلك سخر له الطير يسبح معه تسبيحه .
قال رضي الله عنه :  ( وأعطاه القوة ونعته بها ، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب . ) أي "إيضاح الغموض والتباس الأمور وكشف حقيقتها " ، وقال في حقه : " إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب " .
وقال : ( يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد ) . فجعل ترجيع الجبال معه التسبيح ، فكانت تسبح بتسبيحه لتكون له ذلك التسبيح أيضا .
وكذلك تسخير الطير لتسبح معه ليكون تسبيحه معه أيضا تسبيحا له .
وأعطاه القوة ونعته بها بقوله : ( واذكر عبدنا داود ذا الأيد أنه أواب وأعطاه الحكمة ) .
بأن جعله عالما بالحقائق ، عارفا بالله ومراتبه وأسمائه ، عاملا بمقتضى علمه ، وجعله
( فصل الخطاب ) . أي ، واسطة بين الله وعباده .
كما قال رضي الله عنه  : ( ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) . فعينه ذلك الحجاب الذي يتجلى الحق من ورائه على العباد .
 
واعلم ، أن روحه ، عليه السلام ، لما توجه بكليته إلى الحضرة الإلهية بالتسبيح والتحميد ، انعكس منه النور الإلهي الفائض عليه إلى قواه وأعضائه ، فسبحت تسبيح الروح بالمتابعة ، غير التسبيح المخصوص بكل منها ، فكان كل ذلك للروح أصالة ولغيرها تبعية .
" التسبيح المخصوص قوله تعالى : "وإن من شئ إلا يسبح بحمده " "
ولما كانت الجبال الظاهرة والطير المحشورة مثالا للأعضاء والقوى الروحانية والجسمانية - وصورا ظاهرة في الخارج لهذه الحقائق التي في العالم الإنساني وكانت الأعضاء والقوى يسبحن معه بالعشي والإشراق.
حصل ذلك التأثير الروحاني أيضا في روحانية الجبال والطيور ، فيسبحن ذلك التسبيح بعينه ، فكان ذلك التسبيح له "داود" عليه السلام  بالأصالة ، ولهن بالتبعية ،
كما قال الشاعر :
فلو قيل مبكاها بكيت صبابة  .... بسعدى شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكاء  .... بكاها ، فقلت : الفضل للمتقدم

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 يناير 2020 - 21:24 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:20 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( وسمّى اللّه محمّدا عليه الصّلاة والسّلام بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالتين في اسمه كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد - صلوات اللّه عليه - أعني : التّنبيه عليه باسمه ، فتمّ له الأمر - عليه الصلاة والسّلام - من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه " أحمد " فهذا من حكمة اللّه تعالى ، ثمّ قال في حقّ داود عليه السّلام ، فيما أعطاه إيّاه على طريق الإنعام عليه ، ترجيع الجبال معه بالتّسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطّير ، وأعطاه القوّة ونعته بها ، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب . )
 
ثم أشار إلى تفضيل نبينا عليه السّلام على داود باعتبار اسمه المشهور ، فقال : ( وسمي محمدا ) بحروف ( الاتصال والانفصال ) ، وهي الحاء الحلقية ، والميم الشفوية ، والدال اللسانية ،
 
"" أضاف المحقق :
الاتصال : هو مقام توارد الإمداد من حضرة الكريم الجواد ، وهو أحد المنازل العشرة التي يشتمل عليها قسم الحقائق ، فإن السائر إلى اللّه تعالى إذا انتهى به إلى مقام البسط الذي يوجب السكر ؛ فإن ارتقى عنه إلى مقام الصحو نزل بعده في منزلة الاتصال ، ثم ينفصل عن رؤية الاتصال المنبئ عن نوع من الانفصال .
والانفصال : مقام فوق الاتصال الذي مرّ ذكره لأن فيه يحصل الانفصال عن رؤيتهما ، أعني رؤية الاتصال والانفصال لكونهما عين الاعتلال ( لطائف الإعلام ص 5 )"" .
 
( فوصله به ، وفصله عن العالم ) أي : دل بوصل حروفه أولا على اتصاله بالقديم ، وبفصل الحرف الأخير منه على انقطاعه عن العالم الحادث ، وراعى فيه لطيفة أخرى هي أنه وصل ظاهريته بباطنيته أولا ، ثم ظاهريته بالجامع بين الظاهر والباطن المتوسط بينهما مع اعتبار انفصاله عن الحدوث ؛ لأنه إذا كان هو الظاهر والباطن جميعا ، فلا غيرة للعالم معه ،
( فجمع له ) أي : لمحمد عليه السّلام بين الحالتين الاتصال بالحق القديم ، والانفصال عن العالم الحادث ( في ) دلالة ( اسمه ) باعتبار اتصال بعض حروف وانفصال بعضها في الخط عليهما .
( كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ) ، بأن كان اتصاله بالحق مدلولا لمدلول انفصال الحروف ، وهو انفصاله عن العالم ؛ فإنه يدل بطريق نسبة دلالة الالتزام على اتصاله بالحق ؛ لأن انفصاله عن العالم مع كونه خليفة عليه لا يكون إلا لاتصاله بالحق ، ولكن ( لم يجعل ذلك ) الجمع داخلا في مدلول انفصال الحروف ( اسمه ) ، بل يكون مدلولا لهذا المدلول بطريق نسبة دلالة الالتزام مع عدم ظهور القرينة ،
( فكان ذلك ) الجمع بينهما في اسم محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ( اختصاصا لمحمد ) فضل به على داود ( صلوات اللّه عليهما ) ؛ لقصور الدلالة الالتزامية عن دلالة المطابقة فيما دلّ بالوضع ، فكيف فيما يشبهها فيما دلّ على الملزوم بطريق الرمز الخفي مع خفاء القرينة ، فتكون هذه الدلالة كالعدم ، وعدم الدال ، وإن لم يدل على عدم المدلول ؛ فهو يشبه الدال على عدم المدلول فيدل وجود هذا الدال في حق محمد على جمعيته على كمال هذا المدلول فيه ، وعدمه في حق داود كأنه يدل على قصور هذا المدلول فيه .
ثم قال : ( أعني التنبيه عليه باسمه ) ؛ لئلا يتوهم أن لفظة ذلك إشارة إلى الجمع بين الاتصال والانفصال مطلقا ، وهو باطل لحصول ذلك الجمع لداود عليه السّلام من طريق المعنى ، وإذا كان الانفصال دلالة على الاتصال بطريق يشبه الالتزام ، وقد حصل الاتصال أيضا بالفعل في اسم محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ،
( فتم له ) أي : لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ( الأمر ) أي : أمر الجمع بينهما ( من جميع جهاته ) أي : من جهة ما يشبه دلالة المطابقة ، وما يشبه دلالة الالتزام على الاتصال الذي هو المقصود بالذات ، وقد تأكد ذلك بتكريره مع تحقق ما يشبه دلالة المطابقة على ما يقصد لأجله وهو الانفصال أيضا .
 
( وكذلك ) أي : كما جمع له بينهما في اسمه محمد كذلك جمع له ( في اسمه أحمد ) ؛ لأن الألف والدال فيه من حروف الانفصال ، فدل على انفصال أوليته وآخريته عن الخلق ، والحاء والميم فيه من حروف الاتصال ،
فدل على اتصال باطنيته وظاهريته بالحق ،
لكن اعتبر في الدلالة الأولى موقع الحرف ،
وفي الثانية مخرجه مع الدلالة الخطية جمعا بين وجوه المناسبة الكثيرة حيث لم تكن المناسبة الواحدة شاملة للحروف ، ( فهذا ) أي : فهم هذه الأمور من هذه الاعتبارات مأخوذ ( من حكمة اللّه ) الموجبة رعاية المناسبة بين الاسم والمسمى ،
وإن لم يكن للاسم هذه الدلالة لا بالفعل ولا بالوضع مطابقة أو تضمنا أو التزاما ، ويكفي في ذلك أنه ( تعالى ) ألهم أصولها أن يسموها بما يدل بمناسبة الخط ، والموقع ، والمخرج على هذه الأمور الجليلة ، وإن لم يشعرهم بذلك .
 
ثم أشار رحمه اللّه تعالى : إلى نعم أخرى على داود عليه السّلام طالب آله بالشكر عليها ، وإن لم يشعر بوجه كونها نعما عليه أو عليهم إلا بطريق دقيق لا يدركه إلا آحاد أهل التحقيق ،
فقال : ( ثم قال في حق داود عليه السّلام فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال معه التسبيح ) ، ووجه الإنعام به عليه أنه يحصل له ثواب تسبيحهم ، وإن كانت عبادة شخص لا تحصل لغيره حتى لا يصح فيها التوكيل إلا أن الجبال لما لم تكن من أهل الجزاء ، فلابدّ من أن يحصل ثواب عملها لغيرها ، وإلا كانت أعمالها ضائعة بالكلية ،
وليس البعض أولى من الآخر إلا بنسبة السببية ، وهي منه عليه السّلام ؛ لأنه عليه السّلام كان يسبح " فتسبح " الجبال " لتسبيحه " ، وليست من أهل الثواب ،
وهي إنما سبحت ( ليكون له عملها ) ، فتسبيحها نعمة عليه موجبة للشكر على آله من حيث إنه لما حصل له التقرب إلى اللّه تعالى بأعماله وأعمال غيره استفاض منه ما أفاض عليهم فيما أفادهم الكمالات ، ومن جملة ما أعطاه على وجه الإنعام ، وأوجب الشكر على آله ، ولم يشعر بموجبه إلا بالطريق الخفي .
 
( أعطاه القوة ) على الجمع بين أمور الدنيا والدين ، ( ونعته ) أي : مدحه بها ؛ بقوله :وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ[ ص : 17 ] ، ( وأعطاه الحكمة ) العلم اليقيني بحقائق الأشياء وصفاتها وخواصها مع تأتي وضع كل في مواضعها ، ( وفصل الخطاب ) أي :
الخطاب الفاصل بين الحق والباطل بإقامة الحجج ، ودفع الشبه على الوجه اليقيني إذ بهذه القوة ناسب الحق والخلق ، واستفاض ثم أفاض ، وتمت له الأمور العلمية والعملية بالحكمة ، والتولية بفصل الخطاب ، فكانت نعما عليه وعليهم ، وتم كل ذلك بسبب خلافته .
 
ولذلك قال : ( ثم المنة الكبرى ) على داود عليه السّلام الموجبة لكمال الشكر على الآل مع عدم عرفان أكثرهم ، فذرها لرؤيتهم إياها من أمور الدنيا المضرة بالدين ، وهي ( المكانة الزلفى ) عند اللّه بها كمال النبوة والولاية ( التي خصه اللّه بها ) بقوله :وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ[ ص : 25 ] ، ورتبه على هذه الخلافة التنصيص على خلافته لدلالة ( التنصيص ) من الكامل الذي ليس من شأنه ذكر المحقرات إلا لغرض التحقير على كمال النصوص ، والخلافة إذا انضمت مع النبوة والولاية كانت غاية الكمال لهما ،
فالتنصيص عليها يدل على كونها في غاية الغايات ، وتجاوزها أقصى النهايات ، وبها تتم المنة بظهور القوة ، ونفاذ الحكمة ، وفصل الخطاب ،
إذ لا يكون معها معاندة الجاهل غالبا ، ( ولم يفعل ذلك ) التنصيص بأحد أي : بخلافة ( أحد من أبناء جنسه ) من الأنبياء فضلا عن خلفائهم وعن سائر الملوك .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه : (وسمّي محمّدا صلَّى الله عليه وسلَّم بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصّله عن العالم ، فجمع له بين الحالتين في اسمه ) .
 
وذلك لأنّ الاسم محل إظهار الشخص بما هو عليه ، ولما كان محمد صلَّى الله عليه وسلَّم خاتم أمر الإظهار وسلطان حكمه - الذي إنما يتحقّق في الكثرة والانفصال مع انطوائه على تمام المعنى الذي يقتضي الوحدة والاتّصال لا بدّ وأن يكون من الحروف المختصّة به دلالة على وجهيه.
 
إذا عرفت هذا تبيّن لك أنّه لا بدّ من اشتمال اسمه على النوعين من الحروف ، دلالة منه على طرفيه . وسائر الأنبياء وإن كانوا ذا طرفين ولكن ليس لأحد بينهم أمر تمام الإظهار وختمه ، فلا يكون في اسمه الذي هو مبدأ الإظهار دال عليه . 
فلذلك قال : " فجمع له بين الحالتين في اسمه " ، ( كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ) .
 
"" أضاف المحقق :
قال الكاشاني : وهو اختصاصه بالجمع بين النبوة والرسالة والخلافة والملك والعلم والحكمة.""
( فكان هذه ) الجمعيّة الاسميّة ( اختصاصا بمحمّد على داود ) لما بينهما من الاشتراك في الظهور بالخلافة والرسالة الإحاطيّة .
ومن ثمّة ترى المشترك بين اسميهما هو « الدال » الدالّ على الدولة والظهور ، ولكن لما كان في المحمد متصلا بميم التمام والكمال يكون دالَّا على جمعيّته الصوريّة والمعنويّة ، فإنّ الاتّصال يستتبع الاتّحاد الذي هو من لوازم المعاني والعلوم .
وإليه أشار بقوله : ( أعني التنبيه عليه ) - أي على الاختصاص المذكور الذي له بين الأنبياء - ( باسمه ، فتمّ له عليه السّلام الأمر من جميع جهاته ) اسما ومسمّى وصورتا ومعنى .
وفي آدم وإن كان الدال فيه مع ميم التمام ، ولكن منفصلا عنه ، غير متّصل به فلا يدلّ إلا على الدولة الصوريّة والجمعيّة الوجوديّة التي له .
( وكذلك في اسمه ) المنصوص عليه اسميّته في التنزيل في قوله تعالى “ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي من بَعْدِي اسْمُه ُ أَحْمَدُ “  [ 61 / 6 ] .
( فهذا من حكمة الله ) المستفادة من الصور المنزلة من عنده ، فإنّ الحكم منها ما يستحصل بالفكر وما يجري مجراه من أنواع التعمّلات والسعي وفنون التسبّبات والكسب . ومنها ما يستفاد من الصور الحرفيّة القرآنيّة ، والدلائل الكشفيّة العيانيّة .
وبيّن أنّ الحكم وإن كان كلها من الله ، ولكن المنتسب منها إليه أوّلا وبالذات هو الثاني .
 
سرّ تسبيح الجبال والطير مع داود عليه السّلام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثمّ قال في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال معه التسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطير ) ،
والوجه في تخصيص هذين النوعين بالمتابعة ، هو أنّهما أشدّ أنواع الأكوان ترفّعا على الإنسان ، وعلوّا عليه وإباء لقبول الإذعان له ، لغلوّ القساوة والخفّة فيهما ، وبيّن أن كلا منهما يمنع الانقياد وقبول التصرف .
أمّا الأوّل فلإفراطها في طرف الكثافة العاصية عن القبول.
وأمّا الثاني فلتفريطه في طرف الخفّة وعدم استقراره بين يدي الفاعل عند التأثّر والقبول .
وبيّن أنّ الطرفين مع غلوّ إبائهما وعلوّهما على الإنسان إذا دخلا في انقياده وإسلامه ، فما في أواسطهما - مما يقرّب إلى حدّ الاعتدال - يكون بذاك الانقياد أحرى وأولى .
ضرورة أنّ رقيقة نسبته إلى الإنسان أوثق وأظهر .
ولا يخفى على الواقف بأساليب هذا الكلام من المستبصرين ، أنّ تأويل الجبال والطير هاهنا بالعظام والقوى لا يوافق كمال خلافة داود وانقياد البريّة له وتسلَّطه عليها.
 
ثمّ هذا المعنى وإن كان له وجه في حدّه عند الكلام على الحكم الأنفسيّة ، ولكن لا يوافق هذا السياق ، فإنّه في صدد تسخير الأكوان الآفاقية له ، على ما هو من خصائص خلافته الخاصّة به ، وسيجئ في معنى تليين الحديد ما يؤيّد ذلك .
 
سرّ إعطاء القوّة والحكمة لداود عليه السّلام
ثمّ إنّ مثل هذه الخلافة لا بدّ وأن يكون بالقوّة التي بها يتمكَّن من الظهور سياسة وحكما . والحكمة التي بها تترتّب الأمور على الوضع الأتمّ والنظم الأليق ، والفصاحة التي بها تظهر الأشياء والأحكام فإلى هذه الأمور أشار بقوله : ( وأعطاه القوّة ونعته بها ) في كريم كتابه إظهارا لما أنعم عليه فيها ، كما هو مقتضى كمال أمر الخلافة وتمام إظهارها في قوله : “  وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّه ُ أَوَّابٌ “  [ 38 / 17 ] أيّ القوّة ( وأعطاه “  الْحِكْمَةَ “  ) أي معرفة حقائق الموجودات كلها تحقيقا ( “  وَفَصْلَ الْخِطابِ “  ) [ 38 : 17] أي إظهار ما يفصّل الأشياء ويميّزها حقّ التمييز من الكلام والخطاب اللايق بأمم زمانه .
"" أضاف المحقق :
كلام الشارح تعريض لما أورده الجندي وتبعه الكاشاني فقال : " إن الجبال تحكي بصورها رسوب الأعضاء والتمكن والثبات التي هي مخصوص بالكمل في ظواهرهم ، والطير تحكي بطيرانها حركة القوى الروحانية فيه وفي كل عبد كامل إلى تحصيل مطالبها عند التسبيح الكامل   
ولما كان داود من كمال توجهه وتجرده وانقطاعه إلى اللَّه بالمحبة الذاتية . . .
تبعته ظواهره وبواطنه وجوارحه وقواه كلها ، أظهر اللَّه تعالى سر انخراط أعضائه وقواه الروحانية في التنزيه والتقدس في صور الجبال والطير متمثلة له ...." .
 
وقال القيصري مكملا لكلامهم : " .... ولما كانت الجبال الظاهرة والطير المحشورة مثالا للأعضاء والقوى الروحانية والجسمانية ، وصورا ظاهرة في الخارج لهذه الحقائق التي في العالم الإنساني ... حصل ذلك التأثير الروحاني أيضا في روحانية الجبال والطير ، فسبحن ذلك التسبيح بعينه ..." . أهـ ""
 
ومبدأ فصل الخطاب هو ما أنعم عليه في اسمه بحسب الصورة الخطيّة كما يشعر به عبارته هذه ، كما أنّ مبدأ المعرفة ما فيه بحسب معناه ، كما لا يخفى
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.   )
 
قال رضي الله عنه :  (وسمّى اللّه محمّدا عليه الصّلاة والسّلام بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالتين . في اسمه كما جمع لداود بين الحالتين من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد صلوات اللّه عليهما أعني التّنبيه عليه باسمه . فتمّ له الأمر عليه الصلاة والسّلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه « أحمد » فهذا من حكمة اللّه تعالى . ثمّ قال في حقّ داود )


قال رضي الله عنه :  ( وسمي محمدا صلى اللّه عليه وسلم بحرف من حروف الانفصال هي الدال وما عداها من حروف الاتصال ) فحروف الانفصال هي الدال وما عداها من حروف الاتصال ( فوصله ) ، أي دل على وصوله
 ( به ) ، أي بالحق سبحانه بحروف الاتصال (وفصله عن العالم فجمع له) ، أي لمحمد عليه الصلاة والسلام ( بين الحالتين ) الاتصال بالحق والانفصال عن العالم ( في اسمه كما جمع لداود عليه السلام بين الحالتين من طريق المعنى ) ، فإنه لا بد لكل من الكمل من ذلك الاتصال والانفصال .
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) لكن ( لم يجعل ذلك في اسمه ) كما جعل في اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم ( فكان ذلك اختصاصا بمحمد وتفضيلا له على داود ) صلوات اللّه عليهما ( أعني ) باسم الإشارة المذكور في قوله فكان ذلك ( التنبيه عليه ) ، أي على الجمع بين الحالتين ( باسمه فتم له الأمر من جميع جهاته ) ، جهة الاسم وجهة المسمى .
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) الأمر ( في اسمه أحمد ) جمع فيه بين الحالتين بحروف الاتصال وهي الحاء والميم وحروف الانفصال وهي الألف والدال ( فهذا من حكمة اللّه سبحانه ثم قال ) تعالى ( في حق داود ) عليه السلام :يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ[ سبأ : 10 ] ترك المقول لكونه معلوما في كتاب اللّه ولدلالة ما بعده عليه


قال رضي الله عنه :  (عليه السّلام ، فيما أعطاه إيّاه على طريق الإنعام عليه ، ترجيع الجبال معه التّسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطّير .  وأعطاه القوّة ونعته بها ، وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب . )
 
قال رضي الله عنه :  ( عليه السّلام فيما أعطاه ) ، أي في جملة ما أعطى داود ( على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال معه ) أو منصوب على أنه مفعول القول بتضمينه معنى الذكر ، أي ذكر أو منصوب على أنه المفعول الثاني لأعطاه وتكون ما مصدرية أو على أنه مفعول للإنعام ( التسبيح ) بالنصب على أنه مفعول للترجيع ( فتسبح ) الجبال ( لتسبيحه ليكون له ) ، أي لداود ( عملها ) ، أي عمل الجبال لأن تسبيحها لما كان لتسبيحه منشأ منه لا جرم يكون ثوابه عائدا إليه لا إليها لعدم استحقاقها لذلك ( وكذلك الطير ) ،
أي مثل الجبال الطير في الترجيع ، وإنما كان تسبيح الجبال والطير لتسبيحه لأنه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه إلى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك إلى أعضائه وقواه ، فإنها مظاهر روحه ومنها إلى الجبال والطير ، فإنها صور أعضائه وقواه في الخارج ، فلا جرم يسبحن تسبيحه ويعود فائدة تسبيحها إليه (وأعطاه) أي داود ( القوة ونعته بها ) ،
حيث قال :وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ[ ص : 17 ] ، فإن الأيد هي القوة ( وأعطاه الحكمة ) ، أي العلم بالأشياء على ما هي عليه والعمل بمقتضاها إن كان متعلقا بكيفية العمل ( وفصل الخطاب ) لبيان تلك الحكمة على الوجه المفهم .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:31 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله»أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته . ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي .  ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص : 26 ] ولم يقل : « فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد )
 .
(ثم المنة) من اللّه تعالى على داود عليه السلام (الكبرى) التي هي أكبر المنن عليه (والمكانة) ، أي المنزلة والرتبة (الزلفى) ، أي القريبة إلى حضرة اللّه تعالى التي خصه ، أي داود عليه السلام اللّه تعالى بها هي التنصيص في كلام اللّه تعالى على خلافته في الأرض بطريق المشافهة في الخطاب ولم يفعل اللّه تعالى (ذلك )، أي التنصيص المذكور (مع أحد من أبناء جنسه) ، أي داود من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (وإن كان فيهم) ، أي الأنبياء عليهم السلام الذين هم أبناء جنسه خلفاء في الأرض كثيرون وهم المرسلون منهم ، ومنهم من لم يستخلفه اللّه تعالى كغير المرسلين من الأنبياء عليهم السلام حتى آدم عليه السلام لم يصرح اللّه تعالى له بالخلافة وإنما قال تعالى :وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] الآية .
 
فقال تعالى في داود عليه السلام ("يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً") عنا ("فِي الْأَرْضِ")، الجسمانية حيث نغيب نحن عن حواس المكلفين من العباد وعقولهم وتحضر أنت عند حواسهم وعقولهم فَاحْكُمْ أنت حينئذ بحكمنا نيابة عنه ("بَيْنَ النَّاسِ") وهم أهل الأرض الذين يختصمون إليك فلا يجدون حاكما غيرك ، وأما أهل السماء فإنهم إذا اختصموا كما في اختصام الملأ الأعلى يتحاكمون إلى اللّه تعالى ، لأنهم يجدونه من عدم غفلتهم عنه سبحانه وحضورهم معه بِالْحَقِّ الذي أنزله إليك مع جبريل عليه السلام وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى النفساني أي ما يخطر لك في حكمك بين الأخصام المتحاكمين إليك من غير وحي مني إليك بذلك فَيُضِلَّكَ،
أي الهوى الذي تتبعه عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل (أي عن الطريق الذي أوحي به إلى رسلي) الذين هم مثلك خلفائي في الأرض ، فتبقى إذا أردت الاستمداد مني بعد ذلك لا تعرف طريقه لالتباسه عليك بخواطر نفسك .
(ثم تأدب) ، أي اللّه (سبحانه) يعني عامله معاملة المتأدب (معه) ، أي مع داود عليه السلام نظير معاملته هو مع اللّه تعالى فإنه تعالى الملك الديان يدين كما يدان.
فانظر كيف تأدب الحق مع عباده حتى نتأدب معه ومع عباده . " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".
 
فقال تعالى ("إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ") في الدنيا والآخرة (بِما نَسُوا) أي بسبب نسيانهم (يَوْمَ الْحِسابِ )[ ص : 26 ] ، وهو يوم القيامة الذي يحاسب اللّه تعالى به كل من حكم بين الناس بما يخطر له ويستحسنه بعقله من غير وحي من اللّه تعالى إن كان من أهل الوحي أو متابعة لأهل الوحي أو لمن أمر بمتابعتهم كالمقلد يتبع المجتهدين فيما استنبطوه من أدلتهم الشرعية (ولم يقل) سبحانه له ، أي لداود عليه السلام (فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد) احتراما من اللّه تعالى له من عزته عليه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله»أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى ) أي المرتبة القربى من اللّه ( التي خصه اللّه تعالى بها التنصيص ) قوله ثم المنة مبتدأ والتنصيص خبره ( على خلافته ولم يفعل ذلك ) التنصيص ( مع أحد من أبناء جنسه ) أي من بني آدم .
( وإن كان فيهم خلفاء ) فلا يكون نفس الخلافة لداود المنة الكبرى والمكانة الزلفى بل المنة الكبرى التنصيص على خلافته لعموم الخلافة وخصوص تنصيصه وإنما كان تنصيص الخلافة المنة الكبرى دون تنصيص سائر النعم التي خصها لداود لأن الخلافة لكونها المرتبة الألوهية أعلى المراتب كلها فتنصيصها كذلك ولم يلزم فضل داود عليه السلام بذلك التنصيص على سائر الخلفاء من الأنبياء عليهم السلام تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ من عباده .
ولو كان داود عليه السلام فاضلا بذلك التنصيص على الخلفاء لما نص فضل محمد عليه السلام كلها فتنصيص الخلافة غير تنصيص الفضل مع أن الفضل بذلك لا يستلزم الفضل مطلقا فالشيء الواحد جاز أن يكون فاضلا ومفضولا بحسب الوجوه والمراتب وقد بيناه غير مرة .
قال رضي الله عنه :  ( فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي ما يخطر لك في حكمك من غير مني يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطريق الذي أوحى أنا بها ) . أي بهذا الطريق
 
قال رضي الله عنه :  ( إلى رسلي ثم تأدب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ، ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ).
فانظر كيف تأدب الحق مع عباده حتى نتأدب معه ومع عباده . " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته. ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله».أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي. ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد. )
 
قال اعملوا آل داود شكرا، وآل داود غیر داود 
قال: وشكر الأنبياء لربهم تبارك وتعالى، هو تبرع منهم ولم يكلفوا به، ثم ذكر أمورا ظاهرة من كلامه، ومن جملتها ما ذكره من قوله تعالى: "وألنا له الحديد" (سبأ: 10) إن الحديد هنا هي قلوب قاسية كالحديد فألانها الله تعالى لداود حتى اطاعته تلك القلوب.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه : « ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزلفى - التي خصّه الله بها - التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك بأحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء ،
فقال : ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى )   ،
 
أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي   ( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله )   أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي ، "ثمّ تأدّب سبحانه معه" " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".
، فقال :   ( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ )  "ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ."
فإن قلت : وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته .
قلنا : ما نصّ مثل التنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة : " إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً " ،ولم يقل : إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) وفي نسخة بأحد ، وهو أفصح من اتحادهما في المعنى ( وإن كان فيهم خلفاء فقال : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الْهَوى )  .
أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحى منى ( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله )  أي عن الطريق الذي أوحى به إلى رسلي ، ثم تأدب سبحانه معه " ليعلمنا سبحانه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم "
فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ )  .
 ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد .
فإن قلت : فآدم قد نص على خلافته ، قلنا : ما نص مثل التنصيص على داود ،
وإنما قال للملائكة : "إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً "  ولم يقل إني جاعل آدم خليفة ،
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
فقال رضي الله عنه  : ( ثم ، المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله تعالى بها ، التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ، وإن كان فيهم خلفاء . يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ) .
 
أي ، ما يخطر لك في حكمك من غير وحى منى . ( فيضلك عن سبيل الله ) أي ، عن الطريق
الذي (أوحى به . ) بسكون ( الياء ) للمتكلم . ( إلى رسلي ) .
قوله : ( ثم المنة ) مرفوع على الابتداء ، وخبره : ( التنصيص ) .
أو بكسر الميم ، من المنة ، عطفا على ( الإنعام ) . أي ، أعطاه على طريق الإنعام عليه . ثم ، المنة الكبرى والمكانة الزلفى . أو بفتحها ، عطفا على المفعول الثاني لأعطاه .
أو مرفوع على الابتداء ، وخبره ( التنصيص ) ، و ( ثم ) هنا للرتبة ، كقوله تعالى : ( ثم كان من الذين آمنوا ) .
وإنما كانت الخلافة المنة الكبرى والمكانة الزلفى ، لأنها صورة مرتبة الألوهية المعطاة لمن هو خليفة على العالم بالتبعية ، ولا مرتبة أعلى منها .
 

قال رضي الله عنه :  ( ثم ، تأدب سبحانه معه ، فقال : "إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب " . ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد . ) "ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم " و الباقي ظاهر .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 17 يناير 2020 - 5:00 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:34 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  (ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ، وإن كان فيهم خلفاء ؛  فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى[ ص : 26 ] أي : ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[ ص: 26 ] ، أي : عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي ) .
 
ولذلك قال : ( ثم المنة الكبرى ) على داود عليه السّلام الموجبة لكمال الشكر على الآل مع عدم عرفان أكثرهم ، فذرها لرؤيتهم إياها من أمور الدنيا المضرة بالدين ، وهي ( المكانة الزلفى ) عند اللّه بها كمال النبوة والولاية ( التي خصه اللّه بها ) بقوله :وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ[ ص : 25 ] ، ورتبه على هذه الخلافة التنصيص على خلافته لدلالة ( التنصيص ) من الكامل الذي ليس من شأنه ذكر المحقرات إلا لغرض التحقير على كمال النصوص ، والخلافة إذا انضمت مع النبوة والولاية كانت غاية الكمال لهما ،
فالتنصيص عليها يدل على كونها في غاية الغايات ، وتجاوزها أقصى النهايات ، وبها تتم المنة بظهور القوة ، ونفاذ الحكمة ، وفصل الخطاب ،
إذ لا يكون معها معاندة الجاهل غالبا ، ( ولم يفعل ذلك ) التنصيص بأحد أي : بخلافة ( أحد من أبناء جنسه ) من الأنبياء فضلا عن خلفائهم وعن سائر الملوك .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان فيهم خلفاء ) جامعون بين النبوة والولاية والخلافة ؛ لعدم اعتداده بخلافتهم بالنظر إلى خلافة هذا ، فلما اعتد بخلافته نص عليها ، ( فقال :يا داوُدُ )، فذكر اسمه العلم المزيل للشركة ، ثم أكد ذلك بالنداء المزيل توهم إرادة من يشاركه في الاسم اشتراكا لفظيّا ، وأتى بحرف النداء الدال على بعد المنادى مع أنه رتب على خلافته الزلفى عنده ، وحسن المآب للدلالة على بعد درجته عن إفهام غيره :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً[ ص : 26 ]
بذكر لفظ الخلافة المشعرة بالنيابة عن اللّه مشعرا بعظمتها بإسنادها إلى نون التعظيم المذكورة مقرنين مع التنصيص عليه بكاف الخطاب في الأرض التي هي وسط العالم والسلطان ، إنما يكون في وسط مملكته ، وهو محل الكون والفساد ، فيتم التصرف فيها بظهور الآثار المختلفة فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ الذين هم أشرف أنواع الخلائق ، وقد سخر لهم جميع ما في العالم بِالْحَقِّ لا بك ، وهو الحكم بما أعطاك الحق من الحكمة ، وفصل الخطاب ،وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى.
ولما كان المشهور أن الهوى ما تميل إليه النفس بطبيعتها الأمارة ، وهو عليه السّلام معصوم عن ذلك لكمال حاله ، فلا حاجة إلى نهيه عما ليس من شأنه بينه ،
فقال رضي الله عنه  : ( أي : ما يخطر لك من حكمك ) بطريق العقل والقياس من غير وحي مني فيه أو في أصله ،فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
ولما كان المشهور أن الضلال في الحكم هو الأخذ بطريق الكفرة أو الظلمة ، وهو عليه السّلام معصوم عن ذلك بينه بقوله : ( أي : عن طريقي الذي أوحي به إلى رسلي ) ، فإن طريق العقل والقياس من غير أصل منصوص مبعد عن الطريق الإلهي الذي وضعه للوصول إليه ؛ فلذلك كان موجبا للعذاب الشديد .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص :26] ، ولم يقل : « فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد » ).
 
( ثم تأدب سبحانه معه ) "ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم " رعاية لمقتضى منصبه الذي نص عليه للاعتناء به ، ( فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )[ ص : 26 ] ،
وإن اتبعوا سبيل العقل والقياس من غير أصل منصوص ،لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌبما نسوا يوم الحساب الذي يحاسب فيه مقتضى العقل والقياس من غير أصل مع الموحى به من الأنبياء ، فيظهر نقيض مقتضياتهما بل فسادها بحيث لا يحاسب معه أصلا ،
فقال رضي الله عنه  : ( ولم يقل : فإن ضللت عن سبيلي ، فلك عذاب شديد ) مع أنه مقتضى الظاهر عدل عنه لما فيه من نسبة الضلال إليه ، والحكم عليهم بالعذاب الشديد صريحا ، وهما يخلان بالأدب ، وهو ينافي مقتضى التنصيص على الخلافة من التعظيم ، والإخلال الضمني ليس كالصريح فروعي فيه الأدب بقدر الإمكان .
وإنما قال في حق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم :لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[ الزمر : 65 ] ؛ للمبالغة في التحذير عن أمر الشرك ، والتحذير عن الضلال في الحكم لا يكون له تلك المبالغة فيه ، ولا تتأتى رعاية الأدب مع المبالغة في التحذير .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
اختصاص داود عليه السّلام بالتنصيص على خلافته
وبيّن أنّ هذه الكمالات الوجوديّة المستتبعة لإظهار ما عليه كلمته ، من فنون جلائل الأوصاف كلَّها متفرّعة على خلافته المنصوص عليها في التنزيل فهي مبدؤها وأصلها .
وإليه أشار بقوله : ( ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصّه الله بها التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) من الرسل ( وإن كان فيهم خلفاء ، فقال : “  يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى “  [ 38 / 26 ] أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني “  فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله “ أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي ) .
وذلك أنّ لكل عبد طريقين إلى منهج الاستفهام واستعلام الأحكام :
أحدهما طرف قدس العقل ، الذي به يوحى إذا ترقى أمره إلى غايته الكمالية ، كما في الرسل عليهم السلام ، وهو الذي يأتي بالحقّ على مدارج تنزّلاته الوجوديّة ، وترتيبها الأصلي التي منها جاء من عالم المعاني إلى المثال ، إلى الحسّ والآخر طرف هويّته الإطلاقيّة وجمعيّته الكماليّة التي يسمّى بالهوى .
 
وهما في الحقيقة سبيل الله . فإنّ الهوى يلوّح بيّناته على الحقّ  ، ولذلك فسّر سبيل الله بقوله : " أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي " ، تفسير تخصيص .
فإنّ الخلافة إنما يتمّ أمرها بالترتيب الحكمي المتقن ، على ما عليه السلام نظام الوجود في مدارج تنزّلانه ، وطريق الوحي هو المعطي لذلك الحكم دون الهوى . فإنّ الغالب في هذا الطريق أمر الإجمال وأذواقه الجماليّة ، وقد اختفى فيه أمر الفرق ونظام أحكامها جملة ، كما يلوّح ذلك من بيناته .
 
( ثمّ تأدّب سبحانه معه ) إعظاما لقدر مرتبته العظمى ، وترشيحا لمزيد حشمته التي ربّى لها
( فقال : إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) [ 38 / 26 ] أي موطن تمام التفصيل الذي من جملته تعرّف أحكام الجزئيّات وخواصّها ،
وهي إنما يستكشف حق الكشف والتبيين من العدد والحساب ، كما عرفت وجه لمّيته في المقدمة - فتذكّر .
(ولم يقل له : " فإن زللت عن سبيلي فلك عذاب شديد " ) .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .
 
قال رضي الله عنه :  (ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته . ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى .
أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي . ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما)


قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة ) ، أي المرتبة ( الزلفى التي خصه اللّه بها ) ، أي ميزه بها عمن سواه حيث أعطاه إياه ولم يعطهم ( التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) ، وهم الأنبياء عليهم السلام .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى، أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، أي عن الطريق الذي أوحى به ) .
على صيغة المتكلم الواحد ( إلى رسلي ) ، إنما كان التنصيص على الخلافة المنة الكبرى والمكانة الزلفى لأنها صورة المرتبة الإلهية أعطيت للخلفاء ( ثم تأدب سبحانه معه ) ، أي مع داود عليه السلام


قال رضي الله عنه :  ( نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص : 26 ] ولم يقل : " فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد " . )
 
قال رضي الله عنه :   ( فقال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا) ، أي بسبب نسيانهم (يَوْمَ الْحِسابِ) [ ص : 26 ] حيث لم يسند الضلال إليه ( ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ) ، كما هو مقتضى الظاهر بل أسنده إلى الجماعة الغائبين الذين داود عليه السلام واحد منهم .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:39 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته ، قلنا ما نصّ مثل التّنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] ولم يقل إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ولو قال أيضا مثل ذلك ، لم يكن مثل قوله :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً [ ص :26  ] في حقّ داود ، فإنّ هذا محقّق وذلك ليس كذلك . وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الّذي نصّ اللّه عليه فاجعل بالك لإخبارات الحقّ عن عباده إذا أخبر.)
 
(فإن قلت) يا أيها السالك (وآدم عليه السلام) أيضا (قد نص) ، أي نص اللّه تعالى في القرآن (على خلافته) أيضا وليس ذلك مخصوصا بداود عليه السلام قلنا في الجواب (ما نص) اللّه تعالى على خلافة آدم عليه السلام (مثل التنصيص على) خلافة داود عليه السلام من جهة التصريح له بذلك والمشافهة في الخطاب وإنما قال تعالى للملائكة قبل خلق آدم عليه السلام إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ولم يقل تعالى إني جاعل آدم عليه السلام خليفة في الأرض ولو قال اللّه تعالى أيضا كذلك لم يكن مثل قوله تعالى : (إنا جعلناك خليفة في حق داود) عليه السلام .
 
فإن هذا التصريح أمر محقق في ذلك لا احتمال فيه وذلك الوارد في آدم عليه السلام بطريق الإشارة إليه في المعنى ليس كذلك ، أي ما هو أمر محقق وما يدل ذكر آدم عليه السلام في القصة ، أي قصة ذكر الخلافة للملائكة عليهم السلام بعد ذلك ، أي بعد ذكر الخلافة على أنه ، أي آدم عليه السلام (عين ذلك الخليفة الذي نص) اللّه تعالى عليه وإنما كان مفهوما أنه هو الخليفة من ذكر تعليمه الأسماء وسجود الملائكة له كلهم أجمعين إلا إبليس إن هذه لا تكون إلا صفات من استخلف في الأرض على أبناء جنسه ،
 
فإن إطاعة الجند واجتماعهم على ولي الأمر ابتداء شأن الخلافة وهو من لوازمها فدل ذلك بالمفهوم على خلافة آدم عليه السلام في الأرض (فاجعل بالك) يا أيها السالك (لإخبارات الحق) تعالى عن (عباده إذا أخبر) عنهم تجد لاختلاف ذلك أسرارا عظيمة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته ) فما معنى اختصاص التنصيص على خلافة داود عليه السلام ( قلنا ما نص ) آدم عليه السلام على خلافته ( مثل التنصيص على ) خلافة ( داود عليه السلام : وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ولم يقل أني جاعل آدم عليه السلام في الأرض ) خليفة.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو قال ) أني جاعل آدم عليه السلام خليفة ( لم يكن ) هذا القول الذي في حق آدم ( مثل قوله إنا جعلناك خليفة في حق داود عليه السلام فإن هذا ) أي قوله في حق داود عليه السلام ( محقق ) لأنه خطاب ( وليس ذلك ) أي وليس قوله أني جاعل آدم عليه السلام خليفة ( كذلك ) في التحقيق لأنه غيب ( وما ) أي ولا ( يدل ذكر آدم عليه السلام في القصة بعد ذلك ) أي بعد قوله :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ( على أنه ) أي على أن آدم عليه السلام ( عين ذلك الخليفة الذي نص اللّه عليه فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبرك ) أي أخبر بالتنصيص أم لا .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته. قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض. ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك. وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.)
المعنى ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن قلت : وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته .
قلنا : ما نصّ مثل التنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة : ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً ) ، ولم يقل : إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ،  ولو قال ، لم يكن مثل قوله : « جَعَلْناكَ خَلِيفَةً » في حق داوود ، فإنّ هذا محقّق ، وليس ذلك كذلك ، وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الذي نصّ الله عليه ، فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر )
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحكم مستنده إلى حضرة الاسم « الله » فإنّ الحكم لله ، والألوهية كمال الحكم والتصرّف بالفعل والإيجاد والاختراع .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن قلت : فآدم قد نص على خلافته ، قلنا : ما نص مثل التنصيص على داود ، وإنما قال للملائكة : ( إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً )  ولم يقل إني جاعل آدم خليفة ،
ولو قال أيضا ، لم يكن مثل قوله : ( إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً )   في حق داود ، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك .
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه ، فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر ، )
وكذلك في حق إبراهيم الخليل عليه السلام : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً )  ولم يقل خليفة
وإن كنا نعلم أن الإمامة هاهنا خلافة ،
ولكن ما هي مثلها لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة ،
ثم في داود عليه السلام من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلا عن الله ).
 
"" أضاف بالى زادة : فلا تكون نفس الخلافة لداود المنة الكبرى ، بل التنصيص على خلافته لعموم الخلافة وخصوص تنصيصه ، وإنما كان تنصيصه منه دون تنصيص سائر النعم ، لأن الخلافة مرتبة الألوهية ، ومرتبة الألوهية أعلى المراتب كلها فتنصيصه كذلك اهـ بالى .

فالإمامة تعم الخلافة وغيرها ، وهذه المرتبة والمساواة برسول الله لمن سبقت له العناية من كبار الأولياء ، واتحاد الولي مع النبي في درجة واحدة لا ينافي أفضلية الأنبياء على الأولياء اهـ بالى . ""
أي لا تسند الحكم إلا إلى حضرة الاسم الشامل كلها وهو الله - فإن الحكم لله ، والإمامة بالنسبة إلى الخلافة كالولاية بالنسبة إلى النبوة ، فكما أن الولي قد لا يكون نبيا كذلك الإمام قد لا يكون خليفة والخليفة بمعنى من يخلف ، فلا يكون خليفة حتى يحكم الله على خلافته ، وداود كان كذلك قد أمره الله بالحكم .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته. قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض. ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك. وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر. ) كله غنى عن الشرح .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:43 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
قال رضي الله عنه :  ( ولم يقل : « فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد » ، فإن قلت : وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته ، قلنا : ما نصّ مثل التّنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] ، ولم يقل : إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ، ولو قال أيضا مثل ذلك ، لم يكن مثل قوله :" إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً " [ ص : 26 ] في حقّ داود ، فإنّ هذا محقّق ، وذلك ليس كذلك ، وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الّذي نصّ اللّه عليه ، فاجعل بالك لإخبارات الحقّ عن عباده إذا أخبر ،)
 
وإن اتبعوا سبيل العقل والقياس من غير أصل منصوص ،لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌبما نسوا يوم الحساب الذي يحاسب فيه مقتضى العقل والقياس من غير أصل مع الموحى به من الأنبياء ، فيظهر نقيض مقتضياتهما بل فسادها بحيث لا يحاسب معه أصلا ،
( ولم يقل : فإن ضللت عن سبيلي ، فلك عذاب شديد ) مع أنه مقتضى الظاهر عدل عنه لما فيه من نسبة الضلال إليه ، والحكم عليهم بالعذاب الشديد صريحا ، وهما يخلان بالأدب ، وهو ينافي مقتضى التنصيص على الخلافة من التعظيم ، والإخلال الضمني ليس كالصريح فروعي فيه الأدب بقدر الإمكان .
وإنما قال في حق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم :لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[ الزمر : 65 ] ؛ للمبالغة في التحذير عن أمر الشرك ، والتحذير عن الضلال في الحكم لا يكون له تلك المبالغة فيه ، ولا تتأتى رعاية الأدب مع المبالغة في التحذير ؛ ( فإن قلت : فآدم قد نص على خلافته ) إذ قال في كتابه :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] ، ثم عيّنه بقوله :وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها[ البقرة : 31 ] ، وقوله :وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ[ البقرة : 34 ] وغير ذلك ، فلم قلت : لم يفعل ذلك لواحد من أبناء جنسه ؟ قلنا : كان ذلك نصّا في الجملة ، لكن ( ما نصّ ) على خلافته ( مثل التنصيص ) ( على ) خلافة ( داود ) ، فإنه لم يقل : يا آدم إنا جعلناك خليفة في الأرض .
( وإنما قال : الملائكة ) من غير نداء آدم إني جاعل في الأرض خليفة ، ومع ذلك ( لم يقل : إني جاعل آدم خليفة في الأرض ) يذكر اسمه العلم مع تأتّي ذكره وإن امتنع النداء ، ( ولو قال ) : إني جاعل آدم خليفة ، فهو ( أيضا ) ( لم يكن ) من التنصيص على خلافته ( مثل ) قوله :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً ( في حق داود فإن هذا ) ؛ لكونه ماضيا ( محققا ) أي : دال على تحققه ؛
 
"" أضاف المحقق : رتبة الخلافة : هي رتبة الخلافة والكمال المشتملة على الجميع الجامعة ، بين البداية والنهاية ، وأحكامها ، وأحكام الجمع والتفرقة ، والوحدة ، والكثرة ، والحقية ، والخلقية ، والقيد ، والإطلاق عن حضور من غير غيبة ويقين بلا ريب ولا شبهة . ( لطائف الإعلام ص 153 ) .""


( وذلك ) لكونه اسم فاعل بمعنى الاستقبال بدليل أنه قاله الملائكة قبل خلق آدم ، ( ليس كذلك ) في الدلالة على التحقق ، وإن كانت أخبار الحق لا بدّ لها من التحقق إلا أنه إنما يعلم من العقل ، فلا يكون من قبيل التنصيص ، وما ذكرتم أنه تعالى عين الخليفة بقوله :وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها[ البقرة : 31 ] وغيره ، فيكون تنصيصا باطلا ، بل غايته أنه ذكره بعد ذكر الخليفة ، ( وما يدل ذكر آدم ) ، ولو ( في القصة ) الواحدة ( بعد ذلك ) من غير طول فصل ( على أنه عين ذلك الخليفة الذي نصّ اللّه عليه ) إذ ذكره في نصّ كتابه مجملا ، إذ ليس في اللفظ ما يدل على العينية بل غايته أن يفهم باستعانة العقل ، كما يفهم سائر المجملات التي لا تنصيص فيها ، ولا بيان يعقبها باستعانة العقل ، وإذا كان الحق سبحانه وتعالى ينص في حق البعض دون البعض في أمر واحد ، ( فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر ) لماذا ينص ؟ ولماذا ترك التنصيص ؟
ولا شك أن النص على الخلافة ؛ لتعظيم شأنها واطلاع الكل عليها ليعتقدوا كمالها .
ثم أشار إلى سؤال آخر ، وهو أنه سبحانه وتعالى وإن لم ينص على خلافة آدم ، فقد نص على خلافة إبراهيم عليه السّلام ؛ فلم قلت : لم يفعل ذلك بأحد من أبناء جنسه ؟
وأجاب عنه بقوله : ( وكذلك ) أي : مثل قوله :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30]
في عدم التنصيص على الخلافة في حقّ آدم ، قوله : ( في حق إبراهيم الخليل عليه السّلام :إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً )[ البقرة : 124] ،
وإن صار بالخطاب في حكم المنادى العلم ، وكان اسم الفاعل فيه بمعنى الماضي أو الحال ؛ وذلك لأنه ( لم يقل ) في حقه : إني جاعلك ( خليفة ) ، بل قال :إِماماً، وهو مشترك بين الخلافة وإمامة الصلاة ، فلا يكون نصّا في الخلافة .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
تفاضل آدم وإبراهيم وداود عليهم السّلام في الخلافة
قال رضي الله عنه :  (فإن قلت : « وآدم ، قد نصّ على خلافته » ؟
قلنا : ما نصّ مثل التنصيص على داود ) على صورة التفويض مخاطبا إيّاه ، آمرا له بالحكم ،
( وإنما قال ) في قضيّة خلافة آدم : (" لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً “  [ 2 / 30 ] ، ولم يقل : « إني جاعل آدم خليفة في الأرض » ولو قال ، لم يكن مثل قوله : “  جَعَلْناكَ خَلِيفَةً “ في حقّ داود ، فإن هذا محقّق ) .
لدلالة النصّ على تفويض الخلافة لداود ، على ما لا يخفى ، ( وذلك ) النصّ الوارد في آدم (ليس كذلك ) ، أمّا أو لا فلأنّه ليس فيه صيغة التفويض أصلا ، بل إنما هو إخبار .
وأمّا ثانيا فلأنّه لا يدلّ بوجه من وجوه الدلالات على أن ذلك - الخليفة التي هو جاعلها - آدم .
 
قال رضي الله عنه :  (وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الذي نصّ الله عليه ) وبيّن أن مرتبة الكلام من المراتب له الكمال في المجالي الوجوديّة لأنّه مع ظهور الأمر فيه ، مظهر إيّاه ، كاشف عن الخصائص والأوصاف ووجوه التفاصيل التي فيه . ومن ثمّة ترى دلائل خلافة آدم في هذه المرتبة إجماليّة ، لعدم ظهور الخلافة بأحكامها الخصيصة بها فيه مفصّلا ، بل كان فيه مجملا وبالقوّة .
وإلى مثل هذا أشار بقوله : ( فاجعل بالك لإخبارات الحقّ عن عباده إذا أخبر ) فإنّها كاشفة عن المرتبة التي لذلك العبد ، مبيّنة عن مبلغ كماله فيها ، كما في قصّة آدم وإجمال حكم خلافته .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.  . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته ، قلنا ما نصّ مثل التّنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [ البقرة : 30 ] ولم يقل إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ولو قال أيضا مثل ذلك ، لم يكن مثل قوله :" إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً" [ ص : 26 ] في حقّ داود ، فإنّ هذا محقّق وذلك ليس كذلك . وما يدلّ ذكر آدم في القصّة بعد ذلك على أنّه عين ذلك الخليفة الّذي نصّ اللّه عليه فاجعل بالك لإخبارات الحقّ عن عباده إذا أخبر . )

قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت : وآدم عليه السلام ) أيضا ( قد نص ) ، أي اللّه سبحانه ( على خلافته ) فليس داود مخصوصا بالتنصيص على خلافته ( قلنا ما نص ) على خلافة آدم ( مثل التنصيص على ) خلافة ( داود وإنما قال سبحانه للملائكة ) في قصة آدم عليه السلام (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ولم يقل سبحانه ( إني جاعل آدم في الأرض خليفة ) فيحتمل أن يكون الخليفة الذي أراده اللّه سبحانه غير آدم بأن يكون بعض أولاده ( ولو قال ) أيضا : "إني جاعل آدم خليفة" .
 
قال رضي الله عنه :  ( لم يكن مثل قوله :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً) بضمير الخطاب ( في حق داود فإن هذا أمر محقق ) ليس فيه احتمال غير المقصود ( وذلك ) ، أي قوله : إني جاعل آدم خليفة ( ليس كذلك ) ، أي مثل قوله :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً، فضمير المخاطب لا يحتمل الغير بخلاف اسم الغائب .
ثم لما كان ههنا مظنة أن يقال : ذكر آدم في القصة قرينة دالة على أن المراد بالخليفة آدم عليه السلام ، فيكون التنصيص عليه مثل التنصيص على داود عليه السلام دفعه بقوله :
 
قال رضي الله عنه :  ( وما يدل ذكر آدم عليه السلام في القصة بعد ذلك ) دلالة تحتمل الغير ( على أنه ) ، أي آدم عليه السلام ( عين ذلك الخليفة الذي نص اللّه عليه ) لاحتمال أن يكون بعض أولاده كما قلنا ، مع أن التنصيص الحاصل بلا قرينة ليس مثل التنصيص الواقع بها كما لا يخفى.
 
قال رضي الله عنه :  ( فاجعل بالك لإخبارات الحق سبحانه عن عباده ) ، فاجتهد في إدراك خصوصيتها ( إذا أخبر ) عنهم حتى يفهم ما فضل به بعضهم على بعض.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:50 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.  . ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حقّ إبراهيم الخليل :قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [ البقرة : 124 ] ولم يقل خليفة ، وإن كنّا نعلم أنّ الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها ، لأنّه ما ذكرها بأخصّ أسمائها وهي الخلافة .  ثمّ في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلّا عن اللّه تعالى فقال له فاحكم بين النّاس بالحقّ ، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهيّ فيهم ، وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلّا في التّنصيص عليه والتّصريح به .  وللّه في الأرض خلائف عن اللّه ، وهم الرّسل . وأمّا الخلافة اليوم فعن الرّسل لا عن اللّه . فإنّهم ما يحكمون إلّا بما شرع لهم الرّسول لا يخرجون عن ذلك . غير أن ههنا دقيقة لا يعلمها إلّا أمثالنا . وذلك في أخذ ما يحكمون به ممّا هو شرّع للرّسول عليه السّلام.)
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك) ، أي مثل آدم في عدم التصريح بالخلافة ، قال اللّه تعالى (في حق إبراهيم الخليل) عليه السلام إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً[ البقرة : 124] ، أي ليقتدوا بك في جميع شؤونهم ولم يقل له اللّه تعالى : إني جاعلك للناس خليفة عني وإن كنا نحن معاشر العارفين نعلم يقينا (أن الإمامة هنا خلافة) عن اللّه تعالى في الأرض ولكن هذه الخلافة ما هي بمعنى الإمامة (ما هي مثلها) ، أي مثل خلافة داود (ولو ذكرها) اللّه تعالى ، أي هذه الخلافة بمعنى الإمامة (بأخص أسمائها وهي) ، أي أخص الأسماء والتأنيث من قبيل قولهم  :
وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدم
 
"" البيت للأعشى. يخاطب عمير بن عبد الله بن المنذر وكان بينهما مهاجاة.
وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدّم
، وتشرق:بالنصب عطفا على فعل منصوب في بيت سابق ..
ومعنى تشرق: ينقطع كلامك في حلقك، يريد أنه ينقطع كلامك حتى لا تقدر على أن تتكلم لما تسمعه من هجائي لك، بسبب ما تذيعه وتنشره من السب والشتم لي...
كما شرقت صدر القناة، يريد: أنّ الدم إذا وقع على صدر القناة وكثر عليها لم يتجاوز الصدر إلى غيره لأنه يجمد عليه، فأراد أنّ كلامه يقف في حلقه ولا يمكنه إخراجه كما يقف الدم على صدر القناة فلا يذهب ...
و «ما» في «كما» مصدرية.والشاهد: أن كلمة «صدر» اكتسبت التأنيث من القناة، بالإضافة ولذلك أنّث الفعل المسند إليه وهو «شرقت» لأن المضاف يكتسب من المضاف إليه عشرة أشياء: التعريف، والتنكير، والاستفهام، والشرط، والتأنيث والتذكير، والبناء، ومعنى الظرف من الزّمان والمكان، ومعنى المصدر . أهـ""
 
قال رضي الله عنه :  (الخلافة) فقال تعالى : إني جاعلك للناس خليفة عني لم يكن ذلك مثل التنصيص على خلافة داود عليه السلام ، لأن خلافة داود عليه السلام خلافة حكم بين الناس وهذه خلافة علم ومتابعة فليست مثلها .
قال رضي الله عنه :  (ثم في داود) عليه السلام (من الاختصاص بالخلافة) الإلهية عن اللّه تعالى أن جعله ، أي اللّه تعالى (خليفة حكم) في الأرض بين الناس (وليس ذلك) الاستخلاف بالحكم في الأرض بين الناس إلا نيابة (عن اللّه تعالى فقال) ، أي اللّه تعالى له ، أي لداود عليه السلام بعد التنصيص على خلافته فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ[ ص : 26 ] .
 
فأعلمه أنه خليفة حكم (وخلافة آدم) عليهما السلام (قد لا تكون من هذه المرتبة) ، أي مرتبة خلافة الحكم في بنيه بالحق إذ ليس فيها من التصريح بذلك مثل هذه الخلافة الداودية (فتكون خلافته) ، أي آدم عليه السلام (أن يخلف من كان فيها) ، أي في الأرض قبل ذلك ، أي قبل استخلاف آدم عليه السلام وهم الجن الذين كانوا يسكنون في الأرض لا أنه ، أي آدم عليه السلام نائب عن اللّه تعالى (في خلقه بالحكم الإلهي فيهم ) مثل داود عليه السلام ، فإنه نائب عن اللّه تعالى بالحكم الإلهي في الخلق (وإن كان الأمر كذلك وقع) ،
أي أن آدم عليه السلام نائب عن اللّه تعالى في خلقه بالحكم الإلهي (ولكن ليس كلامنا) الآن (إلا في التنصيص عليه) ، أي على هذا الأمر الواقع والتصريح به ، أي بهذا الأمر المذكور وللّه تعالى في الأرض خلائف جمع خليفة عن اللّه تعالى في العلم والحكم (وهم الرسل) عليهم السلام سواء ورد ذكر خلافتهم في القرآن أو لم يرد ذكرها .
 
قال رضي الله عنه :  (وأما الخلافة اليوم) في الأولياء (فعن الرسل) عليهم السلام (لا عن اللّه) تعالى (فإنهم) ، أي الخلفاء اليوم (ما يحكمون) بين الناس في الظاهر والباطن (إلا بما شرع) ، أي بين (لهم الرسول) صلى اللّه عليه وسلم من الأحكام الإلهية لا يخرجون عن ذلك أصلا في قول أو عمل أو اعتقاد أو حال غير أن ههنا في هذه المسألة إشارة (دقيقة) جدا .
(لا يعلمها) ذوقا وكشفا (إلا أمثالنا) من المحققين أصحاب الوراثة الكاملة والدائرة الكبرى الشاملة وإذا سمعها الأجنبي عن هذا المقام يتخيلها بعقله فيظن أنه عرفها فربما ينكرها الظهور عنده بخلاف ما هي عليه في نفسها عند صاحبها المتحقق بها .
(وذلك) ، أي ما ههنا من تلك الدقيقة في كيفية أخذ ما يحكمون ، أي الخلفاء (به بما هو شرع للرسول عليه السلام) مقرر عنه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل. وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك.
غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.).


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل : قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً . ولم يقل خليفة وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة ولكن ما هي مثلها لأنه ) أي الشأن .
( ما ذكرها ) أي ما ذكر الحق الإمامة ( بأخص أسمائها وهي الخلافة ) وغيرها فالامامة تعم الخلافة وغيرها.
 ( ثم في داود عليه السلام من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم وليس ذلك ) أي خليفة حكم .
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا عن اللّه فقال :فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ، وخلافة آدم عليه السلام قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها ) أي في الأرض .
( قبل ذلك ) أي قبل آدم عليه السلام من الملائكة ( لا أنه ) أي لا يدل أن آدم عليه السلام ( نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهي فيهم وإن كان الأمر كذلك وقع ) أي وإن كان آدم نائبا عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهي فيهم في نفس الأمر .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولكن ليس كلامنا ) في حق داود عليه السلام ( إلا في التنصيص عليه ) أي على داود عليه السلام ( والتصريح به ) فامتاز داود عليه السلام عن آدم عليه السلام في الخلافة تنصيصها ( وللَّه في الأرض خلائف عن اللّه وهم الرسل ) فلا اختصاص في الخلافة كما اختص داود عليه السلام إلا على تنصيصها .
قال رضي الله عنه :  ( وأما الخلافة اليوم ) أي الخلافة التي بعد انقضاء الرسل ( فعن الرسل لا عن اللّه فإنهم ) أي الخلفاء اليوم ( ما يحكمون إلا بما شرّع لهم الرسول عليه السلام ولا يخرجون عن ذلك ) التشريع (غير أن هنا ) أي إلا أن في مقام الخلافة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( دقيقة لا يعلمها ) ذوقا وحالا ( إلا أمثالنا ) في العلم والمرتبة ( وذلك ) الدقيقة المعلومة لنا حاصلة ( في أخذ ما يحكمون به ) ومن في ( مما ) بيان لما ( هو ) راجع إلى ما في مما ( شرّع للرسول عليه السلام ) على البناء للمجهول من التشريع .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.  . ).


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة. ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به. ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل. وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.).
معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.).


قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك في حق إبراهيم : " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ، ولم يقل : خليفة ، وإن كنّا نعلم أنّ الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها لو ذكرها بأخصّ أسمائها وهي الخلافة . ثم في داوود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلَّا عن الله تعالى فقال له : « فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ  ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحكم مستنده إلى حضرة الاسم « الله » فإنّ الحكم لله ، والألوهية كمال الحكم والتصرّف بالفعل والإيجاد والاختراع .
 
قال رضي الله عنه :  ( وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ، فتكون خلافته أن « 3 » يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم ، وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلَّا في التنصيص عليه والتصريح به ، ولله في الأرض خلائف عن الله وهم الرسل ، وأمّا الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله ) يريد بها الخلافة الظاهرة بالملك والسيف .
 
قال رضي الله عنه : ( فإنّهم ما يحكمون إلَّا بما شرع لهم الرسول ، ولا يخرجون عن ذلك غير أنّ هنا دقيقة لا يعلمها إلَّا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به ممّا هو شرّع للرسول عليه السّلام ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الحاكم من الخلفاء الإلهيّين الآخذين الخلافة عن الله - بعد أن يرثها عمّن استخلفه بما يأخذ الحكم أيضا كذلك عن الله فيحكم بحكم الله - عليه أن يحكم تحكيمه إيّاه في خلقه ، ويطابق حكمه حكم المشروع ، فهو مأمور من قبل لله بالحكم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.).


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل عليه السلام : " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً "  ولم يقل خليفة  وإن كنا نعلم أن الإمامة هاهنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة ، ثم في داود عليه السلام من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلا عن الله ).
 
"" أضاف بالى زادة : فلا تكون نفس الخلافة لداود المنة الكبرى ، بل التنصيص على خلافته لعموم الخلافة وخصوص تنصيصه ، وإنما كان تنصيصه منه دون تنصيص سائر النعم ، لأن الخلافة مرتبة الألوهية ، ومرتبة الألوهية أعلى المراتب كلها فتنصيصه كذلك اهـ بالى .
 
فالإمامة تعم الخلافة وغيرها ، وهذه المرتبة والمساواة برسول الله لمن سبقت له العناية من كبار الأولياء ، واتحاد الولي مع النبي في درجة واحدة لا ينافي أفضلية الأنبياء على الأولياء. اهـ بالى . ""
أي لا تسند الحكم إلا إلى حضرة الاسم الشامل كلها وهو الله - فإن الحكم لله ، والإمامة بالنسبة إلى الخلافة كالولاية بالنسبة إلى النبوة ، فكما أن الولي قد لا يكون نبيا كذلك الإمام قد لا يكون خليفة والخليفة بمعنى من يخلف ، فلا يكون خليفة حتى يحكم الله على خلافته ، وداود كان كذلك قد أمره الله بالحكم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال له " فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ " وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به ، ولله في الأرض خلائف عن الله وهم الرسل . وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن الله ، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك ، غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام ) .
 
يعنى خلفاء الرسول لهم الخلافة الظاهرة لا يخرجون عما شرع لهم ، ومنهم من يأخذ الحكم الذي شرع للرسول عن الله ، فهو خليفة الله باطنا يأخذ الحكم عنه ، وخليفة الرسول ظاهرا بأن يكون حكمه المأخوذ من الله مطابقا للحكم المشروع الذي ورثه من الرسول ، فهو مأمور من قبل الله أن يحكم بحكمه الذي جاء به الرسول في خلقه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام. ).


قال رضي الله عنه :  (وكذلك في حق إبراهيم الخليل ، قال : " إني جاعلك للناس إماما " . ولم يقل : خليفة . وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها ، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة . ) كله غنى عن الشرح .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم ، في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم . وليس ذلك إلا عن الله تعالى ، فقال : "فاحكم بين الناس بالحق" . وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ، فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم . وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به . )
 
أي ، اختص داود ، عليه السلام ، بالخلافة في الحكم ، ليحكم على العالمين بالحق .
وليست هذه الخلافة إلا عن الله ، فإن الله هو الحاكم على عباده لا غيره .
وخلافة آدم وإن كانت أيضا واقعة من الله ، لكن لما لم يكن منصوصا عليه بالخلافة من الله في الحكم ، يمكن أن يتوهم متوهم أنه خليفة ممن سبقه من الملائكة أو غيرها .
 
( وانه ) وفي بعض النسخ عوض ( وإنه ) : " ولله في الأرض" ( خلائف عن الله هم الرسل . وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن الله . ) الضمير للشأن .
أي ، والشأن أنه في الأرض خلفاء عن الله ظاهرا وباطنا .
أما ظاهرا ، فهم الرسل ومتابعوهم من العلماء بالشرائع والأحكام الإلهية ، كالأئمة والمجتهدين في الأمة المحمدية  ، وأما باطنا ، فكالكمل والأقطاب ، وسنذكره .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنهم لا يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول ، لا يخرجون عن ذلك . غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول . )
 
الدقيقة هي أن الأولياء الكمل لغاية صفاء بواطنهم وظهور الحق و تجليه فيهم ، يعلمون بعض أحكام الله ويأخذونه منه ، كما يأخذ الرسول أو الملك منه ، فيحكمون به . وذلك إما بانكشاف الأعيان الثابتة وأحكامها ، وإما بإخبار الله عن تلك الأحكام . كما مر في ( الفص الشيثي ) .
 
وقوله رضي الله عنه   : ( ذلك ) إشارة إلى الدقيقة ، ذكره باعتبار المعنى . و ( شرع ) على صيغة المبنى للمفعول .
و ( من ) في ( مما ) بيان ما يحكمون به . أي ، وتلك الدقيقة في صورة أخذ ما يحكمون به من الحق سبحانه من حكم ما هو شرع للرسول .
ويجوز أن يكون مبنيا للفاعل . و ( من ) صلة ( الأخذ ) ، و ( ما ) عبارة عن الحق .
أي ، ذلك في أخذ ما يحكمون به من الحق الذي هو شرعه للرسول .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:53 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح بهولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.  . ).
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك في حقّ إبراهيم الخليل " :قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " [ البقرة : 124 ] ، ولم يقل خليفة ، وإن كنّا نعلم أنّ الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها ؛ لأنّه ما ذكرها بأخصّ أسمائها وهي الخلافة )
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي : مثل قوله :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30]
في عدم التنصيص على الخلافة في حقّ آدم ، قوله : ( في حق إبراهيم الخليل عليه السّلام :إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً )[ البقرة : 124] ،
وإن صار بالخطاب في حكم المنادى العلم ، وكان اسم الفاعل فيه بمعنى الماضي أو الحال ؛ وذلك لأنه ( لم يقل ) في حقه : إني جاعلك ( خليفة ) ، بل قال :إِماماً، وهو مشترك بين الخلافة وإمامة الصلاة ، فلا يكون نصّا في الخلافة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كنا نعلم ) بالقرينة ( أن الإمامة هنا ) ليست إمامة الصلاة ، بل إنما هي ( خلافة ، ولكن ما هي ) أي : لفظة الإمامة ( مثلها ) أي : مثل لفظة الخلافة في إفادة التنصيص ؛ ( لأنه ) إنما يحصل التنصيص على الشيء إذا ذكر بأخص أسمائه ، وهو سبحانه وتعالى ( ما ذكرها ) أي : خلافة إبراهيم ( بأخص أسمائها ، وهي الخلافة ) المنفردة بهذا المعنى ، فلا تحوج إلى قرينة بخلاف اللفظ المشترك ؛ فإنه يحوج إليها فلا تتم دلالته بدونها فكأنها عقلية لا لفظية .
قال رضي الله عنه :  )ثمّ في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلّا عن اللّه تعالى فقال له فاحكم بين النّاس بالحقّ ، وخلافة آدم عليه السّلام قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهيّ فيهم ، وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلّا في التّنصيص عليه والتّصريح به ، وللّه في الأرض خلائف عن اللّه ، وهم الرّسل . وأمّا الخلافة اليوم فعن الرّسل لا عن اللّه ، فإنّهم ما يحكمون إلّا بما شرع لهم الرّسول لا يخرجون عن ذلك ، غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلّا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به ممّا هو شرّع للرّسول عليه السّلام ،)


قال رضي الله عنه :  ( ثم ) إن خلافة آدم عليه السّلام وإن ذكرت بأخص أسمائها ، فلا تبلغ رتبة خلافة ( داود ) ، إذ في خلافة داود عليه السّلام وجه ( من الاختصاص بالخلافة ) الإلهية ليس ذلك في خلافة آدم عليه السّلام ، وهو ( أن جعله خليفة حكم ) إلهي إذ رتبه على خلافته ، فكانت خلافته خلافة عن اللّه ؛ وذلك لأنه ( ليس ذلك ) الحكم إلا في الخلافة ( عن اللّه ) ، فأراد الحق التنصيص على ذلك ، فقال له :فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ ،ثم زاد تنصيصا بقوله :بِالْحَقِّ ،( وخلافة آدم عليه السّلام ) بحسبما يفهم من قوله :إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ،( قد لا يكون ) بحسب الاحتمال لمن لم ينظر في الواقع ، بل اقتصر نظره على هذه اللفظة ( من هذه المرتبة ) أي : خلافة الحكم ، ( فتكون خلافته ) على ذلك الاحتمال بمعنى : ( أن يخلف ) أي : ينوب ( من كان فيها ) أي :
في الأرض من الجن أو غيرهم ( قبل ذلك ) أي : وجود آدم ( لا ) بمعنى ( أنه نائب عن اللّه ) استخلفه ( في خلقه ) ، فأقامه ( بالحكم الإلهي فيهم ) مقامه ، فإن اللفظ ليس فيه بل يحتمل له ، ولما ذكرناه .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان الأمر ) أي : أمر خلافة آدم عليه السّلام ( كذلك ) أي : مثل خلافة داود ( وقع ) ، فكانت خلافة عن اللّه في الحكم الإلهي ، ( ولكن ليس كلّ منّا إلا في التنصيص عليه ) أي :
على كونه خليفة حكم ، ( والتصريح به ) من اللّه تعالى باللفظ ، وإن كانت القرائن كالمصرحة بهذا الأمر ، وإلا فنحن لا ننكر خلافة آدم وإبراهيم - عليهما السّلام - عن اللّه في الحكم مع هذه النصوص ، مع أنّا نقر بخلافة من لم يذكر اللّه خلافتهم أصلا ، ونقول :
قال رضي الله عنه :  ( « وللّه في الأرض خلائف » ) لا بمعنى أنهم خلفوا من تقدمهم ، بل بمعنى أنهم خلفاء ( عن اللّه ) في حكمة .
ولما أوهم ذلك أنه يعم كل خليفة نبيّا أو غيره ، أزال ذلك بقوله : ( وهم الرسل ) ، وفيه إشارة إلى حصول هذه الرتبة لنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم ، وعدم التنصيص في حقه إن صح ؛ فلعدم الحاجة إليه لظهور دينه على الدين كله إلى يوم القيامة ، وكذلك خلافة إلهية ، وقد قام مقام الحق في أن صار الخلفاء بعده خلفاء عنه ، وهم في ذلك في معنى الخلفاء عن اللّه ،
 
وإليه الإشارة بقوله : ( « وأما الخلافة اليوم » ) أي : بعد الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، ( فعن رسل اللّه لا عن اللّه ) ، وإن كان فيهم من بلغ رتبة الكشف ، ( فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك ) ، وإن كوشفوا بخلافه إذ شرعه غير قابل للنسخ ، وليس لهم رتبة التشريع (غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا ) من أهل الكشف دون أهل الظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك في أخذ ما يحكمون به ) ، فإنهم لا يأخذونه عن الرسول ، وإن كان ( مما هو شرع للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ) ؛ لأن ذلك نوع تقليد ، وهم قادرون على التحقيق بالمعاينة ، لكن لا تكون معاينتهم مخالفة لما جاء به الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، فإن وقعت المخالفة ؛ فهي ابتلاء من اللّه تعالى لا يعمل بها الولي كما صرّح به الشيخ رحمه اللّه في مواقع النجوم ، ونقله صاحب تحفة البررة عن الشيخ روزبهان السراري رحمه اللّه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح بهولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.  . ).


قال رضي الله عنه :  (وكذلك في حقّ إبراهيم الخليل : “إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً“) [ 2 / 124 ] فإنّه وإن دلّ على وجوه من الكمال الذي له حيث خاطبه وخصّصه بإمامة الناس والإمام هو المقدّم رتبة وشرفا ، فعلا وقولا ،
ليقتدى به الأمم فالإمامة أخصّ من الخلافة ، وكل خاصّ يستلزم عامّه ، ولكن لما قال « إماما » ( ولم يقل : « خليفة » ) ما دلّ على خصوصية كمال الخلافة فيه وما ظهر ذلك منه ، ( وإن كنّا نعلم ) ضمنا بحسب النظر العقليّ - كما عرفت آنفا .
قال رضي الله عنه :  ( أن الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها لو ذكرها بأخصّ أسمائها ، وهي الخلافة ) كما في خلافة داود ، فإنّه ذكرها باسمها الخاصّ بها ، مفوّضا لها إيّاه ، دون خلافة إبراهيم ، وإن كان لذلك أيضا وجوه من الكمال ، قد خلت عنها غيره ،
من جملتها التعبير عن تقدّم إبراهيم فيه بالوجوه المذكورة بالجملة الاسميّة ، الدالَّة على الاستمرار الزماني وبالاسم الفاعل لئلا يتوهّم التجدّد الزماني في جعله إماما ، كما لغيره من الأنبياء ، فهو ذاتي له ، ولذلك ترى الخاتم يقتدي به في الصلاة عليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ) في الوجود الكلامي والتنزيل الختمي ، الذي هو منتهى مراتب الإظهار وغاية أمر الكلّ في تطورات الشعور والإشعار ، ( وليس ذلك ) الإظهار ( إلا عن الله ، فقال له : “  فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ “  [ 38 / 26 ] ،
وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ) .
في أمر الإظهار والتنصيص في التنزيل بالخلافة في الحكم ، الذي هو السلطنة ، فإنّ الخلافة قد تطلق على من يخلف من هو قبله ، فيحتمل أن يكون خلافة آدم من هذا القبيل ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فيكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب من الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم . وإن كان الأمر كذلك وقع ) في آدم بحسب الظهور ، فإن ظهور الخلافة فيهما سواء
( ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به ) في التنزيل الختمي العربيّ المبين ، الذي هو أجلى مراتب الإظهار ، وأتمّ أصناف الصور وأجلّ أطوارها .
 
 خليفة الله تعالى ، وخليفة رسول الله صلَّى الله عليه وآله
قال رضي الله عنه :  (وللَّه في الأرض خلائف عن الله ، وهم الرسل . وأمّا الخلافة اليوم فعن الرسول ، لا عن الله) وذلك لأنّ أمر الإظهار مطلقا - إمامة كان أو نبوّة ، أو رسالة أو خلافة - إنما يتمّ دائرة كماله ويختم خزائن ترقّيه بالخاتم الرسول ، فقبل بلوغ أمر الإظهار تلك المرتبة تكون الخلافة عن الله حتى يتمّ كماله ، فإذا بلغ وتمّ فإنّما يتفرّع من الخاتم ذلك ، كما لا يخفى . فالخلفاء بعد محمّد إنما هم عنه لا عن الله .
قال رضي الله عنه :  ( فإنّهم لا يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول ، لا يخرجون عن ذلك ) .
 
قال رضي الله عنه :  (غير أنّ هاهنا دقيقة ) ذوقيّة إنما يدركها أصحاب الرسول الخاتم برقيقة نسبتهم إليه ، وقرابتهم المورثة لهم عنه ( فلا يعلمها إلا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به ، مما هو شرع للرسول صلّى الله عليه وآله .)
 
ولا يخفى على من له ذائقة إدراك اللطائف من موائد الحقائق ، أن الأوضاع الشرعيّة والصور المنزلة الفرقانيّة والقرآنيّة بهيئاتها الجمعيّة الوحدانيّة ، من جملة الصور الشخصيّة التي للخاتم الرسول عليه السّلام ، الباقية على صفحات الأيّام مدى الدهور والأعوام .
فتلك الصورة هي محلّ استفاضة خواصّ امّته ، ومجلى هدايتهم ، فهو الطريق الأمم والصراط الأقوم لمن له نسبة القرابة المورثة إلى موطن تحقّق الخاتم ، ومأخذ أحكامه ، فإنّه إذا اجتمع النسبة المعنويّة المورثة مع صورته الختمية لا يمكن أن يكون لذلك عائق عن الوصول .
 
وإلى ذلك أشار بقوله  صلّى الله عليه وآله: " إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي " .
فمن سلك مسلكه من وارثيه وتصوّر بصورته الباقية ، لا بدّ وأن يصل إلى الحقّ ،
 
ويأخذ الأحكام من معدنه ، ولكن في مادة الخاتم أيضا .
فإن الواصل هو الرقيقة الاتحادية الأصليّة ، في صورة شخصيّة الخاتم ، فهم في صورة الخفاء والكمون بين أصحاب الخاتم . وإلى مثل ذلك أشار حيث لم يقل : « منّا »
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح بهولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك. غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك في حقّ إبراهيم الخليل :"قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً"[ البقرة : 124 ] ولم )


قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) الحال ( في حق إبراهيم الخليل ) عليه السلام ليس التنصيص على خلافته مثل التنصيص على خلافة داود ، فإنه تعالى قال في حق الخليل عليه السلام : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً )


قال رضي الله عنه :  ( يقل خليفة ، وإن كنّا نعلم أنّ الإمامة هنا خلافة ، ولكن ما هي مثلها ، لأنّه ما ذكرها بأخصّ أسمائها وهي الخلافة . ثمّ في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ، وليس ذلك إلّا عن اللّه تعالى فقال له فاحكم بين النّاس بالحقّ ، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنّه نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهيّ فيهم ، وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلّا في التّنصيص عليه والتّصريح به . وللّه في الأرض خلائف عن اللّه ، وهم الرّسل . وأمّا الخلافة اليوم فعن الرّسل لا عن اللّه . فإنّهم ما يحكمون إلّا بما شرع لهم الرّسول لا يخرجون عن ذلك . غير أن ههنا دقيقة لا يعلمها إلّا أمثالنا . وذلك في أخذ ما يحكمون به ممّا هو شرّع للرّسول عليه السّلام . )
 
ولم يقل له خليفة ، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة ولكن ما هي مثلها لأنه ما ذكرها ) ، أي الخلافة ( بأخص أسمائها وهي الخلافة ) ، لأنها خصوص مرتبة في الإمامة .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم في داود ) عليه السلام ( من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم ) بأن حكم بين الناس بدلا من المستخلف ( وليس ذلك ) المذكور من الخلافة في الحكم ( إلا عن اللّه ) تعالى ( فقال ) تعالى ( له "فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ " وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ) بحسب الاحتمال العقلي واللفظي .
 
قال رضي الله عنه :  ( فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها ) ، أي في الأرض ( قبل ذلك ) من الملك والجن وغيرهما ( لا أنه نائب عن اللّه في خلقه بالحكم الإلهي فيهم وإن كان الأمر كذلك وقع ) فإن آدم عليه السلام خليفة في الحكم عن اللّه بحسب الواقع ( ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به . وللّه في الأرض خلائف عن اللّه وهم الرسل ) صلوات الرحمن عليهم ، ( وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن اللّه . فإنهم لا يحكمون إلا بما شرع الرسول لا يخرجون عن ذلك غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا وذلك ) المذكور من الدقيقة واقع .
قال رضي الله عنه :  ( في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع ) على صيغة المصدر
 
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 21:59 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالل

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالخليفة عن الرّسول من يأخذ الحكم بالنّقل عنه صلى اللّه عليه وسلم أو بالاجتهاد الّذي أصله أيضا منقول عنه صلى اللّه عليه وسلم . وفينا من يأخذه عن اللّه بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من حيث كانت المادّة لرسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فهو في الظّاهر متّبع لعدم مخالفته في الحكم كعيسى عليه السّلام إذا نزل فحكم ، وكالنّبيّ محمّد صلى اللّه عليه وسلم في قوله :أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ[ الأنعام : 90 ] .  وهو في حقّ ما يعرفه من صورة الأخذ مختصّ موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرّره النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم من شرع من تقدّم من الرّسل بكونه قرّره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنّه شرع لغيره قبله . )
 
قال رضي الله عنه :  (فالخليفة عن الرسول) صلى اللّه عليه وسلم في تقديره للأمة وتفصيله لهم والحكم به هو كل (من يأخذ الحكم الإلهي) في قضيته (بالنقل عنه) ، أي عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم حيث ورد التصريح به في كتاب أو سنة أو اجتمعت عليه الأمة أو يأخذه (بالاجتهاد) وهو الاستنباط بالفهم والمقايسة مما ورد في الكتاب والسنة أو الإجماع (الذي أصله) ، أي الاجتهاد أيضا ، أي مثل الكتاب والسنة أو الإجماع منقول ، أي الإذن فيه والإجازة له عنه صلى اللّه عليه وسلم قال تعالى :لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ[ النساء : 83 ] .
 
وقال عليه السلام : « من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر »  ولما أرسل النبي صلى اللّه عليه وسلم معاذا إلى بلاد اليمن قال له : « بماذا تحكم يا معاذ فقال : أحكم بكتاب اللّه تعالى ، قال : فإن لم تجد ، قال : فسنة نبيه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : فإن لم تجد قال : أرى رأيي وأحكم فقال : اللهم وفق رسول رسولك » رواه أبو داود والترمذي .
 
قال رضي الله عنه :  (وفينا) ، أي معشر المحققين من أهل اللّه تعالى العارفين (من يأخذه) ، أي الحكم الإلهي في القضية (عن اللّه) تعالى من غير واسطة دليل ظاهر (فيكون) حينئذ (خليفة عن اللّه) تعالى (بعين ذلك الحكم) الذي تلقاه من وحي الإلهام (فتكون المادة له) في تلقي ذلك الحكم عن اللّه تعالى (من حيث كانت المادة) فيه (لرسوله صلى اللّه عليه وسلم) وهذا المقام يسمى مقام القربة ، وللمصنف قدس اللّه سره في تبيينه وتحقيقه رسالة مستقلة ذكر فيها أن هذا مقام فوق الصديقية ودون النبوّة ، وإن أبا حامد الغزالي وبعض العارفين ينكره ويقول : ليس فوق الصديقية إلا النبوة .
 
والشيخ رضي اللّه عنه قد حقق به ووجده مذكورا في بعض كتب أبي عبد الرحمن السلمي نصا واسمه مقام القربة ، وأن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه كان له هذا المقام في زمان خلافته زيادة على مقام الصديقية .
ومن هذا المقام قاتل بني حنيفة وسباهم وقال عمر رضي اللّه عنه : فما هو إلا أن رأيت أن اللّه قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .
قال رضي الله عنه :  (فهو) ، أي صاحب هذا المقام المذكور (في الظاهر متبع) للرسول صلى اللّه عليه وسلم فيما جاء به من شرائع الأحكام (لعدم مخالفته) له (في الحكم) أصلا وهو في الباطن مستقل بأخذ عين الحكم الشرعي من اللّه تعالى بغير واسطة رسول من البشر وإليه الإشارة بقوله تعالى :يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ[ غافر : 15 ] الآية .
 
وقوله تعالى :قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي[ يوسف : 108 ]
فقد أخبر تعالى أن المتبع في الظاهر على بصيرة أيضا مثل الرسول صلى اللّه عليه وسلم كعيسى ابن مريم عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان فحكم بشريعتنا فإنه متبع في الظاهر ، وفي الباطن إنما هو مستقل بوحي اللّه تعالى إليه عين هذا الحكم الذي في شريعتنا ، ولا يأخذه عليه السلام من اجتهاد عقلي لعصمته من الخطأ واحتماله .
قال رضي الله عنه :  (وكان النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم في قوله) تعالى له عن الأنبياء الماضين عليهم السلام أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ[ الأنعام : 90 ] ، أي اتبع لهم في هداهم مع أنه صلى اللّه عليه وسلم يوحى إليه بعين ذلك الحكم المأمور بالاتباع فيه فهو متبع في الظاهر ومستقل في الباطن.
 
قال رضي الله عنه :  (وهو) ، أي صاحب هذا المقام (في حق ما نعرفه) نحن (من صورة) ، أي كيفية الأخذ ، أي أخذ الحكم عن اللّه مثل أخذ الأنبياء عليهم السلام لكن من وحي الإلهام لا وحي النبوة مختص بذلك دون غيره من أهل طريقه (موافق هو) ، أي صاحب هذا المقام فيه ، أي في الحكم المأخوذ للحكم الوارد عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم (بمنزلة ما قرره النبي صلى اللّه عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل) عليهم السلام بكونه ، أي بسبب كونه عليه السلام قرره ، أي ذلك الحكم (فاتبعناه من حيث تقريره) له صلى اللّه عليه وسلم لا اتبعناه (من حيث إنه) ، أي ذلك الحكم (شرع لغيره) عليه السلام قبله من شرائع المرسلين عليهم السلام .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه وسلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه ) هذا تفصيل لقوله وأما الخلافة اليوم فعن الرسل إلى قوله غير أن هنا شرع في تفصيل قوله غير أن هنا دقيقة إلى آخره بقوله ( وفينا من يأخذه ) أي الحكم.
( عن اللّه فيكون خليفة عن اللّه بعين ذلك الحكم ) أي الحكم الذي يأخذه خليفة الرسول بالنقل أو بالاجتهاد ويأخذ منا ذلك الحكم بعينه عن اللّه كما يأخذ الرسول عنه ( فتكون المادة له ) في أخذ الحكم .
 
قال رضي الله عنه :  ( من حيث كانت المادة لرسول اللّه ) عليه السلام وهذه المرتبة والمساواة برسول اللّه عليه السلام لمن سبقت له العناية الأزلية من كبار أولياء اللّه واتحاد الولي مع النبي في درجة واحدة وهي مادة أخذ العلم أو في غير ذلك من الكمالات لا ينافي أفضلية الأنبياء على الأولياء ( فهو ) أي من يأخذ الحكم عن اللّه ( في الظاهر ) متعلق بقوله
( متبع ) أي للرسول ( لعدم مخالفته ) الرسول ( في الحكم ) لكون الأخذ من معدن واحد ( كعيسى ) عليه السلام ( إذا نزل فحكم ) فإنه يأخذ الحكم عن اللّه ويتبع الرسول في الظاهر فيكون خليفة عن اللّه لا خليفة عن الرسول إذ لم يأخذ الحكم بالنقل عنه أو بالاجتهاد لكن بلسان الظاهر يقال خليفة رسول اللّه ( وكالنبي محمد عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى :أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ، فقد أمر اللّه تعالى الرسول باتباع هدى الأنبياء والمرسلين فالهدى حقيقة واحدة تدوم بدوام الإنسان إلى يوم القيامة باتباع اللاحق بالسابق .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي الأخذ عن اللّه تعالى ( في حق ما نعرفه ) على صيغة التكلم أو الغائب ( من صورة الأخذ ) بيان لما ( مختص ) أي لا يأخذ الحكم إلا عن اللّه ( موافق ) للرسول في الحكم فقوله وهو مبتدأ مختص خبره وموافق صفة مختص أو خبر ثان ( هو ) مبتدأ أي ذلك الأخذ ( فيه ) أي في أخذه عن اللّه وتقرير شرع رسول اللّه عليه السلام وخبر المبتدأ قوله : ( بمنزلة ما قرره النبي من شرع من تقدم من الرسل ) قوله ( بكونه ) يتعلق بقوله ( قرره ) أي قرر الرسول شرع من تقدم من الرسل بإيجاده لا بالنقل عنهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فاتبعناه ) أي الرسول فيما قرره من شرع من تقدم ( من حيث تقريره ) أي تقرير الرسول ( لا من حيث أنه هو شرع لغيره قبله ) إذ لا يكون من هذه الحيثية شرع محمد صلى اللّه عليه وسلم فنحن مأمورون باتباع شريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم لا باتباع شريعة غيره من الرسل.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).


قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم. وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).


قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه وسلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم وفينا من يأخذه عن الله ، فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من حيث كانت المادّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في الظاهر متّبع ، لعدم مخالفته في الحكم ، كعيسى إذا نزل فحكم ، وكان النبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم في قوله : " أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه ْ "   وهو في حق ما يأخذه من صورة الأخذ مختصّ موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرّره النبيّ صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدّم من الرسل بكونه قرّره ، فاتّبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنّه شرع لغيره قبله )،
 
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الخليفة منّا أو الرسول فيما أمر باقتداء هدى الله الذي هدى به من قبله من الأنبياء وإن وقعت صورة الاقتداء والاتّباع ، فإنّ ذلك منهم موافقة لكونه مختصّا بالحكم من الله ، فإنّه وإن وقع الحكم بما يحكم به من قبله ، ولكنّه أخذ الحكم عن الله لا عمّا أخذه العامّة من علماء الرسوم ، وإن اشتركهم في شيء خصّصت به من بينهم وحدي ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه وسلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه عليه الصلاة والسلام ، وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله عليه الصلاة والسلام : أي مأخذ حكمه حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم كعيسى عليه السلام إذا نزل فحكم ، كالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله « أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه » وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق هو فيه بمنزلة ما قرره النبي عليه الصلاة والسلام من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث أنه شرع لغيره قبله ،)
 
أي الخليفة من الوالي الآخذ الحكم عن الله متبع في الظاهر لعدم مخالفته في الحكم كعيسى حين ينزل فيحكم بما حكم محمد صلى الله عليه وسلم فيما أمر باقتداء هدى الله الذي هدى به من قبله من الأنبياء ، فإنه مختص بالحكم من الله باعتبار أخذه منه موافق لما كان قبله في صورة الحكم صورته صورة الاقتداء ، وهو مأمور به على وجه الاختصاص من عند الله ،
فهذا الخليفة مختص لأنه أخذ الحكم عن الله لا عما أخذه علماء الرسوم بالنقل ، ومشارك لهم في ذلك الأخذ أيضا فهو معهم مثل ما قالوا فيه :
لي سكرتان وللندمان واحدة  .... شيء خصصت به من بينهم وحدي
لأنه أخذ خلاف الأول كرفع القصاص مثلا .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه ، عليه السلام ، أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه ، عليه السلام . وفينا من يأخذه عن الله ، فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم ، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله ، صلى الله عليه
وسلم فهو ) أي ، ذلك الآخذ من الله .
 
قال رضي الله عنه :  ( في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم ، كعيسى ، عليه السلام ، إذا نزل فحكم . ) بما حكم به رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
 
قال رضي الله عنه :  (وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده".)
أمر نبينا ، عليه السلام ، باتباع هدى الذين سبقوا عليه من الأنبياء والرسل . لا باتباعهم ، بل باتباع هداهم ، ليكون آخذا من الله ، كما أخذوا منه .
فكذلك من له التأسي به في جميع أحواله ، يأخذ الحكم من الله تأسيا برسل الله ، صلوات الله عليهم أجمعين ، مع أنه في الظاهر متبع له وتحت حكمه .
 
قال رضي الله عنه :  (وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من شرع من تقدم من الرسل ، بكونه قرره.)
( هو ) مبتدأ ، خبره ( مختص ) ، ( موافق ) خبر ثان .
قوله : ( هو فيه ) مبتدأ آخر بمنزلة خبره .
ومعناه : هذا الولي الآخذ من الله ، عين الحكم الذي قرره الرسول الشارع ، مختص بالإختصاص الإلهي في حق ما يعرفه من صورة الأخذ ، أي مخصوص بهذا المعنى ، موافق لشريعة الرسول المشرع في ذلك الحكم .
( هو فيه )  أي ، هذا الآخذ فيما أخذه من الله وقرره في شرع رسول الله بمنزلة ما قرره رسول الله من أحكام شريعة من تقدم عليه من الرسل .
( فاتبعناه من حيث تقريره ، لا من حيث إنه شرع لغيره قبله . ) أي ، فاتبعنا ما قرر رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، من شرع من تقدم عليه من حيث إنه ، عليه السلام ، قرره وجعله من شريعته وأخبر أن الحكم كذلك عند الله ، لا من حيث إنه شريعة غيره . فإنا لسنا مأمورين بشريعة الغير .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 22:03 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالل

الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).


قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرّسول من يأخذ الحكم بالنّقل عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أو بالاجتهاد الّذي أصله أيضا منقول عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ، وفينا من يأخذه عن اللّه بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من حيث كانت المادّة لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ، فهو في الظّاهر متّبع لعدم مخالفته في الحكم كعيسى عليه السّلام إذا نزل فحكم ، وكالنّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه وسلم في قوله :" أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ"[ الأنعام : 90 ] ، وهو في حقّ ما يعرفه من صورة الأخذ مختصّ موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرّره النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من شرع من تقدّم من الرّسل بكونه قرّره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنّه شرع لغيره قبله ).
 
قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول ) في الظاهر والباطن ( من ) لم ( تأخذ الحكم عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ) في الكتاب والسنة ( أو ) الإجماع إذ لا يخلو عن سند منهما إلا ( بالاجتهاد الذي أصله ) أي :
حكم أصله ، وهو المقيس عليه ( أيضا منقول عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، وإن لم ينقل عنه غير الأصل ، ولا تعديتها إلى الفرع ،
( وفينا من يأخذه عن اللّه ) ، وإن لم تكن له رتبة التشريع ، فيكون خليفة عن اللّه من حيث أخذه عن اللّه ، ولكن لعدم كونه مشرعا يأخذ ( بعين ذلك الحكم ) الذي جاء به الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، فهو وإن لم يكن له رتبة التشريع له أن يأخذ من مأخذ صاحب التشريع.
قال رضي الله عنه : ( فتكون المادة ) أي : مأخذ الحكم ( له ) أي : لهذا المكاشف ( من حيث كانت المادة لرسوله ) ، إذ لا حجز في الوصول إلى ذلك المكان من المكاشفة ، وإن حجز عن الأخذ بالزيادة والنقصان للتناقض لو كوشف بأخذها ابتلاء بخلاف الرسول إذا كوشف بأخذها بعد ما كوشف له أو لغيره من الرسول بخلافه ،
فهو أي : ذلك الأخذ عن اللّه ، وإن كان خليفة عنه في الباطن ( وهو في الظاهر متبع ) للرسول ؛ ( لعدم مخالفته في الحكم ) ، وإن خالف كشفه حينا مع أنه الأصل في التشريع والسابق في الزمان ، فهو خليفة عنه بهذا الاعتبار ، ولا بعد في ذلك ، فإنه فيه ( كعيسى عليه السّلام إذا نزل ) من السماء ، ( فحكم ) بالشرع المحمدي ، فهو متبع له عليه السّلام مع أنه أخذ عن اللّه وخليفة عنه ، وكان ( النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) فيما قرر من شرع من يقدمه ، فإنه متبع لما يقدمه ، وإن كان أخذا من اللّه بلا واسطة من تقدم ، كما ذكر في قوله تعالى : أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ[ الأنعام : 90 ] .
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يكون عيسى مقتديا بالنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، وهو عليه السّلام مقتد به فيما قرر من شرعه ، فيلزم أن يكون عيسى عليه السّلام مقتديا بمن اقتدى به في أمر هو به مستقل ، وهو باطل بالضرورة ؟
فأجاب عنه بقوله رضي الله عنه   : ( وهو ) أي : عيسى عليه السّلام ( في حق ما يعرفه من صورة الأخذ ؛ لكون ) شرعه قبل محمد عليه السّلام ( مختص بتشريعه ) ، ومستقل بشأنه غير مقتدي فيه من حيث هذا الاختصاص ، ولكن ( موافق هو ) أي : محمد صلى الله عليه وسلم إياه ( فيه ) ، فلما وافقه فيه فهو أي : ما يعرفه عيسى عليه السلام  من صورة الأخذ ، واختص به فوافقه محمد صلّى اللّه عليه وسلّم في حق عيسى عليه السلام  بعد نزوله تابعا لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ( بمنزلة ما قرره النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من شرع من يقدمه من الرسل ) عيسى عليه السلام  أو غيره إذا صار ذلك المقرر شرعه لا بطريق اقتدائه به في التحقيق ،
بل ( بكونه قرره فاتبعناه ) أي : طائفة الأمة فيه ( من حيث تقريره ) الذي جعله شرعه الواجب اتباعه فيه ( لا من حيث أنه شرع ) تقرير ( لغيره ) ،
 
وإن كان شرعا له إذ ليس علينا اتباع شرائعهم من حيث هي شرائعهم ، وصار عيسى عليه السّلام بعد النزول من أمته فاتبعه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرعه ( قبله ) ، حتى يكون مقتديا بمن اقتدى به في أمر هو فيه مستقل مختص إذ بطل اختصاصه ، واستقلاله بهذا الشرع المحمدي ، فلم يبق محمد مقتديا فيه ، وإن وافقه وقرره .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلّى الله عليه وآله أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه عليه السّلام ) .
ولا يخفى على من له ذائقة إدراك اللطائف من موائد الحقائق ، أن الأوضاع الشرعيّة والصور المنزلة الفرقانيّة والقرآنيّة بهيئاتها الجمعيّة الوحدانيّة ، من جملة الصور الشخصيّة التي للخاتم الرسول عليه السّلام ، الباقية على صفحات الأيّام مدى الدهور والأعوام .
 
فتلك الصورة هي محلّ استفاضة خواصّ امّته ، ومجلى هدايتهم ، فهو الطريق الأمم والصراط الأقوم لمن له نسبة القرابة المورثة إلى موطن تحقّق الخاتم ، ومأخذ أحكامه ، فإنّه إذا اجتمع النسبة المعنويّة المورثة مع صورته الختمية لا يمكن أن يكون لذلك عائق عن الوصول .
 
وإلى ذلك أشار بقوله  صلّى الله عليه وآله: « إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي » .
فمن سلك مسلكه من وارثيه وتصوّر بصورته الباقية ، لا بدّ وأن يصل إلى الحقّ ، ويأخذ الأحكام من معدنه ، ولكن في مادة الخاتم أيضا . فإن الواصل هو الرقيقة الاتحادية الأصليّة ، في صورة شخصيّة الخاتم ، فهم في صورة الخفاء والكمون بين أصحاب الخاتم . وإلى مثل ذلك أشار حيث لم يقل : « منّا »
 
وقال  رضي الله عنه :  ( وفينا من يأخذه عن الله ، فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من حيث كانت المادّة لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ) .
( فهو في الظاهر ) بصورة شخصيّته العنصريّة ( متّبع ، لعدم مخالفته في الحكم ) ، وإن كان في نفسه مستقلّ في أخذه ذلك الحكم ، ( كعيسى إذا نزل فحكم ) ، فإنّه في الظاهر متّبع ، وفي نفس الأمر مستقلّ .
وإذ كان للخاتم مرتبة تمام الإظهار في جميع ما يحقّق به غيره من الكمّل سرى ذلك في سائر الأحكام منه ، فكذا في أمر الاتّباع .
 
وإليه أشار بقوله : ( وكالنبي في قوله : “  أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه ْ “  ) [ 6 / 90 ] ، فإنّه ظهر أمر الاتّباع والاقتداء في مرتبة الإظهار الكلاميّ المعرب .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) - أي الحكم المأخوذ على الاستقلال من الوليّ المتّبع - ( في حقّ ما يعرفه من صورة الأخذ مختصّ ) بالآخذ من وجه و ( موافق ) لشرع النبيّ من آخر ، فالحكم المذكور للوليّ المتّبع ، ( هو فيه بمنزلة ما قرّره النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من شرع من تقدّم من الرسل ، بكونه قرّره ، فاتّبعناه من حيث تقريره ) الذي هو وجه موافقته ، ( لا من حيث أنّه شرع لغيره قبله ) الذي هو وجه الاختصاص .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله. ).
 
قال رضي الله عنه : ( فالخليفة عن الرّسول من يأخذ الحكم بالنّقل عنه صلى اللّه عليه وسلم أو بالاجتهاد الّذي أصله أيضا منقول عنه صلى اللّه عليه وسلم . وفينا من يأخذه عن اللّه بعين ذلك الحكم ، فتكون المادّة له من )


قال رضي الله عنه : ( للرسول فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه صلى اللّه عليه وسلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى اللّه عليه وسلم وفينا من يأخذه عن اللّه ) ، بلا واسطة وذلك
 
قال رضي الله عنه :  (حيث كانت المادّة لرسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فهو في الظّاهر متّبع لعدم مخالفته في الحكم كعيسى عليه السّلام إذا نزل فحكم ، وكالنّبيّ محمّد صلى اللّه عليه وسلم في قوله :أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [ الأنعام : 90 ] . وهو في حقّ ما يعرفه من صورة الأخذ مختصّ موافق ، هو فيه بمنزلة ما قرّره النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم من شرع من تقدّم من الرّسل بكونه قرّره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنّه شرع لغيره قبله . )


لكمال متابعته للنبي صلى اللّه عليه وسلم فإنه وصل به إلى مقام يأخذ الحكم بلا واسطة كما أخذه صلى اللّه عليه وسلم بلا واسطة ( فيكون خليفة عن اللّه بعين ذلك الحكم ) لا بغيره ( فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) ، أي مأخذ حكمه مأخذ حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( فهو في الظاهر متبع ) له صلى اللّه عليه وسلم (لعدم مخالفته) له ( في الحكم ) ، وإن كان في الباطن مستقلا لأخذه عن اللّه بلا واسطة (كعيسى عليه السلام إذا نزل فحكم ) بما حكم به الرسول صلى اللّه عليه وسلم أخذا من اللّه كما أخذه صلى اللّه عليه وسلم.
 
قال رضي الله عنه :  ( وكالنبي محمد صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى :أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [ الأنعام : 90 ] حيث أمر باتباع هداهم لاتباعهم ليكون أخذا من اللّه كما أخذوا منه ، والفرق بين أخذ النبي وعيسى عليهما السلام وبين أخذ التابع بغير واسطة أن التابع وصل إلى هذا المقام بواسطة المتابعة ، وهما عليهما السلام لم يصلا إليه بواسطة متابعة أحد .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي الخليفة منا الآخذ الحكم عن اللّه ( في حق ما يعرفه ) ويتحقق به (من صورة الأخذ) من اللّه ( مختص ) بهذا الأخذ باطنا ( موافق ) للنبي صلى اللّه عليه وسلم ظاهرا ( هو ) ، أي هذا الخليفة ( فيه ) ، أي في الحكم الذي اختص بأخذه عن اللّه ( بمنزلة ما قرره النبي صلى اللّه عليه وسلم ) ، أي بمنزلة النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحكم الذي قرره ( من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره ) ، أي من حيث كونه قرره .
قال رضي الله عنه :  ( فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث أنه شرع لغيره قبله ،).

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 2 يناير 2020 - 22:08 من طرف عبدالله المسافر

السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.  فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن اللّه عين ما أخذه منه الرّسول فنقول فيه بلسان الكشف خليفة اللّه وبلسان الظّاهر خليفة رسول اللّه . ولهذا مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نصّ بخلافة عنه إلى أحد . ولا عيّنه لعلمه أنّ في أمّته من يأخذ الخلافة عن ربّه فيكون خليفة عن اللّه مع الموافقة في الحكم المشروع . فلمّا علم ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يحجر الأمر .  فللّه خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرّسول ما أخذته الرّسل عليهم السّلام . ويعرفون فضل المتقدّم هناك لأنّ الرّسول قابل للزّيادة : وهذا الخليفة ليس بقابل للزّيادة الّتي لو كان الرّسول قبلها . فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرع إلّا ما شرع للرّسول خاصّة ؛ فهو في الظّاهر متّبع غير مخالف ، بخلاف الرّسل . )

قال رضي الله عنه :  (وكذلك أخذ الخليفة) صاحب مقام القربة المذكور (عن اللّه) تعالى (عين ما أخذه منه) ، أي من اللّه تعالى الرسول صلى اللّه عليه وسلم فنقول معشر المحققين فيه ، أي في الخليفة المذكور (بلسان الكشف) عن حقيقة ما هو عليه في مقامه وذلك هو (خليفة رسول اللّه في الأرض ونقول أيضا فيه (بلسان الظاهر) من حاله هو (خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ ولهذا) ، أي لكون الأمر كما ذكر (مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نص) ، أي صرح بخلافة عنه صلى اللّه عليه وسلم إلى أحد من الصحابة رضي اللّه عنهم ولا عينه ، أي ذلك الأحد لعلمه صلى اللّه عليه وسلم (أن في أمته من يأخذ الخلافة) في الأرض (عن ربه) تعالى (فيكون) ذلك (خليفة عن اللّه) تعالى كما كانت الأنبياء والرسل عليهم السلام ، وهم الأفراد الخارجون عن نظر القطب.

قال رضي الله عنه :  (مع الموافقة) للرسول صلى اللّه عليه وسلم (في الحكم) الإلهي (المشروع) للأمة (فلما علم ذلك) في أمته صلى اللّه عليه وسلم إلى يوم خروج المهدي في آخر الزمان (لم يحجر الأمر) بالنص لأحد على الخلافة عنه وترك ذلك شورى بين الصحابة رضي اللّه عنهم (فللّه) تعالى (خلفاء) عنه سبحانه (في خلقه) ، أي مخلوقاته وليسوا بأنبياء (يأخذون) من علم الشرائع والأحكام ومعرفة الحلال من الحرام (من معدن الرسول) صلى اللّه عليه وسلم ،
أي موضع أخذه شريعته ومعدن الرسل عليهم السلام قبله ما ، أي الحكم مفعول يأخذون الذي

قال رضي الله عنه :  (أخذته الرسل عليهم السلام) فيكونون مستقلين موافقين في الباطن ومتبعين في الظاهر ومن هنا قال أبو القاسم الجنيدي رضي اللّه عنه المريد الصادق غني عن علم العلماء ، أي هو عالم بعلمهم من غير أن يحتاج إلى تعلمه منهم لأخذه ذلك عن اللّه تعالى إذا كان من أهل هذا المقام المذكور .

قال رضي الله عنه :  (ويعرفون) ، أي الخلفاء المذكورون (فضل) الرسول (المتقدم) عليهم الذي أخذوا من مأخذه (هناك) ، أي مما يأخذونه من الحكم الشرعي (لأن الرسول) الذي أخذوا من مأخذه (قابل للزيادة) في ذلك الحكم المشروع بإظهار حكم آخر ونسخ له (وهذا الخليفة) عن اللّه تعالى المذكور (ليس بقابل للزيادة) فيما أخذه عن اللّه تعالى من ذلك ( فلا يعطى) ، أي ذلك الخليفة من العلم الإلهي والحكم فيما ، أي في الأمر الذي شرع ، أي أظهر وبيّن لا تباعه إلا ما شرع الرسول لأمته خاصة ، من غير قابلية زيادة ولا نقصان ولهذا ورد في الحديث « الشيخ في أهله كالنبي في أمته » ، رواه الديلمي في مسند الفردوس .
وفي رواية ابن حبان في صحيحه . قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " الشيخ في بيته كالنبي في أمته " .


قال رضي الله عنه :  (فهو) ، أي الخليفة المذكور (في الظاهر متّبع) للرسول صلى اللّه عليه وسلم (غير مخالف) له أصلا وإن كان مستقلا في أخذ الحكم الشرعي عن اللّه تعالى بالرقيقة الممتدة له من روحانية جبريل عليه السلام تنفث في روعه بعين الحكم الذي نزل به جبريل عليه السلام على الرسول قبله وبعضهم يسميه جبريل عليه السلام ، ولكنه ما اتصف (بخلاف الرسل) عليهم السلام فإنهم يعطون زيادة في العلم والحكم .

 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها. فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل.) .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك ) يعني كما أن ما أخذه الرسول عن اللّه عين ما أخذه الرسل منه كذلك ( أخذ الخليفة عن اللّه عين ما أخذه منه الرسول فنقول فيه ) أي في حق الأخذ عن اللّه ( بلسان الكشف خليفة اللّه وبلسان الظاهر خليفة رسول اللّه ولهذا ) أي ولأجل أن من عباد اللّه من يأخذ الخليفة عن اللّه.

قال الشيخ رضي الله عنه : ( مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد عنه ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون ) ذلك الأخذ ( خليفة عن اللّه مع الموافقة ) لرسول اللّه ( في الحكم المشروع ) والنصوص الواردة في حق الأصحاب في الإمامة لا في الخلافة وإن كان الأمر قد وقع كذلك لكن أمر الخلافة لا كأمر الإمامة كما عرفت .
( فلما علم ذلك عليه السلام لم يحجر الأمر ) أي لم يمنع أمر الخلافة عن أحد فإذا لم يمنع الرسول الخلافة ( فللّه خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ) .
 

قوله ( ما أخذته الرسل ) مفعول يأخذون المعدن هو ذات الحق وأسمائه وصفاته ( ويعرفون ) عطف على يأخذ ( فضل المتقدم ) في الرتبة ( هنالك ) أي في الأخذ عن اللّه فإن الأخذ عن اللّه يتفاوت بحسب المشارب والمراتب وكم بين أخذ الأنبياء عن اللّه وبين الأولياء فيتفاوت أخذ الأنبياء بحسب درجاتهم .
قال اللّه تعالى :تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ[البقرة : 253 ] ،

وكذا الأولياء وإنما فضل الرسول على الخلفاء في المرتبة ( لأن الرسول قابل للزيادة وهذا الخليفة ) أي الخليفة الذي يأخذ عن اللّه مع الموافقة في الحكم المشروع للرسول ( ليس بقابل للزيادة التي لو كان ) هذا الخليفة ( الرسول قبلها ) على صيغة الماضي فإذا كان الأمر كذلك ( فلا يعطي ) اللّه ذلك الخليفة ( من العلم والحكم فيما شرع له ) على البناء للمجهول الأمر ( إلا ما شرع للرسول خاصة فهو ) أي الولي الأخذ عن اللّه ( في الظاهر ) .
متعلق بقوله : ( متبع غير مخالف بخلاف الرسل ) فإن شريعة بعضهم تخالف شريعة من قبلهم في بعض الأحكام المشروعة وإن كانت شريعة كلهم متفقة في الهدى لقوله تعالى : "فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ " فالهداية لا تقبل الزيادة والنقصان بخلاف الأحكام.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها. فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل) .

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول. فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله. ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها. فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل.)   معناه ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.  فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )

قال رضي الله عنه : (وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول « فنقول فيه » أي في خليفة من خلفاء الأولياء منّا « بلسان الكشف : خليفة الله ، وبلسان الظاهر : خليفة رسول الله ، ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نصّ بخلافة عنه إلى أحد ولا عيّنه ، لعلمه أنّ في أمّته من أخذ الخلافة عن ربّه ، فيكون خليفة عن الله تعالى ليوافقه في الحكم المشروع ، فلمّا علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجز الأمر ، فللَّه خلفاء في خلقه ، يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السّلام ويعرفون فضل المتقدّم هناك ، لأنّ الرسول قابل للزيادة ، وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها ، فلا يعطى من العلم والحكمة فيما شرع إلَّا ما شرع للرسول خاصّة ، وهو في الظاهر متّبع غير مخالف بخلاف الرسل )

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الخلافة المنفردة عن النبوّة التشريعية ورسالتها المنقطعتين بخاتم الأنبياء والرسل عليهم السّلام ليس لها هذا المنصب من الحكم ظاهرا من وجهين :

أحدهما : أنّ الخلفاء من بني العبّاس خلفاء من تقدّمهم من خلفاء رسول الله ، والحكم الذي كانوا يحكمون به غير مأخوذ عن الله ، على ما كان يأخذه الرسول أو الوليّ الخليفة ، بل مأخوذ عن النقل أو باجتهاده لا غير ، فلو كان الخليفة منهم آخذا خلافته عن الله وحكمه فيما يحكم به عن الله ، وكان له الحكم والسيف ظاهرا ، لكان له هذا المنصب الذي كنّا بصدده كخلافة داوود ومحمّد وموسى صلوات الله عليهم .

والثاني : أنّ الكمّل من خلفاء الله من الأولياء - وإن تحقّقوا بمقام الكمال وارتقوا في درجات الأكملية فليس لهم منصب الخلافة ظاهرا بالسيف ولا الحكم بالقتل والإبقاء على الاستقلال والاستبداد ، وإن كان كل منهم إماما متبوعا للعالمين كافّة فيما يشترك فيه الكلّ ، وللخاصّة فيما يخصّهم ، وينفردون بخصوصيات ليست لغيرهم من الأولياء ، ممّن لم يتحقّقوا بدرجة الكمال والخلافة ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )

قال رضي الله عنه :  (وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه من الرسول عليه الصلاة والسلام ) .
أي الخليفة من الوالي الآخذ الحكم عن الله متبع في الظاهر لعدم مخالفته في الحكم كعيسى حين ينزل فيحكم بما حكم محمد صلى الله عليه وسلم فيما أمر باقتداء هدى الله الذي هدى به من قبله من الأنبياء ، فإنه مختص بالحكم من الله باعتبار أخذه منه موافق لما كان قبله في صورة الحكم صورته صورة الاقتداء ، وهو مأمور به على وجه الاختصاص من عند الله ،
فهذا الخليفة مختص لأنه أخذ الحكم عن الله لا عما أخذه علماء الرسوم بالنقل ، ومشارك لهم في ذلك الأخذ أيضا فهو معهم مثل ما قالوا فيه :
لي سكرتان وللندمان واحدة  .... شيء خصصت به من بينهم وحدي
لأنه أخذ خلاف الأول كرفع القصاص مثلا .

قال رضي الله عنه :  ( فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله ، ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافته عنه إلى أحد ولا عينه ، لعلمه أن في عباد الله من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع ، فلما علم ذلك عليه الصلاة والسلام لم يحجر الأمر ، فلله خلفاء يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام ، ويعرفون فضل المتقدم هناك ، لأن الرسول قابل للزيادة ، وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرح إلا ما شرع للرسول خاصة ، فهو في الظاهر متبع غير مخالف بخلاف الرسول ،)

"" أضاف عبد الرحمن جامي : ( التي لو كان الرسول قبلها ) الرسول مرفوع وكان تامة وقبلها جواب لو : أي الزيادة لو وجد الرسول في زمان ذلك الخليفة كان قابلا لتلك الزيادة أو ناقصة والخبر محذوف : أي لو كان الرسول كائنا في زمان ذلك الخليفة لقبل تلك الزيادة واقتصر على الزيادة لأن النقصان أيضا زيادة اهـ جامى .""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.  فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل. .  )

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول . فنقول فيه بلسان الكشف "خليفة الله " ، وبلسان الظاهر "خليفة رسول الله " . ولهذا مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وما نص بخلافة عنه إلى أحد ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه ، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع . فلما علم ذلك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لم يحجر الأمر . )
 أي ، لما علم النبي صلى الله عليه وسلم ، أن لله تعالى عبادا من أمته ، وفي قوتهم أن يأخذوا الخلافة من الله سبحانه ، ما عين من يخلفه وجعل التعيين إلى الله  ولما كان في تعيينه ، عليه السلام ، منعا للبعض الذي ما عين ذلك المقام ،

 
قال رضي الله عنه: ( ولم يحجر الأمر ) أي ، لم يمنع أحدا من هذا الأمر ، يعنى أمر الخلافة .
(فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ) "اللام " للعهد ، والمعهود نبينا ، صلى الله عليه وسلم . "والرسل " . أي ، يأخذون من معدن نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، أو من معدن الرسل الذين تقدموا عليه . ( ما أخذته الرسل ، عليهم السلام . ) من أحكام الشرائع والعلوم والمعارف وغيرها .

والمراد ب‍ ( المعدن ) عين الذات الإلهية وأسماؤه والأعيان التي لا يأخذ الحق أيضا إلا منها ، كما مر في ( الفص العزيري ) و ( الشيثي ) . فهؤلاء الكمل محكومون معه بذلك الحكم المأخوذ من الله بالجهتين : من جهة الرسول ، ومن جهة الحق المكلف بذلك .
فصدق في حقهم ما قاله الشاعر"ابن نباته المصري ":
لي سكرتان وللندمان واحدة ... شيء خصصت به من دونهم وحدي
الغوث يا من إليه قد مددت يدي ... ثم اقتدحت فاوْرى بالثنا زندي

قال رضي الله عنه: ( ويعرفون فضل المتقدم هناك ، لأن الرسول قابل للزيادة ، وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها . ) .
( الرسول ) منصوب على أنه خبر ( كان ) . و ( قبلها ) على صيغة الماضي . أي ، الأولياء الخلفاء لله ، يعرفون فضل المتقدم من الرسل عليهم عند الله هناك ، أي في ذلك الأخذ .
والمراد بالتقدم ليس التقدم الزماني ، بل التقدم الرتبي ، لذلك علل بقوله : ( لأن الرسول قابل للزيادة ) والنقصان .


فالتقدم بالرتبة هو الذي يكون أرفع درجة وأعلى مرتبة وأكثر أخذا وأشد علما بالله وأسمائه .
وله فضيلة على غيره من الرسل .
وأما الخليفة فليس لقابل للزيادة التي لو كان هو رسولا لقبل تلك الزيادة ، فإن من جعله الله خليفة على العالم ، هو الذي جعله متحققا بأسمائه كلها ، فلا يمكن الزيادة فيه .
وأما من يكون خليفة على بعض العالم ، كخلفاء الأقطاب ، فيقبلون الزيادة والنقصان ، كما مرت الإشارة إليه من أن لكل إنسان نصيبا من الخلافة الكبرى والنيابة العظمى على حسب استعداده وقربه من الخلافة المطلقة .

قال رضي الله عنه: ( فلا يعطى من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة . ) أي ،