المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم :: القرآن الكريم و علومه :: موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحنفي
صفحة 1 من اصل 1
29102023

الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
موسوعة القرآن العظيم ج 1 د. عبد المنعم الحفني
948 . أمثال وحكم القرآن
ضرب اللّه الأمثال في القرآن فهدى ، وضرب المنكرون الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا . والأمثال لها تأثيرها في القلوب ، وفيها من الحكمة الكثير ، وهي أبلغ فنون الكلام ، ولذلك حفل بها القرآن ، وجعلها اللّه من دلائل رسله ، وأوضح بها الحجّة على خلقه ، لأنها في الأذهان معقولة ، وفي الأسماع مقبولة ، ويضرب اللّه الأمثال للناس لعلهم يتذكّرون ، ولقد ضرب في القرآن من كل مثل حتى لقد صار « علم أمثال القرآن » من أعظم علومه ، وشملت أمثاله كل مسائل العقيدة ، يقرّب بها المجرّد ويصوّره محسوسا ماديا ، ويصوغه خبرات من المشاهد اليومية من حياتنا العملية ، فيها العلم والسداد ، ومكارم الأخلاق ، وشرف العمل ، وشؤون الناس والأفراد والعائلات والدول والمجتمعات ، ومسائل الزواج والطلاق ، وقضايا الدنيا والدين ، وقصص من التاريخ عن الذين خلوا ، موعظة للمتّقين ، كقوله تعالى :وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً( 33 ) ( الفرقان ) ، يصحح بها حجج المعترضين ، وروايات المتخرّصين ، ويسرد صحيح القصة ويفسّرها بلا تحريف .وما أكثر الأمثال في التلمود ، وفي سفر المزامير عند اليهود ، وعندهم سفر خاص بالأمثال ، ومن أقوالهم فيه : مخافة الربّ رأس العلم والحكمة والتأديب . طوبى للإنسان الذي وجد الحكمة ، وللرجل الذي نال الفطنة .
الحكمة هي الرأس فاكتسب الحكمة ، وبكل كسبك اكتسب الفطنة . لا تلتفت إلى إغراء المرأة .
اذهب إلى النملة أيها الكسلان وانظر طرقها وكن حكيما . إنها ليس لها قائد ولا مدير ولا حاكم ، وتعدّ في الصيف طعامها ، وتوعى في الحصاد أكلها ، فإلى متى ترقد إيها الكسلان ؟ ومتى تنهض من نومك ؟
الحكمة بنت بيتها ، ونحتت أعمدتها السبعة ، وذبحت ذبائحها ، ومزجت خمرها وصفّفت مائدتها ، وأرسلت جواريها تنادى على مشارف المدينة : من هو غرّ فليمل إلى هنا ، وتقول لكل فاقد اللّب : هلموا كلوا من خبزى واشربوا من الخمر التي مزجت ، واتركوا الغرّارة وأحيوا ، وانهجوا طريق الفطنة . أول الحكمة مخافة الربّ ، وعلم أولياء اللّه الفطنة .
الابن الحكيم يسرّ أباه ، والابن الجاهل غمّة لأمه . كنوز النفاق لا تنفع ، والبرّ ينقذ من الموت .
الذي يحبّ التأديب يحب العلم ، والذي يبغض التوبيخ بليد . الابن الحكيم من تأديب أبيه ، وأما الساخر فلم يسمع الانتهار . . إلخ .
وأكثر الأمثال عند اليهود ألّفها سليمان واشتهر بها ، وموضوع « سفر الأمثال » الذي وضعه هو الحكمة ، وقد تكون وجيزة أو رمزية . ومن أشهر أمثال اليهود أحجية شمشون إلى الضيوف عند زفافه .
قال : خرج من الآكل أكل ، ومن الشديد حلاوة ( القضاة 14 / 15 ) . واستخدم المسيح في الأناجيل الأمثال للتعليم ، وعددها في الأناجيل الأربعة 21 مثلا ، منها في متّى ( 11 / 12 ) ، مثل الخروف الضال ، يقول : « فإنما جاء ابن البشر ليخلص ما قد هلك .
ما ذا تظنون إذا كان أحد له مائة خروف فضلّ واحد منها ؟ أفلا يترك التسعة والتسعين في الجبال ويمضى في طلب الضال ؟ » - ومثل الغنى الغبي في لوقا ( 12 / 16 - 21 ) ، يقول : « أغلّت له أرضه كثيرا ، ففكر ما ذا يصنع ، وأين يخزّن غلاله لينتفع بها في باقي عمره ؟ ولكنه يموت فجأة ولا ينتفع بشيء ، فهكذا من يدّخر لنفسه وهو غير غنى بما للّه ، فلهذا لا تهتموا لأنفسكم بما تأكلون ولأجسادكم بما تلبسون » .
ومن عبارات القرآن التي تجرى مجرى الأمثال في سورة البقرة :أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ( 44 ) ؛وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ( 14 ) ؛
وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ( 191 ) ؛وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ( 195 ) ؛وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى( 197 ) ؛وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ( 204 ) ؛وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ( 216 ) ؛وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ( 217 ) ؛وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ( 221 ) ،وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ( 221 ) ؛فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا( 231 ) ؛لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ( 233 ) ؛عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ؛وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ؛كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ( 236 ) ؛لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ( 256 ) ،وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي( 260 ) ؛قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً( 263 ) ؛يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ( 269 ) ؛
وفي سورة آل عمران :ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ؛وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى؛كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ( 47 ) ؛الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ( 60 ) ؛وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا( 103 ) ؛يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ( 106 ) ،إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ( 160 ) ؛كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ( 185 ) ؛
وفي سورة النساء :فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً( 19 ) ؛وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً( 28 ) ؛إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً( 36 ) ؛وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ( 58 ) ؛أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ( 78 ) ؛ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ( 79 ) ؛مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها؛ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ( 85 ) ؛وَالصُّلْحُ خَيْرٌ( 128 ) ؛وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ( 129 ) ؛
وفي سورة المائدة :وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ( 2 ) ؛فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا( 24 ) ؛مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً( 32 ) ؛وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً *( 48 ) ؛لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ( 82 ) ؛
وفي سورة هود :أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ( 81 ) ؛فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً( 82 ) :يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ( 5 ) ؛أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ( 78 ) ؛وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ( 85 ) ؛إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ( 88 ) ؛اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ( 93 ) ؛
وفي سورة يوسف :فَصَبْرٌ جَمِيلٌ *( 18 ) ؛الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ( 51 ) ؛
وفي سورة الرعد :لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ( 38 ) ؛
وفي سورة إبراهيم :أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ( 18 ) ؛
وفي سورة الإسراء :كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ( 84 ) ؛ وفي سورة طه :وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى( 61 ) ؛
وفي سورة الأنبياء :نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ( 18 ) ؛كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ » ، « وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً( 35 ) ،خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ( 37 ) ؛
وفي سورة الحج :ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ( 10 ) ،وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ( 11 ) ،ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ( 73 ) ؛
وفي سورة الروم :فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى( 52 ) ؛
وفي سورة الأحزاب :ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ( 4 ) ؛
وفي سورة فاطر :زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً(8) ،وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ(14) ؛وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ(43)
وفي سورة يس :لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ( 7 ) ؛طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ؛
وفي سورة الصافات :وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ؛
وفي سورة ص :وَلاتَ حِينَ مَناصٍ(3) إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ(5) ؛إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ(6) إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ(7)
وفي سورة غافر :إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها( 59 ) ؛
وفي سورة الدخان :فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ( 29 ) ؛
وفي سورة النجم :إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ( 28 ) ؛
وفي سورة القمر :كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ( 20 ) ،هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ( 60 ) ؛
وفي سورة المعارج :إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ( 19 ) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ( 20 ) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً( 21 ) ؛
وفي سورة القيامة :أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً( 36 ) ؛
وفي سورة الإنسان :وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً( 22 ) إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ(27) ؛وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ(30)
وفي سورة المرسلات :إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ( 7 ) ؛هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ( 35 ) ؛كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا( 46 ) ،فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ( 50 ) ؛
وفي سورة النازعات :تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ( 12 ) ؛
وفي سورة الطارق :إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ( 13 ) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ( 14 ) ؛
وفي سورة الشرح :فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً( 5 ) ؛
وفي سورة التين :لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ( 4 ) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ( 5 ) ؛
وفي سورة العلق :عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ( 5 ) ؛
وفي سورة العاديات :إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ( 6 ) ؛وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ( 8 ) ؛
وفي سورة العصر :إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ( 2 ) ؛
وفي سورة الكوثر :إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ( 3 ) .
وأيضا فإن من الأمثال ما لا يستحضر للاستشهاد به ، كالحكم وجوامع الكلم ، وإنما هي لتقريب المعاني ولا يعلمها إلا العالمون ، ويضربها اللّه للناس لعلهم يتفكّرون ، كمثل أهل الضلال :مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ( البقرة 18 ) ،
وتقديره : قد اشتروا الضلالة بالهدى ، وصاروا بعد البصيرة إلى العمى ، يشبّههم بمن استوقد نارا ، فلمّا أضاءت ما حوله وأبصر بها واستأنس ، طفئت فجأة وصار في ظلام شديد ؛ ومثل الذين كفروا :كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً( البقرة 171 ) :
يضرب لما هم فيه من الجهل والغى ، كأنهم الدواب السارحة التي لا تفقه ما يقال لها ؛ ومثلهم المفتونين :مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا( البقرة 214 ) ، ويضرب لمن يظن أنه آمن ولما يفتن ويختبر ؛ ومثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه :كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ( البقرة 261 ) ، يضرب للمجاهدين ، يضاعف لهم أجر ما ينفقون إلى سبعمائة ضعف ؛ ومثل المرائين :كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً( البقرة 264 ) ، فهؤلاء ينفقون وما يتقبّل منهم ؛ ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة اللّه وتثبيتا من أنفسهم :كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ( البقرة 265 ) ،
فعمل المؤمن لا يبور ويكثره اللّه وينمّيه ؛ ومثل عيسى عند اللّه :كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ( 59 ) ( آل عمران ) ،
فإن جاز ادّعاء النبوة في عيسى لكونه مخلوقا من غير أب ، فجواز ذلك في آدم بالطريق الأولى ؛ ومثل الذي لا يتّعظ بآيات اللّه :فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ( الأعراف 176 ) ، فهو لا ينتفع بالموعظة ، تدعوه أو لا تدعوه لا يؤمن ، كالكلب يلهث في الحالين : إن تتركه أو تحمل عليه ؛ ومثل المكذّبين :ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ( 177 ) ( الأعراف ) ؛
ومثل الحياة الدنيا :إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ( يونس 24 ) ؛ ومثل الذين يصدّون عن الإيمان والذين آمنوا وعملوا الصالحات :مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا( هود ) ؛
ومثل الذين يدعون من دون اللّه لا يستجيبون لهم بشيء كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ( الرعد 14 ) ؛
ومثل الحق والباطل :قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ( 16 ) أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ( 17 ) ( الرعد ) ؛
ومثل المتّقين :مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها( الرعد 35 ) ؛ ومَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، ونقيض هؤلاء مثلهم :مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ( إبراهيم 18 )
شبّه أعمالهم بالرماد تشتد به الريح فتذروه ، فكأنهم هباء منثور ، كقوله :مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ( آل عمران 117 ) ؛
ومثل اليتامى :إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً( النساء 10 ) ،
ومثل الحيران :كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا( الأنعام 71 ) ؛
ومثل الميت الذي أحياه اللّه :أَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها( الأنعام 122 ) ؛
ومثل المنسلخ من آيات اللّه :الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ( 175 ) ( الأعراف ) ؛
ومثل الآكل لحم أخيه :أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ( الحجرات ) ؛
مثل الشجرة الطيبة والشجرة الخبيثة :أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ( 24 ) ( إبراهيم ) ؛
وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ( 26 ) ( إبراهيم ) ؛لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى( النحل ) مثلهم كالشئ الناقص ، في حين أن الكمال المطلق من وجه هو مثل اللّه تعالى وينسب إليه ؛ ومثل الحياة الدنيا :وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ( الكهف 45 ) ،
كقوله :إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ( يونس 24 ) ، وقولهاعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً( الحديد 20 ) ؛
والمثل المشهور للذباب :يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ( 73 ) ( الحج ) ،
فتحّداهم أن يخلقوا كخلقه ولو ذبابة واحدة ، أو حتى أن يستنقذوا شيئا سلبهم الذباب ، فما أضعف الذباب والإنسان ؛
والمثل الذي ضربه اللّه تعالى لنوره :مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ( النور 35 ) ؛
ومثل السراب :كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً( النور 39 ) ؛أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها( النور 40 ) ؛ وأروع الأمثلة هو مثل العنكبوت للمشركين في اتخاذهم آلهة من دون اللّه :مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ( العنكبوت 41 ) فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت ، فإنه لا يجدى عنه شيئا ،كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ( الحشر 15 ) وهؤلاء هم اليهود ،كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ( 16 ) ( الحشر ) ،
فمثلهم في اعتزازهم بأنصارهم كمثل الشيطان يسوّل لهم الكفر ثم يتبرأ منه ؛
ومثل الجبل يتنزل عليه القرآن :لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ( 21 ) ( الحشر ) ، وهذا المثل أعظم أمثال القرآن في بيان عظمة القرآن ؛
ومثل اليهود حمّلوا التوراة :مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ( الجمعة 5 ) فقد حفظوا التوراة ولكنهم لم يتفهموها ، ولا عملوا بها ، فهم أسوأ حالا من الحمار .
والأمثلة كثيرة في القرآن : كمثل البعوضة فما فوقها ( البقرة 26 ) ؛
ومثل العبد المملوك ، والعبد المرزوق ، والأول الذي لا يقدر على شئ - وهو الكافر ، والثاني يرزق الرزق الحسن ، ينفق منه سرّا وجهرا - وهو المؤمن ( النحل 75 ) ؛
ومثل الأبكم الذي لا يقدر على شئ وعياله على مولاه ؛ ومثل العادل الذي مقاله حق وفعاله مستقيمة ، هل يستويان ؟ ( النحل 76 ) ؛
ومثل القرية التي كانت مرزوقة وآمنة مطمئنة ، فكفرت بأنعم اللّه ، فأذاقها لباس الجوع والخوف ( النحل 112 ) ؛
ومثل الرجلين المشرك والمؤمن ، والمشرك له جنتان ، فتفاخر على صاحبه المؤمن وأنكر المعاد ، فعاقبه اللّه وأحيط بثمره ، فأصبح من النادمين ( الكهف 32 / 44 ) ؛
والمثل من النّفس :ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ( الروم 28 ) ، يقول هذا المثل تشهدونه في أنفسكم ، فأنتم لا ترضون أن يشارككم مواليكم في أموالكم ، فكيف تجعلون للّه الأنداد من خلقه ؟ وتجعلون له ما تكرهون ؟
ومثل أصحاب القرية ، أرسل اللّه إليهم رسولين واتبعهما بثالث فما ازدادوا إلا كفرا ( يس 13 / 16 ) ؛
ومثل المنكر للإحياء بعد الممات ، يفت عظم الموتى ويذروه ويسأل: يا محمد، أتزعم أن اللّه يبعث هذا؟ ونسي نفسه أن اللّه خلقه من العدم (يس 78)؛
ومثل العبد المشترك بين اثنين يتنازعانه فيما بينهما ، والعبد الذي يملكه واحد ، فهل يستويان ، وكذلك لا يستوى المشرك الذي يعبد آلهة مع اللّه ، والمؤمن الذي لا يعبد إلا اللّه ، فأين هذا من هذا ( الزمر 29 ) ؛
ومثل أتباع محمد ، في التوراة والإنجيل كشطء الزروع ( الفتح 29 ) ؛ ومثل امرأة نوح وامرأة لوط ( التحريم 10 ) ، كانتا تحت نبيّين ، فلم يغن عنهما ذلك لمّا كفرتا ؛ ومثل امرأة فرعون ( التحريم 11 ) ، كانت زوجة كافر فصبرت ؛ ومثل مريم أم عيسى ( التحريم 12 ) ، أحصنت نفسها فكملت وكانت صدّيقة ؛ فهذه نحو الستين مثلا ضربها اللّه تعالى في القرآن للتعليم .
وفي أمثال القرآن كتب الكثيرون ، ومن أقدمهم الجنيد المتوفى سنة 297 ه ؛ وإبراهيم بن محمد ، المعروف بنفطويه ، المتوفى سنة 323 هـ ؛ وعبد الرحمن السلمى المتوفى سنة 412 هـ ؛ والحسن بن الفضل ، وأبو الحسن المواردى المتوفى سنة 450 هـ .
* * *
949 . أمثال وحكم سورة البقرة
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً( 10 ) : ويضرب المثل لمن استشرى الفساد في نفسه وانحرف به اعتقاده فيزاد له فيهما ، إما عن واقع ، وإما دعاء عليه .مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ( 17 ) : هو مثل من يتعلم العلم ليعمل به ، فيعمل بضده ، فكأنه ما علم ، أو الذي يعرف الخير والشر ليختار الخير فيعمد إلى إتيان الشر ، أو الذي يستمع إلى آيات اللّه فيظن أنه سيعلن إسلامه فإذا به يستهزئ بما سمع .
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ( 18 ) ويضرب المثل لمن له كل الحواس يدرك بها ولا يفهم عنها ، فالصمم انسداد الأذنين عن السمع ، والبكم العجز عن النطق ، والعمى ذهاب البصر ، إلا أن ذلك كله ليس عن حقيقة وإنما مقصوده نفى الإدراكات عنها من جهة تعقّلها ، وعلماء النفس يسمون ذلك الصمم أو البكم ، أو العمى العقليmental blindness،
كقول القائل : وعوراء الكلام صممت عنها * ولو أنى أشاء بها سميع
والقائل :أعمى إذا ما جارتي خرجت * حتى يوارى جارتي الجدر
والقائل : أدخل إذا ما دخلت أعمى * واخرج إذا ما خرجت أخرس
ومن تعطب أذناه ، وتغشى عيناه ، ويتعطل لسانه ، يجهل الحق فلا يرجع إليه ، وفي الحديث : « وإذا رأيت الحفاة العراة الصمّ البكم ، ملوك الأرض ، فذاك من أشراطها » ، أي من أشراط الساعة ، فأن يكون الحكم لهؤلاء فهذه هي الطامة الكبرى .
أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ( 19 ) :
والصيّب هو المطر من صاب يصوب إذا نزل ، شبّه حال المنكرين وما هم فيه ، بالظلمات والرعد والبرق والصواعق ، فالظلمات مثل لما يعتقدونه من الكفر ، والرعد والبرق مثل لما يخوّفون به ؛ أو أن كلمات القرآن ، أو أي كلمات فيها حقّ ، ومتعلقها الحق ، تتنزل على أسماع المنكرين - من الكفار إلخ ، كالصيّب ، فكما يشكل عليهم الصيب فكذلك تشكل كلمات القرآن ، أو كلمات الحق ؛ والعمى المقصود به ظلمات الكفر والجحد ، والرعد هو ما في القرآن من الوعيد والزجر ، والبرق هو ما فيه من النور والحجج المبهرة ؛ وتضرب الصواعق مثلا للدعاء العاجل ، والوعيد الآجل ؛ أو أن الصواعق هي تكاليف الشرع تهبط على المنكرين الجاحدين فهم منها في مغرم ؛
ولو كان الإسلام بلا تكاليف لاعتنقوه واتّبعوا قرآنه ، ولكن اتباعه فيه موتهم الاجتماعي والدنيوي ، لأنه يدعو للآخرة وهم يريدون الدنيا ، وهو ضد الظلم وينشد العدل الاجتماعي ، وهم من ذلك في مهرب ، لكن إلى أين المفر واللّه محيط بهم ؛ وكانوا زمن الرسول صلى اللّه عليه وسلم وفي أي زمن ، كلما سمعوا القرآن وظهرت لهم حججه ، أنسوا وطلبوا أن يقرأ عليهم المزيد منه ، فإذا جاء ذكر التكاليف أو الوعيد ، عموا عنها ، ولم يرضوا بها ، وأنفوا من مطلوباتها ؛ ومثل القرآن كمثل البرق يخطف الأبصار ، فكلما أضاء لهم سرّوا به ومشوا فيه ، فإذا أظلم عليهم قاموا وانصرفوا عنه .
ويضرب المثل لمن يؤمن ليتحصل نعم الإيمان ، فكلما صحّت زروعه وتجارته ، أو صناعته ، وازدهرت أحواله ، تباركوا بالإسلام ، وأقبلوا على القرآن ، فإذا انقلبت أحوالهم ، ونزلت بهم المصائب ، وحلّت الشدائد والكوارث ، سخط وترك الدين ،
كقوله :وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ( 11 ) ( الحج ) ؛
ويضرب الصوفية بهذه الآية مثلا لمن يرتقى في الأحوال بالتزام الآداب ، فإذا مزجها بالدعاوى أذهب اللّه عنه أنوار أحواله ويبقيه في ظلمات دعاويه .
يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ( 20 ) :
هو مثل ضربه اللّه تعالى ، يعنى به أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم ؛ أو أن ما جاءهم من البيان في القرآن بهرهم وخطف أبصارهم ، أو أنهم كلما سمعوا القرآن وظهرت لهم الحجج ، أنسوا ومشوا معه ، فإذا نزل منه ما يعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه ، قاموا وثبتوا على نفاقهم ؛ أو كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت عليهم النّعم ،
قالوا : دين محمد دين مبارك ، وإذا نزلت بهم مصيبة ، وأصابتهم شدة ، سخطوا وثبتوا في نفاقهم .
إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ( 26 ) : فلمّا ذكر اللّه آلهة المشركين فقال :وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ( 72 ) ( الحج ) ، وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت ، قالوا : إن اللّه لا يضرب الأمثال بالذباب والعنكبوت ، وهذا كلام لا يشبه كلام اللّه ، فأنزل اللّه الآية يقول : إنه لا يستحى أو لا يمتنع أن يضرب المثل بالبعوضة وما فوقها في الصغر - أي ما دونها .
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ( 74 ) : والمثل في قسوة القلب وتحجّر المشاعر ، وأبعد الناس من اللّه القلب القاسى ، وهؤلاء اليهود قلوبهم قاسية كالحجارة أو أشدّ .
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً: المعنى ليحسن قولكم ، أو قولوا للناس الطيّب من القول .
وهذا حضّ على مكارم الأخلاق ، كقوله تعالى لموسى وهارون :فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً( 44 ) ( طه )
وفي الحديث لعائشة رضى اللّه عنها قالت قال صلى اللّه عليه وسلم : « لا تكوني فحّاشة فإن الفحش لو كان رجلا لكان رجل سوء » .
وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ( 93 ) : هذا تشبيه ومجاز ، عبارة عن تمكّن أمر العجل في قلوبهم ،
والمعنى : جعلت قلوبهم تشربه ، وفي الحديث : « تعرض الفتن على القلوب كالحصير عددا عددا ، فأي قلب أشربها ، نكت فيه نكتة سوداء » .
يقال أشرب قلبه حبّ كذا ، وإنما عبّر عن حبّ العجل بالشّرب دون الأكل ، لأن الشرب عملية يتغلغل بها السائل كالماء مثلا في الأعضاء ، حتى يصل إلى باطنها ، فكذلك كان حبّ العجل ، أي المائيات قد تغلغل في عقولهم ونفوسهم كما تقول حتى النخاع ، وقيل إن موسى طحن عجل الذهب وذرّاه في الماء ، وقال لليهود : اشربوا من هذا الماء ، فشربوا جميعا ، فمن كان يحب العجل خرجت برادة الذهب على شفتيه .
وهذا المثل يقال لمن صار حبّ المادة في دمه .
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 أكتوبر 2023 - 9:48 عدل 6 مرات
عبدالله المسافر يعجبه هذا الموضوع
الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق

الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
كُنْ فَيَكُونُ( 117 ) : هو أمره للشيء ب « كن » ، فإنه يكون بعد الأمر أو مع الأمر ، لا يتقدم الوجود ولا يتأخر عنه ، ولا يكون الشيء مأمورا بالوجود إلا وهو موجود بالأمر ، ولا موجودا إلا وهو مأمور بالوجود . يعنى : أن اللّه عز وجل لم يزل آمرا ، قادرا ، عالما .
وكل ما في الآية يقتضى الاستقبال ، إذ المحدثات تجىء بعد أن لم تكن .
و « كن » كلمة ، وهي المراد بقوله صلى اللّه عليه وسلم : « كلمات اللّه التامات » ، ومفردها كلمة تامة هي « كن » ، فإذا قال لكل أمر « كن » ، ولكل شئ « كن » ، فهذه كلمات ، وفي الحديث القدسي عنه تعالى :« عطائي كلام وعذابي كلام » خرّجه الترمذي ، فلمّا تفرّقت الكلمة الواحدة « كن » في الأمور ، صارت كلمات ، ومرجعها إلى كلمة واحدة هي « كن »
.فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ( 137 ) : ردّ بارع وقول بليغ يؤثر عند التخالف والعناد ، ولمّا قتل عثمان وقع دمه على عبارةفَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُفي المصحف ، وأجاب به النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لمّا نبّهه إلى ما سيلحقه من الاستشهاد ، يعنى سيكفى اللّه عدوه ، فكان هذا وعد منه تعالى ومن نبيّه صلى اللّه عليه وسلم .
والكافي من أسمائه تعالى ، وهو الذي يحصل به الاستغناء ويكتفى به .
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ( 171 ) : شبّه تعالى واعظ الكفّار وداعيهم - وهو النبىّ صلى اللّه عليه وسلم - بالراعي الذي ينعق بالغنم والإبل فلا تفهم ما يقول .
وقيل : مثل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به من البهائم التي لا تفهم .
وقيل : مثل الذين كفروا في دعائهم الآلهة الجماد ، كمثل الصائح في جوف الليل فيجيبه الصدى ، فهو يصيح بما لا يسمع ، ويجيبه ما لا حقيقة فيه ولا منتفع . فشبّه الكفّار بالناعق الصائح ، والأصنام بالمنعوق به .
وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( 179 ) : هذا من الكلام البليغ الوجيز ، ولما شرع اللّه القصاص قنع الكل به وتركوا الاقتتال ، فلهم في ذلك حياة .
هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ( 187 ) : يقال للمرأة مع زوجها أنها ستر له ، كما أنه ستر لها ، ويسكن كل منهما إلى صاحبه ، ويقال للمرأة في ذلك : هي لباسك ، وفراشك ، وإزارك .
ويشكّل كل واحد من الزوجين بصاحبه لباسا ، لانضمام الجسد وامتزاجهما وتلازمهما تشبيها بالثوب .
وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ( 191 ) : هذه الآية خاصة ، ونزلت في شأن عمرو بن الحضرمي حين قتله واقد بن عبد اللّه التميمي ، في آخر يوم من رجب الشهر الحرام ، ولكن معناها صار عاما ، وتضرب مثلا .
والفتنة : هي الوقيعة بين الناس ، وأن تضلّهم عن الحق وتصرفهم إلى الخلاف ، وتدسّ بينهم ؛ وأشد من القتل يعنى أنكى وأدهى وأمرّ منه.
وأصل الفتنة :الاختبار والامتحان، مأخوذ من فتنت الفضة ، إذا أدخلتها في النار لتميز رديئها من جيدها.وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ .( 195 ).
هذا المثل يقال خصوصا لمن يبخل عن الصدقة والنفقة على الضعفاء، وفي سبيل اللّه، وقيل : الهلاك الموعود هو اليأس من اللّه، فيكون معنى الآية:لا تيأسوا من رحمة اللّه.
وقوله بأيديكم يضرب كمثل ، تقول فلان ألقى بيده في أمر كذا إذا استسلم ، لأن المستسلم في القتال يلقى سلاحه بيده ، فكذلك يفعل كل عاجز في أي فعل ، ومنه قول القائل : إلقاؤنا ما بأيدينا عجز .
والمعنى لا تلقوا أنفسكم بأيديكم ، كقولك لا تفسد حالك برأيك ؛ أو أن المعنى لا تحرموا أنفسكم من أموالكم في الدنيا فيرثها غيركم فتهلكوا بالحرمان ؛ أو أن المعنى : لا تنفقوا من حرام فيرد عليكم فتهلكوا.
والخلاصة أن الآية :وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِعامة في جميع ما ذكر وفي غير ذلك ، كأن يخاطر أحدهم بنفسه دون حذر فيقال له ذلك ، لأنه يعرّض نفسه للتلف من غير فائدة .وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى( 197 ) : الآية فيها أن التقوى زاد الآخرة ، وتذكّر بسفر الآخرة ، والزاد بالنسبة للمسافر هو خير ما يتقى به الهلكة أو الحاجة أو التكفّف ، والآية مثل يضرب على أن هذه الدار ليست بدار قرار ، وأن الناس على سفر.
رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ( 201 ) : الآية من جوامع الدعاء وتعم الدنيا والآخرة.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ( 204 ) : هذا مثل يقال في الرجل يكون حلو القول والمنظر، ثم يظهر من بعد أنه من أسوأ الناس خلقا ، ولا دين له ولا ملّة ، وأنه يبطن النفاق والكذب والإضرار ، ويقول بلسانه خلاف ما يبطن.
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ( 216 ) :
هذا المثل على جزءين ، الأول :كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ والثاني :وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ، وكلاهما مثل وحده ، فالأول معناه : أن القتال قدّر على المسلمين أو على الناس عموما ، وهو مكروه في الطبع ، فلا أحد يرجو أن يدخل قتالا يحسب أنه فيه يموت أو يؤذى في جسمه.
والمثل يضرب عموما للشيء اللازم فعله رغم كراهيته ، كالعمليات الجراحية ، فلا مندوحة منها ولا بد من إجرائها رغم أنها مكروهة ، والجزء الثاني معناه : أننا ينبغي أن لا نتسرع ونقضي في الأشياء، بأن هذا نحبه وذاك نكرهه ، فلربما نكره شيئا وفيه نجاتنا ، ولربما نحب شيئا وفيه الأذى لنا،
كقول القائل : ربّ أمر تتّقيه * جرّ أمرا ترتضيه
خفى المحبوب منه * وبدا المكروه فيه
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ( 228 ) : قيل : هو قول حسن بارع ، فلا واجبات بدون حقوق تقابلها وتعادلها ، والدرجة التي للرجال هي أن يتحاملوا على أنفسهم ، وأن يحسنوا عشرتهن مهما كان .
فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ( 229 ) : كلام موجز بليغ ، والتسريح من ألفاظ الطلاق ، وقيل إن الآية تقول : الطلاق مرتان ، فأين الثالثة ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ، والآية تحضّ في حال المعاشرة على حسن المعاملة ، وفي حال الطلاق على حسن الفراق.
ومثل ذلك قوله تعالى :فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا( 231 ) .
كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ( 249 ) : هذه الآية من جوامع الكلم ، وفيها استشعار الصبر والاقتداء بمن صدّق ربّه .
وهكذا يجب على الأمم أن تفعل، ولكن النيات الفاسدة وعدم الإخلاص والحكّام غير الأكفاء، منعت من ذلك، حتى رأينا أمما كبيرة تنكسر أمام عدو قليل العدد.
والأمم عندما تقاتل فإنما تقاتل بأعمالها ، وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : « هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم ؟ » أخرجه البخاري .
وضعفاء الأمة هم المستضعفون فيها والمضطهدون والمحتاجون ، وهم طبقة العمال والفلاحين والموظفين ، وهم الذين يسمون في علم الاقتصاد « البروليتاريا »، وحيثما كان الضعفاء مهملون فالأعمال فاسدة، والاعتماد ضعيف، والصبر قليل، والتقوى زائلة، والهزيمة والانكسار واقعان لا محالة.
وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ( 251 ) :
معنى الآية لولا أن اللّه يدفع بمن يصلّى عمّن لا يصلّى ، وبمن يتقى عمّن لا يتقى ، لأهلك الناس بذنوبهم ، ونظيره الحديث : « لولا فيكم رجال خشّع ، وبهائم رتّع ، وصبيان رضّع ، لصبّ عليكم العذاب صبّا » .
لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ( 256 ) : الدين هو المعتقد ، والإكراه الغصب ، ويقال ذلك كردّ على محاولة البعض إجبار آخرين على الأخذ بمعتقده ، أو الرضوخ لفكره ، أو المسايرة لفلسفة لم يقتنعوا بها ولا تساير مصالحهم .
وفيما يرويه ابن أبي حاتم عن أبي هلال عن أسبق، قال : كنت في دينهم مملوكا نصرانيا لعمر بن الخطاب ، فكان يعرض علىّ الإسلام فآبى ، فيقول : «لا اكراه في الدين». قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ( 256 ) :
مثل يقال حسما لمواقف يتردد أصحابها بين الحق والضلال ، والصواب والخطأ ، والخير والشر ، والرشد في الآية هو الهدى ، والغىّ هو الضلال .
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ( 261 ) :
تمثيل لشرف النفقة في سبيل اللّه ولحسنها ، وضمنها التحريض على ذلك .
قيل : فلما نزلت هذه الآية قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « ربّ زد أمتي » ، فنزلت :مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً( البقرة 245 ) ،
فقال : « ربّ زد أمتي » ، فنزلت :إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ( 10 ) ( الزمر ) .
والمعنى أن من ينفق في سبيل اللّه كمثل زارع زرع في الأرض حبة فأنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة فشبّهت الآية المتصدّق بالزارع ، وشبّهت الصدقة بالبذرة ، فيعطيه اللّه بكل صدقة سبعمائة حسنة ،
ثم قال :وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ يعنى يزيد على السبعمائة ، فيكون المتصدّق مثل الزارع ، إن كان حاذقا في عمله ، والبذر جيدا ، والأرض خصبة ، يكون الزرع أكثر ، والإنتاج أوفر ، فكذلك المتصدّق إذا كان صالحا ، وماله طيبا ، وتصدّق به في مكانه الصحيح ، فيكون الثواب أكبر وأكثر ، خلافا لمن قال : ليس في الآية تضعيف على السبعمائة .
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً( 263 ) : الآية تجرى مجرى المثل ، كالحديث : « الكلمة الطيبة صدقة وإنّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق » أخرجه مسلم ، وكقول الحكيم ، الق صاحب الحاجة بالبشر ، فإن عدمت شكره لم تعدم عذره » .
والقول المعروف : أن تدعو للسائل إن لم تعطه ، والمغفرة أن تقول له : غفر اللّه لك .
قيل : سأل محتاج ، فقال له المسؤول : ممن الرجل ؟ فقال السائل : اللهم غفرا ! سوء الاكتساب يمنع من الانتساب » . فذهب قوله مثلا .
لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى( 264 ) : هذا أمر صار يجرى مجرى الأمثال ، والمنّ ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها ، وهو التحدث بما نعطى حتى يبلغ ذلك المعطى فيؤذيه .
والمنّ من الكبائر ، والمنّان في الحديث أحد ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة ، والأذى السبّ والتشكى ، وهو أعم من المن ، لأن المن جزء من الأذى ، وذكر في الآية لكثرة وقوعه .
وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ( 265 ) ( البقرة ) :مثل يضرب للصادقين في إنفاقهم يبتغون به مرضاة اللّه ويتثبت به يقينهم ، فمثلهم كمثل البستان على ربوة عالية ، ينزل عليه المطر الشديد ، فينمو الزرع ويثمر ضعفين ،
فإن لم يكن المطر الشديد فيكفي أرض البستان الخصبة الندى لتونع الأشجار وتؤتى أكلها .
أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ( 266 ) : قال عمر بن الخطاب : الآية ضربت مثلا لعمل الغنىّ ، يعمل بطاعة اللّه ، ثم يصرف عن الطاعات فيعمل في المعاصي حتى يحرق عمله الطيب ؛ أو الرجل يعمل بطاعة اللّه ، فإذا اقترب أجله ، ختمه بعمل من أعمال الشقاء .
وقال ابن عباس : إن الآية مثل ضربه اللّه تعالى للكافرين والمنافقين ، كهيئة رجل غرس بستانا فأكثر من الثمر ، فأصابه الكبر ، وله ذرية ضعفاء ، فكانت معيشته ومعيشة ذريته من ذلك البستان ، فأرسل اللّه على بستانه ريحا فيها نار فأحرقته ، ولم يكن عنده قوة فيغرسه ثانية ، ولم يكن عند بنيه خير فيعودون على أبيهم .
وكذلك الكافر والمنافق إذا ورد إلى اللّه تعالى يوم القيامة ليست له كرّة يبعث فيردّ ثانية » .
والآية في عمومها مثل للإنسان يعمل الصالح ، حتى إذا كان عند آخر عمره أحوج ما يكون إليه عمل عمل السوء ، أو مثل كل منافق وفاسق ، يعمل العمل وهو يحسب أنه يحسن صنعا ، فلما يجيء إلى وقت الحاجة لا يجد شيئا .
وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً . . .( 269 ) : المثل يقال لمن يتصرف بعقل وروية ، وينشد الصلاح للناس ، ويعمل الخير ويدعو إليه ، وهو الحكيم ، قد بلغ شأوا في تحصيل الحكمة .
والحكمة : هي علم ما بعد العلم ، وهي العقل والمعرفة عموما ، وباللّه خصوصا ، وطاعته والفقه في دينه ، وفيما أمر به ونهى عنه ، وورع الخشية والتقى والتواضع ، والإصابة في القول والفعل ، وتمنع الحكمة صاحبها عن كل فعل قبيح .
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ . . .( 275 ) المثل يشبّه حال القائم إلى الربا بقيام المجنون ، لأن الطمع والرغبة تستفزه ، فتضطرب أعضاؤه ، ومثله مثل المسرع أصابه الفزع ، فأسرع في مشيه فاختطلت هيئة حركاته حتى ليقول عنه الناس : قد جنّ هذا!!
ولا يعنى تشبيه المرابى بالذي يتخبّطه الشيطان من المس أن القرآن يقول بالمسّ من الشيطان كاضطراب نفسي بدني فإنما هو تشبيه مما هو مشهور عند الناس.
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها( 286 ) : يقول ذلك اعتذارا من يقدر على شئ ولا يقدر على غيره ، والأصل أنه في التكاليف فإن اللّه لم يفرض على عباده إلا ما يطيقون .
والوسع هو الطاقة ، والمعنى أنه تعالى لا يكلف عباده من وقت نزول الآية من أعمال القلب والجوارح إلا ما في وسع المكلّف وفي مقتضى إدراكه واحتمال بنيته .
ومثل ذلك قوله تعالى لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها( البقرة 233 ) ، وقوله لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها *( الأنعام 152 ، والأعراف 42 ) .
* * *
950 . أمثال وحكم سورة آل عمران
قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ( 13 ) : الآية مضرب المثل ، والفئتان يوم بدر هم المسلمون والمشركون ، وكان المشركون ثلاثة أمثال المسلمين ، فقلّلهم في أعين المسلمين ، كقولهوَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا( الأنفال 44 ) .زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ( 14 ) : الآية مثل في الوعظ لجميع الناس ، وتوبيخ لمعاصرى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم من اليهود وغيرهم .
والتزيين من اللّه ، وما من أحد أشد ذما للشهوات من خالقها ، وتزيينه لها بالإيجاد ، وبالتهيئة للانتفاع ، وإنشاء الطبع والميل إليها .
والتزيين من الشيطان بالوسوسة والخديعة ، وتحسين أخذها من غير وجوهها .
والشهوات جمع شهوة ، وفي الحديث : « حفّت الجنة بالمكاره وحفّت النار بالشهوات » أخرجه مسلم .
وفائدة هذا التمثيل : أن الجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره وبالصبر عليها ، وأن النار لا ينجى منها إلا بترك الشهوات وفطام النفس عنها .
وروى عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال : « طريق الجنة حزن بربوة ( مكان غليظ خشن ) ، وطريق النار سهل بسهوة ( الأرض اللينة ) » .
ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ . . .( 34 ) :
مثل يضرب لوراثة الخلق فالطيّب ذريته طيبة ، وكذلك الفاسد ذريته فاسدة ، فالذرية بعضها من ولد بعض ، كقوله تعالى :الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ( التوبة 67 ) ، والمراد بذلك التناسل ووراثة الجينات ، ومن يعمل صالحا يسجله عليه السائل النووي( D . N . A . )في الخلية ، ويورثه لنسله ، والحبل الجيني هو الحامل للموروثات ، فكما يكون الآباء يكون الأبناء ، وأما المستجد من الميول والرغبات والأعمال فتدفع إليه البيئة والتربية .
وفي دعاء زكريا :هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً( آل عمران 38 ) ، فلأنه طيب فقد طلب أن تكون ذريته طيبة على مثاله ، والذرية الطيبة هي الصالحة المباركة .إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ . . .( 91 )
مثل يضرب لمن ينشد النجاة فيريد لو يضحى بأغلى شئ عنده فلا يقبل منه .
والمثل أصلا عن الكافر يوم القيامة يتمنى لو يفتدى نفسه ولو بملء الأرض ذهبا .
مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ . . .( 117 ) :
المعنى أن مثل نفقة الكافرين في بطلانها وذهابها وعدم منفعتها كمثل زرع أصابه ريح باردة ، أو نار فأحرقته وأهلكته ، فلم ينفع أصحابه بشيء بعد ما كانوا يرجون فائدته ونفعه .
وظلمهم لأنفسهم بأن زرعوا في غير وقت الزراعة ، أو في غير موضعها .
لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا( 118 ) : المثل عن الأغيار ، فلن يتركوا الجهد في فسادكم ، فلا تصاحبوهم واحذروهم .
قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ . . .( 118 ) : ما في صدوهم أكبر مما يظهر من كلامهم .
وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ( 119 ) : مثل في الحنق ، والعضّ عبارة عن شدة الغيظ ، والأنامل أطراف الأصابع ، ومنه قول القائل :إذا رأوني أطال اللّه غيظهم * عضّوا من الغيظ أطراف الأباهيمقُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ . . .( 119 )
هو دعاء على اليهود ، بمعنى أدام اللّه غيظهم إلى أن يموتوا به .
ومثل ذلك قوله تعالى :مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ( الحج 15 ) ، يعنى مشيئة اللّه هي الغالبة ولتموتوا بغيظكم .
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ( 120 ) : اللفظ عام في كل ما يحسن ويسوء .وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . .( 126 ) :
يقال عند النصر ، والنصر هو نصر المؤمنين ، وأما نصر الكافرين فهو إملاء واستدراج .
هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ( 138 ) : قول بليغ يؤثّر ، ومن شأنه أن يلفت انتباه السامع أو القارئ إلى ما يليه أو يسبقه ، والبيان هو ما يتبيّن به الشيء من الدلالة والفصاحة وغيرهما ، وهو المنطق الفصيح المعبّر عمّا في الضمير ، ومنه قوله صلى اللّه عليه وسلم :
« إن من البيان لسحرا » والآية من جوامع الكلم ، وفيها خصوص وعموم ، فالخصوص : أن « هذا » يقصد بها القرآن ، وليس كل بيان هدى وموعظة ، إلا القرآن ففيه شفاء للناس وهداية للرشاد ، وموعظة وذكرى للمتّقين ، خصّهم بالذكر لأنهم المنتفعون به دون سائر الناس ؛ والعموم : أن كل قول فيه مثل هذه الصفات فهو بيان أثير .
وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( 139 ) : حكمة بالغة ، ومثل يرجى كلما ادلهمت الأمور ، وقاعدة للسلوك في الملمات ؛ والوهن هو الضعف والخور والجبن ؛ والحزن يكون عند الهزيمة ، والاندحار والإحباط ؛ والعلو الثقة في النفس وقوة الإيمان ؛ والمؤمن يتميز بقوة الجهاز النفسي المناعى ، وتماسك جبهته الداخلية ، وقوله :
« وأنتم » أي المؤمنون ، والهزيمة إذا لحقت بالمؤمن فهي هزيمة النفس قبل الجسم ؛ والأعلون أي في عافية دائما .
والآية نزلت يوم أحد ، وهي قاعدة كونية عامة ، وفي كل موقف كان بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وكان فيه واحد من الصحابة ، كان الظفر للمسلمين ، وهذه البلدان كلها إنما افتتحت على عهد أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ولم تفتتح بلدة بعد انقراض الصحابة على الوجه الذي كانوا به يفتتحون البلاد في زمنهم .
وفي الآية فضل الإسلام على أمة الإسلام ، لأنه تعالى خاطب المسلمين بما خاطب به أنبياءه ، فقال لموسى :إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى( 68 ) ( طه ) ، وقال لهذه الأمة :وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ( آل عمران 139 ) ، والأعلون من اسمه تعالى العليّ .
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ( 140 ) : مثل يضرب تخفيفا على المجاهدين ، والقرح هو الجرح ، بالضم والفتح ، فإن كانت الخسائر المادية في الحروب كثيرة ، فإن المكاسب المعنوية أكثر ، وكلما اشتدت الأزمات كلما قرب الفرج ، وما يصيب المؤمنين هو ابتلاء من اللّه ليعلم الصابرين ، وليتخذ منهم شهداء ، وليمحّص الذين آمنوا ويمحق الكافرين .
وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ( 140 ) : يضرب هذا المثل للحرب والشدائد ، تكون مرة نصرا وفرجا للمؤمنين ، ومرة تكون لهم خسارة وشدّة ، وهذا هو معنى المداولة ، وفي ذلك ابتلاء ليمحّص اللّه الذين آمنوا ، فإن صبروا وجاهدوا ولم يعصوا فإنهم الغالبون ، لأنهم حزب اللّه ، والناس جميعا يتداولهم الفرح ، والغمّ ، والصحة ، والسّقم ، والغنى والفقر ، والمداولة من الدولة هي الكرّة : فيوم لنا ويوم علينا * ويوم نساء ويوم نسرّ
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ( 142 ) :
المثل في صيغة الاستفهام على سبيل الإنكار ، والمقصود أنه لا ثواب بلا ابتلاء وتمحيص ، والشدائد والهزائم والمصائب والكروب متوقعة دائما ، والعاقبة فيها للصابرين ، وما من ليل إلا وله صبح ، وما من غمّ إلا يعقبه فرج ، ولا بد للشهد من إبر النحل .
وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ . . .( 159 ) : المثل في الرفق ؛ والفظ هو الجافي ؛ وغلظ القلب قسوته ؛ والانفضاض التفرقة .
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ( 160 ) : الناصر هو اللّه فعليه يتوكل المتوكلون ، فإن يعنهم ويمنعهم من عدوهم فلن يغلبوا ، وإن يخذلهم فلا ناصر من بعده .
إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً( 178 ) : المثل تجمله هذه الكلمات من الآية :وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ( 178 ) ، يعنى : لا يحسبن هؤلاء ما بهم من خير هو لمصلحتهم ، وإنما نمهلهم ليزداد فعلهم للمعاصي ، فالإملاء أو الإمهال في الحقيقة استدراج لهم .كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ . . .( 185 ) :
مثل في الموت ، وذائقة الموت من الذوق ، والموت لا بد أن يذوقه كل حىّ ، فلا محيص عنه لإنسان ، ولا محيد عنه لحيوان ،
والشاعر يقول : ومن لم يمت عبطة يمت هرما * للموت كأس والمرء ذائقها
والعبطة يعنى الموت في الشباب .
* * *
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 29 أكتوبر 2023 - 1:55 عدل 1 مرات
عبدالله المسافر يعجبه هذا الموضوع

الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
951 . الأمثال والحكم في سورة النساءإ
إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً( 40 ) تضرب الذرّة كمثل لأقل الأشياء شأنا ، ومع ذلك يستشهد بها اللّه تعالى ، يقول : إنه لا يظلم كثيرا ولا قليلا ، ولا يبخس الناس أجورهم ، ولا ينقصهم ثواب أعمالهم ولو وزن ذرة ، ومثل ذلك قوله :وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها( الأنبياء 47 ) ، قيل الذرة هي الخردلة ، وهي أدق الأشياء بالعين المجردة ، ومع ذلك فشأنها عظيم في حساب اللّه ،
وفي الحديث : « إن اللّه يعطى عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة » :إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً، قال ابن عباس وابن مسعود : هذه الآية إحدى الآيات التي هي خير مما طلعت عليه الشمس .
والتمثيل بها جعل الأقدمين يقولون إن الذرّة لا وزن لها ، ولذلك أطلق العرب على أصغر الأشياء وهو صغار النمل اسم الذرّ ، وقيل الذرة رأس النملة ، وسمّوا الصغار بالذرية ، وقال الإغريق الذرة أصغر شئ ولذلك لا تنجزئ ، وذهب إلى مثل ذلك المعتزلة ، ثم كان اكتشاف إمكان انجزائها ، وإمكان وزنها ، وأن الفروق بين العناصر في الوزن الذرى ،
وتكوّن الذّرات معا ما يسمى بالجزء ، والجزيئات تتخالف في القيمة بقدر تخالف الذرات المكونة في الثقل الفيزيائى والمعنوي ، وعلماء البيولوجيا اكتشفوا أن أصغر شئ في الخلية الإنسانية هي الحروف التي يتكون منها الحبل البيولوجي في السائل النووي( D . N . A . )، وأن هذا الحبل فيه من هذه الذرات أو الحروف ثلاثة بلايين حرف مكررة ، وأطلقوا على ذلك اسم هندسة الجينوم ، أي هندسة الذرّات في الخلية ، فالذرة إذن ليست شيئا ليس له حساب ، وإنما كما ذكرها في الآية لها ثقل ، وثقلها باختلاف العناصر المكونة لها والداخلة فيها .
واللّه تعالى يحاسب بها ، والآية بهذا التأويل يدخل فيها الحساب بين الخصوم ، وأنه تعالى لا يظلم مثقال ذرة للخصم على الخصم ، ويأخذ للمظلوم من الظالم :فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( 7 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ( 8 ) ( الزلزلة ) .
ويدخل فيها علم اللّه المحيط بكل ذرة :وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ( يونس 61 ) ، ومن ذلك نعلم أن الحديث الذي يقول : « الذرة لا وزن لها » موضوع .
وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا( 49 ) : الفتيل الخيط الذي في شق التمرة ، أو القشرة حول النواة ، أو ما يخرج بين الإصبعين أو الكفين من الوسخ إذا فتلتهما ، ومثله :وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً( النساء 124 ) ، والنقير هو النقطة في ظهر النواة ومنها تنبت النخلة . والمثلان يقالان بمعنى : لا يمنعون شيئا من حقوقهم .
رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً( 75 ) : هذا دعاء المستضعفين ، والقرية هي الدولة ، والظالم أهلها ، أي الطبقة الحاكمة فيها ، وهي الطبقة التي تملك ومن ثم تحكم ، وتصدر التشريعات وتنفذها ، وتراعى فيها مصالحها ، وتسطو على حقوق المستضعفين ، وتخلق طبقة من المطحونين والمضطهدين ، فمثل هذه الدولة يحق للناس فيها أن يخرجوا منها ويهجروها مراعاة لدينهم وحفظا لكرامتهم ، وصونا لأنفسهم من التلف .
أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ( 78 ) : الآية من مأثورات القرآن ، وترد على القدرية في الآجال ، وتعرّفهم أن الآجال متى انقضت فلا بد من مفارقة الروح للجسد ، سواء بالقتل أو الموت أو غير ذلك مما يجرى زهوقها به .
وعكس ذلك في فلسفة القانون الوضعي الجنائي ، بزعم أن المقتول لو لم يقتله القاتل لعاش ، والأجل أجلان :
أجل محتوم وهو أن الإنسان مخلوق مائت مقدور عليه الموت ، إن آجلا أو عاجلا ، وأجل طارئ ، يعنى أنه لأسباب طارئة فإنه مات مقتولا ، ومن ثم تكون مسؤولية القتل على القاتل ، أو مات منتحرا فتكون المسؤولية على المنتحر ، والآية تتحدث عن الأجل المحتوم .
ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ( 79 ) : الآية يرددها القدرية وغيرهم كالمثل ، واعتقادهم أن الحسنة فعل المحسن ، والسيئة فعل المسئ ، والمحسن هو اللّه ، والمسئ هو الإنسان .
غير أن المشكل أنه تعالى يقول :قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ( 78 ) ( النساء ) فأضاف اللّه تعالى الحسنة والسيئة إلى نفسه .
ومعنى مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بإذن اللّه ، كما قالوَ ما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ( آل عمران 166 ) ، وبهذا المعنى تكون الحسنة والسيئة بإذن اللّه ، أي بأسبابه ، فالأسباب الحسنة نتائجها حسنة ، والأسباب السيئة نتائجها سيئة ، وهذا هو قضاء اللّه وقدره ، ومن قضائه وقدره أن السوء ينزل بالسيئين :وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ( 11 ) ( الرعد ) .
وإرادته تعالى للسوء أن السوء ينزل بهم كلما فعلوا السوء . وكان قوم موسى يتشاءمون به ، ويقولون حلّ بنا السوء لأتباعنا لك :فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ( الأعراف 131 ) ، فردّ عليهم بقوله :أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ( الأعراف 131 ) ،
يعنى أن طائر البركة وطائر الشؤم من الخير والشر ، والنفع والضّر ، من اللّه تعالى ، فهو الذي يأذن بهذا وذاك ، وله فيهما القوانين ، والمسببات الحسنة تأتى بالحسنات ، والسيئة تأتى بالسيئات ، واللّه في الحالتين هو العامل ، والإنسان هو المسؤول .
إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ( 104 ) : المثل فيه تخفيف عن المؤمنين إذا اشتد المصاب عليهم في القتال ، فليسوا وحدهم الذين يألمون ، فأعداؤهم أيضا يألمون ، والفرق بين الاثنين أن المؤمنين يرجون ثواب اللّه وهم لا يرجونه ، لأن من لا يؤمن باللّه لا يرجو من اللّه شيئا .
ونظير هذه الآية إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ( آل عمران 140 ) ، وهو مثل آخر بنفس المعنى .
مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ( 123 ) : اللفظ عام ، والمعنى أن المؤمن والكافر مجاز بعمله السوء ، ومجازاة الكافر بالنار ، لأن كفره أوبقه ، ومجازاة المؤمن بنكبات الدنيا .
وما أصاب أيوب كان من سوء عمله ، وفي الحديث : « من يعمل سوءا يجز به في الدنيا أو في الآخرة » ، فليس يجمع عليه الجزاء في الموطنين .
والآية كما في الحديث : « مبايعة اللّه بما يصيب المؤمن من الحمى والنكبة والشوكة . . . إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر من الكير » .
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ( 128 ) : المثل مطلق ، ويقتضى أن الصلح الحقيقي هو الذي تسكن إليه النفوس ويزول به الخلاف ، وهو خير على الإطلاق ، فإن التمادي على الخلاف والشحناء والمباغضة هي قواعد الشر ،
وفي الحديث في البغضة : « إنها الحالقة » ، يعنى حالقة الدين لا حالقة الشعر .
وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ( 128 ) : المثل عن الشح وهو في الإنسان بحكم خلقته وجبلّته ، ويكون في الأموال كما يكون في الهمم والمعتقدات والإرادة :وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( 9 ) ( الحشر ) ،
وإذا تعدّى الشح إلى حيز منع الحقوق الشرعية أو التي تقتضيها المروءة فهو البخل ، وهو رذيلة ، وإذا آل البخل إلى هذه الأخلاق الذميمة والشيم اللئيمة ، لم يبق معه خير مرجو ، ولا صلاح مأمول .
* * *
952 . الأمثال والحكم في سورة المائدة
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا( 2 ) : البغض لقوم يجعل صاحبه يتعدّى الحق إلى الباطل ، والعدل إلى الظلم ، والآية تنهى عن ذلك ، وفي الحديث : « ولا تخن من خانك » ؛ وجرم بمعنى حمل على الشيء ؛ والشنآن البغض ؛ والآية تقال كمثل هكذا : ولا يجرمنكم شنآن قوم أن تعتدوا ، والمعنى لا يكسبنكم ولا يحملنكم بغض قوم أن تعتدوا .وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ( 2 ) : هذا أمر لجميع الخلق ليمتثلوه ويتعاونوا على البرّ والتقوى ، وأن يعين بعضهم بعضا ، وفي الحديث : « الدال على الخير كفاعله » ، وقيل : « الدالّ على الشرّ كصانعه » .
والبرّ والتقوى لفظان بمعنى واحد تكرر للتأكيد والمبالغة ، والبرّ يتناول الواجب والمندوب إليه ؛ والتقوى هي رعاية هذا الواجب ؛ وفي البرّ رضا الناس ؛ وفي التقوى رضا اللّه ورضا الناس ؛ والإثم هو الظلم ، وأبشع الظلم العدوان .
فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ( 24 ) : هذا مثل يقال في مناسبات كمناسبة رفض اليهود للقتال كطلب موسى منهم ، بدعوى أن نصرة ربّه له أحق من نصرتهم له ، طالما أنه رسوله ، فقتاله معه أولى من قتالهم معه .
يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ( 64 ) : هو قول على التمثيل ، كقوله تعالى :وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ( الإسراء 29 ) ، ويقال للبخيل « مغلول اليد » ، ونزل ذلك في اليهود لمّا نسبوا إلى اللّه البخل .
عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ( 95 ) : الآية عبارتان أو حكمتان أو قاعدتان سلوكيتان :عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَعبارة ، ووَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُعبارة أخرى ، وكلاهما تقال ضمن باب الحكم أو الأمثال ، والأصل أن ما سلف كان في الجاهلية ، وبعد ما علم الحق لم يعد موجب للقول أو للفعل ، فصارت العبارتان عامتين تقالان في مختلف المواقف المشابهة ، والملابسات المماثلة ، فلما كان الناس يجهلون غالبا ويصدرون عن جهل ، فالعفو عنهم أولى ، ودواء الجهل التعليم والتعلّم ، فإذا تعلم الجاهل ، وعرف عن الخير ومنصرفاته ، والشرّ وأدواته ، والصدق ومنافعه ، والكذب ومضاره ، والحق ورفعة الأخذ به ، والباطل وخسران أتباعه ، ثم مع ذلك فعل الشر ، والتزم الكذب ، وآثر الباطل ، فذلك شأنه إلى اللّه يحبط عمله ، وينتقم منه ، وفي القصاص حياة ،وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ.
قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ( 100 ) :
قيل : على ضرب المثال فإن الخبيث والطيب هو الحرام والحلال ، والعاصي والمطيع ، والردىء والجيد ، واللفظ عام في جميع الأمور : في المكاسب ، والناس ، والمعارف . . . إلخ .
وفي معناه الحديث عند ابن كثير : « ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى » ، والحديث عند البغوي : « قليل تؤدّى شكره خير من كثير لا تطيقه » .
لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ( 101 ) : تأديب ونهىّ عن السؤال عن أشياء لا فائدة من السؤال فيها والتنقيب بشأنها ، فربما إن ظهرت خباياها تسوء السائلين فيها ويشق عليهم سماعها ، وفي مثل ذلك - الحديث : « لا يبلغني أحد عن أحد شيئا .
إني أحبّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر » ومناسبة الآية عند البخاري عن أنس أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم خطب خطبة قال فيها : « لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا » ، فنزلت الآيةيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُواالآية، وظاهرها النهى عن السؤال عن الأشياء التي إذا علم بها الشخص ساءته ، فالأولى الإعراض عنها وتركها.
وفي الحديث : « أعظم المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسألته » .
وفي الصحيح قال : « ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم » ، وقال : « إن اللّه تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحدّ حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها » .
والسؤال المنهى عنه هو الذي تقع المساءة في جوابه ، وأن يكون التكثير من السؤال تنطعا وتكلّفا ، ومن باب الأغلوطات وتشقيق المولدات .
وفي أيام الرسول صلى اللّه عليه وسلم عند نزول هذه الآية كان يخاف أن ينزل بسبب السؤال تحريم ، وأما اليوم فللمسلم أن يسأل متفهما راغبا في العلم ونفى الجهل عن نفسه ، باحثا عن معنى يجب الوقوف عليه ، ولا بأس بالسؤال من هذا النوع ، فشفاء العى السؤال ، ومن يسأل متعنتا لا يسعى إلى التعلم والاستزادة من العلم ، فهو الذي لا يحلّ قليل سؤاله ولا كثيره .
وهذه الحكمة في النهى عن السؤال من النوع المتعنت أو المتنطّع ، تقابلها الحكمة الأخرى من قوله :قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ( 102 ) ( المائدة ) ،
وهي أيضا كالمثل يقال في مناسباته ، وهؤلاء قوم سألوا عن أشياء فلما أجيبوا إليها لم يعملوا بما استفادوا من الإجابة عليها ، فليس كل جواب يعطى للجاحد بمقنع له ، ولم يعرف عن المنكر إذا أفحمه الجواب أن يعمل بمقتضاه .
ومن الأمثلة الدارجة في ذلك قوله :فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ( 43 ) ( النحل ، والأنبياء 7 ) ، وأهل الذكر هم أهل العلم ، كلّ في مجاله ، والآية تحضّ على السؤال للتعلّم ، وفوق كل ذي علم عليم .
* * *
953 . الأمثال والحكم في سورة الأنعام
فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ( 35 ) : المثل لمن يريد أن ينفع الناس بأن يصنع لهم ما ينجيهم أو ينصرهم ولو بمعجزة .لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ( 67 ) : لكل خبر حقيقة ، ولكل شئ وقت يقع فيه من غير تقدم وتأخر ، ولكل عمل جزاء ، وهذا مثل في الوعيد .
كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ( 71 ) : المعنى : مثل عابد الصنم ، مثل من دعاه الشيطان فيتّبعه ، فيصبح وقد ألقاه في مضلّة ومهلكة ، فهو حائر ، له أصحاب يدعونه إلى الهدى فيأبى .
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ( 115 ) : يعنى لا رادّ لقضائه ولا خلف في وعده .
أَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ( 122 ) : المؤمن كان ميتا فلما آمن أحياه اللّه ، وكان موته بالجهل ، فأحياه بالعلم ؛ والكافر مثله مثل من هو في الظلمات .
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ( 125 ) : شرح أو انشراح الصدر أي أن يوفقه ، ويزيّن له ثوابه ، ويفقهه في الدين ، وينوّره ؛ وضيق الصدر نقيض انشراح الصدر ، والحرج موضع الشجر الملتف ، كأن قلب الكافر لا تصل إليه الحكمة كما لا تصل الراعية إلى الموضع الذي التف شجره ، وشبّهه في نفوره من الإيمان وثقله عليه بمنزله من تكلف ما لا يطيقه ، كما أن صعود السماء لا يطاق .
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ( 149 ) : كلّ قول لابن آدم ناقص ، وكل دعوى وحجة له يلزمها شئ لكمالها ، إلا اللّه عزّ وجل ، فقوله الكامل ، وحجّته على الناس هي أبلغ الحجج ، فإذا اعتذر أحدهم عن عجزه في الشرح أو بيانه للحق ، عذرناه لأن اللّه وحده له الحجة البالغة .
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها( 160 ) : الآية تعنى أن الجزاء يوافق العمل ، وفي الحديث : « الحسنة بعشر أمثالها وأزيد ، والسيئة واحدة وأغفر ، فالويل لمن غلبت آحاده أعشاره » ومن أمثاله تعالى مثل الحبّة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، وكذلك بعض الحسنات بسبعمائة ، وقيل : الحسنة بعشر لسائر الحسنات ، والسبعمائة للنفقة في سبيل اللّه .
وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى . . .( 164 ) : مثل أو حكم عام ، أو مبدأ قانوني وأخلاقي ، يقال لمن يريد أن يأخذ إنسانا بجريرة آخر ، والمعنى أنه لا أحد يتّهم عن أحد ، ولا نفس تؤخذ بدلا عن أخرى .
ويتكرر هذا الحكم عشر مرات في سورة الأنعام ، والإسراء ، وفاطر ، والزمر ، والنجم .
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ( 165 ) : مثل لتفاوت الناس في الدرجات ، وفي الخلق ، والرزق ، والقوة ، والبسطة ، والفضل ، والعلم ، والسلطان ، والولد ، والمال ، والاختبار ، فابتلى الموسر بالغنى وطلب منه الإحسان ، وابتلى المعسر بالفقر وطلب منه المثابرة ، وابتلى الجاهل بالجهل وطلب منه التعلّم ، والناس يبتلى بعضهم ببعض ، كما في قوله وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً( الفرقان 20 ) .
* * *
954 . الأمثال والحكم في سورة الأعراف
وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ . . .( 26 ) : الآية تضرب مثلا لمن يلتزم الشكلية فيقال الجوهر أولى بالرعاية ، وأصل الآية :يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ( الأعراف 26 ) ،أن اللباس ضرورة وفيه ستر للسوأة ، والسوأة هي العورة ، واللّه قضى بذلك وأنعم به ، ومن الإنعام ستر العورة ، وعن ذلك بالنسبة للمرأة الآية : قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ( الأحزاب 59 ) ؛
والريش ما ستر من لباس أو معيشة ؛ والرياش جمع ريش وهو ما كان من مال ولباس ؛ والتقوى خير لباس ، ولباس التقوى هو الحياء ، أو هو العمل الصالح ، أو اللباس المتواضع ،أو لباس الحرب الذي يتّقى به العدو ، والأصح أنه الخشية من اللّه ، شبّهها باللباس يستر صاحبه ، ويتّقى به غضبه تعالى ؛ وقيل لباس التقوى هو استشعار تقواه تعالى فيما أمر به ونهى عنه .وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ( 34 ) :
القرآن مع القول بأن التاريخ دورات حياة ، وأن الأمم في صعود وهبوط ، ولكل أمة أجل ، وأجل كل أمة مرة مع الصعود ، ومرة مع الهبوط ، والقاعدة في القرآن :وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ( آل عمران 140 ) ،
وكثير من علماء وجهابذة التاريخ قالوا بدورات الحياة للأمم ، وبأن الأمم آجال ، وأبرزهم توينبى ( 1889 - 1975 م ) ، وتوينبى بالقطع قرأ هذه العبارة في القرآن واستوقفته ، وخلص إليها كحقيقة ثابتة ، وكان منهجه في استخلاصها هو المنهج الاستقرائى ، وهو أحد مناهج التفكير التي يدعونا إليها القرآن كما قال :سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا( النمل 69 ) ، وكما قال :أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا( يوسف 109 ) ،
وساق توينبى واحدا وعشرين مثلا على ما ذهب إليه ، وعنده أن التاريخ يسير في دورات كبرى من الارتفاعات والانخفاضات ، وأنه محصّلة الحضارات المختلفة التي تمر بنفس المراحل ، من الميلاد إلى النمو ، فالتفكك والأفول والسقوط .
ومن رأيه أن الأمم عندما تنسى اللّه فإنها تسقط من التاريخ ، فإذا ذكرته ارتقت وقويت وسمت ، وعنده أن الدين قوة روحية لنجاة الأمم من الانحلال .
ونظرية القرآن أن للأمم آجالا ، وأنها تتفاوت ، وقد يطول أجلها إذا تمسكت بالإيمان ، وفي القرآن أن نوحا ظل في قومه 950 سنة ، وربما المعنى أن الديانة التي دعا إليها ظلت هذا العمر ، وبمثل هذا الحساب الزمنى قد تتفاوت الأمم في الآجال ، وحاول اليهود تحديد أجل أمة محمد بالحساب الأبجدى للحروف المقطّعة في بداية السور ، فقالوا : إنألمبداية سورة البقرة ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى وسبعون سنة ،
وهكذا تحسب كل الحروف المقطّعة فيكون مجموعها مدة ملك محمد وأجل أمته ، وذلك أشبه بقراءة الطوالع ، فاعتمادا على معرفة المدد يمكن استخراج أوقات الحوادث والفتن والملاحم ، فكأنهم حوّلوا الحقيقة الزمنية للحضارات والأمم إلى شئ يتكسّبون منه ، فمن قال منهم ذلك فقد ادّعى ما ليس له ، وطار في غير مطاره .
ويبقى الصحيح من ذلك كله : وهو أن الأمم آجال كما جاء في القرآن :فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ( 34 ) ( الأعراف ) ،
فالأمم تمرض وتشيخ وتموت كالأفراد ، وفي القرآن من الأمم البائدة : أقوام نوح ، ولوط ، وصالح ، وشعيب ، وثمود وعاد ، ومن الأمم التي لم تبد اليهود ، لأنهم ما يزالون يتمسكون بالتوراة ، وكذلك الأمة المسيحية ، وأمة الهندوس ، والأمة الصينية ، والأمة اليابانية ،
وجميعها أمم عاشت لأن لكل منها « كتابه » ، والقاعدة تسرى على أمة الإسلام ، فطالما تمسّك المسلمون بكتابهم فهم في حفظ وحياة .
فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ( 34 ) : هذا حكم عام ، والأجل الوقت المعلوم للموت ، ولا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةًلأن الساعة أقل أسماء الأوقات ، وقولهوَلا يَسْتَقْدِمُونَفيه أن المقتول إنما يقتل بأجله ، وأجل الموت هو وقت الموت ، كما أن أجل الدّين هو وقت حلوله ، وكل شئ وقّت به شئ فهو أجل له .
حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ . . .( 40 ) : المثل يضرب لاستحالة أمر ما ، وجاء في القول عن المكذّبين والمستكبرين أنهم غير مغفور لهم ، فإن كان الجمل يدخل في سمّ الخياط ، فكذلك هؤلاء يدخلون الجنة ، والأمران مستبعدان ، والجمل من الإبل ، وهو زوج الناقة ، والجمع جمال ، وفي قراءةالْجَمَلُوهو حبل السفينة الغليظ من القنب يستحيل أن يدخل في سمّ الخياط .
وقيل هو الحبل الذي يصعد به النخل ، وهو غليظ أيضا . وسمّ الخياط : ثقب الإبرة ، وكل ثقب لطيف هو سم ، وجمعه سموم ، وأما السّمّ القاتل فيجمع على سمام . والخياط ما يخاط به ، وهو مخيط أيضا .
وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً . . .( 58 ) : الآية مثل للقلوب ، فقلب يقبل الوعظ والذكرى ، وقلب فاسق ينبو عن ذلك ، ومثل للمؤمن والمنافق ، فالمؤمن يعمل محتسبا متطوعا ، والمنافق لا يحتسب ؛ والمعنى أن من بني آدم الطيب والخبيث ، والطيب لا ينجب إلا طيبين ، والخبيث لا ينجب إلا خبيثين .
وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ( 85 ) : البخس هو النقص ، ويكون في السلعة بالتعييب والتزهيد فيها ، ويكون في غير السلع بالمخادعة عن قيمتها ، والاحتيال في النقصان من قدرها ، وذلك منهى عنه في الأديان وفي الأخلاق ، ولا يفعله الناس إلا في الدول والجماعات المتخلّفة ، ويأتيه الطغاة دائما .
وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( 85 ) : يقال للمفسدين في أي مجال ، والمثل يعم دقيق الفساد وجليله .
وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ . . .( 86 ) : والقعود بكل الطرق إنما يكون للإفساد والحضّ عليه ، والنهى عن الخير ، والعامة تقول : لا تقعد لي في الساقطة واللاقطة . . .
أي في كل كلمة ، شأن من يتمنى لك الخطأ .وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ( 96 ) : هو مثل يضرب لمن يمتحن من المؤمنين بضيق العيش يكفّر به اللّه عن ذنوبهم ؛ والقرية هي المدينة ، سميت كذلك لاجتماع الناس فيها ، من قريت الماء إذا جمعته ، وبركات السماء هي المطر ، وبركات الأرض هي النبات والخصب والنماء ، كما قال لقوم لنوح :اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً ( 10 ) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً( 11 ) ( نوح ) ، وقوم هودثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً( هود 52 ) .
أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ ( 97 ) أَ وَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ( 98 ) : هذا مثل وحكمة بالغة في صيغة استفهام للإنكار ، والخطاب فيه لكل الناس والدول والأمم والشعوب ، فعذاب اللّه إذا أتى كان فجأة ، لا يعلمون أيكون في الليل وهم نائمون ، أو بالنهار وهم يلعبون ، ويقال لكل من يأتي ما يضرّه ولا يجدى عليه أنه لاعب :أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ( 99 ) ، ومكره تعالى استدراجه بالنعمة والصحة .
إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ( 131 ) هذا مثل يقال في أحوال الطيرة ، وكان قوم فرعون يتطيّرون من موسى ومن معه ، فكلما جاءهم خير نسبوه لأنفسهم ، فإذا جاءهم شر نسبوه لموسى ، فردّ اللّه تعالى عليهم بأن طائرهم - أي سعدهم وشقاءهم ، وخيرهم وشرّهم ، هو من عند اللّه وليس لموسى يد فيه ، وهو من ذنوب وليس بأمانى موسى .
والطيرة : هي زجر الطير ، كان يأتيه المتشائم ، فمن كان له نمط الشخصية المتشائمة مال إلى التطيّر ، والتفكير التطيّرى تفكير خرافي ، والشخصية التطيّرية تميل إلى الخرافة إذا كانت بسيطة ، والمجتمعات في بداياتها كانت متطيرة ، وكانوا يتيمّنون بالسانح ، وهو الطير يطير جهة اليمين ، ويتشاءمون بالبارح ، وهو الطير الذي يطير جهة الشمال .
وكانوا يتطيّرون بصوت الغراب ويتأوّلونه ، وكانوا يستدلون بمجاوبات الطيور بعضها بعضا على أمور ، وبأصواتها في غير أوقاتها ، وأكثر تطيّرهم كان بالطير لا بالحيوانات أو الأشياء أو الطقس ، فسمّوا الجميع تطيّرا من هذا الوجه .
وفي الحديث نهىّ عن ذلك : « أقروا الطير على وكناتها » أي في أعشاشها وأوكارها ولا تفزعوها لتتطيروا ، وقال صلى اللّه عليه وسلم : « الطيرة شرك » ، وقوله تعالى :إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِأي ما قدر لهم وعليهم ، وهو ما لحق قوم فرعون من القحط والشدائد بذنوبهم لا من عند موسى .
كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ . . .( 176 ) : يضرب هذا المثل لمن يحصّل العلم ولا يعمل به ، ويسمع بالدعوة ، ويكفر بها ، ويدعى إلى الآخرة فيخلد إلى الدنيا ولذّاتها ، ويلزمها ويتّبع الشيطان وما يزيّنه له ، فحاله كالكلب يلهث إن ضربته ، ويلهث إن لم تضربه، وكذلك الجاحد يظل على كفره ، دعوته أو لم تدعه ، وعلم أو لم يعلم.
وأهل الحكمة يقولون في الكلب : إنه لا نفس له ، فنفسه منقطع ، فيلهث في الكلال وفي الراحة ، وفي المرض وفي الصحة ، وفي الرىّ وفي العطش ، فكذلك الكافر ، إن وعظته ضلّ ، وإن تركته ضلّ :وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَ دَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ( 193 ) ( الأعراف ) .
والمثل عام في كل من استمع إلى القرآن وعرف عن الإسلام ولم يؤمن ، وفي كل من عرف آيات اللّه ولم يعمل بأوامرها ونواهيها ، ومن يقرأ الكتب ولا يسلك بمقتضى حكمتها ، فمثله كمثل الكلب ، وهو تمثيل ، لأنه يعنى أن هواه قد غلبه حتى ما عاد يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، كالكلب اللاهث أبدا حمل عليه أو لم يحمل عليه .
لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ( 179 ) : المثل يضرب لمن لا ينتفع بما أعطاه اللّه من نعمة العقل والإبصار والسمع والحواس عموما ، فلا يفقه قولا ، ولا يعقل ثوابا ، ولا ليخاف عقابا ، فهم كالأنعام ، همّتهم انصرفت إلى الأكل والشّرب ، فصاروا أضل ، لأن الأنعام تبصر منافعها ومضارها ، وتتبع مالكها ، فكأنما بفطرتها تعرف ربّها ولم تجحده ، وهؤلاء لم يعرفوا ربّهم ، وغفلوا عن الحق .
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ( 185 ) : قول يؤثر ويردّ به على من يستهين بما يقال ، ويستقله .
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ( 199 ) : هذه الآية من ثلاث كلمات ، تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات ، فأما قوله :خُذِ الْعَفْوَ فأمر بصلة من يقطعك ، والعفو عمن يأثم في حقك ، والرفق بالمؤمنين ، وأن لا تحمّل الناس إلا وسعهم ، وأن لا تكلفهم إلا ما كان في استطاعتهم ؛ وقوله :وَأْمُرْ بِالْعُرْفِفالعرف ما اصطلح الناس عليه في أمور الخير والبرّ والحق ؛
وقوله :وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ فالجهل ضده العلم ، فأن تعرض عن الجاهلين ، لأن ما يصدرون عنه هو عدم الدراية ، وقلة المعرفة ، ومن شأن الجهل أن يردى صاحبه في الظلم ، فيظلم الناس ويظلم نفسه ، والعاقل من تعلّم وعلّم ، والتعلق بالتعلّم من دأب أهل الحكمة ، وفي الإعراض عن الجاهلين إعراض عن أهل الظلم ، وتنزّه عن منازعة السفهاء والتنزل إلى مستوى الجهلة الأغبياء ، ولما سأل الرسول صلى اللّه عليه وسلم جبريل عن معنى هذه الآية ذهب فسأل ربّه وعاد إليه يقول : « إن اللّه تعالى يأمرك أن تعفو عمن ظلمك ، وتعطى من حرمك ، وتصل من قطعك » أخرجه الحاكم والبيهقي.
وفي الحديث عن أبي هريرة قال : « إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق » أخرجه البزار.
وفي الشعر : مكارم الأخلاق في ثلاثة * من كملت فيه فذلك الفتى
إعطاء من تحرمه ووصل من * تقطعه والعفو عمّن اعتدى
فهذه الآية هي أجمع آية لمكارم الأخلاق .
وكان الرسول صلى اللّه عليه وسلم يدعو لها ، وقال عن نفسه :
« بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » وفي الحديث : « أمرني ربّى بتسع : الإخلاص في السرّ والعلانية ، والعدل في الرضا والغضب ، والقصد في الغنى والفقر ، وأن أعفو عمن ظلمني ، وأصل من قطعني ، وأعطى من حرمنى ، وأن يكون نطقى ذكرا ، وصمتى فكرا ، ونظري عبرة » .
* * *
عبدالله المسافر يعجبه هذا الموضوع

الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
955 . أمثال وحكم في سورة الأنفال
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ( 55 ) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ( 56 ) : شبّه اللّه تعالى من ينقض العهد بالدابة ، بل إنهم من شرّ الدواب : لأنهم لا يؤمنون باللّه فليس لهم عهد ، ودائما ينقضونه ، وهؤلاء هم اليهود ، كانوا أيام الرسول صلى اللّه عليه وسلم من بني قريظة والنضير ، وهم اليهود عموما ، وخير مثال لذلك ما يوقعون مع الفلسطينين من مواثيق ينقضونها بسرعة . والدابة هي التي تدب على الأرض وما في حكمها . * * *
956 . أمثال وحكم في سورة التوبة
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ( 32 ) : ونور اللّه هو دينه ، فجعل الدين بمنزلة النور .وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ( 105 ) ( التوبة ) :وفي الحديث عن عائشة : « إذا أعجبك حسن عمل امرئ مسلم فقل . . الآية » ، يعنى العمل الطيب يرضى عنه اللّه ورسوله والمؤمنون ، والعمل السيئ لا يرضى أحدا ، وفي الحديث : « لو أن أحدكم يعمل في صخرة ليس لها باب ولا كوة ، لخرج عمله للناس كائنا ما كان » ، يعنى مصير كل عمل وإن خفى أن يظهر وينكشف ويعلم به .
ويوم القيامة تعرض الأعمال على اللّه تعالى ورسوله ، والمؤمنون الموتى يعلمون بها في الدنيا ، وفي الحديث : « إن أعمالكم تعرض على أقاربكم من الأموات ، فإن خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا : اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا » .
* * *
957 . أمثال وحكم في سورة يونس
وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ( 11 ) : المثل يقال لمن يتعجّل الشر كاستعجاله للخير ، فلا يستجاب له ، فلو عجّل اللّه للناس العقوبة كما يستعجلونه الثواب ، لأهلكهم وعجّل لهم قضاء آجالهم ليتعجّل لهم عذاب الآخرة ؛ والآية نزلت في الرجل يدعو على نفسه أو على ولده ، فلو استجيب له كما يستجاب للناس الخير ، لهلك .إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ . . .( 24 ) :
الآية لتشبيه وتمثيل صفة الحياة الدنيا في فنائها وزوالها بالماء - أي مثل الماء يختلط بالأرض فيحيى الزروع ، وتعمّ الخضرة ، وتتزين الدنيا ، ويغتر الناس ، فيفعلون المعاصي ويكفرون ، فيأتيها عذاب اللّه ، ويهلك كل شئ ويستأصل ، وكأنه ما كان ، وكأنها لم تكن عامرة بالأمس .
وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ( 82 ) :
مثل يعنى أن الحق مآله للنصرة ، ومعنى « يحقّ » يبيّنه ويوضّحه ؛ و « بكلماته » أي بكلامه وحججه وبراهينه ، وبعدالته بالنصر ؛ و « المجرمون » هم الظلمة أعداء الحق .
والمثل يقال فقط : « ويحق اللّه الحق بكلماته » .
* * *
958 . الأمثال والحكم في سورة هود
وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ( 77 ) : وفي الآية من الأقوال البليغة كالأمثال : « ضاق بهم ذرعا » ، و « هذا يوم عصيب » وفي الآية أنه ضاق صدره بمجيئهم وكرهه ، ويقولون : ضاق وسعه ، وأصل ذلك أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوه ، فإذا حمّل على أكثر من طوقه ضاق عن ذلك وضعف ومدّ عنقه ، فضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع .وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ( 93 ) : والمكانة هي الطريقة ، والمعنى اثبتوا على ما أنتم عليه ، فأنا ثابت على ما أنا عليه . وهذه الآية تكررت في الأنعام ( 135 ) ؛
فإن قيل : كيف يجوز أن يؤمروا بالثبات على ما هم عليه وهم كفّار، فالجواب أن هذا تهديد، كقوله تعالى :فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً(التوبة 82).
ومن الأقوال البليغة كالأمثال :« اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون » ، « وارتقبوا إني معكم رقيب » .
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ( 98 ) : المثل في الآية قوله : « وبئس الورد المورود » ، ومعنى الورد المورود المدخل المدخول ، وأوردهم أي أدخلهم ، يقال عن النار : بئس الورد المورود ، يعنى بئس المكان الذي ينتهى إليه الكفار مستقرا ومقاما ، وهو مورود لأنهم جميعا يردونه حتما ، ومثل ذلك قوله تعالى :بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ( 99 ) ( هود ) ، والرّفد هو الجزاء ، ويقال رفدته أي أعنته وأعطيته ، والمعنى بئس ما يجزى به الكافرون في النار من أنواع الجزاء .
إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ . . .( 114 ) : اللفظ عام في الحسنات والسيئات ، والحسنة تكفّر السيئة .
* * *
959 . الأمثال والحكم في سورة يوسف
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ( 18 ) : كقوله تعالى :فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا( 5 ) ( المعارج ) ، والصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه ولا شكوى لغير اللّه ، فيكون صاحب المصيبة في القوم فلا تدرى من يكون من شدّة صبره على ما أصابه .قَدْ شَغَفَها حُبًّا . . .( 30 ) : والشغف باطن القلب ، وشغفها حبا غلبها ودخل حبه في شغافها ، والمثل يقال بمعنى ذهب بها كل مذهب .قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ( 44 ) ( يوسف ) : وأضغاث الأحلام هي الأحلام المختلطة ، والضغث هو المختلط من البقل أو الحشيش أو غير ذلك .
الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ( 51 ) : يعنى تبين وظهر الحق ، وأصله حصص ثم قيل حصحص ، والحصّ هو استئصال الشيء ، وكأنه أراد أن يقول : بانت حصة الحق من حصة الباطل .
وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ( 67 ) : هو كقولنا : لا ينفع الحذر مع القدر .إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ . . .( 67 ) :
هو تسليم للّه بالحكم لا يشاركه أحد ، ولا يمانعه شئ .وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ( 76 ) : حكمة غالية ، ومثل جامع ، فليس عالم إلا فوقه عالم ، حتى ينتهى إلى اللّه عز وجلّ ، وهو تعالى العليم فوق كل عالم ، وإليه ينتهى العلم ، ومنه بدئ ، وإليه يعود .
لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ( 87 ) : والمعنى : « لا تيأسوا من روح اللّه » ، أي من فرج اللّه ؛ واليأس أشد من القنوط ، واليأس من الكبائر .
* * *
960 . لأمثال والحكم في سورة الرعد
وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ . . .( 4 ) ( الرعد ) : المراد بهذه الآية المثل ، ضربه اللّه تعالى لبنى آدم ، أصلهم واحد ، رهم مختلفون في الخير والشر ، والإيمان والكفر ، كاختلاف الثمار التي تسقى بماء واحد ، ومنه قول الشاعر :الناس كالنبت ، والنبت ألوان * منها شجر الصندل والكافور والبانومنها شجر ينضح طول الدهر قطرانوَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنَّا تُراباً أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ( 5 ) : قول في التعجب استنكارا ، يعنى إن تعجب يا محمد من إنكارهم لك ، فأعجب منه تكذيبهم بالبعث .إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ . . .( 11 ) ( الرعد ) : هذه قضية دينية ، وأخلاقية ، وسياسية ، واجتماعية ، واقتصادية : أن اللّه لا يغيّر ما بقوم حتى يقع منهم التغيير لأنفسهم .
ومثل ذلك قوله تعالى :ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ( الأنفال 53 ) ، يعنى أنه ينتزع منهم النعمة لأنهم غيّروا وبدّلوا .
والآية معجزة علمية في مجال علم التمدّن للمجتمعات .إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ . . .( 14 ) : يضرب لمن يسعى فيما لا يدركه مثلا بالقابض على الماء بيده يريد أن يبلغ به فاه فلا يبلغه ، ومثله كالظمآن على شفّة بئر ، فلا هو يبلغ بيده قعر البئر ، ولا الماء يرتفع إليه .
أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ( 17 ) : هذا مثل ضربه اللّه للحق والباطل ، والإيمان والكفر ، والعدل والظلم ، والخير والشر ، فمثل الحق في ثباته ، والباطل في اضمحلاله ، مثل الماء الذي ينزل مطرا ويكون سبيلا تمتلئ به الأودية ، ويحمل السيل زبدا عاليا ، فالحقّ هو الماء الباقي الذي يمكث في الأرض ، والزبد هو الذي ينقشع ويتلاشى مما لا ينتفع به وهو الباطل .
والمثل الآخر : هو الزبد الآخر الذي يكون على المنصهر من مختلف المعادن كالذهب والفضة والنحاس ، مما يسبك في النار لتصنع منه زينة أو أدوات ينتفع بها ، كالأوانى ، فهذا الزبد - زبد المعادن - يشبه زبد السيل ، لا ينتفع به مثله ، ولذلك يتخلّص منه ويلقى به ، فكذلك الحق والباطل ، فالحقّ ثابت والباطل إلى زوال .
فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ( 17 ) : والزبد هو الغثاء الذي يحمله السيل ، وجفاء : يعنى يضمحل ويتلاشى ، لأنه لا منفعة فيه ، فلا بقاء له ، يقال جفا الماء بالزبد : إذا قذفه ورمى به .
والمثل يعنى أن ما ينفع الناس هو الذي له الدوام والبقاء ، وما لا نفع فيه ينسى ويضمحل وينتهى أمره.
أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى( 19 ) : هذا مثل ضربه اللّه للمؤمن والكافر .
والمراد بالعمى عمى القلب ، والجاهل بالدين أعمى القلب ، وكذلك المنكر للقرآن وأنه نزل على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم من اللّه تعالى .
عُقْبَى الدَّارِ( 24 ) العقبى آخر كل شئ ، والعقبى هي الآخرة ، وعقبى الدار هي عاقبة الآخرة ، وقد تكون الجنة ، وقد تكون النار ، وإنما الجنة للمتّقين ، والنار للمزدرين المنكرين ، والعقبى للمتقين من أعقب يعنى جازى بالخير ، ومن عاقب أي جازى بالشّر .
وفي الآية مثل الآخرة بالدار التي فيها الإقامة ، وجعلها عاقبة أي تتمة المطاف .أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ( 28 ) : الذكر باللسان ، والاطمئنان محله القلب ، والقلوب تطمئن بذكر فضله تعالى وإنعامه ، كما توجل بذكر عدله وانتقامه وقضائه، ويذكرونه بتأمل آياته فيعرفون كمال قدرته عن بصيرة .
وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ( 31 ) :.
المثل يقال عن كل ظالم أو جاحد ، فما زالت تصيبهم الدواهي المهلكة من العذاب والبلاء لسوء عملهم ، تفجئهم بعتوهم ، وتنزل بساحتهم بالقرب منهم مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها . . .( 35 ) :
مثل الجنة التي وعد المتقون كمثل ما يعرفه أهل الأرض عن الجنان ، فإن بها أنهارا وأكل ، ولها ظل ولكنه دائم وليس كالظلال في الأرض .
لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ( 38 ) ( الرعد ) : المثل كقوله :لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ( الأنعام 67 ) ، والمعنى لكل أمر مقدّر وقت معلوم .
وقيل : إن خاتم موسى في إصبعه كان مكتوبا عليه :لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ( 38 ) ، تذكيرا له ووعظا .
* * *
عبدالله المسافر يعجبه هذا الموضوع

» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 961 الى 980 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» الحكم العطائيّة الصغرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائيّة الكبرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائية من 21 الى 30 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 01 الى 10 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» المقدمة لكتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2313 إلى 2413 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2351 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2312 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2265 إلى 2281 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2249 إلى 2264 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2211 إلى 2248 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات أولا الإسلام السياسي من 2168 إلى 2210 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر الثالث عشر الحجّ والعمرة من 2084 إلى 2167 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب ثانيا الطعام والشراب من 2049 إلى 2083 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب أولا الصيام والفطر من 2002 إلى 2048 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات الحادي عشر الذكر والتسبيح والدعاء من 1961 إلى 2001 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات عاشرا السجود والمساجد والقبلة من 1921 إلى 1960 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات تاسعا صلاة الجمعة من 1903 إلى 1920 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات ثامنا الصلاة من 1826 إلى 1902 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات أولا الوضوء والاغتسال من 1794 إلى 1825 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني "53" المجلس الثالث والخمسون من عبد الله بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سابعا العدّة من 1782 إلى 1793 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سادسا الطلاق من 1744 إلى 1781 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي خامسا الأسرة من 1739 إلى 1743 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي رابعا الأولاد من 1734 إلى 1738 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثالثا الحمل والولادة والرضاع والفطام والحضانة من 1722 إلى 1733 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1681 إلى 1721 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1651 إلى 1680 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1623 إلى 1650 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي أولا المرأة في الإسلام من 1598 إلى 1622 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام والحرب من 1547 إلى 1597 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام و الحرب من 1519 إلى 1546 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1505 إلى 1518 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1480 إلى 1504 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن والفنون والصنائع والآداب والأخلاق من 1462 إلى 1479 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1436 إلى 1461 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1419 إلى 1435 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1312 إلى 1342 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1179 إلى 1311 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1146 إلى 1278 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1121 إلى 1245 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1126 إلى 1129 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1076 إلى 1125 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1059 إلى 1075 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1045 إلى 1058 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1035 إلى 1044 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1026 إلى 1034 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1018 إلى 1025 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1013 إلى 1014 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 961 الى 980 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 941 الى 947 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 911 الى 940 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 697 الى 720 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 681 الى 696 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 661 الى 680 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 641 الى 660 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 591 الى 600 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 582 الى 590 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 561 الى 581 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 541 الى 560 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 527 الى 540 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 421 الى 430 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 408 الى 420 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 381 الى 407 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 361 الى 380 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 341 الى 360 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 321 الى 340 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 299 الى 320 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 281 الى 298 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 261 الى 280 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني