اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

اذهب الى الأسفل

24102023

مُساهمة 

الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Empty الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني




الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

موسوعة القرآن العظيم ج 1  د. عبد المنعم الحفني

851 . موسى أوذى من قومه فبرّأه اللّه

في التوراة اليهودية أن موسى تزوّج امرأة حبشية ، وأغضب ذلك قومه ، وتكلم فيه أخوه هارون وأخته مريم ، وفكّرا في استحداث انقلاب ضده ، فليس هو وحده يكلّمه الربّ ، وكلّمهما الربّ كما كلّم موسى ( العدد 12 / 1 ) ،
وقال لهما إن ما يظنانه الربّ هو شبه الربّ ، يعنى الربّ في صورة يمكن أن يقبلاها كبشر ، وقال إنهما - أو أي من الأنبياء - يخيّل إليهم أنهم يرون الربّ ، أو يسمعونه ، وما يرونه ليس إلا رؤيا وحلم ، فليس للربّ فمّ يكلّم الناس به ، ولا له هيئة يتعيّن بها . وأبدى الربّ غضبه على هارون ومريم لأنهما ألّبا القوم ضد موسى ، وكانت لمريم اليد الطولى في استثارة الشعب فأصابها الربّ بالبرص ، وعرف أنهما من المغضوب عليهم ، وأسرعا إلى موسى ، فصرخ إلى الربّ يدعو لها بالشفاء ، واحتجزها خارج المحلة سبعة أيام كنوع من الحجر الصحي ( العدد 12 / 15 ) ،
فذلك ما حاول قوم موسى أن يؤذوه في الآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً( 69 ) ( الأحزاب ) ،
واللّه تعالى برّأه من أن يكون زواجه بالحبشية محرّما ، ومعنى « وجيها » في الآية أنه عظيم وأعظم من أن يجرّم . وما أصاب مريم من البرص أرجعه قومه لأسباب عائلية تخصّ موسى وإخوته ، وقالوا إن موسى نفسه مصاب بالبرص ، وأنه آدر ، أي منتفخ الخصية ، وأنه لذلك لا يستحم معهم ولا يريهم جسمه ، فلما اغتسل يوما وأطار الهواء ملابسه عدا عريانا خلفها ، فرآه قومه لا برص به ، ولا انتفاخ خصية ، فهذا هو ما برّأه اللّه منهما .
وأيضا، فإن موسى لما جاع شعبه وطلب اللحم، اشتكى إلى ربّه، وتشكك أن يجاب إلى طلبه، حتى قال له ربّه: أيد الربّ تقصر»؟
فكان أن رزقهم السلوى ، فاجتمعوا عليها يأكلونها بشهية ، ولم يشكروا اللّه ، ولم يستغفروه عمّا قالوا لموسى عن ربّه ، فعاقبهم وجعل موتهم من شهيتهم ، فكل من طعم دون أن يستأذن موسى مات ، فكان الموتى بالآلاف ، ودفنوا في قبور سميت « قبور الشهوة » ، فذلك تبرئة اللّه لموسى .
وأيضا ، فإن قوم موسى وهارون ثاروا عليهما لمّا لم يجدوا ماء يشربون ويسقون بهائمهم ، فأمرهما الربّ أن يكلّما الصخرة فيخرج منها الماء ، ولكنهما بدلا من أن يكلّماها ؛ تناول موسى عصاه وضرب الصخرة بها مرتين ، فانفلقت وخرج الماء ، ولكن اللّه غضب منهما لأنهما لم ينفّذا ما أمرهما به ، فقضى عليهما بأن لا يدخلا الأرض التي وعد قومه بها ، وسمّى ماء هذا النبع لذلك « ماء الخصومة » ، لأن الربّ خاصم موسى وهارون ، ولأن موسى خاصم هارون الذي أشار عليه أن يضرب الصخرة بالعصا بدلا من أن يأمرها .
وأيضا ، فلمّا طلب منهما اللّه أن يصعدا إلى جبل هود مع اليعازار بن هارون ليرسّم اليعازار بدلا من أبيه كاهنا أكبر على الشعب ، امتثل الثلاثة للأمر ، ولكن هارون توفى فوق الجبل ودفنه موسى وابنه ، وعادا فاتّهمهما الشعب بأنهما قتلا هارون ! وبكوا هارون ، وظل حزنهما عليه إلى أن برّأه اللّه من قتله ، وأوعز إليهم أن موسى لم يقتله كما ظنوا ، فتلك هي تبرئة موسى .
وأيضا ، فإن قوم موسى دسّوا عليه امرأة تدّعى عليه الفجور ، ووصف ذلك القرآن فقال :وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ( الصف 5 ) .
ومن أذاهم له قولهم :اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ( الأعراف 138 ) ، وقولهم :فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا( المائدة 24 ) .

  * * *

852 . قصة مريم أخت موسى في القرآن والتوراة

قصة مريم أخت موسى في التوراة بخلافها في القرآن ، واسمها في التوراة مريم ابنة عمران ، فالتبست عند المستشرقين بمريم أم المسيح حيث ورد في القرآن عن أم المسيح قوله تعالى :وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها( التحريم 12 ) ، 
وعن أخت موسى قوله :وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ( القصص 11 ) ،
وقوله :إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ( طه 40 ) ،
فلم يورد القرآن لها اسما ، وأمرتها أمها أن تتبع أثر موسى بعد أن ألقته في اليم ، فكانت تنظره عن بعد . فلما عثروا على موسى بين البوص أخذوه ، فكان يبكى من الجوع ، فأتوا له بالمراضع فلم يرض بواحدة منهن ، فتقدمت أخته تدلهم عن من يكفله لهم ، وأنكرت أنها تعرف أهله ، وأنهم سيفرحهم أن يعملوا ما يسرّ ابنة الفرعون ، وقيل إنها أعطت ثدييها لموسى فرضع منهما ، ولكنها قالت ثديىّ ليس بهما لبن فأنا لم أتزوج ، ولكن أمي ترضعه لأنها ما تزال ترضع أخي هارون ، وعمره الآن سنة أو نحوها ، وأحضرت أمها ، ورضى موسى أن يرضع منها .
وقصة التوراة لا تخالف قصة القرآن في أمر مريم ، وإنما في التفاصيل الأخرى حول موسى ( الخروج 2 / 4 - 10 ) .
ولم تقتصر مريم على قصّ أثر موسى والتعريف بأمه ، فكانت من « المؤسّسات للديانة الجديدة » ، وبعد عبور البحر رنّمت « ترنيمة موسى » الشهيرة ، والتوراة تسميها « نبيّة » ( الخروج 15 / 20 ) ، وكان النساء يرقصن على الدفوف وهي ترنّم ، تقول : « سبحوا الربّ لأنه قد تعظّم بالمجد .

الفرس وراكبه طرحهما في البحر » . ولمّا تزوج موسى المرأة الحبشية ، تكلمت مريم وهارون في موسى ، وانتقدت عليه ، وقالت إن الربّ لم يكلم موسى وحده بل كلّمنا معه !
وغضب الربّ على مريم وهارون لأنهما تكلّما في موسى ، وأصاب مريم بالبرص فصار جلدها كالثلج الأبيض ، وبكاها هارون فقد كانت كأنما هي ميت ملفوف في الأكفان البيضاء ، وقد تهرّأ نصف جسدها ، ودعا لها موسى أن يشفيها اللّه ، فحكم عليها الربّ أن تحجز خارج البلدة لسبعة أيام فتشفى ( العدد 1 / 15 ) ، وصحبتهم مريم بعد ذلك حتى قادش ، وهناك توفيت ودفنت ، وانتهت قصتها .

  * * *   
قصة موسى والخضر

853  . سفر موسى إلى شعيب هجرة ، وإلى الخضر تكليف

تتضمن الآيات من ( 60 إلى 82 ) من سورة الكهف قصة موسى مع الخضر ، ويسميه القرآن عبد اللّه ، قال :فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا( الكهف 65 ) ، والقصة عن موسى وفتاه يشوع وقد جاءا يتلقيان عليه ، وسافرا لذلك إليه ،
وقيل : كان سفر موسى إلى مدين سفر هجرة ، وسقى لبنتىّ شعيب ولم يطلب أجرا ، لأنه وكل إلى العون والنصرة بالفوت ؛
وفي سفره إلى الخضر كان مكلّفا ، وسفره سفر تأديب ، ووكل إلى تكلّف المشقة ، ولذلك أعان في إقامة الحائط وطلب الأجر ؛ وسقى في قرية مدين ولم يسأل قوتا ، مع أنه كان أحوج للقوت مما كان مع الخضر ، فقد كان في سفر ،
ولذا قال لفتاه :آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً( 62 ) ( الكهف ) ،
وقال فيه ربّه تعالى :حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما( الكهف 77 ) ،
فالضيافة كانت عند مدين ، ولم تكن عند أهل قرية الخضر ، فمع الهجرة تكون النصرة ، ومع التكليف تكون المشقة والتأديب .

  * * *

854 . آيات موسى مع الخضر حجّة على موسى

لمّا أنكر موسى أمر خرق السفينة :قالَ أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً( 71 ) ( الكهف ) ، قيل ردّا عليه : وأين كان تدبيره هذا وهو ( أي موسى ) في التابوت مطروحا في اليم ؟ !
- ولمّا أنكر أمر قتل الغلام :قالَ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً( 74 ) ( الكهف ) ،
فلما قال ذلك قيل : وأين كان إنكاره هذا من وكزه القبطي وقضائه عليه ؟ ! - ولمّا أنكر إقامة الجدار :قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً( 77 ) ( الكهف ) ،
فلما قال ذلك قيل : وأين هذا من رفعه حجر البئر لبنات شعيب دون أجر ؟ ! - فقيل : إن حجج موسى متهافتة ، ومتعارضة مع سابق أفعاله ، فقد أتى أفعالا كأفعال الخضر ، فلم احتجاجه على الخضر إذن ؟ !

  * * *

855 . معنى اسم الخضر

الخضر هو العبد الصالح في قوله تعالى :فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً( 65 ) ( الكهف ) ، وكان موسى وفتاه قد اقتفيا أثر حوتهما ، وكان مكان لقائه الموعود بالخضر هو مجمع البحرين ، قيل وهو قول الظن : فلما بلغاه وجدا الخضر على طنفسة خضراء على وجه الماء ، مسجى بثوبه . 
قيل اسمه الخضرThe Green Man لأنه كان كأنه لم يهرم مع أنه معمّر ، فعوده أخضر دائما ، واللون الأخضر هو أجمل وأنقى الألوان ، ويوافق البصر ، لأن الأبيض يبدّد النظر ويؤلم العين ، والأسود مذموم مكروه ، والأخضر بين الأبيض والأسود ، ويجمع إليه الشعاع .
وقيل : إن الخضر شرب من « عين الحياة » ، هذا النبع الصافي الذي يبقى من يشرب منه شابا للأبد ، ويعيد للشيوخ شبابهم ، ومعنى أنه سيظل أخضر أنه لن ييبس ، أي لن يشيخ .
وقيل هو « عبد صالح » وليس بنبىّ ، يريد المفسرون بذلك أن ينفوا عنه النبوّة ، ويخصّوه بالولاية ، فتكون الولاية أفضل من النبوّة ، لأن موسى جاءه يتعلم ولم يصمد كتلميذ ، وقال اللّه تعالى في موسى :وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي( 39 ) ( طه ) ، بينما قال في الخضر :آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً( 65 ) ( الكهف ) ،
فخصّ موسى بالمحبة ، وخصّ الخضر بالرحمة ، لأن من القصص فيه قد يبدو أنه قاس غليظ القلب ، إلا أن ذلك هو الظاهر منه ، فأما الباطن فهو الرحمة الخالصة ، وأما العلم فهو علم خاص ليس كعلومنا ، جاءه من لدنّ اللّه - أي من عنده مباشرة - ويسمى لذلك « العلم اللدنيّ » ،
قيل : هو علم الغيب ، وليس من نبىّ ولا ولى إلا ويعلم الخضر الغيب عنه ، يأذن له به اللّه . ولو قارنا بين علم الخضر وعلم موسى ، فإن علم الخضر هو « علم الباطن » ، وعلم موسى هو « علم الأحكام » .
والذي يعلم البواطن هو العالم بما سيجرى في المستقبل ، فيكون على ذلك من « أهل المستقبل » ، وعلمه هو « علم المستقبل » ، يعنى أن له طول العمر ليشهد المستقبل ، وأما علم الأحكام فهو « علم الحاضر » ، والعالم به يكفيه أن يعيش الحاضر ، ومن أجل ذلك سمى الخضر باسمه هذا : 
الخضر ، لأنه حىّ دائما بإذن اللّه .
  * * *
856 . الخضر ليس اليسع
يقال ذلك ولا شئ يؤكده ، وقيل اليسع هو إلياس ، وليس كذلك لأن اللّه تعالى أفرد كل واحد بالذكر فقال :وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 85 ) وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ( 86 ) ( الأنعام ) .
  * * *

857 . هل الخضر نبىّ معمّر ؟

قيل وهو قول الظن : الخضر نبىّ معمّر محجوب عن الأبصار . وقيل : الخضر يلتقى النبىّ إلياس كل عام ما داما حيين على الأرض . ولا يوجد نصّ على أن الخضر لم يمت ، وليس الخضر إلا بشرا من بشر ، أوتى كرامات وكلّف بمهام ، واللّه تعالى يقول :نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ( 60 ) ( الواقعة ) ،
ويقول :إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ( 30 ) ( الزمر ) ، ولو كان الخضر حيا يرزق في الدنيا لأورد ذلك القرآن ، وإنما الخضر مات كما مات موسى والآخرون .

وقيل : إن الخضر حضر وفاة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فلما سجى بثوب هتف هاتف من ناحية البيت ، يسمعون صوته ولا يرون شخصه ، قيل هو الخضر ، قال : السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته .
السلام عليكم أهل البيت :كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ( آل عمران 185 ) الآية : إنّ في اللّه خلفا من كل هالك ، وعوضا من كل تالف ، وعزاء من كل مصيبة ، فباللّه فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب » .
وقيل : إن الخضر صار معمّرا لأنه وجد عين الحياة وشرب منها ، فهو حىّ إلى أن يخرج الدجّال .
وقيل : بل الخضر مات قبل انقضاء مائة سنة من قوله صلى اللّه عليه وسلم : « إلى رأس مائة عام لا يبقى على هذه الأرض ممن هو عليها أحد » ، وكل ذلك من الميثولوجيا الدينية ، أي الخرافات والإسرائيليات ، فاحذره يا أخي ويا أختي !

  * * *

858 . لو أن موسى صبر على الخضر

في صحيح مسلم ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : « رحمة اللّه علينا وعلى موسى ، لولا أنه عجّل لرأى العجب ، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة ، ولا صبر لرأى العجب » ، يريد لمّا لام موسى الخضر ثلاث مرات ، ولو كان قد صبر لشاهد وتعلّم أكثر .
وفي البخاري عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال : « يرحم اللّه موسى ، لو وددنا أنه صبر حتى يقصّ علينا من أمرهما » . والذّمامة يعنى المذمة وهي العار .

  * * *

859 . من حكم الخضر

مما قيل : أن الخضر لمّا ذهب يفارق موسى ، قال له موسى : أوصني ! قال : كن بسّاما ولا تكن ضحّاكا ، ودع اللجاجة ، ولا تمش في غير حاجة ، ولا تعب على الخطّائين خطاياهم ، وابك على خطيئتك يا ابن عمران .
وطبعا هذه تآليف ، ولم يقلها الخضر وإلا فما هي مصادرها ؟ !
  * * *

860 . قصة السبعين الذين اختارهم موسى

القصة في التوراة وفي القرآن ففي القرآن قال تعالى :وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ( 155 ) ( الأعراف ) ،
وفي التوراة أن « الميقات » هو الموعد الذي ضربه اللّه تعالى لموسى ليلقاه وبني إسرائيل بعد حادث العجل وتكسير الألواح ، وخرج موسى ليلقى ربّه ويعتذر إليه عن حادث العجل ،
واصطحب المتسبب فيه : هارون ، ومعهم ابناه ليساندا أباهما ، غير أنهم لمّا انتهوا إلى الجبل مات هارون ، فقد كان ضعيفا ويشكو رهقا بالقلب فلم يحتمل صعود الجبل ، فقيل إن موسى قتله بمساعدة ولدىّ هارون ، ليتخلّص منه وقد صار يتسبب له في المشاكل مع بني إسرائيل ، وكانوا يحبونه عن موسى ويؤثرونه عليه ؛
وقيل :
إن موسى أزاحه بالقتل لينصّب ولدىّ هارون مكانه ، فيكسب الولدان المنصب ويكونان من رجال موسى . ودافع موسى عن نفسه ، فكيف يقتل هارون وولداه معه ؟ !
وأصر بنو إسرائيل على اتهام موسى ، وقالوا إن موت هارون دون مرض وبلا سبب ، وبدون أن يروا له جثة ويشاركوا في الدفن ، إنما لأن موسى نقم عليه على لينه وحسده على خلقه وعلى محبة الشعب له دون موسى .
وطلب موسى منهم أن يختاروا من كل سبط عددا ليروا الدليل على براءته ، وكوّن منهم وفدا من سبعين ، وهذا الرقم نفسه هو الذي انقسم إليه بنو إسرائيل سبعين فرقة ، بالإضافة إلى فرقة هارون ، وفرقة موسى ، وبذلك يصير عدد الفرق اثنتين وسبعين فرقة ، فقد كان هؤلاء السبعون مشايخ لبنى إسرائيل ، وكانوا رؤساء للبيوت ، وزعماء للأسباط ، وكان لكل واحد منهم رأيه ، فصاروا من بعد اثنتين وسبعين فرقة .
قيل : 
إن موسى توجه مع السبعين إلى حيث دفن هارون ،
وتقول الخرافة إنهم سألوه في القبر : 
من قتلك ؟ فقيل : إنه ردّ عليهم ما قتلني أحد ، ولكن اللّه توفانى !
فتحولّوا إلى موسى وقالوا ، وما يزالون يشكون فيه وطلبوا لقاء اللّه ، وأصروا على طلبهم حتى رأوا النور يملأ المكان والكون وأخذتهم الصاعقة ، كقول القرآن :يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ( البقرة 55 ) ،
وخاف موسى وخاطب ربّه وقال :أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ( الأعراف 155 ) .
وقيل : 
هؤلاء السبعون في سورة الأعراف الذين اختارهم موسى لميقات اللّه ، بخلاف السبعين في سورة البقرة الذين قالوا : أرنا اللّه جهرة . وقيل : ما صعقوا لمّا رأوا اللّه ، ولكن أخذتهم الرجفة من الهيبة .
وقيل : بل ماتوا يوما وليلة . وقيل غير هذا في معنى أخذتهم الصاعقة .

« والسفهاء » في الآية هم السامري ومن تبعه من بني إسرائيل ؛ وقيل : هم الذين اتهموا موسى بقتل هارون ؛ وقيل : هم الذين سألوا أن يروا اللّه جهرة . وقيل : إن قوله لربّه إن هذه الفتنة التي هم فيها هي فتنته تعالى لهم ، أي اختباره وامتحانه لحقيقة إيمانهم ، نسبت الفتنة للّه ، كما نسبها اللّه تعالى لنفسه في قوله :فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ( طه 85 ) ،
وهذا ردّ على القدرية الذين يقصرون الأفعال على الإنسان دون اللّه . وفي سفر الخروج ، الإصحاح التاسع عشر ، يأتي أن الربّ وعد موسى أن يتنزّل على الجبل ، واشترط عليه أن لا يقرب الجبل أحد من الشعب ، فكان الربّ يخاطب موسى ، وينقل موسى إلى الشعب ما يأمره به ( 21 / 25 ) ،
وفي الإصحاح الخامس والعشرين يحدث العكس ، فيرى موسى الربّ ويراه السبعون ، ويأكلون ويشربون ( 10 / 11 ) ،
ومع ذلك جاء في سفر الخروج أيضا عن اللّه يخاطب موسى ، قال : « أما وجهي فلا تستطيع أن تراه ، لأنه لا يراني إنسان ويعيش » ( الإصحاح 33 / 20 - 22 ) ،
فكأن عبارات التوراة فيها اضطراب ، وتعارض بعضها البعض ، فمرة يكون من الممكن رؤية اللّه في الدنيا ، ومرة يحظر ذلك ويستحيل ! .

  * * *

861 . قصة الثلاثة آلاف الذين انتحروا جماعيا والسبعين الناجين

هؤلاء هم المنتحرون انتحارا جماعيا ، وهو أول انتحار جماعي في التاريخ ، يذكره سفر الخروج ( 32 / 19 - 30 ) ، وكانوا عبرانيين آبقين قال فيهم القرآن :قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ( 138 ) إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ( 139 ) قالَ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ( 140 ) ( الأعراف ) ،
وكانوا ما تزال عبادة العجل في ذاكرتهم ، يقول « فرويد » عالم النفس اليهودي في تفسير ذلك : « إن العجل وعبادته في اللا شعور الجمعي لبنى إسرائيل » ، يقصد بالعجل « المال » ، وظلت عبادة العجل تلاحقهم حتى وهم في المهجر في مصر ، وكانوا يعبدونه في أرض جاسان التي هي محافظة الشرقية من أرض مصر ، حيث كانت مساكنهم آنذاك ، حتى أن عبادتهم له سرت في أهل هذا الإقليم كله من أرض مصر ، فكانت عبادة العجل أبيس .
وبنو إسرائيل كانوا قوما يجهلون ، فلم يفرّقوا بين تعدّد الآلهة والتوحيد ، وعبادة الأصنام وعبادة اللّه الواحد ، وقلّدوا ما شاهدوه عند غيرهم ، وآثروا الباطل على الحق الذي يدعوهم إليه موسى ، كقول المسلمين للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم قبل حنين : يا نبىّ اللّه ، اجعل لنا هذه - يريدون شجرة السدر - ذات أنواط - وكان الكفار ينوطون عليها ( أي يعلّقون عليها ) سلاحهم ، ويعكفون حولها ، فقال لهم النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : « اللّه أكبر ! هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى ، اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ! » .

فلما توجه موسى إلى الجبل ليتلقى ألواح التوراة ، وغاب أربعين يوما ، ضلّ من ضل من بني إسرائيل ، وغواهم السامري ، فجمعوا الحلى وصنعوا عجلا من ذهب له خوار ، وما كان العجل يرجع إليهم قولا ، ولا كان يملك لهم ضرّا ، ولا يكلمهم ، ولا يهديهم سبيلا ، فتوعّدهم ربّهم كقوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا( الأعراف 152 ) ، وكان غضبه لأنهم افتروا بدعة العجل ، فقال لهم :إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ( 54 ) ( البقرة ) ،
وقوله « بارئكم » تنبيه على عظم جرمهم ، وكانوا فريقين ، فريق تبع السامري ، وفريق تبع هارون ، والهارونيون كانوا لاويين ، أي كهنة ، وكانوا سبعين ، والذين تبعوا السامري ندموا ، فلما أمرهم موسى أن يقتلوا أنفسهم امتثلوا للأمر ، وقالوا نصبر ، ما ظلمنا اللّه ولكنا ظلمنا أنفسنا ، واخترطوا السيوف والخناجر والسكاكين ، ووقفوا صفوفا ، يقتل كلّ منهم من يليه ، وقد يكون أخا أو أبا .

وقيل إن السبعين الذين لم يشاركوا في صنع العجل ، ولم يتعبّدوا له ، أمروا أن يقتلوا المتعبّدين ، وتقبّل هؤلاء القتل إعلانا للتوبة ، وقيل سقط في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل ( الخروج 32 / 19 - 30 ) ،
ولولا بكاء الأطفال وصراخ النساء لاستمر القتل ، إلا أن الجميع سألوا موسى أن يكفّ ، وكان عليهم أن يتوجهوا إلى الجبل ليستغفروا ربّهم ، كقوله تعالى :وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ ( 155 ) وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ( 156 ) ( الأعراف ) .
وقيل لما أخذهم موسى إلى الجبل ظهر غمام دخل فيه موسى فلم يروه ، ثم شملهم الغمام ، وسمعوا موسى يكلم ربّه ، وقيل إنه استأذن ربّه أن ينظر إليه ، فقال له لا تستطيع ، لأنه لا يراني إنسان ويعيش ( الخروج 33 / 22 ) ،
وفي القرآن عن ذلك قال :رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ( 143 ) ( الأعراف ) ،
فكان موسى : أول من جرّب من بني إسرائيل، ومن العالم قاطبة، أن يطلب أن يرى اللّه ، وأن يصعق بنوره تعالى ، أي يغشى عليه.
فلما سمع قومه محاوراته مع ربّه ظنوه قد رآه فطلبوا أن يروه كذلك يرجون أن يشهدوا ما ليس لتحققه سبيل ، كقول القرآن في ذلك :يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ( 55 ) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( 56 ) ( البقرة ) ،
فردّهم اللّه تعالى ليستوفوا آجالهم ، وقيل ماتوا موت هود يعتبر به الغير ، ثم أرسلوا .
والصحيح أن الثلاثة آلاف ماتوا لأنهم استحقوا الموت ، ولأنهم كفروا كفرانا صريحا ، وأشركوا باللّه ، وأحيوا عبادة الأصنام ، فكان أن أماتهم ولم يبعثهم ؛ بينما السبعون ماتوا وأحياهم ، لأنهم لم يشركوا ولكنهم جهلوا ، فعاقبهم على قدر جرمهم .

  * * *
   قصة أصحاب الكهف

862 . أصحاب الكهف والرقيم مجال كبيرة للإسرائيليات

قصة أصحاب الكهف تناولتها سورة كاملة من مائة وعشر آيات ، والقصة نفسها استغرقت من الآية التاسعة حتى الآية السادسة والعشرين ، وما قبل ذلك وما بعده كان للتمهيد للقصة أو للدروس المستفادة منها .
وأرغى المفسرون وأزبدوا في تفسيرها ، وعلّقوا على أحداثها بالتأويلات والتخريجات ، ونسبوا لها الروايات فيما يسمى بالإسرائيليات ، ولعل أشهرها ما أثر عن مقاتل بن سليمان ، وهو مثل سيّئ للتفسير الذي يهتم بالجزئيات ، ويولى عنايته بما لا فائدة منه ، فقال في قوله تعالى :سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ( الكهف 22 ) :
أن عددهم ثمانية بخلاف كلبهم ، وأن أسماء هؤلاء الفتية أصحاب القصة هي : « مكسلمينا » وهو كبيرهم ورئيسهم ؛ و « يمليخا » وهو الذي مضى بالورق إلى المدينة عند بعثهم من رقدتهم؛ و «مرطوش ؛ وكشوطوش ؛ ودينموس ؛ وبطونس ؛ وبيرونس».
وقال مقاتل : وكان الكلب اسمه « قطمير » ويملكه مكسلمينا .
وهذا الكلام شبيه بمسرحية توفيق الحكيم « أهل الكهف » ، وقد اعتمد فيما يبدو على تفسير مقاتل .
وقال مقاتل في قوله تعالى :أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ( 9 ) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً( 10 ) ( الكهف ) :
أن الكهف ثقب يكون في الجبل كهيئة الغار ، واسمه بانجلوس ؛ و « الرقيم » كتاب كتبه رجلان قاضيان صالحان ، أحدهما اسمه « ماتوس » ، والآخر « أسطوس » ، كانا يكتمان إيمانهما ، وكانا في منزل « دقيوس الجبّار » - وهو الملك الذي فرّ منه الفتية - وكتبا أمر الفتية في لوح من رصاص ، ثم حملاه في تابوت من نحاس ، ثم جعلاه في البناء الذي سدّوا به باب الكهف .

وللثعلبي في تفسيره « الكشف والبيان عن تفسير القرآن » مرويات شبيهة ، وجميعها إسرائيليات موضوعة ، فقال عن أسماء فتية الكهف : « مكسلمينا » كبيرهم ورئيسهم ، و « إيلخا » أجملهم وأعبدهم وأنشطهم ، و « مكشينا ، ومرطوش ، ونوافى ، وكير ، وسطفنوس ، وكلبهم قطمير » .
- والثعلبي ينقل عن كعب الأحبار ، وكعب كان يهوديا ، قال : مرّوا - أي الفتية أهل الكهف - بكلب فنبح فطردوه مرارا ، فقام الكلب على رجليه رافعا يديه إلى السماء كهيئة الداعي فنطق فقال : لا تخافوا منى ! أنا أحب أحباب اللّه ! فناموا حتى أحرسكم !
- وقيل : إن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم سأل اللّه أن يريه إياهم فقال تعالى : إنك لن تراهم في دار الدنيا ، ولكن ابعث إليهم أربعة من خيار أصحابك ليبلّغوهم رسالتك ويدعوهم إلى الإيمان ، فقال النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لجبريل : كيف أبعثهم ؟
فقال : أبسط كساءك وأجلس على طرف من أطرافه أبا بكر ، وعلى الآخر عمر ، وعلى الثالث عثمان ، وعلى الرابع علىّ بن أبي طالب ، ثم ادع الريح الرخاء المسخّرة لسليمان ، فإن اللّه تعالى يأمرها أن تطيعك ، ففعل ، فحملتهم الريح إلى باب الكهف ، فقلعوا منه حجرا ، فحمل الكلب عليهم ، فلما رآهم حرّك رأسه ، وبصبص بعينيه ،
وأومأ برأسه : أن ادخلوا ! فدخلوا الكهف ، فقالوا : السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته معشر الفتية . 

إن النبىّ محمد بن عبد اللّه يقرأ عليكم السلام ما دامت السماوات والأرض ، وعليكم ما أبلغتم . وقبلوا دينه وأسلموا .
ثم قالوا : أقرئوا محمدا رسول اللّه منا السلام . وأخذوا مضاجعهم ، وصاروا إلى رقدتهم ! ! !

وكما ترون فإن كعب الأحبار - هذا اليهودي الذي يدّعى الإسلام - يضحك على المسلمين ، ويشيع بينهم الخرافة ، ويجعل مدى علمهم بالدين الجهل بالدين .
والعجيب أن الثعلبي الذي يعتبره الفقهاء من كبار المفسّرين لم يناقش الرواية ، ولم يتهم كعبا بالاختلاق والتزوير على اللّه ، وعلى جبريل ، وعلى النبىّ ، وعلى الصحابة الأربعة - وهم أكبر الكبراء ، فلم يحدث أن هؤلاء ركبوا الريح ، ولا صحبوا جبريل ، ولا التقوا بفتية الكهف ، وما طلب محمد من ربّه أن يسخّر له الريح ، ولا أن يتواصل بشخصيات من الماضي يروى عنهم القرآن ! فالإسلام ليس هذه الخرافات ، وليس هزلا ، ولكنه الواقع والحق ، وكله جد وعمل ووعى وتفكّر وتدبّر ، وأكبر من كل هذه الترهات والتخرصات . لا سامحهم اللّه !

  * * *

863 . دعوى اليهود أن قصة أهل الكهف يونانية

الذي ادّعى ذلك هو المستشرق ماسينيون ، معبود الدكتور بدوي ، والذي تخرّج عليه الدكتور عبد الحليم محمود .
- من أعدى أعداء الإسلام ، وكتبه سمّ زعاف . ومما تناوله بالتجريح قصة أصحاب الكهف في القرآن ؛ فقد زعم بأنها مأخوذة عن الأسطورة النصرانية :

« النيام السبعة من إفيسوسThe Seven Sleepers of Ephesus» .
وإفيسوس موضعها الآن بلدة سلجوق بولاية أزمير التركية ، والغريب أنه لا أصل لهذه القصة التي يقول عنها ماسينيون ، ولا يذكرها مرجع واحد ، وربما كان قد حصل عليها من التراث الشفهى ، أو حكى له حكايتها أحد القساوسة ، والقصة لا هي من التراث اليوناني ولا من التراث اليهودي ، وقيل إنها حدثت إما في إفيسوس في تركيا ، وإما في مكان من الأردن ، في شرقيّه ، يدعى الرقيم بالقرب من عمّان .
وقيل إن هذه القصة حدثت في زمن دقيانوس وكان يضطهد النصارى .
ثم إن إفيسوس تحولت إلى النصرانية وأصبحت معقلا من معاقلها ، وهناك رسالة لبولس إلى أهل إفيسوس .
وقيل أصل القصة أن أحد دعاة النصرانية كان قد حضر إليها في العهد الوثني ، واحتال حتى اشتغل في الحمامات ، وكان يدعو الناس ، ومن ذلك أنه دعا ابن الملك وزوجته ولم يسمعا له ، فأنزل اللّه عقابه بهما ، وماتا مختنقين في الحمام .
وقيل إن الملك دقيانوس طارد الشبان السبعة إلى الكهف ، ولكنهم كانوا قد اختبئوا ، ولم يعثر أعوانه عليهم ، فبنى عليهم جدارا ، ومضى الزمن وتنوسى الأمر ، حتى إذا كانت سنة ثلاثمائة ، اكتشف أحد الرعاة الجدار فأزاله ، ودخل الكهف لعله يصلح مأوى لغنمه ، وكان الوقت قد حان لخروج الشبان السبعة ، وأفاقوا ، فأرسلوا لشراء طعام لهم ، واستغرب الناس للعملة التي قدّموها ثمنا للطعام ، وأبلغوا الملك ، وكانت البلد قد تحولت إلى النصرانية ، وقيل إن ملكها النصراني كان ثيودوسيوس الثاني ، وجاءوا بالفتية إليه ، وعرف حكايتهم .
وقيل : إن السبعة كانت قد ظهرت عليهم الشيخوخة فماتوا ودفنوهم في الكهف ، وبنوا فوقهم كنيسة . ويقول ماسينيون وهوروفيتس وآخرون : إن القصة باليونانية ، ثم رويت بالسريانية ، ولم تترجم إلى العربية .
والسؤال هو : هل كان محمد صلى اللّه عليه وسلم يعرف هاتين اللغتين ؟
أو هل كان في مكة من يقرأ بأي منهما وينقل له قصة أصحاب الكهف مترجمة إلى العربية ؟
والجواب في الحالتين بالنفي .
وورود القصة رغم ذلك في القرآن تصادق على القرآن وأنه كتاب من عند اللّه وليس من عند محمد ، فمن أين كان محمد سيستقى كلامه ؟ ومن أين كان سيحصل على مصادره ؟
وما كان النصارى واليهود يتشككون في رواية القرآن للقصة ، وما أكّده منها وصحّحه وزاد عليه . والمستشرقون قالوا إن الرقيم في القصة هو اسم الكهف ، وقالوا إن الملك النصراني فرح بالعثور على هؤلاء السبعة ، لأن إحياءهم بعد هذه المدة الطويلة فيه إثبات بصحة البعث ، وهذا الذي استخلصوه هو الدرس المستفاد من القصة القرآنية وليس استنتاجا للمستشرقين .
وفي قصة القرآن أن الفتية كان لهم كلب بصحبتهم ، وأن الكهف كان اسمه الرقيم ، وأنهم كانوا فتية مؤمنين زادهم اللّه هدى ، وربط على قلوبهم فكانوا من الصابرين ، واعتقدوا في وحدانية اللّه ، وأقرّوا بأن الاعتقاد بما دون ذلك هو الشطط بعينه - أي الكذب والبهتان ، ومن ثم اعتزلوا قومهم وما يعبدون ، وأووا إلى الكهف .
فهل هذه التفاصيل في القصة القرآنية مذكورة فيما يرويه المستشرقون ؟ والجواب أبدا .
والأعجب « قصة الشمس مع أصحاب الكهف هؤلاء » ، فمن رحمة ربّهم بهم أن هيّأ لهم من أمرهم مرفقا ، وجعل الشمس تزّاور عن كهفهم ذات اليمين ، وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال .
و « المزاورة » هي الميل ، وهي تميل عنهم في الصباح لخطورة شمس الصباح عليهم ، وأما أن الشمس تقرضهم - يعنى تدخل الغار - من شمال بابه ، أي من ناحية المشرق ، فذلك صحّى لهم وفيه فائدتهم . فهل قالت رواية المستشرقين ذلك ؟
وهل فسّرت لما ذا كان مكثهم ثلاثمائة سنة يزيدون تسعة ؟ فبأي تاريخ هذا العدد من السنين ؟
وهل عرفوا التاريخ الشمسي والفرق بينه وبين التاريخ القمرى ، وأن كل مائة سنة شمسية تزيد ثلاث سنوات قمرية ؟ ؟
نقول : إن ما في القرآن هو « علم » ، وأن القصة يرويها « علّام الغيوب » ، وأن المستشرقين ما كانوا يعرفون أن هؤلاء النيام يلزمهم التقليب يمينا وشمالا حتى لا تتقرّح أبدانهم ، واللّه يعلمه يقينا ، ويذكره في القصة القرآنية تأكيدا ، وشتّان بين قصة القرآن وهي القصص الحق ، وقصة هؤلاء المستشرقين ! .

  * * *

864 . مقدار ما لبث أهل الكهف ، والفرق بين روايتي أهل الكتاب والقرآن

في الآية :وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ( 25 ) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً( 26 ) ( الكهف )
يخبر اللّه تعالى نبيّه صلى اللّه عليه وسلم مقدار ما لبث أصحاب الكهف في كهفهم ، منذ أرقدهم إلى أن بعثهم وأعثر عليهم أهل ذلك الزمان ، وأنه كان ثلاثمائة سنة شمسية ، تزيد تسع سنين بالتقويم القمرى ، لأن كل مائة سنة قمرية تتفاوت بالنسبة إلى الشمسية ثلاث سنين ، ولهذا استكمل الثلاثمائة بتسع زيادة ، وهذا هو ما يؤكده العلم ، وما أخبرنا به ربّنا ، وهو تعالى الأعلم بما لبثوا ، وهذا الرقم توقيف منه تعالى ، ولا يعلم غيب السماوات والأرض إلا هو ، وإنه لبصير سميع بكل مرئى ومسموع ، لا يخفى عليه من شئ ، وهو الأصدق إذا أصر أهل الكتاب على أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة فقط ، وله الحكم ولا معقب على حكمه .

  * * *

865 . دعاء أهل الكهف

قالوا :رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً( 10 ) ( الكهف ) ، والرحمة هي المغفرة ، والرّشد هو التوفيق . وهذا الدعاء لكل من يكون في مأزق وينشد الخلاص ، وفي هذا المعنى كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .
  * * *   
866 . قصة صاحب الجنتين

بداية القصة في سورة الصافات ، أو أن لها مثيلا فيها ، حيث يخبر تعالى عن أهل الجنة ، يقول :فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ ( 50 ) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ ( 51 ) يَقُولُ أَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ( 52 ) أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَ إِنَّا لَمَدِينُونَ ( 53 ) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ( 54 ) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ ( 55 ) قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ( 56 ) وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ( 57 ) أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ( 58 ) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ( 59 ) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ( 60 ) ( الصافات ) ،
وأصل القصة في سورة الكهف ، ضرب اللّه بها مثلا لهذا المؤمن وقرينه الكافر ، والقرين هو الشيطان ، ويحدث أن يكون للمؤمن في الدنيا صاحب من أهل الشرك يوسوس له كالشيطان ، فيقول له : أئنك لمن المصدّقين بالبعث والنشور ، والقيامة والساعة ، والحساب والجزاء ؟
وهل إذا متنا وأصبحنا حطاما نخرة ، نجازى ونحاسب على أعمالنا ؟ وفي الآخرة يطّلع المؤمن وهو في الجنة على أهل النار ، فيجد صاحبه فيها ، فلا يملك إلا أن يقول له : واللّه إنك كدت لتهلكنى لو أطعتك !
ولولا فضل اللّه ، لكنت مثلك في سواء الجحيم ، محضر معك في العذاب ، ولكنه تعالى رحمني فهداني للإيمان ، وأرشدنى لتوحيده ، وها أنا ذا في الجنة لا موت فيها إلا الميتة الأولى ، ولا عذاب ، وذلك هو الفوز العظيم .
وقيل هذا المؤمن هو أبو سلمة زوج أم سلمة قبل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وكان له قرين هو أخوه الأسود بن عبد الأسد ، وورث الأخوان أباهما ووزّعا التركة بينهما ، وكان نصيب كل واحد منهما أربعة آلاف دينار ، إلا أن أبا سلمة ضيّع ماله في سبيل اللّه ، فاشترى بألف دينار رقيقا وأعتقهم ، وبألف دينار ثيابا ووزعها على العرايا والمساكين ، ونصب الموائد للفقراء ، فأنفق على الطعام لهم ألف دينار أخرى ، وبنى بالباقي مساجد للّه ، وكان أخوه يهزأ منه ، ويستخف ما يفعل ، ويحاوره في اللّه والبعث والآخرة والثواب والعقاب ، وكان يعيّر أخاه بأنه غبي ولهذا أضاع ماله ، ولو فرضنا وكانت هناك آخرة فعلا فإنه سيكون فيها من المقرّبين والفائزين لأنه الأذكى ، وذكاؤه يضمن له ذلك .
وفي سورة الكهف ضرب اللّه مثلا بهذين الأخوين أو الصاحبين ، قال :وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً( 32 ) ( الكهف ) ،
واستغرقت القصة اثنتي عشرة آية ، تقول : إن الأخ أو الصاحب الكافر الغنى كانت له جنّتان وارفتان ومثمرتان ، فتاه فخرا على أخيه أو صاحبه باعتباره الأكثر مالا ، والأعز نفرا ، ودخلا الجنتين الواحدة بعد الأخرى ، يتعالى على أخيه بهما كما لو كانتا لا يمكن أن تبيدا ، باعتبار الدنيا دائمة وخالدة ، وأخوه أو صاحبه يستنكر قوله ، فاللّه هو خالق كل شئ ، وهو باق والدنيا إلى زوال ، والفضل في كل شئ للّه ، فهو الذي أخرج ثمر الجنتين ، بل وخلقه هو نفسه ولم يكن شيئا ، فهو ربّه رضى أخوه أو لم يرض ، وهو لن يشرك كأخيه ، فلولا أن يدخل جنته فيقر بالشكر للّه ويحمده على عطائه ؟
وأمّا أنه أقل مالا وولدا ، فاللّه قادر أن يؤتيه خيرا من جنته وماله وولده وأنفاره ، وبوسعه أن يرسل على جنته عذابا من السماء ، فتبيد وتمتلئ بالماء ، وتصبح بلقعا ترابا أملس لا يثبت فيه قدم ، وكالجرز لا ينبت شيئا ، أو يصبح ماؤها غائرا في الأرض لا يستطيع طلبا له .
ويستمر الحوار والكافر يكاد يغلب المؤمن ، ويكاد يرديه في الكفر ، ولكن المؤمن يستمسك بإيمانه ، ويستعصم على الكفر ، وإذا بالعقاب ينزل على الكافر في الدنيا مثلما يتوعده في الآخرة ، فيحاط بثمره ويندم على ما فرّط في حق ربّه ، وما كان له من ينصره من دون اللّه ، ويوم البعث لا تكون الولاية إلا للّه ، وهو خير ثوابا وخير عقبا .

  * * *
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 - 15:18 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

867 . قصة أصحاب الجنة

هؤلاء كانوا في اليمن ، وكانت الجنة لرجل من أهل هذه البلاد ، والجنة هي البستان ، وكان الرجل صالحا يؤدى حقّ اللّه من جنّته ، فلما مات صارت إلى أولاده ، فمنعوا الناس خيرها ، وبخلوا بحق اللّه فيها ، فأهلكها اللّه من حيث لم يمكنهم دفع ما حلّ بها . قال تعالى :إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ ( 17 ) وَلا يَسْتَثْنُونَ ( 18 ) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ ( 19 ) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ( 20 ) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ ( 21 ) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ ( 22 ) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ ( 23 ) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ( 24 ) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ ( 25 ) فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ( 26 ) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ( 27 ) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ ( 28 ) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ ( 29 ) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ ( 30 ) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ ( 31 ) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ( 32 ) ( القلم ) ،
وبلوناهم المقصود بهم أهل مكة ، أعطاهم اللّه الأموال ليشكروا لا ليبطروا ، فلما بطروا وعادوا محمدا صلى اللّه عليه وسلم ابتلاهم بالجوع والقحط كما ابتلى أصحاب الجنة .
قيل : كان هؤلاء - أي أصحاب الجنة - بعد رفع عيسى بيسير ، وكانوا بخلاء ، فكانوا يجدّون التمر ليلا حتى لا يراهم المساكين ، فلما أرادوا حصاد زرعها دبّروا أن لا يدخلها اليوم عليهم مسكين ، فغدوا عليها فإذا هي قد اقتلعت من أصلها فأصبحت كالصريم - أي كالليل البهيم من أثر الحريق ، وكأنها قد صارت حمأة ، وأضحت خرابا يبابا .
والذي طاف عليها هو قضاء اللّه فيها ، وقيل : هو جبريل اقتلعها ثم وضعها في الطائف ، فسميت « الطائف » باسمها ذاك لهذا السبب ، وليس في أرض الحجاز بلدة فيها الشجر والأعناب والماء غيرها . وقيل : إن صاحب الجنة الأول قد أورثها أولاده الثلاثة ، وكانت العادة أن المساكين لهم كل ما يتعداه المنجل فلم يجذّه من الكرم ، فإذا طرح على البساط ، فكل شئ سقط عن البساط فهو أيضا للمساكين ، وهذه الطريقة يهودية ومذكورة ضمن زكاة الزرع في كتابهم التوراة ( سفر التكوين 23 / 10 ) ،
الأمر الذي يجعلنا نقول إن القصة عن جماعة من بني إسرائيل ، خاصة وأن اليمن كان بها الكثير منهم ، وكانوا إذا درسوا فللمساكين كل شئ انتثر ، وفعل أبوهم ذلك والتزم الشريعة ، فلما مات شحّوا ، فقلّ مالهم وكثر عيالهم ، فتحالفوا ليغدون غدوة قبل خروج الناس ثم ليصرمنّها فلا يعرف المساكين ، و « الصرم » هو القطع والحصد ، و « عدم استثنائهم » أنهم لم يقولوا إن شاء اللّه .

وقيل : كان حرثهم نخلا أو عنبا . وقيل : عدم استثنائهم أنهم لم يجنّبوا حق المساكين ، فلما جاءوا ليلا لتنفيذ ما عزموا عليه ، وجدوها مسودة قد طاف عليها طائف من ربّهم وهم نائمون . والطائف قد يكون جبريل ، وقد يكون الجزاء من ربّهم . وكان من شدة حرصهم أن كانوا يسيرون متخفّين ، وإذا تكلموا تسارّوا حتى لا يسمعهم المساكين ، وكانوا كأنما قد نجحوا في مسعاهم ، والحرد الذي غدوا عليه قيل قصدهم الذي كاد أن يتحقق ،
وقيل هو اسم قريتهم ، فما رأوا ما آلت إليه الجنة حتى أنكروها وشكّوا فيها ، وكأنما قد ضلوا الطريق إليها ، وتبينوا من بعد أنها جنّتهم ، وأنهم حرموها ، وفي الحديث : « إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا كان هيئ له » ، ثم تلا : « فطاف عليها طائف من ربّك » .
وقال أوسطهم معاتبا : ألم أقل لكم قولوا إن شاء اللّه ؟ ! والأوسط هو الأمثل في القرآن ، وهو الأعدل والأعقل . ولقد ظلموا أنفسهم لمّا ظلموا المساكين ، وتلاوموا أنهم كفروا نعم اللّه فلم يشكروه ، ثم تعاهدوا أن ينصلح حالهم ويتوبوا إليه ، فإن أبدلهم اللّه خيرا منها فعلوا الصلاح والخير ، ثم دعوا وتضرّعوا واستغفروا .
وظاهر الآية أن اللّه قبل توبتهم واستغفارهم ، ورزقهم وهو خير الرازقين ، وقولهم : « إنا إلى ربّنا راغبون » دليل إيمان ، وربما هو نتيجة ما يصيب المشركين إذا أصابتهم شدّة أو لحقهم ضرّ . وفي الآية مواعظ وعبر ودرس مستفاد : أن الإنسان لا يعزم إلا الخير ، وأن يستثنى فيقول إن شاء اللّه ، وأن العزم مما يؤاخذ به . ونظير هذه القصة قوله تعالى :وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ( 25 ) ( الحج ) .

  * * *   

868 . قصة الذي ندم حين لا ينفعه الندم

هو الذي مداره الآيات :تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ( 56 ) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ( 57 ) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ( 58 ) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ( 59 ) ( الزمر ) ،
فهذه ثلاثة أصناف من البشر ، وفيهم القصة : كان رجل عالم في بني إسرائيل وجد ورقة مكتوبا فيها : إن العبد ليعمل الزمن الطويل بمعصية اللّه ، ثم يختم له عمله بعمل رجل من أهل الجنة ، فيدخل الجنة .
فقال : ولأي شئ أتعب نفسي ؟ فترك عمله ، وأخذ في الفسوق والمعصية ، وقال له إبليس : لك عمر طويل ، فتمتع بالدنيا ، ثم تتوب ! فأخذ الرجل في الفسوق ، وأنفق ماله في الفجور ، فأتاه ملك الموت بغتة ومن غير توقع وهو في ألذّ ما كان ، فلما رآه قال : يا حسرة على ما فرّطت في جنب اللّه ؟ !
ذهب عمرى في طاعة الشيطان ، وظننت أن العمر سيطول فخاب ظني . وندم الرجل حين لا ينفع الندم ، فأنزل اللّه خبره في القرآن هذه الآيات ، وقيل لهذا : الناس أصناف : فصنف منهم قال :يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ( الزمر 56 ) ؛ وصنف قال :لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ( 57 ) ( الزمر ) ؛ وقال آخر :لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ( 58 ) ( الزمر ) ،
فقال اللّه تعالى ردا على كل منهم :بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ( 59 ) ( الزمر ) ،
وبلى جواب النفي ، وليس في الكلام لفظ النفي ، ولكن معنى « لو أن اللّه هداني » : أنه ما هداني ، وكأنه قال : ما هديت ، فقيل : بلى ، قد بيّن لك طريق الهدى ، فكنت بحيث لو أردت أن تؤمن أمكنك أن تؤمن !

  * * *

869 . أصحاب القرية من سورة يس

تروى القصة الآيات من قوله تعالى :وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ( 13 ) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ( 14 ) ( يس ) إلى قوله تعالى :يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ( 30 ) أَ لَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ ( 31 ) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ( 32 ) ( يس ) ، 
والقصة كما تعرضها هذه الآيات كانت مادة خصبة للإسرائيليات ، وأكبر مروّجيها كان كعب الأحبار ووهب بن منبّه ، وكانا من اليهود وأسلما ، وهذان كانا يزعمان لنفسيهما علم الأوائل ، وكان المسلمون يسألونهما عما استغلق على أفهامهم من قصص القرآن ، وعمّن مضوا من الغابرين .
وشاعت تفسيراتهم حتى غلبت على كتب التفسير ، وما من سند من التاريخ أو المراجع العلمية يؤيد أقوالهما وما ذهبا إليه ، وصار ما قالاه هو السند والمرجع لمن يتصدّى بالتفسير لهذه الآيات . 

وتستغرق قصة أصحاب القرية في القرآن سبع عشرة آية ، ويستغرق التعليق عليها ثلاث آيات ، فيكون مجموع آيات القصة ، والدرس المستفاد منها عشرين آية ، أي نحو ربع سورة يس ، وتأتى في سياق تحذير أهل مكة من مغبة الكفر بنبيّهم صلى اللّه عليه وسلم ، وتشبّههم بأصحاب هذه القرية ، وهي ليست قرية بعينها ، فلو كان اسمها مهمّا لأوردته السورة . 
وفي القصة أن اللّه بعث لهم نبيّين فكذبوهما ، فعززهما بثالث ، فيحتمل أن النبيّين هما موسى وهارون ، وأن الثالث هو عيسى ، وأن القرية إذن هي العالم بأسره .
وفي تفسير كعب ووهب أنها أنطاكية . 

وقيل : كان يحكمها فرعون اسمه انطيخس ، والفرعون اسم على إطلاقه ، ويعنى الطاغية المستبد . 
ويذهب الطبري ، وهو الآخر من أساتذة الإسرائيليات ، إلى أن الرسل الثلاثة إلى هذه القرية كانوا : « صادق » ، و « صدوق » ، و « سلوم » .
وقال غيره : الاثنان هما « شمعون » و « يوحنا » ، أو أنهما « سمعان » و « يحيى » .
ويجوز أن تكون القصة من باب الأمثال تضرب للناس للعظة وليست قصة واقعية ، وتقع كالمثل كل يوم ، فالداعون إلى اللّه كثر ، والمكذّبون لهم أكثر ، والسجون ملأى بآلاف الداعين ، ومنهم من يحكم عليه بالإعدام ، ومنهم من تصدر الأوامر إلى الشرطة بقتلهم قصدا وعمدا ، فالقصة تحصيل حاصل ، ووقوعها من الأخبار العادية حيثما كانت الدعوة إلى اللّه . 

وقيل : إن القصة حقيقية فعلا ، ووقعت لبعض رسل عيسى عليه السلام ، وأنهما اثنان كانا يدعوان له باعتباره اللّه أو ابن اللّه ، ولهذا قالوا لهماما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا( يس 15 ) ، لأن رسل عيسى كانوا يشيعون أن روح القدس يسرى فيهم ، وأنهم أوتوا المعجزات بالوكالة عن عيسى .
غير أن القرآن لا يمكن أن يستشهد بداعيين لعيسى باعتباره إلها ، فبحسب القصة في القرآن أن الرسولين كانا على الحق ، وأن الثالث الذي عزّزهما أيّد ما جاءا به ، والقصة تأتى في القرآن في مجال أن يضرب النبىّ صلى اللّه عليه وسلم بها المثل لمشركي مكة ، أن يؤمنوا ، وإلّا حلّ بهم ما حلّ بكفّار هذه القرية ، فكيف يضرب لهم مثلا بأناس يدعون إلى تأليه عيسى ؟
وقيل في التفاسير : إن وهب بن منبّه ذكر أن عيسى لمّا أرسل الرسولين التقيا شيخا يرعى غنيمات له ، وهو حبيب النجّار ، « صاحب يس » فاستمع لهما ، وأتيا المعجزات فآمن .
وواضح أن كعبا ووهبا لم يقرءا الأناجيل ، فقد كانا في الأصل يهوديين ، وفي الأناجيل قصة ربما تشابه هذه القصة وإن كانت الخلافات بين الأناجيل أكثر من المشابهات ، وربما تفسّر سبب استهواء أنطاكية للمفسرين ، فلقد كانت أنطاكية مركزا من مراكز المسيحية الكبرى بعد أورشليم ، والواقع أن لدينا مدينتين باسم أنطاكية أسّسهما « سلوقس الأول نيكاتور » ، من قواد الإسكندر الأكبر ، في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد ، تخليدا لاسم والده أنطيوخس ، الأولى في سوريا على مصب نهر العاصي ، والثانية في تركيا في اتجاه نيسيدية ، وما يعنينا هو أنطاكية سوريا ، وكان أهلها يعبدون الأصنام :
« تيخى » إلهة الحظ ، و « أبولو » .
وفي أنطاكية كانت ترتكب باسم الدين والتدين الكثير من النجاسات والممارسات الجنسية الفاضحة ، وفيها كانت تعيش جالية يهودية كبيرة ، كان منهم من اعتقد في المسيح ؛ وفيها دعى التلاميذ « مسيحيين » لأول مرة ( سفر الأعمال 11 / 26 ) ،
وأرسلت الكنيسة - وليس عيسى كما تقول الرواية - رسولين يتبعانها : برنابا ، ومعه بولس ، ليدعوا الناس ، فمحتمل أن أصحاب كتب التفسير الإسلامية تأثروا بقصة برنابا وبولس ، وقالوا : إنهما الرسولان المعنيان في آيات سورة يس ، خاصة أن من أنطاكية كان « أغناطيوس » الذي استشهد في روما ، و « يوحنا فمّ الذهب » - هكذا اسمه وكان من كبار الدعاة ، فمحتمل أيضا أنهما الرسولان المعنيان .
وأيضا فإن برنابا وبولس زارا أنطاكية التركية وأهاج اليهود فيها الناس عليهما ، لأنهما يقولان : إن المسيح هو اللّه ، أو ابن اللّه .

فطردوهما من المدينة ( سفر الأعمال 13 / 42 - 50 ) .
وفي تلك الأيام قام واحد من الرسل اسمه « آغابيوس » ( الأعمال 11 / 28 ) ، فأنبأ بالروح . والمستشرقون على القول بأن آغابيوس هو الرسول إلى القريتين .
غير أن دعوة آغابيوس لغير اللّه لا تجعله صالحا ليضرب به المثل في القرآن ، وكذلك برنابا وبولس لا يصلحان كمثلين فقد كانت دعوتهما للمسيح وليس للّه ، وقصة القرآن للوعظ بأناس صالحين وليس بأناس مطعون فيهم . وأصحّ من ذلك كله أن القصة كما جاءت في القرآن « مثل » كقوله تعالى :وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ( يس ) .

  * * *
   قصة طالوت

870  . طالوت في التوراة والقرآن

المستشرقون على القول بأن القرآن أخذ من التوراة ، ومن ذلك قصة النبىّ صامويل والملك طالوتTalut. وفي القرآن لا ذكر لاسم النبىّ ، وأنه صمويل ، أو صموئيل ، أو شموئيلSamuel، ومعنى « صمويل » « هبة اللّه » أو « المنذور للّه » ، حيث إيل اسم من أسماء اللّه الواحد ، فكأن اسم النبىّ إشارة إلى اللّه ، ومقتضى الاسم أنه « المؤتمن نبيّا للربّ » ، وكان أبوه قد تزوج امرأتين ، إحداهما حنّة فلم تنجب ، فدعت ونذرت إن أنجبت ولدا أن تهبه للّه ، وأطلقت عليه صمويل لذلك ، فكان عبدا مخلصا ، ولكنه كان متزمتا ومتطرفا شديد التطرف ، وعاش في الهيكل ، فلما لمس فساد الأسرة الحاكمة دعا عليهم ، واستعلن له اللّه فصار قاضيا ، واستفحل أمره حتى كان الحاكم والمدافع والرئيس وممثل يهوه الربّ ، ولما كبر في السن وشاخ أقام ولديه قاضيين يستخلفهما بعده ، فأساءا ، فظل يبحث عن ولى لعهده إلى أن وجده في شاولSaulالذي هو طالوت في القرآن ، واسم « شاول » يعنى « المسؤول أمام اللّه » ، وأما اسم « طالوت » العربي فكما نقول : « أبو طويلة » ، وهو الاسم الذي يبدو أنه كان مشهورا به ، لأنه كان فارع الطول ، وأطول بنى قومه ، ولمّا نصّب ملكا اجتهد رأى نفسه ولم يكن يرجع إلى صمويل مما أغضب صمويل فعافته نفسه ، وصرف عنه تأييده ، واستبدله بداود ، وحزّ ذلك في نفس شاول فصارت الحرب بينه وبين داود .
ومات صمويل أثناء ذلك ، وانهزم شاول أمام الفلسطينيين فلم يجد إلا أن ينتحر بأن سقط على سيفه ، وانتحر معه بنوه الثلاثة وجميع رجاله . ( الملوك الأول - الفصول من واحد إلى واحد وثلاثين ) .

فلما ذا اختار صمويل شاول ليكون ملكا مع أنه من أبناء الفقراء ، وقيل كان حمّارا ، والعهد بالملوك أن يكونوا من الأغنياء ؟ والجواب : لأنه كان حسن السمت وقورا ، ولم يكن في الإسرائيليين من هو أكثر احتراما منه ، وكان طويلا وأطول من أي من رجال إسرائيل ، وله ماهية ، وكان عقله راجحا ولذا اختاره صمويل للملك رغم أصله المتواضع ، وتشكك الناس في صلاحيته ( الملوك الأول 9 / 2 و 10 / 24 ) ،
ولما باركه صمويل صار باستطاعته أن يتنبأ مثله ، فعجبوا منه وسخروا أن يكون نبيا بعد أن أصبح ملكا ، وقالوا : 
أشاول أيضا من الأنبياء ؟ فذهبت مثلا ( ملوك أول 10 / 12 ) ، وازدروا شاول ، وتصامّوا عنه ( ملوك أول 10 / 27 ) ،
لا أنه ظهر لهم حنكته ، وأبان لهم عن علمه وقدرته ، ونصرهم وطرد عدوهم ، فصاروا يقولون : من الذي قال : أشاول يملّك علينا ؟ !
وكان صمويل قد تنبأ بأن شاول هو مخلص إسرائيل من أعدائهم ، ولكنه انقلب عليه ، وبدا كأنه قد كذب في نبوءته . فلما ذا تنكّر له وعاداه ؟ الجواب : أن شاول لم يعمل بوصايا صمويل ، فقدّم الذبائح والمحرّمات ، ولم يطع الربّ ، ولمّا حارب الفلسطينيين لم يعمل القتل في أغنامهم ، واختار أحسنها يضحّى بها ، وعفا عن ملكهم ، فكأنه تنكر للشريعة ، فاستغضبه ، فخلعه ونصّب داود ( صمويل 15 / 1 - 35 ) ، ولعنه حتى صار نجسا ، وبذلك كذبت فيه نبوءته ( ملوك أول 9 / 16 ) . فهل هناك شبه بين القصة في القرآن وقصة التوراة ؟

في القرآن فكرة النبىّ تختلف تماما عن فكرتها في التوراة ، وفيها - أي في التوراة - يأتي أن النبىّ هو الرائي ، فهكذا كانوا يسمونه قديما فصار اسمه في عهد صمويل نبيّا ، فالنبىّ في عرف الإسرائيليين هو العرّاف الذي يتنبّأ ، وصمويل في قصة التوراة نبىّ وقاض يحكم بالتوراة ، وفقيه يجتهد رأيه ، وعرّاف يتنبأ بالمستقبل ، ودعّاء يسترضى الربّ بكلماته ، وكان « أول نبىّ بعد موسى ويشوع » ، كما كان « آخر القضاة » .
وقصته يتضمنها سفري الملوك الأول والثاني ، ويسمونهما لذلك سفري صمويل . ولا ذكر لكل ذلك في قصة القرآن إلا أنه نبىّ ، وبصفته اختار لهم شاول ملكا . يقول القرآن :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ( 246 ) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ( 247 ) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( 248 ) فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ( 249 ) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ( 250 ) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ( 251 ) ( البقرة ) . وكما ترى فإن القرآن ينصرف اهتمامه إلى مضمون القصة ، والموعظة المستفادة منها ، ولا تعنيه التفاصيل ، ويتفق القرآن والتوراة في اختيار النبىّ صمويل لشاول أو طالوت كملك لاعتبارات ، منها الطول ، إلا أن القرآن ينبّه صراحة إلى صفة العلم في شاول ، ويجعلها قبل صفة الطول ، ويعبر عن ذلك التعبير البليغ :إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ( البقرة 247 ) فقدّم الاصطفاء على أية معايير مغايرة للاختيار .
واتفق مع التوراة في طلب الإسرائيليين من نبيّهم أن يجعل لهم ملكا كسائر الشعوب يقودهم ضد أعدائهم . وأيضا فإن قصة التابوت كما هي في التوراة ( يشوع 3 / 14 - 17 ) تتشابه ومثيلتها في القرآن ، إلا أن القصة القرآنية تجعل من حكاية طالوت مع التابوت آية ملك طالوت ، ودليلا على حسن اختيار صمويل له ملكا . ويأتي في سفر يشوع حكاية مماثلة عن التابوت جعلت المفسرين العرب تضطرب رواياتهم حوله ، حتى قالوا إن صمويل اسمه كذلك يشوع ، مع أن يشوع بخلاف طالوت أو شاول ، وهناك فارق زمنى كبير بينهما ، فيشوع أول الأنبياء وصمويل آخرهم . ويشوع عبر نهر الأردن ، وكلمة « نهر » في القصة بلبلت الرواة والمفسّرين العرب ، ولا وجود للأردن في قصة طالوت القرآنية .
ومع ذلك فإن طالوت يصدق عليه أنه أتى بالتابوت ليسكنه في مكانه بعد أن استولى عليه الفلسطينيون واحتفظوا به لديهم سبعة أشهر ، إلا أنهم أعادوه من تلقاء أنفسهم ، واستقر التابوت في قرية يعاريم ، واستمر بها مصونا طوال فترة حكم شاول التي استمرت سنتين ، وهي آية لا شك فيها لكثرة ما نقل التابوت من مكان إلى مكان ، ولطول ما تبادلته الأيدي ، ولاستقراره في حكم شاول . ثم إن شاول وقد كان معه التابوت ( ملوك أول 14 / 18 ) ،
أراد العبور به بينما الفلسطينيون يتربصون به الدوائر ، ولم يكن معه إلا فئة قليلة من الجند كما ذكر القرآن ، وأحصاهم التوراة ستمائة رجل ( ملوك أول 14 / 2 - 6 ) ،
فلأنهم قلة اعتراهم الخوف من عدوهم ، ولكنهم غامروا وعبروا وانتصروا وإنما بالحيلة . ويأتي في القرآن أنهم شربوا من النهر إلا قلة ، والمقصود بالنهر على الحقيقة نهر الشريعة ، وكان ذلك من شاول أنه حلف عليهم أن لا يذوقوا طعاما قبل أن ينتصروا ، فلما صادفتهم غابة واخترقوها كان عسل النحل يجرى في أشجارها أنهارا ، لكنهم خافوا أن يقربوه لأنهم أقسموا ، ولم يكن ابن شاول قد سمع بالقسم فمد يده بعصا يأخذ من نهر العسل ويتذوقه ، وفعل مثله آخرون وكانوا قلة ، وقلّدهم آخرون ، وشربوا من نهر العسل ، ثم إنهم لمّا انتصروا وغنموا الغنائم ذبحوا الذبائح حتى سالت دماؤها أنهارا ، فشربوا من نهر الدم ، ومن أجل أنهم نكثوا بأيمانهم غضب عليهم شاول وعاقبهم ، فالنهر في القرآن هو هذا النهر الذي ذكرنا .

وأما حكاية جالوت مع شاول فإنه لمّا خرج مبارزا لجماعة شاول وكانوا قلة ، وصاح فيهم ما سمعوه جميعا ، فلو كانوا بالآلاف لما بلغهم صياحه ، فكانوا قلة فعلا ( ملوك أول 17 / 10 - 12 ) . واسم جالوت أو جليات بالعبرية معناه السبىّ بالسريانية ودخل العبرية بهذا المعنى ، وقيل : كان جالوت من عبيد الفلسطينيين . والأصح أن جالوت هو تصحيف عبرى للفظ الجوّال من جال بمعنى الكرّار ، الذي يجتال بسيفه ويلعب به ويديره على جوانبه .
والقصة القرآنية في غاية البلاغة والإحكام والإيجاز ولاتدانها قصة التوراة ، وأنهاها الحق تعالى بعبارة هي فصل الخطاب ، قال :تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ( 252 ) ( البقرة ) أي هذه آيات اللّه التي قصصنا عليك من أمر الذين ذكرناهم بالحق ، والواقع الذي كان عليه الأمر المطابق لما بأيدي أهل الكتاب مما يعلمه علماء بني إسرائيل ، وهو ما يثبت أنك يا محمد من المرسلين .
  * * *   
قصة جالوت

871 . جالوت في التوراة والقرآن

اسم جالوت يأتي في كتب اليهود قبل القرآن ، وقيل هو اسم ، والحقيقة أنه ليس اسما ولكنه صفة ، من جلت السريانية يعنى ضرب ، وجالوت هو المقاتل الذي يحترف القتال ، ويأتي في العبرية جليات أو جولياتGoliath، قال المستشرقون إن قصته مع داود أخذها القرآن من التوراة ، مع أن قصة جالوت لم ترد في التوراة وإنما في سفر صمويل الأول ، بعد التوراة بزمن طويل ، في الفصلين السابع عشر والواحد والعشرين .
واسم جالوت هو تصحيف عربى للاسم السرياني ، واليهود على أن الاسم جليات يعنى أنه السبىّ ، أي أنه لم يكن سيدا في قومه ولكن من الموالى ، وكان من بلدة فلسطينية تدعى جت ومعناها المعصرة ، فقد كان أهلها يعملون بعصر الزيتون ، ومعاصره لا يصلح لها إلا الأقوياء ، والعمل عليها أحرى بالموالى ، ولذا كان جالوت قويا ، وكانت المدينة حصنا من الحصون ، فكان جالوت وغيره من الموالى الأشداء يتعلمون فنون القتال للدفاع عن مدينتهم ضد اليهود الغزاة ، فقد كان اليهود كما هم الآن يغزون جيرانهم لتكون لهم أرض ودولة .

وغالى صموئيل في وصف جالوت ، تهويلا ومبالغة ، وربط بين اسمه جليات وبين أنه من الجبابرة ، وقال إن طوله كان تسعة أقدام يعنى 270 سم !
ولا يوجد إنسان في أي عصر من العصور كان بهذا الطول !
وقيل كانت أدوات حربه مناسبة لطوله ، وجعلها صمويل صاحب السفر الذي يحكى عن جالوت - أسطورة ، وضخّم فيها ليثبّت في أذهان اليهود أنهم أهل حيلة وإن كان خصومهم أقوى ، وبالغ في وصف الخوف الذي اعترى المقاتلين اليهود لمّا رأوا جالوت يبرز لهم .
وقال صمويل على لسان شاول الملك إن داود كان غلاما ، وهو ليس صحيحا ، وإنما كان راعيا لغنم أبيه وإن كان أصغر إخوته الثمانية ، ويصف نفسه مباهيا فيقول إنه قتل أسدا ودبّا ، وما كان من المعقول أن يزوّجه الملك ابنته وهو غلام حدث ، ثم إنه سرعان ما نصّب ملكا وكان في الثلاثين !
وفي مشهد القتال استخدم داود السخرية لاستمالة قلب الملك شاول إليه ، فيرضى أن يخرج لقتال الفلسطينى جالوت .

وغالى صموئيل في وصف جمال داود ، ونعرف من بعد أن داود كان يعاني من اضطرابات نفسية تصيبه بالهوس الدوري ، وكان كثير الأخطاء والاستغفار ، ويستعذب أن ينزل بنفسه العقاب .
ولم يخرج داود بأدوات قتال إلا من مقلاع وبعض الحجارة وعصا الرّعى ، فصوب مقلاعه إلى جوليات أو جالوت ، وأصابه الحجر منه في جبهته ، وانغرز فيها ، وسقط جوليات على الأرض ، فعدا داود إليه وأخذ سيفه وقطع رأسه ، وانتهت الحرب الحرب بين الفلسطينيين واليهود على ذلك ، لأنها لم تكن موقعة على الحقيقة ، ولكنهم كانوا جماعة من هؤلاء وأولئك يقفون في صفين متقابلين ، فيخرج من هؤلاء واحد فيلاقيه واحد من أولئك ، فلما خرج جوليات تصدّى له داود بأدوات بدائية ، وبسبب جسارته وحيلته ، صار داود ملكا ، واعتبر خلعه للباس الحرب الذي ألبسه إياه شاول ، دليل ذكاء يحسب له كمحارب ، لأن جوليات كان يضع عدّة الحرب فكانت ثقيلة تبطئ حركته ، فاستغل داود تلك السلبية فيه ، وأسرع يلتف حوله ليتمكن منه .

ويعرض القرآن لقصة جالوت مع داود ضمن سورة البقرة وخلال سرده لقصة طالوت الذي هو شاول بالعبرية ، فقد كان شاول وجنوده قد جاوزوا النهر إلى جت ، فلما علموا أنهم ملاقو جالوت وجنوده قالوا :لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ( 249 ) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ( 250 ) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ( 251 ) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ( 252 ) ( البقرة ) .
وبمقارنة قصة صموئيل السالفة بقصة القرآن هذه ، يتبين الاختلاف بينهما كأوسع ما يكون الاختلاف ، والقصص في الروح اليهودية للسرد تفصيلا وتهويلا بقصد إظهار عظمة شعب اليهود لا غير ، وأما في الروح العربية فالقصص للعبرة والتدبّر ، وفيها الحكم ، وعباراتها تزجى كالأمثلة ، ومنها الكثير مما يعد من جوامع الكلم .

ولم يورد القرآن اسم جالوت كشخصية تاريخية ، وإنما كرمز للقوة الغاشمة ، وفساد فرط الثقة بالنفس ، وعقم البغى وبطلان العدوان ، اعتمادا على القوة بلا إيمان . وجنود جالوت في الرواية القرآنية هم أصحابه من جنسه وهيئته وصنعته .
وليس في الروايتين اليهودية والقرآنية أي ذكر لعدد الجنود من الجانبين . وفي الرواية اليهودية أن اليهود كانوا غالبية يملؤهم الخوف وإيمانهم على حرف ، ولم يرد أي شئ عن المؤمنين .
وفي الرواية القرآنية فإن الدليل على قلة إيمان هذه الغالبية ، قولهم لا طاقة لنا بجالوت وجنوده ، غير أنه كان ضمن هؤلاء ثلة شديدة الإيمان ، وهؤلاء هم القلة الذين اجتازوا النهر وأطاعوا طالوت فلم يتناولوا من مائه ولو شربة ، وقال فيهم القرآن :قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ( البقرة 249 ) ،
والظن يتوسط الشك والوهم ، فالشك سلبى ، والظن لا هو بالسلب ولا بالإيجاب ، فإن مال للإيمان وللإيجابية صار يقينا ، وإن نحا إلى السلبية فهو الشك ، وإن كان على خطأ ظاهر فهو الوهم . وظن هؤلاء كان يقينا ، لأنهم قالوا :كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً( البقرة 249 ) ، 

والفئة هي الجماعة ، وقولهم تحريض على القتال ، واستشعار للصبر ، واقتداء بالمصدّقين من الأماثل ، وهؤلاء القلة هم الربّانيون المعنيون بالآية :وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ( 146 ) ( آل عمران ) ، 
ولذلك دعوا في موقفهم القتالى فقالوا :رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ( 250 ) ( البقرة ) 
مثلما دعا غيرهم ، قالوا :رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ( 147 ) ( آل عمران ) ،
فهزموهم ، وإنما كان ذلك بإذن اللّه بحسب القرآن ، وافتقدنا مثل ذلك في رواية صموئيل . وفي رواية القرآن قتل داود جالوت جهادا ، فكان أن آتاه اللّه الملك والحكمة وعلّمه مما يشاء ، وليس ذلك في رواية صموئيل ، ثم يأتي في القرآن هذا القول الحكيم والبديع كأبدع ما تكونا الحكمة :وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ( 251 ) ( البقرة ) ، 

فيتضح أن شرّ الظالمين والكافرين والمعتدين والبغاة يدفعه اللّه بالمؤمنين والصالحين والأخيار . وهذا هو الدرس المستفاد من قصة جالوت مع داود ، والذي حجب عن صموئيل فلم يره ولم يأت ذكره على لسانه ، ولم يتضمنه كتابه ، وآتاه اللّه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم في قوله :تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ( 252 ) ( البقرة ) ،
تأكيدا بأنه صلى اللّه عليه وسلم نبىّ مرسل ، ولولا ذلك ما أعطى زبدة الموضوع وخلاصته ، ولما أوتى هذه الحكمة التي حرمها صموئيل ، لأن صموئيل لم يكن نبيا على الحقيقة ولا رسولا ، وإنما كان كما قال الروائي والفيلسوف هيربرت چورچ ويلزH . G . Wellsعن أنبياء إسرائيل : لم يكونوا أنبياء فعلا ولكنهم رجال دولة يخططون لتثبيت أركان دولتهم لا غير !

* * *
 قصة داود بن يسى

872 . هل كان نبيّا ملكا أو ملكا فقط

بحسب التوراة فإن داود كان ثاني ملوك إسرائيل ، ويأتي بعد طالوت أول ملوكهم ، واسم هذا الأخير عند اليهود شاول ، وشاول هو الذي اختار داود ضمن أتباعه ، وكان داود من سبط يهوذا ، ويهوذا هو الذي وصفه يعقوب أبوه بأنه شديد البأس ، يميل إلى العنف ، وهو ابن ليئة ، وهو الذي أوعز إلى إخوته أن يبيعوا يوسف للإسماعيليين ، وهو أيضا الذي دخل على زوجة ابنه : « شيلا » باعتبارها بغيا ، وحملت منه سفاحا وولدت توأمين .
فهذا إذن هو أصل داود كما تقصّه التوراة .
واسمه داود يعنى « المحبوب » ، ويوصف مغالاة بأنه وسيم ، وكان أصغر أبناء أبيه الثمانية .
وفي سفر صموئيل تبدو شخصيته مضطربة ولا تخلو من لوثات خطيئة ، وكذلك كان طالوت ولى نعمته ، وكان داود يعالج طالوت بالموسيقى ، فكلما أتت طالوت نوبات الجنون ، أسرع داود بالعزف والغناء له على قيثار ، وتعلّم السياسة في بلاط طالوت ، واشتهر بحربه مع الفلسطينيين ، وقتاله جالوت بمقلاع وهو ابن أربع عشرة سنة - وهذا الكلام أيضا من باب المغالاة ، فاليهود صنعوا منه أسطورة - وانهزم جالوت لثقل ما عليه من دروع ، وكافأه شاول - أي كافأ داود - بأن زوّجه من ابنته ، وازدادت شهرة داود ، وغار منه شاول ، وأراد أن يقبض عليه فهرب ، وجمع حوله مجموعة من المطاريد والمضطهدين ، وانهزم شاول في جلبوع أمام الفلسطينيين ، ومات في المعركة أبناؤه الثلاثة ، وجرح جرحا خطيرا ، فانتحر بأن أسقط نفسه على سيفه ، وخلفه داود وكان في الثلاثين من عمره ، وشبّت حرب أهلية بسبب توليه الملك ، وتزوج كثيرا وأنجب الكثير من الأولاد، ووضع تصميم الهيكل وبنى مدينة داود، وكان عدوانيا فدخل في حروب مع جيرانه ، وعمل على أن يخلفه ابنه سليمان.

وتختلف صورة داود في كتب اليهود عن صورته في القرآن ، فعند اليهود هو من الملوك وليس من الأنبياء ، وفي القرآن هو « نبىّ ملك » ،
وفيه قال تعالى :وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ( 251 ) ( البقرة )،
أي آتاه ملك طالوت الذي هو شاول ، كما آتاه نبوة صموئيل ، وتعلم في بلاط شاول سياسة الملك والحرب والدين ، ودفع اللّه به البلاء عن قومه ، ولولا ذلك لهلكوا . وفي القرآن :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ( 26 ) ( ص ) ،
يعنى أن اللّه ملّكه ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فتخلف من كان قبلك من الأنبياء والأئمة الصالحين ، ولتحكم بما أنزل اللّه .
وقيل إنه لمّا ظلم أوريا الحثّى ودفعه إلى الحرب ليقتل ويتزوج امرأته ، كانت له في الخليل سبع نساء بخلاف السراري ، ولما سكن أورشليم تزوج خمس زوجات بالإضافة إلى السابقات ، وكانت له سرارى كذلك ، ورغم كل هذا العدد من النساء طمع في امرأة أوريا فكان مثله مثل الأخوين صاحبي النعاج ، كقوله تعالى :إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ ( 23 ) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ ( 24 ) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ( 25 ) ( ص ) ،
وقيل إنه كان في المحراب عندما نظر من الكوة فأشرف على امرأة تغتسل فلما رأته غطت جسدها بشعرها ، فوقعت في قلبه ، وبنى بها فحملت ولكنها أجهضت ، فعرف أن اللّه غاضب عليه ، ولازم المحراب حتى عفا عنه ربّه - فهكذا قال له الكهنة ، فحملت المرأة منه ثانية ، وفي هذه المرة ولدت ابنه سليمان ! وقيل في تشبيهه بالأخ صاحب التسع والتسعين نعجة ، هو أحسن تعريض فما كانت هناك نعاج ، ولم تكن لداود تسع وتسعون امرأة ، وربما كان هذا هو عدد نسائه جميعهن زوجات وسرارى ، والمقصود في كل الأحوال ضرب المثل .
ومعنى « اكفلنيها » أنزل لي عنها ، و « عزّنى في الخطاب » أي غلبني ، و « الخلطاء » ، الأصحاب . ولقد علم داود أنه قد فتن فاستغفر ربّه وتاب من خطيئته . وقيل إن داود مكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت العشب من دموعه على رأسه ! وأكلت الأرض من جبينه ! وهذا كلام يستحيل أن يتحقق !
وهو من باب الأساطير الدينية اليهودية ! وكان يقول في سجوده : يا ربّ ، داود زلّ زلّة بعد بها ما بين المشرق والمغرب . 

ربّ ، إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنبه جعلت ذنبه حديثا في الخلق من بعده ! - وكأنه لا يهمه إلا كلام الناس عنه . 
وقيل : لمّا غفر اللّه له قرّبه ، وضرب به المثل في الصبر ، فقال تعالى مخاطبا النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ( 17 ) ( ص ) ،
والصبر دليل النبوّة ، وكان داود ذا أيد ، يعنى قوى في عبادته ، يصوم أشد الصوم وأفضله ، ويصلى أطول صلاة ، ويرتل أجود الترتيل ، فأعطاه اللّه المزامير ، يعنى ألهمه ، وقال :وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً ( 163 )( النساء ) ،
والزبور هو المزامير ، وكانت تتنزل عليه بوحي من السماء ، وهي حكم ومواعظ وتسابيح وحمد وثناء على اللّه ، ولعن فيها الكافرين ، كقوله :لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ( المائدة 78 ) .
وحرّفت هذه المزامير مثلما حرّفت التوراة ، وزيد فيها وأنقص منها .
وقيل : كان داود لا يأكل إلا من عمل يديه ، كقوله :أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ( سبأ 11 ) ، 

ومحتمل أن أكله من عمل يديه أنه كان صاحب ورشة يعمل فيها العمال . 
والسابغات التي كان يصنعها هي الدروع السابغة أي الكاملة ، وكانت قبله صفائح ، فكانت ثقالا ، فأمر بالتقدير فيها بحيث تجتمع فيها الخفة والحصانة ، فلا تقصد الحصانة فيها فقط فتثقل، ولا تقصد الخفة فقط فتزول المنعة، والسرد حلق الدرع ، ولذلك يسمى صانع الدروع بالسرّاد ، وقال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً(سبأ 13)،
والخطاب في الآية لداود وأهله ، وشكرهم لما حباهم به ربّهم فقال :وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ( 10 ) ( سبأ ) ،
وفضله تعالى عليه في تسعة أمور : 
الأول : النبوة ؛
والثاني : الزبور أو المزامير ؛ 

والثالث : العلم ، قال تعالى :وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً( النمل 15 ) ؛
والرابع : القوة ، فقال :وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ( ص 17 ) ؛
والخامس : تسخير الجبال والناس ، قال :يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ( سبأ 10 ) ،
والسادس : 
التوبة ، قال :فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ( 25 ) ( ص ) ؛
والسابع : الحكم بالعدل ، قال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ( ص 26 ) ؛
والثامن : إلانة الحديد ، قال :وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ( 10 ) ( سبأ ) ؛ 

والتاسع : حسن الصوت ، فقال :يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ( سبأ 10 ) ،
ويشبّه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم تلاوة أبى موسى الأشعري وحسن صوته بما كان عند داود فقال له : « لقد أوتيت مزمارا من مزامير داود » ، والمزمار حسن الصوت ، وبه سميت آله الزمر . وقال تعالى :سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ( 18 ) ( ص ) ، وتسبيحها ترديدها لتراتيله .
وأهل الحكمة على القول بالاقتداء بداود وأن نتعلم الصنائع ، فالتحرّف لا ينقص من المناصب ، وهو زيادة في الفضل ، ويحدث التواضع ، والاستغناء عن الغير وكسب الحلال تعبير عن الامتنان ، وفي الحديث: «إن خير ما أكل المرء من عمل يده ، وإن نبىّ اللّه داود كان يأكل من عمل يده».
ورغم كل هذه الفضائل لداود ، فقد كان سليمان أعلم منه وأكثر حكمة ، يعنى أكثر إصابة في اجتهاداته وأحكامه .
وفي القرآن قضية الأغنام التي نفشت في الحرث بالليل ، فحكم داود بأن تدفع الغنم إلى صاحب الحرث ، والحرث إلى صاحب الغنم ، فلما خرج الخصمان على سليمان وكان يجلس على الباب قالا له : قضى بالغنم لصاحب الحرث .
فتوجه سليمان إلى أبيه وقال له : يا نبي اللّه ، رأيت ما هو أرفق بالجميع ، فادفع الغنم إلى صاحب الحرث فينتفع بألبانها وأصوافها ، وادفع الحرث إلى صاحب الغنم ليقوم عليه ، فإذا عاد الزرع إلى حاله في السنة المقبلة ، يردّ كل واحد منهما ماله إلى صاحبه ، وسرّ داود لتساوى القيمتين ، فذلك قوله تعالى :فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً( الأنبياء 79 ) .
فانظر يا أخي إلى عظمة قصة القرآن عن داود ، وعباراتها التي كلها حكم ، والدروس المستفادة منها ، وانظر إلى قصة داود كما تعرضها التوراة ، وينصرف اهتمامها إلى التفاصيل ، شأن الروايات المكذوبة ، فكلما زادت التفاصيل فاعلم أن الراوي يريد أن يثبت الكذبة بكذبة أكبر منها وهكذا . ( انظر أيضا قصص جالوت ، وطالوت ، وسليمان ) .

  * * *


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 - 15:39 عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 - 15:33 من طرف عبدالله المسافربالله


الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

873 . قصة داود وأوريا الحثى

تأتى هذه القصة في القرآن من الأدب الرمزى ، يقول تعالى :وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ( 21 ) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ ( 22 ) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ ( 23 ) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ ( 24 ) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ( 25 ) ( ص ) .
والخصم الذين تسوّروا المحراب - برواية التوراة - هما ملكان في صورة إنسيين ، فعلا ذلك كي لا يراهما أحد ، فما درى داود وهو في الصلاة إلا وهما بين يديه جالسين .
وكان سبب ذلك حكاية بتشابع بنت اليعام امرأة أوريا الحثّى ، وكان داود عند المساء قد قام عن سريره يتمشى على سطح بيت الملك ، فرأى من السطح امرأة تستحم وكانت هي بتشابع ، وكانت جميلة جدا ، فأرسل يسأل من تكون ، وبعث من أحضروها له ، ودخل عليها ، ورجعت إلى بيتها .
وحملت المرأة فأرسلت تخبر داود ، فأرسل إلى قائد جيشه ليرسل إليه زوجها ، ولمّا جاء استخبره عن الجيش والحرب ، ثم أرسله ليبيت في بيته مع امرأته ، لكن أوريا رفض أن ينام مع امرأته بينما الجيش في الحرب ، وأعطاه داود إجازة يومين ، فأصر أن لا يبيت في بيته طالما زملاؤه في الحرب ، وسهر معه وأسكره وأرسله إلى بيته فلم يفعل ، فاضطر داود أن يرسل كتابا معه إلى قائد الجيش يأمره أن يوجه أوريا إلى حيث يكون القتال شديدا كي يموت ، وفعلا قتل أوريا ، وعلم داود ، وناحت امرأة أوريا على زوجها ، ولما تمت أيام مناحتها ضمّها داود إلى بيته واتخذها زوجة ، وولدت له ابنا ، وساء ما صنعه في عينىّ الربّ ، فجاءه النبىّ ناتان وقال له حكاية عن رجلين ، أحدهما فقير والآخر غنى ، وكان للغنى غنم وبقر كثيرة جدا ، ولم يكن للفقير سوى نعجة صغيرة ، اشتراها وربّاها وكبرت عنده مع بنيه ، وتأكل من لقمته ، وتشرب من مائه ، وترقد على حصيره ، وكانت عنده كابنته .
وحدث أن نزل بالغنى ضيف فاستخسر أن يذبح له من غنمه وبقره ، واستولى على نعجة الفقير وذبحها ليقدمها للضيف . واستمع داود للقصة فغضب على الغنى ، وقال لناتان : إن هذا الغنى يستحق القتل ! وحكم بأن يعطى الفقير ثمن النعجة أربعة أضعاف !
فقال له ناتان : أنت هو الرجل . أعطاك الربّ كل شئ فلم تقنع ، وطلبت المزيد ، وفعلت المنكر ، وقتلت أوريا الحثىّ بالسيف ، وأخذت امرأته !
وحكم عليه ناتان : أن لا يفارق السيف يديه إلى الأبد ، جزاء أنه ازدرى شريعة الربّ وأخذ زوجة غيره لنفسه بعد أن تآمر على قتله ، ولذلك سوف يأتيه الشرّ من داخل بيته ، وسيأخذ أزواجه غيره ، ولمّا كان قد فعل ما فعل خفية ، فإن الربّ يفعل فيه مثلما فعل مع « أوريا » في العلن وعلى مرأى من جميع إسرائيل ، وفي وضح النهار ، وأن الابن الذي يولد له سوف يموت .
وبالفعل مرض الابن ، وصام داود وارتمى على الأرض يتضرّع إلى اللّه ، وظل كذلك أسبوعا ، ثم مات الصبى ، فقام وادّهن ، وارتدى ثيابه ، ودخل بيت الربّ فسجد ، وعاد إلى بيته فأكل ، وحار فيه عبيده وقالوا له : لمّا كان الصبى حيا صمت وبكيت ، ولمّا مات قمت وأكلت ؟
فقال : لما كان حيا صمت وبكيت لعله يشفى ، فلما مات ، فلما ذا أصوم ؟ هل أستطيع أن أردّه ؟ وعزّى امرأته بتشابع وضاجعها ، فحملت وولدت ابنا سمّاه سليمان ! ( 2 ملوك 11 ) .

فهذه هي قصة التوراة عن داود مع بتشابع امرأة أوريا ، وما فعله ليصل إليها ، وكيف بنى بها وأنجب منها سليمان ، وداود فيها زان ، ومصرّ على الزنا ، وابنه سليمان ابن سفاح ؛ ورواية القرآن نقيض ذلك تماما ، وتصوّر مجمل القصة أجمل تصوير ، وتختصرها بلا إخلال ، وتركز أحداثها ، ثم تستنبط الدروس المستفادة من القصة وتنبّه إليها ، فلو لا أن اللّه غفور لكان داود قد لحقه دمار أي دمار بما فعل ، ولكن حسناته كانت أكثر من سيئاته ، وكان به علم وحكمة برغم كل شئ ، وتكفيه المزامير شفيعا له عند ربّه .
  * * *

874 . الزبور كتاب داود

يأتي في القرآن عن داود والزبور قوله تعالى :وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً( 163 ) ( النساء ) ، وقوله :وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً( 55 ) ( الإسراء ) ، والزبور عموما هو « الكتاب » من زبرت أي كتبت ، تقول : أنا أعرف تزبرتى ، أي كتابتي ؛ والجمع « زبر » كقوله تعالى :جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ( 184 ) ( آل عمران ) ، وقوله :وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ( 52 ) ( القمر ) .
والزبور تقرأ مفتوحة الزاي أو مضمومة ، والأصل في معناها أنها تفيد التوثيق ، أي أن الزبور هو الكتاب الموثق المضمون . وقيل : الزبور من الزّبر وهو الزّجر ، تقول : زبرت الرجل أي انتهرته ، وزبرت البئر أي طويتها بالحجارة .
والزبور : هو الكتاب الصعب غليظ الكتابة .
وقيل : الزبور ككتاب مقصور على الحكم العقلية دون الأحكام الشرعية ؛ والكلمة بحسب الأصول الأجنبية هي مزمور ، والجمع مزامير ، وهي الأناشيد التي تغنّى بمرافقة المزمار ، وكانت هذه الآلة أيام داود ، وكان يحب أن ينفخ فيها ويغنى بمرافقتها .
ويتألّف المزمار من سبع أو ثماني قطع من القصب مختلفة الطول ، وأكثر ما يستخدمه الرعاة في الإنشاد أو الغناء في الوديان .
والمزمور له شكل الدعاء أحيانا وأحيانا أخرى له شكل الموال ، والكثير من دعاء النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كأنه مزامير يصحّ الإنشاد أو التغني به .

ومزامير داود سفر من أسفار كتب العهد القديم ، واليهود يسمونه سفر المزامير ، أو كتاب الحمد ، ودعاه المسيح كتاب المزامير ، واشتهر باسم مزامير داود ، وورد به 150  مزمورا ، منها 73 ينسبونها لداود .
وتقسّم إلى خمس مجاميع أو خمسة كتب ، تنتهى كل منها بدعاء ، ويأتي في نهاية اثنين منها لفظة آمين تتكرر مرتين ، وآمين لم تكن ضمن المتن ، ولكن جامعي الكتاب هم الذين أضافوها . متى ؟ لا ندري . وهذا التقسيم الخمسى يرمز إلى أسفار موسى الخمسة ، وكأن جامعي الكتاب أرادوا أن يجعلوا للمزامير مكانة كمكانة كتب التوراة الخمسة ، وهذه الأقسام تبتدئ بالمزامير 1 ، و 42 ، و 73 ، و 90 ، و 107 على الترتيب .
والقسم الأول منها 37 مزمورا لداود ، أربعة منها ، وهي 1 ، 2 ، 10 ، 33 ، لمؤلفين غير معروفين ، ويدعونها لذلك المزامير اليتيمة .
والقسم أو الكتاب الثاني يتضمن 31 مزمورا ليس منها شئ لداود ،
وكذلك القسم الثالث يتضمن 17 مزمورا ليس منها شئ لداود ،
والرابع 17 مزمورا من 90 إلى 106 ، منها مزمور واحد لموسى هو المزمور 90 ، ومزموران لداود هما : 101 و 103 ، والبقية لمؤلفين غير معروفين .
والخامس 44 مزمورا ، منها 15 لداود ، وواحد لسليمان ، والباقي لمؤلفين غير معروفين . 

فهذه 146 مزمورا فقط ، منها خمسون مزمورا لداود . وبعض المزامير يتكرر ، وبعض خواتمها في غير أماكنها .
ومن الواضح أن كل محاولات الجمع والإضافة والتأليف والتحريف وغيره قد تمّ بعد سبى بابل ، أيام عزرا ، ولذا يلاحظ أن العواطف والمشاعر التي تعبر عنها المزامير ليست واحدة ولكنها بأساليب متغايرة ، وتتوافق مع أحداث على مر أزمان عديدة منذ عصر داود إلى ما بعد السبي ، أي نحو الألف سنة أو أكثر ، ومنها ما لا يمكن فهمه .

وقسّموها بحسب موضوعاتها إلى : مزامير الحمد والتسبيح ، ومزامير الشكر ، ومزامير التوبة ، ومزامير الدعاء ، ومزامير أساسها وعود اللّه ، ومزامير تعليمية .
وكما ترى فإن كتاب الزبور ، أو المزامير الحالية ، ليست كلها لداود ، وليست جميعها على وتيرة واحدة وبأسلوب واحد ، ومع ذلك فهي دعوات للخير وإن كان التعصب فيها للإسرائيليين شديد ، ولكنها تصلح للدعاء لأي جماعات أو أفراد من أية ديانات مع تعديل بسيط .
  * * *

875 . هل اقتبس القرآن من مزامير داود

يأتي في القرآن :وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ( 105 ) ( الأنبياء ) ، والمستشرق هوروفتس على القول بأن القرآن اقتبس الآية من مزامير داود ، وأنها تكاد تكون طبق الأصل للعبارتين منها : « إن الذين يباركهم يرثون الأرض » ( 36 / 22 ) ، « والصدّيقون يرثون الأرض ويسكنونها إلى الأبد » ( 36 / 29 ) .
وفارق بين 
الصياغتين العبريتين والصياغة العربية ، فأولا نسب القرآن المعنى للزبور ، وقال : « كتبنا » أي أن الأمر وحى من اللّه ، و « الذكر » هو التوراة ، فالقضية سواء بطرح التوراة أو الزبور ( المزامير ) أو القرآن ، الأصل فيها اللّه ، ونسبة العبارة للمزامير دليل على صدق القرآن ، وهي له وليست عليه ، وكان الأحرى بهوروفتس أن يصدّق القرآن ، طالما أن القرآن يصدق ما قبله :فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ( البقرة 97 ) ،
أي نزل مصدّقا لما سبقه من التنزيل . وما كان محمد صلى اللّه عليه وسلم قد اطّلع على ترجمات للمزامير ، فأول ترجمة لها بالعربية كانت في القرن الثاني الهجري ، فكيف كان يتسنّى لمحمد صلى اللّه عليه وسلم أن يعرف ما في المزامير ؟

ثم إن المزامير 150 مزمورا ، منها 73 فقط نسبت لداود ، ومنها المزمور 36 الذي قيل إن العبارة السابقة منه ، يعنى أن القرآن يصدق مرة ثانية في نسبة العبارة للزبور الذي هو كتاب داود فلم يخطئ ونسب إلى داود شيئا لم يقله ، ومزامير داود هو هذه المزامير التي عددها 73 دون غيرها من المزامير المضافة عليها مجهولة المؤلف .
وثمة اختلاف آخر : أن عبارتى المزامير بشارة للأخيار الذين يباركهم الربّ ، والكلام في المزمور كله عن استئصال الأشرار وتمكين الأخيار .
وأما في الآية القرآنية : فالكلام قضية منطقية كلية صادقة ، يقول :الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ( 105 ) ،
ويقول بعدها :إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ ( 106 ) وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ( 107 ) ( الأنبياء ) ،
فجعل هذه القضية من قضايا الإعلام الإسلامي ، ينبّه إليها الجميع ، وكان بلاغ توريث الأرض أحد البلاغات الكثيرة الصادرة عن اللّه تعالى خلال بعثة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وجعل توريث الأرض للصالحين أصلا من الأصول في السياسة الإسلامية ، وفي الاقتصاد والحكم ، وجعل الصلاح سببا لاستحقاق الوراثة ، فلم يجعلها بالعصب وإنما بالصلاح .
ووجّه البلاغ للعالمين ليحيطوا به علما ، ولتعمل بمتقتضاه جماعة المؤمنين ، وفي ذلك كل الرحمة بهم ، وكان المبلّغ بها - وهو محمد - بمقتضى هذه البشارة والنذارة معا التي حمّلها ، رحمة للعالمين كذلك .
فهل مثل هذه المعاني السياسية والتربوية والاقتصادية مما يمكن أن يتضمّنه نصّ المزمور ؟
والجواب بالنفي وإنما هو مجرد نصّ بدلالة ضحلة ، والقرآن وسّع دلالته وصنع من عبارتى المزمور ومن غيرهما علما استنباطيا إضافيا هو علم الإسلام السياسي .

  * * *

876 . الإسرائيليات في تفسير آية توريث الأرض للصالحين

الآية :وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ( 105 ) ( الأنبياء ) مصدر خلاف بين المفسرين لغلبة الإسرائيليات على توجهات الكثيرين منهم من القدامى ، قالوا : إنه طالما أن الآية ذكر فيها الزبور فالمقصود بعبادي الصالحين اليهود الصالحون ، والأرض على ذلك هي الأرض المقدسة . ذكر ذلك الماوردي . وقال آخرون إن الأرض هي الجنة ، وقال أهل الإسلام إن الآية عامة ، وإن الأرض هي أرض الأمم الكافرة يرثها المؤمنون عامة :وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها( الأعراف 137 ) ،
وذلك هو الصحيح وليس أن الأمر قاصر على اليهود الصالحين دون غيرهم كما تزعم الإسرائيليات ، وهو أيضا واقع الحال والمشاهد عبر التاريخ : أن صلاح الأمم يكون معه علوها وسيادتها .

  * * *

877 . نموذج من زبور داود من سفر المزامير

يقول داود : التّقىّ من لم يجالس المنافقين ، ولم يعاشر الخطّائين ، ولم يجد نفسه مع المستهزئين بالدين ، وهواه مع كتاب اللّه يتلوه بالليل والنهار ، وهو كالشجرة المزروعة على مجرى الماء ، تؤتى ثمرها في أوانه ، وورقها لا يذبل ، ونقيض ذلك المنافق ، وطريقه طريق الهلاك .
ويقول : يا أيها الملوك تعقّلوا ، واتّعظوا يا قضاة الأرض ، واعبدوا الربّ بخشية ، فطوبى للمعتصمين باللّه .
ويقول : ب السلام اضطجع وأنام ، لأنك أنت يا ربّ وحدك في طمأنينة أنزلت علىّ السكينة .
إنّ سافك الدماء والماكر يمقته اللّه . فابعدوا عنى يا جميع فاعلى الإثم ، فإني في كل ليلة أبكى وتغرق دموعي سريري ، وإن جسمي ليذبل من الكرب ، وما أعانى من الندم أهرمنى ، فاسمع يا ربّ تضرّعى ، واقبل صلاتي ، وخلّصنى من مضطهديّ ، ونجّنى من الشرير الذي يحفر الآبار فلا يسقط فيها إلا هو ، وضرره يرتد على نفسه ، وعلى هامته يقع جوره .

ويقول : يا ربّ ، يا سيدي ، ما أعظم اسمك في كل الأرض . فأنت ملجأ الملهوف ، وملاذ من يعاني الضيق ، والعارفون بك يتوكلون عليك ، ولم تخذل من دعوك ، ومن نسي اللّه نساه ، وفي الجحيم أرداه ، وليس على الدوام ينسى المسكين ، ولن ينقطع رجاء البائسين .
ويقول : أحبّك يا ربّ ، يا قوتى ، وصخرتى ، وملجئى ، ومنقذى . 
أثابنى الربّ بحسب برّى وطهارة يدي ، لأنى لم أعصه ، فأحكامه أراعيها ، وسننه لا أحيد عنها ، فأثابنى الربّ بحسب برّى ، وأنت يا ربّ سراجى ومنير ظلمتى .
  * * *   
قصة سليمان بن داود

878  . سليمان في التوراة والقرآن

في التوراة : سليمان « ملك » وإن كانت له أسفار باسمه ضمن كتب العهد القديم ؛ وفي القرآن : سليمان « ملك نبىّ » أوحى إليه كما أوحى إلى النبيين ، كقوله تعالى :إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ( النساء 163 ) ؛
وسليمان : اسم عبرى ، ومعناه « الذي أسلم أمره للّه » ، وكان ابنا لداود وخلفه على عرش إسرائيل ، وظل يحكم مدة أربعين سنة ، قيل هي أطول فترة حكم لملك من ملوك إسرائيل ، وهو ثالث ملك لها ، وكان الأول طالوت ، ثم داود ، ثم سليمان .
وأصل سليمان بالعربية من السلم ، يقال : قوم سلم ، أي مسالمون ، وتسلّم ، وأسلم ، وتمسلم أي صار مسلما . والسلام من التسليم ، كالكلام من التكليم .
وفي العربية تحرّف سليمان إلى سلمان ، وكان سلمان الفارسي مثلا من كبار الصحابة .
وكانت أم سليمان تشابع - بحسب التوراة ( ملوك أول / 11 1 ) - زوجة لأوريا الحثّى ، وشغف بها داود ، فاحتال على زوجها فقتل ، وتزوجها وأنجب منها سليمان ، وكانت المفضلة على نسائه ، فجعل ابنها خليفته على ملكه ( ملوك أول 1 / 11 - 53 )
ومعنى تشابع أنها « المعاهدة » ، قيل أنها رفضت الزواج من داود إلا إذا أقسم لها أمام أحبار إسرائيل أن يجعل ابنها منه لو حملت ، ملكا على إسرائيل ، وكانت حيثية كزوجها السابق ، واسم تشابع هذا جاءها بعد زواجها من داود ، وتلعب الأسماء عند اليهود دورا كبيرا في رسم حظوظ أصحابها ، فمثلا اسم داود يعنى عندهم « المحبوب » ، أو « محبوب اللّه » ، أو « حبيب اللّه » ، فأطلق داود على ابنه سليمان اسم « يديديا » ، ويعنى أيضا « محبوب اللّه » أو « حبيب اللّه » ( 2 صموئيل 12 / 24 - 25 ) ، .
وكان المربى والمعلّم لسليمان نبيا يدعى ناتان ، وبدأ سليمان حكمه بالزواج من ابنة فرعون مصر ، ( 3 ملوك 3 / 1 ) ،
ولننتبه إلى أن اسم فرعون في التوراة لا يعنى ملك مصر ، وإنما المقصود به الملك من ملوك إقليم جاسان من أقاليم مصر ، وكان كثيرا ما تغير عليه القبائل والأمم من الشرق ، وأبرز هؤلاء كان الأشوريون والعبرانيون ، فكان ملوك جاسان من أرض مصر من الأجانب ، فهو ليس مصريا ، وكانوا آشوريين غالبا ، واليهود أطلقوا عليهم اسم « الهكسوس » ، وسليمان صاهرهم ولم يصاهر المصريين ، وكانت زيجات سليمان كثيرة من كل الأجناس ، حتى بلغ عددهن سبعمائة زوجة وثلاثمائة سرية ( 3 ملوك 11 / 3 ) ! !
وفي أسفار اليهود أنه كان يؤمن بإله اليهود ، ولكنه يقرّ بآلهة الأغيار ، فلكل شعب إلهه ولا إكراه في الدين ، وكل زوجة 
أجنبية من زوجاته كان لها إلهها ، واحترام آلهة الأغيار هو احترام لإله اليهود ، لأنه دعوة لغير اليهود أن يحذو مع إله اليهود حذو اليهود ، وحذو سليمان مع آلهتهم .
وصورة سليمان في كتب اليهود بخلاف صورته في القرآن ، فهو من ذرية إبراهيم ، ومن المحسنين ( الأنعام 86 ) ،
وآتاه اللّه العلم ، وفضّله على كثير من المؤمنين ، كقوله تعالى :وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ( 16 ) ( النمل ) ،
قيل : ورث سليمان نبوة داود وملكه ، ولو كانت وراثة مال لكان جميع أولاد داود في المال سواء ، ولانقسم المال بعددهم ، ولكنها كانت وراثة نبوة ، فلم تكن فيها أولويات للأكبر سنا .
والأنبياء لا يورثون المال ولكنهم يورثون النبوّة والحكمة ، وفي الحديث : « إنا معشر الأنبياء لا نورث » ، ونحوه : « العلماء ورثة الأنبياء » .
وكان سليمان أعظم ملكا من داود ، وأقضى منه ( انظر قصة سليمان وداود وغنم الحرث ) ، إلا أن داود كان أشد تعبّدا من سليمان ، ولم يحدث أن سخر اللّه لملك ما سخّره لسليمان من الإنس والجن ، والطير والوحش ، وآتاه ما لم يؤت أحدا من العالمين .
وقام سليمان بعد أبيه بشريعة موسى ولم ينسخها بالرغم من أنه نبىّ ، وكذلك فعل داود ، إلى أن بعث المسيح فنسخها . وكان علم سليمان بمنطق الطير ، أي بأصواته وما يمكن أن تعنيه ، والدراسات في ذلك الآن كثيرة فلا غرابة في ذلك ، قال تعالى :وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ( 17 ) ( النمل ) ،
والحشر هو : الجمع ، وكانوا من كثرتهم يوزعون ، أي يكفّون ويردّ أولهم إلى آخرهم ، والتوزيع بمعنى التفريق ، والوازع هو السلطان ، والناس لا بد لهم من وازع يزعهم ، والوزعة هي التي يوزع بها ، ومن أقوال عثمان بن عفان : « ما يزع الإمام أكثر مما يزع القرآن » ، يعنى حدود القرآن تردع الناس أكثر مما تردعهم قدرة السلطان . ومن أجمل القصص القرآني قصة النملة مع سليمان وجنوده ( انظر قصص القرآن ) ،
قالت لأخواتها :ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ( 18 ) ( النمل ) ،
ففهمها سليمان وتبسّم ضاحكا لقولها « وهم لا يشعرون » ، إشارة إلى الدين والعدل والرأفة .
والنمل له منطق ، والدراسات في حركاته وإشارته كثيرة ، وهي لغة من لغات الحشرات ، وجميعها تتفاوت لغاتها بتفاوت أفهامها ، والعلماء على القول بأن أعقل الطير هو الغراب ، وأعقل الحشرات النمل والنحل ، وأعقل الحيوان الحمار . ويستوجب هذا العلم الشكر من سليمان ، فقال في دعائه :رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ( 19 ) ( النمل ) .
وقصته الأخرى كانت مع الهدهد ، فلمّا افتقده جاء إليه يعتذر أنه أحاط بما لم يحط به ، وتلك دلالة على أن فوق 
كل ذي علم عليم ، وما لم يحط به هو عبادة أهل سبأ وملكتهم للشمس من دون اللّه ، فقال سليمان :سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ( 27 ) ( النمل ) ،
وذلك دليل على أن الحاكم عليه أن يقبل العذر . وسبأ مدينة باليمن ، والهدهد طير معروف ، وهدهدته صوته ، وتهديد سليمان له تطبيق للقاعدة الشرعية : أن الحدّ على قدر الذنب لا على قدر الجسد .
- وقوله :إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ( النمل 23 ) ، كانت المرأة هي بلقيس ، والاسم يوناني ، وأطلق المسيح عليها ملكة التيمّن ، وعبادة الشمس كانت هي العبادة السائدة عند الكثير من الشعوب .
وأرسل إليها سليمان كتابا يدعوها وقومها إلى اللّه الواحد ، ولأول مرة يأتي ذكر « بسم اللّه الرحمن الرحيم » يبدأ بها كتاب ، فتكون من بعد هذه السورة فاتحة كل شئ ، ومن حكمة بلقيس لجوؤها إلى المشورة ، وقولها المأثور :إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً( النمل 34 ) ،
واستعان سليمان عليها بالجن ، والعفريت هو الرئيس من الجن ، والجن يعنى الشاطر الأريب ، ولذلك أخذوا منها في اللغات الأوروبية اسمgenius، يعنى العبقري ، يعنى من آل عبقر وهم قوم من الجن ، وكانت الجن أو الجنّىgenie، تعمل لسليمان ما شاء من محاريب وتماثيل وجفان وقدور ، ومما اشتهر في ذلك خاتم سليمان ، ذكرته قصص ألف ليلة وليلة ، وكان إذا دعك عليه صاحبه يأتيه عفريت من الجن يلبى له ما يشاء ، قيل اسمه آصف ، ولمّا توفى سليمان وجدت فرقة من اليهود تعلّم السحر بعده ، بدعوى أن السحر كان علم سليمان ولا شئ سواه :وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ( البقرة 102 ) ،
فالشياطين للطافة جوهرهم ، ودقة أفهامهم ، استخرجوا علما يغيّرون به الأشياء بسرعة أكثر من سرعة البشر ، وبدقة أكثر ، فذلك ما علّموه لهاروت وماروت ، فكانوا يعلّمان الناس بدورهم أحاجى يفرّقون بها بين المرء وزوجته ، فهل كانت أحاجيهم تفعل فعلها وتؤتى ثمارها ؟
يقول القرآن :وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ( البقرة 102 ) ، 
أي بإرادته وقضائه لا بأمرهم . 
وإذن فلم يكن سليمان يستعمل السحر ، ولا كان يتعلمه ، ولا كان يعلّمه وكما قال تعالى :وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا( البقرة 102 ) ،
لأنهم بعده صاروا يعلمون السحر ولا يزعهم أحد . 

وأما سليمان فكان التّقىّ ، وقال تعالى فيه :نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ( 30 ) ( ص ) وأوّاب يعنى مطيع ، والسبب في وصفه بهذه الصفة في قوله تعالى :إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ ( 31 ) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ ( 32 ) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ( 33 ) ( ص ) ، والصافنات الجياد هي الخيل ، جمع جواد ، يسمى به الفرس إذا كان شديد العدو ، والعرب يعاقبون الراء واللام ، فيقولون الخيل ، ويقولون الخير ، والمعنى أنه أحبّ الخيل حبا ألهاه عن ذكر ربّه حتى توارت الشمس وجاء المغرب ، ففاتته صلاة العصر ، وكان من قبل يستعرض الخيل ويتلهّى بها ، فلما أدرك فوات وقت العصر أمر فردوها عليه - أي الخيل ، وأمر بضرب عراقيبها وأعناقها حتى لا تشغله بعد ذلك عن الصلاة ، فذلك قوله تعالى :نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ( 30 ) ( ص ) .
وقيل إنه لمّا نسي الصلاة سلبه اللّه ملكه أياما بعدد الخيل التي قتلها ، وعاقبه فقال :وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ ( 34 ) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ( 35 ) ( ص ) ،
والفتنة هي الابتلاء والعقاب ، قيل جرّده من خاتم ملكه ، فحكّم فيه « آصف » العفريت الذي كان يأتمر به ، حتى أنه صار جسدا بلا روح ، ومرض مرضا شديدا ، فدعا ربّه أن يغفر له ويعوّضه خيرا ، وطلب الدنيا وكان أحق به أن يزهد فيها ، وقيل إنه سأل مملكتها للّه ، كما سأل نوح دمارها وهلاكها للّه ، فكانا محمودين مجابين .
وطلبه للدنيا إنما ليؤدى فيها حق اللّه ، ويقيم سياسة ملكه على تقواه ، ويحافظ على رسومه ، ويعظّم شعائره ، ولما قال :وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي( ص 35 ) قال له ربّه :هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ( 39 ) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ( 40 ) ( ص ) ،
يعنى قد أعطاه سؤله ، فليعط هو أيضا من يشاء وليمنع من يشاء ، ولا حساب عليه في ذلك ، وليعتق من يحب ، وليخلى من يريد من الشياطين ، وليمسك من يرى إمساكه ، فهذه نعم اللّه عليه في الدنيا ، وله في الآخرة القربة وحسن المرجع ،
قال :فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ( 14 ) ( سبأ ) ،
و « دابة الأرض » هي الأرضة ، و « المنسأة » هي العصا ، وكان هؤلاء الجن أو العمال المهرة يعملون في مشروعاته الكثيرة بينما يراقبهم ، فمات في مكانه مستندا إلى عصاه وظل كذلك إلى أن أكلت الأرضة العصا فمالت ومال جسمه ووقع على الأرض جثة هامدة . فلما خرّ تبينوا موته ، ولو كانوا يعلمون الغيب لعرفوا بموته من قبل ولما ظلوا في السّخرة والبنيان يعملون .
ودفن سليمان بمدينة داود ، ومن مآثره « سفر الأمثال » وهو مجموعة من الحكم الدنيوية والدينية ، و « سفر الجامعة » ، والجامعة اسم قلمي تكنّى به سليمان ، وكله أمثال ، و « سفر نشيد الأناشيد » ، وقيل إن الأسفار الثلاثة بعض ما كتب ، وأن الذي ضاع كثير .
( انظر أيضا ضمن قصص القرآن قصة المرأتين المتنازعتين على الطفل ، وقصة غنم القوم والحرث ، وقصة هاروت وماروت ، وقصة داود وما جرى منه مع امرأة يوريا أو أوريا الحثّى ) .

  * * *   

879 . قصة ملكة سبأ وسليمان

سبأ : مدينة تعرف بمأرب باليمن ، بينها وبين صنعاء دقائق من الزمان ، وملكتها التي وردت قصتها مع سليمان في القرآن هي بلقيس ، ولا يذكر القرآن اسم بلقيس ، وكذلك لم تذكره القصة في الفصل العاشر من سفر الملوك الثالث من أسفار اليهود، وقيل إن الاسم « بلقيس » إغريقى وليس عربيا ولا عبريا،وقيل هو اسم من لغة حمير.
وقصة التوراة لا شئ فيها بالمرة ، فلا تبشير بدعوة ، ولا جهاد في سبيل اللّه ، وشخصية سليمان فيها ، وكذلك بلقيس ، مسطحة للغاية ، وقصتهما قصة اثنين من الأغنياء ، فالملكة حضرت إلى أورشليم في موكب ، وجاءت لتختبر سليمان ، ومعها جمال تحمل أطيابا وذهبا وحجارة كريمة .
وسألت سليمان عن أشياء فسّرها لها - ما هي ؟ لا نعلم .
وأطلعها الملك على غناه الفاحش ، وثرائه العريض ، والرفاهية والعز اللذين ينعم بهما ، وكل ما قالته في سليمان هو الثناء عليه ، وأن اللّه لمّا أحب إسرائيل جعله عليها ملكا ، وأن سليمان أجرى الحكم بالعدل ، وتبادل الملك معها الهدايا وانصرفت إلى بلادها .
فما ذا أفدنا من القصة ؟ لا شئ ، سوى أن بلقيس جاءت إليه مثل غيرها من الملوك ، لتسمع حكمته التي أودعها اللّه في قلبه .

وأما قصة القرآن فتأتي في سورة النمل ، وكلها مواعظ وحكم ، وتبدأ بتفقّد سليمان للطير ، واكتشافه غياب الهدهد ، ثم يجيء الهدهد فيقف غير بعيد ، ويقول للملك إنه قد جاءه بما لم يحط به علما ، وأن ما جاءه به هو النبأ اليقين عن مملكة يقال لها سبأ ،فقد رأى الهدهد لدهشته وتعجّبه أن الملكة وشعبها يسجدون للشمس، ويجحدون اللّه الذي له ملكوت السماوات والأرض، ويعلم غيبهما وشاهدهما، وما يخفى الناس وما يعلنون، وهو اللّه الذي لا إله إلا هو ربّ العرش العظيم.
وعبادة الشمس كانت عند الكثير من الشعوب القديمة ، ومنها قدماء المصريين ، وأهل اليمن ، وفي أوروبا كانت الشمس لها عبادة ، وتسمية يوم الأحد بيوم الشمسSunday، لأنه يوم عبادة إله الشمس ، وكذلك عبد الإسرائيليون الشمس ، وفي التوراة أن الملك منسّى أدخل عبادتها في يهوذا على نسق ما كانت عليه عبادتها في آشور ، وكانت آشور وبابل تعبدان الشمس باسم « شمش » ( 2 ملوك 21 / 3 - 5 ) .
ومنسّى هو الذي أحرق للشمس البخور ( 2 ملوك 23 / 5 - 11 ) ، وجعل باسمها خيلا وعجلات .
وأما سليمان فكانت له من الزوجات سبعمائة ، ومن السراري ثلاثمائة ( 1 ملوك 11 / 1 - 8 ) ، فأملن قلبه عن الدين القديم ، فبنى المعابد للآلهة التي كان نساؤه يتعبّدن لها ، ومن ذلك عبادة الشمس . وهذه الصور التي ترسمها كتب اليهود 
لسليمان ، تختلف عما في القرآن تماما ، وصورته في القرآن تنزّهه عن هذا الخلط ، وترفعه مكانا عليا ، وتجعله إماما في التوحيد ، وتقدّم قصته مع ملكة سبأ كنوع من الجهاد وكداعية إلى اللّه .
والهدهد في القصة ، بمثابة جهاز الاستخبارات للملك ، ويقدّم صورة دقيقة لأحوال مملكة سبأ التي تحكمها هذه الملكة ، وكان من غير المألوف أن يكون الحكام من النساء ،
وما كان سليمان يعرف مكانها ولا حقيقة أمرها ، وعرفها الهدهد ، فالحال في المعرفة للمطّلع وليس للأعلى مكانة ، واللّه يأمر بالسير في الأرض لنعرف ، والهدهد ترك فلسطين إلى اليمن وهو من الطيور المهاجرة ، ومن أجل ذلك عرف ، وأحاط بما لم يحط به سليمان ،
وهذا دليل على أن الأنبياء لا يعلمون الغيب ، والهدهد وصف ما جاء به من معلومات بأنها نبأ يقين ، لأنه عن معاينة ورآه رأى العين . وربما يتمشّى قوله :إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ( النمل 23 ) ،
ومع تأكيد التوراة أن سليمان كان به ميل للنساء ، وحول علاقته ببلقيس نسجت أساطير وحكايات تزوّجه منها ، أو من آخرين ، وقيل عاشت معه في الشام ، أو أنه ردّها إلى اليمن ، وهذه الصورة الشعبية لها تتنافى مع كل الحكمة التي صورها بها القرآن ،
ونسب المبتدعة إلى الرسول صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : « لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة » ، وعلى عكس هذا الحديث كان فلاح قوم بلقيس بولايتها لهم ، ثم إن المرأة في الإسلام اشتغلت بالقضاء ، وكانت لعائشة مدرسة في الفقه تخرّج عليها ما يزيد على الثلاثمائة من المحدّثين والرواة والدعاة ، وشاركت النساء في المجهود الحربي ، ومارسن الطب ، فلما ذا لا تشتغل المرأة بالحكم ؟
والدليل أن المرأة يجوز أن تحكم، أن الغرض من الأحكام تنفيذ القاضي لها، وسماع البيّنة عليها، والفصل بين الخصوم فيها، وذلك ممكن للمرأة كإمكانه للرجل.
ودليلنا نجاح بلقيس كملكة ، حتى قال الهدهد فيها مبالغا :وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ( 23 ) ( النمل ) ، 

أي وأوتيت كل شئ مما تحتاجه كملكة ، وكان عرشها ، أي ملكها ، عظيما . 
فإذا كان الهدهد قد وصف عرشها بالعظمة كوصف عرش اللّه بالعظمة ، فإن عظمة عرشها كان بالمقارنة بعظمة مثيله من عروش الملوك ، وأما عرش اللّه فإنه عظيم بالنسبة لما خلق من السماوات والأرض ، وكلّ له عظمته في مجاله .
والشيطان قد زيّن لهم أعمالهم ، وأن يسجدوا للشمس ، وكان الأولى بهم أن يسجدوا للّه ولكنهم لم يهتدوا إليه ، وإنها لسخرية أية سخرية أن يعلم الهدهد عن اللّه ويوحّده ولا يعلم عنه هؤلاء ، وربما كان علم الهدهد به تعالى بفضل سليمان ، فقد كان سليمان نبيا ورسولا إلى جماعات الطير والجن والإنس في زمنه .
ولم نعرف لغة كتاب سليمان إلى بلقيس ، وفهمته رغم إيجازه وقدّرت ما فيه ، وكانت عند مستوى المسؤولية ، 
وناشدت قومها الفتوى ، وأكدت أنها لا تقطع بأمر دون مشورتهم ، وأفتوها بأنهم أولو قوة وبأس ، وأن الأمر إليها فلتنظر ما ترى ، فذكرت عبارتها المشهورة :إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً( النمل 34 ) ، وأمّن على ذلك قومها وقالوا :وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ( النمل 34 ) ،
أو أن هذا كلام اللّه تصديقا لما قالت ، وكأنها كانت تنطق عن وحى . 

ورأت أن تحتال للأمر وتسبر أغوار سليمان ، بأن ترسل له هدية ، ولا بد أن الهدية مما يناسب المهدى والمهدى إليه ، وأنها كانت شيئا عظيما جدا ، فإن قبل الهدية فهو مجرد ملك عادى به الضعف الإنسانى أن يرشوه الناس، وإن لم يقبلها وردّها فهو نبىّ حقيقة، وفي الحالتين بوسع الملكة أن تحدّد كيف تتعامل معه.
وما كان يمكن أن يقبل سليمان هديتها وهي تتوخى بها الظهور عليه ، وإلا فالنبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقبل الهدية ولكنه يثيب عليها ، أي يهدى مثلها ، وفي الحديث الموضوع قيل على لسانه صلى اللّه عليه وسلم : « نهيت عن زبد المشركين » ، ويناقضه قبوله صلى اللّه عليه وسلم هدية مقوقس مصر ، ولولا أن سليمان رأى في الهدية صرفا عن الموضوع الأصلي وهو كفر بلقيس وقومها ، لقبلها ، والهدية مندوب إليها ، وتورث المودة ، وتذهب العداوة ،
وفي الحديث الصحيح : « وتهادوا تحابوا » ، وروى أيضا : « تهادوا فإنه يضعّف الود ويذهب بغوائل الصدر » ،
وفي رواية أخرى : « تهادوا بينكم فإن الهدية تذهب السّخيمة » ، والسخيمة هي الغل .
وكان رفض سليمان للهدية باتا ، واستغنى عنها بما وهبه اللّه وفضّله ، وأنذر بلقيس ، واستعدى الجن أن يأتوه بعرشها هذا العظيم نكاية فيها ، وقبل أن تأتيه وقومها مسلمين ، لأنها لو أسلمت لحظر عليه مالها فلا يؤتى به إلا بإذنها .
ولم يتقيّض له أن يأتي به إلا إنسان ليس من الجن كان عنده علم بالكتاب ، أي كان صدّيقا يحفظ اسم اللّه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى . 

وقوله :أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ( النمل 40 ) صار مثلا يقال لتحقيق المعجزات .
وتحقيق الأمنية لسليمان استوجب منه الشكر للّه ، واعتبره ابتلاء منه تعالى ، لينظر أيشكره سليمان أم يكفر ويبطر ويتكبّر ويستعلى ، وزاد سليمان فقال هذه الحكمة :وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ( 40 ) ( النمل ) .

وسأل الجن أن يغيّروا لها العرش ، فلما جاءت اشتبه عليها ، وعرفت أن ما قيل في سليمان أن الجن مسخّر له صحيح ، فقالت :وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ( النمل 42 ) يعنى كانت تعلم صحة نبوته قبل هذه الآية في العرش ، فجاءت راضخة .
وما كان يصدّها عن عبادة اللّه إلا عبادتها للشمس من قبل ، فلمّا دخلت القصر الممرّد - أي المرتفع كالمارد ، المبنى من القوارير ، أي الآنية ، وظنت أرضيته المصنوعة من الزجاج ماء ، رفعت ثوبها ، فانكشف ساقاها ، وفي ذلك كلام كثير من الأدب الشعبي ، وبهرها ما رأت فزاد إيمانها بسليمان ، وبربّ سليمان الذي أمكنه من كل ذلك ، وتحسّرت 
على نفسها أنها ظلت تعبد الشمس وتظلم نفسها، وأعلنت عن إسلامها جهرة ؛ قالت :رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( 44 ) (النمل)،
وهكذا تنتهى قصة بلقيس مع سليمان ، وكانت قصة لنبىّ في موقف من مواقف الحياة ، يحب الناس أن يطّلع فيها عما يكون من تصرّف الأنبياء مع نساء من أمثال بلقيس ، وإذا كانت بلقيس قد أسلمت ، فقد أفلح سليمان ونجح في الامتحان ، وسلّمه اللّه من تجربة لم يتهمه فيها أحد رغم كل ما قيل فيه في التوراة عن حبّه للنساء من كافة الأجناس من غير الإسرائيليات ، ومن كان يتعلق بهن حبّا لهن ، حتى أنه ضرب رقما قياسيا في عدد من تزوجهن واشتراهن إماء ، ولم يحدث أن كان لرجل مثل هذا العدد من النساء ، لا في الماضي ولا في الحاضر ! ( الملوك الثالث 11 / 1 - 2 )،
فشتّان إذن بين صورة القرآن عن سليمان وبين صورته في التوراة ! . والحمد للّه ربّ العالمين .

  * * *

880 . قصة الغنم والحرث وأن قضاء سليمان أفضل من قضاء داود

يقول تعالى :وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ ( 78 ) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً( الأنبياء ) ، أي واذكرهما إذ يحكمان كلّ على انفراد ، وكانت القضية حول زرع ، قيل كان كرما نبتت عناقيده ، وفلسطين مشهورة بالكرم ، فرعت فيه ليلا غنم قوم ، والنّفش هو الرعى بالليل ، يقال :نفشت بالليل ، وهملت بالنهار ، إذا رعت بلا راع .
وقال لحكمهم ولم يقل لحكمهما مع أنهما اثنان : داود وسليمان ، إلا أنه كان معهما الطرفان الآخران : المتهم والمدّعى .

ففهّمها سليمان - أي القضية، وفضل حكم سليمان حكم أبيه، وذلك أن داود رأى أن يدفع الغنم إلى صاحب الحرث، وأن يدفع الحرث إلى صاحب الغنم وينتهى الإشكال.
وخرج الخصمان على سليمان وكان يجلس على الباب ، ولم يعجبه حكم أبيه ، فأتاه وقال : يا نبىّ اللّه ! إنك حكمت بكذا وكذا ، وإني رأيت ما هو أرفق بالجميع .
قال : ما هو ؟ قال : أن يدفع الغنم إلى صاحب الحرث فينتفع بألبانها وصوفها وسمونها ، وتدفع الحرث إلى صاحب الغنم ، ليقوم على الحرث حتى السنة المقبلة ، عندما يعود الزرع إلى حاله كما كان قبل أن تتلفه الغنم ، فحينئذ يردّ إلى كل واحد منهما ماله .
فأعجب الحكم داود ، وقال : وفّقت يا بنى ، لا يقطع اللّه فهمك ! وقضى بما قضى به سليمان ، لأن قيمة ما نال صاحب الحرث من الغنم مساوية لقيمة ما نال صاحب الغنم من الحرث .
وهكذا أصاب سليمان وأخطأ داود، وثبت أن حكم سليمان أفضل من حكم داود، لأن علم سليمان أكبر من علم داود، وحكم سليمان بوحي من اللّه نسخ حكم داود.

  * * *   

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 911 الى 940 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى