اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

اذهب الى الأسفل

20102023

مُساهمة 

الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Empty الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني




الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

موسوعة القرآن العظيم ج 1  د. عبد المنعم الحفني

741 . المسلمون أولى الناس بإبراهيم

في الرواية : أن رؤساء اليهود قالوا للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم : يا محمد ، لقد علمت أنّا أولى الناس بدين إبراهيم منك ومن غيرك ، فإنه كان يهوديا ، وما بك إلا الحسد ! فأنزل اللّه الآية :إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ( 68 ) ( آل عمران ) .
والأولى هو الأحقّ ، والمسلمون أولى الناس بإبراهيم ، بالمعونة والنّصرة ، وبالحجّة ، وفي الحديث عن ابن مسعود ، أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال : « إنّ لكل نبىّ ولاة من النبيين ، وإنّ وليّي منهم أبى وخليل ربّى »
- ثم قرأ :إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ( آل عمران 68 ) .

  * * *

742 . إبراهيم أبو الأنبياء

رزق إبراهيم على الكبر إسماعيل ، وكان عمره بحسب سفر التكوين ( 16 / 16 ) ستا وثمانين سنة ، ورزق إسحاق وكان عمره مائة سنة ( تكوين 21 / 5 ) ،
وولد إسحاق يعقوب وكان عمره ستين سنة ، وولد يعقوب الأسباط الاثني عشر ومنهم يوسف . ومن نسل لاوى بن يعقوب كان موسى وهارون ، ومن سبط يهوذا كان داود ، وأنجب داود سليمان ، وتنسب مريم لزوجها يوسف ، وقيل يوسف من سبط يهوذا من نسل داود ، وتأتى لذلك سلسلة نسب المسيح من ناحية يوسف زوج أمه ، وذلك شئ عجيب !
ويقول تعالى عن أولاد إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب :وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ( 73 ) ( الأنبياء ) ،
يعنى كانوا رؤساء يقتدى بهم في الخيرات وأعمال الطاعات ، بما أنزل عليهم من الوحي والأمر والنهى ، ويهدون بالكتاب . ومن هؤلاء إسماعيل ، ومن نسله كان نبيّنا محمد صلى اللّه عليه وسلم .
ومن نسل هؤلاء كان أنبياء آخرون ، وحكماء وأهل علم ودين ، وفي ذلك يقول تعالى :فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً( 54 ) ( النساء ) ،
وقال تعالى فيهم :أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ ( 45 ) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ( 46 ) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ( 47 ) ( ص ) ،
والكتاب الذي آتاهم هو التوراة ، ثم الإنجيل ، ثم القرآن ؛ والحكمة التي خصّوا بها كما في : مزامير داود ، وأمثال سليمان ، ونبوءات الأنبياء ، وأمثال عيسى ، ورسائل الرسل ، وسنّة محمد صلى اللّه عليه وسلم وأحاديثه ؛
و « الملك العظيم » : فليس أعظم من ملك العرب واليهود في العالم وهم آل إبراهيم ، و « الأيدي » في الآية هي النّعم ، و « الأبصار » هي البصيرة في الدين والحكمة والعلم ؛ و « اصطفاهم من الأخيار » يعنى أخلصهم بالعمل للآخرة ، ووهبهم الصدق فكانوا من الصالحين في الدنيا والآخرة ، قال :وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا( 50 ) ( مريم ) .

ومن أجل كل هؤلاء الأنبياء قيل في إبراهيم : إنه « أبو الأنبياء » ، لكثرة الأنبياء في أولاده وأحفاده ونسله ، فلم يوجد إنسان انحدر من صلبه أنبياء مؤسسين لأعظم ثلاث ديانات ، قيل فيها إنها « الديانات الكتابية » الوحيدة في العالم ، وإبراهيم على ذلك أبو اليهودية والنصرانية والإسلام عن حقّ ، فهو أول من بشّر بتعاليمها ومهّد لها ، وأرسى قواعدها .
  * * *

743 . لم يكذب إبراهيم إلا في ثلاث

عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « لم يكذب إبراهيم النبىّ في شئ قطّ إلا في ثلاث : قوله :إِنِّي سَقِيمٌ( 89 ) ( الصافات ) ، وقوله لسارة : « أختي » ، وقوله :بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ( الأنبياء ) .
أخرجه مسلم ؛ وفي رواية أخرى قال صلى اللّه عليه وسلم : « لم يكذب إبراهيم النبىّ إلا في ثلاث كذبات : اثنتين في ذات اللّه : « قوله : إني سقيم » ، وقوله : « بل فعله كبيرهم » ، وواحدة في شأن سارة » . أخرجه مسلم .
والكذب : هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه ، وكذب إبراهيم كان من المعاريض .

  * * *

744 . إبراهيم أرسل شابا

قال ابن عباس في قوله تعالى :قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ( 60 ) ( الأنبياء ) : ما بعث اللّه نبيّا إلا شابا ، ولا أوتى العلم عالم إلا وهو شاب . ثم تلا :قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ( 60 ) ( الأنبياء ) .
ونقول إن ذلك كان في حالة إبراهيم وحده ، وأما نوح فقد بعث كهلا ، وكذلك موسى ، وبعث عيسى في نحو الثلاثين ، وبعث نبيّنا في الأربعين !

  * * *

745 . محاكمة إبراهيم أول محاكمة في التاريخ من نوع محاكم التفتيش

محاكم التفتيش أقامتها الكنيسة الكاثوليكية ضد المسلمين في أسبانيا بعد سقوط الدولة الإسلامية بها ، تفتش في محاكماتها في ضمائر الناس وخبايا صدورهم وقلوبهم ، وتنتحل التهم تستخرجها اعتسافا من أقوالهم أو أفعالهم .
وفي الآية :فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ( 61 ) ( الأنبياء ) دليل على أن أول محكمة في التاريخ من هذا النوع كانت لمحاكمة إبراهيم ، فلما رجع قومه من الاحتفالات بعيدهم رأوا تماثيل آلهتهم محطمة كالجذاذ ، وقبضوا على من قبضوا عليهم واستجوبوهم ، وخلصوا إلى أن الفاعل كان فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ، فقبضوا عليه وعقدوا له محاكمة علنية بمرأى من الناس ، لتكون أقواله فيها حجة عليه ، وليشهد الناس عقابه فلا يقدم أحد على مثل ما أقدم عليه ، أو لعل آخرين يتقدمون ليشهدوا بأنهم رأوه يكسر أصنامهم ، وليعلموا أنه يستحق العقاب ، واستفهموه :أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ( 62 ) ( إبراهيم ) ،
فقال لهم على جهة الاحتجاج عليهم :بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ( 63 ) ،
فعلّق الجواب على اتهامه وتصديقه أو تكذيبه ، على الصنم الكبير إن كان ينطق ، فنبّه على فساد اعتقادهم ، وكأنه كان يستنطق الأصنام الصغيرة أن تشهد إن كانت تنطق ، ويستنطق الصنم الكبير أن يكذّب اتهامه ، إن كان ينطق ، فبيّن أن من لا يتكلم لا يستحق أن يعبد وأبدهتهم حجته :فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ( 64 ) ( الأنبياء ) ،
وهؤلاء كانوا نفرا منهم ، لأنه إذا كان هناك رأى ، فلا بد أن يكون هناك رأى آخر ، ورجوع أصحاب الرأي الآخر هو رجوع المنقطع عن حجّته ، المتفطّن لحجة خصمه ، كقوله :إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ، ظلموا أنفسهم بعبادة من لا ينطق ، ولا يملك أن ينطق ، وكيف ينفع عابديه ويدفع عنهم البأس ، من لا يرد عن رأسه الفأس ؟ ! !
وهذا رأى كان لا بد أن يدحضه رأى آخر :نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ( الأنبياء 65 ) ، أي أنهم بهذا الرأي عادوا إلى جهلهم وعبادتهم ، وردّوا إلى كفرهم ، فقالوا :لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ( 65 ) ( الأنبياء ) ،
فقال يحاورهم ويردّ على مقالتهم وحجتهم :أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ ( 66 ) أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ( 67 ) ( الأنبياء ) ، فقطعتهم حجّته وأفحمهم فيما يتقوّلون ، فأصدروا أول حكم من نوعه في التاريخ :قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ( 68 ) ( الأنبياء ) ،
وكان هذا التحريق لإبراهيم مدعاة لمزيد من أحكام التحريق عبر التاريخ ، ومن ذلك « أصحاب الأخدود » الذين ورد ذكرهم في القرآن في سورة البروج ( انظر القصة في باب قصص القرآن ) ،
واشتهر اصطلاح التحريقholocaustأوauto - da - fe، وفي الخبر أن النمرود بنى صرحا وجمعوا فيه الحطب ثم أوقدوه حتى اشتعلت النار واشتدت ، حتى أن أيا ما يمر من فوقها ليحترق من شدّة وهجها ، وقيّدوه ووضعوه مغلولا في المنجنيق ليرموا به فيها ، وكانت معجزة اللّه في إبراهيم أن أبطل فعل النار ، قال :يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ( 69 ) ( الأنبياء ) ،
فلم يحترق إلا وثاقه ، فاستطاع الخروج منها ، ومن يجعل في النار هذه الطاقة على الحرق لهو القادر على أن يعطّل السبب ، وهو ما جرى مع إبراهيم ، وعلماء اليوم يفعلون من ذلك الكثير فيوقفون الأسباب ، فلا غرابة فيما فعل اللّه سبحانه وإن قدروا على ذلك ، فاللّه أقدر ، وهو تعالى مثلما يحيى فإنه يميت ، ولقد أحيا النار وباستطاعته أن يميتها ويلغى تأثيرها وفعلها .
وبعد هذه الحادثة ما كان من الممكن أن يستمر إبراهيم يعايش هذا الحاكم أو أهل بلده ،
وقيل : لم يكن إبراهيم قد بلغ الرشد عندما حرّق وكان في السادسة عشرة ، فذلك ما جعله يصمم على الهجرة من العراق ويسير إلى فلسطين .

  * * *

746 . دعاء إبراهيم وهم يحرّقونه

روى عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : « إن إبراهيم حين قيّدوه ليلقوه في النار ، قال : لا إله إلا اللّه ، سبحانك ربّ العالمين ، لك الحمد ، ولك الملك ، لا شريك لك » ، قال : « ثم رموا به في المنجنيق من مضرب شاسع ، فاستقبله جبريل ، فقال : يا إبراهيم ، ألك حاجة ؟ قال : أمّا إليك فلا » ، فقال جبريل : فاسأل ربّك .
فقال إبراهيم : « حسبه من سؤالي علمه بحالي » . فقال اللّه تعالى وهو أصدق القائلين : يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم » .

  * * *

747 . كذبة إبراهيم حجّة له لا عليه

كذب إبراهيم حين أراد إبعاد الشبهة عن نفسه ، فردّ الاتهام على أصحابه ، ونسب لكبير الأصنام أنه الذي كسرها ، بتعليقه الفأس برقبته ليجعله في موضع الاتهام :قالُوا أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ ( 62 ) قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ( 63 ) ( الأنبياء ) ،
فبيّن أن من لا يتكلم ولا يعلم لا يستحق أن يعبد ، وكانت كذبته من « المعاريض » ، وفي المعاريض يمكن الكذب ، وأن يشهد زورا على كبير الأصنام ، وأن يسخر منهم لمّا طلب أن يسألوهم عن الفاعل ، واستنكر أن يسأل عن أحجار خرساء ، فإن كانوا ينطقون فإنهم مصدّقون ، وإن لم يكونوا ينطقون فمن باب أولى لم يقوموا بما اتّهموا به ، وفي كلامه اعتراف ضمني بأنه الفاعل ، وهو إذن لم يكذب ولا يكذب ، ودلّ أن دفاعه خرج مخرج التعريض ، فطالما أنها لا تنطق ، فهي لا تنفع ، ولا تضر ، فلم يعبدونها إذن ؟ ،
كقوله :يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ( مريم 42 ) ، فأقام عليهم الحجة منهم .
وفي فقه تعريض إبراهيم يجوز فرض الباطل مع الخصم ليرجع إلى الحق من ذات نفسه ، بأقواله هو ، وذلك أقرب في الحجة ، وأقطع للشبهة . وهذا ما فعله إبراهيم ، وهو إذن لم يكذب ، وإنما يحاج بالمنطق .
وجواب إبراهيم :بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذاهو نفسه سؤال يلزم بلفظ الخبر : لم ينكرون أن يكون قد فعله كبيرهم ؟
أي من اعتقد عبادتها يلزمه أن يثبت لها فعلا .

  * * *

748 . إبراهيم مؤسس الفتوة

كان إبراهيم عندما كسر الأصنام « فتى » كما وصفوه :قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ( 60 ) ( الأنبياء )
- يعنى شابا حدثا ، والحدث من سن البلوغ إلى الثلاثين تقريبا ، ورغم حداثة سنّه فقد اتّسمت فعلته بالجرأة الشديدة ، وكانت له حجج مفحمة ، ومنطق راجح يدل على أن عمره العقلي أكبر من عمره الزمنى ، وأنه ناضج فكريا نضوجا ليس لأترابه ، وله عقلية « الباحث عن الحقيقة » ،
وشخصية « الفيلسوف » الراغب في المعرفة ، واتصفت ردوده بالحدّة شأن ردود الشباب ، كقوله :أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ( لأنبياء 67 ) .
وأهل الإسلام بنوا على وصف إبراهيم « بالفتى » مذهبا يقوم على نفس سلوكياته وأخلاقه وطريقة تفكيره ، أطلقوا عليه اسم « الفتوة » ، وكان انتشار هذا المذهب ، وقيام فرق الفتوة خصوصا في العصر العباسي .
وبمفهوم هذا المذهب فإن الفتوة هي الإيمان والهداية ، وهما ما كان عليه « الفتية أصحاب الكهف » ، قال فيهم ربّهم :إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً( 13 ) ( الكهف ) ، أي كانوا أحداثا مؤمنين كإبراهيم .
والأصنام التي كسرها إبراهيم نوعان : الأصنام الحسيّة التي كانوا يتعبّدون لها ، والأصنام النفسية المعنوية التي كانت في قلوبهم اعتقادات خاطئة ، وأخلاقيات رديئة ، وأفكارا متخلّفة .
والفتوة لذلك لها شقان ، الأول : الفتوة الفكرية : وهي الخروج على العرف فيما يخالف العقل ، والجرأة في الحق ؛
والثاني : الفتوة السلوكية : وهي الانتصار للضعفاء ، ونجدة الملهوف ، وإنصاف المظلومين ، مما يعرف في الإسلام باسم « الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر » .
وإبراهيم هو المؤسس الحقيقي لهذا المذهب والمنهج معا ، وكان من « الفتيان السالكين » وقد أعلن الحرب ضد الأصنام : أصنام الهوى والشيطان والدنيا والعجب ، وصنم كل إنسان نفسه ، فمن خالف هواه فهو « فتى » على الحقيقة ، وهو « إبراهيمى النزعة » ، و « حنيفى العقيدة » ؛ و « الحنيفية » هي الأساس العقائدي لنظام الفتيان ، والحنيفية تعنى الميل عن الباطل إلى الحق ، مع التسامح في كل الأحيان ، ولذا يؤثرون تسميتها « بالحنيفية السمحاء » ، أي غير المتزمتة .
وأي شباب يحكم لهم بالفتوة فإننا نعنى أنهم « مؤمنون بلا واسطة » كما كان إيمان إبراهيم ، ولا ينبغي أن نظن أن الفتوة هي شكل من أشكال مذهب الربوبيةdeismالذي يقول أن معرفة اللّه ممكنة نبىّ ، وإنما الفتوة مواقف ترصد لأصحابها وتشهد لهم بالإيجابية ، وأصحابها دائما من الشباب المنفتح على الحياة .
وأهل اللسان يقولون : الفتوة هي الإيمان يكون عند الشباب خاصة .

وقيل : الفتوة بذل النّدى ، وكفّ الأذى ، وترك الشكوى .
وقيل : هي اجتناب المحارم ، واستعجال المكارم .

  * * *

749 . إبراهيم أول من هاجر أرض كفر وأول نبىّ ينزل بمصر

الذي قال :إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ( العنكبوت 26 ) هو لوط ، وإنما قال ذلك تصديقا لعزم إبراهيم على الهجرة ، فصاحب فكرة الهجرة والذي أشرف على تنفيذها هو إبراهيم ، وهو عمّ لوط ، وقد رأى أنه يهاجر من أور الكلدانيين إلى أرض كنعان ، فجاء أولا إلى حاران برفقة لوط ابن أخيه ، وأقام هناك ، ثم تركها إلى أرض كنعان ، ثم إلى موضع شكيم ، ثم إلى بلوطة مورة ، وهناك بنى مذبحا للربّ ، وصحبته في هجرته سارة امرأته .
فكأن إبراهيم كان أول من هاجر من أرض الكفر ، وقيل : كان في الخامسة والسبعين .
وقيل : إن أول من هاجر هو لوط ، وهو الذي قال :إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي. ويقابل ذلك في الإسلام أن عثمان بن عفان كان أول من هاجر إلى اللّه في الهجرة الأولى بصحبة زوجته رقية ابنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وكانت هجرته إلى أرض الحبشة ، وفي الحديث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال في هجرة عثمان ورقية : « صحبهما اللّه .
إن عثمان أول من هاجر بأهله بعد لوط » ، والحديث فيما يبدو موضوع ، وفي التوراة أن إبراهيم ولوطا سويا ، ومعهما أهلهما ، هاجروا وبصحبتهما سارة ، وذلك هو الصحيح بمنطق التاريخ : أن لوطا لم يسبق إبراهيم في الهجرة ، ولا تعنى الآية :إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّيأنه أول من هاجر ، وإنما هو إعلان موافقة منه على ما قرره إبراهيم ، وهجرة إبراهيم كانت بدافع من منازعاته مع السلطة في بلده ، فهي « هجرة مشروعة » يقضى بها الدين ، وأما هجرة لوط فهي « هجرة صحبة » ، لأنه لم تكن للوط قضية يهاجر بسببها .

وفي التوراة كذلك أن إبراهيم لمّا نزل القحط بفلسطين توجه إلى مصر ، وعاش بها لفترة طويلة ، فكان أول نبىّ يزور مصر وينزل بها ، ووهبه الفرعون ماشية رعاها وتكاثرت عنده جدا ، فصار له الغنم والحمير والبقر ، والعبيد والإماء ، وإبراهيم نزل في مصر في « أرض جاسان » ( محافظة الشرقية الآن ) ،
وكانت هذه الأرض محل صراع بين ملوك مصر والفاتحين من آشور ، وقصة إبراهيم مع الفرعون ، وكذلك قصة يوسف ، والأسباط ، وموسى ، لم تجر في أرض مصر الحقيقيةProper Egypt، وإنما بأرض جاسان وعاصمتها « تانيس » ، ولذلك خلت الآثار المصرية من أية حكايات عن الإسرائيليين في مصر .
وكلمة « فراعنة » ليست مصرية بل آشورية ، وتعنى الجبابرة ، وانتشارها عالميا عن مصر والحضارة المصرية القديمة هو نوع من الغزو الفكري العالمي لورودها هكذا في التوراة . وتقول التوراة إن فرعون أتاح له كل ذلك وأغناه ، لأن إبراهيم أعطاه امرأته سارة وكان قد ذكر له أنها أخته ، ولا نعلم ما ذا كانت تفعل سارة في بيت الفرعون طوال هذه المدة ، إلا أنها فيما يبدو اعترفت للفرعون بأنها زوجة لإبراهيم وأنه من المستحيل أن تتزوج الفرعون ، ولام الفرعون إبراهيم ، وعابه وأرجع إليه امرأته ، وأمره بالمضي من مصر ( التكوين 12 / 10 - 20 ) .
وهذه إحدى كذبات إبراهيم الثلاث : أنه قال إن سارة هي أخته ! !

  * * *

750 . إبراهيم الخليل

كان إبراهيم محبا للّه ، وكان محبوبا من اللّه ، فاتخذه اللّه خليلا ، كقوله :وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا( 125 ) ( النساء ) ، ولم يكن أحد من الأنبياء خليلا للّه إلا اثنين ، أحدهما ذكره القرآن وهو إبراهيم ، ويدعى لذلك « إبراهيم الخليل » ،
والآخر ذكره الحديث : « وقد اتخذ اللّه صاحبكم خليلا » أخرجه مسلم ، يعنى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فامتنع عليه لذلك أن يكون له خليل آخر ، قال صلى اللّه عليه وسلم : « لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا » أخرجه مسلم ، فليس له خليل إلا اللّه .
ومعنى إبراهيم خليل اللّه : أنه الفقير المحتاج إلى اللّه ، فلم يجعل فقره وفاقته إلا إليه ، كأنه الذي به إصلاح الاختلال أو الخلل في توزيع الثروة بين الناس ؛ أو أن معنى الخليل : الذي ليس في محبته خلل ، وإبراهيم هو خليله تعالى لأنه اصطفاه بالمحبة ، ولذا في الرواية الإسرائيلية لمّا حرّقوه أتاه جبريل وسأله : أله حاجة ؟
قال : أمّا إليك فلا ! وكلامه شبيه بكلام الصوفية .
وقيل بشأن تسميته بالخليل ، أنه ذهب ليحضر طعاما لأهله - قال من عند خليل له ، فلم يجده ، فملأ كيسا بالرمل وحمله إلى بيته ، ثم اضطجع لينام ، فلما استيقظ وجد عندهم خبزا فسأل : من أين لكم هذا ؟ قالوا : فتحنا الكيس فوجدنا دقيقا فصنعناه خبزا ؟ وسألهم : ومن أين الدقيق ؟ قالوا : من خليلك ! ألم تقل أن لك خليلا سيعطيك ؟
فابتسم وقال : بلى ، هو من عند خليلي ! يعنى اللّه تعالى ، فسمّى خليل اللّه بذلك .
وقيل : لمّا دخلت عليه الملائكة في هيئة رجال ، وجاء بعجل سمين فلم يأكلوا ، وقالوا : لا نأكل شيئا بغير ثمن ، قال لهم : أعطوا ثمنه وكلوا .
قالوا : ما ثمنه ؟ قال : أن تقولوا في أوله باسم اللّه ، وفي آخره الحمد للّه ، فقالوا فيما بينهم . حق على اللّه أن يتخذه خليلا - فاتخذه اللّه خليلا . وفي الحديث : « اتخذ اللّه إبراهيم خليلا لإطعامه الطعام ، وإفشائه السلام ، وصلاته بالليل والناس نيام » . والخلّة إذن ليست مسألة إيثار ولكنها استحقاق عن جدارة .

  * * *

751 . دليل إبراهيم الكوني على وجود اللّه

هذا الدليل يسميه القرآن :مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِفي قوله تعالى :وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ( 75 ) ( الأنعام ) ،
فاليقين في حالة إبراهيم يتأتى بالدليل ، وإبراهيم كان إيمانه عقليا استدلاليا ، وبداية تفكيره كانت السؤال المعهود عند أصحاب الفكر من الفلاسفة : كيف خلق هذا الكون ، ومن خلقه ؟
والسؤال البسيط يناسب المرحلة الطفولية بالنسبة له كإنسان ، وجوابه عليه يلخص تاريخ الديانات منذ البداية :فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ( 76 ) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ( 77 ) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ( 78 ) ( الأنعام ) ،
ففي التاريخ تعبّد الناس للكواكب ، وبدءوا بأكبرها وانتهوا إلى القمر ثم الشمس ، فإذا ارتقوا في التفكير انتقلوا إلى التجريد والتوحيد ، واعتقدوا في اللّه فاطر السماوات والأرض ، وكانت ديانة التوحيد الأولى في التاريخ هي الحنيفية ، عنى بها إبراهيم الميل إلى الحق ومجانبة الشّرك .
والملكوت في الآية اصطلاح كالرغبوت والرهبوت والجبروت ، وهو الملك ، زيدت عليه الواو والتاء للمبالغة . وأفول الكواكب في منطق إبراهيم أقوى من ظهورها في الاستدلال ، واستدلاله يتميز بمهلة النظر ، وقوله : هذا ربّى » ليس إشراكا ، لأنه على قولهم وليس على قوله ، ولأنهم كانوا يعبدون الكواكب .
فلما بلغ اليقين بطريقته كان عليه أن يدعو إلى معتقده ويجادل عنه :وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَ تُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ( 80 ) ( الأنعام ) ،
والمحاجاة : جدل ومقارعة الحجة بالحجة ، والحجة العقلية تناسبها حجة من نوعها ، والإيمان في منطق إبراهيم ، فطرى ، ومن يرد التثبّت يثبّته اللّه ويجلّى بصيرته ، وأكثر ما يظهر الإيمان على الوجه فخصّه بالذكر ، قال :إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ( 79 ) ( الأنعام ) ،
ولم يبد أي خوف لأن ما كانوا يعبدونه من دون اللّه لا يضر ولا ينفع ، وحجّته التي ينوّه بها القرآن هي قوله :وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( 81 ) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ( 82 ) وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ( 83 ) ( الأنعام ) ،
وهي حجة إنكار ، فقد أنكر عليهم تخويفهم إياه بما يعبدون من أشياء ولا يخافون اللّه عزّ وجل ، فأيهما أولى أن يخاف : الموحّد أم المشرك ؟
وأيهما أولى أن يؤمنوا به : الأصنام التي لا حول ولا قوة لها ، أم اللّه العلىّ الكبير ؟
فكانت هذه هي الحجة التي خاصمهم بها وغلبهم عليها ، وأبان من خلالها أنه مجادل عظيم ، ومفكر كبير ، وصاحب علم ومنطق وفهم ، ويستحق بهذه الصفات أن يؤتى الدرجة الرفيعة ، وأن تنعقد له الإمامة .

  * * *

752 . إله إبراهيم

قال إبراهيم عن ربّه :الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ( 78 ) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ( 79 ) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ( 80 ) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ( 81 ) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ( 82 ) ( الشعراء ) ،
فهو إله : بمنظور الواقع والنفع له ؛ على عكس إله موسى : فإنه إله الخلق والكون ، ومنظور موسى أشمل . وهدايته تعالى لإبراهيم أنه أرشده إليه ، فبعد أن عبد الكواكب والقمر والشمس ، هدى إلى اللّه ، وهو بالنسبة له كل شئ ، فهو المطعم ، والساقي ، والشافي ، والمميت والمحيى .
وهو الرزّاق ، وخالق كل نبات وزرع ، ويخلق المرض ويجعل له الشفاء ، وأوجده من العدم ، وأحياه ، ثم يميته ثم يحييه ويبعثه ، وكان قومه ينسبون الموت إلى الأسباب ، فبيّن أن اللّه هو الذي يميت ويحيى . وهو يطعمه لذة الإيمان ، ويسقيه حلاوة القبول . وإذا مرض بمخالفته شفاه برحمته . وإذا مرض بمقاساة الخلق شفاه بمشاهدة الحق .
وإذا مرض بالذنوب شفاه بالتوبة ، وهو يميته بالمعاصي ويحييه بالطاعات ، ويميته بالخوف ويحييه بالرجاء ؛ ويميته بالطمع ويحييه بالقناعة ؛ ويميته بالعدل ويحييه بالفضل ؛ ويميته بالفراق ويحييه بالتلاق ؛ ويميته بالجهل ويحييه بالعقل .
وإبراهيم إن كان يرجو مغفرته تعالى يوم الدين ، فإنه على اليقين في حقّه ، وعلى الرجاء في حقّ المؤمنين سواه .
وخطيئة إبراهيم في الآية ربما يوم أن كذب وقال :إِنِّي سَقِيمٌ( 89 ) ( الصافات ) ،
أو عندما ذكر أن سارة أخته كما في التوراة ، أو عندما قال :هذا رَبِّي *( الأنعام 76 ) وقصد القمر أو أيا من الكواكب . والأنبياء بشر ويجوز أن تقع منهم الخطيئة ، ولا تجوز عليهم الكبائر وقد عصموا منها .
وفي حديث عائشة أنها قالت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم المسكين ، فهل ذلك نافعه ؟

قال : « لا ينفعه ! إنه لم يقل يوما ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين » أخرجه مسلم ، والدعاء في الحديث إشارة إلى قول إبراهيم :وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ( 82 ) ( الشعراء ) .
  * * *   

753 . آزر أبو إبراهيم

يشنّع المستشرقون على القرآن بخصوص اسم « آزر » ، كتشنيعهم على توصيف مريم بأنهاأُخْتَ هارُونَ( مريم 28 ) ، وأنإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ( الأنعام 84 ، وهود 71 ، ومريم 49 ، والأنبياء 72 ، والعنكبوت 27 )
ولدا إبراهيم ، والقرآن برئ مما يلصقه به هؤلاء المستشرقون الجهلة ، فإن مريم أخت هارون يعنى أنها من بيت عمران ومن ثم من بيت هارون ، وأنها متدينة مثل أهل هذا البيت ، وهارون بن عمران ، ومن بيت هارون كان كل كهنة بني إسرائيل . وليس صحيحا أن مريم من بيت داود ، فالذي من بيت داود هو يوسف النجّار زوجها ، والدليل على أن مريم من بيت هارون أنها قريبة اليصابات أم يوحنا المعمدان ( النبىّ يحيى ) ، واليصابات من سبط لاوى ومن بيت هارون كما في الأناجيل والرسائل ( لوقا 1 / 32 - 69 ، ورومية 1 / 3 ، و 2 تيمو 2 / 8 ، وعبرانيين 7 / 14 ) ،
ومن ثم فالقرآن لم يخطئ ولكنه صحّح خطأ النصارى . هذا من جهة مريم ؛ وأما من جهة يعقوب وإسحاق ، فإن إبراهيم أنجب إسحاق ، وإسحاق أنجب يعقوب ، في حياة أبيه دون أمه التي كانت قد ماتت ، فكأن اللّه آتى إبراهيم : إسحاق ثم يعقوب نافلة ، يعنى كحفيد ! وبحسب التوراة كان إبراهيم ابن مائة سنة لمّا ولدت سارة له إسحاق ، وكانت سارة ابنة تسعين ، ولما ماتت كان عمرها 127 سنة ، يعنى حتى سنّ 37 سنة لم يكن إسحاق قد تزوج ، وبعد وفاة أمه بثلاث سنوات تزوج رفقه بنت ابن عمه ، كما تزوّج إبراهيم قطورة ، وولدت قطورة لإبراهيم ستة أولاد ذكور ، وأنجب إسحاق في سن الستين ولديه عيسو ويعقوب ، وكان عمر إبراهيم وقتها 160 سنة ، ومات إبراهيم في سنّ 175 ، فكأنه ظل مع حفيده يعقوب 15 سنة .
والقرآن إذن لم يخطئ عندما قال إن اللّه رزقه بإسحاق ثم يعقوب نافلة . وأما بخصوص « آزر » كاسم لوالد إبراهيم ، فإن المستشرقين يتعجبون : من أين أتى محمد بهذا الاسم وهو لم يذكر في التوراة ؟
ومن التحامل البشع على القرآن أن كثيرين من المستشرقين وعلى رأسهم ماراكى وفرانكل ، ذهبوا إلى الرأي بأن القرآن بتسميته والد إبراهيم باسم آزر ، قد خلط بينه وبين اليعازر خادمه للتشابه بين الاسمين !
وواضح أن هؤلاء البحّاثة إما أنهم يتعمّدون الخطأ ، أو أنهم يعانون من جهل مستحكم ، فاسم آزر لا يلتبس مع اليعازر ، لأنه من الفعل يؤازر يعنى يعين ، والأزر يعنى القوة ، ومن ثم كان الاسم شائع لا يلتبس بغيره ، والقرآن لم يخطئ ، وكان آزر اسم صنم ، ومن يخدم الصنم يمكن أن يطلقوا عليه آزر أيضا .
وكان أبو إبراهيم هو القيّم على الصنم آزر ، وفي الآية الوحيدة التي يأتي فيها هذا الاسم ما يفيد هذا المعنى ، تقول :وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ( 74 ) ( الأنعام )
قيل إن آزر صفة ذم ، وتفيد في الآية تخطئة الأب لاتخاذه الأصنام آلهة من دون اللّه ، فيكون المعنى : أتتخذ يا مخطئ أصناما آلهة من دون اللّه ؟
وربما آزر اسم لصنم ، فيكون المعنى : أتتخذ الصنم آزر إلها من دون اللّه ؟ وقيل : إن الآية :وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ( 114 ) ( التوبة )
تفسّر كلمة « آزر » في الآية السابقة باعتبارها كلمة سبّ وعيب ، ومعناها في العبرية المعوّج ، فيكون المعنى : إذ قال إبراهيم لأبيه يا أعوج ، أتتخذ آلهة أصناما من دون اللّه ؟
وهي أشد كلمة يمكن أن يقولها ابن لأبيه ، وهذا نفسه هو تفسير الآية :فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ.
وربما آزر بمعنى المؤازر لقومه على عبادة الأصنام ، أو أنها مشتقة من الأزر يعنى القوة كما قلنا سابقا ،
فيكون المعنى : أللقوة تتخذ أصناما من دون اللّه ؟ وبعض المقرئين يقرأ : « وإذ قال إبراهيم لأبيه » يتوقف هنيهة ،
ثم يقول :
« آزر ، أتتخذ أصناما آلهة من دون اللّه » ؟
يعنى أن إبراهيم يقول : « آزر » دهشة واستغرابا ، وبلهجة التوبيخ ، بمعنى أف لك ، وكل هذه المعاني السابقة تعتمد على أن آزر كلمة عبرية ، والقرآن ليس كتابا لنشر اللّغة العبرية ، ونزوله بالعربية إنما ليفهمه العرب ، فلا بد إذن أن آزر هي اسم للأب ، ولكن الأب اسمه تارح بفتح الراء كما يجيء في التوراة ، وهي في العبرية بمعنى عنزة ، وأما آزر فبمعنى القوى الصلب الشديد القاسى الذي لا يرحم ، فيكون أن الاسم الحقيقي للأب هو تارح ، ولأنه اسم لا يحبه صاحبه لنفسه ولا يشتهى أن يناديه الناس به ، فإنه اختار لنفسه « آزر » وهو المقابل « لتارح » ، لينادى به في دائرة أصحابه ومعارفه ، وهو تغيير مشروع ، وكثيرا ما يلجأ إليه ، وعندنا في مصر قرية كان اسمها ميت خنازير فغيّر أهلها الاسم إلى ميت السباع ، وكان الرسول صلى اللّه عليه وسلم يغيّر الاسم القبيح إلى اسم مقبول ومحبوب ، فكان رجل اسمه مضطجع فسمّاه منبعثا .
ولا يعيب ورود اسم آزر في القرآن أنه غير وارد في التوراة ، فالكثير الغالب من القرآن في الموضوعات الواحدة لا مثيل له في التوراة ، كما في قصص آدم ، ونوح ، وهود ، وشعيب ، ويوسف ، وموسى . . .

إلخ ، وكذلك يورد القرآن أشياء عن عيسى لا وجود لها البتة في الأناجيل الأربعة مجتمعة ، وعلى ذلك يكون آزر اسم جنس ، وجائز أن يستخدمه القرآن كاسم ، ولا تثريب أن يكون للأب اسمان ، فإبراهيم نفسه كان له اسمان بالعبرية ، الأول : أبرام ، بمعنى الرفيع الشأن ، والثاني : إبراهيم ، بمعنى « أبو رهام ، أي « أبو الجمهور » ، أي أبو الناس ( تكوين / 5 17 ) كما في القرآن :إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً( النحل ) ، يعنى كان وحده يساوى أمّة ، أو أنه أمة وحده ، وتتمثل فيه وحده أمة .
وكان ليعقوب اسمان ، أحدهما يعقوب يعنى التوأم المولود عقب أخيه ، والثاني إسرائيل أي عبد اللّه .
وكان للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم أسماء كثيرة وكنى كثيرة . فلا خطأ في الآية موضوعنا ، وتعالى اللّه العظيم عن الزلل والنقص ، والحمد للّه ربّ العالمين .

* * *

754 . دعاء إبراهيم لنفسه وأبيه

هو قوله :رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ( 83 ) وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ( 84 ) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ( 85 ) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ ( 86 ) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ( 87 ) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ ( 88 ) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ( 89 ) ( الشعراء ) ،
يدعو اللّه أن يهبه المعرفة به وبحدوده وأحكامه ، وأن يؤتيه الفهم والعلم ، والنبوّة والرسالة ، ويلحقه بالنبيين من قبله ، وبأهل الجنة ، وأن يجعل له لسان صدق في الآخرين ، فتجتمع عليه الأمم ، وتتمسك به وتعظّمه ، وقد استجاب له اللّه ، فجعله على الحنيفية التي أحياها محمد صلى اللّه عليه وسلم ويعمل بها المسلمون في كل أرجاء الدنيا ، وهم يصلون عليه كصلاتهم على نبيّهم ، وخاصة في الصلوات وعلى المنابر ، والصلاة عليه دعاء له بالرحمة .

واللسان الذي يسأله إبراهيم من اللّه تعالى هو القول ، وأصله جارحة الكلام ، وموضع اللسان هو موضع القول على الاستعارة ، ولسان الصدق أن يمدح ويثنى عليه ، والمؤمن يحب أن يعرف أن عمله يقابل بالثناء لا بالذم ، وأنه عمل صالح بالفعل لا بالقول ، استحبابا لاكتساب ما يورث الذكر الجميل ، والذكر الجميل هو حياة ثانية لصاحبه ،
كقول القائل : قد مات قوم وهم في الناس أحياء .
ومن دعوة إبراهيم أن يورثه جنة النعيم ، وفي ذلك ردّ على من يدّعى أن المؤمن لا ينبغي أن يسأل اللّه جنّة ولا نارا .
وقيل إن إبراهيم كان قد وعده أبوه في الظاهر أن يؤمن ، فاستغفر له لهذا السبب ، فلمّا بان أنه لا يفي بما وعد تبرّأ إبراهيم منه ، ولذلك قال فيه : « إنه كان من الضالين » أي المشركين .
ولم يحب إبراهيم أن يفضحه اللّه به يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ، فدعا أن لا يخزيه يوم البعث ، وفي الحديث : « إن إبراهيم يرى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة » أخرجه البخاري ،
والغبرة هي القترة ، وفي الحديث : « يلقى إبراهيم أباه فيقول : يا ربّ إنك وعدتني ألّا تخزني يوم يبعثون ، فيقول اللّه تعالى : إني حرّمت الجنّة على الكافرين » أخرجه البخاري .
ويوم البعث : يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ، وإنما ينفعه أن يأتي ربّه سليم القلب ، وخصّ القلب لأنه إن سلم سلمت الجوارح كلها ، وإن يفسد فسدت سائر الجوارح .
والقلب السليم : هو الخالي من الشك والشّرك ، وأما الذنوب فليس يسلم منها أحد . وقيل : القلب السليم الصحيح هو قلب المؤمن ، لأن قلب الكافر والمنافق قلب مريض ، كقوله تعالى :فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ( البقرة 10 ) .
ولا يكون القلب سليما إلا من آفة المال والبنين . والقلب السليم كاللديغ من الخوف من اللّه ، ويعلم أن اللّه حق ، والساعة قائمة ، والبعث حق ، وفي الحديث : « يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير » يريد أنها مثلها خالية من كل ذنب ، وسليمة من كل عيب ، ولا خبرة لها بأمور الدنيا ، كما قال صلى اللّه عليه وسلم : « أكثر أهل الجنة من البلة » وهم البله عن المعاصي ، والأبله بهذا المعنى هو المطبوع على الخير ، والغافل عن الشر ، وغلبت عليه سلامة الصدر وحسن الظن بالناس .

  * * *

755 . قصة إبراهيم مع النمرود الذي حاجّه في ربّه

هي القصة التي يوردها القرآن دون أن يذكر فيها أن طرفها الآخر اسمه النمرود ، تقول :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ( 258 ) ( البقرة ) .
واسم النمرود غير موجود في كتب اليهود الخمسة المسماة بالتوراة ، وليس في التوراة قصة لإبراهيم مع النمرود . واسم النمرود إضافة على القصة القرآنية ، مما أثبتته لها الإسرائيليات ، وقالوا فيه إنه : النمرود بن كوش بن حام ، مؤسس الأسرة الحاكمة في بابل وشنعار وأكاد ( تكوين 10 / 8 - 10 )
وباني البرج المشهور بها ، وكان من الملوك الجبّارين ( يعنى الفراعنة ) وادّعى الألوهية .
والمستشرقون على القول بأن قصة النمرود وإبراهيم مأخوذة من الهجادا العبرية ، أي المرويات اليهودية الشعبية الشفهية ، وروّجها في كتب التفسير : الطبري ، والثعالبي ، والدميري ، وابن الأثير .

وكان النمرود يختزن الطعام ويبيعه لقومه ، فدخلوا عليه وسجدوا له إلا إبراهيم ، فلمّا سأله : ما لك لا تسجد لي ؟ قال : أنا لا أسجد إلا لربّى ! فقال النمرود : ومن ربّك ؟ قال إبراهيم : ربّى الذي يحيى ويميت .
فأمر النمرود برجلين ، وأمر بقتل أحدهما ، وقال : ها أنا قد أحييت هذا وأمتّ هذا ! فردّ عليه إبراهيم بحجّة الشمس ، فبهت . وقيل : كان يمكن لإبراهيم أن يردّ عليه لمّا أحيا وأمات ، بأنه لا يحيى من عدم بينما اللّه تعالى يحيى من عدم ، ومع ذلك ما كان يمكن لإبراهيم أن يبرهن على صدق قضيته عمليا ، لأن الإحياء والإماتة لهما حقيقة ومجاز ، وإبراهيم قصد الحقيقة ، في حين أن النمرود قصد المجاز ، وموّه على قومه .
ولولا أن إبراهيم أدرك أن خصمه سيحاجى بالباطل ، لما ترك « مثل الموت » ليحل محله « مثل الشمس » .
ولقد سلّم إبراهيم للنمرود جدلا ، وضرب المثل الثاني بما لا مجاز فيه ، وبما ليس بوسع النمرود أن يلعب فيه بالألفاظ . قيل هو « مثل الشمس » التي تأتى من المشرق ، فليأت بها النمرود من المغرب لو استطاع ، فأفحمه وألجمه وأبهته ، لأن حجة الكافر انقطعت . وهذه القصة يستدل بها على ضرورة اللجوء في الدعوة إلى المحاجاة ، والمناظرة ، والمجادلة وإقامة الحجة ، من مثل قوله تعالى :قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ( 111 ) ( البقرة ) .
وكل الأنبياء جادلوا أقوامهم ، لأنه لا يظهر الحق في أمور الدين إلا إظهار الفرق بين الحق والباطل . ولقد جادل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أهل الكتاب وطلب إليهم المباهلة .
وما لم يكن طرفا المناظرة متساويين من حيث العلم والعقل والفهم ، فإن المناظرة تصبح مراء ومكابرة .

وفي سفر المقابيين الثاني من أسفار اليهود ، شبيه للنمرود ، هو نكانور ، أراد أن يحرج يهوذا في ربّه ، فسأله عن السبت ، فقال له إنه يوم حرّمه القدير على كل شئ ، فسأله :وهل في السماء قدير أمر بحفظ يوم السبت ؟
فقال يهوذا : إنه الربّ الحىّ القدير ، فقال : 
وأنا أيضا قدير في الأرض ( 15 / 3 - 6 ) .
  * * *
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 20 أكتوبر 2023 - 10:31 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

756 . قصة الذي مرّ على القرية الخاوية

يقول تعالى :أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 259 ) ( البقرة )
وهذه الآية متصلة بالآية التي قبلها في التعجب :أَ لَمْ تَرَ( البقرة 258 ) ، وفي العطف بأو ، حمل على المعنى ، والتقدير : هل رأيت الذي حاج إبراهيم في ربّه ، أو الذي مرّ على قرية ؟
وأيضا فإن الآية متصلة بالآية التي بعدها والتي تقول :وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى( البقرة 260 ) ،
فمدارهما الشك ، وكلاهما إبراهيم « والذي مر على القرية الخاوية » يشكّان في قدرة اللّه على الإحياء بعد الموت .
فلو لا أنه يرد ضمن الآية :وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ، لقلنا إن القصة ليست سوى مثل يضربه اللّه تعالى لمن يتشكك ، وما أكثر الشكّاكين في كل عصر ، فعموم القصة وارد .
وقوله :وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ، يعنى يجعل منها قصة حقيقية ، وهي بهذا الاعتبار محل الكثير من الإسرائيليات ، وخاصة من أمثال وهب بن منبّه الذي كان يهوديا وأسلم ، ومن المتأسرلين أمثال : ابن عباس ، وعكرمة ، والضحّاك ، وقتادة ، وناجية بن كعب ، وسليمان بن بريدة ، وعبد اللّه بن عبيد بن عمير ، وعبد اللّه بن بكر بن مضر ،
وهؤلاء قالوا : « إن الذي مرّ على قرية وهي خاوية » هو أحد ثلاثة : إما أنه عزير ، وإما أنه إرميا ، وإما أنه الخضر ، ولا دليل على أي من ذلك ، ولا يوجد مرجع واحد يؤيده ، والقصة نفسها ليست من قصص التلمود ، ولا من القصص اليهودي الشفاهي ، وهي قصة قرآنية بحتة ، وترد ضمن القصص التعليمي في القرآن إثباتا للبعث ، وتنويها بقدرة اللّه عليه .
وكما نرى فإن « الذي مرّ على القرية الخاوية » لمّا رأى حالها وكيف هي ساقطة على سقفها ، ومتهاوية الحيطان ، وخالية من الناس ، والبيوت مع ذلك قائمة ، تساءل وكيف يمكن أن تعمر هذه بعد خرابها ؟
وكأنه وهو الواقف المعتبر على قريته التي عهد فيها أهله وأحباءه ، يتلهف على أن يعرف ما يمكن أن يؤول إليه أمرها ، وما إذا كان من الممكن أن يبعثوا بعد الموت ، فضرب اللّه له المثل في نفسه بما هو أعظم مما سأل عنه ، وقوله شك لا ريب فيه في قدرة اللّه على الإحياء والبعث ، فلذلك ضرب له المثل في نفسه ، وأماته مائة عام .
والقصة بها شبه من قصة أصحاب الكهف ، ولكنها تختلف عنها في المغزى والدرس والمحتوى ، وأصحاب الكهف أصابهم السبات ثم بعثهم اللّه تعالى ، وأمّا « الذي مرّ على القرية الخاوية » فأماته عن حق ثم بعثه ، فلمّا سئل كما سئل أصحاب الكهف : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما أو بعض يوم ، قاله مما في ظنه ، فلم يكذب فيما أخبر به . و « الذي مرّ على القرية الخاوية » .
لم يكن نبيّا كما يقول المفسرون ، وإلا فكيف سيفسّر لقومه غيابه مائة سنة ؟
وعندنا أنه من أولياء اللّه ، ومن النمط المفكر وليس من النمط المتعبّد ، والأوّل كثير السؤال مثل إبراهيم ، والثاني كثير العبادة ولا يطرأ الشك على قلبه أو عقله من قريب أو بعيد ، مثل نبيّنا صلى اللّه عليه وسلم . وقيل : كان طعام « الذي مرّ على القرية الخاوية » من التين ، وشرابه الماء ، ولم يتسنّه الطعام ولا الشراب ، أي لم تغيّرهما السنون المائة ، ولم يتغير طعمهما ولا رائحتهما ، من أسن الماء إذا تغيّر .
وقال وهب بن منبه : إن حماره صار عظاما نخرة ، فأحياه اللّه جزءا جزءا ، ليريه كيف يكون البعث ، وليعاينه بنفسه في غيره ، لأنه لم يعاينه في نفسه ، فأولا وصلت العظام ببعضها البعض ، ثم كسيت لحما حتى كمل الحمار ، ثم كان أمر اللّه فقام الحمار ينهق .
وقيل : بل إنه عاين الإحياء في نفسه ، وكانت العظام هي عظام نفسه ، فأحياه اللّه أولا ، واستكمل رأسه ولم يستكمل جسمه ، فكانت بقية جسمه عظاما ، فأراه كيف تكسى باللحم ويكتمل له الشكل الآدمي ، فكان شابا كما كان منذ مائة عام ، فجعله آية للناس ، وبحث عن أهله فوجد أبناءه ، ولكنهم كانوا شيوخا .
والمفسرون يكادون يجمعون على أن هذا « الذي مرّ على القرية الخاوية » هو عزيز الذي هو عزرا في التوراة ، واليهود يعتبرونه وليّا وينزلونه منزلة أكبر من منزلة موسى ، ويلقبونه بالكاهن ، وبالكاتب ، ويدينون له بالفضل كل الفضل ، لأنه الذي كتب التوراة وعلّمها الأوائل ، ونشرها بين اليهود بالخط الأشورى أو الحروف الآرامية المربعة ، ولم يدّع عزير أو عزرا أنه يكتب التوراة ، ولكنه كان مثل كل مؤرخي اليهود ، يحاول أن يصنع تاريخا لبنى إسرائيل في المنطقة ، ولم تكن دعوته للّه وإنما لشعب إسرائيل ، وذلك ما يجعلنا لا نعتقد أن « الذي مرّ على القرية الخاوية » هو عزير ، فعزير اهتماماته مختلفة ، وهذا اهتماماته دينية ، وعزير لم يختف مدة مائة سنة .
وقيل : « الذي مرّ على القرية الخاوية » كانت له أم ، فلمّا عاد إليها كانت عجوزا ، فأبلغها أنه عزير ، فقالت : عزير كان يشفى المرضى ، فاشف عينىّ ! فوضع يده على عينيها فأبصرت وصدّقت ، وذهبت تخبر الناس ، وكان له ابن بلغ من العمر مائة وثمانية وعشرين عاما ، فقال له إن أباه كانت له شامة في كتفه ، فاطّلع عليها وصدّق أنه أبوه .
والمهم في القصة ليس ما يرد عنها من الإسرائيليات ، وإنما الدرس المستفاد المستخلص منها ، فإنه بعد أن اتضح له عيانا ما كان مستنكرا في قدرة اللّه عنده قبل عيانه ، قال :أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 259 ) ( البقرة ) ،
ولم يقلها إقرارا بما كان من قبل ينكره ، بل هو قول منه دفع إليه الاعتبار ، فلولا أنه اعتبر ، ما كان قال ما قال ، وقوله كقول إنسان مؤمن يرى شيئا غريبا من قدرة اللّه فلا يملك إلا أن يقول : لا إله إلا اللّه !
أو ربما يعنى : أجل ، الآن أنا على يقين مما كنت أعلمه من قبل ظنا ، فأخبر عن نفسه عندما عاين من قدرة اللّه في إحياء الموتى ، فتيقن ذلك عنده بالمشاهدة ، فأقرّ بأنه يعلم أن اللّه على كل شئ قدير ، وقصته كقصة الطير عندما جعله إبراهيم أجزاء على قمم الجبال ، ثم دعاهن ، فإذا هي قد تحولت طيرا جاء إليه ، والفرق بين قصة إبراهيم مع الطير وبين قصة « الذي مرّ على القرية الخاوية » : أن درس هذا كان لنفسه فقال : أعلم أن اللّه على كل شئ قدير ، بينما كان إبراهيم بعد أن عاين إحياء الموتى ما يزال يحتاج إلى التعليم ، فقال له اللّه تعالى : « واعلم أن اللّه عزيز حكيم ! ! » .

  * * *

757 . قصة إبراهيم وإحياء الطير

هذه القصة في الشك في قدرة اللّه على الإحياء بعد الموت ، ومشكلة الناس أيام النبوّات أنهم كانوا يشكّون في البعث ، وإبراهيم لم يكن استثناء منهم ، والقصة تصوّره شاكا ولكن شكّه ليس كشك الناس ، فهو يعرف أن اللّه يبعث الموتى ، وسؤاله عن الكيف - كيف يحيى الموتى ؟ فأراد أن يعرف الطريقة ويعاينها مشاهدة .
يقول تعالى :وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ( 260 ) ( البقرة ) ،
فالبعث شئ يقرّه إبراهيم ، وسؤاله : ربّ أرني كيف تحيى الموتى ؟

مثل قولك : كيف علم زيد ؟ وكيف نسج الثوب ؟ فأنت تعرف بدأة ذي بدء أن زيدا علم ، وأن الثوب نسج ، وتسأل الآن عن كيفية نسجه ، أو كيفية علمه .
وفي هذه الآية فإن الكيف استفهام عن هيئة الإحياء ، لا عن الإحياء نفسه ، فالإحياء متقرر ، إلا أن اللّه تعالى جعل سؤاله أنه لم يسلّم جدلا بالإحياء ، فقال له « أو لم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي » ، فعلّل سؤاله بالطمأنينة وليس بالشك .
وقال ابن عباس : هذه أرجى آية في القرآن : لأن إبراهيم بها انشرح صدره بالطمأنينة لمّا عرف إجابة سؤاله ، وترسّخ إيمانه .
وفي هذه القصة جاء عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قوله : « نحن أحق بالشّك من إبراهيم ، إذ قال ربّ أرني كيف تحيى الموتى ؟ قال : أو لم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي » ، فلو كان إبراهيم شاكا لكان الرسول صلى اللّه عليه وسلم أولى بالشك منه ، والرسول صلى اللّه عليه وسلم لم يشك ، وإبراهيم أحرى به كذلك أن لا يشك ، وحديثه صلى اللّه عليه وسلم نفى للشك عند إبراهيم ، وسؤال إبراهيم إذن كان من باب الإيمان ، وبتعبير الرسول صلى اللّه عليه وسلم أن إبراهيم كان « محصن الإيمان » ، وأما الشك : فهو التوقف بين أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر ، وما كان حال إبراهيم من هذا النوع ، وما كانت سيرته إلا سيرة إنسان مؤمن شديد الإيمان ، وقد امتحن بالتحريف فما ارتد ، والشك مستبعد في حق من تثبت قدماه في الإيمان ، فكيف به لو كان نبيا كإبراهيم ؟ وإنما حال إبراهيم هو حال « الباحث عن الحقيقة » ، وطلبه من ربّه كان المعاينة ، فقال : أرني كيف تحيى الموتى ؟ والنفوس مجبولة على أن تطلب رؤية ما تخبر به ،
وفي الحديث : « ليس الخبر كالمعاينة » ، وذلك ما تمنّى إبراهيم لو يراه ، فلم يرد رؤية بالقلب ، فالقلب كان عامرا بالإيمان ، ولكنها لرؤية التي طلبها بالعين ، وعندئذ لو كان إيمانه قيراطا فإنه سيصبح قيراطين ، وإذن فالذي كان عند إبراهيم هو « شك الفلاسفة » وليس مجرد الشك ، وشكّ الفلاسفة يزداد به إيمانهم ، وعبّر عنه إبراهيم بقوله : « ليطمئن قلبي » ، بحصول الفرق بين المعلوم برهانا والمعلوم عيانا ، والطمأنينة التي ينشدها كانت أن يسكن فكره في الشيء المعتقد ، والتفكير في الإحياء فيه عبر وعظات ودروس ، وكان ما يشاهده إبراهيم في الدنيا كيفية تفريق أجزاء المخلوقات عند الموت ، ولكنه لم يعاينها في تجمعها فأراد أن يطمئن قلبه برؤية كيفية الجمع ، فأمر لذلك أن يأخذ أربعة من الطير من مختلف الأصناف ، وقطّعها قطعا صغيرة ، وخلطها إلى بعضها البعض ، ثم وزّعها أجزاء على قمم الجبال ، ثم أمرها أن تجتمع بإذن اللّه ، فانصاعت للأمر ،
وتمت مشاهدته لما تمنى ، ولذا ختم اللّه تعالى القصة بالتأكيد على إبراهيم ، يقول :وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: أي أنه تعالى عزيز لا يغلبه غالب ، ولا يقدر عليه قادر ، وما شاء يكون بلا مانع ، وهو القاهر ، والحكيم في كل ما يفعل ويقول ، وفي شرعه وقدره سبحانه .

  * * *   

758 . « لا إله إلّا اللّه » ميراث إبراهيم في عقبه

إبراهيم : هو نبىّ اللّه وخليله ، وإمام الحنفاء ، وأبو الرسل والأنبياء ، وإليه ينتسب المسلمون انتساب نسب ومذهب ، فأما النسب فلأنهم من نسل إسماعيل بن إبراهيم ، وأما المذهب فإنهم أحناف كإبراهيم ، كقوله :إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ( 131 ) ( البقرة ) ، وقوله :إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ( 26 ) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ( 27 ) وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( 28 ) ( الزخرف ) ،
والذي فطره هو اللّه ، وكلمة « لا إله إلا اللّه » هي الكلمة الباقية في عقبه ، فكل كلام يزول ويضحى ، ويموت ويندثر ، إلا كلمة « لا إله إلا اللّه » ، جعلها اللّه تعالى أبدية في ذرية إبراهيم ومن نهج على ملّته ، ولا تزال في عقبه وفيمن يعبد اللّه تعالى إلى يوم القيامة . وقيل الكلمة الباقية هي قول إبراهيم :إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ( الزخرف 26 ) ،
فتبرأ من كل عبادة إلا اللّه الذي فطره والذي يهديه .
والعقب : 
هم ولده وولد ولده إلى يوم القيامة ، توارثوا البراءة عن عبادة غير اللّه ، ويدعون له وحده ، فكانوا الدعاة ، فصارت النبوّة فيهم ، فكانوا أصل التوحيد وغيرهم فيه تبع .
  * * *

759 . صحف إبراهيم وموسى

يأتي عنها في سورتين ، في الأولى يقول تعالى :أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى ( 36 ) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى( 37 ) ( النجم ) ، وفي الثانية يقول :إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى ( 18 ) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى( 19 ) ( الأعلى ) ،
وليس في التوراة أنه كانت لإبراهيم الخليل صحف ، والمقصود غالبا الروايات عنه وهي كثيرة ، وتحفل بها التوراة الشفهية المتداولة بين الأحبار بخلاف التوراة المكتوبة .
وصحف موسى هي أيضا التوراة الشفهية وليست المكتوبة التي يعطونها اسم أسفار موسى الخمسة . وصدق الحديث عن نبيّنا صلى اللّه عليه وسلم فيما رواه أبو ذر ، قال :
قلت يا رسول اللّه ، فما كانت صحف إبراهيم ؟ قال : « كانت أمثالا كلها : أيها الملك المتسلّط المبتلى المغرور ! إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لتردّ عنى دعوة المظلوم ، فإني لأردّها ولو كانت من فم كافر .
وكان فيها أمثال : وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات : ساعة يناجى فيها ربّه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، يفكر فيها في صنع اللّه عزّ وجلّ ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب .
وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شانه ، حافظا للسانه .
ومن عدّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلا فيما يعنيه » .
قال : قلت : يا رسول اللّه ، فما كانت صحف موسى ؟ قال : « كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟

وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب ؟ ! وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئن إليها ؟ ! وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعمل ؟ ! »
قال : قلت يا رسول اللّه : فهل في أيدينا شئ مما كان في يدي إبراهيم وموسى ، مما أنزل اللّه عليك ؟ قال : « نعم ، اقرأ يا أبا ذر :قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ( 14 ) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ( 15 ) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا ( 16 ) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى ( 17 ) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى ( 18 ) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى( 19 ) ( الأعلى ) .
فكأن ما في صحف إبراهيم وموسى يوافق ما في القرآن كما في سورة الأعلى ، والأسلوب في أمثال وعبر الصحف « الأولى » يتمشى مع أسلوب القرآن في سورة الأعلى فيما أورده الحديث . وفي سورة النجم يرد أيضا ما يماثل ذلك ، فبعد المقدمة عن صحف إبراهيم وموسى ،
يأتي مباشرة عمّا بها فيقول :أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ( 38 ) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ( 39 ) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ( 40 ) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى ( 41 ) وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ( 42 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ( 43 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا ( 44 ) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ( 45 ) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى ( 46 ) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى ( 47 ) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى ( 48 ) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى ( 49 ) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى ( 50 ) وَثَمُودَ فَما أَبْقى ( 51 ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى ( 52 ) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى ( 53 ) فَغَشَّاها ما غَشَّى ( 54 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى( 55 ) ( النجم ) ، وثنّى على ذلك فقال :هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى( 56 ) ،
يعنى أن هذه الآيات جميعها حكم وأمثال وعبر ونذر كالتي كانت بالكتب أو الصحف الأولى ، وما دامت هناك صحف أولى فلا بد أن هناك صحف ثانية ، وهي التوراة الشفهية غير المحرّفة ، وربما يمكن القول أن أحاديث الرسول صلى اللّه عليه وسلم والقصص عن الصحابة ، من هذه الصحف الثانية

   * * *

760ضيف إبراهيم

ذكر عن ضيوف إبراهيم أربع مرات في أربع سور ، هي : هود ، والحجر ، والذاريات ، والعنكبوت ، بحسب ترتيب النزول ، وذلك ضمن القصص الأخرى عن الأنبياء والصالحين والأمم من السابقين ، ولنا فيها عظة وعبرة للمؤمنين ، وكانت نذيرا لأهل مكة من الكافرين والمشركين ، والروايات الثلاث ليست تكرارا ولكنها من زوايا مختلفة ، وفيها لقطات متباينة للحدث الواحد ، باعتبار سياق كل سورة والمعنى العام الذي تندرج تحته .
يقول تعالى :وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ( 69 ) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ ( 70 ) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ( 71 ) قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ( 72 ) قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ( 73 ) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ( 74 ) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ( 75 ) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ( 76 ) ( هود ) ؛
ويقول :وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ ( 51 ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ( 52 ) قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ( 53 ) قالَ أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ( 54 ) قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ ( 55 ) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ( 56 ) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ( 57 ) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ( 58 ) إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ( 59 ) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ( 60 ) ( الحجر ) ؛
ويقول :هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( 24 ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( 25 ) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( 26 ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ ( 27 ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ( 28 ) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( 29 ) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( 30 ) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ( 31 ) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ( 32 ) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ ( 33 ) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ( 34 ) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 35 ) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( 36 ) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ( 37 ) ( الذاريات ) ؛
ويقول :وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ ( 31 ) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ( 32 ) ( العنكبوت ) ،
فكما ترى فإن الروايات الأربع مختلفة كل الاختلاف ، ففي سورة هود : كان مجىء الرسل له خاصة لتبشّره ، وكانوا في مهمة إلى قوم لوط ، وأبدت سارة تعجبها أن تلد وهي عجوز ، ثم تكون العبارة الرئيسية وحجر الزاوية في القصة ، بأن ردّوا عليها :أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ( 73 ) ( هود ) .

وأخبروه عن قوم لوط ، فجادلهم ، فأمروه أن يعرض عن الجدال فيما نفذ فيه القضاء .
وفي سورة الحجر : أسفر إبراهيم عن تخوّفه منهم منذ البداية ، وأنهوا إليه خبر البشارة مباشرة ، ولم يقدّم لهم طعاما ، ولم يحيّهم التحية الواجبة ، ولم تشارك امرأته في الحفاوة بهم ، ولم تسمع بشارتهم ، ونهوه أن يكون من القانطين . وسألهم عن وجهتهم فأخبروه أنهم مرسلون إلى قوم لوط ، وسينجونه وأهله إلا امرأته .
وكانت العبارة الرئيسيةtipic sentenceفي القصة :وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ( 56 ) ( الحجر ) .
وفي سورة الذاريات : تأتى التقدمة :هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ( 24 ) ؟ والاستفهام للتشويق والتفخيم ، ثم إن إبراهيم سارع يكرمهم فجاء بعجل سمين ( الذاريات 26 ) ،
وكان العجل في سورة هود حنيذا ، أي مشويا ، يعنى وصف بعد مرحلة تجهيزه ، وضحكت امرأته للبشارة ، ولطمت وجهها تعجّبا ، وكان جوابهم مختلفا عن جوابهم في رواية سورة هود .

وفي تلك الرواية كانت مهمتهم في قريتي لوط قد انتهت على عكس الروايتين السابقتين ، يعنى أن البشارة كانت من بعد وليس من قبل ، أي في عودتهم وليس في ذهابهم . غير أن الملائكة ضيوف إبراهيم في الرواية الأخرى من سورة العنكبوت تابعوا رواية سورة الذاريات فقالوا :هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ( 31 ) ( العنكبوت ) ،
فنفهم أن البشارة كانت قبل أن يرسلوا إلى قوم لوط ، وكأن مجيء الرواية عن قوم لوط من قبل ، قد صار من بعد عند التحقق ، بمعنى أن عقابهم كان من قضاء اللّه السابق والنافذ ، وأنه سطر من قبل ، ثم نفّذ من بعد ، ومن ثم فلا تعارض بين الروايات والعبارة الرئيسية في هذه الرواية :إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ( هود 75 ) ،
يعنى أنه ما كان يغضب ، وكان يسأل اللّه العفو والرحمة . وقد يبدو لغويّا أن الضيف تقال للواحد ، إلا أنها تأتى في الروايتين اللتين وردت فيهما كلمة « ضيف » في الجمع وليس المفرد ، والضيف يصلح للواحد والجمع ، والتثنية ، والمذكر ، والمؤنث ، فيحتمل إذن أن الملائكة كانوا اثنين ، أو كانوا ثلاثة ، وكان إبراهيم مضيافا ، يستضيف الواحد كالاثنين أو الثلاثة ، وكان يكنّى لذلك : أبا الضيفان .
فلو جمعنا الروايات الأربع معا نلم بجميع أركان القصة التي نحن بصددها ، ونعرف أن اللّه يثيب المحسنين ويعاقب المجرمين ، وذلك هو الدرس المستفاد أو المورالmoraleكما يقول أهل الأدب الروائي .

فما ذا تقول التوراة في هذه القصة ؟ من ذلك أن ضيوف إبراهيم كانوا ثلاثة في الفصل الثامن عشر من سفر التكوين ، العبارة 2 ؛ وفي الفصل التاسع عشر العبارة 1 يأتي أنهم اثنان فقط ، ولم يأت في الرواية أي تأثّر على إبراهيم لدى سماعه البشرى ؛ بينما نجد سارة في قصة القرآن لا تبدى تعجبا، ولكنها استهزأت بما سمعت ، وجادلها الملائكة في ضحكها، وأنكرت ما تحصّل لفهمها.
والمهم في لقاء إبراهيم بالملائكة أنه صار يجادلهم في الحكم الصادر من اللّه في قوم لوط ، ومثله الذي يستشهد به : أتهلك البار مع الأثيم ؟

فلما قالوا له : لو كان فيهم خمسون بارا لعفونا عنهم ، فاستسمحهم إبراهيم في إنقاص العدد إلى خمسة وأربعين ، ثم أربعين ، ثم ثلاثين ، ثم عشرين ، حتى عشرة ، وانتهت القصة على هذا ، فلما كان الصباح توجه إبراهيم ليشهد ما حدث لسدوم وعمورة . فهذه هي القصة وأغلبها عن سدوم وعمورة ، وأقلها عن إبراهيم وأهله ، وليس في قصة التوراة عبارة واحدة يمكن استخلاصها كعظةmorale.
وميزة قصة القرآن أنها ضمن أربع سور فتنوعت الرواية والكلام ، وتباينت الرؤى ، وكثرت التفاصيل.
والحمد للّه ربّ العالمين .

* * *

761 . إبراهيم أول من أضاف

في الآية :وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ( 69 ) ( هود ) ،
والعجل الحنيذ هو السميط أو المشوى ، وفي الآية الأخرى :فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( 26 ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ( 27 ) ( الذاريات ) ،
والكثير من أدب الضيافة نتعلمه من إبراهيم في هذه الآيات ، فقد عجّل أولا قراه ، وقدّم الموجود الميسّر في الحال ، ولم يتكلف ما يضرّ به .
والضيافة عند الساميين من مكارم الأخلاق ، وأخذها العرب وراثة عن أبيهم إبراهيم ، ولكن اليهود - وهم ساميون - عكس ذلك تماما .

وإبراهيم كان من المسلمين وإماما في الإسلام ، وقيل إنه في هذه الآيات يذكر مقترنا بالضيافة ، ولم يذكر ذلك لأحد من الأنبياء قبله ، وأنه لذلك « كان أول من أضاف » . وفي قصة إبراهيم أنه لمّا رأى أيدي ضيوفه لا تصل إلى الطعام نكرهم وأوجس منهم خيفة ، والسنّة إذن : أنه إذا قدّم للضيف الطعام فعلى المضيف أن يبادر بالأكل ، فإن كرامة الضيف تعجيل التقديم ، وكرامة المضيف المبادرة بالقبول ، وضيوف إبراهيم الثلاثة خرجوا عن العادة ولم يمدّوا أيديهم ، وخالفوا السنّة ، فخاف أن يكون وراءهم مكروه يقصدونه .
وأيضا من أدب الطعام في قصة إبراهيم : أن ينظر المضيف ، هل يأكل ضيفه أم لا ؟ .

  * * *

762 . هل أخطأ القرآن ونسب بنوّة يعقوب إلى إبراهيم ؟

افتراءات المستشرقين لا تنتهى ، والحق أنهم اعتمدوا على نقد يهود المدينة لآيات القرآن ، ومن ذلك نقدهم لقوله تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ( 72 ) ( الأنبياء ) ،
وقوله :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ( العنكبوت ) ،
وقوله :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا( الأنعام 84 ) ،
باعتبار أن إبراهيم لم ينجب يعقوب ، وإنما يعقوب هو ولد إسحاق ، أي أنه حفيد إبراهيم وليس ابنه ، وعلى ذلك قالوا أن القرآن أخطأ ، وأن محمدا التبس عليه ، وعندهم أنه كان من الممكن التغاضي عن هذه الزلّة لو أن البشارة كانت لإبراهيم وحده ، ولكنها كانت في المقام الأول لسارة ، كقوله :فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ( 71 ) ( هود ) ،
أي أنها ستنجب من بعد إسحاق ولدا اسمه يعقوب ، وتفسير اليهود والمستشرقين هو الخطأ ، لأنه في هذه الآيات جميعها لا ينصرف المعنى إلا إلى أن إبراهيم وسارة سيكون لهما ولد باسم إسحاق ، وسينجب هذا الولد ابنا بدوره اسمه يعقوب ، وبذلك تحفظ النبوّة والكتاب في الذرية .
ومن أشد الناقدين لهذه المسألة من المستشرقين : آيزنبرج ، وهوروفتس ، وسنوك هرجرونجى ، وجايجر ، واعتمدوا في نقدهم على الطبري والثعالبي - وهما من أكبر المروّجين للإسرائيليات في التفسير .
وكل ما يأتينا من نقد من طريق هؤلاء المستشرقين إنما يوجه إلينا من خلال إسرائيليات الطبري والثعالبي ، وتفسيراهما فيهما الكثير من الهرف والخلط والتلفيق . ولا ينقد المستشرقون رواية القرآن وإنما روايتي الطبري والثعالبي .
وفي قوله تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً( الأنبياء 72 ) ،
فإن النافلة هي الزيادة ، فإبراهيم دعا لنفسه في إسحاق ، وزيد له يعقوب من غير دعاء ، فكان ذلك نافلة ، أي زيادة على ما سأل ، قال :رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ( 100 ) ( الصافات ) ،
فاستجاب له ربّه ورزقه الولد وولد الولد ، ويقال لولد الولد نافلة ، لأنه زيادة على الولد .

ومن العجيب أن يهود المدينة والمستشرقين لم يتنبّهوا إلى أن نفس الشيء حدث مثلا مع النبىّ زكريا بن برخيا ، فقد نسبه سفر عزرا إلى جدّه « عدّو » ولم يذكر اسم أبيه « برخيا » ، فقال زكريا بن عدّو ( عزرا 5 / 1 و 6 / 14 )
ونفس الشيء مع يعقوب ، فإن كان قد جاء ذكره في معرض البشارة لإبراهيم ، فما كان لآيزنبرج وجايجر وغيرهما أن يذهبوا إلى تخطئة القرآن ، لأن ذلك نفسه حدث لزكريا ، وقال مفسر عزرا أن برخيا لم يكن مشهورا ، فنسب زكريا للجد لأنه كان الأكثر شهرة . ونفس الشيء حدث مع المسيح في إنجيل لوقا ، فنسبه إلى أبيه داود ( الفصل الأول 32 ) ،
فهل كان داود هو أبو المسيح ؟ وفي نسبة زكريا في سفر لوقا يرد أن امرأة زكريا من بنات هارون ( 1 / 5 ) ،
والمقصود أنها من سلالته وليست بنتا لهارون على الحقيقة، فأين هي من هارون وبينهما آماد من الزمن! فلما ذا النقد لرواية القرآن إذن عن يعقوب؟!

  * * *

763 . إبراهيم كان محبا للحجاج

من صفات إبراهيم حبّه للحجاج ، وأشهر قصة حجاج تروى عنه محاجته للنمرود ، كقوله تعالى :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ . . .( البقرة 258 ) ،
والآية تدل على إثبات المناظرة والمجادلة وإقامة الحجة ، وكان نوح كثير الجدل ، كقوله تعالى :يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا( هود 32 ) ،
وجادل موسى فرعون ، والمجادلة تعليم من اللّه عزّ وجلّ بالسؤال والجواب ، وفي الجدل الديني لا يظهر الفرق بين الحق والباطل إلا بظهور حجة الحق ودحض حجة الباطل ، كما جرى مع إبراهيم والنمرود في حجة الإحياء ، ثم في حجة الشمس ، وما يقبل على الجدل إلا أصحاب العلم ، وما يميل إليه إلا أصحاب المذاهب ، وإبراهيم كان حنيفا وصاحب ملّة ، والمجادلة نظرية وإبراهيم عملي ، وليس الخبر كالمعاينة ، ولذا فقد حاجّ ربّه وطلب أن يرى كيف يخلق ، والناس مختلفون بإزاء سؤاله :رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى( البقرة 260 ) ،
هل هو عن شك ؟ والصحيح أنه لم يشك في قدرة اللّه ولكنه طلب المعاينة ، ولم يرد رؤية القلب وإنما أراد رؤية العين ، والإيمان مكانه القلب وليس العين ، وإبراهيم كان ممتلئا حكمة ولذا كان يحاج ويجادل ، وجادل أباه ،
قال :أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً( الأنعام 74 ) ،وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَ تُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ( الأنعام 80 )
وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ( 81 ) ( الأنعام ) ،
وقدرته على الحجاج موهبة من اللّه فذلك هو نمط شخصيته ، وبراهينه داحضة قاطعة ، كما قال تعالى :وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ( الأنعام 83 ) ،
وحجّته على قومه إشارة إلى جميع احتجاجاته التي خاصمهم عليها وغلبهم فيها بالحجة .
وحجاج إبراهيم كان يلزمه ويتحدد به سلوكه كقوله تعالى :فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ( التوبة 114 ) ،
فإذا علم أنه المخطئ سلّم في الحال بنتائج خصمه ، فلما تحدثت إليه الملائكة عن لوط جادلهم فأكثر الجدال ، ثم رجع إلى الحق وإلى أمر ربّه لمّا بيّنوا له خطأه ، وفي الآية :إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ( 75 ) ( هود )
يعترف فورا بخطئه ويتأوّه أسفا على ما قد بدر منه ، وذلك أن الملائكة لامته على جدله وقالت له :يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ( هود 76 ) ،
أي دع الجدال في قوم لوط فإن ما تجادل فيه هو أمر منزّل من عند اللّه ، وأنه آت قوم لوط لا محالة . وكان يؤمن بكل ما يتنزّل من عند اللّه ، وله أدعيات كدعوته لأهل مكة :رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً( إبراهيم 35 ) ،
وكانت له صحف يرصد فيها ما يوحى إليه من الحكمة ، كما في قوله تعالى :صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى( 19 ) ( الأعلى ) ،
وشخصيته من ثم كانت شخصية شاملة ، وبتعبيره تعالى يصفه قال :إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً( النحل 20 )
يعنى اجتمعت فيه المحامد ومكارم الأخلاق ، وكان شديد التقوى لربّه ، ويحنف عن كل دين أو مذهب يبعده عن الإيمان باللّه ، وذلك ما كان يحاج فيه الناس .

  * * *

764 . الختان من ملة إبراهيم

الختان من السنن ، ومن فطرة الإسلام في الرجال ، وعند البعض هو فرض لقوله تعالى :أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً( النحل 123 ) ،
والختان من ملة إبراهيم ومن ثم فهو فرض ، والمسلمون على الرأي أن الاختتان يباح لمصلحة الجسم كنظر الطبيب ، وفي الحديث قوله صلى اللّه عليه وسلم : « الختان سنّة للرجال ، مكرمة للنساء » أخرجه أحمد ، 
وقوله : « والفطرة خمس ، الاختتان . . . » الحديث ، أخرجه البخاري ،
وعن أم عطية : أن امرأة كانت تختن النساء بالمدينة فقال لها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :
 « لا تنهكى فإن ذلك أحظى للمرأة وأحبّ للبعل » ، والنهك المبالغة في الشيء ، والمقصود النهى عن المبالغة في استقصاء الختان عند البنات .
والحديث ضعيف وراويه مجهول . 
وفي رواية : « . . ولا تنهكى فإنه أنور للوجه وأحظى عند الرجل » .
والرأي في الطب : أنه إن كان اللّه قد خلق الإنسان هكذا ، وهو أعلم بما خلق ، فلما ذا التعديل في خلقة اللّه ؟
وفي الحديث أننا نبعث غير مختونين ، فلما ذا إذن نختتن ؟ وقيل : إن الصبى يختتن في اليوم السابع ، وقيل هذا من تعاليم اليهود ، وقيل يستحب للرجل الكبير إذا أسلم أن يختتن .

والخلاصة : أن الاختتان مسألة خلافية سواء بالنسبة للذكور أو للإناث .
  * * *

765 . دعاء إبراهيم لمكة

دعا إبراهيم لمكة بالأمن والأمان ، لأنها مكان البيت الحرام ، فصارت بذلك بلدا حراما ، ودعا لها فقال :رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً( إبراهيم 35 ) ،
فربط أمنه بعبادة أهله للّه الواحد ، وشرطه بأن يخلو البيت من الأصنام ، فلأنه أوذى بها في العراق لمّا قام عليها وكسرها وجعلها جذاذا ، فحرّقوه ، فقد دعا أن يجنّبه اللّه ويجنّب بنيه والناس أجمعين عبادة الأصنام ، قال :وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ( 35 ) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ( إبراهيم ) ،
فبدأ الدعوة لنفسه أولا ، ثم لبنيه ، ثم للناس ضمنا ، والأصنام افتتن بها وما يزال الكثير من الخلائق ، فتبرأ ممن أضلته ، وقال :فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 36 ) ( إبراهيم ) ،
فجعل أمر من يعبد الأصنام إلى اللّه ، فبعد أن بيّن لهم صار أمرهم إلى اللّه ، ولو شاء عذّبهم ، ولو شاء غفر لهم ، كقول عيسى :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ( 118 ) ( المائدة ) .
وقيل إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تلا قول إبراهيم :رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِالآية ، وقول عيسى :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَالآية ، ثم رفع يديه وقال : اللهم أمتي ، اللهم أمتي.
اللهم أمتيو بكى ، كأنما كان يسأله تعالى أن يرضيه في أمته ولا يسوؤه.

  * * *

766 . قصد إبراهيم بدعائه رضا اللّه

قال إبراهيم :رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا 
فِي السَّماءِ ( 38 ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ ( 39 ) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ ( 40 ) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ( 41 ) ( إبراهيم ) ،
فوصف اللّه تعالى بعلم كل شئ ، وأنه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، وقصد بذلك أنه تعالى يعلم بالنوايا ، وأنه ما بنى البيت الحرام إلا لعبادته تعالى ، وأن يعلم الناس أن لهم ربّا مثلما علم هو ذلك ، وليس أعلم منه بوجوده تعالى وبكرمه ورحمته بعباده ، فلما شكا له أنه بلا عقب وهبه على الكبر إسماعيل وإسحاق ،
وكان عمره وقت أن ولد إسماعيل ستا وثمانين سنة ، ولمّا ولد إسحاق كان عمره مائة سنة ، فلما استجاب اللّه لدعائه ، عرف إبراهيم أنه ربّ سميع للدعاء ، ولذا دعاه مرة أخرى أن يجعله من الثابتين على الإسلام ، وعلى التزام أحكامه ، وأن يقيم الصلاة ويداوم عليها هو وذريته من بعده ، ولم يقل ذريته جميعها وإنما قال « ومن ذريتي » ، و « من » تفيد التبعيض ،
أي ليس كل ذريته سيكونون من المؤمنين ، وسأله أن يتقبّل دعاءه ، والدعاء عبادة ، وفي الحديث : « الدعاء مخ العبادة » أخرجه الترمذي ، ثم دعا لوالديه وللمؤمنين ، فإن كان والداه قد ماتا كافرين فأمرهما إلى اللّه جميعا ، وقيل من عادة الساميين أن يسمّوا كبار السن والدين ، وإبراهيم دعا عازر أباه وهو في الحقيقة عمّه ، وإنما كلّ من في عمر الأب فهو أب ، وفي القرآن سمّى صالحا أخا لقومه ، وكذلك هود ، وقال تعالى عن مريم أنها بنت هارون ، بمعنى أنها من بيت هارون ، ومن ثم كان دعاء إبراهيم لكل والدين .
وفي كل ذلك قصد إبراهيم من دعائه رضا ربّه أولا قبل أي نفع يجنيه من وراء هذا الدعاء ، لإيمانه الشديد بربّه ، وثقته فيه ، وتوكله عليه ، فكان إيمانه بحق هو الإيمان ، وقد امتحن فيه فجاز الامتحان ، وكان دائم الشكر له والثناء عليه ، وما من مكان ذهب إليه وأقام به لفترة إلا بنى فيه بيتا للّه ، فكان نسج وحده بين الأنبياء .

  * * *

767 . قصة الذبيح إسماعيل ومناسك الحج

يقول تعالى في قصة الذبيح إسماعيل :فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى( الصافات 102 ) ، قيل رأى ذلك إبراهيم ثلاث ليال متتابعات ، وهو كلام صحيح علميا ، إذ أن « الحلم المتكرر » هو الحلم الذي له هذا المعنى الحقيقي . وقيل « رؤيا الأنبياء وحى » ، وهو صحيح علميا ، لأن الأنبياء نفوسهم صافية ، ولا يعانون تشوشا ولا اضطرابات نفسية ولا ذهنية .
وقيل : إن الأنبياء يأتيهم الوحي أيقاظا ورقودا ، فقلوبهم لا تنام وإن نامت عيونهم ، وهذا صحيح علميّا لنفس الأسباب السابقة ، وفي معناه الحديث : « إنّا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا » أخرجه البخاري ومسلم ،
وقيل : إن إبراهيم لمّا كان مع ابنه إسماعيل وزوجته هاجر في مكة ، في زيارة من زياراته لهما من حين لآخر ، حيث كان يسكن أصلا الشام مع زوجته سارة ، رأى في ليلة التروية كأن قائلا يقول له : إن اللّه يأمرك بذبح ابنك .
فلما أصبح روّى في نفسه ، أي فكّر : أهذا الحلم من اللّه أم من الشيطان ؟ فسمّى ذلك اليوم « يوم التّروية » لهذا السبب ، أي يوم التفكير .

فلما كانت الليلة الثانية رأى ذلك أيضا وقيل له : الوعد ؟ أي أين وعدك ؟ فلمّا أصبح عرف أن ذلك من اللّه ، فسمّى ذلك اليوم « يوم عرفة » . ثم رأى مثله في الليلة الثالثة ، فهم بنحر ابنه كما تقضى الرؤيا ، فسمّى ذلك اليوم « يوم النحر » .
وروى أنه لمّا همّ بذبحه قال جبريل : اللّه أكبر . اللّه أكبر ، فقال الذبيح : لا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، فقال إبراهيم : اللّه أكبر والحمد للّه ! فبقيت هذه الكلمات سنّة ، وكل ذلك ممكن علميا لأنه لا يقضى بشرّ ولا يرسّخ لخرافة .
وذبح الابن في الحلم من الميكانيزمات الحلمية في كل كتب تفسير الأحلام في العالم ، وبكل اللغات ، وفي مختلف الثقافات ، وما جرى لإبراهيم ، وما تبودل من أحاديث بينه وبين ابنه وجبريل صار لذلك من المقدسات ومن مناسك الحج في الإسلام .

  * * *

768 . الدليل على أن الذبيح هو إسماعيل وليس إسحاق

الدليل على ذلك - وهو أقوى دليل : بشارة الملائكة لسارة زوجة إبراهيم في قوله تعالى :فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ( 71 ) ( هود ) ،
فطالما أن إسحاق سيعيش ليلد يعقوب ، فلا يمكن أن يذبح ، ولا أن يفهم إبراهيم أن رؤيا الذبح المقصود بها إسحاق ، فلا شك إذن أنه فهم أن الرؤيا تخصّ إسماعيل ، وأنه الذبيح وليس إسحاق .

  * * *

769 . البشارة بإسحاق بعد قصة الذبح

قال تعالى :وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ( 112 ) ( الصافات ) ، ولم تأت البشارة إلا بعد تمام قصة الذبح ، إذن فطالما أن إسحاق سيعيش وسيكون نبيّا ، فإن المقصود بالذبح يكون إسماعيل !
  * * *

770 . الدليل من التوراة على أن الذبيح إسماعيل

الدليل على ذلك العبارة 23 من الفصل السابع عشر من سفر التكوين ، وهو قوله :
« فأخذ إبراهيم إسماعيل ابنه . . . » ، فهذا إقرار بأن إسماعيل هو الابن الوحيد لإبراهيم في ذلك الوقت حيث لم تكن سارة قد ولدت إسحق بعد ،
وفي ذلك الفصل يأتي في بدايته بشارة اللّه لإبراهيم ووعده : « وسأنمّيك جدا جدا ، وأجعلك أمما ، وملوك منك يخرجون ، وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك مدى أجيالهم ، عهد الدهر لأكون لك إلها ، ولنسلك من بعدك ، وأعطيك أرض غربتك ، لك ولنسلك من بعدك ، جميع أرض كنعان ، ملكا مؤبّدا ، وأكون لهم إلها » ( 6 - 8 ) ،
وهذه البشارة وذلك الوعد كانا لإبراهيم ولم يكن له ولد إلا إسماعيل ، وعلى ذلك يكذب كاتب التوراة عندما يقول بعد ذلك : « خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق » ( التكوين 22 / 2 ) ،
لأن ابنه ، قد وصفه بأنه « الوحيد » ، ليس سوى إسماعيل ، فلما كانت الرؤيا وأخذه إلى أرض مورية ليذبحه ، وكان اختياره لمورية بالقرب من نابلس دليل على أن الذبيح إسماعيل ليبعد به عن أمه ، وكان إسماعيل في سن يسمح له أن يفهم مطلب أبيه ، وأما إسحاق فكان صغيرا جدا وبينه وبين إسماعيل 14 سنة !
فكيف يفهم الذبح ويطيع أبوه وعمر إبراهيم وقت ولادته 100 سنة ، فالأقرب إلى العقل إذن أن الذبيح هو إسماعيل !

  * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى