اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

اذهب الى الأسفل

13102023

مُساهمة 

الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Empty الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني




الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

موسوعة القرآن العظيم ج 1  د. عبد المنعم الحفني

601 . سورة طه

نزلت هذه السورة بعد مريم ، وترتيبها في النزول الخامسة الأربعون ، وفي المصحف العشرون ، وآياتها خمس وثلاثون آية ، جميعها مكية إلا الآيتين 130 و 31 فمدنيتان ، وموضوعها : العقيدة كأىّ من السور المكية ، وتبدأ بحرفين هما : « طه » سمّيت السورة بهما ، وتباينت الاجتهادات في تفسيرهما ،
فمن قائل : أن طه اسم لمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، والمعروف أن له عشرة أسماء ، منها طه ، ويس ؛ وقال آخرون : « طه » من اللغة السريانية ، أو النبطية ، أو اليمنية ، أو هما بلسان الحبشة ، بمعنى ، « يا رجل » ، أو بمعنى « طأ الأرض » ، لأن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان يتحمل مشقة الصلاة قبل أن تنزل هذه السورة ، حتى كادت تتورم قدماه ، وكان إذا صلّى يرفع رجلا ليريحها ويقوم على الأخرى ، فأنزل اللّه طه( 1 ) ،
يعنى : « طأ الأرض يا محمد » ،ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى( 2 ) . وقال نفر من المفسرين : إن « طه » قسم أقسم به ، وقال آخرون : إن « طه » اختصار لكلمات ، كأن تكون الطاء اختصار « طوبى » ، والهاء اختصار « الهاوية » ؛ والعرب تعبّر عن الشيء كله ببعضه ، فيحتمل أن الطاء افتتاح اسمه « طاهر » و « طيّب » ، أو « طالب الشفاعة للأمة » ؛ أو أن الطاء من الطهارة ، والهاء افتتاح هادي من الهداية ،
كأن يكون المعنى خطابا من اللّه إلى رسوله صلى اللّه عليه وسلم يقول : يا طاهرا من الذنوب ، ويا هادي الخلق إلى علّام الغيوب ؛ أو أن الطاء : « طبول الغزاة » ، والهاء : هيبتهم عند الكافرين . 

وكل هذه اجتهادات لا مبرر لها ، لأنه ليس في القرآن ما يستغلق على الناس فهمه ، فحتّى ما كان من الغيب عرّفه لنا ، وإنما « طه » من الحروف المقطّعة ، ومثلها مثل ألم ، والر ، وهي إشارات إلى حروف الأبجدية التي كانت منها الكتابة والقراءة ، وهما نعمتان كنعمه الأخرى في الكون ، بل إنهما لأكبر من أي نعمة أخرى من النّعم الكونية ، فلولا الكتابة والقراءة ما كانت الحضارة ، ولا كان التاريخ ، ولما عرف الإنسان اللّه ، فالحروف المقطّعة في أوائل بعض السور تنبيه إلى هاتين الآيتين - الكتابة والقراءة ، كالتنبيه إلى آياته الكونية في بعض السور الأخرى . وسورة طه نزلت قبل إسلام عمر ،
وكانت سببا في إسلامه ، فذلك من بركاتها ، وفي الخبر أنه خرج يوما يريد أن يقتل محمدا الذي كان يطلق عليه « هذا الصابئ » يعنى المرتد عن دينه ، لأنه في زعمه فرّق أمر قريش ، وسفّه أحلامها ، وعاب دينها ، وسبّ آلهتها ،
فقيل له : إن ختنه وأخته قد صبوا ، فتوجه إلى بيت أخته ، وكان عندها خبّاب بن الأرتّ يقرأ لها ولزوجها سورة طه ، ودنا من البيت فسمع هينمة القراءة ، فلما أحسّوا به اختبأ خبّاب ، وبطش عمر بختنه ، وضرب أخته فشجّها ، ثم رقّ لها فطلب أن يرى الصحيفة ، وكان يعرف القراءة ، فأعجبه الكلام فقال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه !
وقال له ختنه سعيد بن زيد : يا عمر ، واللّه إني لأرجو أن يكون اللّه قد خصّك بدعوة نبيّه ، فإني سمعته أمس يقول : « اللهم أيّد الإسلام بأبى الحكم بن هشام ، أو بعمر بن الخطّاب » ، فاللّه اللّه يا عمر .
فقال عمر : فدلّنى يا خبّاب على محمد حتى آتيه فأسلم .

وتبدأ السورة بحسن استهلال ، لتسلية النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، بقوله تعالى :ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى( 2 ) ، وتنبّه إلى رسالة القرآن ، وأنها للتذكرة باللّه تعالى ، وتصفه بصفات الوحدانية ،
ثم تستطرد في تسلية الرسول صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين ، بأن تقصّ أطرافا من قصة موسى ، وتستهلها بالتشويق والحثّ على الإصغاء ، تقول :وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى ( 9 ) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ( 10 ) ، وفي القصة الكثير من المصطلحات ،
مثل : « الوادي المقدس طوى » ، و « عصا موسى » ، و « حيّة موسى » ، و « يوم الزينة » ، و « جنّات عدن » ، و « السامري » ، و « لا مساس » ، و « الشفاعة » ؛
والكثير من الحكم والأمثال والأدعيات ، مثل :وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى( 17 ) ، ورَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ( 25 ) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ( 26 ) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي ( 27 ) يَفْقَهُوا قَوْلِي( 28 ) ،وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي( 39 ) ،وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى( 47 ) ، ورَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى( 50 ) ، ومِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى( 55 ) ،وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى( 61 ) ،وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى( 63 ) ، ولا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى( 68 ) ، ووَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى( 69 ) ، و «إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ( 71 ) ،فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا( 72 )وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى( 73 ) ،وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى( 84 ) ، ويَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي( 94 ) ، «وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً( 102 ) ،
ويتأدّى السرد في القصة إلى وصف 
يوم القيامة ، وتتطرّق إلى سؤال قريش للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم عن الجبال في ذلك اليوم ، ويضرب المثل بالجبال ونسفها على وصف الهول في ذلك اليوم ، والذي لا شفاعة فيه إلا لمن أذن له الرحمن ، ومقصوده من كل هذا السرد عن القيامة ، هو توعّد من يكفر بعد ما جاءه من العلم مما بيّنه القرآن وأنزله اللّه تعالى لذلك بالعربية ،
وأمر نبيّه أن لا يتعجّل قراءته من قبل أن يقضى إليه ، ويضرب له المثل بآدم الذي تعجّل فأطاع إبليس ونسي ما وصّاه به ربّه ، وتروى السورة طرفا من قصة آدم ، وتسوق الآيات لعل فيها الهدى للناس ، وتنذرهم بأن من يعرض عمّا فيها فإن معيشته تسوء ، بسبب اختياره الطريقة الدنيا على طريقة القرآن ، وتشبّهه بمن يؤتى البصر في الدنيا ويحرم البصيرة ، فيحشر في الآخرة بلا بصر ولا بصيرة ، فهذه حال كل من يسرف ولا يؤمن ، وله المثل فيمن سبقه من الأمم ، لعله يتّعظ بهم .

وتنتهى السورة ببعض الوصايا للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم وللمؤمنين : أن يصبروا على تشنيعات الكافرين والمكذّبين والمتعنّتين ، وأن يشغلوا أنفسهم بذكر اللّه ، وأن لا يتمنوا ما في أيدي غيرهم من النّعم ، فرزق اللّه خير وأبقى ، وأنه على المسلم أن يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها ، وأن يحفظ ما جاء في هذه السورة ، فهي خير من كل آية مادية من آيات الكون والدنيا التي يطلبها الكفار كبرهان على صدق النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وهذه كتب الأولين قبل القرآن تشهد بذلك ، ولو أن اللّه حاسبهم على ما طلبوا كما حاسب من سبقوهم لأهلكهم ، ولقالوا :
ما لنا ومن سبقونا ؟ لولا أرسل اللّه لنا رسولا خاصا بنا فنتّبع آياته ؟ !
وها هو الرسول قد جاءهم فلم لم يتّبعوا ما جاء به ؟ ولم لم يؤمنوا ؟ وتختتم السورة بأروع بيان :قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى( 135 )
فهذه هي سورة طه التي أسلم بسببها عمر بن الخطاب ، قمة في الحكمة والقصّ ، ودعوة إلى التدبّر والتفكّر .

وللّه الحمد والمنّة .
  * * *

602 . سورة الأنبياء

السورة مكية ، وآياتها اثنتا عشرة ومائة ، وكان نزولها بعد سورة إبراهيم ، وترتيبها في المصحف الواحدة والعشرون ، وفي التنزيل الثالثة والسبعون ، وتعتبر من السور العتاق الأول ، مثلها مثل مريم ، وطه ، والكهف ، وتبدأ بداية غير معهودة ، تقول :اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ( 1 ) ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ( 2 ) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ( 4 )
 وفي هذه الآيات موجز للسورة جميعها ، فكما يوحى اسمها فإنها عن 
« الأنبياء » ، وفيها ذكر « ثمانية عشر » نبيا ، هم بحسب ورودهم في السورة : موسى وهارون ، وإبراهيم ولوط ، وإسحاق ويعقوب ، ونوح ، وداود وسليمان ، وأيوب ، وإسماعيل ، وإدريس ، وذو الكفل ، وذو النون ، وزكريا ويحيى ، وعيسى ، وتنذر السورة باقتراب الآخرة ،
وتنبّه إلى غفلة الناس وإعراضهم ، واستغراقهم في الملذات ، وكلما نزلت عليهم آية من ربّهم لم يستمعوا لها إلا وهم يتشاغلون ويتناجون بينهم بالتكذيب ،
وقالوا : وهل محمد هذا إلا مثل البشر ومن البشر ؟
يأكل الطعام مثلهم ، ويمشى في الأسواق كما يفعلون ، فلما ذا الإنصات له ، والاحتفاء بما يقول ، وهو لا يتميز عن أهل مكة في شئ ؟
وقالوا : كلامه سحر ولا يأتيه إلا شاعر ، وهو نفسه ساحر ، وقرآنه أخلاط كالهلاوس وأضغاث الأحلام . والردّ على هؤلاء : أنه ما كان من الممكن أن يرسل اللّه رسولا إلى الناس إلا إذا كان بشرا مثلهم ، وحجتهم على ذلك داحضة ، لأن من سبقه من أنبياء ما كانوا إلا بشرا رجالا يوحى إليهم ، وما كانوا يأكلون إلا طعاما كما يأكل الناس .
وقال كفّار مكة مثلما قال النصارى : أن اللّه اتخذ ولدا ، وهم كاذبون فلو كان يريد أن يتخذ ولدا لاتّخذه من أهل السماء ، يعنى الملائكة ، وهو لم يكن له ولد ، ولا اتخذ ولدا من الملائكة ، ولا كانت له بنات من بينهم ، وليس الملائكة إلا عبادا له مكرمين ، وهم يسألون اللّه سبحانه وهو لا يسأل ، فكيف يكونون له شركاء وهو الذي تشير كل الدلائل في السماء والأرض على أنه واحد لا شريك له ، وله البقاء والخلود وحده ، وهم جميعا ميّتون ، ولسوف يموت محمد ، فلما ذا الاستهزاء به وتعييره بأنه سيموت ؟
ومن قبله استهزئ بالأنبياء وجرى عليهم الموت ، وما كان محمد إلا مثلهم فليس عجيبا أن استهزءوا به ؟
ثم تقص السورة قصصا عن بعض الأنبياء ، وبعض القصص يطول وبعضها يقصر ، ومن هؤلاء : موسى وهارون ، وكيف آتاهما اللّه الفرقان ضياء وذكرا للمتقين ، ومثله القرآن تنزّل على محمد صلى اللّه عليه وسلم . وفرقان موسى هو التوراة ، وسمى الفرقان لأنه يفرق بين الحرام والحلال .
ومن قبل موسى وهارون كان إبراهيم ، وتتحدث السورة عنه بإسهاب ، وتعرض لبراهينه وحججه في أسلوب فيه نصاعة البيان .
ولم يكن إبراهيم عندما بدأت قصته على العيان إلا فتى ، ولكنه لم يكن غريرا ، فقد آتاه اللّه رشده قبل الأوان ، يعنى أنضجه فكريا ، وأعطاه عمرا عقليا يسبق عمره الزمنى ، كقوله تعالى في يحيى :وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا( 12 ) ( مريم ) ،
والحكم هو الرشد ، وإبراهيم كان أبرز ما فيه قدراته على الاستدلال والنظر ، فعلم عجز آلهة قومه ، ودعاهم لنبذها ، ولم يكتف بالمحاجاة باللسان ، ولكنه ذهب إلى أبعد من ذلك ، فكسر الأصنام التي يعبدونها ، ووطّن نفسه منذ البداية على مواجهة المكاره وهو يذبّ عن عقيدته ، ويعلن عن إيمانه باللّه ، وحاكموه فكانت « محاكمته أول محاكمة في التاريخ من نوع محاكمات محاكم التفتيش » ، 
وحرّقوه بالنار ، فكان « تحريقه أول تحريقholocaustأوauto - da - feفي التاريخ ، وقضى اللّه أن تمنع هذه المهزلة ، ويرفع هذا الظلم ، فعطّل قانون النار ، فتحوّلت إلى الضدّبَرْداً وَسَلاماً( 69 ) ،
ونجّاه ولوطا وأوعز إليهما أن يهاجرا ، فكانا أول من هاجر من الأنبياء ، وارتحلا بعائلتيهما إلى أرض فلسطين ، وكان لوط من المؤمنين بإبراهيم ، وكافأ اللّه إبراهيم فوهبه على الكبر إسحاق ، وأنجب إسحاق يعقوب ، وكلاهما كان نبيا ، وكافأ لوطا فجعله نبيا ، ولوط هو ابن أخي إبراهيم ، وهؤلاء كانوا الأئمة أو الآباء ، أو البطارقةpatriarchsالهداة الأولين . وامتحن اللّه لوطا بقريتىّ سدوم وعامورة ، ونجّاه وأهله وأغرق قوم السوء .

ومن الأنبياء داود وسليمان : آتاهما اللّه الحكم والعلم ، فقضيا في أصحاب الحرث والغنم ، وفضّل اللّه سليمان فكان حكمه هو الأفضل .
ومنهم أيوب : وكان من الصابرين ، فكشف اللّه ضرّه ، وآتاه أهله ومثلهم معهم ، رحمة به وذكرى للعابدين .
ومن الصابرين : إسماعيل ، وإدريس ، وذو الكفل ، وكانوا صالحين . وذو الكفل هو اليسع ، سمّى كذلك لأنه تكفّل بأن يدخل الجنة من يؤمن باللّه ، وقيل هو زكريا ، سمّى ذا الكفل لكفالته لمريم .
ويونس : وكان من المؤمنين ، وسمّى ذا النون ، لأن النون - أي الحوت - ابتلعه . ومن دعائه المستجاب في ظلمات بطن الحوت :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ( 87 ) ؛
وزكريا وزوجته : وكانا من الخاشعين ويسارعان في الخيرات ، ويدعوان ، اللّه رغبا ورهبا ، فآتاهما يحيى على كبر ، وكان يحيى سيدا وحصورا ، ولم يكن له من قبل سميا .
ومريم البتول : 
وابنها عيسى الذي جعله اللّه آية وأعجوبة للخلق ، وأوجده دليلا على قدرته تعالى . وهؤلاء الأنبياء دعوا جميعا إلى اللّه ، فالذين آمنوا كانوا أمة واحدة هي أمة لا إله إلا اللّه ، غير أن الناس اختلفوا وتفرّقوا في الدين ، وسيظل اختلافهم إلى يوم الساعة عندما تفتح يأجوج ومأجوج ، فينسلون من كل حدب لكثرتهم ، ويحشرون في أرض الموقف ، ثم يوردون جهنم ، وهم لها حصب وما يعبدون ، وينجّى اللّه من سبقت له الحسنى ، وكما بدأ الخلق يعيده ، وتطوى السماء كطىّ السجل للكتب ، وما كان إرسال محمد إلا رحمة للعالمين ، وما كان قوله « لا إله إلا اللّه » ، إلّا بوحي بها إليه منه تعالى .
واللّه أعلم بالساعة ، ويعلم الغيب وما يكتمون ، ولا يرث الدنيا والآخرة إلا عباد اللّه الصالحون ، وهذا بلاغ للعابدين ، لم يخصّ منهم أحد دون أحد ، ولعل إمهاله تعالى للناس ، وتأخيره عقابهم ، امتحان لهم ليرى صنعهم ، وليمتّعوا في الدنيا إلى حين ، ثم يأتيهم عذابه الأليم . وتختتم السورة بأمر اللّه لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم أن يدعو ربّه :رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ( 112 ) ، وأن يكون جوابه للمكذّبين في نهاية المطاف :وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ( 112 ) .
والحمد للّه ربّ العالمين . .

  * * *   

603 . سورة الحج

السورة مدنية ، وقيل إلا آيات أربع ، وهي :وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 52 ) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ ( 53 ) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 54 ) وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ( 55 ) فإنها نزلت بين مكة والمدينة ؛
وآيات سورة الحج ثمان وسبعون آية ، وكان نزولها بعد سورة النور ، وهي الثانية والعشرون في المصحف ، والسابعة عشرة في ترتيب التنزيل .
وبعض المفسرين يقولون إن السورة مكية إلا بعض السور المدنية ، ولذلك فإنه يغلب عليها جو السور المكية ، مع أنها تتناول جوانب التشريع كالسور المدنية سواء بسواء ، ويبرز فيها موضوعات كالتوحيد ، والإنذار ، والتخويف ، والبعث والجزاء وتعرض لبعض مشاهد يوم القيامة وأهواله ، ولمعاني الإيمان ، وكلها مما تعالجه السور المكية ، إلى جانب أحكام الحج ، والهدى ، والإذن بالقتال ، والأمر بالجهاد ، وهو ما استحدث في المدينة ،
وسميت سورة الحج لتناولها موضوع « الحج » والإذن به ، ابتداء من الآية :وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ( 27 ) حتى الآيةلَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ( 37 ) ، ومن مميزاتها أن بها سجدتين ، الأولى عند قوله تعالى :أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ( 18 ) ،
والثانية : عند قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( 77 ) ، والغالب أنها سجدة واحدة هي السجدة الثانية .
وبداية السورة بداية عنيفة ، تقول :يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ( 1 ) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ( 2 ) ،
والزلزلة شدة الحركة ، وهي إحدى شرائط الساعة ، والمرويات فيها ترتجف لها القلوب ، وتذهل من هولها العقول ، فحتى المرضعة تسهو فيها أن ترضع طفلها - وهو أشد ما تحرص عليه الأم ، وإنما تطيح الزلزلة بصوابها ، حتى لتضع الحامل حملها لهول ما ترى .
وقيل في النفخة الأولى في الصور : يكون قيام الساعة ؛
وفي النفخة الثانية : تكون الزلزلة وتقع أهوال يوم القيامة ، وعندئذ ترى الناس سكارى من هولها ، ومن الخوف والفزع ، وما هم بسكارى من خمر أو ما شابهها ، ولكنه الموقف الرهيب .
وتستطرد السورة ، من مشاهد القيامة إلى 
التدليل على البعث ، وتقدّم دليلين على أن البعث واقع ،
الأول : أن كل إنسان لم يكن من قبل شيئا ، ثم كان نطفة ، فعلقة ، فمضغة مخلّقة وغير مخلّقة ، ثم طفلا ، ليبلغ أشدّه ، وقد يتوفّى ، أو يردّ إلى أرذل العمر ، فهذه الأطوار جميعا تثبت أن الخلق ممكن من لا شئ ، فهكذا البعث ؛
والدليل الثاني : أن الأرض تكون هامدة فينزل المطر ، فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج ، فهذا دليل أقوى على البعث . ومن الدليل الأول قوله تعالى :فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ( 5 ) فخاطب جمعا ؛ ومن الدليل الثاني قوله :وَتَرَى الْأَرْضَ( 5 ) فخاطب واحدا ، فانفصل اللفظ عن اللفظ ، ولكن المعنى متصل من حيث الاحتجاج على منكري البعث ، من قوله :يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ( 4 ) حتى قولهذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 6 ) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ( 7 ) ، وفيه تنبيه على أن كل ما سوى اللّه ، وإن كان موجودا حقا ، فإنه لا حقيقة له من نفسه ، لأنه مسخّر ومصرّف .

والحق الحقيقي هو اللّه ، وهو تعالى الموجود المطلق ، والغنى المطلق ، ووجود كل ذي وجود إنما عن وجوب وجوده ، ولذا قال :ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ( 62 )ومعنى الحق أنه الموجود الثابت الذي لا يتغيّر ولا يزول ، وهو اللّه .
ومن الناس من يجادل في اللّه بغير علم ولا هدى ولا كتاب يرجعون إليه ، والبعض يعبده تعالى على حرف ، يعنى في شك دائم ، أو يعبده نفاقا باللسان دون القلب ، ويوم القيامة يفصل بين من آمن وبين من أشرك ، وبين المؤمنين وبين اليهود والنصارى والصابئين والمجوس إلى غير ذلك من الملل والنحل .
والصابئون : هم عبدة النجوم ، والمجوس : هم عبدة النار ، فهذه أديان خمسة ، أربعة منها للشيطان ، وواحد للرحمن ، وأصحاب ديانات الشيطان هم الذين يصدّون عن سبيل اللّه ، وعن المسجد الحرام قبلة العاكف والبادى ، ومن يرد فيه بإلحاد بظلم له العذاب الأليم .
والإلحاد بظلم : هو الميل إلى الظلم ؛ والعاكف هو المقيم بمكة ؛
والباد : الذي يأتيها من خارجها ؛ والمسجد الحرام : هو البيت العتيق ، وقيل الحرم كله ، وهو عتيق أي قديم ؛ لأنه أول مسجد وضع في الأرض ، ولأن اللّه أعتقه أن يظهر عليه جبار ، ولأنه يعتق فيه الخطّاءون من العذاب ، ولأنه أعتق قوم نوح من الطوفان .
ثم إن اللّه تعالى بوّأه لإبراهيم ، وعرّفه بمكانه ، وأجلى له عن أساسه ، ليعيد بناءه ويطهّره للطائفين والمصلّين ، وأمره أن يؤذّن في الناس بالحج يأتونه من كل فج بعيد ، راجلين وراكبين ، ليشهدوا منافع لهم في التجارة والعبادة ، وليذكروا اسم اللّه في أيام معلومات : 
قيل هي ثلاثة أيام ، أو أربعة ، منها يوم للذبح هو العاشر من ذي الحجة ؛ ثم ليقضوا تفثهم : يعنى مناسك الحج ؛ وليوفوا نذورهم ، وليطوّفوا .
وللحج ثلاثة أطواف : طواف القدوم ، وطواف الإفاضة ، وطواف الوداع . وفي الحج يجتنب الرجس من الأوثان ، وقول الزور ؛ والرجس : هو ما يزيل الطهارة ؛ والوثن : هو الصنم ، والأصنام رجس لأنها نجس حكما وإن لم تكن نجسا وصفا ذاتيا .
والزور : هو الباطل والكذب ، وفي الحديث : « عدلت شهادة الزور الشرك باللّه » أخرجه أحمد . وتعظيم الشعائر من تقوى القلوب ، والشعائر : جمع شعيرة ، وهي أعمال الحج والأضاحي التي مكان ذبحها منى أو الحرم . ولكل أمة منسك :

أي موضع تتردد عليه لعبادة اللّه ، وللذبح عنده ، شكرا له على ما رزقها من بهيمة الأنعام .
وعلى المؤمنين أن يسلّموا بحقّه تعالى ، وأن يطيعوا له وينقادوا ؛ وللمخبتين البشرى : أي المتواضعين الخاشعين ، والخبت ما انخفض من الأرض ، وآية المخبتين أن يخافوا من الله تعالى ، وأن يرهبوا اسمه ، وأن يصبروا على ما يصيبهم ، وأن يقيموا الصلاة ، وينفقوا مما رزقهم ، وهذه أحوال العارفين باللّه .
والضحايا في الحج : ليأكل منها أصحابها ، ويطعموا القانع والمعترّ ، والأول هو السائل ، يقنع قنوعا أي يسأل ، أو تقنع قناعة أي يتعفف ؛ والمعترّ هو الذي يعترّ ، يعنى يتعرض للناس ويطيف بهم سائلا أو ساكنا .
والأضحية : من تقاليد أهل الجاهلية ، فكانوا يذبحون ويضرجون الكعبة بدماء الذبائح ، واللّه لا ينال من لحومها ولا دمها ، ولكن يناله التقوى من المضحّين ، فيعلون بدينهم ، وهؤلاء الذين يدفع عنهم قال :إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا( 38 ) ، ودفاعه تعالى بالحجة مع من تجدى معهم الحجة ، ومن لم تجد معهم أمر بقتالهم :أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ( 39 ) ،
فشرط قتالهم بأن الظلم قد حاق بهم ، وقيل هذه « آية القتال » تنسخ كل آيات القرآن في الصفح والإعراض والجدل بالحسنى ، وقيل هي أول آية نزلت في القتال ، والصحيح أنها لم تنسخ آيات الجنوح للسلم والمعاملة باللين ، فالقتال لا يجوز إلا في حالات معينة ،
منها في هذه السورة : إخراج المسلمين من ديارهم بغير حق ، ولولا أن الله قد شرّع أحيانا القتال للأعداء ، لاستولى أهل الشرك على كل البلاد ، ولعطّلوا الشعائر ، وخرّبوا بيوت العبادة ، والجهاد ضرورة ، ولولاه لما بقي الدين ، وكأيّن من قرية ظالمة ومعادية للّه وأهلها مشركون إلا أهلكها اللّه ، ولقد كذّب أقوام نوح ، وعاد وثمود ، وإبراهيم ولوط ، وموسى ، وأصحاب مدين ، فأملى لهم اللّه ثم أخذهم ، فلعل في الرواية لقصصهم تسلية للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وهو النذير المبين ، وما أرسل اللّه رسولا ولا نبيا من قبله إلا وقد تمنّى لو يؤمن قومه ، ولكن الشيطان يلقى في أمنيته ، يريد أن يفسدها عليه ، ولكن اللّه ينسخ ما يلقى إليه الشيطان ، ثم يحكم آياته ، وفي ذلك 
تعريض بقصة الغرانيق التي نسبوها إلى النّبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وفي زعمهم أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لما قرأ :أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ( 19 ) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى( 20 ) ( النجم )
لها ، قال : « إن شفاعتهن لترتجى ، وإنهن للغرانيق العلا » وهو افتراء محض فذلك لا يجوز على النبىّ وهو المعصوم في التبليغ ، وقيل هذا مما ألقاه الشيطان في أمنيته صلى اللّه عليه وسلم ، وأن الآية نزلت في ذلك ،
والصحيح أن الآية نزلت تخبر أن الأنبياء حين يبلّغون عن ربّهم ، أو يتلون وحيا أنزل عليهم ، فإنهم لم يعدموا مشاغبين يقولون عليهم ما لم يقولوه ، ويحرّفون الكلم عن مواضعه ، وينشرون ذلك بين الناس ،
ولا يزال الأنبياء يجادلونهم حتى يقيض لهم النصر عليهم ، فينسخ اللّه ما يلقى شياطين الإنس من تشبه ، ويثبّت الحق ،
وتلك سنّة اللّه ليميز الخبيث من الطيب ، فيفتن ضعاف القلوب ، ويتمحّص الحق عند أهله ، وهم الذين أوتوا العلم .
ولا يزال الذين كفروا في شك من القرآن حتى تأتيهم الساعة بغتة ، أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ، وسمّى اليوم عقيما لأنه لا يتلوه يوم آخر ، وليس يعقب بعده يوما منه ، والملك يومئذ للّه وحده لا منازع فيه ولا مدافع ، وفيه يفصل بالعدل بين المؤمنين والكافرين ، فمن يعاقب إذن فلا يغلو ، لأنه تعالى أمر بالعدل ، ومن يعاقب فليعاقب بمثل ما عوقب به ، واللّه هو الحق ويحقّ الحق ، وما يدعونه هو الباطل ، وهو العلىّ الكبير ، والعالي على كل شئ بقدرته ، وعن الأشباه والأنداد ؛
والموصوف بالعظمة والجلال ؛ وقيل هو الكبير أي ذو الكبرياء ، يحيى ويميت ، وله ما في السماوات والأرض ، ويمسك السماء أن تقع إلا بإذنه ، وهو الرؤوف الرحيم ، وجعل لكل أمة شريعتها ومنهجها ومتعبّدها ، وما للظالمين من نصير ، وهو تعالى يصطفى الرسل من الملائكة ليتوسّطوا بينه وبين البشر ،
ويصطفى رسلا من الناس لتبليغ شرائعه للعباد . والآية ردّ على من أنكر أن يكون الرسول من البشر ، وأما المؤمنون فليزدادو إيمانا ، وليركعوا ويسجدوا ويعبدوا ربّهم ، وليفعلوا الخير لعلهم يفلحون ، وليجاهدوا في اللّه حقّ جهاده ، بأموالهم وأنفسهم ، فهو الذي اجتباهم من بين الأمم لنصرة دينه ، وخصّهم بأكمل شرع ، وأكرم رسول ، ولم يضيّق عليهم ، ولا كلّفهم ما لا يطيقون ، وجعلهم على الحنيفية السمحاء ، ملّة إبراهيم ، وسمّاهم المسلمين ، وأشهد عليهم بأنه قد بلّغهم ، وأشهدهم على الناس أن رسلهم قد بلّغتهم ، وإن كانوا قد اختارهم لهذه المهمة الجليلة ،
فلا أقل من أن يشكروه على هذه النعم : بالصلاة والزكاة ، والاعتصام به تعالى ، والاستمساك بحبله المتين . فللّه الحمد والمنّة ، ونسأله تعالى أن يحيينا ويميتنا على الكتاب والسنّة ، آمين .

  * * *   

604 . المؤمنون

السورة في قول الجميع مكية كلها ، ونزلت بعد سورة الأنبياء ، وآياتها ثماني عشرة ومائة ، وترتيبها في المصحف الثالثة والعشرون ، وفي التنزيل الرابعة والسبعون . ولمّا قيل لعائشة : ما كان خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟ قالت : أتقرءون سورة المؤمنين ؟ قيل : نعم .
قالت : اقرءوا - فقرئ عليها :قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ( 1 ) حتىوَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ( 9 ) . - فهذه أخلاق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهي أخلاق المؤمنين المفلحين وقيل :
إن النبىّ أنزل عليه فسرى عنه بعد ساعة ، فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال : « اللهم زدنا ولا تنقصنا ، وارضنا وارض عنا » ، ثم قال : « أنزل علىّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة » ، ثم قرأ : قد أفلح المؤمنون » حتى ختم عشر آيات . ومن غريب القرآن أن هذه الآيات العشر عامة في الرجال والنساء ، والخطاب للمؤمنين وهم يشملون المؤمنات ، والسورة في أغلبها عنهم ، وتستهل باسمهم : « قد أفلح المؤمنون » فسمّيت باسمهم ، إشادة بهم وبأفضالهم .
وفلاحهم :
هو فوزهم وسعدهم ، وشرطه لهم بست خصال :
الأولى : الخشوع في الصلاة ، ومناطه القلب ، ولمّا نزلت الآية كان المسلمون يلتفتون في الصلاة ، فأقبلوا من بعدها على صلاتهم ينظرون أمامهم . والقلب إذا خشع خشعت الجوارح كلها لخشوعه ، والخشوع هو أول علم يرفع من الناس ؛
والثانية : الإعراض عن اللغو ، وهو الثرثرة فيما لا يجوز ولا طائل وراءه ؛
والثالثة : فعل الزكاة ، وهو أن تعمل ليكون لديك المال لتزكّى منه ، وهو أقوى من إتيان الزكاة ، و « الفعل » فيه إرادة وقصد ؛ والرابعة : حفظ الفروج ، وذلك عام في الرجال والنساء إلا على الأزواج ، ويقتضى ذلك تحريم الزنى ، والاستمناء ، ونكاح المتعة . والاستمناء هو استفعال المنىّ ، وكان ابن حنبل يجوّزه ويشبّهه بالفصد والحجامة ! !
ونكاح المتعة : هو الزواج لأجل ، والمرأة كالمستأجرة ! ولا حقوق فيه لها ، وهو ضد الشرع .
وسمّت السورة من نكح ما لا يحل له عاديا وأوجبت الحدّ عليه لعدوانه ، ومن ذلك اللائط ، فهو عاد قرآنا ولغة ، بدليل قوله تعالى :بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ( 166 ) ( الشعراء ) ؛

والخامسة : مراعاة الأمانة والعهد ، وفيهما يجتمع كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه قولا وفعلا . والأمانة أعمّ من العهد ، وكل عهد فهو أمانة ؛
والسادسة : المحافظة على الصلاة ، والصلاة عمود الدين ، ومن أقامها فقد أقام الدين .
وهؤلاء المؤمنون هم الوارثون للجنّة ، وجنة الوراثة : هي هذه الجنّة التي يرثونها ، وهي الفردوس ، أعلى الجنة . ثم تعرض السورة لدلائل قدرة اللّه ، فتناولت خلق الإنسان من سلالة من طين ، والسلالة هي النطفة تسلّ من شئ ، والسلالة أيضا صفوة الماء وهو المنى ؛ وأصل آدم من طين خالص ، وأما ولده فمن طين ومنّى ، ثم ينفخ اللّه فيه من 
روحه فيكون خلقا آخر ، ويكون له النّطق والإدراك وتحصيل المعقولات ، فتبارك اللّه أحسن الخالقين ، فذلك دليل من أدلة قدرته تعالى ، ومن هذه الأدلة خلق السماوات السبع ، والمطر ينزل بقدر ، وينمو به النخيل والأعناب والفواكه والزروع ، وشجرة الزيتون المباركة التي تنبت من طور سيناء ، وفيها الزيت دهانا للعلاج ، وغذاء للناس ، والأنعام وألبانها ، والمراكب في البحار .
وتستطرد السورة إلى بعض قصص الأنبياء الذين أبلوا بلاء حسنا وصبروا على الأذى ، لعل فيها تسلية للرسول وللمؤمنين ، كنوح ، وهود ، وصالح ، وشعيب ، وموسى ، وعيسى وأمه ، فكان كلّ منهم يكرر نفس الدعوة ، ونفس الكلام بلا فائدة ، ويأتي الجواب على كل دعوة بنفس الألفاظ والدفوع ، فنوح قال : يا قوم :اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ( 23 ) ، وهود قال :اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ( 32 ) وهكذا ،
وكل قوم يكذّبون بنفس الدفوع : أن النبىّ المزعوم هو بشر مثلهم ، وأن البعث مستحيل ، وأنه من أساطير الأولين ، وأن الداعي كذّاب يفترى على اللّه ، ومجنون به جنّة ، فاستحقوا أن ينزل بهم العذاب .
وكان المعترضون دائما « المترفون » ، ومات من مات بطوفان نوح ، وبالصيحة عند عاد وثمود ، والصيحة تعنى أن يتجاوز الصوت حدّ القدرة على التحمّل ، ومن شأنه حينئذ أن يدمر ما يصله ؛ وعند موسى مات آل فرعون غرقا ؛ ولجأ عيسى وأمه إلى ربوة ذات قرار ومعين ، قيل هي الكنيسة بتعبير بطرس أحد الحواريين .
وما أمر المؤمنون إلا بما أمر به الرسل : أن يأكلوا من الحلال ويتجنبوا الحرام ، وأن لا يعادى بعضهم بعضا ، فالدين واحد والربّ واحد :هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ( 52 ) ، إلا أنهم افترقوا ، وجعلوا الدين الواحد أديانا ، والافتراق في الفروع طبيعي ، ولا يوجب تعديد الملل ، وإنما الافتراق المحذور منه هو الذي موضوعه أصول الدين وقواعده .
ومن افتراقهم أن وضعوا الكتب واتّبعوها ، وحرّفوا التوراة ووضعوها وضعا ، وألّفوا الإنجيل تأليفا ، وما هم فيه من مال وبنين ليس عن رضا اللّه عنهم ولكنه استدراج وإملاء ؛
وأما المؤمنون : فلهم علامات أربع : يخشون ربّهم ، ويؤمنون بآياته ، ولا يشركون باللّه ، ويتّقونه ويخافون أن لا تقبل تقواهم ، وأولئك هم المسارعون في الطاعات ، والسابقون إليها ، واللّه لا يكلف نفسا إلا وسعها ، وكل ما يفعلون في كتاب الإحصاء للأعمال .
وأما الكافرون فهم في غمرة وغفلة وعماية ، وأعمالهم دون ذلك ، وكلهم « مترفون » ، وفي يوم القيامة يعذّبون ، وكانوا من قبل يستأخرون كلما تلا عليهم القرآن ، وكانت لهم مسامرات ومجالس أباطيل وكفر ، يهجرون فيها ، أي ينطقون بالفحش ،
فإما أنهم لم يدبّروا آيات القرآن ، أو أن ما جاء به كان جديدا عليهم تماما ولم يأت مثله لآبائهم ، أو أنهم لم يعرفوا رسولهم فهم في شكّ منه ، أم أنهم يظنون به الجنون ؛ 
والصحيح أنه جاءهم بالحق ، إلا أن أكثرهم يكره الحق ، ولو اتّبع الحق أهواءهم لفسد ما في السماوات والأرض ، ولتنافت الآلهة مع تعدّدها ، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض ، وهذا هو « دليل امتناع تعدّد الآلهة » .
وما كان للنبىّ أجر يحصّله منهم على دعوته حتى يكرهوه ، وما كانت دعوته إلا إلى الصراط المستقيم ، وهم لا يحبون الصراط المستقيم . وما كانوا يبالون مهما نوقشوا في دعاواهم .
ومهما نبّهوا إلى دلائل وجود اللّه وقدرته في الكون ، فإنهم لا يبالون ، وأفرط وبعضهم ونسبوا للّه ولدا ، والولد شريك ، ولو كان له شريك لذهب كل إله بما خلق ، ولعلا بعضهم على بعض .

وتحدد السورة منهج الدعوة للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فرغم كل هذه الافتراءات منهم ، قال تعالى له :ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ( 96 ) ، أي اصفح وجادلهم بالمنطق ، وتسمى هذه الآية آية موادعة ، لأنه فيها يوادعهم ، وأي منهج للدعوة يقول به البعض خلاف هذا المنهج الذي استنّه ربّ العزّة واتّبعه الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، غير مقبول ومن إيعاز الشيطان ، ولم يكن على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم حينئذ إلا أن يقول :رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ ( 97 ) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ( 98 ) ،
وما كان لهم أن يعودوا إلى الدنيا إذا ماتوا مهما دعوا إلى اللّه ، فبين الدنيا والآخرة برزخ لا يجتاز ،
ويوم ينفخ في الصور لأول مرة يبعثون فلا أنساب بينهم ،
وعند النفخة الثانية يسألون ، والذين تثقل موازينهم هم المفلحون الذين بدأت بهم السورة ، والذين خفّت موازينهم هم الخاسرون ، تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ، أي عابسون ،
وهيهات أن يخرجوا من النار ، وقد كانوا يسخرون من المفلحين في الدنيا ، ويظنون أنهم ما لبثوا في الدنيا إلا قليلا ، وهو حقّ بحسابه تعالى ، ولم نخلق فيها عبثا ، وكان عليهم أن يدركوا منذ البداية أنهم كما جاءوا إليها سيخرجون منها ويعودون إلى ربّهم ، وهو الذي لا إله إلا هو ، وكما يقول :فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ( 116 ) ،
قيل ليس في القرآن كله مثل هذه الآية في الكمال والبيان ؛ ومن كانت دعوته إلى إله آخر خلافه تعالى فعليه أن يقدّم البرهان به ، وإن لم يفعل فحسابه عند اللّه .
وكما قال في أول السورةقَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، يقول في نهايتهالا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ.
ثم أمر نبيّه صلى اللّه عليه وسلم بالاستغفار لتقتدى به الأمة :رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ( 118 ) .
وللّه الحمد والمنّة ، ونسأله تعالى أن يحيينا ويميتنا على القرآن السنّة ، آمين .

  * * *
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 13 أكتوبر 2023 - 9:06 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

605 . سورة النور

السورة مدنية كلها بالإجماع ، وآياتها أربع وستون آية ، وكان نزولها بعد سورة الحشر ، وترتيبها في المصحف الرابعة والعشرون ، وفي التنزيل الثانية بعد المائة .
واسمها سورة النور 
من قوله تعالى فيها :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ . . .( 35 ) وتستهل السورة بالتوصيف والتقديم لها :سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( 1 ) ،
ومقصودها أحكام الأسرة والسلوك ، ولذا قالت فيها عائشة : علّموا بناتكم سورة النور » .
قالت ذلك لما فيها من آداب تهم البنات خصوصا .
وفرائض السورة كثيرة ، وقوله تعالى إنها « سورة » لمنزلتها وشرفها ، لأن « السورة » من السّور الذي من شأنه أن يحوط الأشياء ويمنع عنها . والسورة تعليمية بالنسبة للنساء ، وتعرّف معنى البيت المسلم والأسرة المسلمة ، وابتداء السورة بالكلام في الزنى ، وابتداء أي كلام في الأخلاق يكون بالمسألة الجنسية ،
والمناسبة التي استدعت نزول هذه الآية : أن رجلا من المسلمين أراد أن يتزوج امرأة كانت تسافح الرجال ، فنزلت الآية في عقاب الزنى وبيان حدّه ، ثم في تحريم الزواج من الزناة الرجال والنساء على السواء .
والزنى في اللغة معروف قبل الشرع ، وهو في اليهودية ، وحدّه عندهم الرجم ، ولا حدّ له في النصرانية ولا عقاب عليه ، ولهذا دعوة العلمانيين من أهل الغرب أن لا يعاقبوا عليه ، وأن يبيحوه ، وأن يسقطوا اسمه « الزنى » باعتبار العقاب عليه لا يتوافق مع القول بالحرية الشخصية .
والزنى : هو وطء الرجل امرأة لا يحلّ له وطؤها بشرط مطاوعتها .
وعقوبة الزنى الجلد ، بقوله تعالى :الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ( 2 ) ، وكما ترى فليس من العقوبة الرجم ولا التغريب .
والذكر في العقوبة كالأنثى ، والبدء في الآية أولا بالزانية الأنثى ، لأن الزنى بالنساء كان في كل العصور أفشى ، وهو الآن كما كان في السالف وكما سيكون في الغد ، والفرق بين الأمس واليوم ، أن بغايا الزمن السالف كن ينصبن رايات على بيوتهن ، وكن يتخذنها خارج الكتلة السكنية ، وأما المرأة اليوم فترتكب الزنى في بيتها وفي غير بيتها .

والمرأة الزانية على أي حال تجاهر بالزنى أكثر من الرجل ، وزينتها وتبرجها يعلنان عنها ، والزانية أعرّ لأسرتها وأهلها ، وثبت في الطب النفسي أن شهوة المرأة أضعاف شهوة الرجل ، وتدفعها دفعا للزنى إن لم تحذرها ، وإن كان الحياء قد ركّب في المرأة ، وهو مع ذلك إعلان عمّا يدور داخلها من صراعات جنسية تفلح في كبتها ، وتظهر آثارها عليها في احمرار الوجه وتلعثم اللسان واضطراب المشية ، فإذا ذهب عن المرأة حياءها فإنها تستغنى عن السمعة والشرف ، وتسرف في الانحلال والتفريط في نفسها . ولهذا قدّمت الآية الزانية على الزاني .
والجلد للزنى أشد من الجلد لتعاطى الخمر ، وجلد شارب الخمر أشد من جلد القذف .
وجلد الزاني أو الزانية مؤلم ولكنه لا يجرح ولا يبضع ، ويكون في الظهر قائما .

ولا يرضى بالزواج من الزانية إلا زان أو مشرك ، وكذلك الزاني ، ولأنه لا ينكح الزانية إلا من يرضى بزناها ؛ وقد جلد أبو بكر زان وزانية كلا منهما مائة جلدة ثم زوّجهما لأنهما أليق ببعضهما ؛ وأما نكاح البغايا فمحرّم على المسلمين .
ولأن الزنى محرّم ، فإن رمى المحصنات واتهامهن بالزنا من الكبائر ، وكان نزول حدّ القذف بسبب رمى المنافقين لعائشة ، وفرض شهادة أربعة رحمة من اللّه بعباده وستر لهم ، فإذا لم يكتمل عدد الشهود أربعة ، يجلد من يشهدون دون الأربعة ولا تقبل شهادتهم أبدا إلا لو تابوا .
والذي يرمى زوجته ولم يكن له شهداء ، عليه أن يحلف أربع مرات باللّه إنه لصادق ،
والخامسة : أن لعنة اللّه عليها إن كان كاذبا ؛ ولو أقسمت هي كذلك أربع مرات إنه لكاذب ، والخامسة : أن غضب اللّه عليها إن كان صادقا ، درأت عنها العذاب ، ويفرّق بينهما ، ولا تحلّ مراجعتها . ويسمى ذلك « اللعان » ، وهو قول الزوج : علىّ لعنة اللّه إن كنت من الكاذبين .
وأشهر رمى للمحصنات في تاريخ الإسلام ما أورده القرآن منه ، وهو رمى أم المؤمنين عائشة فيما يسمى حادثة الإفك ، والحديث فيها يطول ، والإفك هو الكذب ، وعصبة الإفك ممن ذكروا : ثلاثة ، هم : حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش ، وقيل رأس الإفك : عبد اللّه بن أبىّ .
وقيل المتهمون به من ثلاثة إلى عشرة ، وقيل أربعون ، وقيل إن الذين حدّوا ثلاثة فقط ، وقيل لم يحدّ أحد لأن الحدود لا تقام إلا بإقرار أو بينة ، والشاهد من تضارب الأقوال أنه لم يحدّ أحد والعجيب أن الذي اتهموها به - وهو صفوان بن المعطل - كان حصورا ولم يتزوج في حياته . والإفك أرغى فيه المستشرقون وأزبدوا ، وطعنوا في أم المؤمنين ما شاء لهم الطعن ، وبرّأها القرآن كما برّأ مريم ، إلا أن مريم لم يكن لها زوج وحملت وجاءت بولد ، وعائشة كان لها زوج ولم تحمل ، ولم تنجب ، فأيهما أحرى بالتهمة ؟ التي حملت بلا زوج وأنجبت ، أم التي لم تحمل ولم تنجب وكان لها الزوج ؟ ! !

وأقوال المستشرقين وأضرابهم في عائشة ، ثم في النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وفي زيد بن حارثة إلخ ، من باب إشاعة الفاحشة في المسلمين ، كقوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ( 19 ) .
وما كان يمكن أن تكون عائشة زوجة للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم وهي كما اتهموها ، فالقاعدة في السلوك : أن الخبيثات للخبيثين ، والطيبات للطيبين ، والزانية لا يتزوجها إلا زان مثلها ، وما كانت عائشة إلا الطهارة مجسّدة ، وما كان رسولنا الكريم إلا سيد العالمين ، فكيف تكون عائشة زانية ؟ ! !
ونحن نعرف في الدراسات النفسية ما يسمى بتاريخ الحالة ، وتاريخ عائشة كله طهر وصلاح وتقوى وخشية ، وكانت من أب هو الكمال بعينه ، وأمّ هي القمة في الطيبة ، فكيف تكون ابنتهما على عكسهما ؟
وفي علم الوراثة فإننا 
نرث الطباع كما نرث الشكل ، وهناك وراثة معنوية ، ووراثة بدنية ، وعائشة كانت مثلا يحتذى ، وتاريخها في الإسلام من أعظم ما يمكن أن يكون تاريخا لا مرأة عظيمة .
ومن حادثة الإفك تستطرد السورة إلى آداب الأسرة وقاية للأسرة المسلمة ، فحظرت على المؤمنين والمؤمنات أن يدخلوا البيوت إلا بعد استئذان أهلها ، وأمرتهم أن يغضّوا أبصارهم عمّا لا يحلّ لهم ، وأن يستروا أنفسهم ، وأن لا تبدى النساء زينتهن إلا ما ظهر منها ، وليحتشمن في لباسهن ، وأن يساعد المسلمون في زواج من لمّ يتزوج منهم من الرجال أو النساء ، وأن لا يتعلل المؤمن أو المؤمنة بالفقر فاللّه يعد من يتزوج رغم فقره أن يغنيه أو يغنيها ، والمهم أن يختار المؤمن والمؤمنة المسلمة الصالحة والمسلم الصالح ، ومن لم يجد نكاحا فليستعفف .

ومن أبرز آيات السورة آية النور التي تقول :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ . . .( 35 ) وليس المعنى أنه تعالى نور كالأنوار ، وجسم كالأجسام ، فهذا محال على اللّه عقلا ونقلا ، وإنما المعنى أن للّه قدرات أنارت أضواؤها ، واستقامت أمورها ، وقامت مصنوعاتها ، فالكلام على التقريب للذهن ، وهو تعالى منوّر السماوات والأرض وسمّى اللّه صفة دلائله التي يقذفها في قلب المؤمن - نورا ، وسمّى كتابه القرآن نورا ، وسمّى نبيّه صلى اللّه عليه وسلم نورا ، فقال :وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً( 174 ) ( النساء ) يعنى كتابا ، وقال :قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ( 15 ) ( المائدة )
يعنى رسولا ، ومثّل نوره بنور المصباح في زجاجة ، يوقد من زيت شجرة مباركة ، قيل هي الزيتون ، لا شرقية ولا غربية ، وهو مثل ضربه اللّه تعالى لنوره ، فاجتمع ضوء المصباح ، مع ضوء الزجاجة ، مع ضوء الزيت ، فصار لذلك النور على النور ، وقيل : هذه الأنوار هي براهين وجود اللّه ، فهي برهان بعد برهان ، وتنبيه بعد تنبيه ، ورسول بعد رسول ، وكتاب بعد كتاب ، وموعظة إثر موعظة ، تتكرر لعل الناس تتعظ بها وتعتبر .
وفي آية النور كان لا يمكن أن يضرب اللّه المثل لنوره المعظّم إلا ببعض خلقه ، ولولا ذلك ما عرف اللّه إلا اللّه ، ولقصر فهم الناس .
ومثل نور اللّه وهداه في قلب المؤمن كالزيت الصافي يضيء قبل أن تمسّه النار ، فإن مسّته زاد الضوء ، فكذلك قلب المؤمن يكاد ينطق بالهدى قبل أن يأتيه العلم ، فإذا جاءه العلم زاده هدى على هدى ونورا على نور . والمساجد هي بيوت اللّه التي يتعبّد له فيها المؤمنون ، يذكرونه بالغدو والآصال ، ولا تلهيهم تجارة ولا بيع .
ومثل أعمال الكافرين مثل السراب ، يأتيه الظمآن فلا يجده شيئا ، ويجد اللّه عنده يستوفيه الحساب ، أو مثل الظلمات في البحر اللجىّ ، تغشاه الأمواج فوق بعضها ، ثم السحاب ، فهو في ظلمات فوق ظلمات ، نقيض النور على النور 
عند المؤمنين .
والدلائل كلها تثبت وجود اللّه ، وصدق الدعوة إليه ، إلا أن بعضهم يكفر بها ، وبعضهم منافق يضمر الكفر ويظهر الإيمان ، والإيمان له متطلباته ، وأهمها طاعة اللّه ونبيّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهؤلاء المنافقون كلما طلب منهم شئ تولّوا ، وكلما حكّم فيهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم أعرضوا ، ويقسمون جهد أيمانهم مع ذلك أنهم سيخرجون معه لو أمرهم ، وما أغناهم عن القسم ، لأن طاعتهم معروفة وهي الكذب .
والذين يطيعونه حقا وعدهم اللّه أن يستخلفهم في الأرض ، ويمكّن لهم دينه ، طالما يقيمون الصلاة ، ويأتون الزكاة ، وأما الكافرون فإنهم لن يعجزوه تعالى في الأرض .
ثم تعود السورة إلى استعراض بعض آداب الأسرة التي تصنع المسلم العامل بأوامر ربّه ونواهيه ، والذي يتأسّى برسله ، ومنها أن يعلّم أطفاله وأطفال المسلمين أن يستأذنوا على أبويهم ثلاث مرات في اليوم ، من قبل الفجر ، وحين يضعون الثياب في الظهر ، ومن بعد صلاة العشاء ، وأنه لا جناح على القواعد من النساء أن يضعن ثيابهن غير متبرجات ، والقواعد واحدتها قاعد ، بلا هاء ، وهي العجوز التي قعدت عن الولد والمحيض ؛ ولم يعد لأحد مطمع فيها كأنثى ؛ وأنه لا حرج على الأعمى والأعرج والمريض أن يجالسوا الأسوياء وأن يؤاكلوهم ؛ وأن على المسلم أن يلبى الدعوات إلى الطعام إذا دعى ؛ ولا يدخل أي بيت إلا إذا سلّم على أهله ؛
والمؤمن حقا هو من يدعى إلى اجتماع عام يخصّ المسلمين فلا يتأخر ؛ وأن يستأذن لو كان سيتأخر أو لو اضطر إلى الخروج ؛ وأن يراعى الأدب إذا خاطب الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، أو ذكر اسمه بعد وفاته ، وإذا ناداه أو ذكر اسمه ، لا ينادى عليه كندائنا لبعضنا البعض ، أو يذكره كذكرنا لبعضنا البعض ، واللّه عليم بالنوايا وما نقول ونفعل ، وما نحن عليه اليوم ، وما سنكونه في مقتبل الأيام .

والحمد للّه ربّ العالمين .
  * * *

606 . سورة الفرقان

السورة مكية ، وآياتها سبع وسبعون ، وكان نزولها بعد سورة يس ، وترتيبها في المصحف الخامسة والعشرون ، وفي التنزيل الثانية والأربعون ،
وتتناول موضوعات : العقيدة والتوحيد ، والبعث ، والقيامة ، والحساب ، والثواب والعقاب ، والجنة والنار ، والرسول صلى اللّه عليه وسلم وأطرافا من حياته وسيرته وأوصافه ، وأبعاد الرسالة التي كلّف بها ، وبعض القصص عن موسى ونوح ، وقوم لوط وعاد وثمود ، وأصحاب الرس ، والتنبيه لنعم اللّه وأفضاله وآياته في الكون ، وأحوال المؤمنين والكفار في الجنة وفي النار ،
وتختتم بالحديث عن عباد الرحمن وصفاتهم وما لهم من أخلاق .
و « تبارك » التي تستهل بها من البركة ،
بمعنى الكثرة من الخير ، أو أنها الثناء الكثير على اللّه تعالى صاحب الأفضال والنّعم ، وقد زاد عطاؤه وكثر ، ومن تبارك يشتق اسمه تعالى « المبارك » ، اعتبره البعض من أسماء اللّه الحسنى ، وهو تعالى الذي يملك الضّر والنفع ، والموت والحياة والنشور ،
وله ملك السماوات والأرض ، ولم يتخذ ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، وخلق كل شئ فقدّره تقديرا ، ونزّل الفرقان على عبده محمد صلى اللّه عليه وسلم ليكون للعالمين نذيرا ، ورغم ذلك اتخذ الكفّار من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ،
ولو نظروا حولهم في الكون لوجدوا ألف برهان ودليل على وجوده تعالى ، ووحدانيته ، وقدرته وعلمه ، فالليل جعله لهم لباسا ، وجعل فيه النوم سباتا - أي ثقيلا ، وجعل النهار نشورا ، أي ينتشر فيه الناس يبتغون من فضل اللّه ، ومدّ الظل وأنقصه دليلا على حركة الأرض حول الشمس ؛ وأرسل الرياح بشرى ، وأنزل من السماء المطر الطاهر ماؤه ، فيحيى به الأرض الموات ، وتسقى الأنعام والناس ، ومرج البحرين وخلط مائيهما العذب الفرات الحلو ، والملح الأجاج شديد الملوحة ،
وجعل بينهما برزخا وحاجزا من قدرته لا يغلب أحدهما على صاحبه ، وخلق من ماء الرجل والأنثى ( المنى ) بشرا وجعله نسبا وصهرا ، ومع ذلك كفروا به سبحانه وعبدوا من دونه ما لا ينفعهم ولا يضرهم واستظهروا بهم ، مع أنه تعالى خالق السماوات والأرض في ستة أيام ، وليسأل عنه تعالى من يعرف آياته ونعمه من أهل الخبرة والعلم .

وإنهم ليستنكفون أن يسجدوا له وهو الرحمن ، ويتساءلون على جهة الإنكار والتعجب ؛ وما الرحمن ؟
وهو اللّه ، تبارك وتقدّس ، الذي جعل في السماء الشمس سراجا وهّاجا ، والقمر منيرا ، وجعل لهما المنازل والبروج ، وأتبع الليل النهار ، فتبارك سبحانه جلّ شأنه ، وعزّ فرقانه ،
والفرقان بخلاف القرآن ، والثاني هو الكتاب المقروء ، والأول هو مضمونه الذي يفرق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام ، والظلم والعدل ، والإيمان والكفر ، والوعد والوعيد . وبسبب بركات هذا الفرقان على كل الناس ، سمّيت السورة باسمه ، مع أنهم كذّبوه لمّا أنزله اللّه على نبيّه ، ونسبوا إلى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أنه الذي افتراه واختلقه ،
وأن آخرين عاونوه في اختلاقه ، قصدوا بذلك أمثال من اتهموه بهم ، كأبى فكيهة مولى بنى الحضرمىّ ، وعدّاس ، وجبر ، ووصفوا ما فيه بأنها قصص من الأساطير التي كانت عند القدماء ، تملى عليه ويكتتبها بكرة وأصيلا .
وعابوا عليه أن يدّعى أنه مبعوث السماء مع أنه مثلهم يأكل الطعام ، ويرتاد الأسواق ، ويشترى ويبيع ويحترف ، ولو كان مبعوثا من السماء لأنزل معه ملك يعينه ويؤيده ويؤازره ، أو لأرسله ربّه في أبّهة من اللباس ، ويملك الكنوز من الأموال والضياع والأملاك والبساتين ، وإذن لبانت عليه النعمة وأكرم من حوله 
من أتباعه .
وفسّروا إخلاصه لدعوته بأنه مسحور . وكان بوسعه ، تبارك اسمه وعزّ قدره ، أن يؤتيه خيرا من ذلك لو يشاء ، قصورا وجنات .
وما أرسل اللّه رسولا من قبله صلى اللّه عليه وسلم إلا كان يأكل الطعام ويرتاد الأسواق ، ويتّجر ويحترف ، وهذه الدنيا دار بلاء ، ومشيئته تعالى أن يكون بعضنا فتنة لبعض ، فالصحيح فتنة للمريض ، والغنى فتنة للفقير ، والفقير الصابر فتنة للغنى المتأفّف ، والغنى ممتحن بالفقير ، والفقير ممتحن بالغنى ، وكذلك الأنبياء يمتحنون بالضالين ، والضالون يمتحنون بهم ، والنبىّ - لأنه نبىّ ، كان فقيرا ، وليس كل فقير نبيا ، والمهم أن يصبر الجميع على البلاء .
ولقد طلبوا أن تتنزّل عليهم ملائكة بدلا من النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ، أو أن يريهم ربّهم نفسه عيانا ، وأظهروا على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كل الاستكبار والعتو ، وكانوا مجرمين ، ولكل نبىّ عدوّ من المجرمين . ويضرب اللّه الأمثال للرسول صلى اللّه عليه وسلم برسل غيره وأقوام غير قومه ، تسلية له ولأمّته ، فهذا موسى آتاه اللّه الكتاب والفرقان هو وأخاه هارون فكذّبوهما ، فدمّرهم اللّه تدميرا ، وقوم نوح لمّا كذّبوا أغرقوا ، وعاد وثمود ، وأصحاب الرس وكثيرون غيرهم تبّرهم ربّهم تتبيرا - أي دمّرهم وجعلهم أمثالا ، وقوم لوط أمطرهم مطر السوء .
وهؤلاء كفار قريش من أهل مكة استهزءوا بالنبىّ صلى اللّه عليه وسلم وقالوا : أهذا المبعوث رسولا ؟ !
إنه ليضل الناس ولا يهديهم ، وجحدوا اللّه وجعلوا إلههم هواهم .
وما كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إلا مبشّرا ونذيرا ، وما طلب أجرا منهم لينفروا منه ، وما كانت دعوته إلا أن يعبدوا اللّه ، ويخاطبه تعالى مسليا : فتوكل يا محمد على الحيّى الذي لا يموت ، وسبّح بحمده ، وهو العليم بما أذنب هؤلاء ، ولسوف يتولى حسابهم .

والفرقان الذي أنكروه أنزله اللّه تعالى نذيرا لهم ، ولكنهم هجروه ، وطلبوا أن يتنزّل جملة واحدة ، قيل كما تنزّل التوراة ، وكما تنزّل الإنجيل ، وما علموا أن التوراة كتبت بعد نحو ثلاثمائة وخمسين سنة من نزولها ، وأنها لم تعد ألواح موسى ، وصارت أسفارا بمئات الصفحات ، وكذلك استكتب متى ولوقا ومرقس ويوحنا أناجيلهم بعد المسيح بما لا يقل عن ستين سنة ، ولم يكتبوها جملة ، وإنما بعد أن حدثت الأحداث ، وجرت الوقائع بما حوته واشتملت عليه .
والقرآن تنزّل متفرّقا ليعيه المسلمون ويحفظوه ، ويعملوا به ويتقنوه ، وليظلوا على اتصال بالسماء أطول فترة ممكنة ، فتقوى قلوبهم ، فكان كلما نزل الوحي على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم تقوّى قلبه به وقلوب المؤمنين . والقرآن نزل جملة إلى السماء في ليلة القدر ، ونجّمه السفرة الكرام على جبريل في عشرين ليلة ، ونجّمه جبريل على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم في عشرين سنة ، فهذا - كما قيل - قوله :فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ( 75 ) ( الواقعة ) يعنى نجوم القرآن :وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ( 76 ) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ( 77 ) ( الواقعة ) ، وكان جبريل كلما 
تنزّل به يرتّله على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ترتيلا ، أي يرسّله ، يقول شيئا بعد شئ .
ومع كل تلك البراهين والدلائل كذّبوا بالساعة ، ولسوف تأتيهم فجأة ويرون الجحيم ويعاينوه ويسمعوا تغيّظه وزفيره ، وسيعاينون ضيقه وهم مقرّنين في الأصفاد يصطرخون : ويلاه ! وتشهد عليهم حتى الأصنام ، وتمر بهم الملائكة لا تحييهم وتحرّم عليهم البشرى ، وما كان ما عملوه في الدنيا إلا كالهباء المنثور ، لا جدوى منه ولا فائدة ، وما كانوا في الدنيا إلا أنعاما ، لا يسمعون ولا يعقلون ، وليس أعسر من يوم القيامة على الكافرين ، يوم تتشقق السماء بالغمام ، ويعض الظالم على يديه ، ويحشر المجرمون على وجوههم .
وأما المتقون ففي جنة الخلد ، لهم فيها ما يشاءون ، وكانوا خيرا مستقرا وأحسن مقيلا - أي منزلا ومأوى .
وهؤلاء هم عباد الرحمن ، كانوا على الأرض يمشون هونا - يعنى كانوا في حياتهم ومعيشتهم في هدوء ووقار ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، ويقيمون الليل ، ويدعون ربّهم أن يصرف عنهم عذاب جهنم ، ولا يسرفون ولا يقترون ، ولا يدعون مع اللّه إلها آخر ، ولا يقتلون ولا يزنون ، وإذا أذنبوا يتوبون ويعملون الصالحات ، ولا يشهدون الزور ، ولا يلعنون ، ويسمعون للقرآن وينصتون ، ويسألون ربّهم الأزواج الصالحات والذريّة الطيبة ، فأولئك يبدّل اللّه سيئاتهم حسنات ويجزون الجنة بما صبروا ، ولهم فيها التحية والسلام ؛ وأما الكفّار فما يحفل بهم ربّهم ولا باستغاثاتهم في الشدائد ، ولسوف يعذّبهم ويلازمهم العذاب لأنهم كانوا يكذبون .
وفي هذه الآيات في وصف عباد الرحمن : إحدى عشرة خصلة هي أوصافهم الحميدة من التحلّى والتخلّى ، وهي : التواضع ، والحلم ، والتهجد ، والخوف ، وترك الإسراف والإقتار ، والبعد عن الشرك ، والتنزّه عن الزنا والقتل ، والتوبة ، وتجنّب الكذب ، وقبول العظات ، والابتهال إلى اللّه ، وجزاء ذلك أن ينالوا الغرقة :

وهي أعلى درجات الجنة . والحمد للّه ربّ العالمين .
  * * *

607 . سورة الشعراء

آياتها سبع وعشرون ومائتان ، كلها مكية إلا الآية :أَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ( 197 ) فقد نزلت في المدينة توبيخا وتقريعا لكفّار مكة أنهم لم يؤمنوا بالقرآن ، وقيل : فلما سمعه علماء بني إسرائيل تبيّن لهم عن علم أنه ككتابهم التوراة ،
وقيل : هؤلاء مثل عبد اللّه بن سلام ؛ وكذلك الآيات الأربع الأخيرة من أول :وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ( 224 ) حتى  وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ( 227 ) فإنها نزلت في المدينة أيضا .
وترتيب السورة في المصحف السادسة والعشرون ، وكان نزولها بعد سورة 
الواقعة ، وترتيبها في التنزيل السابعة والأربعون ، وبعدها مباشرة سورة النمل ، ثم سورة القصص ،
وتسمى هذه السّور الثلاث : الطواسين ، لابتدائها بالحروف المقطّعة طس ، أو طسم ، شأن السور التي تسمى حواميم لأنها تبدأ بالحرفين المقطّعين حم ( حا ميم ) ،
وفي الحديث : « إن اللّه أعطاني السبع الطوال مكان التوراة ، وأعطاني المبيّن مكان الإنجيل ، وأعطاني الطواسين مكان الزبور ، وفضّلنى بالحواميم والمفصّل ، ما قرأهن نبىّ قبلي » ، وقال صلى اللّه عليه وسلم : « طسم من ألواح موسى » .
وكله كلام من الإسرائيليات لأن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لم يقرأ أيا من هذه الكتب ، وبمراجعتها مع هذه الآيات يتبين عدم صحة ما فيها ، وبعد القرآن عمّا فيها .

والاستفتاح بطسم - قيل - هو قسم باسم من أسماء اللّه ، أو باسم من أسماء القرآن ، ولم يثبت شئ من ذلك ، وقيل هو اسم السورة ، ومن غير المعقول أن يكون لسورتين أو ثلاث سور نفس الاسم ، والصحيح أن طسم إشارة إلى تركيب القرآن من الحروف الأبجدية من أمثال الطاء والسين والميم ، فكما أن الكون يتركّب من العناصر ، ويرمز إليها بالحروف أيضا ، فالنحاس نح ، والحديد ح ، والذهب ذ ، والفضة ف ، فإن من أمثال هذه الحروف الهجائية جاء تأليف القرآن المعجز ، ومن أمثال هذه الحروف أيضا - كرموز للعناصر - جاء تركيب الكون المعجز ، وفي البدء كانت الكلمة ؛ وفي المنتهى ستكون الكلمة ، والقرآن إعجازه في المجال المعنوي ، والكون إعجازه في المجال المادي ، والاثنان من الإعجاز ، وتبارك ربّ العالمين .
وهذه السورة : سورة الشعراء ، في غاية العجب ، بما فيها من تقاسيم وعبارات متكررة ، كالتي يشار إليها في اللغات الأجنبية ، باسم الموتيفاتmotifs، أو المكرراتLeitmotifs، كالتكرار في فن الأربيسك أو فن المشبّكات أو المنمنمات .
وتشتمل السورة على مقدمة وخاتمة ، وموضوعها القرآن العظيم ، وأنه من عند اللّه ، وإثباتا لذلك ساقت السورة سبع قصص ، لسبعة من الأنبياء ، ولذلك كان اسمها السورة الجامعة .
وأوردت من البيانات والمعلومات والأخبار الدقيقة والمفصّلة ما لا يوجد في كتاب قبل القرآن ، حتى في التوراة - وهو الكتاب الحاوي لأخبار الأمم السابقة وصاغت السورة ذلك صياغة أدبية فنية عالية تناسب القرآن وأنه كتاب اللّه ، وجعلت فواصل بين القصص ، كأنها الوصلات ، تصل بينها فيما يشبه الإنترميزوintermezzoفي علم الموسيقى ، حتى ليحار السامع والقارئ في هذا الجمال المتدفّق ، والحكم السيّالة ، والعبارات المتناغمة المتسلسلة ، فسبحان اللّه العظيم ، فإن البيان مهما علا ، ليعجز عن الوفاء بتوصيف القرآن . ورغم أن كل قصة في القرآن هي وحدة بذاتها ، إلا أنها تتراكب مع الواحدات الأخرى ، لتكوّن معا شكلا 
جماليا كليا - أو جشتالتGestalt- له معنى واحد لا غير : أن محمدا رسول من عند اللّه ، وأن القرآن هو معجزته ، وهو أفضل وأشرف كتبه تعالى ، وأن رسالة محمد متواصلة مع رسالات السابقين ، ومصدّقة لهم ، فلم يكن بدعا أن يدعو محمد لعبادة اللّه ، وإلى توحيده تعالى .
وهذه السورة - الشعراء - كغيرها من السور قد تضمّنت أشتاتا من أخبار الأمم ، تسلية للرسول صلى اللّه عليه وسلم لمّا أنكره كفّار مكة ، فلئن جحدوه فقد جحدت رسل من قبله ،
ومنهم : موسى ، وإبراهيم ، ونوح ، وهود ، وصالح ، وشعيب ، فليس شيئا جديدا أن يجحد النبىّ صلى اللّه عليه وسلم . وفي السورة الكثير من التحذير والتبشير ، كقوله تعالى أنه ما كان بمهلك قرية إلا كان لها منذرون ، وأن القرآن ما تنزّلت به الشياطين ، وإنما نزل به الروح الأمين جبريل ، على قلب الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، بلسان عربى مبين ، ولن تجده في إجماله مختلفا عن الزبر أو كتب الأولين .
وما كان محمد ساحرا ، وما كان من المسحّرين ، ولا كان من الشعراء الذين يتبعهم الغاوون ، واسم السورة : « الشعراء » ، بسبب هذه الآيات الخاتمة فيه عن نفى الشعر عنه ، فالشعراء يهيمون في الأودية وليس كذلك محمد ، وللشعر شياطين ، وليس لمحمد شيطان ، الشعراء يقولون ما لا يفعلون ، وينسبون لأنفسهم ما لا يعملون ، وليس كذلك النبىّ صلى اللّه عليه وسلم .
وهذه الآيات ليست ضد الشعر ، ولكنها تخبر عن الشعراء في أحوالهم التي تخالف النبوة ، وفي أفانينهم في الكلام يمدحون به الشيء ويذمونه في نفس الوقت ، ولهم غوايات وهوايات وليس كذلك الأنبياء ، إلا من آمن من هؤلاء الشعراء ، وصدق في إيمانه ، وأخلص العمل للّه ، ولم يشغله الشعر وتدبيجه عن ذكره تعالى وعن قراءة القرآن ، ولم يصرفه عن الانتصار للحق ، فإن كتب الشعر أو قاله وهو مؤمن ، فإنه لا يكتبه لذات الشعر ، ولكن لخدمة الدين ، وقضية الإيمان ، وصالح المؤمنين ، ولتبليغ الرسالة .

ودراسة القصص السبع التي تتضمنها السورة من أمتع الدراسات ، وأطول هذه القصص ودرّتها هي قصة موسى والفرعون ، وبينها وبين المقدمة ترد الآيتان :إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ( 8 ) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ( 9 ) ويتكرر ذلك في ختام كل قصة ، وقبل هذا الختام يأتي الحكم على قوم كل نبىّ بما يناسبهم ، وأثناء القصة تتكرر آيات بعينها كقوله تعالى :كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ( 105 ) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَ لا تَتَّقُونَ ( 106 ) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( 107 ) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ( 108 ) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ( 109 ) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ( 110 ) . فهذه جميعا تتكرر في بداية كل قصة مع فارق اسم النبيّ واسم قومه .
ونلاحظ أن قصة إبراهيم جاءت في الترتيب قبل قصة نوح ، مع أن 
نوحا كان الأسبق ، إلا أن إبراهيم كان الأب الذي تخارج منه كل الأنبياء ، فكان الأولى بالسبق ، وأما موسى فأسبقيته لأنه أول نبىّ يكون له كتاب منزّل من ربّ العالمين .
وفي السورة الكثير من المعلومات والمصطلحات ، كقوله :لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ( 3 ) أي : قاتل نفسك ومهلكها ، والبخع : أن يبلغ بالمذبوح البخاع ، وهو الخرم النافذ في ثقب الفقرات ، وهو أقصى حدّ للذبح ، والخطاب للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، بمعنى : لعلك يا محمد مهلك نفسك لعدم إيمان هؤلاء الكفار ؟
والكلام فيه تسلية للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، حتى لا يحزن ولا يتأثر على عدم إيمانهم ، وإن يشأ اللّه لأنزل عليهم من السماء آية - أي معجزة :فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( 4 ) ، أي ظلت أعناقهم منقادة خاضعة للإيمان قسرا وقهرا . ولا يفعل اللّه ذلك ، لأنه يريد إيمان المؤمنين اختيارا لا اضطرارا ، ولذلك دلّ بالعقل على وحدانيته تعالى ، بقدرته التي لا تضاهى على خلق النباتات مثلا ، أزواجا كريمة الأصول ، جميلة المنظر ، جزيلة النفع ، فمن يفعل ذلك سوى اللّه ؟
وفرعون - في قصة موسى - لقب الملوك من الهكسوس ، أو الأشوريين ويعرفون أحيانا باسم السّريان ، وهؤلاء أغاروا على مصر ، واقتطعوا منها أرض جاسان من إقليمها الشرقي ، واستقلوا به ، حيث كان بنو إسرائيل منذ يوسف ؛ والأشوريون أو الهكسوس أو الفراعنة ، أبناء عم العبرانيين ، واللغة العبرانية ابنة عم اللغة الأشورية أو السريانية .
وكان الاستعمار الأشورى لمصر استعمارا استيطانيا .
وكان فرعون يوسف آشوريا ، وكذلك الفرعون الذي ربّى موسى صغيرا ، ولبث موسى في بلاطه إلى أن بلغ الثلاثين ، ففعل فعلته وقتل واحدا من الأشوريين الغزاة ، فهرب موسى باتجاه آسيا لأنه أسيوى الجذور ، وظل في « مدين » عشر سنين ، ثم جاء الأمر بالتبليغ وهو في الأربعين ، فكان الفرعون ووقتذاك قد صار كهلا .
ودافع موسى عن نفسه بأنه قد قتل الأشورى وكان وقتها من الضالين ، وفي مدين ، تعلم شيئا جديدا ، وآتاه اللّه الحكم ، وجعله من المرسلين .
ورواية السورة القرآنية عن موسى والفرعون وحادثة القتل ، مختلفة عمّا ورد عنها في التوراة ، فابنة الفرعون هي التي ربّت موسى وليدا في التوراة ، وكانت شابة ، وإذن يكون الفرعون كبيرا في السن وقتها ، ويكون على ذلك طاعنا في السن بعد أربعين سنة هي عمر موسى حتى المبعث .
وكذلك فإن رواية التوراة تذكر أن موسى قتل مصريا ، يعنى أنه كان في منف وليس في جاسان التي عاصمتها أفاريس على بحيرة المنزلة ، وعدم ورود أي شئ عن قصة موسى في آثار مصر لدليل على أن أحداث القصة جرت في مكان آخر بعيد عن منف ومساكن المصريين في الوادي .
وجاسان كانت مستعمرة للهكسوس الذين اشتهروا عند المؤرخ اليهودي مانيتو باسم الملوك الرعاة ، وهؤلاء 
استعبدوا العبرانيين ، وكانوا يعملون لديهم خدما في البيوت ويمتهنون أحقر المهن .
ونلاحظ سؤال الفرعون عن ربّ العالمين ، يقول :وَما رَبُّ الْعالَمِينَ( 23 ) ؟
والسؤال دفعه إليه مقالة موسى عنه باعتبار الآية :فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ( 16 ) ، وعرّفه موسى أنه تعالى :رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا( 24 ) .
ثم يأتي الكلام بين موسى والفرعون حوارا دراميا كحوار المسرحيات ، والفرعون يخرج عن الحوار أحيانا ويتوجه إلى المتفرجين ساخرا كما في الدراما الإغريقية ، كقوله لمن حوله :أَ لا تَسْتَمِعُونَ( 25 ) ؟ !
ويستمر موسى في الشرح ، فيقول :رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ( 26 ) ،
فيستهزئ به الفرعون ويقول :إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ( 27 ) ،
ولا يبالي موسى ويستمر في التعريف بربّه ، قال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ( 28 ) ،
فيحسم فرعون النقاش ويقول :لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ( 29 ) ،
ويستمر الحوار ، ويعرض موسى بعض آياته : آيات العصا واليد ، ويتهمه فرعون بالسحر ، ويتدخل مستشارو الملك ينصحونه أن يبعث في المدائن حاشرين ، يجمعون السحرة لميقات يوم الزينة ، ولكن النصر كان لموسى ، وقدّم أسطع برهان يثبت ما ادّعى ، وتصل الدراما إلى ذروتها عندما يعلن السحرة عن إيمانهم ويلقون بأنفسهم ساجدين ، ثم يكون تعذيبهم وصبرهم ، لشدة إيمانهم بما عرفوا لمّا عاينوا الحق من ربّهم ، واستشهدوا فكانوا أول شهداء دعوة موسى ، وأول المؤمنين من أهل جاسان .
وفي القرآن أن الفرعون كان يمنّ على موسى أنه يستعبد بني إسرائيل ، فقارن موسى نفسه بهم وحمد اللّه أن وهبه الحكم وجعله من المرسلين .
وموسى لم يكن مرسلا لهداية فرعون ، وإنما لإطلاق سراح بني إسرائيل ، قيل إنهم ظلوا في مصر أكثر من أربعمائة سنة .
وأما الذين آمنوا من السحرة فلم يكونوا كثيرين كقول كتب التفسير ، وفي القرآن :إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ( 54 ) ،
وكان هروب موسى ببنى إسرائيل في الليل ، وهو معنىأَسْرِ بِعِبادِي، والإسراء في الليل ، وقول فرعون أن قومهلَجَمِيعٌ حاذِرُونَ( 56 )
يعنى مستعدون ومقوون ، لأن السلاح كان مع جنوده ، ولا شئ مع موسى وبني إسرائيل . والجنات والعيون في الآية هي الأرض بين خلجان مصر السبعة ، وكان في أرض جاسان منها خليجان . وكان خروج فرعون وراء موسى وقت الشروق :فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ( 60 )
وكاد يبلغ قوم موسى لولا أن انفلق البحر وعبر بنو إسرائيل ، فأراد فرعون اتباعهم فغرق ومن معه .

وفي قصة الفرعون أن قومه كانوا يعبدونه ، ولم يعرف أن المصريين يعبدون ملكهم ، وإنما الذين كانوا يفعلون ذلك الأشوريون ، ومن هؤلاء الملوك الآلهة النمرود الذي جرى الصدام بينه وبين إبراهيم صاحب القصة الثانية بعد قصة موسى .
ومعنى اسم إبراهيم أنه أبو الجميع ، والذي ينحدر منه كل الموحدين والمؤمنين ، وأنه أبو الأنبياء .
ولم يكن إبراهيم أول من دعا إلىرَبَّ الْعالَمِينَ( 77 ) في بلده ،
وفي السورة من هذا المعنى أن عبدة الأصنام عادوا إبراهيم ، إلا من كان من قومه يعبد ربّ العالمين ، فالدعوة إلى اللّه ووحدانيته كانت في قومه من قبله ، وفي تعريفه للّه ،
كان إبراهيم موضوعيا أكثر من موسى ، فتعريف موسى كونى ، واللّه عنده إله الكون وخالقه ، وأما عند إبراهيم فاللّه خالقه هو نفسه ، وهو يهديه هو نفسه ، ويطعمه ويسقيه ، ويشفيه من الأمراض ، ثم يميته ويحييه ، وهو الذي يغفر له يوم الدين ،
وكأن ملّة إبراهيم أكثر واقعية من ملّة موسى ، واللّه عند إبراهيم في حياته ومن حوله ، وفي كل ما يفعل ويقول ، ولذلك دعا الدعوة لتناسب عقيدته : أن يهب اللّه له الحكم ، ويلحقه بالصالحين ، وأن تجتمع عليه الأمم ، وأن يكون من ورثة الجنة ، وأن يغفر لأبيه ، وأن لا يفضحه على رؤوس الأشهاد يوم الدين ، وأن يسلم قلبه ، وخصّ القلب لأنه إن سلم القلب سلمت الجوارح كلها .

وفي قصة نوح نعرف أنه كان أخا لقومه ، وأخوته لهم أخوة نسب ومجانسة ، لا أخوة دين . ولأول مرة يأتي أن المؤمنين بالنبوة هم الْأَرْذَلُونَ( 111 ) ،
أي المستضعفون ، وهم محترفو المهن الوضيعة في مجتمعهم ، وبلغة العصر هم البروليتاريا . وهذه التهمة ستستمر موجهة إلى كل الأنبياء حتى نبيّنا صلى اللّه عليه وسلم ، والأرذلون أو المستضعفون : هم حملة الإيمان ، وهم في الصف الأول خلف المفكرين والمصلحين ، ولما أراد ماركس مثلا أن يوجه إعلانه للعالمين ، وجّهه للعمال ،
وقال في منشوره :"يا عمّال العالم اتّحدوا " ووجّه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إعلانه للمستضعفين ، وكان اسم ربّه تعالى « ربّ العالمين » ، ووجّه الخومينى إعلانه للفقراء ، وكذلك جيفارا ، وبرودون ، وأصحاب المذاهب الاشتراكية والإصلاحية والفلسفية ، جميعهم توجّهوا للمستضعفين في الأرض .
والصراع بين جند اللّه وجند الشيطان ، يستوجب الصدام بين الأنبياء والمصلحين ، وبين أصحاب المصلحة في استبقاء الأوضاع على ما هي عليه من السوء .
والسجن والقتل والنفي ، والرجم من نصيب الأنبياء والمصلحين ، لأن السلطة والحكم في يد من يملكون ، وإبراهيم حرّقوه ، ونوحا هددوه بالرجم ، وكان أول نبىّ يدعو على قومه ، فكان الطوفان المشهور وسفينة نوح مضرب الأمثال . ومن حكايات هؤلاء وغيرهم كعاد وثمود ولوط ،
كانت النصيحة للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ثم لأمته من بعده : أن لا يدعوا مع اللّه إلها آخر ، وحددت لهم السورة منهج الدعوة : بأن يبدأ الداعي بدعوة الأقربين ومن حوله ، وأن يكون لينا في دعوته ، فإن عصوه فليتبرّأ منهم ولا شئ أكثر من ذلك ، وأن 
يكون قصده إلى اللّه بالدعوة ، ويتوكل عليه ، وأن يكون متنبّها واعيا لما يجرى حوله ، فيرى بقلبه من خلفه ومن قدّامه .
والحمد للّه ربّ العالمين .

  * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 13 أكتوبر 2023 - 9:22 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

608 . سورة النمل

سورة مكية ، آياتها ثلاث وتسعون ، وترتيبها في النزول الثامنة والأربعون ، وهي إحدى ثلاث سور نزلت متتالية : الشعراء ، ثم النمل ، ثم القصص ، وترتيبها في المصحف السابعة والعشرون ، وسميت النمل ، لأنها تقص قصة وقعت في وادى النمل ، لنملة حذّرت النمل ليدخلوا مساكنهم حتى لا يحطمهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ، وهذا النوع من النمل الحارس أو الديدبان حقيقي في علم النمل من علم الحشرات ، وتحذيره حقيقي كذلك كلما كان هناك خطر داهم على النمل جميعه ،
وتبدأ السورة بالحرفين المقطّعين « طس » ، بينما البداية في الشعراء والقصص بالحروف المقطّعة « طسم » ، وكل الحروف المقطّعة في أوائل السور للتنبيه على أن القرآن المعجز في آياته وأحكامه وأمثاله مؤلّف من أمثال هذه الحروف الهجائية .
وتتناول السورة القرآن - معجزة محمد الكبرى ، وحجته الدامغة إلى يوم الدين ، وتشير إلى أن ما يرد فيه من آيات عن الحياة والناس ، وأخبار الأمم ، ونعم اللّه في الكون ، وقصص الأنبياء السابقين ، قصد به أن ينتفع بعظاتها المؤمنون ،
وقوله :تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ( 1 ) هو تفخيم للقرآن وآياته ، وتعظيم لشأنهما ، ووصفه القرآن بأنه كتاب مبين ، لأنه يمكن أن يفهم مقروءا يقرأه الغير على السامعين ويتلى عليهم ، ويمكن أن يقرأ مكتوبا يتمعّن في آياته القرّاء ويتدبّرونها .
والناس بحسب القرآن إما مؤمنون أو جاحدون ، والجاحدون زيّن لهم الجحود ، أي كان لديهم الاستعداد له ، وسواء استقبل المؤمنون القرآن بالإيمان ، أو استقبله الكافرون بالجحود ، فهو في الحالين كتاب اللّه ، أنزله على نبيّه صلى اللّه عليه وسلم الذي تلقّاه وعرف ما فيه وبلّغه .
ثم تبسّط الآيات بعضا من القصص القرآني ، وتبدأها بقصة موسى ، وتبيّن تكليف اللّه له بالتوجه إلى حيث بني إسرائيل يسامون العذاب ، وأوضحت أن عدو موسى هو فرعون ، وأن اللّه تعالى قد أهّل موسى للقائه ، وكان مشهد تكليف موسى بالرسالة عظيما ، فهناك النار ممسكة بالشجرة لا تحرقها ، وصوت منها يعلن أنه هو اللّه لا إله إلا هو ، وأن موسى قد أوتى الآيات ليردّ بها على مزاعم فرعون ، وأراه ربّه منها آيتين : آية العصا تتحول إلى ثعبان ، وآية اليد يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء ، والآيتان من تسع آيات جعلها اللّه ليبصرها أهل الجحود والإنكار ،
وهي بخلاف ما سبق : الطوفان ، والجراد ، والقمّل ، 
والضفادع ، والدم ، والسنون ( أي الجدوب ) .
والقصة الثانية التي تقصها السورة هي قصة سليمان ، وتبدأ بأن تنسبه لأبيه داود ، وكلاهما آتاه اللّه العلم والحكمة والحكم ، وآتاها اللّه سليمان وراثة عن أبيه ، وعلم داود كان علم سياسة الناس والمجتمعات ، وتدبير الدولة ، والأحكام ، وكانت له دراية بالصنائع ، يربط بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي ، ويجعل المعرفة في خدمة معيشة الإنسان ، وأما سليمان فكانت له هواية بغرائب العلوم ، فهو يعرف منطق الطير ، وهو حركاته وأصواته كلما كانت له حاجة من الحاجات ، والقرآن لا يقول لغة الطير فليس للطير لغة ، ولكنه ينسب للطير منطقا ، وهو أن يكون للحركات والسكنات والأصوات غايات يستهدفها الطير والحيوان .
وكانت لسليمان دراية بالحشرات ، وقيل إنه لا بد أن تكون هذه النملة من النوع الطيّار الذي له أجنحة ، ولو لم تكن لها أجنحة ، يعرف من حركاتها ما تريد إبلاغه للنمل من رسالات ، لما عرف سليمان عن قصتها .
وكذلك كانت له قصة مع الهدهد ، وكانت الطيور من رعايا سليمان ، وكان يتفقدها ، فافتقد الهدهد مرة ولم يجده ، ولما جاءه بعد أيام كان له معه كلام تميز بالحكمة وفيه عن فقه الحكم والحكّام ، وأبلغه الهدهد عن ملكة سبأ ، وهي مملكة كانت في اليمن ، والأسطورة تجعل لها اسم بلقيس ، وهو اسم يوناني أصلا ، ولم يكن شعب بلقيس يعبد اللّه ، وسليمان نبىّ وداعية إلى اللّه ، فأرسل إلى بلقيس بدعوته ، وأظهرت ملكة سبأ حنكتها وحكمتها لما استشعرت عظمة سليمان ، فما ذا إذن يكون حال إلهه ؟
لا بد أنه كما قال فيه أنه الرحمن الرحيم ، الذي لا إله إلا هو ، ربّ العرش العظيم .
وحكم بلقيس لسبأ ، ورضا سليمان عنها لمّا آمنت ، واستمرارها في الحكم ، لدليل على أن المرأة يجوز لها أن تتولى الخلافة ، وأن الحديث : « لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة » حديث موضوع ،
وثبت أن المرأة اشتغلت قاضية ، وعيّنها عمر على حسبة السوق ، والحديث من دسائس المبتدعة ، وكل ما يمكن للرجل فهو يمكن للمرأة ، ومن ذلك تدبير الأمور وحماية الدولة . وخطاب سليمان لها قمة ، لأنه بدأ أشرف بداية ببسم اللّه الرحمن الرحيم ، وفي الحديث : « كل كلام لا يبدأ فيه ببسم اللّه الرحمن الرحيم فهو أجذم » يعنى أقطع ؛ ولجوء بلقيس إلى « استفتاء » شعبها هو « منهج الشورى » الذي تقول به الأديان ، وتؤكده بقولها :ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ( 32 ) ،
وكان في قولها :إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ( 34 ) دراية كبيرة بالحكم والحكّام ، وبالتاريخ وما تكون عليه الدول عادة والأمم والشعوب ، واحتيالها بالهدية لتعرف إن كان سليمان في حقيقته ملكا أم نبيا ، لدليل على الذكاء والحنكة والدربة ، والفهم 
العميق لنفوس الناس وما هم عليه من مختلف الطبائع ، وكان الرسول صلى اللّه عليه وسلم يقبل الهدية ويرفض الصدقة ، ولكنه ما كان يقبل هدية إلا ويثيب عليها أحسن منها .
وظهرت قدرات سليمان على الجن وعلى أصحابه من الصدّيقين في مسألة بلقيس ، ولما رأى عرشها قد نقل كطلبه قبل أن يرتد إليه طرفه ، لم يعل ولم يزه ، واعتبر ما وهبه اللّه ابتلاء منه تعالى ، فإمّا يشكر وإما يكفر ويستعلى ، وقال موجزا الدرس :وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ( 40 ) ،
وتنتهى القصة بإعلان بلقيس إسلامها مع سليمان للّه رب العالمين .

ثم تقص السورة حكاية النبىّ صالح مع قوم ثمود ، وانقسامهم فريقين ، واستعجالهم للسيئة ، وما كان من أمر الرهط التسعة في المدينة وكانوا يفسدون ، وتقاسموا أن يقتلوه ليلا وهو نائم ، ومكروا ومكر اللّه ، فكانت عاقبة مكرهم أن دمّروا وقومهم أجمعون ، وتشهد عليهم آثار بيوتهم ما تزال خاوية ، كيف كانوا ظالمين ، ونجّى اللّه المؤمنين .
وحكاية أخرى عن لوط وقومه ، وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء ، دليلا على أنهم قوم يجهلون ، فلما وعظهم لوط أمروا بإخراجه وأهله بدعوى أنهم قوم يتطهّرون ، وينأون بأنفسهم عن جريمة اللواط ، ونجّاه اللّه وأهله إلا امرأته لمّا لم تطاوعه فيما أمره ربّه ، وأمطرهم اللّه مطرا قضى عليهم أجمعين .
والحمد للّه الذي يهلك الظالمين ، والخطاب فيقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ( 59 ) للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، لأن القرآن منزّل عليه ، والذين اصطفى هم عباد اللّه المؤمنين .
وتعدّد الآيات أفضاله تعالى والبراهين على وجوده وقدرته وعلمه ، ومنها أنه تعالى يجيب المضطر إذا دعاه ، ويكشف السوء ، ويجعل المؤمنين خلفاء الأرض ، وهو عالم الغيب في السماوات والأرض .
وتردّ على تشكيك الكافرين في البعث ، وقولهم بأنه من أساطير الأولين ، بدعوتهم إلى أن يسيروا في الأرض فينظروا بقلوبهم وبصائرهم كيف عوقب المكذّبون لرسلهم ، فإذا كانوا يستعجلون الآخرة تكذيبا لها ، فربما مجيئها أقرب إليهم مما يتصورون .

وهذا القرآن يردّ عليهم فيما اختلفوا فيه ، والموتى في الدنيا الذين أصمّوا آذانهم عن سماع الحق لا أمل فيهم ، ولا نجاة للعمى الذين لا يبصرون الحق ، وعندما يحين الحين ويحق القول عليهم أنهم لا يؤمنون وأنهم عادوا إلى جاهليتهم الأولى ، فعندئذ يحقّ أن يخرج اللّه إليهم دابة من الأرض تكلّمهم ، والأحاديث فيها مختلفة ، وهي من أمر الغيب ، والدابة في اللغة ما دبّ من الحيوان ، وهي ليست بحيوان ، لأنها تكلّم الناس ، وتكون آية لمن كان لا يوقن بآيات اللّه .
وخروج هذه الدابة من أشراط الساعة ، وحينئذ تحشر الأمم أفواجا ، 
ويوزع المكذّبون فلا ينطقون ، وينفخ في الصور نفخة الفزع فيأتي الناس داخرين ، وتسيّر الجبال بأمر ربّها الذي اتقن كل شئ صنعا ، فمن جاء بالحسنة فله خير منها ، ويأمنون فزع الآخرة ، ومن جاء بالسيئة ، كبّت وجوههم في النار جزاء ما كانوا يعملون .
وتختتم هذه السورة العظيمة بتذكيره تعالى للناس ، بأن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إنما أمر أن يعبد ربّ هذه البلدة - مكة ، التي حرّمها اللّه ، وأن يكون من المسلمين ، وأن يتلو القرآن ، فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضلّ فعليها ، وليس النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إلا من الرسل المنذرين ، والحمد للّه أن المؤمن يرى الآية فيعرف أنها من اللّه ، واللّه لا يغفل عما يعمل الظالمون .
ومن مصطلحات السورة قوله تعالى :بِشِهابٍ قَبَسٍ( 7 ) : والشهاب عود في طرفه جمرة ، والقبس اسم لما يقتبس من الجمر ؛
وقوله :ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ( 20 ) : الهدهد طير له هدهدة صوت ، و « ما لي » من أقوال الصوفية : إذا فقدوا ما لهم تفقدوا أعمالهم ؛ وعذاب الهدهد : عذاب شديد أو يذبحه : دليل على أن الحدّ على قدر الذنب لا على قدر الجسد ؛
وقال الهدهد :أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ( 22 ) : فيه ردّ على من قال إن الأنبياء تعلم الغيب ؛
وسبأ : مدينة تعرف بمأرب باليمن ، بينها وبين صنعاء دقائق بوسائل المواصلات الحديثة ؛ وكانت عبادة قوم سبأ للشمس ، وكانت عبادتها مسيطرة على شعوب العالم القديم ومنهم أهل العراق زمن إبراهيم ، وأهل مصر ؛
وقول بلقيس :يا أَيُّهَا الْمَلَأُ( 29 ) مخاطبة شعبها مباشرة ؛ وقول سليمان :يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا( 38 ) فيه أيضا أن الملوك تلجأ إلى شعوبها ولا يستبدون بالرأي ؛ والعفريت من الجن : جمع عفاريت ، وهو من الشياطين المرد ؛ الصّرح الذي طلب منها سليمان دخوله هو من أصناف عمارة الشام وبابل ، واسمه عندهم « البرج » ، وكانت بابل مشهورة ببرجها ،
وفي قصة موسى أن فرعون طلب من هامان أن يبنى له صرحا يطّلع منه على إله موسى ، وأن يبنيه من الطوب ، وفي ذلك دليل على أن فرعون لم يكن ملكا مصريا ، لأن الصروح يعرف بها الأشوريون ، وهم الذين عرفوا في حكم إقليم جاسان من أقاليم مصر الشرقية بأنهم الهكسوس ، وكانوا يلقبون كذلك بالجبابرة أي الفراعنة ، وإنما لم يشتهر الاسم إلا لملوك مصر بسبب ما ورد عن ذلك في سفر الخروج من أسفار التوراة ؛ أما اسم فرعون فلم يكن مصريا ، ولم يتسمّ به ملك مصرى .
وأيضا فإن البناء بالطين معروف في آشور ، وأما في مصر فكان البناء بالحجارة .
وصرح سليمان قيل فيه إنه ممرّد من قوارير ، يعنى صرحا ضخما ماردا بنى من القوارير ، وهي الآنية ، والكثير من الصروح في بابل كانت تبنى من هذه القوارير ، وليس المقصود أنه بنى من الزجاج ؛
وقوله :لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 
الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ( 65 ) يحتج به على من يصدّق منجّما ؛ وقوله :إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ( 80 ) ردّ على من قال بأن الموتى في القبور تسمع ؛
وقوله :وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ( 87 ) قيل النفخة نفختان ، فالأولى نفخة الصعق ، كقوله :وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ( الزمر 68 ) ،
والثانية : نفخة الفزع ، إذ يخرجون من القبور سراعا خائفين داخرين . والحمد للّه ربّ العالمين .

  * * *

609 . سورة القصص

من السور المكّية ، وآياتها ثمان وثمانون آية ، قيل إلا الآيات :الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ( 52 ) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ( 53 ) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ( 54 ) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ( 55 ) ،
بدعوى أنها نزلت في جماعة من اليهود كانوا يؤمنون بمضمون القرآن ، ويعتقدون صدق ما فيه عن كتابهم ، وأنه قد حرّف وصرفت آياته عن معانيها ، ثم إنهم تمعّنوا أكثر في القرآن فتبيّنوا أنه على الحق ، وصدّقوا محمدا صلى اللّه عليه وسلم ،
فهؤلاء مثل : عبد اللّه بن سلام ، وكثير من النصارى ، قيل هم أربعون قدموا مع جعفر بن أبي طالب إلى المدينة ، وكان منهم اثنان وثلاثون رجلا من الحبشة ، وثمانية أقبلوا من الشام .
وقيل : كان من النصارى الذين آمنوا بمحمد والقرآن : بحيراء الراهب ، وأبرهة ، فأنزل اللّه هذه الآية :أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا( 54 ) ؛
وقيل نزلت في : عبد اللّه بن سلام ، وتميم الداري ، والجارود العبدي ، وسلمان الفارسي ، أسلموا فنزلت هذه الآية .وقيل منهم : رفاعة القرظي . 
والصحيح أن هذه الآيات مكية ، وروحها العامة مكية ، ونزلت فيمن كان يؤمن باللّه من قبل القرآن ، ثم بما جاء به القرآن ، فلمّا سمعوه يتلى عليهم صدّقوا به ، وقالوا :إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ( 53 ) ،
يعنى : إن كان هذا هو إسلام محمد ، فإنّا كنا قبل محمد على دين الإسلام ؛ أو يعنى :

إنّ ما كنا عليه قبل محمد هو الإسلام إذن ؟ !
وقيل أيضا إن الآية :إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ( 85 ) مدنية ،
باعتبار أن هذه الآية بشارة للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم بردّه إلى مكة قاهرا لأعدائه ، فمعاد الرجل بلده ، لأنه ينصرف منها ثم يعود إليها ؛ وقيل : إن الآية نزلت بالجحفة في الطريق بين مكة والمدينة وهو في الهجرة ، ومن ثم فالآية ليست مكية ولا مدنية .
وقال البعض : إن روح الآية 
مكية ، والمقصود بالمعاد يوم القيامة ، والآية تخاطبه صلى اللّه عليه وسلم كخطابه تعالى له في الآية التالية :وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ( 86 ) ،
ونزول الكتاب بدأ في مكة ، والكافرون مكانهم مكة ، وكذلك المشركون في قوله تعالى بعد ذلك :وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( 87 ) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( 88 )
وكل ذلك مكّى ، والآية من ثم مكّية ، والسورة جميعها مكّية ، ومنهجها كمنهج سورتي الشعراء والنمل - وهما مكّيتان ،
وكان نزولها بعدهما على الترتيب : 
الشعراء أولا ، وترتيبها في النزول السابعة والأربعون ، ثم النمل ، وترتيبها الثامنة والأربعون ، ثم القصص وترتيبها التاسعة والأربعون ، ومن يقرأ السور الثلاث يجد لها عبقا واحدا ، ويستشعر إزاءها بمزاج نفسي متشابه .
ومدار سورة القصص هو : الحق والباطل ، والصراع بين جند الرحمن وجند الشيطان ، ويتمثّل ذلك في قصص ثلاث من نماذج الشرّ بميزان السلوك السّوى ، ومن نماذج المرض النفسي والشواش العقلي بميزان الصحة النفسية .

وقصص هؤلاء الثلاثة هي قصص الطغيان بالحكم ، والطغيان بالسلطة ، والطغيان بالمال . وتبدأ السورة بالحروف المقطعة « طسم » ، تنبيها على إعجاز القرآن ، وإشارة إلى بيانه المركّب من حروف الأبجدية ، كبيان مخلوقات اللّه في الكون من العناصر المادية .
وكتاب الكون وكتاب القرآن ، سواء بالعناصر أو بالكلمات ، كلاهما من إعجازه تعالى ، بدأ الخلق بكن وهي كلمة ، فكان الكون وهو آيات مادية ، وكان أيضا القرآن وهو آيات مكتوبة ومقروءة . واسم السورة « القصص » يعنى أنها تخبر عن وقائع وقصص جرت في الأزمان ، وهي مع ذلك من آياته تعالى .
وتتلو سورة القصص بالحق الذي لا ريب فيه نبأ موسى مع فرعون ، وتتولى إبلاغه لقوم يصدّقون بالقرآن فينتفعون به ، ولولا أنه تعالى لا يريد للمستضعف أن يظل مستضعفا ، وللمستقوى أن يظل مستقويا ، لما أرسل موسى ، ولكنه جعل الاستضعاف والاستقواء فتنة ليبلو الناس أيهم أحسن عملا . وتقع القصة في أربعة أجزاء .
وفرعون كان من المتجبّرين في الأرض ، وادّعى الربوبية ، واستذلّ الناس ، وأزهق الأرواح واستحيا النساء ، فحان الحين أن يتغير كل هذا ، ويبدأ الجزء الأول من القصة .
واختار اللّه موسى لمهمة التغيير ، ومنذ البداية جعله معجزة ، وانقذه من أن يموت مع من يموتون من صبية الإسرائيليين ، ونجّاه من أن يغرق ، وكأنه وهو في السلة البوص ، وقد ألقت به أمه في اليم ، يتنبأ إرهاصا بما سيكون عليه حال عدوه : فرعون وهامان وجنودهما من الغرق في اليم !
والتقطه آل فرعون من الماء ، وربّته امرأة فرعون ، وأعطته اسمه موسى ، وأرضعته أمه لمّا 
رفض كل المراضع ، وشبّ موسى ذكيا حكيما مؤمنا ومتعصبا لقومه ، وكانت حادثة تدخّله مرتين لصالح العبراني ضد عدوه ، وقتله لعدوه قتلا خطأ ، وهروبه إلى مدين ، حيث ستكون مدرسته في النبوة مع حميّه ، قيل إنه النبىّ شعيب وهذا هو الجزء الأول من السورة .
فإذا كان الجزء الثاني من القصة فإنا نجد موسى قد وصل إلى مدين ، وأظهر فيها منذ البداية شجاعة وقوة وأمانة ، وسقى للمرأتين ، فأرسل أبوهما إليه ليجزيه ، واختارته إحدى المرأتين زوجا لها ، وعرض عليه أبوها أن يزوّجه منها وقد كان ، وأمهرها موسى أجره عند أبيها لمدة ثماني سنوات ، زادها إلى عشر ، فلما انتهى العقد خرج وامرأته إلى البرية ، وجاءه أمر تكليفه بالرسالة من اللّه تعالى ، وشهد أن تتحول عصاه إلى ثعبان ، وأن تخرج يده من جيبه بيضاء من غير سوء ، واستعان ربّه بأخيه هارون لفصاحته عنه ، وأبدى مخاوفه أن يقبض عليه الفرعون لقتله نفسا من شعبه ، وأن يقتلوه به ، وطمأنه ربّه أن سيجعل لهما سلطانا فلا يصلون إليه وإلى أخيه .
وفي مصر ، أرض جاسان ( محافظة الشرقية ) حيث كان شعب إسرائيل ، وفرعون الهكسوسى ، وهامان الأشورى مساعده ، بدأ الجزء الثالث من القصة ، وهؤلاء جميعا لم يكونوا مصريين ، واسم فرعون ليس اسما مصريا ، ولا اسم هامان ،
وكانت جاسان أرض محتلة يستعمرها الأشوريون واستوطنوها ، وجميع الحكايات قبل موسى ، كحكاية إبراهيم ، ويوسف ، ويعقوب ، جرت على أرض جاسان ومع هؤلاء الأغراب ، ولهذا خلت الآثار المصرية من هذه القصص ، وكانت تانيس عاصمة جاسان وتقع على بحيرة المنزلة .
وشاهد فرعون معجزات موسى ، ووصف ما شاهد بأنه سحر مفترى ، وأنكر فكرة موسى عن الإله الواحد ، وأمر هامان أن يصنع له برجا كبرج بابل يطّلع منه على إله موسى إن كان صادقا ، واستكبر ، وكان الصدام بين قوى الشر وقوى الخير ، وخرج موسى يقود الشعب ، وخرج الفرعون يقود جنوده وراءهما ، فأطبق البحر عليه وجنوده وغرقوا جميعا ،
وجعل اللّه فرعون وهامان ومن تبعهما أمثلة للأئمة يدعون إلى النار ، ولعنهم في الدنيا ، وهم مقبوحون يوم القيامة ، أي مطرودون من رحمة اللّه .
ثم يكون الجزء الرابع من القصة ، وفيه يؤتى اللّه موسى التوراة ، بصائر للناس وهدى ورحمة ، أي ضياء لهم ونورا يتبصّرون به الحق ، وهدى من الضلال ، ورحمة لمن آمن بها ، يسترشدها في حياته ويعمل بمقتضاها .
وهذه التوراة ليست هي أسفار موسى الخمسة الحالية ، فهذه توراة مزيفة ألّفها المدعو عزرا أو عزير .
ويخاطب اللّه تعالى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، أنه ما حضر تكليف موسى ، ولا شهد الجانب الغربى من الطور ، ولكن جاءه العلم به من خلال القرآن ، وفيه خبر الغيوب ، دليلا على أنه من عند اللّه . وكان نزوله 
عليه بعد ما طال العهد بالناس منذ آخر شريعة نزلت عليهم ، فحرّفوها ، ونسوها ، وأهملوا العمل بها ، فأرسل اللّه نبيّه ليجدد ما تنوسى ، ويعدّل ما حرّف .
وما كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم من أهل مدين ليعلم بما حدث لموسى مع شيخها الكبير شعيب ، ومع وابنتيه ، فيخبر به أهل مكة ، ولكنه كان نبيا مرسلا ، أوحى له اللّه تعالى بما أوحى من ذلك القصص ليتلوه عليهم ، لعلهم يهتدون ، فما اهتدوا ، وسألوه تعنّتا وعنادا أن تكون له مثل حجج موسى ، ونسوا أن أمثالهم كفروا من قبل بحجج موسى ،
ووصفوا موسى وهارون بأنهما ساحران تظاهرا ، وها هم يصفون محمدا بأنه ساحر ،
وما نزل محمد بسحر ولا بمعجزات كمعجزات موسى ، وإنما معجزته القرآن كمعجزة موسى التوراة لو لم تحرّف ، ويصفهما اللّه تعالى بأنهما لا كتاب أهدى منهما ، فهما المعجزتان حقا - التوراة والقرآن ، ولا شئ مثلهما ، تعجيزا منه تعالى لكفّار مكة .
والقرآن يصل التوراة .
ولكي نعرف المحرّف من غير المحرّف في التوراة علينا أن نميّز بين ما كان دعوة لتمجيد اللّه ، وما كان دعوة لتمجيد بني إسرائيل ، وكل تمجيد لبنى إسرائيل في التوراة فهو مزيف منحول . ومن أهل الكتاب من يعلم أن آيات التوراة حرّفت ،
وأن حقيقة هذه الآيات هي التي وردت بمعانيها آيات القرآن ، وأنهم - أي أتباع موسى - كانوا مسلمين لذلك قبل الإسلام ، فمن أسلم من أهل الكتاب - واليهود خاصة - بعد الإسلام ، لهم أجران ، لأنهم مرة آمنوا بكتابهم ، ومرة آمنوا بالقرآن ، ولأنهم صبروا ، ويدرءون بالحسنة السيئة ، وينفقون مما رزقوا ، ويعرضون عن اللغو ، ويقولون لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، سلام عليكم ، لا نبتغي الجاهلين ، وسلامهم سلام متاركة ، لا يريدون به التحية ، وإنما المباعدة ، ولا يبتغون به أن يصاحبوهم ولا أن يخالطوهم .

ثم تتوالى الآيات في الردّ على المكابرين ، كقولهم للنّبىّ صلى اللّه عليه وسلم : لما ذا لا تهدى من أحببت مثل عمك أبى طالب ؟
وكان الردّ من القرآن :إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ( 56 ) ، يعنى : هو أعلم بمن لديه الاستعداد للهداية فيهديه .
وقالوا : إن اتبعوا النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، عاداهم العرب ، وتمكّنوا منهم وتخطّوهم ؟
وكان الردّ من القرآن : أنهم كان عندهم الحرم الآمن وهم كفّار ، أفلا يكون آمنا إذا آمنوا ؟

وتتعاقب العظات : كم أهلك اللّه من قرية بطرت معيشتها ؛ وما كان اللّه ليهلكها إلا بعد أن يبعث إليها رسولا يتلو على أهلها آياته ؛ وما كان يهلك أهلها إلا وهم ظالمون ؛ وأن كل ما يخصّ الدنيا فهو من متاعها ؛ وأن ما عند اللّه هو الباقي ، وأن من يعده اللّه حسنا فهو لاقيه ؛ وأن من يتوب ويعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ، والترجّى في القرآن بمنزلة التحقّق ، لأنه وعد كريم من ربّ رحيم ، ولمّا قالوا : لولا نزّل القرآن على رجل من القريتين عظيم ؟
كان الردّ من القرآن : وربّك يخلق ما يشاء ويختار ، وما كان لهم الخيرة . فأكدت الآيات أنه تعالى هو الخالق وأن له المشيئة والخيار ، فلما ذكرت الآيات أنه تعالى هو الخالق المختار عقّبت بذكر بعض الأدلة والبراهين على عظمته تعالى ، تذكيرا للعباد بوجوب شكر نعمه ،
ومنها جعله الليل والنهار متعاقبين ، فلم يجعلهما سرمدا إلى يوم القيامة ، وجعلهما لسكنى الناس ولمعايشهم ، وأوردت السورة قصة قارون ، كآية من آياته تعالى ، وهي قصة الطغيان بالمال ، وما كان من أمر انخساف الأرض به وبأمواله ، وهي نهاية كل مستعل مغرور .
وكان قارون مضرب المثل في الثراء المقيت ، فكان يأخذ من الناس ولا يعطى ، ويراكم المال ولا ينفقه في سبيل الخير ، ولذة جمع المال وهواية هذا الجمع اضطراب نفسي وعقلي لا شك فيه ، كهواية جمع السلطة ، وجمع القوة ،
والثلاثة : 
فرعون ، وهامان ، وقارون ، نماذج لأسوإ أنواع الطغيان ،
والأول : طاغية مستبد في مجال الحكم ؛
والثاني : طاغية في مجال السلطة والنفوذ ، وإرهاب الناس ، وعسكرة الدولة ؛
والثالث : طاغية في مجال الاقتصاد والمال .
وبلغت ثروة قارون حدّ الخرافة ، حتى أن مفاتيح خزائن المال عنده كان حملها تنوء به العصبة أولوا القوة ، والعصبة كما في سورة يوسف عشرة وهم إخوته بدونه ، فإذا كانت المفاتيح تحتاج لعزم عشرة من الأقوياء ، فما بالك بالثروة نفسها ؟ وكلما خرج قارون على الناس بهرهم موكبه وأتباعه ، والزينة من حوله ، حتى ليتمنى ضعاف الإيمان لو لهم مثل ما له من حظوظ !
وردّ عليهم العقلاء من أهل العلم والفهم :وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ( 80 ) ،
والويل دعاء بالهلاك ، والجنة درجة لا يبلغها إلا من صبر على مشيئة اللّه ، وزادت فتنة قارون فاستغنى عنه اللّه لمّا استغنى قارون عن اللّه والناس ، وبخل وشحّ ، وأنكر الربّ والبعث والحساب ، وتمادى ، وخسف به وبماله فما كان له من فئة تنصره من دون اللّه ، وأصبح من تمنّوا مكانه بالأمس نادمين ، يقولون :وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ( 82 ) ،
يعجبون من صنع اللّه ، وكيف أنه يوسّع الرزق لمن يشاء ، لحكمة لا يعلمها إلا هو ، لا عليه لمن يوسّع له رزقه ، ويضيّق الرزق على من يشاء ، لحكمة لا يعلمها إلا هو ، قضى بذلك ابتلاء لا لهوانه عليه . ولولا أن اللّه يمنّ على الناس ويلطف بهم ، ويتفضّل عليهم ، لكان مصيرهم مصير قارون !
وإن المدقّق ليخلص مما يشاهد من صروف الحياة وأعاجيبها ، إلى أن الجاحد بنعم اللّه ، الكافر به ، لا يجد السعادة في الدنيا ولا في الآخرة .
وتنتهى قصة طغيان المال ، وما تنتهى عظاتها وعبرها ، ويعقبها مباشرة قوله تعالى تعليقا ، وتنبيها ، وتحذيرا ، وتعليما : 
تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ( 83 )
فالذي يأتي بالحسنة له خير منها ، والذي يأتي بالسيئة لا يجزى إلا ما كان يعمل . ثم تختتم السورة بخير تسلية للنّبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وبوعد منه تعالى له :إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ( 85 ) أي لرادّك إلى بلدك مكة كما أخرجك منها ، فاتحا منتصرا ، بمنهج اللّه ،
ليتحقق به موعوده تعالى : بشرط أن لا يظاهروا الكافرين ، ولا يعينوهم على دينهم وضلالهم ، ولا يداروهم ويجاملوهم ، ولكن يخالفوهم وينابذوهم . والمراد بالخطاب إلى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أمته ، لئلا يظاهروا عدوا لهم ، ولا يوافقوهم ، ولا يلتفتوا إلى ما يقولونه في دينهم ، فيصدّوهم عنه ، ولا يسايروا المشركين على أهوائهم ، فإن من يرضى بطريقتهم يكون منهم ، ولا يدعوا مع اللّه إلها آخر ، فإنه تعالى واحد ، لا ندّ له ولا شريك ، ولا أعلى منه ولا أكبر ، وكل ما عداه هالك إلا ذاته تعالى ، له الحكم والقضاء النافذ في خلقه وملكوته ، وإليه يرجعون جميعا يوم المعاد .
والحمد للّه على نعمة القرآن ، ونعمة الإيمان ، ونسأله تعالى أن يحيينا ويميتنا على كتابه وسنّة نبيّه صلى اللّه عليه وسلم ، اللّهم آمين .

  * * *

610 . سورة العنكبوت

السورة مكية كلها ، وقيل إلا الآيات من الآية الأولى حتى الحادية عشرة فإنها مدنية ، ومع ذلك فروح هذه الآيات وموضوعها من المعهود في السور المكية ، وأصل السورة أنها تدور حول الابتلاء ، وهذه الآيات في الابتلاء .
وآيات سورة العنكبوت كلها تسع وستون آية ، وترتيبها في المصحف التاسعة والعشرون ، وبحسب النزول الخامسة والثمانون ، وتسميتها بالعنكبوت لقوله تعالى فيها :مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ( 41 )
أي مثل هؤلاء الذين ظنوا أن اعتقادهم في أوليائهم ينفعهم ، كمثل العنكبوت في اتخاذها بيتا لا يغنى عنها في حر ولا برد ، ولا مطر ولا أذى . والمثل لمن اتخذ من دون اللّه آلهة لا تنفعه ولا تضره ، كبيت العنكبوت لا ينفع ولا يضر ، وهو أتفه البيوت وأحقرها لأنه أضعفها جميعا .
وآية العنكبوت توجز السورة جميعها ، وهي بمثابة العبارة الرئيسيةTopec sentenceكما يقول أهل النقد .
وتبدأ السورة بالحروف المقطّعة :ألمتنبيها إلى حروف الأبجدية التي تتركب منها كلمات وآيات القرآن ، لتصنع منه معجزة كالتي تصنعها العناصر التي تتركب منها الكائنات في الكون ، وبذلك يتشابه كتاب القرآن وكتاب الكون في الإعجاز ، فمع أن الحروف بسيطة فإن معاني وآيات القرآن الكبيرة كانت منها ، وكذلك الكون ، فمع أن 
عناصره بسيطة إلا أن الكائنات المركبة منها هائلة وعظيمة .
وبعد أن يقسم اللّه تعالى بالحروف يأتي في جواب القسم السؤال الاستنكارى : أيحسب الناس أن يتركوا من غير افتنان لمجرد قولهم باللسان أنهم آمنوا ، فإذا نزلت بهم المحنة انتكسوا وارتدّوا عن الإسلام ؟ فليبيننّ اللّه الذين صدقوا فقالوا نحن مؤمنون ، واعتقدوا مثل ذلك ، والذين كذّبوا حين اعتقدوا غير ذلك . ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ، ولا ينبغي أن يمنعه شئ عن اللّه ، فحتى الوالدان لو جاهدا ولدهما ليشرك باللّه فلا يطعهما .
ومن الناس من يقول آمنا باللّه فإذا أوذى في اللّه ، جعل فتنة الناس كعذاب اللّه . وتسترسل السورة تتحدث عن محنة الأنبياء وما لاقوه من الشدائد ، بدءا من نوح ، ثم إبراهيم ، ثم لوط ، ثم شعيب ؛ فنوح ، وهذا الأخير لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، فلما استيأس منهم أخذهم الطوفان ، ونجّاه اللّه ومن معه ، آية للعالمين ؛ وإبراهيم : دعا قومه أن يعبدوا اللّه ويتركوا عبادة الأوثان ، فما كان منهم إلا أن أمروا بقتله أو حرقه ، وأنجاه اللّه من النار ، وآمن به لوط ، وهاجرا في أرض اللّه الواسعة ، فكانا أول مهاجرين في اللّه ، وعوّض اللّه إبراهيم وآتاه الأبناء ، وبارك في ذريته فآتاهم النبوة وجعلها فيهم .
وكان نصيب لوط أرض سدوم وعمورة ، وكان أهلها يأتون الفاحشة ، واستغنوا بالرجال عن النساء ، وكانوا أول من ابتدع اللواط الجماعي وبشكل سافر ، ومارست النساء السحاق ، وأنزل عليهم العذاب ، ونجىّ اللّه لوطا وابنتيه ، وحرّقت سدوم وعمورة ، فكانت بقايا الدمار فيهما آية وعظة لمن يتفكرون . وشعيب : كذّبه قومه ، وأفسدوا ، فأخذتهم الصيحة ، وماتوا وهم جاثمون في دورهم .
وأهل عاد وثمود كانوا من الظالمين ، فأخذتهم الرجفة ، فزلزلوا وانهدمت مساكنهم على رؤوسهم . وقارون وفرعون وهامان :
جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا ، فأخذهم اللّه بذنوبهم ، ولم يظلم اللّه أحدا ولكن ظلموا أنفسهم .
وبعد ذلك الاستعراض لمحنة الأنبياء بيّنت السورة عظمة القرآن المنزّل على محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ووعظت المسلمين أن يلزموا الصلاة والذكر ، ولا يجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ، ومن أهل الكتاب من يؤمن به ، وما يجحد آياته إلا الكافرون .
ولو كان محمد يكتب ويقرأ الكتب من قبل القرآن ، لكان معهم الحق أن يرتابوا فيه ، أي في القرآن ، أنه جمعه مما قرأ من الكتب ، ويتهافت هذا الادعاء أمام عظمة القرآن ، فما كان من الممكن أن يكون القرآن محل ريبة ، وآياته بيّنات ، من غير أن تكون سحرا ولا شعرا ، ولكنها أحكام وآداب وقصص يعيها ويحفظها أهل العلم .
ولو نزّل اللّه بدلا من القرآن آيات كآيات موسى ، لقالوا إنها سحر وهم لا يعرفون السحر ، ولاستعجلوا العذاب مع ذلك ، مع أن العذاب قريب لو علموا ، والساعة موعدهم .

وتنتقل السورة إلى تحريض المؤمنين على الهجرة والجهاد ، وأن لا يخافوا عاقبة الخروج إلى أرض اللّه الواسعة ، فاللّه هو الذي يرزق حتى الدواب ، أفلا يرزق أنصاره ؟
وهو الذي خلق الشمس والقمر والسماوات والأرض ، أيعجز عن أن يرزق عباده ؟
وهو اللّه العلى القدير ، فلا ينبغي أن يخشوا شيئا في كنفه وحفظه ، ولو ماتوا فالجنة مصيرهم ، وما الدنيا إلا لهو ولعب ، والآخرة هي الحيوان ، أي الدار الباقية .
فما بالهم لو ركبوا الفلك ولعب بهم الموج ، يدعون اللّه مخلصين ، فإذا نجّاهم أشركوا وكفروا بما آتاهم ؟ وهذا الحرم أمّنه لهم وهم كفار ، فبينما الناس يتخطّفون من حولهم كانوا هم آمنين ، أفلا يكون أكثر أمنا لهم وهم مؤمنون ؟
وتختتم السورة ببيان جزاء الصابرين في المحن ، والمجاهدين بأنواع الجهاد في سبيل اللّه ، وبوعد منه تعالى أن يكون مع المحسنين ، فللّه الحمد والمنّة ، وبه التوفيق والعصمة .

  * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» الباب السادس موجز سور القرآن من 582 الى 590 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 591 الى 600 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 641 الى 660 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى