المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الباب الأول القرآن من 161 الى 178 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم :: القرآن الكريم و علومه :: موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحنفي
صفحة 1 من اصل 1
18092023
الباب الأول القرآن من 161 الى 178 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
الباب الأول القرآن من 161 الى 178 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
موسوعة القرآن العظيم ج 1 د. عبد المنعم الحفني
161 . وما ذا بشأن نسيان القرآن ؟ وهل يمكن أن ينساه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ؟
إن نسيان القرآن يدل على عدم الاعتناء به والتهاون في استذكاره وتعهّده . والذي يحفظ القرآن تعلو رتبته ، فإذا ما وعاه وعمل به بلغ تمام الحسن . وترك معاهدة القرآن يفضى إلى الرجوع إلى الجهل ، والرجوع إلى الجهل بعد العلم أمر شديد . وعن عبد اللّه بن مسعود فيما أخرجه البخاري : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال : « بئس ما لأحدهم ، يقول نسيت آية كيت وكيت ، بل هو نسي » ، يقصد بذلك أن يزجر الناسي ، والنسيان منه عضوى كما في الشيخوخة مثلا ، أو للإصابة بتصلب في شرايين المخ إلخ ، ومنه نفسي ، بسبب ضغوط الحياة ، أو كراهة ما لا نحب أن نذكره ، وقد ينسى المرء لاشتغاله بالصيام أو الاعتكاف أو الجهاد .والنسيان المكروه تتسبب فيه ضغوط الأمور الدنيوية ، والمسلم الجيد هو الذي لا يمر عليه أربعون يوما إلا وقد راجع القرآن مرة ، وهذه الأربعون يوما هي التي ينصح بها علماء النفس في أمور الذاكرة .
وقد ورد في حديث ابن مسعود في السهو : « إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون » ، وعن عروة ، عن عائشة فيما رواه البخاري قالت : سمع النبىّ صلى اللّه عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال : « يرحمه اللّه ، لقد أذكرنى كذا وكذا آية من سورة كذا » ، وعن هشام زاد : « أسقطهن من سورة كذا » ،
وفي رواية أخرى لعروة عن عائشة قال : « كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا » ، وفي هذه الروايات حجة لمن يجيز النسيان على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فيما ليس طريقه البلاغ ، وكذلك فيما طريقه البلاغ . وطالما أنه نسيان فلا بد أن يكون قد بلّغه أولا ثم نسي ، ولكنه يتذكره من بعد ، إما بنفسه ، وإما بغيره ، فكأنه ليس نسيانا على الحقيقة ، وإنما كأنه النسيان أو أن له صورة النسيان وليس النسيان ، أو أنه ينسى ليعلّم . . .
وفي القرآن :سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ( 6 ) إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى( 7 ) ( الأعلى ) ، معناه لا تنسى ما نقرئك إياه ، ومعنى « إلا ما شاء اللّه » ، ما قضى أن ترفع تلاوته ، فهذا هو النسيان المقصود ، وقد يقال إن معنى « فلا تنسى » أي لا تترك العمل به ، إلا ما أراد اللّه أن ينسخه ،
ويدخل في قوله تعالى :ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها( 106 ) ( البقرة ) ، قرأها ابن مسعود « ننسأها » أي نؤخرها ونرجئها ، وكذلك قرأها عمر بن الخطاب .
وعن ابن عباس قال : كان مما ينزل على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم الوحي بالليل وينساه بالنهار ؛ وعن قتادة قال : كان اللّه عز وجل ينسى نبيّه صلى اللّه عليه وسلم ما يشاء ، وينسخ ما يشاء » .
وما يشاء من نسخ أو نسيان إنما هو لمصلحة الناس ولخيرهم ، أو رفقا بهم .
والصحيح أن آيات مثل : « سنقرئك فلا تنسى » نزلت للمسلمين جميعا وليس للنبىّ وحده صلى اللّه عليه وسلم .
والنسيان في الآية ليس هو النسيان المعهود ، ولكنه زيادة تنبيه ، بمعنى تنبّه وكن في قمة وعيك أثناء القراءة ليثبت في ذاكرتك .
* * *
162 . فما شأن من لا يقرأ القرآن ؟
المرء مع من يحب ، والمسلم الذكي مع اللّه دائما ، والقرآن كلام اللّه ، وعند أهل الحكمة فإن من يحب حكيمه يلازمه ويحفظ كلامه ، واللّه يقول :فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ( 20 ) ( المزمل ) ،واقرءوا فعل أمر كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، وكان أول ما بدئ به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من القرآن :اقْرَأْ، وكتاب اللّه أعطاه اللّه اسم القرآن ، من القراءة ،
وقوله تعالى :أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ( 78 ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً( 79 ) ( الإسراء ) فيه تحبيذ للقراءة في الفجر ، فهي أجلى للصوت ، وأفضل في النفس ، وشحنة وعظيّة وإيمانية لمن يريد أن يكون يومه مباركا .
والمسلم الذكي عليه أن يتعلم القراءة والكتابة ، وأن يهجر الأميّة ، ليكتمل إيمانه ويربو علمه ، والإسلام علم ، وطريقة العلم القراءة ، والقراءة تبدأ من الصغر ، وليست العبرة بعدد ما نقرأ من كلمات أو كتب ، وإنما العبرة بما يتخلّف لدينا من علم نافع وحكمة بالغة ، وفي القرآن علم وحكمة ، والصغير لو تعلم القرآن حفظ من الزلل ، واستقام لسانه ، وانصلحت عقيدته ، وسلّم طريقه .
* * *
163 . إثم من يراءى بالقرآن ، أو يأكل به ، أو يفجر به
إذا كانت قراءة القرآن لغير اللّه فهي للرياء ، أو للتأكّل به ، ومن الناس في زماننا من يفجر بالقرآن ، وفي الحديث عند أبي عبيد ، عن أبي سعيد وصحّحه الحاكم : « تعلموا القرآن واسألوا اللّه به ، قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا ، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة نفر : رجل يباهى به ، ورجل يتأكل به ، ورجل يقرأه للّه » .وعند أحمد وأبى يعلى ، عن عبد الرحمن بن شبل : « اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه ، ولا تحفوا عنه ، ولا تأكلوا به » ، والغلو هو التشدّد ، والحفوف عن القرآن هو الانصراف عنه ، والمباهاة بالقرآن هي فعل المرائي ليستعظم به على الناس ، والذي يتأكّل به هو الذي يقرأه على الناس استدرارا لأموالهم ، أو تكسّبا على القبور أو في المياتم .
وعند أبي عبيد عن ابن مسعود ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال :
« سيجئ الزمان يسأل فيه بالقرآن ، فإذا سألوكم فلا تعطوهم » ، والسؤال يعنى الشحاذة .
والنفاق بالقرآن أشدّ المحاذير ، وعن سويد بن غفلة في المنافقين بالقرآن أنهم : « سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم » ، وفي رواية أبي سعيد الخدري : « ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم » .
وأجاز البعض الأجرة ، وفي الحديث عن ابن عباس : « إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللّه » أخرجه البخاري .
فقال رجل : ليتني أوتيت مثل ما أوتى فلان ، فعملت مثل ما يعمل » .
والحسد هنا ليس تمنى زوال النعمة ولكنه الاغتباط بصاحب القرآن الذي يتلوه ويعمل به ، والاغتباط بصاحب المال الذي ينفقه في الحق .
ولا حسد إلا على اثنتين ، أي لا رخصة في الحسد إلا في خصلتين ، أو لا يحسن الحسد - إن حسن - إلا في هاتين .
وفي الرواية عند أبي داود والدار قطني : « خيركم من قرأ القرآن واقرأه » ، وتأتى الخيرية من أن القرآن أشرف العلوم ، وعلمه هو العلم الحاكم على كل العلوم ، يوجهها ويضبط تصرفاتها ، ويسمو بدوافعها ويرقى بغاياتها ، فيكون من يتعلمه ويعلّمه لغيره أشرف ممن يتعلم غير القرآن وإن علّمه .
والجامع بين تعلّم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره ، ويجمع بين النفع القاصر والنفع المتعدّى ، ولهذا كان هو الأفضل ، وهو الداعي الذي عناه اللّه تعالى بقولهوَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً( 33 ) ( فصلت ) ، والدعاء إلى اللّه يمكن بوسائل كثيرة منها ، تعليم القرآن وهو أشرف الجميع .
والقرآن خير الكلام ، ومتعلّمه خير المتعلّمين ، وخير هؤلاء جميعا من يتعلمه ويعلّم غيره ولا يقتصر على نفسه .
والقارئ أو المقرئ المحض للقرآن ، الذي لا يفهم شيئا من معاني ما يقرأه أو يقرئه ، ليس هو المقصود بالخيرية ، وإنما الخيرية لمن يفقه ما يقرأ ، ويدرى معانيه ، ويعمل بها ويعلّمها ؛ بحسن قراءته عن فهم ودراية .
وفي الحديث عن سهل بن سعد في قصة التي وهبت نفسها ، أنه صلى اللّه عليه وسلم زوّجها للرجل الذي طلبها ولم يكن يملك ثوبا يعطيه لها ، ولا خاتما من حديد ، فاعتلّ له وقال : « ما معك من القرآن ؟ »
قال الرجل : كذا وكذا . فقال صلى اللّه عليه وسلم : « فقد زوجتكها بما معك من القرآن » ، فجعل للقرآن مقاما كمقام المال ، به يبلغ صاحب الغرض إلى غرضه وكأنه يمتلك المال ، وزوّجها له على أن يعلّمها ، فتحقق بالقرآن خير كثير .
وفي الآية تعلّم القراءة يأتي أولا ، ثم يكون تعلم الكتابة . وللقراءة والكتابة طقوس ، فلا بد فيهما أولا من الاستعاذة باللّه :فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ( 98 ) ( النحل ) ،
وصيغة ذلك أن تقول : " أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم " ، وبعد الاستعاذة يأتي الدخول في القراءة ، وأولها أن تقرأ « بسم اللّه الرحمن الرحيم » ، وهو مفهوم قوله تعالىاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ. وقراءة القرآن وكتابته من الأعمال ، والمعنى على العموم أن نبدأ كل عمل بالاستعاذة وباسم اللّه ، فهذا هو منهج القرآن ،
والقراءة والكتابة يرفعان من قدر القارئ والكاتب ، فاللّه خلق الإنسان من علقة مهينة ، ثم كرّمه بتعلّم القراءة والكتابة ، وكل امرئ بما يقرأ ويكتب ، والقراءة المأجور بها لكتب اللّه وكلماته هي القراءة بإيمان وتصديق لما تقرأ ، كقوله :وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ( 12 ) ( التحريم ) ،
وللكتب القيّمة ، كقوله :رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً ( 2 ) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ( 3 ) ( البينة ) .
والقراءة من قرأ أي نطق المكتوب ، ومنها تقرّأ أي تفقّه ، والأقرأ هو الأفصح قراءة ، وتقرّأ أي تنسّك ، والقارئ هو الناسك المتعبّد ، والجمع قرّاء وقرّاءون ، والقرآن هو الكتاب المقروء ، فأنت ترى أن القراءة في الإسلام والمأمور بها في القرآن هي القراءة لآيات اللّه المخلوقة والمسطورة ، أي أن نفهم عنه في الكون من حولنا ، وفيما أنزل من كتب . وما سمّى القرآن قرآنا إلا ليلهج بقراءته ، ويزيّن بالأصوات ، ويتغنّى به .
والترتيل في قراءته هو التأنّى فيها ، والتمهّل ، وتبيّن الحروف والحركات ، وحسن إعرابه ، والعمل بأوامره ، والأخذ بنواهيه ، وتدبّر آياته ومعانيه ، وللتذكرة ،
كقوله تعالى :كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ( 29 ) ( ص ) . وفي الحديث أنه صلى اللّه عليه وسلم حذّر من القرّاء المرائين ، وفي التعريف أنهم الذين يقرءون القرآن يريدون بقراءاتهم عرض الدنيا .
والمعلّم عموما ، ومعلّم القرآن من باب أولى ، ينبغي أن يكون ربّانيا ، كقوله تعالى :كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ( 79 ) ( آل عمران ) أي أن يكون تعليم المعلّمين للقرآن للّه وباللّه .
والقراءة إذا كان شرطها التدبّر والفهم ، فحق على كل من يتعلمها أن يتفقّه ، ولا يقدر على القراءة المتفقهة كل أحد ، فالقرّاء درجات ، وفوق كل ذي علم عليم ، وقارئ القرآن له الدرجات العلى ، وللمقلّ ما يتيسر منه ،
كقوله :فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ( 20 ) ( المزمل ) ، وأيسر القراءات ما كانت استماعا وإنصاتا :وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( 204 ) ( الأعراف ) ،
فالاستماع أولا ، والاستماع يغرى على الإنصات ، والإنصات هو الفهم والتدبّر ، وبذلك يكون لدينا قراءة بالعين :
كقوله :كِتاباً نَقْرَؤُهُ( 93 ) ( الإسراء ) ، وقوله :يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ( 71 ) ( الإسراء )
والقراءة تكون عادة بالنظر ؛ وقراءة بالأذن : كقوله :سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى( 6 ) ( الأعلى ) ،
وقوله :لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ( 16 ) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ( 17 ) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ( 18 ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ( 19 ) ( القيامة ) ،
يعنى ينبغي عندما يقرأ عليك القرآن أن تستمع له وتنصت ، وتتفهم عبره ، وتحيط بآياته ، فليس القرآن لتردد ما قرأت أو قرئ عليك ، ولا هو أن تجرى به لسانك مع القارئ أو مع السطور ،
وإنما القراءة لاتباع قرآنه ، أي شرائعه وأحكامه ، ومع مداومة القراءة يأتي بيان الأحكام وتفسير الشرائع ، والمعرفة الحقّة للحدود ، وللحلال والحرام ، والوعد والوعيد . ومثل هذه القراءة لن تتأتى إلا إذا كانت قراءة ترتيل ، فكما أنزل القرآن مفصّلا ، وشيئا بعد شئ ، فكذلك تكون قراءته ، والفهم عنه ، والأخذ به ، كقوله :وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا( 106 ) ( الإسراء ) ،
قيل تنزّل عليه في عشرين ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين سنة ، ليقرأه صلى اللّه عليه وسلم ، ولتقرأه أنت كذلك ، على ترسّل في التلاوة والترتيل ، فتعطى للقراءة حقّها من التحسين والتطييب ، بلا تغيير في الألفاظ بزيادة أو نقصان . فهذه هي القراءة خصوصا ، وهي كذلك القراءة عموما ،
واللّه هو المعين في الحالتين ، لا يغبن القارئ المحسن حقّه في الثواب ، ويحفظه أن يلحقه تلف أو أذى ، كقوله تعالى :وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً( 45 ) ( الإسراء ) .
فهذه هي القراءة عند المسلمين وبمنهج القرآن ، وللّه الحمد والمنّة .
وعند الدارمي قال : « اختمه في شهر » ، فلما قال له : إني أطيق ، قال : اختمه في خمسة وعشرين » ، فقال له :
إني أطيق ، فقال : اختمه في خمس عشرة » ، فعاد يقول : إني أطيق ، فقال : اختمه في خمس » ، ثم رفض أن يقلل عن ذلك . وعند أبي داود والترمذي ، عن عبد اللّه بن عمرو ، قال : « لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث » ؛
وعن ابن مسعود ، قال : « اقرءوا القرآن في سبع ولا تقرءوه في أقل من ثلاث » ؛ وعن عائشة : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث » .
والأمر إذن يختلف بالأشخاص ، فمن كان من أهل الفهم والتدبر استحب له أن يقتصر على ما لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني ؛ ومن كان له شغل بالعلم أو غيره ، من المهمات الإدارية والسياسية والاقتصادية والثقافية ، وغير ذلك من مصالح المسلمين العامة ، يستحب له أن يقتصر من القرآن على القدر الذي لا يخل بما يضطلع به من مهام .
ومن لم يكن له مثل ذلك من المشاغل ، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير أن يصيبه الملل ، أو أن يتورط إلى العجلة في القراءة فيقرأه هذرمة .
والترتيل هو القراءة بتؤدة .
وفي سورة القيامة الآية السادسة عشرة يأتي :لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ( 16 ) ، أي لا تكن قراءتك بسرعة .
وكان ابن مسعود يكره من يهذّ القراءة كهذّ الشعر ، والهذّ هو الإسراع المفرط ، ومن شأنه إخفاء حروف ، أو أن بعض الحروف لا تخرج من مخارجها .
وقيل لابن عباس : إني لأقرأ القرآن في ثلاث ؟ فقال : لأن أقرأ البقرة ، أرتلها فأتدبرها ، خير من أن أقرأ كما تقول » .
وقيل له : إني رجل سريع القراءة وإني لأقرأ القرآن في ليلة ؟ فقال : لأن أقرأ سورة أحبّ إلىّ . إن كنت لا بد فاعلا ، فاقرأ قراءة تسمعها أذنيك ، ويوعها قلبك » .
فكأنه للإسراع فضل ، وللترتيل فضل ، بشرط أن لا يخلّ المسرع بالحروف والحركات والسكنات الواجبات ، وحينئذ لا يفضل الترتيل الإسراع ، ولا يفضل الإسراع الترتيل .
وفي الحديث عن حفصة أم المؤمنين ، أخرجه مسلم ، قالت : كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها » . وعند أبي نعيم في المستخرج عن علقمة أنه قرأ على ابن مسعود فقال له : رتّل ، فداك أبي وأمي ، فإنه زينة القرآن » .
والمعنى أنه صلى اللّه عليه وسلم أوتى الكتاب وحيا يتلى ، وأوتى من البيان مثله ، أي أذن له أن يبيّن ما في الكتاب ، فيعمّ ويخصّ ، ويزيد عليه ، ويشرع ما في الكتاب .
وقوله « يوشك رجل شبعان » الحديث ، يحذّر من مخالفة السنن ، مما ليس في القرآن ، على ما ذهبت إليه الخوارج والشيعة والروافض والصوفية ، والمجتهدون من العقلانيين العلمانيين والليبراليين المعاصرين ، المقلّدين للثقافة الغربية اليهودية المسيحية ، فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن :ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ( 6 ) ( التغابن ) ،
وفي القرآن عن عمل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ( 44 ) ( النحل ) ، فنبّه إلى أنه صلى اللّه عليه وسلم المبيّن لما في القرآن ،
وقال تعالى :لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ( 63 ) ( النور )
أي أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فليست مخالفته من الدين ،
وقال :وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ( 7 ) ( الحشر ) ، فأوجب الطاعة له ، وقال :وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً( 36 ) ( الأحزاب ) ،
فألزم المؤمنين والمؤمنات بما يختاره تعالى لهم ورسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فصار الكتاب والسنّة متلازمان ، وصارت السنّة هي الشارحة للكتاب ، والكتاب أصل للسنة ، ورغم تضعيف هذا الحديث : « إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب اللّه ، فإن وافقه فخذوه ، وإن لم يوافقه فردّوه » ، إلا أن العقل لا يردّ هذا الحديث ، لأنه يضع منهجا قويما لقبول أو رفض الأحاديث ، فما وافق منها الكتاب فهو فعلا عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وإن كان ضعيفا ، فالسنة بيان لمجمل الكتاب ، وفيها البيان الكامل للصلاة وأحكامها وطريقتها ، والزكاة ومقدارها ووقتها ، وبيان مناسك الحج ، والنكاح ، والمطعم والمشرب ، والشهادة . . . إلخ .
والقرآن عن حق لا يستغنى عن السنة ، وكذلك السنة لا بد فيها من مرجعية القرآن ، وليس صحيحا كما يقول القائلون : إن السنة قاضية على القرآن ، كيف ؟ كما ليس من المعقول أن يستغنى الكتاب عن السنة .
« سيجئ الزمان يسأل فيه بالقرآن ، فإذا سألوكم فلا تعطوهم » ، والسؤال يعنى الشحاذة .
والنفاق بالقرآن أشدّ المحاذير ، وعن سويد بن غفلة في المنافقين بالقرآن أنهم : « سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم » ، وفي رواية أبي سعيد الخدري : « ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم » .
* * *
164 . جواز الأجر على تعليم القرآن
لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن ، لأن تعليمه واجب من الواجبات التي يحتاج فيها إلى نية التقرّب والإخلاص ، فلا يؤخذ عليه أجرة ، وقد قال اللّه تعالى :وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ( 41 ) ( البقرة ) .وأجاز البعض الأجرة ، وفي الحديث عن ابن عباس : « إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللّه » أخرجه البخاري .
* * *
165 . هل للقرآن فضل على من يتعلمه ؟
القرآن أصدق كتاب من عند اللّه تعالى ، وحافظ القرآن قد ينفس عليه ، وفي الحديث عند البخاري عن ابن عمر : « لا حسد إلا على اثنين : رجل آتاه اللّه الكتاب وقام به آناء الليل ، ورجل أعطاه اللّه مالا فهو يتصدق به آناء الليل وآناء النهار » ، وعن أبي هريرة : « لا حسد إلا في اثنتين : رجل علّمه اللّه القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ، فسمعه جار له فقال : ليتني أوتيت مثلما أوتى فلان ، فعملت مثل ما يعمل ، ورجل آتاه اللّه مالا فهو يهلكه في الحق ،فقال رجل : ليتني أوتيت مثل ما أوتى فلان ، فعملت مثل ما يعمل » .
والحسد هنا ليس تمنى زوال النعمة ولكنه الاغتباط بصاحب القرآن الذي يتلوه ويعمل به ، والاغتباط بصاحب المال الذي ينفقه في الحق .
ولا حسد إلا على اثنتين ، أي لا رخصة في الحسد إلا في خصلتين ، أو لا يحسن الحسد - إن حسن - إلا في هاتين .
* * *
166 . متعلم القرآن ومعلمه أفضل الناس
عند البخاري عن عثمان رضى اللّه عنه عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال : « خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه » وفي رواية أخرى : « إن أفضلكم من تعلّم القرآن وعلّمه » ،وفي الرواية عند أبي داود والدار قطني : « خيركم من قرأ القرآن واقرأه » ، وتأتى الخيرية من أن القرآن أشرف العلوم ، وعلمه هو العلم الحاكم على كل العلوم ، يوجهها ويضبط تصرفاتها ، ويسمو بدوافعها ويرقى بغاياتها ، فيكون من يتعلمه ويعلّمه لغيره أشرف ممن يتعلم غير القرآن وإن علّمه .
والجامع بين تعلّم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره ، ويجمع بين النفع القاصر والنفع المتعدّى ، ولهذا كان هو الأفضل ، وهو الداعي الذي عناه اللّه تعالى بقولهوَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً( 33 ) ( فصلت ) ، والدعاء إلى اللّه يمكن بوسائل كثيرة منها ، تعليم القرآن وهو أشرف الجميع .
والقرآن خير الكلام ، ومتعلّمه خير المتعلّمين ، وخير هؤلاء جميعا من يتعلمه ويعلّم غيره ولا يقتصر على نفسه .
والقارئ أو المقرئ المحض للقرآن ، الذي لا يفهم شيئا من معاني ما يقرأه أو يقرئه ، ليس هو المقصود بالخيرية ، وإنما الخيرية لمن يفقه ما يقرأ ، ويدرى معانيه ، ويعمل بها ويعلّمها ؛ بحسن قراءته عن فهم ودراية .
وفي الحديث عن سهل بن سعد في قصة التي وهبت نفسها ، أنه صلى اللّه عليه وسلم زوّجها للرجل الذي طلبها ولم يكن يملك ثوبا يعطيه لها ، ولا خاتما من حديد ، فاعتلّ له وقال : « ما معك من القرآن ؟ »
قال الرجل : كذا وكذا . فقال صلى اللّه عليه وسلم : « فقد زوجتكها بما معك من القرآن » ، فجعل للقرآن مقاما كمقام المال ، به يبلغ صاحب الغرض إلى غرضه وكأنه يمتلك المال ، وزوّجها له على أن يعلّمها ، فتحقق بالقرآن خير كثير .
* * *
167 . القراءة التي يقول بها القرآن
تعلّم القراءة والكتابة واجب ديني ، بقوله تعالى :اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ( 1 ) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ( 2 ) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ( 3 ) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ( 4 ) ( العلق ) ،وفي الآية تعلّم القراءة يأتي أولا ، ثم يكون تعلم الكتابة . وللقراءة والكتابة طقوس ، فلا بد فيهما أولا من الاستعاذة باللّه :فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ( 98 ) ( النحل ) ،
وصيغة ذلك أن تقول : " أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم " ، وبعد الاستعاذة يأتي الدخول في القراءة ، وأولها أن تقرأ « بسم اللّه الرحمن الرحيم » ، وهو مفهوم قوله تعالىاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ. وقراءة القرآن وكتابته من الأعمال ، والمعنى على العموم أن نبدأ كل عمل بالاستعاذة وباسم اللّه ، فهذا هو منهج القرآن ،
والقراءة والكتابة يرفعان من قدر القارئ والكاتب ، فاللّه خلق الإنسان من علقة مهينة ، ثم كرّمه بتعلّم القراءة والكتابة ، وكل امرئ بما يقرأ ويكتب ، والقراءة المأجور بها لكتب اللّه وكلماته هي القراءة بإيمان وتصديق لما تقرأ ، كقوله :وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ( 12 ) ( التحريم ) ،
وللكتب القيّمة ، كقوله :رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً ( 2 ) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ( 3 ) ( البينة ) .
والقراءة من قرأ أي نطق المكتوب ، ومنها تقرّأ أي تفقّه ، والأقرأ هو الأفصح قراءة ، وتقرّأ أي تنسّك ، والقارئ هو الناسك المتعبّد ، والجمع قرّاء وقرّاءون ، والقرآن هو الكتاب المقروء ، فأنت ترى أن القراءة في الإسلام والمأمور بها في القرآن هي القراءة لآيات اللّه المخلوقة والمسطورة ، أي أن نفهم عنه في الكون من حولنا ، وفيما أنزل من كتب . وما سمّى القرآن قرآنا إلا ليلهج بقراءته ، ويزيّن بالأصوات ، ويتغنّى به .
والترتيل في قراءته هو التأنّى فيها ، والتمهّل ، وتبيّن الحروف والحركات ، وحسن إعرابه ، والعمل بأوامره ، والأخذ بنواهيه ، وتدبّر آياته ومعانيه ، وللتذكرة ،
كقوله تعالى :كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ( 29 ) ( ص ) . وفي الحديث أنه صلى اللّه عليه وسلم حذّر من القرّاء المرائين ، وفي التعريف أنهم الذين يقرءون القرآن يريدون بقراءاتهم عرض الدنيا .
والمعلّم عموما ، ومعلّم القرآن من باب أولى ، ينبغي أن يكون ربّانيا ، كقوله تعالى :كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ( 79 ) ( آل عمران ) أي أن يكون تعليم المعلّمين للقرآن للّه وباللّه .
والقراءة إذا كان شرطها التدبّر والفهم ، فحق على كل من يتعلمها أن يتفقّه ، ولا يقدر على القراءة المتفقهة كل أحد ، فالقرّاء درجات ، وفوق كل ذي علم عليم ، وقارئ القرآن له الدرجات العلى ، وللمقلّ ما يتيسر منه ،
كقوله :فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ( 20 ) ( المزمل ) ، وأيسر القراءات ما كانت استماعا وإنصاتا :وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( 204 ) ( الأعراف ) ،
فالاستماع أولا ، والاستماع يغرى على الإنصات ، والإنصات هو الفهم والتدبّر ، وبذلك يكون لدينا قراءة بالعين :
كقوله :كِتاباً نَقْرَؤُهُ( 93 ) ( الإسراء ) ، وقوله :يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ( 71 ) ( الإسراء )
والقراءة تكون عادة بالنظر ؛ وقراءة بالأذن : كقوله :سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى( 6 ) ( الأعلى ) ،
وقوله :لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ( 16 ) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ( 17 ) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ( 18 ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ( 19 ) ( القيامة ) ،
يعنى ينبغي عندما يقرأ عليك القرآن أن تستمع له وتنصت ، وتتفهم عبره ، وتحيط بآياته ، فليس القرآن لتردد ما قرأت أو قرئ عليك ، ولا هو أن تجرى به لسانك مع القارئ أو مع السطور ،
وإنما القراءة لاتباع قرآنه ، أي شرائعه وأحكامه ، ومع مداومة القراءة يأتي بيان الأحكام وتفسير الشرائع ، والمعرفة الحقّة للحدود ، وللحلال والحرام ، والوعد والوعيد . ومثل هذه القراءة لن تتأتى إلا إذا كانت قراءة ترتيل ، فكما أنزل القرآن مفصّلا ، وشيئا بعد شئ ، فكذلك تكون قراءته ، والفهم عنه ، والأخذ به ، كقوله :وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا( 106 ) ( الإسراء ) ،
قيل تنزّل عليه في عشرين ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين سنة ، ليقرأه صلى اللّه عليه وسلم ، ولتقرأه أنت كذلك ، على ترسّل في التلاوة والترتيل ، فتعطى للقراءة حقّها من التحسين والتطييب ، بلا تغيير في الألفاظ بزيادة أو نقصان . فهذه هي القراءة خصوصا ، وهي كذلك القراءة عموما ،
واللّه هو المعين في الحالتين ، لا يغبن القارئ المحسن حقّه في الثواب ، ويحفظه أن يلحقه تلف أو أذى ، كقوله تعالى :وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً( 45 ) ( الإسراء ) .
فهذه هي القراءة عند المسلمين وبمنهج القرآن ، وللّه الحمد والمنّة .
* * *
168 . ما هو أقل ما نقرأ من القرآن ؟
يجزئ من القراءة في كل يوم وليلة جزء من أربعين جزءا من القرآن . وعن عبد اللّه بن عمرو فيما رواه البخاري : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال له : « واقرأ القرآن في كل شهر » ، فلما اعترض أنه يطيق أكثر من ذلك ،قال له : « واقرأ في كل سبع ليال مرة » .وعند الدارمي قال : « اختمه في شهر » ، فلما قال له : إني أطيق ، قال : اختمه في خمسة وعشرين » ، فقال له :
إني أطيق ، فقال : اختمه في خمس عشرة » ، فعاد يقول : إني أطيق ، فقال : اختمه في خمس » ، ثم رفض أن يقلل عن ذلك . وعند أبي داود والترمذي ، عن عبد اللّه بن عمرو ، قال : « لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث » ؛
وعن ابن مسعود ، قال : « اقرءوا القرآن في سبع ولا تقرءوه في أقل من ثلاث » ؛ وعن عائشة : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث » .
والأمر إذن يختلف بالأشخاص ، فمن كان من أهل الفهم والتدبر استحب له أن يقتصر على ما لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني ؛ ومن كان له شغل بالعلم أو غيره ، من المهمات الإدارية والسياسية والاقتصادية والثقافية ، وغير ذلك من مصالح المسلمين العامة ، يستحب له أن يقتصر من القرآن على القدر الذي لا يخل بما يضطلع به من مهام .
ومن لم يكن له مثل ذلك من المشاغل ، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير أن يصيبه الملل ، أو أن يتورط إلى العجلة في القراءة فيقرأه هذرمة .
* * *
169 . أتكون القراءة بسرعة أم بترتيل ؟
تأتى التوصية بقراءة القرآن ترتيلا مرتين : مرة في الآية الثانية والثلاثين من سورة الفرقان : ،وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا( 32 ) ، ومرة في الآية الرابعة من سورة المزمل :وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا( 4 ) .والترتيل هو القراءة بتؤدة .
وفي سورة القيامة الآية السادسة عشرة يأتي :لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ( 16 ) ، أي لا تكن قراءتك بسرعة .
وكان ابن مسعود يكره من يهذّ القراءة كهذّ الشعر ، والهذّ هو الإسراع المفرط ، ومن شأنه إخفاء حروف ، أو أن بعض الحروف لا تخرج من مخارجها .
وقيل لابن عباس : إني لأقرأ القرآن في ثلاث ؟ فقال : لأن أقرأ البقرة ، أرتلها فأتدبرها ، خير من أن أقرأ كما تقول » .
وقيل له : إني رجل سريع القراءة وإني لأقرأ القرآن في ليلة ؟ فقال : لأن أقرأ سورة أحبّ إلىّ . إن كنت لا بد فاعلا ، فاقرأ قراءة تسمعها أذنيك ، ويوعها قلبك » .
فكأنه للإسراع فضل ، وللترتيل فضل ، بشرط أن لا يخلّ المسرع بالحروف والحركات والسكنات الواجبات ، وحينئذ لا يفضل الترتيل الإسراع ، ولا يفضل الإسراع الترتيل .
وفي الحديث عن حفصة أم المؤمنين ، أخرجه مسلم ، قالت : كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها » . وعند أبي نعيم في المستخرج عن علقمة أنه قرأ على ابن مسعود فقال له : رتّل ، فداك أبي وأمي ، فإنه زينة القرآن » .
* * *
170 . القرآن تبينه السنة ولا تتعارض معه
السنّة هي ما جاء عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم من قول أو فعل بسند صحيح ، وفي الحديث : « ألا وإني قد أوتيت الكتاب ومثله معه . ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن ، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه ، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه » أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي ،والمعنى أنه صلى اللّه عليه وسلم أوتى الكتاب وحيا يتلى ، وأوتى من البيان مثله ، أي أذن له أن يبيّن ما في الكتاب ، فيعمّ ويخصّ ، ويزيد عليه ، ويشرع ما في الكتاب .
وقوله « يوشك رجل شبعان » الحديث ، يحذّر من مخالفة السنن ، مما ليس في القرآن ، على ما ذهبت إليه الخوارج والشيعة والروافض والصوفية ، والمجتهدون من العقلانيين العلمانيين والليبراليين المعاصرين ، المقلّدين للثقافة الغربية اليهودية المسيحية ، فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن :ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ( 6 ) ( التغابن ) ،
وفي القرآن عن عمل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ( 44 ) ( النحل ) ، فنبّه إلى أنه صلى اللّه عليه وسلم المبيّن لما في القرآن ،
وقال تعالى :لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ( 63 ) ( النور )
أي أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فليست مخالفته من الدين ،
وقال :وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ( 7 ) ( الحشر ) ، فأوجب الطاعة له ، وقال :وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً( 36 ) ( الأحزاب ) ،
فألزم المؤمنين والمؤمنات بما يختاره تعالى لهم ورسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فصار الكتاب والسنّة متلازمان ، وصارت السنّة هي الشارحة للكتاب ، والكتاب أصل للسنة ، ورغم تضعيف هذا الحديث : « إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب اللّه ، فإن وافقه فخذوه ، وإن لم يوافقه فردّوه » ، إلا أن العقل لا يردّ هذا الحديث ، لأنه يضع منهجا قويما لقبول أو رفض الأحاديث ، فما وافق منها الكتاب فهو فعلا عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وإن كان ضعيفا ، فالسنة بيان لمجمل الكتاب ، وفيها البيان الكامل للصلاة وأحكامها وطريقتها ، والزكاة ومقدارها ووقتها ، وبيان مناسك الحج ، والنكاح ، والمطعم والمشرب ، والشهادة . . . إلخ .
والقرآن عن حق لا يستغنى عن السنة ، وكذلك السنة لا بد فيها من مرجعية القرآن ، وليس صحيحا كما يقول القائلون : إن السنة قاضية على القرآن ، كيف ؟ كما ليس من المعقول أن يستغنى الكتاب عن السنة .
* * *
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
الباب الأول القرآن من 161 الى 178 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق
الباب الأول القرآن من 161 الى 178 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
171 . هل يتغنى بالقرآن ؟
قول اللّه هو الأصدق ، وهو تعالى يقول :أَ وَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( 51 ) ( العنكبوت ) ، وفي الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة : « لم يأذن اللّه لشئ ما أذن لنبىّ أن يتغنى بالقرآن » .وعن ابن شهاب : « من لم يتغن بالقرآن فليس منا » ، أو « ليس منا من لم يتغن بالقرآن » .
والتلاوة خلاف التغنّى ، فالتلاوة تجويد .
والتغنّى بالقرآن : هو أن تجوّده وتتلوه بصوت جهير حسن ، قيل يتحزّن به . وقيل : التغني بالقرآن : هو أن تقوم عليه وتتشاغل وتتلذذ به وتستحلى له ، كما يلتذ أهل الطرب بالغناء ، وتجعله هجيراك ، أي دأبك وعادتك ، كما يجعل المسافر والفارغ هجيراه الغناء .
والعرب كانوا إذا ركبوا الإبل ، أو جلسوا في أفنيتهم تغنّوا . فكأن التغني هو الحثّ على ملازمة القرآن ، وقد يعنى التغنّى : الاستغناء بالقرآن ، بأن نصدّق بما فيه ونؤمن به ، ولا نصدق أو نؤمن بغيره .
والتغنّى قد لا يستطيعه كل الناس ، وعندئذ يكون معناه أن نرتاح لقراءته ، ونسكن لسماعه من الآخرين يتغنون به .
والتغنّى : أن نغتنى به نفسيا ونقنع .
وكان الشافعي يحب أن يقرأ القرآن حدرا وتحزينا . وفي اللغة حدرت القراءة أدرجتها ولم أمططها ، والتحزين ترقيق الصوت وتصييره كصوت الحزين يرقّق القلوب . والشافعي على الرأي بأن التغنّى هو تحسين الصوت .
* * *
172 . ما هو حسن الصوت في القراءة ؟ وما هو الترنّم بالقرآن ؟
عند الطبري عن ابن شهاب قال : « قد أذن للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم بالترنّم » ، والترنم لا يكون إلا بالصوت إذا حسّنه القارئ وطرب له .وعند ابن ماجة والحاكم وابن حبان عن فضالة بن عبيد قال : « اللّه أشد أذنا - أي استماعا - للرجل الحسن الصوت بالقرآن ، من صاحب القينة إلى قينته » ، والقينة هي المغنية . وعند أبي داود ، من طريق ابن أبي مسجعة ، قال : كان عمر ابن الخطاب يقدّم الشاب الحسن الصوت لحسن صوته بين يدي القوم » .
وعند ابن أبي شيبة من حديث عقبة بن عامر ، قال : « تعلّموا القرآن ، وغنوا به وأفشوه » ، والتغنّى هو الترجيع بالصوت .
وربما التغني بمعنى تكلّف القرآن ، أي نطلبه ونحمل أنفسنا عليه ولو شق ذلك علينا . ويؤيد ذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم في حديث سعد بن أبي وقاص عند ابن عوانة : « فإن لم تبكوا فتباكوا » ، وقيل من يقرأه ويرفع صوته فقد تغنى .
وعن عبيد بن عمير قال : « كان داود عليه السلام يتغنّى - يعنى حين يقرأ - ويبكى ويبكى » .
وعن ابن عباس : أن داود كان يقرأ الزبور بسبعين لحنا ، ويقرأ قراءة يطرب منها المحموم ، وكان إذا أراد أن يبكى نفسه ، لم تبق دابة في بر ولا بحر إلا أنصتت له واستمعت وبكت » وفي الحديث : « إن أبا موسى أعطى مزمارا من مزامير داود » .
والحاصل أنه يمكن الجمع بين هذه التأويلات كلها ، وهو أن يحسّن صوته إذا قرأ ، جاهرا به ، مترنما على طريق التحزّن ، مستغنيا بالقراءة ، طالبا بها غنى النفس ، وراجيا غنى اليد .
والنفس أكثر طلبا للقراءة بالترنّم ، لأن للتطريب تأثيرا في رقّة القلب وإجراء الدمع .
والقراءة بالألحان جائزة إذا لم تكن بإخراج بعض الألفاظ عن مخارجها ، وكذلك التمطيط في القراءة إذا لم يشوّش النظم .
* * *
173 . وما ذا بشأن القارئ الذي لا يحسن الصوت ؟
الأدلة على أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب ، فإن لم يكن القارئ حسن الصوت فليحسّنه ما استطاع ، ومن ذلك مراعاة قوانين النغم ، والصوت يزداد حسنا بذلك ، وبمراعاتها ينجبر غير حسن الصوت ، ما لم يخرج عن الأداء المعتبر عند أهل القرآن ، فإن خرج عنه لم يعوّض تحسين صوته قبح أدائه . * * *
174 . النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان يمدّ القراءة فكيف المدّ ؟
عند البخاري عن قتادة : سئل أنس : كيف كانت قراءة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ؟ فقال : كانت مدّا .ثم قرأ : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، يمدّ ببسم اللّه ، ويمدّ بالرحمن ، ويمدّ بالرحيم » . وفي رواية أخرى قال : يمدّ باللام التي قبل الهاء من اسم الجلالة « اللّه » ، والميم التي قبل النون من الرحمن ، والحاء من الرحيم » .
والمدّ في القراءة نوعان : أصلى فيه إشباع الحرف الذي بعده ألف ، أو واو ، أو ياء ، فالمتصل : ما كان من نفس الكلمة ، والمنفصل : ما كان بكلمة أخرى ؛ وفي الأول : يؤتى بالألف والواو والياء ممكّنات من غير زيادة ؛ وفي الثاني : يزاد في تمكين الألف والواو والياء ، زيادة على المدّ الذي لا يمكن النطق بها إلا به ، من غير إسراف .
والأعدل أن يمدّ كلّ حرف منها ضعفي ما كان يمدّه أولا ، أو قد يزاد على ذلك قليلا ، والإفراط غير محمود .
وقيل المدّ هو أن يمدّ الصوت مدّا ، ولا يكون إلا في القراءة .
* * *
175 . قالوا إنه صلى اللّه عليه وسلم كان يرجع في القراءة ، فكيف الترجيع ؟
الترجيع : أصله الترديد . وعند البخاري عن عبد اللّه بن مغفل قال : رأيت النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يقرأ من سورة الفتح ، وهو على ناقته وهي تسير ، قراءة لينة ، يقرأ وهو يرجّع » .وعند الترمذي عن أم هانئ ، قالت : كنت أسمع صوت النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وهو يقرأ ، وأنا نائمة على فراشي ، يرجّع القرآن » .
والترجيع يزيد على الترتيل ، وكان ابن مسعود يرتّل القرآن ولا يرجّع .
وقيل : ليس الترجيع هو الترديد وإنما هو تحسين التلاوة ، لأن القراءة بترجيع تنافى الخشوع الذي هو مقصود التلاوة .
* * *
176 . هل من السنة عرض القرآن ؟
عرض القرآن أي قراءته على الغير ، أو أن نستمع القرآن من غيرنا . وعن ابن مسعود فيما رواه البخاري قال : قال لي النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : « اقرأ علىّ القرآن » .قلت : عليك ، وعليك أنزل ؟ قال : « إني أحبّ أن أسمعه من غيرى » .
وسماع القرآن من الغير إنما لعرضه ، وقد يكون لتدبّره وتفهّمه ، لأن الذي يسمع يتفرّغ للسماع ، فيقوى على التدبّر ، وينشط لفهم ما يقرأ عليه ، ويخلى نفسه لعبره ، أكثر من القارى الذي اشتغاله بالقراءة وأحكامها .
* * *
177 . هل يستحب البكاء مع قراءة القرآن ؟البكاء عند قراءة القرآن سنّة العارفين ، وشعار الصالحين ، وعن ابن مسعود أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم سأله أن يقرأ عليه القرآن ، فقال له ابن مسعود : اقرأ عليك ، وعليك نزل ؟ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إني اشتهى أن أسمعه من غيرى » . وقال ابن مسعود ، فقرأت النساء حتى إذا بلغت :فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً( 41 ) ،
قال لي : " كفّ " أو " أمسك " أو " حسبك الآن " ، فالتفت إليه ، فرأيت عينيه تذرفان » . وفي القرآن :وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً( 109 ) ( الإسراء ) ،
ويقول :إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا( 58 ) ( مريم ) ،
والبكاء يستحب مع القراءة ، وعند القراءة ، والقارئ بوسعه تحصيله ، بأن يحضر قلبه الحزن والخوف ، بتأمل ما في القرآن من تهديد ووعيد ، واستذكار ما يتضمنه من وثائق وعهود ، ثم ينظر تقصيره في ذلك ، فإن لم يحضره الحزن ، فليبك على افتقاده ، وإذا افتقد المسلم التأمل والخوف والحزن ، فهذه مصيبة من أعظم المصائب .
وفي رواية أبى حاتم والطبراني من طريق ابن فضالة أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لما قرئت عليه الآية :فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً( 41 ) ( النساء )
بكى حتى ضرب لحييه ووجنتيه فقال : « يا ربّ ! هذا على من أنا بين ظهريه ، فكيف بمن لم أره ! » .
ولم يكن بكاؤه إلا لأنه مثّل لنفسه أهوال يوم القيامة ، وشدّة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بالتصديق ، وسؤاله الشفاعة لأهل الموقف ، وهو أمر يحق له بسببه طول البكاء ، رحمة لأمته . والمسلم الجيد يبكى طلبا للرحمة لنفسه .
ومع ذلك فليس كل أحد قادر على استحداث البكاء أو الانفعال به ، والناس في الأحوال الانفعالية أصناف ، وهذا الذي ينفعل هو « الانفعالي » ، وهناك آخرون لا ينفعلون وهم « العقلانيون » ، وطريق هؤلاء التفكير والتأمل والتحليل والشرح ، وربما كان الناس في حاجة إلى هؤلاء أكثر من الأولين ، والمزاج الانفعالي أليق بالصوفية .
* * *
178 . علامة أهل العلم إذا تلا القرآنيقول تعالى :قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً ( 107 ) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا( 108 ) ( الإسراء ) ،
ويقول :وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً( 109 ) ( الإسراء ) ،
وقوله : « إذا يتلى عليهم » يعنى القرآن ، وتسبيحهم - كما أثر عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم هو أن يقولوا : « سبحانك اللّهم وبحمدك .
اللّهم اغفر لي » ، وقوله :وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَمبالغة في صفتهم ، ومدح لهم ، فحقّ على كل متعلم أن يفعل نفس الشيء ، فيخشع عند استماع القرآن ،ويذل ،
وفي الحديث : « من أوتى من العلم ما لم يبكه لخليق ألا يكون أوتى علما ، لأن اللّه تعالى نعت العلماء فقال :الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ . .( الآية ) .
ومع ذلك ما نزال نرى أنه لا موجب للبكاء إلا للبكّائين ، وهذه طبقة مخصوصة عرفت بالبكاء ، كان منهم محمد بن واسع ، ويحيى البكّاء ، ومطرف بن طريف ، وكانوا يقولون على القارئ الذي يقرأ ويبكى إنه من قرّاء الرحمن ، تمييزا لهم عن قرّاء الدنيا .
* * *
انتهى باب القرآن والحمد للّه ونبدأ بإذن اللّه « باب النبوة والنبىّ في القرآن » .
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله