المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الباب الحادي والستون في ذكر الأحوال وشرحها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: قسم علوم و كتب التصوف :: من كتب الصوفية :: عوارف المعارف الشيخ عمر السهروردي
صفحة 1 من اصل 1
15072021

الباب الحادي والستون في ذكر الأحوال وشرحها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
الباب الحادي والستون في ذكر الأحوال وشرحها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
عوارف المعارف للشيخ شهاب الدين عمر السهروردي القرشي التميمي البكري الشافعي المتوفى سنة 632 ه
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الحادي والستون في ذكر الأحوال وشرحهاحدثنا شيخ الإسلام أبو النجيب السهروردي رحمه اللّه قال : أنا أبو طالب الزيني قال : أخبرتنا كريمة المروزية ، قالت أنا أبو الهيثم الكشمهيني ، قال أنا أبو عبد اللّه الفربري ، قال أنا أبو عبد اللّه البخاري ، قال حدثنا سليمان بن حرب ، قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضى اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : من كان اللّه ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا اللّه ، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه اللّه منه كما يكره أن يلقى في النار ).
وأخبرنا شيخنا أبو زرعة طاهر بن أبي الفضل ، قال : أنا أبو بكر بن خلف ، قال أنا أبو عبد الرحمن ، قال أنا أبو عمر بن حيوة ، قال حدثني أبو عبيد بن مؤمل عن أبيه ، قال حدثني بشر بن محمد ، قال حدثنا عبد الملك بن وهب عن إبراهيم بن عبلة عن العرباض بن سارية قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعو : ( اللهم اجعل حبك أحب إلى من نفسي وسمعي وبصرى وأهلي ومالي ومن الماء البارد ) .
فكأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طلب خالص الحب ، وخالص الحب هو أن يحب اللّه تعالى ، بكليته ، وذلك أن العبد قد يكون في حال قائما بشروط حاله بحكم العلم ، والجلبة تتقاضاه بضد العلم ، مثل أن يكون راضيا ، والجبلة قد تكره ، ويكون النظر إلى الانقياد لا إلى الاستعصاء بالجبلة ، فقد يحب اللّه تعالى ورسوله بحكم الإيمان ، ويحب الأهل والولد بحكم الطبع .
وللمحبة وجوه وبواعث ، المحبة في الإنسان متنوعة .
فمنها محبة الروح ، ومحبة القلب ، ومحبة النفس ، ومحبة العقل .
" 562 "
فقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد ذكر الأهل والمال والماء البارد ، معناه استئصال عروق المحبة بمحبة اللّه تعالى ، حتى يكون حب اللّه تعالى غالبا ، فيحب اللّه تعالى بقلبه وروحه وكليته ، حتى يكون حب اللّه تعالى أغلب في الطبع أيضا والجبلة من حب الماء البارد ، وهذا يكون حبا صافيا لخواص تنغمر به وبنوره نار الطبع والجبلة ، وهذا يكون حب الذات عن مشاهدة بعكوف الروح وخلوصه إلى مواطن القرب .
قال الواسطي في قوله تعالى : يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته ، فالهاء راجعه إلى الذات دون النعوت والصفات .
وقال بعضهم : المحب شرطه أن تلحقه سكرات المحبة ، فإذا لم يكن ذلك لم يكن حبه فيه حقيقة .
فإذا الحب حبان : حب عام ، وحب خاص ، فالحب العام مفسر بامتثال الأمر ، وربما كان حبا من معدن العلم بالآلاء والنعماء ، وهذا الحب مخرجه من المصفات . وقد ذكر جمع من المشايخ الحب في المقامات ، فيكون النظر إلى هذا الحب العام الذي يكون لكسب العبد في مدخل .
وأما الحب الخاص فهو حب الذات عن مطالعة الروح ، وهو الحب الذي فيه السكرات وهو الاصطناع من اللّه الكريم لعبده واصطفاؤه إياه ، وهذا الحب يكون من الأحوال ، لأنه محض موهبة ليس للكسب فيه مدخل ، وهو مفهوم في قول النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( أحب إلى من الماء البارد ) لأنه كلام عن وجدان روح تلتذ بحب الذات .
وهذا الحب روح ، والحب الذي يظهر عن مطالعة الصفات ويطلع من مطالع الإيمان قالب هذا الروح . ولما صحت محبتهم هذه أخبر اللّه تعالى عنهم بقوله : أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [سورة المائدة : الآية 54 .]
" 563 "
لأن المحب يدل لمحبوبه ولمحبوب محبوبه ، وينشد : لعين تفدى ألف عين وتتقي *** ويكرم ألف للحبيب المكرم
وهذا الحب الخالص هو أصل الأحوال السنية وموجبها ، وهو في الأحوال كالتوبة في المقامات ، فمن صحت توبته على الكمال تحقق بسائر المقامات ، من الزهد والرضى والتوكل على ما شرحناه أولا ، ومن صحت محبته هذه تحقق بسائر الأحوال من الفناء والبقاء والصحو والمحو وغير ذلك .
والتوبة لهذا الحب بمثابة الجسمان لأنها مشتملة على الحب العام الذي هو لهذا الحب كالجسد ، ومن أخذ في طريق المحبوبين وهو طريق خاص من طريق المحبة يكمل فيه ويجتمع له روح الحب الخاص مع قالب الحب العام الذي تشتمل عليه التوبة النصوح ، وعند ذلك لا يتقلب في أطوار المقامات ، لأن التقلب في أطوار المقامات والترقي من شيء منها إلى شيء طريق المحبين ،
ومن أخذ في طريق المجاهدة من قوله تعالى : وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا [سورة العنكبوت : الآية 69 .]
ومن قوله تعالى : . . . وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ [سورة الشورى : الآية 13]
أثبت كون الإنابة سببا للهداية في حق المحب ، وفي حق المحبوب صرح بالاجتباء غير معلل بالكسب ،
فقال تعالى : . . . اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ [سورة الشورى : الآية 13]
فمن أخذ في طريق المحبوبين ، يطوى بساط أطوار المقامات ، ويندرج فيه صفوها وخالصها بأتم وصفها ، والمقامات لا تقيده ولا تحبسه بترقيه منها وانتزاعه صفوها وخالصها ، لأنه حيث أشرقت عليه أنوار الحب الخاص خلع ملابس صفات النفس ونعوتها ، والمقامات كلها مصفية للنعوت والصفات النفسانية ، فالزهد يصفيه عن الرغبة ، والتوكل يصفيه عن قلة
" 564 "
الاعتماد المتولد عن جهل النفس ، والرضى يصفيه عن ضربان ، عرق المنازعة ، والمنازعة لبقاء جمود النفس ما أشرق عليها شموس المحبة الخاصة ، فبقى ظلمتها وجمودها .
فمن تحقق بالحب الخاص لانت نفسه وذهب جمودها ، فماذا ينزع الزهد منه من الرغبة ، ورغبة الحب أحرقت رغبته ، وماذا يصفى منه التوكل ومطالعة الوكيل حشو بصيرته ، وماذا يسكن فيه الرضى من عروق المنازعة ، والمنازعة ممن لم تسلم كلية .
قال الروذباري : ما لم تخرج من كليتك لا تدخل في حد المحبة .
وقال أبو يزيد : من قتلته محبته فديته رؤيته ، ومن قتله عشقه فديته منادمته .
أخبرنا بذلك أبو زرعة عن ابن خلف عن أبي عبد الرحمن قال سمعت أحمد ابن علي بن جعفر يقول سمعت الحسين بن علوية يقول : قال أبو زيد ذلك ، فإذا التقلب في أطوار المقامات لعوام المحبين وطي بساط الأطوار لخواص المحبين وهم المحبوبون ، تخلف عن هممهم المقامات ، وربما كانت المقامات على مدارج طبقات السماوات ، وهي مواطن من يتعثر في أذيال بقاياه .
قال بعض الكبار لإبراهيم الخواص : إلى ماذا أدى بك التصوف ؟
قال : إلى التوكل . فقال : تسعى في عمران باطنك أين أنت من الفناء في التوكل برؤية الوكيل .
فالنفس إذا تحركت بصفتها متلفتة من دائرة الزهد يردها الزاهد إلى الدائرة بزهده ، فالمتوكل إذا تحركت نفسه يزدها بتوكله ، والراضي يردها برضاه ، وهذه الحركة من النفس بقايا وجودية تفتقر إلى سياسة العلم ، وفي ذلك تتسم روح القرب من بعيد ، وهو أداء حق العبودية مبلغ العلم ، وبحسبه الاجتهاد والكسب .
" 565 "
ومن أخذ في طريق الخاصة عرف طريق التخلص من البقايا بالتستر بأنوار فضل الحق ، ومن اكتسى ملابس نور القرب بروح دائمة العكوف محمية عن الطوارق والصروف ، لا يزعجه طلب ولا يوحشه سلب ، فالزهد والتوكل والرضى كائن فيه وهو غير كائن فيها ، على معنى أنه كيف تقلب كان زاهدا وإن رغب ، لأنه بالحق لا بنفسه ، وإن رؤي منه الالتفات إلى الأسباب فهو متوكل ، وإن وجد منه الكراهة فهو راض ، لأن كراهته لنفسه ، ونفسه للحق ، وكراهته للحق أعيد إليه نفسه بدواعيها وصفاتها مطهرة موهوبة محمولة ملطوف بها ، صار عين الداء دواءه ، وصار الإعلال شفاءه ، وناب طلب اللّه له مناب كل طالب من زهد وتوكل ورضى ، أو صار مطلوبه من اللّه ينوب عن كل مطلوب من زهد وتوكل ورضى . قالت رابعة : محب اللّه لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه .
وقال أبو عبد اللّه القرشي : حقيقة المحبة أن تهب لمن أحببت كلك ، ولا يبقى لك منك شيء .
وقال أبو الحسين الوراق : السرور باللّه من شدة المحبة له ، والمحبة في القلب نار تحرق كل دنس .
وقال يحيى بن معاذ : صبر المحبين أشد من صبر الزاهدين ، واعجبا كيف يصبر الإنسان عن حبيبه .
وقال بعضهم : من ادعى محبة اللّه من غير تورع عن محارمه فهو كذاب ، ومن ادعى محبة الجنة من غير إنفاق ملكه فهو كذاب ، ومن ادعى حب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من غير حب الفقراء فهو كذاب .
وكانت رابعة تنشد :
تعصى الإله وأنت تظهر حبه *** هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع
" 566 "
وإذا كان الحب للأحوال كالتوبة للمقامات ، فمن ادعى حالا يعتبر حبه ، ومن ادعى محبة تعتبر توبته ، فإن التوبة قالب روح الحب ، وهذا الروح قيامه بهذا القلب ، والأحوال أعراض قوامها بجوهر الروح .
وقال سمنون : ذهب المحبون للّه بشرف الدنيا والآخرة ، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : ( المرء مع من أحب ) فهو مع اللّه تعالى .
وقال أبو يعقوب السوسي : لا تصح المحبة حتى تخرج من رؤية المحبة إلى رؤية المحبوب ، بفناء علم المحبة من حيث كان له المحبوب في الغيب ولم يكن هذا بالمحبة ، فإذا خرج المحب إلى هذه النسبة كان محبا من غير محبة .
سئل الجنيد عن المحبة قال : دخول صفات المحبوب على البدل من صفات المحب .
قيل : هذا على معنى قوله تعالى : فإذا أحببته كنت له سمعا وبصراو ذلك أن المحبة إذا صفت وكملت لا تزال تجذب بوصفها إلى محبوبها ، فإذا انتهت إلى غاية جهدها وقفت ، والرابطة متأصلة متأكدة ، وكمال وصف المحبة أزال الموانع من المحب ، وبكمال وصف المحبة تجذب صفات المحبوب تعطفا على المحب المخلص من موانع قادحة في صدق الحب ، ونظرا إلى قصوره بعد استنفاذ جهده ، فيعود المحب بفوائد اكتساب الصفات من المحبوب ،
فيقول عند ذلك :
أنا من أهوى ومن أهوى أنا *** نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتنى أبصرته *** وإذا أبصرته أبصرتنا
وهذا الذي عبرنا عنه حقيقة قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( تخلقوا بأخلاق اللّه ) لأنه بنزاهة النفس وكمال التزكية يستعد للمحبة ، والمحبة موهبة غير معللة بالتزكية ، ولكن سنة اللّه جارية أن يزكى نفوس أحبائه بحسن توفيقه وتأييده ، وإذا منح نزاهة للنفس وطهارتها ثم جذب روحه بجاذب
" 567 "
المحبة خلع عليه خلع الصفات والأخلاق ، ويكون ذلك عنده رتبة في الوصول ، فتارة ينبعث الشوق من باطنه إلى ما وراء ذلك ، لكون عطايا اللّه غير متناهية ، وتارة يتسلى بما منح فيكون ذلك وصوله الذي يسكن نيران شوقه ، وبباعث الشوق تستقر الصفات الموهوبة المحققة رتبة الوصول عند المحب ، ولولا باعث الشوق رجع القهقرى ، وظهرت صفات نفسه الحائلة بين المرء وقلبه .
ومن ظن من الوصول غير ما ذكرناه أو تخايل له غير هذا القدر فهو متعرض لمذهب النصارى في اللاهوت والناسوت .
وإشارات الشيوخ في الاستغفارق والفناء كلها عائدة إلى تحقيق مقام المحبة ، باستيلاء نور اليقين وخلاصة الذكر على القلب ، وتحقيق حق اليقين بزوال اعوجاج البقايا ، وأمنت اللوث الوجودي من بقاء صفات النفس ، وإذا صحت المحبة ترتبت عليها الأحوال وتبعتها .
سئل الشبلي عن المحبة فقال : كأس لها وهج إذا استقر في الحواس وسكن في النفوس تلاشت .
وقيل : للمحبة ظاهر وباطن ، ظاهرها اتباع رضى المحبوب ، وباطنها أن يكون مفتونا بالحبيب عن كل شيء ولا يبقى فيه بقية لغيره ولا لنفسه .
فمن الأحوال السنية في المحبة الشوق ، ولا يكون المحب إلا مشتاقا أبدا ، أن أمر الحق تعالى لا نهاية له ، فما من حال يبلغها المحب إلا ويعلم أن ما وراء ذلك أو في منها وأتم .
حزني كحسنك لا لذا أمد * ينهي إليه ولا لذا أمد
" 568 "
ثم هذا الشوق الحادث عنده ليس كسبه ، وإنما هو موهبة خص اللّه تعالى بها المحبين .
قال أحمد بن أبي الحواري : دخلت على أبي سليمان الداراني فرايته يبكى ، فقلت ما يبكيك رحمك اللّه ؟ قال : ويحك يا أحمد ، إذا جن هذا الليل افترشت أهل المحبة أقدامهم ، وجرت دموعهم على خدودهم ، وأشرف الجليل جل جلالة عليهم يقول : بعيني من تلذذ بكلامي واستراح إلى مناجاتي ، وإني مطلع عليهم في خلواتهم ، اسمع أنينهم ، وأرى بكاءهم ، يا جبريل ناد فيهم ما هذا البكاء الذي أراه فيكم ، هل أخبركم مخبر أن حبيبا يعذب أحبابه بالنار ، كيف يجمل بي أن أعذب قوما إذا جن عليهم الليل تملقوا إلى ، فبي حلفت إذا وردوا القيامة على أن أسفر لهم عن وجهي وأبيحهم رياض قدسي .
وهذه أحوال قوم من المحبين أقيموا مقام الشوق ، والشوق في المحبة كالزهد من التوبة ، إذا استقرت التوبة ظهر الزهد ، وإذا استقرت المحبة ظهر الشوق .
قال الواسطي في قوله تعالى : . . . وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى [سورة طه : الآية 84 .]
قال شوقا واستهانة بمن وراءه قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي [سورة طه : الآية 84 .]
من شوقه إلى مكالمة اللّه ، ورمى بالألواح لما فاته من وقته .
وقال أبو عثمان : الشوق ثمرة المحبة ، فمن أحب اللّه اشتاق إلى لقائه .
وقال أيضا في قوله تعالى : . . . فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ [سورة العنكبوت : الآية 5]
تقربه للمشتاقين معناه إني أعلم أن شوقكم إلى غالب ، وأنا أجلت للقائكم أجلا وعن قريب يكون وصولكم إلى من تشتاقون إليه .
" 569 "
وقال ذو النون : الشوق أعلى الدرجات وأعلى المقامات ، فإذا بلغها الإنسان أستبطأ الموت شوقا إلى ربه ، ورجاء للقائه والنظر إليه .
وعندي أن الشوق الكائن في المحبين إلى رتب يتوقعونها في الدنيا غير الشوق الذي يتوقعون به ما بعد الموت ، واللّه تعالى يكاشف أهل وده بعطايا يجدونها علما ، ويطلبونها ذوقا ، فكذلك يكون شوقهم ليصير العلم ذوقا وليس من ضرورة مقام الشوق استبطاء الموت ، وربما الأصحاء من المحبين يتلذذون بالحياة للّه تعالى ، كما قال الجليل لرسوله عليه الصلاة والسلام : قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [سورة الأنعام : الآية 162 .]
فمن كانت حياته للّه منحه الكريم لذة المناجاة والمحبة ، فتمتلئ عينه من النقد ، ثم يكاشفه من المنح والعطايا في الدنيا ما يتحقق بمقام الشوق من غير الشوق إلى ما بعد الموت .
وأنكر بعضهم مقام الشوق وقال إنما يكون الشوق لغائب ، ومتى يغيب الحبيب عن الحبيب حتى يشتاق ؟
ولهذا سئل الأنطاكي عن الشوق فقال : إنما يشتاق إلى الغائب وما غبت عنه منذ وجدته .
وإنكار الشوق على الإطلاق لا أرى له وجها ، لان رتب العطايا والمنح من أنصبة القرب إذا كانت غير متناهية . كيف ينكر الشوق من المحب فهو غير غائب وغير مشتاق بالنسبة إلى ما وجد ، ولكن يكون مشتاقا إلى ما لم يجد من أنصبة القرب ، فكيف يمنح حال الشوق والأمر هكذا .
ووجه آخر ، أن الإنسان لا بد له من أمور يردها حكم الحال لموضع بشريته وطبيعته ، وعدم وقوفه على حد العلم الذي يقتضيه حكم الحال ، ووجود هذه الأمور مثير لنار الشوق ، ولا نعنى بالشوق إلى مطالبة تنبعث من
" 570 "
الباطن إلى الأولى والأعلى من أنصبة القرب ، هذه المطالبة كائنة في المحبين ، فالشوق إذا كائن لا وجه لإنكاره ، وقد قال قوم : شوق المشاهدة واللقاء أشد من شوق البعد والغيبوبة ، فيكون في حال الغيبوبة مشتاقا إلى اللقاء ، ويكون في حال اللقاء والمشاهدة مشتاقا إلى زوائد ومبار من الحبيب وأفضاله ، وهذا هو الذي أراه وأختاره .
وقال فارس : قلوب المشتاقين منورة بنور اللّه ، فإذا تحركت اشتياقا أضاء النور ما بين المشرق والمغرب ، فيعرضهم اللّه على الملائكة فيقول : هؤلاء المشتاقون إلى أشهدكم أني إليهم أشوق .
وقال أبو يزيد : لو أن اللّه حجب أهل الجنة عن رؤيته لاستغاثوا من الجنة كما يستغيث أهل النار من النار .
سئل ابن عطاء عن الشوق فقال : هو احتراق الحشا ، وتلهب القلوب ، وتقطع الأكباد من البعد بعد القرب .
سئل بعضهم : هل الشوق أعلى أم المحبة ، فقال : المحبة ، لان الشوق يتولد منها ، فلا مشتاق إلا من غلبة الحب ، فالحب أصل ، والشوق فرع .
وقال النصر أبادى : للخلق كلهم مقام الشوق لا مقام الاشتياق ، ومن دخل في حال الاشتياق هام فيه حتى لا يرى له اثر ولا قرار .
ومنها الأنس ، وقد سئل الجنيد عن الأنس فقال : ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة .
وسئل ذو النون عن الانس فقال : هو انبساط المحب إلى المحبوب .
قيل : معناه قول الخليل ( أرني كيف تحيى الموتى ) وقول موسى ( أرني أنظر إليك ) وأنشد لرويم :
" 571 "
شغلت قلبي بما لديك فلا *** ينفك طول الحياة عن فكر
آنستنى منك بالوداد فقد *** أوحشتنى من جميع ذا البشر
ذكرك لي مؤنس يعارضني *** يوعدني عنك منك بالظفر
وحيثما كنت يا مدى همسى *** فأنت منى بموضع النظر
وروى أن مطرف بن الشخير كتب إلى عمر بن عبد العزيز : ليكن أنسك باللّه ، وانقطاعك إليه ، فإن للّه عبادا استأنسوا باللّه وكانوا في وحدتهم أشد استئناسا من الناس في كثرتهم ، وأوحش ما يكون الناس آنس ما يكونون ، وآنس ما يكون الناس أوحش ما يكونون .
قال الواسطي : لا يصل إلى محل الأنس من لم يستوحش من الأكوان كلها .
وقال أبو الحسين الوراق : لا يكون الأنس باللّه إلا ومعه التعظيم ، لأن كل من استأنست به سقط عن قلبك تعظيمه إلا اللّه تعالى فإنك لا تتزايد به أنسا إلا ازددت منه هيبة وتعظيما .
قالت رابعة : كل مطيع مستأنس ، وأنشدت :
ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي * وأبحت جسمي من أراد جلوسى
فالجسم منى للجليس مؤانس * وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسى
وقال مالك بن دينا ( من لم يأنس ، بمحادثة اللّه عن محادثة المخلوقين فقد قل علمه ، وعمى قلبه ، وضيع عمره ) .
قيل لبعضهم : من معك في الدار ؟ قال : اللّه تعالى معي ، ولا يستوحش من أنس بربه .
وقال الخراز : الأنس محادثة الأرواح مع المحبوب في مجالس القرب .
" 572 "
ووصف بعض العارفين صفة أهل المحبة الواصلين فقال : جدد لهم الود في كل طرفة بدوام الاتصال ، وآواهم في كنفه بحقائق السكون إليه ، حتى أنت قلوبهم ، وحنت أرواحهم شوقا ، وكان الحب والشوق منهم إشارة من الحق إليهم عن حقيقة التوحيد وهو الوجود باللّه ، فذهبت مناهم ، وانقطعت آمالهم عنده لما بان منه لهم .
ولو أن الحق تعالى أمر جميع الأنبياء يسألون لهم ما سالوه عن بعض ما أعد لهم من قديم وحدانيته ودوام أزليته ، وسابق علمه ، وكان نصيبهم معرفتهم به ، وفراغ همهم عليه ، واجتماع أهوائهم فيه ، فصار يحسدهم من عبيدهم العموم أن رفع عن قلوبهم جميع الهموم .
وأنشد في معناه :
كانت لقلبى أهواء مفرقة * فاستجمعت إذ رأتك النفس أهوائى
فصار يحسدني من كنت أحسده * وصرت مولى الورى مذ صرت مولائى
تركت للناس دنياهم ودينهم * شغلا بذكرك يا ديني ودنيائى
وقد يكون من الانس الأنس بطاعة اللّه وذكره وتلاوة كلامه ، وسائر أبواب القربات ، وهذا القدر من الانس نعمة من اللّه تعالى ومنحه منه ، ولكن ليس هو حال الأنس الذي يكون للمحبين .
والانس حال شريف يكون عند طهارة الباطن ، وكنسه بصدق الزهد ، وكمال التقوى ، وقطع الأسباب والعلائق ، ومحو الخواطر والهواجس ، وحقيقته عندي كنس الوجود بثقل لائح العظمة ، وانتشار الروح في ميادين الفتوح ، وله استقلال بنفسه يشتمل على القلب ، فيجمعه به عن الهيبة ، وفي الهيبة اجتماع الروح ورسوبه إلى محل النفس .
وهذا الذي وصفناه من أنس الذات وهيبة الذات كون في مقام البقاء بعد العبور على ممر الفناء ، وهما غير الأنس والهيبة اللذين يذهبان بوجود
" 573 "
الفناء ، لأن الهيبة والأنس قبل الفناء ظهرا من مطالعة الصفات من الجلال والجمال ، وذلك مقام التلوين ، وما ذكرناه بعد الفناء في مقام التمكين والبقاء من مطالعة الذات.
ومن الأنس خضوع النفس المطمئنة، ومن الهيبة خشوعها والخضوع والخشوع يتقاربان ويفترقان بفرق لطيف يدرك بإيماء الروح.
ومنها القرب . قال اللّه تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ .
وقد ورد (أقرب ما يكون العبد من ربه في سجوده ) فالساجد إذا أذيق طعم السجود يقرب ، لأنه يسجد ويطوى بسجوده بساط الكون ما كان وما يكون ، ويسجد على طرف رداء العظمة فيقرب .
قال بعضهم : إني لا أجد الحضور فأقول يا اللّه أو يا رب فأجد ذلك على أثقل من الجبال .
قيل : ولم ؟ قال : لأن النداء يكون من وراء حجاب ، وهل رأيت جليسا ينادى جليسه ، وإنما هي إشارات وملاحظات ومناغات وملاطفات .
وهذا الذي وصفه مقام عزيز متحقق فيه القرب ، ولكنه مشعر بمحو ، ومؤذن بسكر ، يكون ذلك لمن غابت نفسه في نور روحه ، لغلبة سكره ، وقوة محوه ، فإذا صحا وأفاق تتخلص الروح من النفس ، والنفس من الروح ، ويعود كل من العبد إلى محله ومقامه ، فيقول يا اللّه ويا رب بلسان النفس المطمئنة ، العائدة إلى مقام حاجتها ومحل عبوديتها .
والروح تستقل بفتوحه وبكمال الحال عن الأقوال ، وهذا أتم وأقرب من الأول ، لأنه وفي حق القرب باستقلال الروح بالفتوح ، وأقام رسم العبودية بعود حكم النفس إلى محل الافتقار ، وحظ القرب لا يزال يتوفر نصيب الروح بإقامة رسم العبودية من النفس .
" 574 "
وقال الجنيد : إن اللّه تعالى يقرب من قلوب عباده على حسب ما يرى من قرب قلوب عباده منه ، فانظر ماذا يقرب من قلبك .
وقال أبو يعقوب السوسي : ما دام العبد يكون بالقرب لم يكن قريبا حتى يغيب عن رؤية القرب بالقرب ، فإذا ذهب عن رؤية القرب بالقرب فذلك قرب . وقد قال قائلهم :
قد تحققتك في السر *** فناجاك لساني
فاجتمعنا لمعان *** وافترقنا لمعان
إن يكن غيبك التع *** ظيم عن لحظ عياني
فلقد صيرك الوجد *** من الأحشاء داني
قال ذو النون : ما ازداد أحد من اللّه قربة إلا ازداد هيبة .
وقال سهل : أدنى مقام من مقامات القرب الحياء .
وقال النصر اباذى : باتباع السنة تنال المعرفة ، وبأداء الفرائض تنال القربة ، وبالمواظبة على النوافل تنال المحبة .
ومنها الحياء ، والحياء على الوصف العام والوصف الخاص ، فأما الوصف العام فما أمر به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قوله: ( استحيوا من اللّه حق الحياء ، قالوا : إنا نستحي يا رسول اللّه ، قال : ليس ذلك ، ولكن من استحيا من اللّه حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وليذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من اللّه حق الحياء.)
وهذا الحياء من المقامات .
وأما الحياء الخاص فمن الأحوال ، وهو ما نقل عن عثمان رضي اللّه عنه أنه قال : إني أغتسل في البيت المظلم فأنطوى حياء من اللّه .
" 575 "
أخبرنا أبو زرعة عن ابن خلف عن أبي عبد الرحمن قال سمعت أبا العباس البغدادي يقول سمعت أحمد السقطي بن صالح يقول سمعت محمد بن عبدون يقول سمعت أبا العباس المؤدب يقول : قال لي سري : احفظ عني ما أقول لك : عن الحياء والأنس يطوفان بالقلب ، فإذا وجدا فيه الزهد والورع حطا ، وإلا رحلا .
والحياء إطراق الروح إجلالا لعظم الجلال ، والأنس التذاذ الروح بكمال الجمال ، فإذا اجتمعنا فهو الغاية في المنى والنهاية في العطاء .
وأنشد شيخ الإسلام :
اشتاقه فإذا بدا أطرقت من إجلاله * لا خيفة بل هيبة وصيانة لجماله
الموت في إدباره ، والعيش في إقباله * وأصد عنه إذا بدا ، وأروم طيف خياله
قال بعض الحكماء : من تكلم في الحياء ولا يستحي من اللّه فيما يتكلم به فهو مستدرج .
وقال ذو النون : الحياء وجود الهيبة في القلب مع حشمة ما سبق منك إلى ربك .
وقال ابن عطاء : العلم الأكبر الهيبة والحياء ، فإن ذهب عنه الهيبة والحياء فلا خير فيه .
وقال أبو سليمان : إن العباد عملوا على أربع درجات : على الخوف ، والرجاء ، والتعظيم ، والحياء ، وأشرفهم منزلة من عمل على الحياء ، لما أيقن أن اللّه تعالى يراه على كل حال استحيا من حسناته أكثر مما استحيا العاصون من سيآتهم .
وقال بعضهم : الغالب على قلوب المستحيين الإجلال والتعظيم دائما عند نظر اللّه إليهم . ومنها الاتصال .
" 576 "
قال النوري : الاتصال مكاشفات القلوب ، ومشاهدات الأسرار .
وقال بعضهم : الاتصال وصول السر إلى مقام الذهول .
وقال بعضهم : الاتصال أن لا يشهد العبد غير خالقه ، ولا يتصل بسره خاطر لغير صانعه .
وقال سهل بن عبد اللّه : حركوا بالبلاء فتحركوا ، ولو سكنوا اتصلوا .
وقال يحيى بن معاذ الرازي : العمال أربعة : تائب ، وزاهد ، ومشتاق ، وواصل ، فالتائب محجوب بتوبته ، والزاهد محجوب بزهده ، والمشتاق محجوب بحاله ، والواصل لا يحجبه عن الحق شيء .
وقال أبو سعيد القرشي : الواصل الذي يصله اللّه فلا يخشى عليه القطع أبدا ، المتصل الذي بجهده يتصل ، وكلما دنا انقطع . وكأن هذا الذي ذكره حال المريد والمراد ، لكون أحدهما مبادأ بالكشوف ، وكون الآخر مردود إلى الاجتهاد .
وقال أبو يزيد : الواصلون في ثلاثة أحرف : همهم للّه ، وشغلهم في اللّه ، ورجوعهم إلى اللّه .
وقال السياري : الوصول مقام جليل ، وذلك أن اللّه تعالى إذا أحب عبدا أن يوصله اختصر عليه الطريق ، وقرب إليه البعيد .
وقال الجنيد : الواصل هو الحاصل عند ربه .
وقال رويم : أهل الوصول أوصل اللّه إليهم قلوبهم فهم محفوظو القوى ، ممنوعون من الخلق أبدا .
" 577 "
وقال ذو النون : ما رجع من رجع إلا من الطريق ، وما وصل إليه أحد فرجع عنه .
واعلم أن الاتصال والمواصلة أشار إليه الشيوخ . وكل من وصل إلى صفو اليقين بطريق الذوق والوجدان فهو من رتبة الوصول ، ثم يتفاوتون ، فمنهم من يجد اللّه بطريق الأفعال ، وهو رتبة في التجلي ، فيفنى فعله وفعل غيره ، لوقوفه مع فعل اللّه ، ويخرج في هذه الحالة من التدبير والاختيار ، وهذه رتبة في الوصول .
ومنهم من يوقف في مقام الهيبة والأنس بما يكاشف قلبه به من مطالعة الجمال والجلال ، وهذا تجلى طريق الصفات ، وهو رتبة في الوصول .
ومنهم من ترقى لمقام الفناء ، مشتملا على باطنه أنوار اليقين والمشاهدة ، مغيبا في شهوده عن وجوده ، وهذا ضرب من تجلى الذات لخواص المقربين ، وهذا المقام رتبة في الوصول .
وفوق هذا حق اليقين ، ويكون ذلك في الدنيا للخواص لمح ، وهو سريان نور المشاهدة في كلية العبد ، حتى يحظى به روحه وقلبه ونفسه حتى قالبه ، وهذا من أعلى رتب الوصول ، فإذا تحققت الحقائق يعلم العبد مع هذه الأحوال الشريفة أنه بعد في أول المنزل ، فأين الوصول ، هيهات منازل طريق الوصول لا تقطع أبدا الآباد في عمر الآخرة الأبدي ، فكيف في العمر القصير الدنيوي .
ومنها القبض والبسط ، وهما حالان شريفان .
قال اللّه تعالى : . . . وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ [سورة البقرة : الآية 245 .]
وقد تكلم فيهما الشيوخ وأشاروا بإشارات هي علامات القبض والبسط ، ولم أجد كشفا عن حقيقتهما لأنهم اكتفوا بالإشارة ،
" 578 "
والإشارة تقنع الأهل . وأحببت أن أشبع الكلام فيها لعله يتشوق إلى ذلك طالب ويحب بسط القول فيه واللّه أعلم .
واعلم أن القبض والبسط لهما موسم معلوم ووقت محتوم ، لا يكونان قبله ولا يكونان بعده ، ووقتهما وموسمهما في أوائل حال المحبة الخاصة لا في نهايتها ، ولا قبل حال المحبة الخاصة . فمن هو في مقام المحبة العامة الثابتة بحكم الإيمان لا يكون له قبض ولا بسط ، وإنما يكون له خوف ورجاء ، وقد يجد شبه حال القبض وشبه حال البسط ويظن ذلك قبضا وبسطا وليس هو ذلك ، وإنما هو هم يعتريه فيظنه قبضا ، واهتزاز نفساني ونشاط طبيعي يظنه بسطا .
والهم والنشاط يصدران من محل النفس ومن جوهرها لبقاء صفاتها ، وما دامت صفة الإمارة فيها بقية على النفس يكون منها الاهتزاز ، والنشاط والهم وهج ساجور النفس ، والنشاط ارتفاع موج النفس عند تلاطم بحر الطبع ، فإذا ارتقى من حال المحبة العامة إلى أوائل المحبة الخاصة يصير ذا حال وذا قلب وذا نفس لوامة ، ويتناوب القبض والبسط فيه عند ذلك ، لأنه ارتقى من رتبة الإيمان إلى رتبة الإيقان وحال المحبة الخاصة ، فيقبضه الحق تارة ويبسطه أخرى .
قال الواسطي : يقبضك عما لك ويبسطك فيما له .
وقال النوري : يقبضك بإياك ويبسطك لإياه .
واعلم أن وجود القبض لظهور صفة النفس وغلبتها ، وظهور البسط لظهور صفة القلب وغلبته ، والنفس ما دامت لوامة فتارة مغلوبة وتارة غالبة ، والقبض والبسط باعتبار ذلك منها ، وصاحب القلب تحت حجاب نوراني لوجود قلبه ، كما أن صاحب النفس تحت حجاب ظلماني لوجود نفسه ، فإذا ارتقى من القلب وخرج من حجابه لا يقيده الحال ولا يتصرف
" 579 "
فيه ، فيخرج من تصرف القبض والبسط حينئذ ، فلا يقبض ولا يبسط ما دام متخلصا من الوجود النوراني الذي هو القلب ، ومتحققا بالقرب من غير حجاب النفس والقلب ، فإذا عاد إلى الوجود من الفناء والبقاء يعود إلى الوجود النوراني الذي هو القلب ، فيعود القبض والبسط إليه عند ذلك ، ومهما تخلص إلى الفناء والبقاء فلا قبض ولا بسط .
قال فارس : أولا القبض ثم البسط ، ثم لا قبض ولا بسط ، لأن القبض والبسط يقع في الوجود ، فأما مع الفناء والبقاء فلا .
ثم إن القبض قد يكون عقوبة الإفراط في البسط ، وذلك أن الوارد من اللّه تعالى ، يرد على القلب فيمتلئ القلب منه روحا وفرحا واستبشارا ، فتسترق النفس السمع عند ذلك وتأخذ نصيبها ، فإذا وصل أثر الوارد إلى النفس طغت بطبعها ، وأفرطت في البسط حتى تشاكل البسط نشاطا ، فتقابل بالقبض عقوبة ، وكل القبض إذا فتش لا يكون إلا من حركة النفس وظهورها بصفتها ، ولو تأدبت النفس وعدلت ولم تجر بالطغيان تارة وبالعصيان أخرى ، ما وجد صاحب القلب القبض ، وما دام روحه وأنسه ورعاية الاعتدال الذي يسد باب القبض ملتقى من قوله تعالى : لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ [سورة الحديد : الآية 23 .]
فوارد الفرح ما دام موقوفا على الروح والقلب لا يكثف ولا يستوجب صاحبه القبض ، لا سيما إذا لطف بالفرح بالوارد بالإيواء إلى اللّه ، وإذا لم يلتج بالإيواء إلى اللّه تعالى ، تطلعت النفس وأخذت حظها من الفرح ، وهو الفرح بما أتى الممنوع منه ، فمن ذلك القبض في بعض الأحايين ، وهذا من ألطف الذنوب الموجبة للقبض ، وفي النفس من حركاتها وصفاتها وثبات متعددة موجبة للقبض ، ثم الخوف والرجاء لا يعدمهما صاحب القبض والبسط ، ولا صاحب الانس
والهيبة ، لأنهما من ضرورة الإيمان فلا ينعدمان .
" 580 "
وأما القبض والبسط فينعدمان عند صاحب الإيمان لنقصان الحظ من القلب ، وعند صاحب الفناء والبقاء والقرب لتخلصه من القلب . وقد يرد على الباطن قبض وبسط ولا يعرف بسببهما ، ولا يخفى سبب القبض والبسط إلا على قليل الحظ من العلم الذي لم يحكم علم الحال ولا علم المقام .
ومن أحكم علم الحال والمقام لا يخفى عليه سبب القبض والبسط ، وربما يشتبه عليه سبب القبض والبسط ، كما يشتبه عليه الهم بالقبض والنشاط بالبسط ، وإنما علم ذلك لمن استقام قلبه ، ومن عدم القبض والبسط وارتقى منهما فنفسه مطمئنة ، لا تنقدح من جوهرها نار توجب القبض ، ولا يتلاطم بحر طبعها من أهوية الهوى حتى يظهر منه البسط ، وربما صار لمثل هذا القبض والبسط في نفسه لا من نفسه ، فتكون نفسه المطمئنة بطبع القلب فيجرى القبض والبسط في نفسه المطمئنة وما لقلبه قبض ولا بسط ، لأن القلب متحصن بشعاع نور الروح ، مستقر في دعة القرب ، فلا قبض ولا بسط .
ومنها الفناء والبقاء .
قد قيل : الفناء أن يفنى عن الحظوظ فلا يكون له في شيء حظ ، بل يفنى عن الأشياء كلها شغلا بمن فنى فيه .
وقد قال عامر بن عبد اللّه : لا أبالي امرأة رايت أم حائطا .
ويكون محفوظا فيما للّه عليه ، مصروفا عن جميع المخافات ، والبقاء يعقبه ، وهو أن يفنى عما له ويبقى بما للّه تعالى .
وقيل : الباقي أن تصير الأشياء كلها له شيئا واحدا ، فيكون كل حركاته في موافقة الحق دون مخالفته ، فكان فانيا عن المخالفات ، باقيا في الموافقات . وعندي أن هذا الذي ذكره هذا القائل هو مقام صحة التوبة النصوح ، وليس من الفناء والبقاء في شيء .
" 581 "
ومن الإشارة إلى الفناء ما روى عن عبد اللّه بن عمر أنه سلم عليه إنسان وهو في الطواف فلم يرد عليه ، فشكاه إلى بعض أصحابه ،
فقال له : كنا نتراءى اللّه في ذلك المكان .
وقيل : الفناء وهو الغيبة عن الأشياء ، كما كان فناء موسى حين تجلى ربه للجبل .
وقال الخراز : الفناء هو التلاشى بالحق ، والبقاء هو الحضور مع الحق .
وقال الجنيد : الفناء استعجام الكل عن أوصافك ، واشتغال الكل منك بكليته .
وقال إبراهيم بن شيبان : علم الفناء والبقاء يدور على إخلاص الوحدانية وصحة العبودية ، وما كان غير هذا فهو من المغاليط والزندقة .
وسئل الخراز : ما علامة الفاني ؟ قال : علامة من ادعى الفناء ذهاب حظه من الدنيا والآخرة إلا من اللّه تعالى .
وقال أبو سعيد الخراز : أهل الفناء في الفناء صحتهم أن يصحبهم علم البقاء ، وأهل البقاء في البقاء صحتهم أن يصحبهم علم الفناء .
واعلم أن أقاويل الشيوخ في الفناء والبقاء كثيرة ، فبعضها إشارة إلى فناء المخالفات وبقاء الموافقات ، وهذا تقتضيه التوبة النصوح ، فهو ثابت بوصف التوبة ، وبعضها يشير إلى زوال الرغبة والحرص والأمل ، وهذا يقتضيه الزهد ، وبعضها إشارة إلى فناء الأوصاف المذمومة وبقاء الأوصاف المحمودة ، وهذا يقتضيه تزكية النفس .
وبعضها إشارة إلى حقيقة الفناء المطلق ، وكل هذه الإشارات فيها معنى الفناء من وجه ، ولكن الفناء المطلق هو ما يستولى من أمر الحق سبحانه
" 582 "
وتعالى على العبد ، فيغلب كون الحق سبحانه وتعالى على كون العبد ، وهو ينقسم إلى فناء ظاهر وفناء باطن .
فأما الفناء الظاهر فهو أن يتجلى الحق سبحانه وتعالى بطريق الأفعال ، ويسلب عن العبد اختياره وإرادته ، فلا يرى لنفسه ولا لغيه فعلا إلا بالحق ، ثم يأخذ في المعاملة مع اللّه تعالى بحسبه ، حتى سمعت أن بعض من أقيم في هذا المقام من الفناء كان يبقى أياما لا يتناول الطعام والشراب حتى يتجرد له فعل الحق فيه ، ويقيض اللّه تعالى له من يطعمه ، ومن يسقيه كيف شاء وأحب ، ولهذا لعمري فناء لأنه فنى عن نفسه وعن الغير ، نظر إلى فعل اللّه تعالى بفناء فعل غير اللّه .
والفناء الباطن أن يكاشف تارة بالصفات ، وتارة بمشاهدة آثار عظمة الذات ، فيستولى على باطنه أمر الحق ، حتى لا يبقى له هاجس ولا وسواس .
وليس من ضرورة الفناء أن يغيب إحساسه ، وقد يتفق غيبة الإحساس لبعض الأشخاص وليس ذلك من ضرورة الفناء على الإطلاق .
وقد سألت الشيخ أبا محمد بن عبد اللّه البصري وقلت له : هل يكون بقاء المتخيلات في السر ووجود الوسواس من الشرك الخفي ؟
وكان عندي أن ذلك من الشرك الخفي ، فقال لي : هذا يكون في مقام الفناء ، ولم يذكر أنه هل هو من الشرك الخفي أم لا .
ثم ذكر حكاية مسلم بن يسار أنه كان في الصلاة فوقعت أسطوانة في الجامع فانزعج لهدتها أهل السوق ، فدخلوا المسجد فرأوه في الصلاة ولم يحس بالأسطوانة ووقوعها ، فهذا هو الاستغراق والفناء باطنا .
ثم قد يتسع وعاؤه حتى لعله يكون متحققا بالفناء ومعناه روحا وقلبا ، ولا يغيب عن كل ما يجرى عليه من قول وفعل ، ويكون من أقسام
" 583 "
الفناء أن يكون في كل فعل وقول مرجعه إلى اللّه وينتظر الإذن في كليات أموره ليكون في الأشياء باللّه لا بنفسه .
فتارك الاختيار منتظر لفعل الحق فان ، وصاحب الانتظار لإذن الحق في كليات أموره راجع إلى اللّه بباطنه في جزئياتها فان ، ومن ملكه اللّه تعالى اختياره وأطلقه في التصرف يختار كيف شاء وأراد لا منتظرا للفعل ولا منتظرا للإذن ، هو باق ، والباقي في مقام لا يحجبه الحق عن الخلق ، ولا الخلق عن الحق ، والفاني محجوب بالحق عن الخلق والفناء الظاهر لأرباب القلوب والأحوال والفناء الباطن لمن أطلق عن وثاق الأحوال وصار باللّه لا بالأحوال ، وخرج من القلب فصار مع مقلبه لا مع قلبه .
.
عبدالله المسافر يعجبه هذا الموضوع
الباب الحادي والستون في ذكر الأحوال وشرحها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي :: تعاليق
لا يوجد حالياً أي تعليق

» الباب الثاني والستون في شرح كلمات مشيرة إلى بعض الأحوال في اصطلاح الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثالث والستون في ذكر شيء من البدايات والنهايات وصحتها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي عشر في شرح حال الخادم ومن يتشبه به .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي والأربعون في آداب الصوم .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي والثلاثون في ذكر الأدب ومكانه من التصوف .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثالث والستون في ذكر شيء من البدايات والنهايات وصحتها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي عشر في شرح حال الخادم ومن يتشبه به .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي والأربعون في آداب الصوم .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي والثلاثون في ذكر الأدب ومكانه من التصوف .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» مطلب في غذاء الجسم وقت الخلوة وتفصيله .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» بيان في مجيء رسول سلطان الروم قيصر إلى حضرة سيدنا عمر رضي الله عنه ورؤية كراماته ج 1 .كتاب شرح المثنوي المعنوي بالمنهج القوي للشيخ يوسف ابن أحمد المولوي
» مطلب في كيفية انسلاخ الروح والتحاقه بالملأ الأعلى .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب الذكر في الخلوة .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في الرياضة .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في الزهد والتوكل .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في وجوب طلب العلم ومطلب في الورع .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب العزلة .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» بيان قصة الأسد والوحوش و الأرنب في السعي والتوكل والجبر والاختيار ج 1 .كتاب شرح المثنوي المعنوي بالمنهج القوي للشيخ يوسف ابن أحمد المولوي
» مطلب إذا أردت الدخول إلى حضرة الحق .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في بيان أن الدنيا سجن الملك لا داره .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في الاستهلاك في الحق .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في السفر .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب ما يتعيّن علينا في معرفة أمهات المواطن ومطلب في المواطن الست .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في بيان أن الطرق شتى وطريق الحق مفرد .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في السلوك إلى اللّه .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في كيفية السلوك إلى ربّ العزّة تعالى .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» مطلب في المتن .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» موقع فنجال اخبار تقنية وشروحات تقنية وافضل التقنيات الحديثه والمبتكره
» فصل في وصية للشّارح ووصية إياك والتأويل فإنه دهليز الإلحاد .كتاب الإسفار عن رسالة الانوار فيما يتجلى لأهل الذكر من أنوار
» بيان حكاية سلطان يهودي آخر وسعيه لخراب دين سيدنا عيسى وإهلاك قومه ج 1 .كتاب شرح المثنوي المعنوي بالمنهج القوي للشيخ يوسف ابن أحمد المولوي
» فهرس الموضوعات .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثالث والستون في ذكر شيء من البدايات والنهايات وصحتها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» حكاية سلطان اليهود الذي قتل النصارى واهلكهم لاجل تعصبه ج 1 .كتاب شرح المثنوي المعنوي بالمنهج القوي للشيخ يوسف ابن أحمد المولوي
» الباب الثاني والستون في شرح كلمات مشيرة إلى بعض الأحوال في اصطلاح الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي والستون في ذكر الأحوال وشرحها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مقدمة الشارح الشيخ يوسف ابن أحمد المولوي ج 1 .كتاب شرح المثنوي المعنوي بالمنهج القوي للشيخ يوسف ابن أحمد المولوي
» الباب الستون في ذكر إشارات المشايخ في المقامات على الترتيب قولهم في التوبة .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب التاسع والخمسون في الإشارات إلى المقامات على الاختصار والإيجار .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» حكاية ذلك الرجل البقال والطوطي (الببغاء) واراقة الطوطی الدهن في الدكان ج 1 .كتاب شرح المثنوي المعنوي بالمنهج القوي للشيخ يوسف ابن أحمد المولوي
» الباب الثامن والخمسون في شرح الحال والمقام والفرق بينهما .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب السابع والخمسون في معرفة الخواطر وتفصيلها وتمييزها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» عشق السلطان لجارية وشرائه لها ومرضها وتدبير السلطان لها ج 1 .كتاب شرح المثنوي المعنوي بالمنهج القوي للشيخ يوسف ابن أحمد المولوي
» الباب السادس والخمسون في معرفة الإنسان نفسه ومكاشفات الصوفية من ذلك .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الخامس والخمسون في آداب الصحبة والأخوة .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الرابع والخمسون في أدب حقوق الصحبة والأخوة في اللّه تعالى .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثالث والخمسون في حقيقة الصحبة وما فيها من الخير والشر .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثاني والخمسون في آداب الشيخ وما يعتمده مع الأصحاب والتلامذة .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي والخمسون في آداب المريد مع الشيخ .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الخمسون في ذكر العمل في جميع النهار وتوزيع الأوقات .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب التاسع والأربعون في استقبال النهار والأدب فيه والعمل .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» فهرس الموضوعات بالصفحات موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د. رفيق العجم
» فهرس المفردات وجذورها موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د. رفيق العجم
» فهرس معجم مصطلحات الصوفية د. عبدالمنعم الحنفي
» مصطلحات حرف الياء .معجم مصطلحات الصوفية د.عبدالمنعم الحنفي
» مصطلحات حرف الهاء .معجم مصطلحات الصوفية د.عبدالمنعم الحنفي
» فهرس المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة د. سعاد الحكيم
» مصطلحات حرف الألف الجزء الثالث .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف الألف الجزء الثاني .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف الألف الجزء الأول .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الثامن والأربعون في تقسيم قيام الليل .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب السابع والأربعون في أدب الانتباه من النوم والعمل بالليل .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف الصاد .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف الشين .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب السادس والأربعون في ذكر الأسباب المعينة على قيام الليل وأدب النوم .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الخامس والأربعون في ذكر فضل قيام الليل .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف السين .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف الراء .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف الدال .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الرابع والأربعون في ذكر أدبهم في اللباس ونياتهم ومقاصدهم فيه .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثالث والأربعون في آداب الأكل .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثاني والأربعون في ذكر الطعام وما فيه من المصلحة والمفسدة .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي والأربعون في آداب الصوم .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف الخاء .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف الحاء .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الأربعون في اختلاف أحوال الصوفية بالصوم والإفطار .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب التاسع والثلاثون في فضل الصوم وحسن أثره .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» القصائد من 81 إلى 90 الأبيات 1038 إلى 1158 .مختارات من ديوان شمس الدين التبريزي الجزء الاول مولانا جلال الدين الرومي
» مصطلحات حرف الجيم .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الثامن والثلاثون في ذكر آداب الصلاة وأسرارها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب السابع والثلاثون في وصف صلاة أهل القرب .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» القصائد من 71 إلى 80 الأبيات 914 إلى 1037 .مختارات من ديوان شمس الدين التبريزي الجزء الاول مولانا جلال الدين الرومي
» مصطلحات حرف التاء الجزء الثاني .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف التاء الجزء الأول .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب السادس والثلاثون في فضيلة الصلاة وكبر شأنها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الخامس والثلاثون في آداب أهل الخصوص والصوفية في الوضوء وآداب الصوفية بعد القيام بمعرفة الأحكام .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف الباء .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف العين الجزء الثاني .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف العين الجزء الأول .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الرابع والثلاثون في آداب الوضوء وأسراره .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثالث والثلاثون في آداب الطهارة ومقدماتها .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف القاف .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الثاني والثلاثون في آداب الحضرة الإلهية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الحادي والثلاثون في ذكر الأدب ومكانه من التصوف .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف الميم الجزء الثالث .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» مصطلحات حرف الميم الجزء الثاني .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الثلاثون في تفصيل أخلاق الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب التاسع والعشرون في أخلاق الصوفية وشرح الخلق .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف الميم الجزء الأول .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الثامن والعشرون في كيفية الدخول في الأربعينية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب السابع والعشرون في ذكر فتوح الأربعينية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف الطاء .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب السادس والعشرون في خاصية الأربعينية التي يتعاهدها الصوفية .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الخامس والعشرون في القول في السماع تأدبا واعتناء .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف الزاي .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم
» الباب الرابع والعشرون في القول في السماع ترفعا واستغناء .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» الباب الثالث والعشرون في القول في السماع ردا وإنكارا .كتاب عوارف المعارف لشهاب الدين عمر السهروردي
» مصطلحات حرف الذال .موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي د.رفيق العجم