المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة سبأ .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم الجزء الثالث من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 1
05042021
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة سبأ .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة شبأ .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
( 34 ) سورة سبا مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 1 إلى 2 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ( 1 ) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ( 2 )
[ إشارة لا تفسير : على الإنسان أن يعلم ما يلج في أرض طبيعته ]
- إشارة لا تفسير - على الإنسان أن يعلم ما يلج في أرض طبيعته من بذر ما بذر اللّه فيها حين سواها وعدلها ، وما يخرج منها من العبارات عما فيها ، والأفعال العملية الصناعية على مراتبها ، لأن الذي يخرج عن الأرض مختلف الأنواع ، وذلك زينة الأرض ، فما يخرج عن أرض طبيعة الإنسان وجسده فهو زينة له ، من فصاحة في عبارة وأفعال صناعية محكمة ، كما يعلم ما ينزل من سماء عقله ، بما ينظر فيه من شرعه في معرفة ربه ، وذلك هو التنزيل الإلهي على قلبه ، وما يعرج فيها من كلمه الطيب على براق العمل الصالح الذي يرفعه إلى اللّه ، كما قال تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ )وهو ما خرج من الأرض( وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )وهو ما أخرجته الأرض أيضا ، فالذي ينزل من السماء هو الذي يلج في الأرض ، والذي يخرج من الأرض ، وهو ما ظهر عن الذي ولج فيها ، هو الذي يعرج في السماء ، فعين النازل هو عين الوالج ، وعين الخارج هو عين العارج .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 3 إلى6 ]
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ( 3 ) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ( 4 ) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ( 5 ) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ( 6 )
ص 422
" وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ".
وانسب إلى الباري ما قال وما *** جاء به شرع ولكن ابتدأ
مما لو أن العقل يبقى وحده *** ما قاله معتقدا وقدّا
فإن يكن بعد سؤال قاله *** فهو دواء وهو بالبرهان دا
فالحق ما قرره الشرع ولو *** دل على كل محال وبدا
فالمؤمن الحق بهذا مؤمن *** وكل من أوله قد اعتدى
لأنه ظن وبعض الظن قد *** يكون إثما قائدا نحو الردى
« وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ »فإن معاملة الحق وعبادته لا تدرك بالاجتهاد ، بل بما يشرعه الحق ويبيّنه ، لما كان قدره مجهولا وما ينبغي لجلاله غير معلوم .
[ سورة سبإ ( 34 ): الآيات 7 إلى 10 ]
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ( 7 ) أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ ( 8 ) أَ فَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ( 9 ) وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ( 10 )
ص 422
[إشارة : القلوب القاسية يلينها الزجر والوعيد ]
« وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا
- الوجه الأول - لما كانت عطاياه تعالى للأنبياء والرسل عليهم السلام اختصاصا إلهيا ، فهي مواهب ليست جزاء ، ولا يطلب عليها منهم جزاء فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال ، قال تعالى في حق داود« وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا »فلم يقرن به جزاء يطلبه منه ، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء ،
- الوجه الثاني - « وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا »أي معرفة به سبحانه لا يقتضيها عمله ، فلو اقتضاها عمله لكانت جزاء ، ووهب له فضلا سليمان عليه السلام فقال ( وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ ) « يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ »
- لغة : لا يكون ما بعد النداء أبدا إلا منصوبا ، إما لفظا وإما معنى ، ولهذا عطف بالمنصوب على الموضع
في قوله تعالى :« وَالطَّيْرَ »بالنصب ، عطفا على موضع الجبال وإن كان مرفوعا في اللفظ في أوقات ، ولهذا قرئ أيضا والطير بالرفع ؛ قال تعالى في حق داود فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع الجبال معه بالتسبيح ، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها ، وكذلك الطير« وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ »
- إشارة -« وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ »القلوب القاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد ، وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة ، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها ، وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية ، تنبيها من اللّه ، أي لا يتّقى الشيء إلا بنفسه ، لأن الدرع يتّقى بها السنان والسيف والسكين والنصل ، فاتقيت الحديد بالحديد ،
فجاء الشرع المحمدي ب [ أعوذ بك منك ] فهذا روح تليين الحديد ، فهو المنتقم الرحيم .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 11 إلى 13 ]
أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 11 ) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ ( 12 ) يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (13).
ص 423
لما طلب الحق الشكر على العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ، ليشكر الآل على ما أنعم به على داود ، فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال ، وفي حق آله غير ذلك لطلب المعاوضة ،
فقال تعالى :« اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً »هذا هو الشكر العملي ببذل ما عندهم من نعم اللّه على المحتاجين من عباده ، فإن الشكر منه لفظي وعلمي وعملي .
[ « وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ » الآية ]
« وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ »
يعني المبالغة في الشكر لجهلهم بالنعم أنها نعم يجب الشكر عليها ، والشكور من عباد اللّه ببنية المبالغة هم خاصة اللّه ، الذين يرون جميع ما يكون من اللّه في حقهم وفي حق عباده نعمة إلهية ، سواء سرّهم ذلك أم ساءهم فهم يشكرون على كل حال ، وهذا الصنف قليل بالوجود وبتعريف اللّه إيانا بقلتهم ، فإنهم يعملون ما تعيّن على جميع الأعضاء والقوى الظاهرة والباطنة في كل حال بما يليق به ، وفي كل زمان بما يليق به ، مما أمر به اللّه تعالى ، والمبالغة في الشكر هو أن يشكر اللّه حق الشكر ، وذلك بأن يرى النعمة منه ، ذكر ابن ماجة في سننه حديثا وهو
[ أن اللّه سبحانه وتعالى أوحى إلى موسى اشكرني حق الشكر ، فقال موسى عليه السلام : ومن يقدر على ذلك يا رب ؟
فقال له : إذا رأيت النعمة مني فقد شكرتني ]
فمن لا يرى النعمة إلا منه فقد شكره حق الشكر ، ألا تراها من الأسباب التي سدلها بينك وبينه عند إرداف النعم ، وهذا هو الشكر العلمي ، وأما الشكر اللفظي فهو الثناء على اللّه بما يكون منه ، وأما الشاكرون من العباد فهم الذين يشكرون اللّه على المسمى نعمة في العرف خاصة ، لما بشّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بأن اللّه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر تنفل حتى تورمت قدماه ،
فسئل في ذلك فقال : [ أفلا أكون عبدا شكورا ] وعبادة الشكر عبادة مغفول عنها ، ولهذا قال تعالى :« وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ »وما بأيدي الناس من عبادة الشكر على النعماء إلا قولهم : الحمد للّه والشكر للّه ، لفظ ما فيه كلفة ، وأهل اللّه يزيدون على مثل هذا اللفظ العمل بالأبدان والتوجه بالهمم ، قال تعالى :« اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً »
ولم يقل قولوا ، والأمة المحمدية أولى بهذه الصفة من كل أمة ،
إذ كانت خير أمة أخرجت للناس فقال تعالى :« وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ »ببنية المبالغة ، ليعم شكر التكليف وشكر التبرع ،
فشكر التبرع [ أفلا أكون عبدا شكورا ] قول النبي صلّى اللّه عليه وسلم ، وشكر التكليف ما وقع به الأمر مثل ( واشكروا اللّه ) ( واشكروا نعمة اللّه ) وبين الشكرين ما بين الشكورين .
ص 424
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 14 إلى 19 ]
فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ ( 14 ) لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ( 15 ) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ( 16 ) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ ( 17 ) وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ( 18 ) فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ( 19 )
« وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ »هم أهل سبأ ، وتفرقهم معلوم .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 20 إلى21 ]
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 20 ) وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ( 21 )
[ « وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ » الآية ]
« وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ »الحفظ الذي يعلمه اللّه ، لا الحفظ العرضي ، فإن اللّه تعالى ما رأيناه يحفظ على كل عين صورتها ، بل الواقع غير ذلك وهو مطلق الحفظ ، فليس الحفظ ما يتخيل من حفظ الصور على أعيانها ، ولكنه حفظ التغيير والاستحالات ، فالحافظ
ص 425
يحفظ على كل شيء حكم التغيير ، وحفظ اللّه للعالم إنما هو لبقاء الثناء عليه بلسان المحدثات ، بالتنزيه عما هي عليه من الافتقار ، فلم يكن الحفظ للاهتمام به ولا للعناية ، بل ليكون مجلاه ، وليظهر أحكام أسمائه ، والحفظ لا يكون إلا ممن لا يغالب على محفوظه ولا يقاوى على حفظه ، فلا يزال العالم محفوظا باللّه ، ولا يزال حافظا له ، فلو انقطع الحفظ لزال العالم .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 22 إلى 23 ]
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ( 22 ) وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ( 23 )
[ الصلاة على الميت شفاعة من المصلي عليه ]
" وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ "
وقد أذن اللّه تعالى لنا بالصلاة على الميت ، وهو لا يأذن وفي نفسه أن لا يقبل سؤال السائل ، فقد أذن لنا أن نشفع فيه بالصلاة عليه ، فقد تحققنا الإجابة بلا شك ، والصلاة على الميت شفاعة من المصلي عليه عند ربه ، ولا تكون الشفاعة إلا لمن ارتضى الحق أن يشفع فيه ، ولم يرتض سبحانه من عباده إلا العصاة من أهل التوحيد ، سواء كان عن دليل أو إيمان ، ولهذا شرع تلقين الميت ليكون الشفيع على علم بتوحيد من يشفع فيه ، وكل من قال إن الميت إذا كان من أهل الصلاة عليه وصلي عليه لا تقبل الشفاعة فما عنده خبر جملة واحدة ، لا واللّه ،
بل ذلك الميت سعيد بلا شك ، ولو كانت ذنوبه عدد الرمل والحصى والتراب ، أما المختصة باللّه من ذلك فمغفورة ، وأما ما يختص بمظالم العباد فإن اللّه يصلح بين عباده يوم القيامة ، فعلى كل حال لا بد من الخير ولو بعد حين ، ولهذا ينبغي للمصلي على الميت إذا شفع في صلاته عند اللّه أن لا يخص جناية بعينها ، وليعم ذكره ما ينطلق عليه به أنه مسيء إساءة تحول بينه وبين سعادته ، وليسأل اللّه التجاوز عن سيئاته مطلقا ،
وأن يعترف عن الميت بجميع السيئات ، وإن لم يحضر المصلي التعميم في ذلك فإن اللّه إن شاء عمه بالتجاوز ، وإن شاء عامل الميت بحسب ما وقعت فيه الشفاعة من الشافع ، ولهذا ينبغي للمصلي على الميت أن يسأل اللّه له في التخليص من العذاب ،
ص 426
لا في دخول الجنة ، لأنه ما ثمّ دار ثالثة ، إنما هي جنة أو نار ، وذلك أنه إن سأل في دخول الجنة لا غير فإن اللّه يقبل سؤاله فيه ، ولكن قد يرى في الطريق أهوالا عظاما ، فلهذا ينبغي أن تكون شفاعة المصلي في أن ينجي اللّه من صلى عليه مما يحول بينه وبين العافية واستصحابها له ، فإن ذلك أنفع في حق الميت ، واللّه أسأل لنا ولإخواننا إذا جاء أجلنا أن يكون المصلي علينا عبدا محبوبا عند ربه ، يكون الحق سمعه وبصره ولسانه ، لنا ولإخواننا وأولادنا وآبائنا وأهلينا ومعارفنا وجميع المسلمين من الجن والإنس ، آمين بعزته وكرمه .
واعلم أيدنا اللّه وإياك بروح منه أن الملائكة أرواح في أنوار أو لو أجنحة ، وأن نزول الوحي على قلوب الملائكة ، والقلب هو المدبر للجسد ، فاشتغل القلب بما نزل إليه ليتلقاه فغاب عن تدبير بدنه ، فسمي بذلك غشيا وصعقا ، فإذا تكلم اللّه بالوحي على صورة خاصة وتعلقت به أسماعهم كأنه سلسلة على صفوان ، وهو وحي إجمالي ،
وقد أخبر النبي صلّى اللّه عليه وسلم عن الملائكة في طريان هذا الحال فقال : [ إن الملائكة إذا تكلم اللّه بالوحي كأنه سلسلة على صفوان ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا - أي لهذا التشبيه - فتصعق الملائكة ، وهو أشد الوحي ، فيصعقون ما شاء اللّه ثم ينادون فيفيقون ]
وهو قوله تعالى في حقهم حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ )وهو إفاقتهم من صعقتهم ، وهنا يقع التفصيل فيما أجمل ، فأخبر اللّه عنهم
- الوجه الأول -« قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ »وهنا وقف ، فيقول بعضهم لبعض وهو قوله تعالى« قالُوا الْحَقَّ »وهو من قول الملائكة . –
- الوجه الثاني - « قالُوا ما ذا ؟ »وهنا وقف ، فاستفهموا بعد صعقتهم أي يقول بعضهم لبعض« ما ذا ؟ » « قالَ »أي فيقول بعضهم
أو قال القائل :« رَبُّكُمْ »وهنا وقف ، إعلاما بأن كلامه عين ذاته ،
فيقول بعضهم وهو قوله :« قالُوا »لهذا القائل« الْحَقَّ »أي الحق يقول ، بالنصب ، أي قال الحق كذا علمناه
- الوجه الثالث - لما أفاقوا وزال الخطاب الإجمالي المشبه وزالت البديهة« قالُوا ما ذا ؟ »وهنا وقف ، ثم يجيبهم فقال لهم :« رَبُّكُمْ »وهو قوله :" قالَ رَبُّكُمْ "، فما صعقوا عند هذا القول بل ثبتوا و( قالُوا الْحَقَّ ) أي قال الحق ، أي قال ربنا القول الحق ، يعنون ما فهموه من الوحي أو قوله« قالَ رَبُّكُمْ »أو هما معا وهو الصحيح« وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ "
- الوجه الأول - أن يكون هذا من قول الملائكة قالوا« وَهُوَ الْعَلِيُّ »عن هذا النزول« الْكَبِيرُ »عن هذا التشبيه في هذه النسبة ، وهي كسلسلة على صفوان ،
أي« وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ »عن هذا
ص 427
التشبيه ، ولكن هكذا نسمع ، فجاءوا في ذكرهم بالاسم العلي في كبريائه إن كان من قولهم ، فإنه محتمل أن يكون قول اللّه« وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ »أو يكون حكاية الحق عن قولهم ، والعالون الذين قال اللّه فيهم لإبليس لما أبى السجود( أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ )
هم الذين قالوا لهؤلاء الملائكة الذين أفاقوا« رَبَّكُمُ »
*وهم الذين نادوهم ، وهم العالون ، فلهذا جاء بالاسم العلي ، فمن علم أن للملائكة قلوبا أو علم القلوب ما هي علم أن اللّه تعالى ما أسمعهم في الوحي الذي أصعقهم إلا ما يناسب من الوحي ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) ومن هذه الآية علمنا بتفاضل الملائكة في العلم باللّه على بعضهم ، وهو قولهم وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ ) أي في العلم باللّه ،
وذلك لما ورد من الاستفهام في قول من قال منهم« ما ذا »
*وقد رفعت التهمة عنهم فيما بينهم ، وتصديق بعضهم بعضا ، وانصباغ بعضهم بما عند بعض مما يكون عليه ذلك البعض من صورة العلم باللّه ، فيفيد بعضهم بعضا ، وذلك قوله عنهم :" قالُوا الْحَقَّ " ابتداء ، ولم ينازعوا عندما قال لهم المسؤول« رَبَّكُمُ »
*، ثم أقيموا في( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) فلم يروه إلا في الهوية ، وهي ما غاب عنهم من الحق في عين ما تجلى ، وتلك الهوية هي روح صورة ما تجلى ، فنسبوا إليها أعني إلى الهوية من( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )العلو فقالوا :« وَهُوَ الْعَلِيُّ »
*عن التقييد في صورة ما تجلى لهم« الْكَبِيرُ » *من الكبرياء عن الحصر ، فهو العظيم بذاته ، بخلاف الأسباب المعظمة ، وهو الكبير واضع الأسباب ، وأمرنا بتعظيمها ، ومن لا عظمة له ذاتية لنفسه فعظمته عرض في حكم الزوال ، فالكبير على الإطلاق من غير تقييد ولا مفاضلة هو اللّه
- الوجه الثاني - في هذه الآية انته كلام الملائكة عند قوله :« ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ »ثم يقول تعالى : أي فقال اللّه :« وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ »فهو من قول اللّه لا من قول الملائكة ، أي هذه النسبة من حيث هويته ، ومن هذه الآية يظهر عجز الملائكة عن معرفة اللّه تعالى .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 24 إلى 26 ]
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( 24 ) قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( 25 ) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ( 26 )
ص 428
من الفتح الإلهي النصر على الأعداء والقهر لهم ، والرحمة بالأولياء والعطف عليهم .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 27 إلى 28 ]
قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 27 ) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 28 )
"وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً »من الكفت وهو الضم" لِلنَّاسِ »فضمت شريعته جميع الناس ، فلا يسمع به أحد إلا لزمه الإيمان به ، وضمت شريعته الجن والإنس فعم بشريعته الإنس والجن ، وكانت باللسان العربي فعم كل لسان ، فنقل شرعه بالترجمة فعم اللغات ، ولم يكن ذلك لغيره صلّى اللّه عليه وسلم ، وكانت الأنبياء في العالم نواب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، لأن الناس من آدم إلى آخر إنسان ، وقد أبان صلّى اللّه عليه وسلم عن هذا المقام بأمور ،
منها قوله صلّى اللّه عليه وسلم [ واللّه لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ]
وقوله في نزول عيسى ابن مريم في آخر الزمان :
إنه يؤمنا - أي يحكم فينا - بسنة نبينا عليه السلام ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ولو كان محمد صلّى اللّه عليه وسلم قد بعث في زمان آدم لكانت الأنبياء وجميع الناس تحت حكم شريعته إلى يوم القيامة حسا ،
فجميع الأنبياء هم أرساله ونوابه في الأرض لغيبة جسمه ، ولو كان جسمه موجودا ما كان لأحد شرع معه ، ولهذا لم يبعث عامة إلا هو خاصة ،
فهو الملك والسيد ، وكل رسول سواه فبعث إلى قوم مخصوصين ، فلم تعم رسالة أحد من الرسل سوى رسالته صلّى اللّه عليه وسلم ،
فمن زمان آدم عليه السلام إلى زمان بعث محمد صلّى اللّه عليه وسلم إلى يوم القيامة ملكه ، وتقدمه في الآخرة على جميع الرسل وسيادته فمنصوص على ذلك في الصحيح عنه ، مثل قوله :
[ أنا سيد الناس يوم القيامة ] بإخباره إيانا بالوحي الذي أوحي به إليه ،
وقوله : [ أنا سيد ولد آدم ولا فخر ] بالراء وفي رواية بالزاي وهو التبجح بالباطل ، فثبتت له السيادة والشرف على أبناء جنسه من البشر ، فمحمد صلّى اللّه عليه وسلم بعث إلى الناس كافة بالنص ،
ولم يقل : أرسلناك إلى هذه الأمة خاصة ، ولا إلى أهل هذا الزمان إلى يوم القيامة خاصة ، وإنما أخبره أنه مرسل إلى الناس كافة ، والناس من آدم إلى يوم القيامة ، فقال صلّى اللّه عليه وسلم : [ كنت نبيا وآدم بين الماء
ص 429
والطين ] فأعلم بنبوته ،
فكان الرسل والأنبياء عليهم السلام نوابه حتى ظهوره بجسمه صلّى اللّه عليه وسلم ، فإنه لمّا لم يتقدم في عالم الحس وجود عينه صلّى اللّه عليه وسلم أولا ، نسب كل شرع إلى من بعث به ، وهو في الحقيقة شرع محمد صلّى اللّه عليه وسلم ،
وإن كان مفقود العين من حيث لا يعلم ذلك ، كما هو مفقود العين الآن وفي زمان نزول عيسى عليه السلام ، والحكم بشرعه ، فجميع الشرائع التي كانت في الأمم فهي شرائع محمد صلّى اللّه عليه وسلم بأيدي نوابه ، فإنه المبعوث إلى الناس كافة ،
وما يلزم رؤية شخصه ، فكما وجّه في زمان ظهور جسمه عليا ومعاذا إلى اليمن لتبليغ الدعوة ، كذلك وجّه الرسل والأنبياء إلى أممهم من حين كان نبيا وآدم بين الماء والطين ، فدعا الكل إلى اللّه تعالى ،
فالناس أمته من آدم إلى يوم القيامة ، وجميع الرسل نوابه بلا شك ، فلما ظهر بنفسه لم يبق حكم إلا له ، ولا حاكم إلا رجع إليه ، وأما نسخ اللّه بشرعه جميع الشرائع فلا يخرج هذا النسخ ما تقدم من الشرائع أن تكون من شرعه ، فإن اللّه قد أشهدنا في شرعه الظاهر المنزل به صلّى اللّه عليه وسلم في القرآن والسنة النسخ ، مع إجماعنا واتفاقنا على أن ذلك المنسوخ شرعه الذي بعث به إلينا ، فنسخ بالمتأخر المتقدم ، فكان تنبيها لنا هذا النسخ الموجود في القرآن والسنة على أن نسخه لجميع الشرائع المتقدمة لا يخرجها عن كونها شرعا له ،
وكان نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان حاكما بغير شرعه أو بعضه الذي كان عليه في زمان رسالته ، وحكمه بالشرع المحمدي المقرر اليوم دليلا على أنه لا حكم لأحد اليوم من الأنبياء عليهم السلام مع وجود ما قرره صلّى اللّه عليه وسلم في شرعه ، ويدخل في ذلك ما هم عليه أهل الذمة من أهل الكتاب ، ما داموا يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإن حكم الشرائع على الأحوال فخرج من هذا المجموع كله أنه ملك وسيد على جميع بني آدم ، وأن جميع من تقدمه كان ملكا له وتبعا ، والحاكمون فيه نواب عنه ، فبعثته العامة إشعار بأن جميع ما تقدمه من الشرائع بالزمان إنما هو من شرعه ، فنسخ ببعثته منها ما نسخ وأبقى منها ما أبقى ، كما نسخ ما قد كان أثبته حكما ،
فإن قيل فقوله صلّى اللّه عليه وسلم : [ لا تفضلوني ]
فالجواب : نحن ما فضلناه بل اللّه فضله ، فإن ذلك ليس لنا ، وإن كان قد ورد ( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ )
لما ذكر الأنبياء عليهم السلام فهو صحيح ، فإنه قال فبهداهم وهداهم من اللّه ،
[ جميع الشرائع هي شرع محمد صلّى اللّه عليه وسلم بأيدي نوابه ]
وهو شرعه صلّى اللّه عليه وسلم ، أي الزم شرعك الذي ظهر به نوابك من إقامة الدين ولا تتفرقوا فيه ، فلم يقل : فبهم اقتده ، وفي قوله وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )تنبيه على أحدية الشرائع ،
ص 430
وقوله اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً )
*وهو الدين ، فهو مأمور باتباع الدين ، فإن الدين إنما هو من اللّه لا من غيره ،
وانظر قوله عليه السلام : [ لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ] فأضاف الاتباع إليه ، وأمر صلّى اللّه عليه وسلم باتباع الدين وهدى الأنبياء لا بهم ، فإن الإمام الأعظم إذا حضر لا يبقى لنائب من نوابه حكم إلا له ، فإذا غاب حكم النواب بمراسمه ، فهو الحاكم غيبا وشهادة ، ومن ذلك كونه صلّى اللّه عليه وسلم أوتي جوامع الكلم ، والعالم كلمات اللّه ، فقد آتاه اللّه الحكم في كلماته ، وعمّ وختم به الرسالة والنبوة ، كما بدأ به باطنا ختم به ظاهرا ، فله الأمر النبوي من قبل ومن بعد
- نصيحة - اعلم أن الرسل أعدل الناس مزاجا لقبولهم رسالات ربهم ، وكل شخص منهم قبل من الرسالة قدر ما أعطاه اللّه في مزاجه من التركيب ، فما من نبي إلا بعث خاصة إلى قوم معينين ، لأنه على مزاج خاص مقصور وإن محمدا صلّى اللّه عليه وسلم ما بعثه إلا برسالة عامة إلى جميع الناس كافة ، ولا قبل مثل هذه الرسالة إلا لكونه على مزاج يحوي على مزاج كل نبي ورسول ،
فهو أعدل الأمزجة وأكملها وأقوم النشآت ، فإذا علمت هذا وأردت أن ترى الحق على أكمل ما ينبغي أن يظهر به لهذه النشأة الإنسانية ،
فاعلم أنك ليس لك ولا أنت على مثل هذا المزاج الذي لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم ، وأن الحق مهما تجلى لك في مرآة قلبك فإنما تظهره لك مرآتك على قدر مزاجها وصورة شكلها ،
وقد علمت نزولك عن الدرجة التي صحت لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم في العلم بربه في نشأته ، فالزم الإيمان والاتباع ، واجعله أمامك مثل المرآة التي تنظر فيها صورتك وصورة غيرك ، فإذا فعلت هذا علمت أن اللّه تعالى لا بد أن يتجلى لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم في مرآته ، والمرآة لها أثر في ناظر الرائي في المرئي ، فيكون ظهور الحق في مرآة محمد صلّى اللّه عليه وسلم أكمل ظهور وأعدله وأحسنه ، لما هي مرآته عليه ،
فإذا أدركته في مرآة محمد صلّى اللّه عليه وسلم فقد أدركت منه كمالا لم تدركه من حيث نظرك في مرآتك ، ألا ترى في باب الإيمان وما جاء في الرسالة من الأمور التي نسب الحق لنفسه بلسان الشرع مما تحيله العقول ؟
ولولا الشرع والإيمان به لما قبلنا من ذلك من حيث نظرنا العقلي شيئا البتة ، بل نرده ابتداء ونجهّل القائل به ، فكما أعطاه بالرسالة والإيمان ما قصرت العقول التي لا إيمان لها عن إدراكها ذلك من جانب الحق ،
كذلك قصرت أمزجتنا ومرائي عقولنا عند المشاهدة عن إدراك ما تجلى في مرآة محمد صلّى اللّه عليه وسلم أن تدركه في مرآتها ، وكما آمنت به في الرسالة غيبا شهدته في هذا التجلي النبوي عينا ، فقد نصحتك وأبلغت لك في النصيحة ، فلا تطلب مشاهدة الحق
ص 431
إلا في مرآة نبيك صلّى اللّه عليه وسلم ، واحذر أن تشهده في مرآتك ، أو تشهد النبي وما تجلى في مرآته من الحق في مرآتك ، فإنه ينزل بك ذلك عن الدرجة العالية ،
فالزم الاقتداء والاتباع ، ولا تطأ مكانا لا ترى فيه قدم نبيك ، فضع قدمك على قدمه إن أردت أن تكون من أهل الدرجات العلى والشهود الكامل في المكانة الزلفى ،
وقد أبلغت لك في النصيحة كما أمرت ، واللّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 29 إلى 37 ]
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ( 29 ) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ ( 30 ) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ( 31 ) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ( 32 ) وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ( 33 )
وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ( 34 ) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ( 35 ) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 36 ) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ ( 37 )
ص 432
القربات إلى اللّه لا تعلم إلا من اللّه ، ليس للعقل فيها حكم بوجه من الوجوه ، فإذا شرع الشارع القربات فهي على حد ما شرع ، وما منع من ذلك أن يكون قربة فليس للعقل أن يجعلها قربة ،
لذلك قال تعالى :« إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ »
- إشارة - لم يحصل له أمان الغرفة ، إلا من قنع في شربه بالغرفة ، فمن اغترف نال الدرجات ، ومن شرب ليرتوي عمّر الدركات ، فما ارتوى من شرب ، وروي من اغترف غرفة بيده وطرب .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 38 إلى 39 ]
وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ ( 38 ) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ( 39 )
- الوجه الأول - الإنفاق إهلاك ، ومن أهلك شيئا فقد فقده ، وفي« يُخْلِفُهُ »قراءتان : بفتح الياء وضمها ، فبالفتح ما أنفقتم من شيء فإن اللّه يخلفه بهويته ، فإنه ما ينفق حتى يشهد العوض ، فهو إذا فقد الشيء لم يجده ، وإذا لم يجده وجد اللّه عنده ، فهو يخلفه ،
وهو قوله وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ )فحيث فنيت الأسباب يوجد اللّه ، وبالضم كما عاد الضمير على الشيء من يخلفه لا يخلف إلا مثله لا عينه ،
فإذا أنفق الإنسان فاللّه مخلف ، ومن أيقن بالخلف جاد بالأعطية ، وحتى على قراءة الضم فإنه يفيد المعنى الأول ،
فأي سبب يكون للمنفق بعد الإنفاق يسد مسد ما أنفقه ، من أمر ظاهر أو باطن ، حتى اليقين أو الاستغناء عن الأمر الذي كان يصل إليه بذلك الذي أنفقه في عين تحصيله لذلك الشيء ، فهو مجعول من هوية الحق ، أو هوية الحق ، فانظر يا أخي كيف جعل هويته خلفا من نفقتك ، وإنك أحييت من تصدقت عليه فأحياك اللّه به حياة أبدية ، لأنه إن لم يكن الحق حياتك فلا حياة ،
فإن قلت : لو كان ذلك لنصب الياء ورفع اللام ،
قلنا : الهوية عين الذات ، والهوية تخلف الشيء المتصدق به باسم إلهي تكون به حياة ذلك المنفق ، وأسماؤه
ص 433
ليست غيره ، ولكن هكذا تقع العبارة عنها لما يعقل في ذلك من اختلاف النسب ،
خرّج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان يقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا ]
ومعنى ذلك الحديث أن الملك الآخر الذي يقول : اللهم أعط ممسكا تلفا ، أي ما « 1 » أعطيت المنفق حتى يتلف ماله مثل صاحبه ،
فكأنه يقول : اللهم ارزق الممسك الإنفاق حتى ينفق ، فإن كنت لم تقدّر في سابق علمك أن ينفقه باختياره ، فاتلف ماله حتى تأجره فيه أجر المصاب فيصيب خيرا ، فإن الملائكة لسان خير ، فلا تدعو الملائكة بالشر على المؤمنين ، فهو دعاء خير بكل وجه
- الوجه الثاني -« وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ »إن أنفق ليبتني مجدا في ألسنة الخلق فهو لما أنفق .
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أبريل 2021 - 20:36 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة سبأ .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: تعاليق
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة شبأ .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
( 34 ) سورة سبا مكيّة
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 40 إلى 46 ]وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ ( 40 ) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ( 41 ) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ ( 42 ) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ ( 43 ) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ( 44 )
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ ( 45 ) قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ ( 46 )
________________________________________
( 1 ) ما : هنا اسم موصول أي الذي .
ص 434
" قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ »وهي أن تقوم من أجل اللّه ، إذا رأيت من فعل اللّه في كونه ما أمرك أن تقوم له فيه ، إما غيرة وإما تعظيما« أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى »فقوله في القيام مثنى ، باللّه ورسوله ، فإنه من أطاع الرسول قد أطاع اللّه ، فقمت للّه بكتاب أو سنة ، لا تقوم عن هوى نفس ولا غيرة طبيعية ولا تعظيم كوني« وَفُرادى »إما باللّه خاصة أو لرسوله خاصة ،
كما قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ لا أرى أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الحديث عني فيقول : أتل به عليّ قرآنا ؛ إنه واللّه لمثل القرآن أو أكثر ]
فقوله صلّى اللّه عليه وسلم [ أو أكثر ] في رفع المنزلة ، فإن القرآن بينه وبين اللّه فيه الروح الأمين ،
والحديث من اللّه إليه ، ومعلوم أن القرب في الإسناد أعظم من البعد فيه ، ولو بشخص واحد ينقص في الطريق ، فبهذا كان الحديث أكثر من القرآن ،
وغايته أن يكون إذا نزل عن هذه الطبقة مثله ، وما عدل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إلى الأكثرية إلا والأمر أكثر بلا شك ، فلا ينبغي لواعظ أن يخرج في وعظه عن الكتاب أو السنة
وقد يكون قوله :« مَثْنى »يريد به التعاون في القيام للّه تعالى في ذلك الأمر ، وصورة التعاون أن الشرع في نفس الأمر أنكر هذا الفعل ممن صدر عنه عليه ، فينبغي للعالم المؤمن أن يقوم مع المشرّع في ذلك فيعينه ، فيكون اثنان هو والشرع ، وفرادى أن يكون هذا المنكر لا يعلم أنه معين للشرع في إنكاره ووعظه ، فيقول قد انفردت بهذا الأمر ، وما هو إلا معين للشرع وللملك الذي يقول بلمته للفاعل لا تفعل ،
إذ يقول له الشيطان بلمته افعل ، فيكون مع الملك مثنى ، فإن الملك مكلّف بأن ينهى العبد الذي قد ألزمه اللّه به أن ينهاه فيما كلفه اللّه به أن ينهاه عنه ، فيساعده الإنسان على ذلك ، فيكون ممن قام للّه في ذلك مثنى ،
ويكون هذا الوعظ مع وعظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مثنى« ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ، إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ »ولا تكون الفكرة إلا في دليل على صدقه أنه رسول من عند اللّه ، وهذا يعني أنه يوصل إلى معرفة الرسول بالدليل .
[ سورة سبإ ( 34 ) : آية 47 ]
قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( 47 )
ص 435
[ "قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ » الآية ]
- الوجه الأول -« قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ »فيما بلغه عن اللّه إليهم« فَهُوَ لَكُمْ » « إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ »فإنه تعالى هو الذي استخدمه في التبليغ . واعلم أن أجر التبليغ على قدر ما ناله في البلاغ من المشقة من المخالفين له من أمته التي بعث إليها ، ولما قاساه ،
ولا يعلم قدر ذلك من كل رسول إلا اللّه ، واعلم أن اللّه تعالى له المنة على عباده بأن هداهم للإيمان برسله ، فوجب شكر اللّه وحلاوة الرسول ، فيضمنها اللّه عنهم بأن جعل أجر رسوله صلّى اللّه عليه وسلم عليه ،
وضم في ذلك الأجر ما يجب على المؤمنين من الحلاوة لما هداهم اللّه به ،
وذلك على نوعين :
النوع الواحد على قدر معرفتهم بمنزلته ممن أرسله إليهم وهو اللّه ، فإن اللّه تعالى فضّل بعضهم على بعض ،
والنوع الثاني على قدر ما جاء به في رسالته ، مما هو بشرى لصاحب تلك الصفة التي من قامت به كان سعيدا عند اللّه ،
فما كان ينبغي أن يقابله به ذلك الرجل هو الذي يعطيه الحق ، فإن ساوى حال المؤمن قدر الرسالة كان ، وإن قصر حاله عما تقتضيه تلك الرسالة من التعظيم فإن اللّه يكرمه ، لا ينظر إلى جهل الجاهل بتعظيم قدرها ، فيوفيه الحق تعالى على قدر علمه فيها ،
فانظر ما للرسول عليه السلام من الأجور ، فأجر التبليغ أجر استحقاق ، وأما من سأل من الصحابة عن أمر من الأمور ،
مما لم ينزل فيه قرآن ، فنزل فيه قرآن من أجل سؤاله ، فإن للرسول على ذلك السائل أجر استحقاق ينوب اللّه عنه فيه ، زائدا على الأجر الذي له من اللّه ، وأما من رد رسالته من أمته التي بعث إليها فإن له عند اللّه أيضا أجر المصيبة ، وللمصاب فيما يحب أجر ، فأجره على اللّه أيضا على عدد من رد ذلك من أمته ، بلغوا ما بلغوا ، وله من أجر المصاب أجر مصائب العصاة ، فإنه نوع من أنواع الرزايا في حقه ، فإنه ما جاء بأمر يطلب العمل به ، إلا والذي يترك العمل به قد عصى ، فللرسول أجر المصيبة والرزية ، وهذا كله على اللّه الوفاء به لكل رسول
- الوجه الثاني - « قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ »
فإن اللّه تعالى اختص محمدا صلّى اللّه عليه وسلم بفضيلة لم ينلها غيره من الرسل ،
فإنه تعالى قال لكل رسول( قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ )
*وعاد فضل هذه الفضيلة على أمته ، ورجع حكمه صلّى اللّه عليه وسلم إلى حكم الرسل قبله في إبقاء أجره على اللّه ، فأمره الحق أن يأخذ أجره الذي له على رسالته من أمته ، وهو أن يوادوا قرابته ،
فبعد أن قال تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم أن يقول لأمته ( لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً )
أي على تبليغ ما جئت به إليكم ( إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى )ولم يقل إنّه ليس له أجر على اللّه ولا إنّه
ص 437
بقي له أجر على اللّه ، وذلك ليجدد له النعم بتعريف ما يسرّ به فقيل له بعد هذا : قل لأمتك أمرا ما قاله رسول لأمته « قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ »فما أسقط الأجر عن أمته في مودتهم للقربى ،
وإنما رد ذلك الأجر بعد تعيينه عليهم ، فعاد ذلك الأجر عليهم الذي كان يستحقه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فيعود فضل المودة على أهل المودة ، فما يدري أحد ما لأهل المودة في قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من الأجر إلا اللّه .
[ سورة سبإ ( 34 ) : الآيات 48 إلى 54 ]
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ( 48 ) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ ( 49 ) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ( 50 ) وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ( 51 ) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ( 52 )
وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ( 53 ) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ( 54 )
.
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» تفسير الآيات من "01 - 78 " من سورة الرحمن .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 83 " من سورة يس .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 42 " من سورة عبس .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 45 " من سورة ق .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 88 " من سورة ص .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 83 " من سورة يس .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 42 " من سورة عبس .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 45 " من سورة ق .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 88 " من سورة ص .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله