المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
تفسير الآيات من "44 - 73 " من سورة الأحزاب .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم الجزء الثالث من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 1
05042021
تفسير الآيات من "44 - 73 " من سورة الأحزاب .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "44 - 73 " من سورة الأحزاب .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
( 33 ) سورة الأحزاب مدنيّة
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 44 ] تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ( 44 )
ص 404
" تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ »أي إذا وقع اللقاء بشر بالسلامة أنه لا يشقى بعد اللقاء أبدا . ، فلله رجال يلقونه في الحياة الدنيا ويبشرون بالسلام ، وثمّ من يلقاه إذا مات ، وثمّ من يلقاه عند البعث ، وثمّ من يلقاه في تفاصيل مواقف القيامة على كثرتها ، ومنهم من يلقاه بعد دخول النار وبعد عذابه فيها ، ومتى وقع اللقاء حيّاه اللّه بالسلام فلا يشقى بعد ذلك اللقاء ، فلهذا جعل السلام عند اللقاء ، ولم يعين وقتا مخصوصا لتفاوت الطبقات في لقائه ، فآخر لاق يلقاه المؤمن بوجوده خاصة ، فإنه قال بِالْمُؤْمِنِينَ )ولم يقيد فلا نقيد ، ثم قال :« وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً »كل أجر على قدر ما عنده من الإيمان ، وأقلهم أجرا ، المؤمن بوجود اللّه إلها إلى ما هو أعظم في الإيمان ، فصلاة اللّه رحمته بخلقه ، وصلاة الحق كائنة على كل موجود وهي عموم رحمته بمخلوقاته .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : الآيات 45 إلى 46 ]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ( 45 ) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (46)
[ الرسول صلّى اللّه عليه وسلم سراج منير ]
من شرط من يدعى الإجابة إلى ذلك ، وجعله بإلى في قوله« إِلَى اللَّهِ »وهو حرف غاية ، وهو انتهاء المطلوب ، فتضمنت حرف إلى أن المدعو لا بد أن يكون له سعي من نفسه إلى اللّه ، فقال تعالى« بِإِذْنِهِ »أي بأمره ،
لم يكن ذلك من نفسك ولا من عقلك ونظرك ، فافتقر المدعو إلى نور يكشف به ما يصده عن مطلوبه ، ويحرمه الوصول إليه لما دعاه ، مثل الشبه المضلة للإنسان في نظره إذا أراد القرب من اللّه بالعلم من حيث عقله ،
فجعل الحق شرعه سراجا منيرا ، يتبين لذلك المدعو بالسراج الطريق الموصلة إلى من دعاه إليه ؛ وجعل الرسول صلّى اللّه عليه وسلم« سِراجاً مُنِيراً »أي يظهر به للمدعو ما يمنعه من الوصول فيجتنبه على بصيرة ، ولما كان السراج مفتقرا إلى الإمداد بالدهن لبقاء الضوء ،
كان الرسول سراجا منيرا للإمداد الإلهي الذي هو الوحي ، وجعله منيرا أي ذا نور لما فيه من الاستعداد لقبول هذا الإمداد ، فهو صلّى اللّه عليه وسلم سراج منير ، لأن اللّه يمده بنور الوحي الإلهي في دعائه إلى اللّه عباده ،
فهو نور ممدود بإمداد إلهي لا بإمداد عقلي ، وهذا إجابة اللّه لرسوله صلّى اللّه عليه وسلم في دعائه بقوله لربه :
[ واجعلني نورا ] .
ص 405
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : الآيات 47 إلى 50 ]
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً ( 47 ) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً ( 48 ) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً ( 49 ) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ( 50 )
[ نكاح الهبة خاص برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ]
هذه الآية نص على نكاح الهبة أن ذلك خالص لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وهو له مشروع وهو حرام علينا ، فهذا مما اختص به محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، لأنه لما لم يكن في الأنكحة أفضل من نكاح الهبة ، لأنه لا عن عوض كالاسم الواهب الذي يعطي لينعم ، اختص به لفضله أفضل الخلق وهو محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، فنكاح الهبة خاص لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم حرام على الأمة بلا خلاف .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 51 ]
تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً ( 51 )
ص 406
زوجات النبي اللاتي كان يساوي بينهن في القسمة أربع : عائشة وحفصة وأم سلمة وزينت بنت جحش .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 52 ]
لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً ( 52 )
نزلت هذه الآية جبرا لأزواج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وإيثارا لهن ومراعاتهن بعد أن خيّرهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فاختاروه ، وكانت هذه الآية . من أشق آية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لقوله صلّى اللّه عليه وسلم : [ حبب إليّ من دنياكم ثلاث : النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة ]
فأبقى عليه تعالى رحمة به لما جعل في قلبه من حب النساء ملك اليمين ، وقوله تعالى :« وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ »تقوية للحكم بتحريم ذلك عليه ،
قالت عائشة [ ما كان اللّه ليعذب قلب نبيه صلّى اللّه عليه وسلم ، واللّه ما مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم حتى أحلّ له النساء ]« إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ »
جواريه صلّى اللّه عليه وسلم : مارية بنت شمعون القبطية ، ولدت له سيدنا إبراهيم عليه السلام ، وريحانة بنت زيد من بني قريظة من بني النضير .
[ « وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً » الآية ]
« وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً »
- الوجه الأول - هو معنى قوله تعالى( وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما )أي العالم الأعلى والأسفل ، فلا يزال الحق مراقبا لعالم الأجسام والجواهر العلوية والسفلية ، كلما انعدم منها عرض به وجوده خلق في ذلك الزمان عرضا مثله أو ضده يحفظه به من العدم في كل زمان ، فهو خلّاق على الدوام ، والعالم مفتقر إليه تعالى على الدوام افتقارا ذاتيا ، من عالم الأعراض والجواهر ، وهذه مراقبة الحق خلقه لحفظ الوجود عليه ، وهذه هي الشؤون التي عبر عنها في كتابه أنه كل يوم في شأن ، ولا يشغله شأن عن شأن
- الوجه الثاني - ومراقبة أخرى للحق في عباده ، وهي نظره إليهم فيما كلفهم من أوامره ونواهيه ورسم لهم من حدوده ، وهذه مراقبة كبرياء ووعيد ، فمنهم من وكل به من يحصي عليهم جميع ما يفعلونه ، مثل قوله ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )
ومثل قوله كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ )
وقوله سَنَكْتُبُ ما قالُوا )( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ )( وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )
*فهو سبحانه لا يغفل عن حالات عبده في حركاته وسكناته ، ولا يشغله عن مراقبته شيء ،
ص 407
وليس في الحضرات من يعطي التنبيه على أن الحق معنا بذاته في قوله وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ )إلا هذا الاسم الرقيب وهذه الحضرة ، لأنه على الحقيقة من الرقبى ، والرقبى أن تملك رقبة الشيء بخلاف العمرى ، فإذا ملكت رقبة الشيء تبعته صفاته كلها وما ينسب إليه ، والرقيب اسم فاعل« عَلى كُلِّ شَيْءٍ »
*وهو المرقب عليه ، فإنه المشهود لكل شيء ، فيرقب العبد في جميع حركاته وسكناته ، ويرقبه العبد في جميع آثاره في قلبه وخواطره وحركاته وحركات ما خرج عنه من العالم ، فأسعد العبيد من يراقب سيده مراقبة سيده إياه ، فيراقب الحق مراقبة عبده لمن يراقب ، فيكون معه بحيث يرى منه ، ومن ملك المراقبة كان له التصرف كيف شاء في المراقب ، فإن اللّه مع عبده حيث كان ، فالعبد وإن كان مقيدا بالشرع ، فإن الشرع قد جعله مسرّح العين في تصرفه ، ويحمده الميزان ويذمه ، والمراقب معه أينما كان من محمود ومذموم .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 53 ]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً ( 53 )
« وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ »وذلك ليس من صفات الخلق ، من لا يكون إلا ما يريد لا يستحي من العبيد ، فإن استحى في حال ما ، فلطلب الاسم المسمى.
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : الآيات 54 إلى 55 ]
إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ( 54 ) لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ( 55 )
ص 408
وهو رؤية عباده في حركاتهم وتصرفاتهم ، فشهوده لكل شيء هو إحسانه ، فإنه بشهوده يحفظه من الهلاك .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 56 ]
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ( 56 )
[ تميز النبي صلّى اللّه عليه وسلم بمرتبة لم تعط لأحد سواه]
قال اللّه تعالى :« هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ »فعمنا كلنا والنبي صلّى اللّه عليه وسلم من جملتنا ، وأفرد نفسه في ذلك كما أفرد ملائكته بالصلاة على العباد وفيهم النبي ، فلجميع الخلق توحيد الصلاة من اللّه وتوحيد الصلاة من الملائكة ، وخصّ النبي صلّى اللّه عليه وسلم وحده فيما أخبرنا به بقوله :« إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ »
فهي خصوص صلاة فإن الضمير في قوله :« يُصَلُّونَ »يجمع الحق والملائكة ، فتميز النبي صلّى اللّه عليه وسلم على سائر البشر بمرتبة لم يعطها أحد سواه ، بأن جمع له بصلاة جامعة اشترك فيها اللّه وملائكته ، ومعلوم أن الصلاة في الجمعية ما هي الصلاة في حال الإفراد فإن الحالتين متميزتان ، ففاز النبي صلّى اللّه عليه وسلم بهذه الصلاة ، فثبت شرفه صلّى اللّه عليه وسلم على سائر البشر في هذه المرتبة ،
فإنه شرف محقق الوجود بالتعريف ، وإن ساواه أحد ممن لم نعرّف به فذلك شرف إمكاني ، فتعين فضله بالتعيين على من لم يتعين ، وإن كان قد صلى عليه مثل هذا في نفس الأمر ولم نخبر ، فثبت له الفضل بكل حال ،
ويتضح في قوله تعالى :« إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ »أنه لو لم يكن من شرف الملائكة على سائر المخلوقات إلا جمع الضمير في« يُصَلُّونَ »بينهم وبين اللّه لكفاهم ، وما احتيج بعد ذلك إلى دليل آخر ، ونصب الملائكة بالعطف حتى يتحقق أن الضمير جامع للمذكورين قبل ،
ولا يتمكن للملائكة أن تلحق صلاة اللّه على عبده ، فإنها لا تتعدى مرتبتها ، فيكون الحق ينزل في هذه الصلاة إلى صلاة الملائكة لأجل الضمير الجامع ، فتكون صلاة اللّه على
ص 409
النبي من مقام صلاة الملائكة على النبي ،
ثم أمرنا تعالى أن نصلي عليه صلّى اللّه عليه وسلم فقال :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً »فأمرنا أن نصلي عليه بمثل هذه الصلاة الجامعة بصلاتنا عليه ، والصلاة على النبي في الصلاة وغيرها دعاء من العبد المصلي لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم بظهر الغيب ، وقد علّمنا كيف نصلي عليه أي كيف ندعو له ، وقد أمرنا أن ندعو له بالوسيلة والمقام المحمود ، وقد ورد في الصحيح عنه صلّى اللّه عليه وسلم [ أنه من دعا بظهر الغيب قال له الملك ولك بمثله وفي رواية ولك بمثليه ]
فشرع ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأمر بها ليعود هذا الخير من الملك على المصلي عليه من أمته صلّى اللّه عليه وسلم ، وأمر بالسلام عليه بقوله :« وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً »فأكده بالمصدر ، فقد يحتمل أن يريد بذلك السلام المذكور في التشهد ، ويحتمل أن يريد به السلام من الصلاة ، أي إذا فرغتم من الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه وسلم فسلموا من صلاتكم تسليما « 1 » ،
فالصلاة على النبي صلّى اللّه عليه وسلم في التشهد فرض ، والتعوذ من الأربع المأمور بها في التشهد واجب ، وهي أن يتعوذ من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ومن فتنة المحيا وفتنة الممات ومن فتنة المسيح الدجال ، ولو لم يأمر النبي صلّى اللّه عليه وسلم بالتعوذ منها لكان الاقتداء برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أولى ، إذ كان التعوذ منها من فعله ، فكيف وقد انضاف إلى فعله أمره أمته بذلك ؟
وأما التسليم من الصلاة فهو واجب ، والثابت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمتين ، سأل المؤمنون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن كيفية الصلاة التي أمرهم اللّه أن يصلوها عليه ،
فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ] أي مثل صلاتك على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، ويظهر من هذا الحديث فضل إبراهيم عليه السلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، إذ طلب أن يصلي عليه مثل الصلاة على إبراهيم ، فاعلم أن اللّه أمرنا بالصلاة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، ولم يأمرنا بالصلاة على آله في القرآن ،
وجاء الإعلام في تعليم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إيانا الصلاة عليه بزيادة الصلاة على الآل ، فما طلب صلّى اللّه عليه وسلم الصلاة من اللّه عليه مثل صلاته على إبراهيم من حيث أعيانهما ، فإن العناية الإلهية برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أتم ، إذ قد خصّ بأمور لم يخصّ بها نبي قبله لا إبراهيم ولا غيره ، وذلك من صلاته تعالى عليه ، فكيف يطلب الصلاة من اللّه عليه مثل صلاته على إبراهيم من حيث عينه ؟
إنما المراد من ذلك أن الصلاة على الشخص قد تصلى عليه من حيث عينه
________________________________________
( 1 ) راجع الإشارة في نهاية البحث .
ص 410
ومن حيث ما يضاف إليه غيره ، فكأن الصلاة عليه من حيث ما يضاف إليه غيره هي الصلاة من حيث المجموع ، إذ للمجموع حكم ليس للواحد إذا انفرد . واعلم أن آل الرجل في لغة العرب هم خاصته الأقربون ، وخاصة الأنبياء وآلهم هم الصالحون ، العلماء باللّه المؤمنون به ، وقد علمنا أن إبراهيم كان من آله أنبياء ورسل اللّه ، ومرتبة النبوة والرسالة قد ارتفعت في الشاهد في الدنيا ، فلا يكون بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في أمته نبي يشرع اللّه له بخلاف شرع محمد صلّى اللّه عليه وسلم ولا رسول ، وما منع المرتبة ولا حجرها من حيث لا تشريع ولا سيما وقد قال صلّى اللّه عليه وسلم فيمن حفظ القرآن ، إن النبوة قد أدرجت بين جنبيه أو كما قال صلّى اللّه عليه وسلم ، وقال في المبشرات إنها جزء من أجزاء النبوة ، فوصف بعض أمته بأنهم قد حصل لهم المقام وإن لم يكونوا على شرع يخالف شرعه ، وقد علمنا - بما قال لنا صلّى اللّه عليه وسلم - أنّ عيسى عليه السلام ينزل فينا حكما مقسطا عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ولا نشك قطعا أنه رسول اللّه ونبيه ، وهو ينزل بعده ، فله عليه السلام مرتبة النبوة بلا شك عند اللّه ، وما له مرتبة التشريع عند نزوله ،
فعلمنا بقوله صلّى اللّه عليه وسلم إنه [ لا نبي بعدي ولا رسول ] وأن النبوة قد انقطعت والرسالة ، إنما يريد بهما التشريع ، فلما كانت النبوة أشرف مرتبة وأكملها ، ينتهي إليها من اصطفاه اللّه من عباده ، علمنا أن التشريع في النبوة أمر عارض بكون عيسى عليه السلام ينزل فينا حكما من غير تشريع ، وهو نبي بلا شك ، فخفيت مرتبة النبوة في الخلق بانقطاع التشريع ، ومعلوم أن آل إبراهيم من النبيين والرسل الذين كانوا بعده ، مثل إسحاق ويعقوب ويوسف ومن انتسل منهم من الأنبياء والرسل بالشرائع الظاهرة الدالة على أن لهم مرتبة النبوة عند اللّه ، أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن يلحق أمته - وهم آله العلماء الصالحون منهم - بمرتبة النبوة عند اللّه وإن لم يشرعوا ، ولكن أبقى لهم من شرعه ضربا من التشريع ،
فقال : [ قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ] أي صل عليه من حيث ما له آل [ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ] أي من حيث أنك أعطيت آل إبراهيم النبوة تشريفا لإبراهيم ، فظهرت نبوتهم بالتشريع ، وقد قضيت أن لا شرع بعدي ، فصلّ عليّ وعلى آلي بأن تجعل لهم مرتبة النبوة عندك ، وإن لم يشرعوا ، فكان من كمال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن ألحق آله بالأنبياء في المرتبة ، وزاد على إبراهيم بأن شرعه لا ينسخ ، وبعض شرائع إبراهيم ومن بعده نسخت الشرائع بعضها بعضا ، وما علّمنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الصلاة عليه على هذه الصورة إلا بوحي من اللّه ،
ص 411
وبما أراه اللّه ، وأن الدعوة في ذلك مجابة ، فقطعنا أن في هذه الأمة من لحقت درجته درجة الأنبياء في النبوة عند اللّه لا في التشريع ، ولهذا بيّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأكد بقوله : [ فلا رسول بعدي ولا نبي ] فأكد بالرسالة من أجل التشريع ، فأكرم اللّه رسوله صلّى اللّه عليه وسلم بأن جعل آله شهداء على أمم الأنبياء ، كما جعل الأنبياء شهداء على أممهم ، ثم أنه خصّ هذه الأمة أعني علماءها ، بأن شرع لهم الاجتهاد في الأحكام ، وقرر حكم ما أداه إليه اجتهادهم ، وتعبدهم به وتعبد من قلدهم به ، كما كان حكم الشرائع للأنبياء ومقلديهم ، ولم يكن مثل هذا لأمة نبي ما لم يكن بوحي منزل ، فجعل اللّه وحي علماء هذه الأمة في اجتهادهم ،
كما قال لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ )فالمجتهد ما حكم إلا بما أراه اللّه في اجتهاده ، فهذه نفحات من نفحات التشريع ما هو عين التشريع ، فلآل محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، وهم المؤمنون من أمته العلماء ، مرتبة النبوة عند اللّه ، تظهر في الآخرة ، وما لها حكم في الدنيا إلا هذا القدر من الاجتهاد المشروع ، فلم يجتهدوا في الدين والأحكام إلا بأمر مشروع عند اللّه ، فإن اتفق أن يكون أحد من أهل البيت بهذه المثابة من العلم والاجتهاد ولهم هذه المرتبة كالحسن والحسين وجعفر وغيرهم من أهل البيت ، فقد جمعوا بين الأهل والآل ، فلا تتخيل أن آل محمد صلّى اللّه عليه وسلم هم أهل بيته خاصة ، ليس هذا عند العرب ، فإن الآل لا يضاف بهذه الصفة إلا للكبير القدر في الدنيا والآخرة ،
فلهذا قيل لنا قولوا : [ اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ] أي من حيث ما ذكرناه لا من حيث أعيانهما خاصة دون المجموع ، فهي صلاة من حيث المجموع ، وذكرناه لأنه تقدم بالزمان على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قد ثبت أنه سيد الناس يوم القيامة ، ومن كان بهذه المثابة عند اللّه ، كيف تحمل الصلاة عليه كالصلاة على إبراهيم من حيث أعيانهما ؟
فلم يبق إلا ما ذكرناه ، روي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال : [ علماء هذه الأمة كأنبياء سائر الأمم ]
وفي رواية [ أنبياء بني إسرائيل ] وإن كان إسناد هذا الحديث ليس بالقائم ، ولكن أوردناه تأنيسا للسامعين أن علماء هذه الأمة قد التحقت بالأنبياء في الرتبة ، وتلخيص ما ذكرناه هو أن يقول المصلي [ اللهم صل على محمد ]
بأن تجعل آله من أمته [ كما صليت على إبراهيم ] بأن جعلت آله أنبياء ورسلا في المرتبة عندك ،
[ وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ] بما أعطيتهم من التشريع والوحي ، فأعطاهم الحديث فمنهم المحدثون ، وشرع لهم الاجتهاد وقرره حكما شرعيا ،
ص 412
فأشبهت الأنبياء في ذلك - وهذا التفسير عن واقعة إلهية ، يقول رضي اللّه عنه ( أي الشيخ الأكبر ) .
وهذه مسئلة عظيمة جليلة القدر ، لم نر أحدا ممن تقدمنا تعرض لها ولا قال فيها مثل ما وقع لنا في هذه الواقعة ، إلا إن كان وما وصل إلينا ، فإن اللّه في عباده أخفياء لا يعرفهم سواه
- وجه آخر - لكي ننال ما ناله إبراهيم عليه السلام من الخلة على قدر ما يعطيه حالنا ، قال لنا : [ قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ] والمؤمنون آله
[ كما صليت على إبراهيم ] وما اختص به إلا الخلة ، فلما دعونا بها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أجاب اللّه دعاءنا فيه لنتخذ عنده يدا بذلك ، فصلى اللّه عنه علينا عشرا ، فقام تعالى عن نبيه صلّى اللّه عليه وسلم بالمكافأة ، عناية منه به عليه السلام وتشريفا لنا ، حيث لم تكمل المكافأة في ذلك لملك ولا غيره ،
فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم عن ذلك لما حصلت الإجابة من اللّه فيما دعوناه فيه لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم : [ لو كنت متخذ خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن صاحبكم ] يعني نفسه
[ خليل اللّه ]
ولو صحت له هذه الخلة من قبل دعاء أمته له بذلك لكان غير مفيد صلاتنا عليه ، أي دعاءنا له بذلك ، وحكم الخلة ما ظهر هنا ، وإنما يظهر ذلك في الآخرة ، ففي الآخرة تنال الخلة لظهور حكمها هناك ، وأما الذي يظهر منها هنا لوامع تبدو وتؤذن بأنه قد أهّل لها واعتنى به
- تحقيق - من غيرة اللّه أن تكون لمخلوق على مخلوق منة لتكون المنة للّه ، فما خلق مخلوقا إلا وجعل لمخلوق عليه يدا بوجه ما ،
فإن أراد الفخر مخلوق على مخلوق لما كان منه إليه ، نكس رأسه ما كان من مخلوق آخر إليه ، والأنبياء والرسل والكمل من العلماء باللّه لا يخطر لهم ذلك ، لمعرفتهم بحقائق الأمور وما ربط اللّه به العالم ، وما يستحقه جلاله مما ينبغي أن يفرد به ولا يشارك فيه ، فنصب الأسباب وأوقف الأمور بعضها على بعض لما تقتضيه الحكمة ،
فقال لرسوله صلّى اللّه عليه وسلم( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ )فهذا فخر ويد ومنة ، يتعرض فيها علة ومرض ، ولكن عصم اللّه نبيه من ذلك ، فجعل سبحانه في مقابلة هذه العلة دواء كما هي أيضا دواء لما هو لها دواء ،
فقال تعالى :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ »فإن افتخرنا بالصلاة عليه على طريق المنة ، وجدناه قد صلى علينا حين أمر بذلك ، وان تصوّر في الجواز العقلي أن يمتن بصلاته علينا ، منعته من ذلك صلاتنا عليه أن يذكر هذا ، مع كونه السيد الأعظم ،
ولكن لم يترك له سبحانه المنة على خلقه ، ليكون هو سبحانه المنعم الممتن على عباده بجميع ما هم فيه ، وما يكون منهم في حق اللّه من الوفاء
ص 413
[إشارة : مراتب الرجال في التسليم من الصلاة ]
بعهوده - إشارة - من قوله تعالى :« وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً »يريد به السلام من الصلاة . اعلم أن المسلّم من صلاته رجلان ، لهما طريقان ، فإن كانا في شخص واحد فقد جمعت له الحقيقتان ، فالعالي من سلّم لكونه انفصل عن أمر ما إلى أمر ما ، إلى اسم ما ، عن اسم آخر ، فيكون سلام توديع وإقبال ، إما من جليل إلى جلال ، أو من جميل إلى جمال ، والدون من سلّم على الرحمن وعلى الأكوان ، فسلامه على الرحمن لانفصاله ، وسلامه على الأكوان لرجوعه إليهم واتصاله ، ولهذا لا يسلم المصلي على يساره إلا إذا جاوره مثله ، فيظهر فيه ظلّه ،
ومن خرج عن هاتين الحقيقتين لم يصح سلامه ، ولا قبل كلامه ، فإنه لم يكن عند الحق فينفصل عنه بسلام ، ولم يغب عن الكون فيسلّم عليه عند الإلمام ، وهذه صلاة العوام ، بريئة من الكمال والتمام ، ليس لها انتظام ولا التحام .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 57 ]
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ( 57 )
« إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ »بالتكلم فيه بما لا ينبغي ، فوصف اللّه نفسه بأنه يؤذى ، ولم يؤاخذ عن أذاه في الوقت من آذاه ، فأمهلهم ولم يؤاخذهم ، وجعل له ذلك الأذى الاسم الصبور ، فوصف نفسه بالصبور ، وذكر لنا من يؤذيه وبما ذا يؤذيه ، وطلب من عباده رفع الأذى مع قدرته على أن لا يخلق فيهم ما خلق ، مع بقاء اسم الصبور عليه ، ليعلمنا أنا إذا شكونا إليه ما نزل بنا من البلاء ، أن تلك الشكوى إليه لا تقدح في نسبة الصبر إلينا ، فنحن مع هذه الشكوى إليه في رفع البلاء عنا صابرون ، كما هو صابر مع تعريفنا وإعلامه إيانا بمن يؤذيه وبما يؤذيه ، لننتصر له وندفع عنه ذلك وهو الصبور ، فمن كان عدوا للّه فهو عدو للمؤمن ،
وقد ورد في الخبر [ ليس من أحد أصبر على أذى من اللّه ] لكونه قادرا على الأخذ وما يأخذ ، ويمهل باسمه الحليم ،
وقد كذّب وشتم ورد في الصحيح [ شتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك ، وكذبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ]
( الحديث ) فقوله ولم يكن ينبغي له ذلك لما له عليه تعالى من فضل إخراجه من الشر الذي هو العدم إلى الخير الذي بيده تعالى وهو الوجود ، فكان التعريف بذلك ليرجع المكذب عن تكذيبه ، والشاتم عن شتمه ، فإن الدنيا موطن الرجوع والقبول منه ، والآخرة وإن كانت موطن الرجوع ولكن ليست بموطن قبول ، واتصف الحق بالصبر على أذى العبد ، وعرّف أهل الاعتناء من المؤمنين بذلك
ص 414
- صورة الشاكي - ليدفعوا عنه ذلك الأذى ، فيكون لهم من اللّه أعظم الجزاء ، فلا أرفع ممن يدفع عن اللّه أذى« إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ »أي أبعدهم ، واللعنة البعد ، وسببه وقوع الأذى منهم ، فوجبت عليهم اللعنة « وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً »لو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له من عدم مبالاة الحق بأهل الشقاء ، ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف اللّه نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعدّ له ، وقد قال في أهل الشقاء :" وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ".
=
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 58 ]
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ( 58 )
البهت أعظم من الجور .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 59 ]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ( 59 )
العورة في المرأة السوأتان فقط ، كما قال تعالى وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ )فسوّى بين آدم وحواء في ستر السوأتين وهما العورتان ، وإن أمرت المرأة بالستر فهو مذهبنا ، لا من كونها عورة وإنما ذلك حكم مشروع ورد بالستر ، ولا يلزم أن يستر الشيء لكونه عورةذ
أزواج النبي صلّى اللّه عليه وسلم : منهن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، ماتت قبل الهجرة ، وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضي اللّه عنهما ، ومنهن حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما ،
ومنهن أم سلمة واسمها هند بنت أمية بن المغيرة ابن عبد اللّه ابن مخزوم ، وهي آخر من مات من أزواجه بعده ،
ومنهن سودة بنت زمعة ابن عبد شمس بن عبد ودّ بن نضر بن مالك بن جابر بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر ، ومنهم أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان بن الحارث بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب ،
ومنهن زينت بنت جحش بن رباب بن أسد بن خزيمة ، وأمها عمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بنت عبد المطلب ، وهي أول من مات من أزواجه بعده ، وهي أول من
ص 415
حملت جنازتها على نعش ، ومنهن زينب بنت خزيمة وهي أم المساكين ، وهي من عبد مناف ابن هلال بن عامر بن صعصعة ، توفيت في حياته عليه السلام ، ومنهن ميمونة بنت الحارث ابن حرب بن بحر بن الحرص بن رومية بن عبد اللّه بن هلال بن عامر بن صعصعة ،
وهي التي وهبت نفسها للنبي صلّى اللّه عليه وسلم ، وقيل الواهبة نفسها خولة بنت حكيم السلمي ، وقيل : أم شريك ،
وقيل : زينب بنت جحش ، ومنهن جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن الحارث بن عابد بن مالك بن المصطلق بن خزاعة ، سباها النبي صلّى اللّه عليه وسلم في غزوة المريسيع وتزوج بها ، ومنهن صفية بنت حييّ بن أخطب ، من بني النضير ، سباها يوم خيبر فهؤلاء إحدى عشر امرأة دخل بهن صلّى اللّه عليه وسلم بلا خلاف ،
ومات صلّى اللّه عليه وسلم عن تسع منهن : ميمونة ، وسودة ، وصفية ، وجويرية ، وأم حبيبة ، وعائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وزينب بنت جحش ، ومات في حياته منهن : خديجة بنت خويلد ، وزينب بنت خزيمة أم المساكين .
بناته صلّى اللّه عليه وسلم : أكبرهن رقية ثم زينب ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : الآيات 60 إلى 67 ]
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً ( 60 ) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ( 61 ) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ( 62 ) يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ( 63 ) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً 64 ) ) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً ( 65 ) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا ( 66 ) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا ( 67 )
سيد القوم هو رئيسهم الذي له الرئاسة عليهم .
466
[سورة الأحزاب ( 33 ) : الآيات 68 إلى 69 ]
رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ( 68 ) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً ( 69 )
كانت براءة موسى بفرار الحجر بثوب موسى عليه السلام حتى بدت لقومه سوأته ، ليعلموا كذبهم فيما نسبوه إليه ، أترى فرار الحجر هل كان عن غير أمر اللّه إياه بذلك ؟
بل كان بوحي من اللّه« فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ »لهذه البراءة« وَجِيهاً ».
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 70 ]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ( 70 )
يا رب وهل لمخلوق حول أو قوة إلا بك ؟
وأي قول لنا إلا ما تقولنا ؟
فاجعل نطقنا ذكرك ، وقولنا تلاوة كتابك ، وهنا أمر اللّه عباده المؤمنين أن يقولوا عند الشهود بنور الإيمان : لا فاعل إلا اللّه ؛ فقالوا قولا سديدا ، فإذا قالوه أصلح لهم أعمالهم وغفر لهم ذنوبهم ،
فقال تعالى :
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 71 ]
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً ( 71 )
فالسعيد من حال اللّه بينه وبين ربوبيته ، وأقامه عبدا في جميع أحيانه ، يخاف ويرجو إيمانا ، ولا يخاف ولا يرجى عيانا .إنما العبد من يخاف ويرجو * ليس بالعبد من يخاف ويرجى
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أبريل 2021 - 20:35 عدل 2 مرات
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
تفسير الآيات من "44 - 73 " من سورة الأحزاب .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: تعاليق
تفسير الآيات من "44 - 73 " من سورة الأحزاب .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
( 33 ) سورة الأحزاب مدنيّة
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 72 ] إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ( 72 )
ص 467
[" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ . . . » الآية ]
« إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ، وأي أمانة أعظم من النيابة عن الحق في عباده ، فلا يصرفهم إلا بالحق ، فلا بد من الحضور الدائم ومن مراقبة التصريف« عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ »كان عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال بوحي يناسبها ، مثل قوله تعالى :
( وأوحى في كل سماء أمرها )« فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها »لأنها كانت عرضا لا أمرا ،
فلهذا أبت السماوات والأرض القبول ، لعلمها أنها تقع في الخطر ، فلا تدري ما يؤول إليها أمرها في ذلك ، وأبين أن يحملنها من أجل الذم الذي كان من اللّه لمن حملها ،
وهو أن اللّه وصف حاملها بالظلم والجهل ببنية المبالغة ، فإن حاملها ظلوم لنفسه ، جهول بقدر الأمانة« وَأَشْفَقْنَ مِنْها »أي خفن أن لا يقمن بحقها ، فاستبرأن لأنفسهن ،
فهل ترى إباية السماوات والأرض والجبال عن حمل الأمانة وإشفاقهن منها ، عن غير علم بقدر الأمانة وما يؤول إليه أمر من حملها فلم يحفظ حق اللّه فيها ؟ وعلمهم بالفرق بين العرض والأمر ،
فلما كان عرض تخيير احتاطوا لأنفسهم وطلبوا السلامة ، ولما أمرهم الحق تعالى بالإتيان فقال للسماوات والأرض(
ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ )طاعة لأمر اللّه ، وحذرا أن يؤتى بهما على كره ،
أترى إباية من ذكر اللّه لجهلها ؟ لا واللّه ، بل الحمل للأمانة كان لمجرد الجهل من الحامل ،
وهل نعت اللّه بالجهل على المبالغة فيه والظلم لنفسه فيها لغيره إلا الحامل لها وهو الإنسان ، فعلمت الأرض ومن ذكر قدر الأمانة وأن حاملها على خطر ، فإنه ليس على يقين من اللّه أن يوفقه لأدائها إلى أهلها ، وعلمت مراد اللّه بالعرض أنه يريد ميزان العقل ،
فكان عقل الأرض والجبال والسماء أوفر من عقل الإنسان ، حيث لم يدخلوا أنفسهم فيما لم يوجب اللّه عليهم ، فإن طلب حمل الأمانة كان عرضا لا أمرا ، وجعل بعض علماء الرسوم هذه الإباية والإشفاق حالا لا حقيقة ، وكذلك قوله عنهما( قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ )قول حال لا خطاب ،
وهذا كله ليس بصحيح ، ولا مراد في هذه الآيات ، بل الأمر على ظاهره كما ورد ، وهكذا يدركه أهل الكشف« وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ »عرضا أيضا لما وجد في نفسه من قوة الصورة التي خلق عليها ، لأنه لما خلق اللّه آدم على صورته أطلق عليه جميع أسمائه الحسنى ، وبقوتها حمل الأمانة المعروضة ، وما أعطته هذه الحقيقة أن يردها كما أبت السماوات والأرض والجبال حملها« إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا »
- الوجه الأول -« إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً »لو لم يحملها« جَهُولًا »لأن العلم باللّه عين الجهل به ، فالعجز عن درك الإدراك إدراك
ص 418
- الوجه الثاني -« إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً »لنفسه حيث عرّض بنفسه إلى أمر عظيم إذا كان عارفا بقدر الأمانة ، وإذا لم يوفق لأدائها كان ظالما لنفسه ولغيره« جَهُولًا »وذلك لجهل الإنسان ذلك من نفسه وبقدر ما تحمل وحمل ، وإن كان عالما بقدرها فما هو عالم بما في علم اللّه فيه من التوفيق إلى أدائها ، بل هو جهول كما شهد اللّه فيه ، لأنه جهل هل يؤدي الأمانة إلى أهلها أم لا ؟
فكان قبول الإنسان الأمانة اختيارا لا جبرا ، فخان فيها لأنه وكل إلى نفسه وخذل ،
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ من طلب الإمارة وكل إليها ، ومن أعطيها من غير طلب بعث اللّه أو وكل اللّه به ملكا يسدده ]
فقال لنا تعالى لما حملنا الأمانة ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) فما حملها أحد من خلق اللّه إلا الإنسان ،
ولا يخلو إما أن يحملها عرضا أو جبرا ، فإن حملها عرضا فقد خاطر بنفسه ،
وإن حملها جبرا فهو مؤد لها على كل حال ، ومن ذلك نعلم أن من العالم ما هو مجبور فيما كلّف حمله ، وهو المعبر عنه بفرائض الأعيان وفرائض الكفاية ، ما لم يقم به واحد فيسقط الفرض عن الباقي ،
ومن العالم ما لم يجبر في الحمل وإنما عرض عليه ، فإن قبله فما قبله إلا لجهله بقدر ما حمل من ذلك ، كالإنسان لما عرضت عليه الأمانة وحملها ، كان لذلك ظلوما لنفسه جهولا بقدرها ،
والسماوات والأرض والجبال لما عرضت عليهن أبين أن يحملنها وأشفقن منها ، لمعرفتهن بقدر ما حملوا ، فلم يظلموا أنفسهم ، فما وصف أحد من المخلوقات بظلمه لنفسه إلا الإنسان ، فكان خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس في المنزلة ،
فإنهن كن أعلم بقدر الأمانة من الإنسان فبهذا كن أيضا أكبر من خلق الناس في المنزلة من العلم ، فإنهن ما وصفن بالجهل كما وصف الإنسان ، فإن اللّه لما عرض عليه الأمانة وقبلها كان بحكم الأصل ظلوما جهولا ، فإنه خوطب بحملها عرضا لا أمرا ، فإن حملها جبرا أعين عليها ،
فكان الإنسان ظلوما لنفسه جهولا ، يعني بقدر الأمانة ، فهي ثقيلة في المعنى وإن كانت خفيفة في التحمل ،
فكانت السماوات والأرض والجبال في هذه المسألة أعلم من الإنسان ، ولم تكن في الحقيقة أعلم ،
وإنما الإنسان لما كان مخلوقا على الصورة الإلهية ، وكان مجموع العالم ، اغتر بنفسه وبما أعطاه اللّه من القوة بما ذكرناه ، فهان عليه حملها ،
ثم إنه رأى الحق قد أهّله للخلافة من غير عرض عليه مقامها ، فتحقق أن الأهلية فيه موجودة ،
ولم تقو السماوات على الانفراد ولا الأرض على الانفراد ولا الجبال على الانفراد قوة جمعية الإنسان ، فلهذا أبين أن يحملنها وأشفقن منها ،
ص 419
وما علم الإنسان ما يطرأ عليه من العوارض في حملها ، فسمي بذلك العارض خائنا ، فإنه مجبول على الطمع والكسل ، وما قبلها إلا من كونه عجولا ، فلو فسح الحق له في الزمان حتى يفكر في نفسه ، وينظر في ذاته وفي عوارضه ، لبان له قدر ما عرض عليه ، فكان يأبى كما أبته السماء وغيرها ممن عرضت عليه ، ومن الأمانة التي حملها الإنسان الصفات الإلهية ، وهي على قسمين :
صفة إلهية تقتضي التنزيه ، كالكبير والعلي ،
وصفة إلهية تقتضي التشبيه ، كالمتكبر والمتعالي ،
وما وصف الحق به نفسه مما يتصف به العبد ، فمن جعل ذلك نزولا من الحق إلينا جعل الأصل للعبد ، ومن جعل ذلك للحق صفة إلهية لا تعقل نسبتها إليه لجهلنا به ، كان العبد في اتصافه بها يوصف بصفة ربانية في حال عبوديته ، فيكون جميع صفات العبد التي يقول فيها لا تقتضي التنزيه ، هي صفات الحق تعالى لا غيرها ، غير أنها لما تلبس بها العبد انطلق عليها لسان استحقاق للعبد ، والأمر على خلاف ذلك ، وهذا هو الذي يرتضيه المحققون ، وهو قريب إلى الأفهام إذا وقع الإنصاف ، وذلك أن العبد ما استنبطه ولا وصف الحق به ابتداء من نفسه ،
وإنما الحق وصف بذلك نفسه على ما بلّغت رسله وما كشفه لأوليائه ، ونحن ما كنا نعلم هذه الصفات إلا لنا لا له بحكم الدليل العقلي ،
فلما جاءت الشرائع بذلك ، وقد كان هو ولم نكن نحن ، علمنا أن هذه الصفات هي له بحكم الأصل ، ثم سرى حكمها فينا منه ،
فهي له حقيقة وهي لنا مستعارة ،
إذ كان ولا نحن ، فالإنسان ظلوم بما غصب من هذه الصفات من حيث جعلها لنفسه حقيقة ، جهول بمن هي له وبأنها غصب في يده ، فمن أراد أن يزول عنه وصف الظلم والجهالة فليرد الأمانة إلى أهلها ، والأمر المغصوب إلى صاحبه ، والأمر في ذلك هين جدا ،
والعامة تظن أن ذلك صعب وليس كذلك .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 73 ]
لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ( 73 )
ص 420
.
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» تفسير الآيات من "01 - 43 " من سورة الأحزاب .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 88 " من سورة ص .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة سبأ .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 83 " من سورة يس .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 42 " من سورة عبس .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 88 " من سورة ص .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة سبأ .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 83 " من سورة يس .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 42 " من سورة عبس .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله