اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» توهّم لو أنّ اللّه فعل كذا لكان أحسن كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyاليوم في 21:15 من طرف عبدالله المسافر

» توهّم صحّة الأنس باللّه كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyأمس في 20:34 من طرف عبدالله المسافر

» توهّم أنّ نفوذ الأقدار متوقّف على وجود الخلق كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyأمس في 15:16 من طرف عبدالله المسافر

» مقصود الكتاب لمصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyأمس في 0:13 من طرف عبدالله المسافر

» مقدمة المصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 9 ديسمبر 2023 - 11:22 من طرف عبدالله المسافر

» مقدّمة التّحقيق و ترجمة المؤلّف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 8 ديسمبر 2023 - 9:33 من طرف عبدالله المسافر

» مقدمة كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 7 ديسمبر 2023 - 14:11 من طرف عبدالله المسافر

» فهرس بشرح المصطلحات الصوفية عند الشيخ ابن عطاء اللّه السكندري كما وردت في الحكم لمؤلف اللطائف الإلهية
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 7 ديسمبر 2023 - 1:49 من طرف عبدالله المسافر

» مكاتبات للشّيخ تاج الدّين أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ إلى بعض إخوانه ومريديه
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 6 ديسمبر 2023 - 21:23 من طرف عبدالله المسافر

» المناجاة الإلهيّة للشّيخ تاج الدّين أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 5 ديسمبر 2023 - 16:47 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائيّة الصغرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 4 ديسمبر 2023 - 20:54 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائيّة الكبرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 4 ديسمبر 2023 - 11:46 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائية من 21 الى 30 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 3 ديسمبر 2023 - 18:28 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 ديسمبر 2023 - 20:44 من طرف عبدالله المسافر

» الحكم العطائية من 01 الى 10 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 ديسمبر 2023 - 17:41 من طرف عبدالله المسافر

» المقدمة لكتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 ديسمبر 2023 - 16:30 من طرف عبدالله المسافر

» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 30 نوفمبر 2023 - 20:07 من طرف عبدالله المسافر

»  فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 30 نوفمبر 2023 - 20:07 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2313 إلى 2413 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 30 نوفمبر 2023 - 1:10 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2351 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 29 نوفمبر 2023 - 20:40 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2312 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 29 نوفمبر 2023 - 0:56 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2265 إلى 2281 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 28 نوفمبر 2023 - 0:13 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2249 إلى 2264 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 27 نوفمبر 2023 - 23:54 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2211 إلى 2248 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 27 نوفمبر 2023 - 0:32 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن عشر المعاملات أولا الإسلام السياسي من 2168 إلى 2210 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 26 نوفمبر 2023 - 11:48 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر الثالث عشر الحجّ والعمرة من 2084 إلى 2167 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 25 نوفمبر 2023 - 23:59 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب ثانيا الطعام والشراب من 2049 إلى 2083 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 25 نوفمبر 2023 - 16:10 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب أولا الصيام والفطر من 2002 إلى 2048 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 25 نوفمبر 2023 - 0:40 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات الحادي عشر الذكر والتسبيح والدعاء من 1961 إلى 2001 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 24 نوفمبر 2023 - 22:59 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات عاشرا السجود والمساجد والقبلة من 1921 إلى 1960 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 24 نوفمبر 2023 - 22:35 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات تاسعا صلاة الجمعة من 1903 إلى 1920 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 24 نوفمبر 2023 - 2:05 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات ثامنا الصلاة من 1826 إلى 1902 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 23 نوفمبر 2023 - 1:09 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع عشر العبادات أولا الوضوء والاغتسال من 1794 إلى 1825 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 22 نوفمبر 2023 - 17:54 من طرف عبدالله المسافر

» كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني "53" المجلس الثالث والخمسون من عبد الله بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 22 نوفمبر 2023 - 0:53 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سابعا العدّة من 1782 إلى 1793 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 22 نوفمبر 2023 - 0:48 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سادسا الطلاق من 1744 إلى 1781 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 21 نوفمبر 2023 - 19:29 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي خامسا الأسرة من 1739 إلى 1743 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 21 نوفمبر 2023 - 19:05 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي رابعا الأولاد من 1734 إلى 1738 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 21 نوفمبر 2023 - 10:37 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثالثا الحمل والولادة والرضاع والفطام والحضانة من 1722 إلى 1733 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 20 نوفمبر 2023 - 23:21 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1681 إلى 1721 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 19 نوفمبر 2023 - 7:33 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1651 إلى 1680 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 19 نوفمبر 2023 - 1:17 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1623 إلى 1650 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 18 نوفمبر 2023 - 17:41 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي أولا المرأة في الإسلام من 1598 إلى 1622 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 17 نوفمبر 2023 - 21:34 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الخامس عشر الإسلام والحرب من 1547 إلى 1597 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 17 نوفمبر 2023 - 14:27 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الخامس عشر الإسلام و الحرب من 1519 إلى 1546 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 16 نوفمبر 2023 - 18:25 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1505 إلى 1518 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 16 نوفمبر 2023 - 2:40 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1480 إلى 1504 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 16 نوفمبر 2023 - 1:12 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب الرابع عشر القرآن والفنون والصنائع والآداب والأخلاق من 1462 إلى 1479 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 15 نوفمبر 2023 - 10:56 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1436 إلى 1461 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2023 - 18:27 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1419 إلى 1435 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2023 - 9:39 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 13 نوفمبر 2023 - 14:20 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 12 نوفمبر 2023 - 22:48 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 12 نوفمبر 2023 - 13:01 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1312 إلى 1342 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 12 نوفمبر 2023 - 0:53 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1179 إلى 1311 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 11 نوفمبر 2023 - 14:21 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1146 إلى 1278 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 10 نوفمبر 2023 - 21:00 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1121 إلى 1245 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 9 نوفمبر 2023 - 21:24 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 9 نوفمبر 2023 - 13:16 من طرف عبدالله المسافر

» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 9 نوفمبر 2023 - 9:11 من طرف عبدالله المسافر

» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 16:26 من طرف عبدالله المسافر

» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1126 إلى 1129 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 9:40 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1076 إلى 1125 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 7 نوفمبر 2023 - 23:58 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1059 إلى 1075 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 7 نوفمبر 2023 - 10:57 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1045 إلى 1058 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 6 نوفمبر 2023 - 20:19 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1035 إلى 1044 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 6 نوفمبر 2023 - 0:34 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1026 إلى 1034 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 4 نوفمبر 2023 - 18:29 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1018 إلى 1025 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 3 نوفمبر 2023 - 13:24 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 2 نوفمبر 2023 - 14:48 من طرف عبدالله المسافر

»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1013 إلى 1014 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 2 نوفمبر 2023 - 1:08 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 31 أكتوبر 2023 - 11:46 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 961 الى 980 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 30 أكتوبر 2023 - 2:02 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 29 أكتوبر 2023 - 1:55 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 941 الى 947 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 27 أكتوبر 2023 - 20:31 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 911 الى 940 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 26 أكتوبر 2023 - 10:07 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 25 أكتوبر 2023 - 12:48 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 24 أكتوبر 2023 - 15:33 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 23 أكتوبر 2023 - 22:04 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 22 أكتوبر 2023 - 16:03 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 21 أكتوبر 2023 - 18:19 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 20 أكتوبر 2023 - 10:31 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 19 أكتوبر 2023 - 15:04 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السابع القصص في القرآن من 697 الى 720 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 18 أكتوبر 2023 - 21:23 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 681 الى 696 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 17 أكتوبر 2023 - 22:39 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 661 الى 680 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 17 أكتوبر 2023 - 19:13 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 641 الى 660 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 17 أكتوبر 2023 - 1:09 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 15 أكتوبر 2023 - 11:43 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 14 أكتوبر 2023 - 21:15 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 13 أكتوبر 2023 - 9:22 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 591 الى 600 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 12 أكتوبر 2023 - 15:46 من طرف عبدالله المسافر

» الباب السادس موجز سور القرآن من 582 الى 590 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 12 أكتوبر 2023 - 0:40 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 561 الى 581 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 10 أكتوبر 2023 - 20:42 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 541 الى 560 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 9 أكتوبر 2023 - 9:42 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 527 الى 540 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 8 أكتوبر 2023 - 16:33 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 6 أكتوبر 2023 - 9:34 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 5 أكتوبر 2023 - 22:31 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 4 أكتوبر 2023 - 22:07 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 3 أكتوبر 2023 - 20:32 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 2 أكتوبر 2023 - 19:50 من طرف عبدالله المسافر

» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 421 الى 430 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 30 سبتمبر 2023 - 23:03 من طرف عبدالله المسافر

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل

11022020

مُساهمة 

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
 الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
 
22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية.
وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية.
فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية.
وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل.
فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا.
ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق.
ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة.
وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله.
والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.
وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.
ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه، وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص .
وقد علمت قطعا إن كنت مؤمنا أن الحق عينه يتجلى يوم القيامة في صورة فيعرف، ثم يتحول في صورة فينكر، ثم يتحول عنها في صورة فيعرف، وهو المتجلي ليس غيره في كل صورة.
ومعلوم أن هذه الصورة ما هي تلك الصورة الأخرى: فكأن العين الواحدة قامت مقام المرآة، فإذا نظر الناظر فيها إلى صورة معتقده في الله عرفه فأقر به.
وإذا اتفق أن يرى فيها معتقد غيره أنكره، كما يرى في المرآة صورته وصورة غيره.
فالمرآة عين واحدة والصور كثيرة في عين الرائي، وليس في المرآة صورة منها جملة واحدة، مع كون المرآة لها أثر في الصور بوجه وما لها أثر بوجه: فالأثر الذي لها كونها ترد الصورة متغيرة الشكل من الصغر والكبر والطول والعرض، فلها أثر في المقادير، وذلك راجع إليها.
وإنما كانت هذه التغيرات منها لاختلاف مقادير المرائي: فانظر في المثال مرآة واحدة من هذه المرايا، لا تنظر الجماعة، وهو نظرك من حيث كونه ذاتا: فهو غني عن العالمين، ومن حيث الأسماء الإلهية فذلك الوقت يكون كالمرايا: فأي اسم إلهي نظرت فيه نفسك أو من نظر، فإنما يظهر في الناظر حقيقة ذلك الاسم: فهكذا هو الأمر إن فهمت .
فلا تجزع ولا تخف فإن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية، وليست الحية سوى نفسك.
والحية حية لنفسها بالصورة والحقيقة.
والشيء لا يقتل عن نفسه. و إن أفسدت الصورة في الحس فإن الحد يضبطها و الخيال لا يزيلها. و إذا كان الأمر على هذا فهذا هو الأمان على الذوات و العزة و المنعة، فإنك لا تقدر على فساد الحدود.
وأي عزة أعظم من هذه العزة؟ فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن .
ومما يدلك على ضعف النظر العقلي من حيث فكره، كون العقل يحكم على العلة أنها لا تكون معلولة لمن هي علة له : هذا حكم العقل لا خفاء به، وما في علم التجلي إلا هذا، وهو أن العلة تكون معلولة لمن هي علة له.
والذي حكم به العقل صحيح مع التحرير في النظر، وغايته في ذلك أن يقول إذا رأى الأمر على خلاف ما أعطاه الدليل النظري، إن العين بعد ثبت أنها واحدة في هذا الكثير، فمن حيث هي علة في صورة من هذه الصور لمعلول ما، فلا تكون معلولة لمعلولها، في حال كونها علة، بل ينتقل الحكم بانتقالها في الصور، فتكون معلولة لمعلولها، فيصير معلولها علة لها .
هذا غايته إذا كان قد رأى الأمر على ما هو عليه، و لم يقف مع نظره الفكرى.
وإذا كان الأمر في العلية بهذه المثابة، فما ظنك باتساع النظر العقلي في غير هذا المضيق؟
فلا أعقل من الرسل صلوات الله عليهم وقد جاءوا بما جاءوا به في الخبر عن الجناب الإلهي، فأثبتوا ما أثبته العقل وزادوا ما لا يستقل العقل بإدراكه، وما يحيله العقل رأسا ويقر به في التجلي.
فإذا خلا بعد التجلي بنفسه حار فيما رآه: فإن كان عبد رب رد العقل إليه، و إن كان عبد نظر رد الحق إلى حكمه .
وهذا لا يكون إلا ما دام في هذه النشأة الدنيوية محجوبا عن نشأته الأخروية في الدنيا.
فإن العارفين يظهرون هنا كأنهم في الصورة الدنيا لما يجري عليهم من أحكامها، والله تعالى قد حولهم في بواطنهم في النشأة الأخروية، لا بد من ذلك.
فهم بالصورة مجهولون إلا لمن كشف الله عن بصيرته فأدرك.
فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.
فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
22 - نقش فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
يقول الله تعالى : " أحسن الخالقين " ويقول الله : " أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ" [النحل : 17]
فخلق الناس : التقدير ، وهذا الخلق الآخر : الإيجاد .
 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
22 - فك ختم الفص الإلياسى
1 / 22  - إنما أضيفت هذه الحكمة بالصفة ألإيناسية من أجل الصفة الذاتية التي جبل الله بها اليأس حتى ناسب بها الملائكة وناسب بها الأناسي ،
فثبت له الآنس مع الطائفتين فكانوا يأنسون به ويجلسون إليه ، وكان هو أيضأ انسيهم وجليسهم ، والسر فيما ذكرنا الذي لا يطلع عليه الا النذر من عباد الله هو ان بين قوى الأرواح العالية والقوى المزاجية الإنسانية امتزاجات على أنحاء يحدث بينهما فعل وانفعال وغلبة ومغلوبية ينتهى إلى كيفيات معقولة شبيهة بالامتحان الواقعة في هذا العالم ، مثل استحالة الماء هواء والهواء نارا ونحو ذلك .
 
2 / 22  - فمن الأناسي المتروحنين من ينتهى في تروحنه إلى الرتبة الملكية فتستهلك قواه المزاجية الطبيعية في قوى روحانية ثابتة الحكم بحسب استيلاء سلطنة تلك القوى الروحانية على القوى الطبيعية ، كصورة الاستحالات في عالمنا هذا ، وهذا وصف بعض من هذا شأنه ، وظهور من هذا شأنه في هذا العالم انما هو كظهور الملك هنا بشرا سويا ،
والرائي لمن هذا شأنه انما يراه بموجب حكم احدى المناسبات الخمس التي سبقت الإشارة إليها ، فان ثبتت المناسبة بين الرائي والمرئي من حيث الذات :
يراه في صورته الأصلية التي كان عليها قبل تروحنه ، وان لم تثبت المناسبة بينهما من حيث الذات ، كان رؤيته له بحسب المرتبة التي تجمعها في الأصل او بحسب الصفة التي يشتركان فيها ، او الفعل او الحال ، وكيفية الصورة المرئية يكون بحسب كمال الصفة المشتركة فيها ونقصانها ، وكذلك الفعل والحال .
 
3 / 22 - وأما الاشتراك في المرتبة : فيتفاوت الأمر فيها بحسب تفاوت حظوظها منها ، وهذا شأن الخضر عليه السلام ، وعكس ذلك شأن عيسى عليه السلام ، فان نسبته ملكية ،
فظهوره  في الصورة الطبيعية هو من أجل امه التي كانت محل الإلقاء والنفخ لما بينا من ان كينونة كل شيء في شيء أنما يكون بحسب المحل ، سواء كان المحل معنويا او صوريا .
 
واذكر ما أشار الحق سبحانه اليه في كتابه : و " هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ " [ الحديد / 4 ] فادخل نفسه مع عباده في الامكنة ، مع انه منزه عن الزمان والمكان .
وقوله صلى الله عليه وآله :أن العبد إذا قام يصلى فان الله ينصب له وجهه تلقاه ، ونحو ذلك مما تكرر ذكره في الكتاب والسنة .
وتذكر أيضا ما اتفق عليه المحققون من ان تجلى الحق لمن تجلى له انما يكون بحسب المتجلي له ، لا بحسبه وتذكر أيضا شأن المرآة مع ما ينطبع فيها .


4 / 22  -  وأما إلياس عليه السلام فإنه لما كانت الممازجة الحاصلة بين القواه الروحانية والطبيعية قبل تروحنه واقعة على وجه قريب من التساوي ناسب الملأ الأعلى والأسفل فتأتى له الأنس بهما ، والجمع بين صفتيهما فهو كالبرزخ بين النشأة الملكية والنشأة الإنسانية ، فلهذا كان جامعا بين احكامهما.  


كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية


مصطلح إلياس و إدريس
في اللغة
" إلياس: أحد الأنبياء المرسلين ورد ذكره في القرآن الكريم ".
 
في الاصطلاح الصوفي
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" إلياس: عبارة عن القبض، وقد يكون ما يعطيه على يد الخضر " .
الشريف الجرجاني
و يقول: " إلياس عليه السلام: فإنه إدريس، ولارتفاعه إلى العالم الروحاني استهلكت قواه المزاجية في الغيب وقبضت فيه، ولذلك عبر عن القبض به " .

يقول الشيخ بالي أفندي :
إلياس عليه السلام: هو الذي حصل على تمام أمر التشبيه والتنزيه لما أنس الملائكة وخالطهم بحسب مزاجه الروحاني التنزيهي، وأنس الإنسان بحسب مزاجه العنصري التشبيهي .
 
تقول د. سعاد الحكيم في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة:
جعل ابن العربي " الخضر " في مقابل " الياس ".
الأول عبّر به عن " البسط " والثاني عبّر به عن القبض.
وان استطعنا ان نلمح الصلة بين الخضر والياس مما جعل ابن العربي يقابلهما، فإننا بصعوبة نتمكن من التكهن بالعلاقة بين الخضر والبسط، وبين الياس والقبض.
 
الخضر والياس يجمعهما شيء واحد عند ابن العربي: الحياة.
فإن الياس الذي هو إدريس رفعه اللّه مكانا عليا، وهو إلى الآن حي [انظر " إدريس "] والخضر كذلك يتمتع بهذه الحياة المستمرة.
ومن ناحية ثانية، ان " صاحب الزمان " أو " القطب " يمدّ أرواح المؤمنين والسالكين بتجليات يجدن اثرها في نفوسهم: قبضا وبسطا.
 
هذان الاثران هما للاسمين الإلهيين: الجلال والجمال ،
ويكون عطاء القطب هذا عن طريقين: الياس والخضر.
الأول: للقبض والثاني للبسط.
 
مصطلح إدريس
في اللغة:
" إدريس قيل إنه قبل نوح، قال ابن إسحاق: كان إدريس أول بني آدم أعطي النبوة، وهو إخنوخ بن يراد بن مهلاييل بن انوش بن تينان بن شيت بن آدم، وهو اسم سرياني وقيل عربي مشتق من الدراسة لكثرة درسه الصحف. . .
وفي صحيح ابن حبان انه كان نبيا رسولا وانه أول من خط بالقلم ".
 
في القرآن:
إدريس في القرآن نبي صدّيق رفعه اللّه مكانا عليا ، وكان من الصابرين الصالحين." وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ". [مريم : 56-57]
" وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ، كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ. وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ " [الأنبياء : 85-86  ]
 
فادريس يشبه إلى حد بعيد نوحا، وقد خص الشيخ الأكبر نوحا بالحكمة السبوحية، وإدريس بالحكمة القدوسية، وغني عن البيان ان التسبيح والتقديس هما من فعل العقل الذي طغى في دعوة نوح وإدريس.


ويضع ابن العربي في مقابل نوح وإدريس:
محمدا صلى اللّه عليه وسلم الذي زاوج بعدى المعرفة الإلهية، فنوح وإدريس للفرقان والتنزيه والعقل. ومحمد صلى اللّه عليه وسلم للقرآن.
والتنزيه في التشبيه والتشبيه في التنزيه، والعقل والوهم.
 
يقول ابن العربي:
" ثم بعث إدريس إلى قرية بعلبك، وبعل: اسم صنم، وبك:
هو سلطان تلك القرية، وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان الياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان - من اللبانة وهي الحاجة - عن فرس من نار، وجميع الاته من نار فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه
القسم الأول - إدريس هو رمز للعقل الانساني في حال تجرده التام عن جميع علاقاته بالبدن أو هو العقل المحض في تطلعه إلى المعرفة الكاملة باللّه . وهو قطب روحاني يمد الأولياء.
 
تقول د. سعاد الحكيم  في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة :
" الياس: يعبر به عن القبض 19 " (اصطلاحات ابن العربي ص 293)
على اننا لم نجد نصوصا عند ابن العربي تبين وجه العلاقة بين القبض وبين الياس حتى يعبر عنه، فننقل تعريف الجرجاني.
" الالياس: يعبر به عن القبض فإنه إدريس ولارتفاعه إلى العالم الروحاني استهلكت قواه المزاجية في الغيب وقبضت فيه. ولذلك عبر عن القبض به " (التعريفات ص 36)
 
" انما سميت حكمته عليه السلام ايناسية، لما انس بالانس بنشأته الجسمانية، وبالملك بنشأته الروحانية. . . وهو كالبرزخ بين النشأة الملكية والانسانية. . .
أو لأن الايناس هو ابصار الشيء على وجه الانس وكذا به قال تعالى في حق موسى عليه السلام. . .
وكذا ابصر الياس عليه السلام فرسا من نار وجميع آلاته عليه من نار وانس به فركبه، فابصاره الفرس في صورة نارية مع الانس به إيناس فلذا سميت حكمته ايناسية ".
(شرح الفصوص ج 2 ص 266)
 
يقول عبد الرزاق القاشاني لطائف الأعلام في إشارات أهل الإلهام
" إلياس: يكنى به عن القبض كما يكنى بالخضر عن البسط. أمهات الأسماء:
هي أصول الأسماء التي عرفتها."
 
يقول نور الدين عبد الرحمن جامي في الدرة الفاخرة في تحقيق مذهب الصوفية :
22 - ولذا قيل في إدريس عليه السلام إنّه هو إلياس المرسل إلى بعلبك لا بمعنى أن العين خلع الصّورة الإدريسية ولبس الصّورة الإلياسيّة وإلا كان قولا بالتّناسخ.
بل إن هويّة إدريس مع كونها قائمة في أنيّته وصورته في السّماء الرابعة ظهرت وتعيّنت في إنيّة إلياس الباقي إلى الآن،
فتكون من حيث العين والحقيقة واحدة ومن حيث التعيّن الصوري اثنتين كنحو جبريل وميكائيل وعزرائيل يظهرون في الآن الواحد في مائة ألف مكان بصور شتّى كلّها قائمة بهم.
 
تقول د. سعاد الحكيم :
 
لقد افرد ابن العربي فصين كاملين لنبي واحد هو إدريس أو إلياس:
" فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية " الفص 4 و " فص حكمة إيناسية في كلمة اليأسية " [الفص 22] وهذا الأفراد الذي خص به إدريس، قد يعود إلى أنه في نظر
 الشيخ الأكبر ينفرد عن الأنبياء بنشأتين:
الأولى كان فيها نبيا قبل نوح ثم رفعه اللّه مكانا عليا،
واعاده في نشأة أخرى رسولا ولا يزال حيا حتى اليوم.
 
يقول ابن العربي:
" فمن أراد العثور على هذه الحكمة الالياسية الإدريسية الذي أنشأه اللّه نشأتين 6، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع ونزل رسولا بعد ذلك. . . " (الفصوص 1/ 186).
 
ويمكن التمييز بين موقفين لابن العربي من إدريس يستتبعان المفهومين التاليين:
أولا - الموقف الأول ينظر إلى إدريس كشخص يحده زمان ومكان.
إدريس وإلياس هما شخص واحد بنشأتين وظهورين على الأرض. الأول نشأة جسمانية كان فيها نبيا قبل نوح.
ثم رفعه اللّه مكانا عليا، واعاده في نشأة روحانية في شخص إلياس، وهو لا يزال حيا، ومثله في البناء الفلسفي للشيخ الأكبر كمثل عيسى في الفكر الإسلامي.
فقد كان نبيا ثم رفعه اللّه إلى السماء وسيعود في آخر الزمان (في شخص ختم الولاية العامة عند ابن العربي) الا أن عيسى ليس له نشأتان وهو لم يمت بالتأكيد. وليس بإمكاننا أن نؤكد أن إدريس لم يمت بل ربما مات واعاده اللّه في نشأة أخرى.
 
يقول الشيخ ابن العربي:
" فعلو المكان " ورفعناه مكانا عليا " وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام ".
(فصوص 1/ 75).
" إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه اللّه مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس 7. . . " (ف 1/ 181).
 
" ثم عرج جبريل به بمحمد صلى اللّه عليه وسلم إلى السماء الرابعة فاستفتح وقال وقيل له، ففتحت فإذا بإدريس عليه السلام بجسمه فإنه ما مات إلى الآن بل رفعه اللّه مكانا عليا، وهو هذه السماء قلب السماوات وقطبها. . . " (فتوحات 3/ 341).
 
ابن العربي ينظر إلى إدريس عليه السلام كرمز:
 إدريس هو رمز للعقل الإنساني في حال تجرده التام عن جميع علاقاته بالبدن أو هو العقل المحض في تطلعه إلى المعرفة الكاملة باللّه . وهو قطب روحاني يمد الأولياء.
فإدريس يشبه إلى حد بعيد نوحا، وقد خص الشيخ الأكبر نوحا بالحكمة السبوحية، وإدريس بالحكمة القدوسية، وغني عن البيان أن التسبيح والتقديس هما من فعل العقل الذي طغى في دعوة نوح وإدريس.
 
ويضع ابن العربي في مقابل نوح وإدريس:
محمدا صلى اللّه عليه وسلم الذي زاوج بعدى المعرفة الإلهية، فنوح وإدريس للفرقان والتنزيه والعقل. ومحمد صلى اللّه عليه وسلم للقرآن. والتنزيه في التشبيه والتشبيه في التنزيه، والعقل والوهم.
 
يقول الشيخ ابن العربي:
" ثم بعث إدريس إلى قرية بعلبك، وبعل: اسم صنم، وبك:
هو سلطان تلك القرية، وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك. وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان - من اللبانة وهي الحاجة - عن فرس من نار، وجميع الاته من نار فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة
، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأغراض النفسية.
فكان الحق فيه منزها فكان على النصف من المعرفة باللّه، فان العقل إذا تجرد لنفسه. . . كانت معرفته باللّه على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه اللّه المعرفة بالتجلي كملت معرفته باللّه، فنزّه في موضع وشبّه في موضع. . . وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند اللّه وحكمت بهذه المعرفة الأوهام 14 كلها. . . " [فصوص 1/ 181]

 .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:09 عدل 2 مرات
عبدالله المسافر
عبدالله المسافر
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6580
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافر

مُساهمة الثلاثاء 11 فبراير 2020 - 22:02 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى :-                                     الجزء الثاني
ويقابل ابن العربي بين تنزيه إدريس وتنزيه محمد صلى اللّه عليه وسلم فالأول تنزيه عقلي فهو على النصف من المعرفة باللّه. 
أما محمد صلى اللّه عليه وسلم فقد اختص بالقرآن وهو يتضمن الفرقان والآية: " فليس كمثله شيء " تجمع الأمرين (تشبيه - تنزيه) في واحد 15.
(ب) ان إدريس يمثل القطب الروحاني الذي يمد الأولياء بالروحانيات ، 
يقول ابن العربي:
" ان ثمّ رجالا سبعة يقال لهم الأبدال. يحفظ اللّه بهم الأقاليم السبعة لكل بدل إقليم، وإليهم تنظر روحانيات السماوات السبع. ولكل شخص منهم قوة (منبعثة) من روحانيات الأنبياء الكائنين في هذه السماوات، وهم: إبراهيم الخليل، يليه موسى، يليه هارون، يتلوه إدريس، يتلوه يوسف، يتلوه عيسى يتلوه آدم. . . فكل امر علمي يكون في يوم الأحد فمن مادة إدريس عليه السلام. . . فمما يحصل لهذا الشخص المخصوص من الأبدال، بهذا الإقليم، من العلوم: علم أسرار الروحانيات. . . " (ف السفر الثاني ص ص 376 - 377).
" السماء الرابعة وهي قلب العالم وقلب السماوات. . . واسكن [اللّه] فيها قطب الأرواح الإنسانية وهو إدريس عليه السلام ". (ف 2/ 445).

القسم الثاني - إلياس الذي هو إدريس رمز للقبض في مقابل الخضر، رمز البسط .
" فان قلت: وما الغوث؟ قلنا صاحب الزمان وواحده، وقد يكون ما يعطيه على يد إلياس [من حيث إنه القطب الروحاني] 
فان قلت:وما إلياس؟ 
قلنا: عبارة عن القبض وقد يكون ما يعطيه على يد الخضر. فان قلت: وما الخضر قلنا عبارة عن البسط. . . " (ف 2/ 131).

يقول الشريف الجرجاني :
" ألإلياس، يعبر به عن القبض فإنه إدريس ولارتفاعه إلى العالم الروحاني استهلكت قواه المزاجية في الغيب وقبضت فيه. ولذلك عبر عن القبض به " (التعريفات ص 36)
 

يقول نور الدين عبد الرحمن جامي في الدرة الفاخرة في تحقيق مذهب الصوفية :
ولذا قيل في إدريس عليه السلام إنّه هو إلياس المرسل إلى بعلبك لا بمعنى أن العين خلع الصّورة الإدريسية ولبس الصّورة الإلياسيّة وإلا كان قولا بالتّناسخ
بل إن هويّة إدريس مع كونها قائمة في أنيّته وصورته في السّماء الرابعة ظهرت وتعيّنت في إنيّة إلياس الباقي إلى الآن،
فتكون من حيث العين والحقيقة واحدة ومن حيث التعيّن الصوري اثنتين كنحو جبريل وميكائيل وعزرائيل يظهرون في الآن الواحد في مائة ألف مكان بصور شتّى كلّها قائمة بهم.

مصطلح التشبيه
في اللغة
" شبه الشيء بالشيء : مثله .
تشبيه في الفلسفة : تصور الآلهة في ذاتها وصفاتها على غرار الإنسان " .

في الإصطلاح الصوفي

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" التشبيه : هو تثنية المشبه " .

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :

" للخلق في مشاهدتهم ربهم نسبتين : نسبة تنزيه ونسبة تشبيه ، وبكليهما جاءت الكتب الإلهية والأخبار النبوية .
فمن شهد التنزيه فقط كالمنزهة من المتكلمين أخطأ .
ومن قال بالتشبيه فقط ، كالحلولية والاتحادية ، أخطأ .
ومن قال بالجمع بين التشبيه والتنزيه أصاب .
فالعامة في مقام التشبيه ،
والعقلاء في مقام التنزيه ،
والعارفون بالله تعالى في مقام التشبيه والتنزيه " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" التنزيه عند أهل الحقائق في الجناب الإلهي عين التحديد والتقييد . فالمنزه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب .
ولكن إذا أطلقاه وقالا به ، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه ووقف عند التنزيه ولم ير غير ذلك فقد أساء الأدب وأكذب الحق والرسل ( عليهم السلام ) وهو لا يشعر
وكذلك من شبهه وما نزهه فقد قيده وحدده وما عرفه . ومن جمع في معرفته بين التنزيه والتشبيه بالوصفين على الإجمال - لأنه يستحيل ذلك على التفصيل لعدم الإحاطة بما في العالم من الصور - فقد عرفه مجملا لا على التفصيل " .


ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" إنه تعالى من حيث البرزخية الثانية، قابلا للإطلاق والتقييد، والوحدة والكثرة ، والتنزيه والتشبيه ، والوجوب والإمكان ، والحقية والخلقية   
ومن هذه البرزخية جاءت الآيات والأحاديث التي هي خارجة عن طور العقل ، ولا يقبلها إلا بتأويلها وردها إلى مداركه ، ويسميها متشابهات .
فإنه تعالى ذكر في كتبه وعلى ألسنة رسله : إن له عينا وعينين وأعينا ويدين … ووصف العبد بالفعل والترك والعلم والإرادة …
إن للحق مرتبتين : مرتبة إطلاق ، ومرتبة تقييد ومنها جاءت الشرائع ونزلت الكتب وأرسلت الرسل ... فاصرف ما ورد في الكتب والأخبار النبوية من التنزيه المطلق ، إلى مرتبة الإطلاق ، واصرف ما ورد فيهما من التشبيه ، إلى مرتبة التقييد ، والظهور بالمظاهر ، وأعتقد التنزيه في التشبيه ، والإطلاق في التقييد ، تكن ربانيا كاملا لا منزها فقط ، ولا مشبها فقط " .

يقول الشيخ بالي زاده أفندي :
" [ لا إله إلا الله ] كلمة عزيزة مركبة من النفي والإثبات ، فنفيه إشارة إلى تنزيه الحق ، وإثباته إشارة إلى تشبيه الحق ، وصورته المخصوصة إشارة إلى أن ذاته تعالى جامعة محيطة بكل ما يدخل تحت العدم المطلق والوجود المطلق ،
فكما لا يخلو النفي عن الإثبات ولا الإثبات عن النفي في كلمة التوحيد كذلك لا يخلو التنزيه عن التشبيه ولا التشبيه عن التنزيه ..
وكما يكفر قائل النفي بدون الإثبات ، كذلك يكفر المشبه بدون التنزيه وبالعكس أي يستر بعض أحكام الله التي جاءت بها الشرائع
جمع التنزيه والتشبيه يرجع إلى العقل والوهم . فالعقل ينزه الحق عما يثبت له الوهم ، والوهم يثبت للحق عما ينزهه عنه والشهود يجمع بينهما بلا تخلل آن " .

علم التشبيه بين الأشياء : من علوم منزل خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك ، وهو من الحضرة الموسوية ، ومنه تعلم الروابط التي تجمعها والوجوه وإن فرقتها أمور أخر ، فحكم الجامع لا يزول كما أن حكم الفارق لا يزول فإنه الحكم المقوم لذات الشيء  
 

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" التشبيه الإلهي : هو عبارة عن صورة الجمال ، لأن الجمال الإلهي له معان ، وهي الأسماء والأوصاف الإلهية ، وله صور وهي تجليات تلك المعاني فيما يقع عليه
من المحسوس أو المعقول . فالمحسوس كما في قوله : ] رأيت ربي في صورة شاب
أمرد ، والمعقول كقوله عز وجل : " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء"، وهذه الصورة هي المرادة بالتشبيه ، ولا شك أن الله تعالى في ظهوره بصورة جماله باق على ما استحقه من تنزيهه " .

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
علم حضرات التشبيه الإلهي والكوني : هو من علوم القوم الكشفية ، ومنه يعلم أن للحق تعالى التجلي بصفة التشبيه ، وليس لعباده أن يتشبهوا به في الصفات إلا في أمور خاصة ورد بها الشرع . ومتعلق هذا العلم السمع ، وليس للعقل فيه مدخل  .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" التشبيه الذاتي : هو ما عليه من صور الموجودات المحسوسات أو ما يشبه المحسوسات في الخيال " .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" التشبيه الوصفي : هو ما عليه صور المعاني الأسمائية المنزهة عما يشبه المحسوس في الخيال ، وهذه الصورة تتعقل في الذهن ولا تتكيف في الحس " .
 
يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
" للخلق في مشاهدة ربهم نسبتان :
نسبة تنزيه ، ونسبة تنزل إلى الخيال بضرب من التشبيه .
فنسبة التنزيه تجليه تعالى في : " ليس كمثله شيء " .
 

مصطلح التنزيه   
في اللغة :
1. نزه نفسه عن القبيح : أبعدها عنه .
2. نزه الله من السوء : بعده عنه " .


في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" التنزيه : هو تنزيهه تعالى عما لا يليق بجلال قدسه الأقدس تعالى وتقدس " .


يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" التنزيه : هو تحديد المنزه " .
ويقول : " التنزيه : وصف عدمي " .


يقول الشريف الجرجاني:
" التنزيه : عبارة عن تبعيد الرب عن أوصاف البشر " .

يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري:
" التنزيه : هو إبعاد الله تعالى في الظاهر عن الشركاء والأنداد ، وفي
الباطن ، لا تشاهد غيره ولا ترجو ولا تخاف سواه ، كذلك في كل الأحوال " .


يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" التنزيه : هو تنزيه الحق تعالى لنفسه كما يعلمه لذاته ، وهذا التنزيه لا يقابله تشبيه بل هو سر منزه عن مقابلة التشبيه " .
ويقول :
" التنزيه : عبارة عن انفراد القديم بأوصافه وأسمائه وذاته ، كما يستحقه من نفسه لنفسه بطريق الأصالة والتعالي ، لا باعتبار أن المحدث ماثله أو شابهه ، فانفرد الحق سبحانه وتعالى عن ذلك ، فليس بأيدينا من التنزيه إلا التنزيه المحدث والتحق به التنزيه القديم , لأن التنزيه المحدث ما بأزائه نسبة من جنسه ليس بأزاء التنزيه القديم نسبة من جنسه , لأن الحق لا يقبل الضد ولا يعلم كيف تنزيهه ، فلأجل ذا نقول تنزيهه عن التنزيه " .

يقول الشيخ عبد الحميد التبريزي:
" التنزيه : عبارة عن انفراد الذات بأسماء وأوصاف وأفعال يستحق بشأنه من غير مشاركة لها بغيرها "  .

يقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار:
" التنزيه عند أهل الحقيقة : أن لا تشرك معه في حكم سواه ، بل التنزيه : أن لا ترى إلا إياه ، بل التنزيه : أن لا تحكم بأنك تراه " .

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" كل ما ورد في الكتاب والسنة من التنزيه فمحله : مرتبة التجرد عن المظاهر من اسمه تعالى الباطن " 
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" وجود تنزيه الحق مطلقا عن صفات الخلق لا يعول عليه، فإنه يؤدي إلى نفي ما أثبته ورفعه".

يقول الشيخ الحسين بن منصور الحلاج في تنزيه الإلهية:
" من ظن أن الإلهية تمتزج بالبشرية أو البشرية تمتزج بالإلهية فقد كفر ،
فإن الله تعالى تفرد بذاته وصفاته عن ذوات الخلق وصفاتهم ، فلا يشبههم بوجه من الوجوه ، ولا يشبهونه بشيء من الأشياء ،
وكيف يتصور الشبه بين القديم والمحدث، ومن زعم أن البارئ في مكان أو على مكان أو متصل بمكان أو يتصور على الضمير أو يتخايل في الأوهام أو يدخل تحت الصفة والنعت أشرك " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" حقيقة التنزيه : إنما هي لله ، فانه المنزه لذاته ، والعبد لا يكون منزها أبدا ولا يصح ، وإن تنزه عن شيء ما لم يتنزه عن شيء آخر ، فمن حقيقته أنه لا يقبل التنزيه " .

يقول الشيخ أبو علي بن الكاتب :
" المعتزلة نزهوا الله تعالى من حيث العقول فأخطأوا ، والصوفية نزهوه تعالى من حيث العلم فأصابوا " .

يقول الشيخ محمد أبو المواهب الشاذلي :
" حضرة التنزيه : هي حضرة نفي السلوب ، وإثبات الوجوب  ".

يقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار :
"النعلين : هما التشبيه والتنزيه " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" خلع النعلين : إشارة لزوال شفعيه الإنسان " . "" يقصد بالشفعية : التشبيه والتنزيه""

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني علم تنزيه الحق تعالى عن التشبيه :
" هو من علوم القوم الكشفية ، ومنه يعلم بيان أنه لا يصح التشبيه بالإله جملة عند المحققين ، وأنه لم يقل به من الحكماء إلا من لا معرفة له بالحقائق ، فلا ينبغي قول من قال أنه ينبغي التشبيه بالإله  ."


يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" تنزيه الشرع : هو المفهوم في العموم من التعالي عن المشارك في الألوهية " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" ثمرة التنزيه الشرعي : نفي الاشتراك في مرتبة الألوهية ، ونفي المشابهة والمساواة في الصفات الثبوتية مع الاشتراك فيها " .


يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" تنزيه العقل : هو المفهوم في الخصوص من تعاليه تعالى عن أن يوصف بالإمكان " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" ثمرة التنزيه العقلي : تنزيه الحق عما يسمى غيرا أو سوى بالصفات السلبية ، حذرا من نقائص مفروضة في الأذهان غير واقعة في الأعيان " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" تنزيه الكشف : هو المشاهدة لحضرة إطلاق الذات المثبت للجمعية للحق " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" ثمرة التنزيه الكشفي : هو إثبات الجمعية للحق مع عدم الحصر ، ومع تميز أحكام الأسماء بعضها عن بعض ، إذ لا يصح أن يضاف كل حكم إلى كل اسم ، ولهذا فإن من الأحكام الثابتة لبعض الأسماء ما يستحيل إضافته إلى أسماء آخر ، وهكذا الأمر في الصفات .
ومن ثمرات التنزيه الكشفي أيضا : نفي السوى مع بقاء حكم العدد دون فرض نقص بسلب أو تعلق كمال يضاف إلى الحق بإثبات مثبت ، توحيدا كان ذلك الكمال أو غيره من الصفات " .


يقول الشيخ في التشبيه والتنزيه من طريق المعنى في الفتوحات الباب التاسع والعشرون :
" وأما العلم النافع في ذلك أن نقول كما أنه سبحانه لا يشبه شيئا كذلك لا تشبهه الأشياء
وقد قام الدليل العقلي والشرعي على نفي التشبيه وإثبات التنزيه من طريق المعنى
وما بقي الأمر إلا في إطلاق اللفظ عليه سبحانه الذي أباح لنا إطلاقه عليه في القرآن أو على لسان رسوله
فأما إطلاقه عليه فلا يخلو إما أن يكون العبد مأمورا بذلك الإطلاق فيكون إطلاقه طاعة فرضا ويكون المتلفظ به مأجورا مطيعا مثل قوله في تكبيرة الإحرام" الله أكبر" وهي لفظة وزنها يقتضي المفاضلة وهو سبحانه لا يفاضل
وإما أن يكون مخيرا فيكون بحسب ما يقصده المتلفظ وبحسب حكم الله فيه
وإذا أطلقناه فلا يخلو الإنسان إما أن يطلقه ويصحب نفسه في ذاك الإطلاق المعنى المفهوم منه في الوضع بذلك اللسان
أو لا يطلقه إلا تعبدا شرعيا على مراد الله فيه من غير أن يتصور المعنى الذي وضع له في ذلك اللسان
كالفارسي الذي لا يعلم اللسان العربي وهو يتلو القرآن ولا يعقل معناه وله أجر التلاوة
كذلك العربي فيما تشابه من القرآن والسنة يتلوه أو يذكر به ربه تعبدا شرعيا على مراد الله فيه من غير ميل إلى جانب بعينه مخصص

فإن التنزيه ونفي التشبيه يطلبه أن وقف بوهمه عند التلاوة لهذه الآيات
فالأسلم والأولى في حق العبد أن يرد علم ذلك إلى الله في إرادته إطلاق تلك الألفاظ عليه إلا إن أطلعه الله على ذلك وما المراد بتلك الألفاظ من نبي أو ولي محدث ملهم عَلى بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ فيما يلهم فيه أو يحدث فذلك مباح له بل واجب عليه أن يعتقد المفهوم منه الذي أخبر به في الهامة أو في حديثه

وليعلم أن الآيات المتشابهات إنما نزلت ابتلاء من الله لعباده
ثم بالغ سبحانه في نصيحة عباده في ذلك ونهاهم أن يتبعوا المتشابه بالحكم
أي لا يحكموا عليه بشيء فإن تأويله لا يعلمه إلا الله
وأما الرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ إن علموه فبإعلام الله لا بفكرهم واجتهادهم
فإن الأمر أعظم أن تستقل العقول بإدراكه من غير إخبار إلهي فالتسليم أولى
والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ . " أهـ


يقول الشيخ في الباب الثالث والسبعون في الإجابة على السؤال الثالث والعشرون ومائة :
" ومن هنا وجد في العالم الأمور المبهمة لأنه ما من شيء في العالم إلا وأصله من حقيقة إلهية
ولهذا وصف الحق نفسه بما يقوم الدليل العقلي على تنزيهه عن ذلك فما يقبله إلا بطريق الايمان والتسليم ومن زاد فبالتأويل على الوجه اللائق في النظر العقلي
وأهل الكشف أصحاب القوة الإلهية التي وراء طور العقل يعرف ذلك كما تفهمه العامة ويعلم ما سبب قبوله لهذا الوصف مع نزاهته بليس كمثله شيء
وهذا خارج عن مدارك العقول بأفكارها
فالعامة في مقام التشبيه
وهؤلاء "أهل الكشف " في التشبيه والتنزيه
والعقلاء في التنزيه خاصة فجمع الله لأهل خاصته بين الطرفين.
فمن لم يعرف القبضة هكذا فما قدر الله حق قدره
فإنه إن لم يقل العبد إن الله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فما قدر الله حق قدره
وإن لم يقل إن خلق آدم بيده فما قدر الله حق قدره
وأين الانقسام من عدم الانقسام وأين المركب من البسيط
فالكون يغاير مركبه بسيطه وعدده توحيده وأحديته والحق عين تركيبه عين بسيطه عين أحديته عين كثرته من غير مغايرة ولا اختلاف نسب
وإن اختلفت الآثار فعن عين واحدة
وهذا لا يصح إلا في الحق تعالى
ولكن إذا نسبنا نحن بالعبارة فلا بد أن نغاير كان كذا من نسبة كذا وكذا من نسبة كذا لا بد من ذلك للأفهام " أهـ.


يقول الشيخ في الباب السادس والتسعون وأربعمائة :
" فكما سبح الله نفسه عن التشبيه سبح الممكن نفسه عن التنزيه لما في التشبيه والتنزيه من الحد فهم بين مدخل ومخرج
وما ظفر بالأمر على ما هو عليه إلا من جمع بينهما فقال بالتنزيه من وجه عقلا وشرعا
وقال بالتشبيه من وجه شرعا لا عقلا
والشهود يقضي بما جاءت به الرسل إلى أممها في الله فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومن شاءَ فَلْيَكْفُرْ
فكل واصف فإنما هو واقف مع نعت مخصوص
فينزه الله نفسه عن ذلك النعت من حيث تخصيصه لا من حيث إنه له
فإن له أحدية المجموع لا أحدية كل واحد من المجموع . " أهـ

مصطلح الحية
في اللغة :" حية :رتبة من الزواحف كالثعبان والأفعى وغيرهما " .


في الاصطلاح الصوفي
يقول الباحث محمد غازي عرابي:
" تحويل العصا إلى حية رمز المعرفة اللدنية ، إذ الحية رمز الحكمة " .


يرى الشيخ محيي الدين ابن العربي أن :
الجلوة إنما تبتدي بعد الخلوة ، ذلك أن الجلوة هي خروج العبد من الخلوة بالنعوت الإلهية .
ومن المعروف حديثا عند أعضاء الطرق الصوفية أن الجلوة تعبير عن نعم الله ، من الفتوح ، والكشوف ، وخوارق العادات ، والتجليات التي تظهر على قلوب المريدين ، والمعروف أيضا أن الشيطان يظهر للمريد المبتدىء في الخلوة في صور متعددة كترغيب في محظور ، أو ترهيب في شكل حية رقطاء ، أو ثعبان ضخم ، يريد أن يفترسه  
ويقاوم المريد هذا الشيطان الماكر بالذكر والتأمل والصمت ومخالفة النفس والجوع ، والسهر ، والدعاء ، وقراءة الورد ، بشكل منتظم حتى ينتصر على أعداء الله ويغلب على حاله الرجاء بعد الخوف ، والأمن بعد الرهبة ، فإذا ظهر له الشيطان في أي صورة هزمه وصرعه ، لأنه يشعر بأن الله معه .
ثم إذا خرج من الخلوة يخرج متصفا بالكمالات الأخلاقية وهذا ما يقصد إليه الشيخ الأكبر من أن المريد يخرج من الخلوة متصفا بالنعوت الإلهية وهي جميعا من الله فيظهرها عليه ،

وهذا ما نجده عند بعض أفراد الطريق من قدرات خارقة في الجلوات كخرق سلك في خد المريد وخروجه من الجانب الآخر دون تأثير مادي أو ترك اثر أو سقوط نقطة من دم ، ولا يجد العلم تفسيرا لهذه الظاهرة التي يجدها في الجلوات .

وكذلك نرى أن بعض مريدي الرفاعية ، لا يخافون الثعابين ، وفي رأينا أن الثعبان يمثل النفس الأمارة ، فإذا روض الثعبان فمعنى ذلك القدرة على ترويض وتأديب النفس والشيطان جميعا " .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:09 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 8:45 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثانية :-                                           الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )
22   - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
هذا فص الحكمة الإلياسية ، وهي الحكمة الإدريسية المتقدمة فذكرها فيما مر بنصف المعرفة وهنا بنصف المعرفة لاختلاف الاسمين لها فذكر لها اسم إلياس هنا ،
لأنه سيذكر في هذا الفص أن اللّه تعالى أنشأها مرتين كان نبيا قبل نوح عليه السلام ، ثم رفع وهو أمر فصها الأوّل ثم نزل رسولا بعد ذلك وسمى إلياس وهو حال هذا الفص فذكره بعد حكمة زكريا عليه السلام ،
لأن الكلام فيها عن إلياس عليه السلام أنه صار عقلا مجردا عن الشهوة وهو من رحمة اللّه تعالى كما أن زكريا عليه السلام كان عين الرحمة بحكم قوله تعالى : ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا( 2 ) [ مريم : 2].
 
فهو أقرب منه ولهذا قدمه ، وإلياس يليه بالرتبة الملكية وهو المكان العلي الذي رفعه اللّه تعالى إليه من كونه بشرا سويا واسمه إدريس وإلا فإن النبي أرفع من الملك ومن هنا كان يقول النبي صلى اللّه عليه وسلم عند موته اللهم الرفيق الأعلى وعرج به في أطباق السماوات وهو عليه السلام أفضل من الكل وأشرف .
 
(فص حكمة إيناسية) أي منسوبة إلى الإيناس وهو حصول الأنس ضد الوحشة (في كلمة إلياسية).
إنما اختصت حكمة إلياس عليه السلام بكونها إيناسية لأنها من مقام الملائكة أصحاب العقول المجردة عن الشهوات الجسمانية فلها الاستئناس باللذائذ الروحانية والمحبة الربانية في شهود الجمال الرحماني والكمال الصمداني في حضرات المعاني على نغمات الأدوار الأمرية برنات المثاني .
 
قال رضي الله عنه :  ( إلياس وهو إدريس عليه السّلام كان نبيّا قبل نوح عليه السّلام ، ورفعه اللّه مكانا عليا ، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشّمس ، ثمّ بعث إلى قرية بعلبك ، وبعل اسم صنم ، وبك هو سلطان تلك القرية . وكان هذا الصّنم المسمّى بعلا مخصوصا بالملك وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثّل له انفلاق الجبل المسمّى لبنان - من اللّبانة وهي الحاجة - عن فرس من نار ، وجميع آلاته من نار . فلمّا رآه ركب عليه فسقطت عنه الشّهوة ، فكان عقلا بلا شهوة ، فلم يبق له تعلّق بما تتعلّق به الأغراض النّفسيّة . )
 
إلياس النبي المشهور هو إدريس عليه السلام .
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه اللّه تعالى في تفسير سورة مريم عند قوله تعالى :وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ[ مريم : 56 ] هو أخنوخ جد أبي نوح أوّل مرسل بعد آدم عليه السلام ، وأوّل من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والهيئة وخاط اللباس ، واتخذ الموازين والمكاييل والأسلحة فقاتل بني قابيل ، وسمي به لكثرة درسه وقيل : هو إلياس انتهى .
 
وفي صحيح البخاري في كتاب الأنبياء عليهم السلام ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس رضي اللّه عنهم أن إلياس هو إدريس .
وقال الزركشي في شرح البخاري قلت : لكن ظاهر القرآن يدل على أنه غيره وهو قوله تعالى في سورة الأنعام :وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ[ الأنعام : 84 ] إلى قوله :وَإِلْياسَ فهذا تصريح بأن إلياس من ذرية نوح ، وأجمعوا على أن إدريس كان قبل نوح فكيف يستقيم أن يقال إنه إلياس . وقد أشار إلى ذلك ألبغوي في تفسيره ، انتهى .
 
وقرأت في هامش شرح الزركشي بخط بعض العلماء نقل هذا الإجماع باطل .
وقال البيضاوي في نفسيره وإلياس قيل هو إدريس جد نوح فيكون البيان ، أي بيان ذرية نوح في الآية مخصوصا بمن في الآية الأولى يعني التي آخرها وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ[ الأنعام : 84 ] . وقوله تعالى :وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ[ الأنعام : 85 ].
معطوف على قوله وَنُوحاً هَدَيْنا.
قال البيضاوي : قيل هو يعني إلياس من أسباط هارون أخي موسى ، انتهى .
 
وهو الجواب عن إيراد الزركشي ، وفي حديث الجامع الصغير للسيوطي برواية ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « الخضر هو إلياس » « أورده السيوطي في الدر المنثور ، وعزاه إلى ابن مردويه عن ابن عباس » .
وقال الشارح المناوي رحمه اللّه تعالى أن الخضر لقبه واسمه هو إلياس وهو غير إلياس لمشهور ، فقد اشتهر بلقبه وذلك باسمه ، فلا تدافع بينه وبين ما بعده من قوله عليه السلام : " الخضر في البحر وإلياس في البر » .
يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ، ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل برواية الحارث بن أبي أسامة عن أنس رضي اللّه عنه .
وفي الشرح المذكور عند حديثه إنما سمي الخضر خضرا لأنه جلس على فروة وهي وجه الأرض فاخضرت .
قال : وهو صاحب موسى عليه السلام الذي أخبر عنه القرآن بتك الأعاجيب ، وأبوه ملكان بفتح فسكون ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح .
وقيل : هو ابن حلقيا وقيل : ابن قابيل بن آدم وقيل : ابن فرعون صاحب موسى عليه السلام وهو غريب . وقيل : أمه رومية وأبوه فارسي .
وقيل : هو ابن آدم عليه السلام لصلبه ، وقيل : الرابع من أولاده ، وقيل : هو ابن خالة ذي القرنين ووزيره . انتهى .
 
فتحصل من هذا أن إلياس :
يجوز أن يكون مشتركا بين الخضر اسمه إلياس وبين إلياس النبي المشهور ،
ويجوز أن يكون المراد بإلياس الذي ذكر في القرآن في الآية السابقة : أنه من ذرية نوح عليه السلام هو الخضر الذي ذكره اللّه تعالى أيضا في قصة موسى عليه السلام بقوله :فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً( 65 ) [ الكهف : 65 ] ،
وهو من ذرية نوح عليه السلام ، فسماه في موضع باسمه إلياس ووصفه بصفة العبودية في موضع آخر ، وهو غير إلياس المذكور في القرآن أيضا في قوله تعالى :وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ( 123 ) [ الصافات : 123 ] .
 
كما أنه تعالى ذكر يوسف بن يعقوب في سورته ، وذكر في موضع آخر قوله تعالى :وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ [ غافر : 34 ] الآية .
وهي من قول موسى : " من آل فرعون " فيوسف هذا بعد يوسف بن يعقوب فهو غيره ، وكذلك ذكر اللّه تعالى يونس في القرآن في موضع آخر ذا النون فقال سبحانه : وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً[ الأنبياء : 87 ] الآية .
فلا يصح إيراد الزركشي الذي ذكر سابقا ، وصح قول ابن مسعود وابن عباس رضي اللّه عنهم : أن إلياس هو إدريس عليه السلام يعني غير إلياس الملقب بالخضر المذكور في سورة الأنعام أنه من ذرية نوح عليه السلام ،
كيف وابن عباس رضي اللّه عنهما ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو ترجمان القرآن وقد دعا له ابن عمه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقوله : « اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل » « رواه أحمد في المسند » ،
 
أي تأويل القرآن ، فهو أدرى بالقرآن من غيره فقوله : بأن إلياس هو إدريس عليه السلام أصح الأقوال خصوصا وقد وافقه ابن مسعود خادم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وغيره أيضا ، وجاء الكشف الصحيح المؤيد بالكتاب والسنة بذلك من حضرة المصنف قدس اللّه سره ، وجعل فرادس الجنان مقره .
وذكر الملا عبد الرحمن الجامي قدس اللّه سره في رسالته في تحقيق مذهب الصوفية والمتكلمين والحكماء المتقدمين .
 
قال : ثم لا يخفى على من تتبع معارفهم يعني الصوفية المثبوتة في كتبهم أن ما يحكى عن مكاشفاتهم ومشاهداتهم لا يدل إلا على إثبات ذات مطلقة محيطة بالمراتب العقلية والغيبية ، منبسطة على الموجودات الذهنية والخارجية ، ليس لها تعين يمتنع معه ظهورها مع تعين آخر من التعينات الإلهية والخلقية ، فلا مانع أن يثبت لها تعيين يجامع التعينات كلها ، لا ينافي شيئا منها وتكون عين ذاته غير زائدة عليه لا ذهنا ولا خارجا ،
إذا تصوّر العقل هذا التعين امتنع عن فرضه مشتركا بين كثيرين اشتراك الكلي بين جزئياته ، لا أن عين تحوّله وظهوره في الصور الكثيرة والمظاهر الغير المتناهية علما وعينا وغيبا وشهادة بحسب النسب المختلفة والاعتبارات المتغايرة ،
واعتبر ذلك بالنفس الناطقة السارية في أقطار البدن وحواسها الظاهرة وقواها الباطنة بل بالنفس الناطقة الكمالية ، فإنها إذا تحققت بمظهرية الاسم الجامع كان التروحن من بعض حقائقها اللازمة فتظهر في صور كثيرة من غير تقيد وانحصار ، فتصدق تلك الصورة عليها وتتصادق لاتحاد عينها كما تتعدد لاختلاف صورها ،
ولذا قيل في إدريس عليه السلام إنه هو إلياس المرسل إلى بعلبك لا بمعنى أن العين خلع الصورة الإدريسية ولبس الصورة الإلباسية ،
وإلا كان قولا بالتناسخ بل إن هوية إدريس مع كونها قائمة في آنيته وصورته في السماء الرابعة ظهرت وتعينت في آنية إلياس الباقي إلى الآن ، فيكون من حيث العين والحقيقة واحدا ومن حيث التعين الصوري اثنين ، كتحوّل جبرائيل وميكائيل وعزرائيل عليهم السلام يظهرون في الآن الواحد في مائة ألف مكان بصور شتى كلها قائمة بهم ،
وكذلك أرواح الكمل كما يروى عن قضيب البان الموصلي رحمة اللّه تعالى عليه أنه كان يرى في زمان واحد في مجالس متعددة مستقلا في كل منها بعين ما في الآخر ، ولما لم يسع هذا الحديث أوهام المتوغلين في الزمان والمكان تلقوه بالرد والعناد وحكموا عليه بالبطلان والفساد .
 
وأما الذين منحوا التوفيق للنجاة من هذا الضيق فلما رأوه متعاليا عن الزمان والمكان علموا أن نسبة جميع الأزمنة والأمكنة إليه نسبة واحدة متساوية ، فجوّزوا ظهوره في كل زمان وكل مكان بأي شأن شاء وبأي صورة أراد كان ،
 
أي إلياس (عليه السلام نبيا قبل نوح عليه السلام) وهو إدريس ولهذا قال فيه (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) [ مريم : 57 ] . قال تعالى :وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا ( 56 ) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا( 57 ) [ مريم : 56 - 57 ] ،
فهو ، أي إدريس عليه السلام في قلب الأفلاك السبعة السماوية ساكن وهو ، أي قلب الأفلاك فلك الشمس وهو الفلك الرابع فوقه ثلاث أفلاك وتحته ثلاث أفلاك ثم بعث ،
أي بعثه اللّه تعالى إلى قرية بعلبك وسماه تعالى باسم إلياس ،
قال سبحانه :وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 123 ) إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ ( 124 ) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ ( 125 ) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ( 126 ) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ( 127 ) إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ( 128 ) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ( 129 ) سَلامٌ عَلى إِل‌ْياسِينَ ( 130 ) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 131 ) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ( 132 ) [ الصافات : 123 – 132].
 
)وبعل اسم صنم وبك هو سلطان تلك القرية( المعروفة بالقرب من دمشق الشام )وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك( يعبده من دون اللّه والقوم يدعونه في حوائجهم )وكان إلياس الذي هو إدريس عليه السلام قد مثل( بالبناء للمفعول ، أي مثل اللّه تعالى له انفلاق الجبل المسمى بجبل لبنان في بلاد البقاع وهو معروف الآن .
حتى ذكر جدنا العلامة الشيخ إسماعيل بن النابلسي في حاشيته على تفسير البيضاوي في سورة هود عليه السلام : أن نوحا عليه السلام كانت سفينته من العاج وهو شجر عظيم يجلب من بلاد الهند وقيل : من خشب الصنوبر .
وفي تفسير القرطبي عن عمر بن الحارث أنه قال :
عمل نوح عليه السلام سفينته ببقاع دمشق وقطع خشبها من جبل لبنان وهو مشتق (من اللّبانة) بالضم والتخفيف (وهي الحاجة عن فرس) روحاني له جسد (من نار وجميع آلته) كالآكاف واللكام والركاب والحزام من نار أيضا هي وفرس الحياة التي نزل جبريل عليه السلام راكبا عليها حتى قبض السامري في بني إسرائيل قبضة من أثرها فوضعها في العجل من الذهب فصار له خوار ، وإنما انفلق جبل لبنان لإدريس عليه السلام الذي هو إلياس عن جسدها الناري القائم بروحها النورانية التي نزل بها جبرائيل عليه السلام ، فالروحاني حظه منها الجزء الروحاني والجسماني حظه منها الجزء الجسماني .
(فلما رآه) ، أي رأي إدريس عليه السلام ذلك الفرس (ركب عليه فسقطت عنه) ، أي عن إدريس عليه السلام (الشهوة) الجسمانية شهوة البطن والفرج فلم يحتج إلى الأكل والشرب والجماع (فكان عقلا) محضا (بلا شهوة) بمنزلة الملائكة عليهم السلام وكان له صيام الدهر من المقام الصمداني ( فلم يبق له تعلق به بما تعلق الأغراض النفسية) والطبيعة البشرية ولهذا رفعه اللّه تعالى إلى قلب الأفلاك يعبد اللّه تعالى مع الملائكة عليهم السلام بالتسبيح والتقديس .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )
22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
اعلم أن إلياس عليه السلام لما أنس الملائكة وخالطهم بحسب مزاجه الروحاني وأنس الإنسان بحسب مزاجه العنصري أورد الحكمة الايناسية في كلمته
فبين في هذا الفص التنزيه والتشبيه ، فالتنزيه من جهة ملكيته والتشبيه من جهة بشريته فتم له الأمر و ( إلياس هو إدريس ) وكون إلياس هو إدريس معلوم له من الكشف الإلهي إذا أطلعه اللّه أعيان رسله من آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام وما ذكر في كتب التفاسير من قصة إدريس وإلياس وإن دل على تغاير الأحوال لكن لا يدل قطعيا على تغايرهما في المسمى فسمي بإلياس بعد البعثة إلى قرية بعلبك .
 
قال المفسرون وهو إلياس بن ياسين سبط هارون أخي موسى بعث بعده ،
وقيل هو إدريس لأنه قرئ إدريس وإدراس مكان إلياس وكشف الشيخ وافق الأخير
فإدريس ( كان نبيا قبل نوح ورفعه اللّه مكانا عليا وهو ) أي إدريس ( في قلب الأفلاك ) متعلق
 
بقوله رضي الله عنه : ( ساكن وهو ) أي قلب الأفلاك ( فلك الشمس ثم بعث إلى قرية بعلبك وبعل اسم صنم وبك هو سلطان تلك القرية وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة وهي الحاجة )
قوله ( عن فرس ) يتعلق بانفلاق أي انفرج الجبل فخرج منه فرس ( من نار وجميع الآية من نار فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة فكان عقلا بلا شهوة فلم يبق له تعلق بما يتعلق به الأعراض النفسية )
أما الفرس فهو النفس الناطقة المجردة مركب الروح المجردة وكون جميع الآية ناريا حرارة الشوق بجميع قواه إلى لقاء اللّه وركوبه تصرفه في عالم المجردات وانعزاله عن مركب النفس الحيواني لذلك سقطت عنه الشهوة فأثر الركوب عليه في حيوانية فقطع تعلقه بالأغراض النفسية التي كانت بسبب الحقيقة الحيوانية فكان هذا الفرس نورا على صورة النار
كل ذلك من غلبة نور القدس على روحه وجميع قواه لذلك آنس الملائكة وخالطهم فسبح الحق وقدسه تقديسهم وتسبيحهم.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )
قال رضي الله عنه :  ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس. ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار. فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )
 
قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق وما ذكره بعد ظاهر.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية.
وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )
 
22 - فصّ حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
قد ذكرنا سبب استناد هذه الحكمة إلى الكلمة الإلباسية ، وسنزيدها بيانا في شرح المتن .
" نشأته عليه السّلام روحانية على وجه لا يقبل تأثير الموت ، فانفلق له جبل لبنان من لبانته في صورة فرس من نار ، فأنس بها وآنسها ، فأمر بالركوب عليها ، فركبها ، فنسب حكمته إلى إيناس نور أحدية الجمع في صورة نارية الفرق على ما يأتي ."
قال رضي الله عنه  : ( إلياس هو إدريس كان نبيّا قبل نوح ، ورفعه الله ( مَكاناً عَلِيًّا ) فهو في قلب الأفلاك ساكن ، وهو فلك الشمس ، ثمّ بعث إلى قرية بعلبكّ، و« بعل » اسم صنم و« بك » هو سلطان تلك القرية ، وكان هذا الصنم المسمّى بعلا مخصوصا بالملك ) .
قال العبد : اعلم أنّ النفوس المفارقة هياكلهم بالمسمّى نونا  وهو مفارقة لطيفهم عن كثيفهم كما ذكرناه مرارا ،
وبتناسب ذلك الافتراق أنّه لغلبة حكم ما به يباين اللطيف الكثيف، وعدم وفاء قوّة الكثيف من حيث هو كذلك واقتضائه بمظهرية اللطيف وبقائه معه مدّة حياته وبقائه ،
فلا مناسبة تجمع بين اللطيف والكثيف إلَّا سرّ أحدية جمع " كلّ شيء فيه كلّ شيء " وأنّ في اللطيف كثافة معنوية من حيث تراكم كثرة حقائقها النسبية وتضاعف قواها ،
فإنّ ذلك كثافة معنوية ، فبهذه المناسبة جمع الله بين هذا اللطيف الروحاني والكثيف الجسماني ، فنزّل الله اللطيف إلى الكثيف ، وأظهر تلك الكثافة المعقولة في اللطيف الأحديّ بإظهار قواه المتكثّرة ،
وأوحى إلى النفس بأن تكمل نشأة الكثيف في قيام مظهريته لحقائق اللطيف وخصائصه بجزئيّات مظهرياتها الخصيصة بكلّ عضو ، فنزل اللطيف بأمر الله القدير القاهر لطفا ، وتكيّف بكيفية الكثيف فيسمّى نفسا أمّارة ،
لكونها آمرة بالوحي الإلهي لقواها وحقائقها أن تظهر حقائق الجسم الكثيف وخصائصها تماما أوّلا لتعمير العالم الكثيف وإظهار ما أودع الله فيه من كامنات أسراره،
ولم يكن يتأتّى ذلك إلَّا بجلب ما فيه منفعة الكثيف ودفع مضرّته ، فخلق الله في النفس الشهوة والغضب ، فاشتهت ما فيه بقاء صورته النوعية ، وغضبت لما فيه دفع ما يضرّه ويضرّها من جهته .
 
فهذه النفس المسمّاة أمّارة عرفا شرعيّا مأمورة أوّلا بما تأمّر ، فما أمرت إلَّا بما أمرت وأمّرت ، فظهر من حقيقتي الشهوة والغضب المستندتين في علم الحقائق إلى الرضي والغضب الإلهيين ، فلا تنس ولا تغفل عن أصول الحقائق الكونية في الحقائق الإلهية .
 
وتعيّن روحان لمظهريتهما وهما :
الروح الطبيعي الذي صورته الدم ،
والروح الحيواني الذي صورته البخار اللطيف الكائن في أحد تجويفي القلب الصنوبري الجسماني ، لا القلب الإلهي ، وفي التجويف الآخر جوهر الروح الطبيعي ، فينتشران من الأبهرين إلى أعالي أعضاء الهيكل وأسافلها في الشرايين والأوردة ، فخلقت صور الأعضاء الإلَّيّة  والأعضاء المتشابهة الأجزاء ، وظهرت القوى المسمّاة جسمانية من وجه ونفسانية من آخر بالأصالة في هذه الأعضاء ، فسبحان اللطيف ، المتجلَّي بحقائق اللطف ودقائق القوّة ورقائق الحياة ، العليم بما يخلق ، الخبير بما يفعل .
 
وظهرت الجاذبة والمشتهية من الروح الشهويّ ، والماسكة والهاضمة والمحيلة - أي المغيّرة - والغاذية والمولَّدة والمصوّرة والمشبّهة ، ولها جزئيّات تفريعية لم تسمّ في الحكمة العرفية ، فإنّهم اقتصروا على الأبين الأظهر الأجمع منها لسائرها رحمهم الله .
 
وهذان الروحان مخصوصان مأموران بخدمة هذا الهيكل الشريف الإلهي الذي هو بنيان الربّ اللطيف ، وموسومان بتعميره وتدبيره العمليّ من قبل النفس بهما ، ولكن هذا التدبير العملي للنفس من حيث القوّة العملية التي هي ذاتية لها ، وإنّما يتيسّر ويتأتّى لها ذلك بالتدبير العملي من حيث قوّتها العلمية التي هي أيضا ذاتية للنفس ،
 
وهي أصل القوّة العملية في الحقيقة ، وهي أخصّ بالنفس من حيث روحانيتها وجوهريتها ونورانيتها ، فخلق الله للقوى الخصيصة بالنفس من حيث روحانيتها الروح النفسانيّ من أحدية جمع الروحين الأوّلين ، وجعلهما مركبين وخادمين له ، وعيّن مظاهرها في أعضاء أعالي البدن ، وجمع جميع قوى هذا الروح النفسانيّ الروحانيّ النوراني في عشر قوى كلية :
خمسة منها باطنة مخصوصة بالروح الإنساني الظاهر في النفس المطمئنّة وهي :
المصوّرة ( أعني المتخيّلة )
والمفكَّرة ،
والحافظة ،
والذاكرة ،
والعاقلة الناطقة .
ثمّ الوهم ينتشي بين المتخيّلة والمتفكَّرة ، وينتشي القوّة المصوّرة للصور الذهنيّة والخياليّة ، وينتشي من العاقلة الناطقة ، وهي كمالها .
 
وخمسة ظاهرة وهي : الشمّ ، والذوق ، واللمس ، والسمع ، والبصر ،
وفي هذه المباحث مباحث جمّة عرفت في الحكمة الرسميّة من حيث ظاهرها ورسمها ، وأشرنا إلى بعض حقائقها في الفصّ الآدميّ ، فتأمّل ذلك منه ، إن شاء الله تعالى . فظهرت قوى النفس الناطقة لتكميل تعمير هيكله ، فدبّرت وفكَّرت وأقبلت وأدبرت ، حتى قامت الممكنة .
 
ثمّ انقسمت النفوس بموجب ما أراد الله به المدبّر الحكيم العليم إلى صنفين :
صنف غلَّبوا الروح النفسانيّ الروحاني الإلهي على الروح الطبيعي الشهواني ، وعلى الروح الغضبي الحيوانيّ ، وأقاموهما في خدمة الروح النفساني ، فدبّرت أمر هذا الهيكل على الوجه الأعدل وعمّرته بالأفضل الأكمل ، فظهرت الحقائق الروحانية النورانية ، وتبيّنت الدرج والدقائق الإلهية والرحمانية والإنسانية .
 
وهذا الصنف صنفان :
صنف منهم غلَّبوا القوى الروحانيّة على القوى الجسمانيّة بالكلَّية ، فاستهلكت القوى الغضبيّة والشهوية بالكلَّية ، وداوموا بالحكمة والموعظة الحسنة على الهوى والنفس الأمّارة بالسوء ، حتى غيّروها وأحالوها إلى الحقائق الروحانية ،
 
والخصائص النفسانيّة الإنسانية ، وواظبوا على الرياضات والمجاهدات الدائمة ، حتى تنوّرت هياكلهم ، وتطهّرت عن التلوينات البشرية ، فصارت هياكلهم روحانيّات ، وأنفسهم وأرواحهم نورانيات ربّانيّات ، وعادوا بمقتضى حقائقهم أرواحا قائمة ،
وحصلوا فوق الحيوانية البهيمية والسبعية ، وتجاوزوا مقام الموت ، فهم أحياء لا يموتون أبدا ، وهياكلهم لطائف الجوهر الجسميّ ، المتروحنة روحانية ، فقطعوا البرازخ الخصيصة بالنفوس البشرية والأجسام .
 
وكان إدريس عليه السّلام منهم ، فتروحن كما ذكرنا من قبل ، ونذكر أيضا عن قريب ما بقي من التتمّة في موضعه ، إن شاء الله تعالى .
 
والصنف الثاني منهم قصدوا الاقتصاد ، فلم يغلَّبوا روحانيّتهم على جسمانيّتهم بحيث تستهلك القوى الجسمانية ، فتحيلها إلى الجوهر الروحاني ، ولكن عدّلوها وقوّموها وثقّفوها بالسياسة الإلهية الشرعية والحكمية ، وما عطَّلوا قوّة من القوى الشهوية والغضبية ، وما بطلوها ،
وإنّما صرفوا أخلاقها - المسمّاة في الحكمة الرسمية رذائل إلى المصارف المستحسنة عقلا وشرعا وعرفا ، فصارت كلَّها فضائل وأخلاقا إلهية،
 
فأولئك الَّذين  "يُبَدِّلُ الله سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ " وهم أهل الاقتصاد والسداد ، ومنهم الكمّل المقرّبون من الأنبياء والأولياء أرباب الكمال ، وكملت المقابلات العبدانية والأخلاق الإلهية ، والمراتب الروحانية والكمالات النورانية في هذين الصنفين ،
وهم : الرسل والخلفاء ، والأولياء والعلماء والحكماء الإلهيّون ، لا غير .

ثمّ انقسم الصنف الباقي أيضا إلى صنفين ، وكلاهما غلَّبوا النفس الأمّارة بالسوء والهوى على العقل والروح ، وأسروا الروح النفسانيّ ، واستعملوا قواه بموجب الهوى في تحصيل الكمالات الوهميّة الجسمانية الحيوانية ، فغلبوا واستولوا بالكليّة على هذه الممكنة الهيكلية ، وازدوجت النفس من كونها أمّارة بالهوى ، فالصنف الواحد منهم غلَّبوا الشهوة على الغضب بعد تغليبها على الروح النفساني الإنساني ، فتولَّدت الأخلاق الرذلة البذلة ،
وهي المعقّبات المذكورة في كتب الإمام حجّة الإسلام ، أبي حامد محمد الغزالي رحمه الله .
وأمّهاتها : الحرص ، والشره ، والبخل ، والطمع ، والحسد ، والذلَّة ، والخسّة ، والخور ، والجزع ، والفزع ، والجبن ، والهلع ، والفشل ، والكسل ، والركَّة ، والوضاعة ، وما شاكلها وانتشى منها ممّا لا يحصي جزئياتها إلَّا الله .
 
والصنف الآخر غلَّبوا القوّة الغضبيّة على الشهوية بعد تغليبهما معا على الروح النفساني وقواه ، فظهر منها : التهوّر ، والظلم ، والجور ، والاستيلاء ، والاستعلاء ، والإيذاء ، والقهر ، والحقد ، والحميّة الجاهلية ، والنخوة ، والخيلاء ، والقساوة ، والجسارة ، والشكاسة ، والقتل ، وأمثالها . وإذا اعتدل ، فالشجاعة ، والشهامة ، والنبالة وأمثالها .
 
ثم تولَّدت من بين هاتين القوّتين بالمطابقات والموافقات الواقعات بينها وبين قواها في أشخاص هم مظاهرها أخلاق شيطانية : كالتخويف ، والخوف من الفقر ، والحزن على فوت الأغراض الدنياويّة ، والاستعلاء ، والاستكبار ، والتفاخر ، والتكاثر بالمال والجاه ، والمراء ، والجدل بالباطل ، والكفر ، والشرك والتثبيط  في الطاعات والعبادات ، والمنع والامتناع من الذكر والفكر والصلاة ، وإيقاع العداوة بين الأحبّاء والأصدقاء والمؤمنين والزوجين ، وما شاكل ذلك .
ومن أراد الاطَّلاع على أمّهاتها وكلَّيّاتها فليطالعها في كتاب " إكسير الكمال " وكتاب "خلاصة الإرشاد " لنا .



والغرض من ذكرها هاهنا هو أن يطَّلع المسترشدون  المستبصرون من إخواننا وأصحابنا وأولادنا على أخلاق المتروحنين وأهل الانسلاخ من الأوساخ ، وكيفية ظهور الروح المفارق الكامل القاطع للبرازخ بعد الموت العرفي ، وكيفية ظهور الإنسان المتروحن في الأرواح وجسمه الروحاني، ولمّا كان إدريس عليه السّلام من أقطاب المتروحنين وأكابرهم، وله نشأتان، عرضنا لذكر أصل ذلك على سبيل الإجمال، وفي تفصيله تطويل.

قال رضي الله عنه  : ( وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثّل له انفلاق الجبل المسمّى لبنان - من اللبانة وهي الحاجة عن فرس من نار وجميع آلاته من نار، فلمّا رآه ركب عليه، فسقطت عنه الشهوة ، فكان عقلا بلا شهوة ، فلم يبق له تعلَّق بما يتعلَّق به الأغراض النفسية).


قال العبد : الجبل المسمّى لبنان الحقيقة الجسمانيّة التي يبلغ فيها الروح الإلهي لبانتها وحاجتها من تكميل قواها بها وفيها .
وانفلاقها صورة الفرقان العقلي بين العالي الشريف والسافل السخيف من قواها وحقائق ذاتها . والفرس صورة الحياة والطلب والشوق والتشوّق إلى المقامات القدسية الروحانية الغالبة على القوى الجسمانية ،

فكان ممّا نقل إلينا أنّه بقي ستّ عشرة سنة أو أكثر لم ينم ، ولم يتقصّده ، ولم يأكل ، ولم يشرب إلَّا ما شاء الله إلى أن غلبت عليه الروحانية ، فتروحن أي عاد روحانيا ، وانقلبت قواه الحيوانية روحانية ، والشهوية نفسانية ، والنفسانية إلهية ، فامتنع عن الشهوات النفسانية الطبيعية حتى كملت حقيقة التروحن ،

فتمثّلت نفسه الناطقة وهي نورية في صورة فرس من نار ، فالصورة النارية لشدّة الشوق والطلب الإرادي لإحراق القوى الشهوية والإخراق لحجبها المانعة عن الانسلاخ والتقديس والطهارة عن الأوساخ ،

والصورة الفرسية لحقيقة همّته المترقّية إلى أعالي ذرى العروج ، وجميع آلاته صورة تكامل قواه الروحانية للانسلاخ والمفارقة عن الأدناس والأوساخ لأجل السير والسلوك الروحاني الذي كان بصدده ، فلمّا أمر بالركوب عليه ، ركبه ، فسقطت القوى الشهوية منه عن التعلَّق بالملاذّ الجسمانية الطبيعية ، فبقي روحا ، والعقول المجرّدة الكلَّية ، وهي نصف المعرفة بالله ، والنصف الآخر ظهر بالنصف الآخر من النفوس ، كما بيّنّا ، فاذكر .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:11 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 9:08 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

الفقرة الثانية :-                                         الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )

22 -  فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
إنما خصت الكلمة الإلياسية بالحكمة الإيناسية ، لأنه عليه السلام قد غلب عليه الروحانية والقوة الملكوتية حتى ناسب بها الملائكة وأنس بهم ، وقد آنسه الله بغلبة النورية بالطائفتين الملائكة والإنس ، وخالط الفريقين وكان له منهما رفقاء يأنس بهم ، وبلغ من كمال الروحانية مبلغا لا يؤثر فيه الموت كالخضر وعيسى عليه السلام .


"" أضاف بالي زادة :
واعلم أن إلياس لما آنس الملائكة بحسب مزاجه الروحاني ، وآنس الإنسان بحسب مزاجه العنصري ، أورد الحكمة الإيناسية في كلمته وبين التنزيه والتشبيه ، فالتنزيه من جهة ملكيته والتشبيه من جهة بشريته فسمى بإلياس بعد البعثة إلى بعلبك . قال المفسرون : وهو إلياس بن ياسين سبط هارون أخي موسى بعث بعده وقيل ، هو إدريس لأنه قرئ إدريس وإدراس مكان إلياس ، وكشف الشيخ وافق الأخير .أهـ بالى زادة . ""

قال رضي الله عنه :  (إلياس : هو إدريس عليه السلام ، كان نبيا قبل نوح ورفعه الله مكانا عليا فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس ، ثم بعث إلى قرية بعلبك ، وبعل : اسم صنم ، وبك : هو سلطان تلك القرية ، وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك ، وكان إلياس الذي هو إدريس ،  قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبانة وهي الحاجة عن فرس من نار وجميع آلاته من نار ، فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة ، فكان عقلا بلا شهوة ، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأغراض النفسانية).

حال إدريس النبي عليه السلام في الرفع إلى السماء كانت كحال عيسى عليه السلام ، وكان كثير الرياضة مغلبا لقواه الروحانية مبالغا في التنزيه كما ذكر في قصته ،
وقد تدرج الرياضة والسير إلى عالم القدس عن علايق حتى بقي ستة عشر سنة لم ينم ولم يأكل ولم يشرب على ما نقل ، وعرج إلى السماء الرابعة التي هي محل القطب ، ثم نزل بعد مدة ببعلبك ، كما ينزل عيسى عليه السلام على ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ،
 فكان إلياس النبي والجبل الذي مثل له انفلاقه المسمى لبنان جسمانيته المحتاج إليها في استكماله وتكميل الخلق في الدعوة إلى الله تعالى ، وانفلاقه انفراج هيأتها وغواشيها الطبيعية عنها بالتجرد عن ملابسها ، والفرس النارية التي انفلق عنه هي النفس الحيوانية التي هي مركب النفس الناطقة على ما ذكر في فص صالح ،
وهي بمثابة البراق له صلى الله عليه وسلم ، وكونها من نار غلبة حرارة الشوق واستيلاء نور القدس عليه ، كما قيل لموسى عليه السلام :" بُورِكَ من في النَّارِ " وكون آلاته من نار تكامل قواه وأخلاقه واستعداده المهيئات لاستعلاء النفس الناطقة التي هي القلب عليه بنور روح القدس الذي هو العقل ،
ولهذا صار عقلا بلا شهوة ، لأن النور القدسي إذا غلب عليها سقطت شهوتها وصارت قواها منورة عقلية وأذهب عنها ظلمة الشهوة ،

ولهذا قال : ركب عليه فسقطت شهوته ، لأن الاستيلاء بتأييد الروح القدسي والتنور بنوره يوجب سقوط الشهوة ، وقطع التعلقات النفسية ، وانتفاء أغراض النفس الناطقة والطبيعة ، فكان الحق فيه منزها لتنزهه عن العلائق ، ولتغلب أحكام الروح على أحكام الجسد ، والتنزيه على التشبيه ، لأن الغالب عليه الصفات الروحانية ، وقهر القوى النفسانية والطبيعية والبدنية حتى صار روحا مجردا كالملائكة ، فكان على النصف من المعرفة باللَّه كالعقول المجردة وهو التنزيه ،
وفائدة الكمالات الخلقية والصفات الحاصلة للنفس من المقامات والفضائل كالصبر والشكر وما يتعلق بالتشبيه وينبئ عن مقام الاستقامة وهو النصف الأخير ، وفي الجملة كمل فيه أحكام اسم الباطن وبقي أحكام اسم الظاهر
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )

22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
اعلم ، أن للقوى الروحانية بحسب الفعل والانفعال واجتماعاتها امتزاجات روحانية ، يحصل منها هيئة وحدانية ، ليكون مصدرا للأحكام والآثار الناتجة منها . والصورة الملكية تابعة لها ، كما أن الصورة الطبيعية تابعة للمزاج الحاصل من العناصر المختلفة والكيفيات المتقابلة ، والأحكام الظاهرة عليها إنما هي بحسب ذلك المزاج . فإذا علمت هذا :

فاعلم أن إلياس عليه السلام ، ناسب بحسب مزاجه الروحاني مزاج الصور الملكية ، وبحسب مزاجه الجسماني مزاج الصور البشرية ، فآنس من حيث الصورة الروحانية الملائكة ، فصاحبهم بحكم الاشتراك الواقع بينهم في مراتبهم الروحانية ، وآنس من حيث الصورة الجسمانية الأناسي ، وخالطهم بحسب الاشتراك معهم في الصورة الطبيعية العنصرية ، فصار جامعا للصورتين وظاهرا بالبرزخية بين العالمين .
لذلك اختصت الحكمة ( الإيناسية ) بهذه الكلمة ( الإلياسية ) .
ولتلك الصورة الملكية الموجبة للاعتدال الحقيقي فاز بالحياة الدائمة ، كالخضر وعيسى ، عليهما السلام .
فإنهما أيضا كانا ظاهرين بالصورة الملكية ، إلا أن الخضر ، عليه السلام ، غلبت صورته الملكية على صورته البشرية ، فاختفى عن أعين الناس ولم يطرأ عليه الموت، وعيسى ، عليه السلام، ارتفع إلى السماء مع الصورة البشرية .

قال رضي الله عنه :  ( إلياس وهو إدريس عليه السلام ، كان نبيا قبل نوح ، عليه السلام ، ورفعه الله مكانا عليا ، فهو في قلب الأفلاك ساكن ، وهو فلك الشمس . ثم ، بعث إلى قرية "بعلبك " . و "بعل" اسم صنم و " بك " هو سلطان تلك القرية . وكان هذا الصنم المسمى " بعلا " مخصوصا بالملك . وكان إلياس ، الذي هو إدريس ، قد مثل له انفلاق الجبل المسمى ( لبنان ) من ( اللبانة ) ، وهي الحاجة عن فرس من نار وجميع آلاته من نار . فلما رآه ركب عليه ، فسقطت عنه الشهوة ، فكان عقلا بلا شهوة ، فلم يبق له تعلق بما يتعلق به الأغراض النفسية.)

قد مر في ( الفص الشيثي ) أن الكامل له السراح المطلق في العوالم الملكوتية والعنصرية بحكم الظهور بالقدرة خصوصا عند الأمر الإلهي بالبعثة ودعوة الخلق إلى الله .
والحكم بأن ( إلياس ) عين ( إدريس ) ، عليه السلام ، مستفاد من الشهود للأمر على ما هو عليه ، فإنه ، رضي الله عنه ، كان يشاهد جميع أرواح الأنبياء ، عليهم السلام ، في مشاهده ، كما صرح في ( فص هود ) ، عليه السلام ، وباقي كتبه .

فنزوله كنزول عيسى عليهما السلام ، على ما أخبر عنه نبينا ، صلوات الله عليه . وإنما كان قبل نوح ، لأنه كان جده ، لأنه ابن لملك بن متوشلخ بن أخنوخ ، وهو إدريس ، عليه السلام . ولا يتوهم أنه على سبيل التناسخ ليستدل على حقيقته - كما يظن به بعض من يميل إليه - لأنه عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر ، من غير تخلل زمان بين التعلقين ،  للتعشق الذاتي بين الروح والجسد ، ويكون تعلقه بالبدن الجسماني دائما.
وهذا ليس كذلك . و(انفلاق الجبل عن فرس ناري) كان في العالم المثالي .


فإنه شاهد فيه أن جبل لبنان وهو من جبال الشام انفلق وخرج منه فرس على هيئة نارية . ولا شك أن كل ما يتمثل في العالم المثالي بصورة من الصور هو معنى من المعاني الروحانية وحقيقة من الحقائق الغيبية .
لذلك أثرت في حيوانيته حتى سقطت عنه الشهوة وغلبت قواه الروحانية عليه ، حتى صار عقلا مجردا على صورة إنسان .

وقيل : إن (الجبل) هو جسمانيته ، وانفلاقه انفراج هيآتها وغواشيها .
و(الفرس) هي النفس الحيوانية. وكونها من نار غلبة حرارة الشوق واستيلاء نور القدس عليه ، وكون آلاته من نار تكامل قواه وأخلاقه. وفيه نظر .
لأن المتمثل له الحكم على من يتمثل له. فلو كان المتمثل بالجبل حقيقته الجسمانية ، وبالفرس حقيقته الحيوانية ، لكان حكم الحيوانية غالبا على الروحانية ، لا عكسه.  وكونها على الصورة النارية لا يخرج الحيوانية عن مقتضاها .
غايتها أن يجعل النفس منورة منقادة للروح ، ليكون مقتضاها على وجه الشرع .
وطريق الحل أن حملنا النارية على النورية. وإن حملناها على حقيقتها المحرقة، يكون سببا للتوغل في الشهوة والانحطاط في الدركات، لغلبة نار الشهوة على نور الروح. والله أعلم بالصواب.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية.)

الفصّ الإلياسي
22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
قال رضي الله عنه :  (إلياس وهو إدريس عليه السّلام كان نبيّا قبل نوح عليه السّلام ، ورفعه اللّه مكانا عليا ، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشّمس ، ثمّ بعث إلى قرية بعلبك ، وبعل اسم صنم ، وبك هو سلطان تلك القرية ، وكان هذا الصّنم المسمّى بعلا مخصوصا بالملك ، وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثّل له انفلاق الجبل المسمّى لبنان من اللّبانة ، وهي الحاجة عن فرس من نار ، وجميع آلاته من نار ؛ فلمّا رآه ركب عليه فسقطت عنه الشّهوة ، فكان عقلا بلا شهوة ، فلم يبق له تعلّق بما تتعلّق به الأغراض النّفسيّة )

"" أضاف المحقق :
إنما خصت الكلمة الإلياسية بالحكمة الإيناسية ؛ لأنه عليه السّلام قد غلب عليه الروحانية والقوة الملكوتية حتى ناسب بها الملائكة وأنس بهم ، وقد آنسه اللّه بغلبة النورية بالطائفتين الملائكة والإنس ، وخالط الفريقين ، وكان منهما رفقاء يأنس بهم ، وبلغ من كمال الروحانية مبلغا لا يؤثر فيه الموت كالخضر وعيسى عليه السّلام أهـ .شرح القاشاني ""

أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بإيناس الشخص بالعوالم مما يعطي من المناسبة معها ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إلياس عليه السّلام ؛ لتأنسه بالعالم السفلي أولا ، وبالعلوي ثانيا ، وبالجمع بينهما ثالثا ؛ ولذلك قال في دعوته :وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ[ الصافات : 125 ] ،

وإليه الإشارة بقوله : ( إلياس وهو إدريس عليه السّلام ) ، كما يقال عن ابن مسعود ، وفي مصحفه : وإن إدريس لمن المرسلين بدليل قوله :وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ[ الصافات : 123 ] ، وفيه أيضا : سلام على إدراسين بدلإِل ‌ْياسِينَ[ الصافات : 130 ] ، وهو قول عكرمة .
" انظر : تفسير الطبري ، وفتح القدير.".

قيل في رده : إن إدريس جد نوح بالاتفاق ، وإلياس من ذريته بدليل قوله تعالي :وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 84 ) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 85 ) [ الأنعام : 84 ، 85 ] .

وقد قال الأكثرون : إنه إلياس بن بستي بن فنحاص بن العيزار بن هارون .
قلنا : يجوز أن يعطف على « نوحا » ، وذكره في أثناء ذريته ؛ للإشعار بأنه صار في حكمهم بتأخره عند نزوله من السماء كعيسى لنبينا عليه السّلام ، فإنه من ذريته المعنوية ، ولعل الذي من أولاد هارون غيره ، فالمنة بهدايته على إبراهيم من جهة كونه جده ، ومن جهة كونه من ذريته المعنوية أيضا ( كان نبيّا قبل نوح عليه السّلام ) ، فكمل تأنسه بالعالم السفلي ( رفعه اللّه مكانا عليّا ) ؛ ليكمل تأنسه بالعالم العلوي ، والمكان العلوي بمكانة قلب الأفلاك كما مرّ .

( فهو ) وإن نزل بعده ( في قلب الأفلاك ساكن ) ، إذ لا ينزل نبي عن مكانته ، فكان هناك بروحانيته ، ثم جمع له بين التأنسين إذ ( بعث إلى قرية بعلبك ) المناسبة باسمها الجامع لجمعيته ، وذلك أن ( بعل هو اسم صنم ، وبك هو سلطان تلك القرية ) ، وإنما جمع في اسمها بينهما ؛ لأنه ( كان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك ) لا يعبده إلا هراء ، وخواصه أضف إليه ، وإن كان علم شخص يجعله جنسا بتأويله بالمسمي بعلا ؛ ولذلك ذكره الشيخ رحمه اللّه ثم لما ضعف فيه أمر الإضافة لكونها على خلاف الظاهر ، جعل مركبا امتزاجيّا عند جعله علما للقرية ، ثم الصنم إشارة إلى العالم السفلي إذ كل ما فيه صورة لما في العالم العلوي ، والملك إشارة إلى العالم العلوي ، وكانت أنسب لجمعيته .

ثم أشار إلى أنه ، وإن بلغ هذا المبلغ لم تكمل معرفته من كل وجه ، وإنما كملت معرفته التنزيهية إذ صارت جسمانيته التي تتعلق بها المعرفة التشبيهية روحانية نفيت له صور مثالية في هذا العالم فهو في قلب الأفلاك بروحه وجسمه ، وهاهنا بصورته المثالية ؛ فصح قول أهل الظاهر : إدريس في السماء الرابعة ، وإلياس في الدنيا ،

فقال : ( وكان إلياس الذي هو إدريس عليه السّلام ) بعد صيرورته جامعا عاد أمره إلى الروحانية ، وإن نفيت جسمانيته ؛ ليكتسب بها الكمالات إذ ( قد مثل له انفلاق الجبل ) ، وهو مثال البدن ، وانفلاقه مثال لانفلاق البدن عما فيه بالقوة ( المسماة لبنان ) ، خصّ ذلك الجبل ؛ لاشتقاق اسمه في الأصل ( من اللبانة ، وهي الحاجة ) المشعرة باحتياجه إلى البدن في اكتساب أكثر الكمالات ، فلا بدعة في الكلية بل يجعله روحانيّا ( عن فرس ) ،

وهو مثال ما يسير به السائر إلى اللّه تعالى على أحسن الوجوه من الأخلاق الفاضلة في الأعمال الصالحة ، والأحوال السنية ، والمقامات البهية ( من نار ) لما فيها من الخفة ، وطلب العلو ، وتفريق المختلفات ، ( وجميع آلاته ) التي هي أمثلة القوي المساعدة له في السير ( من نار ) ؛ لئلا يعوقه لو لم تكن منها في السير ، ( فلما رآه راكبا عليه ) ليركب روحه على ما ذكرنا على أتم الوجوه ؛ لأن فعل البدن مؤثر فيه لما بينهما من الملابسة ؛
ولذلك يؤمر بالأعمال الظاهرة (فسقطت عنه الشهوة)؛ لأنه تحرك من البشرية إلى الملائكية.
 

( فكان ) مع وجود بدنه ( عقلا بلا شهوة ) إذ لم يبق في قواه المحركة والمدركة ما يلتفت إلى العالم السفلي ، ( فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأغراض النفسية ) مما تتعلق بهذه القوي المحركة والمدركة ، فلم يبق وهمه وهما ، ولا خياله خيالا .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )

22 - فصّ حكمة إيناسيّة في كلمة إلياسيّة
تسمية الفصّ
اعلم أنّ من الصور الكماليّة الإنسانيّة أن يرتبط بين القوى الجسمانيّة من الشخص وبين الروحانيّة منه برقائق اعتداله النوعي ، ووثائق امتزاجه الطبيعي ثمّ إنّه لا يزال تشتدّ قوّة ذلك الارتباط والالتيام عند ترشيحه بلطائف الأغذية التجريديّة القدسيّة ،
وتربيته بفنون الحقائق التنزيهيّة العلميّة ، إلى أن يبلغ رتبة التلازم والتجاذب فإذا أخذ القوى الجسمانيّة منه في الضعف ، وتمايل أركان مزاجه إلى طرفيه الخارجين عن الاعتدال ، لا بدّ وأن يجذبه الروحاني منه ويستجلب سائر وجوه تلك القوى وأعيانها إلى عالمه ، ضرورة ظهور قهرمان أمر الروح حينئذ وانقهار غيره تحته .

فعلم أنّه لا بدّ وأن يكون بين الكمّل منه ضرب من هذا الكمال ، ولذلك ترى في كل نسق من النسقات الثلاث الكماليّة التي اشتمل عليها نظم الفصوص واحدا :
كإدريس ، فإنّه في الرابع من الأوّل وعيسى ، فإنّه في السادس من الثاني وإلياس ، وهو أيضا في الرابع من الثالث وبه تمّ هذه الصورة الكماليّة في النبوّة .
وكأنّك قد عرفت في المقدّمة عند التلويحات الكاشفة عن حكم حرف السين أنّه يرتبط الظاهر منه بالباطن ربط انطباق واتّحاد ولذلك ترى مبنى موادّ الكلمات الثلاث عليه .

تلويحات حرفية في إلياس وإيناس
ثمّ إنّك إذا عرفت هذا فهمت منه وجهين من المناسبة بين الكلمة الإلياسيّة والحكمة الإيناسيّة : وجها حكميّا معنويّا ، وآخر لوحيّا حرفيّا :
أمّا الأوّل : فلأن الإيناس ضد الإيحاش ، ولغير هذه الكلمة وحشة من المفارقة والمباينة التي بين الروح وجسده ، وبها تمّت هذه الصورة الكماليّة ولذلك جمعت بين الكلمتين في النبوّة .
وأمّا الثاني : فلأنّك قد عرفت أن « ياسين » له مزيد اختصاص بين الحروف بهذا الكمال - ولذلك ورد : « إنّه قلب القرآن » - ومادّة هذه الكلمة هي « يس » مصدّرا بالألف واللام الكاشفتين عن التعريف والإظهار ، على ما هو مقتضى منصب النبوّة كما أنّ « الإيناس » من جملة صور قلبه عند تمام انبساطه .
على أنّ فضل عدد بيّنات إيناس كاشف عن حرفي البقاء ، الذين هما مؤدّى عدد إلياس ، فتأمّل .

إلياس هو إدريس
ثمّ إنّه قد صدّر هذه الحكمة بقصّة كاشفة عن أمر بعث هذه الكلمة مرّتين رمزا وإيماء ، فلا تغفل عن دقائق إشاراته في طيّ لطائف عباراته حيث قال : ( إلياس هو إدريس ، كان نبيّا قبل نوح ) عندما كان ألسنة الإظهار والإنباء من الرسل كاشفة عن محض التنزيه ، كما عرفت أمره .

ثمّ إنّه لما كان في شخص الكلمة الإدريسيّة مبدأ الجمعيّة الإطلاقيّة باشتماله على « يس » ، ظهر في مزاجه الارتباط القوىّ ، فأبقاه ( ورفعه الله مكانا عليّا ، وهو في قلب الأفلاك ساكن ) لانطوائه على قلب القرآن ، وهو صورة جمعيّة الكل ، ( و ) ذلك ( هو فلك الشمس ) التي هي مبدأ أمر الإظهار .

بعث إلياس إلى بعلبك
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم بعث إلى قرية بعلبك ) ، بعثا ثانيا لإتمام ما بعث له من التنزيه الحقيقي الذي في عين التشبيه فإنّه بعث إلى القرية التي هي عبارة عن المجتمع لغة بين صنم صورة نقش المعاني وبين سلطانها الذي هو الوهم ، ( و ) إليه أشار بقوله : ( « بعل » : اسم صنم ) ، فإنّ البعل كناية عن الصورة الجزئيّة التي هي زوج المعنى الكلَّي وبعله ،
( و « بك » : سلطان تلك القرية ) التي هي المجتمع من الصورة والمعنى والبرزخ الجامع بينهما وهو الوهم ( وكان هذا الصنم المسمّى بعلا ) - وهي الجزئيات المعروضة للصورة - ( مخصوصا بالملك ) ، فإنه لا حكم لشيء من القوى غير الوهم عليها وبين « بعل » و « إلياس » نسبة اتحاديّة في تلويح العدد ، فلذلك بعث إليه .

كان إلياس عقلا بلا شهوة
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكان إلياس - الذي هو إدريس - ) أي عندما كان مسمّى بإدريس ( قد مثّل له انفلاق الجبل ) - أي جبل جبلَّته وتعيّنه - ( المسمّى لبنان ، من اللبانة - وهي الحاجة - ) فإنّه إنما تستحصل الأغراض والحوائج منه وبه ( عن فرس من نار ) ، أي مركب يطوى عليه المسالك بالتفرّس ، وهو النظر والتثبّت في الأمور ،
كما ورد : « اتّقوا فراسة المؤمن » فهي القوّة النظريّة وأمّا كونه من النار لأنّه يتنوّر به ما يمرّ به من المراحل ، فيظهر ولأنّه أيضا مبدأ تفرقة الأشياء وتمييزها ، ( وجميع آلاته من نار ) وهي القوى الإدراكية التي بدونها لا يصلح للركوب ، ( فلما رآه ) مهيّأ للركوب ، مشدودا بالآلات ( ركب عليه ) طاويا به مسالكه المعهودة من الحقائق التنزيهيّة الكليّة والعلوم المجرّدة عن الموادّ ،
( فسقطت عنه الشهوة ) التي إنما نشأت من إدراك الجزئيّات ، عند انتهاج طرقها وأطرافها ، ( فكان عقلا بلا شهوة ) ، أي ما يشتهيه مطلقا سواء كان في صورة الجذب أو الدفع ، فيشمل الشهوة والغضب .

 المعرفة الكاملة هي الجمع بين التشبيه والتنزيه 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلم يبق له تعلَّق بما تتعلَّق به الأغراض النفسيّة ،) وكان الحقّ فيه منزّها عن الموادّ الجزئيّة والكثائف الأرضيّة السفليّة، وكان لقصره النظر على لطائف سماء التنزيه وكليّات حقائق التقديس.
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية. وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية. )

الفص الإلياسي
22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
قال رضي الله عنه :  (إلياس وهو إدريس عليه السّلام كان نبيّا قبل نوح عليه السّلام ، ورفعه اللّه مكانا ).
فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
إنما سميت حكمته عليه السلام إيناسية لما أنس بالأنس بنشأته الجسمانية وبالملك بنشأته الروحانية ،
فإنه لما كانت الممازجة الحاصلة بين قواه الروحانية والجسمانية قبل تروحنه واقعة قريب من التساوي ناسب الملأ الأعلى والملأ الأسفل ، فتأتي له الأنس بهما والجمع بين صفتيهما ، وهو كالبرزخ بين النشأة الملكية والإنسانية ، أو لأن الإيناس هو إبصار الشيء على وجه الأنس .
وكذا به قال تعالى في حق موسى عليه السلام :فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً[ القصص : 29 ] ، فإيناس موسى النار إبصارها على وجه الأنس بها .

وكذا أبصر إلياس عليه السلام فرسا من نار وجميع آلاته عليه من نار وأنس به فركبه ، فإبصاره الفرس في صورة نارية مع الأنس به إيناس فلذا سميت حكمته إيناسية ( الياس هو إدريس عليه السلام ) ، كان الحكم بالاتحاد بينهما بناء على أن مشاهدته الأنبياء عليهم السلام في مشاهداته كما صرح ببعضها في فص هود عليه السلام أو مستفاد من روحانيته صلى اللّه عليه وسلم ، فإن هذا الكتاب بلا زيادة ونقصان مأخوذ منه صلى اللّه عليه وسلم كما صرح به في صدر الكتاب ، فما وقع به في بعض كتبه رضي اللّه عنه أن الموجود من الأنبياء بأبدانهم العنصرية أربعة :
اثنان في السماء : إدريس وعيسى عليهما السلام ،
واثنان في الأرض : خضر وإلياس على ما اشتهر من اثنينيتهما
وما وقع في هذا الكتاب بناء على ما استقر كشفه عليه آخرا ، فإن هذا الكتاب خاتم مصنفاته أو نقول الحكم بالاثنينية باعتبار البدءين السماوي والأرضي ، والحكم بالاتحاد باعتبار الروحانية .
فإن قلت على تقدير اتحاديهما ينبغي أن يفترق في بيان حكمته على فص واحد .
قلنا له : حكم قدسية متعلقة بتقديس الحق حين كان يسمى إدريس قبل عروجه إلى السماء وحكم إيناسية ونسب حكمته في كل فص باسم ( كان نبيا قبل نوح عليه السلام) ،


قال رضي الله عنه :  (عليا ، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشّمس ، ثمّ بعث إلى قرية بعلبك ، وبعل اسم صنم ، وبك هو سلطان تلك القرية . وكان هذا الصّنم المسمّى بعلا مخصوصا بالملك وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثّل له انفلاق الجبل المسمّى لبنان - من اللّبانة وهي الحاجة - عن فرس من نار ، وجميع آلاته من نار . فلمّا رآه ركب عليه فسقطت عنه الشّهوة ، فكان عقلا بلا شهوة ، فلم يبق له تعلّق بما تتعلّق به الأغراض النّفسيّة .)

لأن نوح ابن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ ، وأخنوخ هو إدريس عليه السلام .
وقيل : هو الذي تسميه الحكماء هرمس الهرامسة ( ورفعه اللّه ) حين غلبت نشأته الروحانية على الجسمانية ( مكانا عليا فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس ثم بعث ) بنزوله من السماء كنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان كما أخبر به نبينا صلى اللّه عليه وسلم ( إلى قرية بعلبك وبعل اسم صنم وبك هو سلطان تلك القرية وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك وكان إلياس الذي هو إدريس ) ، أي حي يدعى بإدريس

( قد مثل له ) في عالم المثال المطلق أو المقيد ( انفلاق الجبل المسمى لبنان ) ، وهو من جبال الشام ( من اللبانة وهي الحاجة عن فرس من نار وجميع آلاته ) ، مما لا بد منه في الركوب ( من نار فلما رآه ) معدا للركوب ( ركب عليه فسقطت عنه الشهوة ) أي شهوة جذب المحبوب ودفع المكروه فيشمل الغضب أيضا ( فكان ) ،

أي صار ( عقلا بلا شهوة فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأغراض النفسية ) ، من جذب الطبيعة ما هو محبوب للنفس ودفع ما هو مكروه له ، ولا شك أن كل ما يتمثل في العالم المثالي بصورة من الصور لا بد له من تأويل وتعبير يعرب عما هو المراد به .

فالمراد بجبل لبنان واللّه تعالى أعلم جهة جسمانية التي بها تبلغ الروح لبانته وحاجته من تكميل قواه بها ، وفيها وبالفرس الناري جهة روحانيته التي بها نورية التفرس بالمطالب العالية وزارية الشوق إليها ويكون جميع آلاته من نار تكامل قواه بسراية تلك النورية ، والنورية فيها للانسلاخ عن مقتضيات جهة جسمانية ،
والمراد بانفلاق الجبل عنه مغلوبية جهة جسمانيته بجهة روحانيته ، لأنه عليه السلام كان كثير الرياضة مغلبا لقواه الروحانية على القوى الجسمانية حتى نقل إلينا أنه بقي ستة عشر سنة أو أكثر لم ينم ولم يأكل ولم يشرب إلا ما شاء اللّه إلى أن غلبت جهة روحانيته على جهة جسمانيته.

والمراد بركونه عليه استعلاؤه واستقراره على جهة روحانيته بحيث أوصلته إلى مكانه العلي ومكانته العلية التي هي اللحوق بالملأ الأعلى ، فباستقراره على جهة روحانيته سقطت عنه الشهوة والغضب اللذان هما من مقتضيات جهة جسمانيته فبقي عقلا بالشهوة.

 .


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:12 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 9:25 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

الفقرة الثالثة :-                                        الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )


قال رضي الله عنه : ( فكان الحقّ فيه منزّها ، فكان على النّصف من المعرفة باللّه ، فإنّ العقل إذا تجرّد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره ، كانت معرفته باللّه على التّنزيه لا على التّشبيه.   وإذا أعطاه اللّه المعرفة بالتّجلّي كملت معرفته باللّه ، فنزّه في موضع وشبّه في موضع . ورأى سريان الحقّ في الصّور الطّبيعيّة والعنصريّة . وما بقيت له صورة إلّا ويرى عين الحقّ عينها .  وهذه المعرفة التّامّة الّتي جاءت بها الشّرائع المنزلة من عند اللّه وحكمت بهذه المعرفة الأوهام كلّها . ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النّشأة من العقول ، لأنّ العاقل ولو بلغ من عقله ما بلغ لم يخل عن حكم الوهم عليه والتصوّر فيما عقل . )


(فكان الحق) تعالى ظاهرا (فيه) ، أي في إدريس عليه السلام (منزها) عن كل ما لا يليق به سبحانه تنزيها تاما من غير تشبيه أصلا .
(فكان) إدريس عليه السلام الذي هو إلياس (على النصف من المعرفة باللّه) تعالى والنصف الآخر سبق ذكره في الفص الإدريسي ، فكانت معرفته كمعرفة الملائكة باللّه تعالى ، ولهذا يسبحونه ويقدسونه ولا يفترون عن ذلك لأنهم عقول مجرد (فإن العقل إذا تجرد) عن الشهوة (لنفسه من حيث أخذه العلوم) الإلهية (عن نظره وفكره كانت معرفته باللّه) تعالى على جهة (التنزيه) فقط (لاعلى) جهة التشبيه بالصور الظاهرة له (وإذا أعطاه) ، أي العقل (اللّه تعالى المعرفة بالتجلي في الصورة المحسوسة والمعقولة والموهومة (كملت معرفته) ، أي العقل باللّه تعالى حينئذ.

فنزه) اللّه تعالى (في موضع) يقتضي التنزيه لوروده في الشرع وشبه أيضا اللّه تعالى (في موضع آخر) يقتضي التشبيه لوروده في الشرع ورأى ، أي ذلك العقل بعين بصيرته (سريان الحق تعالى بالوجود) المطلق الحقيقي ظاهرا (في الصور الطبيعية) الروحانية والصور (العنصرية الجسمانية (وما بقيت له) ،

أي للعقل (صورة) مطلقا إلا ويرى ذلك العقل (عين الحق) تعالى (عينها) من حيث التجلي بالوجود كما ذكر (وهذه هي المعرفة) باللّه تعالى (التامة الكاملة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند اللّه) بالملك على النبيين عليهم السلام إلى أممهم وإدريس الذي هو إلياس عليه السلام جاء بها أيضا إلى أمته التي أرسل إليهم ولكن لما كذبوه رفعه اللّه تعالى المكان العلي بانفلاق الجبل عن تلك الفرس ونزع منه المقتضيات الجسمانية بغلبة الروحانية عليه كما فعل تعالى بعيسى ابن مريم لما رفعه إليه .

قال تعالى :يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا[ آل عمران : 55 ] . (وحكمت أيضا بها) ، أي بهذه المعرفة المذكورة من حيث اشتمالها على التشبيه (الأوهام) العقلية (كلها) فبلغت منها الغاية (ولذلك) ، أي لأجل ما ذكر (كانت الأوهام أقوى سلطانا) ، أي أشد تسلطا وقهرا (في هذه النشأة) الإنسانية من إدراك (العقول لأن العاقل) من بني آدم (وإن بلغ من عقله ما بلغ) من رتبة كمال العقل (لم يخل عن حكم) ، أي استيلاء (الوهم عليه) ، أي على عقله وبقدر ذلك يكون القصور « التصور » منه (فيما عقل) من الأمور.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )

قال رضي الله عنه: ( فكان الحق فيه ) أي في قلب إلياس أو في هذا المقام ( منزها ) اسم مفعول أي كان إلياس ينزه من جهة كونه عقلا مجردا عن الشهوة ( وكان ) إلياس ( على النصف من المعرفة باللّه فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره كانت معرفته باللّه على التنزيه ) خاصة
( لا على التشبيه ) والتنزيه فمن كانت معرفته باللّه على التنزيه بلا تشبيه أو على التشبيه بلا تنزيه كانت معرفته على النصف ثم بعد ذلك تجلى اللّه له بالاسم الجامع تكملة له فأعطاه المعرفة بالتجلي فسقط عنه أخذ العلوم عن نظر العقل.

قال الشيخ رضي الله عنه : (وإذا أعطاه اللّه المعرفة بالتجلي كملت معرفته باللّه فنزه بموضع ) التنزيه ( وشبه في موضع ) التشبيه ( ورأى ) أي شاهد بسبب هذا التجلي ( سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية وما بقيت له ) أي لإلياس ( صورة إلا ويرى عين الحق عنها ) من وجه ومعنى سريان الحق في الصور ظهور آثار أسمائه وصفاته فيها ولو لم يكن للصورة مع الحق جهة الاتحاد والعينية في وجه خاص لم يكن العالم دليلا على وجوده ووجوبه ووحدانيته
فكان إلياس من هذا الوجه أنس الأناسيّ فسريان الحق في الصور عند أهل الحقيقة كإحاطة الحق بالأشياء عند علماء الرسوم في أن المراد بكل واحد منهما معنى واحد وكون الحق عين الأشياء عند أهل اللّه كاتحاد الحق مع الأشياء في بعض الأمور الكلية عند أهل الظاهر ولا مخالفة بينهما إلا في العبارة لا في المعنى .
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه المعرفة التامة ) التي تحصل من تجلي الحق وهي مشاهدة سريان الحق في كل صورة ( التي جاءت بها الشرائع المنزلة ) من التنزيل ( من عند اللّه ) إذ الشرائع كلها جاءت بالتنزيه والتشبيه معا ولم تنفرد بأحدهما ( وحكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها ) الوهم والعقل قوتان روحانيتان في هذه النشأة الانسانية العنصرية

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل كون الأوهام حاكمة بهذه المعرفة التامة دون العقول ( كانت الأوهام أقوى سلطانا ) أي قوة وحجة ( في هذه النشأة من العقول لأن العاقل ولو بلغ ما بلغ في عقله ) أي بلغ كمالا في التنزيه تنتهي إليه العقول ( لم يخل ) ذلك العاقل ( عن حكم الوهم عليه والتصور ) أي وعلى تصوره ( فيما عقل ) فإذا حكم العقل بالتنزيه في موضع فقد حكم الوهم بالتشبيه في ذلك الموضع لشهوده سريان الحق في الصور الذهنية والخارجية فشاهد الحق في صورة التنزيه الذي حصل في العقل ويرى أن إثبات التنزيه له تحديد والتحديد عن التشبيه
ولا شعور للعقل أن تنزيهه صورة من الصور التي يجب تنزيه الحق عنها عنده فحكم على العقل وعلى إدراكه.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )

قال رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه. وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها. وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها. ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )

قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق وما ذكره بعد ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )

قال رضي الله عنه ( فكان الحق فيه منزّها ، فكان على النصف من المعرفة بالله تعالى).
فتمثّلت نفسه الناطقة وهي نورية في صورة فرس من نار ، فالصورة النارية لشدّة الشوق والطلب الإرادي لإحراق القوى الشهوية والإخراق لحجبها المانعة عن الانسلاخ والتقديس والطهارة عن الأوساخ ،
والصورة الفرسية لحقيقة همّته المترقّية إلى أعالي ذرى العروج ، وجميع آلاته صورة تكامل قواه الروحانية للانسلاخ والمفارقة عن الأدناس والأوساخ لأجل السير والسلوك الروحاني الذي كان بصدده ، فلمّا أمر بالركوب عليه ، ركبه ، فسقطت القوى الشهوية منه عن التعلَّق بالملاذّ الجسمانية الطبيعية ، فبقي روحا ، والعقول المجرّدة الكلَّية ، وهي نصف المعرفة بالله ، والنصف الآخر ظهر بالنصف الآخر من النفوس ، كما بيّنّا ، فاذكر .
قال رضي الله عنه  : ( فإنّ العقل إذا تجرّد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره ، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه ، وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلَّي ، كملت معرفته بالله  فنزّه في موضع التنزيه تنزيها حقيقيا لا وهميا رسميا ، وشبّه في موضع التشبيه تشبيها شهوديا كشفيا ورأى سريان الحقّ بالوجود في الصور الطبيعية والعنصرية ، ولا تبقى صورة إلَّا ويرى الحق عينها ، وهذه هي المعرفة التامّة الكاملة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله ، وحكمت أيضا بها الأوهام كلَّها ) .


يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الوهم يستشرف إلى ما وراء موجبات الأفكار ، ولا ينفعل للقوّة الفكرية العقلية من حيث تقيّدها انفعالا يخرجها عن الإطلاق ، بل الوهم يتعلَّق أبدا بما فوق المدرك بالعقل ، فيجيز الحكم على المطلق بالتقييد مرّة ، ويحكم بالعكس أخرى ، ولا يحيل ذلك ، ويحكم بالشاهد على الغائب تارة ، وعلى عكس ذلك أخرى ، وهذا في جميع من له قوّة الوهم من المقلَّدين والمؤمنين .

قال رضي الله عنه  : ( ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقل، لأنّ العاقل  وإن بلغ من عقله ما بلغ لم يخل عن حكم الوهم عليه والتصوّر فيما عقل )

يعني  رضي الله عنه  : نزّه في عين التشبيه ، لأنّه نزّه في مماثلة المثل ما لا يماثله في هذه المثلية وهو عين التشبّه ، لأنّه إثبات المثل ونفي مماثلته ، فنزّه أن يكون شيء من الأشياء مثلا لهذا المثل المنزّه ، فينتفي عن الحق المماثلة بالأحرى والأحقّ ، وذلك على أنّ الكاف غير زائدة ، فهو - كما ذكرنا - تنزيه في تشبيه أو تشبيه في تنزيه ، وكلاهما سائغ فيه ، فتأمّل .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )
 

قال رضي الله عنه : (فكان الحق فيه منزها ، فكان على النصف من المعرفة باللَّه فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره كانت معرفته باللَّه على التنزيه لا على التشبيه ، وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته باللَّه فنزه في موضع وشبه في موضع ) .
أي نزه في موضع التنزيه تنزيها حقيقيا لا وهميا رسميا ، وشبه في موضع التشبيه تشبيها شهوديا كشفيا


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ورأى سريان الحق بالوجود في الصور الطبيعية والعنصرية ، وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها ، وهذه هي المعرفة التامة الكاملة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله ، وحكمت أيضا بهذه المعرفة الأوهام كلها )
لأن الوهم يستشرف ما وراء موجبات الأفكار ولا ينفعل عن القوة العقلية من حيث تقييدها انفعالا يخرج عن الإطلاق ، فيجيز الحكم على المطلق بالتقييد مرة ويحكم بالعكس أخرى ، ولا يحيل ذلك وبحكم بالشاهد على الغائب تارة وبالعكس أخرى ، وهذا في جميع من له قوة الوهم من المقلدين والمؤمنين .


"" أضاف بالي زادة :
 ( إلا ويرى الحق عينها ) عين من وجه ، ومعنى سريان الحق في الصور ظهور آثار أسمائه وصفاته فيها .
ولو لم يكن الصورة مع الحق جهة الاتحاد والعينية في وجه خاص لم يكن العالم دليلا على وجوده ووجوبه ووحدانيته فكان إلياس مع هذا الوجه آنس الإنسان ، فسريان الحق في الصور عند أهل الحقيقة كإحاطة الحق بالأشياء عند علماء الرسوم في أن المراد من كل واحد منهما معنى واحد ، وكون الحق عين الأشياء عند أهل الله كاتحاد الحق مع الأشياء في بعض الأمور الكلية عند أهل الظاهر ، ولا مخالفة بينهما إلا في العبارة لا في المعنى .اهـ بالى زادة.

( قوله ويرى الحق عينها ) من حيث اتحاد الظاهر بالظاهر والتصور فيما عقل فإذا حكم العقل بالتنزيه في موضع فقد حكم الوهم بالتشبيه في ذلك الموضع لشهوده سريان الحق في الصور الذهنية والخارجية ، فشاهد الحق في صورة التنزيه الذي حصل في العقل ، ويرى أن إثبات التنزيه له تحديد ، والتحديد عين التشبيه ، ولا شعور للعقل أن تنزيهه صورة من الصور التي يجب تنزيه الحق عنها عنده فحكم على العقل وعلى إدراكه .اهـ بالى زادة. ""


قال رضي الله عنه : (ولهذا كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة الإنسانية من العقول ، لأن العاقل وإن بلغ من عقله ما بلغ لم يخل عن حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل)
أي نزه في عين التشبيه حيث نفى عن كل شيء مماثلة في مثليته وهو عين التشبيه. لأنه إثبات المثل .
ولما نفى عن كل شيء مماثلة المثل نزه الحق أن يكون مثلا له لأنه شيء من الأشياء فلا يماثل ذلك المثل ، وإذا لم يكن مثل مثله فبالأحرى أن يكون ذلك المثل ليس مثلا له وذلك في غاية التنزيه ، فهو تشبيه في تنزيه وتنزيه في تشبيه (" وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " فشبه )
أي في عين التنزيه لأنه أثبت له السمعية والبصرية اللتين هما صفتان ثابتتان للعبد وهو محض التشبيه ، لكنه خصصهما بالصيغة التركيبية المفيدة للحصر حيث حمل الصفتين المعرفتين بلام الجنس على ضميره ، فأفاد أنه هو السميع وحده لا سميع غيره ، وهو البصير وحده لا بصير غيره وهو عين التنزيه ، فتأمل


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )


قال رضي الله عنه : (فكان الحق فيه منزها) أي، كان الحق في المقام العقلي منزها على اسم المفعول .
(فكان) أي إلياس . (على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه، لا على التشبيه.)
لأنه لا يدرك مدرك ما شيئا إلا بحسب ما منه فيه . كما هو مقرر في قواعد التحقيق . ومقامه تنزيه ربه ، لذلك قال الملائكة : ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) . فكان على النصف من المعرفة .

 
قال رضي الله عنه : (وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي ، كملت معرفته بالله ، فنزه في موضع وشبه في موضع . )
أي ، نزه في موضع التنزيه ، تنزيها حقانيا ، وشبه في موضع التشبيه ، تشبيها عيانيا ، فيكون تنزيهه تنزيه الحق ، وتشبيهه تشبيه الحق .
(ورأى سريان الحق بالوجود في الصور الطبيعية والعنصرية ، فما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها . ) كما هو الأمر عليه في نفسه .
قال رضي الله عنه : ( وهذه هي المعرفة التامة ) أي ، هذه المعرفة هي المعرفة التامة ( التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله ) لأن الشرائع كلها تحكم بالتشبيه والتنزيه ، ولا ينفرد بأحدهما .

قال رضي الله عنه : ( وحكمته بهذه المعرفة الأوهام كلها . ) لأن ( الوهم ) يلبس المعاني ، كلية كانت أو جزئية ، نوعا من الصور المتخيلة في الذهن . وهذا تشبيه في عين التنزيه ،
لأن المعاني من حيث تجردها عن المواد ، منزهة عنها وعن الصور التابعة لها . ومن حيث إنها موجودة مصورة في الذهن ، مشبهة بها .


قال رضي الله عنه :  (ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول ، لأن العاقل ولو بلغ ما بلغ في عقله ، لم يخل عن حكم الوهم عليه والقصور فيما عقل . ) أي ،
ولأجل أن الوهم حاكم على المدركات العقلية ، بالتنزيه والتشبيه ، كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة العنصرية من العقول ، لأن العاقل ولو بلغ في عقله كما لا ينتهى العقول إليه ، لا يخلص عن أحكام الوهم عليه ، ولا مدركاته العقلية يتجرد عن الصور الوهمية .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:13 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 9:31 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

الفقرة الثالثة :-                                        الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )
 
قال رضي الله عنه :  (فكان الحقّ فيه منزّها ، فكان على النّصف من المعرفة باللّه ، فإنّ العقل إذا تجرّد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره ، كانت معرفته باللّه على التّنزيه لا على التّشبيه ، وإذا أعطاه اللّه المعرفة بالتّجلّي كملت معرفته باللّه ، فنزّه في موضع ، وشبّه في موضع ) .
 
( فكان الحق فيه منزها ) كما في الملائكة ، و ( كان على النصف ) أي : أحد القسمين ، وإن كان أسرف من الآخر بحيث لا بعد ذلك الآخر لو تجرد شيئا ، بل كان كفرا ( من المعرفة ) الجامعة لقسميها التنزيهية والتشبيهية ، فإنها أكمل لا محالة من التنزيهية وحدها ، وإن كانت كافية للإيمان ،
ولها الشرف ، فلم يكن من لم يرفع إلى السماء دونه في الكمالات إذا حصل لهم هذه المعرفة الكاملة في النصفية هاهنا ، كنصفية السماء للجسم ، ونصفية الملك للإنسان إذ الملك هو الباطن ، والإنسان هو الحيوان الناطق ، وكثلثية سورة الإخلاص ، وربعية سورة الكافرون للقرآن ، ونصفية التزوج للدين ، ونصفية الفرائض للعلم .
 
ثم إن هذا باعتبار ملكيته من حيث هي ملكية لا من حيث ما حصلت له بعد الحيوانية على ما يأتي من بعد ؛ ( فإن العقل إذا تجرد ) عن الوهم والخيال ( لنفسه ) المجردة في نفسها ( من حيث أخذه العلوم عن نظره ) ، وإن كان مع الوهم والخيال لكنهما قد ساعداه ، وصارا في حكم العقل ، ( كانت معرفته باللّه ) الذي هو منزه في نفسه ، وإن لحقه التشبيه باعتبار ظهوره في المظاهر ( على التنزيه ) الذي هو نتيجة نظر العقل في ذاته ،
وكذا إذا نظر إلى ظهوره في المظاهر ؛ لأن الأمر الذاتي لا يتغير عنده ( لا على التشبيه ) الذي هو نتيجة الوهم والخيال إذا نظر إلى ظهوره في المظاهر ؛ فإنه يتوهم من ذلك كونه على تلك الصور في نفسه ، ( وإذا أعطاه المعرفة بالتجلي ) الذي لا بدّ فيه من نظر القوي الظاهرة والباطنة ( كملت معرفته باللّه ) ؛ لأنه أدركه بجميع الوجوه ، ( فنزه في موضع ) ، وهو باعتبار استقراره في مقر غيره أو في مدرك العقل ، ( وشبه في موضع ) ، وهو باعتبار ظهوره في المظاهر الحسية ، وإذا اختلف الموضعان ؛ فلا تناقض .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ورأى سريان الحقّ في الصّور الطّبيعيّة والعنصريّة ، وما بقيت له صورة إلّا ويرى عين الحقّ عينها ، وهذه المعرفة التّامّة الّتي جاءت بها الشّرائع المنزلة من عند اللّه وحكمت بهذه المعرفة الأوهام كلّها ، ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النّشأة من العقول ؛ لأنّ العاقل ولو بلغ من عقله ما بلغ لم يخل عن حكم الوهم عليه والتصوّر فيما عقل )
 
وبيّن موضع التشبيه بقوله : ( ورأى سريان ) نور إشراق ( الحق ) بالوجود ( في الصور الطبيعية ) للملائكة العلوية ، ( والعنصرية ) للمولدات ، والملائكة السماوية ، ويكون بحيث ( ما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها ) ؛ لأنه وإن نزه عن الصور في ذاته ، فلا صور في ظهوراته ، ولكل صورة منها عين ثابتة هي أعيان الممكنات بعينها ، فصور الممكنات عين صورته تعالى .
ثم قال : ( وهذه المعرفة ) ، وإن كان بعضها من الوهم والخيال ، وكان بعضها الذي من العقل كافيا في الإيمان هي المعرفة ( التامة ) ؛ لشمولها على وجوهها ، وليس زيادة المعرفة التشبيهية لمثابة الإصبع الزائدة في كف الإنسان بحيث تكون الزيادة عين النقصان ، بل هي المعرفة الكاملة ، كيف وهي ( التي جاءت بها الشرائع ) ،
كقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : «رأيت ربي في أحسن صورة ، وإنّ اللّه خلق آدم على صورته». رواه الدارمي في سننه
وفي رواية : " على صورة الرحمن " ، رواه عبد اللّه بن أحمد في السنة
وقوله : " مرضت فلم تعدني ، وجعت فلم تطعمني " رواه مسلم بنحو  وغير ذلك .
والحاصل منها أرجح من الحاصل من العقول المجردة ، وإن كان أصلها المثبت لها ، إذ هي
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (المنزلة من عند اللّه) ، فلا يفاوتها ما لم ينزل من عند اللّه ، وإثبات الشرائع بالعقل لا يستلزم رجحانها ، فإنه كدلالة المحدثات على الصانع تعالى على أن الرجحان إنما يكون في وضع التناقض ، ولا تناقض على نبي ، ولا بأس بكونها من الأوهام ، فإنه من جملة القوى المدركة من الإنسان كالعقل والسمع والبصر ، والغلط فيه كالغلط فيها لأمور عارضة ،
وإليه الإشارة بقوله : ( وحكمت ) أيضا بها ( الأوهام كلها ) ، فلو كان غلطا لم يحكم بها الكل حتى من أرباب العقول .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولوجود حكم الوهم في أرباب العقول دون حكم العقل في أرباب الأوهام ، ( كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة ) ، وإن كان لا سلطان لها في الملائكة (من العقول) إذا اجتمعت مع الأوهام ؛
ولذلك لا يقدر العاقل أن يمشي على خشب مرتفع من الأرض قدر مائة ذراع إذا كان عرضه أربعة أصابع ، إلا من ارتاض في اكتساب ذلك حتى وقع الوهم عن نفسه في هذا الأمر ؛ (لأن العاقل) من الإنسان إذا لم يدفع عنه حكم الوهم بالكلية ، وإن ( بلغ ما بلغ ) من مراتب الكمال في عقله ( لم يخل من حكم الوهم ) ، وإن صار في غاية الضعف ما لم يتصور بالرياضة التامة مساعد للعقل من كل وجه ، كيف ولا يخلو عن ( التصور فيما عقل ) ، والعقل إنما يتصور الشيء مجردا ، ولو كان في الخارج مأدبا ، وإذا غلب الوهم الضعيف العقل الكامل المتعقل للمجردات .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )
 
وكان الحقّ فيه منزّها ) عن الموادّ الجزئيّة والكثائف الأرضيّة السفليّة ، ( وكان ) لقصره النظر على لطائف سماء التنزيه وكليّات حقائق التقديس ( على النصف من المعرفة باللَّه ، فإنّ العقل إذا تجرّد لنفسه ) معرّى عن الآلات والجوارح المتمّمة لأمره ، المكمّلة لآثاره ، ( من حيث أخذه العلوم عن نظره ) الخاصّ به ، ( كانت معرفة باللَّه على التنزيه ) فقط - وهي المعرفة الحاصلة من كلَّيات الحقائق بالنظر والاستدلال - ( لا على التشبيه ) المستحصل من اللطائف الجزئية بالذوق والوجدان ، ( وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي ) الكاشف عن وجهه بما عليه في نفسه ( كملت معرفته باللَّه ، فنزّه في موضع ، وشبّه في موضع ) .
وإذ كان تكميل معرفته بالبعثين فصّل في الموضعين ، وأيضا جمع بين التفصيل المصدّر به ، والإجمال المستردف له ، وفاء بمقتضى حكم نبوّته المقدّم فيه أمر التفصيل حيث قال : ( ورأى سريان الحقّ بالوجود في الصور الطبيعيّة ) ، بل ( والعنصريّة ) أيضا والصور كلها إمّا طبيعيّة أو عنصريّة ،
 
فلذلك قال : ( وما بقيت له صورة إلا ويرى الحقّ عينها ) ، فلا يرى في الوجود صورة ومعنى ، ظاهرا وباطنا ، أوّلا وآخرا ، إلا الحقّ .
 
خاصيّة الوهم بين المشاعر
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهذه هي المعرفة التامّة الكاملة التي جاءت بها الشرايع ) الختميّة ( المنزلة من عند الله - وحكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها ) ، وذلك لما عرفت من أن الوهم بين المشاعر البشريّة هو البرزخ الجامع بين المعاني الكلَّيّة والصور الجزئيّة ، فهو الذي يتمكَّن من إدراك المعنى المنزّه عن هذه الصورة فيها وعينها ،
فإنّ إدراك الحقّ المنزّه في الصورة عينها إنما يمكن لما له مدرجتان من الإدراك ، مدرجة الإطلاق والتنزيه وهو طرف المعاني وكليّة أحكامها ، ومدرجة القيود المشخّصة وهو طرف الصورة وجزئيّة أحكامها .
 
وهذان المدرجتان للوهم فقط بين المشاعر البشريّة ، ( ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول ) مع علوّ قدرها وقوّة أمرها لقربها من المبدء وغلبة أحكام الوجود فيها .
 
الوهم هو السلطان الأعظم في الصورة الإنسانيّة
وأما بيان قوّة سلطان الوهم عليها إنّا : ( لأن العاقل لو بلغ ما بلغ في عقله لم يخل عن حكم الوهم عليه ، والقصور فيما عقل ) بإثارة الشبه المشوّشة له عن الاطمئنان بما حكم به العقل والسكون به .
 
وأما البيان اللمّي : فهو أنّ مقاليد أزمّة التحريك والتسكين في المملكة الإنسانية ظاهرا وباطنا إنما هو بيد الوهم وسدنته ، فإنّ سائر عمّال القوى المحركة - المنبثّة في الأعصاب والعضل والرباطات - ما لم يبلغهم حكم من الوهم لا يتحرّكون عن أمر ، ولا يسكنون بتّة ،


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية. وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل. )
 
قال رضي الله عنه :  (فكان الحقّ فيه منزّها، فكان على النّصف من المعرفة باللّه ، فإنّ العقل إذا تجرّد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته باللّه على التّنزيه لا على التّشبيه . وإذا أعطاه اللّه المعرفة بالتّجلّي كملت معرفته باللّه ، فنزّه في موضع وشبّه في موضع . ورأى سريان الحقّ في الصّور الطّبيعيّة والعنصريّة. وما بقيت له صورة إلّا ويرى عين الحقّ عينها .
وهذه المعرفة التّامّة الّتي جاءت بها الشّرائع المنزلة من عند اللّه وحكمت بهذه المعرفة الأوهام كلّها . ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النّشأة من العقول ، لأنّ العاقل ولو بلغ من عقله ما بلغ لم يخل عن حكم الوهم عليه والتصوّر فيما عقل .)
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان الحق ) المتجلى ( فيه ) من جهة روحانيته ( منزها ) عن أحكام جهة جسمانية فما كان يعرفه من حيث تلبسه بأحكام جهة جسمانيته معرفة ذوق ووجدان في نفسه ( فكان على النصف من المعرفة باللّه فإن العقل إذا تجرد لنفسه ) من غير مدخلية الوهم ( من حيث أخذه العلوم عن نظره كانت معرفته باللّه على التنزيه لا على التشبيه ) ، فإن الدلائل العقلية والمقدمات اليقينية لا تنتج إلا تنزيهه تعالى عما لا يليق بذاته في صرافة وحدته ( وإذا أعطاه ) ، أي العقل ( اللّه المعرفة بالتجلي ) في الصورة ،
 
 أي صورة كانت ( كملت معرفته باللّه فنزه في موضع ) يقتضي نظره الفكري التنزيه ( وشبه في موضع آخر ) ، يقتضي التجلي التشبيه ( ورأى سريان الحق بالوجود في الصور الطبيعية والعنصرية ) ، الشاملتين لجميع أنواعها ( وما بقيت صورة إلا ويرى الحق عينها ) ، من حيث اتحاد الظاهر بالمظهر ( وهذه ) المعرفة الجامعة التي بين التنزيه والتشبيه ( هي المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند اللّه وحكمت بهذه المعرفة ) ،
 
 أي بصحة هذه المعرفة من حيث اشتمالها على تجويز التشبيه ما نزه العقل والناس ليس له صورة عند العقل نوعا من الصور ( الأوهام كلها ) وإن لم يكن في هذه المادة وانقاد أصحاب الأوهام لحكمها ، لأن الوهم يستشرف إلى ما وراء موجبات الأفكار وألا ينقاد للقوة الفكرية فيجوز الحكم على المطلق بالقيد وعلى المنزه عن الصورة بالصورة وبالعكس ، فكذا يحكم بالشاهد على الغائب وبالعكس
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) ، أي لكون صوره عند العقل من التنزيه وإلباس الصور لما ليس له صورة عند العقل وانقياد صاحب الوهم لحكمه ( كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول لأن العاقل ولو بلغ من عقله ما بلغ ) ، مما هو منتهى مبلغ العقول ( لم يخل عن حكم الوهم عليه ) بخلاف ما حكم العقل عليه ( والتصور ) ، أي ولم يخل عن الدخول في الصور وقبولها ( فيما عقل ) ، أي في معقولاته الصرفة الخالية عن الصور



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:14 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 9:37 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                                        الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السّلطان الأعظم في هذه النشأة الصّوريّة الإنسانيّة ، وبه جاءت الشّرائع المنزلة فشبّهت ونزّهت ، شبّهت في التّنزيه بالوهم ، ونزّهت في التّشبيه بالعقل . فارتبط الكلّ بالكلّ ، فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه . قال اللّه تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌفنزّه وشبّه ،وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11 ] فشبّه . وهي أعظم آية نزلت في التّنزيه ومع ذلك لم تخل عن التّشبيه بالكاف . فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلّا بما ذكرناه . ثمّ قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ( 180 ) [ الصافات : 180 ].  وما يصفونه إلّا بما تعطيه عقولهم . فنزّه نفسه عن تنزيههم إذ حدّدوه بذلك التّنزيه ، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا . )
 
(فالوهم هو السلطان الأعظم ) المستولي القاهر في هذه النشأة ، أي الخلقة
 
(الصورية الكاملة الإنسانية وبه) ، أي بالوهم والحكم به في الاعتقاد (جاءت الشرائع المنزلة) من اللّه تعالى (فشبهت) ، أي الشرائع الحق تعالى ونزهت أيضا الحق تعالى ليعرف سبحانه ظاهرا وباطنا وأوّلا وآخرا (فشبهت) الحق سبحانه في حال التنزيه له لحكمها (بالوهم) في الصور (ونزهت) أيضا الحق تعالى في حال التشبيه له لحكمها (بالعقل) في العجز عنه (فارتبط الكل) ، أي جميع صور التشبيه المحسوسة والمعقولة والموهومة (بالكل) ، أي جميع مراتب التنزيه .
 
(فلا يمكن أن يخلو تنزيه) للحق تعالى (عن تشبيه) أصلا ، فإن المنزه للحق تعالى لا بد أن يتصوّر الحق تعالى في خياله وقت الحكم عليه بالتنزيه عن كل ما لا يليق به من كل ما سواه ، فإن الحكم فرع التصوّر لأنه لا يمكن الحكم على شيء بأمر من الأمور إلا بعد تصوّره في الذهن ، وإلا لم يكن حكم أصلا ، وهو بديهي عند العقلاء فقد لزم من التنزيه التشبيه في كل ما وجد تنزيه ولا يمكن أن يخلو أيضا تشبيه للحق تعالى بشيء من الصور (عن تنزيه) أصلا فإن من شبهه سبحانه بصورة حسية أو عقلية حكم بأنه لا يشبه كل ما عداها من الصور وهو التنزيه للحق تعالى .
 
قال اللّه تعالى :"لَيْسَ كَمِثْلِهِ" سبحانه "شَيْءٌ"[ الشورى : 11 ] بإثبات المثل له فنزّه مثله تعالى عن مشابهة كل شيء بكاف التشبيه المنفية بليس فلزم من ذلك تنزيه نفسه بالأولى وشبّه نفسه تعالى بإثبات المثل له ("وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ")، أي لا سميع ولا بصير غيره تعالى ، فإن تعريف الطرفين يفيد الحصر كقوله تعالى :هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ[ غافر : 65 ] .
فشبه سبحانه نفسه بإثبات صورة كل سميع بصير أنه صورته كما ورد في الحديث : « كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به » .
 
( وهي) ، أي هذه الآية (أعظم آية) في القرآن (نزلت في التنزيه) الإلهي (ومع ذلك) ، أي كونها نزلت في التنزيه لم تخل عن تشبيه للّه تعالى (بالكاف) أي بسببها لأنه يلزم منها ثبوت المثل له تعالى وهو تشبيه ، فلو لم تكن الكاف لانتفى المثل بالكلية والأصل عدم الزيادة في الكاف وفي المثل ، فالتقرير على أصلية كل واحد منهما وهو الأليق ببلاغة القرآن العظيم .
 
(وهو) ، أي اللّه تعالى الذي أنزل هذه الآية أعلم العلماء بنفسه سبحانه ومع ذلك ما عبر تعالى (عن نفسه إلا بما ذكرناه) من الآية المذكورة (ثم قال اللّه) تعالى أيضا عن نفسه (سبحان ربك) والخطاب لمحمد صلى اللّه عليه وسلم ،
 
أي سبح ربك ونزهه وقدسه (رب العزة) ، أي الرفعة عن إدراك العقول والحواس (عما يصفون) ، أي الواصفون له تعالى مع كثرة اختلافهم في أوصافه تعالى وما ينبغي أن يكون عليه تعالى (وما يصفونه) ، أي الواصفون المنزه عن وصفهم إلا بما تعطيه لهم (عقولهم) مما ينبغي أن يكون عليه عندهم لنبذهم الوقوف مع الشرع وما جاء به من الأوصاف .
 
(فنزه) سبحانه نفسه بكلمة سبحان التي هي علم على التسبيح (عن تنزيههم) ، أي تنزيه الواصفين له تعالى إذ ، أي لأنهم (حدوه) ، أي جعلوا له تعالى حدا (بذلك التنزيه) الذي أتوا به في حقه تعالى عندهم فإنهم حكموا عليه بعدم مشابهته لشيء مطلقا وكل محكوم عليه قد تصوّره الحاكم عليه في نفسه بصورة غفل عنها في وقت الحكم عليه لاشتغاله بمضمون الحكم من نفي مشابهة كل شيء له تعالى والتصور بالصورة هو التحديد بالحد (وذلك) إنما كان (لقصور العقول كلها عن إدراك مثل هذا) التعريف الإلهي الوارد عنه تعالى من التنزيه في التشبيه والتشبيه في التنزيه


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )
 
فقال رضي الله عنه : ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الانسانية وبه ) أي وبهذا المعنى وهو التشبيه ( جاءت الشرائع المنزلة ) والتنزيه أعاد تنزيل الشرائع ليورد بعض الأحكام عليها .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشبهت ونزهت شبهت في التنزيه ) أي في تنزيه العقل ( بالوهم ونزهت في التشبيه ) أي في تشبيه الوهم ( بالعقل فارتبط الكل بالكل ) أي ارتبط كل واحد منهما بالآخر ( فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه ) ولما فرغ عن بيان التنزيه والتشبيه شرع في إيراد الآيات الجامعة بين التنزيه والتشبيه
 
فقال رضي الله عنه : ( قال تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ( فنزه ) بحكم العقل ( فشبه ) بحكم الوهم فالتنزيه ناظر إلى جهة النفي وهو على تقدير زيادة الكاف والتشبيه ناظر إلى جهة الإثبات لأنه لما نفى المماثلة عن مثله فقد أثبت المثل لنفسه وهو التشبيه .
والمراد بالمثل هو الإنسان المخلوق على صورته والمراد بالمماثلة هو الاتصاف بصفات الحق كالحياة والعلم والقدرة وغير ذلك ما عدا الوجوب الذاتي
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُفشبه ) ولم يقل ونزه وإن كان فيه التنزيه أيضا لعدم استفادة التنزيه من نفس الكلام بل إنما يستفاد التنزيه من تقديم الضمير بخلاف الأول فإن التنزيه والتشبيه مستفاد من نفس الكلام ( وهي ) أي هذه الآية ( أعظم آية تنزيه نزلت ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف فهو ) أي الحق ( اعلم العلماء بنفسه وما عبر عن التعبير عن نفسه إلا بما ذكرناه ) من التنزيه والتشبيه بحكم العقل والوهم ( ثم قال سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حددوه بذلك التنزيه ) والتحديد بالتنزيه تشبيه وهم لا يشعرون بذلك .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وذلك ) التحديد الذي يلزمهم من تنزيههم ( لقصور العقول عن إدراك مثل هذا ) أي عن إدراك أن التنزيه عين التحديد بخلاف الوهم فإنه يدرك ذلك لذلك حكم على العقل بالتشبيه فيما نزهه فلما نزه وشبه ثم نزه نفسه عن التنزيه وأبقى التشبيه على حاله كان الاعتماد في إدراك الأمر على ما كان عليه في نفسه على الوهم دون العقل فإن الأمر في نفسه لا يخلو عن صورة ما بالشرع والكشف ، والعقل يجرده عنها دائما والوهم يشبهها له دائما.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.  فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف. فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه. ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم. فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )
 
قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق وما ذكره بعد ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه النشأة الإنسانية الكاملة ، وبه جاءت الشرائع المنزلة ، فشبّهت ونزّهت ، شبّهت في التنزيه بالوهم ، ونزّهت في التشبيه بالعقل ، فارتبط الكلّ بالكلّ ، فلم يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ، ولا تشبيه عن تنزيه، قال تعالى : "لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ" فنزّه وشبّه ) .
 
يعني  رضي الله عنه  : نزّه في عين التشبيه ، لأنّه نزّه في مماثلة المثل ما لا يماثله في هذه المثلية وهو عين التشبّه ، لأنّه إثبات المثل ونفي مماثلته ، فنزّه أن يكون شيء من الأشياء مثلا لهذا المثل المنزّه ، فينتفي عن الحق المماثلة بالأحرى والأحقّ ، وذلك على أنّ الكاف غير زائدة ، فهو - كما ذكرنا - تنزيه في تشبيه أو تشبيه في تنزيه ، وكلاهما سائغ فيه ، فتأمّل .
 
 ( "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" فشبّه)  أي شبّه في عين التنزيه ، لأنّه أثبت السمع والبصر اللذين هما ثابتان عرفا للعبد ، ولكنّه خصّص الإضافة إليه - سبحانه - فإنّه حملهما على هويته تعالى المنزّهة المقدّسة عن أن يكون معه غيره ، فهو السميع لا سميع غيره معه ، وهو البصير لا بصير سواه دونه كذلك ،
ولذلك يسوغ أيضا كالأوّل في " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ " أن يكون تنزيها في عين التشبيه من حيث تخصيص السميعية والبصيرية اللتين اشترك فيهما ، عرفا وعقلا وشرعا لا كشفا كلّ حيوان ذو بصر وسمع بالحق دونه إن فرضت غيرا ، فانظر تداخل الحقائق بعضها في البعض من حيث النظرة الكشفي والتحقيق الشهودي الكمالي .
 
قال رضي الله عنه  : ( وهي أعظم آية نزلت في التنزيه ، ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف ، فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلَّا بما ذكرناه ، ثم قال :   ( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) وما يصفونه إلَّا بما تعطيه عقولهم ، فنزّه نفسه عن تنزيههم ، إذ حدّدوه بذلك التنزيه ، وذلك لقصور العقل عن إدراك مثل هذا ) .
 
يعني رضي الله عنه  قصور العقل المقيّد بالقوّة البشرية النظرية بالفكر ، لا العقول المنوّرة القابلة نور التجلَّي والوهب الإلهيّين على الكشف والشهود .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )
 
قال رضي الله عنه :  (فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه النشأة الصورية الكاملة الإنسانية . وبه جاءت الشرائع المنزلة فشبهت ونزهت شهت في التنزيه بالوهم ونزهت في التشبيه بالعقل فارتبط الكل بالكل ، فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه ، قال الله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ "  فنزه وشبه ).
 
أي نزه في عين التشبيه حيث نفى عن كل شيء مماثلة في مثليته وهو عين التشبيه. لأنه إثبات المثل .
ولما نفى عن كل شيء مماثلة المثل نزه الحق أن يكون مثلا له لأنه شيء من الأشياء فلا يماثل ذلك المثل ، وإذا لم يكن مثل مثله فبالأحرى أن يكون ذلك المثل ليس مثلا له وذلك في غاية التنزيه ، فهو تشبيه في تنزيه وتنزيه في تشبيه (" وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " فشبه )
أي في عين التنزيه لأنه أثبت له السمعية والبصرية اللتين هما صفتان ثابتتان للعبد وهو محض التشبيه ، لكنه خصصهما بالصيغة التركيبية المفيدة للحصر حيث حمل الصفتين المعرفتين بلام الجنس على ضميره ، فأفاد أنه هو السميع وحده لا سميع غيره ، وهو البصير وحده لا بصير غيره وهو عين التنزيه ، فتأمل
 
قال رضي الله عنه(وهي أعظم آية نزلت في التنزيه ، ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف ، فهو أعلم  العلماء بنفسه ، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه ، ثم قال :" سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ " وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم ، فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حددوه بذلك التنزيه ، وذلك لقصور العقل عن إدراك مثل هذا)
 
يعنى العقول البشرية المفيدة بالنظر الفكري، لا العقول المنورة بنور التجلي والكشف الشهودي .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية ، وبه جاءت الشرائع المنزلة فشبهت ونزهت ، شبهت ) أي ، الشرائع .
( في التنزيه ) أي مقام التنزيه ( بالوهم ) أي ، بلسان الوهم . إذ الوهم لا يعطى إلا إدراك المعاني الجزئية في الصور الحسية ، فهو يتصور موجودا ما في الخارج ، مشخصا مفارقا عن
غيره ، منزها عن كونه جسما أو جسمانيا أو زمانيا أو مكانيا . وذلك عين التشبيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ونزهت في التشبيه بالعقل ) أي ، نزهت الشرائع في مقام التشبيه بلسان العقل ، إذ العقل يجرد المعاني الكلية عن الغواشي الحسية التي يثبتها الوهم . ( فارتبط الكل بالكل . ) أي ، التشبيه والتنزيه .
قال رضي الله عنه :  ( فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ، ولا تشبيه عن تنزيه . ) وذلك لأن كلما نزهته عنه من النقائص ، فهو ثابت له عند ظهوره في المراتب الكونية وهو التشبيه .
وكلما شبهته وأثبت له من الكمالات ، فهو منفى عنه في مرتبة أحديته وهو التنزيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( قال الله تعالى : "ليس كمثله شئ " فنزه وشبه . ) أما تنزيهه فظاهر ، لأنه نفى المماثلة على تقدير زيادة ( الكاف ) . وعلى عدم زيادته أيضا يلزم المطلوب ، لأن نفى المماثلة عن المثل ، يوجب نفى المماثلة عن نفسه بطريق الأولى .
وأما تشبيهه ، فإنه أثبت له مثلا ونفى عنه المماثلة . وإثبات المثل تشبيه .
وليس ذلك المثل إلا الإنسان المخلوق على صورته ، المتصف بكمالاته إلا الوجوب الذاتي الفارق بينهما . كما مر في ( الفص الآدمي ) .
 
قال الشيخ ، رضي الله عنه ، في كتاب الأسرار والصلاة : على أول مبدع كان ولا موجود ظهر هنالك ولا نجم فسماه مثلا . وقد أوجده فردا لا ينقسم في قوله : "ليس كمثله شئ " . وهو العالم الفرد العلم .
 
قال رضي الله عنه :  ( "وهو السميع البصير " فشبه . ) لأنه أثبت له ما هو ثابت لغيره . ونزه أيضا في هذا القول ، لأن تقديم الضمير يوجب حصر السمع والبصر فيه ، فنزه عن المشاركة مع الغير فيهما.
 
قال رضي الله عنه :  (وهي أعظم آية تنزيه نزلت ، ومع ذلك لم تخل عن تشبيه ، ب‍ ( الكاف ) . فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه . ثم ، قال : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون " . ) أي ، عما يصفونه بحسب مبالغ عقولهم .
قال رضي الله عنه :  ( وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم . فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حددوه بذلك التنزيه.) لأن التميز عن كل شئ محدود بتمايزه عنها .
( وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا.) أي ، وذلك التحديد يحصل من قصور العقول عن إدراك الحقائق الإلهية وشؤونها على ما هي عليها . وما استفادت العقول المنورة هذه المعاني أيضا إلا بإعلام الله والاطلاع على أسرار آياته ، لا بأنفسهم .

 .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:15 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 9:40 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                                        الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السّلطان الأعظم في هذه النشأة الصّوريّة الإنسانيّة ، وبه جاءت الشّرائع المنزلة فشبّهت ونزّهت ، شبّهت في التّنزيه بالوهم ، ونزّهت في التّشبيه بالعقل ، فارتبط الكلّ بالكلّ ، فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه ) .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه ) الصورة الكاملة المتعقلة للمجردات ( الإنسانية ) بخلاف الملائكة ، ومن صار في حكمهم كإلياس عليه السّلام ، ولا ينافي حكم الوهم فيه كماله ، إذ ( به جاءت الشرائع المنزلة ) التي لا يتم إدراك العقل بدونها ، كما لا يتم إدراك الحواس بدون الشمس ، وإن كانت الشمس إنما تدركها الحواس ،

( فشبهت ) بحكم الوهم ، ( ونزهت ) بحكم العقل لصحة إدراكهما ، فجمعتهما في موضع واحد ، إذ ( شبهت ) في مقام ( التنزيه بالوهم ) ؛ فإنه يتبادر إليه عند ظهوره في المظاهر بصورها أن له هذه الصور في ذاته مع تنزهه في ذاته عنها ، ( ونزهت ) في مقام ( التشبيه بالعقل ) ،

فإنه يقول : أنه وإن ظهرت له هذه الصورة في المظاهر ، فهو على تنزه الرائي ؛ لأن ما بالذات لا يزول بالغير ، ( فارتبط الكل ) من التنزيه والتشبيه ( بالكل ) من غير تناقض ، بل على سبيل الوجوب ، ( فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ، ولا تشبيه عن تنزيه ) ؛ لاختلاط حكم العقل والوهم من غير مفارقة أحد الحكمين للآخر .

قال رضي الله عنه :  (قال اللّه تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فنزّه وشبّه ،وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11 ] فشبّه ، وهي أعظم آية نزلت في التّنزيه ، ومع ذلك لم تخل عن التّشبيه بالكاف ؛ فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلّا بما ذكرناه ، ثمّ قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ[ الصافات : 180 ] ، وما يصفونه إلّا بما تعطيه عقولهم ، فنزّه نفسه عن تنزيههم إذ حدّدوه بذلك التّنزيه ، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا ) .

والدليل على الجمع بينهما في الشرائع ما ( قال اللّه تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [ الشورى : 11 ] ، فنزه ) بنفي مثل المثل أولا ، ولزمه نفي المثل ثانيا ، وإلا كان نفسه مثلا لمثله ، ولكنه نسبه أولا ، إذ لم ينفه المثل من أول الأمر ،( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ،فشبه ) تصريحا بما فهم أولا من التشبيه في ضمن التنزيه ، فعلم أن هذا التشبيه أيضا في ضمن التنزيه ، كما أن ذلك التنزيه في ضمن التشبيه ، ( وهي أعظم آية نزلت في التنزيه ).


"" أضاف المحقق :
التنزيه : هو تعالى الحق عما لا يليق بجلال قدسه الأقدس ، والتنزيه على ثلاثة أقسام : تنزيه الشرع ؛ هو المفهوم في العموم من تعاليه تعالى عن المشارك في الألوهية ،
وتنزيه العقل : هو المفهوم في الخصوص من تعاليه تعالى عن أن يوصف بالإمكان ،
وتنزيه الكشف : هو المشاهد لحضرة إطلاق الذات المثبت للجمعية للحق ؛ فإن من شاهد إطلاق الذات صار التنزيه في نظره ، إنما هو إثبات جمعيته تعالى لكل شيء ، وإنه لا يصح التنزيه حقيقة لمن لم يشاهده تعالى كذلك .أهـ لطائف الإعلام."" 

قال رضي الله عنه :  (ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف ) المشعرة به من وجه ، إذ تقدير زيادتها خلاف الأصل بل لا يجوز أن يقال في القرآن بالزيادة الخالية عن الفائدة ، وإذا لم تخل أعظم الآيات الواردة في التنزيه عن التشبيه ، فما ظنك بآيات التشبيه ، وبما دون هذه الآية من آيات التنزيه والإخبار ، ولولا أن في الجمع بين التنزيه والتشبيه كمال المعرفة لم يرد ذلك في كلام اللّه تعالى ،

إذ ( هو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبر عن نفسه ) على لسانه ، ولسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم مع كمال قدرته على العبارات الصريحة في جميع الأمور ( إلا بما ذكرناه ) من التشبيه أو التنزيه معه ، فإن صح أنه ذكر محض التنزيه ،
فلا شكّ أنه ( ثم قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) المانعة لوصول العقول والأوهام إليه( عَمَّا يَصِفُونَ[ الصافات : 180 ] ) ؛ فدخل فيه أرباب العقول والأوهام جميعا ، ولا شكّ أنه لا عبرة بالوهم ما لم يصدقه العقل ، فالآية لتنزيه الحق نفسه عن تنزيهات العقلاء .

كما قال رضي الله عنه : ( وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم ) التي تمنع عزته وصولها إليه ، ( فنزه نفسه عن تنزيههم ) وإن صح به إيمانهم ، إذ القائل بالتشبيه المحض كافر ( إذ حددوه بذلك التنزيه ) حتى منعوا ظهوره في المظاهر ، ومنعوا وصفه بالصفات التي توجد في خلقه ما يناسبها نوع مناسبة ؛ ( وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا ) الأمر الجامع بين التنزيه والتشبيه ؛ لأنه من جملة المدركات المختصة بنوع خاص ، فالعقل وإن كان أعلاها ، فهو قاصر على إدراك المجردات ، فلا يدرك الحق إلا من جهة تجرده ، وهي جهة التنزيه والوهم يدركه من جهة التشبيه .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )


( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانيّة ) .
ويمكن أن يجعل هذا إشارة إلى تأويل ما رمز فيه من القصّة المصدّر بها ، فإنّ قرية جمعيّة هذه النشأة التي فيها صنم الصورة الكاملة الإنسانيّة - الملوّح إليه في كلامه ظاهرا سلطانها - إنما هو الوهم وذلك الصنم قد اختصّ به على ما بيّن في طيّ عبارته هذه .

الآيات الناظرة بحكم الوهم
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وبه جاءت الشرايع المنزلة ) أي بحكم الوهم ومقتضاه أنزلت الآيات الكاشفة عن التشبيه ، كقوله تعالى : “  وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى “  [ 8 / 17 ] وقوله : “  لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ “  [ 42 / 11 ] - وغيره من الآيات .
( فشبّهت ونزّهت : شبّهت في التنزيه بالوهم ) ، إذ من شأن الوهم أن يعيّن المعاني الكلَّيّة المنزّهة عن الموادّ المشخّصة ويشخّصها ،
ثمّ يجري عليها أحكام الجزئيّات والأشخاص كما أنّ من شأن العقل أن ينتزع من الأشخاص الماديّة موادّهم المشخّصة ، وحذف عنهم موجبات التشخّص بإجراء أحكام الكليّات المنزّهة عن الموادّ عليها ولذلك قال : ( ونزّهت في التشبيه بالعقل ) .

الكلي والجزئي
ثمّ إذ قد كان الأمر في الوجود بين كلَّين :
كلّ منزّه عن الموادّ المشخّصة التي يلبسه إيّاها الوهم ، وبها يدركه ، وهو المسمّى بالكلي في عرف النظر .
وكلّ متلبّس بالموادّ المشخّصة ينتزعها عنه العقل ، وبها يتعقّله ، وهو الذي يسمّى بالجزئي عندهم .
وذلك لما تقرّر في المقدّمة أنّ الإطلاق له صورتان : مؤدّى إحداهما التنزيه ، ومؤدّى الأخرى التشبيه وإذ كان ظاهر الإطلاق هو الكليّة الإحاطيّة ، فهي صورته .
ولذلك قال : ( فارتبط الكلّ بالكلّ ) ارتباط الكلَّي بجزئيه - وهو الكلّ - والكلّ بجزئه وهو الكلَّي ويلازم أحدهما الآخر ، تلازم حكم العقل حكم الوهم ( فلم يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ، ولا تشبيه عن تنزيه ) .
 

التنزيه في عين التشبيه في القرآن الكريم
أما الأول فكما ( قال تعالى : "لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ " فإنّه ظاهر في التنزيه ، حيث نفى عن كلّ شيء أن يماثل مثله ، فضلا عن أن يكون مثله .
ولذلك قال : ( فنزّه ) .
وإذ قد توجّه النفي إلى مثل المثل - الذي هو مدلول كاف التشبيه - يكون المثل مثبتا في أصل دلالة الآية ، وقوله : ( فشبّه ) إشارة إليه .
فعلم أن التنزيه والآيات الدالَّة عليه لا يخلو عن تشبيه ، وكذلك التشبيه والآيات الدالَّة عليه لا يخلو عن التنزيه ، كما في قوله تعالى : ( "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "  ) ، فإنّ ظاهره أن صاحب السمع والبصر هو الحقّ ، وهو محض التشبيه ولذلك قال : ( فشبّه ) بحسب الدلالة التي له في أصل معناه اللغوي .
ونزّه أيضا بحسب الدلالة التي له أيضا ، وذلك بحسب خاصيّة التركيب لدى التخاطب ، وهو ما يفيد الحصر من وضع صورة تركيبه - على ما بيّن في صنعة الأدب - وما قال : « فنزّه » اكتفاء بما مهّد أنّ كل تشبيه لا يخلو عن تنزيه ، وتنبيها أيضا على أنّ دلالته على التنزيه ليست غير دلالته على محض التشبيه ، فإنّ تنزيهه يحصر السمع والبصر فيه ، وهو عين التشبيه الكاشف عن محض التنزيه .
ولذلك قال رضي الله عنه : (وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم يخل عن تشبيه بالكاف)، فإنّ أصل معنى الكاف لغة هو التشبيه .
هذا ما انزل لبيان تعريف الحقّ نفسه ، من القرآن الذي هو كلام الله المنزل على عبده ، يعني الخاتم ، ( فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلَّا بما ذكرناه ) . قصور المنزّهين من أهل النظر عن التنزيه الحقيقي  ثمّ إنّه بعد ما أظهر معنى التنزيه الحقيقي وبيّن حقيقته ، نبّه على قصور التنزيه الرسمي الذي هو مدرك العقول الخالية عن آثار الجمعيّة القلبيّة الإنسانيّة ،

وإليه أشار بقوله : ( ثمّ قال : “  سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ “)  [ 37 / 180 ] ، والعامّة من ذوي العقول النظريّة ، وأهل الكثرة الإمكانيّة ، على ما هو مدلول ضمير الجمع في “  يَصِفُونَ “ والمفهوم منه ذوقا ولغة ، ( وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم فنزّه نفسه عن تنزيههم ) ، وهو التنزيه الذي يقابل التشبيه ، وهو المقيّد المحدّد ( إذ حدّدوه بذلك التنزيه ، وذلك لقصور العقل عن إدراك مثل هذا ) ، لغلبة التجرّد على نشأته القدسيّة العلية ، على ما عليه الملأ الأعلى . ما جاء في الشرائع مما تحكم به الأوهام

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السّلطان الأعظم في هذه النشأة الصّوريّة الإنسانيّة ، وبه جاءت الشّرائع المنزلة فشبّهت ونزّهت ، شبّهت في التّنزيه بالوهم ، ونزّهت في التّشبيه بالعقل . فارتبط الكلّ بالكلّ ، فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه .  قال اللّه تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فنزّه وشبّه ،وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11 ] فشبّه . وهي أعظم آية نزلت في التّنزيه ومع ذلك لم تخل عن التّشبيه بالكاف. فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلّا بما ذكرناه . ثمّ قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [ الصافات  :180].)


قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية وبه ) ، أي بالوهم وما يحكم به .
قال رضي الله عنه :  ( جاءت الشرائع المنزلة من عند اللّه فشبهت ) الشرائع ( ونزهت ، شبهت في ) مقام ( التنزيه بالوهم ) ، وحكمه إذ الوهم تلبس المعاني عن الصور نوعا من الصورة ( ونزهت في ) مقام ( التشبيه بالعقل ) وحكمه إذ العقل يجرد المعاني المنزهة في حدّ ذواتها عن الصور التي ألبسها الوهم لها ( فارتبط الكل ) ، أي كل من العقل والوهم ( بالكل ) ، أي بكل واحد من التنزيه والتشبيه .

أما ارتباط العقل بالتنزيه فظاهر ، وأما ارتباطه بالتشبيه فحكمه برفعه ، هذا إذا كان الكل إفراديا ، وأما إذا كان مجموعيا فمجموع أفراد كل من التنزيه والتشبيه كل ، وكل من الكلين مرتبط بالآخر ارتباط أجزاء كل منهما بأجزاء الآخر ، كل جزء بجزء ( فلم يمكن ) .
وفي النسخة المقابلة بالأصل فلم يتمكن ( أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه ) .


أما الأول فكما ( قال تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فنزه ) ، لأن نفي المماثلة عن مثله يوجب نفي المماثلة عن نفسه بالطريق الأولى ، أو بأن يقال : نفي مثل المثل يستلزم نفي المثل ، لأنه لو كان له مثل ما يلزم أن يكون لمثله مثل وهو نفسه ، ولو قال بزيادة الكاف على خلاف الظاهر فالأمر ظاهر ( وشبه ) ، لأنه أثبت له مثلا ونفى أن يكون لمثله مثل فإثبات المثل تشبيه .

وأما الثاني فكما قال تعالى : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُفشبه ) فإنه أثبت له ما هو ثابت للخلق أعني السمع والبصر ونزه أيضا بحصر السمع والبصر فيه فلا شركة ، أو بإثباتهما له فإن ذلك تنزيه له عن الانحصار في التنزيه وهو كمال التنزيه ، ولم يقل ونزه اكتفاء بما سبق من أنه لا يخلف تشبيه عن تنزيه ( وهي ) ، أي قوله :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ( أعظم آية نزلت في التشبيه ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف ) ، أي بسبب إدخال الكاف على المثل فإنه يدل بحسب الظاهر على إثبات المثل ( فهو أعلم العلماء بنفسه وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه ، ثم قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) [ الصافات  : 180]

قال رضي الله عنه :  ( وما يصفونه إلّا بما تعطيه عقولهم . فنزّه نفسه عن تنزيههم إذ حدّدوه بذلك التّنزيه ، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا . )
قال رضي الله عنه :  (ولا يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم ) ، من الصفات التنزيهية ( فنزه نفسه عن تنزيهم إذ حدوده بذلك التنزيه ) وجعلوه متميزا عن الأشياء محدودا بتمايزه عنها ، ( وذلك ) التحديد ( لقصور العقول ) ، من حيث أنظارها الفكرية ( عن إدراك مثل هذا ) الذي ذكرناه من اشتمال كل تنزيه على تشبيه وكل تشبيه على تنزيه فهو سبحانه مشبه في مجالي صفاته كما أنه منزه في حقيقة ذاته


.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:15 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 9:53 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-                                        الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ جاءت الشّرائع كلّها بما تحكم به الأوهام . فلم تخل عن صفة يظهر فيها . كذا قالت ، وبذا جاءت . فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحقّ التّجلّي فلحقت بالرّسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل اللّه .اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُفاللَّهُ أَعْلَمُموجّه له وجه بالخبريّة إلى رسل اللّه ، وله وجه بالابتداء إلىأَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ. وكلا الوجهين حقيقة فيه ولذلك قلنا بالتّشبيه في التّنزيه وبالتّنزيه في التّشبيه .  وبعد أن تقرّر هذا فنرخي السّتور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلّى فيها الحقّ . )
 
(ثم جاءت الشرائع كلها) من عند اللّه تعالى إلى الأمم المكلفين بها على ألسنة أنبيائهم ورسلهم عليهم السلام بما تحكم به الأوهام على العقول الإنسانية من التصوير والتمثيل في حق اللّه تعالى مع التنزيه والتقديس عن جميع ذلك فأقرّ الصور لمحة ونفاها لمحة ، لأن أمره تعالى "كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ"، فيقال فيه هو هذا ثم يقال : ليس (هو) هذا لانتفائه في اللمحة الثانية .
(فلم يخل الحق تعالى عن صفة) عند الأوهام العقلية (يظهر فيها) للعقلاء
 
(كذا قالت ، أي الشرائع كلها بمضمون حكمها وصريح عبارات أدلتها النقلية (وبذا ، أي بما ذكر جاءت ، أي الشرائع من عند اللّه تعالى إلى الأمم بواسطة المرسلين عليهم السلام (فعملت جميع الأمم على ذلك ، أي وصفت الحق تعالى بما تعطيه أوهامها من الأوصاف المختلفة (فأعطاها الحق تعالى (التجلي ، أي الانكشاف في حضرة الأوهام فتكلم كل واحد بما تجلى له في وهمه من الصفات الإلهية (فلحقت تلك الأمم (بالرسل والأنبياء عليهم السلام وراثة نبوية في نفس الأمر من غير متابعة شرعية منهم في البعض فإنهم كفروا وإن وافقوا المقصود ،
لأن المطلوب منهم أخذ المقصود بالمتابعة لا بالاستقلال ، لأن الاستقلال رسالة من اللّه تعالى وهم لم يرسلوا فنطقت ، أي الأمم بما نطقت به يعني الأمم من الصفات الإلهية على حسب ما وقع لهم التجلي الإلهي في أوهامهم وتخيلاتهم فأصابوا الحق ، لأن الكل تجلياته سبحانه وأخطأوا حيث لم يأذن اللّه تعالى فإنه ليس كل صواب مقبولا .
 
قال تعالى :وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ البقرة : 189 ] .
مع أن المقصود إتيان البيوت وقد حصل سواء أتى من الظهور أو من الأبواب الكبرى ، ولكن البر أي الإحسان إلى الشارع الإتيان من الأبواب ، أي المتابعة في ذلك كتارك الأكل نهارا لا يسمى صائما حتى ينوي متابعة الشارع فيما شرعه من ذلك ،
وهكذا جميع المشروعات من الفروض والنوافل ، فالنية شرط في حصول العبادات مطلقا في المأمور والمنهي ، وهو قول النبي صلى اللّه عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات " .
أو بما نطقت به . رواه البخاري ورواه أبو داود ورواه غيرهما .
 
رسل اللّه فاعل نطقت لأنهم ورثتهم من حيث الأوهام البشرية التي لم تقبل منهم لعدم متابعتهم لهم فيها كما تبعت الأنبياء عليهم السلام ربهم في ذلك .
قال تعالى :قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ[ الكهف : 110 ] ،
فالفارق الوحي وهو القذف في القلب والكل يقذف في قلوبهم ولكن المتابعة الإلهية تنتجها المعرفة الربانية وهي المقتضية للقبول على الوجه التام فلولا متابعة الأنبياء عليهم السلام لأمر ربهم على الكشف في نفوسهم لما فرق بينهم وبين أممهم في التجليات الإلهية ومقتضى ما تعطى من الأوصاف وكذلك الوراثة النبوية في الأمم ما قبل منها إلا وراثة أهل المتابعة دون غيرهم ولهذا قال تعالى عن الكافرين :وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ "اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ"[ الأنعام : 124 ] .
بأن يأذن اللّه تعالى لهم بذلك فيكون ما يجدونه من الأوصاف عن الوحي النبوي لا عن وسواس نفوسهم كما قال تعالى :"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ" [ ق :16] ،
فثبت له تعالى العلم بجعل الرسالة في المرسلين عليهم السلام ، والعلم أيضا بوسواس النفوس في غير أهل المتابعة من الناس . ثم قال تعالى :وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[ ق : 16]
 
فأثبت القرب إلى الإنسان بجميع أنواع الإنسان على السواء من غير تفاوت ، وبقي التفاوت بوسواس النفس ، ووحي الرب وهو الجعل للرسالة في المرسلين دون غيرهم ، لا العلم بهم فإنه مشترك كما ذكرنا فاللّه أعلم .
 
الواقع في هذه العبارة في هذا الكتاب كلام موجه ، أي ذو وجهين له وجه بالخبرية ، أي موجه بكونه خبرا إلى ، قوله هنا رسل اللّه إذا تم الكلام على قوله بما نطقت به الآية التي سبب نزولها كما ذكر البيضاوي في تفسره :  أن كفار قريش لما قال أبو جهل تزاحمنا بنو عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي يوحى إليه واللّه لا نرضى به إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه انتهى .
 
"" أضاف المحقق :
ونص ما أورده البيضاوي في تفسيره كاملا :وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ [ الأنعام : 124 ]
يعني كفار قريش لما روي : أن أبا جهل قال : زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي يوحي إليه اللّه لا نرضى به إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه ، فنزلت :اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ[ الأنعام : 124 ]
استئناف للرد عليهم بأن النبوة ليست بالنسب والمال وإنما هي بفضائل نفسانية يخص اللّه سبحانه وتعالى بها من يشاء من عباده فيجتبي لرسالاته من علم أنه يصلح لها ، وهو أعلم بالمكان الذي يضعها فيه . تفسير البيضاوي . أهـ ""
 
فيبقى قوله تعالى :قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ[ الأنعام : 124].
، فنائب الفاعل ضمير أوتي راجع إلى نبيهم الذي جاءتهم آيته ، أي معجزته وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم ، لأنهم لم يقولوا مثل ما أوتي جميع الأنبياء والرسل ،
وإنما قالوا : إن يأتينا وحي كما يأتيه ، فرسل : مبتدأ ، واللّه : مضاف إليه ، واللّه : خبر المبتدأ كما قال تعالى  :إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ( 49 ) [ القمر : 49 ] .
في قراءة رفع كل على أنها خبر إنّ ثم قوله : اعلم ، صفة للّه بإضمار هو تعالى ، وحيث يجعل رسالته متعلق بأعلم وله ، أي لقوله اللّه وجه آخر موجه أيضا بالابتداء ، أي هو مبتدأ إلى أعلم فأعلم خبر المبتدأ حيث يجعل رسالته متعلق بأعلم أيضا
 
وكلا الوجهين في عبارة هذا الكتاب هنا (حقيقة فيه) ، أي في اللّه تعالى على حسب ما ورد عنه سبحانه (فلذلك) ، أي لكونهما حقيقة لا مجازا (قلنا) في حقه تعالى (بالتشبيه) للّه تعالى (في التنزيه) حيث كان الكلام أنهم نطقوا بما نطقت به رسل اللّه من التجليات في أوهامهم اللَّهُ "أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ" .
فهو تعالى منزه عن كل ما نطقوا به ، لأن اللّه تعالى لم يجعل الرسالة فيهم ، فهو تنزيه اللّه تعالى والتشبيه في ضمنه لمطابقتهم ما نطقت به الرسل عليهم السلام .
 
وقلنا أيضا (بالتنزيه) للّه تعالى (في التشبيه) حيث كان الكلام أنهم نطقوا بما نطقوا به ورسل اللّه هم اللّه وهو تشبيه للّه تعالى والتنزيه في ضمنه حيث أثبت الرسل صورا إنسانية مسماة بأسماء معلومة ، فجعلها مبتدأ والمبتدأ غير الخبر ، وإلا لما صح الحمل ولزم تحصيل الحاصل مثل قولك : زيد زيد فلا فائدة فيه .
 
(وبعد أن نقول) لك يا أيها السالك (هذا) الكلام (فنرخي الستور) على وجوه الأسرار (ونسدل الحجب على عين المنتقد) ، أي المنكر وعين (المعتقد) ، أي المصدق لئلا تفسد المعاني الصحيحة بالأفهام الفاسدة أو يصعب إدراكها فتوجب وقفه فإن وراء ما ذكر أسرار الاتحاد الروحاني وأنوار الاختلاف الجسماني فلا يسعه إلا العبد الفاني والسر المتداني ،
فإن الشريعة مجرد بيان والحقيقة خلاصة عيان ، والكل ثابت فلا يتغير بما هو يكون وما هو كائن وما كان لأنه نفس الأمر في وعائي الزمان والمكان وإن كانا ، أي المنتقد والمعتقد أيضا اللذين نسبة الحقائق عليهما (من بعض صور ما تجلى) ، أي انكشف (فيها الحق) تعالى لأهل الكمال .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها ) من لدن آدم إلى محمد عليهم السلام ( بما تحكم به الأوهام كلها ) وما حكم الأوهام إلا بسريان الحق في كل صورة من الصور التنزيهية والتشبيهية فكذلك الشرع جاء نزه وشبه ثم نزه عن التنزيه
وقرر بذلك حكم الوهم فإذا جاءت الشرائع بما حكم به الأوهام ( فلم تخل ) من الأخلاء أي لم تجعل الشرائع ( الحق ) خاليا ( عن صفة تظهر فيها ) إذ لا بد بظهور الحق من صفة وثبوت تلك الصفة له عين التشبيه على أن كونه في كنزه ظهوره بصفة الخفاء والعماء وتنزيه الشرع إنما هو بمقتضى العقول لا لكون الأمر في نفسه كذلك لذلك نزه عن تنزيه العقول بقولهسُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ( كذا ) أي كقولي هذا
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قالت ) الشرائع ( وبذا ) أي وبما حكم الأوهام ( جاءت فعلمت الأمم ) أي جميع الأمم ( على ذلك ) أي على ما جاءت به الشرائع وحكم الأوهام ( فأعطاها ) أي الأمم ( الحق التجلي ) الذي يحصل به شهود سريان الحق في جميع الصور كما أعطاه الرسل .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلحقت ) الأمم في هذا التجلي ( بالرسل وراثة فنطقت ) الأمم ( بما نطقت به رسل اللّه ) من التنزيه والتشبيه وقال اللّه تعالى (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ، فاللّه أعلم موجه له وجه بالخبرية إلى رسل اللّه ) على تقدير أن يكون قوله لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ كلاما تاما بأن جعل مفعول أوتي الذي أقيم مقام الفاعل ضميرا عائدا إلى الرسل ،
فعلى هذا قوله رُسُلُ اللَّهِ مبتدأ اللّه خبره واعلم خبر مبتدأ محذوف
أي رسل اللّه هم عين اللّه من جهة اتصافهم بالصفات الحقانية وإن كانوا غيره من جهة اتصافهم بالصفات الامكانية فكان هذا القول من قبيل إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ ، ومن أكرمني فقد أكرم اللّه وغير ذلك ولا استحالة في هذا التوجيه والمقصود من هذا التوجيه مع أنه لا يخلو عن تعسف إظهار التشبيه للمحجوبين في الآية
 
فلا يظهر لهم التشبيه في الآية إلا بهذا الوجه ( وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالته ) وهو ظاهر وبهذا الوجه ثبت التنزيه أي اللّه أعلم لا غير ) وكلا الوجهين حقيقة فيه ) ،
 
أي في اللّه أما أكون وجه الابتداء حقيقة فلكون دلالتهما على الذات الموصوفة بالألوهية حقيقة وأما كون وجه الخبرية حقيقة فلكونه للوصفية في التحقيق ( لذلك ) أي لأجل كون كلا الوجهين حقيقة ) قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه ، وبعد أن تقرر هذا ) ولما انتقل كلامه إلى مقام الفرق والفرق لا يكون إلا بالاحتجاب
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد ) وهو أهل الحقيقة ( والمعتقد ) وهو الذي يعتقد بأهل الحق ويصدق فيما بقوله ( وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق) بتجلي الحق المراد من هذا الكلام النهي عن الظهور بما تقرر من أسرار التنزيه والتشبيه والأمر بالستر ليظهر التفاضل .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها. كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته . «فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته . و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه. وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قال رضي الله عنه  : ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام ، فلم تخل الحقّ عن صفة يظهر فيها ، كذا قالت ، وبذا جاءت ، فعملت الأمم على ذلك ، فأعطاها الحقّ التجلَّي ، فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله  " الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه ُ " فـ « الله أعلم » موجّه : له وجه بالخبرية إلى رسل الله وله وجه بالابتداء إلى « أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه ُ).
 
بمعنى أنّ قولهم : " لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ الله "  يعني هذا الرسول ، وتمّ كلام القوم ، وابتدأ برسل الله ، ثم حمل « الله أعلم » على « رسل الله » ، بمعنى أنّ رسل الله هم الله ، فإنّه هويّتهم وهم صورته ، وهو من حيث هو أعلم حيث يجعل رسالاته ، فجعل الله هوية رسله ، فكان تشبيها في عين تنزيه .
والوجه المشهور ظاهر ، وفي تسويغ هذا الوجه دقّة وتلطَّف ، فتدبّره بفهمك الثاقب .
 
ولذلك قال  رضي الله عنه : ( وكلا الوجهين حقيقة فيه ، لذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه )
فإنّك إذا حملت « الله أعلم » على " رسل الله " ، نفيت الغيرية ، فأثبتّ الوحدة الحقيقية ،
كقوله عليه السّلام : « هذه يد الله » وأشار إلى يمينه المباركة صلَّى الله عليه وسلم فأوّل أهل الحجاب ، وآمن أهل الإيمان ، وكشف أهل الشهود والعيان أنّ يده عليه السّلام هي عين يد الله العليا في قوله : "يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ " رأي عيان ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه  : ( وبعد أن تقرّر هذا ، فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلَّي فيها الحق )
 
يعني رضي الله عنه  : لهم وعنهم وفي نظرهم وبموجب زعمهم ، ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ، وإنّ المتجلَّي في صورة هو بحكم استعداد تلك الصورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ، لا بدّ من ذلك )
 حتى ينسب إلى المتجلَّي ما ينسب إلى تلك الصورة من الحجاب ، والكشف ، والتجلَّي والستر ، والعرفان والمنكر .
 


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام ، فلم تخل الحق عن صفة يظهر فيها ، كذا قالت وبذا جاءت ، فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فألحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به " رُسُلُ الله الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه " فاللَّه أعلم موجه له وجه بالخبرية إلى رسل الله ، وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالته ) .
 
والوجه الأول : أن يوقف على قولهم :" لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ " أي هذا الرسول على أن القول قد تم وابتدأ بقوله -   ( رُسُلُ الله ، الله )   - بمعنى أن رسل الله هم الله ، وأعلم خبر مبتدإ محذوف أي هو أعلم حيث يجعل رسالاته ، والمعنى رسل الله صورته والله هويتهم ، وهو من حيث هم وهم من حيث هو أعلم من حيث يجعل رسالاته ، وإذا كان الله هوية الرسل والرسل صورته كان تشبيها في عين تنزيه . والوجه الثاني هو المشهور ظاهرا .
( وكلا الوجهين حقيقة فيه فلذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه ، وبالتنزيه في التشبيه ) أي فلأن الوجه المذكور أولا حقيقة
كالوجه الثاني قلنا بالتشبيه في عين التنزيه ، ونفى الغيرية في إثبات الوحدة الحقيقية كقوله عليه الصلاة والسلام « هذه يد الله » وأشار إلى يمينه المباركة ،
وهذا الحديث أوله أهل الحجاب وآمن به أهل الإيمان ، وعاين أهل الكشف والشهود أن يده صلى الله عليه وسلم عين يد الله العليا في قوله : " يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ "  وكانت يد رسول الله فوق أيديهم رأى أعيان
 
"" أضاف بالي زادة :
( عن صفة يظهر فيها ) إذ لا بد لظهور الحق من صفة ، وثبوت تلك الصفة له عين التشبيه ، على أن كونه في كنزه ظهوره بصفة الخفاء والعماء ، وتنزيه الشرع إنما هو بمقتضى العقول لا لكون الأمر في نفسه كذلك ، لذلك نزه عن تنزيه العقول بقوله :" سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ" .اهـ بالى زادة. ""
 
قال رضي الله عنه : (وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق)
 
أي بعد تقدير قاعدة الجمع بين التنزيه والتشبيه نسدل الغطاء على عين المنتقد ، أي المحقق العاقل الذي خلاصة المذاهب بالنظر العقلي البرهاني ، والمعتقد أي المقلد لما اعتقده بالعقد الإيماني وإن كانا من جملة مظاهر الحق ومجاليه ، ولكن قد أمرنا بالستر عنهم وأن نكلمهم على حسب نظرهم واعتقادهم بموجب زعمهم ، كما قيل : كلموا الناس على قدر عقولهم ، فإن الله تعالى قال : " وما أَرْسَلْنا من رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِه " وما أمكنهم فهمه
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ثم ، جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام ، فلم تخل الحق عن صفة يظهر فيها . ) " لم تخل " من " الإخلاء " .
أي ، جاءت الشرائع كلها بمقتضى القوة الوهمية على التشبيه والتنزيه ، فلم تجعل الحق خاليا عن صفة يظهر الحق فيها وهو عين التشبيه .
 
قال رضي الله عنه :  (كذا قالت) أي الشرائع . (وبذا جاءت فعملت الأمم على ذلك) أي بمقتضى ذلك .
(فأعطاها) أي ، أعطى الحق الأمم . فأنث الضمير باعتبار تأنيث الجمع (الحق التجلي) أي ، تجلى عليهم بتلك الصفات الموجبة للتشبيه .
(فلحقت) أي الأمم . (بالرسل وراثة) أي، من جهة الوراثة . (فنطقت) أي، الأمم. (بما نطقت به رسل الله.) من التنزيه والتشبيه .
 
قال رضي الله عنه :  (الله أعلم حيث يجعل رسالاته. ف‍ "الله أعلم " موجه : له وجه بالخبرية إلى "رسل الله" . وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته . وكلا الوجهين حقيقة فيه . ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه، وبالتنزيه في التشبيه.) لما جعل الأمة ملحقة بالرسل بحكم الوراثة .
 
وقال رضي الله عنه  : ( فنطقت بما نطقت به رسل الله ) - أدرج قوله تعالى : ( وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله . الله أعلم حيث يجعل رسالته ) . ليبين التنزيه والتشبيه فيه .
 
فقوله رضي الله عنه : ( الله أعلم ، موجه ) أي ، موجه بالوجهين : الخبرية ، والابتدائية .
أما خبريته ، فلأن قوله تعالى : ( لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى ) . كلام تام ، لأن المفعول الذي أقيم فيه مقام الفاعل ضمير عائد إلى ( الرسول ) .
أي ، لن نؤمن بالآية حتى نؤتى مثل ما أوتى الرسول المبلغ إياها .
 
ف‍ ( رسل الله ) ، " الله " جملة أخرى . أي ، رسل الله هم مظاهر الله . و ( أعلم ) خبر مبتداء محذوف . أي ، هو أعلم حيث يجعل رسالاته .
والثاني ، ( الله ) مبتدأ و ( أعلم ) خبره . فهو كلام مستأنف .
والوجه الأول وإن كان فيه تعسفات كثيرة ، لكن لما كان في نفس الأمر كلاما حقا ، التزمه . ويظهر حقيته لمن يعرف سر قوله تعالى : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله . يد الله فوق أيديهم . ومن يطع الرسول فقد أطاع الله " . وأمثال ذلك .
 
وكلا الوجهين حقيقة فيه . أي ، حق مطابق لما في نفس الأمر ، لا مجاز ، كما زعم أهل الظاهر في آية ( المبايعة ) و ( الطاعة ) وأمثالها . وإذا كان هوية الحق عين هوية الرسول ، ( 9 ) كان التشبيه الذي في الرسل ثابتا للتنزيه الذي في هوية الحق وبالعكس .
 
وذلك معنى قوله : ( ولذلك قلنا . . . ) - إلى آخره . أي ، ولأجل أن كلا الوجهين حقيقة في هذا الكلام ، قلنا بالتشبيه في عين التنزيه ، إذ هوية الحق
المنزه هي التي ظهرت في صورة الرسل المشبهة ، والهوية الظاهرة في الصور المشبهة
هي التي كانت منزهة في المرتبة الأحدية .
 
قال رضي الله عنه :  (وبعد أن تقرر هذا ، فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق . ) .
أي ، وبعد أن تقرر أن التنزيه لا يخلو عن التشبيه وبالعكس ، نرخي الستور ونسدل الأغطية على عين المنتقد .
وهو المحقق الذي يعلم خلاصة المعاني والحقائق ، إما بالكشف والعيان أو بالنظر والبرهان ، وعلى عين المعتقد المؤمن بأهل الحقائق والعرفان.
(وإن كانا ) "من بعض صور ما تجلى فيها الحق" .. أي، المنتقد والمعتقد ، من بعض المظاهر التي تجلى الحق فيها.

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:16 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 9:59 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-                                        الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قال رضي الله عنه :  (ثمّ جاءت الشّرائع كلّها بما تحكم به الأوهام ، فلم تخل عن صفة يظهر فيها ، كذا قالت ، وبذا جاءت ، فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحقّ التّجلّي فلحقت بالرّسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ فاللَّهُ أَعْلَمُ موجّه له وجه بالخبريّة إلى رسل اللّه ، وله وجه بالابتداء إلله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ،وكلا الوجهين حقيقة فيه ، ولذلك قلنا بالتّشبيه في التّنزيه ، وبالتّنزيه في التّشبيه ، وبعد أن تقرّر هذا فنرخي السّتور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلّى فيها الحقّ )
 
"" أضاف المحقق :
أي ما تعطيه حقيقتها ولوازمها: لوازم تلك الحقيقة ؛ فلا يذوق هذه المسألة إلا من تجلى له الحق في صورة استعداده فينسيه ما نسب لنفسه ، ويشاهده بذلك التجلي تفاضل الصور فيشبهه وينزهه ، ولا بدّ من ذلك في التجلي ، فلابدّ لظهور استعداد الصور من التجلي مثل هذه المسألة بما وقع في المنام من الصور الإلهية حتى يعلم منه ما في اليقظة ؛ فإنها على الحقيقة إهـ .شرح القاشاني  .""
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع ) شريعة موسى عليه السّلام وعيسى عليه السّلام ومحمد صلّى اللّه عليه وسلّم وغيرهم عليهم السّلام ( كلها بما تحكم به الأوهام ) من التشبيه ، ( فلم تخل ) الحق فيما ورد فيها من التنزيهات فضلا عن التشبيهات ( عن صفة يظهر فيهما ) في المظاهر الخلقية حتى أنه يظهر بالتنزيه في الأرواح والملائكة العلوية ، فيشارك بها المظاهر ، والمشاركة مستلزمة للتشبيه ، بل عينها
( كذا قالت ) في المظاهر ، ( وبذا جاءت ) في الباطن ، فلا يجوز فيها التأول الموجب لرفع الظواهر بالكلية ، إذ لو كان لبينه الرسل ، لكنهم ما بينوا ؛ ( فعملت الأمم ) في اعتقاداتهم على ذلك ، ( فأعطاها التجلي ) الذي لا يعطيه المستمرين على الغلط ، فصاروا أولياء ، ( فلحقت بالرسل ) ورأت علومهم وأحوالهم .
 
( فنطقت بما نطقت به رسل اللّه ) من التنزيه تارة ، والتشبيه أخرى ، والجمع بينهما طورا ومن سائر العلوم والمعارف ، فأشبه كمالهم الكمال النبوي الذي لا يعرف قدره إلا اللّه كما قال اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [ الأنعام : 124 ] ) كيف ؟
وهم مظاهره الجامعة لما فيه من الصفات القابلة للظهور في المظاهر ، وفي ذلك كمال التشبيه ، فقد أشار إليه في هذه الآية بوجه من الوجوه ،( اللَّهُ أَعْلَمُ ) في القرآن بعد قوله :رُسُلُ اللَّهِ[ الأنعام : 124 ] .
( موجه ) ، أي : قابل لتوجيهه إلى ما ذكرنا من التنزيه والتشبيه جميعا ، لكن بوجهين مختلفين إذ ( له ) ، أي : لقوله :اللَّهِ ( وجه بالخبرية ) عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أن يوقف على قوله :مِثْلَ ما أُوتِيَ ،ويكون فيه ضمير لنبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم .
 
ثم قال الشيخ رضي الله عنه :  "رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ" ،فأسند اللّه ( إلى رسل اللّه ) أي : رسل اللّه هم المظاهر الكاملة ، كأنهم هم اللّه ظهر فيهم بجميع أسمائه وصفاته ، وهذا الوجه يدل على التشبيه ، ( وله وجه ) يدل على التنزيه ( بالابتداء إلىأَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ،) فإنه لما قطعت هذه الجملة عن قوله :مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ أشار إلى انقطاع الحق عن رسله ،
وهو دليل التنزيه ، فإنه لما تنزه عن التعلق بهم من حيث غناه عنهم ، فهو عن المتعلق بغيرهم أنزه ، وإنما تعلق بهم من حيث كمال ظهوره في المظاهر بهم بعد ظهوره في ذاته لذاته ، وتعلق بغيرهم لكونهم من مقدماتهم أو متمماتهم ، ( وكلا الوجهين حقيقة فيه ) ، إذ لا مجاز في الإسناد ولا في المفردات ، بل غايته حذف حرف التشبيه في أحد الوجهين من غير إقامة شيء مقامه ، حتى يكون فيه مجاز بالحذف ،
 
وحذف المبتدأ من قوله :أَعْلَمُ على ذلك الوجه ، فيجب الأخذ بالوجهين ، وإن كان في أحدهما كلفة الحذف ، ففيه كمال الفائدة حتى أن التنزيه إنما يكمل باعتباره ، فيجب الجمع بينهما ؛ ( فلذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه ، وبالتنزيه في التشبيه ) ؛ لأنهما مفهوما الجمع بين الوجهين .
 
( وبعد أن تقرر هذا ) عندنا بهذه الأدلة أنهما من النصوص ، فذلك بطريق الإشارة ، وليس فيها ما يلزم به الخصم من أهل النظر ، ولا من أهل التقليد ، ( فنرخي السّتور ) على وجه الاستدلال بها ، ( ونسدل الحجب ) على المدلول لا في حق أهل الكشف ، ولا المؤمنين بطريقتهم ، بل ( على عين المنتقد ) الناظر في الأدلة المتعارضة لتزييف البعض ، وترجيح البعض مع صحتهما من وجه دون وجه ، ( والمعتقد بالتقليد ) لبعض الطوائف دون البعض ، مع أن الكل مصيب من وجه دون وجه بمقدار ما ظهر لهم واستر عنهم ، كالعميان فيما لمسوا من الفيل ، وما يلمسون منه ، فلا يقول لهما بالتشبيه بظهوره في المظاهر ،
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق ) ، ويلزم منه ستر الحق على الحق .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
ما جاء في الشرائع مما تحكم به الأوهام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثمّ جاءت الشرايع كلَّها بما تحكم به الأوهام ) ، لما لها من الإدراكات البرزخيّة الجمعيّة القلبيّة التي بها تفرّد الإنسان ، ومنها يستحصل كمالاته الخصيصة به ( فلم تخل ) الشرايع ( الحقّ ) عند إظهاره للأمم ( عن صفة يظهر فيها ) من الأوصاف الوجوديّة والمعاني الجزئيّة التي هي مدارك الأوهام ، كالاستواء على العرش ، والاختصاص بالفوقيّة ، وإثبات بعض الجوارح كاليد وغيره من القوى .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (كذا قالت ) الشرايع ( وبذا جاءت ) الرسل من عند الله ( فعملت الأمم على ذلك ) من الاعتقاد بتلك المعاني تقليدا لهم ، ولأنّ التقليد في العقائد القلبيّة التي يعقدها المقلَّد تابعا للمقلَّد له فيه إنما هو من قبيل الأعمال ، لا العلوم ، قال : « فعملت » ، دون : « علمت » مع أنّه من المعلومات ، تنبيها لهذه الدقيقة ( فأعطاها الحقّ التجلَّي ، فلحقت بالرسل وراثة ) للقرابة التي هي للأمم بحسب نيّاتهم وهممهم ، من الصورة التي عليها عقد بواطنهم ، وبها تصوّرت عقولهم ( فنطقت بما نطقت به رسل الله ) من الكلمة الجامعة بين التشبيه والتنزيه ، صورة ومعنى .
 
وجهي التفسير في الآية الكريمة : الله أعلم . . .
فلذلك ترى في كلامه هذا وجهين من الصورة : إحداهما كاشفة عن التنزيه ، والأخرى عن التشبيه فإن قوله تعالى : ( “  الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه " رسالاته ) فيه الوجهان المذكوران ( فـ “  الله أَعْلَمُ “  موجّه ) بالوجهين :
(له وجه بالخبريّة إلى “  رُسُلُ الله “ ) وذلك أن توقف على قولهم “  لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ [ 6 / 124 ] أي هذا الرسول .
فتمّ هنا كلام القوم ، وابتدأ بقوله : " رُسُلُ الله الله "  ، بمعنى أنّ رسل الله هم الله ، وهو طرف التشبيه ووجهه الكاشف عنه ، و "  أَعْلَمُ "  حينئذ خبر مبتدأ محذوف ، أي "هو أعلم حيث يجعل رسالاته " .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وله وجه بالابتداء إلى « أعلم حيث يجعل رسالاته » ) وهذا الوجه هو الكاشف عن التنزيه ظاهرا ، فإنّه تضمّن التشبيه أيضا ، كما أن الأوّل متضمّن للتنزيه على ما يخفى ، إلَّا أنّ الغرض اشتمال هذه الصورة الكلاميّة للوجهين .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكلا الوجهين حقيقة فيه ) ، أي لا تفاوت بينهما بحسب التقدّم والتأخّر والوضوح والخفاء على ما هو المبادر إلى الأذهان العامّة من العلماء الرسميّة التي عندهم لا محتمل للوجه الأوّل أصلا ،
 
وذلك لما لهم من الحجب التقليدية والاعتقادات الاعتياديّة التي قد استحصلوها من آبائهم وراثة ومن مشايخهم واستاذيهم تعلَّما وكسبا ، فلا يمكن لهم الترقّي عنها أصلا ، ولذلك ترى الكمّل من الأنبياء لا يظهرون لهم من ذلك شيئا ، مع أنهم مبعوثون للإظهار ، ومأمورون بالإشاعة والإبلاغ وإلى ذلك أشار بقوله :
 
كلَّموا الناس على قدر عقولهم
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه ، وبالتنزيه في التشبيه وبعد أن تقرّر ) أمر إظهاره ( هذا ) على الطالب المسترشد والمتفطَّن المهتدي ( فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد ) الذي ينقد بنظره العقليّ فرائد الحقائق والمعارف ، ويذهب إليها ، كما هو سبيل سائر المتكلَّمين والحكماء ، وهو صاحب التنزيه ، لا حظَّ له في التشبيه أصلا ( والمعتقد ) الذي يعتقد ظاهر ما انزل من الكتاب بلا تأويل فيه ولا تدبّر وتفتيش عنه ، كما قيل : « الاستواء معلوم ، والكيفيّة مجهولة ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة » وهو المشبّه الصرف الذي لا حظَّ له في التنزيه أصلا .
 
فلا بدّ للمحقق أن يمكَّنهما فيما هم عليه بإرخاء الستور والحجب ، ( وإن كانا من بعض صور ما تجلَّى فيها الحقّ ) وأن لا يظهر للناس إلا ما هو على قدر عقولهم وطبق عقائدهم .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ جاءت الشّرائع كلّها بما تحكم به الأوهام . فلم تخل عن صفة يظهر فيها . كذا قالت، وبذا جاءت . فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحقّ التّجلّي فلحقت بالرّسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل اللّه .اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ فاللَّهُ أَعْلَمُ موجّه له وجه بالخبريّة إلى رسل اللّه ، وله وجه بالابتداء إلىأَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ. وكلا الوجهين حقيقة فيه)
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام ) ، من التشبيه ( فلم يخل ) من الإخلاء ، أي لم تخل الشرائع ( الحق سبحانه عن صفة يظهر فيها ) ، أي من شأنه الظهور فيها في الصفات التشبيهية التي تنفيها العقول بنظرها الفكري بل ذكر الكل بعضها بالصريح وبعضها بالمقايسة كالاستواء على العرش والاختصاص بالفوقية وإثبات بعض الجوارح كاليد وغيرها من القوى ( كذا قالت ) الشرائع ( وبذا جاءت فعملت الأمم ) ، أي جرت ( على ذلك فأعطاها الحق التجلي ) في الصور التشبيهية ( فلحقت ) ، أي الأمم ( بالرسل وراثة ) لا أصالة ( فنطقت ) ، أي الأمم ( بما نطقت به رسل اللّه ) من صفتي التنزيه والتشبيه (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [ الأنعام : 124 ] أصالة ووراثة ولما ذكر رضي اللّه عنه هذا الكلام على سبيل الاقتباس من قوله تعالى :وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ[ الأنعام : 124 ]
 
اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُأراد أن يبين فيه ما تحتمله من صورتي التنزيه والتشبيه تأكيدا لما هو بصدد بيانه فقال : ( فاللّه ) في اللّه ( أعلم ) في الآية المذكورة ( موجه له ) وجهان :
قال رضي الله عنه :  ( وجه بالخبرية إلى رسل اللّه ) بأن يكون المسند إليه في أوتي ضمير الرسول ورسل اللّه مبتدأ واللّه أعلم خبره وأَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ خبر مبتدأ محذوف ، أي هو أعلم ،
ولا يخفى ما في حمل اللّه على رسل اللّه من التشبيه ( وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته ) كما هو الظاهر من غير تكلف ولا تشبيه في هذا المعنى ،
بل فيه تمييز بين اللّه ورسله وهو عين التنزيه ( فكلا الوجهين ) حقيقة تأتيه متحققة ( فيه ) ، أي في هذا الكلام لا تفاوت بينهما في أصل الانفهام من اللفظ وإن اختلف بحسب الحذف والإضمار والوضوح والخفاء
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا بالتّشبيه في التّنزيه وبالتّنزيه في التّشبيه . وبعد أن تقرّر هذا فنرخي السّتور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ،)
 ( فلذلك ) ، أي لمتحقق هذين الوجهين في هذا الكلام ( قلنا : بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه ) لأن أحد الوجهين ناظر إلى التنزيه والآخر إلى التشبيه فبالنظر إلى مجموعهما تنزيه في تشبيه وتشبيه في تنزيه ، وإن قد وصلت إلى هذا المقام واطلعت على ما في الوجه الأول من التكلف والتعسف ورأيته محل أن يطعن به الطاعنون المتحمدون على الظواهر على الشيخ رضي اللّه عنه ،
 
بل وجدت على حاشية بعض الشروح بخط بعض الأكابر أن حمل أبلغ الكلام وأفصحه على مثل هذا التوجيه الذي ينبو عنه الطبع السليم والعقل المستقيم من غير ضرورة في غاية التعسف ، بل لا يكاد يصبح بوجه أصلا ، أصابني هم عظيم لمكان اعتقادي بعلو شأن الشيخ ،
فبينا أنا في ذلك إذ ألقى في قلبي نعته على وجه الإجمال محملا لكماله رضي اللّه عنه من غير ارتكاب تكلف وتعسف ،
وحين أمعنت النظر فيه وفصلته انشرح له صدري واطمأن له قلبي ،
وهو أن أهل الإشارة كثيرا ما يفهمون من الكلمات القرآنية وغيرها معاني لا يساعدها عليها ما يسبقها من الكلمات الأخر ولا ما يلحقها ، بل يفهمونها مع قطع النظر عن السابق واللاحق ،
فإذا كان القارئ من أهل الإشارة وقرأ هذه الآية إلى أن وصل إلى رسل اللّه ،
اللّه ووجده على صورة المبتدأ والخبر لم يبعد أن يفهم فيه أن رسل اللّه هم اللّه من غير فهم حاجة في فهم هذا المعنى إلى حذف ولا إضمار ولا تقدير ويكون لاسم اللّه
 
فياللَّهُ أَعْلَمُ وجهان :
وجه إلى الخبرية نظرا إلى المعنى المفهوم بلسان الإشارة ،
ووجه إلى الابتداء نظرا إلى المعنى المراد بلسان العبارة ،
وما أحسن حينئذ استرداف بيان الوجهين بقوله :
وكلا الوجهين حقيقة فيه ، أي كلا الوجهين متحققة ثابتة في اسم اللّه أو في هذا الكلام من غير انفكاك أحدهما عن الآخر
ولذلك ، أي لتحققها على الوجه قلنا بالتشبيه في التنزيه والتنزيه في التشبيه .
( وبعد أن تقرر هذا ) القدر من صور التنزيه والتشبيه ( فترخى السدول وتسدل الحجب عن عين المنتقد ) ، وهو المتحكم بعقله على كلام أولياء اللّه بالنقد والتزييف ( والمعتقد ) ، وهو المؤمن بأحوالهم فما عمله آمن به وما أشكل عليه فرض إلى عالمه .
 
وقيل : المنتقد هو الذي ينقد بنظره العقلي فرائد الحقائق والمعارف ويذهب إليها كما هو سبيل الحكماء والمتكلمين ، وهو صاحب التنبيه لاحظ له في التشبيه أصلا ، والمعتقد الذي يعتقد ظاهر ما أنزل من الكتاب بلا تأويل فيه ولا تدبر ، ونقتبس عنه كما قيل الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وهو التشبيه وإن كانا من بعض صور ما تجلّى فيها الحقّ
 .
ولكن قد أمرنا بالسّتر ليظهر تفاضل استعداد الصّور ، فإنّ المتجلّي في صورة بحكم استعداد تلك الصّورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ولا بدّ من ذلك .
مثل من يرى الحقّ في النّوم ولا ينكر هذا وأنّه لا شكّ الحقّ عينه فتتبعه لوازم تلك الصّورة وحقائقها الّتي تجلّى فيها في النّوم ، ثمّ بعد ذلك يعبّر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التّنزيه عقلا . فإن كان الّذي يعبّرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزية فقط ، بل يعطيها حقّها من التّنزيه وممّا ظهرت فيه .
 

الصرف الذي لاحظ له في التنزيه ، فلا بد للمحقق من تمكينها فيما هما عليه بإرخاء الستور واعتدال الحجب ( وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق ) بصفة العلم .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:17 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 10:06 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-                                        الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالسّتر ليظهر تفاضل استعداد الصّور ، فإنّ المتجلّي في صورة بحكم استعداد تلك الصّورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ولا بدّ من ذلك .   مثل من يرى الحقّ في النّوم ولا ينكر هذا وأنّه لا شكّ الحقّ عينه فتتبعه لوازم تلك الصّورة وحقائقها الّتي تجلّى فيها في النّوم ، ثمّ بعد ذلك يعبّر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التّنزيه عقلا . فإن كان الّذي يعبّرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزية فقط ، بل يعطيها حقّها من التّنزيه وممّا ظهرت فيه .  فاللّه على التّحقيق عبارة لمن فهم الإشارة .)

(ولكن قد أمرنا ، أي أمرنا الشارع (بالستر فيما لا تبلغه عقول القاصرين من العلوم كما قال صلى اللّه عليه وسلم : « كلموا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون ".أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ "" : « حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب اللّه ورسوله » ""

(ليظهر) بذلك (تفاضل استعداد) أي تهيئة (الصور) الإنسانية لقبول فيض التجلي نفسها ، فتذوق تلك الصور حلاوة الوهب الإلهي وليظهر (أن المتجلي) الحق (في صورة) إنسانية ظاهر (بحكم استعداد تلك الصورة) لما قبلته من الإدراك (فينسب إليه) ، أي إلى المتجلي الحق سبحانه (ما تعطيه حقيقتها )، أي حقيقة تلك الصورة فيكون هو تعالى الظاهر بذلك دونها وما تعطيه (لوازمها) ،

أي لوازم تلك الصورة من نسبة العلم أو الجهل أو نحو ذلك مما هو لازم حقيقة تلك الصور بحيث لا ينفك عنها ، لأنه من جملة أحوالها (لا بد من ذلك) ،

أي من بقاء حقيقة تلك الصورة ولوازمها ، لأن المتجلي الحق بها هكذا أراد أن يتجلى فلا ينبغي أن تعطيها خلاف ما يظهر منها ، وإن كانت لا تقبل منه إلا مقدار استعدادها فإن استعدادها يقبل من فيض التجلي بحسبه ، وإن كان منامك هو أيضا من فيض التجلي عليها ، ولكنها لا تشعر لوقوفها في الفرق عن شهود الجمع .

(مثل من يرى الحق) تعالى (في النوم ولا ينكر هذا) ، الذي رآه أنه الحق سبحانه (وأنه لا شك) عنده (أن الحق تعالى عينه ، أي عين ما رأى (فتتبعه) ، أي تتبع ذلك المرئي في النوم لوازم (تلك الصورة) المرئية من الكبر أو الصغر أو الحسن أو ضده ونحو ذلك (وحقائقها التي تجلى فيها في النوم) كحقيقة غلام أو رجل أو جارية أو امرأة ونحو ذلك من غير الإنسان أيضا .

(ثم بعد ذلك) ، أي بعد تحققه بصورة ما رأى في النوم وضبطه لوازمها (يعبر) ذلك الرائي في النوم أي (يجاوز عنها) ، أي عن صورة ما رأى (إلى أمر آخر) تناسبه تلك الصورة فتأول رؤياه إليه على أكمل الوجوه بحيث (يقتضي) ذلك حصول التنزيه للّه تعالى (عقلا) عن كل ما لا يليق به ، لأنه تعالى نور والنور يكشف عن كل شيء مستور ، ويرجع حسن تلك الصورة أو سوءها إلى حال الرائي وأنه منهمك في الباطل ، وقد استقصينا طرفا واسعا من رؤية اللّه تعالى في النوم في كتابنا تعطير الأنام في تعبير المنام .

(فإن كان الذي يعبرها) ، أي تلك الرؤيا (ذا كشف) ، أي بصيرة نافذة في الغيب (أو) ذا (إيمان) ، أي تصديق وإذعان من غير كشف فلا يجوز ،

أي لا يتجاوز (عنها) ، أي عن صورة ما رأى (إلى تنزيه) اللّه تعالى (فقط بل يعطيها) ، أي صورة ما رأى (حقها) ، أي حق تلك الصورة (من التنزيه للّه) تعالى وحقها أيضا مما) ، أي من أمر الصورة التي (ظهرت) تلك الصورة فيه من التشبيه للّه تعالى فينزه ويشبه ويعمل بالعقل وبمقتضاه وهو التنزيه ، وبالحس وبمقتضاه وهو التشبيه (فاللّه) ، أي هذا الاسم الجامع (على التحقيق) في المعرفة (عبارة) لفظية في اللسان ومعنوية في القلب والجنان عن المرتبة الكلية التي هي مرتبة الألوهية الجامعة للجمعية الأسمائية الإلهية العالمية المظهرية الإمكانية الانفعالية (لمن فهم الإشارة) الوضعية الإلهية على صفحات المكان والزمان .
 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. ).

قال رضي الله عنه: (ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور ) بتجلي الحق المراد من هذا الكلام النهي عن الظهور بما تقرر من أسرار التنزيه والتشبيه والأمر بالستر ليظهر التفاضل

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن المتجلي في صورة ) إنما يتجلى ( بحكم استعداد تلك الصورة فينسب إليه ) أي المتجلي وهو الحق ( ما تعطيه حقيقتها ) أي حقيقة تلك الصورة ( و ) ينسب إليه ما تعطيه ( لوازمها ) أي لوازم تلك الحقيقة فلا يذوق هذه المسألة إلا من تجلى له الحق في صورة استعداد فينسبه ما نسبه لنفسه ويشاهده بذلك التجلي تفاضل الصور فيشبهه فينزهه.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لا بد من ذلك ) في التجلي فلا بد لظهور استعداد الصور من التجلي مثل هذه المسألة بما وقع في المنام من الصور الإلهية حتى يعلم منه ما في اليقظة فإن اليقظة على الحقيقة منام ، قال عليه السلام : « الناس نيام » فكما قيل إنما الكون خيال ،
فقال رضي الله عنه  : ( مثل من يرى الحق في النوم ) في صورة ( ولا ينكر هذا ) كما رأى رسول اللّه عليه السلام وقال : « رأيت ربي في أحسن صورة شاب » ( وأنه لا شك الحق عينه ) أي ولا ينكر أن الحق عين ذلك المرئي بلا شك ( فيتبعه ( أي الحق ( لوازم تلك الصورة وحقائقها )

قوله رضي الله عنه : ( التي تجلى فيها في النوم ) صفة للصورة ( ثم بعد ذلك يعبر ) ذلك الرائي ( أي يجاز عنها ) أي عن الصورة التي رأى فيها الحق ( إلى أمر آخر يقتضي ) ذلك الأمر ( التنزيه عقلا فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو ) ذا ( إيمان فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط بل يعطيها حقها ) أي بل ذلك الرائي يعطي حق تلك الصورة المرئية ( من التنزيه ومما ظهرت ) تلك الصورة ( فيه ) الضمير راجع إلى ما ،

فكان لهذه الصورة حقان حق التنزيه وحق التشبيه مما يلزمها في المنام فالعابر المذكور يعطي لها حقها في التنزيه بأن يقول الحق منزه عن الصورة بحسب ذاته ويعطي حقها من التشبيه بأن يقول هذه صورة من الصور التي يظهر فيها الحق هكذا أهل الكشف والشهود يرى الحق في كل صورة وفي كل كلام ينزه ويشبه يعني يرى .
من وجه ولم ير من وجه فجمع الرؤية وعدمها في صورة واحدة في زمان واحد ( فاللّه ) يعني فإذا علمت ما ذكرته فاعلم فلفظة اللّه في قوله تعالى رُسُلُ اللَّهِ اللّه أعلم

 ( على التحقيق عبارة ) عن ذات الحق من حيث ظهوره بالألوهية وما يظهر ألوهيته تعالى إلا في صورة مألوهاته فكما يظهر في صور مصنوعاته يظهر في كلامه ، لذلك وجه بالخبرية والابتدائية إعطاء الحق التشبيه والتنزيه في الكلام أيضا أو معناه فاللّه على التحقيق عبارة أي نسبة وإضافة في التحقيق لا وجود له في الخارج ثم جعل علما لذات الواجب الوجود من حيث اتصافه بالألوهية بالنسبة إلى مألوهاته فجعله خبرا بناء على هذا الأصل بلا اعتبار كونه علما للذات فإن اعتبار الذات مانع للخبرية ولا اعتبار هذا التحقيق .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( لمن فهم الإشارة ) أي إشارة كلامه القديم فإن أهل الإشارة يفهم من وجه لفظة اللّه هذا المعنى في هذا المقام وإن تركه أهل الشرع أو معناه أن يقول فاللّه على التحقيق عبارة أي يعبر عنه القارئ بهذين الوجهين إلى التنزيه ،

والتشبيه كما يعبر عن مسماه في المقام إليهما فإن قيل إن اللّه علم لذات الواجب الوجود فمن أطلق على غيره فقد كفر وأشرك باللّه تعالى فكيف وجه هذا الكامل وجه الخبرية قلنا إن معنى التنزيه والتشبيه عندهم عين معنى النفي والإثبات في كلمة التوحيد عند أهل الشرع ألا ترى كيف يعم النفي بحسب المفهوم وجود الواجب والممكن في كلمة التوحيد لذلك لو توقف القائل في النفي زمانا بلا عذر يكفر فوجب بالشرع ذلك النفي المحال على اللّه تعالى بمقارنة الإثبات بمعنى لولا الإثبات لاستحال على اللّه ذلك النفي فلا وجود لهذا النفي في الشرع ولا في نفس الأمر إلا بإثبات لذلك تسمى كلمة لا كلاما

وإن كان تفيد فائدة الكلام إذ الكلام يقتضي وجود الأجزاء قبل التأليف في كلمة عزيزة مركبة من النفي والإثبات فنفيه إشارة إلى تنزيه الحق وإثباته إشارة إلى تشبيه الحق وصورته المخصوصة إشارة إلى أن ذاته تعالى جامعة محيطة بكل ما يدخل تحت العدم المطلق والوجود المطلق ، فكما لا يخلو النفي عن الإثبات ولا الإثبات عن النفي في كلمة التوحيد كذلك لا يخلو التنزيه عن التشبيه ولا التشبيه عن التنزيه كما مر ،
فكما يكفر قائل النفي بدون الإثبات كذلك يكفر المشبه بدون التنزيه وبالعكس
أي يستر بعض أحكام اللّه التي جاءت بها الشرائع فظهر أنه إنما يلزم ذلك لو لم يقارن ذلك الإطلاق التشبيهي إلى التنزيه فهو بعينه مع التنزيه النفي مع الإثبات

فأطلق فنزه في زمان واحد فلا ينفك الوجه الخبري عن الوجه الابتدائي ولا الابتدائية عن الخبري في مشاهدة أهل الذوق فما أطلق فقط بدون النفي حتى يكفر
بل أطلق فنفى في زمان واحد بلا فصل بينهما بشيء فيهما كلمة واحدة لا عين لها في الخارج كما أن كلمة التوحيد لا عين لها في الخارج إذ ما في الخارج شيء مركب من النفي والإثبات يصدق عليه هي بل ما في الخارج إلا ذات واحدة مستجمعة بجميع الصفات

مع أن هذا الوجه أي الوجه الخبري في اللّه مختص بالرسل عندهم لا يتناول إلى غيرهم من الأعيان لكون الحق سمعهم وبصرهم وجميع قواهم من أجل تحصيلهم بالنوافل المحبة الإلهية فلم يكن الحق قوي لمن لم يحصل له هذا الكمال
فصدق اللّه على الرسل إلى التنزيه مقدار صدق النفي عليه إلى الإثبات بل هو أقصر منه صدقا لطول النفي باللسان منه وليس هذا أعقل من ذلك فجمع بين التنزيه والتشبيه أهل الحقيقة والشهود في قولهم هو لا هو كما جمع في كلمة التوحيد بين النفي والإثبات ،

فجمع الشهود بينهما أسرع من جمع اللسان لأن جمع التنزيه والتشبيه يرجع إلى العقل والوهم فالعقل ينزه الحق عما يثبت له الوهم والوهم يثبت للحق عما ينزهه عنه والشهود يجمع بينهما بلا تخلل آن والشيخ قدس سره وجه بالخبرية أعلاما للمحجوبين بهذا المعنى وهو من لطائف كلام رب العزة وأسراره لا يطلعه إلا أهل الإشارة بهذا التوفيق وبهذا ظهر تقدم أهل الكشف والذوق في رتب العلم عند أهل الانصاف .
ولما فرغ عن بيان حقيقة التنزيه والتشبيه وما يلزمهما من الأحكام شرع فيما هو المقصود من هذا الفص ،


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.  فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )
قال رضي الله عنه :  (ولكن قد أمرنا بالستر ) .

يعني رضي الله عنه  : لهم وعنهم وفي نظرهم وبموجب زعمهم ، ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ، وإنّ المتجلَّي في صورة هو بحكم استعداد تلك الصورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ، لا بدّ من ذلك )
 حتى ينسب إلى المتجلَّي ما ينسب إلى تلك الصورة من الحجاب ، والكشف ، والتجلَّي والستر ، والعرفان والمنكر 

قال رضي الله عنه  : ( مثل من يرى الحق في النوم ، ولا شكّ هذا ، وأنّه لا شكّ الحقّ عينه ، فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلَّى فيها في النوم ، ثم بعد ذلك يعبر - أي يجاز - عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا ، فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط ، بل يعطيها حقها من التنزيه ، وممّا ظهرت فيه ) . يعني : من التشبيه

قال رضي الله عنه :  ( فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة)
يشير رضي الله عنه  إلى ما ذكر أوّلا عن سعة سلطان الوهم ، والوهم قوّة ، لها مدخل في التخيّلات ، وتحكَّم أيضا في المعقولات والمحسوسات ، من شأنها أن تركَّب أقيسة كلَّية من الموادّ الجزئية ، وتحكم بالشاهد على الغائب.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال رضي الله عنه :  (ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور ، وإن المتجلى في صورة بحكم استعداد تلك الصورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها لا بد من ذلك )
ولكن قد أمرنا بالستر عنهم وأن نكلمهم على حسب نظرهم واعتقادهم بموجب زعمهم ، كما قيل : كلموا الناس على قدر عقولهم ، فإن الله تعالى قال : " وما أَرْسَلْنا من رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِه " وما أمكنهم فهمه.
أي فينسب إلى المتجلى ما تعطيه حقيقة تلك الصورة التي هي المجلى ولوازمها من الحجاب والكشف والتجلي والسر والعرفان والذكر ( مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا ، وإنه لا شك الحق عينه ) وأنه هو الحق عينه بلا شك .

قال رضي الله عنه :  ( فيتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم ، ثم بعد ذلك يعبر أي يجتاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا ، فإن كان الذي يعبرها ذا كشف وإيمان فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط بل يعطيها حقها من التنزيه ، ومما ظهرت فيه أي من التشبيه فاللَّه على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة ) .

"" أضاف بالي زادة :
( ولوازمها ) أي لوازم تلك الحقيقة فلا يذوق هذه المسألة إلا من تجلى له الحق في صورة استعداده فينميه ما نسبه لنفسه ، ويشاهده بذلك التجلي تفاضل الصور فيشبهه وينزهه ولا بد من ذلك في التجلي ، فلا بد لظهور استعداد الصور من التجلي مثل هذه المسألة بما وقع في المنام من الصور الإلهية حتى يعلم منه ما في اليقظة فإنها على الحقيقة قال عليه الصلاة والسلام « الناس نيام » وكما قيل : إنما الكون خيال .اهـ بالى  زادة. ""

يعنى أن الأمر بالستر إنما ورد سلطان الوهم على هذه النشأة فلا بد من الستر ليظهر تفاضل الاستعداد .
واعلم أن الوهم قوة تحكم في المتخيلات وتدرك المعاني الجزئية في المحسوسات ، وأحكامها في المعاني الجزئية التي تدركها من المحسوسات والمتخيلات أكثرها صحيحة ، وقد يحكم أيضا في المعقولات والمعاني الكلية بأحكام كلها فاسدة إلى ما شاء الله ، والتميز بين صحيحها وفاسدها لا يتيسر إلا لمن أخلصه الله بنور الهداية الحقانية ، وو فقه لإدراك الحق والصواب ، وأيد عقله بتأييد روح القدس ،

 

ومن شأن هذه القوة أن تركت أقيسة استقرائية أو تمثيلية من المواد الجزئية فتحكم من الجزئي على الكلى ، وتجعل الحكم بالقياس كليا والمقيس عليه جزئي ، وتحكم بالشاهد على الغائب والاستيلاء به على العقل يفسد أكثر أحكام العقل إلا ما صار لبا ،
والمقال الذي يتفاضل الاستعداد به ، هو أن الله قد يتجلى في صورة إنسانية مثلا في النوم فالمؤمن العاقل يؤمن بذلك ويتوهم أنه مطرد في جميع صور التجلي حتى أنه يظن أنه تعالى كما تجلى في هذه الصورة ، وأنه إذا تجلى تجلى في صورة إنسانية ، أو أن الصورة الإنسانية صورته مطلقا ، والمنزه ينزه الحق عن الصورة بالدليل العقلي ،


ويحكم الوهم أن التجرد عن الصورة له ذاتي فلا يعطيه الفكر إلا ذلك ، فيعبر عنها إلى ما يقتضيه التنزيه العقلي ، فحصره فيما لا صورة له ، وحدده وشبهه بالعقول والمجردات ،
ويتوهم أنه قد نزهه غاية التنزيه وهو في عين التشبيه ،
وأما صاحب الكشف فلا يعبر عنها إلى التنزيه المحض ، بل يعطيها حقها من التنزيه بأن لا يقيد الحق بصورة ، ولا يعطله عن جميع الصور ولا يجرده ويعطيها أيضا حقها مما ظهرت فيه من التشبيه بأن يضيف إليه في تلك الصورة أحكام تلك الصورة ولا يقيده بها ،

ويعلم أنه كلما شاء ظهر في أي صورة شاء فيضاف إليه ما يضاف إلى تلك الصورة وإن شاء لم يظهر في صورة أصلا ، وهو في كل موطن ومقام وظهور وبطون منزه عن ذلك كله غير مقيد بتجرد ولا لا تجرد ولا بإطلاق ولا لا إطلاق ،
فاللَّه عند التحقيق لفظ وعبارة فهم منه كل أحد ما بلغه من معرفته للحق بحسب استعداده ، ولمن فهم إشارة الحق وأهله عن الحق الصريح .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال رضي الله عنه :  (ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وإن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها لا بد من ذلك.)

أي ، أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعدادات الأعيان في المظاهر ، فإن التجلي لا يقع على عين من الأعيان إلا بحسب استعداد تلك العين ، فيعلم الفاضل من المفضول ، ويتميز المراتب ( فينسب إليه ) أي ، إلى الحق المتجلي ، ما تعطيه حقيقة العين التي هي المجلى .
( ولوازمها ) أي ، حقيقة أعراضها الذاتية من اللوازم الحاصلة فيها عند المتجلي ، كما مر مرارا من أن المرايا لها أحكام لا تظهر إلا عند التجلي من الصغر والكبر والاستطالة والاستدارة ، وأمثالها .
( مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا . ) أي ، رؤية الحق في النوم كما لا ينكر رؤيته في الآخرة ( وأنه لا شك الحق عينه ) أي ، وأن المرئي هو الحق عينه بلا شك .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم . ثم ، بعد ذلك يعبر أي يجازعنها إلى أمر آخر يقتضى التنزيه عقلا . فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط ، بل يعطيها حقها من التنزيه ومما ظهرت فيه.) أي ، الهوية الإلهية فيه .

لما ذكر أن المتجلي إنما يتجلى بحسب استعداد المتجلى له ، وجعل منسوبا إليه ما تعطيه حقيقة المتجلى له من الصور ولوازمها ، ذكر له مثالا :
وهو أن الإنسان يرى الحق في نومه على صورة من الصور ، ولا شك أن الحق هو المتجلي في تلك الصورة لروح النائم ، فلوازم تلك الصورة من الشكل والوضع واللون كلها تلحق الحق بتبعية الصورة وهذا عين التشبيه .
ثم ، المعبر إن كان من أصحاب النظر والعقل ، يعبر عنها ويقول ، إن الحق منزه عن الصورة . فالمراد بهذه الصورة كذا وكذا ، من المعاني المناسبة للتنزيه المجردة عن الصورة .
ويلزمه التحديد بل التشبيه بما لا صورة له ، كالعقول والمعاني المجردة .

وهو لا يشعر يدرك المعاني الجزئية في المحسوسات وأحكامه في المعاني الجزئية أكثرها صحيحة ، ويحكم في المعقولات والمعاني الكلية بأحكام كلها فاسدة إلا ما شاء الله ، غير مناسب لما ذكره الشيخ  ) رضي الله عنه .

لأنه ذكر أن الوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الإنسانية وبه جاءت الشرائع المنزلة ، فهو في صدد تصويب أحكام الوهم ، تخطئته.
(فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة.) لما نقل كلامه ، رضي الله عنه ، إلى قوله تعالى رسل الله : الله أعلم حيث يجعل رسالاته ، وذكر أن لها وجها إلى الخبرية ووجها إلى الابتدائية ، وبين التنزيه والتشبيه في المثال، قال منتجا عما ذكره :
( فالله على التحقيق عبارة ) أي ، فلفظ ( الله ) في ( الله أعلم ) في الحقيقة عبارة عن حقيقة ظهرت في صور الرسل لمن فهم ما أشرنا إليه من جعلنا ( الله ) خبرا (الرسل) .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:18 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الأربعاء 12 فبراير 2020 - 10:17 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السادسة الجزء الثانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-                                        الجزء الثانية

خصوص النعم في شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالسّتر ليظهر تفاضل استعداد الصّور ، فإنّ المتجلّي في صورة بحكم استعداد تلك الصّورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ولا بدّ من ذلك ، مثل من يرى الحقّ في النّوم ولا ينكر هذا ، وأنّه لا شكّ الحقّ عينه فتتبعه لوازم تلك الصّورة وحقائقها الّتي تجلّى فيها في النّوم ، ثمّ بعد ذلك يعبّر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التّنزيه عقلا ، فإن كان الّذي يعبّرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزية فقط ، بل يعطيها حقّها من التّنزيه وممّا ظهرت فيه ، فاللّه على التّحقيق عبارة لمن فهم الإشارة ) .
، ( ولكن قد أمرنا بالستر ) أي : بستر ظهور الحق على بعض صوره دون البعض بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « ما أحد يحدث قوما بحديث لا يبلغه قولهم إلا كان فتنة على البعض » . أورده ابن القيم في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح وابن كثير في التفسير وذكره العجلوني.
وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم » .
ذكره المناوي في فيض القدير وابي نعيم في الحلية والعجلوني في كشف الخفاء . وعزاه الحافظ ابن حجر العسقلاني لمسند الحسن بن سفيان من حديث ابن عباس بلفظ "أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم".

وقول علي رضي اللّه عنه : " إن هاهنا لعلوم جمة ، وأشار إلى صدره لو وجدت لها حملة " .
وقول العارفين : إفشاء سر الربوبية كفر .

قال رضي الله عنه :  ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ) بقبول ما يرد عليها من المعارف الإلهية ، فالكامل يعرف تنزيهه في ذاته ، وظهوره في الموجودات كلها ، والقاصر يقتصر على التنزيه تارة ، وهو المؤمن ، وعلى التشبيه تارة وهو الكافر ، ومنهم من يجمع بينهما لكن بحصر ظهوره ببعض المظاهر ، وهو أيضا كافر لا، لاعتقاد ظهوره فيها ، بل لجعله في حكم في استحقاق العبادة أو لا يحصر ،
ولكن ينكر المظاهر الكاملة كالأنبياء ، والملائكة ، والكتب الإلهية ، وتري القاصرة مظاهر كاملة ، فيكفر أيضا لرؤيته القصور عن الكمال الإلهي ، وكل هؤلاء وإن كانوا مظاهر الحق فلا تفاوت ظهور الحق فيها ، يظهر في بعضها بالعلم الكامل ، وفي بعضها لم يظهر .
كذلك ( فإن المتجلي في صورة ) يكون ( بحكم استعداد تلك الصورة ) ، والاستعدادات متفاوتة ، فيتفاوت حكم المتجلي فيها ،

وإن كان كاملا في ذاته ، ( فينسب إليه ) أي : إلى المتجلي ( ما تعطيه حقيقتها ) من نحو الملائكية ، والإنسانية ، والحيوانية ، والجمادية ، ( ولوازمها ) من العلم والجهل وسائر العوارض مع التفاوت الذي فيها ، مثل نسبتنا إليها هذه الحقائق واللوازم عند ظهورها في صور الأشياء بنسبة المعبرين كلهم من القدماء والمتأخرين إياها إليها عند رؤيتها في المنام بصورها ( مثل من يرى الحق في المنام ) بصورة تشبيهية ، ( ولا ينكر هذا ) لكونه مأثورا من السلف مع أن الشيء لما جاز أن يرى في المنام على خلاف صورته ، فرؤية من لا صورة له في ذاته مقصور بصورة في المنام لا تزيد على ذلك .

قال رضي الله عنه :  ( وإنه ) أي : المرئي ( لا شكّ الحق عينه ) ، إذ رؤي على أنه الحق ، وقد وعظ ، ونصح ، وفعل خلاف ما يفعله الشيطان ، ولم يوجب اعتقاد كون الحق على تلك الصورة في نفسه ، ( فيتبعه ) أي : الحق المرئي في تلك الصورة عند المعبر معان هي ( لوازم ) تلك الصورة وحقائقها ، وإن كانت ( تلك الصورة ) هي ( التي تجلى الحق فيها في النوم ) "في نسخة : المنام "
، وليس للحق في نفسه تلك اللوازم والحقائق ، فالمعبر بنسبها إليه من حيث تجليه في تلك الصورة التي لها تلك الحقائق واللوازم سواء كان منزها أو مشبها أو جامعا بينهما .

( ثم بعد ذلك ) أي : بعد نسبة تلك الحقائق واللوازم إلى الحق ، ( يعبر أي يجاوز عنها ) أي : تلك اللوازم والحقائق ( إلى أمر آخر ) يناسبها ، لكنه يكون مما ( يقتضي التنزيه عقلا ) ، واحترز به عن تنزيه الكمّل ، وهو التنزيه عن عدم الجمع بين التنزيه والتشبيه ، هذا إذا كان المعبر من أهل النظر أو مقلدا لهم ، ( فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو ) لم يكن ذا كشف ، ولكن كان ذا ( إيمان ) بطريق الكشف ،

قال رضي الله عنه :  (فلا يجوز) أي : لا يتجاوز ( عنها ) ، أي : عين تلك اللوازم والحقائق إلى صرف التنزيه ، ( بل يعطيها ) أي : الذات الإلهية (حقها من التنزيه) بأن يقول : إنها ظهرت في هذه الصورة ، وليست صورتها في الواقع ، (ومما ظهرت فيه) من التشبيه وقع بينهما ، فأنبه على أن (التحقيق عبارة) عن المعبر عنه والمعبر إليه ، بل عن كل شيء باعتبار استقراره في مقر غيره تارة ، وباعتبار ظهوره في المظاهر أخرى ،(لمن فهم الإشارة) إلى الجمع بين التنزيه والتشبيه فيه .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )
ولكن أمرنا بالستر ) وأن لا يظهر للناس إلا ما هو على قدر عقولهم وطبق عقائدهم ، وذلك ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ) ويتمّ به أمر ظهور تفاصيل أحكام الأسماء بجزئيّاتها على ما هو مبتغى ألسنة استعداداتهم .


التجلي بحكم استعداد محله
( و ) يظهر ( أن المتجلَّي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة ، فينسب ) المتجلَّى له ، أو على صيغة المجهول وهو أظهر وفي بعض النسخ أيضا : " فإنّ المتجلي " ، وذلك غير بعيد عن الصواب .
( إليه ) أي إلى المتجلَّي ( ما تعطيه ) تلك الصورة ( حقيقتها ولوازمها ) أي ينسب المجلى إلى المتجلَّي ما يعطيه عين ذلك المجلى من التنزيه والتشبيه ولوازمه - من الظهور والستر والمعرفة والنكر كذا وغير ذلك - كل ذلك تحقيقا لقضيّة الظهور والإظهار ، وتفصيل أحكام الجزئيّات وإعطاء حكم الكثرة حقّها .


رؤية الحقّ في النوم والاختلاف في تعبيره
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا بدّ من ذلك ، مثل من يرى الحقّ في النوم ، ولا ينكر هذا ) لسعة عالم المثال ، وظهور كل ما يمكن أن يتخيّل فيه عند كلّ أحد ( وأنّه لا شك الحقّ عينه ) ، فإنّه عين سائر المراتب من الحضرات والعوالم ، ( فيتبعه ) الحقّ ( لوازم تلك الصورة ) ، أي أعراضها الخارجة عن ذاتها - كالوضع والمقدار واللون المعيّن مما يلزم تلك الصورة - ( وحقائقها ) أي ذاتيّاتها التي يتقوّم بها الصورة ( التي تجلَّى فيها ) الحقّ ( في النوم ثمّ بعد ذلك ) عند الانتباه في النشأة الجمعيّة وانقهار حكم الخيال والمثال ( يعبر ) أصله من العبر ، وهو تجاوز من حال إلى حال ، ومنه اشتق عبرة العين والعبارة ، وإليه أشار بقوله :

قال الشيخ رضي الله عنه :  (أي يجاوز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه ) عقلا ، إن كان المعبّر من أرباب العقول والأنظار ، ( فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو إيمان فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط ) فإنّ أحدهما صاحب القلب .
والآخر من ألقى إليه السمع وهو شهيد وهما إنما يحكمان بالتنزيه الذي في التشبيه - لا بالذي يقابله ، وهو المعبّر عنه بـ « فقط » - ( بل يعطيها حقا من التنزيه ومما ظهرت فيه ) من الأوصاف التي هي مبدأ التشبيه إذ قد عرفت أنّ الحقّ عين هذه الصورة المثاليّة في عالمها .


التعبير والعبارة
وأما في عالم اليقظة والانتباه الذي هو موطن التحقيق ، فهو العبارة التي يعبّر بها عن تلك الصورة ، وإليه أشار بقوله : ( فاللَّه على التحقيق عبارة ) يعبّر بها سائر الصور التي رأى بها الراؤون في مداركهم .
فإنّ الوجود الكلامي هو الذي تفرّد به الحقّ من العين الموجود ، واختصّ به من بين الصور الخارجيّة تحقيقا ، على ما نطقت به الشرايع وجاءت به الرسل وإلَّا فسائر الأطوار من الوجود وجميع المراتب الاستيداعيّة منها والاستقراريّة للحقّ فيها جهة وللعالم فيها أخرى ، كما سيحقّق أمره آنفا .
ثمّ إنّ العبارة التي قد اختصّت بالحقّ لها صورة ظاهرة ، وهي الحروف التي هي مختزن الحقائق الإلهيّة ، كما نبّهت على بعض ما اشتمل عليه الحروف « الله » ، ولها معنى خفيّ ، وهو العبور عمّا يدرك ، ويحيط به المدارك كما نبّه عليه في تعبير الرؤيا ، وإليه أشار بقوله : ( لمن فهم الإشارة ) ، فإنّ الإشارة هي المعنى الخفيّ . المؤثر هو الله تعالى ، والمؤثر فيه العالم


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه. فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

( ولكن قد أمرنا بالستر ) ، وألا يظهر للناس إلا ما هو على قدر عقولهم وإنما أمرنا بالستر ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ) في إظهار أحكام المتجلي فيها وإعطائها لوازمها له من غير تصرف أمر خارج عنها ( فيها )

وليظهر ( أن المتجلي في صورة إنما يكون بحكم استعداد تلك الصورة فنسبت ) على البناء للفاعل ، أي ينسب استعداد تلك الصورة أو على البناء للمفعول ، أي ينسب ( إليه ) ،
أي إلى المتجلي ( ما يعطيه ) الضمير المنصوب إما عائد إلى التجلي أو إلى ما الموصولة ،

( حقيقتها ) ، أي حقيقة تلك الصورة ( ولوازمها لا بد من ذلك مثل من يرى الحق في النوم ولا يذكر هذا وإنه ) بكسر الهمزة عطفا على جملة لا ينكر أو بفتحها عطفا على هذا ، أي وأنه أي المرئي في النوم ( لا شك الحق عينه ) فالحق عينه خبر إن ولا شك معترضة بين اسمه وخبره ( فتتبعه لوازم تلك الصورة ) ، أي أعراضها الخارجة عن ذاتها كالوضع والمقدار واللون ( وحقائقها ) ، أي ذاتياتها المقومة لها ( التي تجلى ) الحق ( فيها في النوم ) الموصول إما صفة للصورة وللوازمها وحقائقها ( ثم بعد ذلك ) ،

أي عند التيقظ والانتباه ( يعبر ) ، أي يجاز ( عنها ) ، أي عن تلك الصورة ( إلى أمر آخر يقتضي التنزيه ) عن الصورة وأحكامها ( عقلا ) ، أي من حيث العقل ، فإن العقل من حيث هو لا يحكم إلا بتنزيهه عن الصور وأحكامها ( فإن كان الذي يعبرها ذا كشف ) وعيان ممن له قلب ( أو إيمان ) وتقليد ممن أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] .

( فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط بل يعطيها حقها في التنزيه ) ، بأن تقول هذه الصورة باعتبار ما هي صورة له منزه عن الصورة الحسية والمثالية والعقلية كلها .

( ومما ظهرت فيه ) ، أي ويعطى حقها من الصفات التشبيهية التي ظهرت فيه ، أي في الحق سبحانه من جهة ظهوره في هذه الصورة بأن يقول الحق سبحانه ،
وإن كان بحسب ذاته منزها عن هذه الصورة وأحكامها لكن بحسب ظهوره في هذه الصورة عينها ، وأحكامها أحكامه فلا ينفيها عنه مطلقا وإذ قد عرفت أن اللّه فياللَّهُ أَعْلَمُذو وجهين ناظر أحدهما إلى التنزيه والآخر إلى التشبيه ، واتضح عندك سر التنزيه والتشبيه بمثاله أورد هناك


قال رضي الله عنه :  ( فاللّه على التّحقيق عبارة لمن فهم الإشارة) .
 ( فاللّه ) المشير أحد وجهيه إلى التنزيه والآخر إلى التشبيه واتضح معناهما غاية الاتضاح بواسطة المثال المذكور فهو وضوح الدلالة عليهما ( على التحقيق عبارة ) ، أي كالعبارة لا إشارة ، لأنه لا خفاء به لكن كونه في وضوح المعنى كالعبارة إنما هو
 ( لمن فهم الإشارة ) ، لا للمتحمد على العبارة خصوصا على الوجه الذي حملنا كلامه رضي اللّه عنه عليه ، فإن فيه إشارة إلى إشارة ولا يبعد أن يجعل ذلك قرينة عليه ،

ولما انجر كلامه رضي اللّه عنه إلى أن استعدادات الصور متفاضلة في إظهار أحكام الحق المتجلي فيها ، أو أنها تعطى الحق وتنسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ، وهذا نوع تأثير من الصورة في الحق المتجلي فيها أراد أن يبين المؤثر في الحقيقة ما هو والمؤثر فيه ما هو

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:19 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 13 فبراير 2020 - 4:58 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                                        الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله.  والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).
 
قال رضي الله عنه :  (وروح هذه الحكمة وفصّها أنّ الأمر ينقسم إلى مؤثّر وموثّر فيه وهما عبارتان : فالمؤثّر بكلّ وجه وعلى كلّ حال وفي كلّ حضرة هو اللّه ، والمؤثّر فيه بكلّ وجه وعلى كلّ حال وفي كلّ حضرة هو العالم .   فإذا ورد أي الوارد الإلهيّ فألحق كلّ شيء بأصله الّذي يناسبه ، فإنّ الوارد أبدا لا بدّ أن يكون فرعا عن أصل . كما كانت المحبّة الإلهيّة عن النّوافل من العبد . فهذا أثر بين مؤثّر ومؤثّر فيه كان الحقّ سمع العبد وبصره وقواه عن هذه المحبّة . فهذا أثر مقرّر لا تقدر على إنكاره لثبوته إن كنت مؤمنا . )
 
(وروح) ، أي سر (هذه الحكمة) الإلياسية (وفصها) ، أي موضع نقش خاتمها يعني زبدتها وخلاصتها (أن الأمر) الإلهي الواحد باعتبار ظهور الخلق عنه (ينقسم إلى مؤثر) بصيغة اسم الفاعل ومؤثر بصيغة اسم المفعول (فيه وهما) ،
أي هذان القسمان (عبارتان) لفظيتان ومعنويتان (فالمؤثر) وهو القسم الأوّل (بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو اللّه والمؤثر فيه) وهو القسم الثاني (بكل وجه) من وجوهه (وعلى كل حال من أحواله (وفي كل حضرة) من حضراته (هو العالم) بفتح اللام ، أي المخلوقات كلها
(فإذا ورد) عليك يا أيها السالك (ذلك الأمر الإلهي) المنقسم إلى ما ذكر (فألحق) ذلك الأمر عندك (كل شيء) ظهر منه (بأصله) ، أي جعله ملحقا بأصله الذي يناسبه منه كالحياة إذا نشأت في شيء كانت من الأمر المحيي ، والموت من الأمر المميت ، والعز من المعز ، والذل من المذل ، وهكذا .
(فإن) الأمر (الوارد) عليك (أبدا) ، أي دائما في الدنيا والبرزخ والآخرة (لا بد أن يكون) ذلك الوارد ، أي يظهر عندك (فرعا) ناشئا (عن أصل) له غير ذلك لا يكون (كانت) جواب إذا أي وجدت (المحبة الإلهية) ظاهرة (عن) سبب التقرب إليه تعالى بأعمال النوافل من العبد المؤمن كما ورد في الحديث : « لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به » إلى آخره ،
فهذا ، أي العبد أثر ظاهر من مؤثر فيه هو الحق تعالى وقد كان الحق تعالى حينئذ سمع العبد وبصره وقواه جميعها كما هو في الحديث المذكور ظاهرا ذلك عن هذه المحبة الإلهية للعبد فهذا ، أي كون الحق تعالى سمعا وبصرا وغير ذلك أثر ، أي مضمون حديث مقرر ، أي وارد عن النبي عليه السلام لا تقدر أنت يا أيها الإنسان على إنكاره لثبوته شرعا ، أي صحة سنده إن كنت مؤمنا بكلام النبوّة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله.  والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).
 
فقال رضي الله عنه  : ( روح هذه الحكمة وفصها ) أشار به إلى أن للفص فصا وهو روح ذلك الفص ( إن الأمر ينقسم إلى مؤثر ) وهو إيجاد الأثر في غيره ( و ) إلى ( مؤثر فيه ) وهو قبول الأثر عن غيره ) وهما عبارتان ) متقابلتان لا يصدق إحداهما على ما يصدق عليه الأخرى كتقابل العلة والمعلول وإن كان كل واحد منهما مظهرا بحقيقة واحدة ( فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو اللّه تعالى والمؤثر فيه بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو العالم ) فالأثر هو الإضافة الحاصلة بينهما فكان الحق أصلا للبعض المناسب له والعالم أصلا للبعض المناسب له.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا ورد ) عليك الوارد وهو ظهور الحق في النوم في صورة مثالية أو في صورة حسية شهادية ، أو الوارد الأثر مطلقا ( فالحق ) أنت ( كل شيء ) من الوارد ( بأصله الذي يناسبه ) فإن الكمالات الإلهية كالوجود والعلم والقدرة والحياة وغير ذلك آثار فيك لاحقة إلى أصلها الذي مناسبه وهو الحق تعالى قال اللّه تعالى :ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ[ النساء : 79 ] .
والنقائص الامكانية كالاحتياج وغيره وهو الأثر الحاصل فيك من اللّه فالحق إلى أصله الذي يناسب ذلك الاحتياج به وهو أنت فلا يكون الحق أصلا له وإنما الحق الوارد بأصله المناسب له
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن الوارد أبدا ) لكونه أثرا ( لا بد أن يكون فرعا عن أصل كذلك كانت المحبة الإلهية فرعا عن النوافل من العبد فهذا ) أي المحبة الإلهية أو الحب عن النوافل ( أثر ) حاصل ( بين مؤثر ) وهو الحق ( ومؤثر فيه ) وهو العبد العامل بالنوافل فالمحبة الإلهية على التحقيق هي صورة ظهور ذلك العبد بالنوافل فالحق إلى أصله ( كان الحق سمع العبد وبصره وقواه عن هذه المحبة الإلهية فهذا ) أي كون الحق قوى العبد ( أثر ) حاصل بين المؤثر وهو الحق والمؤثر فيه وهو العبد المحب فكون الحق قوى العبد على التحقيق هي صورة ظهور المحبة الإلهية ، وهو أثر حاصل من العبد العامل بالنوافل فألحقه إلى أصله ( مقرر لا تقدر ) أنت ( على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا ) بالشرع .
 
ولما أتم انقسام الأمر إلى المؤثر والمؤثر فيه وأحوالهما رجع إلى تفصيل ما أجمله في رؤية الحق في المنام فقال:


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله.  والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).
 
قال رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله. والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.  فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد. فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).
 
قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله.  والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).
قال رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة وفصّها أنّ الأمر ينقسم إلى مؤثّر ومؤثّر فيه وهما عبارتان ، فالمؤثّر بكل وجه ، وعلى كل حال ، وفي كلّ حضرة هو الله ، والمؤثّر فيه بكل وجه ، وعلى كل حال ، وفي كل حضرة هو العالم ، فإذا ورد وارد الحقّ فألحق كلّ شيء بأصله الذي يناسبه ، فإنّ الوارد أبدا لا بدّ أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبّة الإلهية عن النوافل من العبد ، فهذا أثر بين مؤثّر ومؤثر فيه وكما  كان الحق سمع العبد وبصره وقواه عن هذه المحبة ، فهذا أثر مقرّر لا تقدر على إنكاره ، لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.)
 
يشير رضي الله عنه  إلى ما ذكر أوّلا عن سعة سلطان الوهم ، والوهم قوّة ، لها
مدخل في التخيّلات ، وتحكَّم أيضا في المعقولات والمحسوسات ، من شأنها أن تركَّب أقيسة كلَّية من الموادّ الجزئية ، وتحكم بالشاهد على الغائب ، وتجري الحكم كلَّيا والمقيس عليه جزئي والمقيس كلي ، ويعبّر في العرف النظري عن هذا القياس بالتمثيل ،
 
والمثال فيما نحن بصدده : أنّ الحق - مثلا - تجلَّى في صورة إنسانية نوما ، فالمؤمن العاقل يؤمن بذلك ، ويتوهّم أنّه مطَّرد في جميع صور التجلَّي ، أو أنّه كلَّما يتجلَّى يتجلَّى في الصورة الإنسانية ، أو أنّ الصورة الإنسانية صورته في كلّ تجلّ .
 
والمنزّه ينزّه الحق عن الصورة في الدليل العقلي ويحكم بالوهم :
أنّ ذلك له تعالى ذاتي ، وذلك تعيّن له في مرتبة الفكر ، لا في الكشف ولا في التجلَّي ولا كلَّما شاء ، فإنّه تعالى إن شاء ظهر في كل صورة ، فأضيف إليه ما يضاف إلى تلك الصورة ، وإن لم يشأ ، لا يضاف إليه صورة أصلا ، فلا يحكم عليه أنّه في كل موطن ومقام منزّه كذلك ، وهو وهم من المنزّه ، لأنّ تنزيهه عن الصورة حصوله فيما لا صورة له ، وحدّه به ، وهو تعالى غير محدود .
وتشبيه له تعالى بالعقول والمجرّدات عن الصور في زعم من يقول بذلك ، وهو قد يتوهّم أنّه قد نزّه وهو في عين التشبيه ، فلا يخلو عاقل ، كما ذكر رضي الله عنه عن الوهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله.  والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).
 
قال رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة وفصلها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه وهما عبارتان) وإلا فالمؤثر والمؤثر فيه واحد لا شيء غيره .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو الله ، والمؤثر فيه بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو العالم ، فإذا ورد ) أي وارد الحق والضمير للأمر المنقسم المذكور وهو الوارد
( فالحق كل شيء بأصله الذي يناسب ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كانت المحبة الإلهية فرعا عن النوافل من العبد ، فهذا أثر بين مؤثر والمؤثر فيه )
أي الأحباب أثر من الحق في قوله : أحببته وكون الحق سمع العبد وبصره أثر مقرر وفي العبد مؤثر فيه
 
قال رضي الله عنه :  ( كان الحق سمع العبد وبصره وقواه عن هذه المحبة ، فهذا أثر مقرر لا تقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا ). أي صورة إنسانية
"" أضاف بالي زادة :
فالحق بأصله الذي يناسبه ، فإن الكمالات الإلهية كالوجود والعلم والقدرة وغيرها آثار فيك لاحقة إلى أصلها الذي يناسبه وهو الحق تعالى قال :" ما أَصابَكَ من حَسَنَةٍ فَمِنَ الله " والنقائص الإمكانية كالاحتياج وغيره ، وهو الأثر الحاصل فيك منك ، فالحق إلى أصله الذي يناسب ذلك الاحتياج به وهو أنت ، فلا يكون الحق أصلا له .اهـ بالى زادة ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله.   والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).
 
قال رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة وفصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه . وهما عبارتان : فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو "الله " . والمؤثر فيه بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو "العالم " . ) هذا كلام مستأنف .
أي ، روح هذه الحكمة ( الإيناسية ) وخلاصتها أن الأمر الإلهي وشأنه منقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه (وهما عبارتان) أي ، لفظا (المؤثر) و (المؤثر فيه) عبارتان بحسب الظهور في مراتب الكثرة عن الحقيقة الواحدة الظاهرة فيها ، إذ حقيقة المؤثر والمؤثر فيه واحدة .
قال رضي الله عنه : ( فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال هو "الله " ) أي ، سواء كان التأثير حاصلا من مظهر من المظاهر الكونية ، أو اسم من الأسماء الإلهية ، فإن (المؤثر) هو الذات الإلهية بحسب أسمائها وصفاتها ، لأنها علة العلل ومبدأ كل شيء في الأزل .
 
و( المؤثر فيه ) هو أعيان العالم ، لأنها محل ولايات الأسماء ومظهرها . وإنما جعل انقسام الأمر إليهما روح هذه الحكمة ، لأن بين العلة والمعلول لا بد من مناسبة رابطة بينهما ، وتلك المناسبة هي المؤانسة الثابتة بين الحق والعالم .
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا ورد ) الوارد الإلهي ( فألحق كل شئ بأصله الذي يناسبه . ) أي ، إن كان الوارد عن الحضرة الإلهية ، كالوجود والعلم والقدرة وأمثال ذلك من الكمالات الإلهية ، فألحق إليها . وإن كان عن حضرة أعيان العالم ، كالفقر والاحتياج والإمكان وغير ذلك من النقائص الكونية ، فأسند إلى العالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل ) وأصل كل شئ هو الكلى الذي يناسبه جزئية المتفرع عليه ، لذلك قال : ( كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد . )
إذ النوافل من العبد هي الكمالات التي ظهر بها العبد وأقامها ، فلا جرم استلزمت المحبة الإلهية التي هي أيضا كمال وسبب لحصول باقي الكمالات .
 
فهو كالمثال لقوله : (فإن الوارد . . . لا بد أن يكون فرعا عن أصل.) أي ، كما كانت المحبة الإلهية متفرعة عن النوافل الصادرة من العبد . لا يقال إنه مناقض لما ذكره ، إذ جعل المؤثر نوافل العبد والمتأثر المحبة الإلهية ، لأن النوافل وإن كانت ظاهرة من العبد ، لكنها في الحقيقة كمالات صادرة من الهوية الإلهية الظاهرة في الصورة العبدانية ، فلا يكون المؤثر في نفسه إلا الله .
 
قال رضي الله عنه : (فهذا أثر) أي ، هذا الحب أثر . (بين مؤثر) وهو الحق . (ومؤثر فيه.) وهو العالم .
وفي بعض النسخ : (من مؤثر ومؤثر فيه) . أي ، فهذا أثر حاصل من مؤثر ومؤثر فيه .
وعلى هذا الأثر وبواسطته ( كان الحق سمع العبد وبصره وقواه عن هذه المحبة.) أي ، المحبة الإلهية .
 
قال رضي الله عنه : (فهذا أثر مقرر ، لا تقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.) أي ، هذا أثر من المؤثر الذي هو الله ، لأن المحبة الإلهية هي التي أوجبت أن يكون الحق سمع عبده وبصره ويده ورجله ، وغير ذلك . ولا يمكن أن ينكر المؤمن بالشريعة لهذا الأثر .

فالسامع لهذا المعنى لا يخلو إما أن يكون صاحب العقل السليم، أو صاحب العقل المشوب بالوهم.
والأول وهو قوله :
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:21 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 13 فبراير 2020 - 5:02 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله. والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).

قال رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة وفصّها أنّ الأمر ينقسم إلى مؤثّر ومؤثّر فيه ، وهما عبارتان : فالمؤثّر بكلّ وجه وعلى كلّ حال وفي كلّ حضرة هو اللّه ، والمؤثّر فيه بكلّ وجه وعلى كلّ حال وفي كلّ حضرة هو العالم ، فإذا ورد أي الوارد الإلهيّ فألحق كلّ شيء بأصله الّذي يناسبه ، فإنّ الوارد أبدا لا بدّ أن يكون فرعا عن أصل ، كما كانت المحبّة الإلهيّة عن النّوافل من العبد ، فهذا أثر بين مؤثّر ومؤثّر فيه كان الحقّ سمع العبد وبصره وقواه عن هذه المحبّة ؛ فهذا أثر مقرّر لا تقدر على إنكاره لثبوته إن كنت مؤمنا ).

قال رضي الله عنه :  ( وروح هذه الكلمة ) أي : معنى قولنا :اللَّهِ عبارة ( وفصها ) ، أي : كمال تحقيقها المقصود منها ( إن الأمر ) ، أي : أمر الموجودات ( ينقسم إلى مؤثر فيه ، وهما عبارتان ) عن اللّه والعالم ، صادقتان على كل موجود من صورة أو معنى جامع للجهتين ، وإلا صدقت إحداهما لا بحالة كما في ذات الحق ، وحقيقة العبد من حيث هما كذلك ، ( فالمؤثر بكل وجه ) أي : سواء كان تأثيره حقيقيّا أو غير حقيقي ، وسواء كان حسيّا أو معنويّا ، وسواء كان ظاهرا أو باطنا ، ( وعلى كل حال ) ، أي : سواء كان ثابتا أو متغيرا ،

قال رضي الله عنه :  (وفي كل حضرة ) أي : سواء في حضرة القديم من الذات الإلهية ، أو صفاتها ، أو أسمائها ، أو في حضرة المحدثات الجوهرية أو الغرضية ( هو اللّه ) ، إما باعتبار استقراره في مقر غيره ، أو باعتبار ظهوره في أسمائه وصفاته ، أو في مظاهر المحدثات ، ( والمؤثر فيه بكل وجه ، وعلى كل حال ، وفي كل حضرة هو العالم ) ، إما بكونه في مقره ، أو بظهوره في مرآة الحق ، ( فإذا ورد ) نص أو كشف في نقطة أو منام بأمر جامع للمؤثر والمؤثر فيه ، فالحق أمر من ( إلحاق كل شيء ) في ذلك الوارد من المؤثر والمؤثر فيه ( بأصله ) الكلي ( الذي يناسبه ) بهذا المعنى ، وإن باينه بوجه آخر ، ولا يمكن أن يكون الوارد ذلك الأصل حتى لا يمكن إلحاقه بأصله .

قال رضي الله عنه :  ( فإن الوارد لا بدّ أن يكون فرعا ) جزئيّا ( عن أصل ) كلي ، إذ لا تحقق للكلي من حيث هو كلي في الواقع ، ولا في النص المتعلق بالمعرفة الإلهية أو الكونية على ما عرف بالاستقراء ، ومثاله ( كانت المحبة الإلهية عن النوافل الصادرة من العبد ) بمقتضى قوله عزّ وجل :
"ولا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ". رواه البخاري وابن حبان

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهذا ) الحب الإلهي وإن كان قديما من حيث كونه صفة للحق ، فهو من حيث تعلقه بهذا العبد ( أثر ) لوقوعه ( بين مؤثر ) هو الحق الظاهر في العبد ونوافله ، ( ومؤثر فيه ) هو العبد بتعلق الحب القديم به خلاف ما يتبادر إلى الأفهام أن المؤثر هو العبد ؛ لتأثيره في النوافل المؤثرة في الحب الإلهي ، وأن المؤثر فيه هو الحق بإيجاد المحبة فيه وهو غلط ؛ ولظهور الحق في هذا العبد بتأثير تعلق الحب فيه ؛ فإن ( الحق سمع العبد ، وبصره ، وقواه ) ، لكن هذا الظهور للحق في العبد من جملة العالم ؛

لأنه ( عن هذه المحبة ) ؛ وذلك لأن هذا الظهور أثر للمحبة ، فالمحبة من حيث المؤثرية حق ، كما أنها من حيث كونها مؤثرا فيها خلق ، وظهور الحق في العبد من حيث التأثير بالمحبة حق ، ومن حيث كونه حاصلا من المحبة خلق ؛ فافهم ، ( وهذا مقرر لا يقدر على إنكاره ؛ لثبوته ) شرعا ، ولا تنكر الثابت شرعا ( إن كنت مؤمنا ) ، هذا فيما يلوح لصاحب الكشف من النصوص أو من كشفه في يقظة أو منام من تجليه في مجلي طبيعي .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله. والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).

المؤثر هو الله تعالى ، والمؤثر فيه العالم
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة وفصّها ، أنّ الأمر ينقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه ، ولهما عبارتان ) كاشفتان عن خصوصيّتيهما الامتيازيّة ، أي يعبّر بهما إلى ما هو لبّه ومغزاه ( فالمؤثّر بكلّ وجه ) سواء كان بالتبعيّة أو الاستقلال ، تامّا في التأثير أو غير تامّ ، ( وعلى كل حال ) من أحوال الوجود - موجودا كان في الخارج أو في الذهن ، حقيقيّا أو اعتباريا ( وفي كل حضرة ) من الحضرات الإلهية والعوالم الكيانيّة : ( هو الله ) ، فإنّك قد عرفت أنّه العبارة الكاشفة عن الخصوصيّة الخاصّة به دون غيرها من الوجوه والأحوال والحضرات .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (والمؤثّر فيه بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو العالم ) ، أي هو العبارة الكاشفة عن خصوصيّة العالميّة ، لا غير ذلك من الوجوه والأحوال التي للعوالم .
( فإذا ورد ) لك من عالم الأعيان والحقائق شيء ( فألحق كلّ شيء بأصله الذي يناسبه فإنّ الوارد ) الذي يحدث ظهوره ( أبدا لا بدّ وأن يكون فرعا عن أصل ) وجزئيّا لكليّ ، مما يحيط به مما هو فيه بالقوّة . فيخرج عنه بالفعل كالفاعل والقابل مثلا فإنّه لا بدّ لكلّ وارد أن يكون تحت أحدهما ، فرعا عنه سواء كان الوارد من الحقائق الإلهيّة أو الكيانيّة ،

( كما كانت المحبّة الإلهيّة ) في قرب النوافل إنما ظهرت (عن النوافل من العبد ، فهذا أثر )  يعني المحبّة الإلهيّة ( بين مؤثّر ) هو العبد بقوّة النوافل ، ( ومؤثّر فيه ) هو الحقّ ولذلك ( كان الحقّ سمع العبد وبصره وقواه عن هذه المحبّة ) إلحاقا بأصله ، فإنّ قوى العبد هو المؤثّر بالتزام النوافل في الحقّ ، حتّى يخرج الأثر - وهي المحبّة - من القوّة إلى الفعل ، فإذا الحق كلّ شيء بأصله يكون قوى العبد هو الحقّ ، والمحبّة الإلهيّة هنا أثر من العبد .

 
 أقسام الناس في فهم المعارف   
ثمّ إنّ هذا الكلام لبعده عن مدارك العامّة وأذواقهم مهّد مقدّمة لبيانه ، قد فصّل فيها مراتب الناس في فهم ذلك الأصل ، تنزّلا إلى مداركهم ،
وقال : ( فهذا أثر محقّق لا تقدر على إنكاره ، لثبوته شرعا ) لوروده بطرق صحيحة من الحقّ بلسان الخاتم ، ( إن كنت مؤمنا ) حقّا ، لا تقليدا مبدؤه الرعونة وقبول الناس .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله. والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.).

قال رضي الله عنه : (وروح هذه الحكمة وفصّها أنّ الأمر ينقسم إلى مؤثّر ومؤثّر فيه وهما عبارتان : فالمؤثّر بكلّ وجه وعلى كلّ حال وفي كلّ حضرة هو اللّه، والمؤثّر فيه بكلّ وجه وعلى كلّ حال وفي كلّ حضرة هو العالم . فإذا ورد أي الوارد الإلهيّ فألحق كلّ شيء بأصله الّذي يناسبه، فإنّ الوارد أبدا لا بدّ أن يكون فرعا عن أصل . كما كانت المحبّة الإلهيّة عن النّوافل من العبد )

وأحكامها أحكامه فلا ينفيها عنه مطلقا وإذ قد عرفت أن اللّه فياللَّهُ أَعْلَمُذو وجهين ناظر أحدهما إلى التنزيه والآخر إلى التشبيه ، واتضح عندك سر التنزيه والتشبيه بمثاله أورد هناك ( فاللّه ) المشير أحد وجهيه إلى التنزيه والآخر إلى التشبيه واتضح معناهما غاية الاتضاح بواسطة المثال المذكور فهو وضوح الدلالة عليهما ( على التحقيق عبارة ) ،

أي كالعبارة لا إشارة ، لأنه لا خفاء به لكن كونه في وضوح المعنى كالعبارة إنما هو ( لمن فهم الإشارة ) ، لا للمتحمد على العبارة خصوصا على الوجه الذي حملنا كلامه رضي اللّه عنه عليه ، فإن فيه إشارة إلى إشارة ولا يبعد أن يجعل ذلك قرينة عليه ،

ولما انجر كلامه رضي اللّه عنه إلى أن استعدادات الصور متفاضلة في إظهار أحكام الحق المتجلي فيها ، أو أنها تعطى الحق وتنسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها، وهذا نوع تأثير من الصورة في الحق المتجلي فيها أراد أن يبين المؤثر في الحقيقة ما هو والمؤثر فيه ما هو فقال :
( وروح هذه المسألة ) ، أي مسألة التأثير والتأثر .

وفي بعض النسخ : وروح هذه الحكمة ومعناه أن ما ذكر روح هذه الحكمة لكن باعتبار هذه المسألة ، لكن المعول عليه المطابق للنسخة المقروءة عليه رضي اللّه عنه هو الأول ( أن الأمر ) ، أي أمر الوجود ( يقسم إلى مؤثر ) ، يستند إليه إيجاد الأثر ( ومؤثر فيه ) يستند إليه قبول الأثر ( وهما عبارتان ) ، يعبر عنهما بهما فالعبارة المعبر بها عن المؤثر هو الاسم اللّه والعبارة المعبر بها عن المؤثر فيه هو العالم وإلى ذلك أشار بقوله : ( فالمؤثر بكل وجه من الوجوه ) الأسمائية ( وعلى كل حال ) من أحوال المؤثر فيه ( وفي كل حضرة ) من الحضرات الإلهية والكونية ( هو اللّه والمؤثر فيه بكل وجه ) له ،

أي الحق سبحانه باعتبار حقيقته أو باعتبار وجوده ( وعلى كل حال ) من أحواله المتغيرة المتبدلة بعد الوجود ( وفي كل حضرة هو العالم . فإذا ورد الوارد الإلهي ) عليك شيء من الآثار ( فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ) ، أي يناسب الأصل ذلك الشيء أو بالعكس فإن المناسبة نسبة بين بين ( فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية ) ، للعبد ( فرعا عن النوافل من العبد)

قال رضي الله عنه :  ( فهذا أثر بين مؤثّر ومؤثّر فيه كان الحقّ سمع العبد وبصره وقواه عن هذه المحبّة . فهذا أثر مقرّر لا تقدر على إنكاره لثبوته إن كنت مؤمنا .)

قال رضي الله عنه :  (فهذا أثر بين مؤثر ) هو النوافل ( وبين مؤثر فيه هو الحق سبحانه ) بحسب الظاهر .
وأما بحسب الحقيقة فالمؤثر هو اللّه ، فإن تأثير النوافل إنما هو باعتبار أنها أفعال وجودية ظاهرة من الحق سبحانه ولكن في مظهر العبد 
فهي من حيث أنها أمور وجودية مؤثرة مستندة إلى الحق سبحانه ، ولو كان فيها نقص وقصور فهي مستندة إلى استعداد العبد ، والتأثر لها إنما هو من الحيثية الأولى لا غير والمؤثر فيه العبد ، فإنه لا شك أنه يحدث في الجناب الإلهي من حيث مرتبة الجمعية أمر فالذي يترتب على النوافل هو ظهور آثار المحبة الإلهية في العبد ،

فالمؤثر العبد لا الحق وكذلك ( كان الحق سمع العبد وبصره وسائر قواه ) فرعا ( عن هذه المحبة ) المتفرعة عن النوافل ( فهذا ) ، أي كون العبد عين الحق ( أثر مقرر ) بين المؤثر الذي هو المحبة الإلهية وبين المؤثر فيه الذي هو العبد ( ولا يقدر على إنكاره ) ،

أي إنكار ذلك الأثر الذي هو كون قوى العبد عين الحق ( لثبوته شرعا ) للحديث الوارد في قرب النوافل ( إن كنت مؤمنا ) ، بما ثبت بالشرع إيمانا حقيقيا يدعوك إليه قوة اليقين بالشارع من غير أن تبقى فيك دغدغة من جانب العقل أو الوهم ، لا تقليديا يبعثك عليه الاعتراض العاجل أو حسن الظن ممن ألقاه إليك مع بقاء دغدغة من العقل

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:22 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 13 فبراير 2020 - 5:16 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-                                    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.
ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا العقل السّليم فهو إمّا صاحب تجلّ إلهيّ في مجلى طبيعيّ فيعرف ما قلناه ، وإمّا مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصّحيح .  ولا بدّ من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحقّ في هذه الصّورة لأنّه مؤمن بها . وأمّا غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيّل بنظره الفكريّ أنّه قد أحال على اللّه ما أعطاه ذلك التّجلي في الرّؤيا ، والوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه . ومن ذلك قوله تعالى :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [ غافر : 60 ] . قال تعالى :وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ [ البقرة : 186 ] إذ لا يكون مجيبا إلّا إذا كان من يدعوه غيره . )
(وأما) صاحب (العقل السليم) من آفات التقليد الرديء والعناد والغرور والأعراض الفاسدة .
(فهو إما صاحب) كشف عن (تجل إلهي) ، أي ظهور للحق تعالى عنه (في مجلى) ، أي مظهر (طبيعي) كالصور المحسوسة فيعرف ما قلناه من التحاق الفرع بالأصل لانقسام الأمر إلى مؤثر ومؤثر فيه (وإما مؤمن) ،
 
أي مصدق (مسلم) ، أي مذعن للوارد عن الشارع (يؤمن) أي يصدق (به) أي بالأثر المذكور والحديث المسطور (كما) أي على حسب (ما ورد) ، أي بالمعنى الذي أراده اللّه تعالى ورسوله (في) الإسناد (الصحيح) من غير عدول إلى تأويل عقلي ونظر فكري .
(ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم) لغلبته (على) هذا (العاقل) المؤمن المسلم للذي ورد على حسب ما ورد الباحث ذلك العاقل (فيما جاء به الحق) تعالى (في هذه الصورة) مما تضمنه الحديث المذكور (لأنه) ، أي ذلك المؤمن المسلم (مؤمن) ، أي مصدق (بها) ، أي بتلك الصورة الواردة ،
ولا يمكن امتناعه من الوهم لغلبته عليه بالضرورة وإن نفى الصورة واحترز من ذلك كمال الاحتراز ، لأن لفظ الحديث يقتضيها ،
فحال هذا المؤمن المسلم مثل حال صاحب التجلي المذكور إلا أنه غير عارف بمن تجلى له ، وهو محترز منه خائف على إيمانه بالغيب من جهله بما الأمر عليه في نفسه وأما العاقل (غير المؤمن) بالوارد في الحديث المذكور (فيحكم) دائما (على الوهم) الغالب فيه (بالوهم) الغالب فيه على عقله فيتخيل بنظره الفكري وقياسه العقلي (أنه قد أحال على اللّه( تعالى ، أي اعتقد أنه محال في حق اللّه تعالى عنده ما (أعطاه ذلك التجلي) الإلهي والانكشاف الرباني لتلك الصورة التي رآها في (الرؤيا) المنامية حيث لا يقدر على إنكارها ولا يستطيع أن يجحد أنه رأى اللّه تعالى في صورة كذا .
 
(و )لأن (الوهم في ذلك) ، أي فما رآه (لا يفارقه) أصلا لأن ذلك التجلي وجدان عنده وذوق له (من حيث لا يشعر) بحاله وما هو عليه (لغفلته عن نفسه) وذهوله عنها ومن ذلك ،
أي من التحاق الفرع بالأصل وما تقرر فيه قوله تعالى ادعوني يا أيها العباد استجب لكم ما تدعوني فيه ،
فإنه إذا كان لسان الداعي كما ورد في الحديث ، كان هو الداعي تعالى وهو المستجيب ، ولهذا ورد في قوله تعالى :وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ( 25 ) [ يونس : 25 ] ، أي يدل على أنه عين الداعي .
 
وقال تعالى :اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ[ الشورى : 47 ] ، فهو عكس الأوّل ليتبين العبد ما هو الأمر عليه في نفسه (قال اللّه تعالى : "وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي) ، أي طلبوا منك أن تعرفهم بي وتدلّهم عليّ "فَإِنِّي قَرِيبٌ" إليهم ، ولأني أقرب للشيء من نفسه ؛
ولهذا ورد :"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"[ ق : 16 ] وذلك لأن حبل الوريد من الصورة الجسمانية والحق تعالى متجل عليه في صورته النفسانية التي هي حقيقته "أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ" بأن عرف نفسه فعرف ربه فدعاه سبحانه وهو شرط في الآية يعني إذا دعاني لا إذا دعا غيري لجهله بي في صورة التجلي (إذ) ،
 
أي لأنه تعالى (لا يكون مجيبا) لدعوة الداع (إلا إذا كان) تعالى (هو من يدعوه) ، أي عين الداعي فيكون صدق عليه مقتضى قوله :إِذا دَعانِ[ البقرة : 186 ] ، كما ذكرنا.
""وفي نسخة أخرى : من يدعوه غيره  بدل  هو من يدعوه "".
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.
ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما العقل السليم ) وهو الباقي على الفطرة الأصلية الخالي عن العقائد الفاسدة ( فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ) ما قلناه من ظهور الحق في صور الأشياء في النوم وغيره أو يعرف ما قلناه من انقسام الأمر إلى مؤثر ومؤثر فيه ( وإما مؤمن مسلم يؤمن به ) أي يؤمن ما قلناه ( كما ورد في الصحيح )
 
وأيا ما كان ( ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة ) المرئية في المنام ( لأنه ) أي العاقل ( مؤمن بها ) أي بهذه الصورة التي تجلى الحق له فيها فطلب حقيتها فبحث بالوهم في ذلك فيحكم الوهم عليه في تصوره .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإما غيره المؤمن ) وهو صاحب الاعتقادات الفاسدة والعقل المشوب بالوهم الحيواني ( فيحكم على الوهم ) أي فيحكم على بطلان ما حكم عليه الوهم من ظهور الحق بصور الأشياء ( بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على اللّه ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا والوهم في ذلك لا يفارقه ).
 
أي والحال أن الوهم السلطاني لا يفارق عن ذلك المتخيل ( من حيث لا يشعر ) عدم مفارقة الوهم عنه ( لغفلته عن نفسه ومن ذلك ) أي ومن انقسام الأمر إلى مؤثر ومؤثر فيه ( قوله تعالى :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْوَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِإذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان ) أي وجد ( من يدعوه ) فالمجيب فاعل ومؤثر والداعي قابل ومؤثر فيه فالأثر الحاصل بينهما له وجه إلى الفاعل ووجه إلى القابل فالحق كل شيء بأصله.
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما العقل السليم ) وهو الباقي على الفطرة الأصلية الخالي عن العقائد الفاسدة ( فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ) ما قلناه من ظهور الحق في صور الأشياء في النوم وغيره أو يعرف ما قلناه من انقسام الأمر إلى مؤثر ومؤثر فيه ( وإما مؤمن مسلم يؤمن به ) أي يؤمن ما قلناه ( كما ورد في الصحيح )
 
وأيا ما كان ( ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة ) المرئية في المنام ( لأنه ) أي العاقل ( مؤمن بها ) أي بهذه الصورة التي تجلى الحق له فيها فطلب حقيتها فبحث بالوهم في ذلك فيحكم الوهم عليه في تصوره .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإما غيره المؤمن ) وهو صاحب الاعتقادات الفاسدة والعقل المشوب بالوهم الحيواني ( فيحكم على الوهم ) أي فيحكم على بطلان ما حكم عليه الوهم من ظهور الحق بصور الأشياء ( بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على اللّه ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا والوهم في ذلك لا يفارقه ) أي والحال أن الوهم السلطاني لا يفارق عن ذلك المتخيل.
 
قال رضي الله عنه : ( من حيث لا يشعر ) عدم مفارقة الوهم عنه (لغفلته عن نفسه ومن ذلك) أي ومن انقسام الأمر إلى مؤثر ومؤثر فيه ( قوله تعالى :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان ) أي وجد ( من يدعوه ) فالمجيب فاعل ومؤثر والداعي قابل ومؤثر فيه فالأثر الحاصل بينهما له وجه إلى الفاعل ووجه إلى القابل فالحق كل شيء بأصله.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.  ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )


قال رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.  ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها. وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».  قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه، )


قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح. ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( قوأمّا العقل السليم فهو إمّا صاحب تجلّ إلهي في محلّ طبيعي ، فيعرف ما قلناه ، وإمّا مؤمن مسلم يؤمن به ، كما ورد في الصحيح . ولا بدّ من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة ، لأنّه مؤمن بها وأمّا غير المؤمن فيحكم بالوهم على الوهم ، فيتخيّل بنظره الفكري أنّه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلَّي في الرؤيا ، والوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر بغفلته عن نفسه  ) .
 
يشير رضي الله عنه  إلى ما ذكر أوّلا عن سعة سلطان الوهم ، والوهم قوّة ، لها
مدخل في التخيّلات ، وتحكَّم أيضا في المعقولات والمحسوسات ، من شأنها أن تركَّب أقيسة كلَّية من الموادّ الجزئية ، وتحكم بالشاهد على الغائب ، وتجري الحكم كلَّيا والمقيس عليه جزئي والمقيس كلي ، ويعبّر في العرف النظري عن هذا القياس بالتمثيل ، والمثال فيما نحن بصدده : أنّ الحق - مثلا - تجلَّى في صورة إنسانية نوما ، فالمؤمن العاقل يؤمن بذلك ، ويتوهّم أنّه مطَّرد في جميع صور التجلَّي ، أو أنّه كلَّما يتجلَّى يتجلَّى في الصورة الإنسانية ، أو أنّ الصورة الإنسانية صورته في كلّ تجلّ .
 
والمنزّه ينزّه الحق عن الصورة في الدليل العقلي ، ويحكم بالوهم : أنّ ذلك له - تعالى - ذاتي ، وذلك تعيّن له في مرتبة الفكر ، لا في الكشف ولا في التجلَّي ولا كلَّما شاء ، فإنّه - تعالى - إن شاء ظهر في كل صورة ، فأضيف إليه ما يضاف إلى تلك الصورة ، وإن لم يشأ ، لا يضاف إليه صورة أصلا ، فلا يحكم عليه أنّه في كل موطن ومقام منزّه كذلك ، وهو وهم من المنزّه ، لأنّ تنزيهه عن الصورة حصوله فيما لا صورة له ، وحدّه به ، وهو - تعالى - غير محدود ، وتشبيه له - تعالى - بالعقول والمجرّدات عن الصور في زعم من يقول بذلك ، وهو قد يتوهّم أنّه قد نزّه وهو في عين التشبيه ، فلا يخلو عاقل ، - كما ذكر رضي الله عنه - عن الوهم .
 
قال رضي الله عنه  : ( ومن ذلك قوله : " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " قال تعالى : "وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ"، إذ لا يكون مجيبا إلَّا إذا كان  من يدعوه غيره).
 
يعني : يتوهّم الداعي ذو الوهم أنّ قربه عنه كقرب الأشياء الجسمانية بعضها من بعض ، وأنّه غيره من كل وجه ، وذلك وهم منه ، إذ هو هو ، لا غير ، ويتوهّم المفكَّر أيضا أنّ القرب والبعد لا يكونان إلَّا بين الأجسام المتحيّزة بعضها من بعض ، وهو أيضا وهم منه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.  ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما العقل السليم فهو إما صاحب تجلى إلهي في مجلى طبيعي ) أي صورة إنسانية
"" أضاف بالي زادة :
فالحق بأصله الذي يناسبه ، فإن الكمالات الإلهية كالوجود والعلم والقدرة وغيرها آثار فيك لاحقة إلى أصلها الذي يناسبه وهو الحق تعالى قال :" ما أَصابَكَ من حَسَنَةٍ فَمِنَ الله " والنقائص الإمكانية كالاحتياج وغيره ، وهو الأثر الحاصل فيك منك ، فالحق إلى أصله الذي يناسب ذلك الاحتياج به وهو أنت ، فلا يكون الحق أصلا له .اهـ بالى زادة ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فيعرف ما قلناه ، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح ، ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به في هذه الصورة ) أي فيما آتاه الله الحق في الصورة التي رآه في النوم .
 
قال رضي الله عنه :  ( لأنه مؤمن بها ، وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا ) أي قد استحال في حقه تعالى كونه في صورة جسدانية
( والوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ) أي لا ينفك أن يتوهم في حقه تعالى التمثيل بصورة من حيث لا شعور له به
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن ذلك قوله تعالى :" ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ "   ، قال الله تعالى :" وإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ " إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه ) كان تامة أي إذا وجد من يدعوه يعنى أن صاحب الوهم يتوهم أن قربه تعالى منه كقرب الأجساد بعضها من بعض ، وأنه غير الداعي من كل وجه ، وذلك وهم منه إذ هو هو لا غير .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح. ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما العقل السليم ، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلي طبيعي ، فيعرف ما قلناه . وإما مؤمن مسلم يؤمن به . كما ورد في الصحيح . )
"العقل السليم " هو القلب الساذج من العقائد الفاسدة ، الباقي على الفطرة الأصلية .
فهو إما صاحب تجلى إلهي ، أي ، ذو كشف وعيان في هذه النشأة العنصرية والصورة الطبيعية .
 
وإما مؤمن بالرسل وأهل الكشف ، مسلم أمره إليهم منقاد بأوامرهم : فإن كان صاحب تجل ، فهو عارف بشهوده حقيقة ما قلناه من أن الأمر ينقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه . والمؤثر في جميع الحضرات الكونية والإلهية هو الله ، والمؤثر فيه في كلها هو الأعيان ، ولا بد أن يسند كلا منهما إلى أصله .
وإن كان مؤمنا بالرسل والأولياء ، فيؤمن به كما ورد في الصحيح : (أن العبد لا يزال يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه. . .) . الحديث
 
قال رضي الله عنه :  (ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها).
المراد ب‍ ( الصورة ) الصورة التي تجلى بها الحق في النوم . أو صورة الرسل . أي، ولا بد أن يحكم الوهم بحقيقة ما أدركه وشاهده من الصورة المرئية في النوم ، أو اليقظة ، على العاقل المؤمن بالرسل ، الطالب تحقيق ما أتاه الحق من هذه الصورة المثالية ، أو الصورة الكاملة الإنسانية ، من الآيات والأخبار الدالة على تجليات الحق بالصور الحسية والمثالية .
لأن هذا العاقل مؤمن بأن تلك الصورة المرئية صورة الحق . أو بالرسل والشرائع المنزلة بالتنزيه الذي يحكم به العقل ، والتشبيه الذي يحكم به الوهم .
 
قال رضي الله عنه :  (وأما غير المؤمن ، فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا ، والوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه.)
أي ، وأما العاقل الذي لا إيمان له بالرسل والشرائع ، وهو صاحب العقل المشوب بالوهم ، فيحكم على بطلان ما حكم به الوهم من إثبات الصور على الله بالوهم الذي هو مشوب بعقله .
لأن العقل إذا تنور بنور الكشف ، أو الإيمان ، يدرك ما هو الأمر عليه ، وعند عدم الإيمان بالشرائع لا يخلص عن حكم الوهم ، فيتخيل أن ما أعطاه التجلي في الرؤيا من الصورة مستحيل ، لما أعطاه نظره الفكري ذلك ، فأبطل حكم الوهم بتوهمه الفاسد ، وهو لا يشعر بذلك لعدم علمه بنفسه وأحكامها .
 
قال رضي الله عنه :  (ومن ذلك قوله تعالى : "أدعوني أستجب لكم ". قال الله تعالى : "وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني" . إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه.)
أي ، ومن ذلك القبيل المذكور - وهو قوله : إن الأمر منقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه - قوله تعالى : ( أدعوني أستجب لكم ) و ( أجيب دعوة الداع ) . لأن أمر الوجود منقسم إلى مؤثر ومتأثر : والداعي هو القابل المتأثر ، والمجيب هو الفاعل المؤثر .

وكما أن الفاعل لا يكون فاعلا إلا بالقابل ، كذلك لا يكون المجيب مجيبا إلا إذا حصل من يدعوه . وذلك إشارة إلى قوله : إن الأمر منقسم . و(كان) في قوله : (إلا إذا كان من يدعوه.) تامة .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:23 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 13 فبراير 2020 - 5:20 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-                                    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.
ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )
 
قال رضي الله عنه :  (وأمّا العقل السّليم فهو إمّا صاحب تجلّ إلهيّ في مجلى طبيعيّ فيعرف ما قلناه ، وإمّا مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصّحيح ، ولا بدّ من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحقّ في هذه الصّورة ؛ لأنّه مؤمن بها ، وأمّا غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم ، فيتخيّل بنظره الفكريّ أنّه قد أحال على اللّه ما أعطاه ذلك التّجلّي في الرّؤيا ، والوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [ غافر : 60 ] ، قال تعالى :وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ [ البقرة : 186 ] ، إذ لا يكون مجيبا إلّا إذا كان من يدعوه غيره )
 
قال رضي الله عنه : ( وأما العقل السليم ) عن النظر الفكري أو تقليد صاحبه ، ( فهو ) ، أي : صاحبه ( إما صاحب تجلّ إلهي ) أي : قائل بجواز أن يتجلى في المنام ( في مجلي طبيعي ) ، فإن منهم من يجوز ذلك في المنام ، وإن منع منه في اليقظة ، ( فيعرف ما قلناه ) من العبور من الحق إلى الخلق ؛ لأنه إنما جوز ذلك ؛ لأن المنام قابل للتعبير بخلاف اليقظة ، فيكون المرئي في المنام صورة يعبر عنها إلى ما هو الحق في الواقع ، ولا يتأتى ذلك في صورة اليقظة ، إذ لا عبور فيها عنده ، ( وإما ) قائل بجواز تجليه في المنام في المجلي الطبيعي ، لكنه ( مؤمن ) ، والمؤمن ( مسلم ) ، أي : منقاد لما ورد من نصوص الرؤية ، فهو ( يؤمن به ) أي : بكونه مرئيّا ، ( كما ورد في الصحيح ) من قوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ، لا تضامون في رؤيته »رواه البخاري ومسلم .
 
وهو وإن قال : بأنه يرى لا في صورة طبيعية ؛ لأنه ( من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق ) على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم من تجليه ( في هذه الصورة ) الطبيعية ، إذ ذكر تحوله في الصور ، ولا يتأتى بدون الصور الطبيعية ، وإنما يحكم عليه ؛ ( لأنه مؤمن بها ) أي : برؤيته في تلك الصور التي تفيد تارة وتنكر أخرى .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما غير المؤمن ) من ترونه في الآخرة ، وفي المنام كالمعتزلة ، وهو صاحب النظر الفكري أو المقلد له ، ( فيحكم ) إذا سمع النصوص القائلة بتحولة في الصور في الآخرة أو في المنام ( على الوهم ) ، إذا حكم برؤيته فيها ( بالوهم ) بأنه من لا صورة له يستحيل رؤيته في صورة أو يتحول في الصور ، مع أن العقل لا يمنع من رؤية من لا صورة له في الصورة ، كما لا يمنع من رؤية من له صورة أن يرى في غير صورته ، فقد رئي جبريل عليه السّلام في صورة دحية مع أنها ليست بصورته اتفاقا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيتخيل ) عند رده النصوص بكونها أخبار الآحاد أو بتأويلها على وفق وهمه ( بنظره الفكري ) الذي لا يحيل ظهور الحق في صورة ، وإنما يحيل كونه في نفسه ذا صورة ( أنه قد أحال على اللّه ) رؤيته في الصورة ، حتى أحال ( ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا ) ، مع أنه يجوز في الرؤيا رؤية الشيء في غير صورته ؛ لذلك يحتاج فيه إلى التعبير كما ترى العدو في صورة الحية ، وهو لم يفعل ذلك أيضا من كل وجه ، إذ ( الوهم منه في ذلك ) ، أي : إثبات الصورة للحق ( لا يفارقه ) ؛ فإنه ما دام بدنه صحيحا كان علمه باقيا ، وإن كان علمه ( من حيث لا يشعر ) به صاحبه ؛ ( لغفلته عن نفسه ) لاحتجابه به بربه عنها ، فلا يلوح له ما يحكم به نفسه من الجمع بين التنزيه والتشبيه بقوتيه العقلية والمؤمنة ، ولو كوشف عنها لعرف ربه بما يلوح من جميع قواها ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن ذلك ) ، أي : ومما يلحق فيه كل شيء من المؤثر والمؤثر فيه بأصله ، ويحكم فيه الوهم بتصوير الحق ما أشار إليه ( بقوله تعالى : ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [ غافر : 60] ، فالداعي من حيث التأثر بالمدعو به عبد ، ومن حيث التأثير في الإجابة حق ظهر في العبد ، والمجيب من حيث التأثير في المدعو به حق ، ومن حيث التأثر للدعوة عبد ظهر فيه ، ولظهور كل منهما في مرآة الآخر ( قال اللّه تعالى :وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) [ البقرة : 186 ] ،
إذ لا قرب هنا بالزمان والمكان والرتبة بل بالظهور ، وهو مستلزم لتصوير الوهم الحق بصورة ما ظهر في العبد ، وبصورة العبد الظاهرة في مرآة الحق ، وكيف تكون الإجابة من الحق من حيث هو حق ، وهي متوقفة على الدعوة ؟
 
قال رضي الله عنه :  ( إذ لا يكون ) المجيب ( مجيبا إلا إذا كان ) أي : وجد ( من يدعوه ) ، والمتوقف على الغير حادث ، فلا يتصف به الحق من حيث هو حق لا يقال : إذا كان الحق ظاهرا في العبد من حيث تأثير الدعوة .
فالإجابة لا تتوقف على الغير ، فيجوز أن يكون المجيب هو الحق من حيث هو حق ؛ لأنّا نقول :
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.
ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا العقل السليم ) - عمّا يعوقه عن كماله - ( فهو إمّا صاحب تجلّ إلهيّ ) إذا وفّق لما قدّر لأصل استعداده من إدراك الحقائق كلَّها ، على ما هي عليه ، فهو ( في مجلى طبيعيّ ، فيعرف ما قلناه ، وإما مؤمن مسلم ) يلقى السمع لصاحب التجلَّى والبيان ، فهو ( يؤمن به ، كما ورد في الصحيح ) فما بقي إلَّا صاحب النظر والاستدلال ، فإنّه غير مؤمن بإلقاء السمع إلى صاحب التجلَّي ، ولا بالغ عقله إلى كماله الطبيعي.
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) حينئذ ( لا بدّ من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث ) ضرورة نفاذ أمره في هذه النشأة وعدم انقهاره أصلا ، فيكون تحت حكمه (فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنّه مؤمن بها ) .
 
هذا على تقدير أن يكون الباحث من حكماء الإسلام والمتكلَّمين من الملَّيين ، فأمّا إذا لم يكن منهم - كالفلاسفة الذين قصروا طريق الاستفاضة على النظر المجرّد والبحث البحت - فإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( وأمّا غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم ) فإنّهم يوصون أولا بتسخير قوّتي الوهم والخيال وعزلهم عمّا في تصرّفهما من مدارك الجزئيّات مطلقا - صوريّة ومعنويّة - حتى يصفو لهم حكم صرافة العقل في الكليّات المنزّهة عما يشوب به قدس التنزيه ويميل إلى هذا المشرب أكثر المنتمين إلى التحقيق والمنتسبين إلى التصوّف ، حتى أنّ بعض شارحي هذا الكتاب يستشمّ المتفطَّن من كلامه رائحة ذلك الميل ، ومن ثمّة تراه يستهجن مدركات الوهم كل الاستهجان.
 
 الغرض من الحكايات القرآنيّة تقرير أحوال الإنسان
وكأنّك قد اطَّلعت في طيّ هذه التعليقات أنّ ما في القرآن الكريم مما يفهم منه العامة أنّه حكاية الأمم السالفة في الأزمنة الماضية ، إنما هو تقرير أحوال الأمم الحاضرة في كلّ زمان ، على ما عبّر عن ذلك ألسنة استعداداتهم ويعبر من الأزل إلى الأبد ما هو أساطير الأوّلين ،
على ما زعم الجاحدون للتنزيل وجلالة قدره من أرباب الزيغ والطغيان - ومن ذلك حكاية تخصيص آدم بمنصب الخلافة ، واغتباط الملإ الأعلى له في ذلك وادّعاؤهم أنّهم المستحقون لها بتقديسهم وتسبيحهم ،
وأنّ آدم بما فيه من قوّتي الوهم والخيال والشهوة والغضب ، بعيد عن نيل مثل تلك المنقبة الكريمة ، وتعيير الحق عزّ شانه لهم في ذلك الدعوى بأنّ آدم بجمعيّته التي اختص بها من احتياز القوى - التي هي مبدأ الشعور والإشعار لطرف التشبيه من الحقّ - يعلم من الأسماء الكاشفة للحقّ ما لا يعلمون ، وهي الأسماء الوجوديّة المبيّنة للحقائق التشبيهيّة التي بها يتمّ أمر التنزيه .
 
التشابه الفكري بين الملائكة وأهل النظر
فإنّ تلك القصّة بعينها هي التي بين الحكماء من أهل النظر والاستدلال وبين أرباب الأذواق من اولي الألباب ، فإنّهم هم الذين يستفتحون مدارك القوى البشريّة والجمعيّة الآدميّة ، ويستحقّون ما يستحصل من تلك القوى - التي رئيسهم الوهم - بأنّها لا يمكن لها تسبيح الحقّ ،
فإنّها مبدأ الإفساد وإهراق الدماء ، فيعزلون تلك القوى عن درجة الاعتداد بمداركها والاعتبار بأحكامها ويحصرون أمر ذلك الاعتداد والاعتبار في العقل المجرّد الذي يسبّح الحقّ ويقدّسه ، ذاهلين عن قصور عقلهم المجرّد عن أداء التنزيه حقّه ، وأنّهم هم المفسدون في عزل تلك القوى ، ولكن لا يشعرون منزلتهم .
 
تسلَّط الوهم على أصحاب النظر
ومن آيات قصورهم في رتبة الشعور والعلم أنّهم يحكمون على الوهم وسدنته بالوهم ، ويعزلونه بأمره ، ذاهلين عنه وعن أنّه هو الحاكم ، يعزل نفسه بما لا يشعر به صاحب النظر الفكريّ ، ضرورة أنّ الوهم من المعاني الجزئيّة التي إنما يدركها الوهم فصاحب النظر انما يدركه ويعزله به ، ( فيتخيّل بنظره الفكري أنّه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلَّي في الرؤيا ) مما لا يناسب تنزيه العقل المجرّد له من الصور الجسدانيّة والمثل الجسمانيّة التي استحال عنده بنظره الفكري أن يكون لله .
 
قال رضي الله عنه :  ( والوهم في ذلك ) التخيّل ( لا يفارقه من حيث لا يشعر به ) ، فإنّه هو السلطان الحاكم في هذه النشأة - كما عرفت آنفا - ولكن لاتّحادّه بالكلّ - لما تقرّر من أنّ السلطان هو الهيئة الجمعيّة الكلَّيّة - لا يشعر به ( لغفلته عن نفسه ) ، فإنّه يحسب أنّ الوهم أمر غيره ، وعرض يفارقه ، فهو بعد في سنة الغفلة ورقاد الذهول ، إذا مات عن نظره الفكريّ انتبه من نومه ، وتيقّظ ليومه فلا تغفل عن دقائق هذه الإشارات فإنّه من جلائل الحقائق .
 
المؤثّر والمتأثّر في الداعي والمجيب
قال رضي الله عنه :  ( ومن ذلك ) - أي مما ورد لك مما لا بدّ فيه من إلحاق كلّ شيء من أحكامه المتكثّرة المتفرّعة بأصله ، الذي يتفرّع عنه ولكن الحكم مع أحديّة العين حتى يتحقّق معناه - ( قوله تعالى : “ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ") [ 40 / 60 ]
فإنّ الدعاء يخالف الإجابة حكما ، فلذلك نسب الدعاء إلى العبد المتأثّر بحسب أصله ، والإجابة إلى الحقّ المؤثّر .
 
هذا ما يدل على ذلك إجمالا ، والذي يدلّ على ذلك تفصيلا ما (قال تعالى : “وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ“) [ 2 / 186 ] ،
فإنّ أحكام المتأثّر العبد والمؤثّر الحقّ قد فصّل في هذه الآية تفصيلا ، حيث عيّن مقام بعد العبد السائل بإثبات الواسطة ، وقرب المجيب الحقّ بقوله : “  قَرِيبٌ “  ،
وأشار إلى أحديّة فعل الحقّ المؤثّر بقوله : "أُجِيبُ "، وإلى أنّ اختلافه بحسب الصور والأحكام المتكثّرة
 
إنّما هو من جهة العبد المتأثّر بقوله : “  دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ “  ، حيث عبّر ما يتعلَّق بالعبد من السؤال والدعاء بصيغ ثلاثة متكثّرة - من المصدر والصفة والفعل .
 
وفيه إشارة أيضا إلى ما للعبد من الألسنة التي له عند الدعاء :
أحدها لسان الاستعداد المشار إليه بصيغة المصدر .
والثاني لسان الحال ، المعبّر عنه بصيغة الوصف .
والثالث لسان الفعل والقول المدلول فيه بصيغة الفعل .
وإذ قد تختلف قبلة الدعاء في موطن الفعل لتشابه الصور والأشكال هنالك دون غيره ، فتنحرف حينئذ عن سمت إطلاقه ، خصّصه بقوله : “  إِذا دَعانِ “  .
 
ثمّ إنّه لا بدّ من اختلاف الصور هناك ، ( إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه ) ووجد الداعي مستقلا بحسب الصورة.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.
ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه،  )


قال رضي الله عنه : (  وأمّا العقل السّليم فهو إمّا صاحب تجلّ إلهيّ في مجلى طبيعيّ فيعرف ما قلناه ، وإمّا مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصّحيح . ولا بدّ من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحقّ في)
 
قال رضي الله عنه : ( وأما العقل السليم ) بل صاحبه وهو صاحب القلب الشارح من العقائد الفاسدة الباقي على القوة الأصلية .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي ) بأن تجلى عليه الحق في مجلى من مجالي الطبيعة فيكشف عليه كيفية تجليه فيها وكونه عنها من وجه وميزها عنها من وجه ( فيعرف ما قلناه ) من كون قوى العبد عين الحق أو تجلى عليه في مجلاه الطبيعي ونشأته العنصرية باسمه العليم ، فتأيد عقله السليم بهذا المتجلي فأدرك عقله السليم بهذا المتجلي ، فأدرك العقائد على ما هي عليه فيعرف ما قلناه من غير أن يبقى للوهم عليه حكم ( وإما مؤمن مسلم يؤمن به ) ، أي بما قلناه ( كما ورد في الحديث الصحيح ) ، أن العبد لا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه الحديث ولكن لا يخلو عن وسوسة بحث وتفتيش عما آمن به وأسلم .


قال رضي الله عنه :  ( ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث ) ، أي الذي هو في صدد بحث وتفتيش ( فيما جاء به الحق).


قال رضي الله عنه :  ( هذه الصّورة لأنّه مؤمن بها . وأمّا غير المؤمن فيحكم على الوهم فيتخيّل بنظره الفكريّ أنّه قد أحال على اللّه ما أعطاه ذلك التّجلّي في الرّؤيا ، والوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه . ومن ذلك قوله تعالى :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[ غافر : 60 ] . قال تعالى :وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ [ البقرة : 186 ] إذ لا يكون مجيبا إلّا إذا كان من يدعوه غيره . )
 
قال رضي الله عنه :  (في هذه الصورة ) التي تجلى فيها الحق نوما أو يقظة من معنى التشبيه ( لأنه مؤمن بها ) بما فيه معنى التشبيه .
والحكم بالتشبيه إنما هو من الوهم ، فإذا حكم عليه الوهم به وانقاد له اطمأن فقوله فيما جاء به الحق يحتمل أن يكون متعلقا بيحكم أو الباحث ( وأما غير المؤمن ) بما جاء به الحق من صور التشبيه ( فيحكم على الوهم ) ، بأنه كاذب في حكمه ولكن حكمه هذا على الوهم إنما هو ( بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على اللّه ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا ) ، أو غيرها من معنى التشبيه ( والوهم في ذلك ) ، الحكم ( لا يفارقه ) فإن الحاكم بهذا الحكم هو ، فهو يصدقه ( من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ) .
 
وهذا أن الحاكم فيه وهمه ( ومن ذلك ) القبيل ، أي قبيل حديث قرب النوافل من حيث الدلالة على مؤثر ومؤثر فيه ( قوله تعالى :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)
وكذا قوله حيث ( قال تعالى :وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ[ البقرة : 186 ] إذ لا يكون مجيبا ) ،
 
كما في الآية الثانية ( إلا إذا كان ) ، أي وجد ( من يدعوه غيره ) بل دعوته ولا يكون مستجيبا كما في الآية الأولى إلا إذا وجد دعاء الداعين فالدعاء في الآيتين هو المؤثر والمجيب هو المؤثر والمجيب هو المؤثر فيه ، إذ لولا الدعاء لم تكن إجابة ولا استجابة ، فلا بد ههنا من داع مؤثر ومجيب مؤثر فيه مختلفين بالصورة

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:24 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 13 فبراير 2020 - 5:24 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-                                        الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الدّاعي عين المجيب فلا خلاف في اختلاف الصّور ، فهما صورتان بلا شكّ .  وتلك الصّور كلّها كالأعضاء لزيد : فمعلوم أنّ زيدا حقيقة واحدة شخصيّة ، وأنّ يده ليست صورة رجله ولا رأسه ولا عينه ولا حاجبه . فهو الكثير الواحد ، الكثير بالصّور ، والواحد بالعين .  وكالإنسان واحد بالعين بلا شكّ . ولا شكّ أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر ، وأنّ أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا . فهو وإن كان واحدا بالعين ، فهو كثير بالصّور والأشخاص . )
 
(وإن كان ) حينئذ (عين الداعي) من حيث التجلي بالوجود عين المجيب له دعاه (فلا خلاف في اختلاف الصور) لهما في كل لمحة ، لأن الخلق الجديد يقتضي ذلك ، فإذا كانت الصورة للعبد باعتبار استيلاء نفسه عليها كان هو الداعي والحق تعالى متجل عليه بصورته في مفهوم خياله ،
فإذا تحوّلت صورة العبد في صورة المتجلي الحق باعتبار استيلاء الرب تعالى عليه في ظاهره وباطنه غاب العبد فكان هو المجيب الحق ،
(فهما صورتان) صورة عبد داع وصورة رب مجيب ظهر فيها بطريق التجلي وهو على ما هو عليه من إطلاقه الحقيقي وتنزهه وتقدسه بلا شك عند العارف بذلك أصلا وتلك الصور كلها التي هي للداعي وللمجيب الحق تعالى بل لجميع العالم المحسوس والمعقول الصادرة من الأمر الإلهي الواحد الذي هو كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ كما قال تعالى :وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ( 50 ) [ القمر: 50 ].
 
وقد قال سبحانه :وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ[ الروم : 25 ] فالكل كلمح بالبصر لقيامه بما هو كلمح بالبصر وهو الأمر الإلهي وذلك قوله تعالى :بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ[ ق : 15 ] .
كالأعضاء المختلفة (لزيد) مثلا (فمعلوم) عند العقلاء (أن زيدا حقيقة واحدة شخصية) ، أي متشخصة في الحس وأن صورة (يده) مثلا (ليست) هي صورة رجله ولا صورة (رأسه ولا) صورة (عينه ولا) صورة حاجبه فهو ، أي زيد الكثير ومع ذلك هو الواحد أما الكثير فهو بالصور المختلفة لأعضائه الجسمانية وأما الواحد فهو بالعين ، أي الذات النفسانية الواحدة .
 
(وكالإنسان) ، أي جنس الآدمي الكلي وهو الحيوان الناطق فإنه (بالعين) ، أي الماهية المشتملة على الجنس والفصل (واحد) كلي (بلا شك) عند العقلاء في ذلك ولا تشك أيضا أن (عمروا) الذي هو جزئي من جزئيات الإنسان الكلي لزيادة التشخص فيه على ذلك الكلي (ما هو زيد) الذي هو جزئي آخر من تلك الجزئيات غير الجزئي الأوّل (ولا هو) أيضا خالد ،
أي الذي هو جزئي آخر ولا هو أيضا جعفر الجزئي الآخر ولا شك أيضا أن أشخاص) ، أي جزئيات (هذه العين الكلية الإنسانية (الواحدة لا تتناهى وجودا) ، أي من حيث دخولها في الوجود شيئا فشيئا .
 
(فهو) ، أي الإنسان المذكور (وإن كان واحدا بالعين) ، أي الماهية (فهو) ، أي الإنسان (كثير بالصور والأشخاص) المختلفة القائمة كلها بتلك العين الواحدة في الزمان الواحد والأزمنة الكثيرة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الداعي عين المجيب ) في الحقيقة ( فلا خلاف في اختلاف الصور فهما صورتان بلا شك ) فإن قيل لا شك أن المراد بالمجيب هو الحق تعالى الواجب الوجود وبالداعي هو العبد الممكن الوجود فلا يمكن الاتحاد والعينية بينهما في الحقيقة ،
 
فإن حقيقة الممكن لا يكون إلا ممكنا كما أن حقيقة الواجب لا يكون إلا واجبا قلنا لا شك أن صورة الداعي أثر لصورة المجيب والأثر لا حقيقة له في نفسه بل حقيقته حقيقة من له ذلك الأثر الحاصل منك في المرآة لا شك أنه عينك في الحقيقة إذ لا حقيقة له إلا حقيقتك فعينية الحق والعبد في الحقيقة عينية الأثر بمن له الأثر لا عينية زيد وعمرو في الحقيقة الانسانية فإن هذه الحقيقة حقيقة كل واحد منهما في نفسه بالنسبة إليهما وعند التحقيق تلك الحقيقة أثر للحق فقولنا حقائق الأشياء ثابتة
وإن لم يكن مجعولة لكونها أمورا معقولة لا أعيان لها في الخارج لكنها لا يقال في حقها أنها ليست بفيض الفياض فلا حقيقة في أنفسها لكونها آثارا لا حقيقة الحق الفياض لذلك كان الحق حقيقة الحقائق
خلق اللّه آدم على صورته وهو آدم عليه السلام الحقيقي الذي هو العقل الأول والروح المحمدي لا آدم الصوري العنصري وهو أول ما خلقه اللّه من الأشياء وهو حقيقة الإنسان الكامل عند أهل الكشف الذي خلق اللّه على صفة الكامل ،
وهو أمر لطيف نوري ومن لطافته ينشعب منه الأرواح الكثيرة وما نقص بالانشعاب وما زاد بعدم لذلك قال الرسول عليه السلام : " أنا أب الأرواح وأم الأشياء "
 
قال رضي الله عنه :  ( وتلك الصورة كلها ) التي تظهر فيها الحقيقة الواحدة اسمائية كانت أو كونية ( كالأعضاء لزيد ) من بعض الوجوه وهو تمثيل بالظاهر لما في الباطن ) فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية ، وأن صورة يده ليست صورة رجله ولا رأسه ولا عينه ولا حاجبيه فهو الكثير الواحد الكثير بالصور الواحد بالعين ) أي الكثير باعتبار أجزائه إذ لكل جزء من أجزائه صورة شخصية يمتاز بها عن الآخر فكان بالنسبة إلى أجزائه كثيرا وواحدا باعتبار حقيقته الشخصية إذ هي صورة واحدة ممتازة بذاتها عن الآخر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكالإنسان بالعين ) أي باعتبار حقيقته الكلية ( واحد بلا شك ولا شك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر ) في الصورة ( وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا يتناهى وجودا فهو ) أي الإنسان ) وإن كان واحدا بالعين فهو كثير بالصور والأشخاص ) فكذلك الحق تعالى جل ذكره واحد من حيث ذاته كثير بحسب أسمائه وصفاته فلا تعدد في ذاته بتعدد أسمائه وصفاته.
ولما فرغ عن التمثيل شرع في المقصود من التمثيل .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص . )
 
قال رضي الله عنه : ( وإن كان عين الداعي عين المجيب. فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك. وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه. فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين. وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا. فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص . )
 
قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص . )
 
قال رضي الله عنه  : ( وإن كان عين الداعي عين المجيب ، فلا خلاف في اختلاف الصور ، فهما صورتان بلا شكّ ، وتلك الصور كلَّها كالأعضاء لزيد ، فمعلوم أنّ زيدا حقيقة واحدة شخصية ، وأنّ يده ليست صورة رجله ولا رأسه ولا عينه ولا حاجبه ) .
 
يعني : مع أنّ زيدا ليس إلَّا هيئة اجتماعية من هذه الأعضاء ، فليست صورة عضو منه عين عضو آخر .
 
قال رضي الله عنه  : ( فهو الكثير الواحد ، الكثير بالصورة ، والواحد بالعين ، وكالإنسان بالعين واحد بلا شكّ ولا نشكّ أنّ عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر ، وأنّ أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا شخصيا، فهو وإن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص).
 
قال العبد : قد صرّح بالحق الموجود المشهود في هذا المثال ، فإنّ عين الحق - تعالى - لمّا تجلَّى في قابلية كلَّية ، يعمّ ظهور هذه الصور الاعتقادية فيها بحسبها ، فلا شكّ أنّ كلّ ناظر يعتقد فيه صورة إذا رأى صورة معتقده فيه أقرّ واعترف ، ذلك التحقيق يقتضي أنّه لم يقرّ ولم يعترف إلَّا بصورة اعتقاده في الحقّ لا بالحق ، فلو أقرّ واعترف بالحق ، لاعترف وأقرّ به في صور المعتقدات كلَّها ، مع إقراره واعترافه أنّه غير محدود ، ولا منحصر في شيء منها ، ولا في الجميع ، ولكنّه إذا رأى صورة غير صورة معتقده أنكره ،
 
وهو تعالى يقبل إنكاره من حيث خلاف صورة معتقده ، كما يقبل إقراره في عين صورة معتقده ، ويكون عين الكلّ وهو في ذاته تعالى الغنيّة عن العالمين منزّه عن كلّ هذا ، وعن الظهور والتعيّن بها جمعا وفرادى ، وعن نفيك هذه الأمور والصور عنه وتنزيهه عنها .
 
وأمّا ظهور الصور متغيّرة في مرآة الحق لاختلاف في المرآة فضرب مثل لتجلَّي الحق في صور الحضرات مرائي ، فلا يكون تجلَّيه وظهوره في مرآتية كل حضرة حضرة إلَّا بحسبها ، فإنّ نظر ناظر إلى الحق من حيث تجلَّيه في حضرة ،
فإنّه تظهر صورة الرائي له في تلك الحضرة بحسبه ، وأمّا في تجلَّيه الوجودي الذاتي الأحدي الجمعي ، فلا يرى فيه صورة إلَّا على ما هي عليه ، ولكنّ الناظر إن لم يغلب على نظره التقيّد بصورة دون صورة ، ولا حصره في الصورة المرئيّة في المرآة كلَّها ولم ينفها عنه مطلقا ، فإنّه يرى العين بعين رؤية العين عينها ، فافهم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص . )
 
لقوله رضي الله عنه  : ( وإن كان عين الداعي عين المجيب فلا خلاف في اختلاف الصور ، فهما صورتان بلا شك ، وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد ، فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية ، وأن يده ليست صورة رجله ولا رأسه ولا عينه ولا حاجبه ) مع أن أحدية جمع هذه الأعضاء بحقيقته وهيأتها الاجتماعية صورته الظاهرة
( فهو الكثير الواحد الكثير بالصور الواحد بالعين ، وكالإنسان بالعين واحد بلا شك ) أين هو كالإنسان بالعين أي بالحقيقة الإنسانية من حيث هي لا بالشخصية واحد
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا شك أن عمر إما هو زيد ولا خالد ولا جعفر ، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا فهو وإن كان واحدا بالعين فهو كثير بالصور والأشخاص )
يعنى وليس في المرآة صورة واحدة من تلك الصور هي مجموع تلك الصور جملة واحدة ، لأن المرآة لا يرى فيها إلا ما قابلها ، وهو الصور الكثيرة.
 
"" أضاف بالي زادة :
لاختلاف مقادير المرائي فللحق أثر في الصورة الظاهرة في مرآته بحسب تجلياته الذاتية ، وللرائى أثر بحسب اعتقاده إذ الحق لا يتجلى له إلا بصورة اعتقاده ، فكان للحق أثر بوجه ، وما له أثر بوجه فأهل الذوق والتمييز لعلمه بمراتب الأشياء يلحق كل أثر إلى صاحبه ، ويعطى كل ذي حق حقه ، فإن طلبت أنت معرفة الحق بالمثال الشهادى فانظر في المثال مرآة واحدة اهـ .أهـ بالى زادة""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص . )
 
قال رضي الله عنه : (وإن كان عين الداعي عين المجيب، فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.)  أي ، لا شك أن الإجابة والاستجابة لا يمكن إلا بين عينين متغائرين بالحقيقة ، أو بالصورة .
فإن كان عين الداعي بعينها عين المجيب في الحقيقة ، فلا بد من اختلاف الصور ليكون أحدهما داعيا والآخر مجيبا .
فهما ، أي الداعي والمدعو صورتان بلا شك ، فوحدتهما حقيقة مستندة إلى الواحد الأحد والغنى الصمد ، وكثرتهما صورة مستندة إلى كثرة أسماء الأعيان الواقعة في حظيرة الإمكان .
 
قال رضي الله عنه : ( وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد.) أي ، وتلك الصور التي في المظاهر الإلهية والكونية كلها كصور الأعضاء للحقيقة الجسمية الظاهرة في شخص زيد ، إذ الحقيقة الجسمية واحدة ، وصورها الحاصلة عليها متعددة .
 
قال رضي الله عنه : (فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية ، وأن يده) أي ، صورة يده ( ليست صورة رجله ولا رأسه ولا عينه ولا حاجبه . فهو الكثير الواحد : الكثير بالصور ، الواحد بالعين وكالإنسان بالعين.) عطف على قوله : ( كالأعضاء ) .
أي الصور التي يظهر الحق فيها كثيرة مع أحدية عينه ، كتكثر صور أفراد الإنسان مع أن عين الإنسان (واحد بلا شك . ولا شك أن عمروا ما هو زيد) صورة ، ولا صفة .
 
قال رضي الله عنه : (ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا يتناهى وجودا. فهو ) أي، الإنسان (وإن كان واحدا بالعين) أي ، بالحقيقة والعين الثابتة الإنسانية .

(فهو كثير بالصور والأشخاص.).
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 20 فبراير 2020 - 9:25 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافر

مُساهمة الخميس 13 فبراير 2020 - 5:27 من طرف عبدالله المسافر

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الإلياسي الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-                                        الجزء الثاني
خصوص النعم في شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو وإن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص . )
 
قال رضي الله عنه :  (وإن كان عين الدّاعي عين المجيب . فلا خلاف في اختلاف الصّور ، فهما صورتان بلا شكّ ، وتلك الصّور كلّها كالأعضاء لزيد ؛ فمعلوم أنّ زيدا حقيقة واحدة شخصيّة ، وأنّ يده ليست صورة رجله ولا رأسه ولا عينه ولا حاجبه ، فهو الكثير الواحد ، الكثير بالصّور ، والواحد بالعين ، وكالإنسان واحد بالعين بلا شكّ ، ولا شكّ أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر ، وأنّ أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا فهو وإن كان واحدا