المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: موسوعة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي :: موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 1
22012020

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكممتن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.
ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم.
ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.
ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه.
وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.
وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.
وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .
فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.
وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده و توكل عليه» حجابا وسترا .
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.
فنحن صورته الظاهرة، وهويته روح هذه الصورة المدبرة لها.
فما كان التدبير إلا فيه كما لم يكن إلا منه.
فـ هو «الأول» بالمعنى «والآخر» بالصورة وهو «الظاهر» بتغير الأحكام والأحوال، «والباطن» بالتدبير، «وهو بكل شيء عليم» فهو على كل شيء شهيد، ليعلم عن شهود لا عن فكر.
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا.
ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.
وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين.
فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي.
والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.
وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي».
يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.
وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل.
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
19 - نقش فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لمّا لم يناقض الصبر الشكوى إلى الله ولا قاوم الإقتدار الإلهي لصبره .
وعُلم هذا منه . أعطاه الله أهله ومثلهم معهم .
وركض برجله عن أمر ربه . فأزال بتلك الركضة آلامه .
ونبع الماء الذي هو سر الحياة السارية في كل حي طبيعي . فمن ماءٍ خُلق . وبه يرى . فجعله رحمةً لهُ . وذكرى لنا وله .
ورفق به فيما نذره تعليماً لنا ليتميز في الموّفين بالنذر .
وجعلت الكفارة في أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم لسترهم عما يعرض لها من العقوبة في الحنث .
والكفارة عبادة . والأمر بها أمرٌ بالحنث . إذ رأى خيراً مما حلف عليه . فراعى الإيمان . وإن كان في معصية ذاكرٌ لله فيطلب العضو الذاكر نتيجة ذكره إياه .
وكونه في معصية أو طاعة حكم آخر لا يلزم الذاكر منه شيء .
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
19 - فك ختم الفُُص الايوبى
1 / 19 - اعلم ان في تسمية هذه الحكمة بالحكمة الغيبية سرين كبيرين أنبه عليهما ان شاء الله تعالى ،
فالسر الأول منها : هو ان المحن والبلايا من حيث صورتها مؤلمة بالنسبة الى جميع الناس غير ملائمة لنفوسهم وطباعهم ولا يصبر عليها الا من قويت نسبته من العوالم الغيبية وجزم بحسن نتائجها وثمراتها المرضية ، لتصديقه الاخبارات الإلهية والنبوية ، او لاطلاعه على العوالم التي وراء الحس ، فيهون ذلك عليه الصبر على مضض المحن لما يعلمه او يرجوه من حسن العاقبة واجنائه ثمرات ما يقاسيه من المكاره ، و على كلا التقديرين فالنفع مغيب والعذاب مشهود حاضر .
2 / 19 - والسر الاخر هو ان الإنسان وان جزم عن ايمان محقق او عيان ، ان للصبر على المحن ثمرات مرضية ، فإنه لا يلزم من ذلك رجوع ما ذهب عنه بعينه فكيف ان يعاد اليه عين ما تلف ومثله معه في الدنيا ؟
وكلا السرين تضمنها حال ايوب عليه السلام .
3 / 19 - وقد فتحت لك باب هذا المقام فلج فيه ان كنت من اهله ، انك ان ولجت فيه استشرفت على جملة من اسرار التكاليف واسرار العبادات الشاقة البدنية والنفسانية وفائدة التحريض عليها وسر المجازاة عليها في الآخرة ، وفي الدنيا دون الآخرة ، وفي الدنيا والآخرة معا وعرفت الفرق بين المواهب الإلهية الواردة ابتداء وليس لكسب فيها مدخل وبين ما تنتجه المكاسب في ظاهر الإنسان وباطنه وغير ذلك مما يتعلق بهذا الباب .
4 / 19 - ثم اعلم : ان البلاء والمحن التي تلحق بالأنبياء والأكابر من اهل الله ينقسم الى ثلاثة اقسام ، لكل قسم منها موجب وحكم وثمرة : فتارة يكون بالنسبة الى البعض مصاقيل لقلوبهم ومتممات لاستعداداتهم الوجودية المجعولة ، لتهيئوا بذلك الأمور لقبول ما يتم به لهم اذواق مقاماتهم التي حصلوها ولم يكمل لهم التحقيق بها ، فيكون تلبسهم بتلك المحن سببا لاستيفائهم ذوق مقامهم الناقص وترقيهم فيه الى ذروة سنامه الموجب الاطلاع على ما فيه ، فإنه من لم يتكلم على المقام - اى مقام كان - ولم يترجم عنه بطريق الحصر لاصوله والاستشراف على جملة ما فيه ، فإنه انما يتكلم على ذوقه من ذلك المقام ليس بحاكم عليه ومحيط به ، فافهم .
5 / 19 - وموجب القسم الثاني هو سبق علم الحق بان المقام الفلاني سيكون لزيد لا محالة ، مع علم الحق ايضا ان حصول ذلك المقام لمن قدر حصوله له لا بد وان يكون للكسب فيه مدخل ، فلا يتمحض الموهبة الذاتية فيه ، فان ساعد القدر الإلهي والتوفيق بارتكاب الأعمال التي هي شروط في حصول ذلك المقام ، كان ذلك ، وان لم يساعد القدر ولم يف العمر باستيفاء تلك المشترط ارتكابها للتحقق بذلك المقام ، أرسل الله المحن على صاحب المقام ورزقه الرضا بها والصبر عليها وحبس النفس فيه عن الشكوى الى غير الله والاستعانة في رفعها بسواه ، فكان ذلك كله عوضا عن تلك الأعمال المشترط فيها ذكرنا وقائمة مقامها ، فحصل للمقام المقدر حصوله عليها .
6 / 19 - فان الصبر والرضاء والإخلاص لله دون الالتجاء الى غيره وطلب المعونة من سواه - كلها اعمال باطنة يسرى حكمها في الأحوال الظاهرة - كالنية ونحوها - فاعلم ذلك وتدبر ما ذكرت لك تعرف كثيرا من اسرار محن ايوب عليه السلام وما ابتلى به وثمراته .
7 / 19 - اما موجب القسم الثالث فهو سعة مرآة حقائق الأكابر المضاهية للحضرة الإلهية المترجم عنها بقوله تعالى : " وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُه " [ الحجر / 21 ] فمن كانت مرآة حقيقته اوسع ، كان قبوله مما في الحضرة وحظه منها اوفر ، فكما ان حظهم مما يعطى السعادة ويثمر مزيد القرب من الحق سبحانه والاحتظاء بعطاياه الاختصاصية اوفر ، فكذلك قبول ما لا يلائم الطبع والمزاج العنصري الذي به تمت الجمعية وصحت المضاهاة المذكورة يكون اكثر .
فافهم هذا ، قد أوضحت لك اسرار المحن والبلايا المختصة بالاكابر محصورة الأقسام .
8 / 19 - واما الخصيصة بعموم المؤمنين : فهي وان كانت من بعض فروع القسم الأول ، لكن أخبرت الشريعة باحكامها وثمراتها ، فلا حاجة الى بسط القول في ذلك ، لا سيما بعد استيفاء بيان ما خفى من اسرار الحال الايوبى عليه السلام لمن تذكر ما ذكرنا.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:48 عدل 4 مرات
السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولى : الجزء الثاني
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
مصطلح أيوب
في اللغة أيوب أحد أنبياء بني إسرائيل اشتهر بصبره على فقد أهله وماله وما أصابه من أمراض
في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام القشيري:
" أيوب : لكثرة إيابه إلى الله في جميع أحواله في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ".
يقول الدكتور يوسف زيدان:
" أيوب عليه السلام : يشير إلى الوله والمحبة " .
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في أنواع خلوات الأنبياء:
" كانت خلوة أيوب في البلاء .
وكانت خلوة إبراهيم في النار .
وكانت خلوة موسى في التابوت في اليم أولا ، ثم بالاعتزال والصيام .
وكانت خلوة يونس وكمال رياضته في بطن الحوت " .
يقول الشريف الجرجاني :
" الصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير اللّه لا إلى اللّه لأن اللّه تعالى اثنى على أيوب، عليه السلام بالصبر بقوله إنا وجدناه صابرا، مع دعائه في دفع الضر عنه،
بقوله :"وأيوب إذ نادى ربه انّى مسنّى الضر وأنت ارحم الراحمين"،
فعلمنا ان العبد إذا دعى اللّه تعالى في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره،
ولئلا يكون كالمقاومة مع اللّه تعالى ودعوى التحمل بمشاقة،
قال اللّه تعالى "ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لر بهم وما يتضرعون"،
فان الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى اللّه ولا إلى غيره وانما يقدح بالرضا في المقضى، ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي والضرّ هو المقضي به، وهو مقتضى عين العبد سواء رضي به أو لم يرضى.
كما قال صلى اللّه عليه وسلم : "من وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه" ، وانما لزم الرضاء بالقضاء لأن العبد لا بد ان يرضى بحكم سيده "
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" اعلم إن ترك الترك إمساك ، والزهد ترك ، وترك الزهد : ترك الترك ، فهو عين رجوعك إلى ما زهدت فيه ، لأن العلم الحق ردك إليه والحال يطلبه ، فما له حقيقة في باطن الأمر ، لكن له حكم في الظاهر ، فيصح هذا القدر منه وبقى ، هل يقع الإمساك الذي هو ترك الزهد عن رغبة في الممسوك أو لا عن رغبة فاختلفت أحوال الناس فيه ...
فمن أمسك لا عن رغبة ، فهو زاهد أمين على إمساك حقوق الغير حتى يؤديها إلى أربابها في الأوقات المقدرة المقررة . "
يقول الشيخ أبو علي الدقاق :
" حقيقة الصبر : هو الخروج من البلاء على حسب الدخول فيه مثل أيوب عليه السلام قال في آخر بلائه : " مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" .
فحفظ أدب الخطاب حيث عرض بقوله : "وأنت أرحم الراحمين " ولم يصرح بقوله ارحمني ".
ويقول الإمام القشيري :
" ليس الصبر ألا تذكر البلاء لفظا ونطقا ، بل هو ألا تعترض بقلبك على قضائه وقدره ، وإن ذكرت حالك له ، ورفعت قصتك إليه بلفظ لك ،
ودليل ذلك أن أيوب عليه السلام قال : " أني مسني الشيطان بنصب وعذاب " ،
وقال : " أني مسني الضر " ، ومع هذا كله لما كان راضيا بقلبه ، غير مغير ظنه قال الله تعالى في حقه : " إنا وجدناه صابرا " .
يقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" قيل : إنما قال الله تعالى في حق أيوب عليه السلام : " إنا وجدناه صابرا " .
ولم يقل صبورا ، والصبور أبلغ في معنى الصبر من الصابر .
لأنه لم يكن في جميع أحواله في حالة الصبر ، بل كان في بعض أحواله يتلذذ بالبلاء ويستعد به ، فلم يكن في تلك الحال صابرا لأن الصبر لا يكون إلا مع المشقة والكراهة " .
يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" الضر الذي مس أيوب عليه السلام هو الإلتفات إلى غيره تعالى ، وهو أعظم ضر عند العارفين ".
مصطلحات : الوجه الإلهي - وجه الهوية - الوجه الخاص
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" العارفون فإنهم عرفوا أن لله وجها خاصا في كل موجود ، فهم لا ينظرون أبدا إلى شيء من حيث أسبابه ، وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق ، فينظر بعين حق ، فلا يخطئ أبدا ".
و يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" إنما سمي النزول من الملائكة إلينا عروجا ، والعروج إنما هو لطالب العلو ، لأن لله في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه … ولما كان للحق سبحانه صفة العلو على الإطلاق ، سواء تجلى في السفل أو العلو ، فالعلو له .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الوجه الالهي:
" العارفون عرفوا أن لله وجها خاصا في كل موجود ، فهم لا ينظرون أبدا إلى شيء من حيث أسبابه ، وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق ، فينظر بعين حق فلا يخطئ أبدا".
وانما سمي النزول من الملائكة الينا عروجا، والعروج انما هو لطالب العلو، لان للّه في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه. . . ولما كان للحق سبحانه صفة العلو على الاطلاق، سواء تجلى في السفل أو العلو، فالعلو له.
ان للّه تعالى في كل موجود وجها خاصا، يلقي اليه "إلى الموجود" منه "من الوجه الخاص" ما يشاء، مما لا يكون لغيره من الوجوه، ومن ذلك الوجه: يفتقر كل موجود اليه. . . " (ف 2/ 423).
في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة د. سعاد الحكيم (ص: 1141)
5 - الوجه الخاص: غيب، سر الهي ". . . وهذا النوع من الغيب لا يكون الا من الوجه الخاص، لا يعلم ملك ولا غيره الا الرسول خاصة. . . " (ف 4/ 128).
". . . فالنية في الاعمال لا تكون من العبد، الا من: الوجه الخاص " لأنها حتى يبقى بالسر الإلهي الذي هو الوجه الخاص الذي من اللّه اليه، فإذا بقي وحده رفع عنه حجاب السر فيبقى معه تعالى. . . " (ف 3/ 343).
الوجه الخاص: نكرة استعمل ابن العربي عبارة " الوجه الخاص " نكرة للإشارة إلى تعيين الألوهية، بوجه من وجوهها اي اسم من أسمائها في مقابل الاسم اللّه "له جمعية الوجوه - لا يتقيد".
يقول: " فعلمنا ان الصبر انما هو: حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه،
وأعني بالغير: وجها خاصا من وجوه اللّه، وقد عينّ اللّه الحق وجها خاصا من وجوه اللّه وهو المسمى: وجه الهوية، فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا. . . " (الفصوص 1/ 175).
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن وجه الهوية:
وجه الهوية : هو وجه خاص من وجوه الله .
مصطلح أيوب
في اللغة أيوب أحد أنبياء بني إسرائيل اشتهر بصبره على فقد أهله وماله وما أصابه من أمراض
في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام القشيري:
" أيوب : لكثرة إيابه إلى الله في جميع أحواله في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ".
يقول الدكتور يوسف زيدان:
" أيوب عليه السلام : يشير إلى الوله والمحبة " .
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في أنواع خلوات الأنبياء:
" كانت خلوة أيوب في البلاء .
وكانت خلوة إبراهيم في النار .
وكانت خلوة موسى في التابوت في اليم أولا ، ثم بالاعتزال والصيام .
وكانت خلوة يونس وكمال رياضته في بطن الحوت " .
يقول الشريف الجرجاني :
" الصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير اللّه لا إلى اللّه لأن اللّه تعالى اثنى على أيوب، عليه السلام بالصبر بقوله إنا وجدناه صابرا، مع دعائه في دفع الضر عنه،
بقوله :"وأيوب إذ نادى ربه انّى مسنّى الضر وأنت ارحم الراحمين"،
فعلمنا ان العبد إذا دعى اللّه تعالى في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره،
ولئلا يكون كالمقاومة مع اللّه تعالى ودعوى التحمل بمشاقة،
قال اللّه تعالى "ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لر بهم وما يتضرعون"،
فان الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى اللّه ولا إلى غيره وانما يقدح بالرضا في المقضى، ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي والضرّ هو المقضي به، وهو مقتضى عين العبد سواء رضي به أو لم يرضى.
كما قال صلى اللّه عليه وسلم : "من وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه" ، وانما لزم الرضاء بالقضاء لأن العبد لا بد ان يرضى بحكم سيده "
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" اعلم إن ترك الترك إمساك ، والزهد ترك ، وترك الزهد : ترك الترك ، فهو عين رجوعك إلى ما زهدت فيه ، لأن العلم الحق ردك إليه والحال يطلبه ، فما له حقيقة في باطن الأمر ، لكن له حكم في الظاهر ، فيصح هذا القدر منه وبقى ، هل يقع الإمساك الذي هو ترك الزهد عن رغبة في الممسوك أو لا عن رغبة فاختلفت أحوال الناس فيه ...
فمن أمسك لا عن رغبة ، فهو زاهد أمين على إمساك حقوق الغير حتى يؤديها إلى أربابها في الأوقات المقدرة المقررة . "
يقول الشيخ أبو علي الدقاق :
" حقيقة الصبر : هو الخروج من البلاء على حسب الدخول فيه مثل أيوب عليه السلام قال في آخر بلائه : " مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" .
فحفظ أدب الخطاب حيث عرض بقوله : "وأنت أرحم الراحمين " ولم يصرح بقوله ارحمني ".
ويقول الإمام القشيري :
" ليس الصبر ألا تذكر البلاء لفظا ونطقا ، بل هو ألا تعترض بقلبك على قضائه وقدره ، وإن ذكرت حالك له ، ورفعت قصتك إليه بلفظ لك ،
ودليل ذلك أن أيوب عليه السلام قال : " أني مسني الشيطان بنصب وعذاب " ،
وقال : " أني مسني الضر " ، ومع هذا كله لما كان راضيا بقلبه ، غير مغير ظنه قال الله تعالى في حقه : " إنا وجدناه صابرا " .
يقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" قيل : إنما قال الله تعالى في حق أيوب عليه السلام : " إنا وجدناه صابرا " .
ولم يقل صبورا ، والصبور أبلغ في معنى الصبر من الصابر .
لأنه لم يكن في جميع أحواله في حالة الصبر ، بل كان في بعض أحواله يتلذذ بالبلاء ويستعد به ، فلم يكن في تلك الحال صابرا لأن الصبر لا يكون إلا مع المشقة والكراهة " .
يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" الضر الذي مس أيوب عليه السلام هو الإلتفات إلى غيره تعالى ، وهو أعظم ضر عند العارفين ".
مصطلحات : الوجه الإلهي - وجه الهوية - الوجه الخاص
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" العارفون فإنهم عرفوا أن لله وجها خاصا في كل موجود ، فهم لا ينظرون أبدا إلى شيء من حيث أسبابه ، وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق ، فينظر بعين حق ، فلا يخطئ أبدا ".
و يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" إنما سمي النزول من الملائكة إلينا عروجا ، والعروج إنما هو لطالب العلو ، لأن لله في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه … ولما كان للحق سبحانه صفة العلو على الإطلاق ، سواء تجلى في السفل أو العلو ، فالعلو له .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الوجه الالهي:
" العارفون عرفوا أن لله وجها خاصا في كل موجود ، فهم لا ينظرون أبدا إلى شيء من حيث أسبابه ، وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق ، فينظر بعين حق فلا يخطئ أبدا".
وانما سمي النزول من الملائكة الينا عروجا، والعروج انما هو لطالب العلو، لان للّه في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه. . . ولما كان للحق سبحانه صفة العلو على الاطلاق، سواء تجلى في السفل أو العلو، فالعلو له.
ان للّه تعالى في كل موجود وجها خاصا، يلقي اليه "إلى الموجود" منه "من الوجه الخاص" ما يشاء، مما لا يكون لغيره من الوجوه، ومن ذلك الوجه: يفتقر كل موجود اليه. . . " (ف 2/ 423).
في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة د. سعاد الحكيم (ص: 1141)
5 - الوجه الخاص: غيب، سر الهي ". . . وهذا النوع من الغيب لا يكون الا من الوجه الخاص، لا يعلم ملك ولا غيره الا الرسول خاصة. . . " (ف 4/ 128).
". . . فالنية في الاعمال لا تكون من العبد، الا من: الوجه الخاص " لأنها حتى يبقى بالسر الإلهي الذي هو الوجه الخاص الذي من اللّه اليه، فإذا بقي وحده رفع عنه حجاب السر فيبقى معه تعالى. . . " (ف 3/ 343).
الوجه الخاص: نكرة استعمل ابن العربي عبارة " الوجه الخاص " نكرة للإشارة إلى تعيين الألوهية، بوجه من وجوهها اي اسم من أسمائها في مقابل الاسم اللّه "له جمعية الوجوه - لا يتقيد".
يقول: " فعلمنا ان الصبر انما هو: حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه،
وأعني بالغير: وجها خاصا من وجوه اللّه، وقد عينّ اللّه الحق وجها خاصا من وجوه اللّه وهو المسمى: وجه الهوية، فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا. . . " (الفصوص 1/ 175).
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن وجه الهوية:
وجه الهوية : هو وجه خاص من وجوه الله .
اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا :
وَاللَّهُ مُحِيطٌ بالْكَافِرِينَ (19) سورة البقرة
إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) آل عمران
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) سورة النساء
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) سورة النساء
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج
كل شيء حي يسبح بحمد ربه :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثالث والأربعون :
فالله يقول "وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً "
بإمهالكم حيث لم يؤاخذكم سريعا بما رددتم من ذلك "غَفُوراً " ، حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء فلم تفقهوه .
وقال تعالى في حال من مات ممقوتا عند الله "فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والْأَرْضُ" فوصف السماء والأرض بالبكاء على أهل الله ،
ولا يشك مؤمن في كل شيء أنه مسبح ، وكل مسبح حي عقلا ،
وورد أن العصفور يأتي يوم القيامة فيقول: يا رب سل هذا لم قتلني عبثا ،
وكذلك من يقطع شجرة لغير منفعة أو ينقل حجرا لغير فائدة تعود على أحد من خلق الله .أهـ
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثالث والأربعون :
فالله يقول "وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً "
بإمهالكم حيث لم يؤاخذكم سريعا بما رددتم من ذلك "غَفُوراً " ، حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء فلم تفقهوه .
وقال تعالى في حال من مات ممقوتا عند الله "فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والْأَرْضُ" فوصف السماء والأرض بالبكاء على أهل الله ،
ولا يشك مؤمن في كل شيء أنه مسبح ، وكل مسبح حي عقلا ،
وورد أن العصفور يأتي يوم القيامة فيقول: يا رب سل هذا لم قتلني عبثا ،
وكذلك من يقطع شجرة لغير منفعة أو ينقل حجرا لغير فائدة تعود على أحد من خلق الله .أهـ
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:47 عدل 8 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثانية : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.).
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
هذا فص الحكمة الأيوبية ، ذكره بعد حكمة يونس عليه السلام ، لأن معراج أيوب عليه السلام كان باغتساله بماء تلك العين التي نبعت له لما ركض برجله عن أمر اللّه تعالى ، ومعراج يونس عليه السلام كان بسيره في الماء في بطن الحوت في تلك الظلمات الثلاث ، فناسب ذكره بعده ، فقد مس سر الحياة بواسطة الحوت ومسه أيوب عليه السلام بلا واسطة .
(فص حكمة غيبية) ، أي منسوبة إلى الغيب وهو مقابل للشهادة (في كلمة أيوبية ) إنما اختصت حكمة أيوب عليه السلام بكونها غيبية ، لأن التكلم فيها على سر الحياة الإلهية القائم بها على كل شيء والسر غيب لا شهادة ، وهو ما غاب عن الحس والعقل بحيث لا يحصره أحد إلا غاب عن حسه وعقله .
قال رضي الله عنه : (إعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل اللّه مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ[ الأنبياء : 30 ] وما ثمّ شيء إلّا وهو حيّ ، فإنّه ما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد اللّه ولكن لا تفقه تسبيحه إلّا بكشف إلهيّ . ولا يسبّح إلّا حيّ . فكلّ شيء حيّ فكلّ شيء الماء أصله . ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنّه منه تكوّن فطفا عليه فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنّظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بنفسه. وهو قوله عليه السّلام : « لو دلّيتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى نسبة التّحت إليه كما أنّ نسبة الفوق إليه في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ،وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه ِ[ الأنعام : 18 ] فله الفوق والتّحت . ولهذا ما ظهرت الجهات السّتّ إلّا بالإنسان وهو على صورة الرّحمن . )
قال رضي الله عنه : (اعلم ) يا أيها السالك (أن سر الحياة) الإلهية (سرى) من غير سريان إذ هو القيوم (في الماء) على كل ما خلق منه (فهو) ، أي الماء باعتبار ذلك (أصل العناصر) ، أي الأصول (والأركان الأربعة) التي هي الماء والتراب والهواء والنار (ولذلك) :
أي لكون الماء أصلا (جعل اللّه) تعالى "من الماء كلّ شئ حىّ" كما قال تعالى :وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ[ الأنبياء : 30 ] (وما ثم ) بالفتح ، أي هناك (شيء) محسوس أو معقول أو موهوم (إلا وهو حي) بحياة تناسبه مستفادة من حياة اللّه تعالى لقيوميتها عليه ،
(فإنه) ، أي الشأن ما من شيء مطلقا إلا وهو يسبح بحمد اللّه تعالى ، أي ينزهه تعالى عما لا يليق به مما يدرى ذلك الشيء بنطق عربي لا بلسان حال .
قال اللّه تعالى الذي أنطق كل شيء ولكن لا يفقه بالبناء للمفعول تسبيحه ، أي تسبيح ذلك الشيء إلا بكشف إلهي لمن يشاء اللّه تعالى من عباده .
قال تعالى :تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً( 44 ) [ الأسراء : 44 ] .
ولا يسبح بحمد اللّه تعالى إلا حي إذ الميت لا ينسب إليه علم ولا حركة ، فلا ينسب إليه تسبيح على أنه لا ميت أصلا بالمعنى الذي عند الغافلين الجاهلين ، والموت صفة من صفات الشيء لا ينافي الحياة فيه كالعقود والكلام فكل شيء حي بحياة تناسبه كما ذكرنا فكل شيء الماء أصله ، أي منشؤه منه ألا ترى يا أيها السالك العرش العظيم كيف كان على الماء كما قال تعالى :وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ[ هود : 7 ] ،
(لأنه) ، أي العرش (منه) ، أي من الماء (تكوّن) ، أي أنشىء وخلق (فطفا) ، أي علا ذلك العرش (عليه) ، أي على الماء (فهو) ، أي الماء الذي هو أصله (يحفظه) ، أي يحفظ العرش من تحته ، أي من تحت العرش بقوّة سريان الحياة الإلهية فيه (كما أن الإنسان خلقه اللّه) تعالى (عبدا) ذليلا من حقه أن يكون قائما بمولاه تعالى في جميع أحواله متحركا ساكنا بأمره كالملائكة الذين هم بأمره يعملون (فتكبر) ذلك العبد (على ربه) الذي هو خالقه ومنشيه (وعلا ) ،
أي ارتفع عليه سبحانه بالغفلة عنه والغرور فيه ودعوى الاستقلال بنفسه في جميع شؤونه الظاهرة والباطنة دون الحق تعالى (فهو) ، أي اللّه سبحانه (مع هذا) ، أي كونه خالقا له (يحفظه) ، أي يحفظ ذلك العبد (من تحته بالنظر إلى علو) ، أي ارتفاع (هذا العبد الجاهل) باللّه تعالى (بنفسه) فيدعي ما ليس له من الحول والقوّة ، وليست هذه التحتية للّه تعالى بالنظر إليه تعالى لأنه تعالى موجود ولا شيء معه ،
وكذلك الفوقية له سبحانه كما قال تعالى :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ، فهي أيضا بالنظر إلى انخفاض العبد العارف باللّه تعالى بنفسه ، فلا يدعي مع اللّه تعالى حولا ولا قوّة ، فهو تعالى فوق العارفين به وتحت الجاهلين الغافلين .
قال رضي الله عنه : (وهو) ، أي ذكر نسبة التحتية إليه سبحانه قوله أي النبي عليه السلام : لو دلّيتم يا أيها الجاهلون باللّه تعالى باعتبار دعواكم الترفع على اللّه تعالى بالاستقلال بالأعمال كما ذكرنا بحبل وهو القرآن العظيم من قوله تعالى :"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا"[ آل عمران :103]،
أي نظرتم فيه واعتبرتم ما تضمنه من الآيات ، على أن كل ما ادعيتموه من ترفعكم عليه بالاستقلال في أنفسكم باطل وأنكم في تلك الحالة قائمون به تعالى أيضا متحركون ساكنون به ، وإن غفلتم عن ذلك لهبط ، أي سقط ذلك الحبل الذي دليتم به (على اللّه) تعالى أي أوصلكم إلى اللّه سبحانه ، وكشف لكم عن ترفعكم عليه بالباطل ، فوجدتموه مجعولا عندكم تحتكم افتراء منكم عليه ، وهو تعالى غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ[ آل عمران : 97 ] .
" ورد الحديث بلفظ : « والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على اللّه ثم قرأ :« هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( 3 ) [ الحديد : 3 ] » . جز من حديث طويل رواه الترمذي في سننه"
فأشار صلى اللّه عليه وسلم بهذا الحديث إلى أن نسبة التحت إليه تعالى وهي حق كما أن نسبة الفوقية إليه تعالى أيضا وهي حق في قوله تعالى يخافون ، أي المؤمنون العارفون ربهم ، أي هم قائمون به في ظواهرهم وبواطنهم من فوقهم لأنهم لم يرتفعوا عليه بدعوى نفوسهم ، كالجاهلين به الذين ترفعوا عليه بدعوى نفوسهم وجعلوه تحتهم ليظهروا بالأمر دونه ، وهؤلاء ظهر هو بالأمر دونهم وقوله تعالى وهو ، أي اللّه تعالى القاهر ، أي لا غيره لنفوس العارفين به فلا يتركها تدعي حركة ولا سكونا فوق عباده المؤمنين باستيلائه عليهم في ظواهرهم وبواطنهم بخلاف عباد الدرهم والدينار الذي قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد الخميصة". رواه الطبراني في الأوسط ورواه الحافظ ابن القاسم ورواه البزار في مسنده والهيثمي في مجمع الزوائد
وفي رواية : « تعس عبد الزوجة » ذكره الغزالي ، فإن اللّه تعالى ليس فوقهم على علم منهم لكونهم ليسوا من العباد المنسوبين إليه في نفوسهم ، وإنما هم عباد الهوى والشيطان ، فليست فوقية عندهم بل تحتية كما ذكرنا .
فله ، أي اللّه تعالى الفوق والتحت صفتان ثابتتان شرعا بلا كيف ولا تشبيه وليس المراد بهما الجهتان المعروفتان ، لأنه تعالى ليس بجسم حتى ينسب إلى جهة محسوسة ، وإنما ظهر بالجهتين المحسوستين ، وهما الجهتان المعروفتان اللتان يأتي
الإمداد منهما في عالم الحس ينزل الغيث من الفوق ، ويخرج النبات من التحت ، والجهات الأربعة الباقية اليمين والشمال والقدام والخلف جهات الشيطان كما حكى تعالى عنه بقوله :لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ[ الأعراف : 17 ] ولهذا ، أي لكون الفوق والتحت له سبحانه ما ظهرت الجهات الست فوق وتحت ويمين وشمال وقدام وخلف إلا بالنسبة إلى الإنسان لا غيره لإدراكه وانتصاب قامته في تبيين تلك الاعتبارات وتمييزها ، إذ هي مجرد اعتبار لا حقيقة له ؛ ولهذا تختلف باختلاف الانحراف والتحوّل ، فقد يصير الفوق تحتا بالصعود على السطح ونحوه ، والتحت فوقا بالهبوط إلى غار ونحوه ، واليمين شمالا والشمال يمينا والقدام خلفا والخلف قداما بالتحوّل .
وهو ، أي الإنسان مخلوق على صورة الرحمن المستوي على العرش بما لا يعلمه الجاهل إذ هو حال العارف الكامل ، وعلى صورة الشيطان أيضا المستولي عليه بما لا يدركه إلا المخلص الذي هو ممن قال فيهم كما حكاه تعالى :وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ( 40 ) [ الحجر : 39 - 40 ] ، إذ هو حال الغافل الجاهل الناقص ، فاتصف لذلك بالجهات الست المذكورة وظهرت به وتميزت عنده الجهتان اللتان للرحمن والأربع جهات التي للشيطان ، فمن تميزت عنده جهاته الست كان مظهر الرحمن والشيطان ، صاحب جمال وجلال وهو القرآن العظيم الذي قال تعالى عنه :يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً[ البقرة : 26 ] .
وقال تعالى :وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا[ الشورى : 52 ] ، وقال تعالى :وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى[ فصلت : 44 ] .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لما كان سريان الحياة في الماء أظهر وكان مسر الشيء غيبة وكان طهارة جسم أيوب عليه السلام عن الأمراض بالماء سمى هذه الحكمة غيبية وأضافها إلى كلمته
لذلك ابتداء بقوله : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو ) أي الماء ( أصل العناصر والأركان ) وهي النار والتراب والهواء والحياة صفة من صفات اللّه تعالى حقيقة واحدة كلية شاملة على جميع الموجودات ، لكن يظهر في بعضها في العموم والخصوص وفي بعضها لا يظهر إلا في حق الخصوص وسرها هو الهوية الإلهية الظاهرة بالصورة الحيوانية فأول ما ظهرت به الهوية الإلهية الحياة لذلك تقدمت على باقي الصفات تقدما ذاتيا وأول ما ظهرت به الحياة من الممكنات الماء لذلك كان أول كل شيء واصله ( ولذلك ) أي ولأجل سريان سر الحياة في الماء ( جعل اللّه من الماء كل شيء حيا ) كالحيوانات فإنها خلقت من نطفة الأمهات والآباء وهي الماء وكالنباتات فإنها لا تنبت إلا ( وما ثمة ) أي وما في العالم عند الخواص ( شيء إلا وهو حي فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد اللّه ولكن لا يفقه ) يجوز على البناء المجهول والمعلوم فمعناه على المجهول لا يفقه أحد ( تسبيحه ) بشيء ( إلا بكشف إلهي ولا يسبح ) بحمد اللّه ( إلا حي فكل شيء حي وكل شيء أصله الماء ) عند أهل الحقيقة بخلاف أهل الحجاب فإنه يزعم أن بعض الأشياء حي وبعضها ليس بحي وإن أصل بعضها من الماء وبعضها ليس من الماء ( ألا ترى العرش كيف كان على الماء ) لقوله تعالى :وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ[ هود : 11 ] ،
قال رضي الله عنه : ( لأنه تكوّن منه فطفا ) أي ارتفع ( عليه فهو يحفظ من تحته ) أي الماء يحفظ العرش من تحته فإذا كان الماء أصلا للعرش كان أصلا لكل ما أحاط العرش فكل شيء أصله الماء قال بعض الأفاضل المراد بالماء الذي هو أصل كل شيء
النفس الرحماني الذي كان عرشه عليه ويراد بالعرش الملك فهذا وجه صحيح قد بين الشيخ في مواضع لكن لا يناسب هذا المقام
فإن أول الكلام مختص بالعناصر وهو قوله سرى في الماء فهو أصل العناصر وقوله فكل شيء حي وكل شيء أصله الماء نتيجة القياس
وما ينتج القياس الصحيح إلا عين الدعوى وهي وكل شيء من العناصر أصله الماء المتعارف
فالمراد بالعرش العرش المتعارف عند أهل الشرع ،
وأما قوله رضي اللّه عنه في الحكمة العيسوية وما فوق السماوات كالعرش والكرسي وملائكتهما طبيعيون لا عنصريون فهو ما ثبت عند أهل الحقيقة والعرش عند أهل الشرع سابع السبعة التي خلقت من دخان الماء الذي هو أصل العناصر
ويدل على ما قلناه قوله ألا ترى العرش فإنه إنما ورده بعد إثبات المطلوب تسهيلا لفهم أهل الحجاب بما هو معلوم ومسلم عندهم
فإنهم قائلون بأن العرش المعروف عندهم كان على الماء المتعارف وأنه يحيط بالأشياء وما هذا إلا قول منهم بأن أصل كل شيء الماء ولكن لا يشعرون فيشعرهم بذلك بهذا الكلام ليزول حجابهم فيطلعون حقيقة الأمر في دائرتهم أو لأن المراد بإيراد هذا الكلام في أول الفص بيان خواص الماء الذي هو يزيل به مرض أيوب عليه السلام وهو الماء المتعارف والماء الذي هو النفس الرحماني خارج عن المقصود في اختصاص إزالة ألم أيوب عليه السلام بالماء .
فما أزال الماء مرض أيوب عليه السلام إلا لحكمة مختصة وهي سريان الحياة في الماء المتعارف بالذات وفي غيره بواسطة الماء ، فإن قيل كيف يصح قوله فهو أصل العناصر والأركان
فقد ورد في الحديث النبوي أن اللّه خلق درة بيضاء فنظر إليها بنظر الجلال والهيبة فذابت حياء فصار نصفها ماء ونصفها نارا فحصل منها دخان فخلق السماوات من دخانها والأرض من زبدها ومقتضى هذا الحديث أن الماء ليس بأصل للنار قلنا المراد بالنار المتعارف وهو النار التي تستخرج من الحديد والحجر بضرب أحدهما على الآخر فالأرض زبد الماء والحجر والحديد من جنس الأرض فالماء أصل النار
وعلى الحقيقة أن الصورة المذابية وإن تضمنت الحرارة النارية والبرودة المائية غالبة في هذا المزاج المذابي حتى لو عين له الاسم لاستحق باسم الماء دون غيره فعلى كلا التقديرين كان الماء أصلا للنار ، لكن هذا المعنى غير مناسب بالمقام كما قلنا في نفس الرحماني وإنما قلنا المائية لكن المائية غالبة في هذه الطبيعة لامتناع الاعتدال الحقيقي الذي يوجب البقاء وذا لا يكون إلا في الوجود الأخروي فالاعتدال لا يكون إلا فيه
قال رضي الله عنه : ( كما أن الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه ) هذا إشارة إلى من ادّعى الربوبية ( فهو سبحانه مع هذا ) أي مع تكبر عبده عليه لا يتكبر عليه ولا يهلكه مع أنه قادر بذلك ( يحفظه من تحته ) بلطفه وكرمه ( بالنظر إلى علو هذا العبد ) من حيث أنه مخلوق على صورته ( الجاهل بنفسه ) ولو عرف نفسه لعرف ربه ولو عرف ربه ما تكبر وما علا ( وهو ) أي المذكور معنى ( قوله عليه السلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه ).
" ورد بلفظ « لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة لهبط على اللّه » " .
وفي بعض النسخ كما نسبة الفوق إليه وفي بعض النسخ كما نسبة الفوق إليه فما زائدة للتأكيد أي كنسبة الفوق إليه ( في قوله :"يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ" وهو القاهر فوق عباده فله الفوق ) أي فثبت أن به الفوقية بهذه الآية بإضافة الفوق إلى الإنسان ( والتحت ) بهذا الحديث فلا يظهر أن له الفوق والتحت إلا بالإنسان لاستواء نسبة الفوق والتحت إليه لكونه محيطا بالأشياء من جميع الجهات ( ولهذا ) أي ولأجل استواء نسبة الفوق والتحت إليه ( ما ظهرت الجهات الست ) أي إلى الحق بشيء ( إلا بإنسان فهو على صورة الرحمن ) فإن الجهات الست وجميع الصفات المتقابلة سره ولا يظهر سره إليه إلا بمن هو على صورته كما مر تحقيقه في أول الفص الآدمي ، فظهر أن الفوق والتحت للَّه لا للإنسان وما عرف العبد الجاهل ذلك فتفوق على ربه وعلا وكلام بعض الأفاضل في توجيه هذا الكلام مما لا ينبغي لهذا الكلام.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي. ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله. ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله». فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت. ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
قلت : الشيخ، رضي الله عنه، عظم قدر الماء على بقية العناصر حيث جعله أصلها ولا شك أن الماء هو عالم الإرادة، والأشياء المرادة كلها أصلها من الماء، فهذه الحقيقة فيما تخص الأشياء المرادة، وإلا فالعلم ما هو من الإرادة بل هو أصل الإرادة والحياة ما هي من العلم ولا من الإرادة بل أصل العلم هو الحياة، لأن بها يكون الحس وبالحس يكون الإدراك.
قال: وكل شيء حي ومسبح بحمد الله ولا يفقه تسبيحه إلا أهل معرفة لغة الله، عز وجل، وأما كون العرش على الماء، فلكون العرش مرادا لأنه جسم.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
19 - فصّ حكمة غيبية في كلمة أيّوبيّة
لمّا كانت أحواله عليه السّلام في زمان الابتلاء وقبله وبعده غيبية ، أسندت هذه الحكمة الغيبية إلى الكلمة الأيّوبية ، .
"" نبي الله أيوب في جميع أحواله عليه السّلام من أوّل حالة الابتلاء إلى آخر مدّة كشف الضرّ عنه غيبيّ حتى أنّ الآلام كانت في غيوب جسمه ، وابتلي بغتة غيبا ، ثم كشف عنه الضرّ ،
كذلك من الغيب من حيث لا يشعر ، فآتاه الله أهله الذين غيّبهم عنه " وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً " من الله غيبته ، كما سنومئ إلى ذلك عن قريب ."
أمّا قبل زمان الابتلاء فكان الله قد أعطاه من غيبه بلا كسبه - من الملك والمال والدنيا والبنين والخدم والخول - ما لم يحصّلها بكسبه ،
وكان يصعد له من الأعمال الزاكية مثل ما يصعد من أهل الأرض أو أوفى ،
فغار عليه إبليس وبنوه ، وقصده بالأذيّة هو وذووه ، وكانوا يستكبرون بعمل ويستكتم دونه ، وكان الله تعالى يشكره في الملإ الأعلى ، ويذكره ،
فقال إبليس : مع هذه المواهب والنعماء والآلاء - التي أنعم الله بها عليه - أعماله قليلة ، فلو كان في حال الابتلاء والفقر صبر ولم يجزع ، لكان ما يأتي من الأعمال أعظم قدرا وأعلى مكانة ، فأذن له في اختباره وابتلائه ،
والقصّة مشهورة في بلائه ، فسلَّط الشيطان على ما تمنّى ، فغارت العيون ، وانقطعت الأنهار ، وخربت الديار ، ويبست الأشجار والثمار ، وهلكت مواشيه ، ومات اثنا عشر من بنيه ، وهجره جلّ أهله وذويه ،
كل هذا ابتلاء غيبيّ من غير سبب معهود وموجب مشهود ، في مدّة يسيرة ، وبعد غيبته عن أهله وماله ، مسّه الشيطان بضرّ في نفسه ، فظهرت من غيوب جسمه الآلام والأسقام ، وتولَّد الدود في جسمه وغيوب أعضائه وأجزائه ، فصبر لمّا عرف السرّ ، ولم يجزع ولم يقطع الذكر والشكر ، متلقّيا بحسن الشكر والصبر ، وهذا الأمر الإمر ،
ولم يشك إلى غير الله إلى انقضاء مدّة الابتلاء ، فلمّا بلغ الابتلاء غايته ، وتناهي الضرّ نهايته ، ولم ينقص أيّوب عليه السّلام من أذكاره وشكوره وحضوره ، ولم يظهر الشكوى والجزع ، فتمّت حجّة الله على اللعين ، وعلى غيره من الشياطين ،
فتجلَّى من غيبه ربّه تجلَّيا غيبيّا فذكر لربّه ما أظهر الشيطان في حاله أمرا فريّا ، ممّا لم يكن به حريّا ،
فأزال الله عنه الآلام والأسقام ، وكشف ما به من ضرّ ، ووهبه أهله ومثلهم معهم ، رحمة أظهرها له من غيب الأمر ،
وأظهر له أيضا عن غيب الأرض مغتسلا باردا وشرابا ، عرّفه في ذلك حقيقة السرّ ، فبهذه العجائب الغيبية أسندت هذه الحكمة إلى هذه الكلمة .
قال رضي الله عنه : ( اعلم : أنّ سرّ الحياة سرى في الماء ، فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل الله من الماء كلّ شيء حيّ ، وما ثمّ شيء إلَّا وهو حيّ ، فإنّه ما ثمّ شيء إلَّا وهو يسبّح بحمده ) أي بحمد الله (ولكن لا نفقة تسبيحه إلَّا بكشف إلهي ، ولا يسبّح إلَّا حيّ ، وكلّ شيء الماء أصله حيّ ). "في بعض النسخ : فكلّ شيء حي ، فكلّ شيء الماء أصله ".
قال العبد : الاختلاف المذكور بين حكماء الرسوم في وجود الأركان والعناصر قد عرف في كتبهم وهو مشهور .
ومن حيث النظر العقلي الصحيح لا يترجّح أحد أقوالهم على الآخر إلَّا بالإقناعيات ،
فظاهر النظر العقلي ومقتضى التحقيق الكشفي الإلهي أنّ الاثنين من الأربعة في أصل الطبيعة أصلان ، والآخران منفعلان عنهما ،
فالأصلان هما الحرارة والبرودة ، وانفعلت عنهما اليبوسة والرطوبة ،
كما أنّ الاسم « الظاهر » والاسم « الباطن » أصلان في الأسماء الذاتية ، وانفعل عنهما الفعل والانفعال ، فصار كلّ من الأصلين فاعلا في الآخر منفعلا عنه ،
فإنّ الظاهر مجلى الباطن ، وانفعل عنهما الأوّل والآخر ، وكذلك الأسماء الإلهية ، فإنّ الحياة والعلم أصلان ، والإرادة والقدرة تابعتان لهما ، كما علمت ، وهذا في الأصول والطبيعة ،
وعلى هذا يجب أن:-
يتكوّن النار من الحرارة واليبوسة ،
ويتكوّن الماء من البرودة والرطوبة ،
والأرض من اليبوسة والبرودة ،
والهواء من الحرارة والرطوبة ، هذا رأيي .
وقيل : إنّ كلّ ركن منها أصل في نفسه وسائرها غير متولَّد عن واحد منها .
وقيل أيضا : إنّ كلّ واحد منها أصل ، ويتكوّن الباقي من ذلك الأصل ، فإنّ النار يمكن أن تكون أصلا للباقي ، وكذلك كلّ واحد منها .
وهذه أقوال أربعة ذهب إلى كلّ قول منها قوم .
ويقال أيضا : إنّ الأركان مركَّبة من صور الطبائع وهيولاها ، والطبيعة حقيقة كلَّية هي عين الكلّ ، فيجب أن يكون تكوّن كلّ منها عن المجموع .
ويعضد هذا الرأي مشرب التحقيق ، وأنّ كلّ شيء فيه كلّ شيء ، وهي من الأصول المقرّرة في طور التحقيق والكشف ،
وقد سبق لنا في هذا الكتاب ما فيه مقنع من هذه المباحث ، ولكنّ الشيخ رضي الله عنه جعل الماء أصل الأركان كلَّها .
لما صحّ كشفا أنّ العرش الإلهي وهو محلّ استوائه أحدية جميع الحياة والعلم والوجود ، كان على الماء قبل وجود الأرض والسماء ، فالماء عرش العرش ، والحياة إذا تمثّلت أو تجسّدت ، ظهرت بصورة الماء ، وهو ذلك الماء الذي كان عليه العرش .
وأيضا على ما قرّرنا في مواضع كثيرة من هذا الكتاب أنّ الطبيعة ظاهرية أحدية جمع الألوهة ، والألوهية حقيقتها ، وأركان الإلهية أربعة : حقائق الحياة - وهي كمال الوجود - والعلم ، والإرادة ، والقدرة .
والحياة شرط في وجود ما عداها ، وعليها تبتني هذه الأركان ، فمن هذه الحقيقة الكشفية الأصلية يتحقّق أيضا أنّ الماء أصل الأركان ، فإنّه صورة الحياة ، ولهذا سرى سرّ الحياة في الماء .
قال رضي الله عنه : (ألا ترى العرش كيف كان على الماء ، لأنّه منه متكوّن فطفا عليه ).
يشير رضي الله عنه إلى أنّ العرش الجسمانيّ الذي هو على فلك الأفلاك الأطلس " قال الكاشاني : المراد بالعرش العرش الجسماني أي الفلك الأطلس " ، فإنّ حقيقة الجسم كانت في بدء الإيجاد مثل الجوهرة أو الدرّة ، فنظر الله
إليها بتجلَّية الحبيّ الإيجادي ، فذابت حياء وتحلَّلت أجزاؤها ماء ، فكان عرشه على ذلك الماء ، قبل وجود الأرض والسماء .
ولا يتوهّم أنّ هذه الدرّة أو الجوهرة هي حقيقة الجسم وجوهرته ، تكوّنت من الهيولى الرابعة التي هي الهيولى الأولى في صورة أحدية جمعية إجمالية اندمجت فيها حقيقة الأجسام كلَّها ، كالأكرة الكلَّية الكبيرة المصمتة فتجلَّى لها الرحمن ، فذابت أي تفصّلت ولاحت عليها أنوار سبحات وجه الرحمن فحلَّلتها تحليلا بخاريّا دخانيّا بعد ما كان التحليل في إشراق التجلَّي الأوّل مادّيّا " مساويا " ،
فيكون فلك الأفلاك الأطلس والعرش عليه من ذلك التحليل البخاري الأحدي الجمعي الكمالي ، فغمر الخلاء بوجوده جسما طبيعيا كلَّيا إحاطيا ملأ فضاء الخلاء المقدّر في مرتبة الإمكان ، فصلح هذا الفلك المحيط العرشي أن يكون عرشا للرحمن المحيط بنور وجديّ وتجلَّيه من خزائن وجوده ، أحاط بالموجودات كلَّها ،
فلمّا ألحّ التجلَّي بإشراق على ذلك الجوهر المحلول المائي ، وتحكَّمت في أجزاء بحره المسجور حرارة التجلَّي ، فدخنت الجوهرة المحلولة - كما قلنا - بخارا أحديا جمعيّا إحاطيا ، وأحاط بمركز الجوهر الأصل في أنّها مراتب البعد ، فأحاط بالماء المذكور وطفا كما أشار إليه الشيخ .
قال رضي الله عنه : ( فهو يحفظه من تحته ) أي الماء ( كما أنّ الإنسان خلقه الله عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، وهو سبحانه و تعالى مع هذا يحفظه من تحته ، بالنظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بربّه. "في بعض النسخ: بنفسه).
يشير رضي الله عنه إلى أنّ العبد صورة تعيّن للوجود الحق المتجلَّي عليه والمتولَّي لإيجاده ، ثمّ التعيّن لا بدّ أن يعلو على المتعيّن به وهو الوجود الحق ،
فهو مستور بالتعيّن العبدانيّ ، ولولا حفظ الوجود الحق المتعيّن به وفيه ، لانعدم ، إذ لا تحقّق للتعيّن بدون المتعيّن ، فإنّه بلا هو هالك ، فالحق يحفظ العبد من تحته .
قال رضي الله عنه : (وهو قوله عليه السّلام : « لو دلَّيتم بحبل ، لهبط على الله » فأشار إلى أنّ نسبة التحت إليه كنسبة الفوق في قوله تعالى : "يَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ " وقوله : " وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه ِ " ، فله الفوق والتحت ، ولهذا ما ظهرت الجهات الستّ إلَّا بالنسبة إلى الإنسان ، وهو على صورة الرحمن ) .
يعني : لمّا كانت نسبة الفوق والتحت إليه سواء ، فحفظه لعبده من تحته ما ينافي فوقيّته ، فإنّه بإحاطته فوقه وتحته .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:47 عدل 3 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثانية : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
إنما خصت الكلمة الأيوبية بالحكمة الغيبية لكون أحواله عليه الصلاة والسلام بأسرها من ابتداء حاله وزمان ابتلائه وبعد كشف بلائه إلى انتهاء كلامه غيبية ، لأن الله تعالى أعطاه من الغيب بلا كسب ما لم يعط أحدا من المال والبنين والزرع والخول والعبيد ، ثم ابتلاه من الغيب ببلايا في نفسه وماله وأهله وولده ولم يبتل بمثلها أحدا ، ورزقه الله صبرا جميلا وافرا بلا شكوى إلى أحد في مدة لم يرزق مثله أحدا ، ولما بلغ الابتلاء غايته وتناهي الصبر نهايته ولم يجزع قط ولم يشك إلى أحد ، ولم يترك من أعماله وطاعته وأذكاره وأنواع شكره شيئا " نادى رَبَّه - أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وعَذابٍ "،
فكشف عنه ما به من ضر ، ووهب له أهله - "ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً " من عنده وخزانة غيبه وأظهر له من غيب الأرض مغتسلا باردا وشرابا ، وكل ذلك كان من قوة إيمانه بالغيب ، وثقته بما ادخر الله له في الغيب ، فكان أمره كله من الغيب .
قال رضي الله عنه : (اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان ، ولذا جعل الله من الماء كل شيء حي وما ثم شيء إلا هو حي ، فإنه ما ثم من شيء إلا وهو يسبح بحمده ، ولكن لا يفقه تسبيحه إلا بكشف إلهي ، ولا يسبح إلا حي ، فكل شيء حي ، فكل شيء من الماء أصله ) .
اعلم أن الحياة إذا تمثلت وتجسدت ظهرت بصورة الماء ، وكذلك العلم الذي هو الحياة الحقيقية ، وهو معنى قوله : سر الحياة سرى في الماء ولما كان أصل الكل الحياة والعلم والماء صورتهما جعل أصل النار الماء ، فإن الحياة التي هي عين الذات الأحدية تمثلت بصورة الأرواح ، ثم نزلت إلى صور الطبائع ، ثم تمثلت بصور العناصر فثبت أن من الماء الذي هو صورة الحياة كل شيء حي ، وأنه لا شيء إلا وهو حي كما ذكر ، فلا شيء إلا وأصله من الماء .
"" أضاف بالي زادة : قوله ( وهو أصل العناصر والأركان ) الباقية ، فالحياة صفة من صفات الله حقيقة واحدة كلية شاملة على جميع الموجودات ، لكن تظهر في بعضها في العموم والخصوص وفي بعضها في الخصوص ، وسرها هو الهوية الإلهية الظاهرة بصورة الحياتية ، فأول ما ظهرت به الهوية الإلهية الحياة ، ولذلك تقدمت على باقي الصفات تقدما ذاتيا ، وأول ما ظهرت به الحياة الماء ، لذلك كان أول كل شيء وأصله ( ولذلك ) أي لأجل سريان سر الحياة في الماء ( جعل الله من الماء كل شيء حي ) كالحيوانات فإنها خلقت من نطفة الأمهات والآباء - وهي الماء ، وكالنبات فإنها لا تنبت إلا بالماء .أهـ بالى زادة. ""
( ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكوّن )
المراد بالعرش العرش الجسماني : أي الفلك الأطلس ، وإنما تكون من الماء لأن الله تعالى خلق أول ما خلق ذرة بيضاء فنظر إليها بعين الجلال فذابت حياء فصار نصفها ماء ونصفها نارا فكان عرشه على ذلك الماء ،
فالدرة هي العقل الأول الذي تكون منه جميع الأكوان ، والنظر إليه بعين الجلال احتجاب الحق تعالى بتعينه ، فإن نظر الجمال تجلى الوجه الإلهي بنوره ، ونظر الجلال تستره بغيره ، وذوبانه تلاشيه بماهيته الإمكانية العدمية وتكون الأشياء منه ،
فإنه كالهيولى لجميع الممكنات ، والنصف الناري تكون الأرواح منه بالتعينات النورية ، ألا ترى كيف سمى روح القدس عند اتصال موسى به نارا حيث قال :"بُورِكَ من في النَّارِ ومن حَوْلَها " - وقال :" آنَسَ من جانِبِ الطُّورِ ناراً " - والنصف المائي تكون الأجسام منه ، فإن الهيولى هو البحر المسجور أي المملوء بالصور ، فإنها ماء كلها فكان العرش على ذلك الماء .
ولما كان العقل الأول الذي هو أصل الكل عين الحياة ومثالها صح أن أصل الكل الماء حتى الهيولى والنار .
( فطغى عليه ) أي ظهرت صورة العرش على ماء الهيولى ، فإن كل ما طغى على ماء ظهر ، وبطن الماء تحته ، وكذا بطن الهيولى بظهور صورة الأجسام فيها .
( فهو يحفظه من تحته ) أي الهيولى يحفظ الصورة العرشية من تحته ( كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه ) "وفي نسخة : بربه" وكلاهما يستقيم ، لأن الجاهل بنفسه جاهل بربه وبالعكس ،
وإنما خلق الإنسان عبدا لأنه مقيد في تعينه ، وليست حقيقة العبد إلا صورة تعين الوجود للحق المتجلى فيه ، والمتعين لا بد أن يعلو المتعين به المستور فيه وإلا لانعدم ، إذ لا تحقق للمتعين بدون المتعين به ، فإنه بلا هو هالك ، فالحق يحفظ العبد من تحته.
"" أضاف بالي زادة : (فهو يحفظه من تحته ) أي الماء يحفظ العرش من تحته ، فإذا كان أصلا العرش كان أصلا لكل ما أحاط به العرش ، فكل شيء أصله الماء اهـ بالى زادة. ""
قال رضي الله عنه : ( وهو قوله عليه الصلاة والسلام "لو دليتم بحبل لهبط على الله" فأشار إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله : "يَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ " وقوله : " وهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه" فله الفوق وله التحت ، ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالنسبة إلى الإنسان ، وهو على صورة الرحمن ) .
لما كانت نسبة الفوق والتحت إليه سواء فحفظه لعبده من تحته لا ينافي فوقيته فإنه بإحاطته فوقه وتحته ، وكونه على صورة الرحمن إحاطته بجميع الأسماء ، فإن الرحمن في جميع الجهات المتقابلة لاشتماله على جميع الأسماء المتقابلة ، و « ما » في كما نسبة زائدة كقوله: " فَبِما رَحْمَةٍ من الله " .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لما كان الحق تعالى غيب الغيوب كلها وكانت هويته سارية في جميع الأشياء العلوية والسفلية المكانية والمرتبية وقال تعالى في أيوب عليه السلام :
( أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ) . فاظهر له ماء الحياة الحقيقية من الغيب وطهره به من الأمراض الحاصلة من مس الشيطان ، أي من البعد عن جانب الرحمن ، كما سنبينه - يسمى هذه الحكمة ( غيبية ) لأن الماء المطهر له كان مستورا تحت رجله ، وغيبا فيما يمشى عليه بكله .
وهو في الحقيقة إشارة إلى الماء الذي قال تعالى فيه : ( وكان عرشه على الماء ) . ولذلك طهر باطنه عن ملاحظة الأغيار ، كما طهر ظاهره من الأمراض الموجبة للنفار . ومن جنس هذا الماء كان ما غسل به جبرئيل صدر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
وإضافتها إلى الكلمة ( الأيوبية ) لنزول الخطاب في حقه . فالمراد بالحكمة ( الغيبية ) ظهور الحق له بالسلوك والرياضة والطاعة والعبادة ، وحصول ماء الحياة التي هي في عين الظلمات بالصبر في أنواع البلايا والمحن الواقعة في نفسه وأهله وأمواله وأولاده ، فكان كلها رفعا لدرجاته وتحصيلا لكمالاته وترقيا في حالاته وتجلياته ، لشهوده المبلى والممتحن في عين البلايا والمحن ، وصبر به على مقاساة الشدائد ومتاعبها ، ولم يشتغل بإزالتها ومداراتها حتى وصل في عين القرب من الرب وحصل في مقام الأنس برفع وحشة الطلب ، فنادى : ( إني مسني الشيطان بضر ) . فكشف الله عنه ضره وطهر عن أدناس الموانع سره .
لا يقال : إنما سمى حكمته ( غيبية ) لأن أموره كلها ما ظهرت إلا من الغيب أولا وآخرا .
لأن أهل العالم كلهم لا يظهر أمورهم إلا من الغيب ، فلا اختصاص حينئذ
قال رضي الله عنه : (واعلم ، أن سر الحياة سرى في الماء ، فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل الله من الماء كل شئ حي . وما ثم شئ إلا وهو حي ، فإنه ما من شئ إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقه تسبيحه إلا بكشف إلهي . ولا يسبح إلا حي . )
سر الحياة هو الهوية الإلهية السارية في جميع الأشياء بظهورها في ( النفس الرحماني )
أولا ، وبسريانها بواسطته في كل شئ حصل منه
ثانيا . وذلك لأن سر الشئ غيبه المستور فيه ومعناه الظاهر بصورته . ويجوز أن يراد به نفس الحياة وحقيقتها .
أي ، حقيقة الحياة سارية في الماء وكلاهما متقاربان ، لأن الهوية الإلهية هي المتجلية بالصفة الحياتية لا غيرها .
وإنما جعل الماء أصلا لغيره من العناصر والأركان ، لما نطق به الحديث النبوي من
قال رضي الله عنه : ( ان الله خلق درة بيضاء ، فنظر إليها بنظر الجلال والهيبة ، فذابت حياء ، فصار نصفها ماء ونصفها نارا ، فحصل منهما دخان ، فخلق السماوات من دخانها والأرض من زبدها ) .
قيل : ( الدرة ) هي ( العقل الأول ) . وفيه نظر . لأن ما ذاب وصار شيئا آخر لا يكون باقيا على تعينه الذاتي ، والعقل الأول باق على تعينه ، لا تقبل التغيير أصلا . بل المراد بها ما قبل صور العناصر من الهيولى العنصرية ، والله أعلم
ولأجل سريان هذه الحياة الذاتية في الماء ، جعل الله من الماء كل شئ حي .
أي ، كل ماله حياة خلق من الماء ، إذ النطف التي تخلق الحيوان منها ماء ، وما يتكون بغير توالد فهو أيضا بواسطة المائية المتعفنة .
وكذلك النباتات أيضا لا تنبت إلا بالماء .
ولما كان كل ما هو في الوجود مسبح لربه تعالى بالنص الإلهي ، ولا يسبح إلا الحي ،
قال : ( فكل شئ حي ، وكل شئ الماء أصله . ألا ترى العرش كيف كان على ( الماء ) لأنه منه تكون فطفا عليه . ) أي ، علا وارتفع عليه .
والمراد بالماء الذي هو أصل كل شئ ( النفس الرحماني ) الذي هو الهيولى الكلى والجوهر الأصلي ، كما تقدم أن صور جميع الأشياء حاصلة عليه ، لا الماء المتعارف .
فهو الماء الذي كان عرش الله عليه ، إذ العرش كما يطلق ويراد به ( الفلك الأطلس ) ، كذلك يطلق ويراد به ( الملك ) .
كما قال الشيخ رضي الله عنه في الباب الثالث عشر من الفتوحات :
( إن العرش ) في لسان العرب يطلق على ( الملك ) يقال : ثل عرش الملك . أي ، دخل خلل في ملكه . ويطلق ويراد به ( السرير ) .
"" قال الشيخ رضي الله عنه في الباب الثالث عشر من الفتوحات :
اعلم أيد الله الولي الحميم أن العرش في لسان العرب يطلق ويراد به الملك يقال ثل عرش الملك إذا دخل في ملكه خلل ويطلق ويراد به السرير
فإذا كان العرش عبارة عن الملك فتكون حملته هم القائمون به وإذا كان العرش السرير فتكون حملته ما يقوم عليه من القوائم أو من يحمله على كواهلهم والعدد يدخل في حملة العرش وقد جعل الرسول حكمهم في الدنيا أربعة وفي القيامة ثمانية فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ".
ثم قال وهم اليوم أربعة يعني في يوم الدنيا وقوله يومئذ ثمانية يعني يوم الآخرة .أهـ
و قال الشيخ رضي الله عنه في الباب الثالث والسبعون من الفتوحات :
فلا بقاء للعالم إلا بالله السلطان ظل الله في أرضه العرش ظل الله يوم القيامة العرش عين الملك
يقال ثل عرش الملك إذا اختل ملكه عليه الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أي على ملكه سجود القلب إذا سجد لا يرفع أبدا
لأن سجوده للأسماء الإلهية لا للذات فإنها هي التي جعلته قلبا فهي تقلبه من حال إلى حال دنيا وآخرة...أهـ ""
غيره أيضا ، من أكابر الأولياء بعد هذا الكلام ، تعليل أن ( العرش ) الذي على ( الماء ) هو الملك . ولكون العرش الجسماني صورة من الصور الفائضة على الهيولى ، يصدق عليه أيضا أنه على الماء ، كما أشار قوله تعالى : ( والبحر المسجور ) أي ، الممتلئ من الموجودات . وهو البحر الذي موجه صور الأجسام كلها .
وإنما أطلق اسم ( الماء ) عليه ، لأن الماء العنصري مظهر له ، لذلك اتصف بصفاته ، فصار مادة لجميع ما في العالم الجسماني من السماوات والأرض والنبات والحيوان .
وأيضا ، لما أطلق عليه ( النفس ) مجازا ، تشبيها بالنفس الإنساني ، أطلق اسم ( الماء ) عليه مجازا ، لأن ( النفس ) بخار ، والبخار أجزاء صغار مائية مختلطة بأجزاء هوائية .
فحصل أن ( الماء ) كما يطلق على الماء المتعارف ، كذلك يطلق على الهيولى وعلى ( النفس الرحماني ) الذي هو هيولى جميع العالم وأصله .
ولا يقال : إن المراد ب ( الماء ) الذي عليه العرش والذي هو أصل العناصر هو ( العلم ) ، وإن كان يتجسد في المثال بصورة الماء ، لأن المراد بيان أصل الموجودات في الخارج ، لا في العلم .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو يحفظه من تحته ، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا ، فتكبر على ربه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه . ) وفي بعض النسخ : ( بربه ) . وكلاهما صحيح .
لأن الجاهل بالنفس جاهل بالرب وبالعكس . أي ، فالماء الذي هو النفس الرحماني ، يحفظ هذا الملك وتعيناته من تحته ، أي باطنه .
كما أن الحق سبحانه يحفظ الإنسان الجاهل بنفسه وعبوديته من باطنه وغيبه ، نظرا إلى علو مرتبته من حيث حقيقته ومكانته الزلفى عند الله ، وهو يدعى الربوبية ويتكبر على الله من جهله بنفسه وعبوديتها ، إذ لو لم يكن حفظ الحق تعالى له وللعالم كله من الباطن ، لانعدم في الحال ، فإنه بلا وجود عدم .
(وهو قوله ، عليه السلام : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " . فأشار إلى أن نسبة التحت إليه ، كما أن نسبة الفوق إليه . " وفي بعض النسخ : ( كما نسبة الفوق إليه ) .
ف ( ما ) زائدة . كقوله : " فبما رحمة من الله " .
( في قوله : " يخافون ربهم من فوقهم " ) وهو القاهر فوق عباده " . فله الفوق والتحت . " أي ، هذا المعنى المذكور هو معنى قوله ، صلى الله عليه وسلم : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " .
وإنما كان نسبة الفوقية والتحتية إليه سواء ، لأن الحق محيط بالظاهر والباطن على العالم ، فكما تنسب إليه الفوقية ، تنسب إليه التحتية . فله الفوق والتحت جميعا ، لأنهما من جملة مراتبه الوجودية .
( ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ، وهو على صورة الرحمان . )
أي ، ولكون نسبة الفوقية والتحتية ، بل نسبة جميع الصفات المتقابلة ، إلى الله تعالى سواء ، ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ، لكونه هو المخلوق على صورة الرحمان الجامع للصفات المتقابلة .
واعلم ، أنه لو كان المراد بالظهور العلم بالجهات ، لكان غير منحصر في الإنسان ، لأن النفوس الفلكية أيضا عالمة بها ، بل جميع الحيوانات . فالأنسب أن نقول : المراد بالظهور ، التحقق .
أي ، لا يتحقق بهذه الجهات المتقابلة بحسب المقام إلا الإنسان ، لأن جميع مراتب الوجود مقاماته ، بخلاف غيره .
فإن لكل منها مقاما معلوما لا يتعداه ، كما قال تعالى : " وما منا إلا له مقام معلوم " . فهو الذي في السماء له ظهور ، وهو الذي في الأرض له ظهور .
كما أن أصله الذي ظهر الإنسان على صورته : "هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " . وكذلك باقي الجهات . وقد مر تحقيقه في المقدمات من أن الحقيقة الإنسانية هي التي ظهرت في جميع صور العالم .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
الفص الأيوبي
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
أي : ما يتزين به ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالتجلي الغيبي ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى أيوب عليه السّلام ، إذ ظهر له سر الحياة من الماء ، فاستفاد من الاغتسال فيه قوة تدبير النفس للبدن عن قوة الحياة حتى أصلحته وأزالت عنه مرضا غلبه مدة مديدة في أقل الأوقات ، وظهرت له الحياة المكمونة في أولاده الأموات ، وعبيده وضروعه وذروعه ، وسائر أمواله حتى علم بذلك حياة كل شيء ، ثم إنه كملها بما قويت النسبة بينه وبينهم ، حتى تم ظهورها فيهم بتدبير نفسه في أجسامهم بعد تدبيرها في جسمه .
قال رضي الله عنه : ( اعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل اللّه من الماء كلّ شيء حيّ ، وما ثمّ شيء إلّا وهو حيّ ، فإنّه ما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد اللّه ، ولكن لا تفقه تسبيحه إلّا بكشف إلهيّ ، ولا يسبّح إلّا حيّ ، فكلّ شيء حيّ فكلّ شيء الماء أصله ، ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنّه منه تكوّن فطفا عليه فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنّظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بنفسه ) .
( اعلم أنّ سرّ الحياة ) المعنى الفائض من صفة الحياة الأزلية فيضان نور الشمس منها على عالم الأجسام بواسطة الأرواح المدبرة لها ، ( سرى( أولا ( في الماء ) قبل سائر العناصر والمواليد ؛ لكونه أعبد البسائط التي هي أصل المركبات ؛ لكونه ليس في كثافة في الأرض ، ولا في لطافة الهواء والنار بل بينهما ، وإذا سرى فيه سر الحياة دبره بالتكثيف تارة والتلطيف أخرى ، ( فهو أصل ) بقية ( العناصر ) ، فسرى فيه أصل الصفات الإلهية .
وهو ما جاء في التوراة : « إنّ اللّه خلق جوهرة ، فنظر إليها بنظر الهيبة فدابت وصارت ماء فتحرك ، فأوجبت حركته سخونته ، فتصاعد على وجهه زبد ، فتكون منه الأرض ، وارتفع منه بخار دخاني ، فتكون منه السماء ، وحصل فيه الهواء والنار بالتلطيف ، وبه أحدثا ليس من القدماء » .
( ولذلك جعل اللّه من الماء كل شيء حي ) أي : صورته ، وإن كان تركبه من العناصر الأربعة ، وأعطى فيه الغلبة لغيره كالتراب في الإنسان والنار في الجان ، ولا يختص هذا بالحيوانات والنباتات كما تتوهمه العامة ، إذ ( ما ثمة ) أي : في الواقع ( شيء إلا وهو حي ) ؛ لأن الحياة أول صفات الوجود ، فلا يفارق مظاهره ، وبها تدبيره للعالم ، ولا بدّ لكل شيء من مدبر ، فينبه بقاؤه وحفظه واستقراره في حيزه إن كان فيه وسيلة إليه إن خرج عنه ، بل هناك حياة وراء ذلك بها يسبحه ، فإنه ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ([ الإسراء : 44 ] كما ورد به النص .
وليس ذلك بلسان الحال فقط كما يظنه العوام ، إذ تفقهه الأكبر ، ) ولكن ) ورد النص في حقهم أنهم ( لا يفقهون تسبيحهم ) ، فلا بدّ ألا يفقه تسبيحه ( إلا بكشف إلهي ) يكشف عن عالم الملكوت الذي لا يفتر عن التسبيح الذي خلق الكل له ، فيكون تركه معصية ؛ ولذلك أردفه بقوله :إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً[ فاطر : 41 ] أي : عمر غفل عن تسبيحه مع كمال حياته ، ولا يفتر عن تسبيحه من قصرت حياته ، ( ولا يسبح ) التسبيح الحقيقي ( إلا حي( ؛ لتوقفه على الشعور ، والمتوقف على الحياة فعلم أن كل شيء مسبح وكل مسبح حي ، ( فكل شيء حي ) وإن خفيت حياة البعض كالنبات والجمادات ، وعلم أيضا أن ( كل شيء ) حي ، وكل حي ( الماء أصله ) ، فكل شيء الماء أصله حتى الأركان العلوية التي اتفق الأكبر على أنها ليست عنصرية ، وقد صرح الشيخ رحمه اللّه بكون السماوات من دخان العناصر في الفص العيسوي .
( ألا ترى العرش كيف كان على الماء ؛ لأنه منه يكون ) ؛ وذلك لكونه مستوى اسمه الرحمن فيتعلق به التدبير الكلي العالم ، وهو بالحياة السارية أولا في الماء ، ( فطفا على ) الماء وإن صار أكثف منه لجملة سر الحياة على أقوى الوجوه بخلاف الأرض ؛ لأن سر الحياة فيها على أضعف الوجوه .
قال كعب : « خلق اللّه تعالى ياقوته خضراء ، ثم نظر إليها بالهيبة ، فصارت ماء ترتعد ، ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها ، ثم وضع العرش على الماء » . رواه القرطيى في التفسير والبغوي في التفسير .
""الحديث : (عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما أراد الله عز وجل أن يخلق الماء خلق من النور ياقوتة خضراء، غلظها كغلظة سبع سماوات وسبع أرضين وما فيهن وما بينهن، ثم دعاها، فلما أن سمعت كلام الله عز وجل ذابت الياقوتة فرقا حتى صارت ماء، فهو مرتعد من مخافة الله عز وجل إلى يوم القيامة، وكذلك إذا نظرت إليه راكدا أو جاريا يرتعد، وكذلك يرتعد في الآبار من مخافة الله إلى يوم القيامة، ثم خلق الريح فوضع الماء على الريح، ثم خلق العرش، فوضع العرش على الماء، فذلك في قوله تعالى: {وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا} [هود: 7] .....) رواه الأصبهاني في العظمة "".
ومعناه : أنه أشار بالياقوتة الخضراء إلى الحقيقة المثلثة والنشأة الكلية لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، إذ ليست في بياض المجردات ، ولا في سواد الماديات ، ونظر الهيبة هو خطاب الحق لها بما تفضضت عرقا ، فهو ذوياتها الموجب صيرورتها ماء ، وخلق اللّه الريح إشارة إلى تحملها سر الحياة الموجبة للتنفس ، ووضعه عليه جعله حاملا سر الحياة التي يتوقف عليها التدبير والتصرف .
وإلى ما ذكرنا أشار الشيخ رحمه اللّه في رسالته المسماة بـ "عنقاء المغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب " ؛ لأن محمدا عليه السّلام لما أبدعه اللّه سبحانه حقيقة مثلية ، ونشأة كلية حيث لا ابن ولا بنين .
وقال له : « أنا الملك ، وأنت الملك ، وأنا المدبر ، وأنت الفلك ، وسآتيك فيما يتكون عنك من مملكة عظمي ، وطامة كبرى ساسا مدبرا وناهيا ،
وأمرا عظيما على حد ما أعطيك ، وتكون فيهم كما أنا فيك ، فليس سواك كما ليس سواي ، فأنت صفاتي فيهم وأسمائي ، فخذ الحد وأنزل العهد ، وسأسألك بعد التنزيل عن اليقين والقطمير ، فتقصص لهذا الخطاب عرقا حيّا » ؛ فكان ذلك العرق الظاهر ، وهو الماء الذي نبأ به الحق سبحانه في صحيح الأنباء ، فقال :وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ[ هود : 7 ] .
ثم قال رضي الله عنه : « فلما علم الحق تعالى إرادته ، وأجرى في إمضائها عادته نظر إلى ما أوجده في قلبه من مكنون الأنوار ، ورفع عنها ما اكتنفها من الأستار ، فتجلى له من جهة القلب والعين حتى كاثف النور من الجهتين، فخلق سبحانه من ذلك النور المنفهق عنه صلّى اللّه عليه وسلّم العرش".
هذا كلامه ومعناه على ما تلوح للخاطر الفاتر : أنه عزّ وجل أبدع لرسوله محمد صلّى اللّه عليه وسلّم حقيقة نورية روحية أولا ، ثم حقيقة مثلية جسمية ، وأشار إلى أن جميع حقائقه كلية شاملة لسائر الحقائق ، وأن الحقيقة المثلية قبل خلق المكان ؛ لأنه من عالم الأجسام ،
ثم قال له : إن الملائكة منحصرة فيه ، إذ لا إله غيره ، والتملكية منحصرة في حبيبه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومثل ذلك بالروح الفلكي مع الفلك المحيط بالكل ، والمراد بالسائس والمدبر القلب ، وبالأمر والناهي العقل .
ثم قال : « تعطيها إنها الروح على حد ما أعطيك من الفيض ، فإنه إنما يصل الفيض الإلهي بواسطة الروح والضمير"
في قوله : « فيهم » يعود إلى قوى القلب والعقل من المدركات والمحركات ،
وقوله : « فأنت صفاتي فيهم وأسمائي » أي : حامل أسرارهما ؛
فلذلك قال : « فخذ الحد » أي : فلا تدع الربوبية لنفسك ، و « أنزل العهد » أي : عهد العبودية المشار إليها بقوله :قالُوا بَلى ،
وقوله : « وكان ذلك العرق » ما أشاره إلى تكون عالم الأركان بعد عالم المثال ، والمراد بالعين : القوى المدركة ، وتكاثف النور من حيث تعلقه بالأجسام ، فازداد الماء المتكون فيه لكثافة أصله كثافة صار منها العرش ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
وإذا كان طفو العرش من قوة الحياة ، وهي من الماء والحياة هي الحافظة المدبرة للجسم ، ( فهو ) أي : الماء ( يحفظه من تحته ) ولا عجب فيه ، فإن له مثالا أشار إليه بقوله :
( كما أن الإنسان خلقه اللّه عبدا ) من شأنه أسفل أبدا ، ( فتكبر ) عن غاية جهلة تنفسه ( على ربه ) الذي نار الكبر داؤه فبقيت ربوبيته ، ( وعلا عليه ) ، فادعى الربوبية لنفسه ،
( فهو ) أي : اللّه ( سبحانه ) إشارة إلى تنزهه عن أن شارك في كبريائه وعلوه فضلا عن أن ينفيا عنه ويثبتا لغيره ( مع هذا ) التكبر والعلو منه عليه ( يحفظه من تحته ) ؛ فإنه له تعالى نسبة التحت أيضا ( بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه ) ، وهذه النسبة التحية ، وإن كان منشأها جهل هذا العبد ، فهي نسبة ثابتة باعتبار آخر تثبت معه نسبة الفرق له ، وإن نفاها هذا الجهل .
قال رضي الله عنه : (وهو قوله عليه السّلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى نسبة التّحت إليه كما أنّ نسبة الفوق إليه في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [ النحل : 50 ] ،وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ[ الأنعام : 18 ] ، فله الفوق والتّحت ، ولهذا ما ظهرت الجهات السّتّ إلّا بالإنسان وهو على صورة الرّحمن(.
وهو أي : الدليل على ذلك ( قوله عليه السّلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه ») باعتبار ماله من نسبة التحت ،
( فأشار إلى أن نسبة التحت إليه ) ؛ لأن قوامه به ، ( كما أن نسبة الفرق إليه المذكورة في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ، وقوله :وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) [ الأنعام : 18 ] .
وإذا ثبت ( له الفوق ) بالقرآن ( والتحت ) بالحديث قلة الفوق ، وإن نفاه الجاهل المتكبر المتعالي عليه والتحت ، وإن نفاه العامة وهما الجهتان الحقيقيتان المحتجبتان إلى المقوم لهما بالوجود بخلاف الجهات الست ، فإنها باعتبارته لتبدلها بتبدل أوضاع الإنسان .
( ولهذا ) أي : والاختصاص الحق بالجهتين الحقيقيتين المتحدد بهما محيط العالم ، ومركزه دون الجهات الست ( ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ) من حيث أن له عبد قيامه الذي هو الوضع الطبيعي له رأسا ورجلا ووجها وظهرا ويدين إحديهما أقوى من الأخرى ، غالبا يتعين بذلك ما تقرّب من كل واحد منهما ، ويتبدل بتبدل توجهاته ، ( وهو على صورة الرحمن ) المستوي على المحدد للجهات ، فنسب إليه الجهات لست بواسطته ، وإلا فالمحدد إنما حدد بالذات جهة الفوق ما يقرب من المحيط ، وجهة التحت ما هو غاية البعد منه ، وحفظ الحق يلحق بهاتين الجهتين لا غير ، والدليل عليه أنه.....
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:46 عدل 6 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثانية : الجزء الثالث
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
إنّك قد عرفت أنّ هذه الحكمة هي أول ما يظهر من سلسلة التجليّات الجلاليّة المغيّبة للأحكام الامتيازيّة ، المؤلمة لما هو مقتضى النشأة العنصريّة المزاجيّة ، إبرازا لما عليه النسبة الاتحاديّة العلميّة الكماليّة التي إنما يختمها الخاتم المطلق لهذا السير الإظهاري الإرسالي الإنبائي.
وذلك هو الحكمة الغيبيّة فإنّ الغيب هو أوّل ما يطلق عليه مبدئيّة الظهور ، ولذلك نسب هذه الحكمة إلى الغيب .
مناسبة الفص مع أيّوب عليه السّلام
ثمّ إنّ « أيّوب » لما لم يتميّز عن « الغيب » إلَّا بالألف - التي هي باطن الهاء - والواو ، اللتين هما مادّة اسم « هو » ، المعرب عن الغيب طبعا وذاتا - لا وضعا وجعلا فقط - : ناسب تخصيص هذه الحكمة به .
ومن ثمّة ترى تصادم نبال النوائب المضنية وتراكم نصال المصائب المفنية له عن خصوصيّاته الشخصيّة قد أبادت بنيان قواه المشخّصة له ، إلى أن طهّرته عن شوائب الأحكام الامتيازيّة ، وأفنته عن نفسه بالكليّة فعند ذلك امر بركض الرجل - الذي هو أبعد الأعضاء عن مظهريّة الأوصاف السبعة الإلهيّة ،
فهو غيب الأعضاء - نحو الأرض التي هي مظهر الغيب أيضا في الكائنات الآفاقيّة ضرورة اندماج سائر الأوصاف الوجوديّة الإلهيّة فيها ،
حتّى نبع من عين تلك الغيوب ماء حاضر يصلح لرطوبته أن يغتسل به درن الصور الكونيّة الإمكانية ويمحو النقوش الباطلة ، وببرودته تثبت الصور الحقيقيّة الأسمائيّة ، والمعارف العلميّة اليقينيّة ، وبها يسكَّن الحرارة المفنية المفرّقة للصورة الجمعيّة ، المؤذية للمزاج العنصري الشخصيّ ، وبشر به يصلح لأن يكون مادّة للرطوبة الغريزيّة التي هي بمنزلة الدهن لسراج المزاج وبقاء نور حياته فإنّ الحرارة المشتعلة بنور الحياة ما لم يتغذّ بها لم يتمكَّن من ذلك ، كما لم يتمكَّن للسراج أن يشتعل بنور الإراءة ما لم يتغذّ بالدهن .
وقد اومي إلى تلك الحقائق كلَّها بقوله تعالى : “ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ “.
ثمّ إنّك قد عرفت أن الحياة كما تطلق على الحياة الصوريّة الطبيعيّة التي هي مبدأ الظهور من الحيّ بأوصافه الوجودية ، فقد تطلق أيضا على الحياة المعنوية العلمية التي هي مبدأ الإظهار من الحيّ الحقيقي بأوصافه الكماليّة ، كما قال تعالى : “أَوَمن كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناه ُ وَجَعَلْنا لَه ُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ “ [ 6 / 122 ] .
وقد ظهر لك من هذا التحقيق الذي اقتبس من مشكاة الآية الكريمة أنّ للماء نسبة اتحاديّة إلى كلي نوعي الحياة ولذلك قال :" وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ " [يونس : 30]
( اعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء ، فهو أصل العناصر و ) سائر ( الأركان ) فإنّ الكلّ به يتقوّم حقائقهم فلو لم تكن مقدّما في الوجود على الكل لم يمكن وجود شيء أصلا ( ولذلك جعل الله “ وَجَعَلْنَا من الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ “ [ 21 / 30 ] وما ثمّ شيء إلَّا وهو حيّ ) ،
فإنّ مبدأ الظهور المذكور في سائر الأشياء - على ما لا يخفى - هو الحياة ،
( فإنّه ما ثمّ شيء إلا وهو حيّ “ يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ “ [ 17 / 44 ] ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي - ولا يسبّح إلا حيّ ) متكلم ، وهو الكامل في الحياة ، والكل مشترك في تلك الحياة الكاملة . " د. أبو العلا عفيفي : فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله . ".
"" أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثالث والأربعون عن كل شيء حي يسبح بحمد ربه:
فالله يقول "وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً "
بإمهالكم حيث لم يؤاخذكم سريعا بما رددتم من ذلك "غَفُوراً " ، حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء فلم تفقهوه .
وقال تعالى في حال من مات ممقوتا عند الله "فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والْأَرْضُ" فوصف السماء والأرض بالبكاء على أهل الله ،
ولا يشك مؤمن في كل شيء أنه مسبح ، وكل مسبح حي عقلا ،
وورد أن العصفور يأتي يوم القيامة فيقول يا رب سل هذا لم قتلني عبثا ،
وكذلك من يقطع شجرة لغير منفعة أو ينقل حجرا لغير فائدة تعود على أحد من خلق الله .أهـ ""
( فكلّ شيء حيّ ، وكل شيء الماء أصله ) ، فإنّ الماء هو ظاهر الحياة - على ما سبق الإيماء إليه - كما أنّ الشيء هو ظاهر الماء عقدا ، إذا بسط بيّناتهما فهو أصل سائر الأشياء ( ألا ترى العرش كيف كان على الماء ) ، يعني عرش الحياة ، التي هو مقدّم العروش الخمسة فإنّه صرّح في كتاب
عقلة المستوفز : " إنّ العرش خمسة : عرش الحياة - وهو عرش هو - وعرش الرحمانية ، والعرش العظيم ، والعرش الكريم ، والعرش المجيد .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
19 - فصّ حكمة غيبيّة في كلمة أيّوبيّة
وجه تسمية الفصإنّك قد عرفت أنّ هذه الحكمة هي أول ما يظهر من سلسلة التجليّات الجلاليّة المغيّبة للأحكام الامتيازيّة ، المؤلمة لما هو مقتضى النشأة العنصريّة المزاجيّة ، إبرازا لما عليه النسبة الاتحاديّة العلميّة الكماليّة التي إنما يختمها الخاتم المطلق لهذا السير الإظهاري الإرسالي الإنبائي.
وذلك هو الحكمة الغيبيّة فإنّ الغيب هو أوّل ما يطلق عليه مبدئيّة الظهور ، ولذلك نسب هذه الحكمة إلى الغيب .
مناسبة الفص مع أيّوب عليه السّلام
ثمّ إنّ « أيّوب » لما لم يتميّز عن « الغيب » إلَّا بالألف - التي هي باطن الهاء - والواو ، اللتين هما مادّة اسم « هو » ، المعرب عن الغيب طبعا وذاتا - لا وضعا وجعلا فقط - : ناسب تخصيص هذه الحكمة به .
ومن ثمّة ترى تصادم نبال النوائب المضنية وتراكم نصال المصائب المفنية له عن خصوصيّاته الشخصيّة قد أبادت بنيان قواه المشخّصة له ، إلى أن طهّرته عن شوائب الأحكام الامتيازيّة ، وأفنته عن نفسه بالكليّة فعند ذلك امر بركض الرجل - الذي هو أبعد الأعضاء عن مظهريّة الأوصاف السبعة الإلهيّة ،
فهو غيب الأعضاء - نحو الأرض التي هي مظهر الغيب أيضا في الكائنات الآفاقيّة ضرورة اندماج سائر الأوصاف الوجوديّة الإلهيّة فيها ،
حتّى نبع من عين تلك الغيوب ماء حاضر يصلح لرطوبته أن يغتسل به درن الصور الكونيّة الإمكانية ويمحو النقوش الباطلة ، وببرودته تثبت الصور الحقيقيّة الأسمائيّة ، والمعارف العلميّة اليقينيّة ، وبها يسكَّن الحرارة المفنية المفرّقة للصورة الجمعيّة ، المؤذية للمزاج العنصري الشخصيّ ، وبشر به يصلح لأن يكون مادّة للرطوبة الغريزيّة التي هي بمنزلة الدهن لسراج المزاج وبقاء نور حياته فإنّ الحرارة المشتعلة بنور الحياة ما لم يتغذّ بها لم يتمكَّن من ذلك ، كما لم يتمكَّن للسراج أن يشتعل بنور الإراءة ما لم يتغذّ بالدهن .
وقد اومي إلى تلك الحقائق كلَّها بقوله تعالى : “ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ “.
ثمّ إنّك قد عرفت أن الحياة كما تطلق على الحياة الصوريّة الطبيعيّة التي هي مبدأ الظهور من الحيّ بأوصافه الوجودية ، فقد تطلق أيضا على الحياة المعنوية العلمية التي هي مبدأ الإظهار من الحيّ الحقيقي بأوصافه الكماليّة ، كما قال تعالى : “أَوَمن كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناه ُ وَجَعَلْنا لَه ُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ “ [ 6 / 122 ] .
وقد ظهر لك من هذا التحقيق الذي اقتبس من مشكاة الآية الكريمة أنّ للماء نسبة اتحاديّة إلى كلي نوعي الحياة ولذلك قال :" وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ " [يونس : 30]
( اعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء ، فهو أصل العناصر و ) سائر ( الأركان ) فإنّ الكلّ به يتقوّم حقائقهم فلو لم تكن مقدّما في الوجود على الكل لم يمكن وجود شيء أصلا ( ولذلك جعل الله “ وَجَعَلْنَا من الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ “ [ 21 / 30 ] وما ثمّ شيء إلَّا وهو حيّ ) ،
فإنّ مبدأ الظهور المذكور في سائر الأشياء - على ما لا يخفى - هو الحياة ،
( فإنّه ما ثمّ شيء إلا وهو حيّ “ يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ “ [ 17 / 44 ] ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي - ولا يسبّح إلا حيّ ) متكلم ، وهو الكامل في الحياة ، والكل مشترك في تلك الحياة الكاملة . " د. أبو العلا عفيفي : فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله . ".
"" أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثالث والأربعون عن كل شيء حي يسبح بحمد ربه:
فالله يقول "وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً "
بإمهالكم حيث لم يؤاخذكم سريعا بما رددتم من ذلك "غَفُوراً " ، حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء فلم تفقهوه .
وقال تعالى في حال من مات ممقوتا عند الله "فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والْأَرْضُ" فوصف السماء والأرض بالبكاء على أهل الله ،
ولا يشك مؤمن في كل شيء أنه مسبح ، وكل مسبح حي عقلا ،
وورد أن العصفور يأتي يوم القيامة فيقول يا رب سل هذا لم قتلني عبثا ،
وكذلك من يقطع شجرة لغير منفعة أو ينقل حجرا لغير فائدة تعود على أحد من خلق الله .أهـ ""
( فكلّ شيء حيّ ، وكل شيء الماء أصله ) ، فإنّ الماء هو ظاهر الحياة - على ما سبق الإيماء إليه - كما أنّ الشيء هو ظاهر الماء عقدا ، إذا بسط بيّناتهما فهو أصل سائر الأشياء ( ألا ترى العرش كيف كان على الماء ) ، يعني عرش الحياة ، التي هو مقدّم العروش الخمسة فإنّه صرّح في كتاب
عقلة المستوفز : " إنّ العرش خمسة : عرش الحياة - وهو عرش هو - وعرش الرحمانية ، والعرش العظيم ، والعرش الكريم ، والعرش المجيد .
فعرش الحياة هو عرش المشيئة ، وهو مستوى الذات ، وهو عرش الهويّة " .
وهاهنا تلويح يدلّ على هذا : وهو أنّ بينات " الحياة " إذا أضيفت إلى عددها تشتمل على اللام ، التي هي ظاهر " ماء " كما أنّ عددها إذا أخذ بحسب العقد فهو " هو " .
فعرش الحياة منها هو الذي على الماء ، لا الجسمانيّ فقط ، المسمى بالعرش الرحماني ، فإنّ ذلك أيضا داخل فيه ، وعرش الحياة محيط بالكلّ ، وهو الذي على الماء ، فإنّ الماء من الطبائع هو الجامع بين الرطوبة التي هي مبدأ قبول الصور ، والبرودة التي هي مبدأ إثبات تلك الصور والحياة هو وجود الصور مع بقائها ، ومبنى أمرهما على الماء ، ( لأنّه منه تكوّن ) إذ الماء أصل كل شيء وامّه - على ما عرفت تحقيقه فلا نعيده - فالكلّ إنما تكوّن منه .
( فطفا عليه ) لأنّه ظهر منه ، والظاهر لا بدّ وأن يكون طافيا على أصله ،
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه الله عبدا ، فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته ، بالنظر إلى هذا العبد الجاهل بنفسه ) ،
وهو المنهمك في أحكام التفرقة الكونيّة ، الحائر في ظلمات كثرة الإمكان كما دلّ عليه كلام الخاتم حيث خاطب بالجمع، (وهو قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : "لو دلَّيتم بحبل لهبط على الله ").
"" الحديث : عن أبي هريرة، قال: بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «هل تدرون ما هذا؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقه الله تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه» ثم قال: «هل تدرون ما فوقكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها الرقيع، سقف محفوظ، وموج مكفوف»، ثم قال: «هل تدرون كم بينكم وبينها؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «بينكم وبينها مسيرة خمس مائة سنة». ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن فوق ذلك سماءين، ما بينهما مسيرة خمسمائة عام» حتى عد سبع سماوات، ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض، ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين». ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحتكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها الأرض». ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحت ذلك»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن تحتها أرضا أخرى، بينهما مسيرة خمس مائة سنة» حتى عد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمس مائة سنة. ثم قال: «والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله». ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} [الحديد: 3]. ""
رواه الترمذي والبيهقي وفي العظمة للآصبهاني والسنة لابن أبي عاصم وتحفة الأحوذي والهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد والجامع الكبير للسيوطي.
ظهر جهة الفوق والتحت باللَّه تعالى ، وباقي الجهات بالإنسان
ثمّ إنّه لما كان لله بحسب أسمائه الحسنى عند التوجّه إلى كمالها مظهران - :
أحدهما عند تمام أمر الظهور ، وهو العالم بأسره وهيأته الجمعيّة الإحاطيّة هو العرش .
وثانيهما عند كمال أمر الإظهار ، وهو آدم بتمامه وهيأته الجمعيّة الإحاطيّة هو الإنسان العبد - أشار إليهما في إثبات نسبة التحت وإضافته إلى الحقّ .
( فأشار ) بكلامه هذا (إلى أنّ نسبة التحت إليه كما نسب الفوقيّة إليه في قوله : “ يَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ “ [ 16 / 50 ] “وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه “ [ 6 / 18 ] فله الفوق والتحت) .
وهما الجهتان الحقيقيّتان اللتان قد حصلتا بظهور الحقّ وأمّا باقي الجهات فلا يظهر إلا بالإنسان ، الذي هو محلّ إظهار الحقّ تماما .
( ولهذا ما ظهرت الجهات الستّ إلا بالإنسان ) الذي هو موطن تمام الظهور والإظهار ( وهو على صورة الرحمن ) الجامع لتمام الأسماء .
وكيف لا يكون الأمر على هذا و قد أفاد الذوق الصحيح أنّ ...
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
فكلّ شيء حيّ فكلّ شيء الماء أصله . ألا ترى العرش كيف كان على الماء)
والمراد بكون أحواله غيبية إنما ظهر من الغيب بلا سبب معهود وموجب مشهود ، فلا يرد أن أحوال جميع الأنبياء بل أهل العالم كلهم ظهرت من الغيب ، فلا اختصاص حينئذ ، لأن أكثر أحوالهم منوطة بشروط معهودة ومربوطة بأسباب مشهودة ، وتفصيل أحواله التي ظهرت من الغيب بلا سبب ظاهر مذكور في شرح الشيخ مؤيد الدين الجندي رحمه اللّه فمن أراده فليطالع ثمة .
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة ) ، يعني السر الذي هو الحياة . وإنما جعلها سرا لأنها أمر مغيب مستور في الحي لا تعلم إلا في آثارها كالحس والحركة والعلم والإرادة وغيرها ( سرى في الماء ) بسريان الهوية الغيبية فيه منصبغة بصفة الحياة .
وكان المراد بهذا الماء النفس الرحماني الذي هو هيولى للعالم مطلقا ، لأن الشيء المذكور في نتيجة المقدمات الآتية أعني قوله :
فكل شيء الماء أصله يعم عالم الأجسام وغيره ، لا الماء المتعارف .
ولهذا فرع عليه قوله ( فهو ) ، أي الماء ( أصل العناصر ) التي واحد منها الماء المتعارف ، فيلزم من ذلك أن يكون أصلا للمولدات أيضا ، لأن أصل الأصل أصل .
ومنها السماوات السبع ، لأنها عنصرية على مذهب الشيخ رضي اللّه عنه ( والأركان الأربعة ) ، أي سائر أركان العالم من العرش والكرسي
( ولذلك ( ، أي السريان سر الحياة في الماء ( جعل اللّه من الماء كل شيء حي وما ثم ) في الوجود ( شيء إلا وهو حي فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد اللّه ولكن لا يفقه تسبيحه إلا بكشف إلهي ، ولا يسبح إلا حي . فكل شيء حي فكل شيء الماء أصله ) ، والماء الذي هو أصل كل شيء ليس إلا النفس الرحماني ، وإنما أطلق اسم الماء عليه للطف سريانه في الأشياء ، أو لأنه شبيه بالنفس الإنساني الذي هو أجزاء صغار مائية ممزوجة بأجزائية هوائية فيصح إطلاق الماء عليه ،
قال رضي الله عنه : ( لأنّه منه تكوّن فطفا عليه فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنّظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بنفسه. وهو قوله عليه السّلام : « لو دلّيتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى نسبة التّحت إليه كما أنّ نسبة الفوق إليه في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [ النحل : 50 ] ، وَهُوَ )
فكذا على ما هو شبيه به ولكن على سبيل التجوز ( ألا ترى العرش ) وهو أول الأجسام ( كيف كان على الماء لأنه ) ، أي العرش ( منه ) ، أي الماء ( تكوّن فطفا ) ، أي علا وارتفع العرش ( عليه ) ، أي على الماء ، وذلك لأن العرش صورة ، والماء هيولاها وظاهر أن الصورة تعلو على الهيولى وتخفيها فيما تحتها ( فهو ) ، أي الماء ( يحفظه ) ، أي العرش ( من تحته ) ضرورة حفظ الهيولى للصورة ( كما أن الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه فهو ) سبحانه ( مع هذا يحفظه من تحته ) تحتية علو متوهمة له سبحانه ( بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه ) عند نفسه لا في نفس الأمر ، وللعبد بوجه آخر علو على الحق سبحانه . وذلك أن للعبد صورة تعين للوجود الحق ، والتعين لا بد أن يعلو على المتعين به ويستره تحته فهو مستور بالتعين العبداني ، ولولا وجود الحق المتعين به إذ لا تحقق للتعين بدون المتعين ، فالحق يحفظ العبد من تحته .
قال رضي الله عنه : ( و ) ما يدل على كون الحق تحت العبد ( هو قوله عليه السلام : "لو دليتم بحبل لهبط على اللّه" فأشار إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوقية ) . أي كنسبة الفوقية
"" الحديث : « عن أبي هريرة قال بينما نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب ، فقال نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم هل تدرون ما هذا ؟ فقالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : هذا العنان هذه زوايا الأرض يسوقه اللّه تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ، قال : هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف ؟ ثم قال هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : بين سنة ، ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع سماوات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين السماءين ، ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإنها الأرض ، ثم قال : هل تدرون ما الذي تحت ذلك ؟
قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السلفي لهبط على اللّه ثم قرأ :هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.". رواه الترمذي والبيهقي وابن ابي عاصم في السنة والأصبهاني في العظمة و الهيتمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد والسيوطي في الجامع الكبير"".
وهاهنا تلويح يدلّ على هذا : وهو أنّ بينات " الحياة " إذا أضيفت إلى عددها تشتمل على اللام ، التي هي ظاهر " ماء " كما أنّ عددها إذا أخذ بحسب العقد فهو " هو " .
فعرش الحياة منها هو الذي على الماء ، لا الجسمانيّ فقط ، المسمى بالعرش الرحماني ، فإنّ ذلك أيضا داخل فيه ، وعرش الحياة محيط بالكلّ ، وهو الذي على الماء ، فإنّ الماء من الطبائع هو الجامع بين الرطوبة التي هي مبدأ قبول الصور ، والبرودة التي هي مبدأ إثبات تلك الصور والحياة هو وجود الصور مع بقائها ، ومبنى أمرهما على الماء ، ( لأنّه منه تكوّن ) إذ الماء أصل كل شيء وامّه - على ما عرفت تحقيقه فلا نعيده - فالكلّ إنما تكوّن منه .
( فطفا عليه ) لأنّه ظهر منه ، والظاهر لا بدّ وأن يكون طافيا على أصله ،
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه الله عبدا ، فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته ، بالنظر إلى هذا العبد الجاهل بنفسه ) ،
وهو المنهمك في أحكام التفرقة الكونيّة ، الحائر في ظلمات كثرة الإمكان كما دلّ عليه كلام الخاتم حيث خاطب بالجمع، (وهو قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : "لو دلَّيتم بحبل لهبط على الله ").
"" الحديث : عن أبي هريرة، قال: بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «هل تدرون ما هذا؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقه الله تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه» ثم قال: «هل تدرون ما فوقكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها الرقيع، سقف محفوظ، وموج مكفوف»، ثم قال: «هل تدرون كم بينكم وبينها؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «بينكم وبينها مسيرة خمس مائة سنة». ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن فوق ذلك سماءين، ما بينهما مسيرة خمسمائة عام» حتى عد سبع سماوات، ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض، ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين». ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحتكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها الأرض». ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحت ذلك»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن تحتها أرضا أخرى، بينهما مسيرة خمس مائة سنة» حتى عد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمس مائة سنة. ثم قال: «والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله». ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} [الحديد: 3]. ""
رواه الترمذي والبيهقي وفي العظمة للآصبهاني والسنة لابن أبي عاصم وتحفة الأحوذي والهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد والجامع الكبير للسيوطي.
ظهر جهة الفوق والتحت باللَّه تعالى ، وباقي الجهات بالإنسان
ثمّ إنّه لما كان لله بحسب أسمائه الحسنى عند التوجّه إلى كمالها مظهران - :
أحدهما عند تمام أمر الظهور ، وهو العالم بأسره وهيأته الجمعيّة الإحاطيّة هو العرش .
وثانيهما عند كمال أمر الإظهار ، وهو آدم بتمامه وهيأته الجمعيّة الإحاطيّة هو الإنسان العبد - أشار إليهما في إثبات نسبة التحت وإضافته إلى الحقّ .
( فأشار ) بكلامه هذا (إلى أنّ نسبة التحت إليه كما نسب الفوقيّة إليه في قوله : “ يَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ “ [ 16 / 50 ] “وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه “ [ 6 / 18 ] فله الفوق والتحت) .
وهما الجهتان الحقيقيّتان اللتان قد حصلتا بظهور الحقّ وأمّا باقي الجهات فلا يظهر إلا بالإنسان ، الذي هو محلّ إظهار الحقّ تماما .
( ولهذا ما ظهرت الجهات الستّ إلا بالإنسان ) الذي هو موطن تمام الظهور والإظهار ( وهو على صورة الرحمن ) الجامع لتمام الأسماء .
وكيف لا يكون الأمر على هذا و قد أفاد الذوق الصحيح أنّ ...
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
الفصّ الأيوبي
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
قال رضي الله عنه : (إعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل اللّهمِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [ الأنبياء : 30 ] وما ثمّ شيء إلّا وهو حيّ ، فإنّه ما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد اللّه ولكن لا تفقه تسبيحه إلّا بكشف إلهيّ . ولا يسبّح إلّا حيّ .فكلّ شيء حيّ فكلّ شيء الماء أصله . ألا ترى العرش كيف كان على الماء)
فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لما كانت أحواله عليه السلام غالبا في زمان الابتلاء وقبله وبعده غيبية وصفت حكمته بالغيبية وأسندت إلى كلمته.والمراد بكون أحواله غيبية إنما ظهر من الغيب بلا سبب معهود وموجب مشهود ، فلا يرد أن أحوال جميع الأنبياء بل أهل العالم كلهم ظهرت من الغيب ، فلا اختصاص حينئذ ، لأن أكثر أحوالهم منوطة بشروط معهودة ومربوطة بأسباب مشهودة ، وتفصيل أحواله التي ظهرت من الغيب بلا سبب ظاهر مذكور في شرح الشيخ مؤيد الدين الجندي رحمه اللّه فمن أراده فليطالع ثمة .
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن سر الحياة ) ، يعني السر الذي هو الحياة . وإنما جعلها سرا لأنها أمر مغيب مستور في الحي لا تعلم إلا في آثارها كالحس والحركة والعلم والإرادة وغيرها ( سرى في الماء ) بسريان الهوية الغيبية فيه منصبغة بصفة الحياة .
وكان المراد بهذا الماء النفس الرحماني الذي هو هيولى للعالم مطلقا ، لأن الشيء المذكور في نتيجة المقدمات الآتية أعني قوله :
فكل شيء الماء أصله يعم عالم الأجسام وغيره ، لا الماء المتعارف .
ولهذا فرع عليه قوله ( فهو ) ، أي الماء ( أصل العناصر ) التي واحد منها الماء المتعارف ، فيلزم من ذلك أن يكون أصلا للمولدات أيضا ، لأن أصل الأصل أصل .
ومنها السماوات السبع ، لأنها عنصرية على مذهب الشيخ رضي اللّه عنه ( والأركان الأربعة ) ، أي سائر أركان العالم من العرش والكرسي
( ولذلك ( ، أي السريان سر الحياة في الماء ( جعل اللّه من الماء كل شيء حي وما ثم ) في الوجود ( شيء إلا وهو حي فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد اللّه ولكن لا يفقه تسبيحه إلا بكشف إلهي ، ولا يسبح إلا حي . فكل شيء حي فكل شيء الماء أصله ) ، والماء الذي هو أصل كل شيء ليس إلا النفس الرحماني ، وإنما أطلق اسم الماء عليه للطف سريانه في الأشياء ، أو لأنه شبيه بالنفس الإنساني الذي هو أجزاء صغار مائية ممزوجة بأجزائية هوائية فيصح إطلاق الماء عليه ،
قال رضي الله عنه : ( لأنّه منه تكوّن فطفا عليه فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنّظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بنفسه. وهو قوله عليه السّلام : « لو دلّيتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى نسبة التّحت إليه كما أنّ نسبة الفوق إليه في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [ النحل : 50 ] ، وَهُوَ )
فكذا على ما هو شبيه به ولكن على سبيل التجوز ( ألا ترى العرش ) وهو أول الأجسام ( كيف كان على الماء لأنه ) ، أي العرش ( منه ) ، أي الماء ( تكوّن فطفا ) ، أي علا وارتفع العرش ( عليه ) ، أي على الماء ، وذلك لأن العرش صورة ، والماء هيولاها وظاهر أن الصورة تعلو على الهيولى وتخفيها فيما تحتها ( فهو ) ، أي الماء ( يحفظه ) ، أي العرش ( من تحته ) ضرورة حفظ الهيولى للصورة ( كما أن الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه فهو ) سبحانه ( مع هذا يحفظه من تحته ) تحتية علو متوهمة له سبحانه ( بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه ) عند نفسه لا في نفس الأمر ، وللعبد بوجه آخر علو على الحق سبحانه . وذلك أن للعبد صورة تعين للوجود الحق ، والتعين لا بد أن يعلو على المتعين به ويستره تحته فهو مستور بالتعين العبداني ، ولولا وجود الحق المتعين به إذ لا تحقق للتعين بدون المتعين ، فالحق يحفظ العبد من تحته .
قال رضي الله عنه : ( و ) ما يدل على كون الحق تحت العبد ( هو قوله عليه السلام : "لو دليتم بحبل لهبط على اللّه" فأشار إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوقية ) . أي كنسبة الفوقية
"" الحديث : « عن أبي هريرة قال بينما نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب ، فقال نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم هل تدرون ما هذا ؟ فقالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : هذا العنان هذه زوايا الأرض يسوقه اللّه تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ، قال : هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف ؟ ثم قال هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : بين سنة ، ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع سماوات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين السماءين ، ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإنها الأرض ، ثم قال : هل تدرون ما الذي تحت ذلك ؟
قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السلفي لهبط على اللّه ثم قرأ :هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.". رواه الترمذي والبيهقي وابن ابي عاصم في السنة والأصبهاني في العظمة و الهيتمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد والسيوطي في الجامع الكبير"".
قال رضي الله عنه : ( الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ [ الأنعام : 18 ] فله الفوق والتّحت . ولهذا ما ظهرت الجهات السّتّ إلّا بالإنسان وهو على صورة الرّحمن . )
قال رضي الله عنه : (إليه ) فما زائدة كما في قوله فبما رحمة نسبت الفوقية إليه ( في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [ النحل : 50 ] وقوله ) تعالى : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِفله الفوق والتحت ) وسائر الجهات ( ولهذا ) ، أي لإحاطته بجميع الجهات ( ما ظهرت الجهات الست إلا بالنسبة إلى الإنسان ) ، لا به تعالى لأنه إذا أحاط بجميع الجهات لم يكن فوق لا يكون هو فيه وإلا لم يكن محيط بها ، وكذا لو لم يكن تحت لا يكون هو فيه ، وكذا سائر الجهات ، فلم تظهر الجهات بالنسبة إليه ، بخلاف الإنسان فإن له فوقا ليس هو فيه وكذلك له تحت ليس هو فيه ، وعلى هذا القياس سائر الجهات ، فلعدم إحاطته بالجهات بخلاف الحق سبحانه لإحاطته بها كما عرفت ( وهو ) ، أي الإنسان ( على صورة الرحمن ) فلو كان للحق جهة تكون باعتبار صورته لا باعتبار حقيقته ولو كان الإنسان محيطا بالجهات يكون باعتبار من هو على صورته لا باعتبار نفسه.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:46 عدل 7 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثالثة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلّا اللّه ، وقد قال في حقّ طائفة :وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَثمّ نكّر وعمّم فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْفدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْكلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ،لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وهو المطعم من الفوقيّة الّتي نسبت إليه ،وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ[ المائدة : 66 ] وهو المطعم من التّحتيّة الّتي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم . )
قال رضي الله عنه : (ولا مطعم ) في نفس الأمر إلا اللّه تعالى كما قال :وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ[ الأنعام : 14 ] وقد قال تعالى (في حق طائفة ) من أهل الكتابين (ولو أنهم أقاموا التوراة ) وهم اليهود (والإنجيل) وهم النصارى ، أي عملوا على مقتضى ذلك وتركوا هوى نفسهم والعمل بحسب أغراضهم الدنيوية ثم إنه بعد ذلك نكّر ولم يبين
القسم الثالث وهم هذه الأمة سترا عليها احتراما ما لنبيها عليه السلام وعمّم بما يشملها ويشمل القسمين قبلها فقال تعالى : ("وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ") [ المائدة : 66]
وهو القرآن العظيم نزل إلى هذه الآية من ربهم (فدخل في قوله) تعالى : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ كل حكم) من أحكام اللّه تعالى (منزل منه) تعالى (على لسان رسول) أولا أو لسان ولي وارث لرسول (ملهم) بصيغة اسم المفعول ، أي يلهمه اللّه تعالى ذلك الحكم المنزل
كما قال الجنيد رضي اللّه عنه : "المريد الصادق غني عن علم العلماء"
وصدق استقامته في الدين كما قال تعالى :إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30 ) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ[ فصلت : 30 - 31 ] "وإذا أراد الله بالمريد خيرا أوقعه إلى الصوفية ومنعه صحبة القراء " ، " وإن لم يجد شيخا مرشدا بسبب التباس الناس عليه من كثرة الفتن، واشتداد ظلمات الأغنياء والمحن، فعليه بملازمة كتب العارفين من المتقدمين والمتأخرين، فإن في ذلك كفاية لمن وفقه اللّه تعالى " كتاب الوجود الشيخ عبد الغني النابلسي
قال رضي الله عنه : (لأكلوا) ، أي أولئك الذين أقاموا كتبهم ، أي جاءهم الإمداد الجسماني والروحاني (من فوقهم وهو المطعم) سبحانه (من الفوقية) الروحانية (التي تنسب إليه) باعتبار العارفين به (ومن تحت أرجلهم وهو المطعم من التحتية) النفسانية (التي نسبها) اللّه سبحانه وتعالى إلى نفسه في الحديث (على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم) باعتبار الجاهلين به تعالى كما ذكرنا .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا يطعم إلا اللّه وقد قال اللّه في حق طائفة ) أي في حق قوم عيسى عليه السلام ( ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل ) أي ولو عملوا بما فيهما من الأحكام ( ثم نكر وعمم ) المعطوف ( فقال و ) أقاموا ( ما أنزل إليهم ) من الأحكام ( من ربهم فدخل في قولهوَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْكل حكم منزل ) من ربهم ( على لسان رسول اللّه ) ولم يوجد ذلك الحكم نسخا أو إثباتا في التورية والإنجيل وإلا لكان من التورية والإنجيل كسائر الأحكام الموجودة فيهما .
ويدل عليه قوله ( أو ملهم ) من ربهم على قلوبهم مما لا يعلم بالتوراة والإنجيل وما أنزل على لسان رسول من الأحكام وإلا لكان ذلك الحكم داخلا فيها والمقصود تعميم الحكم بها لا يدخل فيها
قال رضي الله عنه : ( لأكلوا ) من المعارف الإلهية وهي الأرزاق الروحانية ( من ) جهة ( فوقهم ) المعنوي كما أكلوا الرزق الصوري من فوقهم الصوري بسبب المطر فعلى أيّ حال ( وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه و ) لأكلوا الرزق المعنوي ( من تحت أرجلهم ) بالسلوك والرياضات والمجاهدات كما أكلوا الرزق الصوري من أنواع الفواكه من الأرض التي تحت أرجلهم ( وهو المطعم من التحية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه ) بقوله : "لو دليتم بحبل لهبط على اللّه " .
ولما فرغ عن بيان حفظ وجود الحق عباده من فوقهم وتحتهم رجع إلى إثبات حفظ الماء وجود العرش من تحته.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال: وكل شيء حي ومسبح بحمد الله ولا يفقه تسبيحه إلا أهل معرفة لغة الله، عز وجل، وأما كون العرش على الماء، فلكون العرش مرادا لأنه جسم.
قال: الحق تعالی تحت كل تحت بدليل قوله: «لو دليتم بحبل لسقط أو لهبط على الله»
قال: وهو فوق الفوق بدليل قوله تعالى : يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (النحل: 50)، وهو القاهر فوق عباده (الأنعام: 18) فله الفوق والتحت.
""أضاف الجامع :
وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) سورة البقرة
إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) آل عمران
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) سورة النساء
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج ""
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
وقال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلَّا الله ، وقد قال في حق طائفة : " وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجِيلَ " ثمّ نكرّ وعمّم ، فقال " وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " فدخل في قوله : " وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " كلّ حكم منزل أو ملهم ، " لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه "وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه عليه السّلام)
يعني رضي الله عنه : إذا عدم الحيّ الحياة التي الماء صورته ، انحلَّت أجزاء نظامه ، وذلك لأنّ الحرارة الغريزيّة التي بها حياة الحيّ إنّما تنحفظ بالرطوبة الغريزيّة ، فحياة الحرارة أيضا بالرطوبة ، وهي صورة الماء ، فبفقدانه وجود الموت الذي هو افتراق أجزاء الإنسان ، فافهم .
ثم عدل رضي الله عنه بعد هذه المقدّمات أن قال : "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ "
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله ، وقد قال في حق طائفة "ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ ". ثم نكر وعمم فقال :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " فدخل في قوله :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم . " لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " هو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه " ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه عليه الصلاة والسلام ).
هذا بيان الإحاطة وحفظه للعبد من جميع الجهات ، فإن الإحاطة والحفظ من الصفات الرحمانية ، ومن الحفظ الإطعام فإنه من الأمداد الرحمانية التي لو انقطعت لهلك العبد ،
وقد قال الله تعالى :" لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " . أي لو أقاموا ما في الكتب الإلهية وهيأوا الاستعداد لأطعمناهم من جميع الجهات ،
والتحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله وهو قوله « لو دليتم بحبل الله لهبط على الله » .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"
"" أضاف بالي زادة : من حيث أنه مخلوق على الصورة ، وهو الجاهل بنفسه لأنه لو عرف نفسه عرف ربه ولو عرفه ما كبر وما اعتلى ( على لسان رسول الله ) ولم يوجد ذلك الحكم نسخا أو إثباتا في التوراة والإنجيل ، وإلا لكان منهما كسائر الأحكام الموجودة ، ويدل عليه قوله (أو ملهم) من ربهم على قلوبهم والمقصود (تعميم) الحكم بما لا يدخل فيهما (لأكلوا) من المعارف الإلهية وهي الأرزاق الروحانية (من جهة فوقهم ) المعنوي كما أكلوا الرزق الصوري بسبب المطر ، فعلى أي حال (وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه و) لأكلوا الرزق المعنوي (من تحت أرجلهم) بالسلوك والمجاهدات كما أكلوا الرزق الصوري من أنواع الفواكه من الأرض التي تحت أرجلهم اهـ بالى زادة. ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : (ولا مطعم إلا الله . وقد قال في حق طائفة : " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل " ثم نكر وعمم ، فقال : " وما أنزل إليهم من ربهم " . فدخل في قوله : " وما أنزل إليهم من ربهم " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ، " لأكلوا من فوقهم " وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه الحق " ومن تحت أرجلهم " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه ، صلى الله عليه وسلم . ) .
لما قال : إن نسبة الفوقية والتحتية إليه سبحانه سواء ، أراد أن يبين أنه تعالى يربي عباده منهما.
فقوله : ( لا مطعم إلا الله ) مأخوذ من قوله تعالى : ( وهو يطعم ولا يطعم ) .
وإنما جاء به ، لأنه تعالى قال في حق قوم موسى وعيسى ، عليهما السلام : ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ) ، أي ، أحكامهما . ( وما أنزل إليهم من ربهم )
من الكتب الإلهية على لسان أي رسول كان ، أو على قلوب عباده بطريق الإلهام ، ( لأكلوا ) أي ، الرزق المعنوي من العلوم والمعارف والحكم . ( من فوقهم ) أي ، من ربهم الذي يطعمهم ويربيهم من الجهة الفوقية .
( ومن تحت أرجلهم ) ، أي ، لأكلوا رزق الوجدانيات ولذاقوا ذوق التجليات ونالوا الحالات الذوقية والواردات الإلهية التي تحصل بالسلوك بالأرجل والحق هو المطعم والمربى من جهة التحتية أيضا ، كما نسبها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
بقوله : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:45 عدل 6 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثالثة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله ، وقد قال في حق طائفة "ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ ". ثم نكر وعمم فقال :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " فدخل في قوله :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم . " لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " هو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه " ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه عليه الصلاة والسلام ).
هذا بيان الإحاطة وحفظه للعبد من جميع الجهات ، فإن الإحاطة والحفظ من الصفات الرحمانية ، ومن الحفظ الإطعام فإنه من الأمداد الرحمانية التي لو انقطعت لهلك العبد ،
وقد قال الله تعالى :" لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " . أي لو أقاموا ما في الكتب الإلهية وهيأوا الاستعداد لأطعمناهم من جميع الجهات ،
والتحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله وهو قوله « لو دليتم بحبل الله لهبط على الله » .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"
"" أضاف بالي زادة : من حيث أنه مخلوق على الصورة ، وهو الجاهل بنفسه لأنه لو عرف نفسه عرف ربه ولو عرفه ما كبر وما اعتلى ( على لسان رسول الله ) ولم يوجد ذلك الحكم نسخا أو إثباتا في التوراة والإنجيل ، وإلا لكان منهما كسائر الأحكام الموجودة ، ويدل عليه قوله (أو ملهم) من ربهم على قلوبهم والمقصود (تعميم) الحكم بما لا يدخل فيهما (لأكلوا) من المعارف الإلهية وهي الأرزاق الروحانية (من جهة فوقهم ) المعنوي كما أكلوا الرزق الصوري بسبب المطر ، فعلى أي حال (وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه و) لأكلوا الرزق المعنوي (من تحت أرجلهم) بالسلوك والمجاهدات كما أكلوا الرزق الصوري من أنواع الفواكه من الأرض التي تحت أرجلهم اهـ بالى زادة. ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : (ولا مطعم إلا الله . وقد قال في حق طائفة : " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل " ثم نكر وعمم ، فقال : " وما أنزل إليهم من ربهم " . فدخل في قوله : " وما أنزل إليهم من ربهم " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ، " لأكلوا من فوقهم " وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه الحق " ومن تحت أرجلهم " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه ، صلى الله عليه وسلم . ) .
لما قال : إن نسبة الفوقية والتحتية إليه سبحانه سواء ، أراد أن يبين أنه تعالى يربي عباده منهما.
فقوله : ( لا مطعم إلا الله ) مأخوذ من قوله تعالى : ( وهو يطعم ولا يطعم ) .
وإنما جاء به ، لأنه تعالى قال في حق قوم موسى وعيسى ، عليهما السلام : ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ) ، أي ، أحكامهما . ( وما أنزل إليهم من ربهم )
من الكتب الإلهية على لسان أي رسول كان ، أو على قلوب عباده بطريق الإلهام ، ( لأكلوا ) أي ، الرزق المعنوي من العلوم والمعارف والحكم . ( من فوقهم ) أي ، من ربهم الذي يطعمهم ويربيهم من الجهة الفوقية .
( ومن تحت أرجلهم ) ، أي ، لأكلوا رزق الوجدانيات ولذاقوا ذوق التجليات ونالوا الحالات الذوقية والواردات الإلهية التي تحصل بالسلوك بالأرجل والحق هو المطعم والمربى من جهة التحتية أيضا ، كما نسبها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
بقوله : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : (ولا مطعم إلّا اللّه ، وقد قال في حقّ طائفة :وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ[ المائدة : 66 ] ، ثمّ نكّر وعمّم ؛ فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ [ المائدة : 66 ] ، فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ[ المائدة : 66 ] ، كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ،لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ[ المائدة : 66 ] ، وهو المطعم من الفوقيّة الّتي نسبت إليه ،وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [ المائدة : 66 ] وهو المطعم من التّحتيّة الّتي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلّى اللّه عليه وسلّم).
وهو أي : الدليل على ذلك ( قوله عليه السّلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه ») باعتبار ماله من نسبة التحت ، ( فأشار إلى أن نسبة التحت إليه ) ؛ لأن قوامه به ،
( كما أن نسبة الفرق إليه المذكورة في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ، وقوله :وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) [ الأنعام : 18 ] .
وإذا ثبت ( له الفوق ) بالقرآن ( والتحت ) بالحديث قلة الفوق ، وإن نفاه الجاهل المتكبر المتعالي عليه والتحت ، وإن نفاه العامة وهما الجهتان الحقيقيتان المحتجبتان إلى المقوم لهما بالوجود بخلاف الجهات الست ، فإنها باعتبارته لتبدلها بتبدل أوضاع الإنسان .
""أضاف الجامع :
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج ""
( ولهذا ) أي : والاختصاص الحق بالجهتين الحقيقيتين المتحدد بهما محيط العالم ، ومركزه دون الجهات الست ( ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ) من حيث أن له عبد قيامه الذي هو الوضع الطبيعي له رأسا ورجلا ووجها وظهرا ويدين إحديهما أقوى من الأخرى ، غالبا يتعين بذلك ما تقرّب من كل واحد منهما ، ويتبدل بتبدل توجهاته ، ( وهو على صورة الرحمن ) المستوي على المحدد للجهات ، فنسب إليه الجهات لست بواسطته ، وإلا فالمحدد إنما حدد بالذات جهة الفوق ما يقرب من المحيط ، وجهة التحت ما هو غاية البعد منه ، وحفظ الحق يلحق بهاتين الجهتين لا غير ، والدليل عليه أنه ( لا مطعم إلا اللّه ) ، وهو من أسباب الحفظ ، ولا فرق بين هذا السبب وبين غيره .
( وقد قال في حق طائفة ) : لو كانوا كما قال فهم أكمل الطوائف ما يدل على انحصاره في الجهتين في حقهم ، فغيرهم أولى بألا يزيد لهم جهة أخرى ،وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ[ المائدة : 66 ] ، ( ثم نكّر ) ولم يقصد به الأفراد بل ( عمّم ) ؛ حتى يدل على أنه لا جهة للإطعام سواهما أصلا ، ( فقال ) :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ[ المائدة : 66 ] ،
( فدخل ) بطريق التصريح بعد دخوله في إقامة التوراة والإنجيل بطريق من الطرق ( في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) كل أمر حكيم أي : محكم مؤيد بموافقة الكتاب والسنة والأدلة العقلية غير متزلزل بوجه من الوجوه ، وفي بعض النسخ ( كل حكم منزل على لسان رسول ) في الظاهر ، ( أو ملهم ) في الباطن لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ،ولا أكل في جهة ما لم يكن الموكل منسوبا إليها ، وهو واحد ؛
ولذلك يقول : هو المطعم من الجهة الفوقية ، وكيف لا وهي ( التي نسبت إليه ) في الكتاب ، ونفي الجهة عنه إنما بطريق تحيزه فيها ،وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ،( وهو المطعم من التحية التي نسبتها إلى نفسه ) ، وإن لم ينص عليها في كتابه ، بل يكفي في ذلك كونها ( على لسان رسوله المترجم عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، فلا يقول عنه ما لم يقل ، فليس سواها بمجرد قول الجاهل المذكور ، فلا يبعد موافقة قوله الحق على أنه ليس على الوجه الذي توهمه .
ولما انحصر الحفظ في هاتين الجهتين ، وحفظ كل حي بحياته وحياة العرش فائضة عن الماء ، ثبت أنه ( لو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ) ، وإن كان وجود ما ليس على الماء ، ولو من الأشياء المخلوقة منه محفوظا بدون كونه على الماء ، إذ حياته التي بها استوى اسمه الرحمن عليه لتدبير العالم منوطة بالماء ، فإنها وإن كانت بالنفس المنطبعة فيه لكن لا بد لتعلقها به من اعتدال المزاج ، وليس ذلك إلا بهذا الماء الحامل له ، وإلا فليس فيه طبائع مختلفة فضلا عن حصول المزاج منها ، وإذا كانت حياته به فحفظه به ؛ ( فإنه بالحياة يحفظ وجود الحي ) وإن انحفظ بدونها وجود أجزائه ، واستدل عليه بالاستقراء والتمثيل .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
وكيف لا يكون الأمر على هذا ( و ) قد أفاد الذوق الصحيح أنّه ( لا مطعم إلا الله ) ، أي لا مفيض لما يتغذّى به الشخص في أطواره روحانيّا ذلك أو نفسانيّا أو جسمانياًّ إلا الله ، ( وقد قال في حقّ طائفة : “ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجِيلَ “ ) بإنفاذ أحكامهما وهما الكتابان المنزلان على الرسولين : أحدهما الغالب عليه التنزيه ، والآخر التشبيه .
ولما كان فيض الحقّ لا يختص بأن يكون من الرسول أو كتابه ، فإنّ لكل أحد مدرجة خاصّة إلى فيضه العامّ ، لذلك قال - : ( ثم نكَّر وعمّم وقال : “وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ “ - فدخل في قوله : “وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ “ كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم )
على غيره من الناس ( “لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ “ ، وهو المطعم من الفوقيّة التي نسبت إليه ) عقلا وعقدا من العلو التنزيهي .
قال رضي الله عنه : (“وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ“ [ 5 / 66 ] وهو المطعم من التحتيّة التي نسبها إلى نفسه ، على لسان رسوله المترجم عنه صلَّى الله عليه وسلَّم “).
المعرب عن الأشياء والمظهر إيّاها على ما هي عليه في نفسها ، وذلك في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « لهبط على الله » ، وهو طرف التشبيه الحقيقيّ الختميّ ، الذي فيه نهاية التنزيه - كما نبّهت عليه غير مرّة .
ويمكن أن ينزل هذين الطرفين للفيض الوارد من الحقّ إلى طريقي الكسب والوهب ، فإنّ الوهب من جهة فوق الامتنان وعلوّ رحمته تعالى ، والكسب من طرف تحت السؤال ومساعي أرجل جدّ العبد وتعبه .
ثمّ إذا تقرّر أنّ الماء الذي عليه العرش هو الذي يحفظه.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلّا اللّه ، وقد قال في حقّ طائفة : وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ثمّ نكّر وعمّم فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ،"لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ " وهو المطعم من الفوقيّة الّتي نسبت إليه ،"وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ" [ المائدة : 66 ] وهو المطعم من التّحتيّة الّتي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم .)
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم ) بالغذاء الروحاني والجسماني ( إلا اللّه وقد قال في حق طائفة ) : وهم قوم موسى وعيسى عليهما السلام (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) [ المائدة : 66 ] بالانقياد لأحكامهم ( ثم نكر وعمم فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ كل حكم منزل منه على لسان رسول أو ملهم ) ، أي معلم بالإلهام الرباني لأرباب القلوب
(لَأَكَلُوا) الأرزاق الروحانية من العلوم والمعارف الوهبية ( من فوقهم وهو المطعم من الجهة الفوقية التي نسبت إليه و ) من الأحوال والمواجيد الكسبية الحاصلة لهم بسلوك الطريقة بالأرجل ( من تحت أرجلهم وهو المطعم من الجهة التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم ) ،
وإنما قال رضي اللّه عنه في الجهة الفوقية " نسبت" على صيغة المجهول وفي الجهة التحتية " نسبها " بإسناد نسبتها إليه سبحانه نظرا إلى حال المحجوبين فإنهم لا يتوحشون من نسبة الفوقية إليه تعالى كما يتوحشون من نسبة التحتية ، كيف وقد ذهب بعضهم إلى إثبات الجهة الفوقية له تعالى وأسند إليه سبحانه نسبة التحتية مع أنها وقعت على لسان رسوله صلى اللّه عليه وسلم دفعا لتوحشهم .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله ، وقد قال في حق طائفة "ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ ". ثم نكر وعمم فقال :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " فدخل في قوله :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم . " لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " هو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه " ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه عليه الصلاة والسلام ).
هذا بيان الإحاطة وحفظه للعبد من جميع الجهات ، فإن الإحاطة والحفظ من الصفات الرحمانية ، ومن الحفظ الإطعام فإنه من الأمداد الرحمانية التي لو انقطعت لهلك العبد ،
وقد قال الله تعالى :" لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " . أي لو أقاموا ما في الكتب الإلهية وهيأوا الاستعداد لأطعمناهم من جميع الجهات ،
والتحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله وهو قوله « لو دليتم بحبل الله لهبط على الله » .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"
"" أضاف بالي زادة : من حيث أنه مخلوق على الصورة ، وهو الجاهل بنفسه لأنه لو عرف نفسه عرف ربه ولو عرفه ما كبر وما اعتلى ( على لسان رسول الله ) ولم يوجد ذلك الحكم نسخا أو إثباتا في التوراة والإنجيل ، وإلا لكان منهما كسائر الأحكام الموجودة ، ويدل عليه قوله (أو ملهم) من ربهم على قلوبهم والمقصود (تعميم) الحكم بما لا يدخل فيهما (لأكلوا) من المعارف الإلهية وهي الأرزاق الروحانية (من جهة فوقهم ) المعنوي كما أكلوا الرزق الصوري بسبب المطر ، فعلى أي حال (وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه و) لأكلوا الرزق المعنوي (من تحت أرجلهم) بالسلوك والمجاهدات كما أكلوا الرزق الصوري من أنواع الفواكه من الأرض التي تحت أرجلهم اهـ بالى زادة. ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : (ولا مطعم إلا الله . وقد قال في حق طائفة : " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل " ثم نكر وعمم ، فقال : " وما أنزل إليهم من ربهم " . فدخل في قوله : " وما أنزل إليهم من ربهم " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ، " لأكلوا من فوقهم " وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه الحق " ومن تحت أرجلهم " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه ، صلى الله عليه وسلم . ) .
لما قال : إن نسبة الفوقية والتحتية إليه سبحانه سواء ، أراد أن يبين أنه تعالى يربي عباده منهما.
فقوله : ( لا مطعم إلا الله ) مأخوذ من قوله تعالى : ( وهو يطعم ولا يطعم ) .
وإنما جاء به ، لأنه تعالى قال في حق قوم موسى وعيسى ، عليهما السلام : ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ) ، أي ، أحكامهما . ( وما أنزل إليهم من ربهم )
من الكتب الإلهية على لسان أي رسول كان ، أو على قلوب عباده بطريق الإلهام ، ( لأكلوا ) أي ، الرزق المعنوي من العلوم والمعارف والحكم . ( من فوقهم ) أي ، من ربهم الذي يطعمهم ويربيهم من الجهة الفوقية .
( ومن تحت أرجلهم ) ، أي ، لأكلوا رزق الوجدانيات ولذاقوا ذوق التجليات ونالوا الحالات الذوقية والواردات الإلهية التي تحصل بالسلوك بالأرجل والحق هو المطعم والمربى من جهة التحتية أيضا ، كما نسبها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
بقوله : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : (ولا مطعم إلّا اللّه ، وقد قال في حقّ طائفة :وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ[ المائدة : 66 ] ، ثمّ نكّر وعمّم ؛ فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ [ المائدة : 66 ] ، فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ[ المائدة : 66 ] ، كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ،لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ[ المائدة : 66 ] ، وهو المطعم من الفوقيّة الّتي نسبت إليه ،وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [ المائدة : 66 ] وهو المطعم من التّحتيّة الّتي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلّى اللّه عليه وسلّم).
وهو أي : الدليل على ذلك ( قوله عليه السّلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه ») باعتبار ماله من نسبة التحت ، ( فأشار إلى أن نسبة التحت إليه ) ؛ لأن قوامه به ،
( كما أن نسبة الفرق إليه المذكورة في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ، وقوله :وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) [ الأنعام : 18 ] .
وإذا ثبت ( له الفوق ) بالقرآن ( والتحت ) بالحديث قلة الفوق ، وإن نفاه الجاهل المتكبر المتعالي عليه والتحت ، وإن نفاه العامة وهما الجهتان الحقيقيتان المحتجبتان إلى المقوم لهما بالوجود بخلاف الجهات الست ، فإنها باعتبارته لتبدلها بتبدل أوضاع الإنسان .
""أضاف الجامع :
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج ""
( ولهذا ) أي : والاختصاص الحق بالجهتين الحقيقيتين المتحدد بهما محيط العالم ، ومركزه دون الجهات الست ( ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ) من حيث أن له عبد قيامه الذي هو الوضع الطبيعي له رأسا ورجلا ووجها وظهرا ويدين إحديهما أقوى من الأخرى ، غالبا يتعين بذلك ما تقرّب من كل واحد منهما ، ويتبدل بتبدل توجهاته ، ( وهو على صورة الرحمن ) المستوي على المحدد للجهات ، فنسب إليه الجهات لست بواسطته ، وإلا فالمحدد إنما حدد بالذات جهة الفوق ما يقرب من المحيط ، وجهة التحت ما هو غاية البعد منه ، وحفظ الحق يلحق بهاتين الجهتين لا غير ، والدليل عليه أنه ( لا مطعم إلا اللّه ) ، وهو من أسباب الحفظ ، ولا فرق بين هذا السبب وبين غيره .
( وقد قال في حق طائفة ) : لو كانوا كما قال فهم أكمل الطوائف ما يدل على انحصاره في الجهتين في حقهم ، فغيرهم أولى بألا يزيد لهم جهة أخرى ،وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ[ المائدة : 66 ] ، ( ثم نكّر ) ولم يقصد به الأفراد بل ( عمّم ) ؛ حتى يدل على أنه لا جهة للإطعام سواهما أصلا ، ( فقال ) :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ[ المائدة : 66 ] ،
( فدخل ) بطريق التصريح بعد دخوله في إقامة التوراة والإنجيل بطريق من الطرق ( في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) كل أمر حكيم أي : محكم مؤيد بموافقة الكتاب والسنة والأدلة العقلية غير متزلزل بوجه من الوجوه ، وفي بعض النسخ ( كل حكم منزل على لسان رسول ) في الظاهر ، ( أو ملهم ) في الباطن لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ،ولا أكل في جهة ما لم يكن الموكل منسوبا إليها ، وهو واحد ؛
ولذلك يقول : هو المطعم من الجهة الفوقية ، وكيف لا وهي ( التي نسبت إليه ) في الكتاب ، ونفي الجهة عنه إنما بطريق تحيزه فيها ،وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ،( وهو المطعم من التحية التي نسبتها إلى نفسه ) ، وإن لم ينص عليها في كتابه ، بل يكفي في ذلك كونها ( على لسان رسوله المترجم عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، فلا يقول عنه ما لم يقل ، فليس سواها بمجرد قول الجاهل المذكور ، فلا يبعد موافقة قوله الحق على أنه ليس على الوجه الذي توهمه .
ولما انحصر الحفظ في هاتين الجهتين ، وحفظ كل حي بحياته وحياة العرش فائضة عن الماء ، ثبت أنه ( لو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ) ، وإن كان وجود ما ليس على الماء ، ولو من الأشياء المخلوقة منه محفوظا بدون كونه على الماء ، إذ حياته التي بها استوى اسمه الرحمن عليه لتدبير العالم منوطة بالماء ، فإنها وإن كانت بالنفس المنطبعة فيه لكن لا بد لتعلقها به من اعتدال المزاج ، وليس ذلك إلا بهذا الماء الحامل له ، وإلا فليس فيه طبائع مختلفة فضلا عن حصول المزاج منها ، وإذا كانت حياته به فحفظه به ؛ ( فإنه بالحياة يحفظ وجود الحي ) وإن انحفظ بدونها وجود أجزائه ، واستدل عليه بالاستقراء والتمثيل .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
وكيف لا يكون الأمر على هذا ( و ) قد أفاد الذوق الصحيح أنّه ( لا مطعم إلا الله ) ، أي لا مفيض لما يتغذّى به الشخص في أطواره روحانيّا ذلك أو نفسانيّا أو جسمانياًّ إلا الله ، ( وقد قال في حقّ طائفة : “ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجِيلَ “ ) بإنفاذ أحكامهما وهما الكتابان المنزلان على الرسولين : أحدهما الغالب عليه التنزيه ، والآخر التشبيه .
ولما كان فيض الحقّ لا يختص بأن يكون من الرسول أو كتابه ، فإنّ لكل أحد مدرجة خاصّة إلى فيضه العامّ ، لذلك قال - : ( ثم نكَّر وعمّم وقال : “وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ “ - فدخل في قوله : “وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ “ كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم )
على غيره من الناس ( “لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ “ ، وهو المطعم من الفوقيّة التي نسبت إليه ) عقلا وعقدا من العلو التنزيهي .
قال رضي الله عنه : (“وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ“ [ 5 / 66 ] وهو المطعم من التحتيّة التي نسبها إلى نفسه ، على لسان رسوله المترجم عنه صلَّى الله عليه وسلَّم “).
المعرب عن الأشياء والمظهر إيّاها على ما هي عليه في نفسها ، وذلك في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « لهبط على الله » ، وهو طرف التشبيه الحقيقيّ الختميّ ، الذي فيه نهاية التنزيه - كما نبّهت عليه غير مرّة .
ويمكن أن ينزل هذين الطرفين للفيض الوارد من الحقّ إلى طريقي الكسب والوهب ، فإنّ الوهب من جهة فوق الامتنان وعلوّ رحمته تعالى ، والكسب من طرف تحت السؤال ومساعي أرجل جدّ العبد وتعبه .
ثمّ إذا تقرّر أنّ الماء الذي عليه العرش هو الذي يحفظه.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلّا اللّه ، وقد قال في حقّ طائفة : وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ثمّ نكّر وعمّم فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ،"لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ " وهو المطعم من الفوقيّة الّتي نسبت إليه ،"وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ" [ المائدة : 66 ] وهو المطعم من التّحتيّة الّتي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم .)
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم ) بالغذاء الروحاني والجسماني ( إلا اللّه وقد قال في حق طائفة ) : وهم قوم موسى وعيسى عليهما السلام (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) [ المائدة : 66 ] بالانقياد لأحكامهم ( ثم نكر وعمم فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ كل حكم منزل منه على لسان رسول أو ملهم ) ، أي معلم بالإلهام الرباني لأرباب القلوب
(لَأَكَلُوا) الأرزاق الروحانية من العلوم والمعارف الوهبية ( من فوقهم وهو المطعم من الجهة الفوقية التي نسبت إليه و ) من الأحوال والمواجيد الكسبية الحاصلة لهم بسلوك الطريقة بالأرجل ( من تحت أرجلهم وهو المطعم من الجهة التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم ) ،
وإنما قال رضي اللّه عنه في الجهة الفوقية " نسبت" على صيغة المجهول وفي الجهة التحتية " نسبها " بإسناد نسبتها إليه سبحانه نظرا إلى حال المحجوبين فإنهم لا يتوحشون من نسبة الفوقية إليه تعالى كما يتوحشون من نسبة التحتية ، كيف وقد ذهب بعضهم إلى إثبات الجهة الفوقية له تعالى وأسند إليه سبحانه نسبة التحتية مع أنها وقعت على لسان رسوله صلى اللّه عليه وسلم دفعا لتوحشهم .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:45 عدل 3 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الرابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحي . ألا ترى أنّ الحيّ إذا مات الموت العرفيّ تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النّظم الخاصّ ؟ قال تعالى لأيّوب :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ [ ص : 42 ] يعني ماء بارد - وشراب لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكّنه اللّه ببرد الماء . ولهذا كان الطّبّ النّقص من الزّائد ، والزّيادة في النّاقص . والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلّا أنّه يقاربه . ).
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن العرش) العظيم (على الماء) كما أخبر تعالى (ما انحفظ) عليه (وجوده) لمحة من اللمحات (فإنه) ، أي الشأن (بالحياة) السارية (ينحفظ وجود الحي) فلا يموت.
(ألا ترى) يا أيها السالك أنّ الحيوان (الحي إذا مات الموت العرفي) ، أي المعروف تنحل ، أي تتفرق (أجزاء نظامه) ، أي تركيبه المخصوص (وتنعدم قواه) العرضية الصادرة فيه (عن ذلك النّظم) ، أي التركيب (الخاص قال اللّه تعالى لأيوب) عليه السلام (أركض) ، أي اضرب الأرض (برجلك) تخرج لك
عين ماء صافية ، فركض برجله فخرجت فقيل له : (هذا مغتسل يعني ماء بارد) تغتسل به (وشراب) تشرب منه فيشفيك (لما) ، أي قيل له ذلك لأجل (ما كان) أيوب عليه السلام (عليه من إفراط )، أي كثرة حرارة الألم ، أي الوجع الذي فيه (فسكنه) ، أي إفراط الحرارة (اللّه) تعالى (ببرد الماء) الذي أخرجه له (ولهذا) ، أي لأجل ما ذكر (كان الطب) عند علمائه في حصول صحة الأبدان معناه (نقصا) في المزاج من الخلط الزائد والكيفية الزائدة كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والزيادة في الخلط .
قال رضي الله عنه : (الناقص) والكيفية الناقصة حتى تعتدل الأخلاط والكيفيات في البدن ، وإن كان الاعتدال الحقيقي لا يمكن حصوله إلا بالنسبة إلى المزاج الكثير الانحراف ، فهو اعتدال نسبي إذ لو كان حقيقيا لما قبل الموت والانحلال ، ولهذا لما تتركب الأجسام في يوم القيامة تركبا معتدلا اعتدالا حقيقا كما زعم بعضهم لا تفسد بعد ذلك أصلا إلى الأبد ، ولا يغلب عليها الحرارة بمجاورة النار ولا البرودة بمجاورة الزمهرير في جهنم بل يبقى الاعتدال فيها ، لأنها نشأة أخرى صحيحة غير نشأة الدنيا كما قال تعالى وأن عليه النشأة الأخرى .
قال رضي الله عنه : (فالمقصود) من علم الطب في معالجة أجسام المرضى (طلب) حصول (الاعتدال) الحقيقي فيها حتى يستقيم نشؤها (ولا سبيل) ، أي لا طريق إليه ، أي إلى ذلك الاعتدال المطلوب فلا يمكن حصوله إلا أنه ، أي الاعتدال المطلوب يعني الطب يقاربه ، أي يقارب ذلك الاعتدال الحقيقي وهو الاعتدال النسبي كما ذكرنا .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
فقال رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي ينحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) وكل شيء حي وكل حي ينحفظ وجوده بالحياة ومن الماء كل شيء حي فإذا لم يكن العرش على الماء لم ينحفظ وجوده من تحته فلم يكن حيا بل ينحل أجزاءه عن الظلم الخاص وتبدلت أخرى فاختص حفظ الإنسان بالنص الإلهي بالحق وحفظ العرش بالماء ، مع أنه هو حافظ أيضا تعظيما لشأن الإنسان فعظمه اللّه حق تعظيم فلو علم الإنسان قدره عند اللّه لم يخالف قط .
ولما فرغ عن بيان خواص الماء وما يتوقف عليه من معرفة حال أيوب شرع في بيان حال أيوب عليه السلام
قال رضي الله عنه : ( قال اللّه تعالى لأيوب :ارْكُضْ) أي اضرب بِرِجْلِكَ الأرض فلما ركض خرج منها الماء فقال : (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ[ ص : 42 ] أي ماء بارد ) ، يزيل باغتساله مرضك من بدنك وإنما كان الماء باردا ( لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكنه اللّه ) إفراطها (ببرد الماء ) من التسكين الضمير يرجع إلى الإفراط فسكن اللّه إفراطها الزائد المهلك فبقي الحرارة النافعة للإنسان والإشارة فيه .
وهي أن اللّه تعالى أمر نبيه بضرب الرجل على الأرض ليخرج منها الماء لإزالته ألم البدن فهو أمر لنا بالسلوك والمجاهدة ليخرج الماء الحياة وهو العلم باللّه والأرض وجودنا لإزالة أمراض أرواحنا وهي الحجبات المبعدة عن الحق وفي هذه الآية سر لطيف .
وهو أن السالكين سلوك التقوى بالمجاهدة والرياضات إذا اجتمعوا في منزل وذكروا اللّه كثيرا بأعلى صوت وضربوا أرجلهم على الأرض مع الحركة أيّ حركة كانت
وكانت نيتهم بذلك لإزالة ألم الروحاني جاز منهم ذلك إذ ضرب الرجل الصوري على الأرض الصورية مع الذكر الصوري بنية خالصة يوصل إلى الحقيقة إذ ما من حكم شرعي إلا وله حقيقة يوصل عامل إلى حقيقته ( ولهذا ) أي لكون الإزالة إفراط الحرارة مطلقا ( كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص فالمقصود ) من نقص الزائد وازدياد الناقص ( طلب الاعتدال ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه ) فكان المزاج المنحرف قريبا من الاعتدال بالتداوي
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي. ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟ قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص. والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال: وكل شيء حي ومسبح بحمد الله ولا يفقه تسبيحه إلا أهل معرفة لغة الله، عز وجل، وأما كون العرش على الماء، فلكون العرش مرادا لأنه جسم.
قال: الحق تعالی تحت كل تحت بدليل قوله: «لو دليتم بحبل لسقط أو لهبط على الله»
قال: وهو فوق الفوق بدليل قوله تعالى : يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (النحل: 50)، وهو القاهر فوق عباده (الأنعام: 18) فله الفوق والتحت.
ثم بعد قليل ذكر أن الطب طلب الاعتدال قال وهو غير واقع
ونحن نقول: إن الأطباء قالوا: إنه غير واقع ولسنا نقول ذلك بل ما يكون موجود واحد إلا باعتدلال ما يخص ذلك الموجود.
فإن قلت: المراد هو الاعتدال المطلق. قلنا: ما لنا شيء مطلق إلا ما فاق الاعتدالات كلها ولا كل لها، إذ ليست متناهية وغير المتناهي ما له كل، فالذي يقتضيه الشهود أنه لا يقع في الوجود إلا الاعتدال لأن كل انحراف فهو اعتدال فإن الانحراف الذي يقتضي فساد صورة هو اعتداله يقتضي كون صورة أخرى ولا يلزم أن تكون الصورة المعدومة أنقص من الصورة المتجددة بانعدامها.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه في الحياة ينحفظ وجود الحيّ ، ألا ترى الحيّ إذا مات الموت العرفيّ ، انحلَّت أجزاء نظامه ، وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاصّ ؟ )
يعني رضي الله عنه : إذا عدم الحيّ الحياة التي الماء صورته ، انحلَّت أجزاء نظامه ، وذلك لأنّ الحرارة الغريزيّة التي بها حياة الحيّ إنّما تنحفظ بالرطوبة الغريزيّة ، فحياة الحرارة أيضا بالرطوبة ، وهي صورة الماء ، فبفقدانه وجود الموت الذي هو افتراق أجزاء الإنسان ، فافهم .
ثم عدل رضي الله عنه بعد هذه المقدّمات إلى أن
قال رضي الله عنه : ( قال الله تعالى لأيّوب : "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ " يعني ماء " بارِدٌ وَشَرابٌ " لما كان عليه من حرارة الألم ، فسكَّنه الله ببرد الماء ، ولهذا كان الطبّ النقص من الزائد والزيادة في الناقص ) .
يعني : طبّة الله تعالى بنقص حرارة الألم وزيادة البرد والسلام منها ، فإنّها كانت أعني الآلام نارا أوقدها الشيطان سبع سنين في أعضاء أيّوب ، فشفاه الله عنها بهذا الطبّ الإلهي
.
ثم قال رضي الله عنه : ( والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلَّا أنّه يقاربه)
قال العبد : كان رضي الله عنه يريد الكون الخلقيّ والحقيّ الأسمائيّ وبموجب النظر العقلي لا غير ، فإنّ الوارد ورد بأنّ ذلك الاعتدال المفقود في الأكوان قد انفرد به الله ، فهو له وهو فيه ، فلا يقبل الزيادة ولا النقص ، ولا يقبل الكون والفساد تبارك وتعالى من حيث ذاته الغنيّة عن العالمين ،
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : ( فلو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) .
يعنى إذا عدم الحي الحياة التي الماء صورتها انحلت أجزاء نظامه ، وذلك لأن الحرارة الغريزية التي بها حياة الحي إنما تنحفظ بالرطوبة الغريزية ، فحياة الحرارة أيضا بالرطوبة وهي صورة الماء فبفقدانه وجود الموت الذي هو افتراق أجزاء الإنسان ، وهذا مقدمات مهدها لبيان حال أيوب عليه السلام .
ثم عدل إلى قوله : ( قال الله تعالى لأيوب " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ " يعنى لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكنه ببرد الماء ، ولهذا كان الطب النقص من الزوائد ، والزيادة في الناقص ).
يعنى طبه الله تعالى بنقص حرارة الألم وزيادة البرد والسلام منها، فإن الآلام كانت نارا أوقدها الشيطان سبع سنين في أعضاء أيوب عليه السلام، فشفاه الله منها بهذا الطب الإلهي .
( والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه ) .
ولا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي ، فإنه لا يوجد في هذا العالم كما بين في الحكمة إلا أن الاعتدال الإنسانى يقاربه .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن العرش على الماء ، ما انحفظ وجوده ، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي . ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي ، تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه
عن ذلك النظم الخاص . ).
أما العرش الجسماني ، فإنه لولا الهيولى القابلة للصورة الجسمانية ، لما كان للصورة العرشية وجود ضرورة .
وأما العرش بمعنى ( الملك ) فإنه لولا النفس الرحماني القابل لصور حقائق العالم ، لما كان شئ منها موجودا ، فضلا عن دوامها .
وأما السماوات والأرض التي كل منها عرش لاسم من الأسماء ، فلأنه لولا وجود الماء المتعارف ، لما كان شئ منها موجودا .
وقد تقدم أن الهيولى والنفس الرحماني يسمى في اصطلاح أهل الله ب ( الماء ) ، كما يسمى الماء
المتعارف به .
ولما كان الماء مظهرا للإسم ( الحي ) وكل شئ حي قال : ( فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي . ) والباقي ظاهر .
ولما كان ما ذكره من أول الفص إلى هاهنا تمهيدا للمقدمات في بيان حال أيوب عليه السلام ،
قال رضي الله عنه : ( قال تعالى لأيوب : " أركض برجلك هذا مغتسل بارد" ، يعنى ماء بارد . ولما كان عليه من إفراط حرارة الألم ، فسكنه الله ببرد الماء . ) .
ولما كان عليه من إفراط حرارة الألم ، ( فسكنه الله ببرد الماء . ) أي ، قال تعالى لأيوب ، عليه السلام : اضرب برجلك الأرض ، ليظهر لك ماء تغتسل به ، بارد مسكن حرارة الألم ، مطهر لبدنك من الأمراض والأسقام . فلما أتى بالمأمور به ، سكن الله إفراط الحرارة ببرودة الماء . هذا ظاهره .
وأما باطنه ، فهو أمر بالرياضة والمجاهدة بضرب أرض النفس ، ليظهر له ماء الحياة الحقيقة متجسدا في عالم المثال : فيغتسل به ، فيزول من بدنه الأسقام الجسمانية ومن قلبه الأمراض الروحانية . فلما جاهد وصفا استعداده وصار قابلا للفيض الإلهي ، ظهر له من الحضرة الرحمانية ماء الحياة ، فاغتسل به ، فزال من ظاهره وباطنه ما كان سبب الحجاب والبعد من ذلك الجناب .
قال رضي الله عنه : (ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص . والمقصود طلب الاعتدال . ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه . ) .
أي ، أزال الحق منه إفراط الحرارة الذي كان سبب الآلام ، لا الحرارة مطلقا . ولهذا المعنى كان الطب والتداوي بالتنقيص من الكيفية الزائدة ، والازدياد من الناقصة ، ليحصل المقصود وهو القرب من الاعتدال ، إذ لا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي إلا أن الطبيب يجعل المزاج قريبا من الاعتدال .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:44 عدل 3 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الرابعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحي).
وحفظ كل حي بحياته وحياة العرش فائضة عن الماء ، ثبت أنه ( لو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ) ، وإن كان وجود ما ليس على الماء ، ولو من الأشياء المخلوقة منه محفوظا بدون كونه على الماء ، إذ حياته التي بها استوى اسمه الرحمن عليه لتدبير العالم منوطة بالماء ، فإنها وإن كانت بالنفس المنطبعة فيه لكن لا بد لتعلقها به من اعتدال المزاج ، وليس ذلك إلا بهذا الماء الحامل له ، وإلا فليس فيه طبائع مختلفة فضلا عن حصول المزاج منها ، وإذا كانت حياته به فحفظه به ؛ ( فإنه بالحياة يحفظ وجود الحي ) وإن انحفظ بدونها وجود أجزائه ، واستدل عليه بالاستقراء والتمثيل .
قال رضي الله عنه : ( ألا ترى أنّ الحيّ إذا مات الموت العرفيّ تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النّظم الخاصّ ؟ قال تعالى لأيّوب :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ [ ص : 42 ] يعني ماء بارد ؛ وشراب لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكّنه اللّه ببرد الماء ، ولهذا كان الطّبّ النّقص من الزّائد ، والزّيادة في النّاقص ، والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلّا أنّه يقاربه ، ) .
فقال رضي الله عنه : ( ألا ترى أن الحي إذا مات الموت العرفي ) ، فيدبه للإشعار ببقاء نوع حياة في أجزائه بل في جملته بلا بنية سيما في روحه ( تنحل أجزاء نظامه ) الجسمانية العنصرية ، فتصير إلى أحيازها ، وتنفك بعضها عن بعض بعد امتزاجها ، ( وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) بأجزاء جسمه ، وإن كانت باقية منتظمة بروحه وقلبه بوجه ونظام آخر ، حتى يدرك بذلك اللذة وآلام الواقع له في عالم البرج .
ولما فرغ عن بيان هذه المقدمات أعني : سريان سر الحياة في الماء ، وأفادته الحياة لما حمله على أكمل الوجوه ، وحفظه من تحته شرع في المقصود منها في حق أيوب عليه السّلام ؛ ( فقال : قال اللّه تعالى :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) [ ص : 42 ] .
أي : اضرب برجلك الأرض ؛ ليحصل لك من الجهة السفلية المناسبة لجسمك تدبيره بما ينبع منها من الماء الحامل سر الحياة ، مع دفع وجوه الأذيّات من الظاهر والباطن ، فضربها فنبعت عين ، فقيل :هذا مُغْتَسَلٌ.
ولما توهم من سكانته عليه السّلام أنه ذو دواء يغسل العلة غير أنها إذا لم يعتد جعله ذو المثل هذه العلة بينه بقوله : ( يعني ماء ) ، ثم بيّن وجه كونه دواء ، وإن كان على خلاف العادة بأنهبارِدٌ ،فصار دافعا ( لما كان ) أيوب عليه السّلام ( عليه إفراط حرارة الألم ) ، وهذه الحرارة المفرطة ، وإن لم تجر العادة بزوالها ببرودة الماء ، ولكن جعل اللّه ذلك أنه في حقّه ، ( فسكنه اللّه ببرد الماء ) ، وهو سبحانه وتعالى ، وإن كان قادرا على الأشياء بلا واسطة ، فلا بدّ لرفع أحد الضدين من الضد الآخر ، فكان برد الماء ضدّا لإفراط حرارة الألم.
( ولهذا ) أي : ولأجل أن أحد الضدين لا يندفع إلا بالضد الآخر ، (كان الطّبّ ) فعل أمرين جميعا معا أو على الترتيب ( النّقص من ) الخلط ( الزائد ) المتصف بأحد الضدين ، ( والزيادة في ) الخلط ( الناقص ) المتصف بالضد الآخر ، وإذا استويا دفع كل واحد سورة الآخر إلى أن يستوي المزاج الموجب كمال الحياة الموجبة حفظ النظام وكمال الأفعال ؛ ولذلك كان المطلوب من هذا النقص والزيادة طلب الاعتدال ، فلا يكتفي بأي مقدار حصل من الزيادة والنقصان بل لا بدّ من ( طلب الاعتدال ) ،
وإن كان ( لا سبيل إليه ) على الوجه الحقيقي ( إلا ) أنه أي : المطلوب حصول ( ما تقاربه ) ، فيكون له حكم الاعتدال واسمه .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
الماء مبدأ نظام الأركان ، وسر الإرجاع إليها في قصة أيوب عليه السّلام
ثمّ إذا تقرّر أنّ الماء الذي عليه العرش هو الذي يحفظه ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحيّ ) على هيأته الشخصيّة المزاجيّة ،
( ألا ترى الحيّ إذا مات - الموت العرفي - تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاصّ ) فإنّ لتلك الأجزاء والقوى نظما في كلّ عالم بما يناسبه ، وحياة يقبله ويوافقه ولذلك قيّد الموت بـ "العرفي " والنظم ب « الخاص » ظهر من هذه المقدّمات أنّ الماء هو مبدأ نظام الأجزاء والأركان والقوى ، التي عليها بناء المزاج الشخصي والهيئة الوحدانيّة الجمعيّة .
ولذلك ( قال تعالى لأيّوب عليه السّلام ) حين أشرف مزاجه على الانحلال ، ونظام أمره إلى الاختلال : ( “ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ“ يعني ماء “بارِدٌ “) [ 38 / 42 ] .
وكأنّك قد نبّهت على وجه خصوصيّة العبارة في مطلع الفصّ واختصاص ذلك بأيّوب ( لما كان عليه من إفراط حرارة الألم ، فسكَّنه الله ببرد الماء ) وكسره شدّة حرارته ونقصه لها .
قال رضي الله عنه : ( ولهذا كان الطبّ النقص من الزائد ، والزيادة في الناقص ) حتّى يستقرّ في مقام الاعتدال ( والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه ) أي إلى الاعتدال الحقيقيّ المطلق ، الذي شهد البراهين بامتناعه واستحالة تكوّنه .
فإنّ المبادر إلى الأفهام مما قال من « أنّ المطلوب من الطبّ زيادة الناقص ونقصان الزائد » : هو أنّ التساوي المطلق والاعتدال الحقيقي هو المطلوب ولا يخفى أنّه لا يصلح لأنّ يكون غاية لحركة حكمية ، لأنّه ممتنع .
فقال : ولا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي ، ( إلا أنّه يقاربه ) ، أي المطلوب في الطبّ هو ما يقرب الاعتدال وهو غير ممتنع .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحي. ألا ترى أنّ الحيّ إذا مات الموت العرفيّ تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النّظم الخاصّ ؟ قال تعالى لأيّوب :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ [ ص : 42] يعني ماء بارد - وشراب لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكّنه اللّه ببرد الماء . ولهذا كان الطّبّ النّقص من الزّائد ، والزّيادة في النّاقص . والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلّا أنّه يقاربه . )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحي).
وحفظ كل حي بحياته وحياة العرش فائضة عن الماء ، ثبت أنه ( لو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ) ، وإن كان وجود ما ليس على الماء ، ولو من الأشياء المخلوقة منه محفوظا بدون كونه على الماء ، إذ حياته التي بها استوى اسمه الرحمن عليه لتدبير العالم منوطة بالماء ، فإنها وإن كانت بالنفس المنطبعة فيه لكن لا بد لتعلقها به من اعتدال المزاج ، وليس ذلك إلا بهذا الماء الحامل له ، وإلا فليس فيه طبائع مختلفة فضلا عن حصول المزاج منها ، وإذا كانت حياته به فحفظه به ؛ ( فإنه بالحياة يحفظ وجود الحي ) وإن انحفظ بدونها وجود أجزائه ، واستدل عليه بالاستقراء والتمثيل .
قال رضي الله عنه : ( ألا ترى أنّ الحيّ إذا مات الموت العرفيّ تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النّظم الخاصّ ؟ قال تعالى لأيّوب :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ [ ص : 42 ] يعني ماء بارد ؛ وشراب لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكّنه اللّه ببرد الماء ، ولهذا كان الطّبّ النّقص من الزّائد ، والزّيادة في النّاقص ، والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلّا أنّه يقاربه ، ) .
فقال رضي الله عنه : ( ألا ترى أن الحي إذا مات الموت العرفي ) ، فيدبه للإشعار ببقاء نوع حياة في أجزائه بل في جملته بلا بنية سيما في روحه ( تنحل أجزاء نظامه ) الجسمانية العنصرية ، فتصير إلى أحيازها ، وتنفك بعضها عن بعض بعد امتزاجها ، ( وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) بأجزاء جسمه ، وإن كانت باقية منتظمة بروحه وقلبه بوجه ونظام آخر ، حتى يدرك بذلك اللذة وآلام الواقع له في عالم البرج .
ولما فرغ عن بيان هذه المقدمات أعني : سريان سر الحياة في الماء ، وأفادته الحياة لما حمله على أكمل الوجوه ، وحفظه من تحته شرع في المقصود منها في حق أيوب عليه السّلام ؛ ( فقال : قال اللّه تعالى :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) [ ص : 42 ] .
أي : اضرب برجلك الأرض ؛ ليحصل لك من الجهة السفلية المناسبة لجسمك تدبيره بما ينبع منها من الماء الحامل سر الحياة ، مع دفع وجوه الأذيّات من الظاهر والباطن ، فضربها فنبعت عين ، فقيل :هذا مُغْتَسَلٌ.
ولما توهم من سكانته عليه السّلام أنه ذو دواء يغسل العلة غير أنها إذا لم يعتد جعله ذو المثل هذه العلة بينه بقوله : ( يعني ماء ) ، ثم بيّن وجه كونه دواء ، وإن كان على خلاف العادة بأنهبارِدٌ ،فصار دافعا ( لما كان ) أيوب عليه السّلام ( عليه إفراط حرارة الألم ) ، وهذه الحرارة المفرطة ، وإن لم تجر العادة بزوالها ببرودة الماء ، ولكن جعل اللّه ذلك أنه في حقّه ، ( فسكنه اللّه ببرد الماء ) ، وهو سبحانه وتعالى ، وإن كان قادرا على الأشياء بلا واسطة ، فلا بدّ لرفع أحد الضدين من الضد الآخر ، فكان برد الماء ضدّا لإفراط حرارة الألم.
( ولهذا ) أي : ولأجل أن أحد الضدين لا يندفع إلا بالضد الآخر ، (كان الطّبّ ) فعل أمرين جميعا معا أو على الترتيب ( النّقص من ) الخلط ( الزائد ) المتصف بأحد الضدين ، ( والزيادة في ) الخلط ( الناقص ) المتصف بالضد الآخر ، وإذا استويا دفع كل واحد سورة الآخر إلى أن يستوي المزاج الموجب كمال الحياة الموجبة حفظ النظام وكمال الأفعال ؛ ولذلك كان المطلوب من هذا النقص والزيادة طلب الاعتدال ، فلا يكتفي بأي مقدار حصل من الزيادة والنقصان بل لا بدّ من ( طلب الاعتدال ) ،
وإن كان ( لا سبيل إليه ) على الوجه الحقيقي ( إلا ) أنه أي : المطلوب حصول ( ما تقاربه ) ، فيكون له حكم الاعتدال واسمه .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
الماء مبدأ نظام الأركان ، وسر الإرجاع إليها في قصة أيوب عليه السّلام
ثمّ إذا تقرّر أنّ الماء الذي عليه العرش هو الذي يحفظه ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحيّ ) على هيأته الشخصيّة المزاجيّة ،
( ألا ترى الحيّ إذا مات - الموت العرفي - تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاصّ ) فإنّ لتلك الأجزاء والقوى نظما في كلّ عالم بما يناسبه ، وحياة يقبله ويوافقه ولذلك قيّد الموت بـ "العرفي " والنظم ب « الخاص » ظهر من هذه المقدّمات أنّ الماء هو مبدأ نظام الأجزاء والأركان والقوى ، التي عليها بناء المزاج الشخصي والهيئة الوحدانيّة الجمعيّة .
ولذلك ( قال تعالى لأيّوب عليه السّلام ) حين أشرف مزاجه على الانحلال ، ونظام أمره إلى الاختلال : ( “ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ“ يعني ماء “بارِدٌ “) [ 38 / 42 ] .
وكأنّك قد نبّهت على وجه خصوصيّة العبارة في مطلع الفصّ واختصاص ذلك بأيّوب ( لما كان عليه من إفراط حرارة الألم ، فسكَّنه الله ببرد الماء ) وكسره شدّة حرارته ونقصه لها .
قال رضي الله عنه : ( ولهذا كان الطبّ النقص من الزائد ، والزيادة في الناقص ) حتّى يستقرّ في مقام الاعتدال ( والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه ) أي إلى الاعتدال الحقيقيّ المطلق ، الذي شهد البراهين بامتناعه واستحالة تكوّنه .
فإنّ المبادر إلى الأفهام مما قال من « أنّ المطلوب من الطبّ زيادة الناقص ونقصان الزائد » : هو أنّ التساوي المطلق والاعتدال الحقيقي هو المطلوب ولا يخفى أنّه لا يصلح لأنّ يكون غاية لحركة حكمية ، لأنّه ممتنع .
فقال : ولا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي ، ( إلا أنّه يقاربه ) ، أي المطلوب في الطبّ هو ما يقرب الاعتدال وهو غير ممتنع .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء. ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحي. ألا ترى أنّ الحيّ إذا مات الموت العرفيّ تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النّظم الخاصّ ؟ قال تعالى لأيّوب :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ [ ص : 42] يعني ماء بارد - وشراب لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكّنه اللّه ببرد الماء . ولهذا كان الطّبّ النّقص من الزّائد ، والزّيادة في النّاقص . والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلّا أنّه يقاربه . )
قال رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص )
ولما ظهر من أنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ولا مادة للحياة إلا الماء
قال رضي الله عنه : ( قال تعالى : لأيوب ) حين أشرف على زوال الحياة لشدة الحرارة المفنية برودة الماء ورطوبتها (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ [ ص : 42 ] يعني ماء باردا لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكنه ) ، أي أيوب أو إفراط الحرارة ( اللّه ببرد الماء ) نقص عن حرارته الزائدة على ما ينبغي وزاد على برودته الناقصة عما ينبغي ( ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص والمقصود من ذلك ) النقص والزيادة ( طلب الاعتدال ) ، أي تساوي الناقص والزائد.
قال رضي الله عنه : ( ولا سبيل إليه ) ، أعني إلى الاعتدال مطلقا سواء كان في الكيفيات المتضادة كما في المزاج ، أو في غيرها كما في الصور التي ذكرها الشيخ رضي اللّه عنه ( إلا أنه ) ، أي المقصود من النقص والزيادة ( يقاربه ) ، أي الاعتدال .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:44 عدل 3 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الخامسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أنّ الحقائق والشّهود تعطي التّكوين مع الأنفاس على الدّوام ، ولا يكون التّكوين إلّا عن ميل يسمّى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي حقّ الحقّ إرادة وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره . والاعتدال يؤذن بالسّواء في الجميع وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال . وقد ورد في العلم الإلهيّ النّبويّ اتّصاف الحقّ بالرّضا والغضب ، وبالصّفات . والرّضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرّضا عن المرضيّ عنه والاعتدال أن يتساوى الرّضا والغضب ؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل . وما رضي الحقّ عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه ؛ فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل .) .
قال رضي الله عنه : (وإنما قلنا هنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال) الحقيقي في الحياة الدنيا ولا في الآخرة في مزاج من الأمزجة مطلقا (من أجل أن الحقائق) ، أي أعيان الأشياء المخلوقة كلها (وأن الشهود) ، أي المعاينة لها من بعضها لبعض بالحس أو العقل (يعطى) ذلك لمن كشف عنه (التكوين) ، أي الإيجاد الجديد مع الأنفاس فكل نفس بفتح الفاء يذهب اللّه تعالى فيه بجميع المخلوقات ويأتي بمخلوقات أخرى غيرها على صورتها وشكلها مما يشبه الأولى أو يقاربها على الدوام في الدنيا والآخرة كما قال تعالى :بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ[ ق : 15 ] ، وقدمنا ذكر هذا مفصلا (ولا يكون) هذا (التكوين) المذكور (إلا عن ميل) ، أي توجه من الذي يكون عليه (يسمى) ذلك الميل إذا ظهر (في) عالم (الطبيعة) الإنسانية وغيرها (انحرافا) ، أي خروجا عن حد الاعتدال النسبي أو يسمى (تعفينا) لاقتضائه فساد الأخلاط وتغير المزاج (وفي حق الحق) تعالى يسمى (إرادة وهي) ، أي الإرادة الإلهية ميل ، أي توجه قديم أزلي أبدي ليس بمعنى غرضي ولا يشبهه إلى المراد اللّه تعالى الخاص في علمه سبحانه دون غيره من بقية المرادات ، فكل مراد له ميل يخصه عن تلك الإرادة الإلهية هو عين تلك الإرادة باعتبار فاعليته ، وغيرها باعتبار انفعاله لما اقتضاه العلم القديم .
قال رضي الله عنه : (والاعتدال) الحقيقي (يؤذن بالسواء في) طبيعيات (الجميع) وكيفيات أمزجتهم (وهذا) الأمر (ليس بواقع) أصلا ولا يمكن وقوعه إلا إذا شاء اللّه تعالى كما قال سبحانه :أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً[ الفرقان : 45]
، فأشار إلى حركة ظل الكائنات عن شمس أحدية وجوده القديم ، ولو شاء لجعله ساكنا بإرجاعه إلى الثبوت العلمي كما قال سبحانه :وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ[ الأنعام : 13 ] ، يعني والمتحرك لنفسه لا له لدعواه الاستقلال في الخلق الجديد ، وهو قوله تعالى :وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ [ الأعراف : 143]
، يعني في الثبوت العلمي والعدم الأصلي فسوف تراني ؛
قال رضي الله عنه : (فلهذا) ، أي لكون الأمر كما ذكر (منعنا من) وجود (حكم الاعتدال) الحقيقي أصلا كيف (وقد) ورد إلينا (في العلم الإلهي) النبوي ، أي المنقول عن النبي صلى اللّه عليه وسلم اتصاف الحق تعالى فيه (بالرضا) عن قوم (وبالغضب) على قوم (وبالصفات) من ذلك كالراضي والغضبان وغير ذلك من المتقابلات (والرضا مزيل للغضب) ، لأنه يقابله في كل ما تعلق به (والغضب) أيضا (مزيل للرضا عن المرضى) عنه كذلك .
(والاعتدال) في ذلك (أن يتساوى الرضا والغضب) معا في حقيقة واحدة فتقبل ظهور الأثرين معا وهو ممتنع (فما غضب الغاضب) القديم سبحانه والحادث (على من غضب عليه وهو) ،
أي ذلك الغاضب (عنه) ، أي المغضوب عليه (راض) أصلا (فقد اتصف) تعالى (بأحد الحكمين) ، أي حكم الرضى وحكم الغضب (في حقه) ، أي حق ذلك المغضوب عليه الواحد (وهو) ، أي الاتصاف بأحد الحكمين ميل إلى أحدهما عن الآخر ينافي الاعتدال وما رضي الحق تعالى (عمن رضي عنه) من عباده (وهو غاضب عليه أصلا فقد اتصف) تعالى (بأحد الحكمين) المذكورين أيضا (في حقه) ، أي في حق ذلك المرضي عنه (وهو) ، أي الاتصاف بأحد الحكمين أيضا ميل إلى أحدهما عن الآخر فلا اعتدال .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود يعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ولا يكون التكوين إلا عن ميل يسمى ) ذلك الميل ( في الطبيعة انحرافا ) كالإنسان وغيره من الحيوانات ( أو تعفينا ) كما في المأكولات والمشروبات كالفاكهة واللبن أو عصيرا وغيرها إذا تغيرت أمزجتهم .
قال رضي الله عنه : ( وفي حق الحق ) يسمى ذلك الميل ( إرادة وهو ) راجع إلى الإرادة باعتبار الميل ( إلى المراد الخاص دون غيره والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع وهذا ) السواء ( ليس بواقع ) لإعطاء الحقائق والشهود خلاف ( فلهذا ) أي فلأجل عدم وقوع التسوية في الجمع أو فلأجل هذا المذكور ( منعنا من حكمة الاعتدال ) بقولنا ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضى وبالغضب وبالصفات المتقابلة والرضى مزيل للغضب ) عن المغضوب عليه ( والغضب مزيل للرضي عن المرضى عنه ، والاعتدال أن يتساوى الرضى والغضب ) وهذا ليس بواقع كما أمر آنفا فإذا ثبت أن حقيقة الرضى إزالة الغضب عن المغضوب عليه وحقيقة الغضب إزالة الرضى عن المرضى عنه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض فقد اتصف ) الحق ( بأحد الحكمين في حقه ) أي في حق المغضوب عليه ( وهو ) أي الاتصاف بأحد الحكمين في حق المغضوب عليه وهي الرضى والغضب ( ميل ) من الاتصاف بالرضى إلى الاتصاف بالغضب فكان الغضب قبل اتصافه بالغضب متصفا بالرضى في حقه إذ الغضب إزالة وجود الرضى .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما رضي الحق عن من رضي عنه وهو ) أي الحق ( غاضب عليه فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ) أي الاتصاف بأحد الحكمين في حق المرضى عنه وهو الرضى ( ميل ) من الاتصاف بالغضب إلى الاتصاف بالرضى والمقصود أن اللّه لا يخلو عن الاتصاف في حق عباده بأحد هذين الحكمين المتقابلين فلا بد اتصافهما بأحدهما في حق شخص قبل أن يسبق اتصافه بالآخر في حق ذلك الشخص لعدم الاعتدال فانقطع التسلسل
بقوله سبقت رحمتي على غضبي ألا ترى أيوب عليه السلام كيف اتصف الحق بأحد الحكمين في حقه فاتصف الحق بالغضب عند المرض إذ الغضب عين الألم فأزال ذلك الألم بالماء فاتصف في حقه بالرضى إذ زوال الألم عين الرضى فقد اتصف الحق في حق الأنبياء عليهم السلام بأحد الحكمين فإنهم يتألمون بآية الورود وإن لم تمسهم النار
فقد اتصف الحق في حقهم بالرضى وبإدخال الجنة فزال عنهم ذلك الألم فقد ظهر من هذا التحقيق إن أهل النار ما غضب اللّه عليهم إلا وهو عنهم راض فكان حكم الرضى ثابتا في حقهم فلا يدوم غضب اللّه عليهم في النار فلهم حكم الرضى من اللّه الذي سبق على الغضب وإنما يدوم عذابهم إذا لم يتصف الحق في حقهم بأحد الحكمين بأن يتساوى الرضاء والغضب وليس بواقع فالواقع اتصاف الحق بأحد الحكمين في حقهم فالواقع في حقهم حكم الرضاء من اللّه بإزالة الغضب وهذا معنى قوله
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره. والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال. وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات. والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض. فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
ذكر أن الطب طلب الاعتدال قال وهو غير واقع ونحن نقول: إن الأطباء قالوا: إنه غير واقع ولسنا نقول ذلك بل ما يكون موجود واحد إلا باعتدلال ما يخص ذلك الموجود.
فإن قلت: المراد هو الاعتدال المطلق. قلنا: ما لنا شيء مطلق إلا ما فاق الاعتدالات كلها ولا كل لها، إذ ليست متناهية وغير المتناهي ما له كل، فالذي يقتضيه الشهود أنه لا يقع في الوجود إلا الاعتدال لأن كل انحراف فهو اعتدال فإن الانحراف الذي يقتضي فساد صورة هو اعتداله يقتضي كون صورة أخرى ولا يلزم أن تكون الصورة المعدومة أنقص من الصورة المتجددة بانعدامها.
ثم إنا ما فسرنا الاعتدال بأنه السواء في الجميع، فإن السواء في الجميع يكون فيما له أجزاء متساوية والتساوي نسبي فقد يكون الربع مساويا للثلثين في تکوین موجود ما بحيث لو وضع من الثلثين أكثر أو أقل من الربع لما حصل تكوين ذلك الوجود الخاص.
وأما حكم الرضا والغضب في حق الله تعالى، فهما اعتباران في زمانين أو في زمان واحد باعتبارین أو باعتبارات.
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا : « ولا سبيل إليه » أعني الاعتدال ، من أجل أنّ الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ، ولا يكون التكوين إلَّا عن ميل يسمّى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي حق الحق إرادة ، وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره ، والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع ، وهذا ليس بواقع ) .
قال العبد : كان رضي الله عنه يريد الكون الخلقيّ والحقيّ الأسمائيّ وبموجب النظر العقلي لا غير ، فإنّ الوارد ورد بأنّ ذلك الاعتدال المفقود في الأكوان قد انفرد به الله ، فهو له وهو فيه ، فلا يقبل الزيادة ولا النقص ، ولا يقبل الكون والفساد تبارك وتعالى من حيث ذاته الغنيّة عن العالمين ، وحقيقته العينية الغيبيّة الجامعة بين التعيّن واللاتعيّن ، والقيد والإطلاق ، وقبوله كلّ حكم وضدّه من كل حاكم ، وكونه عين النقيضين والمتباينين والمتناسبين والمتنافيين والمتشاكلين معا أبدا دائما ، فما بها أبدا ميل عن مقتضى ذاته ، ولا حيد عمّا وجب له لذاته الأحدية الجمعية الكمالية المطلقة عن كلّ قيد حتى عن الإطلاق عنه .
قال رضي الله عنه : ( فلهذا منعنا عن الاعتدال ، وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتّصاف الحق بالرضى والغضب وبالصفات ، والرضى مزيل الغضب والغضب مزيل للرضي عن المرضيّ عنه ، والاعتدال أن يتساوى الرضى والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ، فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل )
قال العبد : الغضب والرضي إذا اتّصف الحق بأحدهما ، زال الآخر ، ولكن بالنسبة إلى مغضوب عليه أو مرضيّ عنه معيّنين ، وإلَّا فهو بالنسبة الكلَّية الغضبيّة القهرية الجلالية أو الرضى الكلي اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ الكليّ اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ فلا يتّصف بشيء منهما ، فهو غنيّ عن العالمين ،
فصحّ أنّ الميل والانحراف ليس إلَّا من قبل القابل ، لظهور حكم الرضى أو الغضب في القابل وغير القابل ، لا بالنسبة إلى الحق وإن كانت حقيقتا الرضى والغضب - الكلَّيّين الإلهيين الظاهر أحكامهما أبدا دائما في المرضيّين عنهم والمغضوبين عليهم من العالمين - ثابتتين لله ربّ العالمين على السواء ،
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعنى الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطى التكوين مع الأنفاس على الدوام ، ولا يكون التكوين إلا عن ميل يسمى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره ، والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع ، وهذا ليس بواقع ) .
أي ولا سبيل إلى الاعتدال في عالم الكون والحضرة الأسمائية دون الذات الإلهية ، فإن التعين واللا تعين والجمع بين المتنافيين والنسبة إلى الأسماء المتقابلة في الحضرة الأحدية سواء ،
وأما في حضرة التكوين فلا ، فإن الشهود يحكم بالتكوين وتجديد الخلق مع الأنفاس دائما ، ولا يمكن التكوين إلا عند الانعدام ،
وإلا لا يسمى تكوينا فإن تحصيل الحاصل محال أفيدوم الانعدام في الخلق وذلك عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا ، والتجديد عن الحق وذلك عن ميل للحق يسمى في حقه إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص ، والاعتدال يؤذن بالسواء ،
وهذا ليس بواقع في الحضرتين المذكورتين وتنفرد به الذات الإلهية بالنسبة إلى الجمعية الواحدية دون الربوبية يعنى نسبة الذات إلى الصفات وهي نسبة الأحدية إلى الواحدية ، وأما في نسبة الإلهية إلى الربوبية فلا بد من الميل دائما ( فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ) أي في هذا العالم
( وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضى والغضب وبالصفات ) أي المتقابلة .
قال رضي الله عنه : ( والرضى مزيل الغضب والغضب مزيل الرضا عن المرضى عنه ، والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل ، وما رضى الحق عمن رضى عنه وهو غاضب عليه فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل ) .
زوال الغضب عند انصاف الحق بالرضا وزوال الرضا عند اتصافه بالغضب إنما هو بالنسبة إلى مغضوب عليه أو مرضى عنه معينين ،
وأما بالنسبة إلى الغضب الكلى القهري الجلالي ، والرضا الكلى اللطفى الجمالي ، فلا يزول اتصافه بهما من حيث كونه إلها وربا مطلقا ،
وكذلك من حيث غناه الذاتي فإنه من حيث كونه غنيا عن العالمين لا يتصف بشيء منهما ، فظهر أن الميل والانحراف ليس إلا من قبل القابل ،
والربوبية المحضة المقيدة بمربوب معين لظهور حكم الرضا والغضب في القابل ، وعدم ظهوره في غير القابل ،
وأما باعتبار حقيقتي الرضا والغضب الكلبين أحكامهما أبدا سرمدا في المرضى عنهم والمغضوب عليهم من العالمين ، فهما ثابتان لله تعالى رب العالمين على السواء فلا يتصف بأحدهما بدون الآخر ، إلا أن حكم سبق الرحمة الغضب أمر ذاتي دائم لا يزال ولا يتغير .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : (وإنما قلنا : ولا سبيل إليه ، أعني الاعتدال ، من أجل أن الحقائق والشهود يعطى التكوين مع الأنفاس على الدوام . ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة ،
يسمى انحرافا أو تعفينا ، وفي حق الحق إرادة ، وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره .
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع . وهذا ليس بواقع . فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ).
أي ، وإنما قلنا : لا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي ، لأن معرفة الحقائق والشهود اليقيني ، يعطى للعارف المشاهد أن الأشياء لا تزال تتكون في كل آن ونفس على الدوام ، كما قال تعالى : ( بل هم في لبس من خلق جديد ) .
والكون لا يكون إلا بعد الانعدام ، وكل منهما لا يمكن بلا ميل أما الانعدام ، فلأنه لا يحصل إلا بالميل إلى الباطن .
وهذا الميل في الحيوان يسمى ( انحرافا ) في الطبيعة ، وفي غيره من المركبات يسمى ( تعفينا ) ، كما إذا تغير مزاج فاكهة أو لبن أو عصير ، أو غير ذلك ، يقال : عفن . وذلك الميل بالنسبة إلى جناب الحق يسمى ( إرادة ) .
وذلك لأنها المخصصة والمرجحة في حق الممكنات ، إما إلى الوجود ، أو العدم ، والتخصيص والترجيح عين الميل بأحد الحكمين المتساويين نسبتهما إلى ذات الممكن ، وإذا كان التكوين لا يحصل إلا بالميل ، فلا يمكن الاعتدال الحقيقي ، لأنه الجمع بين الشيئين على السواء ، فلا يمكن وقوعه .
واعلم أن الاعتدال وعدمه لا يكون إلا بالنسبة إلى المركب من الشيئين المتغائرين ، وليس بين الوجود والعدم تركيب حتى يعتبر فيه الاعتدال أو عدمه .
وغرض الشيخ رضي الله عنه ، من هذا الكلام إثبات أن العالم وجد عن الميل المسمى ب ( الإرادة ) ، فلا يزال الميل متحققا فيه ، سواء كان المائل بسيطا أو مركبا .
ومع وجود الميل لا يمكن الاعتدال ، لأنه إنما يتصور إذا كان الشئ مركبا بحيث لا يكون لشئ من أجزائه بحسب الكمية والكيفية زيادة على الآخر .
قال رضي الله عنه : ( وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب وبالصفات . ) أي ، المتقابلة . ( والرضا مزيل للغضب . ) أي ، عن المغضوب عليه .
قال رضي الله عنه : ( والغضب مزيل للرضا عن المرضى عنه . والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . ) .
أي ، ويرضى عنه أبدا ، كما يذكر من بعد من أنه زعم المحجوبين .
( فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه . ) أي ، فقد اتصف الغاضب الذي هو الحق بأحد الحكمين ، وهو الغضب في حقه ، أي في حق المغضوب عليه السلام.
(وهو ميل ) أي ، فقد اتصف الراضي وهو الحق بأحد الحكمين ، وهو الرضا في حقه ، أي في حق المرضى عنه .
( وما رضى الحق عمن رضى عنه وهو غاضب عليه.) أي ، يغضب عليه أبدا .
( فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه . ) أي ، فقد اتصف الراضي الذي هو الحق بأحد الحكمين ، وهو الرضا في حقه ، أي في حق المرضى عنه . ( وهو ميل . ) فليس فيها أيضا اعتدال ، لأن كلا منهما موجب لعدم الآخر . وهذا بالنسبة إلى القوابل .
وأما بالنسبة إلى أعيان تلك الصفات الحاصلة في الجناب الإلهي والحضرة الأسمائية ، فليس كذلك ، لأنه مقام الجمع ولا غلبة لأحدهما على الآخر ، وإن كان يسبق بعضها بعضا ، كسبق الرحمة الغضب .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:43 عدل 3 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الخامسة الجزء الثانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الخامسة : الجزء الثانية
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا : ولا سبيل إليه ، أعني الاعتدال من أجل أنّ الحقائق والشّهود تعطي التّكوين مع الأنفاس على الدّوام ، ولا يكون التّكوين إلّا عن ميل يسمّى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي حقّ الحقّ إرادة وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره . والاعتدال يؤذن بالسّواء في الجميع وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ، وقد ورد في العلم الإلهيّ النّبويّ اتّصاف الحقّ بالرّضا والغضب ، وبالصّفات والرّضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرّضا عن المرضيّ عنه والاعتدال أن يتساوى الرّضا والغضب ؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ، فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل ، وما رضي الحقّ عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه ؛ فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل ).
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا : لا سبيل إليه أعني : الاعتدال ) بينه ؛ لئلا يتوهم عوده على طلبه مع أن الطلب ليس بمحال ، وإنما هو حصول المطلوب من هذا الوجه ( من أجل أن الحقائق ) أي : علم الحقائق ودلائلها والشهود إنما ذكره ؛ لأنه ربما يمنع تلك الدلائل ( تعطي التكوين ) أي : تبدل كل شيء من حال إلى حال ( مع ) مقادير ( الأنفاس على الدوام ) ؛ لدوام غلبة من حركات الأفلاك التي لا تسكن أصلا ، ( ولا يكون التكوين ) ؛ لكونه حركة في الكيف أو الكلم ( إلا عن مثل في ) المكون الفاعل ، والمكون القابل وهو ( الطبيعة ) القابلة لتلك الأحوال المتبدلة يسمى ذلك الميل في الطبيعة ( انحرافا ) إن قرب من الاعتدال ، ( أو تعفينا ) إن بعد منه ، ( وفي حق الحق إرادة ) ؛ لأن اسم الميل يوهم عدم العدل ؛ ولكن لما كانت صفة توجب تخصص أحد المقدورين : ( هي ميل إلى المراد الخاص دون غيره ) مع استواء نسبتهما إلى قدرته ، وحينئذ لا يكون فيها اعتدال إذ ( الاعتدال يؤذن بالسّواء ) أي : استواء الأمرين ( في الجميع ) أي :
في جميع الصور والتي فيها الاعتدال سواء كان في حق الحق والخلق جميعا ، وإن كان في حق الحق يوجد الاعتدال في قدرته ، لكن لا حكم لها بدون الإرادة ، وكيف لا يكون في إرادة الحق ميل .
قال رضي الله عنه : ( وقد ورد في العلم الإلهي ) ، ولما توهم أن العلم المنسوب إلى الفلاسفة بينه بقوله ( النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب ، وبالصفات ) المتقابلة التي لا تخص الأشياء بظهور بعضها دون بعض إلا بالميل لامتناع اجتماعها ؛ وذلك لأن ( الرضا مزيل للغضب ) في حق المرضي عنه ، ( والغضب مزيل للرضا ) عن المغضوب عليه ، بل ( عن المرضي عنه ) لبعض الأسماء ، فإن الضال مرضي للاسم المضل ،
لكن الاسم القهار المنتقم مزيل تحكم هذا الرضا ، وإذ زال حكم أحدهما بالآخر بالكلية ، فليس فيه اعتدال إذ ( الاعتدال بتساوي الرضا والغضب ) " في نسخة : « يتساوى الرّضا والغضب » "
ولو على سبيل التقريب ، كاستواء حكم الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة في المزاج ، وليس هنا كذلك .
قال رضي الله عنه : ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ) حتى يتصور الاجتماع بينهما فيتفرع عليه الاعتدال ، ( فقد اتصف ) الغاضب ( بأحد الحكمين ) فقط ( في حقه ) ، وإن كان متصفا بهما في الجملة ،
( وهو ) أي : اتصافه في حق أحدهما بصفة ، وفي حق الآخر بأخرى مع أنه متصف بهما في الجملة ( ميل ) ، سيما باعتبارات لا تعطيه حكم الرضا الذي لبعض أسمائه بالنسبة إلى المغضوب عليه ، ( وما رضي الحق عنهم ، وهو غاضب عليه ) ،
وإن كان لبعض الأسماء كالمضل الغضب عليه ، وكذا للاسم القهار والمنتقم إذا كان غاضبا مغفورا له ، ( فقد اتصف بأحد الحكمين في حقّه ) مع أنه قد يتصف بالحكمين معا في حق العصاة ، ( وهو ميل ) ، فلا اعتدال في ذلك ، وتسمية الحق عدلا ليس باعتبار الاستواء ، بل باعتبار كون ما فعل بهم جزاء وفاقا .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
لا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي وإلا يلزم التعطيل
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإنما قلنا : « ولا سبيل إليه » - أعني الاعتدال - من أجل أنّ الحقائق الحكمية والشهود ) الذوقي ( تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ، ولا يكون التكوين إلا عن ميل ) من أحد أجزاء ذلك المكوّن فإنّ التكوين إنما يلحق المركَّبات من الطبائع وليس في الوجود إلا ذلك ، كما سبق تحقيقه ، فإنّ الطبائع ما لم يحصل بينها تفاعل وتقاهر لم يتكوّن منها مزاج واحد بالشخص - كما بيّن تحقيقه في الصنائع الحكميّة - وهذا الميل الذي عند التفاعل والتقاهر ( يسمّى في الطبيعة انحرافا ) إذا كان ذلك الميل مبدأ فساد مزاج ( أو تعفينا ) إن كان مبدأ كون ذلك المزاج ، هذا في عالم الطبائع .
وإذ كان الأمر متطابق الأحكام ، لا بدّ وأن يكون في الحضرات الأسمائيّة هذا الميل ، وإليه أشار بقوله : ( وفي حقّ الحقّ إرادة ، وهي ميل إلى المراد الخاصّ ) من مقتضيات الأسماء فإنّ لكلّ منها اقتضاء حكمه الخاصّ به ، وأحديّة جمع الكل قد حكم بإطلاق خزائن الجود المطلق على سائر تلك الأحكام لكنّ الإرادة ما لم تخصّص أحد الأحكام الخاصّة لم يتكوّن .
فعلم أنه ما لم يحصل في هذه الحضرة أيضا ميل إلى مراد خاصّ ( دون غيره ) لم يمكن التكوّن ، ( والاعتدال ) الذي هو مقتضى أحديّة الجمع والإطلاق ( يؤذن بالسواء في الجميع ، وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ) وظهور ذلك في مظهر كونيّ ، والتفاوت بين المكوّنات هو بحسب مدارج قربه إليه وبعده عنه . ومن هاهنا ترى المقام المحمدي يعبّر عنه ب « أَوْ أَدْنى » فإنّه لا أعدل منه في المكوّنات ، فهو الأقرب على الإطلاق ، كما هو مؤدّى قوله تعالى : “ أَوْ أَدْنى“ [ 53 / 9 ] هذا في المظاهر الكونيّة .
تقابل الأسماء تنفي الاعتدال الحقيقي
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقد ورد في العلم الإلهيّ النبويّ اتّصاف الحقّ بالرضا والغضب ، وبالصفات ) المتقابلة جملة ( والرضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرضا عن المرضيّ عنه ) ، أيّ لا بدّ من إنفاذ أحد الحكمين المتقابلين عند التوجّه إلى المحكوم عليه ، فإنّ الحقّ في نفسه له الإطلاق في سائر هذه الأوصاف ، كما سيشير إليه .
وإذ كان لا بدّ من إنفاذ أحد الحكمين المتقابلين عند ملاحظة المحكوم عليه ، فكيف يتصوّر الاعتدال ،
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه ، وهو عنه راض فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل ) ، وإن كان للحقّ في نفسه سائر المتقابلات مطلقا ، ( وما رضي الراضي عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل ) .
وهو أنّه لا بدّ من إنفاذ حكم أحد المتقابلين - أعني الرضا والغضب - بالنسبة إلى العبد ، ولا يزال العبد تحت أحدهما.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أنّ الحقائق والشّهود تعطي التّكوين مع الأنفاس على الدّوام ، ولا يكون التّكوين إلّا عن ميل يسمّى في الطبيعة)
( وإنما قلنا ولا سبيل إليه ) ، أعني الاعتدال ( من أجل أن الحقائق والشهود ) ، أي معرفة الحقائق وشهودها على ما هي عليه ( تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ) ، يعني يعطي العلم نار الأشياء تتكون في كل آن على الدوام ( ولا يكون التكوين ) مع الأنفاس إلا بعد انعدام المكون ( إلا عن ميل ) من الكون تارة إلى العدم وتارة إلى الوجود فلو اعتدل الميلان وتساويا يلزم إما خلوه من الوجود والعدم ، أو اتصافه بهما معا وكلاهما محال ، فلا سبيل إلى الاعتدال ( يسمى ) هذا الميل ( في الطبيعة ) ، أي في علم الطبيعة أو في الطبائع المتضادة المستقرة على حالة وحدانية معتدلة
قال رضي الله عنه : (انحرافا أو تعفينا ، وفي حقّ الحقّ إرادة وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره . والاعتدال يؤذن بالسّواء في الجميع وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال . وقد ورد في العلم الإلهيّ النّبويّ اتّصاف الحقّ بالرّضا والغضب ، وبالصّفات .
والرّضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرّضا عن المرضيّ عنه والاعتدال أن يتساوى الرّضا والغضب ؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل . وما رضي الحقّ عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه ؛ فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل . )
قال رضي الله عنه : ( انحرافا أو تعفينا ) ، إذا كان مبدأ فساد مزاج ( و ) يسمى هذا الميل ( في حق الحق إرادة وهي ) ، أي الإرادة ( ميل إلى ) وجود ( المراد الخاص ) أو عدمه ( دون غيره ) ، فإن استوت نسبته تعالى إلى وجوده وعدمه بخلوه عن إرادتهما أو لاتصافه بإرادتهما من غير ترجيح لزم إما خلو هذا المراد الخاص عن الوجود والعدم واتصافه بهما وذلك محال ،
قال رضي الله عنه : ( والاعتدال يؤذن بالسواء ) ، بين الأمور المتضادة ( في الجميع ) ، أي في جميع هذه الصور ( وهذا ) ، أي الاعتدال ( ليس بواقع ) في صورة منها لامتناعه كما بين ( فلهذا منعنا من حكم الاعتدال وقد ورد في العلم الإلهي ) الفائض من الحضرة الألوهية ( النبوي ) الجاري على لسان النبي صلى اللّه عليه وسلم ( اتصاف الحق بالرضا وبالغضب وبالصفات ) المتقابلة ( والرضا مزيل للغضب ) عن المغضوب عليه
قال رضي الله عنه : ( والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ) ، ولا سبيل إليه ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه ) ، يعني الغضب ( وهو ميل . ) يعني الرضا ، والكلام على وجه لا يدل على زوال غضب الحق عن العبد مطلقا بل قيدناه بشرط المرضي ووجود الشرط مسكوت عنه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا : ولا سبيل إليه ، أعني الاعتدال من أجل أنّ الحقائق والشّهود تعطي التّكوين مع الأنفاس على الدّوام ، ولا يكون التّكوين إلّا عن ميل يسمّى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي حقّ الحقّ إرادة وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره . والاعتدال يؤذن بالسّواء في الجميع وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ، وقد ورد في العلم الإلهيّ النّبويّ اتّصاف الحقّ بالرّضا والغضب ، وبالصّفات والرّضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرّضا عن المرضيّ عنه والاعتدال أن يتساوى الرّضا والغضب ؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ، فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل ، وما رضي الحقّ عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه ؛ فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل ).
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا : لا سبيل إليه أعني : الاعتدال ) بينه ؛ لئلا يتوهم عوده على طلبه مع أن الطلب ليس بمحال ، وإنما هو حصول المطلوب من هذا الوجه ( من أجل أن الحقائق ) أي : علم الحقائق ودلائلها والشهود إنما ذكره ؛ لأنه ربما يمنع تلك الدلائل ( تعطي التكوين ) أي : تبدل كل شيء من حال إلى حال ( مع ) مقادير ( الأنفاس على الدوام ) ؛ لدوام غلبة من حركات الأفلاك التي لا تسكن أصلا ، ( ولا يكون التكوين ) ؛ لكونه حركة في الكيف أو الكلم ( إلا عن مثل في ) المكون الفاعل ، والمكون القابل وهو ( الطبيعة ) القابلة لتلك الأحوال المتبدلة يسمى ذلك الميل في الطبيعة ( انحرافا ) إن قرب من الاعتدال ، ( أو تعفينا ) إن بعد منه ، ( وفي حق الحق إرادة ) ؛ لأن اسم الميل يوهم عدم العدل ؛ ولكن لما كانت صفة توجب تخصص أحد المقدورين : ( هي ميل إلى المراد الخاص دون غيره ) مع استواء نسبتهما إلى قدرته ، وحينئذ لا يكون فيها اعتدال إذ ( الاعتدال يؤذن بالسّواء ) أي : استواء الأمرين ( في الجميع ) أي :
في جميع الصور والتي فيها الاعتدال سواء كان في حق الحق والخلق جميعا ، وإن كان في حق الحق يوجد الاعتدال في قدرته ، لكن لا حكم لها بدون الإرادة ، وكيف لا يكون في إرادة الحق ميل .
قال رضي الله عنه : ( وقد ورد في العلم الإلهي ) ، ولما توهم أن العلم المنسوب إلى الفلاسفة بينه بقوله ( النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب ، وبالصفات ) المتقابلة التي لا تخص الأشياء بظهور بعضها دون بعض إلا بالميل لامتناع اجتماعها ؛ وذلك لأن ( الرضا مزيل للغضب ) في حق المرضي عنه ، ( والغضب مزيل للرضا ) عن المغضوب عليه ، بل ( عن المرضي عنه ) لبعض الأسماء ، فإن الضال مرضي للاسم المضل ،
لكن الاسم القهار المنتقم مزيل تحكم هذا الرضا ، وإذ زال حكم أحدهما بالآخر بالكلية ، فليس فيه اعتدال إذ ( الاعتدال بتساوي الرضا والغضب ) " في نسخة : « يتساوى الرّضا والغضب » "
ولو على سبيل التقريب ، كاستواء حكم الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة في المزاج ، وليس هنا كذلك .
قال رضي الله عنه : ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ) حتى يتصور الاجتماع بينهما فيتفرع عليه الاعتدال ، ( فقد اتصف ) الغاضب ( بأحد الحكمين ) فقط ( في حقه ) ، وإن كان متصفا بهما في الجملة ،
( وهو ) أي : اتصافه في حق أحدهما بصفة ، وفي حق الآخر بأخرى مع أنه متصف بهما في الجملة ( ميل ) ، سيما باعتبارات لا تعطيه حكم الرضا الذي لبعض أسمائه بالنسبة إلى المغضوب عليه ، ( وما رضي الحق عنهم ، وهو غاضب عليه ) ،
وإن كان لبعض الأسماء كالمضل الغضب عليه ، وكذا للاسم القهار والمنتقم إذا كان غاضبا مغفورا له ، ( فقد اتصف بأحد الحكمين في حقّه ) مع أنه قد يتصف بالحكمين معا في حق العصاة ، ( وهو ميل ) ، فلا اعتدال في ذلك ، وتسمية الحق عدلا ليس باعتبار الاستواء ، بل باعتبار كون ما فعل بهم جزاء وفاقا .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
لا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي وإلا يلزم التعطيل
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإنما قلنا : « ولا سبيل إليه » - أعني الاعتدال - من أجل أنّ الحقائق الحكمية والشهود ) الذوقي ( تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ، ولا يكون التكوين إلا عن ميل ) من أحد أجزاء ذلك المكوّن فإنّ التكوين إنما يلحق المركَّبات من الطبائع وليس في الوجود إلا ذلك ، كما سبق تحقيقه ، فإنّ الطبائع ما لم يحصل بينها تفاعل وتقاهر لم يتكوّن منها مزاج واحد بالشخص - كما بيّن تحقيقه في الصنائع الحكميّة - وهذا الميل الذي عند التفاعل والتقاهر ( يسمّى في الطبيعة انحرافا ) إذا كان ذلك الميل مبدأ فساد مزاج ( أو تعفينا ) إن كان مبدأ كون ذلك المزاج ، هذا في عالم الطبائع .
وإذ كان الأمر متطابق الأحكام ، لا بدّ وأن يكون في الحضرات الأسمائيّة هذا الميل ، وإليه أشار بقوله : ( وفي حقّ الحقّ إرادة ، وهي ميل إلى المراد الخاصّ ) من مقتضيات الأسماء فإنّ لكلّ منها اقتضاء حكمه الخاصّ به ، وأحديّة جمع الكل قد حكم بإطلاق خزائن الجود المطلق على سائر تلك الأحكام لكنّ الإرادة ما لم تخصّص أحد الأحكام الخاصّة لم يتكوّن .
فعلم أنه ما لم يحصل في هذه الحضرة أيضا ميل إلى مراد خاصّ ( دون غيره ) لم يمكن التكوّن ، ( والاعتدال ) الذي هو مقتضى أحديّة الجمع والإطلاق ( يؤذن بالسواء في الجميع ، وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ) وظهور ذلك في مظهر كونيّ ، والتفاوت بين المكوّنات هو بحسب مدارج قربه إليه وبعده عنه . ومن هاهنا ترى المقام المحمدي يعبّر عنه ب « أَوْ أَدْنى » فإنّه لا أعدل منه في المكوّنات ، فهو الأقرب على الإطلاق ، كما هو مؤدّى قوله تعالى : “ أَوْ أَدْنى“ [ 53 / 9 ] هذا في المظاهر الكونيّة .
تقابل الأسماء تنفي الاعتدال الحقيقي
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقد ورد في العلم الإلهيّ النبويّ اتّصاف الحقّ بالرضا والغضب ، وبالصفات ) المتقابلة جملة ( والرضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرضا عن المرضيّ عنه ) ، أيّ لا بدّ من إنفاذ أحد الحكمين المتقابلين عند التوجّه إلى المحكوم عليه ، فإنّ الحقّ في نفسه له الإطلاق في سائر هذه الأوصاف ، كما سيشير إليه .
وإذ كان لا بدّ من إنفاذ أحد الحكمين المتقابلين عند ملاحظة المحكوم عليه ، فكيف يتصوّر الاعتدال ،
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه ، وهو عنه راض فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل ) ، وإن كان للحقّ في نفسه سائر المتقابلات مطلقا ، ( وما رضي الراضي عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل ) .
وهو أنّه لا بدّ من إنفاذ حكم أحد المتقابلين - أعني الرضا والغضب - بالنسبة إلى العبد ، ولا يزال العبد تحت أحدهما.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أنّ الحقائق والشّهود تعطي التّكوين مع الأنفاس على الدّوام ، ولا يكون التّكوين إلّا عن ميل يسمّى في الطبيعة)
( وإنما قلنا ولا سبيل إليه ) ، أعني الاعتدال ( من أجل أن الحقائق والشهود ) ، أي معرفة الحقائق وشهودها على ما هي عليه ( تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ) ، يعني يعطي العلم نار الأشياء تتكون في كل آن على الدوام ( ولا يكون التكوين ) مع الأنفاس إلا بعد انعدام المكون ( إلا عن ميل ) من الكون تارة إلى العدم وتارة إلى الوجود فلو اعتدل الميلان وتساويا يلزم إما خلوه من الوجود والعدم ، أو اتصافه بهما معا وكلاهما محال ، فلا سبيل إلى الاعتدال ( يسمى ) هذا الميل ( في الطبيعة ) ، أي في علم الطبيعة أو في الطبائع المتضادة المستقرة على حالة وحدانية معتدلة
قال رضي الله عنه : (انحرافا أو تعفينا ، وفي حقّ الحقّ إرادة وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره . والاعتدال يؤذن بالسّواء في الجميع وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال . وقد ورد في العلم الإلهيّ النّبويّ اتّصاف الحقّ بالرّضا والغضب ، وبالصّفات .
والرّضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرّضا عن المرضيّ عنه والاعتدال أن يتساوى الرّضا والغضب ؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل . وما رضي الحقّ عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه ؛ فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل . )
قال رضي الله عنه : ( انحرافا أو تعفينا ) ، إذا كان مبدأ فساد مزاج ( و ) يسمى هذا الميل ( في حق الحق إرادة وهي ) ، أي الإرادة ( ميل إلى ) وجود ( المراد الخاص ) أو عدمه ( دون غيره ) ، فإن استوت نسبته تعالى إلى وجوده وعدمه بخلوه عن إرادتهما أو لاتصافه بإرادتهما من غير ترجيح لزم إما خلو هذا المراد الخاص عن الوجود والعدم واتصافه بهما وذلك محال ،
قال رضي الله عنه : ( والاعتدال يؤذن بالسواء ) ، بين الأمور المتضادة ( في الجميع ) ، أي في جميع هذه الصور ( وهذا ) ، أي الاعتدال ( ليس بواقع ) في صورة منها لامتناعه كما بين ( فلهذا منعنا من حكم الاعتدال وقد ورد في العلم الإلهي ) الفائض من الحضرة الألوهية ( النبوي ) الجاري على لسان النبي صلى اللّه عليه وسلم ( اتصاف الحق بالرضا وبالغضب وبالصفات ) المتقابلة ( والرضا مزيل للغضب ) عن المغضوب عليه
قال رضي الله عنه : ( والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ) ، ولا سبيل إليه ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه ) ، يعني الغضب ( وهو ميل . ) يعني الرضا ، والكلام على وجه لا يدل على زوال غضب الحق عن العبد مطلقا بل قيدناه بشرط المرضي ووجود الشرط مسكوت عنه .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:42 عدل 3 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السادسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود . فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا . فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت . فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ .)
قال رضي الله عنه : (وإنما قلنا هذا) الكلام المذكور هنا (من أجل من يرى) ، أي يعتقد من الناس (أهل النار) الذين هم أهلها وهم الكافرون (لا يزال غضب اللّه) تعالى عليهم في جهنم يوم القيامة دائما أبدا من غير تناهي (في زعمه) ، أي زعم هذا القائل المذكور (فما لهم) ، أي لأهل النار (حكم الرضا من اللّه) تعالى أصلا بل لهم حكم الغضب فقط (فصح المقصود) حينئذ لثبوت حكم إحداهما عند هذا القائل دون الآخر وهو ميل والميل هو المقصود إثباته (فإن كان) الأمر في حق أهل النار يوم القيامة كما قلنا فيما تقدم مآل ، أي مرجع حال أهل النار في جهنم (إلى إزالة الآلام) ، أي الأوجاع وأنواع العذاب عنهم وإن سكنوا النار ولم يخرجوا منها بحيث يصير لهم فيها نعيم مخصوص من جنس طبائعهم يلائم أمزجتهم النارية كالسمك في الماء يلائم مزاجه طبيعة الماء فلو خرج منه تألم بمفارقته .
قال رضي الله عنه : (فذلك) المقدار رضا لهم من الحق تعالى حكم به عليهم فاقتضى ظهور أثره فيهم (فزال) عنهم (الغضب) الإلهي لزوال الآلام التي هي أثر ذلك الغضب فيهم (إذ) ، أي لأن (عين الألم) من حيث هو ألم (عين الغضب) الإلهي عليهم كان معلوما في نفس الحق تعالى مقدرا مقتضيا به على مقتضى الإرادة الإلهية فتوجه الحق تعالى به عليهم فأظهره في نفوسهم فهو في نفسه تعالى يسمى غضبا وفي نفوسهم يسمى ألما وأوجاعا إن (فهمت) ،
يا أيها السالك فما زالت الآلام من نفوسهم الا وقد تحوّل التوجه الإلهي بالغضب الذي في نفسه عنهم وتوجه عليهم بما يقابل ذلك ولا يقابله إلا الرضى فظهرت في نفوسهم اللذة بالعذاب فانقلب عذوبة وقد بين ذلك بقوله :
قال رضي الله عنه : (فمن غضب) على أحد (فقد تأذى) في نفسه ، أي وصل إليه الأذى ممن غضب عليه .
وقد ورد في الكتاب والسنة وصف اللّه تعالى بالتأذي من خلقه ، قال تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً( 57 ) [ الأحزاب : 57 ]
، وفي الحديث قال عليه السلام : « لا أحد أصبر على أذى سمعه من اللّه عز وجل ، إنه ليشرك باللّه ويجعل له الولد ، ثم يعافيهم ويرزقهم » ، أخرجه البخاري ومسلم بإسنادهما إلى أبي موسى.
قال رضي الله عنه : (فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه) ، أي انتقامه منه (بإيلامه) له (إلا ليجد الغاضب) في نفسه الراحة ، أي الفراغ من حمل ألم الغضب الذي يسمى غضبا في نفسه ، ويسمى آلاما في نفس المغضوب عليه .
وقد وصف اللّه تعالى نفسه بالفراغ في قوله سبحانه :سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ( 31 ) [ الرحمن : 31 ] ، أي نضع في نفوسكم يوم القيامة ما هو في نفسنا اليوم لكم من حمل ألم الغضب على قوم مما يسمى غضبا فينا ويسمى آلاما فيكم .
وحمل لذة الرضى كذلك ( بذلك) - السعي في الانتقام وإن كان اللّه تعالى منزها عن صورة ما يفهمه الغافل القاصر من ذلك الذي وصف اللّه تعالى به نفسه من غضب غيره .
قال رضي الله عنه : (فينتقل الألم الذي كان عنده) ، أي في نفس الغاضب حيث يسمى غاضبا بسبب وجوده في نفسه المتوجه به على المغضوب عليه ليفرغ منه ويصيغه فيه ما سمي غاضبا عليه (إلى) ذلك (المغضوب عليه) من الناس (والحق) تعالى إذا (أفردته) ، أي اعتبرته متميزا (عن العالم) جميعه غير متعلقة صفاته وأسماؤه بشيء أصلا (يتعالى) ، أي يرتفع ويتقدس ويتنزه (علوا كبيرا عن هذه الصفة) التي هي وجود الراحة في نفسه بالانتقام من المغضوب عليه والتشفي منه (على هذا الحد) المفهوم بحسب ما يجده المخلوق في نفسه إذا غضب على غيره .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا ) المذكور ( من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه ) فإذا كان غضب اللّه عليهم دائما في زعمه ( فما لهم حكم الرضى من اللّه ) في زعمه فإذا قلت هذا من أجل ذلك قلنا ( فصح المقصود ) وهو أن لهم حكم الرضا من اللّه فلا يصح قول من زعم أنه ما لهم حكم الرضى من اللّه فكان الأمر كما قلناه لا كما قاله فكان هذا القول منه ردا لمن زعم أن أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإن كان كما قلنا حال أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار فذلك رضى فزال الغضب لزوال الآلام إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) تصريح منه بأن الوجوه المذكورة في إثبات حكم الرضى والرحمة تدل على جواز وقوع ذلك الحكم لهم فلا يقع أن يكون العذاب دائما لهم فيؤدي أدلته إلى التوقف بين جواز دوام وقوع العذاب وبين جواز إزالته فمذهبه التوقف في مثل هذه المسألة كما بيناه من قبل وسنبين إن شاء اللّه تعالى في مسألة فرعون فقد أعاد الشيخ رضي اللّه عنه هذه المسألة في هذا الكتاب كثيرا في مواضع لتضمنه في كل إعادة فائدة جديدة للطالبين لذلك شرحت في كل مرة وإن كان البيان كافيا في موضع .
فلما بين غضب اللّه وهو إيصال الألم إلى عباده أراد أن يبين غضب الناس فقال ( فمن غضب ) من الناس على غيره ( فقد تأذى ) بذلك الغضب ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلام إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك ) الإيلام فإذا وجد الراحة بإيلام المغضوب عليه ( فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه الحق إذا أفردته ) أي إذا نظرته من حيث غنائه ( عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد ) أي إذا نظرته من حيث أسمائه وصفاته كان مرآة للعالم
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا: فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت. فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. ).
ثم إنا ما فسرنا الاعتدال بأنه السواء في الجميع، فإن السواء في الجميع يكون فيما له أجزاء متساوية والتساوي نسبي فقد يكون الربع مساويا للثلثين في تکوین موجود ما بحيث لو وضع من الثلثين أكثر أو أقل من الربع لما حصل تكوين ذلك الوجود الخاص.
وأما حكم الرضا والغضب في حق الله تعالى، فهما اعتباران في زمانين أو في زمان واحد باعتبارین أو باعتبارات.
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض،
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي .
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : (وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه ، فما لهم حكم الرضي من الله ، فصحّ المقصود ، وإن كان - كما قلنا - مآل أهل النار إلى إزالة آلام أهل النار ، فذلك رضى ، فزال الغضب ، لزوال الآلام ، إذ عين الغضب عين الألم ، إن فهمت ) . " في بعض النسخ : إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار "
قال العبد : الغضب والرضي إذا اتّصف الحق بأحدهما ، زال الآخر ، ولكن بالنسبة إلى مغضوب عليه أو مرضيّ عنه معيّنين ، وإلَّا فهو بالنسبة الكلَّية الغضبيّة القهرية الجلالية أو الرضى الكلي اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ الكليّ اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ فلا يتّصف بشيء منهما ، فهو غنيّ عن العالمين ،
فصحّ أنّ الميل والانحراف ليس إلَّا من قبل القابل ، لظهور حكم الرضى أو الغضب في القابل وغير القابل ، لا بالنسبة إلى الحق وإن كانت حقيقتا الرضى والغضب - الكلَّيّين الإلهيين الظاهر أحكامهما أبدا دائما في المرضيّين عنهم والمغضوبين عليهم من العالمين - ثابتتين لله ربّ العالمين على السواء ،
لا يتّصف بأحدهما دون الآخر إلَّا بالنسبة والإضافة إلَّا بحسب حكم سبق الرحمة الغضب - وهو ذاتيّ - وبالنسبة الأحدية الجمعية ، فحكم الغضب والرضى المتضادّين باعتبار ما ذكرنا ،
وفي صلاحية الوجود الحق الإلهي من حيث ظهوره في الأعيان والأكوان بحسب القوابل ، وظهور الميل والانحراف بحسب القابل وغير القابل ، وفي وقت دون وقت ، وبالنسبة إلى أمر دون أمر ، فافهم .
قال رضي الله عنه: ( فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بالملامة " بإيلامه " إلَّا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه، والحق إذا أفردته عن العالم، يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحدّ،)
يشير رضي الله عنه: إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرضا من الله فصح المقصود ، فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار فذلك رضى فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) .
إنما قلنا إن الاتصاف بأحد الحكمين دون الآخر لأنه لم ير أن غضب الله على أهل النار لا يزول أبدا ولا يكون لهم حكم الرضا قط ، فإن كان كما زعموا فالمقصود حاصل ، وإن كان كما قلنا مآلهم إلى زوال الآلام مع كونهم في النار ، فذلك عين الرضا لزوال الغضب بزوال الألم.
"" أضاف بالي زادة : ( إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) تصريح منه بأن الوجوه المذكورة في إثبات حكم الرضى والرحمة تدل على جواز وقوع ذلك الحكم لهم ، فلا يقطع أن يكون العذاب دائما لهم ، فتؤدي أدلته إلى التوقف ، فمذهبه التوقف في مثل هذه المسألة كما بيناه من قبل اهـ بالى زادة. ""
قال رضي الله عنه : ( فمن غضب فقد تأذى فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ، والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة ) على هذا (الحد) أي الألم ، وفي بعض النسخ : على هذا الحد ، من متن الكتاب .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : (وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله ، فصح المقصود . ) .
أي ، إنما قلنا لا يتعلق حكم الرضا على من يتعلق به حكم الغضب عليه ، وبالعكس ، بناء على زعم أهل الحجاب من أن أهل النار لا يزال حكم الغضب جار عليهم دائما أبدا ، ولا يتعلق بهم حكم الرضا من الله . فإن كان الأمر كما زعموا ، فصح المقصود .
فقوله : ( فصح المقصود ) جواب الشرط المحذوف يدل عليه قوله : ( فإن كان كما قلنا ، مآل أهل النار إلى إزالة الآلام ، وإن سكنوا النار ، فذلك رضا ، فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) .
أي ، فإن كان مآل أهل النار إلى إزالة الآلام والنعيم المناسب لأهل الجحيم ، كما قررناه من قبل في مواضع وذلك عين الرضا منهم ، لأن زوال الألم عين زوال الغضب ، وإذا زال الغضب ، حصل الرضا .
وإنما قال : ( فإن كان كما قلنا ) مع أنه على يقين من ربه أن الأمر كما قال إلزاما للمحجوبين .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود . فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا . فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت . فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ .)
قال رضي الله عنه : (وإنما قلنا هذا) الكلام المذكور هنا (من أجل من يرى) ، أي يعتقد من الناس (أهل النار) الذين هم أهلها وهم الكافرون (لا يزال غضب اللّه) تعالى عليهم في جهنم يوم القيامة دائما أبدا من غير تناهي (في زعمه) ، أي زعم هذا القائل المذكور (فما لهم) ، أي لأهل النار (حكم الرضا من اللّه) تعالى أصلا بل لهم حكم الغضب فقط (فصح المقصود) حينئذ لثبوت حكم إحداهما عند هذا القائل دون الآخر وهو ميل والميل هو المقصود إثباته (فإن كان) الأمر في حق أهل النار يوم القيامة كما قلنا فيما تقدم مآل ، أي مرجع حال أهل النار في جهنم (إلى إزالة الآلام) ، أي الأوجاع وأنواع العذاب عنهم وإن سكنوا النار ولم يخرجوا منها بحيث يصير لهم فيها نعيم مخصوص من جنس طبائعهم يلائم أمزجتهم النارية كالسمك في الماء يلائم مزاجه طبيعة الماء فلو خرج منه تألم بمفارقته .
قال رضي الله عنه : (فذلك) المقدار رضا لهم من الحق تعالى حكم به عليهم فاقتضى ظهور أثره فيهم (فزال) عنهم (الغضب) الإلهي لزوال الآلام التي هي أثر ذلك الغضب فيهم (إذ) ، أي لأن (عين الألم) من حيث هو ألم (عين الغضب) الإلهي عليهم كان معلوما في نفس الحق تعالى مقدرا مقتضيا به على مقتضى الإرادة الإلهية فتوجه الحق تعالى به عليهم فأظهره في نفوسهم فهو في نفسه تعالى يسمى غضبا وفي نفوسهم يسمى ألما وأوجاعا إن (فهمت) ،
يا أيها السالك فما زالت الآلام من نفوسهم الا وقد تحوّل التوجه الإلهي بالغضب الذي في نفسه عنهم وتوجه عليهم بما يقابل ذلك ولا يقابله إلا الرضى فظهرت في نفوسهم اللذة بالعذاب فانقلب عذوبة وقد بين ذلك بقوله :
قال رضي الله عنه : (فمن غضب) على أحد (فقد تأذى) في نفسه ، أي وصل إليه الأذى ممن غضب عليه .
وقد ورد في الكتاب والسنة وصف اللّه تعالى بالتأذي من خلقه ، قال تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً( 57 ) [ الأحزاب : 57 ]
، وفي الحديث قال عليه السلام : « لا أحد أصبر على أذى سمعه من اللّه عز وجل ، إنه ليشرك باللّه ويجعل له الولد ، ثم يعافيهم ويرزقهم » ، أخرجه البخاري ومسلم بإسنادهما إلى أبي موسى.
قال رضي الله عنه : (فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه) ، أي انتقامه منه (بإيلامه) له (إلا ليجد الغاضب) في نفسه الراحة ، أي الفراغ من حمل ألم الغضب الذي يسمى غضبا في نفسه ، ويسمى آلاما في نفس المغضوب عليه .
وقد وصف اللّه تعالى نفسه بالفراغ في قوله سبحانه :سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ( 31 ) [ الرحمن : 31 ] ، أي نضع في نفوسكم يوم القيامة ما هو في نفسنا اليوم لكم من حمل ألم الغضب على قوم مما يسمى غضبا فينا ويسمى آلاما فيكم .
وحمل لذة الرضى كذلك ( بذلك) - السعي في الانتقام وإن كان اللّه تعالى منزها عن صورة ما يفهمه الغافل القاصر من ذلك الذي وصف اللّه تعالى به نفسه من غضب غيره .
قال رضي الله عنه : (فينتقل الألم الذي كان عنده) ، أي في نفس الغاضب حيث يسمى غاضبا بسبب وجوده في نفسه المتوجه به على المغضوب عليه ليفرغ منه ويصيغه فيه ما سمي غاضبا عليه (إلى) ذلك (المغضوب عليه) من الناس (والحق) تعالى إذا (أفردته) ، أي اعتبرته متميزا (عن العالم) جميعه غير متعلقة صفاته وأسماؤه بشيء أصلا (يتعالى) ، أي يرتفع ويتقدس ويتنزه (علوا كبيرا عن هذه الصفة) التي هي وجود الراحة في نفسه بالانتقام من المغضوب عليه والتشفي منه (على هذا الحد) المفهوم بحسب ما يجده المخلوق في نفسه إذا غضب على غيره .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا ) المذكور ( من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه ) فإذا كان غضب اللّه عليهم دائما في زعمه ( فما لهم حكم الرضى من اللّه ) في زعمه فإذا قلت هذا من أجل ذلك قلنا ( فصح المقصود ) وهو أن لهم حكم الرضا من اللّه فلا يصح قول من زعم أنه ما لهم حكم الرضى من اللّه فكان الأمر كما قلناه لا كما قاله فكان هذا القول منه ردا لمن زعم أن أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإن كان كما قلنا حال أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار فذلك رضى فزال الغضب لزوال الآلام إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) تصريح منه بأن الوجوه المذكورة في إثبات حكم الرضى والرحمة تدل على جواز وقوع ذلك الحكم لهم فلا يقع أن يكون العذاب دائما لهم فيؤدي أدلته إلى التوقف بين جواز دوام وقوع العذاب وبين جواز إزالته فمذهبه التوقف في مثل هذه المسألة كما بيناه من قبل وسنبين إن شاء اللّه تعالى في مسألة فرعون فقد أعاد الشيخ رضي اللّه عنه هذه المسألة في هذا الكتاب كثيرا في مواضع لتضمنه في كل إعادة فائدة جديدة للطالبين لذلك شرحت في كل مرة وإن كان البيان كافيا في موضع .
فلما بين غضب اللّه وهو إيصال الألم إلى عباده أراد أن يبين غضب الناس فقال ( فمن غضب ) من الناس على غيره ( فقد تأذى ) بذلك الغضب ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلام إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك ) الإيلام فإذا وجد الراحة بإيلام المغضوب عليه ( فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه الحق إذا أفردته ) أي إذا نظرته من حيث غنائه ( عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد ) أي إذا نظرته من حيث أسمائه وصفاته كان مرآة للعالم
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا: فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت. فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. ).
ثم إنا ما فسرنا الاعتدال بأنه السواء في الجميع، فإن السواء في الجميع يكون فيما له أجزاء متساوية والتساوي نسبي فقد يكون الربع مساويا للثلثين في تکوین موجود ما بحيث لو وضع من الثلثين أكثر أو أقل من الربع لما حصل تكوين ذلك الوجود الخاص.
وأما حكم الرضا والغضب في حق الله تعالى، فهما اعتباران في زمانين أو في زمان واحد باعتبارین أو باعتبارات.
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض،
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي .
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : (وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه ، فما لهم حكم الرضي من الله ، فصحّ المقصود ، وإن كان - كما قلنا - مآل أهل النار إلى إزالة آلام أهل النار ، فذلك رضى ، فزال الغضب ، لزوال الآلام ، إذ عين الغضب عين الألم ، إن فهمت ) . " في بعض النسخ : إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار "
قال العبد : الغضب والرضي إذا اتّصف الحق بأحدهما ، زال الآخر ، ولكن بالنسبة إلى مغضوب عليه أو مرضيّ عنه معيّنين ، وإلَّا فهو بالنسبة الكلَّية الغضبيّة القهرية الجلالية أو الرضى الكلي اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ الكليّ اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ فلا يتّصف بشيء منهما ، فهو غنيّ عن العالمين ،
فصحّ أنّ الميل والانحراف ليس إلَّا من قبل القابل ، لظهور حكم الرضى أو الغضب في القابل وغير القابل ، لا بالنسبة إلى الحق وإن كانت حقيقتا الرضى والغضب - الكلَّيّين الإلهيين الظاهر أحكامهما أبدا دائما في المرضيّين عنهم والمغضوبين عليهم من العالمين - ثابتتين لله ربّ العالمين على السواء ،
لا يتّصف بأحدهما دون الآخر إلَّا بالنسبة والإضافة إلَّا بحسب حكم سبق الرحمة الغضب - وهو ذاتيّ - وبالنسبة الأحدية الجمعية ، فحكم الغضب والرضى المتضادّين باعتبار ما ذكرنا ،
وفي صلاحية الوجود الحق الإلهي من حيث ظهوره في الأعيان والأكوان بحسب القوابل ، وظهور الميل والانحراف بحسب القابل وغير القابل ، وفي وقت دون وقت ، وبالنسبة إلى أمر دون أمر ، فافهم .
قال رضي الله عنه: ( فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بالملامة " بإيلامه " إلَّا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه، والحق إذا أفردته عن العالم، يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحدّ،)
يشير رضي الله عنه: إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرضا من الله فصح المقصود ، فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار فذلك رضى فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) .
إنما قلنا إن الاتصاف بأحد الحكمين دون الآخر لأنه لم ير أن غضب الله على أهل النار لا يزول أبدا ولا يكون لهم حكم الرضا قط ، فإن كان كما زعموا فالمقصود حاصل ، وإن كان كما قلنا مآلهم إلى زوال الآلام مع كونهم في النار ، فذلك عين الرضا لزوال الغضب بزوال الألم.
"" أضاف بالي زادة : ( إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) تصريح منه بأن الوجوه المذكورة في إثبات حكم الرضى والرحمة تدل على جواز وقوع ذلك الحكم لهم ، فلا يقطع أن يكون العذاب دائما لهم ، فتؤدي أدلته إلى التوقف ، فمذهبه التوقف في مثل هذه المسألة كما بيناه من قبل اهـ بالى زادة. ""
قال رضي الله عنه : ( فمن غضب فقد تأذى فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ، والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة ) على هذا (الحد) أي الألم ، وفي بعض النسخ : على هذا الحد ، من متن الكتاب .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : (وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله ، فصح المقصود . ) .
أي ، إنما قلنا لا يتعلق حكم الرضا على من يتعلق به حكم الغضب عليه ، وبالعكس ، بناء على زعم أهل الحجاب من أن أهل النار لا يزال حكم الغضب جار عليهم دائما أبدا ، ولا يتعلق بهم حكم الرضا من الله . فإن كان الأمر كما زعموا ، فصح المقصود .
فقوله : ( فصح المقصود ) جواب الشرط المحذوف يدل عليه قوله : ( فإن كان كما قلنا ، مآل أهل النار إلى إزالة الآلام ، وإن سكنوا النار ، فذلك رضا ، فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) .
أي ، فإن كان مآل أهل النار إلى إزالة الآلام والنعيم المناسب لأهل الجحيم ، كما قررناه من قبل في مواضع وذلك عين الرضا منهم ، لأن زوال الألم عين زوال الغضب ، وإذا زال الغضب ، حصل الرضا .
وإنما قال : ( فإن كان كما قلنا ) مع أنه على يقين من ربه أن الأمر كما قال إلزاما للمحجوبين .
وذلك كما قال أمير المؤمنين ، كرم الله وجهه في بعض أشعاره :
قال المنجم والطبيب كلاهما .... لن تحشر الأجسام ، قلت إليكما
إن كان قولكما فلست بخاسر .... أو كان قولي فالخسار عليكما
مع أنه عليه السلام ، قال : " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا " .
قال رضي الله عنه : ( فمن غضب فقد تأذى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه ، إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحق إذا أفردته عن العالم ، يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد . )
أي ، الغاضب والمنتقم إنما يغضب وينتقم ليجد الراحة بذلك الانتقام ، وينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه .
والحق تعالى من حيث ذاته وانفراده عن العالم غنى عن العالمين ، متعال عن هذه الصفة علوا كبيرا .
ومن حيث إن هوية العالم عين هوية الحق ، فما ظهر أحكام الرضا والغضب كلها إلا من الحق وفي الحق .
قال المنجم والطبيب كلاهما .... لن تحشر الأجسام ، قلت إليكما
إن كان قولكما فلست بخاسر .... أو كان قولي فالخسار عليكما
مع أنه عليه السلام ، قال : " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا " .
قال رضي الله عنه : ( فمن غضب فقد تأذى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه ، إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحق إذا أفردته عن العالم ، يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد . )
أي ، الغاضب والمنتقم إنما يغضب وينتقم ليجد الراحة بذلك الانتقام ، وينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه .
والحق تعالى من حيث ذاته وانفراده عن العالم غنى عن العالمين ، متعال عن هذه الصفة علوا كبيرا .
ومن حيث إن هوية العالم عين هوية الحق ، فما ظهر أحكام الرضا والغضب كلها إلا من الحق وفي الحق .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:41 عدل 6 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السادسة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : (وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود ، فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ، فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ )
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا ) أي : كون الغضب مزيلا لحكم الرضا ( من أجل من يرى أن أهل النار ) من الكفار ( لا يزال غضب اللّه عليهم دائما ) ، ولو حال نضج جلودهم قبل حصول البدل بأن يكون حصول البدل قبل تمام النضج أو يتم النضج ، ولكن يكون لهم عذاب عقلي أو خيالي أو بالنار في بواطنهم ، ولا ينضج ( أبدا ) ولو بعد استيفاء الحقوق غير الكفر ، ( فما لهم حكم الرضا من اللّه ) وهو إزالة الآلام عنهم ، وإن كان راضيا بكونهم معذبين أو باعتبار بعض أسمائه كالمضل والمذل ، ( فصح المقصود ) من بيان الميل وإلا كانا مجتمعين ، ولو بلا اعتدال فلا يكون ميلا كليّا .
قال رضي الله عنه : ( فإن كان كما قلنا مآل أهل النار ) عند نضج الجلود قبل حصول البدل بعد استيفاء الحقوق غير الكفر ( إلى إزالة الآلام ) الحسية والعقلية والخيالية ،
قال رضي الله عنه : ( وإن سكنوا النار ) فتألموا بصورتها بما علموا أنها المحرقة لهم المؤلمة عند حصول البدل عن قريب ؛ ( لذلك رضي ) ، وإن قل زمانه بحيث لا يعتد به ، فلا يسمى الحق بذلك راضيا عنهم ، ولكن هذا الحكم نقيض حكم الغضب ، والحكم لا يتخلف عن التسبب ، ( فزال الغضب ) حينئذ وإن كان يعود في حقهم عن قريب ؛ لأنه لم يبق في حقهم إرادة الانتقام في ذلك الوقت ( لزوال الآلام ) التي بها الانتقام ،ومراد الحق واقع لا محالة ، ولا معنى لغضب الحق سوى إرادة الانتقام ، إذ هو بالمعنى الحقيقي محال في حقّ الحق ،
( إذ عين الألم ) المحال في حق اللّه تعالى ( عين الغضب ) بالمعنى الحقيقي ( إن فهمت ) حقيقة الغضب ، وهو غليان دم القلب وخروجه إلى سائر البدن .
قال رضي الله عنه : ( فمن غضب ، فقد تأذى ) بما ذكرنا ، وهو ألم ، ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا لنجد الغاضب الراحة عن ذلك ) الألم بذلك الانتقام ، إذ يرجع به الذم إلى مكانه ، ويسكن غليانه .
قال رضي الله عنه : ( فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ) أي : يزول عن الغاضب ألم ، ويحصل بدله في المغضوب عليه ، وإن تخالفا بالشخص والنوع والسبب ، وهذا المعنى لا يتصور في حق الحق أصلا ، إذ ( الحق إذا أفردته عن العالم ) أي : عن ظهوره في العالم ، وإيجاده له ، وتدبيره وتصرفه فيه .
قال رضي الله عنه : ( يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة ) أي : صفة الغضب إذ لا يتصور في شأنه الذم ولا غليانه ولا تأمله ، وإنما هو بمعنى إرادة الانتقام بخلاف ما إذا اعتبر ظهوره فيه ، فإنه تلحقه هذه الصفات المحدثة "(على هذا الحد.)"، وإليه الإشارة بقوله :
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا ) الكلام هنا - وهو أنّه لا بدّ من إنفاذ حكم أحد المتقابلين - أعني الرضا والغضب - بالنسبة إلى العبد ، ولا يزال العبد تحت أحدهما - ( من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا ) هذا ( في زعمه ، فما لهم حكم الرضا من الله فصحّ المقصود ) من عدم التساوي والاعتدال على زعمهم .
هذا إن كان كما قالوا فهو يطابق الظاهر ، ( فإن كان - كما قلنا - مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار ) وبقي عندهم صورتها النوعية الناريّة على ما عليه ذوق اولي الألباب من أهل الباطن. ( فذلك رضى ) عنهم ، لأنه زال تألَّمهم منها .
قال رضي الله عنه : (فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلَّا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ) فلا يزال هذا الميل متحقّقا .
فعلم أنّ هذا الكلام يوافق عقائد أهل الظاهر ويطابق أذواق أهل الباطن .
تعالى الحق تعالى في مقامه الإطلاقي عن الرضا والغضب
ثمّ إنّه لما كان سوق كلامه هذا إلى مساقه المذكور مع أهل الظاهر ولأجلهم نزّله إلى مداركهم الجزئيّة ، لأنّ أمثال هذه الأحكام التي قيل للغضب والغاضب من الانتقام والالتذاذ به يختصّ به المظاهر الكونيّة ،
والكلام في صفات الله تعالى على ما هي عليه في نفسها عند أهل التحقيق في مشهدهم الذوقيّ لذلك أشار إلى وجه تحقيق الأمر بما عنده بقوله : ( والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة ) فإنّك قد عرفت أنّ أحكام هذه الأسماء المتقابلة وظهور تنافيهما وتقابلهما ليس إلا باعتبار المحكوم عليه وملاحظة المظاهر الكونيّة ، وإذا أفردت الحقّ عنها فله الإطلاق في سائر هذه الأسماء والتقدّس بها عنها .
وفي بعض النسخ ( على هذا الحدّ ) ، وأنت عرفت أن الكلام بإطلاقه صحيح ، فلا احتياج إلى هذا القيد إلا لمجرّد تبيين خصوصيّة المحلّ والظاهر أنّه كان من الحاشية فوقع في المتن .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود . فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا .)
قال رضي الله عنه : (وإنما قلنا هذا ) الكلام على وجه لا يدل على زوال غضب الحق عن العبد مطلقا بل قيدناه بشرط المرضي ووجود الشرط مسكوت عنه ( من أجل من يرى أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرضا من اللّه ) ، فما كان الأمر كما زعمه
( فصح المقصود ) يعني وجود الميل وعدم الاعتدال ( فإن كان كما قلنا ) مرارا وقررناه ( مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار ) وبقيت عليهم الصورة النارية (فذلك رضا ) اللّه عنهم لأنه زال تألمهم بها
قال رضي الله عنه : ( فزال الغضب لزوال الآلام، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ . وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه . وهو قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ حقيقة وكشفافَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ[ هود : 123] حجابا وسترا . فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن.)
قال رضي الله عنه : ( فزال الغضب لزوال الآلام إذ عين الألم عين الغضب ) ، أي عين ألم العبد عين غضب الحق إذ ليس عنده تعالى في مرتبة الجمعية شيء من الآلام حتى يكون زوال الغضب بزواله كما يكون عند العبد من التأذي من المغضوب عليه ، فلا يحكم بزوال غضب الرب إلا بزوال ألم العبد ، فعين الألم عين الغضب ( إن فهمت ) المقصود من هذه العينية .
ثم شرع في بيان ما يضاف إلى الحق من الغضب باعتبار مقامي جمعه وتفصيله فقال ( فمن غضب ) من الخلائق ( فقد تأذى ) من المغضوب عليه .
قال رضي الله عنه : ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحق إذا أفردته عن العالم ) ، باعتبار غناه الذاتي عن العالمين ( تعالى ) علوا كبيرا عن هذه الصفة يعني الغضب ( على هذا الحد ) الذي تعارفه الخلق من أنفسهم فقوله : على هذا الحد لا بد منه وهو موجود في متن النسخة التي قوبلت بحضور الشيخ رضي اللّه عنه مع الأصل ،
فيسقط ما قاله بعض الشارحين من أن الكلام بدونه تمام ، والظاهر أنه كان من الحاشية فوقع في المتن
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : (وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود ، فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ، فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ )
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا ) أي : كون الغضب مزيلا لحكم الرضا ( من أجل من يرى أن أهل النار ) من الكفار ( لا يزال غضب اللّه عليهم دائما ) ، ولو حال نضج جلودهم قبل حصول البدل بأن يكون حصول البدل قبل تمام النضج أو يتم النضج ، ولكن يكون لهم عذاب عقلي أو خيالي أو بالنار في بواطنهم ، ولا ينضج ( أبدا ) ولو بعد استيفاء الحقوق غير الكفر ، ( فما لهم حكم الرضا من اللّه ) وهو إزالة الآلام عنهم ، وإن كان راضيا بكونهم معذبين أو باعتبار بعض أسمائه كالمضل والمذل ، ( فصح المقصود ) من بيان الميل وإلا كانا مجتمعين ، ولو بلا اعتدال فلا يكون ميلا كليّا .
قال رضي الله عنه : ( فإن كان كما قلنا مآل أهل النار ) عند نضج الجلود قبل حصول البدل بعد استيفاء الحقوق غير الكفر ( إلى إزالة الآلام ) الحسية والعقلية والخيالية ،
قال رضي الله عنه : ( وإن سكنوا النار ) فتألموا بصورتها بما علموا أنها المحرقة لهم المؤلمة عند حصول البدل عن قريب ؛ ( لذلك رضي ) ، وإن قل زمانه بحيث لا يعتد به ، فلا يسمى الحق بذلك راضيا عنهم ، ولكن هذا الحكم نقيض حكم الغضب ، والحكم لا يتخلف عن التسبب ، ( فزال الغضب ) حينئذ وإن كان يعود في حقهم عن قريب ؛ لأنه لم يبق في حقهم إرادة الانتقام في ذلك الوقت ( لزوال الآلام ) التي بها الانتقام ،ومراد الحق واقع لا محالة ، ولا معنى لغضب الحق سوى إرادة الانتقام ، إذ هو بالمعنى الحقيقي محال في حقّ الحق ،
( إذ عين الألم ) المحال في حق اللّه تعالى ( عين الغضب ) بالمعنى الحقيقي ( إن فهمت ) حقيقة الغضب ، وهو غليان دم القلب وخروجه إلى سائر البدن .
قال رضي الله عنه : ( فمن غضب ، فقد تأذى ) بما ذكرنا ، وهو ألم ، ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا لنجد الغاضب الراحة عن ذلك ) الألم بذلك الانتقام ، إذ يرجع به الذم إلى مكانه ، ويسكن غليانه .
قال رضي الله عنه : ( فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ) أي : يزول عن الغاضب ألم ، ويحصل بدله في المغضوب عليه ، وإن تخالفا بالشخص والنوع والسبب ، وهذا المعنى لا يتصور في حق الحق أصلا ، إذ ( الحق إذا أفردته عن العالم ) أي : عن ظهوره في العالم ، وإيجاده له ، وتدبيره وتصرفه فيه .
قال رضي الله عنه : ( يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة ) أي : صفة الغضب إذ لا يتصور في شأنه الذم ولا غليانه ولا تأمله ، وإنما هو بمعنى إرادة الانتقام بخلاف ما إذا اعتبر ظهوره فيه ، فإنه تلحقه هذه الصفات المحدثة "(على هذا الحد.)"، وإليه الإشارة بقوله :
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا ) الكلام هنا - وهو أنّه لا بدّ من إنفاذ حكم أحد المتقابلين - أعني الرضا والغضب - بالنسبة إلى العبد ، ولا يزال العبد تحت أحدهما - ( من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا ) هذا ( في زعمه ، فما لهم حكم الرضا من الله فصحّ المقصود ) من عدم التساوي والاعتدال على زعمهم .
هذا إن كان كما قالوا فهو يطابق الظاهر ، ( فإن كان - كما قلنا - مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار ) وبقي عندهم صورتها النوعية الناريّة على ما عليه ذوق اولي الألباب من أهل الباطن. ( فذلك رضى ) عنهم ، لأنه زال تألَّمهم منها .
قال رضي الله عنه : (فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلَّا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ) فلا يزال هذا الميل متحقّقا .
فعلم أنّ هذا الكلام يوافق عقائد أهل الظاهر ويطابق أذواق أهل الباطن .
تعالى الحق تعالى في مقامه الإطلاقي عن الرضا والغضب
ثمّ إنّه لما كان سوق كلامه هذا إلى مساقه المذكور مع أهل الظاهر ولأجلهم نزّله إلى مداركهم الجزئيّة ، لأنّ أمثال هذه الأحكام التي قيل للغضب والغاضب من الانتقام والالتذاذ به يختصّ به المظاهر الكونيّة ،
والكلام في صفات الله تعالى على ما هي عليه في نفسها عند أهل التحقيق في مشهدهم الذوقيّ لذلك أشار إلى وجه تحقيق الأمر بما عنده بقوله : ( والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة ) فإنّك قد عرفت أنّ أحكام هذه الأسماء المتقابلة وظهور تنافيهما وتقابلهما ليس إلا باعتبار المحكوم عليه وملاحظة المظاهر الكونيّة ، وإذا أفردت الحقّ عنها فله الإطلاق في سائر هذه الأسماء والتقدّس بها عنها .
وفي بعض النسخ ( على هذا الحدّ ) ، وأنت عرفت أن الكلام بإطلاقه صحيح ، فلا احتياج إلى هذا القيد إلا لمجرّد تبيين خصوصيّة المحلّ والظاهر أنّه كان من الحاشية فوقع في المتن .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد. )
قال رضي الله عنه : ( وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود . فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا .)
قال رضي الله عنه : (وإنما قلنا هذا ) الكلام على وجه لا يدل على زوال غضب الحق عن العبد مطلقا بل قيدناه بشرط المرضي ووجود الشرط مسكوت عنه ( من أجل من يرى أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرضا من اللّه ) ، فما كان الأمر كما زعمه
( فصح المقصود ) يعني وجود الميل وعدم الاعتدال ( فإن كان كما قلنا ) مرارا وقررناه ( مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار ) وبقيت عليهم الصورة النارية (فذلك رضا ) اللّه عنهم لأنه زال تألمهم بها
قال رضي الله عنه : ( فزال الغضب لزوال الآلام، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ . وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه . وهو قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ حقيقة وكشفافَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ[ هود : 123] حجابا وسترا . فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن.)
قال رضي الله عنه : ( فزال الغضب لزوال الآلام إذ عين الألم عين الغضب ) ، أي عين ألم العبد عين غضب الحق إذ ليس عنده تعالى في مرتبة الجمعية شيء من الآلام حتى يكون زوال الغضب بزواله كما يكون عند العبد من التأذي من المغضوب عليه ، فلا يحكم بزوال غضب الرب إلا بزوال ألم العبد ، فعين الألم عين الغضب ( إن فهمت ) المقصود من هذه العينية .
ثم شرع في بيان ما يضاف إلى الحق من الغضب باعتبار مقامي جمعه وتفصيله فقال ( فمن غضب ) من الخلائق ( فقد تأذى ) من المغضوب عليه .
قال رضي الله عنه : ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحق إذا أفردته عن العالم ) ، باعتبار غناه الذاتي عن العالمين ( تعالى ) علوا كبيرا عن هذه الصفة يعني الغضب ( على هذا الحد ) الذي تعارفه الخلق من أنفسهم فقوله : على هذا الحد لا بد منه وهو موجود في متن النسخة التي قوبلت بحضور الشيخ رضي اللّه عنه مع الأصل ،
فيسقط ما قاله بعض الشارحين من أن الكلام بدونه تمام ، والظاهر أنه كان من الحاشية فوقع في المتن
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:42 عدل 2 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه. وهو قوله تعالى :"وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ" حقيقة و"كشفا فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" [هود : 123] حجابا وسترا . فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن . أوجده اللّه أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصّورة الطّبيعيّة . )
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق) تعالى (هوية العالم) كله محسوسه ومعقوله وموهومه ، لأن الهوية ما به الشيء هو هو ، والعالم كله ليس هو هو إلا بالحق تعالى لا بشيء غيره أصلا ،
فالحق تعالى هوية العالم بهذا الاعتبار لصدق تعريفهم الهوية عليه ، ولأن الكل ثابت في علمه تعالى غير منفي عنه من غير وجود له أصلا فيه ، والوجود كله واحد مطلق قديم ظاهر على كل ما هو فيه مشرق عليه به من غير أن يحل فيه شيء من ذلك الذي فيه أصلا ،
ولا يحل هو في شيء منه أصلا ، إذ الكل معدوم والمعدوم لا يتصوّر فيه حلول أصلا لا منه في غيره ولا من غيره فيه .
ولا يضر الجاهلين الغافلين إلى رؤيتهم العالم موجودا بقيومية وجود اللّه تعالى عليه وظنهم ، إذ كلامنا عنه في تلك الحالة ، وإنه في حال وجوده باللّه تعالى حال في اللّه تعالى ، واللّه تعالى حال فيه ، وهو فهم قبيح جدا وقصور بليغ وتناقض فاحش ، إن عقلوا ما هم قائلون به من أنه تعالى قيوم على كل شيء ،
وإنما مرادنا من ذلك اعتبار العالم في نفسه مع قطع النظر عن وجود اللّه تعالى القيوم عليه ، فإنه كله حينئذ معدوم صرف بالإجماع منا ومن هؤلاء الجاهلين الغافلين ، ولا وجود حينئذ إلا وجود واحد قديم هو وجود اللّه تعالى المطلق المنزه عن كل شيء بالإجماع منا ومنهم ، وهذه وحدة الوجود التي قصدناها إذا أطلقناها ،
وهي مذهب العارفين المحققين قبلنا ، بل هي مذهب كل أحد من الناس لو عقل الكل وفهموا لمرادهم ، ولكن أهلها يناديهم مناديها من مكان قريب واستمع "يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ "[ ق : 41 ] يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج ،
وغير أهلها إنما هم حولها يدندنون ويحومون عليها ، أولئك ينادون من مكان بعيد ، ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون .
قال رضي الله عنه : (فما ظهرت الأحكام) الإلهية بإيجاد كل شيء معدوم صرف ثابت في الحضرة العلمية من غير وجود (كلها) ، أي جميع تلك الأحكام قال تعالى :وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ[ الرعد : 41 ] إلا فيه ، أي في الحق تعالى إذ لولا الوجود لما كان شيء أصلا ، والوجود كله للّه تعالى كما ذكرنا ، فالكل ظاهر فيه .
ومنه سبحانه أيضا ، قال تعالى :قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ[ النساء : 78 ] وهو قوله سبحانه ("وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ" حقيقة )، أي في نفس الأمر وإن جهله الجاهلون وأنكره المنكرون وكشفا عند العارفين به المحققين (له "فَاعْبُدْهُ ") يا أيها السالك إليه بما صوّر لك في نفسك من الحول المخلوق والقوة المخلوقة ("وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ") [ هود : 123 ] ، أي فوّض أمرك إليه في ظاهرك وباطنك فلا تعتمد على حولك وقوتك حجابا ، أي في حال انحجابك عنه بشهود نفسك وسترا ، أي في وقت استتاره عنك بظهوره عليك على مقدار ما قبل ثبوت عينك في علمه القديم من تجلي وجوده وأنت لا تشعر لاشتغالك بك عنه .
قال رضي الله عنه : (فليس في الإمكان) الاعتباري مما تراه العقول الفاضلة (أبدع من هذا العالم) المحسوس والمعقول والموهوم (لأنه) ، أي هذا (على صورة) مجموع صفات (الرحمن) عز وجل المستوي على العرش الذي هو مجموع العالم كله (أوجده) ، أي العالم اللّه تعالى (أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم) فهو يتبدل به في الصور المختلفة على حسب ما يريد سبحانه ، ويتحوّل في الحس والعقل إلى الأبد من غير أن يتغير تعالى عما هو عليه في الأزل (كما ظهر الإنسان) في الدنيا من حيث الروحانية اللطيفة الحاملة للمعاني الشريفة (بوجود الصورة الطبيعية) الآدمية الجسمانية المتركبة من العناصر الأربعة ، ثم يختفي الإنسان بموت هذه الصورة وزوال تركيبها واضمحلالها ، ثم يعود إليها في النشأة الآخرة ظاهرا بها إلى الأبد .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسمائه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ) مع أنه متعال منزه بالانفعال والتأثير بالأحكام كظهور أحكام الرائي في المرآة فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم به الرائي أو نقول إذ كان الحق هوية العالم ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به وهو الحق الخلق وهو العبد فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق فلا يستريح الخالق باستراحة المخلوق ،
ولا يتألم بتألمه فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة والإرادة وغير ذلك يقال له حق ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ومن حيث وجوبه الذاتي خالق وموجد جرى اصطلاحهم على ذلك
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهو ) أي ظهور الأحكام كلها في معنى قوله لاحتياجه إليه ( قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) في الظهور فيه كما إن الصورة في المرآة ترجع في الظهور إلى صاحبها ( حقيقة وكشفا ) أي يعلم هذا المعنى من هذا القول بالحقيقة والكشف فكل شيء يرجع إليه لاحتياجه إليه من كل الوجوه لا يرجع هو إلى شيء أصلا وهو المرجع والمآب فإذا كان الأمر في نفسه على ما قلناه فأنت عبد ضعيف ( فاعبده ) بما أمرك ( وتوكل عليه حجابا ) أي حياء من ربك ( وسترا ) أي وكن مستور الحال بين الناس بحفظ آداب الشريعة والطريقة ( فليس في ) عالم ( الإمكان ) وهو عالم الأول والآخر والظاهر والباطن ( أبدع من هذا العالم ) وهو العالم الظاهر الجامع جميع ما في العوالم .
قال رضي الله عنه : ( لأنه على صورة الرحمن ) يتعلق بقوله ( أوجده اللّه تعالى ) أي وإنما كان هذا العالم أبدع من غيره من العوالم لأن اللّه أوجده على صورة الرحمن قوله ( أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) تفسير لقوله على صورة الرحمن أوجده اللّه أي وإنما كان أبدع لأنه ظهر وجود الحق بظهور العالم لا ببطونه وفيه دليل على أن علم الشريعة لكون ظهور وجود الحق بظهوره ظهورا تاما أبدع من العلم المسمى بالباطن فكان أبدع العلوم كلها ( كما ظهر ) حقيقة ( الإنسان ) وهي الروح الانساني ( بوجود الصورة الطبيعية ) وهي هذا الهيكل المحسوس
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا. فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض،
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي .
أما إن قال : ليس في الإمكان أبدع من العالم فيصدق، لأن العالم أكره "كثرة" غير متناهية وعوالمه غير متناهية وأنواع جزئياته غير متناهية فضلا عن جزئياته ، وهذا الفتح ما رأيت شيخنا، رضي الله عنه، ألم بذكره ولا يمكن سواه ولا حق ينافيه والباطل هو كل شيء نافاه والحق يقول الحق.
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هويّة العالم، فما ظهرت الأحكام كلَّها إلَّا فيه ومنه، وهو قوله :" وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " حقيقة وكشفا " فَاعْبُدْه ُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه ِ " حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنّه على صورة الرحمن ، أوجده الله ، أي ظهر وجوده بظهور العالم ، كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية)
يشير رضي الله عنه إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،
فنحن صور تفصيل الإنّية العظمى الإلهية وشخصيات أنانيتها من حيث ظاهرنا وجسمانيتنا وصورتنا ، ومن حيث الباطن والروحانية فصور تفصيل هويته الكبرى ، فنحن له ، وهو لنا ، وهو فينا نحن ، ونحن فيه هو ، فافهم.
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ، وهو قوله :" وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " حقيقة وكشفا " فَاعْبُدْه وتَوَكَّلْ عَلَيْه " حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن أوجده الله : أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية).
قد مر أن الحق عين كل شيء فإذا كان عين هوية العالم أي حقيقته فالأحكام الظاهرة في العالم ليست إلا في الله وهي من الله ،
وهو معنى قوله : " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " حقيقة وكشفا فإنه تعالى باعتبار التجلي الذاتي الغيبي يسمى هو ، وذلك التجلي هو الصورة بصور أعيان العالم ، فكان هوية العالم وهوية كل جزء حجابه وستره ليتوكل عليه ، فإنه به موجود وهو الفاعل فيه لا فعل للحجاب ، والحجاب الذي هو العبد صورة أنية ربه والرب هويته ، وهو معنى قوله : فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأن العبد صورة العالم والعالم صورة الرحمن ، ومعنى أوجده الله ،
"" أضاف بالي زادة : ( فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسماؤه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه وبه ) مع أنه تعالى منزه عن الانفعال والتأثر بالأحكام ، كظهور أحكام الرائي في المرآة، فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم بما يتألم الرائي.
أو نقول ( إذا كان الحق هوية العالم ) ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به ، يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به ، وهو الحق الخلق وهو العبد ، فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق ، فلا يستريح الحق الخالق باستراحة المخلوق ولا يتألم بتألمه ، فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق ،
فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة وغيرها يقال له حق ، ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات الكونية عبد وخلق ، والله من حيث تحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ، ومن حيث وجوبه الذاتي خالق وموجد ، فقد جرى اصطلاحهم على ذلك اهـ بالى زادة. ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ) .
أي ، الغاضب والمنتقم إنما يغضب وينتقم ليجد الراحة بذلك الانتقام، وينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق تعالى من حيث ذاته وانفراده عن العالم غنى عن العالمين ، متعال عن هذه الصفة علوا كبيرا .
ومن حيث إن هوية العالم عين هوية الحق ، فما ظهر أحكام الرضا والغضب كلها إلا من الحق وفي الحق .
فإن خطر ببالك أن هذا الكلام مبنى على أن الغضب والانتقام المنسوب إليه تعالى كالغضب والانتقام المنسوب إلينا ، وأما إذا كان بمعنى آخر فلا يكون كذلك .
فعليك أن تتأمل في قوله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم على صورته " ليندفع ذلك الوهم .
قال رضي الله عنه : (وهو قوله : "وإليه يرجع الأمر كله " . حقيقة وكشفا " فاعبده وتوكل عليه " حجابا وسترا . ) أي ، قولنا : ( فما ظهرت الأحكام إلا فيه ومنه ) .
وهو معنى قوله تعالى : " وإليه يرجع الأمر كله " . أي ، مآل الأمور ، حسنها وقبيحها ، نعيمها وجحيمها ، كلها يرجع إليه تعالى حقيقة وكشفا ، كما قال تعالى : "قل كل من عند الله " .
فإذا كان الأمر كذلك ، فاعبده بما أمرك به وما استطعت عليه، وتوكل على الله حال كونه محجوبا مستورا عن نظرك.
أو حال كونك في الحجاب والستر عن الله . والمعنى واحد .
قال رضي الله عنه : ( فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنه على صورة الرحمن. ).
أي ، فإذا كان هويته تعالى هوية العالم ، ويرجع جميع ما في العالم من الأمور إليه تعالى ، فليس في الإمكان أبدع وأحسن من نظام هذا العالم ، لأنه مخلوق على صورة الرحمن .
وإنما جعل العالم مخلوقا على صورة الرحمن ، لأنه تفصيل ما تجمعه الحقيقة الإنسانية المخلوقة على صورة الرحمن ( أوجده الله ، أي ، ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ، كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية . ) أي ، أوجد الحق العالم .
ثم ، لما كان وجود العالم مستدعيا لوجود الحق - لأنه محدث ولا بد له من محدث أحدثه وهو الحق سبحانه - فسر ( أوجده الله ) تعالى بقوله : ( أي ظهر ) .
وذلك لأن الحق غيب العالم وباطنه ، فظهر بالعالم ، كما أن الحقيقة الإنسانية غيب هذه الصورة الطبيعية ، فظهرت بها .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:49 عدل 2 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السابعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه ، وهو قوله تعالى : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ حقيقة وكشفا فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [ هود : 123 ] حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن ، أوجده اللّه أي : ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصّورة الطّبيعيّة ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق ) بإشراق نور وجوده على حقائق العالم ( هوية العالم ) أي : كونه ، ( فأظهرت الأحكام ) كالغضب بالمعنى الحقيقي والانتقام واللطف والإنعام ( إلا ) فيه أي : في صور ظهوره .
( ومنه ) أي : من ظهوره بصفة القهر والحلال أو اللطف والجمال أو غير ذلك ، وهو أي : دليل ظهور الأحكام ( فيه ) ، ومنه قوله :(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [هود : 123] حقيقة وكشفا)،
وإن رجع بعضه إلى غيره حجابا وسترا ، فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ عبادة وتوكلا يرجعان إليك حجابا وسترا ، وهما من أفعاله في صور ظهوره في مرآتك ؛ فهو الموجد لهما ،
وإن كان لك كسبهما تكون صورته التي هي مجليهما منطبعة في مرآتك حديث فيها بنظره إليها ، وإن لم يكن صورة في ذاته ؛ ولذلك لا يسمى عابدا متوكلا إذ لا يتصف بهما في ذاته ،
بل في ظهوره بصورة ليست له في ذاته ، وهي لك حجابا وسترا ، وإذا كان الكل راجعا إلى الحق بكونهم صور أسمائه ، وكون أحكامهم ظاهرة فيه ومنه ، ولا كمال وراء كماله ،
قال رضي الله عنه : ( فليس في الإمكان أبدع ) أي : أكمل ( من هذا العالم ) ، وإن كان مشتملا على النقائض والشرور ؛ ( لأنه على صورة الرحمن ) ، وهو الاسم المفيض للوجود العام الشامل على سائر الأسماء المفيضة إذا ( وجده اللّه ) بإشراق نوره على أعيانه ، وهو نور واحد قبل كل عين منه ما يسعها ولا نقصان ، ولا شر في إشراقه ، وإنما هما من أعيان العالم ، ولا يمكن تبديلهما لامتناع قلب الحقائق ؛
ولكون إيجاده على صور أسماء الحق صح فيه أن يقال : ( أي : ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) ؛ لأن الوجود العام الشامل على صور الأسماء صورة وجود الحق الشامل على أسمائه صارت في المرايا محسوسة بعد ما كانت في ذاته معقولة .
وهذا الظهور للحق بهذه الصورة مع تنزهه عنها ( كما ظهر الإنسان ) ، أي : روحه مع تنزيهه عن الصورة المحسوسة في ذاته ( بوجود الصورة الطبيعية ) لبدنه ظهر فيها بالتدبير ، وسائر ما فيه من المعاني تصورت فيه بالصور المحسوسة كالسمع والبصر وغير ذلك ، وإذا كان العالم للحق بمنزلة الصورة الطبيعية لنا ،
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحقّ هويّة العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه)
فلا يكون الغضب والانتقام إلا له ، (وهو قوله : “وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ“ [ 11 / 123 ] حقيقة وكشفا ) .
وينبغي أن يعلم هاهنا أنّ العلم له مدرجتان في العالم عند إنفاذ حكمه فيه - يعني إظهار المعلوم - إحداهما تبيّنه في نفس العالم وتيقّنه وتحقّقه فيها ، ويلزمه إظهار المعلوم للعالم فقط .
والأخرى هي مبدأ تبيّنه مع ذلك التيقّن وكشفه ، ويلزمه الإظهار للعالم ولمن يقربه في النسبة ممن يفهم عرفه ووجوه تخاطبه . ثمّ إنّه إذ قد وقع في عبارته ما هو مبدأ لهذين المرتبتين ،
حيث قال : « ما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه » أي متحقّقة فيه ، وظاهرة منه أفصح عنهما في مرتبة العلم والعين ، بجميع الأحوال التابعة لهما ، تبيينا لكليّة حكمته وتعميما لخصائص ذوقه ، فإنّ ذلك هو المستتبع لانتظام قوانين التوحيد وتطبيق لطائف جمال الإجمال منه بدقائق جلائل التفصيل وإلى المرتبتين الأخريين
أشار بقوله : (" فَاعْبُدْه ُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه ِ") أي فاعبده تحقّقا ، وتوكَّل عليه كشفا وتبيينا ، حتى تكون العبادة ( حجابا و ) التوكَّل ( سترا ) فقد طابق بهذا التحقيق الإجمال بالتفصيل علما وعينا وحالا .
ظهور الحقّ بظهور العالم
ثمّ إنّه إذا كان العالم هذا - مع أنّ الحقّ عين هويّته - يكون محلا للأحكام المتقابلة ، والكلّ منه وفيه .
ولهذا قال : ( وليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنّه على صورة الرحمن أوجده الله ) وهو شامل لجميع الأسماء ، فله أحديّة الجمع الوجوديّة فكلّ شيء على صورته له وجود الحقّ ، وبه ظهوره .
ولهذا قال : ( أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) فإنّه ظهر بالعالم أحكام سائر الأسماء جمعا وفرادى ( كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعيّة ) فإنّه ما لم توجد هذه الصورة لم تكن لأوصاف الإنسان وأحكامه أثر .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا. فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ) ، باعتبار أنه محل لظهورها ( ومنه ) باعتبار أنه مبدأ لها فلا عليك إذا أسندتها إليه تعالى ( و ) ما يدل على ما ذكرناه من عدم ظهور الأحكام إلا فيه ومنه ( هو قوله : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ) ، أي أمر الوجود ذاتا وصفة وفعلا ( كله حقيقة وكشفا ) ولا تمتنع من عبودته بانكشاف هذه الحقيقة عليك ( فاعبده وتوكل عليه حجابا وسترا ) ،
أي من حيث أن حجاب العبودية بينك وبينه مسدول ، وهو به عنك مستور . وإذا كان هويته تعالى هوية العالم وترجع جميع أمور العالم إليه (فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنه) تفصيل ما تجمعه الحقيقة الإنسانية وهي مخلوقة.
قال رضي الله عنه : ( على صورة الرحمن أوجده اللّه تعالى ، أي أظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما الصّورة الطّبيعيّة ) . العنصرية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه ، وهو قوله تعالى : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ حقيقة وكشفا فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [ هود : 123 ] حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن ، أوجده اللّه أي : ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصّورة الطّبيعيّة ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق ) بإشراق نور وجوده على حقائق العالم ( هوية العالم ) أي : كونه ، ( فأظهرت الأحكام ) كالغضب بالمعنى الحقيقي والانتقام واللطف والإنعام ( إلا ) فيه أي : في صور ظهوره .
( ومنه ) أي : من ظهوره بصفة القهر والحلال أو اللطف والجمال أو غير ذلك ، وهو أي : دليل ظهور الأحكام ( فيه ) ، ومنه قوله :(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [هود : 123] حقيقة وكشفا)،
وإن رجع بعضه إلى غيره حجابا وسترا ، فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ عبادة وتوكلا يرجعان إليك حجابا وسترا ، وهما من أفعاله في صور ظهوره في مرآتك ؛ فهو الموجد لهما ،
وإن كان لك كسبهما تكون صورته التي هي مجليهما منطبعة في مرآتك حديث فيها بنظره إليها ، وإن لم يكن صورة في ذاته ؛ ولذلك لا يسمى عابدا متوكلا إذ لا يتصف بهما في ذاته ،
بل في ظهوره بصورة ليست له في ذاته ، وهي لك حجابا وسترا ، وإذا كان الكل راجعا إلى الحق بكونهم صور أسمائه ، وكون أحكامهم ظاهرة فيه ومنه ، ولا كمال وراء كماله ،
قال رضي الله عنه : ( فليس في الإمكان أبدع ) أي : أكمل ( من هذا العالم ) ، وإن كان مشتملا على النقائض والشرور ؛ ( لأنه على صورة الرحمن ) ، وهو الاسم المفيض للوجود العام الشامل على سائر الأسماء المفيضة إذا ( وجده اللّه ) بإشراق نوره على أعيانه ، وهو نور واحد قبل كل عين منه ما يسعها ولا نقصان ، ولا شر في إشراقه ، وإنما هما من أعيان العالم ، ولا يمكن تبديلهما لامتناع قلب الحقائق ؛
ولكون إيجاده على صور أسماء الحق صح فيه أن يقال : ( أي : ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) ؛ لأن الوجود العام الشامل على صور الأسماء صورة وجود الحق الشامل على أسمائه صارت في المرايا محسوسة بعد ما كانت في ذاته معقولة .
وهذا الظهور للحق بهذه الصورة مع تنزهه عنها ( كما ظهر الإنسان ) ، أي : روحه مع تنزيهه عن الصورة المحسوسة في ذاته ( بوجود الصورة الطبيعية ) لبدنه ظهر فيها بالتدبير ، وسائر ما فيه من المعاني تصورت فيه بالصور المحسوسة كالسمع والبصر وغير ذلك ، وإذا كان العالم للحق بمنزلة الصورة الطبيعية لنا ،
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحقّ هويّة العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه)
فلا يكون الغضب والانتقام إلا له ، (وهو قوله : “وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ“ [ 11 / 123 ] حقيقة وكشفا ) .
وينبغي أن يعلم هاهنا أنّ العلم له مدرجتان في العالم عند إنفاذ حكمه فيه - يعني إظهار المعلوم - إحداهما تبيّنه في نفس العالم وتيقّنه وتحقّقه فيها ، ويلزمه إظهار المعلوم للعالم فقط .
والأخرى هي مبدأ تبيّنه مع ذلك التيقّن وكشفه ، ويلزمه الإظهار للعالم ولمن يقربه في النسبة ممن يفهم عرفه ووجوه تخاطبه . ثمّ إنّه إذ قد وقع في عبارته ما هو مبدأ لهذين المرتبتين ،
حيث قال : « ما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه » أي متحقّقة فيه ، وظاهرة منه أفصح عنهما في مرتبة العلم والعين ، بجميع الأحوال التابعة لهما ، تبيينا لكليّة حكمته وتعميما لخصائص ذوقه ، فإنّ ذلك هو المستتبع لانتظام قوانين التوحيد وتطبيق لطائف جمال الإجمال منه بدقائق جلائل التفصيل وإلى المرتبتين الأخريين
أشار بقوله : (" فَاعْبُدْه ُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه ِ") أي فاعبده تحقّقا ، وتوكَّل عليه كشفا وتبيينا ، حتى تكون العبادة ( حجابا و ) التوكَّل ( سترا ) فقد طابق بهذا التحقيق الإجمال بالتفصيل علما وعينا وحالا .
ظهور الحقّ بظهور العالم
ثمّ إنّه إذا كان العالم هذا - مع أنّ الحقّ عين هويّته - يكون محلا للأحكام المتقابلة ، والكلّ منه وفيه .
ولهذا قال : ( وليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنّه على صورة الرحمن أوجده الله ) وهو شامل لجميع الأسماء ، فله أحديّة الجمع الوجوديّة فكلّ شيء على صورته له وجود الحقّ ، وبه ظهوره .
ولهذا قال : ( أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) فإنّه ظهر بالعالم أحكام سائر الأسماء جمعا وفرادى ( كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعيّة ) فإنّه ما لم توجد هذه الصورة لم تكن لأوصاف الإنسان وأحكامه أثر .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا. فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية. ).
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ) ، باعتبار أنه محل لظهورها ( ومنه ) باعتبار أنه مبدأ لها فلا عليك إذا أسندتها إليه تعالى ( و ) ما يدل على ما ذكرناه من عدم ظهور الأحكام إلا فيه ومنه ( هو قوله : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ) ، أي أمر الوجود ذاتا وصفة وفعلا ( كله حقيقة وكشفا ) ولا تمتنع من عبودته بانكشاف هذه الحقيقة عليك ( فاعبده وتوكل عليه حجابا وسترا ) ،
أي من حيث أن حجاب العبودية بينك وبينه مسدول ، وهو به عنك مستور . وإذا كان هويته تعالى هوية العالم وترجع جميع أمور العالم إليه (فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنه) تفصيل ما تجمعه الحقيقة الإنسانية وهي مخلوقة.
قال رضي الله عنه : ( على صورة الرحمن أوجده اللّه تعالى ، أي أظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما الصّورة الطّبيعيّة ) . العنصرية
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:50 عدل 2 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثامنة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا . )
قال رضي الله عنه : (فنحن) معشر الكائنات (صورته) تعالى (الظاهرة) في الدنيا والآخرة لأنا موصولون بما هو موصوف به على حد ما يليق به ، فنحن علمه بنفسه لأنه علم نفسه فعلمنا ، ونحن كثيرون وهو واحد لكمال تنزيهه ورفعة شأنه عن أن يدركه علمه فيحصره فضلا عن علم غيره لعظمة إطلاقه الكلي ، ونحن نتبدل ونتحوّل وهو ثابت لا يتغير لفنائنا واضمحلالنا ووجوده وتحققه وثبوته أزلا وأبدا وهويته سبحانه ، أي وجوده الحق (روح) ، أي قيوم (هذه الصورة) الظاهرة التي مجموع روحانية وجسمانية المدبر هو سبحانه لها ، أي لتلك الصورة ، قال تعالى يدبر الأمر .
قال رضي الله عنه : (فما كان التدبير) للصورة المذكورة (إلا فيه) تعالى ، لأن الكل في علمه أزلا وأبدا (كما لم يكن) ذلك التدبير (إلا منه) سبحانه وإن ظهر بالأسباب العلوية فقال تعالى :فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً( 5 ) ، لأنها مظاهره تعالى ، فإنها مدبرة به وهو المدبر بها ، فلا مدبر سواه (فهو الأول) قبل ظهور كل شيء (بالمعنى) الذي في علمه تعالى من أحوال كل شيء وهو المرتبة الألوهية التي له تعالى بما صدر عنه كل شيء ، فإن وجوده المطلق من حيث هو لا يتكلم عنه إذ لم يصدر عنه شيء من هذا الوجه أصلا ، لأنه لا يفيد الكلام عن الشيء إلا من حيث رتبته كالقاضي إذا تكلمت عنه من حيث هو إنسان ، فلا تميز له عن غيره من هذا الوجه ، ولا كبير فائدة في ذلك وإن تكلمت عنه من حيث هو قاض فقد تكلمت عنه من حيث رتبته فالكلام عنه مفيد حينئذ وهو لا يتحكم إلا من حيث رتبته ، لا من حيث ذاته .
قال رضي الله عنه : (و) هو أيضا (الآخر بالصورة) التي هي مجموع الكائنات ، لأنه عين من قام به ذلك المعنى وتبين به هذا المبنى
وهو أيضا (الظاهر بتغيير الأحكام) الإيجادية والإعدامية والأحوال الملكية والملكوتية.
قال رضي الله عنه : (و) هو أيضا (الباطن) بالتدبير في الكل على ما تقتضيه الحكمة وتشمله الرحمة وهو سبحانه وتعالى بعد ذلك "بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [ البقرة : 29 ] أزلا وأبدا .
قال رضي الله عنه : (فهو على كل شهيد كذلك ليعلم) بكل شيء (عن شهود) ومعاينة (لا عن فكر) وتخيل لاستحالة ذلك في علم اللّه تعالى (فكذلك) ، أي مثل علم اللّه تعالى في هذه الصفة السلبية علم الأذواق ، أي الكشف والمنازلة عند الأنبياء والأولياء لا ذلك العلم حاصل (عن فكر) كعلم الظاهر من علماء الرسوم (وهو) ، أي علم الأذواق (العلم الصحيح) الموروث عن الأنبياء عليهم السلام كما ورد في الحديث : « العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء وورثتي وورثة الأنبياء » . رواه القزويني في أخبار قزوين وعزاه العجلوني في كشف الخفاء إلى ابن عدي عن علي رضي اللّه عنه وهو حديث صحيح كما قال المناوي » .
وفي رواية : « العلم ميراثي وميراث الأنبياء قبلي » أخرجه السيوطي في جامعه الصغير ورواه أبو حنيفة في مسنده.
وعلماء الظاهر إن وعوا ما في الكتاب والسنة من العلوم الظاهرة فهم حملة العلم وليسوا بعلماء،
وإن وعوا غير ذلك من علوم العربية والعلوم الفلسفية ونحو ذلك فليسوا بحملة العلم ولا علماء أصلا ؛ ولهذا قال رضي اللّه عنه .
(وما عداه) ، أي غير علم الأذواق (فحدس) ، أي ظن وتوهم (وتخمين) افتتنت به أهله كما افتتن أهل الدنيا بالدرهم والدينار (وهو ليس بعلم أصلا) ،
قال صلى اللّه عليه وسلم : « العلم ثلاثة : كتاب ناطق وسنة ماضية وقول لا أدري » . أخرجه السيوطي أيضا في جامعه الصغير ،
فقول : لا أدري في مقابلة ذلك الحدس والتخمين ، فالعالم يقول : لا أدري والجاهل يتكلم بالحدس والتخمين .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[الحديد : 3] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قوله رضي الله عنه : ( فنحن ) يجوز أن يكون عبارة عن الإنسان خاصة أي فإذا كان الأمر كذلك فنحن مع أرواحنا وأبداننا .
( صورة الظاهرة ) أي الصورة الفائضة لأرواحنا منه ( وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبرة لها ) لظهور وجود الحق بوجودنا لكوننا على صورة الرحمن كما ظهر الحق بوجود هذا العالم لكونه على صورة الرحمن فالعالم من حيث كونه عبارة عن الهيئة الاجتماعية كان على صورة الرحمن أي يظهر الحق فيه مع جميع صفاته وأسمائه وأفعاله وليس كذلك أجزاؤه إلا الإنسان فإنه وإن كان جزءا منه لكنه لكونه جامعا لما فيه كان على صورة الرحمن ويجوز أن يكون كناية عن العالم كله فنحن أي العالم من حيث صورته الجمعية
قال رضي الله عنه : ( فما كان التدبير ) أي تدبير الحق العالم كله ( إلا فيه ) أي في الحق ( كما لم يكن ) التدبير ( إلا منه ) فكان الحق مدبرا فيه ومدبرا منه أي يقع التدبير منه وفيه بالاعتبارين هذا لسان الوحدة ( فهو الأول بالمعنى ) أي يظهر أوليته بسبب المعنى ( والآخر بالصورة ) أي يظهر آخريته بسبب ظهور الصورة ( وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال ) إذ لا بد من متغير فيظهر الحق بسبب تغير الأحوال .
قال رضي الله عنه : ( والباطن بالتدبير ) أي بتدبير خلقه وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فإذا كان بكل شيء عليم ( فهو على كل شيء شهيد ) وإنما قال اللّه في حقه وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ٌ( ليعلم ) أن علمه بكل شيء ( عن شهود لا عن فكر ) ويجوز ليعلم أن يكون مبينا للفاعل من الأعلام ليعلم الحق خلقه أو من العلم ، أي ليعلم الخلق وأن يكون مبنيا للمفعول ( فكذلك علم الأذواق ) عن شهود ( لا عن فكر وهو ) أي علم الأذواق ( العلم الصحيح ) لأنه حاصل بتجلي الحق لعباده بعلمه فلا يقع في هذا العلم خطأ ( وما عداه ) من العلم
( فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا ) ثم رجع إلى بيان حكمة مسألة أيوب عليه السلام .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض،
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي .
أما إن قال : ليس في الإمكان أبدع من العالم فيصدق، لأن العالم أكره "كثرة" غير متناهية وعوالمه غير متناهية وأنواع جزئياته غير متناهية فضلا عن جزئياته ، وهذا الفتح ما رأيت شيخنا، رضي الله عنه، ألم بذكره ولا يمكن سواه ولا حق ينافيه والباطل هو كل شيء نافاه والحق يقول الحق.
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال.
قد ورد في المناجاة: " یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظاهرة ، وهويّته روح هذه الصورة المدبّرة لها ، فما كان التدبير إلَّا فيه ، كما لم يكن إلَّا منه ، فـ هُوَ " الأَوَّلُ " بالمعنى و" الآخِرُ " بالصورة ، وهو "الظَّاهِرُ" بتغيير الأحكام والأحوال ، و" الْباطِنُ " بالتدبير "َهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " فهو على كل شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر ، فكذلك علم الأذواق ، لا عن فكر ، وهو العلم الصحيح ) .
يشير رضي الله عنه: إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،
فنحن صور تفصيل الإنّية العظمى الإلهية وشخصيات أنانيتها من حيث ظاهرنا وجسمانيتنا وصورتنا ، ومن حيث الباطن والروحانية فصور تفصيل هويته الكبرى ، فنحن له ، وهو لنا ، وهو فينا نحن ، ونحن فيه هو ، فافهم.
قال رضي الله عنه : ( وما عداه فحدس وتخمين ، ليس بعلم)
قال العبد : سمّي الشيطان شيطانا ، لبعده عن الحقائق ، فاشتقاقه من شطن : إذا بعد ، أو من شاط : إذا نفر ، وإذا بعد عن إدراك الحقائق ، فقد بعد عن الله في عين القرب ، لكونه صورة الانحراف التعيّني .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظاهرة وهويته روح هذه الصورة المدبرة لها فما كان التدبير إلا فيه كما لم يكن إلا منه ، فهو الأول بالمعنى والآخر بالصورة ، وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال والباطن بالتدبير ، وهو بكل شيء عليم ، فهو على كل شيء شهيد ليعلم عن شهود لا عن فكر ، فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح ، وما عداه فحدس وتخمين وليس بعلم أصلا ) .
قد مر أن الحق عين كل شيء فإذا كان عين هوية العالم أي حقيقته فالأحكام الظاهرة في العالم ليست إلا في الله وهي من الله ،
وهو معنى قوله : " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " حقيقة وكشفا فإنه تعالى باعتبار التجلي الذاتي الغيبي يسمى هو ، وذلك التجلي هو الصورة بصور أعيان العالم ، فكان هوية العالم وهوية كل جزء حجابه وستره ليتوكل عليه ، فإنه به موجود وهو الفاعل فيه لا فعل للحجاب ، والحجاب الذي هو العبد صورة أنية ربه والرب هويته ،
وهو معنى قوله : فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأن العبد صورة العالم والعالم صورة الرحمن ، ومعنى أوجده الله ،
"" أضاف بالي زادة : ( فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسماؤه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه وبه ) مع أنه تعالى منزه عن الانفعال والتأثر بالأحكام ، كظهور أحكام الرائي في المرآة، فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم بما يتألم الرائي.
أو نقول ( إذا كان الحق هوية العالم ) ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به ، يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به ، وهو الحق الخلق وهو العبد ، فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق ، فلا يستريح الحق الخالق باستراحة المخلوق ولا يتألم بتألمه ، فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق ،
فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة وغيرها يقال له حق ، ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات الكونية عبد وخلق ، والله من حيث تحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ، ومن حيث وجوبه الذاتي خالق وموجد ، فقد جرى اصطلاحهم على ذلك اهـ بالى زادة. ""
ولهذا أي ولأجل كون الشهود قربا للبصر وهو الحجاب الذي يمس عين قلبه ، فالشيطان يقرب منه بسبب هذا المعنى ، فطلب من الله إزالة الحجاب عنه خوفا عن تصرف الشيطان فيه اهـ بالى زادة .
ظهر بصورته ، وشبه ظهور وجوده تعالى بظهور العالم بظهور حقيقة الإنسان بوجود صورته الطبيعية أي بدنه ، ثم قال : فنحن ، أي نحن مع جميع العالم صورة الحق الظاهرة ، وهوية الحق روح هذه الصورة المدبرة لها ، والباقي ظاهر مما ذكر .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن ) أي ، أعيان العالم مع جميع الصور الروحانية والجسمانية
( صورته الظاهرة ، وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبرة لها ، فما كان التدبير إلا فيه.) أي ، في الحق .(كما لم يكن) أي ، التدبير .
( إلا منه . فهو " الأول " بالمعنى ، و " الآخر " بالصورة . وهو " الظاهر " بتغير الأحكام والأحوال ، و " الباطن " بالتدبير . ) .
أي ، الحق هو " الظاهر " بهذه الصورة المتغيرة وأحكامها وأحوالها ، و " الباطن " بحسب التدبير والتصرف ، كما قال تعالى : " يدبر الأمر من السماء إلى الأرض" .
قال رضي الله عنه : ( "وهو بكل شئ عليم " . وهو على كلي شئ شهيد . ) أي ، حاضر مشاهد ، ( ليعلم عن شهود ، لا عن فكر . ) و ( العليم ) محيط بمعلومه ، مشاهد له شهودا أعيانيا ، فعلمه شهودي لا مستفاد عن القوة الفكرية .
هذا إذا قرئ ( ليعلم ) مبنيا للفاعل . أما إذا قرئ مبنيا للمفعول ، فمعناه : "فهو على كل شئ شهيد " أي ، حاضر ليعلم ، أي ليعلمه كل شئ عن شهود ، لا عن فكر ، إذا الفكر لا يكون إلا للغائب . والأخير أنسب .
قال رضي الله عنه : ( فلذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح . وما عداه فحدس وتخمين ، ليس بعلم أصلا . ) ظاهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا . )
قال رضي الله عنه : (فنحن) معشر الكائنات (صورته) تعالى (الظاهرة) في الدنيا والآخرة لأنا موصولون بما هو موصوف به على حد ما يليق به ، فنحن علمه بنفسه لأنه علم نفسه فعلمنا ، ونحن كثيرون وهو واحد لكمال تنزيهه ورفعة شأنه عن أن يدركه علمه فيحصره فضلا عن علم غيره لعظمة إطلاقه الكلي ، ونحن نتبدل ونتحوّل وهو ثابت لا يتغير لفنائنا واضمحلالنا ووجوده وتحققه وثبوته أزلا وأبدا وهويته سبحانه ، أي وجوده الحق (روح) ، أي قيوم (هذه الصورة) الظاهرة التي مجموع روحانية وجسمانية المدبر هو سبحانه لها ، أي لتلك الصورة ، قال تعالى يدبر الأمر .
قال رضي الله عنه : (فما كان التدبير) للصورة المذكورة (إلا فيه) تعالى ، لأن الكل في علمه أزلا وأبدا (كما لم يكن) ذلك التدبير (إلا منه) سبحانه وإن ظهر بالأسباب العلوية فقال تعالى :فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً( 5 ) ، لأنها مظاهره تعالى ، فإنها مدبرة به وهو المدبر بها ، فلا مدبر سواه (فهو الأول) قبل ظهور كل شيء (بالمعنى) الذي في علمه تعالى من أحوال كل شيء وهو المرتبة الألوهية التي له تعالى بما صدر عنه كل شيء ، فإن وجوده المطلق من حيث هو لا يتكلم عنه إذ لم يصدر عنه شيء من هذا الوجه أصلا ، لأنه لا يفيد الكلام عن الشيء إلا من حيث رتبته كالقاضي إذا تكلمت عنه من حيث هو إنسان ، فلا تميز له عن غيره من هذا الوجه ، ولا كبير فائدة في ذلك وإن تكلمت عنه من حيث هو قاض فقد تكلمت عنه من حيث رتبته فالكلام عنه مفيد حينئذ وهو لا يتحكم إلا من حيث رتبته ، لا من حيث ذاته .
قال رضي الله عنه : (و) هو أيضا (الآخر بالصورة) التي هي مجموع الكائنات ، لأنه عين من قام به ذلك المعنى وتبين به هذا المبنى
وهو أيضا (الظاهر بتغيير الأحكام) الإيجادية والإعدامية والأحوال الملكية والملكوتية.
قال رضي الله عنه : (و) هو أيضا (الباطن) بالتدبير في الكل على ما تقتضيه الحكمة وتشمله الرحمة وهو سبحانه وتعالى بعد ذلك "بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [ البقرة : 29 ] أزلا وأبدا .
قال رضي الله عنه : (فهو على كل شهيد كذلك ليعلم) بكل شيء (عن شهود) ومعاينة (لا عن فكر) وتخيل لاستحالة ذلك في علم اللّه تعالى (فكذلك) ، أي مثل علم اللّه تعالى في هذه الصفة السلبية علم الأذواق ، أي الكشف والمنازلة عند الأنبياء والأولياء لا ذلك العلم حاصل (عن فكر) كعلم الظاهر من علماء الرسوم (وهو) ، أي علم الأذواق (العلم الصحيح) الموروث عن الأنبياء عليهم السلام كما ورد في الحديث : « العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء وورثتي وورثة الأنبياء » . رواه القزويني في أخبار قزوين وعزاه العجلوني في كشف الخفاء إلى ابن عدي عن علي رضي اللّه عنه وهو حديث صحيح كما قال المناوي » .
وفي رواية : « العلم ميراثي وميراث الأنبياء قبلي » أخرجه السيوطي في جامعه الصغير ورواه أبو حنيفة في مسنده.
وعلماء الظاهر إن وعوا ما في الكتاب والسنة من العلوم الظاهرة فهم حملة العلم وليسوا بعلماء،
وإن وعوا غير ذلك من علوم العربية والعلوم الفلسفية ونحو ذلك فليسوا بحملة العلم ولا علماء أصلا ؛ ولهذا قال رضي اللّه عنه .
(وما عداه) ، أي غير علم الأذواق (فحدس) ، أي ظن وتوهم (وتخمين) افتتنت به أهله كما افتتن أهل الدنيا بالدرهم والدينار (وهو ليس بعلم أصلا) ،
قال صلى اللّه عليه وسلم : « العلم ثلاثة : كتاب ناطق وسنة ماضية وقول لا أدري » . أخرجه السيوطي أيضا في جامعه الصغير ،
فقول : لا أدري في مقابلة ذلك الحدس والتخمين ، فالعالم يقول : لا أدري والجاهل يتكلم بالحدس والتخمين .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[الحديد : 3] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قوله رضي الله عنه : ( فنحن ) يجوز أن يكون عبارة عن الإنسان خاصة أي فإذا كان الأمر كذلك فنحن مع أرواحنا وأبداننا .
( صورة الظاهرة ) أي الصورة الفائضة لأرواحنا منه ( وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبرة لها ) لظهور وجود الحق بوجودنا لكوننا على صورة الرحمن كما ظهر الحق بوجود هذا العالم لكونه على صورة الرحمن فالعالم من حيث كونه عبارة عن الهيئة الاجتماعية كان على صورة الرحمن أي يظهر الحق فيه مع جميع صفاته وأسمائه وأفعاله وليس كذلك أجزاؤه إلا الإنسان فإنه وإن كان جزءا منه لكنه لكونه جامعا لما فيه كان على صورة الرحمن ويجوز أن يكون كناية عن العالم كله فنحن أي العالم من حيث صورته الجمعية
قال رضي الله عنه : ( فما كان التدبير ) أي تدبير الحق العالم كله ( إلا فيه ) أي في الحق ( كما لم يكن ) التدبير ( إلا منه ) فكان الحق مدبرا فيه ومدبرا منه أي يقع التدبير منه وفيه بالاعتبارين هذا لسان الوحدة ( فهو الأول بالمعنى ) أي يظهر أوليته بسبب المعنى ( والآخر بالصورة ) أي يظهر آخريته بسبب ظهور الصورة ( وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال ) إذ لا بد من متغير فيظهر الحق بسبب تغير الأحوال .
قال رضي الله عنه : ( والباطن بالتدبير ) أي بتدبير خلقه وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فإذا كان بكل شيء عليم ( فهو على كل شيء شهيد ) وإنما قال اللّه في حقه وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ٌ( ليعلم ) أن علمه بكل شيء ( عن شهود لا عن فكر ) ويجوز ليعلم أن يكون مبينا للفاعل من الأعلام ليعلم الحق خلقه أو من العلم ، أي ليعلم الخلق وأن يكون مبنيا للمفعول ( فكذلك علم الأذواق ) عن شهود ( لا عن فكر وهو ) أي علم الأذواق ( العلم الصحيح ) لأنه حاصل بتجلي الحق لعباده بعلمه فلا يقع في هذا العلم خطأ ( وما عداه ) من العلم
( فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا ) ثم رجع إلى بيان حكمة مسألة أيوب عليه السلام .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض،
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي .
أما إن قال : ليس في الإمكان أبدع من العالم فيصدق، لأن العالم أكره "كثرة" غير متناهية وعوالمه غير متناهية وأنواع جزئياته غير متناهية فضلا عن جزئياته ، وهذا الفتح ما رأيت شيخنا، رضي الله عنه، ألم بذكره ولا يمكن سواه ولا حق ينافيه والباطل هو كل شيء نافاه والحق يقول الحق.
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال.
قد ورد في المناجاة: " یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظاهرة ، وهويّته روح هذه الصورة المدبّرة لها ، فما كان التدبير إلَّا فيه ، كما لم يكن إلَّا منه ، فـ هُوَ " الأَوَّلُ " بالمعنى و" الآخِرُ " بالصورة ، وهو "الظَّاهِرُ" بتغيير الأحكام والأحوال ، و" الْباطِنُ " بالتدبير "َهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " فهو على كل شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر ، فكذلك علم الأذواق ، لا عن فكر ، وهو العلم الصحيح ) .
يشير رضي الله عنه: إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،
فنحن صور تفصيل الإنّية العظمى الإلهية وشخصيات أنانيتها من حيث ظاهرنا وجسمانيتنا وصورتنا ، ومن حيث الباطن والروحانية فصور تفصيل هويته الكبرى ، فنحن له ، وهو لنا ، وهو فينا نحن ، ونحن فيه هو ، فافهم.
قال رضي الله عنه : ( وما عداه فحدس وتخمين ، ليس بعلم)
قال العبد : سمّي الشيطان شيطانا ، لبعده عن الحقائق ، فاشتقاقه من شطن : إذا بعد ، أو من شاط : إذا نفر ، وإذا بعد عن إدراك الحقائق ، فقد بعد عن الله في عين القرب ، لكونه صورة الانحراف التعيّني .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظاهرة وهويته روح هذه الصورة المدبرة لها فما كان التدبير إلا فيه كما لم يكن إلا منه ، فهو الأول بالمعنى والآخر بالصورة ، وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال والباطن بالتدبير ، وهو بكل شيء عليم ، فهو على كل شيء شهيد ليعلم عن شهود لا عن فكر ، فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح ، وما عداه فحدس وتخمين وليس بعلم أصلا ) .
قد مر أن الحق عين كل شيء فإذا كان عين هوية العالم أي حقيقته فالأحكام الظاهرة في العالم ليست إلا في الله وهي من الله ،
وهو معنى قوله : " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " حقيقة وكشفا فإنه تعالى باعتبار التجلي الذاتي الغيبي يسمى هو ، وذلك التجلي هو الصورة بصور أعيان العالم ، فكان هوية العالم وهوية كل جزء حجابه وستره ليتوكل عليه ، فإنه به موجود وهو الفاعل فيه لا فعل للحجاب ، والحجاب الذي هو العبد صورة أنية ربه والرب هويته ،
وهو معنى قوله : فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأن العبد صورة العالم والعالم صورة الرحمن ، ومعنى أوجده الله ،
"" أضاف بالي زادة : ( فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسماؤه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه وبه ) مع أنه تعالى منزه عن الانفعال والتأثر بالأحكام ، كظهور أحكام الرائي في المرآة، فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم بما يتألم الرائي.
أو نقول ( إذا كان الحق هوية العالم ) ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به ، يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به ، وهو الحق الخلق وهو العبد ، فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق ، فلا يستريح الحق الخالق باستراحة المخلوق ولا يتألم بتألمه ، فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق ،
فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة وغيرها يقال له حق ، ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات الكونية عبد وخلق ، والله من حيث تحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ، ومن حيث وجوبه الذاتي خالق وموجد ، فقد جرى اصطلاحهم على ذلك اهـ بالى زادة. ""
ولهذا أي ولأجل كون الشهود قربا للبصر وهو الحجاب الذي يمس عين قلبه ، فالشيطان يقرب منه بسبب هذا المعنى ، فطلب من الله إزالة الحجاب عنه خوفا عن تصرف الشيطان فيه اهـ بالى زادة .
ظهر بصورته ، وشبه ظهور وجوده تعالى بظهور العالم بظهور حقيقة الإنسان بوجود صورته الطبيعية أي بدنه ، ثم قال : فنحن ، أي نحن مع جميع العالم صورة الحق الظاهرة ، وهوية الحق روح هذه الصورة المدبرة لها ، والباقي ظاهر مما ذكر .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن ) أي ، أعيان العالم مع جميع الصور الروحانية والجسمانية
( صورته الظاهرة ، وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبرة لها ، فما كان التدبير إلا فيه.) أي ، في الحق .(كما لم يكن) أي ، التدبير .
( إلا منه . فهو " الأول " بالمعنى ، و " الآخر " بالصورة . وهو " الظاهر " بتغير الأحكام والأحوال ، و " الباطن " بالتدبير . ) .
أي ، الحق هو " الظاهر " بهذه الصورة المتغيرة وأحكامها وأحوالها ، و " الباطن " بحسب التدبير والتصرف ، كما قال تعالى : " يدبر الأمر من السماء إلى الأرض" .
قال رضي الله عنه : ( "وهو بكل شئ عليم " . وهو على كلي شئ شهيد . ) أي ، حاضر مشاهد ، ( ليعلم عن شهود ، لا عن فكر . ) و ( العليم ) محيط بمعلومه ، مشاهد له شهودا أعيانيا ، فعلمه شهودي لا مستفاد عن القوة الفكرية .
هذا إذا قرئ ( ليعلم ) مبنيا للفاعل . أما إذا قرئ مبنيا للمفعول ، فمعناه : "فهو على كل شئ شهيد " أي ، حاضر ليعلم ، أي ليعلمه كل شئ عن شهود ، لا عن فكر ، إذا الفكر لا يكون إلا للغائب . والأخير أنسب .
قال رضي الله عنه : ( فلذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح . وما عداه فحدس وتخمين ، ليس بعلم أصلا . ) ظاهر .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:51 عدل 2 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثامنة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر .
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه ؛هُوَ الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة ، وهو الظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال الْباطِنُ بالتّدبير ، والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر ، فكذلك علم الأذواق لا عن فكر ، وهو العلم الصّحيح ، وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا ).
قال رضي الله عنه : ( ونحن ) من العالم فنحن ( صورته الظاهرة ) أي : صور ظهوره في الظاهر ، وإن لم يكن له صورة في ذاته ، ولا في ظهوره في ذاته ( وهويته ) أي : ذاته ( روح هذه الصورة ) إذ هي ( المدبرة لها ) تدبير أرواحنا لأبداننا ، وإذا كان هو المدبر ومحل التدبير محل ظهوره ، ( فما كان التدبير إلا فيه ) من حيث ظهوره بالصور ( كما لم يكن ) التدبير من حيث المبدأ إلا ( منه ) ، فالكل بطريق المعنى فيه ، وقد تصور ذلك المعنى في ظهوره في المظاهر .
قال رضي الله عنه : ( فهو ) أي : الحق تعالى هُوَ الْأَوَّل ُأي : المبدئ كل صورة ( بالمعنى ) الذي ظهر بها ، ( وَالْآخِرُ بالصورة ) المرتبة على ذلك المعنى الذي صار صورة محسوسة بعد كونه معنى معقولا ، ( وهو ) الظَّاهِرُ لا بالصورة ، وإن قلنا أنه ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ، فإن ظهوره به ليس من حيث كونه صورة إذ لا صورة له تعالى ،
بل من حيث دلالته عليه وهو ( بتغير الأحكام والأحوال ) ؛ لأن التغيير فيها يدل على أنها ليست من ذوات الأشياء بل مبدأ آخر هو كالروح لها ؛
ولذلك قلنا : هو( الْباطِنُ بالتدبير ) نعم ظهر ما فيه من المعنى بالصور بطريق التمثيل ، لكنه غير الظهور الحقيقي المطلوب بالدلالة ، فلا يحمل ما في القرآن عليه مع أنه لا يحمل للآخر سواه ، فلو حمل عليه الظاهر تكرر .
وإذا عرفت هذا فخذه فيما نحن فيه ، فالحق هو الأول القائم به معنى الحياة السارية في الماء والآخر بصورة الماء ، والظاهر بما فيه من التغيير العلة وغسلها ، والباطن بتدبير الصحة ، وكيف لا يكون باطنا بالتدبير ، والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ الحديد : 3 ] ،
فيعلم عواقب الأمور ، فيعلم بما ينتظم بها تلك العواقب ، وكيف لا يعلم كل شيء ، وإنما تصور به ليشاهد وجوه تجلياته ؟
فهوعَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، فأوجه كل شيء ( ليعلم ) تجلياته ( عن شهود ) بصري ( لا عن فكر ) أي : لا عن علم الحاصل بالفكر في الأمور المغيبة من حيث غيبه المعلوم عن البصر ، وإذا كان مطلوب الحق الشهود دون الاكتفاء بعلمه مع كمال علمه في ذاته ، فهو كمال بعد كمال ؛
قال رضي الله عنه : ( فكذلك علم الأذواق ) إنما يكمل إذا كان عن شهود ( لا عن فكر ) مع غيبة العلوم ، فهو مطلب الكمّل ، كيف ( وهو العلم الصحيح وما عداه ) سواء حصل المقدمات النظرية أو بالنقل ،
( فحدس ) إن لم يتزلزل بأدنى شبهة ، ( وتخمين ) إن تزلزل به ( ليس بعلم أصلا ) ، وإن كان الحدس شبه الضروريات بل منها لكن فيه خفاء يوجب التردد بالتسكيك ، فأيوب عليه السّلام وإن علم ذلك بالفكر أشهده الحق ذلك في نفسه ؛ فافهم .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر .
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
ظهور الحقّ بظهور العالم
قال رضي الله عنه : ( فنحن ) بجميع أعيان العالم وأحكامها ( صورته الظاهرة ، وهويّته روح هذه الصورة المدبّرة لها ) ، ولا شكّ أنّ الروح باطن الصورة ( فما كان التدبير ) الذي هو حكم الروح ( إلَّا فيه ، كما لم يكن ) ظهور الأوصاف والأحكام الخارجيّة ( إلَّا منه .
فهو "الأَوَّلُ " بالمعنى "وَالآخِرُ " بالصورة ، وهُوَ " الظَّاهِرُ " بتغيير الأحكام والأحوال "وَالْباطِنُ " بالتدبير ) .
فعلم أنّ سائر هذه الأحكام التي للعالم إنما هو في الحقّ من حيث الباطن ، ومنه من حيث الظاهر ، (" وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ) [ 57 / 3 ] في الباطن ، ( فهو " عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ") [ 58 / 6 ] في الظاهر .
فإنّ العلم الصحيح هو أن يكون مبدؤه الذوق القلبي ، أو الشهود الحسّي ، كما أشير إليه في قوله تعالى : “ لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ “ [ 50 / 37 ] .
العلم الصحيح هو علم الأذواق
ولذلك قال رضي الله عنه: ( ليعلم عن شهود ، لا عن فكر فكذلك علم الأذواق ، لا عن فكر ، وهو العلم الصحيح ، وما عداه ) - أي ما عدا ما كان عن شهود وذوق
( فحدس وتخمين ) ، فإنّ الحدسيّات والمتواترات والتجربيّات وإن عدّت من اليقينيّات عند أهل النظر ، ولكن لما أمكن فيها تطرّق الشبه من قوّتي الوهم والخيال ما عدّها من العلم وكذلك البرهانيّات إذا استحصلت بمجرّد الفكر العاري عن الذوق جملة ، ولذلك أطلق عليه التخمين ، الذي فيه بقيّة تردّد الظن وتشويشه .
ولذلك قال رضي الله عنه : ( ليس بعلم أصلا ) ، ولذلك لا تراها لمتعطَّشي بوادي الطلب عند الاستفاضة منها أنّها تشفي غلَّتهم ، ولا لمتخمّصي سني الافتقار أنها تسمنهم أو تغنيهم من جوع وأنت عرفت أنّ الماء صورة العلم ، فهو الذي يزيل ألم العطش الذي من نصب المتعلَّقات المحلَّلة للروح وعذابها .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر .
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو "الْأَوَّلُ" بالمعنى "وَالْآخِرُ" بالصّورة وهو "وَالظَّاهِرُ" بتغيّر الأحكام والأحوال "وَالْباطِنُ " بالتّدبير ،"وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا . )
قال رضي الله عنه : ( فنحن ) يعني أعيان العالم كلها ( صورته الظاهرة وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبر لها فما كان التدبير إلا فيه ) ، أي في الحق باعتبار ظهوره بصورة العالم ( كما لم يكن ) ، أي التدبير ( إلا منه ) باعتبار هويته ( فهو الأول بالمعنى ) ، المنطوي تحت الصورة يعني غيب هويته ( وهو الآخر بالصورة ) التي هي تجلي صورة (وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال) ، أي بهذه الصورة المتغيرة الأحكام والأحوال ( وهو الباطن بالتدبير ) والتصرف في هذه الصورة الظاهرة (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [ البقرة: 29] من حيث أوليته وبطونه .
قال رضي الله عنه : ( فهو على كل شيء شهيد ) من حيث آخريته وظهوره في الخلق شاهدا ومشهودا ( ليعلم ) على البناء للفاعل ، أي ليعلم بك ( عن شهود لا عن فكر ) كما كنت قبل الشهود أو على البناء للمفعول ومعناه ظاهر ( فكذلك علم الأذواق ) يكون عن ذوق وشهود لا عن فكر ( وهو العلم الصحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا ) لإمكان تطرق الشبه من قوتي الوهم والخيال إليه .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:52 عدل 2 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة التاسعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : ( ثمّ كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الّذي هو من النّصب والعذاب الّذي مسّه به الشّيطان ، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه . فيكون بإدراكها في محلّ القرب . فكلّ مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر . كيف كان . فهو قرب بين البصر والمبصر . ولهذا كنّى أيّوب عليه السّلام في المسّ ، فأضافه إلى الشّيطان مع قرب المسّ فقال البعيد منّي قريب لحكمة فيّ . )
قال رضي الله عنه : (ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء) الذي خرج بركض رجله شرابا يشربه (لإزالة ألم العطش الذي هو من النّصب) بضم النون وسكون الصاد المهملة ، أي الشر والبلاء .
قال الجوهري في صحاحه : والنصب الشر والبلاء ومنه قوله تعالى :مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ[ ص : 41 ] .
قال رضي الله عنه : (و) من (العذاب) وهو العقوبة (الذي مسه) ، أي أيوب عليه السلام (به الشيطان) من قولهم شطت داره إذا بعدت (أي البعد عن الحقائق) الإلهية (أن يدركها) أيوب عليه السلام (على ما هي عليه السلام ) في نفسها لا على حسب ما يعطي البعد عنها من المعاني النفسانية .
قال رضي الله عنه : (فيكون) ، أي أيوب عليه السلام (بإدراكها) ، أي تلك الحقائق كذلك (في محل القرب) إلى اللّه تعالى (فكل) شيء (مشهود) من تلك الحقائق على ما هو عليه قريب من العين الشاهدة له ولو كان بعيدا عنها بالمسافة الجسمانية ( فإن البصر) من تلك العيون (متصل به) ، أي بذلك المشهود (من حيث شهوده) ،
أي البصر لذلك المشهود وهو الاتصال المعنوي الروحاني الأصلي ، إذ جميع الأشياء في الأصل الأوّل وهو العلم الإلهي واحدة لا كثرة فيها ، وكذلك في الأصل الروحاني الطبيعي والعنصري ثم تفترق بالتولد وتظهر فيها صورة الأصول فإذا أدركت بعضها بعضا إنما تدركه بصورة تلك الأصول التي فيها .
قال رضي الله عنه : (فلو لا ذلك) الاتصال (لم يشهده) ولهذا انفصل عنه بالصورة المتولدة من الأصول المذكورة فغابت عنها الصورة الأخرى (أو يتصل) ذلك الشيء (المشهود بالبصر) من حيث اتصاله الأصلي كما ذكرناه فيشهده البصر (كيف كان) الأمر في نفسه (فهو قريب) روحاني (بين البصر والمبصر) بصيغة اسم المفعول ؛
(ولهذا) ، أي ما ذكر من القرب (كنى أيوب عليه السلام في المس) ، أي أصابته بالسوء (فأضافه) ، أي المس يعني نسبه (إلى الشيطان) حين قال :مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ [ ص : 41].
(مع قرب المس) حين هو مشهود له دون قرب الشيطان ، لأنه لم يشهده لانفصاله عنه بحقيقة أخرى سرت في حقيقته عليه السلام الجسمانية من قوله صلى اللّه عليه وسلم : "الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " . رواه ابن إسحاق بن راهويه والديلمي في الفردوس عن أبي هريرة ورواه غيرهما .
وقدمنا بيان عصمة الأنبياء عليهم السلام منه من أي وجه هي فاقتضى سريانها فيه ما أصاب من النصب والعذاب بتقدير اللّه تعالى
قال رضي الله عنه : (فقال) ، أي أيوب عليه السلام في تقرير معنى كلامه (البعيد مني) بحيث لم أشهده (قريب) إلي (لحكمة) ، أي إظهاره (فيّ) ، أي في جسدي أثره المؤلم من النصب والعذاب جزاء على عدم شهودي له كما قال تعالى :"وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" [ الزخرف : 36 ] .
وهذا حكم عام لا خصوص له فيشمل المعصوم وغير المعصوم وأما قوله بعد ذلك :" وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ " [ الزخرف : 37 ] ،
فهو حال الالتباس وذلك مخصوص بغير المعصوم من الناس ولهذا غير اللّه نظام الآية بالجمع بين صيغة الإفراد .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
فقال رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء ) أي الماء الذي سرى الحياة فيه فكان ذلك الماء ماء الحياة ( شرابا لإزالة ألم العطش ) وهو نار الاشتياق ( الذي هو ) حاصل له ( من النصب ) أي الضرّ بفتحتي النون والصاد وضمتيهما وضمة وسكون ( والعذاب الذي مسه به ) أي بذلك العذاب ( الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليها ) فلما اغتسل أيوب زال حرارة بدنه التي كانت من مس الشيطان بضرّ فإذا شرب زال حرارة العطش من روحه التي حصلت من مس الشيطان أي البعد عن إدراك الحقائق وهو الحجاب الذي يقع على عين القلب فيبعده عن الإدراك فأشار عليه السلام في كلامه إلى ألمه الروحاني فإذا شرب أدرك الحقائق وإنما فسر الشيطان بالبعد عن إدراك الحقائق مع أن الشيطان بعيد عن إدراك الحقائق ليس يبعد لكون البعد من صفة الشيطان فكان المعنى أني مسني شطن الشيطان ، فتركت الإضافة إلى الشيطان مبالغة .
قال رضي الله عنه : ( فيكون ) أيوب عليه السلام ( بإدراكها في محل القرب وكل مشهود قريب من العين ولو كان ) ذلك المشهود ( بعيدا بالمسافة ) من البدن ( فإن البصر ) بسبب خروج الشعاع منه ( يتصل به ) أي بالمشهود ( من حيث شهود ولولا ذلك ) الاتصال ( لم يشهده ) أي لم يشهد الشاهد المشهود ( أو يتصل المشهود بالبصر ) بحسب انطباعه به ( كيف كان ) قلت ( فهو ) أي الشهود ( قريب بين البصر والمبصر ولهذا ) أي ولأجل كون الشهود قريبا بين البصر والمبصر ( كنى ) أي أتى ( أيوب عليه السلام ) كلامه ( في المس ) بالكناية ( فأضافه إلى الشيطان ) بقوله أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ وهو البعد ( مع قرب المس فقال البعيد مني ) وهو الشيطان ( قريب مني لحكمة فيّ ) وهذه الحكمة هو الحجاب الذي يمس عين قلبه فالشيطان يقرب منه بسبب هذا المعنى فطلب من اللّه إزالة الحجاب عنه خوفا عن تصرف الشيطان فيه.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب. فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة. فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر. ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. ). المعنى واضح
وهذا الفتح ما رأيت شيخنا، رضي الله عنه، ألم بذكره ولا يمكن سواه ولا حق ينافيه والباطل هو كل شيء نافاه والحق يقول الحق.
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : (ثم كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا بإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسّه به الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه ، فيكون بإدراكها في محلّ القرب فكل مشهود قريب من العين ، ولو كان بعيدا ، من المسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده أو يتّصل المشهود بالبصر كيف كان ، فهو قرب بين البصر والمبصر ) .
قال العبد : سمّي الشيطان شيطانا ، لبعده عن الحقائق ، فاشتقاقه من شطن : إذا بعد ، أو من شاط : إذا نفر ، وإذا بعد عن إدراك الحقائق ، فقد بعد عن الله في عين القرب ، لكونه صورة الانحراف التعيّني .
قال رضي الله عنه : ( ولهذا كنّى أيّوب في المسّ ، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المسّ ، فقال : البعد منّي قريب لحكمه في ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أغلبية حجابية التعيّن بالنسبة إليّ ، وإلَّا لم يكن للانحراف فيه حكم ، وإنّما حكم عليه وفيه الانحراف والبعد ، لبعده عن حقيقة الاعتدال الذي انفرد به العين والحقيقة ، كما أشرنا إليه ، فتذكَّر .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب ذلك الماء شرابا بإزالة ألم العطش الذي هو من النصب ، والعذاب الذي به مسه الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب ، فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ، ولولا ذلك لم يشهده أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان ، فهو قريب بين البصر والمبصر ) .
سمى الشيطان شيطانا لبعده عن الحق والحقائق ، من شطن شطونا إذا بعد ، وقيل من شاط إذا نفر فهو فيعال أو فعلان بمعنى المبالغة أي البعيدة في الغاية ، ولهذا أطلق الشيخ رضي الله عنه تسميته بالمصدر للمبالغة ، كقولهم : رجل عدل ، والمراد الذي هو في غاية البعد عن إدراك الحقائق على ما هي عليه ، وإذا كان كذلك فهو في غاية البعد عن الحق ،
لأن المدرك للحقائق على ما هي عليه يكون بإدراكها في محل القرب ، ألا ترى أن المشهود قريب من العين ولو كان بعيد المسافة ، لأن البصر يتصل به على مذهب خروج الشعاع ، أو يتصل المشهود بالبصر على مذهب الانطباع ، فإنه ليس هذا موضع تحقيقه ، وكيف كان فالمشهود قريب بين البصر والمبصر ، وإنما كان الشيطان لا يدركها على ما هي عليه لكونه على صورة الانحراف العيني ، أي جبلت عينه على الانحراف والميل عن العالم العقلي إلى العالم السفلى ، ولهذا كان من الجن .
"" أضاف بالي زادة : ولما ذكر أن للبعد وقربه من أيوب حكما وأثر فيه كان محلا لأن يقال البعد والقرب أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج ، فكيف يكون لهما أثر وحكم في الموجودات الخارجية ، دفع ذلك بقوله : وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان اهـ بالى زادة. ""
قال رضي الله عنه : ( ولهذا كنى أيوب في المس فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس ، فقال : البعيد منى قريب لحكمه فىّ ) .
أي ولأن الشيطان بعيد عن محل القرب كنى في المس :
أي أوقعه على كناية المتكلم مضافا إلى الشيطان فقال :"أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وعَذابٍ " أي خصني البعيد بالمس الذي هو غاية القرب لحكمه فىّ بالضر الذي هو النصب والعذاب ، شكى إلى الله من غلبة حجابية تعينه وإلا لم يكن للانحراف فيه حكم ،
فإن الشيطان الذي هو العين المنفردة بالانحراف والبعد ، إنما حكم على نفسه بالانحراف عن الاعتدال لاحتجابه بتعينه عليه ، فإن قرب البعيد منه إنما يكون لبعده .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : ( ثم ، كان لأيوب ، عليه السلام ، ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان ، أي ، البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه . )
( النصب ) بفتحتين وضمتين وضمة وسكون ، وهي لغات فيه . والمعنى من الضر في البدن .
والعذاب الذي مسه به الشيطان ، هو عذاب الحجاب من الجناب الإلهي والبعد والحرمان من النعيم الأبدي .
لذلك فسر ( الشيطان ) بالبعد عن الحقائق وإدراكها ، لأنه ( فيعال ) من ( شطن ) ، و (الشطن) هو البعد عن الحقائق وإدراكها .
وإن كان معذبا بالعذاب الجسماني ، لكن لما كان العذاب الروحاني أشد ايلاما ، قلنا هو عذاب الحجاب مسمى ب ( نصب ) وعذاب .
فلما شرب ماء الحياة وحيى به ظاهره وباطنه وتنور قلبه بإدراك الحقائق، زال منه ألم الفراق ونار الشوق والاشتياق.
( فيكون بإدراكها في محل القرب ) لأن المدرك قريب من مدركه .
قال رضي الله عنه : ( فكل مشهود قريب من العين ، ولو كان بعيدا بالمسافة ، فان البصر متصل به من حيث شهوده ، ولولا ذلك ) الاتصال .
( لم يشهده . ) إشارة إلى مذهب من يقول بخروج الشعاع من البصر في زمان الإبصار .
( أو يتصل المشهود بالبصر . ) إشارة إلى مذهب من يقول بالانطباع .
( كيف كان ، فهو قرب بين البصر والمبصر . ) أي، سواء كان الأول حقا أو الثاني ، كيف ما كان ، فلا بد من القرب بين البصر والمبصر.
( ولهذا كنى أيوب في المس ، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس . ) أي ، ولأجل هذا القرب أتى أيوب ، عليه السلام ، بكناية المتكلم وضميره في فعل ( المس ) .
أي ، جعل المس قريبا من نفسه ، مع أنه نسبه إلى الشيطان بقوله : ( إني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) . وهو البعد .
( فقال ) أيوب ، عليه السلام بلسان الإشارة في هذا القول : ( البعيد منى قريب لحكمه في . ) أي ، البعيد قريب منى لمعنى ركزه الله في عيني ، وهو الحجاب الذي حصل من التعين ، فإن الشيطان لا يدخل على أحد ولا يتصرف فيه إلا لمعنى له فيه .
فهذا الكلام شكاية إلى الله من نفسه وتعينه الموجب للثنوية والبعد من الرحمن والقرب من الشيطان .
ويمكن أن يحمل على معنى آخر . وهو أن البعيد ، الذي هو الشيطان ، قريب منى لحكمة في . أي ، لمعنى حاصل في باطني ، وهو أن الشيطان أيضا مظهر من المظاهر الحقانية ، والمظهر قريب من الظاهر فيه .
فالبعيد الذي هو الشيطان في نظري قريب من الحق الذي هو ظاهر في صورتي .
ولما قال البعيد منى قريب - كأن القائل يقول : كيف يكون البعيد قريبا منه ؟
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:54 عدل 2 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة التاسعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : (ثمّ كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الّذي هو من النّصب والعذاب الّذي مسّه به الشّيطان ، أي : البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه ، فيكون بإدراكها في محلّ القرب ، فكلّ مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر ، كيف كان ؟ فهو قرب بين البصر و المبصر ، ولهذا كنّى أيّوب عليه السّلام في المسّ ، فأضافه إلى الشّيطان مع قرب المسّ ؛ فقال : البعيد منّي قريب لحكمة فيّ)
ثم أشار إلى أن من فوائد ذلك الماء من حيث جهله سر الحياة كشف الحقائق ، كما أن من فوائده إزالة العلل عن البدن ؛
فقال رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السّلام ) بطريق المعجزة ( ذلك الماء شرابا ) كما ورد به القرآن ، وإنما ورد دفعا لشكوى الألم ، والشراب إنما يدفع ألم العطش ، ويكفي لدفعه كل ماء ولاصق فيه على الخلائق حتى يشتكي من أجله إلى الخالق ، فهو ( لإزالة ألم العطش ) إلى الاطلاع على الحقائق ، وله ألا يندفع إلا بدفع اللّه تعالى ، فيحتاج فيه إلى الشكوى عنده ؛ وذلك لأنه الذي ( هو من النصب ) أي : الشدة ؛ وذلك لشدة شوقه إلى ذلك ، ( والعذاب ) من التحيز في ذلك ، وهذا النصب والعذاب هو ( الذي مسه به الشيطان ) ؛ لأنه الذي ليس عليه الحقائق حتى تحيز ، واشتد شوقه إلى الاطلاع عليها ، فهو الحجاب عنها كما ورد في الخبر : « لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم ، لنظروا في ملكوت السماوات والأرض » . رواه أحمد وابن أبي شيبة .
فهو بوسوسته يشوق إلى تحصيلها ، ويمنع عن الوصول إلى ما اشتاقوا إليه ، فيشتد عليه الأمر ، ويتعذب به لبعده عن المحبوب بحجابه مع قربه في نفس الأمر وإلى هذا يشير لفظ الشيطان من حيث اشتقاقه من الشطن ، وهو البعد .
فلذلك فسره بقوله : ( أي : البعد عن الحقائق ) لا في الواقع لدوام قربها منه ، بل عن ( أن يدركها على ما هي عليه ) مع أنه مستشعر بها فيشتاق إليها ، فأزال اللّه عزّ وجل شكواه بالكشف عنها ، ( فيكون بإدراكها في محل القرب ) عنها ؛ ليزول عنه النصب والعذاب عن البعد عنها ، وكيف لا يكون بالكشف في حالة القرب ، وهو موجب للشهود ، وهو موجب لقرب البعيد في نفس الأمر ، فكيف لا يوجب قرب القريب في نفس الأمر ، وإنما عرض فيه من الحجاب إذ صار به لا يصل إليه كالبعد .
قال رضي الله عنه : ( فكل مشهود قريب من العين ) ، أي : القوة الباصرة ، ( ولو كان بعيدا ) من الشخص الرائي ( بالمسافة ، فإن ) البعيد بين الرائي والمرئي لا ينافي القرب بين الرؤية والمرئي ،
فإن ( البصر متصل به ) أي : بالمشهود لا من حيث غرضه له ، بل هو من عوارض الرأي ( من حيث شهوده ) الموجب لاتصال الشعاع منه بالمشهود ،
( ولولا ذلك لم يشهده ) على قول من يراه باتصال الشعاع ، ( أو يتصل المشهود بالبصر ) على قول من يراه بانطباع صورة المرئي في الباصرة .
ثم قال رضي الله عنه : ( كيف كان ) أي : سواء كان المشهود باتصال الشعاع والانطباع أو غيرها ، ( فهو ) أي : المشهود ( قرب بين البصر والمبصر ) مع بعد المسافة فكيف مع قربها .
( ولهذا ) أي : ولكون الحقائق قريبة في نفس الأمر بعيدة بالحجاب ( كنّي أيوب ) عن بعدها بالحجاب ( في ) لفظ ( المس ) لا من حيث دلالته على الالتصاق بل من حيث إسناده إلى الشيطان .
ثم قال رضي الله عنه : ( فأضافه ) أي : أسنده ( إلى الشيطان ) المشعر من استقامة بالبعد مع أنه سبب الحجاب ( مع قرب المس ) من حيث دلالته على الالتصاق ؛ ليدل على قربها في الواقع بطريق الإشارة حين بعدها بالحجاب ؛ ليدل ذلك على موجب الثبوت إليها مع الامتناع عن الوصول إليها .
ثم قال رضي الله عنه : ( فقال : ) أي : وكأنه قال في سكانته ( البعيد مني ) من الحقائق بسبب الحجاب بعد الشيطان عنك ، وهو الموجب لهذا الحجاب ( قريب ) مني في الواقع قرب المس ( لحكمة فيّ ).
"" أضاف المحقق : حاصله أنه عليه السّلام كان يشكو من بعده عن إدراك الحقائق عما هي عليه بواسطة حجابية بعينه المانعة له عن إدراكها ، ولما ذكر أن للبعد وقربه من أيوب حكما وأثرا فيه كان محال أن يقال : القرب والبعد أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج ؛ فكيف يكون لهما حكم وأثر في الموجودات الخارجية ؟. شرح الجامي "" .
فإن الحقائق حاكمة في كل شيء سواء علمها أو احتجب عنها ، فهي من حيث القرب موجبة للشوق إليها ، ومن حيث البعد مانعة من الوصول إليها ، فقد أصابه من ذلك نصيب وعذاب فرفع ذلك بالماء من حيث تضمنه سر الحياة المترتب عليها العلم بحسبها ؛
فإن الجهل موت معنوي فصار شرابا مزيلا لعطش طلبه إياها ، وهذا لا ينافي شكايته الألم الظاهر إذ لا يدرك مع استراحة الباطن إذا اجتمع ألم الظاهر مع ألم الباطن تأكد كل واحد بالآخر .
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يجتمع القرب والبعد في الحقائق بالنسبة إليه ، وهما متقابلان ؟
فأجاب عنه بقوله :
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : (ثمّ كان لأيّوب ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب ) - أي التعب - وهي التعلَّقات الناصبة للشخص في مناصب المتجوّهين وأنصابهم الشاغلة المتعبة ، ( والعذاب ) وهو ما يستعذبون منها من مؤلمات الروح ومكدّرات لطائف صفوه ، وهو (الذي مسّه به الشيطان - أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه .فيكون بإدراكها في محلّ القرب).
الشيطان والبعد
ولما كان الشيطان مبدأ الأحكام العدميّة كلها ، وأصل ذلك هو النسبة التي مبدأ سائر التعيّنات ، فهو النسبة التي هي مبدأ الأوصاف العدميّة .
وفي تحليل موادّ « إبليس » ما يدلّ على هذا ومن ثمّة ترى المصنّف عرّفه بالبعد عن الحقائق أن يدرك . فبالبعد أفصح عن النسبة ، وبالباقي عن مبدئيّته للأوصاف العدميّة العامّة ، كالجهل والإباء للإذعان .
فعلم أنّ هذا بيان ماهيّة الشيطان حقيقة ، وليس فيه ارتكاب مجاز كيف وهو في صدد التعريف والإبانة عن حقيقته بما هو عليه ، وأدب هذا المقام يأبى أن يستعمل فيه غير الحقيقة - على ما بيّن في صناعته .
والذي يلوّح على هذا الكلام أنّ البعد إذا أخذ مع بيّناته هو عدد الشيطان ناقصا منه عقدان من العشرة، الدالَّة على هيأتيه الفرقيّة والعلميّة فتأمّل.
وهاهنا تلويح آخر : وهو أنّ « العين » الذي هو الدالّ على عين الجمع ، إذا ظهر على باء البينونة والبيان والإباء .
التي هي بدؤ التعينات - إذ بها انتشاء النقطة ومنها ظهرت فهو العبد الذي له الإطاعة .
وأمّا إذا ظهر الباء المذكورة على العين ، واختفيت هي تحتها ، فهو البعد الذي منه الإباء ، وهو الشيطان .
ثمّ إنّه لما كان هو البعد عن إدراك الحقائق ، فإنّ المدرك قريب لمن يدركه فإنّ المدرك مشهود ( فكل مشهود قريب من العين ، ولو كان بعيدا بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به ) على رأي الذاهبين إلى الشعاع .
قال رضي الله عنه : ( من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر ) على رأي الذاهبين إلى الانطباع ( كيف كان ، فهو قرب بين البصر والمبصر ) .
فقد علم أنّ الشيطان هو البعد عن هذا القرب ، والبعد من جملة الإضافة ( ولهذا كنّى أيّوب في المسّ ) الذي هو من الإضافات ( فأضافه إلى الشيطان ) الذي هو البعد ، إضافة إسناد ( مع قرب المسّ ) أي مع أنّ المسّ هو القرب فأسند القرب إلى البعد ( فقال : البعد منى قريب بحكمه في ) ، أعني البعد .
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إنّ حكم القريب إنما هو القرب ، كما أن حكم البعيد هو البعد . فكيف جعل حكم القريب هو البعد ؟
فدفع ذلك بقوله :
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : ( ثمّ كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الّذي هو من النّصب والعذاب الّذي مسّه به الشّيطان ، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه . فيكون بإدراكها في محلّ القرب . فكلّ مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا)
قال رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء ) المدلول عليه بقوله تعالى : هذا مغتسل بارد ( شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه ) وفسر الشيطان بالبعد على لسان الإشارة لأنه من شطن إذا بعد على رأي .
قال رضي الله عنه : ( فيكون ) عطف على يدركها أي يدركها فيكون ( بإدراكها في محل القرب ) منها لأن كل مدرك قريب من المدرك ( فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا) ، أي نوره وشعاعه.
قال رضي الله عنه : (بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر . كيف كان . فهو قرب بين البصر والمبصر . ولهذا كنّى أيّوب عليه السّلام في المسّ ، فأضافه إلى الشّيطان مع قرب المسّ فقال البعيد منّي قريب لحكمة فيّ . )
قال رضي الله عنه : (بالمسافة فإن البصر ) ، أي نوره وشعاعه ( متصل به من حيث شهوده ) على رأي الذاهبين إلى خروج الشعاع ( ولولا ذلك ) الاتصال ( لم يشهده أو يتصل المشهود بالبصر ) ، على مذهب القائلين بالانطباع ( كيف كان ) الشهود بالشعاع أو بالانطباع ( فهو قرب بين البصر والمبصر ) فقد علم أن الشيطان هو البعد عن هذا القرب ، ولا شك من ابتلي بهذا البعد فهو قريب منه ( ولهذا كني أيوب ) ، أي أتى بالكناية ( في المس ) بأن جعله كناية عن القرب فإنه من لوازمه ضرورة أنه إذا مس شيء شيئا فقد قرب منه وقيل : معناه ، ولهذا كنى أيوب عن نفسه بضمير المتكلم في إيقاع المس فقال :"مَسَّنِيَ " .
قال رضي الله عنه : ( فأضافه ) إضافة إسناد ( إلى الشيطان ) الذي هو البعد ( مع قرب المس ) ، أي مع أن المس هو القرب فأسند القرب إلى البعد ( فقال : البعيد مني قريب بحكمه في ) بان جعلني بعيدا فعلى هذا معنى قوله :
مسني الشيطان قرب مني البعد عن إدراك الحقائق على ما هي عليه ، وقرب هذا البعد مني بسبب ثبوت حكمه أي حكم البعد فيّ وهو كوني بعيدا عن ذلك الإدراك ،
وحاصله أنه عليه السلام كان يشكو من بعده عن إدراك الحقائق عما هي عليه بواسطة حجابية بعينه المانعة له عن إدراكها ،
ولما ذكر أن للبعد وقربه من أيوب حكما وأثرا فيه كان محال أن يقال : القرب والبعد أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج فكيف يكون لهما حكم وأثر في الموجودات الخارجية دفع ذلك بقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : (ثمّ كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الّذي هو من النّصب والعذاب الّذي مسّه به الشّيطان ، أي : البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه ، فيكون بإدراكها في محلّ القرب ، فكلّ مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر ، كيف كان ؟ فهو قرب بين البصر و المبصر ، ولهذا كنّى أيّوب عليه السّلام في المسّ ، فأضافه إلى الشّيطان مع قرب المسّ ؛ فقال : البعيد منّي قريب لحكمة فيّ)
ثم أشار إلى أن من فوائد ذلك الماء من حيث جهله سر الحياة كشف الحقائق ، كما أن من فوائده إزالة العلل عن البدن ؛
فقال رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السّلام ) بطريق المعجزة ( ذلك الماء شرابا ) كما ورد به القرآن ، وإنما ورد دفعا لشكوى الألم ، والشراب إنما يدفع ألم العطش ، ويكفي لدفعه كل ماء ولاصق فيه على الخلائق حتى يشتكي من أجله إلى الخالق ، فهو ( لإزالة ألم العطش ) إلى الاطلاع على الحقائق ، وله ألا يندفع إلا بدفع اللّه تعالى ، فيحتاج فيه إلى الشكوى عنده ؛ وذلك لأنه الذي ( هو من النصب ) أي : الشدة ؛ وذلك لشدة شوقه إلى ذلك ، ( والعذاب ) من التحيز في ذلك ، وهذا النصب والعذاب هو ( الذي مسه به الشيطان ) ؛ لأنه الذي ليس عليه الحقائق حتى تحيز ، واشتد شوقه إلى الاطلاع عليها ، فهو الحجاب عنها كما ورد في الخبر : « لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم ، لنظروا في ملكوت السماوات والأرض » . رواه أحمد وابن أبي شيبة .
فهو بوسوسته يشوق إلى تحصيلها ، ويمنع عن الوصول إلى ما اشتاقوا إليه ، فيشتد عليه الأمر ، ويتعذب به لبعده عن المحبوب بحجابه مع قربه في نفس الأمر وإلى هذا يشير لفظ الشيطان من حيث اشتقاقه من الشطن ، وهو البعد .
فلذلك فسره بقوله : ( أي : البعد عن الحقائق ) لا في الواقع لدوام قربها منه ، بل عن ( أن يدركها على ما هي عليه ) مع أنه مستشعر بها فيشتاق إليها ، فأزال اللّه عزّ وجل شكواه بالكشف عنها ، ( فيكون بإدراكها في محل القرب ) عنها ؛ ليزول عنه النصب والعذاب عن البعد عنها ، وكيف لا يكون بالكشف في حالة القرب ، وهو موجب للشهود ، وهو موجب لقرب البعيد في نفس الأمر ، فكيف لا يوجب قرب القريب في نفس الأمر ، وإنما عرض فيه من الحجاب إذ صار به لا يصل إليه كالبعد .
قال رضي الله عنه : ( فكل مشهود قريب من العين ) ، أي : القوة الباصرة ، ( ولو كان بعيدا ) من الشخص الرائي ( بالمسافة ، فإن ) البعيد بين الرائي والمرئي لا ينافي القرب بين الرؤية والمرئي ،
فإن ( البصر متصل به ) أي : بالمشهود لا من حيث غرضه له ، بل هو من عوارض الرأي ( من حيث شهوده ) الموجب لاتصال الشعاع منه بالمشهود ،
( ولولا ذلك لم يشهده ) على قول من يراه باتصال الشعاع ، ( أو يتصل المشهود بالبصر ) على قول من يراه بانطباع صورة المرئي في الباصرة .
ثم قال رضي الله عنه : ( كيف كان ) أي : سواء كان المشهود باتصال الشعاع والانطباع أو غيرها ، ( فهو ) أي : المشهود ( قرب بين البصر والمبصر ) مع بعد المسافة فكيف مع قربها .
( ولهذا ) أي : ولكون الحقائق قريبة في نفس الأمر بعيدة بالحجاب ( كنّي أيوب ) عن بعدها بالحجاب ( في ) لفظ ( المس ) لا من حيث دلالته على الالتصاق بل من حيث إسناده إلى الشيطان .
ثم قال رضي الله عنه : ( فأضافه ) أي : أسنده ( إلى الشيطان ) المشعر من استقامة بالبعد مع أنه سبب الحجاب ( مع قرب المس ) من حيث دلالته على الالتصاق ؛ ليدل على قربها في الواقع بطريق الإشارة حين بعدها بالحجاب ؛ ليدل ذلك على موجب الثبوت إليها مع الامتناع عن الوصول إليها .
ثم قال رضي الله عنه : ( فقال : ) أي : وكأنه قال في سكانته ( البعيد مني ) من الحقائق بسبب الحجاب بعد الشيطان عنك ، وهو الموجب لهذا الحجاب ( قريب ) مني في الواقع قرب المس ( لحكمة فيّ ).
"" أضاف المحقق : حاصله أنه عليه السّلام كان يشكو من بعده عن إدراك الحقائق عما هي عليه بواسطة حجابية بعينه المانعة له عن إدراكها ، ولما ذكر أن للبعد وقربه من أيوب حكما وأثرا فيه كان محال أن يقال : القرب والبعد أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج ؛ فكيف يكون لهما حكم وأثر في الموجودات الخارجية ؟. شرح الجامي "" .
فإن الحقائق حاكمة في كل شيء سواء علمها أو احتجب عنها ، فهي من حيث القرب موجبة للشوق إليها ، ومن حيث البعد مانعة من الوصول إليها ، فقد أصابه من ذلك نصيب وعذاب فرفع ذلك بالماء من حيث تضمنه سر الحياة المترتب عليها العلم بحسبها ؛
فإن الجهل موت معنوي فصار شرابا مزيلا لعطش طلبه إياها ، وهذا لا ينافي شكايته الألم الظاهر إذ لا يدرك مع استراحة الباطن إذا اجتمع ألم الظاهر مع ألم الباطن تأكد كل واحد بالآخر .
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يجتمع القرب والبعد في الحقائق بالنسبة إليه ، وهما متقابلان ؟
فأجاب عنه بقوله :
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : (ثمّ كان لأيّوب ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب ) - أي التعب - وهي التعلَّقات الناصبة للشخص في مناصب المتجوّهين وأنصابهم الشاغلة المتعبة ، ( والعذاب ) وهو ما يستعذبون منها من مؤلمات الروح ومكدّرات لطائف صفوه ، وهو (الذي مسّه به الشيطان - أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه .فيكون بإدراكها في محلّ القرب).
الشيطان والبعد
ولما كان الشيطان مبدأ الأحكام العدميّة كلها ، وأصل ذلك هو النسبة التي مبدأ سائر التعيّنات ، فهو النسبة التي هي مبدأ الأوصاف العدميّة .
وفي تحليل موادّ « إبليس » ما يدلّ على هذا ومن ثمّة ترى المصنّف عرّفه بالبعد عن الحقائق أن يدرك . فبالبعد أفصح عن النسبة ، وبالباقي عن مبدئيّته للأوصاف العدميّة العامّة ، كالجهل والإباء للإذعان .
فعلم أنّ هذا بيان ماهيّة الشيطان حقيقة ، وليس فيه ارتكاب مجاز كيف وهو في صدد التعريف والإبانة عن حقيقته بما هو عليه ، وأدب هذا المقام يأبى أن يستعمل فيه غير الحقيقة - على ما بيّن في صناعته .
والذي يلوّح على هذا الكلام أنّ البعد إذا أخذ مع بيّناته هو عدد الشيطان ناقصا منه عقدان من العشرة، الدالَّة على هيأتيه الفرقيّة والعلميّة فتأمّل.
وهاهنا تلويح آخر : وهو أنّ « العين » الذي هو الدالّ على عين الجمع ، إذا ظهر على باء البينونة والبيان والإباء .
التي هي بدؤ التعينات - إذ بها انتشاء النقطة ومنها ظهرت فهو العبد الذي له الإطاعة .
وأمّا إذا ظهر الباء المذكورة على العين ، واختفيت هي تحتها ، فهو البعد الذي منه الإباء ، وهو الشيطان .
ثمّ إنّه لما كان هو البعد عن إدراك الحقائق ، فإنّ المدرك قريب لمن يدركه فإنّ المدرك مشهود ( فكل مشهود قريب من العين ، ولو كان بعيدا بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به ) على رأي الذاهبين إلى الشعاع .
قال رضي الله عنه : ( من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر ) على رأي الذاهبين إلى الانطباع ( كيف كان ، فهو قرب بين البصر والمبصر ) .
فقد علم أنّ الشيطان هو البعد عن هذا القرب ، والبعد من جملة الإضافة ( ولهذا كنّى أيّوب في المسّ ) الذي هو من الإضافات ( فأضافه إلى الشيطان ) الذي هو البعد ، إضافة إسناد ( مع قرب المسّ ) أي مع أنّ المسّ هو القرب فأسند القرب إلى البعد ( فقال : البعد منى قريب بحكمه في ) ، أعني البعد .
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إنّ حكم القريب إنما هو القرب ، كما أن حكم البعيد هو البعد . فكيف جعل حكم القريب هو البعد ؟
فدفع ذلك بقوله :
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان. فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. )
قال رضي الله عنه : ( ثمّ كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الّذي هو من النّصب والعذاب الّذي مسّه به الشّيطان ، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه . فيكون بإدراكها في محلّ القرب . فكلّ مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا)
قال رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء ) المدلول عليه بقوله تعالى : هذا مغتسل بارد ( شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه ) وفسر الشيطان بالبعد على لسان الإشارة لأنه من شطن إذا بعد على رأي .
قال رضي الله عنه : ( فيكون ) عطف على يدركها أي يدركها فيكون ( بإدراكها في محل القرب ) منها لأن كل مدرك قريب من المدرك ( فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا) ، أي نوره وشعاعه.
قال رضي الله عنه : (بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر . كيف كان . فهو قرب بين البصر والمبصر . ولهذا كنّى أيّوب عليه السّلام في المسّ ، فأضافه إلى الشّيطان مع قرب المسّ فقال البعيد منّي قريب لحكمة فيّ . )
قال رضي الله عنه : (بالمسافة فإن البصر ) ، أي نوره وشعاعه ( متصل به من حيث شهوده ) على رأي الذاهبين إلى خروج الشعاع ( ولولا ذلك ) الاتصال ( لم يشهده أو يتصل المشهود بالبصر ) ، على مذهب القائلين بالانطباع ( كيف كان ) الشهود بالشعاع أو بالانطباع ( فهو قرب بين البصر والمبصر ) فقد علم أن الشيطان هو البعد عن هذا القرب ، ولا شك من ابتلي بهذا البعد فهو قريب منه ( ولهذا كني أيوب ) ، أي أتى بالكناية ( في المس ) بأن جعله كناية عن القرب فإنه من لوازمه ضرورة أنه إذا مس شيء شيئا فقد قرب منه وقيل : معناه ، ولهذا كنى أيوب عن نفسه بضمير المتكلم في إيقاع المس فقال :"مَسَّنِيَ " .
قال رضي الله عنه : ( فأضافه ) إضافة إسناد ( إلى الشيطان ) الذي هو البعد ( مع قرب المس ) ، أي مع أن المس هو القرب فأسند القرب إلى البعد ( فقال : البعيد مني قريب بحكمه في ) بان جعلني بعيدا فعلى هذا معنى قوله :
مسني الشيطان قرب مني البعد عن إدراك الحقائق على ما هي عليه ، وقرب هذا البعد مني بسبب ثبوت حكمه أي حكم البعد فيّ وهو كوني بعيدا عن ذلك الإدراك ،
وحاصله أنه عليه السلام كان يشكو من بعده عن إدراك الحقائق عما هي عليه بواسطة حجابية بعينه المانعة له عن إدراكها ،
ولما ذكر أن للبعد وقربه من أيوب حكما وأثرا فيه كان محال أن يقال : القرب والبعد أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج فكيف يكون لهما حكم وأثر في الموجودات الخارجية دفع ذلك بقوله :
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 26 يناير 2020 - 2:54 عدل 1 مرات

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة العاشرة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه السلام ، أعني على أيوب ، بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
قال رضي الله عنه : ( وقد علمت أنّ القرب والبعد أمران إضافيان ، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في القريب والبعيد . واعلم أنّ سرّ اللّه في أيّوب الّذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليّا تقرؤه" . هذه الأمّة المحمّديّة لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها . فأثنى اللّه عليه - أعني على أيّوب - بالصّبر مع دعائه في رفع الضّرّ عنه . فعلمنا أنّ العبد إذا دعا اللّه في كشف الضّرّ عنه لا يقدح في صبره . وأنّه صابر وأنّه نعم العبد كما قال تعالى :إِنَّهُ أَوَّابٌأي رجّاع إلى اللّه لا إلى الأسباب ، والحقّ يفعل عند ذلك بالسبب لأنّ العبد يستند إليه ، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبّب واحد العين ).
قال رضي الله عنه : (وقد علمت) يا أيها السالك من غير هذا المحل (أن البعد والقرب أمران إضافيان) لا يعقلان إلا من شيئين باعتبار الزمان كما يقال مصنف هذا الكتاب قدس اللّه سره أقرب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منا ،
أي من زمانه أقرب إلى زمان النبوة من زماننا أو باعتبار المكان
قال رضي الله عنه : (كما يقال) : داري أقرب إلى الجامع من دارك (فهما) ، أي القرب والبعد (نسبتان) ، أي أمران منتزعان من النظر في حقيقتين باعتبار زمان أو مكان (لا وجود لهما) ، أي لتلك النسبتين (في العين) ، أي في عين كل واحدة منهما مع ثبوت ، أي تحقق (أحكامهما) ، أي القرب والبعد (في) الشيء (البعيد) عن الشيء الآخر البعيد عنه (و) الشيء (القريب) إلى الشيء الآخر القريب إليه .
قال رضي الله عنه : (واعلم) يا أيها السالك (أن سر اللّه) تعالى (في أيوب) عليه السلام (الذي جعله) اللّه تعالى عبرة لنا نعتبر به في أحوالنا مع اللّه تعالى (و) جعله (كتابا مستورا) ، أي آيات قرآنية نزلت في حق أيوب عليه السلام (حاكيا) ." وفي نسخة : حاليا بدل حاكيا ".
ذلك الكتاب ما كان في الزمان الأوّل ، فنزل جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى اللّه عليه وسلم فتلاه علينا بلسان عربي مبين (تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه) من الأسرار والعلوم (فتلحق) ، أي هذه الأمة (بصاحبه) ، أي صاحب هذا الكتاب المسطور بطريق الإرث النبوي (تشريفا لها) وتعظيما لشأنها (فأثنى اللّه) تعالى (عليه السلام ) ، أي مدحه في القرآن العظيم (أعني على أيوب) عليه السلام (بالصبر) حيث قال تعالى :إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ[ ص : 44 ] مع دعائه ، أي أيوب عليه السلام في رفع ، أي إزالة الضر ، أي البلاء عنه .
قال تعالى : "وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ "[ ص : 41 ] ، وقال تعالى : " وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" ( 83 ) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ( 84 ) [ الأنبياء : 83 - 84 ] .
قال رضي الله عنه : (فعلمنا) من ذلك (أن العبد) المؤمن (إذا دعا اللّه) تعالى (في كشف الضر) والسوء (عنه لا يقدح) ذلك ، أي لا ينقص ولا يطعن (في صبره) على ذلك الضر والسوء (فإنه) ، أي ذلك العبد مع طلبه من اللّه تعالى وتضرعه في إزالة ضره عنه صابر على ما أصابه به وأنه ، أي ذلك العبد حينئذ .
قال رضي الله عنه : (نعم العبد كما قال تعالى) في أيوب عليه السلام :" إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ "، أي رجاع ، من نفسه إلى اللّه تعالى على وجه الكثرة فإذا كان بنفسه دعا اللّه تعالى في إزالة الضر عنه ثم رجع إلى اللّه تعالى فترك الدعاء وقام بالتفويض إليه سبحانه والتوكل عليه ،
ثم كان بنفسه وقام بالأسباب ، ثم رجع ذلك وتكرر منه هذا الحال ، فهو أوّاب صيغة مبالغة من آب إذا رجع ، ورجوعه في كل مرة إلى اللّه تعالى.
قال رضي الله عنه : (لا إلى الأسباب) من نفسه ودعائه ونحو ذلك بل من الأسباب إلى مسببها تعالى وهي أكمل الأحوال ، لأنها قيام بالحق تعالى من حيث أسماؤه كلها لا بعضها ، فإنه إذا كان في الأسباب قام باسمه تعالىالْأَوَّلُ،وَالْباطِنُوإذا أعرض عن الأسباب قام باسمه تعالى الآخر والظاهر ، وهذه الأسماء الأربعة أمهات الأسماء الفاعلة وغيرها .
قال رضي الله عنه : (والحق) تعالى (يفعل عند ذلك) ، أي عند رجوع العبد إليه سبحانه (بالسبب) وهو رجوع العبد إليه (لأن العبد يستند إليه) ، أي إلى الحق تعالى في حال رجوعه إليه سبحانه فيكون ذلك الإسناد سببا يفعل اللّه تعالى به ما يريد لعبده (إذ الأسباب المزيلة لأمر ما) يعني أي أمر كان حسي أو معنوي (كثيرة) جدا (والمسبّب) لتلك الأسباب كلها (واحد العين) ، أي الذات لا كثرة فيه أصلا وهو الحق تعالى .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامهما في البعيد والقريب ) فكان البعيد من الشيء لمعنى قريبا منه لمعنى آخر كما ذكر في المشهود فإنه قريب من الشاهد من مشهوده بعيد من حيث المسافة .
( واعلم أن سر اللّه في أيوب عليه السلام الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا ) أي لا يعرف معنى ذلك الكتاب إلا أهل الحال ومنسوبا إلى حال أيوب عليه السلام ( تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه ) من الأعلام على البناء للفاعل أو من العلم على البناء للمفعول أو على صيغة الغيبة
وكذا قوله ( فتلحق بصاحبه ) أي فتصل هذه الأمة في الدرجة بمقام صاحب ذلك الكتاب وهو أيوب عليه السلام في الرضاء بالقضايا والصبر على البلايا فمن صبر منا على الأعمال الشاقة في طريق الحق فقد أعطى اللّه له ما أعطى أيوب عليه السلام وإنما جعله اللّه هكذا ( تشريفا لها ) أي لهذه الأمة وأيّ تشريف وتكريم أعظم من هذا الذي ابتلي نبيه لنا ( فأثنى اللّه عليه ) أي
فإذا كان البصر أجمل الوصف الجميل وأكرمه عند اللّه أثنى عليه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أعني على أيوب عليه السلام بالصبر مع دعائه في رفع الضرّ عنه فعلمنا ) من معاملة الحق مع أيوب عليه السلام ( أن العبد إذا دعا اللّه في كشف الضرّ عنه ) أي عن نفس العبد ( لا يقدح في صبره ) وإلا لما أثنى على أيوب عليه السلام ( وإنه ) أي والحال أن أيوب عليه السلام ( صابر وأنه نعم العبد ) ولو كان دعاؤه في كشف الضرّ عنه يقدح في صبره لما جعله متصفا بهذه الصفة الحسنة ( كما قال ) تعالى في حقه (إِنَّهُ أَوَّابٌ أي رجاع إلى اللّه ) في كشف الضرّ ( لا إلى الأسباب ) فلا ينافي صبره إذ الرجوع إلى اللّه في كل أمر أحسن الصفة الحسنة فلا ينافي الصبر بل إنما ينافيه الرجوع إلى الأسباب في رفع الضرّ ( والحق يفعل ) ما دعاه العبد ( عند ذلك ) أي عند دعائه ( بالسبب ) وإنما أعطى الحق ما طلبه العبد منه بالسبب مع أن اللّه قادر أن يفعله بدون سبب
قال الشيخ رضي الله عنه : ( لأن العبد ) وإن كان رجّاعا إلى اللّه لكنه ( يستند إليه ) أي السبب ولما اتجه أن يقال لم لا يجوز رجوع العبد إلى الأسباب مع أن الرجوع إلى الأسباب رجوع إلى اللّه بحسب العين على أن الإزالة لا يكون إلا بالأسباب فلا يذمّ العبد في رجوعه إلى ما يزيل به ضرّه فلا ينافي ذلك الرجوع أيضا صبره أجاب ذلك بقوله له ( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما ) من الأمور المضارّة ( كثيرة ) والعبد لا يعلم يقينا أن الحق بأيّ سبب كشف ضرّه ( والمسبب واحد العين)
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
قال رضي الله عنه : ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب. واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها. فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال.
فقد ورد في المناجاة: " یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "
"" أضاف الجامع : ورد في المواقف والمخاطبات لعبد الجبار النفرى : "
يا عبد إن لم تؤثرني على كل مجهول ومعلوم فكيف تنتسب إلى عبوديتي.
يا عبد كيف تقول حسبي الله وأنت تطمأن بالجهل على المجهول كما تطمأن على العلم بالمعلوم.
يا عبد طلبك مني أن أعلمك ما جهلت كطلبك أن أجهلك ما علمت فلا تطلب مني أكفك البتة".أهـ ""
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
قال رضي الله عنه : ( وقد علمت أنّ البعد والقرب أمران إضافيّان فهما نسبتان لا وجود لهما في العين ، مع ثبوت أحكامهما في القريب والبعيد . واعلم : أنّ سرّ الله في أيّوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا يقرؤه هذه الأمّة المحمدية ، لتعلم ما فيه ، فتلحق بصاحبه تشريفا لها ، فأثنى الله على أيّوب بالبصر مع دعائه في رفع الضرّ عنه ، فعلمنا أنّ العبد إذا دعا الله في كشف الضرّ عنه ، لا يقدح في صبره ، وأنّه صابر ، وأنّه " نِعْمَ الْعَبْدُ " ، كما قال : " إِنَّه ُ أَوَّابٌ " أي رجّاع إلى الله لا إلى الأسباب ، والحقّ يفعل عند ذلك بالسبب ، لأنّ العبد مستند إليه ).
يعني : في وجوده المقيّد أو المطلق إلى الحق المتعيّن في السبب ، فلمّا حمد الله تعالى أيّوب عليه السلام، علمنا أنّ رجوعه أوّلا وآخرا ما كان إلى الأسباب من حيث حجابياتها .
قال رضي الله عنه : ( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبّب واحد المعيّن ، فرجوع العبد إلى الواحد العين)
يعني أنّ المتقدّمين من المشرقيين من أهل التصوّف قالوا به .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
ولهذا قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان ، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامهما في البعيد والقريب ).
فإنهما مع كونهما معدومين في الأعيان يحكمان على الموجودات العينية بمعناهما ، ألا ترى أن الشيطان في عين القرب لوجوده بالحق بعيد عن الله لانحرافه العيني ، فقربه من أيوب نفس كونه بعيدا منحرفا عن الاعتدال ،
فحكم على أيوب في عين القرب منه بالبعد عن الحق والانحراف عن الاعتدال .
قال رضي الله عنه : (واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها ، فأثنى الله عليه أي على أيوب بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه ، فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد ، كما قال : " نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّه أَوَّابٌ ". أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب ، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه ، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين ).
أي المتقدمين من الشرقيين من أهل التصوف القائلين بأن الصبر هو حبس النفس عن الشكوى مطلقا.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
فقال رضي الله عنه : ( وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان ، فهما نسبتان ، لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامهما في القريب والبعيد ) .
ألا ترى أن الحق تعالى إذا تجلى لعين من الأعيان ، يقرب منه كل بعيد ، فيشاهده شهودا عيانيا ، كما يقرب البعيد بالمسافة من عين الناظر إليه .
وإذا خفى عن عين ، يبعد منه كل قريب لغلبة الظلمة واستيلائها عليها ، مع أن هويته تعالى في هوية كل عين . فالقرب والبعد أمران إضافيان بالنسبة إلى الأعيان واستعداداتها .
قال الشيخ رضي الله عنه : (واعلم ، أن سر الله في أيوب الذي جعله الله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاكيا ، تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه ، فتلحق بصاحبه تشريفا لها . ).
أي ، السر في قصة أيوب ، عليه السلام ، الذي جعل الله عينه مع أحوالها ، عبرة لنا وكتابا
مسطورا مقروا بلسان الحال ، ما كتب فيها يقرؤه عرفاء هذه الأمة المحمدية ، لتعلم ما فيه من الأسرار .
وهو إظهار الماء المطهر للظاهر والباطن من أرض نفوسهم ، وطلب الفناء في الله وتحمل المشاق والصبر على المجاهدات ، فتلحق بمقامه ، فيكون هذا الإخبار تشريفا لها
.
(فأثنى الله عليه ، أعني على أيوب عليه السلام ، بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه . فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه ، لا يقدح في صبره . ) بل عدم الدعاء بكشف الضر مذموم عند أهل الطريقة ، لأنه كالمقاومة مع الله ودعوىالتحمل بمشاقه .
كما قال الشيخ المحقق ابن الفارض رضي الله عنه :
(ويحسن إظهار التجلد للعدى .... ويقبح غير العجز عند أحبة )
( وأنه صابر وأنه نعم العبد ، كما قال تعالى : ) أي ، كما قال الله في حقه ، ( نعم العبد ) و ( ( إنه أواب ) . أي ، رجاع إلى الله ، لا إلى الأسباب ، والحق يفعل عند ذلك بالسبب ) أي ، الحق يعطى ما يطلبه على يد عبد من عبيده فيجعله سببا .
( لا أن العبد يسند إليه ) أي ، إلى السبب . وفي بعض النسخ : ( لأن العبد يسند إليه ) .
أي ، لأن وجود العبد مستند إلى الله تعالى ، فينبغي أن يرجع إلى مستنده .
( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما ) أي ، من المضار .
قال رضي الله عنه : ( كثيرة ، والمسبب واحد العين )
والحال أن العبد الداعي لم يدع الحق ، بل دعا ما يطلق عليه اسم الغيرية ومال إليه، وهو السبب القري
» توهّم صحّة الأنس باللّه كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
» توهّم أنّ نفوذ الأقدار متوقّف على وجود الخلق كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
» مقصود الكتاب لمصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدمة المصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدّمة التّحقيق و ترجمة المؤلّف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدمة كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» فهرس بشرح المصطلحات الصوفية عند الشيخ ابن عطاء اللّه السكندري كما وردت في الحكم لمؤلف اللطائف الإلهية
» مكاتبات للشّيخ تاج الدّين أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ إلى بعض إخوانه ومريديه
» المناجاة الإلهيّة للشّيخ تاج الدّين أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائيّة الصغرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائيّة الكبرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائية من 21 الى 30 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 01 الى 10 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» المقدمة لكتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2313 إلى 2413 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2351 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2312 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2265 إلى 2281 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2249 إلى 2264 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2211 إلى 2248 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات أولا الإسلام السياسي من 2168 إلى 2210 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر الثالث عشر الحجّ والعمرة من 2084 إلى 2167 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب ثانيا الطعام والشراب من 2049 إلى 2083 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب أولا الصيام والفطر من 2002 إلى 2048 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات الحادي عشر الذكر والتسبيح والدعاء من 1961 إلى 2001 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات عاشرا السجود والمساجد والقبلة من 1921 إلى 1960 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات تاسعا صلاة الجمعة من 1903 إلى 1920 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات ثامنا الصلاة من 1826 إلى 1902 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات أولا الوضوء والاغتسال من 1794 إلى 1825 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني "53" المجلس الثالث والخمسون من عبد الله بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سابعا العدّة من 1782 إلى 1793 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سادسا الطلاق من 1744 إلى 1781 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي خامسا الأسرة من 1739 إلى 1743 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي رابعا الأولاد من 1734 إلى 1738 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثالثا الحمل والولادة والرضاع والفطام والحضانة من 1722 إلى 1733 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1681 إلى 1721 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1651 إلى 1680 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1623 إلى 1650 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي أولا المرأة في الإسلام من 1598 إلى 1622 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام والحرب من 1547 إلى 1597 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام و الحرب من 1519 إلى 1546 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1505 إلى 1518 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1480 إلى 1504 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن والفنون والصنائع والآداب والأخلاق من 1462 إلى 1479 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1436 إلى 1461 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1419 إلى 1435 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1312 إلى 1342 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1179 إلى 1311 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1146 إلى 1278 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1121 إلى 1245 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1126 إلى 1129 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1076 إلى 1125 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1059 إلى 1075 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1045 إلى 1058 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1035 إلى 1044 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1026 إلى 1034 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1018 إلى 1025 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1013 إلى 1014 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 961 الى 980 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 941 الى 947 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 911 الى 940 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 697 الى 720 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 681 الى 696 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 661 الى 680 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 641 الى 660 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 591 الى 600 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 582 الى 590 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 561 الى 581 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 541 الى 560 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 527 الى 540 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 421 الى 430 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني