اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة

اذهب الى الأسفل

15122019

مُساهمة 

15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة Empty 15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة




15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة

 شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة على متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

الفص العيسوي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
  وجه تسمية الفصّ  
إنّما اختصّت الكلمة العيسويّة بين الأنبياء كلَّها بالحكمة النبويّة لما قد اطَّلعت عليه أولا من أن النبوة - التي هي الإخبار عن الله بأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامها كلها - مبنى أمرها على الوجود الكلاميّ ، ومنشأ ظهورها من النقطة النطقيّة التي بها ينطبق قوسا البطون والظهور ، ويتمّ الكمال الوجوديّ بالشهوديّ ، والظهوريّ بالشعوريّ .
 
ثمّ إنّ الكلمة العيسويّة هي التي تفرّدت بين الكلمات بمظهرية هذه المرتبة من الوجود استقلالا ، بدون تعلَّم ولا تعمّل اكتساب وتدبّر - دون غيرها من الأنبياء - فهي التي تظهر هذه المرتبة لذاتها ، ولذلك ترى أول أثر يترتّب على شخصه الكماليّ هو هذه ، إذ تكلَّم في بطن امّه بقوله : “ أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا “ [ 19 / 24 ] وفي المهد بقوله : “ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا”  [ 19 / 30 ] .
وهذا هو وجه المماثلة والمشابهة بينه وبين آدم ، على ما أفصح عنه قوله :
“ إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَه ُ من تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَه ُ كُنْ “ كلمة كاملة ذات نطق وكلام “ فَيَكُونُ “ [ 3 / 59 ] فإنّ « ثمّ » يدل هاهنا على أنّ أمر “ كُنْ “ إنما يتوجّه إلى مرتبة وراء خلق آدم ، مرتّبة عليه ، فعيسى مثل آدم في مصدرية الكلام الكماليّ ومظهريّة الكمال الكلاميّ بدون تعلَّم من أحد ولا تطفّل على أحد ، فلذلك اختصّت بالنبوّة .
ومما يلوّح عليه أن في لفظة « النبويّة » جميع ما في الكلمة العيسويّة من الحروف ، إمّا بأعيانها ، أو ببيّناتها .
 
وبيّن أن ظهور الكلمة العيسويّة بمرتبة الإنبائيّة الكلاميّة - التي بها صحّت مماثلتها لآدم - ليس على ما عليه الطبيعة الجزئيّة البشريّة ، فإنّها ليست ظاهرة بها إلا بعد تعلَّم من الأبوين ، وزيادة تدبّر وتعاون من القوى ، على استحصال تلك الملكة ، فليس لها في ذاتها إلا القابليّة لها فقط . ولذلك كان امّها من جزئيات هذه الطبيعة البشريّة ، والنفخ الجبرئيليّ فيها بمنزلة الأب .
 
 مبدأ خلق عيسى عليه السّلام   
فأشار إلى ذلك بضرب من التلطَّف مستفهما عن ترديد على معنى منع الخلوّ دون الجمع  قائلا :
( عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين )
فإن الماء للين جوهره وكمال قبوله وانفعاله هو الامّ ، والنفخ لقوّة فعله وشدّة تأثيره هو الأب . على أن الماء هو الامّ مادّة ، كما أنّ « النفخ » « أب » في قاعدة العقد على ما يلوّحك عليه  بيّنات العدد منه ، إذا نسب إلى الأب بيّناته أو اسمه - تأمّل .
 
ثمّ إن ماء مريم بجوهريّته قابل لذلك ، كما أن نفخ جبرين بصورته الفعليّة فاعل له ، فلذلك ظهر الولد بجوهره
( في صورة البشر الموجود من طين )
كما أنّه بفعله في صورة الملك الموسوم بالجبرين ، وفي تبديل لامه بالنون إشارة إلى ما عليه في حالة النفخ ، أعني الصورة الإنسانية ، فإنّ النون من امّهات موادّ ذلك الاسم - كما لا يخفى - فمتعلَّق هذه الظروف كلها قوله :
( تكوّن الروح في ذات مطهّرة )
 من آثار تلك الصورة وأفعالها الهيولانيّة المظلمة ، فإن أفعال عيسى ومبدأها - أعني الروح - من جبرين ، إذ تكوّن الروح عن النفخ ، كما أن صورة البشر من الماء ، على ما يطلعك عليه تركيبه بترتيبه .
 
ثمّ إنّه قد حصل هاهنا صورة مزاجيّة اعتداليّة بين قاهرين قويّين :
أحدهما تكوّن روحه في ذات غير قابلة للفساد ، والتغيّر والحدوث ، مطهّرة من ذلك الأوصاف ، يجذبه إلى العلو مستقر جلالها ومسرع عزّها وإطلاقها .
والآخر تكوّن صورته ( من الطبيعة ) التي لم تزل تفسد وتتغيّر ( تدعوها ) إلى السفل معدن كمالها المسمى ( بسجّين ) الحصر والقيد .
وبيّن أن المزاج المعتدل بين القوّتين المتقاومتين ، لا بدّ وأن يكون لها بقاء بقدر قوّتهما وتكافؤهما عند تحاذيهما ، واستقرارهما في الاعتدال ( لأجل ذلك قد طالت ) للروح ( إقامته )
في تلك الذات ومكثه ( فيها ، فزاد ) مقدار إقامته ، ( على ألف ) وهو أنهى درجات مراتب المقدار وأطولها من السنة التي هي أنهى درجات مراتب الزمان وأطولها ( بتعيين ) مقداريّ عددا وزمانا .
 
وذلك الاعتدال فيه لقوّة أمر الروح ، حيث لم ينقهر من حكم الطبيعة مع أنّه متنزّل في مرتبتها ، ظاهر بحكمها ، كما انقهر غيره من الكلمات .
ووجه اختصاص روحه بتلك القوّة أنّه :
( روح من الله لا من غيره فلذا أحيا الموات )
إحياء إعادة( وأنشأ الطير من طين )إنشاء بدء . فتحقّق بالمبدئيّة والمعيديّة .
 
( حتّى يصحّ له من ربّه نسب به يؤثّر في العالي )
من المتروحين المتجرّدين ( وفي الدون ) من المتركَّبين المتدنّسين لما عرفت أنّه بصورته الاعتداليّة الجمعيّة محيط بالطرفين وجودا ، فإنّه بصورته الجسميّة التي هي نهاية المراتب الوجوديّة باقية في الجسم الكلّ ، مؤثّر في صورهم الوجوديّة ، كما أنّ محمّدا بصورته الكلاميّة التي  هي غاية الكلّ ، باق مؤثّر في كمالهم الشهوديّ .
وبيّن أن الإحاطة المذكورة إنما يتصوّر بمظهريّة الجمعيّة الإلهيّة ، وذلك إنما يتمّ بطهارة كمال قابليّته ، المطهّر بطرفيه الروحانيّ والجسمانيّ عن التدنّس والتغيّر ، حتّى يصحّ منهما المزاج الاعتداليّ المثليّ ، وإليه أشار بقوله :
 
(الله طهّره جسما ونزّهه  ... روحا وصيّره مثلا بتكوين )
وقد نبّهت على وجه مماثلته بآدم ، وهذا وجه مماثلته للحقّ ، وهو الظهور بالإبداء والإعادة فعلا ، والتطهير والتنزيه ذاتا وصفة .
 
 الروح مبدأ الحياة   
وبيّن أن موضوع البحث في الحكمة النبويّة - على ما عرفت - إنما هو تحقيق أمر الكلام ، والكشف عن أصل مادته التي هي الحياة ، ومبدأ صورته التي هي الصوت ، وبيان أنّ ذلك قد يتمّ أمره على غير المنهج المعتاد من التوالد والتناسل الطبيعيّ ، بل بضرب من الامتزاج الروحيّ بالموادّ العنصريّة ، فلذلك قدّم قصّة السامريّ قائلا :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن من خصائص الأرواح أنّها لا تطأ شيئا )
أي لا تقع على أرض من أراضي القوابل وتطأها ( إلا حييّ ذلك الشيء ) بقوّة قبوله ( وسرت الحياة فيه ) بحسب تلك القوّة التي لها نباتيّة أو حيوانيّة - على اختلاف طبقاتها - ( ولهذا قبض السامريّ قبضة من أثر الرسول الذي هو جبرئيل ، وهو الروح ) .
 
العقل الأول في اعتباراته المختلفة
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أن للعقل الأول أسماء بحسب طريان الاعتبارات المتخالفة له ، وظهور سلطانها عليه ، فإنّه باعتبار التدوين والتسطير يسمّى بالقلم ، وباعتبار التصرّف والتصريف يسمّى بالروح ، وباعتبار ضبطه وإحصائه الأسماء والرقائق الوجودية يسمى بالعقل ، هذه أسمائه في مرتبته .
ثمّ إذا تنزّل في عوالم الحجب فباعتبار وساطته ورسالته في إنزال أصول الصور الكلاميّة على الإنسان الكامل يسمى بجبرئيل ، كما أن العقل الأخير المسمى بالعقل الفعّال باعتبار وساطته في إحداث الصور الحرفيّة وإسماعها يسمى بإسماعيل .
"" أضاف المحقق : قال مؤيد الجندي في شرح الفصوص : وجبرئيل هو الروح الكليّ المسلط على عالم العناصر كلها ، وسلطانه ومقامه سدرة المنتهى ، وليس كما يزعم الفلاسفة أنه العقل الفعال - يعنون روح فلك القمر - فإن روحانية فلك القمر هو إسماعيل ، وليس بإسماعيل النبيّ ، بل هو ملك مسلّط على عالم الكون والفساد ، وهو من أتباع جبرئيل عليه السّلام ، وليس لإسماعيل حكم فيما فوق فلك القمر ، ولا لجبرئيل فيما فوق السدرة ، وحكمه على السماوات السبع وما تحتها من الأسطقسات والمواليد ""
 
وما قيل: « إنّ جبرئيل عند العرفاء هو ما يختصّ أمر سلطنته بالفلك السابع وما دونه »
""أضاف المحقق :هذا المعنى ظاهر كلمات الجندي والكاشاني والقيصري""


فهو غير ما علم من تصفّح كلام الشيخ ، فإنّه قد صرّح في كتاب عقلة المستوفز:
أنّ فلك البروج - الذي هو الفلك الأطلس عنده - فيه خلق عالم المثل الإنسانية والحجب الجسدانيّة ، وفي هذا الفلك مقام جبرئيل ، وإليه ينتهي علم علماء الرصد لا يجاوزه أصلا - هذا كلامه .
ثمّ هاهنا تلويح وهو أنّك قد عرفت ما في ( ال ) من الإحاطة بتمام الكلام ، « فجبرال » - بحسب الاشتقاق الكبير - الذي هو المعوّل عليه عند كبار المحققين - يدل على أنّه « الجائي برأي ال » كما أن « إسماعيل » يدل على أنّه المصدر « لإسماع ال » .
وبيّن أن ( ال ) هو الكلام الجامع بين المقطَّع والمركَّب ، والصورة الحائزة للجمع والتفرقة والفرقان القرآن .
ومن تفطَّن لهذا الأصل عرف كثيرا من الدقائق ، منها وجه التمييز بين القرآن المنزل السماويّ والحديث القدسيّ النبويّ .
 
السامريّ وخوار عجله
( وكان السامريّ ) لملازمته سدّة النبوّة مقتبسا من مشكاة حكمها الأنوار العلميّة ( عالما بهذا الأمر ) - وهو أن الحياة تترتّب على مواطأة الروح حيثما وطئ
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما عرف أنّه جبرئيل ، عرف أنّ الحياة قد سرت فيما وطئ عليه ، فقبض قبضة من أثر الرسول - بالضاد أو بالصاد ، أي بملء يده ، أو بأطراف أصابعه فنبذها بالعجل ،فخار العجل ) لأنّه أثّر الحياة في صورة العجل وغاية ما يترتّب على إقامة بنيته .
فإنّ الصورة الفصليّة للنوع هي الغاية الكماليّة التي بها يصير ذلك النوع بالفعل . ومبدأ تخالف تلك الصورة هي المادّة الاميّة المسماة بالجنس ، فإنّها تختلف بحسب اختلاف تلك المادّة .
 
( إذ صوت البقر إنما هو خوار ، ولو ) أنّ السامريّ ( أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة ) ضرورة ترتّب ذلك على تركيب هيئته وصورة حياته ، التي هي المادّة الجنسيّة ( كالرغاء للإبل ، والثواج للكباش ، والثغاء للشياة ، والصوت للإنسان ) ممّن كان له صورة هذا النوع ( أو النطق ) ممّن له الإدراك منهم والنظر في الأمور العقليّة ( أو الكلام ) لمن له الكمال الإنساني .
وقد راعى المراتب الثلاث ، أعني أصل القابليّة وكمالها ، والواسطة بينهما في المادّة والصورة . فتكملت المراتب الستّ بذلك - فلا تغفل .
 
وإذ قد عرفت أنّ الحياة - التي هي إمام أئمة الأسماء الإلهيّة - قد تسري في الموادّ الهيولانيّة لمواطأة الروح لها ، ويجعلها ذا صورة كماليّة وجمعيّة كليّة يصلح لأن تكون مصدرا للقوى الطبيعيّة والإدراكات الكليّة بحسب قوّة قبولها وقربها للاعتدال الجمعي الوحداني .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى « لاهوتا » ، والناسوت هو المحلّ القائم به ذلك الروح ) في الظهور .
وإن كان الروح مقوّم ما حلّ فيه في الوجود ووطئ عليه ، كما حقّق ذلك في المادّة الهيولانيّة مع الصور الجسمانيّة بلسان النظر .
 
و " اللاهوت " فعلوت من لاه ، يليه : إذا تستّر .
و " الناسوت " من ناس ، ينوس : إذا تذبذب وظهر بفعله .
وأنت عرفت أنّ المادّة الاميّة هي المحتجبة بالصورة الكماليّة الظاهرة بالأثر ، على ما عرفت في مراتب الصوت مادّة وصورة .
ومما يلوّح على ذلك أن ما يختصّ به الأوّل  - يعني اللام والهاء - فضله هو الدالّ على الامّ ، كما أنّ ما يختصّ به الثاني - وهو السين والنون - على الصورة الشاخصة .
يقال : سننته سنّا : إذا صوّرته .
 
كيفية النفخ في مريم عليها السّلام
( فسمّي الناسوت ) - مثل عيسى مثلا - ( روحا بما قام به ) أي لقيام الروح به وظهور أحكامه منه بلا تلبّس وتشوّب . فكأنّه هو ، كما قيل  :
رقّ الزجاج ورقّت الخمر  .... فتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر ، ولا قدح   .... وكأنما قدح ، ولا خمر
( فلما تمثّل الروح الأمين - الذي هو جبرئيل - لمريم عليهما السّلام بشرا سويّا )
أي معتدلا سنّا وخلقة ، فإنّ من شأن الأعلى أن يقدر على تصوّره بصورة الأنزل كيفما شاء ، فلمّا رأت تلك الصورة بشبابها وحسنها ، لاعتدالها سنّا وخلقة
( تخيّلت أنّه بشر يريد مواقعتها ، فاستعاذت باللَّه منه استعاذة بجمعيّة منها ) ضرورة انضباط تلك الصورة البشريّة في متخيّلتها عند الاستعاذة ، ( ليخلصها الله منه ، لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز ، فحصل لها حضور تامّ)  صورة ومعنى ( مع الله ) وذلك الحضور ( هو الروح المعنويّ ) لعيسى .
"" أضاف المحقق : قال القيصري : « فحصّل لها حضورا تامّا » من التحصيل ، أي حصّل جبرئيل لمريم عليهما السلام الحضور التام . ""
ومن هنا يقال له : "روح الله " فاللام لام العهد .
 
( فلو نفخ فيها ) جبرئيل ( في ذلك الوقت ) - يعني عند حضورها - ( على هذه الحالة ) - وهي حالة توحّشها وانقباضها من الصورة البشريّة - ( لخرج عيسى لا يطيقه أحد ، لشكاسة خلقه ) - أي لصعوبة خلقه وعبوسه - ( لحال امّه ) وسرايتها في الولد - لما مهّد آنفا من ترتّب الصورة الكماليّة الفصليّة على المادّة الاميّة الجنسيّة .
( فلمّا " قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ " جئت " لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا " [ 19 / 19 ] انبسطت عن ذلك القبض ) برفعه حجب الوحشة ، وبسطه معها بساط التكلَّم والخطاب ، بما ينبئ عن رقيقة نسبته إليها ، مبشّرا إيّاها بأنّه مرسل إليها من عند ربّها .
 
( وانشرح صدرها ) ببشارة مثل ذلك الغلام ، لأنّها قد بشّرت قبل هذا به  .
إشارة إلى قوله تعالى : " إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّه َ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْه ُ اسْمُه ُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " [ 3 / 45 ]
 
فلمّا رأت الآثار متطابقة انشرحت بذلك ( فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى ) .
إذ قد كان جبرئيل رسولا مبلَّغ ما يظهر به الروح المعنوي الحاصل من حضورها مع الله ( فكان جبرئيل ناقلا كلمة الله لمريم . كما ينقل الرسول كلام الله لامّته ) والكلام هو الذي يظهر به الروح المعنويّ الحاصل من حضور كل من الأمم مع الله - فلا تغفل .
وفي لفظة « عي سا » ما يلوّح على تحقيق هذا المعنى عند التفصيل والتمييز .
"" أضاف المحقق :  لعل الشارح يعني أن « عي » صيغة خاطب من « وعي ، يعي » والسين والألف « سا » قلب الإنسان ولبه وروحه ، ومنزلة روح اللَّه من مريم منزلة روحها الذي حيّيت به والشارح يشير إلى وجود حروف الإنسان في « عي سا »  ""
 
ثمّ أنه علم من هذا الكلام أن عيسى - من حيث صورته الوجوديّة المعبّر عن ظاهرها بالكلمة ، وعن باطنها بالروح - من الله ، وجبرئيل من حيث صورته الوجوديّة ناقل له فقط .
( و ) الذي يدلّ عليه ( هو قوله : " وَكَلِمَتُه ُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْه ُ " [ 4 / 171 ] .
 
خلق عيسى من ماء محقق وماء متوهّم
ثمّ إنّ النفخ الجبرئيلي له حيثيّتان :
إحداهما جهة حمله كلمة الله ونقله إيّاها إلى مريم ، وهي الصادرة عنه من حيث صورته الوجوديّة الملكيّة .
والأخرى جهة بخاريّته وسراية رطوبته منها في مريم ، وهي الصادرة عنه من حيث صورته الكونيّة .
وهذه الجهة هي المشار إليها في نظمه المصدّر به الفصّ وإليه أشار بقوله ( فسرت الشهوة في مريم ) بذلك النفخ الحاصل من الصورة الاعتداليّة البشريّة تمثّلا عند انبساطها ، ( فخلق جسم عيسى من ماء محقّق من مريم وماء متوهّم من جبرئيل ، سرى في رطوبة ذلك النفخ ) سريان الشهوة في مريم بالنفخ فإنّ للوهم سلطانا في أمر الشهوة وسائر ما به يعمل القوى الفعليّة في الإنسان .
 
وذلك لأنّ الوهم في المملكة الإنسانيّة بيده إطلاق ديوان التحريك وتحت أمره عمّال قضايا الفعل والتأثير ، ولذلك ترى الوهم يؤثّر في الذائقة - عند تخيّل الحموضة أو رؤيتها وتذكَّر ما يتبع ذوقها - مثل ما يتبعه في الوجود العينيّ .
ومن ثمّة كثيرا ما تتحرك به الشهوة ويستفرغ منه المني ، وذلك إنما يكون عند وجود محلّ يقبل ذلك ، كحالة انبساط مريم عند رؤية الصورة البشريّة الاعتداليّة متوجّهة إليها لأن يسرى فيها الشهوة ، وكحال النفخ في الجسم الحيوان ، لسريان الماء فيه .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لأنّ النفخ من الجسم الحيوانيّ رطب ، لما فيه من ركن الماء ، فتكوّن  جسم عيسى من ماء متوهّم وماء محقّق ) .
فلئن قيل : إنما يكون الماء متوهّما إذا لم يكن له صورة في العين ، وحيث بيّن أن النفخ من الجسم الرطب الحيوانيّ مشتمل على ركن الماء بالفعل كيف يكون متوهّما ؟
قلنا : إنّ الماء وإن كان له وجود عينيّ وصورة مشخّصة في النفخ المذكور ، ولكن من حيث أنّه يصلح لأن يكون مبدأ لتكوّن جسم إنسانيّ هو معنى جزئيّ إنما يدركه الوهم ، بل الوهم هو الذي حصّل للماء المذكور ذلك المعنى - على ما لا يخفى .
فهذا الوهم من مريم ، لا من جبرئيل - كما توهّمه البعض بأنّه سلطان العناصر - لأنّه لو كان كذلك جعل بسلطنته ذلك الماء محقّقا لا متوهّما ، كيف - ولا يطلق على الملك التوهّم إلا بضرب من التمحّل .
""أضاف المحقق : فيها إشارة إلى ما قاله الكاشاني : الماء المتوهم جاز أن يكون من توهمها أن الولد لا يكون إلا من ماء الرجل ، فخلق الماء من النفخ بقوة وهمها وأن يكون من جهة جبرئيل ، لأنه سلطان العناصر ،يقدر أن يجري من نفسه الرحماني روح الماء في النفخ ، فيحصله ماء.""
 
صورة عيسى عليه السّلام
(وخرج على صورة البشر من أجل امّه ، ومن أجل تمثّل جبرئيل في صورة البشر ، حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد )
وهو أن يكون من الأبوين ، من ذلك النوع ، وعلى صورته الطبيعيّة إذ لو لم يتمثّل جبرئيل في صورة البشر لما كان التكوين على الحكم المعتاد ، وذلك لأن التكوين والإيجاد هو الظهور من المكوّن بصورة الأثر ، فلا بدّ للفاعل من أن يتصوّر بصورة ما أراد مفعوله عليها ، حتّى يتمّ التصوّر بصورته ، فلذلك تمثّل جبرئيل بصورة البشر لأجل ذلك الحكم المعتاد والوجوب العادي.
 
ولذلك أيضا ورد  : " إن الله تعالى يتجلَّى في الصورة الإنسانية عند تخميره طينة آدم " .
ولا بدّ هاهنا من أن يكون مفعوله - وهو جسم عيسى - على الصورة المذكورة من التشكَّل بالشكل المعهود من تلك الأفراد ، لئلَّا يتنفّر منه طباع المستكملين من بني نوعه فيفوت الغاية المطلوبة من الإنباء والإرسال ، وذلك لأنّ تخالف الصور بالشخص تقتضي التوحّش ، كما أنّ توافقها توجب المؤانسة .
 
رمز إحياء الموتى بيد عيسى عليه السّلام
( فخرج عيسى يحيى الموتى لأنّه روح إلهي ) كما سبق بيانه من أنّ معنوية تلك الكلمة وروحها إنّما كذا حصل من الحضور الذي حصل لمريم مع الله بجمعية منها تامّة عند رؤيتها الصورة البشريّة الاعتداليّة في أيّام انتباذها من القوم مكانا شرقيّا ، أعني أيّام نقائها من الحيض ، فإنّ فيها مزيد هيجان لشهوة النسوان ، وزمان وقوعها في مكان يشرق فيها نيّر الإظهار والإشعار .
ثمّ إن أمر التوهّم والتحقّق - الذين في أصل خلقة الكلمة العيسويّة لهما دخل في سائر أحكامها . ولذلك قال : ( وكان الإحياء لله ، والنفخ لعيسى ) في صورة إحياء عيسى الموتى ( كما كان النفخ لجبرئيل والكلمة لله ) في صورة تكوين عيسى .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه ، كما ظهر هو عن صورة امّه ، وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه ، وإنّما كان لله ) وفي بعض النسخ: « وإنما كان من الله » وهو أظهر .
( فجمع ) الإحياء المحقق والمتوهّم ( لحقيقته التي خلق عليها - كما قلنا :
إنّه مخلوق من ماء متوهّم ، وماء محقّق - نسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ، وبطريق التوهّم من وجه ( .
وقد سرى هذان الوجهان في جملة أوضاعه وأحواله إلى أن سرى فيما انزل من القرآن المجيد في قصّته عليه السّلام ( فقيل فيه من طريق التحقيق : "يحيي الموتى" وقيل فيه من طريق التوهّم : « فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله »  فالعامل في المجرور « يكون » )
أي يكون طيرا بإذن الله أي كونه ووجوده بإذن الله على ما عليه الأمر في نفسه .
 
قال تعالى : " وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيه ِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّه ِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّه ِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [ ال عمران / 49 ] ."
تعلق الإذن بتكوّن الطائر أو بالنفخ ؟
فيكون طائرا صورة ومعنى . لأن الأمر فيه حينئذ تنزّل على مدارجه المقدّرة من المراتب الاستيداعية والاستقرارية ، والموجب لذلك الكون إذا الله ، لا نفخ عيسى فنسبة تكوّنه إليه من طريق التوهّم .
هذا على تقدير أن يكون العامل في المجرور « يكون » ( لا « ينفخ » ) .
( ويحتمل أن يكون العامل فيه « ينفخ » ) وحينئذ يكون الطائر من النافخ بإذن الله ، إذ الإذن في عرف التحقيق نفاذ الأمر . فإذا كان الطائر من النافخ بنفاذ أمر الله فيه ، يكون من عيسى وهو روح الله . فيكون الأمر في تكوّن الطائر على هذا التقدير على غير مدارجه المقدّرة ، لا استيداعية منها ولا استقرارية . بل على معارجه الجعليّة ومرابطة المزاجيّة التوليديّة .
 
وأنت عرفت أن أمر التكوين والتوليد لا بدّ وأن يكون على الحكم المعتاد ، وهو أن يكون تولَّد كل فرد من أبويه النوعي - كما عرفت في قضية تمثّل جبرئيل في صورة البشر - فلا بدّ وأن يكون الاشتراك بتمام الحقيقة بين الوالدين وولده وبين المكوّن والمتكوّن .
وإذ لم يكن الاشتراك هاهنا بين عيسى وما تكوّن من نفخه إلا في معنى الجسميّة والإحساس - الذي هو حقيقة الحيوان - صرّح بذلك إفصاحا بما مهّد أولا ، وإشعارا بما ينبئ عن الوجه المحقّق ثانيا في قوله :
( فيكون طائرا من حيث صورته الجسميّة الحسيّة ) .
أمّا الأول فظاهر مما مرّ . وأما الثاني فلأن تكوّن الطير من حيث أنّه من عيسى محقّق ، ضرورة أنه ترتّب على نفخه بإذن الله ، فهو منه على طريق التحقيق ، كما أن إحياء الموتى على ما صرّح به من الحيثيّة المذكورة من عيسى على طريق التحقيق .
 
وإذا تقرّر هذا الموضع هكذا لدى المتفطَّن لا يخفى حينئذ عليه وهن ما قيل في توجيهه من أنّه : طير من حيث الجسميّة والحسّ ، لا بالحقيقة ، فإنّه لا حقيقة له وراء ذلك . فظهر أنّه الوجه المحقّق من الوجهين .
""أضاف المحقق:  القائل الكاشاني وقد اعترض عليه القيصري أيضا حيث قال: « وفيه نظر لأن المخلوق الطير بالحقيقة لا صورة الطير ، وليس جعل الصورة مجردة عن روحه مما يعدّ من المعجزات ""
 
لا يقال : الكون والإحياء المحقّق إنما هو من الله ؟
لأنّا نقول : الكلام فيما نسب إلى عيسى : إنّ له وجهين تحقيقيّ وتوهّمي ، ( وكذلك ) جميع ما ينسب إليه من خوارق العادات له هذان الوجهان ، كقوله: ( " تُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ " [ 5 / 110 ] وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله ) مما يتعلَّق بالكون والوجود ( أو إذن الكناية ) وذلك فيما يتعلَّق بأحوال الوجود وأحكامه ، كما ( في مثل قوله  : "وَتُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي "  [ 5 / 110 ] و ) قوله : " فَأَنْفُخُ فِيه ِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله " [ 3 / 49 ] على طريقة اللفّ والنشر .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإذا تعلَّق المجرور " بـ " ينفخ فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ، ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله . وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن  ، فيكون التكوّن للطائر طائرا بإذن الله ، فيكون العامل عند ذلك « يكون » ، فلو لا أنّ في الأمر توهّما )
كما في الثاني ( وتحقّقا ) كما في الأول  ( ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسويّة تعطي ذلك).
 
ما ظهر من عيسى من جهة انتسابه إلى مريم ونفخ جبرئيل عليه السّلام
إنّ سائر ما يظهر من عيسى من جلائل الأحوال وكرائم الأخلاق كلَّها ، إمّا أن يكون محقّقا من جهة مريم - من الأوصاف العبديّة الخلقيّة - وإمّا مقدّرا من جهة جبرئيل وروحانيّته المعنويّة من الله من الأوصاف الإلهيّة ( و ) من ذلك أنه :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( خرج عيسى من التواضع ، إلى أن شرع لامّته أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ،وأنّ أحدهم إذا لطم في خدّه وضع الخدّ الآخر لمن لطمه )
 أي لا يكون في صدد الانتقام .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا يرتفع عليه ، ولا يطلب القصاص منه - هذا له من جهة امّه ، إذ المرأة لها السفل ، فلها التواضع ، لأنها تحت الرجل حكما).
أي من حيث المرتبة والشرف ، ولذلك ترى نصيبه ضعف نصيبها في قوله : " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ " [ 4 / 11 ] وشهادة اثنين منها بشهادة واحد منه ، ( وحسّا ) أي من حيث الوجود واقتضاء أصل الطبيعة ، ووضع الجزية صورة التحتيّة الحكميّة ، كما أنّ احتمال اللطم صورة التحتيّة الحسّية ، هذا ما له من جهة امّه .

وفيه تلويح أنّ الأوضاع المشروعة لامّته ما له من جهة امّه .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 15 ديسمبر 2019 - 22:43 عدل 2 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 15 ديسمبر 2019 - 11:20 من طرف عبدالله المسافربالله

15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة الجزء الثاني .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة

الجزء الثاني

قال الشيخ رضي الله عنه : (وما كان فيه من قوّة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبرئيل عليه السّلام في صورة البشر ) . وأنت عرفت أن من شأن الحكم الإلهي واقتضاء الوجوب ظهور الأثر بصورة مؤثّره ، وتكوّن الولد على هيئة والده ، ولذلك لما أتى جبرئيل عند النفخ بصورة البشر .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر ، ولو لم يأت جبرئيل بصورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصريّة - من حيوان أو نبات أو جماد - لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حين يتلبّس بتلك الصورة ويظهر فيها ، ولو أتى جبرئيل بصورته النوريّة الخارجة عن العناصر والأركان ) لا الطبيعة .
( إذ لا تخرج عن طبيعتها) - فإنّ الكل داخل تحت الطبيعة بما عرفت من قبل - ( لكان عيسى لا يحيي الموتى إلَّا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النوريّة ) التي عليها الفاعل للإحياء - بناء على الأصل السابق .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لا العنصريّة مع الصورة البشريّة من جهة امّه ) أي لا يمكن له الإحياء في الصورة العنصريّة التي مع الصورة البشريّة من جهة امّه ، التي هي طرف القابل ، فإنّه في القبول يتبعها .
ومن ثمّة ترى عيسى عند قبوله الأحكام المنزلة بالأوضاع المشروعة إنّما يقبل منها ما يتعلَّق بالانقياد والإذعان كما سبق بيانه آنفا .
وأمّا في الفعل – مثل الإحياء وإظهار المعجزة - فلا يمكن له ذلك إلا بأن يتأسّى الفاعل .
وفي بعض النسخ : « من الصورة البشريّة » وهو أظهر
 .
وملخّص الكلام أنّه لو لم يكن الإحياء منه في صورته العنصريّة التي مع الصورة البشريّة المستحصلة من امّه لوقعت الحيرة حينئذ . ( فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى : هو ) من حيث إحيائه الموتى ، ( لا هو ) من حيث أنّه عيسى . لتبائن الصورتين حينئذ في مداركهم ( وتقع الحيرة في النظر ) الحسّي ( إليه ، كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري ، إذ رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى ، وهو من الخصائص الإلهيّة ) التي لا يمكن ذلك بنوع من الصناعات العمليّة والأعمال الطلسميّة .
فإنّ غاية ما تكلَّموا عليها تهيّؤ مادّة قابلة وتركيب أركان معيّنة ، بمقادير متّزنة بالميزان الذي عندهم ، حتى يفاض عليها نفس من العبد لا إحياء البدن الميّت فإن ذلك مما لا كلام لهم ولغيرهم عليه أصلا ، سيّما إذا كان ( إحياء النطق ) - أي إحياء ناطق من الحيوان - ( لا إحياء الحيوان ) فقط على ما هو المتبادر إلى الأذهان من إحياء الموتى ، فإنّه ليس من الخصائص الإلهيّة في شيء .
""  أضاف المحقق : لعله إشارة إلى ما قاله الكاشاني : " يعني إحياء بالنطق والدعاء ،فكان يقول : قم حيّا بإذن اللَّه أو : باسم اللَّه أو : باللَّه .
فيحيا ويجيبه فيما كلمه به ويقول : « لبّيك » إذا دعاه . لا إحياء الحيوان الذي يمشي ويأكل ويبقى حيّا مدّة - على ما روي في قصّته أنّه أحيا سام بن نوح ، فشهد بنبوته ، ثمّ رجع إلى حالته " .""
إذ عند ورود التعفينات وإيرادها على الجيف الموتى لا بدّ من حصول الحيوانات منها وتولدها فيها .
ويمكن أن يحمل إحياء النطق على الإحياء بالكلام والخطاب أو الدعاء منه - كما قيل إنّه ورد كذلك - لولا وقوعه في مقابلة قوله : « لا إحياء الحيوان » فاستشعار ذلك منه على سبيل الإيماء وضرب من الإيهام والإشارة ، لا منطوق اللفظ وفحوى العبارة .
 
علميّة الاعتقاد بالإلهيّة في عيسى عليه السّلام
هذا إذا ثبت ورود ذلك ، وإلا فلا حاجة إليه ، فإن إحياء الموتى مطلقا من الخصائص الإلهيّة ، ولذلك ( بقي الناظر حائرا ، إذ يرى الصورة ) بالصورة ( بشرا ، بالأثر إلها ) فإنّها من الخصائص الإلهيّة ، كما تقرّر عند أهل النظر أنّ وجود الخاصّة يستلزم وجود صاحبها ، فلا بدّ وأن يكون الناظر حائرا عند رؤيته ذلك .
( فأدّى بعضهم فيه ) ذلك النظر ( إلى القول بالحلول ) لما هم عليه أبدا في أصل ذوقهم ومشربهم من ثنويّة العلَّة والمعلول ، فإنّهم ما خلعوا قطَّ نعلي تعدّد المتقابلين ، مع توجّههم وقصدهم على مطايا النيّات بلوغ طوى التنزيه المقدّس عن التثنّي والتغاير .
 
ولذلك ذهبوا إلى القول بالحالّ والمحل ، ( وأنّه هو الله بما أحيا  الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر - وهو الستر - لأنّهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشريّة عيسى) ، فقال : "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" [ 5 / 17 ].
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كلَّه ، لأنّه ) - أي الكفر المنصوص عليه في الآية - ( لا بقولهم : « هو الله » ) أي المسيح .
لأنّ مؤدّى قولهم أنّ المسيح من حيث هويّته الله - وفي عبارته هذه إشارة إليه - ولا شكّ في صدقه ، ( ولا بقولهم : " ابْنُ مَرْيَمَ " ) فإنّ المسيح من حيث الصورة ابن مريم بلا شكّ بل بالجمع بينهما ، فإنّهم به ستروا الله بصورة بشريّة عيسى .
 
ثمّ إنّه لما بيّن أنهم جمعوا بين الخطأ والكفر في قولهم هذا ، وقد بيّن وجه كفرهم فيه ، شرع في تبيين خطأهم بقوله : ( فعدلوا بالتضمين ) - أي بسبب جعلهم الحقّ في ضمن المسيح حالَّا فيه - ( من الله - من حيث أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتيّة البشريّة بقولهم : " ابْنُ مَرْيَمَ " فإنّك قد عرفت في مطلع الفصّ هذا أنّ محل الروح عندهم يسمّى بالناسوت .
 
( وهو ابن مريم بلا شكّ ) وإن ظهر من هذا أيضا كفرهم ، ولكن الغرض من هذا الكلام تبيين خطأهم .
وذلك لأنّهم عبّروا عن تلك العقيدة بقوله : "إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " بحمل هو هو.
وذلك إنما يقتضي الاتّحاد بين المحكوم عليه وبه ، لا تضمينه له ( فتخيّل السامع ) من عبارتهم هذه ( أنّهم نسبوا الإلهيّة للصورة وجعلوها عين الصورة ) على ما هو مؤدّى مثل ذلك الكلام .
أمّا نسبة الالوهيّة للصورة ، فبحمل المسيح بن مريم بهويّتها على الله بهو هو ، وأما جعلها عين الصورة فبوصفهم المحمول ذلك بالابن ، فحيث يخيّل السامع من كلامهم خلاف ما قصدوه من أصل عقيدتهم التي جبلوا عليها أوّلا.
 
 ( وما فعلوا ) ذلك النسبة على وفق ما فهم السامع من كلامهم وطبق ما يخيّل من معتقدهم ( بل جعلوا الهويّة الإلهيّة ابتداء في صورة بشريّة - هي ابن مريم - ففصّلوا بين الصورة والحكم ).
 
وهو نسبة الإلهيّة - تفصيل الحالّ عن المحلّ ، ( لا أنّهم جعلوا الصورة عين الحكم ) على ما هو المفهوم من كلامهم ، والمقصود من خلقتهم ، وهو أنّ الصورة التشبيهيّة عين الحكم المعنويّ التنزيهيّ .
وظاهر أنّ المراد بـ « الحكم » هاهنا هو نسبة الالوهيّة لا المحكوم عليه ، ولا القول بالحلول . وب « الفصل » هو التفرقة ، لا إيراد ضمير الفصل ، فإنّه من التعسّفات البعيدة التي لا يليق سلوكها بالمحصّلين ، فكيف بالمحقّقين  !
"" إضافة المحقق : تعريض للكاشاني حيث قال في شرح هذا المقطع: « حصروا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصّلوا بين الصورة المسيحية والحكم عليها بالإلهية بـ « هو » - ضمير الفصل - فأفاد كلامهم الحصر لا أنهم جعلوا صورة المسيح عين الحكم عليها بالإلهية .
والظاهر أن الشيخ استعمل « الحكم » بمعنى المحكوم عليه ، ليطابق تفسيره الآية ، فإنّ اللَّه في الآية محكوم عليه ، والمسيح هو المحكوم به .
وقد يستعمل الحكم كثيرا بمعنى المحكوم به ، فلا حرج أن يستعمل بمعنى المحكوم عليه للملابسة وأراد أنهم أرادوا حلول الحق في صورة عيسى ، وهم يقولون بالفصل ، أي بالفرق وهو أن اللَّه في صورة عيسى .
فمعناه : حلّ الحقّ في عيسى بن مريم . فالحكم على هذا حلول اللَّه " .""
 
وبـ « الخطأ » هو التعبير بما يخالف مقاصدهم ، بل ينافيه ، لا الحصر المستفاد من الفصل فإنّه من الكفر لا الخطأ .
إذ حصر الحقّ في صورة بشريّة عيسى هو ستره المذكور المفسّر به الكفر فلا بدّ وأن يكون الخطأ معنى وراء ذلك حتّى يصحّ أن يقال : إنّ كلامهم جامع لهما .
 
تنبيه كاشف لا بدّ من تذكره هاهنا :
الوحدة الإلهية لا تعاند الكثرة
اعلم أنّ الهويّة الإلهيّة - لانتفاء أحكام المتقابلات فيها - وحدتها ليست هي الوحدة المعاندة للكثرة ، بل هي الشاملة لها ، المستجمعة معها ، فعبّر عنها هاهنا بالحكم ، تنبيها على هذه النكتة ، وتنزّلا أيضا إلى مسلك النصارى في ذلك ، فإنّهم جعلوا الالوهيّة موطن ثالث الثلاثة وقالوا فيها بالأقانيم المتكثّرة .
 
ثمّ إنّهم فصّلوا في المسيح بما كان عليه من إحياء الموتى ( كما كان جبرئيل في صورة البشر - ولا نفخ - ثم نفخ . ففصّل بين الصورة والنفخ و ) الدليل على ذلك أنّه ( كان النفخ من الصورة ) بشهادة المشاهدة ، وبيّن أن تلك الصورة ما لزمها النفخ ، ( فقد كانت ولا نفخ ) ، فعلم أنّه ليس من ذاتيّات تلك الصورة ولا من لوازمها (فما هو النفخ من حدّها الذاتي) فإنّ الذي يدخل في الحدود لا أقلّ من أن يكون من لوازمها .
 
العقائد المختلفة حول عيسى عليه السّلام
ثمّ إنّه إذا استمرّ المراء بين أهل النظر في أمر عيسى اختلف آراؤهم فيه ، ( فوقع الخلاف بين أهل الملل في عيسى ، ما هو ؟ فمن ناظر فيه من حيث صورته الإنسانيّة البشريّة فيقول : « هو ابن مريم » ومن ناظر فيه من حيث الصورة الممثّلة البشريّة ) بظهور أوصافها الروحيّة وملكاتها الكماليّة منها ، مما لا يمكن صدوره من الصور الهيولانيّة الجسميّة.
( فينسبه لجبرئيل ، ومن ناظر فيه من حيث ما ظهر عنه من إحياء الموتى فينسبه إلى الله بالروحيّة ) ، وبيّن أن لكل شخص حسّي من الإنسان صورة هيولانيّة جسمانيّة هي مبدأ النسبة إلى أمه ، فإنّها مقتضى أصل القابليّة الأولى ، ضرورة أنّها هي الآخر ،فلذلك وسمها بابن مريم.
وفي جمع بيّنات عدده معه ما يدلَّك على تولَّد الصورة منها .
 
وإذ كان ذلك هو موطن تمام الظهور والإظهار أشار في النسبة إليها بصريح القول ، وصورة جسدانيّة هي مبدأ النسبة إلى أبيه ، فإنّ الخيال والوهم الذين هما جناحا تأثيرها ورجلا تقوّمها ليس للفعل مبدأ غيرهما فلذلك نسبها إلى جبرئيل .
ثمّ إنّ الحاصل من الصورتين والنتيجة الكاشفة عن مؤدّى تينك المقدّمتين إنما هي آثارها من الأفعال والأحوال الظاهرة من هيئة جمعيّتهما فهي إذن صورة جمعيّة الكل ، فلذلك نسبها إلى الله بذلك الاعتبار.
 
 الاعتبارات الثلاث في عيسى عليه السّلام
وإذ كان فيها أمر تمام الإظهار بالفعل ، صرّح فيه أيضا بالقول حيث قال : ( فنقول : « روح الله » أي به ظهرت الحياة فيمن نفخ فيه ، فتارة يكون الحق فيه متوهّما - اسم مفعول ) ، حيث يعتقد فيه مبدئيّة ظهور الحياة ، فإنّها معنى جزئيّ .
( وتارة يكون الملك فيه متوهّما ) حيث يعتقد فيه ويعتبر مبدئيّة الأفعال الروحانيّة والملكات الملكيّة ، ( وتارة تكون البشريّة الإنسانيّة فيه متوهّمة ) حيث يعتبر منه ظهور الانفعالات البشريّة .
( فيكون عند كل ناظر بحسب ما يغلب عليه ) في اعتقاده : ( فهو كلمة الله ) باعتبار حصوله من نفخ جبرئيل ، ( وهو روح الله ) باعتبار مبدئيّته للإحياء ، ( وهو عبد الله ) باعتبار صورته البشريّة .
 
تمايز عيسى عليه السّلام عن غيره من بني نوعه
( وليس ذلك ) الوجوه ( في الصورة الحسيّة لغيره ) من بني نوعه ( بل كلّ شخص منسوب إلى أبيه الصوري ، لا إلى النافخ روحه في الصورة البشريّة ) ضرورة تخالفهما وتباينهما ، حيث يكون الكثرة الكونيّة هو الغالب عليه ( فإن الله إذا سوّى الجسم الإنسانيّ - كما قال : " فَإِذا سَوَّيْتُه ُ " نفخ فيه هو تعالى من روحه ، فنسب الروح في كونه ) حيث قال : " وَنَفَخْتُ فِيه ِ " ( وعينه ) حيث أضاف إلى نفسه بقوله :  "من رُوحِي " [ 15 / 29 ] .
( إليه تعالى ، وعيسى ليس كذلك ) لغلبة الوحدة الوجوبيّة عليه ، فليس لتلك التفرقة عليه قهرمان ( فإنّه اندرجت تسوية جسمه وصورته البشريّة بالنفخ الروحي ) - فإنّ جسمه من الماء المتوهّم من نفخ جبرئيل - ( وغيره - كما ذكرناه - لم يكن مثله ) .
 
كلمة كن
ثمّ إنّه لما بيّن وجه اختصاص عيسى وامتيازه عن سائر الكلمات ، أخذ يكشف عن وجه اشتراك الكلمات كلها ، لما تحقّق به عيسى ، وتحقيق سريان الوجوه الثلاثة المذكورة وصور اختلاف الملل فيها ، تبيينا للمماثلة المنصوصة عليها بقوله تعالى : " إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ " [ال عمران : 59]  
بقوله : ( فالموجودات كلها كلمات الله التي لا تنفد ، فإنّها عن : « كن » ) من حيث أنّ ظهورها من مستجنّ الغيب إلى مراتب المخارج بانبساط النفس الرحماني المعبّر عنه بـ « كن » فهي صور تنوعاته ( و " كُنْ " كلمة الله ، فهل تنسب الكلمة ) هذه ( إليه تعالى بحسب ما هو عليه ، فلا تعلم ماهيّتها ) .
أي الكلمة ما هي : أمن مقولة القول ، أو نسبة خاصّة من اجتماع الأسماء ، أو غير ذلك ؟
( أو ينزل هو تعالى إلى صورة من يقول : " كن"  فيكون قول " كن " حقيقة لتلك الصورة التي نزل إليها ، وظهر فيها ) .
 
واختلف العارفون في هذه الكلمة اختلاف الملل في الكلمة العيسويّة : ( فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد ، وبعضهم إلى الطرف الآخر ، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري و ) لكن ( هذه مسألة ) - يعني مسألة تصوّر الوجهين هذه وتنزّل الحقّ إلى صورة القائل - لبعده عن المدارك العقليّة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لا يمكن أن تعرف إلا بذوق كأبي يزيد حين نفخ في النملة التي قتلها فحييت ، فعلم عند ذلك بمن ينفخ ، فنفخ ، فكان عيسويّ المشهد ) فعلم أنّ الإحياء ليس مختصّا بعيسى هذا في الإحياء الصوريّ بالكون العرضي المفارق .
 
الإحياء المعنوي
( وأما الإحياء المعنويّ بالعلم ) الذي هو أتمّ أصناف نوعه ، أعني إحياء النفوس البشرية المستهلكة في ظلمات القوى الطبيعية بإشراب ماء حياة العلم باللَّه من العين الخاصّ الختميّ ومشرب ذوقه الكماليّ ، الذي هو أتمّ أنواع الحياة وأشرفها - فإنّ هذه الحياة أعني إحياء الأجسام بالنفخ هي الحياة الكونيّة العرضيّة السفليّة الظلمانيّة .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتلك الحياة الإلهيّة الذاتيّة العليّة النوريّة التي قال الله فيها : " أَوَمن كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناه ُ وَجَعَلْنا لَه ُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ " ) [6 : 122]   
(فكلّ من أحيا نفسا ميتة بحياة علميّة في مسألة خاصّة متعلَّقة بالعلم باللَّه ، فقد أحياه بها ، وكانت له نورا يمشى به في الناس . أي بين أشكاله في الصورة ) .
من بني نوعه ،فإنّ المشاكلة والمماثلة إنما تستدعي التورّط فيما هم عليه من الضلالة في ظلمات العادات وغياهب الاعتقادات ، فالإنسان في تلك الورطات إذا ممّا لا مندوحة له عمّا يهتدي به من الأنوار الكاشفة عن الطريق فلذلك صرّح في النص التنزيلي به .
 
ثمّ إنّه لما انساق الكلام إلى هذه الجمعيّة الختميّة ، حرّكه بواعث الشوق والانبساط إلى التنقّل من منثورات الحقائق نحو منظومات اللطائف ، بما ينبئ عن كمال ذوق هذه الورثة الختميّة ، وعلوّ قدرهم في فنون المعارف بقوله :
( فلولاه ولولانا  ... لما كان الذي كانا )
يمكن أن يجعل كناية « لولانا » عبارة عن الذين أحياهم الشرب من المشرب الختميّ ، وعين الحياة الحقيقيّة ويمكن أن يجعل لمطلق الإنسان ، وعلى الأول يكون قول :
(وإنا أعبد حقا ....   وإنّ الله مولانا )
(وإنّا أعبد حقّا)  تعريضا بما حكى عن عيسى  " إني عبد الله " أي نحن العبيد الحقيقي لله .
( وإنّ الله مولانا ) نحن وعلى الثاني معناه أنّ العبوديّة والالوهيّة الحقيقيّتين بالإنسان وقوله
 
(وإنّا عينه فاعلم ......   إذا ما قلت إنسانا)
 (وإنّا عينه ) أيضا يحتمل الوجهين : فعلى الأوّل ضميره عائد إلى الحقّ . وعلى الثاني عائد إلى « الذي كانا » وهو عبارة عن الإنسان ، أي الإنسان عين الحقّ ، أو المحمّديّون هم العيون في هذا النوع ، إذ لكلّ امّة من الأمم منزلة قوّة منه ، فهم الذين يدركون أنفسهم بهم ، وذلك مخصوص بالعين بين المشاعر ( فاعلم ) ذلك( إذا ما قلت إنسانا )أي إنّه إنسان عين الحق ، أو الوجود .
(فلا تحجب بإنسان ...  فقد أعطاك برهانا)
( فلا تحجب بإنسان ) ( فقد أعطاك ) بالعين ( برهانا ) تطلع به على جميع الحقائق - إلهيّة وكيانيّة - وتحيط منه بالكل إحاطة إنسان العين بالشخص.
(فكن حقا وكن خلقا ... تكن بالله رحمانا)
( فكن حقّا وكن خلقا )بتلك الإحاطة الوجوديّة والشعوريّة ( تكن بالله ) وتأييده ( رحمانا ) أي مبدأ فيضان الرحمة من المعارف المحيية للنفوس الهالكة .
 
(وغذ خلقه منه ...    تكن روحا وريحانا)
( وغذّ خلقه منه ) أي من الله ( تكن روحا ) لروحك ( وريحانا ) للمستنشقين منك روائح الحياة الأبديّة .
 
ثمّ لما بيّن أمر الجمع والإجمال بما لا مزيد عليه محرّضا للطالبين والواجدين أن يطعموا الخلائق من تلك الأغذية الإجماليّة ، فإنها اسّ العلوم الذوقيّة والمعارف الوجدانيّة ، أشار إلى مبدأ التفرقة الكونيّة من تلك الجمعيّة المشار إليها بحيث يفضي إلى ما هو المقصد هاهنا بقوله:
(فأعطيناه ما يبدو ...    به فينا وأعطانا)
( فأعطيناه ) عطفا على قوله : « فلا يحجب » أي نحن في ذلك التعيّن العيني أعطيناه ( ما يبدوا ) ( به فينا ) من الصور والقوالب المشتملة عليها القوابل ، ( فأعطانا ) الظهور بها وهذه النسبة منشأ التفرقة .
 
( فصار الأمر مقسوما  .... بإيّاه وإيّانا)
( بإيّاه وإيّانا ) ثمّ إنّ الظهور والوجود وأحكامه من العلم والحياة لما كان هو سهم الحقّ في هذه القسمة :
(فأحياه الذي يدري  ... بقلبي حين أحيانا)
( فأحياه الذي يدري )  ( بقلبي )حياة علميّة هي أشرف أنواعها كما سبق .
فلئن قيل : إنما يصحّ ذلك لو لم تكن تلك الحياة له أزلا ، فإنّه على تقدير أزليّة حياته وعلمه لا يتصوّر إحياؤه بوجه .
قلنا : إنّ العلوم والمعارف لله قسمان - على ما صرّح به الشيخ في أكثر تصانيفه - : منها ما يكون قديما أزليّا لازما لذاته تعالى ، ومنها ما يكون حادثا متجدّدا بتجدّد الكاملين من أشخاص الإنسان .
ووجود القسم الثاني هو الغاية لإيجاد الخلق . وفي قوله : « الذي يدري بقلبي » إشعار بخصوصيّة القسم الأخير .
فعلم أنّ الذي يعلم ويدرى بالقلب إحياؤه تعالى في هذا المظهر والنشأة ( حين أحيانا ) ثمّ لما بيّن نصيب الحق وسهمه في تلك القسمة أشار إلى نصيب العبد ، منها بقوله :
(فكنا فيه أكوانا    ... وأعيانا وأزمانا)
( فكنّا فيه أكوانا ) متحوّلة ( وأعيانا ) ثابتة ( وأزمانا ) بها نتحوّل ونثبت ، فإنّ الأمور الكونيّة منحصرة في هذه الأقسام .
 
وفيه إشارة إلى قرب الفرائض ، فإنّ العبد بجميع جوارحه وقواه في هذه الحضرة متجدّدة معها بالفعل ، فلا تتوهّم من : « كنّا » أنّ ذلك كان في الأزل ، كما توهّمه البعض فإن « كان » في أمثال هذه المواضع يفيد استمرار الأزمنة .
كما قال الشيخ - فيما ألحق بقوله « كان الله ولم يكن معه شيء » يعني : « والآن كما كان » :  إنّه لا حاجة إلى ذلك لدلالة " كان " عليه . اللهم إلَّا للإفصاح ودفع الاحتمال .
وبيّن أن كون العبد آلة للحق وتبعا له في الوجود والشعور كما هو قرب الفرائض أمر ذاتيّ للعبد ، فهو من الضروريّات التي لا يحتاج فيها إلى تعيين وقت وحين ، دون عكسه ، وهو كون الحقّ آلة للعبد ، وهو المعبّر عنه عندهم بقرب النوافل ، فإنّه أمر عرضي إنما يتحقّق في بعض الأحيان ولذلك أشار إلى ذلك في صورة حينيّة بقوله :
(وليس بدائم فينا   ... ولكن ذاك أحيانا)
 ( وليس بدائم فينا ولكن ذاك أحيانا )فهو إشارة إلى قرب النوافل ، لا إلى قرب الفرائض ، كما توهّمه البعض  فإنّ كون الحقّ في العبد هو بأن يكون سمعه وبصره على ما لا يخفى ، فهو صريح في ذلك القرب .
 
كيف يصدر المادي من الروحاني 
ثمّ إنّه إذ قد ذكر ما استغربه العقول المحجوبة بالحجج النظريّة من أمر امتزاج النفخ الروحاني مع الصورة البشريّة العيسويّة ، وتركَّب مادّتها الجسمانيّة منهما ، أخذ يحقّق ذلك بإثبات القاعدة الكليّة المقنّنة الذوقيّة ، وانطباق أصول الحكم المتقنة الكشفيّة على ذلك .
بقوله رضي الله عنه  : ( وممّا يدلّ على ما ذكرناه في أمر النفخ الروحاني مع صورة البشر العنصريّ هو أنّ الحقّ وصف نفسه بالنفس الرحماني ، ولا بدّ لكل موصوف بصفة أن يتبع الصفة جميع ما تستلزمه تلك الصفة )
من الترويح باستخراج أبخرة جسمانيّة صالحة لأن يتصوّر بصور الحروف والكلمات الحائزة سائر المراتب الوجوديّة - جسمانيّة كانت أو روحانيّة إلهيّة أو كيانيّة - ويعبّر بذلك عما انطوى عليه باطنه مما يقتضي الإظهار ، فيستريح به من تعب طلبه وما يلزمه من همّة وكربة وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  :
( وقد عرفت أنّ النفس في المتنفّس ما يستلزمه ، فلذلك قبل النفس الإلهي صور العالم ، فهو لها كالجوهر الهيولاني ) الذي إنما يتقوّم في الخارج ، ويظهر فيه بتلك الصور ، تقوّم النفس وتصوّره في الخارج بصور الحروف .
 
الطبيعة وإطلاقاتها
( وليس ) ذلك الجوهر الهيولاني ( إلَّا عين الطبيعة ) وإذا كان الكلّ عين الطبيعة فلا يبعد أن يكون النفخ من الروحانيات مادّة للصورة البشريّة العنصريّة .
 
لا يقال : إنّما تنحسم بهذا مادّة الاستبعاد لو لم تكن الطبيعة حقائق مختلفة ؟
لأنّه قد ظهر بما بيّن في أمر النفس أنّه في العنصريّة والروحانيّة هي الطبيعة بما هي طبيعة ، وهذا يوافق إطلاق قدماء الحكماء - على ما حكى عنهم جابر رضي الله عنه : - « أنّهم في عرفهم العامّ كما يطلقون الطبيعة على مبدأ الحركة والسكون لما هي فيه بالذات ، فقد يطلقونها في الخاصّ من عرفهم على معان آخر : منها الطريق إلى الكون ، ومنها ذات الشيء » .
ولا يخفى أن هذا العرف منهم لا يخالف ما أطلق عليه الشيخ بالعموم والخصوص ، بل يساويه مفهوما وذاتا .
 
وما قيل هاهنا : « إنّها هي التي لا يكون أفعالها إلا على وتيرة واحدة ، سواء كان مع الشعور أو لا معه » ، فهو مما لا يناسب هذا الكلام أصلا ، فإنّه يقتضي أن يكون سائر المركبات - من الماديات - خارجة عن حيطة الطبيعة ، فإنّ للمركَّب من حيث أنّه مركَّب أفعالا متنوّعة على أنحاء شتّى .
وأيضا يلزم أن يكون الملأ الأعلى - على ما ذهبوا إليه - خارجة عنها ، إذ منها ما انزل فيه أنّه " شَدِيدُ الْقُوى " [ 53 / 5 ] وسيشير إليه الشيخ بإثبات الاختصام لهم .
 
مادّة تكوّن الأرواح والعناصر
فإذا كان الكلّ طبيعيّة ( فالعناصر صورة من صور الطبيعة وما فوق العناصر وما تولَّد عنها ، فهو أيضا من صور الطبيعة ، وهي الأرواح العلويّة التي فوق السماوات السبع ، وأما أرواح السماوات وأعيانها فهي عنصريّة ، فإنّها من دخان العناصر المتولَّد عنها )
تولَّد لطيف الأجزاء الدخانيّة من كثيف الأجزاء الناريّة ، فإنّ ألطف أجزاء النار هي التي يعلوها في صورة الدخان ، وفي الدخان أيضا أجزاء لطيفة وكثيفة ، فاللطيف منها يتولَّد منه أرواح السماوات وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  :
( وما تكوّن عن كلّ سماء من الملائكة فهو منها ، فهم عنصريّون ومن فوقهم ) من العقول المجرّدة المسمّاة بلسان الشريعة ب « الملإ الأعلى » طبيعيّون ، فلهذا وصفهم الله بالاختصام - أعني الملأ الأعلى - لأنّ الطبيعة متقابلة ، والتقابل الذي في الأسماء الإلهيّة التي هي النسب إنّما أعطاه النفس )
 
مبدأ التقابل في العالم
فعلم من هذا أنّ التقابل وما يستتبعه من الاختصام إنّما هو أولا  وبالذات من النفس ، وثانيا وبالعرض من الأسماء ، فلا تعلَّل اختصام الملإ الأعلى بتقابل الأسماء ، فإنّ النفس هو مبدأ التقابل وأصله .
( ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين ؟ )
 وهو مما يسقط نسبة العالم عنها مطلقا ، ( فلهذا ) أي لأنّ الذات لها الغنى ( خرج العالم على صورة من أوجدهم ) فإنّها مستغنية عن نسبة الإيجاد ( وليس ) الموجد ( إلا النفس الإلهي ) فعلم من هذا الفرق بين نفس الحقّ المتّصفة بالنفس وبين ذاته .
وكأنّك قد نبّهت في المقدّمة أنّ من الجلالة ما يلوّح عليهما تلويحا بيّنا فلا نعيده .
وليس في الوجود بمراتبه ظاهرا وباطنا إلا النفس الإلهي ( فبما فيه من الحرارة علا ، وبما فيه من الرطوبة سفل ، وبما فيه من اليبوسة ثبت ولم يتزلزل ، فالرسوب ) في العالم الكبير ( للبرودة والرطوبة ) كذلك فيما يماثله من أفراد الإنسان .
 
( ألا ترى الطبيب إذا أراد سقى دواء لأحد ينظر في قارورة مائه ، فإذا رآه رسب علم أنّ النضج ) وهي استعداد أخلاط المزاج وتهيّؤ موادّه للصلاح بما يقبل تصرّف الطبيب فيه  ( قد كمل ، فيسقيه الدواء ليسرع في النجح ) فإنّه بدون النضج التامّ لا يتوقّع ذلك .
( وإنّما يرسب لرطوبته وبرودته الطبيعيّة ) فهما المقتضيان لكمال النضج المنجح ، والمزاج الحاصل منهما هو المسمى بالطين .
 
خلق الإنسان بيديه تعالى
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّ هذا الشخص الإنساني عجن طينته بيديه ، وهما متقابلان) ممّا يظهر منه الآثار المتقابلة : كالخير والشرّ ، واللطف والقهر ، والرحمة والغضب ( وإن كانت كلتا يديه يمينا ) في مصدريّة الرحمة واللطف كما قال في غير هذا الموضع أنّ وجود الغضب والقهر لرحمته عليهما .
وإليه أشار بقوله : " سبقت رحمتي غضبي " ( فلا خفاء بما بينهما من الفرقان ) فإن ذلك لا ينفي الفرقان والثنويّة ، فلا بدّ من التكثّر ( ولو لم يكن إلا كونهما اثنين ، أعني يدين ) وإنما لزم ذلك ( لأنه لا يؤثّر في الطبيعة ) بعجن الطينة المشتملة على المتقابلين ( إلا بما يناسبها ، وهي متقابلة فجاء باليدين) .
 
( ولمّا أوجده باليدين سمّاه بشرا ، للمباشرة اللائقة بذلك الجناب ) فإنّ المباشرة حقيقة هي الإفضاء بالبشرتين . والبشرة : ظاهر الجلد .
وذلك المباشرة إنما تكون ( باليدين المضافتين إليه ) تعالى . أعني مبدأ التأثير من حيث التعدّد والتكثّر ، الذي هو طرف ظاهريّة الحق وبشرة مباشرته .
( وجعل ذلك من عنايته لهذا النوع الإنساني ) فلذلك أمر ذوي العقول الشريفة بسجودهم له ( فقال لمن أبى عن السجود له : " ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ"[ 38 / 75 ]  .
"يوميئ" موميا فيه أن سبب استيهلاله لسجود الكل إنما هو مخلوقيته باليدين ( " أَسْتَكْبَرْتَ " على من هو مثلك عني عنصريا  " أَمْ كُنْتَ من الْعالِينَ " عن العنصر ، ولست كذلك ، ويعني بالعالين من علا بذاته عن أن يكون في نشأته النوريّة عنصريّا ، وإن كان طبيعيّا ) .
 
فضل الإنسان على سائر المخلوقات
(فما فضل الإنسان غيره من الأنواع العنصريّة إلا بكونه بشرا من طين ) فإنّه مزاج كمال النضج المنجح كما سبق تحقيقه .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 15 ديسمبر 2019 - 22:43 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 15 ديسمبر 2019 - 11:27 من طرف عبدالله المسافربالله

15 - فصّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة الجزء الثالث .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة

الجزء الثالث

( فهو أفضل نوع من كلّ ما خلق من العناصر من غير مباشرة ) وأنت عرفت معنى المباشرة من ملامسة ظاهر الجلد وملاقاته ، وقد سبق لك أنّ الإنسان بسمعه وبصره عند أحد القربين يتحقّق فيه ملاقاة الظاهرين ، كما لا يخفى - دون غيره من الأنواع ، علويّة شريفة كانت أو سفليّة خسيسة  ( فالإنسان في الرتبة فوق الملائكة الأرضيّة والسماويّة ) .
 
( والملائكة العالون ) - أي الذين ظهروا في الوجود قبل ظهور عوالم الإمكان كما أفصح عنه النظم الذي هو مطلع كتاب عقلة المستوفز ، وهو :
الحمد لله الذي بوجوده      ..... ظهر الوجود وعالم الهيمان
والعنصر الأعلى الذي بوجوده  .... ظهرت ذوات عوالم الإمكان
- فهم ( خير من هذا النوع الإنساني بالنصّ الإلهي ) كما علم من قوله: "أَمْ كُنْتَ من الْعالِينَ" .
وذكر الشيخ في فتوحاته المكيّة:
« إنّي رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فسألت أنّ الإنسان أفضل أم الملائكة ؟ فقال عليه السّلام : أما علمت بأن الله يقول : " من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " .
ففرحت بذلك » . فالملأ الذي خير منه هم العالون .
"" أضاف الجامع :  قال الشيخ رضي الله عنه قى الفتوحات الباب الثالث والسبعون في إجابة السؤال التاسع والعشرون على الحكيم الترمذي :
" وأما المسألة الطفولية التي بين الناس واختلافهم في فضل الملائكة على البشر
فإني سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الواقعة
فقال لي إن الملائكة أفضل
فقلت له يا رسول الله فإن سألت ما الدليل على ذلك فما أقول؟
فأشار إلى أن قد علمتم أني أفضل الناس وقد صح عندكم وثبت وهو صحيح إني قلت عن الله تعالى أنه قال : "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ".
وكم ذاكر لله تعالى ذكره في ملأ أنا فيهم فذكره الله في ملأ خير من ذلك الملإ الذي أنا فيهم .
فما سررت بشيء سروري بهذه المسألة
فإنه كان على قلبي منها كثير وإن تدبرت قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ"
لا مفاضلة ولا أفضل من جهة الحقائق :-
وهذا كله بلسان التفصيل وأما جهة الحقائق فلا مفاضلة ولا أفضل لارتباط الأشخاص بالمراتب وارتباط المراتب بالأسماء الإلهية .
وإن كان لها الابتهاج بذاتها وكمالها فابتهاجها بظهور آثارها في أعيان المظاهر أتم ابتهاجا لظهور سلطانها
كما تعطي الإشارة في قول القائل المترجم عنها حيث نطق بلسانها من كناية نحن المنزل عن الله في كلامه وهي كناية تقتضي الكثرة
نحن في مجلس السرور ولكن ..... ليس إلا بكم يتم السرور
فمجلس السرور لها حضرة الذات وتمام السرور لها ما تعطيه حقائقها في المظاهر وهو قوله بكم وذلك لكمال الوجود والمعرفة لا لكمال الذات إن عقلت أهـ ""
 
وينبغي أن يعلم أنّ الخيريّة هاهنا هو غلبة أحكام الوجود - أعني الوجوب وما يتبعه - وذلك هو الشرف والقرب بالمبدأ ، دون الكمال الذي هو جمعيّة الوجوه ، إمكانيّة كانت أو وجوبيّة فعلم أن الخيريّة هاهنا ليست بحسب عموم الأفراد فقط ، وأنّه لا تدافع بين خيريّة بعض الملإ الأعلى لإنسان ، وبين ما له عندهم من الكمال الجمعيّ الإحاطيّ ، الذي به استحقّ خلافة الحقّ .
ثمّ إذا عرفت أنّ العالم على صورة من أوجده - أعني العالم  - وهو المعبّر عنه بالنفس الرحماني - كما ثبت آنفا .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن أراد أن يعرف النفس الإلهي فليعرف العالم ، فإنّه « من عرف نفسه عرف ربه » الذي ظهر فيه ) أي في ربّه ، فإنّ العالم ظاهر والربّ مظهره  .
( أي العالم ظهر في النفس الرحماني الذي نفّس الله به عن الأسماء الإلهيّة ما تجده ) من الكرب ( من عدم ظهور آثارها ) بظهور أثرها ، ( فامتنّ على نفسه بما أوجده في نفسه ، فأوّل أثر كان للنفس إنّما كان في ذلك الجناب ) بظهور آثار الأسماء الإلهيّة بأعيانها الثابتة
(ثمّ لم يزل الأمر يتنزّل بتنفيس الغموم إلى آخر ما وجد ) وهو الإنسان بمراتبه من مدارج الإيقان ثم أخذ في تفصيله نظما بقوله :
(  الكلّ  في عين النفس   ..... كالضوء في ذات الغلس )
أي ظهور حروف الحقائق الكيانيّة في عين النفس الرحماني كظهور الضوء في مطلع تباشير إصباح الإظهار عند انغمار أشعّة الأضواء المظهرة للأكوان العدميّة المتكثّرة في ظلمة الوحدة الإطلاقيّة الذاتيّة ، فإن « الغلس » هو ظلمة آخر الليل ، وهذا أوّل نهار الإظهار .
 
كما أنّ العلم بالبرهان في آخر نهاره ، وذلك لأنّه إنّما يتحقّق في اللطيفة الإنسانيّة التي هي آخر أجزاء ذلك النهار ، ونهاية مراتب ظهوره عند إعراضها عن هذه التماثيل الموهمة ومشاعرها المشوّشة ، ذاهلا عن الموادّ الهيولانيّة ، ناعسا عن قواها فإنّ النفس الإنسانيّة حينئذ لا بدّ وأن ترى عند توجّهها إلى مبدئها الفيّاض بالذّات رؤيا تدلّ على ذلك النفس الجامع للكلّ ، وهي المرتبة المسمّاة عندهم بالعقل المستفاد . وإليه أشار بقوله :
( والعلم بالبرهان في   ..... سلخ النهار لمن نعس )
( فيرى الذي قد قلته   ...... رؤيا تدلّ على النفس )
 
فعلم أنّ البرهان من امّهات صور النفس الرحماني ، فإنّه عليه يترتّب الإيقان المنفّس له عن هموم الظنون والشكوك والجهالات المضلَّة كما قال .
( فيريحه من كل غمّ   .... في تلاوته عبس )
وذلك لأنّ من توجّه تلقاء حضرة الجواد لا يمكن أن يخيب منه الآمال ، ومن استوهب المواهب من الوهّاب بالذات لا بدّ وأن يرجع مقضيّ الحوائج على كلّ حال أما رأيت موسى عليه السّلام لما جدّ في طلب القبس قد ظهر له في صورة مطلوبه الناري معاينا له ، مع أنّه نور لملوك نهار الكشف وعسس ليالي البرهان وغياهب الحجاب كما أشار إليه بقوله :
( ولقد تجلَّى للذي   ..... قد جاء في طلب القبس )
( فرآه نارا - وهو نور  ..... في الملوك وفي العسس )
وإذا فهمت هذه المقالة علمت أنّ الطالب لا بدّ له من إظهار الاحتياج والافتقار ، متشمّرا أذيال التوجّه في مواقف الاستكانة والاضطرار ، فإنّه عليه السّلام لما استجمع فيه شروط الطلب ، لو كان يطلب غير النار لرآه فيه ، وما خاب من سعيه وطلبه كما قال :
( وإذا فهمت مقالتي   ..... تفهم بأنك مبتئس )   أي فقير
( لو كان يطلب غير ذا  ..... لرآه فيه وما نكس )
 
ما حكاه القرآن من محاورة عيسى عليه السّلام في القيامة
ثمّ إنّه لما بيّن أن شخص الأب الأولى - المعبّر عنه بآدم - له الختم بحسب الوجود من حيث استيعابه أحكام الكثرة الأسمائيّة ، وأحديّة الجمع الذاتيّة ، أخذ يبيّن أنّ الكلمة العيسويّة لها تلك المرتبة بحسب الشهود ، قائلا : ( وأما هذه الكلمة العيسويّة ) تبيينا لقوله تعالى : " إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ " [ 3 / 59 ] .
وذلك لأنّها ( لمّا قام لها الحقّ في مقام « حَتَّى نَعْلَمَ » و « يَعْلَمِ » ) يعني مقام الاختبار المفيد للمختبر تجدّد العلم وحصول الحادث من نوعي العلم - على ما نبّهت إليه آنفا .
مقتبسا من قوله تعالى : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ " [ 3 / 142 ] .
ومن قوله : " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ " [ 47 / 31 ]
فإنّ هذا المقام كما يفيد اختبار المخاطب يقتضي استخراج ما عليه كلمته ، من الحكم الكاشفة عن الأمر نفسه ، تنبيها للطالبين من الحاضرين ، وتبيينا للمسترشدين من الأمم الآتية ، طريق الحقّ.
وفي صيغة " حَتَّى نَعْلَمَ " وتكراره ما يدلّ على هذا .
 
(استفهمها عما نسب إليها : « هل هو حقّ أم لا » ؟
مع علمه الأول بـ « هل وقع ذلك الأمر أم لا » ؟
فقال : " أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ من دُونِ الله " [ 5 / 116 ]
ولا بدّ في الأدب من الجواب للمستفهم ) تفصّيا عن اختباره وما يتبعه من إظهار الأمر على ما عليه في نفسه .
وذلك ( لأنّه لما تجلَّى له في هذا المقام ) وهو مقام « حتى يعلم ونعلم » ( وهذه الصورة ) يعني صورة اتّخاذه وامّه إلهين والسؤال عنه : ( اقتضت الحكمة الجواب في التفرقة بعين الجمع ) الذي هو العبارة الكاشفة عن التوحيد الختمي ، جوابا للصورة المسؤول عنها ، وأداء لما هو مقتضى المقام .
(فـ " قالَ " وقدّم التنزيه - : " سُبْحانَكَ " فحدّد بالكاف الذي يقتضي المواجهة والخطاب ) اللذين إنّما يتحقّقان بالتشبيه ، فأتى بالقرآن الجامع في مطلع كلامه ، ثمّ فصّله بقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( " ما يَكُونُ لِي " من حيث أنا لنفسي دونك " أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ " أي ما يقتضيه هويّتي ولا ذاتي ) ذلك القول ( " إِنْ كُنْتُ قُلْتُه ُ فَقَدْ عَلِمْتَه ُ " لأنّك أنت القائل ، ومن قال أمرا فقد علم ما قال ، وأنت اللسان الذي أتكلَّم به ) .
 
قرب النوافل والفرائض في مكالمة عيسى عليه السّلام
وبيّن أنّ في ظاهر كلامه هذا تدافع ، حيث نسب القول إلى الله والكلام إلى نفسه ، فدفع ذلك التدافع بقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما أخبرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن ربّه في الخبر الإلهي فقال: « كنت لسانه الذي يتكلم به » فجعل هويّته عين لسان المتكلَّم ، ونسب الكلام إلى عبده ) .
فظهر أنّه لا تدافع بين أن يكون القائل أعني اللسان عين هويّة الحقّ . وبين أن يكون الكلام للعبد ، كما ورد به الحديث القدسي . وعلم أنّ هذا كلَّه قرب النوافل .
وإذ كان مقامه يستوعب القربين ، أشار إلى ذلك بقوله : ( ثمّ تمّم العبد الصالح ) - أي المتقرّب بالنوافل - ( الجواب ) عند مقاربته ومخاطبته بقرب الفرائض ، حيث يكون الحقّ متكلَّما والعبد آلته ( بقوله : " تَعْلَمُ ما في " نَفْسِي " والمتكلَّم الحق " وَلا أَعْلَمُ " ما فيها ) .
ثمّ لما استشعر أن يقال هاهنا : إذا كان المتكلَّم فيها هو الحقّ ، كيف يصدق منه قوله : « لا أعلم ما فيها ؟ » .
قال الشيخ رضي الله عنه  : ( فنفى العلم عن هويّة عيسى من حيث هويّته ، لا من حيث أنّه قائل وذو أثر ) .
وإذ قد كان هذا القرب يستلزم الاتحاد الذاتي نبّه إليه بقوله : « ولا أعلم ما فيها » - بإيراد الضمير وبإيراد الفصل على الاتّحاد الوصفي ، الدالّ على مبدأ القول المسؤول عنه - واصله بقوله : ( " إِنَّكَ أَنْتَ " ) "عَلَّامُ الْغُيُوبِ " [ 5 / 116 ]
( فجاء بالفصل والعماد تأكيدا للبيان واعتمادا عليه ، إذ لا يعلم الغيب إلَّا الله ) .
ثمّ إنّه لما بيّن أنّه قد أتى في هذا الجواب بالتفرقة ، التي هو عين الجمع ، أفصح عن ذلك بقوله : ( وفرّق وجمع ) - بالتنزيه والخطاب - ( ووحّد وكثّر ) من حيث انتفاء القول عن نفسه وإثباته للسانه الذي هو الحقّ تعالى ( ووسّع وضيّق ) من إثبات علم الحقّ بنفسه وسلبه عنها ، وبيّن أنه حينئذ قد أتى بالمتقابلين في صورة التثليث .
وذلك هو تمام الكثرة كما لا يخفى على الواقف بأساليب علم العدد . فيكون هذا غاية فيما اقتضت الحكمة من أصل الجواب بالتفرقة التي هي عين الجمع .
 
وإذ قد كان السؤال المذكور إنّما هو عن مصدريّته للقول المذكور وبلاغه إلى الناس - وما سبق منه إنّما يفيد نفي استحقاقيّته من حيث هويّته لذلك القول وأن الذي يستحقّ ذلك من هو ، ثمّ تمم بتحقيق مواطن ذلك المستحقّ وتبيين مبدأ القول المذكور - أعني العلم - ولا دلالة له أصلا على قوله للناس وبلاغه لهم على ما هو مقتضى مقام النبوة .
 
ومبتنى أصل السؤال - لا بد في الجواب من التعرّض لذلك وأنّ القول المنبّأ به إليهم ما هو ، حتى يتمّ الجواب فلذلك قال : ( ثمّ قال متمّما للجواب : " ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " فنفى أولا مشيرا إلى أنّه ما هو ) عيسى ( ثمّ ) - أي عند القول - ( ثمّ أوجب القول أدبا مع المستفهم ) لأنّه سأل عن القول وبيّن أنّ عين العبد وإن كانت ممحوّة الوجود بالذات فينفى عنه الصفات الوجوديّة ضرورة .
ولكن باعتبار أنّه عبد مأمور لا يخلو عن الوجود ، فلا ينفى عنه الوجود وأوصافه من جميع وجوهه ، بل بوجه ووجه ( ولو لم يفعل كذلك لا تصف بعدم علم الحقائق - حاشاه من ذلك ) فإنّ صاحب علم الحقائق يعرف كل حقيقة بوجهها - وجه نفي - كما قال : " ما قُلْتُ لَهُمْ " ووجه إثبات ( فقال : " إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " [ 5 / 117 ] وأنت المتكلَّم على لساني ) - أي في قرب الفرائض - ( وأنت لساني ) يعني في قرب النوافل .
 
( فانظر إلى هذه التثنية الروحيّة الإلهيّة ) التي قد اشتملت عليها الكلمة العيسويّة ، وكيفيّة سريانها في سائر أحوالها وأفعالها وأقوالها:
أوّلا في أمر التحقّق والتوهّم اللذين في أصل خلقته .
"" أضاف المحقق : في شرح القيصري: « التنبئة » . وقال : « التنبئة تفعلة من نبأ . وأكثر الناظرين فيه قرؤا « تثنية » من الثني .
وهو تصحيف منهم إذ هذه الحكمة نبوية ولا يحتاج التثنية - بالثاء - إلى الوصف بالروحية والإلهية .
أي فانظر إلى هذا الإنباء الروحاني الإلهي ما ألطفها - أي عبارة - وما أدقها - أي إشارة».""
 
وثانيا في الآية التي نزلت في حكاية إحيائها الموتى واحتمالها للوجهين كما سبق بيانه .
وثالثا في السؤال عنها : " أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ " حيث ثنّى الخطاب والإلهيّة . وكذلك في الجواب حيث ثنّى ضمير المتكلم في " كُنْتُ قُلْتُه ُ" وثنّى القول وثنّى العلم مرتين ، وثنّى ضمير الخطاب بـ " إِنَّكَ أَنْتَ " .
وفي استيناف الجواب أيضا تثنية ، وكذلك اشتماله على النفي والإيجاب فيه تثنية .
 
اللطائف الذوقيّة في محاورة عيسى عليه السّلام 
ثمّ إنّ هذا الجواب مع دلالته على التوحيد الجمعي الختمي وإشارته إلى القربين له لطيف معنى ودقيق فحوى . وإليه أشار بقوله : ( ما ألطفها وأدقّها ! ) أما وجه لطفها فهو إيراد الجواب مطابقا للسؤال ، حيث أنّ في السؤال ثنويّة في مقولة ، يعني قوله : " اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ " أتى في جوابه بمثل ذلك .
ووجه دقّتها هو أنّه قد أدرج في عبارته ما يلوّح على الثنويّة المشتمل عليها كلمته من التروّح والتأله ، حيث قال : " إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " وذلك لأن « الأمر » إشارة إلى طرف تروّحه - فإنّ الروح منه  - والتاء إلى التألَّه ، فإنّه مع اشتماله عليه كناية عن الحقّ .
وهاهنا تلويح آخر ، وهو أنّ التمييز بين الكنايتين - أعني التاء والياء المشار بهما إلى الحقّ والعبد - تميّز نسبيّ اعتباريّ ، لا حقيقيّ في الدرج ، أعني في عالم الامتزاج والتركيب .
وذلك لأنّه إنما يتمايزان بتحتيّة النقطتين وفوقيّتهما .
ويمكن أن يشار بوجه الدقة واللطف إلى هذا التلويح .
 
وذلك المأمور به الذي قيل لهم : ( " أَنِ اعْبُدُوا الله " فجاء باسم " الله " لاختلاف العباد في العبادات والشرايع ، ولم يخصّ اسما خاصا دون اسم ) من الأسماء الجزئيّة التي تتحوّل أحكامها بتجدّد الأزمنة والاستعدادات .
( بل جاء باسم الجامع للكل ) فإن كلامه لا بدّ وأن يكون تامّا كاملا شاملا ليطابق ما أصله في الجواب من الجمع بين التنزيه والتشبيه والنفي والإثبات ، وسائر المتقابلات .
 
ثمّ إنه لما أمرهم بعبادة الله - وهو الدالّ على جميع الأرباب إجمالا - أتى بما يخصّ تفصيلا ، إفصاحا بما هو المطلوب من دعوة الامّة المختصّة به ، وتمكينا لذلك في خواطرهم - فإنّ التفصيل بعد الإجمال أمكن وأوقع - وتطبيقا لما جبل عليه الكلمة العيسويّة من الثنويّة بقوله :
( ثمّ قال " رَبِّي وَرَبَّكُمْ " ومعلوم أن نسبته إلى موجود بالربوبيّة ليست عين نسبته إلى موجود آخر ) ضرورة لزوم تغاير النسبة عند تغاير أحد المنتسبين .
 
( فلذلك فصّل بقوله : "رَبِّي وَرَبَّكُمْ " بالكنايتين : كناية المتكلم وكناية المخاطب ) اللتان هما أدلّ ما يفصّل به الإجمال ويميّز به العام ، ولذلك قيل : "إنهما أعرف المعارف في صناعة آداب الألفاظ " .
ثمّ إنّه قد أشار في هذه الآية إلى أنّه عابد لله في قوله لهم ذلك ، فإنّه تحت حكم الأمر في ذلك الفعل ، على ما أشار إليه قوله : ( " إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " فأثبت نفسه مأمورا ، وليست ) نفسه في أفعاله وأقواله : ( سوى عبوديّته)
 
فعلم أن ذلك القول منه لهم عين عبوديّته لله على أيّ معنى حمل ، وذلك هو مقتضى أصل استعداده .
( إذ لا يؤمر إلا من يتصوّر منه الامتثال وإن لم يفعل ولمّا كان الأمر تنزل بحكم المراتب ) فإن الأمر هاهنا بمعنى طلب الفعل ، فهو فعل ، وهو آخر مراتب التنزّلات ، وله الإحاطة وبه تحصل المرتبة و ( لذلك ينصبغ كل من ظهر في مرتبة ما بما تعطيه حقيقة تلك المرتبة ) من الآثار والأفعال - ( فمرتبة المأمور لها حكم يظهر في كل مأمور ) حقّا كان أو عبدا ، ( ومرتبة الآمر لها حكم يبدو في كل آمر ) كذلك .
( فيقول الحقّ : " أَقِيمُوا الصَّلاةَ ") [ 2 / 43 ] ( فهو الآمر والمكلَّف المأمور  ويقول العبد : « رب اغفر لي » فهو الآمر والحقّ المأمور . فما يطلب الحقّ بأمره هو بعينه يطلب العبد من الحقّ بأمره ) وإن اختصّ طلب العبد بالدعاء في عرف الأدب ، وطلب الحقّ بالأمر .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا كان كلّ دعاء مجابا ولا بدّ ، وإن تأخّر كما يتأخّر بعض المكلَّفين ممّن أقيم مخاطبا بإقامة الصلاة فلا يصلَّي في وقت ، فيؤخّر الامتثال ويصلَّي في وقت آخر إن كان متمكَّنا من ذلك ، فلا بدّ من الإجابة ولو بالقصد ) بأن يجيب الدعاء من جانب الحقّ ، أو يؤديّ الصلاة من جانب الخلق .
وملخّص كلامه هذا أن عيسى عليه السّلام عند قوله المذكور منصبغ بما يعطيه أمره المنزل عليه ، غير قادر على السكوت عنه .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ثمّ قال : " وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ " - ولم يقل : « على نفسي معهم » كما قال : " رَبِّي وَرَبَّكُمْ " ، " شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ" لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم)
وفي تكرار ضميري المتكلَّم والغائب ما هو مقتضى الكلمة العيسويّة ( " فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي " أي رفعتني إليك وحجبتهم عنّي ، وحجبتني عنهم ، " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " في غير مادّتي ، بل في موادّهم ، إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة ، فشهود الإنسان نفسه شهود الحقّ إيّاه . وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له ) - لدلالته على الحضور.
 
( فأراد أن يفصل بينه وبين ربّه حتى يعلم أنّه هو ) يعني أن عيسى في غيب كمونة وعدميّته الأصليّة ( لكونه عبدا ، وأنّ الحقّ هو الحقّ ) أي الحيّ القائم الدائم الباقي ( لكونه ربّا له ، فجاء لنفسه بأنّه شهيد ، وفي الحقّ بأنّه رقيب ) .
ووجه اختصاص نفسه بالشهيد لإشعاره بأنّ عيسى في الهويّة الإطلاقيّة وصرافة غيبها من حيث أنّه عبد ، وبيّن أنّ لتلك الهويّة تعانق الأطراف وجمعيّة الأضداد - على ما بيّن غير مرّة - فلا بدّ وأن يكون ذلك الغيب هو الحضور ، والشهيد هو الحاضر .
ثمّ إنّ الحضور أمر نسبي إنما يتصور بين اثنين ، فإنّ الحاضر إنما يقال له ذلك باعتبار قرينه ، فعلم على مسلك الاشتقاق الكبير وجه مناسبة الرقيب  واختصاصه هاهنا بالحقّ .
 
على أنّ هاهنا تلويحا يكشف عن وجهي الاختصاص كشفا بيّنا ، فإنّ الشهيد مع أن عقده عقد العبد ، فإن بيّناتهما يتوافقان بالموادّ ، كما أنّ الرقيب باعتبار ملاحظة الأوّل والآخر هو الربّ ، وعقد الربّ بفضله هو عقده .
(وقدّمهم في حقّ نفسه فقال : " عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ "  إيثارا لهم في التقدّم ، وأدبا ) لما هو مقتضى مقام تواضع الكمّل وإشارة أيضا على اختصاص شهادته بهم ( وأخّرهم في جانب الحق عن الحقّ في قولهم: " الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " لما يستحقّه الرب من التقدّم بالرتبة ) وعدم اختصاص رقابته تعالى بهم .
 
(ثمّ اعلم أنّ للحقّ : الرقيب . الاسم الذي جعله عيسى لنفسه ، وهو الشهيد في ط : " عَلَيْهِمْ شَهِيداً " فقال : " وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " ) ففي مقابلة تخصيص شهادته المستفاد من تقديم « عليهم » تعميم شهادة الحق ( فجاء بـ « كل » للعموم ، وبـ « شيء » لأنّه أنكر النكرات . وجاء بالاسم الشهيد فهو الشهيد على كل مشهود بحسب ما تقتضيه حقيقة ذلك المشهود ) على ما هو مقتضى تعميمه .
ثمّ إنّ هذا التعميم والتخصيص إنما يستفادان من التركيب بحسب ظاهره وخواصّه التي هي مطمح نظر علماء الرسوم في صناعة المعاني .
 
فلذلك قال : " اعلم " فإنّ ما سبق من المعاني وأكثر ما يتعرّض له من اللطائف الشريفة على الآيات الكريمة في هذا الكتاب وغيره إنّما يظهر بضرب من الإيماء ويفصح عنه لسان الإشارة والتنبيه ، دون الإعلام ، كما في دلالة هذه الآية على أنّ الحقّ هو الشهيد في المادّة العيسويّة ، فإنّه أيضا بلسان التنبيه .
فلذلك قال : ( فنبّه على أنّه تعالى هو الشهيد على قوم عيسى حين قال :  "وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ " فهي شهادة الحقّ في مادّة عيسويّة كما ثبت أنّه لسانه وسمعه وبصره ) .
 
الكلمة العيسويّة والمحمديّة
( ثمّ قال ) بلسانه الذي هو الحقّ بعد إعلامه بالسمع وتنبيهه بالبصر - فإنّ محل الإعلام هو السمع ، كما أنّ موطن التنبيه إنما هو البصر - ( كلمة عيسويّة ومحمديّة ) وهذا أيضا من ثمرات شعب الثنويّة الأصليّة التي عليها الكلمة العيسويّة في مرتبة الكلام الكاشف عن الكل أنّه تكلم بلسانين ، وانتسب قوله إلى الرسولين ، عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام .
( أما كونها عيسويّة فإنّها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه وأما كونها محمديّة فلموقعها من محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بالمكان الذي وقعت منه ) من إجلاله لها وقيامه في مواقف تعظيمها ، ( فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتّى طلع الفجر ) وفيه إشارة إلى أن ترتّب طلوع فجر الإظهار في غياهب الغيبة والكمون على كلامه الكامل هو إجابة دعائه صلَّى الله عليه وسلَّم .
وذلك قوله: ("إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [ 5 / 118 ] ) .
 
نظر في الضمائر المذكورة في الآية
( و « هم » ضمير الغائب ، كما أن « هو » ) في قوله : " وَهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِله ٌ وَفي الأَرْضِ إِله ٌ " [ 43 / 84 ] ( ضمير الغائب ) فمن غلب عليهم حكم الغيب الذاتي ، وظهر فيهم مقتضاه من اندماج الأحكام الظاهرة فيهم وعدم إذعانهم للمشهود الحاضر ، هم الذين أبوا من متابعة الأنبياء ، ولذلك أشار إليهم بضمير الغائب (كما قال: " هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا "[ 48 / 25 ]).
(بضمير الغائب - فكان الغيب سترا لهم عمّا يراد بالمشهود الحاضر ) من الإيمان به واليقين له
( فقال : " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " بضمير الغائب ) وذلك العذاب ( هو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحقّ ، فذكرهم الله قبل حضورهم ، حتّى إذا حضروا تكون الخميرة ).
 
 المنضجة لاستعداداتهم المستكملة لهم ، أعني تذكير عيسى إيّاهم عند الله ، فإنّ الوجود الكلامي مرتبة من الوجود يستتبع الشهود ويستلزمه على ما لا يخفى ( قد تحكَّمت في العجين ) - أي عجين تعيّناتهم المحجوبة في الغيب – ( فصيّرته مثلها ) في الحضور والشهود ، والذي يدلّ على أنّ حجابهم هو عين كمونهم في الغيب الذاتيّ قوله : ( " فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ " فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه ) في تلك الغيبة ، وأشار بانقهارهم وإذلالهم في ذلك الغيب عند تسميته إيّاهم بالعباد ، ( ولا ذلَّة أعظم من ذلَّة العبيد ، لأنّهم لا تصرّف لهم في أنفسهم ) لغلبة قهرمان الأحكام الذاتيّة في الغيب عليهم ( فهم بحكم ما يريد به سيّدهم ، ولا شريك له فيهم ، فإنه قال :
" عِبادُكَ " فأفرد ) .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (والمراد بالعذاب إذلالهم ، ولا أذلّ منهم ، لكونهم عبادا ، فذواتهم تقتضي أنهم أذلَّاء ) بما جبلوا عليه من الغيب وكمونهم فيها ، ( فلا تذلَّهم ، فإنّك لا تذلَّهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا ) .
(" وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ " أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقّونه بمخالفتهم ) لما يراد منهم من الإيمان بالمشهود الحاضر ، وامتثال الأوامر في عالم الأفعال ، ( أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ) المخالفة ( ويمنعهم منه " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ " [ 5 / 118 ] أي المنيع الحميّ ).
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهذا الاسم إذا أعطاه الحقّ لمن أعطاه من عباده يسمى الحق ب " المعزّ " والمعطي له هذا الاسم ب « العزيز » ، فيكون منيع الحمى عمّا يراد به  المنتقم المعذّب من الانتقام والعذاب ) وفيه إشارة إلى التوحيد الذاتي حيث قال :  " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ".
( وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ) من حصر العزّة والحكمة فيه المستلزمة للتوحيد هاهنا على ما بيّن ( ولتكون الآية على سياق واحد ) من الاشتمال على الثنويّة المجبولة عليها الكلمة هذه ، كما مرّ غير مرّة – ( في قوله : " إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ " ) عند التعبير عن أصل ما تفرّع عنه أحواله وأقواله المسؤول عنها ، ( وقوله : " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " ) عند الكشف عن ظاهر ما ابتنى عليه تلك الأحوال منه والأقوال .
( فجاء أيضا : " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ) على مساقها في الاشتمال على الثنويّة التي هي أصل أمر الكثرة وتمامها ، على ما بيّن في موضعه ولوّح عليه .
 
لما ذا كرّر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الدعاء ليلة كاملة
ومن ثمّة ترى الخاتم يردّدها عند الاستجابة منه ، وأظهرها بصورة الكثرة التي هي مقتضى أمرها ، ( وكان سؤالا من النبيّ وإلحاحا منه على ربّه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر ، يردّدها طلبا للإجابة ، فلو سمع الإجابة في أوّل سؤال ما كرّر ، وكأنّ الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصّلا ، فيقول له في كل عرض عرض وعين عين ) عند استطلاعه صلى الله عليه وسلَّم على ما عليه أمر الكل في طي ثنويّة الفريقين وكثرتها الأصليّة الكماليّة : ( " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ " ) المفتقرون إليك ، المتذللون عندك نهاية الذلَّة ، فهم المستأهلون السائلون بلسان القابليّة عذابك - وهاهنا تلويح يدلّ على مناسبة بيّنة بين العباد والعذاب .
( " وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ) بدون تمييز عين وتخصيصه بالدعاء له ، غير أنّه خصّص الفريق الأوّل بنسبتهم إليه تعالى وجعلها ذريعة في تحقيق أمرهم ، والثاني بالمغفرة الساترة لهم عن إظهار تلك النسبة .
ولذلك رتّب عليه صورة الحصر والتوحيد ، فهو الدعاء للفريقين على ما هو مقتضى جبلَّتهم .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحقّ وايثار جنابه لدعا عليهم - لا لهم - فما عرض الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه ) .
 فـ « ما » في « ما يعطيه » بدل ممّا استحقّوا به  وفيه إشارة إلى أنّ وصول أهل العذاب والمغفرة إلى ما استحقّوه إنما هو بدعاء الخاتم ، على ما هو مقتضى الأصول .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقد ورد أنّ الحقّ إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه أخّر الإجابة عنه حتى يتكرّر ذلك منه حبّا فيه ، لا إعراضا عنه ولذلك جاء باسم الحكيم ، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ، ولا يعدل بها عمّا تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها ، فالحكيم : العليم بالترتيب ) .
أي العارف بترتيب الأحكام والأوصاف على الحقائق ، ووضع كلّ منها مواضعها بمواقيتها المختصّة بها ، فإنّه من آثار الاسم الحكيم .
( فكان صلَّى الله عليه وسلَّم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله ) يعني العلم بمواضع كل شيء ومواقع تحقّقها وثبوتها ، وما يستتبعه من العلم بترتيب الإجابة على دعائه وسائر الصفات والأحكام مطلقا .
 
أدب الدعاء رمز الاستجابة
( فمن تلا فهكذا يتلو ) بمثل هذا التحقّق العلميّ الشهوديّ التفصيليّ على ما بيّن وراثة لحضرة الختميّة وفي هذا الكلام إيماء إلى أن الشيخ قد تلاها هذه التلاوة ، كما أنّ في اكتفائه بالضمير والصلاة إشارة إلى أنّ الرسولين إنّما وفّقا للمصدريّة المذكورة بميامن الكمال الختميّ الذي لمحمّد بالذات ، ولعيسى بالتبع من وجه .
 
(وإلَّا فالسكوت أولى به ) لأنّ ذلك مقتضى مقامه ، فهو من المرحومين على ما ورد : « رحم الله امرأ عرف قدره ولم يتعدّ طوره » فالسكوت للجاهل نجاته واستراحته من التعب .
( وإذا وفّق الله العبد إلى نطق بأمر ما ) - دعاء كان أو تمنّيا أو ترجّيا  ( فما وفّقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ) في طلبه ، على ما هو مقتضى الجود وقهرمان أمره في ديوان الخلق والإيجاد.
( فلا يستبطئ أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول على هذه الآية في جميع أحواله ) فإنّه لا بدّ من الإجابة وإسعاف المسؤول ، وإن تأخّر في هذه الدار الصوريّة .
وإليه أشار بقوله : ( حتى يسمع باذنه ) الجسمانيّة التي في هذه النشأة ( أو بسمعه ) الروحانيّ ( كيف شئت أو كيف أسمعك الله الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بإذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ) وفق ما نبّه عليه في تسوية العبارتين بقوله :
 « كيف شئت أو كيف أسمعك الله » أي جواب تحقّق المجازاة مترتّب على سؤال القائل ، إمّا بلسان أصل قابليّته وشيئيّته الكونيّة ، أو بلسان جمعيّته السمعيّة الإلهيّة .
وهذا أيضا من أحكام تلك الثنويّة المشتمل عليها الكلمة هذه .
 
ثمّ إنّك ينبغي أن تعلم هاهنا أنّ من آثار ما اشتمل عليه الكلمة النبويّة من أمر الثنويّة وجلائل ثمارها - التي إنّما تجتنى من شجرة النبوّة عند بلوغها ووقت إدراك مقصودها - هو معرفة الفريقين التي عليها فيصل التفرقة ومباني أحكام التفصيل ، وهو الذي به تتفاوت مراتب الأنبياء عند الارتقاء إلى معارج كمالها في أمر النبوّة - ولذلك تراه أنّه به وافق الذوق الختميّ وعليه طابق نقطة تمام النبوّة ، حيث أخذ يردّده الخاتم ، إلى أن استجيب .
 
وكأنّك قد نبّهت في التلويحات السابقة بما يطلعك على أصل هذه النكتة عند تحقيق نهاية أمر الكثرة التي عليها استقرّت إمالة قهرمانها في الاثنين فليكن ذلك على ذكر منك إذ به ينكشف من جلائل الدقائق ما يعسر للعبارة المتعاورة أن ينبّه عليها بضرب من الدلالات المعتبرة عند أرباب الرسوم .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» 01 - فصّ حكمة إلهيّة في كلمة آدميّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة
» 20 - فصّ حكمة جلالية في كلمة يحيوية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة
» 25 - فصّ حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة
» 05 - فص حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيميّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة
» 08 - فصّ حكمة روحيّة في كلمة يعقوبيّة .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى