المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: موسوعة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي :: موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 1
12092019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولى: الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم.
فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.
والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.
هذا مضى، ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا.
وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.
وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.
فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».فالأمر لا يتناهى من الطرفين.
هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.
فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا ... سوى عبد له همه
«إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له.
وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.
فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.
هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد.
ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء.
وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غيران ، و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة.
فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.
وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله.
وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر.
وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته.
فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين ، وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه.
ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم.
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
لأن الله أخبر أن قلب العبد وسعه "ووسعني قلب عبدي .. " ورحمته لا تسعه.
فإنها لا يتعلق حكمها إلا بالحوادث.
وهذه مسألة عجيبة إن عُقلت، وإذا كان الحق كما ورد في الصحيح يتحول في الصور مع أنه في نفسه لا يتغير من حيث هو.
فالقلوب له كاشكال الأوعية للماء يشكل بشكلها مع كونه لا يتغير عن حقيقته. فافهم.
ألا ترى أن الحق كل يومٍ هو في شأن. كذلك القلب يتقلب في الخواطر.
ولذلك قال: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ق: 37].
ولم يقل، عقل، لأن العقل يتقيد بخلاف القلب. فافهم.
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
ان هودا وصالحا وشعيبا ويونس ولوطا كانوا من العرب .
وعلى الجملة لما كان القلب منبع الشعب المنبثة في أقطار بدن الإنسان ، بل في سائر الحيوانات التامة الخلقة ، وهو اول ما يتكون من الإنسان والحيوان ، ناسب ذكر الإقران المذكور ، هذا مع أن ثم موجبات أخر استدعت اقران الحكمة القلبية بالكلمة الشعيبية ، وسألوح ببعض أسرارها فيما بعد بمشيئة الله وعونه .
2 / 12 - ولما كان القلب منبع التشعب كما ذكرت ، لذلك تنبعث منه الحياة الحيوانية وتسرى في جميع أقطار الصورة فيتصل به ومنه إلى الأعضاء كلها المدد الذي به بقاء الصورة ، كما هو الامر في صورة الإنسان والحيوانات التامة الخلقة ، فكذلك هو الامر في مطلق صورة العالم علوا وسفلا ، وهذا اصل كبير ثابت شرعا وكشفا وعقلا .
وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك غير مرة بالسنة مختلفة من جملتها قوله صلى الله عليه وسلم : "ان في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، الا وهي القلب" .
3 / 12 - واما في مطلق صورة العالم : فقلب العالم العلوي الظاهر الشمس ، فإنها محلها قلب الأفلاك ومنها ينتشر المدد النوري ويتصل بالكواكب كلها ، هذا وان خالف بعضهم في ذلك من بعض الوجوه فخلافه لا يقدح في ما ذكرنا .
4 / 12 - واما قلب جملة الصور الوجودية : فالإنسان الكامل الحقيقي برزخ بين الوجوب والإمكان ، والمراة الجامعة للذات والمرتبة من صفات القدم وأحكامه ، وكذلك الحدثان ، ولهذا جعل محل خلافته الأرض التي هي مركز الدائرة الوجودية ، ولمقامها المعنوي المحجوب الان بصورتها ، رتبة المبدئية في انبعاث النفس الرحمانى لتكوين النشأة الكلية الوجودية ، فناسب من هذا الوجه الإنسان الحقيقي النازل فيها بالخلافة .
لأنه الأول بالرتبة والمنزلة وان كان أخر بالصورة ، فهو الواسطة بين الحق والخلق وبه ومن مرتبته يصل فيض الحق والمدد الذي هو سبب بقاء ما سوى الله الى العالم كله علوا وسفلا ، ولولاه من حيث برزخيته التي لا يغاير الطرفين ، لم يقبل شيء من العالم المدد الإلهي الوحدانى لعدم المناسبة والارتباط ولم يصل اليه ، وكان يعنى وانه عمد السماوات .
5 / 12 - ولهذا السر برحلته من مركز الأرض التي هي صورة حضرة الجمع وأحديته ومنزل خلافته الإلهية الى الكرسي الكريم والعرش المجيد المحيطين بالسموات والأرض ينخرم نظامها ، فيبدل الأرض والسموات و لهذا نبه ايضا صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا بقوله : "لا تقوم الساعة وفي الأرض من يقول : الله ، الله" .
واكده بالتكرير يريد : وفي الأرض من يقول الله قولا حقيقيا ، إذ لو أراد من يقول كلمة « الله » لم يؤكد بالتكرار ، ولا شك انه لا يذكر الله ذكرا حقيقيا وخصوصا بهذا الاسم الجامع الأعظم المنعوت بجميع الأسماء ، الا الذين يعرفون الحق المعرفة التامة ، وأتم الخلق معرفة باللَّه في كل عصر خليفة الله ، وهو كامل ذلك العصر .
فكأنه يقول : لا يقوم الساعة وفي الأرض انسان كامل وهو المشار اليه انه العمد المعنوي الماسك ، وان شئت فقل الممسوك لأجله . فإذا انتقل انشقت السماء وكورت الشمس وانكدرت النجوم وانتثرت ، وسيرت الجبال وزلزلت الأرض وجاءت القيامة ، ولو لا ثبوته من حيث مظهريته في الجنة التي محلها الكرسي والعرش المجيد لكان الحال فيهما كالحال في الأرض والسموات .
6 / 12 - وانما جدت ثبوته من حيث مظهريته من أجل ما اطلعنى الله عليه من ان الجنة لاتسع إنسانا كاملا ، وانما يكون منه في الجنة ما يناسب الجنة وفي كل عالم ما يناسب ذلك العالم وما يستدعيه ذلك العالم من الحق من حيث ما في ذلك العالم من الإنسان .
7 / 12 - بل أقول : ولو خلت جهنم منه لم تبق ، وبه امتلأت واليه الإشارة بقدم الجبار المذكور في الحديث عند قوله صلى الله عليه وسلم : ان جهنم لا تزال تقول: " هَلْ من مَزِيدٍ " [ ق / 30 ] حتى يضع الجبار فيها قدمه ، فإذا وضع الجبار فيها قدمه ينزوى بعضها الى بعض
وتقول : قط قط ، اى : حسبى حسبى .
8 / 12 - وأخبرت من جانب الحق ان القدم الموضوع في جهنم هو الباقي في هذا العالم من صور الكمل مما لم يصحبهم في النشأة الجنانية ، وكنى عن ذلك الباقي بالقدم لمناسبة شريفة لطيفة .
فان القدم من الإنسان آخر اعضاء صورته ، فكذلك نفس صورته العنصرية آخر اعضاء مطلق الصورة الانسانية ، لان صورة العالم بأجمعها كالاعضاء لمطلق صورته الحقيقية الانسانية وهذه النشأة آخر صورة ظهرت بها الحقيقة الانسانية وبها قامت الصور كلها التي قلت انها كالاعضاء .
9 / 12 - ثم اعلم ان للقلب خمس مراتب :
1 - مرتبة معنوية
2 - ومرتبة روحانية
3 - ومرتبة مثالية
4 - ومرتبة حسية
5 - ومرتبة جامعة
ولكل مرتبة من هذه الخمس مظهر هو منبع احكام تلك المرتبة ومحتد التشعب المتفرع منها.
ولكل قلب ايضا خمسة أوجه :
1 - وجه يواجه حضرة الحق ولا واسطة بينه وبين الحق .
2 - ووجه يقابل به عالم الأرواح ومن جهته يأخذ من ربه ما يقتضيه استعداده بواسطة الأرواح.
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه:هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم.
فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.
والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.
هذا مضى، ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا.
وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.
وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.
فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».فالأمر لا يتناهى من الطرفين.
هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.
فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا ... سوى عبد له همه
«إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له.
وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.
فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.
هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد.
ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء.
وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غيران ، و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة.
فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.
وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله.
وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر.
وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته.
فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين ، وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه.
ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم.
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
اعلم أن القلب وإن كان موجوداً من رحمة ٍ فإنه أوسع من رحمة الله.لأن الله أخبر أن قلب العبد وسعه "ووسعني قلب عبدي .. " ورحمته لا تسعه.
فإنها لا يتعلق حكمها إلا بالحوادث.
وهذه مسألة عجيبة إن عُقلت، وإذا كان الحق كما ورد في الصحيح يتحول في الصور مع أنه في نفسه لا يتغير من حيث هو.
فالقلوب له كاشكال الأوعية للماء يشكل بشكلها مع كونه لا يتغير عن حقيقته. فافهم.
ألا ترى أن الحق كل يومٍ هو في شأن. كذلك القلب يتقلب في الخواطر.
ولذلك قال: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ق: 37].
ولم يقل، عقل، لأن العقل يتقيد بخلاف القلب. فافهم.
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
12 - فك ختم الفص الشعيبي
12 / 1 - اعلم أن في إقران شيخنا رضى الله عنه الحكمة القلبية بالكلمة الشعيبية سرين عظيمين ، راعى في أحدهما المفهوم من لفظ الاسم وهو الشعيب ، فان شعيبا كان من العرب واسمه اسم عربى ، كذا ورد في النقل :ان هودا وصالحا وشعيبا ويونس ولوطا كانوا من العرب .
وعلى الجملة لما كان القلب منبع الشعب المنبثة في أقطار بدن الإنسان ، بل في سائر الحيوانات التامة الخلقة ، وهو اول ما يتكون من الإنسان والحيوان ، ناسب ذكر الإقران المذكور ، هذا مع أن ثم موجبات أخر استدعت اقران الحكمة القلبية بالكلمة الشعيبية ، وسألوح ببعض أسرارها فيما بعد بمشيئة الله وعونه .
2 / 12 - ولما كان القلب منبع التشعب كما ذكرت ، لذلك تنبعث منه الحياة الحيوانية وتسرى في جميع أقطار الصورة فيتصل به ومنه إلى الأعضاء كلها المدد الذي به بقاء الصورة ، كما هو الامر في صورة الإنسان والحيوانات التامة الخلقة ، فكذلك هو الامر في مطلق صورة العالم علوا وسفلا ، وهذا اصل كبير ثابت شرعا وكشفا وعقلا .
وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك غير مرة بالسنة مختلفة من جملتها قوله صلى الله عليه وسلم : "ان في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، الا وهي القلب" .
3 / 12 - واما في مطلق صورة العالم : فقلب العالم العلوي الظاهر الشمس ، فإنها محلها قلب الأفلاك ومنها ينتشر المدد النوري ويتصل بالكواكب كلها ، هذا وان خالف بعضهم في ذلك من بعض الوجوه فخلافه لا يقدح في ما ذكرنا .
4 / 12 - واما قلب جملة الصور الوجودية : فالإنسان الكامل الحقيقي برزخ بين الوجوب والإمكان ، والمراة الجامعة للذات والمرتبة من صفات القدم وأحكامه ، وكذلك الحدثان ، ولهذا جعل محل خلافته الأرض التي هي مركز الدائرة الوجودية ، ولمقامها المعنوي المحجوب الان بصورتها ، رتبة المبدئية في انبعاث النفس الرحمانى لتكوين النشأة الكلية الوجودية ، فناسب من هذا الوجه الإنسان الحقيقي النازل فيها بالخلافة .
لأنه الأول بالرتبة والمنزلة وان كان أخر بالصورة ، فهو الواسطة بين الحق والخلق وبه ومن مرتبته يصل فيض الحق والمدد الذي هو سبب بقاء ما سوى الله الى العالم كله علوا وسفلا ، ولولاه من حيث برزخيته التي لا يغاير الطرفين ، لم يقبل شيء من العالم المدد الإلهي الوحدانى لعدم المناسبة والارتباط ولم يصل اليه ، وكان يعنى وانه عمد السماوات .
5 / 12 - ولهذا السر برحلته من مركز الأرض التي هي صورة حضرة الجمع وأحديته ومنزل خلافته الإلهية الى الكرسي الكريم والعرش المجيد المحيطين بالسموات والأرض ينخرم نظامها ، فيبدل الأرض والسموات و لهذا نبه ايضا صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا بقوله : "لا تقوم الساعة وفي الأرض من يقول : الله ، الله" .
واكده بالتكرير يريد : وفي الأرض من يقول الله قولا حقيقيا ، إذ لو أراد من يقول كلمة « الله » لم يؤكد بالتكرار ، ولا شك انه لا يذكر الله ذكرا حقيقيا وخصوصا بهذا الاسم الجامع الأعظم المنعوت بجميع الأسماء ، الا الذين يعرفون الحق المعرفة التامة ، وأتم الخلق معرفة باللَّه في كل عصر خليفة الله ، وهو كامل ذلك العصر .
فكأنه يقول : لا يقوم الساعة وفي الأرض انسان كامل وهو المشار اليه انه العمد المعنوي الماسك ، وان شئت فقل الممسوك لأجله . فإذا انتقل انشقت السماء وكورت الشمس وانكدرت النجوم وانتثرت ، وسيرت الجبال وزلزلت الأرض وجاءت القيامة ، ولو لا ثبوته من حيث مظهريته في الجنة التي محلها الكرسي والعرش المجيد لكان الحال فيهما كالحال في الأرض والسموات .
6 / 12 - وانما جدت ثبوته من حيث مظهريته من أجل ما اطلعنى الله عليه من ان الجنة لاتسع إنسانا كاملا ، وانما يكون منه في الجنة ما يناسب الجنة وفي كل عالم ما يناسب ذلك العالم وما يستدعيه ذلك العالم من الحق من حيث ما في ذلك العالم من الإنسان .
7 / 12 - بل أقول : ولو خلت جهنم منه لم تبق ، وبه امتلأت واليه الإشارة بقدم الجبار المذكور في الحديث عند قوله صلى الله عليه وسلم : ان جهنم لا تزال تقول: " هَلْ من مَزِيدٍ " [ ق / 30 ] حتى يضع الجبار فيها قدمه ، فإذا وضع الجبار فيها قدمه ينزوى بعضها الى بعض
وتقول : قط قط ، اى : حسبى حسبى .
8 / 12 - وأخبرت من جانب الحق ان القدم الموضوع في جهنم هو الباقي في هذا العالم من صور الكمل مما لم يصحبهم في النشأة الجنانية ، وكنى عن ذلك الباقي بالقدم لمناسبة شريفة لطيفة .
فان القدم من الإنسان آخر اعضاء صورته ، فكذلك نفس صورته العنصرية آخر اعضاء مطلق الصورة الانسانية ، لان صورة العالم بأجمعها كالاعضاء لمطلق صورته الحقيقية الانسانية وهذه النشأة آخر صورة ظهرت بها الحقيقة الانسانية وبها قامت الصور كلها التي قلت انها كالاعضاء .
9 / 12 - ثم اعلم ان للقلب خمس مراتب :
1 - مرتبة معنوية
2 - ومرتبة روحانية
3 - ومرتبة مثالية
4 - ومرتبة حسية
5 - ومرتبة جامعة
ولكل مرتبة من هذه الخمس مظهر هو منبع احكام تلك المرتبة ومحتد التشعب المتفرع منها.
ولكل قلب ايضا خمسة أوجه :
1 - وجه يواجه حضرة الحق ولا واسطة بينه وبين الحق .
2 - ووجه يقابل به عالم الأرواح ومن جهته يأخذ من ربه ما يقتضيه استعداده بواسطة الأرواح.
3 - ووجه يختص بعالم المثال ويحتظى منه بمقدار نسبته من مقام الجمع وبحسب اعتدال مزاجه وأخلاقه وانتظام أحواله في تصرفاته وتصوراته وحضوره ومعرفته.
4 - ووجه يلي عالم الشهادة ويختص بالاسم الظاهر والاخر.
5 - ووجه جامع يختص باحدية الجمع ، وهي التي تليها مرتبة الهوية المعنوية بالاولية والاخرية والبطون والظهور والجمع بين هذه النعوت الأربعة .
10 / 12 - ولكل وجه مظهر من الأناسي والخصيص لشعيب عليه السلام من هذه الوجوه : الوجه المثالي ، وانه من وجه في مقامه هذا شبيه بالروح الحيواني المخزون في تجويف الأيسر من القلب الصنوبري ، فإنه برزخ بين الروح الإنساني وبين المزاج .
لأنه من حيث انه قوة بسيطة معقولة يناسب الروح ويرتبط به ، ومن حيث اشتماله بالذات على القوى المختلفة المنبثة في أقطار البدن والمتصرف فيه بالتصرفات المختلفة المتكثرة ، يناسب المزاج المركب من الاجزاء والطبائع المختلفة .
فلذلك تأتي الارتباط وتيسر المدد ، إذ لو لم يكن ارتباط الروح البسيط بالمزاج المركب ، وهذا من لطائف الحكم الإلهية المقتضية الجمع بين الاضداد في امر جامع لها بأمثال هذه المثال شتات التي يتوقف عليها الارتباط والتأثير التدبيرى .
11 / 12 - وإذا عرفت هذا فاعلم انه لما كانت التصورات المثالية من الثمرة للصور الحسية الظاهرة ، كانت تربية موسى عليه السلام اولا على يد شعيب عليه السلام ، ولذلك كان الغالب على حال موسى عليه السلام وآياته احكام الاسم الظاهر.
ولما شاء الحق تكميله لكونه اصطنعه لنفسه لذلك أرسله الى الخضر عليه السلام الذي هو مظهر الاسم الباطن وصورة الوجه القلبي الذي يلي الحق، دون واسطة المنبه عليه من القصة بـ " فَأَرَدْنا " و " فَأَرادَ رَبُّكَ " [ الكهف / 81 و 82 ]
وبقوله تعالى : " وعَلَّمْناه من لَدُنَّا عِلْماً " [ الكهف / 65 ] فافهم .
12 / 12 - وكل هذه احوال الباطن ، بخلاف الاعتراضات الموسوية ، فان مستندها الأوامر الظاهرة ، وكذلك الحسن والقبح اللازمان لها والذي هو صورة القلب الجمع والوجود كنبينا صلى الله عليه وسلم .
فان مقامه نقطة وسط الدائرة الوجودية بوجوه قلبه الخمسة تواجه كل عالم وحضرة ومرتبة ، ويضبط احكام الجميع ويظهر بأوصافها كلها بوجهه الجامع المنبه عليه آنفا .
12 / 13 - إذا عرفت ما نبهتك عليه من النسبة الشعيبية القلبية عرفت لما كان آيته في رسالته الوفاء بالكيل والميزان ، فان المدد المنتشر من القلب في أقطار البدن انما ينتفع به البدن إذا أخذ كل عضو منه ما يحتاج اليه من غير زيادة ولا نقصان ، وكذلك الغذاء ، والكيل نظيره توزيع الغذاء ، والميزان نظيره المدد النفساني .
14 / 12 - إذا فهمت ما أشرت اليه تعديت منه معتبرا ذلك ومستقربا له في صورة العالم ، وحينئذ تفهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : بالعدل قامت السموات والأرض .
وقوله ايضا في وصف الحق : بيده الميزان يخفض القسط ويرفعه .
وتعرف ايضا - ان نور الله فهمك - معنى قوله تعالى : " إِنَّ الله يُمْسِكُ السَّماواتِ والأَرْضَ أَنْ تَزُولا " [ فاطر / 41 ]
وسر قوله تعالى : " وأَوْحى في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها " [ فصلت / 12 ] فتنبه ترشدوا قنع .
فلسان هذا المقام طلق ذو بسط عظيم لا تحمل هذا المختصر تفصيله ، والله الهادي .
15 / 12 - واما سر الاخر من السرين فتختص بسعة القلب ونسبه من الرحمة التي وسعت كل شيء وتشعبت مائة شعبة - كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عنها - وسأشير الى طرف منه واختم به الكلام على هذا الفص ان شاء الله تعالى .
16 / 12 - فأقول اعظم الأشياء الموصوفة بالسعة من جانب الحق : الرحمة والقلب الإنساني والعلم .
فإنه قال في سعة الرحمة : " ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " [ الأعراف / 155 ] وقال في الرحمة والعلم معا بلسان الملائكة : " رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْماً " [ غافر / 7 ] .
فقال في سعة القلب الإنساني : ما وسعني ارضى ولا سمائى ووسعني قلب عبدى المؤمن . . . الحديث . ولا شك ان بين سعة كل واحد من هذه الثلاثة وبين الآخرين تفاوتا لا يعرف معرفة حقيقية ما لم يعرف حقيقة الرحمة وأحكامها وحقيقة العلم وكيفية تعلقه بالمعلومات وحقيقة القلب الذي وسع الحق.
فلنبدأ بتأييد الله وإمداده بذكر العلم الذاتي الإلهي وتعلقه بالحق والمعلومات .
17 / 12 - فنقول : اعلم ان تعلق علم الحق بذاته على نحوين وكذلك تعلقه بالمعلومات - :
فان للحق تعينا في عرصة تعقله نفسه ، ولهذا تعين الإطلاق بالنسبة الى تعين كل شيء في علم كل عالم ، بل وبالنسبة الى تعين الحق في تعقل كل متعقل ويتعلق علمه تعالى من حيث تعينه في نفسه ومن حيث تعينه في تعقل كل متعقل ، فعلمه سبحانه يتعلق به ايضا بذاته على نحو آخر وهو : معرفته بذاته من حيث إطلاقها وعدم انحصارها في تعينها في نفسه ، وهذه من معرفة كلية جملية .
18 / 12 - ويتعلق علمه بالمعلومات ايضا على نحوين :
أحدهما باعتبار تعينها في علمه وتعقل امتياز بعضها عن بعض ، غير ان هذا النحو من التعلق العلمي لا يشتمل جميع الممكنات ، بل يختص بما قدر دخوله في الوجود في دور او أدوار محصورة .
"ثانيا" واما بالنسبة الى جميع الممكنات من حيث انها غير متناهية : فان العلم لا يتعلق بها الا تعلقا كليا جمليا ، كما اشترت اليه في شأن الحق من حيث إطلاقه .
19 / 12 - وعلة هذه النسبة والاشتراك التام بين الحق والممكنات هو انها في التحقيق الا وضح شئون ذاته الكامنة في إطلاقه وغيب هويته ، ولا تخلص لاحد في علمه بالحق من تجاوز التعينات التعقلية والانتهاء الى تعين الحق في تعقله نفسه وشهود اتصال ذلك التعين من وجه بالإطلاق الذاتي الغيبى العديم الوصف والاسم والرسم والحصر والحكم الا لمن كان حقيقته البرزخ الجامع بين الوجوب والإمكان وأحكامها .
فإنه يواجه باطلاقه غيب الذات باعتبار عدم ، لأنه لا تعقل له فكرى يحضره عن إطلاقه مغايرته له دون توهم تعدد وامتياز .
فافهم وتدبر غريب ما سمعت وما عليه نبهت ، تعرف انه ليس شيء اوسع من العلم بشرط معرفته على الوجه المذكور.
20 / 12 - واما سعة الرحمة المشار إليها في الكتاب والسنة : فتخصص ببعض المحدثات المتعينة في اللوح المحفوظ بكتابة القلم الأعلى وهي المتشعبة الى مائة شعبة - كما أشار صلى الله عليه وسلم .
21 / 12 - واما سعة القلب الذي وسع الحق فهي عبارة عن سعة البرزخية المذكورة الخصيصة بالإنسان الحقيقي الذي هو قلب الجمع والوجود ، فان الإنسان الحقيقي الذي هو قلب الجمع والوجود ، قلبه برزخية وعلمه المنبه عليه آنفا ، فافهم.
فهذا روح هذا الفص والخفي من اسراره ، وقد نبهت فيما تقدم على ما يختص بشعيب من حيث حظه الذوقي وحكمه الاسمى .
22 / 12 - واما حظه من السعة : فبحسب مرتبة قلبية المشبهة بالروح الحيواني ، وهي التي نسبت إليها وشعبها وأحكامها بمقدار حصته من مطلق القلب الجمع والوجود ، فإنها حصة متعينة نسبتها الى القلب الجمع والوجود نسبة عالم المثال المقيد الى عالم المثال المطلق ، فافهم ، وذكرت امهات القلوب فتذكر .
وإذا اعتبرت وحدة الجملة من حيث عدم تشعبها و أعرضت عن الحيثيات والاعتبارات كلها، انمحت السعة وأحكامها، فإنه لا يقال في شيء الواحد الوحدة الحقيقية المستعلية على كل وحدة متعلقة وكثرة : انه يسع شيئا او لا يسعه شيء ، إذ لا عدد ولا تفصيل ، فاعلم ذلك .
تجل - التجل - تجلي - التجلي – تجليات - التجليات
التجلي في اللغة تجلى الشيء: انكشف واتضح.
التجلي بالمعنى الصوفي: إشراق ذات الله وصفاته، أو ما ينكشف للقلوب من أسرار الغيوب.
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم :
منها قوله تعالى : " فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا " [الأعراف : 143]
وقوله تعالى : "وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى" سورة الليل
في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام علي بن أبي طالب في التجلي الإلهي وعلاقته بالرؤية:
" تجلى الله لعباده من غير أن يروه ، وأراهم نفسه من غير أن يتجلى لهم ، ومعرفة ذلك تحتاج إلى فهم ثابت وعقل وافر .
يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
التجلي : هو التهذيب للخواص" .
يقول الشيخ السراج الطوسي
" التجلي : هو إشراق أنوار إقبال الحق على قلوب المقبلين عليه " .
يقول الشيخ أبو بكر الكلاباذي :
" قال بعضهم : التجلي : هو رفع حجبة البشرية ، لا أن تتلون ذات الحق جل وعز عن ذلك وعلا" .
يقول الإمام القشيري :
" التجلي : هو إشراق أنوار الحق على قلوب المريدين .
يقول الشيخ عمر السهروردي :
" التجلي : هو إشارة إلى رتب الحظ من اليقين ، ورؤية البصيرة .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
التجلي : هو من مقامات الجحود ، الممتدة إلى سر العبادة ، وسر السجود ، وسر الشاهد والمشهود .
ويقول : " التجلي : عند القوم ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب ، وهو على مقامات مختلفة .
فمنها : ما يتعلق بأنوار المعاني المجردة عن المواد من المعارف والأسرار ،ومنها : ما يتعلق بأنوار الأنوار .
ومنها : ما يتعلق بأنوار الأرواح وهم الملائكة ومنها ما يتعلق بأنوار الرياح ... فكل نور من هذه الأنوار إذا طلع من أفق ووافق عين البصيرة سالما من العمى والغشي والصدع والرمد وآفات الأعين ، كشف بكل نور ما انبسط عليه ، فعاين ذوات المعاني على ما هي عليه في أنفسها ، وعاين ارتباطها بصور الألفاظ والكلمات الدالة عليها ،وأعطته بمشاهدته إياها ما هي عليه من الحقائق في نفس الأمر من غير تخيل ولا تلبيس.
يقول الشريف الجرجاني:
" إنما جمع الغيوب باعتبار تعدد موارد التجلي ، فإن لكل اسم إلهي بحسب حيطته ووجوهه تجليات متنوعة ، وأمهات الغيوب التي تظهر التجليات من بطائنها سبعة:
1 - غيب الحق وحقائقه .
2 - وغيب الخفي : المنفصل من الغيب المطلق بالتمييز الأخفى في حضرة أو أدنى .
3 - وغيب السر : المنفصل من الغيب الإلهي بالتمييز الخفي في حضرة قاب قوسين.
4 - وغيب الروح : وهو حضرة السر الوجودي المنفصل بالتمييز الأخفى ، والخفي في التابع الامري .
5 - وغيب القلب : وهو موقع تعانق الروح والنفس ، ومحل استيلاد السر الوجودي ، ومنصة استجلائه في كسوة أحدية جمع الكمال .
6 - وغيب النفس : وهو أنس المناظرة .
7 - وغيب اللطائف البدنية : وهي مطارح أنظاره لكشف ما يحق له جمعا وتفصيلا .
يقول الشيخ صدر الدين القونوي :
" التجلي ( من حيث تعينه ) : هو اسم دال على الغيب المطلق غير المتعين".
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" التجلي : عبارة عن كشف العبد بعظمة ربه ،وهذا قبل الرسوخ وأما بعد الرسوخ فلا غيبة له".
يقول الشيخ أبو العباس التجاني :
" التجلي : عبارة عن ظهور الحق سبحانه وتعالى ".
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
" التجلي بتعريف عام : هو مبدأ التغير في المتجلى له ، ينقله من حال إلى حال" .
نقول في اصطلاح الكسنزان :
في أصول الطريقة ، في أصول التصوف ، الله يتجلى في بعض الأماكن
وهي : في مكة المكرمة ، المدينة المنورة ، المساجد والتكايا ، مقامات ومشاهد الأولياء والصاحين ، وفي قلوب الصالحين .
4 - ووجه يلي عالم الشهادة ويختص بالاسم الظاهر والاخر.
5 - ووجه جامع يختص باحدية الجمع ، وهي التي تليها مرتبة الهوية المعنوية بالاولية والاخرية والبطون والظهور والجمع بين هذه النعوت الأربعة .
10 / 12 - ولكل وجه مظهر من الأناسي والخصيص لشعيب عليه السلام من هذه الوجوه : الوجه المثالي ، وانه من وجه في مقامه هذا شبيه بالروح الحيواني المخزون في تجويف الأيسر من القلب الصنوبري ، فإنه برزخ بين الروح الإنساني وبين المزاج .
لأنه من حيث انه قوة بسيطة معقولة يناسب الروح ويرتبط به ، ومن حيث اشتماله بالذات على القوى المختلفة المنبثة في أقطار البدن والمتصرف فيه بالتصرفات المختلفة المتكثرة ، يناسب المزاج المركب من الاجزاء والطبائع المختلفة .
فلذلك تأتي الارتباط وتيسر المدد ، إذ لو لم يكن ارتباط الروح البسيط بالمزاج المركب ، وهذا من لطائف الحكم الإلهية المقتضية الجمع بين الاضداد في امر جامع لها بأمثال هذه المثال شتات التي يتوقف عليها الارتباط والتأثير التدبيرى .
11 / 12 - وإذا عرفت هذا فاعلم انه لما كانت التصورات المثالية من الثمرة للصور الحسية الظاهرة ، كانت تربية موسى عليه السلام اولا على يد شعيب عليه السلام ، ولذلك كان الغالب على حال موسى عليه السلام وآياته احكام الاسم الظاهر.
ولما شاء الحق تكميله لكونه اصطنعه لنفسه لذلك أرسله الى الخضر عليه السلام الذي هو مظهر الاسم الباطن وصورة الوجه القلبي الذي يلي الحق، دون واسطة المنبه عليه من القصة بـ " فَأَرَدْنا " و " فَأَرادَ رَبُّكَ " [ الكهف / 81 و 82 ]
وبقوله تعالى : " وعَلَّمْناه من لَدُنَّا عِلْماً " [ الكهف / 65 ] فافهم .
12 / 12 - وكل هذه احوال الباطن ، بخلاف الاعتراضات الموسوية ، فان مستندها الأوامر الظاهرة ، وكذلك الحسن والقبح اللازمان لها والذي هو صورة القلب الجمع والوجود كنبينا صلى الله عليه وسلم .
فان مقامه نقطة وسط الدائرة الوجودية بوجوه قلبه الخمسة تواجه كل عالم وحضرة ومرتبة ، ويضبط احكام الجميع ويظهر بأوصافها كلها بوجهه الجامع المنبه عليه آنفا .
12 / 13 - إذا عرفت ما نبهتك عليه من النسبة الشعيبية القلبية عرفت لما كان آيته في رسالته الوفاء بالكيل والميزان ، فان المدد المنتشر من القلب في أقطار البدن انما ينتفع به البدن إذا أخذ كل عضو منه ما يحتاج اليه من غير زيادة ولا نقصان ، وكذلك الغذاء ، والكيل نظيره توزيع الغذاء ، والميزان نظيره المدد النفساني .
14 / 12 - إذا فهمت ما أشرت اليه تعديت منه معتبرا ذلك ومستقربا له في صورة العالم ، وحينئذ تفهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : بالعدل قامت السموات والأرض .
وقوله ايضا في وصف الحق : بيده الميزان يخفض القسط ويرفعه .
وتعرف ايضا - ان نور الله فهمك - معنى قوله تعالى : " إِنَّ الله يُمْسِكُ السَّماواتِ والأَرْضَ أَنْ تَزُولا " [ فاطر / 41 ]
وسر قوله تعالى : " وأَوْحى في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها " [ فصلت / 12 ] فتنبه ترشدوا قنع .
فلسان هذا المقام طلق ذو بسط عظيم لا تحمل هذا المختصر تفصيله ، والله الهادي .
15 / 12 - واما سر الاخر من السرين فتختص بسعة القلب ونسبه من الرحمة التي وسعت كل شيء وتشعبت مائة شعبة - كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عنها - وسأشير الى طرف منه واختم به الكلام على هذا الفص ان شاء الله تعالى .
16 / 12 - فأقول اعظم الأشياء الموصوفة بالسعة من جانب الحق : الرحمة والقلب الإنساني والعلم .
فإنه قال في سعة الرحمة : " ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " [ الأعراف / 155 ] وقال في الرحمة والعلم معا بلسان الملائكة : " رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْماً " [ غافر / 7 ] .
فقال في سعة القلب الإنساني : ما وسعني ارضى ولا سمائى ووسعني قلب عبدى المؤمن . . . الحديث . ولا شك ان بين سعة كل واحد من هذه الثلاثة وبين الآخرين تفاوتا لا يعرف معرفة حقيقية ما لم يعرف حقيقة الرحمة وأحكامها وحقيقة العلم وكيفية تعلقه بالمعلومات وحقيقة القلب الذي وسع الحق.
فلنبدأ بتأييد الله وإمداده بذكر العلم الذاتي الإلهي وتعلقه بالحق والمعلومات .
17 / 12 - فنقول : اعلم ان تعلق علم الحق بذاته على نحوين وكذلك تعلقه بالمعلومات - :
فان للحق تعينا في عرصة تعقله نفسه ، ولهذا تعين الإطلاق بالنسبة الى تعين كل شيء في علم كل عالم ، بل وبالنسبة الى تعين الحق في تعقل كل متعقل ويتعلق علمه تعالى من حيث تعينه في نفسه ومن حيث تعينه في تعقل كل متعقل ، فعلمه سبحانه يتعلق به ايضا بذاته على نحو آخر وهو : معرفته بذاته من حيث إطلاقها وعدم انحصارها في تعينها في نفسه ، وهذه من معرفة كلية جملية .
18 / 12 - ويتعلق علمه بالمعلومات ايضا على نحوين :
أحدهما باعتبار تعينها في علمه وتعقل امتياز بعضها عن بعض ، غير ان هذا النحو من التعلق العلمي لا يشتمل جميع الممكنات ، بل يختص بما قدر دخوله في الوجود في دور او أدوار محصورة .
"ثانيا" واما بالنسبة الى جميع الممكنات من حيث انها غير متناهية : فان العلم لا يتعلق بها الا تعلقا كليا جمليا ، كما اشترت اليه في شأن الحق من حيث إطلاقه .
19 / 12 - وعلة هذه النسبة والاشتراك التام بين الحق والممكنات هو انها في التحقيق الا وضح شئون ذاته الكامنة في إطلاقه وغيب هويته ، ولا تخلص لاحد في علمه بالحق من تجاوز التعينات التعقلية والانتهاء الى تعين الحق في تعقله نفسه وشهود اتصال ذلك التعين من وجه بالإطلاق الذاتي الغيبى العديم الوصف والاسم والرسم والحصر والحكم الا لمن كان حقيقته البرزخ الجامع بين الوجوب والإمكان وأحكامها .
فإنه يواجه باطلاقه غيب الذات باعتبار عدم ، لأنه لا تعقل له فكرى يحضره عن إطلاقه مغايرته له دون توهم تعدد وامتياز .
فافهم وتدبر غريب ما سمعت وما عليه نبهت ، تعرف انه ليس شيء اوسع من العلم بشرط معرفته على الوجه المذكور.
20 / 12 - واما سعة الرحمة المشار إليها في الكتاب والسنة : فتخصص ببعض المحدثات المتعينة في اللوح المحفوظ بكتابة القلم الأعلى وهي المتشعبة الى مائة شعبة - كما أشار صلى الله عليه وسلم .
21 / 12 - واما سعة القلب الذي وسع الحق فهي عبارة عن سعة البرزخية المذكورة الخصيصة بالإنسان الحقيقي الذي هو قلب الجمع والوجود ، فان الإنسان الحقيقي الذي هو قلب الجمع والوجود ، قلبه برزخية وعلمه المنبه عليه آنفا ، فافهم.
فهذا روح هذا الفص والخفي من اسراره ، وقد نبهت فيما تقدم على ما يختص بشعيب من حيث حظه الذوقي وحكمه الاسمى .
22 / 12 - واما حظه من السعة : فبحسب مرتبة قلبية المشبهة بالروح الحيواني ، وهي التي نسبت إليها وشعبها وأحكامها بمقدار حصته من مطلق القلب الجمع والوجود ، فإنها حصة متعينة نسبتها الى القلب الجمع والوجود نسبة عالم المثال المقيد الى عالم المثال المطلق ، فافهم ، وذكرت امهات القلوب فتذكر .
وإذا اعتبرت وحدة الجملة من حيث عدم تشعبها و أعرضت عن الحيثيات والاعتبارات كلها، انمحت السعة وأحكامها، فإنه لا يقال في شيء الواحد الوحدة الحقيقية المستعلية على كل وحدة متعلقة وكثرة : انه يسع شيئا او لا يسعه شيء ، إذ لا عدد ولا تفصيل ، فاعلم ذلك .
كلمات ومصطلحات وردت في فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
تجل - التجل - تجلي - التجلي – تجليات - التجليات
التجلي في اللغة تجلى الشيء: انكشف واتضح.
التجلي بالمعنى الصوفي: إشراق ذات الله وصفاته، أو ما ينكشف للقلوب من أسرار الغيوب.
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم :
منها قوله تعالى : " فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا " [الأعراف : 143]
وقوله تعالى : "وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى" سورة الليل
في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام علي بن أبي طالب في التجلي الإلهي وعلاقته بالرؤية:
" تجلى الله لعباده من غير أن يروه ، وأراهم نفسه من غير أن يتجلى لهم ، ومعرفة ذلك تحتاج إلى فهم ثابت وعقل وافر .
يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
التجلي : هو التهذيب للخواص" .
يقول الشيخ السراج الطوسي
" التجلي : هو إشراق أنوار إقبال الحق على قلوب المقبلين عليه " .
يقول الشيخ أبو بكر الكلاباذي :
" قال بعضهم : التجلي : هو رفع حجبة البشرية ، لا أن تتلون ذات الحق جل وعز عن ذلك وعلا" .
يقول الإمام القشيري :
" التجلي : هو إشراق أنوار الحق على قلوب المريدين .
يقول الشيخ عمر السهروردي :
" التجلي : هو إشارة إلى رتب الحظ من اليقين ، ورؤية البصيرة .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
التجلي : هو من مقامات الجحود ، الممتدة إلى سر العبادة ، وسر السجود ، وسر الشاهد والمشهود .
ويقول : " التجلي : عند القوم ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب ، وهو على مقامات مختلفة .
فمنها : ما يتعلق بأنوار المعاني المجردة عن المواد من المعارف والأسرار ،ومنها : ما يتعلق بأنوار الأنوار .
ومنها : ما يتعلق بأنوار الأرواح وهم الملائكة ومنها ما يتعلق بأنوار الرياح ... فكل نور من هذه الأنوار إذا طلع من أفق ووافق عين البصيرة سالما من العمى والغشي والصدع والرمد وآفات الأعين ، كشف بكل نور ما انبسط عليه ، فعاين ذوات المعاني على ما هي عليه في أنفسها ، وعاين ارتباطها بصور الألفاظ والكلمات الدالة عليها ،وأعطته بمشاهدته إياها ما هي عليه من الحقائق في نفس الأمر من غير تخيل ولا تلبيس.
يقول الشريف الجرجاني:
" إنما جمع الغيوب باعتبار تعدد موارد التجلي ، فإن لكل اسم إلهي بحسب حيطته ووجوهه تجليات متنوعة ، وأمهات الغيوب التي تظهر التجليات من بطائنها سبعة:
1 - غيب الحق وحقائقه .
2 - وغيب الخفي : المنفصل من الغيب المطلق بالتمييز الأخفى في حضرة أو أدنى .
3 - وغيب السر : المنفصل من الغيب الإلهي بالتمييز الخفي في حضرة قاب قوسين.
4 - وغيب الروح : وهو حضرة السر الوجودي المنفصل بالتمييز الأخفى ، والخفي في التابع الامري .
5 - وغيب القلب : وهو موقع تعانق الروح والنفس ، ومحل استيلاد السر الوجودي ، ومنصة استجلائه في كسوة أحدية جمع الكمال .
6 - وغيب النفس : وهو أنس المناظرة .
7 - وغيب اللطائف البدنية : وهي مطارح أنظاره لكشف ما يحق له جمعا وتفصيلا .
يقول الشيخ صدر الدين القونوي :
" التجلي ( من حيث تعينه ) : هو اسم دال على الغيب المطلق غير المتعين".
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" التجلي : عبارة عن كشف العبد بعظمة ربه ،وهذا قبل الرسوخ وأما بعد الرسوخ فلا غيبة له".
يقول الشيخ أبو العباس التجاني :
" التجلي : عبارة عن ظهور الحق سبحانه وتعالى ".
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
" التجلي بتعريف عام : هو مبدأ التغير في المتجلى له ، ينقله من حال إلى حال" .
نقول في اصطلاح الكسنزان :
في أصول الطريقة ، في أصول التصوف ، الله يتجلى في بعض الأماكن
وهي : في مكة المكرمة ، المدينة المنورة ، المساجد والتكايا ، مقامات ومشاهد الأولياء والصاحين ، وفي قلوب الصالحين .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 12 سبتمبر 2019 - 23:34 عدل 1 مرات
السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولى: الجزء الثاني
" إذا تجلى الله تعالى على عبد من عبيده في اسم من أسمائه اصطلم العبد تحت أنوار ذلك الاسم ، فمتى ناديت الحق بذلك الاسم أجابك العبد لوقوع ذلك الاسم عليه .
فأول مشهد من تجليات الأسماء :
أن يتجلى الله لعبده في اسمه الموجود ، فيطلق هذا الاسم على العبد ، وأعلى منه تجليه له في اسمه الواحد ، وأعلى منه تجليه في اسمه الله .
فيصطلم العبد لهذا التجلي ويندك جبله فيناديه الحق على طور حقيقته :
إنه أنا الله هنالك ، يمحو الله اسم العبد ، ويثبت له اسم الله ، فإن قلت يا الله أجابك هذا العبد لبيك وسعديك ، فإن ارتقى وقواه الله وأبقاه بعد فنائه كان الله مجيبا لمن دعى هذا العبد ...
ثم إذا قوي العبد في الترقي ، تجلى الحق له في اسمه الرحمن ، ثم في اسمه الرب ، ثم في اسمه الملك ، ثم في اسمه العليم ،ثم في اسمه القادر.
وكلما تجلى الله في اسم من هؤلاء الأسماء المذكورة فإنه أعز مما قبله في الترتيب ، وذلك لأن تجلي الحق في التفصيل ، أعز من تجليه في الإجمال .
فظهوره لعبده في اسمه الرحمن تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الله ، وظهوره لعبده في اسمه الرب تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الرحمن ، وظهوره في اسمه الملك تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الرب ...
وكذلك بواقي الأسماء بخلاف تجلياته الذاتية ، فإن ذاته إذا تجلت لنفسه بحكم مرتبة من هذه المراتب كان الأعم فوق الأخص ...
والعجب في التجليات الأسمائية : أن المتجلى له لا يشهد إلا الذات الصرف ، ولا يشهد الأسماء لكن المميز يعلم سلطانه من الأسماء التي هو بها مع الله تعالى ...
الناس في تجليات الأسماء وهم على أنواع .
فمنهم : من تجلى الحق عليه من حيث اسمه القديم ، وكان طريقه إلى هذا التجلي أن كشف له الحق عن كونه موجودا في علمه قبل أن يخلق الخلق ... فعندما تجلى له من ذاته القدم الإلهي اضمحل حدثه فبقي قديما بالله تعالى فانيا عن حدثه.
ومنهم : من تجلى له الحق في اسمه القدوس ، ففنى من هذا العبد نقائص الأكوان ، وبقي بالله تعالى منزها عن وصف الحدثان .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في مقدار التجليات:
" ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد .
وهذا ليس كذلك ، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق .
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين :
تجلي غيبي وتجلي شهادة ، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب ، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته ، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه ( هو ) .
فلا يزال ( هو ) له دائما أبدا فإذا حصل له - أعني للقلب - هذا الاستعداد تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه .
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله : " أعطى كل شيء خلقه " ، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده . فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق . .
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي .
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" التجلي الإلهي الواقع في دار الآخرة لا يكون إلا على قدر العلم الحاصل في الدنيا ، وعلى قدر صورته يقع التجلي .
ويقول : " تجلي الحق من حيث الإطلاق عن الاستعدادات محال ، وإنما يتجلى بحسب استعداد المتجلي له ، فهو كالماء لا لون ولا شكل له ، ويظهر بالأشكال والألوان بحسب الأواني .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" التجلي في صورة ذات روحه لا يعول عليه .
" التجلي المتكرر في الصورة الواحدة لا يعول عليه .
" كل تجل لا يعطيك العلم بحقيقة لا يعول عليه .
" التجلي بالجيم إذا أبقاك لا يعول عليه .
يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
" التجلي على ثلاث أحوال :
تجلي ذات : وهي المكاشفة .
وتجلي صفات : وهي موضع النور .
وتجلي حكم الذات : وهي الآخرة .
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الجيلاني :
" التجليات أربعة : تجلي الآثار ، وتجلي الأفعال ، وتجلي الصفات ، وتجلي الذات.
ويقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" التجليات ضروب شتى يجمعها الفناء والبقاء ، فمن طلب تجلي الفناء لم يدر ما طلب ، لأن الحق يعطي التجلي ويعطي فيه فإذا أفناه التجلي لم يدر ما يعطى فيه.
ويقول : " تجلى سبحانه تجليا عاما إحاطيا ، وتجلى تجليا خاصا شخصيا .
فالتجلي العام : تجل رحماني ، وهو قوله تعالى : "الرحمن على العرش استوى".
والتجلي الخاص : هو ما لكل شخص شخص من العلم بالله ، وبهذا التجلي يكون الدخول والخروج والنزول والصعود والحركة والسكون والاجتماع والافتراق والتجاوز .
ويقول : " التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر ، والتجلي في المظاهر وهو التجلي في صور المعتقدات كائن بلا خلاف ، والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف : وهما تجلي الاعتبارات .
ويقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
" للحق تبارك وتعالى تجليين :
تجل في مرتبة الإطلاق من حيث لا خلق .
وتجل في رتبة التقييد بعد خلق الخلق .
ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" إن أهل هذا اللسان الواقفين في ميادين البيان قسموا التجليات : إلى تجل فعلي وتجل أسمائي وتجل صفاتي وتجل ذاتي .
فأما التجلي الفعلي : فمعلوم ، وكذا التجلي الأسمائي والتجلي الصفاتي .
وأما التجلي الذاتي فإنما يعنون به : تجلي الحق - تعالى - للعبد من حيث أنه لا يظهر لذلك التجلي نسبة إلى اسم ولا صفة ولا نعت ولا إضافة ، وإنما يعرف أنه تجلي له فقط .
ومتى ظهر شيء مما ذكر نسب ذلك التجلي إلى ما ظهر ، فالتجلي الذاتي عند الطائفة العلية هو تجلي الذات من حيث الذات الإلهية لا من حيث الذات الأحدية ، فإنه محل المحال ، ولا يقول به أحد من الناقصين فضلا عن أهل الكمال .
إذ الذات الأحدية هي الوجود المطلق عن الإطلاق والتقييد لا ظهور لشيء معها مما ينافي أحديتها .
هذا المراد بالتجلي عندهم وإن كان لفظ التجلي الذاتي ربما يوهم شيئا خلاف المراد .
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" التجلي الخيالي نوعان : نوع على صورة المعتقد ، ونوع على صورة المحسوسات ...
لكن مطلق التجلي الصوري منشؤه ومحتده العالم المثالي ، وهو إذا اشتد ظهوره شوهد بالعين الشحمية محسوسا لكنه على الحقيقة عين البصيرة هي المشاهد ، إلا أنه لما صار كله عينا كان بصره محل بصيرته في هذا المشهد . وأما المعنوي أعني مما أعطانا الكشف في الحديث أنه واقع معنى .
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" تجليات الحق على ثلاثة أقسام :
قسم أظهرهم ليظهر كرمه وإحسانه ، وهم أهل الطاعة والإحسان .
وقسم أظهرهم ليظهر فيهم حلمه وكرمه ، وهم أهل العصيان من أهل الإيمان .
وقسم أظهرهم ليظهر فيهم نقمته وغضبه ، وهم أهل الكفر والطغيان .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" تجليات الحق على نوعين :
تجل يفنيك عنك وعن أحكامك ،
وتجل يبقيك معك ومع أحكامك .
يقول الشيخ علي الخواص :
" اعلم يا أخي أن للحق تعالى تجليا في رتبة الإطلاق والتنزيه حيث لا خلق ، وتجل في رتبة تقرب من رتبة التقييد والتخيير بعد خلق الخلق ،وبكل من هذين التجليين جاءت الآيات والأخبار.
فارجع يا أخي كل كلام يعطي التنزيه إلى مرتبة الإطلاق . وكل كلام يعطي ظاهره التشبيه إلى مرتبة تقرب من رتبة التقييد يرتفع التعارض عندك من جميع الآيات والأخبار ولم تحتج إلى تأويل ، فإن الناس ما احتاجوا إلى التأويل وخالفوا ما كان عليه سلفهم إلا من ظنهم أن الحق تعالى ليس له تجل إلا في مرتبة واحدة ، أما تنزيه فقط أو تشبيه فقط ، والحق أن له مرتبتين كما أدركه الكشف وأيده الشرع ، والكامل من مشى مع الشرع حيث مشى ووقف معه حيث وقف .
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في كيفية التجلي:
" إذا أراد الحق سبحانه وتعالى أن يتجلى عليه باسم أو صفة : فإنه يفني العبد فناء يعدمه عن نفسه ، ويسلبه عن وجوده .
فإذا طمس النور العبدي وفنى الروح الخلقي أقام الحق سبحانه وتعالى في الهيكل العبدي من غير حلول من ذاته ، لطيفة غير منفصلة عنه ولا متصلة بالعبد عوضا عما سلبه منه ، لأن تجليه على عباده من باب الفضل والجود ، فلو أفناهم ولم يجعل لهم عوضا عنهم لكان ذلك من باب النقمة وحاشاه من ذلك ، وتلك اللطيفة هي المسماة : بروح القدس .
فإذا أقام الحق لطيفة من ذاته عوضا عن العبد كان التجلي على تلك اللطيفة ، فما تجلى إلا على نفسه .
لكنا نسمي تلك اللطيفة الإلهية : عبدا باعتبار أنها عوض عن العبد ، وإلا فلا عبد ولا رب ، بانتفاء المربوب انتفى اسم الرب ، فما ثم إلا الله وحده الواحد الأحد .
تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن التجلي في اصطلاح الشيخ الأكبر ابن العربي:
" يتسرب لفظ ( التجلي ) إلى كل البنيان الفكري لشيخنا الأكبر ، ويتداخل مع نظرياته كافة ، بل هو العماد الذي يبنى عليه فلسفته في وحدة الوجود .
إذ بالتجلي يفسر الخلق - وكيفية صدور الكثرة عن الوحدة دون أن تتكثر الوحدة الوجودية ، والمعرفة العلمية الصوفية ... وسنفرع التجلي إلى شقين ، نسميها أسوة بالجامي :
التجلي الوجودي والتجلي الشهودي أو بالعلمي العرفاني .
التجلي الوجودي :
إن العلم بأسره هو صور التجلي الإلهي من حيث الاسم الظاهر ،إن الحق يتجلى في الأشياء ، أي يظهر فيها فيمنحها بهذا التجلي: الوجود.
وهذا التجلي دائم مع الأنفاس في العالم ، واحد يتكثر في مظاهره لاختلاف استعداد المتجلي فيه ، يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" له تعالى التجلي الدائم العام في العالم على الدوام ، وتختلف مراتب العالم فيه لاختلاف مراتب العالم في نفسها ، فهو يتجلى بحسب استعدادهم ...
التجلي الشهودي أو العلمي العرفاني :
إن التجلي هنا يتصل بطبيعة المعرفة من حيث أنه نوع من أنواع الكشف يفني المتجلي له ويورثه علما ، بل لا يصح العلم بالله عند ابن العربي الطائي الحاتمي إلا عن طريقه ، وهو واحد يتنوع باستعداد المحل .
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" لم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها ، على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها ...
" التجلي ... ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب ... .
وقد أشارت الدكتورة إلى بعض النقاط ذات الصلة بالموضوع في الهامش اخترنا منها :
" إن التجلي الوجودي = التعين = الفيض .
" إن التجلي دائم مع الأنفاس ، فالحق لم يزل أبدا متجليا في صور العالم ، والعالم لم يزل فانيا في ذاته ثابتا في عدمه ، فالحق يتجلى مع الأنفاس ، أي أنه دوما في خلق جديد .
" درج ابن العربي في إيضاحه لتكثر وحدة التجلي في المظاهر على إيراد الصورة التمثيلية التالية بهدف تشبيهي :
النور واحد إذا انعكس على زجاج مختلف الألوان يتكثر ويتعدد ( نور أحمر ، نور أصفر ... ) ، فالنور الواحد هو تشبيه للتجلي الواحد ، أما تعدد ألوان الزجاج فهو إشارة إلى تعدد استعدادات المظاهر ( المظاهر = المجالي ) .
" إن الخلق عند ابن العربي الطائي الحاتمي ليس إيجاد من عدم مطلق بل هو في الواقع ظهور ، ظهور للغيب أو للباطن ، فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من الاسم الظاهر .
" التجلي الإلهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس ، ونستطيع أن نشبه هذا لتجلي الذي يخرج الممكنات من ( الغيب ) إلى ( الشهادة ) بالصورة التالية : غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من الأشياء ، ولكن الظلام لا يسمح بتمييز شيء آخر ، ففي الظلام تتحد كل الأشياء ، ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه الأشياء بأشكالها وذاتيتها فالنور أظهر الأشياء ، وهكذا التجلي فهو النور الذي اظهر ( محتويات الغيب ) فأوجدها .
" إن التجلي العلمي يفني المتجلي له ، بخلاف التجلي الوجودي الذي بقي .
" إن الجيلي احتفظ بلفظ التجلي في المجال العلمي العرفاني ، أما على الصعيد الوجودي فقد استبدل به كلمة ( التنزل ) ، وفسر على أساسه ( الخلق ) بالخطوات نفسها والترتيب الذي نجده عند الشيخ الأكبر .
تقول الدكتورة سعاد الحكيم : " التجلي الدائم عند ابن العربي: هو تجلي وجودي من ناحية ، وشهودي من ناحية أخرى.
وأضافت الدكتورة قائلة :
" إنه تجلي وجودي من حيث أن الحق هو دائم التجلي في صور الموجودات ...
وهو تجلي شهودي من حيث أن العلماء الذين علموا أن الحق عين كل صورة لا يزالون في تجل دائم .
فالعلماء بالله بشهودهم الحق في كل صورة في حال شهود دائم ، لأنه ما ثمة إلا صور محيطة بهم ، فالحق دائم التجلي بالنسبة إليهم ، على حين أن هذه الصور نفسها حجاب بالنسبة لغير العلماء بالله .
تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن التجلي العام في الكثرة :
" التجلي العام في الكثرة عند ابن العربي: هو تجلي الحق سبحانه وتعالى في الدار الآخرة ، في الكثيب على أهل الجنة عامة ، فهذا التجلي الواحد الذي يكون للجميع في آن واحد دون أن ينكره أحد وبما ينتجه من علوم تتكثر باستعدادات المحل ، وهو التجلي العام في الكثرة .
تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن التجلي العام للكثرة :
" التجلي العام للكثرة عند ابن العربي هو التجلي الإلهي للجميع الذي ينتج علما واحدا ، فهو عام بنتيجته العلمية الواحدة ، وهو تجلي الحق عند أخذه الميثاق من الخلق .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن تجلي الفطرة :
تجلي الفطرة : هو التجلي الذي يحقق العبد بالثبات على الفطرة والسعادة ، والتي هي الهداية في أول النشأة عند ميثاق الذر .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن التجلي الأول :
" التجلي الأول هو تجلي الذات وحدها لذاتها ، وهي الحضرة الأحدية التي لا نعت فيها ولا رسم .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن التجلي الثاني :
" التجلي الثاني هو الذي تظهر به أعيان الممكنات الثابتة التي هي شؤون الذات لذاته تعالى ، وهو التعين الأول بصفة العالمية والقابلية ، لأن الأعيان معلوماته الأول والذاتية القابلة للتجلي الشهودي ، والحق بهذا التجلي ينزل من الحضرة الأحدية إلى الحضرة الواحدية بالنسب الأسمائية .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن التجلي الشهودي :
" التجلي الشهودي : هو ظهور الوجود المسمى باسم النور : وهو ظهور ( الحق بصور أسمائه في الأكوان التي هي صورها وذلك الظهور هو ) النفس الرحماني الذي يوجد به الكل .
يقول الشيخ أبو العباس التجاني عن التجلي الأخير :
"التجلي الأخير هو آدم ، وهو الموجود الأخير من الموجودات ، وهو المعبر عنه عند العارفين : باللباس الأخير " .
يقول الشيخ أبو المواهب الشاذلي في الفرق بين التجليات الذاتية والتجليات الصفاتية :
" تجلي ذات الحق تمحق الكائنات ، وتجلي صفاته توجب لها الثبات ، لذلك لم تطق رؤية الذات بالإبصار ، ولا يدرك كنهها بالعقول والأفكار . كيف وأنى لجائز حادث سقيم أن يثبت لوجوب الوجود القديم ".
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري عن التجلي الساري:
"التجلي الساري في جميع الذراري : هو الوجود القائم بنفسه المقوم لغيره من الموجودات في مراتبها ، كما يسميه بعضهم : بنفس الرحمن ، نظرا إلى ما حصل بالوجود من التنفيس عن الأسماء الإلهية والحقائق الممكنة ، وهو المسمى : بالروح الكل عندما تنزل إلى مراتب الإمكان " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي عن تجلي السريان الوجودي:
"تجلي السريان الوجودي هو سريان الأمر في الموجودات سريان النور في الهواء ، فظهرت به العلل والأسباب ، والأحكام والفاعلية ، وغاب كل موجود عن حقيقته وانفعاليته ومعلوليته .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي تجلي السبحات المحرقة :
"تجلي السبحات المحرقة هو التجلي الذي ترتفع فيه الأنوار والظلم ، وتسطع على العارفين سبحات الكرم ، فيدفع سلطان إحراقها قدم الصدق " .
رب - الرب – ربوبية - الربوبية – مربوب - المربوب
تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن الرب :
" الرب المنعوت في الشرع عند ابن العربي هو إله المعتقدات ".
يقول الشيخ الجنيد البغدادي عن الربوبية :
: " الربوبية : هي العلم ، والقدرة ، والقهر ، والمشيئة .
يقول الشيخ أبو بكر الواسطي عن الربوبية :
" الربوبية : التفرد بإيجاد المفقودات ، والتوحد بإظهار الخفيات من الموافقة والمخالفة .
يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين عن الربوبية :
" الربوبية : هي الهوية التي هي الكل " .
الشيخ عبد الكريم الجيلي عن الربوبية :
" الربوبية : هي اسم للمرتبة المقتضية للأسماء التي تطلبها الموجودات ، فدخل تحتها الاسم العليم والسميع والبصير والقيوم والمريد والملك وما أشبه ذلك.
لأن كل واحد من هذه الأسماء والصفات يطلب ما يقع عليه .
فالعليم يقتضي المعلوم ، والقادر يقتضي مقدورا عليه ، والمريد يطلب مرادا ، وما أشبه ذلك ...
فالأسماء التي تحت اسمه الرب : هي الأسماء المشتركة بينه وبين خلقه ، والأسماء المختصة بالخلق اختصاصا تأثيريا .
يقول الشيخ مصطفى بالي زادة أفندي عن الربوبية:
" الربوبية : هي اسم للحضرة الجامعة لأسماء الصفات والأفعال فقط .
يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني عن الربوبية:
" الربوبية : هي نعت إضافي لا ينفرد به أحد المتضايفين عن الآخر.
فهي موقوفة على اثنين ، ولا يلزم أن لا يكونا متسأويين ، فقد يكونا متباينين ، وقد يكونا غير متباينين .
فمالك بلا ملك لا يكون وجودا وتقديرا ، ومليك بلا ملك لا يكون كذلك.
ورب بلا مربوب لا يصح وجودا وتقديرا ".
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي عن تجلي الربوبية :
" تجلي الربوبية : هو خلق وحق ، لوجود الحق ووجود الخلق" .
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في أنواع تجليات الربوبية :
" للربوبية تجليان : تجل معنوي ، وتجل صوري .
فالتجلي المعنوي : ظهوره في أسمائه وصفاته على ما اقتضاه القانون التنزيهي من أنواع الكمالات .
والتجلي الصوري : ظهوره في مخلوقاته على ما اقتضاه القانون الخلقي التشبيهي وما حواه المخلوق من أنواع النقص .
فإذا ظهر سبحانه في خلق من مخلوقاته على ما استحقه ذلك المظهر من التشبيه ، فإنه على ما هو له من التنزيه والأمر بين صوري ملحق بالتشبيه ، ومعنوي ملحق بالتنزيه .
إن ظهر الصوري فالمعنوي مظهر له ، وإن ظهر المعنوي فالصوري مظهر له ، وقد يغلب حكم أحدهما فيستتر الثاني تحته فيحكم بالأمر الواحد على حجاب
يقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في عظمة تجلي الربوبية:
" جرى بين يدي الجنيد ذكر قوله تعالى : " فلما تجلى ربه للجبل فجعله دكا " ، فصاح وقال : بالجعل صار دكا لا بالتجلي ، إذ لو وقعت عليه آثار التجلي لأفناه ، فكيف بالتجلي .
تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن الفرق بين الألوهية والربوبية :
" يظهر عند ابن العربي أن الألوهية هي طائفة الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونها إلها أي معبودا (قدوس سبوح ).
أما الربوبية فهي الطائفة الثانية من الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونه مدبرا للوجود ومتصرفا فيه (الخالق - المدبر).
فالألوهية مرتبة الذات من حيث كونها إلها يعبد ويقدس .
في مقابل الربوبية المسؤولة عن المربوب ."
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن سر الربوبية :
" سر الربوبية هو ما أشار إليه سهل رحمه الله تعالى بقوله : إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية .
وتقرير ما ذكر : هو أن المربوب لما كان هو الذي يبقي على الرب ربوبيته ، لكون الربوبية نسبة بين الرب والمربوب ، وحيث أن المربوب هو عين الممكن … فلو ظهر هذا السر للخلق ، لبطل عندهم ما تترتب عليه الربوبية .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني سر الربوبية :
" سر الربوبية : هو توقفها على المربوب ، لكونها نسبة لا بد لها من المنتسبين .
وإحدى المنتسبين هو المربوب ، وليس إلا الأعيان الثابتة في العدم ، والموقوف على المعدوم معدوم .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن سر سر الربوبية:
" سر سر الربوبية : هو ظهور الرب بصور الأعيان ، فهي من حيث مظهريتها للرب القائم بذاته الظاهر بتعيناته ، قائمة به موجودة بوجوده ، فهي ( عبيد مربوبون من هذه الحيثية والحق رب لها لما حصلت ) الربوبية في الحقيقة بالحق . والأعيان معدومة بحالها في الأزل ، فليس الربوبية سرا به ظهرت ولم تبطل .
ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن سر سر الربوبية :
" سر سر الربوبية : يشيرون به إلى سر هو أعلى من هذا السر الذي ذكر للربوبية ، فهو سر السر المفهوم منها ...
لما كان سر الربوبية الذي ذكره سهل هو أن تحقق الربوبية يتوقف على العين المعدومة ، فلو ظهر هذا السر لبطلت الربوبية لبطلان ما يترتب عليه ، إلا أنه لما كان قيام الربية والمربوبية كليهما بذات الحق تعالى وتقدس لم يصح بطلان الربوبية.
فظهور سر الربوبية يوجب بطلانها عند من لم يظهر له هذا السر الثاني المستتر في السر الأول ، ولهذا كان الثاني هو مسمى : بسر السر المفهوم من الربوبية ، فكان سر سرها موجبا لإثباتها ".
يقول الشيخ الحسين بن عبد الله بن بكر في الفرق بين العبودية والربيوبية:
" العبودية كلها شريعة ، والربوبية كلها حقيقة .
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري في الربوبية :
" الربوبية ... جامعة للأسماء المشتركة بين الحق والخلق ، والمختصة بالخلق .
والملكية مختصة بالأسماء المختصة بالخلق كالقادر والمريد والمعطي والمانع والضار والوهاب ونحوها ، فهو قادر على الممكنات لا على نفسه ، ومريد لها .
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في الفرق بين الربوبية والمعية والقيومية:
" الرب بمعنى الصاحب الملازم الذي لا يفارق أبدا ... والفرق بين الربوبية والمعية والقيومية بالاعتبار فقط ، فإن ملازمة توجه قدر الحق تعالى على الأشياء دائما ليوجدها ذاتا وصفاتا وأفعالا . تسمى تلك الملازمة : ربوبية .
واعتبار كونه تعالى لا يفارقها أبدا فقط ، مع قطع النظر عن توقف وجودها عليه يسمى : معية .
واعتبار وجودها وثبوتها في ذاتها وصفاتها وأفعالها به تعالى يسمى : قيومية .
يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي الفيض الأقدس:
" والثبوت أمر وجودي عقلي لا عيني بل نسبي ….
" تشكل الأعيان الثابتة مرتبة بين الحق في غيبه المطلق وبين العالم المحسوس .
فهي من ناحية أول تنزل من تنزلات الحق من مرتبة بطونه ، إنها ( الفيض الأقدس ) الذي يمثل ظهور الحق بنفسه لنفسه في صور الأعيان الثابتة .
وهي من ناحية ثانية ( المثال ) الثابت في علم الله المعدوم في العالم الخارجي والذي له الأثر في كل موجود بل هو أصل الموجودات …أهـ
تقول د. سعاد الحكيم عن الفيض المقدس:
" إن الخلق عند الشيخ ابن العربي ليس إيجاد من عدم مطلق بل هو في الواقع ظهور ، ظهور للغيب أو للباطن ، فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من الاسم الظاهر .
" التجلي الإلهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس .
ونستطيع أن نشبه هذا لتجلي الذي يخرج الممكنات من (الغيب) إلى (الشهادة) بالصورة التالية:
غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من الأشياء ، ولكن الظلام لا يسمح بتمييز شيء آخر ، ففي الظلام تتحد كل الأشياء ، ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه الأشياء بأشكالها وذاتيتها فالنور أظهر الأشياء ، وهكذا التجلي فهو النور الذي اظهر ( محتويات الغيب ) فأوجدها.
سرالأزل أو أولية الحق وأولية العالم - سر الأبد - سر الحال
الفتوحات المكية الباب السادس والعشرون في معرفة أقطاب الرموز وتلويحات من أسرارهم وعلومهم في الطريق
سرالأزل أو أولية الحق وأولية العالم
فأما علم سر الأزل فاعلم إن الأزل عبارة عن نفي الأولية لمن يوصف به وهو وصف لله تعالى من كونه إلها وإذا انتفت الأولية عنه تعالى من كونه إلها فهو المسمى بكل اسم سمي به نفسه أزلا من كونه متكلما .
فهو العالم الحي المريد القادر السميع البصير المتكلم الخالق البارئ المصور الملك لم يزل مسمى بهذه الأسماء وانتفت عنه أولية التقييد .
فسمع المسموع وأبصر المبصر إلى غير ذلك وأعيان المسموعات منا والمبصرات معدومة غير موجودة وهو يراها أزلا كما يعلمها أزلا ويميزها ويفصلها أزلا .
ولا عين لها في الوجود النفسي العيني بل هي أعيان ثابتة في رتبة الإمكان فالإمكانية لها أزلا كما هي لها حالا وأبدا .
لم تكن قط واجبة لنفسها ثم عادت ممكنة ولا محالا ثم عادت ممكنة بل كان الوجوب الوجودي الذاتي لله تعالى أزلا .
كذلك وجوب الإمكان للعالم أزلا فالله في مرتبته بأسمائه الحسنى يسمى منعوتا موصوفاتها فعين نسبة الأول له نسبة الآخر والظاهر والباطن لا يقال هو أول بنسبة كذا ولا آخر بنسبة كذا فإن الممكن مرتبط بواجب الوجود في وجوده وعدمه ارتباط افتقار إليه في وجوده .
فإن أوجده لم يزل في إمكانه وإن عدم لم يزل عن إمكانه فكما لم يدخل على الممكن في وجود عينه بعد أن كان معدوما صفة تزيله عن إمكانه .
كذلك لم يدخل على الخالق الواجب الوجود في إيجاده العالم وصف يزيله عن وجوب وجوده لنفسه فلا يعقل الحق إلا هكذا ولا يعقل الممكن لا هكذا .
فإن فهمت علمت معنى الحدوث ومعنى القدم .
فقل بعد ذلك ما شئت فأولية العالم وآخريته أمر إضافي إن كان له آخر .
أما في الوجود فله آخر في كل زمان فرد وانتهاء عند أرباب الكشف .
ووافقتهم الحسبانية على ذلك كما وافقتهم الأشاعرة على إن العرض لا يبقى زمانين
فالأول من العالم بالنسبة إلى ما يخلق بعده
والآخر من العالم بالنسبة إلى ما خلق قبلة
وليس كذلك معقولية الاسم الله بالأول والآخر والظاهر والباطن فإن العالم يتعدد والحق واحد لا يتعدد ولا يصح أن يكون.
أولا لنا فإن رتبته لا تناسب رتبتنا ولا تقبل رتبتنا أوليته ولو قبلت رتبتنا أوليته لاستحال علينا اسم الأولية .
بل كان ينطلق علينا اسم الثاني لأوليته ولسنا بثان له تعالى عن ذلك .
فليس هو بأول لنا فلهذا كان عين أوليته عين آخريته .
وهذا المدرك عزيز المنال يتعذر تصوره على من لا أنسة له بالعلوم الإلهية التي يعطيها التجلي والنظر الصحيح .
وإليه كان يشير أبو سعيد الخراز بقوله عرفت الله بجمعه بين الضدين ثم يتلو هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ والظَّاهِرُ والْباطِنُ فقد أبنت لك عن سر الأزل وإنه نعت سلبي.
سر الأبد
وأما سر الأبد فهو نفي الآخرية فكما إن الممكن انتفت عنه الآخرية شرعا من حيث الجملة . إذ الجنة والإقامة فيها إلى غير نهاية .
كذلك الأولية بالنسبة إلى ترتيب الموجودات الزمانية معقولة موجودة .
فالعالم بذلك الاعتبار الإلهي لا يقال فيه أول ولا آخر .
وبالاعتبار الثاني هو أول وآخر بنسبتين مختلفتين بخلاف ذلك في إطلاقها على الحق عند العلماء بالله.
سر الحال
وأما سر الحال فهو الديمومة وما لها أول ولا آخر .
وهو عين وجود كل موجود فقد عرفتك ببعض ما يعلمه رجال الرموز من الأسرار.
وسكت عن كثير فإن بابه واسع وعلم الرؤيا والبرزخ والنسب الإلهية من هذا القبيل والكلام فيها يطول .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 12 سبتمبر 2019 - 23:36 عدل 2 مرات

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الأولى الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الأولى: الجزء الثالث
الألوهة - الألوهية - الآلي - الألوهي - سر الألوهية - المألوه المطلق
في اللغة : " ألوهية: كون أو صفة الذات الإلهية " .
" الألوهة و الألوهية: اسم مرتبة جامعة لمراتب الأسماء والصفات كلها " .
في الاصطلاح الصوفي
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
الألوهة: توجه الذات على إيجاد الأشياء من نسبة القدرة إليها وعدم المانع .
ويقول" الألوهة: هي مرتبة للذات لا يستحقها إلا الله، فطلبت مستحقها ما هو طلبها، والمألوه يطلبها وهي تطلبه والذات غنية عن كل شيء" .
الشيخ عبد الكريم الجيلي
الألوهية: هي جميع حقائق الوجود وحفظها في مراتبها .
ويقول: " الألوهية: هي افضل مظاهر الذات لنفسها ولغيرها " .
الشيخ محمد بن يوسف السنوسي
يقول: " الألوهية: هي على معنيين:
أحدهما: استغناؤه جل وعلا عن كل ما سواه.
والثاني: افتقار كل ما سواه إليه جل وعلا " .
الشيخ أبو العباس التجاني
يقول: " الألوهية: هي المرتبة الجامعة المحيطة لله تعالى في جميع الموجودات فما في الوجود إلا داخل تحت الألوهية " .
ويقول: " الأألوهية معناها: توجه الوجود كله إليه، بالعبادة، والخضوع، والتذلل، والمعرفة، والتسبيح، والسجود، فما فيها ذرة خارجة عن هذا الميدان " .
الشيخ عبيدة بن أنبوجة التيشيتي
الألوهية هي مرتبة الحق: وهي عبارة عن معقولية نسبة كونه إلها معبودا وتنضاف إليها في كل مؤثر فيه صفات تسمى: أحكام المرتبة، كالقبض، والبسط، والاحياء، والاماتة، وغير ذلك .
الشيخ ابن علوية المستغانمي
يقول: " الألوهية: مأخوذة من لفظة (هو)، الذي هو إشارة للغائب، وهي في حقه تعالى إشارة إلى كنه الذات المقدسة التي لا يمكن مجالها في المكونات " .
الدكتورة سعاد الحكيم
تقول: " الألوهية عند ابن العربي الطائي الحاتمي : هي مرتبة للذات لا يستحقها سوى الله، تفارق الذات الغنية عن العالمين.
كما تفارق الربوبية المسؤولة عن العالم، وهي مع كونها حكما من أحكام الذات إلا إن لها أحكاما تتجلى في صورها، من خلال تجلياتها يصل العقل إلى معرفة الألوهية " .
وتقول: " الألوهية عنده : هي برزخ بين الذات والخلق، إنها الأسماء الحسنى السارية في الخلق جميعا " .
الدكتور أبو العلا عفيفي
يقول: " الألوهية عند الجيلي ... هي جميع حقائق الوجود التي هي أحكام المظاهر مع الظاهر، أعني الحق والخلق.
هي بعبارة أخرى: الحقيقة التي تشمل جميع المراتب الإلهية والكونية، وتعطي كل ذي حق حقه من الوجود وهي أعلى مظاهر الذات " .
في أوصاف الألوهية
يقول الشيخ أبو العباس التجاني:
" الألوهية لها وصفان:
وصف هو لجنود الحق والنور والسعادة.
والوصف الثاني جند الظلام والباطل والشقاوة.
فكلها كمالات ألوهيته وتعلقات مشيئته لا يخرج شيء عن هذا المنوال " .
في أوجه الألوهية
يقول الدكتور أبو العلا عفيفي:
" لكل من الحق والخلق ظهور في الألوهية: فظهور الحق في الألوهية يكون في أعلى مرتبة.
وظهور الخلق في الألوهية يكون على حسب ما يستحقه الخلق من تنوعاته وتغيراته وانعدامه ووجوده.
للألوهية إذن وجهان:
ظاهر وباطن، وظاهرها هو الخلق، وباطنها هو الحق، والفرق بين الاثنين كالفرق بين الثلج والماء: فالثلج ظاهر والماء باطن، والثلج غير الماء في ظاهره وعين الماء في حقيقته " .
نعت الألوهة الخاص الأخص
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" النعت الخاص الأخص التي انفردت به الألوهة : كونها قادرة ،إذ لا قدرة لممكن أصلا و إنما له التمكن في قبول تعلق الأثر الإلهي به".
في مقتضى الألوهية
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" الألوهية تقتضي : فناء العالم في عين بقائه ، وبقاء العالم في عين فنائه ".
من خصائص الألوهية
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" الألوهية : تجمع الضدين من القديم والحديث ، والحق والخلق ، والوجود والعدم. فيظهر فيها الواجب مستحيلا بعد ظهوره واجبا ، ويظهر فيها المستحيل واجبا بعد ظهوره فيها مستحيلا .
ويظهر الحق فيها بصورة الخلق مثل قوله : "رأيت ربي في صورة شاب أمرد ".
ويظهر الخلق بصورة الحق مثل قوله : " خلق آدم على صورته" .
وعلى هذا التضاد فإنها تعطي كل شيء مما شملته من هذه الحقائق حقها .
فظهور الحق في الألوهية على أكمل مرتبة وأعلاها وأفضل المظاهر وأسماها وظهور الخلق في الألوهية على ما يستحقه الممكن من تنوعاته وتغيراته وانعدامه ووجوده .
وظهور الوجود في الألوهية على كمال ما تستحقه مراتبه من جميع الحق والخلق وإفراد كل منهما .
وظهور للعدم في الألوهية على بطونه وصرافته وانمحاقه في الوجه الأكمل غير موجود في فنائه المحض .
وإلى سر هذه الألوهية أشار بقوله : "أنا أعرفكم بالله وأشدكم خوفا منه ". فما خاف من الرب ولا من الرحمن وإنما خاف من الله .
وإليه الإشارة بقوله : " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " ، على أنه أعرف الموجودات بالله تعالى وبما يبرز من ذلك الجانب الإلهي أي لا ادري .
أي : صورة أظهر بها التجلي الإلهي ، ولا أظهر إلا بما يقتضيه حكمها ، وليس لحكمها قانون ولا نقيض له .
فهو يعلم ولا يعلم ، ويجهل ولا يجهل ".
في خاصية تجلي الألوهية
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" ليس لتجلي الألوهية حد يقف عليه في التفصيل، فلا يقع عليها الإدراك التفصيلي بوجه من الوجوه، لأنه محال على الله أن يكون له نهاية، لا سبيل إلى إدراك ما ليس له نهاية. الحق قد يتجلى بها على سبيل الكلية والإجمال " .
خصائص أسماء الألوهة
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري:
" أسماء الألوهة التي تطلب العالم، وإن كانت معاني قديمة بالنسبة إلى المسمى تعالى، وكان التعلق لها نفسيا فتأثيرها في مؤثراتها حادث، فلهذا نقول: إذا اعتبر الاسم من حيث المسمى تعالى كان قديما، وإذا اعتبر من حيث الأثر كان حادثا".
في الألوهية وعلاقتها بالكثرة
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" المعول عليه:" كان الله ولا شيء معه " إنما هي الألوهية لا الذات من حيث وجودها فحسب.
وكل حكم يثبت في باب العلم الإلهي للذات إنما هو بحكم الألوهية: وهي أحكام، ونسب، وإضافات، وسلوب ترجع إلى عين واحدة لم تتعدد من حيث الإنية والهوية، وإنما تتعدد من حيث الحقائق الإمكانية و الفهوانية " .
في سر الألوهية
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" سر الألوهية: هو أن كل فرد من الأشياء التي يطلق عليها اسم الشبيه - قديما كان أو محدثا، معدوما كان أو موجودا - فهو يحوي بذاته جميع بقية أفراد الأشياء الداخلة تحت هيمنة الألوهية، فمثل الموجودات كمثل مرآة متقابلات يوجد جميعها في كل واحد منها "
الفرق بين الألوهية والربوبية
تقول الدكتورة سعاد الحكيم:
" يظهر عند ابن العربي الطائي الحاتمي أن الألوهية هي طائفة الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونها إلها - أي معبودا - (قدوس سبوح ... ).
أما الربوبية فهي الطائفة الثانية من الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونه مدبرا للوجود ومتصرفا فيه (الخالق - المدبر ... ).
فالألوهية مرتبة الذات من حيث كونها إلها يعبد ويقدس في مقابل الربوبية المسؤولة عن المربوب " .
الألوهي
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
" الألوهي: كل نسبة مضافة إلى الله " .
باطن الألوهية
الشيخ ابو العباس التجاني
باطن الألوهية: هي باطن أسمائه وصفاته تعالى. يتجلى بها سبحانه ويفيضها على أسرار الصديقين والعارفين الذين خرقوا حجاب الظواهر، واختطفوا عن دائرة البشرية، وصارت جميع حركاتهم وسكناتهم وجميع تقلباتهم وأحوالهم وأفعالهم وأقوالهم بالله محضا.
وحيث كانوا بالله، كانوا في جميع أمورهم لله في الله عن الله موتى عن جميع ما سواه. فهذه هي غاية الصديقين في التعريف ليس لهم مطمع في الوصول إلى ما وراء هذه المرتبة: رتبة حق اليقين. فما الكون عندهم كله إلا صفات الله وأسمائه حقيقة لا اعتقاد.
حضرة الألوهية
الشيخ أحمد العقاد
يقول: " حضرة الألوهية: هي ظهور الحق بالأوصاف الكمالية، من عظمة، وتقديس، وعلو، وغنى مطلق … الله يجمع فيها بين الضدين باقتداره العالي فيظهر عبد ضعيف أصله العدم، ويظهر مولى كبير شأنه العظم " .
مرتبة الألوهة
الشيخ عبد القادر الجزائري
يقول: " من أسمائه مرتبة الألوهة: لكون التجلي الظاهر فيه، وبه أصل جميع أسماء الألوهة التي اشتمل عليها الاسم الجامع الله " .
الآلي
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
" الآلي: فهو كل إسم الهي مضاف إلى ملك أو روحاني " .
المألوه المطلق
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول: " المألوه المطلق: هو الإنسان الكامل الذي صحت له العبودية المحضة التي لا تشوبها ربوبية أصلا " ..
.

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثانية : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
فناسب ذكره بعد حكمة صالح عليه السلام المشتملة على إعطاء كل شيء خلقه من حيث إن العلم تابع للمعلوم، ولا يكون عن الشيء إلا ما هو كائن فيه.
فتشمله الرحمة وتظهره على ما هو عليه في ثبوته قبل وجوده، فقدر رحمته بإعطائها له الوجود.
فالخير مرحوم والشر مرحوم والهدى مرحوم والضلال مرحوم والكفر والإيمان والنار والجنة والعذاب والنعيم وكل شيء مرحوم.
كذلك قال سبحانه : "رحمتي وسعت كل شيء" [الأعراف: 156]،
وقال تعالى : " الذي أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50]، فكأنما هذا فص تعميم لما قبله وإكمال لتلك الحكمة السابقة
(فص حكمة قلبية)، أي منسوبة إلى القلب (في كلمة شعيبية).
إنما اختصت حكمة شعيب عليه السلام بكونها قلبية، لأنها يبحث فيها عن قلب العارف بالله تعالی ووسعه للحق سبحانه ، لأنه من رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء.
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )
قال رضي الله عنه : (اعلم) يا أيها السالك (أن القلب)، وهو عام في جميع القلوب من حيث ما هي قلوب، فإذا كانت نفوسا في صدور أهل الغفلة من الناس ذات وسواس كما قال الله تعالى: "ونعلم ما توسوس به نفسه " [ق: 16]، فما هي بمرادة هنا.
ولهذا قال : (أعني قلب العارف بالله) تعالى، فإن قلبه هو المراد، لأنه صاحب الاستعداد للفيض والإمداد (هو)، أي ذلك القلب (من رحمة الله) تعالى بل هو عين رحمة الله تعالى.
لأن الله تعالى ينظر به إلى عباده كلهم فيرحمهم فمن حيث شمول الرحمة لكل شيء هو منها ومن حيث رحمة كل شيء به هو عينها (وهو)، أي القلب العارف بالله تعالی (أوسع منها)، أي من رحمة الله تعالى .
من حيث إن الله تعالی ينظر به إلى العباد فيرحمهم فتظهر رحمته تعالى بكل شيء من ذلك القلب ، فيكون القلب أوسع منها من هذا الوجه .
قال رضي الله عنه : (فإنه)، أي القلب العارف بالله تعالى (وسع الحق جل جلاله) كما ورد في الحديث القدسي: "ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن"، (ورحمته تعالى لا تسعه)، لأنه غني عن أن يصله نفع منه ، لأنه الكامل بالكمال الذاتي فضلا عن أن يصله نفع من غيره.
"" أضاف الجامع : من الشواهد على صحة متن الحديث
حديث : عن وهب ابن منبه قال : إن الله عز وجل فتح السماوات لحزقيل حتى نظر إلى العرش -أو كما قال- فقال حزقيل: سبحانك! ما أعظمك يا رب! فقال الله: إن السماوات والأرض لم تطق أن تحملني، وضقن من أن تسعني، ووسعني قلب المؤمن الوادع اللين. رواه أحمد ابن حنبل فى الزهد عن وهبة ابن منبه .
حديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله آنية من أهل الأرض، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها . رواه الطبراني في مسند الشاميين والجامع الكبير للسيوطي . قال الهيثمي إسناده حسن، وقال شيخه العراقى: فيه بقية بن الوليد، وهو مدلس، لكنه صرح بالتحديث فيه. ""
فلما وسعه القلب ولم تسعة الرحمة كان القلب أوسع من الرحمة، ولا يقال إن الحق تعالى إذا نظر بالرحمة إلى كل شيء فقد وسعنه الرحمة أيضا، لأنا نقول الرحمة حضرة من حضراته سبحانه، والقلب جامع لكل الحضرات، فالوسع الذي للقلب لا يكون لغيره .
هذا الكلام المذكور هنا (لسان عموم)، وإجمال في مطلق قلب العارف ومطلق الرحمة الإلهية ومطلق الوسع (من باب الإشارة) لا صريح العبارة .
قال رضي الله عنه : (فإن الحق) تعالی (راحم) لكل ما سواه برحمته (ليس غیره) وهذا بيان لكون رحمته سبحانه لا تسعه، لأنه حضرة من حضراته وصفة من جملة صفاته.
فكيف تكون واسعة لذاته الجامعة لجميع حضراته من أسمائه وصفاته، والبعض لا يسع الكل.
وإن لم يكن هنا بعض ولا كل بل عين واحدة كافية للكل في الكل، ولكن اعتبار التعينات يقتضي ما ذكرناه من العبارات (فلا حكم)، أي ظهور أثر (للرحمة) الإلهية (فيه)، أي في الحق تعالى لامتناع ذلك عليه سبحانه أزلا وأبدا .
قال رضي الله عنه : (وأما الإشارة) وأما آلاؤه تعالى مما ذكر (من لسان الخصوص) للتعريف التفصيلي والتوقيف التحصیلی (فإن الله) تعالى (وصف نفسه على لسان رسوله و (بالنفس) بفتح الفاء كما ورد في الحديث من قوله عليه السلام «إني لأجد نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن» (وهو)، أي النفس مشتق (من التنفيس)، أي تفريج الكرب الذي يجده الواجد.
ومن أسمائه تعالى الواجد، وهو صاحب الوجد والشوق إلى من يحبهم من مظاهر كماله وهياكل تجلیات جماله وجلاله (وأن الأسماء الإلهية) هي (عين المسمی) بها وهو الحق تعالى في نفس الأمر.
وإن كانت غیره باعتبار النظر العقلي (وليس) ذلك المسمى (إلا هو) سبحانه (وأنها)، أي الأسماء الإلهية (طالبة)، أي متوجهة أزلا وأبدا إلى (ما تعطيه)، أي ما هو صادر عنها من الحقائق الكونية (وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء) الإلهية (إلا العالم) بفتح اللام، أي ما سوى الله تعالى من الكائنات.
قال رضي الله عنه : (فالألوهية) التي هي صفة من صفات الله تعالى والاسم منها الإله (تطلب المألوه)، أي الشيء الذي تكون تلك الصفة بإسمبنها له إلها (و) صفة (الربوبية)، والاسم منها الرب (تطلب المربوب)، أي الشيء الذي تكون بإسميتها له ربا .
وهكذا بقية الصفات الإلهية من حيث هي غير الذات الإلهية بالنظر العقلي (وإلا)، أي وإن لم يكن الأمر كذلك (فلا عين لها)، أي لا حقيقة للأسماء الإلهية (إلا به)، أي بالأثر الذي هو المألوه لصفة الألوهية والمربوب لصفة الربوبية (وجودة)، أي في حال وجود المألوه والمربوب (وتقديرا)، أي في حالة كونه مقدرة ثابتة غير موجود.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
قال رضي الله عنه : (هو) صادر (من رحمة الله تعالى وهو أوسع منها فإنه وسع الحق جل جلاله) كما قال : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي" (ورحمه لا تسعه) إذ لا يقال بلسان العموم أنه مرحوم .
و(هذا) أي عدم كون الرحمة واسعة للحق (لسان عموم من باب الإشارة فإن الحق راحم لبس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه) عندهم .
قال رضي الله عنه : (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الحق وصف نفسه) بلسان نبيه (بالنفس) بفتح الفاء وهو قوله عليه السلام: «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن ".
وقد ورد بلفظ "إني أجد نفس الرحمن من ها هنا" ذكره بهذا اللفظ الزبيدي في كتابه إتحاف السادة المتقين، والهندي في كنز العمال ، والبيهقي في الأسماء والصفات.
وأخرجه الألباني في تراجعاته في الصحيحة (41) "إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن " من حديث أبي هريرة، الضعيفة 1097،والحديث في الصحيحة 3367،بلفظ " إني لأجد نفس الرحمن من هنا - يشير الى اليمن -، قال الشيخ: واعلم أن هذا الحديث قد جاء في بعض طرقه زيادة أخرى بلفظ " عقر دار المؤمنين بالشام " وكنت خرجته في المجلد الرابع 1935- أي الصحيحة -فأعدت تخريجه هنا لحديث الترجمة مستدركا به على تخريجي إياه في الضعيفة 1097، لكن من حديث أبي هريرة، فهذا شاهد قوي له من حديث سلمة بن نفيل أوجب علي تخريجه هنا والتنبيه على أن الحديث صار به صحيحا والحمد لله على توفيقه وأسأله المزيد من فضله.
قال رضي الله عنه : (وهو مأخوذ من التنفيس وإن الأسماء الإلهية) بحسب الأحدية (عين المسمى) أي عين ذات الحق (وليس ذلك المسمى إلا هو) أي عين الحق .
فلم يكن الأسماء كلها إلا عين الحق (وإنها طالبة ما) أي الذي (تعطيه) أي تعطي الأسماء الإلهية للحق (من الحقائق) بيان لها .
قال رضي الله عنه : (وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء) من الحق تعالى (إلا العالم) فإذا كان الأمر كذلك (فالألوهية) وهي اسم المرتبة جامعة الأسماء الذات والصفات والأفعال كلها (تطلب المألوه) وهو اسم للعالم من حيث الوجود .
فكان العالم من حيث المألوهية مظهرة لذات الحق مع جميع لوازمه من الصفات والأفعال إذ وجود العالم عارض لذاته وماهية .
فكان مظهرا لذات الحق مع جميع لوازمه من الصفات والأفعال .
قال رضي الله عنه : (والربوبية) وهو اسم للحضرة الجامعة لأسماء الصفات والأفعال فقط (تطلب المربوب) وهي اسم للعالم من حيث الوجود مع الصفات التي تلحقه بعد الوجود فكان العالم من حيث الصفة المربوبية مظهرة لاسم الصفات وهي الرب وقد أشار إلى اتحادهما من بعد .
بقوله فأول ما (وإلا) أي وإن لم تطلب الألوهية المألوه والربوبية المربوب لا يكون شيء من المألوه والمربرب موجودة فإذا لم يكن شيء منهما موجودة لا يتحقق بشيء من الألوهية والربوبية فإذا كان نحقق الألوهية والربوبية لكونهما من الأمور الإضافية كالأبوة والنبوة موقوفة على وجود الماء والمربوب .
قال رضي الله عنه : (فلا عين) أي فلا تحقق (لها) للألوهية أو الربوبية (إلا به) أي بالمألوه أو المربوب أو بالعالم (وجودا او تقديرا) أي سواء كان العالم موجودة بالفعل أو مقدر الوجود
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
قلت : لما كانت الحكمة قلبية شرع في ذكر القلب، فذكر أن قلب العارف بالله هو من رحمة الله.
قال: وهو أوسع منها وفيه اشكال لأن ما هو من الشيء كالبعض من الكل كيف يكون أوسع من الكل الذي هو بعضه؟
قال: لأنه وسع الحق، جل جلاله، ورحمته لا تسعه، فصارت الرحمة أوسع منه ولما كان فيه هذا الإشكال .
قال رضي الله عنه: هذا لسان عموم من باب الاشارة.
قال: وإنما لم تسعه رحمته، لأنه راحم فلا يدخل في المرحومين بالرحمة فما وسعته.
قال: وأما الأشارة من لسان الخصوص، فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس وهو يشير إلى أنه عين أسمائه تعالى مما يظهر العالم الذي يطلبه أسماؤه الحسني بالذات، فهو في حال لولا نزاهته لكان من أجلها مكروب فالتنفيس من كربه هو عين ظهور العالم من غيب ما لم يكن إلى فضاء الكون .
ولا عين للألوهية إلا بالمألوه وجودا وتقديرا.
فأما وجودا: فلا ألوهية بالفعل ما لم يكن المألوه بالفعل.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
وكون شعيب حكمه وحكمه بحكمه لشعوبه وقبائله بالنصيحة والأمر بإيفاء الحقوق ، والإقلاع عن البخس والنقص ، والعدل والعذل على الجور ، وذلك عدل أقامه الله في النشأة الإنسانية بوجود القلب .
فإنّ منشأ العدل وقسمة مادّة الحياة الطبيعية وهي الدم للأعضاء الآلية والأعضاء المتشابهة الأجزاء علوا وسفلا من القلب ، فإنّ الله يوصلها من القلب إلى الكلّ بقدر استحقاق كلّ عضو عضو واستعداده بميزان العدل .
كان الغالب على دعوة شعيب الأمر بالعدل وإقامة الموازين والمكاييل والأقدار .
كما قال : " وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ " كلّ هذه الإشارات تدلّ على رعاية العدل وأحدية الجمع والاعتدال .
وكما أنّ العدل في حفظ صحّة جميع البدن وسقمه إلى القلب ، والقلب له أحدية جمع القوى الروحانية والقوى الجسمانية ومن القلب ينشعب الروح الطبيعي إلى كل عضو عضو من أعلى البدن وأسفله على ميزان العدل ، فيبعث لكل عضو ما يلائمه من الروح الطبيعي ، فافهم .
واستفاد منه موسى عليه السّلام علم الصحبة والسياسة ، وأمره بالتخلَّي عن العامّة إلَّا في وقت معلوم وقدر موزون ، وكان الغالب على موسى عليه السّلام الظاهر .
فحصل له بصحبته جميع مقام الجمع .
قال رضي الله عنه : " اعلم : أنّ القلب - أعني قلب العارف بالله - هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها ، فإنّه وسع الحق - جلّ جلاله - ورحمته لم تسعه ، هذا لسان عموم من باب الإشارة ، فإنّ الحق راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه " .
يشير رضي الله عنه إلى قوله تعالى على لسان أكمل الرسل عليه السّلام أنّه قال :
"ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي " ففيه إشارة أيضا إلى ما ذكر آنفا من
قول أبي يزيد رضي الله عنه : لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة ، في زاوية من زوايا قلب العارف ، ما أحسّ به .
وإذا كان كذلك والعرش مستوى الرحمن برحمته العامّة التي عمّت العالمين ، والرحمة إنّما تنزل من العرش المحيط بالكرسيّ الذي وسع السماوات والأرضين ، فإنّها في جوفه كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، ومع هذا ، فهو كما ذكرنا لو كان في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به فالقلب أوسع من الرحمة التي وسعها العرش بما وسع المرحومين جميعا .
وأمّا كونه لسان العموم فلما عمّت علوم علماء الرسوم المؤمن ، بقوله : « ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي » وأنّه راحم غير مرحوم ، وأنّ الرحمة التي هي صفة من صفاته الذاتية أو نسبة من النسب الإلهية لا تحيط به تعالى ، فإنّها لو أحاطت به تعالى ، لوسعته ، ولا تحيط به فلا تسعه ، مع أنّ القلب وسعه بما أخبر عن نفسه وتقرّر في العموم .
قال رضي الله عنه : « وأمّا الإشارة من لسان الخصوص فإنّ الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأنّ الأسماء الإلهية عين المسمّى وليست إلَّا هو ، وأنّها طالبة ما تعطيه من الحقائق ، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء الإلهية إلَّا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه ، والربوبية تطلب المربوب ، وإلَّا فلا عين لها إلَّا به وجودا وتقديرا)
يعني رضي الله عنه : أنّ الربوبية لكونها ذاتية للربّ هي عينه ، لأنّها لو لم تكن عينه ، لكانت غيره من جميع الوجوه ، فلم تكن الذات بدونها ربّا ، واحتاجت إلى ذلك الغير في كونها ربّا والذات غنيّة ، وربوبيتها ليست غيرها ، فهي عينها .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
قال رضي الله عنه : "اعلم أن القلب : أعنى قلب العارف باللَّه هو من رحمة الله وهو أوسع منها ، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه ، هذا اللسان عموم من باب الإشارة ، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه " .
إنما قال : إن القلب من رحمة الله ، لقوله تعالى : "رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" والقلب شيء ، وإنما كان أوسع منها لقوله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم : « ما وسعني أرضى ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن » .
والحق محيط بالكل والرحمة تنزل من مستوى الرحمن الذي هو العرش المحيط إلى كل العالم بما فيه ، وقد قال أبو يزيد : لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به ، لأنه لا يبقى مع الحق وتجليه وجود لشيء فكيف يحس بالعدم ، وإنما قال هذا لسان العموم ، لأن عامة العلماء قائلون بهذا الحديث المذكور ، وبأن الله تعالى راحم غير مرحوم ، ولأن الرحمة صفة من صفات الله تعالى قائمة به فلا تسعه والقلب يسعه .
وإنما قال : من باب الإشارة ، لأن في لسانهم رمزا إليه من قبيل المفهوم لا المنطوق ، فإنهم لا يصرحون به ولكن يلزمهم .
قال رضي الله عنه : "وأما الإشارة من لسان الخصوص ، فإن الله تعالى وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو ، وإنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه والربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا وتقديرا ".
والدليل عليه ترتيب قوله : "الْحَمْدُ لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ " وما قال للرب إله العالمين ، وقد مر أن الأشياء في ذات الباري تعالى بالقوة كالشجرة في النواة ليست لها فيه عين ، وهي كرب الرحمن فوصف نفسه بالنفس وهو الإيجاد إذ به نفس عن كربه بالوصف له والذات مع أي وصف اعتبر معه اسم والأسماء الإلهية عين المسمى ، فليس النفس إلا هو لأن الصفة نسبة والنسب أمور عقلية ، وليست الأسماء في الحقيقة إلا عين الذات مع اعتبار فقط ، والأسماء تطلب مقتضياتها كما ذكر غير مرة ، ومقتضياتها ليست إلا الحقائق التي هي أجزاء العالم ومجموعها العالم ، وهو المألوه والمربوب فالألوهية التي هي الحضرة الأسمائية ، والربوبية التي هي حضرة الأفعال الصادرة عن الأسماء تطلب العالم بما فيه ولم تثبت إلا به لأنها من الإضافيات فلا عين لها بدون المضاف وجودا وتقديرا .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
وقد يطلق على ناطقة من اتصف بالأخلاق الحميدة ، وجعلها ملكة .
وإنما تسمى بالقلب لتقلبها بين العالم العقلي المحض ، وعالم النفس المنطبعة ، وتقلبها في وجوهها الخمسة التي لها إلى العوالم الكلية الخمسة وله أحدية الجمع بين الأسماء الإلهية والظهور بحكم كل منها على سبيل العدالة .
وهو برزخ بين الظاهر والباطن ، ومنه يتشعب القوى الروحانية والجسمانية ، ومنه الفيض على كل منها ، وهو صورة المرتبة الإلهية ، كما أن الروح صورة المرتبة الأحدية ، لذلك وسع كل شئ حتى الحق .
ولما كان كثير الشعب والنتائج ، وكان شعيب ، عليه السلام ، كثير النتائج والأولاد متحققا بمقام القلب - مشاهدا للمعاني الكلية والجزئية متخلقا بالأخلاق الإلهية قائما بالعدل الذي هو سبب وجود العالم آمرا بإيفاء الحقوق في المكيال والميزان والقسطاس المستقيم بمقتضى استعداد كل من الناس - أضاف ( الحكمة القلبية ) إلى كلمته .
قال الشيخ رضي الله عنه : (واعلم ، أن القلب ، أعني قلب العارف بالله ، هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها ، فإنه وسع الحق جل جلاله ، ورحمته لا تسعه ) .
إنما قال : ( أعني قلب العارف ) لأن قلب غيره ليس مصطلحا عند الخواص ، بل عند العوام ، كما يسمى ( لب ) الشئ واللحم الصنوبري أيضا ب ( القلب ) .
وإنما قال : ( بالله ) - دون غيره من الأسماء - لأنه مجمع الأسماء ، و ( القلب )
قابل لفيضها كلها ، والعارف به عارف بغيره ، والعارف لغيره لا يكون عارفا به ،
إذ العارف بالأفعال وأحكامها ليس عارفا بالله وظهوراته وأسمائه .
وليس المراد هنا ب ( الرحمة ) الوجود ، إذ القلب ليس أوسع من الوجود ،
بل ما به يتعطف على عباده ويشفق عليهم ويرحمهم فيهب لهم الوجود . لذلك
قال : ( هو من رحمة الله ) أي ، صادر منها .
وقال : ( فان الحق راحم ليس بمرحوم ) . ولو كان بمعنى الوجود ، لصدق أنه ( مرحوم ) كما يصدق أنه موجود .
وقوله : ( فإنه وسع الحق ) إشارة إلى ما نقله النبي ، صلى الله عليه وسلم ،
عن الله تعالى أنه قال : " ما وسعني أرضى ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن التقى النقي "
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا لسان عموم من باب الإشارة ، فإن الحق راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه ) .
أي ، كون الرحمة لا تسعه لسان عموم الخلائق وعلماء الظاهر ، والإشارة إلى معتقدهم ، فإن الحق راحم مطلقا عندهم ، ليس بمرحوم بوجه من الوجوه ، فلا حكم للرحمة فيه . وأما بلسان الخواص والمحققين ، فإنه هو ( الراحم ) وهو ( المرحوم ) ، إذ لا غير والأعيان المسماة ب ( العالم ) عينه ، فما يرحم الحق إلا نفسه . فهو ( راحم ) في مقام جمع الأحدية ، ( مرحوم ) في مقام التفصيل والكثرة .
وإليه أشار بقوله : ( وأما الإشارة من لسان الخصوص ، فإن الله وصف نفسه ب ( النفس ) ، بفتح الفاء ، وهو من باب ( التنفيس ) )
أي ، وصف لسان نبيه نفسه بأن له ( النفس ) . وهو مأخوذ من ( التنفيس ) ، لأنه إرسال الهواء الحار من الباطن ، وإيراد الهواء البارد لترويح المتنفس عن الكرب ، فالتنفس إنما يتنفس دفعا للكرب . فشبه النفس الإلهي بالنفس الإنساني .
وأضاف ( الكرب ) إليه لا من حيث إنه غنى عن العالمين ، بل من حيث إنه رب لهم . وكربه طلب الأسماء الإلهية الباقية في الذات الأحدية بالقوة ظهورها وعيانها ، فتنفس وأوجد أعيان تلك الأسماء ، فظهرت الإلهية .
( وأن الأسماء الإلهية عين المسمى ) . أي ، من حيث الوجود وأحدية الذات ، وإن كانت غيرا باعتبار كثرتها . ( وليس إلا هو ) .
أي ، وليس المسمى إلا عين هوية الحق ، أو وليس ذلك النفس إلا عين الهوية السارية في الموجودات كلها .
( وإنها طالبة ما تعطيه من الحقائق ) . أي ، وإن الأسماء طالبة وجود ما تعطى الحقائق الكونية للحق من الأحكام والصفات الكونية .
وفي بعض النسخ : ( ما تعطيه من الحقائق ) . أي، وإن الأسماء طالبة للحقائق.
وفاعل ( تعطى ) ضمير ( الأسماء ) .
ويؤكد الثاني قوله رضي الله عنه : ( وليست الحقائق التي يطلبها الأسماء إلا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه ، والربوبية تطلب المربوب ) .
واعلم ، أن الشيخ رضي الله عنه يستعمل في جميع كتبه ( المألوه ) ويريد به ( العالم ) .
واللغة يقتضى أن يطلق على الحق ، إلا في بعض معانيه . لأنه مشتق من ( أله )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
وهذا فص الحكمة الشعيبية ذكره بعد حكمة صالح عليه السلام، لأنه يبحث فيه عن الرحمة التي وسعت كل شيء.فناسب ذكره بعد حكمة صالح عليه السلام المشتملة على إعطاء كل شيء خلقه من حيث إن العلم تابع للمعلوم، ولا يكون عن الشيء إلا ما هو كائن فيه.
فتشمله الرحمة وتظهره على ما هو عليه في ثبوته قبل وجوده، فقدر رحمته بإعطائها له الوجود.
فالخير مرحوم والشر مرحوم والهدى مرحوم والضلال مرحوم والكفر والإيمان والنار والجنة والعذاب والنعيم وكل شيء مرحوم.
كذلك قال سبحانه : "رحمتي وسعت كل شيء" [الأعراف: 156]،
وقال تعالى : " الذي أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50]، فكأنما هذا فص تعميم لما قبله وإكمال لتلك الحكمة السابقة
(فص حكمة قلبية)، أي منسوبة إلى القلب (في كلمة شعيبية).
إنما اختصت حكمة شعيب عليه السلام بكونها قلبية، لأنها يبحث فيها عن قلب العارف بالله تعالی ووسعه للحق سبحانه ، لأنه من رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء.
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )
قال رضي الله عنه : (اعلم) يا أيها السالك (أن القلب)، وهو عام في جميع القلوب من حيث ما هي قلوب، فإذا كانت نفوسا في صدور أهل الغفلة من الناس ذات وسواس كما قال الله تعالى: "ونعلم ما توسوس به نفسه " [ق: 16]، فما هي بمرادة هنا.
ولهذا قال : (أعني قلب العارف بالله) تعالى، فإن قلبه هو المراد، لأنه صاحب الاستعداد للفيض والإمداد (هو)، أي ذلك القلب (من رحمة الله) تعالى بل هو عين رحمة الله تعالى.
لأن الله تعالى ينظر به إلى عباده كلهم فيرحمهم فمن حيث شمول الرحمة لكل شيء هو منها ومن حيث رحمة كل شيء به هو عينها (وهو)، أي القلب العارف بالله تعالی (أوسع منها)، أي من رحمة الله تعالى .
من حيث إن الله تعالی ينظر به إلى العباد فيرحمهم فتظهر رحمته تعالى بكل شيء من ذلك القلب ، فيكون القلب أوسع منها من هذا الوجه .
قال رضي الله عنه : (فإنه)، أي القلب العارف بالله تعالى (وسع الحق جل جلاله) كما ورد في الحديث القدسي: "ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن"، (ورحمته تعالى لا تسعه)، لأنه غني عن أن يصله نفع منه ، لأنه الكامل بالكمال الذاتي فضلا عن أن يصله نفع من غيره.
"" أضاف الجامع : من الشواهد على صحة متن الحديث
حديث : عن وهب ابن منبه قال : إن الله عز وجل فتح السماوات لحزقيل حتى نظر إلى العرش -أو كما قال- فقال حزقيل: سبحانك! ما أعظمك يا رب! فقال الله: إن السماوات والأرض لم تطق أن تحملني، وضقن من أن تسعني، ووسعني قلب المؤمن الوادع اللين. رواه أحمد ابن حنبل فى الزهد عن وهبة ابن منبه .
حديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله آنية من أهل الأرض، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها . رواه الطبراني في مسند الشاميين والجامع الكبير للسيوطي . قال الهيثمي إسناده حسن، وقال شيخه العراقى: فيه بقية بن الوليد، وهو مدلس، لكنه صرح بالتحديث فيه. ""
فلما وسعه القلب ولم تسعة الرحمة كان القلب أوسع من الرحمة، ولا يقال إن الحق تعالى إذا نظر بالرحمة إلى كل شيء فقد وسعنه الرحمة أيضا، لأنا نقول الرحمة حضرة من حضراته سبحانه، والقلب جامع لكل الحضرات، فالوسع الذي للقلب لا يكون لغيره .
هذا الكلام المذكور هنا (لسان عموم)، وإجمال في مطلق قلب العارف ومطلق الرحمة الإلهية ومطلق الوسع (من باب الإشارة) لا صريح العبارة .
قال رضي الله عنه : (فإن الحق) تعالی (راحم) لكل ما سواه برحمته (ليس غیره) وهذا بيان لكون رحمته سبحانه لا تسعه، لأنه حضرة من حضراته وصفة من جملة صفاته.
فكيف تكون واسعة لذاته الجامعة لجميع حضراته من أسمائه وصفاته، والبعض لا يسع الكل.
وإن لم يكن هنا بعض ولا كل بل عين واحدة كافية للكل في الكل، ولكن اعتبار التعينات يقتضي ما ذكرناه من العبارات (فلا حكم)، أي ظهور أثر (للرحمة) الإلهية (فيه)، أي في الحق تعالى لامتناع ذلك عليه سبحانه أزلا وأبدا .
قال رضي الله عنه : (وأما الإشارة) وأما آلاؤه تعالى مما ذكر (من لسان الخصوص) للتعريف التفصيلي والتوقيف التحصیلی (فإن الله) تعالى (وصف نفسه على لسان رسوله و (بالنفس) بفتح الفاء كما ورد في الحديث من قوله عليه السلام «إني لأجد نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن» (وهو)، أي النفس مشتق (من التنفيس)، أي تفريج الكرب الذي يجده الواجد.
ومن أسمائه تعالى الواجد، وهو صاحب الوجد والشوق إلى من يحبهم من مظاهر كماله وهياكل تجلیات جماله وجلاله (وأن الأسماء الإلهية) هي (عين المسمی) بها وهو الحق تعالى في نفس الأمر.
وإن كانت غیره باعتبار النظر العقلي (وليس) ذلك المسمى (إلا هو) سبحانه (وأنها)، أي الأسماء الإلهية (طالبة)، أي متوجهة أزلا وأبدا إلى (ما تعطيه)، أي ما هو صادر عنها من الحقائق الكونية (وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء) الإلهية (إلا العالم) بفتح اللام، أي ما سوى الله تعالى من الكائنات.
قال رضي الله عنه : (فالألوهية) التي هي صفة من صفات الله تعالى والاسم منها الإله (تطلب المألوه)، أي الشيء الذي تكون تلك الصفة بإسمبنها له إلها (و) صفة (الربوبية)، والاسم منها الرب (تطلب المربوب)، أي الشيء الذي تكون بإسميتها له ربا .
وهكذا بقية الصفات الإلهية من حيث هي غير الذات الإلهية بالنظر العقلي (وإلا)، أي وإن لم يكن الأمر كذلك (فلا عين لها)، أي لا حقيقة للأسماء الإلهية (إلا به)، أي بالأثر الذي هو المألوه لصفة الألوهية والمربوب لصفة الربوبية (وجودة)، أي في حال وجود المألوه والمربوب (وتقديرا)، أي في حالة كونه مقدرة ثابتة غير موجود.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
قال رضي الله عنه : (فص حكمة قلبية) أي العلوم المنسوبة إلى تقلبات الحق في الصور مودعة (في كلمة شعيبية) أي في روح هذا النبي صلى الله عليه وسلم (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله) لأن قلب غيره لي قلبا واسعا فلا يعتبر عند أهل التحقيق .قال رضي الله عنه : (هو) صادر (من رحمة الله تعالى وهو أوسع منها فإنه وسع الحق جل جلاله) كما قال : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي" (ورحمه لا تسعه) إذ لا يقال بلسان العموم أنه مرحوم .
و(هذا) أي عدم كون الرحمة واسعة للحق (لسان عموم من باب الإشارة فإن الحق راحم لبس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه) عندهم .
قال رضي الله عنه : (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الحق وصف نفسه) بلسان نبيه (بالنفس) بفتح الفاء وهو قوله عليه السلام: «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن ".
وقد ورد بلفظ "إني أجد نفس الرحمن من ها هنا" ذكره بهذا اللفظ الزبيدي في كتابه إتحاف السادة المتقين، والهندي في كنز العمال ، والبيهقي في الأسماء والصفات.
وأخرجه الألباني في تراجعاته في الصحيحة (41) "إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن " من حديث أبي هريرة، الضعيفة 1097،والحديث في الصحيحة 3367،بلفظ " إني لأجد نفس الرحمن من هنا - يشير الى اليمن -، قال الشيخ: واعلم أن هذا الحديث قد جاء في بعض طرقه زيادة أخرى بلفظ " عقر دار المؤمنين بالشام " وكنت خرجته في المجلد الرابع 1935- أي الصحيحة -فأعدت تخريجه هنا لحديث الترجمة مستدركا به على تخريجي إياه في الضعيفة 1097، لكن من حديث أبي هريرة، فهذا شاهد قوي له من حديث سلمة بن نفيل أوجب علي تخريجه هنا والتنبيه على أن الحديث صار به صحيحا والحمد لله على توفيقه وأسأله المزيد من فضله.
قال رضي الله عنه : (وهو مأخوذ من التنفيس وإن الأسماء الإلهية) بحسب الأحدية (عين المسمى) أي عين ذات الحق (وليس ذلك المسمى إلا هو) أي عين الحق .
فلم يكن الأسماء كلها إلا عين الحق (وإنها طالبة ما) أي الذي (تعطيه) أي تعطي الأسماء الإلهية للحق (من الحقائق) بيان لها .
قال رضي الله عنه : (وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء) من الحق تعالى (إلا العالم) فإذا كان الأمر كذلك (فالألوهية) وهي اسم المرتبة جامعة الأسماء الذات والصفات والأفعال كلها (تطلب المألوه) وهو اسم للعالم من حيث الوجود .
فكان العالم من حيث المألوهية مظهرة لذات الحق مع جميع لوازمه من الصفات والأفعال إذ وجود العالم عارض لذاته وماهية .
فكان مظهرا لذات الحق مع جميع لوازمه من الصفات والأفعال .
قال رضي الله عنه : (والربوبية) وهو اسم للحضرة الجامعة لأسماء الصفات والأفعال فقط (تطلب المربوب) وهي اسم للعالم من حيث الوجود مع الصفات التي تلحقه بعد الوجود فكان العالم من حيث الصفة المربوبية مظهرة لاسم الصفات وهي الرب وقد أشار إلى اتحادهما من بعد .
بقوله فأول ما (وإلا) أي وإن لم تطلب الألوهية المألوه والربوبية المربوب لا يكون شيء من المألوه والمربرب موجودة فإذا لم يكن شيء منهما موجودة لا يتحقق بشيء من الألوهية والربوبية فإذا كان نحقق الألوهية والربوبية لكونهما من الأمور الإضافية كالأبوة والنبوة موقوفة على وجود الماء والمربوب .
قال رضي الله عنه : (فلا عين) أي فلا تحقق (لها) للألوهية أو الربوبية (إلا به) أي بالمألوه أو المربوب أو بالعالم (وجودا او تقديرا) أي سواء كان العالم موجودة بالفعل أو مقدر الوجود
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
قال رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه، هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس، وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)قلت : لما كانت الحكمة قلبية شرع في ذكر القلب، فذكر أن قلب العارف بالله هو من رحمة الله.
قال: وهو أوسع منها وفيه اشكال لأن ما هو من الشيء كالبعض من الكل كيف يكون أوسع من الكل الذي هو بعضه؟
قال: لأنه وسع الحق، جل جلاله، ورحمته لا تسعه، فصارت الرحمة أوسع منه ولما كان فيه هذا الإشكال .
قال رضي الله عنه: هذا لسان عموم من باب الاشارة.
قال: وإنما لم تسعه رحمته، لأنه راحم فلا يدخل في المرحومين بالرحمة فما وسعته.
قال: وأما الأشارة من لسان الخصوص، فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس وهو يشير إلى أنه عين أسمائه تعالى مما يظهر العالم الذي يطلبه أسماؤه الحسني بالذات، فهو في حال لولا نزاهته لكان من أجلها مكروب فالتنفيس من كربه هو عين ظهور العالم من غيب ما لم يكن إلى فضاء الكون .
ولا عين للألوهية إلا بالمألوه وجودا وتقديرا.
فأما وجودا: فلا ألوهية بالفعل ما لم يكن المألوه بالفعل.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فصّ حكمة قلبية في كلمة شعيبيّة
إضافة هذه الحكمة إلى الكلمة الشعيبية ، لكونها على شعب كثيرة ، كما أنّ القلب الإنساني ذو شعب كثيرة ، لتقلَّبه بين إصبعي الرحمن.وكون شعيب حكمه وحكمه بحكمه لشعوبه وقبائله بالنصيحة والأمر بإيفاء الحقوق ، والإقلاع عن البخس والنقص ، والعدل والعذل على الجور ، وذلك عدل أقامه الله في النشأة الإنسانية بوجود القلب .
فإنّ منشأ العدل وقسمة مادّة الحياة الطبيعية وهي الدم للأعضاء الآلية والأعضاء المتشابهة الأجزاء علوا وسفلا من القلب ، فإنّ الله يوصلها من القلب إلى الكلّ بقدر استحقاق كلّ عضو عضو واستعداده بميزان العدل .
كان الغالب على دعوة شعيب الأمر بالعدل وإقامة الموازين والمكاييل والأقدار .
كما قال : " وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ " كلّ هذه الإشارات تدلّ على رعاية العدل وأحدية الجمع والاعتدال .
وكما أنّ العدل في حفظ صحّة جميع البدن وسقمه إلى القلب ، والقلب له أحدية جمع القوى الروحانية والقوى الجسمانية ومن القلب ينشعب الروح الطبيعي إلى كل عضو عضو من أعلى البدن وأسفله على ميزان العدل ، فيبعث لكل عضو ما يلائمه من الروح الطبيعي ، فافهم .
واستفاد منه موسى عليه السّلام علم الصحبة والسياسة ، وأمره بالتخلَّي عن العامّة إلَّا في وقت معلوم وقدر موزون ، وكان الغالب على موسى عليه السّلام الظاهر .
فحصل له بصحبته جميع مقام الجمع .
قال رضي الله عنه : " اعلم : أنّ القلب - أعني قلب العارف بالله - هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها ، فإنّه وسع الحق - جلّ جلاله - ورحمته لم تسعه ، هذا لسان عموم من باب الإشارة ، فإنّ الحق راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه " .
يشير رضي الله عنه إلى قوله تعالى على لسان أكمل الرسل عليه السّلام أنّه قال :
"ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي " ففيه إشارة أيضا إلى ما ذكر آنفا من
قول أبي يزيد رضي الله عنه : لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة ، في زاوية من زوايا قلب العارف ، ما أحسّ به .
وإذا كان كذلك والعرش مستوى الرحمن برحمته العامّة التي عمّت العالمين ، والرحمة إنّما تنزل من العرش المحيط بالكرسيّ الذي وسع السماوات والأرضين ، فإنّها في جوفه كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، ومع هذا ، فهو كما ذكرنا لو كان في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به فالقلب أوسع من الرحمة التي وسعها العرش بما وسع المرحومين جميعا .
وأمّا كونه لسان العموم فلما عمّت علوم علماء الرسوم المؤمن ، بقوله : « ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي » وأنّه راحم غير مرحوم ، وأنّ الرحمة التي هي صفة من صفاته الذاتية أو نسبة من النسب الإلهية لا تحيط به تعالى ، فإنّها لو أحاطت به تعالى ، لوسعته ، ولا تحيط به فلا تسعه ، مع أنّ القلب وسعه بما أخبر عن نفسه وتقرّر في العموم .
قال رضي الله عنه : « وأمّا الإشارة من لسان الخصوص فإنّ الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأنّ الأسماء الإلهية عين المسمّى وليست إلَّا هو ، وأنّها طالبة ما تعطيه من الحقائق ، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء الإلهية إلَّا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه ، والربوبية تطلب المربوب ، وإلَّا فلا عين لها إلَّا به وجودا وتقديرا)
يعني رضي الله عنه : أنّ الربوبية لكونها ذاتية للربّ هي عينه ، لأنّها لو لم تكن عينه ، لكانت غيره من جميع الوجوه ، فلم تكن الذات بدونها ربّا ، واحتاجت إلى ذلك الغير في كونها ربّا والذات غنيّة ، وربوبيتها ليست غيرها ، فهي عينها .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
إنما خصت هذه الكلمة الشعيبية بالحكمة القلبية لأن الغالب على شعيب عليه الصلاة والسلام الصفات القلبية ، من الأمر بعدل وإيفاء الكيل والوزن بالقسط ، والقلب هو مظهر العدل وصورة أحدية الجمع بين الظاهر والباطن واعتدال البدن وعدالة النفس ، ومنه يصل الحياة والفيض إلى جميع الأعضاء على السوية بمقتضى العدل ، وله أحدية جميع القوى الروحانية والنفسانية ، ومنه تنشعب هذه القوى بالقسطاس المستقيم ويتوزع على عضو عضو بمقتضى استعداده وقوة قبوله ، ويأتيه المدد إليها دائما على نسبة محفوظة القدر بالعدل ، وله إيفاء كل ذي حق ، وقد استفاد موسى عليه السلام علم الصحبة والسياسة والخلوة والجلوة ومقام الجمع والفرق منه عليه الصلاة والسلام ، وكلها من القلب القائم بالعدل ومراعاة أحكام الوحدة في الكثرة ، ولا يقوم بأحكام العالمين في الوجود إلا القلب ، ولهذا كان محل المعرفة دون غيره .قال رضي الله عنه : "اعلم أن القلب : أعنى قلب العارف باللَّه هو من رحمة الله وهو أوسع منها ، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه ، هذا اللسان عموم من باب الإشارة ، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه " .
إنما قال : إن القلب من رحمة الله ، لقوله تعالى : "رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" والقلب شيء ، وإنما كان أوسع منها لقوله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم : « ما وسعني أرضى ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن » .
والحق محيط بالكل والرحمة تنزل من مستوى الرحمن الذي هو العرش المحيط إلى كل العالم بما فيه ، وقد قال أبو يزيد : لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به ، لأنه لا يبقى مع الحق وتجليه وجود لشيء فكيف يحس بالعدم ، وإنما قال هذا لسان العموم ، لأن عامة العلماء قائلون بهذا الحديث المذكور ، وبأن الله تعالى راحم غير مرحوم ، ولأن الرحمة صفة من صفات الله تعالى قائمة به فلا تسعه والقلب يسعه .
وإنما قال : من باب الإشارة ، لأن في لسانهم رمزا إليه من قبيل المفهوم لا المنطوق ، فإنهم لا يصرحون به ولكن يلزمهم .
قال رضي الله عنه : "وأما الإشارة من لسان الخصوص ، فإن الله تعالى وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو ، وإنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه والربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا وتقديرا ".
والدليل عليه ترتيب قوله : "الْحَمْدُ لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ " وما قال للرب إله العالمين ، وقد مر أن الأشياء في ذات الباري تعالى بالقوة كالشجرة في النواة ليست لها فيه عين ، وهي كرب الرحمن فوصف نفسه بالنفس وهو الإيجاد إذ به نفس عن كربه بالوصف له والذات مع أي وصف اعتبر معه اسم والأسماء الإلهية عين المسمى ، فليس النفس إلا هو لأن الصفة نسبة والنسب أمور عقلية ، وليست الأسماء في الحقيقة إلا عين الذات مع اعتبار فقط ، والأسماء تطلب مقتضياتها كما ذكر غير مرة ، ومقتضياتها ليست إلا الحقائق التي هي أجزاء العالم ومجموعها العالم ، وهو المألوه والمربوب فالألوهية التي هي الحضرة الأسمائية ، والربوبية التي هي حضرة الأفعال الصادرة عن الأسماء تطلب العالم بما فيه ولم تثبت إلا به لأنها من الإضافيات فلا عين لها بدون المضاف وجودا وتقديرا .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
قد مر في المقدمات أن ( القلب ) يطلق على النفس الناطقة إذا كانت مشاهدة للمعاني الكلية والجزئية متى شاءت . وهذه المرتبة مسماة عند الحكماء ب ( العقل المستفاد ) .وقد يطلق على ناطقة من اتصف بالأخلاق الحميدة ، وجعلها ملكة .
وإنما تسمى بالقلب لتقلبها بين العالم العقلي المحض ، وعالم النفس المنطبعة ، وتقلبها في وجوهها الخمسة التي لها إلى العوالم الكلية الخمسة وله أحدية الجمع بين الأسماء الإلهية والظهور بحكم كل منها على سبيل العدالة .
وهو برزخ بين الظاهر والباطن ، ومنه يتشعب القوى الروحانية والجسمانية ، ومنه الفيض على كل منها ، وهو صورة المرتبة الإلهية ، كما أن الروح صورة المرتبة الأحدية ، لذلك وسع كل شئ حتى الحق .
ولما كان كثير الشعب والنتائج ، وكان شعيب ، عليه السلام ، كثير النتائج والأولاد متحققا بمقام القلب - مشاهدا للمعاني الكلية والجزئية متخلقا بالأخلاق الإلهية قائما بالعدل الذي هو سبب وجود العالم آمرا بإيفاء الحقوق في المكيال والميزان والقسطاس المستقيم بمقتضى استعداد كل من الناس - أضاف ( الحكمة القلبية ) إلى كلمته .
قال الشيخ رضي الله عنه : (واعلم ، أن القلب ، أعني قلب العارف بالله ، هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها ، فإنه وسع الحق جل جلاله ، ورحمته لا تسعه ) .
إنما قال : ( أعني قلب العارف ) لأن قلب غيره ليس مصطلحا عند الخواص ، بل عند العوام ، كما يسمى ( لب ) الشئ واللحم الصنوبري أيضا ب ( القلب ) .
وإنما قال : ( بالله ) - دون غيره من الأسماء - لأنه مجمع الأسماء ، و ( القلب )
قابل لفيضها كلها ، والعارف به عارف بغيره ، والعارف لغيره لا يكون عارفا به ،
إذ العارف بالأفعال وأحكامها ليس عارفا بالله وظهوراته وأسمائه .
وليس المراد هنا ب ( الرحمة ) الوجود ، إذ القلب ليس أوسع من الوجود ،
بل ما به يتعطف على عباده ويشفق عليهم ويرحمهم فيهب لهم الوجود . لذلك
قال : ( هو من رحمة الله ) أي ، صادر منها .
وقال : ( فان الحق راحم ليس بمرحوم ) . ولو كان بمعنى الوجود ، لصدق أنه ( مرحوم ) كما يصدق أنه موجود .
وقوله : ( فإنه وسع الحق ) إشارة إلى ما نقله النبي ، صلى الله عليه وسلم ،
عن الله تعالى أنه قال : " ما وسعني أرضى ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن التقى النقي "
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا لسان عموم من باب الإشارة ، فإن الحق راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه ) .
أي ، كون الرحمة لا تسعه لسان عموم الخلائق وعلماء الظاهر ، والإشارة إلى معتقدهم ، فإن الحق راحم مطلقا عندهم ، ليس بمرحوم بوجه من الوجوه ، فلا حكم للرحمة فيه . وأما بلسان الخواص والمحققين ، فإنه هو ( الراحم ) وهو ( المرحوم ) ، إذ لا غير والأعيان المسماة ب ( العالم ) عينه ، فما يرحم الحق إلا نفسه . فهو ( راحم ) في مقام جمع الأحدية ، ( مرحوم ) في مقام التفصيل والكثرة .
وإليه أشار بقوله : ( وأما الإشارة من لسان الخصوص ، فإن الله وصف نفسه ب ( النفس ) ، بفتح الفاء ، وهو من باب ( التنفيس ) )
أي ، وصف لسان نبيه نفسه بأن له ( النفس ) . وهو مأخوذ من ( التنفيس ) ، لأنه إرسال الهواء الحار من الباطن ، وإيراد الهواء البارد لترويح المتنفس عن الكرب ، فالتنفس إنما يتنفس دفعا للكرب . فشبه النفس الإلهي بالنفس الإنساني .
وأضاف ( الكرب ) إليه لا من حيث إنه غنى عن العالمين ، بل من حيث إنه رب لهم . وكربه طلب الأسماء الإلهية الباقية في الذات الأحدية بالقوة ظهورها وعيانها ، فتنفس وأوجد أعيان تلك الأسماء ، فظهرت الإلهية .
( وأن الأسماء الإلهية عين المسمى ) . أي ، من حيث الوجود وأحدية الذات ، وإن كانت غيرا باعتبار كثرتها . ( وليس إلا هو ) .
أي ، وليس المسمى إلا عين هوية الحق ، أو وليس ذلك النفس إلا عين الهوية السارية في الموجودات كلها .
( وإنها طالبة ما تعطيه من الحقائق ) . أي ، وإن الأسماء طالبة وجود ما تعطى الحقائق الكونية للحق من الأحكام والصفات الكونية .
وفي بعض النسخ : ( ما تعطيه من الحقائق ) . أي، وإن الأسماء طالبة للحقائق.
وفاعل ( تعطى ) ضمير ( الأسماء ) .
ويؤكد الثاني قوله رضي الله عنه : ( وليست الحقائق التي يطلبها الأسماء إلا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه ، والربوبية تطلب المربوب ) .
واعلم ، أن الشيخ رضي الله عنه يستعمل في جميع كتبه ( المألوه ) ويريد به ( العالم ) .
واللغة يقتضى أن يطلق على الحق ، إلا في بعض معانيه . لأنه مشتق من ( أله )
وله معان متعددة :
أولا يقال : أله ، يأله ، إلهة . أي ، عبد عبادة ، فالمألوه هو المعبود .
وثانيها ، ( الفزع ) و ( الالتجاء ) . يقال : أله إلى زيد . أي ، إلتجاء إليه ، فأجأره.
وقال : تأبط شرا . شعر : ( ألهت إليها والركائب وقف ) . فالمألوه المفزع والملجأ .
أولا يقال : أله ، يأله ، إلهة . أي ، عبد عبادة ، فالمألوه هو المعبود .
وثانيها ، ( الفزع ) و ( الالتجاء ) . يقال : أله إلى زيد . أي ، إلتجاء إليه ، فأجأره.
وقال : تأبط شرا . شعر : ( ألهت إليها والركائب وقف ) . فالمألوه المفزع والملجأ .
وثالثها ، ( الثبات ) .
يقال : ألهنا بمكان كذا . أي ، أقمنا . قال الشاعر : ( ألهنا بدار ما تبيد رسومها ) . فالمألوه المثبت .
ورابعها ، ( السكون ) . يقال : ألهت إليه . أي ، سكنت إليه . فالمألوه المسكون إليه .
وخامسها ، ( التحير ) . يقال : أله زيد . إذا تحير . فالمألوه المتحير فيه .
ولا شك أن ( المعبود ) و ( المفزوع إليه ) و ( المسكون إليه ) هو الحق و ( المتحير )
و ( المثبت ) هو العالم . ويمكن أن يستعمل لغة في معان آخر يليق ب ( العالم ) .
و ( الألوهية ) اسم المرتبة الإلهية ، أي ، هذه المرتبة تطلب وجود العالم ،
وهو المألوه ، لأن كل واحد من أسماء الصفات والأفعال يقتضى محل ولايته ليظهر به ، كالقادر للمقدور ، والخالق للمخلوق ، والرازق للمرزوق ، وهكذا غيرها .
والفرق بين ( الألوهية ) و ( الربوبية ) :
أن ( الألوهية ) حضرة الأسماء كلها - أسماء الذات والصفات والأفعال ، و ( الربوبية ) حضرة أسماء الصفات والأفعال فقط لذلك تأخرت عن المرتبة الإلهية.
قال تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) .
( وإلا ) أي ، وإن لم تكن ( الألوهية ) و ( الربوبية ) طالبة للمألوه والمربوب ، لا يكون شئ منها متحققا ، كما لا يتحقق الأبوة إلا بالإبن ، والبنوة إلا بالأب ، لأنهما من قبيل المتضايفين .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا عين لها إلا به وجودا وتقديرا ) أي ، فلا عين للألوهية أو الربوبية إلا بالعالم ، سواء كان موجودا بالوجود الحقيقي ، أو مقدرا.
فقوله : ( فلا عين ) جواب الشرط المقدر . أي ، إذا كان تحقق الألوهية والربوبية موقوفا على المألوه والمربوب ، فلا عين للألوهية إلا بالمألوه ، ولا للربوبية إلا بالمربوب .
وجواب ( إلا ) محذوف ، لدلالة قوله : ( فلا عين لها إلا به ) عليه . ولا يجوز أن يكون هو جوابا ، لفساد المعنى .
يتبعيقال : ألهنا بمكان كذا . أي ، أقمنا . قال الشاعر : ( ألهنا بدار ما تبيد رسومها ) . فالمألوه المثبت .
ورابعها ، ( السكون ) . يقال : ألهت إليه . أي ، سكنت إليه . فالمألوه المسكون إليه .
وخامسها ، ( التحير ) . يقال : أله زيد . إذا تحير . فالمألوه المتحير فيه .
ولا شك أن ( المعبود ) و ( المفزوع إليه ) و ( المسكون إليه ) هو الحق و ( المتحير )
و ( المثبت ) هو العالم . ويمكن أن يستعمل لغة في معان آخر يليق ب ( العالم ) .
و ( الألوهية ) اسم المرتبة الإلهية ، أي ، هذه المرتبة تطلب وجود العالم ،
وهو المألوه ، لأن كل واحد من أسماء الصفات والأفعال يقتضى محل ولايته ليظهر به ، كالقادر للمقدور ، والخالق للمخلوق ، والرازق للمرزوق ، وهكذا غيرها .
والفرق بين ( الألوهية ) و ( الربوبية ) :
أن ( الألوهية ) حضرة الأسماء كلها - أسماء الذات والصفات والأفعال ، و ( الربوبية ) حضرة أسماء الصفات والأفعال فقط لذلك تأخرت عن المرتبة الإلهية.
قال تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) .
( وإلا ) أي ، وإن لم تكن ( الألوهية ) و ( الربوبية ) طالبة للمألوه والمربوب ، لا يكون شئ منها متحققا ، كما لا يتحقق الأبوة إلا بالإبن ، والبنوة إلا بالأب ، لأنهما من قبيل المتضايفين .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا عين لها إلا به وجودا وتقديرا ) أي ، فلا عين للألوهية أو الربوبية إلا بالعالم ، سواء كان موجودا بالوجود الحقيقي ، أو مقدرا.
فقوله : ( فلا عين ) جواب الشرط المقدر . أي ، إذا كان تحقق الألوهية والربوبية موقوفا على المألوه والمربوب ، فلا عين للألوهية إلا بالمألوه ، ولا للربوبية إلا بالمربوب .
وجواب ( إلا ) محذوف ، لدلالة قوله : ( فلا عين لها إلا به ) عليه . ولا يجوز أن يكون هو جوابا ، لفساد المعنى .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 14 سبتمبر 2019 - 16:16 عدل 1 مرات

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثانية : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالقلب من حيث إنه مع وحدته واسع الظهور كل كثرة فيه، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى شعيب عليه السلام لتشعب دعوته الواحدة.
أي: تسوية الميزان بقوله: " أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين " [هود: 85].
إلى شعيب كثيرة في الاعتقادات والاختلاف والأعمال إذ لكل شيء منها میزان خاص يستقیم به إذا روعي، ويميل إلى طرفي الإفراط والتفريط إذ أخل به على ما سيشير الشيخ رحمه الله، وهي من أعمال القلب أو القوة المستمدة منه و مشابهة له في التوسط لتوه بين الروح والنفس.
فبين أولا سعته لما لا بتناهي من صور الكثرة حتى أنه أوسع من أصله ليتيسر تصور سعة الكثرة الحاصلة عن ضيق الوحدة في أوهام العامة.
فقال: (اعلم أن القلب أي: قلب العارف بالله) إذ قلب غيره، وإن أحاط بالعلوم الرسمية العقلية والنقلية ضيق عن الأمور الغير المتناهية، والمقصود بیان سعته، وهو المسمى بالقلب في قوله تعالى: "لمن كان له قلب" [ق:37] (هو من رحمة الله) ضرورة أن الموجودات كلها من رحمته، ولكن (هو أوسع) في إيجاد الصور كلها (منها فإنه وسع الحق) أي: صورة في الذهن الذي له إيجاد الصور فيه.
(ورحمته لا تسعة) إذ لا تصوره في الخارج الذي لها إيجاد الصور فيه، ولا في الذهن الذي ليس لها إيجاد شيء منها فيه.
ولذا قال صلى الله عليه وسلم عن ربه: «ما وسعني أرضي، ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي»، فكذا الكثرة أوسع من الوحدة فيما يتوهم.
ثم قال: (وهذا) أي: كون الرحمة لا تسع الحق والقلب بسعة؛ فهو أوسع منها (لسان العموم) أي: قول عامة الصوفية إذ أهل الظاهر لا يجترئون على القول بسعة القلب للحق؛ لأنها إما بالحلول المحال أو بالتمثيل، وهو باطل عندهم لقوله تعالى: "لیس كمثله شيء" [الشورى:11].
وقد ذهلوا عن حديث رؤية يوم القيامة في الصور المختلفة، وفي المنامات، وعن الفرق بين المثل والمثال (من باب الإشارة)، أي: مأخوذ من كلامهم بطريق الإشارة إذ لم يصرحوا بذلك.
وإنما قال عوام الصوفية بأن القلب أوسع من الرحمة لسعته بالحق دون الرحمة وإلا كان الحق مرحوما وهو باطل.
قال رضي الله عنه : (فإن الحق راحم وليس بمرحوم) بوجه من الوجوه، (فلا حكم للرحمة فيه) لا بإيجاده في الخارج ولا في الذهن، (وأما الإشارة) المأخوذة (من لسان الخصوص) أي كلام خواص الصوفية، فالرحمة أوسع من القلب أو مساوية له في السعة، وإن لم يصرحوا بذلك أيضا، فإن المفهوم من كلامهم أنه تعالى يرحم ذاته وأسماؤه بتصويرها في أعيان المكونات في الخارج.
فإن الله تعالى وصف نفسه على لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (بالنفس)، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن»..
وهو رحمة من المتنفس على نفسه بإخراج الهواء الحارة، وإدخال الباردة، كيف (وهو) مشتق (من التنفيس)؛ وذلك لأن الأسماء من حيث انتسابها إلى الأشياء تطلب ظهورها بصورها وآثارها فيها، وذلك الطلب فيها كالكرب، والظهور كالتنفس فكأنها مرحومة.
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية عين المسمى) الذي صدقت عليه، (وليس) المسمى (إلا هو)، أي: الذات فكأنها أيضا مرحومة، وكيف لا تكون الذات مرحومة؟
(وأنها طالبة ما تعطيه) الأسماء باعتبار تضمنها معانيها الخاصة من (الحقائق) التي انتسبت تلك الأسماء إليها، باعتبار معانيها الخاصة الموجودة في الذات بواسطة عينية تلك الأسماء لها، وكيف لا تكون مرحومة باعتبار ظهورها في تلك الحقائق؟ وليست صورها الظاهرة فيها قديمة مانعة من التأثير إذ
قال رضي الله عنه : (ليست الحقائق التي طلبتها الأسماء) احتراز عن الحقائق المطلوبة للذات من معاني الأسماء؛ فإنها قديمة غير قابلة للتأثير أصلا إلا العالم القابل للتأثيرات، فالصور الظاهرة فيها حادثة، وبظهورها تحصل مطالب الأسماء؛ فالرحمة عليه رحمة على الأسماء وعلى الذات باعتبار ظهورها فيه، وكيف لا تطلب الأسماء تلك الحقائق، ولا تتصور باعتبار تضمنها للنسب المقتضية للمنتسبين إلا بها (فالألوهية تطلب المألوه) وإن ورد أن الله غني عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (والربوبية تطلب المربرب وإلا) أي: وإن لم يوجد المألوه والمربوب حقيقة ولا تقديرا؛ (فلا عين لها) أي: لا تعين لهذه النسب أي: الألوهية والربوبية إلا (به وجودا أو تقديرا)، فإن الألوهية والربوبية بالفعل عند وجود المألوه والمربوب وبالقوة عند تقديره وإلا فلا تتصور أصلا.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :(اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
ووجه اختصاص الكلمة بالحكمة هاهنا ما ستطلع عليه من كلام المصنّف أنّ في القلب فنونا من التشعيب لا تحصى ، بها تثمر العقائد التي عليها يتصوّر في الجنّة وبها يتجلَّى عند أربابها .
وأمّا التلويح الكاشف لذلك : فهو أنّ شعيبا ( 13 ) صورة تفصيل ما للقلب من العقود ( 6 ، 13 ) ، كما أنّ القلب ( 132 ) معرب عمّا لشعيب ( 382 ) من الأربعة المحيطة بصورة السعة الإلهيّة .
وأيضا في تفصيل البيّنات القلبيّة ( أف ، أم ، ا 123 لف ا ، لف يم ، لف 381 ) ) ما يشعر بأنّ الكلمة الشعيبيّة هي الكاشفة عن حكمة القلب ، ضرورة أنّه الصورة المقوّمة إياها خاصّة ، ولذلك أخذ يتكلَّم في القلب قائلا
سعة القلب
قال رضي الله عنه : ( اعلم أنّ القلب - أعني قلب العارف باللَّه ) فإنّه يستفهم منه معاني غير ذلك ، لا دخل له هاهنا ( هو من رحمة الله ) فإنّه من الحقائق الوجوديّة المنطوية على ما في قوسي الحقائق الإلهيّة والمراتب الكيانيّة ، كما اطَّلعت على تحقيقه مرارا ، ( وهو ) لكمال سعته المذكورة ( أوسع منها ، فإنّه وسع الحقّ جلّ جلاله ، ورحمته لا تسعه ) على ما ورد : « ما وسعني أرضي ولا سمائي » ، فإنّ وجوده ورحمته ليس له مظهر غير سماء الأسماء الإلهيّة وأرض الحقائق الكيانيّة .
( هذا لسان عموم ) تكلَّم على ما ورد من الحديث غير مجاوز عن ظاهره ، ولكن ( من باب الإشارة ) لا صريح العبارة ، ( فإنّ الحق ) على فهم العموم (و) لسانه ( راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه) حتّى يحيط به ويسعه.
الربوبية تطلب المربوب والألوهية تطلب المألوه
قال رضي الله عنه : ( وأمّا الإشارة من لسان الخصوص : فإنّ الله وصف نفسه بالنفس ، وهو من التنفيس )
الذي هو تفريج الكرب ، فإنّ في باطنه من الأسماء ما يطلب الظهور ويهتمّ به وذلك ممّا يستلزم الكرب.
قال رضي الله عنه : ( وإنّ الأسماء الإلهيّة عين المسمّى ، وليست إلَّا هو ، وإنّها طالبة ما تعطيه من الحقائق ، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلَّا العالم ، فالالوهة تطلب المألوه).
حتّى تثبت وتتعيّن ، فإنّ الأسماء الإلهيّة تقتضي ثبوت المألوه وتعيّنه ، كما أنّ أسماء الربوبيّة تقتضي وجوب المربوب وظهوره ، وإليه أشار بقوله : ( والربوبيّة تطلب المربوب ) حتّى تظهر به وتوجد في العين وهذا هو الفرق بين الالوهيّة والربوبيّة ، لا ما قيل في بعض الشروح « 1 » - فتأمّل .
( وإلا ) - أي وإن لم تطلب نسبة الالوهة والربوبة ، المألوه والمربوب - لم تحصل تلك النسبة أصلا ( فلا عين لها إلَّا به وجودا ) في الخارج ( وتقديرا ) في العلم ، فإنّ النسبة وإن كانت حاكمة على الطرفين ، مسمّية لهما : لكن لا وجود لها إلَّا بهما .
هذا اقتضاء الحقّ من حيث النسب الأسمائيّة الوهيّة وربوبيّة
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم )
لما كان شعيب عليه السلام مع كونه صاحب قلب قابلا لتجني الاسم الله أحدية جمع الأسماء الإلهية المتشعبة إلى ما لا يتناهی مضاهيا للقلب، سواء أريد به النفس الناطقة في بعض مراتبها أو اللحم الصنوبري الذي هو متعلقها وسحل تصرفاتها لتشعبه إلى شعوب وقبائل كما ينبیء عنه اسمه.
وفي إيتاء كل ذي حق حقه بالقسط والعدل كما يدل عليه أمره أمته بذلك، فإن القلب بكل واحد من معنييه متشعب إلى شعب كثيرة موفي كل ذي حق منها حقه.
وصف الشيخ رضي الله عنه الحكمة المنسوبة إلى كلمته بالقلبية وصدر ببيان أحوال القلب.
فقال : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله) أحدية جمع الأسماء كلها، فإن صاحب القلب في اصطلاح هذه الطائفة إنما هو العارف بالاسم الله أحدية جميع الأسماء، فمن لم يكن عارف بالله سواء لم يكن عارفا أصلا أو كان عارفا ببعض الأسماء المخصوصة دون بعض، فلا يسمى قلبه قلبا إلا مجازا ولا يصح الحكم عليه بالسعة المذكورة.
(هو من رحمة الله ورحمته) رأفته ولطفه فإن تعينات الأشياء في العلم بالفيض الأقدس، ووجوداتها في العين بالفيض المقدس إنما هي من الأسماء اللطيفة الجمالية (وهو)، أي القلب (أوسع منها)، أي من رحمة الله ، فإن سعة القلب عبارة عن إحاطتها بالأشياء اعتبار جامعيتها للأشياء.
فإنها حقيقة جامعة لها أو باعتبار العلم والشهود وسعة الرحمة عبارة عن شمول الأشياء ووصول اثاره إليها ولا شك أن علم القلب وشهوده أوسع من رحمته (فإنه)، أي القلب باعتبار علمة وشهوده (وسع الحق جل جلاله) بتجلياته الذاتية والأسمائية كما أنه وسع الأشياء علما وشهودا.
(ورحمته) و إن وسعت کل شيء (لا تسعه)، أي الحق سبحانه (وهذا)، أي المتقول بأن رحمة الله لا تسعه (لسان عموم)، أي عامة العلماء قائلون به ولكن قولهم هذا (من باب الإشارة) لا صريح العبارة .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية )
فإنهم لم يصرحوا به ولكن يلزم مما صرحوا به من عقائدهم (فإن الحق راحم) عندهم (ليس بمرحوم) فإنهم لم ينتبهوا لكرب الأسماء الإلهية والتنفس عنها بإيجاد العالم (فلا حكم للرحمة فيه) ولا يصل أثر منها إليه فلا تسعه.
(وأما الإشارة من لسان الخصوص)، فهي أن رحمة الله تسعه (فإن الله سبحانه وصف نفسه) على لسان نبيه (بالنفس) حيث قال صلى الله عليه وسلم :" إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن" .
(وهو)، أي النفس (من التنفيس) وهو تفريج الكروب فإن المتنفس إنما يتنفس دفعة الكرب الهواء الحار عن باطنه وطلبة لراحة ورود الهواء البارد عليه ، فالتنفيس في الجناب الإلهي إشارة إلى التخلص من كرب طلب الأسماء الإلهية الظهور، ومن كرب طلب الحقائق الكونية الوجود.
ولا شك أن التفريج عن الكرب رحمة فرحمة الله تسعه ، ولما كان لقائل أن يقول: منشأ هذا الطلب الأسماء لا محض الذات فالتخلص من الكرب يكون للذات من حيث الأسماء لا من حيث هي فلا تكون الراحة شاملة لها .
دفعه بقوله :
(وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليست)، أي الأسماء (إلا هو)، أي المسمى فيكون تکرارة وتأكيدة للأول.
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه وليس بدون تاء التأنيث، أي لبس المسمى إلا هو أي الحق فتكون الأسماء عين الحق وإذا وسعتها الرحمة وسعته (وأنها)، أي الأسماء (طالبة ما تعطيه) تلك الأسماء ثبوت في العلم ووجودا في العين (من الحقائق).
أي الحقائق الكونية بيان لما أعني الأسماء طلب الحقائق التي ثبوتها في العلم ووجودها في العين بتلك الأشياء.
(وليست الحقائق التي تطلب الأسماء) لتكون مجالی أحكامها ومظاهر آثارها (إلا العالم) بما فيه من الأجناس والأنواع والأشخاص (فالألوهية) التي حضرة الأسماء الوجوبية المؤثرة في الكون (تطلب المألوه) الذي هو متعلق تأثيراتها وتصرفاتها ضرورة توفيق تحقق النسبة على تحقق المنتسبين.
ولما كانت الإلهية والألوهية عبارة عن مرتبة الأسماء المؤثرة كان معنى الإله المؤثر بأسمائه فيكون معنى اسم الفاعل لا سيما اشتق رضي الله عنه لما يقابله ، أي المتأثر المألوه اسم مفعول فيكون المألوه موجودة من معنا.
الاصطلاحي لا معانيه اللغوية فلا إشكال (و) كذلك (الربوبية) التي هي حضرة الأفعال .
قال رضي الله عنه : (تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
(تطلب المربوب) الذي هو متعلق آثارها، وإذا كانت الألوهية والربوبية يطلبان المألوه، والمربوب ليس إلا العالم ، فإن كان العالم يكون للألوهية أو الربوبية عين .
(وإلا)، أي وإن لم يكن العالم لم يكن لها، أي الألوهية والربوبية عين (فلا عين لها)، أي للألوهية والربوبية (إلا به)، في العالم (وجودا) في العين .
(وتقديرا) في الذهن يعني خارج ودها
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
فإن الأخ العزيز الذي كان أراد مني، إيضاح ألفاظ الفص الإسماعيلي أراد مني أيضا إيضاح ألفاظ الفص الشعيبي.
فإنه استصعبه وحق له أن يستصعب فإنه جمع مسائل متشعبة كثيرة مستصعبة، فأجبته لذلك مستمطرا فيض الإله الرب المالك .
وقلت : اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن سهلا إذا شئت، هذا مع علمي أن ما أذكره في حل ألفاظ سيدنا الشيخ هو كنسبة القشر إلى اللب .
وقد رأيت مبشرة عند شروعي في الكتابة على هذا الفص : رأيت إني وقفت على باب بيت فوجدته مغلقا عليه قفل من حديد ولا مفتاح عليه، فحرکت القفل تحریکات فانفتح، فلما دخلت البيت وجدت مفتاحه داخله، وأخذته فتعجبت لذلك.
فأولت البيت بالفص الشعيبي وكونه مغلقا يدل على أنه ما دخله أحد ممن تكلم على الفص الشعيبي، وكوني وجدت مفتاحه في وسطه وأخذته يدل على أني أعطيت الأذن في الدخول لهذا البيت الذي هو الفص الشعيبي.
قول سيدنا في (فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية): اعلم أن القلب - أعني قلب العارف بالله - هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها، فإنه وسیع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه : هذا لسان عموم من باب الإشارة، فإن الله راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. "فإن الحق"
يقول رضي الله عنه إن قلب العارف بالله وإن كان مخلوقا بالرحمة التي وسعت كل شيء، والقلب شيء من الأشياء، فالشيء أعم العام.
وهو كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه.
فإنه تعالى خلق قلب العارف به وجعله أوسع من رحمته ، لأن قلب المؤمن العارف بالله تعالى وسع الحق.
كما ورد في الخبر النبوي القدسي أن الله تعالى يقول : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن الهين الورع ".
وهذا الخبر وإن ضعفه الحفاظ فقد صححه أهل الكشف ، وقيد هذا الوسع بالقلب المؤمن، فهو وسع الخصوص لا وسع العموم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى فإن قلب غير المؤمن لا يكون محلا للمعرفة بالله تعالى فلا يسع الحق تعالى الوسع المخصوص بالعارفين.
إذ لا تكون المعرفة به تعالى إلا بتعريفه ، لا بحكم النظر العقلي، ولذا قيده سیدنا بقوله (أعني قلب العارف بالله) فرحمته تعالى مع اتساعها يستحيل عقلا لا شرعا وکشقا، إذ الكشف لا يخالف الشرع أن تسعه تعالى.
فرحمته لا تتعلق به ولا تسعه ، فلا يوصف تعالى بأنه مرحوم، وإن كانت منه فلا تعود عليه السلام.
وليس المراد بالقلب في الحديث الرباني اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر ، فهذا موجود في البهائم، فلا قدر له.
وإنما المراد اللطيفة الربانية الروحانية لها بهذا القلب الجسماني تعلق، وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان والمخاطب المعاقب، وقد تحير أكثر الخلق في وجه علاقته بالنسب النباتي الجسماني . ثم اعلم أن هذا الوسع أنواع:
الأول : وسع العلم والمعرفة بالله ، إذ لا شيء في الوجود بعقل آثار الحق ويعرف ما يستحقه كما ينبغي،مثل الإنسان فغير الإنسان إنما يعرف ربه من وجه دون وجه.
الثاني: وسع الكشف عن محاسن جماله تعالى، فيذوق لذة الأسماء الإلهية فإذا تعقل علم الله في الموجودات مثلا ذاق لذتها وعلم مكانة هذه الصفة ، وقس على هذا.
الثالث: وسع الخلافة، وهو التحقق بالأسماء الإلهية حتى يرى ذاته ذات الحق تعالى فتكون هوية العبد عين هوية الحق، فيتصرف في الوجود تصرف الخليفة .
حيث كان القلب هو النور الإلهي والسر العلي المنزل في عين الإنسان لينظر به إليه ، وهو روح الله المنفوخ، فما دام هذا لسان خصوصي.
وأما لسان خصوص الخصوصي فهو أن قلب العبد العارف عين هوية الحق، فما وسعه غيره فإن روحه المنفوخ في ادم هو عين ذاته ما هو غيره.
فما وسع الحق إلا الحق.
فهو تعالی دار الموجودات وعين قلب عبده المؤمن العارف دار له.
يقول سيدنا رضي الله عنه :
فمن كان بیت الحق فالحق بيته …… فعين وجود الحق عين الكوائن
ومما تقدم من كون رحمته تعالى لا تسعه وأنه راحم لا مرحوم، ولا حكم للرحمة فيه، هو إشارة من لسان عموم، يعني بالعموم ، علماء الرسوم المحجوبين عن الرقائق والدقائق .
وأما لسان الخصوص أهل الكشف والوجود الذين آتاهم الله رحمته من عنده وعلمهم من لدنه علما .
فهو ما أشار إليه سيدنا بقوله : (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس: وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم، فالألوهية تطلب المألوه، والربوبية تطلب المربوب. وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )
يقول رضي الله عنه من باب الإشارة بلسان الخصوص لا من باب التفسير ، للخبر الوارد أن الله تعالى وصف نفسه ، أي ذاته بالنفس (بفتح الفاء) وهو مأخوذ من التنفيس، أي التوسيع والتسريح ضد الضيق والحرج.
ولا يكون التنفيس والسراح إلا بعد ضيق وشدة، أشار بهذا الإمام إلى ما رواه أحمد رضي الله عنه في مسنده ، أنه قال: «إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن". وفي روايته للطبراني "إني أجد نفس ربکم قبل اليمن".
فنفس الله تعالى عن رسوله بالأنصار رضي الله عنهم . فأووه وناصروه، فإن أصل الأنصار من اليمن، خرجوا منه وقت خراب سد مأرب، و تفرقت قبائل اليمن في الأقطار .
كما نفس الله بالنفس الداخل الخارج عن قلب الإنسان والحيوان، فإنه بالنفس يخرج الهواء الحار ويستنشق الهواء البارد. ولولا ذلك لهلك في حينه.
ومعلوم أن الأسماء الإلهية عين المسمى باعتبار، وذلك أن للأسماء الإلهية اعتبارین، اعتبار کونه تعالى ذكر نفسه بهذه الأسماء أزلا من كونه متکلما، فهي قديمة غير مكيفة ولا محدودة ولا مشتقة، وهي عين المسمى.
إذ الوحدانية هنالك من جميع الوجوه فلا تعداد، واعتبار هذه الأسماء التي بأيدينا، وهي أسماء لتلك الأسماء، وهي التي تطلب المعاني بحكم الدلالة لأنها ألفاظ وألقاب، وهي غير المسمى، وهي المشتقة.
هذا لسان صفوة خاصة الخاصة، وأما لسان الخاصة فهو أن الأسماء الإلهية عين المسمى من حيث الدلالة على المسمی، مع قطع النظر عما يفهم من الأسماء، فإن المسمى واحد، والمفهوم من الأسماء ليس بواحد، وإن الأسماء الإلهية ما تعددت جزائها، فلا بد من سبب يعقل لتعددها ، وهو موضع حيرة.
هل الاسم هو اسم له تعالى؟
أو أسم لما هو المفهوم؟
أو اسم لهما؟
وليس في الوجود الخارجي العيني إلا هو تعالى، والأسماء نسب واعتبارات به.
و مراتب للذات لما هو الحق والتحقيق، لا أعيان زائدة كما عليه أكثر المتكلمين . والأسماء وإن كانت عين المسمى الذات للغني عن العالمين، فهي طالبة ما تعطيه من الحقائق المفهومة منها.
فطلبت طلب استعداد ظهور آثارها بما تعطيه حقيقة كل اسم، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء لتظهر بها إلا العالم. وهو كل ما سوى الله تعالى فالألوهية التي أعظم مراتب الإله المعبود تطلب المألوه، وهو العابد .
والربوبية التي هي مرتبة الرب أخص من مرتبة الألوهية، تطلب المرهوب الذي يحصل التصرف فيه ويظهر به سلطانها.
وإلا لو لم تكن الأسماء طالبة ولا يعطيها الحق ما تطلبه من الظهور، فلا ظهور لها ولا عين إلا بالعالم وجودا عند إيجاد العالم بالفعل.
وتقديرا قبل إيجاد العالم بالصلاحية، إذ هو تعالی مسمي بهذه الأسماء أزلا.
ولا عالم ولا موجود سواه، لأن الأعيان الثابتة لم تزل ناظرة إلى ربها حال ثبوتها نظر افتقار .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
الفص الشعيبي
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
قال رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، وهو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس: وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالقلب من حيث إنه مع وحدته واسع الظهور كل كثرة فيه، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى شعيب عليه السلام لتشعب دعوته الواحدة.
أي: تسوية الميزان بقوله: " أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين " [هود: 85].
إلى شعيب كثيرة في الاعتقادات والاختلاف والأعمال إذ لكل شيء منها میزان خاص يستقیم به إذا روعي، ويميل إلى طرفي الإفراط والتفريط إذ أخل به على ما سيشير الشيخ رحمه الله، وهي من أعمال القلب أو القوة المستمدة منه و مشابهة له في التوسط لتوه بين الروح والنفس.
فبين أولا سعته لما لا بتناهي من صور الكثرة حتى أنه أوسع من أصله ليتيسر تصور سعة الكثرة الحاصلة عن ضيق الوحدة في أوهام العامة.
فقال: (اعلم أن القلب أي: قلب العارف بالله) إذ قلب غيره، وإن أحاط بالعلوم الرسمية العقلية والنقلية ضيق عن الأمور الغير المتناهية، والمقصود بیان سعته، وهو المسمى بالقلب في قوله تعالى: "لمن كان له قلب" [ق:37] (هو من رحمة الله) ضرورة أن الموجودات كلها من رحمته، ولكن (هو أوسع) في إيجاد الصور كلها (منها فإنه وسع الحق) أي: صورة في الذهن الذي له إيجاد الصور فيه.
(ورحمته لا تسعة) إذ لا تصوره في الخارج الذي لها إيجاد الصور فيه، ولا في الذهن الذي ليس لها إيجاد شيء منها فيه.
ولذا قال صلى الله عليه وسلم عن ربه: «ما وسعني أرضي، ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي»، فكذا الكثرة أوسع من الوحدة فيما يتوهم.
ثم قال: (وهذا) أي: كون الرحمة لا تسع الحق والقلب بسعة؛ فهو أوسع منها (لسان العموم) أي: قول عامة الصوفية إذ أهل الظاهر لا يجترئون على القول بسعة القلب للحق؛ لأنها إما بالحلول المحال أو بالتمثيل، وهو باطل عندهم لقوله تعالى: "لیس كمثله شيء" [الشورى:11].
وقد ذهلوا عن حديث رؤية يوم القيامة في الصور المختلفة، وفي المنامات، وعن الفرق بين المثل والمثال (من باب الإشارة)، أي: مأخوذ من كلامهم بطريق الإشارة إذ لم يصرحوا بذلك.
وإنما قال عوام الصوفية بأن القلب أوسع من الرحمة لسعته بالحق دون الرحمة وإلا كان الحق مرحوما وهو باطل.
قال رضي الله عنه : (فإن الحق راحم وليس بمرحوم) بوجه من الوجوه، (فلا حكم للرحمة فيه) لا بإيجاده في الخارج ولا في الذهن، (وأما الإشارة) المأخوذة (من لسان الخصوص) أي كلام خواص الصوفية، فالرحمة أوسع من القلب أو مساوية له في السعة، وإن لم يصرحوا بذلك أيضا، فإن المفهوم من كلامهم أنه تعالى يرحم ذاته وأسماؤه بتصويرها في أعيان المكونات في الخارج.
فإن الله تعالى وصف نفسه على لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (بالنفس)، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن»..
وهو رحمة من المتنفس على نفسه بإخراج الهواء الحارة، وإدخال الباردة، كيف (وهو) مشتق (من التنفيس)؛ وذلك لأن الأسماء من حيث انتسابها إلى الأشياء تطلب ظهورها بصورها وآثارها فيها، وذلك الطلب فيها كالكرب، والظهور كالتنفس فكأنها مرحومة.
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية عين المسمى) الذي صدقت عليه، (وليس) المسمى (إلا هو)، أي: الذات فكأنها أيضا مرحومة، وكيف لا تكون الذات مرحومة؟
(وأنها طالبة ما تعطيه) الأسماء باعتبار تضمنها معانيها الخاصة من (الحقائق) التي انتسبت تلك الأسماء إليها، باعتبار معانيها الخاصة الموجودة في الذات بواسطة عينية تلك الأسماء لها، وكيف لا تكون مرحومة باعتبار ظهورها في تلك الحقائق؟ وليست صورها الظاهرة فيها قديمة مانعة من التأثير إذ
قال رضي الله عنه : (ليست الحقائق التي طلبتها الأسماء) احتراز عن الحقائق المطلوبة للذات من معاني الأسماء؛ فإنها قديمة غير قابلة للتأثير أصلا إلا العالم القابل للتأثيرات، فالصور الظاهرة فيها حادثة، وبظهورها تحصل مطالب الأسماء؛ فالرحمة عليه رحمة على الأسماء وعلى الذات باعتبار ظهورها فيه، وكيف لا تطلب الأسماء تلك الحقائق، ولا تتصور باعتبار تضمنها للنسب المقتضية للمنتسبين إلا بها (فالألوهية تطلب المألوه) وإن ورد أن الله غني عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (والربوبية تطلب المربرب وإلا) أي: وإن لم يوجد المألوه والمربوب حقيقة ولا تقديرا؛ (فلا عين لها) أي: لا تعين لهذه النسب أي: الألوهية والربوبية إلا (به وجودا أو تقديرا)، فإن الألوهية والربوبية بالفعل عند وجود المألوه والمربوب وبالقوة عند تقديره وإلا فلا تتصور أصلا.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :(اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فصّ حكمة قلبيّة في كلمة شعيبيّة
وجه تسمية الفصّ ووجه اختصاص الكلمة بالحكمة هاهنا ما ستطلع عليه من كلام المصنّف أنّ في القلب فنونا من التشعيب لا تحصى ، بها تثمر العقائد التي عليها يتصوّر في الجنّة وبها يتجلَّى عند أربابها .
وأمّا التلويح الكاشف لذلك : فهو أنّ شعيبا ( 13 ) صورة تفصيل ما للقلب من العقود ( 6 ، 13 ) ، كما أنّ القلب ( 132 ) معرب عمّا لشعيب ( 382 ) من الأربعة المحيطة بصورة السعة الإلهيّة .
وأيضا في تفصيل البيّنات القلبيّة ( أف ، أم ، ا 123 لف ا ، لف يم ، لف 381 ) ) ما يشعر بأنّ الكلمة الشعيبيّة هي الكاشفة عن حكمة القلب ، ضرورة أنّه الصورة المقوّمة إياها خاصّة ، ولذلك أخذ يتكلَّم في القلب قائلا
سعة القلب
قال رضي الله عنه : ( اعلم أنّ القلب - أعني قلب العارف باللَّه ) فإنّه يستفهم منه معاني غير ذلك ، لا دخل له هاهنا ( هو من رحمة الله ) فإنّه من الحقائق الوجوديّة المنطوية على ما في قوسي الحقائق الإلهيّة والمراتب الكيانيّة ، كما اطَّلعت على تحقيقه مرارا ، ( وهو ) لكمال سعته المذكورة ( أوسع منها ، فإنّه وسع الحقّ جلّ جلاله ، ورحمته لا تسعه ) على ما ورد : « ما وسعني أرضي ولا سمائي » ، فإنّ وجوده ورحمته ليس له مظهر غير سماء الأسماء الإلهيّة وأرض الحقائق الكيانيّة .
( هذا لسان عموم ) تكلَّم على ما ورد من الحديث غير مجاوز عن ظاهره ، ولكن ( من باب الإشارة ) لا صريح العبارة ، ( فإنّ الحق ) على فهم العموم (و) لسانه ( راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه) حتّى يحيط به ويسعه.
الربوبية تطلب المربوب والألوهية تطلب المألوه
قال رضي الله عنه : ( وأمّا الإشارة من لسان الخصوص : فإنّ الله وصف نفسه بالنفس ، وهو من التنفيس )
الذي هو تفريج الكرب ، فإنّ في باطنه من الأسماء ما يطلب الظهور ويهتمّ به وذلك ممّا يستلزم الكرب.
قال رضي الله عنه : ( وإنّ الأسماء الإلهيّة عين المسمّى ، وليست إلَّا هو ، وإنّها طالبة ما تعطيه من الحقائق ، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلَّا العالم ، فالالوهة تطلب المألوه).
حتّى تثبت وتتعيّن ، فإنّ الأسماء الإلهيّة تقتضي ثبوت المألوه وتعيّنه ، كما أنّ أسماء الربوبيّة تقتضي وجوب المربوب وظهوره ، وإليه أشار بقوله : ( والربوبيّة تطلب المربوب ) حتّى تظهر به وتوجد في العين وهذا هو الفرق بين الالوهيّة والربوبيّة ، لا ما قيل في بعض الشروح « 1 » - فتأمّل .
( وإلا ) - أي وإن لم تطلب نسبة الالوهة والربوبة ، المألوه والمربوب - لم تحصل تلك النسبة أصلا ( فلا عين لها إلَّا به وجودا ) في الخارج ( وتقديرا ) في العلم ، فإنّ النسبة وإن كانت حاكمة على الطرفين ، مسمّية لهما : لكن لا وجود لها إلَّا بهما .
هذا اقتضاء الحقّ من حيث النسب الأسمائيّة الوهيّة وربوبيّة
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم )
لما كان شعيب عليه السلام مع كونه صاحب قلب قابلا لتجني الاسم الله أحدية جمع الأسماء الإلهية المتشعبة إلى ما لا يتناهی مضاهيا للقلب، سواء أريد به النفس الناطقة في بعض مراتبها أو اللحم الصنوبري الذي هو متعلقها وسحل تصرفاتها لتشعبه إلى شعوب وقبائل كما ينبیء عنه اسمه.
وفي إيتاء كل ذي حق حقه بالقسط والعدل كما يدل عليه أمره أمته بذلك، فإن القلب بكل واحد من معنييه متشعب إلى شعب كثيرة موفي كل ذي حق منها حقه.
وصف الشيخ رضي الله عنه الحكمة المنسوبة إلى كلمته بالقلبية وصدر ببيان أحوال القلب.
فقال : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله) أحدية جمع الأسماء كلها، فإن صاحب القلب في اصطلاح هذه الطائفة إنما هو العارف بالاسم الله أحدية جميع الأسماء، فمن لم يكن عارف بالله سواء لم يكن عارفا أصلا أو كان عارفا ببعض الأسماء المخصوصة دون بعض، فلا يسمى قلبه قلبا إلا مجازا ولا يصح الحكم عليه بالسعة المذكورة.
(هو من رحمة الله ورحمته) رأفته ولطفه فإن تعينات الأشياء في العلم بالفيض الأقدس، ووجوداتها في العين بالفيض المقدس إنما هي من الأسماء اللطيفة الجمالية (وهو)، أي القلب (أوسع منها)، أي من رحمة الله ، فإن سعة القلب عبارة عن إحاطتها بالأشياء اعتبار جامعيتها للأشياء.
فإنها حقيقة جامعة لها أو باعتبار العلم والشهود وسعة الرحمة عبارة عن شمول الأشياء ووصول اثاره إليها ولا شك أن علم القلب وشهوده أوسع من رحمته (فإنه)، أي القلب باعتبار علمة وشهوده (وسع الحق جل جلاله) بتجلياته الذاتية والأسمائية كما أنه وسع الأشياء علما وشهودا.
(ورحمته) و إن وسعت کل شيء (لا تسعه)، أي الحق سبحانه (وهذا)، أي المتقول بأن رحمة الله لا تسعه (لسان عموم)، أي عامة العلماء قائلون به ولكن قولهم هذا (من باب الإشارة) لا صريح العبارة .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية )
فإنهم لم يصرحوا به ولكن يلزم مما صرحوا به من عقائدهم (فإن الحق راحم) عندهم (ليس بمرحوم) فإنهم لم ينتبهوا لكرب الأسماء الإلهية والتنفس عنها بإيجاد العالم (فلا حكم للرحمة فيه) ولا يصل أثر منها إليه فلا تسعه.
(وأما الإشارة من لسان الخصوص)، فهي أن رحمة الله تسعه (فإن الله سبحانه وصف نفسه) على لسان نبيه (بالنفس) حيث قال صلى الله عليه وسلم :" إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن" .
(وهو)، أي النفس (من التنفيس) وهو تفريج الكروب فإن المتنفس إنما يتنفس دفعة الكرب الهواء الحار عن باطنه وطلبة لراحة ورود الهواء البارد عليه ، فالتنفيس في الجناب الإلهي إشارة إلى التخلص من كرب طلب الأسماء الإلهية الظهور، ومن كرب طلب الحقائق الكونية الوجود.
ولا شك أن التفريج عن الكرب رحمة فرحمة الله تسعه ، ولما كان لقائل أن يقول: منشأ هذا الطلب الأسماء لا محض الذات فالتخلص من الكرب يكون للذات من حيث الأسماء لا من حيث هي فلا تكون الراحة شاملة لها .
دفعه بقوله :
(وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليست)، أي الأسماء (إلا هو)، أي المسمى فيكون تکرارة وتأكيدة للأول.
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه وليس بدون تاء التأنيث، أي لبس المسمى إلا هو أي الحق فتكون الأسماء عين الحق وإذا وسعتها الرحمة وسعته (وأنها)، أي الأسماء (طالبة ما تعطيه) تلك الأسماء ثبوت في العلم ووجودا في العين (من الحقائق).
أي الحقائق الكونية بيان لما أعني الأسماء طلب الحقائق التي ثبوتها في العلم ووجودها في العين بتلك الأشياء.
(وليست الحقائق التي تطلب الأسماء) لتكون مجالی أحكامها ومظاهر آثارها (إلا العالم) بما فيه من الأجناس والأنواع والأشخاص (فالألوهية) التي حضرة الأسماء الوجوبية المؤثرة في الكون (تطلب المألوه) الذي هو متعلق تأثيراتها وتصرفاتها ضرورة توفيق تحقق النسبة على تحقق المنتسبين.
ولما كانت الإلهية والألوهية عبارة عن مرتبة الأسماء المؤثرة كان معنى الإله المؤثر بأسمائه فيكون معنى اسم الفاعل لا سيما اشتق رضي الله عنه لما يقابله ، أي المتأثر المألوه اسم مفعول فيكون المألوه موجودة من معنا.
الاصطلاحي لا معانيه اللغوية فلا إشكال (و) كذلك (الربوبية) التي هي حضرة الأفعال .
قال رضي الله عنه : (تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
(تطلب المربوب) الذي هو متعلق آثارها، وإذا كانت الألوهية والربوبية يطلبان المألوه، والمربوب ليس إلا العالم ، فإن كان العالم يكون للألوهية أو الربوبية عين .
(وإلا)، أي وإن لم يكن العالم لم يكن لها، أي الألوهية والربوبية عين (فلا عين لها)، أي للألوهية والربوبية (إلا به)، في العالم (وجودا) في العين .
(وتقديرا) في الذهن يعني خارج ودها
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
شرح الفص الشعيبي
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، (باللام لا بالباء) والصلاة والسلام الأمان الأكملان على أفضل من كل من جاء عن الله رضي الله عنه بالأنبياء، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم الأولياء، أما بعد:فإن الأخ العزيز الذي كان أراد مني، إيضاح ألفاظ الفص الإسماعيلي أراد مني أيضا إيضاح ألفاظ الفص الشعيبي.
فإنه استصعبه وحق له أن يستصعب فإنه جمع مسائل متشعبة كثيرة مستصعبة، فأجبته لذلك مستمطرا فيض الإله الرب المالك .
وقلت : اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن سهلا إذا شئت، هذا مع علمي أن ما أذكره في حل ألفاظ سيدنا الشيخ هو كنسبة القشر إلى اللب .
وقد رأيت مبشرة عند شروعي في الكتابة على هذا الفص : رأيت إني وقفت على باب بيت فوجدته مغلقا عليه قفل من حديد ولا مفتاح عليه، فحرکت القفل تحریکات فانفتح، فلما دخلت البيت وجدت مفتاحه داخله، وأخذته فتعجبت لذلك.
فأولت البيت بالفص الشعيبي وكونه مغلقا يدل على أنه ما دخله أحد ممن تكلم على الفص الشعيبي، وكوني وجدت مفتاحه في وسطه وأخذته يدل على أني أعطيت الأذن في الدخول لهذا البيت الذي هو الفص الشعيبي.
قول سيدنا في (فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية): اعلم أن القلب - أعني قلب العارف بالله - هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها، فإنه وسیع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه : هذا لسان عموم من باب الإشارة، فإن الله راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. "فإن الحق"
يقول رضي الله عنه إن قلب العارف بالله وإن كان مخلوقا بالرحمة التي وسعت كل شيء، والقلب شيء من الأشياء، فالشيء أعم العام.
وهو كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه.
فإنه تعالى خلق قلب العارف به وجعله أوسع من رحمته ، لأن قلب المؤمن العارف بالله تعالى وسع الحق.
كما ورد في الخبر النبوي القدسي أن الله تعالى يقول : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن الهين الورع ".
وهذا الخبر وإن ضعفه الحفاظ فقد صححه أهل الكشف ، وقيد هذا الوسع بالقلب المؤمن، فهو وسع الخصوص لا وسع العموم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى فإن قلب غير المؤمن لا يكون محلا للمعرفة بالله تعالى فلا يسع الحق تعالى الوسع المخصوص بالعارفين.
إذ لا تكون المعرفة به تعالى إلا بتعريفه ، لا بحكم النظر العقلي، ولذا قيده سیدنا بقوله (أعني قلب العارف بالله) فرحمته تعالى مع اتساعها يستحيل عقلا لا شرعا وکشقا، إذ الكشف لا يخالف الشرع أن تسعه تعالى.
فرحمته لا تتعلق به ولا تسعه ، فلا يوصف تعالى بأنه مرحوم، وإن كانت منه فلا تعود عليه السلام.
وليس المراد بالقلب في الحديث الرباني اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر ، فهذا موجود في البهائم، فلا قدر له.
وإنما المراد اللطيفة الربانية الروحانية لها بهذا القلب الجسماني تعلق، وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان والمخاطب المعاقب، وقد تحير أكثر الخلق في وجه علاقته بالنسب النباتي الجسماني . ثم اعلم أن هذا الوسع أنواع:
الأول : وسع العلم والمعرفة بالله ، إذ لا شيء في الوجود بعقل آثار الحق ويعرف ما يستحقه كما ينبغي،مثل الإنسان فغير الإنسان إنما يعرف ربه من وجه دون وجه.
الثاني: وسع الكشف عن محاسن جماله تعالى، فيذوق لذة الأسماء الإلهية فإذا تعقل علم الله في الموجودات مثلا ذاق لذتها وعلم مكانة هذه الصفة ، وقس على هذا.
الثالث: وسع الخلافة، وهو التحقق بالأسماء الإلهية حتى يرى ذاته ذات الحق تعالى فتكون هوية العبد عين هوية الحق، فيتصرف في الوجود تصرف الخليفة .
حيث كان القلب هو النور الإلهي والسر العلي المنزل في عين الإنسان لينظر به إليه ، وهو روح الله المنفوخ، فما دام هذا لسان خصوصي.
وأما لسان خصوص الخصوصي فهو أن قلب العبد العارف عين هوية الحق، فما وسعه غيره فإن روحه المنفوخ في ادم هو عين ذاته ما هو غيره.
فما وسع الحق إلا الحق.
فهو تعالی دار الموجودات وعين قلب عبده المؤمن العارف دار له.
يقول سيدنا رضي الله عنه :
فمن كان بیت الحق فالحق بيته …… فعين وجود الحق عين الكوائن
ومما تقدم من كون رحمته تعالى لا تسعه وأنه راحم لا مرحوم، ولا حكم للرحمة فيه، هو إشارة من لسان عموم، يعني بالعموم ، علماء الرسوم المحجوبين عن الرقائق والدقائق .
وأما لسان الخصوص أهل الكشف والوجود الذين آتاهم الله رحمته من عنده وعلمهم من لدنه علما .
فهو ما أشار إليه سيدنا بقوله : (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس: وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم، فالألوهية تطلب المألوه، والربوبية تطلب المربوب. وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )
يقول رضي الله عنه من باب الإشارة بلسان الخصوص لا من باب التفسير ، للخبر الوارد أن الله تعالى وصف نفسه ، أي ذاته بالنفس (بفتح الفاء) وهو مأخوذ من التنفيس، أي التوسيع والتسريح ضد الضيق والحرج.
ولا يكون التنفيس والسراح إلا بعد ضيق وشدة، أشار بهذا الإمام إلى ما رواه أحمد رضي الله عنه في مسنده ، أنه قال: «إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن". وفي روايته للطبراني "إني أجد نفس ربکم قبل اليمن".
فنفس الله تعالى عن رسوله بالأنصار رضي الله عنهم . فأووه وناصروه، فإن أصل الأنصار من اليمن، خرجوا منه وقت خراب سد مأرب، و تفرقت قبائل اليمن في الأقطار .
كما نفس الله بالنفس الداخل الخارج عن قلب الإنسان والحيوان، فإنه بالنفس يخرج الهواء الحار ويستنشق الهواء البارد. ولولا ذلك لهلك في حينه.
ومعلوم أن الأسماء الإلهية عين المسمى باعتبار، وذلك أن للأسماء الإلهية اعتبارین، اعتبار کونه تعالى ذكر نفسه بهذه الأسماء أزلا من كونه متکلما، فهي قديمة غير مكيفة ولا محدودة ولا مشتقة، وهي عين المسمى.
إذ الوحدانية هنالك من جميع الوجوه فلا تعداد، واعتبار هذه الأسماء التي بأيدينا، وهي أسماء لتلك الأسماء، وهي التي تطلب المعاني بحكم الدلالة لأنها ألفاظ وألقاب، وهي غير المسمى، وهي المشتقة.
هذا لسان صفوة خاصة الخاصة، وأما لسان الخاصة فهو أن الأسماء الإلهية عين المسمى من حيث الدلالة على المسمی، مع قطع النظر عما يفهم من الأسماء، فإن المسمى واحد، والمفهوم من الأسماء ليس بواحد، وإن الأسماء الإلهية ما تعددت جزائها، فلا بد من سبب يعقل لتعددها ، وهو موضع حيرة.
هل الاسم هو اسم له تعالى؟
أو أسم لما هو المفهوم؟
أو اسم لهما؟
وليس في الوجود الخارجي العيني إلا هو تعالى، والأسماء نسب واعتبارات به.
و مراتب للذات لما هو الحق والتحقيق، لا أعيان زائدة كما عليه أكثر المتكلمين . والأسماء وإن كانت عين المسمى الذات للغني عن العالمين، فهي طالبة ما تعطيه من الحقائق المفهومة منها.
فطلبت طلب استعداد ظهور آثارها بما تعطيه حقيقة كل اسم، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء لتظهر بها إلا العالم. وهو كل ما سوى الله تعالى فالألوهية التي أعظم مراتب الإله المعبود تطلب المألوه، وهو العابد .
والربوبية التي هي مرتبة الرب أخص من مرتبة الألوهية، تطلب المرهوب الذي يحصل التصرف فيه ويظهر به سلطانها.
وإلا لو لم تكن الأسماء طالبة ولا يعطيها الحق ما تطلبه من الظهور، فلا ظهور لها ولا عين إلا بالعالم وجودا عند إيجاد العالم بالفعل.
وتقديرا قبل إيجاد العالم بالصلاحية، إذ هو تعالی مسمي بهذه الأسماء أزلا.
ولا عالم ولا موجود سواه، لأن الأعيان الثابتة لم تزل ناظرة إلى ربها حال ثبوتها نظر افتقار .
فلو زال العالم وجودا أو تقديرا لزالت الأسماء، حتی الفناء عن العالم، إذ لو لم يتوهم لم يصح الفناء عنه ، "ثم" غني عن من؟.
فالحق تعالى من حيث ذاته الأحدية غني عن العالمين . بل غني عن أسمائه، إذ ليس ثمة من يتفرق إليه أو يتسمى له.
فالحق تعالى من حيث ذاته الأحدية غني عن العالمين . بل غني عن أسمائه، إذ ليس ثمة من يتفرق إليه أو يتسمى له.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 11:46 عدل 1 مرات

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثالثة : الجزء الأول
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده. فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى.)
قال رضي الله عنه : (والحق) تعالى (من حيث ذاته) العلية (غني عن العالمين) كما قال سبحانه : "و الله غني عن العالمين" [آل عمران: 97]. وقال تعالى : "والله الغني وأنتم الفقراء" [محمد: 38] .
والصفات أيضا والأسماء من حيث هي عين الذات الإلهية غنية عن العالمين أيضا. وقد أشار إليه المصنف قدس سره بقوله :
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو (و) صفة (الربوبية) من حيث ما هي غير الذات الإلهية (ما لها هذا الحكم)، أي الغني عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (فبقي الأمر) الإلهي الواحد في نفسه مترددة (بين ما نطلبه) صفة (الربوبية) من الحيثية المذكورة وهو الظهور بالمربوبین (وبين ما تستحقه الذات) العلية (من الغنی عن العالم) بفتح اللام (وليست) صفة (الربوبية على الحقيقة والاتصاف) من الحيثية الأخرى .
(إلا عن هذه الذات) الإلهية الغنية عن العالمين، فالأمر في نفسه ذات غنية عن العالمين من وجه، وصفة ربوبيته افتقر إليها جميع العالمين فتعلقت به ، فلا تنفك عنه ولا ينفك عنها وجودة وتقدير من وجه آخر.
قال رضي الله عنه : (فلما تعارض) بحسب الظاهر الأمر المذكور بالطلب للعالمين والاستغناء عن العالمين (بحكم)، أي بسبب ما تقتضيه أحوال (النسب) جمع نسبة وهي الإضافة من الطلب والاستغناء المذكورين وغيرهما (ورد في الخبر) عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما وصف الحق) تعالی (به نفسه) على لسان نبيه عليه السلام (من الشفقة) وهي زيادة الرحمة (على عباده) كما ورد في الأسماء الحسنى أن من أسمائه تعالى: الرؤوف من صفاته الرأفة.
قال رضي الله عنه : (فأول ما نفس) سبحانه (عن) صفة (الربوبية التي له بنفسه المنسوب إلى) اسمه (الرحمن) الوارد في الحديث إني لأجد نفس الرحمن (بإيجاده) سبحانه (العالم)، أي المخلوقات (الذي) نعت للعالم (تطلبه) صفة (الربوبية بحقيقتها) من حيث هي غير الذات الإلهية الغنية عن العالمين تطلبه أيضا (جميع الأسماء الإلهية) لتظهر به (فيثبت من هذا الوجه) وهو وجه تنفیس الحق تعالى بنفسه المنسوب إليه من حيث اسمه الرحمن فهو التنفيس بالرحمة عن أسمائه وصفاته (أن رحمته) سبحانه الواسعة ("وسعت كل شي" فوسعت الحق) تعالى حيث وسعت أسمائه وصفاته التي هي من وجه عين ذاته كما أنها من وجه آخر غير ذاته .
قال رضي الله عنه : (فهي)، أي الرحمة الإلهية حينئذ (أوسع من القلب)، أي قلب العارف بالله تعالى (أو مساوية له في السعة) لإشرافه على ما هي مشرفة عليه من الأسماء وآثارها من حيث قيامه بالشهود الذاتي وكون الحق تعالی سمعه وبصره .
والحاصل أن رحمة الله تعالى صفة من صفاته وحضرة من حضراته وقد توجهت منه تعالى على إيجاد كل شيء وإمداده .
ومن جملة ذلك إيجاد قلب العارف بالله تعالى ومعرفته به تعالى، ولا شك أن قلب العارف بسبب معرفته بالله تعالى فاني مضمحل،عن كل حادث من ذاته ومن غيره.
فلا حکم عنده إلا للوجود المطلق حتى عن الإطلاق، فهو الظاهر له به وبكل شيء مثل ظهور المعاني بالألفاظ.
فإن الذهن ما دام ملاحظا للفظ المخصوص، وهو في حال ملاحظته له ناظر إلى المعنى الذي يدل عليه ذلك اللفظ ، فهو مستحضر لذلك المعنى.
ومتي التفت إلى ملاحظة اللفظ من حيث هو وأعرض عن نظره منه إلى معناه فقد أعرض عن معناه وانحجب باللفظ عن المعنى.
وكذلك إذا أعرض عن ملاحظة اللفظ فقد أعرض عن النظر إلى معناه " ولله المثل الأعلى" [النحل: 60].
فالمشهود في الفناء الأول أحوال العبد بمنزلة الألفاظ ينظر منها إلى المعاني، والشهود في الفناء الثاني وهو الفناء عن الفناء أعيان الأشياء كلها لا من حيث اتصافها بالوجود بل عین الوجود من حيث اتصافه بأعيان الأشياء على حسب ما يعطي الوهم لا على حسب ما الأمر عليه في نفسه .
وهذا أمر معلوم عند القلب العارف مقطوع به، والضرورة عنده في هذا الشهود واضحة، وذلك معنی وسع القلب للحق تعالى.
فإذا كان القلب واسعا للحق تعالی كان واسعا لجميع صفاته وحضراته بالأولى
فهو أوسع من الرحمة الإلهية .
وإذا اعتبر وسع الرحمة لكل شيء إيجادا وإمداد هو عين وسعها للصفات والأسماء والحضرات الإلهية.
ومن جملة ذلك قلب العارف بالله تعالى، فالرحمة أوسع حينئذ من قلب العارف ، وإن اعتبر حال القلب أنه هو عين الرحمة كانت الرحمة مساويا للقلب (هذا الكلام (مضی)، أي تقرر وتم تحريره.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية ما) أي ليس (لها هذا الحكم) أي حكم الغني عن العالمين وكذلك الألوهية (فبقي الأمر) أي الشان الإلهي (بين ما تطلبه الربوبية وبين ما نستحقه الذات من الغني عن العالم وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاق إلا عين هذه الذات) وإن كانت غيرها من وجه فكانت الذات مستحقة بالغني عن العالم من حيث الأحدية ومستحقة بالافتقار إليه من حيث الربوبية .
قال رضي الله عنه : (فلما نعارض الأمر) الإلهي (بحكم النسب) أي بحکم الاسماء باقتضاء بعضها لطفا وبعضها قهرا (ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه) قوله :
من الشفقة على عباده) بيان لما وهو قوله تعالى : "والله رؤوف بالعباد" [آل عمران: 30] إذ ربوبيته يتحقق بهم فكانت الربوبية أول صفة تطلب من الله وجود العالم ثم الأسماء الإلهية
قال رضي الله عنه : (فأول ما) أي فأول شيء (نفس) الحق (عن الربوبية) لأنها أول شيء طلب وجود العائم فتنفس عنها أولا دفعة للكرب فشبه بتنفس الإنسان لأن المتنفس ما تنفس إلا لإزالة الكرب .
فكان المتنفس مرحوما لوجدانه الراحة بالنفس فكان الحق مرحوما بنفسه وهو إيجاد العالم تشبيها لا تحقيقا .
فأول مبتدأ وخبره عن الربوبية (بنفسه) يتعلق بنفس أي نفس بسبب نفسه (المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم) أي هذا النفس الذي نفس به الحق عن الربوبية منسوب إلى الرحمن بسبب إيجاد الحق العالم قوله (بإيجاده) يتعلق بنفس (الذي تطلبه الربوبية عن الله بحقيقتها) أي بحسب اقتضائها الذاتي كما أن استغناء الحق بحسب ذاته وحقيقته كذلك طلب الربوبية بحسب حقيقتها فلما نفس الحق عنها ظهر آثارها فزال الكرب عنها بظهور آثارها .
يعني لو لم يظهر آثارها لتجد الكرب فأظهر الله آثارها لئلا تجد الكرب المحال في حقه تعالى وأسمائه .
قال رضي الله عنه : (وجميع ) يجوز أن يعطف على الربوبية المجرورة أي نفس عن الربوبية وعن جميع (الأسماء الإلهية) ويجوز أن يعطف على الربوبية المرفوعة أي وتطلبه جميع الأسماء الإلهية وكلاهما حسن لكن يدل على أن المراد هو الوجه الأول قوله في الفص العيسوي : العالم ظهر في نفس الرحمان الذي نفس الله به عن الأسماء الإلهية
قال رضي الله عنه : (فثبت من هذا الوجه) وهو اعتباره من حيث الأسماء والصفات (أن رحمته وسعت كل شيء) اسما كان أو عينا (فوسعت الحق) لأنه عين الأسماء من وجه، فكان الحق مرحوما من حيث الأسماء وليس مرحوما بحسب الذات .
فثبت بلسان الخصوص أن الحق كان راحما ومرحوما بهذا الوجه فعلى لسان الخصوص .
قال رضي الله عنه : (فهي) أي الرحمة (أوسع من القلب) لشمولها القلب والحق من حيث أسمائه والقلب لا يسع نفسه (او مساوية له في السعة) باعتبار أن القلب يسع نفسه من حيث الإحاطة العلمية (هذا مضی) أي تم الكلام في القلب والرحمة وسعتهما.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده. فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
لا عين للألوهية إلا بالمألوه وجودا وتقديرا. فأما وجودا: فلا ألوهية بالفعل ما لم يكن المألوه بالفعل.
وأما في التقدير: فلا ألوهية في عالم التقدير إلا بالمألوه المقدر وذلك حال کل متضايفين.
وأما حضرة الغني عن العالمين، فهي حضرة الذات لا حضرة الصفات والأسماء.
قال وليست الربوبية في الحقيقة والاتصاف إلا عين هذا الذات الغنية،
فإذن إنما وصف الحق تعالی نفسه بالشفقة على عباده لصحة نسبهم إلى ذاته من حيث أسماؤها التي ليس هو غيرها.
قال: ولما كان الإيجاد رحمة، فهو أول رحمة وسعت كل شيء، فشملت الرحمة أسمائه الحسنى حيث حصل لها بالايجاد عالما نفس من كرب الأسماء الإلهية باعطائها ما طلبته من حقائق العالم.
قال: فلما وسعت الرحمة العالم والأسماء الإلهية كانت أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.
وأعلم أنه، رضي الله عنه، ذكر عقيب هذا مسألة التجلي،.
فكأن قائلا قال: هل التجلي يجيء على وفق القلب أم القلب يجيء على وفق التجلي؟
فصرح الشيخ، رضي الله عنه، أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غنيّ عن العالمين ، والربوبية ما لها هذا الحكم ، فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقّه الذات من الغنى عن العالم ، وليست الربوبية على الحقيقة والإنصاف إلَّا عين هذه الذات .هذا مضى . " .)
يعني رضي الله عنه : أنّ الربوبية لكونها ذاتية للربّ هي عينه ، لأنّها لو لم تكن عينه ، لكانت غيره من جميع الوجوه ، فلم تكن الذات بدونها ربّا ، واحتاجت إلى ذلك الغير في كونها ربّا والذات غنيّة ، وربوبيتها ليست غيرها ، فهي عينها .
قال رضي الله عنه : (« فلمّا تعارض الأمر بحكم النسب ، ورد في الخبر ما وصف
الحق به نفسه من الشفقة على عباده ، فأوّل ما نفّس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية ، فثبت من هذا الوجه أنّ رحمته وسعت كل شيء « ووسعت ما وسعه القلب وهو الحق » فهي أوسع من القلب.هذا مضى ") .
ولكن يقال في « كلّ شيء » : إنّ الشيء حيث أضيف الكلّ إليه جزئي مخصوص تخصّص بحسبه ، فيكون معناه كلّ واحد واحد من الأشياء ، وحينئذ لا يتناول الحق ، لأنّه يتعالى عن أن يكون جزئيّا ، وكذلك القلب الذي وسع الحق ، فإنّه كلَّي ، لكونه أحدية جمع جميع الحقائق القابلية المظهرية ، فلا يدخل تحت « كلّ شيء » إلَّا أن يكون معنى « كلّ شيء » جميع الأشياء .
قال - رضي الله عنه - : " أو مساوية له في السعة" . يعني الرحمة ، من كونها وسعت الحق كما وسعه القلب . وهو الحق.
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال رضي الله عنه : "والحق من حيث ذاته غنى عن العالمين ، والربوبية ما لها هذا الحكم ، فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم ، وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات"
فالألوهية التي هي الحضرة الأسمائية ، والربوبية التي هي حضرة الأفعال الصادرة عن الأسماء تطلب العالم بما فيه ولم تثبت إلا به لأنها من الإضافيات فلا عين لها بدون المضاف وجودا وتقديرا ، يعنى عينا وذهنا ، فالربوبية ما لها غنى عن العالمين بل الغنى عن الكل ليس إلا الذات وحدها ، فالأمر ذو وجهين :
غنى من وجه ولا غنى من وجه ، وليست الربوبية في الحقيقة غير الذات لأنها نسب اعتبرت في الذات لا عين لها .
فالرب ليس إلا الذات مع نسب اعتبارية لا عين لها ، وإلا لكان الله تعالى محتاجا في ربوبيته إلى تلك العين ، وكان محتاجا إلى الغير فلما تعارض الأمر بحكم النسب لاقتضائه من حيث الذات الغنى .
"" أضاف بالي زادة : - أي حكم الغنى عن العالمين وكذلك الألوهية وإن كانت غيرها من وجه ، فكانت الذات مستحقة بالغنى عن العالم من حيث الأحدية ، ومستحقة بالافتقار إليه من حيث الربوبية اهـ ""
ومن حيث النسب اللاغنى "ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده "
لأن الحق هو الذي يتحقق به كل شيء وهو الاسم الذي يتجلى به في القيامة ليحكم بين الناس بالحق أي بالعدل ، فيكون هو الرب المطلق رب العالمين ، فيقتضى الشفقة والرحمة على عباده لتوقف الربوبية عليهم .
قال رضي الله عنه : " فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية ، فيثبت من هذا الوجه أن رحمته "وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " - فوسعت الحق ،فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة . هذا مضى "
ما في ما نفس مصدرية ، أي أول تنفيسه عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن الشامل بجميع الأسماء ، وهو التنفيس بإيجاده العالم الذي تطلبه الحضرة الربوبية وجميع الأسماء الإلهية فيثبت ، وفي نسخة : فثبت من هذا الوجه ، أي باعتبار الحضرة الأسمائية من حيث الإله والرحمن والرب أن رحمته " وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " حتى الحق .
فيكون الحق من حيث الأسماء مرحوما بالرحمة الذاتية ، إذ لو لم يكن العالم واعتباراته لم يكن للنسب الأسمائية وجود ، والغنى مصروف إلى الذات وحدها ، والرحمة أوسع من القلب من حيث أنه شيء من الأشياء أو مساوية له من حيث أنه وسع الحق بجميع أسمائه .
وجميع الأسماء مرحومة من حيث أنها أسماء لا من حيث أنها عين ذات الحق ، وكذا القلب حينئذ ، يعنى إذا وسع الحق ليس إلا الذات وأسماؤه إذ لا شيء عند تجلى الحق غيره ، ولا للقلب ولا للعالم وجود.
"" أضاف بالي زادة : (بحكم النسب) أي بحكم الأسماء باقتضاء بعضها لطفا وبعضها قهرا (ورد في الخبر) وهو قوله تعالى : "والله رَؤُفٌ بِالْعِبادِ " إذ ربوبيته تتحقق بهم ، فكانت الربوبية أول صفة تطلب من الله وجود العالم ، ثم الأسماء الإلهية اهـ
(فأول ما نفس) عنه الحق (عن الربوبية) لأنها أول شيء طلب وجود العالم فتنفس عنها أولا دفعا للكرب ، فشبه بتنفس الإنسان لأنه ما تنفس إلا لإزالة الكرب ، فكان المتنفس مرحوما لوجدانه الراحة بالنفس ، فكان الحق مرحوما (بنفسه) وهو إيجاد العالم تشبيها لا تحقيقا (فأول) مبتدأ وخبره (عن الربوبية) بنفسه يتعلق بنفس أي نفس بسبب نفسه اهـ ""
يعنى أن الحق المتجلى المتحول في الصور إذا تجلى للقلب بصورة الأحدية لا يبقى معه شيء ، إذ الأحدية الذاتية تقتضي أن لا يكون معه شيء فلا ينظر القلب حينئذ إلا به ولا يرى إلا إياه فلا يحس بنفسه ولا بغيره ، ( هذا مضى ) أي تم الكلام في القلب والرحمة فوسعتهما.اهـ
.
يتبع

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثالثة : الجزء الثاني
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والحقّ من حيث ذاته غنيّ عن العالمين ، والربوبيّة ما لها هذا الحكم ) ضرورة احتياجه إلى المربوب .
ثمّ إنّ الربوبيّة لما كان أنزل من الالوهيّة فهي أشمل ضرورة اقتصر عليها قائلا : ( فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبيّة وبين ما تستحقّه الذات من الغنى عن العالمين ، وليست الربوبيّة على الحقيقة ) عند الثبوت ( والاتّصاف ) عند الإثبات ( إلَّا عين هذه الذات ) - كما سبق تحقيقه مرارا
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما تعارض الأمر ) بين الاحتياج والغنى ( بحكم النسب ) التي هي العين حقيقة واتّصافا ، فإنّه بالنسبة إلى الذات عينها يستلزم الغناء ، وبالنسبة إلى الأسماء التي هي عينها يقتضي الاحتياج ( ورد في الخبر ما وصف الحقّ به نفسه من الشفقة على عباده ) وما كتب على نفسه من الرحمة عليهم ، وذلك لأنّ الشفقة على العباد وكتابة الرحمة عليهم فيها معنى الاستغناء مع الاحتياج على ما لا يخفى .
سعة الرحمة
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأوّل ما نفّس عن الربوبيّة بنفسه المنسوب إلى الرحمن ) فإنّ الرحمة هي الوجود ، فنسب إليه النفس ( بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبيّة بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهيّة ) .
( فيثبت من هذا الوجه ) الذي يتكلَّم فيه لسان الخصوص ( أنّ رحمته وسعت كلّ شيء ، فوسعت الحقّ ، فهي أوسع من القلب ) بناء على أنّ الرحمة الوجوديّة لها الإحاطة بالأشياء ، ومنها القلب ، فهي أوسع منه ضرورة أنّه لا يسع نفسه .
ثمّ إنّ من شأن القلب الإحاطة بسائر المتقابلات وبنفسه أيضا إحاطة علميّة وإليه أشار بقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أو مساوية له في السعة ، هذا مضى ) مما تكلَّم به لسان العموم ولسان الخصوص .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم. فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (والحق سبحانه من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية ما لها هذا الحكم) ، أي حكم الغني لافتقارها إلى المربوب، وإنما اقتصر على الربوبية لأنها أنزل من الألوهية فهي مستلزمة لها (فبقي الأمر) دائرا (بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغني عن العالم وليست الربوبية على الحقيقة والانصاف إلا عين هذه الذات).
أي من نظر إلى حقيقة الأمر ونصف من نفسه حکم بأن الربوبية عين الذات بمعنى أنه ليس في الخارج إلا الذات، فإن الربوبية نسبة عقلية لا وجود لها في الخارج وإن أتصل بنا الموجود الخارجي.
وذهب بعض الشارحين إلى أن الاتصاف افتعال من الوصف وجعله عطف على الحقيقة ، ولا يخلو عن سماحة ولو جعل على هذا معطوفة على الربوبية، أي ليست الربوبية و اتصاف الذات بها إلا عين الذات لكان أحسن.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما تعارض الأمر)، أي أمر الذات (بحكم النسب)، أي نسبة المعنى وأن لا عين ولم تبق الذات على صرافة المعنى .
(ورد في الخبر) النبوي الوارد بأنصاف الحق سبحانه بالنفس المنبئ عن التنفيس الذي هو عين الذات من وجه .
(ما وصف الحق به نفسه) حيث قال : والله رؤوف بالعباد (من الشفقة) الواقعة (على عباده) وكما أن عباده تتعلق بهم الشفقة والرحمة فكذلك تتعلق به أيضا الشفقة والرحمة التي هي التنفس عن کرب الأسماء
قال رضي الله عنه : (فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال رضي الله عنه : (فأول ما نفس)، أي أول تنفيسه على أن تكون ما مصدرية هو التنفيس (عن الربوبية) أول تنفيسه من الربوبية (بنفسه المنسوب إلى الرحمن) إنما هو (بإيجاد العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها) الطالبة لوجود العالم .
فقوله : فأول ما نفس، مبند خبره أما قوله : عن الربوبية أو قوله بایجاد العالم و قوله : (وجميع الأسماء الإلهية) إما مجرور عطفا على الربوبية التي هي مدخول عن أو مرفوع عطفا على الربوبية .
التي هي فاعل تطلبه وأما جعل "ما" في و"ما نفس" موصولة فوجه صحته غير ظاهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فثبت من هذا الوجه) الذي يتكلم به لسان الخصوص (أن رحمته وسعت كل شيء) حقا كان أو خلقا (فوسعت)، أي الرحمة (الحق) أيضا (فهي)، أي الرحمة (أوسع من القلب) فإنها وسعت القلب وما سواه والقلب لا يسع نفسه ، هذا إذا اعتبر سعة القلب باعتبار انطوانه علی الحقائق كلها.
وأما إذا اعتبرت باعتبار العلم فهو يسع نفسه أيضا فتكون الرحمة حينئذ مساوية له في السعة، وإنى هذا أشار بقوله : (أو مساوية له في السعة هذا) الذي تكلم به لسان العموم و الخصوم (مضی) وبعد الكلام في بيانه قد انقضى.
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية مالها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغني عن العالم، وليست الربوبية على الحقيقة والإنصاف "الإتصاف" إلا عين هذه الذات، فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده، فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة).
فالحق تعالى من حيث ذاته الأحدية غني عن العالمين، بل غني عن أسمائه، إذ ليس ثمة من يتفرق إليه أو يتسمى له.
وكان الله ولم يكن معه شيء، فالربوية والألوهية وغيرهما من المراتب الأسمائية والنسب الإضافية ما بها هذا الحكم، وهو الغني عن العالمين.
بل لها طلب العالمين لتظهر آثارها.
وهذا الطلب هو الذي عبر عنه سيدنا بالافتقار في قوله:
( الكل مفتقر ما الكل مستغني )
وأنكره الجم الغفير إلا من رحم ربك .ولا شك أن كل طالب فاقد لما هو طالبه ، وكل فاقد مفتقر لما هو فاقده، وإن كان بين من يطلب يؤثر ويظهر سلطانه وبين من يطلب ليتأثر وينفعل فرقان، فبقي الأمر والقصة المتحدث عنها دائرا بين طالب ومستحق، فالربوبية تطلب ظهور حقائق الأسماء الربية والذات الأحدية مستحقة الفناء عن العالمين.
فإنها بذاتها تنفي أن يكون معها غير وسوى، إذ ليس في الذات الأحدية ما يطلب العالم، ولو كان في الأحدية ما يطلب العالم لم يصح کونه غنيا، ولو كان أسم الغني ما ثبت إلا بتقدير العالم، وما ألطف تعبيره بالطلب في حق الربوبية ، وبالاستحقاق في حق الذات الأحدية.
وليست الربوبية الطالبة الظهور حقائق الأسماء على الحقيقة والنظر بالإنصاف إلا عين هذه الذات الأحدية المستحقة الفناء عن العالم، فإنها بعينها تنزلت من أحذيتها إلى مرتبة الألوهية ، والربوبية، وهي هي فاسمها عينها.
إذ الاسم لما كان يدل على المسمى بحکم المطابقة فلا يفهم منه غير مسماه ، فهو عينه صورة أخرى تسمى اسما. فالاسم اسم له ولمسماه .
فلما تعارض الأمر بسبب حكم النسب الإلهية واختلافها فإن النسبة الربية حكمها ومطلوبها إيجاد العالم ونسبة الفناء حكمها ومستحقها عدم إيجاد العالم.
ورد في الخبر ما وصف الله به نفسه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام من الشفقة على عباده والرحمة لهم والرأفة بهم.
وورد أنه بغضب ويرضى، تقول الرسل يوم القيامة : " إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله".
وإزالة الغضب رحمة لما فيه من التنفيس عن الغضبان ، وغير هذا من الصفات والأسماء السمعية التي تدل على تنزله من سماء الأحدية إلى ما تطلبه الأسماء الإلهية.
فأول ما نفس عن الأسماء الربية بنفسه المنسوب إلى الرحمن الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن"
وتنفیسه عن الأسماء هو بالإذن لكل اسم أن يظهر بحقيقته فيثبت من هذا الوجه تنفیسه عن الحضرة الربية أن رحمته وسعت كل شيء ، فوسعت الحق تعالى لا من حيث عموم أنها وسعت كل شيء لأن الحق ليس بشيء فوسعت رحمته أسمائه.
أو يقال : وسعت ذاته . فإنها المقتضية لإيجاد العالم في الحقيقة.
فإنه تعالى يقول في بعض الكتب الإلهية : "کنت کنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت خلقا وتعرفت إليهم "
ومن أحبت نفسه شيئا وأعطاها إياه فقد رحمها، فإنه تعالى لما ذكر المحبة علمنا من حقيقة الحب ولوازمه ما يجده المحب في نفسه.
هذا إذا اعتبرت الرحمة صفة، فأما إذا اعتبرت الرحمة عين الذات فالشيء لا يسع نفسه ولا بضيق عنها.
فالرحمة إذا أعتبرت صفة فهي أوسع من القلب لأنها وسعت الحق ونفست عنه . والقلب ما نفس عن الحق شيئا أو مساوية له في السعة، حيث إنها وسعت كل شيء . والقلب وسع الحق - تعالى - فوسع كل شيء.
فالقلب وسع الحق تعالى كما وسعته الرحمة ، فإنه تعالى يغار على قلب عبده المؤمن العارف أن يكون فيه غير ربه فأطلع، أنه صورة كل شي، وعين كل شيء . فوسع كل شيء قلب العبد المؤمن العارف، لأن كل شيء حق، فما وسعه إلا الحق. فمن علم الحق من حقيقته فقد علم كل شيء ، وليس من علم شيئا علم الحق.
وعلى الحقيقة فما علم العبد ربك الشيء الذي يزعم أنه علمه ، لأنه لو علم ، لعلم أنه الحق، فلما لم يعلم أنه الحق قلنا إنه لم يعلمه .
و قول سیدنا (هذا مضی) .
يقول رضي الله عنه : إن الكلام على سعة قلب العبد المؤمن العارف، والتنظير بين سعته وسعة الرحمة الإلهية قد مضى وتم.
وذات يستلزم ويستطرد الكلام على التجلي الإلهي لهذا القلب المؤمن العارف بالله ، وكيف بتنوع القلب بتنوع التجلي في الصور .
.

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الرابعة : الجزء الأول
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره. وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : (ثم لنعلم) أيها السالك (أن الحق تعالی كما ثبت في الحديث الصحيح) عن رسول الله كما ذكرناه فيما مر (يتحول) يوم القيامة (في الصور) المختلفة (عند التجلي)، أي الانكشاف لأهل المحشر (و) لتعلم (أن الحق تعالى إذا وسعه القلب) العارف به (لا يسع غيره من جميع المخلوقات)، لأنها كلها صور تجلياته سبحانه التي لا محيص للعارف عنها في حال رؤيته تعالى، فهي من ضرورات التجليات الإلهية مع أنها عدم محض والوجود هو المشهود منها.
(فکانه)، أي الحق تعالى (يملأه)، أي القلب فكيفما توجه رأى صورة نجليه سبحانه كما قال تعالى : " فأينما تولوا فثم وجه الله" [البقرة: 115].
قال رضي الله عنه : (ومعنى هذا)، أي كون القلب لا يسع غير الحق تعالی (أنه)، أي القلب (إذا نظر إلى الحق) تعالی (عند نجليه)، أي انکشافه (له) بنوع من صور الانكشاف في الحس أو العقل (لا يمكن) القلب (أن ينظر معه)، أي مع الحق تعالى (إلى غيره)، أي غير الحق تعالی أصلا ، لأنه لا غير معه تعالی عند تجليه له .
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف) بالله تعالى (من) جهة (السعة كما)، أي كالوصف الذي (قال أبو يزيد البسطامي) قدس الله سره (لو أن العرش) العظيم الذي هو أكبر الأجسام (وما حواه)، أي العرش من جميع العوالم المختلفة في الدنيا والآخرة (مائة ألف ألف) بالتكرار (مرة) وأكثر من ذلك (في زاوية)، أي ناحية (من زوايا)، أي نواحي (قلب العارف) بالله تعالى (ما أحس) قلب العارف (به).
أي بذلك العرش ومائة ألف ألف مرة مثله، وذلك لأن القلب إذا عرف الحق تعالى، وتحقق أنه الوجود المطلق الذي كل موجود بالنسبة إليه عدم صرف.
فكيف يدرك ما دام كذلك معدوما من الأشياء في الحس أو العقل، إلا إذا غفل عن ذلك الوجود المطلق المذكور، وفي حالة الغفلة ليس هو بعارف.
قال رضي الله عنه : (وقال الجنيد) البغدادي قدس الله سره (في) مثل (هذا المعنى المذكور (إن) الشيء (المحدث إذا قرن بالقديم)، أي اعتبر مقابلا له ومنسوبة إليه (لم يبق له)، أي لذلك الشيء المحدث (أثر)، ولا عين واضمحل بالكلية، لأن الوجود الذي ذلك الشيء ظاهر به هو مقدار ما انكشف من وجود القديم سبحانه، ولا وجود لذلك الشيء من نفسه أصلا.
قال رضي الله عنه : (وقلب يسع القديم) سبحانه من حيث رؤية نفسه ظاهرا بانکشاف نور وجوده له (كيف يحس)، أي يدري (بالمحدث) من الأشياء (موجودا) ولا وجود في شهوده إلا القديم.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : (ثم ليعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الخبر الصحيح بتحول في الصور عند التجلي) لأهل الحشر في يوم القيامة (و) تتعلم (أن الحق) تعالى (إذا وسعه القلب لا يسعه) أي لا يسع القلب (معه) أي مع الحق (غيره) أي غير الحق (من المخلوقات) بيان لغير الحق.
قال رضي الله عنه : (فكأنه يملاه) أي فكان الحق يملأ القلب (ومعنى هذا) القول (أنه) أي القلب (إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن للقلب (معه) أي مع نظره إلى الحق (أن ينظر) معه (إلى غيره) الغيوية الغير عن نظره بسبب نظره إلى الحق عند تجلي الحق فلا يمنع ذلك التجلي وجود الغير مع الحق في القلب .
وإنما يمنع نظره إلى الغير فكانت الغيرية مسلوبة في نظره لظهور الحق له في كل شيء فما نظر إلى شيء إلا والحق يظهر له فيه وفي الحقيقة لا يسع نظر القلب إذا نظر إلى الحق مع الحق أو غير الحق .
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف من السعة كما) أي مثل الذي (قال أبو يزيد البسطامي لو أن العرش وما حواه) أي مع ما اشتمل عليه (مائة ألف ألف مرة) أي بحيث لا يعد ولا يحصى إلا الله (في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به) لأن القلب يسع تجليات غير متنامية والعرش وما حواه على أي وجه يفرض يكون متناهيا والقلب الواسع بتجليات غير متناهية غير متناه فكيف يحس المتناهي الوجود في زاويته لكون نظر ذلك العارف إلى الحق لا إلى الغير.
""أضاف المحقق : هو عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله البسطامي (475 - 562 هـ) (ضياء الذين) محدث،صوفي، مفسر، فقيه، أديب ، من آثاره: لقطات العقول، أدب المريض والعائد، مزاليق العزلة.""
(وقال الجنيد في هذا المعنى) أي في معنى ما قال أبو يزيد (أن المحدث إذا قرن بالقديم) أي إذا تجلى القديم للحادث (لم يبق له أثر) من الوجود لفناء وجود الحادث عند تجلى الذات القديمة له بالصفة القديمة وهذا التجلي لا يكون إلا بالقلب واسع للقديم .
""أضاف المحقق : الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخراز (279 هـ - 910 م) (أبو القاسم) الهوني من علماء الدين مولده ومنشأه ووفاته في بغداد، كان يعرف بالقواريري نسبة إلى عمله بالقوارير، وعرف أيضا بالخزاز لأنه كان يعمل بالخز، قال أحدهما: حريره ما رأت عيناي مثله، الكتبة يحضرون مجلسه لألفاظه والشعراء لفصاحته والمتكلمون لمعانيه. وهو أول من تكلم بعلم التوحيد في بغداد.""
قال رضي الله عنه : (وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث) قوله : (موجودا) حال من المحدث
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره. وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
صرح الشيخ رضي الله عنه، أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة، فإن تحولت العقيدة تحول التجلي وأشار إلى أن التجلي الغيبي هو يعطي الاستعداد، فإذا ورد التجلي ورد على حكم الاستعداد.
قال: وهو التجلي الذاتي.
وقد ذكر هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی. و الباقي ظاهر
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : « ثمّ لتعلم أنّ الله تعالى كما ثبت في الصحيح يتحوّل في الصور عند التجلَّي . وأنّ الحق تعالى إذا وسعه القلب ، لا يسع معه غيره من المخلوقات ،
فكأنّه يملؤه ،ومعنى هذا أنّه إذا نظر إلى الحق عند تجلَّيه له ، لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره"
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ أحدية الحق الذي لا يقتضي معيّة غيره تقتضي بأن لا يتعلَّق النظر القلبي عند التجلَّي إلَّا به لا غير .
قال رضي الله عنه : " وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطاميّ سلام الله عليه : لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ، ما أحسّ به .
وقال الجنيد رضي الله عنه : في هذا المعنى : المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر ، وقلب يسع القديم كيف يحسّ بالمحدث موجودا ؟!."
يشير رضي الله عنه : إلى أن لا وجود للمحدث من دون الله ولا معه ، لعدم الإثنينية في مقام وحدته .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال الشيخ رضي الله عنه : "ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي ، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملأه ، ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر إلى غيره معه ".
يعنى أن الحق المتجلى المتحول في الصور إذا تجلى للقلب بصورة الأحدية لا يبقى معه شيء ، إذ الأحدية الذاتية تقتضي أن لا يكون معه شيء فلا ينظر القلب حينئذ إلا به ولا يرى إلا إياه فلا يحس بنفسه ولا بغيره
"" أضاف بالي زادة : ( فيثبت من هذا الوجه ) وهو اعتباره من حيث الأسماء والصفات ( إن رحمته وسعت كل شيء ) اسما كان أو عينا ( فوسعت الحق ) لأنه عين الأسماء من وجه ، فكان الحق مرحوما من حيث الأسماء ، وليس مرحوما بحسب الذات ، فثبت بلسان الخصوص كونه راحما ومرحوما بهذا الوجه اهـ بالى .
( هذا مضى ) أي تم الكلام في القلب والرحمة فوسعتهما اهـ
( لا يمكن أن ينظر إلى غيره ) لغيبوبة الغير عن نظره بسبب نظره إلى الحق عند التجلي ، فلا يمنع ذلك التجلي وجود الغير مع الحق في القلب ، وإنما يمنع نظره إلى الغير وكانت الغيرية مسلوبة في نظره لظهور الحق له في كل شيء ، فما نظر إلى الشيء إلا والحق يظهر له فيه ، وفي الحقيقة لا يسمع نظر القلب إذا نظر إلى الحق مع الحق غير الحق اهـ.
لأن القلب يسع تجليات غير متناهية ، والعرش وما حواه يكون متناهيا ، فكيف يحس المتناهي الموجود في زاويته أهـ بالي زادة ""
قال رضي الله عنه : "وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي : لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به .وقال الجنيد في هذا المعنى : إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر ،والقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا".
هذا معلوم مما مر ، فإن الحق إذا تجلى تحقق قوله – " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " - فلا شيء معه .
"" أضاف بالي زادة : (إن المحدث إذا قرن ) أي إذا تجلى القديم الحادث لم يبق له أثر لفناء وجود الحادث عند القديم اهـ
( فإنه لا يفضل ) حتى يسع في القلب غيرها معها فيسعها ويضيق غيرها اهـ بالى .
فحينئذ يتبع التجلي المتجلى له فهذا بالنسبة إلى الفيض المقدس فالمراد بقوله ( وهذا عكس ما تشير ) إعلام منه باختصاص إظهار هذا المعنى بنفسه بالتفرد فيه اهـ. ""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : (ثم ، لتعلم أن الحق تعالى ، كما ثبت في الصحيح ، يتحول في الصور عند التجلي ، فإن الحق تعالى إذا وسعه القلب ، لا يسعه معه غيره من المخلوقات ، فكأنه يملأه ) .
يريد أن يبين اتساع القلب ويؤمي إيماء لطيفا إلى أصل يستند تقلب القلب إليه ، وهو التحول الإلهي في صور تجلياته ، كما ثبت في الحديث .
ولما كان التجلي بحسب استعداد المتجلى له ، فالقلب الذي يسع الحق لا يكون إلا لمن له استعداد جميع التجليات الإلهية الذاتية والأسمائية ، وإذا وسعه ، لا يسع معه غيره من المخلوقات - وذلك إما لفناء غير الحق عند تجليه في نظر المتجلى له ، كما إذا تجلى بالأحدية ، فإن الكثرة تضمحل وتفنى عنده فالمتجلى له لا يشعر لنفسه فضلا على غيره ولا يرى ذاته أيضا إلا عين الحق حينئذ ، أو لاختفاء الأغيار عند ظهور أنوار الحق في نظر المتجلى له ، كاختفاء الكواكب عند طلوع الشمس مع بقاء أعيانها - ولما كانت السعة مقتضية للإثنينية - إذ لا يقال :
الشئ يسع نفسه - فسر بالمعنى الثاني : ( ومعنى هذا ) أي ،
ومعنى قولنا : ( إذا وسعه القلب ، لا يسع معه غيره ) ،
قال رضي الله عنه : ( أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له ،لا يمكن معه أن ينظر إلى غيره).
لاشتغال القلب بكليته إلى الله تعالى واختفاء الأغيار بنور الواحد القهار .
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف من السعة ، كما قال أبو يزيد البسطامي : " لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به " . )
لأن القلب يحصل له السعة الغير المتناهية عند تجلى من هو غير متناه .
والعرش وما فيه ، على أي مقدار يفرض ، يكون متناهيا ، ولا نسبة بين المتناهي وغير المتناهي .
قال رضي الله عنه : (وقال الجنيد في هذا المعنى : ( إن المحدث إذا قرن بالقديم ، لم يبق له أثر ، وقلب يسع القديم ، كيف يحس بالمحدث موجودا ) . )
هذا تأكيد لقول أبى يزيد قدس الله روحه . أي ، أن الحق إذا تجلى ، يفنى ما سواه ، فلا يبقى لغيره وجود فضلا عن أثره .
وإن قلنا إنه باق عند تجلى القديم ، فكيف يحس بالمحدث قلب تجلى له الحق ونوره بأنواره وشغله لذاته ؟
قوله ( موجودا ) حال من ( المحدث ) . أو مفعول ثان لقوله : ( يحس ) .
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
ثم أشار إلى أن القلب مع غاية سعته هل تجتمع فيه التجليات المختلفة للحق أم لا؟
وهل يتسع معه للخلق أم لا؟
فقال: (ثم) أي: بعد معرفة اتساع القلب (لتعلم أن الحق تعالی کما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي) في القيامة، فيتجلى في صورة
تنكرها الخلق، ويقولون: نعوذ بالله منك لست ربنا، ثم يتجلى في صورة يعرفونها؛ فيقولون: أنت ربنا، ويسجدون له، هذا حاصل ما في صحيح مسلم.
فدل على أنه لا يتسع لجميع تجلياته كما لا يتسع للخلق مع الحق، (وأن الحق تعالی إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات)، ولو في حق الكامل الذي لا يحجبه الحق عن الخلق و بالعکس.
(فكأنه) أي: ما تجلى فيه من صورة الحق (يملؤه)، وإن كان في نفسه واسعا لا تنقاس جميع تجلياته ولا تنقاس صور الخلق معه، بحيث يمكنه الالتفات إلى ذلك في الجملة .
وعلى هذا الوجه (معنى هذا) أي: عدم اتساعه للخلق مع الحق، (أنه إذا نظر) أي: التفت إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره من المخلوقات، وإن كانت صورهم منتقشة فيه؛ لأنه لبساطته وجد أن الفعل.
فلا يمكنه الالتفات إلى صورة للخلق مع الالتفات إلى غيرها من صور الخلق، وإن كان الكل منتقشا فيه، بحيث لا يحتاج في تحصيلها إلى تعمل وتذكر.
ولذلك قلنا: (قلب العارف من السعة) لصور الخلق والحق، (كما قال أبو يزيد البسطامي: لو أن العرش وما حواه) العرش من الكرسي إلى العرش (مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به)، وهذا يدل على انتقاش الكل فيه مع أنه لا يمكنه الالتفات إليه مع التفاته إلى الحق.
ولذلك (قال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن مع القديم لم يبق له أثر)، كما لا يبقى لصور المسرح والكواكب أثر عند إشراق الشمس، ولفظ «قرن» دل على أنه منتقش، لكنه غير ملتفت إليه.
وبينه الشيخ رحمه الله بقوله: (وقلب يسع القديم) الذي لا يتناهى لا يضيق عن شيء، لكنه (كيف يحس بالمحدث موجودا) مع أن وجود المحدث ظل لوجود القديم ولا ظل مع إشراق الشمس بلا حجاب.
ولذلك ورد "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
"" الحديث : قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور - وفي رواية أبي بكر: النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» رواه مسلم و رواه ابن ماجة ومسند أحمد ومسند أبي داود الطيالسي الأسماء والصفات البيهقي ومسند البزار وابن منده ، التوحيد لابن خزيمة والشريعة للآجري وغيرهم ""
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 14 سبتمبر 2019 - 16:04 عدل 1 مرات

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الرابعة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : ( ثمّ ليعلم أنّ الحقّ تعالى - كما ثبت في الصحيح يتحوّل في الصور عند التجلَّي ) أيّ الصور كلَّها ، فإنّها الجمع المحلَّى ، وهو يستغرق الأفراد الغير المتناهية كلَّها .
سعة القلب وضيقه
قال رضي الله عنه : (وأنّ الحقّ تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات ، فكأنّه يملؤه ) بأحديّة جمعيّته التي لا يمكن أن يكون معه غيره ، لامتناع أن يكون الخارج من الغير المتناهي شيئا ( ومعنى هذا أنّه إذا نظر إلى الحقّ عند تجلَّيه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره ) وهذا من كمال إحاطة الحقّ بالكلّ ، لا من ضيق القلب ، كيف...
( وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي : " لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به " ) .
وذلك لأنّ هذا كلَّه متناه ، وهو مندرج في أحديّة جمع الصور الغير المتناهية ، مندمج فيها ، فلا يحسّ به أصلا .
قال رضي الله عنه : (وقال الجنيد في هذا المعنى : « إنّ المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر » ) وفي عبارة الجنيد زيادة بيان لذلك المعنى ، فإنّ المحدث - المحصور بين الحاصرين - إذا قرن بالقديم الذي لا يحصره حدّ لم يبق له أثر . فإنّه مندمج فيه ، فلا يحسّ بوجوده أصلا ، وإن كان فيه .
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : ( وقلب يسع القديم كيف يحسّ بالمحدث موجودا ) وإن أحسّ به في ضمن الموجود . ثمّ إنّ من كمال السعة أن لا يقابله الضيق - بل يجمعه - والسعة القلبيّة بهذه المثابة ، كما أشار إليه
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره. وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه )
قال رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالی كما ثبت في الصحيح بتحول في الصور) المختلفة (عند التجلی) بالسعة والضيق فتارة بتجلي في هذه الصورة وتارة في تلك الصورة.
(و) لنعلم أيضا (أن الحق تعالى إذا وسعه القلب) وصار مجلی له (لا يسع معه غيره من المخلوقات) ولا تبقى فيه فضلة يحل فيها غير الحق سبحانه (فكأنه يملأه) حتى لا يبقى منه فضلة للغير.
قال رضي الله عنه : (ومعنى هذا) الذي ذكرنا من أنه إذا تجنى الحق لم يسع القلب غيره (أنه إذا نظر إلى الحق عند تجلبه له لا يمكن معه أن ينظر إلى غيره) لانحيازه بالكلية إليه و انتهار الأشياء تحت قهر التجلي.
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف من السعة) والإطلاق إنما هو (كما قال أبو يزيد البسطامي قدس الله سره: (لو أن العرش وما حواه) العرش من الكرسي والسموات والأرضين وما فيها من أنواع الموجودات .
(مائة ألف ألف مرة) وتقع (في زاوية من زوايا القلب العارف ما أحس به)، لأنه لا قدر له محسوسة بالنسبة إلى التجليات الغير المتناهية التي يسعها قلب العارف فإن العرش وما فيه على أي مقدار فرضي يكون متناهيا لا قدر المتنامي في أي مرتبة كان من الكثرة بالنسبة إلى غير المتناهي.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقال الجنيد رضي الله عنه في هذا المعنى إن المحدث) المتناهي (إذا قرن) في قلب العارف (بالقديم) الغير المتناهى بتجلياته (لم يبق له أثر)، بل تضمحل عينه فكيف بالأثر (وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث) الذي لا قدر په حال كون ذلك المحدث (موجودا فيه).
وقوله رضي الله عنه : موجودا حال من المحدث ويمكن أن يجعل مفعولا ثانيا للاحساس تتضمنه معنى العلم.
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
وهو قول سیدنا رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي ، وأن الحق إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكنه أن ينظر معه إلى غيره. فقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي: «لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى : إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
يقول رضي الله عنه : في هذه الجملة، أنه كما ثبت سعة قلب المؤمن للحق تعالى كذلك ثبت أنه تعالى يتحول في الصور يوم القيامة .
ثبت ذلك شرعا كما جاء في الصحيحين وأنه تعالى يتجلى لشهود الأمة، وفيهم منافقوها، فيأتيهم في أدني صورة فيقول لهم أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيتحول لهم في صورة أدنى من الأولى، فيقول لهم أنا ربكم؟
فيقولون أنت ربنا ... الحديث"،
والذي أنكروه أولا هو الذي أقروا به آخرا، وما زالت عنه تلك الصورة التي تحول عنها.
وكما ثبت تحوله في الصور يوم القيامة شرعا كذلك ثبت تحوله في الصور کشفا في الدنيا عند العارفين به، ما يختل عليهم شيء من ذلك، لا في البرزخ ولا في القيامة، فيعرفون ربهم في كل صورة من أدنى وأعلى، ثم اعلم أن للحق تجليين:
"تجلي" ذاتي له استأثر الله به، فليس للخلق فيه نصيب، تعالى أن يستتر عن نفسه من تجل، أو يتجلى لنفسه على استتارة هو على ما يقتضيه ذاته من التجلي والاستتار والبطون والظهور، لا يتغير ولا يتحول ولا يلبس شيئا فيترك غيره ، بل حكم ذاته على ما هو عليه أزلا وأبدا.
وله تعالی تجلیات فعلية وأسمائية وذاتية ، وهو ما يتجلى به على قلوب عباده ويظهر لهم في أعين الناظرين، وليس ثم غيره .
والتجلي لا يكون إلا للاسم الإله والرحمن والرب وما اشتملت عليه هذه الأصول من الأسماء، لا يكون التجلي للاسم الله من حيث أنه عين الذات.
ولذا قال السامري : هذا إلهكم وإله موسى، وما قال : هذا الله الذي يدعو موسى إلى عبادته .
وكذلك لا يكون التجلي للاسم الأحد، وحيث ثبت سعة قلب المؤمن العارف للحق تعالى في تجليه له، فالضرورة أنه لا يسع معه غيره من المخلوقات، بحيث يكون فيه الحق والخلق مميزا بينهما.
هذا محال ، فالقلب مع سعته لا يسع شيئين في الآن الواحد، فلا أوسع منه ، فإنه وسع الحق تعالى .
ولا أضيق منه فلا يسع إلا الحق تعالى عند تجليه له. فكأنه يملؤه.
ومعنى هذه العبارة، هي أن القلب لا يسع الحق والخلق مقا، فإنه إذا نظر الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره بأن ينظر الصورة التي حصل التجلي فيها، سواء كان التجلي في صورة المحسوسات أو المخيلات أو المعقولات، كصورة المرآة في الشاهد.
فإنك إذا رأيت المنطبع فيها لا تراها واجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرآة أن تری جرم المرآة لا تراها، هذا هو الحاصل الواقع، مع أن قلب العارف بالله كما قال أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه : لو أن العرش، يعني بالعرش ملك الله وما حواه من جزئيات العالم مكررا ومضعفا مائة ألف ألف مرة في زاوية وركن من زوايا قلب العارف بالله ، ما أحس العارف بالعرش وما حواه، ولا يريد أبو يزيد الحصر في العدد بقوله (مائة ألف ألف مرة) إنما يريد ما لا يتناهی ولا يبلغه العدد.
فعبر عنه بما دخل في الوجود ويدخل أبدا، وذلك أن قلبا وسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا.
وهذا من أبي يزيد رضي الله عنه توسع على قدر مجلسه لإفهام الحاضرين.
وأما التحقيق في ذلك أن يقول : إن العارف بالله لما وسع الحق قلبه وسع قلبه كل شيء. إذ لا يكون شيء إلا عن الحق، فلا تكون صورة إلا بقلبه، يعني قلب ذلك العبد الذي وسع الحق.
وينظر إلى قول أبي يزيد رضي الله عنه ما قال الجنيد البغدادي، سيد الطائفة وإمام أهل الشريعة والحقيقة رضي الله عنه أن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وذلك حين عطس إنسان بحضرته فقال العاطس: الحمد لله تعالی!
فقال له الجنيد: اتمها یا أخي.
فقال العاطس: وأي قدر للعالم المحدث حتى يقرن مع القديم؟
فقال له الجنيد : الآن أتمها. إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر .
إن قول الجنيد هنا أتم من قول أبي يزيد.
فإن المحدث إذا قرنته بالقديم كان الأثر للقديم لا للمحدث .
فتبين لك بهذه المقارنة ما هو الأمر عليه، وهو ما قلناه .
فلا يمكن أن يجهل الأثر وإنما كان قبل هذه المقارنة بنسب إلى المحدث، فلما قرنه بالقديم رأي الأثر من القديم ورأي المحدث عين الأثر فقال ما قال.
وقلب يسع القديم كيف يحسس بالمحدث موجودا؟
وذلك أن العارف بالله أشهد والحق تعالى آیات نفسه و آيات الآفاق ، فتبين له أن ما شهده هو الحق لا غيره فعلمه بكل وجه وفي كل صورة وأنه بكل شيء محيط ، فلا يرى العارف شيئا إلا فيه، فهو تعالی ظرف إحاطة لكل شيء مما رأى شيئا، فما رأه إلا فيه.
فالحق بيت الموجودات كلها، لأنه الوجود.
وقلب العبد العارف بیت الحق لأنه وسعه ، وما صار قلب العارف بهذا الوسع إلا بكونه على صورة العالم وصورة الحق. وكل جزء من العالم ما هو على صورة الحق.
فمن هنا وصفه الحق بالسعة، وإنما العالم جميعه على صورة الحق إذا كان الإنسان في جملته وإذا ثبت أن الحق يتنوع تجليه وتحوله في الصورة في الآخرة للعموم، وفي الدنيا لقلوب أوليائه، فبالضرورة يتسع القلب من العارف المتجلي له إذا كانت الصورة واسعة متضمنة لأسماء إلهية كثيرة.
فإن دائرة الرؤية في المرآة تتسع باتساع العلم بالله، ويضيق قلب العارف بالله المتجلى له إذا كانت الصورة غير واسعة كذلك، وبسعة الصور وضيقها يتفاضل العارفون بالله وبتجلياته.
"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات المكية الباب الثالث والسبعون
فلولاه لما كنا ..... ولو لا نحن ما كانا
فإن قلنا بأنا هو ..... يكون الحق إيانا
فأبدانا وأخفاه ..... وأبداه وأخفانا
فكان الحق أكوانا ..... وكنا نحن أعيانا
فيظهرنا لنظهره ..... سرارا ثم إعلانا
كما نطلبه لوجود أعياننا فهو يطلبنا لظهور مظاهره
غير إن هنا لطيفة دقيقة لا يشعر بها كثير من العارفين بهذه المجالس وذلك أنه كما نطلبه لوجود أعياننا يطلبنا لظهور مظاهره فلا مظهر له إلا نحن ولا ظهور لنا إلا به فيه عرفنا أنفسنا وعرفناه وبنا تحقق عين ما يستحقه الإله.
فلما وقفوا على هذه الحقائق من نفوسهم ونفوس الأعيان سواهم تميزوا على من سواهم بأن علموا منهم ما لم يعلموا من أنفسهم واطلع الحق على قلوبهم فرأى ما تجلت به مما أعطتها العناية الإلهية وسابقة القدم الرباني استوجبوا على ربهم ما استوجبوه من أن يكونوا أهلا لهذه المجالس الثمانية والأربعين .أهـ ""
قال الأمير عبد القادر الجزائري في المواقف الروحية و الفيوضات السبوحية :
ولولا خلعة الوجود التي خلعها علينا بماذا كنا نعرفه؟!
فما عرفناه إلا به، كما ورد في بعض الأخبار النبوية : «عرفت ربي بربي».
"" الحديث : خطابا منه عليه الصلاة والسلام وهو معرفة الأقوياء من خواص عباده الأصفياء، وإليها الإيماء بقوله صلى الله عليه وسلم : عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي، ولولا الله ما اهتدينا. ورد في مدارج السالكين لابن القيم الجوزية عن ذي النون المصري وورد فى مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح و رواه القشيري في الرسالة القشيرية عن ذي النون المصري.
"حديث آخر : سئل الصديق: بم عرفت ربك قال: عرفت ربي بربي
فقيل: هل يمكن بشر أن يدركه
فقال: العجز عن درك الإدراك إدراك .
وسئل مصباح التوحيد وصباح التغريد علي كرم الله وجهه:
بم عرفت ربك ؟
قال: بما عرفني به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه" .
ورد في فيض القدير للمناوي.
ورد في شرح مصابيح السنة للإمام البغوي :
وإلى المرتبة الأولى الإشارة بقوله تعالى: "أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" [فصلت: 53] . خطابا منه تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام وهو معرفة الأقوياء من خواص عباده.
وإليها الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام : "عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي"، وبقوله عليه الصلاة والسلام : "لولا الله ما اهتدينا".أهـ ""
وبمعرفتنا نفوسنا عرفناه ، فإنها مقدمة معرفة الرب، ومعرفة الرب نتيجتها، وما عرفنا أنفسنا إلا به، فانظر ما أعجب هذا الأمر.
وېنا تحقق ما يستحقه الإله بن المعبودية، فإن معبودا بغیر عابد وجودا أو تقديرا غير معقول، وملك من غير مملكة لا يكون :
قوله:
قوله :
فالأمر بيننا وبينه منقسم بنصفين، فلا تثبت ألوهته بدوننا موجودين أو مقدرين، كما أنه لا ظهور لوجوده بدون مظهريتنا، ولا فعل له بدون قابلیتنا للانفعال.
فإن إلها بمعنی معبودا بدون عابد موجود، أو مقر محال، وفاعلا بدون محل قابل للانفعال محال ؛ فهو تعالى ونحن من هذه الحيثيات المذكورة كالمنتسبين، لا ثبوت للنسبة بأحدهما دون الآخر.
قوله :
فمسمى الممكن المخلوق كان ما كان ليس هو إلا الوجود الحق متعينا بأحوال ذلك المخلوق المسمى حيوانا أو إنسانا أو ملكا أو غير ذلك، مع عدم عين ذلك المخلوق بالنسبة إلى الوجود، المسمى بالوجود في الخارج.
قوله :
قوله:
فلا يرى الحق عندهم، ولا يدرك بمشعر من المشاعر، وإنما يدرك بالعقل من وراء حجب الصفات؛ لأنه تعالى عندهم مباین لخلقه، منفصل عنهم بالذات والصفات والأحكام والأفعال، فلا يشهدون إلا خلقا.
قوله :
يريد: أنه تعالى أظهر نفسه وأخفانا معشر الممكنات المخلوقات، وذلك في مرتبة تجليه بالاسم الظاهر لأهل وحدة الشهود، فإنهم لا يشهدون إلا حقا، ويقولون في كل شيء أدرکوه، بأي مشعر كان من المشاعر الظاهرة والباطنة، هو الحق تعالی.
فإذا سئلوا عن هذه الكثرة المحسوسة، والحق تعالى واحد؟! لا يجيبون بشيء .
فالحق هو الظاهر البادي، ولكن حكمت عليه أحوال الممکنات فأخفته عن المحجوبين أصحاب العقول، وهذا من أعجب العجاب، حيث إن أحكام الممکنات أعدام معقولة ، حكمت على الحق الوجود الظاهر.
فما في الوجود حقيقة إلا الله ، ظاهرا بأحكام الممکنات، عند طائفة، متحجبا بها، عند طائفة .
ولم يذكر سيدنا الطائفة الثالثة ، أهل وحدة الوجود، الذين يشهدون حقا وخلقا ، يشهدون البطون في الظهور، والظهور في البطون، لا يحجبهم هذا عن هذا، لأن مراده رضي الله عنه ذكر ما تلازم فيه الحق والخلق، وطلب كل منهما الآخر، فخلق بلا حق لا يوجد وحق بلا خلق لا يظهر.
قوله :
قوله :
قوله :
لأن أحوالنا ونعوتنا معان لا تقوم بأنفسها، فظهورنا في الحقيقة ظهوره هو تعالى، فهو الظاهر بنا.
قوله :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : ( ثمّ ليعلم أنّ الحقّ تعالى - كما ثبت في الصحيح يتحوّل في الصور عند التجلَّي ) أيّ الصور كلَّها ، فإنّها الجمع المحلَّى ، وهو يستغرق الأفراد الغير المتناهية كلَّها .
سعة القلب وضيقه
قال رضي الله عنه : (وأنّ الحقّ تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات ، فكأنّه يملؤه ) بأحديّة جمعيّته التي لا يمكن أن يكون معه غيره ، لامتناع أن يكون الخارج من الغير المتناهي شيئا ( ومعنى هذا أنّه إذا نظر إلى الحقّ عند تجلَّيه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره ) وهذا من كمال إحاطة الحقّ بالكلّ ، لا من ضيق القلب ، كيف...
( وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي : " لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به " ) .
وذلك لأنّ هذا كلَّه متناه ، وهو مندرج في أحديّة جمع الصور الغير المتناهية ، مندمج فيها ، فلا يحسّ به أصلا .
قال رضي الله عنه : (وقال الجنيد في هذا المعنى : « إنّ المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر » ) وفي عبارة الجنيد زيادة بيان لذلك المعنى ، فإنّ المحدث - المحصور بين الحاصرين - إذا قرن بالقديم الذي لا يحصره حدّ لم يبق له أثر . فإنّه مندمج فيه ، فلا يحسّ بوجوده أصلا ، وإن كان فيه .
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : ( وقلب يسع القديم كيف يحسّ بالمحدث موجودا ) وإن أحسّ به في ضمن الموجود . ثمّ إنّ من كمال السعة أن لا يقابله الضيق - بل يجمعه - والسعة القلبيّة بهذه المثابة ، كما أشار إليه
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره. وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه )
قال رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالی كما ثبت في الصحيح بتحول في الصور) المختلفة (عند التجلی) بالسعة والضيق فتارة بتجلي في هذه الصورة وتارة في تلك الصورة.
(و) لنعلم أيضا (أن الحق تعالى إذا وسعه القلب) وصار مجلی له (لا يسع معه غيره من المخلوقات) ولا تبقى فيه فضلة يحل فيها غير الحق سبحانه (فكأنه يملأه) حتى لا يبقى منه فضلة للغير.
قال رضي الله عنه : (ومعنى هذا) الذي ذكرنا من أنه إذا تجنى الحق لم يسع القلب غيره (أنه إذا نظر إلى الحق عند تجلبه له لا يمكن معه أن ينظر إلى غيره) لانحيازه بالكلية إليه و انتهار الأشياء تحت قهر التجلي.
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف من السعة) والإطلاق إنما هو (كما قال أبو يزيد البسطامي قدس الله سره: (لو أن العرش وما حواه) العرش من الكرسي والسموات والأرضين وما فيها من أنواع الموجودات .
(مائة ألف ألف مرة) وتقع (في زاوية من زوايا القلب العارف ما أحس به)، لأنه لا قدر له محسوسة بالنسبة إلى التجليات الغير المتناهية التي يسعها قلب العارف فإن العرش وما فيه على أي مقدار فرضي يكون متناهيا لا قدر المتنامي في أي مرتبة كان من الكثرة بالنسبة إلى غير المتناهي.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقال الجنيد رضي الله عنه في هذا المعنى إن المحدث) المتناهي (إذا قرن) في قلب العارف (بالقديم) الغير المتناهى بتجلياته (لم يبق له أثر)، بل تضمحل عينه فكيف بالأثر (وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث) الذي لا قدر په حال كون ذلك المحدث (موجودا فيه).
وقوله رضي الله عنه : موجودا حال من المحدث ويمكن أن يجعل مفعولا ثانيا للاحساس تتضمنه معنى العلم.
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
وهو قول سیدنا رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي ، وأن الحق إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكنه أن ينظر معه إلى غيره. فقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي: «لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى : إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
يقول رضي الله عنه : في هذه الجملة، أنه كما ثبت سعة قلب المؤمن للحق تعالى كذلك ثبت أنه تعالى يتحول في الصور يوم القيامة .
ثبت ذلك شرعا كما جاء في الصحيحين وأنه تعالى يتجلى لشهود الأمة، وفيهم منافقوها، فيأتيهم في أدني صورة فيقول لهم أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيتحول لهم في صورة أدنى من الأولى، فيقول لهم أنا ربكم؟
فيقولون أنت ربنا ... الحديث"،
والذي أنكروه أولا هو الذي أقروا به آخرا، وما زالت عنه تلك الصورة التي تحول عنها.
وكما ثبت تحوله في الصور يوم القيامة شرعا كذلك ثبت تحوله في الصور کشفا في الدنيا عند العارفين به، ما يختل عليهم شيء من ذلك، لا في البرزخ ولا في القيامة، فيعرفون ربهم في كل صورة من أدنى وأعلى، ثم اعلم أن للحق تجليين:
"تجلي" ذاتي له استأثر الله به، فليس للخلق فيه نصيب، تعالى أن يستتر عن نفسه من تجل، أو يتجلى لنفسه على استتارة هو على ما يقتضيه ذاته من التجلي والاستتار والبطون والظهور، لا يتغير ولا يتحول ولا يلبس شيئا فيترك غيره ، بل حكم ذاته على ما هو عليه أزلا وأبدا.
وله تعالی تجلیات فعلية وأسمائية وذاتية ، وهو ما يتجلى به على قلوب عباده ويظهر لهم في أعين الناظرين، وليس ثم غيره .
والتجلي لا يكون إلا للاسم الإله والرحمن والرب وما اشتملت عليه هذه الأصول من الأسماء، لا يكون التجلي للاسم الله من حيث أنه عين الذات.
ولذا قال السامري : هذا إلهكم وإله موسى، وما قال : هذا الله الذي يدعو موسى إلى عبادته .
وكذلك لا يكون التجلي للاسم الأحد، وحيث ثبت سعة قلب المؤمن العارف للحق تعالى في تجليه له، فالضرورة أنه لا يسع معه غيره من المخلوقات، بحيث يكون فيه الحق والخلق مميزا بينهما.
هذا محال ، فالقلب مع سعته لا يسع شيئين في الآن الواحد، فلا أوسع منه ، فإنه وسع الحق تعالى .
ولا أضيق منه فلا يسع إلا الحق تعالى عند تجليه له. فكأنه يملؤه.
ومعنى هذه العبارة، هي أن القلب لا يسع الحق والخلق مقا، فإنه إذا نظر الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره بأن ينظر الصورة التي حصل التجلي فيها، سواء كان التجلي في صورة المحسوسات أو المخيلات أو المعقولات، كصورة المرآة في الشاهد.
فإنك إذا رأيت المنطبع فيها لا تراها واجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرآة أن تری جرم المرآة لا تراها، هذا هو الحاصل الواقع، مع أن قلب العارف بالله كما قال أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه : لو أن العرش، يعني بالعرش ملك الله وما حواه من جزئيات العالم مكررا ومضعفا مائة ألف ألف مرة في زاوية وركن من زوايا قلب العارف بالله ، ما أحس العارف بالعرش وما حواه، ولا يريد أبو يزيد الحصر في العدد بقوله (مائة ألف ألف مرة) إنما يريد ما لا يتناهی ولا يبلغه العدد.
فعبر عنه بما دخل في الوجود ويدخل أبدا، وذلك أن قلبا وسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا.
وهذا من أبي يزيد رضي الله عنه توسع على قدر مجلسه لإفهام الحاضرين.
وأما التحقيق في ذلك أن يقول : إن العارف بالله لما وسع الحق قلبه وسع قلبه كل شيء. إذ لا يكون شيء إلا عن الحق، فلا تكون صورة إلا بقلبه، يعني قلب ذلك العبد الذي وسع الحق.
وينظر إلى قول أبي يزيد رضي الله عنه ما قال الجنيد البغدادي، سيد الطائفة وإمام أهل الشريعة والحقيقة رضي الله عنه أن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وذلك حين عطس إنسان بحضرته فقال العاطس: الحمد لله تعالی!
فقال له الجنيد: اتمها یا أخي.
فقال العاطس: وأي قدر للعالم المحدث حتى يقرن مع القديم؟
فقال له الجنيد : الآن أتمها. إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر .
إن قول الجنيد هنا أتم من قول أبي يزيد.
فإن المحدث إذا قرنته بالقديم كان الأثر للقديم لا للمحدث .
فتبين لك بهذه المقارنة ما هو الأمر عليه، وهو ما قلناه .
فلا يمكن أن يجهل الأثر وإنما كان قبل هذه المقارنة بنسب إلى المحدث، فلما قرنه بالقديم رأي الأثر من القديم ورأي المحدث عين الأثر فقال ما قال.
وقلب يسع القديم كيف يحسس بالمحدث موجودا؟
وذلك أن العارف بالله أشهد والحق تعالى آیات نفسه و آيات الآفاق ، فتبين له أن ما شهده هو الحق لا غيره فعلمه بكل وجه وفي كل صورة وأنه بكل شيء محيط ، فلا يرى العارف شيئا إلا فيه، فهو تعالی ظرف إحاطة لكل شيء مما رأى شيئا، فما رأه إلا فيه.
فالحق بيت الموجودات كلها، لأنه الوجود.
وقلب العبد العارف بیت الحق لأنه وسعه ، وما صار قلب العارف بهذا الوسع إلا بكونه على صورة العالم وصورة الحق. وكل جزء من العالم ما هو على صورة الحق.
فمن هنا وصفه الحق بالسعة، وإنما العالم جميعه على صورة الحق إذا كان الإنسان في جملته وإذا ثبت أن الحق يتنوع تجليه وتحوله في الصورة في الآخرة للعموم، وفي الدنيا لقلوب أوليائه، فبالضرورة يتسع القلب من العارف المتجلي له إذا كانت الصورة واسعة متضمنة لأسماء إلهية كثيرة.
فإن دائرة الرؤية في المرآة تتسع باتساع العلم بالله، ويضيق قلب العارف بالله المتجلى له إذا كانت الصورة غير واسعة كذلك، وبسعة الصور وضيقها يتفاضل العارفون بالله وبتجلياته.
"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات المكية الباب الثالث والسبعون
فلولاه لما كنا ..... ولو لا نحن ما كانا
فإن قلنا بأنا هو ..... يكون الحق إيانا
فأبدانا وأخفاه ..... وأبداه وأخفانا
فكان الحق أكوانا ..... وكنا نحن أعيانا
فيظهرنا لنظهره ..... سرارا ثم إعلانا
كما نطلبه لوجود أعياننا فهو يطلبنا لظهور مظاهره
غير إن هنا لطيفة دقيقة لا يشعر بها كثير من العارفين بهذه المجالس وذلك أنه كما نطلبه لوجود أعياننا يطلبنا لظهور مظاهره فلا مظهر له إلا نحن ولا ظهور لنا إلا به فيه عرفنا أنفسنا وعرفناه وبنا تحقق عين ما يستحقه الإله.
فلما وقفوا على هذه الحقائق من نفوسهم ونفوس الأعيان سواهم تميزوا على من سواهم بأن علموا منهم ما لم يعلموا من أنفسهم واطلع الحق على قلوبهم فرأى ما تجلت به مما أعطتها العناية الإلهية وسابقة القدم الرباني استوجبوا على ربهم ما استوجبوه من أن يكونوا أهلا لهذه المجالس الثمانية والأربعين .أهـ ""
قال الأمير عبد القادر الجزائري في المواقف الروحية و الفيوضات السبوحية :
ولولا خلعة الوجود التي خلعها علينا بماذا كنا نعرفه؟!
فما عرفناه إلا به، كما ورد في بعض الأخبار النبوية : «عرفت ربي بربي».
"" الحديث : خطابا منه عليه الصلاة والسلام وهو معرفة الأقوياء من خواص عباده الأصفياء، وإليها الإيماء بقوله صلى الله عليه وسلم : عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي، ولولا الله ما اهتدينا. ورد في مدارج السالكين لابن القيم الجوزية عن ذي النون المصري وورد فى مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح و رواه القشيري في الرسالة القشيرية عن ذي النون المصري.
"حديث آخر : سئل الصديق: بم عرفت ربك قال: عرفت ربي بربي
فقيل: هل يمكن بشر أن يدركه
فقال: العجز عن درك الإدراك إدراك .
وسئل مصباح التوحيد وصباح التغريد علي كرم الله وجهه:
بم عرفت ربك ؟
قال: بما عرفني به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه" .
ورد في فيض القدير للمناوي.
ورد في شرح مصابيح السنة للإمام البغوي :
وإلى المرتبة الأولى الإشارة بقوله تعالى: "أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" [فصلت: 53] . خطابا منه تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام وهو معرفة الأقوياء من خواص عباده.
وإليها الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام : "عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي"، وبقوله عليه الصلاة والسلام : "لولا الله ما اهتدينا".أهـ ""
وبمعرفتنا نفوسنا عرفناه ، فإنها مقدمة معرفة الرب، ومعرفة الرب نتيجتها، وما عرفنا أنفسنا إلا به، فانظر ما أعجب هذا الأمر.
وېنا تحقق ما يستحقه الإله بن المعبودية، فإن معبودا بغیر عابد وجودا أو تقديرا غير معقول، وملك من غير مملكة لا يكون :
قوله:
(فلولاه لما كنا)
يرید: لولا هو إله معبود ما كنا مألوهين عابدين، ولولا هو وجود ظاهر ما كنا مظاهر وجوده، ولولا هو فاعل ما كنا قابلين.قوله :
(ولولا نحن ما كانا)
يريد : ولولا نحن العابدون المألوهون ما ثبتت ألوهته، ولولا نحن المظاهر لوجوده ما كان ظاهرا، ولولا نحن القابلون لفعله وخلقه ما كان فاعلا خالقا.فالأمر بيننا وبينه منقسم بنصفين، فلا تثبت ألوهته بدوننا موجودين أو مقدرين، كما أنه لا ظهور لوجوده بدون مظهريتنا، ولا فعل له بدون قابلیتنا للانفعال.
فإن إلها بمعنی معبودا بدون عابد موجود، أو مقر محال، وفاعلا بدون محل قابل للانفعال محال ؛ فهو تعالى ونحن من هذه الحيثيات المذكورة كالمنتسبين، لا ثبوت للنسبة بأحدهما دون الآخر.
قوله :
( فإن قلنا بأنا هوه …) البيت.
يريد: أننا إذا أطلقنا القول بأننا نحن الحق تعالى من جهة وجودنا فإنه لا وجود لنا إلا وجوده لا قديما ولا حادثا، فنحن هو، إذ "نحن" عبارة عن الوجود الذات الظاهر بأحوال أعياننا الثابتة في العلم أزلا وأبدا.فمسمى الممكن المخلوق كان ما كان ليس هو إلا الوجود الحق متعينا بأحوال ذلك المخلوق المسمى حيوانا أو إنسانا أو ملكا أو غير ذلك، مع عدم عين ذلك المخلوق بالنسبة إلى الوجود، المسمى بالوجود في الخارج.
قوله :
( یکون الحق إيانا )
يريد : أنه يلزم من قولنا إننا الحق تعالى أن يكون الحق إيانا، من حيث ما ظهر فينا من أسمائه ، لا مطلقا، فهو إيانا أي عيننا، ولسنا إياه مطلقا من كل وجه ، بل من حيث ما ظهر فينا منه، فإننا مرآة ظهوره وتجليه، ولا يظهر في المرآة إلا ما نقبله من الصفات لا عين المتجلي وحقيقته، فالوجود الذي هو وجوده، ووجودنا واحد لا يتجزأ ولا ينقسم ولا يظهر إلا بحسب المرايا .قوله:
( فأبدانا وأخفاه )
يريد: أنه تعالى أظهرنا معاشر الممکنات، وأخفى نفسه، وذلك في مرتبة الاسم الباطن بالنسبة لعامة المحجوبين، فإن الحق تعالی عندهم باطن خافي، والخلق ظاهر بادي.فلا يرى الحق عندهم، ولا يدرك بمشعر من المشاعر، وإنما يدرك بالعقل من وراء حجب الصفات؛ لأنه تعالى عندهم مباین لخلقه، منفصل عنهم بالذات والصفات والأحكام والأفعال، فلا يشهدون إلا خلقا.
قوله :
( وأبداه وأخفانا )
يريد: أنه تعالى أظهر نفسه وأخفانا معشر الممكنات المخلوقات، وذلك في مرتبة تجليه بالاسم الظاهر لأهل وحدة الشهود، فإنهم لا يشهدون إلا حقا، ويقولون في كل شيء أدرکوه، بأي مشعر كان من المشاعر الظاهرة والباطنة، هو الحق تعالی.
فإذا سئلوا عن هذه الكثرة المحسوسة، والحق تعالى واحد؟! لا يجيبون بشيء .
فالحق هو الظاهر البادي، ولكن حكمت عليه أحوال الممکنات فأخفته عن المحجوبين أصحاب العقول، وهذا من أعجب العجاب، حيث إن أحكام الممکنات أعدام معقولة ، حكمت على الحق الوجود الظاهر.
فما في الوجود حقيقة إلا الله ، ظاهرا بأحكام الممکنات، عند طائفة، متحجبا بها، عند طائفة .
ولم يذكر سيدنا الطائفة الثالثة ، أهل وحدة الوجود، الذين يشهدون حقا وخلقا ، يشهدون البطون في الظهور، والظهور في البطون، لا يحجبهم هذا عن هذا، لأن مراده رضي الله عنه ذكر ما تلازم فيه الحق والخلق، وطلب كل منهما الآخر، فخلق بلا حق لا يوجد وحق بلا خلق لا يظهر.
قوله :
( فكان الحق أكوانا )
يريد : أنه تعالى هو الكائن عند قوله "كن" يأمر نفسه بالكون فيكون لنفسه ، فالكون والمكون والكائن عين واحدة، لأن "كن" حرف وجودي، لا وجود إلا هو، فلا يكون إلا هو.قوله :
( و كنا نحن أعيانا )
يريد : أنه لما كان المسمى مخلوقا و موجودا، ليس هو إلا الوجود الحق الظاهر بأحوال المخلوقات وأحكامها، كنا معاشر الموجودين أعيانا، أي ذوانا مشهودة محسوسة من حيث قيام أحكامنا بالوجود الحى النور.قوله :
( فيظهرنا لنظهره )
يريد: أن الحق تعالى يظهرنا من حيث نسبة الوجود لنا، لظهور أحكام أعياننا، لا أعياننا، فإنها ما ظهرت ولا تظهر دنيا ولا آخرة، ليظهر هو، فإنه الظاهر بأحكام أعياننا، وهي مظاهر.لأن أحوالنا ونعوتنا معان لا تقوم بأنفسها، فظهورنا في الحقيقة ظهوره هو تعالى، فهو الظاهر بنا.
قوله :
( سرارا ثم إعلانا )
يريد : أنه تعالى هو الظاهر في نفس الأمر على كل حال، سواء كان الظهور سرا، بالنسبة إلى أهل العقول المعقولة عن السراح في فضاء المشاهدات ، أو كان ذلك الظهور علنا متسترا ولا متحجبا، كما هو الأهل وحدة الشهود، ووحدة الوجود..

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الخامسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فـ بالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق) كما سبق في الحديث (بتنوع تجلبه)، أي انکشافه في يوم القيامة (في الصور) وكذلك في الدنيا .
قال : «أتاني الليلة ربي في أحسن صورة
فقال : يا محمد ، فقلت: لبيك وسعديك ،
قال : هل تدري فيم يختص الملأ الأعلى،
قلت: لا أعلم،
قال: فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بین ثديي ، أو قال : في نحري فعلمت ما في السموات وما في الأرض، أو قال : ما بين المشرق والمغرب» إلى آخر الحديث.
أخرجه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، واخرجه أحمد في المسند عن ابن عباس ، و الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين.
(فـ بالضرورة) الوجدانية (يتسع القلب)، أي قلب العارف بالله تعالی تارة فيظهر له الحق تعالى في كل محسوس و معقول.
قال رضي الله عنه : (ويضيق) تارة أخرى فيظهر في بعض ويبطن في بعض أو يبطن في الكل، ومن هنا قال عليه السلام "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" .
رواه مسلم وأبو داود وغيرهم
قال رضي الله عنه : (بحسب)، أي على مقتضى (الصور التي يقع فيها النجلي)، أي الانكشاف (الإلهي) لقلب العارف .
فإن الكشف له صور التجلي الجمالي اتسع لها وتوفرت فيه الدواعي إلى الرغبة والإقبال، وإن انكشفت له صور التجلي الجلالي ضاق لها وانحصر بها ، والكل عنده صور التجلي الحق سواء بسطته أو قبضنه .
(فإنه)، أي الشأن (لا بفضل من القلب)، أي قلب العارف (شيء)، أي فضلة
قال رضي الله عنه : (عن صورة ما يقع فيها)، أي في تلك الصورة (التجلي) الإلهي، وما ثم أي ما عنده إلا صور بقع فيها التجلي من كل حضرة، فهو يعطي كل تجل ما يطلب من الحال المخصوص من سعة أو ضيق أو بسط أو قبض أو جمال أو جلال (فإن القلب من العارف) بالله تعالى (أو) من (الإنسان الكامل)، وهما لقبان لأكمل التجليات الإلهية في الصورة الآدمية والبنية البشرية .
قال رضي الله عنه : (بمنزلة محل)، أي موضع (فص) بالفتح الحجر (الخاتم من الخاتم)، فإنه (لا يفضل عنه)، أي لا يزيد عليه أصلا (بل يكون) ذلك المحل (علی قدره)، أي قدر الفص (و) على (شكله)، أي الفص (من الاستدارة إن كان الفص مستديرة أو من التربيع)، أي ذي الزوايا الأربع (والتسدیس)، أي ذي الزوايا الست (والتثمين)، أي ذي الزوايا الثمان (وغير ذلك من الأشكال)، أي الهيئات .
قال رضي الله عنه : (إن كان الفص مربعة أو مسدسة أو مثمنة) كذلك (أو ما كان من الأشكال فإن محله)، أي الفص (من الخاتم يكون مثله لا غير)، أي لا يخالفه أصلا ، ولهذا سمي هذا الكتاب فصوص الحكم.
فإن الذي فاضت عليه حكم النبيين من الحضرة الجامعة المحمدية ، كشف من ظهور فصوص الحقائق الإلهية عن محالها ومواضعها المطابقة لها، أو الكائنة على حسب مقتضياتها من أرواح النبيين عليهم السلام فكان ما كشفه من الحضرة المحمدية ثم الأرواح النبوية على طبق حقيقته الجامعة الوجودية الذاتية .
فترجم عما وجد عنده من ذلك وما أعطته الحقيقة المحمدية في عالم الخيال من ظهور تلك الفصوص، وأما المحال التي كانت ظاهرة بها فهي تابعة لها فكشف عنها بها.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجلبه للقلب في الصور) كما يتحول في الصور عند التجلي في الخبر الصحيح (فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي) فيتبع القلب في السعة والضيق بهذا التجلي وإنما يتسع ويضيق بها (لأنه) أي لشأن (لا بفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي) حتى يسع في القلب غيرها معها فيسعها فيضيق غيرها وإنما لا يفضل .
قال رضي الله عنه : (فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا بفضل شيء) عن محل فص الخاتم .
بل يكون المحل (على قدره) أي على مقدار الفص (وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرة أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الإشكال إن كان الفم مربعة أو مسدسة او مثمنة او كان من الإشكال فإنه محله من الخاتم يكون مثله) أي مثل الفص (لا غير) .
وفي تشبيه الإنسان الكامل حلقة الخاتم إشارة إلى أن الوجود دوري أي ابتداء من الله وإليه ينتهي .
وفي تشبيه القلب محل الفص إشارة إلى أن المقصود من الإنسان القلب لكونه محلا للتجليات الإلهية فالتجليات الواقعة فيه بمنزلة النقوش الواقعة في فص الخاتم .
فتم المقصود وهو القلب كما تم المقصود من الخاتم وهو الفص .
وهذا بالنسبة إلى الفيض الأقدس وأما بالنسبة إلى الفيض المقدس فالأمر بالعكس .
"" أضاف الجامع : عن الفيض الأقدس يقول الشيخ ابن العربي:
" والثبوت أمر وجودي عقلي لا عيني بل نسبي ….
" تشكل الأعيان الثابتة مرتبة بين الحق في غيبه المطلق وبين العالم المحسوس .
فهي من ناحية أول تنزل من تنزلات الحق من مرتبة بطونه ، إنها (الفيض الأقدس) الذي يمثل ظهور الحق بنفسه لنفسه في صور الأعيان الثابتة .
وهي من ناحية ثانية ( المثال ) الثابت في علم الله المعدوم في العالم الخارجي والذي له الأثر في كل موجود بل هو أصل الموجودات …أهـ
عن الفيض المقدس تقول د. سعاد الحكيم :
" إن الخلق عند الشيخ ابن العربي ليس إيجاد من عدم مطلق بل هو في الواقع ظهور ، ظهور للغيب أو للباطن ، فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من الاسم الظاهر .
" التجلي الإلهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس .
ونستطيع أن نشبه هذا لتجلي الذي يخرج الممكنات من (الغيب) إلى (الشهادة) بالصورة التالية:
غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من الأشياء ، ولكن الظلام لا يسمح بتمييز شيء آخر ، ففي الظلام تتحد كل الأشياء ، ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه الأشياء بأشكالها وذاتيتها فالنور أظهر الأشياء ، وهكذا التجلي فهو النور الذي أظهر ( محتويات الغيب ) فأوجدها. ""
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة، فإن تحولت العقيدة تحول التجلي وأشار إلى أن التجلي الغيبي هو يعطي الاستعداد، فإذا ورد التجلي ورد على حكم الاستعداد. قال: وهو التجلي الذاتي.
وقد ذكر هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح
والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.
الباقي ظاهر المعنى لا يحتاج إلى شرح .
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الحق يتنوّع تجلَّيه في الصور ، فبالضرورة يتّسع القلب ويضيق بحسب الصور التي يقع فيها التجلَّي الإلهيّ ، فإنّه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلَّي . فإنّ القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محلّ فصّ الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفصّ مستديرا ، أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفصّ مربّعا أو مسدّسا أو مثمّنا ، أو ما كان من الأشكال . فإنّ محلَّه من الخاتم يكون مثله لا غير ،)
قال العبد : مرآتية العبد الكامل أو قلبه للحق ليست كمرآتية غيره ، فإنّ العبد الكامل ليست له حيثية معيّنة ولا كيفية مقيّدة ولا قابلية جزئيّة من وجه دون وجه فيكون تجلَّي الحقّ له بحسبه ، بل حسب العبد بحسب ربّه ، بل هو هيولى لقبول صور تجلَّيه فيه ، وغيره ليس كذلك ، فإنّ لغيره استعدادا معيّنا وقابلية مخصوصة وخصوصية مميّزة له عن غيره ، فيقع التجلَّي بحسبه وبحسب خصوص قابليته ، فيتّسع التجلَّي ويضيق ويتكيّف بكيفية قلبه الجزئي .
وهذا حقيقة تحوّل الحق في الصور يوم القيامة لأهل المحشر على العموم ، والأمر في الإنسان الكامل وقلب المؤمن الذي هو مرآة المؤمن بعكس ذلك .
فإنّ قلبه يتقلَّب في التجلَّي للمتجلَّي بحسب المتجلَّى من أيّ حضرة تجلَّى ، فإنّ هذا العبد يتجلَّى بالتجلَّي كيف كان ، ولقلب هذا العبد السعة المذكورة لا لغيره ، ولا خلاف في أصل البحث إنّ الحقّ يتجلَّى بقدر استعداد القلب ، فإنّه إذا كانت القلوب ذوات الأقدار والهيئات المخصوصة ، فالتجلَّي فيها بحسبها .
وهذا ما أشار إليه رضي الله عنه : من صور الأشكال المستديرة والمثلَّثة وغيرها ، ولكنّ القلب إذا لم يكن ممّا له حيثية معيّنة أو صفة مخصوصة مقيّدة أو الغالب عليه حكم أو كيفية على التعيين ، بل كان - كما مرّ هيولانيّ القبول ، دائم الإقبال والتوجّه إلى الحق المطلق بإطلاق قابليته وكلَّية قبوله الإحاطي الأحدي الجمعي وتلقّيه الكمالي ، فهو بحسب تجلَّي الربّ .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور ، فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي ، فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي " .
قلب العارف يدور مع الحق ليس له حيثية ولا كيفية معينة ، ولا قابلية مخصوصة بشيء دون شيء ، ولا يكون له تقيد بشيء دون شيء بخلاف سائر القلوب فيكون بحسب تجلى الرب إذا تجرد عما سواه فلم يكن فيه سوى الحق ، فعلى أي صورة يتجلى الحق من صغيرة أو كبيرة كان على صورته ، فيتسع ويضيق بحسب الصورة التي يقع التجلي الإلهي فيها ، ولا يفضل عنه شيء عن صورة المتجلى وأما سائر الصور الجزئية فبالعكس .
فإن لكل منها حيثية معينة وكيفية مقيدة وخصوصية مميزة له عن غيره واستعدادا خاصا يقع التجلي بحسبه ، فلا يكون التجلي إلا بحسب قابليته فيتكيف الحق بكيفية التجلي ويتصور بصورته ، وهذا حقيقة تحول الحق في الصور يوم القيامة لأهل المحشر على العموم ، ولذلك يعرفه العارف في أي صورة تجل ويسجد له ويعبده ، وأما غير العارف المحجوب بمعتقده فلا يعرفه إلا إذا تجلى في صورة معتقده .
وإذا تجلى في غير تلك الصورة المعينة أنكره وتعوذ منه .
قال رضي الله عنه : "فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة ، إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال ، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال ، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير ".
هذا مثال لقلب العارف وإشارة إلى أن العارف هيولانى القلب دائم التوجه إلى الحق المطلق بإطلاق قابليته الغلبة الأحدية الجمعية على قلبه ، ففي أي صورة يتجلى له الحق كان على صورته كما في التمثيل بمحل الخاتم ، وأما ما تشير إليه الطائفة من تجلى الحق على قدر استعداد القلب فهو حال من غلبت على قلبه أحكام الكثرة وتقيد القلب بالهيئات المخصوصة ، فيكون التجلي الأحدى فيه متشكلا بأشكال الأقدار والصور والهيئات الغالبة عليه فالعارف يظهر للحق على قدر صورته ، وغير العارف يظهر له الحق على قدر صورته .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور ، فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي ، فإنه لا يفضل عن القلب شئ عن صورة ما يقع فيها التجلي ، فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة ، إن كان الفص مستديرا ، أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال ، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا ، أو ما كان من الأشكال . فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير ) .
أي ، إذا ظهر الحق في صور شؤونه المتنوعة وتجلى تجليا ذاتيا بما في الغيب المطلق ، يتنوع بحسب استعدادات القلب ، فيتسع ، ويضيق بحسب الصورة التي وقع التجلي فيها ، لأنها تهب للقلب استعدادا يناسبها وتجعله بحيث لا يفضل عنها .
وهذا القلب المتجلى له ، لا يكون إلا للعارف الكامل ، لأن قلبه مرآة الذات الإلهية وشؤونها جميعا ، لخلوه عن الأحكام الجزئية المقيدة له .
فينصبغ انصباغا تقتضيه الصورة المتجلية له ، لأنها حاكمة عليه .
وقلب غيره مرآة الذات من حيثية معينة وشأن مقيد ، وليس فارغا من الأحكام الجزئية الأسمائية، فينصبغ التجلي بصبغه ، ولا يبقى على طهارته الأصلية وإطلاقه .
وتلخيصه : أن للمرآة حكما في ظهور الصور بحسبها ، وللصورة حكم
في المرأة التي تظهر الصورة فيها . ولكل منهما أحكام بحسب الظاهر والباطن .
ولما ذكر أن القلب لا تفضل عن الصورة المتجلية ، شبه القلب بمحل الفص والصورة
المتجلية بالفص .
وهو إذا كان مستديرا ، يجعل المحل مستديرا ، وإذا كان مربعا أو مسدسا أو مثمنا ، فمحله أيضا كذلك .
وإنما شبه المعقول المحض بالمحسوس الصرف ، لأن كلا منهما نسخة من الآخر ، إذ الظاهر صورة الباطن ، والباطن معنى الظاهر .
وفي التشبيه ب ( المستدير ) و ( المربع ) و ( المسدس ) لطيفة أخرى .
وهي أن المعنى المتجلي قد يكون معنى بسيطا ، لا تعدد فيه ولا تكثر ، فصورته أيضا يكون مستديرة .
وقد يكون مركبا ، وله جهات متعددة بحسب الظهور والخفاء والقرب والبعد ، فصورته أيضا يكون مشتملة على جهات متعددة متفاوتة في القرب والبعد إلى المركز .
فإن زوايا المربع والمسدس وأمثالهما أبعد من الوسط من غيرها من الأضلاع .
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فـ بالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق) كما سبق في الحديث (بتنوع تجلبه)، أي انکشافه في يوم القيامة (في الصور) وكذلك في الدنيا .
قال : «أتاني الليلة ربي في أحسن صورة
فقال : يا محمد ، فقلت: لبيك وسعديك ،
قال : هل تدري فيم يختص الملأ الأعلى،
قلت: لا أعلم،
قال: فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بین ثديي ، أو قال : في نحري فعلمت ما في السموات وما في الأرض، أو قال : ما بين المشرق والمغرب» إلى آخر الحديث.
أخرجه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، واخرجه أحمد في المسند عن ابن عباس ، و الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين.
(فـ بالضرورة) الوجدانية (يتسع القلب)، أي قلب العارف بالله تعالی تارة فيظهر له الحق تعالى في كل محسوس و معقول.
قال رضي الله عنه : (ويضيق) تارة أخرى فيظهر في بعض ويبطن في بعض أو يبطن في الكل، ومن هنا قال عليه السلام "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" .
رواه مسلم وأبو داود وغيرهم
قال رضي الله عنه : (بحسب)، أي على مقتضى (الصور التي يقع فيها النجلي)، أي الانكشاف (الإلهي) لقلب العارف .
فإن الكشف له صور التجلي الجمالي اتسع لها وتوفرت فيه الدواعي إلى الرغبة والإقبال، وإن انكشفت له صور التجلي الجلالي ضاق لها وانحصر بها ، والكل عنده صور التجلي الحق سواء بسطته أو قبضنه .
(فإنه)، أي الشأن (لا بفضل من القلب)، أي قلب العارف (شيء)، أي فضلة
قال رضي الله عنه : (عن صورة ما يقع فيها)، أي في تلك الصورة (التجلي) الإلهي، وما ثم أي ما عنده إلا صور بقع فيها التجلي من كل حضرة، فهو يعطي كل تجل ما يطلب من الحال المخصوص من سعة أو ضيق أو بسط أو قبض أو جمال أو جلال (فإن القلب من العارف) بالله تعالى (أو) من (الإنسان الكامل)، وهما لقبان لأكمل التجليات الإلهية في الصورة الآدمية والبنية البشرية .
قال رضي الله عنه : (بمنزلة محل)، أي موضع (فص) بالفتح الحجر (الخاتم من الخاتم)، فإنه (لا يفضل عنه)، أي لا يزيد عليه أصلا (بل يكون) ذلك المحل (علی قدره)، أي قدر الفص (و) على (شكله)، أي الفص (من الاستدارة إن كان الفص مستديرة أو من التربيع)، أي ذي الزوايا الأربع (والتسدیس)، أي ذي الزوايا الست (والتثمين)، أي ذي الزوايا الثمان (وغير ذلك من الأشكال)، أي الهيئات .
قال رضي الله عنه : (إن كان الفص مربعة أو مسدسة أو مثمنة) كذلك (أو ما كان من الأشكال فإن محله)، أي الفص (من الخاتم يكون مثله لا غير)، أي لا يخالفه أصلا ، ولهذا سمي هذا الكتاب فصوص الحكم.
فإن الذي فاضت عليه حكم النبيين من الحضرة الجامعة المحمدية ، كشف من ظهور فصوص الحقائق الإلهية عن محالها ومواضعها المطابقة لها، أو الكائنة على حسب مقتضياتها من أرواح النبيين عليهم السلام فكان ما كشفه من الحضرة المحمدية ثم الأرواح النبوية على طبق حقيقته الجامعة الوجودية الذاتية .
فترجم عما وجد عنده من ذلك وما أعطته الحقيقة المحمدية في عالم الخيال من ظهور تلك الفصوص، وأما المحال التي كانت ظاهرة بها فهي تابعة لها فكشف عنها بها.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجلبه للقلب في الصور) كما يتحول في الصور عند التجلي في الخبر الصحيح (فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي) فيتبع القلب في السعة والضيق بهذا التجلي وإنما يتسع ويضيق بها (لأنه) أي لشأن (لا بفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي) حتى يسع في القلب غيرها معها فيسعها فيضيق غيرها وإنما لا يفضل .
قال رضي الله عنه : (فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا بفضل شيء) عن محل فص الخاتم .
بل يكون المحل (على قدره) أي على مقدار الفص (وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرة أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الإشكال إن كان الفم مربعة أو مسدسة او مثمنة او كان من الإشكال فإنه محله من الخاتم يكون مثله) أي مثل الفص (لا غير) .
وفي تشبيه الإنسان الكامل حلقة الخاتم إشارة إلى أن الوجود دوري أي ابتداء من الله وإليه ينتهي .
وفي تشبيه القلب محل الفص إشارة إلى أن المقصود من الإنسان القلب لكونه محلا للتجليات الإلهية فالتجليات الواقعة فيه بمنزلة النقوش الواقعة في فص الخاتم .
فتم المقصود وهو القلب كما تم المقصود من الخاتم وهو الفص .
وهذا بالنسبة إلى الفيض الأقدس وأما بالنسبة إلى الفيض المقدس فالأمر بالعكس .
"" أضاف الجامع : عن الفيض الأقدس يقول الشيخ ابن العربي:
" والثبوت أمر وجودي عقلي لا عيني بل نسبي ….
" تشكل الأعيان الثابتة مرتبة بين الحق في غيبه المطلق وبين العالم المحسوس .
فهي من ناحية أول تنزل من تنزلات الحق من مرتبة بطونه ، إنها (الفيض الأقدس) الذي يمثل ظهور الحق بنفسه لنفسه في صور الأعيان الثابتة .
وهي من ناحية ثانية ( المثال ) الثابت في علم الله المعدوم في العالم الخارجي والذي له الأثر في كل موجود بل هو أصل الموجودات …أهـ
عن الفيض المقدس تقول د. سعاد الحكيم :
" إن الخلق عند الشيخ ابن العربي ليس إيجاد من عدم مطلق بل هو في الواقع ظهور ، ظهور للغيب أو للباطن ، فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من الاسم الظاهر .
" التجلي الإلهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس .
ونستطيع أن نشبه هذا لتجلي الذي يخرج الممكنات من (الغيب) إلى (الشهادة) بالصورة التالية:
غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من الأشياء ، ولكن الظلام لا يسمح بتمييز شيء آخر ، ففي الظلام تتحد كل الأشياء ، ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه الأشياء بأشكالها وذاتيتها فالنور أظهر الأشياء ، وهكذا التجلي فهو النور الذي أظهر ( محتويات الغيب ) فأوجدها. ""
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة، فإن تحولت العقيدة تحول التجلي وأشار إلى أن التجلي الغيبي هو يعطي الاستعداد، فإذا ورد التجلي ورد على حكم الاستعداد. قال: وهو التجلي الذاتي.
وقد ذكر هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح
والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.
الباقي ظاهر المعنى لا يحتاج إلى شرح .
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الحق يتنوّع تجلَّيه في الصور ، فبالضرورة يتّسع القلب ويضيق بحسب الصور التي يقع فيها التجلَّي الإلهيّ ، فإنّه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلَّي . فإنّ القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محلّ فصّ الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفصّ مستديرا ، أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفصّ مربّعا أو مسدّسا أو مثمّنا ، أو ما كان من الأشكال . فإنّ محلَّه من الخاتم يكون مثله لا غير ،)
قال العبد : مرآتية العبد الكامل أو قلبه للحق ليست كمرآتية غيره ، فإنّ العبد الكامل ليست له حيثية معيّنة ولا كيفية مقيّدة ولا قابلية جزئيّة من وجه دون وجه فيكون تجلَّي الحقّ له بحسبه ، بل حسب العبد بحسب ربّه ، بل هو هيولى لقبول صور تجلَّيه فيه ، وغيره ليس كذلك ، فإنّ لغيره استعدادا معيّنا وقابلية مخصوصة وخصوصية مميّزة له عن غيره ، فيقع التجلَّي بحسبه وبحسب خصوص قابليته ، فيتّسع التجلَّي ويضيق ويتكيّف بكيفية قلبه الجزئي .
وهذا حقيقة تحوّل الحق في الصور يوم القيامة لأهل المحشر على العموم ، والأمر في الإنسان الكامل وقلب المؤمن الذي هو مرآة المؤمن بعكس ذلك .
فإنّ قلبه يتقلَّب في التجلَّي للمتجلَّي بحسب المتجلَّى من أيّ حضرة تجلَّى ، فإنّ هذا العبد يتجلَّى بالتجلَّي كيف كان ، ولقلب هذا العبد السعة المذكورة لا لغيره ، ولا خلاف في أصل البحث إنّ الحقّ يتجلَّى بقدر استعداد القلب ، فإنّه إذا كانت القلوب ذوات الأقدار والهيئات المخصوصة ، فالتجلَّي فيها بحسبها .
وهذا ما أشار إليه رضي الله عنه : من صور الأشكال المستديرة والمثلَّثة وغيرها ، ولكنّ القلب إذا لم يكن ممّا له حيثية معيّنة أو صفة مخصوصة مقيّدة أو الغالب عليه حكم أو كيفية على التعيين ، بل كان - كما مرّ هيولانيّ القبول ، دائم الإقبال والتوجّه إلى الحق المطلق بإطلاق قابليته وكلَّية قبوله الإحاطي الأحدي الجمعي وتلقّيه الكمالي ، فهو بحسب تجلَّي الربّ .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور ، فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي ، فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي " .
قلب العارف يدور مع الحق ليس له حيثية ولا كيفية معينة ، ولا قابلية مخصوصة بشيء دون شيء ، ولا يكون له تقيد بشيء دون شيء بخلاف سائر القلوب فيكون بحسب تجلى الرب إذا تجرد عما سواه فلم يكن فيه سوى الحق ، فعلى أي صورة يتجلى الحق من صغيرة أو كبيرة كان على صورته ، فيتسع ويضيق بحسب الصورة التي يقع التجلي الإلهي فيها ، ولا يفضل عنه شيء عن صورة المتجلى وأما سائر الصور الجزئية فبالعكس .
فإن لكل منها حيثية معينة وكيفية مقيدة وخصوصية مميزة له عن غيره واستعدادا خاصا يقع التجلي بحسبه ، فلا يكون التجلي إلا بحسب قابليته فيتكيف الحق بكيفية التجلي ويتصور بصورته ، وهذا حقيقة تحول الحق في الصور يوم القيامة لأهل المحشر على العموم ، ولذلك يعرفه العارف في أي صورة تجل ويسجد له ويعبده ، وأما غير العارف المحجوب بمعتقده فلا يعرفه إلا إذا تجلى في صورة معتقده .
وإذا تجلى في غير تلك الصورة المعينة أنكره وتعوذ منه .
قال رضي الله عنه : "فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة ، إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال ، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال ، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير ".
هذا مثال لقلب العارف وإشارة إلى أن العارف هيولانى القلب دائم التوجه إلى الحق المطلق بإطلاق قابليته الغلبة الأحدية الجمعية على قلبه ، ففي أي صورة يتجلى له الحق كان على صورته كما في التمثيل بمحل الخاتم ، وأما ما تشير إليه الطائفة من تجلى الحق على قدر استعداد القلب فهو حال من غلبت على قلبه أحكام الكثرة وتقيد القلب بالهيئات المخصوصة ، فيكون التجلي الأحدى فيه متشكلا بأشكال الأقدار والصور والهيئات الغالبة عليه فالعارف يظهر للحق على قدر صورته ، وغير العارف يظهر له الحق على قدر صورته .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور ، فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي ، فإنه لا يفضل عن القلب شئ عن صورة ما يقع فيها التجلي ، فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة ، إن كان الفص مستديرا ، أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال ، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا ، أو ما كان من الأشكال . فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير ) .
أي ، إذا ظهر الحق في صور شؤونه المتنوعة وتجلى تجليا ذاتيا بما في الغيب المطلق ، يتنوع بحسب استعدادات القلب ، فيتسع ، ويضيق بحسب الصورة التي وقع التجلي فيها ، لأنها تهب للقلب استعدادا يناسبها وتجعله بحيث لا يفضل عنها .
وهذا القلب المتجلى له ، لا يكون إلا للعارف الكامل ، لأن قلبه مرآة الذات الإلهية وشؤونها جميعا ، لخلوه عن الأحكام الجزئية المقيدة له .
فينصبغ انصباغا تقتضيه الصورة المتجلية له ، لأنها حاكمة عليه .
وقلب غيره مرآة الذات من حيثية معينة وشأن مقيد ، وليس فارغا من الأحكام الجزئية الأسمائية، فينصبغ التجلي بصبغه ، ولا يبقى على طهارته الأصلية وإطلاقه .
وتلخيصه : أن للمرآة حكما في ظهور الصور بحسبها ، وللصورة حكم
في المرأة التي تظهر الصورة فيها . ولكل منهما أحكام بحسب الظاهر والباطن .
ولما ذكر أن القلب لا تفضل عن الصورة المتجلية ، شبه القلب بمحل الفص والصورة
المتجلية بالفص .
وهو إذا كان مستديرا ، يجعل المحل مستديرا ، وإذا كان مربعا أو مسدسا أو مثمنا ، فمحله أيضا كذلك .
وإنما شبه المعقول المحض بالمحسوس الصرف ، لأن كلا منهما نسخة من الآخر ، إذ الظاهر صورة الباطن ، والباطن معنى الظاهر .
وفي التشبيه ب ( المستدير ) و ( المربع ) و ( المسدس ) لطيفة أخرى .
وهي أن المعنى المتجلي قد يكون معنى بسيطا ، لا تعدد فيه ولا تكثر ، فصورته أيضا يكون مستديرة .
وقد يكون مركبا ، وله جهات متعددة بحسب الظهور والخفاء والقرب والبعد ، فصورته أيضا يكون مشتملة على جهات متعددة متفاوتة في القرب والبعد إلى المركز .
فإن زوايا المربع والمسدس وأمثالهما أبعد من الوسط من غيرها من الأضلاع .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 14 سبتمبر 2019 - 16:38 عدل 1 مرات

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الخامسة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدرة وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
ولما لم يتم هذا المعنى في منع رؤية صور الحق بعضها مع بعض أشار إلى منع اجتماعها.
فقال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور) على ما ثبت في الصحيح، ولا حاجة إلى ذلك لو اتسع القلب لجميعها، (فبالضرورة يتسع القلب) عند تجلية في صورة غير متناهية أو بعيدة الأطراف جدا.
(ويضيق) عند تجليه في غيرهما؛ فعلی هذا لا يكون معنى اتساع القلب لتجليات الحق اتساعه لجميعها مقابل على التعاقب، بل لا يبقى متسه في جميع الحالات إذ يكون (بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي).
وإن كان له اتساع انتقاش كثير من صور المخلوقات مع صورة الحق وبدونها (فإنة لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي) الإلهي، وإن فضل الصورة مخلوق .
فقال رضي الله عنه : (فإن القلب من العارف) الذي يحجبه الحق عن الخلق (أو الإنسان الكامل) الذي لا يحجبه الحق عن الخلق (بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل) ذلك المحل عن مقدار الفص، والكامل لا يرى الخلق منفصلا عن الحق، بل يرى كل واحد كأنه في الأخر، مع أن له قوة التمييز بين المرتبتين. بل يكون المحل (على قدره) أي: مقدرا الفص طولا وعرضا وعمقا.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا)، وشكله (من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله) حين تعلقه به (لا غير)، وإن كان قلبه واسعا للجميع، وكذا بعد فصله عنه فكأنه متسع للجميع، في نفسه ضيق عند ذكر الواحد عما سواه.
ولذلك استوعب ذكر الأشكال؛ وذلك لأنه لا يمكن اجتماع صورتين لشخص واحد في مرآة واحدة إلا إذا ظهرت في المرأة مرآة أخرى حاملة لصورة أخرى لذلك الشخص، فكأنه مرآتان حينئذ والقلب مرأة واحدة أبدا بخلاف صور الأسماء المختلفة يمكن اجتماعها في المرأة الواحدة من حيث هي مرآة واحدة.
لكنها لا يمكن التفات إليها مع الحق لما ذكرنا، فكان كمحل الفص من الخاتم بالنسبة إلى الفص؛ لأنه لا مقدار له في نفسه لتجرده، فمقداره مقدار ما ظهر فيه.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
القلب والتجلي الإلهي
ثمّ إنّ من كمال السعة أن لا يقابله الضيق - بل يجمعه - والسعة القلبيّة بهذه المثابة ، كما أشار إليه بقوله رضي الله عنه : ( وإذا كان الحقّ يتنوّع تجلَّيه في الصور ) كلَّها ( فبالضرورة يتّسع القلب ) بحسب قبوله للصور المتنوّعة على كثرتها واختلافها .
قال رضي الله عنه : ( ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلَّي الإلهي ، فإنّه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيه التجلَّي ، فإنّ القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محلّ فصّ الخاتم من الخاتم ) على ما نبّهت عليه في صدر الكتاب من وجوه المناسبات بين القلب والفصّ ولكن فصّل تلك
المناسبة بما يميّز بين مراتب القلب وأطواره ، وما شبّه به من الخاتم وطبقاته ، بحيث تتطابق أحكام تلك المراتب على تلك الطبقات .
وذلك لأنّه ظهر من عبارته التمييز بين القلب والتجلَّي ، وما وقع فيه التجلَّي وصورته ، وكذلك بين الخاتم والفصّ وما وقع فيه الفصّ وصورته ، ولا يخفى على الذكيّ وجه التطابق بين الكلّ ، ولكن غرض المصنّف تحقيق أمر التطابق بين صورة ما وقع فيه التجلَّي ، وبين صورة ما وقع فيه الفصّ ، حيث أنّ شيئا من أجزائه عن الفصّ
قال الشيخ رضي الله عنه : ( لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة - إن كان الفصّ مستديرا - و من التربيع والتسديس والتثمين ) .
وفي تخصيص هذه الصور في المثال المذكور بالبيان نكتة ، وهي أن يكون الاستدارة إشارة إلى التنزيه الصرف ، لما فيها من الأوصاف العدميّة ، لعدم تمايز الأطراف ، وعدم التشكَّل بالزوايا والسطوح ، والباقي إشارة إلى طرق التشبيه المعتبرة ، وهي الظاهرة أحكامها من الأزواج ، كما سبق التنبيه إليه والذي يدلّ على ذلك قوله تعالى : " ما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى من ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ " [ 58 / 7 ] .
فصرّح بما صرّح به التنزيل من تلك الصور ، وأجمل حيث أجمل ، ولذلك عمّم .
وقال رضي الله عنه : ( وغير ذلك من الأشكال ،إن كان الفصّ مربعا أو مسدّسا أو مثمّنا أو ما كان من الأشكال فإنّ محلَّه من الخاتم يكون مثله لا غير.)
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي. فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإذا كان الحق سبحانه يتنوع بتجليه في الصور) المختلفة بالسعة والضيق (فـ بالضرورة يتسع القلب وضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي)، فإن كان في تلك الصور نوع سعة يتسع القلب بحسبها وقدرها وإن كان نوع ضيق يضيق القلب بحسبه و قدره .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها النجلي، فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم).
فكما أن فص الخاتم (لا يفضل) عن الفص (بل يكون على قدره) من الكبر والصغر (و) على ذلك .
قال الشيخ رضي الله عنه : (شكله من الاستدارة أو كان الفص مستديرة أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال، إن كان الفص مربعة أو مسدسة أو مثمنة أو ما كان من الأشكال فإن محله) أي محل الفص (من الخاتم يكون مثله) في القدر والشكل (لا غير).
فكذلك قلب العارف لا يفضل على الصورة المتجلى فيها، بل ينطبق عليها أن يكون على قدرها في السعة والضيق التي هي في الصور المنجلي فيها الاستدارة في الأشكال. فإن المستدير منها
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : وإذا كان الحق بتنوع تجليه في الصورة فـ بالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصور التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي. لأن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة . إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثليث والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير).
ثبت أن الحق يتنوع تجليه وتحوله في الصورة في الآخرة للعموم، وفي الدنيا لقلوب أوليائه، فبالضرورة يتسع القلب من العارف المتجلي له إذا كانت الصورة واسعة متضمنة لأسماء إلهية كثيرة.
فإن دائرة الرؤية في المرآة تتسع باتساع العلم بالله، ويضيق قلب العارف بالله المتجلى له إذا كانت الصورة غير واسعة كذلك، وبسعة الصور وضيقها يتفاضل العارفون بالله وبتجلياته.
أنظر قصة المريد الذي قيل له : هلا رأيت أبا يزيد؟
فقال : لا حاجة لي في رؤية أبي يزيد، رأيت الله فأغناني عن رؤية أبي يزيد، فقيل له : لو رأيت أبا يزيد مرة كان خيرا لك من أن ترى الله ألف مرة !!
فمر أبو یزید وفروته على رأسه ، فقيل هذا أبو يزيد: فلما وقع بصره على أبي یزید مات المريد من حينه.
فأخبر أبو يزيد بذلك فقال : المرید صادق، كان يرى الحق حسب مرآته فلا يتأثر ، فلما رأى الحق في غير صورة مرآته لم يتحمل ومات، فإنه تجلى له على قدرنا.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدرة وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
ولما لم يتم هذا المعنى في منع رؤية صور الحق بعضها مع بعض أشار إلى منع اجتماعها.
فقال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور) على ما ثبت في الصحيح، ولا حاجة إلى ذلك لو اتسع القلب لجميعها، (فبالضرورة يتسع القلب) عند تجلية في صورة غير متناهية أو بعيدة الأطراف جدا.
(ويضيق) عند تجليه في غيرهما؛ فعلی هذا لا يكون معنى اتساع القلب لتجليات الحق اتساعه لجميعها مقابل على التعاقب، بل لا يبقى متسه في جميع الحالات إذ يكون (بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي).
وإن كان له اتساع انتقاش كثير من صور المخلوقات مع صورة الحق وبدونها (فإنة لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي) الإلهي، وإن فضل الصورة مخلوق .
فقال رضي الله عنه : (فإن القلب من العارف) الذي يحجبه الحق عن الخلق (أو الإنسان الكامل) الذي لا يحجبه الحق عن الخلق (بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل) ذلك المحل عن مقدار الفص، والكامل لا يرى الخلق منفصلا عن الحق، بل يرى كل واحد كأنه في الأخر، مع أن له قوة التمييز بين المرتبتين. بل يكون المحل (على قدره) أي: مقدرا الفص طولا وعرضا وعمقا.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا)، وشكله (من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله) حين تعلقه به (لا غير)، وإن كان قلبه واسعا للجميع، وكذا بعد فصله عنه فكأنه متسع للجميع، في نفسه ضيق عند ذكر الواحد عما سواه.
ولذلك استوعب ذكر الأشكال؛ وذلك لأنه لا يمكن اجتماع صورتين لشخص واحد في مرآة واحدة إلا إذا ظهرت في المرأة مرآة أخرى حاملة لصورة أخرى لذلك الشخص، فكأنه مرآتان حينئذ والقلب مرأة واحدة أبدا بخلاف صور الأسماء المختلفة يمكن اجتماعها في المرأة الواحدة من حيث هي مرآة واحدة.
لكنها لا يمكن التفات إليها مع الحق لما ذكرنا، فكان كمحل الفص من الخاتم بالنسبة إلى الفص؛ لأنه لا مقدار له في نفسه لتجرده، فمقداره مقدار ما ظهر فيه.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
القلب والتجلي الإلهي
ثمّ إنّ من كمال السعة أن لا يقابله الضيق - بل يجمعه - والسعة القلبيّة بهذه المثابة ، كما أشار إليه بقوله رضي الله عنه : ( وإذا كان الحقّ يتنوّع تجلَّيه في الصور ) كلَّها ( فبالضرورة يتّسع القلب ) بحسب قبوله للصور المتنوّعة على كثرتها واختلافها .
قال رضي الله عنه : ( ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلَّي الإلهي ، فإنّه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيه التجلَّي ، فإنّ القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محلّ فصّ الخاتم من الخاتم ) على ما نبّهت عليه في صدر الكتاب من وجوه المناسبات بين القلب والفصّ ولكن فصّل تلك
المناسبة بما يميّز بين مراتب القلب وأطواره ، وما شبّه به من الخاتم وطبقاته ، بحيث تتطابق أحكام تلك المراتب على تلك الطبقات .
وذلك لأنّه ظهر من عبارته التمييز بين القلب والتجلَّي ، وما وقع فيه التجلَّي وصورته ، وكذلك بين الخاتم والفصّ وما وقع فيه الفصّ وصورته ، ولا يخفى على الذكيّ وجه التطابق بين الكلّ ، ولكن غرض المصنّف تحقيق أمر التطابق بين صورة ما وقع فيه التجلَّي ، وبين صورة ما وقع فيه الفصّ ، حيث أنّ شيئا من أجزائه عن الفصّ
قال الشيخ رضي الله عنه : ( لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة - إن كان الفصّ مستديرا - و من التربيع والتسديس والتثمين ) .
وفي تخصيص هذه الصور في المثال المذكور بالبيان نكتة ، وهي أن يكون الاستدارة إشارة إلى التنزيه الصرف ، لما فيها من الأوصاف العدميّة ، لعدم تمايز الأطراف ، وعدم التشكَّل بالزوايا والسطوح ، والباقي إشارة إلى طرق التشبيه المعتبرة ، وهي الظاهرة أحكامها من الأزواج ، كما سبق التنبيه إليه والذي يدلّ على ذلك قوله تعالى : " ما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى من ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ " [ 58 / 7 ] .
فصرّح بما صرّح به التنزيل من تلك الصور ، وأجمل حيث أجمل ، ولذلك عمّم .
وقال رضي الله عنه : ( وغير ذلك من الأشكال ،إن كان الفصّ مربعا أو مسدّسا أو مثمّنا أو ما كان من الأشكال فإنّ محلَّه من الخاتم يكون مثله لا غير.)
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي. فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإذا كان الحق سبحانه يتنوع بتجليه في الصور) المختلفة بالسعة والضيق (فـ بالضرورة يتسع القلب وضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي)، فإن كان في تلك الصور نوع سعة يتسع القلب بحسبها وقدرها وإن كان نوع ضيق يضيق القلب بحسبه و قدره .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها النجلي، فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم).
فكما أن فص الخاتم (لا يفضل) عن الفص (بل يكون على قدره) من الكبر والصغر (و) على ذلك .
قال الشيخ رضي الله عنه : (شكله من الاستدارة أو كان الفص مستديرة أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال، إن كان الفص مربعة أو مسدسة أو مثمنة أو ما كان من الأشكال فإن محله) أي محل الفص (من الخاتم يكون مثله) في القدر والشكل (لا غير).
فكذلك قلب العارف لا يفضل على الصورة المتجلى فيها، بل ينطبق عليها أن يكون على قدرها في السعة والضيق التي هي في الصور المنجلي فيها الاستدارة في الأشكال. فإن المستدير منها
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : وإذا كان الحق بتنوع تجليه في الصورة فـ بالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصور التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي. لأن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة . إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثليث والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير).
ثبت أن الحق يتنوع تجليه وتحوله في الصورة في الآخرة للعموم، وفي الدنيا لقلوب أوليائه، فبالضرورة يتسع القلب من العارف المتجلي له إذا كانت الصورة واسعة متضمنة لأسماء إلهية كثيرة.
فإن دائرة الرؤية في المرآة تتسع باتساع العلم بالله، ويضيق قلب العارف بالله المتجلى له إذا كانت الصورة غير واسعة كذلك، وبسعة الصور وضيقها يتفاضل العارفون بالله وبتجلياته.
أنظر قصة المريد الذي قيل له : هلا رأيت أبا يزيد؟
فقال : لا حاجة لي في رؤية أبي يزيد، رأيت الله فأغناني عن رؤية أبي يزيد، فقيل له : لو رأيت أبا يزيد مرة كان خيرا لك من أن ترى الله ألف مرة !!
فمر أبو یزید وفروته على رأسه ، فقيل هذا أبو يزيد: فلما وقع بصره على أبي یزید مات المريد من حينه.
فأخبر أبو يزيد بذلك فقال : المرید صادق، كان يرى الحق حسب مرآته فلا يتأثر ، فلما رأى الحق في غير صورة مرآته لم يتحمل ومات، فإنه تجلى له على قدرنا.
ولهذا تقول الطائفة: أكمل المرايا مرآة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكمل الرؤية ما كان في مرآة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها حاوية لجميع مرايا الأنبياء.
عليهم الصلاة والسلام فهي أكمل رؤية وأتمها وأصدقها، ودونها في الكمال ما كان في مرآة نبي من الأنبياء، وذلك لأن تجليه تعالى في مرايا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أكمل من تجليه في مرايا غيرهم.
وتصور ما قالوا غامض، ولعله يظهر بالمثال، وذلك كرؤية شخص نفسه في مرآة فيها صورة مرآة أخرى.
وما في تلك المرآة الأخرى، فيرى المرآة الأخرى في صورة مرآة نفسه ، ويرى الصور التي في تلك المرآة الأخرى في صورة تلك المرآة الأخرى.
فبين الصورة ومرآة الرائي مرآة وسطی بينها وبين الصورة التي فيها دائما كان القلب يتسع ويضيق حسب الصورة المتجلي فيها.
فإنه لا يمكن أن يفضل من القلب المشاهد التجلي الحق فضلة وبقية يسع بها غيره، فلا تبقى بقية في القلب عن صورة التجلي، فإن القلب مطلق من العارف أو الإنسان الكامل الذي جمع الحقائق الإلهية والكونية، وظهرت من آثارها بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم مثلا، فالفص بمنزلة المتجلي، وقلب العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص.
فلا يفضل من المحل شيء زائد عن الفص، بل يكون محل الفص، على قدره لا أزيد ولا أنقص، وعلى شكله وصورته، والصورة هي الشكل وعلى هيئته من الاستدارة إن كان الفص مستديرا، أو من التربيع والتسدیس والتثمين وغير ذلك من الأشكال .
فيكون محل الفص مربعا إن كان الفص مربعا، أو مسدسا إن كان الفص مسدسا، أو مثمنا إن كان الفص مثمنا، أو ما كان من الأشكال والصور فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير .
تنبيه:
هذا التجلي المذكور الذي القلب تابع له هو التجلي الذاتي الأزلي الذي هو أول التجليات والتعينات، وبه ومنه حصلت الأعيان الثابتة ، أعيان الممکنات و استعداداتها الذاتية الكلية في العلم، وهذا هو الخلق التقديري الذي تكون عليه الممکنات إلى غير نهاية ، وعلى طبقته يكون التجلي الأسمائي حذو النعل بالنعل لا أزيد ولا أنقص في الخلق الإيجادي.
عليهم الصلاة والسلام فهي أكمل رؤية وأتمها وأصدقها، ودونها في الكمال ما كان في مرآة نبي من الأنبياء، وذلك لأن تجليه تعالى في مرايا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أكمل من تجليه في مرايا غيرهم.
وتصور ما قالوا غامض، ولعله يظهر بالمثال، وذلك كرؤية شخص نفسه في مرآة فيها صورة مرآة أخرى.
وما في تلك المرآة الأخرى، فيرى المرآة الأخرى في صورة مرآة نفسه ، ويرى الصور التي في تلك المرآة الأخرى في صورة تلك المرآة الأخرى.
فبين الصورة ومرآة الرائي مرآة وسطی بينها وبين الصورة التي فيها دائما كان القلب يتسع ويضيق حسب الصورة المتجلي فيها.
فإنه لا يمكن أن يفضل من القلب المشاهد التجلي الحق فضلة وبقية يسع بها غيره، فلا تبقى بقية في القلب عن صورة التجلي، فإن القلب مطلق من العارف أو الإنسان الكامل الذي جمع الحقائق الإلهية والكونية، وظهرت من آثارها بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم مثلا، فالفص بمنزلة المتجلي، وقلب العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص.
فلا يفضل من المحل شيء زائد عن الفص، بل يكون محل الفص، على قدره لا أزيد ولا أنقص، وعلى شكله وصورته، والصورة هي الشكل وعلى هيئته من الاستدارة إن كان الفص مستديرا، أو من التربيع والتسدیس والتثمين وغير ذلك من الأشكال .
فيكون محل الفص مربعا إن كان الفص مربعا، أو مسدسا إن كان الفص مسدسا، أو مثمنا إن كان الفص مثمنا، أو ما كان من الأشكال والصور فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير .
تنبيه:
هذا التجلي المذكور الذي القلب تابع له هو التجلي الذاتي الأزلي الذي هو أول التجليات والتعينات، وبه ومنه حصلت الأعيان الثابتة ، أعيان الممکنات و استعداداتها الذاتية الكلية في العلم، وهذا هو الخلق التقديري الذي تكون عليه الممکنات إلى غير نهاية ، وعلى طبقته يكون التجلي الأسمائي حذو النعل بالنعل لا أزيد ولا أنقص في الخلق الإيجادي.
.

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السادسة : الجزء الأول
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال رضي الله عنه : (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين. تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا. )
قال رضي الله عنه : (وهذا) الكلام هنا (عکس ما تشير إليه) الطائفة من العارفين (من أن الحق) تعالى (يتجلى)، أي ينكشف في الدنيا والآخرة (على قدر استعداد العبد).
لأنهم يرون التنوع في التجليات مع وحدة التجلي الحق، فأرجعوا الاختلاف إلى اختلاف الاستعداد والتهيؤ لقبول الظهور الوجودي الواحد من الحضرة الواحدية .
وأهملوا النظر في اختلاف الاستعداد والتهيؤ لذلك القبول الفائض من الحضرة الأحدية التي لها الأزل كما أن الواحدية لها الأبد.
فاستعداد العبد من فيض الأحدبة وقبوله المقتضى ذلك الاستعداد من الظهور الوجودي من فيض الواحدية والأحدية حضرة اسمه الباطن والواحدية حضرة اسمه الظاهر.
فالعبد من حيث هو عبد ممكن مع قطع النظر عن تعينه واللاتعين فيه بمنزلة محل الفص من الخاتم فإذا فاض عليه الاستعداد والقبول جعله تابعا لمقتضاه، وهو مشرب ذاتي وغيره مشرب صفاتي .
وقد بينه المصنف قدس الله سره بقوله: (وهذا)، أي ما ذكر هنا من تجلي الحق تعالى (ليس كذلك)، أي ما هو تابع لاستعداد العبد .
قال رضي الله عنه : (فإن العبد) إذا تجلى عليه الحق تعالى (يظهر للحق) تعالى (على قدر الصورة التي يتجلى له)، أي لذلك العبد (فيها الحق) تعالی الثابتة في علمه سبحانه من تجلي ذاته لذاته في حضرة علمه القديم.
قال رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة) على الوجه التام أن يقال (أن الله) تعالى من حيث اسمه الباطن والظاهر والأول و الآخر (تجليين)، أي انکشافين في حضرة الإمكان :
والأول (تجلي غیب)، أي حاصل في عالم الغيب وهو الحضرة العلمية الإلهية وهو التجلي الذاتي في الحضرات الصفاتية مما لا يعلمه إلا الله تعالى، وهذا التجلي أزلي لا بداية له.
(و) الثاني: (تجلي شهادة)، أي حاصل في عالم الشهادة وهو عالم الكون وهو التجلي الصفاتي الأسمائي في الحضرات الإمكانية مما تعلمه المخلوقات من بعضها في بعض .
وهذا التجلي أبدي لا نهاية له (فمن تجلي الغيب) على حضرة الإمكان (يعطي الحق) تعالى (الاستعداد الذي يكون عليه القلب)، وهو كونه قابلا
أن يكون على هيئة الفص، لأنه محله وموضع ظهوره وإمساكه به .
قال رضي الله عنه : (وهو التجلي)، أي الانكشاف (الذاتي)، أي منسوب إلى الذات الإلهية (الذي) هو (الغيب) المطلق عن الحس والعقل (حقيقته)، بحيث لا ظهور له من حيث ما هو غيب أصلا (وهو الهوية التي يستحقها) الحق تعالی (بقوله عن نفسه هو):
الله الرحمن الرحيم فهو الغيب الذاتي، والله الحضرة الصفائية الجامعة لجميع الأسماء، والرحمن الرحيم ذكر بعض الأسماء الجامعة أيضا بوجه الرحمة التي وسعت كل شيء،
قال رضي الله عنه : (فلا يزال) لفظ (هو له)، أي للحق تعالی (دائما أبدا) إشارة إلى بقاء غيب الهوية وأنه لا يصير شهادة أصلا.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
لذلك قال : (وهذا) أي ما أشرنا إليه من أن القلب يكون على قدر تجلي الحق (عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهذا) أي ما أشارت إليه الطائفة (ليس كذلك) أي ليس مثل ما أشرنا إليه .
قال رضي الله عنه : (فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له) أي للعبد (فيها) أي في تلك الصورة (الحق) فحينئذ يتبع التجلي للمتجلي له فهذا بالنسبة إلى الفيض المقدس.
فالمراد بقوله : وهكذا عكس ما تشير إليه إعلام منه باختصاص إظهار هذا المعنى بنفسه رضي الله عنه .
فكان هذا القول منه متضمنا لدعوى التفرد فإن هذا المعنى مع كونه واجب البيان لكونه من أعظم مسائل الفن وهي مسائل التجليات الإلهية لم يظهر من أحد غيره. فاستحق بدعوى التفرد ليوازي هذا المعنى وهو العكس العين في الاهتمام بلا تفرقة مع أنهم لم يبينوا ذلك .
قال رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة) أي مسألة نجلي الحق للقلب (ان لله تجليين تجلي غیب وتجلي شهادة فمن تجلي الغيب يعطى الاستعداد الذي يكون عليه القلب) فيكون على قدر ذلك التجلي (وهو) أي التجلي الغيبي (التجلي الذاتي الذي هو الغيب حقيقة) فلا يزال هذا التجلي عن الغيب أبدا فكان هذا التجلي من الاسم الباطن والفيض الأقدس الذي يكون المتجلي له على حسب التجلي.
قال رضي الله عنه : (وهو) أي التجلي الذاتي الغيبي (الهوية التي يستحقها بقبوله عن نفسه) قوله : (هو) راجع إلى الحق فاعل يستحقها .
أي يستحق الحق تلك الهوية عن ذاته فإذا استحق الحق هذا التجلي لذاته (فلا يزال هو) أي ذلك التجلي (له) أي للحق (دائما ابدأ) فلا يظهر الحق في هذا التجلي للعبد بل يظهر العبد للحق بصورة هذا التجلي فلم يرى العبد والتجلي الذاتي الغيبي الحق بل يراه في التجلي الشهودي الذي يترتب على التجلي الاستعدادي .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين. تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال رضي الله عنه : (وهذا عكس ما تشير إليه الطائفة من أنّ الحق يتجلَّى على قدر استعداد العبد ، وهذا ليس كذلك ،فإنّ العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلَّى له فيها الحق").
والذي أشار إليه الشيخ رضي الله عنه في: ( و تحرير هذه المسألة أنّ لله تجلَّيين :
تجلَّي غيب وتجلَّي شهادة فمن تجلَّي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب وهو التجلَّي الذاتيّ الذي الغيب حقيقته ، وهو الهوية التي يستحقّها بقوله عن نفسه : « هو » فلا يزال « هو » له دائما أبدا).
فتلك الإشارة إلى الاستعدادات المجعولة الظاهرة من غيب العين الثابتة واستعدادها الغيبيّ غير المجعول ، فإنّ الهوية المشار إليها بالنسبة إلى المتجلَّى له غيب عينه الثابتة ، والتجلَّي الغيبيّ الذاتي يفيض من الذات والهوية الذاتية على الذوات والهويات الغيبية التي للأعيان الثابتة ، فتوجد من ذلك الاستعداد الكلَّي غير المجعول هذه الاستعدادات الجزئية المجعولة للتجلَّيات الشهادية من الحضرات الأسمائية الإلهية ، ولكن مع هذا فإنّ كل ما ذكر مترتّب على الاستعدادات الخصوصية التي تعطي أربابها الاعتقادات الجزئية التقييدية .
فإذا تجلَّى الحق مرآة قابلة لجميع الصور الاعتقادية ، رأى كلّ أحد صور معتقدة فيه لا غير ، فما رأى سوى نفسه وما جعله في نفسه من صور الاعتقادات .
والعبد الكامل ليس كذلك ، فإنّ له استعدادا كلَّيا ، وقابلية أحدية جمعيّة ، وخصوصه الإطلاق عن كل قيد ، والسراح عن كل حصر ، والخروج عن كلّ طور .
فهو يقابل - بإطلاقه عن نقوش القيود الاعتقادية - إطلاق الحق .
ويقابل كذلك كلّ حضرة حضرة من الحضرات - التي يكون منها وفيها وبحسبها التجلَّي بما يناسبه ممّا فيه من تلك الحضرة مرآة مجلوّة مستعدّة مهيّأة لتجلَّيات تلك الحضرة .
فيقبل جميع التجلَّيات مع الآنات بمرائيه ومجاليه التي فيه من غير مزاحمة ولا خلط ولا حبط ، والتجلَّي الذاتيّ الغيبيّ دائم الإشراق من الغيب المطلق الإلهيّ الذاتيّ على غيب قلبه المطلق الإلهي الأحدي الجمعي الكمالي ، جعلنا الله وإيّاك من أهله ، بحوله وطوله .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال رضي الله عنه : "وهذا عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهذا ليس كذلك ، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق ".
هذا مثال لقلب العارف وإشارة إلى أن العارف هيولانى القلب دائم التوجه إلى الحق المطلق بإطلاق قابليته الغلبة الأحدية الجمعية على قلبه ، ففي أي صورة يتجلى له الحق كان على صورته كما في التمثيل بمحل الخاتم ، وأما ما تشير إليه الطائفة من تجلى الحق على قدر استعداد القلب فهو حال من غلبت على قلبه أحكام الكثرة وتقيد القلب بالهيئات المخصوصة ، فيكون التجلي الأحدى فيه متشكلا بأشكال الأقدار والصور والهيئات الغالبة عليه فالعارف يظهر للحق على قدر صورته ، وغير العارف يظهر له الحق على قدر صورته .
قال رضي الله عنه : "وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين : تجلى غيب ، وتجلى شهادة فمن تجلى الغيب يعطى الاستعداد الذي يكون عليه القلب ، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته ، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه هو ، فلا يزال هو له دائما أبدا ،"
هذا التحرير تحقيق القولين وإثبات أن كلا منهما صواب باعتبار التجليين ، فإن التجلي الذاتي الغيبي يعطى الاستعداد الأزلي بظهور الذات في عالم الغيب بصور الأعيان وما عليه كل واحد من الأعيان من أحوالها .
وهو الذي يكون عليه القلب حال الظهور في عالم الشهادة والغيب المطلق والحقيقة المطلقة والهوية المطلقة التي يعبر بها الحق عن نفسه هو هذه الذات المتجلى في صور الأعيان ، ولكل عين هوية مخصوصة هو بها هو ولا يزال الحق بهذا الاعتبار هو أبدا ، فإذا ظهرت الأعيان في عالم الشهادة وحصل للقلب هذا الاستعداد الفطري الذي فطر عليه ، تجلى له في عالم الشهادة التجلي الشهودي فرآه بصورة استعداده ،وهو قول طائفة من الصوفية:
إن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهو الظهور بصورة المتجلى له ، وهذا الاستعداد هو المراد بالخلق في قوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " وأما الهداية في قوله : " ثُمَّ هَدى " فهو رفع الحجاب بينه وبين عبده حتى رآه في صورة معتقده فالحق عنده عين اعتقاده إذ لا يرى القلب ولا العين إلا صورة معتقده في الحق .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال رضي الله عنه : (وهذا عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد ، وهذا ليس كذلك . فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق).
لما ذكر حكم الصورة في المرأة ، ذكر عكسه ، وهو حكم المرأة في الصورة .
كما أشار إليه أهل الحق في كتبهم من أن الحق يتجلى على قلوب العباد بحسب استعداداتهم .
وهذان الحكمان بعينهما حكم ( الفيض الأقدس ) و ( الفيض المقدس ) : فإن ( الفيض الأقدس ) يعطى الاستعداد للعين ، و ( الفيض المقدس ) يعطى ما يترتب على الاستعداد . كذلك التجلي الغيبي من الباطن يعطى القلب استعدادا بحسب الصورة التي يتجلى فيها ، والتجلي من الظاهر يترتب على استعداد العين بحسب الباطن . وكلاهما حق .
لذلك قال رضي الله عنه : ( وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين : تجلى غيب ، وتجلى شهادة . فمن تجلى الغيب يعطى الاستعداد الذي يكون عليه القلب ) .
أي ، تحقيق هذه المسألة : أن لله بحسب الاسم ( الباطن ) و ( الظاهر ) تجليين :
تجلى غيب ، وهو التجلي الذاتي الذي تظهر هوية الحق به ، فتصير عينا ثابتة مع استعداداتها .
وتجلى شهادة ، وهو تجلى الاسم الظاهر . وهذا التجلي يترتب على التجلي الأول .
( وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته ) أي ، تجلى الغيب هو التجلي الذاتي ألذ الغيب المطلق نعته .
قال رضي الله عنه : ( وهو الهوية التي يستحقها عن نفسه هو ) . أي ، التجلي الغيبي هو الهوية الإلهية التي يستحق الحق تلك الهوية عن نفسه .
فقوله : ( هو ) فاعل ( يستحقها ) .
قال رضي الله عنه : ( فلا يزال ( هو ) له دائما أبدا ) . أي ، فلا تزال هوية الحق له ثابتا دائما ابدا في مقام أحديته وجمعه ، وكذلك في مقام تفصيله ، لأن لكل عين هوية هي بها هي .
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 15 سبتمبر 2019 - 14:53 عدل 1 مرات

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السادسة : الجزء الثاني
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال رضي الله عنه: (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين. تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا. فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.)
قال الشيخ رضي الله عنه: (وهذا) المذكور الدال على أن المحل بقدر التجلي (عكس ما تشير إليه الطائفة من) التجلي بقدر المحل، إذ قالوا: (أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد) (وهذا) التجلي الذي يكون قلب العبد فيه على قدر التجلي (ليس كذلك، فإن العبد) في هذا التجلي (يظهر) قلبه موافقا (للحق على قدر الصورة التي تجلى له فيها الحق) . فيكون العبد تابعا للتجلي.
ولما لم يكن بد من التوفيق بين كلامهم الذي قال به أولا.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة) أي: مسألة أن التجلي بقدر المتجلي له، أو المتجلي له بقدر التجلي (أن الله تجليين) أي: نوعين من التجلي قال الشيخ رضي الله عنه : (تجلي غيب) يفيد الوجود للأعيان الثابتة الحاصلة عن غيب الهوية، وهو يعم الكل، (وتجلي شهادة) يفيد الرؤية برفع الحجب عن القلب بعد تحققه في عالم الشهادة بالوجود، تخص بعض أهل القرب .
قال الشارح:" قال المحققون، ومنهم أبو طالب المكي وأتباعه إن الحق سبحانه وتعالى ما تجلى في صورة واحدة لشخص واحد مرتين، وإلا لتعدد الفيض ضرورة ظهوره ظهورين في مرآة واحدة في حالة واحدة.
والشيء الواحد لا يتعدد ظهوره في مرآة واحدة في حالة واحدة، ولا لشخصين أيضا في صورة واحدة، ولما كانت الممکنات متناهية على نهج الجواز، لكن عدم تناهيها واجب.
وذلك لأنه يجوز حينئذ أن يكون الشخص الثاني تكرار الشخص الأول، وهكذا بالنسبة إلى الممکنات، وما لم يظهر ليس بممكن أن يظهر بالنسبة إلى العلم القديم، فتكون الممکنات متناهية، لكن هذا الدليل إقناعي كما هو دأب المشايخ، وإذا كان كذلك فلابد من فارق بين التجليين من وجه، وأقله التعدد، أو وجوه باختلاف الذاتيات أو القوارض أو المجموع، وإذ امتنع التكرار بالنسبة إلى الممکنات بعضها إلى بعض.
بالنسبة إلى الحق ما يظهر منه أولي، فافهم هذا المقام؛ لتعلم أن التجليات غير متناهية وغير مشابهة بعضها البعض ، وأن الحق لا يشبه شيئا مما تجلى فيها، وتعلم اختلاف کشوف المشايخ، والله المرشد لك إلي معرفتها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد) أي: الوجود بقدر الاستعداد (الذي يكون عليه القلب) أي: عينه الثابتة قبل الوجود، (وهو) أي: الاستعداد للقلب (التجلي الذاتي) أي: بنور ذات القلب وحقيقته في علم الحق مع أحوال متميزة بكل منها عما عداها، وهذا التجلي لعين القلب هو (الذي الغيب) أي: غيب هوية الحق (حقیقته) أي: موجب ثبوته، فإن الأعيان الثابتة كانت شؤونا ذاتية في غيب الهوية، فلما تميزت بتلك الأحوال عن غيب تلك الهوية في العلم الإلهي صارت أعيانا لمرتبة للأشياء فتعين هوية الحق موجب ثبوت هويات الأعيان.
ولذلك قال رضي الله عنه وهو أي: التجلي الذاتي للأعيان (هو الهوية) أي: العين الأعيان الثابتة (التي يستحقها) كل عين (بقوله) أي: قول غیب هوية الحق مخبرا (عن نفسه هو) نحو:" قل هو الله أحد " [الإخلاص: 1] .
فإنه لما أوجب تميزه عن كل ما عداه أو جب تمیز كل ما عداه عنه، فأوجب تعين كل عين بأحوال مخصوصة كالعوارض المشخصة للأمور الخارجية، وتلك الأحوال استعدادات العين الموجود الخارجي والعوارض، ولما كان هوية كل عين هوية الحق، وهي دائمة أبدية.
قال رضي الله عنه : (فلا يزال هو له) أي: التعين لكل عين (دائم أبدا)، وإن تبدلت عليه العوارض بحسب تعاقب مقتضيات تلك الأحوال التي هي الاستعدادات الموجبة لفيضان الوجود والعوارض بحسب السنة الإلهية.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال رضي الله عنه : (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أنّ الحقّ يتجلَّى على قدر استعداد العبد ) فيكون التجلَّي حسب إشارتهم تابعا لمحلَّه من العبد .
قال رضي الله عنه : ( وهذا ليس كذلك فإنّ العبد يظهر له الحقّ ) بحسب استعداده ( على قدر الصورة التي يتجلَّى له فيها الحقّ ) إذ ليس للعبد صورة مستقلَّة بحسب استعداده ، بدون تجلَّي الحقّ في غيبه .
لله تعالى تجليين وحظَّ العبد من كلّ منهما
قال رضي الله عنه : ( وتحرير هذه المسئلة ) وتبيين مشاهد كلّ طائفة فيها : ( أنّ لله تجليين تجلَّي غيب ، وتجلَّي شهادة ) - على ما بيّن لك تفصيله في المقدّمة أنّ له تجلَّيين بحسب التعيّنين - ( فمن تجلَّي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب ) وهذا الإعطاء ليس على صورة الأثر والفعل ، فإنّك قد نبّهت أنّه من قبيل الفيض الأقدس عن ثنويّة الفائض والمستفيض .
ولذلك قال :
قال رضي الله عنه : ( و ) ذلك ( هو التجلَّي الذاتي الذي الغيب حقيقته و ) ذلك الغيب ( هو الهويّة التي يستحقّها بقوله عن نفسه "هو") فإنّ « هو » إنّما يدلّ على ذات مستقلَّة في الجمعيّة ، مستوية على عرش الوجود غائبة .
والذي يلوّح عليه أن « الغيب » صورة ظهور « هو » في عقده الذي هو حامل العرش .
( ين اا ) ( ااو ) ( فلا يزال هو له دائما أبدا ).
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين. تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه "هو". فلا يزال "هو" له دائما أبدا. )
قال رضي الله عنه : (وهذا) الذي ذكرنا بحسب الظاهر (عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق بتجلي على قدر استعداد العبد)، فيكون التجلي تابعا للعبد (وهذا) الذي ذكرناه (ليس كذلك)، أي كما أشارت إليه الطائفة (فإن العبد) بل قلبه على ما ذكرنا (يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى فيها الحق) فيكون العبد تابعة للتجلي.
(وتحرير هذه المسألة ) على وجه يفيد التوفيق بين ما أشارت إليه الطائفة وبين ما أشرنا إليه (أن لله تجليين) بل ثلاث تجليات (تجلي غيب) تحصل به الأعيان الثابتة واستعداداتها في حضرة العلم التي هي غيب بالنسبة إلى ما تحتها .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وتجلي شهادة) توجد به تلك الأعيان في الخارج، وحضرة الشهادة بعدما كانت ثابتة في العلم، وتجلي شهود يتجلی به على عباده بعد وجودهم دنیا و برزخا وآخرة فيشاهدونه به .
وكان رضي الله عنه أراد بالتجلي الشهادي ما هو أعم من أن يكون تجلية يفيد الوجود الشهادي، أو يكون بعد الوجود الشهادي، فلهذا جعله قسمين .
قال رضي الله عنه : (فمن تجلي الغيب يعطي الحق سبحانه) القلب الاستعداد الكلي (الذي عليه القلب) من حيث عينه الثابتة في الحضرة العلمية قبل وجوده العبني، أو الاستعدادات الجزئية التي عليها القلب بوجوده العيني، فإنها أيضا منتشئة من ذلك التجني العيني، وإن انضمت إليه أمور خارجية أيضا، فإن ذلك الانضمام أيضا من مقتضياته.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو)، أي تجلي الغيب (التجلي الذاتي) فإن المتجلي به هو غیب شوية الذات ولذلك قال : (الذي الغيب)، أي غيبة هوية الذات (حقیقته) التي هو بها ، ويمكن أن يقال معنى کون الغيب حقيقته أن كونه غيبة حقيقة لازمة له لا تنفك منه.
فإن ذلك التجلي إنما هو بصور الأعيان الثابتة وهي لا تزال ثابتة في العلم لا تبرح عنه (فلا يزال هو)، أي غيب هوية الذات (له).
أي لذلك التجلي فإنها المتجلية به أو لا يزال کونه غيبة ثابتة (وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه "هو" فلا يزال هوه له دائما أبدأ ).
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قول سیدنا رضي الله عنه : (وهكذا عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلی الله فيها الحق).
يقول رضي الله عنه : إن التجلي الذي ذكرناه هو التجلي الذاتي الأزلي، وبينا أحكامه ونعوته من ضيق القلب وسعته بحسب الصور التي يتجلى الحق فيها، ويتنوع الحق له وظهوره بها في عين المتجلى له.
فيكون القلب تابعا للتجلي . فإنه بهذا التجلي يظهر العبد المتجلى له في ثبوته وعدمه للحق المتجلي على قدر الصورة التي يتجلى له فيها ، وهي صورة العبد الكلية الجامعة لشؤونه وأحواله إلى غير نهاية .
وتقديم هذا المتجلي على الصورة المتجلي فيها تقدیم رتبة لا ترتیب وجود، فلا تقدیم ولا تأخير، وهذا عكس ما تشير إليه الطائفة العلية رضي الله عنها :
الإشارة بقوله (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة الخ) إلى قوله : (وإذا كان الحق يتنوع في الصور الخ) لا إلى ما قبله فإنه في بيان التجلي الأسمائي الشهادي، فإنهم أجمعوا على أنه تعالى لا يتجلى لمخلوق إلا على قدر استعداده.
فيكون التجلي تابعا لاستعداد القلب، وبحسبه في صورة اعتقاده، وهو تعالى، عري عن التغيير في ذاته .
ولكن التجلي في المظاهر الإلهية على قدر العقائد التي تحدث في المخلوقات .
ثم أعلم أن الطائفة إنما اعتنت بذكر التجلي الأسمائي دون التجلي الذاتي، مع أنهم لا يحلونه لكون التجلي الأسمائي تفصيل للتجلي الذاتي، والتجلي الذاتي مضى بما فيه . والتجلي الأسمائي متجدد في كل آن.
قول سیدنا رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة أن الله تجليين: تجلي غيب وتجلي شهادة ، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو» فلا يزال «هوه له دائما أبدا.)
يقول رضي الله عنه : إن تحرير هذه المسألة وإيضاحها ورفع الإشكال عنها، وهي مسألة كون التجلي تابعا في مرتبة حضرة الأسماء ، ومتبوعا في مرتبة حضرة الذات.
هو أن تعلم أن لله تجليين أو انكشافين أو تنزلين، كيف شئت قلت:
1 - تجلي غيب في حضرة الذات.
2 - وتجلي شهادة في حضرة الواحدية ، حضرة الأسماء الإلهية.
فمن تجلي الغيب الذاتي يعطي الاستعداد الكلي الذاتي الذي يكون عليه القلب إلى ما لا يتناهي.
وهذا التجلي الذاتي الغيب مصدره وحقيقته ومبدؤه الذات من غير واسطة اسم من الأسماء ولا صفة من الصفات.
وهو المعروف عند الطائفة بالفيض الأقدس، به حصلت الأعيان الثابتة واستعدادتها الكلية في العلم الذي هو عين الذات، وهذا الاستعداد هو المؤثر.
وأما الاستعداد العرضي فلا حكم له وإنما هو رتبة أظهرها الاستعداد الذاتي، وهذا الغيب الذي صدر منه هذا التجلي الذي أعطى الاستعداد للقلب هو الهوية المرسلة لا الهوية السارية، فإنها سمع العبد وبصره وجميع قواه .
وهي القائمة بأحكام الأسماء الحسنی، والهوية عند الطائفة كناية عن الغيب المغيب، وعند الحكماء والمتكلمين هي الأمر المتعقل من حيث امتیازه عن الأغيار.
فلا يزال هو له تعالى من حيث أنه الغيب الذي لا يعلم ولا يجهل أبدا دائما، لأن الجهل إنما يرد على ما يرد عليه العلم .
والهو لا يعلم فلا يجهل فلا يصير شهادة من حيث هو، لا من حيث هو ضمير الغيب الذي يطلق على كل غائب، وقد يصير هذا الغائب المقول عليه هو شهادة فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد الكلي الذاتي في حضرة الثبوت تجلى له تعالى التجلي الشهادي في عالم الشهادة عندما لبس حلة الوجود.
وهو المعروف عند الطائفة بالفيض المقدس الذي تحصل به الاستعدادات الجزئية في الخارج، حضرة الأسماء الإلهية، عالم الشهادة آنا بعد آن.
.

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها. )
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له أعني للقلب)، أي قلب العارف (هذا الاستعداد) من التجلي الذاتي (تجلی)، أي انكشف (له)، أي للقلب (التجلي)، أي الانكشاف (الشهودي)، أي المحسوس المعقول (في) عالم (الشهادة) وهو منزلة ظهور فص الخاتم في محله من الخاتم ممسوكة بموضعه منه (فرآه)، أي الحق تعالی رأى ذلك القلب المستعد الكائن في غيب علمه من تجلي ذاته حيث تجلى له بحضرات صفاته.
فأوجده سبحانه أزلا كما أثبته فيه من الأزل من وجهين، فهو ثابت غیر موجود عنده تعالی من وجه تجلي ذاته العلية، وموجود من تجلي صفاته عنده تعالى.
كما هو الآن موجود عند نفسه بالوجود الحادث عند نفسه بعين هذا الوجود الحادث، وإن لم يبق عند نفسه موجودة به، وتختلف عليه الأحوال إلى الأبد.
فإن هذين التجليين للحق تعالی:
تجلي الذات الذي يعطي الاستعداد للأشياء،
وتجلي الصفات الذي يعطي قبول الوجود لكل شيء.
قديمان أزليان، وعطاؤهما قديم، والاستعداد قديم في الأشياء المعدومة من حيث الذات العلية، وقبول الوجود في الأشياء قديم أيضا من حيث الصفات الإلهية.
وإنما الحادث مجرد ظهور الأشياء لنفسها، ووجودها عند علمها بها من تجلي اسمه المقسط، وهو الذي جعل لكل شيء قسطا عند نفسه وأنزله لنفسه بقدر معلوم.
قال سبحانه : "وكل شيء عنده بمقدار" [الرعد: 8]،
وقال تعالى:"وإن من شيء إلا عندنا ابه وما ننزله إلا بقدر معلوم " [الحجر: 21].
وقال تعالى: " ما عندكم ينفذ وما عند الله باق" [النحل: 96]،
فالشيء الذي عنده تعالى بمقدار هو المستعد بالفيض الأقدس الذاتي بالقابل لما استعد له بالفيض المقدس الصفاتي على حسب الصورة التي تجمع صوره كلها من أول عمره إلى آخره، فإذا أنزله تعالى لا ينزله إلا إلى نفسه وغيره من أمثاله.
لأنه ما ثم إلا الحق تعالى، وإذا لم يكن الإنزال هذا فلا إنزال، لأنه عنده تعالى فلا يصح الإنزال إليه تعالى، بل منه ولا ينزله كله بتمامه.
لأن حضرة الإمكان قاصرة، فلا تقبل الظهور إلا بالتدريج، ومن هنا يظهر الزمان المستحيل على الحق تعالى، وأنه منسوب إلى الكائنات عند نفسها فقط، وإنما ينزله بقدر، أي مقدار معلوم عنده سبحانه.
وهو صورة بعد صورة حتى تنقضي تلك الصور كلها التي عنده تعالی المسماة بالمقدار، فإذا انقضت تلك الصور كلها نفذ ذلك الشيء عند نفسه.
وبقي عند الله تعالى كما هو عليه من قبل أن ينزله وهو قوله : "وما عند الله باق" [النحل: 96].
فمن كان باقية عند الله تعالی نافدة عند نفسه لم يكن مما خاطبهم سبحانه من الغافلين الذين قال لهم: "فلا أقسم بما تبصرون . وما لا تبصرون " [الحاقة: 38 - 39] فإنهم لا يبصرون إلا الحق تعالى من حيث التجلي الصفاتي الذي أعطاهم الوجود ولكنهم لا يشعرون من جهلهم به سبحانه، وما لا يبصرون هو الحق تعالی أيضا من حيث التجلي الذاتي الذي أعطاهم الاستعداد للوجود.
والعارفون يبصرون ولا يبصرون، وهم على علم منه سبحانه بذاته وصفاته، والجاهلون يبصرون ولا يبصرون، وهم على جهل به تعالی .
ويصح أن يكون قوله فرآه، أي القلب المستعد، أي الحق تعالى حيث تجلى به في عالم الشهادة فظهر ذلك القلب (بصورة ما تجلی)، أي الحق تعالى (له كما ذكرناه)، أي بالتجلي الشهادي.
قال رضي الله عنه : (فهو تعالى أعطاه)، أي قلب العارف به (الاستعداد) لقبول فيض التجلي الشهادي (لقوله) تعالى ("أعطى كل شيء خلقه ثم هدى") [طه: 50].
فإعطاء كل شيء خلقه إعطاؤه استعداده لقبول الفيض والهداية ، ودلالته أنه هو الوجود لا غيره سبحانه، وهو ما أشار إليه بقوله :
(ثم رفع)، أي زال (الحجاب بينه) سبحانه (وبين عبده)، وهو حجاب عدم البعد فظهر في فور الوجود فانطرد عدمه الأصلي (فرآه)، أي رأى ذلك العبد الظاهر ربه تعالى متجليا عليه (في صورة معتقده)، أي ما يعتقده ذلك العبد في ربه من العقيدة الإيمانية.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الحق تعالی (عین اعتقاده)، أي العبد من حيث الوجود المطلق الظاهر في تلك الصورة المقيدة الاعتقادية (فلا يشهد القلب ولا العين) من العارف والجاهل (أبدا)، أي في جميع الأحوال (إلا صورة معتقده).
أي ما يعتقده (في الحق) تعالى غير أن العارف لا يحصره سبحانه في اعتقاده دون اعتقاد غيره بل يعرفه في كل اعتقاد، ويعرف أنه من الضرورة الإمكانية ظهوره لكل عبد في صورة اعتقاده، وهو على ما هو عليه في نفسه من الإطلاق الحقيقي، وغير العارف يقيده في صورة اعتقاده فيجهله.
قال رضي الله عنه : (فالحق الذي في المعنقد)، أي في الصورة المعتقدة عند المعتقد لها (هو) الحق (الذي وسع القلب)، أي قلب العبد المؤمن به كما ورد في الحديث : "ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن" .
(صورته)، أي مقدار ما يمكنه أن يعرف منه في حضرة الإمكان فإن حضرة الوجوب لا نهاية لها فلا يمكن أن تظهر في صورة الإمكان.
إلا بالصورة الممكنة على حسب ما اقتضته أسماؤها الحسنى ورحم الله تعالى الشيخ الإمام العارف الكامل سلیمان عفيف الدين التلمساني تلميذ صدر الدين القونوي الذي هو تلميذ المصنف الشيخ محيي الدين بن العربي قدس الله تعالى أرواحهم الطاهرة وأسرارهم الظاهرة حيث يقول من ابتداء قصيدة له:
منعتها الصفات والأسماء ….. أن ترى دون برقع السماء
قال رضي الله عنه : (وهو)، أي القلب الذي وسع صورة الحق تعالى (الذي يتجلی)، أي بنکشف الحق تعالی (له) في كل محسوس له ومعقول عنده (فيعرفه) بصورته التي وسعها قلبه ولا ينكره في صورة أصلا (فلا ترى العين)، أي عين العارف بالله كما لا يرى قلبه (إلا الحق) سبحانه (الاعتقادي)، أي الذي اعتقده بقلبه وتعتقده كل القلوب كذلك وتراه جميع العيون عند العارف به (ولا خفاء بتنوع الاعتقادات) من جميع الناس في الحق تعالی تنوع لا يكاد يدخل تحت حصر في جميع الملل.
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) تعالى في اعتقاد فهو الجاهل به، لأن ما قيده به خلقه لا ذاته فإنها مطلقة، وخلقه المقید وبالضرورة عنده (أنكره)، أي أنكر الحق تعالى إذا ظهر له (في) قيد آخر (غير ما قيده) هو (به) من قيود المعتقدين من الناس (وأقر)، أي صدق (به)، أي بالحق تعالى (في) عين (ما قيده به) من ذلك القيد (إذا تجلی)، أي انكشف له في الدنيا والآخرة.
(ومن أطلقه) تعالى (عن التقييد) الظاهر له في نفسه وغيره من تجليه سبحانه عليه في الدنيا والآخرة لضرورة قصور الإمكان عن ظهور كمال الواجب الحق تعالی في العيان .
قال رضي الله عنه : (لم ينكره) سبحانه في كل قيد ظهر له به (وأقر)، أي اعترف (له)، أي للحق تعالى بأنه هو سبحانه الظاهر (في كل صورة) محسوسة أو معقولة (يتحول فيها) في الدنيا والآخرة (ويعطيه)، أي الحق تعالی يعطي ذلك العبد المنجلي عليه المنحول له في كل صورة (من نفسه) سبحانه، أي حضرته المطلقة بالإطلاق الحقيقي (قدر صورة ما تجلى له فيها) من الإمداد الذاتي والعلم الصفاتي والسر السبحاني (إلى ما لا يتناهی) ذلك التحول في التجلي وذلك الإعطاء دنيا وآخرة قال رضي الله عنه : (فإن صور التجلي) الإلهي بالأعيان الإمكانية الثبوتية المعدومة بالعدم الأصلي على كل شيء (لا نهاية لها تقف عندها)، فهو يتجلى بالصور على الصور، فما من صورة محسوسة أو معقولة أو موهومة في الدنيا والآخرة والبرزخ إلا وهي تعرف الحق تعالى في صورة تجلی عليها بها.
ويتحول لها فيها بصورة أخرى غيرها، فيعرفه من عرفه وينكره من أنكره، وهو سبحانه على ما هو عليه في حضرة إطلاقه الحقيقي .
وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها ، بل هو العارف في كل زمان تظلب الزيادة من العلم به رب زدني علما)، ژبي زدني علماه، و زدني علما الأمر لا يتنامى من الطرفيني .
هذا إذا لك ك وخلق ، فإذا نظرت في قوله تعالى: «گن برجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها، ولسانه الذي يتكلم به، إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق فقلت الأمر حق گله أو ځل گله هو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. في صورة ما تجلى عن صورة من قبل ذلك التجلي هو المتجلي والمتجلى له.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : (فإذا حصل له أمني للقلب هذا الاستعداد) الحاصل من التجلي الغيبي (تجلى له) أي تجلى الحق للقلب على قدر ذلك الاستعداد (تجلي الشهودي في الشهادة) .
وهذا التجلي من الاسم الظاهر والفيض المقدس الذي يكون التجلي على حسب المتجلي له وهو ما أشارت إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
(فرآه) أي رأى القلب الحق في صورة ذلك التجلي (فظهر) الحق للقلب (بصورة ما تجلی) الحق (له) أي للقلب (كما ذكرناه فهو تعالى أعطاه) أي القلب أو العبد (الاستعداد) من التجلي الغيبي فيكون القلب مستعدة بالتجلي الشهودي (بقوله) أي بدليل قوله تعالى: " أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50] .
إشارة إلى إعطاء الاستعداد (ثم هدى) إشارة إلى التجلي الشهودي (ثم رفع الحجاب) بسبب التجلي الشهودي (بينه وبين عبده فرآه) أي العبد الحق .
قال رضي الله عنه : (في صورة معتقده فهو) أي الحق المرئي له (عین اعتقاده) إذ هو المتجلي له بصورة اعتقاده فما رآه إلا بها فإذا كان الحق عین اعتقاد العبد (فلا يشهد القلب) في الحقيقة بعين البصيرة (و) لا يشهد (العين) الحسنة (أبدا إلا صورة معتقده في) مرآة (الحق) فلا يشهد الحق بل يشهد الحق الاعتقادي وهو صورة نفسه في الحقيقة (فالحق الذي في المعتقد) اسم مفعول (هو الذي وسع القلب صورته وهو) أي الحق الذي وسعه القلب صورته.
قال رضي الله عنه : (هو الذي تجلى له) أي القلب بحسب اعتقاده (فيعرفه) أي فيعرف القلب الحق لكون التجلي على حسب ظنه كما قال (أنا عند ظن عبدي) فإذا تجلى على خلاف اعتقاده فلا يعرفه بل ينكره.
قال رضي الله عنه : (فلا ترى العين) عند التجلي في الآخرة (إلا الحق الاعتقادي) أي الحق الثابت في اعتقاده لا غير قال رضي الله عنه : (ولا خفاء في تنوع الاعتقادات) بحسب الأشخاص الإنسانية ولا خفاء في تنوع التجليات بحسب الاعتقادات فمنهم من قيد الحق ومنهم من أطلقه.
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) أي من قيد الحق وحصره في صورة اعتقاده كأصحاب العقول، (أنكره) إذا تجلى له (في غير ما قيد به وأقر به فیما قید، به إذا تجلى) له فيما قيد به فهو منكر في صورة غير صورة اعتقاده ومقر في صورة هي عين صورة اعتقاده .
قال رضي الله عنه : (ومن أطلقه) أي أطلق الحق (عن التقييد لم بنکره واقر له في كل صورة يتحول) أي يتنوع ويتجلى له (فيها) كأصحاب القلوب من الكمال والعارفين (ويعطيه) أي ويعطي الحق (من نفسه) أي من عند نفسه (قدر) أي عظمة (صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهی) فيعظم الحق في صورة غير متناهية ولا يحصر التعظيم في صورة غير مصورة ويعرفه في كل صورة ويعبده فيها .
قال رضي الله عنه : (فإن صورة التجلي ما) أي ليس (لها نهاية) حتى (يقف) المتجلي له (عندها) أي عند تلك الصورة فكما أن التجلي من الله ما له نهاية.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شيء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد ، تجلَّى له التجلَّي الشهوديّ في الشهادة ، فرآه فظهر بصورة ما تجلَّى له كما ذكرناه . فهو - تعالى - أعطاه الاستعداد بقوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ، ثمّ رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده ، فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلَّا صورة معتقده في الحق ) .
فتلك الإشارة إلى الاستعدادات المجعولة الظاهرة من غيب العين الثابتة واستعدادها الغيبيّ غير المجعول ، فإنّ الهوية المشار إليها بالنسبة إلى المتجلَّى له غيب عينه الثابتة ، والتجلَّي الغيبيّ الذاتي يفيض من الذات والهوية الذاتية على الذوات والهويات الغيبية التي للأعيان الثابتة ، فتوجد من ذلك الاستعداد الكلَّي غير المجعول هذه الاستعدادات الجزئية المجعولة للتجلَّيات الشهادية من الحضرات الأسمائية الإلهية ، ولكن مع هذا فإنّ كل ما ذكر مترتّب على الاستعدادات الخصوصية التي تعطي أربابها الاعتقادات الجزئية التقييدية .
فإذا تجلَّى الحق مرآة قابلة لجميع الصور الاعتقادية ، رأى كلّ أحد صور معتقدة فيه لا غير ، فما رأى سوى نفسه وما جعله في نفسه من صور الاعتقادات .
والعبد الكامل ليس كذلك ، فإنّ له استعدادا كلَّيا ، وقابلية أحدية جمعيّة ، وخصوصه الإطلاق عن كل قيد ، والسراح عن كل حصر ، والخروج عن كلّ طور .
فهو يقابل - بإطلاقه عن نقوش القيود الاعتقادية - إطلاق الحق .
ويقابل كذلك كلّ حضرة حضرة من الحضرات - التي يكون منها وفيها وبحسبها التجلَّي بما يناسبه ممّا فيه من تلك الحضرة مرآة مجلوّة مستعدّة مهيّأة لتجلَّيات تلك الحضرة .
فيقبل جميع التجلَّيات مع الآنات بمرائيه ومجاليه التي فيه من غير مزاحمة ولا خلط ولا حبط ، والتجلَّي الذاتيّ الغيبيّ دائم الإشراق من الغيب المطلق الإلهيّ الذاتيّ على غيب قلبه المطلق الإلهي الأحدي الجمعي الكمالي ، جعلنا الله وإيّاك من أهله ، بحوله وطوله .
قال رضي الله عنه : ( فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي تجلَّي له فيعرفه ، فلا يرى العين إلَّا الحق الاعتقاديّ ، ولا خفاء بتنوّع الاعتقادات ، فمن قيّده أنكره في غير ما قيّده به ، وأقرّ به فيما قيّده به إذا تجلَّى . ومن أطلقه عن التقييد ، لم ينكره ، وأقرّ له في كل صورة يتحوّل فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلَّى له فيها إلى ما لا يتناهى ، فإنّ صورة التجلَّي ما لها نهاية يقف عندها ، وكذلك العلم بالله ما له نهاية في العارفين يقف عندها )
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ هذه الأسماء المختلفة الواقعة على هذه العين الواحدة إنّما هي بالاعتبارات ، فإذا اعتبرت أحدية الذات .
قلت : حقيقة واحدة ليس غيرها أصلا ورأسا .
وإن اعتبرت تحقّقها الذاتيّ في عينها .
قلت : حق . وإن اعتبرت إطلاقها الذاتيّ ،
قلت : ذات مطلقة عن كل اعتبار . وإن اعتبرت تعيّنها في مراتب الظهور
قلت : شهادة . وإن اعتبرت لا تعيّنه ،
قلت : غيب حقيقي . وإن اعتبرت الظهور في الكثرة ،
قلت : خلق كلَّه . وإن اعتبرت أحدية العين في التعيّن واللاتعيّن ،
قلت : حق كلَّه لا غير . وإن اعتبرت أنّ ظاهره مجلى لباطنه أبدا ،
قلت : هو المتجلَّي والمتجلَّى له .
ولا عجب أعجب من حقيقة بذاتها تقتضي هذه الاعتبارات وهي صادقة فيها ، وذلك بحقيقة تجلَّيها في صور لا تتناهى أبدا دائما ، فلا يغيب عنها في جميع صورها كلَّها إذا تجلَّى في صورة على التعيين .
فإنّها في عين تعيّنها في كل عين عين ومعتقد معتقد متنزّهة عن الحصر على إطلاقها ولا تعيّنها الذاتي المطلق عن كل قيد ، وفي عين لا تعيّنها وإطلاقها عن كل تعيّن ظاهرة بكل عين لكل عين ، وكلّ ذلك لها بالفعل من حيث هي هي في حقيقتها ، وبالقوّة بالنسبة إلى اعتبار المعتبر .
فأعجب من هذا العجب ، وإن تحقّقت فلا تعجب وحدّث عن البحر ، فلا حرج ولا عجب ، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه غيره في الوجود .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : " فإذا حصل له : أعنى للقلب هذا الاستعداد تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه ، فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله – " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى " - ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده في الحق فهو عين اعتقاده ، فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق "
هذا التحرير تحقيق القولين وإثبات أن كلا منهما صواب باعتبار التجليين ، فإن التجلي الذاتي الغيبي يعطى الاستعداد الأزلي بظهور الذات في عالم الغيب بصور الأعيان وما عليه كل واحد من الأعيان من أحوالها .
"" أضاف بالي زادة : حاصل هذا الكلام :
أن التجلي الأول من الاسم الباطن والفيض الأقدس الذي يكون المتجلى له على حسب التجلي .
والتجلي الثاني من الاسم الظاهر والفيض المقدس الذي يكون التجلي على حسب المتجلى له ، وهو ما أشارت إليه الطائفة ، فقوله : "َعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " أي استعداده " ثُمَّ هَدى " تجلى له بالتجلي الشهودي ( ثم رفع الحجاب ) بسبب التجلي الشهودي ( بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو ) أي الحق المرئي له ( عين اعتقاده ) إذ هو المتجلى له بصورة اعتقاده ، فما رآه إلا بها ( فلا يشهد إلا صورة معتقده في ) مرآة ( الحق ) فلا يشهد الحق بل يشهد الحق الاعتقادي وهو صورة نفسه في الحقيقة اهـ بالى . ""
وهو الذي يكون عليه القلب حال الظهور في عالم الشهادة والغيب المطلق والحقيقة المطلقة والهوية المطلقة التي يعبر بها الحق عن نفسه هو هذه الذات المتجلى في صور الأعيان ، ولكل عين هوية مخصوصة هو بها هو ولا يزال الحق بهذا الاعتبار هو أبدا ، فإذا ظهرت الأعيان في عالم الشهادة وحصل للقلب هذا الاستعداد الفطري الذي فطر عليه ، تجلى له في عالم الشهادة التجلي الشهودي فرآه بصورة استعداده ،وهو قول طائفة من الصوفية:
إن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهو الظهور بصورة المتجلى له ، وهذا الاستعداد هو المراد بالخلق في قوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " وأما الهداية في قوله : " ثُمَّ هَدى " فهو رفع الحجاب بينه وبين عبده حتى رآه في صورة معتقده فالحق عنده عين اعتقاده إذ لا يرى القلب ولا العين إلا صورة معتقده في الحق .
فما رأى إلا نفسه في مرآة الحق ، فمن هذه الأعيان من هو على الاستعداد الكامل ، فاستعداده يقتضي أن يرى الحق في جميع
صور أسمائه الغير المتناهية ، لأن استعداده لم يتقيد بصورة اسم ما ، بل توجه بإطلاقه إطلاقا من كل قيد ، ولم يحصره في حضرة بعض الأسماء بل يقابل كل حضرة من حضرات الأسماء التي تجلى فيها وبها بما في نفسه مما يناسبه من تلك الحضرة إلى إطلاق الحق عن كل قيد ، فذلك هو العارف المذكور الذي يكون قلبه أبدا بصورة من تجلى له على أي صورة وفي أي وجه تجلى .
قال رضي الله عنه : " فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلى له فيعرفه فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي ، ولا خفاء في تنوع الاعتقادات فمن قيده أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به إذا تجلى له ، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهى فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف عندها ،"
أي الحق في أصحاب الاعتقادات ، هو الذي يسع كل قلب منهم صورته . والاعتقادات متنوعة فالحق عند كل واحد منهم هو المتجلى في صورة معتقده ، فإذا تجلى في صورة أخرى أنكره فينكر بعضهم إله بعض أبدا فبينهم التخالف والتناكر ، وأما الموحد الذي أطلق الحق عن كل قيد فيقرّ به في كل صورة يتحول فيها ، ويتحول قلبه مع صورته فيكون أبدا يقول دائما بلسان الحال أو القال - رب زدني علما - فلا تتناهى التجليات من طرف الحق ، فلا تتناهى الصور المطابقة لها والعلوم من طرف العبد.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له ، أعني للقلب ، هذا الاستعداد ، تجلى ) أي ، الحق .
( له التجلي الشهودي في الشهادة ، فرآه ) أي ، فرأى القلب الحق في ذلك التجلي .
( فظهر ) أي ، القلب . ( بصورة ما تجلى له كما ذكرناه . فهو تعالى أعطاه الاستعداد ) كما أشار إليه بقوله : ( ( أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) . ثم رفع ) أي ، الحق .
( الحجاب بينه وبين عبده ، فرآه ) أي ، رأى العبد الحق . ( في صورة معتقده . فهو عين اعتقاده ) . أي ، فالمرئي عين اعتقاد العبد ، لا غير ، لأنه رأى الحق من حيث اعتقاد خاص ، والحق عين اعتقاده ، كما قال : ( أنا عند ظن عبدي بي ) .
قال رضي الله عنه : ( فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق ) . أي ، فلا يشهد القلب بعين البصيرة الحق ولا العين أبدا الحسية إياه ، إلا على صورة ما يعتقده في الحق .
وهذا تعميم للحكم ، ليشمل الكامل وغيره : فالكامل يشهده في مقامي الإطلاق والتقييد بالتنزيه والتشبيه ، وغير الكامل إما منزه فقط ، وإما مشبه فقط ، وإما جامع بينهما لكن يقيده ببعض الكمالات دون البعض ، فيرى الحق بحسب اعتقاده .
قال رضي الله عنه : ( فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ) . أي ، فالحق الذي وسعه القلب ، هو الحق المتجلي في صورة الاعتقادات ، ( وهو الذي يتجلى له ، فيعرفه ) . أي ، هو الذي يتجلى للقلب بحسب اعتقاده ، فيعرفه .
وإذا تجلى بحسب اعتقاد غيره ، لا يعرفه وينكره .
( فلا يرى العين ) في الدنيا والآخرة عند التجلي .
( إلا الحق الاعتقادي ) . أي ، الثابت في الاعتقادات .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا خفاء في تنوع الاعتقادات : فمن قيده ،أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به إذا تجلى) . كأصحاب الاعتقادات الجزئية .
( ومن أطلقه عن التقييد ، لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ) .
كأصحاب الاعتقادات الكلية والجزئية ، كالكمل والعارفين .
( ويعظمه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى مالا يتناهى ، فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف عندها ) . أي ، يعظم تلك الصورة التي تجلى له الحق فيها ، وينقاد لأحكامها ويعبدها عبادة يليق بمقامه .
وغير تلك الصورة من الصور التي يتجلى الحق فيها له ، أو لغيره من العباد إلى مالا يتناهى ، فلا ينكر الحق في جميع صور تجلياته ، ولا ينكر لمن حصل له ذلك التجلي ، فيعظمها ويعظم أصحابها ، سواء كان من أصحاب الظاهر ، أو الباطن ، إذ لا نهاية لتجليات الحق وصورها ليقف عندها . وفي بعض النسخ : ( تقف عنده ) .
أي ، تقف أنت عند ذلك التجلي الذي ما بعده تجلى آخر . أو تقف صور التجليات عنده .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها. )
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له أعني للقلب)، أي قلب العارف (هذا الاستعداد) من التجلي الذاتي (تجلی)، أي انكشف (له)، أي للقلب (التجلي)، أي الانكشاف (الشهودي)، أي المحسوس المعقول (في) عالم (الشهادة) وهو منزلة ظهور فص الخاتم في محله من الخاتم ممسوكة بموضعه منه (فرآه)، أي الحق تعالی رأى ذلك القلب المستعد الكائن في غيب علمه من تجلي ذاته حيث تجلى له بحضرات صفاته.
فأوجده سبحانه أزلا كما أثبته فيه من الأزل من وجهين، فهو ثابت غیر موجود عنده تعالی من وجه تجلي ذاته العلية، وموجود من تجلي صفاته عنده تعالى.
كما هو الآن موجود عند نفسه بالوجود الحادث عند نفسه بعين هذا الوجود الحادث، وإن لم يبق عند نفسه موجودة به، وتختلف عليه الأحوال إلى الأبد.
فإن هذين التجليين للحق تعالی:
تجلي الذات الذي يعطي الاستعداد للأشياء،
وتجلي الصفات الذي يعطي قبول الوجود لكل شيء.
قديمان أزليان، وعطاؤهما قديم، والاستعداد قديم في الأشياء المعدومة من حيث الذات العلية، وقبول الوجود في الأشياء قديم أيضا من حيث الصفات الإلهية.
وإنما الحادث مجرد ظهور الأشياء لنفسها، ووجودها عند علمها بها من تجلي اسمه المقسط، وهو الذي جعل لكل شيء قسطا عند نفسه وأنزله لنفسه بقدر معلوم.
قال سبحانه : "وكل شيء عنده بمقدار" [الرعد: 8]،
وقال تعالى:"وإن من شيء إلا عندنا ابه وما ننزله إلا بقدر معلوم " [الحجر: 21].
وقال تعالى: " ما عندكم ينفذ وما عند الله باق" [النحل: 96]،
فالشيء الذي عنده تعالى بمقدار هو المستعد بالفيض الأقدس الذاتي بالقابل لما استعد له بالفيض المقدس الصفاتي على حسب الصورة التي تجمع صوره كلها من أول عمره إلى آخره، فإذا أنزله تعالى لا ينزله إلا إلى نفسه وغيره من أمثاله.
لأنه ما ثم إلا الحق تعالى، وإذا لم يكن الإنزال هذا فلا إنزال، لأنه عنده تعالى فلا يصح الإنزال إليه تعالى، بل منه ولا ينزله كله بتمامه.
لأن حضرة الإمكان قاصرة، فلا تقبل الظهور إلا بالتدريج، ومن هنا يظهر الزمان المستحيل على الحق تعالى، وأنه منسوب إلى الكائنات عند نفسها فقط، وإنما ينزله بقدر، أي مقدار معلوم عنده سبحانه.
وهو صورة بعد صورة حتى تنقضي تلك الصور كلها التي عنده تعالی المسماة بالمقدار، فإذا انقضت تلك الصور كلها نفذ ذلك الشيء عند نفسه.
وبقي عند الله تعالى كما هو عليه من قبل أن ينزله وهو قوله : "وما عند الله باق" [النحل: 96].
فمن كان باقية عند الله تعالی نافدة عند نفسه لم يكن مما خاطبهم سبحانه من الغافلين الذين قال لهم: "فلا أقسم بما تبصرون . وما لا تبصرون " [الحاقة: 38 - 39] فإنهم لا يبصرون إلا الحق تعالى من حيث التجلي الصفاتي الذي أعطاهم الوجود ولكنهم لا يشعرون من جهلهم به سبحانه، وما لا يبصرون هو الحق تعالی أيضا من حيث التجلي الذاتي الذي أعطاهم الاستعداد للوجود.
والعارفون يبصرون ولا يبصرون، وهم على علم منه سبحانه بذاته وصفاته، والجاهلون يبصرون ولا يبصرون، وهم على جهل به تعالی .
ويصح أن يكون قوله فرآه، أي القلب المستعد، أي الحق تعالى حيث تجلى به في عالم الشهادة فظهر ذلك القلب (بصورة ما تجلی)، أي الحق تعالى (له كما ذكرناه)، أي بالتجلي الشهادي.
قال رضي الله عنه : (فهو تعالى أعطاه)، أي قلب العارف به (الاستعداد) لقبول فيض التجلي الشهادي (لقوله) تعالى ("أعطى كل شيء خلقه ثم هدى") [طه: 50].
فإعطاء كل شيء خلقه إعطاؤه استعداده لقبول الفيض والهداية ، ودلالته أنه هو الوجود لا غيره سبحانه، وهو ما أشار إليه بقوله :
(ثم رفع)، أي زال (الحجاب بينه) سبحانه (وبين عبده)، وهو حجاب عدم البعد فظهر في فور الوجود فانطرد عدمه الأصلي (فرآه)، أي رأى ذلك العبد الظاهر ربه تعالى متجليا عليه (في صورة معتقده)، أي ما يعتقده ذلك العبد في ربه من العقيدة الإيمانية.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الحق تعالی (عین اعتقاده)، أي العبد من حيث الوجود المطلق الظاهر في تلك الصورة المقيدة الاعتقادية (فلا يشهد القلب ولا العين) من العارف والجاهل (أبدا)، أي في جميع الأحوال (إلا صورة معتقده).
أي ما يعتقده (في الحق) تعالى غير أن العارف لا يحصره سبحانه في اعتقاده دون اعتقاد غيره بل يعرفه في كل اعتقاد، ويعرف أنه من الضرورة الإمكانية ظهوره لكل عبد في صورة اعتقاده، وهو على ما هو عليه في نفسه من الإطلاق الحقيقي، وغير العارف يقيده في صورة اعتقاده فيجهله.
قال رضي الله عنه : (فالحق الذي في المعنقد)، أي في الصورة المعتقدة عند المعتقد لها (هو) الحق (الذي وسع القلب)، أي قلب العبد المؤمن به كما ورد في الحديث : "ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن" .
(صورته)، أي مقدار ما يمكنه أن يعرف منه في حضرة الإمكان فإن حضرة الوجوب لا نهاية لها فلا يمكن أن تظهر في صورة الإمكان.
إلا بالصورة الممكنة على حسب ما اقتضته أسماؤها الحسنى ورحم الله تعالى الشيخ الإمام العارف الكامل سلیمان عفيف الدين التلمساني تلميذ صدر الدين القونوي الذي هو تلميذ المصنف الشيخ محيي الدين بن العربي قدس الله تعالى أرواحهم الطاهرة وأسرارهم الظاهرة حيث يقول من ابتداء قصيدة له:
منعتها الصفات والأسماء ….. أن ترى دون برقع السماء
قال رضي الله عنه : (وهو)، أي القلب الذي وسع صورة الحق تعالى (الذي يتجلی)، أي بنکشف الحق تعالی (له) في كل محسوس له ومعقول عنده (فيعرفه) بصورته التي وسعها قلبه ولا ينكره في صورة أصلا (فلا ترى العين)، أي عين العارف بالله كما لا يرى قلبه (إلا الحق) سبحانه (الاعتقادي)، أي الذي اعتقده بقلبه وتعتقده كل القلوب كذلك وتراه جميع العيون عند العارف به (ولا خفاء بتنوع الاعتقادات) من جميع الناس في الحق تعالی تنوع لا يكاد يدخل تحت حصر في جميع الملل.
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) تعالى في اعتقاد فهو الجاهل به، لأن ما قيده به خلقه لا ذاته فإنها مطلقة، وخلقه المقید وبالضرورة عنده (أنكره)، أي أنكر الحق تعالى إذا ظهر له (في) قيد آخر (غير ما قيده) هو (به) من قيود المعتقدين من الناس (وأقر)، أي صدق (به)، أي بالحق تعالى (في) عين (ما قيده به) من ذلك القيد (إذا تجلی)، أي انكشف له في الدنيا والآخرة.
(ومن أطلقه) تعالى (عن التقييد) الظاهر له في نفسه وغيره من تجليه سبحانه عليه في الدنيا والآخرة لضرورة قصور الإمكان عن ظهور كمال الواجب الحق تعالی في العيان .
قال رضي الله عنه : (لم ينكره) سبحانه في كل قيد ظهر له به (وأقر)، أي اعترف (له)، أي للحق تعالى بأنه هو سبحانه الظاهر (في كل صورة) محسوسة أو معقولة (يتحول فيها) في الدنيا والآخرة (ويعطيه)، أي الحق تعالی يعطي ذلك العبد المنجلي عليه المنحول له في كل صورة (من نفسه) سبحانه، أي حضرته المطلقة بالإطلاق الحقيقي (قدر صورة ما تجلى له فيها) من الإمداد الذاتي والعلم الصفاتي والسر السبحاني (إلى ما لا يتناهی) ذلك التحول في التجلي وذلك الإعطاء دنيا وآخرة قال رضي الله عنه : (فإن صور التجلي) الإلهي بالأعيان الإمكانية الثبوتية المعدومة بالعدم الأصلي على كل شيء (لا نهاية لها تقف عندها)، فهو يتجلى بالصور على الصور، فما من صورة محسوسة أو معقولة أو موهومة في الدنيا والآخرة والبرزخ إلا وهي تعرف الحق تعالى في صورة تجلی عليها بها.
ويتحول لها فيها بصورة أخرى غيرها، فيعرفه من عرفه وينكره من أنكره، وهو سبحانه على ما هو عليه في حضرة إطلاقه الحقيقي .
وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها ، بل هو العارف في كل زمان تظلب الزيادة من العلم به رب زدني علما)، ژبي زدني علماه، و زدني علما الأمر لا يتنامى من الطرفيني .
هذا إذا لك ك وخلق ، فإذا نظرت في قوله تعالى: «گن برجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها، ولسانه الذي يتكلم به، إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق فقلت الأمر حق گله أو ځل گله هو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. في صورة ما تجلى عن صورة من قبل ذلك التجلي هو المتجلي والمتجلى له.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : (فإذا حصل له أمني للقلب هذا الاستعداد) الحاصل من التجلي الغيبي (تجلى له) أي تجلى الحق للقلب على قدر ذلك الاستعداد (تجلي الشهودي في الشهادة) .
وهذا التجلي من الاسم الظاهر والفيض المقدس الذي يكون التجلي على حسب المتجلي له وهو ما أشارت إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
(فرآه) أي رأى القلب الحق في صورة ذلك التجلي (فظهر) الحق للقلب (بصورة ما تجلی) الحق (له) أي للقلب (كما ذكرناه فهو تعالى أعطاه) أي القلب أو العبد (الاستعداد) من التجلي الغيبي فيكون القلب مستعدة بالتجلي الشهودي (بقوله) أي بدليل قوله تعالى: " أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50] .
إشارة إلى إعطاء الاستعداد (ثم هدى) إشارة إلى التجلي الشهودي (ثم رفع الحجاب) بسبب التجلي الشهودي (بينه وبين عبده فرآه) أي العبد الحق .
قال رضي الله عنه : (في صورة معتقده فهو) أي الحق المرئي له (عین اعتقاده) إذ هو المتجلي له بصورة اعتقاده فما رآه إلا بها فإذا كان الحق عین اعتقاد العبد (فلا يشهد القلب) في الحقيقة بعين البصيرة (و) لا يشهد (العين) الحسنة (أبدا إلا صورة معتقده في) مرآة (الحق) فلا يشهد الحق بل يشهد الحق الاعتقادي وهو صورة نفسه في الحقيقة (فالحق الذي في المعتقد) اسم مفعول (هو الذي وسع القلب صورته وهو) أي الحق الذي وسعه القلب صورته.
قال رضي الله عنه : (هو الذي تجلى له) أي القلب بحسب اعتقاده (فيعرفه) أي فيعرف القلب الحق لكون التجلي على حسب ظنه كما قال (أنا عند ظن عبدي) فإذا تجلى على خلاف اعتقاده فلا يعرفه بل ينكره.
قال رضي الله عنه : (فلا ترى العين) عند التجلي في الآخرة (إلا الحق الاعتقادي) أي الحق الثابت في اعتقاده لا غير قال رضي الله عنه : (ولا خفاء في تنوع الاعتقادات) بحسب الأشخاص الإنسانية ولا خفاء في تنوع التجليات بحسب الاعتقادات فمنهم من قيد الحق ومنهم من أطلقه.
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) أي من قيد الحق وحصره في صورة اعتقاده كأصحاب العقول، (أنكره) إذا تجلى له (في غير ما قيد به وأقر به فیما قید، به إذا تجلى) له فيما قيد به فهو منكر في صورة غير صورة اعتقاده ومقر في صورة هي عين صورة اعتقاده .
قال رضي الله عنه : (ومن أطلقه) أي أطلق الحق (عن التقييد لم بنکره واقر له في كل صورة يتحول) أي يتنوع ويتجلى له (فيها) كأصحاب القلوب من الكمال والعارفين (ويعطيه) أي ويعطي الحق (من نفسه) أي من عند نفسه (قدر) أي عظمة (صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهی) فيعظم الحق في صورة غير متناهية ولا يحصر التعظيم في صورة غير مصورة ويعرفه في كل صورة ويعبده فيها .
قال رضي الله عنه : (فإن صورة التجلي ما) أي ليس (لها نهاية) حتى (يقف) المتجلي له (عندها) أي عند تلك الصورة فكما أن التجلي من الله ما له نهاية.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شيء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد ، تجلَّى له التجلَّي الشهوديّ في الشهادة ، فرآه فظهر بصورة ما تجلَّى له كما ذكرناه . فهو - تعالى - أعطاه الاستعداد بقوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ، ثمّ رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده ، فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلَّا صورة معتقده في الحق ) .
فتلك الإشارة إلى الاستعدادات المجعولة الظاهرة من غيب العين الثابتة واستعدادها الغيبيّ غير المجعول ، فإنّ الهوية المشار إليها بالنسبة إلى المتجلَّى له غيب عينه الثابتة ، والتجلَّي الغيبيّ الذاتي يفيض من الذات والهوية الذاتية على الذوات والهويات الغيبية التي للأعيان الثابتة ، فتوجد من ذلك الاستعداد الكلَّي غير المجعول هذه الاستعدادات الجزئية المجعولة للتجلَّيات الشهادية من الحضرات الأسمائية الإلهية ، ولكن مع هذا فإنّ كل ما ذكر مترتّب على الاستعدادات الخصوصية التي تعطي أربابها الاعتقادات الجزئية التقييدية .
فإذا تجلَّى الحق مرآة قابلة لجميع الصور الاعتقادية ، رأى كلّ أحد صور معتقدة فيه لا غير ، فما رأى سوى نفسه وما جعله في نفسه من صور الاعتقادات .
والعبد الكامل ليس كذلك ، فإنّ له استعدادا كلَّيا ، وقابلية أحدية جمعيّة ، وخصوصه الإطلاق عن كل قيد ، والسراح عن كل حصر ، والخروج عن كلّ طور .
فهو يقابل - بإطلاقه عن نقوش القيود الاعتقادية - إطلاق الحق .
ويقابل كذلك كلّ حضرة حضرة من الحضرات - التي يكون منها وفيها وبحسبها التجلَّي بما يناسبه ممّا فيه من تلك الحضرة مرآة مجلوّة مستعدّة مهيّأة لتجلَّيات تلك الحضرة .
فيقبل جميع التجلَّيات مع الآنات بمرائيه ومجاليه التي فيه من غير مزاحمة ولا خلط ولا حبط ، والتجلَّي الذاتيّ الغيبيّ دائم الإشراق من الغيب المطلق الإلهيّ الذاتيّ على غيب قلبه المطلق الإلهي الأحدي الجمعي الكمالي ، جعلنا الله وإيّاك من أهله ، بحوله وطوله .
قال رضي الله عنه : ( فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي تجلَّي له فيعرفه ، فلا يرى العين إلَّا الحق الاعتقاديّ ، ولا خفاء بتنوّع الاعتقادات ، فمن قيّده أنكره في غير ما قيّده به ، وأقرّ به فيما قيّده به إذا تجلَّى . ومن أطلقه عن التقييد ، لم ينكره ، وأقرّ له في كل صورة يتحوّل فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلَّى له فيها إلى ما لا يتناهى ، فإنّ صورة التجلَّي ما لها نهاية يقف عندها ، وكذلك العلم بالله ما له نهاية في العارفين يقف عندها )
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ هذه الأسماء المختلفة الواقعة على هذه العين الواحدة إنّما هي بالاعتبارات ، فإذا اعتبرت أحدية الذات .
قلت : حقيقة واحدة ليس غيرها أصلا ورأسا .
وإن اعتبرت تحقّقها الذاتيّ في عينها .
قلت : حق . وإن اعتبرت إطلاقها الذاتيّ ،
قلت : ذات مطلقة عن كل اعتبار . وإن اعتبرت تعيّنها في مراتب الظهور
قلت : شهادة . وإن اعتبرت لا تعيّنه ،
قلت : غيب حقيقي . وإن اعتبرت الظهور في الكثرة ،
قلت : خلق كلَّه . وإن اعتبرت أحدية العين في التعيّن واللاتعيّن ،
قلت : حق كلَّه لا غير . وإن اعتبرت أنّ ظاهره مجلى لباطنه أبدا ،
قلت : هو المتجلَّي والمتجلَّى له .
ولا عجب أعجب من حقيقة بذاتها تقتضي هذه الاعتبارات وهي صادقة فيها ، وذلك بحقيقة تجلَّيها في صور لا تتناهى أبدا دائما ، فلا يغيب عنها في جميع صورها كلَّها إذا تجلَّى في صورة على التعيين .
فإنّها في عين تعيّنها في كل عين عين ومعتقد معتقد متنزّهة عن الحصر على إطلاقها ولا تعيّنها الذاتي المطلق عن كل قيد ، وفي عين لا تعيّنها وإطلاقها عن كل تعيّن ظاهرة بكل عين لكل عين ، وكلّ ذلك لها بالفعل من حيث هي هي في حقيقتها ، وبالقوّة بالنسبة إلى اعتبار المعتبر .
فأعجب من هذا العجب ، وإن تحقّقت فلا تعجب وحدّث عن البحر ، فلا حرج ولا عجب ، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه غيره في الوجود .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : " فإذا حصل له : أعنى للقلب هذا الاستعداد تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه ، فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله – " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى " - ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده في الحق فهو عين اعتقاده ، فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق "
هذا التحرير تحقيق القولين وإثبات أن كلا منهما صواب باعتبار التجليين ، فإن التجلي الذاتي الغيبي يعطى الاستعداد الأزلي بظهور الذات في عالم الغيب بصور الأعيان وما عليه كل واحد من الأعيان من أحوالها .
"" أضاف بالي زادة : حاصل هذا الكلام :
أن التجلي الأول من الاسم الباطن والفيض الأقدس الذي يكون المتجلى له على حسب التجلي .
والتجلي الثاني من الاسم الظاهر والفيض المقدس الذي يكون التجلي على حسب المتجلى له ، وهو ما أشارت إليه الطائفة ، فقوله : "َعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " أي استعداده " ثُمَّ هَدى " تجلى له بالتجلي الشهودي ( ثم رفع الحجاب ) بسبب التجلي الشهودي ( بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو ) أي الحق المرئي له ( عين اعتقاده ) إذ هو المتجلى له بصورة اعتقاده ، فما رآه إلا بها ( فلا يشهد إلا صورة معتقده في ) مرآة ( الحق ) فلا يشهد الحق بل يشهد الحق الاعتقادي وهو صورة نفسه في الحقيقة اهـ بالى . ""
وهو الذي يكون عليه القلب حال الظهور في عالم الشهادة والغيب المطلق والحقيقة المطلقة والهوية المطلقة التي يعبر بها الحق عن نفسه هو هذه الذات المتجلى في صور الأعيان ، ولكل عين هوية مخصوصة هو بها هو ولا يزال الحق بهذا الاعتبار هو أبدا ، فإذا ظهرت الأعيان في عالم الشهادة وحصل للقلب هذا الاستعداد الفطري الذي فطر عليه ، تجلى له في عالم الشهادة التجلي الشهودي فرآه بصورة استعداده ،وهو قول طائفة من الصوفية:
إن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهو الظهور بصورة المتجلى له ، وهذا الاستعداد هو المراد بالخلق في قوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " وأما الهداية في قوله : " ثُمَّ هَدى " فهو رفع الحجاب بينه وبين عبده حتى رآه في صورة معتقده فالحق عنده عين اعتقاده إذ لا يرى القلب ولا العين إلا صورة معتقده في الحق .
فما رأى إلا نفسه في مرآة الحق ، فمن هذه الأعيان من هو على الاستعداد الكامل ، فاستعداده يقتضي أن يرى الحق في جميع
صور أسمائه الغير المتناهية ، لأن استعداده لم يتقيد بصورة اسم ما ، بل توجه بإطلاقه إطلاقا من كل قيد ، ولم يحصره في حضرة بعض الأسماء بل يقابل كل حضرة من حضرات الأسماء التي تجلى فيها وبها بما في نفسه مما يناسبه من تلك الحضرة إلى إطلاق الحق عن كل قيد ، فذلك هو العارف المذكور الذي يكون قلبه أبدا بصورة من تجلى له على أي صورة وفي أي وجه تجلى .
قال رضي الله عنه : " فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلى له فيعرفه فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي ، ولا خفاء في تنوع الاعتقادات فمن قيده أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به إذا تجلى له ، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهى فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف عندها ،"
أي الحق في أصحاب الاعتقادات ، هو الذي يسع كل قلب منهم صورته . والاعتقادات متنوعة فالحق عند كل واحد منهم هو المتجلى في صورة معتقده ، فإذا تجلى في صورة أخرى أنكره فينكر بعضهم إله بعض أبدا فبينهم التخالف والتناكر ، وأما الموحد الذي أطلق الحق عن كل قيد فيقرّ به في كل صورة يتحول فيها ، ويتحول قلبه مع صورته فيكون أبدا يقول دائما بلسان الحال أو القال - رب زدني علما - فلا تتناهى التجليات من طرف الحق ، فلا تتناهى الصور المطابقة لها والعلوم من طرف العبد.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له ، أعني للقلب ، هذا الاستعداد ، تجلى ) أي ، الحق .
( له التجلي الشهودي في الشهادة ، فرآه ) أي ، فرأى القلب الحق في ذلك التجلي .
( فظهر ) أي ، القلب . ( بصورة ما تجلى له كما ذكرناه . فهو تعالى أعطاه الاستعداد ) كما أشار إليه بقوله : ( ( أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) . ثم رفع ) أي ، الحق .
( الحجاب بينه وبين عبده ، فرآه ) أي ، رأى العبد الحق . ( في صورة معتقده . فهو عين اعتقاده ) . أي ، فالمرئي عين اعتقاد العبد ، لا غير ، لأنه رأى الحق من حيث اعتقاد خاص ، والحق عين اعتقاده ، كما قال : ( أنا عند ظن عبدي بي ) .
قال رضي الله عنه : ( فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق ) . أي ، فلا يشهد القلب بعين البصيرة الحق ولا العين أبدا الحسية إياه ، إلا على صورة ما يعتقده في الحق .
وهذا تعميم للحكم ، ليشمل الكامل وغيره : فالكامل يشهده في مقامي الإطلاق والتقييد بالتنزيه والتشبيه ، وغير الكامل إما منزه فقط ، وإما مشبه فقط ، وإما جامع بينهما لكن يقيده ببعض الكمالات دون البعض ، فيرى الحق بحسب اعتقاده .
قال رضي الله عنه : ( فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ) . أي ، فالحق الذي وسعه القلب ، هو الحق المتجلي في صورة الاعتقادات ، ( وهو الذي يتجلى له ، فيعرفه ) . أي ، هو الذي يتجلى للقلب بحسب اعتقاده ، فيعرفه .
وإذا تجلى بحسب اعتقاد غيره ، لا يعرفه وينكره .
( فلا يرى العين ) في الدنيا والآخرة عند التجلي .
( إلا الحق الاعتقادي ) . أي ، الثابت في الاعتقادات .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا خفاء في تنوع الاعتقادات : فمن قيده ،أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به إذا تجلى) . كأصحاب الاعتقادات الجزئية .
( ومن أطلقه عن التقييد ، لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ) .
كأصحاب الاعتقادات الكلية والجزئية ، كالكمل والعارفين .
( ويعظمه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى مالا يتناهى ، فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف عندها ) . أي ، يعظم تلك الصورة التي تجلى له الحق فيها ، وينقاد لأحكامها ويعبدها عبادة يليق بمقامه .
وغير تلك الصورة من الصور التي يتجلى الحق فيها له ، أو لغيره من العباد إلى مالا يتناهى ، فلا ينكر الحق في جميع صور تجلياته ، ولا ينكر لمن حصل له ذلك التجلي ، فيعظمها ويعظم أصحابها ، سواء كان من أصحاب الظاهر ، أو الباطن ، إذ لا نهاية لتجليات الحق وصورها ليقف عندها . وفي بعض النسخ : ( تقف عنده ) .
أي ، تقف أنت عند ذلك التجلي الذي ما بعده تجلى آخر . أو تقف صور التجليات عنده .
.
يتبع

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة السابعة : الجزء الثاني
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له) ولما توهم عود الضمير إلى كل عين مع أن التجلي الشهودي مخصوص (أعني للقلب)، فسره بقوله: أعني لما غلب (هذا الاستعداد) أي: مقتضاه من الوجود والعوارض التي فيها ما بعد التجلي الشهودي .
قال رضي الله عنه : (تجلي له التجلي الشهودي) أي: المفيد شهود الحق برفع الحجب عن القلب، وذلك إما يتصور (في) عالم (الشهادة) أي: الوجود الخارجي الذي فيه الحجب، إذ رفع الشيء فرع ثبوته (فرآه القلب بانطباع صورة ما تجلى له فيه، فظهر) القلب المجرد في نفسه (بصورة ما تجلى له) المنطبعة فيه، فيكون بمقدار التجلي بخلاف التجلي الأول الكائن بمقدار استعداده.
كما قال الشيخ رضي الله عنه : (فهو تعالی أعطاه) في التجلي الأول (الاستعداد) أي: الوجود بقدر الاستعداد كما دل عليه (بقوله: "أعطى كل شيء خلقه")[طه: 40] أي: قدر استحقاقه، فإن الخلق هو التقدير، ولفظ أعطى دل على أنه فعله اختيار أو أجرى مشيئته بذلك لا كما يقول الفلاسفة من أنه بطريق الوجوب؛ وذلك لأن العطاء إنما يحسن بقدر قابلية المعطي له واستحقاقه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم) في التجلي الثاني في حق من استحق (رفع الحجب) عن قلبه رفع الحجاب (بينه وبين عبده)، فليس فيه عطاء يفيد بمقدار قابلية المعطي له، بل هو رؤية شيء فيرى بمقداره فينطبع ذلك المقدار في المحل فيصير بقدره.
ولما لم يكن للحق تعالی مقدار في نفسه لعدم تناهيه بل في اعتقاد الرأي (فرآه في صورة معتقده) لا محالة، وإن كان قد يراه بصورة غير معتقدة أيضا، وليست تلك الصور صورة الحق المطلق، فليس بمرئي من حيث إطلاقه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فهو) أي: المرئي (عين اعتقاده) سواء كان صورة تنزيه أو تشبيه أو جامعة بينهما، والمرئي للقلب في الدنيا عند کشف الحجب هو المرئي للعين في الآخرة على سبيل الضرورة.
فلا يشهد القلب في الدنيا والأخرة (ولا العين أبدا) بطريق الضرورة (إلا صورة معتقده في الحق) إذ المرئي لا يخلو من صورة تنزيهه أو غيرها الحق المطلق غير مقيد بصورة، فهذا التجلي وإن لم يكن بمقدار قلب العبد وعينه فهو بمقدار اعتقاده.
فالحق (الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته)، فالقلب وإن صار واسعا في الغاية يضيق عما وراء معتقده مما هو أتم من معتقده في الكمال ما دام اعتقاده باقيا، (وهو) أي: الحق الذي وسع القلب صورته (هو الذي يتجلى له ) الرؤية بالعين في القيامة؛ لأن صفات القلب هي المتمثلة للعين يوم القيامة لا بد من ذلك، وإن جاز أن يتمثل له غيره أيضا مما هو أدنى من معتقده مع بقاء اعتقاده، فإذا تجلى له في صورة المعتقد (فيعرفه) أي: يقر به.
لأن كل متمثل لا بد وأن يكون صورة معتقد شخص، وإن أنكره الأخر؛ (فلا ترى العين إلآ الحق الاعتقادي) سواء كان في صورة اعتقاده أو اعتقاد غيره، فتختلف صوره التي يتجلى بها يوم القيامة بحسب اختلاف الاعتقادات.
وذلك لأنه (ولا خفاء في تنوع الاعتقادات) لتجويز البعض ظهوره بكل صورة بشرائط مخصوصة وقرائن دالة على أنه هو الظاهر فيها، فلا يلزم تصديق الشيطان والإنسان في دعوى الربوبية.
وكذا الملك إذا ادعاها لنفسه بإذن الله تعالى، ومنع البعض ظهوره في صورة التشبيه مطلقا، وبعضهم في الصور القاصرة، وبعضهم في صورة يمكن للغير إلى غير ذلك، ولا شك أنه يتجول في الصور على ما ورد في الصحيح.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن قيده) في ظهوره بصورة معينة كالتنزيه (أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به) متعلق بما بعده من قوله: (إذا تجلی) مع دلالة القرائن على أن الظاهر فيها هو الحق، كما ظهر بموسى عليه السلام في النار والشجرة فيفوته فوائد التجلي.
وهو مثل ما حصل لموسى عليه السلام فقلبه لا يختلف حاله ضيقا وسعة بل يكون عند التجلي دائما بمقدار الصورة التي اعتقد ظهوره فيها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ومن أطلقه) في ظهوره (عن التقييد) بصورة دون أخرى (لم ينكره) في أي صورة ظهر إذا دلت القرائن على أنه هو الظاهر فيها، (وأقر له في كل صورة يتحول فيها)؛ لأنه لما كان منزها عن الظهور كلها في نفسه مع أن له الظهور، فله أن يظهر بأي صورة شاء.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيعطيه) هذا التجلي (من نفسه) أي: من عنده من غير أن يأخذ شيئا من التجلي له (قدر صورة ما يتجلى) له (فيها)، فيختلف قلبه ضيقا وسعة، وتحصل له تجليات أي: (إلى ما لا يتناهی)، فيستفيد من كل منها فائدة جديدة إلى غير النهاية بحسب تصور قلبه بصورة كل تجلي.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف) التجلي (عندها)، إذ لا ترجيح لصورة على أخرى في الظهور بها .
إذ لا يشترط الكمال في الصور لورود الحديث في الصور المنكرة، ولا ينكر إلا للقصور مع أنه لا نهاية للصور في أنفسها سيما إذا لم يشترط الكمال فيها.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له - أعني القلب - هذا الاستعداد تجلَّى له التجلَّي الشهودي في الشهادة ، فرآه ) - ضرورة جمعيّته بين الغيب والشهادة - (فظهر بصورة ما تجلَّى له ) من الصور الغيبيّة الاستعداديّة
قال رضي الله عنه : (كما ذكرناه ، فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ) [ 20 / 50 ] فإن خلق الشيء هو ما خصّ لوح قابليّته به من رقوم صوره المنوعة والمشخّصة ، ولا يكون ذلك إلَّا الاستعداد الأصلي الذي من التجلَّي الغيبي المحتجب بستائر الاندماج والكمون ، اندماج أوّل لامي الجلالة .
قال رضي الله عنه : ( ثمّ رفع ) ذلك ( الحجاب بينه وبين عبده ) بالتجلَّي العينيّ الشهاديّ ، وظهر على المشاعر ظهور ذلك اللام في الثاني من ذلك الاسم ( فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده ) الذي هو صورة استعداده ، ( فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلَّا صورة معتقده في الحقّ ) بين صورة الإحاطيّة الجمعيّة ، لأنّك قد عرفت أنّ ما عليه القلب هي صورة استعداده الأصلي .
تنوّع التجليّات والاعتقادات
قال رضي الله عنه : ( فالحقّ الذي في المعتقد ) - بكسر القاف - ( هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلَّى له فيعرفه ، فلا ترى العين إلَّا الحقّ الاعتقادي ، ولا خفاء بتنوّع الاعتقادات ) حسب تفاوت المعتقدين في درجات إدراكاتهم.
قال رضي الله عنه : ( فمن قيّده أنكره في غير ما قيّده به ، وأقرّ به فيما قيّده به إذا تجلَّى ، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره ، وأقرّ له في كلّ صورة يتحوّل فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلَّى له ) فيها بإقامة مراسم التعظيم والإجلال ، على قدر درجته في مرتبته ، كما قال شيخ الشيخ المؤلَّف أبو مدين :
لا تنكر الباطل في طوره ..... فإنّه بعض ظهوراته
وأعطه منه بمقداره ..... حتّى توفّي حقّ إثباته
فإنّ الحقّ يتحوّل في اعتقاد العارف في المجالي المتنوّعة المشتمل كل منها على الصور المترتّبة المنتظمة ( إلى ما لا يتناهي ) كما نظم الشيخ المؤلَّف :
لقد صار قلبي قابلا كلّ صورة .... فمرعى لغزلان ، ودير لرهبان
وبيت لأوثان ، وكعبة طائف ..... وألواح توراة ، ومصحف قرآن
قال رضي الله عنه : ( فإنّ صورة التجلَّي ما لها نهاية تقف عندها )
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. )
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له اعني القلب) في الحضرة العلمية (هذا الاستعداد) انكلى (تجلى الحق له)، أي للقلب (التجلي الشهودي في الشهادة) بعد وجوده فيها بالتجلي الشهادي وإذا حصل للقلب في العين الاستعداد الجزئي الذي عليه القلب بعد وجوده العيني تجلى له الحق التجلي الشهودي في الشهادة .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فرآه)، أي القلب الحق في صورة ما تجلى له فيه (فظهر) القلب (بصورة ما تجلى له فيه) لا يفضل منه شيء (كما ذكرناه فهو تعالى أعطى له الاستعداد) الكلي أولا والجزئي ثانية كما أشار إلى ذلك بقوله : "أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50]، أي استعداده الكلي والجزئي على قدر معين (ثم هدى، أي ثم رفع الحق الحجاب بينه وبين عبده)، وتجلى له .
قال رضي الله عنه : (فرآه) العبد (في صورة معتقده فهو)، أي الحق المرئي (عین اعتقاده)، أي عين الصورة الاعتقادية، فالحق المتجلي بصورة اعتقاده تابع لاعتقاده.
وحين تجلی الحق سبحانه بصورة اعتقاده يكون القلب بحسب ذلك التجلي من السعة والضيق، وإن لم يكن المتجلى له مقيدا باعتقاد خاص بل يكون هیولباني في الوصف.
فاختصاص التجلي بصورة خاصة إنما يكون بحسب الأمور الخارجة عن القلب المتجلى له من الأوقات والأحوال والشرائط ، وهذه الصور الخاصة تكون من بعض صور اعتقاده الهيولاني الوصف.
قال رضي الله عنه : (فلا يشهد القلب) في التجليات المعنوية (ولا العين) في التجليات الصورية (أبدا) في الدنيا والآخرة سواء كان قلب العارف أو عينه أو قلب صاحب الاعتقادات الخاصة أو عينه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته وهو الذي يتجلى له)، أي للقلب (فيعرفه) وإذا كان القلب لا يسع إلا صورة المعنقد ولا ترى العين إلا ما وسعه القلب (فلا ترى العين) عنه تجلى الحق (إلا الحق الاعتقادي ولا خفاء في تنوع الاعتقادات)، بحسب الإطلاق والتقييد .
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) بصورة مخصوصة (أنكره في غير ما قیده به) من الصور إذا تجلى في غير صورة ما فید به (وأقر به فيما قيده به إذا تجلی) في صورة ما قید به
قال رضي الله عنه : (ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ومن أطلقه عن التقييد) من العارفين والعاملين (لم ينكره) في صورة من الصور (وأقر به في كل صورة بتحول فيها ويعطيه من نفسه من اسم التعظيم والإجلال قدر صورة ما تجلی)، أي على مقدار مرتبة صورة ما تجلى (فيها) فإن لكل صورة من صور التجليات اقتضاء خاصة يقتضي نوعا خاصا وقدرة معينة من التعظيم والإجلال لا تقتضيه غيرها.
قال شيخ الشيخ المؤلف قدس الله سرهما:
لا تنكر الباطل في طوره ….. فإنه بعض ظهوراته
واعطه منك بمقدار حقه ….. حتى توفي حق إثباته
وهذه الصورة المتجلي فيها وإن كانت بحسب أنواعها منحصرة لكنها بحسب أشخاصها ذاهبة (إلى ما لا يتناهى فإن صور التجلي ما لها نهاية بقف) التجلي (عندها).
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإذا حصل له . أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه , فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله: " أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" [طه: 50]. ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده، فهو عین اعتقاده . فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي).
فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد الكلي الذاتي في حضرة الثبوت تجلى له تعالى التجلي الشهادي في عالم الشهادة عندما لبس حلة الوجود.
وهو المعروف عند الطائفة بالفيض المقدس الذي تحصل به الاستعدادات الجزئية في الخارج، حضرة الأسماء الإلهية، عالم الشهادة آنا بعد آن.
فرآه، أي رأى القلب المتجلی له، الحق المتجلي فظهر الضمير المستتر في قوله (فظهر)، عائد على الحق المتجلي لذلك القلب بصورة من صور اعتقاده التي تجلى له بها في حضرة الثبوت قبل، كما ذكرناه .
فهو تعالى أعطاه الاستعداد الكلي الذاتي بقوله: "أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" [طه: 50]
بين أنه أعطى كل شيء خلقه و استعداده ، أو هدى لاكتساب الكمال ، ثم بعد ما أعطاه استعداده رفع الحجاب الذي هو الجهل، إذ لا حجاب إلا الجهل.
فالعبد حجاب على نفسه ، فلما رفع الحجاب بينه وبين عبده في عالم الشهادة فرآه العبد في صورة معتقده في ربه وقت التجلي.
فإنه كان أعطاه الاستعداد لرؤية الحق في كل صورة اعتقدها فيه.
فهو تعالى المنجلي لعبده في عين اعتقاده ، کان ما كان ذلك المعتقد، إذ لا يشهد العبد من الحق إلا علمه و اعتقاده، ولكن بين من اعتقد في الله الإطلاق وبين من اعتقد في إلهه التقييد بون بعيد، فلا يشهد القلب المشاهد عند التجلي، ولا ترى العين من الرائي عند التجلي أبدا إلا صورة معتقده في الحق تعالى وهو الحق المخلوق، فإنه ما عبد عابد الا ما اعتقده، وما اعتقد إلا ما أوجده في نفسه. فما عبد إلا مجعولا مثله.
وما هو إلا الحق تعالی فالحق المعتقد من كل ذي عقد من ملك وجن وإنسان مقلد أو صاحب نظر هو الذي وسع القلب صورته الاعتقادية.
فالقلب ستر فإنه محل الصور الإلهية التي أنشأتها الاعتقادات .
تنبه :
وسع القلب للحق تعالى متباين، فما كل قلب يسع الحق وسع قلب الإنسان الكامل أو العارف بالله ، ولو كانت القلوب متساوية في وسع الحق تعالى لوسعته السماوات والأرض، وقد قال تعالى في الحديث القدسي : "ما وسعتني أرضي ولا سمائي".
فما وسعته کوسع قلب العبد المؤمن العارف، فإذا كان مشهد العارف الكامل أبي يزيد والشيخ الأكبر رضي الله عنهما أن قلبه وسع الحق يرى أن العالم لا يسعه ، فكما أن العالم لا يسع الحق تعالى لا يسع هذا الكامل، فيتجلى تعالى لكل قلب بحسب وسعه واعتقاده.
وإن كل قلب بالصلاحية من كل إنسان قابل للتجلي الكمالي، وإنما كان كل مخلوق له اعتقاد يختص به في الحق تعالى لأن الأرواح المدبرة تابعة للأمزجة المدبرة، ولا يجتمع اثنان في مزاج واحد.
فما اعتقده الشخص فهو الذي يتجلى له فيعرفه ، لأنه عرف صورة إلهه في اعتقاده ، فلما تجلى له فيها عرفه فلا ترى العين ولا يشهد القلب إلا الحق الاعتقادي، فلم ير المخلوق إلا مخلوقا، فإنه لا يرى إلا صورة معتقده.
والحق وراء ذلك كله من حيث عينه القابلة لهذه الصور في عين الرائي، لا في نفسها.
فالصور التي تدركها الأبصار والصور التي تمثلها القوة المتخيلة كلها حجب، والحق من ورائها.
وينسب ما يكون من هذه الصور إلى الله تعالى فيقول العارف الكامل العالم بالله وبتجلياته قال لي الحق تعالى وقلت له وأشهدني كذا وكذا وأمرني بكذا وكذا ونهاني عن كذا وكذا دون الجاهل بالتجليات فإنه لا يعرف نجليه تعالی له واستتاره عنه ولا ظهوره له ولا بطونه عنه.
تکمیل:
إذا زعم العبد المتجلى له أنه رأى الحق تعالى فما رآه ، فلا يرى الرائي في التجلي إلا منزلته ورتبته ، فما رأى إلا نفسه واستعداده.
إذ الحقيقة الإلهية أعطت، إذا شوهدت، أنه لا يشهد الشاهد منا إلا نفسه فيها، كما أنها لا تشهد منا إلا نفسها،المؤمن مرآة المؤمن، فالمؤمن الذي هو الله مرآة المؤمن الذي هو الولي، فإنه تعالی يتجلى لكل عبد بصورة اعتقاده الصورة التي يكون عليها في الحال، فيعرفه ويقربه، أو يكون عليها بعد ذلك فينگره حتى يرى تلك الصورة قد دخل فيها وظهر بها، فيعرفه حينئذ، فإن الله تعالى يعلم ما يؤول إليه، والعبد ما يعلم من أحواله إلا ما هو عليه في الوقت الحاضر .
فالذين ينكرونه في الآخرة كونه تعالی تجلى في صورة غير صور اعتقاداتهم فيه، في الوقت الحاضر، وما تجلى لهم إلا في صور اعتقادات يكونون عليها ويبصرون إليها بعد، ويبدو لهم ما لم يكونوا يحتسبون. فإذا تجلى لك على غير صورة اعتقادك ورأيته، فلا تنكره إذا رأيت ما لا تعرفه حين ينكره غيرك .
وإنما هي صورتك، ما كان دخل وقت دخولك فيها، وظهورك بها، فإن الصور الاعتقادية تتقلب على المخلوق، وإنما كان يتجلى لعباده فيظهر لهم فيما لا يعرفونه في الدنيا والآخرة ليظهر لهم في حال النكرة. ولهذا أنكروه في الدنيا والآخرة إلا العارفين فإنهم لا ينكرونه في تجل من التجليات، فإنهم عرفوه مطلقا غير محصور في صورة.
قول سیدنا رضي الله عنه : (ولا خفاء بتنوع الاعتقادات : فمن قيده أنكره في غير ما قيده به ، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهي، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها)،
يقول رضي الله عنه : لما ثبت أن الحق تعالى بتجلى لكل ذي اعتقاد في صورة اعتقاده ويتحول من صورة إلى صورة إلى صورة إلى صورة لزم من ذلك كثرة صور التجلي.
فإنه لا خفاء بتنوع الاعتقادات وکثرتها كثرة لا يحصيها إلا الله تعالى وإنما تنوعت الاعتقادات وتکثرت لتنوع الأسماء الإلهية وكثرتها، فهي مصدر الاعتقادات ومنشؤها.
فكما أن الأسماء الإلهية لا تحصى كذلك الاعتقادات لا تحصى، فكل صاحب عقد في الحق تعالى يتصور في نفسه أمرا ما يقول فيه هو الله فيعبده، وهو الله لا غيره، وما خلقه في ذلك القلب إلا الله .
ولهذا ورد في خبر أن الله خلق نفسه ، فهذا معناه ولو رد المحدثون هذا الخبر وأنكروه، فالأدلة العقلية تكثره باختلافها فيه، فاختلفت المقالات فيه تعالی باختلاف نظر النظار، وكلها حق، ومدلولها صدق.
والتجلي في الصور يكثره عند العارفين بالتجليات، فإنه ما تجلي في صورتين لواحد، ولا تجلی لاثنين في صورة واحدة ، والعين واحدة .
هذا في أهل التجلي العارفين بالله.
وأما العامة فيتجلى لهم في صور الأمثال، فتجتمع الطائفة في عقد واحد في الله تعالى كما اتفق من الأشاعرة والمعتزلة والحنابلة وغيرهم من سائر طوائف المسلمين وغير المسلمين.
وعلى كل حال لا بد من فارق بین اعتقاد كل شخص ولو بوجه ما تقول الطائفة العارف بالله ، لا يصح خطأ مطلقا في الحق تعالى وإنما الخطأ في إثبات الشريك، فهو قول بالعدم، لأن الشريك معدوم.
فالعارف الكامل لا يتقيد بمعتقد فينكره في معتقد آخر، فإنه عرف الإله المطلق ولو لم يكن للحق تعالى هذا السريان في الاعتقادات لكان بمعزل ولصدق القائلون بكثرة الأرباب.
وقد قال المحققون من أهل الله، إن المعرفة بالله ثابتة لكل مخلوق.
فإن الله ما خلق الخلق إلا ليعرفوه، فلا بد أن يعرفه الخلق ولو بوجه ما، فما عرفه أحد من كل وجه، ولا جهله أحد من كل وجه، فمعرفته تعالى إما کشفا أو عقلا أو تقليدا لصاحب کشف أو صاحب نظر.
والمعتقدون في الحق تعالى على نوعين:
نوع يقيد إلهه في اعتقاده.
والنوع الآخر يعتقد في إلهة الإطلاق.
فمن قيده بأن أعتقد أن إلهه لا يكون إلا كذا وكذا، سواء كانت الصورة التي قيده فيها حسية أو عقلية أو خيالية ، أنكره إذا تجلى له في غير الصورة التي قيده فيها، وتعوذ منه إذا قال له أنا ربك، كما ورد في الصحيح.
أن ناسا من هذه الأمة يتعوذون من الحق تعالى إذا تجلى لهم في غير ما قيدوه به من الاعتقادات في الدنيا.
وما ينكره إلا الإنسان الحيوان، فإنه ما كل إنسان له الكمال، فمن قيده لا يعرفه إلا مقيدا بما قيده به في الدنيا والآخرة.
فإذا تحول ما تجلى له في الصورة التي قيده بها وعرفه وأقر له بأنه ربه ، فإنه لا يعرف ربه إلا مقيدا بما قيده به من الصور في اعتقاده، وهي العلامة التي بينه وبين ربه تعالى فإنه ورد في الصحيح أنه تعالى إذا تجلى لهذه الأمة وفيهم منافقوها .
وقال لهم: أنا ربكم
يقولون : نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه .
فيقول : هل بينكم وبينه علامة؟
فيقولون: نعم،
فيكشف عن ساق فيقرون به ويقولون أنت ربنا... "
الحديث بمعناه ، والذي أنكروه أولا هو الذي أقروا به آخرا والله واسع عليم.
يتجلى لهذه الأمة كلها بصورة اعتقاد كل واحد منها في الآن الواحد، والاقتدار الإلهي أعظم من ذلك، وإنما كان الشأن هكذا لأن الله جعل للإنسان قوة التصوير، فإنه جعله جامعا لحقائق العالم كله.
ففي أي صورة اعتقد ربه فعبده، فما خرج عن صورته التي هو عليها من حيث إنه جامع حقائق العالم، فلا بد أن يتصور في الحق إنسانيته على الكمال، أو من إنسانيته، ولو نزه ما عسي أن
ينزه، ولعموم التجلي الإلهي عبد كثيرون من نار ونور وملائكة وحيوان وشجرة وكواكب.
فالتجلي الإلهي عام في جميع الموجودات، ولا يكون إلا على أمزجة العالم والشارع بين المعبود بالحق من المعبود بالباطل.
وأما النوع الآخر من المعتقدین فهو من أطلقه، أي أعتقد، أن إلهه مطلق فما حصره في صورة دون صورة، ولا في اعتقاد دون اعتقاد، ولا حجر عليه الظهور بالصور والتجلي فيها، كما حجر عليه المتكلمون الناظرون بالنظر العقلي في معرفة الإله الحق. فهذا النوع الذي أطلق إلهه لم ينكره وأقر له بأنه ربه في كل صورة يتحول الحق إليها، ويتجلى فيها في الدنيا والبرزخ والآخرة.
وكل صورة يتجلى له فيها يقول إنه الله، وإن كانت صور التجلي كلها حادثة، لأن العارف عرف نفسه تتغير في كل يوم وليلة سبعين ألف مرة، وتتحول من كل صورة خاطر آخر، وكل خاطر تتصور بصورته ، والخواطر تصدر عن التجليات، فعرف ربه بكثرة صور تجلياته ، فإنه مخلوق على الصورة الإلهية ، وهو سبحانه كل يوم في شأن.
والشؤون هي تجلياته لعباده وإظهار ما لهم من الأحوال ، فلهذا أعظم ما تكون الحيرة في أهل التجلي لاختلاف الصور عليهم في العين الواحدة.
والحدود تختلف باختلاف الصور والعين لا يأخذها ولا تشهد، كما أنها لا تعلم علم إحاطة، فمن وقف مع الحدود التابعة للمصور حار ، ومن علم أن ثم عينا تتقلب في الصور في أعين الناظرين لا في نفسها علم أن ثم ذاتا مجهولة لا تعلم ولا تشهد ولا تحد.
ومن هنا فشت الحيرة في المتحيرين، وهي عين الهدی.
فمن وقف مع الحيرة حار، ومن وقف مع كون الحيرة هدى وصل، فالذي أطلق الحق ولم يقيده لا ينكره في صورة من الصور، ويقر له في كل صورة، ويعطيه من نفسه المتجلي لها قدر ما تستحق الصور المتجلي فيها.
فإن الحق تعالى متى أقام نفسه في خطابه إيانا في صورة ما من الصور فإنها تحمل عليه أحكام تلك الصورة، لأنه لذلك تجلی فيها هذا إذا كان التجلي في الصور الممثلة على صورة المحسوس، فيكون لها حكما المحسوسات.
وليست بمحسوسات، فينقل إليها ذلك الحكم ليعلم أن للظهور في صورة ما من الموجود المنزه عن التأثير حكم الصورة التي ظهر فيها.
فانتقل الحكم إلى الذي كان لا يقبله قبل هذا الظهور في الصورة التي هذا الحكم لها، كما انتقل حكم البشر إلى الروح لما ظهر بصورة البشر، فأعطى الولد الذي هو عيسی، وليس ذلك من شأن الأرواح، ولكن انتقل حكم الصورة إليه لقبوله للصورة.
فمن ظهر في صورة كان له حكمها، والتجلي الإلهي يكون في كل صورة من العرش إلى الذر، ففي أي صورة تجلي وتحول تعالى أعطى المتجلى له حكم تلك الصورة إلى ما لا يتناهی من التجليات. فإن صور التجلي لا نهاية لها تقف عندها.
وفي كل تجل یعلم العارف بالله علما لم يعلمه من التجلي الآخر، هكذا دائما في كل تجل، ولا يدوهم التجلي لأحد من أهل الله العارفين به إلا للأفراد رضي الله عنهم فالضمير المستند في (يعطيه) في قول سیدنا رضي الله عنه : (ويعطيه من نفسه) يعود على العبد المتجلى له، فإنه هو يعطي المتجلي تعالى قدر صورة ما تجلى له فيها لا كما فهمه بعضهم.
.

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكمالفقرة الثامنة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
قال رضي الله عنه : ( وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما». فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، ومحلها الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
قال رضي الله عنه : (وكذلك)، أي مثل كثرة صور التجلي من الحق تعالى (العلم بالله) تعالى (ما له غاية)، أي نهاية (في العارفين به) سبحانه يقف ذلك العلم (عندها) وإن تنوعت المعارف به تعالى واختلفت إلى وجوه كثيرة على حسب الناس من السالكين والواصلين.
على أنه لا وصول إليه سبحانه بل الكل سالكون، والسلوك منهم مختلف على حسب اختلاف الهمم، واختلاف الهمم على قدر الطلب، والجذب من جهة الحق تعالى لهم بسبب صفاء الأحوال وصدق المعاملة (بل هو)، أي الشأن العارف بالله تعالى (في كل زمان) إلى يوم القيامة (يطلب الزيادة) على ما عنده (من العلم به)، أي بالله تعالى فيقول : ("رب"، أي يا رب (" زدني علما") [طه: 114] بك كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي هو أعلم الخلق بالله تعالی ومع ذلك هو محتاج إلى زيادة العلم: "وقل رب زدني علما" ،
ثم كرر المصنف قدس سره ذلك الطلب ثلاث مرات
فقال : ("ربي زدني علما" ، "ربي زدني علما" ) فهو تكرار تأكید لفظي..
أو الأول طلب الزيادة من العلم بحضرات الأفعال الربانية.
والثاني ثم الأسماء والصفات الإلهية.
والثالث ثم غيب الذات العلية.
و الأول في مواطن الدنيا.
والثاني في موطن البرزخ.
والثالث في موطن الآخرة.
والأول باعتبار تجلیات عالم الملك في الأجسام.
والثاني باعتبار تجلیات عالم الملكوت في النفوس.
والثالث باعتبار تجلیات عالم الجبروت في الأرواح.
أو الأول علم القيود.
والثاني علم الإطلاق.
والثالث علم الحقيقي وهو الإطلاق عن الإطلاق.
أو الأول علم الفرق الأول.
والثاني علم الجمع.
والثالث علم جمع الجمع، وهو الفرق الثاني .
أو الأول علم العامة .
والثاني علم الخاصة .
والثالث علم خاصة الخاصة.
فالأمر الذي هو التجلي في الصور والعلم بالمتجلي فيها (لا يتناهی) في الدنيا والآخرة (من الطرفين)، أي من طرف الحق سبحانه ومن طرف العبد .
قال رضي الله عنه : (هذا) يكون (إذا قلت) يا أيها السالك (حق) موجود بنفسه مطلق بالإطلاق الحقيقي (وخلق) قائم بالحق مقيد بالصور الحسية والعقلية والوهمية (فإذا نظرت) يا أيها السالك (في قوله سبحانه في الحديث القدسي (كنت رجله)، أي العبد المتقرب بالنوافل (التي يسعى بها) وهي رجله الوجودية الحقيقية القائمة بنفسها لا رجله التي لا يسعى بها وهي صورة المرئية العدمية (و) کنت (يده التي يبطش بها) وهي الوجودية الحقيقية لا التي يبطش بها وهي الصورة العدمية.
قا
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
قال رضي الله عنه : ( وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما». فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، ومحلها الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
قال رضي الله عنه : (وكذلك)، أي مثل كثرة صور التجلي من الحق تعالى (العلم بالله) تعالى (ما له غاية)، أي نهاية (في العارفين به) سبحانه يقف ذلك العلم (عندها) وإن تنوعت المعارف به تعالى واختلفت إلى وجوه كثيرة على حسب الناس من السالكين والواصلين.
على أنه لا وصول إليه سبحانه بل الكل سالكون، والسلوك منهم مختلف على حسب اختلاف الهمم، واختلاف الهمم على قدر الطلب، والجذب من جهة الحق تعالى لهم بسبب صفاء الأحوال وصدق المعاملة (بل هو)، أي الشأن العارف بالله تعالى (في كل زمان) إلى يوم القيامة (يطلب الزيادة) على ما عنده (من العلم به)، أي بالله تعالى فيقول : ("رب"، أي يا رب (" زدني علما") [طه: 114] بك كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي هو أعلم الخلق بالله تعالی ومع ذلك هو محتاج إلى زيادة العلم: "وقل رب زدني علما" ،
ثم كرر المصنف قدس سره ذلك الطلب ثلاث مرات
فقال : ("ربي زدني علما" ، "ربي زدني علما" ) فهو تكرار تأكید لفظي..
أو الأول طلب الزيادة من العلم بحضرات الأفعال الربانية.
والثاني ثم الأسماء والصفات الإلهية.
والثالث ثم غيب الذات العلية.
و الأول في مواطن الدنيا.
والثاني في موطن البرزخ.
والثالث في موطن الآخرة.
والأول باعتبار تجلیات عالم الملك في الأجسام.
والثاني باعتبار تجلیات عالم الملكوت في النفوس.
والثالث باعتبار تجلیات عالم الجبروت في الأرواح.
أو الأول علم القيود.
والثاني علم الإطلاق.
والثالث علم الحقيقي وهو الإطلاق عن الإطلاق.
أو الأول علم الفرق الأول.
والثاني علم الجمع.
والثالث علم جمع الجمع، وهو الفرق الثاني .
أو الأول علم العامة .
والثاني علم الخاصة .
والثالث علم خاصة الخاصة.
فالأمر الذي هو التجلي في الصور والعلم بالمتجلي فيها (لا يتناهی) في الدنيا والآخرة (من الطرفين)، أي من طرف الحق سبحانه ومن طرف العبد .
قال رضي الله عنه : (هذا) يكون (إذا قلت) يا أيها السالك (حق) موجود بنفسه مطلق بالإطلاق الحقيقي (وخلق) قائم بالحق مقيد بالصور الحسية والعقلية والوهمية (فإذا نظرت) يا أيها السالك (في قوله سبحانه في الحديث القدسي (كنت رجله)، أي العبد المتقرب بالنوافل (التي يسعى بها) وهي رجله الوجودية الحقيقية القائمة بنفسها لا رجله التي لا يسعى بها وهي صورة المرئية العدمية (و) کنت (يده التي يبطش بها) وهي الوجودية الحقيقية لا التي يبطش بها وهي الصورة العدمية.
قا
» توهّم صحّة الأنس باللّه كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
» توهّم أنّ نفوذ الأقدار متوقّف على وجود الخلق كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
» مقصود الكتاب لمصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدمة المصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدّمة التّحقيق و ترجمة المؤلّف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدمة كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» فهرس بشرح المصطلحات الصوفية عند الشيخ ابن عطاء اللّه السكندري كما وردت في الحكم لمؤلف اللطائف الإلهية
» مكاتبات للشّيخ تاج الدّين أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ إلى بعض إخوانه ومريديه
» المناجاة الإلهيّة للشّيخ تاج الدّين أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائيّة الصغرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائيّة الكبرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائية من 21 الى 30 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 01 الى 10 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» المقدمة لكتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2313 إلى 2413 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2351 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2312 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2265 إلى 2281 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2249 إلى 2264 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2211 إلى 2248 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات أولا الإسلام السياسي من 2168 إلى 2210 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر الثالث عشر الحجّ والعمرة من 2084 إلى 2167 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب ثانيا الطعام والشراب من 2049 إلى 2083 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب أولا الصيام والفطر من 2002 إلى 2048 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات الحادي عشر الذكر والتسبيح والدعاء من 1961 إلى 2001 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات عاشرا السجود والمساجد والقبلة من 1921 إلى 1960 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات تاسعا صلاة الجمعة من 1903 إلى 1920 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات ثامنا الصلاة من 1826 إلى 1902 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات أولا الوضوء والاغتسال من 1794 إلى 1825 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني "53" المجلس الثالث والخمسون من عبد الله بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سابعا العدّة من 1782 إلى 1793 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سادسا الطلاق من 1744 إلى 1781 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي خامسا الأسرة من 1739 إلى 1743 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي رابعا الأولاد من 1734 إلى 1738 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثالثا الحمل والولادة والرضاع والفطام والحضانة من 1722 إلى 1733 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1681 إلى 1721 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1651 إلى 1680 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1623 إلى 1650 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي أولا المرأة في الإسلام من 1598 إلى 1622 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام والحرب من 1547 إلى 1597 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام و الحرب من 1519 إلى 1546 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1505 إلى 1518 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1480 إلى 1504 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن والفنون والصنائع والآداب والأخلاق من 1462 إلى 1479 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1436 إلى 1461 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1419 إلى 1435 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1312 إلى 1342 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1179 إلى 1311 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1146 إلى 1278 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1121 إلى 1245 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1126 إلى 1129 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1076 إلى 1125 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1059 إلى 1075 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1045 إلى 1058 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1035 إلى 1044 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1026 إلى 1034 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1018 إلى 1025 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1013 إلى 1014 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 961 الى 980 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 941 الى 947 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 911 الى 940 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 697 الى 720 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 681 الى 696 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 661 الى 680 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 641 الى 660 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 591 الى 600 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 582 الى 590 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 561 الى 581 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 541 الى 560 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 527 الى 540 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 421 الى 430 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني