المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الفقرة الأولي السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: موسوعة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي :: موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 1
15012019

الفقرة الأولي السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
05 – متن فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.
و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق.
«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور. وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح.
ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها.
وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف.
قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته، و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.
ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.
فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما «3» لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»: و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه.
و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ» *: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون.
فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا. فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم «2» لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.
فأنت غذاؤه بالأحكام، ... و هو غذاؤك بالوجود.
فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه.
غير أنك تسمى مكلفا و ما كلفك إلا بما قلت له كلفني بحالك و بما أنت عليه.
و لا يسمى مكلفا: اسم مفعول.
فيحمدني و أحمده ... و يعبدني و أعبده
ففي حال أقر به ... و في الأعيان أجحده
فيعرفني و أنكره ... و أعرفه فأشهده
فأنى بالغنى و أنا ... أساعده فأسعده؟
لذاك الحق أوجدني ... فأعلمه فأوجده
بذا جاء الحديث لنا ... و حقق في مقصده
و لما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمي خليلا لذلك سن القرى ، و جعله ابن مسرة مع ميكائيل للأرزاق ، و بالأرزاق يكون تغذي المرزوقين.
فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله، فإن الغذاء يسري في جميع أجزاء المغتذي كلها وما هنالك أجزاء فلا بد أن يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا
فنحن له كما ثبتت ... أدلتنا ونحن لنا
وليس له سوى كوني ... فنحن له كنحن بنا
فلي وجهان هو وأنا ... و ليس له أنا بأنا
ولكن في مظهره ... فنحن له كمثل إنا
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
05 – نقش فص حكمة مهيمنية في كلمة إبراهيمية :
لا بد مذن إثبات عين العبد وحينئذٍ يصح أن يكون الحق سمعه وبصره ولسانه ويده ورجله .
فعم قواه وجوارحه بهويته على المعنى الذي يليق به وهذه نتيجة ح النوافل .
وأما حب الفرائض فهو أن يسمع الحق بك ويبصر بك .
والنوافل تسمع به وتبصر به .
فتدرك بالنوافل على قدر استعداد المحل .
وتدرك بالفرائض كل مدرك . فافهم .
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
05 - فك ختم الفص الابراهيمى
1 / 5 - والتنبيه على سره انما قرن الحكمة المهيمية بالكلمة الابراهيمية من أجل ان صفة التهيم تقتضي عدم الانحياز الى جهة تعينها وعدم امتياز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده ، وهذا هو مقام الخلة الاولى الحاصلة من عدم ارتفاع الحجب ، بخلاف الخلة الاخرى التي سألمع بسرها فيما بعد .
2 / 5 - فاما هذه الخلة الابراهيمية : فلها اولية الظهور بالصفات الإلهية الثبوتية بمعنى انه بحقيقته كسى الذات بالصفات.
ولهذه المناسبة ورد في الصحيح : ان اول من يكسى من الخلق يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ، لأنه الجزاء الوفاق ، وله ظاهرية البرزخية الاولى ، وهو اول من كملت به كليات احكام الوجوب في مرتبة الإمكان ، فقابل كل حكم كلى منها بقابلية ظهر بها اثر ذلك الحكم الكلى في الوجود ، وهي الكلمات التي أتمهن ، فجيء عقب إتمامها بالامامة على الناس.
3 / 5 - واما الخلة الاخرى : في الخصيصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا حجاب معها لان مقتضى الاولى مقابلة تعينات مخصوصة من تعينات الحق المعبرعنها بالصفات وبقابليات ذاتية بها غيرية هي لوازم حقيقة القابل .
بخلاف خلة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فان المقابلة فيها واقعة بين صفات ظاهرية الحق وبين صفات باطنية ، مع احدية العين التي هي الهوية الموصوفة بالظهور والبطون ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم اشبه الخلق بإبراهيم عليه السلام والمحيي لملته .
لان بالتحقيق بالهوية يحيى ويتعين الطرفان - وهما الظاهر والباطن - لأنه لا ظهور الا عن بطون متقدم فالاسم الباطن اول تعينات الهوية ، فثبت استنادهما إليها وتوقف تحققهما عليها
.
4 / 5 - وقد اخبر الخليل ونبينا عليهما السلام عن ذلك بلسان الرمز والاشارة ؛ فورد الاخبار النبوي : ان الناس اذا التجئوا الى الخليل يوم القيامة ان يشفع لهم . ويقولون : انت خليل الله اشفع لنا ، يقول لهم: انما كنت خليلا من وراء وراء ، واخبر نبينا صلى الله عليه وسلم ايضا : "ان الخلق يلجئون" تمام الحديث في صحيح المسلم ( باب الإيمان ص 71 مع شرح النووي )
قال صلى الله عليه وآله : يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : " يا أبانا استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم؟ لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله " قال: " فيقول إبراهيم: لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليما، فيأتون موسى فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك، فيأتون محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم، فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق ". قال: قلت: بأبي أنت وأمي، أي شيء كمر البرق؟ قال: (ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: يا رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا. وقال: " وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار ". والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعين خريفا» . رواه مسلم.
قال صاحب التحرير : هذا كلمه على سبيل التواضع ، اي لست بتلك الدرجة الرفيعة ، اي ان المكارم التي اعطيتها كانت بوساطة سفارة جبرئيل ولكن ائتوا موسى فانه حصل له السماع الكلام بغير واسطة . قال وانما كرر - وراء وراء - لكون نبينا محمد صلى الله عليه وآله حصل له السماع بغير واسطة وحصل له الرؤية . فقال ابراهيم انا وراء موسى الذي هو وراء محمد . هذا كلام صاحب التحرير .
واما ضبط وراء وراء فالمشهور فيه الفتح فيهما بلا تنوين ، ويجوز عند اهل العربية بناؤهما على الضم ، وقد جرى في هذا كلام بين الحافظ ابى الخطاب ابن ديحة والامام الاديب ابن اليمن الكندي ، فراوهما ابن ديحة بالفتح وادعى الصواب .
فانكره الكندي وادعى ان الضم هو الصواب . وكذا قال ابو البقاء الصواب الضم .
لان تقديره : من وراء ذلك او من وراء شيء آخر . قال فإن صح الفتح قبل .
وقد افادني هذا الحرف الشيخ الامام ابو عبد الله محمد بن امية - ادام الله نعمه عليه - وقال : الفتح صحيح وتكون الكلمة مؤكدة - كشذر مذر وشغر بغر - وسقطوا بين بين فركبهما وبناهما على الفتح .
قال وإن ورد منصوباً منوناً جاز جوازاً جيداً . قلت : ونقل الجوهري في صحاحه عن الأخش انه يقال لقيته من وراء - مرفوع على الغاية - كقولك من قبل و من بعد .
قال وانشد الأخفش شعراً :
اذا انا لم او من عليك ولم يكن .... لقاءك الا من وراء وراء
الى يوم القيامة حتى ابراهيم عليه السلام ، وكان آخر ما عين لنفسه من المقامات التي منحه الحق اياها مقام الخلة .
وذلك في آخر خطبته خطبها قبل موته بخمسة ايام وقال فيها بعد أن حمد الله واثنى عليه : ايها الناس ! انه قد كان لي فيكم أخوة واصدقاء ، واني أبرأ إلى الله أن اتخذ أحداً منكم خليلا : "ولو كنت متخذاً خليلا لاتخذت ابابكر خليلا " .
5 / 5 - ان الله قد اتخذني خليلا - كما اتخذ ابراهيم خليلا - اوتيت البارحة مفتاخ خزائن الأرض والسماء .
فكان ذلك تعريفاً من ه بأكمل احواله ومقاماته وسر ظهوره بحقيقته البرزخية تماماً ، فإن البرزخية المذكورة وان ثبت لها الجمعية ، فإن الجمعية قد تحصل لمن يغلب عليه في جمعيته طرف ظهور وسر ظهوره ولمن يغلب عليه في جمعيته طرف المبطلون ، وقد تحصل الجمعية لمن لا يغلب عليه طرف على طرف اصلا.
6 / 5 - واعلم اني وان كنت قد المعت بشيء من هذا في فك ختم الفص الآدمي ، فهذا هو تمام الأمر وروح القضية ، فأمعن النظر في ما ذكرته لك ، وكرر التأمل تستشرف على امر جليلة من جملتها : انه لما قرن شيخنا رضي الله عنه في ذكر مناسبة كل صفة الى نبى .
وبدأ بالمرتبة الجامعة للصفات وهي حضرة الالوهية وقرنها بآدم الذي له الكمال الأول في الحيطة والجمعية ، وتلاه بالعطايا الذاتية والاسمائية التي لها الأولوية في المصدرية ، وأورد فيها بذكر الصفات التنزيهية المزيلة توهم الكشف المتعقلة في الأسماء من حيث تعقل من جمعها بذاته ، وكذلك الكثرة الموصوف بها العطايا .
7 / 5 - ليعلم ان الامر من حيث الحق امر واحد لا كثرة فيه ، وان الكثرة المتعلقة في الأسماء والعطايا منتشئة من القوابل وبدأ بذكر السبوحية ثم القدوسية لأمر بيانه ، وجب ان يذكر بعد صفات التنزيه السلبية أحكام الصفات الثبوتية ومراتبها واول مظاهرها الانسانية لتكميل مرتبة المعرفة بالذات ، فان السلوب لا تفيد معرفة تامة اصلا .
8 / 5 - فكان الخليل عليه السلام اول مرآة ظهرت بها أحكام الصفات الإلهية الثبوتية واول من حاز التخلق بها ، وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم التحقق بها ، والفرق بين التخلق والتحقق هو أن التخلق يحصل بالكسب والتعمل في التجلي بها ، فيكون صاحب التخلق محلا لأحكامها وهدفا لسهام آثارها والتحقق بها لا يصح إلا بمناسبة ذاتية .
تقتضي بان يكون المتحقق بها مرآة للذات .
والمرتبة الجامعة للصفات ترسم فيه جميع الأسماء والصفات ، ارتساما ذاتيا لا على سبيل المحاكاة للارتسام الإلهي فيه ، أعني بصاحب التحقق يظهر وينفذ آثار الصفات والأسماء في المتخلقين بها وغيرهم من المجالى ، الذين هم محال آثارها من الأناسي وغيرهم .
فاعلم ذلك ترشد إن شاء الله تعالى .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 14 يوليو 2019 - 15:01 عدل 2 مرات
الفقرة الأولي السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة الثانية :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مقيمة في كلمة إبراهيمية
هذا نص الحكمة الإبراهيمية.
ذكره بعد حكمة إدريس عليه السلام، لأن حكمة إبراهيم عليه السلام التي ذكرها له هنا تحقیق معنى العلو الحقيقي المذكور في حكمة إدريس عليه السلام، فناسب ذكرها بعدها على معنى أن حكمة إبراهيم عليه السلام تحقق معنی حكمة إدريس فكأنها شرح لها .
(فص حكمة مهيمية) بصيغة اسم المفعول من الهيام وهو الدهشة في المحبة (في كلمة إبراهيمية).
إنما اختصت حكمة إبراهيم بالمهيمية، لأن حقيقته عليه السلام هامت في محبة الله تعالى، فوصلت من مقام المحبة إلى مقام الخلة بحيث صار عليه السلام يجد الحق تعالى الممسك له متخللا في كل جزء منه من حيث ما يجد هو لكمال الاستيلاء الرحماني على العالم الروحاني والجسماني لا من حيث ما هو عليه بالنسبة إلى نفسه العلية.
فإنه على ما هو عليه في أزله، وإبراهيم عليه السلام مخلوق حادث والمخلوق الحادث إذا شعر بالخالق القديم مستوليا عليه لا يشعر به إلا على حسب ظهوره له لا على ما هو في نفسه.
فإذا هام فيه كان هيامه من جهة ذلك الظهور المخصوص، والإيمان بالغيب المطلق يصحبه في جميع المواطن.
ولهذا قال عليه السلام لربه تعالی: "رب أرني كيف تحيي الموتى" طلبا لمعرفته تعالى من حيث استيلائه بالأفعال على خلقه.
فقال الله تعالى له في الجواب : "أولم تؤمن قال" يعني بالغيب المطلق الذي لا مناسبة بينك وبينه حتى تدركه فقال عليه السلام :" بلى ولكن ليطمئن قلبي"[البقرة : 260].
يعني بشهود ذلك على حسب ما يليق بي وإن لم يكن على حسب ما الأمر عليه في نفسه، فدله الله تعالى على ذلك بأخذ الأربعة من الطير إلى آخر الآية .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية. قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني .... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
(إنما سمي الخليل) إبراهيم عليه السلام (خليلا) كما قال الله تعالى : "واتخذ الله إبراهيم خليلا" [النساء: 125]، فهو خليل الله، والله خليله، لأنه من أسماء الإضافة، ولهذا نقول بأن محمدا صلى الله عليه حبيب الله وخليل الله أيضا.
لأنه عليه السلام قال: «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر».رواه مسلم وابن حبان.
وإذا اتخذ ربه خليلا اتخذه ربه خليلا أيضا، إذ لا يمكن أن يكون أحدهما خليلا للآخر ولا يكون الآخر خليلا له.
ومن كمال ظهور الله تعالى في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان الاتخاذ من طرفه دون إبراهيم عليه السلام، فقال تعالى في إبراهيم: "واتخذ الله إبراهيم خليلا".
وقال صلى الله عليه وسلم عليه السلام عن نفسه: «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر»، الحديث.
فقد تفاوت المظهران واختلفت الخلتان (لتخلله)، أي الخليل( وحصره)، أي جمعه في ظاهره وباطنه (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) من الصفات العلية والأسماء السنية والأفعال الكمالية والأحكام الجلالية والجمالية .
وهذا التخلل والحصر من إبراهيم عليه السلام لما ذكر كناية عن استيلاء الحق تعالی على إبراهيم عليه السلام بجميع ما ذكر .
وقبول إبراهيم لذلك الاستيلاء في ظاهره وباطنه لا بطريق الحلول أو الاتحاد لأنهما لا يتصوران إلا بين موجودين .""بين معينين والله ليس بمعين فليس كمثله شيء"".
والمخلوق الحادث لا وجود له بالنسبة إلى الخالق القديم أصلا، وإنما وجوده بالخالق القديم لا معه إذ لا وجود له من نفسه حتى يكون له وجود معه، فلا التفات لما يقع في أفهام المحجوبين من أهل العلم الظاهر عند إطلاق نحو ما ذكرنا من العبارات، لأن ذلك الوهم مبني على القصور في الأفهام فلا اعتبار به .
(قال الشاعر) من العرب في إثبات ذكر معنى الخليل (قد تخللت)، أي استوليت مستقصية جميع (مسلك)، أي موضع سلوك (الروح) في الجسد (مني) ظاهرا وباطنا .
(وبذا) المعنى المذكور (سمي الخليل) المشتق من الخلة وهي زيادة المحبة (خليلا) فهو فعيل بمعنى مفعول (كما يتخلل اللون) الأسود والأحمر ونحو ذلك (في) الشيء (المتلون) بذلك اللون فإنه يستولي عليه.
بحيث لا يبقى منه جزء إلا وينصبغ به (فيكون العرض) الذي هو اللون مثلا (بحيث) يكون (جوهره) يعني على طبق حيثية جوهره من الكبر والصغر والطول والقصر (ما هو كالمكان) الذي يستقر عليه الشيء.
(والمتمكن) فيه فإنه لا يعم أعلاه وجوانبه بل أسفله فقط (أو) سمي الخليل خلية (لتخلل)، أي سريانه بطريق الاستيلاء (الحق) تعالى (في وجود صورة إبراهيم عليه السلام) في ظاهرها وباطنها، لأنه ممسكها ومكونها وهي طبق علمه وإرادته ولا وجود لها إلا به لا بنفسها فهو وجودها الذي هي موجودة به وهي في نفسها معدومة .
قال تعالى: "أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت" [الرعد: 33]، وقيامه تعالى على كل نفس بما كسبت قیومیته تعالى للنفوس وإمساكه لها بوجوده الحق.
فإنه تعالى كما أخبر خلق السموات والأرض بالحق، والحق هو وجوده تعالى.
فقد خلق الأشياء بوجوده، فهو وجود الأشياء الذي هي موجودة به، والأشياء على ما هي عليه في نفسها من غير وجود آخر لها.
وليس هذا الكلام طعنا في وجود الحق تعالى أو نقصانا فيه، لأن المعلومات لا تحل في الموجود ولا يحل فيها، ولا تنقص من كماله إذ لا وجود لها من غيره حتى يغير من وجوده تعالی.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
الهيمان هو إفراط الحب الذاتي الساري في جميع الموجودات وكان هذا غالبا في روح إبراهيم عليه السلام لذلك طلب الحق في المظاهر النورية وأشار إلى شدة سريان المحبة الإلهية في وجوده عليه السلام .
وبين معنى الهيمان بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا) ,(لتخلله) أي لتخلل الخليل (وحصره) عطف تفسير (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) كما أن الذات الإلهية يحيط ويحصر جميع أسمائه وصفاته كذلك الخليل عليه السلام يحصر جميع الأسماء الإلهية لتجلي الحق له جميع أسمائه وصفاته واستشهد عليه بقول الشاعر :
(قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا)
وتخللت مسلك الروح مني أي سريت أنت في وجودي وذاتي كسريان الروح الحيواني في جميع أجزاء البدن (وبه) وبهذا التخلل (سمي الخليل خليلا كما بتخلل اللون المتلون) بكسر الواو
(فیكون العرض بحيث جوهره) أي في مكان جوهره بسبب سريان العرض في جميع أجزاء جوهره بحيث لا امتياز بينهما في الحسي .
(ما هو) أي ليس ذلك النخل (كالمكان والمتمكن) فيه فإنه لا تخلل فيه حسة وعقلا هذا إن كان إبراهيم عليه السلام محبوبا والحق محبا له .
فكان الهيمان وهو من زيادة المحبة الإلهية يتعلق بإبراهيم عليه السلام فكان تخلل إبراهيم عليه السلام جميع صفات الحق بمنزلة تخلل المحبوب إلى جميع أجزاء المحب.
وأما إن كان إبراهيم محبة والحق محبوبة له وقد أشار إليه بقوله :
(أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام) ولما بین ثبوت معنى التخلل من الطرفين لغة شرع في إثبانه فيهما بالدليل العقلي .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما سمي الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر:
وتخللت مسلك الروح مني …. وبذا سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخليل الحق وجود صورة إبراهيم. و كل حكم بصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها وكلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق.
الحمد لله فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود. "وإليه يرجع الأمر كله " (هود: 123)
قلت : أما قوله، رضي الله عنه: إن إبراهيم، عليه السلام، يخلل الوجود الإلهي
فمعناه: أن إبراهيم هو جمع المعاني العدمية وبها اتصف الوجود بالكثرة مع كونه واحدا في نفسه.
وأما أن الحق تعالی بخلل حقيقة إبراهيم، فهو أظهرها في وجود ذاته من الوجه الذي هي فيه ذاتية له به منه فيه.
وقد تقدم معنى ذلك ويتكرر حتى يظهر إن شاء الله تعالى، وما أحسن استدلال الشيخ، رضي الله عنه، بقوله: «وإليه يرجع الأمر كله» (هود: 123) يعني محموده ومذمومه وهو، رضي الله عنه، غیر محتاج إلى الاستدلال لكن ذلك من أجل أهل الحجاب.
و مقام الخلة يثبت فيه الحق والعبد لكن يكون الحق فيه أظهر في شهود الشاهد، وفي هذا المقام
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فصّ حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيمية
قد ذكرنا سبب إسناد حكمة التهيّم إلى كلمة إبراهيم عليه السّلام .
قال رضي الله عنه : « إنّما سمّي خليلا ، لتخلَّله وحصره جميع ما اتّصف به الذات الإلهية" . قال الشاعر :
قد تخلَّلت مسلك الروح منّي ..... وبه سمّي الخليل خليلا
يعني رضي الله عنه : لمّا قامت الصفات والأسماء الإلهية بإبراهيم ، وقام بحقّ مظهرياتها حقّ القيام ، فاتّصف بجميعها ، فتخلَّل حضراتها ، وسرت الصورة الإلهية بحقائقها في ذات إبراهيم وحقائقه فتخلَّلته ، وكذلك سرت المحبّة الإلهية الذاتية في جميع حقائقه ، وسرت محبّته أيضا في حقائق الحضرات ، فسمّي خليلا ، فعيلا بمعنى فاعل وبمعنى مفعول .
قال رضي الله عنه : « كما يتخلَّل اللون المتلوّن ، فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكَّن .
قال العبد : إذا تداخل جسمان أو اجتمعا ، فإن كانا كثيفين كالمكان والمتمكَّن ،
فلا سراية لأجزاء أحدهما في الآخر ، فلا تخلَّل ، وإن كان أحدهما لطيفا والآخر كثيفا ، سرى اللطيف في الكثيف ، وتخلَّله بحسب لطف اللطيف وتخلَّل أجزاء الكثيف وتناسبهما ، وإن اجتمع لطيفان وتناسبا في اللطف والرقّة ، كانت السراية أقوى والتخلَّل أشدّ وأوفى ، وإن اتّفق أن تكون معهما حرارة غريزية تناسبيّة في كل منهما لكل منهما ، ملزمة لانحلال أحدهما في الآخر وتخلَّله ، اشتدّ السريان وقوي التخلَّل ، فأدّى إلى اتّحاد هما بحيث يكونان شيئا واحدا لا يتميّز أحدهما عن الآخر ، وفي السراية والتخلَّل والاتّحاد يقع التفاوت بحسب قوّة اللطف والرقّة والمناسبة بين المتخلَّلين ، وهذا في الأجسام وفي الجواهر .وأمّا الأعراض فإن كانت من اللوازم الجوهرية الذاتية ، فإنّها تكون بحيث جواهرها كالرطوبة والرقّة للماء ، والحرارة واليبوسة للنار ، وإن كان العرض غريبا ليس ذاتيّا للجوهر فبالوساطة الجوهرية الجامعة بينهما ، كتخلَّل اللون الغريب في جوهر غير ذي لون إنّما يكون بواسطة جوهر لطيف متلوّن بذلك اللون الغريب ، فيسري به اللطيف المتلوّن فيما لا لون له ، فإذا سرى اللطيف في جميع أجزائه وتشرّب الكثيف به وفارقه اللطيف ، بقي العرض الغريب في جوهر ما لا لون له ، فعاد متلوّنا بذلك اللون ، وكلّ هذا ضرب مثل لما من الحق في الخلق ولما للحق من الخلق ، وإذا كان الأمر في الأجسام على هذا الوجه ، ففي الروحانيات يكون أتمّ وأعمّ ، وكذلك الجواهر والأعراض ، وذلك بحسب القبول والتناسب والنفوذ .
وكذلك سريان أحكام الحقائق والمعاني والنسب بعضها في البعض بواسطة الوجود الجامع بينهما بحسب شدّة المناسبة وقوّة المحبّة بين المتخلَّل والمتخلَّل .
فلمّا ناسبت مظهرية الخليل عليه السّلام لتعيّن الحق فيه وبه من جميع الوجوه أو أكثرها بحسب مرتبته ومقام مظهريته للحق الذي هو ربّه ، سرى كلّ منهما في الآخر سراية كلَّية في إبراهيم في محبّة ربّه ، أو في ربّه ، فظهر في هوية إبراهيم إنّيّة الحق ، وكذلك يتخلَّل إبراهيم في الحضرات الإلهية ، فقام بجميع المظهريات الإلهية الأسمائية على الوجه الأتمّ ، وظهرت فيه وبه ومنه أيضا حقائق الحضرات بالظهور الأكمل الأعمّ ، فاتّخذه الله خليلا ، وهذه الخلَّة كسراية العرض بالجوهر اللطيف في الكثيف ، حتى يكون بحيث جوهره .
ونذكر قول الخليل عليه السّلام يوم القيامة ، حين يفزع الخلائق إليه في الشفاعة ، فيقولون له : أنت خليل الله اشفع لنا .
أو كما يقولون له ، فيقول : إنّما كنت خليلا من وراء وراء ، والخلَّة المحمّدية أفضل وأكمل ، ونظيره سراية اللطيف المناسب في مثله لطافة ومناسبة بالحرارة المعتدلة ، الحبّية ، الملزمة لكمال تخلَّل أحدهما في الآخر ، وانحلاله ، حتى يرتفع التمايز ويتّحد الخليلان كما ينحلّ ويتخلَّل الأبوان في الصنعة وهما العيان والعروس المطهّران المثبتان المحلولان إذا مزجناهما على ميزان العدل ، وألزمناهما الطبخ الطبيعيّ ، فإنّهما ينحلّ كل منهما في الآخر انحلالا لا مفارقة بعده أبدا ، وينعقدان جوهرا واحدا ، فإذا التقيناه ذاب ذوبانا واحدا وعاص عوصا واحدا ، ولا يطير أحدهما دون الآخر ، فيكون أحدهما عين الآخر .
كما قال تعالى : " الله وَرَسُولُه ُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ُ " فأفرد الضمير في الخبر المحمول بعد تثنية المبتدأ الموضوع ، وقال " من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله " وقال : « هذه يد الله » وأشار إلى يده " وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى " فافهم .
قال رضي الله عنه : " أو لتخلَّل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السّلام"
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق من حيث تعيّنه بوجوده في صورة إبراهيم -
يضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من صفات المخلوق ، ولا يتعدّى إليه في الصورة الإلهية الأزلية ، فإنّه تعالى أخبرنا إنّه ينادي ، ويمكر ، ويستهزئ ، ويسخر ، ويمرض ، ويجوع ، ويظمأ ، على لسان الصادق الذي " ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى " وذلك بظهوره وتعيّنه في إنّيّة العبد ، بوجوده الحقّ ، كما علمت ، فاذكر.
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
5 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما خصت الكلمة الإبراهيمية بالحكمة المهيمية ، لأن التهييم من الهيمان وهو شدة الوله الذي هو العشق بأن تجلى له الحق بجلال جماله .
أي بكمال الذات الأحدية بجميع الصفات مع بقاء حجاب أنيته ، فهام لقوة انحيازه إلى المحبوب من كل وجه .
فلا ينحاز إلى جهة تعينه وتقيده لما قبل من نور الذات جميع الصفات بقابلية العينية ، وهي معنى الخلة الدالة على تخلل المحبوب محبة وتخلق المحب بأخلاقه فإن إبراهيم خليل الله كان أول من كوشف بالذات.
ولو لا بقية قابليته لارتفع عنه الهيمان الموجب لتركه أباه وولده وماله ، ولتحقق بالأحدية الموهوبة لمحمد حبيب الله عليه الصلاة والسلام .
فإنه تبعه في الاتصاف بجميع الصفات مع كشف الذات ، وسبقه بالتحقق بالأحدية الحقيقية بالبقاء بالحق بعد الفناء التام بارتفاع البقية دونه ، ولهذا ورد في الصحاح « إن أول ما يكسى من الخلق يوم القيامة إبراهيم عليه السلام » فإنه أول من كملت به أحكام الوجوب في مرتبة الإمكان.
أي ظهر بالصفات الإلهية كلها مع بقاء القابلية العينية بخلاف الخلة المحمدية الموهوبة له كما ذكرها في خطبة قبل وفاته بخمسة أيام ، وقال فيها بعد حمد الله والثناء عليه « أيها الناس ، إنه قد كان لي فيكم أخوة وأصدقاء ، وإني أبرأ إلى الله أن أتخذ أحدا منكم خليلا ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء ».
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : اعلم أن التخلل عبارة عن السريان ، ومعنى سريان الحق في العبد وجود أثر ذاته وصفاته في وجود العبد مع كون الحق منزها بجميع صفاته عن هذا الكون ، لأن الاتحاد من كل الوجوه باطل عندهم ، فلما نزل الحق نفسه منزلة العهد فأثبت لنفسه ما هو من خواص عبده .
فقال : « مرضت وجعت ؟ »
علمنا أن المريض والجائع ليس صورة العبد ، بل هو الروح المتصف بصفات الله تعالى ، الظاهر في صورة العبد بالهيكل المحسوس المشاهد ، فما أثبت صفات المحدثات في الحقيقة لنفسه ، بل أثبت لأثر نفسه تنبيها على أنه واجب التعظيم فإنه ظل الله تعالى .
فاللَّه عظم ظله كما عظم نفسه فما قاله إلا تعظيما للعباد ، فمن عاده فقد عاد الحق ومن أشبعه فقد أشبع الحق على طريق " من أكرم عالما فقد أكرمني " وهذا مخصوص بالإنسان دون غيره ، لأن كمال ظهور الحق فيه لا في غيره ، لذلك لا يثبت لنفسه صفات سائر المحدثات ، ومعنى سريان العبد في الحق إحاطته ؟
جميع ما اتصف به ذات الحق بحسب استعداده ، فانظر بنظر الإنصاف كيف عادت مسائل الفن بتوجيهنا إلى سيرتها الأولى سيرة الشريعة اهـ بالى . ""
"" قال تعالى : "لئن شكرتم لأزيدنكم" [إبراهيم 7] وفي الحديث : لم يشكرني من لم يشكر من أجريت النعمة على يديه "" رواه أبو نعيم في حلية حلية الاولياء وفتح القدير وفتح المنعم بشرح مسلم ونودار الأصول باحاديث الرسول.
فإنها المحبة التي لقب بها حبيب الله ، كما رمز إليه في الحديث « إن الناس إذا التجئوا يوم القيامة إلى الخليل أن يشفع لهم ، يقولون : أنت خليل الله اشفع لنا ، يقول لهم إنما كنت خليلا من وراء وراء » .
وفيه أيضا أن الناس يلتجئون إلى نبينا يوم القيامة حتى إبراهيم عليه السلام وأنه شفيع الكل ، وسرّ ذلك أن كل واحد من النبيين له مقام الجمعية الإلهية ، وهو مقام قاب قوسين أي جميع الصفات المبدئية والمعادية .
وامتاز محمد عليه الصلاة والسلام بالتحقق بالأحدية المشار إليه بأو أدنى ، لاستواء حكم الظاهر والباطن فيه فختمه بالأحدية ، وقد غلب على إبراهيم حكم الباطن فهام ، كما غلب على موسى حكم الظاهر فملك وعلا وقهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إنما سمى الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصف به الذات الإلهية ، قال الشاعر : قد تخللت مسلك الروح منى .... وبذا سمى الخليل خليلا كما يتخلل اللون المتلون فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكن )
شبه اتصاف الذات بالصفات باتصاف الجوهر بالأعراض ، فإن حلول العرض في الجوهر حلول سريانى لشمول العرض جميع أجزاء الجوهر بحيث لا يخلو جزء ما منه ظاهرا أو باطنا ، بخلاف حلول المتمكن في المكان كسريان السواد في الجسم ، وهو تشبيه المعقول بالمحسوس للتفهيم ، وكذلك نفس التخلل في المحبة استعمال مبنى على التشبيه .
فإن اتصاف العبد بصفة الحق وحصره جميع صفاته ليس تخللا بمعنى الامتزاج ، بل هو محو صفات العبد بتجلى الصفات الإلهية له ، وقيامه محق صفاته حتى يكون العبد مسمى بأسماء الله تعالى كما ذكر في حق إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وهي الكلمات التي ابتلاه الله بهن فأتمهن ، فقال له – " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " - .
فمعنى الخلة بالحقيقة ، ظهوره بصورة الحق فيكون الحق سمعه وبصره وسائر قواه ، فبه يسمع العبد وبه يبصر وتسمى هذه المحبة حب النوافل ، لكون الصفات الزائدة على ذات العبد ، ففناؤه في الحق بها حب النوافل أي الزوائد كأنه تخلل حضرات الأسماء الإلهية فتقرب به بصفات نفسه ، فكساه الله تعالى صفاته أو بالعكس
لقوله رضي الله عنه : ( أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم ) عليه السلام وهو اتصاف الحق بصفات إبراهيم وصورته ، بأن يتعين بتعينه فيضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من الصفات ، فيفعل الله تعالى ما يفعل بإبراهيم ويسمع بسمعه ويرى بعينه وهو حب الفرائض ، إذ لا يوجد إبراهيم إلا به ضرورة انعدامه بنفسه .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
معنى يهيم : صاحبه مهيما. ومعنى الأول: فص معنى جعل صاحبه مهيما.
و الهيمان إنما يحصل من إفراط العشق، وهو من إفراط المحبة، وهي أصل الإيجاد وسببه، كما قال تعالى: "كنت كنزا مخفيا، فأحببت أن أعرف" .
والهيمان - الدهشة المفرطة من شهود جلال الجمال والحيرة فيه، كما يحصل عند ورود المعشوق بغتة، أو من تجلى الأسماء الجلالية القهرية.
ونتيجته اندكاك جبل إنية السالك وقهر المجذوب صعقا. فبعض السالكين لفرط دهشتهم ومحبتهم، أو ضعفهم لعدم كمال استعدادهم، أو نقصان مزاجهم، لا يمكنهم الرجوع إلى مملكتهم، فيبقون مجذوبين مهيمين، لا يعرفون غير الله ولا يعرفهم غير الله لصدورالبهلولية عنهم في بعض الأحيان.
قال تعالى: "أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري". يشمل بعضهم العناية الإلهية بإعطاء الاستعداد بالفيض الأقدس ويرجعهم إلى مملكتهم محفوظا عليهم ظواهرهم كالجبال وهم يمرون مر السحاب.
ولايحصل ذلك إلا بحب الفرائض، وعشق النوافل و التخلق بأخلاق الله والفناء الصفاتي، كما أشار إليه بقوله: "كنت سمعه وبصره" , فيصير العبد لله أذن الله الواعية وعين الله الناظرة، فالله تعالى ينظر به ويسمع به ويبطش به..
وإنما تحصل المحبة من التجليات الواردة من حضرة الجمال المطلق، والهيمان من جلالها على الملائكة المهيمة والمجذوبين من الأناسي، ولكلمن الكمل المحبوبين أيضا نصيب منه، إما في بداية أمورهم كالجذبة
قبل السلوك، أو عند انتهائها كالجذبة بعده، فتلحقون بها إلى المقصد الأسنى ويدخلون في حكم المهيمين.
ولما كان إبراهيم، صلوات الله وسلامه عليه، أول من تجلى له الحق
بهويته الذاتية السارية في المظاهر الكونية كلها، وأول من خلع الله عليه صفاته الثبوتية الحقيقية من أولاد آدم، عليه السلام، بعد الفناء فيه والبقاء به - كما وردفي الخبر الصحيح: "أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم".
ليكون الآخر مطابق اللأول، ويحصل المجازاة له يوم الجزاء - وكان بعد مرتبة التنزيه والتقديس مرتبة التشبيه، وتجلى الذات الإلهية له في صور المظاهر موجبا للتشبيه، أورد هذه الحكمة عقبيهما، وقرن بينهما وبين كلمته، عليه السلام، لكونه مظهرا للعشق والخلة.
ومن شدة المحبة جعل يطلب في مظاهر الكواكب لظهور النورية فيها، ومن غلبة المحبة والهيمان قال: "لئن لم يهدني ربى لأكونن من الظالمين." أي، الحائرين في جمال الحق.
وعند كمال الهيمان فنى عن نفسه، وتجلى له الحق، فبقى بالحق في مقام الجمع والفرق، وأدركه في مظاهر سماوات الأرواح وأرض الأجسام والأشباح.
فقال: "إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض"
- بتجليه الوجودي عليها وسريان ذاته فيها - (حنيفا مسلما) – فانيا عن الأفعال والصفات والذات في أفعاله وصفاته وذاته - (وما أنا من المشركين.) المثبتين للغير، لوجداني الذات الإلهية في صور جميع الأعيان بالكشف والعيان.
(إنما سمى الخليل خليلا، لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح منى ..... وبه سمى الخليل خليلا)
أي، سمى الخليل خليلا لتخلله القلب والروح ، كما يسمى الخمر خمرا لتخميره العقل.
و (العقل) عقلا لتقييده وضبطه الأشياء.
وتخلله عبارة من سريانه في المظاهرالإلهية
والصفات الربوبية، كسريان هوية الحق فيها من حيث اسمه (اللطيف).
ولكون استعمال التخلل هنا مجازا، عطف على قوله: (وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية).
وهو الصفات الثبوتية الحقيقية الموجبة للتشبيه من الاسم (الظاهر) و(الباطن)، ليكون مثبتا للمراد.
والفرق بين خلته وخلة نبينا، صلوات عليهما- التي أثبتها لنفسه في آخر خطبة خطبها قبل وفاته بخمسة أيام وقال، بعد حمد الله والثناء عليه: "إنه قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء، وإني أبرء إلى الله أن اتخذ أحدا منكم خليلا . ولو كنت متخذا خليلا، لا تخذت أبا بكر خليلا. إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا. أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء" .
وكان ذلك تعريفا منه بأكمل أحواله ومقاماته - أن خلة إبراهيم، عليه السلام، كانت مستفادة من حيث الباطن من الخلة المحمدية الثابتة لحقيقته أولا وآخرا، كنبوته، بل نبوة جميع الأنبياء وكمالاتهم أيضا كذلك.
ومن تحقق أن روحه، عليه السلام، أبو الأرواح جميعا، لا يستغرب أن يكون كماله أصل جميع الكمالات.
فخلته ذاتية كنبوته، وخلة غيره عرضية كنبوته.
كما مر من أنغيره لا يكون نبيا إلا عند الاتصاف بالوجود الشهادي، وهو نبي حال كونهفي الغيب، لأن غيره ما دام في الغيب، محكوم بحكمه.
لذلك كان جميعهم تحتلوائه يوم القيامة، فإن الآخر مطابق للأول.
ولذلك قال حين التجاء الناس إليه وقالوا: اشفع لنا، فإنك خليل الله: (إنما كنت خليلا من وراء وراء). هذا منحيث المغايرة بينهما.
وأما من حيث أحدية عينهما وكون إبراهيم مظهرا منمظاهره الكلية، فالفرق بحسب المرتبة الكمالية الختمية، إذ كمال الخاتم للمقامأعلى وأرفع من كمال الغير الخاتم. والمراد بـ (الروح) في البيت المستشهد، الروح الحيواني الساري في جميع أجزاء البدن، أي: سريت في ذاتي وقلبي.
كسريان الروح الحيواني في مسالكه.
فأورد رضى الله عنه مثالين: أحدهما عقلي، كقول الشاعر، لأن التخلل
عشق المحبوب مسالك الروح من المحب العاشق، وسريانه في جوهر ذاته أمرعقلي.
والآخر حسي، كقوله: (كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن).
أي، تخلل الخليل، عليه السلام، الذات الإلهية بالاختفاء فيها والاتصاف بصفاتها، كما يتخلل اللون المتلون بسريانه في جميع أجزاء المتلون بحيث يكون هو هو في الحس.
ولا يفرق بينهما بالإشارة الحسية، فيكون مكانه عين مكان المتلون، ولا يكون بينهما امتياز في الحس، كالمكان والمتمكن.
و (الباء) في قوله: (بحيث) بمعنى (في). أي، يكون العرض في مكان جوهره لسريانه في جميع أجزاء الجوهر الذي هو المعروض.
و (ما) بمعنى (ليس.)والضمير الذي بعده عائد إلى (التخلل).
أي، ليس ذلك التخلل كتخلل جسم في جسم، ليكون أحدهما مكان الآخر، فيكون نسبة المتخلل إلى ما وقع فيه التخلل كنسبة المكان والمتمكن، فيلزم كون الحق ظرفا للتخليل، وفي عكسه حلول الحقفيه. وكلاهما باطلان.
بل كتخلل اللون المتلون. وشبه المعقول بالمحسوس تفهيما للطالبين، إذ كل ما وقع في الشهادة دليل على ما هو واقع في الغيب.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولتخلل الحق وجود صورة إبراهيم، عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك).
عطف على قوله: (لتخلله وحصره). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله، ولتخلل الحق بظهور الهوية وسريانها في وجود إبراهيم في الخارج وعينهفي العلم. وفي كل حكم يصح من ذلك الوجود من الصفات والكمالات اللازمة لتعينه.
والمراد بـ (الصورة) عينه الخارجي. وإنما تعرض تخلل الحق في علة التسمية، لأن تخلله، عليه السلام، اثر تخلله تعالى شأنه، إذ كل ما يظهر للعبدمن الأحوال والكمالات إنما هو من تجليه باسمه (الأول) و (الباطن) وإيجاده في القلوب، فيكون التخلل من هذا الطرف في مقابلة التخلل من ذلك الطرف ولكون علة التسمية ظاهرا تخلله، عليه السلام، قدمه في الذكر، ثم نبه بمبدأه.
والتخلل من إبراهيم، عليه السلام، نتيجة قرب النوافل، ومن الحق نتيجة قرب الفرائض.
وفي بعض النسخ: (أو لتخلل الحق). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله وجود الحق. أو لتخلل الحق وجوده..
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:15 عدل 5 مرات

الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
"الهيمان شدة العشق، وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أيه جهة كان، لا على التعيين وعدم امتیاز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده . كتاب نقد النصوص في شرح نقش الفصوص للجامي"
فصار الرب ظاهره متصلها بصفاته المحدثة باعتبار ظهوره فيه، أو تخلل الحق صفات إبراهيم فصار إبراهيم ظاهره متصفا بما يناسب صفاته القديمة، هذا كله باعتبار الصفات الظاهرة فقط، فجعل تارة للحق، وتارة لإبراهيم.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية. قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... و به سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان و المتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق الحق )
وأما ظهور الذات مع جميع الصفات فمختص بنبينا صلى الله عليه وسلم فسمي لذلك حبيبا من حبه القلبي الجامع لسر الروح والنفس.
فهو إشارة إلى جمعيته للكل، ولما اقتضت هذه الجمعية غاية الظهور لاستغراقها وجوه الظهور خفیت.
ولذلك لم ينص الحق تعالى في كتابه على كونه حبا بل أشار إليه بقوله: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" [آل عمران: 31].
وقد نص على كون إبراهيم عليه السلام خليلا. فقال: "واتخذ الله إبراهيم خليلا" [النساء: 125].
وإلى ما ذكرنا في معنى الخلة أشار بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا) .
أي: سمى إبراهيم خليل الله؛ (لتخلله) أي: لجعله صفاته غير متمايزة عن صفات الحق عند ظهور الحق بصفات إبراهيم حين أخفى إبراهيم صفاته في صفات الحق (وحصره) أي إبراهيم (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) باعتبار ظهوره في مظاهر العالم، وإلا فللحق صفات
لا تقبل الظهور، كما أشار إليه الحديث: "أو استأثرت به في علم الغيب عندك". رواه أحمد وابن حبان والحاكم .
وهذا اعتذار بأن غيره، وإن تتخلل بعض تلك الصفات فلا يسمى خليط؛ لأن ذلك حاصل في كل شيء، فلا يختص بهذا الاسم إلا من اتصف بجميع تلك الصفات، ثم استشهد على ذلك بما قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
أي: صرت بحيث لا يمتاز قلبك عن قلبي الذي هو مسلك الروح .
(وبذا) أي: وهذا سمي أعني: عدم الامتياز (سمي الخليل خليلا) ثم شبه هذا التحلل المعنوي في عدم قبول الإشارة المعنوية المميزة بالتخلل الحسي للون مع المتلون في عدم قبول الإشارة الحسية المميزة .
"" قالهما الشاعر بشار بن برد :
قَدْ تخلَّلْتَ مسلكَ الروح مِنِّي ولذا سمي الخليلُ خليلا
فإِذَا ما انَطقْتُ كنْتَ حديثي وإذا ما سكت كنتَ الغليلا
وهما بيتين قالهما البحتري
قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي وَبِذَا سُمِّيَ الخَلياُ الخَلِيلاَ
وإِذا مَا نطَقْتُ كُنْتَ صَحِيحاً وإِذا مَا سَكَتُّ كُنْتَ عَليلاَ ""
فقال: (كما يتخلل اللون المتلون فيكون العرض) أي: اللون (بحيث جوهره) أي: في حيز جوهرة بحيث لا يمتاز أحد الحيزين عن الآخر.
(ما هو) أي: ليس هذا التحلل کالمكان والمتمكن، فإن حيز كل واحد منهما يمتاز عن الآخر بالإشارة الحسية هذا باعتبار كون الحق هو الظاهر بصفات إبراهيم.
ثم أشار إلى عکسه بقوله: أو (للتخلل الحق وجود صورة إبراهيم الخ) أي: بجعل الحق صفاته صفات إبراهيم عليه السلام بحيث يظهر إبراهيم عليه السلام بما يناسب صفات الحق.
ثم أشار إلى حقية المعنيين في كون إبراهيم عليه السلام سمي خليلا بحسب المواطن المختلفة فقال: وكل حكم يصح في خلة إبراهيم أو تسميته خليلا؟
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
الفص الإبراهيمي
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
المهيمية أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالهيمان ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إبراهيم العلي لبلوغه مبلغا لا يدري أنه يخلل إبراهيم حضرات صفات الرب."الهيمان شدة العشق، وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أيه جهة كان، لا على التعيين وعدم امتیاز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده . كتاب نقد النصوص في شرح نقش الفصوص للجامي"
فصار الرب ظاهره متصلها بصفاته المحدثة باعتبار ظهوره فيه، أو تخلل الحق صفات إبراهيم فصار إبراهيم ظاهره متصفا بما يناسب صفاته القديمة، هذا كله باعتبار الصفات الظاهرة فقط، فجعل تارة للحق، وتارة لإبراهيم.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية. قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... و به سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان و المتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق الحق )
وأما ظهور الذات مع جميع الصفات فمختص بنبينا صلى الله عليه وسلم فسمي لذلك حبيبا من حبه القلبي الجامع لسر الروح والنفس.
فهو إشارة إلى جمعيته للكل، ولما اقتضت هذه الجمعية غاية الظهور لاستغراقها وجوه الظهور خفیت.
ولذلك لم ينص الحق تعالى في كتابه على كونه حبا بل أشار إليه بقوله: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" [آل عمران: 31].
وقد نص على كون إبراهيم عليه السلام خليلا. فقال: "واتخذ الله إبراهيم خليلا" [النساء: 125].
وإلى ما ذكرنا في معنى الخلة أشار بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا) .
أي: سمى إبراهيم خليل الله؛ (لتخلله) أي: لجعله صفاته غير متمايزة عن صفات الحق عند ظهور الحق بصفات إبراهيم حين أخفى إبراهيم صفاته في صفات الحق (وحصره) أي إبراهيم (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) باعتبار ظهوره في مظاهر العالم، وإلا فللحق صفات
لا تقبل الظهور، كما أشار إليه الحديث: "أو استأثرت به في علم الغيب عندك". رواه أحمد وابن حبان والحاكم .
وهذا اعتذار بأن غيره، وإن تتخلل بعض تلك الصفات فلا يسمى خليط؛ لأن ذلك حاصل في كل شيء، فلا يختص بهذا الاسم إلا من اتصف بجميع تلك الصفات، ثم استشهد على ذلك بما قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
أي: صرت بحيث لا يمتاز قلبك عن قلبي الذي هو مسلك الروح .
(وبذا) أي: وهذا سمي أعني: عدم الامتياز (سمي الخليل خليلا) ثم شبه هذا التحلل المعنوي في عدم قبول الإشارة المعنوية المميزة بالتخلل الحسي للون مع المتلون في عدم قبول الإشارة الحسية المميزة .
"" قالهما الشاعر بشار بن برد :
قَدْ تخلَّلْتَ مسلكَ الروح مِنِّي ولذا سمي الخليلُ خليلا
فإِذَا ما انَطقْتُ كنْتَ حديثي وإذا ما سكت كنتَ الغليلا
وهما بيتين قالهما البحتري
قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي وَبِذَا سُمِّيَ الخَلياُ الخَلِيلاَ
وإِذا مَا نطَقْتُ كُنْتَ صَحِيحاً وإِذا مَا سَكَتُّ كُنْتَ عَليلاَ ""
فقال: (كما يتخلل اللون المتلون فيكون العرض) أي: اللون (بحيث جوهره) أي: في حيز جوهرة بحيث لا يمتاز أحد الحيزين عن الآخر.
(ما هو) أي: ليس هذا التحلل کالمكان والمتمكن، فإن حيز كل واحد منهما يمتاز عن الآخر بالإشارة الحسية هذا باعتبار كون الحق هو الظاهر بصفات إبراهيم.
ثم أشار إلى عکسه بقوله: أو (للتخلل الحق وجود صورة إبراهيم الخ) أي: بجعل الحق صفاته صفات إبراهيم عليه السلام بحيث يظهر إبراهيم عليه السلام بما يناسب صفات الحق.
ثم أشار إلى حقية المعنيين في كون إبراهيم عليه السلام سمي خليلا بحسب المواطن المختلفة فقال: وكل حكم يصح في خلة إبراهيم أو تسميته خليلا؟
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فصّ حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيميّة
* فإنّ الهيمان هو شدّة العطش والوله .
ثمّ إنّ الوحدة الشخصيّة والأحكام الامتيازيّة التي بها تتعيّن الحقائق منها ما يحيط بتلك الحقائق إحاطة المكان بالمتمكَّن - بدون أن يكون بينهما امتزاج أو تحصل منهما هيأة وحدانيّة ، للاختلال بجهة المناسبة وفقدان كمال الجمعيّة الموجب لذلك الامتزاج والاتّحاد - كالمفارقات والبسائط المجردة .
وبيان ذلك : أنّ المجرّدات لعدم استيعابها التحقّق بسائر الأسماء فإنّها الجمعيّة القاضية بالمناسبة بينها وبين أصل التعيّن ومبدئه ، فلذلك إنّما أفيض عليهم ضرب من التعيّنات التي لا امتزاج لها بالمتعيّن - امتزاج التخلَّل والاختلاط ، كما في الأعراض السارية في الجواهر ، بل امتزاج الملاقاة والإحاطة ، كما للمكان بالنسبة إلى المتمكَّن .
وذلك لما عرفت من أنّ التعيّن الخارجي هو ثمرة ذلك الأصل وظلّ شجرته ، فبحسب ظهور المناسبة يقع الامتزاج ، وكمال تلك المناسبة مفقودة لديهم ، فلذلك إنّما اختلط التعيّن بهم اختلاط تمايز وتفرقة ، على ما لوّح إليه عقد العقل .
وبيّن أنّه إذا كان كذلك لا يقع مداركهم من ذلك الأصل إلَّا على حدوده ونهاياته ، ولذلك إنّما يدرك من الحقّ أوصافه العدميّة .
ومنها ما يختلط ويتخلَّل اختلاط الأعراض السارية في أجزائها ، الممتزجة بها كل الامتزاج ، كالمركَّبات الماديّة المنتهي أمر تمامها إلى القلب الإنساني ، وبذلك يستأهل أن يدرك من الحقّ أوصافه الثبوتيّة ، ويجمع بين التنزيه والتشبيه حاصرا للكلّ ، به يستحقّ لأن يحمد الله ويعرفه بالأوصاف الثبوتيّة والمتحقّق بذلك هو إبراهيم ، فإنّ من قبله من الأنبياء إنّما هم المسبّحون فقط.
وتمام تحقيق هذا الكلام : أنّ الكامل ما لم يترقّ عن مفترق المتقابلين - الذي هو منتهى مدارج النوع الإنساني ، وهو الذي يقال له « قاب قوسين » - كما مرّ غير مرّة - هو في طيّ أحدهما بالضرورة ، فالوحدة عنده هو الذي في مقابله الكثرة ، والتنزيه هو الذي في مقابله التشبيه - إلى غير ذلك .
فأمّا إذا فاز بالوصول إلى مدارج الورثة الختميّة ، وبلغ إلى مقام الوحدة الحقيقية التي انطوى عندها ثنويّة المتقابلين ، فهو لا ينحجب بأحد المتقابلين عن الآخر ، بل إنّما يشهد كلَّا منهما في الآخر .
وجه اختصاص إبراهيم بالخلَّة
ومن فهم هذا عرف سبب اختصاص شهود القرب من الله بالخاتم وأهله وعلم وجه تصدير الفصّ هذا بالتخلَّل الذي هو سبب التسمية فإنّه لما كان إبراهيم هو أوّل من وفّى بمقتضى الحقيقة الإنسانيّة وفاز بالكمال الجمعيّ ، وتحقّق بالمقام القلبي ، وبه أسّس بنيان بيت الكمال الختمي ورفع قواعده ، سمّي خليلا .
وأشار إلى ذلك بقوله : ( إنّما سمّي خليلا لتخلَّله وحصره جميع ما اتّصفت به الذات الإلهيّة - قال الشاعر :
وتخلَّلت مسلك الروح منّي .... وبه سمّي الخليل خليلا
كما يتخلَّل اللون المتلوّن ) فإنّ في القلب بإزاء كلّ اسم جزء يقابله ويظهر - هو به - ظهور الجوهر بالعرض - ( فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكَّن ) ، فإنّ حلوله فيه ليس حلول السريان ، بل إنّما امتزاجها بحسب الحدود والنهايات فقط .
قرب النوافل
وهذا التخلَّل المذكور هو المسمّى بـ « قرب النوافل » لما ورد في الصحيح:
"لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحببته ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ".
فإنّ مؤدّى تقرّب العبد إلى الحقّ بالنوافل والزوايد من الأوصاف والأفعال - متدرّجا فيها إلى أن ينتهي إلى حبّ الله الواحد بالوحدة الحقيقيّة له - إنّما هو الحصر المذكور ، على ما لوّح عليه "الحبّ " .
كما أنّ كون الحقّ عين سمع العبد وساير قواه مشعر بالتخلَّل الاستيعابيّ الإحاطيّ مطلقا .
وإنّما سمّى بقرب النوافل ، لأنّ الإدراك فيه إنّما نسب إلى العبد ، فإنّ ضمير « يسمع » إنّما يرجع إليه ، فهو القريب ، والعبد - من حيث هو عبد - زائد في الوجود نافل .
( أو لتخلَّل الحقّ وجود صورة إبراهيم ) ، فإنّ إبراهيم عليه السلام لتحقّقه بالصفات الوجوديّة اكتسب صورته وجودا به يستعدّ للتخلَّل المذكور ، ولذلك قال :
" وجود صورة إبراهيم " بزيادة قيد « الوجود » وهو المسمّى بقرب الفرائض لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « إنّ الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده » ، لأنّ الإدراك وسائر الأوصاف إنّما هو للحقّ في هذا القرب ، ووجود الحقّ مقطوع به ، والفرض : القطع - لغة - .
وملخّص هذا الكلام : أنّ الكمال الجمعي الذي هو موطن تحقّق إبراهيم - كما أشير إليه - إنّما يقتضي إثبات عين العبد مع الحق ضرورة ، وحينئذ يتحقّق نسبة القرب .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
الفص الإبراهيمي
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا بتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية ؛ قال الشاعر
بسم الله الرحمن الرحيم
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما خص الحكمة المهيمية بالكلمة الإبراهيمية لأن التهييم من الهيمان وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أي جهة كان لا على التعيين .
وهذه الصفة تحققت أولا في الملائكة المهيمين تجلى لهم الحق سبحانه في جلال جماله فهاموا فيه وغابوا عن سوى الحق حتى عن أنفسهم.
وثانيا من كمل الأنبياء في إبراهيم عليه السلام حيث غلب عليه محبة الحق حتى تبرأ عن أبيه في الحق وعن قومه وتصدى لذبح ابنه في سبيل الله .
وخرج عن جميع ماله مع كثرته المشهورة لله سبحانه ، وإنما قرنها بالحكمة القدوسية، لأنه وجب أن يذكر بعد الصفات التنزيهية السلبية أحكام الصفات النبوية ومراتبها.
وأول مظاهرها : الإنسانية، لتكمیل مرتبة المعرفة بالذات فإن السلوب لا تفيد معرفة تامة أصلا.
وكان الخليل عليه السلام أول مرآة ظهرت بها أحكام الصفات الإلهية الثبوتية.
وأول من حاز التخلق بها، فله أولية الظهور بالصفات الإلهية الثبوتية بمعنى أنه بحقيقته كسائر الذات بالصفات.
وهذه المناسبة ورد في الصحيح أن أول من يكسی يوم القيامة من الخلق إبراهيم عليه السلام ، لأنه الجزاء الوفاق. رواه البخاري ومسلم وغيرهم
(إنما سمي الخليل) يعني إبراهيم عليه السلام (خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) .
والمراد بتخلله الصفات الإلهية وحصرها إياها دخوله حضراتها وقيامه بمظهریانها واستيعابه إياها بحيث لا يشذ شيء منها بشرط أن تكون ظهور تلك الصفات فيه علی وجه يكون على جهة الإطلاق.
والحقية فيها غالبة على جهة التشييد والخلقية ، واستشهد لما ذكره من التخلل على وجه الاستيعاب وفي وجه التسمية بها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.)
قال الشاعر بشار بن برد :( قد تخللت مسلك الروح مني)، أي دخلت من حيث محبتك جميع مسالك روحي من القوى والأعضاء بحيث لم يبق شيء منها لم يصل إليه (وبه) أي بسبب هذا التخلل (سمي الخلیل) كائنا من كان (خليلا).
ثم لما كان التخلل المذكور في وجه التسمية أمرا معقولا مثله في صورة محسوسة، ولم يكتف بالتمثيل العقلي المفهوم من البيت المستشهد به توضيحا للطالبين.
فقال : (كما بتخلل اللون) الذي هو عرض (المتلون) الذي هو جوهر يحل فيه ذلك العرض حلول السريان (فيكون)، أي بوجد (العرض بحيث) يوجد (جوهره) الذي هو قائم به حال فيه .فلا يحل جزء من أجزاء الجوهر من العرض فيستغرق العرض جميع أجزائه .
(ما هو)، أي ليس ذلك التخلي المماثل لتختل اللون المتلون (كالمكان والمتمكن)، أي كالتخلل الواقع بين المكان والمتمكن بأن يكون بين سطحيهما تماس من غير امتزاج واستيعاب.
وإنما نفى الشيخ رضي الله عنه مماثلة تخلل العبد وجود الحق و صفاته عن تداخل المتمكن المكان مع أن الحق سبحانه كما أنه منزه عن أن يكون بذاته وصفة ظرفا لشيء أو مظروفا له .
كذلك منزه عن أن يحل شيء أو يحله شيء حلول السريان، لأن المقصود من هذا التمثيل تصویر كمال الإحاطة والاستيعاب.
وهو في الصورة الأولى لا الثانية (أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم) أي صورته الوجودية الروحانية أو الجمسانية الدنيوية والأخروية .
وفي بعض النسخ و لتخلل الحق بالواو وقالوا وبناء على أنه عليه السلام جامعا بين التخللین , او بناء على أن أحدهما يكفي في وجه التسمية.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:15 عدل 4 مرات

الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة الثالثة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل حكم) حكمنا به في سبب تسمية إبراهيم عليه السلام خليلا. (يصح من ذلك) الحكمين المذكورين (فإن لكل حكم) من الحكمين المذكورين (موطنا يظهر) ذلك الحكم (به لا يتعداه) إلى غيره.
فالحكم الأول بأن سبب تسميته خليلا لتخلله جميع أوصاف الذات الإلهية وجمعه لذلك بجملته صحيح على معنى ظهور أوصاف الحق تعالی كلها القديمة بالأوصاف العرضية الحادثة ظهورة تضمحل فيه الأوصاف الحادثة لعدم وجودها في نفسها.
وتظهر الأوصاف القديمة لوجودها في نفسها من حيث إنها عين الذات وإن كانت غير الذات أيضا بوجه آخر.
والحكم الثاني بأن سبب التسمية لتخلل الحق تعالی بنفسه في وجود صورة إبراهيم عليه السلام صحيح أيضا لا على معنى الحلول أو الاتحاد، فإن ذلك لا يتصور عند من يؤمن بأن الله
تعالى له الوجود الحق وأن كل ما سواه من المخلوقات لا وجود لها من نفسها وإنما وجودها به تعالی.
فلست معه في رتبته موجود آخر، وإن كانت غيره باعتبار صورها ومقاديرها، فهي عينه باعتبار وجودها وثبوتها.
فلا يتصور أن يحل موجود في معدوم ولا يتحد به ولا يحل معدوم في موجود ولا يتحد به ولا يختلط أحدهما بالآخر هذا معلوم في بداهة العقل.
فلذلك لا يهتم بذكره العارفون، وإنما ذكرناه نحن لرد ما عساه يتوهم عند المحجوبين من أهل العلم الظاهر.
كما طعن به الشيخ رضي الله عنه بعض أهل الجهل المركب من المغرورين.
(ألا ترى) أيها المنصف (أن الحق) تعالى (يظهر بصفات المحدثات) كالفرح والضحك والتعجب ونحو ذلك مما ورد في الشرع .
(وأخبر) تعالی (بذلك عن نفسه) في قوله في الحديث القدسي:" جعت فلم تطعمني ومرضت فلم تعدني" إلى آخره وغير ذلك.
""عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة :
يا ابن آدم مرضت فلم تعدني.
قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟
قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده .
يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني؟
قال : يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟
قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي.
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني؟
قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين.
قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي". "" رواه مسلم و ابن حبان في صحيحه .
(و) يظهر أيضا (بصفات النقص وبصفات الذم) كالمكر والاستهزاء والسخرية والكيد .
قال تعالى: "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين" [آل عمران : 54].
"الله يستهزئ بهم" [البقرة: 15]،" وسخر الله منهم" [التوبة: 79]، "وأكيد كيدا" [الطارق : 16].
وعندنا في هذه الصفات الحادثات التي يظهر بها الحق تعالى لعباده وجهان :
الوجه الأول : نقرره للمبتدئين بأنها كلها صفات قديمة وردت عنه تعالى في الكتاب والسنة، نصفه بها على حد ما هو موصوف به في نفسه مما هو غیب عنا.
لأجل أن ندرب المبتديء على الإيمان بالغيب في جميع شؤونه، فإذا رسخ على ذلك وكمل في مقام المحبة نقرر له.
الوجه الثاني: وهو أن هذه الصفات الحادثات التي يظهر بها الحق تعالی لعباده هي صفات العباد الحادثات، وظهور الحق تعالی بهم لهم من قبيل الحكم الثاني.
في سبب تسمية إبراهيم عليه السلام خليلا لتخلل الحق تعالى في وجود صورته كما ذكرناه من غير حلول ولا اتحاد.
وأشار إلى حكم الأول في سبب التسمية بقوله (ألا ترى) أيها المنصف العبد (المخلوق يظهر) في مقام كماله (بصفات الحق) تعالى (من أولها إلى آخرها) فيسمع به ويبصر به ويتكلم به إلى غير ذلك.
من قبيل قولهم لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإن الحول والقوة شاملان لجميع الصفات (وكلها)، أي صفات الحق تعالی (حق له)، أي للمخلوق لظهوره بها من وراء سمعه وبصره وكلامه وباقي صفاته العرضية الحادثة، لأنها تضمحل عند ظهور تلك الصفات القديمة الحقيقية له.
(كما هي)، يعني (صفات المحدثات) العرضية الحادثة (حق للحق) سبحانه وتعالى باعتبار أنها آثاره، فهي منتهى ظهوره، ولا ظهر بها غيره كما لا باطن عنها غيره، فهو الظاهر والباطن لا غير وقال الله تعالى:
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
فقال : (وكل حكم) على الله من صفات المحدثات وعلى العبد من صفات الحق يصح من ذلك النخلل ولولا التخلل ما صح هذا الحكم.
(فإن لكل حكم موطنا) خاصا به (يظهر به) ذلك الحكم به أي بسببه أو فيه.
(لا يتعداه) أي لا يظهر ذلك الحكم بغير ذلك الموطن ولا يظهر في ذلك الموطن غير ذلك الحكم لاختصاصهما من الطرفين .
ولولا تخلل المحكوم عليه ذلك الموطن لم يظهر ذلك الحكم أبدا مع أنه قد شاهدنا ظهور الأحكام.
وإليه أشار بقوله : (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات وأخبر بذلك عن نفسه وبصفات النقص وبصفات الذم) .
ولو لم يتخلل الحق وجود صورة المحدثات لم يظهر منه الحكم على نفسه بصفات المحدثات .
(ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها) إلا الوجوب الذاتي (وكلها) أي كل صفات الحق . (حق له) أي ثابت للمخلوق وينعت المخلوق بها ولولا تخلل العبد الحق لما صح هذا الحكم.
(كما هي) ضمير الشأن يفسره قوله : (صفات المحدثات حق) أي ثابت (للحق) .
اعلم أن التخلل عبارة عن السريان ومعنى سريان الحق في العبد وجوده أثر ذاته وصفاته في وجود العبد .
مع كون الحق منزها بجميع صفاته عن هذا الكون أن الاتحاد من كل الوجوه باطل عندهم.
فلما نزل الحق نفسه منزلة العبد فأثبت لنفسه ما هو من خواص عبده .
فقال : مرضت وجعت علمنا أن المريض والجائع ليس صورة العبد بل الروح المتصف بصفات الله تعالى الظاهر في صورة العبد بالهيكل المحسوس .
المشاهد فما أثبت صفات المحدثات في الحقيقة لنفسه بل أثبت لأثر نفسه تنبيها على أنه واجب التعظيم .
فإنه ظل الله تعالى فالله تعالى أعظم ظله كما عظم نفسه فما قال إلا تعظيمة للعباد فمن أعاد فقد أعاد الحق فمن أشبعه فقد أشبع الحق على طريق من أكرم عالمة فقد أكرمني وهذا مخصوص بالإنسان دون غيره .
لأن كمال ظهور الحق فيه لا في غيره لذلك لا يثبت لنفسه صفات سائر المحدثات. ومعنی سريان العبد في الحق إحاطته جميع ما اتصفت به ذات الحق بحسب استعداده .
وقد صرح بهذا المعنى بقوله : وحصره بعد قوله لتخلله فانظر بنظر الإنصاف كیف عادت مسائل الفن بتوجهنا إلى سيرتها الأولى سيرة الشريعة وسيجيء تحقيقه ويدل على ثبوت صفات المحدثات للحق.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
والمصطلح الثاني قولنا:
المعنى وهو عالم الصفات وهذا المعنى ينبغي أن يتخيل كأنه كلي لما لا يتناهي، وفي تفسير ما لا يتناهي بيني وبين سندي وشيخي، الشيخ محيي الدين مظهر هذا الكتاب الذي هو الفصوص، خلاف أو شيء يشبه الخلاف.
فأنا أقول: إن جزئیات هذا الذي فرضناه كليا أو كالكلي لا وجود لها قبل كونها، ولا ثبوت لها أصلا بوجه من الوجوه.
وقد تلفظ الشيخ، رضي الله عنه، بهذا لكنه يعود يقرر غيره أيضا، وموضع ذكره لهذا الذي ذكرناه هو في الحكمة القدوسية في الكلمة الإدريسية، وصورة لفظه هكذا: لأن الأعيان التي لها العدم الثابتة فيه ما شمت رائحة من الوجود،
فنعود ونقول: إن جزئیات هذا الذي فرضناه كـ الكلي لا وجود لها قبل كونها ولا ثبوت لها لأن الثبوت فيه رائحة الوجود وإنما سميناه نحن بالمعنى وهو لا يستحق أن يتسمی [به] لأن الوجود الذي هو النور هو الشيء من كل وجه.
فلا بد أن يكون قويا على صفات غير متناهية تظهر، لكنها قبل ظهورها ما كانت لها أعيان ثابتة لأن الشيء لا يسبق وجوده وجود هذا، هو الحق.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال رضي الله عنه : « أو لتخلَّل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السّلام وكلّ حكم يصحّ من ذلك ، فإنّ لكلّ حكم موطنا يظهر فيه لا يتعدّاه ، ألا ترى الحقّ يظهر بصفات المحدثات ، وأخبر بذلك عن نفسه ، وبصفات النقص وبصفات الذمّ ؟ »
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق من حيث تعيّنه بوجوده في صورة إبراهيم -
يضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من صفات المخلوق ، ولا يتعدّى إليه في الصورة الإلهية الأزلية ، فإنّه تعالى أخبرنا إنّه ينادي ، ويمكر ، ويستهزئ ، ويسخر ، ويمرض ، ويجوع ، ويظمأ ، على لسان الصادق الذي " ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى " وذلك بظهوره وتعيّنه في إنّيّة العبد ، بوجوده الحقّ ، كما علمت ، فاذكر .
وقوله : « وكلّ حكم يصحّ من ذلك ، فإنّ لكلّ حكم موطنا يظهر فيه لا يتعدّاه » يريد رضي الله عنه أنّ انضياف أصناف الأحكام والأحوال والأخلاق والأفعال والأسماء والنعوت الخلقية التي توهم النقص ، وتوجب الذمّ في مرتبة العقل والشرع أو العرف إلى الجناب الإلهي بالأصالة كما ذكرنا ليس إلَّا من حيث تعيّنه بالوجود في عين هذا العبد الذي به وفيه ظهرت تلك النقائص ، لا من حيث هو هو ، ولا من حيث موطن آخر ، فإنّ موطن الدنيا وظهور الوجود الحقّ بالعبيد في الدنيا يوجب ذلك وعامتها منتفية عن العبد أيضا في الدار الآخرة والمواطن الجنانية فافهم .
قال رضي الله عنه : " ألا ترى المخلوق يظهر بصفة الخالق من أوّلها إلى آخرها وكلَّها حق له ، كما هي صفات المحدثات حق للحق ".
يعني رضي الله عنه : أنّ صفات المحدثات من حيث تعيّن الوجود الحقّ بالمحدثات وفيها بحسبها ينضاف إليه جميع صفات المحدثات وأفعالها وآثارها ، وهي حق له استحقّها من حيث تعيّنه وظهوره فيها وظهورها ووجودها به ، ولأنّ الوجود ، له صلاحية الظهور بها وإظهارها ، وذلك مقتضى حقيقته ، وكذلك من حيث هذا الوجه ، وباعتبار أنّ حقائق المحدثات وأعيانها الثابتة في العلم الذاتي الأزلي هي شؤون الحق ونسبة الذاتية التي هي فيه هو لا غير يثبت أيضا كذلك للمحدثات جميع الأسماء والصفات والنعوت والنسب التي للحق من أوّلها إلى آخرها ، وهي حق له من هذين الوجهين ، فافهم .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكل حكم يصح من ذلك كما ذكر ، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه ) أي إنما يصح الحكم الأول وهو ظهور إبراهيم بصورة الحق ، في جناب الحق ومواطن قربه في الحضرة الإلهية وفي الدار الآخرة . والحكم الثاني وهو ظهور الحق بصورة إبراهيم من حيث تعينه في وجوده ، حتى تصدر عنه الصفات الخلقية وتنضاف إليه صفات النقص :
كالتأذى في قوله – " يُؤْذُونَ الله " –
والمكر في قوله – " ومَكَرَ الله " - .
والاستهزاء في قوله " الله يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ "
والسخرية في قوله – " سَخِرَ الله مِنْهُمْ " –
بسبب تعينه بعين العبد لا من حيث حقيقته ، وقد يضاف إليه صفات الكمال فكلا الحكمين في مواطن الحب ، كالرمى في قوله – " وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى " - فإن هذا لا يضاف إليه ، والحكم به عليه قد يصح في موطن حب الفرائض والنوافل جميعا .
فقوله رضي الله عنه : ( ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات ، وأخبر بذلك عن نفسه ، وبصفات النقص وبصفات الذم ) استشهاد ومثال للقسم الثاني .
وقوله رضي الله عنه : ( ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها ) استشهاد ومثال للحكم الأول ، كاتصاف العبد بالعلم والرحمة والكرم وأمثالها.
( وكلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق ) أي وجميع صفات الحق تعالى حق واجب ثابت للمخلوق ، لأن حقيقة المخلوق هو الحق الظاهر بحقيقته في صورة عينه وصفاته صفاته فهي حق للمخلوق من حيث الحقيقة .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( وكلها ) أي كل صفات الحق حق له ، أي ثابت المخلوق وينعت بها ، ولولا تخلل العبد الحق لما صح هذا الحكم .اهـ بالى .""
وكذلك جميع صفات المحدثات حق واجب ثابت للحق تعالى فإنها شؤونه ، وإذا كان وجود المحدثات وجوده الظاهر فيها فكيف بصفاتها ، وصفات المحدثات بدل من الضمير أو بيان ، فإنه يجرى مجرى التفسير كأنه قال كما هي ، أي صفات المحدثات حق للحق .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه) تعليل لظهور الحق في أحكام يتبعوجود إبراهيم من صفاته وأفعاله. أي، الحق يتخلل وجود إبراهيم ويظهر فيهبالصفات الكونية، كالاستهزاء، والمكر، والتأذي، والسخرية، والضحك، وغير ذلك مما أخبر عن نفسه في قوله: "الله يستهزئ بهم" . "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين".، "إن الذين يؤذون الله ورسوله سخر الله منهم". وفي الحديث:
(ضحك الله مما فعلتما البارحة). فإن لكل حكم وصفة مقاما وموطنا دنيا وآخرة، في المراتب الإلهية يظهر ذلك الحكم به، أي بسبب ذلك الموطن وقابليتهللظهور فيه، ولا يتعدى ذلك الموطن. أو يظهر الحق بذلك الحكم في ذلك الموطن،ولا يتعدى عنه في ذلك الموطن. ويؤيد الثاني ما بعده، وإن كان الأول أسبق إلىالذهن.
ويجوز أن يكون (الباء) بمعنى (في). أي، يظهر ذلك الحكم والحق فيه،ولا يتعداه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟) استشهاد لتخلل الحق وجود العبد واتصافه بصفات الكون.
وذلك كقوله: "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا"،.
"ولنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه".، "ومرضت فلم تعدني". وأمثال ذلك مما مر.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها؟) استشهاد لتخلل العبد وجود الحق واتصافه بصفاته.
(وكلها حق له). أي، وكلصفات الحق حق ثابت للمخلوق الذي هو الكامل بحكم "ولقد كرمنا بنى آدم".، "وإن الله خلق آدم على صورته".، "وعلم آدم الأسماء كلها".
أي، أعطاه الأسماء والصفات الإلهية، لأن حقيقته عبارة عن ظهور هوية الحق في صورةعينه الثابتة، فهي حق ثابت للمخلوق.
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما هي صفات المحدثات حق للحق). أي، الصفات الإلهية كلها حق للعبد، كما أنصفات المحدثات حق للحق كلها حقللعبد، كما أنصفات المحدثات حق ثابت للحق تعالى، لأنها شؤونه المنبه عليها بقوله: "كل يوم في شأن."
وقوله: (هي) للقصة والشأن. أي القصة أن صفات المحدثات حق
للحق، كقوله: "قل هو الله أحد" أو يكون عائدا إلى (صفات المحدثات)المذكورة في قوله: (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات؟)
وقوله: (صفات المحدثات) بيان وتفسير لما سبق، أي (كما هي) أعني (صفات المحدثات)، أو الصفات بدل الكل من الضمير.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
(من ذلك) أي: من تخلل إبراهيم عليه السلام ، أو تخلل الحق لكنه بحسب المواطن المختلفة، (فإن لكل حكم) من هذين (موطئا يظهر) ذلك الحكم (به لا يتعداه) إلى موطن آخر .
فلا يمكن اجتماعهما في حالة واحدة باعتبار واحد، لكن كان إبراهيم مترددا بينهما تارة يفعل الحق ما يريده إبراهيم عليه السلام لو بقيت له إرادة، وتارة يفعل إبراهيم ما يريده الحق، واستدل على صحة الأول بقوله: (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات)، ويجوز إطلاق ذلك إذ (أخبر بذلك عن نفسه).
بقوله: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" [الأنفال: 17]، وكيف وقد جاز أن يظهر (بصفات النقص)؟
وقد أخبر بذلك عن نفسه بقوله: «مرضت فلم تعدني، و جعت فلم تطعمني»،
رواه مسلم وابن حبان و الأدب المفرد لابن حجر و مسند ابن راهويه
وأيضا (بصفات الذم) وأخبر بذلك عن نفسه بقوله: "الله يستهزئ بهم" [البقرة: 15]، واستدل على الثاني بقوله: (ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق) أي: بما يناسب صفاته القابلة للظهور.
(من أولها إلى آخرها) كالعليم، والقدير، والمريد، والسميع، والبصير، والمتكلم، والحي، (وكلها) أي: كل صفات الحق (حق) أي: ثابت (له) أي: العبد (كما) هي أي: القصة (صفات المحدثات حق للحق).
وهذا إشارة إلى أن حدوث العبد لا ينافي اتصافه بما يناسب الصفات القديمة، كما أن قدم الحق لا ينافي اتصاف ما ظهر منه في المحدثات بصفاتهم.
وإن كان اتصاف العبد بالصفات القديمة، واتصاف الحق به بالصفات الحادثة محالا.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:16 عدل 4 مرات

الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
لكل موطن حكم خاصّ ( وكلّ حكم يصحّ من ذلك ) الموطن فإنّه ما لم يثبت ذلك العين لم تتصوّر النسبة التي هي مبدأ سائر الأحكام ، ( فإنّ لكلّ حكم موطنا يظهر به - لا يتعدّاه - ) وهو الذي عبّر عنه لسان الشريعة بأن الأسماء توقيفيّة .
فلا بدّ من التخلَّل المذكور حتّى يمكن ظهور تلك الأحكام المتنوّعة الواقعة في طي تلك المواطن
،( ألا ترى أنّ الحقّ يظهر بصفات المحدثات ، - وأخبر بذلك عن نفسه - وبصفات النقص ، وبصفات الذمّ . ) كالتأذّي في قوله :
" يُؤْذُونَ الله " [ 33 / 57 ] ، والمكر في قوله : " وَمَكَرَ الله " [ 3 / 54 ] والاستهزاء في قوله : " الله يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ " [ 2] 15 ] ، فلو لا التخلَّل الأوّل ما صحّ ذلك .
وكذلك التخلَّل الثاني واقع ( ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحقّ من أوّلها إلى آخرها ، وكلَّها حقّ له ، كما أنّ صفات المحدثات حقّ للحقّ ) فلو لا أمر التخلَّل المذكور ما أمكن ذلك .
وعلى كلّ واحد من التقديرين ، فمورد الصفات الوجوديّة التي يحمد بها إنّما هو الحقّ لا غير فيكون :
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه. ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل حكم) عطف على قوله : وجود صورة إبراهيم أي وتتخلله كل حكم (وأثر يصح) ظهوره و انتشاؤه (من ذلك)، أي من وجود صورته في أي موطن كان وذلك بأن يتصف سبحانه بنك الحكم والأثر في ذلك الموطن وإنما قيد الحكم بالصحة وما ذكره مطلق.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن لكل حكم) يتصف به العبد ويتخلله الحق سبحانه (موطنا) باعتبار خصوصیات الصور الوجودية (يظهر) ذلك الحكم (به)، أي بهذا الموطن فالباء للسببية أو بمعنى في (لا يتعداه) إلى موطن آخر فلا يتخلل في موطن كل صورة كل الأحكام .
بل كل حكم يصح منها في ذلك الموطن كالأحكام المذمومة مثلا.
فإن موطن ظهورها إنما هي النشأة الدنيوية لا يتعداها إلى موطن النشأة الروحانية ولا إلى موطن النشأة الأخروية.
ففي هذين الموطنين لا يتخلل الحق سبحانه تلك الأحكام المذمومة، فإنها لا تتعدى موطن النشأة الجسمانية الدنيوية إليهما.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟ ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق. )
ثم نور رضي الله عنه تخلل الحق بوجود الحق و اتصافه بصفانه بقوله : (ألا ترى أن الحق يظهر ) من حيث تعينه وتقيده بالظهور في عين العبد.
(بصفات المحدثات) يعني الصفات التي لا تصبح ظهوره سبحانه بها إلا في هذه النشأة الدنيوية (وأخبر بذلك) الظهور (عن نفسه) كما قال سبحانه : "الله يستهزئ بهم" [البقرة : 15]، "ومكر الله " [آل عمران : 54] "ومرضت فلم تعدني". رواه مسلم وابن حبان وغيرهم
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يقول يوم القيامة:
يا ابن آدم مرضت فلم تعدني.؟
قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمین !
قائل : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ؟
أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده .
يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني؟
قال يا رب و كيف أطعمك وأنت رب العالمين!
قال أما علمت أنه أستطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي.
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني ؟
قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين !
قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي. "
(وبصفات النقص وبصفات الذم) ولكن يكون ذلك النقص والذم بالنسبة إلى غيره لا إليه سبحانه كما سبق تقرير ذلك.
ومن تخلل العبد وجود الحق بقوله : (ألا ترى المخلوق)، يعني الإنسان الكامل (يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها) تخلف وتحقق سوى الوجوب الذاتي فإنه لا قدم للحادث فيه (وكلها)، أي كل صفات الحق (حق)، أي ثابت (للحق سبحانه) باعتبار تعین وجوده بها .
ولما كان المفهوم من أول الفص إلى ههنا أن العبد يتخلل تارة صفات الحق سبحانه والحق يتخلل تارة صفات العبد فلكل منهما صفات تغایر صفات الآخر أراد أن ينبه على أن صفات العبد أيضا واجعة إلى الحق فإنه بعض من صور شؤونه وصفاته بعض من صفاته .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:16 عدل 2 مرات

الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة الرابعة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : («الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود. «و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور. )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ("الحمد")، أي كل فرد من أفراده الصادرة من كل شيء لكل شيء محمود أو مذموم .
على أنه المحمود عند القائلين بحمد المذموم مذموم والمذموم عند القائلين بذم المحمود محمود، فالكل محمود عند الكل، فحمد الكل للكل ("لله") تعالی.
أي مستحق له تعالی فرجعت إليه سبحانه (عواقب الثناء)، أي الحمد (من كل
حامد ومحمود) على الإطلاق، لأنه الخالق على كل حال فصفات المحدثات حق له وصفاته حق لهم، لأنه حمدهم نفسه له وحمده نفسه لهم.
وقال تعالى : "وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" [هود: 11] الواحد الظاهر بصور الخلق الكثير، ولهذا أكده بقوله ("كله" فعم) بذلك جميع (ما ذم ) من الصفات (و) جميع (ما حمد) منها .
(وما ) في الوجود (إلا محمود) من الصفات (ومذموم) منها فالكل محمود من حيث هو كل و البعض بالنسبة إلى البعض الآخر مذموم فالذم في العوالم نسبي، والحمد حقيقي.
(اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا)، أي سرى فيه وشمله باطنا وظاهرا (إلا كان) الشيء الأول الساري (محمولا فيه).
أي في الشيء الثاني والسريان هنا في حق الله تعالی بمعنى الاستيلاء (فالمتخلل) بصيغة (اسم فاعل محجوب)، أي مستور عن المتخلل بصيغة اسم مفعول وعن غيره أيضا .
هو متخلل اسم مفعول مثله (فالمتخلل) الذي هو (اسم مفعول) فقد انحجب عما فيه بنفسه فنفسه حجابه.
(فالمتخلل) بصيغة (اسم مفعول هو الظاهر) لنفسه ولغيره مما هو مثله (و) المتخلل بصيغة (اسم الفاعل هو الباطن) عن المتخلل بصيغة اسم المفعول وأمثاله (المستور) عنهم بهم.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : قوله تعالى : ("والحمد لله" فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود) لاختصاص الحمد لنفسه.
("وإليه يرجع الأمر كله") فإذا كان رجوع الأمر إليه كله (نعم) الأمر (ما ذم وحمد) على بناء المجهول.
(وما ثمة) أي وما في العالم (الا محمود أو مذموم) يعني الأمر إما محمود أو مذموم وكل منهما يرجع إليه تعالى من حيث الوجود .
أما المحمود فظاهر لأنه مستحق بالذات أن يحمد، وأما المذموم فمن حيث ملكوته نسبته إلى الله محمود ومن حيث صورته وشيئيته مذموم .
فما في العالم مذموم من هذا الوجه فما ثبت للحق إلا ملكوت صفات المحدثات لا صورتها الحسية والمراد بالملكوت هي الصفات التي تكون منشأ لخلق صفات المحدثات .
فملكوت المرض والجوع محمود ومطهر ونابت للحق ومن هذا الوجه كمال من الكمالات الإلهية ومن صورة حدوثه .
وكثافته نقص لا يمكن أن يكون صفة الله تعالى .
وكان الحق محمودة بملكوت الذم فلا يلزم من ثبوت ملكوت الذم له ثبوته له كما لا يلزم من حدوث تعلق العلم فملكوت كل شيء حادث من حيث تعلقه إلى ذلك الشيء.
ومن حيث نسبته وإضافته إلى الله قديم إذ هو اسم من أسماء الله وصفة من صفاته.
فالمراد بقوله : صفات المحدثات حق للحق ملكوت الصفات لا نفس الصفات لكن ورد النص على الظاهر .
أخرج كلامه على طريق النص فظهور الحق بصفات المحدثات بناء على أن الممكنات ثابتة على عدمها ما شممت رائحة من الوجود فما وجودها إلا إضافة وجود الحق إليها .
فظهرت بهذه الإضافة بصفات المحمودة أو المذمومة واتصفت إضافة الوجود بتلك الصفات المذمومة .
والذات مع صفاته منزه عن هذا وهذا معنى قولهم صفات المحدثات حق للحق.
(اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان) ذلك المتخلل اسم فاعل (محمولا فيه) .
أي في التخلل اسم مفعول .
(فالمتخلل اسم فاعل محجوب بالمتخلل والمتخلل اسم مفعول فاسم المفعول هو الظاهر واسم الفاعل هو الباطن المستور وهو).
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
وأما أن الحق تعالی بخلل حقيقة إبراهيم، فهو أظهرها في وجود ذاته من الوجه الذي هي فيه ذاتية له به منه فيه.
وقد تقدم معنى ذلك ويتكرر حتى يظهر إن شاء الله تعالى، وما أحسن استدلال الشيخ، رضي الله عنه، بقوله: «وإليه يرجع الأمر كله» (هود: 123) يعني محموده ومذمومه وهو، رضي الله عنه، غیر محتاج إلى الاستدلال لكن ذلك من أجل أهل الحجاب.
و مقام الخلة يثبت فيه الحق والعبد لكن يكون الحق فيه أظهر في شهود الشاهد، وفي هذا المقام
ولما بسط، رضي الله عنه، في هذا المعنى كلامه إلى آخر الحكمة الإبراهيمية، رأيت أن المعنى قليل والتعبير عنه كثير ومع ذلك ما تدركه العقول المحجوبة لكونه غير مألوف لهم .
رأيت أن اختصر الشرح في ألفاظ قليلة أرجو أن تدل على المطلوب للمكاشف والمحجوب وتعين في تسهيل المطلوب أن اصطلح على ألفاظ تدل على ما يقع من المقاصد
فمن جملتها: أني أسمي ذات الحق تعالی، من أحد وجهي ما يقال عليه النور وليس هذا هو اسم للذات المشار إليها، لأنه لا اسم لها لأن الإشارة هنا إلى ما قبل الأسماء في الرتبة، فالنور المشار إليه وإن فاق مرتبة الإشارة، فكيف العبارة؟
والباقى واضح
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال رضي الله عنه :" الْحَمْدُ لِلَّه ِ " فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود . " وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " ، فعمّ ما ذمّ وما حمد ، وما ثمّ إلَّا محمود أو مذموم » .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ كل حمد من كل حامد لكل محمود فإنّه لله ، لأنّه المحمود بالحقيقة في كل مظهر وموجود بما ظهر فيه من الكمالات والمحامد ، والظاهر بها في ذلك الحامد ، فإذن هو الحامد والمحمود والحمد ، فاذكر أقسام حمد الحمد ، كما ذكرنا في شرح الخطبة .
قال رضي الله عنه : « اعلم أنّه ما تخلَّل شيء شيئا إلَّا كان محمولا فيه ، فالمتخلَّل باسم فاعل محجوب بالمتخلَّل اسم مفعول فاسم المفعول هو الظاهر ، واسم الفاعل هو الباطن المستور ، وهو غذاء له ، كالماء يتخلَّل الصوفة فتربو به وتتّسع » .
يعني رضي الله عنه : أنّ إبراهيم عليه السّلام بتخلَّله جميع الحضرات الإلهية يكون محمولا في الحق ، محجوبا ، فهو للحق جميع أسمائه وصفاته الظاهرة عليه ، فهو غذاؤه بالأحكام والنعوت والأسماء والصفات ، وكذلك بتخلَّل الوجود الحق صورة إبراهيم يكون محمولا في إبراهيم ، فيكون الحق سمعه وبصره ولسانه وسائر قواه .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ("الْحَمْدُ لِلَّه " فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود) فإن الحمد صفة كمال من كمالاته تعالى يصدر منه حقيقة ، فإنه هو الظاهر في صورة الحامد .
مظهرا لكماله بالحمد والثناء الذي هو حقيقة لكل محمود هو عينه المتجلى في صورة ذلك المحمود للكمال الذي يستحق به الحمد "وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ".
قال الشيخ رضي الله عنه : (فعم ما ذم وحمد وما ثم إلا محمود أو مذموم ) أما عمومه لما حمد فظاهر مما مر ، وأما عمومه لما ذم فإن الذم العقلي والعرفي والشرعي لا يترتب إلا على متعين نسبى ذاتا كان أو صفة ، باعتبار تعينه ونسبته إلى متعين يوجب انعدامه أو انعدام كمال له.
ولو انقطع النظر عن ذلك التعين النسبي ، انقلب مدحا وحمدا بحسب الحقيقة وبحسب نسب أخرى أكثر من تلك النسبة ، كما أن الشهوة مذمومة والزاني والزنا مذمومان .
ولا شك أن حقيقة الشهوة هي قوة الحب الإلهي الساري في وجود النفس وهو محمود بذاته ، ألا ترى أن العنة كيف ذمت في نفسها ، وكذا الزاني باعتبار أنه إنسان ، والزنا باعتبار أنه وقاع فعل كمالى لو لم يقدر الإنسان عليه كان ناقصا مذموما .
فالشهوة باعتبار حقيقتها التي هي الحب ، وباعتبار تعينها في الصورة الذكورية أو الأنوثية ، وكونها سبب حفظ النوع وتوليد المثل وموجبة اللذة كمال محمود .
وكذا الزنا باعتبار قطع النظر عن هذا العارض كان محمودا في نفسه وبسائر النسب .
فانقلب الذم حمدا في الجميع ولم يبق توجه الذم إلا على عدم طاعة الشهوة العقل والشرع وترك سياستها لها .
فكونها مذمومة إنما هو بالإعراض عن حكمها ، حتى أدى فعلها إلى انقطاع النسب والتربية والإرث واختلال النظام بوقوع الهرج والمرج وهو فتنة .
وكلها أمور عدمية راجعة إلى اعتبار التعين الخلفي ، وجهة الإمكان وصفات الممكنات باعتبار عدميتها ، وإلا فالوجود والوجوب وأحكامهما كلها محمودة ، والأمر حمد كله .
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان محمولا فيه ، فالمتخلل : اسم فاعل محجوب ، بالمتخلَّل : اسم مفعول فاسم المفعول هو الظاهر ، واسم الفاعل هو الباطن المستور ) المتخلل : هو النافذ في الشيء المتغلغل في جوهره كالماء في الشجر.
ولا شك أن ذلك الشيء حامل له ظاهر ، والمحمول مستور فيه باطن .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (الحمد لله) فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود. وإليه يرجع الأمر كله. فعم ما ذم وحمد، وما ثمة إلا محمود أو مذموم. )
أي، قال تعالى: (الحمد لله رب العالمين). وخص ماهية الحمد لله. ولا شك أن الخلق يحمد أيضا ويثنى بلسان الحق، كما يثنى على الأنبياء والمؤمنين، وبلسان بعضهم بعضا.
والحمد إنما يكون على صفات الكمال، وهي كلها لله في الحقيقة، فرجعت عواقب الصفات الكمالية الموجبة للثناء إلى الحق تعالى بعد إضافتها إلى الخلق واتصافهم بها.
سواء كان الحامد حقا أو خلقا، والمحمود حقا وخلقا، إذ هو الذيي حمد نفسه تارة في مقامه الجمعي، وأخرى في مقامه التفصيلي.
ولما كان في الحقيقة يسمى خلقا عدما، لا وجود له، والموجود هو الحق لا غيره، عمم الحكم وأكد بـ (الكل)، وقال: (وإليه يرجع الأمر كله).، أي، سواء كان محمودا أو مذموما.
والسر فيه أن ما في الوجود خير كله، وكونه مذموماليس إلا بالنسبة إلى بعض الأشياء. ألا ترى أن الشهوة من حيث إنها
ظل المحبة الذاتية السارية في الوجود محمودة، وعدمها، وهو العنة، مذمومة، ومن حيث إنها سبب بناء النوع وموجبة لللذة التي هي نوع من التجليات الجماليةأيضا محمودة، وعند وقوعها على غير موجب الشرع مذمومة، لكونها سببالانقطاع النسل وموجبا للفتن العائدة إلى العدم؟ وهكذا جميع صور المذام.
فالكل منه وإليه من حيث الكمال. والاستدلال بالآيات وأمثالها أنما هو تأنيس للمحجوبين وعقولهم الضعيفة، وإلا أهل الكشف يشاهدون الأمر في نفسه كذلك.
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم، أنه ما تخلل شئ شيئا إلا كان محمولا فيه). لأن المتخلل هو الذي ينفذ في الشئ ويدخل في جوهره، فالداخل محمول ومستور فيه، والمدخول فيه حامل له وظاهره. فالمتخلل - اسم فاعل - محجوب بالمتخلل - اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر.
واسم الفاعل هو الباطن المستور. )
لما بنى تقريره على التخلل، رجع أيضا إليه فقال: (ما تخلل شئ شيئا) أي، ما دخل شئ في شئ إلا كان الداخل مستورا في المدخول فيه.
فالمتخلل الذي هواسم الفاعل، أي الداخل، محجوب مستور في المتخلل الذي هو اسم المفعول، أي المدخول فيه، فالمدخول فيه هو الظاهر، والداخل هو الباطن، والظاهر إنما يغتذي بالباطن، لأن الفيض لا يحصل إلا منه، فالباطن غذاء الظاهر، إذ به قوامه ووجوده.
وأورد الشيخ رضي الله عنه المثال المحسوس لزيادة الإيضاح. وإذا كان الأمر هكذا، ولا يخلو إما أن يكون الحق ظاهرا والخلق باطنا، أو بالعكس.
فإن كان الحق ظاهرا، أي، محسوسا بتجليه في مرتبة من مراتب الاسم (الظاهر)،فالخلق مستور فيه وباطنه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق وصفاته من السمع والبصر والإرادة وغيرها، وجميع النسب التي هي ملحقة بالحق شرعا. كما مر منأن الحق إذا كان متجليا في مرايا الأعيان، لا يكون الظاهر إلا هو، والأعيان باقية في الغيب على حالها.
وإن كان الخلق هو الظاهر في مرآة الحق، فالحق مستور فيه وباطنه، فالحق سمع الخلق وبصره وجميع قواه الباطنة.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : («الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود. «و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ثم استدل على ثبوت صفات المحدثات للحق بقوله: ("الحمدلله") (الفاتحة: 2]، (فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود) فكان الحق حامدا بكل حمد على لسان ذاته وعبده،.
وكان محمودا ذاته وخلقه، وإن كان الحق حامدا للخلق أو الخلق حامدا للحق فرجعت حامدية العبد و محموديته إلى الله، وهما من صفات الخلق.
ثم عمم فقال: ("وإليه يرجع الأمر كله". [هود: 123]، فعم) هذا الأمر كل (ما ذم) و حمد من الخلق فرجع إليه كل محمود ومذموم من صفات العبد.
ثم قال رضي الله عنه : يفهم من هذا رجوع جميع صفات العبد إليه؛ وذلك لأنه (ما ثم) أي: في صفات العبد (إلا محمود، أو مذموم).
إذ لا واسطة بينهما، فرجعت جميع الصفات إلى الحق، وكيف لا والصفات لا تلحق الأعيان من حيث عدمها، بل من حيث وجودها فهي لاحقة لصورة الحق.
واللاحق لصورة الشيء في حكم اللاحق به سيما إذا كانت صورته متوقفة على محاذاة ذي الصورة، لكن الذم حاصل في الصورة، إذا كانت بحسب مقتضی المرآة لم يكن لنقص في الذات.
ثم أشار إلى ما يتعلق بالتخللين من الحكم فقال: (اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان محمولا فيه) أي: حاص في ضمنه حصول العام في ضمن الخاص الذي يحمل عليه ذلك العام.
والحاصل في ضمن شيء يكون مستورا فيه، (فالمتخلل اسم فاعل محجوب)
أي: مستور (بالمتخلل اسم مفعول، فاسم المفعول) فيما نحن فيه سواء جعلناه صفات الحق، أو الخلق.
ثم قال رضي الله عنه (هو الظاهر اسم الفاعل هو الباطن)، وكل باطن لشيء محمول له غذاء لذلك الشيء بمعنى: أنه يفيد زيادة فيه.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 14 يوليو 2019 - 15:07 عدل 2 مرات

الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
الحمد لله من كل حامد وعلى كلّ محمود وعلى كلّ واحد من التقديرين ، فمورد الصفات الوجوديّة التي يحمد بها إنّما هو الحقّ لا غير فيكون ( الحمد لله ) الذي له الكمال الذي يستغرق به جميع الأمور الوجوديّة - ذمّا كان ذلك أو حمدا - بحيث لا يمكن أن يفوته نعت - كما سبق تحقيقه في الفصّ السابق .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فرجعت إليه عواقب الثناء من كلّ حامد ومحمود " وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " [ 11 / 123 ] فعمّ ما ذمّ وما حمد ، وما ثمّ إلَّا محمود أو مذموم ) .
إذا ظهر الحق فالخلق باطن ، وإذا ظهر الخلق فالحق باطن
ثمّ إذ قد بيّن أمر هذا الموطن الكمالي وشمول جمعيّته وتمام إحاطته لا بدّ وأن ينبّه إلى كيفيّة انطوائه للطرفين ومعانقة النقيضين فيه ، فإنّه هو الدليل على تمام جمعيّته وكمال شموله ، فأشار إلى ذلك بقوله :
و ( اعلم أنّه ما تخلَّل شيء شيئا إلَّا كان محمولا فيه ) أي ذلك الشيء يكون حاملا للمتخلَّل ، شاملا لكليّته ، شمول الإحاطة والحصر .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فالمتخلَّل - اسم فاعل - محجوب بالمتخلَّل - اسم مفعول - فاسم المفعول هو الظاهر واسم الفاعل هو الباطن المستور ) ، أي اسم الفاعل الباطن غذاء لاسم المفعول الظاهر
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(«الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم.
اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : («الحمد لله»: فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد و محمود.
«و إليه يرجع الأمر كله» فعم ما ذم و حمد، و ما ثم إلا محمود و مذموم. اعلم أنه ما تخلل شي ء شيئا إلا كان محمولا فيه. فالمتخلل - اسم فاعل- محجوب بالمتخلل- اسم مفعول. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور).
فأشار أولا إلى رجوع المحامد إليه بقوله تعالى: (" الحمد لله" (الفاتحة : 2]، أي الحمد الشامل كل حامدية به ومحمودية ملك لله تعالی مختص به لا يتجاوز إلى غيره .
(فرجعت إليه سبحانه عواقب الثناء) انتهاء وإن كان متعلقة بغير ابتداء (من كل حامد ومحمود).
وأشار ثانية إلى رجوع المحامد والمذام كلها إليه بقوله سبحانه :("وإليه ترجع الأمر كله" [هود: ۱۲۳] فعم).
أي هذا القول منه تعالى، أو الأمر الراجع إليه المفهوم من هذا القول (ما ذم) من الأمور (وما حمد) منها (وما ثمة)، أي في الواقع (إلا أمر محمود أو مذموم) فلا يكون أمر في الواقع إلا ويرجع إليه .
ثم إنه رضي الله عنه لما ذكر التخللين المذكورين في وجه تسمية الخليل خلية أراد أن يشير إلى أن :
أحدهما نتيجة قرب الفرائض
والأخر نتيجة قرب النوافل.
فقال : (اعلم أنه ما تخلل شيء شيئا إلا كان) الشيء المتخلل اسم فاعل (محمولا فيه)، أي في المتخلل اسم مفعول، أي مستور.
(بالمتخلل اسم مفعول فإسم المفعول هو الظاهر واسم الفاعل هو) الباطن المستور. وهو أي الباطن.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 1 يوليو 2019 - 18:16 عدل 1 مرات

الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة الخامسة:الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع. فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. ).
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو)، أي المتخلل بصيغة اسم الفاعل (غذاء له) للمتخلل بصيغة اسم المفعول من حيث إن قوامه به في جميع أحواله.
(كالماء يتخلل)، أي يدخل في خلال (الصوفة فتربو)، أي تزداد وتثقل تلك الصوفة (به وتتسع)، أي تمتد جوانبها بعد الإكناز .
(فإن كان الحق) سبحانه وتعالى (هو الظاهر) وحده لا يشاركه في الظهور غيره، لأنه قال تعالى بطريق الحصر لتعريف الطرفين : "هو الأول والأخر والظاهر والباطن" [الحديد: 3] .
(فالخلق) حينئذ (مستور فيه) تعالى هكذا تشهده العارفون من غير أن يشهد. وللخلق وجود آخر غير وجوده تعالى حتى يلزم أن يكون الخلق حالا في الحق سبحانه وتعالى بل علم الحق تعالى وإرادته وقدرته.
وتضمنت هذه الثلاث صفات ظهور صور العالم كلها بطريق الحكم والتوجه على الاختراع للأشياء العلمية.
فالحكم بمراده يظهر مراده لمراده قائما به لا ثبوت له في عينه .
(فیكون الخلق) على هذا (جميع أسماء الحق) تعالی من (سمعه وبصره) فيسمع الحق تعالی بالخلق ويبصر بهم . قال تعالى: "والله بصير بالعباد" [آل عمران: 15].
(و) كذلك الخلق (جميع نسبه) تعالي أسماء الأفعال من تخليقه و ترزیقه وإحيائه وإماتته وضره ونفعه، فيخلق بهم ويرزق بهم ويحيي بهم ويميت بهم ويضر بهم وينفع بهم. قال تعالى: "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم" [التوبة: 14].
(و) كذلك جميع (إدراكاته) تعالی من علمه وخبرته ابتلائه وامتحانه (وإن كان الخلق هو الظاهر) لا غير (فالحق) سبحانه وتعالى (مستور) ورائه لا من جهة بل من وراء الجهات أيضا فإنها من جملة الخلق.قال الله تعالى : "والله من اهم محيط "[البروج: 20].
(باطن فيه)، أي في الخلق لا على معنى الحلول إذ لا يحل موجود في معدوم أبدا . وهذا مشهد أهل القرب إليه تعالى من السالكين (فالحق) سبحانه حينئذ (سمع الخلق) الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (ويده) التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها (وجميع قواه من) النطق والفهم ونحو ذلك (كما ورد) عن النبي عليه السلام في الخبر الصحيح في حق المتقرب بالنوافل .
""قال رسول الله : «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته». رواه البخاري وابن حبان في صحيحه""
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
أي الباطن (غذاء له) أي للظاهر (كالماء بتخلل الصوفة فتربو به) أي بالماء وتتسع تلك الصوفة.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه فيكون الخلق جميع أسماء الحق)
قوله : (سمعه وبصره وجميع نسبه و إدراكاته) عطف بيان.
لقوله : جميع أسماء الحق هذا نتيجة قرب الفرائض فشاهد العبد في ذلك المقام في مرآة وجوده الوجود الحق ويرى أن الحق يسمع به ويبصر به.
وكأن الأحكام كلها للحق لكن بسبب العبد وهذا إذا تجلى الله لعباده باسمه الباطن وحينئذ كان العبد باطنا والحق ظاهرا له.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وإذا كان الخلق هو الظاهر فالحي مستور وباطن فيه) أي في الخلق .
(فالحق يكون سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه) أي يرى العبد أن الحق قراء الظاهرة و الباطنة فأخبر الحق عن ذلك المقام على حسب مشاهدة العبد وإلا لم يكن الحق يد أحد ولا رجله في نفس الأمر .
(كما ورد في الخبر الصحيح) "كنت سمعه وبصره" هذا إذا تجلى الحق العبد بالاسم الظاهر .
فيرى للعبد وجوده في مرآة الحق فيشاهد أن الأحكام كلها ثابتة لنفسه وأن الحق سبب له لظهور الأحكام من العبد وهو نتيجة قرب النوافل .
هذا إن اعتبرت الذات الإلهية من حيث النسب والإضافات وهي اعتبار الذات مع جميع الصفات.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
أني أسمي ذات الحق تعالی، من أحد وجهي ما يقال عليه النور وليس هذا هو اسم للذات المشار إليها، لأنه لا اسم لها لأن الإشارة هنا إلى ما قبل الأسماء في الرتبة، فالنور المشار إليه وإن فاق مرتبة الإشارة، فكيف العبارة؟
ليس اسما للذات وهذا النور يجب أن يعلم بحسب الإمكان أنه ما يقابل قولنا العدم المطلق .
ولما كان العدم المطلق هو لا شيء من كل وجه، إن كان يقبل شيء من كل وجه أن يخبر عنه لكن للضرورة، فما نجد لفظا يدل عليه أحسن من قولنا:
لا شيء من كل وجه وإن كان لا شيء من كل وجه لا يقبل أن يدل عليه بلفظ، لأنه لا ذات له.
فنعود ونقول لا شيء من كل وجه يقابله ما هو الشيء من كل وجه .
وذلك هو الذي يعني بأنه النور المعبر به عن الذات لا باعتبار الصفات.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال رضي الله عنه : "وهو غذاء له ، كالماء يتخلَّل الصوفة فتربو به وتتّسع » .
يعني رضي الله عنه : أنّ إبراهيم عليه السّلام بتخلَّله جميع الحضرات الإلهية يكون محمولا في الحق ، محجوبا ، فهو للحق جميع أسمائه وصفاته الظاهرة عليه ، فهو غذاؤه بالأحكام والنعوت والأسماء والصفات ، وكذلك بتخلَّل الوجود الحق صورة إبراهيم يكون محمولا في إبراهيم ، فيكون الحق سمعه وبصره ولسانه وسائر قواه .
قال رضي الله عنه : « فإن كان الحق هو الظاهر ، فالخلق مستور فيه ، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته .
وإن كان الخلق هو الظاهر ، فالحق مستور ، باطن فيه ، فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه ، كما ورد في الخبر الصحيح » .
قال العبد : يشير رضي الله عنه : إلى مقامي قرب الفرائض والنوافل ، وذلك أنّ
وجود الحق هو الأصل الواجب وهو الفرض ووجود العالم وهو العبد نقل وفرع عليه ، لأنّ الوجود الحق لكمال سعته وسع الحق المطلق ، والخلق المقيّد ، فإذا ظهر الحق ، خفي العبد فيه ، كان الله ولا شيء معه أوّلا " لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّه ِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ " آخرا ، فكان العبد سمع الحق وبصره وسائر قواه ، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم « إنّ الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده . هذه يد الله ، واليد يد محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وكذلك هو الرامي حقيقة في " إِذْ رَمَيْتَ " ، فيده يد الحق والحق هو الرامي ، لنفيه الرمي عن محمّد في قوله : " وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ " ، وإثباته الرمي للحق بقوله :
" وَلكِنَّ الله رَمى " .
والثاني قرب النوافل ، فهو كون الحق بوجوده محمولا في إنّيّة العبد وهويّته له فهو سمع العبد وبصره ولسانه وسائر قواه ، والحديث الثابت في الصحيح المثبت سرّ المقامين قد ذكر فيما ذكر ، فتذكَّر .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهو ) أي المتخلل ( غذاء له ) أي لما يتخلله ( كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع).
قوله رضي الله عنه : ( فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه ، فيكون الخلق جميع أسماء الحق ، سمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه ، فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه ، كما ورد في الخبر الصحيح ) إشارة
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( وإدراكاته ) عطف بيان لقوله ( جميع أسماء الحق ) هذا نتيجة قرب الفرائض ، فشاهد العهد في ذلك المقام في مرآة وجوده الوجود الحق ، ويرى أن الحق يسمع به ويبصر به ، وكأن الأحكام كلها للحق لكن بسبب العبد ، وهذا إذا تجلى الله لعباده باسمه الباطن ، وحينئذ كان العبد باطنا والحق ظاهرا له ( وإذا كان الخلق هو الظاهر ، فالحق مستور وباطن فيه ) أي في الخلق ، فالحق سمع الخلق وبصره ويده اه بالى . ""
إلى مقامي قربات الفرائض والنوافل :
فإن الأصل هو الحق الواجب ، فهو الفرض .
والخلق : هو النفل الزائد ، فإذا كان الحق ظاهرا كان الخلق متخللا محمولا فيه خفيا .
وكان جميع أسماء الحق وصفاته ، كسمعه وبصره وسائر قواه وجوارحه .
كما قال عليه الصلاة والسلام « إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده وقال هذه يد الله وأشار إلى يده » وقال تعالى " ولكِنَّ الله رَمى واليد يد محمد عليه الصلاة والسلام" .
وقد نفى عنه الرمي حيث قال :" وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى ".
وذلك قرب الفرائض ، وإن كان الخلق ظاهرا كان الحق متخللا محمولا فيه مستورا ، فكان سمع العبد وبصره وجميع جوارحه وقواه كما جاء في الحديث وذلك قرب النفل ، وكلا الأمرين جائز في إبراهيم كما ذكر.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو غذاء له، كالماء يتخلل الصوفة، فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر، فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه وبصره، وجميع نسبه وإدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر، فالحق مستور باطن فيه،
فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
الظاهر إنما يغتذي بالباطن، لأن الفيض لا يحصل إلا منه، فالباطن غذاء الظاهر، إذ به قوامه ووجوده.
وأورد الشيخ رضي الله عنه المثال المحسوس لزيادة الإيضاح.
وإذا كان الأمر هكذا، ولا يخلو إما أن يكون الحق ظاهرا والخلق باطنا، أو بالعكس.
فإن كان الحق ظاهرا، أي، محسوسا بتجليه في مرتبة من مراتب الاسم (الظاهر)، فالخلق مستور فيه وباطنه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق وصفاته من السمع والبصر والإرادة وغيرها، وجميع النسب التي هي ملحقة بالحق شرعا.
كما مر منأن الحق إذا كان متجليا في مرايا الأعيان، لا يكون الظاهر إلا هو، والأعيان باقية في الغيب على حالها.
وإن كان الخلق هو الظاهر في مرآة الحق، فالحق مستور فيه وباطنه، فالحق سمع الخلق وبصره وجميع قواه الباطنة.
وهذا نتيجة قرب النوافل، والأول نتيجة قرب الفرائض. وإنما جاء بـ (اليد) و (الرجل)الذين هما من الظاهر مع أن كلامه في الباطن، لورود الخبر الصحيح كذلك.
وفي الحديث تنبيه على أن الحق عين باطن العبد وعين ظاهره، لما جاء بالسمع والبصر، وهما أسماء القوى، وباليد والرجل، وهما أسماء الجوارح، فالحق عين قوى العبد وجوارحه.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فهو) أي: اسم الفاعل (غذاء له) أي: لاسم المفعول، وإن لم يصر أحدهما جزءا للآخر ولا من جنسه كما في الغذاء المتعارف.
بل هو (كالماء يتخلل الصوفة فتربو به) الصوفة (وتتسع) في المقدار فيصير الماء كغذاء الصوفة في إفادة الزيادة لمقدارها، ولما لم يحصل هاهنا زيادة المقدار أيضا، ولا التخلل الحسي بينه بقوله:
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن كان الحق هو الظاهر) لتحلل الخلق فيه، (فالخلق مستور فيه) استتار الغذاء في المتغذي لا باعتبار إفادة الزيادة في ذاته، أو أسمائه القديمة وصفاته من حيث هي أسماؤه، وصفاته بل في أسمائه وصفاته باعتبار ظهوره في المظاهر.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيكون الخلق جميع أسماء الحق) بهذا الاعتبار، وهي أسماء صوره في المظاهر لكن لكمال تلك الصورة يراها المكاشف كأنها ذو الصورة وإنما كان الخلق ههنا جميع صفات الحق إذ ليس لصوره في المظاهر شيء من أسمائه القديمة بل ما يناسبها من أسماء الحوادث (سمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته) فيفعل الحق بها بإرادة صاحبها، لو بقيت له إرادة.
وإن كان الخلق هو الظاهر التخلل الحق فيه، (فالحق مستور) لا كاستتار الشيء وراء الحجاب المحسوس، بل بمعنى أنه (باطن فيه) فيكون الحق غذاء الخلق باعتبار أن صفاتهم كملت بما يناسب صفاته، فيفعل العبد بها فعله في عوالمه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فالحق سمع الخلق، وبصره، ويده، ورجله، وجميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح) عن رسول الله عن الله تعالى: «كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها».
قال: فالحق سمع الخلق، ولم يقل فسمع الحق للإشارة بأنه من الكمال بحيث لا يتميز عن الصفة القديمة في نظر المكاشف، كما أن الصفات القديمة لا تتميز عن الذات، فكان العبد أيضا لا يتميز عنه.
.
يتبععدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:17 عدل 2 مرات

الفقرة الخامسة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته.
وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهو غذاء له ) ، أي اسم الفاعل الباطن غذاء لاسم المفعول الظاهر ، ( كالماء يتخلَّل الصوفة فتربو به وتتّسع ) .
( فإن كان الحقّ هو الظاهر ) - كما هو مقام قرب الفرائض على ما ورد : « إنّ الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده » ، وقال : " وَلكِنَّ الله رَمى " [ 8 / 17 ] - ( فالخلق مستور فيه ، فيكون الخلق جميع أسماء الحقّ وسمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته ) ضرورة أنّه هو الغذاء المقوّم له فالخلق حينئذ في عين ستره واختفائه هو الظاهر بأوصافه وبآثاره .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإن كان الخلق هو الظاهر ) - كما هو مقام قرب النوافل على ما ورد في حديث : « كنت سمعه وبصره » - ( فالحقّ مستور باطن فيه فالحقّ سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه - كما ورد في الخبر الصحيح) ، فالحق حينئذ في عين اختفائه واستتاره هو الظاهر بأوصافه وآثاره .
بمألوهيّة العبد يكون الحقّ إلها ثمّ إنّه بعد ذلك ينبّه إلى أن من لم يعرف الحقّ في هذا الموطن على هذه النسب هو بمعزل عن العرفان ، مشيرا في ذلك إلى علوّ رتبة العبد وتقدّم نسبته
على الأسماء كلَّها بقوله :
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع.
فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه و بصره و جميع نسبه و إدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق و بصره و يده و رجله و جميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو غذاء له كالماء يتخلل الصوفة فتربو به وتتسع. فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق سمعه وبصره وجميع نسبه وإدراكاته. وإن كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح.)
أي الباطن (غذاء له)، أي للظاهر لاختفائه كالغذاء في الظاهر ويقوي الظاهر به ، ثم أورد رضي الله عنه مثالا محسوسة للتوضيح فقال : (كالماء يتخلل الصوفة فتربو) أي تزداد الصوفة (به) ، أي بالماء (وتتسع)، أي تمتد في الأطراف
فإن كان الحق هو الظاهر في نظر العبد المتجلى له بأن براه ظاهرة بالفعل والتأثير ويرى الأحكام والآثار مستندة إليه لا إلى نفسه .
(فالخلق) يعني ذلك العبد المنجلي له (مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق) وصفاته (من سمعه وبصره وجميع نسبه من الإرادة والقدرة وغيرهما (وإدراكاته).أي علمه المتعدد بتعدد متعلقاته.
وهذا نتيجة قرب الفرائض (وإن كان الخلق) يعني العبد المتجلى له (هو الظاهر) بذلك الاستناد (فالحق مستور باطن فيه) لا يستند إليه شيء في نظره إلا بالآلية. (فالحق سمع الخلق وبصره و یده ورجله وجميع قواه)، وجوارحه وهذا نتيجة قرب النوافل (كما ورد في الخبر الصحيح)
من أنه صلى الله عليه وسلم قال إشارة إلى قرب الفرائض إن الله قال على لسان عبده: "سمع الله لمن حمده " رواه البخاري ومسلم . وقال: "هذه يد الله وهذه يد عثمان" رواه النسائي فى السنن ووافقه الألباني وابن تيمية
، وأشار إلى يده ومع أنه صلى الله عليه وسلم قال : حكاية عن الله سبحانه إشارة إلى قرب النوافل "لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل" الحديث رواه البخاري .
""قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته .""
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:17 عدل 2 مرات

الفقرة السادسة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة السادسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات) الإلهية (لو تعرت عن هذه النسب) التي هي الأوصاف والأسماء والأفعال والأحكام (لم تكن إلها ).
(وهذه النسب) المذكورة (أحدثتها) عندنا له أي أظهرتها من قوله تعالى: "وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث" [الشعراء: 5]، أي عندهم (أعياننا) إذ لا يتصف الله تعالى بالقدرة ويسمى بالقدير ويفعل ويحكم إلا بعد إمكان تصور مقدور ومفعول ومحكوم عليه.
فالمقدورات الممكنة كشف عنها علمه من الأزل، فأرادها فقدر عليها، فهو بها عالم مرید قادر .
(فنحن) لأننا عين تلك المقدورات الممكنة العدمية (جعلناه) من حيث ظهوره لنا (بمألوهيتنا)، أي بسبب أننا مألوهون له تعالى وهو إلهنا (إلها) فإن الإله هو الذي عنده جميع حوائج عباده إيجادا وإمدادا.
فالألوهية هي مجموع الصفات والأسماء والأفعال والأحكام، وهي وصف إضافي بالنسبة إلى المألوهين وهم عباده.
وهو الاههم وليس هو إلها لنفسه، لأن نفسه ليست مألوهة له، فهو غني بنفسه عن العالمين، لا بصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه.
إذ لولا العالمين ما تميزت من ذاته صفاته ولا أسماؤه ولا أفعاله ولا أحكامه، والصفات للتميز.
ولو لم يكن في العدم ممكنات توجد فتحدث فيتميز سبحانه وتعالى عنها بصفاته التي هي غير ذاته باعتبار هذا التميز فقط لكانت الصفات عين الذات، والأسماء للتعيين. ولولا تلك الممكنات العدمية لما احتاج عندها للتعيين إذ هو متعين عند نفسه، والأفعال لا تكون من غیر منفعلات.
وكذلك الأحكام من غير محكوم عليهم، فهذه الحضرات الأربع لذات الله تعالى باعتبار العالمين دون قید وجودهم، لأنه منه سبحانه .
والمراد باعتبار الممكنات العدمية التي إمكانها بلا جعل جاعل.
والحاصل أن هذا الكلام من الشيخ رضي الله عنه مبني على أن صفات الله تعالی عین ذاته كما صرح به في كتابه «الفتوحات المكية» وغيرها.
ومعنى كونها عين الذات أنها ليست زائدة على الذات المقدسة زیادة حقيقية كزيادة العرض على الجرم حين يتصف الجرم به.
ولا ينكر الشيخ رضي الله عنه زيادتها على الذات باعتبار مفهومها، ولكنه
لا يعتبر المفهوم، لأنه معنی عقلي تنزهت عنه صفات الله تعالى أن ينسب إليها، فكانت الصفات عين الذات عنده وهو معترف بالصفات لا يجحدها.
حتى يكون قوله كقول الحكماء بأن الصفات عين الذات، وأنه لا صفة لله تعالی عندهم.
وإذا كانت الصفات عين الذات الإلهية على معنى أنه تعالى إذا اتصف بالقدرة مثلا لم يكن ثمة إلا ذاته متوجة إلى إيجاد الممكنات على وجه لا يعلم به إلا هو فتسمى ذاته قدرة وإذا اتصف بالعلم كذلك فتسمى ذاته علما .
وهكذا إلى آخر الصفات فلولا الممكنات العدمية لما اتصف بالصفات، وهو متصف بها من الأزل لأنها عين ذاته.
ولكن معنى اتصف ظهر أنه متصف، فإنه تعالی لولا الممكنات العدمية كان مجملا واحدة صفاته في ذاته ، وأسماؤه في صفاته، وأفعاله في أسمائه ، وأحكامه في أفعاله.
والممكنات العدمية فصلته وميزت بين حضراته، وهو على ما هو عليه في إجماله وإنما تفصيله بالنسبة إلينا.
ونحن من جملة التفصيل، فكل واحدة في عالمها لم تتغير، وهذا معنى قوله : فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، أي فصلنا مجمله عندنا بإمكاننا وهو على ما هو عليه عند نفسه ، والله غني عن العالمين.
وإذا كنا نحن الذين بإمكاننا فصلنا إجمال ذاته تعالی و میزنا بين ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه حتى أظهرنا بذواتنا وحقائقنا الممكنة العدمية ألوهية وربوبية بسبب أننا قبلنا تقديره لنا وتخصيصه أحوالنا كلها بما أراد.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا يعرف) هو سبحانه وتعالى يعني لا يمكن أن يعرفه أحد غيره تعالى، ولا غير إلا نحن، ونحن به تعالی لا بأنفسنا.
لأننا نفس تلك الذوات الممكنة العدمية التي بها اتصف وتسمى وفعل وحكم كما ذكرنا (حتى نعرف) نحن حيث إننا أصل عظيم في تفصيل إجماله تعالى، وهو تعالى لا يعرف إلا في التفصيل لا في الإجمال.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من عرف نفسه" من حيث إمكانها وقيامها بصفات الله تعالی وأسمائه وأفعاله وأحكامه المنفصلة من مجمل ذاته تعالى.
"فقد عرف ربه". أى أنه الموصوف بالصفات القديمة التي لا تدرك، والمسمى بالأسماء الأزلية التي لا يحاط بها، والفاعل بالفعل القديم والحاكم بالحكم العظيم. (وهو)، أي قائل هذا الكلام وهو النبي عليه السلام (أعلم الخلق بالله تعالی)، فلولا أن معرفته تعالى لا تمكن لأحد إلا بمعرفة صفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه، ومعرفة هذه الحضرات الأربع لا تمكن إلا بمعرفة مفصلها من إجمال الذات العلية، إذ هي بالنسبة إليه تعالی عین الذات ومفصلها من إجمال الذات هي نفس كل أحد. كما قال صلى الله عليه وسلم : «من عرف نفسه فقد عرف ربه» فمعرفة الله تعالى التي تمكن لكل أحد معرفة ذات غيبية مجملة تفصل منها نفس العارف بها صفات غيبية أيضا وأسماء وأفعالا وأحكاما غير هذا لا يمكن، فمن لم يعرف نفسه لا يعرف ربه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن بعض الحكماء) من الفلاسفة (وأبا حامد) الغزالي رحمه الله ، فإنه كان في ابتدائه فیلسوفا، ثم تخلص من الفلسفة بالتصوف (ادعوا أنه) يمكن أن يعرف الله تعالى (من غیر نظر في العالم) وهو مبني عندهم على كون الله علة للعالم.
والعالم معلول بعضه عن بعض ثم عنه تعالى، والعلة لا يتوقف معرفتها على معرفة المعلول إلا من حيث كونها علة لهذا المعلول.
وأما معلول معلولها فهو أجنبي عنها (وهذا غلط) منهم.
(نعم تعرف) من غير النظر في العالم (ذات قديمة أزلية) أبدية مجملة (لا يعرف أنها إله)، أي موصوفة بالصفات مسماة بالأسماء لها أفعال وأحكام.
قال الشيخ رضي الله عنه : (حتى يعرف المألوه) وهو العالم (فهو)، أي المألوه الذي هو العالم (الدليل عليه) أي على الله تعالى من حيث إن العالم كله صادر عن الله تعالی بمقتضى إرادته واختياره.
فهو مقتضی صفاته سبحانه وأسمائه وأفعاله وأحكامه وكيف يعرف المقتضي بصيغة الفاعل ما لم يعرف المقتضی بصيغة المفعول (ثم بعد) معرفتك في ابتداء الأمر (هذا) يعني أنه تعالى لا يعرف إلا بالعالم الدليل عليه.
(في ثاني الحال) بعد تدربك على السلوك (يعطيك الكشف) الصحيح (أن الحق) تعالی (نفسه كانت عين الدليل على نفسه) إذ كل دليل في الكون يدل عليه تعالى. هو ظهور من ظهوراته تعالى، وما في الكون إلا دليل يدل عليه تعالى، فما في الكون إلا ظهوراته تعالی.
فهو الظاهر بصورة الدليل العقلي والحسي، وهو الظاهر بصورة المدلول عليه عقلا وحسا.
(و) عين الدليل على ألوهيته بل لو دل شيء على شيء كالدخان يدل على النار في الحس، وانقسام العدد بمتساويين يدل على الزوجية في العقل كان هو تعالی عين الدليل والمدلول والمستدل.
وما ثم في الكون إلا هو ظاهر بصورة كل ممكن عدمي بسبب إمساكه للصور العدمية بقدرته التي هي عين ذاته مما يليه . كما قال تعالى : "إنا كل شيء خلقته بقدر " [القمر: 49] في قراءة من قرأ برفع كل على أنه خبر إن.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها) أي لم يظهر ألوهيته .
(وهذه النسب) أي الصفات الإلهية التي تثبت للحق كالخالق والرزاق وغير ذلك من الصفات الإضافية.
(أحدثتها أعياننا) أي أظهرت أعياننا الخارجية هذه الصفات .
(فنحن جعلناه بمالوهيتنا إلها) أي فنحن بعبوديتنا أظهرنا معبوديته كما أظهرنا بأعياننا الخارجية ألوهيته .
وهي اتصافه بجميع الصفات فإذن لم يكن ظهور الصفات إلا بوجودنا (فلا يعرف الحق من حيث الصفات .
(حتى نعرف) فيتوقف معرفة الحق من حيث الصفات إلى معرفة وجودنا كما توقف ظهور الصفات إلى وجودنا.
(قال عليه السلام: فمن عرف نفسه فقد عرف ربه) فقد ربط معرفة الرب إلى معرفة النفس .
""ففي الأثر: «من عرف نفسه فقد عرف ربه» .ذكره المناوي في التيسير بإسناد جيد وكذلك فى فتح القدير و ذكره على القاري فى مشكاة المصابيح.
قال الشيخ الأكبر محيي الدين: هذا الحديث «من عرف نفسه فقد عرف ربه» ؛ وإن لم يصح من طريق الرواية؛ فقد صح عندنا من طريق الكشف.أهـ
كذلك تؤكده صحته شواهده فى الآية :"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ" [فصلت : اية41 ] و الآية : " وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) الذاريات" فمن عرف نفسه فقد عرف ربه.""
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو أعلم الخلق بالله) فدل ذلك على أن الأمر كما قلناه فلا يعلم الحق من حيث إنه إله من غير نظر إلى العالم .
فلا تطلب أنت معرفة الحق من غير نظر إلى العالم لئلا تقع في الغلط .
(فإن بعض الحكماء) وهو أبو علي "الرئيس ابن سيناء الفيلسوف الطبيب"ومن تابعه (وأبا حامد) وهو الإمام الغزالي ومن تابعه (ادعوا أنه) والضمير للشأن .
(بعرف الله من غير نظر إلى العالم وهذا غلط نعم نعرف ذات قديمة أزلية) لا كلام ولا نزاع فيه وإنما كلامنا في أنه ( لا يعرف انها إله حتى يعرف المألوه فهو).
أي المألوه (الدليل عليه) أي على الإله فمن لم يعرف الدليل لم يعرف المدلول وأبو حامد نفي بذلك بقوله : يعرف الله من غير نظر إلى العالم .
وأما معرفة ذات قديمة أزلية فثابت عند الشيخ بدون النظر إلى العالم .
(ثم بعد هذا) أي بعد معرفتك الحق بالعالم وهذا أول مرتبة في العلم بالله لأنه استدلال من الأثر إلى المؤثر ولا توقف له على الكشف.
لذلك قال رضي الله عنه : (في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كل عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته) فإن الاستدلال من الأثر إلى المؤثر يوصل إلى هذا الكشف على معنى أنه استدللنا بوجودنا الخارجي إلى أعياننا الثابتة.
لأنه أثرها و استدللنا بأعياننا على ألوهيته وهي صفات الله وأسمائه و استدللنا بأسمائه وصفاته على ذاته تمت مرتبة الاستدلال ثم يعطيك الكشف أن أعياننا الثابتة عين الصفات.
وأن الصفات عين الذات فكان الحق نفسه عین الدليل على نفسه وعلى ألوهيته .
فإذا كان الحق عين الدليل على نفسه كأن نفس الحق دليلا على نفسه وعلى ألوهيته لا العالم .
بل العالم مرآة لفيضانه الوجود فيه بالتجلي الاسمائی كالمرآة .
فإن المرآة ليست دليلا على وجود الرائي بان الدليل هو الصورة الحاصلة فيها من الرائي التي هي عين الرائي.فكان الرائي عين الدليل على نفسه.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
لا بد أن يكون قويا على صفات غير متناهية تظهر، لكنها قبل ظهورها ما كانت لها أعيان ثابتة لأن الشيء لا يسبق وجوده وجود هذا، هو الحق.
أما الشيخ فإنه يقول": هي متمايزة قبل وجودها فهذا هو الخلف وإن كان الشيخ لا ينكر ما أقوله أنا.
وأما أنا فأنكر ما يقوله الشيخ، رضي الله عنه، من " ثبوت الأعيان قبل كونها، وعذر الشيخ، رضي
الله عنه، تئزله إلى عقول المحجوبين رجاء أن يمكر بهم في إثباتها ثم يخلصهم بعد ذلك إلى حضرة الوحدانية
فنعود ونعيد ما اصطلحنا عليه ونقوله إن النور الوجودي كان في ذاته، و وحداني، أن يظهر كثيرا.
وقولنا: في ذاته، مجاز إذ ليس في ذاته غير ذاته.
فنقول: إن كونه في ذاته له قوة أن يظهر كثيرا نحن سميناه بالمعنى وفرضناه أنه بلسان الحال، يتقاضي النور الوجودي الظهور بما في قوته، لا بمجاورة" فظهر بالواحد والكثير .
وهو في نفسه لا واحد ولا كثير فاحس الذهن بالمتغایرات لا بالتغايرات.
فتوهم أنه احس بالتغايرات والمتغايرات فسمي هذه التغايرات التي غلط في اثباتها أعيانا ثابتة.
وسميتها أنا تبعا للشيخ، رضي الله عنه: المعنى الكلي وهذه التغايرات جزؤياته.
فإذا تحقق أحد بالبقاء بعد الفناء في الشهود رأى أنه ليس مع النور غيره ولا تغايرات هناك وحيث أثبتها الشيخ، رضي الله عنه، قرر فيها ما ذكره في هذه الحكمة وفي غيرها. لكنا جميعا نجتمع في التصريح بأنه ليس مع الله غيره.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال رضي الله عنه : " ثم إنّ الذات لو تعرّت عن هذه النسب ، لم تكن إلها . وهذه النسب أحدثتها أعياننا ، فنحن جعلناه بألوهيّتنا إلها ، فلا يعرف حتى نعرف " .
يعني رضي الله عنه : أنّ تحقّق أحد المتضايفين يتوقّف على الآخر بالضرورة فالإلهية والربوبية والخالقية لا تتحقّق إلَّا بالمألوه والمربوب والمخلوق وجودا وتقديرا ، فلا يعرف الله من كونه إلها ، حتى يعرف المألوه .
قال رضي الله عنه : « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » وهو أعلم الخلق بالله .
فإنّ بعض الحكماء وأبا حامد ادّعوا أنّه يعرف الله من غير نظر إلى العالم ، وهذا غلط . نعم ، تعرف ذات قديمة أزليّة لا يعرف إنّها إله ، حتى يعرف المألوه ، فهو الدليل عليه
يعني رضي الله عنه : أنّ الألوهية والربوبية وغيرهما من النسب لا تحقّق لها كما مرّ إلَّا بالمألوهية والمربوبية ، فإنّها حقائق إضافية ، فلا وجود لها إلَّا بالنسبة والإضافة ، ولا تثبت للذات المطلقة إلَّا بشرط موصوفيتها بالإيجاد والربوبيّة ، ولا ربوبية إلَّا بالمربوب ، فالربوبية والإلهية والخالقية ومعرفتها يتوقّف ثبوتها للذات المطلقة على المربوب والمألوه والمخلوق وإن لم يتوقّف وجودها الذاتي على شيء أصلا ، فإنّ الله من حيث ذاته غنيّ عن العالمين وعن الأسماء الإلهية .
قال رضي الله عنه : « ثمّ بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أنّ الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ".
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم يكن إلها ، وهذه النسب أحدثتها أعياننا فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها فلا يعرف حتى نعرف ،قال عليه الصلاة والسلام « من عرف نفسه فقد عرف ربه » وهو أعلم الخلق باللَّه)
يعنى إن الذات الإلهية لا تثبت لها الصفات والنسب الأسمائية إلا بثبوت الأعيان ، فإن الصفات نسب والنسب لا تثبت بدون المنتسبين ، فالإلهية لا تثبت إلا بالمألوهية ، والربوبية بالمربوبية ، وكذا الخالقية والرازقية وأمثالها ، ولا يعرف أحد المتضايفين إلا بالآخر ، ولذلك علق عليه الصلاة والسلام معرفة الرب بمعرفة المربوب .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( وهذه النسب ) أي الصفات الإلهية التي ثبتت للحق كالخالق والرازق ، إلى غير ذلك من الصفات الإضافية ، فلا يعلم الحق من غير نظر إلى العالم . اهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط ، نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا تعرف أنها إله حتى يعرف المألوه ، فهو الدليل عليه )
أبو حامد هو الغزالي رحمه الله ، والمراد أن الذات الموصوفة بصفة الألوهية لا تعرف إلا بالمألوهية كما مر .
بل العقل يعرف من نفس الوجود وجود الواجب وهو ذات قديمة أزلية ، فإن الله بالذات غنى عن العالمين لا بالأسماء ، فالمألوه هو الدليل على الإله .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف ، وأن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ، )
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( وهذه النسب ) أي الصفات الإلهية التي ثبتت للحق كالخالق والرازق ،إلى غير ذلك من الصفات الإضافية ، فلا يعلم الحق من غير نظر إلى العالم.
( ثم بعد هذا ) أي بعد معرفتك الحق بالعالم ، وهو أول مرتبة في العلم باللَّه لأنه استدلال من الأثر إلى المؤثر ، ولا توقف له على الكشف ، فإن الاستدلال المذكور يوصل إلى هذا الكشف ، على معنى أنه استدللنا بوجودنا الخارجي إلى أعياننا الثابتة لأنه أثرها ، واستدللنا بأعياننا على ألوهيته وهي صفات الله وأسماؤه ، واستدللنا بأسمائه وصفاته على ذاته تمت مرتبة الاستدلال
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم يعطيك الكشف ) أن أعياننا الثابتة عين الصفات وأنها عين الذات ، فكان الحق نفسه عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ، فإذا كان الحق عين ( الدليل ) كان نفس الحق دليلا ( على نفسه وعلى ألوهيته ) لا العالم بل العالم مرآة لفيضانه الوجود فيه بالتجلي الأسمائى كالمرآة ، فإن المرآة ليست دليلا على وجود الرائي .
بل الدليل هو الصورة الحاصلة فيها من الرائي التي هي عين الرائي ، فكان الرائي عين الدليل على نفسه ، فلا تحصل له هذه المعرفة لأن المعرفة في الحضرة فرع المعرفة بنفس الحضرة ، ومن لم يعرف الحضرة لم تكن الحضرة مرآة له ، ولم تظهر له الصور فيها حتى تحصل المعرفة اهـ بالى .""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم، إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها) واعلم، أن (الإله) اسم الذات من حيث هي هي. مع قطع النظر عن الأسماء والصفات باعتبار،واسم الذات مع جميع الأسماء والصفات باعتبار آخر. والمراد هنا الاعتبار الثاني.
و(الإلهية) اسم مرتبة حضرة الأسماء والصفات التي هي النسب المتكثرة باعتباراتووجوه تحصل للذات بالنظر إلى الأعيان الثابتة المتكثرة الثابتة في أنفسها واستعداداتها، لأن المرتبة كما يستدعى من يقوم به. كذلك يستدعى من يجرى عليه أحكامها، كالسلطنة والقضاء.
فلو لم تعتبر هذه النسب، لم يبق إلا الذات الإلهية التي لا يشار إليها بوجه من الوجوه، ولا يوصف بنعت من النعوت، وهو مقام الهوية الأحدية التي تستهلك النسب كلها فيه.
فيكون الحق تعالى إلها، أي في مرتبة حضرة الأسماء والنسب الإلهية باعتبار أعياننا، كما أن السلطان سلطان بالنسبة إلى الرعية، والقاضي قاض بالنظر إلى أهل المدينة.
فتلحق هذه النسب إليه تعالى بناء، كما تلحق النسب للواحد بالنظر إلى الأعداد: وهي كونه نصف الاثنين وثلث الثلاثة وربع الأربعة، وكالخواص الحاصلة للواحد بواسطة لزومها المراتب العددية.
ولو قطعنا النظر عن هذه المراتب، لم يلحق للواحد تلك النسب، ولم يحصل له تلك الخواص.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذه النسب أحدثتها أعياننا). أي، هذه الصفات إنما ظهرت بأعياننا،إذ لو لم تكن، لما كان يظهر (الخالق) و (الرازق) و (القادر)، ولا (السميع) و (البصير)، وغير ذلك من الأسماء والصفات الإضافية.
وليس المراد بـ (الإحداث) الجعل والإيجاد، لأنا مجعولون وموجودون بها فبجعل الحق وإيجاده إيانا تظهر تلك الصفات.
(فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها). المراد بـ (المألوهية) عند هذه الطائفة، مرتبة العبودية، وبـ (المألوه) العبد، لا المعبود، لا كما يقول المفسرون من أن (الإله) بمعنى (المألوه)، وهو المعبود، كالكتاب بمعنى المكتوب.
ومعناه: نحن أظهرنا بعبوديتنا معبوديته، وبأعياننا إلهيته، إذ لو لم يوجد موجود قط، ما كان يظهر أنه تعالى (إله).
بل العلة الغائية من إيجادنا ظهور إلهيته، كما نطق به: (كنت كنزا مخفيا...).
فـ (الجعل) ليس على معناه الحقيقي، بل على معناه المجازى. وهذا ليس بلسان أهل الصحو. وفيه نوع من الشطح لما فيه من الرعونة الغير اللائقة للمتأدبين بين يدي الرحمن.
ونظيره كما يقول لسان الرعية والمريد والتلميذ: إن السلطان بوجودي صار سلطانا، وبإرادتي وقرائتي عليه صار الشيخ شيخا والأستاذ أستاذا.
وفيه أقول:
ألا جابري رفقا علي فإنني ..... أكاشف عما فيكم من سرائري
فيظهر بالقلب المعنى جمالكم .... كما ظهرت ليلى بقيس بن عامري
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا يعرف حتى نعرف. قال، عليه السلام: (من عرف نفسه، فقد عرف ربه.) وهو أعلم الخلق بالله).
أي فلا يعرف الحق من حيث إنه (إله) حتى نعرف، لتوقف تعقل هذه الحيثية التي هي النسبة إلى تعقل المنتسبين، كما قال،عليه السلام صلى الله عليه وسلم : "من عرف نفسه، فقد عرف ربه". أي، أوقف معرفة الرب على معرفة النفس التي هي المربوب.
فإن الرب، من حيث هو رب، يقتضى المربوب، وهو، أي النبي، صلى الله عليه وسلم، أعرف الخلق بالله.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط.)
الضمير في (أنه) للشأن. و (يعرف) على البناء للمفعول. والمراد بـ (بعض الحكماء) أبو على وأتباعه.
"" مراده من بعض الحكماء هو الشيوخ الفلاسفة، كالرئيس ابن سينا. والشيخ أثبت الحق ببرهان سماه برهان الصديقين وأن ذكر هذا البرهان في الإشارات لإثبات الواجب. وأخذ منه أبو حامد الغزالي ، كما أخذ جميع عقائده في الكلام عن الحكماء، وفهم أن عقائد الحكماء ومطالبهم في المبدأ والمعاد أتم من آراء أرباب الكلام.""
"" مراده من بعض الحكماء هو الشيوخ الفلاسفة، كالرئيس ابن سينا. والشيخ أثبت الحق ببرهان سماه برهان الصديقين وأن ذكر هذا البرهان في الإشارات لإثبات الواجب. وأخذ منه أبو حامد الغزالي ، كما أخذ جميع عقائده في الكلام عن الحكماء، وفهم أن عقائد الحكماء ومطالبهم في المبدأ والمعاد أتم من آراء أرباب الكلام.""
أي الإمام الغزالي وأبو على ومن تابعهما ادعوا أن الله يعرف من غير نظر إلى العالم.
وأنهم يستدلون بالمؤثر على الأثر، وهو أعلى مرتبة من الاستدلال بالأثر على المؤثر.
وحاصل استدلالاتهم ترجع بأن الوجود الممكن لإمكانه يحتاج إلى علة موجودة غير ممكنة، وهو الحق الواجب وجوده لذاته.
وهذا أيضا استدلال من الأثرإلى المؤثر، فلا يتم دعواهم. فلذلك نسبهم إلى الغلط، أو لعدم إمكان تعقل النسبة بدون المنتسبين
قال الشيخ رضي الله عنه : (نعم، تعرف ذات قديمة أزلية لا تعرف أنها إله حتى يعرف المألوه، فهو الدليل عليه).
أي، إذا أمعن النظر صاحب الفطانة والذهن المستقيم في نفس الوجود، يمكن أن يعرف أن ذاته قديمة أزلية واجبة، هي لها بذاتها لا بحسب الاستدلال،بل بوجدان الأمر على ما هو عليه على سبيل الذوق. ثم يتمكن من التنبيه لغيره أيضا، ليجد هو أيضا كذلك.
كما بينا في فصل الوجود في أول الكتاب.
أما المعرفة بأنها إله صاحب أسماء وصفات، فلا يمكن حتى ينظر إلى العالم، فيستدل
بالعبودية على المعبودية، وبالمربوبية على الربوبية. فـ (العالم) هو الدليل على الإلهمن حيث إنه إله، لذلك قيل إنه مأخوذ من (العلامة) وهي الدليل.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم، بعد هذا في ثاني الحال، يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته) هذا كشف مقام الجمع.
أي، بعد معرفة الإله بالمألوه، ومعرفة الذات القديمة الأزلية صاحب المرتبة الإلهية والتوجه إليه توجها تاما، تنفتح عين بصيرتك.
فيكشف لك أن الحق هو الدليل على نفسه بتجليه الذاتي لإفاضة أعياننا بالفيض الأقدس.
وهو الدليل على ألوهيته بالتجلي الأسمائي والصفاتي لحقائقنا، لا غيره المسمى بـ (العالم).
وبهذا المعنى قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين سئل: (بما عرفت الله تعالى؟)
قال: (بالله عرفت الأشياء.)
فإن السؤال كان عن الذات الإلهية، أي بم عرفت ذات الحق.
فأجاب: بالحق عرفت الأشياء، وبنوره، لا عن المرتبة، فإن العلم بالمرتبة الإلهية لا يكون إلابعد العلم والمعرفة بالذات، وأين المحجوب من هذه المعرفة؟
"" يقول الإمام علي بن أبي طالب : " إذا تم العقل نقص الكلام ".
ويقول : " كل عقل لم يحط بالدين فليس بعقل ، وكل دين لم يحط بالعقل فليس بدين " .
" قيل للنوري : بما عرفت الله ؟
فقال : بالله .
فقيل : فما بال العقل ؟
قال : العقل عاجز لا يدل إلا على عاجز مثله.
يقول الشيخ إبن مرزوق : " قال بعضهم : سألت ألف شيخ عن أربع مسائل فلم أر منهم شفاء لمرادي ، فرأيت النبي في المنام ، فقلت : يا رسول الله … ما العقل ؟
فقال : أدناه ترك الدنيا وأعلاه ترك التفكر في ذات الله. ""
ومن لسان هذين المعنيين قيل:
فلولاكم ما عرفنا الهوى ..... ولو لا الهوى ما عرفناكم
وسر أن الشيخ أورد هذه المباحث في هذا الفص، كون إبراهيم، صلوات الله عليه، طالبا للحق، مستدلا عليه بالمظاهر الكوكبية، فإنه، عليه السلام، عرف أولا أن له ربا خلقه، ثم غلب عليه العشق، فطلبه إلى أنهداه الله وتجلى له.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:17 عدل 4 مرات

الفقرة السادسة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها.
وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف.
قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط.)
ثم أشار إلى أنه لا يبعد منا أن نفيده صفات بحسب ظهوره فينا بعد وجودنا فقد أفدناه قبل وجودنا ما هو أصل الصفات وأكملها.
فقال رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب) التي بيننا وبينه في الإيجاد والتكميل وغيرهما، وهي العلم، والإرادة، والقدرة، والكلام، وغيرها (لم تكن إلها).
وهي ليست من ذاته فقط بل (هذه النسب أحدثتها أعياننا) لتوقف النسب على المنتسبين.
وما توقف عليه الشيء، فالشيء كأنه محدث به، وإن كان قديما بالزمان، فهو حادث بالذات للافتقار إلى الغير، وصفاته تعالى من حيث هي نسبة تتوقف على أعيان الموجودات.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها)، وإن كانت ذاته قديمة بالذات، وصفاته بالنظر إليها كذلك، وكذا بالزمان لكنها باعتبار كونها نسبا تتوقف على أعياننا توقفها على ذاته، والإلهية متوقفة عليها، فهي أولى بأن تكون مستفادة منا وإذا توقفت إلهيته وسائر صفاته التي لها نسبة إلينا علينا، ولو بحسب التصور لا في نفس الأمر فلا يعرف من حيث هو إله، ويتصف بتلك الصفات .
قال الشيخ رضي الله عنه : (حتى نعرف قال صلى الله عليه وسلم : «من عرف نفسه، فقد عرف ربه ) فجعل معرفة النفس سببا لمعرفة الرب فتنعدم عند عدم سببها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو أعلم الخلق بالله) فلا يسمع بإزائه قول غيره، أنه يعرف من غير معرفة النفس، (فإن بعض الحكماء) كأبي علي بن سينا وأتباعه، (وأبا حامد) الغزالي من الأثر على المؤثر برهان، إني ومن المؤثر على الأثر برهان لي هو أكمل من الأول.
(وهذا) القول منهم (غلط) لأنهم إن أرادوا أن المؤثر من حيث هو مؤثر يدل على الأثر فلا شك أن معرفة مؤثريته تتوقف على معرفة الأثر.
إذ التأثير الذي هو جزء مفهوم المؤتر نسبة تتوقف على المنتسبين، فلا يعرف كونه مؤثرا وإلها بدون الأثر، وإن أرادوا أن ذات المؤثر إذا عرفت من حيث هي ذات؛ عرف الأثر فهو ممنوع.
قال الشيخ رضي الله عنه : (نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
وإليه أشار الشيخ بقوله: نعم تعرف ذات قديمة أزلية ، لا يعرف أنها إله؛ حتى يعرف المألوه)، وإذا لم يكن لمعرفة الذات القديمة الأزلية من حيث هي ذات دلالة على إلاهيتها، ولا على الأثر فهو أي: المألوه (فهو الدليل عليه) أي: على كونه إلها، وعلى أنه أثر له؛ لكن هذا في طريق النظر والاستدلال، والذي ذكروه من برهان لم لو صح، فإنما هو في حال الكشف فجعله من قبيل الاستدلال غلط سلمنا أنه منه.
فلا نسلم أنه من غير نظر في العالم أولا، بل هو متأخر عنه لمن تبين.
وإليه أشار الشيخ بقوله : (ثم بعد هذا) أي: دلالة العالم على الصانع (في ثاني حال يعطيك الكشف الذي ليس من الاستدلال في شيء لا بالأثر على المؤثر ولا بالعكس.
قال الشيخ رضي الله عنه : (أن الحق نفسه) من حيث ظهوره في المظاهر (كان) عند استدلالنا بنا عليه ، (عين الدليل على نفسه) أي: ذاته (وعلى ألوهيته) للأشياء، وذلك أنه يعلم بالكشف المذكور.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
بمألوهيّة العبد يكون الحقّ إلها ، ثمّ إنّه بعد ذلك ينبّه إلى أن من لم يعرف الحقّ في هذا الموطن على هذه النسب هو بمعزل عن العرفان ، مشيرا في ذلك إلى علوّ رتبة العبد وتقدّم نسبته
على الأسماء كلَّها بقول لشيخ رضي الله عنه : ( ثمّ إنّ الذات لو تعرّت عن هذه النسب لم تكن إلها ، هذه النسب أحدثتها أعياننا ، فنحن جعلناه - بمألوهيّتنا - إلها ) ضرورة أن العبد القابل هو الذي صار سبب تطوّرات الذات في طيّ صنوف التعيّنات ، ( فلا يعرف ) الحقّ ( حتّى نعرف ) نحن ( قال عليه السّلام : « من عرف نفسه عرف ربّه » - وهو أعلم الخلق باللَّه ) .
استدلال الحكماء على وجود الواجب تعالى
وهذا ذوق عال يعزّ واجده ( فإنّ بعض الحكماء ) المشّاءين ومن تابعهم ( وأبا حامد ادّعوا أنّه يعرف الله من غير نظر في العالم ) .
فإنّ لهم في طريقهم الاستدلاليّ مسلكين :
أحدهما إنّيّ ، يتدرّجون فيه من الأثر إلى المؤثّر ، والآخر لمّيّ ، يتنزّلون به من المؤثّر إلى الأثر .
وبيّن أن من وقع مواطئ سلوكه على الثاني منهما في معرفة الحقّ لا يحتاج فيه إلى النظر في العالم - على ما تفطَّن لذلك صاحب الإشارات من قوله تعالى : " سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ " [ 41 / 53 ] .
وبيّن أن من وقع مواطئ سلوكه على الثاني منهما في معرفة الحقّ لا يحتاج فيه إلى النظر في العالم - على ما تفطَّن لذلك صاحب الإشارات من قوله تعالى : " سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ " [ 41 / 53 ] .
ومن قوله تعالى : " أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّه ُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " [ 41 / 53 ] حيث جعل الأوّل إشارة إلى أوّل المسلكين ، والثاني إلى الآخر .
ولكن ذلك المعرفة له من حيث أنّه ذات ، لا من حيث أنّه إله ، والمبحث إنّما هو هذا ، ولذلك قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذا غلط نعم ، تعرف ذات قديمة أزليّة لا يعرف أنّها إله ، حتّى يعرف المألوه ) الذي هو معطي تلك النسبة من العبد القابل ( فهو الدليل عليه ) أولا في مسالك البعد والتفرقة ، ( ثمّ بعد هذا ، في ثاني الحال ) عند مواطن القرب والجمعيّة .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( يعطيك الكشف : أنّ الحقّ - نفسه - كان عين الدليل على نفسه وعلى الوهيّته). تجلَّى الشبح المقابل في السطح القابل.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله. فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، )
(ثم إن الذات) الإلهية (لو تعرت)، أي تجردت (عن النسب المسماة بالأسماء والصفات اللاحقة للذات بقياسها إلى أعيان العالم واستعداداتها ولم يكن إلها) .
فإن الإلهية عبارة عن مرتبة أحدية جمع هذه النسب التي هي الأسماء والصفات، فلو لم نعتبر هذه النسب لم يبق إلا الذات الإلهية التي لا يشار إليها بوجه من الوجوه وانتفت مرتبتها التي هي الإلهية .
(وهذه النسب أحدثتها أعياننا)، فإنه لا يتحقق إلا بالمتناسبين فلكل منهما دخل في تحققها وإن لم يستقل وهذا هو المراد بإحداثها، و المراد بالأعيان أعم من أن تكون ثابتة علمية أو موجودة عينية .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله. فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. )
(فلا يعرف الحق) سبحانه من حيث مرتبة الإلهية (حتى نعرف) نحن من حيث مرتبة عبوديتنا ومألوهيتنا ، أي يمتد عدم معرفته إلا حين وجود معرفتنا أنفسنا وينتفي ضدها، في حين تعرف نحن يعرف هو.
(قال : من عرف نفسه عرف ربه وهو أعلم الخلق بالله.) فالأمر على ما هو أخبر عنه سبحانه.
وبعدما عرفت هذا (فإن بعض الحكماء وأبا حامد) الغزالي (ادعوا أنه يعرف ألله من غير نظر في العالم)، أي من غير استدلال به عليه استدلالا بالمؤثر على الأثر.
أو من غير ملاحظة له سواء كان بالاستدلال أو بغيره كما في المتضايفين.
(وهذا غلط منهم)، لأنه إن كان المراد الثاني فلا شك أن الألوهية معنی نسبي فلا يمكن تعقلها بدون المنتسبين .
الذين أحدهما : العالم
وإن كان المراد الأول فقيل : وجه الغلط أن طريق أهل النظر إما الاستدلال بالأثر على المؤثر أو بالمؤثر على الأثر .
ولا مؤثر للحق سبحانه "لا مؤثر فى الحق سبحانه" يستدل به عليه ، فإنحصر طريق معرفته في الاستدلال بالأثر على المؤثر.
والأثر هو العالم فلا يعرف من غير نظر في العالم.
ونوقش فيه بأن الكلام في مرتبة الألوهية لا في الذات البحت، ويمكن الاستدلال على المرتبة بالمؤثر فيها الذي هو الذات البحت.
بأن تعرف أولا الذات ثم بعض الصفات كوجوب الوجود مثلا ، وتفرع عليه سائر الصفات كما فعلوا ذلك .
وعلى مجموع الذات والصفات إلا بأمر واحد كما صدرت بحسب الواقع، فتعرف مرتبة الألوهية من غير استدلال بالعالم عليها وإن كان لا بد فيه من ملاحظة العالم. ويمكن أن يجاب عنه بأن معرفة الذات البحت يستدل بها على مرتبة الألوهية من غير نظر في العالم بالاستدلال عليها غير معلومة بل عدمها معلوم عند أهل النظر.
فالحكم بصحة معرفة تلك المرتبة من غیر نظر في العالم يكون غلطا غير صحيح. "لكن" نعم يصح ذلك في طريق أهل الكشف .
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "عرفت الأشياء بربي" حين قيل له : بم عرفت الله؟ " استشهد به ابن تيمية فى الفتاوى الكبرى و درء تعارض العقل مع النقل وفى غيرها.ونصه "عرفت الأشياء بربي وما عرفت ربي بالأشياء""
وكأنه إلى ذلك يشير الشيخ رضي الله عنه حيث إن بعض هذه النسب نلحق الذات بالنسبة إلى الأعيان الثابتة وبعضها يلحقها بالنسبة إلى الأعيان الخارجية (فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها)، أي جعلناه بعبوديتنا وكوننا محل تصرفه بحيث اتصف بالنسب الإلهية وإطلاق لفظ المألوه على العبد .
خلاف ما يقوله المفسرون من أن الإله بمعنى المألوه و هو المعبود وكأنه رضي الله عنه لاحظ في الإله بمعنى التأثير والتصرف فيما سواه .
فلا جرم يكون اسم المفعول منه هو العبد والمفسرون لما لاحظوا فيه معنى استحقاق من سواه لعبادته وعبوديته لا يكون اسم المفعول منه عندهم إلا المعبود .
قال الشيخ رضي الله عنه : (نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
يقول: (نعم تعرف) من غير نظر في العالم (ذات قديمة أزلية لكن لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه) ويستدل به على ألوهيته (فهو) أي المألوه (الدليل عليه)، أي على الإله من حيث هو إله ولذلك سمي عالما من العلامة التي هي الدليل.
(ثم بعدها في ثاني الحال) وفي بعض النسخ في ثاني حال بدون اللام أي بعد أن عرفت بمألوهيتك الإله وتوجهت إليه بكليتك تنفتح عين بصيرتك، بنور الكشف. (يعطيك) هذا الكشف الواقع في مقام الجمع بعد الفرق .
(أن الحق نفسه) باعتبار صور تعیناته و تقيداته (كان عين الدليل على نفسه) باعتبار مرتبة إطلاقه فإن كل تعين بالضرورة مسبوق باللاتعين . كذلك هو بخصوصياته التعينية عين الدليل على نسب (ألوهيته) . فإن خصوص كل تعين يقتضي نسبة خاصة وصفة معينة .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:18 عدل 5 مرات

الفقرة السابعة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة السابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و) يعطيك الكشف أيضا (أن العالم) كله معقوله ومحسوسه (ليس إلا تجليه)، أي انكشافه وظهوره (في صور أعيانهم)، أي العالم يعني مقاديرهم وصورهم الظاهرة والباطنة (الثابتة)، أي المفروضة في الإمكان المعدومة الأعيان الكاشفة عنها علم الله تعالى.
الحاكم عليها بما هي عليه من التخصيصات إرادة الله (التي يستحيل) عقلا وشرعا (وجودها)، أي ظهورها منصبغة بصبغة وجود الله تعالی.
(بدونه) سبحانه وتعالى، أي بدون قدرته التي هي عين ذاته مما يليه سبحانه ، فهو تعالى المظهر لها بل هو الظاهر بها في عين إظهاره لها .
(و) يعطيك الكشف أيضا أنه تعالى (يتنوع) بأنواع كثيرة في ظهوره (ويتصور) في صورة مختلفة في تجليه (بحسب) ما هي عليه في فرضها وتقديرها (حقائق هذه الأعيان) المفروضة المقدرة العدمية (و) بحسب (أحوالها) التي تعتريها من خير وشر وغير ذلك.
(وهذا) الذي يعطيه الكشف كائن (بعد العلم به) تعالی علما ناشئا (ما)، أي من نظرنا في أنفسنا (أن لنا إلها) نحن قائمون به في ظواهرنا وبواطننا على سبيل القطع بذلك.
ولكن يغيب عنا في هذا الكشف شهود نفوسنا وغيرنا لاستغراقنا في شهود الله تعالى في الكل وهو مقام الجمع بعد الفرق الأول الذي فيه عامة الناس، وهو شهود أنفسهم وغيرهم فقط والغيبة عن شهود الله تعالی .
فالكل بل يشهدونه في مظهر خاص جزئي أو عقلي أو حسي فيعبدونه فيه وقد حجر عليهم الشرع عبارة مظهر حسي كصنم وكوكب ونحو ذلك.
ولم يحجر عبادة مظهر عقلي وإن ذلك كفرا في الآخرة فإنه ليس كفرا في الدنيا بحسب ظاهر الشرع. .
(ثم يأتي) بعد ذلك (الكشف الآخر) الصحيح وهو مقام الفرق الثاني للتحقيق بالحق والخلق (فيظهر لك) هذا الكشف الآخر (صورنا) معشر الممكنات المفروضة المعدومة (فيه)، أي في وجود ذات الحق تعالی ولا تقل هذا حلول.
لأن الممكنات المعدومة لا وجود لها غير وجود ذات الحق تعالى حتى تحل في وجود الحق تعالی والحلول لا يكون إلا بين شيئين موجودين بوجودين .
وهنا ما ثم إلا وجود واحد، والوجود الواحد لا يحل في نفسه فاحذر من تلبيس الشيطان عليك في كلام أهل المعرفة الإلهية تنجو من الوقيعة في حقهم بما هم بريئون منه شهادة علام الغيوب.
(فيظهر) عند ذلك (بعضا لبعض في) وجود (الحق تعالی) حقائق ممكنات معدومة العين مفروضة في الكيف والأين .
(فيعرف) حينئذ (بعضنا بعضا) معرفة تامة (ويتميز بعضنا عن بعض) في الحس والعقل وتنفصل الأحكام الإلهية علينا بنا فللحق الإظهار ولنا الماهيات وأحوالها والتمييز بينها .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (و) يعطيك (أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها) في الخارج (بدونه).
أي بدون ذلك التجلي (و) بعطيله، الكشف (أنه) أي الحق (متنوع ويتصور) على البناء للفاعل (بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها وهذا) الكشف والذوق (بعد العلم به). أي بعد العلم والحكم منا أنه إله لنا.
ونحن تحت حكومته هذا نتيجة قرب الفرائض ويسمى مقام الجمع وفي هذا المقام يكون الحق ظاهرا والعبد مخفيا .
(ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر صورنا فيه) أي في الحق .
(فيظهر بعضنا البعض في الحق) للمناسبة المقتضية للظهور .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيعرف بعضنا بعضا ويتميز بعضنا عن بعض) في الحق فظهر منه أن البعض لا يظهر ولا يعرف ولا يتميز عن بعض وهذا الكشف أعلى من الأول.
فإنه قرب النوافل ويسمى مقام الفرق بعد الجمع وجمع الجمع .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
فنعود ونعيد ما اصطلحنا عليه ونقوله إن النور الوجودي كان في ذاته، و وحداني، أن يظهر كثيرا.
وقولنا: في ذاته، مجاز إذ ليس في ذاته غير ذاته.
فنقول: إن كونه في ذاته له قوة أن يظهر كثيرا نحن سميناه بالمعنى وفرضناه أنه بلسان الحال، يتقاضي النور الوجودي الظهور بما في قوته، لا بمجاورة" فظهر بالواحد والكثير .
وهو في نفسه لا واحد ولا كثير فاحس الذهن بالمتغایرات لا بالتغايرات.
فتوهم أنه احس بالتغايرات والمتغايرات فسمي هذه التغايرات التي غلط في اثباتها أعيانا ثابتة.
وسميتها أنا تبعا للشيخ، رضي الله عنه: المعنى الكلي وهذه التغايرات جزؤياته.
فإذا تحقق أحد بالبقاء بعد الفناء في الشهود رأى أنه ليس مع النور غيره ولا تغايرات هناك وحيث أثبتها الشيخ، رضي الله عنه، قرر فيها ما ذكره في هذه الحكمة وفي غيرها. لكنا جميعا نجتمع في التصريح بأنه ليس مع الله غيره.
وبقي لنا أنه، رضي الله عنه، يقول إن العالم هو العرش والكرسي وما تحتهما من الأفلاك بما فيها .
وأنا أقول كما قيل:
شعر العرش والكرسي يتلوهما …. غيرهما من غير ما عالم
حبابة في بحر إطلاقه ….. ما أيسر المحدود في الدائم
فما ذهب إليه محدود وما ذهبت إليه غير محدود وغير متناه بالنوع فكيف بالشخص.
وأنه ليس للوجود مركز وفيه منه موجودات لها مراكز، ولست ألزم أحدا أن يتبعني في ذوقي هذا والنور الوجودي عندي لا يحيط ولا يحاط به وفيه موجودات تحيط وتحاط بها.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
قال رضي الله عنه : « ثمّ بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أنّ الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته "
قال رضي الله عنه : « وأنّ العالم ليس إلَّا تجلَّيه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه وأن يتنوّع ويتصوّر بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها ، وهذا بعد العلم به منّا أنّه إله لنا .
قال العبد : يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الواجب على كلّ أن يعرف ربّه وإلهه الذي يعبده ، وذلك لا يكون إلَّا بعد معرفة عبدانيّته ومربوبيته ، فإذا عرف نفسه عبدا مربوبا ، تأتّى له أن يعرف أنّ له إلها هو ربّه خلقه .
ثم بعد هذه المعرفة الصحيحة إن عرف أنّه موجود بالحق ، أو عرف أنّ الموجود هو الحق في عينه وصورته يتنوّع ظهوره بحسب خصوصية المظهر ، عرف أنّ العالم تجلّ منه ، فهو الظاهر بالعالم وفيه بحسب خصوصية حقيقة العالم من القبول ، فهو من حيث ظهوره في العالم المحدث كان دليلا على نفسه أنّه أحدثه وأوجده ، وكان الحق حينئذ من حيث ظهوره فيك دليلا عليه أنّه ربّ ، إله ، خالق لك ، فافهم .
فما أنت إذن أنت على ما كنت في زعمك ، بل تعيّن وتجلّ من تجلَّياته في مرتبة كليّة أو جزوية ، في حقيقة عين ثابتة علميّة أزلية ذاتية من جملة شؤونه الذاتية التي لم توجد ولا شمّت رائحة من الوجود العيني ، بل هي على وجودها العلمي الأزلي الأبدي.
والموجود المشهود منك في الأعيان تجلَّى لظاهر في مظهر ، وكذلك الموجود المشهود من العالم تجلّ كلَّي وتعيّن عيني ظهر في مظاهر ومجال وتراءى في مناظر ومراء كثيرة مختلفة ، فما يشهد ولا يوجد في المرآة إلَّا الحق لا المرئيّ .
فإنّ متعلَّق الشهود والوجود ليس إلَّا المثال الظاهر من ناظر واحد محاذ بصورته لهذه المرائي الكثيرة ، وهي أعيان العالم وحقائقه فانظر ما ذا ترى ، فأنت يا أخي على عدميّتك الأزلية ، والمشهود هو الوجود الحق الظاهر في مظهريّتك ومرآتك .
وهو الدليل على نفسه من جهتين ومرتبتين :
مطلقة ومقيّدة ، فافهم .
قال رضي الله عنه : "ثمّ يأتي الكشف الآخر ، فيظهر لك صورنا فيه ، فيظهر بعضنا لبعض في الحق ، فيعرف بعضنا بعضا ، ويتميّز بعضنا عن بعض"
قال العبد : أمّا في الكشف الأوّل فشهدت الحق في مجالي : حقائق العالم ومرائي مظهرياته بحسبها ، فكان الشاهد والمشهود هو الحق .
وفي هذا الشهود مرتبتان لأربابهما :
إحداهما : أنّ الحق هو الموجود المشهود في حقائق العالم وأعيان المحدثات وهي مظاهر للحق موجودة في أعيانها ، ظهر الحق بها وفيها وبحسبها ، نحوا من الظهور ، وضربا من التجلَّي .
وفي الثانية : يكون الحق أيضا كذلك هو الموجود المشهود في مراء غير موجودة في أعيانها ، بل هي على عدميّتها العينيّة ووجودها العلمي ، ظهر الوجود الواحد الحق المنسحب عليها بحسب خصوصياتها وقابلياتها ، فظهر الوجود الواحد الحق بهذه المظاهر المختلفة مختلف الصور ، فالمشهود الموجود في الشهودين هو الحق .
وأمّا الكشف الثالث فيعطي أنّ المشهود نقوش أعيان العالم وصورها وأمثلتها في مرآة الوجود الواحد الحق الموجود هو الحق المشهود في صور نسبه ونقوش شؤونه وأحواله الذاتية العينيّة وهي أعني النسب والشؤون التي هي أعيان العالم لم تنتقل من العلم الذاتي إلى العين ، ولكن أثّرت في مرآة الوجود الحق من حيث قبوله وصلاحيته لتلك الآثار هيئات وصورا منها بحسبها.
قال رضي الله عنه : فمنّا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا ، ومنّا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا "أَعُوذُ بِالله أَنْ أَكُونَ من الْجاهِلِينَ".
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها ، وهذا بعد العلم به منا أنه إلهنا )
يعنى أنه لما هداه العقل أنه لا بد من وجود واجب بذاته غنى عن العالمين انكشف عليه إن ساعده التوفيق ، أن ذلك الوجود الحق الواجب هو المتجلى في صور أعيان العالم بذاته .
وأن أول ظهوره هو تجليه في الجوهر الواحد والعين الواحدة المرتسمة بصور الأعيان الثابتة العلمية كلها ولا وجود لها إلا به ، فهي به موجودة أزلا وأبدا ، وينسبه إليها بنسب أسمائه ، بل التعينات العينية كلها صفاته وبها تتميز أسماؤه وتظهر الإلهية بظهورها به في صور العالم ، فهو الظاهر في صورة العالم والباطن في صور أعيانه والعين واحدة في ظهورها .
فذلك عين الدليل على نفسه ، وبعد علمنا به منا أنه إله لنا ، علمنا أنه يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها فإنها هو لا غيره ، وقوله : إنه إله لنا بدل من الضمير في به ، أي بعد العلم بأنه إله لنا .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم تأتي الكشف الآخر فتظهر لك صورنا فيه ، فيظهر بعضنا لبعض في الحق ، فيعرف بعضنا بعضا ويتميز بعضنا عن بعض ).
الكشف الأول : هو الفناء في الحق ، لأن الشاهد والمشهود في ذلك الكشف ليس إلا الحق وحده ويسمى الجمع .
والكشف الثاني : هو البقاء بعد الفناء ، فيظهر في هذا المقام صور الخلق ، ويظهر بعض الخلق للبعض في الحق ، فيكون الحق مرآة للخلق ، على أن الوجود الواحد قد تكثر بهذه الصور الكثيرة .
فالحقيقة حق والصور خلق ، فيعرف بعض الخلق بعضا ويتميز البعض عن بعض في هذا الشهود.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه).
أي، يعطيك الكشف أيضا أن وجود العالم ليس إلا التجلي الوجوديالحقاني الظاهر في مرايا صور الأعيان الثابتة التي يستحيل وجود تلك الأعيانفي الخارج بدون ذلك التجلي الوجودي، فالعالم من حيث الوجود عين الحقالظاهر في مرايا الأعيان لا غيره.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأنه يتنوع ويتصور) - بفتح الياء، على البناء للفاعل - (بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها).
أي، يعطيك الكشف أن الحقهو الذي ظهر في صور العالم وتنوع بحسب أنواع الأعيان وتصور بصورهذه الحقائق وأحوالها. فالأعيان باقية على عدمها، والمشهود هو الوجود الحقلا غير.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا بعد العلم به منا أنه إله لنا). أي، وهذا الكشف والشهود بعد العلم بالحق وذاته بأنه إله لنا بحسب أسمائه وصفاته، إذ لو لم نعلم أن لنا إلها وله تعالىأسماء وصفات يقتضى أعيانا ثابتة يكون محل سلطانها ومجلى ظهوراتها، ما كنا نعلم أن المتجلي في مرايا هذه الصور هو الحق، ولا يحصل لنا الكشف، ولا للمرتبة الإلهية الظهور أصلا.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم، يأتي الكشف الآخر، فيظهر لك صورنا فيه) أي في الحق. (فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فتعرف بعضنا بعضا، ويتميز بعضنا عن بعض.)هذا الكشف هو كشف مقام الفرق بعد الجمع، ويسمى جمع الجمع باعتبار أنه يجمع الجمع مع الفرق، وهو ظهور صور الأعيان في مرآة الحق .
وبهذا الاعتبار يكون المشهود هو الخلق والحق في عزه الأحمى وغيبه الذي كنى عنه نبينا، صلى الله عليه وسلم، بـ (العماء) وإن كان وجوده مرآة يظهر فيها العالم، وعند هذا الظهور يظهر بعضنا لبعض في حضرة علم الحق، فيقع التعارف
بين الأعيان في هذه الحضرة بحكم المناسبة، ويظهر التناكر بحسب عدم المناسبة.
وما وقع من التناكر والتعارف في عالم الأرواح - كما نبه عليه، صلى الله عليه وسلم، بقوله: "الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منهااختلف". - مظهر ونتيجة لذلك التعارف والتناكر الواقعين في الحضرة العلمية.
وإنما قال: (فيظهر بعضنا لبعض في الحق فنعرف بعضنا بعضا.)
لأن الأعيان حال ثبوتها في غيب الحق، دون وجودها العلمي والعيني، غير متميز بعضها عن بعض، مستهلك كلها تحت قهر الأحدية الذاتية، كالأسماء
والصفات، إذ لا وجود لشئ فيها أصلا، سواء كان اسما أو صفة أو عينا ثابتة أو غير ذلك، كما قالصلى الله عليه وسلم عليه السلام: (كان الله ولا شئ معه). منبها عن هذه المرتبة.
واعتبر في مقام روحك حال حقائقك وعلومك الكلية، هل تجد ممتازا بعضها عن بعض؟
أو عن عين روحك إلى أن تنزل إلى مقام قلبك، فيتميز كل كلي عن غيره، ثم يتفصل كل منها إلى جزئياته فيه، ثم يظهر في مقام الخيال مصورا كالمحسوس، ثم يظهر في الحس.
فإن وجدت في نفسك ما نبهت عليه، هديت وعلمت الأمر فيمن أنت خلقت على صورته.
وإن لم تجد ما في نفسك على ما هي عليه، لايمكنك الاطلاع على الحقائق الإلهية وأحوالها.
و (كل ميسر لما خلق له.) والامتياز العلمي أيضا إنما هو في المقام القلبي لا الروحي.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض. )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وأن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (أن العالم) الذي كان يستدل به على الصانع (ليس إلا تجلية في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه).
فيعلم بهذا الكشف أنه كان قد دل وجوده فيها على وجوده في نفسه، وعلى أنه أوجدها تجليه فيها، ويعلم أيضا بالكشف المذكور.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (أنه يتنوع) صوره؛ وذلك لأنه (يتصور بحسب حقائق الأعيان وأحوالها). وقد كان يحتجب عنا بهذا التنوع فتتوهم أن وجودها مع كثرتها واختلافها كيف يكون الوجود الواحد الحق الذي لا اختلاف فيه أصلا، ولكنها أمور ممكنة تفتقر إلى واجب الوجود المرجح وجودها على عدمها، وإنما اعتبر أحوالها؛ لأن الشخص الواحد قد تختلف صوره باختلاف أحواله مع وحدة عينه الثابتة.
ثم صرح بالمقصود أعني: أنه لا بد في معرفة الصانع في الجملة من نظر في العالم أو" فقال: قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذا) أي: معرفة أنه المتجلي في أعياننا، إنما هو (بعد العلم منا أنه إله لنا)، إذ لا نشك أننا موجودون بوجود ليس بالأثر على المؤثر.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض.)
ثم أشار الشيخ إلى ما يشبه دلالة المؤثر على الأثر مع تأخره عن دلالة الأثر على المؤثر بمرتبتين فقال: (ثم يأتي الكشف الآخر) الذي يكون فيه الحق مرآة للخلق، والمرأة سبب ظهور الصور فكأنها دالة على نفسها، وعلى ذوى الصور.
وهي الآثار (فيظهر لك صورنا فيه) بعد ظهور صوره فينا، إذ كنا مرآة له (فيظهر بعضنا البعض في الحق) كالصور المجتمعة في المرأة الواحدة عند محاذاة ذوى الصور إياها يظهر لأحدهم من كان خلفه من محاذاة تلك المرآة.
وإن لم يقع عليه بصره (فيعرف بعضنا بعضا) بالحق، وإن لم يكن ذلك البعض معروفا له قبل ذلك فيطلع حينئذ على أحواله ومراتبه وما جرى عليه.
وما يأتي في حقه بمقدار ما كوشف من ذلك (ويتميز بعضنا عن بعض)، وإن لم يكن في الذات أجزاء تنطبع صور البعض في جزء البعض الآخر في جزء آخر، بل هي كالصور المنطبعة في مرآة القلب.
وفيه دلالة المؤثر على الأثر، إنما تحصل دلالة عليه؛ ولكن في حق مكاشف يعرف أن هذه المعرفة وقعت له في مرآة الحق؛ لكن لا يعرف أن هذه المعرفة وقعت له في مرآة الحق؛ لكن لا يعرف كل مكاشف ذلك.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 14 يوليو 2019 - 15:20 عدل 2 مرات

الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض).
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : وأنّ العالم ليس إلَّا تجلَّيه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ) - تجلَّى الشبح المقابل في السطح القابل - ( وإنّه ) أي ذلك التجلَّي ( يتنوّع ) كليّا في العقل ( ويتصوّر ) جزئيّا في الخارج ( بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها ) - على ترتيب اللفّ والنشر - ( وهذا بعد العلم به منّا : أنّه إله لنا ) ، ضرورة أنّه ما لم يعلم نسبة بين الذات القديمة والعالم ، لم يعلم أمر الظاهريّة والمظهريّة المذكورتين أصلا .
مشهد الجامع بين الجمع والتفرقة ثمّ إنّ ذلك النسبة تتفاوت بحسب قوّة الأذواق وصفاء المشارب ، فمن المكاشفين من وقف في موطن المغايرة بين الظاهر والمظهر ، والنور والظلّ ، والوجوب والإمكان ، والجمع والتفرقة - إلى غير ذلك - فهو الذي لضعف ذوقه وشوب مشرب إدراكه غوائل أحكام المدارك الجزئيّة ، قد انحجب بأحد المتقابلين عن الآخر ، ومنهم من جاوز ذلك وبلغ حريم الإطلاق ، وفاز بالدخول في حرم الاتّصال والاتحاد .
وإلى ذلك أشار بقوله رضي الله عنه : ( ثمّ يأتي ) له ( الكشف الآخر ) عند بسط بساط الامتياز والتفصيل ، وهو الموسوم بالفرق بعد الجمع ( فيظهر لك صورنا فيه ، فيظهر بعضنا لبعض في الحقّ ، فيعرف بعضنا بعضا ) بقوة نسبة الاتحاد والجمع ( ويتميّز بعضنا عن بعض )
بقوّة قهرمان المغايرة والافتراق ، فهذا المشهد هو الجامع بين الجمع والتفرقة ، والتفصيل والإجمال .وأهل هذا المشهد أيضا متفاوتون :
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها، و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض).
قال الشيخ رضي الله عنه : (و أن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ، وأنه يتنوع و يتصور بحسب حقائق هذه الأعيان و أحوالها،)
(وإن العالم) عطف على قوله : وأن الحق عطف تفسير يعني ويعطيك الكشف أن العالم بجميع حقائقه الموجودة فيه .
(ليس إلا تجليه) الوجودي بالفيض المقدس .
(في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها)، أي وجود تلك الأعيان .
(بدونه) أي بدون ذلك التجلي الوجودي.
فالأعيان الموجودة ليست إلا تجلياته سبحانه فيها.
ولا فرق بينها وبين الحق إلا بالتقييد والإطلاق والمقید عین المطلق من وجه فهو سبحانه عین الدليل على نفسه .
(و) كذلك يعطيك الكشف (أنه) يعني العالم (بتنوع) أنواعا مختلفة (ويتصور) بفتح الياء يقبل صورة متباينة .
(بحسب) تنوعات (حقائق هذه الأعيان) الثابتة المتنوعة بحسب تنوعات النسب الألوهية.
(و) بحسب تنوعات (أحوالها) فهو سبحانه باعتبار تنوعات ظهوره في صور العالم دليل على نسبة ألوهيته كما كان من حيث نفس تجليه فيها دليلا على نفسه .
اعلم أن المشهود في هذا انكشف ليس إلا الحق سبحانه بتجلياته المختلفة المتنوعة بحسب اختلافات المجالي وتنوعات المراني .
فيشهد الوجود الحق الواحد بسبب انصباغه بأحكام المجالي والمرائي متعدد متكثرة.
وهذا الشهود على نوعين :
أحدهما : أن يشهد المشاهد الوجود الحق في أعيان الوجودات الخارجية وهي مظاهر للحق موجودة في أعيانها ظهر الحي فيها بحسبها نحوا من الظهور وضربا من التجلي،
وثانيهما : أن يشهد المشاهد الوجود الحق في مجالي الأعيان الثابتة ومراتبها وهي غير موجودة في أعيانها بل هي على عدمها الأصلى ووجودها العلمي ظهر الوجود الحق بها مختلف الصور.
فعلی هذا : يكون المراد بوجودها في قوله : يستحيل وجودها بدون ظهور أحكامها وآثارها في الوجود الحق لا وجودها في نفسها . فإنها ما شمت رائحة الوجود في كشف هذه المشاهد
قال الشيخ رضي الله عنه : (و هذا بعد العلم به منا أنه إله لنا. ثم يأتي الكشف الآخر فيظهر لك صورنا فيه، فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فيعرف بعضنا بعضا، و يتميز بعضنا عن بعض).
(وهذا) الكشف كما نبهنا أولا إنما يحصل لنا (بعد العلم به سبحانه منا أنه إله لنا) مؤثر فينا بأسمائه الوجودية و نحن عبید به متأثرون عن تلك الأسماء محتاجون إليها وجودة وبقاء.
فإنه لو لم نعلمه بالألوهية كيف يتيسر لنا التوجه إليه بالكلية المفضي إلى ذلك الكشف والاطلاع.
ثم يأتي بعد هذا الكشف (الكشف الآخر) و هو كشف مقام الفرق بعد الجمع ويسمى جمع الجمع باعتبار أنه يجمع الجمع مع الفرق (فيظهر لك صورنا فيه).
أي في الحق سبحانه و مرآة وجوده (فيظهر بعضنا البعض) في مرآة الوجود (الحق فيعرف بعضنا بعضا ويتميز).
أي يفترق (بعضنا عن بعض) بحيث لا يقع بينهما رابطة معرفة على طبق التفارق والتناكر الواقعين في عالم الأرواح موافقين لما كان في استعداداتنا في الحضرة العلمية .
وإذا عرفت بعضنا بعضا سواء كانت هذه المعرفة في منام الفرق قبل الجمع أو بعده.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:18 عدل 2 مرات

الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة الثامنة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، ولذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا معشر أهل الكشف من يعرف أن في الحق) سبحانه (وقعت هذه المعرفة لنا) متعلق بوقعت، أي لبعضنا بعضا (بنا) .
ولهذا كلنا حيث كان منه الإظهار فقط والباقي كله منا في مراتب إمكاننا العدمية وإليه يشير قوله تعالى : "الله نور السموات والأرض" [النور: 35]، أي منورهما يعني مظهرهما بنوره الذي هو وجوده الحق، فالكل منا إمكانا واستعدادا وقبولا، والكل منه إيجادا وإظهارا.
قال تعالى: "قل كل من عند الله" [النساء: 78]، ولم يقل من الله ، لأن عندية الله حضور مراتب الإمكان العدمية في علمه سبحانه.
فصاحب الكشف الأول يقول : نحن كلنا به سبحانه .
وصاحب الكشف الثاني وهو أرقى يقول: نحن كلنا بنا لا به سبحانه ولكن فيه لا فينا.
فعند الأول هو الظاهر بنا العامل بنا، وعند الثاني نحن الظاهرون به العاملون بنا فيه، لا به فينا.
(ومنا من يجهل) لغلبة أحكام الوحدة عنده على الكثرة وهو صاحب الكشف الأول (الحضرة) الإلهية (التي وقعت فيها هذه المعرفة) من بعضنا لبعض (بنا)، لأنه سبحانه ("أعوذ")، أي احتمى واحتفظ ("بالله") تعالى ("أن أكون") في معرفة الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة ("من") جملة ("من الجاهلين") [البقرة : 67] بذلك.
(و بالكشفين) المذكورين اللذين هما تنوع الحق تعالی وتصوره بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها، والثاني تصورنا فيه بصور ظاهرة بعضها لبعض (معا) تأكيد للكشفين.
(ما يحكم) الحق تعالی (علينا) بما يحكم به في ظاهرنا وباطننا (إلا بنا)، أي بما فيه منا وهو قوله تعالى: "يعذبهم الله بأيديكم" [التوبة: 14].
وهذا إشارة إلى الكشف الأول (لا، بل نحن نحكم علينا بنا) في جميع أحوالنا (ولكن فيه) حيث علمنا منا فحكمنا نحن علينا بما علمه منافيه فنحن به حاكمون علينا وهو قوله تعالى : " كم ممن فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله" [البقرة: 249]. وهذا إشارة إلى الكشف الثاني.
(ولذلك)، أي لكون الأمر كما ذكر (قال) الله تعالى: ("فلله")، أي فليس لغيره ("الحجة البالغة") [الأنعام: 149]، أي القوية (يعني على جميع المحجوبين) بنفوسهم عن حقيقة ربهم القائم على كل نفس بما كسبت وهم الكافرون والعصاة.
(إذ قالوا) يوم القيامة (للحق) تعالى وقد ظهر لهم أنه هو الذي فعل جميع ما فعلوه بهم وهذا مقدار ما يظهر لهم يوم القيامة من الله تعالى أولا وهو الكشف الأول .
(لم)، أي لأي سبب (فعلت) أنت (بنا كذا وكذا) من كل فعل لا ترضى به فنستحق عليه الجزاء السوء منك (مما لا يوافق أغراضهم) الدنيوية والأخروية .
(فيكشف)، أي الحق تعالی (لهم)، أي للمحجوبين (عن ساق)، أي شدة التباس كما يقال : قامت الحرب عن ساقها . قال تعالى: "يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى الجود فلا يستطيعون " [القلم: 42].
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا) بظهور صورنا فيه .
(ومنا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا) فلا يحصل له هذه المعرفة .
لأن في الحضرة فرع المعرفة بنفس الحضرة ومن لم يعرف الحضرة لم تكن الحضرة مرآة ولم يظهر له الصور فيها حتى حصل المعرفة.
قال الشيخ رضي الله عنه : ("أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين") بالحضرة. ثم بين جمع المقامين الحاصلين عن الكشفين
بقوله: (و بالكشفين معا) يحصل لنا العلم. بان (ما بحكم) الحق (علينا إلا بنا)
بسبب طلبنا ذلك الحكم منه لكن يظهر ذلك الحكم فينا هذا ناظر إلى الكشف الأول .
(لا) أي لا يحكم الحق بحكم من الأحكام علينا بنا.
(بل نحن نحكم علينا بنا) أي بل الحاكم علينا بنا نحن .
(ولكن) ذلك الحكم يظهر( فيه) أي مرآة الحق هذا ناظر إلى الكشف الثاني.
فمن جمع بينهما بحيث لا يحجب أحدهما عن الآخر فهو الواصل إلى درجة الكمال في رتب العلم بالله .
(ولذلك) أي ولأجل أن كون الحكم علينا منا لا من الله وإن الله ما فعل بنا إلا ما نحن نفعل بأنفسنا.
(قال الله تعالى: "قل فلله الحجة البالغة " [الأنعام: 149 ] بعني على المحجوبين)، الذين لم ينكشف لهم ما انكشف للعارفين في الدار الدنيا .
قال الشيخ رضي الله عنه : (إذا قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم فيكشف) الحق (لهم عن ساق) .
إشارة إلى قوله تعالى: ("يوم يكشف عن ساق" [القلم: 42].وساق الأمر أصله ونهايته.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، ومنا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، ولذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
تئزله إلى عقول المحجوبين رجاء أن يمكر بهم في إثباتها ثم يخلصهم بعد ذلك إلى حضرة الوحدانية ، فنعود ونعيد ما اصطلحنا عليه ونقوله إن النور الوجودي كان في ذاته، و وحداني، أن يظهر كثيرا.
وقولنا: في ذاته، مجاز إذ ليس في ذاته غير ذاته.
فنقول: إن كونه في ذاته له قوة أن يظهر كثيرا نحن سميناه بالمعنى وفرضناه أنه بلسان الحال، يتقاضي النور الوجودي الظهور بما في قوته، لا بمجاورة" فظهر بالواحد والكثير .
وهو في نفسه لا واحد ولا كثير فاحس الذهن بالمتغایرات لا بالتغايرات.
فتوهم أنه احس بالتغايرات والمتغايرات فسمي هذه التغايرات التي غلط في اثباتها أعيانا ثابتة.
وسميتها أنا تبعا للشيخ، رضي الله عنه: المعنى الكلي وهذه التغايرات جزؤياته.
فإذا تحقق أحد بالبقاء بعد الفناء في الشهود رأى أنه ليس مع النور غيره ولا تغايرات هناك وحيث أثبتها الشيخ، رضي الله عنه، قرر فيها ما ذكره في هذه الحكمة وفي غيرها. لكنا جميعا نجتمع في التصريح بأنه ليس مع الله غيره.
وبقي لنا أنه، رضي الله عنه، يقول إن العالم هو العرش والكرسي وما تحتهما من الأفلاك بما فيها .
وأنا أقول كما قيل:
شعر العرش والكرسي يتلوهما …. غيرهما من غير ما عالم
حبابة في بحر إطلاقه ….. ما أيسر المحدود في الدائم
فما ذهب إليه محدود وما ذهبت إليه غير محدود وغير متناه بالنوع فكيف بالشخص.
وأنه ليس للوجود مركز وفيه منه موجودات لها مراكز، ولست ألزم أحدا أن يتبعني في ذوقي هذا والنور الوجودي عندي لا يحيط ولا يحاط به وفيه موجودات تحيط وتحاط بها.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال رضي الله عنه : فمنّا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا ، ومنّا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا "أَعُوذُ بِالله أَنْ أَكُونَ من الْجاهِلِينَ".
أنّ المشهود نقوش أعيان العالم وصورها وأمثلتها في مرآة الوجود الواحد الحق الموجود هو الحق المشهود في صور نسبه ونقوش شؤونه وأحواله الذاتية العينيّة .
وهي أعني النسب والشؤون التي هي أعيان العالم لم تنتقل من العلم الذاتي إلى العين .
ولكن أثّرت في مرآة الوجود الحق من حيث قبوله وصلاحيته لتلك الآثار هيئات وصورا منها بحسبها.
قال رضي الله عنه : " وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلَّا بنا ،بل نحن نحكم علينا بنا ، ولكن فيه ، فلذلك قال : " فَلِلَّه ِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " يعني على المحجوبين.
إذ قالوا للحقّ : لم فعلت بنا كذا وكذا ممّا لا يوافق أغراضهم ، فيكشف لهم "الحق" عن ساق." وهو الأمر الذي كشفه العارفون هنا ، فيرون أنّ الحق ما فعل لهم ما ادّعوه أنّه فعله ، وأنّ ذلك منهم ، فإنّه ما علمهم إلَّا ما هم عليه ، فتدحض حجّتهم ، "وتبقى الحجة لله البالغة " .
قال العبد : إنّ الحاكم علينا نحن على الكشفين معا ، لأنّا على الكشفين معا :
إمّا تجلّ وحق متعيّن بمقتضيات أعياننا الثابتة .
أو صور أعيان ظهرنا في مرآة الوجود الحق بمقتضيات أعياننا وخصوصياتنا كذلك .
فإذن لم يحكم الحق علينا في كلّ ما حكم علينا ، دنيا وآخرة ، روحا وجسما ، ظاهرا وباطنا ، شقاوة وسعادة ، إلَّا بموجب ما اقتضت خصوصياتنا واستعداداتنا غير المجعولة ، الذاتية ، وقابليّات مظهرياتنا التي استدعت من الحق أن يحكم علينا بما نستأهله ونستحقّه ، والله العليم ، الحكيم ، العدل ، الحكم لا يحكم على كل محكوم عليه بكل حكم حكم عليه إلَّا بموجب علمه بالمحكوم عليه .
وبالحكم الذي يطلبه ويقتضيه بحقيقته وعلمه به على ما هو عليه وبحسبه وبموجب استعداده ، ولا ينسب إلى الحق ما يتوهّمه أهل الجهل أنّ الله قدّر وحكم على الخلائق .
أو كتب عليهم بما ليس فيهم وهو ظلم محض إن يقدّر على أحد ويحكم عليه قبل وجوده في الأزل بأفعال وأحوال وآثار ليست فيهم ومنهم ، ثم إذا صدرت منهم في الدنيا بموجب ما قدّر وكتب عليهم .
طالبهم بذلك في الآخرة ، وعاقبهم ، وأخذهم بها ، وعذّبهم ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون الجاهلون علوّا كبيرا.
بل الله يحكم علينا بمقتضيات استعداداتنا وبموجب خصوص قابليّات صور معلوميّاتنا له أزلا ، فلم يحكم علينا إلَّا لما منه أو حكمنا أن يحكم علينا بذلك .
فما حكم علينا إلَّا بحكمنا ونحن صور نسب علمه وشئونه وأحواله الذاتية النفسية ، بل نحن حكمنا علينا بالحق وفيه ، فافهم .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا ، ومنا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا ، أعوذ باللَّه أن أكون من الجاهلين ).
أي فمنا المكاشف بالكشف الثاني ، من لا يحتجب بالخلق عن الحق فيعرف الكثرة الخلقية في عين الحقيقة الأحدية الحقية وهو أهل الكمال . لا يحجبهم الجلال عن الجمال والجمال عن الجلال
فإن الكشف الأول جمالى محض ، لا يشهد فيه صاحبه إلا الجمال وحده ، والصور العينية وأحوالها وتعيناتها أسماؤه وصفاته ، فهو محجوب بالجمال عن الجلال .
ومنهم أي ومن أهل الكشف الثاني ، من يحتجب بالجلال عن الجمال فيخيل الحضرة بحسب الخلق غيره فيحتجب بالخلق عن الحق ، أعوذ باللَّه من الضلال بعد الهدى .
ولا تظن أن الوجود العيني في الظاهر عين الوجود الغيبي في الباطن حقيقة ، فتحسب أن الأعيان قد انتقلت من العلم إلى العين أو بقيت هناك .
والوجود الحق ينسحب عليها فيظهر بآثارها ورسومها ، أو هي مظاهر موجودة ظهر الحق فيها ، بل الأعيان بواطن الظواهر ثابتة على معلوميتها ، وبطونها أبدا قد تظهر وتختفى .
فظهورها باسم النور ووجودها العيني الظاهر وبقاؤها على الصورة العلمية الأزلية الأبدية ووجودها الغيبي ، فهي في حالة واحدة ظاهرة وباطنة بوجود واحد حقي .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا ، لا بل نحن نحكم علينا بنا ، ولكن فيه ) الحق أن لا يحكم علينا إلا بما فينا من أحوال أعياننا ، بل الحاكم والمحكوم عليه واحد كما مر.
فنحن نحكم على أعياننا الظاهرة بما فيها من حيث هي باطنة ثابتة بالتعين العلمي ، في الوجود الحق المطلق
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : (وبالكشفين معا ) يحصل لنا العلم ، بأنه ( ما يحكم علينا إلا بنا ) بسبب طلبنا ذلك الحكم منه لكن يظهر ذلك الحكم فينا هذا ناظر إلى الكشف الأول ( لا ) أي لا يحكم الحق بحكم من الأحكام علينا بنا (بل نحن نحكم علينا بنا ) أي الحاكم علينا بنا نحن ( ولكن ) ذلك الحكم يظهر ( فيه ) أي في مرآة الحق هذا ناظر إلى الكشف الثاني ، فمن جمع بينهما بحيث لا يحجب أحدهما عن الآخر فهو الواصل إلى درجة الكمال في رتب العلم باللَّه .أهـ بالى.""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلذلك قال : "فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " يعنى على المحجوبين . إذا قالوا للحق : لم فعلت بنا كذا وكذا مما لا يوافق أغراضهم )
فيقول على لسان المالك: " لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ " أي بالذي هو مقتضى أعيانكم والذي سألتموه بلسان استعدادكم ، كقوله :" وما ظَلَمْناهُمْ ولكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ".
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( ولذلك ) أي ولأجل أن كون الحكم علينا منا لا من الله ، وأن ما فعل الله بنا إلا ما نحن نفعل بأنفسنا ( قال تعالى :" فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " ) فأمكن عند العقل هداية كل ممكن ، لأن العقل قاصر عن إدراك الشيء على ما هو عليه ، فجاز أن يكون الشيء الواحد ممتنعا في نفسه ، وممكنا عند العقل وأي الحكمين المعقولين من الهداية وعدمها .
وقع ذلك الحكم المعقول هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته فلا يمكن الهداية في استعداد كل أحد فلا يشاء إيمانه ولما حقق الآية على التفسير : شرح تأويلها وتطبيقها على حاصل الكشفين .أهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكشف بهم عن ساق ) وفي نسخة : فيكشف لهم الحق عن ساق ( وهو ) شدة الأمر الذي اقتضاء أعيانهم على خلاف ما توهموه.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، ومنا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا – "أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين".)
أي، فمنا منيعرف أن في مرآة ذات الحق وحضرة علمه وقعت هذه المعرفة لنا، أي معرفة بعضنا بعضا بنا، أي بإعطاء أعياننا ذلك العرفان بحكم المناسبة الواقعة بينها. ومنا من يجهل تلك الحضرة والتعارف الواقع بين الأعيان، بسبب الغواشي الناتجةمن النشأة العنصرية والأطوار التي يظهر فيها العين الإنسانية إلى حين وصولها إلىهذه الصورة الألفية،
كما قال:
(وأظنها نسيت عهودا بالحمى .... ومنازلا بفراقها لم يقنع)
ولما كان الأول حال أهل الكمال المحبوبين المعنى بهم الذين لا يحجبهم جلال الحق عن جماله، كالمحجوبين بالخلق عن الحق، ولا جماله عن جلاله، كالمحجوبين بالحق عن الخلق، وهم المهيمون الباقون في الجمع المطلق، والثاني حال المحجوبين المطرودين الذين لا يبالي بهم.
قال الشيخ رضي الله عنه : ("أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين".) (وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا).
أي الكشف الأول يعطى أن الموجود هو الحق لا غير، وهو الظاهر في مرايا الأعيان والخلق في العدم، والكشف الثاني يعطى أن الموجود هو الخلق الظاهر في مرآة وجود الحق والحق في غيبه. والكشف الجامع بينهما معا - وهو مقام الكمال المحمدي، صلى الله عليه وسلم، شهود الحق في عين الخلق والخلق في عين الحق جمعا من غير احتجاب بأحدهما عن الآخر - يعطى أن ما يحكم الحق علينا بحكم من الأحكام إلا بسبب اقتضاء أعياننا ذلك الحكم.
قال الشيخ رضي الله عنه : (لا، بل نحن نحكم علينا بنا ولكن فيه). أضرب عن قوله: (ما يحكم علينا الحق إلا بنا) تأكيدا لما ذكره، فقال: لا، بل أعياننا يحكم علينا باستعداداتنا.
فإن كل عين من الأعيان يطلب من الحق بلسان استعدادها أن يوجدها ويحكم عليها بحسب قابليتها، فهي الحاكمة على الحق أن يحكم عليها بمقتضاها. (ولكن فيه). أي، في علم الحق.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولذلك قال تعالى: "فلله الحجة البالغة" يعنى على المحجوبين) الذين لم يكشف لهم حقيقة الأمر على ما هو عليه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (إذ قالوا للحق: لم فعلت بنا كذا وكذا؟ مما لا يوافق أغراضهم. فيكشف).
أي الحق (لهم عن ساق). أي، من شدة الأمر يوم القيامة، أو عن أصل الأمر وحقيقته، إذ(ساق) الشئ ما يقوم به الشئ، وهو أصله المقوم إياه.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا) أي: بظهورنا فيه لا بنفس الحق فنحن الدليل أو لا في تلك الحالة أيضا فلا تتم دلالة المؤثر على الأثر كل وجه.
على أن ذات الحق تكون مستورة حينئذ لوجوب استتار المرآة عند ظهور الصورة فيها على ما مر.
منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة منا فیزعم أن المرآة مرآة العقول، أو النفوس السماوية، أو أنها وقعت لنا لا (بنا).
أو أن صورنا صارت عين الحق فهذا مع هذا الكشف الذي هو غاية النور باق في ظلمة الجهل.
ولذلك ("قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين") [البقرة: 67]، ثم أشار إلى أن مبنى الاستدلالين على القول بالمؤثر والأثر، وهو إنما يتم لو كان تأثيره من حيث هو.
لكن الكشفان المذكوران يمنعان من ذلك . فقال: (وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا) إما بالكشف الأول أعني: تجلي الحق في مرايا الأعيان فلاختلاف صوره بحسبها، وحسب أحوالها فما يحكم على كل واحد منها بالتجلي المخصوص بها إلا بمقتضاها.
وإما بالكشف الثاني أعني: ظهور صورنا في مرآة الحق فلأن يتميز بعضنا عن بعض هناك ليس بحسب المرآة لوحدها، وعدم الاختلاف فيها .
بل بحسب ما فاض علينا من مفضيات أعياننا فما حكم علينا بالتجليين إلا بنا لا أي: الحق (لا) يحكم علينا ابتداء بشيء (بل نحن نحكم علينا بنا) أو لا؛ لأن حكمه تابع لعلمه التابع لمقتضيات الأعيان، وهي الحاكمة بأنفسها على أنفسها ابتداء.
(ولكن) اقتضاء الأعيان الثابتة، إنما هو حال ثبوتها (فيه) أي: في علمه فنسب ذلك إليه؛ لأنه الموجود دونها؛ (ولذلك) أي: و لكوننا الحكام علينا بنا (قال تعالى: "فلله الحجة البالغة)
[ الأنعام: 149 ].
ولما اختص التزام الحجة بالخصم المعترض، والاعتراض على الله تعالى لا يتأتي إلا من المحجوبين دون أهل الكشف التاركين للاعتراض على الله لاطلاعهم على سر القدر.
قال الشيخ رضي الله عنه : (يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق: لم فعلت كذا) من المعاصي، (وكذا) من العقاب وإن كان فيه حكم كثيرة للحق؛ لكنه (مما لا يوافق أغراضهم فيكشف لهم عن ساق) .
وهو ما بطن عنهم من سر القدر عبر عنه بالساق الذي ستره غالب في العادة.
"الساق : حقيقة هول الأمر و شدته . كشفت الحرب عن ساقها"
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:19 عدل 3 مرات

الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
فهذا المشهد هو الجامع بين الجمع والتفرقة ، والتفصيل والإجمال .وأهل هذا المشهد أيضا متفاوتون :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمنّا من يعرف أن في الحقّ وقعت هذه المعرفة لنا ، بنا ومنّا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا ) - على ما هو مقتضى مسلك بعض الحكماء المذكورين - ( أعوذ باللَّه أن أكون من الجاهلين ) .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا ، لا - بل نحن نحكم علينا بنا ولكن فيه ) فإنّ الأول هو المعطي للجمعيّة بأنّه هو الدليل على نفسه ، وعلى الوهيّته .
والثاني هو الذي يعطي أن التفرقة التي بها تمتاز الأعيان عين تلك الجمعيّة ، فإنّ الجمعية الحاصلة منها هو الجمعية بين التفرقة والجمع .
لله الحجة البالغة ( ولذلك ) - أي لما أنّ الحكم الذي علينا إنّما هو بنا - (قال : " فَلِلَّه ِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " [ 6 / 149 ] ، يعني على المحجوبين إذا قالوا للحقّ : « لم فعلت بنا كذا وكذا » ؟ - ما لا يوافق أغراضهم - فيكشف لهم عن ساق ) .
أي عمّا يقوم به أمرهم على ساق النظام ، أو عمّا يسوقهم إلى ذلك على طريقة الاشتقاق الكبير - على ما هو المعوّل عليه عند المحقّقين .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. و بالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»).
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمنا من يعرف أن في الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا، و منا من يجهل الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة بنا: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. وبالكشفين معا ما يحكم علينا إلا بنا،)
(فمنا من يعرف أن في) مرآة الوجود (الحق وقعت هذه المعرفة لنا بنا) ، أي لبعضنا ببعض وهؤلاء هم أرباب الكشف الثاني الذي هو مقام الفرق بعد الجمع و مشهودهم صور الأعيان الثابتة وأمثلتها في مرآة الوجود الحق من غير انتقالنا من العلم إلى العين .
ولكن أثرت في مرآة الوجود الحق حيث قبولها وصلاحيتها لا بأمر تلك الأعيان صورا وأمثله يحسبها الجاهل موجودات عينية .
(ومنا من يجهل تلك الحضرة التي وقعت فيها هذه المعرفة) المتعلقة (بنا) بأن يعرف بعضنا بعضا و هي حضرة الوجود الحق التي هي كالمراة لنا فهم يرون صورة الفرق ويعرفونها متميزة بعضها عن بعض ولكن لا يعرفون أنها ظهرت في مرآة وجود الحق .
وهؤلاء المحجوبون الجاهلون بالأمر على ما هو عليه ولهذا استعاذ رضي الله عنه عن حالهم (فقال: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين وبالكشفين معا)، أي بمقتضى كل واحد من هذين الكشفين على انفراده ، فمعنى المعية اشتراكهما في هذا الحكم لا عدم استقلال واحد واحد منهما (ما بحكم) الحق تعالی (علينا إلا بنا).
قال الشيخ رضي الله عنه : (، لا، بل نحن نحكم علينا بنا و لكن فيه، و لذلك قال «فلله الحجة البالغة»: يعني على المحجوبين إذ قالوا للحق لم فعلت بنا كذا و كذا مما لا يوافق أغراضهم، «فيكشف لهم عن ساق»)
(لا بل نحن نحكم علينا بنا) أما بالكشف الأولى فلا نافية تجليات الوجود الحق المتعينة بمقتضيات أعياننا الثابتة فالحاكم علينا بالوجود وتوابعه هو الحق سبحانه بتلك التجليات .
لكن كما تقتضيه أعياننا فلا يحكم علينا إلا بنا بل هذا الحكم أيضا مما نطلبه بلسان استعداداتنا، فمتى لم نحكم عليه تعالى بإجراء الأحكام علينا ثم يجرها علينا ، فبالحقيقة نحن نحكم علينا بنا.
وأما بالكشف الثاني فلا نافية صور أعيان ظهورنا في مرآة الوجود الحق ولا تظهر هذه المرأة إلا كما تقتضيه أعياننا . فهو لا يحكم علينا بالظهور وأحكامه إلا بنا.
بل نحن نطلب منه بلسان استعداداتنا أن يحكم علينا بهذا الحكم فبالحقيقة نحن نحكم علينا بنا .
(ولكن) هذا الحكم في هاتين الصورتين لا يكون إلا (فيه) أي في الحق ومرآة وجوده المطلق فإنا ما لم تظهر فيه لم نوجد وما لم نوجد لم يجر علينا أحكامنا وأحوالنا.
ولذلك قال تعالى : ("فلله الحجة") [الأنعام:149 ]. ( يعني على المحجوبين)، الذين تم تنكشف لهم حقيقة الأمر على ما هو عليه (إذا قالوا) يوم القيامة (للحق تعالى لم فعلت بنا كذا وكذا).
وأجريت علينا أعمالا مخصوصة أدتنا إلى هذه الشدائد وذكروا أمورا (مما لا توافق أغراضهم فيكشف لهم) على البناء للمفعول أو الفاعل وإرجاع الضمير إلى الحق.
(عن ساق) أي عن أمر شديد ساق ، وهو أن ذلك من مقتضيات أعمالهم على خلاف ما توهموه.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 1 يوليو 2019 - 18:55 عدل 1 مرات

الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة التاسعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة. فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» [الأنعام: 149] قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو)، أي الساق المذكور الأمر العظيم الذي كشفه العارفون بالله تعالی (هنا) يعني في الحياة الدنيا قبل الآخرة وذلك هو الكشف الثاني.
(فيرون) أي المحجوبون حينئذ (أن الحق تعالی ما فعل بهم ما) أي ذلك الفعل الذي (ادعوه أنه فعله بهم) .
(كما هو مقتضى الكشف الأول) و (یرون) أن ذلك الفعل المذكور حاصل (منهم) به (فإنه) سبحانه (ما علمهم) في حضرة أزله (إلا على ما)، أي الوصف الذي (هم عليه) في حضرات وجودهم الأبدية .
وما فعل بهم إلا ما علمه منهم فالإيجاد منه لا غير وجميع أحوالهم علمها منهم فأوجدها لهم على طبق ما علمها وحيث ظهر لهم ذلك وانكشف عندهم.
(فتندحض)، أي تبطل في نظرهم أيضا كما هي باطلة في نفس الأمر (حجتهم) التي هي أن الحق تعالی فعل بهم جميع ما فعلوه على حسب الكشف الأول.
(وتبقى الحجة) ("البالغة") عليهم التي هي أن الحق تعالى ما فعل بهم ما فعلوه هم وإنما هم الفاعلون به جميع ما فعلوه، لأنه علمهم كذلك فأوجدهم على طبق ما علمهم.
إذا تقرر هذا (فإن قلت): يا أيها الإنسان (فما فائدة قوله تعالی) في آخر الآية المذكورة ("فلو شاء لهداكم")، أي أوصلكم إلى معرفته المطابقة لمقتضی شرعه ("أجمعين") [الأنعام: 149].
ولم يزغ قلب أحد منكم عن ذلك، فإن هذا يقتضي أن جميع ما أنتم فيه مقتضي مشيئته وحكمه، لا مقتضى ما أنتم عليه في حضرة علمه بكم.
فيكون علمكم كما شاء وحكم لا شاء وحكم على مقتضی علمكم عليه (قلنا) في الجواب عن ذلك في الآية ("لو شاء") ومن المعلوم أن كلمة (لو حرف امتناع) في الثاني (لامتناع) في الأول .
فامتنعت هدايتكم أجمعين لامتناع مشيئته لذلك، وإذا امتنعت هدايتكم أجمعين ثبتت هداية البعض منكم دون البعض كما هو الواقع .
وامتناع مشيئته لذلك إنما كان الامتناع ذلك منكم على حسب ما علمكم عليه في نفس الأمر.
(فما شاء) سبحانه لكم من هداية البعض دون البعض (إلا ما هو الأمر عليه) في حقائق ذواتكم وأحوالكم المنكشفة له بعلمه القديم على طبق ما هي عليه .
فإن قلت هذا الكلام يقتضي وجود العالم بذواته وجميع أحواله في الأزل حتى ينكشف للعلم القديم، وإذا كان موجودا فلا حاجة له إلى تعلق الإرادة والقدرة به وإيجادهما له إذ يثبت له الاستغناء حينئذ عن الصانع.
قلنا : هذا الإشكال غير وارد على قاعدة أهل السنة والجماعة من أن الله تعالی غیر زماني ولا يمر عليه الزمان، فالماضي والآتي كله حال بالنسبة إليه سبحانه ولا ترتیب بین تعلقات صفاته سبحانه، لأنها أزلية والأزلي لا يتقدم ولا يتأخر.
فعلمه سبحانه كاشف عن جميع الكائنات من الأزل موجودات بقدرته تعالى في أوقاتها وأزمانها في جميع أحوالها على ما هي مترتبة فيه، كل شيء في وقته على حسب إرادته ومشيئته سبحانه وتعالى.
ولا وجود لشيء في الأزل أصلا بل لا وجود لشيء في غير وقته الذي أراد سبحانه وجوده فيه، فجميع ما كان وما يكون من العوالم كلها كانت معدومة عدم صرفا فكشف عنها الحق تعالى من الأزل بعلمه القديم.
وليست هي في العدم بجعل جاعل، لأن الجاعل إنما هو الإيجاد لا غير فالممكنات كلها أزلية العدم المحض.
وليس عدمها الأصلي من طرف الحق تعالی بل هو مقتضاها في نفسها، بل جميع أحوالها المترتبة لها وهي معدومة مثلها مقتضى ذواتها على النظام الأكمل والحق تعالى قد كشف عنها بعلمه من الأزل.
فوجد كل شيء موجودة به سبحانه في وقت وجود ذلك الشيء، وسمع من الأزل كل شيء موجود في وقت وجوده .
وأبصر من الأزل كذلك كل شيء موجود في وقت وجوده ، وأراد كل شيء وقدر عليه والشيء لا يوجد إلا في وقت وجوده الذي هو مقتضى ذاته حيث كان معدومة، وقد أراده على حسب ما علمه وقدر عليه.
كذلك، فكلما جاء وقت الشيء وجد ذلك الشيء بالقدرة الإلهية مخصوصا بالإرادة الإلهية مكشوفا عنه بالعلم الإلهي إلى أن يتم ذلك الشيء من أوله إلى آخره.
فالوجود الذي للكائنات من الله تعالى لا غير، والجميع أحوال الكائنات وترتيبها وخصوصياتها، علمها الحق تعالی منها، فأرادها وقدر عليها، فأوجدها لها، فله عليها هذه الحجة البالغة.
ولو كانت على خلاف ذلك لشاءها كذلك ولو شاءها كذلك لأوجدها كما شاءها، فما شاء إلا
ما هو الأمر عليه في نفسه .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو) أي الكشف عن ساق في الآخرة (الأمر الذي كشفه العارفون هنا) وتحقق به (فيرون) المحجوبون عند كشف الحق لهم عن ساق الأمر( أن الحق ما فعل بهم إلا ما) أي الذي( ادعوه) في حال حجابهم (أنه) أي الحق.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فعله) أي فعل ما ادعوه وهو قولهم : لم فعلت بنا كذا وكذا (و) يرون أن ذلك الفعل الذي أسندوه للحق صدر (منهم) لا من الله.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإنه) أي الحق (ما علمهم إلا على ما هم عليه) وما فعلهم إلا ما علمه منهم (فتندحض) أي تبطل (حجتهم وتبقى الحجة الله) تعالى (البالغة) على المحجوبین. قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن قلت: فما فائدة قوله تعالى: "لو شاء، لهداكم أجمعين " )[النحل: 9] .
يعني إذا كان الحكم علينا منا لا من الله فما معنى تعلق المشيئة إلى هداية الكل في قوله تعالی: "لو شاء، لهداكم أجمعين " [النحل: 9]
(قلنا) في بيان فائدة هذا الكلام (أن لو حرف امتناع لامتناع) أي حرف موضوع لامتناع الشيء لامتناع غيره.
فامتناع هداية الكل إنما كان لامتناع تعلق المشيئة إليها .
وإنما امتنع تعلق المشيئة إلى بداية الكل لأن تعلق المشيئة تابع لتعلق العلم والعلم تابع للمعلوم . فما علم الله إلا على ما هو الأمر عليه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما شاء إلا ما هو الأمر عليه) فلو كانت الأعيان الثابتة كلها طالبة من الله الهداية لقاء هداية الكل تهداهم كلهم فكانت هداية الكل ممتنعة في نفس الأمر لأنه لا مكان لها ولا تعلق للمشيئة بالممتنع وأما عند العقل فلا امتناع.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
ما ذكره ظاهر
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال رضي الله عنه : "وهو الأمر الذي كشفه العارفون هنا ، فيرون أنّ الحق ما فعل لهم ما ادّعوه أنّه فعله ، وأنّ ذلك منهم ، فإنّه ما علمهم إلَّا ما هم عليه ، فتدحض حجّتهم ، "وتبقى الحجة لله البالغة " .
لا ينسب إلى الحق ما يتوهّمه أهل الجهل أنّ الله قدّر وحكم على الخلائق .
أو كتب عليهم بما ليس فيهم وهو ظلم محض إن يقدّر على أحد ويحكم عليه قبل وجوده في الأزل بأفعال وأحوال وآثار ليست فيهم ومنهم .
ثم إذا صدرت منهم في الدنيا بموجب ما قدّر وكتب عليهم ، طالبهم بذلك في الآخرة ، وعاقبهم ، وأخذهم بها ، وعذّبهم ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون الجاهلون علوّا كبيرا .
بل الله يحكم علينا بمقتضيات استعداداتنا وبموجب خصوص قابليّات صور معلوميّاتنا له أزلا ، فلم يحكم علينا إلَّا لما منه أو حكمنا أن يحكم علينا بذلك .
فما حكم علينا إلَّا بحكمنا ونحن صور نسب علمه وشئونه وأحواله الذاتية النفسية ، بل نحن حكمنا علينا بالحق وفيه ، فافهم .
قال رضي الله عنه : " فإن قلت" : فما فائدة قوله : " فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ " ؟
قلنا : " لو " حرف امتناع لامتناع ، فما شاء إلَّا ما هو الأمر عليه .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
وهو ( الأمر الذي كشفه العارفون هنا ، فيرون ) هناك بالحقيقة رأى العين.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله ) بل فعلوه بأعيانهم وأنفسهم ( و ) يتحققون ( أن ذلك منهم فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه ) في حال ثبوت أعيانهم .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فتندحض حجتهم وتبقى الحجة لله البالغة فإن قلت : فما فائدة قوله : " فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ " قلنا لو شاء ، لو حرف امتناع لامتناع ، فما شاء إلا ما هو الأمر عليه ).
معنى السؤال : أن المشيئة الأولى الذاتية التي اقتضت الأعيان اقتضت ضلال الضال وهداية المهتدى ، فكان قولهم : " لَوْ شاءَ الله ما أَشْرَكْنا ولا آباؤُنا " قولا حقا .
وقوله تعالى :" فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ . مقرر له .
فكيف يقوم جوابا لهم ومعنى الجواب أن لو حرف وضع للملازمة مع امتناع التالي الذي هو وجود الهداية ، فيستلزم عدم مشيئته الذاتية الأقدسية الموجبة لتنوع الاستعدادات ، فما شاء إلا هداية البعض وضلال البعض على ما هو الأمر عليه .
وأما قولهم : "لَوْ شاءَ الله ما أَشْرَكْنا " .
فهو كقول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، حين سمع قول الخوارج : لا حكم إلا لله : كلمة حق يراد بها باطل ، فإن المشركين لما سمعوا قول المؤمنين ما شاء الله ، كأن قالوا ذلك تعنتا وإلزاما لا عن عقيدة وعلم وإلا كانوا موحدين .
ولذلك قال تعالى في جوابهم : " قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ من عِلْمٍ فَتُخْرِجُوه لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ".
وقال تعالى : " ولَوْ شاءَ الله ما أَشْرَكُوا ".
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( ولو يشاء ) هداية الكل في الماضي والمستقبل ( وكذلك ) أي مثل لو شاء ( أن يشاء ) أي في الاستقبال ولو شاء في السؤال والجواب غايته أن لو شاء ما لم يكن . اهـ بالى
ومعنى( لهداكم ) : لبين لكم أجمعين ما هو الأمر عليه كما بين لبعضكم لاقتضاء استعداده ذلك اهـ بالى .""
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة. فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو الأمر الذي كشفه العارفون هنا). أي، في الدنيا. (فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه) أي حال الحجاب.
(أنه فعله، وأن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه).
أي، من أعيانهم لا غير، فما فعل بهم ما فعل إلا أنفسهم، كما قال تعالى: "وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون".
ولهذا السر قال إبراهيم، صلوات الله عليه: "بل فعله كبيرهم".
حين قالوا له: "ءأنت فعلت هذه بآلهتنا يا إبراهيم".
فقوله عليه السلام، حق في نفس الأمر، لأن الأصنام بلسان حالهم استدعوا من باطنه، عليه السلام، إهلاكهم، لعلمهم بمقام عبوديتهم وضلال عابديهم.
وإنما نسب إلى نفسه الكذب - كما جاء في الحديث- لأن الفعل ما صدر من ذلك الصنم ظاهرا، بل ظهر من نفسه، والأنبياء مأمورون بالظواهر، كما قال، عليه السلام: (نحن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.)(فتدحض حجتهم).
أي، تبطل حجة المحجوبين. (وتبقى الحجة لله تعالى البالغة). أي، تبقى الحجة البالغة لله تعالى عليهم.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن قلت: فما فائدة قوله: "فلو شاء لهديكم أجمعين").
قلنا: (لو) حرف امتناع لامتناع، (فما شاء إلا ما هو الأمر عليه)، ولكن عين الممكن قابل للشئ ونقيضه في حكم دليل العقل، وأي الحكمين المعقولين وقع، فذلك هو الذي عليه الممكن في حال ثبوته , إنما أورد السؤال للتنبيه على سر القدر في الجواب.
والسؤال أنه: لما كان الحاكم علينا أعياننا، وليس للحق إلا إفاضة الوجود على حسب مقتضى الأعيان، فما فائدة قوله: (فلو شاء لهديكم أجمعين).
وجوابه : أن (لو) حرف لامتناع الشئ لامتناع غيره.
ولما كانت الأعيان متفاوتة الاستعداد: بعضها قابلة للهداية وبعضها غير قابلة لها، امتنع حصول الهداية للجميع.
فمعنى قوله تعالى: "فلو شاء لهديكم أجمعين".
أنه لم يشأ، لعلمه بامتناع حصول الهدايةللجميع. فما تعلقت المشيئة إلا بما هو الأمر عليه، فعدم المشيئة معلل بعدم إعطاءأعيانهم هداية الجميع.
وذلك لأن المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم، إذ المشيئة تطلب المشاء، والإرادة المراد، وهمالا بد وأن يكونا معلومتين.
والعلم في حضرة الأسماء والصفات من وجه تابع للمعلوم، من حيث كونه نسبة طالبةللمنتسبين، كما مر تحقيقه في المقدمات.
وما يوجد الحق إلا بحسب استعداد القوابل لا غير. فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان، والعين ما تعطى إلامقتضى ذاتها، ولا يقتضى الذات شيئا ونقيضه، وإن كان العقل يحكم على أن الممكن قابل للشئ ونقيضه لاتصافه بالإمكان المقتضى لتساوي الطرفين: طرفي الوجود والعدم.
لكن الواقف على سر القدر يعلم أن الواقع هو الذي يقتضيه ذات الشئ فقط.
والأعيان ليست مجعولة بجعل جاعل، ليتوجه الإيراد بأن يقال: لم جعل عين المهتدى مقتضية للاهتداء وعين الضال مقتضية للضلالة؟
كمالا يتوجه أن يقال: لم جعل عين الكلب نجس العين وعين الإنسان إنسانا طاهرا؟
بل الأعيان صور الأسماء الإلهية ومظاهرها في العلم، بل عين الأسماء والصفات القائمة بالذات القديمة. بل هي عين الذات من حيث الحقيقة.
فهي باقية أزلا وأبدا، ولا يتعلق الجعل والإيجاد عليها، كما لا يتطرق الفناء والعدم إليها.
وهذا غاية المخلص من هذه المضائق. والله أعلم بالأسرار والحقائق.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة. فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة. )
فلذلك قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو) أي: الساق المستور عن المحجوبين في الدنيا المكشوف عنه هم يوم القيامة (الأمر الذي كشفه العارفون هنا) أي: في الدنيا قبل يوم القيامة من سر القدر.
(فيرون) أي: المحجوبون عند كشف الساق في الآخرة (أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه) أي: الحق (فعله) مستقلا بدونهم، ويرون أن ذلك الفعل (منهم) أي: من أعيانهم .
(فإنه) أي: الحق ما فعل بهم إلا ما علمه منهم لاستحالة انقلابه جهلا ،
(وما علمهم إلا على ما هم عليه)، وإلا كان جهلا، وإذا كشف لهم عن الساق المذكور (فتدحض حجتهم) الباطلة، (وتبقى الحجة لله البالغة) أنهم هم الذين فعلوا ذلك بأنفسهم "وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم" [هود:11].
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه).
ثم استشعر الشيخ سؤالا فقال: (فإن قلت) إذا كان الحكم تابعا لمقتضيات الأعيان بل هي الحاكمة على أنفسها لم يكن له الحكم على خلاف ذلك.
(فما فائدة قوله تعالى: "فلو شاء لهداكم أجمعين") [الأنعام: 149] يا أهل الضلالة أجمعين مع أن المشيئة إنما تقال حيث يصح منه الحكم بأي نقيض اختاره.
قلنا: لو شاء في قوله: ولو شاء لهداكم أجمعين [الأنعام: 149]، لا يدل على ثبوت مشيئة هداية الجميع.
لأن («لو» حرف امتناع لامتناع) أي: حرف بدل على امتناع الجزاء لامتناع الشرط؛ فلا يدل على وجود مشيئة هداية الجميع بل على انتقائها .
(فما شاء) من الهداية والضلالة (إلا ما هو الأمر) أي: أمر أعيان المكلفين (عليه) كما قال: "هو أعلم بمن ضل عن سبيله" [النحل:125].
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:20 عدل 3 مرات

الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
ما هو المعوّل عليه عند المحقّقين - ( وهو الأمر الذي كشفه العارفون هنا ) أي في آخر موطن سلوكهم ونهاية قامة قيامتهم ، وبهذا الاعتبار عبّر عنه بالساق .
( فيرون أنّ الحقّ ما فعل بهم ما ادّعوه : « إنّه فعله » ، وأنّ ذلك منهم فإنّه ما علمهم إلا على ما هم عليه ، فتندحض حجّتهم وتبقى الحجّة البالغة لله ) .
معنى : لو شاء لهديكم أجمعين
( فإن قلت ) : « إذا كان أمر أحوال الأعيان وما يطرأ جزئيّات قوابل الإمكان مطلقا إنّما هو على ما هم عليه في حال ثبوتهم ، ولا دخل للفاعل فيه أصلا ( فما فائدة قوله : " فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ " [ 6 / 149 ] ؟ ( قلنا : لو شاء « لو » حرف امتناع ) التالي ( لامتناع ) المقدّم .
فيكون امتناع هداية الكلّ لامتناع المشيّة فإنّ المشيّة إنّما تتعلَّق بما عليه أمر القوابل .
( فما شاء إلا ما هو الأمر عليه ) وذلك لأنّه ليس في قوّة قابليّة العقل النظري ومكنة اقتداره أن يجاوز حضرة المعلومات ، حيث يتمايز العلم عن الوجود ، فإنّما يتصوّر الحقائق هناك مفردة ، مجرّدة عن سائر لوازمها الوجوديّة ، ولواحقها الضروريّة ، فتكون نسبة سائر المتقابلات من الأحكام إليها سواء في ذلك النظر .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة.
فإن قلت فما فائدة قوله تعالى: «فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : "و هو الأمر الذي كشفه العارفون هنا، فيرون أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه أنه فعله و أن ذلك منهم، فإنه ما علمهم إلا على ما هم عليه، فتدحض حجتهم و تبقى الحجة لله تعالى البالغة. فإن قلت فما فائدة قوله تعالى"
(وهو)، أي الساق هو الأمر الذي كشفه العارفون، أي علموه ظاهرة مكشوفا (هنا) أي في الدنيا (فيرون) المحجوبون (أن الحق ما فعل بهم ما ادعوه) حال الحجاب.
(أنه فعله بهم) مما لا يوافق أغراضهم ( يرون أن ذلك)، أي ما ادعوه أنه فعله بهم منتشیء (منهم).
أي من أعيانهم الثابتة واستعداداتها الغيبية الأزلية وقابليتها الوجودية الأبدية (فإنه) ما فعل بهم إلا كما علمهم .
(ما علمهم إلا على ما هم عليه) في حال ثبوت أعيانهم (فتندحض حجتهم)، أي تبطل حجة المحجوبين على الله تعالى .
(وتبقى الحجة الله تعالى البالغة عليهم فإن قلت) : إذا كان عين الممكن قابلا للشيء ونقيضه لكان فائدة قوله : فلو شاء لهداكم أجمعين ظاهره وهي أن ترجيح أحد النقيضين إنما هو بنسبة الحق واختياره .
وإن كان نسبتهما إلى عين الممكن واحدة وأما إذا كان عين الممكن تقتضي قبول أحد النقيضين دون الأخر .ولا يمكن أن يتخلف منه مقتضاه.
(فما فائدة قوله : فلو شاء لهداكم أجمعين)، أما المعنى المستفاد منه (قلنا) قوله : لو شاء
قال الشيخ رضي الله عنه : («فلو شاء لهداكم أجمعين» قلنا «لو شاء» لو حرف امتناع لامتناع: فما شاء إلا ما هو الأمر عليه).
(قلنا) قوله : لو شاء (لو) فيه (حرف امتناع لامتناع) أي يدل على امتناع التالي لامتناع المقدم.
ففائدة الآية امتناع هداية الكل لا لامتناع تعلق مشيئته سبحانه بها "لهداكم" ، وإنما امتنع تعلق مشيئته سبحانه بها لأن الأعيان متفاوتة الاستعداد بعضها قابلة للهداية وبعضها غير قابلة للهداية.
وعلمه سبحانه تابع للأعيان لا يتعلق بها إلا على ما هي عليه في أنفسها ومشيئته تابعة للعلم "الإلهي".
(فما شاء إلا ما هو الأمر عليه) فكل عين اقتضت الهداية تعلقت مشيئته بهدايتها ولا يمكن خلاف ذلك في نفس الأمر .
وإن جوازه العقل كما أشار إليه رضي الله عنه بقوله :
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 1 يوليو 2019 - 19:00 عدل 1 مرات

الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة العاشرة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولكن عين)، أي ذات (الممكن) من الكائنات (قابل للشيء) الذي هو عليه من كل حال هو له (ونقيضه) من حال شيء آخر غيره (في حكم الدليل العقلي) فقط،
لأنه يفرض الكبير صغيرا، وبالعكس.
فيجد ذلك الفرض معه من غير مانع یدركه العقل، فيسمى كل واحد منهما ممكنا وهو خطأ عند العارف في حكم معرفته.
فإن الشيء إذا كان على وصف وقد علمه الله تعالی موصوفا به في حال عدمه أزلا محال أن يكون قابلا لغير ذلك الوصف وإلا لأمكن أن ينقلب علم الله جهلا.
وإرادة الله تعالی كذلك موصوفة بذلك الوصف، وسمعه كذلك وبصره كذلك كما هو في حال عدمه الأزلي كذلك.
فلو كان قابلا لغير ذلك الوصف لبطلت صفات الحق تعالی وهو محال فلا إمكان لشيء أصلا في حكم المعرفة بل كل شيء واجب بذاته قبل أن يصير شيئا، وهو محال بذاته قبل أن تتعلق به صفات الحق تعالی، وواجب الوجود بغيره بعد أن تعلقت به صفات الحق تعالی.
وقابليته لصفة غيره محال ذاتي، وليس هذا مذهب الحكماء القائلين بالإيجاب الذاتي لأنهم ينفون الصفات، وقد انتسبناها، ويزعمون قدم العالم في وجوده، وقد نفينا القدم لوجود كل شيء في وقته.
(وأي الحكمين المعقولين)، أي الذين يقبلهما الممكن في حكم العقل لا في حكم المعرفة (وقع)، أي أوقعه الله تعالی كذلك.
(فإن ذلك هو الذي كان)، أي وجد (علیه) ذلك (الممكن في حال ثبوته) في العدم المحض كما ذكرنا.
والحكم الآخر القابل له ذلك الممكن أمر موهوم يتصوره العقل وينفيه العرفان ويسميه العاقل ممكن كما يسمى بسببه ذلك الحكم الأول الذي هو عليه ذلك الشيء في نفسه ممكنا.
والعارف يسمي ما عليه الشيء في نفسه واجبا، وما ليس عليه في نفسه محالا .
"قد علم كل أناس مشربهم" [البقرة: 60] .
(ومعنى لهداكم)، أي أوصلكم إلى معرفته وهو معنى (لبين لكم)، أي أزال اللبس عن حسكم وعقلكم (وما كل ممكن) عند العقل وواجب عند المعرفة .
ولما كان الشيخ رضي الله عنه في مقام التعليم جرى على قانون العقل من العالم الإنساني وغيره (فتح الله) تعالی (عين بصيرته) القلبية (لإدراك الأمر) الإلهي في نفسه مع من قام به، والأمر هو الخلق المتفصل بالصور الحسية والعقلية (على ما هو عليه) ذلك الأمر.
بل البعض يدركه على ما هو عليه في نفسه والبعض يلتبس عليه بالصور المذكورة فلا يدرك إلا الصور المذكورة .
(فمنهم)، أي من المخلوقين المخلوق (العالم) بما هو الأمر عليه في نفسه من ملك أو إنسان أو جني أو غيرهم من بقية الخلق (و) منهم (الجاهل) بذلك ممن ذكر .
وتقدير معنى الآية (فما شاء) أن يهديهم أجمعين (فما هداكم أجمعین) بل هدى البعض وأضل البعض. كما قال تعالى : "يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا" [البقرة : 26].
وذلك على طبق ما سبق به علمه القديم الكاشف عن المعلومات على طبق ما هي عليه في عدمها الأصلي (ولا يشاء) أصلا أن يهديهم أجمعين، لأن لا يشاء إلا ما يعلم ولا يعلم إلا ما المعلومات عليه في عدمها الأصلي .
(وكذلك)، أي مثل هذا التقرير يتقرر معنى الآية الأخرى التي هي قوله تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ " [الشوری : 32] . وكذلك قوله تعالى: "إن يشأ يذهبكم" [الأنعام: 133].
ويأت بآخرين ونحو ذلك من الآيات وتقديره: فما شاء، فما أسكن الريح، ولا أذهبكم لأنه علمكم كذلك.
ولا يشاؤكم إلا كما علمكم (فهل يشاء هذا) أي الذي هو خلاف ما أنتم عليه في عدمكم الأصلي حيث علمكم كذلك (ما)، أي شيء (لا یكون)، أي لا يوجد أصلا، لأنه خلاف ما عليه المعلوم في نفسه فلو وجد لانقلب العلم جهلا وهو باطل.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
وإليه أشار بقوله: (ولكن عين الممكن) لإمكانه (قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل) فأمكن عند العقل هداية عين كل ممكن لأن العقل قاصر عن إدراك الشيء على ما هو عليه فجاز أن يكون الشيء الواحد ممتنعا في نفسه وممكنا عند العقل. (واي الحكمين المعقولين) من الهداية وعدمه
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقع ذلك) الحكم المعقول (هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته) فلا يمكن الهداية أي الإيمان بالرسل في استعداد كل أحد فلا يشاء إيمانه ولو أمكن إيمانه في نفسه يشاؤه فحصل له الإيمان.
ولما حقق الآية على التفسير شرع تأويلها وتطبيقها بما ذكر من حاصل الكشفين بقوله: (ومعنى لهديكم ليبين لكم) أجمعين ما هو الأمر عليه كما بين لبعضكم الاقتضاء استعداد ذلك البعض بيان الأمر على ما هو عنيه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وما) أي ليس (كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو) الأمر (عليه) .
لأن منهم يقتضي ذلك الفتح فتح الله له ومنهم من يقتضي عدم الفتح فلم يفتح الله له (فمنهم العالم) حقيقة الأمر على ما هو عليه يفتح الله عين بصيرته .
قال الشيخ رضي الله عنه : (و) منهم (الجاهل) حقيقة الأمر على ما هو عليه بعدم فتح الله عين بصيرته فإذا لم يفتح عين بصيرة كل ممكن.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما شاء) هداية الكل (فما هدیهم اجمعين ولا يشاء) أي ولا تعلق لمشيئته هداية الكل في الماضي والمستقبل .
(وكذلك) أي ولو شاء (أن يشاء) يعني إذا علق المشيئة بهداية الكل في الاستقبال بحرف إن (فهل يشاء هداية الكل أم لا)؟
استفهام إنكاري بل ما يشاء هداية الكل بعين ما مر في ولو شاء في السؤال والجواب غابته أن لو شاء ما لم يكن.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا) أي وإن يشاء (ما لا يكون لمشيئته أحدية التعلق) أي مشيئة الله تعالى واحدة متعلقة بالأشياء على حسبة علمه.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
ما ذكره ظاهر
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال العبد : « لو » في « لو شاء لهدى » تعليل عدم الهداية لعدم المشيّة ، فإنّه حرف امتناع لامتناع ما يسند إليه ، فحيث أسند إلى المشيّة بيّن امتناع المشيّة ، وإنّما جاء لعدم الهداية وامتناعها لامتناع المشيّة ، يعني ما هداهم أجمعين ، لأنّه لم يشأ هدايتهم أجمعين ،لعلمه أنّهم لا يستعدّون لقبول الهداية جميعا ، بل البعض.
فشاء بموجب علمه هداية البعض المستعدّين لها ، فهداهم ، ولو شاء هداية الكلّ لهدى الكلّ ، ولكنّه لم يشأ ، لعدم تعلَّق العلم بهداية الكلّ ، لما لم يكن في قابليتهم الاهتداء ، إذ المشيّئة
وهي تخصيص بعض المعلومات للهداية تابعة للعلم في تعلَّقه بهداية البعض الذين لهم قابلية الهداية ، فما شاء إلَّا ذلك البعض ، لأنّ مشيّة الحكيم العليم لا تتعلَّق إلَّا بما فيه صلاحية ما يشاء ، وإلَّا لكان عبثا ، ويتعالى عن ذلك علوّا كبيرا .
وكذلك " إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ " حرف امتناع وشرط ممتنع دخل على المشيّئة ، لامتناع الإذهاب ، فامتنع إذهابهم ، لامتناع تعلَّق المشيّئة به ، فهل يشاء الممتنع ؟
هذا لا يكون ، لعدم تعلَّق مشيّئة الحكيم بالممتنع.
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل ، وأي الحكمين المعقولين وقع ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته )
أي لكن عين الممكن من حيث هو فرد من نوع قابل للنقيضين ، كالهداية والضلالة بالنسبة إلى كل فرد من أفراد الإنسان قابل لهما بحسب النظر العقلي .
وأي النقيضين الذي وقع من كل فرد فهو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : (في حال ثبوته ) فلا يمكن الهداية في استعداد كل أحد فلا يشاء إيمانه ولما حقق الآية على التفسير : شرح تأويلها وتطبيقها على حاصل الكشفين .أهـ بالى ""
( ومعنى لهداكم لبين لكم الحق ) على ما هو عليه الأمر الإلهي في نفسه .
"" ( ومعنى لهداكم لبين لكم ) أجمعين ما هو الأمر عليه كما بين لبعضكم لاقتضاء استعداده ذلك اهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما كل ممكن من العالم ) أي من الأفراد الإنسانية ( فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه ، فمنهم العالم والجاهل فما شاء الله فما هداهم أجمعين ) لأن الحكمة اقتضت تنوع الاستعدادات لتنوع الشؤون المختلفة.
( ولا يشاء وكذلك إن يشاء ) حال وجودهم في المستقبل
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( ولا يشاء ) هداية الكل في الماضي والمستقبل .
( وكذلك ) أي مثل لو شاء
( أن يشاء ) أي في الاستقبال ولو شاء في السؤال والجواب غايته أن لو شاء ما لم يكن. أهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهل يشاء هذا ما لا يكون ) لما قلنا أنهم حال وجودهم لا يمكن أن يكونوا إلا على ما هم عليه ، أعيانهم الثابتة في العدم ، فلا يقع الممتنع فلا يشاؤه.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
وفي قوله: (ولكن عين الممكن)... إشارة إلى كون العقل محجوبا عاجزاعن إدراك حقيقة الشئ على ما هو عليه في نفسه.
وليس حكمه بكون الممكن قابلا للشئ ونقيضه إلا كحكم الأعمى على من حضر عنده.
وهو ساكت – هذا إما زيد أو ليس بزيد. فإنه وإن كان بحسب الإمكان صحيحا، لكنه في نفس الأمر أحدهما حق وصاحب الشهود يعلم ما هو الحق.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعنى (لهداكم) لبين لكم. وما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه، فمنهم العالم والجاهل).
هذا كجواب آخر للسؤال. وتقريرة: ليس المراد من الهداية هنا الإيمان بالرسل، كما سبق
على الذهن، ليرد السؤال.
بل معناه: لو شاء، لبين لكم حقيقة الأمر بالكشف ورفع الحجاب عن عيون قلوبكم، لتذكروا الأمر على ما هو عليه، فتعلموا أنأعيان بعضكم اقتضت الإيمان، وأعيان بعض الآخر اقتضت الكفر، فتكون الحجة لله عليكم.
ولكن ليس كل واحد من أهل العالم بحيث يمكن أن ينفتح عينقلبه ليدرك الأمر في نفسه، لأن منهم عالم ومنهم جاهل بحكم اقتضاء الأعيان ذلك.
وإنما قال: (فتح الله عين بصيرته) وأسند (الفتح) إلى (الله) لأنه تعالىيفتح عين بصيرة شخص باقتضاء عين ذلك الشخص الفتح، كما يغطى على الآخر باقتضاء عينه الغطاء.
وفي تفسير قوله: (لهداكم) بقوله: (لبين لكم) تنبيه على أن الهداية الحقيقية هو حصول العلم اليقيني بما هو الأمر عليه في ذاته
(فما شاء، فما هداهم أجمعين، ولا يشاء) أي، فما شاء هداية الكل لعدمإعطاء بعض الأعيان الهداية، فما هداهم. ولا يشاء هداية الجميع أبدا.
فإن شؤون الحق كما تقتضي الهداية، كذلك تقتضي الضلالة، بل نصف شؤونه يترتب على الضلالة، كما يترتب النصف الآخر على الهداية.
ولذلك قسم الدار الآخرة بالجنة والنار، وخلق آدم بيديه : وهما الصفات الجمالية التي مظاهرها في الآخرة هي الجنة، والجلالية التي مظهرها فيها النار. فطابق الآخر الأول.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكذلك إن يشأ، فهل يشاء؟ فهذا ما لا يكون)). أي، كما قلنا في (لو شاء) كذلك، نقول في (إن يشأ) الذي يتعلق بزمان الاستقبال.
وقوله: (فهل يشاء؟)استفهام. كأن السائل يسأل بأن الحق يمكن أن يشاء هداية الجميع. فأجاب عنهبأن هذا لا يمكن أن يكون. فإن العليم الحكيم الذي يفعل كل شئ يستحيل أنيشاء وقوع ما لم يمكن وقوعه.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل، وأي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.)
ثم أشار الشيخ رضي الله عنه إلى أن الآية، وإن لم تدل على وجود مشيئة هداية الجميع تدل على مكان وجودها فقال: (ولكن عين الممكن) من حيث هو ممكن، وغير نظر إلى مقتضاها بعين الكشف (قابل للنقيضين في حكم دليل العقل) .
فيصح تعلق المشيئة بما يفعل بالأعيان بالنظر إلى تلك القابلية لها في دليل العقل، لكن السنة الإلهية جارية بأنها لا تتعلق إلا بما هو الأمر عليه.
ولذلك نقول: (أي الحكمين المعقولين) أي: الجائزين على غير الممكن في دليل العقل (وقع ذلك) الحكم في الخارج .
(هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته) أي: هو الذي كان مقتضى عينه، وإن جاز خلاف مقتضاها في دليل العقل، إذ لو وقع خلافه لأختتمت الحكمة وانقلب العلم جهلا ، و بطل كمال الجود الإلهي.
ثم أشار إلى أن الهداية لو فسرت بالإيصال إلى المطلوب فعدم تعلق المشيئة بها بالنسبة إلى أهل الضلالة ظاهر؛ ولذلك لم يتعرض له مع أنه داخل في المعنى الثاني، وهو تفسير الهداية بالبيان، وإن فسرت به.
قال الشيخ رضي الله عنه : (و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون.)
فكذلك وإليه الإشارة بقوله : (ومعنى "لهداكم" [الأنعام: 149]: لبين لكم)
يعني: الحقائق الإلهية والنبوية، وسر القدر، وجميع ما يتعلق بالمعاش والمعاد، ولكن ما وقعت المشيئة على هداية الجميع بهذا المعنى.
وذلك لأنه (ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه).
وإنما قال: من العالم ليشير إلى أنه من المعلوم أن ذلك ممتنع في بعض الممكنات عقلا كالجماد والنبات.
وفي البعض الآخر: وإن لم يمتنع عقلا فهو غير واقع . فعلم أنه لا دخل للإمكان في اقتضاء ذلك، ولا للإنسية والجنية .
بل فعل ذلك في حق البعض من الثقلين دون البعض، (فمنهم العالم) لاقتضاء عينه فتح بصيرته، (ومنهم الجاهل) لاقتضاء عينه عدم فتح بصيرته.
(فما شاء) بيان تلك الأمور لكل ممكن في العالم، ولا لكل إنس وجن (فما هداهم أجمعين بهذا المعنى الأعم فضلا عن الأخص.
ثم أشار إلى أن هذا المعنى غير مخصوص بالماضي كما يوهمه ظاهر عبارة القرآن بل هو عام للأزمنة فقال الشيخ رضي الله عنه: (ولا يشاء) ذلك في الحال والاستقبال.
ثم أشار إلى إن أراء هذا المعنى لا تختص بكلمة « لو»؛ بل قال (وكذلك إن يشأ) الله لهداكم أجمعين، فهل يشاء هداية الجميع؟
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذا ما لا يكون) وإذا عرفت أن الهداية بمعنی البيان فضلا عما هو أخص منه لا تعلق المشيئة بها في حق الجميع؛ بل يمتنع ذلك في مقتضى السنة الإلهية.
.
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:20 عدل 3 مرات

الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل ) .
وذلك لأنّه ليس في قوّة قابليّة العقل النظري ومكنة اقتداره أن يجاوز حضرة المعلومات ، حيث يتمايز العلم عن الوجود ، فإنّما يتصوّر الحقائق هناك مفردة ، مجرّدة عن سائر لوازمها الوجوديّة ، ولواحقها الضروريّة ، فتكون نسبة سائر المتقابلات من الأحكام إليها سواء في ذلك النظر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وأيّ الحكمين المعقولين وقع ، ذلك هو الذي عليه الممكن في حال ثبوته ) وتلك الحال غير متبيّن عند العقول المحجوبة والأفكار التي تتوسل في اقتناص المطالب بمخالب الدلائل والأنظار ، فإنّها قبل حضرة العلم ،إذ هي تابعة لتلك الحال كما عرفت .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومعنى " لَهَداكُمْ " : لبيّن لكم ) الأمر في نفسه على ما هو عليه ( وما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه ) في القابليّة الأولى ، لدى الفيض الأقدس الذاتي ، الذي لا مجال فيه لثنويّة القابل والفاعل أصلا .
وهناك تسأل القوابل بألسنة استعداداتهم ما هي عليه ، فمن العالم من فتح الله عيني بصيرته لإدراك ذلك الأمر - وهم المهتدون العارفون بسائر الأحكام والخواص التي للحقائق - ومنه من لم يفتح عين بصيرته ، فتكون مدركاته مقصورة على ما يدركه العقل النظريّ بحجب الأكوان ومحتملات عوالم الإمكان ، ( فمنهم العالم والجاهل ، فما شاء ، فما هداهم أجمعين ) .
مشيّة الحقّ تعالى أحديّة التعلَّق تابعة للعلم فعلم من هذا الكلام أنه ممّا يحسم به مادة الشبهة عن أصلها بأيّ عبارة عبّر عنها غير مبتن على أن تكون « المشيّة » على صيغة الماضي أو ملحوقة ل « لو » - على ما يمكن أن يبادر إلى بعض الأوهام .
فلذلك قال رضي الله عنه : ( ولا يشاء وكذلك إن يشاء ) في زمان الاستقبال ( فهل يشاء ؟ ) أي فهل يمكن أن تتعلق به المشيّة مطلقا في الماضي أو في الاستقبال ، بخلاف ما عليه الأمر - على سبيل الإنكار - ( هذا ما لا يكون ) بالنسبة إلى الأكوان والاحتمالات الواقعة في حيّز الإمكان.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(و لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون. )
قال الشيخ رضي الله عنه : "طو لكن عين الممكن قابل للشيء و نقيضه في حكم دليل العقل، و أي الحكمين المعقولين وقع، ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته.
و معنى «لهداكم لبين لكم: و ما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه: فمنهم العالم و الجاهل. فما شاء ، فما هداهم أجمعين، و لا يشاء، و كذلك «إن يشأ»: فهل يشاء؟ هذا ما لا يكون."
وإن جوزه العقل كما أشار إليه رضي الله عنه بقوله :
(ولكن عين الممكن قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل)، وذلك لأن العقل قاصر عن إدراك ما هو الأمر عليه في نفسه.
(وأي الحكمين المعقولين) الذين جوزهما العقل (وقع) فلا محالة .
(فذلك) الحكم (هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته) في المرتبة العلمية (ومعنى قوله : "لهداكم" لبين لكم) الأمر على ما هو عليه في نفسه . فيصير معنی الآية : أمتناع بيان الأمر على ما هو عليه لكل أحد . لامتناع تعلق مشيئته سبحانه به.
ثم بين رضي الله عنه امتناع تعلق مشيئته تعالى ببيان الأمر لكل أحد .
بقوله : (وما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه)، لأن عين بعض الممكنات لا يقتضي ذلك الفتح، فلا يتعلق المشبه به فلا ينفتح عين بصيرته فلا يدرك الأمر على ما هو عليه .
(فمنهم العالم) الذي يقتضي عينه أن يتعلق المشبه ببيان الأمر له ومنهم الجاهل الذي لا يقتضي عينه ذلك.
ثم ذكر رضي الله عنه نتيجة هذه المقدمات بقوله: (فما شاء) أي من الأزل إلى الآن هداية الجميع (فما هداكم أجمعين ولا يشاء)، أي من الآن إلى الأبد أيضا هداية الجميع فلا يهديهم أجمعين أبدا.
(وكذلك)، أي مثل قوله : لو شاء. قوله : (إن يشأ) المختص بزمان الاستقبال في
قوله تعالى : "إن يشأ يذهبكم "وأمثاله في إفادة امتناع أمر لامتناع المشيئة .
(فهل يشاء)، أي هل تتعلق مشيئته المستفادة من قوله : "إن يشأ" مما أفاد امتناع تعلقها به.
(هذا ما لا يكون) أبدا ، لأن مقتضى الأعيان لا تتبدل .
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 1 يوليو 2019 - 19:05 عدل 1 مرات

الفقرة الحادي عشر الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة الحادي عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمشيته) سبحانه وتعالى الأزلية المتعلقة بكل شيء (أحدية التعلق)، أي تعلقها أحدي لا تنوع له أصلا بل التنوع من قبل الأشياء على ما هي عليه في عدمها الأصلي.
فقد شاء سبحانه من الأزل كل شيء مكشوف عنه بعلمه القديم بمشيئة واحدة متعلقة بكل شيء تعلقا واحدا.
والأشياء مختلفة في نفسها اختلافا كثيرا، فشاءها مختلفة كذلك، فأوجدها كما شاءها (وهی)، أي مشيئته سبحانه (نسبة) لترجيح الوجود بين الأشياء المتفصلة في عدمها الأصلي وبينه تعالى .
(تابعة للعلم) الإلهي إذ لا يشاء إلا ما علم (والعلم) الإلهي (نسبة لحصول الكشف عنده تعالی بين تلك الأشياء المتفصلة في عدمها الأصلي وبينه سبحانه (تابعة للمعلوم) إذ لا يعلم الشيء إلا على ما هو عليه في نفسه
(والمعلوم أنت) مثلا يا أيها الإنسان (وأحوالك) في ظاهر و باطنك (فليس للعلم) الإلهي (أثر) من إيجاد أو تخصيص (في المعلوم) أصلا.
لأنه كاشف عنه على ما هو عليه، فلو كشف عنه بزيادة أو نقصان حتى يكون له أثر فيه ما كان علما بل كان جهلا.
(بل للمعلوم) من حيث أنه معلوم (أثر في العلم)، لأنه يطلعه منه على ما لولا المعلوم ما اطلع عليه من نفسه.
(فیعطیه)، أي المعلوم يعطي العالم (من نفسه) المكشوف عنه بعلم العالم (ما)، أي الوصف الذي (هو)، أي المعلوم (عليه في عينه) المتميزة عدمها الأصلي عما يشابهها.
فإن قال قائل حيث كان الأمر كذلك في أن المشيئة الإلهية تابعة للعلم الإلهي والعلم تابع للمعلوم، والمعلوم هو الذي أعطى العلم الإلهي خصوص ما يوجد فيه من جميع أحواله.
والعلم الإلهي أعطى المشيئة الإلهية ما اقتضته من ذلك الخصوص، فكيف وردت النصوص بتعليق الأمور بالمشيئة الإلهية في كثير من الآيات والأخبار نحو: ما تشاؤون إلا أن يشاء الله وأمثال ذلك.
فأجاب عنه بقوله :
(وإنما ورد الخطاب الإلهي) من الله تعالى للعباد (بحسب ما)، أي على مقتضى الاصطلاح الذي (تواطأ)، أي اصطلح (عليه المخاطبون) في نسبتهم كل شيء إلا الصانع القديم.
لأنه هو الذي يوجد الأشياء على حسب ما يشاء، ويشاؤها على حسب ما يعلم، ويعلمها على حسب ما هي عليه في نفسها.
فهي أعطته أحوالها، وهو أعطى تلك الأحوال وجودا، فاستنادها إليه باعتبار إعطائه لها الوجود منه، والأحوال منها إليها صحيح، وعليه وقع الاصطلاح المذكور (و) بحسب (ما أعطاه النظر العقلي) أيضا.
فإن كل شيء موصوف بما هو موصوف به، إذا لم يستند في وجوده إلى الفاعل له العالم به المشيء له لزم أن يستند في وجوده إلى نفسه ونفسه عدمية.
فكيف المعدوم ينتج وجودا فإنه لا يفيض الوجود إلا الموجود، ولا موجود في الأزل إلا الحق تعالی.
فاستناد جميع الأشياء في وجودها إليه تعالی ضروري، وكذلك في جميع أحوالها، لكن جميع أحوالها أخذها منها ثم ردها عليها.
وأما الوجود فقد أعطاه لها منه تعالی فضلا ورحمة ولم يأخذه منها إذ لا وجود لها في حضرة عدمها الأصلي بل لها الاستعداد للوجود منه تعالی فقط فأخذ منها صحة قبولها لفيضان وجوده تعالى عليها وأعطاها صحة ذلك القبول.
(مما ورد الخطاب) الإلهي من الله تعالى لعباده (على) حسب (ما يعطيه الكشف) الإلهامي والفتح الرباني.
فإن الشرائع هي الخطاب على العموم لا الخصوص، وآلة العمومي في الإدراك هي العقل، وللخصوص آلة أخرى غيرها هي البصيرة المنورة بنور الحق سبحانه.
وهي لا تغاير العقل إلا في الإقبال على الحق تعالی والإدبار عنه. وكل عقل له إقبال وإدبار، فخلقت البصائر من إقباله والعقول القاصرة من إدباره.
ولسان الشرائع لسان العقول القاصرة كما قال تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه، ليبين لهم" [إبراهيم: 4]. وقوم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هم الجاهلية أهل العقول القاصرة.
فأرسل بلسانهم ليبين لهم وأهل البصائر المنورة تفهم ما أرسل به منه بالطريق الأولى، وإن لم يكن بيانه صلى الله عليه وسلم في الأكثر بلسانهم.
(ولذلك)، أي لورود الخطاب الإلهي بحسب اصطلاح المخاطبين والنظر العقلي وعدم وروده في الغالب على اصطلاح أهل الكشف . " أرسل بلسان أهل الإسلام ولم يرسل بلسان أهل الإحسان "
(كثر المؤمنون) بالله تعالی إيمانا بالغيب بلا معرفة به سبحانه في كل زمان وهم العامة (وقل العارفون) بالله تعالى (أصحاب الكشف) عن حضراته سبحانه، وإن كانوا موجودين في كل زمان إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى، وهم الخاصة وخاصة الخاصة.
وقال الله تعالى حكاية عن الملائكة وجميع الخلق كذلك ("وما منا") من أحد مطلقا ("إلا له مقام") في حضرة علم الله ("معلوم") [الصافات: 164] في الأزل، وهو الكشف عن ذوات الأشياء وأحوالها.
ولهذا قال: (وهو)، أي ذلك المقام المعلوم (ما)، أي الحال الذي (كنت)، أي وجدت يا أيها الإنسان ملتبسة (به في ثبوتك) الأصلي في العدم حيث لم تكن شيئا مذكورا.
(ثم ظهرت) الآن متلبسة (في وجودك) العارض لك الطاريء على عدمك.
وإنما يقال: (هذا المقام إن ثبت) عندك (أن لك وجودا) مع وجود الله تعالى هو فائض عليك من وجود الله تعالی.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا) أي وإن يشاء (ما لا يكون فمشيئته أحدية التعلق) أي مشيئة الله تعالى واحدة متعلقة بالأشياء على حسبة علمه.
(وهي) أي المشيئة (نسبة تابعة للعلم) لأن ما لم يعلم لا يمكن تعلق المشيئة به (والعلم نسبة نابعة للمعلوم والمعلوم أنت) كناية عن جميع الأعيان.
(وأحوالك فليس للعلم أثر للمعلوم) أي وليس لعلم الحق أثر للمعلوم حتى ينبع المعلوم لعلم الله تعالی فكان المعلوم تابعة لمشيئته وليس كذلك .
(بل للمعلوم أثر) أي حكم (في العلم فيعطيه) أي فيعطي المعلوم العالم (من نفسه) أي من نفس المعلوم .
(ما هو عليه في عينه وإنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و) بحسب (ما أعطاه النظر العقلي) لاشتراك المخاطبين كلهم في النظر العقلي.
(ما ورد الخطاب على) حسب (ما يعطيه الكشف) وإلا لفات نصيب أرباب العقول من الخطاب الإلهي لعدم وفاء استعدادهم بذلك.
(ولذلك) أي و لورود الخطاب على حسب إدراك أرباب العقول (كثر المؤمنون وقل العارفون أصحاب الكشوف) لأن أصحاب الكشوف أقل من أرباب العقول فإذا ورد الخطاب على حسب إدراك العقلاء كثر المؤمنون وقل العارفون لعدم ورود الخطاب على ما يعطيه الكشف.
(وما) أحد ("منا إلا له مقام معلوم" ) في علم الله تعالى لا يتعداه في العلم .
فعلم بعضنا بنظر العقل ولا يتعدى عن حكم العقل.
وعلم بعضنا بالكشف والاطلاع على سير القدر ولا يتعدى عن حكومة سر القدر.
(وهو) أي المقام المعلوم لك (ما كنت) متصفا (به في ثبوتك) في علم الله .
(ظهرت) منصفا (به في وجودك) الخارجي (هذا) أي كون المقام بهذا المعنى.
(أن ثبت أن لك وجودا فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك . فالحكم لك بلا شك في وجود الحق) أي فإن كنت معدوما باقيا في حال عدمك والظاهر الحق في مرآة وجودك فأنت تحكم على الله بما في عينك في وجود الحق.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
لذلك الحق أو جدني، أي أن النور أوجدني لأساعده ولاعلمه علم الجزئي و أوجده في حضرة الألوهية بحقيقة أني المألوه، إذ لولا المألوه الكائن بالفعل ما وجد معنى الإله بالفعل.
قوله: بذا جاء الحديث، يريد كنت سمعه وبصره فلولا المعنى لما كان له السمع والبصر وبالجملة الصفات، إذ كلها معان.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال رضي الله عنه : " فمشيّته أحدية التعلَّق ، وهي نسبة تابعة للعلم ، والعلم نسبة تابعة للمعلوم ، والمعلوم أنت وأحوالك ، فليس للعلم أثر في المعلوم " .
يعني رضي الله عنه : لأنّه ما جعله على ما هو عليه ، بل تعلَّق به بحسبه ، وهذا ظاهر .
قال رضي الله عنه : " بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه " .
يعني رضي الله عنه : أنّ العلم إنّما يتعلَّق بالمعلوم بحسب ما هو المعلوم عليه فهو تابع للمعلوم في تعلَّقه به ، فليس للعلم أثر في المعلوم .
قال رضي الله عنه : « وإنّما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون وما أعطاه النظر العقلي ، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف . ولذلك كثر المؤمنون وقلّ العارفون أصحاب الكشوف " وَما مِنَّا إِلَّا لَه ُ مَقامٌ مَعْلُومٌ " .
وهو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك ، هذا إن ثبت أنّ لك وجودا .
يعني رضي الله عنه : أنّ الله تعالى إنّما يخاطب عباده على قدر فهمهم وبحسب ما تواطئوا عليه ، إنّ الله لو تعلَّقت مشيّته بهداية الجميع ، أو بإذهاب الجميع ، لهداهم جميعا ، أو أذهبهم جميعا ، هذا مبلغ علوم أهل العموم من المخاطبين ، لاقتصارهم في نظرهم على ظاهر المفهوم من كمال القدرة والإرادة ، وهو نصف البحث ، فلو رزقوا العثور على الشطر الآخر ، لفازوا بإدراك الأمر على ما هو عليه .
وهو مقتضى الكشف بأنّ المشيّة لا تتعلَّق إلَّا بمقتضى الحكمة ، والعلم والحكمة يعطيان أن ليس في قوّة استعداد الجمع وقابليتهم صلاحية الهداية.
بل في البعض ، فتعلَّقت المشيّة بهداية المهتدين بنوره ، لما في استعدادهم لقبول نور الهداية ، والذي لم يستعدّ للهداية في حقيقته وخصوصية عينه الثابتة ، لم تتعلَّق بهدايته المشيّة ، فلم يهتد ، وهذا مقتضى الكشف الصحيح والحقّ الصريح الرجيح .
فرزق الله أهل الكشف والتحقيق الاطَّلاع على هذا السرّ وهو سرّ القدر فنزع بذلك عن قلوبنا غلّ الاعتراض على الله بالجهل ، كما اعترض أهل الحجاب من الجمهور في أفعاله وأوامره وأحكامه ، ونسبوا إلى الله الظلم ، وأجاز بعضهم الظلم من الله تعالى على خلقه ، لأنّهم تحت تصرّفه وهو موجدهم وربّهم .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمشيئته أحدية التعلق ) أي لا تتغير عما اقتضاه ذاته " لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ الله "
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهي نسبة تابعة للعلم ، والعلم نسبة تابعة للمعلوم ، والمعلوم أنت وأحوالك ) أي في حال عينك الثابتة في الأزل
( فليس للعلم أثر في المعلوم ) فإن حال المعلوم أعطى العلم ، فلا يؤثر العلم فيه
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بل للمعلوم أثر في العلم ، فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه ، وإنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون ، وما أعطاه النظر العقلي ) أي إنما خاطب الله تعالى عباده على قدر فهومهم ، وما توافق عليه العموم مما هو مبلغ عقولهم وعلومهم بالنظر العقلي من كمال قدرته وإرادته ، وإنه لو شاء لهدى الجميع لكونه فعالا لما يريد.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف ) فإن الحكمة الإلهية اقتضت التدبير على النظام المعلوم ، فلا بد من احتجاب البعض بل الأكثر بحجب الجلال ، ليختاروا من الأمور ما يناسب استعدادهم ، ويتحملوا المشاق والمتاعب في تدابير المعاش ومصالح نظام العالم ، فيتسبب صلاح الجمهور ، والتدبير إنما يكون ويتيسر عند الاحتجاب عن سر القدر.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولذلك كثر المؤمنون وقل العارفون أصحاب الكشوف ) فإنهم المطلعون على سر القدر وأحوال العالم ، فلا يباشرون التدبير بعد العثور على التقدير
( وما منا إلا له مقام معلوم ) فمن كان مقامه الوقوف مع العقل والمعقول في حال عينه فله التدبير لا يتعداه ، ومن أعطاه عينه الوقوف على سر القدر بالكشف فلا يعترض على الله بالجهل ، ولا يتعرض لتدبير تغيير القدر
( وهو ) أي اختصاص كل واحد منا بمقام معلوم لا يتخطاه ، هو هذا المعنى
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك ) كقوله تعالى : "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي من تَحْتِهَا الأَنْهارُ ". أي هذا الكلام
( هذا إن تثبت أن لك وجودا ) أي باعتبار تعينك ، فإن التعين هو الذي سوغ نسبة الوجود الخاص الإضافي إليك .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق. وهي نسبة تابعة للعلم، والعلم نسبة تابعة للمعلوم، والمعلوم أنت وأحوالك، فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العالم،فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه).
أي، للحق مشيئة واحدة عامة يتجلى بها،فيأخذ كل عين نصيبها منها بحسبها، فيظهر بمقتضاها، هداية كان أو ضلالة.
كما قال: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر". وإذا كان الواقع في الوجود أحد النقيضين باقتضاء العين ذلك، فمشيئته أيضا أحدية التعلق، لأنها نسبة تابعة للعلم.
إذ ما لا يعلم بوجه من الوجوه، لا يمكن تعلق الإرادة والمشيئة به.
والعلم نسبة للمعلوم من حيث تغايرهما وامتياز كل منهما عن غيره، والمعلوم الأعيان الثابتة وأحوالها، وهي لا يقتضى إلا وجود أحد الطرفين من النقيضين، فالمشيئة أيضا لا يتعلق إلا به.
قوله: (فليس للعلم أثر) نتيجة لقوله: (والعلم نسبة تابعة للمعلوم).
و أثر المعلوم في العالم اقتضاؤه وطلبه من (العالم القادر) على إيجاده : إيجاده على ما هوعليه. وقد مر، في المقدمات، من أن العلم من أي جهة تابعة، ومن أيها متبوعةمؤثرة في إفاضة الأعيان.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون وما أعطاه النظر العقلي ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. ولذلك كثر المؤمنون وقل العارفون وأصحاب الكشوف).
أي لما كان أكثر الأشخاص الإنسانية عقلاء وأصحاب النظر الفكري، ما ورد الخطاب الإلهي إلا بحسب ما تواطأوا، أي توافقوا عليه،وهو العقل ومقتضاه.
ولم يرد على ما يعطيه الكشف، لعدم وفاء الاستعدادات بذلك ولقلة العارفين أصحاب الكشوف الواقفين على سر القدر.
ولو ورد الخطاب الإلهي بحسب إدراك المخاطبين وعقولهم، كثر المؤمنون وقل العارفون، لأنطور المعرفة فوق طور الإدراك العقلي، وهو الكشف عن حقائق الأمور على ما هيعليه.
قال الشيخ رضي الله عنه : ("وما منا إلا له مقام معلوم".) أي مرتبة معلومة معينة في علم الله،
لا يتعداها ولا يتجاوز عنها فمن كان مقامه في العلم ومقتضى عينه أن يكونوافقا على مقتضى عقله أو وهمه، لا يزال يكون تحت حكم التدبير.
ومن كان مقامه أن يكون مطلعا على أحوال الوجود واقفا على سر القدر مكاشفا له، يكون منقاد الحكم التقدير، فلا يعترض بالباطن على أحد من خلق الله، وإن كان يأمر وينهى في الظاهر.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.)
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته) بمقتضى سنته (نسبة) بين الحق وبين العين الثابتة (تابعة للعلم)، إذ لو خالفته لزم انقلاب العلم جهلا.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والعلم نسبة للمعلوم)، إذ لو لم تتبعه لكان على خلاف المعلوم فیكون جهلا فمشيئته تابعة للمعلوم الذي هو أحد النقيضين دائما في الواقع، ولما توهم أن المعلوم هو العين الثابتة مع أن بعض المعلومات غيرها .
أزال ذلك بقوله: (والمعلوم أنت وأحوالك) فمشيئته تابعة لك و لأحوالك، والتابع لا يؤثر في المتبوع.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فليس للعلم في أثر المعلوم) كما يوهمه قولهم: إن علمه تعالی فعلي لا انفعالي، وإلا كان محلا للحوادث.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (بل للمعلوم أثر في العلم) الذي هو الذات الأزلية فضلا عن العلم الذي هو من الصفات فإنه يؤثر فيه (فيعطيه من نفسه ما هو عليه).
ولا يلزم منه كونه تعالى أو كون علمه محلا للحوادث؛ لأن المراد من التأثير إفادة النسبة، وهي عدمية، ولا يكون هو ولا علمه انفعاليا بل علمه فعلي أفاد للعين الثابتة بعون الإرادة والقدرة ظهور مقتضاها .
قال الشيخ رضي الله عنه : (و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف. «و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
ثم استشعر سؤالا بأنه إذا لم يكن للعلم أو العالم تأثير في المعلوم فما معنی تعلق مشيئته به فقال: قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وإنما ورد الخطاب الإلهي) في الظاهر (بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون) من أن له تأثيرا في الأشياء.
إذ تأثير الأعيان فيه بعيد عن طباعهم، وهو (ما أعطاه النظر العقلي) من أن الحق مؤثر في الممكنات بلا عكس .
نعم له تأثير تابع لتأثيرهم فيه يجب تأويل الخطاب بذلك في نظر أهل الكشف.
وذلك لأنه (ما ورد الخطاب) في الظاهر (على ما يعطيه الكشف) فيجب تأويله بالتأثير الفرعي لا الأصلي .
مع أن المتبادر إلى الأفهام أن الأصلي هو الذي تواطأ عليه المخاطبون من أهل النظر العقلي.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولذلك) أي: و لورود الخطاب في الظاهر بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون دون أهل الكشف حتى احتاجوا إلى التأويل .
فـ (كثر المؤمنون) الأخذون بظاهر الخطاب المساعد بالدليل العقلي.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقل العارفون أصحاب الكشوف) المؤولون للخطاب مع مساعدة الدليل العقلي الظاهرة بسبب ما كوشفوا لكن كلا المعنيين صحيح في الواقع، وإن كان أحدهما أصليا حقيقا، والأخر فرعيا محازيا.
وإليه الإشارة بقوله: ("وما منا") [الصافات: 146]) أي: المؤمنين والعارفين ("إلا له مقام معلوم ") [الصافات: 164]. أي: في فهم الخطاب على مقتضى العقل أو الكشف.
ثم بين أثر المعلوم في العالم بقوله: (وهو) أي ذلك الأثر (ما كنت) أي: كانت عينك ملتبسة (به) من مقتضاها (في) حال (ثبوتك) في العلم (ظهرت به في وجودك).
فلولا أن العينك ومقتضاها أثرا في العلم لما أثر العلم فيما ظهرت به في وجودك من الأحوال المخصوصة، إذ الوجود مجرد في نفسه عن تلك الأحوال.
والعلم لا يقتضيها من حيث هو إذ هو تابع للمعلوم فلا يقتضي له حالة فيه لم تكن من مقتضی عين قرب بها فهذا أثرك في العلم أولا، وفي العالم ثانيا.
هذا على تقدير مغايرة وجودك للحق بأن يكون وجوده حقيقا، ووجودك ظلا له.
كما قال الشيخ رضي الله عنه : (هذا إن ثبت أن لك وجودا) إذ لا أثر لك في وجود الحق حينئذ من حيث هو؛ بل من حيث هو عالم يتأثر بما تأثر به علمه. ثم أشار إلى ما هو أثر المعلوم في العالم من حيث الذات بلا واسطة العلم
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:21 عدل 3 مرات

الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف. «و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمشيّته أحديّة التعلَّق ) بالنسبة إلى الأكوان والاحتمالات الواقعة في حيّز الإمكان ( وهي نسبة تابعة للعلم . والعلم نسبة تابعة للمعلوم ، والمعلوم أنت وأحوالك ، فليس للعالم أثر في المعلوم ، بل للمعلوم أثر في العالم) فإن المعلوم هو الذي جعل العالمية مصوّرا بصورته .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه ) .
( وإنما ورد الخطاب الإلهي ) بلسان الحضرة الختميّة ( بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون ، وما أعطاه النظر العقليّ ) على ما عليه مدارك العامّة من أمم زمانه ، من الاحتمالات اللازمة لما وقع في حيّز الإمكان - على ما هو مقتضى منصب الرسالة وختميّتها ، حتّى يكون الكلّ محظوظا من جوامع كلمته التامّة ، وإلَّا فلا يكون مبعوثا للكافّة .
ولذلك ( ما ورد عليه الخطاب على ما يعطيه الكشف ) من الجزم بما عليه الأمر ، على ما يختصّ به الندر من الخواصّ ( ولذلك كثر المؤمنون ) أرباب الفهوم من الواقفين عند ظواهر ما أعطاه النظر العقليّ ، ممّا يمكن أن يتواطأ عليه الجمهور من المخاطبين ( وقلّ العارفون - أصحاب الكشوف ) من الواقفين على سرّ ما عليه الأمر في نفسه ، وهم ، هم المقصودون بالذات ، وغيرهم إنّما خلق لأجل تمهيد المقصود .
حكم المعلوم على العالم والذي يدلّ على ما مرّ - من أنّ لكلّ أحد مقاما لا يتجاوزه ، وهو صورة معلوميّته المؤثّرة في العالم ، الحاكمة بالخصوصيّة - ما ورد : ( " وَما مِنَّا إِلَّا لَه ُ مَقامٌ مَعْلُومٌ " [ 37 / 164 ] وهو ما كنت به في ثبوتك ، ظهرت به في وجودك هذا إن ثبت أنّ لك وجودا) على ما هو ذوق مقام قرب النوافل .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه.
و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف.
و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف.
«و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك، هذا إن ثبت أن لك وجودا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : " فمشيئته أحدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم أنت و أحوالك. فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العلم فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه. و إنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ عليه المخاطبون و ما أعطاه النظر العقلي، ما ورد الخطاب على ما يعطيه الكشف. و لذلك كثر المؤمنون و قل العارفون أصحاب الكشوف. «و ما منا إلا له مقام معلوم»: و هو ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك"
(فمشيئته أحدية المتعلق)، لا يتعلق إلا بأحد النقيضين وبين ذلك بقوله : (وهي نسبة) أي وذلك لأن المشيئة نسبة (تابعة للعلم) لا تتعلق إلا بما يقتضي العلم تعلقها به .
(والعلم نسبة تابعة للمعلوم) لا يتعلق به إلا على ما هو عليه في نفسه .
(والمعلوم أنت وأحوالك) وأنت لم تتغير عما كنت عليه في حال ثبوتك .
ولما كان المتوهم أن يتوهم ههنا أن نتعلم تأثيرا في المعلوم فيمكن أن تستند مقتضيات الأعيان إلى العلم بها إلى نفسها .
دفعه رضي الله عنه بما يتفرع على تبعيته للمعلوم أعني قوله :
(فليس للعلم أثر في المعلوم بل للمعلوم أثر في العلم) وفي بعض النسخ في العالم والأول أنسب.
(فيعطيه)، أي أثر المعلوم في العلم أن يعطيه (من نفسه ما هو عليه في عينه) فيجعله مطابقا تابعا له في هيئة التطابق .
ولما كان المفهوم و المتبادر من قوله :" فلو شاء لهداكم أجمعين" [الأنعام: 149 ].
تساوي الهداية و عدمها إلى جميع المخاطبين , وترجيح أحد الجانبين بمحض مشیئته سبحانه لامتناع تعلق المشيئة بهداية الجميع كما ذكره رضي الله عنه .
اعتذر بقوله : (وإنما ورد الخطاب الإلهي بحسب ما تواطأ)، أي توافق (عليه المخاطبون) المحجوبون المقتدرون بطور العقل .
(و) بحسب (ما أعطاه النظر العقلي ما ورد) ذلك (الخطاب) بحسب معناه الظاهر ومفهومه المتبادر (على) طبق (ما يعطيه الكشف) لعدم وفاء استعدادات الكل بذلك.
(ولذلك كثر المؤمنون) المصدقون بما هو الظاهر المتبادر من الخطابات الإلهية (وقل العارفون أصحاب الكشوف) الفائزون بإدراك المراد منها على ما هو عليه.
(وما منا إلا له مقام معلوم) و مرتبة معينة في علم الله تعالى لا يتعداها ولا يتجاوز عنها.
فمن كان مقامه مضيق العقل يبقى أبدا محبوسا فيه .
ومن كان مقامه متسع الكشف يترقی دائما في مدارجه و مراقيه .
(وهو) أي المقام المعلوم (ما كنت)، أي مقام كنت ملتبسا (به في) حال (ثبوتك) في الحضرة العلمية (ثم ظهرت) متلبسا (به في وجودك العيني) الخارجي مطابقة في الحضرة العلمية.
(هذا)، أي ظهورك في وجودك لما كنت به في ثبوتك لنا يصح (إن ثبت أن لك وجودا) على أن يكون وجود الحق سبحانه مرآة الأعيان والظاهر فيها الأعيان.
.
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 1 يوليو 2019 - 19:10 عدل 1 مرات

الفقرة الثانية عشر الجزء الأول السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله
الفقرة الثانية عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك. فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك. فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن ثبت) عندك (أن الوجود) الذي تزعم أنك فيه وأن كل شيء فيه أيضا هو بعينه منسوب عندك (للحق تعالی) بعد غسله من جميع أدناس الكيفيات والكميات والأماكن والأزمان وتقديسه وتطهيره من سائر الأحوال الكونية.
(لا) أنه منسوب عندك (لك) بحيث شهدت أنك وأن كل شيء من الكائنات أمور عدمية مقدرات بالمقادير الحسية والعقلية والزمانية والمكانية من غير وجود لها.
ثم كل شيء جاء وقته وسبق ما هو مرتب عليه انصبغ بصبغة الوجود الحق، على أنه ظهر في نور الوجود وهو على ما هو عليه من عدمه الأصلي.
(فالحكم لك) حينئذ أيضا يا أيها الإنسان عليك (بلا شك) ولكن (في وجود الحق) تعالی فقد أخذ الحق تعالی منك علمه بك، وحكم عليك بما علمه منك ، فأنت الحاكم على نفسك به سبحانه .
(وإن ثبت) عندك (أنك الموجود) بالوجود الفائض عليك من وجود الحق سبحانه المتجلي عليك.
وكان عندك الوجود وجودین : قديم هو المفيض وحادث وهو المفاض.
وإن كان أحدهما بالنظر إلى الآخر معدوما كما قال الجنيد رضي الله عنه : الحادث إذا قرن بالقديم لا يبقى له وجود، بإرجاع الضمير إلى الحادث أو إلى القديم.
فالوجود القديم هو الأصلي الخالص المطلق من القيود، والوجود الحادث هو ذلك الوجود القديم أيضا لكن ممزوج بالصور وأحوالها التي لا وجود لها إلا به ، ومقيد بجميع القيود العدمية التي هو وجودها لا وجود لها غيره.
فالوجود القديم عام والوجود الحادث خاص، مثل الحيوان والإنسان ففي الحادث ما في القديم وزیادة ، وليس في القديم ما في الحادث من الزيادة .
. (فالحكم) حينئذ أيضا (لك) على نفسك (بلا شك) لا حد في ذلك (وإن كان الحاكم) عندك الحق سبحانه باعتبار أنه علمك، فحكم عليك بما علمه منك.
فالحكم إنما ظهر منك عليك، فهو الحاكم عليك وحده (فليس له) سبحانه منك ابتداء أمر من أمورك مطلقا (إلا إفاضة الوجود) منه تعالى (عليك).
فإن إفاضة الوجود ليست مأخوذة منك ومفاضة عليك إذ لا وجود لك أصلا والوجود له سبحانه وحده.
بخلاف سائر أمورك التي أنت ظاهر بها، فإنها مأخوذة منك ومفاضة عليك، إذ لا كيفية له تعالى ولا كمية ولا جهة ولا مكان ولا زمان.
والحكم بالكيفية والكمية والجهة والمكان والزمان (لك) إذ كل ذلك مقتضی أمورك وأحوالك المنكشفة له سبحانه بعلمه القديم (عليك) فإنه وجدك كذلك، فأراد لك ما وجد وقدره عليك وقضاه كما قال سبحانه : "وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " [الأعراف: 102] وقال سبحانه: "فما وجدنا فيها غير بيت بين المسلمين" [الذاريات: 36] وقال سبحانه: "ووجدك ضالا فهدى" [الضحى: 7] فلله حينئذ عليك المنة بالوجود وبالحكم عليك بجميع ما حكمت به أنت على نفسك وأنت معدوم فكشف بعلمه القديم عنك فوجدك.
كذلك وأنت لست شيئا مذكورا فجعلك شيئا مذكورا بإيجاده لك وبحكمه عليك على طبق ما علمه منك من حكمك على نفسك .فجميع أحوالك منك له أولا عدما.
ومنه لك ثانية وجودا (فلا تحمد) حينئذ على جميع أحوالك الحسنة من جهة خصوصها العدمي الأصلي الرتبي ( إلا نفسك).
لأنها هي التي أعطته ذلك بانكشافها بعلم القديم وأما من جهة إيجاد ذلك لك والحكم به عليك طبق ما حكمت به أنت على نفسك و باختياره وبإرادته فله سبحانه المنة عليك بكل ذلك.
كما قال تعالى: "ألم نخلقكم من ماء مهين " [المرسلات: 20]، وقال تعالى :"بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان" [الحجرات: 17] ونحو ذلك.
(ولا تذم) أيضا على جميع أحوالك القبيحة (إلا نفسك)، لأنها هي التي أعطته ذلك فأوجده لها.
قال تعالى : "وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" [النحل: 118]، (وما يبقى للحق) سبحانه عليك (إلا حمد إفاضة الوجود) منه تعالی على جميع أحوالك الحسنة والقبيحة، فتصل بسبب فيض ذلك الوجود إلى جميع أغراضك في الدنيا والآخرة ، الأغراض الحسنة والأغراض القبيحة، فيرحمك بذلك الفيض على حسب ما تقتضيه ذاتك، فله المنة عليك في الخير والشر (لأن ذلك) يعني إفاضة الوجود (له) سبحانه فقط على كل شيء لأنه الوجود الحق، ولا شيء من أحوال .
كل شيء له سبحانه لتنزهه عن جميع ذلك (لا لك)، لأنك معدوم الأصل، فلا وجود لك ليأخذه منك بعلمه القديم ويعطيك إياه كفعله بباقي أحوالك وإذا كان الأمر كذلك.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (أن ثبت أن لك وجودا فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك . فالحكم لك بلا شك في وجود الحق) أي فإن كنت معدوما باقيا في حال عدمك والظاهر الحق في مرآة وجودك فأنت تحكم على الله بما في عينك في وجود الحق.
(وإن ثبت أنك الموجود) هذا هو القسم الأول أورده لبيان أحكامه .
(فالحكم لك بلا شك) أي إن كنت موجودة في مرآة الحق فأنت تحكم عليك بك في وجودك .
(وإن كان الحاكم) عليك في ذلك المقام (الحق فليس له إلا إفاضة الوجود عليك).
أي فليس للحق من الحكم عليك إلا إفاضة الرجود عليك فقط لا غير وما عدا ذلك كله لك عليك.
قال الشيخ رضي الله عنه : (والحكم لك عليك) على كلا التقديرين غير إفاضة الوجود وذلك أيضا من طلبك من الله ولولا طلبك لما أفاضه فإذا كان رجوع الحكم منك إليك .
(فلا يحمد) عند ورود الحكم الملائم لطبعك إلا نفسك ولا تذم) عند ورود الحكم الغير الملائم لطبعك (إلا نفسك) فما حمدك وذمك إلا نفسك.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وما يبقى للحق) من الحمد (إلا حمد إفاضة الوجود) وبذلك تفرق الرب من العبد
(لأن ذلك له لا لك) بل هو أيضا يحصل لك من الله بطلب عينك فإذا كان الأمر على ما قلناه .
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
يعني أن ذلك النور يحمد المعنى، لأنه به ظهر كثيرا وهو لا واحد ولا كثير، وأحمده يعني أنه أظهرني في اعتبار الأذهان في عالم النسب والإضافات التي لا وجود لها إلا في الأذهان، فأنا أحمده على اظهاري مع ما في ظهوري من التلبيس "التلبس"، لأني ليس لي في الحقيقة ذات حتى تظهر أو لا تظهر.
الحق أو جدني، أي أن النور أوجدني لأساعده ولاعلمه علم الجزئي و أوجده في حضرة الألوهية بحقيقة أني المألوه، إذ لولا المألوه الكائن بالفعل ما وجد معنى الإله بالفعل.
قال الشيخ، رضي الله عنه، بهذا لكنه يعود يقرر غيره أيضا، وموضع ذكره لهذا الذي ذكرناه هو في الحكمة القدوسية في الكلمة الإدريسية، وصورة لفظه هكذا: لأن الأعيان التي لها العدم الثابتة فيه ما شمت رائحة من الوجود،
فنعود ونقول: إن جزئیات هذا الذي فرضناه كالكلي لا وجود لها قبل كونها ولا ثبوت لها لأن الثبوت فيه رائحة الوجود وإنما سميناه نحن بالمعنى وهو لا يستحق أن يتسمی به لأن الوجود الذي هو النور هو الشيء من كل وجه.
الحق أو جدني، أي أن النور أوجدني لأساعده ولاعلمه علم الجزئي و أوجده في حضرة الألوهية بحقيقة أني المألوه، إذ لولا المألوه الكائن بالفعل ما وجد معنى الإله بالفعل.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فإن ثبت أن الوجود للحق لا لك، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق. و إن ثبت أنك الموجود فالحكم لك بلا شك. و إن كان الحاكم الحق، فليس له إلا إفاضة الوجود عليك و الحكم لك عليك.
فلا تحمد إلا نفسك و لا تذم إلا نفسك، و ما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود لأن ذلك له لا لك.)
قال رضي الله عنه : " فإن ثبت أنّ الوجود للحق لا لك ، فالحكم لك بلا شك في وجود الحق ، وإن ثبت أنّك الموجود ، فالحكم لك بلا شكّ .
وإن كان الحاكم الحقّ ، فليس له إلَّا إفاضة الوجود عليك ، والحكم لك عليك ، فلا تحمّد إلَّا نفسك ولا تذّم إلَّا نفسك ، وما يبقى للحق إلَّا حمد إفاضة الوجود ، لأنّ ذلك له لا لك" .
يعني رضي الله عنه : رزق الله أهل الكشف والتحقيق الاطَّلاع على هذا السرّ وهو سرّ القدر فنزع بذلك عن قلوبنا غلّ الاعتراض على الله بالجهل ، كما اعترض أهل الحجاب من الجمهور في أفعاله وأوامره وأحكامه ، ونسبوا إلى الله الظلم ، وأجاز بعضهم الظلم من الله تعالى على خلقه ، لأنّهم تحت تصرّفه وهو موجدهم وربّهم .
فله الحكم ، وعدّل منه الظلم ، وكلّ ما قالوا جهل بالحقائق ، لأنّ حقيقة الظلم لا تنقلب عدلا ، ثمّ الحكيم لا يريد ولا يفعل إلَّا ما اقتضته حكمته ، فهو لا يكلَّف نفسا إلَّا وسعها ، ولا يطلبها إلَّا ما آتاها ، وإلَّا فما هو بحكيم ، وحكم بخلاف حكمته وعلمه ، والله تعالى حكيم ، فهو لا يسومنا ما ليس فينا ، فافهم.
وهذا بيّن فللَّه الحجّة البالغة ، فما منّا أحد إلَّا له مقام معلوم ، فنحن معاشر أهل الكشف والشهود بحمد الله لم نقف مع علوم هؤلاء المجتهدين ، فكشف لنا بحمد الله ما وراء هذا السرّ ، وذلك بمقتضى أعياننا الثابتة في العلم الأزلي .
فالحكم للعين فينا إن كان لنا وجود حقيقي على ما تقرّر ، وإن لم يكن لنا وجود ، فالحكم لنا علينا أيضا كما مرّ مرارا ، فادّكر ، فما يصل إليك نور الوجود إلَّا بموجب استعدادك ، فإن كان على الوجه الأكمل ، فلا تحمد إلَّا نفسك .
» توهّم صحّة الأنس باللّه كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
» توهّم أنّ نفوذ الأقدار متوقّف على وجود الخلق كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني
» مقصود الكتاب لمصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدمة المصنف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدّمة التّحقيق و ترجمة المؤلّف كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» مقدمة كتاب القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية للشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه
» فهرس بشرح المصطلحات الصوفية عند الشيخ ابن عطاء اللّه السكندري كما وردت في الحكم لمؤلف اللطائف الإلهية
» مكاتبات للشّيخ تاج الدّين أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ إلى بعض إخوانه ومريديه
» المناجاة الإلهيّة للشّيخ تاج الدّين أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائيّة الصغرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائيّة الكبرى للشّيخ تاج الدّين أبى الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الكريم ابن عطاء اللّه السّكندري المتوفى 709 هـ
» الحكم العطائية من 21 الى 30 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 11 الى 20 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» الحكم العطائية من 01 الى 10 كتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» المقدمة لكتاب اللطائف الإلهية في شرح مختارات من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري شرح د. عاصم إبراهيم الكيالي
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2313 إلى 2413 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2351 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2312 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2265 إلى 2281 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2249 إلى 2264 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2211 إلى 2248 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات أولا الإسلام السياسي من 2168 إلى 2210 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر الثالث عشر الحجّ والعمرة من 2084 إلى 2167 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب ثانيا الطعام والشراب من 2049 إلى 2083 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب أولا الصيام والفطر من 2002 إلى 2048 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات الحادي عشر الذكر والتسبيح والدعاء من 1961 إلى 2001 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات عاشرا السجود والمساجد والقبلة من 1921 إلى 1960 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات تاسعا صلاة الجمعة من 1903 إلى 1920 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات ثامنا الصلاة من 1826 إلى 1902 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات أولا الوضوء والاغتسال من 1794 إلى 1825 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني "53" المجلس الثالث والخمسون من عبد الله بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سابعا العدّة من 1782 إلى 1793 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سادسا الطلاق من 1744 إلى 1781 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي خامسا الأسرة من 1739 إلى 1743 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي رابعا الأولاد من 1734 إلى 1738 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثالثا الحمل والولادة والرضاع والفطام والحضانة من 1722 إلى 1733 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1681 إلى 1721 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1651 إلى 1680 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1623 إلى 1650 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي أولا المرأة في الإسلام من 1598 إلى 1622 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام والحرب من 1547 إلى 1597 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام و الحرب من 1519 إلى 1546 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1505 إلى 1518 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1480 إلى 1504 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن والفنون والصنائع والآداب والأخلاق من 1462 إلى 1479 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1436 إلى 1461 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1419 إلى 1435 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1312 إلى 1342 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1179 إلى 1311 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1146 إلى 1278 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1121 إلى 1245 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1126 إلى 1129 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1076 إلى 1125 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1059 إلى 1075 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1045 إلى 1058 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1035 إلى 1044 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1026 إلى 1034 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1018 إلى 1025 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1013 إلى 1014 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 961 الى 980 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 941 الى 947 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 911 الى 940 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 697 الى 720 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 681 الى 696 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 661 الى 680 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 641 الى 660 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 591 الى 600 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 582 الى 590 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 561 الى 581 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 541 الى 560 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 527 الى 540 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 421 الى 430 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني