المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الباب الثاني في معرفة مراتب الحروف والحركات. كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية :: كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول
صفحة 1 من اصل 1
الباب الثاني في معرفة مراتب الحروف والحركات. كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
الباب الثاني في معرفة مراتب الحروف والحركات. كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول
الشيخ الأكبر محيي الدين أبو عبد الله محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي قدس الله روحه
(الباب الثاني في معرفة مراتب الحروف والحركات)من العالم وما لها من الأسماء الحسنى ومعرفة الكلمات ومعرفة العلم والعالم والمعلوم اعلم أن هذا الباب على ثلاثة فصول:
«الفصل الأول في معرفة الحروف»
«الفصل الثاني في معرفة الحركات التي تتميز بها الكلمات»
«الفصل الثالث في معرفة العلم والعالم والمعلوم»
«الفصل الأول في معرفة الحروف ومراتبها والحركات وهي الحروف الصغار وما لها من الأسماء الإلهية»
إن الحروف أئمة الألفاظ ..... شهدت بذلك ألسن الحفاظ
دارت بها الأفلاك في ملكوته ..... بين النيام الخرس والإيقاظ
ألحظتها الأسماء من مكنونها ..... فبدت تعز لذلك الألحاظ
وتقول لو لا فيض جودي ما بدت ..... عند الكلام حقائق الألفاظ
اعلم أيدنا الله وإياك أنه لما كان الوجود مطلقا من غير تقييد يتضمن المكلف وهو الحق تعالى والمكلفين وهم العالم والحروف جامعة لما ذكرنا أردنا أن نبين مقام المكلف من هذه الحروف من المكلفين من وجه دقيق محقق لا يتبدل عند أهل الكشف إذا وقفوا عليه وهو مستخرج من البسائط التي عنها تركبت هذه الحروف التي تسمى حروف المعجم بالاصطلاح العربي في أسمائها وإنما سميت حروف المعجم لأنها عجمت على الناظر فيها معناها
[الحروف: مراتبها، أفلاكها، طبائعها]
ولما كوشفنا على بسائط الحروف وجدناها على أربع مراتب
(حروف) مرتبتها سبعة أفلاك وهي الألف والزاي واللام
(و حروف) مرتبتها ثمانية أفلاك وهي النون والصاد والضاد
(و حروف) مرتبتها تسعة أفلاك وهي العين والغين والسين والشين
(و حروف) مرتبتها عشرة أفلاك وهي باقي حروف المعجم وذلك ثمانية عشر حرفا
كل حرف منها مركب عن عشرة كما إن كل حرف من تلك الحروف منها ما هو عن تسعة أفلاك وعن ثمانية وعن سبعة لا غير
كما ذكرناه فعدد الأفلاك التي عنها وجدت هذه الحروف وهي البسائط التي ذكرناها مائتان وأحد وستون فلكا
أما المرتبة السبعية فالزاى واللام منها دون الألف فطبعها الحرارة واليبوسة
(و أما) الألف فطبعها الحرارة والرطوبة واليبوسة والبرودة ترجع مع الحار حارة ومع الرطب رطبة ومع البارد باردة ومع اليابس يابسة على حسب ما تجاوره من العوالم .
(و أما) المرتبة الثمانية فحروفها حارة يابسة
(و أما) المرتبة التسعية فالعين والغين طبعهما البرودة واليبوسة
(و أما) السين والشين فطبعهما الحرارة واليبوسة
(و أما) المرتبة العشرية فحروفها حارة يابسة إلا الحاء المهملة والخاء المعجمة فإنهما باردتان يابستان وإلا الهاء والهمزة فإنهما باردتان رطبتان
فعدد الأفلاك التي عن حركتها توجد الحرارة مائتا فلك وثلاثة أفلاك.
وعدد الأفلاك التي عن حركتها توجد اليبوسة مائتا فلك وأحد وأربعون فلكا
وعدد الأفلاك التي عن حركتها توجد البرودة خمسة وستون فلكا
وعدد الأفلاك التي عن حركتها توجد الرطوبة سبعة وعشرون فلكا مع التوالج والتداخل الذي فيها على حسب ما ذكرناه آنفا
فسبعة أفلاك توجد عن حركتها العناصر الأول الأربعة وعنها يوجد حرف الألف خاصة ومائة وستة وتسعون فلكا توجد عن حركتها الحرارة واليبوسة خاصة لا يوجد عنها غيرهما البتة .
وعن هذه الأفلاك يوجد حرف الباء والجيم والدال والواو والزاي والطاء والياء والكاف واللام والميم والنون والصاد والفاء والضاد والقاف والراء والسين والتاء والثاء والذال والظاء والشين وثمانية وثمانون فلكا يوجد عن حركتها البرودة واليبوسة خاصة وعن هذه الأفلاك يوجد حرف العين والحاء والغين والخاء وعشرون فلكا توجد عن حركتها البرودة والرطوبة خاصة وعن هذه الأفلاك يوجد حرف الهاء والهمزة وأما لام ألف فممتزج من السبعة والمائة والستة والتسعين إذا كان مثل قوله لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ فإن كان مثل قوله تعالى لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فامتزاجه من المائة والستة والتسعين ومن العشرين وليس في العالم فلك يوجد عنه الحرارة والرطوبة خاصة دون غيرهما فإذا نظرت في طبع الهواء عثرت على الحكمة التي منعت أن يكون له فلك مخصوص كما أنه ما ثم فلك يوجد عنه واحد من هذه العناصر الأول على انفراد فالهاء والهمزة يدور بهما الفلك الرابع ويقطع الفلك الأقصى في تسعة آلاف سنة وأما الحاء والخاء والعين والغين فيدور بها الفلك الثاني ويقطع الفلك الأقصى في إحدى عشرة ألف سنة وباقي الحروف يدور بها الفلك الأول ويقطع الفلك الأقصى في اثنتي عشرة ألف سنة وهو على منازل في أفلاكها فمنها ما هو على سطح الفلك ومنها ما هو في مقعر الفلك ومنها ما هو بينهما ولو لا التطويل لبينا منازلها وحقائقها ولكن سنلقي من ذلك ما يشفي في الباب الستين من أبواب هذا الكتاب أن ألهمنا الحق ذلك عند كلامنا في معرفة العناصر وسلطان العالم العلوي على العالم السفلي وفي أي دورة كان وجود هذا العالم الذي نحن فيه الآن من دورات الفلك الأقصى.
وأي روحانية تنظرنا فلنقبض العنان حتى نصل إلى موضعه أو يصل موضعه إن شاء الله.
[حظوظ الحظرات الإلهية والانسانية والجنية والملائكية في عالم الحروف]
(فلنرجع ونقول) إن المرتبة السبعية التي لها الزاي والألف واللام جعلناها للحضرة الإلهية المكلفة أي تصيبها من الحروف
وإن المرتبة الثمانية التي هي النون والصاد والضاد جعلناها حظ الإنسان من عالم الحروف
وإن المرتبة التسعية التي هي العين والغين والسين والشين جعلناها حظ الجن من عالم الحروف
وإن المرتبة العشرية وهي المرتبة الثانية من المراتب الأربعة التي هي باقي الحروف جعلناها حظ الملائكة من عالم الحروف
وإنما جعلنا هذه الموجودات الأربعة لهذه الأربع مراتب من الحروف على هذا التقسيم لحقائق عسرة المدرك يحتاج ذكرها وبيانها إلى ديوان بنفسه
ولكن قد ذكرناه حتى نتمه في كتاب المبادي والغايات فيما تحوي عليه حروف المعجم من العجائب والآيات .
وهو بين أيدينا ما كمل ولا قيد منه إلا أوراق متفرقة يسيرة ولكن سأذكر منه في هذا الباب لمحة بارق إن شاء الله.
فحصلت الأربعة للجن الناري لحقائق هم عليها وهي التي أدتهم لقولهم فيما أخبر الحق تعالى عنهم ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ من بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ومن خَلْفِهِمْ وعَنْ أَيْمانِهِمْ وعَنْ شَمائِلِهِمْ .
وفرغت حقائقهم ولم تبق لهم حقيقة خامسة يطلبون بها مرتبة زائدة وإياك أن تعتقد أن ذلك جائز لهم وهو أن يكون لهم العلو وما يقابله اللذان تتم بهما الجهات الستة فإن الحقيقة تأبى ذلك على ما قررناه في كتاب المبادي والغايات وبينا فيه لم اختصوا بالعين والغين والسين والشين دون غيرها من الحروف والمناسبة التي بين هذه الحروف وبينهم وأنهم موجودون عن الأفلاك التي عنها وجدت هذه الحروف وحصل للحضرة الإلهية من هذه الحروف ثلاثة لحقائق هي عليها أيضا وهي الذات والصفة والرابط بين الذات والصفة وهي القبول أي بها كان القبول لأن الصفة لها تعلق بالموصوف بها وبمتعلقها الحقيقي لها كالعلم يربط نفسه بالعالم به وبالمعلوم والإرادة تربط نفسها بالمريد بها وبالمراد لها والقدرة تربط نفسها بالقادر بها وبالمقدور لها وكذلك جميع الأوصاف والأسماء وإن كانت نسبا وكانت الحروف التي اختصت بها الألف والزاي واللام تدل على معنى نفي الأولية وهو الأزل وبسائط هذه الحروف واحدة في العدد فما أعجب الحقائق لمن وقف عليها فإنه يتنزه فيما يجهله الغير وتضيق صدور الجهلاء به وقد تكلمنا أيضا في المناسبة الجامعة بين هذه الحروف وبين الحضرة الإلهية في الكتاب المذكور وكذلك حصل للحضرة الإنسانية من هذه الحروف ثلاثة أيضا كما حصل للحضرة الإلهية فاتفقا في العدد غير أنها حرف النون والصاد والضاد ففارقت الحضرة الإلهية من جهة موادها فإن العبودية لا تشرك الربوبية في الحقائق التي بها يكون إلها كما إن بحقائقه يكون العبد مألوها وبما هو على الصورة اختص بثلاثة كهو فلو وقع الاشتراك في الحقائق لكان إلها واحدا أو عبدا واحدا أعني عينا واحدة وهذا لا يصح فلا بد أن تكون الحقائق متباينة ولو نسبت إلى عين واحدة ولهذا باينهم بقدمه كما باينوه بحدوثهم ولم يقل باينهم بعلمه كما باينوه بعلمهم فإن فلك العلم واحد قديما في القديم محدثا في المحدث.
[حضرتا الرب وحقائقها]
واجتمعت الحضرتان في أن كل واحدة منهما معقولة من ثلاثة حقائق ذات وصفة ورابطة بين الصفة والموصوف بها.
غير أن العبد له ثلاثة أحوال :
حالة مع نفسه لا غير وهو الوقت الذي يكون فيه نائم القلب عن كل شيء
وحالة مع الله وحالة مع العالم والباري سبحانه مباين لنا فيما ذكرناه فإن له حالين :
حال من أجله
وحال من أجل خلقه
وليس فوقه موجود فيكون له تعالى وصف تعلق به فهذا بحر آخر لو خضنا فيه لجاءت أمور لا يطاق سماعها .
وقد ذكرنا المناسبة التي بين النون والصاد والضاد التي للإنسان
وبين الألف والزاي واللام التي هي للحضرة الإلهية في كتاب المبادي والغايات وإن كانت حروف الحضرة الإلهية عن سبعة أفلاك والإنسانية عن ثمانية أفلاك
فإن هذا لا يقدح في المناسبة لتبين الإله والمألوه ثم إنه في نفس النون الرقمية التي هي شطر الفلك من العجائب ما لا يقدر على سماعها إلا من شد عليه مئزر التسليم وتحقق بروح الموت
الذي لا يتصور ممن قام به اعتراض ولا تطلع وكذلك في نفس نقطة النون أول دلالة النون الروحانية المعقولة فوق شكل النون السفلية التي هي النصف من الدائرة والنقطة الموصولة بالنون المرقومة الموضوعة أول الشكل التي هي مركز الألف المعقولة التي بها يتميز قطر الدائرة والنقطة الاخيرة التي ينقطع بها شكل النون وينتهي بها هي رأس هذا الألف المعقولة المتوهمة فنقدر قيامها من رقدتها فترتكز لك على النون فيظهر من ذلك حرف اللام والنون نصفها زاى مع وجود الألف المذكور فتكون النون بهذا الاعتبار تعطيك الأزل الإنساني كما أعطاك الألف والزاي واللام في الحق غير أنه في الحق ظاهر لأنه بذاته أزلي لا أول له ولا مفتتح لوجوده في ذاته بلا ريب ولا شك ولبعض المحققين كلام في الإنسان الأزلي فنسب الإنسان إلى الأزل فالإنسان خفي فيه الأزل فجهل لأن الأزل ليس ظاهرا في ذاته وإنما صح فيه الأزل لوجه ما من وجوه وجوده منها أن الموجود يطلق عليه الوجود في أربع مراتب وجود في الذهن ووجود في العين ووجود في اللفظ ووجود في الرقم وسيأتي ذكر هذا في هذا الكتاب إن شاء الله فمن جهة وجوده على صورته التي وجد عليها في عينه في العلم القديم الأزلي المتعلق به في حال ثبوته فهو موجود أزلا أيضا كأنه بعناية العلم المتعلق به كالتحيز للعرض بسبب قيامه بالجوهر فصار متحيزا بالتبعية فلهذا خفي فيه الأزل ولحقائقه أيضا الأزلية المجردة عن الصورة المعينة المعقولة التي تقبل القدم والحدوث على حسب ما شرحنا ذلك في كتاب إنشاء الدوائر والجداول فانظره هناك تجده مستوفى وسنذكر منه طرفا في هذا الكتاب في بعض الأبواب إذا مست الحاجة إليه وظهور ما ذكرناه من سر الأزل في النون هو في الصاد والضاد أتم وأمكن لوجود كمال الدائرة وكذلك ترجع حقائق الألف والزاي واللام التي للحق إلى حقائق النون والصاد والضاد التي للعبد ويرجع الحق يتصف هنا بالأسرار التي منعنا عن كشفها في الكتب ولكن يظهرها العارف بين أهلها في علمه ومشربه أو مسلم في أكمل درجات التسليم وهي حرام على غير هذين الصنفين فتحقق ما ذكرناه وتبينه يبدو لك من العجائب التي تبهر العقول حسن جمالها وبقي للملائكة باقي حروف المعجم وهي ثمانية عشر حرفا وهي الباء والجيم والدال والهاء والواو والحاء والطاء والياء والكاف والميم والفاء والقاف والراء والتاء والثاء والخاء والذال والظاء.
[مراتب الحضرتين الإلهية والبشرية]
فقلنا الحضرة الإنسانية كالحضرة الإلهية لا بل هي عينها على ثلاث مراتب ملك وملكوت وجبروت وكل واحدة من هذه المراتب تنقسم إلى ثلاث فهي تسعة في العدد فتأخذ ثلاثة الشهادة فتضربها في الستة المجموعة من الحضرة الإلهية والإنسانية أو في الستة الأيام المقدرة التي فيها أوجدت الثلاثة الحقية الثلاثة الخلقية يخرج لك ثمانية عشر وهو وجود الملك وكذلك تعمل في الحق بهذه المثابة فالحق له تسعة أفلاك للإلقاء والإنسان له تسعة أفلاك للتلقي فتمتد من كل حقيقة من التسعة الحقية رقائق إلى التسعة الخلقية وتنعطف من التسعة الخلقية رقائق على التسعة الحقية فحيثما اجتمعت كان الملك ذلك الاجتماع وحدث هناك فذلك الأمر الزائد الذي حدث هو الملك فإن أراد أن يميل بكله نحو التسعة الواحدة جذبته الأخرى فهو يتردد ما بينهما جبريل ينزل من حضرة الحق على النبي عليه السلام وإن حقيقة الملك لا يصح فيها الميل فإنه منشا الاعتدال بين التسعتين والميل انحراف ولا انحراف عنده ولكنه يتردد بين الحركة المنكوسة والمستقيمة وهو عين الرقيقة فإن جاءه وهو فاقد فالحركة منكوسة ذاتية وعرضية وإن جاءه وإن جاء وهو واجد فالحركة مستقيمة عرضية لا ذاتية وإن رجع عنه وهو فاقد فالحركة ذاتية وعرضية وإن رجع عنه وهو واجد فالحركة منكوسة عرضية لا ذاتية وقد تكون الحركة من العارف مستقيمة أبدا ومن العابد منكوسة أبدا وسيأتي الكلام عليها في داخل الكتاب وانحصارها في ثلاث منكوسة وأفقية ومستقيمة إن شاء الله فهذه نكت غيبية عجيبة ثم أرجع وأقول إن التسعة هي سبعة وذلك أن عالم الشهادة هو في نفسه برزخ فذلك فذلك واحد وله ظاهر فذلك اثنان وله باطن فذلك ثلاثة ثم عالم الجبروت برزخ في نفسه فذلك واحد وهو الرابع ثم له ظاهر وهو باطن عالم الشهادة ثم له باطن وهو الخامس ثم بعد ذلك عالم الملكوت هو في نفسه برزخ وهو السادس ثم له ظاهر وهو باطن عالم الجبروت وله باطن وهو السابع وما ثم غير هذا وهذه صورة السبعية والتسعية فتأخذ الثلاثة وتضربها في السبعة فيكون الخارج أحدا وعشرين فتخرج الثلاثة الإنسانية فتبقى ثمانية عشر وهو مقام الملك وهي الأفلاك التي منها يتلقى الإنسان الموارد وكذلك تفعل بالثلاثة الحقية تضربها أيضا في السبعة فتكون عند ذلك الأفلاك التي منها يلقى الحق على عبده ما يشاء من الواردات فإن أخذناها من جانب الحق قلنا أفلاك الإلقاء وإن أخذناها من جانب الإنسان قلنا أفلاك التلقي وإن أخذناها منهما معا جعلنا تسعة الحق للإلقاء والأخرى للتلقي وباجتماعهما حدث الملك ولهذا أوجد الحق تسعة أفلاك السموات السبع والكرسي والعرش وإن شئت قلت فلك الكواكب والفلك الأطلس وهو الصحيح
(تتميم) [في سبب كون الحرارة والرطوبة ليس لهما فلك]
منعنا في أول هذا الفصل أن يكون للحرارة والرطوبة فلك ولم نذكر السبب فلنذكر منه طرفا في هذا الباب حتى نستوفيه في داخل الكتاب إن شاء الله تعالى وسأذكر في هذا الباب بعد هذا التتميم ما يكون من الحروف حارا رطبا وذلك لأنه دار به فلك غير الفلك الذي ذكرناه في أول الباب فاعلم إن الحرارة والرطوبة هي الحياة الطبيعية فلو كان لها فلك كما لأخواتها في المزجة لانقضت دورة ذلك الفلك وزال سلطانه كما يظهر في الحياة العرضية وكانت تنعدم أو تنتقل وحقيقتها تقضي بأن لا تنعدم فليس لها فلك ولهذا أنبأنا الباري تعالى إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ وأن كل شيء يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فصار فلك الحياة الأبدية الحياة الأزلية تمدها وليس لها فلك فتنقضي دورته فالحياة الأزلية ذاتية للحي لا يصح لها انقضاء فالحياة الأبدية المعلولة بالحياة الأزلية لا يصح لها انقضاء.
[الحياة الذاتية للأرواح]
أ لا ترى الأرواح لما كانت حياتها ذاتية لها لم يصح فيها موت البتة ولما كانت الحياة في الأجسام بالعرض قام بها الموت والفناء فإن حياة الجسم الظاهرة من آثار حياة الروح كنور الشمس الذي في الأرض من الشمس فإذا مضت الشمس تبعها نورها وبقيت الأرض مظلمة كذلك الروح إذا رحل عن الجسم إلى عالمه الذي جاء منه تبعته الحياة المنتشرة منه في الجسم الحي وبقي الجسم في صورة الجماد في رأى العين فيقال مات فلان وتقول الحقيقة رجع إلى أصله مِنْها خَلَقْناكُمْ وفِيها نُعِيدُكُمْ ومِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى كما رجع أيضا الروح إلى أصله حتى البعث والنشور يكون من الروح تجل للجسم بطريق العشق فتلتئم أجزاؤه وتتركب أعضاؤه بحياة لطيفة جدا تحرك الأعضاء للتأليف اكتسبته من التفات الروح فإذا استوت البنية وقامت النشأة الترابية تجلى له الروح بالرقيقة الإسرافيلية في الصور المحيط فتسري الحياة في أعضائه فيقوم شخصا سويا كما كان أول مرة ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ وأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ فأما شقي وإما سعيد.
[امتزاج الأمهات الأول]
واعلم أن في امتزاج هذه الأصول عجائب فإن الحرارة والبرودة ضدان فلا يمتزجان وإذا لم يمتزجا لم يكن عنهما شيء وكذلك الرطوبة واليبوسة وإنما يمتزج ضد الضد بضد الضد الآخر فلا يتولد عنها أبدا إلا أربعة لأنها أربعة ولهذا كانت اثنان ضدين لاثنين فلو لم تكن على هذا لكان التركيب منها أكثر مما تعطيه حقائقها ولا يصح أن يكون التركيب أكثر من أربعة أصول فإن الأربعة هي أصول العدد فالثلاثة التي في الأربعة مع الأربعة سبعة والاثنان التي فيها مع هذه السبعة تسعة والواحد الذي في الأربعة مع هذه التسعة عشرة وركب ما شئت بعد هذا وما تجد عددا يعطيك هذا إلا الأربعة كما لا تجد عددا تاما إلا الستة لأن فيها النصف والسدس والثلث فامتزجت الحرارة واليبوسة فكان النار والحرارة والرطوبة فكان الهواء والبرودة والرطوبة فكان الماء والبرودة واليبوسة فكان التراب فانظر في تكون الهواء عن الحرارة والرطوبة وهو النفس الذي هو الحياة الحسية وهو المحرك لكل شيء بنفسه للماء والأرض والنار وبحركته تتحرك الأشياء لأنه الحياة إذ كانت الحركة أثر الحياة فهذه الأربعة الأركان المولدة عن الأمهات الأول ثم لتعلم إن تلك الأمهات الأول تعطي في المركبات حقائقها لا غير من غير امتزاج فالتسخين عن الحرارة لا يكون عن غيرها وكذلك التجفيف والتقبض عن اليبوسة فإذا رأيت النار قد أيبست المحل من الماء فلا تتخيل أن الحرارة جففته فإن النار مركبة من حرارة ويبوسة كما تقدم فبالحرارة التي فيها تسخن الماء وباليبوسة وقع التجفيف وكذلك التليين لا يكون إلا عن الرطوبة والتبريد عن البرودة فالحرارة تسخن والبرودة تبرد والرطوبة تلين واليبوسة تجفف فهذه الأمهات متنافرة لا تجتمع أبدا إلا في الصورة ولكن على حسب ما تعطيه حقائقها ولا يوجد منها في صورة أبدا واحد لكن يوجد إما حرارة ويبوسة كما تقدم من تركيبها وأما أن توجد الحرارة وحدها فلا لأنها لا يكون عنها على انفرادها إلا هي
(وصل) فإن الحقائق على قسمين
حقائق توجد مفردات في العقل كالحياة والعلم والنطق والحس .
وحقائق توجد بوجود التركيب كالسماء والعالم والإنسان والحجر .
فإن قلت فما السبب الذي جمع هذه الأمهات المتنافرة حتى ظهر من امتزاجها ما ظهر فهنا سر عجيب ومركب صعب يحرم كشفه لأنه لا يطاق حمله لأن العقل لا يعقله ولكن الكشف يشهده .
فلنسكت عنه وربما نشير إليه من بعيد في مواضع من كتابي هذا يتفطن إليه الباحث اللبيب .
ولكن أقول أراد المختار سبحانه أن يؤلفها لما سبق في علمه خلق العالم وإنها أصل أكثره أو أصله إن شئت .
فألفها ولم تكن موجودة في أعيانها ولكن أوجدها مؤلفة لم يوجدها مفردة ثم جمعها فإن حقائقها تأبى ذلك .
فأوجد الصورة التي هي عبارة عن تأليف حقيقتين من هذه الحقائق فصارت كأنها كانت موجودة متفرقة ثم ألفت فظهرت للتأليف حقيقة لم تكن في وقت الافتراق .
فالحقائق تعطي أن هذه الأمهات لم يكن لها وجود في عينها البتة قبل وجود الصور المركبة عنها .
فلما أوجد هذه الصور التي هي الماء والنار والهواء والأرض وجعلها سبحانه يستحيل بعضها إلى بعض فيعود النار هواء والهواء نارا كما تقلب التاء طاء والسين صادا لأن الفلك الذي وجدت عنه الأمهات الأول عنها وجدت هذه الحروف.
[افلاك العناصر وافلاك الحروف]
فالفلك الذي وجد عنه الأرض وجد عنه حرف الثاء والتاء وما عدا رأس الجيم ونصف تعريقة اللام ورأس الخاء وثلثا الهاء والدال اليابسة والنون والميم والفلك الذي وجد عنه الماء وجد عنه حرف الشين والغين والطاء والحاء والضاد ورأس الباء بالنقطة الواحدة ومدة جسد الفاء دون رأسها ورأس القاف وشيء من تعريقه ونصف دائرة الظاء المعجمة الأسفل والفلك الذي وجد عنه الهواء وجد عنه طرف الهاء الأخير الذي يعقد دائرتها ورأس الفاء وتعريق الخاء على حكم نصف الدائرة ونصف دائرة الظاء المعجمة الأعلى مع قائمته وحرف الذال والعين والزاي والصاد والواو والفلك الذي وجد عنه النار وجد عنه حرف الهمزة والكاف والباء والسين والراء ورأس الجيم وجسد الياء باثنتين من أسفل دون رأسها ووسط اللام وجسد القاف دون رأسه وعن حقيقة الألف صدرت هذه الحروف كلها وهو فلكها روحا وحسا.
[أصل الأركان: الموجود الخامس]
وكذلك ثم موجود خامس هو أصل لهذه الأركان وفي هذا خلاف بين أصحاب علم الطبائع عن النظر ذكره الحكيم في الأسطقسات ولم يأت فيه بشيء يقف الناظر عنده ولم نعرف هذا من حيث قراءتي علم الطبائع على أهله وإنما دخل به على صاحب لي وهو في يده وكان يشتغل بتحصيل علم الطب فسألني إن أمشيه له من جهة علمنا بهذه الأشياء من جهة الكشف لا من جهة القراءة والنظر فقرأه علينا فوقفت منه على هذا الخلاف الذي أشرت إليه فمن هناك علمته ولو لا ذلك ما عرفت هل خالف فيه أحد أم لا فإنه ما عندنا فيه إلا الشيء الحق الذي هو عليه وما عندنا خلاف.
[الاستعداد لقبول الواردات]
فإن الحق تعالى الذي نأخذ العلوم عنه يخلو القلب عن الفكر والاستعداد لقبول الواردات هو الذي يعطينا الأمر على أصله من غير إجمال ولا حيرة فنعرف الحقائق على ما هي عليه سواء كانت المفردات أو الحادثة بحدوث التأليف أو الحقائق الإلهية لا نمتري في شيء منها فمن هناك هو علمنا والحق سبحانه معلمنا ورثا نبويا محفوظا معصوما من الخلل والإجمال والظاهر قال تعالى وما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وما يَنْبَغِي لَهُ فإن الشعر محل الإجمال والرموز والألغاز والتورية أي ما رمزنا له شيئا ولا لغزناه ولا خاطبناه بشيء ونحن نريد شيئا آخر ولا أجملنا له الخطاب إن هو إلا ذكر لما شاهده حين جذبناه وغيبناه عنه وأحضرناه بنا عندنا فكنا سمعه وبصره ثم رددناه إليكم لتهتدوا به في ظلمات الجهل والكون فكنا لسانه الذي يخاطبكم به ثم أنزلنا عليه مذكرا يذكره بما شاهده فهو ذكر له لذلك وقرآن أي جمع أشياء كان شاهدها عندنا مبين ظاهر له لعلمه بأصل ما شاهده وعاينه في ذلك التقريب الأنزه الأقدس الذي ناله منه صلى الله عليه وسلم ولنا منه من الحظ على قدر صفاء المحل والتهيؤ والتقوى.
[افتقار الطبائع إلى الله في وجود أعيانها وفي تأليفها]
فمن علم إن الطبائع والعالم المركب منها في غاية الافتقار والاحتياج إلى الله تعالى في وجود أعيانها وتأليفها علم أن السبب هو حقائق الحضرة الإلهية الأسماء الحسنى والأوصاف العلى كيف تشاء على حسب ما تعطيه حقائقها وقد بينا هذا الفصل على الاستيفاء في كتاب إنشاء الجداول والدوائر وسنذكر من ذلك طرفا في هذا الكتاب فهذا هو سبب الأسباب القديم الذي لم يزل مؤلف الأمهات ومولد البنات فسبحانه خالق الأرض والسموات.
(وصل) [في بسائط مراتب الحروف عند المحققين]
انتهى الكلام المطلوب في هذا الكتاب على الحروف من جهة المكلف والمكلفين وحظها منهم وحركتها في الأفلاك السداسية المضاعفة وعينا سنى دورتها في تلك الأفلاك وحظها من الطبيعة من حركة تلك الأفلاك ومراتبها الأربعة في المكلف والمكلفين على حسب فهم العامة ولهذا كانت أفلاك بسائطها على نوعين فالبسائط التي يقتصر بها على حقائق عامة العقلاء على أربعة حروف الحق التي عن الأفلاك السبعية وحروف الإنس عن الثمانية وحروف الملك عن التسعة وحروف الجن الناري عن العشرة وليس ثم قسم زائد عندهم لقصورهم عن إدراك ما ثم لأنهم تحت قهر عقولهم والمحققون تحت قهر سيدهم الملك الحق سبحانه وتعالى فلهذا عندهم من الكشف ما ليس عند الغير فبسائط المحققين على ست مراتب مرتبة للمكلف الحق تعالى وهي النون وهي ثنائية فإن الحق لا نعلمه إلا منا وهو معبودنا ولا يعلم على الكمال إلا بنا فلهذا كان له النون التي هي ثنائية فإن بسائطها اثنان الواو والألف فالألف له والواو لمعناك وما في الوجود غير الله وأنت إذ أنت الخليفة ولهذا الألف عام والواو ممتزجة كما سيأتي ذكرها في هذا الباب ودورة هذا الفلك المخصوصة التي بها تقطع الفلك المحيط الكلي دورة جامعة تقطع الفلك الكلي في اثنين وثمانين ألف سنة وتقطع فلك الواو الفلك الكلي في عشرة آلاف سنة على ما نذكرها بعد في هذا الباب عند كلامنا على الحروف مفردة وحقائقها وما بقي من المراتب فعلى عدد المكلفين وأما المرتبة الثانية فهي للإنسان وهو أكمل المكلفين وجودا وأعمه وأتمه خلقا وأقومه ولها حرف واحد وهي الميم وهي ثلاثية وذلك أن بسائطها ثلاثة الياء والألف والهمزة وسيأتي ذكرها في داخل الباب إن شاء الله وأما المرتبة الثالثة فهي للجن مطلقا النوري والناري وهي رباعية ولها من الحروف الجيم والواو والكاف والقاف وسيأتي ذكرها وأما المرتبة الرابعة فهي للبهائم وهي خماسية لها من الحروف الدال اليابسة والزاي والصاد اليابسة والعين اليابسة والضاد المعجمة والسين اليابسة والذال المعجمة والغين والشين المعجمتان وسيأتي ذكرها إن شاء الله وأما المرتبة الخامسة فهي للنبات وهي سداسية لها من الحروف الألف والهاء واللام وسيأتي ذكرها إن شاء الله وأما المرتبة السادسة فهي للجماد وهي سباعية لها من الحروف الباء والحاء والطاء والياء والفاء والراء والتاء والثاء والخاء والظاء وسيأتي ذكرها إن شاء الله والغرض في هذا الكتاب إظهار لمع ولوائح إشارات من أسرار الوجود ولو فتحنا الكلام على سرائر هذه الحروف وما تقتضيه حقائقها لكلت اليمين وحفي القلم وجف المداد وضاقت القراطيس والألواح ولو كان الرق المنشور فإنها من الكلمات التي قال الله تعالى فيها لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً وقال ولَوْ أَنَّ ما في الْأَرْضِ من شَجَرَةٍ أَقْلامٌ والْبَحْرُ يَمُدُّهُ من بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ الله وهنا سر وإشارة عجيبة لم تفطن لها وعثر على هذه الكلمات فلو كانت هذه العلوم نتيجة عن فكر ونظر لانحصر الإنسان في أقرب مدة ولكنها موارد الحق تعالى تتوالى على قلب العبد وأرواحه البررة تنزل عليهم من عالم غيبه برحمته التي من عنده وعلمه الذي من لدنه والحق تعالى وهاب على الدوام فياض على الاستمرار والمحل قابل على الدوام فأما يقبل الجهل وإما يقبل العلم فإن استعد وتهيأ وصفى مرآة قلبه وجلاها حصل له الوهب على الدوام ويحصل له في اللحظة ما لا يقدر على تقييده في أزمنة لاتساع ذلك الفلك المعقول وضيق هذا الفلك المحسوس فكيف ينقضي ما لا يتصور له نهاية ولا غاية يقف عندها وقد صرح بذلك في أمره لرسوله عليه السلام وقل رب زدني علما والمراد بهذه الزيادة من العلم المتعلق بالإله ليزيد معرفة بتوحيد الكثرة فتزيد رغبته في تحميده فيزاد فضلا على تحميده دون انتهاء ولا انقطاع فطلب منه الزيادة وقد حصل من العلوم والأسرار ما لم يبلغه أحد ومما يؤيد ما ذكرناه من أنه أمر بالزيادة من علم التوحيد لا من غيره إنه
كان صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا شرب لبنا قال اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه لأنه أمر بطلب الزيادة فكان يتذكر عند ما يرى اللبن الذي شربه ليلة الإسراء فقال له جبريل أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك
والفطرة علم التوحيد التي فطر الله الخلق عليها حين أشهدهم حين قبضهم من ظهورهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فشاهدوا الربوبية قبل كل شيء ولهذا تأول صلى الله عليه وسلم اللبن لما شربه في النوم وناول فضله عمر قيل ما أولته يا رسول الله قال العلم
فلو لا حقيقة مناسبة بين العلم واللبن جامعة ما ظهر بصورته في عالم الخيال عرف ذلك من عرفه وجهله فمن كان يأخذ عن الله لا عن نفسه كيف ينتهي كلامه أبدا فشتان بين مؤلف يقول حدثني فلان رحمه الله عن فلان رحمه الله وبين من يقول حدثني قلبي عن ربي وإن كان هذا رفيع القدر فشتان بينه وبين من يقول حدثني ربي عن ربي أي حدثني ربي عن نفسه وفيه إشارة الأول الرب المعتقد والثاني الرب الذي لا يتقيد فهو بواسطة لا بواسطة وهذا هو العلم الذي يحصل للقلب من المشاهدة الذاتية التي منها يفيض على السر والروح والنفس فمن كان هذا مشربه كيف يعرف مذهبه فلا تعرفه حتى تعرف الله وهو لا يعرف تعالى من جميع وجوه المعرفة كذلك هذا لا يعرف فإن العقل لا يدري أين هو فإن مطلبه الأكوان ولا كون لهذا كما قيل
ظهرت لما أبقيت بعد فنائه ..... فكان بلا كون لأنك كنته
فالحمد لله الذي جعلني من أهل الإلقاء والتلقي فنسأله سبحانه أن يجعلنا وإياكم من أهل التداني والترقي ثم أرجع وأقول إن فصول حروف المعجم تزيد على أكثر من خمسمائة فصل وفي كل فصل مراتب كثيرة فتركنا الكلام عليها حتى نستوفيه في كتاب المبادي والغايات إن شاء الله ولنقتصر منها على ما لا بد من ذكره بعد ما نسمي من مراتبها ما يليق بكتابنا هذا وربما نتكلم على بعضها وبعد ذلك نأخذها حرفا حرفا حتى تكمل الحروف كلها إن شاء الله ثم نتبعها بإشارات من أسرار تعانق اللام بالألف ولزومه إياه وما السبب لهذا التعشق الروحاني بينهما خاصة حتى ظهر ذلك في عالم الكتابة والرقم فإن في ارتباط اللام بالألف سرا لا ينكشف إلا لمن أقام الألف من رقدتها وحل اللام من عقدتها والله يرشدنا وإياكم لعمل صالح يرضاه منا.
انتهى الجزء الرابع والحمد لله
«ذكر بعض مراتب الحروف»(بسم الله الرحمن الرحيم)
اعلم وفقنا الله وإياكم أن الحروف أمة من الأمم مخاطبون ومكلفون وفيهم رسل من جنسهم ولهم أسماء من حيث هم ولا يعرف هذا إلا أهل الكشف من طريقنا وعالم الحروف أفصح العالم لسانا وأوضحه بيانا وهم على أقسام كأقسام العالم المعروف في العرف فمنهم عالم الجبروت عند أبي طالب المكي ونسميه نحن عالم العظمة وهو الهاء والهمزة ومنهم العالم الأعلى وهو عالم الملكوت وهو الحاء والخاء والعين والغين ومنهم العالم الوسط وهو عالم الجبروت عندنا وعند أكثر أصحابنا وهو التاء والثاء والجيم والدال والذال والراء والزاي والظاء والكاف واللام والنون والصاد والضاد والقاف والسين والشين والياء الصحيحة ومنهم العالم الأسفل وهو عالم الملك والشهادة وهو الباء والميم والواو الصحيحة ومنهم العالم الممتزج بين عالم الشهادة والعالم الوسط وهو الفاء ومنهم عالم الامتزاج بين عالم الجبروت الوسط وبين عالم الملكوت وهو الكاف والقاف وهو امتزاج المرتبة ويمازجهم في الصفة الروحانية الطاء والظاء والصاد والضاد ومنهم عالم الامتزاج بين عالم الجبروت الأعظم وبين الملكوت وهو الحاء المهملة ومنهم العالم الذي يشبه العالم منا الذين لا يتصفون بالدخول فينا ولا بالخروج عنا وهو الألف والياء والواو المعتلتان فهؤلاء عوالم ولكل عالم رسول من جنسهم ولهم شريعة تعبدوا بها ولهم لطائف وكثائف وعليهم من الخطاب الأمر ليس عندهم نهي وفيهم عامة وخاصة وخاصة الخاصة فالعامة منهم الجيم والضاد والخاء والدال والغين والشين ومنهم خاصة الخاصة وهو الألف والياء والباء والسين والكاف والطاء والقاف والتاء والواو والصاد والحاء والنون واللام والغين ومنهم خلاصة خاصة الخاصة وهو الباء ومنهم الخاصة التي فوق العامة بدرجة وهو حروف أوائل السور مثل الم والمص وهي أربعة عشر حرفا الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون ومنهم حروف صفاء خلاصة خاصة الخاصة وهو النون والميم والراء والباء والدال والزاي والألف والطاء والياء والواو والهاء والظاء والثاء واللام والفاء والصين ومنهم العالم المرسل وهو الجيم والحاء والخاء والكاف ومنهم العالم الذي تعلق بالله وتعلق به الخلق وهو الألف والدال والذال والراء والزاي والواو وهو عالم التقديس من الحروف الكروبيين ومنهم العالم الذي غلب عليه التخلق بأوصاف الحق وهو التاء والثاء والحاء والذال والزاي والظاء المعجمة والنون والضاد المعجمة والغين المعجمة والقاف والشين المعجمة والفاء عند أهل الأنوار ومنهم العالم الذي قد غلب عليهم التحقق وهو الباء والفاء عند أهل الأسرار والجيم ومنهم العالم الذي قد تحقق بمقام الاتحاد وهو الألف والحاء والدال والراء والطاء اليابسة والكاف واللام والميم والصاد اليابسة والعين والسين اليابستان والهاء والواو إلا إني أقول إنهم على مقامين في الاتحاد عال وأعلى فالعالي الألف والكاف والميم والعين والسين والأعلى ما بقي ومنهم العالم الممتزج الطبائع وهو الجيم والهاء والياء واللام والفاء والقاف والخاء والظاء خاصة وأجناس عوالم الحروف أربعة جنس مفرد وهو الألف والكاف واللام والميم والهاء والنون والواو وجنس ثنائي مثل الدال والذال وجنس ثلاثي مثل الجيم والحاء والخاء وجنس رباعي وهو الباء والتاء والثاء والياء في وسط الكلمة والنون كذلك فهو خماسي بهذا الاعتبار وإن لم تعتبرهما فتكون الباء والتاء والثاء من الجنس الثلاثي ويسقط الجنس الرباعي فبهذا قد قصصنا عليك من عالم الحروف ما إن استعملت نفسك في الأمور الموصلة إلى كشف العالم والاطلاع على حقائقه وتحقق قوله تعالى وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ فلو كان تسبيح حال كما يزعم بعض علماء النظر لم تكن فائدة في قوله ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ وصلت إليها ووقفت عليها وكنت قد ذكرت أنه ربما أتكلم على بعضها فنظرت في هؤلاء العالم ما يمكن فيه بسط الكلام أكثر من غيره فوجدناه العالم المختص وهو عالم أوائل السور المجهولة مثل الم البقرة والمص والر يونس وأخواتها فلنتكلم على الم البقرة التي هي أول سورة مبهمة في القرآن كلاما مختصرا من طريق الأسرار وربما الحق بذلك الآيات التي تليها وإن كان ذلك ليس من الباب ولكن فعلته عن أمر ربي الذي عهدته فلا أتكلم إلا على طريق الأذن كما أني سأقف عند ما يحد لي فإن تأليفنا هذا وغيره لا يجري مجرى التواليف ولا نجري نحن فيه مجرى المؤلفين فإن كل مؤلف إنما هو تحت اختياره وإن كان مجبورا في اختياره أو تحت العلم الذي يبثه خاصة فيلقي ما يشاء ويمسك ما يشاء أو يلقي ما يعطيه العلم وتحكم عليه المسألة التي هو بصددها حتى تبرز حقيقتها ونحن في تواليفنا لسنا كذلك إنما هي قلوب عاكفة على باب الحضرة الإلهية مراقبة لما ينفتح له الباب فقيرة خالية من كل علم لو سألت في ذلك المقام عن شيء ما سمعت لفقدها إحساسها فمهما برز لها من وراء ذلك الستر أمر ما بادرت لامتثاله وألفته على حسب ما يحد لها في الأمر فقد يلقي الشيء إلى ما ليس من جنسه في العادة والنظر الفكري وما يعطيه العلم الظاهر والمناسبة الظاهرة للعلماء لمناسبة خفية لا يشعر بها إلا أهل الكشف بل ثم ما هو أغرب عندنا إنه يلقي إلى هذا القلب أشياء يؤمر بإيصالها وهو لا يعلمها في ذلك الوقت لحكمة إلهية غابت عن الخلق فلهذا لا يتقيد كل شخص يؤلف عن الإلقاء بعلم ذلك الباب الذي يتكلم عليه ولكن يدرج فيه غيره في علم السامع العادي على حسب ما يلقى إليه ولكنه عندنا قطعا من نفس ذلك الباب بعينه لكن بوجه لا يعرفه غيرنا مثل الحمامة والغراب اللذين اجتمعا لعرج قام بأرجلهما وقد أذن لي في تقييد ما ألقيه بعد هذا فلا بد منه.
«وصل» [في الكلام على ألم البقرة من طريق الاسرار]
الكلام على هذه الحروف المجهولة المختصة على عدد حروفها بالتكرار وعلى عدد حروفها بغير تكرار وعلى جملتها في السور وعلى أفرادها في "ص" و"ق" و"ن" وتثنيتها في "طس" و"طه" وأخواتها وجمعها من ثلاثة فصاعدا حتى بلغت خمسة حروف متصلة ومنفصلة ولم تبلغ أكثر ولم وصل بعضها وقطع بعضها ولم كانت السور بالسين ولم تكن بالصاد ولم جهل معنى هذه الحروف عند علماء الظاهر وعند كشف أهل الأحوال إلى غير ذلك مما ذكرناه في كتاب الجمع والتفصيل في معرفة معاني التنزيل فلنقل على بركة الله.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
(اعلم) أن مبادي السور المجهولة لا يعرف حقيقتها إلا أهل الصور المعقولة ثم جعل سور القرآن بالسين وهو التعبد الشرعي وهو ظاهر السور الذي فيه العذاب وفيه يقع الجهل بها وباطنه بالصاد وهو مقام الرحمة وليس إلا العلم بحقائقها وهو التوحيد فجعلها تبارك وتعالى تسعا وعشرين سورة وهو كمال الصورة والْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ والتاسع والعشرون القطب الذي به قوام الفلك وهو علة وجوده وهو سورة آل عمران الم الله ولو لا ذلك ما ثبتت الثمانية والعشرون وجملتها على تكرار الحروف ثمانية وسبعون حرفا فالثمانية حقيقة البضع
قال عليه السلام الايمان بضع وسبعون وهذه الحروف ثمانية وسبعون حرفا
فلا يكمل عبد أسرار الايمان حتى يعلم حقائق هذه الحروف في سورها (فإن قلت) إن البضع مجهول في اللسان فإنه من واحد إلى تسعة فمن أين قطعت بالثمانية عليه فإن شئت قلت لك من طريق الكشف وصلت إليه فهو الطريق الذي عليه أسلك والركن الذي إليه أستند في علومي كلها وإن شئت أبديت لك منه طرفا من باب العدد وإن كان أبو الحكم عبد السلام بن برجان لم يذكره في كتابه من هذا الباب الذي نذكره وإنما ذكره رحمه الله من جهة علم الفلك وجعله سترا على كشفه حين قطع بفتح بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة فكذلك إن شئنا نحن كشفنا وإن شئنا جعلنا العدد على ذلك حجابا فنقول إن البضع الذي في سورة الروم ثمانية وخذ عدد حروف الم بالجزم الصغير فتكون ثمانية فتجمعها إلى ثمانية البضع فتكون ستة عشر فتزيل الواحد الذي للالف للاس فيبقى خمسة عشر فتمسكها عندك ثم ترجع إلى العمل في ذلك بالجمل الكبير وهو الجزم فتضرب ثمانية البضع في أحد وسبعين واجعل ذلك كله سنين يخرج لك في الضرب خمسمائة وثمانية وستون فتضيف إليها الخمسة عشر التي أمرتك أن ترفعها فتصير ثلاثة وثمانين وخمسمائة سنة وهو زمان فتح بيت المقدس على قراءة من قرأ غلبت الروم بفتح الغين واللام سيغلبون بضم الياء وفتح اللام وفي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة كان ظهور المسلمين في أخذ حج الكفار وهو فتح بيت المقدس ولنا في علم العدد من طريق الكشف أسرار عجيبة من طريق ما يقتضيه طبعه ومن طريق ما له من الحقائق الإلهية وإن طال بنا العمر فسأفرد لمعرفة العدد كتابا إن شاء الله فلنرجع إلى ما كنا بسبيله فنقول فلا يكمل عبد الأسرار التي تتضمنها شعب الايمان إلا إذا علم حقائق هذه الحروف على حسب تكرارها في السور كما أنه إذا علمها من غير تكرار علم تنبيه الله فيها على حقيقة الإيجاد وتفرد القديم سبحانه بصفاته الأزلية فأرسلها في قرآنه أربعة عشر حرفا مفردة مبهمة فجعل الثمانية لمعرفة الذات والسبع الصفات منا وجعل الأربعة للطبائع المؤلفة التي هي الدم والسوداء والصفراء والبلغم فجاءت اثنتي عشرة موجودة وهذا هو الإنسان من هذا الفلك ومن فلك آخر يتركب من أحد عشر ومن عشرة ومن تسعة ومن ثمانية حتى إلى فلك الاثنين ولا يتحلل إلى الأحدية أبدا فإنها مما انفرد بها الحق فلا تكون لموجود إلا له ثم إنه سبحانه جعل أولها الألف في الخط والهمزة في اللفظ وآخرها النون فالألف لوجود الذات على كمالها لأنها غير مفتقرة إلى حركة والنون لوجود الشطر من العالم وهو عالم التركيب وذلك نصف الدائرة الظاهرة لنا من الفلك والنصف الآخر النون المعقولة عليها التي لو ظهرت للحس وانتقلت من عالم الروح لكانت دائرة محيطة ولكن أخفى هذه النون الروحانية الذي بها كمال الوجود وجعلت نقطة النون المحسوسة دالة عليها فالألف كاملة من جميع وجوهها والنون ناقصة فالشمس كاملة والقمر ناقص لأنه محو فصفة ضوئه معارة وهي الأمانة التي حملها وعلى قدر محوه وسراره إثباته وظهوره ثلاثة لثلاثة فثلاثة غروب القمر القلبي الإلهي في الحضرة الأحدية وثلاثة طلوع قمر الإلهي في الحضرة الربانية وما بينهما في الخروج والرجوع قدما بقدم لا يختل أبدا ثم جعل سبحانه هذه الحروف على مراتب منها موصول ومنها مقطوع ومنها مفرد ومثنى ومجم
وصل» [تتمة الكلام على الم ذلك الكتاب من طريق الاسرار
«وصل» [تتمة الكلام على الم ذلك الكتاب من طريق الاسرار]
الألف من الم إشارة إلى التوحيد والميم للملك الذي لا يهلك واللام بينهما واسطة لتكون رابطة بينهما .فانظر إلى السطر الذي يقع عليه الخط من اللام فتجد الألف إليه ينتهي أصلها وتجد الميم منه يبتدئ نشوها ثم تنزل من أحسن تقويم وهو السطر إلى أسفل سافلين منتهى تعريق الميم قال تعالى خَلَقْنَا الْإِنْسانَ في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ ونزول الألف إلى السطر مثل
قوله ينزل ربنا إلى السماء الدنيا
وهو أول عالم التركيب لأنه سماء آدم عليه السلام ويليه فلك النار.
فلذلك نزل إلى أول السطر فإنه نزل من مقام الأحدية إلى مقام إيجاد الخليقة نزول تقديس وتنزيه لا نزول تمثيل وتشبيه .
وكانت اللام واسطة وهي نائبة مناب المكون والكون فهي القدرة التي عنها وجد العالم فأشبهت الألف في النزول إلى أول السطر ولما كانت ممتزجة من المكون والكون فإنه لا يتصف بالقدرة على نفسه وإنما هو قادر على خلقه فكان وجه القدرة مصروفا إلى الخلق ولهذا لا يثبت للخالق إلا بالخلق فلا بد من تعلقها بهم علوا وسفلا ولما كانت حقيقتها لا تتم بالوصول إلى السطر فتكون والألف على مرتبة واحدة طلبت بحقيقتها النزول تحت السطر أو على السطر كما نزل الميم فنزلت إلى إيجاد الميم ولم يتمكن أن تنزل على صورة الميم فكان لا يوجد عنها أبدا إلا الميم فنزلت نصف دائرة حتى بلغت إلى السطر من غير الجهة التي نزلت منها فصارت نصف فلك محسوس يطلب نصف فلك معقول فكان منهما فلك دائر فتكون العالم كله من أوله إلى آخره في ستة أيام أجناسا من أول يوم الأحد إلى آخر يوم الجمعة وبقي يوم السبت للانتقالات من حال إلى حال ومن مقام إلى مقام والاستحالات من كون إلى كون ثابت على ذلك لا يزول ولا يتغير ولذلك كان الوالي على هذا اليوم البرد واليبس وهو من الكواكب زحل فصار الم وحده فلكا محيطا من دار به علم الذات والصفات والأفعال والمفعولات فمن قرأ الم بهذه الحقيقة والكشف حضر بالكل للكل مع الكل فلا يبقى شيء في ذلك الوقت إلا يشهده لكن منه ما يعلم ومنه ما لا يعلم فتنزه الألف عن قيام الحركات بها يدل أن الصفات لا تعقل إلا بالأفعال كما قال عليه السلام كان الله ولا شيء معه وهو على ما عليه كان فلهذا صرفنا الأمر إلى ما يعقل لا إلى ذاته المنزهة فإن الإضافة لا تعقل أبدا إلا بالمتضايفين فإن الأبوة لا تعقل إلا بالأب والابن وجودا وتقديرا وكذلك المالك والخالق والبارئ والمصور وجميع الأسماء التي تطلب العالم بحقائقها وموضع التنبيه من حروف الم عليها في اتصال اللام الذي هو الصفة بالميم الذي هو أثرها وفعلها فالألف ذات واحدة لا يصح فيها اتصال شيء من الحروف إذا وقعت أولا في الخط فهي الصراط المستقيم الذي سألته النفس في قولها اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صراط التنزيه والتوحيد فلما أمن على دعائها ربها الذي هو الكلمة الذي أمرت بالرجوع إليه في سورة الفجر قبل تعالى تأمينه على دعائها فأظهر الألف من الم عقيب ولا الضَّالِّينَ وأخفى آمين لأنه غيب من عالم الملكوت من وافق تأمينه تأمين الملائكة في الغيب المتحقق الذي يسمونه العامة من الفقهاء الإخلاص وتسميه الصوفية الحضور وتسميه المحققون الهمة ونسميه أنا وأمثالنا العناية ولما كانت الألف متحدة في عالم الملكوت والشهادة ظهرت فوقع الفرق بين القديم والمحدث فانظر فيما سطرناه تر عجبا ومما يؤيد ما ذكرناه من وجود الصفة المد الموجود في اللام والميم دون الألف فإن قال صوفي وجدنا الألف مخطوطة والنطق بالهمزة دون الألف فلم لا ينطق بالألف فنقول وهذا أيضا مما يعضد ما قلناه فإن الألف لا تقبل الحركة فإن الحرف مجهول ما لم يحرك فإذا حرك ميز بالحركة التي تتعلق به من رفع ونصب وخفض والذات لا تعلم أبدا على ما هي عليه فالألف الدال عليها الذي هو في عالم الحروف خليفة كالإنسان في العالم مجهول أيضا كالذات لا تقبل الحركة فلما لم تقبلها لم يبق إلا أن تعرف من جهة سلب الأوصاف عنها ولما لم يمكن النطق بساكن نطقنا باسم الألف لا بالألف فنطقنا بالهمزة بحركة الفتحة فقامت الهمزة مقام المبدع الأول وحركتها صفته العلمية ومحل إيجاده في اتصال الكاف بالنون فإن قيل وجدنا الألف التي في اللام منطوقا بها ولم نجدها في الألف قلنا صدقت لا يقع النطق بها إلا بمتحرك مشبع التحرك قبلها موصولة به وإنما كلامنا في الألف المقطوعة التي لا يشبع الحرف الذي قبلها حركته فلا يظهر في النطق وإن رقمت مثل ألف إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ فهذان ألفان بين ميم إنما وبين لام المؤمنين موجودتان خطا غير ملفوظ بهما نطقا وإنما الألف الموصولة التي تقع بعد الحرف مثل لام هاء حاء وشبهها فإنه لو لا وجودها ما كان المد لواحد من هذه الحروف فمدها هو سر الاستمداد الذي وقع به إيجاد الصفات في محل الحروف ولهذا لا يكون المد إلا بالوصل فإذا وصل الحرف بالألف من اسمه الآخر امتد الألف بوجود الحرف الموصول به ولما وجد الحرف الموصول به افتقر إلى الصفة الرحمانية فأعطى حركة الفتح التي هي الفتحة فلما أعطيها طلب منه الشكر عليها فقال وكيف يكون الشكر عليها قيل له إن تعلم السامعين بأن وجودك ووجود صفتك لم يكن بنفسك وإنما كان من ذات القديم تعالى فاذكره عند ذكرك نفسك فقد جعلك بصفة الرحمة خاصة دليلا عليه ولهذا قال إن الله خلق آدم على صورة الرحمن فنطقت بالثناء على موجدها فقالت لام ياء هاء حاء طاء فأظهرت نطقا ما خفي خطا لأن الألف التي في طه وحم وطس موجودة نطقا خفيت خطا لدلالة الصفة عليها وهي الفتحة صفة افتتاح الوجود فإن قال وكذلك نجد المد في الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها فهي أيضا ثلاث ذوات فكيف يكون هذا وما ثم إلا ذات واحدة فنقول نعم أما المد الموجود في الواو المضموم ما قبلها فهي مثل ن والقلم والياء المكسور ما قبلها مثل الياء من طس وياء الميم من حم فمن حيث إن الله تعالى جعلهما حرفي علة وكل علة تستدعي معلولها بحقيقتها وإذا استدعت ذلك فلا بد من سر بينهما يقع به الاستمداد والإمداد فلهذا أعطيت المد وذلك لما أودع الرسول الملكي الوحي لو لم يكن بينه وبين الملقي إليه نسبة ما ما قبل شيئا لكنه خفي عنه ذلك فلما حصل له الوحي ومقامه الواو لأنه روحاني علوي والرفع يعطي العلو وهو باب الواو المعتلة فعبرنا عنه بالرسول الملكي الروحاني جبريل كان أو غيره من الملائكة ولما أودع الرسول البشري ما أودع من أسرار التوحيد والشرائع أعطى من الاستمداد والإمداد الذي يمد به عالم التركيب وخفي عنه سر الاستمداد ولذلك قال ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ وقال إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ولما كان موجودا في العالم السفلي عالم الجسم والتركيب أعطيناه الياء المكسور ما قبلها المعتلة وهي من حروف الخفض فلما كانا علتين لوجود الأسرار الإلهية من توحيد وشرع وهبا سر الاستمداد فلذلك مدتا وأما الفرق الذي بينهما وبين الألف فإن الواو والياء قد يسلبان عن هذا المقام فيحركان بجميع الحركات كقوله ووَجَدَكَ وتؤوي وولوا الأدبار ينأون يغنيه إِنَّكَ مَيِّتٌ وقد يسكنان بالسكون الحي كقوله وما هُوَ بِمَيِّتٍ ويَنْأَوْنَ وشبههما والألف لا تحرك أبدا ولا يوجد ما قبلها أبدا إلا مفتوحا فاذن فلا نسبة بين الألف وبين الواو والياء فمهما حركت الواو والياء فإن ذلك مقامها ومن صفاتها ومهما ألحقتا بالألف في العلية فذلك ليس من ذاتها وإنما ذلك من جانب القديم سبحانه لا يحتمل الحركة ولا يقبلها ولكن ذلك من صفة المقام وحقيقته الذي نزلت به الواو والياء فمدلول الألف قديم والواو والياء محركتان كانتا أو لا محركتان فهما حادثان فإذا ثبت هذا فكل ألف أو واو أو ياء ارتقمت أو حصل النطق بها فإنما هي دليل وكل دليل محدث يستدعي محدثا والمحدث لا يحصره الرقم ولا النطق إنما هو غيب ظاهر وكذلك يس ون فنجده نطقا وهو ظهوره ولا نجده رقما وهو غيبه وهذا سبب حصول العلم بوجود الخالق لا بذاته بوجود لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ لا بذاته واعلم أيها المتلقي أنه كل ما دخل تحت الحصر فهو مبدع أو مخلوق وهو محلك فلا تطلب الحق لا من داخل ولا من خارج إذ الدخول والخروج من صفات الحدوث فانظر الكل في الكل تجد الكل فالعرش مجموع والكرسي مفروق
يا طالبا لوجود الحق يدركه ..... ارجع لذاتك فيك الحق فالتزم
ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فلو لم يرجعوا لوجدوا النور فلما رجعوا باعتقاد القطع ضرب بينهم بالسور وإلا لو عرفوا من ناداهم بقوله ارْجِعُوا وَراءَكُمْ لقالوا أنت مطلوبنا ولم يرجعوا فكان رجوعهم سبب ضرب السور بينهم فبدت جهنم فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ والْغاوُونَ وبقي الموحدون يمدون أهل الجنان بالولدان والحور الحسان من حضرة العيان فالوزير محل صفات الأمير والصفة التي انفرد بها الأمير وحده هي سر التدبير الذي خرجت عنه الصفات فعلم ما يصدر له من صفته وفعله جملة ولم يعلم ذلك الوزير إلا تفصيلا وهذا هو الفرق فتأمل ما قلناه تجد الحق إن شاء الله فإذا تبين هذا وتقرر أن الألف هي ذات الكلمة واللام ذات عين الصفة والميم عين الفعل وسرهم الخفي هو الموجد إياهم
«وصل» [تتمة الكلام على الم ذلك الكتاب من طريق الاسرار]
فنقول فقوله ذلِكَ الْكِتابُ بعد قوله الم إشارة إلى موجود بيد أن فيه بعدا وسبب البعد لما أشار إلى الكتاب وهو المفروق محل التفصيل وأدخل حرف اللام في ذلك وهي تؤذن بالبعد في هذا المقام والإشارة نداء على رأس البعد عند أهل الله ولأنها أعني اللام من العالم الوسط فهي محل الصفة إذ بالصفة يتميز المحدث من القديم وخص خطاب المفرد بالكاف مفردة لئلا يقع الاشتراك بين المبدعات وقد أشبعنا القول في هذا الفصل عند ما تكلمنا على قوله تعالى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ من كتاب الجمع والتفصيل أي اخلع اللام والميم تبق الألف المنزهة عن الصفات ثم حال بين الذال الذي هو الكتاب محل الفرق الثاني وبين اللام التي هي الصفة محل الفرق الأول التي بها يقرأ الكتاب بالألف التي هي محل الجمع لئلا يتوهم الفرق الخطاب من فرق آخر فلا يبلغ إلى حقيقة أبدا ففصل بالألف بينهما فصار حجابا بين الذال واللام فأرادت الذال الوصول إلى اللام فقام لها الألف فقال بي تصل وأرادت اللام ملاقاة الذال لتؤدي إليها أمانتها فتعرض لها أيضا الألف فقال لها بي تلقاه فمهما نظرت الوجود جمعا وتفصيلا وجدت التوحيد يصحبه لا يفارقه البتة صحبة الواحد الأعداد فإن الاثنين لا توجد أبدا ما لم تضف إلى الواحد مثله وهو الاثنين ولا تصح الثلاثة ما لم تزد واحدا على الاثنين وهكذا إلى ما لا يتناهى فالواحد ليس العدد وهو عين العدد أي به ظهر العدد فالعدد كله واحد لو نقص من الألف واحد انعدم اسم الألف وحقيقته وبقيت حقيقة أخرى وهي تسعمائة وتسعة وتسعون لو نقص منها واحد لذهب عينها فمتى انعدم الواحد من شيء عدم ومتى ثبت وجد ذلك الشيء هكذا التوحيد إن حققته وهو معكم أينما كنتم فقال ذا وهو حرف مبهم فبين ذلك المبهم بقوله الكتاب وهو حقيقة ذا وساق الكتاب بحر في التعريف والعهد وهما الألف واللام من الم غير أنهما هنا من غير الوجه الذي كانتا عليه في الم فإنهما هناك في محل الجمع وهما هنا في أول باب من أبواب التفصيل ولكن من تفصيل سرائر هذه السورة خاصة لا في غيرها من السور هكذا ترتيب الحقائق في الوجود فذلك الكتاب هو الكتاب المرقوم لأن أمهات الكتب ثلاثة الكتاب المسطور والكتاب المرقوم والكتاب المجهول وقد شرحنا معنى الكتاب والكاتب في كتاب التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية في الباب التاسع منه فانظره هناك فنقول إن الذوات وإن اتحد معناها فلا بد من معنى به يفرق بين الذاتين يسمى الوصف فالكتاب المرقوم موصوف بالرقم والكتاب المسطور موصوف بالتسطير وهذا الكتاب المجهول الذي سلب عنه الصفة لا يخلو من أحد وجهين إما أن يكون صفة ولذلك لا يوصف وإما أن يكون ذاتا غير موصوفة والكشف يعطي أنه صفة تسمى العلم وقلوب كلمات الحق محله ألا تراه يقول الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ قل أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ فخاطب الكاف من ذلك بصفة العلم الذي هو اللام المخفوضة بالنزول لأنه يتنزه عن إن تدرك ذاته فقال للكاف التي هي الكلمة الإلهية ذلك الكتاب المنزل عليك هو علمي لا علمك لا ريب فيه عند أهل الحقائق أنزله في معرض الهداية لمن اتقاني وأنت المنزل فأنت محله ولا بد لكل كتاب من أم وأمه ذلك الكتاب المجهول لا تعرفه أبدا لأنه ليس بصفة لك ولا لأحد ولا ذات وإن شئت أن تحقق هذا فانظر إلى كيفية حصول العلم في العالم أو حصول صورة المرئي في الرائي فليست وليس غيرها فانظر إلى درجات حروف لا ريب فيه هدى للمتقين ومنازلها على حسب ما نذكره بعد الكلام الذي نحن بصدده وتدبر ما بثثته لك وحل عقدة لام الألف من لا ريب تصير ألفان لأن تعريقة اللام ظهرت صورتها في نون المتقين وذلك لتاخر الألف عن اللام من اسمه الآخر وهي المعرفة التي تحصل للعبد من نفسه في
قوله عليه السلام من عرف نفسه عرف ربه
فقدم معرفة اللام على معرفة الألف فصارت دليلا عليه ولم يمتزجا حتى يصيرا ذاتا واحدة بل بان كل واحد منهما بذاته ولهذا لا يجتمع الدليل والمدلول ولكن وجه الدليل هو الرابط وهو موضع اتصال اللام بالألف فاضرب الألفين اا أحدهما في الآخر تصح لك في الخارج ألف واحدة آ وهذا حقيقة الاتصال كذلك اضرب المحدث في القديم حسا يصح لك في الخارج المحدث ويخفى القديم بخروجه وهذا حقيقة الاتصال والاتحاد وإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً وهذا نقيض إشارة الجنيد في قوله للعاطس إن المحدث إذا قورن بالقديم لم يبق له أثر لاختلاف المقام أ لا ترى كيف اتصل لام الألف من لا ريب فيه من الكرسي فبدت ذاتان لآ جهل سر العقد بينهما ثم فصلهما العرش عند الرجوع إليه والوصول فصارت على هذا الشكل آل فظهرت اللام بحقيقتها لأنه لم يقم بها مقام الاتصال والاتحاد من يردها على صورته فأخرجنا نصف الدائرة من اللام التي خفيت في لام الألف إلى عالم التركيب والحس فبقيت ألفان أ أ في الفرق فضربنا الواحد في الواحد وهو ضرب الشيء في نفسه فصار واحدا آ فلبس الواحد الآخر فكان الواحد رداء وهو الذي ظهر وهو الخليفة المبدع بفتح الدال وكان الآخر مرتديا وهو الذي خفي وهو القديم المبدع فلا يعرف المرتدي إلا باطن الرداء وهو الجمع ويصير الرداء على شكل المرتدي فإن قلت واحد صدقت وإن قلت ذاتان صدقت عينا وكشفا ولله در من قال
رق الزجاج ورقت الخمر ..... فتشاكلا فتشابه الأمر
فكأنما خمر ولا قدح ..... وكأنما قدح ولا خمر
وأما ظاهر الرداء فلا يعرف المرتدي أبدا وإنما يعرف باطن ذاته وهو حجابه فكذلك لا يعلم الحق إلا العلم كما لا يحمده على الحقيقة إلا الحمد وأما أنت فتعلمه بوساطة العلم وهو حجابك فإنك ما تشاهد إلا العلم القائم بك وإن كان مطابقا للمعلوم وعلمك قائم بك وهو مشهودك ومعبودك فإياك إن تقول إن جريت على أسلوب الحقائق إنك علمت المعلوم وإنما علمت العلم والعلم هو العالم بالمعلوم وبين العلم والمعلوم بحور لا يدرك قعرها فإن سر التعلق بينهما مع تباين الحقائق بحر عسير مركبه بل لا تركبه العبارة أصلا ولا الإشارة ولكن يدركه الكشف من خلف حجب كثيرة دقيقة لا يحس بها أنها على عين بصيرته لرقتها وهي عسيرة المدرك فأحرى من خلقها فانظر أين هو من يقول إني علمت الشيء من ذلك الشيء محدثا كان أو قديما بل ذلك في المحدث وأما القديم فأبعد وأبعد إذ لا مثل له فمن أين يتوصل إلى العلم به أو كيف يحصل وسيأتي الكلام على هذه المسألة السنية في الفصل الثالث من هذا الباب فلا يعرف ظاهر الرداء المرتدي إلا من حيث الوجود بشرط أن يكون في مقام الاستسقاء ثم يزول ويرجع لأنها معرفة علة لا معرفة جذب وهذه رؤية أصحاب الجنة في الآخرة وهو تجل في وقت دون وقت وسيأتي الكلام عليه في باب الجنة من هذا الكتاب وهذا هو مقام التفرقة وأما أهل الحقائق باطن الرداء فلا يزالون مشاهدين أبدا ومع كونهم مشاهدين فظاهرهم في كرسي الصفات ينعم بمواد بشرة الباطن نعيم اتصال وانظر إلى حكمته في كون ذلك مبتدأ ولم يكن فاعلا ولا مفعولا لما لم يسم فاعله لأنه لا يصح أن يكون فاعلا لقوله لا ريب فيه فلو كان فاعلا لوقع الريب لأن الفاعل إنما هو فكيف ينسب إليه ما ليس بصفته لأن مقام الذال أيضا يمنع ذلك فإنه من الحقائق التي كانت ولا شيء معها ولهذا لا يتصل بالحروف إذا تقدم عليها كالألف وأخواته الدال والراء والزاي والواو ولا يقول فيه أيضا مفعول لم يسم فاعله لأنه من ضرورته أن يتقدمه كلمة على بنية مخصوصة محلها النحو والكتاب هنا نفس الفعل والفعل لا يقال فيه فاعل ولا مفعول وهو مرفوع فلم يبق إلا أن يكون مبتدأ ومعنى مبتدأ لم يعرف غيره من أول وهلة أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فإن قيل من ضرورة كل مبتدأ أن يعمل فيه ابتداء قلنا نعم عمل فيه أم الكتاب فهي الابتداء العاملة في الكتاب والعامل في الكل حقا وخلقا الله الرب ولهذا نبه الله تبارك وتعالى بقوله أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ فشرك ثم قال إِلَيَّ الْمَصِيرُ فوحد فالشكر من مقام التفرقة فكذلك ينبغي لك أن تشكر الرداء لما كان سببا موصلا إلى المرتدي والمصير من الرداء ومنك إلى المرتدي كل على شاكلته يصل فتفهم ما قلناه وفرق بين مقام الذال والألف وإن اشتركا في مقام الوحدانية المقدسة قبلية حالا ومقاما وبعدية مقاما لا حالا.
«تنبيه» [تتمة الكلام على الم ذلك الكتاب من طريق الاسرار]
قال ذلِكَ ولم يقل تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ فالكتاب للجمع والآيات للتفرقة وذلك مذكر مفرد وتلك مفرد مؤنث فأشار تعالى بذلك الكتاب أولا لوجود الجمع أصلا قبل الفرق ثم أوجد الفرق في الآيات كما جمع العدد كله في الواحد كما قدمناه فإذا أسقطناه انعدمت حقيقة ذلك العدد وما بقي للالف أثر في الوجود وإذا أبرزناه برزت الألف في الوجود فانظر إلى هذه القوة العجيبة التي أعطتها حقيقة الواحد الذي منه ظهرت هذه الكثرة إلى ما لا يتناهى وهو فرد في نفسه ذاتا واسما ثم أوجد الفرق في الآيات قال تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ثم قال فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فبدأ بالجمع الذي هو كل شيء قال تعالى وكَتَبْنا لَهُ في الْأَلْواحِ من كُلِّ شَيْءٍ في الألواح مقام الفرق من كل شيء إشارة إلى الجمع موعظة وتفصيلا رد إلى الفرق لكل شيء رد إلى الجمع فكل موجود كان عموما لا يخلو أن يكون إما في عين الجمع أو في عين الفرق لا غير ولا سبيل أن يعري عن هاتين الحقيقتين موجود ولا يجمعها أبدا فالحق والإنسان في عين الجمع والعالم في عين التفرقة لا يجتمع كما لا يفترق الحق أبدا كما لا يفترق الإنسان فالله سبحانه لم يزل في أزله بذاته وصفاته وأسمائه لم يتجدد عليه حال ولا ثبت له وصف من خلق العالم لم يكن قبل ذلك عليه بل هو الآن على ما كان عليه قبل وجود الكون كما
وصفه صلى الله عليه وسلم حين قال كان الله ولا شيء معه وزيد في قوله وهو الآن على ما عليه كان
فاندرج في الحديث ما لم يقله صلى الله عليه وسلم ومقصودهم أي الصفة التي وجبت له قبل وجود العالم هو عليها والعالم موجود وهكذا هي الحقائق عند من أراد أن يقف عليها فالتذكير في الأصل وهو آدم قوله ذلك والتأنيث في الفرع وهو حواء قوله تلك وقد أشبعنا القول في هذا الفصل في كتاب الجمع والتفصيل الذي صنفناه في معرفة أسرار التنزيل فآدم لجميع الصفات وحواء لتفريق الذوات إذ هي محل الفعل والبذر وكذلك الآيات محل الأحكام والقضايا وقد جمع الله تعالى معنى ذلك وتلك في قوله تعالى وآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ فحروف الم رقما ثلاثة وهو جماع عالمها فإن فيها الهمزة وهي من العالم الأعلى واللام وهي من العالم الوسط والميم وهي من العالم الأسفل فقد جمع الم البرزخ والدارين والرابط والحقيقتين وهي على النصف من حروف لفظه من غير تكرار وعلى الثلاث بغير تكرار وكل واحد منهما ثلث كل ثلاث وهذه كلها أسرار تتبعناها في كتاب المبادي والغايات وفي كتاب الجمع والتفصيل فليكف هذا القدر من الكلام على الم البقرة في هذا الباب بعد ما رغبنا في ترك تقييد ما تجلى لنا في الكتاب والكاتب فلقد تجلت لنا فيه أمور جسام مهولة رمينا الكراسة من أيدينا عند تجليها وفررنا إلى العالم حتى خف عنا ذلك وحينئذ رجعنا إلى التقييد في اليوم الثاني من ذلك التجلي وقبلت الرغبة فيه وأمسك علينا ورجعنا إلى الكلام على الحروف حرفا حرفا كما شرطناه أولا في هذا الباب رغبة في الإيجاز والاختصار.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
انتهى الجزء الخامس والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
(بسم الله الرحمن الرحيم)
[الكلام على الحروف حرفا حرفا]«فمن ذلك حرف الألف»
ألف الذات تنزهت فهل ..... لك في الأكوان عين ومحل
قال لا غير التفاتي فأنا ..... حرف تأبيد تضمنت الأزل
فأنا العبد الضعيف المجتبى ..... وأنا من عز سلطاني وجل
الألف ليس من الحروف عند من شم رائحة من الحقائق ولكن قد سمته العامة حرفا فإذا قال المحقق إنه حرف فإنما يقول ذلك على سبيل التجوز في العبارة ومقام الألف مقام الجمع له من الأسماء اسم الله وله من الصفات القيومية وله من أسماء الأفعال المبدئ والباعث والواسع والحافظ والخالق والبارئ والمصور والوهاب والرزاق والفتاح والباسط والمعز والمعيد والرافع والمحيي والوالي والجامع والمغني والنافع وله من أسماء الذات الله والرب والظاهر والواحد والأول والآخر والصمد والغني والرقيب والمتين والحق وله من الحروف اللفظية الهمزة واللام والفاء وله من البسائط الزاي والميم والهاء والفاء واللام والهمزة وله من المراتب كلها وظهوره في المرتبة السادسة وظاهر سلطانه في النبات وإخوته في هذه المرتبة الهاء واللام وله مجموع عالم الحروف ومراتبها ليس فيها ولا خارجا عنها نقطة الدائرة ومحيطها ومركب العوالم وبسيطها
«و من ذلك حرف الهمزة»
همزة تقطع وقتا وتصل ..... كل ما جاورها من منفصل
فهي الدهر عظيم قدرها ..... جل أن يحضره ضرب المثل
الهمزة من الحروف التي من عالم الشهادة والملكوت لها من المخارج أقصى الحلق ليس لها مرتبة في العدد لها من البسائط الفاء والميم والزاي والألف والياء لها من العالم الملكوت ولها الفلك الرابع ودورة فلكها تسع آلاف سنة ولها من المراتب الرابعة والسادسة والسابعة وظهور سلطانها في الجن والنبات والجماد ولها من الحروف الهاء والميم والزاي والهاء في الوقف والتاء بالنطقين من فوق في الوصل والتنوين في القطع لها من الأسماء ما للألف والواو والياء فأغنى عن التكرار وتختص من أسماء الصفات بالقهار والقاهر والمقتدر والقوي والقادر وطبعها الحرارة واليبوسة وعنصرها النار واختلفوا هل هي حرف أو نصف حرف في الحروف الرقمية وأما في التلفظ بها فلا خلاف إنها حرف عند الجميع
«و من ذلك حرف الهاء»
هاء الهوية كم تشير لكل ذي ..... إنية خفيت له في الظاهر
هل لا محقت وجود رسمك عند ما ..... تبدو لأوله عيون الآخر
اعلم أن الهاء من حروف الغيب لها من المخارج أقصى الحلق ولها من العدد الخمسة ولها من البسائط الألف والهمزة واللام والهاء والميم والزاي ولها من العالم الملكوت ولها الفلك الرابع وزمان حركة فلكها تسع آلاف سنة ولها من الطبقات الخاصة وخاصة الخاصة ولها من المراتب السادسة وظهور سلطانها في النبات ويوجد منه بآخرها ما كان حارا رطبا وتحيله بعد ذلك إلى البرودة واليبوسة ولها من الحركات المستقيمة والمعوجة وهي من حروف الأعراق ولها الامتزاج وهي من الكوامل وهي من عالم الانفراد وطبعها البرودة واليبس والحرارة والرطوبة مثل عطارد وعنصرها الأعظم التراب وعنصرها الأقل الهواء ولها من الحروف الألف والهمزة ولها من الأسماء الذاتية الله والأول والآخر والماجد والمؤمن والمهيمن والمتكبر والمتين والأحد والملك ولها من أسماء الصفات المقتدر والمحصي ولها من أسماء الأفعال اللطيف والفتاح والمبدئ والمجيب والمقيت والمصور والمذل والمعز والمعيد والمحيي والمميت والمنتقم والمقسط والمغني والمانع ولها غاية الطريق
«و من ذلك حرف العين المهملة»
عين العيون حقيقة الإيجاد ..... فانظر إليه بمنزل الاشهاد
تبصره ينظر نحو موجد ذاته ..... نظر السقيم محاسن العواد
لا يلتفت أبدا لغير إلهه ..... يرجو ويحذر شيمة العباد
اعلم أن العين من عالم الشهادة والملكوت وله من المخارج وسط الحلق وله من عدد الجمل عقد السبعين وله من البسائط الياء والنون والألف والهمزة والواو وله الفلك الثاني وزمان حركة فلكه إحدى عشرة ألف سنة وله من طبقات العالم الخاصة وخاصة الخاصة وله من المراتب الخامسة وظهور سلطانه في البهائم ويوجد عنه كل حار رطب وله من الحركات الأفقية وهي المعوجة وهو من حروف الأعراف وهو من الحروف الخالصة وهو كامل وهو من عالم الإنس الثنائي وطبعه الحرارة والرطوبة وله من الحروف الياء والنون وله من الأسماء الذاتية الغني والأول والآخر وله من أسماء الصفات القوي والمحصي والحي ومن أسماء الأفعال النصير والنافع والواسع والوهاب والوالي
«و من ذلك حرف الحاء المهملة»
حاء الحواميم سر الله في السور ..... أخفى حقيقته عن رؤية البشر
فإن ترحلت عن كون وعن شبح ..... فارحل إلى عالم الأرواح والصور
وانظر إلى حاملات العرش قد نظرت ..... إلى حقائقها جاءت على قدر
تجد لحائك سلطانا وعزته ..... أن لا يداني ولا يخشى من الغير
اعلم أيها الولي أن الحاء من عالم الغيب وله من المخارج وسط الحلق وله من العدد الثمانية وله من البسائط الألف يكون إما في عين الجمع أو في عين الفرق لا غير ولا سبيل أن يعري عن هاتين الحقيقتين موجود ولا يجمعها أبدا فالحق والإنسان في عين الجمع والعالم في عين التفرقة لا يجتمع كما لا يفترق الحق أبدا كما لا يفترق الإنسان فالله سبحانه لم يزل في أزله بذاته وصفاته وأسمائه لم يتجدد عليه حال ولا ثبت له وصف من خلق العالم لم يكن قبل ذلك عليه بل هو الآن على ما كان عليه قبل وجود الكون كما
وصفه صلى الله عليه وسلم حين قال كان الله ولا شيء معه وزيد في قوله وهو الآن على ما عليه كان
فاندرج في الحديث ما لم يقله صلى الله عليه وسلم ومقصودهم أي الصفة التي وجبت له قبل وجود العالم هو عليها والعالم موجود وهكذا هي الحقائق عند من أراد أن يقف عليها فالتذكير في الأصل وهو آدم قوله ذلك والتأنيث في الفرع وهو حواء قوله تلك وقد أشبعنا القول في هذا الفصل في كتاب الجمع والتفصيل الذي صنفناه في معرفة أسرار التنزيل فآدم لجميع الصفات وحواء لتفريق الذوات إذ هي محل الفعل والبذر وكذلك الآيات محل الأحكام والقضايا وقد جمع الله تعالى معنى ذلك وتلك في قوله تعالى وآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ فحروف الم رقما ثلاثة وهو جماع عالمها فإن فيها الهمزة وهي من العالم الأعلى واللام وهي من العالم الوسط والميم وهي من العالم الأسفل فقد جمع الم البرزخ والدارين والرابط والحقيقتين وهي على النصف من حروف لفظه من غير تكرار وعلى الثلاث بغير تكرار وكل واحد منهما ثلث كل ثلاث وهذه كلها أسرار تتبعناها في كتاب المبادي والغايات وفي كتاب الجمع والتفصيل فليكف هذا القدر من الكلام على الم البقرة في هذا الباب بعد ما رغبنا في ترك تقييد ما تجلى لنا في الكتاب والكاتب فلقد تجلت لنا فيه أمور جسام مهولة رمينا الكراسة من أيدينا عند تجليها وفررنا إلى العالم حتى خف عنا ذلك وحينئذ رجعنا إلى التقييد في اليوم الثاني من ذلك التجلي وقبلت الرغبة فيه وأمسك علينا ورجعنا إلى الكلام على الحروف حرفا حرفا كما شرطناه أولا في هذا الباب رغبة في الإيجاز والاختصار.
والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
انتهى الجزء الخامس والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
(بسم الله الرحمن الرحيم)[الكلام على الحروف حرفا حرفا]
«فمن ذلك حرف الألف»
ألف الذات تنزهت فهل ..... لك في الأكوان عين ومحل
قال لا غير التفاتي فأنا ..... حرف تأبيد تضمنت الأزل
فأنا العبد الضعيف المجتبى ..... وأنا من عز سلطاني وجل
الألف ليس من الحروف عند من شم رائحة من الحقائق ولكن قد سمته العامة حرفا فإذا قال المحقق إنه حرف فإنما يقول ذلك على سبيل التجوز في العبارة ومقام الألف مقام الجمع له من الأسماء اسم الله وله من الصفات القيومية وله من أسماء الأفعال المبدئ والباعث والواسع والحافظ والخالق والبارئ والمصور والوهاب والرزاق والفتاح والباسط والمعز والمعيد والرافع والمحيي والوالي والجامع والمغني والنافع وله من أسماء الذات الله والرب والظاهر والواحد والأول والآخر والصمد والغني والرقيب والمتين والحق وله من الحروف اللفظية الهمزة واللام والفاء وله من البسائط الزاي والميم والهاء والفاء واللام والهمزة وله من المراتب كلها وظهوره في المرتبة السادسة وظاهر سلطانه في النبات وإخوته في هذه المرتبة الهاء واللام وله مجموع عالم الحروف ومراتبها ليس فيها ولا خارجا عنها نقطة الدائرة ومحيطها ومركب العوالم وبسيطها
«و من ذلك حرف الهمزة»
همزة تقطع وقتا وتصل ..... كل ما جاورها من منفصل
فهي الدهر عظيم قدرها ..... جل أن يحضره ضرب المثل
الهمزة من الحروف التي من عالم الشهادة والملكوت لها من المخارج أقصى الحلق ليس لها مرتبة في العدد لها من البسائط الفاء والميم والزاي والألف والياء لها من العالم الملكوت ولها الفلك الرابع ودورة فلكها تسع آلاف سنة ولها من المراتب الرابعة والسادسة والسابعة وظهور سلطانها في الجن والنبات والجماد ولها من الحروف الهاء والميم والزاي والهاء في الوقف والتاء بالنطقين من فوق في الوصل والتنوين في القطع لها من الأسماء ما للألف والواو والياء فأغنى عن التكرار وتختص من أسماء الصفات بالقهار والقاهر والمقتدر والقوي والقادر وطبعها الحرارة واليبوسة وعنصرها النار واختلفوا هل هي حرف أو نصف حرف في الحروف الرقمية وأما في التلفظ بها فلا خلاف إنها حرف عند الجميع
«و من ذلك حرف الهاء»
هاء الهوية كم تشير لكل ذي ..... إنية خفيت له في الظاهر
هل لا محقت وجود رسمك عند ما ..... تبدو لأوله عيون الآخر
اعلم أن الهاء من حروف الغيب لها من المخارج أقصى الحلق ولها من العدد الخمسة ولها من البسائط الألف والهمزة واللام والهاء والميم والزاي ولها من العالم الملكوت ولها الفلك الرابع وزمان حركة فلكها تسع آلاف سنة ولها من الطبقات الخاصة وخاصة الخاصة ولها من المراتب السادسة وظهور سلطانها في النبات ويوجد منه بآخرها ما كان حارا رطبا وتحيله بعد ذلك إلى البرودة واليبوسة ولها من الحركات المستقيمة والمعوجة وهي من حروف الأعراق ولها الامتزاج وهي من الكوامل وهي من عالم الانفراد وطبعها البرودة واليبس والحرارة والرطوبة مثل عطارد وعنصرها الأعظم التراب وعنصرها الأقل الهواء ولها من الحروف الألف والهمزة ولها من الأسماء الذاتية الله والأول والآخر والماجد والمؤمن والمهيمن والمتكبر والمتين والأحد والملك ولها من أسماء الصفات المقتدر والمحصي ولها من أسماء الأفعال اللطيف والفتاح والمبدئ والمجيب والمقيت والمصور والمذل والمعز والمعيد والمحيي والمميت والمنتقم والمقسط والمغني والمانع ولها غاية الطريق
«و من ذلك حرف العين المهملة»
عين العيون حقيقة الإيجاد ..... فانظر إليه بمنزل الاشهاد
تبصره ينظر نحو موجد ذاته ..... نظر السقيم محاسن العواد
لا يلتفت أبدا لغير إلهه ..... يرجو ويحذر شيمة العباد
اعلم أن العين من عالم الشهادة والملكوت وله من المخارج وسط الحلق وله من عدد الجمل عقد السبعين وله من البسائط الياء والنون والألف والهمزة والواو وله الفلك الثاني وزمان حركة فلكه إحدى عشرة ألف سنة وله من طبقات العالم الخاصة وخاصة الخاصة وله من المراتب الخامسة وظهور سلطانه في البهائم ويوجد عنه كل حار رطب وله من الحركات الأفقية وهي المعوجة وهو من حروف الأعراف وهو من الحروف الخالصة وهو كامل وهو من عالم الإنس الثنائي وطبعه الحرارة والرطوبة وله من الحروف الياء والنون وله من الأسماء الذاتية الغني والأول والآخر وله من أسماء الصفات القوي والمحصي والحي ومن أسماء الأفعال النصير والنافع والواسع والوهاب والوالي
«و من ذلك حرف الحاء المهملة»
حاء الحواميم سر الله في السور ..... أخفى حقيقته عن رؤية البشر
فإن ترحلت عن كون وعن شبح ..... فارحل إلى عالم الأرواح والصور
وانظر إلى حاملات العرش قد نظرت ..... إلى حقائقها جاءت على قدر
تجد لحائك سلطانا وعزته ..... أن لا يداني ولا يخشى من الغير
اعلم أيها الولي أن الحاء من عالم الغيب وله من المخارج وسط الحلق وله من العدد الثمانية وله من البسائط الألف والهمزة واللام والهاء والفاء والميم والزاي وله من العالم الملكوت وله الفلك الثاني وسنى حركة فلكه إحدى عشرة ألف سنة وهو من الخاصة وخاصة الخاصة وله من المراتب السابعة وظهور سلطانه في الجماد ويوجد عنه ما كان باردا رطبا وعنصره الماء وله من الحركات المعوجة وهو من حروف الأعراق وهو خالص غير ممتزج وهو كامل يرفع من اتصل به هو من عالم الأنس الثلاثي وطبعه البرودة والرطوبة وله من الحروف الألف والهمزة وله من أسماء الذات الله والأول والآخر والملك والمؤمن والمهيمن والمتكبر والمجيد والمتين والمتعالي والعزيز وله من أسماء الصفات المقتدر والمحصي وله من أسماء الأفعال اللطيف والفتاح والمبدئ والمجيب والمقيت والمصور والمذل والمعز والمعيد والمحيي والمميت والمنتقم والمقسط والمغني والمانع وله بداية الطريق
«و من ذلك حرف الغين المنقوطة»
الغين مثل العين في أحواله ..... إلا تجليه الأطم الأخطر
في الغين أسرار التجلي الأقهر ..... فاعرف حقيقة فيضه وتستر
وانظر إليه من ستارة كونه ..... حذرا على الرسم الضعيف الأحقر
اعلم أيدك الله بروح منه أن الغين المنقوطة من عالم الشهادة والملكوت ومخرجه الحلق أدنى ما يكون منه إلى الفم عدده عندنا تسعمائة وعند أهل الأسرار وأما عند أهل الأنوار فعدده ألف كل ذلك في حساب الجمل الكبير وبسائطه الياء والنون والألف والهمزة والواو وفلكه الثاني وسنى فلكه في حركته إحدى عشرة ألف سنة يتميز في طبقة العامة مرتبته الخامسة ظهور سلطانه في البهائم طبعه البرودة والرطوبة عنصره الماء يوجد عنه كل ما كان باردا رطبا حركته معوجة له الخلق والأحوال والكرامات خالص كامل مثنى مؤنس له الإفراد الذاتي له من الحروف الياء والنون له من الأسماء الذاتية الغني والعلي والله والأول والآخر والواحد وله من أسماء الصفات الحي والمحصي والقوي وله من أسماء الأفعال النصير والواقي والواسع والوالي والوكيل وهو ملكوتي
«و من ذلك حرف الخاء المنقوطة»
الخاء مهما أقبلت أو أدبرت ..... أعطتك من أسرارها وتأخرت
فعلوها يهوى الكيان وسفلها ..... يهوى المكون حكمة قد أظهرت
أبدى حقيقتها مخطط ذاتها ..... فتدنست وقتا وثم تطهرت
فأعجب لها من جنة قد أزلفت ..... في سفلها ولهيب نار سعرت
اعلم أيدك الله أن الخاء من عالم الغيب والملكوت مخرجه الحلق مما يلي الفم عدده ستمائة بسائطه الألف والهمزة واللام والفاء والهاء والميم والزاي فلكه الثاني سنى فلكه إحدى عشرة ألف سنة يتميز في العامة مرتبته السابعة ظهور سلطانه في الجماد طبع رأسه البرودة واليبوسة والحرارة والرطوبة بقية جسده عنصره الأعظم الهواء والأقل التراب يوجد عنه كل ما اجتمعت فيه الطبائع الأربع حركته معوجة له الأحوال والخلق والكرامات ممتزج كامل يرفع من اتصل به على نفسه مثلث مؤنس له علامة له من الحروف الهمزة والألف له من الأسماء الذاتية والصفاتية والفعلية كل ما كان في أوله زاى أو ميم كالملك والمقتدر والمعز أو هاء كالهادي أو فاء كالفتاح أو لام كاللطيف أو همزة كالأول
«و من ذلك حرف القاف»
القاف سر كماله في رأسه ..... وعلوم أهل العرب مبدأ قطره
والشوق يثنيه ويجعل غيبه ..... في شطره وشهوده في شطره
وانظر إلى تعريقه كهلاله ..... وانظر إلى شكل الرئيس كبدره
عجبا لآخر نشأة هو مبدأ ..... لوجود مبدئه ومبدأ عصره
اعلم أيدنا الله وإياك أن القاف من عالم الشهادة والجبروت مخرجه من أقصى اللسان وما فوقه من الحنك عدده مائة بسائطه الألف والفاء والهمزة واللام فلكه الثاني سنى حركة فلكه إحدى عشرة ألف سنة يتميز في الخاصة وخاصة الخاصة مرتبته الرابعة ظهور سلطانه في الجن طبعه الأمهات الأول آخره حار يابس وسائره بارد رطب عنصره الماء والنار يوجد عنه الإنسان والعنقاء له الأحوال حركته ممتزجة ممتزج مؤنس مثنى علامته مشتركة له من الحروف الألف والفاء وله من الأسماء على مراتبها كل اسم في أوله حرف من حروف بسائطه له الذات عند أهل الأسرار وعند أهل الأنوار الذات والصفات
«و من ذلك حرف الكاف»
كاف الرجاء يشاهد الإجلالا ..... من كاف خوف شاهد الإفضالا
فانظر إلى قبض وبسط فيهما ..... يعطيك ذا صدا وذاك وصالا
الله قد جلى لذا إجلاله ..... ولذاك جلى من سناه جمالا
اعلم أيدنا الله وإياك أن الكاف من عالم الغيب والجبروت له من المخارج مخرج القاف وقد ذكر إلا أنه أسفل منه عدده عشرون بسائطه الألف والفاء والهمزة واللام له الفلك الثاني حركة فلكه إحدى عشرة ألف سنة يتميز في الخاصة وخاصة الخاصة مرتبته الرابعة ظهور سلطانه في الجن يوجد عنه كل ما كان حارا يابسا عنصره النار طبعه الحرارة واليبوسة مقامه البداية حركته ممتزجة هو من الأعراق خالص كامل يرفع من اتصل به عند أهل الأنوار ولا يرفع عند أهل الأسرار مفرد موحش له من الحروف ما للقاف وله من الأسماء كل اسم في أوله حرف من حروف بسائطه وحروفه
«و من ذلك حرف الضاد المعجمة»
في الضاد سر لو أبوح بذكره ..... لرأيت سر الله في جبروته
فانظر إليه واحدا وكماله ..... من غيره في حضرتي رحموته
وإمامه اللفظ الذي بوجوده ..... أسرى به الرحمن من ملكوته
اعلم أيدنا الله وإياك أن الضاد المعجمة من حروف الشهادة والجبروت ومخرجه من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس عدده تسعون عندنا وعند أهل الأنوار ثمانمائة بسائطه الألف والدال اليابسة والهمزة واللام والفاء فلكه الثاني حركة فلكه إحدى عشرة ألف سنة يتميز في العامة له وسط الطريق مرتبته الخامسة ظهور سلطانه في البهائم طبعه البرودة والرطوبة عنصره الماء يوجد عنه ما كان باردا رطبا حركته ممتزجة له الخلق والأحوال والكرامات خالص كامل مثنى مؤنس علامته الفردانية له من الحروف الألف والدال وله من الأسماء كما أعلمناك في الحرف الذي قبله رغبة في الاختصار والله المعين الهادي
«و من ذلك حرف الجيم»
الجيم يرفع من يريد وصاله ..... لمشاهد الأبرار والأخيار
فهو العبيد القن إلا أنه ..... متحقق بحقيقة الإيثار
يرنو بغايته إلى معبوده ..... وببدئه يمشي على الآثار
هو من ثلاث حقائق معلومة ..... ومزاجه برد ولفح النار
اعلم أيدنا الله وإياك أن الجيم من عالم الشهادة والجبروت ومخرجه من وسط اللسان بينه وبين الحنك عدده ثلاثة بسائطه الياء والميم والألف والهمزة فلكه الثاني سنيه إحدى عشرة ألف سنة يتميز في العامة له وسط الطريق مرتبته الرابعة ظهور سلطانه في الجن جسده بارد يابس رأسه حار يابس طبعه البرودة والحرارة واليبوسة عنصره
الأعظم التراب والأقل النار يوجد عنه ما يشاكل طبعه حركته معوجة له الحقائق والمقامات والمنازلات ممتزج كامل يرفع من اتصل به عند أهل الأنوار والأسرار إلا الكوفيون مثلث مؤنس علامته الفردانية له من الحروف الياء والميم ومن الأسم
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 14 يوليو 2018 - 14:08 عدل 1 مرات
تابع وصل تتمة الكلام على الم ذلك الكتاب من طريق الاسرار
تابع «وصل» [تتمة الكلام على الم ذلك الكتاب من طريق الاسرار]
«ذكر لام ألف وألف اللام»
ألف اللام ولام الألف ..... نهر طالوت فلا تغترف
واشرب النهر إلى آخره ..... وعن النهمة لا تنحرف
ولتقم ما دمت ريانا فإن ..... ظمئت نفسك قم فانصرف
واعلم أن الله قد أرسله ..... نهر بلوى لفؤاد المشرف
فاصطبر بالله واحذره فقد ..... يخذل العبد إذا لم يقف
«معرفة لام ألف لا»
تعانق الألف العلام واللام ..... مثل الحبيبين فالأعوام أحلام
والْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ التي عظمت ..... فجاءني منهما في اللف إعلام
إن الفؤاد إذا معناه عانقه ..... بدا له فيه إيجاد وإعدام
اعلم أنه لما اصطحب الألف واللام صحب كل واحد منهما ميل وهو الهوى والغرض والميل لا يكون إلا عن حركة عشقية فحركة اللام حركة ذاتية وحركة الألف حركة عرضية فظهر سلطان اللام على الألف لإحداث الحركة فيه فكانت اللام في هذا الباب أقوى من الألف لأنها أعشق فهمتها أكمل وجودا وأتم فعلا والألف أقل عشقا فهمتها أقل تعلقا باللام فلم تستطع أن تقيم أودها فصاحب الهمة له الفعل بالضرورة عند المحققين هذا حظ الصوفي ومقامه ولا يقدر يجاوزه إلى غيره فإن انتقل إلى مقام المحققين فمعرفة المحقق فوق ذلك وذلك أن الألف ليس ميلة من جهة فعل اللام فيه بهمته وإنما ميلة نزوله إلى اللام بالألطاف لتمكن عشق اللام فيه أ لا تراه قد لوى ساقه بقائمة الألف وانعطف عليه حذرا من الفوت فميل الألف إليه نزول كنزول الحق إلى السماء الدنيا وهم أهل الليل في الثلث الباقي وميل اللام معلوم عندهما معلول مضطر لا اختلاف عندنا فيه إلا من جهة الباعث خاصة فالصوفي يجعل ميل اللام ميل الواجدين والمتواجدين لتحققه عندهم بمقام العشق والتعشق وحاله وميل الألف ميل التواصل والاتحاد ولهذا اشتبها في الشكل هكذا لآ فأيهما جعلت الألف أو اللام قبل ذلك الجعل ولذلك اختلف فيه أهل اللسان أين يجعلون حركة اللام أو الهمزة التي تكون على الألف فطائفة راعت اللفظ فقالت في الأسبق والألف بعد وطائفة راعت الخط فبأي فخذ ابتدأ المخطط فهو اللام والثاني هو الألف وهذا كله تعطيه حالة العشق والصدق في العشق يورث التوجه في طلب المعشوق وصدق التوجه يورث الوصال من المعشوق إلى العاشق والمحقق يقول باعث الميل المعرفة عندهما وكل واحد على حسب حقيقته وأما نحن ومن رقى معنا في معالي درج التحقيق الذي ما فوقه درج فلسنا نقول بقولهما ولكن لنا في المسألة تفصيل وذلك أن تلحظ في أي حضرة اجتمعا فإن العشق حضرة جزئية من جملة الحضرات فقول الصوفي حق والمعرفة حضرة أيضا كذلك فقول المحقق حق ولكن كل واحد منهما قاصر عن التحقيق في هذه المسألة ناظر بعين واحدة ونحن نقول أول حضرة اجتمعا فيها حضرة الإيجاد وهي لا إلاه إل لا أل لاه فهذه حضرة الخلق والخالق وظهرت كلمة لا في النفي مرتين وفي الإثبات مرتين فلا لا لا وإلاه للاه فميل الوجود المطلق الذي هو الألف في هذه الحضرة إلى الإيجاد وميل الموجود المقيد الذي هو اللام إلى الإيجاد عند الإيجاد ولذلك خرج على الصورة فكل حقيقة منهما مطلقة في منزلتها فافهم إن كنت تفهم وإلا فالزم الخلوة وعلق الهمة بالله الرحمن حتى تعلم فإذا تقيد بعد ما تعين وجوده وظهر لعينه عينه فإنه
للحق حق وللإنسان إنسان ..... عند الوجود وللقرآن قرآن
وللعيان عيان في الشهود كما ..... عند المناجاة للآذان آذان
فانظر إلينا بعين الجمع تحظ بنا ..... في الفرق فألزمه فالقرآن فرقان
فلا بد من صفة تقوم به ويكون بها يقابل مثلها أو ضدها من الحضرة الإلهية وإنما قلت الضد ولم نقتصر على المثل الذي هو الحق الصدق رغبة في إصلاح قلب الصوفي والحاصل في أول درجات التحقيق فمشربهما هذا ولا يعرفان ما فوقه ولا ما نومئ إليه حتى يأخذ بأيديهما ويشهدهما ما أشهدناه وسأذكر طرفا من ذلك في الفصل الثالث من هذا الباب فاطلب عليه هناك إن شاء الله تعالى فاغطس في بحر القرآن العزيز إن كنت واسع النفس وإلا فاقتصر على مطالعة كتب المفسرين لظاهره ولا تغطس فتهلك فإن بحر القرآن عميق ولو لا الغاطس ما يقصد منه المواضع القريبة من الساحل ما خرج لكم أبدا فالأنبياء والورثة الحفظة هم الذين يقصدون هذه المواضع رحمة بالعالم وأما الواقفون الذين وصلوا ومسكوا ولم يردوا لا انتفع بهم أحد ولا انتفعوا بأحد فقصدوا بل قصد بهم ثبج البحر فغطسوا إلى الأبد لا يخرجون يرحم الله العباد إني شيخ سهل بن عبد الله التستري حيث قال لسهل إلى الأبد حين قال له سهل أ يسجد القلب فقال الشيخ إلى الأبد بل صلى الله على رسول الله حين
قيل له صلى الله عليه وسلم في دخول العمرة في الحج أ لعامنا هذا أم للأبد فقال صلى الله عليه وسلم بل لا بد الأبد
فهي روحانية باقية في دار الخلد يجدها أهل الجنان في كل سنة مقدرة فيقولون ما هذا فيجابون العمرة في الحج روح ونعيم ووارد نزيه شريف تشرق به أسارير الوجوه وتزيد به حسنا وجمالا فإذا غطست وفقك الله في بحر القرآن فاطلب وابحث على صدفتي هاتين الياقوتين الألف واللام وصدفتهما هي الكلمة أو الآية التي تحملهما فإن كانت كلمة فعلية على طبقاتها نسبتهما من ذلك المقام وإن كانت كلمة أسمائية على طبقاتها نسبتهما من ذلك المقام وإن كانت كلمة ذاتية نسبتها من ذلك كما أشار عليه السلام وإن لم تكن في الحرف أعوذ برضاك من سخطك برضاك ميل الألف من سخطك ميل اللام كلمة أسمائية وبمعافاتك ميل الألف من عقوبتك ميل اللام كلمة فعلية وبك ميل الألف منك ميل اللام كلمة ذاتية فانظر ما أعجب سر النبوة وما أعلاه وما أدنى مرماه وما أقصاه فمن تكلم على حرفي لام ألف من غير أن ينظر في الحضرة التي هو فيها فليس بكامل هيهات لا يستوي أبدا لام ألف لا خوف عليهم ولام ألف ولا هم يحزنون كما لا يستوي لام ألف لا التي للنفي ولام ألف التي للإيجاب كما لا يستوي لام ألف النفي ولام ألف النفي والتبرئة ولام ألف النهي فترفع بالنفي وتنصب بالتبرئة وتجزم بالنهي ولام ألف لام التعريف والألف التي من أصل الكلمة مثل قوله الْأَعْرافِ والْأَدْبارَ والْأَبْصارِ والأقلام كما لا يستوي لام ألف لام التوكيد والألف الأصلية مثل قوله تعالى لَأَوْضَعُوا ولَأَنْتُمْ فتحقق ما ذكرناه لك وأقم ألفك من رقدتها وحل لامك من عقدتها وفي عقد اللام بالألف سر لا يظهر ولا أقدر على بسط العبارة في مقامات لام ألف كما وردت في القرآن إلا لو كان السامع يسمعه مني كما يسمعه من الذي أنزل عليه لو عبر عنه ومع هذا فالغرض في هذا الكتاب الإيجاز وقد طال الباب واتسع الكلام فيه على طريق الإجمال لكثرة المراتب وكثرة الحروف ولم نذكر في هذا الباب معرفة المناسبة التي بين الحروف حتى يصح اتصال بعضها مع بعض ولا ذكرنا اجتماع حرفين معا إلا لام ألف خاصة من جهة ما وهذا الباب يتضمن ثلاثة آلاف مسألة وخمسمائة مسألة وأربعين مسألة على عدد الاتصالات بوجه ما لكل اتصال علم يخصه وتحت كل مسألة من هذه المسائل مسائل تتشعب كثيرة فإن كل حرف يصطحب مع جميع الحروف كلها من جهة رفعه ونصبه وخفضه وسكونه وذاته وحروف العلة الثلاثة فمن أراد أن يتشفى منها فليطالع تفسير القرآن الذي سميناه الجمع والتفصيل وسنوفي الغرض في هذه الحروف إن شاء الله في كتاب المبادي والغايات لنا وهو بين أيدينا فلتكف هذه الإشارة في لام ألف والحمد لله المفضل
«معرفة ألف اللام آل»
ألف اللام لعرفان الذوات ..... ولإحياء العظام النخرات
تنظم الشمل إذا ما ظهرت ..... بمحياها وما تبقي شتات
وتفي بالعهد صدقا ولها ..... حال تعظيم وجود الحضرات
اعلم أن لام ألف بعد حلها ونقض شكلها وإبراز أسرارها وفنائها عن اسمها ورسمها تظهر في حضرة الجنس والعهد والتعريف والتعظيم وذلك لما كان الألف حظ الحق واللام حظ الإنسان صار الألف واللام للجنس فإذا ذكرت الألف واللام ذكرت جميع الكون ومكونه فإن فنيت عن الحق بالخليقة وذكرت الألف واللام كان الألف واللام الحق والخلق وهذا هو الجنس عندنا فقائمة اللام للحق تعالى ونصف دائرة اللام المحسوس الذي يبقى بعد ما يأخذ الألف قائمته هو شكل النون للخلق ونصف الدائرة الروحاني الغائب للملكوت والألف التي تبرز قطر الدائرة للأمر وهو كُنْ وهذه كلها أنواع وفصول للجنس الأعم الذي ما فوقه جنس وهو حقيقة الحقائق التائهة القديمة في القديم لا في ذاتها والمحدثة في المحدث لا في ذاتها وهي بالنظر إليها لا موجودة ولا معدومة وإذا لم تكن موجودة لا تتصف بالقدم ولا بالحدوث كما سيأتي ذكرها في الباب السادس من هذا الكتاب ولها ما شاكلها من جهة قبولها للصور لا من جهة قبولها للحدوث والقدم فإن الذي يشبهها موجود وكل موجود إما محدث وهو الخلق وإما محدث اسم فاعل وهو الخالق ولما كانت تقبل القدم والحدوث كان الحق يتجلى لعباده على ما شاءه من صفاته ولهذا السبب ينكره قوم في الدار الآخرة لأنه تعالى تجلى لهم في غير الصورة والصفة التي عرفوها منه وقد تقدم طرف منه في الباب الأول من هذا الكتاب فيتجلى للعارفين على قلوبهم وعلى ذواتهم في الآخرة عموما فهذا وجه من وجوه الشبه وعلى التحقيق الذي لا خفاء به عندنا إن حقائقها هي المتجلية للصنفين في الدارين لمن عقل أو فهم من الله تعالى المرئي في الدنيا بالقلوب والأبصار مع أنه سبحانه منبئ عن عجز العباد عن درك كنهه فقال لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ بتجليه لهم على قدر طاقتهم خبير بضعفهم عن حمل تجليه الأقدس على ما تعطيه الألوهة إذ لا طاقة للمحدث على حمل جمال القديم كما لا طاقة للأنهار بحمل البحار فإن البحار تفني أعيانها سواء وردت عليه أو ورد عليها أعني البحر لا يبقى لها أثرا يشهد ولا يميز فاعرف ما ذكرناه وتحقق وأعلى ما يشبهها من المحدثات الهباء الذي خلق فيه صور العالم ثم النور أنزل منه في الشبه بها فإن النور صورة في الهباء كما إن الهباء صورة فيها وأنزل شبها من النور بها الهواء وأنزل منه الماء وأنزل منه المعادن وأنزل منه الخشب وأمثاله إلى أن تنتهي إلى شيء لا يقبل إلا صورة واحدة إن وجدته فتفهم هذا حتى يأتي بابه من هذا الكتاب إن شاء الله فهذه الحقيقة التائهة التي تتضمن الحقائق التائهات هي الجنس الأعم التي تستحق الألف واللام الحمل عليه بذاتها وكذلك عهدهما بجريان حقيقتهما على علم ما وقع فيه العهد بين الموجودين فعلى أي موجودين دخلتا لأمر كان بينهما من جهة كل واحد منهما بالنظر إلى أمر ثالث كانتا لعهد ذلك الأمر الثالث الذي يعرفانه وعلى حقيقتهما الألف لاخذ العهد واللام لمن أخذ عليه وكذلك تعريفهما وتخصيصهما إنما يخصصان شيئا من جنسه على التعيين ليحصلا العلم به عند من يريد المخبر أن يعلمه إياه فعلى أي حالة كان المخصص والمخصص والشيء الذي بسببه ظهرت هاتان الحقيقتان انقلبتا في صورة حقائقهما وهذا هو الاشتراك الذاتي فإن كان الاشتراك في الصفة ونريد أن نميز الأعظم منهما للمخاطب فتكونا عند ذلك للتعظيم في الوصف الذي تدخل فالألف واللام يقبلان كل صورة وحقيقة لأنهما موجودان جامعان لجميع الحقائق فأي شيء برز أ برز إله الحقيقة التي عندهما منه فقابلاه بها فدلالتهما على الشيء لذاتهما لا أنهما اكتسبا من الشيء الذي دخلتا عليه ومثل ذلك أهلك الناس الدينار والدرهم رأيت الرجل أمس أحببت الرجال دون النساء هويت السمان ويكفي هذا القدر فقد طال الباب.
بيان بعض الأسباب أعني تفسير الألفاظ التي ذكرت في الحروف
من بسائط ومراتب وتقديس وإفراد وتركيب وأنس ووحشة وغير ذلك
[سلسة الغيب في عالم الحروف]
فاعلم أولا أن هذه الحروف لما كانت مثل العالم المكلف الإنساني المشاركة له في الخطاب لا في التكليف دون غيره من العالم لقبولها جميع الحقائق كالإنسان وسائر العالم ليس كذلك فمنهم القطب كما منا وهو الألف ومقام القطب منا الحياة القيومية هذا هو المقام الخاص به فإنه سار بهمته في جميع العالم كذلك الألف من كل وجه من وجه روحانيته التي ندركها نحن ولا يدركها غيرنا ومن حيث سريانه نفسا من أقصى المخارج الذي هو منبعث النفس إلى آخر المنافس ويمتد في الهواء الخارج وأنت ساكت وهو الذي يسمى الصدى فتلك قيومية الألف لا أنه واقف ومن حيث رقمه فإن جميع الحروف تنحل إليه وتتركب منه ولا ينحل هو إليها كما ينحل هو أيضا إلى روحانيته وهي النقطة تقديرا وإن كان الواحد لا ينحل فقد عرفناك ما لأجله كان الألف قطبا وهكذا تعمل فيما نذكره لك بعد هذا إن أردت أن تعرف حقيقته
(و الإمامان) الواو والياء المعتلتان اللذان هما حرفا المد واللين لا الصحيحتان
(و الأوتاد) أربعة الألف والواو والياء والنون الذين هم علامات الإعراب
(و الأبدال) سبعة الألف والواو والياء والنون وتاء الضمير وكافة وهاؤه فالألف ألف رجلان والواو والعمرون والياء ياء العمرين والنون نون يفعلون وسر النسبة بيننا وبينهم في مرتبة الأبدال كما بينا في القطب أن التاء إذا غابت من قمت تركت بدلها فقال المتكلم قام زيد فنابت بنفسها مناب الحروف التي هي اسم هذا الشخص المخبر عنه ولو كان الاسم مركبا من ألف حرف ناب الضمير مناب تلك الحروف لقوة حروف الضمائر وتمكنها واتساع فلكها فلو سميت رجلا يا دار مية بالعلياء فالسند فقد نابت التاء أو الكاف أو الهاء مناب جملة هذه الحروف في الدلالة وتركته بدلها أو جاءت بدلا منها كيفما شئت وإنما صح لها هذا لكونها تعلم ذلك ولا يعلمه من هي بدل منه أو هو بدل عنها فلهذا استحقت هي وأخواتها مقام الأبدال ومدرك من أين علم هذا موقوف على الكشف فابحث عليه بالخلوة والذكر والهمة
[تكرار الحروف في المقامات]
وإياك أن تتوهم تكرار هذه الحروف في المقامات إنها شيء واحد له وجوه إنما هي مثل الأشخاص الإنسانية فليس زيد بن علي هو عين أخيه زيد بن علي الثاني وإن كانا قد اشتركا في البنوة والإنسانية ووالدهما واحد ولكن بالضرورة نعلم أن الأخ الواحد ليس عين الأخ الثاني فكما يفرق البصر بينهما والعلم كذلك يفرق العلم بينهما في الحروف عند أهل الكشف من جهة الكشف وعند النازلين عن هذه الدرجة من جهة المقام التي هي بدل عن حروفه ويزيد صاحب الكشف على العالم من جهة المقام بأمر آخر لا يعرفه صاحب علم المقام المذكور وهو مثلا قلت إذا كررته بدلا من اسم بعينه فتقول لشخص بعينه قلت كذا وقلت كذا فالتاء عند صاحب الكشف التي في قلت الأول غير التاء التي في قلت الثاني لأن عين المخاطب تتجدد في كل نفس بل هم في لبس من خلق جديد فهذا شأن الحق في العالم مع أحدية الجوهر وكذلك الحركة الروحانية التي عنها أوجد الحق تعالى التاء الأولى غير الحركة التي أوجد عنها التاء الأخرى بالغا ما بلغت فيختلف معناها بالضرورة فصاحب علم المقام يتفطن لاختلاف علم المعنى ولا يتفطن لاختلاف التاء أو أي حرف ضميرا كان أو غير ضمير فإنه صاحب رقم ولفظ لا غير كما تقول الأشاعرة في الأعراض سواء فالناس مجمعون معهم على ذلك في الحركة خاصة ولا يصلون إلى علم ذلك في غير الحركة فلهذا أنكروه ولم يقولوا به ونسبوا القائل بذلك إلى الهوس وإنكار الحس وحجبوا عن إدراك ضعف عقولهم وفساد محل نظرهم وقصورهم عن التصرف في المعاني فلو حصل لهم الأول عن كشف حقيقي من معدنه لانسحبت تلك الحقيقة على جميع الأعراض حكما عاما لا يختص بعرض دون عرض وإن اختلفت أجناس الأعراض فلا بد من حقيقة جامعة وحقيقة فاصلة وهكذا هذه المسألة التي ذكرناها في حق من قال بما قلناه فيها ومن أنكره
[مطلوب المحققين في الصور المحسة]
فليس المطلوب عند المحققين الصور المحسوسة لفظا ورقما وإنما المطلوب المعاني التي تضمنها هذا الرقم أو هذا اللفظ وحقيقة اللفظة والمرقوم عينها فإن الناظر في الصور إنما هو روحاني فلا يقدر أن يخرج عن جنسه فلا تحجب بأن ترى الميت لا يطلب الخبز لعدم السر الروحاني منه ويطلبه الحي لوجود الروح فيه فتقول نراه يطلب غير جنسه فاعلم إن في الخبز والماء وجميع المطاعم والمشارب والملابس والمجالس أرواحا لطيفة غريبة هي سر حياته وعلمه وتسبيحه ربه وعلو منزلته في حضرة مشاهدة خالقه وتلك الأرواح أمانة عند هذه الصور المحسوسة يؤدونها إلى هذا الروح المودع في الشبح أ لا ترى إلى بعضهم كيف يوصل أمانته إليه الذي هو سر الحياة فإذا أدى إليه أمانته خرج إما من الطريق الذي دخل منه فيسمى قيئا وقلسا وإما من طريق آخر فيسمى عذرة وبولا فما أعطاه الاسم الأول إلا السر الذي أداه إلى الروح وبقي باسم آخر يطلبه من أجله صاحب الخضراوات والمدبرين أسباب الاستحالات هكذا يتقلب في أطوار الوجود فيعرى ويكتسي ويدور بدور الأكرة كالدولاب إلى أن يشاء الله العليم الحكيم فالروح معذور في تعشقه بهذه المحسوسات فإنه عاين مطلوبه فيها فهي في منزل محبوبه
أمر على الديار ديار سلمي ..... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار مضى بقلبي ..... ولكن حب من سكن الديارا
وقال أبو إسحاق الزوالي رحمه الله
يا دار إن غزالا فيك تيمني ..... لله درك ما تحويه يا دار
لو كنت أشكو إليها حب ساكنها ..... إذن رأيت بناء الدار ينهار
فافهموا فهمنا الله وإياكم سرائر كلمه وأطلعنا وإياكم على خفيات غيوب حكمه
[معاني عالم الحروف]
أما قولنا الذي ذكرناه بعد كل حرف فأريد إن أبينه لكم حتى تعرفوا منه ما لا ينفركم عما لا تعلمون فأقل درجات الطريق التسليم فيما لا تعلمه وأعلاه القطع بصدقه وما عدا هذين المقامين فحرمان كما إن المتصف بهذين المقامين سعيد قال أبو يزيد البسطامي لأبي موسى يا أبا موسى إذا لقيت مؤمنا بكلام أهل هذه الطريقة قل له يدعو لك فإنه مجاب الدعوة وقال رويم من قعد مع الصوفية وخالفهم في شيء مما يتحققون به نزع الله نور الايمان من قلبه «شرح» فمن ذلك قولنا حرف كذا باسمه كما سقته هو من عالم الغيب فاعلم إن العالم على بعض تقاسيمه على قسمين بالنظر إلى حقيقة ما معلومة عندنا «قسم يسمى عالم الغيب» وهو كل ما غاب عن الحس ولم تجر العادة بأن يدرك الحس له وهو من الحروف السين والصاد والكاف والخاء المعجمة والتاء باثنتين من فوق والفاء والشين والهاء والثاء بالثلاث والحاء وهذه حروف الرحمة والألطاف والرأفة والحنان والسكينة والوقار والنزول والتواضع وفيهم نزلت هذه الآية وعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وفيهم نزل أيضا على الرقيقة المحمدية التي تمتد إليهم منه من كونه أوتي جوامع الكلم أتى إليهم بها رسولهم فقال تعالى والْكاظِمِينَ الْغَيْظَ والْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وفيهم وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ وفيهم الَّذِينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وفيهم وخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ وهذا القبيل من الحروف هو أيضا الذي نقول فيه إنه من اللطف لما ذكرناه فهذا من جملة المعاني التي نطلق عليه منه عالم الغيب واللطف «و القسم الآخر يسمى عالم الشهادة والقهر» وهو كل عالم من عالمي الحروف جرت العادة عندهم إن يدركوه بحواسهم وهو ما بقي من الحروف وفيهم قوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وقوله تعالى واغْلُظْ عَلَيْهِمْ وقوله وأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ ورَجِلِكَ فهذا عالم الملك والسلطان والقهر والشدة والجهاد والمصادمة والمقارعة ومن روحانية هذه الحروف يكون لصاحب الوحي الغت والغط وصلصلة الجرس ورشح الجبين ولهم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ويا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ كما أنه في حروف عالم الغيب نَزَلَ به الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لا تُحَرِّكْ به لِسانَكَ لِتَعْجَلَ به ولا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ من قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وأما قولنا والملك والجبروت أو الملكوت فقد تقدم ذكره في أول هذا الباب عند قولنا ذكر مراتب الحروف وأما قولنا مخرجه كذا فمعلوم عند القراء وفائدته عندنا إن تعرف أفلاكه فإن الفلك الذي جعله الله سببا لوجود حرف ما ليس هو الفلك الذي وجد عنه حرف غيره وإن توحد الفلك فليست الدورة واحدة بالنظر إلى تقدير ما تفرضه أنت في شيء تقتضي حقيقته ذلك الفرض ويكون في الفلك أمر يتميز عندك عن نفس الفلك تجعله علامة في موضع الفرض وترصده فإذا عادت العلامة إلى حد الفرض الأول فقد انتهت الدورة وابتدأت أخرى
قال عليه السلام إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلقه الله
وسيأتي بيان هذا الحديث في الباب الحادي عشر من هذا الكتاب وأما قولنا عدده كذا وكذا أو كذا دون كذا فهو الذي يسميه بعض الناس الجزم الكبير والجزم الصغير وقد يسمونه الجمل عوضا من الجزم وله سر عجيب في أفلاك الدراري وفي أفلاك البروج وأسماؤها معلومة عند الناس فيجعلون الجزم الكبير لفلك البروج ويطرحون ما اجتمع من العدد ثمانية وعشرين ثمانية وعشرين والجزم الصغير لأفلاك الدراري وطرح عدده تسعة تسعة بطريقة ليس هذا الكتاب موضعها وعلم ليس هو مطلوبنا
[فائدة الاعداد عند المحققين]
وفائدة الأعداد عندنا في طريقنا الذي تكمل به سعادتنا إن المحقق والمريد إذا أخذ حرفا من هذه أضاف الجزم الصغير إلى الجزم الكبير مثل أن يضيف إلى القاف الذي هو مائة بالكبير وواحد بالصغير فيجعل أبدا عدد الجزم الصغير وهو من واحد إلى تسعة فيرده إلى ذاته فإن كان واحدا الذي هو حرف الألف بالجزمين والقاف والشين والياء عندنا وعند غيرنا بدل الشين الغين المعجمة بالجزم الصغير فيجعل ذلك الواحد لطيفته المطلوبة منه بأي جزم كان فإن كان الألف حتى إلى الطاء التي هي بسائط الأعداد فهي مشتركة بين الكبير والصغير في الجزمين فمن حيث كونها للجزم الصغير ردها إليك ومن حيث كونها للجزم الكبير ردها إلى الواردات المطلوبة لك فتطلب في الألف التي هي الواحد ياء العشرة وقاف المائة وشين الألف أو غينه على الخلاف وتمت مراتب العدد وانتهى المحيط ورجع الدور على بدئه فليس إلا أربع نقط شرق وغرب واستواء وحضيض أربعة أرباع والأربعة عدد محيط لأنها مجموع البسائط كما إن هذه العقد مجموع المركبات العددية وإن كان اثنان الذي هو الباء بالجزمين والكاف والراء بالجزم الصغير جعلت الباء منك حالك وقابلت بها عالم الغيب والشهادة فوقفت على أسرارها من كونها غيبا وشهادة لا غير وهي الذات والصفات في الإلهيات والعلة والمعلول في الطبيعيات لا في العقليات والشرط والمشروط في العقليات والشرعيات لا في الطبيعيات لكن في الإلهيات وإن كان ثلاثة الذي هو الجيم بالجزمين واللام والسين المهملة عند قوم والشين المعجمة عند قوم بالجزم الصغير جعلت الجيم منك عالمك وقابلت به عالم الملك من كونه ملكا وعالم الجبروت من كونه جبروتا وعالم الملكوت من كونه ملكوتا وبما في الجيم من العدد الصغير يبرز منك وبما فيه وفي اللام والسين أو الشين من العدد الكبير تبرز وجوه من المطلوب من جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها والله يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ على حسب الاستعداد وأقل درجاته الذي يشمل العامة العشر المذكور والتضعيف موقوف على الاستعداد وفيه تفاضل رجال الأعمال وكل عالم في طريقه على ذلك وليس غرضنا في هذا الكتاب ما يعطي الله الحروف من الحقائق إذا تحققت بحقائقها وإنما غرضنا أن نسوق ما يعطي الله لمنشئها لفظا أو خطا إذا تحقق بحقائق هذه الحروف وكوشف على أسرارها فاعلموا ذلك وإن كان أربعة الذي هو الدال بالجزمين والميم والتاء بالصغير جعلت الدال منك قواعدك وقابلت بها الذات والصفات والأفعال والروابط وبما في الدال من العدد بالصغير يبرز عن أسرار قبولك وبما فيه وفي الميم والتاء بالكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل والكمال فيها والأكمل بحسب الاستعداد وإن كانت خمسة الذي هو الهاء بالجزمين والنون والثاء بالصغير جعلت الهاء منك مملكتك في مواطن الحروف ومقارعة الأبطال وقابلت بها الأرواح الخمسة الحيواني والخيالي والفكري والعقلي والقدسي وبما في الهاء من الصغير تبرز من أسرار قبولك وبما فيه وفي النون والثاء من الكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل والكامل والأكمل أثر حاصل عن الاستعداد وإن كان ستة الذي هو الواو بالجزمين والصاد أو السين على الخلاف والخاء بالصغير جعلت الواو منك جهاتك المعلومة وقابلت بها فيها عن الحق بوجه وإثباتها بوجه وهو علم الصورة وبما في الواو من أسرار القبول بارز بالصغير وبما فيه وفي الصاد أو السين والخاء بالكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل وفي هذا التجلي يعلم المكاشف أسرار الاستواء وما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِلهٌ وفي الْأَرْضِ إِلهٌ وكل آية أو خبر تثبت له جل وعلا الجهة والتحديد والمقدار والكمال والأكمل فيه على قدر الاستعداد والتأهب وإن كان سبعة وهو الزاي بالجزمين والعين والذال بالصغير جعلت الذي منك صفاتك وقابلت بها صفاته وبما في الزاي من الصغير يبرز من أسرار قبولك وبما فيه وفي العين والذال من الكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل وفي هذا التجلي يعلم المكاشف أسرار المسبعات كلها حيث وقعت والكمال والأكمل فيه على قدر الاستعداد والتأهب وإن كان ثمانية الذي هو الحاء بالجزمين والفاء في قول والصاد في قول والضاد في قول والظاء في قول جعلت الحاء منك ذاتك بما فيها وقابلت بها الحضرة الإلهية مقابلة الصورة صورة المرآة وبما في الحاء من الصغير يبرز من أسرار قبولك وبما فيه وفي الفاء والظاء أو الضاد من الكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل وفي هذا التجلي يعلم المكاشف أسرار أبواب الجنة الثمانية وفتحها لمن شاء الله هنا وكل حضرة مثمنة في الوجود والكمال والأكمل بحسب الاستعداد وإن كان تسعة وهو الطاء بالجزمين والضاد أو الصاد في قول وفي المئين الظاء أو الغين في قول بالجزم الصغير جعلت الطاء منك مراتبك في الوجود التي أنت عليها في وقت نظرك في هذا التجلي وقابلت بها مراتب الحضرة وهو الأبد لها ولك وبما في الطاء من الصغير يبرز من أسرار القبول وبما فيه وفي الضاد أو الصاد والغين أو الظاء من الكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل وفي هذا التجلي يعلم المكاشف أسرار المنازل والمقامات الروحانية وأسرار الأحدية والكامل والأكمل على حسب الاستعداد فهذا وجه من الوجوه التي سقنا عدد الحرف من أجله فاعمل عليه وإن كان ثم وجوه أخر فليتك لو عملت على هذا وهو المفتاح الأول ومن هنا تنفتح لك أسرار الأعداد وأرواحها ومنازلها فإن العدد سر من أسرار الله في الوجود ظهر في الحضرة الإلهية بالقوة
فقال صلى الله عليه وسلم إن الله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة
وقال إن لله سبعين ألف حجاب
إلى غير ذلك وظهر في العالم بالفعل وانسحبت معه القوة فهو في العالم بالقوة والفعل وغرضنا إن مد الله في العمر وتراخي الأجل أن نضع في خواص العدد موضوعا لم نسبق إليه في علمي نبدي فيه من أسرار الأعداد ما تعطيه حقائقه في الحضرة الإلهية وفي العالم والروابط ما تغتبط به الأسرار وتنال به السعادة في دار القرار
[عود على بدء: معاني عالم الحروف]
وأما قولنا بسائطه فلسنا نريد بسائط شكل الحرف مثلا الذي هو "ص" وإنما نريد بسائط اللفظ الذي هو الكلمة الدالة عليه وهو الاسم أو التسمية وهو قولك صاد فبسائط هذه اللفظة نريد وأما بسائط الشكل فليس له بسائط من الحروف ولكن له النقص والتمام والزيادة مثل الراء والزاي نصف النون والواو نصف القاف والكاف أربعة أخماس الطاء وأربعة أسداس الظاء والدال خمسي الطاء والياء ذالان واللام يزيد على الألف بالنون وعلى النون بالألف وشبه هذا وأما بسائط أشكال الحروف إنما ذلك من النقط خاصة فعلى قدر نقطه بسائطه وعلى قدر مرتبة الحرف في العالم من جهة ذاته أو من نعت هو عليه في الحال علو منازل نقطه وأفلاكها ونزولها فالأفلاك التي عنها وجدت بسائط ذلك الحرف المذكور باجتماعها وحركاتها كلها وجد اللفظ به عندنا وتلك الأفلاك تقطع في فلك أقصى على حسب اتساعها وأما قولنا فلكه وسنى حركة فلكه فنريد به الفلك الذي عنه وجد العضو الذي فيه مخرجه فإن الرأس من الإنسان أوجده الله تعالى عند حركة مخصوصة من فلك مخصوص من أفلاك مخصوصة والعنق عن الفلك الذي يلي هذا الفلك المذكور والصدر عن الفلك الرابع من هذا الفلك الأول المذكور فكل ما يوجد في الرأس من المعاني والأرواح والأسرار والحروف والعروق وكل ما في الرأس من هيأة ومعنى عن ذلك الفلك ودورته اثنتا عشرة ألف سنة ودورة فلك العنق وما فيه من هيأة ومعنى والحروف الحلقية من جملتها إحدى عشرة ألف سنة ودورة فلك الصدر على حكم ما ذكرناه تسع آلاف سنة وطبعه وعنصره وما يوجد عنه راجع إلى حقيقة ذلك الفلك
[طبقات عالم الحروف]
وأما قولنا يتميز في طبقة كذا فاعلموا إن عالم الحروف على طبقات بالنسبة إلى الحضرة الإلهية والقرب منها مثلنا وتعرف ذلك فيهم بما أذكره لك وذلك أن الحضرة الإلهية التي للحروف عندنا في الشاهد إنما هي في عالم الرقم خط المصحف وفي الكلام التلاوة وإن كانت سارية في الكلام كله تلاوة أو غيرها فهذا ليس هو عشك إن تعرف أن كل لافظ بلفظة إلى الآباد أنه قرآن ولكنه في الوجود بمنزلة حكم الإباحة في شرعنا وفتح هذا الباب يؤدي إلى تطويل عظيم فإن مجاله رحب فعدلنا إلى أمر جزئي من وجه صغر فلكه المرقوم وهو المكتوب والملفوظ به خاصة واعلم أن الأمور عندنا من باب الكشف إذا ظهر منها في الوجود ما ظهر إن الأول أشرف من الثاني وهكذا على التتابع حتى إلى النصف ومن النصف يقع التفاضل مثل الأول حتى إلى الآخر والآخر والأول أشرف ما ظهر ثم يتفاضلان على حسب ما وضعا له وعلى حسب المقام فالأشرف منها أبدا يقدم في الموضع الأشرف وتبيين هذا أن ليلة خمسة عشر في الشرف بمنزلة ليلة ثلاثة عشر وهكذا حتى إلى ليلة طلوع الهلال من أول الشهر وطلوعه من آخر الشهر وليلة المحاق المطلق ليلة الإبدار المطلق فافهم فنظرنا كيف ترتب مقام رقم القرآن عندنا وبما ذا بدئت به السور من الحروف وبما ذا ختمت وبما ذا اختصت السور المجهولة في العلم النظري المعلومة بالعلم اللدني من الحروف ونظرنا إلى تكرار بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ونظرنا في الحروف التي لم تختص بالبداية ولا بالختام ولا ب بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وطلبنا من الله تعالى أن يعلمنا بهذا الاختصاص الإلهي الذي حصل لهذه الحروف هل هو اختصاص اعتنائي من غير شيء كاختصاص الأنبياء بالنبوة والأشياء الأول كلها أو هو اختصاص نالته من طريق الاكتساب فكشف لنا عن ذلك كشف إلهام فرأيناه على الوجهين معا في حق قوم عناية وفي حق قوم جزاء لما كان منهم في أول الوضع والكل لنا ولهم وللعالم عناية من الله تعالى فلما وقفنا على ذلك جعلنا الحروف التي لم تثبت أولا ولا آخرا على مراتب الأولية كما نذكره عامة الحروف ليس لها من هذا الاختصاص القرآني حظ وهم الجيم والضاد والخاء والذال والغين والشين وجعلنا الطبقة الأولى من الخواص حروف السور المجهولة وهم الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون وأعني بهذا صورة اشتراكهم في اللفظ والرقم فاشتراكها في الرقم اشتراكها في الصورة والاشتراك اللفظي إطلاق اسم واحد عليها مثل زيد وزيد آخر فقد اشتركا في الصورة والاسم وأما المقرر عندنا والمعلوم إن الصاد من المص ومن "كهيعص" ومن "ص" ليس كل واحد منهن عين الآخر منهن ويختلف باختلاف أحكام السورة وأحوالها ومنازلها وهكذا جميع هذه الحروف على هذه المرتبة وهذه تعمها لفظا وخطا وأما الطبقة الثانية من الخاصة وهم خاصة الخاصة فكل حرف وقع في أول سورة من القرآن مجهولة وغير مجهولة وهو حرف الألف والياء والباء والسين والكاف والطاء والقاف والتاء والواو والصاد والحاء والنون واللام والهاء والعين وأما الطبقة الثالثة من الخواص وهم الخلاصة فهم الحروف الواقعة في أواخر السور مثل النون والميم والراء والباء والدال والزاي والألف والطاء والياء والواو والهاء والظاء والثاء واللام والفاء والسين وإن كان الألف فيما يرى خطا ولفظا في رِكْزاً ولِزاماً وفَمَنِ اهْتَدى فما أعطانا الكشف إلا الذي قبل ذلك الألف فوقفنا عنده وسميناه آخرا كما شهدنا هناك وأثبتنا الألف كما رأينا هنا ولكن في فصل آخر لا في هذا الفصل فإنا لا نزيد في التقييد في هذه الفصول على ما نشاهده بل ربما نرغب في نقص شيء منها مخافة التطويل فنسعف في ذلك من جهة الرقم واللفظ ونعطي لفظا يعم تلك المعاني التي كثرت ألفاظها فنلقيه فلا يخل بشيء من الإلقاء ولا ننقص ولا يظهر لذلك الطول الأول عين فينقضي المرغوب لله الحمد وأما الطبقة الرابعة من الخواص وهم صفاء الخلاصة وهم حروف بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وما ذكرت إلا حيث ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على حد ما ذكرها الله له بالوجهين من الوحي وهو وحي القرآن وهو الوحي الأول فإن عندنا من طريق الكشف إن الفرقان حصل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا مجملا غير مفصل الآيات والسور ولهذا كان عليه السلام يعجل به حين كان ينزل عليه به جبريل عليه السلام بالفرقان فقيل له ولا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ الذي عندك فتلقيه مجملا فلا يفهم عنك من قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ فرقانا مفصلا وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً بتفصيل ما أجملته في المعاني وقد أشار من باب الأسرار فقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ ولم يقل بعضه ثم قال فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وهذا هو وحي الفرقان وهو الوجه الآخر من الوجهين وسيأتي الكلام على بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في بابه الذي أفردت له في هذا الكتاب واعلموا أن بسملة سورة براءة هي التي في النمل فإن الحق تعالى إذا وهب شيئا لم يرجع فيه ولا يرده إلى العدم فلما خرجت رحمة براءة وهي البسملة حكم التبري من أهلها برفع الرحمة عنهم فوقف الملك بها لا يدري أين يضعها لأن كل أمة من الأمم الإنسانية قد أخذت رحمتها بإيمانها بنبيها فقال أعطوا هذه البسملة للبهائم التي آمنت بسليمان عليه السلام وهي لا يلزمها إيمان إلا برسولها فلما عرفت قدر سليمان وآمنت به أعطيت من الرحمة الإنسانية حظا وهو بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الذي سلب عن المشركين وفي هذه السورة الجساسة وأما الطبقة الخامسة وهي عين صفاء الخلاصة فذلك حرف الباء فإنه الحرف المقدم لأنه أول البسملة في كل سورة والسورة التي لم يكن فيها بسملة ابتدئت بالباء فقال تعالى بَراءَةٌ قال لنا بعض الاسرائيليين من أحبارهم ما لكم في التوحيد حظ لأن سور كتابكم بالباء فأجبته ولا أنتم فإن أول التوراة باء فأفحم ولا يتمكن إلا هذا فإن الألف لا يبتدئ بها أصلا فما وقع من هذه الحروف في مبادي السور قلنا فيه له بداية الطريق وما وقع آخرا قلنا له غاية الطريق وإن كان من العامة قلنا له وسط الطريق لأن القرآن هو الصراط المستقيم
[مراتب الحروف وحركاتها وحقائقها]
وأما قولنا مرتبته الثانية حتى إلى السابعة فنريد بذلك بسائط هذه الحروف المشتركة في الأعداد فالنون بسائطه اثنان في الألوهية والميم بسائطه ثلاثة في الإنسان والجيم والواو والكاف والقاف بسائطه أربعة في الجن والذال والزاي والصاد والعين والضاد والسين والذال والغين والشين بسائطه خمسة في البهائم والألف والهاء واللام بسائطه ستة في النبات والباء والحاء والطاء والياء والفاء والراء والتاء والثاء والخاء والظاء بسائطه سبعة في الجماد وأما قولنا حركته معوجة أو مستقيمة أو منكوسة أو ممتزجة أو أفقية فأريد بالمستقيمة كل حرف حرك الهمة إلى جانب الحق خاصة من جهة السلب إن كنت عالما ومن جهة ما يشهد إن كنت مشاهدا والمنكوسة كل حرف حرك الهمة إلى الكون وأسراره والمعوجة وهي الأفقية كل حرف حرك الهمة إلى تعلق المكون بالمكون والممتزجة كل حرف حرك الهمة إلى معرفة أمرين مما ذكرت لك فصاعدا وتظهر في الرقم في الألف والميم المعرق والحاء والنون وما أشبه هؤلاء وأما قولنا له الأعراف والخلق والأحوال والكرامات أو الحقائق والمقامات والمنازلات فاعلموا أن الشيء لا يعرف إلا بوجهه أي بحقيقته فكل ما لا يعرف الشيء إلا به فذلك وجهه فنقط الحرف وجهه الذي يعرف به والنقط على قسمين نقط فوق الحرف ونقط تحته فإذا لم يكن للشيء ما يعرف به عرف بنفسه مشاهدة وبضده نقلا وهي الحروف اليابسة فإذا دار الفلك أي فلك المعارف حدثت عنه الحروف المنقوطة من فوق وإذا دار فلك الأعمال حدثت عنه الحروف المنقوطة من أسفل وإذا دار فلك المشاهدة حدثت عنه الحروف اليابسة غير المنقوطة ففلك المعارف يعطي الخلق والأحوال والكرامات وفلك الأعمال يعطي الحقائق والمقامات والمنازلات وفلك المشاهدة يعطي البراءة من هذا كله قيل لأبي يزيد كيف أصبحت قال لا صباح لي ولا مساء إنما الصباح والمساء لمن تقيد بالصفة وأنا لا صفة لي وهذا مقام الأعراف وأما قولنا خالص أو ممتزج فالخالص الحرف الموجود عن عنصر واحد والممتزج الموجود عن عنصرين فصاعدا وأما قولنا كامل أو ناقص فالكامل هو الحرف الذي وجد عن تمام دورة فلكه والناقص الذي وجد عن بعض دورة فلكه وطرأت على الفلك علة أوقفته فنقص عما كان يعطيه كمال دورته كالدودة في عالم الحيوان التي ما عندها سوى حاسة اللمس فغذاؤها من لمسها كالواو مع القاف والزاي مع النون وأما قولنا يرفع من اتصل به نريد كل حرف إذا وقفت على سره ورزقت التحقق به والاتحاد تميزت في العالم العلوي
[الحروف المقدسة]
وأما قولنا مقدس أي عن التعلق بغيره فلا يتصل في الخط بحرف آخر وتتصل الحروف به فهو منزه الذات تمدها ستة أفلاك عالية الأوج عنها وجدت الجهات هذه الستة الأحرف بحر عظيم لا يدرك قعره فلا يعرف حقيقتها إلا الله وهي مفاتح الغيب وندرك من باب الكشف أثرها المنوط بها وهي الألف والواو والدال والذال والراء والزاي وأما قولنا مفرد ومثنى ومثلث ومربع ومؤنس وموحش فنريد بالمفرد إلى المربع ما نذكره وذلك أن من الأفلاك التي عنها توجد هذه الحروف ما له دورة واحدة فذلك قولنا مفرد ودورتان فذلك المثنى هكذا إلى المربع وأما المؤنس والموحش فالدورة تأنس بأختها الشيء يألف شكله قال تعالى لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ورَحْمَةً فالعارف يألف الحال ويأنس به نودي عليه السلام في ليلة إسرائه في استيحاشه بلغة أبي بكر فآنس بصوت أبي بكر خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من طينة واحدة فسبق محمد صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما في الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنا فكان كلامهما كلامه سبحانه فلم يعد المرتبة وعدى الخطاب إلى المرتبة الأخرى فقال كأنه مبتدئ وهو عاطف على هذا الكلام ما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ فأرسلها فمن الناس من قطعها ومنهم من وصلها في هذا مقام الإثبات وبقاء الرسم وظهور العين وسلطان الحقائق وتمشية العدل من باب الفضل والطول والموحش محو لا محق صاحب علة ترتقي فتحقق ما ذكرناه وأما قولنا له الذات والصفات والأفعال على حسب الوجوه فأي حرف له وجه واحد كان له من هذه الحضرات حضرة واحدة أي شيء واحد على حسب علوه ونزوله وكذلك إذا تعددت الوجوه وأما قولنا له من الحروف فإنما أعني الحقائق المتممة لذاته من جهة ما وأما قولنا له من الأسماء فنريد به الأسماء الإلهية التي هي الحقائق القديمة التي عنها ظهرت حقائق بسائط ذلك الحرف لا غير ولها منافع كثيرة عالية الشأن عند العارفين إذا أرادوا التحقق بها حركوا الوجود من أوله إلى آخره فهي لهم هنا خصوص وفي الآخرة عموم بها يقول المؤمن في الجنة للشيء يريده كن فيكون فهذه نبذ من معاني عالم الحروف قليلة على أو جز ما يمكن وأخصره وفيها تنبيه لأصحاب الروائح والذوق.
«ذكر لام ألف وألف اللام»
ألف اللام ولام الألف ..... نهر طالوت فلا تغترف
واشرب النهر إلى آخره ..... وعن النهمة لا تنحرف
ولتقم ما دمت ريانا فإن ..... ظمئت نفسك قم فانصرف
واعلم أن الله قد أرسله ..... نهر بلوى لفؤاد المشرف
فاصطبر بالله واحذره فقد ..... يخذل العبد إذا لم يقف
«معرفة لام ألف لا»
تعانق الألف العلام واللام ..... مثل الحبيبين فالأعوام أحلام
والْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ التي عظمت ..... فجاءني منهما في اللف إعلام
إن الفؤاد إذا معناه عانقه ..... بدا له فيه إيجاد وإعدام
اعلم أنه لما اصطحب الألف واللام صحب كل واحد منهما ميل وهو الهوى والغرض والميل لا يكون إلا عن حركة عشقية فحركة اللام حركة ذاتية وحركة الألف حركة عرضية فظهر سلطان اللام على الألف لإحداث الحركة فيه فكانت اللام في هذا الباب أقوى من الألف لأنها أعشق فهمتها أكمل وجودا وأتم فعلا والألف أقل عشقا فهمتها أقل تعلقا باللام فلم تستطع أن تقيم أودها فصاحب الهمة له الفعل بالضرورة عند المحققين هذا حظ الصوفي ومقامه ولا يقدر يجاوزه إلى غيره فإن انتقل إلى مقام المحققين فمعرفة المحقق فوق ذلك وذلك أن الألف ليس ميلة من جهة فعل اللام فيه بهمته وإنما ميلة نزوله إلى اللام بالألطاف لتمكن عشق اللام فيه أ لا تراه قد لوى ساقه بقائمة الألف وانعطف عليه حذرا من الفوت فميل الألف إليه نزول كنزول الحق إلى السماء الدنيا وهم أهل الليل في الثلث الباقي وميل اللام معلوم عندهما معلول مضطر لا اختلاف عندنا فيه إلا من جهة الباعث خاصة فالصوفي يجعل ميل اللام ميل الواجدين والمتواجدين لتحققه عندهم بمقام العشق والتعشق وحاله وميل الألف ميل التواصل والاتحاد ولهذا اشتبها في الشكل هكذا لآ فأيهما جعلت الألف أو اللام قبل ذلك الجعل ولذلك اختلف فيه أهل اللسان أين يجعلون حركة اللام أو الهمزة التي تكون على الألف فطائفة راعت اللفظ فقالت في الأسبق والألف بعد وطائفة راعت الخط فبأي فخذ ابتدأ المخطط فهو اللام والثاني هو الألف وهذا كله تعطيه حالة العشق والصدق في العشق يورث التوجه في طلب المعشوق وصدق التوجه يورث الوصال من المعشوق إلى العاشق والمحقق يقول باعث الميل المعرفة عندهما وكل واحد على حسب حقيقته وأما نحن ومن رقى معنا في معالي درج التحقيق الذي ما فوقه درج فلسنا نقول بقولهما ولكن لنا في المسألة تفصيل وذلك أن تلحظ في أي حضرة اجتمعا فإن العشق حضرة جزئية من جملة الحضرات فقول الصوفي حق والمعرفة حضرة أيضا كذلك فقول المحقق حق ولكن كل واحد منهما قاصر عن التحقيق في هذه المسألة ناظر بعين واحدة ونحن نقول أول حضرة اجتمعا فيها حضرة الإيجاد وهي لا إلاه إل لا أل لاه فهذه حضرة الخلق والخالق وظهرت كلمة لا في النفي مرتين وفي الإثبات مرتين فلا لا لا وإلاه للاه فميل الوجود المطلق الذي هو الألف في هذه الحضرة إلى الإيجاد وميل الموجود المقيد الذي هو اللام إلى الإيجاد عند الإيجاد ولذلك خرج على الصورة فكل حقيقة منهما مطلقة في منزلتها فافهم إن كنت تفهم وإلا فالزم الخلوة وعلق الهمة بالله الرحمن حتى تعلم فإذا تقيد بعد ما تعين وجوده وظهر لعينه عينه فإنه
للحق حق وللإنسان إنسان ..... عند الوجود وللقرآن قرآن
وللعيان عيان في الشهود كما ..... عند المناجاة للآذان آذان
فانظر إلينا بعين الجمع تحظ بنا ..... في الفرق فألزمه فالقرآن فرقان
فلا بد من صفة تقوم به ويكون بها يقابل مثلها أو ضدها من الحضرة الإلهية وإنما قلت الضد ولم نقتصر على المثل الذي هو الحق الصدق رغبة في إصلاح قلب الصوفي والحاصل في أول درجات التحقيق فمشربهما هذا ولا يعرفان ما فوقه ولا ما نومئ إليه حتى يأخذ بأيديهما ويشهدهما ما أشهدناه وسأذكر طرفا من ذلك في الفصل الثالث من هذا الباب فاطلب عليه هناك إن شاء الله تعالى فاغطس في بحر القرآن العزيز إن كنت واسع النفس وإلا فاقتصر على مطالعة كتب المفسرين لظاهره ولا تغطس فتهلك فإن بحر القرآن عميق ولو لا الغاطس ما يقصد منه المواضع القريبة من الساحل ما خرج لكم أبدا فالأنبياء والورثة الحفظة هم الذين يقصدون هذه المواضع رحمة بالعالم وأما الواقفون الذين وصلوا ومسكوا ولم يردوا لا انتفع بهم أحد ولا انتفعوا بأحد فقصدوا بل قصد بهم ثبج البحر فغطسوا إلى الأبد لا يخرجون يرحم الله العباد إني شيخ سهل بن عبد الله التستري حيث قال لسهل إلى الأبد حين قال له سهل أ يسجد القلب فقال الشيخ إلى الأبد بل صلى الله على رسول الله حين
قيل له صلى الله عليه وسلم في دخول العمرة في الحج أ لعامنا هذا أم للأبد فقال صلى الله عليه وسلم بل لا بد الأبد
فهي روحانية باقية في دار الخلد يجدها أهل الجنان في كل سنة مقدرة فيقولون ما هذا فيجابون العمرة في الحج روح ونعيم ووارد نزيه شريف تشرق به أسارير الوجوه وتزيد به حسنا وجمالا فإذا غطست وفقك الله في بحر القرآن فاطلب وابحث على صدفتي هاتين الياقوتين الألف واللام وصدفتهما هي الكلمة أو الآية التي تحملهما فإن كانت كلمة فعلية على طبقاتها نسبتهما من ذلك المقام وإن كانت كلمة أسمائية على طبقاتها نسبتهما من ذلك المقام وإن كانت كلمة ذاتية نسبتها من ذلك كما أشار عليه السلام وإن لم تكن في الحرف أعوذ برضاك من سخطك برضاك ميل الألف من سخطك ميل اللام كلمة أسمائية وبمعافاتك ميل الألف من عقوبتك ميل اللام كلمة فعلية وبك ميل الألف منك ميل اللام كلمة ذاتية فانظر ما أعجب سر النبوة وما أعلاه وما أدنى مرماه وما أقصاه فمن تكلم على حرفي لام ألف من غير أن ينظر في الحضرة التي هو فيها فليس بكامل هيهات لا يستوي أبدا لام ألف لا خوف عليهم ولام ألف ولا هم يحزنون كما لا يستوي لام ألف لا التي للنفي ولام ألف التي للإيجاب كما لا يستوي لام ألف النفي ولام ألف النفي والتبرئة ولام ألف النهي فترفع بالنفي وتنصب بالتبرئة وتجزم بالنهي ولام ألف لام التعريف والألف التي من أصل الكلمة مثل قوله الْأَعْرافِ والْأَدْبارَ والْأَبْصارِ والأقلام كما لا يستوي لام ألف لام التوكيد والألف الأصلية مثل قوله تعالى لَأَوْضَعُوا ولَأَنْتُمْ فتحقق ما ذكرناه لك وأقم ألفك من رقدتها وحل لامك من عقدتها وفي عقد اللام بالألف سر لا يظهر ولا أقدر على بسط العبارة في مقامات لام ألف كما وردت في القرآن إلا لو كان السامع يسمعه مني كما يسمعه من الذي أنزل عليه لو عبر عنه ومع هذا فالغرض في هذا الكتاب الإيجاز وقد طال الباب واتسع الكلام فيه على طريق الإجمال لكثرة المراتب وكثرة الحروف ولم نذكر في هذا الباب معرفة المناسبة التي بين الحروف حتى يصح اتصال بعضها مع بعض ولا ذكرنا اجتماع حرفين معا إلا لام ألف خاصة من جهة ما وهذا الباب يتضمن ثلاثة آلاف مسألة وخمسمائة مسألة وأربعين مسألة على عدد الاتصالات بوجه ما لكل اتصال علم يخصه وتحت كل مسألة من هذه المسائل مسائل تتشعب كثيرة فإن كل حرف يصطحب مع جميع الحروف كلها من جهة رفعه ونصبه وخفضه وسكونه وذاته وحروف العلة الثلاثة فمن أراد أن يتشفى منها فليطالع تفسير القرآن الذي سميناه الجمع والتفصيل وسنوفي الغرض في هذه الحروف إن شاء الله في كتاب المبادي والغايات لنا وهو بين أيدينا فلتكف هذه الإشارة في لام ألف والحمد لله المفضل
«معرفة ألف اللام آل»
ألف اللام لعرفان الذوات ..... ولإحياء العظام النخرات
تنظم الشمل إذا ما ظهرت ..... بمحياها وما تبقي شتات
وتفي بالعهد صدقا ولها ..... حال تعظيم وجود الحضرات
اعلم أن لام ألف بعد حلها ونقض شكلها وإبراز أسرارها وفنائها عن اسمها ورسمها تظهر في حضرة الجنس والعهد والتعريف والتعظيم وذلك لما كان الألف حظ الحق واللام حظ الإنسان صار الألف واللام للجنس فإذا ذكرت الألف واللام ذكرت جميع الكون ومكونه فإن فنيت عن الحق بالخليقة وذكرت الألف واللام كان الألف واللام الحق والخلق وهذا هو الجنس عندنا فقائمة اللام للحق تعالى ونصف دائرة اللام المحسوس الذي يبقى بعد ما يأخذ الألف قائمته هو شكل النون للخلق ونصف الدائرة الروحاني الغائب للملكوت والألف التي تبرز قطر الدائرة للأمر وهو كُنْ وهذه كلها أنواع وفصول للجنس الأعم الذي ما فوقه جنس وهو حقيقة الحقائق التائهة القديمة في القديم لا في ذاتها والمحدثة في المحدث لا في ذاتها وهي بالنظر إليها لا موجودة ولا معدومة وإذا لم تكن موجودة لا تتصف بالقدم ولا بالحدوث كما سيأتي ذكرها في الباب السادس من هذا الكتاب ولها ما شاكلها من جهة قبولها للصور لا من جهة قبولها للحدوث والقدم فإن الذي يشبهها موجود وكل موجود إما محدث وهو الخلق وإما محدث اسم فاعل وهو الخالق ولما كانت تقبل القدم والحدوث كان الحق يتجلى لعباده على ما شاءه من صفاته ولهذا السبب ينكره قوم في الدار الآخرة لأنه تعالى تجلى لهم في غير الصورة والصفة التي عرفوها منه وقد تقدم طرف منه في الباب الأول من هذا الكتاب فيتجلى للعارفين على قلوبهم وعلى ذواتهم في الآخرة عموما فهذا وجه من وجوه الشبه وعلى التحقيق الذي لا خفاء به عندنا إن حقائقها هي المتجلية للصنفين في الدارين لمن عقل أو فهم من الله تعالى المرئي في الدنيا بالقلوب والأبصار مع أنه سبحانه منبئ عن عجز العباد عن درك كنهه فقال لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ بتجليه لهم على قدر طاقتهم خبير بضعفهم عن حمل تجليه الأقدس على ما تعطيه الألوهة إذ لا طاقة للمحدث على حمل جمال القديم كما لا طاقة للأنهار بحمل البحار فإن البحار تفني أعيانها سواء وردت عليه أو ورد عليها أعني البحر لا يبقى لها أثرا يشهد ولا يميز فاعرف ما ذكرناه وتحقق وأعلى ما يشبهها من المحدثات الهباء الذي خلق فيه صور العالم ثم النور أنزل منه في الشبه بها فإن النور صورة في الهباء كما إن الهباء صورة فيها وأنزل شبها من النور بها الهواء وأنزل منه الماء وأنزل منه المعادن وأنزل منه الخشب وأمثاله إلى أن تنتهي إلى شيء لا يقبل إلا صورة واحدة إن وجدته فتفهم هذا حتى يأتي بابه من هذا الكتاب إن شاء الله فهذه الحقيقة التائهة التي تتضمن الحقائق التائهات هي الجنس الأعم التي تستحق الألف واللام الحمل عليه بذاتها وكذلك عهدهما بجريان حقيقتهما على علم ما وقع فيه العهد بين الموجودين فعلى أي موجودين دخلتا لأمر كان بينهما من جهة كل واحد منهما بالنظر إلى أمر ثالث كانتا لعهد ذلك الأمر الثالث الذي يعرفانه وعلى حقيقتهما الألف لاخذ العهد واللام لمن أخذ عليه وكذلك تعريفهما وتخصيصهما إنما يخصصان شيئا من جنسه على التعيين ليحصلا العلم به عند من يريد المخبر أن يعلمه إياه فعلى أي حالة كان المخصص والمخصص والشيء الذي بسببه ظهرت هاتان الحقيقتان انقلبتا في صورة حقائقهما وهذا هو الاشتراك الذاتي فإن كان الاشتراك في الصفة ونريد أن نميز الأعظم منهما للمخاطب فتكونا عند ذلك للتعظيم في الوصف الذي تدخل فالألف واللام يقبلان كل صورة وحقيقة لأنهما موجودان جامعان لجميع الحقائق فأي شيء برز أ برز إله الحقيقة التي عندهما منه فقابلاه بها فدلالتهما على الشيء لذاتهما لا أنهما اكتسبا من الشيء الذي دخلتا عليه ومثل ذلك أهلك الناس الدينار والدرهم رأيت الرجل أمس أحببت الرجال دون النساء هويت السمان ويكفي هذا القدر فقد طال الباب.
انتهى الجزء السادس والحمد لله.
(بسم الله الرحمن الرحيم)بيان بعض الأسباب أعني تفسير الألفاظ التي ذكرت في الحروف
من بسائط ومراتب وتقديس وإفراد وتركيب وأنس ووحشة وغير ذلك
[سلسة الغيب في عالم الحروف]
فاعلم أولا أن هذه الحروف لما كانت مثل العالم المكلف الإنساني المشاركة له في الخطاب لا في التكليف دون غيره من العالم لقبولها جميع الحقائق كالإنسان وسائر العالم ليس كذلك فمنهم القطب كما منا وهو الألف ومقام القطب منا الحياة القيومية هذا هو المقام الخاص به فإنه سار بهمته في جميع العالم كذلك الألف من كل وجه من وجه روحانيته التي ندركها نحن ولا يدركها غيرنا ومن حيث سريانه نفسا من أقصى المخارج الذي هو منبعث النفس إلى آخر المنافس ويمتد في الهواء الخارج وأنت ساكت وهو الذي يسمى الصدى فتلك قيومية الألف لا أنه واقف ومن حيث رقمه فإن جميع الحروف تنحل إليه وتتركب منه ولا ينحل هو إليها كما ينحل هو أيضا إلى روحانيته وهي النقطة تقديرا وإن كان الواحد لا ينحل فقد عرفناك ما لأجله كان الألف قطبا وهكذا تعمل فيما نذكره لك بعد هذا إن أردت أن تعرف حقيقته
(و الإمامان) الواو والياء المعتلتان اللذان هما حرفا المد واللين لا الصحيحتان
(و الأوتاد) أربعة الألف والواو والياء والنون الذين هم علامات الإعراب
(و الأبدال) سبعة الألف والواو والياء والنون وتاء الضمير وكافة وهاؤه فالألف ألف رجلان والواو والعمرون والياء ياء العمرين والنون نون يفعلون وسر النسبة بيننا وبينهم في مرتبة الأبدال كما بينا في القطب أن التاء إذا غابت من قمت تركت بدلها فقال المتكلم قام زيد فنابت بنفسها مناب الحروف التي هي اسم هذا الشخص المخبر عنه ولو كان الاسم مركبا من ألف حرف ناب الضمير مناب تلك الحروف لقوة حروف الضمائر وتمكنها واتساع فلكها فلو سميت رجلا يا دار مية بالعلياء فالسند فقد نابت التاء أو الكاف أو الهاء مناب جملة هذه الحروف في الدلالة وتركته بدلها أو جاءت بدلا منها كيفما شئت وإنما صح لها هذا لكونها تعلم ذلك ولا يعلمه من هي بدل منه أو هو بدل عنها فلهذا استحقت هي وأخواتها مقام الأبدال ومدرك من أين علم هذا موقوف على الكشف فابحث عليه بالخلوة والذكر والهمة
[تكرار الحروف في المقامات]
وإياك أن تتوهم تكرار هذه الحروف في المقامات إنها شيء واحد له وجوه إنما هي مثل الأشخاص الإنسانية فليس زيد بن علي هو عين أخيه زيد بن علي الثاني وإن كانا قد اشتركا في البنوة والإنسانية ووالدهما واحد ولكن بالضرورة نعلم أن الأخ الواحد ليس عين الأخ الثاني فكما يفرق البصر بينهما والعلم كذلك يفرق العلم بينهما في الحروف عند أهل الكشف من جهة الكشف وعند النازلين عن هذه الدرجة من جهة المقام التي هي بدل عن حروفه ويزيد صاحب الكشف على العالم من جهة المقام بأمر آخر لا يعرفه صاحب علم المقام المذكور وهو مثلا قلت إذا كررته بدلا من اسم بعينه فتقول لشخص بعينه قلت كذا وقلت كذا فالتاء عند صاحب الكشف التي في قلت الأول غير التاء التي في قلت الثاني لأن عين المخاطب تتجدد في كل نفس بل هم في لبس من خلق جديد فهذا شأن الحق في العالم مع أحدية الجوهر وكذلك الحركة الروحانية التي عنها أوجد الحق تعالى التاء الأولى غير الحركة التي أوجد عنها التاء الأخرى بالغا ما بلغت فيختلف معناها بالضرورة فصاحب علم المقام يتفطن لاختلاف علم المعنى ولا يتفطن لاختلاف التاء أو أي حرف ضميرا كان أو غير ضمير فإنه صاحب رقم ولفظ لا غير كما تقول الأشاعرة في الأعراض سواء فالناس مجمعون معهم على ذلك في الحركة خاصة ولا يصلون إلى علم ذلك في غير الحركة فلهذا أنكروه ولم يقولوا به ونسبوا القائل بذلك إلى الهوس وإنكار الحس وحجبوا عن إدراك ضعف عقولهم وفساد محل نظرهم وقصورهم عن التصرف في المعاني فلو حصل لهم الأول عن كشف حقيقي من معدنه لانسحبت تلك الحقيقة على جميع الأعراض حكما عاما لا يختص بعرض دون عرض وإن اختلفت أجناس الأعراض فلا بد من حقيقة جامعة وحقيقة فاصلة وهكذا هذه المسألة التي ذكرناها في حق من قال بما قلناه فيها ومن أنكره
[مطلوب المحققين في الصور المحسة]
فليس المطلوب عند المحققين الصور المحسوسة لفظا ورقما وإنما المطلوب المعاني التي تضمنها هذا الرقم أو هذا اللفظ وحقيقة اللفظة والمرقوم عينها فإن الناظر في الصور إنما هو روحاني فلا يقدر أن يخرج عن جنسه فلا تحجب بأن ترى الميت لا يطلب الخبز لعدم السر الروحاني منه ويطلبه الحي لوجود الروح فيه فتقول نراه يطلب غير جنسه فاعلم إن في الخبز والماء وجميع المطاعم والمشارب والملابس والمجالس أرواحا لطيفة غريبة هي سر حياته وعلمه وتسبيحه ربه وعلو منزلته في حضرة مشاهدة خالقه وتلك الأرواح أمانة عند هذه الصور المحسوسة يؤدونها إلى هذا الروح المودع في الشبح أ لا ترى إلى بعضهم كيف يوصل أمانته إليه الذي هو سر الحياة فإذا أدى إليه أمانته خرج إما من الطريق الذي دخل منه فيسمى قيئا وقلسا وإما من طريق آخر فيسمى عذرة وبولا فما أعطاه الاسم الأول إلا السر الذي أداه إلى الروح وبقي باسم آخر يطلبه من أجله صاحب الخضراوات والمدبرين أسباب الاستحالات هكذا يتقلب في أطوار الوجود فيعرى ويكتسي ويدور بدور الأكرة كالدولاب إلى أن يشاء الله العليم الحكيم فالروح معذور في تعشقه بهذه المحسوسات فإنه عاين مطلوبه فيها فهي في منزل محبوبه
أمر على الديار ديار سلمي ..... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار مضى بقلبي ..... ولكن حب من سكن الديارا
وقال أبو إسحاق الزوالي رحمه الله
يا دار إن غزالا فيك تيمني ..... لله درك ما تحويه يا دار
لو كنت أشكو إليها حب ساكنها ..... إذن رأيت بناء الدار ينهار
فافهموا فهمنا الله وإياكم سرائر كلمه وأطلعنا وإياكم على خفيات غيوب حكمه
[معاني عالم الحروف]
أما قولنا الذي ذكرناه بعد كل حرف فأريد إن أبينه لكم حتى تعرفوا منه ما لا ينفركم عما لا تعلمون فأقل درجات الطريق التسليم فيما لا تعلمه وأعلاه القطع بصدقه وما عدا هذين المقامين فحرمان كما إن المتصف بهذين المقامين سعيد قال أبو يزيد البسطامي لأبي موسى يا أبا موسى إذا لقيت مؤمنا بكلام أهل هذه الطريقة قل له يدعو لك فإنه مجاب الدعوة وقال رويم من قعد مع الصوفية وخالفهم في شيء مما يتحققون به نزع الله نور الايمان من قلبه «شرح» فمن ذلك قولنا حرف كذا باسمه كما سقته هو من عالم الغيب فاعلم إن العالم على بعض تقاسيمه على قسمين بالنظر إلى حقيقة ما معلومة عندنا «قسم يسمى عالم الغيب» وهو كل ما غاب عن الحس ولم تجر العادة بأن يدرك الحس له وهو من الحروف السين والصاد والكاف والخاء المعجمة والتاء باثنتين من فوق والفاء والشين والهاء والثاء بالثلاث والحاء وهذه حروف الرحمة والألطاف والرأفة والحنان والسكينة والوقار والنزول والتواضع وفيهم نزلت هذه الآية وعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وفيهم نزل أيضا على الرقيقة المحمدية التي تمتد إليهم منه من كونه أوتي جوامع الكلم أتى إليهم بها رسولهم فقال تعالى والْكاظِمِينَ الْغَيْظَ والْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وفيهم وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ وفيهم الَّذِينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وفيهم وخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ وهذا القبيل من الحروف هو أيضا الذي نقول فيه إنه من اللطف لما ذكرناه فهذا من جملة المعاني التي نطلق عليه منه عالم الغيب واللطف «و القسم الآخر يسمى عالم الشهادة والقهر» وهو كل عالم من عالمي الحروف جرت العادة عندهم إن يدركوه بحواسهم وهو ما بقي من الحروف وفيهم قوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وقوله تعالى واغْلُظْ عَلَيْهِمْ وقوله وأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ ورَجِلِكَ فهذا عالم الملك والسلطان والقهر والشدة والجهاد والمصادمة والمقارعة ومن روحانية هذه الحروف يكون لصاحب الوحي الغت والغط وصلصلة الجرس ورشح الجبين ولهم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ويا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ كما أنه في حروف عالم الغيب نَزَلَ به الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لا تُحَرِّكْ به لِسانَكَ لِتَعْجَلَ به ولا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ من قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وأما قولنا والملك والجبروت أو الملكوت فقد تقدم ذكره في أول هذا الباب عند قولنا ذكر مراتب الحروف وأما قولنا مخرجه كذا فمعلوم عند القراء وفائدته عندنا إن تعرف أفلاكه فإن الفلك الذي جعله الله سببا لوجود حرف ما ليس هو الفلك الذي وجد عنه حرف غيره وإن توحد الفلك فليست الدورة واحدة بالنظر إلى تقدير ما تفرضه أنت في شيء تقتضي حقيقته ذلك الفرض ويكون في الفلك أمر يتميز عندك عن نفس الفلك تجعله علامة في موضع الفرض وترصده فإذا عادت العلامة إلى حد الفرض الأول فقد انتهت الدورة وابتدأت أخرى
قال عليه السلام إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلقه الله
وسيأتي بيان هذا الحديث في الباب الحادي عشر من هذا الكتاب وأما قولنا عدده كذا وكذا أو كذا دون كذا فهو الذي يسميه بعض الناس الجزم الكبير والجزم الصغير وقد يسمونه الجمل عوضا من الجزم وله سر عجيب في أفلاك الدراري وفي أفلاك البروج وأسماؤها معلومة عند الناس فيجعلون الجزم الكبير لفلك البروج ويطرحون ما اجتمع من العدد ثمانية وعشرين ثمانية وعشرين والجزم الصغير لأفلاك الدراري وطرح عدده تسعة تسعة بطريقة ليس هذا الكتاب موضعها وعلم ليس هو مطلوبنا
[فائدة الاعداد عند المحققين]
وفائدة الأعداد عندنا في طريقنا الذي تكمل به سعادتنا إن المحقق والمريد إذا أخذ حرفا من هذه أضاف الجزم الصغير إلى الجزم الكبير مثل أن يضيف إلى القاف الذي هو مائة بالكبير وواحد بالصغير فيجعل أبدا عدد الجزم الصغير وهو من واحد إلى تسعة فيرده إلى ذاته فإن كان واحدا الذي هو حرف الألف بالجزمين والقاف والشين والياء عندنا وعند غيرنا بدل الشين الغين المعجمة بالجزم الصغير فيجعل ذلك الواحد لطيفته المطلوبة منه بأي جزم كان فإن كان الألف حتى إلى الطاء التي هي بسائط الأعداد فهي مشتركة بين الكبير والصغير في الجزمين فمن حيث كونها للجزم الصغير ردها إليك ومن حيث كونها للجزم الكبير ردها إلى الواردات المطلوبة لك فتطلب في الألف التي هي الواحد ياء العشرة وقاف المائة وشين الألف أو غينه على الخلاف وتمت مراتب العدد وانتهى المحيط ورجع الدور على بدئه فليس إلا أربع نقط شرق وغرب واستواء وحضيض أربعة أرباع والأربعة عدد محيط لأنها مجموع البسائط كما إن هذه العقد مجموع المركبات العددية وإن كان اثنان الذي هو الباء بالجزمين والكاف والراء بالجزم الصغير جعلت الباء منك حالك وقابلت بها عالم الغيب والشهادة فوقفت على أسرارها من كونها غيبا وشهادة لا غير وهي الذات والصفات في الإلهيات والعلة والمعلول في الطبيعيات لا في العقليات والشرط والمشروط في العقليات والشرعيات لا في الطبيعيات لكن في الإلهيات وإن كان ثلاثة الذي هو الجيم بالجزمين واللام والسين المهملة عند قوم والشين المعجمة عند قوم بالجزم الصغير جعلت الجيم منك عالمك وقابلت به عالم الملك من كونه ملكا وعالم الجبروت من كونه جبروتا وعالم الملكوت من كونه ملكوتا وبما في الجيم من العدد الصغير يبرز منك وبما فيه وفي اللام والسين أو الشين من العدد الكبير تبرز وجوه من المطلوب من جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها والله يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ على حسب الاستعداد وأقل درجاته الذي يشمل العامة العشر المذكور والتضعيف موقوف على الاستعداد وفيه تفاضل رجال الأعمال وكل عالم في طريقه على ذلك وليس غرضنا في هذا الكتاب ما يعطي الله الحروف من الحقائق إذا تحققت بحقائقها وإنما غرضنا أن نسوق ما يعطي الله لمنشئها لفظا أو خطا إذا تحقق بحقائق هذه الحروف وكوشف على أسرارها فاعلموا ذلك وإن كان أربعة الذي هو الدال بالجزمين والميم والتاء بالصغير جعلت الدال منك قواعدك وقابلت بها الذات والصفات والأفعال والروابط وبما في الدال من العدد بالصغير يبرز عن أسرار قبولك وبما فيه وفي الميم والتاء بالكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل والكمال فيها والأكمل بحسب الاستعداد وإن كانت خمسة الذي هو الهاء بالجزمين والنون والثاء بالصغير جعلت الهاء منك مملكتك في مواطن الحروف ومقارعة الأبطال وقابلت بها الأرواح الخمسة الحيواني والخيالي والفكري والعقلي والقدسي وبما في الهاء من الصغير تبرز من أسرار قبولك وبما فيه وفي النون والثاء من الكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل والكامل والأكمل أثر حاصل عن الاستعداد وإن كان ستة الذي هو الواو بالجزمين والصاد أو السين على الخلاف والخاء بالصغير جعلت الواو منك جهاتك المعلومة وقابلت بها فيها عن الحق بوجه وإثباتها بوجه وهو علم الصورة وبما في الواو من أسرار القبول بارز بالصغير وبما فيه وفي الصاد أو السين والخاء بالكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل وفي هذا التجلي يعلم المكاشف أسرار الاستواء وما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِلهٌ وفي الْأَرْضِ إِلهٌ وكل آية أو خبر تثبت له جل وعلا الجهة والتحديد والمقدار والكمال والأكمل فيه على قدر الاستعداد والتأهب وإن كان سبعة وهو الزاي بالجزمين والعين والذال بالصغير جعلت الذي منك صفاتك وقابلت بها صفاته وبما في الزاي من الصغير يبرز من أسرار قبولك وبما فيه وفي العين والذال من الكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل وفي هذا التجلي يعلم المكاشف أسرار المسبعات كلها حيث وقعت والكمال والأكمل فيه على قدر الاستعداد والتأهب وإن كان ثمانية الذي هو الحاء بالجزمين والفاء في قول والصاد في قول والضاد في قول والظاء في قول جعلت الحاء منك ذاتك بما فيها وقابلت بها الحضرة الإلهية مقابلة الصورة صورة المرآة وبما في الحاء من الصغير يبرز من أسرار قبولك وبما فيه وفي الفاء والظاء أو الضاد من الكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل وفي هذا التجلي يعلم المكاشف أسرار أبواب الجنة الثمانية وفتحها لمن شاء الله هنا وكل حضرة مثمنة في الوجود والكمال والأكمل بحسب الاستعداد وإن كان تسعة وهو الطاء بالجزمين والضاد أو الصاد في قول وفي المئين الظاء أو الغين في قول بالجزم الصغير جعلت الطاء منك مراتبك في الوجود التي أنت عليها في وقت نظرك في هذا التجلي وقابلت بها مراتب الحضرة وهو الأبد لها ولك وبما في الطاء من الصغير يبرز من أسرار القبول وبما فيه وفي الضاد أو الصاد والغين أو الظاء من الكبير تبرز وجوه من المطلوب المقابل وفي هذا التجلي يعلم المكاشف أسرار المنازل والمقامات الروحانية وأسرار الأحدية والكامل والأكمل على حسب الاستعداد فهذا وجه من الوجوه التي سقنا عدد الحرف من أجله فاعمل عليه وإن كان ثم وجوه أخر فليتك لو عملت على هذا وهو المفتاح الأول ومن هنا تنفتح لك أسرار الأعداد وأرواحها ومنازلها فإن العدد سر من أسرار الله في الوجود ظهر في الحضرة الإلهية بالقوة
فقال صلى الله عليه وسلم إن الله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة
وقال إن لله سبعين ألف حجاب
إلى غير ذلك وظهر في العالم بالفعل وانسحبت معه القوة فهو في العالم بالقوة والفعل وغرضنا إن مد الله في العمر وتراخي الأجل أن نضع في خواص العدد موضوعا لم نسبق إليه في علمي نبدي فيه من أسرار الأعداد ما تعطيه حقائقه في الحضرة الإلهية وفي العالم والروابط ما تغتبط به الأسرار وتنال به السعادة في دار القرار
[عود على بدء: معاني عالم الحروف]
وأما قولنا بسائطه فلسنا نريد بسائط شكل الحرف مثلا الذي هو "ص" وإنما نريد بسائط اللفظ الذي هو الكلمة الدالة عليه وهو الاسم أو التسمية وهو قولك صاد فبسائط هذه اللفظة نريد وأما بسائط الشكل فليس له بسائط من الحروف ولكن له النقص والتمام والزيادة مثل الراء والزاي نصف النون والواو نصف القاف والكاف أربعة أخماس الطاء وأربعة أسداس الظاء والدال خمسي الطاء والياء ذالان واللام يزيد على الألف بالنون وعلى النون بالألف وشبه هذا وأما بسائط أشكال الحروف إنما ذلك من النقط خاصة فعلى قدر نقطه بسائطه وعلى قدر مرتبة الحرف في العالم من جهة ذاته أو من نعت هو عليه في الحال علو منازل نقطه وأفلاكها ونزولها فالأفلاك التي عنها وجدت بسائط ذلك الحرف المذكور باجتماعها وحركاتها كلها وجد اللفظ به عندنا وتلك الأفلاك تقطع في فلك أقصى على حسب اتساعها وأما قولنا فلكه وسنى حركة فلكه فنريد به الفلك الذي عنه وجد العضو الذي فيه مخرجه فإن الرأس من الإنسان أوجده الله تعالى عند حركة مخصوصة من فلك مخصوص من أفلاك مخصوصة والعنق عن الفلك الذي يلي هذا الفلك المذكور والصدر عن الفلك الرابع من هذا الفلك الأول المذكور فكل ما يوجد في الرأس من المعاني والأرواح والأسرار والحروف والعروق وكل ما في الرأس من هيأة ومعنى عن ذلك الفلك ودورته اثنتا عشرة ألف سنة ودورة فلك العنق وما فيه من هيأة ومعنى والحروف الحلقية من جملتها إحدى عشرة ألف سنة ودورة فلك الصدر على حكم ما ذكرناه تسع آلاف سنة وطبعه وعنصره وما يوجد عنه راجع إلى حقيقة ذلك الفلك
[طبقات عالم الحروف]
وأما قولنا يتميز في طبقة كذا فاعلموا إن عالم الحروف على طبقات بالنسبة إلى الحضرة الإلهية والقرب منها مثلنا وتعرف ذلك فيهم بما أذكره لك وذلك أن الحضرة الإلهية التي للحروف عندنا في الشاهد إنما هي في عالم الرقم خط المصحف وفي الكلام التلاوة وإن كانت سارية في الكلام كله تلاوة أو غيرها فهذا ليس هو عشك إن تعرف أن كل لافظ بلفظة إلى الآباد أنه قرآن ولكنه في الوجود بمنزلة حكم الإباحة في شرعنا وفتح هذا الباب يؤدي إلى تطويل عظيم فإن مجاله رحب فعدلنا إلى أمر جزئي من وجه صغر فلكه المرقوم وهو المكتوب والملفوظ به خاصة واعلم أن الأمور عندنا من باب الكشف إذا ظهر منها في الوجود ما ظهر إن الأول أشرف من الثاني وهكذا على التتابع حتى إلى النصف ومن النصف يقع التفاضل مثل الأول حتى إلى الآخر والآخر والأول أشرف ما ظهر ثم يتفاضلان على حسب ما وضعا له وعلى حسب المقام فالأشرف منها أبدا يقدم في الموضع الأشرف وتبيين هذا أن ليلة خمسة عشر في الشرف بمنزلة ليلة ثلاثة عشر وهكذا حتى إلى ليلة طلوع الهلال من أول الشهر وطلوعه من آخر الشهر وليلة المحاق المطلق ليلة الإبدار المطلق فافهم فنظرنا كيف ترتب مقام رقم القرآن عندنا وبما ذا بدئت به السور من الحروف وبما ذا ختمت وبما ذا اختصت السور المجهولة في العلم النظري المعلومة بالعلم اللدني من الحروف ونظرنا إلى تكرار بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ونظرنا في الحروف التي لم تختص بالبداية ولا بالختام ولا ب بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وطلبنا من الله تعالى أن يعلمنا بهذا الاختصاص الإلهي الذي حصل لهذه الحروف هل هو اختصاص اعتنائي من غير شيء كاختصاص الأنبياء بالنبوة والأشياء الأول كلها أو هو اختصاص نالته من طريق الاكتساب فكشف لنا عن ذلك كشف إلهام فرأيناه على الوجهين معا في حق قوم عناية وفي حق قوم جزاء لما كان منهم في أول الوضع والكل لنا ولهم وللعالم عناية من الله تعالى فلما وقفنا على ذلك جعلنا الحروف التي لم تثبت أولا ولا آخرا على مراتب الأولية كما نذكره عامة الحروف ليس لها من هذا الاختصاص القرآني حظ وهم الجيم والضاد والخاء والذال والغين والشين وجعلنا الطبقة الأولى من الخواص حروف السور المجهولة وهم الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون وأعني بهذا صورة اشتراكهم في اللفظ والرقم فاشتراكها في الرقم اشتراكها في الصورة والاشتراك اللفظي إطلاق اسم واحد عليها مثل زيد وزيد آخر فقد اشتركا في الصورة والاسم وأما المقرر عندنا والمعلوم إن الصاد من المص ومن "كهيعص" ومن "ص" ليس كل واحد منهن عين الآخر منهن ويختلف باختلاف أحكام السورة وأحوالها ومنازلها وهكذا جميع هذه الحروف على هذه المرتبة وهذه تعمها لفظا وخطا وأما الطبقة الثانية من الخاصة وهم خاصة الخاصة فكل حرف وقع في أول سورة من القرآن مجهولة وغير مجهولة وهو حرف الألف والياء والباء والسين والكاف والطاء والقاف والتاء والواو والصاد والحاء والنون واللام والهاء والعين وأما الطبقة الثالثة من الخواص وهم الخلاصة فهم الحروف الواقعة في أواخر السور مثل النون والميم والراء والباء والدال والزاي والألف والطاء والياء والواو والهاء والظاء والثاء واللام والفاء والسين وإن كان الألف فيما يرى خطا ولفظا في رِكْزاً ولِزاماً وفَمَنِ اهْتَدى فما أعطانا الكشف إلا الذي قبل ذلك الألف فوقفنا عنده وسميناه آخرا كما شهدنا هناك وأثبتنا الألف كما رأينا هنا ولكن في فصل آخر لا في هذا الفصل فإنا لا نزيد في التقييد في هذه الفصول على ما نشاهده بل ربما نرغب في نقص شيء منها مخافة التطويل فنسعف في ذلك من جهة الرقم واللفظ ونعطي لفظا يعم تلك المعاني التي كثرت ألفاظها فنلقيه فلا يخل بشيء من الإلقاء ولا ننقص ولا يظهر لذلك الطول الأول عين فينقضي المرغوب لله الحمد وأما الطبقة الرابعة من الخواص وهم صفاء الخلاصة وهم حروف بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وما ذكرت إلا حيث ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على حد ما ذكرها الله له بالوجهين من الوحي وهو وحي القرآن وهو الوحي الأول فإن عندنا من طريق الكشف إن الفرقان حصل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا مجملا غير مفصل الآيات والسور ولهذا كان عليه السلام يعجل به حين كان ينزل عليه به جبريل عليه السلام بالفرقان فقيل له ولا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ الذي عندك فتلقيه مجملا فلا يفهم عنك من قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ فرقانا مفصلا وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً بتفصيل ما أجملته في المعاني وقد أشار من باب الأسرار فقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ ولم يقل بعضه ثم قال فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وهذا هو وحي الفرقان وهو الوجه الآخر من الوجهين وسيأتي الكلام على بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في بابه الذي أفردت له في هذا الكتاب واعلموا أن بسملة سورة براءة هي التي في النمل فإن الحق تعالى إذا وهب شيئا لم يرجع فيه ولا يرده إلى العدم فلما خرجت رحمة براءة وهي البسملة حكم التبري من أهلها برفع الرحمة عنهم فوقف الملك بها لا يدري أين يضعها لأن كل أمة من الأمم الإنسانية قد أخذت رحمتها بإيمانها بنبيها فقال أعطوا هذه البسملة للبهائم التي آمنت بسليمان عليه السلام وهي لا يلزمها إيمان إلا برسولها فلما عرفت قدر سليمان وآمنت به أعطيت من الرحمة الإنسانية حظا وهو بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الذي سلب عن المشركين وفي هذه السورة الجساسة وأما الطبقة الخامسة وهي عين صفاء الخلاصة فذلك حرف الباء فإنه الحرف المقدم لأنه أول البسملة في كل سورة والسورة التي لم يكن فيها بسملة ابتدئت بالباء فقال تعالى بَراءَةٌ قال لنا بعض الاسرائيليين من أحبارهم ما لكم في التوحيد حظ لأن سور كتابكم بالباء فأجبته ولا أنتم فإن أول التوراة باء فأفحم ولا يتمكن إلا هذا فإن الألف لا يبتدئ بها أصلا فما وقع من هذه الحروف في مبادي السور قلنا فيه له بداية الطريق وما وقع آخرا قلنا له غاية الطريق وإن كان من العامة قلنا له وسط الطريق لأن القرآن هو الصراط المستقيم
[مراتب الحروف وحركاتها وحقائقها]
وأما قولنا مرتبته الثانية حتى إلى السابعة فنريد بذلك بسائط هذه الحروف المشتركة في الأعداد فالنون بسائطه اثنان في الألوهية والميم بسائطه ثلاثة في الإنسان والجيم والواو والكاف والقاف بسائطه أربعة في الجن والذال والزاي والصاد والعين والضاد والسين والذال والغين والشين بسائطه خمسة في البهائم والألف والهاء واللام بسائطه ستة في النبات والباء والحاء والطاء والياء والفاء والراء والتاء والثاء والخاء والظاء بسائطه سبعة في الجماد وأما قولنا حركته معوجة أو مستقيمة أو منكوسة أو ممتزجة أو أفقية فأريد بالمستقيمة كل حرف حرك الهمة إلى جانب الحق خاصة من جهة السلب إن كنت عالما ومن جهة ما يشهد إن كنت مشاهدا والمنكوسة كل حرف حرك الهمة إلى الكون وأسراره والمعوجة وهي الأفقية كل حرف حرك الهمة إلى تعلق المكون بالمكون والممتزجة كل حرف حرك الهمة إلى معرفة أمرين مما ذكرت لك فصاعدا وتظهر في الرقم في الألف والميم المعرق والحاء والنون وما أشبه هؤلاء وأما قولنا له الأعراف والخلق والأحوال والكرامات أو الحقائق والمقامات والمنازلات فاعلموا أن الشيء لا يعرف إلا بوجهه أي بحقيقته فكل ما لا يعرف الشيء إلا به فذلك وجهه فنقط الحرف وجهه الذي يعرف به والنقط على قسمين نقط فوق الحرف ونقط تحته فإذا لم يكن للشيء ما يعرف به عرف بنفسه مشاهدة وبضده نقلا وهي الحروف اليابسة فإذا دار الفلك أي فلك المعارف حدثت عنه الحروف المنقوطة من فوق وإذا دار فلك الأعمال حدثت عنه الحروف المنقوطة من أسفل وإذا دار فلك المشاهدة حدثت عنه الحروف اليابسة غير المنقوطة ففلك المعارف يعطي الخلق والأحوال والكرامات وفلك الأعمال يعطي الحقائق والمقامات والمنازلات وفلك المشاهدة يعطي البراءة من هذا كله قيل لأبي يزيد كيف أصبحت قال لا صباح لي ولا مساء إنما الصباح والمساء لمن تقيد بالصفة وأنا لا صفة لي وهذا مقام الأعراف وأما قولنا خالص أو ممتزج فالخالص الحرف الموجود عن عنصر واحد والممتزج الموجود عن عنصرين فصاعدا وأما قولنا كامل أو ناقص فالكامل هو الحرف الذي وجد عن تمام دورة فلكه والناقص الذي وجد عن بعض دورة فلكه وطرأت على الفلك علة أوقفته فنقص عما كان يعطيه كمال دورته كالدودة في عالم الحيوان التي ما عندها سوى حاسة اللمس فغذاؤها من لمسها كالواو مع القاف والزاي مع النون وأما قولنا يرفع من اتصل به نريد كل حرف إذا وقفت على سره ورزقت التحقق به والاتحاد تميزت في العالم العلوي
[الحروف المقدسة]
وأما قولنا مقدس أي عن التعلق بغيره فلا يتصل في الخط بحرف آخر وتتصل الحروف به فهو منزه الذات تمدها ستة أفلاك عالية الأوج عنها وجدت الجهات هذه الستة الأحرف بحر عظيم لا يدرك قعره فلا يعرف حقيقتها إلا الله وهي مفاتح الغيب وندرك من باب الكشف أثرها المنوط بها وهي الألف والواو والدال والذال والراء والزاي وأما قولنا مفرد ومثنى ومثلث ومربع ومؤنس وموحش فنريد بالمفرد إلى المربع ما نذكره وذلك أن من الأفلاك التي عنها توجد هذه الحروف ما له دورة واحدة فذلك قولنا مفرد ودورتان فذلك المثنى هكذا إلى المربع وأما المؤنس والموحش فالدورة تأنس بأختها الشيء يألف شكله قال تعالى لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ورَحْمَةً فالعارف يألف الحال ويأنس به نودي عليه السلام في ليلة إسرائه في استيحاشه بلغة أبي بكر فآنس بصوت أبي بكر خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من طينة واحدة فسبق محمد صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما في الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنا فكان كلامهما كلامه سبحانه فلم يعد المرتبة وعدى الخطاب إلى المرتبة الأخرى فقال كأنه مبتدئ وهو عاطف على هذا الكلام ما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ فأرسلها فمن الناس من قطعها ومنهم من وصلها في هذا مقام الإثبات وبقاء الرسم وظهور العين وسلطان الحقائق وتمشية العدل من باب الفضل والطول والموحش محو لا محق صاحب علة ترتقي فتحقق ما ذكرناه وأما قولنا له الذات والصفات والأفعال على حسب الوجوه فأي حرف له وجه واحد كان له من هذه الحضرات حضرة واحدة أي شيء واحد على حسب علوه ونزوله وكذلك إذا تعددت الوجوه وأما قولنا له من الحروف فإنما أعني الحقائق المتممة لذاته من جهة ما وأما قولنا له من الأسماء فنريد به الأسماء الإلهية التي هي الحقائق القديمة التي عنها ظهرت حقائق بسائط ذلك الحرف لا غير ولها منافع كثيرة عالية الشأن عند العارفين إذا أرادوا التحقق بها حركوا الوجود من أوله إلى آخره فهي لهم هنا خصوص وفي الآخرة عموم بها يقول المؤمن في الجنة للشيء يريده كن فيكون فهذه نبذ من معاني عالم الحروف قليلة على أو جز ما يمكن وأخصره وفيها تنبيه لأصحاب الروائح والذوق.
انتهى الجزء السابع والحمد لله.
الفصل الثاني في معرفة الحركات التي تتميز بها الكلمات وهي الحروف الصغار
«الفصل الثاني في معرفة الحركات التي تتميز بها الكلمات وهي الحروف الصغار»
(بسم الله الرحمن الرحيم)حركات الحروف ست ومنها ..... أظهر الله مثلها الكلمات
هي رفع وثم نصب وخفض ..... حركات للاحرف المعربات
وهي فتح وثم ضم وكسر ..... حركات للاحرف الثابتات
وأصول الكلام حذف فموت ..... أو سكون يكون عن حركات
هذه حالة العوالم فانظر ..... لحياة غريبة في موات
[الحروف للكلمات كالاركان للأجسام]
اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أنا كنا شرطنا أن نتكلم في الحركات في فصل الحروف لم أطلق عليها الحروف الصغار ثم إنه رأينا إنه لا فائدة في امتزاج عالم الحركات بعالم الحروف إلا بعد نظام الحروف وضم بعضها إلى بعض فتكون كلمة عند ذلك من الكلم وانتظامها ينظر إلى قوله تعالى في خلقنا فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ من رُوحِي وهو ورود الحركات على هذه الحروف بعد تسويتها فتقوم نشأة أخرى تسمى كلمة كما يسمى الشخص الواحد منا إنسانا فهكذا انتشا عالم الكلمات والألفاظ من عالم الحروف فالحروف للكلمات مواد كالماء والتراب والنار والهواء لإقامة نشأة أجسامنا ثم نفخ الروح فيه الامري فكان إنسانا كما قبلت الرياح عند استعدادها نفخ الروح الامري فكان جانا كما قبلت الأنوار عند استعدادها نفخ الروح فكانت الملائكة ومن الكلم ما يشبه الإنسان وهو أكثرها ومنها ما يشبه الملائكة والجن وكلاهما جن وهو أقلها كالباء الخافضة واللام والخافضة والمؤكدة وواو القسم وبائه وتائه وواو العطف وفائه والقاف من ق والشين من ش والعين من ع إذا أمرت بها من الوقاية والوشي والوعي وما عدا هذا الصنف المفرد فهو أشبه شيء بالإنسان وإن كان المفرد يشبه باطن الإنسان فإن باطن الإنسان جان في الحقيقة فلما كان عالم الحركات لا يوجد إلا بعد وجود الذوات المتحركة بها وهي الكلمات المنشآت من الحروف أخرنا الكلام عليها عن فصل الحروف إلى فصل الألفاظ ولما كانت الكلمات التي أردنا أن نذكرها في هذا الباب عن جملة الألفاظ أردنا أن نتكلم في الألفاظ على الإطلاق وحصر عالمها ونسبة هذه الحركات منها بعد ما نتكلم أولا على الحركات على الإطلاق ثم بعد ذلك نتكلم على الحركات المختصة بالكلمات التي هي حركات اللسان وعلاماتها التي هي حركات الخط ثم بعد ذلك نتكلم على الكلمات التي توهم التشبيه كما ذكرناه ولعلك تقول هذا العالم المفرد من الحروف الذي قبل الحركة دون تركيب كباء الخفض وشبهه من المفردات كنت تلحقه بالحروف لانفراده فإن هذا هو باب التركيب وهو الكلمات قلنا ما نفخ في باء الخفض الروح وأمثاله من مفردات من الحروف أرواح الحركات ليقوموا بأنفسهم كما قام عالم الحروف وحده دون الحركات وإنما نفخ فيه الروح من أجل غيره فهو مركب ولذلك لا يعطي ذلك حتى يضاف إلى غيره فيقال بالله وتالله وو الله لأعبدن وسأعبد اقْنُتِي لِرَبِّكِ واسْجُدِي وما أشبه ذلك ولا معنى له إذا أفردته غير معنى نفسه وهذه الحقائق التي تكون عن التركيب توجد بوجوده وتعدم بعدمه فإن الحيوان حقيقته لا توجد أبدا إلا عند تألف حقائق مفردة معقولة في ذواتها وهي الجسمية والتغذية والحس فإذا تألف الجسم والغذاء والحس ظهرت حقيقة الحيوان ليس هي الجسم وحده ولا الغذاء وحده ولا الحس وحده فإذا أسقطت حقيقة الحس وألفت الجسم والغذاء قلت نبات حقيقة ليست الأولى ولما كانت الحروف المفردة التي ذكرناها مؤثرة في هذا التركيب الآخر اللفظي الذي ركبناه لإبراز حقائق لا تعقل عند السامع إلا بها لهذا شبهناها لكم المتوصل بالعالم الروحاني كالجن أ لا ترى الإنسان يتصرف بين أربع حقائق حقيقة ذاتية وحقيقة ربانية وحقيقة شيطانية وحقائق ملكية وسيأتي ذكر هذه الحقائق مستوفى في باب المعرفة للخواطر من هذا الكتاب وهذا في عالم الكلمات دخول حرف من هذه الحروف على عالم الكلمات فتحدث فيه ما تعطيه حقيقتها فافهم هذا فهمنا الله وإياكم سرائر كلمه
نكتة وإشارة [انحصار الكلام في ذات وحدث ورابطة]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتيت جوامع الكلم
وقال تعالى وكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وقال وصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها و (كُتُبِهِ) كتابه ويقال قطع الأمير يد السارق وضرب الأمير اللص فمن ألقى عن أمره شيء فهو ألقاه فكان الملقي محمد عليه السلام ألقى عن الله كلمات العالم بأسره من غير استثناء شيء منه البتة فمنه ما ألقاه بنفسه كأرواح الملائكة وأكثر العالم العلوي ومنه أيضا ما ألقاه عن أمره فيحدث الشيء عن وسائط كبرة الزراعة ما تصل إلى أن تجري في أعضائك روحا مسبحا وممجدا إلا بعد أدوار كثيرة وانتقالات في عالم وتنقلب في كل عالم من جنسه على شكل أشخاصه فرجع الكل في ذلك إلى من أوتي جوامع الكلم فنفخ الحقيقة الإسرافيلية من المحمدية المضافة إلى الحق نفخها كما قال تعالى ويوم تنفخ في الصور بالنون وقرئ بالياء وضمها وفتح الفاء والنافخ إنما هو إسرافيل عليه السلام والله قد أضاف النفخ إلى نفسه فالنفخ من إسرافيل والقبول من الصور وسر الحق بينهما هو المعنى بين النافخ والقابل كالرابط من الحروف بين الكلمتين وذلك هو سر الفعل الأقدس الأنزه الذي لا يطلع عليه النافخ ولا القابل فعلى النافخ أن ينفخ وعلى النار أن تتقد والسراج أن ينطفئ والاتقاد والانطفاء بالسر الإلهي فنفخ فيها فتكون طائرا بإذن الله قال تعالى ونُفِخَ في الصُّورِ فَصَعِقَ من في السَّماواتِ ومن في الْأَرْضِ إِلَّا من شاءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ والنفخ واحد والنافخ واحد والخلاف في المنفوخ فيه بحكم الاستعداد وقد خفي السر الإلهي بينهما في كل حالة فتفطنوا يا إخواننا لهذا الأمر الإلهي واعلموا أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ لا يتوصل أحد إلى معرفة كنه الألوهة أبدا ولا ينبغي لها أن تدرك عزت وتعالت علوا كبيرا فالعالم كله من أوله إلى آخره مقيد بعضه ببعضه عابد بعضه بعضا معرفتهم منهم إليهم وحقائقهم منبعثة عنهم بالسر الإلهي الذي لا يدركونه وعائدة عليهم فسبحان من لا يجارى في سلطانه ولا يداني في إحسانه لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فبعد فهم جوامع الكلم الذي هو العلم الإحاطي والنور الإلهي الذي اختص به سر الوجود وعمد القبة وساق العرش وسبب ثبوت كل ثابت محمد صلى الله عليه وسلم فاعلموا وفقكم الله أن جوامع الكلم من عالم الحروف ثلاثة ذات غنية قائمة بنفسها وذات فقيرة إلى هذه الغنية غير قائمة بنفسها ولكن يرجع منها إلى الذات الغنية وصف تتصف به يطلبها بذاته فإنه ليس من ذاتها إلا بمصاحبة هذه الذات لها فقد صح أيضا من وجه الفقر للذات الغنية القائمة بنفسها كما صح للأخرى وذات ثالثة رابطة بين ذاتين غنيتين أو ذاتين فقيرتين أو ذات فقيرة وذات غنية وهذه الذات الرابطة فقيرة لوجود هاتين الذاتين ولا بد فقد قام الفقر والحاجة بجميع الذوات من حيث افتقار بعضها إلى بعض وإن اختلفت الوجوه حتى لا يصح الغني على الإطلاق إلا لله تعالى الغني الحميد من حيث ذاته فلنسم الغنية ذاتا والذات الفقيرة حدثا والذات الثالثة رابطة فنقول الكلم محصور في ثلاث حقائق ذات وحدث ورابطة وهذه الثلاثة جوامع الكلم فيدخل تحت جنس الذات أنواع كثيرة من الذوات وكذلك تحت جنس كلمة الحدث والرابط ولا نحتاج إلى تفصيل هذه الأنواع ومساقها في هذا الكتاب وقد اتسع القول في هذه الأنواع في تفسير القرآن لنا وإن شئت أن تقيس على ما ذكرناه فانظر في كلام النحويين وتقسيمهم الكلم وفي الاسم والفعل والحرف وكذلك المنطقيين فالاسم عندهم هو الذات عندنا والفعل عندهم هو الحدث عندنا والحرف عندهم هو الرابطة عندنا وبعض الأحداث عندهم بل كلها أسماء كالقيام والقعود والضرب وجعلوا الفعل كل كلمة مقيدة بزمان معين ونحن إنما قصدنا بالكلمات الجري على الحقائق بما هي عليه فجعلنا القيام وقام ويقوم وقم حدثا وفصلنا بينهم بالزمان المبهم والمعين
[نظرية الزجاجي في المصدر]
وقد تفطن لذلك الزجاجي فقال والحدث الذي هو القيام مثلا هو المصدر يريد هو الذي صدر من المحدث وهو اسم الفعل يريد أن القيام هذه الكلمة اسم لهذه الحركة المخصوصة من هذا المتحرك الذي بها سمي قائما فتلك الهيئة هي التي سميت قياما بالنظر إلى حال وجودها وقام بالنظر إلى حال انقضائها وعدمها ويقوم وقم بالنظر إلى توهم وقوعها ولا توجد أبدا إلا في متحرك فهي غير قائمة بنفسها ثم قال والفعل يريد لفظة قام ويقوم لا نفس الفعل الصادر من المتحرك قائما مثلا مشتق منه الهاء تعود على لفظة اسم الفعل الذي هو القيام مأخوذ يعني قام ويقوم من القيام لأن النكرة عنده قبل المعرفة والمبهم نكرة والمختص معرفة والقيام مجهول الزمان وقام مختص الزمان ولو دخلت عليه أن ويقوم مختص الزمان ولو دخلت عليه لم وهذا مذهب من يقول بالتحليل إنه فرع عن التركيب وأن المركب وجد مركبا وعلى مذهب من يقول بالتفريق وأن التركيب طارئ وهو الذي يعضد في باب النقل أكثر فإن الأظهر أن المعرفة قبل النكرة وأن لفظة زيد إنما وضعت لشخص معين ثم طرأ التنكير بكونه شورك في تلك اللفظة فاحتيج إلى التعريف بالنعت والبدل وشبه ذلك فالمعرفة أسبق من النكرة عند المحققين وإن كان لهؤلائك وجه هذا أليق
[الحركات الجسمانية والروحانية]
وأما نحن ومن جرى مجرانا ورقى مرقانا الأشمخ فغرضنا أمر آخر ليس هو قول أحدهما مطلقا إلا بنسب وإضافات ونظر إلى وجوه ما يطول ذكرها ولا تمس الحاجة إليها في هذا الكتاب إذ قد ذكرناها في غيره من تواليفنا فلنبين أن الحركات على قسمين حركة جسمانية وحركة روحانية والحركة الجسمانية لها أنواع كثيرة سيأتي ذكرها في داخل الكتاب وكذلك الروحانية ولا نحتاج منها في هذا الكتاب إلا إلى حركات الكلام لفظا وخطا فالحركات الرقمية كالأجسام والحركات اللفظية لها كالأرواح والمتحركات على قسمين متمكن ومتلون فالمتلون كل متحرك تحرك بجميع الحركات أو ببعضها فالمتحرك بجميعها كالدال من زيد والمتحرك ببعضها كالاسماء التي لا تنصرف في حال كونها لا تنصرف فإنها قد تنصرف في التنكير والإضافة كالدال من أحمد والمتمكن كل متحرك ثبت على حركة واحدة ولم ينتقل عنها كالاسماء المبنية مثل هؤلاء وحذام وكحروف الأسماء المعربة التي قبل حرف الإعراب منها كالزاي والياء من زيد وشبهه واعلم أن أفلاك الحركات هي أفلاك الحروف التي تلك الحركات عليها لفظا وخطا فانظره هناك ولها بسائط وأحوال ومقامات كما كان للحروف نذكرها في كتاب المبادى ء المخصوص بعلم الحروف إن شاء الله وكما ثبت التلوين والتمكين للذات كذلك ثبت للحدث والرابط ولكن في الرفع والنصب وحذف الوصف وحذف الرسم ويكون تلوين تركيب الرابط لأمرين بالموافقة والاستعارة والاضطرار فبالموافقة وهو الإتباع هذا ابنم ورأيت ابنما وعجبت من ابنم بالاستعارة حركة النقل كحركة الدال من قد أفلح في قراءة من نقل وبالاضطرار التحريك لالتقاء الساكنين وقد تكون حركة الإتباع الموافق في التركيب الذاتي وإن كان أصل الحروف كلها التمكين وهو البناء مثل الفطرة فينا وهنا أسرار لمن تفطن ولكن الوالدان ينقلان عن الفطرة المقيدة لا الفطرة المطلقة كذلك الحروف متمكنة في مقامها لا تختل ثابتة مبنية كلها ساكنة في حالها فأراد اللافظ أن يوصل إلى السامع ما في نفسه فافتقر إلى التلوين فحرك الفلك الذي عنه توجد الحركات عند أبي طالب وعند غيره هو المتقدم واللفظ أو الرقم عن ذلك الفلك وهذا موضع طلب لمريدي معاينة الحقائق
[الحقائق الأول وتوجهاتها العلوية]
وأما نحن فلا نقول بقول أبي طالب ونقتصر ولا بقول الآخر ونقتصر فإن كل واحد منهما قال حقا من جهة ما ولم يتمم فأقول إن الحقائق الأول الإلهية تتوجه على الأفلاك العلوية بالوجه الذي تتوجه به على محال آثارها عند غير أبي طالب المكي وتقبل كل حقيقة على مرتبتها ولما كانت تلك الأفلاك في اللطافة أقرب عند غير أبي طالب إلى الحقائق كان قبولها أسبق لعدم الشغل وصفاء المحل من كدورات العلائق فإنه نزيه فلهذا جعلها السبب المؤثر ولو عرف هذا القائل إن تلك الحقائق الأول إنما توجهت على ما يناسبها في اللطافة وهو أنفاس الإنسان فتحرك الفلك العلوي الذي يناسبه عالم الأنفاس وهذا مذهب أبي طالب ثم يحرك ذلك الفلك العلوي العضو المطلوب بالغرض المطلوب بتلك المناسبة التي بينهما فإن الفلك العلوي وإن لطف فهو في أول درج الكثافة وآخر درج اللطافة بخلاف عالم أنفاسنا واجتمعت المذاهب فإن الخلاف لا يصح عندنا ولا في طريقنا لكنه كاشف واكشف فتفهم ما أشرنا إليه وتحققه فإنه سر عجيب من أكبر الأسرار الإلهية وقد أشار إليه أبو طالب في كتاب القوت له
[التلوين والتمكين في عالم الحروف]
ثم نرجع ونقول فافتقر المتكلم إلى التلوين ليبلغ إلى مقصده فوجد عالم الحروف والحركات قابلا لما يريده منها لعلمها أنها لا تزول عن حالها ولا تبطل حقيقتها فيتخيل المتكلم أنه قد غير الحرف وما غيره برهان ذلك أن تفني نظرك في دال زيد من حيث هو دال وانظر فيه من حيث تقدمه قام مثلا وتفرغ إليه أو أي فعل لفظي كان ليحدث به عنه فلا يصح لك إلا الرفع فيه خاصة فما زال عن بنائه الذي وجد عليه ومن تخيل أن دال الفاعل هو دال المفعول أو دال المجرور فقد خلط واعتقد أن الكلمة الأولى هي عين الثانية لا مثلها ومن اعتقد هذا في الوجود فقد بعد عن الصواب وربما يأتي من هذا الفصل في الألفاظ شيء إن قدر وألهمناه فقد تبين لك أن الأصل الثبوت لكل شيء أ لا ترى العبد حقيقة ثبوته وتمكنه إنما هو في العبودة فإن اتصف يوما ما بوصف رباني فلا تقل هو معار عنده ولكن انظر إلى الحقيقة التي قبلت ذلك الوصف منه تجدها ثابتة في ذلك الوصف كلما ظهر عينها تحلت بتلك الحلية فإياك أن تقول قد خرج هذا عن طوره بوصف ربه فإن الله تعالى ما نزع وصفه وأعطاه إياه وإنما وقع الشبه في اللفظ والمعنى معا عند غير المحقق فيقول هذا هو هذا وقد علمنا أن هذا ليس هذا وهذا ينبغي لهذا ولا ينبغي لهذا فليكن عند من لا ينبغي له عارية وأمانة وهذا قصور وكلام من عمي عن إدراك الحقائق فإن هذا ولا بد ينبغي له هذا فليس الرب هو العبد وإن قيل في الله سبحانه إنه عالم وقيل في العبد إنه عالم وكذلك الحي والمريد والسميع والبصير وسائر الصفات والإدراكات فإياك أن تجعل حياة الحق هي حياة العبد في الحد فتلزمك المحالات فإذا جعلت حياة الرب على ما تستحقه الربوبية وحياة العبد على ما يستحقه الكون فقد انبغي للعبد أن يكون حيا ولو لم ينبغ له ذلك لم يصح أن يكون الحق آمرا ولا قاهرا إلا لنفسه ويتنزه تعالى أن يكون مأمورا أو مقهورا فإذا ثبت أن يكون المأمور والمقهور أمرا آخر وعينا أخرى فلا بد أن يكون حيا عالما مريدا متمكنا مما يراد به هكذا تعطي الحقائق فثم على هذا حرف لا يقبل سوى حركته كالهاء من هذا وثم حرف يقبل الحركتين والثلاث من جهة صورته الجسمية والروحية كالهاء في الضمير له ولها وبه كما تقبل أنت بنفسك الخجل وبصورتك حمرته وتقبل بنفسك الوجل وبصورتك صفرته والثوب يقبل الألوان المختلفة وما بقي الكشف إلا عن الحقيقة التي تقبل الأعراض هل هي واحدة أو شأنها شأن الأعراض في العدم والوجود وهذا مبحث للنظار وأما نحن فلا نحتاج إليه ولا نلتفت فإنه بحر عميق بحال المريد على معرفته من باب الكشف عليه فإنه بالنظر إلى الكشف يسير وبالنظر إلى العقل عسير
[الباحث في اللفظ والمخبر عما تحقق]
ثم أرجع وأقول إن الحرف إذا قامت به حقيقة الفاعلية بتفريغ الفعل على البنية المخصوصة في اللسان تقول قال الله وإذا قامت به حقيقة تطلبه يسمى عندها منصوبا بالفعل أو مفعولا كيف شئت وذلك بأن تطلب منه العون أو تقصده كما طلب مني القيام بما كلفني فمن أجل أنه لم يعطني إلا بعد سؤالي فكان سؤالي أو حالي القائم مقام سؤالي بوعده جعله يعطيني قال تعالى وكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ فسؤالي إياه من أمره إياي به وإعطاؤه إياي من طلبي منه فتقول دعوت الله فنصبت حرف الهاء وقد كانت مرفوعة فعلمنا بالحركات أن الحقائق قد اختلفت بهذا ثبت الاصطلاح في لحن بعض الناس وهذا إذا كان المتكلم به غيرنا وأما المتكلم فالحقائق يعلم أولا ويجريها في أفلاكها على ما تقتضيه بالنظر إلى أفلاك مخصوصة وكل متكلم بهذه المثابة وإن لم يعلم بهذا التفصيل وهو عالم به من حيث لا يعلم أنه عالم به وذلك أن الأشياء المتلفظ بها إما لفظ يدل على معنى وهو مقام الباحث في اللفظ ما مدلوله ليرى ما قصد به المتكلم من المعاني وإما معنى بدل عليه بلفظ ما وهو المخبر عما تحقق وأضربنا عن اللحن فإن أفلاكه غير هذه الأفلاك وإسقاط الحركات من الخط في حق قوم دون قوم ما سببه ومن أين هو هذا كله في كتاب المبادي إذ كان القصد بهذا الكتاب الإيجاز والاختصار جهد الطاقة ولو اطلعتم على الحقائق كما أطلعنا عليها وعلى عالم الأرواح والمعاني لرأيتم كل حقيقة وروح ومعنى على مرتبته فافهم وألزم فها نحن قد ذكرنا من بعض ما تعطيه حقائق الحركات ما يليق بهذا الكتاب فلنقبض العنان ولنرجع إلى معرفة الكلمات التي ذكرناها مثل كلمة الاستواء والأين وفي وكان والضحك والفرح والتبشبش والتعجب والملل والمعية والعين واليد والقدم والوجه والصورة والتحول والغضب والحياء والصلاة والفراغ وما ورد في الكتاب العزيز والحديث من هذه الألفاظ التي توهم التشبيه والتجسيم وغير ذلك مما لا يليق بالله تعالى في النظر الفكري عند العقل خاصة فنقول
[الألفاظ التي توهم التشبيه والتجسيم في القرءان العزيز والحديث النبوي]
لما كان القرآن منزلا على لسان العرب ففيه ما في اللسان العربي ولما كانت الأعراب لا تعقل ما لا يعقل إلا حتى ينزل لها في التوصيل بما تعقله لذلك جاءت هذه الكلمات على هذا الحد كما قال ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ولما كانت الملوك عند العرب تجلس عبدها المقرب المكرم منها بهذا القدر في المساحة فعقلت من هذا الخطاب قرب محمد صلى الله عليه وسلم من ربه ولا تبالي بما فهمت من ذلك سوى القرب فالبرهان العقلي ينفي الحد والمسافة حتى يأتي الكلام في تنزيه الباري عما تعطيه هذه الألفاظ من التشبيه في الباب الثالث الذي يلي هذا الباب
[أقسام اللفظ عند العرب]
ولما كانت الألفاظ عند العرب على أربعة أقسام ألفاظ متباينة وهي الأسماء التي لم تتعد مسماها كالبحر والمفتاح والمقصان وألفاظ متواطئة وهي كل لفظة قد تووطئ عليها أن تطلق على آحاد نوع ما من الأنواع كالرجل والمرأة وألفاظ مشتركة وهي كل لفظ على صيغة واحدة يطلق على معان مختلفة كالعين والمشتري والإنسان وألفاظ مترادفة وهي ألفاظ مختلفة الصيغ تطلق على معنى واحد كالأسد والهزبر والغضنفر وكالسيف والحسام والصارم وكالخمر والرحيق والصهباء والخندريس هذه هي الأمهات مثل البرودة والحرارة واليبوسة والرطوبة في الطبائع وثم ألفاظ متشابهة ومستعارة ومنقولة وغير ذلك وكلها ترجع إلى هذه الأمهات بالاصطلاح فإن المشتبه وإن قلت فيه إنه قبيل خامس من قبائل الألفاظ مثل النور يطلق على المعلوم وعلى العلم لشبه العلم به من كشف عين البصيرة به المعلوم كالنور مع البصر في كشف المرئي المحسوس فلما كان هذا الشبه صحيحا سمي العلم نورا ويلحق بالألفاظ المشتركة فاذن لا ينفك لفظ من هذه الأمهات وهذا هو حد كل ناظر في هذا الباب وأما نحن فنقول بهذا معهم وعندنا زوائد من باب الاطلاع على الحقائق من جهة لم يطلعوا عليها علمنا منها أن الألفاظ كلها متباينة وإن اشتركت في النطق ومن جهة أخرى أيضا كلها مشتركة وإن تباينت في النطق وقد أشرنا إلى شيء من هذا فيما تقدم من هذا الباب في آخر فصل الحروف
[المحقق وأدوات التقييد: رموز على كنوز]
فإذا تبين هذا فاعلم أيها الولي الحميم أن المحقق الواقف العارف بما تقتضيه الحضرة الإلهية من التقديس والتنزيه ونفي المماثلة والتشبيه لا يحجبه ما نطقت به الآيات والأخبار في حق الحق تعالى من أدوات التقييد بالزمان والجهة والمكان كقوله عليه السلام أين الله فأشارت إلى السماء فأثبت لها الايمان فسأل صلى الله عليه وسلم بالظرفية عما لا يجوز عليه المكان في النظر العقلي والرسول أعلم بالله والله أعلم بنفسه وقال في الظاهر أَ أَمِنْتُمْ من في السَّماءِ بالفاء وقال وكانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً والرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ويفرح بتوبة عبده
ويعجب من الشاب ليست له صبوة وما أشبه ذلك من الأدوات اللفظية.
قد تقرر بالبرهان العقلي خلقه الأزمان والأمكنة والجهات والألفاظ والحروف والأدوات والمتكلم بها والمخاطبين من المحدثات كل ذلك خلق لله تعالى فيعرف المحقق قطعا أنها مصروفة إلى غير الوجه الذي يعطيك التشبيه والتمثيل وأن الحقيقة لا تقبل ذلك أصلا ولكن تتفاضل العلماء السالمة عقائدهم من التجسيم فإن المشبهة والمجسمة قد يطلق عليهم علماء من حيث علمهم بأمور غير هذا فتفاضل العلماء في هذا الصرف عن هذا الوجه الذي لا يليق بالحق تعالى
[تفاضل العلماء في معاني التنزيه]
فطائفة لم تشبه ولم تجسم وصرفت علم ذلك الذي ورد في كلام الله ورسله إلى الله تعالى ولم تدخل لها قدم في باب التأويل وقنعت بمجرد الايمان بما يعلمه الله في هذه الألفاظ والحروف من غير تأويل ولا صرف إلى وجه من وجوه التنزيه بل قالت لا أدري جملة واحدة ولكني أحيل إبقاءه على وجه التشبيه لقوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ لا لما يعطيه النظر العقلي وعلى هذا فضلاء المحدثين من أهل الظاهر السالمة عقائدهم من التشبيه والتعطيل وطائفة أخرى من المنزهة عدلت بهذه الكلمات عن الوجه الذي لا يليق بالله تعالى في النظر العقلي عدلت إلى وجه ما من وجوه التنزيه على التعيين مما يجوز في النظر العقلي أن يتصف به الحق تعالى بل هو متصف به ولا بد وما بقي النظر إلا في إن هذه الكلمة هل المراد بها ذلك الوجه أم لا ولا يقدح ذلك التأويل في ألوهته وربما عدلوا بها إلى وجهين وثلاثة وأكثر على حسب ما تعطيه الكلمة في وضع اللسان ولكن من الوجوه المنزهة لا غير فإذا لم يعرفوا من ذلك الخبر أو الآية عند التأويل في اللسان إلا وجها واحدا قصروا الخبر على ذلك الوجه التنزيه وقالوا هذا هو ليس إلا في علمنا وفهمنا وإذا وجدوا له مصرفين فصاعدا صرفوا الخبر أو الآية إلى تلك المصارف وقالت طائفة من هؤلاء يحتمل أن يريد كذا ويحتمل أن يريد كذا وتعدد وجوه التنزيه ثم تقول والله أعلم أي ذلك أراد وطائفة أخرى تقوى عندها وجه ما من تلك الوجوه النزيهة بقرينة ما قطعت لتلك القرينة بذلك الوجه على الخبر وقصرته عليه ولم تعرج على باقي الوجوه في ذلك الخبر وإن كانت كلها تقتضي التنزيه وطائفة من المنزهة أيضا وهي العالية وهم من أصحابنا فرغوا قلوبهم من الفكر والنظر وأخلوها إذ كان المتقدمون من الطوائف المتقدمة المتأولة أهل فكر ونظر وبحث فقامت هذه الطائفة المباركة الموفقة والكل موفقون بحمد الله وقالت حصل في نفوسنا تعظيم الحق جل جلاله بحيث لا نقدر أن نصل إلى معرفة ما جاءنا من عنده بدقيق فكر ونظر فأشبهت في هذا العقد المحدثين السالمة عقائدهم حيث لم ينظروا ولا تأولوا ولا صرفوا بل قالوا ما فهمنا فقال أصحابنا بقولهم ثم انتقلوا عن مرتبة هؤلاء بأن قالوا لنا أن نسلك طريقة أخرى في فهم هذه الكلمات وذلك بأن نفرغ قلوبنا من النظر الفكري ونجلس مع الحق تعالى بالذكر على بساط الأدب والمراقبة والحضور والتهيؤ لقبول ما يرد علينا منه تعالى حتى يكون الحق تعالى تعليمنا على الكشف والتحقيق لما سمعته يقول واتَّقُوا الله ويُعَلِّمُكُمُ الله ويقول إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وعَلَّمْناهُ من لَدُنَّا عِلْماً فعند ما توجهت قلوبهم وهممهم إلى الله تعالى ولجأت إليه وألقت عنها ما استمسك به الغير من دعوى البحث والنظر ونتائج العقول كانت عقولهم سليمة وقلوبهم مطهرة فارغة فعند ما كان منهم هذا الاستعداد تجلى الحق لهم معلما فأطلعتهم تلك المشاهدة على معاني هذه الأخبار والكلمات دفعة واحدة وهذا ضرب من ضروب المكاشفة فإنهم إذا عاينوا بعيون القلوب من نزهته العلماء المتقدم ذكرهم بالإدراك الفكري لم يصح لهم عند هذا الكشف والمعاينة أن يجهلوا خبرا من هذه الأخبار التي توهم ولا إن يبقوا ذلك الخبر منسحبا على ما فيه من الاحتمالات النزيهة من غير تعيين بل يعرفون الكلمة والمعنى النزيه الذي سيقت له فيقصروها على ما أريدت له وإن جاء في خبر آخر ذلك اللفظ عينه فله وجه آخر من تلك الوجوه المقدسة معين عند هذا المشاهد هذا حال طائفة منا وطائفة أخرى منا أيضا ليس لهم هذا التجلي ولكن لهم الإلقاء والإلهام واللقاء والكتابة وهم معصومون فيما يلقى إليهم بعلامة عندهم لا يعرفها سواهم فيخبرون بما خوطبوا به وما ألهموا به وما ألقى إليهم أو كتب فقد تقرر عند جميع المحققين الذين سلموا الخبر لقائله ولم ينظروا ولا شبهوا ولا عطلوا والمحققين الذين بحثوا واجتهدوا ونظروا على طبقاتهم أيضا والمحققين الذين كوشفوا وعاينوا والمحققين الذين خوطبوا وألهموا أن الحق تعالى لا تدخل عليه تلك الأدوات المقيدة بالتحديد والتشبيه على حد ما نعقله في المحدثات ولكن تدخل عليه بما فيها من معنى التنزيه والتقديس على طبقات العلماء والمحققين في ذلك لما فيه وتقتضيه ذاته من التنزيه وإذا تقرر هذا فقد تبين أنها أدوات التوصيل إلى أفهام المخاطبين وكل عالم على حسب فهمه فيها وقوة نفوذه وبصيرته فعقيدة التكليف هينة الخطب فطر العالم عليها ولو بقيت المشبهة مع ما فطرت عليه ما كفرت ولا جسمت وإن كان ما أرادوا التجسيم وإنما قصدوا إثبات الوجود لكن لقصور أفهامهم ما ثبت لهم إلا بهذا التخيل فلهم النجاة
[وجود الحق ووجود العالم]
وإذ قد ثبت هذا عند المحققين مع تفاضل رتبهم في درج التحقيق فلنقل إن الحقائق أعطت لمن وقف عليها أن لا يتقيد وجود الحق مع وجود العالم بقبلية ولا معية ولا بعدية زمانية فإن التقدم الزماني والمكاني في حق الله ترمي به الحقائق في وجه القائل به على التحديد اللهم إلا أن قال به من باب التوصيل كما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ونطق به الكتاب إذ ليس كل أحد يقوى على كشف هذه الحقائق فلم يبق لنا أن نقول إلا أن الحق موجود بذاته لذاته مطلق الوجود غير مقيد بغيره ولا معلول عن شيء ولا علة لشيء بل هو خالق المعلولات والعلل والملك القدوس الذي لم يزل وأن العالم موجود بالله تعالى لا بنفسه ولا لنفسه مقيد الوجود بوجود الحق في ذاته فلا يصح وجود العالم البتة إلا بوجود الحق وإذا انتفى الزمان عن وجود الحق وعن وجود مبدأ العالم فقد وجد العالم في غير زمان فلا نقول من جهة ما هو الأمر عليه إن الله موجود قبل العالم إذ قد ثبت أن القبل من صيغ الزمان ولا زمان ولا إن العالم موجود بعد وجود الحق إذ لا بعدية ولا مع وجود الحق فإن الحق هو الذي أوجده وهو فاعله ومخترعه ولم يكن شيئا ولكن كما قلنا الحق موجود بذاته والعالم موجود به فإن سأل سائل ذو وهم متى كان وجود العالم من وجود الحق قلنا متى سؤال زماني والزمان من عالم النسب وهو مخلوق لله تعالى لأن عالم النسب له خلق التقدير لا خلق الإيجاد فهذا سؤال باطل فانظر كيف تسأل فإياك إن تحجبك أدوات التوصيل عن تحقيق هذه المعاني في نفسك وتحصيلها فلم يبق إلا وجود صرف خالص لا عن عدم وهو وجود الحق تعالى ووجود عن عدم عين الموجود نفسه وهو وجود العالم ولا بينية بين الوجودين ولا امتداد إلا التوهم المقدر الذي يحيله العلم ولا يبقى منه شيئا ولكن وجود مطلق ومقيد وجود فاعل ووجود منفعل هكذا أعطت الحقائق والسلام
«مسألة» [إطلاق كلمة الاختراع على الحق]
سألني وارد الوقت عن إطلاق الاختراع على الحق تعالى فقلت له علم الحق بنفسه عين علمه بالعالم إذ لم يزل العالم مشهودا له تعالى وإن اتصف بالعدم ولم يكن العالم مشهودا لنفسه إذ لم يكن موجودا وهذا بحر هلك فيه الناظرون الذين عدموا الكشف وبنسبة لم تزل موجودة فعلمه لم يزل موجودا وعلمه بنفسه علمه بالعالم فعلمه بالعالم لم يزل موجودا فعلم العالم في حال عدمه وأوجده على صورته في علمه وسيأتي بيان هذا في آخر الكتاب وهو سر القدر الذي خفي عن أكثر المحققين وعلى هذا لا يصح في العالم الاختراع ولكن يطلق عليه الاختراع بوجه ما لا من جهة ما تعطيه حقيقة الاختراع فإن ذلك يؤدي إلى نقص في الجناب الإلهي فالاختراع لا يصح إلا في حق العبد وذلك أن المخترع على الحقيقة لا يكون مخترعا إلا حتى يخترع مثال ما يريد إبرازه في الوجود في نفسه أولا ثم بعد ذلك تبرزه القوة العملية إلى الوجود الحسي على شكل ما يعلم له مثل ومتى لم يخترع الشيء في نفسه أولا وإلا فليس بمخترع حقيقة فإنك إذا قدرت أن شخصا علمك ترتيب شكل ما ظهر في الوجود له مثل فعلمته ثم أبرزته أنت للوجود كما علمته فلست أنت في نفس الأمر وعند نفسك بمخترع له وإنما المخترع له من اخترع مثاله في نفسه ثم علمكه وإن نسب الناس الاختراع لك فيه من حيث إنهم لم يشاهدوا ذلك الشيء من غيرك فارجع أنت إلى ما تعرفه من نفسك ولا تلتفت إلى من لا يعلم ذلك منك فإن الحق سبحانه ما دبر العالم تدبير من يحصل ما ليس عنده ولا فكر فيه ولا يجوز عليه ذلك ولا اخترع في نفسه شيئا لم يكن عليه ولا قال في نفسه هل نعمله كذا وكذا هذا كله ما لا يجوز عليه فإن المخترع للشيء يأخذ أجزاء موجودة متفرقة في الموجودات فيؤلفها في ذهنه ووهمه تأليفا لم يسبق إليه في علمه وإن سبق فلا يبالي فإنه في ذلك بمنزلة الأول الذي لم يسبقه أحد إليه كما تفعله الشعراء والكتاب الفصحاء في اختراع المعاني المبتكرة فثم اختراع قد سبق إليه فيتخيل السامع أنه سرقه فلا ينبغي للمخترع أن ينظر إلى أحد إلا إلى ما حدث عنده خاصة إن أراد أن يلتذ ويستمتع بلذة الاختراع ومهما نظر المخترع لأمر ما إلى من سبقه فيه بعد ما اخترعه ربما هلك وتفطرت كبده وأكثر العلماء بالاختراع البلغاء والمهندسون ومن أصحاب الصنائع النجارون والبناءون فهؤلاء أكثر الناس اختراعا وأذكاهم فطرة وأشدهم تصرفا لعقولهم فقد صحت حقيقة الاختراع لمن استخرج بالفكر ما لم يكن يعلم قبل ذلك ولا علمه غيره بالقوة أو بالقوة والفعل إن كان من العلوم التي غايتها العمل والباري سبحانه لم يزل عالما بالعالم أزلا ولم يكن على حالة لم يكن فيها بالعالم غير عالم فما اخترع في نفسه شيئا لم يكن يعلمه فإذ قد ثبت عند العلماء بالله قدم علمه فقد ثبت كونه مخترعا لنا بالفعل لا أنه اخترع مثالنا في نفسه الذي هو صورة علمه بنا إذ كان وجودنا على حد ما كنا في علمه ولو لم يكن كذلك لخرجنا إلى الوجود على حد ما لم يعلمه وما لا يعلمه لا يريده وما لا يريده ولا يعلمه لا يوجده فنكون إذن موجودين بأنفسنا أو بالاتفاق وإذا كان هذا فلا يصح وجودنا عن عدم وقد دل البرهان على وجودنا عن عدم وعلى أنه علمنا وأراد وجودنا وأوجدنا على الصورة الثابتة في علمه بنا ونحن معدومون في أعياننا فلا اختراع في المثال فلم يبق إلا الاختراع في الفعل وهو صحيح لعدم المثال الموجود في العين فتحقق ما ذكرناه وقل بعد ذلك ما شئت فإن شئت وصفته بالاختراع وعدم المثال.
وإن شئت نفيت هذا عنه نفيته ولكن بعد وقوفك على ما أعلمتك به.
الفصل الثالث في العلم والعالم والمعلوم من الباب الثاني
«الفصل الثالث في العلم والعالم والمعلوم» من الباب الثاني
العلم والمعلوم والعالم ..... ثلاثة حكمهمو واحد
وإن تشأ أحكامهم مثلهم ..... ثلاثة أثبتها الشاهد
وصاحب الغيب يرى واحدا ..... ليس عليه في العلى زائد
اعلم أيدك الله أن العلم تحصيل القلب أمرا ما على حد ما هو عليه ذلك في نفسه معدوما كان ذلك الأمر أو موجودا فالعلم هو الصفة التي توجب التحصيل من القلب والعالم هو القلب والمعلوم هو ذلك الأمر المحصل وتصور حقيقة العلم عسير جدا ولكن أمهد لتحصيل العلم ما يتبين به إن شاء الله تعالى.
[القلب والحضرة الإلهية]
فاعلموا إن القلب مرآة مصقولة كلها وجه لا تصدأ أبدا فإن أطلق يوما عليها أنها صدئت كما
قال عليه السلام إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد
الحديث وفيه إن جلاءها ذكر الله وتلاوة القرآن ولكن من كونه الذكر الحكيم فليس المراد بهذا الصدأ أنه طخاء طلع على وجه القلب ولكنه لما تعلق واشتغل بعلم الأسباب عن العلم بالله كان تعلقه بغير الله صدأ على وجه القلب لأنه المانع من تجلى الحق إلى هذا القلب لأن الحضرة الإلهية متجلاة على الدوام لا يتصور في حقها حجاب عنا فلما لم يقبلها هذا القلب من جهة الخطاب الشرعي المحمود لأنه قبل غيرها عبر عن قبول ذلك الغير بالصدأ والكن والقفل والعمي والران وغير ذلك وإلا فالحق يعطيك أن العلم عنده ولكن بغير الله في علمه وهو بالله في نفس الأمر عند العلماء بالله ومما يؤيد ما قلناه قول الله تعالى وقالُوا قُلُوبُنا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ فكانت في أكنة مما يدعوها الرسول إليه خاصة لا أنها في كن ولكن تعلقت بغير ما تدعى إليه فعميت عن إدراك ما دعيت إليه فلا تبصر شيئا والقلوب أبدا لم تزل مفطورة على الجلاء مصقولة صافية فكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي ياقوت أحمر الذي هو التجلي الذاتي فذلك قلب المشاهد المكمل العالم الذي لا أحد فوقه في تجل من التجليات ودونه تجلى الصفات ودونهما تجلى الأفعال ولكن من كونها من الحضرة الإلهية ومن لم تتجل له من كونها من الحضرة الإلهية فذلك هو القلب الغافل عن الله تعالى المطرود من قرب الله تعالى.
[تصور حقيقة العلم]
فانظر وفقك الله في القلب على حد ما ذكرناه وانظر هل تجعله العلم فلا يصح وإن قلت الصقالة الذاتية له فلا سبيل ولكن هي سبب كما إن ظهور المعلوم للقلب سبب وإن قلت السبب الذي يحصل المعلوم في القلب فلا سبيل وإن قلت المثال المنطبع في النفس من المعلوم وهو تصور المعلوم فلا سبيل فإن قيل لك فما هو العلم فقل درك المدرك على ما هو عليه في نفسه إذا كان دركه غير ممتنع وأما ما يمتنع دركه فالعلم به هو لا دركه كما قال الصديق العجز عن درك الإدراك إدراك فجعل العلم بالله هو لا دركه فاعلم ذلك ولكن لا دركه من جهة كسب العقل كما يعلمه غيره ولكن دركه من جوده وكرمه ووهبه كما يعرفه العارفون أهل الشهود لا من قوة العقل من حيث نظره.
«تتميم» [معرفة الله عن طريق الكون]
ولما ثبت أن العلم بأمر ما لا يكون إلا بمعرفة قد تقدمت قبل هذه المعرفة بأمر آخر يكون بين المعروفين مناسبة لا بد من ذلك وقد ثبت أنه لا مناسبة بين الله تعالى وبين خلقه من جهة المناسبة التي بين الأشياء وهي مناسبة الجنس أو النوع أو الشخص فليس لنا علم متقدم بشيء فندرك به ذات الحق لما بينهما من المناسبة مثال ذلك علمنا بطبيعة الأفلاك التي هي طبيعة خامسة لم نعلمها أصلا لو لا ما سبق علمنا بالأمهات الأربع فلما رأينا الأفلاك خارجة عن هذه الطبائع بحكم ليس هو في هذه الأمهات علمنا إن ثم طبيعة خامسة من جهة الحركة العلوية التي في الأثير والهواء والسفلية التي في الماء والتراب والمناسبة بين الأفلاك والأمهات الجوهرية التي هي جنس جامع للكل والنوعية فإنها نوع كما أن هذه نوع لجنس واحد وكذلك الشخصية ولو لم يكن هذا التناسب لما علمنا من الطبائع علم طبيعة الفلك وليس بين الباري والعالم مناسبة من هذه الوجوه فلا يعلم بعلم سابق بغيره أبدا كما يزعم بعضهم من استدلال الشاهد على الغائب بالعلم والإرادة والكلام وغير ذلك ثم يقدسه بعد ما قد حمله على نفسه وقاسه بها ثم إنه مما يؤيد ما ذهبنا إليه من علمنا بالله تعالى أن العلم يترتب بحسب المعلوم وينفصل في ذاته بحسب انفصال المعلوم عن غيره والشيء الذي به ينفصل المعلوم إما أن يكون ذاتا كالعقل من جهة جوهريته وكالنفس وإما أن يكون ذاتا من جهة طبعه كالحرارة والإحراق للنار فكما انفصل العقل عن النفس من جهة جوهريته كذلك انفصل النار عن غيره بما ذكرناه وإما أن ينفصل عنه بذاته لكن بما هو محمول فيه إما بالحال كجلوس الجالس وكتابة الكاتب وإما بالهيئة كسواد الأسود وبياض الأبيض وهذا حصر مدارك العقل عند العقلاء فلا يوجد معلوم قطعا للعقل من حيث ما هو خارج عما وصفنا إلا بأن نعلم ما انفصل به عن غيره إما من جهة جوهره أو طبعه أو حاله أو هيأته ولا يدرك العقل شيئا لا توجد فيه هذه الأشياء البتة وهذه الأشياء لا توجد في الله تعالى فلا يعلمه العقل أصلا من حيث هو ناظر وباحث وكيف يعلمه العقل من حيث نظره وبرهانه الذي يستند إليه الحس أو الضرورة أو التجربة والباري تعالى غير مدرك بهذه الأصول التي يرجع إليها العقل في برهانه وحينئذ يصح له البرهان الوجودي فكيف يدعي العاقل أنه قد علم ربه من جهة الدليل وأن الباري معلوم له ولو نظر إلى المفعولات الصناعية والطبيعية والتكوينية والانبعاثية والإبداعية ورأى جهل كل واحد منها بفاعله لعلم أن الله تعالى لا يعلم بالدليل أبدا لكن يعلم أنه موجود وأن العالم مفتقر إليه افتقارا ذاتيا لا محيص له عنه البتة قال الله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فمن أراد أن يعرف لباب التوحيد فلينظر في الآيات الواردة في التوحيد من الكتاب العزيز الذي وحد بها نفسه فلا أحد أعرف من الشيء بنفسه فلتنظر بما وصف نفسه وتسأل الله تعالى أن يفهمك ذلك فستقف علم إلهي لا يبلغ إليه عقل بفكره أيد الآباد.
العلم والمعلوم والعالم ..... ثلاثة حكمهمو واحد
وإن تشأ أحكامهم مثلهم ..... ثلاثة أثبتها الشاهد
وصاحب الغيب يرى واحدا ..... ليس عليه في العلى زائد
اعلم أيدك الله أن العلم تحصيل القلب أمرا ما على حد ما هو عليه ذلك في نفسه معدوما كان ذلك الأمر أو موجودا فالعلم هو الصفة التي توجب التحصيل من القلب والعالم هو القلب والمعلوم هو ذلك الأمر المحصل وتصور حقيقة العلم عسير جدا ولكن أمهد لتحصيل العلم ما يتبين به إن شاء الله تعالى.
[القلب والحضرة الإلهية]
فاعلموا إن القلب مرآة مصقولة كلها وجه لا تصدأ أبدا فإن أطلق يوما عليها أنها صدئت كما
قال عليه السلام إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد
الحديث وفيه إن جلاءها ذكر الله وتلاوة القرآن ولكن من كونه الذكر الحكيم فليس المراد بهذا الصدأ أنه طخاء طلع على وجه القلب ولكنه لما تعلق واشتغل بعلم الأسباب عن العلم بالله كان تعلقه بغير الله صدأ على وجه القلب لأنه المانع من تجلى الحق إلى هذا القلب لأن الحضرة الإلهية متجلاة على الدوام لا يتصور في حقها حجاب عنا فلما لم يقبلها هذا القلب من جهة الخطاب الشرعي المحمود لأنه قبل غيرها عبر عن قبول ذلك الغير بالصدأ والكن والقفل والعمي والران وغير ذلك وإلا فالحق يعطيك أن العلم عنده ولكن بغير الله في علمه وهو بالله في نفس الأمر عند العلماء بالله ومما يؤيد ما قلناه قول الله تعالى وقالُوا قُلُوبُنا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ فكانت في أكنة مما يدعوها الرسول إليه خاصة لا أنها في كن ولكن تعلقت بغير ما تدعى إليه فعميت عن إدراك ما دعيت إليه فلا تبصر شيئا والقلوب أبدا لم تزل مفطورة على الجلاء مصقولة صافية فكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي ياقوت أحمر الذي هو التجلي الذاتي فذلك قلب المشاهد المكمل العالم الذي لا أحد فوقه في تجل من التجليات ودونه تجلى الصفات ودونهما تجلى الأفعال ولكن من كونها من الحضرة الإلهية ومن لم تتجل له من كونها من الحضرة الإلهية فذلك هو القلب الغافل عن الله تعالى المطرود من قرب الله تعالى.
[تصور حقيقة العلم]
فانظر وفقك الله في القلب على حد ما ذكرناه وانظر هل تجعله العلم فلا يصح وإن قلت الصقالة الذاتية له فلا سبيل ولكن هي سبب كما إن ظهور المعلوم للقلب سبب وإن قلت السبب الذي يحصل المعلوم في القلب فلا سبيل وإن قلت المثال المنطبع في النفس من المعلوم وهو تصور المعلوم فلا سبيل فإن قيل لك فما هو العلم فقل درك المدرك على ما هو عليه في نفسه إذا كان دركه غير ممتنع وأما ما يمتنع دركه فالعلم به هو لا دركه كما قال الصديق العجز عن درك الإدراك إدراك فجعل العلم بالله هو لا دركه فاعلم ذلك ولكن لا دركه من جهة كسب العقل كما يعلمه غيره ولكن دركه من جوده وكرمه ووهبه كما يعرفه العارفون أهل الشهود لا من قوة العقل من حيث نظره.
«تتميم» [معرفة الله عن طريق الكون]
ولما ثبت أن العلم بأمر ما لا يكون إلا بمعرفة قد تقدمت قبل هذه المعرفة بأمر آخر يكون بين المعروفين مناسبة لا بد من ذلك وقد ثبت أنه لا مناسبة بين الله تعالى وبين خلقه من جهة المناسبة التي بين الأشياء وهي مناسبة الجنس أو النوع أو الشخص فليس لنا علم متقدم بشيء فندرك به ذات الحق لما بينهما من المناسبة مثال ذلك علمنا بطبيعة الأفلاك التي هي طبيعة خامسة لم نعلمها أصلا لو لا ما سبق علمنا بالأمهات الأربع فلما رأينا الأفلاك خارجة عن هذه الطبائع بحكم ليس هو في هذه الأمهات علمنا إن ثم طبيعة خامسة من جهة الحركة العلوية التي في الأثير والهواء والسفلية التي في الماء والتراب والمناسبة بين الأفلاك والأمهات الجوهرية التي هي جنس جامع للكل والنوعية فإنها نوع كما أن هذه نوع لجنس واحد وكذلك الشخصية ولو لم يكن هذا التناسب لما علمنا من الطبائع علم طبيعة الفلك وليس بين الباري والعالم مناسبة من هذه الوجوه فلا يعلم بعلم سابق بغيره أبدا كما يزعم بعضهم من استدلال الشاهد على الغائب بالعلم والإرادة والكلام وغير ذلك ثم يقدسه بعد ما قد حمله على نفسه وقاسه بها ثم إنه مما يؤيد ما ذهبنا إليه من علمنا بالله تعالى أن العلم يترتب بحسب المعلوم وينفصل في ذاته بحسب انفصال المعلوم عن غيره والشيء الذي به ينفصل المعلوم إما أن يكون ذاتا كالعقل من جهة جوهريته وكالنفس وإما أن يكون ذاتا من جهة طبعه كالحرارة والإحراق للنار فكما انفصل العقل عن النفس من جهة جوهريته كذلك انفصل النار عن غيره بما ذكرناه وإما أن ينفصل عنه بذاته لكن بما هو محمول فيه إما بالحال كجلوس الجالس وكتابة الكاتب وإما بالهيئة كسواد الأسود وبياض الأبيض وهذا حصر مدارك العقل عند العقلاء فلا يوجد معلوم قطعا للعقل من حيث ما هو خارج عما وصفنا إلا بأن نعلم ما انفصل به عن غيره إما من جهة جوهره أو طبعه أو حاله أو هيأته ولا يدرك العقل شيئا لا توجد فيه هذه الأشياء البتة وهذه الأشياء لا توجد في الله تعالى فلا يعلمه العقل أصلا من حيث هو ناظر وباحث وكيف يعلمه العقل من حيث نظره وبرهانه الذي يستند إليه الحس أو الضرورة أو التجربة والباري تعالى غير مدرك بهذه الأصول التي يرجع إليها العقل في برهانه وحينئذ يصح له البرهان الوجودي فكيف يدعي العاقل أنه قد علم ربه من جهة الدليل وأن الباري معلوم له ولو نظر إلى المفعولات الصناعية والطبيعية والتكوينية والانبعاثية والإبداعية ورأى جهل كل واحد منها بفاعله لعلم أن الله تعالى لا يعلم بالدليل أبدا لكن يعلم أنه موجود وأن العالم مفتقر إليه افتقارا ذاتيا لا محيص له عنه البتة قال الله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فمن أراد أن يعرف لباب التوحيد فلينظر في الآيات الواردة في التوحيد من الكتاب العزيز الذي وحد بها نفسه فلا أحد أعرف من الشيء بنفسه فلتنظر بما وصف نفسه وتسأل الله تعالى أن يفهمك ذلك فستقف علم إلهي لا يبلغ إليه عقل بفكره أيد الآباد.
وسأورد من هذه الآيات في الباب الذي يلي هذا الباب شيئا يسيرا.
والله يرزقنا الفهم عنه آمين ويجعلنا من العالمين الذين يعقلون آياته.
مواضيع مماثلة
» الباب الأول في معرفة الروح. كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
» الباب الثالث في تنزيه الحق تعالى عما في طي الكلمات. كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
» خطبة كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
» مقدمة الكتاب كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
» الباب الثاني عشر في معرفة دورة فلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول
» الباب الثالث في تنزيه الحق تعالى عما في طي الكلمات. كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
» خطبة كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
» مقدمة الكتاب كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول للشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي
» الباب الثاني عشر في معرفة دورة فلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية :: كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله