المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الفصل الثانى فى استيعابه صلى الله عليه وسلم للكمالات الإلهية صورة ومعنى ظاهراً وباطاً كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان أعلام التصوف و أئمة الصوفية رضى الله عنهم :: سيدي عبد الكريم الجيلي :: الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
صفحة 1 من اصل 1
08112017

الفصل الثانى فى استيعابه صلى الله عليه وسلم للكمالات الإلهية صورة ومعنى ظاهراً وباطاً كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
الفصل الثانى فى استيعابه صلى الله عليه وسلم للكمالات الإلهية صورة ومعنى ظاهراً وباطاً كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية سيدي عبد الكريم الجيلي رضي الله عنه
الفصل الثانى فى استيعابه صلى الله عليه وسلم للكمالات الإلهية صورة ومعنى ظاهراً وباطاً
وصفاً وتحققاً، ذاتاً وصفاتاً، جمالاً وجلالاً وكمالاً
اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حقيقة ذاتية ترجع إليها الكمالات الإلهية روجع الصفة إلى موصوفها، وأنه صلى الله عليه وسلم إنما كان معبراً عن أوصاف نفسه التى كان هو متحققاً بها فى جميع ما كان يصفه عن الله تعالى. ولهذا عبّرت الطائفة عن الحقيقة المحمدية بالذات، وبحضرة الجمع والوجود. وذلك هو الله وأسماؤه وصفاته.
ثم إن هذه الأسماء التى تحقق بكمالاتها، ولو شاركه فيها غيره من الكمل. فإن شأنه فيها خلاف شأنهم. لأن الكمل إنما عرفوا أنفسهم من الله. وهو صلى الله عليه وسلم إنما عرف الله من نفسه. فعلى الحقيقة إنما عرف الله محمد صلى الله عليه وسلم لأن الكمل إنما عرفوا نفوسهم.
وخلاصة هذا الكلام أن الكمل إنما قبولوا من الكمالات الوجودية بقدر قوابلهم، وقبول محمد صلى الله عليه وسلم منها بقدر الله، وقدر الله لا نهاية له. ولأجل ذلك قال صلى الله عليه وسلم عن جميع من سواه من الكمل فمن دونهم: (وما قدرُواْ اللّه حقّ قدْرِهِ) سورة الأنعام آية 91. وقال فى آية أخرى عنهم: (سُبْحان ربِّك ربِّ الْعِزّةِ عمّا يصِفُون) سورة الصافات آية 180. نزه نفسه صلى الله عليه وسلم عما وصفوه به الكمل من الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين والأولياء الصدقين ومن دونهم من سائر الخلق أجمعين.
واعلم أن هذا المعنى الذى ذكرته لك يشهد به جميع الكمل، ويؤمن به جميع العارفين. فالمحقق يجد ذلك عياناً كشفاً ووجداناً. والعارف يجد ذلك علماً يقيناً وإيماناً. ومن سوى هذاين الطائفتين فإنه لتحققه بمقام التفرقة ينكر ذلك، ولا يؤمن به.
ولقد أقمت فى مشهد محمدى بالروضة الشريفة النبوية بمدينته صلى الله عليه وسلم فى تاريخ الرابع والعشرين من شهر ذى الحجة الحرام سنة انثنين وثمانمائة. فرأيته صلى الله عليه وسلم بالأفق الأعلى، والمستوى الأزهى، حيث لا يقال فيه حيث، ذاتاً محضاً صرفاً، متحققاً بألوهة كاملة جامعة. وسمعت عن يمينه قائلاً: (قُلْ هُو اللّهُ أحدٌ) سورة الإخلاص آية 1. يشير بلفظة (هُو اللّهُ) سورة الكهف آية 38. إلى المظهر المحمدى. فقلت كقوله. فلما رجعت إلى العالم الكونى وجدت هذه السورة بكمالها مكتوبة فى اسطوانة من اسطوانات الشباك المقابل لضريحه ولم أكن أشهد تلك الكتابة قبل ذلك الوقت، ولم تزل تلك السورة مكتوبة إلى تاريخنا هذا.
ثم عرفت أن الكاتب لتلك السورة فى ذلك المكان إنما كتبها عبارة عما تجلى عليه من الحقيقة المحمدية فى مشهد من المشاهد العلية.
واعلم ن جميع ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله فى القرآن كقوله: (والسّماء بنيْناها بِأيْدٍ وإِنّا لمُوسِعُون) سورة الذاريات آية 47. وقوله: (وما أمْرُنا إِلّا واحِدةٌ كلمْحٍ بِالْبصرِ) سورة القمر آية 50. وقوله: (نُنجِي الْمُؤْمِنِين)سورة الأنبياء اية 88.
وأمثال ذلك كله إنما عبر بها عن ذاته الإلهية، والدليل على ذلك أنه قال عن القرآن الذى هو كلام الله: (إِنّهُ لقوْلُ رسُولٍ كرِيمٍ) سورة الحاقة أية 40. فالقرآن كلامه، وكل ما فيه من صفات الله أخلاقه وصفاته بدليل قول عائشة رضى الله عنها: (كان خلقه القرآن يغضب لغضبه ويرضى لرضاه).
فقولها يغضب لغضبه ويرضى لرضاه. برهان وشاهد لصحة قولها كان خلقه القرآن.
فإذا كان القرآن خلقه، والقرآن صفات الله. فصفات الله صفاته، وإذا كانت صفات الله صفاته فأسماء الله أسماؤه، وسوف أبين لكم ذلك وأشرحه على قدر ما علمناه من مقامه صلى الله عليه وسلم، وشاهدناه متحققاً بأن له صلى الله عليه وسلم من وراء ذلك ما لا يمكن شرحه إجمالاً وتفصيلاً، ولا تنتهى إليه همته ولا ينتهى علم ومعرفة. فتأمل بالفهم والإيمان لما يُلقى إليك، وتقلد فى ذلك منة الله عليك.
واعلم بأنك أن فهمته كنت من السابقين، وإن آمنت به ولم تفهمه كنت من اللاحقين، وإن أنكرته كنت من الخاسرين والله يقول الحق، وهو أعلم بالمهتدين.
-أما اسمه الله، فإنه صلى الله عليه وسلم متحقق بالألوهة التى هى مركز هذا الاسم، والدليل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم متصف بسائر الأسماء والصفات، وتلك هى الألوهة. وسياتى بيان اتصافه بها فى هذا الباب.
وأما تسميته بهذا الاسم فلتحققه بالألوهة، ومن تحقق بصفة استحق التسمى باسم تلك الصفة.
ولقائل أن يقول: إن اسمه الله للتعلق، لا للتخلق. فإذا كان ذلك لا يصح قولك أنه متحقق بالألوهة.
الجواب: إن الاسم الله للتعلق لا الألوهة، التى هى مرتبة هذا الاسم. فاعلم ولنا على تسميه بهذا الاسم دليل مجازى وهو قوله تعالى: (مّنْ يُطِعِ الرّسُول فقدْ أطاع اللّه) سورة النساء آية 80. وقوله: (إِنّ الّذِين يُبايِعُونك إِنّما يُبايِعُون اللّه) سورة الفتح آبة 10. فافهم.
أما اسمه: الرحمن
فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بالرحمانية لسريان وجوده فى جميع الموجودات، لأنه هيولى العالم، والدليل على ذلك أن الله خلق العالم منه فهو صلى الله عليه وسلم سار فى جميع الموجودات سريان الحياة فى كل حى. فهو حياة العالم، وهو الرحمة العظمى التى عمّت الموجودات، لما ذكرناه فى شرح اسمه الرحمن.
إن رحمته عامة محيطة، ولذلك قال الله تعالى فى حقه: (وما أرْسلْناك إِلّا رحْمةً لِّلْعالمِين) سورة الأنبياء آية 107.
فما اختص برحمته مؤمن عن كافر، ولا سعيد عن شقى بل عمت رحمته الوجود؛ أعلاه وأسفله. ولنا دليل مجازى على تحققه بالرحمانية، وهو ما ورد عنه فى حديث الإسراء: أنه صعد حتى بلغ محلاً توقف عنه جبريل ثم ارتقى حتى صعد العرش.
وقد علمت إنما هو مستوى الرحمن. فصعوده على العرش عبارة عن تحققه بالرحمانية صلى الله عليه وسلم.
أما اسمه الرحيم، فقد ورد النص بذلك، وقد سبق بيانه فى أول الكتاب. قال الله تعالى: (لقدْ جاءكُمْ رسُولٌ مِّنْ أنفُسِكُمْ عزِيزٌ عليْهِ ما عنِتُّمْ حرِيصٌ عليْكُم بِالْمُؤْمِنِين رؤُوفٌ رّحِيمٌ) سورة التوبة آية 128.
وأما اسمه الملك، فقد كان صلى الله عليه وسلم متحققا بذلك.
وقد ورد أن جبريل عليه السلام نزل عليه يخبره أن يكون ملكاً أو يكون عبداً فاختار العبودية. وسرُّ هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بالملكية فتنزل منها إلى مقام العبودية كمالاً وتمكيناً. وقد أخذ الله له العهد على الأنبياء كما يؤخذ العهد للملك على غلمانه وحواشيه.
وأما اسمه: القدوس، ذكر القاضى عياض، رحمه الله فى كتاب الشفاء: أن من أسماء النبى صلى الله عليه وسلم اسمه القدوس. سماه الله تعالى به فى الأنجيل، وقد سبق بيان ذلك.
وأما اسمه: السلام، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متجلياً به. والدليل على ذلك: ارتفاع المسخ والخسف بعد بعثه. فإنه صلى الله عليه وسلم كان سبب سلامة العالم من ذلك. وقد قال الله تعالى: (وما كان اللّهُ لِيُعذِّبهُمْ وأنت فِيهِمْ) سورة الأنفال آية 33. فهو سلامة محض، وهو السلام المطلق.
وأما اسمه: المؤمن، فهو أمان العالم، ودواء الإيمان المطلق. قد شهد الله له بذلك. فقال: (آمن الرّسُولُ بِما أُنزِل إِليْهِ مِن رّبِّهِ) سورة البقرة آية 285.
وأما اسمه: المهيمن، فقد ذكر القاضى عياض: أن المهيمن من أسماء النبى صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: الجبار، فقد ورد به النص، وهو من أسمائه، وقد شرحناه فى صدر الباب.
وأما اسمه: المتكبر، فإنه كان متصفاً بذلك. والدليل على ما قلناه كونه قد اتصف بأسماء الله الحسنى فلا كبرياء أعظم من صفات الله تعالى.
واعلم أن التكبر عن الله بالله محمود، وما ورد من ذمّ التكبر فإنما هو فى التكبر على الله. فافهم موضع الحمد من الذم.
وأما اسمه الخالق، فإنه كان صلى الله عليه وسلم متصفاً بالصفة الخالقية، والدليل على ذلك: (نبع الماء من بين أصابعه)، فإنها صفة خالقية.
وأما اسمه: البارئ، فإنه كان متصفاً به والدليل على ذلك: كثرة الطعام حتى أنه أطعم نيف من ألف يوم الخندق من صاع من شعير.
وأما اسمه المصور، فإنه كان متصفاً به، والدليل على ذلك قوله الأعرابى: (كن زيداً، فإذا هو زيد).
وأما اسمه: الغفار، فإنه كان متصفاً به والدليل على ذلك غفرانه للأعرابى الذى واقع أهله فى رمضان، وأسقط عنه الكفارة. فقد روينا عن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: بينما نحن جلوس عند النبى صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت.
قال: (ما لك)؟.
قال: وقعت على أمرأتى وأنا صائم.
وفى رواية: أصبت أهلى فى رمضان.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هى تجد رقبة تعتقها)؟
قال: لا.
قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين)؟
قال: لا.
قال: (فهل تجد إطعام ستين مسكيناً)؟
قال: لا.
فمكث النبى صلى الله عليه وسلم.. فبينما نحن على ذلك إذ أتى النبى صلى الله عليه وسلم بعِرق فيه تمر، والعِرْقُ المِكْتل. قال: (أين السائل)؟
قال: أنا.
قال: (خذ هذا فتصدق به).
فقال الرجل: على أفقر منى يا رسول الله. فوالله ما بين لابنيها (يريد الحرمين) أهل بيت أفقر من أهل بيتى.
فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: (أطعمه أهلك).
وقد قال الله تعالى: (ولوْ أنّهُمْ إِذ ظّلمُواْ أنفُسهُمْ جآؤُوك فاسْتغْفرُواْ اللّه واسْتغْفر لهُمُ الرّسُولُ لوجدُواْ اللّه توّاباً رّحِيماً) سورة النساء آية 64. جعل استغفار الرسول شرطاً للمغفرة والتوبة، ولم يكتف باستغفارهم الله. بل قيده بمجيئهم إلى الرسول ليستغفر لهم، وسر هذا أنه صلى الله عليه وسلم هو المتصف بصفة المغفرة صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: القهار، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً به. والدليل على ذلك أنه قهر بنوره جميع أنوار الأنبياء، كما تقهر الشمس أنوار النجوم فنسخت أديان النبيين بديانته، وبطلت ملتهم بظهور ملته فهو القهار الحقيقى.
ومن قهره نصره بالرعب مسيرة شهر كما ورد بالحديث.
وأما اسمه: الوهاب، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً به كما روى عن ابن المنكدر، أنه قال: سمعت جابر بن عبد الله، رضى الله عنهما، يقول: (ما سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن شئ فقال لا).
وأما اسمه: الرزاق، فقد كان صلى الله عليه وسلم متصفاً لهذه الصفة أيضاً والدليل على ذلك: إنزال الغيث الذى هو سبب أرزاق جميع الحيوانات.
فقد روى أنس بن مالك رضى الله عنه: أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة. من باب كان نحو دار القضاء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فاستقبل رسول الله قائماً ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادعُ الله تعالى يغيثناً.
قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
قال أنس: فلا والله ما نرى فى السماء من سحابة، ولا قرعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من ورائه سحابه مثل التُّرس فلما توسطت السماء انتشرت ثم امطرت. قال أنس: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً. قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب فى الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل. فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع النبى صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية، ومناب الشجر) قال: فأقلعت فخرجنا نمشى فى الشمس.
وأما أسمه: الفتاح، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متصفاً بالصفة الفتاحية، فإنه فتح أبواب السموات، وفتح الله أعيناً عمياً، وقلوباً غُلْقاً، وقد مرّ مثل ذلك عنه أنه حكاه لنفسه صلى الله عليه وسلم فى الأحاديث المروية. فكان عليه السلام فتاحاً ونوراً وضاحاً، وقد سبق أن الله سماه بالفتاح فى كتابه. فافهم.
وأما اسمه: العليم، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بصفة العلم الإحاطى. والدليل على ذلك قوله عليه السلام: (فعلمت علوم الأولين والآخرين).
وعلم الأولين والآخرين، هو علم الكون بأسره. فهذا دليل معرفته بالمخلوقات كلها أولها وآخرها دنياويها، وأُخراويها. وأما دليل علمه بالله. فالحديث المروى عن النبى صلى الله عليه وسلم وهو قوله للكمل من أمته: (أنا أعرفكم بالله، وأشدكم له خوفاً).
وأما اسمه: القابض، واسمه الباسط، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بهاتين. الصفتين والدليل على ذلك. ما روت: أسماء ينت عميس: (أنه قبض على الشمس فوقفت حتى صلى علىُّ رضى الله عنه، وفى رواية صحيحة الإسناد عنهما: أنه صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه، ورأسه فى حجر علىًّ رضى الله عنه فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه كان فى طاعتك وطاعة رسولك فردّ عليه الشمس). فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ووقفت على الجبال والأرض). وذلك بالصهباء فى (خبير) أخرجه الطحاوى فى مشكل الحديث.
فهذا دليل عظيم على اتصافه بالقبض والبسط. فإنه قبض على الشمس أن تغيب، وبسط فى النهار حتى زاد، ووقفت الشمس على الجبال والأرض.
وفى بسطه لعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه ولده وماله ولأنسٍ، وغيرهم. ما يغنى المتأمل عن زيادة الاستدلال. فافهم.
وأما اسمه: الخافض، واسمه: الرافع، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بهاتين الصفتين فأقره ولم ينكر عليه حين قال له فى قصيدته:
ومن تضع اليوم لم يرفع
وأما اسمه: المعز، واسمه المُذِلُّ، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بهاتين الصفتين. والدليل على ذلك: تمكنه صلى الله عليه وسلم فى التصرف الكلى فى الوجود. وقد شهد الله له بذلك فقال فى حقه: (ذِي قُوّةٍ عِند ذِي الْعرْشِ مكِينٍ مُطاعٍ ثمّ أمِينٍ) سورة التكوير آية 20-21. يعنى عند ذى العرش. فإذا شهد الله له أنه مطاع فى الملكوت الأعلى فما قولك فى الملك الأسفل. وهو فى تسخير العالم العلوى الذى هو فى طوعه وتحت أمره.
وأما اسمه: السميع، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بذلك. والدليل على ذلك ما روى عن نفسه صلى الله عليه وسلم أنه سمع صريف الأقلام. وقد علمت أنها جفت من الأزل بما هو كائن إلى الأبد. فسماعه تصريفها إنها هو بالصفة السمعية الإلهية الأزلية، إحاطة بما كان وما هو كائن.
وأما اسمه: البصير، فإنه كان صلى الله عليه وسلم متصفاً بذلك. والدليل على ذلك: ما أخبر بأنه صلى الله عليه وسلم من معاينته لعجائب القدرة المتعلقة بأمر الدنيا، وبأمر الآخرة كان مشاهداً مشاهدة عيانية والأحاديث فى هذا الباب كثيرة لا تحصى. كحديثه الذى ذكر فيه رؤيته للجنة والنار. والحديث الذى ذكر فيه رؤيته لعجائب الملكوت الأعلى.
والحديث الذى ذكر فيه موت النجاشى، وصلاته عليه.
وجملة ذلك كله إنما هو لاتصافه بالصفة البصرية الإلهية. ولولا ذلك لما قوى ان يرى به. فإن الله لا يُرى إلا بنوره سبحانه وتعالى. وتلك الصفة البصرية الإلهية. وقد قال تعالى فى حقه: (لقدْ رأى مِنْ آياتِ ربِّهِ الْكُبْرى) سورة النجم آية 18. وقال: (ما زاغ الْبصرُ وما طغى 17) سورة النجم آية 17. (ألمْ تر إِلى ربِّك) سورة الفرقان آية 45. وأمثال هذا كثير. فافهم.
وأما اسمه: الحكم، اسمه: العدل، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بهاتين الصفتين الإلهيتين حقيقة، والدليل على ذلك قوله تعالى من أجله: (فلا وربِّك لا يُؤْمِنُون حتّى يُحكِّمُوك فِيما شجر بيْنهُمْ ثُمّ لا يجِدُواْ فِي أنفُسِهِمْ حرجاً مِّمّا قضيْت) سورة النساء آية 65. لأنه حكم عدل.. وقال الله تعالى له: (وأنِ احْكُم بيْنهُم بِما أنزل اللّهُ) سورة المائدة آية 49. وقال: (لِتحْكُم بيْن النّاسِ بِما أراك اللّهُ) سورة النساء آية 105.
وكل ذلك دليل على أنه متصف بحقيقة هاتين الصفتين فهو الحكم العدل.
وأما اسمه: اللطيف، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بذلك. فلولا لطفه لما عرج على السماء بجسده حتى بلغ للعرش، وهذا غاية اللطف. وإنما فقد سرى بلطفه فى الموجودات. حتى أنه عينها. وقد ذكرنا آنفاً ما يدل على ذلك.
والدليل على ذلك قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: (ولوْ كُنت فظّاً غلِيظ الْقلْبِ لانفضُّواْ مِنْ حوْلِك) سورة آل عمران آية 159. يعنى: ما أنت فظ غليظ القلب. بل أنت لطيف رحيم.
وأما اسمه: الخبير، فقد كان صلى الله عليه وسلم متصفاً بالصفة الخبيرية وقد سماه الله خبيراً فى كتابه العزيز فقال: (الرّحْمنُ فاسْألْ بِهِ خبِيراً) سورة الفرقان آية 59. يعنى محمداً صلى الله عليه وسلم. وقد ذُكر ذلك فيما سبق.
وأما أسمه: الحليم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متصفاً بصفة الحلم غاية الاتصاف وحقيقته بحيث أن شهد له العالم بأسره.
وقد روت عائشة، رضى الله عنها، فى حديث تقول فى آخره: (وما أنتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنهك حرمة الله فينتقم لله بها).
وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كسرت رباعيته، وشج وجهه شق ذلك على أصحابه، وقالوا: لو دعوت عليهم. فقال: (إنى لم أبعث لعاناً، ولكنى بعثت داعياً ورحمة اللهم أهد قومى فإنهم لا يعلمون).
وروى عن عمر، رضى الله عنه، أنه قال فى بعض كلامه: بأبى أنت وأمى يا رسول الله. لقد دعا نوح على قومه فقال: (وقال نُوحٌ رّبِّ لا تذرْ على الْأرْضِ مِن الْكافِرِين ديّاراً) سورة نورح آية 26. ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا. فلقد وطئ ظهرك، وأدمى وجهك، وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إلا خيراً، وقلت: (اللهم أغفر لقومى فإنهم لا يعلمون).
وأما اسمه: العظيم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متصفاً بصفة العظمة، والدليل على ذلك: أن الله شهد له بها فقال: (وإِنّك لعلى خُلُقٍ عظِيمٍ) سورة القلم آية 4. أى: وصفت عظيم. فهو عظيم الوصف لأنه عظيم الذات.
وأما اسمه: الغفورـ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بهذه الصفة حق الاتّصاف. والدلائل على ذلك فى الآحاديث المشهورة كثيرة لا تحصى.
وفى ما رُوى عن (عورث بن الحارث). كفاية لمتأمل فإنه عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتله ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم تحت شجرة فلم ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو قائم، والسيف صلتاً فى يده. فقال: من يمنعك منى؟ فقال: الله. فسقط السيف من يده، فأخذه النبى صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك منى؟ قال كن خير آخذ. فتركه وعفا عنه. فجاء الرجل إلى قومه فقال: (جئتكم من عند خير الناس) قال القاضى عياض رحمه الله.
ومن عظيم خيره فى العفو: عفوه عن اليهودية التى سمته فى الشاة. بعد اعترافها على الصحيح من الرواية. وأنه لم يؤاخذ لبيد بن الأعصم. إذ سحره. وقد أعلم به الوحى إليه بشرح أمره، ولا عتب عليه، فضلاً عن عدم معاقبته وكذلك: لم يؤاخذ عبد الله بن أُبىّ وأشباهه من المنافقين بعظيم ما نُقل عنهم فى جهته صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً. بل قال أشار بقتل بعضهم: ولا يتحدث أن محمد يقتل أصحابه.
وعن أنس رضى الله عنه، كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم وعليه برُد. غليظ الحاشية فجذبه أعرابى بردائه جذبة شديدة حتى أثرت الحاشية فى صفحة عانقه. ثم قال: يا محمد احمل لى على بعيرى هذين من مال الله الذى عندك. فإنك لا تحمل لى من مالك، ولا من مال أبيك، فسكت النبى صلى الله عليه وسلم وقال: (المال مال الله وأنا عبده) ثم قال: (ويقاد منك يا أعربى ما فعلت بى) قال: لا. قال: (لم)؟ قال: لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة. فضحك النبى صلى الله عليه وسلم ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير، وعلى الآخر تمر صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه الشكور، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بهذه الصفة، وقد شهد الله له بذلك فقال تعالى فى حقه: (إِنّهُ كان عبْداً شكُوراً) سورة الإسراء آية 3.
وقال عليه الصلام عن نفسه: (أفلا أكون عبداً شكوراً).
وأما أسمه: العلىُّ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متصفاً بهذه الصفة، فكان العُلوُّ له مكاناً ومكانة.
وأما علو المكان: فلأنه رقى العرش بجسمه، ولأنه قال صلى الله عليه وسلم: (الوسيلة إلى درجة فى الجنة، ولا تكون إلا لرجل واحد، وأرجوا أن أكون أنا ذلك الرجل).
ورجاؤه أمر حتمى. أى: محقق الحصول. والدليل على ذلك أن الله وعده بها، والله لا يخلف وعده. فهذا علو المكان.
أما علو المكانة: هو ما هو عليه فى نفس الأمر. لأن ذاته هى المشار إليها بالحقيقة الإلهية والدليل على ذلك ظهور. آثار الكمالات الإلهية، واتصافه بالصفات القدسية، وتحققه بها صورة ومعنى. حتى تمكل فى جميعها إلى أن شهد الله له بتمكينه فيها حيث قال فيه: (ذِي قُوّةٍ عِند ذِي الْعرْشِ مكِينٍ مُطاعٍ ثمّ أمِينٍ) سورة التكوير آية 20-21.
فالعندية هذه مكانة. فقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم علو المكان والمكانة، فهو العلى المطلق.
وأما اسمه: الكبير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم ظاهراً وباطناً. ومتصفاً بالكمالات الإلهية صورة ومعنى.
وأما اتصافه بالكبير صورة. فهو لأن الله تعالى خلق جميع الموجودات منه. فهو كل الوجود، ولا شئ أكبر من كلية الوجود بأسره.
وأما اتصافه بالكبير معنى فهو لأن الله تعالى حقيقة ذاته. وصفاته صفاته فهو الكبير المتعال.
وأما اسمه: الحفيظ، فهو متحقق بهذا الاسم لأنه يلقنه حفظ المراتب الوجودية لأنه المتعين فى جميعها، فلولا الموجود لما كان للوجود تعيناً، ولولا المقام لما كان المقام، ولولا ذو المرتبة لما كانت المرتبة. فهو صلى الله عليه وسلم متعين بجميع المراتب الوجودية كلها.
والدليل على ذلك: أن الله تعالى خلق العالم كله منه صلى الله عليه وسلم. فكل شئ منه فى مرتبة من مراتب الوجود. فهو الحافظ للوجود وبتعينه فيها، وظهوره فى المراتب الوجودية صورة ومعنى.
وأما اسمه: المغيث، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم متصفاً بها للإغاثة، لأن الله تعالى أغاث الوجود به.
منها: أنه صلى الله عليه وسلم بعث على خير فترة من الرسل بعد أن خبط بنو إسرائيل وبدلوا كلام الله، فأغاث الناس، وجاءهم بالحق المبين.
ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم لما بعث ارتفع المسخ والخسف من العالم، بعد أن كان قد شاع ذلك فى أقطار الأرض فكان غياثاً للعالم من الهلاك والخسف.
ومنها: أنه أغاث أهل الحقائق فى سلوكهم، لأنه ظهر بالتحقق الإلهى، فصار ذلك لأهل الحقائق أنموذجاً يسلكون على نواله.
وقال تعالى: (لقدْ كان لكُمْ فِي رسُولِ اللّهِ أُسْوةٌ حسنةٌ) سورة الأحزاب آية 21.
يعنى بتحقق بالحقائق الإلهية. فتقتدون به فيها وتقتفون أثره.
ومنها: أنه أغاث العالم بفعله، فساقهم الغيث فى عين الجدب والمحق. كما قد ذكرنا فى الباب ما ورد فى الحديث عن أنس بن مالك؛ رضى الله عنه، أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال، وأنقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا.
قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا).
قال انس: فلا والله ما نرى فى السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من روائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم امطرت. قال أنس: فلا والله وما رأينا الشمس سبتاً.
قال ثم دخل رجل من ذلك الباب فى الجمعة المقبلة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يخطب فاستقبلها قائماً. فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هلكت الأموال، وانقتطعت اليبل فادع الله يمسكها عنا.
قال: فرفع النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية، ومنابت الشجر).
فأقلعت وخرجنا نمشى فى الشمس.
قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول؟
قال: لا أدرى. قلت: هاتين إنما اثنين فعلتين: الأولى: كشف الضر عنهم بإغاثتهم بالمطر.
الثانية: كشف الضر عنهم بإغاثتهم برفعه. فهو المغيث المطلق صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه الحسيب، فإن كان متصفاً به إذ لا حسب أرفع من حسبه وأى حسبي أعلى من الاتصاف بالأسماء والصفات الإلهية. تحققا وتخلقاً، ظاهراً وباطناً.
وأما الحسب الظاهرى.
فلا حاجة إلى ذكره لعدم الخلاف فى عظم حسبه، وعلوه.
وفى الحديث الذى أوردناه آنفاً كفاية حيث قال: (فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر) وكان قريشياً، وولياً، ونبياً، ورسولاً مطلقاً إلى كافة خلق الله، ولم يكن ذلك لغيره.
وأما اسمه: الجليل، فإنه كان متحققاً بالجلال. الدليل على ذلك: أن الله تعالى أمرنا أن نتأدب معه، ولا نرفع أصواتنا فوق صوته. لجلالة قدره.
وأما اسمه: الكريم، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم متصفاً بصفات الكرم ظاهراً وباطناً، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً. والدليل على ذلك: أن الله تعالى سماه به فقال تعالى: (إِنّهُ لقوْلُ رسُولٍ كرِيمٍ) سورة الحاقة آية 40.
وأما اسمه: الرقيب، فإنه صلى الله عليه وسلم متحققاً بهذا الاسم متصفاً بصفة الرقيب. والدليل على ذلك أنه قال عليه السلام: (تنام عينى ولا ينام قلبى) وهذا من كمال المراقبة.
وقوله: (تعرض على أعمال أمتى حسناتها، حتى إماطة الأذى عن الطريق وسيئاتها، حتى البصاق فى المسجد) وهذا دليل أصبح بكونه رقيباً على الحوادث الكونية.
وأما قوله: ولا ينام قلبى، فإنه دليل على المراقبة الإلهية المعبر عنها بحقيقة اليقين، فهو الرقيب المطلق.
وأما اسمه: المجيب، فإنه صلى الله عليه كان متحققاً بهذا الاسم. والدليل على ذلك ما ورد عن أوصافه، أنه كان يجيب من دعاه، وهذه الإجابة مطلقة، لم تفهمها، وأنصف من نفسه. فهو المجيب المطلق.
وأما اسمه: الواسع، فإنه صلى الله عليه كان متحققاً به. والدليل على ذلك أنه: وسِع الحق تعالى، ووسع خلقه، ووسع علمه.
أما وسعه للحق: فلأن صاحب القلب المشار إليه بقوله: (ما وسعنى أرضى ولا سمائى ووسعنى قلب عبدى المؤمن) ولا وسع أوسع من وسع قلبه. فإنه البحر المحيط، الذى كل القلوب قطرة من قطراته.
وأما وسعه للخلق: فإنه الرحمة التى قال الله تعالى عنها: (ورحْمتِي وسِعتْ كُلّ شيْءٍ) سورة الأعراف آية 156. وهذه مسألة صرح بها طائفة من فحول العلماء. فهو الواسع لكل شئ.
وأما وسعه للعلم الإلهى: فلقوله: (فعلمت علم الأولين والآخرين). صلى الله عليه وعلى آله صحبه وسلم.
وأما اسمه: الحكيم، فإنه صلى الله عليه وسلم متحققاً بهذا الاسم، موصوفاً بهذه الصفة، لأنه الذى أعطى المراتب الوجودية حقها من نفسه، فكان مسمى كل اسم على حسب ما يقتضيه ذلك الشئ فى نفسه. فهو متحقق بحقائق الموجودات متصور بصورها. وإليه الإشارة فى قوله تعالى: (فِي أيِّ صُورةٍ مّا شاء ركّبك) الانفطار آية 8.
يعنى فى أى صورة من صور الحقائق الإلهية أو الخلقية اقتضاها الوقت لك ظهرت فيه لاستيعاب الكمال المطلق المحمدى. فهذه الحكمة الإلهية التى هى الخير الكثير. حيث يقول: (يُؤتِي الْحِكْمة من يشاءُ ومن يُؤْت الْحِكْمة فقدْ أُوتِي خيْراً كثِيراً) سورة البقرة آية 269.
ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يتنزل فى أوقات التنزلات حتى ورد ما ورد عنه فى حديث التغير، وأمثال ذلك كثيرة شمائله على ما كان عليه من الجلالة، حتى أن أصحابه كانوا يقولون فى وصف أحوالهم عنده: كأن على رؤوسنا الطير. وكل هذه الأحوال من مقتضيات الحكمة الإلهية، التى كان متصفاً بها صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: الودود، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذه الصفة. والدليل على ذلك: أن مقامه الحب. فهو الحبيب المطلق. والحب هو الود. فهو الودود.
وأما اسمه: المجيد، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذه الصفة، والدليل على ذلك: اتصافه بالأسماء والصفات الإلهية، ولا مجد أعظم من أسماء الله وصفاته. هذا من جهة الباطن، وأما من جهة الظاهر، فأى مجد أعظم من مجده. وقد قرن الله اسمه مع اسمه.
وأوتى الشفاعة والوسيلة، ونسخ دينه جميع الأديان وفى أمته مثل موسى، وعيسى عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.
وأما اسمه: الباعث، فإنه متصف بهذه الصفة. والدليل على ذلك: أنه قال عليه السلام: (وأنا الحاشر يحشر الناس على دينى).
والحاشر هو الباعث. إذ المعنى واحد.
وأما اسمه: الشهيد، فإنه صلى الله عليه وسلم متصف بهذه الصفة، متحقق بهذا الاسم. والدليل على ذلك: قوله تعالى: (ويوْم الْقِيامةِ يكُونُ عليْهِمْ شهِيداً) سورة النساء آية 159. فهو الشهيد المطلق للحق والخلق.
وأما اسمه: الحق، فإنه صلى الله عليه وسلم متحقق بهذا الاسم، متصف بالصفة الحقية، والدليل على ذلك: قوله تعالى: (قُلْ يا أيُّها النّاسُ قدْ جاءكُمُ الْحقُّ مِن رّبِّكُمْ) سورة يونس آية 108. يعنى: محمداً. وقال: (بلْ كذّبُوا بِالْحقِّ لمّا جاءهُمْ) سورة ق آية 5. يعنى محمداً.
هكذا ذكر القاضى عياض. رحمه الله، فى كتابه، وأيضاً فإن الله تعالى قال: (ما خلقْنا السّماواتِ والْأرْض وما بيْنهُما إِلّا بِالْحقِّ) سورة الأحقاف آية 3.
ورد فى الحديث من رواية جابر: (إن الله تعالى أول ما خلق روح محمد، ثم خلق منه العرش والكرسى، وأسماء الأرض، وجميع الموجودات).
والجمع بين هذه الآية، وهذا الحديث. أن يقال أنه صلى الله عليه وسلم هو: الحق الذى خلق الله منه السموات والأرض. فهو صلى الله عليه وسلم الحق المخلوق به.
وأما اسمه: الوكيل، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذه الصفة، والدليل على ذلك قوله تعالى: (النّبِيُّ أوْلى بِالْمُؤْمِنِين مِنْ أنفُسِهِمْ) سورة الأحزاب آية 6.
فإذا كان هو أولى بهم من أنفسهم فبالضرورة يكون أولى بالتصرف فيما يمكلون منهم، فهو الوكيل المطلق عليهم، ولا يحتج بقوله: (وما أنت عليْهِم بِوكِيلٍ) سورة الزمر آية 41. وقوله: (وما أرْسلْناك عليْهِمْ وكِيلاً) سورة الإسراء آية 54. فإن هذه الوكالة بين المخصوصة من حيث محاسبتهم ومعاقبتهم فهى: وما أرسالناك تحاسبهم وتعاقهبم، وتشد عليهم لأنه مرسل رحمة لا نقمة صلى الله عليه وسلم.
وأما أسمه: القوى، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذه الصفة، والدليل على ذلك قوله تعالى: (ذِي قُوّةٍ عِند ذِي الْعرْشِ مكِينٍ) سورة التكوير آية 20.
وأما اسمه: المتين، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذه الصفة، لأنه ذو الكمال، الذى لا يتناهى، وقد بينا فى شرح الأسماء فى الباب الذى قبل هذا الباب؛ أن المتين هو ذو المحال، الوساع، الذى لا يتناهى ولا شك أن الموصوف بهذه الصفة إنما هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: الولى، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، موصفاً بهذه الصفة، ولا ولاية أعظم من نبوته لما اتفق عليه الجمهور: إن كل نبى ولى، وكل رسول نبى. فما كل نبى رسول، ولا كل ولى نبى.
واعلم ان كل نبى أو رسول فإن ولايته على قدر نبوته ورسالته، ولهذا قال المحققون: إن الولاية أفضل من النبوة. يُريدون بذلك فى الرجل الواحد. يعنى أن ولاية النبى أفضل من تبوته.
وقد قال بعضهم: مقام النبوة فى برزخ، دون الولى وفوق الرسول. وفالولاية: هى عبارة عن الوجه الإلهى الذى للنبى عليه السلام. والنبوة: عبارة عن الوجه العبدى الذى للنبى صلى الله عليه وسلم. والرسالة: عبارة عن الوجه الذى بين النبى وبين الخلق. ولأجل ذلك كانت الرسالة أنزل من النبوة. والنبوة أنزل من الولاية. فافهم.
وأما أسمه: الحميد، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذه الصفة. والدليل على ذلك. ما ورد من أن الله أعطاه لواء الحمد. وهو عبارة عن الثناء على الله، بما أثنى على نفسه ولذلك شق اسمه من الحمد، فهو أحمد، ومحمد، وحامد، وله لواء الحمد، وأنزل الله عليه الحكم.
وأُتى ذلك، قال الله تعالى: (ولقدْ آتيْناك سبْعاً مِّن الْمثانِي والْقُرْآن الْعظِيم) سورة الحجر آية 87. قيل إنها سورة الحمد، ولهذا المعنى إشارات شريفة يعرفها أهلها.
وأما اسمه: المحيي فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذا الصفة. والدليل على ذلك أنه احيى الميت، وقد تواترت تلك الأخبار، وأوردناه فى أول الباب من ذلك ما فيه غُنية، وأحيى الدين بعد اندثاره، وأحيى الأرض الميتة، ودلائل ذلك من حيث أفعاله كثيرة ولا تحصى.
وأما اسمه: المميت، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذه الصفة. والدليل على ذلك. أنه لما رمى يوم بدر بتلك الحصاة فى وجه المشركين لم يعش أحد ممن أصابه شئ من ذلك. هكذا ورد فى الأخبار عنه صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه الحى، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بهذه الصفة. والدليل على ذلك ما أوردناه عنه فى أول هذا الباب. أنه المادة للوجود، للعالم، للكون. فهو الحياة السارية فى الموجودات الأبدية الأزلية.
نكته:
لما كان محمد صلى الله عليه وسلم حقيقة الحياة السارية فى الموجودات وكان كل من الأفراد الإنسانى نسخة له كان فى كل إنسان حياة سارية فى الموجودات. يعرفها المكاشف بها، وإذا أردت أن أوضح لك طرفاً منها فأنظر إلى موجود ما من الموجودات. فإنك تصوره فى عالم خيالك لسريان روحك فى موجودية ذلك الموجود فلو لم يكن لك ذلك السريان لما أمكنك تصوره فى خيالك. فسريان روحك فى العالم هو طرف من الحياة السارية بل عينها إن كان لك قلب أو ألقيت السمع وأنت شهيد.
وهذه النكته لم ينبه أحد عليها سواى، وهى شريفة المقدار وتأمل ترشد، واعرف ما المراد بهذه الكلمات، وما المطلوب بهذه الدلالات.
هل المقصود أن تعرف نفسك أم تعرف الله أم تعرف الله بنفسك. أم تعرف نفسك بالله، أم تعرف الله بالله، وتعرف نفسك بنفسك، أم خلاف ذلك كله.
وما الأمرُ إلا حيرة بعد حيرةٍ ... ... ... ولا عالِمٌ إلا غداً وهو جاهلُ
ولقد رأيت فى أيام بدايتى، فى النوم، أنى أرمى غزالة بالسهم. فرميتها سهماً فأخطأتها، ثم رميتها بآخر فأخطأتها، ثم رميتها ثالث فأخطاتها، فلما استيقظت من منامى حصل عندى من ذلك حاصل عظيم. فحكيت الرؤيا لبعض الأولياء فقال لى: إنما رأيت الأمر على حقيقة ما هو عليه. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا أحصى ثناء عليك).
وإذا كانت الحقيقة المحمدية بهذه المثابة لم يقع فى حقيقة الثناء على حقيقة الإصابة فكيف تريد أن تصيب هذه الغزالة.
ثم حكى أنه كان قد رأى رؤيا تشبه الرؤيا بعينها لكن بعبارة أخرى وذكرها لى ثم قال نهاية هذا الأمر مبنى على الحيرة والعجز وذلك حقيقة الكمال لمن عرف... وفى وهذا المعنى قلت:
عجزْتُ ولكِنْ عنْ ظُهُورِ حقِيقتى ... ... لأنّ سِواى ليْس يقْوى لِذالِكا
فما فِى قُوى الأكْوانِ وُسْعٌ لِدرْكِها ... ... لِتقْصِيرِها عنْ مُقْتضى ما هُنالِكا
فما العجُز بِى لكِنْ بِغيْرِى لاحِقٌ ... ... وبِى لوْ تلْحقْهُ فحقٌ مقالُكا
وفِى مِثْلِ هذا الشّأنِ يحْتارُ عارِفٌ ... ... وكمْ حِيرةٌ لِى فِى وفاءِ كمالِكا
فإنى وإن كنت المحيط بباطن ... ... ... صفاتى ولم أُدركه فيما بدالكا
فكمْ مِنْ صِفاتٍ لِى جلوْتُ كمالها ... ... لدى حضْرةٍ جلت عِلاق مسالكا
تقاصر عنْها الكونُ وانْحطّ قدْرُهُ ... ... فلمْ تدْرِ فى الدُّنيا وأُخْرى لِذلك
ذهب بنا جواد البنان فى هذا البيان إلى أن أبدى ما لم يخطر وضعه هنا أبداً فلنرجع إلى ما كنا بصدده من التكلم فى الاتصاف المحمدى بالأسماء والصفات الإلهية.
وأما اسمه: القيوم، فإنه صلى الله عليه وسلم متحققاً بهذا الاسم، متصفاً بصفات القيومية، لأنه كان جامعاً لحقائق الأسماء والإلهية قائماً بها، وجامعاً للصفات الخلقية قائماً بها فهذا هى القيومية. فافهم.
وأما اسمه: الماجد، فإنه صلى الله عليه وسلم كان من مجده وعلو شأنه متحقق بالكمالات الإلهية فلا مجد أجمع وأعظم من مجده فهو الماجد الحقيقى.
وأما اسمه: الواجد (بالجيم)، فإنه صلى الله عليه وسلم كان واجداً حقيقياً، وجد الكمالات الإلهية عنده، كما وجد جميع المقتضيات عنده، فلا وجود أعظم من وجوداته فهو الواجد من نفسه فى نفسه لنفسه جميع الحقائق الوجودية الحقية والخلقية بغير واسطة صلى الله عليه وسلم.
وإن جلعت الواجد بمعنى الموجد للشئ من العدم فقد تواترت الأخبار عنه بذلك كما صح من حديث جراب (أبى هريرة) ونبع الماء من بين أصابعه، وإطعام الجم الغفير من بشر من خبز الشعير، وأمثال ذلك كثيرة لا حاجة إلى استيفائها لكونها معلومة.
وأما اسمه: الصمد، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، موصوفاً بهذه الصفة، والدليل على ذلك، أنه الموجود الذى صمدت إليه الحقائق بذاتها، ورجعت إليه لكونه حقيقة الحقائق الوجودية، وأما صمديته من حيث عدم الأكل والشرب فمشهور وقد طوى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قيل إنه لم يعد إلى الأكل. (وفى رواية)، لم يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة شهرين طعاماً وفى قوله: (لست كأحدكم)، وكفاية لمتأمل.
يتبع
عبدالله المسافر يعجبه هذا الموضوع
الفصل الثانى فى استيعابه صلى الله عليه وسلم للكمالات الإلهية صورة ومعنى ظاهراً وباطاً كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية :: تعاليق

الفصل الثانى فى استيعابه صلى الله عليه وسلم للكمالات الإلهية صورة ومعنى
وأما اسمه القادر، واسمه: المقتدر، فهذان الاسمان هما من أئمة الأسماء الفعلية، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متحققاً بهما، موصوفاً بصفات القدرة إذ لا خلاف فى أنه صلى الله عليه وسلم كلما استعجزته قريش بطلب معجزة جاء بها على حسب ما طلبته منه.
وفى قصة الضب عبرة لمعتبر. فلا شك أنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بصفة القدرة غير عاجز عن اختراع أمر يريده صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: المقدم، والمؤخر، فإنهما من الأسماء الفعلية، ومتى صح أنه كان متصفاً بالقدرة فبالضرورة يصح اتصافه بجميع الأسماء الفعلية. وقد أقر النبى صلى الله عليه وسلم (عباس بن مرداس) على قوله: ومن تضع اليوم لم يرفع، ولم ينكر عليه ذلك. فهذا دليل أنه مقدم ومؤخر صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: الأول والآخر، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهما، لأنه أصل الوجود إذ هو حقيقة الحقائق، وهو آخر الوجود لظهوره فى الرتبة الإنسانية، البشرية، ولا شئ أنزل من هذه الرتبة. فهى آخر الرتب، كما أنه لا شئ أعلى من حقيقة الحقائق فهى أول الرتب.
وإلى ذلك أشار عليه السلام بقوله: (نحن الآخرون والأولون).
وأما اسمه: الظاهر والباطن، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهما.
أما الظاهرية: فإنه عين كل موجود، لأنه منه خلق.
وأما الباطنية: فلأنه حقيقة الحقائق، وهى غير مشهودة.
فالمعانى الإلهية باطنة، والصور الخلقية ظاهرة، وهو الجامع للمتضادين. فهو الظاهر والباطن.
وأما اسمه: الوالى، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم متصفاً بصفة الولاية الكبرى، فهو والى الوجود، وحاكمه الأكبر لأنه المعطى منه لكل حقيقة من الحقائق مرتبة من المراتب على ما يقتضيه شأن وجوده. وهذه عين الولاية الكبرى، والحكم النافد صلى الله عليه وسلم فو الوالى الحقيقى، لأنه قطب الوجود المطلق عليه يدور رحا الحقائق كلها صلى الله عليه السلام.
وأما أسمه: المتعال،
فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم متصفاً بهذه الصفة. والدليل على ذلك ما شهد الله تعالى له به فقال فى حقه: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) سورة النجم آية 8-9. ولا تعالٍ أعلى من قاب قوسين.
وقد ذكر القاشانى فى اصطلاحات، أن قاب قوسين عبارة عن مقام القرب الأسمائى باعتبار التقابل بين الأسماء فى الأمر الإلهى المسمى دائرة الوجود كالإبداء والإعادة، والنزول والعروج، والفاعلية والقابلية وقال ايضاً فى (أو أدنى).:
أنه أعلى من هذا المقام، إذ هو عبارة عن أحدية عين الجمع الذاتية، بارتفاع المتيز، والاثنينية الاعتبارية وإذا كان الأمركذلك، فأى تعالٍ أعظم من ذلك.
وقد وصف الله تعالى نبيه صلى محمداً صلى الله عليه وسلم: (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) سورة النجم أية 7.
وقال المحققون: إن الأفق الأعلى هو الحضرة الواحدية، والحضرة الألوهية وذلك غير التعالى، وإن شئت قلت: غاية التعالى.
وأما اسمه: البر،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم موصوفاً بصفته، إذ لا خلاف فى أن الإجماع على أنه كان براً شفوقاً رحيماً. وقد أثبت الله تعالى ذلك فى كتابة فقال: (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) سورة آل عمران آية 159، فأثبت تعالى له أنه بر، ليس بفظ، ولا غليظ صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: التواب، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم متصفاً بصفة التوابية، والدليل على ذلك أن الله تعالى قال له أن يتابع الخلق على التوبة، فهو التواب، ولولاه لما تاب مسئ من ذنب صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه المنتقم، فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم موصوفاً بهذه الصفة والدليل على ذلك ما روت عائشة رضى الله عنها (أنه كان لا ينتقم إلا لله).
وقد أمر برجم اليهودى لما زنيا، وبقطع السارقة المخزويمة وغير ذلك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملاً، فالرحمة شأنه، ولو كان منتقماً صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: العفو، فإنه كان متحققاً بهذا الاسم، موصوفاً بصفة العفو وقد سماه الله تعالى بذلك فقال: (خُذِ الْعَفْوَ) سورة الأعراف آية 199. وقال: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) سورة المائدة آية 13. فهو العفو. وفيما ورد من عفوه وصفحه عن الأجرام العظام كفاية لمتبصر صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: الرؤوف،
فالله تعالى قد سماه بذلك، وقد ذكرناه فى صدر الكتاب فقال تعالى عنه: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) سورة التوبة آية 128.
وأما اسمه: مالك الملك، فإنه صلى الله عليه وسلم كن متحققاً بهذا الاسم، موصوفاً بصفة المالكية بالممكلة الوجودية والدليل على ذلك، أن الله تعالى خلق العالم من أجله فهو مالك العالم وسيده.
وقد قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وقد سخر الله تعالى لآدم وأولاده فقال: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ) سورة الجاثية آية 13.
وهو سيدهم فهو سيد العالم أجمع، ومالك الملك. وقد بينا فيما سبق أن أخذ العهد من الأنبياء فى القدم دليل واضح أنه مالك. لأن العهد لا يوجد إلا على الأتباع، والخدم للمتبوع المالك صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: ذو الجلال والإكرام،
فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، ولجلالة قدره (لم يسعه نبى مرسل ولا ملك مقرب) كما حكى عن نفسه فى قوله: (لى وقت مع الله...) . فإن قلت: كيف يصح أن النبى المقرب يسع الحق تعالى لقوله: (ووسعنى قلب عبدى المؤمن) ولم يسع رسول الله؟.
قلنا: أعلم أن وسع الملك المقرب والنبى المرسل للحق تعالى، إنما هو على مقدارهم لا على قدره تعالى، ووسع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدر الله فلهذا عجزوا عن وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا هو مقام الجلال والإكرام. أنه يسع الأشياء ولا يسعه شئ.
وأما اسمه: المقسط،
فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، وموصوفاً بهذه الصفة، لأنه العدل الحق الذى فرق الله به بين الحق والباطل، والدليل علي ذلك قوله تعالى: (فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ) سورة المائدة آية 48. وقوله: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ) سورة المائدة آية 49 وقوله: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) سورة النساء آية 65.
لأنه العقل الأول، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو خزانة العلم الإلهى.
والدليل على أنه العقل الأول قوله صلى الله عليه وسلم: (أول ما خلق الله روح نبيك يا جابر) وقوله: (أول ما خلق الله العقل).
فلو لم يكن هو عين العقل الأول لجاز عليه الكذب، وحاشاه عن ذلك فهو القلم الأعلى، وهو العقل الأول صلى الله عليه وسلم.
وأما أسمه: الجامع،
فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، وموصوفاً بهذه الصفة، لأنه جمع الكمالات الإلهية، والكمالات الخلقية، فتم واستدار زمانه كما روى عن نفسه، لأن الدائرة نصفها حق ونصفها خلق، فاستدارتها عبارة عن شمول كمالات المرتبتين صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: الغنى،
فإنه صلى الله عليه وسلم كان كذلك غنياً بالذات. والدليل على ذلك: ما روى أن جبريل عليه السلام (أتى بمفاتيح خزائن الأرض فقال له: ربك يقرئك السلام ويقول لك خذ هذه). وفى حديث آخر أن يكون ملكاً أو فقيراً: فقال: (بل أصوم يوماً وأفطر يوماً)، ولم يأخذ شيئاً من ذلك لغناه الذاتى بالله تعالى.
وأما اسمه: المغنى،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، وقد أغنى قريشاً بعد فقرهم وجهدهم، والأنصار، وغيرهم من المهاجرين، ومن سواهم حتى ملكوا البلاد، وحكموا على العباد، وفرقوا خزائن (كسرى) و(قيصر). وهذا (معاوية)، لم يمت حتى اتخلف على البلاد، وقد صرح الحديث عن النبى بأنه رجل فقير لما روت (فاطمة بنت قيس) أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة وهو غائب.
وفى رواية طلقها ثلاثاً. فأرسل إليها وكيله قيس فسخطته فقال: والله ما لك علينا من شئ.
فجاءت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. فقال: (ليس لك عليه نفقه، ولا سكنى) فأمرها أن تعتد فى بيت أم شريك. ثم قال: تلك امرآة يغشاها أصحابى، اعتدى عند (بن أم مكتوم) فإنه رجل أعمى فضعى ثيابك، فإذا حللت فآذنينى.
قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبى سفين، وابا جهم خطبانى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. وأما معاوية فصعلوك لا مال له).
هذا حديث صحيح الإسناد. أنظر إلى أية حالة آل أمر معاوية رضى الله عنه، ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو المغنى حقيقة ومجازاً.
وأما اسمه: المانع،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، موصوفاً بهذه الصفة، وهذا من غاية الكمال لأنه أعطى الوجود ما يستحقه، ومنع ما لا يستحقه.
فهذا المنع منه من عين الجود، لأن الطفل لو أعطى غذاء الشباب لمات. فمنع الطفل من أغذية الكبار عطاء فى حقه والدليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم هو ما أفردناه آنفاً أنه كان متصفاً بصفات القدرة. وهذا الاسم تحت حيطة القدرة، لأنه من أسماء الأفعال فلا يشكل عليك ذلك.
وكذلك اسمه: الضار، واسمه النافع، هما من أسماء الأفعال، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متحققاً بهما، لتحققه بصفات القدرة، وقد أوسعنا الكلام فى الاستدلال بذلك فلا حاجة إلى إعادة الدليل.
وأما اسمه النور، واسمه: الهادى، فإن الله تعالى سماه بذلك، كما سبق فى الباب الأول أن الله قال فى حقه: (ٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) سورة المائدة آية 15. فهو النور، بدليل نص الكتاب، وكذلك الهادى، وقد ذكرنا دليل ذلك أيضاً. قال تعالى فى حقه: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) سورة الشورى آية 52. وقال فى حق نفسه: (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) سورة يونس آية 25. فجعل الهدايتين الإلهية والمحمدية من هاتين الآيتين إلى محل واحد فجعل هدايته كهدايته، فهو الهادى وهو النور صلى الله عليه وسلم.
أما اسمه: البديع،
فإنه صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، وكم ابتدع واخترع من عجائب القدرة ما يعجز الكون عن الإفصاح به، والكتب مشحونة بذلك.
وقوله للشخص الظاهر: كن زيداً. فإذا هو زيد بن الخطاب. كفاية لمستدل.
وأما اسمه: الباقى
فإنه كذلك صلى الله عليه وسلم لأنه لم يمت، والدليل على ذلك قوله: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) سورة آل عمران آية 169. فإذا كان الشهداء أحياء، فما قولك فى سيد الشهداء صلى الله عليه وسلم وقد مات فسموه شهيداً.
ولمعرفة عمر، رضى الله عنه بهذا السر، قال يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال إن محمداً مات ضرتب عنقه). علماً منه بأن رسول الله لم يمت، وإنما انتقل من دار إلى دار خير منها صلى الله عليه وسلم.
واعلم ان أول وصف يتصف به العبد من صفات الرب هو وصف البقاء. فإذا اتصف بهذه الصفة، وبقى باقياً بالله اتصف بعد ذلك بما شاء الله له من الصفات.
وإلا فصفة البقاء أول شئ يتصف العبد به من صفات ربه. وهكذا جرت سنة الله فى خلقه، فكيف لا يكون سيد المتصفين متحققاً بهذا الاسم صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: الوراث،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الوراث الأكمل الذى ورث الكمال الإلهى، وتحقق به. وأما قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) سورة الأنبياء آية 105 يعنى: أرض الخلافة الإلهية، المعبر عنها بالأتصاف بالأسماء والصفات يرثها عبادى الصالحون للوراثة الإلهية، وسيد هذا المقام هو الفرد الجامع صلى الله عليه وسلم.
وأما اسمه: الرشيد،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متحققاً به، متصفاً بصفة الإرشاد، لأنه هدى العالم بعد الضلال، وأرشدهم بعد الغى فهو الرشيد باطناً وظاهراً.
أما ظاهراً: فلمقام نبوته.
وأما باطناً: فلأنه المعطى من حيث الحقائق لكل حقيقة. حقيقة ما تستحقه من كماله الذى يكون به عين سعادتها، ومهديها إلى ذلك بنوره الوجودى.
ولذلك قال عليه السلام: (كل ميسر لما خلق له)، نظراً إلى ما فطرت عليه القوابل من أقتضاء ما تستحقه، ولابد من الوصول إلى مقتضاها لأن الواسطة الكبرى قد أخبر بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: (كل ميسر لما خلق له).
وأما اسمه: الصبور، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متحققاً بهذا الاسم، موصوفاً بهذه الصفة، والدليل على ذلك أن قريشاً فعلوا فيه ما فعلوا من شج رأسه، وكسر رباعيته وصب السلى على رأسه، وأمثال ذلك فلم يدع عليهم، ولا انتقم منهم، بل قال: (اللهم اهدِ قومى فإنهم لا يعلمون). اعتذر لهم إلى الله بقوله: لا يعلمون لأن الجهل حجة.
النبى صلى الله عليه وسلم هذه اتصافاته تحدثنا عليها من حيث المجاز، لان حقيقة الحديث عنها من حيث التحقق الأصلى يفضى إلى أشياء أخر.
ونزيد لذلك تمهيد مقدمات، ولا نأمن من غلط أفهام الناظرين فأقتصرنا على الاستدلال فى اتصافه بالأمور المجازية، والحديث عنها من طريق الظاهر، دون الباطن. لأن أهل الحقائق لا منازعة لهم فى ذلك، فلا نتحدث عليها من طريقهم، بل تحدثنا على الاستدلال من طريق الظاهر.
ليعلم أهل المجاز بعض ما جهلوا من حقه صلى الله عليه وسلم وعدد هذه الأسماء المذكورة ثمانية وتسعين أسماً.
والتاسع والتسعون هو اسمه تعالى (هو)،
اعرضنا عن ذكره فى اول الباب لأنه يحتاج إلى بعض إطناب وتفصيل فنقول:
واعلم ان الحقيقة المحمدية عبارة عن الهوية الإلهية بما هى عليه من الشؤون والأسماء والصفات، والظهور والبطون والشهادة والغيبة إلى غير ذلك من النسب والإضافات المندرجة تحت هذا الاسم. فمحمد صلى الله عليه وسلم هو المشار إليه بهذا الاسم، وقد صرح تعالى بذلك فى كتابه فقال: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) سورة الإخلاص آية 1. يعنى: قل يا محمد إن الفاعل هو الله، وفاعل قل هو محمد المأمور بالقول. فهو الله أحد.
وقد صرحنا فى غير موضع من تأليفنا أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو الهوية المتعينة بالعين المهملة... والهوية عبارة عن الذات الإلهية بتعينها بجميع الأسماء والصفات لها على سبيل غيبوبة ذلك عن ما سواه، فمحمد صلى الله عليه وسلم هو الهوية المتعينة على سبيل ظهور ذلك البطون. وشهادة تلك الغيبوبة فى هيكل مخصوص منفرد بالكمالات الإلهية المنطوية تحت الهوية الإلهية.
فهو صورة ذلك المعنى، وشهادة ذلك الغيب، وتفصيل ذلك الإجمال، تنزل ذلك التعال، تشبه ذلك التنزيه على سبيل الواحدية، لا على سبيل الغيرية فافهم.
.

» الفصل الثانى فى مظهرية الإنسان للعالم صورة ومعنى علواً وسفلاً ظاهراً وباطناً فاعلة ومنفعلة كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
» الفصل الأول فى استيعابه صلي الله عليه وسلم الكمالات الخلقية خلقاً وخُلُقاً كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
» النوع الثانى فى الدلائل الثابتة بالحديث النبوى على إنفراده صلى الله عليه وسلم بجميع الكمالات كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
» الباب الثالث فى اتصاف محمد صلى الله عليه وسلم بالأسماء والصفات الإلهية كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
» الباب الأول فى معرفة أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النسبة التى بين الله وعبده كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية عبد الكريم الجيلي
» الفصل الأول فى استيعابه صلي الله عليه وسلم الكمالات الخلقية خلقاً وخُلُقاً كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
» النوع الثانى فى الدلائل الثابتة بالحديث النبوى على إنفراده صلى الله عليه وسلم بجميع الكمالات كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
» الباب الثالث فى اتصاف محمد صلى الله عليه وسلم بالأسماء والصفات الإلهية كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية
» الباب الأول فى معرفة أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النسبة التى بين الله وعبده كتاب الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية عبد الكريم الجيلي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2351 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2282 إلى 2312 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2265 إلى 2281 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2249 إلى 2264 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات ثانيا الإسلام الاقتصادي من 2211 إلى 2248 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن عشر المعاملات أولا الإسلام السياسي من 2168 إلى 2210 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر الثالث عشر الحجّ والعمرة من 2084 إلى 2167 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب ثانيا الطعام والشراب من 2049 إلى 2083 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر اثنى عشر الصيام والفطر والطعام والشراب أولا الصيام والفطر من 2002 إلى 2048 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات الحادي عشر الذكر والتسبيح والدعاء من 1961 إلى 2001 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات عاشرا السجود والمساجد والقبلة من 1921 إلى 1960 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات تاسعا صلاة الجمعة من 1903 إلى 1920 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات ثامنا الصلاة من 1826 إلى 1902 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات أولا الوضوء والاغتسال من 1794 إلى 1825 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» كتاب الفتح الرباني والفيض الرحماني "53" المجلس الثالث والخمسون من عبد الله بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سابعا العدّة من 1782 إلى 1793 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي سادسا الطلاق من 1744 إلى 1781 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي خامسا الأسرة من 1739 إلى 1743 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي رابعا الأولاد من 1734 إلى 1738 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثالثا الحمل والولادة والرضاع والفطام والحضانة من 1722 إلى 1733 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1681 إلى 1721 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1651 إلى 1680 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي ثانيا النكاح والزواج في القرآن من 1623 إلى 1650 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس عشر الإسلام الاجتماعي أولا المرأة في الإسلام من 1598 إلى 1622 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام والحرب من 1547 إلى 1597 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس عشر الإسلام و الحرب من 1519 إلى 1546 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1505 إلى 1518 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن ثانيا الأدب والأخلاق من 1480 إلى 1504 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع عشر القرآن والفنون والصنائع والآداب والأخلاق من 1462 إلى 1479 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1436 إلى 1461 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1419 إلى 1435 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1312 إلى 1342 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني عشر عن الساعة والقيامة والجنة والنار والموت من 1179 إلى 1311 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1146 إلى 1278 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1121 إلى 1245 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1126 إلى 1129 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1076 إلى 1125 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1059 إلى 1075 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1045 إلى 1058 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1035 إلى 1044 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1026 إلى 1034 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1018 إلى 1025 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1013 إلى 1014 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» فهرس موضوعات القرآن موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 981 الى 1011 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 961 الى 980 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثامن أمثال وحكم القرآن من 948 الى 960 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 941 الى 947 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 911 الى 940 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 881 الى 910 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 851 الى 880 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 831 الى 850 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 801 الى 830 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 771 الى 800 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 741 الى 770 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 721 الى 740 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع القصص في القرآن من 697 الى 720 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 681 الى 696 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 661 الى 680 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 641 الى 660 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 621 الى 640 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 611 الى 620 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 601 الى 610 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 591 الى 600 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب السادس موجز سور القرآن من 582 الى 590 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 561 الى 581 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 541 الى 560 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الخامس اليهود والنصارى في القرآن من 527 الى 540 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 511 الى 526 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 491 الى 510 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 471 الى 490 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 451 الى 470 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الرابع الإسرائيليات والشبهات والإشكالات من 431 الى 450 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 421 الى 430 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام ثانيا الإسلام في القرآن من 408 الى 420 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 381 الى 407 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 361 الى 380 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 341 الى 360 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 321 الى 340 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث الإيمان والإسلام أولا الإيمان في القرآن من 299 الى 320 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 281 الى 298 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 261 الى 280 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 221 الى 240 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 201 الى 220 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 179 الى 200 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الأول القرآن من 161 الى 178 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الأول القرآن من 141 الى 160 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الأول القرآن من 121 الى 140 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الأول القرآن من 101 الى 120 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني
» الباب الأول القرآن من 81 الى 100 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني