اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي

اذهب الى الأسفل

08012024

مُساهمة 

سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي Empty سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي




سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي

شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج  د. كامل مصطفى الشيبي استاذ بجامعة بغداد

سيرة الحلّاج
هو أبو المغيث الحسين بن منصور بن محمى البيضاوي « 1 » . ولد في قرية الطّور « 2 » في الشمال الشرقي من مدينة البيضاء ، من مدن مقاطعة فارس بإيران ، في نحو سنة 244 هـ / 857 م « 3 » ، وكان جده « محمى » مجوسيا « 4 » .
دخل أبوه العراق مع أسرته من الحدود الجنوبية الشرقية الحالية ، عند البصرة ومناطق شط العرب - وكان يحترف حلج القطن - ليمارس مهنته في هذه المواضع التي يبدو أنها كانت مراكز لزراعة هذا المحصول وحلجه ونسجه . 
واستقرت الأسرة بواسط - في ما يبدو - وكانت مدينة كبيرة عامرة تقع في منتصف الطريق بين البصرة وبغداد ، وتقوم أطلالها الآن بالقرب من مدينة الحيّ من محافظة واسط ( لواء الكوت سابقا ) ، في العراق المعاصر .
قضى الحلّاج صباه يتعلم في كتاتيب واسط ، وكانت حركة الزنج الشيعية ، الزيدية في رأي ماسينيون « 5 » ، قائمة على قدم وساق - إذ بدأت في سنة 255 هـ / 869 م - وللحلّاج نحو إحدى عشرة سنة ، ودوّخت الدولة
..................
( 1 ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ( أبي بكر أحمد بن علي ، ت 463 هـ / 1071 م ) ، دمشق 1945 م ، 8 / 112 . وذكر هنا أنه كان يكنّى بأبي عبد اللّه أيضا ، وفي مطلع كتاب الطواسين كني الحلاج بأبي عمارة ( انظر ص 69 ) .
( 2 ) أيضا 8 / 112 ، أربعة نصوص غير منشورة تتعلق بالحلاج : رسالة ابن باكويه ( أبي عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الشيرازي ، ت 428 هـ / 1036 - 7 م ) ، ط . باريس 1914 م ، ص 28 .
( 3 ) المنحنى الشخصي لحياة الحلاج شهيد الصوفية في الإسلام لماسينيون ، ترجمة عبد الرحمن بدوي ضمن كتاب ( شخصيات قلقة في الإسلام ) ، مصر 1946 م ، ص 63 .
( 4 ) تاريخ بغداد 8 / 112 .
( 5 ) المنحنى الشخصي : شخصيات قلقة في الإسلام ص 65 سطر 8 .

« 24 »
العباسية أربع عشرة سنة واستولت على مناطق الأهواز وخوزستان وهاجمت البصرة نفسها في سنة 257 هـ/ 871 م « 1 » .
قصد الحلّاج في أول شبابه إلى تستر ( شوشتر الإيرانية ) ، على شاطئ نهر كارون الذي يصب في شط العرب ، ليصحب سهل بن عبد اللّه التستري ، صاحب التفسير الصوفي الإشاري وأحد الصوفية البارزين في القرن الثالث الهجري ( ت 283 هـ / 896 م ) ، ودامت هذه الصحبة سنتين « 2 » . وفي سنة 262 هـ / 875 م ، انتقل الحلّاج إلى البصرة ليصحب عمرو بن عثمان المكي الصوفي البارز ( ت 297 هـ / 909 - 10 م ) لمدة سنة ونصف « 3 » ، وكانت ثورة الزنج في أوجّ قوتها ، ليتم على يديه ما بدأه مع سهل بن عبد اللّه التستري ويحتل مركزا مرموقا في الأوساط الصوفية في هذه المدينة بمساعدة أستاذه الجديد . وقد نال الحلّاج إعجاب شيخه الجديد وتوسّم فيه خيرا وصلاحا وتوقّع له مستقبلا زاهرا في عالم الروح . 
وفي هذه الأثناء هفت نفس الحلّاج إلى الزواج ، فبنى بأمّ الحسين بنت أبي يعقوب الأقطع « 4 » ، منافس عمرو بن عثمان المكي على زعامة الصوفية في البصرة ، مما أدى إلى خصومة ووحشة بين الشيخين « 5 » نتيجة تنافسهما على استخلاص الحلّاج الذي كان يعتزل في جامع البصرة « يتعبد ويتصوف ويقرئ » « 6 » .
..........................................................................................
( 1 ) تاريخ الشعوب الإسلامية لكارل بروكلمان ( 1868 - 1956 م ) ترجمة نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي ، ط 4 ، بيروت 1965 م ، ص 216 .
( 2 ) أربعة نصوص ( ابن باكويه ) ص 28 ، المنتظم لابن الجوزي ( أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ، ت 597 هـ / 1201 م ) ، ط . حيدر آباد 1357 - 61 هـ ، 6 / 160 .
( 3 ) أيضا ص 28 ، وقد ذكر ابن كثير أن زواج الحلاج كان بمكة « فأولدها أحمد بن الحسين وقد ذكر سيرة أبيه كما ساقها من طريق الخطيب » ( البداية والنهاية لابن كثير عماد الدين أبي الفداء إسماعيل . . . القرشي الدمشقي ، ت 774 هـ / 1373 م ) ، ط . مصر 1351 - 8 هـ، 11 / 135 . 
وربما كان ذلك أقرب إلى الصواب ، مع غرابته الظاهرة ، إذ كان عمرو بن عثمان المكي قاضي جدة وهي قريبة من مكة كما هو معلوم ( انظر تاريخ بغداد 9 / 224 ) .
( 4 ) أيضا ص 28 .
( 5 ) أيضا ص 28 .
( 6 ) نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي ( أبي علي الحسن بن علي بن محمد ، ت 394 هـ / 1004 م ) ، الجزء الأول ، مصر 1921 م ، ص 248 . 
« 25 »
والصوفية « تدّعي له المعجزات من طرائق التصوف وما يسمونه معونات . . . » « 1 » . ويبدو أن صدر الحلّاج قد ضاق بفعل هذه الخصومة ، فقصد إلى الجنيد بن محمد البغدادي ، شيخ الطائفة ( الصوفية ) ( ت 298 هـ / 910 - 11 م ) يستشيره ويستنصحه « فأمره بالسكون والمراعاة » « 2 » ، فصبر على ذلك مدة . ولما استمر الأمر ، مقرونا بالظروف الصعبة التي كانت البصرة كلها تعانيها ، ترك الحلّاج المدينة قاصدا مكة لأداء فريضة الحج ، وجاور هناك سنة كاملة أنفقها في ممارسة أشقّ الرياضات الصوفية بتعريض جسده لأشدّ ألوان العذاب الجسماني ، من اقتصار على الخبز والماء وتعرّض لأشعة الشمس اللافحة ، في جبال مكة الجرداء « 3 » . 
وذكر عنه في هذه الفترة أنه « كان مشهورا بصحبة صوفي بمكة بعد مفارقته صوفية فارس » « 4 » .
وبعد عودة الحلّاج من مكة بدا للناس في صورة شيخ واثق في نفسه إلى حد الإفراط ، واستقل في العمل ، وحمله طموحه على أن يشطح في عباراته ويبالغ في مواجيده ولا يتحرى الحيطة في أفعاله مما أثار ثائرة الصوفية ، وشيخهم الجنيد على الخصوص ، وكانوا يتوقّعون كثيرا من اطّلاع الناس على أسرارهم الثقافية والتطبيقية خشية وقوعهم تحت طائلة الفقهاء من
..........................................................................................
( 1 ) نشوار المحاضرة ص 12 .
( 2 ) تاريخ بغداد 8 / 112 ، أربعة نصوص ( نص ابن باكويه ) ص 28 .
( 3 ) أيضا 8 / 112 ، وفيه ، أن الحلاج دخل إلى مكة « وكان أول دخلته » ، « فجلس في صحن المسجد سنة لا يبرح من موضعه إلا للطهارة أو للطواف ولا يبالي بالشمس ولا بالمطر . وكان يحمل إليه كل عشية كوز ماء للشراب وقرص من أقراص مكة ، فيأخذ القرص ويعضّ أربع عضات من جوانبه ويشرب من الماء ، شربة قبل الطعام وشربة بعده ، ثم يضع باقي القرص على رأس الكوز فيحمل من عنده » . وذكر أنه رآه جمع من الصوفية و « هو جالس على صخرة من ( جبل ) أبي قبيس في الشمس . 
والعرق يسيل منه على تلك الصخرة » . وكان تعليق أحد الصوفية على هذا المشهد قوله لعمرو بن عثمان المكي - الذي حضر هذه الواقعة : « إن عشت تر ما يلقى هذا ، لأن اللّه يبتليه ببلاء لا يطيقه : قعد يتصبر مع اللّه » .
( 4 ) المغني في أبواب التوحيد للقاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي ( ت 415 هـ / 1024 م ) الجزء 15 ، التنبؤات والمعجزات ، تحقيق الدكتور محمود قاسم ، مصر 1965 م ، ص 720 .

« 26 »
ناحية ومراقبة الدولة ، التي كانت تعاني من الزنج ، من ناحية أخرى . وقد كان ثمن هذه الطموح الذي دفعه الحلّاج فقد شيخه عمرو بن عثمان المكي ومستشاره الجنيد « 1 » شيخ الصوفية كلهم . وكان عليه بعد هذا أن يعتمد على نفسه فقط .
وبدأ الحلّاج هذه المرحلة من حياته بالوعظ في الأهواز ، بالقرب من موطنه القديم ، زاهدا في خرقة التصوف نفسها « 2 » فألقاها عنه وجعل يخاطب الناس بكلام فلسفيّ ميتافيزيقي يعسر على أصحاب الثقافة العادية البسطاء من الناس إدراكه . ويبدو أن الحلّاج لم ينجح النجاح الذي توقعه هنا ، فانتقل إلى خراسان ليعظ الناس في الطالقان « 3 » بشرقي إيران ، حيث كانت تقوم حكومة شيعية زيدية منذ سنة 250 هـ / 864 م واستمرت فيها إلى سنة 345 هـ / 956 م لما ورث السامانيون ملك الزيديين هناك « 4 » . وإذ لم تطب الإقامة للحلّاج هناك ، عاد إلى الأهواز ومنها قصد إلى بغداد ، صحبة جماعة من المعجبين ، ليقيم فيها مع أسرته « 5 » . ويبدو أن الظروف في بغداد لم تكن مواتية بفعل خصومة الصوفية للحلّاج . ومن هنا ضاقت به الحال من جديد فاتجه إلى مكة ليحج ثانية ويبتعد بنفسه عن بغداد حتى تصفو الأمور . لكن الحلّاج لم يعد إليها بعد إتمام الحج ، بل آثر أن يبتعد عن بغداد مدة أطول وأن يبدّل الأوطان والخلّان ؛ وهكذا شرّق في رحلة واسعة شملت التركستان والهند إلى أن بلغ الصين [ - ماصين ] « 6 » . وفي
..........................................................................................
( 1 ) تاريخ بغداد 8 / 113 ، نص ابن باكويه ص 28 .
( 2 ) تاريخ بغداد 8 / 113 ، نص ابن باكويه ص 28 .
( 3 ) المنحنى الشخصي ( شخصيات قلقة في الإسلام ص 67 ) ، ويذكر ولده حمد ( ولعله أحمد المذكور آنفا ) أن الحلاج قصد في هذه الفترة إلى « خراسان وما وراء النهر ودخل إلى سجستان وكرمان ثم رجع إلى فارس » ( أربعة نصوص ، النص الثالث ، ص 28 ) .
( 4 ) الفكر الشيعي والنزعات الصوفية ، لجامع الديوان ، بغداد 1966 م ، ص 43 .
( 5 ) الفكر الشيعي والنزعات الصوفية ، لجامع الديوان ، بغداد 1966 م ، ص 43 .
( 6 ) أربعة نصوص ، الرسالة المذكورة ص 28 . وعن رحلة الحلّاج إلى الهند ذكر ابن الجوزي أن أحمد الحاسب قال لابنه علي : « وجهني المعتضد ( حكم بين سنتي 279 - 289 ه / 892 - 902 م ) إلى الهند ، وكان معي في السفينة رجل يعرف بالحسين بن منصور ، فلما خرجنا من المركب قلت له : في أي شيء جئت إلى ههنا ؟ قال : جئت -

« 27 »
الهند زاد الحلّاج نضجا وعمقا واعتاد المجاهدات الشاقة وتعلّم التحكم في نفسه وكوّن مذهبا وأسلوبا عزم على أن ينشرهما بين الناس لدى عودته إلى موطنه .
ويبدو أن الحلّاج عاد من الهند مقتنعا بأن ما غرسته فيه رحلته هذه ينبغي أن يعرض على اللّه في مكة وأن يخلع فيها عنه التراكمات غير الإسلامية التي علقت بنفسه وعقله ، ومن هنا قطع عهدا على نفسه أمام اللّه ببذل حياته في سبيله حيث قال : « تهدي الأضاحي وأهدي مهجتي ودمي » « 1 » أو هذا ما يراه على الأقل !
وعند عودته إلى بغداد أخيرا في نحو سنة 291 هـ / 903 - 4 م لاحظ أحمد بن الحلّاج أن أباه قد تغيّر « 2 » . وبهذا يبدو أن هذه الرحلة كانت فاصلة في حياته وأنه توصل خلالها إلى الفكرة التي ينبغي أن يؤمن بها والمنهج الذي ينبغي أن يتبع لتحقيقها . وهكذا بدأ الحلّاج يدعو الناس سرا إلى مذهبه الجديد الذي يقوم على تغليب جانب الروح على الجسد برياضة النفس بأشد ما تكون الرياضات ، بهدف شحنها بالروح الإلهية وتمكينها من تقبّل الطاقة الربانية التي يعجز البشر العادي أن يتحمل إشعاعها في نفسه ليكون في وسعه في النهاية أن يتعلم من اللّه ويصدر عنه على الصورة التي ظهرت في آدم لما علّمه تعالى الأسماء كلها ، وفي المسيح لما مكنه من إحياء الموتى ، وفي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لما أظهر على لسانه القرآن معجزته الكبرى .
وكان من رأي الحلّاج في هذه الفترة أن صاحب الدعوة ينبغي أن يمضي في
...............................................................................................
- لأتعلم السحر وأدعو الخلق إلى اللّه » ( المنتظم 6 / 161 ) . ويبدو أن هذا الخبر هو الذي حمل ابن تيمية أن يقرر أن للحلّاج كتابا مشهورا في السحر ( انظر : رسالة في الجواب عن سؤال عن الحلّاج : هل كان صديقا أم زنديقا ؟ ) لابن تيمية ضمن كتاب :
جامع الرسائل ، المجموعة الأولى تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم ، مصر 1389 هـ / 1969 م ، ص 188 .
 ( 1 ) انظر الديوان في قافية الميم ، وراجع المنحنى الشخصي من كتاب شخصيات قلقة في الإسلام ص 69 .
( 2 ) تاريخ بغداد 8 / 113 .

« 28 »
دعوته إلى الغاية التي ما بعدها غاية دون تراجع ، أسوة بإبليس ، رئيس الملائكة السابق ، الذي لم يبال بغضب اللّه عليه لما أمره بالسجود لآدم ، وهو من طين أدنى من عنصره الناريّ ، وآثر أن يتمسك بفضل عنصره وسموّه ورفعته على الطين . وكان من رأي الحلّاج أيضا أنّ صاحب الفكرة ينبغي أن يتأسّى بفرعون الذي لم يستجب لنداء موسى لما دعاه إلى نبوّته حرصا منه على ألّا يجعل لإنسان سلطة إغلاق الطريق الواسعة التي يحق لكل إنسان أن يسلكها إلى اللّه في كل زمان ومكان . « 1 » وأخيرا كان من رأي الحلّاج أنه
...............................................................................................
( 1 ) انظر طاسين الأزل والالتباس من كتاب « الطواسين » للحلّاج ، باريس 1913 م ، ص 50 حيث يقع قول الحلّاج : « تناظرت مع إبليس في الفتوة فقال إبليس : إن سجدت سقطت من منزل الفتوة . وقال فرعون : « ما علمت لكم من إله غيري ( القرآن القصص ، 28 : 38 ) حين لم يعرف في قومه من يميز بين الحق والباطل » .
وعقّب الحلّاج على ذلك بقوله : 
« فصاحبي ( الصحيح : فصاحباي ) وأستاذي ( الصحيح : أستاذاي ) إبليس وفرعون ؛ وإبليس هدد بالنار وما رجع عن دعواه ، وفرعون أغرق في اليمّ وما رجع عن دعواه ولم يقر بالواسطة . . . وإن قتلت أو صلبت أو قطعت يداي ورجلاي ما رجعت عن دعواي » .
ومما يجلو هذه الفكرة ويزيل عنها طابع الكفر الصريح أن الحلّاج نفسه كان يرى في محمد ( صلى الله عليه وسلم  ) وموسى ( عليه السلام  ) نبيين من أفتى الأنبياء ، 
وقد أثر عنه أنه « سئل : يا شيخ ما تقول في ما قال فرعون ؟ قال : كلمة حق » فسئل : « ما تقول في ما قال موسى ؟ قال : كلمة حق ، لأنهما كلمتان جرتا في الأبد كما جرتا في الأزل » ( أخبار الحلّاج ، ص 29 ، أربعة نصوص ، النص الرابع ص 70 ) . 
كذلك قال الحلّاج : « ما صحت الدعاوى لأحد إلا لإبليس وأحمد ( صلى الله عليه وسلم  ) غير أن إبليس سقط عن العين وأحمد ( صلى الله عليه وسلم ) كشف له عن العين : قيل لإبليس : اسجد ، ولأحمد : انظر . هذا ما سجد وأحمد ما نظر ، ما التفت يمينا ولا شمالا -« ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى »( القرآن النجم / 53 : 17 ) .
أما إبليس فإنه دعا لكنه رجع إلى حوله ، وأحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ادّعى ورجع عن حوله بقوله : بك أحول وبك أصول ، وبقوله : يا مقلب القلوب ، وقوله : لا أحصي ثناء عليك . . . » ( الطواسين : طاسين الأزل والالتباس ، ص 41 ) .
وكل هذا يقع تحت رأي الحلّاج من أنه: « ليس على وجه الأرض كفر إلا وتحته إيمان ولا طاعة إلا وتحتها معصية أعظم منها ولا إقرار بالعبودية إلا وتحته ترك الحرمة ولا دعوى المحبة إلا وتحتها سوء الأدب . لكن اللّه تعالى عامل عباده على قدر طاقتهم » ( أخبار الحلّاج ص 48 ) . وهو هنا يتكلم عن الأضداد التي يجمعها اللّه في مخلوقاته فيجعل واحدا منها ظاهرا والآخر كامنا تمكينا لها من تحقيق قضائه والنزول على -

« 29 »
ينبغي عليه - إذا فشل في تحقيق فكرته - أن يأتمّ بالمسيح الذي بذل دمه قربانا للّه وغسل ذنوب البشر بسيل من حشاشته الإنسانية ليكشف عن أعينهم حجاب الجسد ويجلو عن أذهانهم وأفهامهم ما كانوا فيه من جهل وغفلة ووهم . 
ويبدو أن فلسفة الحلّاج في هذا البرنامج كانت تتمثل في أنّ موته في حال إخفاقه سيكون سببا في ثقة الناس به وتقديرهم لتضحيته وإيمانهم بفكرته على نحو ما حصل مع السيد المسيح ، وأن حياته الروحية بعد فناء الجسد ستخلص من أسار الزمان والمكان وتتيح له أن يراقب الناس من عل وقد بدأوا يتفهمونه شيئا فشيئا ويدركون أنه لم يخدعهم وإنما جاءهم بفكرة سبقت زمانهم ولم تتهيأ لها الظروف المناسبة . وهذا مصداق قوله :
على دين الصليب يكون موتي  .....    ولا البطحا أريد ولا المدينة « 1 »
..................................
- حكمه متى شاء . ومن المعاني التي يسوقها القرآن في التعبير عن هذه الفكرة قول المشركين ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى )( الزمر 39 : 3 ) .
ومما ينبغي أن يشار إليه هنا الأثر الذي خلفه هذا الرأي في الصوفية ومنهم جلال الدين الرومي ( محمد البلخي ، 604 - 672 هـ / 1207 - 75 م ) . الذي طبق نظرية الشرّ النسبي - كما يمكن أن يعبر عن هذه الفكرة هنا - على عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب شيخ الأولياء عند الصوفية فقال في ابن ملجم ما ترجمته :
ليس في مقدوري أن أمسّ شعرة منك * لأن القلم قد خطّ لك ما فعلت فلا تحزن ، فإني أنا الشفيع لك * فأنا سيّد نفسي لا عبد بدني
( مطاعن الصوفية لمحمد رفيع بن شفيع التبريزي ، ت بعد 1221 هـ / 1806 م ، مخطوط جامعة كمبردج رقم 16 .Browne D، ورقة 60 ب ) .
( 1 ) انظر الديوان قافية النون والشروح في الهامش . وفوق هذا ذيل ماسينيون على هذا المعنى بنص استفاده من لطائف المنن للشعراني ( مصر 1321 هـ ، 2 / 84 ) يقول فيه أبو العباس المرسي : « وما نقل عنه يصح تأويله ، نحو قوله : على دين الصليب يكون موتي ، ومراده أنه يموت على دين نفسه فإنه الصليب ، وكأنه قال : أنا أموت على دين الإسلام وأشار إلى أنه يموت مصلوبا ، وكذلك كان » . وإذا كان هذا هو المقصود فإن الصوفية قد تنبؤوا بقتل الحلّاج مصلوبا أيضا .
( انظر : الفرق بين الفرق للبغدادي ، مصر 1947 ، ص 157 - 8 ، التبصير في الدين للأسفرايني ، مصر 1940 م ، ص 77 رسالة الغفران : رسالة ابن القارح ، ط 3 ، ص 36 ، وهذه النبوءة تنسب إلى الجنيد مرة ، إلى الشبلي أخرى ، وتتمثل في عبارة تقول : أيّ خشبة تفسد وهو معنى عبر عنه أبو يوسف القاضي : يعقوب بن إبراهيم الإنصاري ( 113 - 182 هـ / 731 - 798 م ) بقوله لبشر بن عياث المريسي ، المتكلم القائل بخلق -

« 30 »
وفي بغداد بشر الحلّاج بدولة الروح هذه عشر سنوات كاملات ، أنفقها جميعا في العمل السري ، وفقد خلالها مودة الصوفية من أصدقائه كالشبلي وغيره لاستعظامهم دعوته وخوفهم من غوائلها . واستقر الحلّاج في بغداد استقرار رجل له غايات بعيدة « وتغير عما كان عليه في الأوّل واقتنى العقار وبنى دارا ودعا الناس » « 1 » . 
وفي هذه المرحلة اتضح للحلّاج منذ اللحظة الأولى أن الدولة والنظام العباسيين حجر عثرة في طريقه وأنهما ينبغي أن يزولا « 2 » . وتحقيقا لهذا الغرض ، انقلب الحلّاج سياسيا معارضا يبحث عن حلفاء وأنصار . وسرعان ما اتصل بالعلويين على نية القيام بحركة شبيهة بحركة الزنج المدمرة ، التي عاصرها في صباه وشبابه ، لتأسيس دولة مثل دولة الزيديين في طبرستان التي رآها رأي العين في أسفاره .
وهكذا روي أن الحلّاج قصد إلى الكوفة للتشاور مع أبي الحسن العلوي الذي كان ميالا إلى الصوفية وصديقا ومريدا لأبي علي الخواص ( ت 291 هـ / 903 - 4 م ) . 
وتم الاجتماع بحضور الخواص نفسه « 3 » . 
ويبدو أن هذا العلوي لم يكن مستعدا لهذه المغامرة ؛ ومن هنا اتجه الحلّاج إلى علوي آخر أكثر ثورية وأميل إلى المغامرة ؛ وأكثر تقبلا لآرائه هو أبو عمارة محمد بن عبد اللّه الهاشمي الذي يبدو أن اشتراكه مع الحلّاج في كنية واحدة هي « أبو عمارة » « 4 » ، كان يعني شيئا يتجاوز المصادفة إلى الوحدة الروحية
..........................................................................................
- القرآن وغيره ( ت 218 أو 219 هـ / 833 أو 834 م ) : « لا تنتهي حتى تصعد خشبة ، وكأني بك قد شغلت على الناس خشبة باب الجسر ، فاحذر » ( انظر : تاريخ بغداد 7 / 63 ، 66 ) .
( 1 ) أربعة نصوص ، نص ابن باكويه ، ص 28 ، تاريخ بغداد 8 / 113 .
( 2 ) في هذا المعنى قال ابن النديم : « وكان جاهلا مقداما مدهورا ( لعلها مزهوا ) جسورا على السلاطين مرتكبا للعظائم يروم انقلاب الدول . . . » ( ص 283 ) .
( 3 ) انظر الفكر الشيعي لنا ، ص 69 .
( 4 ) انظر تكنية الحلّاج بابي عمارة في كتاب الطواسين ( ص 69 ) بافتتاحه بعبارة : « قال العالم الغريب أبو عمارة الحسين بن منصور الحلّاج . . . » وكذا في كتاب « تقييد بعض الحكم والأشعار » لمجهول ، الذي أعقب ذلك بوصفه بأنه « مختصر من كلام السيد أبو ( كذا ) عمارة الحسين بن منصور الحلّاج » مخطوط المتحف البريطاني رقم 9692 .Add.

« 31 »
والأخوّة النفيسة التي تفضل أخوّة الدم « 1 » . وكان أبو عمارة الهاشمي من أبناء التجار الموسرين من أمّ ربعية « 2 » تألف التشيع والامتياز الروحي . وكان من العوامل التي ساعدت على الاتفاق بين الرجلين أن الهاشمي المذكور كان زوجا لامرأة أهوازية من بنات التجار يقال لها بنت ابن جان بخش « 3 » .
وهكذا تم الاتفاق بين الحلّاج ورأس علوي يصلح أن يكون قائدا لثورة عارمة في الوقت المناسب .
وذكر أنّ أبا عمارة هذا قد كان له مجلس في البصرة « يتكلم فيه على مذاهب الحلّاج ويدعو إليه » « 4 » ، وأن أتباع الحلّاج عدّوه « بمنزلة محمد بن أبي بكر [ ربيب علي وقتيل عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح في مصر لمّا وجهه علي أميرا عليها ] خال المؤمنين » « 5 » . ولفت اسم أبي عمارة أنظار المصنفين فذكروا أن الحلّاجية كانوا يوردون فيه أنه « حلّت فيه روح محمد بن عبد اللّه ( ص ) » « 6 » ، وأنه « كان يخاطب في الأهواز بسيدنا ، وهي من أعلى المنازل عندهم » « 7 » ، وبذلك ساغ أن نصف أبا عمارة هذا بنبي الحلّاج « 8 » .
ولعل أبا عمارة الصوفي المذكور هو المقصود بقول الثعالبي ( أبي منصور عبد الملك بن محمد النيسابوري ، ( ت 429 هـ / 1038 م ) : « وقرأت في كتاب التحف والطرف لأبي لبيب غلام أبي الفرج البّبغاء [ . . . ] لأبي عمارة الصوفي في ثقيل خفيف على القلب ( من الخفيف ) :وثقيل لو كان في حسناتي ، * وجميع الأنام في سيّئاتي
..........................................................................................
( 1 ) انظر في هذا المعنى بحثا لماسينيون بعنوان « سلمان الفارسي والبواكير الروحية في الإسلام » وقد ترجمه الدكتور عبد الرحمن بدوي وضمنه كتابه « شخصيات قلقة في الإسلام » وانظر في هذا الخصوص ص 19 ، وارجع إلى كتابنا : الصلة بين التصوف والتشيع ، ط 2 ، دار المعارف بمصر ، ص 197 .
( 2 ) نشوار المحاضرة 1 / 84 .
( 3 ) نشوار المحاضرة 1 / 174 . وجان بخش بالفارسية بمعنى باذل النفس ويدلّ على عراقة في الانتماء الفارسي . ولذلك تفنيد انظره في الموضع .
( 4 ) نشوار المحاضرة 1 / 174 . وجان بخش بالفارسية بمعنى باذل النفس ويدلّ على عراقة في الانتماء الفارسي . ولذلك تفنيد انظره في الموضع .
( 5 ) نشوار المحاضرة 1 / 174 . وجان بخش بالفارسية بمعنى باذل النفس ويدلّ على عراقة في الانتماء الفارسي . ولذلك تفنيد انظره في الموضع .
( 6 ) أيضا 1 / 177 .
( 7 ) أيضا 1 / 177 .
( 8 ) صلة عريب بن سعد القرطبي ( على هامش تجارب الأمم ) 1 / 86 .

« 32 »
لاستخفّ الذنوب بل ك * سر الميزان من ثقله على الكفّات
وله في ثقيل ( من الطويل ) :
ثقيل يراه اللّه أثقل من يرى * ففي كلّ قلب بغضة منه كامنه
مشى فدعا من ثقله الحوت ربّه * فقال : إلهي ، زدت في الأرض ثامنه !
( يتيمة الدهر ، بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد .
مطبعة السعادة بمصر 1377 ، 1 / 305 ) .
بعد هذا اتجه الحلّاج إلى الشيعة الاثنا عشرية في أيام محنة الغيبة الصغرى للمهدي عندهم ليتحالف معهم على مشاركتهم في حركته هذه التي تحقق لهم أعز هدف يتطلعون إليه ، وهو إسقاط الدولة العباسية التي اغتصبت السلطان من العلويين ثم انقلبت عليهم كما لم تنقلب الدولة الأموية نفسها .
وقصد الحلّاج إلى أبي سهل النوبختي للاتفاق معه - كما تذكر الكتب العامة « 1 » - أو إلى الحسين بن روح ( ت 326 هـ / 937 - 8 م ) الوكيل الثالث للمهدي أيام الغيبة الصغرى في رأي أتباعه - كما تذكر كتب الأثناء عشرية خطأ « 2 » - وتذكر أيضا أنه قصد إلى قمّ ، مركز الشيعة الأثناء عشرية في إيران حتى اليوم ، هادفا إلى استمالة أبي الحسن بن بابويه ، فخاب سعيه أيضا « 3 » . 
وفوق هذا ، ذكر الحلّاج ضمن كتابه « الإحاطة والفرقان » أسماء الأئمة الاثني عشر ابتداء من علي
..........................................................................................
( 1 ) انظر مثلا نشوار المحاضرة 1 / 81 ، تاريخ بغداد 8 / 124 ، المنتظم لابن الجوزي 6 / 62 / 163 وراجع أيضا روضات الجنات للخوانساري ( محمد باقر : 1226 - 1313 هـ / 1811 - 1899 م ) ، طهران 1307 هـ ، ص 227 .
( 2 ) انظر الغيبة للطوسي ( أبي جعفر محمد بن الحسين ، شيخ الطائفة ، ت 460 هـ / 1069 م ) ، ط . تبريز 1323 هـ ، ص 262 ، وذلك أن الحسين بن روح تسلم السفارة أو الوكالة أو النيابة من سلفه محمد بن عثمان بن سعيد المعروف بالشيخ الخلاني سنة وفاته في 304 هـ / 916 - 17 م أي بعد اعتقال الحلّاج بثلاث سنين ، فإن كانت المراسلة تمت قبل سنة 304 هـ المذكورة لم يكن منها الفائدة المرجوة باعتبار الحسين بن روح رجلا من رجال الشيعة ، ويبقى احتمال المراسلة ، بعد ذلك وفي فترة زعامته للشيعة وهذه جائزة .
( 3 ) أيضا ص 262 - 1916 م .

« 33 »
وانتهاء بالمهدي « ثم نسق الأئمة نسق الأهلّة » « 1 » ، وصلا بقوله تعالى إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً )( التوبة 9 : 36 ) ، على غرار ما صنعته الإسماعيلية من إصدار سباعاتهم إصدارا مقدسا يتصل بالعناية الإلهية ويتمثل في السباعات التي وضعها اللّه في الطبيعة كالكواكب السيارة والبحار وأيام الأسبوع وما إلى ذلك « 2 » .
وفوق هذا ذكر أن الحلّاجية كانوا يرون « أن الأئمة أنوار من نور اللّه تعالى وأبعاض من أبعاضه » « 3 » على نحو ما كان الغلاة يرون فيهم .
ولا يبعد أن يكون هذا المعنى مقصد الحلّاج حقا محاولة منه للصدور عن التشيع الذي ألفه وعاش في كنفه ، في شكليه الزيدي والقرمطي ، أثناء إقامته في إيران والبصرة وواسط من العراق ، وبخاصّة أن حركة القرامطة قد ظهرت في الكوفة وأطراف واسط سنة 278 هـ / 890 م « 4 » في أيام نضج الحلّاج وعلو شبابه .
لكن الاثنا عشرية أعرضوا عنه برواية المؤرخين من شيعة وغيرهم ، واتهمه الشيعة منهم بمنازعة رؤسائهم على الزعامة الدينية والقيادة المذهبية « 5 » . ولما يئس الحلّاج منهم تحول إلى القرامطة الذين خبرهم من قبل في أطراف العراق الجنوبي والأوسط ، وكانوا دعاة إلى الأئمة الفاطميين الذين بدأوا حركتهم في الشام على يد الإمام محمد الحبيب ( ت 297 هـ / 909 م ) ، قبل سنة 277 هـ المذكورة بالضرورة ، وجعلوا يحركون أتباعهم في أطراف العراق حتى قيّض لهم أن يؤسسوا

..........................................................................................
( 1 ) البدء والتاريخ للمقدسي ( محمد بن طاهر ، ت بعد 350 هـ / 961 م ، ط . فرنسا 1899 - 1916 م ) 5 / 26 .
( 2 ) انظر الصلة بين التصوف والتشيع لكاتب السطور ص 198 .
( 3 ) البدء والتاريخ للمقدسي 5 / 129 .
( 4 ) المنتظم لابن الجوزي 5 / 110 وانظر تاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان ص 229 .
( 5 ) يرد ذلك في المصادر الشيعية المذكورة آنفا ، ويذكر القاضي عبد الجبار خبرا ربما سببا وجيها لإعراض الشيعة عن الحلّاج من أنه « كان ربما ادعى أنه من أولاد رسول اللّه ( ص ) - على ما ذكر » ( المغني في أبواب التوحيد 15 / 270 ) ليغنيه هذا الادعاء - إن صح - عن تطلب رأس علوي لحركته والاقتصار من القيادة الفخرية والفعلية على نفسه . ولعل وصف الحلّاج بالسيد في رأس رسالة « تقييد بعض الحكم والأشعار » في مخطوط المتحف البريطاني رقم 9692Addدليل على ذلك .


« 34 »
دولتهم في تونس سنة 299 هـ / 910 م .
ومن غرائب الاتفاقات أن السنة التي أخبر ابن النديم أن فيها « ظهر أمر الحلّاج وانتشر ذكره » « 1 » هي سنة 299 هـ ، هذه التي تأسست فيها الدولة الفاطمية . 
ومن هنا لم يكن غريبا ظهور رقعة من رقاع الحلّاج وفيها قوله لمريد من مريديه : « وقد آن الآن أذانك للدولة الغراء الفاطمية الزهراء المحفوفة بأهل الأرض والسماء . . . ليكشف الحق قناعه ويبسط العدل باعه » « 2 » .
ولا بد لنا من وقفة هنا ؛ فالظاهر أن الحلّاج استقى شيئا من أفكاره وأسلوب عمله من الإسماعيلية الباطنية التي لم تكن قد سجلت آراءها الإعلامية ، كما يقال الآن ، في رسائل إخوان الصفا التي ظهرت في البصرة في نحو سنة 352 ه - 963 م وإن كانت على ألسنة الدعاة وفي عقول المريدين وأفهامهم . ومع أن من غير المقنع أن يحال إلى نص متأخر نحو نصف قرن بوصفه منبع فكرة سابقة عليه ، نجد من المفيد تسجيل رأي إخوان الصفا في القربان أو التضحية والفداء في سبيل اللّه وتقسيمهم له إلى قربانين : شرعي وفلسفي على نسق ما فعل الحلّاج في قطعته التي استشهدنا بشطر منها في ما مرّ وضمّناها ديوانه اللاحق لهذه المقدمة .
قال إخوان الصفا : « واعلم ، أيها الأخ ، أن القربان كما ذكرنا قربانان : شرعي وفلسفي لا ثالث لهما . 
فأما القربان الشرعي فهو المأمور به في الحج من ذبح الحيوانات . . . وأما الفلسفي فهو مثل ذلك إلا أن النهاية فيه التقرب بالأجساد إلى اللّه سبحانه وتعالى بتسليمها إلى الموت وترك الخوف كما فعل سقراط لمّا شرب السم » « 3 » .
ومن المفيد أيضا أن نشير إلى ظاهرة أخرى تجمع الحلّاج وإخوان
..........................................................................................
( 1 ) الفهرست ، ص 270 - 284 .
( 2 ) نشوار المحاضرة ص 86 .
( 3 ) رسائل إخوان الصفا 4 / 208 .

« 35 »
الصفا في صعيد واحد . ذلك أن إخوان الصفا أشاروا ، في رسائلهم ، إلى أن لهم أعوانا ودعاة من طبقات الناس كلها من أولاء الملوك والأمراء والوزراء والعمال والكتّاب وأولاد الأشراف والدهاقين والتجار والتنّاء ( المرابطين ) وأولاد العلماء والأدباء والفقهاء وحملة الدين وأولاد الصناع والمتصرفين وأمناء الناس « 1 » . 
وذكروا أنهم يستطيعون معاونة أنصارهم بكل وسيلة عن طريق هؤلاء .
ومن هنا ليس بعيدا ولا غريبا أن يرتبط الحلّاج بالدعوة الإسماعيلية . 

ومما يرجّح هذا الظن أن دعاة الإسماعيلية كانوا يحملون اسمين : واحدا يعرفه الناس ممن يلقون الرجل الاعتيادي الذي ألفوه جارا وقريبا وخصما وصديقا ، والآخر يعرفه زملاؤه في الدعوة، وهو مقابل للاسم الحزبي عندنا في الحركات السرية في العراق المعاصر.
والغريب أن الحلّاج قد عرف باسمين : أحدهما ما نعرفه ، والثاني : محمد بن أحمد الفارسي « 2 ». 
فكأن الاسم الثاني مثّل صفته السياسية باعتباره داعية إسماعيليا على غرار ما كان عليه أبو عبد اللّه الصوفي الذي كانت مهمته العمل على نشر المذهب في المغرب ؛ فلعل الحلّاج كان مسؤولا عن المشرق « 3 » . 
ولعل من غير المملّ أن نذكر ما عهد عن الحلّاج من كرامات ومخاريق وسحر فإنه يمكن أن يلتقي مع أسلوب العمل الإسماعيلي الذي يخاطب الناس على قدر عقولهم ويعطيهم ما يريدون وبالأسلوب الذي يؤثر فيهم ويجذبهم إلى الدعوة ، وإلى هذا أشار إخوان الصفا في رسائلهم في قولهم داعين الداخلين في عقيدتهم إلى تصيّد ذوي الاستعداد لتقبّلها فقالوا :
« . . . وإذا عرفت منهم أحدا وأنست منهم رشدا فعرّفنا حاله وما هو بسبيله من أمور دنياه وطلب معاشه وتصرفه في حالاته لكي نعرف ذلك ونعاونه على ما يليق به من المعاونة . . . وإن كان ممن يرغب في العلم والحكمة والأدب وأمر الدين وطلب الآخرة علّمناه مما علّمناه اللّه عزّ وجلّ ، وألقينا إليه من
..........................................................................................
( 1 ) أيضا 4 / 214 - 15 .
( 2 ) هامش تجارب الأمم 1 / 86 .
( 3 ) انظر كتابنا : الصلة بين التصوف والتشيع ص 370 .

« 36 »
حكمتنا وأطلعناه على أسرارنا بحسب ما يحتمل عقله وتتسع له نفسه وتتوق همّته - إن شاء اللّه عزّ وجلّ » « 1 » . يضاف إلى هذا أن الإسماعيلية بشّروا بمذهب جامع لا يضادّ عقيدة وإنّما يقبل كل شيء ثم يؤّوّله تأويلا يضعه ضمن عقيدته ، وهو ما فعله الحلّاج من إفادته من آراء الهنود والفرس ومذاهب المتكلمين والفلاسفة وأصحاب الكيمياء والطب والسحر « 2 » . ، واستغلها كلها في نشر عقيدته وكسب الناس إلى صفه . 
وهذا - في رأينا - هو تفسير ما نسب إليه من مخاريق لا بد أنه تعلّمها في الهند بلد السحر والمخرقة إلى يومنا هذا .
مهما يكن الأمر فقد كانت الأحوال السياسية غير مستقرة في بغداد وكان المجتمع العراقي يغلي بعد الانقلاب الفاشل الذي راح ضحيته ابن المعتز ورجال الدولة الممتازون سنة 296 هـ / 908 - 9 م ، هذا إلى قيام دولة زيدية في طبرستان ودولة فاطمية في تونس ، وتهديد القرامطة المستمر للعراق نفسه . 
وفوق هذا كانت الأحوال الاقتصادية سيئة والأرزاق محبوسة عن الجند والأسعار عالية « 3 » ، وكل ما في الدولة يدل على السقوط والانهيار .
..........................................................................................
( 1 ) رسائل إخوان الصفا 4 / 215 .
( 2 ) بالنسبة للطب والكيمياء انظر : صلة عريب ( ص 89 ) والمنتظم 6 / 16 ، ومرت الإشارة إلى السحر في خبر ابن تيمية . وعن إحراز الباحثين العرب والمسلمين من القدماء لهذه الثقافات الواسعة نثبت هنا نصا نقله أستاذنا الدكتور محمد طه الحاجري في كتابه ( الجاحظ : حياته وآثاره دار المعارف 1962 ، ص 170 ، عن مجموعة برلين من مختارات ، الجاحظ : ورقة 75 ) وصف فيه الجاحظ أستاذه إبراهيم بن سيار النظام بأنه « كان فرضيا عروضيا ، وكان حاسبا منجما وكان نسابا وكان حافظا للقرآن العظيم وتفسيره وللتوراة والإنجيل والزبور وكتب الأنبياء . 
وكان قد عالج الكيمياء وعرف مذاهبها ، وكان أروى الناس لكلام الأوائل ولصنوف نحل الإسلام ، وأحسن الناس احتجاجا وأبلغهم عند الاحتجاج لسانا . . . وكان صاحب حديث عالما وكان له نسك ، وخالط الصوفية وأصحاب المضمار وعرف اختلافهم ، وكان يقول الشعر إذا أراده ، وكان يستخرج المعمى ، وكان حسن العلم بالنحو » .
( 3 ) انظر مروج الذهب للمسعودي 2 / 396 .

« 37 »
وفي سنة 299 هـ / 911 - 12 م ، وفي أيام وزارة ابن الفرات ( علي بن محمد بن موسى ، الذي قتل مصادرا سنة 312 هـ / 924 م ) ، الأولى أحست الدولة بالجهد الذي يبذله الحلّاج في الثورة عليها « 1 » ، أو إسقاطها من الداخل ، وذلك حين وشى به رجل من أهل البصرة كان من أنصاره وانفصل عنه « 2 » ؛ فجدّت الشرطة في البحث عنه دون جدوى ودامت المطاردة سنتين .
وفي سنة 301 هـ / 913 - 14 م ، قبض السلطان على غلام للحلّاج يعرف بالدبّاس « وأطال حبسه وأوقع به مكروها وخلّاه بعد أن كفله وأحلفه أن يطلب الحلّاج ، وبذل له مالا وكان يجول البلاد خلفه » « 3 » .
وفي هذه السنة كشفت امرأة النقاب عن وجود الحلّاج في السوس وذكرت للشرطة أنه « قد نزل في دار رجل يعرف بالحلّاج وله قوم يصيرون إليه في كل ليلة خفية ويتكلمون بكلام منكر . . . « 4 » » . 

وكان أن قبض عليه أبو الحسن علي بن أحمد الراسبي « 5 » . ( ت 301 هـ / 913 م ) الذي كان يتقلد من حدّ واسط إلى حد شهرزور وكورتين من كور الأهواز : جنديسابور والسوس ، وبادرايا وباكسايا « 6 » ؛ فكانت السوس ضمن أعماله .
ويبدو أن الراسبي سلم الحلّاج إلى حامد بن العباس ( الوزير الذي قتل الحلّاج في أيام وزارته ، وقتل هو مصادرا سنة 311 هـ / 924 م ) ، الذي كان يومئذ يلي واسطا ، وواجه الحلّاج عند محاكمته بقوله : « ألست تعلم أني قبضت عليك بدور الراسبي وأحضرتك ؛ فكيف ادّعيت بعدي الإلهية ؟ « 7 » » .

مهما يكن الأمر فقد قبض على الحلّاج في هذه المواضع ، ومعه أخو زوجته وانتهى الأمر بأن « حمل فأدخل مدينة السلام ( بغداد ) على جمل ومعه
..........................................................................................
( 1 ) انظر إشارة ابن النديم السابقة .
( 2 ) كتاب العيون والحدائق لمجهول ، على هامش تجارب الأمم ، 1 / 86 .
( 3 ) الفهرست ص 27 .
( 4 ) أيضا ، ص 284 .
( 5 ) المنتظم 6 / 162 . وقد ذكر ابن الجوزي قبل ذلك أن الذي قبض على الحلّاج هو عبد الرحمن خليفة علي بن أحمد الراسبي ، أي نائبه أو وكيله بلغة عصرنا ( 6 / 122 ) .
( 6 ) معجم البلدان لياقوت الحموي ، مادة « دور راسب » .
( 7 ) أربعة نصوص ، النص الأول ، ص 7 .

« 38 »
غلام له على آخر مشتهرين ونودي عليه : هذا أحد القرامطة فاعرفوه ، وحبس » « 1 » . وكانت القرمطة تهمة ليس عليها دليل مادي ، والظاهر أنها كانت أسرع التهم إلى الأفواه وأسهلها تسويفا ؛ فقد كان القرامطة أعداء العصر وكانت القرمطة تهمة العصر « 2 » .
..........................................................................................
( 1 ) المنتظم 6 / 115 .
( 2 ) لقد كانت الدولة العباسية تخشى القرامطة إلى حدّ فقدت معه صوابها معهم ، ومن هنا لما هزم القرامطة سنة 291 هـ - 903 - 4 م وأسر منهم جماعة فيهم قائد لهم يسمى زكرويه ويلقب بصاحب الشامة ، تفنن المكتفي الخليفة في إهانته ورسم الخطط لقتله أفظع قتلة . 
وانتهى الأمر بأن « دخل المكتفي بغداد ، والأسرى بين يديه مقيّدون ورئيس القوم قد جعل في فيه خشبة مخروطة وشدّت إلى قفاه كهيئة اللجام ! » ( المنتظم 6 / 23 ) ، ولم يكتف المكتفي بذلك بل أمر « ببناء دكة في المصلى العتيق من الجانب الشرقي ارتفاعها عشرة أذرع وبني لها درج . فلما كان يوم الاثنين لسبع بقين من ربيع الأول ، أمر المكتفي القواد والغلمان بحضور الدكة ، فحضرها الناس . 
وجئ بالأسرى - وهم يزيدون على ثلاثمائة - وجيء بالقرمطي الحسين بن زكرويه المعروف بصاحب الشامة فصعد به إلى الدكة وقدم له أربعة وثلاثون من الأسرى ، فقطعت أيديهم وأرجلهم وضربت أعناقهم واحدا بعد الآخر . ثم قدم كبيرهم فضرب مائتي سوط وقطعت يداه ورجلاه وكوي بالنار ثم أحرق ورفع رأسه على خشبة . ثم قتل الباقون وصلب بدن القرمطي في طرف الجسر الأعلى » ( المنتظم 6 / 23 ) . 
وهذا نموذج من المثلة التي عاناها الحلّاج كلها كما يأتي .
والمهم أن الإسماعيليين أو الفاطميين - وكانوا أولياء القرامطة ومحركيهم - ذكروا هذا الحادث ونصوا على أن المقبوض عليه كان « أبا مهزول بن أبي محمد » وأنه وأخويه كانوا ينوون اغتيال الإمام لعزله إياهم عن قيادة الدعوة بعد موت أبيهم سنة 290 هـ - 902 - 3 م . 
وجاء الخبر هكذا : « ولما رجع القرمطي إلى بغداد شهر ونودي عليه ونصبت الدكة للمعتضد ( الصحيح المكتفي ) وفرش له البرمية حتى يشرف على قتله وهو يضرب بالسوط ، فقد كانوا يقولون : من أنت ؟ وأيش أنت أصلك ؟ ولمن كنت تدعو ؟ 
فقال لهم : ما أنا من أهل الرياسة ولا من أهل القرمطة ، إنما أمرني بالخروج رجل ، وهو فلان بن فلان من مدينة سلمية يعني المهدي عليه السلام - وهو من صفته كذا وكذا بصفته . وكتب صفته على ما وصف الملعون . 
ثم مات - لعنه اللّه - بالعذاب وأحرق بالنار » ( استتار الإمام : مذكرات في حركة المهدي الفاطمي لأحمد بن إبراهيم النيسابوري ، من إسماعيلية القرنين الثالث والرابع الهجريين / التاسع والعاشر الميلاديين ، نشر ، إيقانوف ، مجلة كلية الآداب ، ( القاهرة ، ديسمبر 1938 م ، ص 106 ) . وكان من رواج هذه التهمة في ذلك الوقت وبعده بقليل أن ابن الفرات ، الوزير الذي أمر بإلقاء القبض على الحلّاج لأول مرة ، قد اتهم بالقرمطة لما صودر -
يتبع
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 8 يناير 2024 - 4:01 من طرف عبدالله المسافربالله

سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي

وأخذ الحلّاج إلى علي بن عيسى الجراح الوزير ( ت 334 هـ / 946 م ) الذي استوزر في أول سنة 301 هـ / 913 م ، ليستجوبه ؛ فلم يظفر منه بطائل .
ويبدو أنّ صوفيّنا تظاهر بالبلاهة والسذاجة والجهل ؛ فاكتفى الوزير - وكان حكيما عاقلا محبا للصوفية وصديقا للشبلي « 1 » - بالعبث والتشهير به ، فأمر به
..........................................................................................
- سنة 312 هـ / 924 م ، وهي السنة التي أوقع فيها القرامطة بالحجّاج العراقيين وقتلوهم وسبوا نساءهم فووجه بقول نصر القشوري : « من الذي أسلم رجال السلطان وأصحابه إلى القرمطي سواك ! ؟ » مما حمل العامة على الوثوب على الوزير ورجم داره وصياحهم به : « يا ابن الفرات ، القرمطي الكبير ؟ ! » وقولهم عند القبض عليه : « قد قبض على القرمطي الكبير ! » ( المنتظم 6 / 188 - 189 ) . 
وكان ذلك من نصر القشوري ردا على ابن الفرات وانتقاما منه لا تهامه له بإخفاء رجل قبض عليه في بيت المقتدر تمهيدا لقتله ( الكامل لابن الأثير ، حوادث سنة 312 ، 8 / 47 ) فكأنه كان يتهمه بالتواطؤ مع القرامطة أيضا . وذكر ابن الجوزي ، في حوادث سنة 313 هـ و 315 هـ أخبار القبض على جماعة بتهمة القرمطة وقتلهم ( المنتظم 6 / 195 ، 209 ) ومن أكثر الأخبار إثارة في هذا المجال ما جاء في « استتار الإمام » في ما يتصل بظروف التمرد المذكورة على الفاطميين ، أن بني أبي محمد المذكور كانوا عازمين على التوجه إلى سلمية لإبادة العلويين فيها . 
وساق النيسابوري الخبر فقال : « فاتصل ذلك بدعاة بغداد ، وهم حامد بن العباس وابن عبد ربه وجماعته من الشيعة ، فكتبوا إلى المهدي ( عليه السلام ) أن بني أبي محمد قد عزموا على قتلك وقتل أهلك ؛ فإن كنت قاعدا فقم فإنهم قد زحفوا إليك وهم عازمون على قتلك . فإن لم يجدوا إلى ذلك سبيلا وشوا بك إلى أحمد بن طولون وهم يقولون : إنك مخالف للمذهب ويشهرون أمرك . . . » ( ص 96 ) ولولا بقية من تؤدة لاستعجلنا الزعم بأن المقصود بحامد بن العباس هنا خصم الحلّاج وعامل الدولة على واسط وليس ذلك كثيرا عليه ، وإن كان الأمر في حاجة إلى حجة أقوى .
وفوق هذا بقيت تهمة القرمطة مستمرة مع قوة الفاطميين وشدة خطرهم على الدولة العباسية ولم تنته حتى أواخر القرن الخامس الهجري . ومن هنا ذكر أن الكيا الهراس ( علي بن محمد بن علي الطبري ، 450 - 505 هـ / 1058 - 1111 م ، تلميذ أبي المعالي الجويني : عبد الملك بن عبد اللّه ، ت 478 هـ / 1085 م ) الذي درس بالنظامية ووعظ وذكر مذهب الأشعري » كاد له خصومه عند العامة « فرجم وثارت الفتن واتهم بمذهب الباطنية . فأراد السلطان قتله ، فمنعه المستظهر وشهد له » ( مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي : أبي المظفر يوسف بن قرأوغلي بن عبد اللّه البغدادي ، ت 654 هـ / 1256 م ، حيدر آباد ، 1951 م ، 8 : 1 / 37 .
( 1 ) ديوان أبي بكر الشبلي ، جمع وتحقيق وتقديم ، كاتب هذه السطور ، بغداد 1967 م ، ص 58 .

« 40 »
« فصلب في الجانب الشرقي في مجلس الشرطة ثم في الجانب الغربي حتى رآه الناس « 1 » » . وذكر البغدادي أنّ هذا التشهير ، بالصلب - وهو حي معلّق بحبل تحت إبطيه كالجرّة المعلقة على خشبة - « 2 » ، استغرق أياما متوالية في رحبة الجسر كل يوم غدوة ( صباحا ) وينادى عليه بما ذكر ثم ينزل به ويحبس » « 3 » . 
والظاهر أن حبس الحلّاج دون قتله - في حال اتهامه بالقرمطة - قد قصد به إلى ضرب مثل في التسامح مع هذه الطائفة ، التي عاثت في العراق قتلا ونهبا ، في محاولة لتأليف قلوبهم وتجنّب شرورهم وضمان ولائهم محافظة على الدولة العباسية من السقوط . ولعل الدليل على هذا ما ذكره ابن الجوزي ، في حوادث سنة 301 ه المذكورة - من أن هذا الوزير « شاور المقتدر في أمر القرامطة فأشار بمكاتبة أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي المتغلب على هجر ؛ فتقدم إليه بمكاتبته . 
فكتب كتابا طويلا يتضمن الحثّ على طاعة الخلفاء ويعاتبه على ترك الطاعة ويوبّخه على ما يحكى عن أصحابه من إعلان الكفر . . . فوصل الكتاب وقد قتل أبو سعيد :
وثب عليه خادم له صقلابي فقتله » « 4 » . 
ولكن علي بن عيسى لم ييأس ، وإنما أمر رسله « بإيصال الكتاب إلى أولاده ومن قام مقامه » « 5 » ؛ فكان ردّهم كونهم متهمين في غير تهمة وقتالهم للدولة في حال من الدفاع عن النفس « 6 » . فلما وصل كتابهم « كتب الوزير إليهم كتابا جميلا يعدهم فيه بالخير » « 7 » . وهكذا
..........................................................................................
( 1 ) الفهرست لابن النديم ، ص 283 ، المنتظم 6 / 123 .
( 2 ) انظر في ذلك قول ابن المعتز في وصف صلب حمدان قرمط ، قبل قتله :
حتى أقيم في جحيم الهاجره‏  . ..    و رأسه كمثل قدر فائره‏
و جعلوا في يده حبالا     . . .    من قنب يقطع الأوصالا
و علقوه في عرى الجدار  . . .   كأنه برادة في الدار
و صفقوا قفاه صفق الطبل‏ . . .  نصبا بعين شامت و خل‏ 
( الديوان ، تحقيق الشيخ محيي الدين الخياط ، دمشق 1371 هـ / 1951 م ، ص 164 ) .
( 3 ) تاريخ بغداد 8 / 127 .
( 4 ) أيضا : 6 / 121 .
( 5 ) أيضا : 6 / 121 .
( 6 ) أيضا : 8 / 127 .
( 7 ) أيضا : 8 / 127 .

« 41 »
أبقي على الحلّاج وأكتفي بحبسه « سنين كثيرة ، ينقل من حبس إلى حبس حتى حبس بأخرة في دار السلطان » « 1 » .
ولم يمنع الاعتقال الحلّاج من التعبير عن مواجيده وأفكاره وإظهار مواهبه في الفراسة والسياسة وقراءة الأفكار وإظهار الكرامات والتأثير في الرجال ؛ ومن هنا يبدو أن فترة حبسه كانت أخصب ما مرّ به من سنيّ حياته . ويكفي أنه كتب ، في أثنائها ، كتابه « الطواسين » الذي لم يبق الزمان على غيره من مصنفاته « 2 » .
وقد ذكر خصوم الحلّاج أنه ، في هذه الفترة ، « استغوى جماعة من غلمان السلطان وموّه عليهم واستمالهم بضروب من حيله حتى صاروا يحمونه ويدفعون عنه ويرفّهونه » « 3 » . وبالغوا في ذلك حتى ذكروا أنه « راسل جماعة من الكتاب وغيرهم ببغداد وغيرها ، فاستجابوا له » « 4 » .
وفي هذه الأثناء كانت الدولة الفاطمية يرسخ بنيانها ، ففي سنة 301 هـ / 914 م ، سنة القبض على الحلّاج ، احتل الفاطميون الإسكندرية - في غزوة استطلاعية - وقطعة من الفيّوم « 5 » وثبتوا أقدامهم في تونس . وفي سنة 307 هـ / 919 م « دخلت القرامطة البصرة » « 6 » . وفي سنة 308 هـ / 920 م « ملك العبيديون جيزة الفسطاط ففزعت الخلق وشرعت في الهرب » « 7 » . 
وفي سنة 309 هـ / 921 م، سنة قتل الحلّاج، اندفع الفاطميون مرة أخرى إلى مصر العليا «8».
..........................................................................................
( 1 ) أيضا : 8 / 127 .
( 2 ) انظر المنحنى الشخصي لحياة الحلّاج ، لماسينيون في كتاب شخصيات قلقة في الإسلام ، ص 72 .
( 3 ) تاريخ بغداد 8 / 127 .
( 4 ) تاريخ بغداد 8 / 127 .
( 5 ) تاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان ص 202 .
( 6 ) المنتظم لابن الجوزي 6 / 153 .
( 7 ) شذرات الذهب لابن العماد 2 / 252 .
( 8 ) تاريخ الشعوب الإسلامية ص 202 وقد ذكر عريب القرطبي ، في صلته لتاريخ الطبري ( ط . ليدن 1897 م ) ، في حوادث هذه السنة أن فيها « زحف ثمل الفتى إلى الإسكندرية -

« 42 »
وفوق هذا كان المقتدر : جعفر بن المعتضد ، خليفة ضعيفا متقلبا استخلف بمساعدة حامد بن العباس سنة 295 هـ / 908 م ، وله من العمر ثلاث عشرة سنة ، وقتل دفاعا عن ملكه ضد المتآمرين عليه من قواده سنة 320 هـ / 932 م شابا في الثامنة والثلاثين من عمره « 1 » . وخلال حكمه ، الذي استغرق نحو ربع قرن ، غيّر وزراءه خمس عشرة مرة « 2 » . ولم يسلم المقتدر نفسه من عواصف السياسة بل عزل مرتين واستخلف ثلاث مرات « 3 » .
وإذا تعمقّنا الأسباب وتقصّينا الحقائق وجدنا المجتمع العراقي العباسي ، في مطلع القرن الرابع الهجري ، مضطربا إلى أبعد حدود الاضطراب ، يتحكم فيه رجال أعمتهم الأنانية وتطلبوا النفع الشخصي وحده ، واستغلوا الناس أشنع استغلال في ظروف عصيبة صعبة مهّدت لسقوط الدولة العباسية سقوطا جزئيا بدخول البويهيين العراق في سنة 334 هـ / 947 م ، ولولا لعبة الحظ وعمى السياسة لتغيّر مجرى التاريخ الإسلامي كلّه « 4 » .
والمهم في الأمر هنا أنّ رجال الدولة لم يكونوا يعملون لها بقدر ما كانوا يعملون لأنفسهم مستغلين مناصبهم والفوضى التي ضربت أطنابها في طول البلاد وعرضها . ومن هنا وجدنا عجبا من العجب ؛ فرجل مثل علي بن أحمد الراسبي ، الذي كان يتقلد الأعمال التي ذكرناها في ما مرّ ، لم يكن يدفع للدولة من الأموال التي يجبيها إلا مليونا وأربعمائة ألف دينار ، وهو
..........................................................................................
- فأخرج عنها قائد الشيعة ورجال كتامة . . . وأطلق كل من كان في سجنهم ، ثم أقبل ممدّا لمؤنس واجتمعا بفسطاط مصر وزحفا إلى الفيوم لملاقاة أبي القاسم الشيعي ومناجزته ومعهما جني الصفواني وغيرهم » ( ص 85 ) .
( 1 ) مروج الذهب للمسعودي ، مصر 1283 هـ ، 2 / 290 .
( 2 ) أيضا : 2 / 396 - 7 ، وبالنسبة لخلع المقتدر انظر المنتظم أيضا ( 6 / 96 ) . وقد استخلف المقتدر سنة 295 هـ / 908 م ، وخلع بعد أربعة أشهر وسبعة أيام ؛ وذلك لما وقع الانقلاب الفاشل الذي جاء بعبد اللّه بن المعتز إلى الخلافة ، التي لم تدم غير يوم واحد ، وأعيد الأمر بعده إلى المقتدر . وخلع المقتدر ثانية سنة 307 هـ / 929 م لصالح محمد بن المعتضد الذي لقب بالقاهرة ، وعاد الأمر إلى صاحبه بعد يومين فقط .
( 3 ) أيضا : 2 / 396 - 7 ، وبالنسبة لخلع المقتدر انظر المنتظم أيضا ( 6 / 96 ) . وقد استخلف المقتدر سنة 295 هـ / 908 م ، وخلع بعد أربعة أشهر وسبعة أيام ؛ وذلك لما وقع الانقلاب الفاشل الذي جاء بعبد اللّه بن المعتز إلى الخلافة ، التي لم تدم غير يوم واحد ، وأعيد الأمر بعده إلى المقتدر . وخلع المقتدر ثانية سنة 307 هـ / 929 م لصالح محمد بن المعتضد الذي لقب بالقاهرة ، وعاد الأمر إلى صاحبه بعد يومين فقط .
( 4 ) في الحق أن المعتضد تنبأ بزوال الملك على يدي المقتدر ، وقد كان تعليق ابن الجوزي على هذه النبوءة قوله : « فكان كما تنبأ » ( المنتظم 6 / 69 ) .

« 43 »
مبلغ زهيد جدا إذا قيس بما يتوقع من إيرادات هذه الرقعة الواسعة ذات الزراعات والصناعات الكثيرة . ومن هنا لم يكن غريبا أن يخلّف الراسبي « من العين ألف ألف دينار وآنية ذهب وفضة بقيمة مائة ألف دينار ، ومن الخيل والبغال والجمال ألف رأس ومن الخزّ ألف ثوب . وقيل : إنه كان له ثمانون طرازا [ - آلة ] ينسج فيها الثياب » « 1 » . 
وقد ذكر المؤرخون في علي بن محمد بن الفرات ، الوزير المشهور ، الذي استوزر للمقتدر ثلاث مرات « 2 » ابتداء من سنة 299 ه ، سنة طلب الحلّاج « 3 » ، أنه - مع كرمه وحبه للمساعدة وحكمته في تسيير شؤون الدولة - « ملك أموالا كثيرة تزيد على عشرة آلاف ألف دينار وبلغت غلته ألف ألف دينار » « 4 » . 
وأشار المؤرخون أيضا إلى أن تصرّف الوزراء وكبار الموظفين في أموال الدولة كان لا بد أن يرتبط بإضعاف القضاء لئلا يقع المسؤولون تحت طائلة العقاب . ومن هنا ذكر ابن عيّاش أنه « كان أول ما انحلّ من نظام سياسة الملك ، فيما شاهدناه ، القضاء » « 5 » . 
وأضاف إلى هذا أن ابن الفرات وضع منه وأدخل فيه أقواما لا علم ( لهم إليه ) « 6 » ، وكان السبب واضحا . لكن أول هذا الأمر كان لما « قلّد ابن الفرات أبا أمية الأحوص البصري ؛ فإنه كان بزازا ، فاستتر ابن الفرات عنده وخرج من داره إلى الوزارة فولاه القضاء » « 7 » . وإذ بلغ الأمر هذا المدى
..........................................................................................
( 1 ) المنتظم 6 / 125 ، وانظر أيضا صلة عريب ص 44 ، دول الإسلام للذهبي 1 / 144 النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3 / 183 .
( 2 ) مروج الذهب 2 / 396 .
( 3 ) مروج الذهب 2 / 396 .
( 4 ) المنتظم 6 / 191 .
( 5 ) المنتظم 6 / 191 .
( 6 ) أيضا : 6 / 190 .
( 7 ) أيضا : 6 / 190 وقد ذكر ابن الجوزي أن أبا أمية « كان قليل العلم إلا أن عفته وتصوّنه غطى ( الصحيح : غطيا ) على نقصه ؛ فلم يزل بالبصرة حتى قبض عليه ابن كنداج ، أمير البصرة ، في بعض نكبات المقتدر لابن الفرات . . . ولا نعلم أن قاضيا مات في السجن سواه » ( المنتظم 6 / 190 ) . 
ويذكر أن أبا أمية هذا كان قاضي البصرة وواسط والأهواز . وكان من فتوّة أبي أمية أن ابن الفرات كان « قد صودر على ألف دينار وستمائة ألف دينار فأدى جميعها في مدة ستة عشر يوما من وقت أن قبض عليه » ( أيضا ) .


« 44 »
لم يكن عجيبا أن نقرأ أنه في سنة 307 هـ / 919 - 20 م « أمرت السيدة أم المقتدر قهرمانة لها تعرف بثمل أن تجلس . . للمظالم وتنظر في رقاع الناس في كل جمعة ؛ فجلست وأحضرت القاضي أبا الحسين الأشناني وخرجت التوقيعات على السداد » « 1 » . ! وغدا من الطبيعي أنه « ما مضت إلا سنوات حتى ابتدأت الوزارة تتّضح ويتقلدها من ليس بأهل [ لها ] » « 2 » . وغدت أشبه شيء بولايات العثمانيين على العراق حين كانت الولاية تباع لمن يزيد في الضمان ! وكان حامد بن العباس من هؤلاء الوزراء الذين نعنيهم هنا ؛ فمع أنه كان رجلا إداريا يلي واسطا منذ سنة 287 هـ / 900 م « 3 » إلا أن براعته كانت منصبّة على الضمان وتحصيل الأموال دون السياسة وتصريف شؤون الدولة . 
والحق أن السبب الذي جاء بحامد إلى هذا المنصب السامي لم يكن ليتعدى عجز الدولة عن الإنفاق على حربها لابن أبي الساج الذي كان يهددها بالزوال « 4 » . 
ذلك أن ابن الفرات لما رأى الأمور تسوء ، بفعل خروج الريّ عن ملك العباسيين « 5 » وتأخير رواتب الضباط والجنود الذين يحاربون في الجبهة « 6 » ، طلب إلى الخليفة أن يقدّم مائتي ألف دينار لتلافي الكارثة « 7 » . فأنكر عليه الخليفة ذلك « لأنه كان ضمن القيام بأرزاق الجنود والأحشاد وجميع النفقات المترتبة » .
..........................................................................................
( 1 ) أيضا 6 / 148 ، و « السيدة » هي أم ولد يقال لها شغب أدركت خلافته وسميت السيدة وكانت لأم القاسم بنت محمد بن عبد اللّه بن طاهر فاشتراها منها المعتضد » ( المنتظم 6 / 67 ) .       ( 2 ) أيضا : 6 / 191 .                ( 3 ) أيضا : 6 / 24 .
 ( 4 ) انظر تاريخ ابن خلدون 3 / 370 .
( 5 ) انظر تاريخ ابن خلدون 3 / 370 .
( 6 ) تاريخ ابن خلدون 3 / 371 ، وانظر المنتظم لابن الجوزي 6 / 147 . وبالنسبة لثروة حامد بن العباس وجاهه ، ذكر ابن الجوزي أنه كان له « أربعمائة مملوك يحملون السلاح لكل واحد منهم مماليك ، وكان يحجبه ألف وسبعمائة حاجب ! » ( المنتظم 6 / 180 ) . وذكر ابن الجوزي أيضا أنه وجد لحامد في نكبته التي قتل فيها ( سنة 311 هـ / 924 م ) في بئر المستراح [ بالوعة المرحاض ] أربعمائة ألف دينار عينا ، دل عليها لما اشتدت به المطالبة . . . وباع حامد داره التي كانت له على الصراة ( أحد أنهار بغداد العباسية ) من نازوك بإثني عشر ألف دينار ، وباع خادما له عليه بثلاثة آلاف دينار ، وأقر حامد بألف ومائتي ألف دينار » ( المنتظم 6 / 180 - 183 ) .
( 7 ) تاريخ ابن خلدون 3 / 371 ، وانظر المنتظم لابن الجوزي 6 / 147 . وبالنسبة لثروة حامد بن العباس وجاهه ، ذكر ابن الجوزي أنه كان له « أربعمائة مملوك يحملون السلاح لكل واحد منهم مماليك ، وكان يحجبه ألف وسبعمائة حاجب ! » ( المنتظم 6 / 180 ) . وذكر ابن الجوزي أيضا أنه وجد لحامد في نكبته التي قتل فيها ( سنة 311 هـ / 924 م ) في بئر المستراح [ بالوعة المرحاض ] أربعمائة ألف دينار عينا ، دل عليها لما اشتدت به المطالبة . . . وباع حامد داره التي كانت له على الصراة ( أحد أنهار بغداد العباسية ) من نازوك بإثني عشر ألف دينار ، وباع خادما له عليه بثلاثة آلاف دينار ، وأقر حامد بألف ومائتي ألف دينار » ( المنتظم 6 / 180 - 183 ) .

« 45 »
وحاول ابن الفرات معالجة الأمر بمطالبة حامد بن العباس « بأكثر من ألف ألف دينار من فضل ضمانه » ، لكن هذا لم يترك الفرصة تفلت « فكتب إلى نصر الحاجب وإلى والدة المقتدر [ وكانت متنفذة ] بسعة نفسه وكثرة أتباعه » واستعداده لتقديم كل ما يطلب منه من مال بشرط إيكال الأمور إليه . 
وهكذا صار محصّل الضرائب وزيرا . وظهر منذ اللحظة الأولى أن حامدا ليس مستوفيا لشروط الوزارة ، ومن هنا استعين بوزيرين سابقين لمساعدته على تسيير الأمور هما : علي بن عيسى وأبو علي بن مقلة وضم إليهما رجل كفء هو أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل المعروف بزنجي « 1 » . 
وتبين في النهاية « أنه لا فائدة في الاعتماد عليه في شيء من الأمور ، فتفرّد أبو الحسن علي بن عيسى بتدبير جميع أمور المملكة وصار حامد لا يأمر في شيء البتة » « 2 » . وإذ ساءت الأمور إلى هذا الحدّ ، كان من طبيعة الأشياء أن يجوع الناس ويتوتر الجو ويشغب الجند ويفلت زمام الأمور . 
وهكذا « شغب أهل السجن الجديد وصعدوا على السور فركب نزار بن محمد صاحب الشرطة وحاربهم وقتل منهم واحدا ورمى برأسه إليهم فسكنوا » « 3 » . 
وأعقب ذلك أن « كسرت العامة الحبوس بمدينة المنصور فأفلت من كان فيها ، وكانت أبواب المدينة الحديد باقية فغلّقت وتتبع أصحاب الشرطة من أفلت فلم يفتهم منهم أحد » « 4 » . ووثب بنو هاشم على علي بن عيسى لتأخر أرزاقهم فمدّوا أيديهم إليه ، فأمر المقتدر بالقبض عليهم وتأديبهم ونفاهم إلى البصرة وأسقط أرزاقهم » « 5 » . 
ومع أن حامدا عزل عن الوزارة سنة 307 هـ / 919 م إلا أن الظروف كانت من السوء بحيث اضطر السلطان إلى تكليفه بها بعد سنة من الزمان مما حمله على المبالغة في الشره ، فترك علي بن عيسى يصرّف الأمور وانصرف هو إلى ضمان « أعمال الخراج والضياع الخاصّة المستحدثة والقرارية بسواد بغداد والكوفة وواسط والأهواز
..........................................................................................
( 1 ) المنتظم 6 / 147 - 8 .
( 2 ) المنتظم 6 / 147 - 8 .
( 3 ) أيضا : 6 / 147 .
( 4 ) أيضا : 6 / 153 .
( 5 ) أيضا : 6 / 147 .

« 46 »
وأصبهان » « 1 » . وكان أن ترك بغداد تغلي وخرج هو إلى واسط ، مركزه الحصين ، « للنظر في الأعمال التي ضمنها » « 2 » . واتضح في ما بعد أن حامدا كان كغيره من الوزراء والقواد ممن اعتادوا أن يستغلّوا الظروف أشنع استغلال دون وازع من ضمير أو إنسانية فكانوا « يخزّنون الغلال » « 3 » ليرفعوا الأسعار ويزيدوا إيراداتهم ويكنزوا المال في غير وجهه ، وكان من تحصيل الحاصل أن ترتفع الأسعار ؛ لكن قلة ما بأيدي الناس من مال وانهيار الاقتصاد كليا حمل الناس حملا على التظاهر وإعلان السخط « فاضطربت العامة لذلك وقصدوا باب حامد فخرج إليهم غلمانه فحاربوهم فقتل من العامة جماعة ومنعوا يوم الجمعة من الصلاة وهدموا المنازل وأخربوا مجالس الشرطة وأحرقوا الجسور » «4» ، وذلك في سنة 308 هـ / 920 م .
وكان الأمر واضحا وعلاجه بسيطا ، وهكذا اضطر الخليفة إلى أن يأمر « بفتح المخازن التي للحنطة وبيعها ، فرخص السعر وسكن إلى منع الناس من بيع الغلال في البيادر وخزنها » «5». 
ولما كان حامد هو أساس البلاء ، انتهى الأمر بأن « رفع الضمان عن حامد وصرف عماله عن السواد » « 6 » « وبيع الكرّ بنقصان خمسة دنانير » « 7 » ، فأدّى الأمر إلى سكون مؤقت . ولم تنته المشاكل
..........................................................................................
( 1 ) تاريخ ابن خلدون 3 / 371 .
( 2 ) المنتظم 6 / 156 . وفي هذا المجال ذكر ابن الأثير أن حامدا « قد ضجر من المقام ببغداد وليس إليه من الأمر شيء . . . وكان إذا اشتكى إليه [ إلى علي بن عيسى ] بعض نواب حامد يكتب على القصة [ - الشكوى ] إنما عقد الضمان على النائب الوزيري عن الحقوق الواجبة السلطانية فليقدم إلى عماله بكف الظلم عن الرعية » ، الكامل ( مصر 1303 ه ) ، 8 / 43 .
( 3 ) ابن خلدون 3 / 371 .
( 4 ) المنتظم 6 / 156 ، وانظر شذرات الذهب لابن العماد ( 2 / 252 ) حيث ذكر أن سنة 308 ه « فيها ظهر اختلال الدولة العباسية وجيشت الغوغاء بغداد . فركب الجند ، وسبب ذلك كثرة الظلم من الوزير حامد بن العباس ، فقصدت العامة داره فحاربهم غلمانه - وكان له مماليك كثيرة - فدام القتال أياما وقتل عدد كثير . ثم استفحل البلاء ووقع النهب في بغداد » .
( 5 ) تاريخ ابن خلدون 3 / 371 .
( 6 ) تاريخ ابن خلدون 3 / 371 .
( 7 ) المنتظم 6 / 156 .

« 47 »
بالترفيه عن الجياع بل سرعان ما استغاث العمّال وجميع أصحاب الأرزاق بأنه [ علي بن عيسى وكيل حامد بن العباس ] حطّ من أرزاقهم شهرين من كل سنة ، فكثرت الفتنة على حامد « 1 » . ومع هذا كله بقي حامد في دست الوزارة إلى سنة 311 هـ / 924 م « 2 » . فكان من سوء حظه أن وقع دم الحلّاج في رقبته . 
وقد صار الحلّاج شهيد الصوفية وراصّ بنيان التصوّف على مرّ العصور ، وباء حامد بن العباس بالفضيحة وسوء الصيت ، وغدا اسمه مقترنا بالحلّاج كما اقترن اسم هابيل بقابيل واسم يزيد بالحسين واسم يهوذا الأسخريوطي بالمسيح ( ع ) .
وإذا عدنا إلى الحقائق المتصلة بالسنين الأخيرة للحلّاج وجدناه ينقل من سجن إلى سجن خشية إنقاذ أتباعه له حتى استقر به الاعتقال في حبس منيع ، في ما يبدو ، ليكون تحت مراقبة الشرطة حتى يفصل في أمره . ويبدو أنه لم يكن رهن الاعتقال في ما دعي عندئذ بالسجن الجديد ، وهو السجن الذي حدث فيه الشغب سنة 306 هـ المذكورة ، وفرّ منه كثير من السجناء .
ولهذا أشار ماسينيون - دون دليل - إلى « أن الحلّاج رفض الفرار من حبسه » « 3 » . والظاهر أنه كان قبل ذلك في « دار السلطان » ، أي دار الخلافة كما يفهم من سياق الحوادث .
وفي المعتقل الجديد ظهرت مواهب الحلّاج وبراعاته من « حسن عبارة وحلاوة منطق وشعر على طريقة التصوف » « 4 » . 
ووجد الحلّاج في السجن طمأنينته وهدوء نفسه ، فانصرف إلى العبادة حتى قيل إنه « استمال أهل الحبس
..........................................................................................
( 1 ) تاريخ ابن خلدون 3 / 373 .
( 2 ) المنتظم 6 / 180 .
( 3 ) المنحنى الشخصي للحلّاج ( ضمن شخصيات قلقة في الإسلام ص 75 ) . ولم يعين ماسينيون مصدر هذه الواقعة وما نعرفه من ذلك يتصل بقصة أسطورية جاءت في تذكرة الأولياء للعطار ( 2 / 113 ) ومحفل الأوصياء ( للأردستاني : علي أكبر حسين ، من رجال القرن الحادي عشر الهجري [ السابع عشر الميلادي ] ، مخطوط دائرة الهند بلندن رقمEthe45G، ورقة 265 ب ، وفيها الحلّاج كسر قيود ثلاثمائة سجين ممن كانوا ينزلون السجن معه وأطلقهم من السجن دون أن يفعل هو فعلهم رضي بالمصير الذي اختاره له اللّه .
( 4 ) تاريخ بغداد 8 / 112 .

« 48 »
بإظهار السنة فصاروا يتبرّكون به » « 1 » . وفوق هذا شغل الحلّاج نفسه بالتصنيف ؛ فعلاوة على كتاب « الطواسين » ، لا شك أنه كتب في السجن كتاب « السياسة والخلفاء» الذي ربما صنفه للمقتدر نفسه « 2 »، وكتاب « الدرّة » «3». 
الذي صنّفه باسم نصر القشوري ، حاجب المقتدر؛ وكتاب « السياسة » الذي صنفه باسم الحسين بن حمدان « 4 »، القائد الذي قتله الخليفة بوشاية حامد بن العباس سنة 306 هـ / 918 - 19 م « 5 ». 
وبهذا يتبين أن الحلّاج استمال موظفي القصر أيضا في فترة سجنه هذه ، وكان أولهم نصر القشوري الذي تسكت كتب التاريخ والسير عن ترجمته ( ت 316 هـ / 928 م ) « 6 » .
وقد ذكر - في ما يتصل بالصداقة التي توطدت أواصرها بين الحلّاج ونصر القشوري ، حاجب المقتدر - أنّ الأول « استغوى » الثاني « من طريق الصلاح والدين مما كان يدعو إليه » « 7 » ، وهو تعبير صاغه خصم لكنه يشفّ عن الجاذبية التي كان يتمتع بها الحلّاج حيال المحايدين من الناس ممن لا يدفعهم دافع ؛ من أوّل نظرة إلى الخصومة والتشنيع . 
ولعلّ عبارة عريب القرطبي أدنى إلى
..........................................................................................
( 1 ) تاريخ بغداد 8 / 112 .
( 2 ) الفهرست لابن النديم ص 272 .
( 3 ) ذكر الصابي ( أبو الحسن الهلال بن المحسّن ، 359 - 448 هـ / 970 - 1056 م ) في كتابه « الوزراء » ، ( أو « تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء » ، تحقيق عبد الستار أحمد فراج ، مصر 1958 ) ، ص 231 أن خزانة علي بن عيسى الوزير كانت تحتوي على « دفتر منسوب إلى الحلّاج فيه آداب الوزارة » . 
فلعل هذا يرجّح تصنيف الكتاب باسم الخليفة ، وإن كان تصنيفه باسم الوزير عندنا أرجح تألفا لقلبه أو اعترافا بجميله لعدم إعدامه سنة 301 هـ لما قبض عليه والاكتفاء بالتشهير به ثلاثة أيام ، على نحو ما مر ، باعتبار هذا العقاب الحد الأدنى الذي لم يمكن فرض أقل منه على الحلّاج استجابة لضغط الحكومة .
( 4 ) الفهرست ص 272 .
( 5 ) الفهرست ص 272 .
( 6 ) قال فيه ابن الجوزي : « حجب المقتدر باللّه وتقدم عنده وكان دينا عاقلا . وخرج إلى لقاء القرامطة محتسبا [ ومتطوعا مجاهدا ] فأنفق من ماله مائة ألف دينار إلى ما أعطاه السلطان ، فاعتل في الطريق ومات في هذه السنة ( 316 هـ ) فحمل إلى بغداد في تابوت » ( المنتظم 6 / 220 ) .
( 7 ) تاريخ ابن خلدون 3 / 370 .

« 49 »
التعبير عن هذه الصلة الودّية بإفراغها في قوله : « وادّعى قوم أن نصرا مال إليه » « 1 » . لكن من الثابت أن نصرا كان يميل إلى الحلّاج إلى درجة الولاء وأنه ذهب في حمايته إلى حدّ مخاصمة علي بن عيسى في سبيله « 2 » .
وتطورت هذه المودّة إلى مدى بعيد ساغ معه لنصر القشوري أن يسمي الحلّاج بالشيخ الصالح « 3 »، وأن يقصد إلى دار الخليفة مستأذنا في « أن يبني له بيتا في الحبس » « 4 » . 

وانتهى الأمر إلى أن ( بني له دارا بجنب الحبس وسدّوا باب الدار وعملوا حوله سورا وفتحوا بابه إلى الحبس ، وكان الناس يدخلون عليه قريبا من سنة . . . » « 5 » . وكانت الحجة الظاهرة لهذه الحماية ما قيل من أنّ نصرا كان يسبغها على الحلّاج لأنه « سنّي وإنما تريد قتله الرافضة ! » « 6 » ، وهي حجة واهية متهافتة أريد بها تسويغ هذه الحماية تسويغا طائفيا يغطي على براءة الحلّاج مما رمي به من تهم ظاهرها ديني وباطنها سياسي بحت .
وكان للحلّاج حام آخر في القصر هو أمّ المقتدر : شغب ، وكانت أم ولد من جواري المكتفي « 7 » ولقبت بالسيدة في أيام ولدها ، في ما يبدو ، لئلا تسمى باسمها « 8 » الصارخ الدلالة على ماضيها . وكانت « السيدة » ذات شخصية
..........................................................................................
( 1 ) صلة عريب ، على هامش تجارب الأمم ، 1 / 86 .
( 2 ) أربعة نصوص ، النص الثالث ، ص 28 .
( 3 ) الفهرست لابن النديم ، ص 271 .
( 4 ) أربعة نصوص : النص الثالث ، ص 28 . والظاهر أن الحلّاج كان ، قبل بناء هذا السجن الخاص ، مكفولا من قبل نصر القشوري ومعتقلا في بيته حماية له وإعجابا به ، ومن هنا ذكر ابن كثير أن الحلّاج « كان قبل احتياط الوزير حامد عليه في حجرة من دار نصر القشوري الحاجب ، مأذونا لمن يدخل إليه . . . » ( البداية والنهاية 11 / 140 ) .
( 5 ) أربعة نصوص : النص الثالث ، ص 28 . والظاهر أن الحلّاج كان ، قبل بناء هذا السجن الخاص ، مكفولا من قبل نصر القشوري ومعتقلا في بيته حماية له وإعجابا به ، ومن هنا ذكر ابن كثير أن الحلّاج « كان قبل احتياط الوزير حامد عليه في حجرة من دار نصر القشوري الحاجب ، مأذونا لمن يدخل إليه . . . » ( البداية والنهاية 11 / 140 ) .
( 6 ) المنتظم 6 / 163 .
( 7 ) مروج الذهب 2 / 390 .
( 8 ) انظر المنتظم 6 / 233 ، ومن تصرفات هذه السيدة أنها « طلبت من القاضي أبي الحسن علي بن محمد بن أبي جعفر بن البهلول ( ت 318 هـ / 930 م ) كتاب وقف لضيعة كانت ابتاعتها ، وكان كتاب الوقف مخزونا في دار القضاء وأرادت أخذه لتحرقه وتمتلك الوقف . . . فقال لأم موسى القهرمانة [ لعلها ثمل الماضية ] : تقولين لأم المقتدر السيدة . اتقي اللّه ، هذا واللّه ما لا طريق إليه » . وقد ذكر ابن الجوزي أن المقتدر نفسه تدخل أيضا ليمنع ذلك ولم يرضه .

« 50 »
طاغية قوية ، تتدخل في شؤون الدولة وتفرض رأيها فرضا ، وقد مرّ كيف أنها أسست مجلسا للمظالم . وواضح أن هذه السيدة التركية ، في ما يبدو ، كانت عامية العقلية تتأثر بمظاهر الصلاح كتأثّر العوامّ البسطاء وتأثّر الرجال في دار السلطان الذين « مالوا [ إلى الحلّاج ] وصاروا يتبركون به ويستدعون منه الدعاء » « 1 » . 
ولهذا تحركت عاطفة الأمومة في « السيدة » لما « حمّ المقتدر وافتصد وبقي محموما ثلاثة عشرة يوما » « 2 » سنة 303 هـ / 916 م . 
هنا رجا نصر القشوري الحلّاج أن يدخل على الخليفة « فرقّاه . . . . فاتّفق زواله عنه وكذلك وقع لوالدة المقتدر : السيدة ، فرقّاها فزالت عنها » « 3 » . 
وقصة مثل هذه معقولة ومناسبة لمجرى الأحداث ؛ ويؤكدها أنّ نصرا والسيدة حاولا منع المقتدر من إعدام الحلّاج بعد صدور الحكم ، دون جدوى ، « فحمّ المقتدر يومه فازداد نصر والسيدة افتنانا وتشكك المقتدر فيه » « 4 » .
وهكذا عاش الحلّاج ناعم البال في قصر الخليفة - وإن كان يحسّ الأخطار تتهدده كل يوم من قبل حامد ورهطه . وجاءت النهاية في سنة 309 هـ / 922 م في ظروف عصيبة جابهتها الدولة من الشعب الثائر والجيش الشاغب والضمان الملغى لحامد الوزير بفعل ثورة الشعب والجيش . 
وقد حاول حامد بن العباس أن يقمع الشعب ، وكان جلّه من الحنابلة الذين نما عددهم باضطراد من أيام انتصار أحمد بن حنبل على المعتزلة ونصرة المتوكل له قبل هذا التاريخ ، وفي سنة 232 هـ / 846 م بالتحديد . 
وتحقيقا لهذا الغرض « أحضر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري [ المؤرخ المشهور ، ت 310 هـ - 922 م ] إلى دار علي بن عيسى لمناظرة الحنابلة ، فحضر ولم
..........................................................................................
( 1 ) المنتظم 6 / 130 .
( 2 ) أيضا : 6 / 131 .
( 3 ) البداية والنهاية 11 / 140 ، وانظر المنحنى الشخصي للحلّاج من كتاب شخصيات قلقة في الإسلام ( ص 72 ) حيث أضاف ماسينيون إلى هذا إحياء الحلّاج لببغاء كان لولي العهد نقلا عن صلة عريب ( هـ . ص 92 ) ، وكأنه قصة حقيقية .
( 4 ) نشوار المحاضرة 1 / 83 .

« 51 »
يحضروا فعاد إلى منزله . . . » « 1 » ، وكان ذلك في ذي القعدة من هذه السنة « 2 » ، وهو الشهر الذي قتل الحلّاج في الرابع والعشرين منه كما يأتي .
ولما فشلت هذه المحاولة اتجه حامد إلى استرضاء الخليفة في محاولة للبقاء في الحكم وكسب ثقته ومودته وإطلاق يده لتعويض ما فاته في السنة الماضية من خسارة فادحة أصابته بسبب إلغاء ضمانه وتخفيض أسعار المحاصيل التي بيعت على الناس من الأراضي التي كانت تحت يده . ومن هنا ذكر ابن الجوزي أن حامدا أهدى « . . . إلى المقتدر البستان المعروف بالناعورة : بناه له وأنفق على بنائه ألف دينار وعلّق على المجالس التي فيه الستائر وفرشه باللبود الخراسانية ثم أهداه » « 3 » .
وإذا عرفنا أن ابن الفرات كان يقدّر للنفقة على الجيش العباسي ، الذي كان يحارب ابن أبي الساج مائتي ألف دينار فقط ، أدركنا عظم هذه الهدية التي قدمت إلى الخليفة - وليس من المبالغة في شيء أن نصفها بالرشوة ، في وقت كان الناس يتضورون فيه جوعا ويحتاجون إلى الدانق لسدّ جوعتهم .
ولما اطمأن حامد إلى رضا المقتدر وضمن سكوته ، وكان حينئذ شابا في السابعة والعشرين ، اتجه إلى قطاع آخر من العامة يدين بالولاء للحلّاج والصوفية على العموم من أصحاب القيم الروحية ، وكان كثير منهم يدين بمذهب ابن حنبل ، كصديق الحلّاج وتلميذه أحمد بن عطاء الأدمي « 4 » الذي
..........................................................................................
( 1 ) المنتظم 6 / 159 . ولم يغفر الحنابلة للطبري موافقته على مناظرتهم باعتبارها ضربا من المعارضة والتحالف مع الدولة على اضطهادهم . 
ومن هنا ، لما مات في سنة 310 هـ / 923 م « دفن ليلا . . . لأن العامة اجتمعوا ومنعوا من دفنه بالنهار وادّعوا عليه الرفض ثم ادعوا عليه الإلحاد ! » ( المنتظم 6 / 172 ) . 
وقد شرح ابن الجوزي هذه التعقيدات بأن الطبري كان يرى جواز المسح على القدمين ولا يوجب غسلهما ( كالشيعة ) فلهذا نسب إلى الرفض ( أيضا ) .
( 2 ) المنتظم 6 / 159 .
( 3 ) أيضا : 6 / 159 .
( 4 ) انظر مثلا أخذه عن الفضل بن زياد صاحب أحمد بن حنبل في تاريخ بغداد 5 / 26 وراجع المنحنى الشخصي للحلّاج من كتاب « شخصيات قلقة في الإسلام » ص 76 .

« 52 »
توفي بعد الحلّاج بأيام « 1 » متأثرا بالضرب الشديد الذي عاناه في أثناء التحقيق مع الحلّاج نتيجة إهانته لحامد بن العباس ورفضه التعاون معه على هلاك صديقه .
وبهذا يبدو أن حامدا وجّه حقده وغيظه وحسده إلى الحلّاج ، أسيره في قصر السلطان ، ثأرا لماله وكرامته وحفظا لمستقبله وانتقاما من العامة في صورة رجل من زعمائهم . 
ويبدو أن حامد بن العباس أخذ يقارن بين غناه وفقر الحلّاج وجاهه وحبس الحلّاج وبين تفكيره المادّي الصرف ، الذي لا ينفصل عن المال والخراج والضمان والضياع ، وبين تفكير الحلّاج الروحي البحت الذي تتكرر فيه عبارات النور الشعشعاني « 2 » والحب الإلهي والتضحية في سبيل اللّه والحياة بعد الموت وما إلى ذلك ؛ فأخذه الدهش من إخفاقه ونجاح هذا الأسير ، وبين كره الناس له وحبهم لسجينه حتى لقد جذبت مغناطيسيته رجال القصر ونساءه بما في ذلك السيدة أم الخليفة نفسها . ورجل مثل حامد في حيرته وجهله لا بدّ أن تضيق به الدنيا في حال عجزه عن تحقيق ما تمنّاه وإخفاقه في قمّة مجده لما بلغ الوزارة ، وهذا في مقابل نجاح باهر حظي به سجين منقطع عن الدنيا منذ ثماني سنوات يزوره الناس من الطبقات كافة ، ويتوسلون إليه في الدعاء لهم ، ويتزاحمون على رؤيته والسماع منه . وهكذا انضم حامد إلى موكب الحاسدين الحاقدين على الحلّاج وجعل يتحيّن الفرص للإيقاع به وعيّن له غلاما من غلمانه لمراقبته انتظارا للفرصة « 3 » .
وجاءت اللحظة التي طال انتظارها . فقصّ علينا ابن زنجي - نجل
..........................................................................................
( 1 ) ذكر ابن الجوزي أنه توفي في ذي القعدة في ( المنتظم 6 / 160 ) .
( 2 ) ذكر ابن أبي الحديد ( عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة اللّه المدائني ، ت 655 هـ / 1258 م ) في شرح نهج البلاغة ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، مصر 1959 - 1964 م ، 11 / 141 ) أنه « كان مما نقم حامد بن العباس وزير المقتدر وعلي بن عيسى الجراح وزيره أيضا على الحلّاج أنهما وجدا في كتبه لفظ النور الشعشعاني وذلك لجهالتهم مراد القوم واصطلاحهم ومن جهل أمرا عاداه » .
( 3 ) تأتي الإشارة إلى المرجع في ما بعد .

« 53 »
الإداري الذي عيّن مساعدا لحامد - تفاصيلها بقوله : « كنت أنا وأبي يوما بين يدي حامد إذ نهض مسرعا من مجلسه .
وخرجنا إلى دار العامة وجلسنا في رواقها وحضر هارون بن عمران الجهبذ بين يدي أبي ، ولم يزل يحادثه .
فهو في ذلك إذ جاء غلام حامد ، الذي كان موكلا بالحلّاج ، وأومأ إلى هارون بن عمران أن يخرج إليه ، فنهض مسرعا ونحن لا ندري ما السبب .

فغاب عنا قليلا ثم عاد وهو متغير اللون جدّا . فأنكر أبي ما رأى فسأله عن خبره فقال : دعاني الغلام الموكل بالحلّاج فخرجت إليه فأعلمني أنه دخل إليه ومعه الطبق الذي رسمه أن يقدم إليه في كل يوم فوجده قد ملأ البيت بنفسه فهو من سقفه إلى أرضه وجوانبه حتى ليس فيه موضع ! فهاله ما رأى ورمى بالطبق من يده وعدا مسرعا ، وأنّ الغلام ارتعد وانتفض وحمّ . فبينما نحن نتعجب من حديثه إذ خرج إلينا رسول حامد وأذن في الدخول إليه ، فدخلنا .
وجرى حديث الغلام ، فدعا به فإذا هو محموم . وقصّ عليه قصّته فكذّبه وشتمه وقال : فزعت من نيرنج الحلّاج [ ! ] وكلاما في هذا المعنى - لعنك اللّه أغرب عني . فانصرف الغلام وبقي على حالته من الحمى مدة طويلة » « 1 » .

وعدّ حامد بن العباس هذا العمل من الحلّاج ، عبثا به هو شخصيا ومحاولة للنفوذ إلى جماعة غلمانه لصرفهم عنه والتآمر عليه ؛ فكان ذلك في مثل هذه الظروف الحرجة تحدّيا سافرا من الحلّاج وفرصة ذهبية لحامد بن العباس يشفي بها صدره ويثأر لكرامته التي نالت منها العامة .
وحشد حامد طاقاته كلها يجمع خيوط الاتهام لينسج منها شبكة يوقع فيها
..........................................................................................
( 1 ) تجارب الأمم لمسكويه ص 79 - . 80 وقد وصف المناوي ( أبو محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي الحدادي ، ت 1031 هـ / 1622 م ) ، هذه الظاهرة بالتطوّر وقال « وكان شأنه التطور فلما طلب للقتل تطور في البيت فملأه ، فأتاه الجنيد وقال : فتحت في الإسلام ثغرة لا يسدها إلا رأسك . . » ( الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية ، الجزء الثاني ، مصر 1963 م ص 25 ) وظاهر أنه - وإن احتملنا تسمية هذه الظاهرة كذلك - إلا أن مجرى الحوادث لم يكن على الصورة التي رواها المناوي إذ معروف أن الجنيد سبق الحلّاج إلى الدار الأخرى بإحدى عشرة سنة .

« 54 »
الحلّاج . وبدأ حملة واسعة افتتحها باعتقال من كان له وجه اتصال بالحلّاج واستنطاقه بالعسف والتنكيل ليقرّ بما يلقي به إلى الهلكة . وهكذا قبض على « حيدرة والسمري ومحمد بن القنّائي والمعروف بأبي المغيث الهاشمي » « 1 » من جماعته . وكبست دار الحلّاج نفسه ، فذكر أنه عثر فيها على « دفاتر كثيرة » وكذا في منزل القنائي وكان فيها أسماء بن بشر وشاكر اللذين اتضح - في ما زعم من أقوال أصحابه - أنهما كانا داعيين له في خراسان « 2 » . وكانت حصيلة هذه الخطوة اعترافات من أصدقاء الحلّاج بادّعائه الإلهية « 3 » . وزعم حامد أنه وجد في كتب الحلّاج ما يصلح أن يكون فقها لمذهبه ودينه ، فيه ذكر للصيام والصلاة والزكاة والحج والعبادة على طريقته الخاصة . وذكر في ما يتعلق بتفصيلات هذه العبادات أنه « إذا صام الإنسان ثلاثة أيام بلياليها ولم يفطر ، وأخذ في اليوم الرابع ورقات هندباء وأفطر عليها ، أغناه عن صوم رمضان . وإذا صلى في ليلة واحدة ركعتين من أوّل الليلة إلى الغداة ، أغنته عن الصلاة بعد ذلك . وإذا تصدّق في يوم واحد بجميع ما ملكه في ذلك اليوم أغناه ( اللّه ) عن الزكاة . وإذا بنى بيتا وصام أياما ثم طاف حوله عريانا مرارا أغناه اللّه عن الحج . وإذا صار إلى قبور الشهداء بمقابر قريش في ( كاظمية الحالية شمال بغداد ) عشرة أيام يصلّي ويصوم ولا يفطر إلّا بشيء يسير من خبز الشعير والملح الجريش ، أغناه اللّه عن العبادة باقي عمره » « 4 » .
ولم يكتف حامد بذلك وإنما زيّن له ضميره أن يطعن الحلّاج في شرفه
..........................................................................................
( 1 ) صلة عريب ، على هامش تجارب الأمم 1 / 79 . وذكر مسكويه أنهما طلبا من خراسان مرة بكتب رسمية « فلم يرد جواب أكثرها ، وقيل في ما أجيب عنه منها :
إنهما يطلبان ومتى حصلا حملا ، ولم يحملا إلى هذه الغاية » ( تجارب الأمم ، نشر ليونيه كيتاني ، طبعة مصورة ، ليدن ، 1909 - 17 م ، 5 / 157 ) .
وذكر في شأن شاكر هذا الذي وصف بكونه « خادم الحلّاج » أنه « كان من أهل بغداد ، وأنه كان شهما مثل الحلّاج وهو الذي أخرج كلامه للناس ضرب [ضربت] عنقه بباب الطاق بسبب ميله إلى الحلّاج ».
( 2 ) صلة عريب ، على هامش تجارب الأمم 1 / 79 . وذكر مسكويه أنهما طلبا من خراسان مرة بكتب رسمية « فلم يرد جواب أكثرها ، وقيل في ما أجيب عنه منها :
إنهما يطلبان ومتى حصلا حملا ، ولم يحملا إلى هذه الغاية » ( تجارب الأمم ، نشر ليونيه كيتاني ، طبعة مصورة ، ليدن ، 1909 - 17 م ، 5 / 157 ) .
وذكر في شأن شاكر هذا الذي وصف بكونه « خادم الحلّاج » أنه « كان من أهل بغداد ، وأنه كان شهما مثل الحلّاج وهو الذي أخرج كلامه للناس ضرب [ضربت] عنقه بباب الطاق بسبب ميله إلى الحلّاج ».
( 3 ) الكامل لابن الأثير 8 / 39 ، تاريخ بغداد 8 / 126 .
( 4 ) المنتظم 6 / 163 .
يتبع

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 8 يناير 2024 - 4:05 من طرف عبدالله المسافربالله

سيرة الحلاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي

وذلك بزعمه أنه استدعى زوجة صاحبه السمري أو ابنته - وكانت مقيمة عند الحلّاج في سجنه مع أسرته - واستجوبها ، فذكرت ، فوق ما ذكرت من نيرنجات وحيل وأمثلة للكفر ، قولها : « وكنت نائمة ، وهو قريب مني . فما أحسست إلّا وقد غشيني ؛ فانتبهت فزعة ، فقال : إنما جئت لأوقظك للصلاة ! » « 1 » ، كل هذا وللحلّاج خمس وستون سنة . وزيادة في الحرص على ضبط صحيفة الاتهام ، حاول حامد بن العباس أن يضرب الصوفية بعضهم ببعض ، ومن هنا استدعى أبا العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الأدمي ، صديق الحلّاج وتلميذه ، بقصد إرهابه واستخلاص شهادة منه بإدانة الحلّاج ، غير أن فتوة ابن عطاء وولاءه لأستاذه حملاه على أن يواجه الوزير بقوله : « ما لك ولهذا ؟ عليك بما نصبت له من أخذ أموال الناس وظلمهم وقتلهم ! ما لك ولكلام هؤلاء السادة ؟ » « 2 » .
وكانت النتيجة ، بالنسبة لابن عطاء ، معروفة ؛ فقد ضرب ضرب التلف حتى مات بعد ذلك بأسبوع « 3 » ، فسبق الحلّاج إلى الرفيق الأعلى بنحو أسبوعين أو زيادة أيام « 4 » ، فلم يشهد العذاب الفظيع الذي تعرّض له صديقه في ما بعد .

وفوق هذا ، يبدو أن حامد بن العباس نقل الحلّاج من حبسه إلى بيته هو مبالغة في الحرص وزيادة في الحيطة ، وكان يفتنّ في إهانته هناك . وذكر عريب القرطبي أن حامدا « كان يخرجه إلى من حضره ، فيصفع وتنتف لحيته » « 5 » ، وفي أثناء ذلك كان حامدا « يستنطقه فلا يظهر منه ما تكرهه الشريعة المطهرة » « 6 » .
..........................................................................................
( 1 ) شذرات الذهب لابن العماد 2 / 255 ، عن ثابت بن سنان ، وترد القصة بدون هذه الواقعة في صلة عريب ( على هامش تجارب الأمم 1 / 89 ) . وذكر مسكويه أن هذه المرأة قد حميت ، و « جعلت في دار حامد إلى قتل الحلّاج » ( تجارب الأمم ، الطبعة السابعة ، 5 / 157 ) .
( 2 ) أربعة نصوص ، النص الثاني ، ص 21 .
( 3 ) أربعة نصوص ، النص الثاني ، ص 21 .
( 4 ) انظر تاريخ بغداد 5 / 30 ، حيث حقق الخطيب وفاة ابن عطاء فوجدها « لأيام خلت من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة » .
( 5 ) الكامل لابن الأثير 8 / 39 .
( 6 ) الكامل لابن الأثير 8 / 39 .

« 56 »
بعد كل هذا الإعداد ، قدّم الحلّاج إلى المحاكمة بحضور حامد بن العباس نفسه ، وكانت هيئتها مكوّنة من القضاة الرسميين الكبار في بغداد :
فكان رئيسها أبو عمر الحمادي ( محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق الأزدي البغدادي ، 243 - 320 هـ / 857 - 932 م ) قاضي الجانب الشرقي « 1 » ، وهو الكرخ « 2 » ، من بغداد . واختير مع أبي عمر أبو جعفر بن البهلول ( محمد بن أحمد بن إسحاق التنوخي الأنباري ) « 3 » ، ( ت 318 هـ / 930 م ) قاضي مدينة المنصور « 4 » - وهو الجانب الغربي من بغداد - منذ سنة 296 هـ / 908 م « 5 » .
وشارك هذين ابن الأشناني ( أبو الحسين عمر بن مالك الشيباني ( 259 - 339 هـ / 872 - 951 م ) ، محتسب بغداد السابق « 6 » ، الذي كان قادما من مقر عمله القضائي في الشام « 7 » ليخلف ابن البهلول في منصبه « 8 » في ما يبدو . وكانت هذه الهيئة الثلاثية « 9 » مالكية برئيسها « 10 » ، حنفية بعضويها « 11 » ، و « لم يحضر الجلسة أحد من الشافعية » « 12 » ولا الحنابلة ، بالضرورة لأنهم كانوا خصوم الدولة ومعارضين لهذه المحاكمة على إطلاقها بتأثير أحمد بن عطاء الذي كان ينتمي إليهم « 13 » . ومع أن أعضاء المحكمة كانوا من مشاهير

...................................
( 1 ) تاريخ بغداد 3 / 401 ، وكان أبو عمر قاضيا لمدينة المنصور في الجانب الغربي منذ سنة 284 ه ورقي إلى هذا المنصب سنة 292 هـ وأعفي منه بعد أربع سنوات وأعيد إليه سنة 301 ه على يد علي بن عيسى الوزير ثم عين قاضيا للقضاة سنة 317 . وانظر أيضا اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير ، مصر 1357 هـ ، 2 / 386 والعبر في خبر من غبر للذهبي ، الكويت 1960 - 61 م ، 2 / 183 .
( 2 ) تاريخ بغداد 3 / 401 .
( 3 ) تاريخ بغداد 1 / 278 ، وانظر النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3 / 228 ، وشذرات الذهب لابن العماد 2 / 276 .
( 4 ) تاريخ بغداد 1 / 278 ، وانظر النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3 / 228 ، وشذرات الذهب لابن العماد 2 / 276 .
( 5 ) تاريخ بغداد 1 / 278 ، وانظر النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3 / 228 ، وشذرات الذهب لابن العماد 2 / 276 .
( 6 ) تاريخ بغداد 11 / 237 ، وبالنسبة لاستخلافه ابن البهلول ، عيّن ابن الأشناني في هذا المنصب سنة 310 ه ولم يبق فيه غير ثلاثة أيام ( المنتظم لابن الجوزي ، 6 / 66 ) وهذا التاريخ معقول بخلاف ما حدده الخطيب البغدادي بسنة 316 ه ولعله تصحيف في المخطوط أو خطأ في الطبع .
( 7 ) تاريخ بغداد 11 / 237 ، وبالنسبة لاستخلافه ابن البهلول ، عيّن ابن الأشناني في هذا المنصب سنة 310 ه ولم يبق فيه غير ثلاثة أيام ( المنتظم لابن الجوزي ، 6 / 66 ) وهذا التاريخ معقول بخلاف ما حدده الخطيب البغدادي بسنة 316 ه ولعله تصحيف في المخطوط أو خطأ في الطبع .
( 8 ) تاريخ بغداد 11 / 237 ، وبالنسبة لاستخلافه ابن البهلول ، عيّن ابن الأشناني في هذا المنصب سنة 310 ه ولم يبق فيه غير ثلاثة أيام ( المنتظم لابن الجوزي ، 6 / 66 ) وهذا التاريخ معقول بخلاف ما حدده الخطيب البغدادي بسنة 316 ه ولعله تصحيف في المخطوط أو خطأ في الطبع .
( 9 ) انظر نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي 1 / 83 ، الكامل لابن الأثير 8 / 39 .
( 10 ) انظر الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون ( برهان الدين إبراهيم بن علي اليعمري المدني ، ت 799 ه / 1399 م ) ، ط 4 ، مصر 1351 ، ص 241 - 2 .
( 11 ) المنحنى الشخصي للحلّاج : شخصيات قلقة في الإسلام ص 76 - 77 .
( 12 ) المنحنى الشخصي للحلّاج : شخصيات قلقة في الإسلام ص 76 - 77 .
( 13 ) المنحنى الشخصي للحلّاج : شخصيات قلقة في الإسلام ص 76 - 77 .

« 57 »
القضاة ، وخصوصا رئيسها أبا عمر الحمادي الذي كان مضرب المثل في العدل والحلم والنزاهة والعلم « 1 » - وكانوا يمثلون أعلى المستويات في القضاء - إلا أنه لا مفر من ملاحظة ما انطوى عليه هذا التشكيل من تحيّز وسوء نية من قبل حامد بن العباس تحقيقا لرغبته العارمة في الانتقام ، فمن المعروف أوّلا : أن المالكية لا يجوّزون توبة الزنديق أصلا بعكس غيرهم من أتباع المذاهب الأخرى « 2 » ، وكان هذا هو موقف أبي عمر في أثناء المحاكمة « 3 » . 
فكأنّ تعيين هذا القاضي ضمن هيئة المحكمة أريد به الحكم بالإعدام لا غيره . ومما يؤكد هذا أن الشافعيّة لم يمثّلوا في المحاكمة كما مرّ ، لسبب بسيط واضح هو قبولهم لتوبة الزنديق والحكم بإطلاق سراحه متى اعترف وتاب . 
والشيء الآخر في هذه المحكمة أن اختيار أبي جعفر البهلول ربّما قصد به كبح جماح ( السيدة ) والدة الخليفة من التدخل في صالح الحلّاج باعتبار موقف القاضي السابق منها في القضية المذكورة آنفا . 
من هنا يحتمل أن يكون اختيار أبي الحسين الأشناني - القاضي المفضّل عند السيدة نفسها - قد وقع تحت تأثيرها الشخصي ليقف في صف الحلّاج . 
لكن هذا القاضي وقع فريسة سهلة ، لرهبة حامد بن العباس أو رغبته ، ومال مع رأي القاضي المالكي المذكور . 
ويبدو أن الثمن كان قضاء الرصافة أو مدينة المنصور الذي عين فيه في ما بعد ولم يستمر فيه إلا ثلاثة أيام فقط ، وآخر ما يتصل بتحيّز هذه الهيئة أن حامدا حشد لها عددا وافرا من الشهود وكافأ رئيسهم بمنصب قضائي فخري في القاهرة « 4 » ليكون بمنجاة من انتقام أنصار
..........................................................................................
( 1 ) تاريخ بغداد 3 / 401 ، وذكر البغدادي هنا « أن الإنسان كان إذا بالغ في وصف رجل قال : كأنه أبو عمر وإذا امتلأ الانسان غيظا قال : لو أني أبو عمر القاضي ما صبرت » ( الموضع نفسه ) . انظر أيضا : العبر للذهبي 2 / 183 ؛ شذرات الذهب 2 / 386 ؛ الديباج المذهب لابن فرحون ص 241 - 242 .
( 2 ) راجع نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار للشوكاني ( محمد بن علي بن عبد اللّه 1173 - 1250 هـ / 1760 - 1834 م ) ، الجزء السابع ، مصر 1380 ه / 1961 م ، ص 203 - 5 .
( 3 ) نشوار المحاضرة 1 / 83 .
( 4 ) المنحنى الشخصي للحلّاج : ( شخصيات قلقة في الإسلام ) ، ص 77 ) وبالنسبة للشهود وكذا الفقهاء ، انظر ابن الأثير 8 / 39 .

« 58 »
الحلّاج . ومما يؤخذ على هذه المحاكمة في عمومها أنها أفرغت في قالب ديني وإن كانت في أساسها سياسية ؛ ومن هنا كان ينبغي أن تكون إسلامية دينية يومئذ . وبذلك يكون الحكم عادلا غير متحيز . أما أن يسلط على عنق المتهم حاكم ذو اتجاه معروف مقدّما فليس من العدل في شيء ولو من حيث المظهر فقط .
مهما يكن الأمر ، فقد جرت محاكمة الحلّاج على أساس من استجوابه في ما نسب إليه بمراجعة أدلّة الإتّهام وفحص مستنداته التي قدّمها جميعا خصمه حامد بن العباس اعتمادا على الشهود من ناحية وعبارات الحلّاج في كتبه المشعرة بالردّة والخلاف من ناحية أخرى . ومضت الأسئلة والأجوبة واستعراض المصنّفات في صالح الحلّاج إلى أن وصل الدور إلى فقرة الحجّ ، كما وردت في أدلّة الاتّهام ، وكما نصّ عليها كتابه « الصدق والإخلاص » - الآتي في مصنّفاته ، في رأينا . ولما توقّف أبو عمر القاضي مستفسرا عن مصادرها كان جواب الحلّاج أنّه وجد حكمها في كتاب « الإخلاص » للحسن البصري « 1 » الزاهد المشهور ( ت 110 ه : 758 م ) . ومع أن
..........................................................................................
( 1 ) تجارب الأمم لمسكويه 5 / 160 ، الكامل لابن الأثير 8 / 39 ، تاريخ أبي الفداء ، طبع ليدن 2 / 342 تاريخ ابن الوردي ( عمر بن المظفر المصري ، 691 - 749 هـ / 1292 - 1349 م ) مصر 1285 هـ ، 1 / 256 الخ . . .
وبالنسبة لكتاب الإخلاص المذكور ، عده الحاج خليفة ( مصطفى بن عبد اللّه الشهير بكاتب جلبي ، ت 1067 ه / 1658 م ) مصنفا تاريخيا استنادا إلى خبر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد نقلا عن النكت الوفية الذي لا يرد عنه شيء في كشف الظنون . وخلص الحاج خليفة في النهاية إلى أنه « فهذا إقرار من أبي عمرو ( كذا ) أن كتاب الإخلاص للحسن ، فهو أول مصنف مطلقا » ( كشف الظنون إسطنبول ، 1366 هـ ، 2 / 259 ) . والحق أن هذا تشكيك في الكتاب كما يأتي . ولقد ذكر الصولي ( محمد بن يحيى ، ت 335 هـ / 947 م ) بنقل ابن الجوزي ، أن هذا الكتاب « هو كتاب السنن » للحسن البصري لا « الإخلاص » ( المنتظم 6 / 163 ) وذكر ابن تيمية أنه كتاب « الصلاة » في « جامع الرسائل » له ( ص 189 ) . وفي ما يتصل بمعنى الإخلاص ذكر ابن قتيبة في عيون الأخبار ( 2 / 283 ) عن ابن عباس أنه « هكذا ، وبسط يده اليمنى وأشار بإصبعه من يده اليسرى » . وأضاف ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد ( تحقيق أحمد أمين وزميليه ، 3 / 221 ) أن ابن العباس « بسط يده اليسرى وأشار بإصبعه من يده اليمنى » . وزاد النويري في نهاية -

« 59 »
الحسن البصري لم يكن ثقة في الحديث بل وصفه ابن سعد ( محمد الزهري ت 230 هـ : 844 م ) بكونه ( ليس بحجة ) « 1 » ، ووصفه الذهبي ( شمس الدين
..........................................................................................
- الأرب 5 / 288 أن ابن العباس « رفع إصبعا واحدا ( كذا ) من اليد اليمنى » وهذا يعني أن الإخلاص هيئة من هيئات الدعاء تتمثل في الإشارة بالراحتين إلى السماء ويكون الابتهال منه برفع اليدين فوق الرأس وظهراهما إلى الوجه ( انظر الكتب السابقة ) ومن هنا تنقطع الأسباب بين هذا الكتاب وموضوع القضية على الإطلاق ، ولعل الصحيح أنه السنن كما ذكر الصولي آنفا .
وفي ما يتصل بهذه الفكرة على إطلاقها ، ذكر أن العرب الجاهليين كان « منهم من اتخذ بيتا ومنهم من اتخذ صنما . ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت ، نصب حجرا أمام الحرم ، وأمام غيره مما استحسن ، ثم طاف به كطوافه بالبيت وسموها الأنصاب . . . فكانوا ينحرون ويذبحون عندها كلها ويتقربون إليها وهم على ذلك عارفون بفضل الكعبة عليها : يحجونها ويعتمرون إليها » ( الأصنام لابن الكلبي :
هشام بن محمد الكوفي ت 204 هـ / 819 - 20 م ، تحقيق أحمد تيمور ، ص 33 ) . وذكر القاضي التنوخي أن دفاتر الحلّاج تضمنت نصا يقول : « إن الإنسان إذا أراد الحج ؛ فإنه يستغني عنه بأن يعتمد ( - يعمد ) إلى بيت من داره فيعمل به محرابا ويغتسل ويحرم ويقول كذا ويفعل كذا ويصلي كذا ويطوف بهذا البيت كذا ويسبّح كذا : أشياء قد رتبها وذكرها من نفسه . قال : فإذا فرغ من ذلك فقد سقط عنه الحج إلى بيت اللّه الحرام . وهذا شيء معروف عند الحلّاجية ؛ وقد اعترف ( به ) لي رجل منهم - يقال :
إنه عالم لهم - ولكن ذكر أن هذا رواه الحلّاج عن أهل البيت - صلوات اللّه عليهم - وقال : ليس عندنا أنه يستغنى به عن الحج ، ولكن يقوم مقامه لمن لا يقدر على الخروج بإضافة أو منع أو علة ، فأعطى المعنى وخالف في العبارة .
( و ) قال لي أبو الحسن : « فسئل الحلّاج عن هذا - وكان عنده أنه لا يستوجب عليه شيئا - فأقرّ به وقال : هذا شيء رويته كما سمعته ، فتعلق بذلك عليه » ( نشوار المحاضرة 1 / 82 ) ، وإن كان لهذه العبارة أصل فلعله إسماعيلي وأمارة ذلك عبارة « صلوات اللّه عليهم » التي تساق إلى الأئمة عندهم ( انظر الملحق 3 و 11 من كتاب المعز لدين اللّه للدكتور حسن إبراهيم حسن مصر 1948 م ، ص 307 - 342 ) . وقد ورد هذا الضرب من الحج عند أصحاب وحدة الوجود ؛ فقال لسان الدين بن الخطيب ناقلا كلام ابن العربي الحاتمي الطائيالحاتمي الطائي منهم : « الحج حج ثان لا يثني نفس المريد عنه ثان .
طريقه التجريد وزاده الذكر وطوافه المعرفة وإفاضته الفناء .فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ.
الغرام صعب المرام والدخول فيه حرام ما لم يكن فيه شروط كرام . من عرف ما أخذ هان عليه ترك » ( روضة التعريف بالحب الشريف ، ص 373 ، وانظر « رسالة الإسراء إلى مقام الأسرى » لابن العربي الحاتمي الطائي في رسائله ، حيدر آباد 1942 م - 48 ) .
( 1 ) الطبقات الكبرى ، ليدن 1917 - 28 م ، 7 : 1 / 114 .

« 60 »
محمد بن أحمد التركماني ) ، ( ت 748 هـ / ت 1347 م ) بعدئذ بقوله : « مدلّس فلا يحتج بقوله عمّن لم يدركه ، وقد يدلّس عمن لقيه من بينه وبينه ، واللّه أعلم » « 1 » ، أصرّ أبو عمر القاضي على أنه رأى الكتاب المذكور في مكة ولم يكن هذا النصّ فيه « 2 » . 
في هذه اللحظة غضب القاضي الحليم الهادئ وأفلتت منه عبارة « يا حلّال الدم » « 3 » . 
فتعلق بها حامد تعلق الغريق بطوق النجاة ، ولم يفد القاضي تشاغله ولا محاولته التملّص أو الاعتذار ، وكان للوزير ما أراد .
ولم يكن الحلّاج يتوقع أن يكون تسليمه بهذا النقل مدعاة للحكم عليه بالإعدام ، ومن هنا احتج بشدة وجعل يصرخ في المجلس « ظهري حمى وجسمي حرام ، وما يحل لكم أن تتأوّلوا عليّ بما يبيحه ( الدين ) . اعتقادي الإسلام ومذهبي السنّة ولي كتب في الورّاقين موجودة في السوق . فاللّه اللّه في دمي » « 4 » .
وكان الحلّاج يقول هذا « والقوم يكتبون خطوطهم ، حتى كمل الكتاب بخطوط من حضر وأنفذه حامد إلى المقتدر » « 5 » . 

ولم يسلّم الحلّاج بهذه النتيجة وإنما تحدّى قضاته إلى المباهلة أي الملاعنة وتحكيم اللّه في المخطئ المذنب من أحد الطرفين المتنازعين « 6 » . لكن الأمر كان قد بلغ غايته ، وكان حامد بن العباس يستعجل تصديق الخليفة على الحكم وتحديد طريقة الإعدام . ولما بلغ نصرا القشوري الخبر فوجئ به ولجأ إلى السيدة والدة الخليفة محاولة منه لإلغاء
.........................................
( 1 ) تذكرة الحظاظ للذهبي ، حيدر آباد ، 1955 م ، 1 / 71 .
( 2 ) تجارب الأمم 5 / 160 وبقية المصادر المذكورة . وذكر ابن خلكان احتجاج الحلّاج وبقية الخبر على الوجه الواضح التالي : « . . . فقال لهم الحلّاج : ظهري حمى ودمي حرام ، وما يحل لكم أن تتقولوا عليّ بما يبيحه ( الدين ) . وأنا اعتقادي الإسلام ومذهبي السنة وتفضيل الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين وبقية العشرة من الصحابة - رضوان اللّه عليهم أجمعين - ولي كتب في السنة موجودة في الوراقين فاللّه اللّه في دمي . ولم يزل يردد هذا » ( وفيات الأعيان ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، مصر 1948 ، 1 / 406 ) .
( 3 ) تجارب الأمم 5 / 160 وبقية المصادر المذكورة . وذكر ابن خلكان احتجاج الحلّاج وبقية الخبر على الوجه الواضح التالي : « . . . فقال لهم الحلّاج : ظهري حمى ودمي حرام ، وما يحل لكم أن تتقولوا عليّ بما يبيحه ( الدين ) . وأنا اعتقادي الإسلام ومذهبي السنة وتفضيل الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين وبقية العشرة من الصحابة - رضوان اللّه عليهم أجمعين - ولي كتب في السنة موجودة في الوراقين فاللّه اللّه في دمي . ولم يزل يردد هذا » ( وفيات الأعيان ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، مصر 1948 ، 1 / 406 ) .
( 4 ) المرجع السابق ، المواضع نفسها .
( 5 ) المرجع السابق ، المواضع نفسها .
( 6 ) الفهرست ص 271 ، رسالة ابن القارح ( في مقدمة رسالة الغفران ط 4 ، ص 38 ) ، وانظر المباهلة في سيرة ابن هشام ، مصر 1936 م ، 2 / 222 - 33 ؛ وآية المباهلة في سورة آل عمران ( 3 : 61 ) .

« 61 »
الحكم أو أستصدار عفو عن الحلّاج أو تأجيل التنفيذ فيه . وبدأ نصر هذه المحاولة بتخويف السيدة من مغبة قتل الحلّاج وقال لها : « لا آمن من أن يلحق ابنك - يعني المقتدر - عقوبة هذا الشيخ الصالح .
فمنعت المقتدر من قتله فلم يقبل وأمر حامدا فأمر بقتله . فحمّ المقتدر يومه ذلك ، فازداد نصر والسيدة افتتانا .
وتشكك المقتدر فيه ؛ فأنفذ إلى حامد من بادره بمنعه من قتله . فتأخر [ فأخّر ] ذلك أيّاما إلى أن زال عن المقتدر ما كان يحذر من العلة .
فاستأذنه حامد في قتله فضعّف الكلام ، فقال حامد : يا أمير المؤمنين ، إن بقي قلب الشريعة وارتدّ الخلق على يده وأدّى ذلك إلى زوال السلطان ، فدعني أقتله وإن أصابك شيء فاقتلني .
فأذن في قتله ، فعاد فقتله من يومه لئلّا يتلوّن المقتدر » « 1 » ، وكان تصديق المقتدر على الحكم مقترنا بصورة تنفيذه على شكل فظيع لم تجر العادة به في مثل حالة الحلّاج ، وقد استعمل فيه السوط الذي يكون في « الحدود كلّها وفي التعزير » « 2 » ، والسيف « الذي لا يقع إلّا بين كتفي زنديق » « 3 » ، والصلب الذي يكون في العادة لقطّاع الطرق والمحاربين « 4 » والنار التي نهي عنها لأنها

.................................
( 1 ) نشوار المحاضرة 1 / 83 .
( 2 ) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي أبي عبد اللّه محمد بن أحمد الأنصاري ، ( ت 567 و / 1171 - 2 م ) ، مصر 1354 - 1369 هـ / 1935 - 1950 م . وهيئة الجلد بالسوط لها أحكام ، « فالسوط الذي يجب أن يجلد به يكون سوطا بين سوطين لا شديدا ولا لينا » وأما موضع الضرب من الجسم فعند مالك أنه « لا يجزى عنده إلا في الظهر ، وأصحاب الرأي [ - الحنفية ] والشافعي يرون أن يجلد الرجل وهو واقف ، وهو قول علي بن أبي طالب ، رضي اللّه عنه » ، وقال الشافعي : « إن كان مدّه صلاحا مدّ » . وفي هذه الحالة يجرّد المضروب « إلا في حال القذف فإنه يضرب وعليه ثيابه . . . » .
واختلفوا في المواضع التي تضرب من الإنسان في الحدود فقال مالك : « الحدود كلها لا تضرب إلا في الظهر وكذلك التعزير وقال الشافعي وأصحابه يتقى الوجه والفرج وتضرب سائر الأعضاء . . . واختلفوا في ضرب الرأس فقال الجمهور يتقى الرأس وقال أبو يوسف : يضرب الرأس ، وروى عن عمر وابنه مقالا : « يضرب الرأس » . أما الضرب نفسه فينبغي « أن يكون مؤلما لا يجرح ولا يبضع ولا يخرج الضارب يده من تحت إبطه وبه الحكّام . ولا يقيمه إلا فضلاء الناس وخيارهم يختارهم الإمام لذلك وكذلك كانت الصحابة تفعل » . أيضا ( 12 / 161 ) .
( 3 ) البداية والنهاية لابن كثير 11 / 135 .
( 4 ) انظر نيل الأوطار للشوكاني ( 7 / 161 ) ذلك أنهم « إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا -

« 62 »
مثلة « 1 » ثم نصب الرأس والأعضاء الذي لا يكون إلّا للخارج « 2 » ، مع تنفيذ كل ذلك علنا وأمام الناس « 3 » . كل ذلك تنفيذا لتوقيع الخليفة الذي كتب في التصديق على حكم الإعدام : « إذا كان [ القضاة ] قد أفتوا بقتله وأباحوا دمه ، فلتحضر محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة وليتقدّم إليه بتسليمه وضربه ألف سوط .
فإن تلف تحت الضرب ، وإلا ضرب عنقه » « 4 » ، وهو حكم أورد مسكويه فيه تفصيلات أخرى ، فذكر أن الخليفة ضمنّها كتابه في قوله : « . . . واضربه ألف سوط ، فإن لم يمت فتقدّم بقطع يديه ورجليه ثم اضرب رقبته وانصب رأسه وأحرق جثته » « 5 » .
وإذ كان محمد بن عبد الصمد ، صاحب الشرطة ، يتخوّف من أنصار الحلّاج ويخشى « أن ينتزع من يده » « 6 » ، « وقع الاتفاق على أن يحضر بعد العتمة ( إلى دار حامد بن العبّاس حيث كان معتقلا ) ومعه جماعة على بغال موكفة يجرون مجرى السّاسة ، وليجعل [ الحلّاج ] على واحد منها ويدخل في غمار القوم » « 7 » .
وانتهى الأمر بأن نفّذت هذه الخطة ، و « ركب غلمان حامد

...................................................
- وصلبوا ، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا ، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض . . » اما مدة الصلب فالرأي فيه كثير فقوم رأوا أن يستمر « حتى تنتثر عظامه » وآخرون أن يكون « حتى يسيل صديده » وقال بعض أصحاب الشافعي : « ثلاثا في البلاد الباردة وفي الحارة ينزل قبل الثلاث » ( أيضا : 7 / 165 ) .
( 1 ) أيضا 7 / 164 .
( 2 ) العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي ( أحمد بن محمد المرواني ت 328 ه / 940 م ) ، مصر 1948 - 1953 م ، 4 / 461 - 2 .
( 3 ) وذلك تحقيقا لقوله تعالى في الزانيين« وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ »( النور 24 : 2 ) وعليه قيس غيره من الحدود ، والحكمة فيه مختلفة وقد أورد القرطبي لذلك الإغلاظ على الزناة والتوبيخ بحضرة الناس وأن ذلك يردع المحدود وأن من شهده وحضره يتعظ به ويزدجر لأجله » الخ . . . ( الجامع لأحكام القرآن 12 / 164 ، 167 ) .
( 4 ) أربعة نصوص ، نص ابن زنجي ، 1 / 12 .
( 5 ) تجارب الأمم ، 5 / 160 .
( 6 ) المنتظم 6 / 163 - 4 وفيه العبارة واضحة ، وهي مصحفة في تجارب الأمم 5 / 160 .
( 7 ) المنتظم 6 / 163 - 4 وفيه العبارة واضحة ، وهي مصحفة في تجارب الأمم 5 / 160 .

« 63 »
معه حتى أوصلوه إلى الجسر » ، مكان الإعدام « 1 » ، وكان ذلك ليلة الثلاثاء لست بقين من ذي القعدة « 2 » . أما الحرّاس « فباتوا مجتمعين حوله » « 3 » .
وأمّا الحلّاج ، فلمّا أصبح الصباح « أخرج ليقتل ؛ فجعل يتبختر في قيده وهو يقول ( بقول أبي النواس ) :
نديمي غير منسوب * إلى شيء من الحيف
سقاني مثل ما يشر * ب فعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكسا * س دعا بالنّطع والسيف
كذا من يشرب الرا * ح مع التنّين في الصيف » « 4 »
وقبل أن يفوت الأوان ينبغي أن نلفت الأذهان إلى حقيقة غابت عن كثير من المصنّفين قدماء ومحدثين . ذلك أن الحلّاج لم يؤاخذ على عبارته المشهورة « أنا الحق » ، كما يتوهم الكثير وهي العبارة التي قيل : إن الجنيد البغدادي تنبأ له بالقتل بسبب صدورها عن الحلّاج - بل يبدو من سياق المحاكمة من تصوير كتب التاريخ والتصوّف لها أنّ أشياء أخرى فقهية في الظاهر وسياسية في الواقع هي التي أودت بحياة الجلاج . 
ومما يجلو هذه المسألة أنّ الحلّاج نفسه ظلّ متشبثا بقوله « أنا الحق » في « الطواسين » - وهو الكتاب الذي ألّفه في أخريات أيّامه حين كان سجينا في دار السلطان - كما يأتي في فقرة مصنّفاته .
وقد قال الحلّاج في الطواسين : « تناظرت مع إبليس وفرعون في الفتوّة ؛ فقال إبليس : إن سجدت سقط عنّي اسم الفتوّة ، وقال فرعون : إن آمنت برسوله سقطت من منزل الفتوّة . 
وقلت أنا : إن رجعت عن دعواي سقطت من منزل الفتوّة وقال إبليس : أنا خير منه حين لم يراء ( ير ) غيره غيرا ، وقال فرعون : ما علمت لكم من إله غيري ، حين لم يعرف في قومه من يميّز بين الحقّ والباطل .
..........................................................................................
( 1 ) تجارب الأمم 5 / 161 .
( 2 ) المنتظم 6 / 164 ، وانظر تجارب الأمم أيضا : 5 / 161 .
( 3 ) المنتظم 6 / 164 ، وانظر تجارب الأمم أيضا : 5 / 161 .
( 4 ) أيضا : 6 / 164 ، وراجع باب « أشعار تنسب إلى الحلّاج » في آخر الديوان .

« 64 »
وقلت أنا إن لم تعرفوه فاعرفوا آثاره ، وأنا ذلك الأثر وأنا الحق ، لأنيّ ما زلت أبدا بالحقّ حقا » . ( ص 50 - 51 ) .
ومع أن الحلّاج ذكر بنفسه أنه طالما اتّهم بالزندقة في قوله : « المنكر في دائرة البرّاني وأنكر حالي حين لم يراني ( يرني ) وبالزندقة سمّاني وبالسوء رماني » ( الطواسين ، ص 29 ) ، لم يرد في محاضر المحاكمة شيء يتّصل بمسؤوليته عن تلك العبارة ولا هذا الرأي .
والنتيجة أن الموت صار الحكم على هذا الصوفي المتّهم .
وبرز الحلّاج إلى ساحة الإعدام في رحبة الجسر « 1 » بباب خراسان « 2 » في الجانب الغربي من بغداد « 3 » ، شيخا في الخامسة والستين « ابيض الشعر واللحية . . . له علامة في رأسه هي ضربة » « 4 » . « واجتمع عليه خلق كثير » « 5 » ، وتقدّم الحلّاج فصلى الركعتين اللتين سنّهما خبيب بن عديّ قبل القتل في الإسلام الأول « 6 » ، « فقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وبعدها وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ، وَالْجُوعِ )( الآية البقرة 2 : 155 ) ، ثم في الثانية فاتحة الكتاب وبعدها كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ )( الآية آل عمران 3 : 185 ) « 7 » .
ومبالغة في التعذيب « تقدم أبو الحارث السيّاف فلطمه لطمة هشّم بها وجهه وأنفه » « 8 » ، ثم ضرب نحوا من ألف سوط « 9 » . ؛ فلمّا لم يمت « قطعت
..........................................................................................
( 1 ) صلة تاريخ الطبري لعريب بن سعد القرطبي ، ليدن 1897 م ، ص 86 .
( 2 ) المنحنى الشخصي للحلّاج ، شخصيات قلقة في الإسلام ، ص 77 ، ويذكر الدميري أن ذلك قد تم بباب الطاق ( حياة الحيوان 1 / 245 ) [ - وموضعه مدينة الأعظمية من ضواحي بغداد الجنوبية الحالية حيث مشهد الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت ، ت 150 ه / 667 م ] .
( 3 ) تاريخ بغداد 8 / 27 أربعة نصوص : نص ابن زنجي ، ص 12 .
( 4 ) الفهرست ص 270 .
( 5 ) حياة الحيوان للدميري 1 / 45 .
( 6 ) شرح لامية العجم للصفدي 2 / 181 .
( 7 ) حياة الحيوان 1 / 245 عن مفاتيح الكنوز لعز الدين بن عبد السلام .
( 8 ) تاريخ بغداد 8 / 127 ، والمراجع الأخرى تحدّد السياط بألف عدا .
( 9 ) تاريخ بغداد 8 / 127 ، والمراجع الأخرى تحدّد السياط بألف عدا .

« 65 »

يده ثم رجله ثم رجله الأخرى ثم يده » « 1 » . ثم « ضربت عنقه وأحرقت جثته » « 2 » ، « فلما صار رمادا ألقي في دجلة » « 3 » . كل ذلك « دون أن يتأوّه » « 4 » « ونصب رأسه للناس على سور السجن الجديد » « 5 » « المعروف بالمترف » « 6 » « وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه » « 7 » .
« وفي يوم الاثنين سلخ ذي القعدة ، أخرج رأس الحسين بن منصور الجلاج من دار السلطان ليحمل إلى خراسان » « 8 » ، « لأنه كان له بها أصحاب » « 9 » . ثم ظلت الشرطة تلاحق أنصاره إلى سنة 312 هـ / 924 - 5 م ، حين أحضر « في مجلس الشرطة ببغداد . . . ثلاثة نفر من أصحاب الحلّاج ، وهم حيدرة والشعراني وابن منصور » « 10 » . 
فطالبهم « نازوك بالرجوع عن مذهب الحلّاج ، فأبوا فضرب أعناقهم ثم صلبهم في الجانب الشرقي من بغداد ، ووضع رؤوسهم على سور السجن في الجانب الغربي » « 11 » . وينبغي أن نذكر هنا ، وقبل أن تفوت الفرصة ، أنّ الحلّاج قد برّ بوعده للّه لمّا تعهّد ببذل دمه في سبيله حين قال : « تهدى الأضاحي وأهدي مهجتي ودمي » .
وكان يريد بذلك أن يضرب مثلا نادرا في الفتوة ضرب هو عليه إبليس
..........................................................................................
( 1 ) تاريخ مختصر الدول لابن العبري ( أبي الفرج غريغوريوس بن آهرون الملطي ، ت 685 هـ / 1286 م ) بيروت ، 1890 م ، ص 156 ، والمصادر الأخرى تقول : « قطعت يداه ورجلاه » ويقول ابن الأثير بقطع يده ثم رجله ثم يده ثم رجله ( الكامل 8 / 39 ) .
( 2 ) التنبيه والإشراف للمسعودي ، مصر 1346 هـ ، ص 335 .
( 3 ) الكامل لابن الأثير 8 / 39 .
( 4 ) أيضا : 8 / 39 ، تاريخ مختصر الدول ص 156 .
( 5 ) تاريخ بغداد 8 / 127 .
( 6 ) التنبيه والإشراف للمسعودي ، ص 335 . وكان في دار الخلافة خزانة تحفظ فيها الرؤوس وقد احترقت سنة 601 هـ / 1204 م ، وكان فيها رؤوس كثيرة من جلة المعدمين ( انظر مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ، 8 / 523 ) .
( 7 ) تاريخ بغداد 8 / 127 .
( 8 ) المنتظم لابن الجوزي 6 / 167 . وقد وردت هذه الواقعة في حوادث سنة 310 هـ ، والصواب أنها في السنة التي قبلها .
( 9 ) الكامل لابن الأثير 8 / 39 .
( 10 ) المنتظم 6 / 189 .
( 11 ) المنتظم 6 / 189 .

« 66 »
وفرعون مثلين صارخين لمّا رفض الأول السجود لآدم ورفض الثاني الاعتراف بنبوّة موسى كما مرّ . وقد أراد الحلّاج بذلك وبقوله : « على دين الصليب يكون موتي » أن يكون هو المثل ، الثالث الذي يضرب على التضحية والفداء وأن يتقدم على المسيح ( ع ) في ذلك لأنّ الحلّاج صبر على المحنة ولم يتأوه ، والمسيح ( ع ) قد جزع وهو على الخشبة فدعا اللّه في ألم وضيق صدر قائلا : « إيلي ، إيلي ، لمّا شبقتني ، أي : إلهي ، إلهي لماذا تركتني » « 1 » .
ومن هنا ذكر عن الحلّاج أنه « لما أتي ليصلب ورأى الخشب والمسامير ضحك كثيرا » . وذكر أنه قال : « إلهي أفنيت ناسوتيّتي في لاهوتيّتك « 2 » ، فبحقّ ناسوتيّتي على لاهوتيّتك أن ترحّم على ( كذا ) من سعى في قتلي » « 3 » .
وبعد قتل الحلّاج « أحلف الورّاقون ألا يبيعوا شيئا » « 4 » . من كتبه « ولا يشتروها » « 5 » .
خلف الحلّاج : وذهب الحلّاج وخلّف وراءه زوجة وآلهة ، وأولادا نعرف منهم ابنه سليمان الذي وعد أبوه ابنة السمري بتزويجها منه ، وأحمد ( أو حمد ) الذي روى أخباره ، وعبد الصمد الذي ذكر أنه كان السبب في تأسيس الطريقة الحلّاجية « 6 » ! وابنة جاء ذكرها في خبر الفتاة المذكور في صلة عريب على
..........................................................................................
( 1 ) إنجيل متى 27 : 26 ، مرقس 15 : 24 ، وانظر مقالا للدكتور فؤاد حسنين ، بعنوان :
« إلهي إلهي ، لماذا تركتني » في جريدة الأخبار القاهرية عدد يوم 25 / 4 / 1970 ص 12 .
( 2 ) حياة الحيوان للدميري 1 / 245 ، عن مفاتيح الكنوز لعز الدين بن عبد السلام .
( 3 ) مرصاد العباد من المبدأ إلى المعاد لنجم الدين الرازي ( أبي بكر عبد اللّه بن محمد بن شاهاور الأسدي ، ت 645 هـ / 1247 م ) ، طهران 1377 هـ ص 189 وهي عبارة تذّكر بقول المسيح ( ع ) « لما مضوا به إلى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين واحدا عن يمينه والآخر عن يساره فقال يسوع : يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون . . . » ( إنجيل لوقا الأصحاح 23 الآية 33 ، 34 ) . وهذا المعنى ورد على لسان النبي ( ص ) في قوله : « رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون » ( البخاري ، أنبياء ، الطبعة الأولى 54 ، مرتدين 5 ، صحيح مسلم ، جهاد 104 ، سنن ابن ماجة فتن 23 ، مسند ابن حنبل 1 / 380 ، 427 ، 432 إلخ . . . ) .
( 4 ) تجارب الأمم تحقيق ه . ن . أمدروز ، مصر 1334 هـ / 1914 م ، ص 82 .
( 5 ) تجارب الأمم تحقيق ه . ن . أمدروز ، مصر 1334 هـ / 1914 م ، ص 82 .
( 6 ) انظر « السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين » لمحمد بن علي السنوسي المؤسس -

« 67 »
هامش تجارب الأمم ( 1 : 86 ) ، وأختا جميلة كانت تحتقر الرجال ولا تحتجب منهم « 1 » ، وتقول : « الحلّاج نفسه نصف رجل لإفشائه الأسرار الإلهية ، فكيف بباقي الرجال » « 2 » .
ومن الاكتشافات التي أعتز بها حقا أني التقيت في أثناء إيفادي إلى كلية الآداب بجامعة الإسكندرية في السنة الجامعيّة 1967 - 68 م بأخ فلسطيني من خريجي قسم الجغرافية بهذه الكلية سنة 1967 م تسمّى لي فإذا هو يحمل لقب « الحلّاج » ، وكان ذلك في الثاني من نيسان ( أبريل ) 1968 م .
وسألته عن معنى اللقب فذكر أنه ينتمي إلى الحسين بن منصور الحلّاج ، وأن الأسرة كانت تحتفظ بشجرة نسبها عند « علي أحمد الحلّاج » في قلقيلية في الأردن فضاعت بوفاته .
والأخ الفلسطيني المذكور هو محمد شريف ( بن سعيد بن أحمد بن صالح بن حمّودة بن مصطفى الحلّاج ) ويعمل مدّرسا في مدرسة الجهراء المتوسطة للبنين في الجهراء بالكويت . وبناء على رجائي بعث إلي برسالة
..........................................................................................
- ( 1202 - 1276 هـ ، 1787 - 1860 م ) ؛ مطابع دار الكتاب اللبناني ، بيروت 1388 ه / 1968 م ص 37 ) ووصف السنوسي الحلّاج بأنه « صاحب الخرقة شطاح العراق رئيس السكارى والعشاق سيدي أبو المغيث حسين بن منصور بن أبي بكر الأنصاري الحلّاج رحمه اللّه وأثابه ، ووصفه قبل هذه السطور بالإمام ووصف طريقته بأنها « طريقة السادة الحلّاجية باعتبار أن « مبناها على الجمع باللّه ويتعلمون في تحصيله بذكر الجلالة بعد طرح الألف واللام منها وتحريك الهاء بالحركات الثلاث [ لاه ، لاه ، لاه ! ] ويضرب بالمضمومة على اليمين والمفتوحة على اليسار والمكسورة على القلب » . وزاد السنوسي بأن هذا الذكر « فوائده كثيرة » واستدرك بأنه « إلا أنه لا يجوز الذكر به إلا في الخلوة لعالم بالمدرك . وقال : هذا وقد علا [ الصحيح غلا ] كثير من المنتسبين إلى هذه الطائفة في المشرب فأفشوا كثيرا مما يجب كتمانه حتى اغتر به طائفة خذلهم اللّه تعالى ، والعياذ باللّه من مكره » ( ص 37 ) .
( 1 ) مرصاد العباد من المبدأ إلى المعاد لنجم الدين الرازي ، الباب الثاني ، الفصل الثالث . وانظر تاريخ إيران للسير جون مالكولم وترجمة ميرزا حيرت ( إلى الفارسية ) ، الهند 1323 ه / 1905 م ، ص 204 .
( 2 ) تاريخ كزيدة لحمد اللّه المستوفي القزويني ( ت 750 ه / 1349 - 50 م ) طبعة مصورة بليدن ، 1328 هـ / 1910 م ، ص 776 .

« 68 »
لاحقة في الثاني عشر من كانون الأول ( ديسمبر ) سنة 1968 م ألحق بها ثمرة جهده في جمع الأخبار المشتّتة عن الأسرة والمنتمين إليها الذين ينتشرون في العالم العربي كله ومنهم جماعة في أمريكا أيضا . وقال في رسالته المذكورة : « فقد قمت بذلك متفهّما لأسلوب البحث والدراسة والاستقصاء » ، وقال : « وكم كنت أود أن أوافيك بصورة عن المخطوطات وشجرة العائلة التي كانت محفوظة عند عمي الأكبر ولكن لم نعثر لها على أثر ، فقد لعبت نكبة فلسطين سنة 1948 م دورا في تشتيت أبناء شعب فلسطين وإضاعة الكثير من التراث . . . ولعدم اهتمام من توارثوا تلك المخطوطات وكتب الحسين بن منصور الشهيد ، لذلك فقد ضاعت بين النكبة وعدم الاهتمام ولكن حفظنا قصة حياة الشهيد الحلّاج الجد الأكبر جيلا بعد جيل بالسماع وبما كان يقرؤه الكبار من الكتب للصغار » .
وقد أرفق الأخ محمد شريف سعيد الحلّاج برسالته ، تلك كتيبا صغيرا عنوانه « قصة حسين الحلّاج وما جرى له مع علماء بغداد » من مطبوعات المكتبة الأدبية بحلب ، دون تاريخ ، وقد ورد على الغلاف أن هذه الرسالة « نقلت عن نسخة خطّية قديمة » . 
وهذه الرسالة مما غفل عنه ماسينيون وتتضمن رواية شعبية لقصة شهيد الصوفية ؛ وقد استعملناها في تحقيق بعض الأشعار التي وردت مصحّفة في المصادر الأخرى ، وأكملنا منها بعضها الآخر ، واستخرجنا منها مادة للأشعار التي تنسب إلى الحلّاج وهو أحد الملحقين اللذين ألحقناهما بالديوان .
أما نتيجة بحث الأخ الحلّاج ، التي ضمّنها ورقتين منفصلتين ، فيسرنا أن نثبتها في ما يلي بنصها :
« أستاذي الفاضل ،
لقد هاجر أحفاد الحسين بن منصور الحلّاج من العراق إلى مصر وعاش غالبيتهم في القاهرة.
ومن القاهرة هاجر حسين السيد حمّودة الحلّاج وأخوه محمد إلى برّ الشام ( فلسطين ) حيث نزل الحسين قرية قلقيلية .
أمّا أخوه محمد السيد حمّودة فنزل قرية ( المغار ) من قرى قطاع غزة ، ومن

« 69 »
هنا كان مركز أفراد العائلة في هاتين البلدتين في فلسطين . وفرع آخر من العائلة سكن في القرى المجاورة لمدينة يافا ، وهم الآن ( كذا ) بعضهم عاد إلى القاهرة حيث يسكنون العباسية ومنهم جماعة تسكن الزرقاء بالأردن بعد نكبة 1948 م التي أثّرت في أبناء شعب فلسطين وانتشارهم . والآن يوجد تركّز لأبناء العائلة في جبل الهاشمي ( مدينة عمان ) وفي مدينتي الزرقاء ، والرمثا بالأردن . وفي مدينة بغداد يوجد محمد خيري علي الحلّاج ، وفي أمريكا بولاية فلوريدا الدكتور محمد يوسف الحلّاج ، وهو منذ 13 سنة أستاذ في جامعة جاكسون قيل ، وآخرون في ألمانيا الغربية ويوغوسلافيا .
وجميع هؤلاء أحفاد الحسين بن السيد حمّودة الحلّاج الذي أنجب من الأولاد ثلاثة هم : يوسف وصالح ومحمد ، ومن نسلهم كان أفراد العائلة في قلقيلية وفي الأردن .
والابن الثالث لصالح بن الحسين السيد حمّودة ( محمد ) كان يرحمه اللّه مثالا للصلاح والتقوى ، يحترمه جميع أبناء البلد منذ صغره إلى أن توفي شيخا وقورا دون أن يتزوج ، زاهدا بالحياة الدنيا ، ولحب واحترام العائلة له فقد أطلق اسمه على العديد من أبناء العائلة .
ويقال عن شيخ آخر من أفراد العائلة - وهذا سمعنا قصته بعد النكبة ونحن نعيش في مدينة إربد - فقد علمنا أنه كان يعيش في قرية الطيبة بني علوان في غور الأردن وكان وحيدا يعمل في أرضه ، ومتدينا يعيش في منزل في أرضه ، بعيدا عن منازل القرية يتعبد . وبعد موته أقيم له ضريح . ولعدم وجود وريث له ، قسّمت الأرض بين جيرانه . ومحدّثنا أخذ نصيبه من ذلك .
وهو برغم كبر سنه يذكر ذلك الرجل الحلّاج وتقواه .
ومن المتصوفين المرحوم مصطفى الحلّاج الذي عاش في قرية رمانة إلى الشمال من الطيبة في فلسطين وعاش متعبدا دون أن يتزوج .
ومن نساء العائلة المتصوفات : عائشة بنت صالح بن الحسين الحلّاج التي عاشت متدينة تعشق الوحدة وتقوم الليل إلى الفجر .

« 70 »
ومن أسما النساء : ناعسة ، جميلة ، لطيفة ، فاطمة ، خديجة ، ظريفة ، عزيزة ، صبحة ، عائشة .
ومن أسماء الرجال : صالح ، محمد ، أحمد ، سعيد ، يوسف ، إبراهيم ، حسن ، مصطفى ، عبد الكريم ، عبد اللطيف ، عبد الهادي ، عبد اللّه ، خليل ، سعد الدين ، ونعيم الذي يسير على درب التصوّف وهو لا يزال في العقد الثالث من العمر ؛ ويصوم الأشهر الثلاثة ، رجب وشعبان ورمضان كل عام ، غير الأيام المتفرقة ، ويقوم بالصلاة في أوقاتها وبالزكاة ويقوم الليل وذلك معروف عنه في الرمثا حيث يعيش . وقد أوردت الرأي عن شيخ المسجد والقاضي الشرعي في تلك البلد ( كذا ) ، ونأمل أن يوفّقه اللّه على طريق حبّ الذات الإلهية .
ومن أفراد العائلة يوجد فروع :
في مدينة حلب بسوريا منهم مصطفى الحلّاج والمحامي وجيه الحلّاج .
وفي مدينة دمشق محمد الحلّاج في الجيش العربي السوري . وفي مركز بلبيس في المحافظة الشرقية ج . م . ع .
بالإضافة إلى ما ذكرنا سابقا .
وليسدّد اللّه خطاكم على طريق الخير .
محمد شريف سعيد أحمد صالح
حسين السيد حموّدة الحلّاج
الجهراء - الكويت
12 - 12 - 1968 م »
* * * 

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» شعر الحلاج و ديوان الحلّاج شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
» القوافي في ديوان الحلّاج قافية الرّاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
» القوافي في ديوان الحلّاج قافية النون شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
» القوافي في ديوان الحلّاج قافية الألف شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
» القوافي في ديوان الحلّاج قافية الباء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى