اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

اذهب الى الأسفل

22092023

مُساهمة 

الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني Empty الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني




الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

موسوعة القرآن العظيم ج 1  د. عبد المنعم الحفني

241 . لم يكن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم بدعا من الرسل

قالوا عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أنه يدّعى أنه يوحى إليه ، ويدّعى العلم بالغيب ، والمعرفة بتواريخ الأمم البائدة ، والأنبياء السابقين ، فنزلت الآية :قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ( 9 ) ( الدخان ) ، تثبت أن ما ينسبونه إليه لم يكن فيه بدعا من الرسل ، فإنه يوحى إليه ، وما يوحى إليه يبلّغه ، ولا يعلم الغيب ، ولا يدرى شيئا إلا ما يوحى إليه ، ولا يقول شيئا من نفسه ويزعم أنه موحى إليه به ، وإنما هو رسول نذير مبين ، يشرح ويفسّر ما أمر بتبليغه والإنذار به .

  * * *

242 . محاجة اليهود بشهادة يهودي في نبوته

اليهودي هو عبد اللّه بن سلام ، نزلت فيه الآية :قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ( 10 ) ( الأحقاف ) ،
قيل : أنه شهد على أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مذكور في التوراة ، وأنه نبىّ من عند اللّه .
وقال : أيها الناس ، كان اسمى في الجاهلية فلان ، فسماني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عبد اللّه ، ونزلت فىّ آيات من كتاب اللّه - فنزلت فىّ :وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ( 10 ) ( الأحقاف ) ،
ونزلت فىّ :قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ( 43 ) ( الرعد ) .
والآيتان في محاجة اليهود ، وهما مدنيتان . ووجه الحجة في الآيتين أن ابن سلام لما جاء مسلما من قبل أن تعلم اليهود إسلامه ، قال : يا رسول اللّه ، اجعلني حكما بينك وبين اليهود .
فسألهم النبىّ أولا عن ابن سلام : « أي رجل هو فيكم ؟ » قالوا : سيدنا وعالمنا .
ورضوا بحكم ابن سلام ، وقالوا : إن شهد لك آمنا بك .
- فسئل ، فشهد ابن سلام ، وأسلم ، فقال لهم النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : « إنه قد آمن بي » فأساءوا القول عندئذ في ابن سلام ! ! فهذا هو وجه الحجة في الآيتين .

  * * *

243 . نزول القرآن متفرقا من أدلة نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم

أنزل القرآن متفرّقا ، وأراده كفّار قريش لو أنزل على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم دفعة واحدة : وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا( 32 ) ( الفرقان ) ،
وبدأ نزوله في ليلة القدر :إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ( 1 ) ( القدر ) ،
وكان من الأفضل أن ينزل منجما على عشرين سنة ، كقوله تعالى :لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا( 32 ) ( الفرقان ) ، فلو أنزله جملة واحدة ثم سألوه ، لم يكن عنده الجواب ، ولما تسنّى له أن يرسّله ترسيلا ، أي شيئا بعد شئ ، فيمكّنه ، ويمكّنهم ، أن يستوعبوه ويفهموه ويحفظوه ، فإذا سأل سائل فيه الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، استطاع أن يجيب ، وذلك من علامات النبوة ، لأنهم ما كانوا يسألون عن شئ من الماضي أو الحاضر ، أو الغيب ، إلا أجيبوا عنه ، وهذا لا يجوز إلا من نبىّ ، فكان ذلك تثبيتا لفؤاده ولأفئدتهم ، بقوله تعالى :وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً( 33 ) ( الفرقان ) .
ولو نزل جملة بما فيه من الفرائض لثقل عليهم ، وكان نزوله مفرّقا زيادة لهم في التنبيه ، ولو نزل جملة واحدة لزال التنبيه .

  * * *

244 . آية المباهلة من أعلام نبوته

آية المباهلة هي الآية :فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ( 61 ) ( آل عمران ) ،
و « الابتهال : هو الضراعة للّه ، والاجتهاد في الدعاء باللعن ؛ والمباهلة من ذلك وفعلها بهل أي لعن ، تقول : بهله اللّه يبهله ، أي يلعنه ، والذين دعاهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم للمباهلة هم أهل نجران ، والآية من أعلام نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، لأنه دعاهم للمباهلة فأبوا ورضوا بالجزية . ولم يرفضوا المباهلة إلا لأنهم في أعماقهم لديهم الشك في أنهم على حق ، وأن محمدا على باطل ، فلو كانوا متيقنين أنهم على الحق لسارعوا لقبول مباهلته ، ولكنهم نكصوا خوفا .

  * * *

245 . قدر نبيّنا وشرفه

تذكره الآية :إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً( 163 ) ( النساء ) ، 
فرتّب هؤلاء الأنبياء بحسب تكليفهم زمنيا إلا نبيّنا وعيسى ، وبدأ بنبيّنا فقدّمه في الذكر على سائر أنبيائه ، فقال :وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً( 7 ) ( الأحزاب ) ، 
فقدّم عيسى على قوم كانوا قبله لأن الواو تقتضى الترتيب ، وأيضا فيه تخصيص عيسى ردا على اليهود ، تحقيقا لنبوته ، لأنهم أنكروا نبوته ، وأنكروا أنه وجد أصلا شخص اسمه يسوع المسيح ، فقطع ما رأوه فيه ، ودفع اعتقادهم ، وعظّمه عندهم ، ونوّه باتساع دائرته .

  * * *

246 . ما ضلّ أبدا وما تكلم بالباطل

يشهد اللّه تعالى للرسول صلى اللّه عليه وسلم بأنه ما ضلّ عن الحق وما حاد عنه ، فقال :وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ( 1 ) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى( 2 ) ( النجم ) ،
فأقسم بصدق ما يقول ، فأن تهوى وتسقط النجوم هو آية من آياته الكبرى ، وسقوطها هو غيابها ، أو هو انطفاؤها في الدنيا أو يوم القيامة ، وانتهاؤها تماما وتلاشيها . واللّه تعالى يقسم بأن محمدا ما غوى ، والغى ضد الرشد ، وهو أن يتكلم بالباطل ، وهذا إخبار عن أنه صلى اللّه عليه وسلم كان دائما أبدا موحّدا سواء بعد بعثته كنبىّ أو قبلها .

  * * *

247 . هل كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم مزواجا كما يقول المستشرقون ؟

النبىّ لم يتزوج للمرة الأولى إلا وهو في الخامسة والعشرين ، وكانت زوجته خديجة بنت خويلد في الأربعين ، فكانت تكبره بخمس عشرة سنة ، وهي التي خطبته من نفسه ، فقد تعاملت معه وأعجبتها أمانته وطهارته بشهادة الشهود ، فتوسطت لها عنده نفيسة بنت أمية التميمية ، وما كان لديه ما يتزوجها به ، فكفته ذلك ، وهي ذات المال والشرف والكفاية ، وبررت عرضها الزواج منه فقالت : قد رغبت فيك لقرابتك ، وسطتك في قومك ( يعنى فضلك ) ، وحسن جمالك ، وصدق حديثك » .
وكانت خديجة نعم الزوجة له ، وساعدته بمالها وحسبها ونسبّها ، وآزرته بقوة نفسها ورجاجة عقلها ، وكان له منها الولد ، وتوفيت بمكة قبل الهجرة بثلاث سنوات ، وقد بلغت من العمر خمسا وستين سنة ، أي أنه ظل خمسا وعشرين سنة زوجا لها لم يعرف امرأة غيرها . ولما توفيت كان عمره خمسين سنة .
ونعرف من علوم الطب النسائي والفسيولوجيا والطب النفسي : أن المرأة تبدأ شيخوختها أو إياسها في الأربعين ، وخديجة كانت في الأربعين يوم أن تزوجته ، ولم تكن قد أيست بعد ، وأنجبت منه الأولاد ، ومهما قيل عن جمالها فإنه بكل المقاييس جمال قد ذبل ، ولم تكن جميلة أصلا ، لأنها ظلت قبل زواجها منه عشرين سنة بلا زواج لا يتقدم إليها خاطب برغم ما قيل عن ثرائها ، ومهما قيل عن مالها فما ذا يغنى المال لو كان طالب الزواج ينشد الجمال أولا ويبحث عن المتعة الجسدية ؟
وفي التحليل النفسي يقال : إن زواج شاب مثل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم من كهلة مثل خديجة رضى اللّه عنها ، إنما لأن الزوجة في هذه الحالة ، هي في واقع الأمر ، زوجة وأم ، والزوجة الأم هي مطلب أمثال النبىّ صلى اللّه عليه وسلم الذين يحرمون من أمهاتهم في سن التكوين ، أي بين الرابعة والثامنة من العمر ، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم توفيت أمه وهو في السادسة ، وتوفى أبوه وأمه حامل فيه ، أو وهو ابن شهرين ، وقيل ابن ثمان وعشرين شهرا ، أي في السن التي يفتقد الطفل فيها أمه ، بشدة أكثر من افتقاده لأبيه ، ويظل به المنزع أن يتعامل مع كل امرأة كبيرة تبدى العطف عليه كأنها أمه . ومن ذلك أن الدكتور القوصى عالم التربية النفسي الكبير ، يقصّ عن نفسه أنه كان لا يدرى كلما دعى إلى اجتماع وكانت فيه سيدات ، يختار أن يجلس إلى جوار أكبرهن سنا ، التي تظهر احتشاما في لبسها ، وتؤثر اللون الأسود في ثيابها ، وتبين له مع استمرار تحليله لمواقفه ، أنه يفعل ذلك لأنه في أعماق نفسه يرفض الإقرار بأن أمه قد ماتت ، وكانت كبيرة السن ، ومحتشمة ، وتؤثر السواد في لباسها ، وكان موتها في صغره ، فافتقدها ، وكأنه بجلوسه إلى جوار السيدات كبيرات السن ، المحتشمات ، المتّشحات بالسواد ، يطمئن نفسه بأن أمه - وإن كانت قد توفيت في الواقع - فإنها في الحقيقة تعيش في وجدانه ، وفي ذهنه ، ولا تفارقه صورتها . وعلماء النفس يطلقون على ذلك اسم الحضور النفسي ، وشبيه به برهان يوسف الذي رآه لما همّ بامرأة فرعون وهمت به ، وبرهانه هو صورة أبيه يعقوب عليه السلام ، وكان يأخذه بالتربية المثلى ، ويتعهده بالتعليم الحىّ .
وكانت خديجة بمثابة الأم الرءوم للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وبها تعود أمه إلى الحياة - متمثلة في هذه السيدة الفاضلة ، ولما تزوّجها وقصّ عليها قصته مع الوحي ، ورأته وقد ارتج عليه من الخوف ، وارتعدت فرائصه ، سارعت إليه وأدخلته بينها وبين درعها ، وأجلسته على فخذها ، وهدأت من روعه فقالت : اللّه يرعانا يا أبا القاسم !
أبشر يا بن عم وأثبت ، فالذي نفس خديجة بيده ، إني لأرجو أن تكون نبىّ هذه الأمة ، واللّه لا يخزيك اللّه أبدا ! إنك تصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكلّ ، وتقرى الضيف ، وتعين على نوائب الحق » .
وكانت أول من آمن به ، وبيتها أول بيت في الإسلام ، وجزاء ذلك بشّرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ببيت في الجنة ، فعوّضها اللّه به عن بيتها ، على غرار الحديث : « من كسا مسلما على عرى كساه اللّه من حلل الجنة ، ومن سقى مسلما على ظمأ سقاه اللّه على الرحيق » ، ويذكرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد موتها ويردّ غيبتها فيقول : « واللّه ما أبدلنى اللّه خيرا منها ! آمنت بي حين كذّبنى الناس ، وآنستنى بمالها حين حرمنى الناس ، ورزقت منها الولد وحرمته من غيرها » .
وتروى السيدة عائشة في ذلك أنها لما اغتابت خديجة ، وسمعته يزجرها بهذه الحدّة ، أمسكت وهي تقول في نفسها : « واللّه لا أذكرها بعد ذلك أبدا » . وقال لها يومها : « إنها كانت وكانت ، وكان لي منها الولد » ، وقال : « إني قد رزقت حبّها » وقال : « إني أحب حبيبها » أي كل من يمت لها بصلة أو بقربى .
وتقول عائشة : ما غرت من امرأة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ما غرت من خديجة ، لما كنت أسمع من ذكره لها . وما تزوجني إلا بعد موتها بثلاث سنين » . وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : « كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام » .
والكمال - في الطب النفسي - من المباحث الشريفة ، وهو مقصد ما يسمى علم النفس التكاملى ، وفيه أن من صفات الكامل أنه : معطاء ، كريم ، سخىّ ، يجود بما معه ولا ينتظر الردّ ، ولا يأخذ العوض ، وأنه مسامح ، غفور ، رحيم ، عطوف ، شفوق ، ليس فيه التجبّر ولا الاستبداد ، يستمع إلى الرأي الآخر ، ويأخذ به في حالة الصواب ، ويثبت عليه ويمتدحه ، ويسعى إلى الحق ، ويستهدف العدل ، ويدعو إلى الخير ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ولا يفحش ، ولا يسبّ ، ولا يغضب ، ويحب الناس ، وليس للبغض سبيل إلى قلبه . وخديجة كانت كذلك ، ولم يعرف لها المصطفى صلى اللّه عليه وسلم نقيصة ، فوصفها بالكمال ، وقضى معها زهرة شبابه ، فلم يشك منها ، ولم يتأفف ، ولم يطلب الزواج عليها حتى بلغ من العمر عتيا ؛ وما كانت خديجة إلا وزير صدق له ، تشير عليه ، وتصدقه ، وتخفف عنه ، وتهوّن عليه ، مثلما تفعل الأمهات ، وليس ذلك من دأب الزوجات وإنما هو دأب الأمهات .
ولم يثبت أن لخديجة ثروة طائلة كما قيل ، تبريرا لهذا الزواج بالماديات ، وإلّا فأين ذهبت هذه الثروة حين هاجر ؟
ولم يحدث أن طالب بها حينما عاد إلى مكة فاتحا ، ولم يشهد شاهد ، ولا روى راو ، أنه باع من أملاك خديجة في مكة شيئا ، ولم ترث بناته عنها شيئا ، اللهم إلا حلية ذكّرت زينب أباها بها عندما أرادت أن تفتدى زوجها ابن العاص !
وفي رواية لعائشة قالت يوما لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن خديجة : ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين هلكت في الدهر ؟
وقولها حمراء الشدقين ، يعنى أنها قد خلعت أسنانها ولم يبق في فيها إلا اللثة بلونها الأحمر ، وقولها هلكت في الدهر يعنى أنها كانت مسنّة ، وأن سنها كان باديا عليها .
وعائشة لم ترها رأى العين ولكنها سمعت عنها ، وروت ما سمعته .
وإذن تسقط دعوى أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان مطلبه النساء ، أو أن يرتزق من ثروتهن ، ويبقى أنه كان ينشد طيب الصحبة ، وكريم العشرة ، وحسن الأحدوثة ، وأن يرضى من حوله ، حلا لكثير من المشاكل كما سنرى .
ولما ماتت خديجة تزوج بسودة بنت زمعة ، وكان قد سبق لها الزواج كخديجة ، وإنما خديجة تزوجت مرتين قبل أن يتزوجها المصطفى ، وسودة تزوجت مرة واحدة ، وكانت سابقة وزوجها إلى الإسلام ، وتوفى عنها زوجها وهي كبيرة السن ، وكانت عاطلة من الجمال ، ضخمة الجثة ، ثبطة ، وبها حمق ، ولا مال لها ، فلما اقترحتها عليه خولة بنت حكيم ، زوجة بعد خديجة ، قبلها لعله يتعزّى بها عن خديجة .
ولم يتزوجها إلا لأنها كانت أرملة وجاهدت في الإسلام ، ولأن الناس قد عزفوا عن الزواج منها . ومن دأب العرب أن لا تترك النساء بلا زواج بعد وفاة أزواجهن ، والمصطفى طلب سودة للزواج أنيسا له ولابنته فاطمة التي كانت في نحو الخامسة عشرة من عمرها ووقتذاك ، وكانت تستوحش أخواتها اللائي تزوجن وتركنها .
ولسوف نرى أن التعلّات كانت دأبه مع من يتزوجهن ، وما كان بسودة حرص على الأزواج ، فقد بلغت الإياس من زمن ، وكان زواجها من الرسول صلى اللّه عليه وسلم لا عن رغبة فيه كزوج ، وإنما كرسول ، وأرادت أن تبعث يوم القيامة وهي من أزواجه ، ومع ذلك لم تحدّث عنه إلا حديثين أو ثلاثة ، فلم تكون موهوبة فتحدّث أو تعى قيمة ما يقوله الرسول صلى اللّه عليه وسلم في الإسلام ، وما كانت ترغب فيما يرغب فيه النساء من الأزواج ، وما كان الرسول يرغب فيها كأنثى ، ولذا كفّ عن معاشرتها ، ولم تعد زوجة له على الحقيقة حتى قيل أنه طلقها ، وما طلقها ، ولذا لنا أن نتسأل : هل سودة تحتسب عليه زوجة ؟ !
ولعل كلام المستشرقين وأهل الكتاب كثير في عائشة ، بل هو أكثر ما يكون فيها عن غيرها ، فقيل خطبها وهي في السادسة ، ودخل بها في التاسعة ، وأي شئ يمكن أن يلفت الرسول إلى صبية في هذه السن والنساء كثيرات ، على الأقل المسلمات منهن ، ويتمنين لو تزوجهن ؟ !
وعائشة بالذات كانت ضعيفة البنية ، مهزولة ، ولكن المصطفى وقد اقترحتها عليه خولة بنت حكيم - ما كان له أن يرفضها وهي ابنة صاحبه في الدعوة .
ولم يحدث أن ذكرت عائشة شيئا عن الحيض جاءها وهي في بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، الأمر الذي يقطع بأنها قد حاضت قبل أن يبنى بها ، وأن زواجها منه ما كان في التاسعة من عمرها كما هو مشهور وإنما بعد ذلك .
وفي حديث الإفك تعجّبت عائشة ممن اتهمها ، ومما اتهموها به ، وكان مصدر عجبها أنها ما كان بها شئ مما يشتهى الرجال في النساء ! وكان عمرها ووقتذاك خمسة عشرة عاما ؟ !
- وتذكر فيما روته عن علاقتها بالمصطفى ، أنه ما كان يستكثر منها ، وكان كثير المرض ، وكثير الأسفار ، وتشغله أمور الدعوة ، وأن يحدّث الناس ويستمع إليهم ويعظهم ، ويقرؤهم القرآن ، ويجلس إلى العرب الوافدين عليه .
ولم يكن يأكل في اليوم إلا مرة واحدة ، وأغلب أيامه يعيش على الماء والتمر ، وإذا أكل خبزا لم يأكل تمرا ، ولم يعرف إلا خبز الشعير ، فمن أين تتهيأ له القوة على مباشرة النساء ؟ أو يتوفر له الوقت على مسامرتهن ؟ !
وإنما هي العشرة ، وأن تحتمى به من لا تجد زوجا ، وأن تأوى إليه من تترمل من المسلمات .
وتحكى عائشة أنها ما نظرت عورة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أبدا ، وما نظر عورتها ، فالحياء صفته ، والتعفف مسلكه .
وليس معنى أنه تزوج تسع زوجات أو أكثر أنه زير نساء ، أو مزواج ، وإنما هي طيبة القلب ، وصدق النية ، والمودة ، وطلب القربى ، والتراحم ، والتماس المعروف .
ثم إنهن لم يكنّ تسعا على الحقيقة برغم مزاعم مؤلفي السيرة ، فالواقع أنهن كن أربعا لا غير كما سنرى من بعد .
وزواجه من عائشة كأنما كان يعدّها لتكون داعية الإسلام في حياته ومن بعده ، فكانت في حياته تعظ النساء ، وتؤذّن للصلاة ، وتؤمّهن ، وتفسّر القرآن .
وبعد وفاته صلى اللّه عليه وسلم كان بيتها مثابة للناس وأمنا ، ومدرسة للدعوة ، وتلقّى عليها ما يزيد على الثلاثمائة والخمسين من الرجال والنساء ، وكانت مرجعا في الدين يسألها مشايخ الصحابة ، ومصدرا وحيدا للكثير من التفاصيل عن حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وروت عنه نحو الستة آلاف من الأحاديث ، فكانت أكثر من روى عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، سواء من الرجال أو من النساء ، وهذه هي الزوجة الحقيقة بلقب زوجة نبىّ ، فكانت وارثة علمه ، وأسهمت في بناء الإسلام بما لم يقدر عليه أعنى الرجال ، وكانت كما قال فيها « حواريته » من النساء ، يعنى تلميذته وصاحبته ونائبته ، حتى ليمكن أن نقول إن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لم يتزوج في الحقيقة - وليس في الواقع - إلا عائشة ، فكانت نعم الزوجة .
وأما زواجه صلى اللّه عليه وسلم من حفصة بنت عمر ، فما كان إلا رأفة بها ، وإرضاء لأبيها ، وكانت في الثامنة عشرة من عمرها عندما مات زوجها خنيس بن حذافة ، فعرضها أبوها - بعد انقضاء عدتّها - على أبى بكر وعثمان ، وبدا كما لو كانا قد رفضاها بأدب ، فتزوّجها الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، تطييبا لخاطر أبيها .
غير أنه كان بحفصة حدّه في الطبع ، وأفشت سرا ائتمنها عليه ، وفيها نزلت الآية :إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ( 3 ) ( التحريم ) ،
وكانت تراجعه وتهجره اليوم بطوله إلى الليل ، حتى قيل أنه طلّقها مع من قيل أنه طلقهن من نسائه قبل نزول آيات التحريم ، وقيل في ذلك روايات ، منها أن عمر لما سمع بطلاقها أول مرة ، كان يحثو التراب على رأسه حزنا وكمدا وغضبا !
وما كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قد طلّقها ، ولمّا سأله عمر نفى أن يكون قد طلقها أو طلق أيا من نسائه ، ولو كان من الممكن أن يطلقهن ، لكان زواجه منهم لأسباب مما يطلق لها الناس زوجاتهن ، وإنما كان زواجه بهن جميعا « من أجل الدعوة وتثبيت أركانها » ، فما تزوجهن ليطلقهن ، وكان إذا استغضبنه يعظهن ويهجرهن .
وكان لحفصة دورها المحفوظ في الدعوة وإن كان صغيرا ، فقد جمع أبو بكر المصحف الشريف ، ولم يشأ أن يودع نسخته الخطية عند عائشة ابنته ، وآثر - بمشورة عمر - أن تحفظه حفصة ، فبقيت لها هذه المأثرة ، فلما ولى عثمان طلبه منها واستنسخه ، ووزّعه على الأمصار .
ومع ذلك ، فهل كانت حفصة تقارن بعائشة ؟
وهل كانت موافقها مع النبىّ صلى اللّه عليه وسلم هي مواقف زوجة نبىّ ؟
وهل تحتسب زوجة كعائشة ؟ وما كان لها باع في الدين ، ولا طاقة على الدعوة ، وما حدّثت وعلّمت كعائشة . فهل تحتسب زوجة ؟ !
وقيل تزوج الرسول صلى اللّه عليه وسلم في السنة الثالثة للهجرة خامسة زوجاته : زينب بنت خزيمة بن الحارث ، وكانت أختا لميمونة بنت الحارث من الأم ، وميمونة تزوجها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم في السنة السابعة ، واستشهد زوج زينب في بدر .
ولم تكن على شئ من الجمال ، وكبيرة السن ، ومريضة ، ولكنها كانت تحب المساكين وتعطف عليهم وتطعمهم ، فلقبوها منذ الجاهلية بأم المساكين . وكانت هي نفسها من المساكين ، فقد كانت ضعيفة مهزولة لا تقوى على شئ ، وما كان فيها مطمع لرجل ، ولكنها طيبة قلب المصطفى صلى اللّه عليه وسلم على أرامل شهداء الإسلام ، فآواها ، وحدب عليها ، ورعاها ، حتى توفيت في ربيع الآخر سنة أربع ، بعد شهرين أو ثلاثة شهور من زواجها .
فهل كان مزواجا أو شهوانيا بزواجه منها ، أم أنه كان يفعل الخير ، فآثر أن يضمها إلى أهل بيته ، فيرحمها من أن تدخل تجربة الترمّل وتعاني هوانها ، وأن تضطر إلى أن تتزوج من لا يصونها ؟
وكانت السادسة من زوجاته هند بنت أمية بن المغيرة ، أول ظعينة دخلت المدينة ، وشهرتها أم سلمة ، فقد كانت متزوجة من الصحابي الجليل أبى سلمة ، ابن عمة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وأخيه من الرضاع ، وكان من أصحاب الهجرتين ، وغزا مع الرسول في ذي العشيرة ، وشهد بدرا ، ثم أحدا وفيها أصيب ، وبعثه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم على رأس سرية إلى قطن ، وهو جبل بناحية فيد ، وانتكأ جرحه في القتال ، وظل به حتى توفى بسببه ، وحضر موته المصطفى ، وسمعه يدعو لها : اللّهم ارزق أم سلمة بعدى رجلا خيرا منى ، لا يحزنها ولا يؤذيها !
وتسابق الصحابة يعرضون على أم سلمة الزواج ، وهمّهم أن يعولوا أبناء أبى سلمة : سلمة ، وعمر ، وزينب ، ودرّة ، وخطبها أبو بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم جاءها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وكانت أم سلمة تعتذر بأنها مسنة ، وغيور ، وذات عيال ، فكان الصحابة ينصرفون عنها ، إلا النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فقد أجابها : « أمّا أنك مسنة فأنا أكبر منك ! وأما الغيرة فيذهبها اللّه عنك ! وأما العيال فإلى اللّه ورسوله ! » وتزوجها في شوال سنة أربع .
وكانت قوية الشخصية ، وصاحبة مواقف كعائشة ، وفي بيتها نزل الوحي كما نزل في بيت عائشة ، وهي التي أشارت عليه بعد صلح الحديبية أن يخرج وينحر ولا يكلم أحدا ، فلما فعل تبعه المسلمون ونحروا بعد أن كانوا يرفضون .
وكان أزواج النبىّ صلى اللّه عليه وسلم حزبين ، حزب عائشة وحزب أم سلمة ، وكانت تؤلب على عائشة ، وتراجع النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ورأته مرة يتحدث إلى صفية في يومها - أي يوم أم سلمة - فقالت له في صلف : تتحدث مع ابنة اليهودي في يومى وأنت رسول اللّه ؟
وانضمت إلى شيعة علىّ حتى في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وكانت ضد خلافة أبى بكر وعمر وتدعو لعلىّ ، وفي الفتنة الكبرى آزرت عليا وآله وتمنت لو تخرج تجاهد معه ، لولا أنها تعصى اللّه لو فعلت ، وتستحى من الرسول في الآخرة أن تهتك الحجاب الذي ضربه عليها ، وما كانت تستطيع لو فعلت ، فقد كانت مسنة .
وحاولت أن تمنع عائشة ، وجاءت إلى علىّ تعتذر إليه عن عجزها عن الخروج معه وقدمت بدلا منها ابنها عمر ، وكان حبها لعلى وآله قويا ، فقيل إنها توفيت لدى سماعها نبأ موت الحسين .
وكانت تقول إن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لم يكن يستكثر منها وإنما من عائشة ، وكان عائشة هي الأخرى تقول إنه لم يكن يستكثر منها وإنما من أم سلمة ، ويبين الحق من الشهادتين أنه صلى اللّه عليه وسلم ما كان يستكثر من واحدة من نسائه ، فليس الاستكثار من النساء عمله ؛ وإنما عمله الدعوة ، ولم يكن جمعه لهذا العدد من النساء عن شهوة ، ولكن عن طيب طوية ، ورغبة في عمل الخير ، وأن ينأى بالنساء عن الحاجة أو الذل أو أن يمتهنهن الأغمار .
ولم تمت أم سلمة إلا سنة تسع وخمسين ، وكانت منذ وفاته صلى اللّه عليه وسلم حتى وفاتها - أي نحو تسع وأربعين سنة تشتغل بالدعوة ، وتروى عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وكانت برواياتها مقلّة مع ذلك ، وبلغ ما روى عنها في كتب الأحاديث ثلاثمائة وثمانين ( أو سبعين ) حديثا ، وكانت تعلّم النساء ، وتفتى في الدين كعائشة ، وترسل إلى عائشة تسألها وتستفتيها ، ويدخل عليها الصحابة يسألونها عن سنّته صلى اللّه عليه وسلم ، فكانت لها المكانة العالية ، وإن كانت أقل مكانة من عائشة التي انفردت بلقب أم المؤمنين ، وكانت أمّا من الفضليات اللائي يستظل تاريخ الإسلام بذكرهن كمعلّمة وداعية .
فهل كان اختيار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لها كزوجة لأنه يريدها شهوة فيها ، أم كان لأهداف أسمى وأكبر وأشرف وأسمق ؟
وليست النتائج إلا البرهان على النيّة ، والعبرة بما حدث وليس بضمائر هؤلاء المستشرقين الخبثاء من أهل الكتاب ومن المسلمين على السواء ، ولا بأقوال عملاء المبشّرين أصحاب الدهاء .
وكانت السابعة من زوجاته زينب بنت جحش ، بنت عمة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم
، أمرها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أن تتزوج دعيّه ومعتوقه زيد بن حارثة ، أراد بذلك أن يقرّب بين طبقات المسلمين ،
ويرسّخ إمكان اختلاط الأدعياء بالأشراف مصاهرة ونسبا ، فأبت زينب هذا الزواج ، وأيّدها أخوها عبد اللّه ، وقال هو وزينب : إنما أردنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فزوّجنا عبده !
فنزل حكم اللّه :ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً( 36 ) ( الأحزاب ) ،
وحينئذ أطاعت زينب على مضض ، وتزوجها زيد فكانت تزدريه ، وتستصغر شأنه ، وتتعاظم عليه على زعم أنها خير منه حسبا ، واشتكى مرارا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فكان يجيبه : « أمسك عليك زوجك واتق اللّه » ، ثم طلقها زيد فتزوجها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ونزل القرآن :وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا( 37 ) ( الأحزاب ) .
ومن رأى البعض في تفسير وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ أن ما أخفاه رسول اللّه هو حبّه لزينب ، فبرواية الطبري وهو ينقل عن الإسرائيليات ، أنه صلى اللّه عليه وسلم جاء يطلب زيدا ، فرفعت الريح الستارة عن الباب ، فانكشفت زينب في حجرتها حاسرة ، فوقع إعجابها في قلب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ودعته إلى الدخول فأبى وهو يهمهم ، « سبحان اللّه العظيم ! سبحان اللّه مصرّف القلوب ! » ، وكأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يكن يعرف زينب ابنة عمته ! وكأنه لم يخترها لزيد عن دراية ؛ ولم يشترك من قبل في أن يصلح بين الزوجين !
- والرواية عجيبة حقا من مسلم كالطبري ، فلم يعرف عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أنه يهوى النساء ، وما كانت له حكاية هوى في شبابه حتى تكون له حكاية هوى في كهولته !
ولقد طالعنا الرسول صلى اللّه عليه وسلم حتى سن الخمسين لم يتزوج إلا العجوز خديجة ، ثم العجوز سودة بنت زمعة حتى الثالثة والخمسين ، أفبعد ذلك يقال أنه وقع في الهوى وهو في سن الثامنة والخمسين ؟
ومن الغريب أن تنسخ هذه الرواية المتهافتة التفسير الصحيح لهذا الشطر من الآية :وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ، فما كان يخفيه ليس هو الحب لزينب ، وإنما كان غضبه لإصرار زينب على رفضها لزيد ، وما كان يجدر أن يغصبها على الزواج ممن تكره وهو القائل : « البكر تستأمر في نفسها » رواه ابن ماجة ، فبدعواها أن زيدا كان بالأمس عبدا ، فكيف تتزوجه وهي الشريفة المضرية ؟
وقيل إن الآية :ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً( 36 ) ( الأحزاب )
نزلت في زينب وأخيها الرافضين لهذا الزواج الذي اختاره الرسول صلى اللّه عليه وسلم لزينب ، فلما نزلت الآية أذعنت زينب حينئذ وتزوجته وهي رافضة .
وقيل : بل الآية نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وكانت قد وهبت نفسها للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فزوّجها من زيد بن حارثة ، فكرهت ذلك هي وأخوها .
وسواء كانت الآية في هذه أو تلك ، فإنها كانت لأسباب واحدة ، فقد قيل : أن النبىّ رأى بتزويج زينب من زيد : أن الكفاءة في الزواج لا تعتبر بالأحساب ، وإنما تعتبر بالأديان ، ولذلك تزوج المقداد بن الأسود وهو من الموالى - ضباعة بنت الزبير ، وزوّج أبو حذيفة مولاه سالما من فاطمة بنت الوليد بن عتبة ، وتزوج بلال مولى أبى بكر من أخت عبد الرحمن بن عوف .
والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم قد رأى هذا الرأي تطويرا للنظام الاجتماعي الإسلامي ، وتسريعا للحراك الاجتماعي في المدينة ، ورأت زينب وأخوها غير ذلك ، وأصرّت على رأيها حتى قالت : لا أتزوجه أبدا !
والمستشرقون يقولون إن زينب لذلك ظلت بكرا حتى تزوّجها الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، فلما طلقها زيد لم يكن ثمة سبيل لإصلاح هذا الوضع الذي وضعت فيه زينب إلا أن يتزوجها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم نفسه ، والعرب ليس من عادتهم أن يتزوجوا مطلقات الموالى ، غير أن التقاليد تمنع كذلك زواج الأب من مطلقة ابنه ، وزيد هذا ابن محمد وإن كان ابنا بالتبني .
وما كان هناك ما يرفع هذا الحرج ويلغى هذا التفكير إلا أن ينزل تشريع بذلك من السماء ، فنزلت الآية :وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا( 37 ) ( الأحزاب ) ، والآيةوَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ( 4 ) ( الأحزاب ) ،
احترازا من الابن الدعىّ ، وإباحة للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم الزواج من مطلقة دعيّه ، بقوله تعالى :ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً( 38 ) ( الأحزاب ) ،
أي فيما أحلّ اللّه لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم من تزوجه زينب التي طلقها دعيّه زيد بن حارثة .
والمستشرقون غلطوا إذن عندما ذهبوا إلى أن إباحة زواج الزوجة السابقة للابن الدعي إنما شرّعت فقط لأن محمدا صلى اللّه عليه وسلم كان يريد الزواج من زينب حليلة ابنه لأنه أحبها ! - ولقد جاء النفي باتا من عند اللّه ، أن يكون النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أبا لزيد :ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً( 40 ) ( الأحزاب ) ، وبطل لذلك زعمهم أنه حلّل حراما لمصلحته .
وما كانت له مصلحة وهو الشيخ الكبير ، وزينب لم تكن الجميلة التي تستحق كل هذا العناء ، فقد ظلت بلا زواج قبل زيد حتى أشفق عليها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وزوّجها منه رغم تضرّرها . ولما طلقها زيد كانت في الخامسة والثلاثين ، وقيل كانت في الثامنة والثلاثين ، وكانت بشهادة عائشة قصيرة ، وإذا وقعت في أحد استطالت ، وفعلت ذلك مع عائشة بحضرة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وانتصر لعائشة عليها ، ووصفتها عائشة بأن بها سورة من حدّة ، أي من شدة خلق ، وهو ما كان يشكوه فيها زيد بن حارثة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وعائشة تقول إنها وقعت بها أي سبّتها ، وفي رواية : أن زينب قالت للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم : حسبك إذا برقت لك بنت أبي قحافة ذراعيها ! اعدل بيننا وبينها » .
وفي حديث زينب عن خصام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لها بسبب صفية ، أنه تركها شهرين أو ثلاثة لا يأتيها ، قالت : حتى يئست منه وحوّلت سريري ! »
وزينب هي صاحبة العسل في الرواية المشهورة والتي قيل أنه بسببها نزلت الآية :وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ( 3 ) ( التحريم ) ،
وواضح من حكاية العسل هذه ، أن إفشاءها ما كان يشكّل جرما يستوجب نزول آيات من القرآن ، والأرجح أنها ملفقة كسبب للنزول . والصحيح : أن زينب ما كانت تستحق أن تكون زوجة للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، فقد كانت كثيرة المفاخرة ، والمفاخرة سلوك عدوانى ، فكانت تقول لزوجات الرسول صلى اللّه عليه وسلم : إني واللّه ما أنا كأحد من نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ! إنهن تزوّجهن بالمهور ، وزوجهن الأولياء ، وزوّجنى اللّه رسوله ، وأنزل فىّ الكتاب يقرأ به المسلمون ، لا يبدل ، ولا يغيّر قوله تعالى :فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها( الأحزاب 38 ) ، الآية !
ولم تكن زينب داعية للإسلام ، ولا راوية للحديث ، ولم يذكر لها إلا أحد عشر حديثا لا غير .
وإذن ، فكما سبق ، لم يكن زواجه صلى اللّه عليه وسلم منها لمحبة يكنّها لها ، ولا لأنه اشتهاها فجأة ، وإنما كان زواجه منها كزواجه من سابقاتها ولاحقاتها ، لصالح الدعوة ولصالح المسلمين ، وبسببها نزلت آيات وتشريعات ، وظهر أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم هو القدوة ، فقد كان يمتثل لتشريع من السماء فيه الخير للناس ، وبه يرفع الكثير من الحرج عنهم في أدعيائهم وفي حياتهم .
وما كانت زينب تقارن بعائشة التي كانت الزوجة فعلا بكل المقاييس ، فهل تحتسب زينب زوجة له في مستواها ؟ !
وكانت ثامنة الزوجات جويرية بنت الحارث ، تزوجها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم في العام السادس الهجري وهي ابنة عشرين سنة ، ولم تر فيها عائشة إلا أنها حلوة مليحة ، تأخذ بنفس كل من يراها ، ولم تكن الملاحة سببا لزواج النبىّ صلى اللّه عليه وسلم منها ، وإنما لأن زوجها مسافع بن صفوان ، قتل يوم المريسيع ، وكان أبوها سيد قومه ، وسبيت جويرية ، وخرجت من نصيب ثابت بن قيس الأنصاري ، فكاتبها على مقدار من المال ليفك أسرها ، وكانت بها جرأة فدخلت على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم تطلب أن يعينها ، فقال لها : « أؤدي عنك كتابك وأتزوجك » ؟
فلما رأى المسلمون أن قومها بنى المصطلق صاروا أصهارا للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم أعتقوا كل سبيهم ، فاعتنقوا جميعا الإسلام ، فكانت جويرية عليهم وعلى الإسلام بركة ، إلا أنها ما كانت تقرأ ، ولم تشتغل بالدعوة كعائشة وأم سلمة ، ولم يذكر أنها روت سوى ستة أحاديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولم يكن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يأتيها غالبا ، ولما توفى لم يعاملها أىّ من الخلفاء كأرملة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وظهر أن بركتها على الإسلام أن اعتنقه قومها ، وكان ذلك هو مقصوده صلى اللّه عليه وسلم من الزواج بها وقد تحقق . فهل كان زوجا لشهوة ؟
أو لأن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان مزواجا كما ادّعوا ؟ ! !
وهل ترقى جويرية لمستوى عائشة الزوجة عن حق للرسول صلى اللّه عليه وسلم - لتحتسب هذه الزيجة من جويرية على الرسول صلى اللّه عليه وسلم ؟
وإنما كانت عائشة هي زوجته في الدنيا والآخرة .

يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 14:35 عدل 3 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 14:19 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 241 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

وأما تاسعة الأزواج فكانت صفية بنت حيى بن أخطب ، تزوجها سنة سبع هجرية ، وكانت في السابعة عشرة من عمرها ، ومع ذلك سبق لها الزواج مرتين ، وكان قد قتل زوجها كنانة بن الربيع ، وسباها المسلمون في خيبر ، ووقعت في سهم دحية الكلبي ، وجئ بها إلى الرسول صلى اللّه عليه وسلم فأشفق عليها ، فقد كانت ابنة سيد قومها ، فخيّرها أن تعتنق الإسلام وتصبح حرة ، أو تبقى يهودية وهي سبيّة ، فقيل اختارت الإسلام ، فأعتقها وتزوجها ، لعل قومها يسلمون ، فما فعلوا ، ولقد طعن المسلمون عليه أن تزوجها ، وقال ابن عباس : إن الآية :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً( 57 ) ( الأحزاب )
نزلت في هؤلاء ، وما كانت صفية على شئ من الجمال ، وإنما على هيئة قومها اليهود ، وكانت كما وصفتها عائشة : قصيرة يلفت قصرها النظر ، وما كان الرسول صلى اللّه عليه وسلم يستكثر منها ، وكانت تتعلل اعتذارا عن ليلتها ، وكثيرا ما وهبتها لعائشة ، وكان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يسرّ لذلك ، وما كان يقسم لها كعائشة ، ولما توفى أنكرت منها أمتها أشياء ، وأبلغت عمر بن الخطاب أنها على دين قومها وليست على الإسلام ، وأنها تحفظ السبت مثلهم ، وتصل أرحامها من يهود المدينة ، ولم يحدث أن حدّثت عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إلا ثلاثة أحاديث لا شئ فيها ، ولما قاربت الموت أوصت لابن عمها - وكان على دين اليهود - بثلث ما تركته ، ورفض أولو الأمر إعطاءه ميراثه لأنه يهودي وهي مسلمة ، ولا يرث الذمىّ مسلمة أو مسلما ، وتدخلت عائشة بدعوى أن ما تركته صفية هو وصية ، وأنه يجوز أن توصى المسلمة بجزء من تركتها لا يتجاوز الثلث لغير المسلم .
ووجود أهلها وابن عمها في المدينة في عهد عمر دليل كذب الرواة الذين قالوا أن النبىّ قتل الذكور ، حتى الصبيان من اليهود في خيبر ! وقد نسأل : هل كانت صفية ما تزال على دين أهلها كريحانة ، وهي الأخرى كانت يهودية وسبيّة ، وادّعوا أنها أسلمت وتزوجها المصطفى ؟ وفي عهد عمر فرض أعطية سنوية للجميع ستة آلاف ستة آلاف ، وفرضت لأزواج النبىّ صلى اللّه عليه وسلم عشرة آلاف عشرة آلاف ، وخصّ عائشة باثني عشرة ألفا ، وهذا ما يجعلنا نفرد عائشة رضى اللّه عنها كزوجة وحيدة للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وخصّ عمر صفية وجويرية بستة آلاف لكل .
فهل كانت صفية تحتسب حقا زوجة للنبىّ ؟
وهل تزوجها لتكون زوجة ، أو لشهوة ، أم أن زواجه منها أملته السياسة واقتضته الحكمة ، فربما يسلم قومها ، كقوم جويرية ، وقد تصنع المصاهرة ما لم تصنعه الحرب ، وتلك كانت طريقة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ، وذلك منهجه مع خصومه .
والمصاهرة هي وشيجة العرب لحلّ المنازعات وإنهاء الخصومات .
وكانت عاشرة الأزواج : رملة بنت أبي سفيان .
وزواجه منها برهان ساطع على أن تلك الزيجات جميعها كانت من أجل نشر الإسلام ، ولعزة المسلمين ، وكان زواجه منها في العام السابع الهجري ، وكان يناديها أم حبيبة ، باسم ابنتها حبيبة من زوجها عبد اللّه بن جحش ، ابن عمة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، الذي قد هاجرت معه إلى الحبشة في الهجرة الأولى ، ولكن عبد اللّه تحوّل إلى النصرانية ، وترك الإسلام ، وتمسكت أم حبيبة بدينها ، ولا تدرى كيف تتصرف في الغربة بعد أن صارت وحيدة وابنتها ، ولم تكن تجرؤ على العودة إلى مكة مخافة أبيها رأس الشرك وعدو الإسلام الأول ، فأرسل إليها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يطمئنها ويخطبها لنفسه ، لعله بذلك يستميل أبي سفيان إلى الإسلام ، وربما كان ذلك هو الحل الوحيد المتاح الذي يضمن لها المأوى والحياة الكريمة التي تليق بمثلها ، وما كان عند الرسول من حلّ سواه . وعادت إلى المدينة في السنة السابعة من الهجرة زوجة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وكانت في نحو الأربعين أو أقل قليلا ، بينما الرسول في نحو الستين ، ومع ذلك فلما بلغ أبا سفيان نبأ زواجهما قال : ذلك الفحل لا يجدع أنفه !
- يسخر من كثرة زواج المصطفى وينبّه إلى ذكورته ، وهو كلام غير صحيح ، لأن أبا سفيان كان يعلم أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ما كان يرغب فيها كامرأة ، ولا في غيرها ، ونزلت الآية :عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 7 ) ( الممتحنة ) ،
قال ابن عباس إنها نزلت في أبي سفيان بن حرب ، عسى اللّه أن يؤدم بين الشتيتين ، ويوفّق بين الضدين ، فتكون المحبة بعد البغضة ، والمودة بعد النفرة ، والألفة بعد الفرقة ، وهذا هو السبب الحقيقي لزواج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من كل زوجاته ، وليس لشهوة ، ولا لحبّ كما يدّعون . وكان الزواج في حياة الرسول صلى اللّه عليه وسلم إما لأسباب اجتماعية كزواجه من سودة ، وحفصة ، وإما لأسباب سياسية كزواجه من صفية اليهودية ، وجويرية بنت الحارث ، وأم حبيبة .
والآية حسمت هذه المسألة وبيّنت أن المودة المطلوبة هي المصاهرة . فلما علم أهل مكة أن المسلمين ينوون غزو مدينتهم ، أرادوا أن يرسلوا إلى الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، ولم يكن هناك من يتوسط لهم لديه إلا حماه أبو سفيان ، واختاره المشركون لهذه المهمة ، لعله يفلح أن يوسّط ابنته لدى زوجها ، ودخل أبو سفيان بيتها وتوجه ناحية سرير رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يريد أن يجلس عليه ، فطوته دونه ، فسألها : أرغبت يا بنية بهذا الفراش عنى ، أم رغبت بي عن الفراش ؟
فما كان منها إلا أن أجابته : بل هو فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأنت امرؤ مشرك نجس فلم أشأ أن تجلس عليه ! فأجابها الأب بغيظ : لقد أصابك يا بنية بعدى شرّ ! ثم انصرف مغضبا .
ولم يكن زواج ابنته من محمد صلى اللّه عليه وسلم شرا ، ولا كان الإسلام الذي اعتنقته ، ولكنهما كانا خيرا عاد على أبي سفيان والقرشيين جميعا ، وأهل مكة كلهم ، وما كانوا يعلمون .
فلما دخل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم مكة والتقى أبا سفيان وأهله مسالمين ، أكرمه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم فقال : « من دخل دار أبي سفيان فهو آمن » ( الحديث ) ، ووقف أبو سفيان يستعرض كتائب المسلمين ويقول للعباس : ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة ! واللّه يا أبا الفضل ، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما !
وردّ عليه العباس : إنها النبوة يا أبا سفيان ! - ولقد كانت النبوة هي دافعه صلى اللّه عليه وسلم إلى كل ما صنع ، وما تزوج من تزوج عن رغبة ، أو شهوة ، وإنما ترسيخ منه للإسلام ، واستمالة للقلوب ، وتأليف للقبائل ، واستتباب للأمن ، وإعزاز للمسلمين ، وذلك هو ردّنا على المستشرقين والعلمانيين وأهل الكتاب من أصحاب الجدل .
وأما ما كان من أم حبيبة فما كان هناك شئ يرشحها زوجة لنبىّ ، فلم تحدّث عن النّبىّ صلى اللّه عليه وسلم إلا ثلاثة وعشرين حديثا ، وكانت تتعالى على زوجاته وخاصة عائشة ، يدفعها لذلك أنها ابنة أبي سفيان ، وكانت وراء عفو النبىّ صلى اللّه عليه وسلم عن أبيها ، وقرّبت أخاها معاوية كاتبا للرسول صلى اللّه عليه وسلم .
والحادية عشرة من زوجاته كانت ميمونة بنت الحارث ، وهذه أرغى أعداء الإسلام فيها وأزبدوا ، فقالوا إنها التي وهبت نفسها للنّبيّ صلى اللّه عليه وسلم ، والتي نزل فيها قول اللّه تعالى :وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ( 50 ) ( الأحزاب ) ،
وهو تفسير المرجفين ، فلما قيل لعمرة بنت عبد الرحمن . إن ميمونة وهبت نفسها لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، أجابت : تزوجها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، على مهر خمسمائة درهم ، وولى نكاحه إياها العباس بن عبد المطلب » .
والعباس هو زوج شقيقتها الكبرى أم الفضل ، أولى النساء إيمانا بعد خديجة ، وأخواتها من الأم : زينب بنت خزيمة زوجة رسول اللّه التي ماتت عنده ، وهي المشهورة بأم المساكين ، وأسماء بنت عميس التي تزوجت جعفر بن أبي طالب ، فلما مات عنها تزوجها أبو بكر ، فلما مات عنها تزوجها علىّ بن أبي طالب ، وسلمى بنت عميس زوج حمزة بن أبي طالب ، وكانت لها أختان أخريان ، والأخوات الخمس كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يطلق عليهن اسم « الأخوات المؤمنات » .
فما كان من المعقول أن تكون ميمونة إذن من اللاتي وهبن أنفسهن : وقد وصفت عائشة اللاتي وهبن أنفسهن فقالت : ألا تستحى المرأة أن تهب نفسها ؟ وفي رواية قالت : أتهب المرأة نفسها ؟
وعن ابن أبي حاتم قال : إن التي وهبت نفسها « خولة بنت حكيم » . وعن عروة قال : كنا نتحدث أن خولة بنت حكيم كانت قد وهبت نفسها لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم » .
والحق أن اللاتي وهبن أنفسهن كثيرات ، وقد نفى ابن العباس أن يكون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد قبل واحدة منهن ، وقال : لم يكن عنده امرأة واحدة وهبت نفسها له » .
وميمونة كانت من العابدات ، ومع ذلك حاول المرجفون مرة أخرى أن ينسبوا لها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ بها وهو محرم ، والثابت - قبّحهم اللّه - أنه خطبها حلالا ، وبنى بها بسرف حلالا . ثم حاولوا أن يطعنوا في خلقها ، فقالوا إن النبىّ تأخر في ليلة من الليالي فجاء إلى بيتها في ليلتها ، فوجدها قد أغلقت الباب دونه ! ورفضت أن تفتح له !
فقال لها : « أقسمت إلا فتحته لي ! » فقالت : تذهب إلى أزواجك في ليلتي هذه ؟ ! قال : ما فعلت ، ولكن وجدت حفنا من بولي ! » - ( أي حبسا في البول ) ، مع أن ميمونة هذه بعد وفاة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وكان عمرها تسعا وعشرين سنة ، ولم تعاشر الرسول صلى اللّه عليه وسلم إلا ثلاث سنوات فقط ، أبت إلا أن تتبتل ، وحلقت رأسها !
وحدّثت عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، ولها في كتب الحديث نحو الخمسين حديثا ، وماتت وعمرها سبعون سنة ، فلما دفنوها كان رأسها مجمما ! أي أملسا . وكانت أوصت ابن العباس أن يدفنها بسرف ، في المكان الذي تزوجت فيه الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، إجلالا للمكان ، ولذكرى زواجها من المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ، فحملها ابن عباس من مكة إلى سرف ودفنها كوصيتها !
وبعد . . . فلقد كانت هذه أخبار زوجات النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، الإحدى عشرة ، التي قيل إنهن كن زوجاته ، اثنتان توفيتا في حياته ، ومات هو عن تسع كما قيل ، ولقد رأينا أنه من كل هؤلاء لم تكن له زوجة إلا خديجة التي توفيت ولم يتزوج عليها طيلة حياته ، ثم كانت عائشة ، وهذه هي الزوجة فعلا ، فقد تعلّمت عليه ، وأخذت عنه الفقه ، واشتغلت بالدعوة ، وجاهدت ، وغزت معه ، ونصبها حوارية له ، فكانت الداعية إلى الإسلام ، والمؤرّخة ، والمحدّثة والمفسّرة للقرآن ، والرسول صلى اللّه عليه وسلم بعائشة أوحد الزوجة ، فإن توسّعنا في معنى الزوجية ، فمن الممكن إدراج حفصة ، وأم سلمة ، وزينب بنت جحش مع عائشة ، فهؤلاء أربع طبقا للشرع ، وهؤلاء اللاتي آواهن ، وأما غيرهن فقد أرجاهن ، ولم يقسم لهن كغيرهن .
وأما ريحانة اليهودية ومارية القبطية فكانتا ملك يمين . وأما من حطبهن ، مثل الكلابية ، والكندية ، وأم شريك ، وبنت الهذيل ، والجندعية ، والغفارية ، وبنت عامر ، وبنت بشامة ، وبنت الخطيم ، فهؤلاء لم يدخل عليهن . وأما خولة بنت حكيم فهذه وهبت له نفسها فزوّجها عثمان بن مظعون .
وما كان الرسول صلى اللّه عليه وسلم يحب النساء كالحديث المزعوم عن أنس ، وما كان يهمه إلا الدعوة إلى اللّه ، وأن يدخل الناس في الإسلام ، وأما المستشرقون ومزاعمهم فسيظل ذلك دأبهم ، ولن يتوقفوا عن اللغط في سيرته صلى اللّه عليه وسلم وسيرة زوجاته ما داموا يستهدفون الإسلام ، وحسبنا اللّه !

  * * *

248 . ردّ القرآن على فرية أنه مزواج

حسد اليهود العرب أن تكون فيهم نبوة ، وحسدوا النبىّ صلى اللّه عليه وسلم على القرآن والحديث ، وحسدوه على ما أحلّ اللّه له من النساء ، فردّ عليهم اللّه حسدهم ، فقال :أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ( 54 ) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً( 55 ) ( النساء ) ،
يعنى أن الملك والكتاب كانا فيهم فلم يحسدهم أحد ، وكان ملك داود وسليمان مضرب الأمثال ، وكانت لإبراهيم وداود ، وسليمان ، كثرة من النساء ، وبلغ عددهن عند سليمان : ألف امرأة :
ثلاثمائة مهرية ( يعنى بمهر ) ، وسبعمائة سرّية ؛ وعند داود مائة امرأة ، وعند إبراهيم ثلاث ، وعند يعقوب أربع ، فهل فعل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إلا ما فعل هؤلاء ؟
وكان اليهود ، ومن بعدهم المستشرقون من اليهود والنصارى ، يعيبون على النبىّ زواجه من تسعة ، وحجّتهم : لو كان نبيا ، ما رغب في كثرة النساء ، ولشغلته النبوة عن ذلك ؟
وما يقدمونه من تبريرات لزواج داود وسليمان هي نفسها تبريرات زواجه صلى اللّه عليه وسلم ، ولكنهم يقبلون مبررات زواج داود وسليمان وحتى إبراهيم ، ولا يقبلون نفس التبريرات للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم .
قالوا : إن هؤلاء - يقصدون إبراهيم وداود وسليمان - أرادوا بالزواج المصاهرة وكثرة العشيرة ، فكل امرأة يتزوجونها لها قبيلتان ، واحدة عن طريق الأب ، وواحدة عن طريق الأم ، فكلما تزوّج أىّ منهم امرأة توجهت قبائلها إليه ، وكانوا له عونا على أعدائه . فلما ذا يصحّ ذلك مع أنبيائهم ولا يصحّ مع نبيّنا ؟ !
والذي حدث أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان في بعض زيجاته يتألّف أعداءه ، وفي بعضها كان يأوى المسلمات المترملات باستشهاد أزواجهن وهم أصحابه . والآيتان السابقتان الآن لا تنصرف معانيهما إلا إلى ما تعظان به عموما من النهى عن الحسد .

  * * *

249 . أغلب الرسل لهم أزواج وذرية

عاب اليهود على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم الزواج بأكثر من واحدة ، وعيّروه بذلك ، وقالوا : ما نرى لهذا الرجل همة إلا النساء والنكاح ، ولو كان نبيا لشغله أمر النبوة عن النساء ، فأنزل اللّه الآية :وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ( 38 ) ( الرعد ) ،
أي أنه تعالى جعل رسله بشرا يقضون ما أحل اللّه ، وإنما الفرق بين الرسل والبشر أنه تعالى خصّ الرسل بالوحي . والآية ترغّب في النكاح وتحضّ عليه ، وتنهى عن التبتل وهو ترك النكاح ، والسنّة واردة في معنى الآية : قال صلى اللّه عليه وسلم : « تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم » ، وقال : « من تزوج فقد استكمل نصف الدين ، فليتق اللّه في النصف الثاني » ، وقال : « تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم » .

  * * *
 250 . نساؤه هن أهل بيته ولسن كأحد من النساء
في الآيات :يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً ( 32 ) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ( 33 ) وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً( 34 ) ( الأحزاب )
تقرير بأن نساء النبىّ صلى اللّه عليه وسلم هن أهل بيت النبوة ، وهن زوجاته المقصودات بقوله صلى اللّه عليه وسلم : « وأهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي » ، قاله مرتين ، يوصى بهن . وفي قوله تعالى :لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِفيه إفراد لهن على النساء جميعا منزلة وشرفا وفضلا ، وقوله :إِنِ اتَّقَيْتُنَّ، ليس شرطا تتوقف عليه هذه الرفعة في المنزلة والشرف والفضل ، فهن بالفعل لسن كأحد من النساء ، يعنى لا يشبههن أحد ، باعتبار تقواهن قولا وفعلا ، والتقوى هي التي تفاضل بين العربي والأعجمى ، فلا يتميز هذا عن ذاك إلا بها ، وكذلك فضل بيت النبوة ، لأنه البيت المؤسس على التقوى ، وأهله لهن الآداب المرعية والتعاليم المقضية ، فهن لا يخضعن في القول بما يطمع فيهن من في قلبه دغل ، ومن يتشوف الفجور ويتطلّع للفسق والغزل .
وقوله كَأَحَدٍ فيه نفى من المذكر والمؤنث ، والواحد والجمع ، فهن بلا ضريب في الآداب ، مما يجعلهن مثلا يحتذى ، وقدوة تقتدى ، فإذا تكلمن لا يقلن تهريفا ولا ينطقن هذرا ، وحديثهن هو الحديث الجزل ، وكلامهن هو الفصل ، لأن المرجعية فيه للسنّة ، ومداره الشروح على القرآن ، وحياتهن لذلك جدّ لا هزل فيه ، فواجباتهن جسام ؛ وكانت عائشة تؤم المسلمات ، وتؤذّن للصلاة ، وتفسّر القرآن وتعلّم الحديث ؛ وكذلك كانت أم سلمة ؛ وكانت زوجاته إما مصليات ، أو صائمات ، أو ذاكرات قانتات ،
وفي قوله تعالى :وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولىتنبيه إلى أنه ما كان قبل الإسلام كان جاهلية ، وذلك معنى وصفها بالأولى ، أي السابقة على نزول القرآن ، والتبرّج هو أن تظهر المرأة زينتها للأجانب ، ويسمونه في علم النفس الاستعراضية وحب الظهور ، والمرأة الاستعراضية هي المتبرجة ، تعرض محاسنها على المتطلّعين والمتنظّرين ، تلفت إليها انتباههم لحاجة مرضية في نفسها ، ولذلك وعظ اللّه المؤمنات ونساءه صلى اللّه عليه وسلم خصوصا ، أن ينأين بأنفسهن عن ذلك ، والخروج للمرأة مشروط بالتستّر ، وأن لا يكون تبذّلا ، والنساء عفائف ، ونساء النبىّ صلى اللّه عليه وسلم خصوصا عليهن واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فهن المعلّمات المصلحات بما حباهن اللّه من مصاحبة للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، واستماع دائم لتلاوة القرآن ،
وأقواله صلى اللّه عليه وسلم في الدين . ويذكر التاريخ أن عائشة أم المؤمنين كان بيتها مدرسة للعلم ، ومنتدى أدبيا تلقى فيه الحكمة ، ويتذاكر التاريخ ، ولما خرجت إلى العراق ، ما دفعها إلى ذلك إلا لتصلح بين الناس ، وتردّ الرعاع ، وتطالب بدم عثمان ممن قتلوه ، وكان أهل المظالم قد تعلّقوا بها ، وشكوا إليها ما صاروا إليه من فتنة عظمى ، وما آل إليه الحال من تهارج الخصماء ، ورجا الناس بركتها ، وطمعوا في الاستحياء منها ، فخرجت مقتوية بقوله تعالى :لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً( 114 ) ( النساء ) ،
وبقوله تعالى وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما( 9 ) ( الحجرات ) ،
والأمر بالإصلاح مخاطب به الناس جميعا من ذكر وأنثى ، وعائشة ، بل وزوجاته جميعا صلى اللّه عليه وسلم ، كن يجتهدن ويتأوّلن القرآن والسنّة ، وهو ما ينبغي على كل مسلمة ، وإنما الخروج من البيت لا يكون إلا برّا ، وتقوى ، وجهادا ، وسعيا وراء لقمة العيش ، وتحصيلا للعلم ، وأمرا بمعروف أو نهيا عن منكر ، وبمثل ذلك التحرّج فضلت نساء النبىّ صلى اللّه عليه وسلم على نساء العالمين ، فأذهب اللّه عنهن الرجس - وهو كل قول أو عمل قبيح ، وطهّرهن تطهيرا ،
وكانت بيوتهن طاهرة بما يتلى فيها من آيات اللّه ، فذكّرهن بها مخاطبة ، فقال :وَاذْكُرْنَعلى جهة الموعظة ، وتعديد النعمة بما يتلى في بيوتهن من آيات اللّه ، وما يقال فيها من أحاديث رسوله صلى اللّه عليه وسلم ، وهي المقصودة بالحكمة ، فكان عليهن أن يشكرن اللّه ويحمدنه ، وهو اللطيف الذي لطف بهن ، وخصّهن بكل هذا الفضل ، وكان خبيرا بهن ، فاختارهن لرسوله أزواجا ،
واستحققن بذلك أن يقول فيهن كل مسلم وهو يسلّم في صلاته : « اللّهم صلّ وسلّم وبارك على محمد وعلى آل محمد » ، وآله هم أهل بيته ، وهم أزواجه صلى اللّه عليه وسلم .

  * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 14:57 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 251 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

251 . أهل بيت الرجل هن نساؤه

في سورة هود حيّت الملائكة سارة زوجة إبراهيم ، فقالوا :رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ( 73 ) ( هود ) فدلّت السورة على أن زوجة الرجل أو زوجاته هن أهل بيته ، كما دلت على أن أزواج الأنبياء هن أهل البيت ، ومن ثم كانت السيدة عائشة وغيرها من زوجات النبي صلى اللّه عليه وسلم هن أهل بيته ، ممن خاطبهن بقوله تعالى :يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً( 32 ) ( الأحزاب )
وقوله وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً( 33 ) ( الأحزاب ) إلى قولهوَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً( 34 ) ( الأحزاب ) ،
وكلها آيات تثبت : أن أهل البيت هم نساء النبىّ لا غير .

  * * *

252 . هل تزوج خديجة قسرا عن أهلها وخداعا لهم ؟

رواة الإسرائيليات ، الذين يتخرّصون على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم حتى صارت تخرّصاتهم مؤلفات وكتبا ، روّجوا تشنيعات اليهود ومن لفّ لفّهم وادّعوا : أن خديجة بنت خويلد زوجة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم تآمرت مع أختها على التدليس على عمها كي تتزوج من محمد الفقير المعدم ، الذي لا يكافئها يسارا ومكانة ، وأنها سقت أباها خمرا حتى فعلت فعلها فيه ، فجعلته يدعو محمدا وزوّجه منها ، وأن محمدا سنّ على الشيخ حلّة ، فلما صحا من سكره قال : ما هذه الحلّة ؟

قالت خديجة وأختها : كساكها ختنك محمد ( أي زوج ابنتك ) !
فغضب أبوها ، وأخذ السلاح ، وانتصر بنو هاشم لمحمد وأخذوا السلاح بدورهم ، وقالوا لآل خديجة : ما كانت لنا فيكم رغبة ! ثم اصطلحوا بعد ذلك ! ! !
وهذه الرواية اخترعها أوباش مكة لما بدأ النبىّ صلى اللّه عليه وسلم دعوته في السنة الثالثة عشر قبل الهجرة ، أي بعد زواجه من خديجة بخمس عشرة سنة ! وروّج لها سفهاء المشركين ، وأشاعها يهود المدينة من بعد ، وبثّها المفسّرون والمؤرخون في مؤلفاتهم ! .
وللأسف منهم الكثير من المسلمين ! وقالوا في رواية أخرى : إن خديجة سقت أباها الخمر حتى ثمل ، ونحرت بقرة ، وخلّقته بخلوق ، وألبسته حلّة حبرة ( والخلوق هو الطيب ، والحبرة هي البردة الموشاة ) ، فلما صحا قال : ما هذا العقير ؟ وما هذا العبير ؟ وما هذا الحبير ؟
( والعقير : متاع البيت ، والعبير : الطّيب ، والحبير : الجديد من الملابس ) فقالت خديجة : زوّجتنى محمدا ! قال منزعجا ينفى ذلك بشدة : ما فعلت ! أنا أفعل هذا وقد خطبك أكابر قريش فلم أفعل ؟ !
والروايتان محض افتراء وغلط وو هل ، والثابت المحفوظ عند أهل العلم : أن أباها خويلد بن أسد مات قبل حرب الفجّار ! ! وأن عمها عمرو بن أسد هو الذي زوجها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ! ! !

وإزاء بطلان هاتين الروايتين نزع الوشاة الحاقدون من أهل الكتاب والمشركين ، ومن بعدهم المستشرقون من اليهود والنصارى ، ومن المسلمين أنفسهم أصحاب الدعوات العلمانية الليبرالية ، إلى رواية يطعنون بها زواج النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، ويصنعون منه ومن خديجة قصة ، أظهروا فيها النبىّ صلى اللّه عليه وسلم مخادعا يدبّر الزواج من أرملة ثرية ، وصوّروا خديجة امرأة تبحث عن المتعة لدى شاب يصغرها سنا . وقالوا : إن عمّ خديجة عمرو بن أسد الذي زوّجها ، كان يومئذ شيخا كبيرا لا يدرى ، ولم يكن له أولاد يدفعون عنه ، وأن خديجة ومحمد صلى اللّه عليه وسلم خدعاه ، وأحضراه العرس وهو لا يفهم ولا يعى ! ! . . . هكذا ! ! !
فذلك ما افتأتوا به على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وعلى خديجة في زواجهما ، وردّده من قريب ذلك المستشرق اليهودي رودنسون ، وتقرر كتابه في الجامعة الأمريكية باسم حرية البحث ، ووزّعت منشورات عن ذلك في مصر يتقوّلون فيها نفس المقالة ، وما كانت سيرة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إلا امتثال القرآن ، ولو فرضنا ما افترضوا أن القرآن من وضعه ، فلا بد أن يكون نتاج طبعه الجبلّى ، وقد تصوّره بسجيته وخلقه كما تعلمنا في علم النفس وفي التحليل النفسي ، وليس في القرآن إلا الحقّ والخير والجمال والعدل ، وهو حىّ يشهد له لا عليه ، وجميعه مواقف ، ومن دأبها أن تكشف عن باطن أصحابها ، ومكنون صدورهم ، والمكبوت من مشاعرهم وأحاسيسهم ، والدفين من مواجيدهم ، وما تكشّف من مواقف القرآن من شخصية الرسول صلى اللّه عليه وسلم هو الحياء الشديد وكريم المحتد ، والحلم والصفح ، والشجاعة ، وميله الغالب إلى المسالمة والسلام ، ويشهد له المحيطون به والذين عملوا معه ، فما قال لأنس بن مالك ، خلال عشر سنوات خدمه فيها : أفّ قط ؛ ولا قال لشئ فعله لم فعلته ؟
ولا لشئ لم يفعله ألا تفعله ؟ وشهدت زوجاته أنه ما شتم إحداهن يوما ، ولا لعنها ، ولا ضربها ، وما ضرب خادما ولا امرأة ، ولا ضرب بيده شيئا قطّ ، إلا أن يجاهد في سبيل اللّه ، ولا خيّر بين شيئين إلا كان أحبّهما إليه أيسرهما ، إلا أن يكون إثما ، ولا انتقم من شئ يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات اللّه .
وأما خديجة : فكانت امرأة حازمة ، وجلدة ، وشريفة ، فلما تزوجته كان اختيارها صائبا ، ودللت على رجاحة عقل ، ووعت عنه طبعه وميوله ، واكتشفت أنه ينشد الوحدة أحيانا ، ويروم التأمل ، فهيأت له أسباب ذلك ، وكانت تعدّه لرحلته إلى حراء يتحنّث فيه الليالي ، وكان نزول الوحي عليه حدثا وأي حدث ، فخشى أن يكون قد أصيب في عقله وتشتتت نفسه ، فطمأنته ، لعلمها عنه ، وقالت مقالتها الشهيرة : إن اللّه لا يفعل بك ذلك يا ابن عبد اللّه !
إنك تصدق الحديث ، وتؤدى الأمانة ، وتصل الرحم . - ولما اضطهده أهل مكة ، ما تركته يجاهد وحده ، وشاركته فيما يعاني ، وظلت وفية صادقة ، وكلما شهدته يتألم ، فيسألها وبه خشية أن يكون على غير الحق ، فتقول له - تستحثه وتشجعه وتصبّره : لم يكن اللّه ليفعل بك ذلك يا ابن عبد اللّه !
فهل مثل هذين يمكن أن يخادعا ويصانعا ويمكرا ويحتالا كما تقول الرواية الإسرائيلية ؟

والعقول خلقها اللّه أجهزة أعدّها لنوعيات من الإنتاج يناسبها ، والعقلية والمزاج النفسي ونمط شخصية الرسول صلى اللّه عليه وسلم لم يكن منها المخادعة على ما رووا ، فمثل ذلك أليق بالعقلية اليهودية ، وفي سفر التكوين حكاية مشابهة يرويها عزرا كاتب التوراة في الفصل العشرين ، عن ابنتي لوط ، فقد أسكرا أباهما وضاجعتاه ، فذلك الشيء إذن من التراث اليهودي وليس من التراث العربي ، وهو دليل أي دليل ، على أن مخترع القصة عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يهودي ، يستحضر لا شعوره الجمعي ، ويكشفه هذا المكبوت فيه فيما يتقوّل ويختلق من قصص وروايات ، فيكاد المريب يقول خذونى !
  * * *

253 . هل طلق زينب من زوجها ليتزوجها ؟ وهل كانت بينه وبينها قصة حب ؟ !

كلام المستشرقين في قصة زواج النبىّ صلى اللّه عليه وسلم من زينب كثير ، ومؤلفاتهم حول هذا الموضوع بالعشرات ، بدءا من القرن السادس عشر وحتى الآن ! ولم يتفقوا فيما بينهم في شئ بقدر اتفاقهم في هذا الموضوع بالذات ، فكان زواجه من زينب تكأتهم في الطعن على نبىّ الإسلام ، والاستدلال بذلك على كذب نبوّته ، فقد ورد في القرآن في آية تحريم المحارم من النسب والصهر والرضاع ، أن الأب يحرم عليه أن يتزوج مطلقة ابنه ، بقوله تعالى :وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً( 23 ) ( النساء ) ،
ولكن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم تزوج امرأة زيد بن حارثة ، المعروف بأنه ابنه ، واشتهر باسم زيد بن محمد ، ويقول عطاء في تفسير الآية : كنا نحدّث أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لما نكح امرأة زيد ، قال المشركون بمكة في ذلك ، فأنزل اللّه عزّ وجل :وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْوكان يقال لزيد أنه « زيد بن محمد » ، والصحيح أن زيدا لم يكن ابنه على الحقيقة ، ولكنه بالتبني ، فنزلت الآية :وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ( 4 ) ( الأحزاب ) ، والآية :لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا( 37 ) ( الأحزاب ) .
والأدعياء جمع دعىّ ، وهو الملتحق بنسب غيره ، فاشترط للتحريم : أن يكون الابن من الصلب وليس بالتبني ، وبذلك ينتفى ركن اتهامه صلى اللّه عليه وسلم بأنه انتهك التحريم ، ويتأكد هذا الانتفاء بالآية :ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً( 38 ) ( الأحزاب ) .
ومعنى سُنَّةَ اللَّهِ أي حكمه تعالى فيمن سبقه من الأنبياء ، فما كان اللّه تعالى يأمرهم بشيء وعليهم في ذلك حرج ، وهو ردّ على من توهم من المنافقين نقصا في تزويجه امرأة زيد ، مولاه ودعيّه الذي كان قد تبنّاه ، وفي ذلك يقول اللّه تعالى :ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً( 40 ) ( الأحزاب ) ،
فنهى أن يقال بعد ذلك عن زيد أنه « زيد بن محمد » ، فهو ليس أباه وإن كان قد تبنّاه ، ولم يحدث أن عاش للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ولد ذكر حتى بلغ الحلم ، فأولاده الذكور من خديجة ماتوا صغارا ، وابنه من مارية القبطية ( أي المصرية ) مات رضيعا .
ولما حرم زيد من شرف أن يقال عليه ابن محمد عوّضه اللّه أن ذكر اسمه في القرآن ، وصار يتلى اسمه في المحاريب ، ونوّه به غاية التنويه ، فكان في هذا تأنيس له .
والإنعام الذي أنعم به الرسول صلى اللّه عليه وسلم على زيد بن حارثة كما في الآية هو أنه أعتقه من الرّق ، فعند ما كان زيد طفلا يفعة قد أوصف ، أغارت خيل لبنى القين بن جسر في الجاهلية على أبيات بنى معن من طىء ، وكان زيد وأمه عندهم في زيارة لقومها ، فاحتملوه ، ووافوا به سوق عكاظ ، فباعوه لحساب خديجة بنت خويلد ، فلما تزوّجها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهبته زيدا ، فنشأ في كنف النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وكان بينهما عشر سنوات ، وأحبه الرسول صلى اللّه عليه وسلم لما فيه من خصال طيبة ، حتى كان يكنيه « الحبّ » ، ويكنّى ابنه أسامة : « الحبّ ابن الحبّ » ،
وقالت فيه عائشة : ما بعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سرية إلا أمره عليهم ، ولو عاش بعده لاستخلفه .
وخطب الرسول صلى اللّه عليه وسلم لزيد زينب بنت جحش ، ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب ، وكانت قد هاجرت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة ، وهنا يبدأ الاختلاف في الروايات حول بعض الآيات ، وكلها روايات من الإسرائيليات التي دلّسها اليهود على رواة المسلمين الأوائل ، أو أن هؤلاء الرواة أخذوا هذه التفسيرات مباشرة من اليهود ، من أمثال كعب الأحبار ، وابن سلام ، وابن منبّه ، والذين نقلوا هذه الروايات عن السلف نقلوها من غير منهج ، وبلا تمحيص ولا مناقشة ، ويبدو أن طريقتهم كانت تعتمد أساسا على سرد كل الروايات ، وللقارئ أن يأخذ بها أو يرفضها ، غير أن بعضهم كانت تفسيراته منكرة ، وعرف عنه الكذب ! !
وفي رواية ابن عباس عن الآية :وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً( 36 ) ( الأحزاب ) :
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطب زينب لزيد بن حارثة فاستنكفت منه ، وقالت : أنا خير منه حسبا ، وكانت امرأة فيها حدّة ، فأنزل اللّه تعالى الآية - يعنى أنها رفضت الخطبة ، وبحدّة ، واستنكرتها .
ومع ذلك ففي تفسير الآية السابقة روايات أخرى تختلف تماما عن الرواية السابقة ، فعبد الرحمن بن أسلم قال فيها : نزلت الآية في أم كلثوم بنت عقبة بن معيط ، وكانت أول من هاجر من النساء ، فوهبت نفسها للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، فقبل ذلك منها ، وزوّجها لزيد بن حارثة بعد فراقه زينب ، فسخطت هي وأخوها ، وقالا : إنما أردنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فزوّجنا عبده ! ! فنزلت الآية .
وفي رواية أخرى عن أنس : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم خطب امرأة لصحابىّ يقال له جلبيب ، فلم يردّ عليه أبوها ، وذهب يستشير زوجته وابنته ، فأما زوجته فعابت على هذا الاختيار - وقالت : ما وجد إلا جلبيبا وقد منعناها من فلان وفلان ؟ !
والابنة في خدرها تسمع ، وانطلق الأب يريد أن يخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقالت الابنة : أتريدون أن تردّوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم توصيته بصاحبه ؟ إن كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد رضى صاحبه لكم فأنكحوه . فنزلت هذه الآية .
وفي رواية أخرى : أن ابن عباس قال في هذه الآية : إنها عامة في جميع الأمور ، فإذا حكم الرسول صلى اللّه عليه وسلم بشيء ، فليس لأحد من مخالفته ، ولا اختيار لأحد هاهنا ، ولا رأى ولا قول .
وهذا الرأي الأخير في أسباب نزول الآية هو الأصحّ ، والقول بغير ذلك طعن في النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وهو الذي قضى بأن يؤخذ رأى المرأة في زواجها ، وأن لا تكره على زواج لا ترضاه ! ؟
وأما الآية :وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا( 37 ) ( الأحزاب )
فهي الأخرى تعرضت لمختلف التفاسير من الإسرائيليات ، مع أن المراد بها واضح تماما . وفي رواية ابن كثير : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زوّج زيدا بابنة عمته زينب ، وأصدقها عشرة دنانير وستين درهما ، وخمارا وملحفة ودرعا ، فمكثت عنده قريبا من سنة أو فوقها ، ثم وقع بينهما ، فجاء زيد يشكوها إلى رسول اللّه ، فجعل يقول له :
« أمسك عليك زوجك واتق اللّه » .
وأما قوله تعالىوَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ، ففي رواية ابن أبي حاتم عن علىّ بن الحسين : أن اللّه تعالى قد أعلم نبيّه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها ! فلما أتاه زيد يشكوها قال له : « أمسك عليك زوجك » ، - والرواية كما ترى ، أخفّ الروايات وطأة ، ومن الميثولوجيا الدينية .
وعند ابن جرير أن الوطر في الآية هو الحاجة وقيل هو الزواج ، وقيل هو الجماع ، والمعنى عموما أن زيدا لمّا تزوجها زيد وفشل زواجهما وفارقها ، أمرناك بالزواج منها بعد انقضاء عدّتها .
وفي رواية أنس غير ذلك ، فقد ذكر أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لمّا طلقها زيد ، طلب منه أن يذهب إليها ويذكرها عليه - أي على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وقد ولى زيد تزويجها منه ! ويذكر أنس شيئا عجيبا ، يقول : إنه لما ذهب إليها كانت تخمّر عجينا ، فلما رآها عظمت في صدره حتى ما يستطيع أن ينظر إليها ! فولّاها ظهره ونكص على عقبيه ، وقال لها : يا زينب أبشرى ، أرسلني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يذكرك .
قالت زينب : ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤمر أو أوامر ربّى عزّ وجل ( يعنى تصلى للّه تستخيره في هذا الزواج ) ، فقامت إلى مسجدها ، ونزل القرآن . وأطعم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الخبز واللحم احتفالا لأول مرة بزواج له . ولما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنسا يلازمه كظله ألقى الستر بينهما ، ونزلت آية الحجاب :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً( 53 ) ( الأحزاب ) ،
ووعظ الناس الذين ظلوا في البيت بعد الوليمة بالآيةلا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ( الأحزاب ) .
وفي رواية الزمخشري قال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبصرها بعد ما أنكحها زيدا ، فوقعت في نفسه ، فقال : « سبحان اللّه مقلب القلوب » ! ! ويبرر الزمخشري قوله ذلك بأنه كان قبل ذلك يجفو عنها ولا يريدها !
ويستطرد الزمخشري : وسمعت زينب تسبيحته - أي قوله سبحان اللّه - فذكرتها لزيد ، ففطن وألقى اللّه في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول اللّه ! وقال مثل ذلك الثعلبي ، والنسفي ، والجلال المحلى وغيرهم !
وروى القرطبي عن مقاتل : أن زينب تزوجت من زيد فمكثت عنده حينا ، ثم إنه صلى اللّه عليه وسلم أتى زيدا يوما يطلبه ، فأبصر زينب قائمة ، وكانت بيضاء ، جميلة ، جسيمة ، من أتم نساء قريش ! ! فهويها ، وقال : « سبحان اللّه مقلب القلوب » ! فسمعت زينب التسبيحة ، فذكرتها لزيد ، ففطن زيد ، فاستأذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في طلاقها ، وذكر أسباب ذلك فقال : إن فيها كبرا وتتعظّم علىّ ، وتؤذيني بلسانها ، فقال النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : أمسك عليك زوجك واتق اللّه .
وقيل : إن اللّه بعث ريحا فرفعت الستر وزينب متفضّلة في منزلها - ( أي في ملابس البيت ) !
فرأى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم زينب ، فوقعت في نفسه ! ووقع في نفس زينب أنها وقعت في نفس النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وذلك لما جاء يطلب زيدا ، فلمّا جاء زيد أخبرته ، فوقع في نفسه أن يطلقها .
وإذن فقوله تعالى :وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِهو الحب لها ! !
وفي رواية ابن سعد : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم جاء يطلب زيدا لأمر ، فجاء منزله فلم يجده ، وقامت إليه زينب عجلى فضلا ( يعنى في ملابس البيت ) ، تريد أن تلبس لمّا قيل لها رسول اللّه ، وأعرض عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأجابت : أن زيدا ليس هنا وطلبت إليه أن يدخل ، ولكنه ولّى وهو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه ، ربما كان : سبحان اللّه العظيم ! سبحان مصرّف القلوب !
فجاء زيد إلى منزله ، وأخبرته زوجته ، وسألها : ألا قلت له أن يدخل ؟ قالت : أبى .
وقالت سمعته حين ولّى يتكلم بكلام لا أفهمه ، يقول : سبحان اللّه العظيم ! سبحان مصرّف القلوب ! فذهب إليه زيد فقال : يا رسول اللّه ! بلغني أنك جئت منزلي ، فهلا دخلت ؟ بأبى أنت وأمي يا رسول اللّه ! لعل زينب أعجبتك فأفارقها ؟ فقال له : أمسك عليك زوجك واتق اللّه .
قيل : فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك اليوم ( يعنى لم يقربها ) ، واعتزلها ثم فارقها ، وحلّت ( يعنى انقضت عدتها ) ، وقيل : فبينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتحدث مع عائشة ، أخذته غشية ، فلما سرى عنه ، ابتسم وقال : من يذهب إلى زينب يبشّرها أن اللّه زوّجنيها من السماء ؟ وتلا الآية .
فكانت زينب تفخر على سائر زوجاته بأن زواجها كان من السماء ، وقالوا : لما أعلمه اللّه بذلك دخل عليها بغير إذن ، ولا تجديد عقد ، ولا صداق ، وهذا من خصوصياته ! ! وكما ترى أن الرواية متهافتة ، ولا يمكن أن يحلل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم حراما ، ولا ينقض القرآن بسلوكه .
وفي روايات لقتادة ، وابن عباس ومجاهد : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطب زينب بنت جحش ، وكانت بنت عمته ، فظنت أن الخطبة لنفسه ، فلما تبين أنه يريدها لزيد ، كرهت وأبت وامتنعت .
فنزلت الآية :وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً( 36 ) ( الأحزاب ) ،
فأذعنت وتزوجته ، وفي رواية : فامتنعت وامتنع أخوها عبد اللّه ، لنسبها من قريش ، وقال : أن زيدا كان بالأمس عبدا . . . إلى أن نزلت هذه الآية . ونسب المدّعون إلى عائشة أنها قالت : إن آية :وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ليس أشدّ على الرسول صلى اللّه عليه وسلم منها » ! ! !
يعنى أن الرواية التي يتقولونها صحيحة ، ونزلت قرآنا ، ولم يكتمه الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وقالوا : إن زيدا لمّا سمع من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أوى إلى فراشه ، وقالت زينب : ولم يستطعنى زيد - يعنى أنه لم يستطع أن يأتيها بعد ما عرف من رغبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيها ! ! وقالت : ما أمتنع منه غير ما منعه اللّه منى ، فلا يقدر علىّ .
وفي بعض الروايات : أن زيدا تورم ذلك منه حين أراد أن يقربها - يعنى أغضبه أن يعجز عن إتيانها ، ولذلك فإنه توجّه من بعد إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، يشكو إليه زينب تؤذيه بلسانها وتفعل وتفعل ، وأنه يريد طلاقها ! !
وفي رواية القرطبي : أن قتادة وجماعة من المفسّرين ، ومنهم الطبري وغيره ، ذهبوا إلى أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وقع منه استحسان لزينب وهي في عصمة زيد ، وأنه حرص على أن يطلقها منه ويتزوجها ، وأنه أخفى الحرص على طلاق زيد إياها ، وهذا معنى وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ؛ وقوله :وَتَخْشَى النَّاسَأي تستحييهم ، وتخاف لائمة المسلمين ، فيقولون أمر أحد أصحابه أن يطلق امرأته ليتزوجها هو ! !
وفي تفسير الزهري وابن العربي : أن المراد بقوله :وَتَخْشَى النَّاسَهو إرجاف المنافقين بأنه نهى الآباء عن الزواج من نساء الأبناء ، وتزوّج مع ذلك زوجة ابنه ! وروى أيضا : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم هوى زينب امرأة زيد ، وربما أطلق بعض المجان لفظ عشق .
وليؤكد أنس الرواية قال : ما رأيت رسول اللّه أو لم على امرأة من نسائه ما أو لم على زينب ، فإنه ذبح شاة ! !
والغالب أن رواية أنس وغيرهم قد دسّت دسّا في كتب المسلمين ، وكلها أراجيف ، وقيل : إن زينب كانت في الخامسة والثلاثين ، وكانت ما تزال بكرا لم تتزوج ، يعنى أنها صارت من العوانس ، ومن عادة العرب أن تتزوج البنت صغيرة السن ، وربما تطلق فتزوّج بعد انقضاء عدّتها مباشرة .
وأما زينب فلم تكن قد تزوجت قط ، ثم إنها اشتهرت بحدّة الطبع ، وسلاطة اللسان ، حتى كانوا يخافون بأسها ، ونالت من عائشة ومن الرسول صلى اللّه عليه وسلم بعد زواجها منه ، وكثيرا ما كان يهجرها لذلك . وكشأن الضرائر ، فإن عائشة قالت إن النبىّ كان يستكثر منها وأم سلمة - ولا يمكن طبعا أن تقول عائشة مثل ذلك عنها وعن أم سلمة والرسول صلى اللّه عليه وسلم !
ومن أين لها أن تعرف أنه يستكثر أولا يستكثر من هذه أو تلك ؟
وقيل ضمن رواية المؤرخين : وربما السبب من استكثاره من زينب وأم سلمة أنهما كانتا أقرب إليه عمرا ، فزينب تزوجها في السنة الخامسة من الهجرة في مرجعه من غزوة المريسيع أو بعدها بيسير ، وظلت معه ست سنوات ، وكان النبىّ وقت أن تزوجها في السابعة والخمسين ، بينما زينب في الخامسة والثلاثين ، وفي رأى في الثامنة والثلاثين .
وحتى عمر نسبوا لزينب أنها نالت منه ، ولم يكن يعجبها ما يرسله إليها من رواتب . وكانت زينب من حزب أم سلمة ضد عائشة وحفصة ، وطالبت بحقها في هدايا المسلمين للنّبىّ صلى اللّه عليه وسلم . هكذا قالوا .
وعند ابن سعد أنها توفيت وعمرها 53 سنة ، يعنى تزوجته وكانت في الثامنة والثلاثين كما قلنا .
ولم تكن جميلة كما قالوا ، فقد كانت سمينة ، وقصيرة ، ولم يكن زيد مناسبا لها فعلا ، فرغم أن سنه كان متقاربا معها ، فقد كان في السابعة والأربعين ، إلا أنه كان قصير القامة ، وآدم شديد الأدمة - يعنى شديد السّمرة ، وفي أنفه فطس ، ولهذا قالت زينب أنه كان بالأمس عبدا ، بينما كانت هي بتعبيرها أيّم قريش - يعنى أنها كانت الوحيدة من قريش التي لا زوج لها ولكنها موسرة تعول نفسها . وكان من رفض أخيها لهذا الزواج ، أنه ترك المدينة ، وكانت غاية النبىّ صلى اللّه عليه وسلم من هذا الزواج أن يسترها بزوج هو أعرف الناس بخلقه الطيب ، وأراد الرسول أن يكافئ زيدا بأن يزوجه ابنة عمته ، فكان كما قيل ، بعيد النظر ، وحسب أن زينب ستتلقى اقتراحه بالترحاب ، فلمّا غصبت على الزواج ، كانت تسبّ زيدا ، ويبدو أنه من كثرة تطاولها عليه أصيب بالعنّة النسبية معها فكان يعجز أن يأتيها ،
وفي ذلك كانت تقول : لم يستطعنى ، وما امتنع منه غير ما منعه اللّه منى ، فلا يقدر علىّ !
وفي الرواية كما سبق نسبوا لزينب أنها قالت : تورّم زيد ذلك - يعنى غضب لما أراد أن يقربها فعجز . وقيل : ومع ذلك حاول الرسول صلى اللّه عليه وسلم أن يصلح بينهما ، وافتروا وقالوا : إنه كان حريصا على أن يطلقها من زوجها : ونتساءل : فمن أين علموا ذلك ، وما جاءت كلمة الطلاق على لسانه ؟ !
وقوله « سبحان اللّه ، سبحان مصرّف القلوب » إنما هو قول المتخرّصين ، قيل : إن زينب هي التي صرّحت به ، وهو كلام مرسل ومنقطع ، ولا يعنى سياقه إنه يتمنّاها ، وربما كان معنى مصرّف القلوب أنه صرف قلب زينب عن زوجها ، فلما ذا يكون المعنى صرف قلبه إليها ؟ وكانت زينب تطالعه دوما بحكم القرابة ، وإنه لأعرف الناس بشكلها وسمتها ، فكيف يعجب بها فجأة وكأنه ما رآها من قبل ؟ !
وطبيعي أن يؤرقه حال زينب إذا طلقت ، وهو يعلم أن أحدا لن يتزوجها بعد زيد ، لأنه عبد ، والعرب لا يتزوجون مطلقات العبيد ، وما كان هناك إلا حل واحد : هو أن يتزوجها هو ويضمها إلى حريمه ، فيحفظ عليها مكانتها ، وما كان يمنعه من تنفيذ ذلك فورا ، بعد شكوى زيد المستمرة واعتزاله امرأته وفراقها ، إلا أن يقول العرب إنه تزوج امرأة ابنه ، وليس من منقذ من هذه الورطة إلا أن ينزل حلها بالقرآن ، وهو الحل الذي تعنيه الآية :وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ، وهو الذي ارتآه فورا ، وهو الزواج بها فيريح ويستريح ، وليس ثمة مبرر لافتراض أنه تزوّجها لأنه كان يحبها كما أشاعوا !
وفي حياة الرسول صلى اللّه عليه وسلم ما ذكر يوما الحب إلا مع عائشة ، فهي حبيبته وزوجته في الدنيا وفي الآخرة .
وإن قيل فلأي شئ قال النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : أمسك عليك زوجك ؟ قلنا إنه من أجل أن تبقى زينب متزوجة ، لأن البديل صعب وهو أن يتزوجها هو .
وإن قيل وما معنى « فلما قضى زيد منها وطرا » أليس معناه أن زيدا دخل عليها وجامعها ؟
قلنا إن المعنى هو : فلما استنفد زواج زيد من زينب كل أهدافه ، ليتنزّل بسببه تشريع جديد ، زوجناكها ، أي زوّجها له اللّه تعالى ، ليس زواجا من السماء كما قالوا ، وإنما بالآيات التي حللت له أن يتزوجها ، ففي ضوء التشريع الجديد صار له أن يتزوجها ولا تثريب عليه .
ويكفى أن نقول : إن زينب ما كان يمكن أن يتزوّجها ويتحملها آخر بخلاف النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، بدليل ما كانت تقوله له مما لا ينبغي لها ، كقولها : إني لأدلّ عليك بثلاث ، ما من نسائك امرأة تدلّ بهن : أن جدّى وجدّك واحد ! وأن اللّه أنكحك إياي من السماء !
- ( يعنى أنزل التشريع الذي مكّن لك الزواج منى ) ،
وأن السفير في ذلك جبريل ! ( لأن جبريل كان هو الوحي الذي ينزل إليه بالقرآن ) .
وقوله تعالى :سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ( 38 ) ( الأحزاب )
يقصد بها تحليل الزواج للأنبياء ، فمحمد لم يأت نكرا ، ولا كان بدعا بين الرسل ، وإنما تزوج على سنة اللّه .
فهذه هي قصة زينب وزيد ، وما كان من ذلك مع النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وليس فيها أىّ ما يعيب على الثلاثة ، أو يطعن في الرسول صلى اللّه عليه وسلم كما ادّعى الأولون والآخرون .
وليس في زواجه صلى اللّه عليه وسلم من زينب معجزة من السماء كما ادّعت زينب ، وما كان يشغل النبىّ أمر النساء وإنما كان شغله بالدعوة ، وقد قيل : ما أفلح من جعل وسادته أفخاذ النساء ، وهذا النبىّ كان بمنأى عن كل ذلك ، وكان سيد الأنبياء ، واهتماماته كانت أكبر من اهتمامات أي نبىّ ، وما كان عمله مجرد الهداية ، وإنما تكوين أمة ، وخلق مجتمع ، وإنشاء إنسان جديد ، وحسبنا اللّه .
  * * *

254 . ما أحلّ له من النساء

ما حلله اللّه تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم من النساء تتضمنه هذه الآية :يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً( 50 ) ( الأحزاب ) ،
والمعنى أن اللّه تعالى أحلّ له هؤلاء النساء ويستطيع أن يتزوج منهن ، ومن يتزوجها عليه أن يمهرها ، وقد أمهر زوجاته جميعا ، باستثناء أم حبيبة ، قيل : أمهرها عنه النجاشي ! لماذا ؟ ربما لتتناسب الفرية مع مكانة أم حبيبة وأنها بنت أبي سفيان .
وجويرية أصدقها بأن أدّى عنها كتابها إلى ثابت بن قيس بن شماس ، لما ذا وهي سبيّة ، وابن قيس أخذ سبيّة أخرى عوضا عنها ؟
وصفية : أصدقها بإعتاقها ، لما ذا أيضا وهي سبيّة وملك يمين وليس لها صداق ؟ وجميع من تزوج الرسول صلى اللّه عليه وسلم إحدى عشرة ، توفيت منهن خديجة ، وزينب بنت خزيمة في حياته ، وتوفى هو عن تسع زوجات كما قيل .
وبالمقارنة فإن النبىّ داود كانت له بحبرون سبع زوجات بخلاف السراري ، وفي أورشليم تزوج بأخريات واتخذ السراري ، وكانت لسليمان : سبعمائة زوجة وثلاثمائة سرية !
وفي الآية أبيح للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم التسرّى ممن أخذ من المغانم ، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما ، لما ذا ؟
وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ، ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم وكانتا من السراري ، ولا يوجد في الإسلام ، ما يسمى سرارى الآن والحمد للّه ولا ملك يمين .
وفي قوله :وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ الآية ، أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لم تكن تحته واحدة من بنات عمه ، ولا من بنات عمّاته ، ولا من بنات خاله ، ولا من بنات خالاته ، فثبت أنه أحل له التزوج بهذا ابتداء ، قيل : لذلك خطب من بعد نزول هذه الآية أم هانئ ابنة عمه ، ولكنها اعتذرت إليه ،
وقالت عن ذلك : فلم أكن أحلّ له ، فلم أكن ممن هاجرن معه ، وكنت من الطلقاء » ، وهو تفسيرها للآية اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ، وهن قريباته ممن أسلمن وهاجرن ، وأمّ هانئ لم تكن قد أسلمت ولا هاجرت معه ، وكان إسلامها عام الفتح فكيف يخطبها وهي لم تكن معه في المدينة ؟ وكيف يخطب مشركة ؟ .
وقولها أنها كانت من الطلقاء ، أي الذين أطلق سراحهم يوم فتح مكة ومنّ عليهم بقوله : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، وفي الآية بنات خاله وبنات خالاته ، ولم نجد مرجعا يذكر أن له بنات خال وبنات خالات ! وربما الآية لأنها تحلل وتحرّم عموما وليس للنبىّ وحده صلى اللّه عليه وسلم .
وكان من زواج الأقارب عند النصارى أنهم لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعدا ، بينما كان اليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته ، فتوسطت هذه الآية بين إفراط النصارى وتفريط اليهود ، وأباحت ما حظره النصارى وهو الزواج من بنت العم والعمّة ، وبنت الخال والخالة ، وحرّمت ما جرى عليه اليهود وهو الزواج من بنت الأخ والأخت .
والإحلال في الآية يقتضى أن يتقدمه الحظر ، مما يدل على أن ذلك كان محظورا في السابق : وقوله أَحْلَلْنا لَكَ يعنى أزواجك ، لأنهن اخترنه زوجا في الدنيا والآخرة ، ولو تزوج كان يشق عليهن ، فلما نزلت الآية وحرّمت عليه النساء إلا من سمى ، سررن بذلك .
وفي قوله :وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ( 50 ) ( الأحزاب )
أن من تفوّضه الزواج منها له إن شاء أن يتزوجها ، والوهب هو أن تتزوجه بلا مهر ، وذلك خصيصا له دون غيره ، ومع ذلك كما قال ابن عباس : لم يكن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له » ، وقال : لم يكن عنده امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين ، فأما الهبة فلم يكن عنده منهن أحد » .
ولم يكن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يقبل واحدة ممن وهبن أنفسهن له وكن كثيرات ، منهن أم شريك غزية بنت جابر الدوسية ، وخولة بنت حكيم ، والمرأة التي حكى عنها أنس والتي جاءت إلى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم فقالت : يا نبي اللّه ! هل لك فىّ حاجة ؟ وعلّقت ابنة أنس على قول أبيها : ما كان أقلّ حياءها !
والمرأة التي روى عنها سهل بن سعد الساعدي : أنها جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت : يا رسول اللّه ! إني وهبت نفسي لك » ، وظلت قائمة طويلا ، إلى أن طلب أحد الصحابة أن يتزوجها ، ولم يكن معه من مال ليمهرها فزوّجها له بما يحفظ من قرآن يعلّمه لها .
والخلاصة : أن هذه الآية لبيان من يحلّ أن يتزوجهن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وهي مرتبطة بالآية التي بعدها والتي تقول :لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً( 52 ) ( الأحزاب ) ، وتؤكد أن من أحللن له هن زوجاته اللاتي في عصمته وما ملكت يمينه ، وحرّم عليه ما سوى ذلك من النساء .
  * * *

255 . زوجاته يخيّرن

مبدأ تخيير الزوجة بين أن يفارقها زوجها فتذهب إلى غيره ، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ، من مبادئ الإسلام التي ينفرد بها عن بقية الأديان والأعراف الوضعية في الزواج ، والرسول - وهو القدوة - نزل تخيير اللّه لأزواجه بين الاستمرار معه أو الطلاق في الآية :يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا ( 28 ) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً ( 29 ) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً( 30 ) ( الأحزاب ) ،
وقد ثبت أن البكر تسأل عند الزواج ، وأن الثيّب لها أن تزوّج نفسها ، وفي هذه الآية يثبت أن المسلمة لها أن تبقى مع زوجها أو أن يطلقها إذا شاءت ، إذا كان في استمرارها معه ضرر لها ، يعنى أن المرأة المسلمة مخيّرة في الأول والآخر في كل الأحوال .
ومناسبة هذه الآية أن نساءه صلى اللّه عليه وسلم - قيل إن واحدة منهن سألته أن يصوغ لها حلقة من ذهب ، فصاغ لها حلقة من فضة وطلاها بالذهب أو بالزعفران ، فأبت إلا أن تكون من الذهب : يعنى سألته شيئا من عرض الدنيا ،
وقيل : سألنه زيادة في النفقة ؛ وقيل : آذينه بغيرة بعضهن على بعض .
وهذه الخلافات وأمثالها هي من الأمور العادية بين الأزواج ، وقد تكره المرأة زوجها لسوء معاملته ، ولكن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ما أساء لزوجة ، ولا كرهته أىّ منهن ، وهو الذي قال : « خيركم خيركم لأهل بيته ، وأنا خيركم لأهل بيتي » .
ولم يحدث أن شتم زوجة أو ضربها ، وكان يعدل بينهن ، وأوصى بالنساء خيرا فقال : « واتقوا اللّه في النساء فإنهن عندكم عوان » أي في رعايتكم وكنفكم ، وكان يعطيهن كل ما يملك ، وما كان يملك من الدنيا شيئا ، وهو الذي خيّره ربّه بين أن يكون نبيا ملكا وبين أن يكون نبيا عبدا ، فاختار أن يكون نبيا عبدا - أو مسكينا . ولما أفاء اللّه عليه بعد خيبر ، كان يوزع عليهن الفيء فيعطيهن على السواء . وفي الحديث عند أحمد : أن عمر بن الخطاب ذكرت له امرأته أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم تراجعه أزواجه ، فسأل في ذلك ابنته حفصة ، قال : أتراجعين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟ قالت : نعم .
وسألها : وتهجره إحداكن ؟ قالت : نعم . - ومعنى المراجعة المحاورة ، وأن تستعيده الرأي والنظر فيه .
وفي قول حفصة : أن زوجاته كن يغاضبنه ، يعنى يهجرنه . وفي مناسبة هذه الآية عند أحمد برواية جابر ، أن أبا بكر وعمر أقبلا ، يستأذنان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وقد جلس حوله نساؤه وهو ساكت ، وقال عمر يضاحكه : لو رأيت ابنة زيد - امرأة عمر - سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها ! ( أي كسرته يقول ذلك مداعبا ) ،
فضحك النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وقال : « هن حولى يسألننى النفقة » ! فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها ، وقام عمر إلى حفصة ، كلاهما يقولان : تسألان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ما ليس عنده ؟ ! ! فنهاهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ،
فقلن - أي نساؤه : واللّه لا نسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده ! فأنزل اللّه عز وجلّ الخيار ، فبدأ النبىّ صلى اللّه عليه وسلم بعائشة ، يقول لها مترفقا : « إني أذكر لك أمرا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك » .
قالت : وما هو ؟ فتلا عليها :يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ . .الآية ،
قالت عائشة : أفيك استأمر أبوى ؟ ! بل اختار اللّه تعالى ورسوله ! - وكذلك قالت كل نسائه .
وإذن فتخيير النساء في البقاء على الزوجية أو الطلاق من آداب الزواج في الإسلام ، فربما كانت الزوجة تكره المقام مع زوجها على الشدّة .
ومشاورة المرأة لأبويها أو استئمارهما إذا اعتزمت الطلاق واجبة ، بحسب قوله صلى اللّه عليه وسلم لعائشة ، ومعنى المشاورة أو الاستثمار : أن لا تحمّل المرأة وحدها مسؤولية فراق زوجها دون إعمال فكر ونظر بمساعدة من أهلها .
وقوله تعالى أُمَتِّعْكُن َّيعنى أن تعوّض المرأة إذا طلّقت ، وتعويضها هو عمّا يلحقها أو يفوتها بالطلاق ، بحسب حال الزوج ، وعلى الموسع قدره ، وعلى المقتر قدره .
والسراح الجميل في الآية : هو أن يعطى الرجل مطلقته حقوقها كاملة ؛ وقيل : هو أن يطلقها طلاقا بائنا من غير ضرار ولا منع واجب لها ؛ وقيل : هو التسريح البات ، أي الطلقة الثالثة ، والاختيار الموجب لذلك هو أن يقول الرجل لزوجته : اختارينى أو اختاري نفسك ، فإذا اختارت نفسها يقتضى ألا يكون عليها سبيل ، ولا يملك منها شيئا .
وقوله تعالى :فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً( 29 ) ( الأحزاب )
دليل على أن لزوجاته صلى اللّه عليه وسلم مراتب متفاوتة ، أعلاها مرتبة الإحسان ، وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري وصف الرسول صلى اللّه عليه وسلم زوجته خديجة بالكمال ،
وقال عن عائشة : « وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام » ومن ثم فهاتان هما المقصودتان بالمحسنات اللاتي لهن الأجر العظيم .
  * * *
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 15:09 عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 14:57 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب الثاني النبوّة والنبىّ صلى اللّه عليه وسلم في القرآن من 251 الى 260 من موسوعة القرآن العظيم الجزء الأول د. عبد المنعم الحفني

256 . ما معنى وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ( 6 ) ( الأحزاب )

بهذه الآية شرّف اللّه تعالى المؤمنين بأن نسبهم إلى أزواج النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كأمهات ، وشرّف أزواجه بأن جعلهن أمهات المؤمنين ، ومثلما الشأن بين الأمهات والأبناء من وجوب التعظيم ، والبرّ ، والإجلال ، وحرمة النكاح ، فكذلك الحال بين المؤمنين وأزواجه صلى اللّه عليه وسلم اللاتي صرن لهم كالأمهات ، فشفقة المؤمنين على أزواجه ينبغي أن تكون كشفقة الأبناء بأمهاتهم ، ويتوجب عليهم أن ينزلوهن منزلة الأمهات ، وهي أمومة أخرى خلاف الأمومة الرحمية أو الرضاعية ، أو أمومة التبني ، ولكنها أمومة دين ، كقوله تعالى في المؤمنين وعلاقاتهم ببعضهم البعض إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ( 10 ) ( الحجرات ) .
وقيل في قوله تعالى أُمَّهاتُهُمْ، يعنى للرجال ، فهل هن أمهات الرجال فقط دون النساء ؟ أم أنهن أمهات للجميع ؟
وقيل : لمّا نادت امرأة عائشة أم المؤمنين وقالت لها : يا أمّه ، قالت عائشة : لست لك بأم ، إنما أنا أمّ رجالكم » .
والصحيح أن الآية عامة ، وكذلك حكمها ، واختصاص الحصر في الإباحة للرجال دون النساء لا يفيد الرجال ولا أمهات المؤمنين ، والأكثر معقولية أنهن أمهات الجميع ، فإذا كن أمهات للرجال فلم لا يكنّ أمهات للنساء أيضا ؟
وهل يمكن أن تكون عائشة أما لرجل ويناديها يا أمّه ، ولا تكون أمّا لشقيقة هذا الرجل ويحرّم عليها أن تناديها : يا أمّه ؟ وأمومتهن إذن للجميع : شيوخا وولدانا ، رجالا ونساء ، وهو التعظيم لحقهن على الجميع ، وتدل عليه الآية :النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ( 6 ) ( الأحزاب ) ، فولاية النبىّ على الجميع ، ومثلها أمومة أزواجه للجميع ، وقرأ ذلك أبىّ بن كعب فقال : وأزواجه أمهاتهم وهو أبّ لهم » وهو تفسير ظنه البعض ضمن المتن ، ونسبوا لأبيّ بن كعب مصحفا به هذه العبارة كآية ! !
وكذلك قرأ ابن عباس الآية : النبىّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم » ، فظنوه يتلو قرآنا ، وأن هذه القراءة من مصحف خاص به ، وهي روايات تصلح كتفاسير ولكنها ليست قرآنا .
والدليل أن البعض لم يكن يرى أن يسمّى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أبا لقوله تعالى :ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً( 40 ) ( الأحزاب ) ،
ولكنه « مثل الأب » كما في الحديث : « إنما أنا لكم بمنزلة الوالد . . . » أخرجه أبو داود ؛ وفي الآية نفى أن يكون محمد أبا لرجال المؤمنين بالنسب ، وفي الحديث هو أب لهم في الدين ، كقول لوط في الآية :قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي( 78 ) ( هود )
لم يقصد بناته على الحقيقة ، وإنما بناته جوازا يعنى المؤمنات ، يدعو الناس الذين اجتمعوا عليه وعلى الملائكة ضيوفه ، أن يتزوجوا من بعضهم البعض ، يعنى من البنات المؤمنات ، بدلا من ممارسة اللواط ، فاعتبر المؤمنات بنات له .
وأيضا فإن البعض كان يقول عن معاوية إنه خال المؤمنين ، باعتباره أخا لأم حبيبة زوجة الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، يقصدون بذلك أنه خال لهم في الدين لا في النسب .
وبالمثل في أمهات المؤمنين ، فهن أمهات في الدين .
  * * *

257 . ما معنى المشيئة مع زوجاته

نزلت الآية :تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً( 51 ) ( الأحزاب )
في تعامل الرسول صلى اللّه عليه وسلم مع زوجاته ، وكان يقسم بينهن بالعدل ، لكل واحدة منهن يوم وليلة ، أو ليلة دون النهار ، ولا يسقط هذا الحق لهن في مرض أىّ منهن ، ولا في مرضه ، وكان يعدل في المقام عندهن في أي من أحواله ، ولا يجور على حق واحدة بدعوى أنها أمة أو كتابية ، وما كان يجمع بينهن في منزل واحد إلا برضاهن ، وإذا دخل عند إحداهن في يوم الأخريات وليلتها ، ذهب يساوى بينهن ويزورهن جميعا . وكان يعدل في النفقة والكسوة .
وفي مرضه الذي توفى فيه كان يطاف به محمولا على بيوت أزواجه إلى أن استأذنهن أن يقيم في بيت عائشة ، لأنها الأقدر على تمريضه لصغر سنها ، ولأنه لم يعد يستطيع أن يحمل كل يوم إلى بيت من البيوت مع كل هذا الألم الذي يتألمه والأوجاع التي كانت تأتيه ، حتى كان يقول : « أين أنا اليوم ؟ أين أنا غدا ؟ استبطاء ليوم عائشة .
وكان هذا العدل كأنما هو مفروض عليه وليس نابعا من ذاته ، وكأنما لم تكن له المشيئة فيه . والتربية الإسلامية تتوجه إلى الضمير أولا ، وليس الخير ولا الحق ولا العدل بالقيم المفروضة دائما ، ولكنها مع الأخذ بالخلق المسلم تكون من مقوّمات الشخصية الإسلامية ، وتنبّه الآية إلى ذلك ، وتجعل من حالة الرسول صلى اللّه عليه وسلم قدوة للمسلمين .
ولم يكن زواجه صلى اللّه عليه وسلم من زوجاته إلا لأسباب اجتماعية وسياسية شرحناها في مكانها ، فلا أقل من أن ينبّه اللّه زوجاته صلى اللّه عليه وسلم إلى أن ما يفرضه الرسول صلى اللّه عليه وسلم على نفسه من الالتزامات والأدبيات إنما مرجعها إليه ولم يفرضها اللّه عليه .
ومعنى ترجى في الآية أي تؤخر ، وتئوى أي تضم إليك ، وممن ابتغيت ممن عزلت ، أي ممن طلبت من زوجاتك بعد أن عزلتهن عن القسمة ، فلك المشيئة أن ترفع عنهن العزلة وتقسم لهن كأخواتهن .
وتنفى الآية أن المشيئة تعنى الجناح أو الميل ، وتؤكد على العدل الذي توخّاه مع زوجاته دائما ، فالعدل جزء من شخصيته ، ومن العدل أن يحطن علما بأن عدله فيهن مرجعه لمشيئته ، أي ضميره الخالص وخلقه ، ولم يفرض عليه ، وبذلك يصير العدل مع الزوجات هو بالتبعية من الخلق الذي يتميّز به الإسلام على الديانتين الكتابيتين الأخريين .
وفي اليهودية لا يندب الرجل للعدل مع زوجاته حيث تعدد الزوجات معمول به ، ومن ثم يكون من الأفضل أن لا يستكثر الرجل من النساء لئلا يزيغ قلبه ( تثنية الاشتراع 17 / 18 ) ، وفي المسيحية لا طلاق للمرأة مهما اشتكت ( بولس الثانية 7 / 11 ) ، ويخضع النساء للرجال خضوعا كاملا ( بولس الخامسة 6 / 23 ، والسادسة 3 / 19 ) .
وفي الإسلام النموذج في المعاملة الزوجية هو الرسول صلى اللّه عليه وسلم مع زوجاته ، وهذه الآية إنما نزلت لتقرّ بها أعينهن ، وللتأكيد على أن العدل لم يفرض عليه ولكنه مشيئته صلى اللّه عليه وسلم ، فإذا كان يعدل بينهن فلأنه عادل بطبعه وبخلقه المسلم ، ولأنه يدعو إلى العدل كركن من أركان الإسلام الاجتماعي .
فإذا علمت زوجاته أن اللّه تعالى قد فوّض الأمر إليه في أحوال أزواجه رضين ، لأنهن لو علمن أن لهن الحق في هذا العدل لم يقنعن بما أوتين ، وتشتد غيرتهن عليه ، ويجد المشقة في أن يعدل بينهن ، وأما المسألة قد تركها اللّه له ، فذلك أدعى إلى أن يقبلن بما يسمح لهن ولا تتعلق قلوبهن بما هو أكثر منه . ومن ناحية أخرى فإنه صلى اللّه عليه وسلم إذ يعلم أن المسألة صارت موكولة إليه فقد شدّد على نفسه في رعاية التسوية بينهن ، تطييبا لقلوبهن ،
ولذلك قال فيما أخرجه النسائي : « اللهم هذه قدرتى فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك » .
وما يملكه صلى اللّه عليه وسلم هو أن يحاول العدل ، وما يملكه اللّه تعالى هو قلبه صلى اللّه عليه وسلم ، أي الحب والبغض ، والشعور الوجداني بأنه مع هذه يستريح نفسيا ، ومع تلك لا يحسّ راحة نفسية ، وإلى ذلك أشارت الآية :وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ( 129 ) ( النساء ) ،
والآية :وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ( الأحزاب ) وفيها تذكير على علم اللّه من الميل إلى البعض من النساء دون البعض ، وهو سبحانه العالم بكل شئ ، كقوله :إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ( 5 ) ( آل عمران ) ،
وقوله :فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى( 7 ) ( طه ) غير أن من الميل ما لا يكره ولا يستهجن ، ومنه المنفّر ، وميل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإن كان هناك ميل إلى عائشة أو غيرها كما يدّعى البعض ، فهو من النوع الأول ،
وأما الثاني فهو الذي يصفه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقوله فيما يرويه أبو داود عن أبي هريرة : « من كانت له امرأتان ، فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وشقه مائل » .
والدليل على أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم كان عادلا كل العدل مع زوجاته ولم يكن يميل في القسمة لهن ، قوله تعالى :وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ، أي أن عمله معهن كان فيه الرضا لجميع الزوجات بلا استثناء ، طالما أن محبة هذه أو تلك لا تمنع أن يعدل بينهن ، فالمحبة شئ من اللّه ، وأما العدل فهو من البشر .
وقد سئل الرسول صلى اللّه عليه وسلم عمّن يحب من النساء فقال : عائشة . وليس صحيحا أن عائشة عندما سمعت آية الإرجاء والإسواء هذه قالت كما أتى في الصحيحين : واللّه ما أرى ربّك إلا يسارع في هواك » ! فعائشة تعرف حدودها معه صلى اللّه عليه وسلم ، وكانت معلّمة ، ومؤدّبة ، وداعية ، فكيف تقول ذلك وهي تعلم أن اللّه قال فيه صلى اللّه عليه وسلم :وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى( 3 ) ( النجم ) ؟
وكانت أعرف الناس بذلك ، والحديث على ذلك موضوع ، وهو من الأحاديث التي تعجب المستشرقين كثيرا ، وبه ينال الشيعة من عائشة وينقدونها بشدة .
والخلاصة : أن الآية تفيد أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم : كان مخيّرا في أزواجه ، إن شاء أن يقسم قسم ، وإن شاء أن يترك القسم ترك ، فالأمر موكول إليه ، إلا أنه كان يقسم مع ذلك من قبل نفسه دون أن يفرض عليه ذلك ، تطييبا لنفوس زوجاته ، وصونا لهن عن أقوال الغيرة .
وليس صحيحا ما يقوله رواة الإسرائيليات : أن القسم كان واجبا على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية فذلك لم يثبت ؟ !
ومن الكذب البيّن أن يقال : أنه صلى اللّه عليه وسلم همّ بطلاق بعض نسائه فقلن له : أقسم لنا ما شئت ؟ ! وافتروا عليه صلى اللّه عليه وسلم : أنه آوى عائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وزينب ، فكان يقسم لهن من نفسه وماله سواء بينهن ، وأنه أرجى سودة ، وجويرية ، وأم حبيبة ، وميمونة ، وصفية ، فكان يقسم لهن ما شاء ؟ !
وكذلك ليس صحيحا أن المرجئات هن اللاتي وهبن أنفسهن له ، فتزوج منهن ، وترك منهن ، وما علمنا أنه صلى اللّه عليه وسلم أرجأ أحدا من أزواجه ، بل آواهن كلهن ، ولا أنه تزوج من امرأة وهبت نفسها له حتى يقال فيه ما قيل .
  * * *
  258 . هل كان بوسعه أن يعدل بين زوجاته وهن كثيرات ؟
في الكتب في التاريخ والسّير أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم توفى عن تسع زوجات ، واثنتين من السراري ، بينما اللّه تعالى يقول :فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ( 3 ) ( النساء ) فحصر الزواج في أربع نسوة ، ويقول :فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً( 3 ) ( النساء ) ، ويقول :ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا( 3 ) ( النساء ) ،
ويقول :وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ( 129 ) ( النساء ) ،
فنفى أن يكون العدل في استطاعة من يتزوج بأكثر من واحدة . ومعنى أَلَّا تَعُولُوا ألا تجوروا ، فمن يخاف أن لا يعدل بين النساء فليقتصر على واحدة ، وقيل : استثنى اللّه تعالى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم من قصر التعداد على أربع ، فقاليا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ( 50 ) ( الأحزاب )
فكان الجمع بين التسع بالإضافة إلى السراري رخصة له .
ونزلت الآية :يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا ( 28 )
وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً( 29 ) ( الأحزاب ) فخيّرهن بين أن يفارقنه فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها ، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ولهن عند اللّه الثواب الجزيل ، فاخترن اللّه ورسوله والدار الآخرة ، فنزلت الآية :لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً( 52 ) ( الأحزاب )
مجازاة لهن على حسن صنيعهن في الاختيار ، فقصره عليهن ، وحرّم عليه أن يتزوج بغيرهن ، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ، وقيل : فلما حصلت لهن الطمأنينة والسكينة بعد هذه الآية أنزل اللّه :تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً( 51 ) ( الأحزاب ) ،
يعنى أنه كان يقسم لهن عدلا ، فلم يعد القسم واجبا عليه ، وصار له أن يقدّم يوم هذه أو تلك بلا تثريب ، فيؤثر من يشاء منهن ، ويؤجل من يشاء ، ويؤخر من يشاء ، ويقسم لمن يشاء ، ويترك من يشاء ، ولكنه مع ذلك لم يفعل ، فإن اضطر يوما أن يغيّر يوم إحداهن ، كان يستأذنها بعد نزول هذه الآية ، والنتيجة أنهن وقد علمن أن الحرج قد وضع عنه ، وأن القسم لهن مستمر مع ذلك ، عن اختيار منه لهن ، إيثارا وحبا فيهن ، وعدلا منه لهن ، وتقوى للّه فيهن ، قد أثلج ذلك صدورهن ، وأرضاهن ، وأفرحهن ، لإنصافه وعدله فيهن .
وقيل : أنه مع حرصه على العدل فإنه كان يميل إلى بعضهن دون البعض ، وليس بوسعه دفع هذا الميل عنه تماما ، ولذلك كان يقول اعتذارا :
« اللّهم هذا فعلى فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك » أخرجه أصحاب السنن ، يعنى بقوله : « فيما تملك ولا أملك » قلبه صلى اللّه عليه وسلم ، أي أن عدله بينهن كان بقدر استطاعته ، وما كان يستطيع إلا العدل ، فعند ابن ماجة عن عائشة قالت : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقسم لكل امرأة من نسائه يومها وليلتها » ، يعنى كان لا يضيمهن .
وعن أبي داود عن عائشة قالت : « قلّ يوم لا يطوف على نسائه جميعا ، فإذا جاء إلى التي هي يومها بات عندها » .
أو قالت : « ثبت عندها » .
- وعن عائشة أيضا قالت : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يفضّل بعضنا على بعض في القسم » ، وقالت : « كان خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أهله أحسن الخلق : لم يكن فاحشا ، ولا متفحّشا ، ولا صخّابا ، ولا يجزى السيئة مثلها ، ولكن يعفو ويصلح » رواه أحمد .
وقالت : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سافر أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه » رواه أبو داود ، والقرعة دليل أنه لا انحياز ولا محاباة معهن .
  * * *
259 . لما ذا حرّم الزواج من نسائه صلى اللّه عليه وسلم بعد وفاته ؟ وهل بقين أزواجه أم زالت الزوجية بالموت ؟
كثر كلام المستشرقين في الآية :وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً( 53 ) ( الأحزاب ) ،
واعتمدوا في هجومهم بها على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، على الإسرائيليات المنتشرة في كتب التفسير الإسلامية التي نقلها المفسرون عن الرواة من المنافقين بلا تمحيص ولا مناقشة ، من أمثال قتادة والسدى ومقاتل وغيرهم ، قالوا : إن رجلا قال : لو قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تزوجت عائشة ، فأنزل اللّه تعالى الآية :
ونزلت كذلك :وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ( 6 ) ( الأحزاب ) ،
وطالما هن أمهات المؤمنين ، فالزواج منهن محرّم بقوله تعالى :حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ( 23 ) ( النساء ) .
وقيل : إن الذي أشاع هذه الفرية هو مقاتل بن سليمان ونسبها لابن عباس ، مع أن ابن عباس كان وقتها ما يزال صبيا فلم يشهدها بنفسه ، ولم يقل لنا مصدرها ، وربما لم يقل ابن عباس هذا الكلام أصلا ونحل عليه ، وربما قاله فلم يكن يحب طلحة لخلافه مع علىّ ، غير أن مقاتل بن سليمان كان معروفا بالإسرائيليات ، وهو الذي جزم بأن قائل هذه العبارة هو طلحة بن عبيد اللّه ، ونسب إلى ابن عباس قوله : إن طلحة ندم على ما حدّث به نفسه ، فمشى إلى مكة على رجليه ، وحمل على عشرة أفراس في سبيل اللّه ( يعنى جاهد ) ، واعتق رقيقا ، فكفّر اللّه عنه .
- يريد مقاتل بهذا الكلام أن يثبت التهمة على ابن عباس وعلى طلحة .
وفي رواية قيل : إن ابن عباس قال : إن الآية نزلت بسبب أن بعض الصحابة قال : « لو مات رسول اللّه لتزوجت عائشة » ، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فتأذّى به .
- فجعلت الرواية ابن عباس يكنّى عمّن قيل إنه قال ذلك ، ببعض الصحابة . ولم نسمع في أي من هذه الروايات أن هذا الصحابي هو طلحة . وقيل : إنه واحد من السادات ومن العشرة - يعنى المبشّرين بالجنة » ، وبذلك تصادر البشارة على الإشاعة ، وتؤكد على نقدنا لهذه التهمة بأنها غير معقولة في حق هذا الصحابي الجليل الذي أطلق عليه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم اسم الفيّاض - يعنى يفيض كرما ، وقال فيه : « من سرّه أن ينظر إلى رجل يمشى على ظهر الأرض وقد قضى نحبه ، فلينظر إلى طلحة » .
وقد زاد طلحة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم أحد ، ووقاه بيده حتى أصابته السيوف ، ثم احتمله بعيدا ، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كلما التقى به يحييه ويقول : « أهلا بسلفى في الدنيا وسلفى في الآخرة » . وكان طلحة سلفه فعلا .
وفي الحديث قال :« احفظوني في أصحابي » ، وقال : « عليكم بأصحابي » .
فأن يقول طلحة هذه المقالة أمر مستبعد .
فإذا كانت هذه الفرية قد قيلت فلربما افتراها أحد المنافقين ، وفي رواية أخرى عن ابن عباس : أن الرجل الذي قال ذلك كان ابن عم لعائشة ، وأنه كلّمها ، فكره الرسول ذلك ، فقال الرجل : يمنعني من كلام ابنة عمى ؟ ! لأتزوجها من بعده ! ! فنزلت الآية .
وعند ابن أبي حاتم قال : نزلت الآية في طلحة بن عبيد اللّه ، قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمّنا ويتزوّج نساءنا ؟ ! لئن حدث به حدث لنتزوّجن نساءه بعده » ، فأنزل اللّه هذه الآية . وفي رواية أن أحدهم قال حين تزوج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أم سلمة بعد أبي سلمة ، وحفصة بعد خنس بن حذافة ، ما بال محمد يميت رجالنا فيتزوج نساءنا ؟ واللّه لو قد مات لأجلنا السهام ( يعنى تقارعنا ) على نسائه ! ( يعنى لنتزوجهن مقارعة بيننا بعد وفاته ) .
وفي الآية :إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً، يعنى خطيرا ، وليس ذلك فقط فهو أيضا دليل على حقارة وتدنّى نفسية القائل ، وعدوانيته تجاه الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، ورغبته الدفينة في الانتقام ، فكيف يكون مسلما ، وهذه هي مشاعره المكبوتة تجاه نبيّه ؟ فلا شك أنه من المنافقين ، وليس هو بكل تأكيد طلحة الذي افتدى الرسول صلى اللّه عليه وسلم بنفسه .
والآية تحرّم نكاح زوجاته من بعده ، وفي الآية الأخرى جعل اللّه تعالى لهن حكم الأمهات ، تمييزا للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، لشرفه ، وتنبيها على مرتبته ، وهو أمر شائع عرفناه عن زوجات أنبياء بني إسرائيل ، وأزواج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هن أزواجه في الجنة كما كن في الأرض ، ولذلك فزواجهن بآخرين محرّم ، والمرأة في الجنة لآخر أزواجها . ومن يمكن أن يتزوجهن ليكون موضع مقارنة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟
والسؤال الذي يثيره المستشرقون ، وكذلك الكثير من المسلمين : هل بقيت أزواجه صلى اللّه عليه وسلم بعد الموت أزواجا له ؟ أم أن الموت فصم الزوجية ؟ وإذا كانت الزوجية قد انتهت بالموت فهل على زوجاته عدّة أم لا ؟
والجواب كما نفهم من مضمون الآية : أن الموت لا ينهى الزوجية بالنسبة للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وأن الزوجية تنتهى فقط في حالته إذا تزوجت أىّ من نسائه بعد وفاته .
وزوجاته صلى اللّه عليه وسلم كما جاء على لسان سودة : أريد أن أبعث يوم القيامة زوجة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
ولمّا خيّرهن بين أن يسرحهن إيثارا منهن للدنيا ، أو يبقيهن مع ضيق عيشه ، تفضيلا منهن للّه ورسوله والدار الآخرة ، اخترن اللّه ورسوله والدار الآخرة ، ووعدهن اللّه الأجر العظيم ، فهن إذن على موعد معه صلى اللّه عليه وسلم في الدار الآخرة ، ولم تنقطع الزوجية بموته ، فما زالت مستمرة في الدنيا ، وستستمر كذلك في الآخرة . وأمّا عن عدّتهن ، فإنهن بموته عليهن العدّة ، لأن العدّة في حالتهن عبادة وليست مدة تربص انتظارا لإباحة الزواج .
وقد أبقى الرسول صلى اللّه عليه وسلم لهن النفقة والسكن طالما هن أحياء ، لأنهن لا يزلن في عصمته ، وقال : ما تركت بعد ، نفقة عيالي » ، يعنى هو نفقة لزوجاته ، وكنّى عنهن بلفظة عيالي ، وروى أهلي ، وهذان اسمان للزوجية ، وهن إذن نساؤه أو أزواجه ، ومن ثم كنّ محرّمات على غيره ، وذلك معنى أن النكاح أو الزواج بهن ما زال قائما في حقّه وحقّهن ، والموت بالنسبة له بمنزلة مغيب الزوج عن زوجاته ، وهذا يقين في حق النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وزوجاته بخلاف الناس جميعا ، فنحن لا نعلم إن كنا سنكون أو لا نكون مع زوجاتنا في الآخرة ، فربما يكون أحد الزوجين في الجنة والآخر في النار ، فالسبب في حقّ الخلق منقطع ، ولكنه في حقّ النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وزوجاته باق ،
وهو القائل : زوجاتى في الدنيا هن زوجاتى في الآخرة » ، وقال : « كل سبب ونسب ينقطع إلّا سببي ونسبى ، فإنه باق إلى يوم القيامة » .
وتأتى الآيةإِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً( 54 ) ( الأحزاب )
بعد الآية السابقة لتحسم المسألة فيمن قال ذلك ، سواء قاله علنا ، أو أسرّه في نفسه فلم يعرف به أحد سواه ، أو أنه لم يكن هناك أصلا قائل افترى ذلك ، وإنما هو التشريع القرآني يأتي تباعا عن زوجات النبىّ ، كأحكام وآداب تنتظم بها حياة الناس وعلاقاتهم بنبيّهم وزوجاته ، فشدّد اللّه على من يمكن أن يقول ذلك ، وأما من يخفيه في نفسه ويضمره لوقته ، فالآية الأخيرة تنبّه إلى أن اللّه يعلم ما في الضمائر ، وما تنطوى عليه السرائر ، وهو العليم بكل شئ :يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ( 19 ) ( غافر ) .
  * * *

260 . آية تحريم الزواج على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، لو أن أزواجه توفين ، أما كان له أن يتزوج ؟

آية التحريم هي :لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً( 52 ) ( الأحزاب ) ،
نزلت مكافأة لزوجات الرسول صلى اللّه عليه وسلم بعد آية التخيير التي تقول :يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا ( 28 ) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً( 29 ) ( الأحزاب ) ،
فكن جميعا ، محسنات واخترن اللّه ورسوله والدار الآخرة لمّا خيّرهن ، فكان جزاؤهن أن اللّه تعالى قصره عليهن ، وحرّم عليه أن يتزوج بغيرهن ، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن .
وليس صحيحا ما ذهب إليه البعض أن حديث عائشة عند أحمد والترمذي والنسائي : ما مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أحلّ له النساء » ، أو حديث أم سلمة عند ابن أبي حاتم : لم يمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أحلّ له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم ، وذلك قول اللّه تعالى :تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ( الأحزاب ) ، فقد جعلت أم سلمة هذه الآية ، أي آية الإرجاء ،
ناسخة للتي بعدها ، أي آية التحريم ، وم 2226 ، ل ذلك غلط ، ويغلط أكثر من يعترض بالآية :وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ( 240 ) ( البقرة ) ،
بدعوى أنها ناسخة للآية قبلها التي تقول :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ( 243 ) ( البقرة ) ،
فليس صحيحا أن العدّة في الآية الأولى سنّة ، وتنسخها العدة في الآية الثانية أربعة أشهر وعشر ، لأن الكلام في الأولى ليس على العدة وإنما على السكنى ، ويوصى الزوج فيها أن تستمر أرملته في بيته بعد وفاته حولا كاملا ، وفي الآية الثانية العدة أربعة أشهر وعشر ، فإذا انقضت أو وضعت حملها ، فلها أن تختار الخروج والانتقال من بيت الزوجية إلى بيت أهلها ولا تمنع من ذلك ، فموضوع الآيتين مختلف إذن ، ولا يستشهد بآية سابقة على بطلان آية لاحقة ، وآية الإرجاء قبل آية التحريم فكيف تنسخها ؟ والقرآن كالجملة الواحدة ، فهكذا نزل إلى السماء الدنيا في شهر رمضان ، فمحال أن تنسخ آية الإرجاء الآية التي بعدها وهي التحريم .
والتحريم المقصود في الآية شامل ، فليس صحيحا أنه على اليهوديات والنصرانيات دون المسلمات ، لأنه تأويل ليس في الآية من يجيزه على الإطلاق .
ومعنى وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ يعنى لا تطلّق زوجة لتستبدل بها زوجة أخرى ، وليس صحيحا تفسير البعض أن التبديل هو أن ينزل عن زوجته لآخر ، لينزل له الآخر عن زوجته ، فهذا لم يعرف عن العرب ، وما كان البدل في الجاهلية بهذا المعنى ، وافترى من شنّع على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، أن عيينة بن حصن الفزاري دخل عليه صلى اللّه عليه وسلم وعنده عائشة ، فسأله عنها ، وقال له : « هذه عائشة أم المؤمنين » ؟ قال عيينة : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق ؟ !
قالوا : يعنى يتبادلون الزوجات ، فقال له الرسول صلى اللّه عليه وسلم : « يا عيينة ! إن اللّه حرم ذلك » ، فما كان عرض عيينة تبديلا ، وما كان ذلك ما يريده على الحقيقة ، وإنما أراد أن يحقّر من عائشة ، لأنها لم تكن إلا صبية !
- فالتفسير إذن بالبدل غالط ، والقول هو ما ذكرنا : أنه قد حرّم عليه أن يطلق إحداهن ليحلّ أخرى محلها ، فمنذ اخترنه لا يحلّ له أن يطلّق أيا منهن ، وهو ما حدث على الحقيقة ، فهو لم يتزوج ولم يطلّق .
وقوله تعالى وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ يعنى مهما كان حسنهن ، فليس الحسن مبررا لأن يطلق واحدة ويتزوج الجميلة ، فمن أصول الشريعة كراهة مطالعة النساء حتى ولو كان للزواج ، والمطالعة هي إدامة النظر .
ونعود إلى السؤال : فلو أن أزواجه صلى اللّه عليه وسلم توفين ، أفما كان له أن يتزوج ؟ والجواب : لا ، لأنه في جميع الأحوال تحكمه الآية :لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ.
  * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى