اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

اذهب الى الأسفل

07042021

مُساهمة 

تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Empty تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي




تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب

( 42 ) سورة الشّورى مكيّة
[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 1 إلى 5 ] 
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 
حم ( 1 ) عسق ( 2 ) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 3 ) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ( 4 ) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( 5 )
[ استغفار الملائكة لمن في الأرض ودلالته على شمول الرحمة : ]
« وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ »
قال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ كل أمر لا يبدأ فيه بحمد اللّه - أو قال بذكر اللّه - فهو أجذم ] أي مقطوع عن اللّه ، وإذا كان مقطوعا عن اللّه فإن شاء قبله وإن شاء لم يقبله ، وإذا بدئ فيه بذكر اللّه فكان موصولا به غير مقطوع ، أي ليس بأجذم ، فذكر اللّه مقبول ، فالموصول به مقبول بلا شك ، فمن علم الملائكة أنهم يسبحون بحمد ربهم استفتاحا إيثارا لجناب اللّه ، والرب المصلح ، ولا يرد الإصلاح إلا على فساد ، وما ذكر عنهم أنهم يسبحون بحمد غيره من الأسماء الإلهية ، لعلمهم أن المتوجه على العالم إنما هو الاسم الرب ، إذ كان الغالب على عالم الأرض سلطان الهوى ، وهو الذي يورث الفساد ، ثم بعد تسبيحهم بحمد ربهم« يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ »مطلقا ، من غير تعيين مؤمن من غيره ، فإن الأرض جامعة ، فدخل المؤمن وغيره في هذا الاستغفار ، فهذا الصنف من الملائكة أنزل المغفرة موضعها ، فإن اللّه ما علّق المغفرة إلا بالذنب حيث علقها ، ما قالوا مثل الصنف الآخر من الملائكة الذي حكى اللّه عنهم أنهم يستغفرون للذين تابوا ، فتنوعت مشارب الملائكة ، كما قالوا وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ )فلله ملائكة يستغفرون لمن في الأرض ، وللّه ملائكة يستغفرون للذين آمنوا ، وجعل اللّه الاضطرار في العباد ، فإذا

ص 61
 
رجعوا إلى الحق في حوائجهم من غير توبة التقريب كما قال إِنَّكُمْ عائِدُونَ )في القرب ، فعادوا كما قال ، فتعاين الملائكة ذلك الرجوع بالصورة ، فيستغفرون لمن في الأرض فيجاب الدعاء ، فإذا كان الرجوع بتوبة التقريب استغفر لهم الذين يستغفرون للذين آمنوا ، فما أعم الرحمة في الدنيا وما أخصها في الآخرة ، للّه مائة رحمة جعل منها واحدة في الدنيا ، فعمت هذا العموم على الانفراد ، ورحم الناس بها بعضهم بعضا ، فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة إلى التسعة والتسعين ورحم بها الخلق ، ووقعت بها الشفاعة وما عمّت هذا التعميم ، فانظروا هذا المعنى وتحققوه ، وكل الناس يحار فيه إلا من عرف أن التصرف للرحمة ، وغيرها إنما هو بحكم الموطن لا بنفسها ، فهنا السر الذي يحصل به العلم ، ثم إن اللّه بشر أهل الأرض بقبول استغفار الملائكة بقوله :« أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ »ولم يقل الفعال لما يريد ، ومن هذا استروحنا مآل عباد اللّه إلى الرحمة وإن سكنوا النار ، فلهم فيها رحمة لا يعلمها غيرهم ، وربما تعطيهم تلك الرحمة أن لو شموا رائحة من روائح الجنة تضرروا بها ، كما تضر رياح الورد والطيب بأمزجة المحرورين .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 6 إلى 7 ]
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ( 6 ) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ( 7 )
« وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ »الجمع ظهر في ثلاث مواطن ، في أخذ الميثاق ، وفي البرزخ بين الدنيا والآخرة ، والجمع في البعث بعد الموت ، وما ثمّ بعد هذا الجمع جمع يعم ، فإنه بعد القيامة كل دار تستقل بأهلها ، فلا يجتمع عالم الإنس والجن « 1 » بعد هذا الجمع أبدا ، فإذا ظهر الحق لعباده فتولى الفصل بينهم بحكمه بنفسه - وهو العزيز العليم - فإذا فصل وحكم وعدل وأفضل ، جعلهم في الفصل فريقين« فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ » 
وهو الفريق السعيد في دار كرامته ، دار الثواب والنعمة ، وقيّم تلك الدار رضوان ، فإنها دار رضوان
________________________________________
( 1 ) يعني مؤمنيهم وكافريهم .

ص 62

" وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ »وهو سجن الرحمن ، دار العذاب والنقمة ، وقيّمها مالك ومعناه الشديد ، يقال ملكت العجين إذا شددت عجنه .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 8 إلى 9 ]
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ( 8 ) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 9 )
 [ نسبة الولاية إلى الحق تعالى : ]
« فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ »الولي هو الناصر . واعلم أن نعت الولاية لا ينسبها اللّه لنفسه إلا بتعلق خاص للمؤمنين خاصة والصالحين من عباده ، وذلك من حيث أنّها النصر ، ولكن الولاية من اللّه - من حيث هي ولاية - عامة في مخلوقاته من حيث ما هم عبيده ، وبهذه الولاية تولاهم في الإيجاد ، ومن ذلك المشركون ، فمن عموم ولايته أن تولاهم بالوجود في أعيانهم ، وبحفظ الوجود عليهم ، وبتمشية أغراضهم ، وتولاهم بما رزقهم مما فيه قوام عيشهم ومصالحهم عموما ، ووفق من وفق منهم بولايتهم لوضع نواميس جعلها في نفوسهم من غير تنزل ، الذي هو الشرع ، فوضعها حكماء زمانهم وذوو الرأي منهم العلماء بما يصلح العالم ، فتولاهم سبحانه بأن قرر في أنفسهم ما ينبغي أن تكون به المصلحة لهم ، مراعاة لكل جزء منهم ، فإن كل جزء من العالم مسبح للّه تعالى من كافر وغير كافر ، فإن أعضاء الكافر كلها مسبحة للّه ، ولهذا يشهد عليه يوم القيامة جلده وسمعه وبصره ويده ورجله ، غير أن العالم لا يفقهون هذا التسبيح ، وسريان هذه العبادة في الموجودات ، وهذا من توليه سبحانه ، ثم إنه تولاهم بإنزال الشرائع الصادقة المعرّفة بمصالح الدنيا والآخرة ، ثم تولاهم بما أوجد من الرحمة فيهم التي يتعاطفون بها بعضهم على بعض ، في الوالدين بأولادهم في تربيتهم ، وبالأولاد على والديهم من البر بهم والاعتماد عليهم ، وبما جعل من شفقة المالكين على مماليكهم ، وعلى ما يملكونه من الحيوانات ، وتولى الحيوان بما جعل فيهم من عطف الأمهات على أولادها في كل حيوان يحتاج الولد إلى تدبير أمه ، وتولاهم بالأغراض ليهون عليهم المشقات ، ويسمى مثل هذا تسخيرا ، فيخرج الشخص لنيل غرضه فيما يزعم ، وهو من حيث التولي الإلهي ما خرج إلا في حق الغير ، وهو يتوهم أنه في حق نفسه ، وذلك

63
 
كله لأنه تعالى جعل الوجود كله ناطقا بتسبيحه ، عالما بصلاته ، فلم يتولّ اللّه إلا المؤمنين ، وما ثمّ إلا مؤمن ، والكفر عرض عرض للإنسان بمجيء الشرائع المنزلة من أجل التعريف بما هي الدار الآخرة عليه
[ نصيحة : الولي اللّه ، فلا تجالس غيره ] 
- نصيحة - الولي اللّه ، فلا تجالس غيره ، ولا تتحدث إلا معه ، فإنه يسمع عباده ، فأسمع اللّه ، فإنك إن أسمعت غيره فقد أسأت الأدب معه ، ألا ترى أن الإنسان إذا أقبل على كلامه جليسه فأسمع غيره أخجله ؟ وإذا أخجله لم يأمن غائلته ، وأهون غائلته أن يقطع به في الموضع الذي يحتاج إليه فيه .

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 10 ] 
وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ( 10 ) 
من رحمة اللّه بعباده أن جعل حكم ما اختلفوا فيه إلى اللّه ، من حيث أنّ الأسماء الإلهية هي سبب الاختلاف ، ولا سيما أسماء التقابل ، يؤيد ذلك قوله« ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي »لأنه ليس غير أسمائه فإنه القائل( ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ) ولم يقل باللّه ولا بالرحمن ، فجعل الاسم عين المسمى هنا ، كما جعله في موضع آخر غير المسمى ، فلما قال« ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي » والإشارة بذا إلى اللّه المذكور في قوله« فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ »فلو لم يكن هنا الاسم عين المسمى في قوله اللّه لم يصح قوله ربي والخلاف ظهر في الأسماء الإلهية فظهر حكم اللّه في العالم به ، فيحكم على الخلاف الواقع في العالم بأنه عين حكم اللّه ، ظهر في صورة المخالفين.

 [ سورة الشورى ( 42 ) : آية 11 ] 
فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( 11 )
[ أنزل اللّه تعالى الشرائع على أمزجة العالم المختلفة ليعم الفضل الجميع : ] 
اعلم أنه لما اختلفت الأمزجة كان في العالم العالم والأعلم ، والفاضل والأفضل ، فمنهم من عرف اللّه مطلقا من غير تقييد ، ومنهم من لا يقدر على تحصيل العلم باللّه حتى يقيده بالصفات التي لا توهم الحدوث وتقتضي كمال الموصوف ، ومنهم من لا يقدر على العلم باللّه حتى يقيده بصفات الحدوث ، فيدخله تحت حكم ظرفية الزمان وظرفية المكان والحد

64

والمقدار ، ولما كان الأمر في العلم باللّه في العالم في أصل خلقه وعلى هذا المزاج الطبيعي ، أنزل اللّه الشرائع على هذه المراتب ، حتى يعمّ الفضل الإلهي جميع الخلق كله ، فأنزل« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »وهو لأهل العلم باللّه مطلقا من غير تقييد ، 
وأنزل قوله تعالى أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً )( وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )( فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ )( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )و( اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )و( فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ )
( وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
وهذا كله في حق من قيده بصفات الكمال ، وأنزل تعالى من الشرائع( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى )( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ )( وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ )و( تَجْرِي بِأَعْيُنِنا )و( لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا )
وهذا في حق من قيده بصفات الحدوث ، فعمت الشرائع ما تطلبه أمزجة العالم ، ولا يخلو المعتقد من أحد هذه الأقسام ، والكامل المزاج هو الذي يعم جميع هذه الاعتقادات ، ويعلم مصادرها ومواردها ولا يغيب عنه منها شيء ، فإن ذات الحق وإنّيته مجهولة عند الكون ، ولا سيما وقد أخبر جل جلاله عن نفسه بالنقيضين في الكتاب والسنة ،
[ التنزيه والتشبيه بقوله تعالى : « لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ » : ] 
فشبّه في موضع ونزه في موضع ب« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »، وشبه بقوله« وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »فتفرقت خواطر التشبيه وتشتت خواطر التنزيه ، فإن المنزه على الحقيقة قد قيده وحصره في تنزيهه وأخلى عنه التشبيه ، والمشبّه أيضا قيده وحصره في التشبيه وأخلى عنه التنزيه ، والحق في الجمع بالقول بحكم الطائفتين ، فلا ينزه تنزيها يخرج عن التشبيه ، ولا يشبّه تشبيها يخرج عن التنزيه ، فلا تطلق ولا تقيد ، لتميّزه عن التقييد ، ولو تميّز تقيّد في إطلاقه ، ولو تقيّد في إطلاقه لم يكن هو ، فهو المقيّد بما قيّد به نفسه من صفات الجلال ، وهو المطلق بما سمى به نفسه من أسماء الكمال ، وهو الواحد الحق الجلي الخفي ، لا إله إلا هو العلي العظيم ، وتميزه تعالى إنما هو بأنه لا يتصف بصفات المحدثات على الوجه الذي يتصف به المحدث الممكن ، لأنه ليس كمثله شيء ، فلا يعرف العبد ربه إلا بالسلوب ، فإن اللّه تعالى لا يتصف بالحصر ولا بالحد ، ولا يتميز بذلك عندنا ، 
فقوله تعالى :" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »ثناء بالتنزيه للذات ، فهو كمال ذاتي ، فإن للذات الغنى المطلق عن العالمين ،" وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »ثناء بالكمال الإلهي لطلب المسموع والمبصر ، فإن الكمال الإلهي بالفعل هو في نفوذ الاقتدار في المقدورات ، ونفوذ الإرادة في المرادات ، وظهور أحكام الأسماء الإلهية ، والكمال الذاتي للذات الغنى المطلق عن هذا كله ، يقول

ص 65

بعض العلماء في التوحيد : إن الحق يعطي المناسبة من وجه ولا يعطي المناسبة من وجه ، ويقول جماعة من العلماء بنفي المناسبة جملة واحدة ، ومذهبنا أنا بحسب ما يلقي إلينا في حق نفسه ، فإن خاطبنا بالمناسبة قلنا بها حيث خاطبنا ، لا نتعدى ذلك الموضع ونقتصر عليه ، وإن خاطبنا برفع المناسبة رفعناها في ذلك الموطن الذي رفعها فيه لا نتعداه ، فيكون الحكم له لا لنا ، هذا هو الذي نعتمد عليه ، فقوله« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »على زيادة الكاف رفع للمناسبة الشيئية ، لأنه ما ثمّ موجود لا يغيب له عين ولا يحصره أين إلا اللّه ، وتمام الآية 
« وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ » إثبات للمناسبة ، والآية واحدة والكلمات مختلفة ، فلا نعدل عن هذه المحجة فهو أقوى حجة ، 
قال تعالى :« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » فنفى ، فإن الحقائق ترمي بالتشبيه ، لأن الجوهر ما هو عين الصورة ، فلا حكم للتشبيه عليه ، 
ثم قال :« وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »فأثبت التشبيه إثباتا للصور ، والآية تقتضي عموم الإثبات في عين النفي وفيما بعده إذا جعلت الكاف للصفة ، ويؤيد هذا النظر الخبر ، 
وهو قوله عليه الصلاة والسلام : [ إن اللّه خلق آدم على صورته ] ونفى مماثلته في حال اتصافه بهذا الوصف ، فالحق سبحانه هو الواحد الكثير ، 
فأين التنزيه من التشبيه والآية واحدة ؟ 
وهي كلامه عن نفسه على جهة التعريف لنا بما هو عليه في ذاته ، ففصل بليس وأثبت بهو ، فهو الواحد بذاته ، الكثير بأسمائه وصفاته ، 
وقد وصف اللّه نفسه بالتعجب والضحك والفرح والتبشبش وأشباه هذه الصفات الخلقية ، ووصف نفسه بليس كمثله شيء فيها ، فمن الأدب أن تنسب إليه تعالى ما نسبه إلى نفسه وإن ردّته الأدلة العقلية ، 
فإن الدليل العقلي أيضا قد علّمنا أن بعض الكون لا يعرفه على حد ما يعرف نفسه ، فهو المجهول المعروف ،
 لا إله إلا هو ، فإن النعوت التي أحالتها الأدلة العقلية ، وجاءت بصحتها الألفاظ النبوية والأخبار الإلهية ، يبطل اتصاف الحق بها من حيث حقيقة ذلك الوصف للممكن ، 
فلم يبق إلا الاشتراك في اللفظ ، إذ قد بطل الاشتراك في الحد والحقيقة ، فلا يجمع صفة الحق وصفة العبد حد واحد أصلا ، فبطل ما قالوه وطردوه شاهدا وغائبا ، فلم يكن قولنا في اللّه إنه عالم على حد ما نقول في الممكن الحادث إنه عالم ،
 من طريق حد العلم وحقيقته ، فإن نسبة العلم إلى اللّه تخالف نسبة العلم إلى الخلق الممكن ، ولو كان عين العلم القديم هو عين العلم المحدث لجمعهما حدّ واحد ذاتي ، أعني العلمين ، واستحال عليه ما يستحيل على مثله من حيث ذاته ، ووجدنا الأمر

ص 66

على خلاف ذلك ، وعلى ذلك نقول في هذه الآية« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »إنها أصل في التنزيه لأهله ، وأصل في التشبيه لأهله ، من وجه التنزيه نزه سبحانه نفسه أن يشبهه شيء من المخلوقات ، أو يشبه شيئا بقوله« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »فأعلم بأنه لا يستوي الحق والخلق« وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »فأبهم ، فحيّر العقول والفهوم بين الإعلام والإبهام ، ففي هذه الآية نفى التشبيه المفهوم منه على زيادة الكاف أو فرض المثل ، إذ كان لا يستحيل فرض المحال ، فإن بعض العلماء يرى في ذلك أنه لو فرض له مثل لم يماثل ذلك المثل ، فأحرى أن يماثل هو في نفسه ، فما حظ العقل من الشرع مما يستقل به دليله إلا« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »على زيادة الكاف ، لا على إثباتها صفة ، ومن وجه التشبيه فإن الكاف كاف الصفة ما هي زائدة كما يرى بعضهم ، وتدل عند بعضهم على نفي المثل عن المثل المحقق ، 
وهو معنى قوله صلّى اللّه عليه وسلّم : [ إن اللّه خلق آدم على صورته ] في بعض وجوه محتملات ، فجعله مثلا ثم نفى أن يماثل ذلك المثل فقال« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »أي ليس مثل مثله شيء ، فالكاف في« كَمِثْلِهِ »على وجهين : وقتا على زيادة الكاف ، ووقتا على كونها صفة لفرض المثل ، وهو مذهبنا والحمد للّه ، فإذا كان حرف الكاف زائدا كان المقصود منه نفي مثلية المرتبة ، 
قال اللّه عزّ وجل شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ ) فما له مثل ، إذ لو كان له مثل لم يصح نفيه ، فإنه ما نفى إلا المرتبة ، ما نفى مثلية الذات ، وما عيّن التفاضل في الأمثال إلا المراتب ، فلو زالت لزال التفاضل ، فمن ذاته يقبل الصور ، ومن مرتبته لا يقبل المثل ، وإذا كانت الكاف للصفة فمعناه ليس مثل مثله شيء ، فنفى وأثبت ، 
وهو قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : [ إن اللّه خلق آدم على صورته ] فظهر في الوجود صورتان متماثلتان ، كصورة الناظر في المرآة ، ما هي عينه ولا هي غيره ، لكن حقيقة الجسم الصقيل مع النظر من الناظر أعطى ما ظهر من الصورة ، ولهذا تختلف باختلاف المرآة لا بالناظر ، فالحكم في الصورة الأكبر لحضرة المجلى لا للمتجلي ، 
كذلك الصورة الإنسانية في حضرة الإمكان ، لما قبلت الصورة الإلهية لم تظهر على حكم المتجلي من جميع الوجوه ، فحكم عليها حضرة المجلى وهي الإمكان ، بخلاف حكم حضرة الواجب الوجود لنفسه ، فهذا المقدار والشكل الذي لا يقبله الواجب ، وهو الناظر في هذه المرآة ، فهو من حيث حقائقه كلها هو هو ، ومن حيث مقداره وشكله ما هو هو ، وإنما هو من أثر حضرة الإمكان فيه ، الذي هو في

ص 67

المرآة تنوع شكلها ، في نفسها ومقدارها في الكبر والصغر ، فقال تعالى في حق الإنسان الكامل« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »أي ليس مثل مثله شيء ، أي من هو مثل له بوجوده على صورته لا يقبل المثل ، أو لا يقبل الموجود على الصورة الإلهية المثال ، فعلى اعتبار الكاف زائدة يكون نفي المثلية عن الحق من جميع الوجوه ، لما أثر المحل المتجلى فيه في الصورة الكائنة ، من الشكل والمقدار الذي لا يقبله المتجلي من حيث ما هو عليه في ذاته وإن ظهر به ،  فذلك حكم عين الممكن في وجوده ،
[ المثلية اللغوية والعقلية : ] 
وعلى اعتبار الكاف كاف التشبيه نفى المثلية عن الصورة التي ظهرت ، فلم يماثلها شيء من العالم من جميع وجوه المماثلة ، فإن المثلين اللغويين لا يلزم من وصف كل واحد منهما بالمثلية لصاحبه المماثل له الاشتراك في صفات النفس ، لأن المثلية لغوية وعقلية ، فالعقلية هي التي يشترك بها في صفات النفس ، واللغوية بأدنى شبه بأمر ما يكون مثلا له في ذلك الأمر ، فيكون للمثل حكم مثله من حيث ما هو مثله فيه وقابل له ، وما ثمّ بين العبد الإنسان الكامل والحق في« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »إلا قبول لجميع الأسماء الإلهية التي بأيدينا ، وبها صحت خلافته وفضل على الملائكة ، فالخليفة إن لم يظهر فيمن هو خليفة عليه بأحكام من استخلفه وصورته في التصرف فيه ، وإلا فما هو خليفة له ، 
فالمثلية الواردة في القرآن لغوية لا عقلية ، لأن المثلية العقلية تستحيل على اللّه تعالى ، إذ دل دليل الشرع على أنه« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »من جميع الوجوه ، فكل ما تصورته أو مثّلته أو تخيلته فهو هالك ، واللّه بخلاف ذلك ، هذا عقد الجماعة إلى قيام الساعة ، وأما الدليل العقلي فلا يقول بالمثلية أصلا ، 
فقال تعالى :" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " فأتى بكاف الصفة في نفي المماثلة عن المثل المفروض ، ولها عموم النفي حين تقترن بها حال مخصصة ، إذ قصارى الناظر في ذلك التوقف حتى يرى ما تعطيه قرائن الأحوال فيها ، وهذه آية صاحب الدليل العقلي ، لكنه جاء هذا النفي والإثبات للمثلية باللسان العربي ، والمماثلة في اللسان على غير المماثلة التي اصطلح على إطلاقها العقلاء أرباب النظر ، فيحتاج العاقل أن يتكلف دليلا على أن الحق أراد المماثلة العقلية ، ولا دليل يطلب من صاحب اللسان فيها ، فإنه بلسانه نزلت وعلى اصطلاحه ، ومثل هذا لا يدرك بالقياس ولا بالنظر ، فإنه يرجع إلى قصد المتكلم ، ولا يعرف ما في نفس المتكلم إلا بإفصاحه عما في نفسه ، 
وقد قال تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ ) والعربي لا يعرف المماثلة العقلية ولا ينكرها إذا

ص 68

سمعها ، وكل لفظ ورد في وصف اللّه تعالى معرى عن لفظة المثل وحرف كاف الصفة ، فقد تعرى عن أدوات التشبيه ، ولحق بالألفاظ المشتركة . واعلم أن كاف الصفة لا فرق بينها وبين لفظة المثل ، وإن كان لهذا الحرف مواطن من جملتها موطن الصفة ، فإذا وردت في موطن الصفة في اللسان وهو أن تقول : زيد كعمرو ، فإن العرب لا تريد إلا الإفادة ، فمن المحال أن تجيء بمثل هذا وتريد أنه يماثله في الإنسانية - وهي المماثلة العقلية - وإنما تريد أنه كعمرو في الكرم مثلا ، أو في الشجاعة أو في الفصاحة أو في العلم أو في الحسن وما أشبه ذلك ، مما دل عليه الحال بقرينته عند السامع ، لتقع له الفائدة ، فإذا قال :« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »فلا بد أن يقول فيما ذا ؟ 
أو يدل عليه قرينة الحال في المجلس ، ولا سيما وقد أردف نفي المماثلة بقوله :« وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »وهاتان صفتان محققتان في المخلوق ، فلا بد أن تحقق ما نفى ، وأن يعلم هل هي كاف الصفات أو غيرها مما يطلبه اللسان منها بما وضعها له ؟ فإن كانت كاف صفة هنا فما نفى إلا مماثلة المثل أن يماثل ، 
فأثبت المثل له بالهاء التي في« كَمِثْلِهِ »وهي ضمير يعود على الحق ، ومعلوم أن المثل ليس عين مماثله ، ولو كان عين من هو مثل له ما كان مثلا ، لا عقلا ولا شرعا ، فوجود المثل عين إثبات الغير بلا شك ، فإن عمت المماثلة فهي العقلية بلا شك ولا ينكرها اللسان ، 
وإن خصت فهي لما خصت له حقيقة لا مجازا ، مثل زيد كالبحر لاتساعه في العلم أو في الجود ، 
ومن العلماء من جعل الكاف في« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »زائدة ، فإن كانت جاءت لمعنى فما هي زائدة ، فإن ذلك المعنى الذي سيقت له لا يظهر ولا يحصل إلا بها في نفس المخاطب ، فانتفى أن تكون زائدة ، فإن اللّه ما خلق شيئا باطلا ولا عبثا ، والزائد لغير معنى إنما هو عبث ، والعرب من المحال أن تجيء بزائد لغير معنى ، 
فإذا جاءت بهذا الحرف جاءت به لمعنى ، فهو لما جاءت به ، فإن المتكلم لا يجيء بالكلمة فيما يقوله النحوي زائدة إلا لقصد التوكيد ، فإذا زالت زال التوكيد ، فإذا ما هي زائدة ، 
فإن الكلام المؤكد ما استقل دونها وما يقوم مقامها ، فإذا أكد تعالى نفي المثل فما هي زائدة ، فجعل تأكيد نفي المثل في مقابلة من أثبت المثل فرضا ووجودا في زعمه ، والصحيح في هذه الكاف أنها كاف الصفة بقرائن الأحوال ، 
أي لو فرض له مثل لم يماثل ذلك المثل ، فأحرى أن لا يماثل ، فهو أبلغ في المعنى في نفي المماثلة في اللسان ، 
ثم نقول في قولنا بقرائن الأحوال لكون الحق ما وصف الإنسان الكامل إلا بما

ص 69

وصف به نفسه ، فنفى مماثلة الإنسان الكامل أن يماثله شيء من العالم ، ويعضد هذا قوله إنه خلق آدم على صورته ، فهذا خبر يقع به الأنس للنفس ، فما في العالم زائد لغير معنى ، لأنه ما فيه عبث ولا باطل ، بل كل ما فيه مقصود لمعنى ، 
فأتى بكاف الصفة - ما هي الكاف زائدة كما ذهب إليه بعض الناس ممن لا معرفة له بالحقائق حذرا من التشبيه - فنفى أن يماثل المثل غير من هو مثله ، فنفي المثل عن مثل المماثل ، نفي المثل عن المماثل ، أي ليس مثل مثله شيء ، وما مثله إلا من خلق على صورته ، فنفى سبحانه أن يماثل المثل فهو أحق . 

واعلم أنه لا جامع بين العبودية والربوبية بوجه من الوجوه ، وأنهما أشد الأشياء في التقابل ، فإن المثلين وإن تقابلا فإنهما يشتركان في صفات النفس ، وكل ضدين أو مختلفين من العالم فلا بد من جامع يجتمعان فيه إلا العبد والرب ، 
فإن كل واحد لا يجتمع مع الآخر في أمر ما من الأمور جملة واحدة ، فالعبد من لا يكون فيه من الربوبية وجه ، والرب من لا يكون فيه من العبودية وجه ، فلا يجتمع الرب والعبد أبدا ، 
فكما لا يكون العبد ربا لأنه لنفسه عبد ، فإن الرب لذاته هو رب ، فلا يتصف العبد بشيء من صفات الحق بالمعنى الذي اتصف بها الحق ، ولا الحق يتصف بما هو حقيقة للعبد ، وغاية صاحب الوهم أن يجمع بين الرب والعبد في الوجود ، وذلك ليس بجامع ، فإني لا أعني بالجامع إطلاق الألفاظ ، 
وإنما أعني بالجامع نسبة المعنى إلى كل واحد على حد نسبته إلى الآخر ، 
وهذا غير موجود في الوجود المنسوب إلى الرب والوجود المنسوب إلى العبد ، فإن وجود الرب عينه ، ووجود العبد حكم يحكم به على العبد ، ومن حيث عينه قد يكون موجودا وغير موجود ، والحد في الحالين على السواء في عينه ، فإذا ليس وجوده عينه ، ووجود الرب عينه ، 
فقال تعالى :« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »على وجوه كثيرة ، قد علم اللّه ما يؤول إليه قول كل متأول في هذه الآية ، وأعلاها قولا ، أي ليس في الوجود شيء يماثل الحق ، أو هو مثل الحق ، إذ الوجود ليس غير عين الحق ، فما في الوجود شيء سواه يكون مثلا له أو خلافا ، هذا ما لا يتصور ، فإن اللّه هو عين الوجود ، وإن أعيان الممكنات على حالها ، ما تغير عليها وصف في عينها ، فإن قلت : فهذه الكثرة المشهودة ؟ 

قلنا : هي نسب أحكام استعدادات الممكنات في عين الوجود الحق ، والنسب ليست أعيانا ولا أشياء ، وإنما هي أمور عدمية بالنظر إلى حقائق النسب ، فإذا لم يكن في الوجود شيء سواه فليس مثله شيء ، لأنه ليس

ص 70

[ وحدة الوجود ، وجود الحق عينه : ] 
ثمّ ، فإنّ أعيان الممكنات ما استفادت إلا الوجود ، والوجود ليس غير عين الحق ، لأنه يستحيل أن يكون أمرا زائدا ليس الحق ، لما يعطيه الدليل الواضح ، فما ظهر في الوجود بالوجود إلا الحق ، وهو واحد ، فليس ثم شيء هو له مثل ، لأنه لا يصح أن يكون ثمّ وجودان مختلفان أو متماثلان ، فإن الحق له التقدم على الخلق بالوجود من جميع الوجوه بالمكانة والرتبة ، فكان ولا مخلوق ، وهذا تقدم الوجود ، وقدّر وقضى وحكم وأمضى إمضاء لا يرد ولا يقضى عليه ، فهذا تقدم الرتبة ، 
فوجب التأخر عن رتبة الحق من جميع الوجوه ، فلا يجتمع الخلق والحق أبدا في وجه من الوجوه ، فالعبد عبد لنفسه ، والرب رب لنفسه ، فالعبودية لا تصح إلا لمن يعرفها ، فيعلم أنه ليس فيها من الربوبية شيء ، والربوبية لا تصح إلا لمن يعرفها ، 
فيعرف أنه ليس فيها من العبودية شيء ، ولما علمنا أنه من تأخر عن أمر فقد انقطع عنه ، علمنا أن كل واحد قد تميز في رتبته عن الآخر بلا شك ، وإن أطلق على كل واحد ما أطلق على الآخر ، فيتوهم الاشتراك وهو لا اشتراك فيه ، فإن الرتبة قد ميزته ، 
فيقبل كل واحد ذلك الإطلاق على ما تعطيه الرتبة التي تميز بها ، فإنا نعلم قطعا أن الأسماء الإلهية التي بأيدينا تطلق على اللّه وتطلق علينا ، ونعلم قطعا بعلمنا برتبتنا وبعلمنا برتبة الحق ، أن نسبة تلك الأسماء التي وقع في الظاهر الاشتراك في اللفظ بها إلى اللّه غير نسبتها إلينا ، فما انفصل عنا إلا بربوبيته ، وما انفصلنا عنه إلا بعبوديتنا ، 
فمن لزم رتبته منا فما جنى على نفسه ، بل أعطى الأمر حقه ، فينبغي للعبد أن لا يقوم في مقام يشم منه فيه رائحة ربوبية ، فإن ذلك زور وعين جهل ، وصاحبه ما حصل له مقام العبودة كما هو الأمر في نفسه
[ أمهات المطالب الأربعة وما يصح أن يسأل بها عن الحق : ] 
- مسئلة - أمهات المطالب أربعة ، وهي :
 هل ، سؤال عن الوجود ،
 وما ، وهو سؤال عن الحقيقة التي يعبر عنها بالماهية ، 
وكيف ، وهو سؤال عن الحال ، 
ولم ، وهو سؤال عن العلة والسبب ، 
واختلف الناس فيما يصح منها أن يسأل بها عن الحق ، واتفقوا على كلمة هل ، فإنه يتصور أن يسأل بها عن الحق ، واختلفوا فيما بقي ،
 فمنهم من منع ومنهم من أجاز فيقال للجميع من المتشرعين المجوزين والمانعين : كلكم قال وما أصاب ، 
وما من شيء قلتموه من منع وجواز إلا وعليكم فيه دخل ، والأولى التوقف عن الحكم بالمنع أو بالجواز ، 
هذا مع المتشرعين ، وأما غير المتشرعين من الحكماء فالخوض معهم في ذلك لا يجوز ، إلا إن أباح الشرع ذلك أو أوجبه ، وأما إن لم يرد في الخوض فيه معهم نطق

ص 71

من الشارع فلا سبيل إلى الخوض فيه معهم فعلا ، ويتوقف في الحكم في ذلك ، فلا يحكم على من خاض فيه أنه مصيب ولا مخطئ ، وكذلك فيمن ترك الخوض ، 
إذ لا حكم إلا للشرع فيما يجوز أن يتلفظ به أو لا يتلفظ به ، يكون ذلك طاعة أو غير طاعة ، وأما العلم النافع في ذلك أن نقول : كما أنه سبحانه لا يشبه شيئا كذلك لا تشبهه الأشياء ، وقد قام الدليل العقلي والشرعي على نفي التشبيه وإثبات التنزيه من طريق المعنى ، 
وما بقي الأمر إلا في إطلاق اللفظ عليه سبحانه ، الذي أباح لنا إطلاقه عليه في القرآن أو على لسان رسوله ، فأما إطلاقه عليه فلا يخلو إما أن يكون العبد مأمورا بذلك الإطلاق ، فيكون إطلاقه طاعة فرضا ، 
ويكون المتلفظ به مأجورا مطيعا ، وإما أن يكون مخيرا فيكون بحسب ما يقصده المتلفظ ، وبحسب حكم اللّه فيه ، وإذا أطلقناه فلا يخلو الإنسان إما أن يطلقه ويصحب نفسه في ذلك الإطلاق المعنى المفهوم في الوضع بذلك اللسان ، 
أو لا يطلقه إلا تعبدا شرعيا على مراد اللّه فيه ، من غير أن يتصور المعنى الذي وضع له في ذلك اللسان ، كالفارسي الذي لا يعلم اللسان العربي وهو يتلو القرآن ولا يعقل معناه وله أجر التلاوة ، كذلك العربي فيما تشابه من القرآن والسنة ، 
يتلوه أو يذكر ربه به تعبدا شرعيا على مراد اللّه فيه ، من غير ميل إلى جانب بعينه مخصوص ، فإن التنزيه ونفي التشبيه يطلبه ، فالأسلم والأولى في حق العبد أن يرد علم ذلك إلى اللّه في إرادته إطلاق تلك الألفاظ عليه ، 
ومن ذلك أن الحق تعالى لا يتقيد وجوده مع وجود العالم بقبلية ولا معية ولا بعدية زمانية ، فإن التقدم الزماني والمكاني في حق اللّه ترمي به الحقائق في وجه القائل به على التحديد ، اللهم إلا إن قال به من باب التوصيل ، كما قاله الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ونطق به الكتاب ، 
فإذا تقرر ذلك لم يبق لنا أن نقول : 
إلا أنّ الحق تعالى موجود بذاته لذاته ، مطلق الوجود ، غير مقيد بغيره ، ولا معلول عن شيء ، ولا علة لشيء ، بل هو خالق المعلولات والعلل ، والملك القدوس الذي لم يزل ، والعالم موجود باللّه تعالى لا بنفسه ، ولا لنفسه ، مقيد الوجود بوجود الحق في ذاته ، فلا يصح وجود العالم البتة إلا بوجود الحق ، وإذا انتفى الزمان عن وجود الحق وعن وجود مبدأ العالم ، فقد وجد العالم في غير زمان ، فلا نقول من جهة ما هو الأمر عليه : إن اللّه موجود قبل العالم ، إذ قد ثبت أن القبل من صيغ الزمان ولا زمان ، ولا إن العالم موجود بعد الحق ، إذ لا بعدية ، ولا مع وجود الحق فإن الحق هو الذي أوجده ، وهو فاعله ومخترعه

ص 72

ولم يكن شيئا ، ولكن كما قلنا ، الحق موجود بذاته ، والعالم موجود به ، فإن سأل سائل ذو وهم : متى كان وجود العالم من وجود الحق ؟ 
قلنا : متى سؤال زماني ، والزمان من عالم النسب ، وهو مخلوق للّه تعالى ، لأن عالم النسب له خلق التقدير لا خلق الإيجاد ، فهذا سؤال باطل ، فانظر كيف تسأل ؟ 
فلم يبق إلا وجود صرف خالص لا عن عدم ، وهو وجود الحق تعالى ، ووجود عن عدم عين الموجود نفسه ، وهو وجود العالم ، ولا بينية بين الوجودين ، ولا امتداد إلا التوهم المقدر الذي يحيله العلم ولا يبقي منه شيئا ، ولكن وجود مطلق ومقيد ، وجود فاعل ووجود منفعل ، فارتفع بهذه الآية " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " 
الأشكال والأمثال ، ولم يتقيد أمر الإله ولا انضبط ، وجهل الأمر ، وتبين أنه لم يكن معلوما في وقت الاعتقاد بأنه كان معلوما لنا ، ولم يحصل في العلم به أمر ثبوتي ، بل سلب محقق ونسبة معقولة أعطتها الآثار الموجودة في الأعيان ، فلا كيف ولا أين ولا متى ، ولا وضع ولا إضافة ، ولا عرض ولا جوهر ، ولا كم وهو المقدار ، وما بقي من العشرة إلا انفعال محقق وفاعل معين ، أو فعل ظاهر من فاعل مجهول ، يرى أثره ولا يعرف خبره ، ولا يعلم عينه ولا يجهل كونه ، فالحق لا يضاهى لأنه ليس كمثله شيء ، أما صفات التشبيه فهي مضاهاة مشروعة ، فما أنت ضاهيته ، فالعقل ينافي المضاهاة ، والشرع يثبت وينفي ، والإيمان بما جاء به الشرع هو السعادة ، فلا يتعدى العاقل ما شرع اللّه له ، والعاقل من هجر عقله واتبع شرعه بعقله من كونه مؤمنا ، وأكمل العقول عقل ساوى إيمانه ، وهو عزيز
 -تحقيق - [ لا مثل في الأعيان الموجودة ] 
من هذه الحقيقة الإلهية حقيقة ليس كمثله شيء ، سرت الحقيقة في المخلوقات أن لا مثل في الأعيان الموجودة ، وأن المثلية أمر معقول متوهم ، فإنه لو كانت المثلية صحيحة ما امتاز شيء عن شيء مما يقال هو مثله ، فذلك الذي امتاز به الشيء عن الشيء هو عين ذلك الشيء ، فما ثمّ مثل أصلا ، ولا يقدر على إنكار الأمثال ، ولكن بالحدود لا غير ، ولهذا نطلق المثلية من الحقيقة الجامعة المعقولة لا الموجودة ، فالأمثال معقولة لا موجودة ، فما أدرك المدرك - أي شيء أدرك - إلا من حقيقة ليس كمثله شيء ، وذلك لأن الأصل الذي نرجع إليه في وجودنا وهو اللّه تعالى ليس كمثله شيء ، فلا يكون ما يوجد عنه إلا على حقيقته أنه لا مثل له ، ولو كان قبول المثل موجودا في العالم ، لاستند في وجوده من ذلك الوجه إلى غير حقيقة إلهية ، وما ثمّ موجد إلا اللّه ، ولا مثل له ، فما في الوجود شيء له مثل ،

ص 73

بل كل موجود متميز عن غيره بحقيقة هو عليها في ذاته ، فإذا أطلق المثل لا يطلق إلا عرفا ، فإذا كان كل محدث لا يقبل المثلية كما قررنا ، فالحق أولى بهذه الصفة - ومن وجوه التنزيه أن غنى الحق مطلق بالنظر إلى ذاته ، والخلق مفتقر على الإطلاق بالنظر أيضا إلى ذاته ، فتميز الحق من الخلق ، وهذا التمييز لا يرتفع أبدا ، لأنه تميز ذاتي في الموصوف به من حق وخلق ، فما ثمّ إلا شيئيتان ، شيئية حق وشيئية خلق ، فليس كمثل الخلق في افتقاره شيء ، لأنه ما ثمّ إلا الحق ، والحق لا يتصف بالافتقار ، فما هو مثل الخلق ، فليس مثل الخلق شيء ، وليس كمثل الحق في غناه شيء ، لأنه ما ثمّ إلا الخلق ، والخلق لا يتصف بالغنى لذاته ، فما هو مثل الحق ، فليس مثل الحق شيء ، لأنه كما قلنا ما ثمّ شيء إلا الخلق والحق ، فمن لم يعلم قوله تعالى :« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »على ما قررناه فلا علم له بهذه الآية ، فإنه جاء بالكاف ، ثم نفى المثلية عن نفسه بزيادة الكاف للتأكيد في النفي ، ثم نفى المثلية عن العالم بجعل الكاف صفة ، فعلق النفي بالمماثل في النفي ، أي انتفت عن الخلق المثلية ، لأنه ما ثمّ إلا حق لا يماثل وانتفت المثلية عن الحق لأنه ما ثم إلا خلق لا يماثل ، 
فأعظم الثناء عندنا في حق الحق قوله تعالى :« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »سواء كانت كاف الصفة أو كانت زائدة ، وكونها للصفة أبلغ في الثناء على العالم ، باللسان الذي نزل به القرآن ، 
يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في دعائه وثنائه على ربه عزّ وجل
 [ لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ] 
يريد قوله تعالى« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »وقال الصديق الأكبر رضي اللّه عنه : العجز عن درك الإدراك إدراك ؛ والحق سبحانه ما أثنى على نفسه بأعظم من نفي المثل ، فلا مثل له سبحانه ، ولهذا قال في حق العالم من حيث ما هو ناطق( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ )والتسبيح تنزيه ، وأما قوله تعالى :« وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »فكون الإله سميعا بصيرا تعلق تفصيلي ، فهما حكمان للعلم ، ووقعت التثنية من أجل المتعلق الذي هو المسموع والمبصر . واعلم أن ضوء البدر كان في السرار من الشمس في الوجه الذي ينظر إلى الشمس في حين المسامتة ، والظاهر لا نور فيه ، وفي ليلة الإبدار ينعكس الأمر ، فيكون الظهور بالاسم الظاهر ، وكذلك فعل الحق مع عامة عباده ، احتجب عنهم غاية الحجاب كالسرار في القمر فلم يدركوه فقال :« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »رحمة بهم ، فلم يجدوا في أذهانهم ولا في طبقات أحوالهم ما يذهلهم ، فجاء سرا في رحمة حجاب هذه الآية ، وهذا غاية نزول الحق إلى عباده في

ص 74
 
مقام الرحمة لهم ، ثم استدرجهم قليلا قليلا بمثل« وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »و( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ )
وقوله أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى )إلى أن تقوت أنوار بصائرهم بالمعرفة باللّه ، وأنسوا به قليلا قليلا إلى أن يتجلى لهم في المعرفة التامة النزيهة ، التي لو تجلى لهم فيها في أول الحال لهلكوا من ساعتهم ، فقال عزّ من قائل( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ )فقبلوه ولم ينفروا منه ، ونسوا حال« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »فكان بقاؤهم في ذلك المقام بقطع اليأس لرفع المناسبة من جميع الوجوه . 
واعلم أن أعلى المحامد بلا خلاف عقلا وشرعا« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »، ثم تمم الآية لنعرف المقصود ويصح أول الآية فقال« وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »، فلو لم يتمم لكان أول الآية يؤذن بأنا لسنا بعبيد وليس هو لنا بإله ، فلا بد من رابط وليس إلا الاشتراك ، إلا أنه عين الأصل في ذلك ، ونحن فيه كنسبة الفرع إلى الأصل ، وإن كان على صورته فليس هو عينه ، ونسبتنا إليه أن الوجود له ، وهو الذي استفاده منه المحدث ، فالنسبة التي ورد بها السمع نسبة العبد إلى السيد ، والمخلوق إلى الخالق ، والرب إلى المربوب ، والمقدور إلى القادر ، والمصنوع إلى الصانع ، فهذه الآية له ولنا من أجل الكاف ، والاشتراك يؤذن بالتناسب ، ولولا المناسبة التي بيننا وبينه تعالى ما وجدنا ولا قبلنا التخلق بالأسماء الإلهية ، وأعظم الحضرات الإلهية أنه لا يشبهه شيء ، فكما انتفت المثلية عنه انتفت المثلية عن العالم وهو كل ما سوى اللّه ، فلا مثل للّه إلا أن يكون إله ، ولا إله إلا اللّه ، فلا مثل للّه ، ولا مثل للعالم إلا أن يكون عالم ، ولا عالم إلا هذا العالم وهو الممكنات ، فلا مثل للعالم ، فصحت المناسبة
[ خلاصة التحقيق : لا يعلم الحق إلا العلم ، كما لا يحمده إلا الحمد ] 
- خلاصة التحقيق - لا يعلم الحق إلا العلم ، كما لا يحمده إلا الحمد ، وأما أنت فتعلمه بواسطة العلم ، وهو حجابك ، فإنك ما تشاهد إلا العلم القائم بك ، وإن كان مطابقا للمعلوم ، وعلمك قائم بك وهو مشهودك ومعبودك ، 
فإياك أن تقول إن جريت على أسلوب الحقائق : إنك علمت المعلوم ، وإنما علمت العلم ، والعلم هو العالم بالمعلوم ، وبين العلم والمعلوم بحور لا يدرك قعرها ، فإن سر التعلق بينهما مع تباين الحقائق بحر عسير مركبه ، بل لا تركبه العبارة أصلا ولا الإشارة ، ولكن يدركه الكشف من خلف حجب كثيرة دقيقة ، لا يحس بها أنها على عين بصيرته لرقتها ، وهي عسيرة المدرك ، فأحرى من خلفها ، 
فانظر أين هو من يقول : إني علمت الشيء من ذلك الشيء ؟ محدثا كان أو قديما ، بل ذلك في المحدث ، وأما القديم فأبعد وأبعد ، إذ لا مثل له ، فمن أين يتوصل إلى

ص 75
يتبع
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 7 أبريل 2021 - 6:24 من طرف عبدالله المسافربالله

تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب

( 42 ) سورة الشّورى مكيّة
العلم به ؟ أو كيف يحصل ؟ 
والذوق الذي يكون في مشاهدة الحق لا يقع عليه اصطلاح ، فإنه ذوق الأسرار ، وهو خارج عن الذوق النظري والحسي ، 
فإن الأشياء - أي كل ما سوى اللّه - لها أمثال وأشباه ، فيمكن الاصطلاح فيها للتفهيم ، عند كل ذائق له فيها طعم ذوق ، من أي نوع كان من أنواع الإدراكات ، والبارئ ليس كمثله شيء ، فمن المحال أن يضبطه اصطلاح ، 
فإن الذي يشهد منه شخص ما هو عين ما شهده شخص آخر جملة واحدة ، وبهذا يعرفه العارفون ، فلا يقدر عارف بأمر أن يوصل إلى عارف آخر ما يشهده من ربه ، لأن كل واحد من العارفين شهد من لا مثل له ، 
ولا يكون التوصيل إلا بالأمثال ، فلو اشتركا في صورة لاصطلحا عليها بما شاءا : وإذا قبل ذلك واحد جاز أن يقبل جميع العالم ، فلا يتجلى في صورة واحدة لشخصين من العارفين ، فلما علم العارفون أن اللّه لا يتجلى في صورة واحدة لشخصين ، ولا في صورة واحدة مرتين ، لم ينضبط لهم الأمر ، لما كان لكل شخص تجل يخصه ، ورآه الإنسان من نفسه ، فإنه إذا تجلى له في صورة ، ثم تجلى له في صورة غيرها فعلم من هذا التجلي ما لم يعلمه من هذا التجلي الآخر من الحق ، هكذا دائما في كل تجل ، علم أن الأمر في نفسه كذلك ، في حقه وحق غيره ، فلا يقدر أن يعيّن في ذلك اصطلاحا تقع به الفائدة بين المتخاطبين ، فهم يعلمون ولا ينقال ما يعلمون ، ولا في قوة أصحاب هذا المقام الأبهج الذي لا مقام في الممكنات أعلى منه ، أن يضع عليه لفظا يدل على ما علمه منه ، إلا ما أوقعه تعالى ، وهو قوله عزّ وجل « لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » فنفى المماثلة ، فما صورة يتجلى فيها لأحد تماثل صورة أخرى . 

فعزّ الأمر أن يدرى فيحكى *** وجلّ فليس يضبطه اصطلاح 
فتجهله العقول إذا تراه *** تعبر عنه ألسنة فصاح 
من أقوام مقلدة عقولا *** لإمكان يكون به الصلاح 
فهم بالفكر قد جمعوا عليه *** على جهل فخانهم الفلاح 
وقال العارفون بما رأوه *** فما اصطلحوا فجاءهم النجاح 
فليس كمثله في الكون شيء *** وليس له بنا إلا السراح 

فكل ما خطر في سرك ، أو تصور وحصر في وهمك ، أو حاك وتلجلج في صدرك ، أو دل عليه عقلك ، فاللّه بخلاف ذلك ، فإنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . 

ص 76

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 12 ]
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 12 )
« لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » له الفتح بها« يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ »فهي بيده ، وما كان بيده فليس يخرج عنه ، فهو المعطي والآخذ.

 [ سورة الشورى ( 42 ) : آية 13 ] 
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ( 13 )
[ إقامة الدين وارتباطه باتخاذ الإمام : ] 
أمر الحق في هذه الآية بإقامة الدين ، وهو شرع الوقت في كل زمان وملة ، وأن يجتمع عليه ولا يتفرق فيه ، فهو أمر على الوجوب ، فإن يد اللّه مع الجماعة ، وإنما يأكل الذئب القاصية ، وهي البعيدة التي شردت وانفردت عما هي الجماعة عليه ، والقائمون بالدين إذا اجتمعوا على إقامة الدين ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو ، وكذلك الإنسان في نفسه ، إذا اجتمع في نفسه على إقامة دين اللّه لم يغلبه شيطان من الإنس ولا من الجن بما يوسوس به إليه ، مع مساعدة الإيمان والملك بلمته له ، وما ثمّ من الأعمال السارية في كل نبوة إلا إقامة الدين والاجتماع عليه وكلمة التوحيد ، 
وهو قوله تعالى :« شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ »الآية - 
وهو الذي بوب عليه البخاري باب ما جاء أن الأنبياء دينهم واحد ، وجاء بالألف واللام في الدين للتعريف ، لأنه كله من عند اللّه وإن اختلفت بعض أحكامه ، فالكل مأمور بإقامته والاجتماع عليه ، فالأنبياء دينهم واحد ، وليس إلا التوحيد وإقامة الدين والعبادة ، ففي هذا اجتمعت الأنبياء عليهم السلام ، فدين الأنبياء واحد ما ثم أمر زائد« أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ »أي في القيام به ، فهذه الصفة هي الجامعة لكل ذي شرع ، وإن اختلفت الشرائع ، فثمّ أمر جامع« كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ »من الوحدة ، فهو كثير بالأحكام ، فإن له الأسماء الحسنى ، وكل اسم علامة على حقيقة معقولة ليست هي

ص 77
 
الأخرى ، ووجوه العالم في خروجه من العدم إلى الوجود كثيرة تطلب تلك الأسماء ، أعني المسميات ، وإن كانت العين واحدة ، كما أن العالم من حيث هو عالم واحد ، وهو كثير بالأحكام والأشخاص« اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ »فما ذكر لشقي هنا نعتا ولا حالا ، بل ذكر الأمر بين اجتباء وهداية ، فمن علم الهداية والاجتباء علم ما جاءت به الأنبياء ، وكلا الأمرين إليه ، فمن اجتباه إليه جاء به إليه ولم يكله إلى نفسه ، ومن هداه إليه أبان له الطريق الموصلة إليه ليسعده ، وتركه ورأيه ، فإما شاكرا وإما كفورا ، فلما لم يذكر الحق في هذه الآية العامة للشقاء اسما ولا عينا ، وذكر الاجتباء والهداية ، وهو البيان ، وجعل الأمرين إليه ، علمنا أن الحكم للرحمة التي وسعت كل شيء ، 
وما ذكر في المشرك إلا كون هذا الذي دعي إليه كبر عليه ، لأنه دعي من وجه واحد ، وهو يشهد الكثرة من وجوده ، فما فهم عن اللّه مراد اللّه بذلك الخطاب ، فإنه تعالى جمع ووحد ، 
فقال : إني وإنا وأنا ، ولهذا كبر على المشركين ، فإن معقول نحن ما هو معقول إني ، وجاء الخطاب بإليه فوحد وما رأوا للجمع عينا ، فكبر ذلك عليهم ، 
فلما علم الحق أن ذلك كبر عليه رفق به وجعل الأمر إليه تعالى بين اجتباء وهداية ، ووحد بإليه في الأمرين رفقا به وأنسا له ، ليعلم أنه الغفور الرحيم بالمسرفين على أنفسهم ، ومن هذه الآية نعلم أن اتخاذ الإمام واجب شرعا مع كونه موجودا في فطرة العالم ، أعني طلب نصب الإمام ، 
فقد أمر اللّه تعالى بإقامة الدين بلا شك ، ولا سبيل إلى إقامته إلا بوجود الأمان في أنفس الناس على أنفسهم ، وأموالهم وأهليهم من تعدي بعضهم على بعض ، وذلك لا يكون أبدا ما لم يكن ثمّ من تخاف سطوته وترجى رحمته ، 
يرجع أمرهم إليه ويجتمعون عليه ، فإذا تفرغت قلوبهم من الخوف الذي كانوا يخافونه على أموالهم ونفوسهم وأهليهم ، تفرغوا إلى إقامة الدين الذي أوجب اللّه عليهم إقامته ، 
وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب ، فاتخاذ الإمام واجب ، ويجب أن يكون واحدا لئلا يختلفا ، فيؤدي إلى امتناع وقوع المصلحة وإلى الفساد.

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 14 إلى 15 ]
وَما تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ( 14 ) 

ص 78

فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ( 15 )
[ " وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ " : ]
« وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ »لما كان المكلّف من جهة الحقيقة ملقى طريحا عند باب سيده ، تجري عليه تصاريف الأقدار ، وما أودع اللّه في حركات هذه الأكوار ، مما يجيء به الليل والنهار ، من تنوع الأطوار ، بين محو وإثبات ، لظهور آيات بعد آيات ، 
وقد جعل اللّه المكلّف محلا للحياة والحركات ، وطلب منه القيام من تلك الرقدة بما كلفه من القيام بحقه ، فكان أصعب ما يمر على العارفين قوله« اسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ »فلا يعرف هل وافق أمر اللّه إرادته فيهم أنهم يمتثلون أمره أو يخالفونه ؟ 
وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلّم : [ شيبتني هود ] فإنها السورة التي نزل فيها« فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ »[ وأخواتها ] مما فيها هذه الآية أو ما في معناها.

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 16 إلى 19 ]
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ( 16 ) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ( 17 ) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ( 18 ) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ( 19 )
 [ اللطف الإلهي وعلاقته بالرزق : ] 
اللطف الإلهي هو الذي يدرج الراحة من حيث لا يعرف من لطف به ، ومن لطفه أنه الذي يأتيهم بكل ما هم فيه ولا تقع أبصار العباد إلا على الأسباب التي يشهدونها ،

ص 79

فيضيفون ما هم فيه إليها .

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 20 ]
مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ( 20 )
« مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ »وهو النصيب الأخروي وأجرها« نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ »فنوفقه للعمل الصالح ، فلا يزال ينتقل من خير إلى خير في خير ، فمن حسنة إلى حسنة ، فإذا كسب الآخرة نال ما اقتضاه العمل ، والزيادة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فينال في الآخرة جميع أغراضه كلها ، وزيادة ما لم يبلغه غرضه ، والآخرة هنا هي الجنة ومن دخلها ، والحسنة هي حرث الآخرة في الدنيا ، فإن الدنيا منزل لا يمكن أن ينال أحد فيه جميع أغراضه ، بل يؤتيه اللّه منها ، وأما الآخرة وهي الجنة فهي منزل ينال السعيد فيها جميع أغراضه كلها وزيادة من غير توقف« وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا »وهي فانية ، وفرح بها وآثر نصيب الدنيا على نصيب الآخرة لاستيلاء الغفلة عليه ، فمن أراد حرث الدنيا فما يجني إلا ثمرة غرسه لا غير ، فقال تعالى :« نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ »
[ اعتبار ووصية : نزّه نفسك عن الدنيا وأوضارها : ] 
- اعتبار ووصية - نزّه نفسك عن الدنيا وأوضارها ، واجعلها خادمة لك ولرعيتك ، أي جوارحك وقواك ، وما الدنيا إلى جانب منصبك الذي أهلك اللّه إليه ، المقدس عن تعلق الكونين به ؟ ! 
فكيف عن الدنيا التي مقتها اللّه تعالى ، وما نظر إليها من حين خلقها ؟ ! 
وناهيك من تشبيه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إياها بالجيفة والمزبلة ، مع إخباره أنها لا تساوي عند اللّه جناح بعوضة ، وأنها ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان من ذكر اللّه ، فيجمل بهمة خليفة مثلك ، قد خلقه اللّه نورا ، جوهرة يتيمة ، أن يلحظ ببصره أو بطرفه إلى جيفة أو مزبلة أو يتكالب عليها ؟ ! 
وقد قال تعالى : يا دنيا اخدمي من خدمني ، واستخدمي من خدمك ، فالدنيا وفقك اللّه تطلبك حتى توفيك ما قدّره لك من استخلفك ، من جاهك ورزقك وأرزاق رعيتك ، فأجمل في الطلب ، واسع في تخليص رعيتك وتخليص نفسك باشتغالك بما كلفك من استخدمك من الأوامر والنواهي والحدود ، فعليك بالإعراض عن الدنيا تأتيك خادمة راغمة ، والذي يصل إليك منها وأنت مقبل عليها ، هو الذي يصل إليك وأنت معرض عنها ، ذكر كعب الأحبار أن اللّه تعالى ذكر في التوراة : يا ابن آدم إن رضيت بما قسمت لك أرحت

ص 80

قلبك وبدنك ، وأنت محمود ، وإن لم ترض بما قسمت لك ، سلطت عليك الدنيا ، حتى تركض فيها ركض الوحوش في البرية ، وعزتي وجلالي لا تنال منها إلا ما قدّرت لك وأنت مذموم ؛ فعلّق الراحة بالقلب مع البدن ، إذ لا يصح طلب شيء من غير إرادة ، إذ هي المحركة للباحث على البحث والتفتيش ، والإرادة من خاصتك المصرفة لعامتك ، فإن تصرفت في المضمون تصرفا كليا ، لم تتهيأ لامتثال أوامرك عليها ، وعند عدولها عن ذلك كنت لئيما على رعيتك ، على ما يرد في داخل الباب ، فاللّه اللّه ، اجهد أن لا تتعلق لك إرادة إلا بمراد محبوبك من جهة ظاهر الأمر ، وباطن الإرادة بعد وقوع المراد ، المؤدي إلى العلم بأن ذلك الواقع لولا ما سبق في العلم على ذلك ، وتعلقت به الإرادة لما وقع على ذلك الوصف ، مع جواز تبدله في نفسه في وقوعه على غير ذلك ، وهل خلقت الدنيا إلا من أجلك ؟ وخلقك سبحانه من أجله ، فأوجدك له وأوجد الأشياء لك ، أنزل في التوراة : يا ابن آدم ، خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك ؛ 

قال اللّه تعالى في القرآن العظيم :
( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ ، وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ )
وقال وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ )
وقال تعالى اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ ،وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها )إلى أمثال هذا مما لا يحصى في القرآن كثرة.

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 21 ] 
أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ( 21 ) 
ليس لمخلوق أن يشرع ما لم يأذن به اللّه ، ولا أن يوجب وقوع ممكن من عالم الغيب يجوز خلافه في دليله على جهة القربة إلى اللّه إلا بوحي من اللّه وإخبار ، وأما ما اقتضاه نظر المجتهدين من العلماء في الأحكام فإنه بتقرير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فحكم المجتهد من شرعه صلّى اللّه عليه وسلّم الذي يعطي المجتهد دليله ، وهو الذي أذن اللّه به ، فما هو من الشرع الذي لم يأذن به اللّه ، فإن ذلك كفر وافتراء على اللّه ، وليس الاجتهاد أن تحدث حكما ، هذا غلط ،
[ تعريف الاجتهاد المشروع : ] 
وإنما الاجتهاد المشروع في طلب الدليل من كتاب أو سنة أو إجماع ، وفهم عربي على إثبات حكم في تلك
ص 81

المسألة بذلك الدليل الذي اجتهدت في تحصيله والعلم به في زعمك ، هذا هو الاجتهاد ، فإن اللّه تعالى ورسوله ما ترك شيئا إلا وقد نص عليه ولم يتركه مهملا ، فإن اللّه تعالى يقول الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )وبعد ثبوت الكمال فلا يقبل الزيادة ، فإن الزيادة في الدين نقص في الدين ، وذلك هو الشرع الذي لم يأذن به اللّه ، فينبغي لكل مؤمن أن يجتنب صحبة المبتدعين في دين اللّه ما لم يأذن به اللّه .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 22 إلى 23 ] 
تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ( 22 ) ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ( 23 )
[ « لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى . . . » الآية : ] 
لما كان أجر جميع الرسل على اللّه وحده - من قوله تعالى( قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍإِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ )- اختص محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بفضيلة لم ينلها غيره ، عاد فضلها على أمته ، ورجع حكمه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى حكم الرسل قبله في إبقاء أجره على اللّه ، فأمره الحق أن يأخذ أجره الذي له على رسالته من أمته ، وهو أن يوادوا قرابته ، فقال له :« قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً »أي على تبليغ ما جئت به إليكم« إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى »فتعين على أمته أداء ما أوجب اللّه عليهم من أجر التبليغ ، فوجب عليهم حب قرابته صلّى اللّه عليه وسلّم وأهل بيته ، وجعله باسم المودة وهو الثبوت على المحبة ، فلما جعل له ذلك ، ولم يقل إنه ليس له أجر على اللّه ولا أنه بقي له أجر على اللّه ، وذلك ليجدد له النعم بتعريفه ما يسرّ به ، فقيل له بعد هذا : قل لأمتك آمرا - ما قاله كل رسول لأمته( ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ )فما سقط الأجر عن أمته في مودتهم للقربى ، وإنما رد ذلك الأجر بعد تعيينه عليهم ، فعاد ذلك الأجر عليهم الذي كان يستحقه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فيعود فضل المودة على أهل المودة ، فما

ص 82

يدري أحد ما لأهل المودة في قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الأجر إلا اللّه ، 
ولكن أهل القربى منهم ، ولهذا جاء بالقربى ولم يجئ بالقرابة ، 
فوددنا من قرابته صلّى اللّه عليه وسلّم القربى منهم ، وهم المؤمنون ، 
ولذلك فرّق عمر رضي اللّه عنه بين من هو أقرب قرابة ، وأقرب قربى ، وهو عربي نزل القرآن بلسانه ، فلو لا ما في ذلك فرقان في لسانهم واصطلاحهم ما فرق عمر بين القربى والقرابة ، قال تعالى لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ )
فلو كانت المودة في القربى التي سألها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم منا ، يريد به القرابة ما نفاها الحق عنها في قوله( يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )
ولو كانوا قرابتهم ، فعلمنا أن المودة في القربى أنها في أهل الإيمان منهم ، وهم الأقربون إلى اللّه ، فتميز صلّى اللّه عليه وسلّم عن سائر الرسل عليهم السلام بما أعطى اللّه لأمته في مودتهم في القربى ، 
وتميزت أمته على سائر الأمم بما لها من الفضل في ذلك ، وجاء تعالى بلفظ المودة ، 
وهي الثبوت على المحبة ، فإنه من ثبت وده على أمر استصحبه في كل حال ، وإذا استصحبته المودة في كل حال لم يؤاخذ أهل البيت بما يطرأ منهم في حقه مما له أن يطالبهم به ، فيتركه ترك محبة وإيثارا لنفسه لا عليها ، فبالنسبة لحقوقنا وما لنا أن نطالبهم به فنحن مخيرون ، إن شئنا أخذنا وإن شئنا تركنا ، 
والترك أفضل عموما ، فكيف في أهل البيت ؟ فإذا نزلنا عن طلب حقوقنا وعفونا عنهم في ذلك ، أي فيما أصابوا منا كانت لنا بذلك عند اللّه اليد العظمى والمكانة الزلفى ، 
فإن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ما طلب منا عن أمر اللّه إلا المودة في القربى ، وفيه سر صلة الأرحام ، ومن لم يقبل سؤال نبيه فيما سأله فيه - مما هو قادر عليه - بأي وجه يلقاه غدا ؟ ويرجو شفاعته ؟ 
وهو ما أسعف نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما طلب منه من المودة في قرابته ، فكيف بأهل بيته ؟ 
فهم أخص القرابة ، وما سأل منا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الأجر على تبليغ الدعاء إلا المودة في القربى ، وهو حب أهل البيت وقرابته صلّى اللّه عليه وسلّم ، وأن يكرموا من أجله كانوا ما كانوا ، 
وقد طرأ على الشيعة - ولا سيما الإمامية - تلبيسات من عدم الفهم حتى ضلوا ، فدخلت عليهم شياطين الجن أولا بحب أهل البيت واستفراغ الحب فيهم ، ورأوا أن ذلك من أسنى القربات إلى اللّه ، وكذلك هو لو وقفوا ولا يزيدون عليه ، 
إلا أنهم تعدوا في حب أهل البيت إلى طريقين ، منهم من تعدى إلى بغض الصحابة وسبهم حيث لم يقدموهم ، 
وتخيلوا أن أهل البيت أولى بهذه المناصب الدنيوية ، فكان منهم ما قد عرف واستفاض ، وطائفة زادت إلى
ص 83  

سب الصحابة القدح في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، وفي جبريل عليه السلام ، وفي اللّه جل جلاله ، حيث لم ينصوا على رتبتهم وتقديمهم في الخلافة للناس ، حتى أنشد بعضهم : ما كان من بعث الأمين أمينا ؛ وهذا كله واقع من أصل صحيح ، وهو حب أهل البيت ، أنتج في نظرهم فاسدا ، فضلوا وأضلوا ، فانظر ما أدى إليه الغلو في الدين ، أخرجهم عن الحد فانعكس أمرهم إلى الضد .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 24 إلى 25 ]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ( 24 ) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ( 25 ) 
إذا رجع العبد إلى اللّه بالتوبة رجع الحق إليه بالقبول ، فإن اللّه لا يقبل معاصي عباده ويقبل التوبة والطاعات ، وهذا من رحمته بعباده ، فإنه لو قبل المعاصي لكانت عنده في حضرة المشاهدة كما هي الطاعات ، فلا يشهد الحق من عباده إلا ما قبله ، ولا يقبل إلا الطاعات ، فلا يرى من عباده إلا ما هو حسن محبوب عنده ، ويعرض عن السيئات فلا يقبلها .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 26 إلى 27 ]
وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ( 26 ) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ( 27 ) 
اعلم أن السخاء هو العطاء على قدر الحاجة من غير مزيد ، لمصلحة يراها المعطي ، إذ لو زاد على ذلك ربما كان فيه هلاك المعطى إياه ، ولذلك قال تعالى :« وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ »وهو الثابت الواقع ، ولا حكم لأداة ( لو ) ، فإن كلمة ( لو ) لو زرعت ما نبت عنها شيء ويخسر البذر ، فمتى سمعت ( لو ) حيث سمعتها فلا تنظر إلى ما

84

تحتها ، فإن ما تحتها لا يوجد ، فلا تخف منها ولا من دلالتها ، وليكن مشهودك الواقع خاصة ، فإنه لو وجد البغي عن البسط لم تقم الحجة عليهم ، ولكنه تعالى قال( لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ )لأنهم يضعفون عن القيام بما يستحقه بسط الرزق من الشكر ، وليس في قوة الإنسان إلا البغي به والكفر والأشر والبطر« وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ » 
يعني الرزق ، وله موازين ، فإنه لو بسط اللّه الرزق لعباده لبغوا في الأرض ، فأنزل بقدر ما يشاء ، فيمنع بحق وحكمة ، ويعطي بحق وحكمة ، فهو الموصوف بالمعطي والمانع ، وهو بكل شيء عليم ، فما أنزل شيئا إلا بقدر معلوم ، ولا خلق شيئا إلا بقدر ، فإذا وجد البغي مع القدر قامت الحجة على الخلق ، فإن القدر ما يقع بوجوده في موجود معين المصلحة المتعدية منه إلى غير ذلك الموجود ، فمنع الغير مما بيده مع حصول الاكتفاء فما زاد فيعلم أنه لمصلحة غيره« إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ »فيعلم على من يبسط رزقه ، وعلى من يقبض عنه ذلك القدر الذي بسطه على غيره فبغي به ، ولذلك ما ذكر إلا عموم البسط في العباد كلهم ، وأضاف البغي للكل ، لأنه قد بسط للبعض فوقع منهم البغي فيما بسطه له ، لأنه شغله عن حاجة نفسه الضرورية بحاجة نفسه التي هي غير ضرورية . ولما كانت الدنيا تجري لأجل مسمى وينقضي أمدها ، فتكون الأشياء فيها تجري إلى أجل مسمى ، 
قال تعالى :« وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ »لأجل ذلك الأجل ، فينزل مالكها فيها بقدر معلوم مساو لمدة الأجل ، والآخرة بخلاف ذلك ، فإنها لا ينتهي أمدها ، ألا ترى إلى قوله تعالى في خلق هذه الأرض الأولى ( وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها ) فجعلها ذات مقدار ، فالرزق مقسوم ومنزل بقدر معلوم ، ولا ينقص ولا يزيد بسؤال العبيد . 
طلب المزيد في الجبلة في كل ملة ، كيف لا يظهر بالافتقار من حكم عليه الاضطرار ، وبقي الحكم للأقدار ، فكل شيء عنده بمقدار ، وهذه الآية دليل على أن البسط لا يكون إلا لرفيع المنزلة رفيع الدرجات ، فينزل بالحال إلى حال من هو في أدنى الدرجات ، فلما تمكن هذا البسط في قلوب العباد أثر في قلوبهم بغيا فتعدوا منزلتهم ، 
فقالوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ )حيث نزل الحق إليهم في البسط بقوله مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ )

[ إشارة : استدامة تجلي التوحيد يؤدي إلى تعطيل الأحكام : ] 
- إشارة - نبه الحق بهذه الآية على مقام القبض ، فإن إظهار التوحيد - أي توحيد الأفعال - للّه تعالى ، يوما ما أو في نازلة ما ، لا في كل يوم ، ولا في كل النوازل ، لأن استدامة هذا التجلي يؤدي إلى تعطيل الأحكام والديانات ، وإذا كان ذلك خرب الملك عاجلا أو آجلا ، فاللّه اللّه ولا لمحة بارق من التوحيد .

ص 85
 
[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 28] 
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ( 28 ) 
وذلك من آثار البسط الإلهي لعباده ، واتساع مغفرته وعموم فضله .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 29 إلى 30 ]
وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ ( 29 ) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ( 30 ) 
ما أصابت المصائب من أصابته إلا جزاء بما كسبت يده ، مع كون اللّه تعالى يعفو عن كثير ، وقوله تعالى :« وَما أَصابَكُمْ »الآية ، ما ظهر من الفتن والخراب والحروب والطاعون ، فهو كله جزاء بأعمال عملوها ، فاستحقوا بذلك ما ظهر من الفساد في البر والبحر« وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ »مما لو شاء آخذ به عباده - راجع المائدة آية ( 15 ) .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 31 إلى32 ] 
وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ( 31 ) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ( 32 ) 
تسري بها الريح .

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 33 ] 
إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ( 33 ) 
يقول الحق في حق راكب البحر إذا اشتد عليه الريح وبرد ، فبما فيها من النعمة يطلب منه الشكر عليها ، وبما فيها من الشدة والخوف يطلب منه الصبر ، فيقول :« إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ »وهو ما ابتلي به من الريح لسوق الجواري في البحر :« لِكُلِّ صَبَّارٍ »لما فيها من الأمر المفزع الهائل« شَكُورٍ »لما فيها من الفرح والنعمة بالوصول إلى المطلوب بسرعة .

ص 86
 
[سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 34 إلى 36 ]
أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ ( 34 ) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ( 35 ) فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ( 36 ) 
احذر من فتنة الحياة الدنيا وزينتها ، والزاهد في الدنيا مال إلى قوله تعالى :« وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى »وأما العارف فمال إلى قوله تعالى وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى ).

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 37 إلى 38 ]
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ( 37 ) وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ( 38 )
[ « وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ . . . » الآية - المشاورة محاورة : ] 
المشاورة محاورة ، وهي إن دلت على عدم الاستقلال بجودة النظر ، فهي من جودة النظر ، وإن نبهت على ضعف الرأي فهي من الرأي ، عرض الإنسان ما يريد فعله على الآراء ، دليل على عقله التام ليقف على تخالف الأهواء ، فيعلم مع أحدية مطلوبه أنه وإن تفرد ، فله وجوه تتعدد ، وأي شيء أدل على أحدية الحق ، من مشاورة الخلق ، لا يطلع على مراتب العقول إلا أصحاب المشاورة ، ولا سيما في المسامرة ، فإنها أجمع للهم والذكر ، وأقدح لزناد الفكر .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 39 إلى 40 ] 
وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ( 39 ) وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ( 40 ) 
السوء على نوعين : سوء شرعي وسوء ما يسوؤك ، وإن حمده الشرع ولم يذمه ، فقد يكون هذا السوء من كونه يسوؤك ، لا أن السوء فيه حكم اللّه ، كما قال تعالى :« وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها »فالسيئة الأولى شرعية صاحبها مأثوم عند اللّه ، لأنه تعدى ، والسيئة

ص 87

الأخرى ما يسوء المجازى عليها ، فهي ليست بسيئة شرعا وإنما هي سيئة من حيث إنها تسوء المجازى بها كالقصاص ،[ سبب تسمية الجزاء سيئة : ] 
فسمى اللّه الجزاء سيئة بالمثلية ، وليس الجزاء بسيئة مشروعة ، لأن اللّه لا يشرع السوء ، فنبه تعالى بقوله :« وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ »على الزهد والترك للأخذ عليها بتسمية الجزاء سيئة ، فأنزل المسئ منزلة السيئة وسمي بها ، فلم يقل وجزاء المسئ ، فإن المسئ هو الذي يجازى بما أساء لا السيئة ، فإن السيئة قد ذهب عينها ، وهي لا تقبل الجزاء ، وأضيف الجزاء إلى السيئة ، فللمسيء حكم السيئة ، ولذلك نبه تعالى بقوله« مِثْلُها »فأطلق على الجزاء اسم سيئة ، ومن اتصف بشيء من ذلك فيقال فيه : إنه مسيء ، فحث تعالى على اختيار العفو على الجزاء بالمثل نفاسة وتقديس نفس ، من أن توصف بأنها محل للسيئة والسوء ، فقال فيمن لم يفعلها« فَمَنْ عَفا »فنبه على أن ترك الجزاء على السيئة من مكارم الأخلاق ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الرجل الذي طلب القصاص من قاتل من هو وليه ، فطلب منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يعفو عنه أو يقبل الدية فأبى ، 
فقال : خذه ؛ فأخذه ، فلما قفى قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : [ أما إنه إن قتله كان مثله ] 
يريد قوله تعالى وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) فسمي قاتلا ، فبلغ ذلك القول الرجل فرجع إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وخلّى عن قتله وتركه وعفا ،« فَمَنْ عَفا »ولم يجاز بالسيئة على السيئة ، أي عفا المظلوم عمن ظلمه ولم يؤاخذه بما استحق عليه فهو أولى« وَأَصْلَحَ »أي عفا عمن أساء إليه وأصلح ، يعني حال من أساء إليه بالإحسان ، فأصلح منه ما كان أوجب الإساءة إليه منه ، فما أراد بأصلح إلا هذا ، ولا يحصل في هذا المقام إلا من له همة عالية ، فإن اللّه قد أباح له أن يجازي المسئ بإساءته على وزنها ، فأنف على نفسه أن يكون محلا للاتصاف بما سماه الحق سيئة ، 
ولهذا النوع أجر على اللّه من وجهين : أجر العفو - وأجر العفو من اللّه كثير فإنه من الأضداد - وأجر الإصلاح ، وهو الإحسان إليه ، المزيل لما قام به من الموجب للإساءة إليه ، واللّه يحب المحسنين ، ولو لم يكن في إحسانه المعبر عنه بالإصلاح إلا حصول حب اللّه إياه الذي لا يعدله شيء لكان عظيما فيكون أجر من هذا صفته على اللّه أجر محب لمحبوب ، وكفى بما تعطيه منزلة الحب ، فما يقدر أحد أن يقدر أجر ما يعطيه المحب لمحبوبه ، فقال تعالى :« فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ »وكان ينبغي أن يكون أجره على من تركت مطالبته بجنايته ، فتحمل اللّه ذلك الأجر عنه إبقاء على المسئ ورحمة به ، فلا يبقى للمظلوم عليه حق يطالبه

ص 88

به ، فشرع اللّه لنا في بعض الحقوق أنا إذا تركناها كان أعظم لنا ، وجعل ذلك من مكارم الأخلاق فقال :« فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ »أي هذه صفة الحق فيمن عفى عنه ، فيما هو حق له معرى عن حق الغير ، فإقامة العدل إنما هو في حق الغير ، 
وما كان اللّه ليأمر بمكارم الأخلاق ولا يكون الجناب الإلهي موصوفا به ، فكذلك يفعل مع عباده فيما ضيعوه من حقه وحقوقه ، يعفو ويصفح ويصلح ، فيكون المآل إلى رحمة اللّه في الدارين ، فتعمهم الرحمة حيث كانوا ولا يستوون ، فما أمرك بالعفو عمن جنى عليك إلا ليعفو عنك إذا جنيت عليه في ظنك ، 
ولو علم الناس قدر ما نبهنا عليه في هذه المسألة ما جازى أحد من أساء إليه بإساءة ، 
فما كنت ترى في العالم إلا عفوّا مصلحا ، فإن المسئ في حقنا ، 
الذي خيرنا اللّه بين جزائه بما أساء وبين العفو عنه لما أساء ، أعطانا من خير الآخرة ما نحن محتاجون إليه ، حتى لو كشف اللّه الغطاء بيننا وبين ما لنا من الخير في الآخرة في تلك المساءة حتى نراها عيانا ، لقلنا إنه ما أحسن أحد في حقنا أحسن من هذا الذي قلنا إنه أساء في حقنا ، فلا يكون جزاؤه عندنا الحرمان ، 
فنعفو عنه فلا نجازيه ، ونحسن إليه مما عندنا من الفضل على قدر ما تسمح به نفوسنا ، فإنه ليس في وسعنا ولا يملك مخلوق في الدنيا ما يجازي به من الخير من أساء إليه ، ولا يجد ذلك الخير ممن أحسن إليه في الدنيا ، فمن كان هذا عقده ونظره كيف يجازي المسئ بإساءته إذا كان مخيرا فيها ، ولو لم يكن ثم إخبار من اللّه بالخير الأخروي لمن أسيء إليه إذا صبر ولم يجاز لكان المقرر في العرف كافيا فيما في التجاوز والعفو والصفح عن المسئ ، فإن ذلك من مكارم الأخلاق ، ولولا إساءة المسئ إليّ ما اتصفت أنا ولا ظهرت مني هذه المكارم من الأخلاق ، 
كما أني لو عاقبته انتفت عني هذه الصفات في حقه ، وكنت إلى الذم أقرب مني إلى أن أحمد علي العقاب ، فكيف والشرع قد جاء في ذلك بأن أجر من يعفو ويتجاوز ولا يجازي أنه على اللّه ؟ .

 [ سورة الشورى ( 42 ) : آية 41 ] 
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ( 41 ) 
من طلب حقه واستقصاه فلا يلام .

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 42 إلى 45 ] 
إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ( 42 )

ص 89
يتبع

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 7 أبريل 2021 - 6:35 من طرف عبدالله المسافربالله

تفسير الآيات من "01 - 53 " من سورة الشورى .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب

( 42 ) سورة الشّورى مكيّة
وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ( 43 ) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ( 44 ) وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ ( 45 )

[الخشوع :] 
الخشوع مقام الذلة والصغار ، وهو نعت محمود في الدنيا على قوم محمودين ، وهو نعت محمود في الآخرة على قوم مذمومين شرعا ، وفيهم قال تعالى« خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ »ولا يكون الخشوع حيث كان إلا عن تجل إلهي على القلوب ، في المؤمن عن تعظيم وإجلال ، وفي الكافر عن قهر وخوف وبطش ، 
قال عليه السلام : [ إن اللّه إذا تجلى لشيء خشع له ]« يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ »إلى إله قاهر عليّ ، فإن هذا النظر حال الذليل لا يقدر يرفع رأسه من القهر ، وذلك الخشوع من الكافر يوم القيامة والذلة والنظر المنكسر الذي لا يرفع بسببه رأسه إنما هو للّه تعالى ، خوفا منه ، فلو راقبوه في دنياهم أمنوه في أخراهم ، وهذا كان حال المؤمن في الدنيا ، فمن لم يتضع هنا اتضع هناك ، ومن لم يخشع هنا خشع من الذل هناك ، فلتبشر الخاشعين في هياكل الظلم بالسرور في هياكل النور ، ولما كان هذا حال المؤمن في الدنيا لخوفه من اللّه تمم« وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ ».

[ سورة الشورى ( 42 ) : الآيات 46 إلى48 ]
وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ ( 46 ) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ( 47 )  فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ ( 48 )

ص 90

" إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ " وقد فعل صلّى اللّه عليه وسلّم فبلغ ، وأسمع اللّه من شاء وأصم من شاء.

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 49 ] 
لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ ( 49 )
الوهب هو إعطاء إنعام لا لطلب الشكر ولا العوض ، وهو وصف يرجع إليه تعالى ، ما طلب منهم في ذلك عوضا« يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً »مراعاة لمحل التكوين« وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ »مراعاة للملقي .

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 50 ] 
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ( 50 ) 
- الوجه الأول – " أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً »مراعاة للمجموع ، فإن زوجهم إناثا أو ذكرانا أو ذكرا وأنثى فلوجود الجمع« وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً »لمن لا يقبل الولادة
[ خلق الخنثى : ] 
- الوجه الثاني - « أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً »وهو الخنثى ، وينكر الطبيعيون أن يكون من ماء المرأة شيء ، وذلك ليس بصحيح ، فإن الإنسان يتكون من ماء الرجل ومن ماء المرأة ، فإن عيسى عليه السلام تكون جسمه من ماء أمه فقط ، 
وقد ثبت عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الذي لا ينطق عن الهوى أنه قال : [ إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرا ، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثا ] 
وفي رواية [ سبق بدل علا ] فقد جاء بالضمير المثنى في أذكرا وأنثا والمرأة والرجل إذا لم يسبق أحدهما صاحبه في إنزال الماء ، وأنزلا معا بحيث أن يختلطا ولا يعلو أحد الماءين على الآخر فإنه من أجل تلك الحالة إذا وقعت على تلك الصورة يخلق اللّه الخنثى ،

ص 91

فيجمع بين الذكورة والأنوثة ، وهو قوله تعالى :« أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً »، فإن كانا على السواء من جميع الجهات والاعتدال من غير انحراف ماء أحدهما كان الخنثى ، يحيض من فرجه ويمني من ذكره ، 
فيعطي الولد ويقبل الولد ممن ينكحه ، وإن انحرف الماء عن الاعتدال ولم يبلغ مبلغ العلو على الآخر كان الحكم للمنحرف إلى العلو ، 
فإن كان ماء المرأة حاض الخنثى ولم يمن ، وإن كان ماء الرجل أمنى ولم يحض ، فسبحان القدير الخلاق العليم" إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ " فوصف تعالى نفسه في ذلك بأنه عليم قدير وهو وصف يرجع إليه .

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 51 ] 
وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ( 51 )
[ « وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً . . . » الآية : ] 
اعلم أن المناجاة والمشاهدة لا يجتمعان ، فإن المشاهدة للبهت والكلام للفهم ، فالعبد في حال الكلام مع ما يتكلّم به لا مع المتكلم ، أي شيء كان . واعلم أن خطاب اللّه تعالى أو كلام اللّه تعالى لمن شاء من عباده في حالتي اليقظة والمنام على ثلاثة أنواع : نوع يسمى وحيا ، ونوع يسمعه كلامه من وراء حجاب ، ونوع بوساطة رسول ، فيوحي ذلك الرسول من ملك أو بشر بإذن اللّه ما يشاء اللّه لمن أرسله إليه ، وهو كلام اللّه ، إذ كان هذا الرسول إنما يترجم عن اللّه ، فالإنسان لا يسمع كلام الحق من كونه بشرا إلا بهذه الضروب التي ذكرها الحق في هذه الآية أو بأحدها ، فإذا زال في نظره عن بشريته وتحقق بمشاهدة روحه كلمه اللّه بما كلم به الأرواح المجردة عن المواد ، وذلك لأن للبشر ما يباشره من الأمور الشاغلة له عن اللحوق برتبة الروح التي له من حيث روحانيته ، فإن ارتقى عن درجة البشرية كلمه اللّه من حيث كلم الأرواح إذ كانت الأرواح أقوى في التشبه ، لكونها لا تقبل التحيز والانقسام ، وتتجلى في الصور من غير أن يكون لها باطن وظاهر ، فما لها سوى نسبة واحدة من ذاتها ، وهي عين ذاتها ، والبشر من نشأته ليس كذلك ، ففيه ما يقتضي المباشرة والتحيز والانقسام ، وفيه ما لا يطلب ذلك وهو روحه المنفوخ فيه ، ولذلك قال تعالى :« وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ »وهو بشر« إِلَّا وَحْياً »وهو الخطاب الإلهي ، والوحي هو السرعة ، والوحي هو المفهوم الأول والإفهام الأول ، ولا أعجل من أن يكون

ص 92

عين الفهم عين الإفهام عين المفهوم منه ، ولا سرعة أسرع مما ذكرناه ، فإن لم تحصل لك هذه النكتة فلست صاحب وحي ، فالوحي ما يسرع أثره من كلام الحق تعالى في نفس السامع ، وقد يكون الوحي إسراع الروح الإلهي الأمري بالإيمان بما يقع به الإخبار ، والمفطور عليه كل شيء مما لا كسب له فيه من الوحي أيضا ، كالمولود يتلقى ثدي أمه ، ذلك من أثر الوحي الإلهي إليه ، وقال تعالى وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ )فلو لا ما فهمت من اللّه وحيه لما صدر منها ما صدر ، ولهذا لا يتصور المخالف إذا كان الكلام وحيا ، فإن سلطانه أقوى من أن يقاوم( وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ )وكذا فعلت ولم تخالف ، مع أن الحالة تؤذن أنها ألقته في الهلاك ، ولم تخالف ولا ترددت ولا حكمت عليها البشرية ، بأن إلقاءه في اليم في تابوت من أخطر الأشياء ، فدل على أن الوحي أقوى سلطانا في نفس الموحى إليه من طبعه الذي هو عين نفسه ، فإذا زعمت أن اللّه أوحى إليك ، 
فانظر في نفسك في التردد أو المخالفة ، فإن وجدت لذلك أثرا بتدبير أو تفضيل أو تفكر فلست صاحب وحي ، فإن حكم عليك وأصمك وحال بين فكرك وتدبيرك وأمضى حكمه فيك ، فذلك هو الوحي ، وأنت عند ذلك صاحب وحي ، والوحي على ضربين
 - الوجه الأول - الوحي منه ما يلقيه الحق إلى قلوب عباده من غير واسطة ، فأسمعهم في قلوبهم حديثا لا يكيف سماعه ، 
ولا يأخذه حدّ ولا يتصوره خيال ، ومع هذا يعقله ولا يدري كيف جاء ، ولا من أين جاء ، ولا ما سببه ، فقوله تعالى :« إِلَّا وَحْياً »يعني من الوجه الخاص ، بما يلقي اللّه برفع الوسائط ، وهو ما يلقيه في القلب على جهة الحديث ، فيحصل من ذلك علم بأمر ما ، وهو الذي تضمنه ذلك الحديث ، وإن لم يكن كذلك فليس بوحي ولا خطاب ، فإن بعض القلوب يجد أصحابها علما بأمر ما من العلوم الضرورية عند الناس ، فذلك علم صحيح ليس عن خطاب ، وكلامنا إنما هو في الخطاب الإلهي المسمى وحيا ، فإن اللّه تعالى جعل مثل هذا الصنف من الوحي كلاما ، ومن الكلام يستفيد العلم بالذي جاء له ذلك الكلام ، وبهذا يفرق إذا وجد ذلك ، وهؤلاء البشر منهم المحدثون الذي ورد الخبر الصحيح أن عمر بن الخطاب منهم - الوجه الثاني -« إِلَّا وَحْياً »يريد إلهاما بعلامة يعلم بها أن ربه كلمه ، حتى لا يلتبس عليه الأمر« أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ »فهو خطاب إلهي يلقيه على السمع لا على

93

القلب ، فيدركه من ألقي عليه فيفهم منه ما قصد به من أسمعه ذلك ، وقد يحصل له ذلك في صورة التجلي حيث كان ، فيكلمه من وراء حجاب صورة ما يكلمه به ، فتخاطبه تلك الصورة الإلهية وهي عين الحجاب ، فيفهم من ذلك الخطاب علم ما يدل عليه ، ويعلم أن ذلك حجاب ، وأن المتكلم من وراء ذلك الحجاب ، ورد في الصحيح تجلي الحق في الصور وتحوله فيها ، وقد يكون من وراء حجاب يريد إسماعه إياه لحجاب الحروف المقطعة والأصوات ، كما سمع الأعرابي القرآن المتلو الذي هو كلام اللّه ، أو حجاب الآذان أيضا من السامع ، 
فيكون الحجاب صورة بشرية لتقع المناسبة بين الصورتين بالخطاب ، وقد يكون الحجاب بشريته مطلقا ، فيكلمه في الأشياء كما كلم موسى عليه السلام من جانب الطور الأيمن في البقعة المباركة ،( أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ ) فوقع الحد بالجهة ، وتعين البقعة ، فكان الحجاب صورة النار التي وقع فيها التجلي ،
« أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا »من جنسك وغير جنسك ، فمن
 - الوجه الأول - يكلمه بواسطة بشر ، 
وهو قوله ( فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ) فأضاف الكلام إلى اللّه ، وما سمعته الصحابة ولا هذا الأعرابي إلا من لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، أو إذا أوحى اللّه إلى الرسول البشري من الوجه الخاص بارتفاع الوسائط ، وألقاه الرسول علينا ، فهو كلام الحق لنا من وراء حجاب تلك الصورة المسماة رسولا إن كان مرسلا إلينا أو نبيا ، فإن الحق لا يكلم عباده ولا يخاطبهم إلا من وراء حجاب صورة يتجلى لهم فيها ، تكون تلك الصورة حجابا عنه ودليلا عليه ، ألا ترى كلام اللّه موسى عليه السلام وقد تجلى له في صورة حاجته وهي النار ، ومن
 - الوجه الثاني – " أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا " يعني لذلك البشر ، فهو ترجمان الحق في قلب العبد ، فيكلمه بوساطة رسول من ملك ، كقوله ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ ) يعني القرآن الذي هو كلام اللّه ، على قلب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، 
فيكون قوله تعالى على كلا الوجهين« أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا » ينوب عنه في الكلام ، وهو الترجمان ، فهو ما ينزل به الملك ، أو ما يجيء به الرسول البشري إلينا إذا نقلا كلام اللّه خاصة مثل التالي« فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ » اللّه تعالى ما أمره أن يوحي به إليه « إِنَّهُ عَلِيٌّ » أي عليم بما تقتضيه المراتب التي ذكرها وأنزلها منزلتها« حَكِيمٌ » يريد بإنزال ما علمه منزلته
 - تحقيق - البشرية حجاب لا يرتفع أبدا ، - انظر في بشريتك تجدها عين سترك الذي كلمك من ورائه ، فقد يكلمك منك فأنت حجاب نفسك عنك وستره عليك ، ومن المحال

ص 94

أن تزول عن كونك بشرا ، فإنك بشر لذاتك ولو غبت عنك أو فنيت بحال يطرأ عليك ، فبشريتك قائمة العين ، فالستر مسدل ، ولذلك أخطأ من قال : ما دام في بشريته فالكلام له من وراء حجاب ، ولكن إذا خرج عن بشريته ارتفع الحجاب ؛ 
والخطأ هنا في قوله : ارتفع الحجاب ؛ ولم يقيد ، وإنما يقال : ارتفع حجاب بشريته ، ولا شك أن خلف حجاب بشريته حجبا أخر ، 
فقد يرتفع حجاب البشرية ويقع الكلام من اللّه لهذا العبد خلف حجاب آخر ، أعلاها من الحجب ، وأقربها إلى اللّه ، وأبعدها من المخلوق ، المظاهر الإلهية التي يقع فيها التجلي إذا كانت محدودة معتادة المشاهدة ، كظهور الملك في صورة رجل ، فيكلمه على الاعتدال للعادة والحد ، 
وقد تجلى له وقد سد الأفق ، فغشي عليه لعدم المعتاد ، وإن وجد الحد ، فكيف بمن لم ير حدا ولا اعتاد ؟ 
فقد تكون المظاهر غير محدودة ولا معتادة ، وقد تكون محدودة لا معتادة ، وقد تكون محدودة معتادة ، ومن هذا نعلم أن اللّه ما جمع لأحد بين مشاهدته وبين كلامه في حال مشاهدته ، فإنه لا سبيل إلى ذلك إلا أن يكون التجلي الإلهي في صورة مثالية ، فحينئذ يجمع بين المشاهدة والكلام ، ولذلك قال تعالى :« وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ »وما زال البشر عن حكم بشريته كمسألة موسى ، والحجاب عين الصورة التي يناديه منها ، وما يزال البشر عن بشريته وإن فني عن شهودها ، فعين وجودها لا يزول والحد يصحبها
[ مسألة : الفرق بين الكلام والقول ] 
- مسألة الفرق بين الكلام والقول - الكلام ، ما أثر ولا يدخله انقسام ، فإذا دخله الانقسام فهو القول ، وفيه المنة الإلهية والطول ، القرآن كله قال اللّه ، وما فيه تكلم اللّه ، وإن كان قد ورد فيه ذكر الكلام ، ولكن تشريفا لموسى عليه السلام ، ولو جاء بالكلام ما كفر به أحد ، لأنه من الكلم ، فيؤثر فيمن أنكره وجحد ، ألا ترى إلى قوله( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً ) كيف سلك به نهجا قويما ؟ 
فأثر فيه كلامه ، وظهرت عليه أحكامه ، فإذا أثر القول ، فما هو لذاته بل هو من الامتنان الإلهي والطول ، ففرّق بين القول والكلام ، تكن من أهل الجلال والإكرام ، كما تفرق بين الوحي والإلهام ، وبين ما يأتي في اليقظة والمنام ، ولما أخبر الحق تعالى نبيه بالمراتب كلها التي تطلبها البشرية من كلام الحق قال له : -

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 52 ]
وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 52 )

ص 95

" وَكَذلِكَ " أي ومثل ذلك« أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا »
[ « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا . . . » الآية : ] 
- الوجه الأول - يعني الروح الأمين الذي نزل به على قلبك 
- الوجه الثاني - يعني قوله تعالى يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ )« ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ »وهو عرو المحل عن كل ما يشغله عن قبول ما أوحي به إليه ، فما هو تحت كسبك ولا تعلق لك خاطر بتحصيله ، وهو نور من حضرة الربوبية لا من غيرها ، 
وأصله الروح الذي هو من أمر ربي ، أي من الروح الذي لم يوجد عن خلق ، فإن عالم الأمر كل موجود لا يكون عن سبب كون يتقدمه ،" وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً " يعني هذا المنزل نور هداية ، وهو النور الذي قال اللّه تعالى فيه ( أَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ )
وقوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً ) وهو هذا الروح ( فَما لَهُ مِنْ نُورٍ )فكان بجعل اللّه ولم يضفه إلى الاكتساب ، فقال تعالى« وَلكِنْ جَعَلْناهُ »يعني الوحي وهو العلم« نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا »فشبه الوحي وهو العلم بالنور للمشابهة الجلية بين العلم والنور ، حتى يهدي به إلى صراط مستقيم ، وجاء بمن وهي نكرة في الدلالة ، مختصة عنده ببعض عباده من نبي أو ولي ، 
وقوله تعالى :« نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا »يعطي أن الإيمان لا تعطيه إقامة الدليل ، بل هو نور إلهي يلقيه اللّه في قلب من شاء من عباده ، وقد يكون عقيب الدليل ، وقد لا يكون هناك دليل أصلا ، 
كما قال تعالى :« وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا » ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي )بذلك النور الذي هديتك به ، فإن كان هذا العبد نبيا فهو مشرع ، وإن كان وليا فهو تأييد لشرع النبي ، وحكمه في أمر مشروع مجهول عند بعض المؤمنين به« إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ »في حق النبي طريق السعادة والعلم ، وفي حق الولي طريق العلم لما جهل من الأمر المشروع فيما يتضمنه من الحكمة .

[ سورة الشورى ( 42 ) : آية 53 ] 
صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ( 53 )

ص 96

« صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ »
الصراطات تميزت بالإضافة ، فمنها صراط اللّه ، ومنها صراط العزيز ، ومنها صراط الرب ، ومنها صراط محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومنها صراط النعم ، وهو صراط الذين أنعمت عليهم ، فصراط اللّه هو الصراط العام الذي عليه تمشي جميع الأمور ، فيوصلها إلى اللّه ، فيدخل فيه كل شرع إلهي وموضوع عقلي ، فهو يوصل إلى اللّه ، فيعم الشقي والسعيد ، واللّه على صراط مستقيم ، والطريق لا يراد لنفسه ، وإنما يراد لغايته ، فالشريعة« صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ »من الموازين« أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ »وترجع لأنها على صراطه ، 
وهو غاية صراطه ، فلا بد للسالك عليه من الوصول إليه ، فتعم الرحمة الجميع ، 
فإن الرحمة سبقت الغضب ، فما دام الحق منعوتا بالغضب فالآلام باقية على أهل جهنم الذين هم أهلها ، 
فإذا زال الغضب الإلهي وامتلأت به النار ، ارتفعت الآلام ، وحكمت الرحمة ، 
وهذا الصراط هو الذي يقول فيه أهل اللّه : إن الطرق إلى اللّه على عدد أنفاس الخلائق ؛ وكل نفس إنما يخرج من القلب بما هو عليه القلب من الاعتقاد في اللّه .
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» تفسير الآيات من "01 - 78 " من سورة الرحمن .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 45 " من سورة ق .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 88 " من سورة ص .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 27 " من سورة نوح .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة سبأ .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 3 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى