اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني

اذهب الى الأسفل

01012021

مُساهمة 

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني  Empty الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني




الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني 

العارف بالله تعالى الشيخ سعد الدين محمد بن أحمد الفرغاني المتوفى سنة 700 ه‍

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات
وذكر كيفية انتشاء الفروع من تلك الأسماء والصفات من أصولها مع تعرّض لشرح الأسماء التسعة والتسعين ، وذكر انتشاء باقي الأسماء منها دقيقها وجليلها
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
نقل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال : “ قال اللّه عزّ وجلّ : كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق لأعرف “ “ 1 “ .
اعلم أيّدك اللّه بالفهم الصحيح أنه قد كنى في هذا الحديث الإلهي عن كنه الغيب وإطلاق الذات الأقدس وباطن الهوية الأزلية بالكنز المخفي ، وذلك لملابسة أن الكنز عبارة عن عين مغيب مكنون وسرّ مخزون مشتمل على جواهر عظيمة الجدوى مرغوب فيها ما بين أنفس تصان ويضنّ ويستأثر بها وبين نفيس ، 
ربما يقع فيه التسامح والتبدّل خصوصا أو عموما ، ومهما أريد إظهاره يعرض أولا عرضا مجملا بحيث يبين الكنز ويظهر لواجده في محله ، ثم يعرض ثانيا عرضا يميّز فيه بين الأنفس والنفيس ، وينقل منه عن محله لحكمة يراها الواجد من إظهار كماله الذي يتضمّن غناءه وإظهار التجمّل والجود ونحو ذلك ، 


وكذلك كنه الجناب الأقدس تعالى وتقدّس وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ، بلا نسبة تشبيه وتشكيل وتمثيل إليه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، 
فإنه الغيب المكنون والسرّ المصون الذي هو أبطن كل باطن ، وبطون المشتمل على جواهر أسماء الذات التي هي أنفس نفائس الأسماء التي منها ما يستأثر في مكنون الغيب عنده ، فلا يعلمها إلّا هو ومن ارتفعت بينونته ورفعت كينونته ممن هو أكمل جميع
..........................................................................................
( 1 ) هذا الحديث سبقت الإشارة إليه .

“ 19 “

الكمّل في عرض التعيّن والتجلّي الأول ، لتحقيق الكمال الذاتي الأشرف المعني بقوله : “ فأحببت أن أعرف “ “ 1 “ ، وهو المتضمّن أيضا نفائس درر أسماء الصفات التي يسمح بتعريفها لكل من يصلح لتشريفها من كل فرد متخلّق ، أو كامل متحقّق ، والمحتوي أيضا على لآلىء أسماء الأفعال العامّ نفعها وأثرها ، والمستفيض حكمها وخبرها في جميع المراتب الكونيّة التي هي محال تمام الكمال الأسمائي والمطلب الغائبّ المعني بقوله : “ فخلقت الخلق لأعرف “ “ 1 “ .


فقوله : “ كنت “ يخبر عن تعيّن مسبوق بالإطلاق ، فإن مفهوم تاء المتكلّم عن نفسه يؤذن بتعيّنه في نفسه وظهوره حالة تكلّمه تعيّنا وظهورا . أما قوله : “ كنزا مخفيّا “ ينبئ عن غيبه وإطلاقه بحيث لا يدخل تحت حكم معيّن يحكم عليه من حيث هذا الغيب والإطلاق ، ولا تحت إحاطة به علما من حيث تعيّناته أصلا ، فإنّ مطلق الخفاء يحكم بذلك كلّه ، وحيث كان الخفاء وقع خبرا “ لكنت “ عرف سبق الإطلاق والغيب على ذلك التعيّن ، ولكن سبقا رتبيّا لا زمانيّا ، فإنه صحّ أنه ليس عند اللّه صباح ولا مساء .

وقوله : “ فأحببت “ يخبر عن ميل أصلي هو وصلة بين الخفاء والظهور المذكور ، وما ثمّ إلّا التعيّن الذي هو عين الوحدة ، فكان عينه .

وقوله : “ أن أعرف “ يشير إلى ظهور ذلك الخافي ، وقوله : “ فخلقت الخلق لأعرف “ يعرف أن تقدير المقدّرات علما ووجودا يعقب ذلك الميل ويترتّب على متعلّقه الذي هو الظهور الحاصل بذلك التعيّن ليتحقّق كمال ذلك الظهور مفصّلا متميّزا ويشمل حكمه وأثره المقدّر والمقدّر تعقّبا ذاتيّا لا زمانيّا ، بل عمليّا ووجوديّا أيضا بالنسبة إلى المقدّر العالم الأزلي وعلمه الذاتي والصفاتي الأبدي ، فإن علمه عين وجوده ، فافهم تقرّ بالكبريت الأحمر والكنز الأكبر إن شاء اللّه تعالى .

ثم اعلم أن كنه الذات الأقدس وغيب الهوية والإطلاق والأزلية المندرج فيه حكم الأبدية لا يشهد ولا يفهم ولا يعلم ولا يدرك من حيث التعيّن أصلا ، ولا يدخل تحت حكم متعيّن البتّة . نعم اللّهمّ إلا حكما سلبيّا بأنها لا تعلم ، وإنما توجه وتأتى هذا الحكم السلبي أيضا بأحد وجهين ؛ أحدهما : إخبار إلهي عن ذلك
..........................................................................................
( 1 ) انظر الهامش السابق .


“ 20 “

بقوله تعالى : وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [ طه : الآية 110 ] ، وبقوله : “ كنت كنزا مخفيّا “ ونحو ذلك . والوجه الثاني : انقطاع أكمل الإدراكات والعلوم وأوسع الشهودات والفهوم إليه واعترافه بالعجز والقصور والحيرة فيه ، وبأن ما وراء غاية مدركه ونهاية مشهده بحار يحار في تيّارها فهم كل غائص واقف ، ويتيه في تيه كنهها وغور أسرارها علم كل خائض عارف ، هي المقصد الأعلى والمطلب الأولى ؛ 

كما نصّ صلّى اللّه تعالى عليه وسلم بقوله في مناجاته : “ لا أحصى ثناء عليك “ “ 1 “ ، لا أبلغ كل ما فيك ، 
وبقوله أيضا في أثناء دعائه : “ أو استأثرت به في مكنون الغيب عندك “ “ 2 “ ، 
وبقوله : “ ربّ زدني فيك تحيّرا “ “ 3 “ ، وأمثال ذلك .
ومهما علم أو شوهد أو أدرك شيء منها عند تجلّيها الظاهري أو الباطني أو الجمعي في السير الحبي وقرب النوافل ، وتقدم السلوك على الجذبة وسبق الفناء “ 4 “ على البقاء “ 5 “ حيث يكون ويظهر لدى الفتح أن الحقّ المتجلّي آلة لإدراك العبد
..........................................................................................
( 1 ) رواه مسلم في صحيحه ، باب ما يقال في الركوع والسجود ، حديث رقم ( 486 ) [ 1 / 352 ] ونصه كاملا : “ عن عائشة قالت فقدت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول : اللّهمّ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك “ .
وروى الحديث غير مسلم .
( 2 ) رواه الحاكم في المستدرك ، كتاب الدعاء . . . ، حديث رقم ( 1877 ) [ 1 / 690 ] وفيه : “ أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي وجلاء حزني وذهاب همّي “ . وروى الحديث غير الحاكم .
( 3 ) هذا الأثر لم أجده فيما لديّ من مصادر ومراجع .
( 4 ) الفناء : هو اضمحلال ما دون الحق علما ثم جحدا ثم حقّا وورقته الأولى : فناء المعرفة ، والثانية فناء شهود الطلب لإسقاطه ، وفناء شهود المعرفة لإسقاطها ، وفناء شهود العيان لإسقاطه ، الثالثة : الفناء عن شهود الفناء . والفناء : أن يفنى عن كل ما سوى اللّه باللّه ولا بدّ وأن تفنى في هذا الفناء عن رؤيتك فلا تعلم أنك في حال شهود حق ، إذ لا عين لك مشهودة في هذا الحال .
( 5 ) البقاء : يطلق ويراد به رؤية العبد قيام اللّه في كل شيء . فالبقاء أحد المقامات العشرة التي يشتمل عليها قسم النهايات لأهل السلوك في منازل السير إلى الحق تعالى ، وهو مقام أرباب التمكين في التلوين الذي ستعرفه في باب التاء . وعند حصول هذا التمكين لم يبق عليه الاسم ولا العبارة ولا الإشارة ليؤذن ذلك بتميّز وإضافة فيبقى من لم يزل ويفنى من لم يكن ، ولهذا كان مقام البقاء بعد الحالة المسمّاة بالفناء كما ستعرف ذلك في باب الفاء . والبقاء مرتبة من يسمع بالحق ، ويبصر به ، المشار إلى هذه المرتبة بقوله : “ بي يسمع وبي يبصر “ .  

“ 21 “

المتجلّي له من باب “ كنت سمعه وبصره ، فبي يسمع وبي يبصر “ “ 1 “ ، وفي السير المحبوبي وقرب الفرائض وتأخّر السلوك عن الجذبة وتقدم البقاء الأصلي على الفناء حيث يتبيّن أن العبد المتجلّى له آلة لإدراك الحق المتجلّي من باب “ فإن اللّه تعالى قال على لسان عبده : سمع اللّه تعالى لمن حمده “ “ 2 “ ، وعند انتهاء السيرين والجمع بين الحكمين ابتداء وانتهاء حيث يصح أن كل واحد منهما مدركا وآلة على التعاقب أو معا في حالة واحدة من باب وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [ الأنفال : الآية 17 ] ، 
فعلى كل حال يكون ذلك العلم والشهود والتجلّي والإدراك من حيث تعينه ومشيئته وعلمه المقدّس بذاته الأقدس تعالى وتقدّس من حيث واحديتها ، لا من حيث إطلاقها وأحديتها ، فإن إدراكه وشهوده من حيث تعيّنه وعلمه غير ممنوع ، 
بل موكول إلى مشيئته تعالى وتقدّس كما قال عزّ من قائل :وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ [ البقرة : الآية 255 ] ، 
ثم إن وحدته التي انتشئت منها الأحديّة “ 3 “ والواحدية هي عين ذاته لا صفة زائدة ولا نعت زائد عليها ، لكن للوحدة اعتباران أصليّان أوليّان ، أحدهما : سقوط الاعتبارات عنها بالكلية ، وسمّي الذات أحدا بهذا الاعتبار ومتعلقة بطون الذات وإطلاقها وأزليّتها ، وعلى هذا يكون نسبة الاسم الأحد إلى السلب أحقّ من نسبته إلى الثبوت والإيجاب .

والاعتبار الثاني : ثبوت الاعتبارات الغير المتناهية لها مع اندراجها فيها في أول رتبة الذات ، وتحقّق أكثر تفصيل تعيّناتها في ثاني الرتبة الآتي بيان كليهما عن قريب إن شاء اللّه تعالى ؛ كالنصفية والثلثية والربعية الثابتة والمندرجة في هذا الواحد المشهود ههنا ، التي ينتشىء منها الأعداد في المراتب الوجودية ، وينتشىء من تلك الاعتبارات أعيان الاثنين والثلاثة والأربعة فيها ، كما يقال : الواحد نصف الاثنين ، وثلث الثلاثة ، وربع الأربعة وهلمّ جرّا .

والذات بهذا الاعتبار يسمّى واحدا اسما ثبوتيّا لا سلبيّا ، ولم تصح إضافة هذه الاعتبارات المذكورة إلى الاسم الأحد لا حقيقة ولا وضعا لغويّا ، فحقائق هذه
..........................................................................................
( 1 ) أورده الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، في بيان عدد الأبدال وصفاتهم [ 1 / 265 ] .
( 2 ) لم أجده بلفظه فيما لديّ من مصادر ومراجع .
( 3 ) الأحدية : عبارة عن مجلى الذات ليس للأسماء ولا للصفات ولا لشيء من مؤثّراتها فيه ظهور ، فهي اسم لصرامة الذات المجرّدة عن الاعتبارات الحقّيّة والحلقية .


“ 22 “

الاعتبارات في أول رتبة الذات ثابتة للاسم الواحد الحقيقي ، ومندرجة فيه ثبوتا حقيقيّا واندراجا أصليّا ؛ كما أن أمثلتها وصورها ثابتة لهذا الواحد المشهود أثره لنا ههنا ، ومندرجة فيه غير قادحة في الرتبتين في صرافة هذا الواحد ، ولا منافية لها ، ومتعلق هذا الاعتبار الواحدي ظهور الذات ووجودها وأبديّتها ؛ كما أن متعلق الاعتبار الأحدي بطونها وأزليّتها ، ولا مغايرة ولا غيرية بين هذين الاعتبارين ، ولا بين كل اعتبار واعتبار من اعتبارات الواحدية في أول رتبة الذات الآتي بيانه ؛ لأن المغايرة والغيرية من أحكام الكثرة والمنافاة الثابتة بينها وبين الوحدة ، ولا كثرة ثمة تنافي الوحدة ، بل تلك الوحدة هي المنشئة لكل وحدة وكثرة مفهومة ههنا متغايرة عندنا ، ولا مغايرة ولا غيرية ولا امتياز كما قلنا آنفا في أول رتبة الذات الأقدس ، ولا يفهم ارتفاع هذه المغايرة في تلك الحضرة إلّا من ارتفع حالا ومقاما عن التقيّد بالمراتب المقيّدة بأحكام الكثرة والمقيّدة لأربابها بها ، ولارتفاع حكم هذه المغايرة في الرتبة الأولى حكم بها بعض أكابر المحقّقين من أهل اللّه بأن الواحد الأحد اسم واحد مركّب ؛ كبعلبك ومعد يكرب .


ثم اعلم أن هذه الاعتبارات الثابتة للواحد ثمة ، والمندرجة فيه في أول رتبة الذات المحكوم عليها فيها بأنها عين الذات ، بحيث إن كل ما يضاف إلى الذات يضاف إلى كلّ واحد منها من الجمعية والاشتمال على الكلّ في هذه الرتبة الأولى بحسبها نظرنا من حيث مظاهرها وصورها وآثارها إليها ألفينا بعضها كلّيات وأصولا أول بمثابة أجناس عالية هي مسمّى ألفاظ دالّة على حقائق أسماء الذات ومفهوماتها التي منها مفاتح الغيب ، والواحد الأحد 

وباطن اسم اللّه ، وباطن اسم الرحمن الرحيم ، ومفهوم جمع أسماء الضمائر ، ووجدنا بعض تلك الاعتبارات المندرجة في الواحدية من حيث النظر في مظاهرها وآثارها بمثابة أجناس تالية وأنواع مندرجة فيها وهلمّ جرّا إلى أشخاص هاوية إلى الدّركات الجزئية جدّا التي بها يحكم على الحضرة الأبدية بعدم التناهي كثرة وتعيّنات وتقيّدات ، والكل ثابتة بصورها المعنوية في الرتبة الثانية بعضها بطريق التشخّص ، 

وبعضها بطريق الاندراج في الأصناف والأنواع . نعم ، وقد تعيّنت وانضبطت جملة منها في اللّوح المحفوظ ، وتصوّرت صورا وجودية روحانية فيه منتهيا ظهورها بانتهاء يوم القيامة مجملا ومفصّلا ، ويتفصّل منه في المراتب الوجودية مجملا في العرش ومفصّلا في الكرسي دفعة واحدة ، ثم يتفصّل منهما في الأركان والسماوات على التعاقب إلى أنهى مراتب


“ 23 “

الكون مثالا وحسّا ، وفي المواطن دنيا وبرزخا وآخرة ، وينتهي إلى ههنا جميع الشهودات والإدراكات والمكاشفات الحاصلة للكمّل والأولياء فالأدنى منهم وما فيهم أدنى ، والأعلى في حكم هذا الانتهاء سواء ، إلّا أنه ربما يكون في الحضرة الغيبية الأزليّة نحو هذه الكلّيات والجزئيّات أمور باطنة وأحوال مستورة لم تتعيّن بعد لا في الرتبة الثانية ولا في اللّوح المحفوظ ، فلم تعلم ولم يحكم بشيء منها إلّا بعد تعيّنها ووقوعها في المراتب الوجودية بالتدريج مع الآنات ، وهي أبطن بطون أحكام الغيب الذاتي المغلوب والمسبوق بالرحمة الذاتية ، فلهذا أوجبت الرهبة والخشية المشار إليها في قوله تعالى : قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ [ الأحقاف : الآية 9 ] ، 
ومن وجه أيضا يشير إليها قوله صلّى اللّه عليه وسلّم شفقا منها : “ ليت ربّ محمد لم يخلق محمدا “ “ 1 “ ، مع أنه كان من حيث ما تعيّن من حاله صلّى اللّه عليه وسلّم في الحضرة العلمية واللّوح المحفوظ على بصيرة من ربّه حتى أنه كان يقول اعتمادا عليها ونظرا إليها : “ آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر “ “ 2 “ ، “ ولو كان موسى حيّا لما وسعه إلّا اتّباعي “ “ 3 “ ، 
وقوله : “ أنا أول من يقرع باب الجنّة وأول من يفتح باب الشفاعة “ “ 4 “ ونحو ذلك من الإشارات في أحاديث صحاح ، وعلى الحقيقة كثيرا ما يجرّه الدعاء والسؤال من الأمور والأحكام الغيبية إنما يكون من تلك الأمور والأحوال ، فإن ما عداها لا يتحصّل إلّا المكتوب الثابت المقسوم في الحضرة العلمية لا يزيد ولا ينقص ، 
ثم إنه قد عبّر بعض العلماء باللّه الواقفين على حضراته الكلية عن بعض اعتبارات الواحدية المندرجة فيها في الرتبة الأولى بالشؤون الذاتية ، وهي التي تظهر في الرتبة الثانية وما تحتها من المراتب بصور الحقائق المتبوعة وبعض صفاتها التابعة التي لها الثبات ، نحو الحياة والعلم وبصور أمور كائنة ثابتة نحو الذوات والجواهر ، وصفة بقائها وثباتها اعتبارا لبعض
..........................................................................................
( 1 ) هذا الأثر لم أجده فيما لديّ من مصادر ومراجع .
( 2 ) روى نحوه الترمذي في سننه ، باب في فضل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، حديث رقم ( 3615 ) [ 5 / 587 ] ؛ وأحمد في المسند عن عبد اللّه بن مسعود ، حديث رقم ( 2546 ) [ 1 / 281 ] وروى نحوه غيرهما .
( 3 ) رواه البيهقي في شعب الإيمان ، حديث رقم ( 176 ) [ 1 / 199 ] وأورده ابن حجر العسقلاني في الزهر النضر في أخبار الخضر ، حديث رقم ( 52 ) [ 1 / 87 ] وأورده غيرهما .
( 4 ) رواه مسلم في صحيحه ، باب في قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : “ أنا أول الناس يشفع “ حديث رقم ( 196 ) [ 1 / 188 ] .


“ 24 “

معاني الشأن وهو الأمر ، وعبّر بعضهم عن بعضها بالأحوال الذاتية ، وهي التي تظهر حين تبدو متحوّلة من صورة إلى صورة معنوية أو حسّية ؛ كالقبض والبسط ، والرضا والغضب ، وجميع الأعراض التي لا تدوم ، وكالخواطر والصور والهيئات المثالية والحسّية دنيا وبرزخا وآخرة تذكر تحوّل الحق تعالى وتقدّس من صورة لم يعرفها قوم في الآخرة إلى صورة يعرفونه بها ، كما ورد في الخبر الصحيح “ 1 “ ، واللّه المرشد .

فصل 
اعلم أن أوّل اعتبار وتعيّن تعيّن من الغيب هذه الوحدة التي انتشأت منها الأحدية والواحدية ، فظلّت برزخا جامعا بينهما ؛ كحقيقة المحبة المنتشئة منها المحبّية والمحبوبية وكونها جامعة بينهما ورافعة بينهما موحّدة إياهما ، أو قل هي بحكم اقتضاء الباطن الحقيقي المكنى “ بكنت كنزا مخفيّا “ “ 2 “ ، الظهور المعبّر عنه بأن أعرف وهذا الاعتبار والتعيّن الأول الذي هو عين الذات بحكم البرزخية والجمعية المذكورة هو عين قابلية الذات لبطونها وغيبها وانتفاء الاعتبارات عنها وحكم أزليّتها ، ولظهورها أيضا وظهور ما تضمّنت من الاعتبارات المثبتة حكم أبديتها لنفسها إجمالا ، ثم تفصيلا ، 

فكانت هذه القابلية أصل كل قابلية وفاعلية أيضا ، فهي مع أنها عين الذات كانت كالمتحدثة مع نفسها في نفسها ، والمخبرة لها بما هي عليه من اقتضاء ظهورها وظهور اعتبارات واحديتها والكمال الذاتي
..........................................................................................
( 1 ) رواه البخاري في صحيحه ، باب قول اللّه تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) [ القيامة : الآية 22 ] . . . ، حديث رقم ( 7000 ) [ 6 / 2704 ] ؛ ومسلم في صحيحه ، باب طريق الرؤية ، حديث رقم ( 182 ) [ 1 / 163 ] وموضع الاستشهاد حسب رواية مسلم عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبره أن ناسا قالوا للرسول : هل نرى ربّنا يوم القيامة ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : “ هل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر “ ؟ قالوا : لا يا رسول اللّه ، قال : “ هل تضارّون في الشمس ليس دونها سحاب “ ؟ قالوا : لا يا رسول اللّه ، قال : “ فإنكم ترونه كذلك يجمع اللّه الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت وتبقى هذه الأمّة فيها منافقوها فيأتيهم اللّه تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ باللّه منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربّنا فإذا جاء ربّنا عرفناه فيأتيهم اللّه تعالى في صورته التي يعرفون فيقول : أنا ربّكم ، فيقولون : أنت ربّنا فيتبعونه ويضرب الصّراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم “ .
( 2 ) هذا الحديث سبقت الإشارة إليه .

“ 25 “

والأسمائي المتعلّق بذلك الظهور حديثا وإخبارا نزيها بحرف نزيه وحداني هو عين الذات متضمّن جميع المعاني كلّياتها وجزئياتها ، والألفاظ والكلم القولي والفعلي الدالّة عليها في سابع رتب أبطن . الكلام المشار إليه في قوله صلى اللّه عليه وسلم : “ إن للقرآن ظهرا وبطنّا ، وفي بطنه بطن إلى سبعة أبطن “ “ 1 “ ، 



كما يتحدّث أحدنا في نفسه بلا واسطة حرف وصوت ظاهر ، وكان في تلك القابلية أيضا قابلية ميل الذات بالسماع والإصغاء إلى ذلك الحديث هي أثر تلك المحبّة في الحقيقة ، فمالت بالسماع في سابع أبطن الميل بالسماع والإصغاء ، 


وفي تلك القابلية أيضا قابلية ملاحظة الذات نور جمالها الذي هو عين واحديتها وظهورها وظهور اعتباراتها وملاحظة الكمال المتعلق بذلك بحسب ذلك الميل والسماع والإصغاء ، فلاحظ في سابع رتب أبطن الملاحظة ، وفيها أيضا قابلية التأثر بذلك الحديث ليميط خمار غلبة حكم جلال الغيب والبطون عن الجمال والظهور المكني عن تلك الإماطة بتغليب الرحمة وسبقها على أنها غايات حكم الغضب عارجا لا نازلا وأبطنها الذي هو اللاظهور المتضمّن معنى الردى والعدم ، فإن الظهور واللاظهور كان في حكم اقتضاء هذه القابلية الأولية على السواء ، فغلب أثر هذا الحديث والمحبّة والميل الذاتي حكم الظهور على اللاظهور وحكم بسبقه عليه ، 
فتجلّى الذات الأقدس على نفسها بحكم ذلك الأثر والتغليب والسبق وظهر لنفسها في نفسها ، أعني في عين ذلك التعيّن والقابلية الأولية ، فوجدت الذات نفسها بهذا التجلّي الذي هو عين العلم والشهود بحكم مرآته المذكورة التي هي عينه الحاملة له المتضمّنة ذلك الحديث والميل والملاحظة ، والتأثير بذلك الحديث في نفسه التي هي عين التجلّي والقابلية الأولية منصبغ بحكم اعتبار معنى هو باطن صفة القول وصفة السمع وصفة البصر وصفة القدرة في سابع رتب أبطن كل واحد منها ، وهي رتبة هذا التعين الأول المذكور ، 

فإن القول عبارة عن نفس منبعث من باطن المتنفّس متضمّن معنى يطلب المتنفّس ظهوره ، فيتعيّن ذلك النفس في مراتب المخارج ، وكذلك المحبة الأصلية التي هي عين التعين الأول والقابلية متضمّنة معنى الكمال المتعلق بالظهور مقتض للتجلي
..........................................................................................
( 1 ) هذا الأثر لم أجده بلفظه فيما لديّ من مصادر ومراجع . والذي ورد قوله صلى اللّه عليه وسلم : “ أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن “ رواه ابن حبان في صحيحه ، ذكر العلة التي من أجلها قال النبي صلى اللّه عليه وسلم . . . حديث رقم ( 75 ) [ 1 / 276 ] ؛ ورواه الطبراني في المعجم الكبير ، حديث رقم ( 10107 ) [ 10 / 105 ] ورواه غيرها .


“ 26 “

الأول الذي هو مثل النفس المتعين في التعين الأول المنبعث من باطن الغيب المطلق ، والسمع هو قبول ذلك المعنى ظاهرا أو باطنا ، والبصر هو قبول ظهوره بما هو ظاهر من القابل منه والقوة تمكن مما يطلب ظهوره ، 
وهذا المعنى هو الذي أراد به الشيخ ابن الفارض رحمة اللّه عليه في قصيدته بقوله :
فلفظ وكلي بي لسان محدث * ولحظ وكلي فيّ عين لعبرة
وسمع وكلي بالنّدا أسمع النداء * وكلّي فيّ ردّ الرّدى يد قوة
معاني صفات ما ورى اللّبس أثبتت * وأسماء ذات ما روى الحسّ بثّت


يعني : أثبتت تلك المعاني في الرتبة الأولى التي هي وراء رتبة لبسها من كونها شؤونا ذاتية بأحكام الكثرة والتميّز حتى صارت عين تلك المعاني بحكم أحكام اللّبس بأحكام الكثرة والتميّز صفات متغايرة في الرتبة الثانية بحسبها وحكمها ؛ كصفة السمع والبصر والقدرة وصفة الكلام ونحو ذلك ، بعد أن لم تكن في تلك الرتبة الأولى صفات ، بل اعتبارات غير متميّزة ولا متغايرة فيها بحسبها وحكمها ، وهذا اللفظ الذي كل الذات لسان محدث نفسه به ، واللحظ الذي كلّه عين لا حظة به ، ليعبر من الباطن إلى الظاهر ، والسمع الذي كل الذات سامع به حديثه ذلك ، واليد التي كل الذات فاعل بها في ردّها اللاظهور المكنى عنه بالردى بملابسة الخفاء والبطون إلى الظهور والوجود ، 
كل ذلك معاني صفة السمع والبصر والقدرة والكلام الثابتة متميّزة في الرتبة الثانية الألوهية متغايرة ، وهذه المعاني التي هي باطن هذه الصفات كانت غير متغايرة في الرتبة الأولى التي هي سابع أبطنها بالنسبة إلى غاية ظهورها ، فإن غاية ظهورها أن تظهر بصورة اللفظ الجاري على لسان الإنسان ونظره بعينه ، وسماعه بأذنه وعمله بيده المضافة كلّها إلى صورة بدنه .


وباطنها الأول : 
أن تكون هذه الصفات مضافة إلى نفسه ، لكن من حيث لم تتميّز عن نفوس سائر الحيوانات إلا بظاهر العقل المعيشي المقيّد بأمور دنيوية ، بحيث يكون نطقه وسماعه ونظره وفعله مقصودة على ما يتعلق بأمر الدنيا غير متعدّ إلى أمر أخروي هو المقصد منه ؛ كما أخبر اللّه تعالى عن هذا الوصف في قوله عزّ وجلّ : يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ( 7 ) [ الرّوم : الآية 7 ] .


“ 27 “
وباطنها الثاني :
ما يضاف إلى نفسه من حيث عقله المنوّر بنور الشرع والإيمان باللّه وكتبه ورسله وبالأمور الأخروية ، فيعبر مما يتعلق بالدنيا إلى ما يتعلق بالآخرة في نطقه وسماعه ونظره وفعله بفهم وعقل صحيح وإيمان قوي .
وباطنها الثالث :
ما يضاف منها إلى روحه الروحانية المجرّدة الثابت تعيّنها وتميّزها في عالم الأرواح واللّوح المحفوظ .
وباطنها الرابع :
ما يضاف منها إلى الوجود العيني المضاف إلى حقيقة الإنسانية المقيّد بها والمظهر لأحكامها في مراتب الكون روحا ومثالا وحسّا المعنى عن هذا الباطن بقوله : “ كنت سمعه وبصره ولسانه ويده “ “ 1 “ .
وباطنها الخامس :
ما يضاف منها إلى قلبه القابل التجلّي الوجود الباطني فيه ، المعني بقوله : “ وسعني قلب عبدي “ “ 2 “ .
وباطنها السادس :
ما يضاف منها إلى الوجود المطلق الرحمني الجمعي الظاهر في مرتبة البرزخية الثانية بحكم فياضيته التي عمّ كل شيء .
وسابع أبطنها :
هي هذه المعاني الكائنة في الرتبة الأولى متوحّدة العين متميّزة الحكم بالنسبة ، وكل واحد من هذه المعاني قولا وسماعا وسمعا وبصرا وقوّة له في كل رتبة من الرتب أثر وحكم بانتفائه عن شخص إنساني في رتبة منها يوجب بكم ذلك الشخص وصممه وعمائه وضعفه في تلك الرتبة ، ومن ههنا يفهم معنى قوله تعالى : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ( 18 ) [ البقرة : الآية 18 ] ، أي من الدنيا إلى الآخرة ، ومن بطن أول إلى بطن ثان ، فإنهم كانوا سميعين بصيرين متكلّمين في البطن الأول والناس في فتح باب هذه الأبطن على درجات :
منهم : من لم ينفتح له باب أصلا ، وهم المجانين والأطفال .
ومنهم : من انفتح له باب أول لا غير وهو الذي أوتي في الدنيا حسنة ، وما له في الآخرة خلاق .
ومنهم : من انفتح له باب ثان وهو من عوام أهل الإسلام والإيمان .
..........................................................................................
( 1 ) هذا الحديث سبق تخريجه .
( 2 ) ونصّه كاملا : “ ما وسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن “ أورد العجلوني في كشف الخفاء ، حديث رقم ( 2256 ) [ 2 / 255 ] ؛ والهروي في المصنوع [ 1 / 291 ] .


“ 28 “

ومنهم : من انفتح له باب ثالث وهو من خواصّهم .
ومنهم : من انفتح له باب رابع ، وهو من أهل بداية مقام الولاية والإحسان .
ومنهم : من انفتح له باب خامس ، وهو من المتوسّطين .
ومنهم : من انفتح له باب سادس ، وهو من أهل النهايات ، وهم الكمّل والأفراد ، ولا تنفتح خوخة من الباب السابع لأحد إلّا لصاحب الإرث المحمدي ، فإن البطن السابع مختصّ به صلى اللّه عليه وسلم ، ثم إن هذا التجلّي الأول من حيث هذا الحديث والإخبار المذكور متضمّن كمالا مضافا إليه وإلى اعتباراته وإحساسا كلّيا جمليّا بذلك الكمال ، وذلك أصل الحياة والحيّ وباطنه ، ومن حيث الملاحظة متضمّن إحساسا بسريان ذلك الكمال في تفاصيل اعتبارات الواحدية ، وذلك أصل العلم والعالم وباطنه ، ومن حيث ذلك الميل بالسماع والإصغاء تقتضي اعتبارا هو أصل الإرادة ، ومن حيث ذلك الأثر الحاصل من ذلك الحديث الوحداني في نفسه حتى ترتّب عليه هذا التجلّي ، والوجدان يتضمّن توجّها خاصّا بصورة التأثير إلى تحقيق الكمال الأسمائي وإزالة موانعه وتحصيل شرائطه بلا مغايرة ، فالحكم التأثيري في ذلك التوجه الخاص هو باطن القدرة وحكم تحقيق تفصيل الكمال ، وتحصيل شرائطه متضمّن حقيقة الجود بإفاضة الوجود على حقيقة كل موجود ، فهي من شرائط تحقيق تفصيل الكمال .

وأمّا حكم برزخية التعيّن الأول المعين لهذه الاعتبارات المذكورة وحكم قابليّته للتجلّي الأول ، فمقتض ومعيّن حقيقة العدل والإقساط المضاف إليه تعيين جميع المراتب ورعاية العدالة في القوابل بين الوجوب والاستحالة ، فكان سابع أبطن القول والسمع والبصر والقوة التي كل واحد منها من حيث ذلك البطن عين الذات وعين الآخر أصلا منشئا للحياة والحي منها ، والعلم والعالم منه ، 
والإقساط والمقسط منه لكن من حيث تحقّقها في حاق البرزخية الثانية وجهة إجمالها التي من حكمها اشتمال كل واحد منها على الباقي مع أثر خفي من حكم تميّزها ، والكل عين واحد في هذا التعين الأول الذي هو أول مرتبة الذات الأقدس وأول مراتب العلم من حيث إنه عين الذات لا صفة ولا نعت زائد عليها ، 
وعبّر عنه بعض الأكابر من حيث البرزخية المذكورة بحقيقة الحقائق لكليّته وكونه أصلا لكل اعتبار 

“ 29 “


وتعيّن وباطن كل حقيقة إلهية وكونيّة ، وأصله الذي انتشىء منه وهو سار بكليته فيه بحيث يكون في الإلهيّة إلهيّا ، وفي الكونية كونيّا ، والكل مظاهره وصور تفصيله وسمّاه بعضهم البرزخ الأكبر الجامع لجميع البرازخ وأصلها الساري فيها ، وكنى عنه الشرع بمقام أو أدنى ، فإنه باطن مقام قاب قوسين ، أي قرب قوسي الوحدة والكثرة ، أو قل القابلية والفاعلية ، أو قل قوسي الوجوب والإمكان ، وجمعهما وجعلهما دائرة واحدة متّصلة لكن مع أثر ما خفي من التميّز والتكثر بينهما ، وباطن هذا المقام هو مقام أو أدنى من قرب القوسين المذكورين لم يدع أثر التميّز والتكثّر في دائرة الجمعية بين حكم الأحدية والواحدية أصلا ، وكنى عنه بعضهم بالحقيقة الأحمدية الثابتة في حاق الوسطية والبرزخية والعدالة بحيث لم يغلب عليه حكم اسم أو صفة أصلا ، وهذا التجلّي الأول المتعين بهذا التعين الأول وفيه هو نوره المظهر لرتبته والمقدّر ظهوره في هذه الحقيقة البرزخية ، والتعيّن الأول المذكورة وقلبه المطهّر التقي النقي صورة هذا التعين والبرزخية ، ولكن صورة جمعية معنوية ومزاجه الأشرف العنصري الحاصل في أعلى درجات الاعتدال صورته ومظهره الجسمانية ، فكان ذلك التجلّي الأول النوري - كما قلنا - هو نوره أولا صلى اللّه عليه وسلم ، حتى أشار إليه بقوله : “ أوّل ما خلق اللّه تعالى نوري ، واللّه يقول الحقّ وهو يهدي السبيل “ “ 1 “ .

فصل
ثم إن هذا التجلّي الأول المذكور كما قلنا يتضمّن الكمال الذي حقيقته حصول ما ينبغي على نحو ما ينبغي ، وذلك قسمان : 
ذاتي مجمل وحداني تحقّقه يكون في هذه المرتبة الأولى ، وفي مبدأ المرتبة الثانية تتعيّن الحياة واسم الحيّ على ما سنذكره إن قدّر اللّه وشاءه ، ويلازمه الغنى الذاتي الذي معناه شهود الذات وإدراكه نفسه من حيث واحديته بجميع اعتباراتها وشؤونها وأحوالها وبجميع صورها ومظاهرها المعنوية والروحانية والمثالية والحسّية متبوعاتها وتوابعها المندرجة بعضها في البعض والمتعيّنة والمتفرّعة بعضها من بعض أصلا وفرعا ، جنسا ونوعا وشخصا وبدءا وعودا ، نزولا وعروجا ، دنيا وبرزخا وآخرة ، كما تثبت وتشاهد وتدرك في مراتب الكون لأربابها دفعة ، أو متعاقبا من كونها أغيارا بالنسبة
..........................................................................................
( 1 ) أورد العجلوني بلفظ : “ أول ما خلق اللّه نور نبيّك يا جابر “ حديث رقم ( 827 ) [ 1 / 311 ] . 

“ 30 “


إلى شهود الأغيار في مراتبهم وتقيّدهم بها ، ومن كون الكلّ عينا واحدا بالنسبة إلى شهود الحقّ الواحد الأحد فيما ينسب إليه من المراتب شهود مفصّل في مجمل دفعة واحدة مثل ما يشاهد المكاشف في النواة الواحدة نخيلا وثمارا لا تعدّ ولا تحصى .


وأمّا القسم الثاني من الكمال ، فهو الكمال الأسمائي المفصّل الساري في تفاصيل الأسماء والحقائق ، وهو ما يظهر للذات من حيث تفصيل اعتباراتها وحقائق تميّزاتها مضافة إلى المراتب ، وذلك يكون بشرط شيء ، بل أشياء ، من تعيّن وغير وغيرية بالنسبة ، ومظهرا واجتماع وتركيب معنوي أو صوري إلى غير ذلك ؛ كما أن تحقّق الكمال الذاتي يكون بلا شرط شيء أصلا ، فحقيقة الكمال الأسمائي ظهور الذات لنفسها من حيث كلّيتها وجمعيتها شؤونها واعتباراتها ومظاهرها مفصّلا أو مجملا بعد التفصيل من كونها أغيارا ، لكن بشرط أن يكون ذلك الشهود من حيث مظهر شأن كلّي جامع جميع أفرادها بالفعل وهو الإنسان الكامل الحقيقي ووجدانها نفسها من حيث ذلك المظهر الكامل ، وظهورها أيضا لنفسها من حيث كل فرد متميّز من أفراد مظاهر تلك الشؤون وظهور كل فرد ووجدانه أيضا لنفسه ولمثله من كونهما مسمّى بالأغيار مقيّدا بالمراتب ، 

واعتبار العلم الذي حقيقته ظهور عين العين بحيث يكون أثر الظاهر حاصلا فيمن ظهر له من حيث الظهور فقط ، واعتبار الوجود الذي حقيقته ما به وجدان العين نفسه في نفسه أو في غيره ، أو غيره في غيره من محل ومرتبة ونحوهما ، واعتبار النور الذي هو الكاشف للمستور واعتبار الشهود الذي هو الحضور مع المشهود كان من حكم ذلك التجلّي الأول وما يتضمّنه من الاعتبارات من كونه واحدا بلا مغايرة بينه وبينها وبين كل منها من حيث الكمال الذاتي ولا تميّز حقيقي إلّا تميّزا خفيّا نسبيّا عند ظهور هذا الكمال باسم الحيّ لا غير .

وأمّا من حيث الكمال الأسمائي المتعلق بسائر الأسماء الكلّي الأصلي والفرعي الجزئي ، فمن شرطه التميّز والمظهر والمرتبة والغيرية بالنسبة أو بالحقيقة ، فالمغايرة بين جميع ما ذكرنا ثابتة لازمة ، وذلك بحكم المحل وحسب اقتضائه لا بحسب أعيان هذه الاعتبارات ، فافهم ذلك فإن المحل له أثر لازم وحكم جازم فيما قام به وثبت فيه سواء كان المحل صوريّا كالظروف ، أو معنويّا كالمراتب ، فإن الظرف يحكم في المظروف بأن يتبعه في اللّون أو الهيئة مدوّرا أو مربّعا أو غير 

“ 31 “

ذلك تذكر قولهم لون الماءلون إنائه ، وكذا المراتب لها الحكم في أهلها بالاستتباع ، فإن مرتبة الحسّ تحكم بأنه لا يظهر فيها شيء إلّا محسوسا ، ومرتبة الروح والمثال كذلك ، ومراتب الكون لا يظهر فيها إلّا الخلق ، ومراتب الحق لا يظهر فيها إلّا الحق ، تدبّر تعرف سرّا لا يعرف ولا يشهد ولا يرى الحقّ إلا هو أو به ، فاستحضر تفز بأسرار جمّة .


منها : أن العلم بحسب المرتبة الأولى والتعيّن الأول هو ظهور عين الذات لنفسه باندراج اعتبارات الواحدية فيها مع تحقّقها ، فكان متعلّقا بمعلوم واحد ، فكان لفظه حينئذ متعدّيا بحسب هذه المرتبة الأولى ، بمفعول واحد فإنه علم فيها ذاته فقط . 
يتبع

تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني Word
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني PDF
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني TXT
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني Word
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني PDF
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني TXT



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 12 يناير 2021 - 17:26 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 1 يناير 2021 - 22:34 من طرف عبدالله المسافربالله

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني 

العارف بالله تعالى الشيخ سعد الدين محمد بن أحمد الفرغاني المتوفى سنة 700 ه‍

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات
وأما بحسب المرتبة الثانية ، فهو ظهور الذات لنفسها بشؤونها من حيث مظاهر تلك الشؤون المسمّاة صفات وحقائق فيها ، فكان لفظ العلم بهذا الحكم متعدّيا بالمفعولين ، فإنه يظهر لنفسه ذا حياة ، وذا علم ، وذا إرادة ، وذا قدرة ، وذا كلام ، وذا جود ، وذا عدل ؛ فكان للعلم بحسب انتهاء المرتبة الثانية وحكم معلوماته فيها كثرة حقيقية ووحدة نسبية مجموعية .


ومنها : أن الوجود من حيث المرتبة الأولى ما به وجدان الذات نفسها في نفسها باندراج اعتبارات الواحدية فيها وجدان مجمل مندرج فيه تفصيله محكوم عليه بنفي الكثرة والمغايرة والغيرية والتميّز .

وأما من حيث المرتبة الثانية ، فهو على نوعين ، :
أحدهما : من حيث ما هو منها مجلى الظهور للحق ، وهو - أعني الوجود - من هذه الحيثيّة ما به وجدان الذات عينها من حيث ظهوره وظهور صورته التي هي مسمّاه بظاهر اسم الرحمن ، وظهور صور تعيّناته المسمّاة أسماء إلهيّة مع وحدة عينه وصحة إضافة الكثرة النسبية إليه ، فله حينئذ وحدة حقيقية وكثرة نسبيّة ، 

فإن كل اسم إلهيّ إنما هو ظاهر الوجود الذي هو عين الذات ، لكن من تعيّنه وتقيّده لمعنى أو قل بصفة كالحيّ مثلا ، فإنه اسم للوجود الظاهر المتعيّن لكن تعيّنه وتقيّده بمعنى هو الحياة ، فبالنظر إلى عين الوجود ونفس التعيّن هو عين الذات ، 

فتكون وحدته حقيقية ، وبالنظر إلى التقيّد بذلك المعنى وتميّزه عن غيره من المعاني وتعيّنه ذلك بحسب ذلك المعنى تكون غير المسمّى ، فتكون له كثرة تعيّنات نسبيّة . 


“ 32 “

وأمّا النوع الثاني من الوجود الظاهر من حيث ما هو منها مجلى الظهور للكون من المراتب الكونية التابعة للمرتبة الثانية والمنتشئة منها ؛ كمرتبة الأرواح والمثال والحسّ المسمّى كل ما يتعين فيها من الوجود خلقا وغيرا لا محالة ، فالوجود حينئذ معناه وحقيقته ما به وجدان صورة كل تعين منه نفسها ومثلها موجودا روحانيّا أو مثاليا أو جسمانيّا ظاهرا في كل مرتبة بحسبه وحكمه ، فإن الموجود في مرتبة الأرواح لا يجد نفسه ومثله إلّا روحانيّا ، وفي المثال مثل كذلك لا يجد نفسه إلا صورة مثالية ، 
وفي مرتبة الأجسام كذلك لا يجد نفسه ومثله إلّا جسمانيّا محسوسا ، فالإيجاد والخلق على هذا ما هو إلّا إعطاء الموجد الخالق تعالى وتقدّس للحقائق الكونيّة ما به وجدانها بإضافة تعيّن منه إليها وإظهار أحكامها بذلك القدر المضاف إليها منه في كل مرتبة بحسبها وحكمها ، فكان التأثير في تنوّعات صور التعيّنات الوجودية وكيفية إظهارها أحكام الحقائق ، وفي تسميتها عينا أو غيرا للمراتب التي هي المحال المعنوية كما قلنا ، 
وهي أمور ونسب عدمية لا وجود لها في الخارج ولا نفسها ، فانظر أثرا لمعدوم وإن كان عدميّته بنسبة ووجه ما في عين الوجود وفيما هو موجود من جميع الوجوه ترى العجب العجاب ، ومحالا للعقول السليمة والألباب .


فصل
ثم اعلم أنه لما كانت الوحدة التي انتشئت منها الأحدية والواحدية المذكورة أول تعيّن واعتبار من الذات الأقدس بلا شرط شيء وأول مرتبتها ، وهي كما علمت نفس القابلية التي نسبة الظهور والبطون إليها على السواء ظلّ حكم صرافة نسبة الأحدية مركوزا فيها ولازما ذاتيّا لها ولحكم قابليتها للظهور ولكونها مرتبة للذات ؛ 

فلا جرم لم تقبل إلا التجلّي الأول وإجمال الكمال الذاتي ووحدته ونفي الكثرة والتميّز والغيرية باندراج نسب الواحدية واعتباراتها فيه ، ولم تكن قابلة لتجلّي قابل للكثرة ، وإن كانت نسبية ولا لكمال أسمائي لازم لذلك التجلّي الذي هو نهاية المطلب فيه لما قلنا من لزوم حكم صرافة الأحدية لهذا التعيّن والقابل الأول ، ولتوقّف تحقّق الكمال الأسمائي على حكم التكثّر والتميّز وأثر المغايرة والغيرية .

ولما كانت المحبة الأصلية المعبّر عنها “ بأحببت “ حاملة لهذا التجلّي الأول وباعثة له على التوجه لتحقيق هذا الكمال الأسمائي التفصيلي ، ولم يصادف توجّهه 


“ 33 “


ذلك محلّا قابلا لما توجه له رجع بقوّة ذلك التوجّه الشوقي والميل العشقي إلى أصله ، وعاد كما كان حكم الظهور والبطون بالنسبة إليه على السواء ، إلّا أنه غلب وسبق بتلك القوّة العشقية حكم الظهور المعبّر عنه بالرحمة الذاتية التي هي عين باطن الوجود المطلق 

المشار إليه بقوله : “ أن أعرف “ على حكم اللاظهور والمكنى عنه بملابسة حقيقة البطون والخفاء الحقيقي بأنه باطن الغضب المسبوق والمغلوب بباطن الرحمة المذكورة ، فعاد ذلك التجلّي ظاهرا معيّنا في عون هذا بقوة المحبة الأصلية اللازمة له والباطنة فيه والحاملة من غير نسبة الواحدية تعيّنا قابلا لتحقيق مطلبه الغائي الذي هو عين الكمال الأسمائي ، وذلك التعيّن هو القابل الثاني الجامع بين طرفي حكم الإجمال والوحدة ، ومقابلهما الذي هو التفصيل والكثرة لانتسابه إلى الواحدية ووقوعه في ثاني رتب تعيّناتها ، فظهر وتجلّى في هذا التعين .

والقابل الثاني الذي هو صورة التعين وظلّ القابل الأول صورة ذلك التجلّى الأول وظلّه بما اشتمل على صور تعيّنات الواحدية قابلها وفاعلها ؛ كتعيّن نفس منبث وظهوره من باطن المتنفّس على نحو ما تعيّن التعيّن والتجلّي الأول من كنه الغيب والإطلاق حاملا ومستصحبا معه من تلك الحضرة الخفائية الإطلاقية أثرا من ظلمة غيبه وإطلاق أزليّته ، ولا تناهي تعيّنات أبديته ، فتفصل وتميّز عن إجمال وجمع بحكم هذا الانبثاث النفسي حقائق الكون المنسوبة إليها القابلية مضافة إلى نسبة التعين الثاني وقابليته وجميع الأسماء الإلهيّة المنتمي إليها التأثير والفعل ، مضافة إلى عين التجلّي الثاني .

وجميع هذه الحقائق الكونية والأسماء الإلهيّة صارت صورا وظلالا للشؤون والاعتبارات المندرجة في الواحدية مجملة وحدانية فيها في المرتبة الأولى ، مفصّلة متيّزة في هذا التعين الثاني الذي هو المرتبة الثانية متعيّنة ثابتة فيها بعضها بصورة أصل وجنس ، 
وبعضها بهيئة فرع ونوع أو شخص متفرّع من ذلك الأصل والجنس أو الفرع والنوع متغايرا بعضها لبعض من وجه دون وجه بحسب هذه المرتبة الثانية وحكمها ، وتعلق ظاهر العلم الأزلي بجميعها تعلّقا إحاطيّا بحسب ما هو كل واحد عليه من هذه المعلومات ، لا بحسب العلم ، فكان كليات ما اشتمل هذا التعيّن والقابل الثاني عليه وانتشىء منه مسمّاة بالمراتب الكلّية ، ولكن من جهة محلّيتها لثبوت باقي الحقائق ولظهور ما يقبل الظهور بالوجود العياني فيها ، ومن جهة 
“ 34 “

مؤثرية الذات بها وفيها ، وذلك مثل مرتبة المعاني ، ومرتبة الأرواح ، ومرتبة المثال ، ومرتبة الحسّ ، ومراتب الاعتدالات الموجودة فيها المركّبات المسماة بالمولدات التي جامعها وميّزاتها المرتبة الإنسانية ؛ كما أن كلّيات تعيّنات هذا التجلّي المتعيّن في هذا التعين والقابل الثاني من الأسماء الإلهية هي الأسماء السبعة الآتي بيانها .

فصل
ثم إن هذا التعيّن الثاني النفسي المذكور سمي بأسماء كثيرة بحسب اعتبارات ثابتة فيه مع توحد عينه ، فباعتبار أنّه أصل ظهور التعيّنات ومنشأها ومنشأ جميع الكمالات المضافة إلى كل واحد منها وقبلة توجّهاتها ومرجعها بسبب ذلك ، وأن التجلّي الثاني الظاهر به وفيه أيضا أصل جميع الأسماء الإلهيّة وكلها ومرجعها لذلك سمّي بمرتبة الألوهية ، 

وسمّي التجلّي باسم اللّه والإله لوجهة جميع العابدين إلى هذه المرتبة والتجلّي فيها ، وكونها مقصدهم الذي تسكن قلوبهم بها ، وهي تسترهم بسعة رحمتها وتستر عقولهم عن الخوض والكلام فيها ، وباعتبار تحقق جميع المعاني الكليّة والجزئية في مبدئه ووسطه ومنتهاه وتميّزها فيه سمّي بعالم المعاني ، وباعتبار ارتسام الكثرة النسبية المنسوبة إلى الأسماء الإلهية والكثرة الحقيقية المضافة إلى الكون وحقائقه فيه سمّي بحضرة الارتسام ، 
وباعتبار تعلق العلم الأزلي الذي هو ثاني تعيّناته الكلّية التي أوّلها الحياة بباقيها على كثرتها وإحاطته بجميعها وحدة وكثرة ، حقيقية ونسبيّة ، سمّي بحضرة العلم الأزلي ، وباعتبار البرزخية الحاصلة بين الوحدة والكثرة المشتملة هذه البرزخية على هذه الحقائق الكلّية الأصلية المذكورة من حيث صلاحية إضافتها إلى الحقّ بالأصالة وإلى الكون بالتبعية ، 

متميّزة بحكم الكلّية الأصلية والجنسية وانتشاء فروعها وأنواعها وجزئياتها منها في عين هذه البرزخية ، مفصّلة متميّزة سمّي بالحضرة العملية ، 

وباعتبار اندراج تلك الحقائق الكلّية الأصلية في عين تلك البرزخية مع تحقق أثر خفي منها فيها سمّي بالحقيقة الإنسانية الكمالية ، وباعتبار كون المعلومات التي تعلق العلم الأزلي بها ما بين واجب ظهوره وتحقّقه بنفسه ، وبين ممتنع ظهوره في نفسه في شيء من المراتب الكلّية والجزئية ، 

وبين متوسّط بينهما نسبته إليهما على السواء سمي المتوسّط مرتبة الإمكان ، وباعتبار أنه صورة التعيّن الأول الذي هو أول مرتبة الذات الأقدس يسمّى بالمرتبة الثانية ، فسمى جميع هذه الأسماء هذا 
“ 35 “

التعين الثاني النفسي المذكور ، ولهذا التعيّن وما تعيّن به وفيه من التجلّي الثاني الذي هو ظاهر الوجود المسمّى بظاهر عين اسم اللّه والرحمن وجميع هذه الأصول المذكورة آنفا وحدة وكثرة وبرزخ فاصل وجامع بينهما .

أما وحدته ، فمضافة إلى التجلّي الثاني المذكور الذي نسبته إلى الأحدية الذاتية أقوى ومظهريتها به أحقّ وأولى ، ولكن سراية أثر الواحدية فيه إما بسراية حكم الواحدية فيه ، فانتشاء الكثرة النسبية الأسمائية السلبية والثبوتية منه ، وإمّا أثر أولوية انتسابه إلى الأحدية الذاتية ومظهريته لها ، فنفي الأحكام والنسب والاعتبارات وإسقاطها عن أسمائه السلبية نحو : 
( الأزلي ) المنفي عنه الأولية ، و ( الغني ) المنفي عنه الاحتياج مطلقا في قيام الكمال به وظهوره عنه ، و ( الفرد ) المنفي عنه ما يزدوج به ذاته من عديل وشبيه وندّ ونظير ومثل ، كوجود آخر في مقابلة وجوده مثلا ، و ( الوتر ) المنفي عنه ما يشفعه من صنف الصفات ، ذلك بأن تكون صفة مشابهة لصفاته مثل أن تكون ثمة حياة كاملة شاملة بجميع الكمالات لا يقابل نقصا ولا موتا ولا فناء ، مضافة تلك الحياة إلى غيره ، فتشفع حياته الكاملة الشاملة بها ، 
و ( القدّوس ) المنفي عنه مذامّ الصفات ، كالظلم والكذب والعبث والكدر واللهو والعجز ونحو ذلك ، و ( السلام ) المنفي عنه تنازع ظهور الصفات بحيث لم ينازع الغضب عند الرضى، ولا الاستعجال إذا حلم، ولا إرادة الانتقام حين عفا ، وعلى عكس ذلك. 
و ( السبّوح ) المنفي عنه ما ينتفي في الفرد والقدّوس والسلام وكذلك المتعالي ، قال اللّه تعالى : سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [ الطّور : الآية 43 ] ، و سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ [ الأنعام : الآية 100 ] وأمثال هذه من الأسماء السلبية .

وأما طرف كثرة هذا التعين الثاني ، فظهر للواحدية الذاتية لكن بسراية أثر الأحدية فيه .
أما حكم كونه مظهرا للواحدية ، فلانتشاء كثرة التعيّنات الإلهيّة والكونية متبوعها وتابعها عنه ، وثبوتها وتميّزها فيه بعضها حقيقة وبعضها نسبيّة .

وأما حكم سراية الأحدية فيه ، فإنه كان لكل جملة من أعيان تلك الكثرة وحدة جمعية هي أصلها ومنشأها ، أو قل كلّها ومرجعها ، أو قل جنسها أو نوعها المندرجة فيها كثرة تلك الأعيان أولا ، والمنتشئة منها ثانيا ، والراجعة إليها ثالثا ؛ فإن رتبة تلك الوحدة متقدّمة على رتبة ما انتشأ منها من تلك الأعيان ، فمثال تلك

“ 36 “


الوحدة كالتجلّي أولا ، ثم كاسم اللّه والرحمن ، ثم كاسم الحيّ ، ثم كباقي الأصول الآتي ذكرها إن شاء اللّه تعالى .

ومن الأعيان الكونية ، كحقيقة القلم الأعلى ووجوده ، ثم كحقيقة الروح الأعظم ووجوده ، ثم كحقيقة الطبيعة ، ثم كحقيقة الجسم ووجوده ، إلى أن ينتهي إلى آدم عليه السلام حقيقة ووجودا ، فكل واحد مما ذكرنا مشتمل على أشخاصه وأنواعه المتفرّعة والمنتشئة منه والمضافة إليه متميّزة مترتّبة بعضها على بعض في العلم الأزلي والوجود العيني ، والحكم الثاني لسراية حكم الأحدية في مظهر الواحدية هذا أن الكل واحد من هذه الأجناس والأنواع والأشخاص أحدية محضة باطنة فيه لا يشابهه ولا يشاركه فيها غيره البتّة .

وأمّا البرزخ الذي هو على الحقيقة منشىء هذين الطرفين المذكورين ومثبتهما ومعينهما أولا ، والجامع بينهما ثانيا ، فإنما هي الحقيقة الإنسانية ، 
وله اعتباران ، أحدهما : اعتبار غلبة حكم الوحدة والإجمال عليه ، والثاني : غلبة حكم الكثرة والتفصيل ، إمّا باعتباره التفصيلي فمسمى بالحضرة العمائية ، وهو مشتمل على الحقائق السبعة الكلّية الأصلية المذكورة مندرج بعضها في بعض ، ومتعيّن متفرّع بعضها من بعض ، مفصّلة متميّزة فأسبقها تعيّنا وأشملها حكما حقيقة الحياة التي معناها قبول الكمال المستوعب لكل كمال لائق به ، والإحساس به من جهة جمليّته وكلّيته .
(واسم الحيّ )
هو عين منبع الكمال الذي يستوعب كل كمال يليق به بحسب ما اقتضته ذاته ومرتبته ، وله الشعور بذلك جملة وكليّة يندرج فيها تفصيلها ، ولما لم تخل حقيقة كلية أو جزئية أصلية أو فرعية من كمال يناسبها ، كان اسم الحيّ شاملا جميع الأسماء من حيث ما يتضمّن من الكمالات والحياة مستوعبة جملة الحقائق .


لمّا كان العلم داخلا في الحياة ومنبعثا منها ، وأن العلم في هذه المرتبة الثانية متعلق بمعلومات مفصّلة متميّزة ظهرت لعالمها والحياة لها الإحساس بها جملة ، والتفصيل داخل في الجملة ومندرج فيها كان العلم من هذا الوجه أيضا داخلا فيها والإرادة لما كان معناها طلب المراد والميل إليه تخصيصا أو ترتيبا أو إظهارا أو إخفاء .

“ 37 “
(واسم المريد )
المتعين بها هو الطالب المائل إلى تخصيص كل شيء بحكم وأثر ووصف ، والمراتب لأحكام ذلك الشيء وغيره وغاية طلبه إنما هو ظهور الكمال الأسمائي ومراده بذلك الترتيب والتخصيص والوصف والحكم ذلك الظهور الذي هو من خصائص العلم ، فكان المريد والإرادة داخلا في العلم ومنتشئا منه ، ولما كان القول حقيقته نفس منبعث من باطن المتنفّس متضمّن معنى يطلب ظهوره متعيّن ذلك النفس في مرتبة أو مراتب يسمى في الخارج مخارج ، فكان من حيث ذلك الطلب والميل داخلا في الإرادة ، ولما كانت القدرة تمكنا من التأثير في إظهار ما يطلب ظهوره كان لذلك داخلا في القول ومنبعثا ومتفرّعا منه ، ولما كان الجود هو اقتضاء الإيثار ذاتا أو صفة بما فيه كمال ما نفسا أو مالا أو جاها أو كل ما ينتفع ويتكامل به لكل ما يستحقه حالا أو سؤالا .

(والجواد )
هو المتمكّن من نفسه بقبول ذلك الاقتضاء والعمل بذلك ، فكان من جهة التمكّن داخلا في القدرة ومتفرّعا منه .
(والمقسط )
بإيثار قسط كل ماله قسط استعدادي به يقبل من الجواد ما يؤثره به داخل في الجواد ومنتشء منه ، فبهذا البيان يعلم ويتبيّن كيفية ترتّب هذه الأسماء الأئمّة السبعة بعضها على بعض ، وانبعاث بعضها من بعض نزولا ، واندراج بعضها في بعض عودا ورجوعا ، ومجمع جمعيها ظاهر كلمة اسم اللّه من جهتين :
جهة الوجود وجهة حقيقتها المعينة لأسمائها ، فإن حقيقة الألوهية التي هي عين التعين الثاني والمعينة لظاهر كلمة اسم اللّه هي مجمع جميع الحقائق الأصلية والفرعية والإلهيّة والكونية ومنشؤها ومعادها ومرجعها ، فكان ظاهر ( اسم اللّه ) جامع الأسماء من هاتين الجهتين .
وأما ظاهر ( اسم الرحمن )
فمجمعها ومرجعها من جهة واحدة وهو الوجود ، فإن الرحمن اسم من حيث الرحمة الشاملة ، وذلك عين الوجود .
(وأما اسم الحيّ )
، فجامعها ومرجعها من حيث الكمال المستوعب لجميع الكمالات .
(والعليم )
جامعها لعموم التعلّق .
(والمريد )
يجمعها طلبا وميلا إلى الكمال .

“ 38 “

(والقابل)
يجمعها من أن كل واحد منها من تعيّنات النفس الرحمني .

(والقادر)
يشملها لصحة إضافة التمكّن من التأثير إلى كل واحد منها بأثر مختصّ به ومناسب لحقيقته .

(واسم الجواد)
يجمعها من حيث صحة إضافة إفاضة الوجود إلى كل واحد منها ، لكونه منشأ لوجود ما هو تحت حيطته من جهة الحقائق الكونية والتعيّنات الوجودية .

(واسم المقسط)
يشملها من جهة رعاية كل واحد منها حكم التوسّط بين قيام الوحدة الحقيقية والكثرة النسبية ، فإن هذه الأسماء الكلّية الأصلية المذكورة لها جهتان :
أحدهما : اشتمال كل واحد منها على الباقي ، ولكن مع تحقق أثر خفي من تميّز كل واحد منها بوصف فيما هو مظهر لها من حيث اشتمالها المذكور .

أما اشتمالها ، فهو من أثر وحدة الجمعية البرزخية الإنسانية بحكم إجمالها وحاق وسطيتها وجمعيتها الحقيقية بين حكم التجلّي ووحدته الحقيقية وكثرته النسبية ، وبين حكم التعين وكثرته الحقيقة ووحدته النسبية وتوحيدها أحكام الطرفين المذكورين .

وأما ظهور ذلك الأثر الخفي من التميّز ، فهو من أثر كون هذه البرزخية الثانية المذكورة واقعة في التعيّن الثاني وقوة نسبته إلى الأبدية التي من أخصّ أحكامها التمييز إلى ما لا يتناهى .

وأمّا الجهة الثانية التي لهذه الأسماء الكلية الأصلية المذكورة ، فهو تحقّق تميّزها وظهور أثر تختصّ بكل واحد منها ، ولكن مع ظهور أثر خفي من حكم الاشتمال المذكور على عكس الجهة الأولى .

أما تحقق تميّزها ، فبحكم تفصيل هذه البرزخية الثانية التي هي عين الحضرة العمائية .
وأما ظهور أثر خفي من حكم الاشتمال ، فهو من أثر جمعية هذه البرزخية وحكم وحدتها وإجمالها وحاق اعتدالها الآتي بيانها عن قريب إن شاء اللّه تعالى .

“ 39 “

وحقائق الكمل الذين هم أولو العزم من الرّسل ثابتة ومندرجة فيها وظاهرة على سبيل البدل بحكم إحدى هذه الحقائق السبعة الأصلية من حيث الاشتمال المذكور والأثر الخفي من حكم تميّزها وميلها إلى النزول .

وأمّا حقائق أرباب الكمال من المحمّديين ثابتة أيضا ومندرجة في هذه البرزخية الإجمالية الوحدانية وظاهرة بصورة القطبية من مقام البدلية بحكم إحدى هذه الحقائق السبعة الإلهيّة الأصلية من حيث الاشتمال وأخفى أثر من تميّزها ، لكن من حيث ميلها إلى العود والرجوع إلى أصلها الذي هو عين المفاتيح والتجلّي الأول ، وحقائق البقية السبعة من الأبدال مندرجة في حقيقة القطب ومنتشئة منها ومتعيّنة في الحضرة العمائية من حيث غلبة حكم تميّزها ، وخفاء حكم الاشتمال فيها ، وانتشأت من هذه الحقائق السبعة الأصلية الإلهية اثنان وتسعون حقيقة إلهيّة تمّت بها تسع وتسعون حقيقة تعيّنت بها الأسماء التسعة والتسعون ، ومنها ثلاثمائة حقيقة إلهيّة يلازم كل حقيقة خلق إلهي ؛ كما ورد في الخبر : “ إن للّه ثلاثمائة خلق من تخلّق بواحد منها دخل الجنّة “ “ 1 “ ، 

فقال أبو بكر رضي اللّه عنه : هل فيّ منها شيء يا رسول اللّه ؟ فقال صلى اللّه عليه وسلم : “ كلّها فيك “ “ 1 “ . 

وتعيّن من كل حقيقة اسم إلهي وانتشاء وتعيّن في هذه الحضرة العمائية من هذه الحقائق الإلهيّة حقائق الرسل صلوات اللّه عليهم ، وتفرّعت من هذه الحقائق الإلهيّة ألف حقيقة ، وحقيقة واحدة تعيّنت الأسماء منها بهذا العدد وانتشاء من كل حقيقة إلهيّة منها حقيقة إنسان نبيّ في هذه الحضرة العمائية وتفرّعت من هذه الحقائق الإلهيّة تمام عدد مائة ألف وعشرين ألفا وأربعة آلاف حقيقة إلهيّة ، عين كل واحد منها اسما إلهيّا ، وانتشاء من هذه الحقائق الإلهيّة تمام عدد مائة ألف وعشرين ألفا وأربعة آلاف حقيقة إنسانية نبوية ، 

وانتشاء من حقائق المحمديّين أضعاف هذا العدد من هذه الحقائق الإلهيّة أصولها وفروعها في هذه الحضرة العمائية ، وهذه كلها تفصيل الحقيقة الكلّية المحمديّة الشاملة كلها المسمّاة بحقيقة الحقائق السارية في الكلّ سريان الكلّي في جزئياته التي هي عين البرزخ الأول الأكبر الأقدم الأصل ، ثم تفرّعت من
..........................................................................................
( 1 ) رواه محمد بن يحيى من حديث خيثمة بلفظ : “ خصال الخير ثلاثمائة وستون ، قال : فقال أبو بكر : يا رسول اللّه لي منها شيء ؟ قال : كلها فيك ، وهنيئا لك يا أبا بكر “ [ 1 / 141 ] ؛ ورواه علي بن هبة اللّه في تاريخ مدينة دمشق ، حرف العين [ 30 / 104 ] .

“ 40 “

هذه الحقائق الإلهيّة المتفصّلة المنتشئة منها ، والمنتسبة إليها حقائق جميع الأنبياء عليهم السلام كلّيات وأصول وأجناس من كلّيات وأصول وأجناس وفروع من فروع بعدد ذلك حقائق إلهيّة جزئية فرعية لا تكاد تحصى كثرة ، ومنها انتشأت في هذه الحضرة العمائية وفي طرفها المسمّى بحضرة الوجوب وفي طرفها الآخر المسمّى بحضرة الإمكان حقائق كونية لا تحصى كثرة ، فكل ما تنسب إليه الجمعية بينهما والمضاهاة لبرزخيّتهما ، ولو بنسبة ما كانت حقيقة إنسانية ، وكل ما كانت نسبته إلى الوجوب أقوى كانت حقيقة علوية ملكية بسيطة ، وكل ما كانت نسبته إلى الإمكان أشدّ كانت حقيقة سفليّة من المولدات .
وأمّا الحقائق الإنسانية ، 
فما بين مائل إلى طرف الإمكان ، فكانت حقائق الكفار الداخلة في حيطة الضلال ، وما بين مائل إلى التوسّط والجمعية أو الوجوب ، فكانت حقائق المؤمنين والأولياء الداخلة في دائرة حقيقة الهداية وبحسب قبول ذلك الميل حكم الشدّة والضعف بان تفاوت استعداداتهم ودرجاتهم في حقيقة قبول نور الإيمان وأثر الهداية ، وجميع هذه الحقائق الإلهيّة والكونية كانت شؤونا وأحوالا ذاتيّة من اعتبارات الواحدية مندرجة في بعض ومنتشئة بعضها من بعض بصور هذه الحقائق الكلّية والجزئية والأصلية والفرعيّة والجنسية والنوعيّة ، وكل ما نسب انتشاء حقيقته وتعيّنها من حقيقة إلهيّة أصولها وفروعها ، 
أو فروع فروعها وهلمّ جرّا ، كان ما كان انتشاء وتعيّن وجوده العيني الذي به ظهر في المراتب روحا ومثالا وحسّا من اسم إلهي متعيّن بتلك الحقيقة الإلهيّة بحسب تميّزها ووصفها ، فكان ذلك الاسم ربّه ، فلا يأخذ إلّا منه ، ولا يعطي إلّا به ، ولا يرجع إلّا إليه في توجهاته ودعواته بالحال أو القال في جميع المواطن ، ولا يرى إلّا إياه ؛ كما سنزيد هذا المعنى إيضاحا عن قريب إن شاء اللّه تعالى .

وسمّيت تلك الشؤون الذاتية ههنا حقائق ، لأن أحكام هذه المرتبة الثانية الغالب عليها حكم تميّزات الأبدية مع آثار ظلمة غيب الإطلاق والأزلية السارية في هذه المرتبة الثانية أيضا كلّها حفت بكل شأن منها ، فكانت كحقة لذلك الشأن ، فصار بها ذا حقّة ، 

وسمّيت أعيانا ثابتة لثبوتها في المرتبة الثانية لم تبرح منها ولم يظهر بالوجود العينيّ إلا لوازمها وأحكامها وعوارضها المتعلّقة بمراتب الكون ، وسمّيت ماهية لما يساءل عن أنائية وهوية يضاف إليها كل شيء ، 

فيقال : نفسي وروحي وقلبي وبدني وكلّي وجزئي ، فيقال : ما هي ؟ زيد فيها هاء السكت وشدّدت

“ 41 “

ياؤها لتصير علما لتلك الهوية والأنائية ، والكل أمور نسبية معدومة لأنفسها لا وجود لها إلّا في علم العالم بها .

وهذه الحضرة العمائية هي التي يظهر فيها الحق بصفات الخلق متنزّلا من رتبته المختصّة به ، وهي حضرة الوجوب ، فيضاف إليه تعالى وتقدّس كل ما يضاف إلى الخلق من تعجّب وتردّد وضحك وتبشبش وأمثال ذلك ، ويظهر الخلق فيها بصفات ربّه عند تخلّصه من قيود الكثرة وارتقائه من حضيض المراتب الكونية ؛ كإحياء الميت وإبراء الأكمه والأبرص والاتّصاف بصفة الحقية والسبحانية وأمثال ذلك . وعن هذه الحضرة العمائية عنى صلى اللّه عليه وسلم حين سئل : أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق ؟ فقال : “ كان في عماء ما فوقه هواء ، وما تحته هواء “ “ 1 “ ، 

والعماء في لغة العرب غمام رقيق يحول قليلا بين الناظر وبين النور الشمسي ، وهذا البرزخ بلطفه ورقّته حائل بين عين النور الوجودي الظاهري ، وبين النظر المضاف إلى العين الثابتة ، الذي هو من عين النور الوجودي الباطني ، الذي هو باطن كل حقيقة ممكنة ، وهذا التجلّي الثاني الوجودي الظاهري العيني سار في هذه الحضرة العمائية ظاهر بصورة التربية والإصلاح للحقائق الأسمائية بإظهار آثارها في الحقائق الكونية ومقتضياتها ، وللحقائق الكونية بإظهار أحكامها بإضافة الوجود العيني إليها .

وأما هذا البرزخ باعتباره الإجمالي ، فهو عين الحقيقة الإنسانية والرتبة الكمالية التي هي ميزان حقيقة الكمال وحاق الاعتدال المندرجة فيه من حيث هذا الاعتبار الإجمالي .
هذه الحقائق السبعة التي هي الأصول المعينة لأئمّة الأسماء السبعة ، 
وحقائق الكمّل من الأنبياء والأولياء غير نبيّنا صلى اللّه عليه وسلم مندرجة فيه ، وتظهر في المراتب على البدل بغلبة أثر خفي ، من إحدى هذه الحقائق السبعة على كل واحد مع اشتماله على حكم الباقي . وأمّا باقي الأناسي ، فحقائقهم منتشئة من هذه الأصول وفروعها وفروع فروعها وهلمّ جرّا ، متميّزة في الحضرة العمائية ومفصّلة فيها بحسبها ما بين قريب من أصلها وميزانها ، وأقرب وبعيد وأبعد من الكمال أولا ، ومن الأكملية المختصّة بالحقيقة المحمّدية ثانيا ، فإن أثر هذا البرزخ الأكملي والكاملي سار في
..........................................................................................
( 1 ) رواه ابن حبان في صحيحه ، ذكر الأخبار عمّا كان اللّه فيه قبل خلقه . . . ، حديث رقم ( 6141 ) [ 14 / 8 ] ؛ وأحمد في المسند ، حديث رقم ( 16245 ) [ 4 / 12 ] ورواه غيرهما .

“ 42 “

كل حقيقة قابلة به يكون قيام قابليّته وتوسّطه بين الوجوب والامتناع الحقيقي فيه ومنتشئة منه أجناسا ، ثم أنواعا ، ثم أشخاصا ثابتة بتميّزاتها كلّها أقربها وقريبها في الحضرة العمائية ، وبعيدها وأبعدها في الحضرة الإمكانية ، فتدبّر هذا الفصل تفز بالكنز الأكبر والكبريت الأحمر إن شاء اللّه تعالى .

فصل
ثم اعلم أن المراتب الكلّية الآتي بيان حصرها المسمّاة عوالم وحضرات ، التي هي كالمحال والمجالي والمظاهر لسائر الحقائق المنسوبة إلى الحقّ أو إلى الكون المحيطة بها والمحتوية عليها ، إنما هي حقائق معنوية ، كالمحاط أيضا بها مرتسمة جميعها أجناسا وأصولا وأنواعا وفروعا وأشخاصا في هذه المرتبة الثانية ، وفيها تعيّنت من حيث المراتب التي سترى إحصاء أسمائها وحصرها عن قريب إن شاء اللّه تعالى .
وهذه الحقائق المحتوية عليها منحصرة في ثلاثة أقسام :
(القسم الأول )
قسم منسوب إلى الحق مختصّ به ، وذلك كالألوهية والرحمة الذاتية الشاملة كل شيء ، وهي الوجود باعتبار الفياضية ، وكالوجوب الذاتي والقيوميّة التي هي القيام بنفسه والإقامة لغيره والغنى الذاتي وغير ذلك .

القسم الثاني
: منسوب إلى الكون ؛ كالفقر والعدمية الذاتية والذلّة والإمكان والكثرة التابعة جميعها لحقائق متبوعة ؛ كحقيقة الروح والملك والفلك والأركان والسماء والأرض والمولدات .

والقسم الثالث
: ما ينسب إلى الحقّ بالأصالة ، وإلى الكون بتبعية إضافة الوجود إليه ، وذلك مثل العلم والإرادة ونحوهما القابلة للإضافة إلى الحقّ فتكون قديمة ، وإلى الكون فتكون حادثة ، ثم إن هذه الحقائق منها ما هي كلية كالحقيقة الإنسانية والعلم مثلا ، 

ومنها ما هي جزئية كحقيقة زيد وعلمه من الجزئيات متبوعة كحقيقة زيد مثلا ، ومنها ما هي لوازم وصفات وخواص وأعراض تابعة لهذه الحقيقة المتبوعة كحياتها ونطقها وقابليتها وإمكانها وعلمها وجهلها وهيئتها المعنوية أو الروحانية أو المثالية أو الحسّية وظهورها وبطونها ، وإضافة الوجود إليها ونحو ذلك .

.

تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني Word
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني PDF
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني TXT
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني Word
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني PDF
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني TXT



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 12 يناير 2021 - 17:27 عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 1 يناير 2021 - 22:41 من طرف عبدالله المسافربالله

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني 

العارف بالله تعالى الشيخ سعد الدين محمد بن أحمد الفرغاني المتوفى سنة 700 ه‍

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات
“ 43 “

فأمّا الكلّيات والمتبوعات ، فما برحت محصورة في مبدأ الحضرة العلمية والمرتبة الثانية ، وأمّا لوازمها وصفاتها وخواصّها وأعراضها ، فهي ثابتة في وسطها ومنتهاها ، فمنها ما يلازمها في تلك الحضرة العلمية أيضا ، كقابليتها الأصلية الغير المجعولة وهيئتها المعنوية ، ومنها ما هو تحت حيطة عالم الأرواح كحياتها وعلمها وهيئتها الروحانية ، 

وكظهورها بالنسبة إلى عالم الأرواح مندرجا في جنسها ونوعها أو متميّزة بشخصيّتها فيه، 

وكبطونها بالنسبة إلى عالم المثال والحس ؛ كإضافة الوجود إليها في عالم الأرواح . ومنها ما هي تحت حيطة عالم المثال ، كهيئتها المثالية وظهورها فيه وعلمها المضاف إلى تلك الهيئة وأشباه ذلك . 

ومنها ما هي تحت عالم الحسّ كهيئتها الحسّية وظهورها وإضافة الوجود إليها فيه ، وكقابليتها الوجودية للعلوم والأعمال ، وكإضافة المقولات العشر إليها نحو الكيف والكمّ ونحو ذلك .

وهذه المراتب الكلّية منحصرة في خمس مراتب : 
اثنتان منها منسوبتان إلى الحق ، 
وثلاث منسوبة إلى الكون ، 
وسادسها جامع بينها ؛ 
وذلك لأن هذه المراتب لما كانت مظاهر ومجالي فلا تخلو إمّا أن يكون مجلى ومظهرا يظهر فيه ما يظهر للحق تعالى وحده لا للأشياء الكونية ، أو يكون مظهرا يظهر فيه ما يظهر للحق وللأشياء الكونية أيضا ، فالأول سمّي مرتبة الغيب لغيبة كل شيء كوني فيها عن نفسه وعن مثله ، فلا ظهور لشيء فيها إلّا للحق تعالى ،
 وانتفاء الظهور للأشياء يكون بأحد وجهين :
أحدهما : بانتفاء أعيانها بالكلية حيث كان اللّه ولا شيء معه ، فينتفي منه الظهور لها علما ووجدانا بانتفاء أعيانها بالكلية ، وذلك المجلى هو التعين الأول والمرتبة الأولى من الغيب .

والوجه الثاني : بانتفاء صفة الظهور للأشياء عن أعيان الأشياء مع تحقّقها وتميّزها وثبوتها في العلم الأزلي وظهورها للعالم بها ، لا لأنفسها وأمثالها ؛ كما هو الأمر في الصور الثابتة في أذهاننا سواء ، وهذا المجلى والمظهر هو التعيّن الثاني وعالم المعاني والمرتبة الثانية ويعمّها اسم الغيب لما ذكرنا .

وأمّا ما يكون مجلى يظهر فيه ما يظهر للأشياء الكونية أيضا علما ووجدانا ، فهو ثلاثة أقسام ، فإنه إما أن يكون مظهرا أو مجلى يظهر فيه ما يظهر للأشياء

“ 44 “

الكونية الموجودة البسيطة في ذاتها ، فذلك يسمى مرتبة الأرواح ، أو مظهرا ومجلى يظهر فيه ما يظهر للأشياء الموجودة المركّبة ، فتلك الأشياء الموجودة المركبة إما أن تكون لطيفة بحيث لا يقبل التجزئة والتبعيض والخرق والالتئام ، فمجلاها ومحل ظهورها ومحل الظهور لها يسمّى مرتبة المثال .

وإمّا أن تكون الموجودات المركّبة كثيفة بالنسبة إلى تلك اللطائف أو على الحقيقة بحيث يقبل التجزئة والتبعيض والخرق والالتئام ، فمجلاها ومحل صفة ظهورها وظهور ما يظهر لها فيه يسمّى مرتبة الحسّ ، وعالم الشهادة ، وعالم الأجسام والإنسان الحقيقي الكامل والأكمل بحكم المظهرية للبرزخية الثانية والأولى جامع للجميع ، وقد انحصرت أقسام المراتب الكلية بعون اللّه تعالى .

فصل
ثم اعلم أن حقائق الأسماء الإلهيّة القائمة بالذات المقدّسة المتعالية عن التغيّر والتبدّل ليست أعيان هذه الألفاظ المركّبة من الحروف المفردة المتغيّرة والمتبدّلة والمختلفة باختلاف اللغات وبتبدّل تراكيبها وتغيّرها ، وإنما هذه الألفاظ هي أسماء تلك الأسماء والدلالات عليها ومعانيها ، وتلك الحقائق القائمة بالذات مدلولاتها ومعانيها ، فإن حقيقة اسم اللّه إنما هو تجلّي الذات وتعيّنها من حيث إنه واحد جامع لجميع التجلّيات والتعيّنات قائم بالذات ، ولفظه كلمة عربية معناها عين معنى كلمة “ خداي “ بالفارسية ، وكلمة “ تنكري “ بالتركية متغيّرة متبدّلة ومختلفة ومتحوّلة وحقيقتها تجلّ عن التغيّر والتبدّل ، فتكون هي أسماء الأسماء ، لا حقائقها .

وإذا عرفت هذا ، فنقول : أسماء اللّه تعالى حقيقة نوعان : سلبيّة وثبوتية ، وجميعها منحصرة في ثلاث درجات كلية ، 
أولها : أسماء الذات ، 
وثانيها : أسماء الصفات ، 
وثالثها : أسماء الأفعال . 
ووجه الحصر أن الاسم حقيقة إنما هو الذات ، أو قل إنما هو الوجود ، ولكن لا من حيث إطلاقه ، بل من حيث اعتبار وتعيّن ما ، فإن كان ذلك الاعتبار والتعيّن عين الذات كالتعين الأول والوحدة الحقيقية والغنى المطلق والرحمة الذاتية السابقة والغالبة ونحو ذلك ؛ فالذات من حيث ذلك التعيّن والاعتبار اسم من أسماء الذات ؛ كحقيقة اسم اللّه والرحمن والرحيم والغني عن العالمين ومفاتح الغيب والواحد والأحد الذاتيين ، وإن لم يكن التعيّن والاعتبار

“ 45 “

عينا ، فإن لم يتعدّ من ذلك التعيّن والاعتبار أثر إلى الغير في مرتبة من المراتب الكونية ، فذلك المتعيّن هو من أسماء الصفات ؛ كالعالم والمريد وإن تعدّى أثر منه في مرتبة من مراتب الكون كمرتبة الأرواح والمثال والحسّ ، فالمتعين هو من أسماء الأفعال ؛ كالخالق والبارىء والمصوّر .

ثم إن كان ذلك التعيّن والاعتبار مما يفيد نفي اعتبار عن الذات ، كمفهوم الأحدية والأبدية والأزلية ونحوه ، فالمتعيّن من تلك الحيثية هو الأسماء السلبية كالأحد والفرد وأمثالهما ، وإن كان التعيّن والاعتبار مما يفيد ثبوت اعتبار لا نفيه ؛ كمفهوم الواحدية والرحمة الأزليّة ونحوهما ، فالمتعيّن من هذه الحيثيّة هو من الأسماء الثبوتية ، كالواحد واسم اللّه والرحمن والرحيم الذاتية المذكورة في “ بسم اللّه الرحمن الرحيم “، والصفاتية المذكورة في الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ( 2 ) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( 3 ) [ الفاتحة : الآيتان 2 ، 3 ]، 

فإذن مجلى حقائق أسماء الذات إنما هو المرتبة الأولى وحاق وسط المرتبة الثانية ، وهو البرزخ الإنساني المشتمل على أصول الحقائق والأسماء السبعة التي هي الأئمة بحكم اشتمال كل واحد منها على الكل ، ولكن مع ظهور أثر خفي من كل واحد فيه ومجلى أسماء الصفات إنما هو الحضرة العمائية التي هي جهة تفصيل هذا البرزخ الإنساني ، ومحل ظهور تميّزات هذه الأصول وأثر اختصاصاتها ومجلى أسماء الأفعال جميع المراتب الكونية من كونها مرتسمة في عين هذه المرتبة الثانية لتوقف ظهور تمام آثار الأفعال عليها ، فلا جرم تجلّي الحق لعباده من جهة الأفعال لم يبد إلّا في مظاهر كونية روحانية أو مثالية أو حسّية ، وتجلّيه الصفاتي لم يحصل إلّا بالتجرّد عن جميع أحكام المراتب الكونية ومظاهرها وبارقة من بوارق تجليّه الذاتي لم يلتمع إلّا بالانفراد عن جميع أحكام التكثّرات وحقائق التميّزات الأسمائية والصفاتية . 
نعم اللّهم إلا عن أثر خفي يظهر في حاق البرزخية الثانية الإنسانية مع غلبة حكم التوحّد وهو الاشتمال فيها ، وذلك الانفراد يحصل بالفناء الحقيقي بعد الفناء .

ثم إن الحقائق الصفاتية المعيّنة لأسمائها منقسمة بالقسمة الأولى على قسمين : 
إضافية كالظهور والبطون والأوّلية والآخرية ، وغير إضافية كالعلم والإرادة ونحوهما من الأصول والفروع ، وغير الإضافية نوعان : 
نوع لا مقابل له يخالفه في الأثر والخاصية من ذلك النوع كالإرادة والقدرة ، 
ونوع آخر له ما يقابله ويخالفه كالهداية والإضلال ولازميهما ، وكالرضى والغضب ، فالمتقابلة كلاهما من فروع

“ 46 “

الغير المتقابلة ، ومن المتقابلة ما يفهم منه التحوّل كالقبض والبسط والأسماء المتعيّنة منها تسمّى أسماء الأحوال . وأمّا أسماء الأفعال فنوعان : نوع ورد في الشرع ذكر فعله دون اسمه نحو : سخّر اللّه وغضب اللّه ولعنه اللّه ويضلّ اللّه ونحو ذلك ، ونوع ورد ذكرهما جميعا نحو : يخلق اللّه ما يشاء ، واللّه خالق كل شيء ومثل ذلك ، فانحصرت أقسام الأسماء كلّها في ثمانية أبواب هي أصول أبواب الجنان ، فافهم .

ثم إن هذه الحقائق الأسمائية على نوعين : نوع ليس له صورة ظاهرة لفظيّة تدلّنا عليه هي اسمه في جميع اللغات أو بعضها ، وهو المراد بقوله : “ اللّهمّ إني أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك “ “ 1 “ ، ومن وجه مفاتيح الغيب منها .

والنوع الثاني : ما له صورة ظاهرة لفظية أو رقمية عندنا هي اسمه الذي يدلّنا عليه وذلك قسمان ، أحدهما : مضمرات كلفظ هو وأنا ونحن وكاف المخاطب وتائه وضمير الغائب والجمع . والقسم الثاني : مظهرات كلفظة اللّه والعليم والخالق وأمثالها .

أما مدلول جميع المضمرات إنما هو حقائق أسماء الذات ، ولكن بحسب الاعتبارات ، فإن ضمير الغيبة إنما يدلّ على الذات باعتبار غلبة حكم الغيب على حكم الشهادة ، وضمير الخطاب على عكس ذلك ، وضمير الجمع باعتبار لزوم اسم أو أسماء للتجلّي ، وضمير الواحد باعتبار التجلّي وحده أو اسم وحده .

وأمّا مفهوم المظهرات ، فشامل جميع الأسماء الذاتية منها والصفاتية والفعلية ، وجميع ما ذكرنا من الأسماء كلّها توقيفية على المذهب الصحيح لا يعلم إلّا بالشرع أو بكشف صحيح أو إخبار إلهيّ صريح .

ثم إن أصول الأسماء الإلهيّة بعد أسماء الذات الثابتة في المرتبة الأولى كباطن اسم اللّه ، وباطن اسم الرحمن الرحيم الذاتيين ، والواحد الأحد الذاتية ، هذه الأئمّة السبعة التي مبدؤها وأجمعها وأكملها اسم الحيّ باعتبار أنّه عين
..........................................................................................
( 1 ) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ، كتاب الدعاء والتكبير . . . ، حديث رقم ( 1877 ) [ 1 / 690 ] ؛ وابن حبان في صحيحه ، ذكر الأمر لمن أصابه حزن . . . ، حديث رقم ( 972 ) [ 3 / 253 ] ؛ ورواه غيرهما .

“ 47 “


الكمال ومنبعه والشاعر بكلّيته وجملته والمتفرّع من هذه الأصول الأئمّة أو لإتمام عدد الأسماء التسعة والتسعين التي من أحصاها تعلّقا أو تخلّقا أو تحقّقا دخل الجنّة .

أمّا إحصاؤها تعلّقا ، فبأن يتطلّب آثار كل واحد منها في نفسه وبدنه وجميع قواه وأعضائه وأجزائه في مجامع حالاته وهيئاته النفسانية والجسمانية ، وفي جملة تطوّراته وتنوّعات ظهوراته نوما ويقظة ، وقياما وقعودا ، وطاعة ومعصية ، وقبضا وبسطا ، وصحة وسقما ، ورضا وغضبا ، ولذّة وألما ، وراحة وشدّة ، وسعة وضيقا ، وغنى وفقرا ونحو ذلك ، فيرى جميع ذلك من أحكام هذه الأسماء ويضيف كل ما يظهر فيه إليها وإلى آثارها ، فيقابل كل واحد بما يليق من شكر أو صبر أو ملق أو عذر أو استكانة أو خضوع أو استحياء أو تذلّل أو التجاء أو استعاذة أو انكسار أو ندامة أو استغفار أو استعانة أو استهداء ونحو ذلك من أوصاف العبودية وأداء واجب حقوق الربوبية .

فبمثل هذا الإحصاء والعد وأداء الحقّ الواجب بقدر الوسع والجهد يدخل جنّة الأعمال التي هي محل ستر الأعراض الزائلة الفانية قولا وفعلا ونيّة واعتقادا بصور الأعيان الثابتة الباقية حورا وقصورا وغلمانا وجنانا .

وأمّا إحصاؤها تخلّقا ، فبتطلّع الروح الروحانية إلى حقائق هذه الأسماء ومعانيها وصفاتها والتخلّق والاتّصاف بحقيقة كل واحد منها على وفق ما أمر به في قوله : “ تخلّقوا بأخلاق اللّه “ “ 1 “ ، فيدخل بهذا العدّ والإحصاء المترتّب عليه هذا التخلّق ، والاتّصاف جنة الميراث التي هي أعلى من الجنّة الأولى ، بل هي باطنها المائل إلى طرف الملكوت المستور بملكوت كل شيء في تنزّله بصورة الطبيعة فيها ، ولكن من حيث وجهها الذي يلي عالم الأرواح لا الذي يلي عالم الحسّ الذي فيه جنّة الأعمال المذكورة عن قريب شأنها ، وهي المشار إليها بقوله صلى اللّه عليه وسلم :
“ ما منكم من أحد إلّا وله منزل في الجنّة ومنزل في النار ، فإذا مات كافر ودخل النار ورث منزله أهل الجنّة ، وإن شئتم فاقرؤوا : أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ ( 10 ) الَّذِينَ
..........................................................................................
( 1 ) أورده المناوي في التعاريف ، فصل اللام ، [ 1 / 564 ] ؛ والجرجاني في التعريفات ، باب الفاء ، مصطلح رقم ( 1099 ) [ 1 / 216 ] .

“ 48 “

يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ ( 11 ) [ المؤمنون : الآيتان 10 ، 11 ] “ “ 1 “ الآية ، 

وانتشاء تلك المنازل في توجه الملكوت إلى التنزّل لإظهار عالم الطبيعة والحسّ .
وأمّا إحصاؤها تحقّقا ، فإنما يكون بالتقوى والانخلاع عن كل ما قام به وظهر فيه من الصور والمعاني والآثار المتّسمة بسمة الحدوث ، وبالاستتار بسبحاب أعيانها وأسرارها وأنوارها ، فيدخل عند ذلك جنّة الامتنان التي هي مقام ستر غيب الغيب المشار إليها في قوله : إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ ( 51 ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( 52 ) [ الدّخان : الآيتان 51 ، 52 ] ، المعدّ فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

ثم نرجع الآن إلى بيان ما نحن بصدده من تعيين انتساب كل طائفة من تمام هذه الفروع المتمّمة عدد التسعة والتسعين إلى أصولها المذكورة الداخلة في هذا العدد المذكور ، فنقول : إن اسم الحيّ الذي هو عين الكمال ومنبعه والمحس بكليّته وجملته يتضمن ويحتوي على كل ما يتعلق به كمال ما من الأسماء ، كما أشرنا إليه قبل هذا ، والكمال منه ما يتعلّق بالباطن ، ومنه ما يتعلق بالظاهر ، فالمتعلق بالباطن مثل اسم العظيم الذي ملأ أمره الكون ويخفى كنهه عن الخلق فستر عقولهم وأوهامهم وأفهامهم القاصرة الحقيرة عن منال كمال أمره وجلالة قدره ، واسم الكبير الذي لكمال بعد مناله يبدو للخلق صغرهم ، فيشهدون بفطرهم أنه أكبر من كل ما يتبدّى بالكبر .

( واسم العليّ ) الذي بكمال علوّه يفوت جميع المدارك .
( واسم الجليل ) الذي يجلّ بجلال أحديّته عن أن ينسب إليه شيء .
( واسم الغنيّ ) عن العالمين بكمال استقلاله في غيب غيبه بشهود جمال جلاله وملاحظة اعتباراته في أول تعيّن من ذاته تعالى وتقدّس .
( واسم القدّوس ) بكمال نزاهته عن مذامّ الصفات وإضافة نقائص الأفعال والآثار إليه ونحو ذلك .
..........................................................................................
( 1 ) عزاه السيوطي في الدّرّ المنثور إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه ، سورة الزخرف ، الآيات 72 - 89 ، [ 7 / 394 ] ؛ وابن كثير في التفسير ، سورة الزخرف [ 4 / 135 ] .

“ 49 “

وأمّا ما يتعلق بالظاهر ، فجميع الأسماء الثبوتية من فروعه من حيث ما يتضمّن كمالا ما ، فباعتبار ما يبدو من أمره ويظهر من خلقه في الكون حتى يجد الخلق بذلك صغر أقدارهم عند ذلك ، وكبر قدره عليهم ولاستوائهم في حكم الخلقية وحصر القدر المعيّن من إضافة الوجود والحكم والأثر إليهم بحيث لم يقدر أحد منهم المجاوزة عن ذلك القدر لذلك شملهم حكم الصغر ، فليس لأحد أن يكبر أو يتكبّر ، 

فلذلك انتشاء حكم ( اسم المتكبّر ) ، واختصّ به دون غيره ،
وباعتبار اشتماله على جميع ما يتعلق به كمال ما من الأسماء والحقائق ظاهرا وباطنا تفرع منه ( اسم الجامع ) .
وباعتبار ما بطن واندرج فيه من الكمالات السارية منه والباطنة في جميع الأسماء والحقائق الخافية عن الكون انتشأ منه ( اسم الباطن ) .
وباعتبار مبدئية لتفاصيل الأسماء وتميّزاتها انتشأ منه ( اسم الأول ) .
وباعتبار انتهاء جميع المحامد والإثنية المتعلقة بالكمال والسؤدد والمجد إليه انتشأ منه ( اسم الحميد ، واسم المجيد ) .

وباعتبار انتشاء الأسماء السلبية كلّها انتشأ منه صورة ( اسمي الواحد والأحد ) لا حقيقتهما ، فإن حقيقتهما من الأسماء الذاتية في الرتبة الأولى ، فكان اسم الحيّ أصلا لجميع الأصول ، كما ذكرنا ؛ حتى إن ظاهر اسم الرحمن من كونه مفاضا منه على عموم الكائنات ، واسم الرحيم من كونه مخصوصا فيضه بأهل الهداية أيضا داخلان في حيطته جملة .

وأمّا من حيث إطلاق رحمة الوجود وفياضية اسم الرحمن ، فإن اسم الحيّ مع ما تضمّن من الأسماء كلّها من فروعه ، ثم إن من الأسماء ما هو أخصّ لزوما وأشدّ تبعية لاسم الحي ، وذلك اسمان ، أحدهما : من حيث كونه عين الكمال ومنبعه ، والآخر من حيث إحساسه بكلية الكمال وجملته .

أمّا الأول ، فهو ( اسم القيّوم ) الذي معناه : القائم بنفسه ويقوم به كل شيء حتى أنّ من شدة لزوم اسم القيّوم للحي وقوّة اختصاصه به لم يرد ذكره إلّا معه وفي ضمنه ومن لحظ هذا المعنى . قال بعض المحقّقين : إنهما اسم واحد مركّب ، كبعلبك نحو ما قالوا في الواحد الأحد .

“ 50 “

وأمّا الاسم الآخر ( فاسم المدبّر ) الذي يشهد كلية كل أمر وجملته التي تبتني عليها جزئياته وتفاصيله وتفرّع من اسم القيّوم ( اسم الباقي ) الذي له الثبات والبقاء عند ورود الهلك والفناء على ما التحق بعين وجوده من الأوصاف والأعراض والتعيّنات والإضافات ، فتفنى وتهلك هذه كلّها وتبقى عين وجوده الذي كان مواجها لحقائق الممكنات ، فتلحقه بتلك المواجهة تلك الأعراض وتلك الإضافات ، فيفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل وهو وجهه المواجه للمكوّنات كما قدّمنا ، 
قال اللّه تعالى : وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 88 ) [ القصص : الآية 88 ] ، كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ( 27 ) [ الرّحمن : الآيتان 26 ، 27 ] ، فانتشأ من الباقي حينئذ ( اسم الآخر ) .

وتفرّع من اسم الباقي أيضا ( اسم الحقّ ) الذي هو الثابت من الأمرين ، وبالحقيقة هو اسم للوجود الذي واجهه وقابله بقابليته واستعداده العدم الذي هو الحقيقة الممكنة ، فيضمحلّ العدم ويبقى ما يواجهه وهو الوجود الدائم الباقي ، ولهذا يقال لعين الوجود من حيث فيضه المنبسط العام إنه الحقّ المخلوق به كل شيء ؛ كما قال تعالى : وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [ الحجر :الآية 85 ] .

وتفرّع أيضا من اسمه الباقي ( اسمه الوارث ) الذي تنتهي إليه جميع الأملاك والتصرّفات على سبيل الاستقلال عند فناء كل من ينسب إليه ذلك بحكم كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [ القصص : الآية 88 ] .

وكذلك تفرّع ( اسم المحيي والمبقي ) من اسمي القيوم والباقي ، ومن توابع اسم الحيّ ( اسم الصمد ) الذي يصمد ، أي يلجأ إليه الحاجات وينتهي إليه السؤدد ويتوجّه إليه بقضاء الحوائج ؛ لأنه الملئ بقضائها ولا يحتاج إلى سواه أصلا ، وباعتبار قيام اسم القيّوم بنفسه وقيام غيره به ، يكون مستقلّا بالقيام بجميع الأمور ، فإذا وكل العبد أموره إليه يقوم بجميع أموره بحكم الوكالة تنزّلا وتلطّفا ، كما كان يقوم بها على سبيل الاستقلال ، وحينئذ يتسمّى ( باسم الوكيل ) المنتشىء من اسم القيوم .

ثم اعلم أن حقيقة الحياة إنما هي صورة القابلية الأولى ، التي هي عين العلم بالذات الأقدس وعين التعيّن الأول ، وعين المحبة الأصلية ، فمظهر تلك المحبة

“ 51 “

الأصلية في التعيّن الثاني حقيقة المشيئة المعطية لجميع الحقائق اسم الشيء وحقيقة الشيئية ؛ كما إن التعين الثاني مظهر للتعين الأول والحياة مظهر للقابلية الأولى ، فكانت المشيئة من أخص لوازم الحياة التي هي قبول كل كمال ، وحيث كان اسم الحيّ مشتملا على جميع الأسماء اشتمالا كليّا جمليّا ، فالمشيئة مخصّصة كل واحد منها بحكم وكمال مخصوص مناسب له ومرتبة جميعها تقدّما وتأخّرا بالشرف والرتبة والكلّية والجزئية والأصلية والفرعية ، كما أن العلم يشتمل على المعلومات كلّها والإرادة ترتّبها وتقدّم بعضها رتبة ووجودا .
ولمّا كانت المشيئة من أخصّ لوازم الحياة التي هي - كما قلنا - قبول كل كمال لائق به كان التجلّي الوجودي الظاهري الرحمني من حيث إنه منشأ الكمالات أجمعها ومظهرها في القوابل بحسبها لا يظهر إلا في المشيئة ، فكانت المشيئة عرشه ، 

وإن الشيخ أبا طالب لما شاهد عموم لزوم المشيئة لمظهرية التجلّي حيث يتجلّى لمن شاء حيث شاء ، وفي أي مظهر شاء ، ومجرّدا عنه إذا شاء ، فقال عرشه مشيئته ، وحيث كان قيام المشيئة بالعلم المقدّس المتعلّق بالذات الأقدس ، فإنها صورة من صور اعتبارات الواحدية التي هي عين العلم هنالك ، والعلم من جهة عموم نفعه وشمول سرايته يتمثّل غالبا في صورة الماء لشدّة المناسبة بينهما .

ألا ترى أن ابن عباس رضي اللّه عنهما فسّر قوله تعالى : أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها [ الرّعد : الآية 17 ] ، فقال : الماء العلم والأودية القلوب ، فلا جرم لهذا المعنى قال تعالى : وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [ هود : الآية 7 ] فعرشه مشيئته التي قيامها وتحقّقها بالعلم الذاتي الذي هو عين الذات ، فإنها نسبة لا تحقّق ولا ثبوت لها إلّا به ومنه وفيه ، فاعلم واللّه المرشد .

ثم إن الذي يلي اسم الحيّ من هذه الأصول السبعة ( اسم العليم ) الظاهر له مفصّلا متميّزا كل ما أحسّ بكليته وجملته اسم الحيّ ودبره اسم المدبر وشيأته المشيئة من نسب الواحدية المندرجة فيها وخصّصته بحكم ومعنى ، فإن كان ما يظهر للعلم ذاته بصور اعتبارات واحديته من غير اعتبار تسمية تلك الصور أغيارا يسمّى العليم حينئذ ( بالاسم الظاهر ) ، 

وإن لم يتقيّد الظاهر من تلك الصور بالعينية ولا بالغيرية ، وكان أمرا نسبته إلى البطون أقوى ، ويظهر بلا واسطة شيء ينتشىء من العليم حينئذ ( اسم الخبير ) ، 

وإن كان نسبة ما يظهر للعليم إلى الظهور أشد وله هيئة ما معنوية أو صورية تظهر للعليم بواسطة نور منه متّصل بها انتشاء منه ( اسم

“ 52 “

البصير ) ، وإن كان ما يظهر للعليم له نسبة إلى الظهور وهو النفس ، وله نسبة إلى البطون ، وهو ما يتضمّنه النفس من المعنى الباطن فيه ، 
وله نسبة إقبال على قبول ذلك المعنى بواسطة ما يجمعهما المسمّى بالقول انتشاء حينئذ ( اسم السميع ) وهما - أعني السميع والبصير - إن اعتبرا منتشئين من العلم من كونه عينا في الرتبة الأولى هما من أسماء الذات ومفاتح الغيب ، 
وإن اعتبرا انتشاءهما العليم في الرتبة الثانية هما من أسماء الصفات ، وكذلك الواحد الأحد إن اعتبر تحقّقهما في المرتبة الأولى هما من أسماء الذات ، وإلّا فمن أسماء الصفات من فروع اسم الحيّ - كما بينّا من قبل - وكذا القائل والقوي فتحفظ ينفعك جدّا .

ثم باعتبار كون العليم محيطا بجميع ما يظهر له بحيث يسعها كلّها ولا يضيق بعضها على بعض ينتشىء منه ( اسم المحيط والواسع ) ، وحين اعتبر حضور العليم مع ما يظهر له مع عدم احتمال غيبة عنه أصلا وإعلام آخر يتحقّق ما هو ظاهر له يتعيّن منه حينئذ ( اسم الشهيد ) من وجه ، وباعتبار إحاطته بظاهر ما ظهر له وبما بطن منه وبما له بحيث لا يتصوّر فقدانه ذلك انتشاء منه ( اسم الواجد ) ، وعند اعتبار ما ظهر له باطن كل شيء بحكم سريانه تعيّن منه ( اسم اللطيف ) ، واعتبار كشف العليم مما ظهر لنفسه ما حقّه أن يكون مستورا من أحكام الباطن على السوى لذاته انتشأ منه ( اسم النور ) ، 
وباعتبار تمام ظهور كل شيء له وظهور ما فيه خلله مع رعاية حمايته عن خلله انتشأ ( اسم الرقيب ) من العليم ، وباعتبار أحكام مبني ظهور ما ظهر له بما تشتدّ قوة ظهوره تفرّع ( سم الحكيم ) منه ، وباعتبار ظهور الشيء وما يباينه له مع دفع آثار المباين وغلبته ظهر منه ( اسم الحفيظ ) ، وباعتبار ظهور ما يظهر للعليم بظاهره وباطنه بحيث لا تخفى عليه خافية هويّة ولا بادية شيء من الظاهر ، 
فيكون شهوده له وشهادته عن تمام خبره تعيّن ( اسم المهيمن ) منه ، وباعتبار أن ظهور ما ظهر للعليم يؤمنه من أن يعتريه خفاء أو جهل به ، ومن عوائل ذلك الجهل والخفاء انتشأ منه ( اسم المؤمن ) ، فهذه أربعة عشر اسما يختصّ انتسابها وانتشاؤها بالاسم العليم مع صحة المشاركة له مع باقي الأصول في انتشاء الباقي من كل واحد منها .

وأما ( اسم المريد ) الذي هو الطالب المائل إلى تخصيص الشيء بوجود أو عدم أو تقدم أو تأخر في ذلك أو أي معنى وحكم ، كان مع ظهور ذلك له بجميع مقتضيات ذاته من قبول واستعداد وغير ذلك ابتداء وانتهاء .

“ 53 “

ثم إنه باعتبار ميله إلى إبانة علم في ظلمة غيب أو أحكام إمكانية أو كثرة طبيعية ، وذلك العلم إما فطرة فطر الناس عليها من القبول ، وإمّا عقل مميّز بين خير العاقبة وشرّها وتمامها بعلم شرع مبيّن غايات الأمور نفعها وضرّها ينتهي ذلك العلم بسالكي سبيل الفوز والنجاة إلى أصل النور والوحدة انتشأ منه ( اسم الهادي ) .

وباعتبار ميله إلى إخفاء تلك الأعلام لغلبة الأحكام الإمكانية والكثرة الطبيعية أو الظلم الغيبية على بعض الأعيان ، ولضعف قابلية قبوله الذاتي حكم ظهور العلم له ، فيلتبس عليه طريق الرجوع إلى أصل النور على الطريق القويم انتشأ منه ( اسم المضلّ ) .
وباعتبار ميله إلى تقريب طرق القاصدين السائرين إليه على حكم وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : الآية 123 ] انتشأ منه ( اسم الرشيد ) .

وباعتبار ميله إلى إثارة ساكن في حالة ووصف وحكم ، كنوم أو موت أو أي حالة ووصف كان ، وتحريكه نحو حالة ووصف آخر كاليقظة والحياة ونحوهما انتشأ منه ( اسم الباعث ) .
وباعتبار ميله إلى تكميل شيء بإزالة الموانع والمكروهات عنه ميلا راسخا لا يتغيّر بما يبدو منه من صفة أو حكم يخالف حكم تكميله انتشأ منه ( الاسم الودود ) .

وباعتبار ميله إلى رفع الوسائط بين حضرة من حضرات جمعه وبين شيء ليقرب ذلك الشيء منه بحيث يليه بلا واسطة وانتهاء ذلك بأن يشهده ذلك القرب ورفع الواسطة انتشأ منه ( اسم الولي ) للحق تعالى ، ولذلك الشيء الذي قبل ذلك الإشهاد منه أيضا .

وباعتبار ميله إلى إجراء الأمور على غير مقتضى ما رتّبه ظاهر الحكمة المتعلق بالأسباب من تقديم وتأخير في غير أوانهما من حيث النظر إلى الأسباب الظاهرة انتشأ منه الاسمان ( المقدّم والمؤخّر ) اللّذان من جملة أحكامهما : وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ [ الأحقاف : الآية 9 ] .

وباعتبار ميله إلى تعيين القدر المعلوم في كل شيء ترتيبا وهيئة ووقتا وكيفا وكمّا ، بحيث لا يتعلق به العلم إلّا على ذلك التقدير انتشأ منه ( اسم المقدّر ) ،

“ 54 “

وعلى الحقيقة اسم المقدّر منتشىء من المشيئة التي انتشأت منها الإرادة ، فكان من توابع اسم الحيّ .
وباعتبار ميله إلى دفع ما يخالف تحقّق الشيء من ضدّ وندّ ، ذاتا كان أو صفة أو حالا أو غير ذلك ، ومنع ظهور أثر المضادّة بينها انتشأ منه ( اسم المانع ) .

وباعتبار ميله إلى إظهار أثر تلك المضادّة وتغليب أثر أحدهما على الآخر انتشأ منه ( اسم الضارّ ) ، وأشد ما يظهر هذا الحكم من بين حكم اسم الهادي واسم المضلّ .

وباعتبار ميله إلى تخصيص بعض الأشياء بالانخفاض شرفا أو رتبة أو مالا أو سؤددا أو خشونة حالا ومعيشة أو نحو ذلك في نشأتي الدنيا والآخرة أو في أحدهما وتخصيص بعضها بالارتفاع في جميع ما ذكرنا انتشأ منه ( الاسمان الخافض والرافع ) ، وربما يشاركه في إنشاء هذين الاسمين الاسم المقدّر .

وباعتبار ميله إلى أخذ ما به كلية قوام الأمر وإمساكه ومنعه من الاسترسال والانبساط ، كأخذ كلية الماء والهواء القائمين بالشجر وإمساكهما ومنعهما عن الانبساط في أجزائه ومثل أخذ النفس وإمساكها عن الانبثاث ، وكأخذ النفس وإمساكها عن الانبساط بقواها الظاهرة ، وعن الاسترسال في شهواتها ، وكأخذ كلية المال وإمساكه من قضاء الحوائج بخلا به ونحو ذلك انتشأ منه ( اسم القابض ) .

وباعتبار ميله إلى إفادة ما به قوام الأمر وإلى إرساله وبسطه في مثل جميع ما ذكرنا من الأمثلة انتشأ منه ( اسم الباسط ) .

وباعتبار ميله إلى تخصيص شيء بحكم بناء على ظهور نوع خيرية من جهة معيّنة في ذلك لا مطلقا ، وتلك الخيرية تكون كمالا ما متعلقا بذلك الشيء من تلك الجهة المعيّنة انتشأ منه الاختيار ، ( واسم المختار ) وإن لم يرد في الشرع لكن فعله وأثره ورد .

وباعتبار ميله إلى شيء بحكم مطابقه ذلك الميل الأمر أو حكم واقع أو في حكم الواقع ملائم له شرعا أو طبعا انتشأ منه الرضا ، وهو تابع لاسم الهادي في حقّ الحقّ ،
وباعتبار ميله إلى انتقام حكم شيء من حكم شيء آخر ظاهر في شيء انتشأت حقيقة الغضب ، وإن لم يرد في الشرع منه اسم فاصله من نتائج أحكام

“ 55 “

( اسم المضلّ ) ، وظهوره لمراعاة ( اسم الهادي ) لمحاذاة بينهما ، فانتشأ من المريد ميل إلى الانتقام لأجل ( اسم الهادي ) مما ظهر من أحكام المضل في من قامت به ، وذلك لا يكون إلّا بعد الأعذار وإقامة الحجّة .

وباعتبار ميله إلى المؤاخذة بعد الأعذار بأشد سطوة يتخيّله العبد من العقوبات أخذ الثأر بعض أحكام الأسماء من بعض انتشأ من المريد ( اسم المنتقم ) ، فهذه الأسماء من توابع اسم المريد .

وأما القائل ، فباعتبار كونه ذاكرا نفسه بما له من الكمالات الظاهرة والباطنة التي لا يتطرّق إليها نقص ولا ذمّ أصلا انتشأ منه ( اسم الحميد ) بمعنى الحامد .
وأمّا بمعنى المحمود ، فهو من فروع اسم الحيّ - كما ذكرنا - .

وباعتبار ما يذكر نفسه وغيره مما منه يتعدّى إلى محال ظهور كمالاته من الإنعام والإحسان وقبولهم لأداء حقوق ذلك انتشأ منه ( اسم الشكور ) ، وعلى الحقيقة لا يشكر إلّا نفسه بموجب وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [ النّحل : الآية 53 ] ، فيدخل في ذلك كل نعمة منها ذلك القبول والتوفيق ، فهو الشاكر وهو المشكور .

وباعتبار إسعاف سؤال السائلين ورد دعوتهم عند قولهم : “ يا رب “ ، بقوله :“ لبيك عبدي “ كما ورد ، وإنجاح قصدهم عاجلا وآجلا ، ولا بدّ انتشأ منه ( اسم المجيب ) .

وباعتبار استيفاء القائل عدد المعدودات إلى حدّ ولا إلى حدّ لإيصال أنواع إمداده إلى كل واحد خلقا وإبقاء ، ولإعطاء كل مستحقّ حقّه من ذلك على حدّ استحقاقه من الجليل والحقير ، فالعدّ لا إلى حدّ مختص به تعالى وتقدّس ، وإلى حد يشاركه فيه خلقه من بعض الوجوه انتشأ من القائل ( اسم المحصي ) من هذا الوجه .

وباعتبار استيفائه عدّ المعدودات موصوفا وصفا دقيقا وجليلا للقيام بكفاية كل واحد منها على حدّ ما يستحقه وإثابته بما يبدو ، ومنه جزاء وفاقا ودنيا وآخرة انتشأ منه ( اسم الحسيب ) ، ومن وجه يكون الحسيب من توابع اسم الحيّ إذا اعتبر اشتقاقه من الحسب بالتحريك الذي معناه الشرف والسؤدد الذي يتضمّنه الكمال الحاصل من وجوهه وقيامه باسم الحيّ ، 
وباعتيار الإخبار والشهادة عن كمال خبرة لنفسه بقوله : شهد اللّه أنه لا إله إلّا هو ولملائكته بأنهم لا يعصون ويفعلون ما

“ 56 “

يؤمرون وكتبه بأنها نور وهدى ومصدق لرسله بأنهم أقروا بأخذ العهد عليهم ، ثم قال لهم : فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ [ آل عمران : الآية 81 ] ، وللمؤمنين بأن مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ( 23 ) [ الأحزاب : الآية 23 ] ، فمنهم من قضى نحبه في هذه النشأة نقدا وخرج عن العهدة ونال المراد ، ومنهم من ينتظر تمام ذلك في النشأة الآخرة وكلّهم ما بدّلوا فيما عهدوا تبديلا ، فباعتبار هذه الشهادة والإخبار انتشأ من اسم القائل ( اسم الشهيد ) .

ثم لما كان أصل التكوين مضافا إلى اسم القائل لقوله : إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 40 ) [ النّحل : الآية 40 ] . لم تكن لاسم القادر فيه شيء إلا المدد بالتأثير ، فلا جرم كان إضافة فرعية ( اسم الخالق ) إذا اعتبر بمعنى الموجد إلى القائل أولى ، فإن الخلق في اللغة جاء على ثلاثة معان ، 
أحدها :التقدير ، يقال : خلقت النعل إذا قدرته . 
وثانيها : الجمع ، ومنه الخليقة لجماعة المخلوقات ، 
وثالثها : بمعنى القطع ، 
يقال : خلقت هذا على هذا ، أي قطعته على مقداره ، فباعتبار معنى التقدير فيه فهو ، أي الخالق ، من توابع المشيئة الداخلة في دائرة اسم الحيّ ، وإذا اعتبر معنى الجمع فيه معنى بين الوجود والماهيّة ، أو الروح والبدن بالإيجاد والتكوين ، فهو من فروع القائل ، فهو الجامع بقوله : كن ، وإن روعي معنى القطع فيه بأن يقطع من أشعة مطلق نور الوجود قدرا معيّنا ، وإضافة إلى الحقيقة الكونية بقطع نسبته من إطلاقه ، فهو من توابع اسم القادر والمريد والقائل والعالم والحيّ والجواد والمقسط على السواء ، فإنه لا يتمّ هذا الأمر الإيجادي أصلا إلا بتوجّه الجميع وأثرهم وحكمهم على الحقيقة .
.

تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني Word
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني PDF
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 1 الشيخ سعد الدين الفرغاني TXT
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني Word
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني PDF
تحميل كتاب منتهى المدارك في شرح تائية ابن الفارض ج 2 الشيخ سعد الدين الفرغاني TXT



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 12 يناير 2021 - 17:27 عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 1 يناير 2021 - 22:47 من طرف عبدالله المسافربالله

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني 

العارف بالله تعالى الشيخ سعد الدين محمد بن أحمد الفرغاني المتوفى سنة 700 ه‍

الأصل الأول في ذكر رتب الذات وتعيّن الأسماء منها والصفات
ثم إن ( اسم القادر ) الذي له القدرة ، أي التمكّن من التأثير والفعل حال الشروع فيه . وأمّا باعتبار ما قبل الشروع فهو قوّة باطنة مهما تصوّرت في المرتبة الثانية مقدّرة على قدر ما تختصّ به من الحكم والتعلق ، وعلى قدر ما خصّصته الإرادة سميت قدرة ، فالقدرة ظاهرة والقوة باطنها ، وحقيقة القدرة ما يتقدّر به ظهور المراد من العلم إلى العين بلا وسيلة ولا تسبّب ، والقوّة ما يجد به القادر نفسه مستطيعا على تقدير المراد ، وإن لم ينتهض إليه ( فاسم القوي ) من وجه من توابع الحيّ ، ومن وجه فوقه - كما ذكرناه في الفصل الثاني - ثم إنه قد تفرّع من اسم القادر فروع منها ( اسم المتين ) الذي له الاستقلال والتمكّن التامّ من حمل كل

“ 57 “
حكم وأثر وإحكام كل أمر يراد ظهوره بحكم تظاهر أسمائه الحسنى ، وتظاهر بعضها ببعض في الحكم الإيجادي وغيره بحيث لا يتطرّق إليه ضعف أصلا ، ولا يحتمل خللا في ذلك رأسا .


( ومنها : اسم الباري ) الذي له التمكّن من التأثير ، ولكن مع رعاية تدقيق ما وقع فيه التقدير والجمع والقطع وإتمام تهيّئه الباطن لقبول الصورة التي تصدّى لإظهارها الاسم المصوّر بحكم تعيين المشيئة والإرادة من إكمال التخطيط وإحكام الأجزاء وما يقوم به وإعطاء الصورة حقّها ، فيكون الخالق يقدّر الصور كلّها ، والباري يصوّر الصور الروحانية والمثالية ، والمصوّر يصور الصور الحسّية .

( وأما اسم بديع السماوات والأرض والمبدع والمخترع ) ، فمعنى الكل إنما هو الموجد لكن على غير مثال سابق على الإيجاد ، أعني على غير مثال خارج عن علمه تعالى ، على أن كل موجود لم يوجد إلّا على مثال ما سبق به العلم الذاتي الأزلي الغير المستنبط من الغير ، ومن خارج أصلا وفرعا بخلاف الإبداع والاختراع المضاف إلى الخلق الذين جميع علومهم انفعالية مستخرجة من خارج ، فكانت هذه الأسماء من وجه من توابع العالم ، ومن وجه من توابع القادر .

( وأما اسم القهّار ) الذي له التمكّن والغلبة التامّة على ظاهر كل أمر وباطنه علوّا وتأثيرا ، فكل ما سوى اللّه مغلوب ومقهور لحكمه في تغليبه إياهم حالا بعد حال ، إيجادا أو عداما ، ثم علما وجهلا ، وحياة وموتا ، وطاعة معصية ، ولطفا وقهرا ، بهم ومنهم إلى أن تقهر آخر الأمر وتغلب وحدته حكما ثم وصفا ثم ذاتا كثرة أحكامهم وتوهّم ملكهم ، ثم كثرة صفاتهم ، ثم كثرة ذواتهم وتعيّناتهم بوجوده الواحد ، وذلك المعنى بقوله : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [ غافر : الآية 16 ] ، ثم بقوله عزّ وجلّ : وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ [ الرّعد : الآية 16 ] ، فهو من توابع اسم القادر .

( وأما اسم الجبار ) الذي يرد الأشياء بعد التغيير إلى حالها المحمودة بضرب من القهر والغلبة والتأثير ، ولما فيه من معنى الغلبة والقهر يقتضي الهيبة والعظمة التي منها الجبروت ، وفي قوله : حتى يضع الجبار قدمه فيها ، أي : في جهنم ، فتقول : قط قط ، يعنيّ حسبي يجبر عن إصلاحها وردّها من حال هيجانها إلى حال سكونها قهرا وظهوره عليها بصفة العظمة الكامنة في رحمته الغالبة على غضبه

“ 58 “


تعالى ، ويشبه أن يكون قدمه كناية عن آخر صورة من صور تعيّناته الكاملة وتنوّعات ظهوره الكلية الشاملة تعالى وتقدّس بملابسة أن القدم آخر شيء من الصورة ، وذلك بحكم تحلّة القسم : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها [ مريم : الآية 71 ] ، 
أو لإزالة أخفى بقية من بقايا الأحكام الانحرافية النسبية المنتشئة بأذيال جمعيته من تفاصيل أجزائه من حيث كونه كلّا ، أو لإعطاء كل ذي حقّ حقه لكمال تحقّقه بالجمعية الحقيقية ، وإلى نحو هذا المعنى إشارة بقوله صلى اللّه عليه وسلم حكاية عن جهنم : “ جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي “ “ 1 “ ، فاعلم ذلك فهذا الاسم من جهة العظمة والهيبة المذكورة من توابع الحيّ ، ومن جهة الإصلاح والردّ المذكور من توابع القادر .

ومن توابعه أيضا ( الاسم الملك ) الذي له كمال الغلبة والاستيلاء والاستقلال بالتصرف في ملكه كما يشاء بمنع سطوة بعض أهل مملكته عن بعض ، ومجازاتهم على قدر ما يدينون به إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشر ، ورعاية مصالحهم وإعطاء كل ذي حقّ حقّه وتخليصه له ، ولمّا كانت الدنيا دار تسبّب ووساطة في الأمور كلها ، بحيث تكون إضافة الأحكام والتأثيرات إلى الأسباب ظاهرة ، وإلى مسبّبها باطنة ، كان حكم انفراد الحقّ تعالى بالملك والاستقلال فيها باطنا ، بحيث يتمكن كل واحد منهم من ادّعاء المشاركة معه فيه ، بل دعوى الاستقلال به . وأما الدار الآخرة ، فهي دار كشف وظهور كل شيء على ما هو عليه ، فلا جرم يظهر له ذلك مخلصا من شوب توهّم المشاركة فيه ، وذلك عند قوله تعالى : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [ غافر : الآية 16 ] ، فلذلك خصّص ملكه بيوم الدين على أنه لا غلبة ولا استيلاء في الدارين إلّا له .

ومن توابع الملك ( اسم العزيز ) الذي هو الغالب لا يجد المغلوب معه وجه دفاع ولا انفلات ولا يعجزه شيء في إنفاذ أحكامه كلّها ، وهو الذي يمتنع الوصول إليه إلّا به ، ومن توابع الملك ( اسم المقتدر ) الذي يتمكن من التأثير والفعل ، لكن بتسبّب ووساطة من الأرواح والملائكة على نحو اقتدار الملك بوساطة الجند والأعوان ، ولهذا قرن المقتدر بالمليك في قوله تعالى : فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ( 55 ) [ القمر : الآية 55 ] .
..........................................................................................
( 1 ) رواه الطبراني في المعجم الكبير عن يعلى بن منبّه ، حديث رقم ( 668 ) [ 22 / 258 ] ؛ والديلمي في الفردوس برقم ( 2365 ) [ 2 / 65 ] .

“ 59 “

ومن توابع الملك أيضا ( الاسم الماجد ) الذي هو المنتهى في الشرف والملك واتّساع الملك إلى غاية لا مزيد عليها ، ولهذا ورد في الخبر الصحيح الإلهيّ إذا قال العبد : مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ( 4 ) [ الفاتحة : الآية 4 ] ، يقول اللّه تعالى : “ مجّدني عبدي “ “ 1 “ .

ومن توابع اسم الملك أيضا ( الاسم الحكم ) الذي يحكم بين المتحاكمين ، فيملك لأحدهما ما بيد الآخر بحقّ ، وله أن يرضى المحكوم عليه لتملّكه مقاليد الظواهر والبواطن ، وليس لحكم غيره إرضاء الخصمين ، فهو الملك الحكم العدل لا غيره .

ومن توابع الملك أيضا ( اسم الوالي ) الذي يباشر الحكم على سبيل الإحاطة وإصلاح حال المولى عليه والإصابة في الحكم بموجب إحاطة العلم والمضاد والنفاذ ، فلا رادّ لحكمه بحيث لا معقّب له .

ومن توابعه أيضا ( الاسم المتعالي ) الذي لا ينال حكمه تعقب بحجة أو حكم تخالفه ببرهان ، بل كل من يتعرّض لمدافعة أحكامه بحجّة تكون حجّته داحضة زائلة في مقابلة حجّته ، فهو المتعالي عن أن تقاوم حجّته حجّة أو يدافع حكمه حكم .

ومن توابعه أيضا ( مالك الملك ) الذي يملك ذوات من تصرف في أمورهم ويقيم أحوالهم ، فيتصرّف فيهم تصرف الملاك على ظواهرهم وبواطنهم ، لا تصرف الملوك على ظواهرهم دون بواطنهم ، فجميع الصور ملكه والأرواح والقلوب ملكه ، فهو يملك ملكه كما يملك ملكه ، فيتصرّف في القلوب كما يتصرّف في الصور ، وإليه الإشارة بقوله : فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ [ يس : الآية 83 ] .

ومن توابعه ( ذو الجلال ) وهو الذي له رفعة القدر باطنا بحيث لا يصطفي بقربه إلّا من شاء ، ويجلّ من أن يوصل إليه بسعي أو كسب أو ينسب إليه شيء
..........................................................................................
( 1 ) رواه مسلم في صحيحه ، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة . . . ، حديث رقم ( 395 ) [ 1 / 296 ] ؛ وابن حبان في صحيحه ، ذكر كيفية قسمة فاتحة الكتاب بين العبد . . . ، حديث رقم ( 776 ) [ 3 / 54 ] ؛ ورواه غيرهما .

“ 60 “

بوجه من الوجوه ، بحيث يكون مع الخلق في جميع أحوالهم كائنا بالوصف بائنا بالذات ، وكذلك ( ذو الإكرام ) من توابعه ، فإنه تعالى ظاهر اللّطف والإنعام والإكرام مع عباده بالإيجاد والإبقاء وإصلاح الأمور والأحوال ورعاية المصالح ، وحسن المجازاة ، والمكافأة في الدنيا والآخرة ، نحو قوله تعالى : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [ يونس : الآية 26 ] .

ومن توابع الاسم القادر ( اسم المبدي ) الذي أظهر الخلق إنزالا من عالم القدرة والظهور والبطون بلا واسطة إلى انتهاء عالم الحكمة والظهور بالوسائط والأسباب طورا بعد طور ، ورتبة دون رتبة متعدّين مراتب الاستيداع والاستقرار كلّها إلى حين سنّ الكهولة ، ثم يسلمهم إلى ( اسم المعيد ) الذي يعيد الخلق إلى ما ابتدىء منه نزولهم طورا بعد طور ؛ كما قال اللّه تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً [ الرّوم : الآية 54 ] ، 
وكما قال عزّ من قائل : كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [ الأعراف : الآية 29 ] ، فمعاد كل أمر إلى ما ابتدىء منه تعيّن وجوده من حضرات الأسماء ، فيسلمه الاسم المعيد إلى ذلك الاسم الذي أخذ الاسم المبدىء منه وجوده بحكم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [ النّساء : الآية 58 ] .

ومن توابعه أيضا الاسمان ( المعزّ والمذلّ ) ، فالمعزّ هو الذي يعطي الغلبة والتمكّن والقوة لمن استعدّ ذلك لغاية تمكّنه وغلبته ، والمذل هو الذي يحقر برفض وخفض لمن استحقّ ذلك لذاته أو لفعله أو كسبه .

ومن توابعه ( الاسم المميت ) وهو الذي يتمكن من قبض ما به يتكامل من حدّ أنهى اكتماله بحسب حدود التكامل فأدناه إماتة الأرض في الخريف ، ثم إماتة الحيوان ، ثم إماتة الإنسان ، وذلك أنواع منها إماتة بدنه بالموت أو القتل ، ومنها إماتة قلبه بالقسوة من حياة الفطرة التي فطر عليها ، ثم إماتة نفسه الأمّارة بالرياضة والمخالفة والمكابدة ، وفي ذلك يكون إحياء قلبه وهي الحياة التي لا موت يتطرّق إليها .

ومن توابعه أيضا ( الاسم الصبور ) الذي هو المتمكّن من الثبات في إنهاء كل ما شرع في إنشائه إلى انتهائه ، بلا فتور ولا قصور ، ومن الإمهال لكل من خالفه مع كمال التمكّن من دفعه ورفعه لتتكامل عليه الحجّة والأعذار .

“ 61 “

( وأما الاسم الجواد ) الذي هو المتمكّن من الإيثار والمؤثر بكل ما فيه كمال لكل من يستحقه بالاستعداد والحال ، أو بالطلب والسؤال ، وذلك الإيثار يكون بالوجود أولا ، ثم بالبقاء ثانيا ، ثم بنفخ الروح والحياة ثالثا ، ثم بالرزق الروحاني كالهداية والإيمان ومراتبهما كالتوبة والزهد ومثل ذلك ، والعلم ومراتبه والمؤثر بالأخلاق السنيّة لعبده كالعفو والحلم والرحمة رابعا ، وبإظهار آثار هذه الأخلاق فيه والمعاملة معه بها خامسا ، 
ثم بالرزق النفساني كالجاه والسؤدد والحشمة في النشأتين وقبول القلوب ونحوها سادسا ، وبالرزق الجسماني من المطعم الشهي والملبس البهي والمنكح المرضي والأموال والخزائن والذخائر والعيش الهني سابعا ، فجميع هذه الأنواع من الإيثار مجموعة وداخلة في حقيقة الجود وظاهرة من اسم الجواد ، وهو المتمكن أيضا من إجادة التكوين في المكوّنات قولا وفعلا ، والمختصّ به منها إنما هو الإيثار بالوجود والإجادة في ابتداء الإيجاد لا غير ، ويشاركه فروعه فيما سوى ذلك وتنتشىء منه فروع مختصّ كل واحد بنوع أو أنواع مما ذكرنا .

( أما الاسم الكريم ) فهو من أشملها حكما وأثرا ؛ لأن معنى الكرم يجمع الشرف والسؤدد التابعين لبذل المعروف وإغاثة الملهوف ونيل كل ما هو بالمحمدة موصوف ، ومنه قوله : وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ [ الدّخان : الآية 17 ] ، ويجمع الخطر والنباهة كما قال : وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً [ الأحزاب : الآية 44 ] ، ويجمع السبق بالإحسان والعفو والصفح والحلم والغفران وجميع أنواع الخير والنفع والامتنان ، 
ومنه يقال : أرض كريمة ، أي كثيرة النبات ، طيبة المرعى ، عذبة المياه بلا سعي أحد ، ومنه يقال : فلان كرمت أفعاله ، ويجمع أيضا حسن التأتّي بجميع أصناف الخيرات وانتحال جميع الأوصاف فعالا ومقالا ، ومنه قوله تعالى : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [ الحجرات : الآية 13 ] ، 
فكان اسمه الكريم تعالى كبرياءه شاملا بمعانيه كلّها جميع ما يدخل تحت معاني اسم الجواد ما عدا الإيثار بالوجود والبقاء الأصليين وإجادة الصنعة في المصنوعات ، فإن ذلك من خصائص اسم الجواد .

ومن توابعه أيضا ( الاسم الحليم ) الذي يسامح عبده الجاني بترك المؤاخذة مع استحقاقه كرما منه وبناء على علمه بقيام عذره في جنايته جهلا منه وإمهاله للعبد الجاني مع إصراره رعاية لحكمة ومصلحة في ذلك خفية لا يطلع عليها سواه .

ومن توابعه أيضا ( الاسم الغفور ) فمعنى الغفر : ستر الشيء ليصونه عمّا يشينه ، فالاسم الغفور مستمدّ دائما من أصله الذي هو الجواد ليمدّه بالرحمة

“ 62 “

الاختصاصية المتعيّنة من حضرة الرحيم ليستر بها ما قام من صورة الانحراف المعبّر عنها بالذنب المشتقّ اسمه من ذنب الدابّة موضع ظهور السوءة والقبح منها بالعبد الذي صدرت منه السيئة والفعل القبيح ، بحيث تصونه تلك الرحمة عما يشينه من ظهور أثر ذلك الفعل القبيح ونتيجته فيه عاجلا أو آجلا بصورة العذاب أو العقاب أو نحوهما ، 
وحيث كان الخلق من جهة نفسهم وطبعهم وحكم إمكانهم محل النقائص والقبائح والسيّئات كان الحقّ تعالى دائم الستر لجميع ما يصدر عنهم ظاهرا وباطنا عن علم وقصد أو لا عن علم وقصد بآثار رحميته بحيث تصونهم تلك الآثار عن ظهور نتائج ما يصدر عنهم من المؤاخذة والعذاب والعقاب والعتاب عاجلا أو آجلا ، فلهذا أكثر ما ورد في هذا المعنى بصيغة المبالغة تعميما ، وهو ( الاسم الغفار ) وتعديدا وهو الاسم الغفور ، 

فمن جملة أحكام تعميم الاسم الغفار بأن ستر على المذنبين خفي جبروته لتتمّ حكمته ، وعلى المطيعين خفي توفيقه حين أضاف الأفعال والأعمال والجزاء إليهم لطفا بهم ، ثم ستر على أوليائه جميع ذلك حتى شاهدوا الكل منه فضلا ، وستر به عنهم أحكام نفوسهم بل آثار خلقيتهم ، فتحقّقوا به وظهروا به لا بهم .

ومن توابعه : ( الاسم العفو ) الذي يترك مؤاخذة العبد بجنايته وظلمه الظاهر حكمهما وأثرهما عنده وعند غيره فضلا وكرما وعناية بحيث يعفو ، أي يندرس ذلك الأثر والحكم إما من جميع الوجوه أو من أكثرها .

ومن توابعه : ( الاسم الرؤوف ) الذي له باطن الرحمة والشفقة والحنان ؛ لأن الرأفة ألطف رحمة باطنة منبعثة من الحبّ والعناية التي تثير الميل إلى إزالة ما يضعف العبد عن تحمّله من المكاره وإلى إعانته في تحصيل ما يتوقّعه من المحابّ والمنافع .

ومن توابعه أيضا : ( الاسم التوّاب ) الذي هو الرجوع إلى إيصال الرحمة الاختصاصية والعفو والمغفرة والعناية والتوفيق وقبول التوبة إليه بعد إعراضه عنهم حال اقترافهم الذنوب والمعاصي والمخالفات مرة بعد أخرى ، لانتفاء قابلية قبولهم أثر تلك الرحمة الاختصاصية حال الاقتراف أو خفاء تلك القابلية فيهم عندها ، ولهذا قال عزّ من قائل : نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [ التّوبة : الآية 67 ] ، 
أي أعرضوا عن ذكره عند اقتراف الذنوب ، فانتفى عنهم قابلية الإقبال عليهم ، فكان كالمعرض

“ 63 “

عنهم . قال الشيخ أبو مدين رضي اللّه عنه : التواب هو العوّاد إلى الرحمة ، كلما تعود يعود من أي ناحية تجلّى الكأس قمت إليه واقف .

ومن توابعه أيضا : ( الاسم الوهّاب ) الذي هو المعطي ابتداء من غير مقابلة وجزاء بحيث يتملّكه الموهوب له بعد قبوله الشيء الموهوب ووقوعه عنده بأطيب موقع ، فتمام ذلك لا يكون إلّا في النشأة الجنانية أو في ما يدوم أثره فيها ؛ كالإيمان والتوفيق للأعمال الصالحة ، فإن ما عداهما ممّا يتعلق بهذه النشأة الدنيوية كلّها أمانة وعارية واجب ردّها ، فلا يتملّكها الموهوب له .

ومن توابعه أيضا : ( الاسم الفتاح ) الذي يبدأ بإظهار الخير والسّعة على أثر ضيق وانغلاق باب ، فالفتح إبداء خير من مضيق خفائية وإظهار سعة ونور من مضيق ظلمة إجمال ، فأول ظهور أثر هذا الاسم كان في فتح تفصيل الصور الروحانية في اللّوح المحفوظ بعد ما كانت في ضيق إجمال : ن وَالْقَلَمِ [ القلم :الآية 1 ] 

ثم في فتح الصور المثالية من مادة عين الهباء ، 
ثم في فتح الصور العنصرية من عين مادة الهباء والعنصر الأعظم ، 
ثم في فتح الصور المعدنية من ضيق رتق أول اجتماع وتركّب من الأركان ، 
ثم في فتح الصور النباتية من ضيق مادّتها ، 
ثم في فتح الصور الحيوانية من ضيق مادّتها ، 
ثم في فتح الصور الآدمية الإنسانية من ضيق مادة الماء والتراب وجمعهما ، 
ثم في فتح مشيمة كل أنثى من الحيوان والإنسان لقبول النطفة بعد ضيقها وارتتاقها ، 
ثم في فتح قبول الصور الحيوانية أو الإنسانية من ضيق كونها مضغة ، 
ثم في فتح تعيّن النفس وتفصيلها من حيث قواها من ضيق عين إجمال ما تعيّنت منه جهة ظهورها في عالم الحسّ لتدبير المزاج المستوي ، 
ثم في فتح باب التولد والظهور في هذه النشأة الظاهرة من ضيق بطن الأمّ وظلمة الرحم ، 
ثم في فتح باب الفهم والتميّز من ضيق أحكام الستر ، ثم في فتح باب الإيمان والإسلام من ضيق الجهل وأحكام الإنعام ، 
ثم في فتح باب العقل والعلم والاستدلال من المصنوع إلى الصانع ونحو ذلك من ضيق غلبة أحكام الأوهام ، وأتمّه وأعمّه نفعا وحكما فتح باب تولّد القلب من مضيق مشيمة النفس، 
ثم أعلاه وأكمله وأولاه الفتح المبين وهو فتح التجلّي وكشف الأنوار الحقيّة من ضيق سجف الخلقية ، وهنالك الولاية للّه الحقّ ومن بعد هذا ما تجلّ صفاته وما ستره أولى لديّ وأفضل.

“ 64 “

ومن توابعه : ( الاسم الرزاق ) الذي هو الممدّ بإمداد كل صورة موجودة مما منه أصل تكوّنه ، فإمداد الصور الروحانية برزق العلوم والمشاهدات ، وإمداد الصور الجسمانية بالأغذية المناسبة لها ، وكل رزق يعمل على شاكلته في إقامة الصورة التي ناسبتها في إدامتها وإبقائها على حكم ما خلقت لأجله وإنهائها إلى ما قدرت له .

ومن توابعه ( الاسم المقيت ) الذي يعطي كفاف كل موجود بما به قوامه من القوت والقوة بحيث لا ينقص ولا يفضل ، فهو داخل في حيطة الرزاق التابع للجواد .

ومن توابعه ( الاسم الغني ) إذا كان بمعنى أنه ذو ثروة ووجد كفاية لما هو عليه من معاني الأسماء الذاتية والصفاتية والفعلية ، فهو الغني بها وبأحكامها وآثارها في إظهار ما تتعلق به الكمالات الأسمائية كلها ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ [ الحجر : الآية 21 ] ، وهو المغني من شاء من عباده بإظهار تلك الأحكام والآثار به وفيه وجودا ورزقا وبقاء وعلما وشرفا وقربا وسؤددا ونعيما إلى غير ذلك ، فكان الغنى والمغني بهذا المعنى من توابع الجواد . وأما بمعنى عدم الاحتياج فهو من أسماء السلبية الذاتية لا الصفاتية .

ومن توابعه ( الاسم النافع ) الذي يوصل الراحة والأمور الملائمة للقلوب والأرواح والنفوس والطباع جمعا أو فرادى في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما . أما نفعه للقلوب ، فبالتجلّيات والمشاهدات . وأما نفعه للأرواح ، فبالمعارف والعلوم والمكاشفات . 

أما نفعه للنفوس ، فبأنواع حصول الآمال والأماني والوصول إلى اللذّات الوهميات والعقليات أو المعلومات . وأمّا نفعه للطباع والأبدان ، فبأصناف اللذّات والراحات المحسوسة المشتركة بين جميع الحيوانات مأكولا ومشروبا وملبوسا ، ومنكحا منظرا ومسموعا ومشموما ، فبعض ما ذكرنا بواسطة وبعضه بلا واسطة .

ومن توابعه : ( الاسم البرّ ) الذي يوصل الخيرات إلى خلقه تلطّفا ورحمة وحفاوة من غير استشراف إلى جزاء وعوض منهم أو جزاء وعوضا مما لهم من حقّ خدمة أو عبادة أو عبودة ، بل ابتداء رحمة وحنان وشفقة منه تعالى في حقّهم وهم لا يعلمون ، فهذه الأسماء كلّها من فروع اسم الجواد .

“ 65 “

( وأما الاسم المقسط ) فهو المراعي جمعية هذه الأسماء كلّها وجمعية الحقائق المعيّنة لهذه الأسماء أصلا وفرعا عليها ؛ وذلك لأن كل اسم وحقيقة من أصول الأسماء والحقائق وفروعها وفروع فروعها وهلم جرّا مشتمل على فروع شتّى وجامع لها ، 
حتى إن عين ذلك الاسم أو الحقيقة هو وحدة جمعية تلك الفروع ، كاسم الجواد وحقيقة الجود مثلا وحدة جمعية اسم الكريم ، وحقيقة الكرم واسم الغفور والغفار ، 
وحقيقة المغفرة والغفران ، واسم العفو وحقيقة العفو ، واسم الرؤوف وحقيقة الرأفة ، واسم التوّاب وحقيقة التوب ، واسم الفتاح والوهاب والرزاق والمقيت والغني والمغني والنافع والبر وحقيقة الفتح والوهب والرزق والقوت والغنى والإغناء والنفع والبرّ ، 
بحيث إنه مهما غلب وظهر حكم واحد من هذه الأسماء والحقائق في تلك الوحدة خفي أثر اسم الجواد وحكم حقيقة الجود وقائم أثر ذلك الاسم الغالب الظاهر والحقيقة مقامه وحافظ وحدة جمعيتها إنما هو الاسم المقسط وفرعه الذي هو العدل ، 
فكان حكم حفظه المذكور لوحدة الجمعية التي هي معان ألفاظ أسمائها ومدلولاتها ومفهوماتها شاملا جميع أصول الأسماء والحقائق وفروعها ومراتبها ، وجميع الحقائق الكونية ومراتبها أيضا برعاية حفظ الوسطية فيها بين الوجوب والاستحالة والبرزخية بينهما حتى إنه يحفظ البرزخية الأولى بين الواحدية والأحدية أيضا ، فلم يخل شيء من حكمه أصلا ؛ كما أنه لم يخل اسم من حكم اسم الحيّ والكمال الذي يتضمّنه أصلا .

( وأما الاسم الرب ) المشتمل على معاني يشترك مفهومه فيها :منها : المالك ، كما يقال ربّ الدار لمالكها .

ومنها : السيد ؛ كما قال اللّه تعالى : إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ [ يوسف : الآية 23 ] .
منها : المصلح يقال : ربيت الجب بالقير أصلحته ، ومنها القريب اللازم يقال : أرب بالمكان إذا قام فيه ولازمه .

ومنها : المربي بالنعمة والمدد والقيام بما فيه صلاح المربوب ، يقال : ربيت الصبي وربيته وهو الأكثر استعمالا ، فهذا الاسم اسم كلّي سار بجميع معانيه المذكورة في جميع الأسماء الكلّية والجزئية الأصلية والفرعية إلى أقصى تفريعاتها وظاهر في كل اسم بحسبه ، فإن استناد الحقائق الكونية جميعها إلى الحقائق الإلهية

“ 66 “

وانتشائها منها ، كما قدّمنا تقرير ذلك ، فكل من كانت حقيقته الإنسانية منتشئة من حقيقة إلهيّة أصلية أو فرعية إلى ما لا يتناهى من صور الفرعية كان الوجود المضاف إليه الظاهر في المراتب الكونية روحا ومثالا وحسّا متعيّنا من حضرة اسم متعيّن بتلك الحقيقة الإلهيّة التي انتشأت منها حقيقة الإنسانية ، فكان ذلك الاسم الذي تعيّن منه وجوده أولا حتى ظهر به في عالم الأرواح ، ولا يزال يمده بالوجود متنازلا إلى أن ظهر وتشخص بصورة إنسان متشخّص محسوس على الحقيقة ربه المتولّي لتربيته وإصلاح أموره وأحواله ، 
وهو - أعني ذلك الاسم - مليكه وسيّده والقريب اللازم له وممدّه بالوجود مع الآنات بالخلق الجديد دائما ، ويكون مرجعه ومنتهاه غاية الأمر وتجلّياته بحسب حالاته في هذه النشأة الدنيوية ورؤيته في الآخرة مختصّة بذلك الاسم وبواسطته ، إلّا أن ههنا دقيقة لا غنى عن الإلماع بها ، وهي أن الربوبية لها حكمان : حكم عام وحكم خاص ، 
فالعام مثل أن اسم اللّه لما كان تعلّقه عامّا شاملا لجميع العوالم والمراتب وأهليها من جهتي الحقيقة القابلة والوجود الظاهر فيها كانت الربوبية المضافة إليه شاملة ؛ كما قال تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ( 2 ) [ الفاتحة : الآية 2 ] و إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ [ الأعراف : الآية 54 ] ، 

وكذلك الاسم الرحمن حيث كان عام التعلق من جهة الوجود فحسب كانت الربوبية المضافة إليه أيضا عامّة ؛ كما قال عزّ من قائل :وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ [ طه : الآية 90 ] ، 
وكل تابع يكون ربّ متبوعه ربه بالحكم العام لا الخاص . وأما الحكم الخاص الذي للربوبية هو ما ذكرنا أن كل ما تعيّن وجوده أولا من حضرة اسم كان ذلك الاسم ربّه الخاص ، 
ولهذا لم ترد في الكتاب والسنّة الرؤية إلا إلى ربّ مضاف ؛ كما قال : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ( 23 ) [ القيامة : الآيتان 22 ، 23 ] ، 
وقال صلى اللّه عليه وسلم : “ سترون ربكم “ “ 1 “ وأمثال ذلك ، فلا جرم كان مشرع وجود الكمّل من الأنبياء والرسل والأولياء من بحر التجلّي الثاني من حيث عين البرزخية الثانية المتضمّنة للأصول المشتمل حقيقة كل واحد منها على حقائق الكل ، 
ولكن مع أثر خفي عن حكم تميّزه واختصاصه فيها ، فيكون التجلّي الثاني من حيث ذلك الأثر الخفي الاختصاصي رب ذلك
..........................................................................................
( 1 ) رواه البخاري في صحيحه في أبواب عدّة منها : باب فضل صلاة العصر ، حديث رقم ( 529 ) [ 1 / 203 ] ؛ ومسلم في صحيحه ، باب فضل صلاتي الصبح والعصر . . . ، حديث رقم ( 633 ) [ 1 / 439 ] ؛ ورواه غيرهما .

“ 67 “

الكامل ، ومن قارب الكمّل قابلية واستعدادا وحيطة وكلية وذوقا وشهودا من الأنبياء الرسل والأولياء يكون منبع الوجود المضاف إليه من عين هذه الأصول ، لكن حيث إحكام كثرتها وتميّزها واختصاصها بأثر وحكم مخصوص ، ولكن مع أثر خفي من حكم الاشتمال لا حقيقته على عكس حال الكمال ، فيكون ذلك الاسم من حيث ذلك التميّز والاختصاص ربّه .
وأمّا من دون هذه الطبقة يكون مورد وجودهم من فروع الأبحر هذه الأصول ، 
أو من أنهر فروع الفروع ، أو من جداول تلك الأنهر ، أو من السواقي ، أو من الحياض ، أو من الجرار ، أو من الكيزان “ 1 “ إلى قطرات غير متناهية ، فبحسب الاستعداد يكون تعيّنهم أولا ومرجعهم آخرا .

وأما نبيّنا محمد صلى اللّه عليه وسلم فله المنهل الأعلى ، وهو التجلّي الأول الذي هو نوره أولا ، وربّه ثانيا ، وهو أصل جميع الأسماء والتعيّنات العلمية والوجودية ومنشؤها ومبدؤها ومرجعها ومنتهاها ؛ كما قال عزّ من قائل مخاطبا له صلى اللّه عليه وسلم : وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ( 42 ) [ النّجم : الآية 42 ] ، إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى ( 8 ) [ العلق : الآية 8 ] ، 
أي :منتهى الأمر ورجوعه كلّه إلى التجلّي الأول الذي هو نورك أولا وربك ثانيا ، وإلى نحو هذا المعنى إشارة في قوله عزّ وجلّ : قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً ( 109 ) [ الكهف : الآية 109 ] ، 
فإن ربّه الذي لا يتعقّل نفاد كلماته إنما هو التجلّي الأول الذي هو مسمّى هو ومفهومه وباطن الاسم اللّه الذي هو منتهى جميع التعيّنات الأسمائية والصفاتية الإلهيّة والكونية في رجوعها ضرورة إليه ؛ لقوله عزّ وجلّ : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : الآية 123 ] .

وكلماته إنما هي الأسماء الذاتية المسمّاة بمفاتيح الغيب ومفهومات ألفاظ أسماء الضمائر ، وهذه المفاتيح هي أصول الأسماء السبعة الأئمّة وحقيقة البحر الذي تنفذ دون نفادها هذه الكلمات وباطنها إنما هي بحر التجلّي الثاني المنتشئة منها الأبحر السبعة المنتشئة لأنهر وجداول لا تتناهى تعيّناتها التي هي كلماتها متنازلا وإما عارجا إلى أصلها ، فالقطرات تنتهي إلى الكيزان ، وهي إلى الجرار ، وهي إلى الحياض ، وهي إلى السواقي ، وهي إلى الجداول ، وهي إلى الأبحر ،
..........................................................................................
( 1 ) الكيزان : جمع كوز من الأواني .

“ 68 “

والأبحر السبعة تنتهي إلى بحر التجلّي الثاني ، وهي تنفد وتنتهي عند الرجوع إلى التجلّي الأول الذي هو البحر المحيط الذي هو منهل نبيّنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وتعيّن هذا التجلّي بأسمائه العليا التي هي كلماته يرجع وينتهي إلى بحر الإطلاق وكنه غيب الأزلية .
وأمّا قوله تعالى: وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ [ لقمان : الآية 27 ]، 

يعني واللّه أعلم في النزول لتحقيق كمال الجلاء والبحر الذي يمدّه من بعده ، أي من ورائه بحر الوجود لكن من حيث كونه مفاضا ومضافا إلى الكائنات المستمدّ من سبعة أبحر الأسماء السبعة الأصلية عند توجّهها متنازلا لتحقيق كمال الجلاء المتعلّق بإظهار أحكام الحقائق والأسماء في المراتب الكونيّة ، فإن الوجود الذي هو عين الرحمة التي وسعت كل شيء ، وهو عين الرحمن له جهتان ، إحداهما : أنه مفيض على الحقائق الكونية لإظهار الكمالات المتعلقة بها لها منه ، فتعيّنت منه أسماء إلهيّة أصولا وفروعا يضاف حكم الإفاضة إلى كل واحد منها إلى ما لا ينحصر ولا يحصى كثرة ؛ كما بينّا آنفا .

وأما جهته الثانية : كونه مفاضا مضافا إلى الكائنات في المراتب الكونية ، فتعين منه تعيّنات وجودية كل تعيّن مضاف إلى حقيقة من الحقائق الكونية بعضها متبوعة وبعضها تابعة ، والكل كلمات اللّه المتعلقة بأبديّته التي حقيقتها نفي الآخرية ، فلا جرم كلمات اللّه في النزول والتعلّق بالأبدية لا تتناهى ، وفي الرجوع تنتهي التعيّنات المفاضة إلى فروع كلمات من المفيض وهي الأسماء والفروع إلى أصولها ، وهي إلى أصل الأصول الذي هو ربّ محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وكلمات هذا الربّ البرّ هي مفاتيح الغيب تنتهي إلى باطنها الذي هو الحضرة الأزلية وإطلاق غيب الهويّة ، 


وإلى ذلك يشير بقوله تعالى : إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً [ يونس : الآية 4 ] ، فإن حرف الهاء مع الواو يدلّ على الذات غالبا من حيث ظاهر حضرة الهوية المنبئة عن الجمعية بدلالة حرف الواو ، وأما بغير الواو يدلّ عليها لكن من حيث الوحدة الحقيقية الصرفة التي هي غيب الغيب .

فإن قلت : أن لو حرف امتناع شيء لامتناع غيره ، وذلك يقتضي امتناع نفاد البحر لامتناع كون البحر مدادا لكلمات ربّه ، وعلى ما قرّرت مقتضاها وقوعهما ، فكيف يستقيم ذلك ؟

“ 69 “

قلت : لا نسلم بأن لو حرف امتناع لامتناع فحسب ، بل ووقوعه لوقوعه أيضا . قال ابن فارس : لو حرف تمنّي يدلّ على امتناع شيء لامتناع غيره ووقوعه لوقوعه ، وقد قال صلى اللّه عليه وسلم : “ إن للقرآن ظهرا وبطنا “ “ 1 “ الحديث ، ولكل واحد مفهوم خاص ، فبحكم مفهوم ظهره يدلّ على امتناع نفاد البحر المتعارف في المفهوم الظاهر قبل أن تنفد كلمات ربّه لامتناع كون هذا البحر المفهوم مدادا ظاهر الكتابة كلمات ربّه كتابة ظاهرة .
وأما على حكم بطنه ، فإن حرف لو تدلّ على وقوع لوقوع كما قررنا ، فتفهم وتدبّر هذا الفصل العزيز المنال تفز بالكنز الذي لم يظفر بكرائم جواهره إلا الأجلّاء من أكابر الرجال ، واللّه الغني الكبير المتعال .
..........................................................................................
( 1 ) هذا الحديث سبق تخريجه .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» الأصل الثاني في ذكر أحكام مرتبة الأرواح وعالم الملكوت .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني
» الأصل الرابع في مراتب الإنسان وأطواره وأحواله وكيفية رجوعه إلى مرجعه ومآله .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني
» الأصل الثالث في ذكر تعين عالم المثال ومرتبة الأجسام إلى تكون صورة آدم عليه السلام .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني
»  شرح أبيات قصيدة نظم السلوك من 151 إلى 175 .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني
» شرح أبيات قصيدة نظم السلوك من 301 إلى 325 .كتاب منتهى المدارك في شرح تائية سلطان العاشقين ابن الفارض الجزء الأول للشيخ محمد بن أحمد الفرغاني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى