اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل

24062019

مُساهمة 

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

 10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
الفقرة الأولي: الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

 10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق
اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه.
وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.
فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.
فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو.
فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،
و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.
فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.
فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة.
ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.
فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.
أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا.
وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.
فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.
فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور.
ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.
فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم .

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
10 - نقش فص حكمة أحدية في كلمة هودية 
غايات الطريق كلها إلى الله والله غايتها . فكلها صراط مستقيم .
لكن تعبدنا الله بالطريق الموصل إلى سعادتنا خاصة وهو ما شرعه لنا . فللأول وسعت رحمته كل شيء .
فالمآل إلى السعادة حيث كان العبد وهو الوصول إلى الملائم من الناس .
من نال الرحمة من عين المنة .
ومنهم من نالها من حيث الوجوب ونال سبب حصولها من عين المنة ، وأما المتلقي فبله حالان : حال يكون فيه وقاية لله من المذام .
وحال يكون الله له وقاية فيه وهو معلوم .


الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :


10  - فك ختم الفص الهودى

1 / 10 - اعلم ان للوحدة ثلاث مراتب ، لكل مرتبة اعتبار :
فالاعتبار المختص بالمرتبة الاولى هو اعتبار الوحدة من حيث هي هي ، هذا الوجه لا تغاير الاحدية ، بل هي عينها لا من الوجهين الآخرين ، وليست من هذا الوجه نعتا للواحد بل هي ذاته ، فمتى ذكرت الاحدية الذاتية وكان المترجم عنها الحق او واحد من أكابر المحققين الراسخين في العلم فإنه انما يطلقها بهذا الاعتبار الذي ذكرناه .

ولكل شيء احدية تخصه وهي اعتباره من حيث عدم مغايرة كل شأن من الشئون الذاتية للذات المعنونة بالاحدية بالتفسير المشار اليه .

2 / 10 -  والاعتبار المختص بالمرتبة الثانية هو اعتبار الوحدة من كونها نعتا للواحد وتسمى  بوحدة النسب باحدية الصفات والإضافات ، وينضاف الى الحق من حيث الاسم الله الذي هو محتد الأسماء والصفات ومشرع الوحدة والكثرة المعلومتين للجمهور .

3 / 10 - والاعتبار المختص بالمرتبة الثالثة هو اعتبار الوحدة من حيث لا يلحقها من الاحكام التي هي على نوعين :
نوع متعقل فيها لكن ظهوره موقوف على شرط او شروط ، مع ان تلك الوحدة بالذات مشتملة عليها بالقوة .
والنوع الثاني من النعوت والاحكام ليست الوحدة بالذات مشتملة عليها ، وانما يلحق وينضاف إليها من امور خارجة عن معقولية صرافة وحدتها .
كقولنا : الواحد نصف الاثنين وثلث الثلاثة وانه مبدأ لما يتعقل من معنى التعدد النسبي او الوجودي .

4 / 10 - وهذا الوحدة التي يضادها الكثرة ويختص بمرتبة الأفعال لوحدة الفعل والفاعل وكثرة المحال التي بها يظهر الكثرة ، فإنها الخصيصة بهذا الفص الهودى وهو ذوق هود المذكور في قصته عليه السلام فإنه ذكر الاخذ بالنواصي والمشي والصراط .

وكل هذه احكام التصرف والتصريف وانه الفعل لا محالة ، غير انه غلب في إخباره وحدة الفعل على تعددات العارضة له في المحال المتأثرة والمعددة إياه .
والسر فيه هو من أجل عدم اعتبار الوسائط والأسباب المشار إليها بقوله تعالى : " ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها " [ هود / 56 ] فأضاف الاخذ الى الهوية التي هي عين الذات ، حتى انه لم يذكر يدا ولا صفة ولا غير ذلك .


5 / 10 - وهو مشهد المتوسطين من المحققين ، فان مقتضى ذوقهم ان الأسباب والوسائط معدات لا مؤثرات ، وان الفعل في أصله واحد وانه اثر الحق لا اثر فيه لسواه من حيث ذات الفعل من كونه فعلا .
لكن يكتسب ذلك الفعل الوحدانى فعل المتعددات من المحال المتأثرة ويتبع ذلك التعدد كيفيات نافعة للمكتسب العدد وكيفيات مضرة له عاجلا وآجلا، مؤجل وغير مؤجل ، وذلك النفع والضر تارة يعودان على الإنسان من حيث روحه وتارة يعودان عليه من حيث صورته ونشأته ، وتارة يعودان على المجموع .


6 / 10 - وثم صنف اعلى واكشف من هذا الصنف ومقتضى ذوقهم :
ان الفعل الوحدانى وان كان إليها ومطلقا في الأصل لا وصف له غير ان تعينه بالتأثير .
والتأثير التكليفي انما يكون بحسب المراتب التي يحصل فيها اجتماع جملة من احكام الوجوب والإمكان في قابل لها وجامع ، فان ظهرت الغلبة لأحكام الوجوب على احكام الإمكان وصف الفعل بعد تقيده وقبوله التعدد طاعة وفعلا مرضيا حميدا .
وان كانت الغلبة لأحكام الإمكان وتضاعف الخواص الوسائط كان الامر بالعكس بمعنى ان الفعل يسمى من حيث تقيده على ذلك الوجه وتكيفه بتلك الكيفيات معصية وفعلا قبيحا غير مرضى ونحو ذلك .


7 / 10 - والحسن والقبح راجعان الى ما يناسب مرتبة الشرع والعقل والى الملاءمة من حيث الطبع والغرض ، ولسان الشرع معرب اما عن بعض المحاسن الخافية عن العقول عاجلا - وكذلك عن القبائح - او معرب عما يعود من ذلك الفعل من حيث الثمرات على الثمرات وعلى المعين والمكيف إياه بذلك الوصف ، وكل ذلك بحسب ما يعلمه الشارع من سر ذلك تكيف والتعدد المخصوص بالنسبة الى عموم الفاعلين او بالنسبة الى الأكثرين منهم ، وبيان كيفية التدارك والتلافي لذلك الضرر المودع في الفعل غير المرض او تنمية ، وذلك النفع في المودع  المسمى فعلا مرضيا وتثبتة .


8 / 10 - وثم صنف اعلى ومن مقتضى ذوقهم وشهودهم معرفة ان كل سبب وشرط ووسائط ليس غير تعين من تعينات الحق وانه فعله سبحانه الوحدانى يعود اليه من حيثية كل تعين بحسب الامر المقتضى للتعين كان ما كان ، وان المضاف اليه ذلك الفعل ظاهرا يتصل به حكم الفعل وثمرته بحسب شهوده ومعرفته ونسبته الى الفعل الأصلي واحدية التصرف والمتصرف وانصباغ أفعاله بحكم الوجوب وسر سبق العلم وموجبه ومقتضاه وبضعف ذلك او عدمه .


9 / 10 - ومن لم يذق هذا المشهد ولم يطلع عليه لم يعرف سر قوله تعالى :" وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى " [ الأنفال / 17 ] ،
ولا سر قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله " [ الفتح / 10 ] ،
ولا سر قوله صلى الله عليه وسلم : ان الله قال على لسان عبده : "سمع الله لمن حمده " ،
ولا سر قوله تعالى : "كنت سمعه وبصره ويده ورجله ، فبي يسمع وبى يبصر وبى يسعى وبى يبطش " ،
ولا سر قوله الذي هو دون ذلك كله : " قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ " [ توبه / 14 ] .
ولا يعرف من اى وجه يصح نسبة الأفعال الى الحق من حيث اصالتها ومن حيث احدية جمعها ، ومن اى وجه ايضا يصح نسبتها الى الحق وان تعددت وتكثرت .


10 / 10 - ولا يعرف ايضا هل مقام التمحض المشار اليه بقوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله " اعلى .
او مقام التشكيك المنبه عليه بقوله :" وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى "
ولا يعرف مرتبة الحسن والقبح الحقيقي والنسبي .
ولا يعرف نتائج الأفعال والثمرات في الدنيا والبرزخ والحشر والنار والجنة ولوازمها من الاسرار فتنبه ترشد .


11/ 10 - فهذا روح هذا الفص والخفي من شأنه ، وما سوى ذلك فقد نبه شيخنا رضى الله عنه على ما قدر له ذكره منه وما امر بتسطيره كما أشار اليه والله المرشد .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 21 يوليو 2019 - 11:03 عدل 5 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 24 يونيو 2019 - 15:34 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر الفقرة الأولى الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

 10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
الفقرة الأولي: الجزء الثاني
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة أحدية في كلمة هودية :
01 - الأحد عز وجل ومصطلح الأحدية : الاسم من الأحد
أحد في اللغة ": هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر، وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد، والهمزة بدل من الواو وأصله وحد، لأنه من الوحدة .
ورد أحد في القرآن الكريم (53) مرة وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم  بمشتقاتها المختلفة، منها قوله تعالى:" قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد ".


و فى المصطلح الصوفي موسوعة الكسنزان
يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي في أن الاسم الأحد من النعوت الإلهية والكونية : " الاسم الأحد ينطلق على كل شيء: من ملك، وفلك، وكوكب، وطبيعة، وعنصر، ومعدن، ونبات، وحيوان، وإنسان مع كونه نعتا إلهيا في قوله:" قل هو الله أحد ". وجعله نعتا كونيا في قوله:" ولا يشرك بعبادة ربه أحدا "

يقول الشيخ الحسين بن منصور الحلاج:
الآحاد الظاهرة في الوجود الحق أربعة:
أحد لا يتجزأ، ولا يفتقر إلى محل: وهو الباريء جل وعلا.
والثاني: أحد يتجزأ، وينقسم، ويفتقر إلى محل: وهو الجسم.
والثالث: أحد يتجزأ، ولا ينقسم، ويفتقر إلى محل: وهو الجوهر.
والرابع: أحد لا يتجزأ، ولا ينقسم، ويفتقر إلى محل: وهو العرض

يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الأحدية: هي موطن الأحد، عليها حجاب العزة لا يرفع أبدا فلا يراه في الأحدية سواه، لأن الحقائق تأبى ذلك
ويقول" الأحدية: هي أشرف صفة الواحد من جميع الصفات، وهي سارية في كل موجود. ولولا أنها سارية في كل موجود ما صح أن نعرف أحدية الحق ،  فما عرفه أحد إلا من نفسه، ولا كان على أحديته دليل سوى أحديته

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
الأحدية : أول تجليات الذات في نفسه لنفسه بنفسه
ويقول" أحديته تعالى : هي عين الكثرة المتنوعة .
ويقول " الأحدية : هي أخص مظاهر الذات لنفسها .

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي:
" الأحدية : حضرة من حضرات الله تعالى يتجلى بها على هذا الروح المذكور " الروح الإنساني " فيجذبه إليه .

يقول الشيخ أبو العباس التجاني :
" الأحدية : هو تجليه بذاته في ذاته لذاته عن ذاته ، مع ظهور نسبة الأحدية ، ومحو جميع النسب من الأسماء والصفات والكثرة والغيرية .
ويقول : " الأحدية : هي مرتبة ظهور الحق بمرتبة تفريده في الوجود حيث لا وجود لشيء معه.

ويقول الشيخ أبو بكر الواسطي:
" الأحد بأسمائه والواحد بأفعاله. والأحد في أزليته، والواحد في سرمديته .

يقول الشيخ محمد مهدي الرواس
الأحدية : وهي المرتبة الإلهية فوق حكم مرتبة الواحدية ، وهي رتبة الإفراد للذات، كما أن الواحدية رتبة الإفراد للصفات  .

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري عن الأحدية :
هي الذات بشرط لا شيء أي بشرط الإطلاق ، فهي مرتبة تقييدها بتجردها عن القيود الثبوتية ، فهي عبارة عن مجلى ذاتي ليس لشيء من الأسماء ولا لمؤثراتها فيه ظهور ... وكل اسم بعد الأحدية فهو مخصص لا ينسب إلى الذات .
ويقول : " الأحدية : اسم الذات الوجود المطلق عن الإطلاق والتقييد ، لأن الإطلاق تقيد بالإطلاق ، والمراد : أنه لا شيء من قيد وإطلاق ، ولهذا جعل الأحد بعض سادات

القيوم أول الأسماء، لأن الاسم موضوع للدلالة، وهي العلمية الدالة على عين الذات، لا من حيث نسبة من النسب، أو صفة من الصفات، فلا يعقل معه إلا العين من غير تركيب، فليس الأحد بنعت، وإنما هو عين، ولهذا منع أهل الله  ، أن يكون لأحد من ملك أو بشر تجل بهذا الاسم، لأن الأحدية تنفي بذاتها أن يكون معها ما يسمى غيرا وسوى. وهي أول المراتب والتنزلات من الغيب إلى المجالي المعقولة والمحسوسة

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري الأحد الواحد عز وجل عند ابن العربي :
هو اسم علم على الذات، وهو الاسم الوحيد بين الأسماء الإلهية الذي ليس فيه غير العلمية .

ويضيف الشيخ عبد القادر الجزائري قائلا:
" وقولنا الأحد أو الوجود اسم الذات، تقريب للأمور الوجدانية للأفهام، لأن اسمها معنى قائم بها فهو صفتها وصفتها عين ذاتها، فهذه المرتبة أحدية جمع جميع الأشياء الإلهية والكونية المتكثرة بنعوتها. وكل ما تتحد به الأمور الكثيرة فهو أحدية جمع جميعها، كالحقيقة الإنسانية، فإنها أحدية جمع جميع بني آدم

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في سريان الأحدية في كل موجود:
" الأحدية قد أطلقت على كل موجود من إنسان وغيره لئلا يطمع فيها الإنسان فقال تعالى:" فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ".
وقد أشرك المشركون معه الملائكة والنجوم والأناس والشياطين والحيوانات والشجر والجمادات فصارت الأحدية سارية في كل موجود فزال طمع الإنسان من الاختصاص. وإنما عمت جميع المخلوقات الأحدية للسريان الإلهي الذي لا يشعر به خلق إلا من شاء الله

ويقول الشيخ علي الخواص:
" معناه أنك إذا تحققت النظر وجدت جميع الوجود قائما بالله أي بقدرته لا بنفس ذلك المخلوق، فمن شهد ذلك تحقق بشهوده سريان الأحدية في جميع الوجود، فكما أن الروح لا قيام للجسد بغيرها فكذلك الروح نفسها لا قيام لها إلا بالله .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الأحدية وانتفاء خلق الإنسان منها:
" الإنسان الذي هو أكمل النسخ وأتم النشآت له مخلوق على الوحدانية لا على الأحدية، لأن الأحدية لها الغنى على الإطلاق

يقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطارعن تجلي مجموع الأحدية:
" إن تجلي مجموع الأحدية بمنزلة من شاهد صور الحقيقة على التفصيل مع علمه بأن الحقيقة تجمعها إلا أنه ناظر للحقيقة من حيث التميز للأفراد المندرجة بها، كمن يرى صور زيد وعمر وبكر إلى غير ذلك، فهو وإن كان يعلم أن الحقيقة الإنسانية تجمع هذه الصور إلا أنه ليس ناظرا لذلك بل نظره لتميز كل صورة عن غيرها

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في امتناع تجلي الأحدية:
" منع أهل الله تجلي الأحدية ولم يمنعوا تجلي الألوهية، فان الأحدية ذات محض لا ظهور لصفة فيها فضلا عن أن يظهر فيها مخلوق، فامتنع نسبتها إلى المخلوق من كل وجه، فما هي إلا للقديم القائم بذاته

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في الفرق بين الأحدية والواحدية:
" الأحدية أخص من الواحدية، لأن الواحدية تعم واحد الأعداد، والأحدية مختصة بلزوم الانفراد

يقول الشيخ محمد ماء العينين عن الفرق بين الأحدية والأحد والواحدية:
" الأحدية: هي المجلى الأول للذات الإلهية الأحدية ليس لشيء من الاعتبارات والإضافة والأسماء والصفات ولا غير ذلك فيها ظهور: فهي ذات صرف لكن قد نسبت الأحدية إليها ...
والأحد: اسم لمن لا يشاركه شيء في ذاته.
كما أن الواحد : اسم لمن لا يشاركه شيء في صفاته ، يعني : أن الأحد هو الذات وحدها بلا اعتبار كثرة فيها ، فأثبت له الأحدية التي هي الغنى عن كل ما عداه وذلك من حيث عينه وذاته من غير اعتبار أمر آخر .
والواحد هو الذات مع اعتبار كثرة الصفات ، وهي الحضرة الأسمائية ولذا قال تعالى :
" إن إلهكم لواحد " ولم يقل لأحد ، لأن الواحدية من أسماء التقييد ، فبينهما وبين الخلق ارتباط أي من حيث الإلهية والمألوهية بخلاف الأحدية إذ لا يصح ارتباطها بشيء .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في الفرق بين الأحدية والواحدية والألوهية:
" إن الأحدية لا يظهر فيها شيء من الأسماء والصفات ، وذلك عبارة عن محض الذات الصرف في شأنه الذاتي .
والواحدية تظهر فيها الأسماء والصفات مع مؤثراتها ، لكن بحكم الذات لا بحكم افتراقها ، فكل منها فيه عين الآخر .
والألوهية تظهر فيها الأسماء والصفات بحكم ما يستحقه كل واحد من الجميع ، ويظهر فيها أن المنعم ضد المنتقم ، والمنتقم فيها ضد المنعم ، وكذلك باقي الأسماء والصفات حتى الأحدية فإنها تظهر في الألوهية بما يقتضيه حكم الأحدية وبما يقتضيه حكم الواحدية ، فتشمل الألوهية بمجلاها أحكام جميع المجالي فهي مجلى إعطاء كل ذي حق حقه .
والأحدية مجلى كان الله ولا شيء معه . والواحدية مجلى وهو الآن على ما عليه كان قال الله تعالى : " كل شيء هالك إلا وجهه " .
فلهذا كانت الأحدية أعلى من الواحدية ، لأنها ذات محض ، وكانت الألوهية أعلى من الواحدية ، لأنها أعطت الأحدية حقها ... فكانت أعلى الأسماء وأجمعها وأعزها وأرفعها وفضلها على الأحدية كفضل الكل على الجزء ، وفضل الأحدية على باقي المجالي الذاتية كفضل الأصل على الفرع ، وفضل الواحدية على باقي التجليات كفضل الجمع على الفرق .

يقول الشيخ بالي زادة أفندي :
الأحدية الأسمائية: هي أحدية مسمى الله، وهي مقام جمع الأسماء .
الأحدية الذاتية: هي أحدية مسمى الله، وتسمى بالأحدية الإلهية .

يقول الشيخ ابن قضيب البان في الوقوف عن مرتبة الأحدية:
" أوقفني الحق على بساط الأسماء ، وأول ما كشف لي عن مرتبة الأحدية ، فرأيتها وقد استغرقت جميع مراتب الأسماء والصفات والخلق والأمر . فصعقت ما شاء الله ، ثم أفقت فأثنيت على الله ، فقال لي : هذا مقام جمع الجمع ، ومنه حقيقة الحقائق . وليس هنا من حال القرب والبعد والوصل والفصل .

يقول الشريف الجرجاني عن مرتبة الأحدية :
هي ما إذا أخذت حقيقة الوجود بشرط أن لا يكون معها شيء ، فهو المرتبة المستهلكة جميع الأسماء والصفات فيها ، ويسمى جمع الجمع ، وحقيقة الحقائق ، والعماء أيضا .

يقول الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري عن مرتبة الأحدية:
هي أول مراتب الوجود الحق ، وهي مرتبة كنه الحق I وليس فوقها مرتبة أخرى ، بل كل المراتب تحتها .
وهي مرتبة اللاتعين والإطلاق والذات البحت ، لا بمعنى أن قيد الإطلاق وسلب التعين ثابتان في تلك المرتبة ، بل بمعنى أن ذلك الوجود في تلك المرتبة منزه عن إضافة النعوت والصفات ، ومقدس عن كل قيد حتى عن قيد الإطلاق أيضا  .

يقول الشيخ أبو العباس التجاني عن مرتبة الأحدية : هي مرتبة كنه الحق ، وهي الذات الساذج التي لا مطمع لأحد في نيل الوصول إليها . وتسمى : حضرة الطمس ، والعماء الذاتي .

يقول الشريف الجرجاني أحدية العين: هي من حيث أغناه عنا وعن الأسماء، ويسمى هذا: جمع الجمع

الدكتورة سعاد الحكيم أحدية العين عند ابن العربي: هي الأحدية الدالة على الذات الإلهية المجردة عن الأسماء والصفات، وهي وقف على الحق لا يتصف بها الخلق

يقول الشريف الجرجاني أحدية الكثرة: معناه واحد يتعقل فيه كثرة نسبية، ويسمى هذا: مقام الجمع وأحدية الجمع .

تقول الدكتورة سعاد الحكيم أحدية الكثرة عند ابن العربي : هي الأحدية الدالة على الذات الإلهية المتصفة بالأسماء والصفات، وهي ليست وقفا على الحق فيشترك الخلق مع الحق في صفة أحدية الكثرة .

ويقول الشيخ الأكبر ابن العربي عن أحدية المجموع:
هي أحدية الألوهة له تعالى .

يقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار عن تجلي أحدية المجموع:
فهو كمن يرى هذه الصور "صور الأشخاص" عين الحقيقة الإنسانية، ولا يصرف نظره إلا لتلك الحقيقة واندراج تلك الصور بها، فتنمحي تلك الصور في نظره بتلك الحقيقة وتنطوي بشهوده أحكام التميز والتفصيل.
فلا يرى من الصور في نظره بتلك الحقيقة وتنطوي بشهوده أحكام التميز والتفصيل، فلا يرى من الصور إلا أحديتها التي هي الحقيقة الإنسانية .

يقول الشيخ حسين البغدادي الأحدية الجامعة:
هي الذات الإلهية المطلقة المجردة عن قيد الإطلاق، الجامعة لجميع الكمالات الأسمائية والصفاتية .

يقول الغوث الأعظم عبد القادر الجيلاني عن الآحاد الأفراد:
هم مريدوا الحق الصادقون في إرادته، وهم في القلة كالكبريت الأحمر، هم آحاد أفراد في الشذوذ والندور .

كما يقول الآحاد الأفراد: هم أعيان الأولياء المحجوبون في الأرض، يرون الناس وهم لا يرونهم، هم الذين بهم تنبت الأرض وتمطر السماء ويرفع البلاء عن الخلق. طعامهم وشرابهم ذكر الله ـ عز وجل ـ والتسبيح والتهليل كالملائكة .

في اصطلاح الكسنزان نقول الآحاد الأفراد:
هم الأغواث الذين أفردهم الحق تعالى بهمة الإغاثة والإرشاد وتنوير طريق المريدين لله تعالى.


02 – مصطلح العماء
العماء في اللغة : السحاب المرتفع أو الكثيف الممطر  .

في الاصطلاح الصوفي موسوعة الكسنزان
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
العماء : حيرة ، وأعظمه الحيرة في العلم بالله  .
ويقول  الشيخ : " العماء : هو بخار رحماني ، فيه الرحمة ، بل هو عين الرحمة ، فكان ذلك أول ظرف قبله وجود الحق  .
ويقول الشيخ " العماء : هو الأمر الذي … يكون في القديم قديما ، وفي المحدث محدثا ، وهو مثل قولك أو عين قولك في الوجود إذا نسبته إلى الحق
قلت : قديم ، وإذا نسبته إلى الخلق ، قلت : محدث .
فالعماء من حيث هو ، وصف للحق هو وصف إلهي ، ومن حيث هو وصف للعالم هو وصف كياني ، فتختلف عليه الأوصاف لاختلاف أعيان الموصوفين  .
ويقول الشيخ : " العماء : هو مستوى الاسم الرب كما كان العرش مستوى الرحمن.
والعماء : هو أول الأينيات ، ومنه ظهرت الظروف المكانيات ، والمراتب فيمن لم يقبل المكان وقبل المكانة ، ومنه ظهرت المحال القابلة للمعاني الجسمانية حسا وخيالا ، وهو موجود شريف ، الحق معناه وهو الحق المخلوق به كل موجود سوى الله ، وهو المعنى الذي ثبتت فيه واستقرت أعيان الممكنات ، ويقبل حقيقة الأين وظرفية المكان ورتبة المكانة واسم المحل  .

والعماء : هو البرزخ ، والحقيقة الإنسانية الكاملة ، ومرتبة أهل الكمال ، وموقف الأعراف ، ومنزل الإشراف على الأطراف ، ومقام المطلع  .

يقول الشيخ صدر الدين القونوي العماء :
هي مرتبة التنزل الرباني ليتصف الرب فيها بالصفات العبدانية ، ومرتبة الارتقاء العبداني ليتصف العبد فيها بالصفات الربانية ، فهي البرزخ  .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني العماء :
هو الحضرة الأحدية عندنا ، لأنه لا يعرفها أحد غيره فهو في حجاب الجلال .
وقيل : هي الحضرة الواحدية التي هي منشأ الأسماء والصفات ، لأن العماء هو الغيم الرقيق والغيم هو الحائل بين السماء والأرض . وهذه الحضرة هي الحائلة بين سماء الأحدية وبين أرض الكثرة الخلقية  .

ويقول الشيخ كمال القاشاني: " العماء : هو الحضرة العمائية هي النفس الرحماني والتعين الثاني ، وإنها هي البرزخية الحائلة بكثرتها النسبية بين الوحدة والكثرة الحقيقيتين  وهي  محل تفصيل الحقائق التي كانت في المرتبة الأولى شؤونا مجملة في الوحدة ، فسميت بهذا الاعتبار بـ : العماء ، وهو الغيم الرقيق  .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي عن العماء :
هو عبارة عن حقيقة الحقائق التي لا توصف بالحقية ولا بالخلقية ، فهي ذات محض ، لأنها لا تضاف إلى مرتبة لا حقية ولا خلقية ، فلا تقتضي لعدم الإضافة وصفا ولا اسما ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " إن العماء ما فوقه هواء ولا تحته هواء " يعني لا حق ولا خلق ، فصار العماء مقابلا للأحدية  .

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي عن العماء :
هو الوارد في حق الله تعالى هي الحضرة التي لا وجود فيها لغير الواحد  .
ويقول : " العماء : أي الحجاب الأعظم الأحمى  .
ويقول : " العماء هو أول الأوائل من مراتب الحق تعالى المعتبرة في معرفة الخلق بالحق العاري أي المجرد عن جميع الإضافات والوسائل إليه تعالى الكائنة بينه وبين خلقه  .

يقول الشيخ ولي الله الدهلوي :
العماء هو طبيعة هيولانية قابلة لجميع الصور الروحانية والجسمانية والعماء قديم بالزمان حادث بالذات .
أحدها : مرتبة تجرده عن التعين وصرافته .
والثاني : عمومه وسريانه في الموجودات .
والثالث : تقيده في كل فرد فرد  .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في الفرق بين العماء والأحدية:
" الفرق بين العماء والأحدية ، أن الأحدية حكم الذات في الذات بمقتضى التعالي وهو الظهور الذاتي الأحدي ، والعماء حكم الذات بمقتضى الإطلاق فلا يفهم منه تعال ولا تدان وهو البطون الذاتي العمائي فهي مقابلة للأحدية تلك صرافة الذات بحكم التجلي وهذه صرافة الذات بحكم الاستتار  .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن الحضرة العمائية :
هي حضرة العلم وحضرة الارتسام : وهي التعين الثاني .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني في سبب التسمية بالحضرة العمائية:
فـ  باعتبار البرزخية الحاصلة بين الوحدة والكثرة المشتملة هذه البرزخية على هذه الحقائق الكلية الأصلية المذكورة من حيث صلاحية إضافتها إلى الحق بالأصالة وإلى الخلق بالتبعية متميزة بحكم الكلية الأصلية الجنسية وانتشاء فروعها وأنواعها وجزئياتها منها في غير هذه البرزخية مفصلة متميزة ، فلكون العماء هو الغيم الرقيق سميت هذه البرزخية الحائلة بين إضافة هذه الحقائق إلى الحق وإلى الخلق بالحضرة العمائية  .

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري عن المرتبة العمائية الخيالية البرزخية :
هي مرتبة اقتران الوجود الذات المنزه عن التجزؤ والانقسام والحلول في الأرواح والأجسام بالممكنات ، وشروق نوره على أعيان الموجودات يسمى الحق - تعالى - بكل اسم من أسماء الممكنات ، ويوصف بكل وصف ، ويتقيد بكل رسم ، ويقبل كل حكم ، ويدرك بكل حاسة من سمع وبصر ولمس وغيرها من الحواس ، والقوة الحسية والعقلية والخيالية لسريانه في كل شيء محسوس ومعقول ، ومتخيل بالنور الوجود البحت النزيه لذاته من غير حلول ولا اتحاد  .

الشيخ علي البندنيجي القادري عن عالم العماء :
هو مجمع بحري التقييد والإطلاق ، وفي هذا المقام يتصف المقيد بأوصاف الإلهية ، ويتصف المطلق بالنعوت الكونية  .
ويقول : " عالم العماء : هو عالم الخيال الحقيقي الذي فتح به أعيان ما سواه ، وهو عالم التفاصيل ، والحضرة الجامعة ، والمرتبة الشاملة  .
ويقول : " عالم العمى : وهو ظاهر الحق والحق باطنه وهو: الحق المخلوق به  .

يقول الشيخ أبو العباس التجاني عن العماء الذاتي :

هي مرتبة الأحدية ، مرتبة كنه الحق وهي الذات الساذج التي لا مطمع لأحد في نيل الوصول إليها ، وتسمى ، حضرة الطمس  .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 24 يونيو 2019 - 15:52 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)

10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
هذا نص الحكمة الهودية ذكره بعد حكمة يوسف عليه السلام، لأن علم هود عليه السلام المتعلق بمعرفة استقامة الكل، وأخذ الحق بناصية كل دابة تدب من العدم إلى الوجود، نظير علم الخيال الذي هو علم يوسف عليه السلام من جهة تساويهما في اعتبار الوصف الواحد العام مع ملاحظة الأوصاف الخاصة في ضمنه.
(فص حكمة أحدية) منسوبة إلى ظهور الأحد سبحانه في كل واحد (في كلمة هودية) إنما اختصت حكم هود عليه السلام بكونها أحدية.
لأن ظهور الاستقامة في كل شيء، لأنه على صراط ربه المستقيم فيما أراده منه يقتضى ظهور أحدية الأسماء الذاتية سبحانه وخفاء واحدية الأسماء الصفاتية، فيبطن الحكم وتظهر الحكمة. وهذه الحكمة ذاتية فهي أحدية وهو مشهد هود عليه السلام الغالب على بصيرته فيما أظهر الله تعالى لأهل الكشف بكلامه القديم من حال سريرته [شعر]
قال الشيخ رضي الله عنه:  (إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم . في صغير وكبير عينه ... وجهول بأمور وعليم .ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم .«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم. فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)
(إن الله) سبحانه من حيث ذاته المطلقة الأزلية (الصراط)، أي الطريق (المستقيم) غير المعوج أصلا، وذلك هو حضرة أسمائه تعالى وصفاته التي تظهر الذات المطلقة فيها بقدم الأمر والوجه على حسب ما ترتبت الممكنات العدمية في الأزل شيئا فشيئا، فيشبه المشي في الطريق برفع قدم ووضع قدم أعلى من الأول.
كما قال تعالى في وصف نفسه أنه "رفيع ادرجات" [غافر : 15] وأنه "كل يوم هو في شأن" [الرحمن : 29]، وليس إلا الممكنات وأحوالها المختلفة فهي الدرجات التي هو رفيعها كلها .
قال سبحانه : "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا ألعلم درجات" [المجادلة : 11]، وهي شؤونه أيضا التي هو كل يوم فيها في شأن وهذا اليوم كلمح بالبصر.
لأنه يوم الأمر الذي قدره سبحانه به في قوله: (وما أمرنا إلا واحدة كلمچ بالبصر ) [القمر: 50].
قال رضي الله عنه : (ظاهر) أي ذلك الصراط المستقيم لكل أحد (غير خفي) على أحد (في العموم)، أي في عموم الكائنات كلها .
(في كبير)، أي ظهور ذلك الصراط في كل شيء كبير (وصغير) من المحسوسات والمعقولات (عينه)، أي عين ذلك الكبير والصغير من غير اعتبار الصبغة العدمية بالعدم الأصلي (و) في كل (جهول) أيضا (بأمور) ظاهرة أو خفية وعليم) بأمر من الأمور وما بين ذلك .

قال رضي الله عنه : (ولهذا)، أي لكون صراطه المستقيم الذي هو عليه سبحانه ظاهر في كل شيء (وسعت رحمته) وهي ذاته الرحمة بالإيجاد والإمداد (كل شيء من) شيء (حقیر و) شيء (عظيم) في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: "ورحمتي وسعت كل شيء" [الأعراف: 156]، وقال تعالى حكاية عن هود عليه السلام أنه قال: ("وما من دابة إلا هو") سبحانه وتعالى وهی كناية عن ذاته العلية في مقام الأحدية ("آخذ بناصيتها")، والناصية مقدم الرأس، والرأس موضع ظهور سلطان الروح المنفوخ في القلب.

ومن الرأس ينتشر ذلك السلطان في جميع الحواس الظاهرة والباطنة، وخص ناصيته لأنها موضع الحبال في الحيوان، ثم إذا أريد العموم في غير الحيوان أيضا من كل شيء قصد التشبيه فيما هو بمنزلة الرأس له والناصية.
وأيضا فإنه لما ذكر الدابة وأريد عمومها في جميع الكائنات كما سيأتي ذكر الناصية، لأن من عادة الدواب أن تؤخذ من نواصيها وتساق حيث يريد صاحبها ("إن ربی") الذي أشهده في مقام أحديته وهو ما كنی عنه بقوله هو وأتى بالهوية الذاتية المطلقة ("على صراط")، أي طريق واضح ("مستقيم") [هود: 56] غير ذي عوج.
وهو الذي أنزله سبحانه على نبينا صلى الله عليه وسلم وسماه القرآن، أي المجموع من القرء وهو الجمع، لأنه جامع من حيث هو ممسك كل حقيقة كونية ومجموع بها من حيث هي حقيقة في نفسها، لأنه عينها بالوجود وهي غيره بالصورة.
قال تعالى: " قرآنا عربيا غير ذي عوج" [الزمر: 28].

قال رضي الله عنه : (فكل ماش) على أرض وجوده من الأشياء الممكنات (فعلی صراطه)، أي طريق الرب سبحانه (المستقيم) الذي لا اعوجاج فيه، لأنه عين إرادته القديمة توجه على الأعيان الممكنة، فمشى عليه بذاته ومشت الأعيان الممكنة أيضا عليه بذواتها ، فهو صراط سبق مشيه فيه على الاستقلال.
وهي مشت فيه بحكم التبعية له سبحانه ، لأنه آخذ بنواصيها (فهم)، أي المغضوب عليهم من الممكنات، والضالون منهم غير مغضوب عليهم من هذا الوجه الذي به مشوا على صراط الإرادة (ولا ضالون)، لأنهم مشوا بحكم التبعية للماشي بالاستقلال، فهو مستقيم في مشيه ذلك، وهم كذلك مستقيمون بهذا الاعتبار.
قال رضي الله عنه : (فكما كان الضلال) الذي اتصف به من اتصف (عارضا له) في الحياة الدنيا على أصل خلقته وفطرته (كذلك الغضب الإلهي) المتصف به سبحانه على من غضب عليهم (عارض) أيضا ظهور اتصافه به عندنا وإن كان هو أيضا من جملة الحضرات الإلهية القديمة.

لكن ظهوره إنما هو بظهور الأحوال في العبد المقتضية لظهوره والأحوال في العبد المقتضية لظهوره، خلاف الأصل من العبد، فكذلك هو في الحضرات الإلهية خلاف الأصل من الحق.
(والمآل)، أي المرجع للكل بعد زوال خلاف الأصل من الطرفين : طرف العبد وطرف الرب وهو المسمى بالعارض (إلى الرحمة التي وسعت كل شيء) وهو الوجود المطلق، وحيث وسعت كل شيء، فكل شيء فيها عينها، وقد انمحت الصور التي تتمايز الأشياء في نفسها بحكم قوله سبحانه : "كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88].

ولم يسعها شيء أصلا، ولهذا تعددت، فالعارض الذي أطلق على ضلال العبد وغضب الرب راجع إلى الصورة الممكنة العدمية.
لأنها تعرض اللوجود المطلق فتقيده، والقيد منه عين غضبه، وتعطي الممكن وجودة بجهلها الأصلي الذي هو عين عدمها، فيكون الضلال (وهي) الرحمة (السابقة) إلى كل حقيقة كونية من الأزل، لأنها عينها، ولصورة أمر عارض لها منها كما ذكرنا .
قال رضي الله عنه : (وكل ما سوى الحق) تعالى من الممكنات (دابة فإنه)، أي كل ما سوى الحق (ذو روح) لظهور صورته في الحس أو العقل عن الصورة الأمرية الروحانية وقيامها بها.

فالأرواح مختلفة باختلاف صور أجسامها، لأن صور أجسامها كانت في غيبها فصارت هي في غيب صور أجسامها، فمنها أرواح معنوية، لأن صور أجسامها معاني عقلية أو وهمية، ومنها أرواح حسية، لأن صور أجسامها حسية، ومنها أرواح جمادية وأرواح نباتية وأرواح حيوانية وأرواح إنسانية وأرواح نورانية ملكية وأرواح نارية جنية .
وكل هذه النسب باعتبار صور أجسامها التي ظهرت من غيبها، فصارت هي في غيب صور أجسامها فسميت بذلك نفوسنا، فإذا رجعت كما كانت سمیت قلوبة فكانت مؤمنة، ولا بد أن تؤمن كلها.

ولهذا قال تعالى : "يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ" [الأنعام: 158]، وهو نفع اللذة لا نفع المعرفة، فإن نفع المعرفة حاصل للكل ونفع اللذة نفع الجنة ونفع المعرفة حاصل لأهل النار أيضا .
قال تعالى في حق الكافر :" فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" [ق: 22]، فإذا كانت القلوب مؤمنة وسعت الرب سبحانه كما قال: «وسعني قلب عبدي المؤمن» وهذا هو المال إلى الرحمة.
قال رضي الله عنه : (وما ثم)، أي هناك في هذا الوجود الحادث (من يدب) على أرض نفسه (بنفسه) أصلا (وإنما يدب بغیره) فالأرواح تدب بالأمر الإلهي، والصور تدب بالأرواح (فهو)، أي كل ما هو في هذا الوجود الحادث من أرواح وصور (يدب بحكم التبعية الذي هو على الصراط المستقيم) وهو الله تعالى.

ولهذا سماه صراطا ، أي طريقا (فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه)، ولولا المشي عليه ما كان صراطا.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)

10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية

أي العلوم المتعلقة بالحقيقة الأحدية مودعة في روح هذا النبي لذلك دعا قومه إلى مقام الأحدية بقوله : "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" (هود: 51] .
ولما كانت لكل اسم أحدية الصراط وكان أحدية الصراط الاسم الله جامعة لجميع أحدية صراط الأسماء شرع في بيان الأحدية الجامعة أولا بقوله :
قال رضي الله عنه : (أن الله الصراط المستقيم ظاهر) خبر لمبتدأ محذوف وهو هو (غير خفي) تأكيد (في العموم) أي جاء هذا الصراط


المستقيم من عند الله في حق عموم الناس وهو صراط الأنبياء كلهم المشار إليه بقوله تعالى : " اهدنا الصراط المستقيم * صرط الذين أنعمت عليهم" أو تعلق في العموم بقوله غير خفي أي هذا الصراط المستقیم مشهور معروف بين الخلائق كلها وهو طريق الأنبياء طريق الهدى (في كبير وصغير) خبر (عينه) مبتدا (وجهول بأمور وعليم) معطوف على الخبر .
فمعناه أن ذاته تعالى من حيث أسمائه وصفاته موجود في كبير وصغير أي في كلي وجزئي بالنسبة إلى الأسماء وبالنسبة إلى الأجسام في كبير الحجم وصغيره أي لا ذرة في الوجود إلا وهي نور من ذات الحق لكون كل ما في الوجود من الممكنات مخلوقا من نوره فالذات من حيث هي غنية عن الوجود الكوني.
قال رضي الله عنه : (ولهذا) أي ولأجل كون ذات الحق مع جميع صفاته محيطة بكل شيء وفي كل شيء آية تدل على أنه واحد قال تعالى: "سنريهم آياتنا فى الآفاق وفي انفسهم " [فصلت: 53] .
كل ذلك صراط مستقيم يوصل من مشى عليه إلى الله وهذا لسان الظاهر في كلامه قدس سره وأما لسان الباطن فستطلع عليه "وسعت رحمته كل شيء من حقير وعظيم" .
فإنه إذا كان ذاته إلحق مع مفاته موجودة في كل شيء ومن جملة مفاته رحمته فوسعت رحمته كل شيء فإذا كان كل شيء تحت قدرته تعالى كان
("ما من دابة إلا هو") أي الله ("آخذ بناصيتها") يتصرف فيها كيف يشاء على حسب علمه الأزلي التابع لعين المعلومات وأحوالها .
فلا جبر من الله إذ التصرف كيف كان لا يكون إلا تابعة للمعلومات ("إن ربي على صراط مستقيم") فإذا أخذ الله ناصية كل دابة (فكل ماشي فعلی صراط الرب المستقيم) أي فكل ماشي ما مشي إلا على صراط من أخذ بناصيته .
وهو ربه وما كان صراط به إلا مستقيما فما مشى إلا على صراط ربه الخاص فمن مشى على صراط ربه .
قال رضي الله عنه : (فهو) أي الماشي على صراط ربه ("غير المغضوب عليهم" من هذا الوجه) .
أي من حيث أنه ماش على صراط ربه المستقيم لأن ربه راض عن فعله فلا غضب عليهم من ربهم ("ولا الضالين") من هذا الوجه عن صراط ربهم المستقيم حتى يغضب عليهم ربهم .
ففي قوله من هذا الوجه دلالة على أن الغضب فقد يقع عليهم من غير هذا الوجه كعبید المضل غير المغضوب عليهم من ربهم لكنهم مغضوب عليهم من اسم الهادي لكونهم ضالين عن صراط الهادي .
قال رضي الله عنه : (فكما كان الضلال عارضا) لأن الأرواح كلها بحسب الفطرة الأصلية قابلة للتوحيد لقوله تعالى: "ألست بربكم قالوا بلى" [الأعراف: ۱۷۷] .
ولقول الرسول عليه السلام: «كل مولود يولد على فطرة الإسلام ثم أبواه يهودانه وينصرانه».
"ورد الحديث بلفظ :" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه» ذكره الترمذي والبيهقي في السنن الكبرى "
فما عرض الضلال إلا بالغواشي الطبيعية الظلمانية (كذلك الغضب الإلهي عارض) لقوله تعالی:
"سبقت رحمتي على غضبي" أي في حق كل شيء. وورد بلفظ :"سبقت رحمتي غضبي" ذكره الترمذي و الحميدي في مسنده وابن أبي الدينار.
والمراد من الغضب العذاب إذ لا يصح الغضب في حق الحق إلا بمعنى إنزال العذاب (والمآل) أي ومآل الغضب (إلى الرحمة التي وسعت كل شيء وهي) أي الرحمة (السابقة) الرحمة عند أهل الله على نوعين رحمة خالصة ورحمة ممتزجة بالعذاب.
ففي حق عصاة المؤمنين من أهل مآل الغضب إلى رحمة خالصة من شوب العذاب، وذلك لا يكون إلا بإدخالهم الجنة في حق المشركین ماله إلى الرحمة الممتزجة بالعذاب وهذا لا يكون إلا بأن كانوا خالدين في النار.
فاعلم ذلك وفيه كلام سنسمع إن شاء الله في آخر الفص (وكل ما سوى الحق دابة فإنه) أي ما سوی الحق ذو روح، لأنه مسع بالنص الإلهي وكل مسح (ذو روح) كله ماشي على صراط ربه المستقيم (وما ثمة) أي ليس في العالم (من يدب) أي يمشي ويتحرك (بنفسه) لأنه مأخوذ بناصيته.
قال رضي الله عنه : ( وإنما يندب بغيره) الذي آخذ بناصيته فإذا كان العالم بدب بغيره (فهو) أي العالم (إنما بدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم) فكان مشى العالم على الصراط المستقيم لا بالأصالة بل بتبعيته لمن مشى على الصراط المستقيم فما مشى على الصراط المستقيم أصالة إلا رب العالمين الذي أخذ بناصيته .
لذلك قال : " إن ربي على صراط مستقيم" والمشي في حق الحق عبارة عن أفعاله وشؤونه و هو كل يوم في شأن والصراط المستقيم عبارة عن صدور أفعاله على موافقة حكمته وإنما كان الرب على الصراط المستقيم .
قال رضي الله عنه : (فإنه) أي الشأن لا يكون الصراط (صراطا إلا بالمشي عليه) إذ الصراط عبارة عن المشي والمسافة هذا إن كان الخلق ظاهرا والحق باطنا فحينئذ الحكم للحق في وجود الخلق والخلق تابع للحق في حكمه.
وأما إذا كان الخلق باطنا والحق ظاهرا والحكم للخلق والحق تابع الخلق فيما يطلبه منه ففي هذا الوجه ما طلب العبد من الحق شيئا إلا وهو يعطيه وفي الوجه الأول ما حكم الحق على العبد بحكم إلا وهو تابع لحكمه فيما أمره به.
ولما بين تبعية العالم للحق شرع في بيان عكسه بقوله :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)
قال رضي الله عنه : " إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم . في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم . ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم . «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.  فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة. وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه".
قلت: هذه الحكمة الشريفة جعل ابتداء كلامه فيها في معنى قوله تعالى: "وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقیم" (هود: 56) .
وضمن في الأبيات جملیات " معناها ولحظ القيومية الإلهية التي لا يقوم شيء إلا بها، فهي في الكبير والصغير والجهول والعليم.
وجعل القيومية التي بها تقوم الموجودات رحمة، لأنها وسعت كل شيء فالقيومية هي الرحمة التي وسعت كل شيء.
ولما كان الصراط هو الطريق ذكر الماشي عليه فقال: كل ماش فهو على الصراط المستقيم، فهم غير مغضوب عليهم من هذا الوجه، لأن القيومية رحمة والرحمة لا تجتمع مع الغضب.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)
10  - فصّ حكمة أحدية في كلمة هودية
لمّا فرغ من حكمة الجمع الإلهي وحكم التنزيه والسلوب والتقديسات ، وتمّم حكم كليّات الحقائق الثبوتية الإلهية ، شرع في بيان حكمة أحدية العين التي لها التنزيه السلبي وتنزيه التنزيه والكمالات الثبوتيّة.
فإنّ الحكم الكمالية سلبية كانت أو ثبوتية فإنّها للذات المطلقة الأحدية ، وقد ظهرت هذه الحكمة على أكمل وجوهها في الكلمة الهودية على ما نطق به القرآن ، وكما سيرد عليك جملا وفصولا ، إن شاء الله تعالى .
وجه نسبة هذه الحكمة إلى هود عليه السّلام هو أنّ الغالب عليه شهود أحدية الكثرة ، فأضاف لذلك إلى ربّه أحدية الطريق بقوله : " إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ".
وقال :"ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها " فأشار إلى هوية ،لها أحدية كثرة النواصي والدوابّ .

ولمّا كانت الأحدية نعتا للهوية الذاتية ، قل هو الله أحد ، أضاف الأحدية إلى هوية الله وحملها عليه ، ثم لمّا ظهر من ذوق هود عليه السّلام ومشربه إشارات عليّة إلى الهوية والأحدية ، أسند حكمته إلى الأحدية ، ولأنّ حكمة الفصّ المتقدّم لمّا كانت خاتمتها في بيان الأحدية ، ناسب اتباع هذه الحكمة لها .
فقال رضي الله عنه :
إنّ لله الصراط المستقيم   ..... ظاهر غير خفيّ في العموم
في صغير وكبير عينه    ..... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته       ..... كلّ شيء من حقير وعظيم.
قال العبد : قد علمت فيما تقرّر من قبل أنّ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق وبعدد الأنفاس الإلهية ، وأنّ لكل اسم عبدا هو ربّه ، ذلك العبد جسم هو قلبه ، وكل عين عين من الأعيان الوجودية مستند إلى اسم هو عبده الذي ارتبط به ، فهو على الطريقة المستقيمة بالنسبة إليه ، يصل إلى الله من حيث هو .
ثم هذه الطرقات المستقيمة فهي على استقامتها السببية موصلة إلى المسمّى وهو الله أحدية جمع جمع هذه المسمّيات ، والمستقيم الحقيقي من كل وجه هو الله ، فللَّه الصراط المستقيم.
وذلك ظاهر في كل حضرة على العموم من كون الجميع متّصلا بالمسمّى ، وهذا ظاهر غير خفيّ ، وسواء كان الاسم كلَّيا أو جزئيا ، والمظهر كبيرا أو صغيرا ، فإنّ الله مسمّى الاسم بلا شك .
وكذلك فيمن يعلم ذلك وفيمن يجهل وإن لم يكن هذا هكذا ، فلا عموم إذن في الرحمة لما لم يعمّ ، والرحمة عامّة فالرحمن هو المسمّى بالكلّ ، فهو بالمرصاد لكلّ سالك ، وطريق من الطريق والسالكين ، وغايات الكلّ عند النهايات واصلة إليها .
قال رضي الله عنه  : " ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ " ، فكلّ ماشي فعلى صراط الربّ المستقيم ، فهم غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ، ولا ضالَّون .
فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض ، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كلّ شيء وهي السابقة " .
يعني رضي الله عنه : أنّ الرحمة كانت سابقة إلى الأشياء قبل إيجادها ، لإزالة غضب العدم ، فأوجدتها بنسبها الذاتية المختلفة ، فامتدّت إليها على رقائقها ، وشدّت على تلك الرقائق إلى حقائقها ، ثمّ سلكت الحقائق الكيانية على تلك الرقائق إلى حقائق أربابها بطرائقها .
فمآل الكلّ كما قلنا إلى الله الرحمن ، والكلّ على صراط الربّ المستقيم ، فإنّ الله أخذ أيضا بناصية كل دابّة إليه ، فهو القائد والسائق والطريق ، وهو على الغاية ، قد سبقهم ويرقبهم بالمرصاد .
قال رضي الله عنه: " وكلّ ما سوى الحق فهو دابّة ، فإنّه ذو روح ، وما ثمّ من يدبّ بنفسه ، بل يدبّ بغيره ، فهو يدبّ بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم ، فإنّه لا يكون صراطا إلَّا بالمشي عليه " .
يعني رضي الله عنه : أنّ كلّ ما يسمّى سوى الحق فقيامه بالحقّ والحقّ قيامه ، يسير به إلى غاية كماله الذي أهّل له ، وذلك لأنّ الوجود الحق المتعيّن في قابليته يخرج ما في استعداده بالقوّة إلى الفعل ، وليس له ذلك بدون الوجود الحق.
فهو آخذ بناصيته في سيره به إلى كماله الخصيص به ، فهو إذن يدبّ ويتحرّك حركة ضعيفة ، لكونها غير ذاتية له ، بل عرضية بحكم التبعية ، فهو يتحرّك به في الحق .
فالحق هو عين الصراط المستقيم ، وهو الذي يمشي به عليه ، والصراط إنّما يكون صراطا بالمشي عليه ، كما قلنا في الغرّاء الرائية :لقد سار بي فيه فسرت بسيره
عليه إليه منه في كل سائر.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)

10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
إنما اختصت الكلمة الهودية بالحكمة الأحدية ، لأن كشف هود عليه السلام شهود أحدية كثرة الأفعال الإلهية المنسوبة إلى الأحدية الإلهية ، وهي في الحقيقة أحدية الربوبية بعد أحدية الإلهية وهي أحدية جميع الأسماء وأحدية اسم الله الشامل للأسماء كلها ، فإن كل الأسماء بالذات واحد . والوحدة ثلاث مراتب : وحدة الذات بلا اعتبار كثرة ما وهي الأحدية الذاتية المطلقة . ووحدة الأسماء مع كثرة الصفات وهي أحدية الألوهية ، والله بهذا الاعتبار واحد وبالاعتبار الأول أحد ، والثالثة أحدية الربوبية المذكورة المختصة بهود عليه السلام ،
لقوله تعالى حكاية عنه : " ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ " فإن هذه الأحدية موقوفة على الآخذ والمأخوذ وكون الرب على الطريق الذي يمشى فيه ، فهي أحدية كثرة الأفعال والآثار التي نسبتهما إلى الهوية الذاتية وحدها :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن لله الصراط المستقيم ….  ظاهر غير خفى في العموم )
الصراط المستقيم : طريق الوحدة التي هي أقرب الطرق إلى الله الواحد الأحد ، وذلك أن لكل اسم من الأسماء الإلهية عبدا هو ربه وذلك العبد عبده فكل عين من الأعيان الوجودية مستند إلى اسم مرتبط به جار على مقتضاه سالك سبيله فهو على طريقه المستقيم المنسوب إليه .

"" إضافة بالي زادة : ولما كان لكل اسم أحدية الصراط ، وكانت أحدية صراط اسم الله جامعا لجميع أحدية صراط الأسماء ، شرع في بيان الأحدية الجامعة أولا بقوله ( إن لله الصراط المستقيم ظاهر ) خبر لمبتدأ محذوف : أي هو ( غير خفى ) تأكيد ( في العموم ) أي جاء هذا الصراط المستقيم من عند الله في حق عموم الناس ، وهو صراط الأنبياء كلهم المشار إليه بقوله  
"اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ "أو تعلق في العموم ، بقوله : غير خفى ، أي هذا الصراط المستقيم معروف بين الخلائق كلها وهو طريق الهدى اهـ بالى . ""

ثم لما كانت الأسماء على اختلاف مقتضياتها أحدية المسمى كانت موصلة إلى المسمى ، فهو الله الذي له أحدية جميع الأسماء ، فكل يصل إلى الله مع اختلاف الجهات دائما فلله الصراط المستقيم الذي عليه الكل ، فصح قولهم الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق وبعدد الأنفاس الإلهية ، فإن الشؤون المتجددة لله في كل آن على كل مظهر أنفاس إلهية .

وذلك ظاهر في كل حضرة من حضرات الأسماء على العموم ، سواء كانت الأسماء كلية أو جزئية غير خفى ، فكل اسم مدبر لمظهر روح له والمظهر صورته والجميع متصل باللَّه :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( في كبير وصغير عينه  ..... وجهول بأمور وعليم )
هذا تفسير العموم :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولهذا وسعت رحمته   ..... كل شيء من حقير وعظيم )
أي رحمته الرحمانية ، فإن الرحمن اسم شامل لجميع الأسماء ، فهو المرصاد لكل سالك وإليه ينتهى كل طريق ويرجع كل غائب .

قال الشيخ رضي الله عنه : (ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم ، فهو "غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ " من هذا الوجه "ولا الضَّالِّينَ " فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض ، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء وهي السابقة ) « ما من دَابَّةٍ » أي شيء ، فإن الكل ذو روح إلا هوية الأحدية الذاتية بحكم الصمدية والقيومية مالكة له آخذة بناصيته جاذبة إياه على صراط سبقت رحمته إليه قبل إيجاده .
فإذا وجدت الحقائق بنسبتها الذاتية على ما اقتضت أعيانها ، وسلكت بها على طرق أربابها فلا غضب ولا ضلال ثمة ، فإن عرض أحدهما فالمآل إلى الرحمن على ما سيأتي ، والرحمة السابقة هي الغالبة .

"" إضافة بالي زادة :  ( في صغير وكبير ) خبر ( عينه ) مبتدأ ( وجهول بأمور وعليم ) معطوف على الخبر معناه أن ذاته تعالى من حيث أسماؤه وصفاته موجودة في كبير وصغير ، أي في كلى وجزئي بالنسبة إلى الأسماء وبالنسبة إلى الأجسام في كبر الحجم وصغره ، أي لا ذرة في الوجود إلا وهي نور من ذات الحق لكون كل ما في الوجود مخلوقا من نوره ، فالذات من حيث هي غنية عن الوجود الكوني.
( ولهذا ) أي ولأجل كون الذات مع جميع صفاته محيطا بالكل ( وسعت رحمته كل شيء من حقير وعظيم ) فإذا كان كل شيء تحت قدرته كان "ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ " يتصرف فيها كيف يشاء على حسب علمه الأولى التابع لعين المعلومات فلا جبر من الله .
( فهو "غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ " ) من حيث أنه ماشي على صراط ربه المستقيم ، لأن ربه راض عن فعله فلا غضب ( والمآل ) أي مآل الغضب ( إلى الرحمة ) الرحمة عند أهل الله على نوعين : رحمة خالصة ، ورحمة ممتزجة بالعذاب ، ففي حق عصاة المؤمنين من أهل النار مآل الغضب إلى الرحمة خالصة من شوب العذاب ، وذلك لا يكون إلا بإدخالهم الجنة ، وفي حق المشركين ما آله إلى الرحمة الممتزجة بالعذاب ، وهذا لا يكون إلا بخلودهم في النار فاعلم ذلك ، وفيه كلام ستسمع في آخر الفص .
( فإنه ذو روح ) لأنه مسبح بالنص وكل مسبح ذو روح ، وكله ماش على صراط ربه المستقيم ( فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه ) إذ الصراط عبارة عن المشي والمسافة هذا إذا كان الخلق ظاهرا والحق باطنا ، فحينئذ الحكم للحق في وجود الخلق ، والخلق تابع للحق في حكمه ، وأما إذا كان الخلق باطنا والحق ظاهرا فالحكم للخلق والحق تابع للخلق فيما يطلبه منه ، ففي هذا الوجه ما طلب العبد من الحق شيئا إلا ويعطيه ، وفي الوجه الأول ما حكم الحق على العبد يحكم إلا وهو تابع لحكمه فيما أمره به. اهـ بالى .""

قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكل ما سوى الحق دابة ، فإنه ذو روح ، وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره ، فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على صراط مستقيم ، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه ) .
إنما كان ما سوى الحق ذا روح ، لأن الرحمة امتدت أوّلا إلى رقائق الأشياء وروحانياتها ، وألزمها أشباحها حتى وجدت حقائقها الكونية بها ، فدبت بالأسماء التي يربها الله بها على اختلاف مراتبها ، وكل اسم منها هو الذات الأحدية مع النسبة الخاصة التي هي حقيقة الاسم ، أعنى الصفة المخصوصة ، فكل يدب بحكم التبعية على صراط الذات الأحدية بذاته في ذاته ، فإن الحق المتعين في قابليته يحركه ويسيرة إلى غايته وكماله الخاص به ، فهو يدب بحركة ضعيفة عرضية غير ذاتية ، فإنها بحكم التبعية ، وتلك الحركة هي المشي على الصراط المستقيم ، فإن الصراط هو الذي يمشى عليه .
ولما كانت تلك الحركة بالحق في الحق كان الصراط والماشي عليه هو الحق :

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 21 يوليو 2019 - 11:04 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الإثنين 24 يونيو 2019 - 15:56 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر الفقرة الثانية الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية : الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)

10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
لما تقدم الكلام على الأحدية الذاتية والأحدية الإلهية التي هي من حيث الأسماء في آخر الفص المتقدم ، شرع في بيانها من  حيث الربوبية وأحدية طرقها مع بيان ما يتبعها من المعاني اللازمة لها ، إذ للأحدية مراتب :
أولها ، أحدية الذات . 
وثانيها ، أحدية الأسماء والصفات . 
وثالثها ، أحدية الأفعال الناتجة من الربوبية .
وأسندها إلى كلمة ( هودية ) قد لأنه ، عليه السلام ، كان مظهرا للتوحيد الذاتي والأسمائي وربوبيتها داعيا قومه إلى مقام التحقيق بقوله : "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم "
(إن لله الصراط المستقيم .... ظاهر غير خفى من عموم)
واعلم ، أن الاسم الإلهي كما هو جامع لجميع الأسماء وهي تتحد بأحديته ، كذلك طريقه جامع لطرق تلك الأسماء كلها ، وإن كان كل واحد من تلك الطرق  مختصا باسم يرب مظهره ويعبده المظهر من ذلك الوجه ، ويسلك سبيله المستقيم الخاص بذلك الاسم . وليس الجامع لها إلا ما سلك عليه المظهر المحمدي ، وهو  طريق التوحيد الذي عليه جميع الأنبياء والأولياء ، ومنه يتفرع الطرق وتتشعب .
ألا ترى أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لما أراد أن يبين ذلك للناس ، خط خطا مستقيما ، ثم خط من جانبه خطوطا خارجة من ذلك الخط ، وجعل الأصل الصراط المستقيم الجامع ، والخطوط الخارجة منها جعل سبل الشيطان كما قال : "ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله".
وذلك الصراط المستقيم الجامع ظاهر غير خفى من عموم الأسماء الإلهية ، أو من عموم الخلائق كلها .
(في كبير وصغير عينه  ..... وجهول بأمور وعليم )

ضمير ( عينه ) عائد إلى ( الله ) . ولما ذكر أن لله الصراط المستقيم وذاته وهويته مع كل موجود ، قال : إن عينه في كل كبير وصغير وعليم وجهول ، لا ذرة في الوجود إلا وهي بذاته موجودة . وله الصراط المستقيم ، فكل موجود على الصراط المستقيم .

(ولهذا وسعت رحمته ....   كل شئ من حقير وعظيم )
أي ، لأجل أن عين الله وذاته في كل كبير وصغير ، وسعت رحمته كل شئ ، حقيرا كان في القدر أو عظيما ، لأنه رحمان على الكل ، كما أنه إله الكل ، فيوجد الكل ويرحمهم بإيصال كل منهم إلى كماله .
والغضب والانتقام أيضا من عين رحمته ، فإن أكثر أهل العالم بهما يصل إلى الكمال المقدر لهم ، وإن كان غير ملائم لطباعهم .

( "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم " . ) أي ، ما من شئ موجود إلا آخذ بناصيته . وإنما جعله دابة ، لأن الكل ، عند صاحب الشهود
وأهل الوجود ، حي ، فمعناه : ما من حي إلا والحق آخذ بناصيته ومتصرف فيه بحسب أسمائه ، يسلك به أي طريق شاء من طرقه ، وهو على صراط مستقيم .
وأشار بقوله : ( هو آخذ ) إلى هوية الحق الذي مع كل من الأسماء ومظاهرها .
وإنما قال : ( ان ربى على صراط مستقيم ) بإضافة الاسم ( الرب ) إلى نفسه ، وتنكير ( الصراط ) ، تنبيها على أن كل رب فإنه على صراطه المستقيم الذي عين له من الحضرة الإلهية.
والصراط المستقيم الجامع للطرق هو المخصوص بالاسم الإلهي ومظهره .
لذلك قال في الفاتحة المختصة بنبينا صلى الله عليه وآله : ( إهدنا الصراط المستقيم ) بلام العهد ، أو المهيته التي منها يتفرع جزئياتها .
فلا يقال : إذا كان كل أحد على الصراط المستقيم ، فما فائدة الدعوة ؟
لأنا نقول : الدعوة من الهادي إلى المضل ، وإلى العدل من الجائر ، كما قال تعالى : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) .

(فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم ، فهو "غير مغضوب عليهم " من هذا الوجه - ولا " ضالين " ) .
لأنه مظهر لاسم يربه في ذلك الطريق ، فهو مقتضاه ، والشئ لا يغضب على من يعمل بمقتضى طبيعة ذلك الشئ ، فهو غير داخل في حكم ( المغضوب عليهم ) ولا في ( الضالين ) . وإن كان بالنسبة إلى رب يخالفه في الحكم ، داخلا في حكمهم ، كعبيد ( المضل ) بالنسبة إلى عبيد ( الهادي ) .
فلما كان الضلال إنما يتحقق بالنظر إلى رب آخر لا بذاته ،

قال : ( فكما كان الضلال عارضا ، كذلك الغضب الإلهي عارض ، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شئ ، وهي السابقة ) .
وأيضا الأرواح كلها بحسب الفطرة الأصلية قابلة بالتوحيد الأصلي طالبة للهدى .
كما قال تعالى : " ألست بربكم قالوا بلى " . وليس هذا القول مختصا بالبعض دون البعض بدليل " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه " .
فما عرض الضلال عليها إلا بالاستعداد التعيني العلمي المختفي بنور الاستعداد الذاتي الحقاني الظاهر في عالم الأنوار لقوة نوريته .
فلما غشيته الغواشي الطبيعية وحجبته الحجب الظلمانية المناسبة للاستعداد الناتجة من التعين ، عرض عليها الضلال ، فطلب عروض الغضب فالغضب المرتب  عليه عارض ، والرضا والرحمة ذاتية ، لأنهما من حيث كونهم على الصراط المستقيم ، فالمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شئ ، وهي السابقة على الغضب بحكم : " سبقت رحمتي على غضبي " .

( وكل ما سوى الحق فهو دابة ، لأنه ذو روح ) . سواء كان جمادا أو نباتا .
( وما ثمة ) أي ، في العالم . ( من يدب بنفسه ، وإنما يدب بغيره ، فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم ) .
أي ، لا يتحرك كل من الموجودات العينية إلا بحركة الأعيان العلمية ، وهي بالأسماء التي هي على الصراط المستقيم .
فإن الرب إنما يتجلى في حضرة غيبه بتجلي خاص من حضرة خاصة ، فيظهر أثر ذلك التجلي في صورة ذلك الاسم التي هي العين الثابتة ، ثم في صورتها الروحية ، ثم في صورتها النفسية ، ثم الحسية . فاستناد تلك الحركة ، وإن كان إلى تلك الصورة ظاهرا ، لكنه ينتهى إلى الحق باطنا ، فهو المبدأ لها ، والصورة تابعة في الحركة له .

( فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه ) . تعليل ما أسند إلى الرب من الحركة بقوله : ( فهو يدب بحكم التبعية الذي هو على الصراط المستقيم ) . أي ، إنما يكون الرب على صراط مستقيم ، إذا كان ماشيا عليه ، فإن الصراط لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)

10 - الفص الهودي فص حكمة أحدية في كلمة هودية
قال رضي الله عنه : (إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم . ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم . "ما من دابة إلا هو الجد بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" [هود: 56]. فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم. فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة. )
أي: ما يتزين به ويكمل العلم اليقيني المتعلق بأحدية الربوبية والألوهية والذات ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى هود التي لغلبة أحدية الربوبية عليه في دعوته لقومه إذ قال لهم: "ما من دابة إلا هو الجد بناصيتها".
أي: بدواعيها و خواطرها التي هي كالرقائق بينها وبينه؛ فهي مقبوضة له في حركاتها الاختيارية بحيث لا نختار شيئا إلا باختياره.
"" أضاف المحقق : أعلم أن الحكمة الهودية موصوفة بالأحدية الفعلية. شرح الجامي""

فأفعالها الاختيارية أفعاله تعالى فهو الفاعل الواحد في الكل ولا ظلم في ذلك، إذا عاقبها في أفعالها القبيحة لاستقامته في إفاضته عليها تلك الأفعال والدواعي؛ لأنها مقتضيات أعيانها الثابتة "إن ربي على صراط مستقيم" [هود:56].
فلا يقبح منه شيء من حيث الإيجاد، وإن أضر بالمحل، أو يغيره كما لا يقبح من الأمر قطع السارق وإن ضربه.
وهذه الأحدية في الأفعال تسوق إلى سائر وجوهها وقد فعله الشيخ رحمه الله؛ فلذا أطلق لسان هذه الاستقامة لتصح نسبة الكل إليه مع أنه لا ينسب إليه القبيح أصلا، فقال: (إن الله الصراط المستقيم) في مشيه على مقتضيات الأعيان (ظاهر) علينا بطريق الكشف (غير خفي في العموم) أي: عامة علمنا السنة بالكلية.
إذ يقولون: لا يقبح نسبة الكفر والمعاصي بالإيجاد إليه، وإن كانت قبيحة بالنظر إلى محالها.
ثم أشار إلى تعليل ذلك بقوله: (في كبير وصغير عينه) أي: عين تجليه الواحد الصادر عن الواحد (وجهول بأمور وعليم)؛ فإن الصغر والجهل ليس من التجلي؛ بل من صغر المرآة وكدورتها بل هو نور غير متناه جامع للكمالات.

(وهذا) أي: ولكون عينه في الكل وهو نور غير متناه جامع للكمالات، (وسعت رحمته) فيضان وجوده الذي هو خير محض حاصل من ذلك النور الجامع مع الغير المتناهي.
(كل شيء من حقير وعظيم) والحقارة من نفس الشيء لا من التجلي؛ ولذا صدق في حقه: (ما من دابة إلا هو ، ایم بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) أي: لا ظلم من جهته، ولا تحل ولا قبح لإستقامة في مشيه على مقتضياتها بحسب نواصيها التي هي الرقائق الناشئة منها الواصلة إليه.
ثم استشعر سؤالا ؟ :
فإنه كيف يحسن فيضان شیء على عين بحسب مقتضاها إذا كان من مقتضاها جهة القبح في ذلك المفاض من الضلال، الموجب للغضب عليه والعقاب، وهل هو إلا كبيع السيف من قاطع الطريق، وإعطاء المال للمسرف القمار المنفق في المعاصي.
بل أشد منه فأجاب بأنه لما كانت ناصيته بيد من هو على الصراط المستقيم في الإفاضة؛ كان هذا القابل على الصراط المستقيم؛ (فكل ماش) من مطيع أو عاص (فعلی صراط الرب المستقيم) في القبول من حيث يقبل عطاء ربه بعد اقتضائه منه، (فهو غير المغضوب عليهم من هذا الوجه) أي: قبول ذلك من الله تعالى.
(ولا ضالون) في هذا القبول، وإنما ضلوا باعتبار اتباعهم أهوائهم المفوتة عليهم ما لنوعهم من استعداد الجهة الحسنة النافعة لهم.

لو حصلت لهم وهي التي خلق ذلك النوع لأجلها لما فيها من كمال الحكمة، فكان الضلال عارضا لهؤلاء الأفراد من ذلك النوع بالنظر إلى الأفراد المتصفة بتلك الجهة الحسنة.
(فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض) من توقفه على ذلك الضلال، بحيث لولاه لم يتحقق أصلا ومع ذلك (المآل) أي: مرجع الغضب في أصل وجوده (إلى الرحمة)؛ لأنها (التي وسعت كل شيء) حتى نفس الغضب والعذاب فوجدا بالرحمة بهما، وإن لم يكونا رحمة على المغضوب عليه المعذب، وهي: أي: الرحمة (هي السابقة) على الغضب في قوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى: «إن رحمتي سبقت غضبي» .رواه البخاري ومسلم واحمد وغيرهم.

هي الأصل اللاحق كل شيء ما لم يلحق به الغضب، فإن ألحق به وعارضه موجب الرحمة غلبت الرحمة أيضا، ولذلك يخرج من النار كل من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فإذا ألحق الغضب، ولم يعارض موجب الرحمة، كان الغضب كالسابق حينئذ.

قال رضي الله عنه : ( وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا
إلا بالمشي عليه.)
ثم استشعر سؤالا ؟:
بأن وحدة الفاعل لو صحت في الأفعال، فلا تصح في الحركات الطبيعية والقسرية من النباتات والجمادات وغيرهما.
فقال: (وكل ما سوى الحق) ذاته له اختیار في فعله، (فإنه ذو روح) إذ له قوة تختار الحركة إلى جهة خاصة.
ولا يقال: إن تلك الحركات من أنفسها بلا شعور؛ لأنه (ما ثمة) أي: في الحيوانات (من يدب بنفسه) عندكم مع ظهور الاختيار فيه؛ فكيف يتصور ذلك في عين المختار بزعمكم، (وإنما يدب) كل حيوان (بغيره)؛ لأن اختياره من الداعية التي هي من غيره دفعا للتسلسل فليست هذه الحركة من نفس المختار، بل من غيره مع بقاء اختياره.
و (فهو) أي: المختار (يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم)؛ فهو كمشي الشخص خلف آخر.
كما قيل في معنى القدر : إنه كوضع التلميذ الصبغ على ما رسمه الأستاذ بالأسرة، والحق تعالى، وإن لم يكن متحركا بالحركة الأينية لتنزهه عن المكان، فهو لكونه على الصراط المستقيم لا بد له من حركة، (فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي
عليه)؛ فإذا تعذر المشي المتعارف فلا بد من مشي معنوي.
هو الجري على مقتضيات الأعيان، فإذا كانت الحركات الاختيارية منه تعالی فغير الاختيارية، وهي الطبيعية والقسرية أولى بذلك.

أما الطبيعة فظاهر؛ لأن القوة المحركة له ناصية مقبوضة لله تعالى، وأما القسرية؛ فلأن الله تعالى هو الذي ظهر في ذلك المتحرك بصفة القبول.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)

10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
وإذا نظرت إلى أول بيّنات اسم هود ( اا وال ) ظهر لك أوليّته ، وكذلك إذا تأمّلت في بيّنات عدده.
وأيضا - فإن لكل من الكلمة والاسم له حروفا من أول المراتب ، وبيّن أن الأول - حيثما كان - غالب عليه حكم الإجمال - على ما مرّ غير مرّة - وإذ كان صورة النظم لها مزيد اختصاص بالإجمال ، وأجلى مراتب ظهوره وأتمّها حكما عالم الأفعال التي فيها منتهى أمر التفصيل ، وعليها مبتنى أوضاع  الأنبياء وأحكامهم أخذ يبيّن الوحدة الإجمالية في مرتبة الفعل بصورة النظم قائلا :
( إنّ لله الصراط المستقيم ) وهو أقرب الطرق لأن الأقرب هو الأقوم .
وهو ( ظاهر غير خفيّ ) أمر ظهوره ( في العموم ) من الخلائق
( في كبير وصغير عينه ) إذ لا تفاوت للأعيان في ذلك وإن كان صغيرا بحسب الظاهر ناقصا ، كما أنه لا تفاوت للحقائق في ذلك ، وإن كان جاهلا بحسب الباطن ناقصا فيه .
كما قال :( وجهول بأمور وعليم )
( ولهذا وسعت رحمته  ..... كلّ شيء من حقير وعظيم ) قدرا ومنزلة .
تلويح  : لا يخفى على الواقف بأساليب اولي الأيدي والأبصار وعبارات إشاراتهم .
أنّ كلمة « هود » في عرفهم ذلك عبارة عن الدال الكاشف اسم « هو » بما له من الأحكام في غيبه .


كلّ دابّة على الصراط المستقيم
الذي يدلّ على أنّ لهود هذا المشهد الذوقي ما ورد في التنزيل حاكيا عن "هو" »
(" ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ")  وهو المنهج الاعتدالي الموصل إلى الكمال الختمي ، الذي به سبقت الرحمة غضبه ( فكلّ ماشي ) من السالكين نحو ذلك الكمال ( على صراط الربّ المستقيم ) ضرورة أنّ المأخوذ بالناصية لا ينفك عن الآخذ ، فهو واصل البتة إليه  .


المآل إلى الرحمة
( فهم غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ) وإن كان بحسب مداركهم الجزئيّة الكونيّة ، وسلطان الواهمة عليها كلَّها فيهم ترى بعضهم يسوقون مطايا أفعالهم وإدراكهم إلى مهامه نهايات التفرقة الموحشة ، فيفضي بذلك أمرهم إلى دركات الحرمان ونيران البعد والخذلان ، ولكن لم يزل لذلك الكمال وجه إليهم ، به يأنسون ونحوه ينتهجون.
فهم في سلوكهم الموصل إلى ذلك غير مغضوب عليهم ( ولا ضالَّون ) وإن كان في طريقهم ذلك من الأغوار الهائلة والمهامه المضلَّة ما لا يحتمله إلا كل فحل من أبطال الرجال ، فإنّ ذلك واقع في طريقه بالعرض .

(فكما كان الضلال عارضا ، كذلك الغضب الإلهي عارض ، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كلّ شيء وهي السابقة).
وتطابقت البراهين الحكميّة العقليّة والمؤيّدات الذوقيّة اليقينيّة ، أن كلّ حركة إنّما ينتهى عند حصول مبدئها الباعث لها ، ولذلك ترى سائر العوالم والحركات دوريّة .
ثمّ إذ قد بيّن أن المآل إلى الرحمة ، شرع يتبيّن أنّ ذلك عامّ ، فإنّ مآل الذوات كلَّها إليها ، قائلا : ( وكلّ ما سوى الحقّ دابّة - فإنّه ذو روح - وما ثمّ من يدبّ بنفسه ، وإنّما يدبّ بغيره ، فهو يدبّ بحكم التبعيّة للذي هو على الصراط المستقيم ) والذي يدبّ مستقلَّا بنفسه هو الحقّ ، كما أنّ الذي يدبّ عليه هو الصراط ( فإنّه لا يكون صراطا إلَّا بالمشي عليه ) .
وإذ قد انساق مآل إجماله هذا المساق بما هو مقتضى الذوق الهودي ، أتى بنظم يفصح عن ذلك على ما عليه الكلمة الختميّة في التوحيد الفعلي من القول الفصل ، الفارق في عين الجمع ، المنزّه.



شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)

الفص الهودي
10 – فص حكمة أحدية في كلمة هودية
قال رضي الله عنه : ( إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم . في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم . ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم . «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم. )

لما انجر كلامه رضي الله عنه في آخر الحكمة اليوسفية إلى الأحدية الذاتية والأحدية الأسمائية أردفها بالحكمة الهودية الموصوفة بالأحدية المعنية لدعوته قومه إليها استيفاء للأقسام .

(إن الله) أحدية جمع جميع الأسماء (الصراط المستقيم)، أي الجامع لجميع الطرق الواقعة لكل اسم اسم (ظاهر)، أي صراط الله أو كون الله على الصراط المستقيم ظاهر مكشوف لبعض الخلائق كما يدل عليه السلام.
(غير خفي في العموم)، أي ليس خفيا في عموم الخلائق بحيث لا يظهر على أحد بل هو ظاهر على بعضهم.
فقوله في العموم قيد للخفاء المنفى لا لظهور ولا لنفي الخفاء، ويجوز أن يكون قيدا لهما ويكون المعنى على أن صراط الله ظاهر متحقق غير خفي بعدم التحقيق في عموم الأسماء.
لأن طرق الأسماء من جزئیات صراط الله أو في عموم الخلاننى لا أنهم على طرق الأسماء التي من جزئياته (في كبير وصغير عينه)، أي عينه الغيبية وهويته الذاتية سارية في كل كبير وصغير صورة أو مرتبة .
(و) في كل (جهول بأمور) لعذره قابلية العلم بها (و) في كل (عليم) بتلك الأمور ولوجدانه القابلية (ولهذا)، أي لسريانه سبحانه في كل شيء (وسعت رحمته التي هي الوجود الذي هو عينه (كل شيء من حقير وعظيم) صورة أو مرتبة ( من دابة) تدب وتتحرك لشعورها و إراداتها إلى غاية ما .

("إلا هو ")، أي الحق سبحانه بهويته الغيبية السارية في الكل (" آخذ بناصيتها") بمشي بها إلى غايتها (" إن ربي") ، أي الذي يربيني ويمشي بي ("على صراط مستقيم") (هود: 56].
بوصل من يمشي علية ومن يمشي به الماشي عليه إلى غايته المطلوبة (فكل ماش) يمشي (على صراط ما فعلی صراط الرب المستقيم) الذي يمشي به ربه عليه وإذا كان على الصراط المستقيم الذي ربه عليه السلام

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)


(فهو غير مغضوب عليه) لربه، لأن أحدا لا يغضب على من يعمل بمقتضى علمه وإرادته ولكن عدم مغضوبیته إنما تكون (من هذا الوجه)، أي من حيث الرب الذي يمشي به على الصراط المستقيم.
وأما من حيث العبد الذي يخالف ربه ويدعوه إلى صراط مستقیم بالنسبة إليه، فهو مغضوب عليه .
(وكذلك ما هو ضال) من هذا الوجه وإن كان من وجه أخر ضالا كما عرفته في الغضب.
(وكما كان الضلال عارضا)، لأن كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه (كذلك الغضب الإلهي) المسبب عن الضلال أيضا (عارض والمآل) بعد زوال الغضب العارض (إلى رحمة الله التي وسعت كل شي).
(وهي)، أي الرحمة هي السابقة على الغضب كما قال سبحانه : "سبقت رحمتي غضبي" .رواه البخاري ومسلم
ولما كان المتبادر من الدابة في فهم أهل الظاهر الحيوانات فقط، وذلك خلاف ما كوشف به العارفون.

قال : (وكل ما سوى الحق) حيوانا كان أو جماد أو نبات (فهو دابة فإنه) بحكم "وإن من شئ لا يسبح بحمده  ولكن لا تفقهون تسبيحهم " [الإسراء: 44].
فكل (ذو روح) يدب علي صراط يوصله إلى غاية ما .
(وما ثمة)، أي فيما سوى الله الحق (من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره) الذي هو ربه (فهو يدب بحكم التبعية للذي)، أي لربه الذي (هو) يمشي (على الصراط المستقيم) وإنما قلنا إنه يمشي على الصراط (فإنه)، أي الصراط (لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه).
وقد أثبت الحق سبحانه الصراط لنفسه حيث قال
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 21 يوليو 2019 - 11:05 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 27 يونيو 2019 - 11:21 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق . و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق . فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق  . فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق . ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال الشيخ رضي الله عنه في بقية هذا المبحث من النظم (شعر):
(إذا دان)، أي انقاد وأطاع (لك) يا أيها العارف بالله تعالى (الخلق)، أي المخلوقات كلها أو بعضها (فقد دان)، أي أطاع (لك الحق) سبحانه على حسب طاعة الخلق كلا أو بعضا، لأنهم إذا مشوا على الصراط المستقيم بحكم التبعية له
الزم ذلك المذكور، والمسمى خلقا هو الحق الذاتي من حيث الوجود، والمسمى حقا هو الحق الصفاتي الأسمائي من حيث الشهود، والحق المشهود تابع للحق الموجود، لأن الحق الموجود وهو الأصل، فإذا دان لك يا أيها العارف به فقد دان لك الحق الصفاتي الاسمائي بالأولى والأحرى.
 
قال رضي الله عنه : (وإن دان لك) يا أيها العارف (الحق) سبحانه وهو الظاهر لك من حيث شهودك (فقد لا يتبع) في الإطاعة لك (الخلق) من حيث الوجود الذاتي كما ذكرنا ، لأن الأصل لا يصير تبعا أصلا، (فحقق).
أي اعرف على وجه التحقيق (قولنا فيه)، أي في الحق تعالى هذا القول المذكور ولا تحتجب عنه بالألقاب والتسمية (فقولي كله الحق)، لا غيره وإن تسمى بخلق من جهة وبحق من جهة أخرى.
قال رضي الله عنه : (فما في) هذا الكون الحادث شيء (موجود) أصلا (تراه) يا أيها الإنسان محسوسا كان أو معقولا ساكتا (ما)، أي ليس (له نطق)، أي تكلم أصلا بل كل الكائنات ناطقة.
قال تعالى: " الذي أنطق كل شيء " [فصلت: 21] ولا يلزم أن يكون كل النطق في عالم واحد، فإن الله تعالى رب العالمين، وكل عالم ناطق في عالمه بكلام فصيح يسمعه ويفهمه كل من دخل في ذلك العالم بعد تجرده في عالمه هو.
 
أرأيت بأن النائم في مكان لما تجرد عن عالم نطقه وتكلمه بين أمثاله من بني آدم ودخل في عالم آخر من عوالم الله تعالی كیف نطق وتكلم مع أمثاله في ذلك العالم، وسمع نطقهم وتعليمهم، وهو في ذلك المكان نائم ساكت لا نطق له ولا تكلم أصلا عند أمثاله في عالم يقظة من منامه.
ولا هو يسمع بنطق من تكلم عنده في ذلك المكان، وكم لله سبحانه في طي الوجود عوالم كثيرة لا يحيط بعددها إلا الله تعالی وجميعها عامرة بالمخلوقين الناطقين المتكلمين بالكلام المسموع المفهوم والله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور.
قال رضي الله عنه : (وما خلق)، أي مخلوق من مخلوقات الله (تراه العين) الباصرة من المحسوسات والعين الفاهمة من المعقولات (إلا عينه)، أي عين ذلك الخلق يعني هويته وحقيقته القائمة عليه بما كسب من أحواله (حق)، أي أمر إلهي موجود وهو وجود مطلق قائم بنفسه وقيوم على ذلك الخلق.
ولكن هذا الحق (مودع) بصيغة اسم المفعول (فيه)، أي في ذلك الخلق، وهذا الإيداع باعتبار عدم ظهور ذلك الحق المودع إلا من ذلك الخلق المودع فيه وبالعكس والحق وجود صرف، والخلق عدم صرف.
فلا حلول ولا اتحاد لانتفاء المناسبة بينهما (لهذا)، أي للحق (صور)، أي صور ذلك الخلق جمع صورة كما قالوا في قوله تعالى: "ونفخ في الصور" [الكهف: 99]، أنه جمع صورة، فكل صورة
الواحد من الخلق (حق) بضم الحاء المهملة، أي وعاء ساتر للحق سبحانه ، فلا يظهر الحق إلا إذا فنيت تلك الصورة وانفتح الحق بالضم وانكسر ذلك الوعاء.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
ولما بين تبعية العالم للحق شرع في بيان عكسه بقوله رضي الله عنه : (شعر: إذا دان) إذا انقاد (لك الخلق) واتبعك (فقد دان) أي فقد أعطى (لك الحق) ما طلبته منه يعني أن اتباع الخلق لك يوجب اتباع الحق لك فإن اتباع الخلق لا يمكن بدون اتباع الحق لأن اتباع الخلق صورة اتباع الحق وأثره ولعدم وجود الخلق بدون الحق لعدم وجود فعل الخلق بدون فعله فالخلق على كل حال محتاج إلى الحق فدل اتباع الخلق إلى اتباع الحق فتستدل منه على اتباع الحق .
فإن دان لك الحق    ….. فقد لا يتبع لك الخلق
 وقد يتبع فإن الحق موجود بدون الخلق فاستقل في فعله فلا يتبع فعله إلى الخلق فلا يستلزم اتباع الحق إلى الخلق.
فإن الأنبياء عليهم السلام تابعهم الحق بإعطائهم ما طلبوا منه من أن بعض الناس يتبعون لهم بسبب استعداداتهم ومناسباتهم بنور الحق وبعضهم لا يتبعون بسبب بعدهم عن نور الحق ومناسباتهم بالغواشي الظلمانية وعدم اتباعهم لا يدل على عدم اتباع الحق لهم.
 
قال رضي الله عنه : (فحقق) أي نصدق (قولنا فيه) أي في هذا المقام (فقولي كله) في بيان الحق والخلق (حق) أي ثابت و مطابق للواقع خصوصا في هذا الكتاب فإن كل ما فيه بأمر الرسول عليه السلام فلا يحتمل الخلاف (هما في الكون) أي فليس في الوجود الكوني (موجود) مخلوق (تراه ما) أي الذي (له نطق) فصحيح بذكر الله و يسبحه يسمع أذان العارف كما نسمع بعضنا كلام بعض .
قال رضي الله عنه : (وما خلق) أي وليس خلق (تراه العين) أي البصر (إلا عينه) أي عين ذلك الخلق المرئي وذاته (حق) باعتبار أحديته.
 
ولما ذكر اتحاد الخلق مع الحق نبه امتياز الخلق عنه بقوله :
(ولكن) الحق (مودع فيه) أي في الخلق (لهذا) أي لكون الحق مودعة في الخلق (صورة) أي صورة الخلق جمع الصورة يسكن الواو لضرورة الشعر (حق) بضم الحاء وتشديد القاف جمع الحقاق فكان كل موجود حقا من الحقوق الإلهية والحق موجود في تلك الحقوق ومن ذلك وجب تعظيم كل موجود لكونه حاملا للأسرار الإلهية.
ويعلم منه أن صور الأشياء لا يمكن أن يكون عين الحق بأي اعتبار كانت بل ما كان عين الوجود الحق إلا الحق المودع في الأشياء.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال رضي الله عنه : " إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق . و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق . فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق  . فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق . وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق . ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق. "
قال: فكما كان الضلال عارضا، فكذلك الغضب الإلهي عارض، وإنما كان الضلال عارضا لأن كل مولود يولد على الفطرة والفطرة هدى لا ضلال .
ثم عرض الضلال وهو اعتبار في مقام حجاب، فيكون الغضب اللاحق للضلال عارضا أيضا لأن الرحمة سابقة للغضب كما ورد الأخبار الإلهي على لسان السنة النبوية.
ثم قال: وكل ما سوى الحق تعالى فهو دابة ، قال وما ثم من يدب بنفسه، وإن كان كل شيء هو ذو روح لائقة به.
قال: فهو  يدب بحكم التبعية  للذي هو على صراط مستقیم. قوله:
إذا  دان لك  الخلق ….. فقد  دان لك  الحق
 يعني أنه حيث كان الخلق فثم الحق ولا ينعكس
فلذلك قال :
إذا  دان لك  الحق …..     فقد لا يتبع  الخلق
وإنما قال، فقد، ولم يقل: لم يتبع الخلق، لأن العارف خلق وهو أبدا حيث الحق خصوصا القطب، فإن له نسبة إلى كل موجود وإلى كل حقيقة إلهية.
 
ثم قال :
فحقق  قولنا فيه     …… فقولي  كله الحق
يعني وكل ناطق لا بد وأن ينطق بالحق بوجه ما، وكل أحد له نطق بل كل موجود، ولي في مثل هذا المعنى بیت وهو هذا:
وأصبحت معشوق القلوب بأسرها    ….. وما ذرة في الكون إلا لها نطق
وأما قوله: وما ذرة في الكون إلا لها نطق، فـ يعني بألسنة الأحوال وهي أفصح من السنة الأقوال قوله:
وما  خلق تراه  العين   …… إلا  عينه حق
ولم يقل عينه الحق بالألف واللام ثم استثنى بقوله:
ولكن  مودع فيه       ……. لهذا صوره  حق
ويعني بالحق هذا الوعاء المعلوم، وهذا على قاعدة الشيخ بأن الأعيان الثابتة قبلت الحقيقة، ولست أقول بذلك بل الحق ليس معه غيره.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال رضي الله عنه :
إذا دان لك الخلق    ..... فقد دان لك الحق
وإن دان لك الحق   ...... فقد لا يتبع الخلق
يعني : الوجود الحق المتعيّن في قابلية الخلق لمن هو متعيّن فيه وبه بحسبه ، فإذا أذعن وانقاد لك الخلق ، فإنّ حقيقته الباطنة فيه معه ، وإذا أذعن وانقاد لك الحق الذي تجلَّى لك ، فلا يلزم أن يتبعه الخلق ، لعدم تعيّنه فيه .
فإنّ الحق المذعن المفروض حق بلا خلق ظهر فيه ، إذ الظاهر بحكم المظهر وبالعكس في النار ، فكذلك الخلق السالك ناصيته بيد حق يسيّره به إلى كماله فما سلك خلق إلَّا بحقّ فيه ، فلا ظهر حق إلَّا بخلق .
 
قال رضي الله عنه : فحقّق قولنا فيه    .... فقولي كلَّه حق.
يعني : لمّا تحقّقت أنّ الخلق لا فعل له إلَّا بالحق ، فتحقّق ذلك ، وحقّق قولي ونطقي بذلك : إنّه للحق بالحق في الحق ، فلا أقول إلَّا الحق .
 
قال رضي الله عنه :فما في الكون موجود   ..... تراه ما له نطق.
يعني : كلّ ما وجد ، فلا بدّ أن يتعيّن الوجود الحق في مظهريته ، فهو ينطق بذلك الحق الذي فيه ينطق به وينطقه و " قالُوا أَنْطَقَنَا الله الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ " ، يعني : به .
قال رضي الله عنه: وما خلق تراه العين  ...... إلَّا عينه حق.
يعنى : لا يقع عين على عين من الأعيان الوجودية الخلقية إلَّا والحق عينه ، لأنّ الظاهر
المتعيّن به وفيه هو الوجود الحق ، فالوجود المشهود عيانا في رأى العين هو الحق المسمّى بالخيال والوهم في العرف خلقا ، أي إفكا ، فإنّ الخلق لغة إفك مفترى ، " إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ " وأيضا خلق بمعنى قدّر.
 فإنّ الموجود المشهود حقّ تقدّره أنت في وهمك وخيالك أنّه غير الحق ، وذلك زور وبهتان واختلاق ، ليس للقائل به عند الله خلاق ، بالوهم يخلق الإنسان في ذهنه ما يشاء ، ويسمّيه بموجب تعيّنه في ذهنه بما يشاء .
 
قال رضي الله عنه :ولكن مودع فيه   . ... لهذا صوره حقّ.
يعني : أنّ الحق مودع فيما نسمّيه خلقا ، وهو مظهره ، فالصور الخلقية حقّ - جمع حقّه - وقد أودعت فيها حقّا به حقّية هذه الحقائق .
 فكلّ خلق حقّه لحقّ مودع فيه والصور جمع صورة ، والضمير يعود إلى الحقّ الخلق ، أي الحقّ الظاهر بأعيان المظاهر ، مظاهر حقائق الجواهر الحقوق المودعة فيه ، وكذلك الحقائق الكيانية الإمكانية للوجود الحق الظاهر فيها ، فافهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :
( إذا دان لك الخلق     .... فقد دان لك الحق
وإن دان لك الحق     ..... فقد لا يتبع الخلق )
أي إذا دان وانقاد لك المسمى بالخلق فقد دان لك الحق الظاهر في مظهر ذلك الخلق ، أعنى الهوية الحقيقية المستترة به ، وإن انقاد لك الحق المتجلى في مظهرك بحكم التعين الخاص فلا يلزم أن ينقاد لك الخلق ، لأن الحق المذعن لك حق بلا خلق ، فلا ينحصر في الوجه الذي تجلى به لك فلا تنقاد تلك الخلائق ، لأن تجلياته فيهم بحكم مجاليهم فقد تخالف الوجوه التي بها تجلى لهم وجهه الذي به تجلى لك ، فالظاهر في مظاهرهم يسلكهم في طرق كمالاتهم المخالفة لكمالك وإن كان سلوكهم بالحق للحق لاختلاف الأسماء ومظاهرها :
 
"" إضافة بالي زادة : وهذا نتيجة قرب النوافل ، يعنى يقول الله تعالى إذا تقرب عبدي إلى بقرب النوافل تجليت له باسمي السميع فيسمع كل ما يسمع بالسمع المضاف إلى لا يسمع نفسه ، فكان كل مسموعاته دليلا له على ، وتجليت له بالبصر فما رأى شيئا إلا رآني فيه ، وتجليت له بالقدرة فيقدر بقدرتي على تصرفات نفسه بأخذ ناصيتها « كتصرف الحق في الأشياء بأخذ نواصيها " وما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ".
 وكذلك هذا العبد المتجلى له بالقدرة ما من دابة من قوى نفسه إلا هو آخذ بناصيتها ، وتجليت له بأفعالى إذ الرجل في حق الحق عبارة عن كونه " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ ".
كما أن اليد عبارة عن القدرة التامة ثم هديته الصراط المستقيم ، فلا يمشى إلا على الصراط المستقيم : يعنى ما يفعل هذا العبد فعلا إلا وقد رضى الله عن ذلك الفعل.أهـ بالي زادة. ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه :
(فحقق قولنا فيه       ...... فقولي كله حق
فما في الكون موجود   ...... تراه ما له نطق )
أي إذا كان القائل هو الحق فقوله حق ، وإذا كان الحق هو المتجلى في كل موجود فلا موجود إلا هو ناطق بالحق ، لأنه لا يتجلى في مظهر إلا في صورة اسم من أسمائه ، وكل اسم موصوف جميع الأسماء لأنه لا يتجزأ لكن المظاهر متفاوتة الاعتدال والتسوية ، فإذا كانت التسوية في غاية الاعتدال تجلى جميع الأسماء .
وإذا لم يكن ولم يخرج عن حد الاعتدال الإنسانى ظهر النطق والصفات السبع وبطن سائر الأسماء والكمالات ، وإذا انحط عن طور الإنسان بقي النطق في الباطن في الجميع حتى الجماد ، فإن التي لم تظهر عليه من الأسماء الإلهية والصفات كانت باطنة فيه لعدم قابلية المجلى ، فلا موجود إلا وله نطق ظاهرا وباطنا فمن كوشف ببواطن الوجود سمع كلام الكل حتى الحجر والمدر ، فإن العلم باطن هذا الوجود ، ولهذا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء :
قال الشيخ رضي الله عنه :
( وما خلق تراه العين   ..... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه        ..... لهذا صوره حق )
أي كل خلق تراه العين فهو عين الحق كما ذكر ، ولكن خيال المحجوب سماه خلقا لكونه مستورا بصورة خلقية محتجبا بها وإن كان متجليا لم يعرفه ، ولاستتاره عن أعين الناظرين قال : ولكن مودع فيه ، أي مختف في الخلق فصوره ، أي صور الخلق جمع صورة سكنت واوه تخفيفا ، والحق جمع الحقة شبه استتاره بالصور الخلقية بالإيداع في الظروف .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
شعر :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (إذا دان لك الخلق  ..... فقد دان لك الحق )
لما ذكر أن كل ذي روح إنما يتحرك بالتبعية لحركة الرب الحاكم عليه ، أردفه بعكسه ، وهو تبعية الحق للخلق .
فقوله : ( إذا دان لك ) من ( الدين ) ، وهو الانقياد والإطاعة ،
كما مر أن معناه : إذا أطاع لك الخلق وانقاد ، فقد أطاع لك الحق ، لأن طاعتهم ظل طاعته ، وطاعة الحق سابقة على طاعتهم .
وسبب هذه الطاعة طاعة عينك للحق بالقبول للتجلي الوجودي وحسن تأتيها لأحكام أسمائه .
فإنه مطيع من أطاعه ، كما قال : "أجيب دعوة الداع إذا دعان " . إذ هو الانقياد والطاعة لقوله : " أدعوني أستجب لكم " .
وفي الحديث القدسي : ( من أطاعني ، فقد أطعته ، ومن عصاني ، فقد عصيته ) .
(وإن دان لك الحق  ...... فقد لا يتبع الخلق )
أي ، إذا تجلى لك الحق وأطاعك وكشف أسراره عليك ، فقد يتبع الخلق بقبول ذلك الأسرار وأحكام ذلك التجلي ، كالمريدين والمؤمنين من الأنبياء والأولياء ، وقد لا يتبع الخلق بامتناعهم من قبولها وإنكارهم لها ، كالمنكرين والكافرين لأهل الله المطرودين من باب الله .
وسبب ذلك الامتناع ، امتناع أعيانهم في الغيب عن نور الحق وإبائهم عن قبوله ، إذ ما يظهر عليهم إلا ما كان مكنونا فيهم .
أو ( وإن دان لك الحق ) الظاهر في صورتك ، فقد يتبع الخلق بحكم المناسبة التي بينك وبينهم في الأرواح والأسماء التي يربها ، وقد لا يتبع الخلق الحكم ،بحكم المباينة الواقعة بين ربك وأربابهم ، والتنافر الحاصل بين روحك وأرواحهم .
 
(فحقق قولنا فيه  ...... فقولي كله حق)
أي ، واجعل قولنا حقا وصدق كل ما أقوله في الحق وأنواره ، والخلق وأسراره .
" فقولي كله الحق " . والصدق ، لأنه يفيض على من الله العليم بالتجلي العلمي .
كما قال : " فإنه من مقام التقديس المنزه عن الأغراض والتلبيس " .
وقال في فتوحاته : " إن الله تجلى لي مرارا ، وقال انصح عبادي " . فهو مأمور بإظهار هذه الأسرار .
 
(فما في الكون موجود  ...... تراه ماله نطق )
أي ، ليس في الوجود موجود تراه وتشاهده إلا وله روح مجرد ناطق بلسان يليق به . وقال تعالى : "وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " .
وهذا اللسان ليس لسان الحال كما يزعم المحجوبون .
قال الشيخ رضي الله عنه في آخر الباب الثاني عشر من الفتوحات :
( وقد ورد أن المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب ويابس ) . والشرائع والنبوات من هذا القبيل مشحونة . ونحن زدنا مع الإيمان بالأخبار الكشف ، فقد سمعنا الأحجار تذكر الله رؤية عين بلسان نطق تسمعه آذاننا منها ، وتخاطبنا مخاطبة العارفين بجلال الله مما ليس يدركه كل إنسان وإنما اختفى نطق بعض الموجودات لعدم الاعتدال الموجب لظهور ذلك بالفعل ، فلا يسمعه كل أحد ، فبقى نطقه باطنا ، والمحجوب يزعم أنه لا نطق له .
والكامل لكونه مرفوع الحجاب يشاهد روحانية كل شئ ، ويدركه نطق كل حي باطنا وظاهرا . والحمد لله أولا وآخرا .
 
(وما خلق تراه العين  ...... إلا عينه حق )
أي ، ليس كل خلق في الوجود تشاهده العين ، إلا عينه وذاته عين الحق الظاهر في تلك الصورة ، فالحق هو المشهود والخلق موهوم . لذلك يسمى به : فإن ( الخلق )  في اللغة الإفك والتقدير . وقال تعالى : ( إن هذا إلا اختلاق ) . أي ، إفك ، وتقدير من عندكم ، ( ما أنزل الله بها من سلطان ) .
 
(ولكن مودع فيه   ...... لهذا صوره حق )
أي ، صور الخلق ( حق ) له ، بضم ( الحاء ) وهو جمع ( الحقاق ) . شبه صور الخلائق
بالحقاق ، والحق بما فيها . ف‍ ( الصور ) جمع ( الصورة ) . سكن ( الواو ) لضرورة الشعر .
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال رضي الله عنه : (إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق . و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق . فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق . فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق . وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق . ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق )
فلذلك قيل: (إذا دان) أي: انقاد بالحركة القسرية (لك الخلق فقد دان لك الحق)؛ لأن حركته القسرية أيضا بتبعيته له حيث ظهر فيه بصفة القبول، وله هذه الصفة في غير المظاهر، كما قيل: (وإن دان لك الحق فقد لا يتبع الخلق).
 كما قال تعالى: "هو الذي يقبل التوبة عن عباده" [الشورى:25] وكذا قبول الطاعات وإجابة الدعوات والله تعالى فاعل مختار، فالكل حركة اختيارية له.
وكذا للمحل على ما تبين أنها فصدق أن الكل دابة ذو روح، فإذا تعارضت عليك أقوال المحجوبين، (فحقق قولنا فيه) أي: في أمرين كل ما سواه ذو روح، وإن حركاتها الطبيعية والقسرية عن اختيار وشعور.
(فقولي كله) أي م جميع وجوهه (الحق)؛ لأنه الموافق للكشف والظاهر القرآن.
 "وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم" [الإسراء:44] "قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ" [فصلت: 21].|
والحديث: "لا يسمع صوت المؤذن حجر، ولا شجر، ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة".
ومن جهة أدلة العقل، وهو أنه إنما خلق ما خلق ليعرف وإلا كان خلقه عبثا، فالكل عارف على ما تقرر في الفص الإسحاقي.
وقول المحجوب: إنما يوافق الحس الظاهر، وإذا كان كذلك، (فما في الكون موجود تراه ما له نطق) كما نطق به القرآن، فحركاتهم اختيارية عن شعور، إن كانت بتبعية الحق.
ثم أشار إلى أنه كيف لا يكون له نطق وله في الباطن جميع صفات الحق؛ وذلك لأنه (ما خلق) ما (تراه العين) الناظرة (إلا عينه) أي: ما يعاين منه (حق) أي: صورة حق فمقتضاه أن يظهر فيه جميع صفات الحق.
(لكن) الحق (مودع) أي: مختف (فيه هذا) أي: لأجل اختفاء الحق في صورة صح أن يقال له صورة.
 أي: (صورة حق) حق بضم الحاء جمع حقه لا يظهر للناظر إلى تلك الصور صفات الحق إلا بقدر استعدادات أعيانها، فتلك الصور الحقة الساترة لما جعل فيها؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
.
يتبع 


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:58 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 27 يونيو 2019 - 11:27 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر الفقرة الثالثة الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
في عين التشبيه ، قائلا :
( إذا دان لك الخلق  .... فقد دان لك الحقّ )
لما مرّ من أنّ الفاعل من الخلق في فعله بالتبعيّة ، فلا يتخلَّف عنه المتبوع .
( وإن دان لك الحقّ  .... فقد لا يتبع الخلق )
لأنّ المتبوع المستقلّ بنفسه له الإحاطة في الأحكام ، فلا يكون محاطا ، فشبّه ونزّه .
( فحقّق قولنا فيه  .... فقولي كلَّه الحقّ )
أي اسمع قولنا في هذا المرام ، فإنّه مما لا حركة له بنفسه ، وللقول في حركاته مقالات إليك من هذا الباب إن وعيت .
( فما في الكون موجود  ..... تراه - ما له نطق )
(وما خلق تراه العين  .... إلَّا عينه حقّ )
( ولكن مودع فيه )  أي له في الخلق مواطن الاختفاء كما أنّ له فيه منصّات الظهور
( لهذا صوره حقّ ) أي مطايا ظهوره وصوره إنّما هو الحقّ ، وهو من الإبل ما بلغ عمره إلى أن يركب عليه ، ويظهر فيه .
 
ومن تأمّل في الأبيات الثلاثة ظهر له من التوحيد الجمعي ما يستفاد من قوله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "  [ 42 / 11 ] بترتيبه .
 
أقسام العلوم الإلهية
ثمّ إنّ الحركة والفعل الذي هو محلّ البحث هاهنا منها كوني ظلَّي لا اعتداد به لديهم ، ومنها وجوديّ حقيقيّ هو مقصد الإشارة والدلالة عندهم ، وهو ما لمدارك الكمّل من التنوّعات الذوقيّة وتطوّراتهم فيها ، فأخذ في تحقيق ذلك فيه بقوله
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
 
وقد أثبت الحق سبحانه الصراط لنفسه حيث قال على لسان داود عليه السلام : "إن ربي على صرط مستقيم" فينبغي أن يكون ماشيا عليه
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق . و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق . فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق . فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق . وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق . ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق . اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى )
 
قال رضي الله عنه :  (إذا دان)، أي أطاع ومشى على طريق الانقياد.
(لك الخلق) الذي أخذ بناصية الخلق ومشى بهم على ذلك الصراط، لأن من يأخذ بناصية أحد ويمشي به عنی صراط لا بد أن يمشي عليه فهو يدب بالأصالة .
و من يمشي به يدب بالتبعية .
قال رضي الله عنه :  (فقد، دان)، أي أطاع ومشى على طريق الانقياد (لك الحق وإن دان لك الحق فقد لا يتبع الخلق) ولا يمشي على صراط الانقياد لك.
لأن كل ما يكون في مرتبة الجمع ليس يلزم أن يظهر في مقام الفرق بخلاف العكس، فإن كل ما يكون في منام الفرق لا بد أن يكون في مرتبة الجمع .
قال رضي الله عنه :  (فحقق)، أي أعتقد حقا وصدق (قولنا) الواقع (فيه)، أي فيما ذكرنا من أن انقیاد الخلق يستلزم انقياد الحق من غير عكس .
(فقولي كله) في أي شيء وقع هو (الحق) المطابق لما في نفس الأمر فإنه كما ذكر في صدر الكتاب من مقام التقديس المنزه عن الأعراض والتلبيس.
قال رضي الله عنه :  (فما في الكون موجود... تراه ما له نطق)، لأن الكل ناطق بتسبيح الله سبحانه وليس هذا النطق بلسان الحال كما يزعمه المحجوبون.
قال الشيخ رضي الله عنه في آخر الباب الثاني من فتوحاته : قد ورد أن المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب ويابس والشرائع والنبوات مشحونة من هذا القبيل ونحن زدنا مع الإيمان بالأخبار الكشف، فقد سمعنا الأحجار تذكر الله رؤية عين بلسان نطق يسمعه آذاننا ويخاطبنا مخاطبة العارفین بجلال الله مما لیس يدركه كل إنسان .
قال رضي الله عنه :  (وما خلق تراه العين... إلا عينه) وحقيقته (حق) ظهر في صورة الخلق فهو من حيث الحقيقة عين الحق ومن حيث الصورة غيره.
وإلى الحيثية الأخيرة أشار بقوله: (ولكن مودع فيه). أي الحق مودع في الخلق أيداع المطلق في المقيد .
(لهذا)، أي للحق (صورة)، أي صورة الخلق (حق) بضم الحاء جمع حقة .
وكذلك الصور جمع صورة ، كلاهما كتمر وتمرة ، شبه صورة الخلق بالحقة والحق المودع فيه بما فيها.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:58 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 27 يونيو 2019 - 11:33 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : (اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها. فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة. ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
 
قال رضي الله عنه : (اعلم) يا أيها السالك (أن العلوم الإلهية)، أي المنسوبة إلى الإله تعالى (الذوقية)، أي التي لا تنال إلا بالذوق والكشف دون الفكر والخيال (الحاصلة لأهل الله تعالی)، أي الطائفة المنسوبين في إيجادهم وإمدادهم عندهم إلى الله تعالی المنقطعين عن كل ما سواه المتصلين بجنابه سبحانه .
قال رضي الله عنه : (مختلفة) تلك العلوم في نفسها متفاوتة وضوحا وانكشافة (باختلاف القوى الحاصلة) لأهل الله تعالى (منها)، أي من تلك العلوم فإنها تمد أهل الله تعالى من طرف الحق تعالی بالقوة الأزلية.
وتختلف في وضوحها وانكشافها لهم باختلاف ما قبلوا بسببها من ظهور القوة الأزلية بهم (مع كونها)، أي تلك العلوم من طرف الحق سبحانه (ترجع إلى عين واحدة) هي عين العلم الإلهي القديم الذي هو نفس الوجود المطلق من حيث هو ينبوع كل ما سواه تعالى.
 
وذلك مشهودة لكل (فإن الله تعالى يقول) في الحديث القدسي: "ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته (كنت سمعه)"، أي سمع ذلك العبد (الذي يسمع به) إذا سمع (وبصره الذي يبصر به) إذا أبصر (ويده التي يبطش بها) إذا بطش (ورجله التي يسعى بها) إذا سعی (فذكر) تعالى (أن هويته)، أي ذاته المطلقة (عين الجوارح)، أي الأعضاء الإنسانية (التي هي عبد العبد) مع قطع النظر عن صورة الجوارح المسماة باليد والرجل والسمع والبصر.
 
فإنها ممكنات عدمية بالعدم الأصلي وظهورها موجودة إنما هو بمحبة الله تعالی لذلك العبد الغافل المحجوب بحجاب نفسه، وكونه سبحانه عينها كلها، ولكن ذلك العبد غير عالم بذلك وغير ملتفت إليه لكفرانه نعمة ربه ، بسبب عدم تقربه إليه تعالی بالأعمال الصالحة، ليعرف ربه بذلك ويطلعه على ما هو معامله به .
 
قال رضي الله عنه : (فالهوية) الإلهية (واحدة) من حيث هي (والجوارح) في العبيد (مختلفة) كثيرة (ولكل جارحة) في كل عبد عارف (علم من علوم الأذواق) المختصة بها الأولياء میراثا عن الأنبياء عليهم السلام (يخصها)، أي يخص ذلك العلم تلك الجارحة من جوارح ذلك العبد حاصل ذلك العلم لتلك الجارحة .
(من عين) إلهية (واحدة تختلف) تلك العين الواحدة في ظهورها وتجليها بمجموع ذلك العبد الذي هو آثارها (باختلاف الجوارح) من ذلك العبد (كالماء) الذي ينزل من السماء (حقيقة واحدة) لا يختلف في نفسه وإنما (يختلف في الطعم باختلاف البقاع) جمع بقعة.
 
أي الأماكن التي يكون فيها من الأرض (فمنه) ماء (عذب)، أي حلو (فرات)، أي صافي خفيف (ومنه) ماء (ملح أجاج)، أي مر، وينزل الماء أيضا في الأواني المختلفة المقدار، وفي الزجاجات المختلفة الألوان.
فيختلف مقداره بهيئة الإناء ويختلف لونه بلون الزجاجة (وهو)، أي الماء ماء في جميع هذه الأحوال لا يتغير أصلا (عن حقيقته) الواحدة التي هو عليها في نفسه (وإن اختلفت طعومه) باختلاف بقاع الأرض وتفاوت منابعه واختلفت مقادیره وهيئاته باختلاف أوانيه واختلفت ألوانه باختلاف زجاجاته .
قال تعالى: "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ولی خبث لا يخرج إلا نكدا" [الأعراف: 58]، وهكذا أحوال علوم أهل الله تعالی علوم الأذواق المختصة بهم.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : (واعلم أن العلوم الإلهية الدولية الحاصلة لأهل الله تعالى) إنما خص حصول العلوم الذوقية لأهل الله فإن العلوم الإلهية لعلماء علم الرسول ليست ذوقية بل يحصل هذا العلوم بنظرهم الفكري وهو لا يفيد شيئا من الذوق وأما أهل الله وعلومهم عن كشف إلهي .
 
والكشف لا يعطى إلا الذوق (مختلفة باختلاف القوى العاملة) أي هذه تختلف باختلاف قواهم الحاصلة لهم (منها) أي من قواهم المختلفة (مع كونها) أي مع كون هذه القرى المختلفة (ترجع إلى عين واحدة) أي كلها حاصلة عن حقيقة واحدة وهي الهوية الإلهية ولا يجوز أن يكون ضمير كونها راجعا إلى العلوم ولا يقع تكرارا بما جاء بعده من قوله بخصها من عين واحدة .
فكان قوله الحاصلة صفة للعلوم وإن كان بعيدا لا للقوى وإن كان قريبا وإنما ترجع القوى المختلفة للعبد إلى عين واحدة .
قال رضي الله عنه : (فإن الله تعالى يقول كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها) وهذا نتيجة قرب النوافل .
يعني يقول الله تعالى: «إذا تقرب عبدي إلي بقرب النوافل تجليت له باسمي السميع فيسمع كل ما يسمع بالسمع المضاف إلي لا يسمع نفسه فكان كل مسموعاته دليلا له على وتجليت له بالبصير نما رأى شيئا إلا رآني فيه وتجليت له بالقدرة فيقدر بقدرتي على تصرفات نفسه "
بأخذ ناصيتها كتصرف الحق في الأشياء بأخذ نواصيها "وما من دابة إلا هو أخذ بناصيتها"

وكذلك هذا العبد المتجلي له بالقدرة ما من دابة من قوى نفسه إلا هو آخذ بناصيتها وتجليت له بأفعالي إذ الرجل في حق الحق عبارة عن كونه كل يوم هو في شأن كما أن إليه عبارة عن القدرة العامة ثم هداية الصراط المستقيم فلا يمشي إلا على الصراط المستقيم يعني ما يفعل هذا العبد فعلا إلا وقد رضي الله عنه ذلك الفعل.
 
ثم شرع في ذكر ما هو المقصود بإيراد الحديث فقال رضي الله عنه ::
(فذكر أن هويته في عين الجوارح) من وجه وهو وجه الأحدية مع أنه غيره من حيث الكثرة فقد نبه عليه بإرجاع الضمير إلى العبد فكان هذا الكلام جامعة بين التنزيه والتشبيه (التي هي عين العبد) من وجه وهو وجه الأحدية لأن العبد هو مجموع الأجزاء الاجتماعية والجزء لا يقال فيه غير الكلي وأما بحسب المنعين فيمتاز كل واحد منها عن الآخر وعن الكل (فالهوية) أي هو الحق.
قال رضي الله عنه : (واحدة والجوارح) أي جوارح العبد (مختلفة ولكل جارحة) من جوارح العبد الذي هو من أهل الله علم من علوم الأذواق لأن من لم يكن من أهل الله لم يكن لجوارحه (علم من علوم الأذواق يخصها) أي يخص ذلك العلم الذوقي بتلك الجارحة المخصوصة حال كون تلك الجارحة (من عين واحدة) وهي عين العبد .
أو معناه أي يخص ذلك العلم حال كونه من عين واحدة هي حقيقة العلم التي هي حقيقة واحدة .
ففيه تنبيه على أن حقيقة العلم عین ذات الحق إذ ما يفيض الحق ذلك العلم إلا عن حقيقة العلم وهي العين الواحدة التي هي عین الحق فما يفيض إلا عن نفسه .
 
وأشار إلى ما نقول بقوله كالماء حقيقة واحدة فقال رضي الله عنه : تختلف) هذه العين الواحدة (باختلاف الجوارح) فالعلم حقيقة واحدة والاختلاف إنما وقع بالأسباب الكثيرة المتخالفة فحقيقة العلم باقية على حالها من الواحدة كما أن الحق باقية على وحدته مع الاختلاف بالجوارح (كالماء حقيقته حقيقة واحدة تختلف في الطعم باختلاف البقاع فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه) .
فكذلك ذات الحق حقيقة واحدة وإن اختلفت الأشياء والجوارح والعلم حقيقة واحدة في كل حال وإن اختلفت أحكامه باختلاف أسبابه .
ولما بين أنواع العلوم الذوقية وقواها أراد أن يبين أن هذه الحكمة بأي قوى تحصل فقال :  


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : " اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.  فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة. ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. "
 
وقد قال رضي الله عنه: ما صورته، فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد فالهوية واحدة والجوارح مختلفة ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح.
 
وأقول: إنه، رضي الله عنه، يريد بالعلوم هنا المعلومات. وكلامه فيما ذكره بعد هذا ظاهر بنفسه.
فإنه أخذ معنى قوله: "إن ربي على صراط مستقيم " (هود: 56)
فجعل كل أحد على صراط مستقيم حتى أن المجرمين الذين يساقون إلى جهنم، فإنهم فائزون في البعد بالقرب، فيتنعمون بالقرب من حقيقة  البعد، لأن الحق تعالی معهم، أو قال: عين جوارحهم وهو قوله: هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد إلا هذه الأعضاء والقوى، فهو حق مشهود في خلق متوهم
قال: ويعرف هذا المؤمنون والمكاشفون.
وهاتان الطائفتان هما بمنزلة الماء العذب الفرات وأما من سواهما، فعندهم الخلق مشهود والحق متوهم وهؤلاء بمنزلة الماء الملح الأجاج


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : " اعلم : أنّ العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة ".
يشير رضي الله عنه إلى:  أنّ أهل الله يحصل لهم من العلم بالله قوى مختلفة توجب مشاهد مختلفة بحسب استعداداتهم الخصوصة ، فيحصل للبعض قوّة بها يكون الحق سمعه وبصره وسائر قواه وجوارحه ، جمعا وفرادى موقّتا وغير موقّت ، وفيها طبقات أهل قرب النوافل.
 ويحصل أيضا كذلك لآخر قوّة يكون هو بها عين الحق وسمعه وبصره فيه ، يبصر الحق ويسمع وينطق ويفعل به ، ويحصل للبعض قوّة يجمع بها بين الشهودين والوجودين ، فافهم ، وليس حصول هذه القوى فيهم إلَّا بالعلم ، والاختلاف بحسب القابلية والصلاحية الاستعدادية الذاتية الخصوصية لا غير .
 
قال رضي الله عنه : "قال الله تعالى : « كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها » فذكر أنّ هويّته هي عين الجوارح التي هي عين العبد ، فالهوية واحدة والجوارح مختلفة ، ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصّها من عين واحدة يختلف باختلاف الجوارح ، كالماء حقيقة واحدة يختلف باختلاف البقاع " .
قال العبد : شبّه رضي الله عنه العلم الحاصل لأهل الله في جوارحهم وقواهم من الله بالماء ، فإنّ الحياة للحيوان بالماء كالحياة للأرواح بالعلم . ثمّ إنّ هذه الحقيقة الواحدة العلمية تظهر في كل مظهر بحسبه كما يظهر الماء في كل بقعة بحسبها فمنه  "عذب فرات " وهو العلم النافع الإلهي ومنه "ملح أجاج " وهو العلم بالسوى والغير من حيث حجابيّتها .
 
قال رضي الله عنه : "وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغيّر عن حقيقته وإن اختلفت طعومه  ".
يعني : كذلك العلم لا يختلف عن حقيقته ، فإنّه علم في جميع العلماء لا يتغيّر ، وإن اختلف بحسب المدارك والمدركين والمدركات ، فليس الاختلاف فيه  ، بل في اللوازم لا غير .

 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة ، فإن الله تعالى يقول: " كنت سمعه الذي به يسمع ، وبصره الذي به يبصر ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها ") .
العلوم الذوقية تختلف باختلاف الاستعدادات ، فإن أهل الله ليسوا في طبقة واحدة فلهذا تختلف أذواقهم وعلومهم ، ولهذا اختلف حكم هذا الكتاب باختلاف الكلم كاختلافها في الإنسان الواحد باختلاف القوى الحاصلة هي منها ، مع كون تلك العلوم ترجع إلى عين واحدة هي هوية الحق كما فصلها ، والحاصلة
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فذكر أن هويته هي عين الجوارح ) من وجه وهو وجه الأحدية مع أنه غيره من حيث الكثرة ، فقد نبه عليه بإرجاع الضمير إلى العبد ، فكان هذا الكلام جامعا بين التنزيه والتشبيه.
( التي هي عين العبد) من وجه وهو وجه الأحدية ، لأن العبد هو مجموع الأجزاء الاجتماعي ، والجزء لا يقال فيه غير الكل ، وأما بحسب التعين فيمتاز كل واحد منها عن الآخر وعن الكل.
( فالهوية ) أي هوية الحق ( واحدة والجوارح ) أي جوارح العبد ( مختلفة ، ولكل جارحه علم من علوم الأذواق )
 في المعنى صفة جارية على غير ما هي له ، فكان حق الضمير الذي هو فيها أن يفصل لأنه ضمير العلوم لكنه تسامح فيها .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد ، فالهوية واحدة والجوارح مختلفة ، ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح )
يعنى : أن الهوية الواحدة هي عين الجوارح المختلفة لاختلاف المحال في عين العبد الواحد ، والعلم الفائض من الهوية الواحدة حقيقة واحدة ظهرت في تلك الجوارح بسبب اختلاف قابليتها علوما مختلفة يختص كل جارحة منها علم من علوم الأذواق مخالف لعلوم الباقي بحكم اختلاف المحال ، ولهذا قيل : من فقد حسا فقد فقد علما .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كالماء حقيقة واحدة يختلف في الطعم باختلاف البقاع ، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته ، وإن اختلفت طعومه ) .
شبه العلم الحاصل لأهل الله من الهوية الإلهية بالماء ، فإن العلم حياة الأرواح كما أن الماء حياة الحيوان فاختلاف العلم مع كونه حقيقة واحدة باختلاف الجوارح كاختلاف الماء في الطعوم باختلاف البقاع مع كونه حقيقة واحدة ، فمن الماء عذب فرات كعلم الموحد العارف باللَّه ، ومنه ملح أجاج كعلم الجاهل المحجوب بالسوى والغير ، ونظيره قوله تعالى " يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ونُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ في الأُكُلِ".
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (واعلم ، أن العلوم الإلهية الذوقية  الحاصلة لأهل الله ، مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها ، مع كونها ترجع إلى عين واحدة ) .
( منها ) عائد إلى ( القوى ) . وتقديره : باختلاف القوى الحاصلة منها العلوم .
ولا يجوز أن تعود إلى ( العلوم ) لأن القوى لا يحصل منها . وضمير ( كونها ) أيضا عائد إليها .
ويجوز أن يعود إلى ( العلوم ) . و ( العلوم الإلهية ) ما تكون موضوعه الحق وصفاته ،
كعلم بالأسماء والصفات وعلم أحكامها ولوازمها ، وكيفية ظهوراتها في مظاهرها ، وعلم الأعيان الثابتة ، والأعيان الخارجية من حيث إنها مظاهر الحق  .
والمراد ب‍ ( الذوق ) ما تجده العالم على سبيل الوجدان والكشف ، لا البرهان والكسب ، ولا على طريق الأخذ بالإيمان والتقليد . فإن كلا منها ، وإن كان معتبرا بحسب مرتبته ، لكنه لا يلحق بمرتبة العلوم الكشفية ، إذ ليس الخبر كالعيان .
وإنما كانت مختلفة باختلاف القوى ، لأن كلا منها مظهر اسم خاص . وله علم يخصه ، سواء كانت روحانية أو نفسانية أو جسمانية . ألا ترى أن ما يحصل بالبصر ، لا يحصل بالسمع وبالعكس ؟
وما يحصل بالقوى الروحانية ، لا يحصل بالقوى الجسمانية وبالعكس ؟
وإن كانت تلك القوى راجعة إلى ذات واحدة ، وهي الذات الأحدية . أو مع كون تلك العلوم راجعة إلى الذات الواحدة الإلهية ، إذ كل ما للأسماء ومظاهرها مستفاد منها ، واختلافها باختلاف القوابل ،إذ العلم حقيقة واحدة ، صارت باختلاف المحال علوما مختلفة.
 
(فإن الله تعالى يقول : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يسعى بها  .
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد ، فالهوية واحدة ، والجوارح مختلفة ) . تعليل قوله : ( مع كونها ترجع إلى عين واحدة ) . وهذا نتيجة قرب النوافل .
( ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها ) أي ، يخص ذلك العلم
تلك الجارحة ، كإدراك البصر للمبصر ، والسمع للمسموعات .
ولذلك قال عليه السلام : ( من فقد حسا ، فقد علما ) .
وذلك لأن كل عضو مظهر لقوة روحانية هي مظهر لاسم إلهي ، وله علم يخصه ويفيض منه على مظهره .
 
( من عين واحدة يختلف باختلاف الجوارح ) أي ، تلك العلوم حاصلة من عين واحدة إلهية ، وفي ظهورها بمظاهر مختلفة يختلف .
( كالماء ، حقيقة واحدة يختلف في الطعم باختلاف البقاع ، فمنه عذب فرات ، ومنه ملح أجاج ، وهو ماء في جميع الأحوال ، لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه ) . ظاهر .
وفيه تشبيه ( العلم الكشفي ) بالعذب الفرات ، فإنه يروى شاربه ويزيل العطش ، كما أن الكشف يعطى السكينة لصاحبه ويريحه .
و ( العلم العقلي ) بالملح الأجاج ، لأنه لا يزيل العطش ، بل يزداد العطش لشاربه . وكذلك العلم
العقلي لا يزيل الشبهة ، بل كلما أمعن النظر ، يزداد شبهته ويقوى حيرته . وأصل الكل واحد ، كما أن الماء واحد بالحقيقة .
قال تعالى : " يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل" .
وإنما شبه العلم بالماء ، لكونه سبب حياة الأرواح ، كما أن الماء سبب حياة الأشباح . ولذلك يعبر الماء ب‍ ( العلم ) .
وفسر ابن عباس ، رضي الله عنه : ( وأنزلنا من السماء ماء ) . بالعلم .
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : "اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها. فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة. ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه."
ثم أشار إلى أنه كما يختفي عند تجليه في الصور يختفي عند تجليه في المشاعر ولو من الكل الذين يقال لمشاعرهم كأنها عين الحق.
 فقال: (واعلم أن العلوم الإلهية) أي: المتعلقة بذاته وصفاته وأفعاله (الذوقية) فضلا عن علم الكلام (الحاصلة لأهل الله) فضلا عما يحصل للمرتاضين من غير أهل الملة كالإشراقين .
(مختلفة باختلاف القوى الحاصلة) تلك العلوم (منها مع كونها) أي: كون تلك العلوم (ترجع إلى) تجلي (عين واحدة) على تلك القوى بحيث صارت كأنها هي تلك العين.
فإن الله تعالى يقول فيما حكی عنه النبي : (كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)، (فذكر) للإشارة إلى رجوعها إلى عين واحدة .
(أن هويته) باعتبار تجلي أحدية الأفعال، كأنها (هي عين الجوارح التي هي عين العبد فالهوية) أي: هوية العبد (واحدة والجوارح مختلفة) كذلك هوية الحق واحدة وتجلياته للمتجلي له الواحد بل للكل واحدة، ولكن (لكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها).
وإن كان علم الأذواق كلها ليس من مقتضى الجارحة من حيث هي جارحة بل حصل له (من عين واحدة) تنورت تلك الجارحة بها لكنه (تختلف باختلاف الجوارح) مثل اختلاف العلوم الجزئية الحاصلة لتلك الجوارح إذ غاية ما أفاد التنور بنور الحق استعدادها للكليات.
ولم يرفع حقائقها المقتضية للاختلافات بالكلية، ولا يتعد هذا الاختلاف في العلم الذوقي الكشفي الواجب مطابقته للواقع؛ فإنه (كالماء حقيقة واحدة يختلف في الطعم باختلاف البقاع فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ما في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقة) التي هو بها ماء.


وإن اختلفت أسماؤه بالعذب الفرات تارة والملح الأجاج أخرى، حيث (اختلفت طعومه) لا عن اختلاف في الحقيقة بل باختلاف البقاع والعلم الكشفي، وإن وجب مطابقته لما في الواقع، فلا يخلو عن اختلاف فيه بحسب محل الكشف من قوى المكاشفين، واستعداداتهم مع مطابقة الكلي لما في الواقع.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:00 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 27 يونيو 2019 - 11:37 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر الفقرة الرابع الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابع : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
أقسام العلوم الإلهية
ثمّ إنّ الحركة والفعل الذي هو محلّ البحث هاهنا منها كوني ظلَّي لا اعتداد به لديهم ، ومنها وجوديّ حقيقيّ هو مقصد الإشارة والدلالة عندهم ، وهو ما لمدارك الكمّل من التنوّعات الذوقيّة وتطوّراتهم فيها ، فأخذ في تحقيق ذلك فيه بقوله رضي الله عنه : ( اعلم أنّ العلوم الإلهيّة الذوقيّة الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة ) هي ( منها ، مع كونها راجعة إلى عين واحدة ) - وهو عين الحقّ المتجلَّي في تلك القوى بما لها من القبول .
 
( فإنّ الله تعالى يقول : « كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده الذي يبطش بها ، ورجله الذي يسعى بها ».
 فذكر أن هويّته هي عين الجوارح ،التي هي عين العبد ،فالهويّة واحدة ،والجوارح مختلفة ) ولكون تلك الوحدة حقيقية يستجمع مع التكثّر والتخالف ولا ينافيها ذلك أصلا ، فإنّ لكلّ من تلك القوى شعورا خاصّا بتلك الوحدة .
(ولكلّ جارحة علم من علوم الأذواق يخصّها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح ، كالماء حقيقة واحدة تختلف في الطعم باختلاف البقاع ) واكتساب خواصّها المعدنيّة منها ، وذلك للطافته وصلوح اتحاده بما يجاوره ويمرّ عليه .
وبهذه المناسبة شبّهها بالعلم ( فمنه " عَذْبٌ فُراتٌ " ) له صلوح التغذّي (ومنه " مِلْحٌ أُجاجٌ ") ليس له ذلك ( وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغيّر عن حقيقته وإن اختلفت طعومه ) .
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
 
قال رضي الله عنه :  (اعلم أن العلوم الإلهية)، أي الفائضة من الحضرة الإلهية سواء كان متعلقها الحق، أو الخلق، أو المتعلقة بذات الله وصفاته وأفعاله (الذوقية)، أي الكشفية الوجدانية لا الكسبية البرهانية .
(الحاصلة لأهل الله) بالتعرية الكاملة وتفريغ القلب بالكلية عن جميع التعلقات الكونية والقوانين العلمية مع توحد العزيمة ودوام الجمعية والمواظبة على هذه الطريقة دون فترة ولا تنسم خاطر ولا تشتت عزيمة .
قال رضي الله عنه :  (مختلفة باختلاف القوی الحاصلة) تلك العلوم
 
قال رضي الله عنه : ( الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها. فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة. ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه )
 
قال رضي الله عنه :  (منها)، فإن لكل منها علما يخصه سواء كانت روحانية أو جسمانية ألا ترى أن ما يحصل بالبصر لا يحصل بالسمع و بالعكس، وما يحصل بالقوى الروحانية لا يحصل بالقوي الجسمانية وبالعكس.
 ويجوز أن يكون ضمير منها راجعا إلى العلوم كما هو الظاهر ويكون من الأجل، أي القوى الحاصلة من أجل تلك العلوم ليكون وسيلة إلى تحصيلها .
وإذا كان راجع إلى القوی كما في الوجه الأول في حق التركيب الحاصلة منها كما لا يخفى وجهه (مع كونها)، أي مع كون هذه القوى (ترجع إلى عين واحدة) هي الذات الأحذية فإنها التي أظهرت صور تلك القوى (فإن الله تعالى يقول: كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها فذكر أن هويته هي عين الجوارح) والقوى المنطبعة فيها .
قال رضي الله عنه : (التي هي عين العبد فالهوية واحدة والجوارح) مع القوى المنطبعة فيها (مختلفة) راجعة إلى تلك النوبة الواحدة فالكل يرجع إلى عين واحدة (ولكل جارحة) وقوة (علم من علوم الأذواق بخصها) ذلك العلم لا يحصل من غيرها كإدراك المبصرات للبصر والمسموعات للسمع .
ولذلك قيل : من فقد حسا فقد فقد علم، وتلك العلوم كلها حاصلة (من عين واحدة) هي الذات الأحدية (تختلف بالجوارح) التي هي مظاهر لها ويمكن أن يراد بالعين الواحدة الحقيقة العلمية.
فإنها حقيقة واحدة مختلفة باختلاف القوى والجوارح، وهذه العين الواحدة سواء كانت الذات الأحدية أو الحقيقة العلمية (كالماء) .
فإنها (حقيقة واحدة تختلف في الطعم) كالعذوبة والملوحة (باختلاف البقاع فمنه عذب فرات) يروي شاربه ويزيل العطش (ومنه
 
قال رضي الله عنه : ( ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه.)
قال رضي الله عنه : (ملح أجاج) لا يروي شاربه بل يزيد عطشه (وهو ماء في جميع الأحوال لا بتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه) باختلاف البقاع.
كذلك الذات الأحدية حقيقة واحدة تختلف بتجلياتها اختلاف المظاهر، وكذلك الحقيقة العلمية حقيقة واحدة تختلف أحوالها باختلاف القوى والجوارح الحاصلة هي منها .
وهذه الحكمة التي هي شهود أحدية من هو آخذ بناصية كل دابة
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:00 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 27 يونيو 2019 - 11:46 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر الفقرة الخامس الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامس : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
قال رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل. فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة. )
 
قال رضي الله عنه : (وهذه الحكمة) التي هي معرفة اختلاف العلوم الإلهية باختلاف أهلها (من علم الأرجل) بحسب ما تقتضيه الرجل في قولك : كنت رجله التي يسعى بها كما مر (وهو قوله تعالى في الأكل) الروحاني بعد الجسماني (لمن أقام كتبه) "ولو أنه أقاموا التورية والإنجيل وما أنزل إليهم ممن هم أكثروا من فوقهم ("ومن تحت أرجلهم" ) [المائدة: 66]، وهو علم سير الحقيقة الإلهية في مواطن الممكنات العدمية ونزولها في المنازل الاختصاصية .
قال رضي الله عنه : (فإن الطريق الذي هو الصراط)، الذي سبق ذكره في قوله تعالى: "إن ربي على صراط مستقيم" [هود: 56] (هو)، أي الطريق لا يكون إلا (للسلوك عليه والمشي فيه) فإنه مشتق من الطرق لأنه يطرق، أي يضرب بأقدام الناس و حوافر الدواب كما أن الصراط من الصرط وهو الابتلاع والازدراد، لأنه يبتلع المارة فيه ويزدردهم (والسعي لا يكون إلا بالأرجل فلا ينتج هذا الشهود) الإلهي الخاص.
 
قال رضي الله عنه : (في أخذ النواصي) من جميع الدواب التي تدب من العدم إلى الوجود (بید من هو على صراط مستقیم) وهو الرب سبحانه (إلا هذا الفن)، أي العلم (الخاص من علوم الأذواق) الوجدانية المختلفة باختلاف أهلها والكل من عين واحدة بل هو من تلك العين الواحدة .
(فيسوق الله المجرمين) من قوله تعالى : "ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا " [مريم: 86] . (وهم)، أي المجرمون (الذين استحقوا)، أي تهيئووا واستعدوا فنالوا
قال رضي الله عنه : (المقام الذي ساقهم إليه) وهو جهنم وكان سوقهم منه تعالى إليه (بريح الدبور) وهي التي تهب من مغرب الشمس وكانت دبورة لأنها على إدبار النهار واختفاء الشمس، وتدل فيهم على أدبار أحوالهم واختفاء شمس الأحدية الإلهية تحت أراضي نفوسهم وانحجابها عنهم بهم.
وهذا من قوله تعالى: "فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها" [الأحقاف : 24 - 25] .
 
ولذا قال (التي أهلكهم) أي الله تعالى (عن نفوسهم بها) أي تلك الريح وهو عين الدمار (فهو)، أي الله تعالى (يأخذ بنواصيهم)، لأنه مالكهم (والريح) الدبور التي تدمرهم بإذن ربها (تسوقهم وهي)، أي تلك الريح (عین الأهواء ) النفسانية التي كانوا عليها في الحياة الدنيا كنی عنها بريح الدبور، لأنها نشأت فيهم من أجل احتجابهم عن شمس أحدية الحق تعالی .
كما تنشأ ريح الدبور عن غيبة الشمس وحركة غروبها في جهة المغرب إلى جهنم وهي البعد عن الله تعالى (الذين كانوا) أي المجرمون (يتوهمونه) بحضورهم مع الأغيار ولا أغيار.
 
قال رضي الله عنه : (فلما ساقهم) الله تعالى (إلى ذلك الموطن) الذي يتوهمونه على خلاف ما هو عليه (حصلوا في عين القرب) الذي هم عليه في نفس الأمر في غير شعور منهم
فزال عنهم (البعد) الذي كانوا يتوهمونه بحكم المغايرة المجعولة فيهم بأهواء نفوسهم مع أنها عين أخذه تعالی بنواصيهم.
وعين سوقه لهم بتلك الأهواء المكنى عنها بالريح (فزال) من زوال البعد عنهم (مسمى جهنم في حقهم)، أي المجرمين يعني من جهة أذواقهم لا في حق غيرهم ممن يراهم في جهنم (ففازوا بنعيم القرب) من الله تعالى (من جهة الاستحقاق) بحكم العدل الإلهي (لأنهم)، أي هؤلاء المذكورين (مجرمون)، أي أصحاب جرائم، وهي الذنوب، وأكبر الذنوب الكفر والشرك .
 
قال رضي الله عنه : (فما أعطاهم هذا المقام الذوقي) الذي هو في أذواقهم فقط لا في ظواهرهم (اللذيذ) من جهة ما هو وجيع وأليم كضرب المحبوب لمحبه ضربة وجيعة من جهة ما هو ضرب، وفيه اللذة للمحب إذا انكشف له محبوبه، وأنه هو الضارب له من جهة أخرى ذوقية لا يعرفها إلا المحب العاشق.
قال أبو يزيد البسطامي قدس سره :
وكل مآربي قد نلت منها سوى    …… ملذوذ وجدي بالعذاب
"" أضاف المحقق :
للحسين بن منصور الحلاج المولود سنة 244 هـ والبيت الثاني هو :
أريدك لا أريدك للثواب   ….. ولكن أريدك للعقاب
فكل مآربي قد نلت منها ... سوى ملذوذ وجدي بالعذاب  ""
فقد أخبر أنه نال من محبوبه جميع مقاصده إلا مقصدا واحدا لم ينله فطلبه من محبوبه وهو اللذة العشقية التي تحصل بعذاب المحبوب له.
فقد طلب العذاب من محبوبه لتحصل له لذة العذاب بسبب ما عنده من المحبة، وأهل النار إذا دخلوا إليها وعذبوا بعذابها لا يخفف عنهم من عذابها شيئا إلى ما لا نهاية له وهو الخلود في حق الكافرين.
 
فهم محجوبون عن ربهم الذي هم قائمون به في أطوار وجودهم وهي الحضرة الأسمائية الإلهية كما قال تعالى : "إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " [المطففين : 15]، وموتهم من هذه الحياة الدنيا كشف عن غطائهم، أي غطاء نفوسهم المربربة بربهم فزالت نفوسهم واختفى عنهم ربهم فانحجبوا عنه.
وانكشفت لهم الهوية الذاتية التي تغني كل من شاهدها، فلهم بها نعیم القرب واللذة التي هي عين فنائهم عما هم فيه من عذاب الكفر.
وهذا الفناء ذوقي لا عيني فيجده الذائق، ولا يحس به المعاين، فهم في العذاب ظاهرة، والحجاب عن ربهم خالدون مخلدون في النار والزمهرير، لأن ربهم الذي هم محجوبون عنه في الآخرة ظهر بهم في الدنيا بأنواع الضلالات والكفر والجرائم وهم لا يشعرون.
 
وزين لهم أعمالهم، فلما ماتوا زالوا عن دعوى الوجود التي كان فيها الكل، قد ذاقوا نعیم الفناء الذي هو عين القرب إليه تعالى، كما ذاقه العارفون في الدنيا، فإذا ردوا بعد موتهم إلى تخیل وجودهم في عالم البرزخ وقع الحجاب لهم عن ربهم الذي أعطاهم عين ما اتصفت به نفوسهم.
 
فتعذبوا بعذاب النار على الجرائم التي كان بسبب اتصافهم بها عين حجابهم عن ربهم، وهم في الآخرة في جهنم أبد الآبدين، عذابهم من جهة حجابهم عن ربهم، ونعيمهم من جهة فنائهم الذي يرجعون فيه إلى أعيانهم الثابتة في الحضرة العلمية ، وهي لذة أهل الجنة أيضا، وكل ميت من حين الموت إلى الأبد كذلك.
 
ولأهل الجنة زيادة على ذلك لذة الرؤية لربهم الذي حجب عنه الكافرون وكما ذكرنا.
قال تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" [القيامة : 22 - 23].
وقال صلى الله عليه وسلم : «إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا» فالموت يقتضي كشف غطاء دعوی الوجود، وفيه لذة زوال تعب دعوى الوجود، وهي اللذة التي ستصحب أهل النار بل أهل الآخرة كلهم.
 
وإن كانوا يحيون بالحياة الأخروية الأبدية، فإنها غير الحياة الدنيوية الوهمية.
والحاصل أن التكليف بالأعمال في الدنيا إنما كان من حضرة الربوبية التي أشهدت كل إنسان على نفسه بالإقرار لها.
في قوله تعالى: «وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا " [الأعراف: 172]، ثم إن هذه الحضرة جاءت منها المرسلون إلى الخلق يكلفونهم بمقتضى ما أخذ عليهم من الميثاق.
ولهذا قال عليه السلام: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا" فيقول: «هل من مستغفر فأغفر له» الحديث . رواه البخاري ومسلم.
 
فما قال ذلك إلا الرب لا غيره من الأسماء، فإذا عمل أهل الجنة للجنة، وأهل النار للنار كانت أعمالهم عين ما هو جزاؤهم إذا انقلبوا بالموت من دعوى وجودهم إلى حضرة ثبوتهم.
فأهل الجنة يتنعمون في الجنة برؤية ربهم زيادة على نعيم الجنة بحسب أعمالهم الصالحة، وأهل النار يعذبون بالنار بحجابهم عن ربهم زيادة على عذابهم بالنار بحسب أعمالهم القبيحة.
فنعيم الرؤية لأهل الجنة نعيم روحانی ونعيم الجنة نعيم جسمانی.
وعذاب الحجاب لأهل النار عذاب روحانی، وعذاب النار عذاب جسماني.
والفريقان لهم لذة ذوقيه بمقام القرب الذاتي الإلهي يكونون فيه باطنة من حين زوال الحياة الدنيا إلى الأبد.
 
وأهل النار لا يزالون في الآخرة يتعذبون و" كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب" [النساء: 56].
وهو مع ذلك يمدهم من هذا المقام الذاتي بلذة القرب، ولهذا يحتملون ما يقاسونه من ألم العذاب في النار ما لولاه لذابوا في أقل قليل، وهم فيها يصطرخون وينادون : " يا مالك ليقض علينا ربك " ، فيقول لهم: "إنكم ماكثون" [الزخرف: 77]، حتى يضع الجبار قدمه في النار كما ورد في الحديث وينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وهذا كناية عن غلبة القرب الذاتي عليهم الذي فيه الكل ورسوخهم فيه، فعند ذلك يحصل في أذواقهم ما صرح به الشيخ المصنف قدس الله سره في هذا الكتاب وغيره من كتبه من اللذة بالعذاب مع بقاء عينه عذابا مؤلما موجعا.
 
وهذا البيان من فتوح الوقت والحمد الله على إنعامه (من جهة المنة)، أي الفضل الإلهي عليهم كما هو حال نعيم أهل الجنة .
قال : «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال : "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" وهذا عين الفضل .رواه الطبراني و صحيح ابن حبان ومسند أحمد .
وإنما أخذوه)، أي أخذ أهل النار هذا المقام الذوقي اللذيذ (بما استحقته حقائقهم)، أي حقائق نفوسهم وهي حضرات أمر ربهم القائم عليهم بما كسبوا في الدنيا وما جوزوا به في الآخرة (من أعمالهم التي كانوا عليها) في الدنيا واتصفوا بنتائجها في الآخرة ولا تستحق حقائقهم إلا عين العدل والفضل زيادة على ذلك وهو لأهل الجنة .
قال تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " [يونس: 26]. وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ونعيم القرب الذاتي هو عين الحسني التي للذين أحسنوا ، والزيادة هي الجنة.
وأهل النار أحسن الله بهم في الدنيا ولم يحسنوا هم فلهم الحسنى من غير زيادة، لوجود الإحسان في حقائقهم.
ولهذا كانوا يرونه لما كانوا يسجدون كرهة في عين سجودهم للأصنام، لكن رؤية ذاتية في حضرة وجوده المطلق الذي هم موجودون به مع كل شيء عندهم قال تعالى : "ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها" [الرعد: 15].
وقال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (الإسراء : 23).
وما قضی به تعالی واقع لا محالة ، فقال رضي الله عنه : (وكانوا)، أي المجرمون في السعي في أعمالهم في الدنيا التي هم عاملون لها (على صراط الرب المستقيم) وهو قيامهم بأسمائه تعالى (لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة)، أي هو على صراط مستقیم، وهو الله تعالی.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
 ولما بين أنواع العلوم الذوقية وقواها أراد أن يبين أن هذه الحكمة بأي قوى تحصل فقال : قال رضي الله عنه : (وهذه الحكمة) الأحدية (من علم الأرجل) أي نوع من العلوم الذوقية الحاملة بالسلوك والرياضات والمجاهدات في صراط الحق فلا يمكن حصول هذا العلم بجارحة من جوارح إلا بالأرجل (وهو) أي علم الأرجل (قوله تعالی في) حق (الأكل لمن) .
متعلق بقوله تعالى: (أقام كتبه) وهو قوله تعالى : "ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم" .
أي لحصل لهم الفارضية من أرواحهم من غير كسب وسعي في السلوك (من تحت ارجلهم) مقول القول وإنما كان هذه الحكمة من علم الأرجل من علوم الأذواق لا من غيره من الجوارح .
قال رضي الله عنه : (فإن الطريق الذي هو الصراط) المستقيم (هو) أي ذلك الطريق (للسلوك) أي وضع لأن يسلك (عليه والمشي فيه والسعي) فيه .
قال رضي الله عنه : (لا يكون) ذلك المشي المعنوي (إلا بالأرجل) المعنوي كما أن المشي الصوري لا يكون إلا بالأرجل الصوري والمقصود من الحكمة الأحدية شهود أحدية ذاته تعالى من حيث كونها في كلمة هودية .
وما كان أحدية الذات في كلمة هودية إلا أخذ الحق النواصي وكونه على صراط مستقیم ولأجل مشاهدة هود عليه السلام أحدية الذات على هذا الطريق.
قال : "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" [هود: 56] فإذا لم يكن السلوك على الطريق إلا بالأرجل (فلا ينتج هذا الشهود) الأحدي الذي لا يحصل إلا (في أخذ النواصي) قوله رضي الله عنه :  ( بید من) يتعلق بالأخذ (هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص)، وهو علم الأرجل (من علوم الأذواق) فلا تكون هذه الحكمة الهودية إلا بالكسب والسلوك والمشي على الصراط المستقيم .
 
فلا بد هذا الشهود لكل أحد من الناس مطيعا كان أو مجرما بحسب أوقاتهم المقدرة لهم إذ ما منهم إلا وهو يمشي على الصراط المستقيم.
الذي يوصل من يسلك فيه إلى هذا الشهود فمنهم من يوصل صراط المستقيم إلى هذا الشهود في الدنيا كالأنبياء والأولياء الفانين في الله والباقين به.
 
ومنهم من وصل في الدار الآخرة حتى أن المشركين يوصلهم صراطهم المستقيم إلى هذا الشهود في نار جهنم مؤبدا فيها لا ينفع لهم لعدم وقوعه في وقته فجمع الله عذابهم مع هذا الشهود .
فقد شرع في بيان ما يقوله بقوله تعالى: (" ونسوق المجرمين" [مریم: 86] وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم) أي ساق الله المجرمين (إليه) أي إلى ذلك المقام وهو مسمى بجهنم الذين استحقوه بسبب سلوكهم في الطريق المستقيم الذي يوصلهم إلى هذا المقام الذي يحصل لهم فيه هذا الشهود.
 
قال رضي الله عنه : (بريح الدبور) وهي الهواء التي فعلوا من مقتضيات أنفسهم وإنما سمي ريح الدبور لأنه يأتي من جهة الخلفية جهة الخلف (التي أهلكهم) الله (عن نفوسهم بها) أي بسببه ريح الدبور وأملاكهم تعذيبهم بهذه الريح في صورة النار فهلكوا عن أنفسهم فشاهدوا أن الحق هو الآخذ بنواصيهم والسائق إلى أن وصلوا إلى هذا النوع من العلوم الذوقية فإنهم وإن عذبوا إلى الأبد لكنهم يتحققون بهذا الذوق .
 
قال رضي الله عنه : (فهو) أي الله (الأخذ بنواصيهم) أي نواصي المجرمين (والريح تسوقهم وهي) الريح (عين الأهواء التي كانوا عليها) في الدنيا (إلى جهنم) متعلق بتسوق (وهى) أي جهنم (البعد الذي كانوا يتوهمونه) أي كونه جهنم بعيدا عن الحق في توهمهم لا في نفس الأمر فإن الله قريب من كل شيء.
قال رضي الله عنه : (فلما سائهم إلى ذلك الموطن) وهو جهنم (حصلوا) أي وجدوا (في عين القرب فزال البعد) المتوهم لعلمهم أن الله معهم في كل موطن (فزال مسمی جهنم في حقهم) من حيث أنه بعد لا من حيث أنه عذاب.
 
لذلك قال رضي الله عنه :  : (ففازوا بنعيم القرب) في جهنم ولم يقل بنعيم مطلقة فإن الفوز بنعيم القرب وهو مشاهدة الحق لا يوجب رفع العذاب في حق المخلدين كما تألم بعض المقربين في الدنيا
 
قال رضي الله عنه : (من جهة الاستحقاق) وإنما فازوا بنعيم القرب في جهنم (لأنهم مجرمون) أي الكاسبون الصفات الظلمانية الجاجية بشهود الحق فهذا الشهود اجر المجرمين فاستحقوا بسبب جرمهم بهذا المقام .
(فما أعطاهم) الله هذا المقام (الذوقي اللذيذ) الروحاني (من جهة المنه) أي بلا اكتساب منهم بل من جهة استحقاقهم بالمجاهدة والسلوك في الصراط المستقيم فلا يحصل علم الأرجل لأحد إلا من جهة الاستحقاق لا من جهة الفضل والمنة.
 
قال رضي الله عنه : (وإنما أخذوه) وإنما أخذ المجرمين هذا العلم الذوقي علم الأرجل من الله (بما) أي بسبب الذي استحقنه) أي استحقت هذا العلم الذوقي (حقائقهم) أي أعيانهم الخارجية (من أعمالهم التي كانوا عليها) في الدنيا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون فحصل لهم نتيجة هذا الكسب وهي علم اللذيذ في الويل (وكانوا) في الدنيا (في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم) فيوصل صراطهم لكونه مستقيما إلى مشاهدة ربهم وإنما كان سعيهم في أعمالهم على الصراط المستقيم ولم يكن على الصراط الغير المستقیم .
 
قال رضي الله عنه : (لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة) أي بيد من كان على الصراط المستقيم فلا يمكن انحرافهم عن صراط ربهم المستقيم فإذا كانت نواصيهم بيد ربهم الذي على صراط مستقیم.
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
 
قال رضي الله عنه : "وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل. فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  "
ثم أخذ يبين المشي على الصراط المستقيم:
فقال: من الناس من يعرف صراط المستقيم فيمشي عليه ومن الناس من يجهله والصراط واحد لولا الجهل به ما اختلفت.
وقال: كل أحد يدعوا إلى الله، فأما العارفون: فيدعون إلى الله على بصيرة، وأما غير العارفين: فيدعون أيضا إلى الله لكن على جهالة، لأنهم الذين يأكلون من تحت أرجلهم فعلو مهم تأتي من قبل السفل.
ثم قال فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه إلى قوله: فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر.
 قال: وهذا لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق.
قال: ولما كانت للحق اعتبارات في مراتب أسمائه مختلفة اختلفت الأفهام في تلقي علومها.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
 قال رضي الله عنه : « وهذه الحكمة حكمة الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه : "لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " فإنّ الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه ، والسعي لا يكون إلَّا بالأرجل ، فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على الصراط المستقيم إلَّا هذا الفنّ الخاصّ من علوم الأذواق " .
يشير رضي الله عنه إلى : العلم الخصيص بالأرجل ، وهو العلم الحاصل بالكدّ والسعي والتعمّل في مراتب العلوم الظاهرة في المثال ، وفي التحقيق العلم الحاصل للأقدام من حيث هي أقدام وآلات سعي على الصراط.
 ولا نتيجة له في أخذ النواصي بيد الحق الذي هو على الصراط المستقيم إلَّا أن يقودها بموجب ما تسوق الأرجل في السلوك والسعي لا غير ، ولا يفيد إلَّا هذا الفنّ الخاصّ من علم الأذواق .
 
قال رضي الله عنه : « ويسوق المجرمين وهم الذين استحقّوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها ، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم وهي عين الأهواء التي كانوا عليها - إلى جهنّم وهي البعد الذي كانوا يتوهّمونه ، فلمّا ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب ، فزال البعد ، فزال مسمّى جهنّم في حقّهم ، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق" .
يشير رضي الله عنه إلى : أنّ المجرمين الذين يسعون في الأجرام والآثام إنّما تسوقهم الأهواء  التي يهوون بها في هوّة جهنّم إلى البعد الوهميّ من خلفهم وأدبارهم ، ولهذا سمّيت دبورا .
أي تسوقهم من أدبارهم أهواؤهم بزعمهم وفي نفس الأمر ، إنّما تسوقهم الأهواء بحسب ما يقودهم من بيده نواصيهم إلى غاياتهم التي استحقّوها بحسب استعداداتهم وسعيهم فيهم بحكم السائق والقائد .
فهم فنوا وهلكوا عنهم بحكمه ، فليسوا بحكمهم وقد توهّموا بعدا في بعد من حيث توهّمهم أنّهم هم الذين يسعون ويعملون ويمشون ويسلكون بأنفسهم إلى ما تخيّلوا من كمالات وهمية فانية .
فما يسعون إلَّا إلى ما يتوهّمونه ، وهو البعد ، والحقيقة تأبى ذلك ، فإنّهم إنّما يسعون بالحق في الحق للحق من حيث لا يعلمون ولا يشعرون ، فإذا بلغوا غاياتهم لم يجدوا ما عملوا شيئا ، لأنّهم وجدوا الله عاملا بهم ما عملوا ، ووجدوا الحق الذي به عملوا ما عملوا .
فإذا وفّقوا عند النهاية إلى الغاية على السرّ ، حصلوا في عين القرب ، فزال البعد في حقّهم ، فزال مسمّى جهنّم وهو البعد ، ففازوا بالقرب بسعيهم واستحقاقهم ، فإنّهم إنّما وصلوا إلى ما وصلوا بأرجلهم التي سعوا عليها .
وكانت أرجلهم عين الحق من حيث لم يعرفوا ، فلمّا عرفوا غرقوا في الذوق واللذّة القربيّة من حيث لم يعرفوا كذلك .
 
قال رضي الله عنه : " فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنّة ، وإنّما أخذوه بما استحقّه حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الربّ المستقيم ، لأنّ نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة ، فما مشوا بنفوسهم ، وإنّما مشوا بحكم الجبر " .
يعني رضي الله عنه : أنّهم في سعيهم الذي سعوا غير مختارين بالاختيار المعروف عرفا ، فإنّهم إنّما سعوا بموجب استعداداتهم الذاتية وبموجبها تعلَّقت المشيّة الإلهية بما يشبه الجبر ، فساقهم من أدبارهم بالدبور ، وأخذهم بنواصيهم جبرا ، حتى أوصلهم إلى ما استحقّوا بحسب مقتضيات ذواتهم لا باختيارهم المجعول فيهم ، فافهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذه الحكمة من علم الأرجل ، وهو قوله تعالى في الآكل لمن أقام كتبه ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ   فإن الطريق الذي هو الصراط المستقيم هو السلوك عليه والمشي فيه ، والسعي لا يكون إلا بالأرجل ، فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم ، إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق )
قال تعالى : " ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ".
 إقامة الكتب الإلهية : القيام بحقها بتدبر معانيها وفهمها وكشف حقائقها ودركها والعمل بها وتوفية حقوق ظهرها وبطنها ومطلعاتها لرزقوا العلوم الإلهية الذوقية والمعارف القدسية من فوقهم ، والأسرار الطبيعية التي أودعت القوابل السفلية من تحت أرجلهم ، فهذه الحكمة من علم الأرجل : أي من أسرار القوابل ، فإن الله مع القوابل كما هو مع الأسماء الفواعل ، ولهذا قال : لو دلى أحدكم دلوه لهبط على الله ، فالصراط الممدود عليها إذا سلك عليه بالأرجل وسعى السالكون عليه بالأقدام  في العمل بمقتضى العلم المستفاد من الكتب.
ورثوا هذا الفن الخاص من العلوم الذوقية ، أي علم أحكام القوابل فأنتج لهم شهود من أخذ النواصي بيده "وهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ " - يوصل من أخذ نواصيهم إلى غايتهم.
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( " ونَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ " - وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم ، وهو عين الأهواء التي كانوا عليها إلى جهنم ، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه )
فيسوق المجرمين الجرمانيين أهل الإجرام والآثام بحكم قائدهم الآخذ بنواصيهم ، فهو القائد والسائق إلى المقام الذي استحقوه بسعيهم على أرجلهم ، ريح الدبور المأمورة بسوقهم ، وهي أهواؤهم التي تسوقهم من أدبارهم ، أي من جهة خلفهم ولهذا سميت دبورا ، وهي جهة العالم الهيولاني إلى هوة جهنم البعد الذي يتوهمونه وهم يهوون بها ، بأهوائهم الناشئة من استعدادات أعياناتهم ، حتى أهلكهم السائق والقائد عن نفوسهم.
 
"" إضافة بالي زادة : (ساقهم إليه ) أي إلى ذلك المقام وهو المسمى بجهنم الذي استحقوه بسلوكهم في الصراط المستقيم الذي يوصلهم إلى هذا المقام الذي يحصل لهم فيه هذا الشهود ( بريح الدبور ) وهي الأهواء التي فعلوا من مقتضيات أنفسهم ، وسمى بها لأنه يأتي من جهة الخلفية جهة الخلف . وإهلاكهم تعذيبهم بهذه الريح في صورة النار فهلكوا عن أنفسهم ، فشاهدوا أن الحق هو الآخذ بنواصيهم والسائق إلى أن وصلوا إلى هذا النوع من العلوم الذوقية ، فإنهم وإن عذبوا إلى الأبد لكنهم يتحققون بهذا الذوق اهـ بالى . ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق ، لأنهم مجرمون ) إنما حصلوا في عين القرب على الحقيقة لأن الحق الذي هو قائدهم معهم ، وإنما توهموا لبعد لأنهم كانوا يسعون إلى كمالات وهمية فانية تخيلوها فما وصلوا إلا إليها ، فزال البعد في حقهم فزال مسمى جهنم ، لأنهم بلغوا الغايات التي كانوا يطلبونها باستعداداتهم ، وذلك نعيمهم من جهة استحقاقهم لأن إجرامهم هو الذي اقتضى وصولهم إلى أسفل مراتب الوجود من عالم الأجرام.
 
"" إضافة بالي زادة : ( فزال البعد ) المتوهم لعلمهم أن الله معهم في كل موطن ( فزال مسمى جهنم في حقهم ) من حيث أنه بعد لا من حيث أنه عذاب لذلك قال ( ففازوا بنعيم القرب ) في جهنم ولم يقل بنعيم مطلقا ، فإن الفوز بنعيم القرب وهو مشاهدة الحق لا يوجب رفع العذاب في حق المخلدين ، كما تألم بعض المقربين في الدنيا ( لأنهم مجرمون ) أي الكاسبون الصفات الظلمانية الحاجبة لشهود الحق ، فهذا الشهود أجر المجرمين فاستحقوا بسبب جرمهم هذا المقام اهـ بالى . ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم ، لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة)
أي إنما وجدوه بما اقتضاه أعيانهم من أعمالهم التي كانوا يسعون فيها وبمقتضى استعداداتهم الذاتية تعلقت المشيئة الإلهية بما كانوا يعملون في أعمالهم على صراط الرب المستقيم ، لأن نواصيهم بيد من هو على الصراط المستقيم ، فهو يسلك بهم عليه جبرا إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
 
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:01 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 27 يونيو 2019 - 11:49 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر الفقرة الخامس الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامس : الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
قال رضي الله عنه : (وهذه الحكمة من علم الأرجل ، وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: ومن تحت أرجلهم )  أي ، هذا لحكمة الأحدية هي من العلوم التي تحصل بالسلوك . ولما كان السلوك الظاهري بالأرجل ، قال : ( من علم الأرجل ) .
ملاحظا قوله تعالى : " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم ، لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم " .
أي ، ولو أنهم أقاموا أحكامهما وعملوا بهما وتدبروا معانيهما وكشفوا حقائقهما ، لتغذوا بالعلوم الإلهية الفائضة على أرواحهم ، وعرفوا مطلعاتها من غير كسب وتعمل وهو الأكل من فوقهم -
بالعلوم الحاصلة لهم بحسب سلوكهم في طريق الحق وتصفية بواطنهم من الكدورات البشرية ، كعلوم الأحوال والمقامات الحاصلة للسالكين في أثناء سلوكهم - وهو الأكل من تحت أرجلهم.
"وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة
قال رضي الله عنه : (فان الطريق ،الذي هو الصراط ،هو للسلوك عليه ،والمشي فيه والسعي لا يكون إلا بالأرجل) تعليل قوله : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل ) . ومعناه : أن الطريق إنما هو لأجل السلوك عليه ، والمشي والسلوك لا يحصل إلا بالأرجل .
شبه السلوك المعنوي بالسلوك الصوري الحسى .
ولما كان السلوك يعطى السالك الفناء في الله والبقاء به ، فتحصل الأحدية الذاتية بالأول والأسمائية بالثاني ، فيرب هذا السالك في رجوعه إلى الخلق مظاهر الحق ويوصلهم إليه لا غير  قال رضي الله عنه : ( فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم ، إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق ) . أي ، لا يحصل شهود أخذ النواصي بأيدي من هو على صراط مستقيم ، إلا بهذا النوع من العلوم .
فقوله : ( في أخذ النواصي ) . متعلق ب‍ ( الشهود ) . وقوله : ( بيد من ) متعلق ب‍ ( الأخذ ) .
قال رضي الله عنه : (ونسوق المجرمين . وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح " الدبور " التي أهلكهم عن نفوسهم بها ) لما كان الحق آخذا بنواصي كل ذي روح
ونفس - وكان هو السائق أيضا بظهوره في مظهر الهوى الذي به يدخل في حكم المضل - شرع في بيانه على سبيل الإيماء ، وجاء بقوله تعالى : ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) . استشهادا على أنه هو السائق ، كما أنه هو القائد .
فيسوق المجرمين الكاسبين للهيئات والصفات التي بها دخلوا جهنم . واستحقوه بصور الأهواء الناشئة من نفوسهم في الظاهر ، وهي ريح ( الدبور ) ، لأنها حاصلة من الجهة الخلقية والعالم الهيولاني المظلمة إلى عين جهنم البعد المتوهم . ف‍ ) أهلكهم عن نفوسهم بها ( .
أي ، أفناهم عنها بتلك الريح ، وأوصلهم إلى ذاته . أو ، أراد ب‍ ( المجرمين ) . الكاسبين لخيرات ، السالكين طريق النجاة ،
المرتاضين بالأعمال الشاقة ، المشتاقين لظهور حكم ( الحاقة ) ، فإنهم يكسبون بها التجليات المفنية لذواتهم .
فإنه ذكر في الفتوحات عند ذكر الأولياء : ( إنه من الأولياء المشركون ومنهم المراؤون ومنهم الكافرون ) . وأمثال ذلك . إلا أن الكلام الآتي يؤيد الأول .
قال رضي الله عنه : (فهو يأخذ بنواصيهم ، والريح تسوقهم . وهي عين الأهواء التي كانوا عليها إلى جهنم ، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه . فلما ساقهم إلى ذلك الموطن ، حصلوا في عين القرب ، فزال البعد ،فزال مسمى جهنم في حقهم ،ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق ،لأنهم مجرمون).
أي ، الحق يأخذ بنواصي المجرمين ويسوقهم بريح الأهواء إلى جهنم . ثم ، فسر جهنم ب‍ ( البعد ) إيماء بأن كل من بعد من الحق بالاشتغال بالأمور الطبيعية والنفسانية ، فهو من حيث ذلك في جهنم .
ولما كان في نفس الأمر لا بعد لأحد من الله - إذ المواطن والمقامات كلها صور مراتب الحق -
وصف ( البعد ) بأنه أمر متوهم ، ينشأ من توهمهم أن في الوجود سوى وغيرا .
فلما ساقهم الحق إلى ذلك الموطن ، أي إلى دار جهنم وأهلكهم وخلصهم عن نفوسهم بالفناء فيه ، حصل لهم عين القرب ، وانكشف لهم أن البعد من الله ما كان إلا توهما محضا ، فانقلب جهنم في حقهم بالنعيم ، لأنهم كسبوا باستعدادهم ذلك ، فصاروا عارفين بالله ومراتبه .ولكن بعد أخذ ( المنتقم ) منهم حقه.
وتحقيق هذا المعنى أن ( جهنم ) مظهر كلي من المظاهر الإلهية ، يحتوي على مراتب جميع الأشقياء ، كما أن ( الجنة ) مظهر كلي ، يحتوي على جميع مراتب السعداء . فأعيان الأشقياء إنما يحصل كما لهم بالدخول فيها ، كما أن أعيان السعداء يحصل كمالهم بدخول الجنة . وإليه أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : " إن العبد لا يزال يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه وبين الجنة إلا شبرا ، فيعمل عمل أهل النار فيدخل فيها . ولا يزال العبد يعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبين النار إلا شبرا ، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخل فيها " .
فكل من الأشقياء إذا دخل جهنم ، وصل إلى كماله الذي يقتضيه عينه . وذلك الكمال عين القرب من ربه ، كما أن أهل الجنة إذا دخلوا فيها ، وصلوا إلى كمالهم ومستقرهم ، وقربوا من ربهم .
هذا إذا كان المراد ب‍ ( المجرمين ) أهل النار .
وأما إذا كان المراد بهم السالكين ، فالمراد بجهنم دار الدنيا ، ولا إشكال حينئذ .
قال رضي الله عنه : (فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة . وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ) .
أي ، فما أعطاهم الحق هذا المقام ، أي مقام الفناء ، على سبيل الفضل والمنة ، كما لأهل الجنة ، بل إنما أخذوه بما أعطتهم أعيانهم من الأعمال التي كانوا عليها .
قال رضي الله عنه : (فكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم ، لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة ) .
أي ، وكانوا في سعيهم في أعمالهم التي عملوها بحسب متابعة الهوى والنفس ، على الصراط المستقيم الذي لربهم الحاكم عليهم بالربوبية . هذا على الأول .
وعلى الثاني ، و كانوا في سعيهم في الرياضات والمجاهدات مع النفس وتحمل المشاق والأعمال الشرعية ، على الصراط المستقيم ، لأن نواصيهم بيد الحق .
كما قال ، صلى الله عليه وسلم : " قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن ، يقلبها كيف يشاء " .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
قال رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل. فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط
مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.)
ثم قال رضي الله عنه : (وهذه الحكمة) أي: الأحدية مطلقا، (من علم الأرجل) أي: المشار إليه بقوله: «ورجله التي يمشي بها»؛ لأنها تحصل بعد السير في سائر الأحوال والمقامات، وبها معرفة مشي الحق والخلق على الصراط، وعلم السمع والبصر واليد يتعلق بالمسموعات والمبصرات والتصرفات في العالم.
ثم استدل على أن المراد بالرجل العلم المذكور بما أشار إليه في التنزيل، (وهو قوله تعالی)""وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة
فالإشارة في الأكل الموعود (لمن أقام كتبه) وهي موجبة لكشف العلوم وحصول الأطعمة الظاهرة، لا يتوقف عليها بقوله: (ومن تحت أرجلهم) إلى حصول علم الأحدية من حيث (إن) ما تحت الرجل إلا رجل، هو (الطريق الذي هو الصراط) المستقيم في قوله: "إن ربي على صراط مستقيم" [هود: 56].
وهذا الكل إنما يحصل بعد المشي والسعي فيه، فإن الطريق الذي هو الصراط المستقيم (هو للسلوك عليه) لقطع الأحوال والمقامات، والسلوك لا يكون إلا بالمشي أو السعي فيه، (والمشي فيه والسعي لا يكون إلا بالأرجل).
فهذا العلم لا يحصل إلا بالمشي والسعي فيه بالأرجل، والمشي الكسب والسعي الجذب، فمي هذا العلم علم الرجل الأرجل، وأشير إلى حصوله بالأكل من تحت الأرجل من حيث إنه غدا روحاني يحصل بالمشي والسعي في الأحوال والمقامات بأرجل الكسب أو الجذب.
 
وإذا كان هذا علم الأرجل وهي من الجوارح المخصوصة التي لا يكون لها إلا علم خاص، (فلا ينتج هذا الشهود) أي: شهود الأحدية ليتجددوا فيه (في) موطن (أخذ النواصي) أي: رقائق كل الخلائق بحيث تصير مقبوضة (بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص) من وصول الكل إلى موطن قرب الحاصل.
علم ذلك القرب من علوم الأذواق، وإن لم يكن قربا في العقل ولا في الحس والخيال في حق المجرمين، فهو
قرب في الذوق من حيث إن الصراط إنما هو للوصول إلى غاية والاستقامة تشعر بالقرب؛ لأن الخط المستقيم هو أقرب الخطوط المتواصلة بين النقطتين، ("ونسوق") هذا الشهود ("المجرمين") أي: أهل المعاصي من المؤمنين والكفار إلى مقام القرب من الحق باعتبار الصفة الهلالية التامة التجلي في جهنم بمقتضى قوله تعالى: "ومن الناس من يتخذ دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذا يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب" [البقرة: 165].  
إنما ساقهم إلى هذا المقام؛ لأنهم (هم الذين استحقوا المقام) أي: مقام القرب من الحق باعتبار التجلي الجلالي القهري بمقتضى أعيانهم الثابتة الطالبة للقرب من الحق كيف ما كان، فخص المحرمون بهذا المقام؛ لأنه (الذي ساقهم) استحقاقهم (إليه بريح الدبور التي أهلكهم ) كما أشار إليه النبي : بقوله: «نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور». رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
 
وإنما أهلكهم بها؛ لأنها نشأت (عن نفوسهم)، فأهلكهم (بها) أي: باقتضائها الإهلاك بتلك الريح المناسبة لأهوائهم التي بها يدبرون مطلع الحق ومشرق أنواره الجمالية وإن كانوا على الصراط المستقيم بطلب أعيانهم القرب من الحق باعتبار الصفة الجلالية الحاجبة عن نور الجمال.
(فهو يأخذ بنواصيهم) لتذهب بهم إلى ما يناسبهم من قرب الحق من الصفة القهرية الهلالية، (والريح) تساعده في ذلك الإيصال تعجيلا فيه، فهي (تسوقهم) من حيث مناسبتها لصفاتهم.
 
(وهي الأهواء التي كانوا عليها)، وكانت شاغله هم عن التوجه إلى مشرق أنوار الجمال الإلهي، فهي تسوقهم (إلى جهنم)؛ ذلك لأنها هي البعد الذي يقتضيه التباعد عن الحق، لكنها ليست ببعد مطلقا.
وإن (كانوا يتوهمونه) بعدا مطلقا، وإنما هي بعد عن الصفات الجمالية، وهي عين القرب من الصفات الجلالية.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن (من جهنم مع كونه على الصراط المستقيم حصلوا في عين القرب) الذي هو مقصد السير على الصراط المستقيم، لكنه قرب من تجلي الجلال الموجب العذاب لا من الذات؛ فإنه مستصحب أبدا، فهو كقرب العبد الأبق الجاني إذا ورد إلى مولاه مقيدا مشدودا ما بين كتفيه من ورائه.
 
(فزال) في نظر هذا الشهود من حيث هو مقصد السير على الصراط المستقیم (البعد) على الإطلاق، وإن كان بعدا عن تجلي الصفات الجمالية بحسب ما غلب عليهم من الأهوية، (فزال مسمی جهنم) إذ مسماها الحقيقي هو البعد المطلق عن الحق فيما يتوهم، وقد زال ذلك وإن بقى اسمها
 
الموجب للآلام الحسية والعقلية، (ففازوا بنعيم القرب)، إذ هو ملة كيفما كان عند أهل المحبة والشهود، لكن هؤلاء المجرمون من أهل الحجاب بمقتضى قوله: كلا إنهم عن تهم يؤمنو خوبونه [المطففين : 15].
لكن هذا العذاب لا يعارض تلك اللذة لو حصلا جميعا في حق أهل المحبة على أنه نعیم أيضا (من جهة الاستحقاق) لمناسبة أعمالهم؛ (لأنهم مجرمون) فكان أعمالهم مستلذة بها كما يستلذ أعيانهم الثابتة من حيث طلبها القرب الإلهي،وإن لم تستلذ بذلك أجسامهم ونفوسهم وقلوبهم وأرواحهم.
(فما أعطاهم هذا المقام) أي: مقام القرب في جهنم (الذوقي) أي: الذي لا يعرف كونه قربا إلا بالذوق المحض (اللذيذ) عند أهل الذوق من حيث ما فيه من القرب والمناسبة (من جهة المئة) حتى يلتذ بذلك منهم ما ذكرنا، بل حجبوا عن ذلك، كما قال تعالى: "فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب" [الحديد: 13].
(وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من) حيث اقتضاؤها اكتساب (أعمالهم التي كانوا عليها) الموجبة للوصول إلى جهنم، وإن كان فيها مقام القرب من الحق باعتبار تجلي الجلال والقهر؛ وذلك لأنهم (كانوا في السعي في أعمالهم) الموجبة لجهنم من حيث ما فيها من الآلام الحسية والعقلية (على صراط الرب المستقيم) الموجب لتربية العبيد بالتقريب، ولو من الحضرة الهلالية القهرية.
(لأن نواصيهم) أي: رقائقهم المكتسبة من هذه الأعمال (كانت بيد من له هذه الصفة) أي: الاستقامة الموجبة للتقريب كيفما كان، وإذا كان وصولهم إلى جهنم من جهة اشتمالها على الآلام بالأهواء، وإلى ما فيها من القرب من الحضرة الجلالية بكونهم على صراط الرب المستقيم.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
"وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة
عن علم الأرجل  ( وهذه الحكمة من علم الأرجل ) وذلك لما سبق من أنّ الفيض في ذلك على صورة المحلّ القابل ، متلبّسا بخصوصيّات المشاعر الجزئيّة ومشخّصاتها ، فهو من طرف السفل والرجل ، دون ما يفاض على العقل بكلَّيته بدون توسّط الآلات والجوارح ، فإنّه من طرف العلو .
والذي يدلّ على ذلك ( هو قوله تعالى : " في الأُكُلِ") [ 13 / 4 ] وهو التغذّي بما يفاض عليه روحا أو جسدا ( لمن أقام كتبه ) وهي كليّة تفاصيل البيان ، سواء كان من طرف الجزئيّات وفرقان الجوارح القوابل ، أو من الكلَّيات وقرآن العقول الفواعل ، أو ما يجمعهما .
كما قال الله : " وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " ( "وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " ) [ 5 / 66 ] .

وإنّما خصّص هذا بعلم الأرجل ( فإنّ الطريق - الذي هو الصراط - هو للسلوك عليه ، والمشي فيه ، والسعي لا يكون إلَّا بالأرجل ، فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم ، إلَّا هذا الفن الخاصّ من علوم الأذواق ) .
وهو أنّ الناس عند تحرّكهم في مدركاتهم الجزئيّة نحو مستلذّاتهم المألوفة ومشتهياتهم المطبوعة ، غير مستقلّ بنفسه في تلك الحركة ، بل مجبور ، جبر من أخذ نواصيه من هو أعلى منه وأقوى .
ومن ثمّة ترى التائب عن الذنب وهو الذي يتحرّك إليه بتلك الحركة طبعا عائدا إليه وهو نادم في عوده ، عائذ منه ومباشر له ، حريص عليه كما قيل :
وإذا ذكرت التائبين عن الطلا  ...... لا تنس حسرتهم على أوقاتها
" الطلا = الخمر "
ولا يتوقّف المتفطَّن اللبيب هاهنا أنّه ما ذلك إلَّا صفات مجبور محسور ، وسمات متحيّر محصور .
مساق المجرمين
( فيسوق المجرمين - وهم الذين استحقّوا ) بجرمهم ذلك وسعيهم في صراطه المستقيم ( المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور ،التي أهلكتهم عن نفوسهم بها ) .
بما ورد في الحديث: « نصرت بالصبا » وهو الريح الذي يستقبل الوجه عند توجّهك إلى مطلع شمس الظهور والإظهار « وأهلكت عاد بالدبور » ، وهو الريح الذي يستدبرك في ذلك . راجع الأحاديث البخاري ومسلم و أحمد وغيرهم.
فهو يسوقك إلى ذلك المطلع ، وإن كان ما يروحك ترويح الصبا ، وذلك من مرورها على المطلع وظهورها عليك بآثاره - كما قال  من قيس ابن الملوح العامري :
أيا جبلي نعمان باللَّه خلَّيا   .... سبيل الصبا يخلص إلىّ نسيمها
فإنّ الصباريح إذا ما تنسّمت  ..... على قلب محزون تجلَّت همومها

( فهو يأخذ بنواصيهم ، والريح تسوقهم ) ، وفي عبارته هاهنا لطيفة إنّما يتفطَّن لها من تذكَّر ما مهّدنا قبل من تقديم الضمائر الأسماء الإلهيّة ، وقربها إلى الذات ، وتخلَّف الظواهر منها وتأخّرها عنها ، وتقدّم ضمير الغايب منها على الكلّ .
ومما يلوّح على ذلك أنّ لفظ « هود » ذلك الضمير مع الدال الدالة على إظهار أمره وتعيّن حكمه .
فعلم بذلك وجه اختصاص هذا الذوق بهود فـ « هو » هو المسند إليه أخذ النواصي ، ولا شكّ أنّه كلَّما كان أقرب إلى الذات من الأسماء ، كان أقهر في الحكم وأشدّ في إنفاذه .
 
عين القرب في جهنّم
فلا تخالف كيف ، وما يروحه من أصل جبلَّته وطينة طبيعته يسوقه .
(وهي عين الأهواء التي كانوا عليها إلى جهنّم ، وهي البعد الذي كانوا يتوهّمونه ) لخفائها وسترها عن أنظارهم وعقولهم التي إنّما يتميّز ويحكم بين الأشياء بعقائد الأضواء التشريعيّة الواقعة بها أمر الصورة مواقع كمالها وتمامها .
وممّا نبّهت عليه في التلويح ظهر وجه تقدّم هذا الطرف وتقرّبه إلى الذات .
(فلمّا ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب ، فزال البعد ، فزال مسمّى « جهنّم » في حقّهم ) - وهو البعد ، فإنّه معرّب ، فارسي الأصل ، يقال : « ركية جهنام » : أي بعيدة الغور ، وكأنّه في الفرس : " چه نم " 
 ( ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنّهم مجرمون ) مجبورون في ذلك بما يحطَّ به عند الناس مراتب أقدارهم ، ومنازل تمكَّنهم في التعيّن ، واستقرارهم.
( فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنّة ، وإنّما أخذوه ) هم أنفسهم
( بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ) في أصول قابليّاتهم .
( وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الربّ المستقيم ، لأنّ نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة )

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )

قال رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل. )

قال رضي الله عنه : (من علم الأرجل)، أي يحصل بالسلوك (وهو)، أي علم الأرجل ما يشير إليه (قوله تعالى في الأكل) الذي أثبته (لمن أقام كتبه) حيث قال : "وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ "[المائدة: 66].
وهذه الإمامة إنما تتحقق بالقيام بحقها بتدبير معانيها وفهمها وكشف حقائقها ودركها والعمل بمقتضاها وتوفية حقوق ظاهرها وباطنها ومطلقها.
فلو أقاموها كذلك "لأكلوا من فوقهم" ، أي تغذوا بالعلوم الإلهية الفائضة على أرواحهم من جانب الحق سبحانه سواء كانت متعلقة بكيفية العمل أو لا بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم أو بالهام قبل العمل ("ومن تحت أرجلهم") ، أي بالعلوم الحاصلة لهم بحسب سلوكهم.
قال صلى الله عليه وسلم : "من عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم" أورده السيوطي فى الدر المنثور وابن كثير فى التفسير .
"وورد الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل بما يعلم ورثه الله ما لم يعلم»  فى حلية الأولياء لأبي نعيم "
فالأكل من فوقهم هو التغذي بالعلم المتقدم على العمل والأكل من تحت أرجلهم هو التغذي بالعلوم التي أورثها العمل .

فإن قلت : إذا كان الأكل من فوقهم التغذي بالعلم المتقدم على العمل فكيف يترتب على إقامة الكتب الإلهية فإن هذه الإقامة في العمل بمقتضاها.
قلنا: لا نسلم أولا أن إقامتها في العمل بمقتضاها بل هي أعم من أن تكون تدبر معانيها وكشف حقائقها أو العمل بمقتضاهما سلمنا لكن ترتبها إنما هو باعتبار اجتماعها مع العلوم المترتبة على العمل.
وإنما قلنا هذه الحكمة من علم الأرجل (فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه)، أي في ذلك الطريق.
قال رضي الله عنه : (والسعي) أيضا إذا كان ذلك الطريق صوريا (لا يكون إلا بالأرجل) فشبهنا السلوك بالصوري المعنوي .

قال رضي الله عنه : ( فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة  )


وأثبتنا الأرجل للسالك المعنوي كالسالك الصوري فسمينا العلم الحاصل من سلو كه المعنوي علم الأرجل على سبيل الشبه (فلا ينتج هذا الشهود)، أي شهود الأحدية (في أخذ النواصي).
أي في كون النواصي مأخوذة (بيد من هو على صراط مستقیم) یعنی لا ينتج في ذلك إلا الأخذ بشهود وحدة الأحد.
قال رضي الله عنه : (إلا هذا الفن الخاص) ، بعني علم الأرجل الذي هو (من علوم الأذواق)، فإن العلم الحاصل بالسلوك يفضي إلى شهود وحدة أخذ نواصي الخلائق والتصرف فيهم فقوله : هذا الشهود منصوب على المفعولية ، و هذا الفن مرفوع على الفاعلية ، وفي أخذ النواصي متعلق بلا ينتج .
ولما ذكر أن الأخذ بالنواصي كلها والعائد لأصحابها إنما هو الحق سبحانه أراد أن ينبه على أنه كما لا قائد بهم يأخذ بنواصيهم إلا هو كذلك لا سابق لهم إلا هو فهو القائد والسائق فذكر قوله تعالی : (فيسوق المجرمين وهم)، أى المجرمون هم : (الذين استحقوا المقام الذي ساقهم) الله تعالى (إليه).
أي إلى ذلك المقام (بريح الدبور التي أهلكهم) الحق سبحانه (عن نفوسهم بها)، أي تلك الريح.

قال رضي الله عنه : (فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم)، أي هو سبحانه يسوقهم بالریح فأسند الفعل إلى السبب ..
(وهي)، أي الريح (عين الأهواء التي كانوا عليها) ظهرت بصورة ريح الدبور لأنها انتشت من الجهة الخفية التي لها الأدبار (إلى جهنم وهي)، أي جهنم همي (البعد الذي كانوا يتوهمونه) فإنه لا بعد في الحقيقة إذ المقامات والمواطن كلها مراتب ظهوره سبحانه فلا بعد إلا على سبيل التوهم

قال رضي الله عنه : (فلما ساقهم) الله سبحانه بريح الدبور التي كانت صورة أهوائهم (إلى ذلك الموطن)، يعني جهنم وأخذ منهم الاسم المنتقم حقه على مر السنين والأجناب وخلصوا عن أنفسهم وعرفوا أن لا ملجأ ولا منجا إلا الله سبحانه .

قال رضي الله عنه : (حصلوا في عين القرب) وانكشف لهم أن البعد المسمى بجهنم ما كان إلا أمرا متوهما (فزال البعد فزال مسمي جهنم) الذي هو البعد المتوهم (في حقهم) لا ذاته التي هي ذلك الموطن (فازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق) يعني استحقاتهم المقام الذي ساقهم إليه وهو جهنم.

قال رضي الله عنه : ( الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.)

قال رضي الله عنه : (لأنهم مجرمون فما أعطاهم) الحق سبحانه (هذا المقام الذوقي اللذيذ) آخرا (من جهة المنة) من غیر عمل منهم (وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم)، أي أعيانهم الثابتة بعد اتصافهم بالوجود (من أعمالهم) بيان لما (التي كانوا عليها) مدة حياتهم.
قال رضي الله عنه : (وكانوا في السعي بعد أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم بيد من له هذه الصفة) يعني الاستقامة على الصراط (فما مشوا) إلى موطن جهنم (بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر) والقسر فإن ربهم الذي هو آخذ بنواصيهم جبرهم على ذلك المشي.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:02 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 28 يونيو 2019 - 18:52 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر الفقرة السادس الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادس : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )
قال رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب. «ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.  «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي. فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم. فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود. وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه. )
 
قال رضي الله عنه : (فما مشوا) في أعمالهم تلك واكتسبوها في الدنيا (بنفوسهم وإنما مشوا) فيه بمن ساقهم إلى ذلك و اضطرهم إلى فعله مع علمهم بحكمة في الآخرة.
وإن كان ذلك العلم عندهم ظنا أو شكا أو جحودة بمقتضى ما قال ولقد وصلنا لهم القول فقامت عليهم حجته بمجرد وصول القول إليهم (بحكم الجبر لهم) على اختيارهم ذلك وإرادته فكان مآلهم (إلى أن وصلوا إلى عين القرب) الذاتي الذي فيه الكل أزلا وأبدا . قال تعالى : " وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) " سورة الواقعة
قال رضي الله عنه : (ونحن) وهو كناية عن الوجود المطلق الظاهر بالممكنات العدمية (أقرب إليه)، أي إلى امرىء بلغت روحه الحلقوم، وأنتم حينئذ تنتظرون بلوغ روحه إلى ذلك (منكم) يا أيها الناظرون (ولكن لا تبصرون) أنتم هذا القرب المذكور (وإنما هو)، أي ذلك الميت (يبصر هذا) القرب الذاتي (فإنه)، أي ذلك الميت (مكشوف الغطاء) النفساني، فإن الموت من أوصاف النفوس.
وكذلك الحياة (فبصره)، أي ذلك الميت (حديد)، أي قوي في التحقق بذلك، ورؤية ذلك القرب وهو البصر الروحاني .
قال تعالى: "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" [ق: 22].
قال رضي الله عنه : (وما خص) تعالی بكشف الغطاء و حدة البصر (میتا من میت، أي ما خص سعيدة في القرب) الذاتي المذكور (من شقي) فقربه تعالى إلى كل شيء القرب الذاتي على السواء وهو الظهور بالوجود بعد ترك دعواه .
وقال تعالى أيضا : ("ونحن أقرب إليه")، أي إلى الإنسان ("من حبل الوريد") [ق: 16].
وهو العرق الذي يجري فيه الدم وتقوم به الحياة الدنيوية (وما خص) تعالى بهذا القرب (إنسانا من إنسان) بل عم الكل وهذا هو القرب الذاتي أيضا الذي هي عليه جميع الممكنات، علمه من علمه وجهله من جهله، فعالمه متنعم به دون جاهله في الدنيا، ولا جهل به في الآخرة للكل.
فإذا غلب على أحد أوجب نعيمه في الدنيا أو الآخرة، والقرب الآخر الاختصاصي وهو القرب الاسمائي حاصل في الدنيا لأهل الوصول ولأهل الجنة خاصة في الآخرة.
 ولا ذوق لأهل النار فيه أصلا لا دنيا ولا آخرة وهو قوله تعالى : " ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى" [النجم: 8 - 9].
ولهذا وقع فيه التشبيه بقاب القوسين بخلاف القرب الأول الذاتي، فإنه لا تشبيه فيه أصلا لاقتضاء الفناء عن الوجود المشهود والرجوع إلى الثبوت المعهود.
قال رضي الله عنه : (فالقرب) الذاتي (الإلهي) المذكور هنا لله تعالى (من العبد لا خفاء به) أصلا (في الأخبار الإلهية) الواردة على ألسنة المرسلين.
ثم شرع في بيانه فقال : (فلا قرب أقرب من أن تكون هويته)، أي ذاته يعني وجوده تعالى المطلق الذي قام به كل شيء (عين أعضاء العبد) وعين (قواه) من حيث الظهور والوجود مع قطع النظر عن خصوص الصور الإمكانية العدمية بالعدم الأصلي.
قال رضي الله عنه : (وليس العبد) الذي لا يزال يتقرب بالنوافل كما ورد في الحديث ، فهو يشهد ذلك عيانا في ظاهره وباطنه (سوى هذه الأعضاء والقوى) الواردة في الحديث من حيث هي موجودة مشهودة، لا من حيث هي مسماة بالأسماء كاليد والرجل والسمع والبصر .
قال تعالى: "ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " [يوسف: 40] الآية.
فما عبدوا من الأصنام إلا مجرد الأسماء لأنهم ما عرفوا منها إلا ذلك ولو عرفوها حق المعرفة لعرفوا الله تعالى الذي قامت بوجوده.
وكذلك ما عرفوا من نفوسهم إلا مجرد أسماء الأعضاء والقوى، ولو عرفوا ذلك حق المعرفة لعرفوا الله تعالى.
 فكان عين سمعهم وبصرهم ويدهم ورجلهم كما ورد في الحديث .
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي العبد على الحقيقة (حق)، أي وجود مطلق قدیم (مشهود)، أي ظاهر يشهده كل أحد يعرفه أو يجهله أو ينكره (في خلق) من حيث الصور الإمكانية العدمية الظاهرة والباطنة (متوهم) وجوده ولا وجود له أصلا وسبب هذا التوهم غلبة النظر العقلي وسبب المعرفة غلبة النور الإيماني على العقل حتى يكون الدليل هو الله دون العقل إذا عرفت هذا. .
قال رضي الله عنه : (فالخلق) المتوهم أمر (معقول)، أي مدرك بالعقل (والحق) سبحانه وجود (محسوس مشهود عند المؤمنين) بالغيب من حيث هو غيب لا بما تصوروا من ذلك الغيب وربطوا بعقولهم وهم السالكون في طريق الله تعالى (و) عند (أهل الكشف) الروحاني (والوجود) الحق وهم العارفون المحققون (وما عدا)، أي غير (هذين الصنفين) من علماء الكلام وغيرهم من الفرق والعامة .
قال رضي الله عنه : (فالحق) سبحانه (عندهم) أمر (معقول) يعقلونه بعقولهم ويضبطونه في خيالهم وتطمئن نفوسهم إلى ذلك.
والعلماء منهم ينزهونه عن مشابهة المحسوسات وبقية المعقولات غيره (والخلق) عندهم (مشهود) لهم محسوس معقول (فهم) عند أهل الكشف والوجود في نظر أذواقهم (بمنزلة الماء الملح الأجاج)، فإن الحق الظاهر بهم التبس عليهم بهم فغلبت صورهم الممكنة على وجوده المطلق فيهم.
فادعوا الوجود فتقيد المطلق عندهم بهم، كالماء النازل من السماء إذا خالط الأرض فغيرته وأظهرته ملحا أجاجا، ولهذا لما غاب عنهم منهم قائمون به في ظواهرهم وبواطنهم
هم معترفون بذلك لكن اعترافا غيبيا ولم يجروا على مقتضاه، وهو الحق تعالی عبدوه معقولا وعرفوه متخيلا بخيالهم وأنكروه محسوسا وكفروا من يقول بذلك ولم يؤمنوا بالكتاب كله والله يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.
قال رضي الله عنه : (والطائفة الأولى) المنقسمون إلى صنفين سالكين و واصلين، الحق عندهم هو الظاهر في جميع المظاهر.
والخلق هو المعقول المضبوط من ظهوره سبحانه في المحسوس والمعقول، فهم قد آمنوا بالكتاب كله وصدقوا بالحق مطلقة موجودة حقا على ما هو عليه في الأزل ولم يلتبس عليهم بما عقلوه من خلقه في المحسوس والمعقول فكانوا (بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه) الذي نزل من السماء وبقي على أصل وصفه لطيب الأرض التي وقع عليها فإنها تشربته ثم أخرجته منها على ما هو عليه في نفسه.
فكأنما ائتمنت على أمانة فأدتها على ما هي عليه ولم تخن فيها شيئا، ولم تتصرف في شيء منها أصلا، بخلاف الطائفة التي ذكرت قبل هذه فإنها ائتمنت فخانت، وغيرت ما أودعته، وتصرفت فيه بعقولها، وخاضت بتخيلها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )
فإذا كانت نواصيهم بيد ربهم الذي على صراط مستقیم.
قال رضي الله عنه : (فما مشوا بنفوسهم) حتى يمكن لهم الذهاب إلى طريق غير مستقیم (وإنما مشوا بحكم الجبر) من القائد والسائق وهو ربهم (إلى أن وصلوا إلى عين القرب) في موطن يسمی جهنم والجبر في الحقيقة راجع إليهم باقتضاء أعيانهم الثابتة فهم طلبوا حكم الجبر من الله فحكم الله عليهم بالجبر على حسب طلبهم."بأقوالهم وأعمالهم"
 
اعلم أن أهل النار من عصاة المؤمنین عذبوا بنار الجحيم إلى أن وصلوا عين القرب فإذا وصلوا إلى عين القرب حصل لهم هذا العلم الذوقي الذي استحقوه فما أخذوه من الله إلا باستحقاقهم ، لأن هذا العلم من علم الأرجل لا بد له من كسب ثم يأتي لهم فضل من ربهم فأخرجهم من دار الجحيم وأدخلهم في دار النعيم .
فما أعطاهم هذا المقام وهو دار النعيم إلا من جهة المنة والفضل وما أخذوه من الله إلا كذلك .
وأما المخلدون فأحرقوا بالنار إلى أن وصلوا ما وصل عصاة المؤمنين إذ لا بد من الوصول إليه ثم لا يأتي لهم فضل أبدا من ربهم فمن حيث روحانيتهم يتنعمون بنعيم القرب وهو التلذذ العلمي ومن حيث صورتهم الجسدية يتعذبون كما عذبوا ازدادوا علما هكذا إلى غير النهاية ولا استحالة فيه لأن بعض المقربين يتلذذون بنعیم مشاهدة ربهم مع أنهم يتألمون بما أصابهم من الألم هذا ممن أفاض على من روح صاحب الكتاب .
 
وقد غلط بعض الشارحين بحمل كلامه على انقطاع العذاب عن الكفار وليس ذلك مراد الشيخ بل مراده إثبات علم الأرجل لأهل النار في النار من جهة الاستحقاق كما أثبته للمؤمنين في الدنيا من جهة الاستحقاق.
أي وكيف كان لا بد لكل أحد من علم الأرجل ولا بد أن لا يكون ذلك العلم إلا من جهة الاستحقاق ويدل على ثبوت قرب الحق من عباده قوله تعالى: "ونحن أقرب إليه" أي إلى الميت
(" منكم") فقد أثبت قربه من المخاطبين بإثبات أقربينه إليه ("ولكن لا تبصرون") قربي منكم ومن كل شيء .
قال رضي الله عنه : (وإنما هو) أي الميت صاحب القرب (يبصر) قربي منه وإنما يبصر صاحب هذه القربه (فإنه) أي لأن صاحب هذه القرب (مكشوف الغطاء) أي الحجاب عن بصره (فبصره حدید) يبصر ذاتي وصفاتي ويشاهد قربي إليه أما أنتم مكشوف الغطاء فبصركم ليس بحديد .
قال رضي الله عنه : (فما خص) القرب (ميتا من ميت أي ما خص سعيدة في القرب من شقي) فدل ذلك على أن نعيم القرب عام في حق كل أحد سعيدا كان أو شقيا .
 
وكذلك يدل على عموم نعیم الغرب قوله (" ونحن أقرب إليه") أي إلى الإنسان ("من حبل الوريد" [ق: 16 ] ما خص إنسانة من إنسان) بل يعم في حق كل إنسان سعيدا أو شقيا (فالقرب الإلهي من العبد) ثابت محقق (لا خفاء به) أي القرب (في الأخبار الإلهي فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عین أعضاء العبد ونواه وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى) فإذا كان الحق عين قوى العبد
قال رضي الله عنه : (فهو) أي هوية الحق الذي كان عين أعضاء العبد ذكر الضمير باعتبار الحق (حق مشهود في) صورة (خلق متوهم فالخلق معقول) بمنزلة المرآة (والحق محسوس مشهود) ظاهر فيه
عند المؤمنين الذين قلدوا الأنبياء فيما أخبروا به من الحق قال رسول الله في حقهم في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه (و) عند (أهل الكشف والوجود) أي الوجدان فإنهم يشاهدون هذا المقام بالذوق.
 
قال رضي الله عنه : (وما عدا هذين الصنفين) الذين اتبعوا في تحصيل معلوماتهم نظرهم الفكري (فالحق عندهم معقول والخلق مشهود لهم) أي فعلم هذه الطائفة (بمنزلة الماء الملح الأجاج) كلما ازدادوا علما ازدادوا شبهة بحيث لا يروي ولا يقنع علمهم كالملح الأجاج لا يرى لشاربه وقد أشار إلى افتراق المؤمنين من أهل الكشف أولا وإلى اتحادهما ثانية .
بقوله رضي الله عنه : (والطائفة الأولى) علمهم (بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه) إذ العلم الحاصل عن كشف الإلهي لا يحتمل خلافه فيروي لشاربه فإذا كان الناس طائفتين في العلم أهل الكشف وأهل الحجب.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )
قال رضي الله عنه : " فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب. «ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.  «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي. فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم. فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.  وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه. "
المعنى ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )
قال رضي الله عنه : "فما مشوا بنفوسهم ، وإنّما مشوا بحكم الجبر " .  فساقهم من أدبارهم بالدبور ، وأخذهم بنواصيهم جبرا ، حتى أوصلهم إلى ما استحقّوا بحسب مقتضيات ذواتهم لا باختيارهم المجعول فيهم ، فافهم .
قال رضي الله عنه : « إلى أن وصلوا إلى عين القرب " وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْه ِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ " وإنّما هو مبصر ، فإنّه مكشوف الغطاء فبصره حديد ، وما خصّ ميّتا عن ميّت أي خصّ مؤمنا سعيدا دون مشرك شقيّ ونحن أقرب إليه من حبل الوريد وما خصّ إنسانا من إنسان ، فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي ، فلا قرب أقرب من أن تكون هويّته عين أعضاء العبد وقواه ، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى ، فهو حق مشهود في خلق متوهّم ، فالخلق معقول ، والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود ، وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول ، والخلق مشهود ، فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج ".
يعني : علومهم ليست إلَّا بحجابيات الأشياء وصنميّات الأعيان والأهواء ، فلا علم لهم بالحق الذي يشهدون " وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ".
 قال رضي الله عنه :" والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ شرابه لشاربيه ،

 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فما مشوا بنفوسهم ، وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب "ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْه مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ").
أي إنما وجدوه بما اقتضاه أعيانهم من أعمالهم التي كانوا يسعون فيها وبمقتضى استعداداتهم الذاتية تعلقت المشيئة الإلهية بما كانوا يعملون في أعمالهم على صراط الرب المستقيم ، لأن نواصيهم بيد من هو على الصراط المستقيم ، فهو يسلك بهم عليه جبرا إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
 
"" إضافة بالي زادة : فدل ذلك على أن نعيم القرب عام في حق كل أحد سعيدا كان أو شقيا ، وكذلك يدل على عموم نعيم القرب قوله تعالى: " ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْه "  أي إلى الإنسان - من حَبْلِ الْوَرِيدِ " اهـ بالي. ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء فبصره حديد ) أي إنما الجهنمي يبصر مع أن الله تعالى أخبر أن أهل الحجاب لا يبصرون في الدنيا لأنه هناك مكشوف الغطاء حديد البصر.
وأما قوله: "من كانَ في هذِه أَعْمى فَهُوَ في الآخِرَةِ أَعْمى وأَضَلُّ سَبِيلًا " فهو في حق من يدعوه الهادي إلى مسمى الله الرب المطلق رب العالمين ، وهذا في حق كل أحد بالنسبة إلى الرب المتجلى له في صورة عينه الآخذ بناصيته إلى ما يهواه ، فذاك في البصيرة وهذا في البصر " فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ " .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما خص ميتا من ميت : أي ما خص سعيدا في العرف من شقي "  ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْه من حَبْلِ الْوَرِيدِ ". وما خص إنسانا من إنسان فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي ، فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه ، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى ، فهو حق مشهود في خلق متوهم )
أي الظل الخيالي المذكور .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود ) أي الشهود الذوقي .
( وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود ، فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج ) .
هذين الصنفين ما عدا المؤمنين وأهل الكشف والشهود ، فالحق عندهم ما نصوروه واعتقدوا أنه غير معلوم للبشر إلا وجوده لا حقيقته ، وبعضهم تخيلوه وكلاهما يعتقدان أنه متعين ولا يشهدون إلا الخلق فهم أهل الحجاب بمنزلة الماء الأجاج ، وأما المؤمنون وأهل الكشف فبالعكس ، لأنهم يشهدون الحق والخلق عندهم ظل خيالي ليس إلا نسبة الوجود إلى الأعيان ، والنسبة معقولة ، ولهذا :
 
"" إضافة بالي زادة : ( بمنزلة الماء الملح الأجاج ) كلما ازدادوا علما ازدادوا شبهة بحيث لا يروى ولا يقنع علمهم كالملح الأجاج لا يروى شاربه ، وقد أشار إلى افتراق المؤمنين من أهل الكشف أولا وإلى اتحادهما ثانيا بقوله ( والطائفة الأولى ) بمنزلة الماء العذاب.اهـ بالى ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ شرابه )
يعنى أن الطريق والغاية كلاهما واحدة في الحقيقة وهو الحق ، فالعارف يدعو على بصيرة من اسم إلى اسم ، والجاهل يدعو على جهالة من السوي إلى السوي ، لأنه لا يعرف الحق .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )
قال رضي الله عنه : (فما مشوا بنفوسهم ، وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب ).
أي ، فما مشوا الهالكين بنفوسهم إلى جهنم ، وإنما مشوا بحكم الجبر من القائد
والسائق اللذين حكما على نفوسهم بحسب طلب أعيانهم منهما ذلك . فالجبر
في الحقيقة عائد إلى الأعيان واستعداداتها ، لأن الحق إنما يتجلى عليها بحسب
استعداداتها . ولهذا السر ما أسند الجبر إلى الرب ، بل إليهم .
 
 ( " ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ". ) استشهاد على القرب .
قال رضي الله عنه : ( وإنما هو يبصر ، فإنه مكشوف الغطاء " فبصره حديد " ) ( هو ) عائد إلى من حصل له القرب . أي ، وإنما صاحب هذا القرب يبصر قرب الحق منه ، لأنه انكشف عنه الغطاء ، فصار بصره حديدا .
كما قال في حق نبينا ، صلى الله عليه وسلم : " فكشفنا عنك غطائك ، فبصرك اليوم حديد " .
وما قاله رضي الله عنه لا ينافي قوله تعالى : " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " . لأن العمى إنما هو بالنسبة إلى الله المطلق ، رب الإنسان
الكامل ، وكشف الغطاء كونهم حديد البصر حينئذ بالنسبة إلى أربابهم الخاصة
التي تربهم فيها .
 
( فما خص ميتا من ميت ، أي ، ما خص سعيدا في القرب من شقي ) .
أي ، ما خص قوله تعالى : ( ونحن أقرب إليه منكم ) ميتا من ميت ، بل شمل الكل .
وإنما قال : ( ميتا من ميت ) لأن ضمير إليه عائد إلى ( الميت ) ، فما خص السعداء بالقرب ، كما قال في موضع آخر :
( " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " . وما خص إنسانا من إنسان ) . هذا يدل بأن المراد ب‍ ( المجرمين ) أيضا ليس قوما مخصوصا من السالكين أو أهل جهنم ، بل يشملهما .
قال رضي الله عنه : (فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي . فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه ،وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى. فهو) أي ، العبد .
 
قال رضي الله عنه : ( حق مشهود في خلق متوهم ) . أي ، ظاهرة في صورة خلق متوهم ، وهي الصورة الظلية .
وقد مر غير مرة أن كل ما يدرك ويشهد ، فهو حق والخلق متوهم ، لأن الحق هو الذي تجلى في مرآيا الأعيان ، فظهر بحسبها في هذه الصورة ، فالظاهر هو الحق لا غير .
قال رضي الله عنه : (فالخلق معقول ، والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود . وما عدا هذين الصنفين ، فالحق عندهم معقول والخلق مشهود ) .
وهم المحجوبون ، كالحكماء والمتكلمين والفقهاء وعامة الخلائق ، سوى المؤمنين
بالأولياء وأهل الكشف ، لأنهم أيضا يجدون في بواطنهم حقيقة ما ذهب إليه الأولياء .
فإن المؤمن يقوم له نصيب منهم ، وإلا ما آمن بهم .
قال رضي الله عنه : (فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج ، والطائفة الأولى بمنزلة العذب الفرات السائغ لشاربه ) . أي ، فعلمهم بمنزلة الملح الأجاج لا يروى لشاربه ولا يسكن عطش
صاحبه . وعلم الطائفة الأولى ، وهم أهل الكشف والوجود ، بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه النافع لصاحبه .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:03 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 28 يونيو 2019 - 18:55 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر الفقرة السادس الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادس : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )

قال رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.)
و (فما مشوا بنفوسهم) إلى جهة القرب من الحضرة الهلالية فيها، (وإنما مشوا بحكم الجبر) كما كانوا على صراط الرب بحكم الخير، ومن حيث الأهواء بحكم الاختيار (إلى وإن وصلوا إلى عين القرب) مع وصولهم من جهة اختيارهم الأهواء إلى عين البعد؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.

ثم أشار إلى حصول القرب لكل ميت قبل الوصول إلى جنة أو نار بقوله تعالى: "ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون " [الواقعة: 85] لاحتجابكم بأجسامكم وقواها.

(وإنما هو يبصر؛ فإنه مكشوف الغطاء) أي: الحجاب المذكور، وإن كان قد يبقى على البعض حجب الغينات الظلمانية من الاعتقادات الفاسدة، والأخلاق الردية، والهيئات المظلمة من المعاصي الظاهرة، لكنه لا يمنعه عن رؤية الحق، (فبصره حدید)، كما قال تعالى: «و لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" [ق: 22] .

لكنه إن كان في ظلمات الاعتقادات أو الأعمال الصالحة رجع أعمى كمن حبس في ظلمة مدة مديدة، وفتح له عنها فجأة عمي بصره.
فلذلك قال تعالى: "ومن كان في هذه أعمى هو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا" [الإسراء: 72]، وقال: "نحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا" [طه:124، 125] .
أي: عند كشف الغطاء بالموت الطبيعي بصيرا، قال : "قال كذلك أتتك" [طه: 126] وهي الأنوار المنيرة سلوك طريقنا فنسيتها أي: وقعتها في ظلمة النسيان أو ظلمة الأهواء المنسية لها، فكذلك اليوم تنسی.

(وما خص) في العرف وكشف الغطاء (ميتا عن ميت) في اللفظ، ولم يدل عليه أيضا عقل إذ السعادة العرفية لا توجب التمييز المذكور.
وإليه الإشارة بقوله: (أي :ما خص سعيدا في القرب من شقي)، إذ رجوع الشقي إلى العمى بعد كشف الغطاء، وكون قربه من الحضرة الجلالية كان في التمييز .

وقيل: السعيد بالعرفي؛ لأن الشقي أيضا سعید بما يحصل له من القرب والرؤية، وإن لم تنتفع بهما روحه وقلبه ونفسه وجسمه، ولكن ينتفع به عينه الثانية وسره لو كان من أهل الأسرار.
ثم أشار إلى أن القرب حاصل لكل أحد حيا أو ميتا، سعيدا أو شقا بقوله: ("ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" [ق:16] وما خص إنسانا من إنسان) أي: ما خص ما أو سعيدا من حي أو شقي، لكن قرب أهل الجنان من الحضرة الجمالية، وقرب أهل النار من الحضرة الجلالية.

وقرب الميت من رؤية الحق، وقرب كل أحد بالذات، كقرب الشمس بإشراقها على الكل، (فالقرب الإلهي) هذه الوجوه (لا خفاء في الأخبار الإلهي)، وإن اشتهر بين الخلق اختصاصه بالسعداء يوم القيامة.
قد قال تعالى: "والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده، فوفاه حسابه، والله سريع الحساب " [النور: 39].
وقال: "ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق" [الأنعام: 63]، وقال:"إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم" [الغاشية 25، 26] إلى غير ذلك.

وإذا كان أقرب من حبل الوريد؛ فليس ذلك قرب الزمان والمكان والرتبة بل قرب الذات، (فلا قرب أقرب من أن تكون هويته) أي: إشراق نور وجوده (عين أعضاء العبد وقواه) بل عين العبد؛ وذلك لأنه (ليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى)، وهذا وإن ظهر في حق البعض ممن كملت محبته وصفاؤه لا بد، وأن يكون كامنا في حق الكل سواء كان فيه استعداد ظهوره أم لا، لوحدة التجلى على الكل، وإذا كان الحق في هذا القرب عين البعد.

(فهو) أي: البعد (حق مشهود) أي: صورة حق يشهد (في خلق متوهم) باعتبار عينه الثابتة الباقية على عدمها.
(فالخلق) من حيث المجموع من الصورة المتجلية والعين المتوهمة (معقول والحق) أي: صورته المتجلية في العين الثابتة (محسوس)؛ لأنه (مشهود) منها شهود الصور المتجلية عند انطباعها في الحس المشترك، فالفرق من الحق لهذه الصورة من حيث كونها من إشراق نور الحق.

والعذاب لها من حيث انطباعها في العين الثابتة لا للوجود من حيث هو لعدم قبوله التغير بالتلذذ والتألم وغيرها، ولا للعين الثابتة من حيث عدميتها.
هذا (عند المؤمنين) بطريق الصوفية، (وأهل الكشف) وهم أهل (الوجود) الذين تم ظهوره فيهم فكوشف به
لهم عن الحقائق على ما هي عليه، (وما عدا هذين الصنفين) من المتكلمين والفلاسفة (فالحق عندهم معقول) لا يعرف إلا بالعقل، ولا ظهور له في شيء، وهم وإن كانوا مظاهر الحق إلا أن الظاهر منه فيهم قد يغير عما هو عليه في نفسه.
(فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج) لا يشفي كلامهم غليل عطش طلاب الحق؛ لأن أنظارهم مشوبة بالأوهام المالحة.
(والطائفة الأولى) لبقائهم على أصل الفطرة (بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ شرابه) في شربه شفاء، ولا يفتقر إلى تطویل مقدمات وهذا الاختلاف كما أنه في الماء باختلاف البقاع، وهاهنا باختلاف الطرق الموصلة لهم إلى المعارف.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )
قال رضي الله عنه : (  فما مشوا بنفوسهم ، وإنّما مشوا بحكم الجبر ) في ذلك البعد الموهوم .
( إلى أن وصلوا إلى عين القرب ) .
 
قال رضي الله عنه : ( "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْه ِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ" [ 56 / 85 ]  . وإنّما هو يبصر ، فإنّه مكشوف الغطاء ) لوصوله إلى قرب لا يسعه الغطاء .
( فبصره حديد ، فما خصّ ميّتا من ميّت ، أي ما خصّ سعيدا في العرف من شقيّ ) عند إثبات القرب للعبد .
فإنّه قال رضي الله عنه: ( " وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْه ِ من حَبْلِ الْوَرِيدِ " [ 50 / 16 ] وما خصّ إنسانا من إنسان ، فالقرب الإلهي من العبد ) مطلقا ( لا خفاء به  في الإخبار الإلهي ) وعدم تبيين القريب وتميّزه من البعيد منه .
 
وما ورد في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل » وهي غير التكليفات المكتوبة عليه مما خصّ بوقت معيّن ، وحدّ بعدد مخصوص ، فإنّها هي الزوائد من أفعال العبد ، وهي معدّات ذلك التقرّب ففي دلالة هذا الحديث ضرب من الإجمال ، فإنّه إنّما يتبيّن من الحديث كيفيّة ذلك القرب وغايته لا غير .
 
قال رضي الله عنه : (فلا قرب أقرب من أن تكون هويّته عين أعضاء العبد وقواه ، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى ، فهو حقّ مشهود في خلق متوهّم ) فإنّ الحقّ موجود ، والخلق كائن في ظلاله ، متخيّل ، على ما سبق في الفصّ اليوسفي .
 
الحقّ عند أهل الكشف
قال رضي الله عنه : ( فالخلق معقول ) لأنّه ليس خارج المشاعر له وجود ( والحقّ محسوس مشهود ) فإنّه الموجود في الخارج عن المشاعر ، الداخل في المداخل الحسّية على المشاعر .
وذلك إنما هو ( عند المؤمنين ) ممن وصل إلى اليقين ، وميّزه عن المتخيّلات ، إمّا نظرا وحدسا ، أو سماعا وتفرّسا ( وأهل الكشف والوجود) من الواصلين إليه بالذوق والشهود في المشاهد الحسّية التي بها أرسلت الرسل وعليها أنزلت الكتب ، بدون توسّط وضع ولا تعمّل نقل وجعل .
 
قال رضي الله عنه : ( وما عدا هذين الصنفين ) من الذاهبين إلى اعتبارية الوجود الحق ، وإلى أن له ماهيّة غير الوجود ، أو موصوفة به ( فالحقّ عندهم معقول ) ضرورة أنّه مجعول عقولهم وتصوّراتهم ، ما له في الخارج عنه مطابق ، ( والخلق مشهود ) ، فإنّ الموجود في الخارج عندهم هي الماهيّات المشخّصة وأعراضها المشخّصة لها .
 
الناس حسب علومهم قسمان
قال رضي الله عنه : ( فهم ) في إفاضة العلوم ( بمنزلة الماء الملح الأجاج ) حيث أنّه قد شاب اللطيفة العلميّة عند مرورها عليهم بما يكيّفه ويغيّره عن لطفه الطبيعي ، ويحرّفه عن أصل اعتداله الذي به يصلح لأن يتغذّى به المسترشد ويقويه أو يروح به السالك ويرويه في مسالكه ، فإنّه بتلك الكيفيّة المكتسبة الاجاجية إنّما يزيد لهم عطشا على عطش وضعفا على ضعف .
 
( والطائفة الأولى ) من أهل الذوق والإيمان الذين لم يمتزج فيهم لطيفة ماء اليقين بشوائبه المعدنيّة ، المحرّفة له عن أصل مزاجه العلمي ، فهم في إفاضتهم العلوم والمعارف ( بمنزلة الماء العذب الفرات ، السائغ لشاربه ).
 فعلم أن ما به تتميّز هذه الطائفة عن الأولى هو خلوص علومهم عن شوائب الامتزاجات الجهليّة ، وذلك غامض قلَّما يهتدي إليه المسترشد .
فنبّه على ما يظهر من آثار ذلك المميّز العلمي في أعمالهم تبيينا لأمره عند السالكين بقوله :
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.  )
 
قال رضي الله عنه : ( فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب. «ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي. «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي. فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى )


(إلى أن وصلوا إلى عين القرب) بزوال توهم البعد.
ولما أثبت القرب للمجرمين المبعدين استشهد عليه بقوله تعالى : ("ونحن أقرب إليه")، أي إلى المتوفي ("منكم ولكن لا تبصرون" وإنما هو)، أي المتوفي (يبصر فإنه مكشوف الغطاء فبصره حدید) غیر كليل ، فيبصر من هو أقرب الأشياء إليه .
(فما خص) في نسبة القرب إليه تعالى: (ميتا عن ميت، أي ما خص سعيدا في القرب) مميزة إياه (من شقي) بل شمل ذلك القرب الكل كما قال سبحانه في موضع آخر من غير تخصيص وهو قوله تعالى : (" ونحن أقرب به من حبل الوريد " فما خص إنسانا) بالقرب مميزا إياه (من إنسان) آخر في ذلك القرب.
(فالقرب الإلهي من العبد) سعيدا كان أو شقيا (لا خفاء به في الأخبار الإلهي فلا قرب أقرب من أن تكون هويته) تعالى (عين أعضاء العبد وقواه وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو)، أي العبد
 
قال رضي الله عنه : ( فهو حق مشهود في خلق متوهم. فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود. وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.)


قال رضي الله عنه : (حق مشهود في خلق متوهم)، وهو الظل المتخيل الذي سبق (فالخلق معقول) لا يدرك إلا بالعقل و الخيال بل لا وجود له إلا فيهما .
قال رضي الله عنه : (والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود)، أي الوجودان (وما عدا هذين الصنفين)، يعني أهل الكشف والوجود والمؤمنين لهم فهم على عكس ذلك (فالحق عندهم معقول والخلق مشهود) وأراد بما عداهما المحجوبين كالحكماء والمتكلمین و الفقهاء وعامة الخلائق .
قال رضي الله عنه : (فهم)، أي علمهم (بمنزلة الماء الملح الأجاج) لا يروي شاربه (و الطائفة الأولى) الذين هم أهل الكشف والوجود والمؤمنون لهم علمهم (بمنزلة الماء العذب الفرات السانغ لشاربه)، والنافع لصاحبه.

 
.



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 3 يوليو 2019 - 7:03 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 28 يونيو 2019 - 19:03 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
قال رضي الله عنه : (فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم. ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر. فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة. فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر. فلا عالم إلا هو فمن أنت؟ )
 
قال رضي الله عنه : (فالناس) في قسمة أخرى (على قسمين) :
فالقسم الأول من الناس (من يمشي) في الدنيا (على طريق يعرفها)، أي يعرف تلك الطريق (ويعرف غايتها)، أي ما ينتهي إليه أمر تلك الطريق وما تنتجه من السعادة الأبدية .
(فهي)، أي تلك الطريق (في حقه)، أي في حق هذا القسم (صراط مستقیم)، أي واضح عنده غیر معوج لأنه على بصيرة من أمره، فإذا دعا إليها كانت دعوته على بصيرة كالأنبياء والأولياء، ومن
تابعهم من المؤمنين بهم وبما هم عليه والمسلمون لهم ما هم فيه من غير تحكم عقلي ولا تصرف خيالى .
وهو قوله تعالی : "محمد رسول الله والذين معه" [الفتح: 29] الآية ، أي معه بالإيمان بما هو مؤمن به على حد ما هو مؤمن به .
وهو قول بلقيس : "وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين" [النمل: 44]، ولو أسلمت لا مع سليمان لم تكن أسلمت بل نازعت بعقلها ونافست بنفسها.
فاعلم ما هو الإيمان والإسلام، ولا يلتبس عليك بمجادلات أهل الكلام من حيث هم أهل الكلام؛ ولهذا ذم السلف علم الكلام كالإمام الشافعي رحمه الله تعالی علیه وغیره.
وقولي : من حيث هم أهل الكلام إذ لا يلزم من ذم العلم أهله فإنه قد يكون عندهم لأجل رد الخصوم ورد المبتدعة لا للاعتقاد و كتعلم الفلسفة والسحر للرد لا للعمل.
 
قال رضي الله عنه : (و) القسم الثاني (من الناس من يمشي في الدنيا على طريق يجهلها)، أي يجهل تلك الطريق (ولا يعرف غايتها)، أي ما تنتهي إليه وما تنتجه (وهي)، أي هذه الطريق المجهولة للماشي فيها عن الطريق الأولى (التي عرفها الصنف الآخر) الأول إذ الطريق واحدة لا يمكن تعددها.
لأن المقصود واحد وهو طلب الحق ونيل السعادة الأبدية به، ولكنها اختلفت وتعددت باختلاف أحوال الماشين عليها والسالكين فيها، والكل سالكون فيها .
قال تعالى: "وهو عليهم عمى" [فصلت : 44]، وقال تعالى: "يضل به كثيرا ويهډی به، كثيرا "[البقرة: 26]، فهو واحد حق، وإن تفاوتت رتب المهتدين به والضالین به التفاوت استعدادهم
فالعارف بالطريق الحق (يدعو إلى الله) تعالى كل من قبل دعوته (على بصيرة) من ذلك الطريق.
قال تعالى: "قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" [يوسف : 108]، فانظر كيف الاتباع يلحق بالمتبوع فيقتضي الشركة في البصيرة والدعوة عليها، وما ضل من ضل إلا بادعائهم المتابعة وسلوكهم بعقولهم و أنظارهم، وتصرفهم بخيالهم فيما أمر وبالإسلام له والإيمان به .
قال رضي الله عنه : (وغير العارف) بالطريق الحق، وإن كان ماشيا عليه إذ لا طريق غيره لكن لا يعرفه المعرفة الذوقية أو معرفة التصديق بها في أهلها (يدعو إلى الله) تعالى أيضا غيره من كان يقبل دعوته لكن (على التقليد) لغيره لا على البصيرة .
(و) على (الجهالة) لا على العلم الذوقي فهو الضال المضل والله يعلم المفسد من المصلح.
(فهذا) العلم المذكور هنا في شأن الحق والخلق وما الناس عليه فيهما من أحوال الطريق (علم خاص) لا يعرفه إلا العارفون .
قال رضي الله عنه : (يأتي) إلى العارف (من) جهة (أسفل سافلين) وهو عالم الصور الجسمانية (لأن الأرجل هي)
الجهة (السفل من الشخص) الماشي بها في الطريق (وأسفل منها)، أي من الأرجل (ما تحتها)، أي تحت الأرجل (وليس) الذي تحتها (إلا الطريق) الذي هي ماشية فيه .
قال رضي الله عنه : (فمن عرف الحق) تعالى أنه (عين الطريق) الذي هو ماشي فيه، لأنه الحامل له بحكم قوله تعالى : "وحملناهم في البر والبحر" [الإسراء: 70].
والطريق يحمل الماشي فيه وهو المحيط بهم بحكم قوله سبحانه : "وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس" [الإسراء: 60]. وقوله :والله "بكل شيء محيط" [فصلت: 54].
والقيوم على جميع أحوالهم الظاهرة والباطنة بحكم قوله : "قل من يملك "السمع والأبصار والأفئدة » [النحل: 78]، وقوله: "الله لا إله إلا هو الحى القيوم" [البقرة : 255]
قال رضي الله عنه : (عرف الأمر)، أي الأمر الإلهي (على ما هو عليه) في نفسه عرف أنه تعالى هو الصراط المستقيم الذي جميع المخلوقات ماشون عليه فهو الماشي بهم فيه بحكم قوله سبحانه كما مر: "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم " [هود: 56].
ولما كان كل صراط مستقیم علم الله تعالى الخلق أن يقولوا في فاتحة الكتاب : "اهدنا الصراط المستقيم * صرط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " [الفاتحة: 6 - 7]. وهو الصراط الخاص المعروف عند أهله للماشين.
 
قال رضي الله عنه : (فإن فيه)، أي الحق (جل وعلا نسلك) من أنفسنا إلى ربنا (ونسافر إليه) تعالی إذ لا معلوم على الحقيقة (إلا هو)  سبحانه (وهو) تعالی (عين السالك والمسافر) أيضا على الحقيقة. لأنه الوجود المطلق الذي قام به كل شيء معه أصلا.
 فهو قائم بنفسه وإذا كان كذلك (فلا عالم) على الحقيقة في جميع العوالم (إلا هو) سبحانه ولا شيء سواه.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
فإذا كان الناس طائفتين في العلم أهل الكشف وأهل الحجب، فقال رضي الله عنه : (فالناس على قسمين فمن الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها) أي غاية طريقة الذي تنتهي إلى الحق وهم الذين وصلوا إلى نعيم القرب الحاصل لهم سلوكهم.
(فهي في حقه صراط مستقیم) لوصوله إلى مطلوبه (ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي) في طريق هذا الشخص .
قال رضي الله عنه : (عین الطريق التي عرفها الصنف الأول فالعارف) أي فعارف الطريق وغايتها (يدعو) الخلق (إلى الله على بصيرة) لعلمه الطريق وغايتها وهم الأنبياء صلوات الله عليهم والأولياء رضي الله عنهم الوارثون والمؤمنون أي المقلدون إلى الأنبياء (وغير العارف يدعو) الخلق (إلى الله على التقليد والجهالة) وهم الحكماء المقلدون عقولهم الجاهلون أي المنكرون بالإخبارات الإلهية في حق الحق المحرومون عن العلم عن كشف إلهي فلا يعلمون الطريق ولا غايتها  .
وكذا المعتزلة فإنهم وإن لم ينكروا النصوص لكنهم يألونها بمقتضى عقولهم فلا يقلدون الأنبياء عليهم السلام فيما أخبروا به بل هم المقلدون أدلة عقولهم كالحكماء فلا يحصل لهم العلم عن كشف إلهي .
قال رضي الله عنه : (فهذا) أي العلم الحاصل لأهل الكشف (علم خاص) من علوم الأذواق (يأتي) أي يحصل لهم (من اسفل سافلين لأن الأرجل هي السفل من الشخص وأسفل منها ما) أي الذي (تحتها) أي تحت الأرجل (وليس) ما تحت الأرجل (إلا الطريق) ولا يحصل هذا العلم لنا إلا أن نجعل أنفسنا طريقة تحت أقدام الناس يعني أن نشرع طريق الفناء طريق التصفية.
 
ولما بين أحكام مقام الفرق شرع في بيان أحكام مقام الجمع بقوله:
قال رضي الله عنه : (فمن عرف الحق عين الطريق) أي فمن حرف أن الحق هو عين الطريق (عرف الأمر على ما هو عليه فإن) تعلیل وبيان لكون الأمر على ما هو عليه في هذه المسألة (فيه) أي في الطريق (جل وعلا يسلك ويسافر) في نفس الأمر (إذ لا معلوم إلا هو وهو) أي الحق (عين السالك والمسافر فلا عالم إلا هو) هذا باعتبار الأحدية الذاتية فإذا كان السالك والطريق والعالم والمعلوم وهو الحق .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
قال الشيخ رضي الله عنه : “ فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم. ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.  العارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة. فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.  فلا عالم إلا هو"
المعنى ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
 فالناس على قسمين :
من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها فهي في حقّه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر .
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة ، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة ".
يعني رضي الله عنه : أنّ الطريق إلى الحق حق عرفه من عرفه ، فسلك عليها ودعا إليها على بصيرة ، وجهلها من جهلها ، فسلك عليها على جهالة إلى غاية عليها الحق ، ودعا إلى الحق على جهالة ، لأنّ الطريق والغاية حقّ جميعها .
 
قال رضي الله عنه : « فهذا علم خاصّ يأتي من أسفل سافلين ، لأنّ الأرجل هي السفل من الشخص وأسفل منها ما تحتها وليس إلَّا الطريق ، فمن عرف الحق عين الطريق ، عرف الأمر على ما هو عليه " .
يعني رضي الله عنه : يعلمهم الله نتائج سلوكهم من كونه عين الطريق الحق الذي يسلكون عليها ، وإليه الإشارة بقوله : " وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ".
 
قال رضي الله عنه : « ففيه جلّ وعلا نسلك ونسافر ، إذ لا معلوم إلَّا هو وهو عين السالك والمسافر ، فلا عالم إلَّا هو " .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ طريق الحق حق ، والسالك سالك حقّ ، والغاية حق ، والعلم حق ، والمعلوم حق ، والعالم حق ، فما في الوجود إلَّا الحقّ ، ولكنّ الحق في كلّ متعيّن باسم ومدلول اسم ما إنّما يكون بقدره وبحسبه ، وهو حقّه الخصيص به من الحقيّة المطلقة تحقّقت في الطريق والغاية والسالك والعلم والعالم والمعلوم ، فما ثمّ إلَّا هو .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالناس على قسمين : من الناس من يمشى على طريقة يعرفها ويعرف غايتها ، فهي في حقه صراط مستقيم .
ومن الناس من يمشى على طريقة يجهلها ولا يعرف غايتها ، وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر . فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة ، وغير العارف يدعو إلى الله على التقييد والجهالة )
يعنى أن الطريق والغاية كلاهما واحدة في الحقيقة وهو الحق ، فالعارف يدعو على بصيرة من اسم إلى اسم ، والجاهل يدعو على جهالة من السوي إلى السوي ، لأنه لا يعرف الحق .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين ، لأن الأرجل هي السفل من الشخص ، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق ، فمن عرف الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه ).
يعنى أن الطريق الذي يسلك عليه أسفل من سفل ، فمن عرف علم الطريق وأنه ليس إلا الحق إذ لا شيء غيره عليه عرف أن أسفل سافلين لا يخلو عن الحق ، فعلم أن الجهنميين في القرب وإن توهموا البعد.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإن فيه جل وعلا يسلك ويسافر إذ لا معلوم إلا هو ، وهو عين السالك والمسافر فلا عالم إلا هو )
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
قال رضي الله عنه : (فالناس على قسمين : فمن الناس من يمشى على طريق يعرفها ويعرف غايتها ، فهو في حقه صراط مستقيم . ومن الناس من يمشى على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها ، وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر ) .
أي ، إذا كان الناس منهم أهل الكشف ومنهم أهل الحجاب ، فالناس على قسمين في سلوكهم على الطريق المستقيم : منهم من يمشى على طريق يعرفها ، أي ، يعرف أنها حق ، والطارق
والمطروق إليه حق ، كما قيل :
لقد كنت دهرا قبل أن تكشف الغطاء ......   أخالك إني ذاكر لك شاكر
فلما أضاء الليل أصبحت شاهدا ....... بأنك مذكور وذكر وذاكر
ويعرف غايتها من حيث إنها تنتهي إلى الحق ، فهو في حقه طريق مستقيم .
وهم العارفون الموحدون . ومنهم من يمشى على طريق يجهلها ، أي ، يجهل حقيقتها
ولا يعرف غايتها ، أي أنها ينتهى إلى الحق ، فهي في حقه ليس صراطا مستقيما ،
وإن كان عند العارفين هي بعينها صراطا مستقيما .
قال رضي الله عنه : ( فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة ) لأنه يعلم إلى من يدعو الخلق ومن الداعي ومن المدعو ، ومن حكم أي اسم من الأسماء يأخذه ويخلصه ، وفي حكم أي اسم يدخله ويريحه .
قال رضي الله عنه : ( وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة ) .
قال تعالى عن لسان نبيه ، صلى الله عليه وسلم : ( قل هذه سبيلي . أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن تبعني ) .
وهم الأولياء الوارثون لدعوة الأنبياء ، لا المقلدون من أرباب الجهالة .
قال رضي الله عنه : (فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين ، لأن ( الأرجل ) هي السفل من الشخص ، وأسفل منها ما تحتها ، وليس إلا الطريق ) .
أي ، علم الكشف يحصل للسالك من أسفل السافلين ، لأن ( الرجل ) أسفل أعضاء الإنسان ، وأسفل منها هي الطريق التي تمشى الرجل عليها .
فالمجرمون الذين كسبوا ما هو سبب إفنائهم وهلاكهم ، ففنوا في الحق وبقوا به ، وانكشف عنهم الغطاء ، وارتفع عنهم الحجاب ، فعلموا حقيقة الطريق والطارق والمطروق إليه .
ما حصل لهم ذلك إلا من أسفل سافلين . ولهذا رد الإنسان إلى " أسفل سافلين " .
فإن تحصيل الكمالات متوقف على المرور بجميع المراتب والمقامات ، كما قال تعالى :
" لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين " .
قال رضي الله عنه : (فمن عرف الحق عين الطريق ، عرف الأمر على ما هو عليه ، فإن فيه جل وعلا يسلك ويسافر ، إذ لا معلوم إلا هو ، وهو عين السالك والمسافر ، فلا عالم إلا هو ) .
أي ، فمن عرف أن الطريق الذي يسلك عليه وهو عين الحق لأن السلوك من الآثار إلى الأفعال ، ومنها إلى الأسماء والصفات ، ومنها إلى الذات ، وجميعها مراتب الحق .
والحق هو الظاهر فيها ، ولا موجود ولا معلوم إلا هو - فقد عرف الأمر على ما هو عليه ، وعرف أن سلوكه وسفره وقع في الحق ، وعرف أن الحق هو الذي يسلك ويسافر في مراتب وجوده لا غير . فالعالم والمعلوم هو لا غيره .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
قال رضي الله عنه : (   فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم. ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر. فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة. فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر. فلا عالم إلا هو )
 
قال رضي الله عنه : (فالناس) وإن كانوا جميعا مظاهر الحق (على قسمين من الناس) أظهر للإشعار بأنهم الذين يستحقون أن يسموا بهذا الاسم (من يمشي على طريق يعرفها) لكونه مكاشفا ذا بصيرة، هي أتم المشاعر وأوضحها، (ويعرف غايتها) وهي الأحدية المستصحبة؛ (فهي في حقه طريق مستقيم) لقرب مطلوبها باستصحابه فأوجبت العذوبة.
 
قال رضي الله عنه : (ومن الناس) أظهر إشعار بأنهم مغایرون للأولين من كل وجه، وإن اشتركوا في اسم الإنسانية (من يمشي على طريق يجهلها) لكونه من أرباب النظر المشوب بالأوهام، (ولا يعرف غايتها) فيزعم أنه قد قطعها، وهي مستصحبة معه، (وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر) لكنها بعدت عليهم لجهلهم، وهو الموجب للملوحة.
 
قال رضي الله عنه : (فالعارف) إنما كان بمنزلة العذب الفرات؛ لأنه (يدعو إلى الله على بصيرة) فيبصر المدعو أنه، وإن كان في الطريق قلة تجليات لا إلى نهاية .
 
قال رضي الله عنه : (وغير العارف) إنما كان بمنزلة الملح الأجاج؛ لأنه (يدعوا إلى الله على التقليد والجهالة) فيزعم أنه مقصود في الطريق فيحصل منه له، وللمدعو ظلمة في الطريق فينقطع في الطريق.
لولا أنه مأخوذ بنواصيه على صراط الرب المستقيم، وإذا كانت ملوحة إحدى الطريقين، وعذوبة الأخرى مع اتحادهما في الإيصال إلى الغاية، إنما علمت من المثنى في طريق التركية والتصفية.
(فهذا علم خاص يأتي من أسفل السافلين) أي: من الطريقة التي هي أسفل مراتب ظهور الحق، وإن كانت أعلى الطرق وأجلاها وأقومها.
 
قال رضي الله عنه : (لأن الأرجل) التي بها المثنى في الطريق (هي السفل من الشخص وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق)، وقد شبه بهما أرجل الكسب وطریق التركية والتصفية، فهما مثلهما وهما مع ذلك من صور الحق باعتبار ظهوره في مراتبه العذبة منوطة بهذه المعرفة.
 
""وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)"سورة المائدة""
قال رضي الله عنه : (فمن عرف الحق عين الطريق) مثل عينية ما يقع على الأرض من نور الشمس لها،
قال رضي الله عنه : (عرف الأمر) أي: أمر السلوك (على ما هو عليه فإن فيه جل وعلا يسلك ويسافر) : لأنه عين الطريق (فهو) أيضا (عين السالك والمسافر) فيسلك في الله بالله كالفطرة الواقعة في البحر تسافر فيه به من إحدى جانبيه إلى الآخر، فتتم الأحدية لهذا العارف.
(لا عالم) بالطريق والمقصد (إلا هو) بهذا الاعتبار، (فمن أنت؟)
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:05 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 28 يونيو 2019 - 19:05 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
 
قال رضي الله عنه : ( والناس على قسمين ) كما يشاهد كلّ أحد من أهل زمانه :
( من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها ) وكلّ طريق معروفة هي قريبة عند السالك العارف . ( فهي في حقّه صراط مستقيم ).
(ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها ، وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر ) غير أنّه متحيّر فيها ، لأنّها قد احتفّت في علمه بظلمات جهالاته المدهشة ، كالماء بعينه ، فإنّه باق على أصل طبيعته ، غير أنّه ممتزج بالأخلاط الخارجيّة .
 
قال رضي الله عنه : ( فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة ) في مسالكه العلميّة النيّرة .
( وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة ) في مسالكه المجهولة المظلمة ، فعلم أنّ الغاية هو الحقّ والتخالف إنّما هو بحسب مدارك الهادين والمهتدين .
 
قال رضي الله عنه : ( فهذا علم خاصّ ) يورثه الخاتم ، وبه ( يأتي من أسفل سافلين ) إنّما يليق به أكمل الكاملين ، وإنّما قلنا : إنّه من أسفل سافلين ( لأنّ الأرجل هي السفل من الشخص ، وأسفل منها ما تحتها ، وليس ) ذلك ( إلَّا الطريق ) وهي أعماله وأقواله التي يسعى فيها على أراضي الاستعداد منه إلى الحقّ .
قال رضي الله عنه : ( فمن عرف الحقّ عين الطريق ) وهو أسفل سافلين يعني الأعمال والأقوال الإنسانيّة التي هي أنزل منه في الظهور والوجود ، وأكمل جمعيّة في الإظهار والشهود .
قال رضي الله عنه : ( عرف الأمر على ما هو عليه ، فإنّ فيه جلّ وعلا يسلك ويسافر ، إذ ) لا مسلك من المسالك  عقديّة كانت أو عمليّة أو قوليّة - إلا وكانت معلومة للسالك والمسافر .
و ( لا معلوم إلَّا هو ، وهو عين السالك والمسافر ، فلا عالم إلَّا هو )
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو)
 
قال رضي الله عنه : (  فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم. ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر. فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة. فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص،) 
 
قال رضي الله عنه : (فالناس على قسمين) من الناس (من يمشي على طريق يعرفها)، أنها هي الحق (ويعرف غايتها) أنها ألحق أيضا (فهي في حقه صراط مستقیم ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها)، إنها الحق (ولا يعرف غايتها)، إنها الحق (وهي عين الطريق التي عرفها النصف الآخر) في كون كل منهما حق منتهية إلى الحق لا فرق بينهما إلا بمعرفة السالكين عليها وجهالتهم .
قال رضي الله عنه : (فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة) يعرف بها أنه سبحانه هو الداعي والمدعو والطريق ويعرف أيضا أنه غير منقود في البداية فهو يعرف أنه يدعو اسما على اسم إلى اسم.
قال رضي الله عنه : (وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة)، فلا يعلم وحده هذه الأشياء وكونها عين الحق ويظن أنه مفقود في البداية ، والطريق موجود في النهاية (فهذا)، أي علم الكشف والوجوه .
قال رضي الله عنه : (علم خاص يأتي)، أي يحصل (من أسفل سافلين
 
قال رضي الله عنه : ( وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر. فلا عالم إلا هو  )
 
قال رضي الله عنه : ( لأن الأرجل هي أسفل من) أعضاء (الشخص وأسفل منها)، أي من الأرجل (ما تحتها وليس) ما تحتها (إلا الطريق) الذي يسلكه السالكون بالأرجل ويحصل لهم العلم بسلوكه بها فما يأتي عليهم إلا من أسفل سافلين.
قال رضي الله عنه : (فمن عرف الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه فإن فيه)، أي في الحق (جل وعلا يسلك ويسافر) من عرف الحق فإن سفره ليس إلا في المعلومات التي هي الآثار ثم الأفعال ثم الأسماء والصفات وينتهي آخرة إلى الذات فلا يكون سفره إلا فيه تعالی .
قال رضي الله عنه : (إذ لا معلوم) من تلك المعلومات (إلا هو)، لأنها مراتب ظهوره وهو الظاهر فيها (وهو عين السالك والمسافر) في تلك المعلومات العالم بها درجة درجة (فلا عالم إلا هو) كما لا معلوم إلا هو.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:07 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة السبت 6 يوليو 2019 - 9:10 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
قال رضي الله عنه : ( فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت. وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة. ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به. فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب،  فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة، )
قال رضي الله عنه : (فمن أنت) يا أيها السالك (فاعرف حقيقتك) التي هي ذلك الوجود المطلق، فإنك به أنت لا بنفسك، وما عداه من حسك وعقلك ومحسوسك ومعقولك أمور ممکنات علمية بالعدم الأصلي قائمة به سبحانه.
 (و) اعرف (طريقتك) التي أنت سالك فيها ما هي؟
فإنها هو أيضا لأنك سالك به فيه إليه (فقد بان)، أي انكشف لك الأمر الإلهي (على لسان الترجمان) وهو المصنف رضي الله عنه .
قال رضي الله عنه : (إن فهمت) ما ذكر لك هنا، وإن لم تفهم فاستعن عن فهمه بالتصديق به على حد ما هو الصواب في علم قائله، وسلمه له على ذلك الحد الذي يعلمه قائله.
واعترف بقلبك وقالبك العجز عنه مع علوه واحترامك له، واحذر أن تنكره أو تسيء به ظنا من عدم فهمك له، فإن الله تعالى يمدك بنور منه إن آمنت به وأسلمت له ووكلته لفهم قائله، ويمدك الشيطان بإذن ربه بظلمة تقتضي خسرانك وحرمانك إن أنكرته أو أسأت به ظنا لعدم فهمك له .
 
قال رضي الله عنه : (وهو)، أي لسان الترجمان المذكور (لسان حق) من قوله سبحانه في حديث نبيه صلى الله عليه وسلم  : «ولسانه الذي ينطق به» رواه البيهقي وأبو يعلى  والبزار وغيرهم .
قال رضي الله عنه : (فلا يفهمه)، أي لسان هذا الترجمان (إلا من فهمه حق) أي يفهمه بالحق لا بنفسه وعقله عن كشف منه وحضور (فإن للحق تعالی) من حيث هو وجود مطلق (نسبا) جمع نسبة (كثيرة) نعت للنسب والنسبة مجرد إضافة لا وجود لها في نفسها .
فله تعالى من الحيثية المذكورة إضافة إلى كل شيء معدوم بالعدم الأصلي فيظهر موجودا بوجوده سبحانه (ووجوها)، أي تلك النسب يعني بوجوه ما هي مضافة إليه (مختلفة)، أي كل نسبة إلى شيء محسوس أو معقول أو موهوم بمقتضى استعداد ذلك الشيء لإضافة الوجود إليه، والأشياء مختلفة الاستعداد فهي مختلفة القبول فهي مختلفة النسب.
قال رضي الله عنه : (ألا ترى) يا أيها السالك وهو بيان الاختلاف النسب لاختلاف القبول الاختلاف الاستعداد (عادا) الأولى وهم (قوم هود عليه السلام كيف قالوا) عن السحاب الذي رأوه مستقبل أوديتهم ("هذا عارض")، أي سحاب ("ممطرنا") [الأحقاف : 24].
أي منزل علينا المطر فظنوا خيرا بالله سبحانه وإن كانوا لم يعرفوا الحق الذي هو عين الوجود المطلق الظاهر لهم في صورة السحاب الممكنة العدمية .
ولم يروا ولم يعرفوا غير تلك الصورة الممكنة العدمية، المسماة بالسحاب الظاهرة لهم بقيومية الحق الذي هو الوجود المطلق.
فإنهم في نفس الأمر حين ظنوا أن ذلك السحاب فيه مطر سينزل عليهم فيسقي أراضيهم فتنبت لهم فينتفعون بذلك.
قد ظنوا خيرا بالله سبحانه المتجلي عليهم في تلك الصورة السحابية العدمية بالعدم الأصلي، بحيث لم يتغير سبحانه حين تجليه بها عن إطلاقه القديم.
ولم يتقيد بها إلا عند من أراد أن يتجلى بها عليهم، وإن كانوا لم يشعروا بذلك.
فإنهم لم يشعروا بتجليه سبحانه عليهم في صورة نفوسهم وأجسامهم، بل صورة كل شيء محسوس لهم ومعقول كما ذكرنا فضلا عن أن يشعروا بالتجلي في تلك الصورة السحابية به.
 
والتكلم الآن من حيث الحقائق لا من حيث الظواهر العقلية فاقتضى ذلك (وهو)، أي الله سبحانه موجود (عند ظن عبده) كما ورد في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا».
فإن خصصنا العبد بعبد الاختصاص كان المراد بظنه يقينه من قوله تعالى : "الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون" [البقرة: 46].
وإن عممنا في العبد كما هو المناسب هنا كان باعتبار ظهوره تعالى في كل صورة لكل شيء، وإقبال كل شيء على ما هو مطلوبه من صورة كل شيء.
کالعطشان تجلى له في صورة الماء فظن به سبحانه خيرا من حيث لا يشعر بتجليه عليه السلام.
كذلك فكان سبحانه موجودا عند ظن عبده به بعين ما ظنه به من إزالة العطش عنه.
وهكذا في كل عبد من أهل السموات والأرض .
قال تعالى : "إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا " [مريم: 93 - 95].
قال رضي الله عنه : (فاضرب لهم)، أي لقوم هود عليه السلام الحق سبحانه (عن هذا القول) وهو قولهم: "هذا عارض ممطرنا " [الأحقاف : 24] .( فأخبرهم) سبحانه في الإضراب المذكور (بما هو أتم) لهم وأكمل (وأعلى في  القرب) إلى جنابه لأنهم ظنوا به خيرا، وإن لم يشعروا بمن ظنوا به الخير (فإنه) سبحانه (إذا أمطرهم) وأعطاهم عين ما ظنوه (فذلك)، أي المطر (حظ).
 
أي نصيب (الأرض وسقي الجهة)، أي البستان وحائط النخل الذي لهم (فما يصلون) هم (إلى نتيجة ذلك المطر) بخروج الثمار والزروع و انتفاعهم بذلك (إلا عن بعد) من الأسباب (فقال لهم) سبحانه في ذلك الإضراب (بل هو)، أي الوجود المطلق الحق (ما)، أي الذي (استعجلتم به)، أي طلبتم أن يعجلكم، يعني يأتيكم بعجلة وسرعة من كثرة شوقكم إليه من حيث لا تشعرون.
واستعجالهم به كان في صورة العذاب الذي تخيلوه بنفوسهم، فكذبوا به حين أخبرهم به نبيهم. قال تعالى : "ويستعجلونك بالعذاب" [العنكبوت : 53]، وهم كذلك.
 
ثم قال تعالى إخبارا عما جاء به ذلك العارض الذي رأوه فظنوه ممطرا هو (ريح فيها)، أي في تلك الريح ("عذاب أليم" )، أي موجع (فجعل) سبحانه (الريح إشارة إلى ما) كان لهم (فيها)، أي في تلك (من الراحة لهم) من إتعابهم (فإن بهذا الريح) التي هي "ريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية " [الحاقة: 68] .
قال رضي الله عنه : (أراحهم) سبحانه، أي أراح نفوسهم وأرواحهم (من هذه الهياكل)، أي الأجسام التي كانت لهم (المظلمة) بظلمات الغفلة والجهل بالله تعالى، والعمى عن الحق والتكذيب به، والغرور بالحياة الدنيا .
 
(و) من هذه (المسالك)، أي الطريق التي كانوا سالكين فيها بعقولهم وخيالاتهم فكانوا ضالين مضلين (الوعرة)، أي ذات الوعر غير السهل (والسدف) جمع سدفة وهي الظلمة (المدلهمة)، أي الشديدة السواد المهلكة، وهي ظلمات العقول والنفوس الضالة عن الحق.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
قال رضي الله عنه : (فمن أنت؟) استفهام إنكار أي أنت معدوم في نفسك (فاعرف) اليوم (حقيقتك وطريقتك) وتفوت وقتك حتى لا تدخل لا لعرفان حقيقتك وطريقتك في حكم قوله تعالی : " ونسوق المجرمين" [مریم: 86] فإذا عرفت ما قلناه فقد عرفت حقيقتك وطريقتك (فقد بان) أي فقد ظهر (لك الأمر) من الله على ما هو عليه وهو كون الطريق السالك والعلم والمعلوم عین الحق باعتبار أحدية الجمع (على لسان الترجمان) .
 
وهو نفسه لقوله حتى أكون مترجمة لا متحكمة أو الحق مترجمة لنا عن نبيه هود عليه السلام مقالته وهي قوله: "وما من دابة " الخ أو نبينا عليه السلام مترجما عن الحق مقالته .وهي قوله : كنت سمعه الخ وكذا جميع الأنبياء عليهم السلام والأولياء رضي الله عنهم.
 
قال رضي الله عنه : (إن فهمت ما ظهر) من لسان الترجمان أي إن كنت ذا فهم (فهو) أي لسان الترجمان (لسان السحر فلا يفهمه) أي لا يفهم أحد لسان الحق (إلا من فهمه) بسكون الهاء (حق) حتى يفهم الحق من مطلقات كلام الحق فإن الشهود بأحدية الأشياء من مطلقات کلام رب العزة ومن مفهوماته الثابتة ولا يفهمه إلا العلماء بالله وهم الذين كان الحق فهمهم وسمعهم وجميع قواهم وإنما دل على هذا المعنى لسان الترجمان .
 
قال رضي الله عنه : (فإن للحق نسبة كثيرة ووجوها مختلفة) بالنسبة إلى شيء واحد بعضها ظاهر في العموم وبعضها خفي لا يظهر إلا لمن نور الله قلبه وكذلك بالنسبة إلى آية واحدة معاني كثيرة ووجوه مختلفة بعضها ظاهر بفهمه كل أحد وبعضها خفي لا يفهمه إلا من كان فهمه حقا فلا ينحصر معنى الكلام القديم على المفهوم الأول وهو ما يفهمه العموم بل لا بد من مفهوم ثان يفهمه الخصوص  وهو الذي لا يباين لا ينافي المفهوم الأول.


فإن الله تعالی يعامل عباده في كلامه بحسب إدراكهم فكان في كلامه القديم إشارات لطيفة لا يفهمها إلا من فهم عن الله وأورد شاهدة على ثبوت ذلك المعنى .
فقال رضي الله عنه :: (ألا ترى عادة قوم هود عليه السلام كيف قالوا) حين ظهور العذاب لهم في صورة السحاب (هذا عارض) أي سحاب (ممطرنا) أي ينفعنا بإنزال المطر فظنوا هذا القهر (خبرا) أي لفظة ورحمة لهم فحسن ظنهم بالله نعاملهم الله بإعطائه لهم جزاء حسن ظنهم بالله من الجهة التي غير ما تخيلوه .
قال رضي الله عنه : (وهو) أي الحق (عند ظن عبده به فاضرب لهم الحق عن هذا القول) أي عن قولهم هذا عارض لحسن ظنهم به (فأخبرهم بما هو أتم وأعلى مما تخيلوه في القرب فإنه) أي الشأن (إذا أمطرهم) أي إذا أعطاهم الحق مما تخيلوه.
قال رضي الله عنه : (فذلك) الأمطار (حظ الأرض وسقي الحبة) المزروعة في الأرض (فما يصلون) هذا القوم (إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد) و هي حصول الغذاء الجسماني من حظوظ أنفسهم فما يحصل هذه النتيجة من المطر إلا بعد مدة مديدة بخلاف إهلاكهم فإنه يوصلهم في الحال إلى مشاهدة ربهم فهم متلذذون بأرواحهم بهذه المشاهدة ولو عذبوا من وجه على الأبد.
 
ولما بين أحوال قوم هود عليه السلام شرع في بيان إشارات الآية ولطائفها بقوله رضي الله عنه : (فقال لهم هو ما استعجلتم به ريح) حاملة لهم فيها عذاب أليم نجعل الحق (الريح إشارة إلى ما فيها) أي في الربح (من الراحة لهم فإن بهذه الريح يريح) الحق (أرواحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك) أي الطريق (الوعرة) أي الصعبة (والسدف) بضم السين وفتح الدال جمع سدنة أي الحجاب (والمدلهمة) أي الليل المظلمة .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
قال الشيخ رضي الله عنه : " فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت. وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة. ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به. فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  "

قال: ولذلك غلط عاد قوم هود حين قالوا "هذا عارض ممطرنا" (الأحقاف: 24) فظنوا بالله الخير غير أن ذلك الخير دون الخير الذي أتاهم الله به، وهو ريح فيها عذاب أليم يريحهم من هياكلهم ويلحقهم بالقرب الأتم.  فاختلف الإدراك بسبب اختلاف نسبهم إلى الأسماء الإلهية.
قال رضي الله عنه: إن العذاب الذي أصابهم من الريح، فهو من العذوبة وإن أوجعهم لفراق المألوف، فإنه يسرهم عقباه.
قال: فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم وهي جثتهم التي عمرتها الأرواح الحقية، فزالت تلك الأرواح وبقيت لهم الحياة الخاصة لجثثهم وتلك لحياة هي التي تنطق بها الجوارح يوم تشهد عليهم
قوله: إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته حرم الفواحش، ثم
فسر الفواحش بقوله: أي منع أن يعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء. قال: فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
قال: فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عین الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق فتفاضل الناس.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
قال رضي الله عنه : « فمن أنت ؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك ، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت ، وهو لسان حق فلا يفهمه إلَّا من فهمه حق ، فإنّ للحق نسبا كثيرة ووجوها مختلفة".
يشير رضي الله عنه إلى : التحريض بالتحقّق بحقيقة الأمر ، وحقيقة الأمر أن لا حقيقة ولا حقّية إلَّا لله ، وهو حق الحقيقة وحقيقتها ، فإذا تحقّقت ذلك تحقّقت أنّك عين الحق ، والحق عينك وعين قواك وجوارحك .
وأنت صورة أحدية جمع صور تنوّعات ظهوره وتعيّنات نوره ، وإذا عرفت أنّك حق على الطريق الحق ، وغايتك الحق ، وسلوكك حق ، فالكلّ حق في حق ، فاعلم ذلك ولا تكن من الجاهلين " إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ من الْجاهِلِينَ ".
 فقد بان لك الأمر على لسان ترجمان الحق وهو رسول الله الذي هو لسان حق بقوله : « كنت سمعه وبصره ويده ورجله » وحيث قال لك الحق بلسان الحق حقّا ، فافهم الحق بالفهم الحقّ حقّ الفهم ، إذ لا يفهم الحق إلَّا الحق .
 
ثم قال رضي الله عنه بعد قوله : « فإنّ للحق نسبا كثيرة ووجوها مختلفة : « ألا ترى عادا قوم هود ، كيف " قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا " فظنّوا خيرا بالله وهو عند ظنّ عبده به ؟ !
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتمّ وأعلى في القرب ، فإنّه إذا أمطرهم فذلك حظَّ الأرض وسقي الحبّة ، فلا يصلون إلى نتيجة ذلك إلَّا عن بعد .
 فقال لهم : "بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ " ، فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة لهم ، فإنّ هذه الريح أراحتهم عن هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمّة .
يعني رضي الله عنه : أنّهم لمّا ظنّوا بالله خيرا من حيث لا يشعرون والله عند ظنّ عبده به ، فأثابهم الله خيرا ممّا ظنّوا ، لكونهم حصلوا بذلك في عين الحق من حيث لم يحتسبوا ، فإنّ للحق وجوها كثيرة ونسبا مختلفة ، هم وظنونهم وأفعالهم وأحوالهم وأقوالهم من جملتها ، فجازاهم على ظنّهم بالله خيرا على وجه أتمّ وأعمّ .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
فمن أنت ؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك ، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت ) .
والترجمان هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث قال « كنت سمعه الذي يسمع به » الحديث ( وهو لسان حق ) فإن من قال الحق بالحق كان لسان الحق .
 
"" إضافة بالي زادة : (فمن أنت ) استفهام إنكاري : أي أنت معدوم في نفسك ( فاعرف ) اليوم ( حقيقتك وطريقتك ) ولا تفوت وقتك حتى تدخل لعرفان حقيقتك وطريقتك في حكم قوله :" ونَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ " فإنك إذا عرفت ما نقلناه عرفت حقيقتك وطريقتك ( فقد بان لك الأمر ) من الله على ما هو عليه ، وهو كون الطريق السالك والعلم والمعلوم عين الحق أحدية الجمع ( على لسان الترجمان ) وهو نفسه لقوله « حتى أكون مترجما لا متحكما » أو الحق مترجما لنا عن نبيه هود مقالته ، أو نبينا عليه الصلاة والسلام مترجما عن الحق قوله " كنت سمعه " اهـ بالي.
( إلا من فهمه حق ) حتى يفهم بفهم الحق مطلقات كلام الحق ، فإن الشهود بأحدية الأشياء من مطلقات كلام رب العزة ومن مفهوماته الثانية ولا يفهمه إلا العلماء باللَّه .
قوله ( فظنوا ) هذا القهر ( خيرا ) أي لطفا فحسن ظنهم باللَّه فعاملهم الله بإعطائه لهم جزاء حسن ظنهم باللَّه من الجهة التي غير ما تخيلوها اهـ بالى . ""
 
( فلا يفهمه إلا من فهمه حق ) لأن الحق إذا كان جميع قوى العبد وجوارحه كان فهمه حقا لأنه من جملة قواه ( فإن للحق نسبا كثيرة ووجوها مختلفة ) فإن له إلى كل شيء نسبة هي نسبة الوجود التي بها صار ظلا ، وفي كل عين وجها هو ظهوره بصورتها .
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى عادا قوم هود كيف قالوا " هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا " - فظنوا خيرا باللَّه وهو عند ظن عبده به فاضرب لهم الحق ) أي بقوله : " بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به " ( عن هذا القول ) الذي قالوه وهو "هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا ".
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب ، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد ) فإنه إذا أمطرهم أنبت به النبات من الأرض وسقى الحبة فنبتت ونمت وأدركت وأحصدت بعد المطر بزمان ، وكذا نماء النبات والشجر ورعاها الدواب والأنعام فأكلوا منها وشربوا لبنها بعد مدة ، ولا يصل نفع المطر وفائدته إليهم إلا عن بعد بخلاف الإراحة عن الهياكل البدنية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال لهم " بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به " ) وفسره بقوله : (" رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ " )فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة لهم ، فإن بهذه الريح يريح أرواحهم من الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة ).
 المسالك الوعرة الجثة التي يسلك الحق فيها على وعرة طوقها الغلبة الخشونة الحجابية ، والسدف : أي الحجب جمع سدفة : وهي الحجاب ، والمدلهمة : المسودة في غاية الظلمة .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
قال رضي الله عنه : ( فمن أنت ؟ ) أي ، إذا علمت أن الحق هو عين السالك وعين الطريق الذي يسلك السالك فيه ، فقد علمت من أنت ، حق أو خلق .
ثم حرص السالك ليعلم أن حقيقته حق ، وطريقته حق ، ولا يشاهد غيره في الوجود ، فيلحق بأرباب الكشف والشهود بقوله : ( فاعرف حقيقتك وطريقتك . فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت ) . أي ، ما ذكرته لك .
وجواب الشرط متقدم ، وهو قوله : ( فقد بان لك الأمر ) .
والمراد ب‍ ( الترجمان ) نفسه . لأنه يترجم عما أراه الله من حقيقة الأمر .
أو هود ، عليه السلام ، حيث قال : ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) .
أو نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال عن الله : ( كنت سمعه وبصره . . . ) مع أن جميع الأنبياء والأولياء ترجمان الحق .
قال رضي الله عنه : ( فهو لسان حق ) . أي ، لسان الترجمان لسان الحق . ( فلا يفهمه إلا من فهمه حق ) .
بتشديد ( الهاء ) ، من ( التفهيم ) . أي ، لا يفهم الأمر على ما هو عليه ولا يطاع على المراد إلا من فهمه بإلقاء نوره على قلبه .
ويجوز أن يكون ( الهاء ) ساكنة . أي ، لا يفهم معنى لسان الترجمان الإلهي إلا من فهمه حق . أي ، صار الحق عين فهمه . كما يصير عين سمعه وبصره وقواه وجوارحه ، فيفهم بالحق كلام الحق .
( فإن للحق نسبا كثيرة ووجوها مختلفة ) . يتجلى بها على أعيان الموجودات بحسب استعداداتها .
قال رضي الله عنه : ( ألا ترى عادا ، قوم هود ، كيف " قالوا ، هذا عارض ممطرنا " . فظنوا خيرا بالله ) .
أي ، ألا ترى أن قوم هود كيف قالوا لما تجلى عليهم الحق في صورة السحاب ، إن هذا عارض . أي ، سحاب ممطرنا وينفعنا .
فظنوا أن الحق تجلى لهم بصورة اللطف والرحمة .
قال رضي الله عنه : ( وهو عند ظن عبده به . فأضرب لهم الحق عن هذا القول ، فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب ) .
أي ، أضرب بقوله : " بل هو ما استعجلتم به " . أي ، هو مطلوبكم الذي يوصلكم إلى كمالكم
ويعطيكم الخلاص من أنانيتكم ، ويخرجكم من عالم التضاد والظلمة إلى عالم الوفاق والرحمة . وإنما كان هذا المعنى أتم وأعلى .
قال رضي الله عنه : ( فإنه إذا أمطرهم ، فذلك حظ الأرض وسقى الحبة ) . المزروعة فيها . ( فما
يصلون إلى نتيجة ذلك المطر ) .
وفي بعض النسخ : ( ذلك الظن ) - ( إلا عن بعد ) .
لأن المطر إذا سقى الحبة المزروعة ، لا بد أن يمضى عليها زمان طويل ومدة كثيرة حتى تحصل نتيجته ويحصل منها الغذاء الجسماني ، وهو من حظوظ أنفسهم المبعدة لهم من الحق .
وهذا الإهلاك يوصلهم في الحال إلى ربهم ويقربهم منه .
( فقال لهم : " بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم " . ) وإنما كان استعجالهم في وصولهم إلى كمالهم وقربهم من غاية مرتبتهم .
ولما كان هذا المطلوب لا يمكن حصوله إلا بفنائهم في الحق ، أهلكهم الله عن أنفسهم وأفناهم عن هياكلهم ، وهي أبدانهم الجسمانية الحاجبة عن إدراك الحقائق .
قال رضي الله عنه : (فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،)
( فجعل ) أي ، الحق . ( " الريح " إشارة إلى ما فيها من " الراحة " لهم ، فإن بهذه ( الريح ) أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة ) أي ، الطرق الصعبة المهلكة . ( والسدف المدلهمة ) . ( السدف ) جمع ( سدفة ) وهي الحجاب . و ( المدلهمة ) الليلة المظلمة .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 11:06 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة السبت 6 يوليو 2019 - 9:14 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
قال رضي الله عنه : ( فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت. وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.)
قال رضي الله عنه : (فمن أنت؟) من حيث إنك عارف لست غیر الحق، أي: غير صورته الظاهرة في عينك.
قال رضي الله عنه : (فاعرف حقيقتك) التي هي مقصدك من السلوك وبها تحققك (وطريقتك) فإنهما عين الحق، أي: من صوره الظاهرة في مراتبه، فقد علم أن السالك والعارف والطريق والمقصد عين الحق بهذا الاعتياد.
قال رضي الله عنه : (فقد بان لك الأمر) أي: أمر الأشياء المذكورة (على لسان الترجمان)، وهو قوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى: «كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها».
ولسان الرحمن أولى بذلك (فهو لسان حق) ولا يفهم من الحق كلامه سواه، (فلا يفهمه إلا من فهمه حق)، وإنما صح في حقه أن يكون الطريق والسالك والمقصد والعالم والرحمن واللسان والفهم لكثرة نسبه واختلاف وجوهه.
قال رضي الله عنه : (فإن للحق نسبا كثيرة) أدلة إلى كل موجود نسبة وحدتها (ووجوها مختلفة) ظهرت له في مراياها، وتختلف وجوهه باختلاف ظنون عبيده به، بل قد يظهر له وجوه مختلفة في أمر واحد كما في عذاب قوم هود له لطف خفي بحسب ظنونهم به، وإن لم يظهر لهم أصلا.
قال رضي الله عنه : ( ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به. فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،)
 
وإليه الإشارة بقوله: (ألا ترى عادا قوم هود) احترز به عن عاد أرم ذات العماد كيف قالوا: "فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم" [الأحقاف: 24] أي: سحابا متوجها إلى أوديتهم، قالو هذا عارض ممطرنا (فظنوا خيرا بالله) أنه يمطرهم.
وينبت لهم زروعهم، ويسقي بساتينهم، فيحصل لهم بذلك غذاؤهم (وهو عند ظن عبده به) كما ورد في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي» ؛ فعمل معهم من لطف التقريب من الحضرة الجلالية من غير إظهاره لهم، إذ كان في صورة العذاب أجل مما توقعوه منه بعد مدة.
 
قال رضي الله عنه : (فأضرب لهم الحق عن هذا القول) بقوله: "بل هو ما استعجلتم به" [الأحقاف: 24] (فأخبرهم) بطريق الإشارة من قوله: "ما استعجلتم به" (بما هو أتم وأعلى في القرب)، أما كونه أتم فلما فيه من رفع الحجب الجسمانية المظهرة لقرب الحق من كل أحد بأنه أقرب من حبل الوريد، وأما كونه أعلى فلكونه من قبيل التجليات ولو جلالية موحية للعمى بعد کشف الغطاء، وما توقعوه موجب لإرخاء الحجب وزيادتها، وما فيه من التجليات المطلوبة لا يحصل إلا بعد مدة مديدة.
 
قال رضي الله عنه : (فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقي الحبة) أولا ثم يحصل بعد مدة مديدة من ذلك الرفع، (فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد) فضلا عما تنتجه تلك النتيجة من قرب الحق بوجه ما من الجمال في الظاهر مع أنه عني الهلال في الباطن .
(فقال لهم : بل هو ما استعجلتم به)، وهو وإن كان عذابا في الظاهر إلا أن أعيانهم إنما طلبوا بذلك أن يتقربوا من حضرة الحق ولو من حيث الجلال ريح فيها عذاب أليم، فجعل ظاهره ريا معذبة.
 
وأشار إلى ما فيه من لطف التقريب من حضرته الجلالية بما يفهم من الريح والعذاب بطريق الاشتقاق البعيد، ولكنه أشار لأهل الأسرار لا للأشرار من طغاة الكفار.
قال رضي الله عنه : (فجعل الريح)، وإن كانت مدمرة لكل شيء بأمر ربها (إشارة) باعتبار ما تضمنت من لطن التقريب من الحضرة الجلالية (إلى ما فيها من الراحة لهم) عن الحجب الظلمانية، وإن رجعت عليهم حجب الأعمال والاعتقادات الفاسدة، (فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة) المانعة عن رؤية الحق من كل وجه.
 
قال رضي الله عنه : (والمسالك الوعرة) التي بها يتعوقون عن الوصول إلى مطالب أصلية لأعيانهم من التقريب إلى الحق بأي وجه كان.
(والسدف) أي: الحجب (المدلهمة) أي: المسودة للقلوب والأرواح بحيث لو سد عنهم العذاب لازدادوا ظلمة، فكان العذاب أزيد عليهم بما يكون على الحالة.

 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
 
قال رضي الله عنه : ( فمن أنت ؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك ) أنّ الحقيقة عين الطريقة ، وأنّها ناشية عنك .
( فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان ) الختمي صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال : « كنت سمعه الذي يسمع به » وصرح بالفعل ومبدئه ، وهذا ظاهر.
قال رضي الله عنه : ( إن فهمت ، وهو لسان حقّ )   لأنّ الترجمان ما له تصرف في ذلك أصلا ، ( فلا يفهمه إلا من فهمه حقّ ) فإنّه لا يعرفه ولا يفهمه إلَّا هو.
 
الحروف والكلمات
وهاهنا نكتة لا بدّ من الاطلاع عليها : وهي أنّك قد اطلعت من قبل على أنّ أصحاب علم الأرجل هم الذين يسوقهم ريح دبور الطبيعة من خلفهم  ، وهم يسعون في مقتضيات جوارحهم ومشتهيات أنفسهم ، هالكين فيها مجبورين ، وهم أهل القرب وإن كان في بعد موهوم .
وقد بيّن هاهنا أن أسفل سافلين الذي هو موطنهم من وجه ومسلكهم من آخر هو عين الحقّ ، وما هو إلَّا عالم الأفعال البشريّة وإدراكاته ، والجامع للكلّ منها هو القول الظاهر بصور الحروف والكلمات ، فإنّه الآتي بمدركات الجوارح كلَّها ، والكاشف عنها أجمع .
 
القرب الذاتي في أسفل سافلين
فقد علم في طيّ هذه المقدّمات أنّ أهل أسفل سافلين وهم أبعد الموجودات في نظر العامّة لهم القرب الذاتي .
فبيّن ذلك بقوله : ( فإنّ للحقّ نسبا كثيرة ) كثرة نسب الظلال إلى شخصه ( ووجوها مختلفة ) اختلاف وجوه تلك النسب الظلَّية بحسب قرب بعض الأطراف من الظلّ إليه وبعده عنه ، وأنت تعرف أنّ أقرب أطرافه إليه إنّما هو طرف الرجل .
قال رضي الله عنه : ( ألا ترى عادا قوم هود كيف قالوا ) لما أظلَّهم سحب هذه العوارض الكائنة المدركة بجوارحهم : ( " هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا " ) [ 46/ 24 ] . أي يفيض علينا ما به يستحصل أغذيتنا ، بعد امتزاجات معدّة وترتيب مقدّمات منتجة مستجمعة للشرائط ، كحرية أرض قابليّتهم وسلامة نبات أوليات علومهم عن الآفات .
 
تأويل ما حكي عن قوم عاد
وكأنّا قد أسمعناك من قبل أنّ القصص المنزلة السماويّة سيّما ما اختصّ منها بالخاتم ما هي حكاية أشخاص مخصوصة قد انقرضت بانقراض بعض أجزاء الزمان وأبعاضه .
فإنّها حكاية أحوال حقائق كليّة وأسماء إحصائيّة إلهيّة ، يتشخّص أفرادها في كل زمان متكلَّمين بتلك القصص حالا وقولا ، فإنّ لتلك الأحوال المختصّة بالزمان ماضيا كان أو مستقبلا وجوها شهاديّة إنّما يحتظي بها أهل الذوق والشهود .
فلا ينبغي للمسترشد اللبيب أن يقنع من تلك القصص الحكميّة بالحكايات المنقرضة في سالف من الأزمنة ، منخرطا نفسه في سلك ذوي الحرمان من القرآن الختمي على ما أخبر عن لسان حالهم قوله تعالى : " قالُوا أَساطِيرُ الأَوَّلِينَ " [ 16 / 24 ] .
وقد أومأنا إلى وجوه من المناسبات والاستعارات هاهنا ، عساك تتفطَّن بها لذلك الوجه الشهادي . فإنّ عادا على ما نبّهت عليه آنفا هم الماشون على صراط العادات التي إنّما يسوقهم إليها الأهوية الدبوريّة من خلف الطبيعة .
ولا يخفى أنّ المسترشدين منهم لمّا رأوا تلك العوارض المحسوسة المظلَّة لهم
 
قالوا : هذا العارض سيفيض علينا بعد امتزاجات وترتيبات معدّة علوما يغتذي حقيقتنا بها .
وذلك هم أهل النظر ، المستدلَّون بالصنع على الصانع .
قال رضي الله عنه : ( فظنّوا خيرا باللَّه ) وهو إفاضة ما يستحصل منه أغذيتهم وأقواتهم ، ( وهو عند ظنّ عبده به ، فأضرب لهم الحقّ عن هذا القول ) .
 
"قال الله تعالى :  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) سورة الأحقاف
 
بقوله : " بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به " ( وأخبرهم بما هو أتمّ وأعلى في القرب ) والخيريّة ( فإنّه إذا أمطرهم فذلك ) أوّلا ( حظَّ الأرض ) يعني استعداداتهم وآلاتها من الجوارح الظاهرة.
( و ) ثانيا ( سقى الحبّة ) من العلوم الأوّلية التي بها تنوط رقيقة الحبّ .
( فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلَّا عن بعد ) من تركيب الأوّليّات وثواني الامتزاجات ثمّ التفطَّنات ( فقال لهم " بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ به رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ " [ 46 / 24 ] .
 
تأويل العذاب في حقّ قوم عاد
قال رضي الله عنه : (فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة لهم ، فإنّ بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة ) الهيولانيّة الكثيفة التي هي منبع كلّ شرّ ، ومثار كلّ ظلمة ، إلى العالم العقلي الذي هو مستنزه العوالم ومستروحها أجمع .
( والمسالك الوعرة ) وهي المشاعر ومقتضياتها المتخالفة الخشنة ، ذات أغوار وأنجاد ، ملاءمة ومنافرة ( والسدف المدلهمّة ) من العوائد الرسميّة والحجب العادية ، المتراكمة المتحتّمة الانقياد عند كل طائفة وجمع من الأمم . فإنّ « السدفة » - لغة - هي اختلاط الظلمة والنور .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،  )
 
قال رضي الله عنه : ( فمن أنت؟  فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت. وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة. ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن)
 
قال رضي الله عنه : (فمن أنت فاعرف حقيقتك)، أي ماهيتك الموجودة (وطريقتك) التي بسلوكها تصل إلى كمالك فكل واحد منها هي الحتى لا غير (فقد بان لك الأمر) على ما هو عليه (على لسان الترجمان) الذي يترجم عن حقيقة الأمر (إن فهمت) ما ذكره لك، وذلك الترجمان نبينا صلى الله عليه وسلم حيث أني بحديث النوافل وهود عليه السلام حيث قال:"ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها" [هود: 56].
أو الشيخ رضي الله عنه حيث كشف هذه حقائق (فهو)، أي لسان الترجمان (لسان حق)، أي لسان هو حق كما ورد في الحديث القدسي:" كنت سمعه وبصره ويده ولسانه ".
قال رضي الله عنه : (فلا يفهمه إلا من فهمه) على لفظ المصدر (حق) کسمعه وبصره وجميع قواه وجوارحه (فإن للحق نسبا كثيرة ووجوها مختلفة)، فهو بحسب بعض هذه النسب والوجوه لسان يترجم به عما يريده بحسب بعضها فهم، أي قوة فاهمة يدرك بها ما يترجم اللسان عنه .
ثم استشهد رضي الله عنه على كثرة نسبه واختلاف وجوهه بقوله : (ألا ترى عادا) فوم هود
 
قال رضي الله عنه : ( ظن عبده به. فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة و السدف المدلهمة،)
 
قال رضي الله عنه :  (كيف "قالوا هذا عارض ممطرنا" فظنوا خيرة بالله وهو) سبحانه (عند ظن عبده به فاضرب لهم الحق عن هذا القول) بقوله : "بل هو ما استعجلتم به " (فأخبرهم بما هو أتم وأعلا في القرب فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقي الحبة) الملقاة فيها فلا بد أن يمضي عليها زمان طويل و مدة مديدة حتى تحصل نتيجة.
ويحصل منها الغذاء الجسماني الذي هو من حظوظ أنفسهم (فلا يصلون إلى نتيجة ذلك المطر) هكذا في النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه .
 
وفي بعض النسخ: ذلك الظن أي ظن أنه عارض ممطر (إلا عن بعد فقال) سبحانه (لهم) مضربا عما قالوه ( "بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم" ) [الأحقاف : 24 ] فتجلى في خيالهم أولا بصورة العارض الممطر وفي جهنم ثانية بصورة "ريح فيها عذاب أليم" .
 

فظهر من ذلك كثرة نسبه و اختلاف وجوهه (فجعل) الحق سبحانه (الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة لهم) آخرا، بحسب روحانيتهم (فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة)، أي الصعبة (و السدف)، أي الحجب (المدلهمة)، أي المظلمة .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 14 أغسطس 2019 - 20:15 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة السبت 6 يوليو 2019 - 9:20 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.  
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية. فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.  وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر. وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له. )
قال رضي الله عنه : (وفي هذا الريح) المريحة مما ذكر (عذاب أي أمر) من الأمور الإلهية (يستعذبونه)، أي يجدونه عذبا لذيذا (إذا ذاقوه) من حيث كشفهم عن حقائق نفوسهم الهالكة الفانية بظهور الوجود المطلق القيوم عليهم بالموت الذي ذاقوه.
والنفوس هي التي تذوقه أولا عذابا مؤلما، فإذا زال حکم مغایرتها واستقلالها بالوجود ذاقته عذابا لذيذا بحکم الفناء عنه كما سبق، ولكن إن غلب عليهم هذا المشهد الذوقی، وهو غالب بحكم الموت المقتضي لكشف الغطاء النفساني الذي كانوا فيه.
قال رضي الله عنه : (إلا أنه)، أي هذا الأمر الذي يستعذبونه (يوجعهم) من جهة حكم نفوسهم التي ماتوا عليها (فرقة المألوف لهم) من الدعوى القائمة بنفوسهم والغفلة التي كانوا يتوهمونها نفس الأمر، فظهر لهم ما لم يكن في حسابهم.
قال تعالى : "وبدا لهم من الله ما لم يكونا يحتسبون" [الزمر: 47].
وذلك عين العذاب وعين تألمهم به، فإن الجعل المتولد من الزبل يتألم برائحة الورد ويتعذب بها، ولهذا قال تعالى في حق أصحاب الكهف السالكين في مسالك الفتوة على طريق خاص خلاف المعهود النبینا : "لو أطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا" [الكهف: 18].
وذلك لخلاف المألوف له في مسالك النبوة المحمدية من الأنس بالحق في الخلق، وهم في الوحشة من الخلق في الحق، والأنس بالحق في الحق، ولهذا آووا إلى الكهف لينشر لهم ربهم من رحمته، وهو عين الأنس به فيه.
ولو كان لهم به أنس في الخلق كمحمد صلى الله عليه وسلم لآووا إليه تعالى لا إلى الكهف في عين ما آووا إليه من الكهف، ولكن كمال الوحشة التي قامت بهم أدتهم إلى ذلك ففروا من الخلق إلى الخلق بالحق عكس ما فعل محمد صلى الله عليه وسلم  حين قال تعالى: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى" [الكهف: 110].
فإنه فر من الحق إلى الحق بالخلق وهو نفسه، ولما كان حاله على النقيض من حالهم .
قال تعالى :"ما قال لهم فلو اطلع عليهم صلى الله عليه وسلم لأدركته الوحشة التي في نفوسهم وأخذه الرعب الذي عندهم ووحشتهم بالحق من الخلق ورعبهم كذلك ولهذا قالوا : "عمن هم خائفون منهم " إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا " [الكهف: 20]، ومحمد صلى الله عليه وسلم قاسي من قومه بالفعل أكثر مما توهموه من قومهم بالقوة، ولم يستوحش ولم يخف .
ولما كانت هذه الوحشة وهذا الرعب فيهم بالحق لا بدعوى نفوسهم، أخبر الله تعالى أن ذلك كان يؤثر في النبي صلى الله عليه وسلم لو اطلع عليهم وهم في تلك الحالة.
قال رضي الله عنه : (فباشرهم)، أي نزل بقوم هود عليه السلام (العذاب) المذكور (فكان الأمر) الإلهي الذي هو نفس الأمر إليهم (أقرب مما تخيلوه) بنفوسهم وعقولهم من نزول المطر بذلك السحاب .
ثم ظهور ذلك الريح لهم عذاب أليم (فدمرت) تلك الريح كل شيء أتت عليه منهم (بأمر ربها) القائمة به، فالمدمر إنما هو أمر ربها الممسك لها في صورتها، فالريح مدمرة بأمر ربها استعانة، وأمر ربها مدمر بها ملابسة ومصاحبة، وهذان المعنيان للباء لا تنفك الباء عنهما في اللغة العربية ، وهما الأصل في جميع المعاني لحروف الباء.
قال رضي الله عنه : (فأصبحوا)، أي ذلك القوم المدمرون بالريح (لا ترى) يا أيها الناظر (إلا مساكنهم) التي كانت تسكنها نفوسهم وعقولهم الهالكة في الله المدمرة بأمره سبحانه.
(وهي)، أي تلك المساكن (جثثهم) جمع جثة وهي أجسامهم (التي عمرتها) في الحياة الدنيا (أرواحهم الحقية)، أي المنسوبة إلى الحق سبحانه من حيث إنها ظهور أمره بحكم قوله تعالى: " قل الروح من أمر ربي" [الإسراء: 85] .
قال رضي الله عنه : (فزالت) بدمارهم (حقيقة هذه النسبة)، أي نسبة أرواحهم الحقية إلى تعمير أجسامهم وهي النسبة النفسانية الخاصة بهم (وبقيت على هياكلهم)، أي أجسامهم (الحياة الخاصة بهم)، أي بالهياكل الجسمانية من حيث هي هياكل جسمانية وهي حياة روح التركيب الجسماني وهي الحياة الجمادية كحياة الأحجار .
و (من الحق)، فإن الحياة السارية في جميع العوالم من حضرة روح الله الذي هو مظهر أمره سبحانه من اسم إلهي منقسمة إلى أربعة أقسام مفرقة في العوالم، وقد جمعت كلها في الإنسان بما هو إنسان .
فالأولى الحياة الجمادية وروحها المنفوخ :
يقتضي إمساك أجزاء الجماد الطبيعية والعنصرية، فتظهر من ذلك نسبة خاصة هي نفس ذلك الجماد من حيث ترکیب طبيعته ومزاجه من حيث ترکیب عناصره، وموته زوال هذه الحياة عنه بانفكاك تركيبه وتفريق أجزائه الطبيعية والعنصرية .
والثانية الحياة النباتية وروحها المنفوخ :
يقتضي زيادة على الحياة الجمادية نموا وظهورا من بطون الكليات الطبيعية والعنصرية، وموته زوال حياته هذه بقطع قواه المستعدة للنمو والظهور المذكور.
والثالثة الحياة الحيوانية وروحها المنفوخ :
يقتضي زيادة على الحياة الجمادية والحياة النباتية حركة وسكونا بمقتضى الحس في المحسوسات، وموته زوال هذه الحياة عنه ببطلان الحس من القلب وانقطاع القوى منه المبثوثة في سائر البدن .
والرابعة الحياة الإنسانية وروحها المنفوخ :
يقتضي زيادة على الحياة الجمادية والحياة النباتية والحياة الحيوانية إدراكا وشعورا بالنظريات العقلية والفهوم الاستدلالية، وموته زوال هذه الحياة عنه بالكلية ، فالنبات جماد، والحيوان نبات جماد، والإنسان حيوان نبات جماد .
وهذه الحياة بأنواعها الأربعة حجاب على الحياة الإلهية السارية في العوالم كلها، فمن مات عن هذه كلها ظهرت له تلك الحياة.
فكان حيا بالله لا بروح أصلا کحياة أهل الآخرة (التي) نعت للحياة المذكورة وهي الحياة الجمادية التي لجسم الميت بعد موته (تنطق بها) يوم القيامة (الجلود)، أي جلود المكلفين، وتشهد عليهم بما عملوا بها . قال تعالى : " وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء" [فصلت : 21].
قال رضي الله عنه : (والأيدي والأرجل) قال تعالى: "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " [النور: 24] .
(وعذبات) جمع عذبة وهي طرف الشيء المرسل (الأسواط) جمع سوط وهي الدرة التي يضرب بها (والأفخاذ) جمع فخذ وذلك من قوله عليه السلام: «لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل فخذه وعذبة سوطه بما فعل أهله»رواه الحاكم .
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنسان، وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، وتخبره بما أحدث أهله من بعده» هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه . تعليق الذهبي على شرط مسلم".
 
قال رضي الله عنه : (وقد ورد النص الإلهي) في الكتاب والسنة (بهذا كله) وهو ما ذكرنا وغیره (إلا أنه)، أي الله تعالى (وصف نفسه) على لسان نبيه عليه السلام (بالغيرة) .
فقال عليه السلام: «إن الله غيور» . البخاري ومسلم وأحمد والبيهقي والترمذي وغيرهم.
"عن عبد الله رضي الله عنه، قال: «لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه» رواه البخاري ".
قال رضي الله عنه : (ومن غيرته حرم الفواحش) فتحريم الفواحش أي المحرمات الشرعية البالغة في التحريم إلى الغاية لظهورها إنما كان بسبب غيرته سبحانه التي أظهرها في خلقه بحكم الغيرية في الأشياء.
فالغيرة الإلهية عين الغيرية ، والفواحش من الفحش، (وليس الفحش إلا ما ظهر) من العصيان.
(وأما فحش ما بطن) منه عن الغير وظهر لصاحبه (فهو) فحش (لمن ظهر له)، وهو قوله تعالى: " قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن" [الأعراف: 33]،
فالظاهر منها هو ما ظهر للغير، والباطن منها ظاهر لنفسه.
فالفواحش كلها ظاهرة إما للغير ولصاحبها أو لصاحبها فقط، فكل شيء محسوس أو معقول ظهر من كتم العدم.
فحكم عليه الحس أو العقل بالمغايرة للحق سبحانه القيوم علیه الظاهر فيه بوجوده المطلق المنزه عنه فاحشة حرمها الحق تعالی من غيرته سبحانه أن يكون في الوجود غيره يعرف أو يذكر.
فاقتضى تحريمه لذلك لا يعرف سبحانه ولا يذكر في عین ما حرم، فليست الغيرة إلا عن الغيرية، وليست الغيرية إلا عين التحريم، والكل من عين واحدة، فهو غيره ابتداء وتحريم انتهاء من جهته سبحانه.
وغيرته ابتداء والفواحش انتهاء من جهتنا وجهتنا هي جهته، فالغيرة عين الغيرية والتحريم عين الفاحشة.
بل التحريم منه عين الغيرة، والفاحشة منا عین الغيرية، والكل وجود واحد ظهر بأحكام كما ظهر بأعيان، والله واسع عليم .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : (و) إشارة إلى أن ما (في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه إلا أنه) إلا أن ذلك الأمر اللذيذ (يوجعهم الفرقة المألوفات) فجمع الله الرحمة والعذاب فيهم فيرحمهم الله بالرحمة الممتزجة بالعذاب في دار الشقاء فما كان في حق المشركين من الله إلا هذه الرحمة لا غير فإن الرحمة الخالصة من شرب العذاب مختصة للمؤمنين في الدار الآخرة تفريق بينهما أكمل تفریق.
 
قال بعض الشراح في هذا المقام أن الله تعالى هو الرحمن الرحيم ومن شأن من هو موصوف بهذا الصفات أن لا يعذب أحدا عذابا أبدا. تم كلامه .
هذا كلام صادق لكنه لا يعلم هذا العارف أن بعض العباد يقتفي شأنه بحسب عينه الثابتة أن يعذب عذابا أبدية فيعذبه الله على مقتضى شأنه أبدا (فباشرهم) أي الحق (العذاب) حتى خلصوا عن الهياكل المظلمة فيصلوا في الحال إلى الغذاء الروحاني وهو مشاهدة ربهم فكان الأمر الحاصل لهم بالهلاك (إليهم أقرب) و متعلق أقرب قوله إليهم (مما) أي من الذي (تخيلوه) فإذا باشرهم الحق بالعذاب.
قال رضي الله عنه : (فدمرت كل شيء بأمر ربها) أي قطعت الريح تعلق أرواحهم بظواهر أبدانهم (فأصبحوا) أي فصاروا (لا يرى إلا مساكنهم وهي جثتهم) أي أبدانهم (التي عمرها أرواحهم الحقيبة) وهي الروح التي قال الله تعالى : "فإذا سويته ونفخت فيه من روحي" [الحجر: 29]  .
(فزالت) عنهم (حقية هذه النسبة الخاصة) وحقيتها كونهم على صورة الحق من العلم والحياة والقدرة  
 
بسبب تعلق الأرواح الحقية بهم فإذا زالت تعلق الروح زالت عنهم هذه الكمالات الحقية (وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق) وهي الحق التي نصيب منها لكل شيء من الله بدون نفخ منه بخلاف الحياة الحقية فإنها لا تحصل إلا لمن يقبل الاستواء (التي) أي الحياة التي (تنطق بها) أي بسبب هذه الحياة .
قال رضي الله عنه : (الجلود والأيدي والأرجل ويذوق) الميت بها (عذابات الأسواط والأفخاذ في القبر وقد ورد النص الإلهي) من الآيات والأحاديث (بهذا) المذكور (كله) فهذه نسب جسمانية لا نسب حقانية.
ولم بين الأمر على ما هو عليه شرع في بيان سبب عدم ظهور هذه المعاني لبعض الناس بقوله (إلا) أي غير (أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة ومن جملة غيرته حرم الفواحش وليس الفحش إلا ما ظهر وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له) أي بالنسبة إليه فحش . وأما بالنسبة إلى من لم يظهر له وليس بفحش فقال :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : " و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية. فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ. وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.  وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له."
قال: ولذلك غلط عاد قوم هود حين قالوا "هذا عارض ممطرنا" (الأحقاف: 24) فظنوا بالله الخير غير أن ذلك الخير دون الخير الذي أتاهم الله به، وهو ريح فيها عذاب أليم يريحهم من هياكلهم ويلحقهم بالقرب الأتم.  فاختلف الإدراك بسبب اختلاف نسبهم إلى الأسماء الإلهية.
قال رضي الله عنه: إن العذاب الذي أصابهم من الريح، فهو من العذوبة وإن أوجعهم لفراق المألوف، فإنه يسرهم عقباه.
قال: فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم وهي جثتهم التي عمرتها الأرواح الحقية، فزالت تلك الأرواح وبقيت لهم الحياة الخاصة لجثثهم وتلك لحياة هي التي تنطق بها الجوارح يوم تشهد عليهم
قوله: إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته حرم الفواحش، ثم فسر الفواحش
بقوله: أي منع أن يعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء. قال: فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
قال: فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عین الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق فتفاضل الناس.
فهو يقول إن العارف هو الفاضل، والمحجوب هو المفضول.
ومن هنا إلى الأبيات الشعر التي أولها: فهو الكون كله، فهو مفهوم من لفظ الشيخ غیر محتاج إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه: "وفي هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا أذاقوا إلَّا أنّه يوجعهم ، لفقد المألوف ، فباشرهم العذاب ، فكان الأمر إليهم أقرب ممّا تخيّلوا " فإنّ للحق وجوها كثيرة ونسبا مختلفة ، هم وظنونهم وأفعالهم وأحوالهم وأقوالهم من جملتها ، فجازاهم على ظنّهم بالله خيرا على وجه أتمّ وأعمّ .
قال رضي الله عنه : « فدمّرت " كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ " وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقيّة .
فزالت حقّية هذه النسبة الخاصّة ، وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصّة بهم من الحق - التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل - وعذبات الأسواط والأفخاذ . وقد ورد النصّ الإلهي بهذا كلَّه " .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ التدبير كان في تدميرهم ، فدمّرت الريح ما كان قابلا للتدمير منهم ، فأزالت أرواحهم العامرة لجثثهم وأبدانهم ، فإزواح الريح أرواحهم إزواحهم عن هذه الهياكل المظلمة التي كان سلوك الحق فيها في المنازل والسمالك الوعرة الغالبة عليها حشوية الحجابية والتعيّن .
فبقيت جثثهم بلا أرواحهم ، وهم وإن زالت عنهم الحقّية التي كانت لهم من حمية الأرواح الحقّية ، ولكنّ أبقى الله عليهم الحقّية التي تخصّ أجسامهم هي حياة الحقّيّة الحفيّة .
ولكنّ التي بها تنطق الأيدي والأرجل يوم لا ينطقون بأنفسهم الناطقة وتلك حياة حييت بها الجسمانيات من حيث الجسمانية لا من حيث الروحانية .
كما أشار إلى سرّها الشيخ الكامل أبو مدين الغوثّ بقوله : سرّ الحياة سرى في الموجودات ، يعني : من حضرة الحيّ القيّوم المحيي ، فيه تجمّدت الجمادات ، وبه حييت الحيوانات ، فإنّ الجماد صورة وجودية بها حياة ذلك الجسم وكماله الوجودي .
 
""أضاف الجامع : قال الشيخ في الفتوحات الباب الثامن والخمسون وخمسمائة :
فالخلق وإن كان له السريان في الحق فهو محدود بالسريان والحق وإن كان له السريان في الخلق فهو محدود بالسريان .
وهذا كان مذهب أبي مدين رحمه الله وكان ينبه على هذا المقام بقوله الأمي العامي سر الحياة سرى في الموجودات كلها فتجمدت به الجمادات ونبتت به النباتات وحييت به الحيوانات فكل نطق في تسبيحه بحمده لسر سريان الحياة فيه فهو وإن كان رحمه الله ناقص العبارة لكونه لم يعط فتوح العبارة .
فإنه قارب الأمر ففهم عنه مقصوده وإن كان ما وفاه ما يستحقه المقام من الترجمة عنه فهذا معنى الطيب وأنه من أسماء التقييد والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.أهـ ""
 
قال رضي الله عنه : « إلَّا أنّ الله وصف نفسه بالغيرة ، ومن غيرته حرّم الفواحش ، وليس الفحش إلَّا ما ظهر »  يعني رضي الله عنه : ممّا يجب ستره .
قال رضي الله عنه : « وأمّا فحش ما بطن فهو لمن ظهر له" .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذه الريح عذاب : أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوفات فباشرهم العذاب ، فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه ) .
من الإمطار والنفع ، يعنى أنهم  لما ظنوا باللَّه خيرا والله عند ظن عبده ، فأثابهم خيرا مما ظنوا من حيث لا يشعرون .
فإن الوصول إلى ما ظنوه من الانتفاع بالمطر قد لا يقع وقد يقع من بعد والذي وقع خير وأقرب ، فإنهم وصلوا بذلك إلى الحق وحصلوا في عينه من حيث لم يحتسبوا .
فإن للحق وجوها كثيرة ونسبا مختلفة من جملتها أحوالهم وظنونهم وأقوالهم ، فإن هذه الحالة خير لهم مما ظنوا وإن أوجعتم بقطع الحياة وفرقة المألوفات ، لأن ذلك أرواحهم مما هم فيه أكثر مما أوجعتهم ، ونجاهم من التوغل والتمادي في التكذيب والعصيان الموجب للرين على القلوب ، وخفف عنهم بعض عذاب الآخرة فجازاهم على حسن ظنهم باللَّه خيرا على وجه أتم.
 
 قال الشيخ رضي الله عنه : ( فدمرت " كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ " - وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية فزالت عنهم حقية هذه النسبة الخاصة ، وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تبطل بها الجلود والأيدى والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ وقد ورد النص الإلهي بهذا كله ) .
أي فدمرت الريح بالتدبير الإلهي كل شيء مما كان قابلا للتدمير منهم ، فأراحت أرواحهم التي هي حقائقهم عن جثتهم التي هي مساكنهم بعد ما كانت عامرة لها مدبرة إياها ، وهي حقية : أي متحققة ثابتة في وجودها ثابتة للنسبة إلى أبدانها فزالت حقية نسبها إلى أبدانها .
أي تحققت نسبتها الخاصة وبقيت الهياكل حية بحياتها الطبيعية المخصوصة بها من الحق لما ذكرنا أن كل شيء وإن كان جمادا فهو ذو روح مخصوص به من الحق ، وهي الحياة التي تنطق بها الجلود والأيدى والأرجل كما ورد في القرآن وعذبات الأسواط والأفخاذ كما ورد في الحديث .
وقد أشار أبو مدين رضي الله عنه إلى هذه الحياة بقوله : سر الحياة سرى في الموجودات كلها ، فإن الحي بالذات القيوم للكل متجلي في الجمع وإلا لم يوجد ، فمن حضرة الاسم الحي يحيى كل شيء بحياة ظاهرة أو باطنه على ما مر.
 
"" إضافة بالي زادة : فإذا باشرهم الحق العذاب ( فدمرت كل شيء بأمر ربها ) أي قطعت الريح تعلق أرواحهم بظواهر أبدانهم .
قوله ( حقيقة هذه النسبة ) وحقيتها كونهم على صورة الحق من العلم والحياة والقدرة بسبب تعلق الأرواح الحقية بهم ، فإذا زال تعلق الروح زالت عنهم هذه الكمالات الحقية ( وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة ) وهي الحياة التي نصيب منها لكل شيء من الله بدون نفخ منه بخلاف الحياة الحقية ، فإنها لا تحصل إلا لمن يقبل الاستواء اه ( وعذابات الأسواط ) أي يذوق بها الميت عذبات الأسواط والأفخاذ في القبر ، فهذه نسب جثمانية لا نسب حقانية .
ولما بين الأمر على ما هو عليه شرع في بيان سبب عدم ظهور هذه المعاني لبعض الناس بقوله ( إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة ) اهـ بالى""  .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (إلا أنه تعالى قد وصف نفسه بالغيرة ، ومن غيرته حرم الفواحش وليس الفحش إلا ما ظهر) مما يجب ستره ومن جملة سر الربوبية فقد قيل إفشاؤه كفر .
( وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له ) .
وهو الحق ومن أظهره الله عليه ، وذلك أن الحق هو الظاهر والباطن.
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : (وفي هذه الريح عذاب ، أي ، أمر يستعذبونه إذا ذاقوه ، إلا أنه يرجعهم لفرقة المألوفات ).
أي ، الريح المهلكة وإن كانت في الظاهر مؤلمة موجعة لهم لإخراجهم عن العالم الجسماني المتألفة قلوبهم به ، لكن فيها لطف مستور ، لأن تحت كل قهر لله تعالى ألطافا مكنونة يستعذبونه إذا وصلوا إليه عقيب الوجع .
 
( فباشرهم العذاب ، ) أي ، أهلكهم . ( فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه ) .
أي ، الأمر الذي كان مطلوبهم بالحقيقة ، كان أقرب إليهم من المطلوب المتخيل
لهم ، وهو ما يحصل من المزروعات .
 
قال رضي الله عنه : (قد مرت كل شئ بأمر ربها ، فأصبحوا ، لا يرى إلا مساكنهم ، أي ، جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية ) .
فأهلكت الريح كل شئ يتعلق بظاهرهم ، بأمر ربها ، وهو الواحد القهار . فبقيت أبدانهم خالية عن الأرواح المتصرفة فيها وعن قواها في قوله : ( عمرتها أرواحهم الحقية ) إشارة إلى أن الأرواح هي التي تعمر الأبدان ، وتكونها أولا في رحم الأم ، ثم تدبرها في الخارج ، فهي موجودة قبل وجود الأبدان .
ولما كانت الروح سدنة من سدنات الرب المطلق واسما من أسماء الحق تعالى ، قال : ( الحقية ) . فإنه بها يرب الحق الأبدان .
واعلم ، أن كل من اكتحلت عينه بنور الحق ، يعلم أن العالم بأسره عباد الله ، وليس لهم وجود وصفة وفعل إلا بالله وحوله وقوته ، وكلهم محتاجون إلى رحمته ، وهو الرحمن الرحيم . ومن شأن من هو موصوف بهذه الصفات ألا يعذب أحدا عذابا أبدا .
وليس ذلك المقدار من العذاب أيضا إلا لأجل إيصالهم إلى كمالاتهم المقدرة لهم ، كما يذاب الذهب والفضة بالنار لأجل الخلاص مما يكدره وينقص عياره ، فهو متضمن لعين اللطف والرحمة .
كما قيل :
وتعذيبكم عذب وسخطكم رضى ...... وقطعكم وصل وجوركم عدل
والشيخ رضي الله عنه إنما يشير في أمثال هذه المواضع إلى ما فيها من الرحمة الحقانية . وهي من المطلعات المدركة بالكشف ، لا أنه ينكر وجود العذاب وما جاء به الرسل من أحوال جهنم . فإن من يبصر بعينه أنواع التعذيب في النشأة الدنياوية لسبب الأعمال القبيحة ، كيف ينكره في النشأة الأخراوية .
وهو من أكبر ورثة الرسل ، صلوات الله عليهم أجمعين . فلا ينبغي أن يسئ أحد ظنه في الأولياء الكاشفين لأسرار الحق بأمره .
قال رضي الله عنه : (فزالت حقيقة هذه النسب الخاصة ، وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق ) .
أي ، فزالت الأرواح المجردة التي هي من مدبرات الأبدان والحياة الفائضة عليها منها ، وبقيت الحياة التي للأبدان بحسب روحانية كل من العناصر الأربعة .
وهذا إشارة إلى أن لكل شئ ، جمادا كان أو حيوانا ، حياة وعلما ونطقا وإرادة ، وغيرها مما يلزم الذات الإلهية ، لأنها هي الظاهرة بصور الجماد والحيوان .
لكن لما كان ظهورها في الحس مشروطا بوجود مزاج معتدل إنساني ، ظهر فيه ولم يظهر في غيره ، ومن عدم ظهور الشئ في الشئ ، لا يلزم أن لا يكون ذلك الشئ فيه هذا بالنسبة إلى أهل عالم الملك .
أما بالنسبة إلى أهل الملكوت ومن يدخل فيها من الكمل ، فليس مشروطا بذلك وإنما جعل الهياكل نسبا خاصة ، لأن العالم من حيث إنه عالم ليست إلا عين النسب ، فإن كلا من أهله ذات مع نسبة معينة : والذات من حيث هي هي عين الحق ، والنسب عين العالم .
 
أو المراد ب‍ ( النسب ) هاهنا ، الحياة والعلم والإرادة والقدرة ، لأنها تزول مع زوال الروح المجردة منها . وهذا هو الأظهر . وإن كان الأول إلى التحقيق أقرب .
ومعناه : أي ، زالت هذه النسب الحقانية ، أي الروحانية ، وبقيت النسب الجسمانية .
( التي ينطق بها الجلود والأيدي والأرجل ) كما نطق به القرآن المجيد .
( وعذبات الأسواط والأفخاذ) كما جاء في الحديث النبوي .( وقد ورد النص الإلهي بهذا كله) 
وإنما يتمسك بما ورد ، تأنيسا للمحجوبين من المؤمنين ، لأنهم يسارعون في القبول إذا وجد شئ منها في القرآن والحديث ، لا أنه مستند حكمه . فإنه يكاشف هذه المعاني ويجدها كما هي .
قال رضي الله عنه : ( إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة . ومن غيرته " حرم الفواحش " ) ( إلا ) بمعنى ( غير ) . أي ، للأيدي والأرجل والجلود ، حياة ونطق غير أن الحق غيور ولا يريد أن يطلع المحجوبين على أسراره ، فلذلك ستر حياتهم ونطقهم من غير أهل الله ، وكشف على من جعله من لمحبوبين من الأنبياء والأولياء والصالحين اعتناء لحالهم .
وإخبارهم عنها بأمر الحق ، ليميز المطيع المؤمن من المنكر الكافر .
ولما وصف الحق بالغيرة جاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ومن غيرته حرم الفواحش " . كما جاء : " ألا ، وأن لكل ملك حمى ، وحمى الله محارمه " .
ولما كان ( الفحش ) عبارة عن ( الظهور ) لغة قال : ( وليس الفحش إلا ما ظهر ، وأما فحش ما بطن ، فهو لمن ظهر له ) .
أي ، ليس الفاحش إلا ما ظهر في العين الحسى وما بطن فهو بالنسبة إلى من ظهر عنده فاحش.
فاستعمل ( الفحش ) وأراد ( الفاحش ) كما يقال : رجل ( عدل ) . أي ، عادل .  

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 6 يوليو 2019 - 19:41 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة السبت 6 يوليو 2019 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : ( وفي هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية. فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.  وقد ورد النص الإلهي بهذا كله (
وإليه الإشارة بقوله: (ألا ترى عادا قوم هود) احترز به عن عاد أرم ذات العماد كيف قالوا: "فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم" [الأحقاف: 24] .
أي: سحابا متوجها إلى أوديتهم، قالو هذا عارض ممطرنا (فظنوا خيرا بالله) أنه يمطرهم.
وينبت لهم زروعهم، ويسقي بساتينهم، فيحصل لهم بذلك غذاؤهم (وهو عند ظن عبده به) كما ورد في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي» ؛ فعمل معهم من لطف التقريب من الحضرة الجلالية من غير إظهاره لهم، إذ كان في صورة العذاب أجل مما توقعوه منه بعد مدة.
 
قال رضي الله عنه : (فأضرب لهم الحق عن هذا القول) بقوله: "بل هو ما استعجلتم به" [الأحقاف: 24] (فأخبرهم) بطريق الإشارة من قوله: "ما استعجلتم به" (بما هو أتم وأعلى في القرب)، أما كونه أتم فلما فيه من رفع الحجب الجسمانية المظهرة لقرب الحق من كل أحد بأنه أقرب من حبل الوريد، وأما كونه أعلى فلكونه من قبيل التجليات ولو جلالية موحية للعمى بعد کشف الغطاء، وما توقعوه موجب لإرخاء الحجب وزيادتها، وما فيه من التجليات المطلوبة لا يحصل إلا بعد مدة مديدة.
 
قال رضي الله عنه : (فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقي الحبة) أولا ثم يحصل بعد مدة مديدة من ذلك الرفع، (فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد) فضلا عما تنتجه تلك النتيجة من قرب الحق بوجه ما من الجمال في الظاهر مع أنه عني الهلال في الباطن .
(فقال لهم : بل هو ما استعجلتم به)، وهو وإن كان عذابا في الظاهر إلا أن أعيانهم إنما طلبوا بذلك أن يتقربوا من حضرة الحق ولو من حيث الجلال ريح فيها عذاب أليم، فجعل ظاهره ريا معذبة.
 
وأشار إلى ما فيه من لطف التقريب من حضرته الجلالية بما يفهم من الريح والعذاب بطريق الاشتقاق البعيد، ولكنه أشار لأهل الأسرار لا للأشرار من طغاة الكفار.
قال رضي الله عنه : (فجعل الريح)، وإن كانت مدمرة لكل شيء بأمر ربها (إشارة) باعتبار ما تضمنت من لطن التقريب من الحضرة الجلالية (إلى ما فيها من الراحة لهم) عن الحجب الظلمانية، وإن رجعت عليهم حجب الأعمال والاعتقادات الفاسدة، (فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة) المانعة عن رؤية الحق من كل وجه.
 
قال رضي الله عنه : (والمسالك الوعرة) التي بها يتعوقون عن الوصول إلى مطالب أصلية لأعيانهم من التقريب إلى الحق بأي وجه كان.
(والسدف) أي: الحجب (المدلهمة) أي: المسودة للقلوب والأرواح بحيث لو سد عنهم العذاب لازدادوا ظلمة، فكان العذاب أزيد عليهم بما يكون على الحالة التي (جاءهم العذاب) فيها وهذا عين اللطف.
قال رضي الله عنه : (وفي هذه الريح عذاب) في الظاهر وهو لطف في الباطن، يشير إليه اشتقاقه البعيد من العذاب، (أي: أمر يستعذبونه إذا ذاقوه) بأسرارهم لو كانوا من أهل الأسرار، لكنهم محجوبون فإن فرض أنهم ذاقوه فهو أيضا عذاب في حقهم، كما أشار إليه بقوله.
 
قال رضي الله عنه : (إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوفات) أي : المشتهيات، إذ حيل بينهم وما يشتهون، ولا يذوقه حق الذوق إلا من فارق المألوفات في الدنيا، وبالجملة لما كان قريبا من التجلي الجلالي، وإن خفي عليهم أبدا، فكان الأمر أقرب إليهم في الوصول إلى مطالب أعيانهم الثابتة مما يخيلوه من لطف الفناء لهم.
ولما كان الوصول إلى الحق سواء كان من حيث تجلي الحلال أو الجمال لا يصير إلا بتدمير ما سواه في الريح يقتضيه من جهة كونها لطفا كما يقتضيه من جهة كونها عذابا،("تدمر كل شيء بأمر ربها") [الأحقاف:25]
 بقطع علامة البعض عن البعض لئلا يحجبه عن الحق، ("فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم") أي: أبدانهم التي كانت مساكن أرواحهم ساكنة بلا روح.
 
وذلك لأنها حية (جثثهم التي عمرتها أرواحهم الحقية) أي: الفائضة من الحق بلا واسطة مادة عمرتها بانتسابها إليها، وفيضان الحياة عليها، فادعت الحقية لأنفسها، وحجبت عن الحق (فزالت) بهذا التدمير (حقية هذه النسب الخاصة) ليرتفع حاجبها عن الحق.
 
وإن كان قد (بعثت على هياكلهم الخاصة بهم) لا بواسطة انتساب أرواحهم إلى أبدانهم، وهي الحياة الفائضة على كل موجود (من الحق) وهي (التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذابات الأسواط والأفخاذ وقد ورد النص الإلهي بهذا كله).
كما قال تعالى: "وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء" [فصلت: 21]، وقال: "وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم" [يس: 65].
 
وقال صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل فخذه بما عمل أهله بعده، وحتى تکلمه عذبة سوطه".رواه الحاكم في المستدرك وابن أبي شيبة في المصنف.
أو قال: ما يقرب من هذا، فجعل ذلك بمنزلة النص الإلهي؛ لأنه "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3، 4].
 
قال رضي الله عنه : ( إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.  وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.)
ثم أشار إلى أن هذا العذاب، وإن كان لطفا في الباطن في نظر أهل الأسرار والكشف، إلا أنه لم يظهره تعالى على المعذبين.
فقال: (إلا أنه تعالی) استثناء من قوله: فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب .
أي: أنه تعالى وإن أخبرهم بطريق الإشارة فلم يفهمهم تلك الإشارة، ولم يظهر لهم ذلك اللطف من غيرته عليهم، حيث آثروا محبة الغير عليه السلام.
وذلك لأنه تعالى (وصف نفسه) على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم  (بالغيرة) إذ قال صلى الله عليه وسلم : «إن الله يغار، ومن غيرته حرم الفواحش». رواه البيهقي و ابن أبي شيبة في المصنف.
 
لأنها شغل بالغير بالكلية بحيث يحتجب ذلك العبد عن الحق بالكلية، فيحجبه الحق عن لطفه الكائن في تجليه الجلالي.
ثم استشعر سؤالا :
بأنه كيف يتصور الفواحش في نفس الأمر مع أن الكل من تجليات الحق؟
وكيف يتصور المنع من التجليات؟
وكيف يمنع المحب من طلب تجلي المحبوب؟
فأجاب بقوله رضي الله عنه: (وليس الفحش إلا ما ظهر) أي: لا فحش في نفس التجلي، وإنما هو فيما ظهر بالتجلي من الصورة المعوجة بحسب اعوجاج الصورة الحاصل منها تسوية المرآة، والمحبوب لا يمنع من تجلي المحب، بل ينتقل من تجلي إلى تجلي آخر.
ثم استشعر سؤالا بأن هذا ينفي الفحش في الباطن، وقد قال تعالى: "قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن " [الأعراف: 33].
 
فأجاب بقوله رضي الله عنه: (وأما فحش ما بطن فهو لمن يظهر) بالألطاف المخفية في الفواحش الظاهرة بأن يقول الواقف عليها القاصري الأفهام: الكل من تجليات الحق أو عين الحق أو لطف الحق كامن فيها.
 
فيوهم جواز دعوى الربوبية لهم أو إباحة الكل من غير تفرقة بين الفواحش الظاهرة وغيرها، فتحريم تلك الفواحش الظاهرة يستلزم إظهار ذلك للقاصرين.
 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
 
قال رضي الله عنه : ( وفي هذه الريح ) المريحة لهم عن لوازم التعيّن ومقتضياته ( عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه ) كما قيل :
أنا صبّ ، ودمع عينيّ صبّ   .... عذّبوا ، فالعذاب في الحبّ عذب
 
قال رضي الله عنه : ( إلَّا أنّه يوجعهم لفرقة المألوف ) وهي مؤلمة من حيث أنّه تفرّق اتّصال ، فهو "عَذابٌ أَلِيمٌ " ، ( فباشرهم العذاب ، فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيّلوه ) من الإمطار والإفاضة وما يترتّب على ذلك مما يؤول إلى ما ينفعهم .
( فدمّرت " كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها " ) من العلائق العائقة عن بلوغهم إلى الكمال .
قال رضي الله عنه : ( " فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ " [ 46 / 25 ] وهي جثثهم ) الأصليّة الوجوديّة الجوهريّة   دون الجعليّة الكونيّة الوهميّة ، وهي ( التي عمّرتها أرواحهم الحقّية ) الوجوديّة بمجرّد انتسابها إليها .
قال رضي الله عنه : ( فزالت حقّية هذه النسبة الخاصّة ) وهي نسبة روح الوجود إلى هذه التفرقة الكونيّة التشخّصية ، التي بها عمرت جثثهم بنسبة الأرواح .
قال رضي الله عنه : ( وبقيت على هياكلهم ، الحياة الخاصّة بهم ) وهي الحياة العامّة الجوهريّة الوجوديّة التي بها حيّت الجمادات الواصلة إليها ، دون المشخّصة الكونيّة العرضيّة ، وتلك الحياة الوجوديّة هي التي قال : إنّها (من الحقّ التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل ، وعذبات الأسواط والأفخاذ)
واستشعار الوجه الشهادي من هذا لا يخفى على من له ذوق المقامات الحسّية ،
 
كما قال ابن الفارض في تائيته :
فلو كوشف العوّاد بي وتحقّقوا   ..... من اللوح ما منّي الصبابة أبقت
لما شاهدت منّي بصائرهم سوى .....  تخلَّل روح بين أثواب ميّت
وأيضا قال ابن الفارض في لاميّته :
وعنوان ما فيها لقيت وما به    ..... شقيت وفي قولي اختصرت ولم أغل
خفيت ضني حتّى لقد ضلّ عائدي  ..... وكيف يرى العوّاد من لا له ظلّ
وما عثرت عين على أثري ولم  ...... تدع لي رسما في الهوى الأعين النجل
 
( وقد ورد النصّ الإلهي بهذا كلَّه ) بعضه في الآيات المنزلة القرآنيّة ، وبعضه في الأحاديث النبويّة الصحيحة .
" وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"  [الأنعام : 151]" و " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"  [الأعراف :33 ]"
ثمّ إنّ اختلاف مدارك القوم من النصّ الذي لا يحتمل غيره ، وعدم فهمهم المقصود منه لا بدّ له من سبب ، كشف عن ذلك السبب بقوله : ( إلَّا أنّه تعالى وصف نفسه بالغيرة ، ومن غيرته حرّم الفواحش ، وليس الفحش إلَّا ما ظهر ) فإنّ الفحش هو السوء إذا جاوز الحدّ في الإفشاء .
( وأمّا فحش ما بطن فهو لمن ظهر له ) ذلك السرّ المتبطَّن .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
 
قال رضي الله عنه : (  و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف . فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي )
قال رضي الله عنه :  (وفي هذه الريح عذاب، أي أمر يستعذبونه) بحسب روحانيتهم (إذا ذاقوه إلا أنه يوجعهم في الحس الفرقة المألوفات فباشرهم العذاب) وأهلكهم .
قال رضي الله عنه :  (فکان) في هذه الريح (الأمر)، أي الخير الذي توقعوه إليهم (أقرب مما تخیلوه)، أي الخير الذي تخيلوه في العارض الممطر .
قال رضي الله عنه :  (فدمرت)، أي أهلكت الريح ("كل شيء بأمر ربها") الذي هو بعض من الأسماء الجلالية كالقهار والمنتقم وأمثال ذلك ( "فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم " وهي)،
 
قال رضي الله عنه : ( جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية. فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ. وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» )
أي مساكنهم (جثثهم التي عمرتها أرواحهم الحقية) التي بواسطتها يرث الحق سبحانه أبدانهم.
أو التي هي مظاهر الاسم الحق الذي له الثبات والدوام فإن الأرواح لا يتطرق إليها فساد وهلاك بخلاف الأبدان وعمارة الأرواح الأبدان كتعمير الملائكة السماوات كما هو مذكور في الحديث وتعمير الصالحين المساجد وتعمير المنهجدين الليل .
وما قيل في قوله : عمرتها أرواحهم إشارة إلى أن الأرواح هي التي تعمر الأبدان وتكونها أولا في رحم الأم ثم تدبرها في الخارج، فهي موجودة قبل وجود الأبدان لا تصح إلا في الأرواح الكلية التي هي للكمل.
 
وأما الأرواح الجزئية التي لسائر الناس فلا يوجد إلا بعد حصول المزاج وتسوية البدن كما ذهب إليه الحكماء في الأرواح كلها، صرح بذلك الشيخ صدر الدین القونوي قدس الله سره في بعض رسائله (فزالت حقيقة هذه النسبة الخاصة)، أي ربوبيتها فيكون المراد بالنسب الخاصة أرواحهم التي خص كل واحد منها بدن آخر والتعبير عنها بالنسب.
إما بناء على أنها حاصلة من نسبة الروح الكلي إلى الأبدان أو على أن لها نسبة التدبير والتصرف إلى أبدانهم، فعبر عنها بالنسبة توسعة وتجوزوا.
ويمكن أن يراد بالنسبة : تعلقاتها بالأبدان في التدبير والتصرف، وبحقيتها : ثبوتها وبقاؤها قال رضي الله عنه :  (فبقيت على هياكلهم) بعد زوال الحياة (الحياة الخاصة بهم، أي بهياكلهم الناشئة (من) تجني (الحق سبحانه عليهم بالاسم الحي الساري في الكل فإن لأبدان الحيوانات نوعين من الحياة.
أحدهما : الحياة الحاصلة لها بواسطة تعلق الأرواح بها،
وثانيهما : الحياة اللازمة لها لسريان الوجود الحق لجميع صفاته كالحياة والعلم، وغيرهما في كل موجود .
فإذا انقطعت علاقة الأزواج من الأبدان زالت الحياة الأولى وبقيت الثانية الخاصة بها، أي الحاصلة لها من غیر توسط أمر مغاير لها.
 
وهذه الحياة الخاصة في (التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل)، كما وقع في الكلام الإلهي قال رضي الله عنه :  (وعذبات الأسواط والأفخاذ) كما ورد في الحديث النبوي.
 
قال رضي الله عنه :  (وقد ورد النص الإلهي) إما من مقام الجمع الإلهي، أو الفرق النبوي كما ذكرنا بهذا الذي ذكرناه (كله إلا أنه مالی وصف نفسه) على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم  (بالغيرة) حيث قال صلى الله عليه وسلم : "إن سعدا لغيور وأنا أغير من سعد والله أغير منا" (ومن غيرته حرم الفواحش) ما ظهر منها وما بطن .
 
قال رضي الله عنه : ( وليس الفحش إلا ما ظهر. له)
قال رضي الله عنه :  (وليس الفحش)، أي الفاحش (إلا ما ظهر)، أي ليس فحش الفاحش وشناعته إلا باعتبار ظهوره.
ولما كان هذا الحكم بحسب الظاهر منافيا لما وقع في الكلام الإلهي حيث قال : حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن .
دفعه بقوله : (وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر) ذلك الفحش الباطن (له) فثبوت الفحش له باعتبار ظهوره لا باعتبار بطونه فليس الفحش إلا لما ظهر .


.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 14 أغسطس 2019 - 20:18 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة السبت 6 يوليو 2019 - 9:32 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)
قال رضي الله عنه : ( فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير. فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق: فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول. واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها. ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟ ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد. )
قال رضي الله عنه : (فلما حرم) سبحانه (الفواحش أي منع أن تعرف) لغيره من بقية مظاهره (حقيقة ما ذكرناه) من أحوال قوم هود عليه السلام.
لأن سر الله تعالی بينه وبينهم لم يطلع عليه أحد ولا الريح التي دمرتهم، فإنها فعلت ما فعلته بأمر ربها ولم تدر ما فعلته.
كالتسعة عشر زبانية النار يفعلون ما يفعلون مع أهل النار من أنواع العذاب، ولا يطلعهم الله تعالى على الأسرار التي بينه وبين المعذبين من المخلدين في النار.
لأن تلك الأسرار أمور ذوقية وجدانية لا يعرفها إلا صاحبها، وكم في طي النقمة من نعمة.
فلما حفظوا الله و وقوه بنفوسهم في الدنيا من نسبة الظلم إليه وقبائح الفواحش مع أن الكل خلقه وإيجاده، حفظ أذواقهم ووقاها سبحانه في الآخرة من الألم والوجع الذي هو مقتضى العذاب، فكان وقايتهم له بظواهرهم في الدنيا عین وقايته الهم بظواهرهم في الآخرة، فكفروه في الدنيا أي ستروه غيرة عليه، فسترهم في الآخرة غيرة عليهم.
قال رضي الله عنه : (وهي)، أي حقيقة ما ذكر (أنه)، أي الحق تعالی (عين الأشياء) من حيث إنها كلها مراتب ظهوراته وهو حقيقة الظاهر بها كلها .
قال رضي الله عنه : (فسترها)، أي الأشياء من حيث هي عنه (بالغيرة) التي هي صفته سبحانه (وهو) أي ذلك الساتر الذي هو الغيرة (أنت) يا أيها الإنسان لأن الغيرة مشتقة (من الغير) ولا غير في نفس الأمر من قامت به صفة الغيرة وهو الحق تعالى، فالغير صفة من صفاته سبحانه، فهو العين وهو الغير
فالغير يقول من حيث مقتضى ما اتصف به من صفة الغيرية (السمع سمع زيد)، لأن الغيرية التي هي صفته أعطته أن يقول كذلك، فلم يخرج عن صفته فصدق على حسب مقتضاها.
قال رضي الله عنه : (والعارف يقول) بمقتضى ما اتصف به من صفة العينية (السمع)، أي سمع زيد (عین الحق) تعالی، لأن العينية التي هي صفة أعطته أن يقول ذلك، فلم يخرج عن صفته، فصدق وتلاه شاهد منه على لسانه في مظهر خصوص النبوة المحمدية ، فقال: «كنت سمعه الذي يسمع به» الحديث .
قال رضي الله عنه : (وهكذا) الكلام في جميع (ما بقي من القوى والأعضاء فما كل أحد) من الناس (عرف الحق) تعالى بهذه المعرفة العينية، لأنه ليس كل أحد متصف بصفة العينية الإلهية، بل بعضهم متصف بصفة العينية الإلهية، وبعضهم متصف بصفة الغيرية الإلهية، وكلا الصفتين والموصوف واحد وهو الحق تعالی.
 فظهر بهذه في قوم و ظهر بهذه في قوم في كل زمان ومكان على مراتب ودرجات كثيرة إلى أن يرجع إليه الأمر كله (فتفاضل الناس) في العلم بالحق تعالى (وتميزت المراتب) التي هم موصوفون بها بالعلم الإلهي (فبان الفاضل) منهم (والمفضول).
 
قال المصنف رضي الله عنه : (واعلم) يا أيها السالك (أنه)، أي الشأن (لما أطلعني)، أي كشف لي الحق تعالى (وأشهدني) في المنام الذي هو وحي المؤمنین كما كان فيه يوحي للأنبياء والمرسلين، أو في عالم السير إلى الله في الله بالله، الذي يأخذ عن الحس والعقل، ويرفع حجاب المحسوسات والمعقولات .
قال رضي الله عنه : (أعيان رسله)، أي رسل الله تعالى (وأنبيائه کلهم البشريين)، أي المنسوبين إلى البشر (من آدم إلى محمد )، أي على محمد صلى الله عليه وسلم (وعليهم)، أي على بقية الأنبياء والمرسلين (أجمعين في مشهد) ذوقي .
(أقمت)، أي أقامني الحق تعالی (فیه)، أي في ذلك المشهد (بقرطبة) من جملة جزيرة الأندلس من بلاد المغرب (سنة ست وثمانين وخمسمائة) من الهجرة النبوية (ما كلمني أحد) في ذلك المشهد (من تلك الطائفة)، أي الرسل والأنبياء عليهم السلام .
قال رضي الله عنه : (إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم)، أي الرسل والأنبياء عليهم السلام، أي اجتماعهم لي في مشهدي ذلك حتى رأيتهم أي ذكر له استعداده الذي به استحق اجتماعه بهم في حضرة سلوكه.
قال رضي الله عنه : (ورأيته)، أي هود عليه السلام (رجلا ضخما)، أي كبير الجثة (في الرجال) قد زاده الله تعالى بسطة في العلم والجسم (حسن الصورة) الإنسانية الظاهرة (لطيف المحاورة)، أي الكلام وهو حسن الصورة الباطنة (عارفا بالأمور) الإلهية (كاشفا لها)، أي مبينة بذوقه وكلامه .
قال رضي الله عنه : (ودليلي على كشفه) عليه السلام (لها)، أي للأمور الإلهية (قوله) فيما حكاه الله تعالی عنه في القرآن ("ما من دابة إلا هو ابند بنایا إن ربي على صراط مستقيم") [هود: 56]، وقد سبق الكلام في ذلك .
(وأي بشارة للخلق أعظم من هذه ) البشارة التي هي أخذ الحق تعالی بناصية كل دابة وقودها إليه سبحانه على الصراط المستقيم .
فالاعوجاج الذي في أعمال بعض الدواب، الذين هم شر الدواب كما قال تعالى: " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون" [الأنفال: 22] أمر عرضي ليس من أصل خلقتهم .
كما قال تعالى: "فطرت الله التي فطر الناس عليها" [الروم: 30] فالغضب الذي منه تعالى في مقابلة ذلك أمر عارضي على الرحمة الأصلية التي وسعت كل شيء، فلا بد أن يتكافأ الأمران وتتقابل الحضرتان ظاهرة، أو يرجع كل شيء إلى أصله باطنا كما سبق تقريره.
قال رضي الله عنه : ( من امتنان الله تعالى علينا) معشر هذه الأمة (أن أوصل إلينا) سبحانه (هذه المقالة) التي قالها هود عليه السلام من هذه الآية (عنه) عليه السلام (في القرآن) المنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم .
قال رضي الله عنه : (ثم تممها)، أي تمم هذه المقالة (الجامع للكل)، أي لمشارب كل الأنبياء والرسل وأتباعهم (محمد) نبينا (صلى الله عليه وسلم ) أجمعين وسلم (بما أخبر به) و في الحديث القدسي حديث المتقرب بالنوافل (عن الحق) تعالی.
(بأنه عين السمع) الذي يسمع به العبد (والبصر) الذي يبصر به واليد التي يبطش بها (والرجل) التي يسعى بها (واللسان) الذي ينطق به (أي هو)، أي الحق سبحانه (عين الحواس)، التي يحس بها العبد (والقوى الروحانية) كالفكر والخيال (أقرب) إليه تعالى (من الحواس) الجسمانية في أنه عينها إذ الروح من أمره تعالی بلا واسطة كما قال سبحانه: " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي" [الإسراء: 85] الآية.
والقوى الجسمانية الحساسة عن أمره تعالى أيضا لكن بواسطة الروح تتعين في الجسم الحيواني قال رضي الله عنه : (فاكتفى) سبحانه في بيان قربه إلى العبد (بالأبعد) عنه (المحدود) بحدود الجسم، فإن السمع محدود بالأذن، والبصر بالعين، واليد والرجل واللسان محدودات بصورها الظاهرة (عن الأقرب) إليه سبحانه (المجهول الحد) وهو القوى الروحانية الباطنة ليكون مفهوما بالطريق الأولى .
 
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)
وأما بالنسبة إلى من لم يظهر له وليس بفحش، قال رضي الله عنه :  (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف) خطاب عام أي منع أن يعرف كل إنسان (حقيقة ما ذكرناه وهي عين الأشياء) أي حقيقة ما ذكرناه من كون الحق عين الأشياء كانت تلك الحقيقة ما بطن من الفواحش .
فإذا كانت تلك الحقيقة فاحشة باطنة (نسترها) أي ستر الحق تلك الحقيقة عن الغير لئلا يطلع عليها أحد إلا بالمجاهدات والرياضات بالسلوك بطريق التصفية .
 
فجواب لما قوله فسترها والفاء زائدة لتأكيد الستر هذا ما اختاره بعض الشارحين والأولى أن يجعل جواب لما محذوفة للعلم به باي لما حرم الفواحش كانت تلك الحقيقة فاحشة باطنها نقوله فسترها جواب الشرط محذوف (بالغيرة وهو) أي الغيرة (أنت) يخاطب كل عين مأخوذة (من الغير) وتذكير الضمير باعتبار الغير .
(فالغير) أي الذي لم يعلم أن الحق عين الأشياء (يقول السمع سمع زيد) لعدم ظهور هذا المعنى له (والعارف) أي الذي يعلم أن الحق عين الأشياء.
 
قال رضي الله عنه : (يقول السمع عن الحق وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء فما كل أحد عرف الحق تفاضل الناس) بعضهم على بعض في العلم بالله (وتميزت المراتب) أي مراتبهم (فبان) أي ظهر (الفاضل والمفضول) بين الخلائق.
 
قال رضي الله عنه : (واعلم أنه) أي الشأن (لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان) أي أرواح (رسله وأنبيائه كلهم البشريين) أي لا يكون فيهم رسل من غير البشر (من آدم إلى محمد صلى الله عليهم أجمعين) فكان آدم ومحمد عليهما السلام داخلان في شهوده (في مشهد) أي في مقام (أقمت) على المجهول (فيه) أي في ذلك المشهد (بقرطبة) هي مدينة في الغرب (سنة ست وثمانين وخمسمائة) .
 
قوله رضي الله عنه :: (ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود) عليه السلام جواب لما (فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم ورأيته عليه السلام رجلا ضخما) في الجسامة في الرجال حسن الصورة لطيف المجاورة عارفة بالأمور كاشفة لها .
 
دليلي على كشفه لها قوله: "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم " وأي بشارة للخلق أعظم من هذه البشارة فإن في هذه الآية دلالة على كمال غرب الحق من العبد وعلى كمال تصرفه الحق في العبد .
قال رضي الله عنه : (ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه) أي عن  هود عليه السلام (في القرآن ثم تممها) هذه المقالة في بيان معناه وتحقيقه (الجامع للكل) أي لكل المراتب وهو (محمد عليه السلام بما أخبر به عن الحق عز وجل بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان أي هو) أي الحق .
قال رضي الله عنه : (عين الحواس) الظاهرة (والحال) إن القوى الروحانية أقرب إلى الحق (من الحواس) أي من القرى الظاهرة (فاکتفی) رسول الله (بذكر الأبعد المحدود) أي معلوم الحد وهو الحواس .
(عن الأقرب المجهول الحد) وهي القوى الروحانية فإنه لما كان الحق عين ما هو أبعد منه فبالحربي أن يكون عين ما هو أقرب منه لذلك اكتفي رسول الله بذكره.
 
والمراد بكون الحق عين الأشياء وعين قوى العبد الحاده معها في بعض صفاته أو عبارة عن كمال القرب يدل عليه قوله الأقرب المجهول، وقد بينا كيفية اتحاد الحق مع الأشياء و عینیه في غير موضع .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)
قال رضي الله عنه : " فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير. فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق: فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.  واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها. ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟  ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد."
 
ومن هنا إلى الأبيات الشعر التي أولها: فهو الكون كله، فهو مفهوم من لفظ الشيخ غیر محتاج إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)


فلمّا حرّم الفواحش أي منع أن تعرب حقيقة ما ذكرناه ، وهي أنّه عين الأشياء - فسترها بالغيرة وهي أنت من الغير.
فالغير يقول : السمع سمع زيد ، والعارف يقول : السمع عين الحق ، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء ، فما كلّ أحد عرف الحق ، فتبيّن الفاضل والمفضول ، فتفاضل الناس ، وتميّزت المراتب " .
قال العبد : لمّا قرّر رضي الله عنه أنّ الحق هو الموجود المشهود : من الطريق ، والسالك ، والسلوك ، والغاية ، والعلم ، والعالم ، والمعلوم ، استثنى بأنّ الله حرّم ظهور هذه الأسرار ، فإنّ الفحش ظهور ما يجب ستره ، وهذا ما ظهر منها .
وأمّا فحش ما بطن منها فهو بالنسبة إلى من أظهره الله عليه ، فجرّ الله العيون أي أظهرها من باطن الأرض ، وفجّر الله ينابيع الحكمة من قلبه إلى لسانه ، والفجور هو الفحش الظاهر ، ممّا يجب ستره .
 
قال : ولمّا حرّمها أي جعلها حرما لا يطرقها إلَّا أهل الحمى،  لم يكن سترها إلَّا بالتعينات الكثيرة المختلفة التي أوجبتها أنت بأنانيّتك وإنيّتك.
فإنّ الأنانيّة والإنيّة والأينية والتحتية والفوقية عدّدت الهوية الأحدية إلى هويات لا تتناهى ، فسترتها بها ، فظهرت الغيرية .
لأنّ " أنا " غير « ك » ، و « أنت » و « أنت » غير « هو » وغير « ي » ، و " نحن" غير « كم » .
فكثرت الكنايات والعبارات عن عين واحدة ، فقيل :
عباراتنا شتّى وحسنك واحد  .... وكلّ إلى ذاك الجمال يشير
فمن كان تحقّقه في مقام شهود الغيرية تحقّقت الغيرية بالنسبة إليه على العين فستر الحقيقة .
فقال : السمع سمع زيد .
والعارف بالحقيقة يقول : السمع والبصر والقوى والجوارح من الكلّ عين الحقّ .
والكلّ في مقام قرب النوافل من كون الكلّ متنفّلا بوجوداتهم ومتقرّبا إلى الحق بمظهرياتهم وإنّيّات أعيانهم وهوياتهم ، فتميّزت المراتب والمنازل ، وتعيّنت المشارب والمناهل وتبيّن المفضول عن الفاضل .
 
 قال رضي الله عنه - :  " واعلم : أنّه لما أطلعني الله وأشهدني أعيان رسله وأنبيائه كلَّهم البشريّين من آدم إلى محمّد - صلوات الله عليهم أجمعين - في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ستّ وثمانين وخمسمائة ، ما كلَّمني أحد من تلك الطائفة إلَّا هود عليه السّلام ، فإنّه أخبرني بسبب جمعيتهم ، ورأيته رجلا ضخما في الرجال ، حسن الصورة ، لطيف المحاورة ، عارفا بالأمور ، كاشفا لها ، ودليلي على كشفه لها قوله " ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ".
قال العبد : « قرطبة » مدينة من بلاد المغرب ، وكان الشيخ رضي الله عنه بها إذا أشهده الله هذا المشهد الشريف النزيه ، أشهده فيها أعيان الأنبياء والمرسلين كلَّهم أجمعين مجتمعين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأخبره هود عليه السّلام أنّ اجتماعهم لتهنئته - رضي الله عنه - بأنّه خاتم الأولياء ووارث ختمية خاتم الرسل والأنبياء ، وأنّه قطب الأقطاب .
وسبب اختصاص هود عليه السّلام بإخباره بسبب اجتماعهم هو صحّة مناسبة ذوقه ومشربه صلى الله عليه وسلم بمشرب ختم الولاية المحيطة بالأذواق والمشارب كلَّها من حيث جمعيته عليه السّلام وإحاطة مشربه في التوحيد وسعة مقام كشفه وشهوده عليه السّلام.
فإنّه أثبت بشهادة القرآن العظيم أنّ الحق عين كلّ دابّة على أرض الحقيقة ، فما خصّص شيئا عن شيء .
وعيّن أنّ الله بهويته الأحدية الجمعية آخذ بناصية كل متعيّن بها من الممكنات غير المتناهية التي تدبّ بالحق المتعيّن فيه على أرض الحقيقة التي عليها تدبّ وتسلك طريقة خاصّة بها إلى ربّها.
 
فإنّه هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن ، فعمّ شهوده عليه السّلام جميع ما ظهر وبطن ، فإنّه ما من ظاهر متعيّن إلَّا وهو يدبّ بالحق الآخذ بناصيته إليه ، وما من باطن من الحقائق الغيبية العينية إلَّا وهو يدبّ إلى كمال الظهور وتحقّقه بالنور ، والأوّل يدبّ إلى نهاية الآخرية اللامتناهية ، والآخر يدبّ بانعطافه على الأوّل .
 
وكونه ضخما صورة كماله وسعته في الشهود ، كمال قال الله تعالى حكاية عن أشموئيل عليه السّلام في حق طالوت وتزكيته عند من كان بصدد جرحه في الطعن فيه .
فقال : " إِنَّ الله اصْطَفاه ُ عَلَيْكُمْ وَزادَه ُ بَسْطَةً في الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ".
 
قال رضي الله عنه : « وأيّ بشارة أعظم للخلق من هذه ؟ »
يعني : من إخباره أنّه عين هويات الأشياء كلَّها .
قال رضي الله عنه: « ثمّ من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن ، ثم تمّمها الجامع للكلّ محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم بما أخبر به عن الحقّ بأنّه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان ، أي هو عين الحواسّ . والقوى الروحانية أقرب من الحواسّ ".
يعني : في النظر العقلي
 
قال رضي الله عنه: « فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحدّ ".،



شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)
 قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما حرم الفواحش : أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه ، وهي أنه عين الأشياء فسرها بالغيرة ) أي ستر هذه الحقيقة بالتعينات المختلفة التي يطلق عليها اسم الغير ، فحدث السوي والغير حيث يقال أنت غيرى وأنا غيرك ، فاعتبرها وأوجب الغيرة من الغير .
فلهذا قال ( وهو أنت ) أي إلى الغيرة أنت ، يعنى أنا نيتك إذا اعتبرتها ، إذ لو لم تعتبرها ونظرت إليها بعين الفناء كما هي عليه في نفس الأمر كنت من أهل الحمى فلا غيرة ثم فلا تحريم .
 
"" إضافة بالي زادة : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف ) خطاب عام ( أي منع ) أن يعرف كل إنسان ( حقيقة ما ذكرناه ) وهي أنه عين الأشياء فكانت تلك الحقيقة ما بطن من الفواحش ( فسترها ) أي ستر الحق تلك الحقيقة عن الغير لئلا يطلع عليها أحد إلا بالمجاهدات والرياضات بالسلوك بطريق التصفية ، وجواب لما محذوف : أي لما حرم الفواحش أي جنس الفواحش حرم أن تعرف ، فقوله : فسترها ، جواب شرط محذوف اهـ بالى . ""
 
لأنها (من الغير ، فالغير يقول السمع سمع زيد ، والعارف يقول السمع عين الحق ، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء فما كل أحد عرف الحق ، فتفاضل الناس وتميزت المراتب وبان الفاضل والمفضول ) بالمعرفة والجهالة .
(واعلم أنه لما أطلعنى الحق وأشهدنى أعيان رسله عليهم الصلاة والسلام وأنبيائه كلهم البشريين) .
قيد الأنبياء بالبشريين للتخصيص ، لأن كل ظاهر ينبئ عن باطن فهو نبي بالنسبة إلى ما أخبر عنه ، وذلك الباطن ولى بالنسبة إلى ذلك الظاهر في اصطلاح العرفاء.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين ، في مشهد أقمت فيه بقرطبة ) وهي مدينة بالمغرب كان مقيما بها.
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( سنة ست وثمانين وخمسمائة ، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم ) إنما أخبره هود دون غيره منهم لمناسبة مشربه وذوقه عليه السلام لمشرب الشيخ قدس سره في توحيد الكثرة وسعة مقام كشفه وشهود الحق في صورة أفعاله وآثاره ، وأما سبب اجتماعهم عند محمد صلى الله عليه وسلم ، فقيل :
إنه تهنئته قدس سره بأنه خاتم الأولياء ووارث خاتم الرسل والأنبياء .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ورأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها ، ودليلى على كشفه لها قوله تعالى : " ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ " وأي بشارة للخلق أعظم من هذه ، ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن ، ثم تممها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان : أي هي عين الحواس والقوى الروحانية أقرب من الحواس ، فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد )
يعنى أن القوى الروحانية أقرب إلى الله في الشرف والتجرد عن المادة ، والنورية والتنزه من الحواس ، إذ هي حالة في المحال الجسمانية مقدرة بمقاديرها محدودة بحدودها .
فاكتفى بها عن الأقرب المجهول الحد ، يعنى الروحانية ، فإنه تعالى إذا كان عين الأخس إلا بعد المحدود ، فبأن كان عين الأشرف الأقرب الغير المحدود ، أو المجهول في التحديد أولى .
 


.

يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة السبت 6 يوليو 2019 - 9:37 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة : الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)
قال رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه وهي أنه عين الأشياء ، فسترها بالغيرة) . أي ، لما حرم الله الفواحش كما قال تعالى : " قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن " . تسترها بالغيرة . أي ، ستر تلك الحقيقة الإلهية التي ظهورها فحش .
( فسترها ) جواب ( لما ) . و ( الفاء ) زائدة . والضمير عائد إلى ( الحقيقة ) .
وفسر قوله تعالى بأنه منع أن يعرف كل أحد حقيقة ما ذكرناه ، من أن هلاكهم يوجب قربهم من ربهم لفنائهم فيه ، وأن الحق هو عين السالك وعين الطريق وعين غايتها ، إذ هو عين الأشياء كلها . وقوله ( هي ) راجع إلى ( الحقيقة ) ، والمراد بها الحق . أطلقها عليه لأنه حقيقة الحقائق كلها ( وهو أنت من الغير ) .
أي ، تلك الغيرة الساترة للحقيقة الإلهية ، هو أنت ، لأن ( الغيرة ) مأخوذة من ( الغير ) والغير
أنت من حيث تعينك . وإنما جاء بلفظ ضمير المذكر ، تغليبا للخبر .
 ( وهو أنت ) . وإنما لاحظ في الغيرة ( الغير ) ،
لأنها يستلزمه لفظا ومعنى : أما لفظا ، فظاهر . وأما معنى ، فلأنه لا يغار أحد على شئ إلا من الغير ، لا من نفسه .
ويمكن أن يكون ( أنت ) خطابا لكل جاهل بالحق ومظاهره .
 
لذلك قال رضي الله عنه :  ( فالغير يقول : السمع سمع زيد ، والعارف يقول : السمع عين الحق . وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء . فما كل أحد عرف الحق ، فتفاضل الناس وتميزت المراتب ) .
أي ، تفاضل الناس في العلم بالحق وتميزت مراتبهم . ( فبان الفاضل والمفضول ) . في الخلائق .
( واعلم ، أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله  عليهم السلام) أي ، أرواح رسله في عالم المثال المطلق .
( وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد ، صلوات الله عليهم أجمعين ) .
قال رضي الله عنه : إنما قيد ب‍ ( البشريين ) ليخرج أنبياء أنواع آخر من الموجودات . فإن لكل نوع من الأنواع عندهم نبيا هو واسطة بينهم وبين الحق .
كما نبه عليه سبحانه بقوله : " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " ( في مشهد ) ، أي ، في مقام ومرتبة حصل هذا الشهود فيه .
( أقمت فيه بقرطبة ) ، ( أقمت ) على البناء للمفعول . ( قرطبة ) ، مدينة من بلاد المغرب .
قال رضي الله عنه : ( سنة ست وثمانين وخمسمائة . ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود ، عليه السلام . فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم ) .
قيل : كان سبب جمعيتهم إنزاله مقام القطبية ، ليكون قطب الأقطاب في زمانه .
وكلام هود ، عليه السلام ، بشارته أنه خاتم الولاية المحمدية ، ووارث الأنبياء والمرسلين ، كما ذكره من نفسه في موضع من فتوحاته تصريحا وتعريضا  
قال رضي الله عنه : (ورأيته رجلا ضخما في الرجال : حسن الصورة ، لطيف المحاورة ، عارفا بالأمور ، كاشفا لها . ودليل على كشفه لها ) أي ، ودليلي من قوله تعالى على ذلك .
(قوله : " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم " . وأي بشارة
للخلق أعظم من هذه ؟ ثم ، من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه  في القرآن .
ثم ، تممها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم ، بما أخبر به عن الحق
بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان ، أي ، هو عين الحواس ، والقوى
الروحانية أقرب من الحواس . فاكتفى بذكر الأبعد المحدود عن الأقرب
المجهول الحد )
أي ، حده . وإنما كان القوى الروحانية أقرب إلى الله تعالى ، لأنها واسطة بين الحق والقوى الجسمانية ، والواسطة يكون أقرب ممن يتوسط له .
ولقربها من الحق ، كانت مجردة من الماديات الظلمانية ، ومنورة بأنوار عالم القدس ، مطهرة عن كدورات عالم الرجس . فإذا كان الحق عين الأبعد ، يكون عين الأقرب على الطريق الأولى .  

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)
قال رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير. فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:  فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول. )
قال رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش) الظاهرة حرم هذه الفواحش الباطنة، فالجزاء محذوف بقرينة تفسيره (أي منع أن تعرف) أحد من قاصري الأفهام (حقيقة ما ذكرنا، وهي) أي: وتلك الحقيقة أي: (عين الأشياء)، وأن الكل تجلياته لما في ذلك من الإيهام المذكور المؤدي إلى الخروج عن ربقة الإسلام بالكلية (فسترها) .
أي: تلك الحقيقة بالغيرة التي فيه كما ستر ألطافه عن المعذبين (بالغيرة) عليهم إذ لا تظهر الأسرار للأغيار.
قال رضي الله عنه : (وهو) أي: الساتر في الأصل بالغيرة (أنت)؛ لأن الأصل في الحق أن يظهر باللطف لسبق رحمته غضبه، فالموجب
لستر اللطف والأسرار إنما تشاء من النظر في العين (من) حيث هو (الغير) وكل شيء لا يخلو مما هو عين الحق، أي: عين إشراق نوره، ومما هو غيره.
(فالغير) منكر، (يقول: السمع سمع زيد) لا ترى الذي يرى الأعيان، (والعارف) منكر، وهو عين إشراق نور الحق عليك.
(يقول رضي الله عنه: السمع عين الحق) أي: من تجلياته، (وهكذا ما بقي من القوى) يختلف فيه الغير والعارف، (فما كل أحد) من وجوهك (عرف الحق) وإنما يعرفه ما أشرق عليك من نوره، إذ لا يحمل عطاياهم إلأ مطاياهم فالعارف يعرف اللطف، والقرب في الكل والغير يرى القهر والعذاب في البعض، وهذان الوجهان متفاوتان في كل أحد.
(فتفاضل الناس) في غلبة ظهور وجه الحق على ظهور وجه الخلق، وبالعكس في نظر العارف، وإن صار نظره أحدا إذ (تميزت المراتب) أي: مراتب الحق الواحد باعتبار ظهوره في كل واحد .
قال رضي الله عنه : (فبان) في نطق (الفاضل) الذي غلب فيه ظهور الحق، (والمفضول) الذي غلب فيه ظهور الخلق، وهكذا يتميز عنده الفحش من غيره، بأنه من تجلي الجلال.
وما ليس بفحش بأنه من تجلي الجمال، ويتأئی منه الإنكار بالحق على الحق باعتبار مراتب تجلياته، ولا يتصور من الكامل أن يظهر فيه الفحش؛ لأن مرآته مستوية صافية؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
قال رضي الله عنه : ( واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها. ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟ ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد. )

ثم أشار إلى أن هود عليه السلام قد غلب فيه ظهور لاحق جدا فرآه أقرب من كل شيء حتى صارت حكمته أحدية، فقال: (واعلم أنه لما أطلعنى الحق) أي: أطلع روحي وقلبي بالبصيرة، وجواب الشرط «ما كلمني».
قال رضي الله عنه : (وأشهدني) أي: أشهد نفسي بطريق التمثيل في الحس المشترك عن الخيال .

""
إضافة المحقق : إن الشهود يتضمن الاطلاع، لكن الاطلاع ينقسم إلى اطلاع متمكن وغير متمكن، فالشهود المكرر في قوله: (أشهدني) هو ذو التمكين، والشهود المألوف الدائم هو العاري عن التمكين، لا كل حي شاهد في الظاهر، فإذا كرر الحي الشاهد قوله: (أشهدني) عن الشهود المتمكن اليقيني، لكن لا يطلق الشهود والمتمكن إلا عند تمكين المعرفة فليس قوله له: (أشهدني) مثل قول القائل : «أوقفني» و«أطلعني» لأن الاطلاع يطلق على تحصر البصر في قريب والدليل على ذلك أن كلما بعد عن البصر، فإن البصر لا يحكم عليه بحصر أي: لا يحيط به.  ""

قال رضي الله عنه : (أعيان) أي: أرواح (رسله وأنبيائه) عبر عن أرواحهم بالأعيان؛ لأنها لكليتها كالحقائق الصادقة على كثيرين، وذكر الأنبياء بعد الرسل إشعار بأن الأولين لعظمة نورهم راهم قبل تمام الكشف.
فلما تم رأى الباقين (كلهم) بسطوع نور الكشف (البشريين) لكونهم أكمل من رسل الملائكة والجن على قول من يزعم أن فيهم رس منهم مع بعد المناسبة معهم، فلا يكون وارا لهم (من) لدن (آدم إلى محمد صلوات الله عليهم أجمعين) .
احتراز بذلك عن علماء هذه الأمة الذين هم كأنبياء بني إسرائيل، وهم الأولياء الذين يشبه کشفهم کشف الأنبياء، فسماهم الشيخ أنبياء الأولياء مجازا (في مشهد) أي: عظیم واسع لظهور كلامهم.

قال رضي الله عنه : (أقمت فيه) أي: لم يكن ذلك عن كشف، وإخبار مني بـ (قرطبة) مدينة بالمغرب.
أشار بذلك إلى كونه بعد کمال إشراق نور شمس الأحدية عليه، فإن الشمس إنما تغرب إلى المغرب بعد كمال إشراقها (سنة ست وثمانين وخمسمائة) أشار بذلك إلى أن تصنيف الكتاب كان بعد ذلك بمدة مديدة ازددت فيها كل يوم كما"، فاجتمعت تلك الكمالات فيه.
قال رضي الله عنه : (ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلأ هود عليه السلام ) لمزيد مناسبته للشيخ :  (فإنه) الذي (أخبرني بسبب جمعيتهم)، ولعله بيان كونه وارثا لأسرار علومهم وأحواله (ورأيته رجلا ضخما) لعظم شأنه (في) العلم والأحوال من كمل (الرجال حسن الصورة) لكمال ظهور جمال الحق فيه.

قال رضي الله عنه : (لطيف المجاوبة) لكونه ناطقا بالحق عن الحق، (جازها بالأمور) الحقيقية في نفسه، (كاشفا لها) لقومه، ودليلي الذي استدل به (على) إثبات (كشفه لها قوله) فيما حكاه سبحانه عنه: ("ما من دابة") [هود: 56] أي: متحركة تخرج من القوة إلى الفعل.

 ("إلا هو آخذ") قابض ("بناصيتها") رفائقها ("إن ربي على صراط مستقيم") [هود:56]. فيوصلها إلى قربه في صفة الجلال أو الجمال كشف عنه لأمته ليشعرهم بأنه مع غاية قربه لا يتلذذون به لما حجتهم اعتقاداتهم الفاسدة وأعمالهم الباطلة.
قال رضي الله عنه : (وأي بشارة أعظم للخلق من هذه؟) بأنهم يصلون إلى ثمرات اعتقاداتهم وأعمالهم، (ثم) أي: بشارة أعظم (من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه).
أي: عن هود الله كامل المعرفة في القرآن الجامع لأسرار المعارف، (ثم تممها) أي: البشارة (الجامع للكل) أي: لمعارف كل نبي مع ما خص به (محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق) من قوله: «كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه».
فبين غاية قربه (بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان أي: هو عين الحواس) بل عين الأعضاء مع عدم تجردها الموجب للبعد.
قال رضي الله عنه : (والقوى الروحانية) لتجردها (أقرب) إلى الحق (من الحواس) فضلا عن الأعضاء، (فاكتفي) في بيان غاية القرب بذكر بـ (الأبعد المحدود) مع أن الحق غير محدود في نفسه (عن الأقرب المجهول الحد).
لأنها وإن حدث بالتجرد فالتجرد عدمي، فلا يعرف به حدها فكأنه صلى الله عليه وسلم بين قربه من كل شيء بأنه عينه، ولم يوقفه على الوصول إلى غاية الصراط المستقيم كما فعله هود عليه السلام فكان قوله أتم.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)

قال رضي الله عنه : ( فلما حرّم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه ) وتظهر في المدارك ، فإنّ الأعيان أنفسها ليست محرّمة ، بل ارتكابها بالجوارح وإظهارها في المشاعر.
( و ) تلك الحقيقة الممنوعة ( هي أنّه عين الأشياء ) مع ما فيها من التفاوت بالقرب إلى الذات والبعد عنه ( فسترها بالغيرة ) التي وصف الحقّ نفسه بها .
( وهو أنت ) ، فإنّه الساتر نفسه بالغيرة ، المشتقّة ( من الغير ) .
قال رضي الله عنه : ( فالغير ) بهذا المعنى ( يقول : " السمع سمع زيد " ) ساترا للحقّ بالغيرة .
قال رضي الله عنه : ( والعارف يقول : « السمع عين الحقّ » ) لعدم حكم الغيرة المشتقّة من الغيرة على العارف ، كما قال ابن الفارض  :
أغار عليها أن أهيم بحبّها    ..... وأعرف مقداري فأنكر غيرتي
قال رضي الله عنه : (وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء ، فما كلّ أحد عرف الحقّ ، فتفاضل الناس ، وتميّزت المراتب ، فبان الفاضل والمفضول ) .
رؤية الشيخ ابن العربي الأنبياء عليهم السّلام في مبشرته ومكالمته مع هود عليه السّلام  
وإذ قد تبيّن في هذا الفصّ من العلوم ما هو حظَّ أهل الخصوص من الكمّل الختمي ، استشعر سبب تلك الخصوصيّة وما هو المبدء لها قائلا : ( واعلم أنّه لما أطلعني الحقّ وأشهدني أعيان رسله عليهم السّلام وأنبيائه كلَّهم - البشريين - ) لأنّه رآهم في مبشرته .
قال رضي الله عنه : ( من آدم إلى محمّد عليهم السّلام أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة ) وهي مدينة بالمغرب "بالأندلس" كان ساكنا بها .
 ( سنة ستّ وثمانين وخمسمائة ، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلَّا هود عليه السّلام ) وذلك لعلوّ كشفه وشهوده الغائي ، وكمال اختصاصه بالقرب الذاتي وميله إلى طرف الولاية وختمها .
قال رضي الله عنه : ( فإنّه أخبرني ) بقوّة تلك الرقيقة الاختصاصيّة ( بسبب جمعيّتهم ) ، وهو احتظاؤه من الكمال الختمي وانتماؤه إلى حضرته الجمعيّة الشهوديّة الأكمليّة التي من آثارها تسطير هذا الكتاب وإبرازها للناقدين من اولي الألباب.
ولذلك من رؤية تلك المبشّرة إلى أوان تأليفه هذا تمام ميعاد الميقات ، وهو أربعين ( 333 ) وذلك لأنّ التثليث الذي هو صورة الجمعيّة الناتجة ، والازدواج الناكح الفاتح ، قد ظهر فيه بكماله وتثلَّث .
قال رضي الله عنه : ( ورأيته رجلا ضخما في الرجال ) لكمال سعته في العلوم ( حسن الصورة ) لقرب نسبته إلى أمر الصورة وتمام كشفها عليه - على ما يظهر من شهوده في الآية .
 ( لطيف المحاورة ) لظرافته وقرب ذوقه إلى ذوق ظرفاء الزمان كما عرفت ،(عارفا بالأمور) - أي حدود تفاصيل الأشياء وخصوصيّاتها - ( كاشفا لها).
قال رضي الله عنه : (ودليلي على كشفه لها قوله : " ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ") [ 11 / 56 ] .
حيث أسند أخذ نواصي الدوابّ أعني زمام أفعال ما يدبّ على عرض أرض الكثرة ، التي هي نهاية أمرها إلى هو ، وهو أوّل ما يطلع من كنه الكمون ومبدأ آثار الوحدة الإطلاقيّة الذاتيّة .

قال رضي الله عنه : ( وأيّ بشارة للخلق أعظم من هذه ) أنّه في أقاصي ما ينتهي إليه دركات بعده - وهو أفعاله - تراه قريبا إلى الحقّ ، صادرا منه من حيث الوحدة الذاتيّة والهويّة الإطلاقيّة التي لا مجال للبعد هناك أصلا .
قال رضي الله عنه : (ثمّ من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن ) العربي المبين أمر الحقائق على ما هي عليه ، معربا عن كنهه ، مطابقا لما رآه في مشهده الذي أقيم فيه شاهدا على حقيّته .

مدارج النبي الخاتم صلَّى الله عليه وآله
وهاهنا نكتة حكميّة لا بدّ من ذوقها حتّى يتحقّق الأمر ، وهي أنّ الخاتم في إظهار ما عليه الأمر له ثلاثة مدارج بحسب ما قدّر لقدره الرفيع من المناصب :
الأوّل موطنه الختمي النبوي الأحدي الجمعي ، الذي من آثار كماله نزول الكلام القرآني العربي ، الجامع لأذواق الرسل والأنبياء أجمع ، ولما في موطنه من الإطلاق الأحدي الجمعي لا يضيق أمر نزوله ذلك عن توسّط الرسالة ، وتخلَّل ما فيها من الكثرة ، وهو المقام المحمّدي ( 92 ) والذي يلوّح ما فيه أولا مما يدلّ على الصبابة والمحبّة .
والثاني موطنه الولائي الخصوصي الأحدي الذي لا يسعه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، ومن آثار كماله ظهور الكلام القدسيّ عنه بدون توسّط ولا تخلَّل ، وهو المقام الأحمدي ( 53 ) والذي يلوّح عليه ما نبّه أوّلا مما يدلّ على الستر والجنّة .
والثالث موطنه الرسالي الإبلاغي الآتي بما يكمل الخلائق كلَّها ، وهو المقام المحمودي ( 98 ) ومما يلوّح عليه ما فيه أوّلا من الصحّة النسبيّة التي هي مقتضى حكم التبليغ.
فلذلك لمّا بيّن الحكمة الأحديّة المذكورة بما في القرآن العربي على لسان هود - وهو الأوّل من أقسام الكلام - كمّلها بالثاني منها قائلا :

بيان الحكمة الأحدية في الكلام الختمي صلَّى الله عليه وآله
قال رضي الله عنه : (ثمّ تمّمها الجامع للكل محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بما أخبر به عن الحقّ ) ووجه تتميمه صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك أنّه إنّما علم من الكشف الهودي أنّ أفعال الخلق التي هي أنزل المراتب وأبعدها - في قبضة إحاطة الحقّ ، آخذا بناصيتها ، ولا يخفى ما فيه بعد من اعتبار حكم النسبة القاضية بالتفرقة .
وأمّا عبارة الحديث القدسي الصادر منه صلَّى الله عليه وسلَّم فهي كاشفة عن تمام الوحدة الذاتيّة التي لا مجال للنسبة فيها أصلا ، فإنّه قد نصّ فيه ( بأنّه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان ، أي هو عين الحواسّ ) الجسمانيّة الظاهرة في الكون .
قال رضي الله عنه : ( والقوى الروحانيّة ) المتبطَّنة عن الكون كالحسّ المشترك والخيال والذكر والفكر ( أقرب ) إلى الوجود الحقّ ( من الحواس) .
قال رضي الله عنه : ( فاكتفى بالأبعد المحدود ) المعلوم حدوده وجدانا وذوقا (عن الأقرب المجهول الحدّ ،)
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.)

قال رضي الله عنه : (وفلما حرم الفواحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير. فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق: فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول. واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم )

 قال رضي الله عنه :  (فلما حرم) الله سبحانه (الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه وهي)، أي حقيقة ما ذكرناه (أنه)، أي الله سبحانه (عين الأشياء) من حيث الحقيقة (فسترها)، أي تلك الحقيقة الواجب سترها عن المحجوبين (بالغيرة)، أي بستر الغيرية.

 (وهو)، أي الغيرة والتذكير باعتبار الخبر (أنت)، أي أنانيتك إذا اعتبرتها ولاحظتها وأما إذا لم تعتبرهما ونظرت إليها بعين الفناء كما هي عليه في نفس الأمر فلا غيرة ولا غيرية (من الغير).
أي الحكم بأنها أنت إنما هو باعتبار أنها مأخوذة من الغير فإنك من حيث أنانيتك مغاير له سبحانه (فالغير)، أي الذي هو غير الحق في نظره وكذلك الأشياء الأخرى مع مغايرة بعضها لبعض مغاير للوجود الحق (يقول السمع، سمع زید) مثلا.

 قال رضي الله عنه :  (والعارف) بالأمر على ما هو عليه (يقول السمع)، أي سمع زيد منا (عين الحق وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء)، فهو مضاف إلى زيد وأمثاله عند الغير الذي هو جاهل وعین الحق عند العارف (فما كل أحد عرف الحق) على ما هو عليه من أنه عين الأشياء.
قال رضي الله عنه :  (فتفاضل الناس) في هذه المعرفة (وتميزت المراتب)، أي مراتبهم فيها (فبان الفاضل) الذي له فضل على ما سواه تفضيلة المعرفة عن المفضول (و) بان (المفضول) لعدمها عن الفاضل.
(واعلم أنه لما أطلعني الحق) سبحانه (وأشهدني أعيان رسله) في البرزخ المثالي

قال رضي الله عنه : ( إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها. ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟ ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود )
قال رضي الله عنه :  (وأنبيائه كلهم البشريين) قید به ليخرج رسل الملائكة . وقيل : لأن كل ظاهر نبي عن باطن فهو نبي بهذا الاعتبار عند العارفين .
وقيل : لأن لكل نوع عندهم نبيا هو واسطة بينه وبين الحق سبحانه كما أشار إليه قوله تعالى: «وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم".
قال رضي الله عنه :  (من آدم إلى محمد صلوات الله عليهم أجمعين في مشهد) حصل لي الشهود فيه (أقمت) بإقامة الحق إياي (فيه بقرطبة) مدينة من بلاد المغرب (سنة ست وثمانين وخمسمائة ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام).
وكأنه كان ذلك لمناسبة مشربه وذوقه عليه السلام بمشرب الشيخ وذوقه رضي الله عنه (فإنه) ، أي هود عليه السلام.
قال رضي الله عنه :  (أخبرني بسبب جمعيتهم) قيل : كان سبب جمعيتهم تهنئته قدس الله سره بأنه خاتم الولاية المحمدية و قيل كان سببها إنزاله في مقام القطبية.

ويخدش لوجه الأخير أن كلامه في مواضع من كتبه كالفتوحات و غيره : يدل على أنه من الأفراد ويمكن دفعه بأن كونه من الأفراد إنما هو في وقت تصنيفه تلك الكتب وكونه من الأقطاب إنما هو في وقت تصنيفه ذلك الكتاب لأنه أخر مصنفاته .
قال رضي الله عنه :  (ورأيته) أي هود عليه السلام (رجل ضخما من الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور وكاشفا لها ودليلي على كشفه لها) من القرآن (قوله تعالى: "ما من دابة إلا هو ، آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" [هود: 26]. وأي بشارة للخلق أعظم من هذه) المقالة .

قال رضي الله عنه :  (ثم من امتنان الله علينا أن أوصل) إلينا (هذه المقالة عنه في القرآن ثم تممها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان، أي هو عين الحواس) والأعضاء الظاهرة والقوى الروحانية المجردة عن المواد الهيولانية المظلمة (أقرب) إلى الله سبحانه (من) تلك (الخواص) و الأعضاء الجسمانية (فاكتفى) النبی صلى الله عليه وسلم  (بذكر الأبعد المحدود)، أي المعلوم حده وحقيقته أي المعلوم حده وحقيقته (عن الأقرب المجهول الحد) .
 
"" أضاف الجامع : الهيولي جوهر قابل لما يعرض للجسم من أشكال. كالخشب للكرسي والحديد للمسمار.  
يقول الشيخ رضي الله عنه  الهيولي : هو العنصر الأعظم ، الذي هو أصل السماوات والأرض وما بينهما ، وأصل أركانها ومادتها  .
ويقول الشيخ عبد الحق بن سبعين الهيولي : هو جوهر بسيط قابل للصورة  .
ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني الهيولي : عندهم "الصوفية" اسم الشيء بالنسبة إلى ما يظهر فيه من الصور ، فكل باطن يظهر فيه صورة يسمونه هيولي  .
ويقول الشيخ شهاب الدين السهروردي : إن في الجسم ما يقبل الانفصال والاتصال . فالذي يقبل ذلك جزء للجسم فيه الاتصال ويسمى القابل : هيولي ، والمقبول : صورة . و الهيولي لا يتصور وجودها دون الصورة ، لأنها لم تخل حينئذ من الوحدة والكثرة ، وأيهما لزمها يكون اقتضاء لماهيتها واجبا بها  . ""

قال رضي الله عنه : ( عن الأقرب المجهول الحد.) والحقيقة فإنه إذا كان عين الأبعد يلتزم بالطريق الأولى أن يكون عين الأقرب.
 
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 7 يوليو 2019 - 21:11 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )
قال رضي الله عنه : ( فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما. وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه. أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد. ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عينا.  ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )
قال رضي الله عنه : (فترجم الحق) سبحانه، أي حكى (لنا عن نبيه هود عليه السلام مقالته) تلك (لقومه بشرى لنا) برجوع الكل باطنا إلى عين الرحمة الواسعة .
(وترجم)، أي حکی لنا رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم عليه السلام عن الله) تعالی (مقالته) سبحانه بأنه عین قوانا الظاهرة والباطنة التي بها تقوى في الإدراك والعمل.
وليس إلا وجوده تعالى المطلق عن القيود المميزة فينا بين تلك القوى في الظاهر والباطن، ولهذا قال سبحانه : "كنت سمعه الذي يسمع به"، ولم يقل : كنت سمعه فقط، من غير أن يقول الذي يسمع به.
فقوله: كنت سمعه تشبيه وقوله : الذي يسمع به تنزيه .
فإن كل أحد لا يسمع بالجارحة الجسمانية ولا بقوتها العرضية، وإنما يسمع بالقيوم الحق الممسك بظهور وجوده المطلق لتلك الجارحة وقوتها العرضية.
وهكذا الكلام في البصر وغيره (بشرى) منه تعالى (لنا) بتحقیق مقالة هود عليه السلام وبيانها .
قال رضي الله عنه : (فكمل) صلى الله عليه وسلم  بها (العلم) الالهي (في صدور)، أي قلوب (الذين أوتوا)، أي آتاهم الله تعالى (العلم) كما قال سبحانه : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم (وما يجحد بآيات) " ، أي ينكرها على كل ما أتى بها .
قال رضي الله عنه : ("إلا الكافرون") العنكبوت : 47]، بالله تعالى (فإنهم يسترونها)، أي الآيات.
قال رضي الله عنه : (وإن عرفوها حسدا منهم) لمن أتى الله تعالى تلك الآيات له (ونفاسة)، أي منافسة وعداوة له بقلوبهم (وظلما) له بنفوسهم .
قال رضي الله عنه : (وما رأينا قط من عند الله) تعالى (في حقه تعالى في آية أنزلها) على نبيه عليه السلام (أو إخبار عنه) تعالى (أوصله) سبحانه (إلينا) على لسان رسوله عليه السلام في حديثه (فيما)، أي في الأمر الذي (يرجع إليه) تعالى (إلا بالتحديد) والتقييد (تنزیها ) له تعالی (کان) ذلك الوارد عنه (أو غير تنزيه) له سبحانه (أوله)، أي الوارد عنه فيما يرجع إليه تعالى (العماء)، أي السحاب الرقيق (الذي ما فوقه هواء)، أي فراغ (وما تحته هواء)، أي فراغ كما يكون السحاب المسخر بين السماء والأرض. وذلك ما روى الترمذي بإسناده إلى أبي رزین العقيلي.
قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق؟
قال: «كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء» .والعماء السحاب الرقيق، وقيل : الكثيف.سنن الترمذي و ابن ماجة
وقيل : الضباب.
وقال الإمام أحمد: يريد بالعماء، أي ليس معه شيء.
وروي في عمى مقصورة قال : وهو كل أمر لا يدركه الفطن .
قال الأزهري : قال أبو عبيد: إنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم، وإلا فلا ندري كيف كان ذلك العماء
قال الأزهري : فنحن نؤمن به ولا نتكيف بصفته (فكان الحق) تعالى (فيه)، أي في ذلك العماء (قبل أن يخلق الخلق) كما ذكرناه في هذا الحديث.
قال رضي الله عنه : (ثم ذكر) تعالی في القرآن بعد أن خلق الخلق (" أنه واستوى على العرش") [الأعراف: 54]. قال سبحانه : "الرحمن على العرش استوى " [طه: 50].
(فهذا) الاستواء أيضا (تحديد له) تعالى (ثم ذكر) سبحانه (أنه نزل إلى سماء الدنيا) وهو ما ذكر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم  فيما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي بإسنادهم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له» . هذه رواية البخاري ومسلم وانفرد مسلم بروایات.
قال إن الله عز وجل : يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول ينزل إلى سماء الدنيا فيقول:
هل من مستغفر؟
هل من تائب؟
هل من سائل؟
هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر."
وله في رواية أخرى إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فيعطى؟
هل من داع فيستجاب؟
هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الصبح"
وله في رواية أخرى: حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول : " أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له "الحديث إلى آخره. وقال : حتى يصلي الفجر
قال رضي الله عنه :  (فهذا) النزول أيضا (تحديد. ثم ذكر) تعالى (أنه في السماء) كما قال : "أم أمنتم من في السماء" [الملك: 17]، (وأنه) سبحانه (في الأرض) كما أخرج الترمذي وأبو داود بإسنادهما إلى العباس بن عبد المطلب في حديث طويل ذكر في آخره بعد أن بين مسافة كل سماء من سماء، وذكر العرش وأن بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء، إلى السماء والله عز وجل فوق ذلك.  
وفي رواية الترمذي بإسناده إلى أبي هريرة في حديث آخر طویل قال صلى الله عليه وسلم :
والذي نفسي بيده لو أنكم دلیتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله » رواه الترمذي، ثم قرأ: "هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم " [الحديد: 3] إلى غير ذلك من الأخبار (وأنه تعالى (معنا أينما كنا) كما قال سبحانه وهو معكم أينما کنتم (إلى أن أخبرنا سبحانه (أنه عیننا) كما قال تعالى: "هو أهل التقوى وأهل المغفرة " [المدثر : 56] .
وإن احتمل التأويل وورد في حديث المتقرب بالنوافل في قوله: «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به» إلى آخره.
وفي حديث مسلم بإسناده إلى أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة : يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت لو أنك عدته لوجدتني عنده يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال : يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين، قال : أما علمت أنه استطعمك عبدى فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ، قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي».رواه مسلم
قال رضي الله عنه : (ونحن محددون)، أي مقيدون بقيود حسية ومعنوية في الظاهر والباطن (فما وصف) تعالی (نفسه) لنا (إلا بالحد) وهو المطلق عن جميع الحدود على ما هو عليه في نفسه بالبراهين العقلية مما تشير إليه الأدلة النقلية لكن لا من حيث ما وصف به نفسه فإنه ما وصف نفسه إلا بما يقتضي التحديد في الكتاب والسنة كما ذكرنا وقد ورد في حديث أخرجه السيوطي في جامعه الصغير.
قال رسول الله : «سألت جبرائیل هل ترى ربك قال: إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور لو رأيت أدناها لاحترقت» . رواه الطبري والديلمي
وفي خبر آخر «أن دون الله يوم القيامة سبعين ألف حجاب»رواه الطبراني فى الكبير.
فإن هذا يقتضي كمال تنزيه الله تعالى عن مشابهة كل شيء لكن بذكر الحجب التي يظهر بها
يأتي التحديد (وقوله) تعالى: ("ليس كمثله ، شيء" حد)، أي تحديد (أيضا له) سبحانه (إن أخذنا الكاف) الداخلة على المثل (زائدة لغير الصفة)، أي صفة المثل بأن كان التقدير ليس مثله شيء فقد اقتضى الكلام تمييزه عن كل شيء وكل شيء محدود.


 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )
وقد بينا كيفية اتحاد الحق مع الأشياء و عینیه في غير موضع (فترجم الحق لنا عن نبيه هود عليه السلام مقالته لقومه بشرى لنا وترجم رسول الله عن الله مقالته بشرى لنا نكمل العلم).
بهذه البشارات (في صدور "الذين أوتوا العلم" ، "وما يجحد بآياتنا") أي وما بنکر بدلائلنا (إلا القوم الكافرون فإنهم) أي الكافرين (يسترونها) أي بسترون ما جاءت به الشرائع من عند الله (وإن عرفوا بها) أي وإن عرفوا أنها حق لكنهم بسترونها (حسدا منهم ونقامة) أي بخلا (وظلما).
لأن ستر الحق بعد العلم ظلم وبخل وإياك وستر الحق والمراد من إيراد هذا الكلام في هذا المقام تعريض لأهل الحق الذين يعلمون الحق ثم يسترونه ولم يظهروه واعتذار في إظهاره أسرار الحق وتحذير للسالكين في طريق الحق .
حتى لا ينكروا أحوال الأولياء من إظهار أسرار الحق بعد العلم بحقيقتهم وتوطئة لما يذكره من الآيات الدالة على وجود الحق مع كل موجود .
 
(وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أوصله إلينا فيما يرجع إليه) أي إلى الحق يعني وما رأينا قط في آية أنزلها الله من عنده في حق نفسه وما رأينا قط في خبر عنه في حق نفسه الذي أوصله نبينا إلينا.
 
(إلا) و هر ملتبس (بالتحديد تنزيهة كان) ذلك المنزل أو الخبر (أو غير تنزیه) فإن التنزيه عن التحديد (أوله) أي أول التحديد العماء الذي أخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام بأن الله كان في عماء (ما فوقه هواء وما تحته هواء فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق) فكان ذلك المقام أول ما ظهر من التعينات لذلك.
قال أوله (ثم ذكر) الحق في القرآن العظيم (أنه استوى على العرش فهذا تحديد أيضا) ثم ذكر بلسان نبيه عليه السلام ينزل الحق .
(إلى سماء الدنيا فهذا تحديد ثم ذكر أنه) أي الحق (إله في السماء وأنه إله في الأرض وذكر أنه معنا اينما كنا) وقد حدد نفسه حتى أوصل تحديده في المبالغة (إلى أن أخبرنا أنه) أي الحق (عيننا ونحن محدودون به) وهو حدنا (فما وصف نفسه إلا بالحد) في قوله كنت سمعه وبصره» .
(وقوله : "ليس كمثله شئ" حد أيضا إن أخذنا الكاف زائدة لغير الصفة) أي لا تكون لإفادة إثبات المثل فحينئذ قد تميز عن المحدود .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )
قال رضي الله عنه : "فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.  وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه. أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.  ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا. ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. "
ومن هنا إلى الأبيات الشعر التي أولها: فهو الكون كله، فهو مفهوم من لفظ الشيخ غیر محتاج إلى شرح.



شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )
 
قال رضي الله عنه : "فترجم الحق لنا عن نبيّه هود عليه السّلام مقالته لقومه بشرى لنا وترجم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الله مقالته بشرى فكمل العلم " في صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ " . "وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ ".
فإنّهم يسترونها وإن عرفوها حسدا ونفاسة وظلما .
 وما رأينا قطَّ من عند الله في حقّه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه تعالى إلَّا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه .
أوّله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء ، فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق ، ثم ذكر أنّه استوى على العرش ، فهذا أيضا تحديد .
ثمّ ذكر أنّه ينزل إلى سماء الدنيا ، فهذا تحديد ، ثم ذكر أنّه في السماء ، وأنّه في الأرض ، وأنّه معنا أينما كنّا إلى أن أخبرنا أنّه عيننا . ونحن محدودون ، فما وصف نفسه إلَّا بالحدّ .
وقوله : " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ " حدّ أيضا إن أخذنا الكاف زائدة لغير الصفة"
قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى ما يخطر لبعض المحجوبين من أنّ الحق إذا كان عين سمع أو بصر ،كان محدودا بحدّه وهو غير محدود.
فعرّف رضي الله عنه أنّ الأمر أعظم ممّا توهّم تنزيهه الوهميّ ، وأوسع وأجل عن التقيّد بالمدرك الفكري ، فإنّه الحقيقة التي من شأنها أن تكون عين الكلّ ، فلا يتقيّد بحدّ ولا يتحدّد بما ميّزه هو بتنزيهه عن أن يكون عين المحدودات .
فإنّه لو كان في معيّن بالتعيين أو معيّنا متميّزا عن غيره ، لكان كذلك ، ولكنّه ليس كذلك ، بل محيط بالكلّ قد استغرق الكلّ ، غير منحصر في الكلّ .
لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلَّا أحصاها بعينه ، فكان عينها ، ولم يتعيّن في عين على التعيين ، فلم يتحدّد بحدّ مخصوص على التخصيص والتمييز .
فلم يدركه حدّ ولم يبلغه حصر ، وإن كان محدودا بحدّ كلّ ذي حدّ ، فإنّه غير محصور في ذلك فافهم ، إن شاء الله تعالى .
ثمّ أخذ رضي الله عنه في تعديد التحديد الذي وردت به النصوص الإلهية ممّا يجب الإيمان به في الكتاب والسنّة ، وادّعى أنّه لم يرد في جميع ما ورد في القرآن وسائر الكتب المنزلة وألسنة السنّة إلَّا التحديد .
ثمّ بيّن أنّ التحديد لا يقيّده والتقييد لا يحدّده ، لعدم انحصاره في الكلّ ، ولا في الإطلاق عن الكلّ .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا ، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى لنا فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا القوم الكافرون ) .
أي المحجوبون الساترون ، فإنهم توهموا أنه تعالى إذا كان عين المحدودات كان محدودا ، ولم يعرفوا أنه إذا أحاط الكل من الأرواح والأجسام ، ولم ينحصر في واحد منهما ولا في الكل لم يكن محدودا . ( فإنهم يسترونها ) أي الآيات التي هي صفاته وتجلياته .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإن عرفوها حسدا منهم ونفاسة وظلما ) كأكثر علماء أهل الكتاب فإنهم عرفوها من كتبهم ، فإنه ما جاء في جميع الكتب إلا كذلك بشهادة الذين آمنوا من علمائهم ، كعبد الله بن سلام وأحزابه .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أوصله إلينا فيما يرجع إليه تعالى إلا بالتحديد ، تنزيها كان أو غير تنزيه ، أو له العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء ، فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق ، ثم ذكر أنه استوى على العرش فهذا أيضا تحديد ، ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد ، ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا ) حيث أخبر أنه جميع قوانا وجوارحنا وهي عيننا.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ونحن محدودون فما وصف نفسه إلا بالحد ، وقوله : " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ " حد أيضا إن أخذنا الكاف زائدة لغير الصفة ) أي لغير معنى المثلية يعنى لا بمعنى مثل مثله .
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )
 قال رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه ، هود ، مقالته لقومه ، بشرى لنا . وترجم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن الله مقالته بشرى ، فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم "وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون " . )
أي ، الساترون للحق بإنكارهم عدم قبولهم ما جاءت به الشرائع من عند الله .
 
قال رضي الله عنه : ( فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم ونفاسة وظلما ) .
( النفاسة ) الضنة . و ( النفيس ) هو ما يضن به . أي ، لأجل الحسد والضنة والظلم الواقع في نفوسهم ، حيث أرادوا ظهور أنفسهم وإخفاء حقية الرسول والآيات المنزلة من الله ، مع أنهم عرفوا ذلك ، كعبد الله بن سلام وأضرابه من أهل الكتاب .
 
قال رضي الله عنه : (وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أوصله إلينا فيما  يرجع إليه إلا بالتحديد ، تنزيها كان أو غير تنزيه ) .
( في آية ) ، متعلق ب‍ " ما رأينا " و ( من عند الله في حقه ) بقوله : ( أنزلها ) .
فتقدير الكلام : ما رأينا في آية نازلة من عند الله في حقه ، أو خبر ، أوصله إلينا نبينا إلا وهو متلبس بالتحديد ، تنزيها كان ذلك المنزل أو تشبيها .
وهذا الكلام كأنه جواب سؤال مقدر ، كأن القائل يقول : كيف يكون الحق عين هذه الأشياء ، وهي محدودة والحق منزه عن التحديد ؟
فنقول : الآيات والأخبار التي جاءت في حق الله تعالى كلها متلبسة بالتحديد .
قال رضي الله عنه : (أوله " العماء " الذي ما فوقه هواء ولا تحته هواء . وكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق ) . أي ، أول ذلك التحديد هو المرتبة ( العمائية ) التي أشار إليها النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عند سؤال الأعرابي : ( أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق ؟ )
قال ، صلى الله عليه وسلم : " كان في عماء ما فوقه هواء ولا تحته هواء "
وإنما كان ( العماء ) أول التحديدات ، لأنه لغة عبارة عن ( الضباب ) .
وفي اصطلاح أهل الله عبارة عن أول تعين ظهر الحق بحسب اسمه الجامع الإلهي .
وكلاهما محدودان . وهذه المرتبة هي مرتبة الإنسان الكامل ، فإنه أول ما تعين .
وظهر بالصورة المحمدية ، ثم فصلها ، فخلق منها أعيان العالم علما وخارجا . وقد مر بيانه في المقدمات .
 
قال رضي الله عنه : ( ثم ، ذكر أنه استوى على العرش . فهذا تحديد أيضا ) . لأن ( الاستواء عليه ) ظهور الاسم الرحماني في صورة العرشية ، وهو أيضا تحديد ، لأنه يتعين فيظهر فيها .
 
( ثم ، ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا . فهذا تحديد ) . أي ، ذكر الحق بلسان نبيه : ( إن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ، فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ؟
هل من مستغفر فأغفر له ؟ ) والنزول إلى المقام المعين ، تحديد .
 
قال رضي الله عنه : ( ثم ، ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض ) . كما قال : ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) . وكونه في السماء وفي الأرض ، تحديد .
 
( وأنه معنا أينما كنا ) . أي ، وذكر أنه معنا ، كما قال : " وهو معكم أينما كنتم " .
( إلى أن أخبرنا أنه عيننا ) . أي ، حدد نفسه إلى أن جعلها عيننا ، كما قال :
( كنت سمعه وبصره . . . ) .
( ونحن محدودون ، فما وصف نفسه إلا بالحد .)
قال رضي الله عنه : (وقوله : ( ليس كمثله شئ ) . حد أيضا - إن أخذنا " الكاف " زائدة لغير الصفة ) .
أي ، لا تكون للتشبيه ليفيد : ليس مثل مثله شئ .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 7 يوليو 2019 - 21:21 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 7 يوليو 2019 - 21:17 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادي عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )
قال رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما. وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه. أوله العماء )
قال رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا) أهل الكمال (عن نبيه هود عليه السلام مقالته) تکميلا لها إذ كانت قاصرة حيث قالها لقومه القاصرين .
قال رضي الله عنه : (بشرى لنا) بأنها إذا كانت في حقهم على قصورهم فأنتم مع كمالكم أولى بذلك، (وترجم رسول الله )صلى الله عليه وسلم لغاية كماله وقيامه مقام ربه (عن الله مقالته) : «كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه» .
قال رضي الله عنه : (بشرى) لكل شيء يقرب الحق منه، وإن كان منعه في التلذذ به حجبه، (فكمل العلم) بغاية قرب الحق بتوارد الأدلة (في صدور الذين أوتوا العلم) الكشف بالوهب لا الكسب، فلا يتزلزل بشبهة ("وما يجحد بآياتنا")، أي ما ثبت من الكتاب والسنة على هذا القرب ("إلا الكافرون") [العنكبوت: 47] الساترون لظواهرها بالكلية بتأويلات بعيدة وظواهرها قريبة لتأويلاتها.
قال رضي الله عنه : (فإنهم يسترونها وإن عرفوها) ببياننا أن تأويلاتها صحيحة قريبة من الظواهر، ولا حاجة إلى البعد عنها (حسدا منهم) أن يكون لنا السبق، (ونفاسة) أي: رغبة في تأييد ما سبقوا إليه.
قال رضي الله عنه : (وظلما) بإقامة التأويل البعيد الذي يأباه اللفظ من غير دليل قطعي على بطلان تأويلاتنا، بل غايته الفرار من تحديد الحق باعتبار ظهوره بالمحدودات وتلونه بألوانها، وقد شاهدوا من نور الشمس أنه غير محدود، ولا ملون في نفسه، ولا يتحدد ويتلون وراء الزجاجات المتلونة المحدودة.
ولا شك أن هذه الشبهة الواهية لا يمكن أن تتحمل تلك التأويلات البعيدة في النصوص الكثيرة بلا تعارض بينها.
وذلك أنه (ما رأينا قط) فيما وصل إلينا (من عند الله في حقه) باعتباراته وظهوراته الكثيرة سواء كان (في آية أنزلها أو إخبار عنه أوصله ) على لسان نبيه (إلينا).


وفيه إشارة إلى أن إظهار هذه الأسرار لأهلها غير ممنوع بل فيه متابعة النصوص کائنا تلك الآيات والأخبار .
قال رضي الله عنه : (فيما يرجع إليه باعتبار ذاته أو صفاته إلا بالتحديد)، وإن كان منزلها عنه باعتبار استقراره في مقر غيره سواء كان الوارد (تنزيها)، كقوله تعالى: "ليس كمثله شئ" [الشورى:11] على ما يأتي بيانه (أو غير تنزیه).
وفيه إشارة إلى أنه إذا لم تخل عنه آية التنزيه فغيرها أولى .
قال رضي الله عنه : (أوله) أي: أول ما يتصور في حقه من التحديد (العماء)، وهو: السحاب الرقيق والمراد حجاب الأسماء والصفات الساتر نور الأحدية .
 
"" أضاف المحقق : قال القاشاني: العماء هو الحضرة العمائية التي عرفت بأنها هي النفس الرحماني، والتعين الثاني.
وأنها هي البرزخية الهائلة بكثرتها النسبية بين الوحدة والكثرة الحقيقتين، كما عرفت ذلك فيما مر من كونها محل تفصيل الحقائق التي كانت في المرتبة الأولى شؤونة محملة في الوحدة، فسميت بهذا الاعتبار بالعماء، وهو الغيم الرقيق.
وذلك لكون هذه الحضرة برزخا حائلا بين إضافة ما في هذه الحضرة من الحقائق إلى الحق، وإلى الخلق، كما يحول العماء الذي هو الغيم الرقيق بين الناظر وبين نور الشمس. أهـ ""

قال رضي الله عنه : ( الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد. ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا. ونحن محدودون ، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة.)

ووصفه بقوله رضي الله عنه: (الذي ما فوقه هواء، ولا تحته هواء) للإشعار بأنه ليس السحاب المتعارف، وأنه لم يكن للحق حينئذ تعلق بالعالم العلوي الروحاني، والسفلى الجسماني.
ولذلك (كان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق)، وذلك أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق؟" قال: «كان في عماء ما فوقه، وما تحته هواء ". رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
 
ففيه تحديد للحق أو تقييد له بالأسماء والصفات قبل التقييد في ظهوره في سائر الكائنات.
قال رضي الله عنه : (ثم ذكر أنه استوى على العرش)، قال تعالى: "الرحمن على العرش استوى" [طه: 5]، (وهذا تحديد أيضا) بظهور رحمانیته في الجسم المحيط بعد تحديده بعالم الأسماء والصفات، وهذان التحديدان كلیان.
قال رضي الله عنه : (ثم ذكر) على لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى "إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3 ،4] .
قال رضي الله عنه : (أنه ينزل إلى السماء الدنيا) قال صلى الله عليه وسلم : "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا ، هل من داع فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه" . رواه أحمد والدارمي والطبراني في الكبير .
وهذا تحديد جزئي بظهوره في أقرب الأفلاك منا، والأفلاك هى الأسباب القريبة في عالم الكون والفساد.
فيظهر في أقربها لتقريب هذه الأمور في حق قائم الليل، وذكر تحدید آخر بظهوره في عالم الكون والفساد، وهو (أنه معنا أينما كنا) إذ قال : " وهو معكم أين ما كنتم" [الحديد: 4].
وانتهى في ذلك (إلى أن أخبرنا) على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم (أنه عيننا) حيث قال صلى الله عليه وسلم مخبرا عنه سبحانه وتعالى: "كنت سمعه وبصره ويده ولسانه".
(ونحن محدودون)، وإن بلغنا من المراتب العالية ما بلغنا، فما يكون عيننا يكون محدود بالجملة فما وصف نفسه في هذه الآيات والأخبار (إلا بالحد).
فلو قيل: إنها من المشابهات؛ فلا تجري على ظواهرها، فنقول: اتفقتم على أن (قوله: "ليس کمثله شئ") [الشورى:11]  محكم وهو دال على ما ذكرنا .
إذ قوله: "ليس کمثله شئ" (حد أيضا) على كل تقدير.
لأنه (إن أخذنا الكاف زائدة) فيكون (لغير الصفة)، أي: لغير المثلية التي منشأها الاشتراك في أخص أوصاف النفس، وعبر عن النفي بلفظ الغير إشعارا بأنها لا ينبغي بحسب الظهور، بل غايتها أن يكون فيها مغايرة ما لمن منه الظهور.
وزيادة الكاف لهذا المعنى للإشعار بأنها وإن ظهرت؛ فليست بشيء في المعنى، كالحروف الزائدة، وإنما هي مشابهة للأمور الموجودة في الحس والخيال، فهو يفيد التمييز عن كل ما عدا، ويدخل فيه المحدود فيتميز عنه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )

قال رضي الله عنه : (فترجم الحقّ لنا عن نبيّه هود مقالته لقومه - بشرى لنا - وترجم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الله مقالته بشرى ) لأهل الخصوص منّا .
قال رضي الله عنه : ( فكمّل العلم في صدور الذين أوتوا العلم ، " وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ ") [ 29 / 47 ]   منهم ( فإنّهم يسترونها ) بالإخفاء عن المسترشدين .
قال رضي الله عنه : ( وإن عرفوها ) وتحقّقوا بالتوحيد الذاتي ( حسدا منهم ) في أن يصل إليه غيره ( ونفاسة )
لتلك المنقبة العزيزة ( وظلما ) على الطالبين كما لا يخفى على من له أدنى تنبّه أنّ الكافر على هذا التأويل لا يمكن أن يكون كفّار أهل الكتاب كيف ذلك وقد صرف الكفر عن حقيقته الشرعيّة إلى اللغويّة ، وهو مجرّد الستر .

التنزيه في عين التشبيه
ثمّ إنّه لما بالغ في تحقيق طرف التشبيه ، إلى أنّ آل أمره إلى التحديد ، أخذ في تحقيق ذلك بما يظهر منه كمال التنزيه قائلا :
قال رضي الله عنه : ( وما رأينا قطَّ من عند الله في حقّه تعالى آية في آية أنزلها ، أو إخبار عنه أوصله إلينا فيما يرجع إليه إلَّا بالتحديد ، تنزيها كان ) مؤدى ذلك الإخبار كما سيجيء بيانه في قوله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ " (  أو غير تنزيه ) كما في الآيات والأخبار الدالَّة على تنزّله في المراتب.

قال رضي الله عنه : ( أوّلها العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء ) فبتبيّن الفوق والتحت منه حدّده مكانا ، وبقوله : ( فكان الحقّ فيه قبل أن يخلق الخلق ) حدّده زمانا ( ثمّ ذكر ) في مدارج تلك التنزّلات ( أنّه استوى على العرش ، فهذا أيضا تحديد ثمّ ذكر أنّه ينزل إلى السماء الدنيا ، فهذا تحديد ثمّ ذكر أنّه "في السَّماءِ " ( إِله ٌ " وَ أنّه  " في الأَرْضِ" )  إِله ٌ ) [ 43 / 84 ] .
قال رضي الله عنه : ( وأنّه معنا أينما كنّا ) وفي عبارته هذه إشارة إلى أنّ ترتيب التنزّلات الوجوديّة إلى الأرض ، ثمّ فيها ترتيب آخر على أرضها الإظهاري ، إلى أن يكون عين المظاهر ، وإليه أشار بقوله : (إلى أن أخبرنا أنّه أعيننا)  في حديث النوافل ، فهذا منتهى المراتب

 قال رضي الله عنه : ( ونحن محدودون ، فما وصف نفسه ) حيث أخبرنا بأنّه عيننا ( إلَّا بالحد ) هذا في الآيات والأخبار الدالَّة على طرف التشبيه ، وتنزّله في مراتب الظهور والإظهار .
وأمّا ما يدلّ على التنزيه منها ، فإليه أشار بقوله : ( وقوله : " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ " [ 42 / 11 ] حدّ أيضا إن أخذنا الكاف زائدة لغير الصفة ) بمعنى المثل - كما سيجيء تحقيقه - وهو يدلّ على التحديد ، فإنّه إنّما يدلّ على أنّه ليس مثل المحدود ويمتاز عنه .


 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. )

قال رضي الله عنه : (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما. وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه. أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق.)

قال رضي الله عنه :  (فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا) مفعول له .لقوله : ترجم
قال رضي الله عنه :  (وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ) عن الله (مقاله)، أي متانة الله التي ترجم بها عن هود عليه السلام (بشرى) أيضا تنا (فكل العلم) بهاتين الترجمتين ("في صدور الذي أوتوا العلم"  "وما يجحد بها إلا الكافرون")، أي الساترون تلك الآيات بالجحود والإنكار .
قال رضي الله عنه :  (فإنهم يسترونها)، أي تلك الآيات (وإن عرفوها حسدا منهم)، على من تظهر فيه تلك الآيات (ونفاسة)، أي ضنا و بخلا على خزائن رحمة الله وعنايته أن يعطي غيرهم ما لم يعطهم (وظلما) على تلك الآيات وعلى من أتى بها وعنى أنفسهم أيضا.
قال رضي الله عنه :  (وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها) من مقام الجمع الإلهي (إو إخبار عنه) تعالى (أوصله إلينا) من مقام الفرق النبوي (فيما يرجع إليه)، أي في بيان معنى يرجع إليه من يتصف هو به .
قال رضي الله عنه :  (إلا) متلبسا (بالتحديد) والتقييد (تنزيها كان) مما يرجع اليه (أو غير تنزيه أوله)، أي أول ما يرجع إليه من الصنات (العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء وكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق) .
 
""أضاف المحقق : يشير المصنف الى حديث أبي رزين العقيلي :  
قلت: "يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟
قال: هل ترون ليلة البدر القمر أو الشمس بغير سحاب؟
قالوا: نعم قال: فالله أعظم.
قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟
 قال: في عماء، ما فوقه هواء وما تحته هواء". رواه ابن حبان في صحيحة وله شواهد وورد فى المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة  ""
 فالعماء لغة هو السحاب الرقيق الساتر لنور الشمس واصطلاحا ، التعيين الجامع لجميع التعينات على سبيل الإجمال .
 
قال رضي الله عنه : ( ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد. ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا. ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة.)
 
قال رضي الله عنه :  (ثم ذكر أنه استوى على العرش فهذا تحديد أيضا ثم ذكر أنه ينزل إلى سماء الدنيا فهذا تحديد) أيضا (ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض) كما قال تعالى، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ، فهذا تحديد أيضا .
 
قال رضي الله عنه :  (و) ذكر (أنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عیننا ونحن محدودون فما وصف نفسه) في الصورة المذكورة (إلا بالحد وقوله : "ليس كمثله شئ") الذي هو بالغ في التنزيه (حد أيضا إن كانت الكاف زائدة لغير الصفة) فيكون المعنى ليس مثله شيء فقد تميز عن الأشياء المحدودة .

 
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 7 يوليو 2019 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : ( ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم. وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود. فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته. ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود. )
 
قال رضي الله عنه : (ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود، فالإطلاق عن التقييد تقیید) بالإطلاق (والمطلق) عن مشابهة كل شيء (مقيد) أيضا (بالإطلاق) عن مشابهة كل شيء (لمن فهم) المعاني وعرف مراتبها .
قال رضي الله عنه : (وإن جعلنا الكاف للصفة) وكان تقدير المعنى ليس مثل مثله شيء، حتى اقتضى الكلام إثبات المثل له ونفي المثل عن هذا المثل المثبت له (فقد حددناه) أيضا بإثبات المثل له وإن كان المراد بمثله ذاته كما يقال مثلك من يفعل كذا، أي أنت تفعل كذا أو مثله وصفاته أو على فرض وجود المثل له فكان تحديد له .
قال رضي الله عنه : (وإن أخذنا) معنى ("وليس كمثله، شئ" [الشورى : 11] على نفي المثل) والكاف لتأكيد النفي (تحققنا بالمفهوم)، أي مفهوم من نفينا المثل عنه على وجه التأكيد وكل مفهوم محدود فهو تحدید.
(و) ثبت (بالإخبار الصحيح) عنه تعالى وإن احتمل التأويل عند أهل الأغيار (أنه) سبحانه (عين الأشياء) كما قال تعالى : "إنا كل شيء خلقناه بقدر" [القمر: 49] على قراءة رفع كل بأنها خبر إن.
وقال تعالى: "قل انظروا ماذا في السموات والأرض" [يونس: 101]،
وقال أيضا : "وهو الله في السموات وفي الأرض" [الأنعام: 3]،
وقال : "فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم" [البقرة: 115].
قال رضي الله عنه : (والأشياء محدودة) بحدود تمیز بعضها عن بعض (وإن اختلفت حدودها) اختلافا كثيرا (فهو)، أي الحق تعالی (محدود بحد كل محدود) من الأشياء المحدودة (فما يحد شيء) بحد (إلا وهو)، أي ذلك الحد (حد للحق) تعالى .
وهذا كله من حيث ظهوره تعالى بصفة القيومية على كل محسوس أو معقول من تجلي اسمه الظاهر والآخر.
وأما إطلاقه الحقيقي الذي هو عليه في نفسه أزلا وأبدا من غير تغير أصلا، فهو أمر معجوز عنه يتعلق به إيمان العارفين على وجه الإسلام له فقط، وهو من تجلي اسمه الباطن والأول فهو تعالى: "الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم" [الحديد: 3].
فهو تعالى من تجلی اسمه الظاهر القيوم الذي لا يصير من حيث هذا التجلي باطنا أصلا، وهو أيضا من تجلی اسمه الباطن لا يصير ظاهرا أصلا، لأن أسماءه تعالى قديمة باقية لا تتغير ولا تتبدل (الساري) من حيث ظهور وجوده المطلق في قيود الصور الممكنة العدمية الثابتة بعلمه القديم وتقديره وقضائه إلى آجالها المقدرة.
قال رضي الله عنه : (في مسمى المخلوقات والمبدعات) من المحسوسات والمعقولات، وليس هذا السريان کسريان شيء في شيء لاستحالة وجود شيء مع الله تعالى بنفسه، وإنما الوجود الظاهر لما سواه هو عين وجوده ظهر بملابسة ما سواه، وكل ما سواه معدوم بالعدم الأصلي.
قال تعالى : "الله نور السموات والأرض" (النور: 35).
وفي الحديث من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : «أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أضاءت له السموات والأرض، وأشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تحل علي غضبك أو تنزل علي سخطك» إلى آخره . رواه الطبراني والمقدسي في المختارة.
ومن حكم ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى: «الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه» (ولو لم يكن الأمر كذلك)، أي هو تعالی بالوجود المطلق ساري في كل محسوس ومعقول سريان ظهور في المعلومات بحيث لا يتغير بها أصلا ولا تتغير به عما هي عليه في عدمها الأصلي من الأحوال الممكنة .
قال رضي الله عنه : (ما صح)، أي ثبت واستقام (هذا الوجود) الذي جملة العالم من كل محسوس ومعقول (فهو)، أي الحق تعالی (عين الوجود) المطلق بالإطلاق الحقيقي وإن تقيد في ظهوره بكل صورة لا قيد له في نفس الأمر من حيث اسمه الباطن.
(فهو)، أي الحق تعالى كما قال في كلامه القديم (على كل شيء) محسوس أو معقول (حفیظ) يحفظ ذلك الشيء من أن يزول عن وجوده الموهوم.
(له بذاته) سبحانه التي هي الوجود المطلق المذكور ("ولا يؤده" )، أي لا يعيقه سبحانه (حفظ شيء) من الأشياء كما قال تعالى : " وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلى العظيم" [البقرة : 255] .
قال رضي الله عنه : (فحفظه تعالى للأشياء كلها) محسوساتها ومعقولاتها هو (حفظه) سبحانه (لصورته) التي هي كل صورة في الحس أو العقل لصدور الكل عنه وقيامه بوجوده قيام معدوم بموجود.
(أن يكون الشيء) الهالك إلا وجهه أي المعدوم إلا وجوده (غير صورته) سبحانه فكل الصور له ولا صورة له.
لأنه إذا كان عين صورة لم يكن عين صورة أخرى، فيتنزه عن الصورة الأخرى، وإذا كان عين الصورة الأخرى أيضا لم یکن عین الصورة الأولى، فيتنزه عن الصورة الأولى فهو عين الصور كلها، وهو منزه عن الصور كلها .
قال رضي الله عنه : (ولا يصح) في حقه تعالی عند العارفين به المحققين (إلا هذا) الأمر .
(فهو) تعالى (الشاهد من الشاهد و) هو أيضا (المشهود من المشهود) فهو الشاهد والمشهود كما أقسم سبحانه بقوله وشاهد ومشهود، ولم يقسم بغيره إذ ما ثم غيره، والغيرية من جملة حضراته سبحانه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : (ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عین هذا المحدود) والمراد بالمحدود الأشياء فإذا لم يكن الحق عين الأشياء كان محدود بهذا الحد فإذا كان الحق محدودة بكونه ليس عين المحدود (فالإطلاق عن التقيد تقييد والمطلق مفید) وزائدة (بالإطلاق لمن فهم) الأشياء على ما هي عليها .
 
قال رضي الله عنه : (وإن جعلنا الكان للصفة فقد حددناه وإن أخذنا "ليس كمثله شئ" على نفي المثل) مطلقا على أن الكاف زائدة لغير الصفة (تحققنا بالمفهوم) أي أطلعنا بالمعنى المراد من الآية وهو أنه عين الأشياء فإن مفهومه إثبات الوجود لغيره ومفهوم الثاني نفي المثل فيلزمه نفي الوجود عن غيره فتبين بهذا الوجه أنه عين الأشياء كما كان في الإخبار الصحيح لذلك أوردهما في إثبات هذا المعنى دون الوجه الأول .
 
(و) تحققنا (بالإخبار الصحيح أنه) أي الحق (عين الأشياء) وأشار إلى فوق الآية والحديث الصحيح في الدلالة على أنه عين الأشياء بقوله في الآية بالمفهوم.
وفي الحديث بقوله وبالأخبار ولم يقل وبمفهوم الإخبار فإن قوله كنت سمعه وبصره الخ في العينية معلوم للعموم بخلاف الآية فإنها لا تدل بهذه الدلالة .
بل تدل على العينية بالمفهوم الذي يفهم من وجوه اللفظ، ولا يعلم ذاك إلا من كان له بصيرة من ربه فدلالة الحديث على العينية أتم وأعم من دلالة الآية .
 
قال رضي الله عنه : (والأشياء محدودة وإن) وصل (اختلفت حدودها) فإذا كان الحق عين الأشياء وكانت الأشياء محدودة (فهو) أي الحق (محدود بحد كل محدود) فإذا كان محدودة بحد كل محدود .
(فما بحد شيء إلا وهو) أي ذلك الحذ (حد للحق) فإذا كان حد كل شيء حدا للحق (فهو الساري في مسمى المخلوقات) وهي المسبوقة بالزمان (و) مسمى (المبدعات) و هي الغير المسبوقة بالزمان وسريان الحق في الموجودات هو وجود أسمائه وصفاته فيها بحسب قابليته أعيانهم الثابتة.
 
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن الأمر كذلك) أي ولو لم یکن الحق سارية في الموجودات (لما صح الوجود) لما كان شيء موجودة (فهو عین الوجود فهو على كل شيء حفيظ) عن انعدامه بأن كان ذلك الشيء على غير صورة الحق
(بذاته فلا يؤده) أي فلا يثقله (حفظ شيء) إذ عين الشيء لا يثقل حفظه على ذلك الشيء فإذا كان الحق عين الوجود وحافظة للأشياء بذاته (فحفظه تعالي للأشياء كلها حفظه لصورته) إذ الأشياء عبارة عن الصورة الوجودية التي هي صورة الحق أي صفة الحق (أن يكون) أي أن يوجد (الشيء) على (غير صورته) أي على غير صفة الحق (ولا يصح إلا هذا) أي لا يصح إلا أن يكون الشيء على صورة الحق فكان وجود الشيء على غير صورة الحق محال.
(فهو) أي الحق (الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود) باعتبار الأحدية .
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : " ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم. وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.  فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته. ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود."
ومن هنا إلى الأبيات الشعر التي أولها: فهو الكون كله، فهو مفهوم من لفظ الشيخ غیر محتاج إلى شرح.




شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
 
قال رضي الله عنه : "ومن تميّز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود .
فالإطلاق عن التقييد تقييد والمطلق مقيّد بالإطلاق لمن فهم . وإن جعلنا الكاف للصفة ، فقد حدّدناه . وإن أخذنا « ليس كمثله شيء » على نفي المثل ، تحقّقنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنّه عين الأشياء ، غير هذا المحدود ".
قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى ما يخطر لبعض المحجوبين من أنّ الحق إذا كان عين سمع أو بصر ، كان محدودا بحدّه وهو غير محدود .
فعرّف رضي الله عنه أنّ الأمر أعظم ممّا توهّم تنزيهه الوهميّ ، وأوسع وأجل عن التقيّد بالمدرك الفكري ، فإنّه الحقيقة التي من شأنها أن تكون عين الكلّ ، فلا يتقيّد بحدّ ولا يتحدّد بما ميّزه هو بتنزيهه عن أن يكون عين المحدودات .
فإنّه لو كان في معيّن بالتعيين أو معيّنا متميّزا عن غيره ، لكان كذلك ، ولكنّه ليس كذلك ، بل محيط بالكلّ قد استغرق الكلّ ، غير منحصر في الكلّ .
لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلَّا أحصاها بعينه ، فكان عينها ، ولم يتعيّن في عين على التعيين ، فلم يتحدّد بحدّ مخصوص على التخصيص والتمييز .
فلم يدركه حدّ ولم يبلغه حصر ، وإن كان محدودا بحدّ كلّ ذي حدّ ، فإنّه غير محصور في ذلك فافهم ، إن شاء الله تعالى .
ثمّ أخذ رضي الله عنه في تعديد التحديد الذي وردت به النصوص الإلهية ممّا يجب الإيمان به في الكتاب والسنّة ، وادّعى أنّه لم يرد في جميع ما ورد في القرآن وسائر الكتب المنزلة وألسنة السنّة إلَّا التحديد .
ثمّ بيّن أنّ التحديد لا يقيّده والتقييد لا يحدّده ، لعدم انحصاره في الكلّ ، ولا في الإطلاق عن الكلّ .
ثمّ قال رضي الله عنه : الآية الدالَّة على التنزيه في القرآن هي " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ "  فإن أخذنا الكاف زائدة ، دلَّت على نفي المثل فتميّز عن الأمثال وماله مثل ، فكان محدودا بتميّزه عمّاله مثل ، وإن لم تكن زائدة ، كان إثباتا للمثل ونفيا لمثليّة المثل ، عن المثل ، وهذا عين التشبيه ، والتشبيه تحديد.
 وبنفي المثلية عن مثله يتحقّق أنّ مثله من لا يشبهه شيء له مثل ، فيصحّ أن يكون عين الأشياء حقيقة ، حتى لا يكون له مثل من الأشياء.
فإنّ من يكون بعينه عين الكلّ ، فإنّه لا يكون شيء من الكلّ مثله من كونه عين الكلّ ، فافهم ، وإذا كانت الأشياء محدودة بحدود لها خصيصة بها ، كان هو من حيث كونها عين الكلّ محدودا بحدود ذوات الحدود كلَّها .
فما حدّه حدّ معيّن حاصر فما له حدّ ، إذ حدّ الحدّ أن يكون جامعا لحقائق المحدود ، مانعا لما تميّز عنه عن الدخول في حدّه والمقول عليه ، وفيه حدود المحدودات غير المتناهية ، وغير المحدودة غير محدود ، فافهم .
قال رضي الله عنه : « والأشياء محدودة ، وإن اختلفت حدودها ، فهو محدود بحدّ كلّ ذي حدّ  ، فما يحدّ شيء إلَّا وهو حدّ للحق ، فهو الساري في مسمّى المخلوقات والمبدعات ، ولو لم يكن الأمر كذلك ، لما صحّ الوجود " .
 
يعني : لأنّه لا وجود إلَّا وجوده الذي هو هو ، فبالحق وجدت الموجودات وشهدت المشهودات ، فلا وجود لشيء إلَّا به .
قال رضي الله عنه : « فهو عين الوجود ، فهو على كل شيء حفيظ بذاته لا يؤوده حفظ شيء ، فحفظه تعالى الأشياء كلَّها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته ، ولا يصحّ إلَّا هذا ، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود"
قال العبد : قد علمتم أنّ الأشياء محدودة ، ولكل شيء حدّ هو جمع جميع ما يجمعه ويمنعه عن غيرهن أن يكونه ، وذلك إمّا بذكر الجنس والفصل فيما هو تحت الجنس والفصل ، أو بما به الاشتراك والامتياز فيما ليس كذلك.
 وحدّ الحدّ أن يكون كذلك سواء كان الحدّ تامّا أو ناقصا ، إذ الناقص أيضا على ما عرف وعرّف كاف ، لتضمّنه ما نقصه في العبارة من كون الخاصّ مستلزما للعامّ .
لأنّك إذا قلت : الإنسان هو الناطق أو الناطق الإنسان ، لكان في قوّة قولك : الإنسان حيوان ناطق ، أو الحيوان الناطق هو الإنسان .
لاستلزام الناطق وهو الفصل المميّز الخاصّ للعامّ وهو الحيوان الذي فيه الإنسان أو الناطق مع غيره ، وكل ناطق فهو حيوان ، وكل خاصّ فهو مستلزم للعامّ .
فكلّ كاف شاف عند الإيجاز عن ذكر ما به الشركة ، ولا شيء من الأشياء إلَّا وهو محدود بما به يمتاز ويختصّ ، وهو يتضمّن ما به الاشتراك بالضرورة .
ثمّ إنّا إن لم نأخذ في كل حدّ ظاهر المحدود وباطنه ، لم يعمّ التعريف ولم يكن الحدّ جامعا ، وباطن الأشياء باعتبار هو الوجود الحق ، وظاهرها ما نسمّيه « السوي » سوى الحق وغيره غيره .
وباعتبار آخر هو الظاهر من كون الظاهر هو الحق الموجود المشهود ، والباطن المعقول هو الاعتبارات والحدود والكثرة ، وهي أمور متعقّلة عقلا علمية لا تميّز لها ولا تحقّق بدون الوجود الحق المعطي حقيقتها في أعيانها ، بل  بالوجود الحق الموجود المشهود ، فإذا ذكرنا الحدّ الشامل لكلّ محدود ، فلا بدّ من ذكر الحق فيه في اعتبار أهل الاعتبار والاستبصار ، أولي الأيدي والأبصار.
فهو الظاهر من الظاهر والباطن من الباطن ، والمتحقّق هو الوجود الحق ما ثمّ إلَّا هو ، هو الأوّل والآخر ، والباطن والظاهر ، والجامع بذاته للكل ، والمطلق عن هذه الجمعية وعن هذا الإطلاق والتقيّد بحدّ ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود ) هذا كلام أورده لدفع توهم المنزه ، فإن الأمر في وصفه أعظم مما توهم من تنزيهه الوهمي وأوسع من التقييد الفكري ، فإنه في التنزيه لم يتميز من شيء حتى يحتاج إلى تميزه ، وفي التحديد لم يتقيد بحد مخصوص حتى ينحصر فيتحدد ، تعالى الله عما يقول المنزه والمحدد ، وإن أخذنا الكاف في الآية المذكورة الدالة على التنزيه زائد دلت على نفى المثلية ، فتميز عن الأشياء بحدنا في حدودنا فكان محدودا ، ولو بكونه ليس عين هذا المحدود لاشتراكه بجميع ما عداه في معنى التشبيه .
 
"" إضافة بالي زادة فحينئذ قد تميز عن المحدود ( ومن تميز عن المحدود فهو محدود ) والمراد بالمحدود الأشياء ، فإذا لم يكن الحق عين الأشياء كان محدودا بهذا الحد ، فإذا كان الخلق محدودا ( بكونه ليس عين المحدود ) فالإطلاق عن التقييد تقييد اهـ بالى . ""
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالإطلاق عن التقييد تقييد ، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم ) يعنى أن الإطلاق عين التقييد مقابل له فهو تقييد بقيد الإطلاق والمطلق مقيد بقيد اللاتقيد ، أي بمعنى لا شيء معه والحق هو الحقيقة من حيث هي هي ، أي لا بشرط شيء فلا ينافي التقييد واللاتقيد .
(وإن جعلنا الكاف الصفة ) أي بمعنى المثلية ( فقد حددناه ) أي أثبتنا مثله ونفينا عن مثله أن يكون له مثل وهو عين التشبيه والتشبيه تحديد.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإن أخذنا " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ "  على نفى المثل ) أي على معنى نفى مثل من هو على صفته ، فإن مثل الشيء يطلق ويراد به من هو على صفته من غير قصد إلى نظير له كقولهم : مثلك لا يبخل أي من هو ذو فضيلة مثلك لا يأتي منه البخل والمراد نفسه والمبالغة في نفى البخل عنه بالبرهان أي أنت لا تبخل لأن فيك ما ينافي البخل فعلى هذا يكون معنى " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ " نفى المثل بطريق المبالغة أي ليس مثل من هو على صفة من الصمدية وقيومية الكل شيء.
 
"" إضافة بالي زادة ( على نفى المثل ) على أن الكاف زائدة لغير الصفة .
(تحققنا بالمفهوم ) أعنى اطلعنا بالمعنى المراد من الآية وهو أنه عين الأشياء بخلاف ما إذا أخذ الكاف للصفة ، فإنه وإن دل على التحديد لكنه لا يدل على أنه عين الأشياء ، فإن مفهومه إثبات الوجود لغيره ومفهوم الثاني نفى المثل فيلزمه نفى الوجود عن غيره ، فتبين بهذا الوجه أنه عين الأشياء كما كان في الإخبار الصحيح ، لذلك أوردهما في إثبات هذا المعنى دون الوجه الأول ( و ) تحققنا ( بالإخبار الصحيح أنه ) أي الحق ( عين الأشياء ) وأشار إلى فرق الآية والحديث في الدلالة على أنه عين الأشياء بقوله في الآية بالمفهوم ، وفي الحديث بقوله وبالاعتبار ولم يقل بعموم الإخبار ، فدلالة الحديث على العينية أتم وأعم من دلالة الآية اهـ بالى . ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها) المفهوم على ما ذكر ليس مثله شيء لأنه لا شيء إلا وهو به موجود : أي بوجوده ، فبهذا المفهوم وبالخبر الصحيح تحقق أنه عين الأشياء المحدودة بالحدود المختلفة .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو محدود بحد كل ذي حد فما يحد شيء إلا وهو حد للحق ) لأنه هو المتجلى في صورته فحد كل شيء حد الحق تعالى والضمير لمصدر يحد.
( فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات ) أي هو الظاهر بصورها وحقائقها .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن الأمر كذلك لما صح الوجود فهو عين الوجود ) لأن الممكن ليس له بذاته وجود فلا وجود له إلا به ( فهو على كل شيء حفيظ بذاته ) وإلا لانعدم على أصله ( فلا يؤوده حفظ شيء ) لأن عينه قائم بذاته فكيف يثقله وليس غيره.

( فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته ) من أن يكون شيء غيره لأنه لو لم صورته يحفظ لكان له مثل في الشيئية والوجود ولزم الشرك .
ولهذا قال ( ولا يصح إلا هذا ) فإن الممكن لا يمكن أن يوجد بذاته ، وإلا لم يكن ممكنا فيكون في الوجود واجبا .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود )
أي فالعالم ظاهر الحق وهو باطنه ، والحق روح العالم والعالم صورته فهو الإنسان الكبير ، لأن الإنسان الكبير خلق على صورته والعالم كذلك - وهو الظاهر والباطن - لا أن العالم صورة وهو باطنها فحسب ، بل بمعنى أنه ظاهر العالم وباطنه.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : ( ومن تميز عن المحدود ، فهو محدود بكونه ، ليس عين هذا المحدود .
فالإطلاق من التقييد تقييد ، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم . وإن جعلنا ( الكاف ) للصفة ، فقد حددناه ) . أي ، على التقديرين يلزم التحديد :
أما على الأول ، فلأن الممتاز عن المحدود لا يكون إلا محدودا بكونه ممتازا عنه ، كما أن الإطلاق المقابل للتقييد أيضا تقييد بعدم التقييد ، والمطلق مقيد بالإطلاق .
وأما على الثاني ، فلأن نفى مثل المثل إثبات للمثل ، وهو محدود ، فما يماثله أيضا محدود .

 قال رضي الله عنه : (وإن أخذنا " ليس كمثله شئ " على نفى المثل ، تحققنا بالمفهوم ، وبالأخبار الصحيح أنه عين الأشياء ، والأشياء محدودة ، وإن اختلفت حدودها ) .
أي ، وإن حملنا على نفى المثلية مطلقا ، سواء كان زائدا أو غير زائد مع عدم القصد
بوجود المثل - بل المقصود المبالغة في التنزيه ، كما يقال : مثلك لا يغضب . أي ، من
يكون متصفا بالحكم ، كما أنت متصف به ، لا يغضب . والغرض نفى الغضب منه - يلزم التحديد أيضا ، لأن ما يمتاز عن الشئ ، محدود بامتيازه عنه ، فسلب المثلية عنه تحدده .
وهو المراد بقوله : ( تحققنا بالمفهوم ) أي ، علمنا حقيقة بالمفهوم من الآية أنه محدود .
وكذلك علمنا تحديده بالخبر الصحيح وهو : ( كنت سمعه وبصره . . . ) . لأنه صار عين الأشياء ، والأشياء محدودة بحدود مختلفة .
و ( إن ) في قوله : ( وإن اختلفت حدودها ) . للمبالغة .

قال رضي الله عنه : ( فهو محدود بحد كل محدود ، فما يحد شئ إلا وهو حد للحق ) .
لما كان ( الحد ) عبارة عن التعيين ، والحد الاصطلاحي إنما يسمى بالحد لأنه أيضا تعين
الشئ وتميزه عن غيره ، نقل الكلام إلى الحد الاصطلاحي الموجب لتعين الأشياء في العقل . وإنما جعله ( محدودا بحد كل محدود ) ، لأنه عين لكل محدود ، فحده حد الحق .

وقوله : ( وهو ) عائد إلى ( الحد ) الذي يدل عليه قوله : ( فما يحد ) .
قال رضي الله عنه : ( فهو الساري في مسمات المخلوقات والمبدعات ) .
أي ، فالحق هو الساري في الحقائق المسبوقة بالزمان ، وهي المخلوقات ، وغير المسبوقات به ،
وهي المبدعات  ( ولو لم يكن الأمر كذلك ، ما صح الوجود ) .
أي ، ولو لم يكن سريان الحق في الموجودات ، ما صح وجود موجود أبدا ، لأنه بالحق موجود لا بنفسه ، بل هو الحق الظاهر بتلك الصورة .
( فهو عين الوجود ) . أي ، فالحق عين الوجود المحض لا غيره .
قال رضي الله عنه : ( فهو على كل شئ حفيظ بذاته ، ولا يؤده حفظ شئ ) . أي ، إذا كان الحق عين الوجود ، والوجود محيط بالأشياء بذاته عليم بها حافظ من انعدامها ، فالحق على كل شئ حفيظ بمعنى أنه عليم بها ومحيط بحقائقها ، وبمعنى أنه يحفظها
من الانعدام أيضا ، فلا يثقله حفظ شئ ولا يتعبه ، لأن عين الشئ لا يثقل نفسه .
( فحفظه تعالى للأشياء كلها ، حفظه لصورته )
لما كانت الصور الوجودية صور الحق بحسب أسمائه ، كان حفظ الحق لها عين حفظه لصورة نفسه .
قال رضي الله عنه : ( أن يكون الشئ على غير صورته ) . أي ، ويحفظ أن يوجد شئ على غير صورة الحق ،
ولما كان هذا الأمر محالا .
قال رضي الله عنه :  : ( ولا يصح إلا هذا ، فهو الشاهد من الشاهد ،والمشهود من المشهود).
أي ، فالحق هو الشاهد الحقيقي من كل الشاهد ، وهو المشهود الحقيقي من كل المشهود ، إذ لا غير في الوجود .  

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 7 يوليو 2019 - 21:40 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم. وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود. فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته. ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
 
قال رضي الله عنه : (ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين المحدود هذا)؛ لأنه تقيد بكونه ليس هذا المقيد، والتحديد ذكر القيود المميزة من الفصل والخاصة؛ (فالإطلاق عن التقييد) وإن كان نفيا للتقييد (تقييد) للإطلاق، (والمطلق) وإن أطلق عن قيد الإطلاق والتقييد (مقيد بالإطلاق) عن الضدين (لمن فهم).
قال رضي الله عنه : (وإن جعلنا الكاف للصفة)، أي: لإثبات المثل له مع نفي المثل عن مثله، بناء على أن صور تجلياته أمثاله ولا مثل الصورة منها من كل وجه لئلا يلزم تکرر التجلي (فقد حددناه) محدود ما أثبتنا له من الأمثال.
 
قال رضي الله عنه : (وإن أخذنا) الكاف للصفة لا لإثبات المثل بالاعتبار المذكور، بل قلنا: ("ليس كمثله شئ") يدل (على نفي المثل) بطريق الكناية (تحققنا بالمفهوم)، فإن مفهوم نفي مثل المثل إنما يتحقق بنفي المثل.
إذ على تقدير إثبات المثل يكون نفسه مثلا لمثله، فلا يبقى مثل المثل مع ثبوت المثل.
فيقوم نفي مثل المثل مقام نفي المثل، فيدل عليه بطريقة الكناية، ونفي المثل إما بنفي الظهور أو بنفي الغير من كل وجه.
 
والأول باطل (بالإخبار الصحيح) الدال على (أنه عين الأشياء) مثل قوله: «كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه»، "ومرضت فلم تعدني، و جعت فلم تطعمني ".
ومعلوم أنه لا عينية له إلا بالظهور فتعين أن يحمل نفي المثل على نفي الغير من كل وجه؛ لأنها لا تتصور إلا بين اثنين.
وإذا كان عين (الأشياء) بالظهور فيها (فهو محدود بحد كل) ذي باعتبار ظهوره في كل ذي حد، وإن تنزه عن الحدود في نفسه، وإلا لم يجتمع في شأنه الحدود المختلفة بخلاف (المحدودین) في أنفسهم.
 
قال رضي الله عنه : (فما يحد بشيء إلا وهو حد للحق) باعتبار، وصورة من صوره يميزها عما عداها، وإن لم يتميز الحق بها في ذاته، وإذا كان نفي المثل يقتضي تحديده بحدود الأشياء بدلالة الأخبار الصحيحة.
قال رضي الله عنه : (فهو الساري) بصورته سريان الشمس بصورها في المرآة في مسمى المخلوقات المادية الكثيفة بعوارضها. وإن كان في ذاته مجردا عن المادة بريئا عن عوارضها.
(والمبدعات) المجردة عن المواد وعوارضها، وإن كان منها عن الحلول فيها والاتحاد بها من كل وجه، وكيف لا يكون ساريا.
 
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن الأمر) أي: أمر الحق (كذلك) أي: السريان بالصورة في الأشياء (ما صح الوجود) لها، إذ لا وجود لها في أنفسها لإمكانها فهو من سريان صورته مما له الوجود بذاته، ولا وجود بالذات إلا لعين الوجود، إذ غيره مفتقر إليه، فلا يجب بذاته.
 
قال رضي الله عنه : (فهو عين الوجود) لكن تسري صورته على الأشياء لتحفظها عن العدم، (فهو "على كل شيء حفيظ" [سبأ: 21] بذاته، ولا يؤوده حفظ) كل (شيء)، وإن لم يكن له فائدة في حفظه بالنظر إلى كمالاته الأصلية، لكن تحصل له بهذا الحفظ كمال الظهور ومنع عن غلبة العدم على الأشياء.
قال رضي الله عنه : (فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظ لصورته) التي يعشقها باعتبار ما يحصل لظهور كمال بها.
ويغار مع ذلك (أن يكون الشيء غير صورته) لكونه عاشقا لذاته غيور عن الأغيار، فيحفظ صوره بدفع صور الأغيار.
قال رضي الله عنه : (ولا يصح) في بيان الحكمة في الحفظ (إلا هذا)، وإلا لزم أن يكون ناقصا في ذاته مستكملا بالغير فهو عين الكل، إما بذاته أو بصورته.
قال رضي الله عنه : (فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود)، وإذا كان الوجود منحصرا في ذاته وصورته،


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
 
قال رضي الله عنه : ( ومن تميّز عن المحدود ، فهو محدود بكونه : ليس عين هذا المحدود - فالإطلاق عن التقييد  تقييد ) لأنّه مقابل له ، ممتاز عنه ، وكلّ مقابل وممتاز فهو مقيّد ( والمطلق مقيّد بالإطلاق لمن فهم ) معنى الإطلاق - وقد بينّا ذلك غير مرّة . هذا إن جعلنا الكاف زائدة .
قال رضي الله عنه : ( وإن جعلنا الكاف للصفة ) بمعنى المثل ، فإن أخذنا على ما هو الظاهر من هذا التركيب وهو حظَّ العامّة منه من إثبات المثل ونفي أن يكون شيء مثله ( فقد حدّدناه ) .
قال رضي الله عنه : ( وإن أخذنا " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ " )  على ما هو استعمال البلغاء وخواصّ الخطباء (على نفي المثل) فإنّهم إذا أرادوا تنزيه المحمود أو الممدوح عن وصف ، ينفون ذلك الوصف ويبعّدونه عن مثله .
كما في قولهم : « مثلك لا يبخل » أدبا وإغراقا في تبيين تلك النزاهة ، وإشعارا بأنّ في المحمود من الأوصاف الكماليّة ما ينفي ذاك الوصف حيثما كان في نظائره وأشباهه ، وهذا ضرب من الاستدلال على نفي الشيئية والوجود عن مثل الحقّ بأن من هو نظيره منزّه عن هذا الوصف .
 
فلذلك قال رضي الله عنه : ( تحقّقنا بالمفهوم ) أي بما هو مفهوم الخاصّة من البلغاء عن هذا التركيب .
( وبالإخبار الصحيح ) مما يدلّ عليه ظاهرا ويصل إليه فهوم العامّة ( أنّه عين الأشياء ، الأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها ) على تكثّر صنوفها وتنوّع جزئيّاتها .
فإنّ الحدود منها ما هي ذاتيّة للشيء ، وهو ما ينتهي إليه الشيء ذاته ، كمدركات قواه وأفعال جوارحه ، ومنها ما هي عرضيّة له .
كالسطوح المكانيّة والآنات الزمانيّة التي ينتهي إليه الشيء بأعراضه وأحواله ، ومنها ما هي جامعة لهما ، كاشفة عن الكلّ وهي الأعداد وصورها الحرفيّة.
وعلم من تحقيق معنى الحدّ هذا وتبيين أقسامه وجه دخل هذا الكلام في الفصّ الهودي والحكمة الأحديّة ، فإنّك قد نبّهت في التلويحات السابقة أن "الدال "  إذا ظهر بـ « حاء » حقيقة الحق إنّما يدلّ على كنه غايات الشيء ونهايته ، فإذا ظهر في ضمن « ألف » ابتداء الوجود هو " الأحد " كما أنّه إذا جمعهما « ميم » منتهى العلم هو « الحمد » .
 فالحمد هو العلم بحدود الأشياء على اختلاف أنواعها وتكثّر صنوفها ، فإنّها حدود الحقّ .
قال رضي الله عنه : ( فهو محدود بحدّ كلّ محدود ، فما يحدّ الشيء إلَّا ) حدّه ذلك ( هو حدّ الحقّ ) .
والذي يلوّح عليه أن حد ( اال ) كل شيء هو لبّه المرئي فيه ، هذا إن أخذ من بيّناته ما هو أول ، وإن تعمّق فيها يظهر ما هو أبين .
 
الإنسان الكبير
قال رضي الله عنه : ( فهو الساري في مسمّى المخلوقات ) الماديّة ( والمبدعات ) المجرّدة ، ( ولو لم يكن الأمر كذلك ما صحّ الوجود ) لشيء ، ضرورة نفي الوجود عمّا يماثل الحقّ ويقابله (فهو عين الوجود) الظاهر الذي به يوجد الكلّ ، ( فهو " عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ " [ 11 / 57 ] بذاته ) وما بالذات من الشيء لا تكلَّف له في إصداره ، ولا ثقالة له منه في احتماله ، فلا يثقله ( ولا يؤده حفظ شيء ).  " إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا " [ فاطر : 41]
 
قال رضي الله عنه : ( فحفظه تعالى للأشياء كلَّها حفظه لصورته أن يكون الشيء ) على ( غير صورته ) ، فإنّه لم لو يحفظه ذلك لكان الشيء على غير صورته مقابلا له ومماثلا ، وذلك محال عقلا وذوقا ، فإنّ الأشياء ظاهر الحقّ وصورته ، وهو بالذات حافظ له أن يكون غير صورته .
( ولا يصحّ ) بالنظر العقلي والشهود الذوقي ( إلَّا هذا ) على ما لا يخفى ( فهو الشاهد من الشاهد ، والمشهود من المشهود ) ، فلا مدرك ولا مدرك في المعنى والصورة إلَّا هو .
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)

قال رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم. وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها.)

قال رضي الله عنه :  (ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين المحدود فالإطلاق عن التقييد تقیید) بالإطلاق (والمطلق) المقابل للمقيد (مقيد بالإطلاق لمن فهم وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه)، لأن في نفي مثل المثل إثبات المثل وهو تحديد.
 
قال رضي الله عنه :  (وإن أخذنا) قوله تعالى: ("ليس كمثله شئ" على نفي المثل) مطلقا سواء كانت الكاف زائدة وهو ظاهر أو غير زائدة على سبيل الكناية كما في قولك : مثلك لا يبخل.
(تحققنا)، أي علمنا حقيقة (بالمفهوم وبا لإخبار الصحيح أنه عين الأشياء). أما بالمفهوم فلأنه إذا نفي عن الأشياء مثليته يفهم منه بالمفهوم المخالف عينية .
وأما بالاخبار الصحيح فـ لقوله : "كنت سمعه وبصره" الحديث.
قال رضي الله عنه :  (والأشياء) كلها (محدودة وإن اختلفت حدودها فهو)، أي الحق سبحانه (محدود بحد كل محدود فما يحد شيء إلا وهو)، أي ما يحد ذلك الشيء (حد للحق سبحانه
فهو)، أي الحق سبحانه

قال رضي عنه : ( فهو الله محدود بحد كل محدود. فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته. ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)

قال رضي عنه : (فهو)، أي الحق سبحانه (الساري) بهويته العينية المطلقة (في مسمى المخلوقات) المسبوقة بالمدة والمادة (والمبدعات) الغير المسبوقة بشيء منها سريان المطلق في المقيد
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يكن الأمر)، أي أمر سريان (كذلك)، أي بحيث يعم الكل (ما صح الوجود)، أي وجود حقيقة من الحقائق لا يكون إلا بسريانه فيها .
(فهو)، أي الحق سبحانه (عين الوجود) إذ ليس الوجود إلا ما تحقق الحقائق بسريانه فيها وإذا كان عين الموجود (فهو على كل شيء حفيظ) يحفظه عن الانعدام.
قال رضي الله عنه :  (بذاته)، أي حفظه للأشياء مقتضى ذاته ("ولا يؤده") ، أي لا يثقله ولا يتعبه (حفظ شيء)، إذ مقتضى ذات الشيء لا تثقله ولما كانت الأشياء صورته إذ المقيد صورة المطلق .
قال رضي الله عنه :  (فحفظه للأشياء كلها) عن أن تتقدم ظهوره لصورها (حفظه لصورته عن أن يكون الشيء غير صورته)، فإنه لما لم يكن الظاهر بصور الأشياء إلا شو فلا محالة لا تكون الأشياء غير صورته، فحفظه للأشياء على الوجه الخاص فيستلزم حفظها لها عن أن تكون غيره.
فيصح أن يقال : حفظه الأشياء حفظ لها عن أن يكون غير صورته (ولا يصح إلا هذا)، أي الشيء غير صورته، ولما كان المقيد صورة المطلق والصورة من حيث الحقيقة عين في الصورة و من حيث التعين غيره.
قال رضي الله عنه :  (فهو الشاهد من الشاهد) الذي هو بعض من صوره (وهو المشهود من المشهود) الذي هو بعض آخر من صوره وإذا كان بعض كل شيء صورته .

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 7 يوليو 2019 - 22:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي . قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي . فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي . فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي . ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق  إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها. فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، «وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم. فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم و أرداكم إلى انتسابكم إلى. )
 
قال رضي الله عنه : (فالعالم) بفتح اللام (كله) وهو ما سواه تعالى (صورة) على معنى أن كل صورة فهو صورته ومجموع الصور كلها صورته ظهر بها له فيها وتنزه عنها له فيها فبطن وظهر وما عنه بطن ولا لغيره ظهر .
قال رضي الله عنه : (وهو) سبحانه (روح العالم) بفتح اللام (المدبر له)، أي للعالم فهو كل الأرواح، وهو كل النفوس، وهو كل الأجسام، وهو كل الأحوال والمعاني، وهو المنزه عن جميع ذلك أيضا، إذ لا وجود إلا وجوده ، والجميع مراتبه وتقاديره العدمية التي هي على عدمها الأصلي.
قال تعالى : "وخلق كل شيء فقدره تقديرا" [الفرقان : 2]، فبين لنا أن التخليق للأشياء معناه التقدير لها فقط.
وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال رسول الله : «إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلم عن علم الله تعالی».رواه الحااكم وابن حبان والترمذي .
هذا تمام الحديث وجفاف القلم كناية عن عدم التغيير والتبديل عما هو في الأزل .
وإن وقع التغيير والتبديل في اللوح المحفوظ، لأنه من جملة الأحوال المخلوقة، أي المقدرة في ظلمة العدم من الأزل فلا تغيير ولا تبديل .
وليس المراد بجفاف القلم عدم جريانه بالكتابة؛ ولهذا ورد في حديث رزين بإسناده إلى أبي بن كعب ، قال : سمعت رسول الله يقول: «أول ما خلق الله عز وجل القلم
فقال له : اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد».رواه ابن مندة وفى الشريعة للآجري و أبو الشيخ في العظمة وغيرهم.
"الحديث : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد وفي الحديث قصة" .
"الحديث : عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: " أول ما خلق الله , عز وجل , القلم , فقال له: اكتب , فقال: ما أكتب؟ فقال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال: ثم ارتفع بخار الماء ففتق منه السماوات، ثم خلق النون، ثم بسط الأرض على ظهره فاضطربت فمادت الأرض فأثبتت بالجبال، فإنها لتفخر عليها "
 
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الحق تعالى (الإنسان الكبير) الذي قامت به صور العالم كلها ، وهي منه فهو قيومها، وهو المدبر للعالم كله بالروح الأعظم الذي هو من أمره سبحانه، وهو القيوم على كل شيء، وجميع الصور صورته التي خلق عليها آدم عليه السلام، كما ورد في الحديث: «أن الله خلق آدم على صورته».
فآدم هو الإنسان الصغير في مقابلة ذلك الإنسان الكبير، وعلم آدم الأسماء كلها فتسمى بتلك الأسماء كلها.
فنزع سبحانه حلة الأسماء عن جميع العالم وألبسها لآدم عليه السلام، وعمر به دار الآخرة إلى الأبد، ويوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات.  
وفي الحديث: «ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن»  وهو الإنسان الكامل العالم للأسماء القائم بها في جملة العالم وتصاريف الأحوال.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الحق سبحانه (الكون) الظاهر للحس والعقل من حيث الوجود لا الأشخاص العدمية إلا من حيث القيومية، فهو القائم عليها بما کسبت لا هي قائمة (كله)، أي روحانية وجسمانية .
قال رضي الله عنه : (و) مع ذلك (هو الواحد) الأحد الفرد الصمد (الذي قام)، أي ثبت (كوني)، أي وجودي الظاهر بالوهم (بكونه)، أي وجوده الحقيقي الظاهر بالتحقيق (فلذا قلت) عن وجوده الظاهر (أنه يغتذي)، أي يستمد من حيث هو ظاهر بصور الأشياء.
(فوجودي)، أي ثبوتي في الأزل بعلمه ووجودي الوهمي المجازي به (غذاؤه)، لأن ينسب إليه فيظهر به، لأنه له كما قال تعالي: "لله ما في السموات وما في الأرض" [البقرة : 284].
قال رضي الله عنه : (وبه)، أي بالحق سبحانه لا بغيره إذ لا غير (نحن) معشر بني آدم والمراد أهل الكمال منهم (نحتذي)، أي نتحاذی ونتقابل، فيقابلنا بوجوده ونقابله بصفاتنا، فنغذية بالصفات ويغذينا بالوجود، فنظهر نحن وهو، ونبطن نحن وهو، فـ "هو الأول والأخر والظهر والباطن" [الحديد: 3] ونحن كذلك .
قال رضي الله عنه : (فبه)، أي بوجوده سبحانه من وجه جماله (إن نظرت) يا أيها السالك (منه)، أي من وجوده (بوجه) جلاله (تعوذي)، أي استعاذتي واحتمائي والتجائي.
ولهذا ورد في الحديث: «وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك»، وأصل هذا كمال الوسع الإلهي الذي لا يحصى .
كما قال تعالى : "علم أن لا تحصوه فتاب عليكم " [المزمل: 20]. ومن هنا قال من قال : العجز عن درك الإدراك إدراك.
قال رضي الله عنه : (ولهذا الكرب) الذي عنده من حيث هو عين الأشياء كلها وذلك توجهه القديم بإظهار أعيان الممكنات العلمية التي سبق بها کشف علمه وتقدير إرادته وقضاء قدرته ونفوذ أمره وتحقيق كلمته فكان کربا بسبب عدم احتمال الكتم في تلك الأعيان.
فهو حزن على مفارقة العينية الذاتية من حيث الحضرة الأسمائية، ومن هنا وقع الحب الإلهي للأعيان الممكنة، والحب منها له في قوله سبحانه : "يحبهم ويحبونه "
[المائدة : 54].
فإن المحبة تقتضي البعد كما تقتضي الوصلة بالقرب، فهي تطلب الضدين، ولا بد أن يغلب أحدهما، وهو کرب المحبة مما يجد سبحانه من جمال الحضرة وكمال النظرة (تنفس) بإظهار تلك الأعيان الممكنة من باطن العلم إلى ظاهر السمع الإلهي والبصر الإلهي .
 (فينسب النفس) بفتح الفاء (إلى الرحمن) كما ورد في الحديث: «أني لأجد نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن»، فكان الأنصار وهم أهل الصفة الذين قال الله تعالى في وصفهم "يريدون وجهه" ، فسماهم نفس الرحمن من حيث إنه نفس بهم عن كرب الأسماء الإلهية.
فظهرت له من العلم إلى العين، فقرت بهم العين وارتفع البين من البين، وعلى مشاربهم وردت العارفون إلى يوم القيامة، وخص الرحمن بنسبة النفس إليه (لأنه) سبحانه (رحم به)، أي بذلك التنفس (ما طلبته النسب الإلهية) التي هي الصفات والأسماء (من إيجاد صور العالم) المحسوسة والمعقولة (التي قلنا) فيما سبق إنها (هي ظاهر الحق) سبحانه .
(إذ)، أي لأنه (هو) سبحانه (الظاهر و) مع ذلك (هو) أيضا (باطنها)، أي باطن تلك الصور لأنها ممكنة عدمية بالعدم الأصلي فلا حكم لها من ظهور أو بطون إلا (به)، وكذلك هو فهو بها الظاهر الباطن وهي به الظاهرة الباطنة فإذا أظهرها بطن بها وإذا أظهرته بطنت به .
(إذ)، أي لأنه (هو) سبحانه (الباطن) إذا كانت هي الظاهرة به (وهو)، أي الحق تعالى (الأول إذ)، أي لأنه (كان)، أي وجد سبحانه (ولا هي) لأنها ممكنة علمية بالعدم الأصلي.
(وهو) سبحانه أيضا (الآخر إذ)، أي لأنه (كان عينها)، أي عين تلك الصور (عند ظهورها) كما مر بيانه وهي أيضا الأول لأنها عينه عند بطونها، والآخر لأنها غيره عند ظهورها وبطونه ، فاتصفت بما اتصف به لأنها صورته وعلمه بذاته وتفصيل مجمل حضراته .
قال رضي الله عنه : (فالآخر) على حسب ما ذكر في حقه سبحانه (عين الظاهر، والباطن عین الأول) والصور المذكورة على هذا معه تعالى.
فإنه إذا كان هو الأول كانت هي الأول، لأنه أول بالبطون وهي عينه في البطون، وإذا كان هو الآخر كانت هي الآخر أيضا، لأنه الآخر بكونه عينها في الظهور، وهي الآخر بكونها غيره في الظهور.
وإذا كان هو الظاهر كانت هي الباطن، وإذا كانت هي الظاهر كان هو الباطن، فالآخر في حقها عين الظاهر في حقها، والباطن في حقها عين الأول في حقها .
قال رضي الله عنه : (وهو) سبحانه (بكل شيء) من تلك الصور (عليم) وكل صورة منها من حيث هي صورة بكل تجل منه سبحانه بها عليم أيضا على حسب ما يعطي ذلك التجلي من عينية أو غيرية.
وهو أيضا عليم بكل شيء على حسب ما يعطي ذلك الشيء والعلم واحد من الطرفين (لأنه) سبحانه (بنفسه) بفتح الفاء وهو أعيان الصور الممكنة العدمية (عليم)، فهو عليم بكل شيء، فالنفس بقيد العدم والأشياء بقيد الوجود.
قال رضي الله عنه : (فلما أوجد الصور) وهي أعيان الأشياء الممكنة (في النفس) بفتح الفاء لأنه تنفس وجود بنفس موجود (وظهر) بالوجود (سلطان)، أي حكم سلطنة (النسب) جمع نسبة وهي الإضافات الإلهية.
(المعبر عنها) في لسان الشرع (بالأسماء) الإلهية فإنها تعينات في الذات الإلهية المطلقة بسبب قيام الممکنات العدمية بتلك الذات وصدورها عنها بحكمها (صح النسب الإلهي للعالم) بفتح اللام بينه وبين الحق تعالی، لأنه صادر عنه.
قال رضي الله عنه : (فانتسبوا)، أي أفراد العالم الحاصلون من توجه أسمائه تعالى (إليه تعالی)، لأنهم صدروا عنه بحكم: "كل من عند الله" [النساء: 78]، وقاموا به بحكم: "أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت" [الرعد: 33] ومرجعهم إليه بحكم: "وإليه ترجعون" [البقرة : 245]، "وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" [أل عمران : 83] .
"وإليه تقلبون" . "وإليه المصير" [المائدة: 18]، "وأن إلى ربك المنتهى " [النجم: 42]،" وإليه يرجع الأمر كله" [هود: 28]، "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" [البقرة: 281]، "وإلى الله ترجع الأمور" [البقرة: 210].
 
قال رضي الله عنه : (فقال) : أي الحق تعالی كما ورد في الحديث (اليوم) إشارة إلى يوم القيامة (أضع نسبكم) الذي كان بينكم في الدنيا (وأرفع نسبي أي آخذ عنکم) دعوی ( انتسابكم) بینکم (إلى أنفسكم) وكذلك نسبة وجود بعضكم من بعض وهو قوله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومين ولا يتساءلون" [المؤمنون : 101].
 (وأردكم)، أي أراجعكم من النسبة المجازية (إلى) النسبة الحقيقية وهي عين (انتسابكم إلي) لصدوركم عني لا عن سبب أصلا لتقطع الأسباب، ثم يقول تعالى في ذلك اليوم .
  
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : (فالعالم صورته) أي مظهره (وهو روح) أي باطن (العالم المدبر له) أي للعالم كالروح المدبر للبدن (فهو) أي مجموع العالم (الإنسان الكبير).
(شعر فهو) أي الحق (الكون) أي الوجود.
( كله وهو الواحد الذي      …… قام   کوني بكونه )
 
كناية عن العالم أي قام وجود العالم بوجود الحق .
قال رضي الله عنه : (ولذا) أي ولأجل أن الحق هر الواحد القيوم الذي قام به وجود العالم (قلت) له (يغتذي) بنا من حيث ظهور أحكامه فينا وإخفاؤنا في وجوده (لوجودي غذاؤه) لقيام أحكامه وکمالاته بنا هذا إن كان الحق ظاهرا والعبد باطنا (و به) أي بالحق (نحن نحتذي) أي نغتذي لقيام وجردي بوجوده هذا إن كان العبد ظاهرا والحق باطنا (فيه منه) جزاء (أن نظرت بوجه) شرط (تعوذي) متعلق لقوله فيه منه أي إن نظرت بوجه الوحدة يكون تعوذي بالحق من الحق.
فمعنى قوله تعالى "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" بهذا الوجه أعوذ بالاسم الهادي من الاسم المضل .
 
فكان قول الرسول عليه السلام: "أعوذ بك منك"، ناظرا إلى هذا الوجه فالأسماء كلها قبل وجودها في الخارج مكنونة مستورة في ذات الحق طالبة كلها الخروج إلى الأعيان كالنفس الإنساني فبحبس النفس الطالب الخروج يحصل الكرب للإنسان .
فإذا تنفس بزول كربه فجاز نسبة الكرب إلى المتنفس وإلى النفس قبل الخروج من جوف الإنسان.
فشبهت نسبة الأسماء إلى الحق بنسبة نفس الإنسان إلى الإنسان تسهيلا لفهم الطالبين فإنما يتنفس الإنسان لئلا يلزم الكرب .
فلو لم يعطي الحق ما طلبته الأسماء من إيجاد العالم لزم الكرب المحال على الله فإن كون الشيء على خلاف ما يقتضيه کرب له .
ومن جملة ما يقتضي ذاته تعالى أنه يعطى كل ذي حق حقه فكذلك لو لم يحصل ما طلبته الأسماء من الله من صور العالم لحمل للأسماء من الله کرب وهو ظلم منه تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
 
قال رضي الله عنه : (ولهذا الكرب) أي ولئلا يلزم هذا الكرب المحال (تنفس) أي أخرج الحق ما في باطنه إلى الظاهر بكلمة كن فيكون هر في الظاهر بعد كونه في الباطن فما كان في نفس الأمر إلا هذا ولا بد أن ينسب هذا النفس إلى يد من أيدي الأسماء (فنسب النفس) أي نسب الحق نفسه (إلى الرحمن) بلسان نبيه عليه السلام .
 
إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمين فكانت الموجودات حاصلة من نفس الرحمن بل هي عين نفس الرحمن وإن نسي الحق النفس إلى الرحمن (لأنه) أي الحق (رحم) أي أعطى (به) أي بالاسم الرحمن (ما طلبته النسب الإلهية) التي هي الأسماء (من إيجاد الصور العالم) بيان لما (التي قلنا هي) ، أي صور العالم (ظاهر الحق) وإنما كان صور العالم ظاهر الحق.
قال رضي الله عنه : (إذ هو الظاهر) لا غير (وهو باطنها) أي باطن العالم (إذ هو الباطن) لا غير (وهو الأول إذ كان الله ولا هي) أي وليس صور العالم موجودة معه (وهو الأخر إذ كان عينها) أي عين صورة العالم (عند ظهورها) أي عند وجود صور العالم في الخارج .
 
فإذا كان الأمر كذلك فقال رضي الله عنه :  (فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول) وهو معنى قوله تعالى: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن " ، ("وهو بكل شيء عليم" لأنه بنفسه عليم) وليس العالم سوی من حيث الأحدية وليس علمه بالأشياء إلا عين علمه بذاته وصفاته وأسمائه .
قال رضي الله عنه : (فلما أوجد) الحق (الصور) أي صور العالم وهي الموجودات الخارجية (في النفس) أي في النفس الرحماني وهو هيولي العالم كله القابلة لجميع الصور كما أن النفس الإنساني يخرج من الباطن إلى الخارج فيوجد في هذا النفس بحسب المخارج صور الحروف المختلفة .
 
قال رضي الله عنه : (وظهر) في هذه الصورة (سلطان) أي حكم (النسب) بكسر النون وفتح السين (المعبر عنها) أي عن النسب (بالأسماء صح النسب) بفتح النون والسين مصدر بمعنى الانتساب (الإلهي للعالم) أي صح للعالم أي أن ينتسب إلى الله .
 
قال رضي الله عنه : (فانتسبوا) أي "يا أيها" العالم (إليه تعالى فقال) الله تعالى على لسان نبيه (اليوم) وهو القيامة الكبرى (أضع نسبكم وارفع نسبي أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم واردکم انتسابكم إلى) فصيح للعالم نسبتان نسبة إلى العالم مثله ونسبه إلى الحق.
 
"أضاف الجامع : الحديث : عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه تلا قول الله عز وجل "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" [الحجرات: 13] فقال: إن الله يقول يوم القيامة: يا أيها الناس، إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم وأبيتم إلا أن تقولوا فلان ابن فلان أكرم من فلان بن فلان، وإني اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم أين المتقون أين المتقون".أهـ رواه الحاكم والبيهقي والسيوطي في الجامع الكبير  ".
 
 فاحتجب الناس بانتسابهم إلى العالم من انتسابهم إلى الحق ولا يشاهد ذلك إلا من أفني وجوده في وجود الحق ومن لم يفعل ذلك تأخر مشاهدته إلى يوم لا أنساب بينهم .
فإذا رد الحق انتساب العالم إليه كان العالم بذاته وجميع صفاته وأفعاله عین الحق باعتبار الأحدية الذاتية


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : " فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير. فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي . قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي . فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي . فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي  . ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها. فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم. فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  "
 
قوله في الأبيات:  فهو الكون كله، اشارة إلى قوله تعالى: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن"  (الحديد: 3).
وقوله: قام کوني، بكونه اشارة إلى مقام القيومية فإن به تعالی قام كل شيء أي بقي بعد وجوده.
وقوله: ولذا قلت يغتذي، يعني أن النسب الإلهية من مراتب الأسماء لا تقوم إلا بظهور أطوار العبيد كالرازقية بالمرزوق، والخالقية بالمخلوق، وجميع أسماء الأفعال والمتضایفات، لا يتحقق أحد المتضايفين إلا ويكون الآخر متحققا، فصار العبيد كالغذاء الذي به يقوم المغتذي.
وقوله: نحتذي يعني نبقي وفسره بقوله:
فيه  منه إن  نظرت …… بوجه   تعوذي
وبهذا المعنى يتحقق الاسم الواقي تعالي.
ثم شرع بعد الأبيات الشعر في ذكر أن مقام الكنزية الذي ذكره في قوله: «کنت کنزا لا أعرف"، فعبر عن مقام الكنزية بالكرب ومقام ایجاد العالم بالتنفس.
 قال: فكأنه رحم نفسه فتنفس، فسمي النفس المذكور نفس الرحمن، ثم فسر معنى الأول والآخر والظاهر والباطن بكلام ظاهر .
قال: ولما كان هو عين كل شيء كان بكل شيء عليما لأنه عليم بنفسه، فبعین علمه بنفسه علم الأشياء كلها .
و قوله: فلما أوجد الأشياء في النفس،
فكأنه قال: إن الموجودات هي كلمات الله، لأنها صور نفسه، فبسائط العالم حروف النفس، ومركباته كلماته التي من النفس..
قال: فظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء، صح النسب الإلهية للعالم
يعني لتضائف "لتلائم" الأسماء الإلهية للأسماء الكونية كالرب للمربوب و الخالق للمخلوق و رفعه النسب المخصوص به تعالى أن يظهر أنه ليس معه غيره.
وقوله: آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم، أي اجعله لي، فانتسب إلى نفسي وأنتم نفسي، فأردكم إلى بوجه حق يظهر للعارفين منكم وتمام الخير.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
 
فهو الظاهر من الظاهر والباطن من الباطن ، والمتحقّق هو الوجود الحق ما ثمّ إلَّا هو ، هو الأوّل والآخر ، والباطن والظاهر ، والجامع بذاته للكل ، والمطلق عن هذه الجمعية وعن هذا الإطلاق والتقيّد بحدّ ، فافهم .
فإن فهمت ، فهمت فيما فهمت ، وهمّت الهمم أن تهيم وتهتمّ فيه ، فحقيق بك أن تهيم وتهتمّ بذلك إن شاء الله تعالى ، فلا يتمّ حدّ المحدود إلَّا بالحق .
ثمّ الحدود لا تفي ولا تكفي بتحديده ، فلا حدّ له أصلا ورأسا ، فنقول مثلا في مشرب التحقيق الكمالي في حدّ الإنسان الكامل : إنّه الحق المتعيّن بأحدية جمع جمع جميع الأعيان الظاهرة المشهودة ، والحقائق الباطنة الغيبية المفقودة ، في عين كونها موجودة مطلقة عن هذا التعيّن والجمع والإطلاق .
وهذا حدّ الإنسان عندنا إن قلنا إنّه محدود ، فالحق حدّ للكلّ ، وليس له في كل حدّ حد ، ولكن تصحيح الحدود - على ما عرفت .
وعرفت في عرف الظاهرية من الحكماء أن تقول : أكتفي في حدّ الحدّ بذكر الخاصّ عن ذكر الأعمّ كما ذكرنا في الحدّ الناقص ، وما ليس مذكورا في تعريفه ما ذكرنا ، فإنّه يجري مجرى الرسم التامّ أو الناقص كذلك ، فاعلم ذلك .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :
فهو الكون كلَّه    ...... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه     ...... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه     ...... وبه نحن نحتذي
وبه منه إن نظرت     ...... بوجه تعوّذي
يشير رضي الله عنه  إلى: أنّه تعالى من كونه عين الوجود الحق المتعيّن في حقائق الأشياء وأعيانها هوية الكلّ .
وأنّه الواحد الذي قام به العدد ، فأنشأ الواحد بذاته العدد ، فقام بحيث لو فرضت تخلَّف واحد عن عدد ، لما تحقّق عين ذلك المعدود ، ولا قامت صورة ذلك العدد ، فالواحد هو المعدود ، والعدد اعتبار عقلي ، وكذلك ظهور الواحد بالكثرة في مراتب ظهوره ، ومظاهر تعيّنات نوره .
وقيام كونه التقييدي -هو العالم كلَّه بكونه الذي هو وجوده في مراتب شهوده ، فقيام الوجود المقيّد بكون الوجود المطلق موجودا على الإطلاق .
فغذاء كل واحد من الكونين:   المقيّد والمطلق الإلهيّين بعين الآخر ، إذ به بقاؤه وتحقّقه وقيامه ، فاغتذاء الوجود إنّما هو بحقائق العالم وأحكامه ، وهي الأعيان الثابتة الخلقية والمعاني الغيبية القائمة ، فحقيقة العلم القديم الأزلي الإلهي واغتذاء حقائق العالم إنّما هو بالوجود العامّ المشترك في الكلّ ، وهذا ظاهر .
 
وقوله رضي الله عنه« وبه نحن نحتذي » صادق على معنيين :
أحدهما : بمعنى الاقتداء ، فإنّ الاحتذاء هو الاقتداء ، فإنّ المقتدي - اسم فاعل - يحتذي حذو المقتدى - اسم مفعول - حذو القذّة بالقذّة ، وكذلك الوجود المقيّد - الذي هو فرع ونفل على أصل وجود الحق - يحذو حذوه في كونه غذاءه .
والمعنى الآخر : هو الذي نحن بصدد بيانه من كون الحق عين الطريق والأرجل ، والحذاء هو النعل ، إذ هو الطريق والسالك والساعي ، والأرجل دالَّة السير والوقاية عن أذى الطريق والغاية ، فافهم ، وإذا كان للحق مظاهر مختلفة وظهورات بحسبها كذلك مختلفة .
فقد يظهر ظهورا ينكر فيه فيتعوّذ منه لا جهلا به عند العارف به ولكن إلقاء الحق ظهوره في ذلك المظهر ، لكونه ممّا يتعوّذ منه فيه ، فافهم .
قال رضي الله عنه: "ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، و «هو بكل شي ء عليم» لأنه بنفسه عليم."
يشير رضي الله عنه إلى: أنّ هذه النسب المظهرية - وهي حقائق الأشياء أو أعيانها أو صور معلوميّاتها للحق أزلا أو صورة نسب علمه كذلك بحسب اختلاف الأذواق والمشاهد - كانت موجودة مفقودة باعتبارين مختلفين ، أعني موجودة للحق بالعلم في العلم أو في الحق به له ، مفقودة فاقدة لأعيانها في الوجود الشاهد المشهود ، ولكن كانت كما ذكرنا فيما ذكرنا أنّها كانت مشهودة للحق شهود المفصّل في المجمل مفصّلا .
 
وهو شهود خاصّ بالله تعالى ، يشهد به الأشياء في نفسه قبل إيجادها وإشهادها أنفسها ، فأراد إشهادها أعيانها في عرصة الوجود وإيجادها لها في الشهود والمشهود .
فضاق قلب الغيب الأحدي ، عن كثرة ما حواه من الحرف العددي ، فنفّس الله عن غيبة عينه ما كان يجده من كونه في قلبه بنفسه الرحماني ، وهو الفيض الوجودي للشهود العياني رحمة به.
أي بالغيب - بإظهار ما كان مغيبا في غياباته ، ممّا ليس بغيب حقيقي ، فإنّه لا يقبل الظهور أبدا ، ورحم الأعيان الثابتة في غيب علم الذات بهذا الفيض الإيجادي .
 
فأوجدها وأشهدها أنفسها في نفسه على ما كانت في نفسه ، فلمّا شهدتها فيه فمنهم من تحقّق أنّه عينه ، إذ لا تحقّق للغير أصلا إلَّا بالنسبة والإضافة الاعتبارية لا غير ، فنفّس الله بنفسه الرحماني عن النسب الإلهية بعين ما أوجد لها مظاهرها وأشهدها أنفسها على مرائيها ومناظرها وهي أعيان الأشياء.
فما كانت أوّلا هي فيه هو غيبا فلم يكن ، وكان هو هو في مقام « كان الله ولا شيء معه » و « كنت كنزا مخفيا » فلمّا كان هي هي بأعيانها آخرا وهو فيها هي كذلك ظاهرا تعيّن أنّه أوّل لها من كونه عينها في عينها .
وأنّه آخر بكونه عين ما ظهر في عينها ، فهو الأوّل غيبا وباطنا ، والآخر شاهدا وظاهرا ، فهو الأوّل في عين بطونه ، والآخر بعين ظهوره ، وهو الأوّل في عين الآخرية ، والآخر في عين الأوّلية ، إذ هو الأوّل والآخر ، والظاهر الباطن ، وإليه المصير ، وهو بكل شيء عليم ، لأنّه عين كل شيء ، فهو بعينه عليم ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه : " فلمّا أوجد الصور في النفس ، وظهر سلطان النسب المعبّر عنها بالأسماء ، صحّ النسب الإلهي للعالم ، فانتسبوا إليه ، فقال : " اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي » أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم ، وأردّكم إلى انتسابكم إليّ"
قال العبد : لمّا ظهر النسب الإلهيّ الحقيقي وهو انتساب المألوه إلى الإله والمربوب إلى الربّ والخالق إلى المخلوق والرازق إلى المرزوق - فانتسب العالم إلى الموجد من حيث افتقاره إليه على التعيين .
وانتسب الخالق أيضا والربّ إلى العالم بكونه ربّ العالمين وخالق الحق ، ولم يبق لظهور نسبة العالم إلى نفسه مجال ، فعرف كل عبد بربّه .
فقيل : هذا عبد الله ، وهو عبد الرحمن ، وذلك عبد الرحيم ، أو عبد الكريم أو المنعم أو الغنيّ أو غيره ، وصار كل واحد من الربّ والمربوب وقاية للآخر في المذموم والمحمود ، إذ الأفعال والآثار والأخلاق والنعوت لتعيّن ذلك الوجود صالح لإضافة الأفعال والآثار والأخلاق وما شاكل ذلك إليه ، وكل واحد منهما - أعني الربّ والمربوب - ظاهر أو باطن للآخر باعتبارين - كما تقدّم - جامع بين الظاهرية والمظهرية دائما .
والصفات منتشية من الربّ الذي هو الوجود الحق.
والعبد الذي هو المظهر القابل فإن أضفت الأفعال والآثار المذمومة إلى العبد ، كان العبد وقاية لربّه من أن تضاف إليه تلك المذامّ والنقائص والقبائح ، أحكام العدم اللازم للعبد الممكن القابل .



.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 7 يوليو 2019 - 22:43 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 7 يوليو 2019 - 22:38 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
، فالعالم صورته وهو روح العالم المدبر له ، فهو الإنسان الكبير ).
أي فالعالم ظاهر الحق وهو باطنه ، والحق روح العالم والعالم صورته فهو الإنسان الكبير ، لأن الإنسان الكبير خلق على صورته والعالم كذلك - وهو الظاهر والباطن - لا أن العالم صورة وهو باطنها فحسب ، بل بمعنى أنه ظاهر العالم وباطنه ولهذا قال :

قال الشيخ رضي الله عنه :
( فهو الكون كله    ...... وهو الواحد الذي
قام كونى بكونه     ...... ولذا قلت يغتذي
فوجودى غذاؤه    ....... وبه نحن نحتذى )
أي الواحد الحي القيوم الذي قام الوجود المضاف إلى كل ممكن بوجوده لأنه هو مع قيد الإضافة ، وإذا قلت بالاغتذاء فهو المغتذى بالغذاء المختفى فيه الظاهر بصورة المغتذى ، وبه نحن نحتذى حذوه أي نغتذي به في الظهور بصورته والتكون بوجوده محتذين على مثاله في الوجود ، أي على صورته كالغذاء .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فيه منه إن نظرت   ...... بوجه تعوذى )
وإذا كان الأمر على ما قلناه ، فمنه عند إفنائه إيانا بتجليه نتعوذ به في إبقائه إيانا على صورته محتذين حذوه احتذاء الغذاء حذو المغتذى بوجه ، أي من جهة الذات والوجود فنقول : أعوذ بك منك ، أما من جهة الأسماء فنقول : أعوذ برضاك من سخطك ، وذلك لظهوره في المظاهر المختلفة بالصفات المختلفة كظهوره في بعضها باسم الرضى فيه ، فنعوذ به من سخطه عند إرادته قهرنا في مظهر المنكر الذي ظهر فيه بصورة القهر والسخط ، وكذلك في الأفعال نقول : نعوذ بعفوك من عقابك.

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولهذا الكرب تنفس فنسب النفس إلى الرحمن ، لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر ، وهو باطنها إذ هو الباطن ، وهو الأول إذ كان ولا هي وهو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول" وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "  لأنه بنفسه عليم )
أي ولأن أعيان الأشياء وحقائقها التي هي صور معلوماته في الأزل معدومة العين ، موجودة في الغيب بالوجود العلمي طالبة للوجود العيني ، كانت كرب الرحمن لإرادة إيجادها بقوله « كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف » فتنفس في إيجادها ، وإنما نسب النفس للرحمن لأنه رحمها به بالنفس وهو الفيض الوجودي وهو الذي كانت النسب الإلهية تطلبه.
فإن الأسماء الإلهية التي سماها نسبا تقتضي ظهورها التي هي صور العالم وظاهر الحق باعتبار أنه الظاهر ، وهي بعينها في الغيب باطن الحق باعتبار اسمه الباطن ، إذ هي عند كونها ظاهرة لم تزل عن صورتها الغيبية .
وهو الأول باعتبار كونها في غيب الغيب ، أعنى في عين الذات معلومة بالقوة على الإجمال ، كوجود الشجرة في النواة ، وكونها في الغيب مفصلة بالعلم التفصيلي عند التعين الأول بسبب علمه بذاته لأنه كان ولم تكن هي وهو الآخر باعتبار ظهورها بوجوده لأنه عينها عند ظهورها والظاهر عين الآخر والباطن عين الأول وهو بذاته عين الأول في آخريته وعين الباطن في ظاهريته وعلمه بنفسه عين علمه بكل شيء لأنه عين كل شيء ظاهرا وباطنا .
 
"" إضافة بالي زادة :  (قلت له يغتذي ) من حيث ظهور أحكامه فينا وإخفاؤنا في وجوده ( فوجودى غذاؤه ) لقيام أحكامه بنا ( وبه نحن نحتذى ) لقيام وجودي بوجوده اهـ .
 قوله ( فوجودى غذاؤه ) هذا إذا كان الحق ظاهرا والعبد باطنا ( وبه نحن نحتذى ) هذا إذا كان العبد ظاهرا والحق باطنا اهـ بالى .
( ولهذا الكرب ) أي ولئلا يلزم هذا الكرب المحال ( تنفس ) أي أخرج ما في باطنه إلى الظاهر بكلمة " كُنْ فَيَكُونُ " هو في الظاهر بعد كونه في الباطن فما كان في نفس الأمر إلا هذا ، ولا بد أن ينسب هذا النفس إلى يد من أيدي الأسماء اه قال عليه الصلاة والسلام « إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن » فكانت الموجودات حاصلة من نفس الرحمن ، بل هما عين نفس الرحمن ، فالأسماء قبل وجودها في الخارج مكنونة في ذات الحق طالبة كلها الخروج إلى الأعيان كالنفس الإنسانى ، فبحبس الطالب للخروج يحصل الكرب للإنسان فإذا تنفس يزول كربه ، فجاز نسبة الكرب إلى المتنفس وإلى النفس قبل الخروج من الجوف ، فشبه ذلك نسبة الأسماء إلى الحق ، فلو لم يتنفس الإنسان لزم الكرب ، ولو لم يعط الحق ما طلبته الأسماء منه من إيجاد العالم للزم الكرب ، تعالى عن ذلك ، ومن جملة ما تقتضي ذاته أنه يعطى كل ذي حق حقه ، وكذا لو لم يحصل ما طلبته الأسماء من الله من صور العالم لحصل للأسماء من الله كرب وهو ظلم منه ، تعالى عن ذلك اهـ بالى . ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم ، فانتسبوا إليه تعالى فقال « اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبى » أي إني آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلىّ )
أي فلما ظهرت الأعيان التي هي أجزاء العالم وصورها في الفيض الوجودي وظهرت النسب التي هي الأسماء الإلهية في صورها التي هي مظاهرها وأظهرت سلطنتها بأفعالها وأحكامها في الآثار المتصلة بها انتسب العالم إلى موجده فصح النسب الإلهي الحقيقي باستناد المألوه إلى الإله والرب إلى المربوب والخالق إلى المخلوق فانتسب الكل من حيث افتقاره الذاتي إليه على التعيين لا إلى غيره ولم يبق لانتساب أحد إلى غيره وجه فأخذ منهم انتسابهم إلى أنفسهم وردهم إلى انتسابهم إلى ذاته فعرف كل عبد نسبه إلى ربه وعرف كل عبد بربه فقيل : هذا عبد الرحمن وهذا عبد الرحيم وهذا عبد المنعم وهذا عبد الله.
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته ، وهو روح العالم المدبر له ، فهو الإنسان الكبير ) .
فالعالم ، من حيث إنه عالم ، صورة الحق ، والحق روحه المدبر له ، فالعالم هو الإنسان الكبير ، والحق روحه .
(فهو الكون كله  ...... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه  ...... ولذا قلت يغتذي )
وفي بعض النسخ : ( وإذا قلت يغتذي ) .
فجزاؤه قوله :
(فوجودي غذاؤه  ....... وبه نحن نحتذي )
أي ، الحق هو الوجود كله ، وهو الواحد بحسب الذات والحقيقة ، والقيوم الذي
قام وجودي ووجود العالم كله بوجوده وذاته .
وقوله : ( ولذا ) إشارة إلى قوله : ( قام كوني بكونه ) أي ، ولأجل أن وجودي قائم بوجوده ووجوده ظاهر بوجودي ، نسبت الغذاء إليه ، فغذاؤه وجود العالم ، وغذاء العالم وجوده وأسماؤه ، لأن الغذاء عبارة عما به بقاء المغتذى في الخارج .
وذلك باختفائه وظهوره على صورة من يغتذى به .
ولا شك أن وجودنا يحصل باختفاء هويته فينا ، وظهوره بصورنا ، وبقاؤنا أيضا يحصل
بإيصال الفيض الدائم إلينا .
كذلك أعيان العالم يختفي في ذاته ويظهر وجوده وأسماؤه وأحكامها في الخارج ، إذ لولا وجود العالم ، ما كان يعلم وجود الحق وأسماؤه .
كما قال : ( كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق . . . ) .
فالحق يغتذي بالأعيان من حيث ظهوره بها ، والأعيان يغتذي بالحق من حيث بقائها ووجودها به . وإليه الإشارة بقوله : ( وبه نحن نحتذي ) .
أي ، وبالحق نحتذي في الغذاء ، أي ، نقتدي به . يقال : احتذى حذوه . أي ، اقتدى به .
ولما كان هذا الكلام من مقام التفصيل ، رجع وقال :
(فبه منه إن نظرت ........ بوجه تعوذي )
أي ، فبالحق أتعوذ من الحق ، إن نظرت بوجه الجمع والوحدة ، كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( وأعوذ بك منك ) .
( ولهذا الكرب تنفس ، فنسب النفس إلى الرحمان )
أي ، لكون الحق وذاته مشتملا على حقائق العالم وصورها وطلب تلك الحقائق ظهورها ، حصل الكرب في الباطن ، ولهذا الكرب تنفس الحق ، أي ، تجلى لإظهار ما في الباطن من أعيان العالم في الخارج .
قوله : ( فنسب ) أي ، الحق . ( النفس إلى الرحمان ) . أي ، إلى الاسم ( الرحماني ) بلسان نبيه ، صلى الله عليه وسلم في قوله : ( إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن ) .
و ( النفس ) عبارة عن الوجود العالم المنبسط على الأعيان عينا ، وعن الهيولى الحاملة لصور الموجودات . والأول مرتب على الثاني.
 
قال رضي الله عنه : (لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق ) .
 أي ، ( نسب النفس إلى الرحمان ) . لأن الحق بالاسم الرحماني
رحم الأعيان ، فأعطى ما طلبته النسب الإلهية ، التي هي الأسماء والصفات ، من
وجود صور العالم التي هي ظاهر الحق .
قال رضي الله عنه : ( إذ هو الظاهر ، وهو باطنها ، إذ هو الباطن ) لأن الحق هو الظاهر ، وظاهريته بصور العالم ، والحق باطنها ، لأنه هو الباطن ، كما أنه هو الظاهر .
( وهو الأول ، إذ كان ولا هي ) . أي ، الحق هو الأول ، لأنه كان وليس صور العالم موجودة ، كما قال عليه السلام : ( كان الله ولا شئ معه ) .
( وهو الآخر ، إذ كان عينها عند ظهورها ) . أي هو الآخر ، لأنه عين أعيان العالم وصورها عند ظهورها في الخارج .
( فالآخر عين الظاهر ، والباطن عين الأول ) ( الآخر ) يطلق على معنيين :
أحدهما ، ما ذكره هنا ، وهو كون الحق عين الأعيان الخارجية الموجودة في الخارج ، لأنه آخر المراتب .
وثانيها ، كون الأعيان مستهلكة في الحق بالفناء فيه .
فعلى الأول ، ( الآخر ) عين الظاهر ، والباطن عين الأول ، لكون الحق باطنا وأولا ولا ظهور للأشياء .
( "وهو بكل شئ عليم " . لأنه بنفسه عليم ) . أي ، لأنه يعلم ذاته وصفاته ، وليس العالم إلا عين صفاته ، فهو بكل شئ عليم بعين علمه بنفسه .
قال رضي الله عنه : (فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها ب‍ " الأسماء " ، صح النسب الإلهي للعالم ) .
( النفس الرحماني ) عبارة عن هيولى العالم كله : الروحاني والجسماني . وسمى ( نفسا ) لنسبته إلى النفس الإنساني : فإنه هواء يخرج من الباطن إلى الظاهر ، ثم باصطكاك عضلات الحلق يظهر فيه الصوت ، ثم بحسب تقاطعه في مراتب الحلق والأسنان والشفتين تظهر الحروف ، ثم من تراكيبها تحصل الكلمات .
كذلك ( النفس الرحماني ) إذا وجد في الخارج وحصل له التعين ، يسمى ب‍ ( الجوهر ) ثم بحسب مراتبه ومقاماته الظاهر هو فيها ، تحصل التعينات والحروف والكلمات الإلهية .
فصور أعيان العالم كلها ظاهرة في ( النفس الرحماني ) . فهو لها كالمادة للصور الجسمية .
 
فلما أوجد الحق صور العالم في هذا النفس الرحماني وظهر سلطنة الأسماء الإلهية على مظاهرها ، صح النسب الإلهي - بفتح النون هنا وبكسرها في الأول - صح للعالم أن ينتسب إلى الله بأنه مألوه ومربوب ، والحق إله ورب .
( فانتسبوا إليه تعالى ) . أي ، فانتسب أهل العالم إليه تعالى .
 
( فقال ) أي ، رسول الله ، صلى الله عليه ، حكاية عن ربه أنه قال : ( " اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي " . أي ، آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلى ) .
أي ، اليوم آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وذواتكم واجعل انتسابكم إلى ، لتكون ذواتكم ذات الله وصفاتكم صفات الله وأفعالكم أفعال الله ، فتفنوا فيه وتبقوا به .
ف‍ ( اليوم ) عبارة عن حال الفناء في الحق ، وهو يوم القيامة الكبرى ، كما قال تعالى : " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون " .



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )

قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير. فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي . قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي . فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي . فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي . ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها. فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم. فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى . )
قال رضي الله عنه : (فالعالم صورته) إذ لو كان ذاته لم تحتج إلى مدبر لكنه يحتاج إليه لإمكانه.
ولذلك (هو روح العالم المدبر له)، وإذا اجتمع في وجوده الذات التي هي الروح والصورة التي هي العالم.

قال رضي الله عنه : (فهو الإنسان الكبير) أشبه الصغير في جمعه بينهما، وإذا كان الوجود الشمول على الروح والصورة مع وحدته في ذاته؛ (فهو الكون كله) باعتبار الشمول، (وهو الواحد) باعتبار الذات (الذي قام كوني بكونه) لا بحيث يصير المجموع ذاتا واحد.
قال رضي الله عنه : (وإذا قلت: يغتذي) أن يستكمل وجوده بوجودي، فليس المراد أنه ينضم في ذاته وجودي إلى وجوده حتى يصير ذاتا واحدة.
بل ..... فيحصل له صورة فيها، (فوجودي غذاؤه) لا بطريق الانضمام إليه في ذاته، ولذلك لا يضاف إليه بل إلي، ويكمل به ظهوره بالفعل إذا (به نحن نحتذي) .
بعد أن كان في ذاته بالقوة، فظهوره بهذا الاعتبار عينه، فكل ما ظهر في الوجود كان فيه كامنا قال رضي الله عنه : (فيه منه، إن نظرت بوجه) وهو كون كل ما ظهر عينه باعتبار ما كان كامنا في ذاته.
قال رضي الله عنه : (تعوذي) أي: استعاذتي؛ فلذلك قال صلى الله عليه وسلم : "أعوذ بك منك".رواه الطبراني في الكبير وابن أبي شيبة في المصنف .

وإذا كان كل ما ظهر عنه كان فيه بالقوة قابلا للخروج عنه بالفعل، وفي خروجه ظهور للحق وأسمائه وراء ما له في ذاته، كان ذلك كالكرب.
قال رضي الله عنه : (وهذا الكرب) أي: الأمر الذي يشبه الكرب (تنفس) أي: أخرج ما فيه ليصير كالمستريح منه إخراج النفس هو للاستراحة عن حرارة اجتمعت في الباطن.
قال صلى الله عليه وسلم : «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن» أي: أجد النفس في حقي من جهة اليمن والقوة.رواه أحمد في المسند والطبراني في الأوسط .

قال رضي الله عنه : (فنسب النفس إلى الرحمن؛ لأنه) أي: الله تعالى (رحم به) أي: بإخراج النفس (ما طلبته النسب الإلهية) أي: الأسماء التي بها الحقيقة الموجبة لانتسابه إلى العالم مع غناه في ذاته عنه، فكان ذلك الطلب كالكرب (من إيجاد صور العالم) لا من حيث هي صور العالم المستغني عنه بل إنما طلبته.
لأنها (التي قلنا هي ظاهر الحق) أي: صور ظهوره فكأنها مطلوبة للحق أيضا إذ لظهوره يحصل به كمال وراء كمال ظهوره في ذاته، (إذ هو الظاهر) لا الأعيان، إذ لا ظهور لها من حيث هي عدم، ومع ذلك هو مستغن عن الظهور.

ولذلك قال رضي الله عنه :  (هو باطنها إذ هو الباطن)، إذ لا بطون للعدم، وكيف لا يستغني، (وهو الأول إذ كان، ولا هي) شيء فلولا غناه لم يكن له السبق.
ومع استغنائه عنها ظهر فيها إذ قال رضي الله عنه : (هو الآخر، إذ كان) عند كونها فيه بالقوة (عينها) لكن آخريته (عند ظهورها)، إذ بذلك له يتم له الظهور من كل وجه، والآخرية تشعر بالنهاية، ولما كانت آخريته باعتبار ظهوره.

قال رضي الله عنه : (فالآخر عين الظاهر)، باعتبار مقابلة الأخر للأول، و الباطن للظاهر، (والباطن عين الأول) فتدبيره للعالم باعتبار أوليته التي بها التأثير والتدبير إنما يكون للباطن؛ لأنه بمنزلة الروح، وظهوره باعتبار آخريته لاقتضائه كما لم يكن من قبل، وهو أثر لحدوثه فيكون ظاهر کالبدن.

وقد تقدم أن ما ظهر كان عينه حال كونه فيه بالقوة فكان الأخر حينئذ عين الأول، والظاهر عين الباطن، فكان الكل واحد كما قال: ("وهو بكل شيء عليم ") [البقرة: 29]، وعلمه واحد، ولا مجال للكثرة فيه، والعالم الواحد إنما يعلم به معلوم


قال رضي الله عنه : ( فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلى. )
(فقال) تعالى للأسماء: («اليوم أضع نسبكم») إلى الأعيان («وأرفع نسبي»).

""أضاف الجامع : ورد الحديث : عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه تلا قول الله عز وجل "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فقال: " إن الله يقول يوم القيامة: يا أيها الناس، إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم وأبيتم إلا أن تقولوا فلان ابن فلان أكرم من فلان بن فلان، وإني اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم أين المتقون؟ أين المتقون؟. رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان وابن حجر العسقلاني في إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة والسيوطي فى جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير». ""

"" كما وورد الحديث : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: إني جعلت نسبا (وجعلتم نسبا) ، فجعلت أكرمكم أتقاكم، وأنتم تقولون: يا فلان بن فلان وأنا أكرم منك. وأنا اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم، أين المتقون؟.

أورده الطبراني فى الكبير والأوسط وابن حجر العسقلاني في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية والسيوطي فى جامع الأحاديث وابن أبي اسامة فى بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث وأبو العباس شهاب الدين أحمد فى إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة. ""

أي: أظهر انتسابكم إلى صوري وفسره بقوله: (أي: أخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم) أي: معانیکم الخاصة بكم باعتبار نسبكم إلى الأعيان.
قال رضي الله عنه : (وأردكم إلى انتسابكم إلى) أي كان لكم نسبتان: نسبة إلى ونسبة إلى الأعيان فجعلتها واحدة إحداهما باعتبار باطني، والأخرى باعتبار ظاهري لئلا يتوهم أن المراد بوضع النسب إهانته وبرفعه تعزیزه.
لأن نسبة الأسماء إلى الحق عزيزة دائما، والأخرى ذليلة دائما؛ فلا معنى لذكر ذلك.
ففي نص يوسف يقول الشيخ عن سورة الإخلاص: "وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت"
يشير إلى أن سبب نزولها قول المشركين للرسول : "انسب لنا ربك".


"" أضاف الجامع :  بحث في النسب لله ورد في السنة النبوية :
حديث المستدرك للحاكم :  عن أبي بن كعب رضي الله عنه، " أن المشركين، قالوا: يا محمد، انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: "قل هو الله أحد الله الصمد"[الإخلاص: 2] قال: الصمد: الذي لم يلد، "ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 3] لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث "ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 4] .
قال: لم يكن له شبيه، ولا عدل وليس كمثله شيء " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه و وافقه الذهبي]  ورواه البيهقي ومسند أحمد و الترمذي و ابي عاصم و امالي بشران وغيرهم  .


و كذلك حديث : "أنا من الله والمؤمنون مني" وقال بعض الحفاظ: لا يعرف هذا اللفظ مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم  ، لكن ثبت في الكتاب والسنة أن المؤمنين بعضهم من بعض، وفي السنة قوله صلى الله عليه وسلم لحي الأشعريين: هم مني، وأنا منهم.
وقوله لعلي: أنت مني، وأنا منك. وللحسين: هذا مني، وأنا منه. وكله صحيح.
و قال الحافظ ابن حجر لا يعرف. الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة السيوطي قلت: كما أورده الديلمي عن عبد الله بن جراد  مرفوعا. أورده كشف الخفاء العجلوني
قال اين تيمية : لا يحفظ هذا اللفظ عن رسول الله , لكن قال لعلي رضي الله عنه " أنت مني وأنا منك " كما قال تعالى :" بعضكم من بعض" الفتاوي الكبرى لابن تيمية
بل عند الديلمي بلا إسناد عن عبد الله بن جراد مرفوعا: "أنا من الله عز وجل، والمؤمنون مني، فمن آذى مؤمنا فقد آذاني" الحديث.

حديث : - وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول حين نزلت آية المتلاعنين: "أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من اللَّه فى شئ ولن يُدْخِلَهَا اللَّه جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب اللَّه عنه، وفضحه على رءوس الأولين والآخرين" أخرجه أبو داود والنسائى وابن ماجه وصححه ابن حبان. و مسند الإمام الشافعي
أدخلت على قوم من ليس منهم: أى جاءت بولد من زنا وهى فى فراش الزوجية، فنسب إلى الزوج وهو ليس منه.


12540 - قال الطبرانى: حدثنا عبد الله بن الحسين المصيصى، ثنا محمد بن بكار بن بلال ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة عن أبى الخليل، عن أبى زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعون إلى الله وليسوا من الله فى شئ قاتلهم كان أولى بالله منهم يعنى الخوارج». واخرجه السيوطي  و سنن أبي داود .
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام»، سنن أبو داود
سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يحلف بأبيه فقال: "لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله" ورد في سنن ابن ماجة ""


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
 

قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته ، وهو روح العالم المدبّر له ) بهويّته ( فهو الإنسان الكبير) .
قال رضي الله عنه : ( فهو الكون ) بالكثرة الكيانيّة .
( كلَّه . وهو الواحد ) بالوحدة الوجوديّة ( الذي ) ( قام كوني بكونه ) وإطلاق الكون هاهنا على وجوده باعتبار كثرته النسبيّة الأسمائيّة ضرورة وجوب مناسبة الغذاء للمغتذي.
( ولذا قلت نغتذي ) فإنّ الغذاء ما به يتقوّم المغتذي .
قال رضي الله عنه : ( فوجودي غذاؤه ) باعتبار وحدته ليناسب المتغذي ( وبه نحن نحتذي ) ونغتذي في غذائه المغتذي .
ثم استشعر أنّه إذا كان قيام كونه بكون الحق فكيف يتمكَّن من تعوّذه واجتنابه عن البعض ،
وقال :( فبه منه إن نظر ت بوجه ) وهو هذا التوحيد الذاتي الذي فيه يتكلَّم ( تعوّذي ) كما أفصح عنه الحضرة الختميّة بقوله : « نعوذ بك منك » وعن وجوهه الأسمائي والأفعالي بقوله : "نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقابك " .
وإذا تقرّر أن حدود الأشياء ونهاياتها وصورها وغاياتها المستخرجة من مكامن القوة إلى مجالي الفعل كلها صورة الحق ، وهي منطوية فيه ، مقتضية للظهور والبروز انطواء الكلمات في باطن المتكلم المقتضية للتكلم بها والتنفّس بإظهارها .
ولذلك عبّر عن ذلك الاقتضاء بالكرب قائلا : ( ولهذا الكرب تنفّس ، فنسب النفس إلى الرحمن ، لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية ، من إيجاد صور العالم التي قلنا ) الصورة ( هي ظاهر الحق ، إذ هو الظاهر ، وهو باطنها ، إذ هو الباطن ) ومما يلوّح على هذا تلويحا بيّنا أن « هي » هو هاء الهويّة الظاهرة على ياء الغيب ، و « هو » هو الياء منه فقط .


النفس الرحماني وظهور العالم فيها
قال رضي الله عنه : (و"هُوَ الأَوَّلُ " إذ كان ولا هي ، وهو " الآخِرُ " إذ كان عينها عند ظهورها فالآخر عين الظاهر ، والباطن عين الأوّل ) فظهر أن الحدود كلَّها عين هويّة الحقّ ( "وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ")  [ 57 / 3 ] لأنّه بنفسه عليم ) لأنّ حدود الأشياء ظاهرها وباطنها نفس هويّة الحقّ وعينها في الحضرة العليميّة والهويّة الأحديّة التي لا يتميّز المعلوم عن العالم ، فلا صورة هناك لشيء إلَّا للحقّ ، ولا نسب إلَّا له .

قال رضي الله عنه : ( فلمّا أوجد الصور في النفس ) الرحماني الذي به انبسط عن الكرب الذي من تراكم النسب والصور في الباطن ( وظهر سلطان النسب المعبّر عنها بالأسماء ، صحّ النسب الإلهي للعالم ) ضرورة امتياز المعلوم حينئذ عن العالم ، والموجود عن الوجود ، وفتح باب لام التفصيل المنخفض كلّ الانخفاض في العليم ، وصحّة نسبة الموجودات والمعلومات مطلقا أن يكون إلى الله الحقّ .

قال رضي الله عنه : ( فانتسبوا إليه تعالى ) بعبوديّتهم له ومخلوقيّتهم ومرزوقيّتهم ( فقال : اليوم ) أي حيث يظهر أمر النسبة عند تمايز المنتسبين ، ويطلع شمس الإظهار من أفق غيبه .
( أضع نسبكم وأرفع نسبى . أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم ) الذي كنتم عليه في يوم لا نسبة ولا المنتسبين ( وأردّكم إلى انتسابكم إليّ ) لتكونوا عبيدي ومظاهري ، فاعبدوا ما ظهر بكم .
ثمّ إذ قد علم أن يوم الظهور والإظهار إنّما اقتضى قهرمان أمر نسبة العبيد إلى الحق ، وقطع انتسابهم إلى أنفسهم - فإنّ ذلك مما ينفي إنفاذ حكم النسبة - فأخذ في تفصيل تلك النسبة - فإنّ من المحقّقين من شاهد نسبة العبيد إلى الحقّ نسبة الباطن إلى الظاهر ، ومنهم من شاهدها بالعكس  قائلا : أين المتّقون ؟


"" أضاف الجامع : قال الشيخ في الفتوحات الباب الثامن والتسعون ومائة :
نفس الأكوان من نفسه ..... وهو وحي الحق في جرسه
وكلام الحق شاهده ..... أثر في الكون من نفسه
إن موسى قبل أبصره ..... في اشتعال النار في قبسه
معدن الراحات فيه فمن ..... ناظر فيه وفي حرسه

قوله أحببت أن أعرف فأظهره في النفس الرحماني فكان ذلك التنفس الإلهي عين وجود العالم فعرفه العالم كما أراد فعين العالم عين الرحمة لا غيرها.
فاشحذ فؤادك فما يكون العالم رحمة للحق ويكون الحق يسرمد عليه الألم الله أكرم وأجل من ذلك. أهـ ""



.

يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 7 يوليو 2019 - 22:39 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر : الجزء الثالث

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
 
قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير. فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي )
يقول رضي الله عنه : (فالعالم) بجميع أجزائه (صورته وهو)، أي الحق سبحانه (روح العالم المدبر له فهو)، أي العالم مع الروح المدبر له (الإنسان الكبير فهو)، أي الحق سبحانه (الكون كله)، أي الموجودات كلها لأنها صوره، والصورة عين ذي الصورة بوجه.
قال رضي عنه : ( قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي . فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي . فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي . ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق )

قال رضي عنه :  (وهو الواحد الذي قام كوني بكونه)، أي وجودی بوجوده لظهوره بصورتي فأنا قائم موجود به وهو ظاهر بي (فلذا)، أي لقيام وجودي بوجوده بظهور وجوده بي.
قال رضي الله عنه :  (قلت بغندي)، أي يغتذي بي من حيث الظهور ظهوره متحقق وقائم بي كتحقق المغتذي وقيامه بالغذاء.


وفي بعض النسخ: وإذا قلت: يتغدي فهو شرط وجزاء قوله :
قال رضي الله عنه :  (فوجودي غذاؤه وبه)، أي بالحق سبحانه (نحتذي)، أي تغتذي فهو كما يغتذي بنا كذلك نحن نتغذى به لكن في الوجود والوجود کوجود المغتذي بالغذاء وإذا كانت الأشياء كلها عينه من حيث الحقيقة (فبه منه إن نظرت... بوجه)، أي بوجه الإطلاق والجمعية قال رضي الله عنه :  (تعوذي) كما قال صلى الله عليه وسلم : "وأعوذ بك منك ". رواه البيهقي وابن خزيمة فى صحيحه و ابن حبان وابن ماجة والمستدرك  .

"" الحديث : رسول الله وهو يقول: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» رواه مسلم ""

(ولهذا الكرب)، أي لكرب اندراج الكون كله في الحق سبحانه كما فهم من قوله وهو الكون كله (تنفس)، أي تجلى لإظهار ما في الباطن من أعيان العالم .
(فنسب) الحق سبحانه (النفس إلى) الاسم (الرحمن) على لسان نبينا .
حيث قال : "إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن" .الطبراني و الجامع الصحيح للسنن والمسانيد.
وإنما نسب النفس إلى الاسم الرحمن لا إلى غيره من الأسماء (لأنه)، أي الحق سبحانه (رحم به)، أي بالرحمن (ما طلبته النسب)، أي الأسماء (الإلهية من ايجاد صور العالم) يعني صوره
الموجودة لأن متعلق الرحمة (التي) هي الوجود المنبسط على الماهيات إنما هو الصور الموجودة التي (قلنا هي)، أي صور العالم

قال رضي عنه : ( إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها. فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم. فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم )
قال رضي الله عنه :   (ظاهر الحق إذ هو)، أي الحق (الظاهر وهو)، أي الحق (باطنها)، أي باطن تلك الصور .
قال رضي الله عنه :  (إذ هو)، أي الحق (الباطن) فظاهرية الحق إنما هي باعتبار ظهوره بصور العالم و باطنيته باعتبار بطونه فيها .
قال رضي الله عنه :  (وهو الأول إذ كان) هو (ولا هي) إذ كان الحق ولم يكن صور العالم
كما قال صلى الله عليه وسلم  : "كان الله ولا شيء معه" . فهو متقدم عليها وهذا التقدم، وهو المراد بالأولية. الحديث أورده الحافظ ابن حجر فى فتح الباري وله شواهد  بصحته.

"" أضاف الجامع : الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس يسألون حتى يقولوا: كان الله قبل كل شيء فما كان قبله؟ . مسند أحمد و مسند البزار و ابن عساكر والسيوطي فى جمع الجوامع.
وأيضا حديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبلوا البشرى يا بني تميم» . قال: قالوا: قد بشرتنا فأعطنا. قال : «اقبلوا البشرى يا أهل اليمن» .
قال: قلنا: قد قبلنا، فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟
قال: «كان الله قبل كل شيء، وكان عرشه على الماء، وكتب في اللوح ذكر كل شيء» مسند أحمد و ابي نعيم فى الحلية و الإبانة الكبرى لابن بطة و المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة. ""

""حديث : إن الله إذا كان يوم القيامة جمع السموات السبع والأرضين السبع فى قبضة ثم يقول أنا الله أنا الرحمن أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا الجبار أنا المتكبر أنا الذى بدأت الدنيا ولم تك شيئا أنا الذى أعيدها أين الملوك أين الجبابرة.
رواه (أبو الشيخ فى العظمة ، وابن مردويه ، والبيهقى فى الأسماء ، والخطيب ، وابن النجار عن ابن عمر) ، أورده في جمع الجوامع للسيوطي ""


قال رضي الله عنه :   (وهو) سبحانه (الآخر إذ كان عينها)، أي عين صور العالم (عند ظهورها) ولها التأخر فهو باعتبار ظهوره بها له الآخر به (فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول) هذا باعتبار التنزل من الحق إلى الخلق .
وأما باعتبار الترقي من الخلق إلى الحق فالآخر عين الباطن والظاهر عين الأول.

قال رضي الله عنه :  ("وهو بكل شيء عليم" لأنه بنفسه عليم) * [البقرة : 92]، وعلمه بنفسه عين علمه بالعالم (فلما أوجد) الحق سبحانه (الصور) التي هي عين العالم روحانية كانت أو جسمانية (في النفس) الرحماني الذي هو هيولى بصور الحروف والكلمات والكلام (وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء) .

لوجود مجالي تصرفاتها (صح النسب الإلهي للعالم)، أي أنساب العالم إلى الحق سبحانه بأنه مخلوق و مربوب له .(فانتسبوا)، أي أهل العلم إليه تعالی .

فقال تعالى: "يوم القيامه" ("اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي" أي أخذ عنكم انتسابكم)، أي انتسابكم ذواتكم وصفاتكم وأفعالكم . الحديث رواه الطبراني في الصغير و الحاكم في المستدرك

قال رضي عنه : ( إلى انتسابكم إلى.)  

قال رضي الله عنه :  (إلى أنفسكم و أردكم إلى انتسابكم إلى) فترون ذواتكم عين ذواتي وصفاتكم عين صفاتي وأفعالكم عين أفعالي ولا تنسبوها إلا إلى. 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 12:21 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 9 يوليو 2019 - 9:41 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : ( أين المتقون؟ أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع. وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم. «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا.)
 
قال رضي الله عنه : (أين المتقون) يعني أنهم كانوا في الدنيا منتسبين إلى الحق تعالى لا إلى آبائهم وأمهاتهم إلا من حيث النسبة المجازية الذاهبة بذهاب الدنيا ، وزوال علاقة المجاز التي هي مجرد السببية أو المحلية، فإن المتقين يعرفون ذلك.
ووصف التقوى ألزمهم ذلك وهم حجة الحق تعالى على الناس، ثم بين المتقين بقوله (أي) القوم الذين اتخذوا الله تعالى (وقاية لهم) عندهم فلم يكونوا هم عند أنفسهم بل كان هو عند أنفسهم فاتقوا بظهوره لهم ظهور أنفسهم لهم فهم عندهم هؤلاء هم وهم في الفناء والزوال .
قال رضي الله عنه : (فكان الحق) تعالی (ظاهرهم أي) ما يظهر لهم منهم وهو (عين صورهم الظاهرة) لهم من حيث حسهم وعقلهم، وهم الذين كانوا سمع الحق وبصره لتقربهم بالفرائض.
(وهو)، أي المتقي بهذا النوع من التقوى وهي تقوی خواص الخواص من كل شيء سوى الله تعالى كما أن تقوى الخواص من المعاصي وتقوى العوام من الكفر.
قال رضي الله عنه : (أعظم الناس) كلهم ولهذا كان من خواص الخواص (وأحقهم)، أي أحق الناس اسم المتقی وبصفة التقوى و باستحقاق ما للمتقين من الثناء في الدنيا والجزاء في الآخرة (وأقواهم)، أي أقوى الناس بصيرة في معرفة الله، وقلبا في خدمته بالأعمال الصالحة (عند الجميع).
أي جميع الناس من الخواص والعوام (وقد يكون المتقي) من خواص الخواص معناه بعكس ما ذكر يعني (من جعل نفسه) عنده (وقاية للحق) تعالی (بصورته) الظاهرة له بحسه وعقله فكان هو الظاهر لنفسه بربه وربه غيب عنه.
فقد اتقی ظهور ربه له بظهور نفسه بربه لا به (إذ)، أي لأنه (هوية)، أي ذات (الحق) تعالی ووجوده المطلق عين (قوی) جمع قوة (العبد) المتقرب بالنوافل كما مر في الحديث کسمعه وبصره لا أذنه وعينه .
قال رضي الله عنه : (فجعل)، أي هذا المتقي (مسمى العبد)، الذي هو مجموع الصورة الظاهرة والباطنة (وقاية لمسمى الحق) سبحانه (على) طريق (الشهود) فالحق سبحانه يشهد العبد ببصره ويسمعه بسمعه والعبد مشهود لا شاهد، والأول شاهد لا مشهود، والأول حال السالك والثاني حال الواصل، وكلاهما من خواص الخواص.
وهما النوعان الواردان في حديث الإحسان وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه».
وهو حال المتقي الأول فإنه يرى الله تعالى لا يرى معه غيره، فقد اتقى نفسه بربه وجعل ربه وقاية له من نفسه، وجيء فيه بأداة التشبيه وهي كان المقتضية لتشبيه رؤية تلك الحالة برؤية الله تعالى من حيث كمال الحضور معه سبحانه.
والفناء عن شهود كل شيء سواه، وهي رؤية الغائب في الحاضر، کرؤية زيد الغائب عنك عند رؤية داره أو ثوبه أو دابته بتذكرك له كمال التذكر.
بحيث تغيب عن الحاضر الذي أحضر ذلك الغائب عندك وتحضر عند الغائب.
وإليه أشار الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض قدس الله سره بقوله :
 ناب بدر التمام طيف محيا ... ك، لطرفي، بيقظتي، إذ حكاكا
فتراءيت في سواك لعين ... بك قرت، وما رأيت سواكا
وكذاك الخليل قلب قبلي ... طرفه، حين راقب الأفلاكا
 
ثم أشارة صلى الله عليه وسلم إلى النوع الثاني من الإحسان بقوله : "فإن لم تكن تراه فإنه يراك". ""أضاف الجامع : فإن لم تكن = ان كنت فانيا في الله تراه بعين الحق و ترى نفسك ""
أي فإن لم تكن ترى الحق في حال كونك كأنك تراه بأن غبت عن شهود الغائب عنك الذي كنت تشهده، وحضرت عند نفسك التي كنت تشهد بها ذلك الغائب
عنك، فكن في هذه الحالة بحيث أنه تعالى يراك.
لأنه بصرك الذي تبصر به وهذا أعلى من الأول، لأنه صحو من محو ورجوع إلى عين الحقيقة قال رضي الله عنه : (حتى يتميز) بحسب هذا النوع الثاني من التقوى إذ فيه ظهور العبد (العالم من غير العالم) بخلاف النوع الأول فإنه لا ظهور للعبد فيه أصلا قال الله تعالى ("قل") لهم يا محمد صلى الله عليه وسلم ("هل يستوى ")، أي يتساوى عندهم وهو استفهام إنکاري، أي لا يستوي القوم (" الذين يعلمون")، أي يتصفون بالعلم (و) القوم ("الذين لا يعلمون") [الزمر: 9].
أي لا يتصفون بصفة العلم ("إنما يتذكر") ما ذكر ("أولوا")، أي أصحاب ("الألباب " وهم) [الرعد: 19].
أي أولو الألباب (الناظرون في لب الشيء الذي هو) باطن الشيء المطلوب من ذلك (الشيء) و"كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88] كما قال تعالی .
فوجهه سبحانه لب كل شيء فهو المطلوب
كما قال تعالى : "يردون وجهه" [الأنعام: 52]، وقال تعالى: "إنما نطعمكم لوجه الله" [الإنسان: 9] .
قال رضي الله عنه : (فما سبق مقصر) في السلوك إليه تعالى بالأعمال الصالحة (مجدا) في ذلك أبدا (كذلك لا يماثل أجير)، أي عامل بقصد الجزاء (عبدا)، أي عاملا بوصف العبودية للربوبية، فإن المجد العامل بالعبودية من الذين يعلمون، والمقصر العامل للجزاء من الذين لا يعلمون والعارف الكامل من أولي الألباب الذين يتذكرون .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )
قال رضي الله عنه : (این المتقون أي الذين اتخذوا الله وقاية) لأنفسهم بإسناد ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم كلها إلى أن الحق (فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة) فتحققوا بقوله تعالى اليوم أضع نسبكم بفنائكم في الله وبقائهم به .
 
قال رضي الله عنه : (وهو) أفرد الضمير باعتبار قوله : (أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع) أي عند جميع أهل الله لوصولهم نهاية الأمر فكان قولهم إن الحق عين الصور الظاهرة صادقة لشهر دهم إن انتساب العالم كله إلى الحق.
 
قال رضي الله عنه : (وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته) أي بسبب كون العبد صورة الحق أي بسبب إسناد العبد صورة الحق إلى نفسه وإنما كان الحق صورة المنقي (إذ هوية الحق) عين (قوى العبد كما قال كنت سمعه وبصره فمسمى العبد حينئذ) أي حين كون المتقي (وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق نوى العبد فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق) فأثبت هذا المتقي الفعل لنفسه وقاية لربه في المنام إذ حينئذ يكون العبد صورة الحق.
 
وأما المتقون الذين اتخذوا الله وقاية فحينئذ مسمى الحق وقاية لمسمى العبد وهي إسناد العبد جميع أحواله إلى الحق .
قال رضي الله عنه : (على الشهود) متعلق بقوله وقاية لمسمى الحق أي هذه الوقاية سواء كانت وقاية للحق أو وقاية للعبد كانت على الشهود لا على التقليد (حتى يتميز العالم من غير العالم) في مقام النقري بسبب المشاهدة فمن جعل نفسه وقاية للحق من غير الشهود فليس بعالم بمقام التقرى ولم يكن من المتقين .
 
وكذلك من اتخذ الله وقاية بلا مشاهدة ليس من أهل العلم ولا من أهل التقوى فالعالم من كان علمه بالمشاهدة فمن لم يكن علمه بالمشاهدة والذوق فليس بعالم .
فميز الله تعالى بين العالم وغير العالم بقوله: (قل: "هل يستوي الذين يعلمون ")  الحق بالشهود "والذين لا يعلمون" [الزمر: 9] بدونه فنفى الحق العلم ممن لا يعلمون بالمشاهدة .


ويدل على ذلك قوله تعالى : " إنما يتذكر" أي ما يعلم الحق "إلا أولوا الألباب "  فمن لم يكن من أولي الألباب لم يكن عالما فأورد هذه الآية دليلا على أن :
 
المراد من قوله : "قل هل يستوي الذين يعلمون" هم العالمون بالمشاهدة (وهم) أي أولو الألباب قال رضي الله عنه : (الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء) ولب الشيء وهو جهة حقية فمن نظر في هذه الجهة بشاهد الحق فيها فهو العالم .
 
قال رضي الله عنه : (فما سبق) أي فما تقدم في رتب العلم بالله (مقصر) وهو الذي يطلبه تحصيل العلم بنظر العقل وهو مسمى بأهل النظر .
قال رضي الله عنه : (مجدا) وهو أهل التصفية والمجاهدة "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" فهم يطلعون لب الشيء ويعلمونه على ما هو عليه فلا مذام من حيث اللب فالمتقون هم الذين اتخذوا وقاية من حيث اللب لا من حيث الصورة .
 
فإن صورة الأشياء كلها حدوث والحدوث كله مذام في حق الحق لا ينسب إلى الله تعالی عند أهل الله .
وكذلك كل ما ينسب إلى كسب العبد لا بنسبه من هذا الوجه إلى الحق.
ولما بين الفرق بين المقصر والمجد في العلم أراد أن يبين الفرق بينهما في العمل بقوله: (كذلك لا يماثل أجير)، وهو الذي يعمل للنجاة عن النار والدخول في الجنة (عبدا) وهو الذي يلازم باب سيده بمقتضى أوامره من غير طلب الأجر من عبادته فكم بينهما .
 
فالمراد أن أهل الظاهر لا يصل إلى درجة أهل الله لا في العلم ولا في العمل فقد علمت مما ذكر أن الحق قد يكون وقاية للعبد ، والعبد قد يكون وقاية للحق.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : " أين المتقون؟  أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.  وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.  «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. "
قوله: أين المتقون؟ أي الذين اتخذوا الله وقاية، فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة.
قال: وقد يفسر بأن يجعل العبد وقاية للحق إذا شهد أن ذاته عبارة عن وجوده والحق باطن بالقوى في ذلك الظاهر، وهذا هو بعض المشاهد الجزئية ثم أثنى على ذوي الألباب وفسر ذلك بالناظرين في لب الأشياء وهم المحمديون.
وقال: ما سبق مقصر مجدا.
قال: كذلك أنه لا يماثل أجير عبدا، والأجير هنا هو الذي يبتغي الثواب من الله على طاعته، وأما العبد فهو الذي يخدم عبودية لا يطلب عليها جزاء.
قال: وإذا ثبت الوقاية من الطرفين صدق أن تسمى الكون ربا وأن تسميه عبدا، وإن شئت قلت: هو الحق الخلق معا،
وإن شئت قلت: لا هو خلق من كل وجه ولا هو حق من كل وجه،


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : « أين المتّقون ؟ » أي الذين اتّخذوا الله وقاية ، فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة ، وهو أعظم الناس وأحقّهم وأقواهم عند الجميع ، وقد يكون المتّقيّ من جعل نفسه وقاية للحق بصورته ، إذ هوية الحق قوى العبد فجعل مسمّى العبد وقاية لمسمّى الحق على الشهود ، حتى يتميّز العالم من غير العالم " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ " وهم الناظرون في لبّ الشيء الذي هو المطلوب من الشيء " .
 
قلت : هذا عبد الله ، وهو عبد الرحمن ، وذلك عبد الرحيم ، أو عبد الكريم أو المنعم أو الغنيّ أو غيره ، وصار كل واحد من الربّ والمربوب وقاية للآخر في المذموم والمحمود ، إذ الأفعال والآثار والأخلاق والنعوت لتعيّن ذلك الوجود صالح لإضافة الأفعال والآثار والأخلاق وما شاكل ذلك إليه ، وكل واحد منهما - أعني الربّ والمربوب - ظاهر أو باطن للآخر باعتبارين - كما تقدّم - جامع بين الظاهرية والمظهرية دائما . والصفات منتشية من الربّ الذي هو الوجود الحق .
والعبد الذي هو المظهر القابل فإن أضفت الأفعال والآثار المذمومة إلى العبد ، كان العبد وقاية لربّه من أن تضاف إليه تلك المذامّ والنقائص والقبائح ، أحكام العدم اللازم للعبد الممكن القابل .
 
وإن أضفت الفضائل والمحاسن والمحامد والكمالات إلى الحق ، كان الحق وقاية للعبد من إضافة ما ليس له من ذاته بالحقيقة لكونها وجودية والوجود للحق ، بل الوجود الحقّ إليه  حقيقة.
وكان أيضا حينئذ بوجه آخر وقاية للعبد من آثار النقائص والمذامّ الظاهرة منها جزاء وفاقا ، فالعالم هو الذي يضيف الحقائق إلى أصولها ، فخذ ما هو لك بالأصالة ، وأعطه ما له كذلك ، تكن من الأدباء العلماء ، فإنّ العالم من العالم لا يستوي معه غير العالم " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ "  ينظرون من كل شيء في لبّه ، لكونهم في أنفسهم أرباب الألباب .
 
قال رضي الله عنه : « فما سبق مقصّر مجدّا ، كذلك لا يماثل أجير عبدا " لكون المقصّر أبدا قاصرا عن بلوغ الكمال .
والعبد أيضا لا يماثله في كمال مؤاتاته لظهور آثار مالكه فيه أجير ، فإنّه عبد أجرته لا عبد لسيّده ، ولا بدّ للسيد من العبد ، وليس كذلك الأجير ، فقد يقوم العبد بأعمال الأجير ، وليس للأجير أن يقوم بالعبدانية الذاتية التي للعبد .




شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أين المتقون أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة وهو أعظم الناس وأحقهم وأقواهم عند الجميع ) .
وهم الذين عرفوا فناءهم الأصلي به ، فكان الحق وجوداتهم الظاهرة وأعيانهم الباطنة ، لفناء أنياتهم وحقائقهم ، فكيف بصفاتهم وأفعالهم ، فهم الشاهدون له بذاته المشهودون بجماله بعينه ، فهم أعظم الناس قدرا وأحقهم وجودا وقربا وأقواهم صفة وفعلا ، وإفراد الضمير في قوله : وهو أعظم الناس ، محمول على المعنى أي والمتقى بهذا المعنى .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد يكون المتقى من جعل نفسه وقاية للحق بصورته ، إذ هوية الحق قوى العبد ، فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ  وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء ) .
وقد يكون المتقى من له قرب النوافل فشهد الحق مستترا بصورته فجعل لعينه ، وما يسمى به وقاية للحق وهو صورته ، لأن هوية الحق قوى العبد فكان شاهدا للحق باسمه الباطن ، عالما متميزا عن الجاهل الغائب الذي لا يعرف الحق ، وهو ذو لب متذكر للمعارف والحقائق المعنوية لغلبة التنزيه عليه ، أو هو ناظر بلبه في لب الشيء الذي المطلوب منه هو تجلى الحق من إضافة صفات العبد وأفعاله إليه ، موف حقوق العبودية لربه مجدّ في خدمة سيده .
 
"" إضافة بالي زادة ( اتخذوا الله وقاية ) لأنفسهم بإسناد ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم كلها إلى الحق ، فتحقق بقوله : « اليوم أضع نسبكم » بغنائهم في الله وبقائهم به ( وأقواه عند الجميع ) أي عند جميع أهل الله لوصولهم نهاية الأمر ، فكان قولهم : إن الحق عين الصورة الظاهرة صادقا لشهودهم أن انتساب العالم كله إلى الحق اهـ بالى
(وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه ) أي من حيث كون الحق ظاهر للعبد ، نظرا إلى قوله : فأين المتقون ( والعبد وقاية للحق بوجه ) أي من حيث كون العبد ظاهر الحق ، فقد حصل في تلك المسألة خمسة أوجه كلها صحيحة ( فقل في الكون ) اهـ بالى . ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما سبق مقصر مجدا ، كذلك لا يماثل أجير عبدا ) أي أن هذا العبد المتقى من حيث أنه عالم بربه مجد في القيام بحقه في مقام عبدانيته ، فلا يسبقه المقصر الذي لا يشهد ربه الجاهل به الطالب أجره بعمله ولا يساويه كما ذكر في الآية ، لأنه عبد أجرة عابد لنفسه عائب عن ربه ، بخلاف الأول العالم المخلص ، فإنه عبد ربه على الشهود فلا يماثله الأول.


 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : (أين المتقون الذين اتخذوا الله وقاية ، فكان الحق ظاهرهم ، أي ، عين صورهم الظاهرة ) . لما جعل انتساب العالم إليه في ذاته وصفاته وأفعاله ومنها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم .
قال : أين المتقون الذين جعلوا الحق وقاية لأنفسهم في ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم ، ليستروا ذواتهم في ذاته وصفاتهم وأفعالهم في صفاته وأفعاله . وهم الذين قيل عنهم شعرا :
تسترت عن دهري بظل جناحه  ...... فعيني ترى دهري وليس يراني
فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت .....  وأين مكاني ، ما درين مكاني  
فيكون الحق عين صورهم الظاهرة - كما قال : ( كنت سمعه وبصره . . . ) -
في نتيجة قرب النوافل .
 
قال رضي الله عنه : ( وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع ) . أي ، هذا المتقى هو أعظم الناس منزلة عند الله ، وأحقه بالمغفرة ممن يتق الله بنسبة المذام إلى نفسه ، لأنه في عين المغفرة الكبرى والسترة العظمى .
وأقوى الناس عند جميع أهل الله ، لظهوره بالقدرة من خرق العادة وإظهار الكرامة . لأن يده يد الحق ، وسمعه وبصره سمع الحق وبصره .
ولما كان من المتقين من يجعل نفسه وقاية للحق - في المذام بنسبتها إلى نفسه لا إلى ربه - ويجعل الحق وقاية لنفسه في الكمالات - كما مر في الفص الآدمي .
قال رضي الله عنه :: ( وقد يكون المتقى من يجعل نفسه وقاية للحق بصورته ، إذ هوية الحق قوى العبد ،
فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق )
فحينئذ يصير العبد ظاهر الحق وهو باطنه ، لأن هوية الحق عين قوى العبد ، كما قال : " كنت سمعه وبصره " .
فسمى العبد حينئذ وقاية لمسمى الحق ، وهو الهوية المندرجة في الصورة العبدية
(على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم . "قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟ " )
أي ، هذا الاتحاد والجعل إنما ينبغي أن يكون بناء على شهود الحق في كلتا الحضرتين - حضرة المحامد وحضرة المذام - حتى يتميز العالم العارف من الجاهل بالأمر على ما هو عليه .
فإنه إذا لم يكن عن شهود الحق ، يكون محجوبا بنفسه من ربه لرؤيته الأفعال من نفسه - حسنها وقبيحها - فيلحق بالمشركين .
 
ولما كان العلم الصحيح هو الذي يكون مركوزا في الباطن والعالم يتذكره بحسب التوجه إليه ، أردفه بقوله : ( " إنما يتذكر أولوا الألباب" وهم الناظرون في لب الشئ الذي هو المطلوب من الشئ ) .
لأن علومهم وجدانيات - يظهر عليهم عند صفاء قلوبهم ، فتحصل لهم التذكرة بما هو مركوز فيهم فائض عليهم من مقام التقديس لا تعملي كسبي بالعقل المشوب بالوهم والفكر المخيل بالفهم.
قال رضي الله عنه : ( فما سبق مقصر مجدا ) . أي ، فما رأينا سبق من أهل التقصير والنقصان ، من اجتهد في تحصيل الكمال وعمل بما يرضى به الرحمان . قال تعالى : "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".
وفرق بين أهل الاجتهاد أيضا بقوله : ( كذلك لا يماثل أجير عبدا ) .
فإن الأجير لا يزال نظره إلى الأجرة ، والعبد لا يعمل للأجرة ، بل للعبودية .
والأجير ينصرف عند وصول أجرته من باب المستأجر ، والعبد ملازم لباب سيده .
فالعالم بمقام عبوديته العامل بمقتضى أوامر سيده ، ليس كالعامل الجاهل ، فإنه يعمل للخلاص من النار وحصول الجنة .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 9 يوليو 2019 - 10:30 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 9 يوليو 2019 - 9:45 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
 
ثم قال الشيخ رحمه الله: (أين المتقون؟) أي: الذين يعرفون انتساب الأسماء إلى الحق باعتبار انتسابها إلى صور الموجودات، إذ هم الذين رأوه ظاهر الأشياء.
وإليه الإشارة بقوله: (أي: الذين اتخذوا الله وقاية) بحيث يخفى فيه عندهم جهة الخلق بالكلية، (فكان الله ظاهرهم).
 
ولما أوهم أن ظهوره فيهم كظهوره في سائر الأشياء رفعه بقوله: (أي: عين صورهم الظاهرة) بحيث لا تطابق صورهم الحق بقدر الطاقة البشرية وبذلك صاروا متقين عن الشرك الخفي أيضا، وهذا أعني قوله اليوم: أضع نسبكم إلى قوله: أين المتقون اقتباس لطيف موهم مأخوذ مما يروى في الأخبار في تفسير قوله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" [المؤمنون:101]، ومعناه: اليوم أبطل افتخارکم بانتساب بعضكم إلى بعض، وأرفع افتخار من كان منتسبا إلى طاقته، وهم المتقون.
 
ولكمال ظهور الحق فيه (هو أعظم الناس) قدما أي: سبقا إلى مراتب القرب (وأحقه) أي: أتم في ظهور صفات الحق (وأقواه) في التصرف بالحق (عند الجميع) أي: عند جميع من علمه وعلم حاله، وهذا المعنى منسوب إلى الحق، ويعرف كون أسماء الحق منسوبة إليه باعتبار انتسابها إلينا أيضا.
قال رضي الله عنه : (وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق) بأن صار ظاهر الحق، وصار الحق باطنه فينسب إليه الحق، وهو لا ينسب إلى الحق، كما في قوله: «كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه».
 
قال رضي الله عنه : (وهوية الحق قوى العبد) فكان سمع العبد وبصره وسائر قواه ظهرت في مرآة الحق، وصورة المرأة متحدة بالمرأة سيما إذا كانت عين صورة تلك المرآة لكنها مضافة إلى ذي الصورة.
قال رضي الله عنه : (فجعل مسمى العبد)، وهو المجموع من الصورة، والعين الثابتة (وقاية لمسمی الحق)، وهو الوجود الحقيقي؛ لأن صورة المرآة تستر المرآة، والساتر وقاية على المستور، وإنما صار المسمى الحق.
 
لأنه (على الشهود) أي: شهود الحق غير؛ فإن فيه فلابد وأن ينعكس وقاية صورته في مرآة الحق عند مشاهدته الحق، ويصير سمعه وبصره عين الحق يشاهد الكل، ويسمع كلماتهم في مرآة الحق.
قال رضي الله عنه : (حتى يتميز) في شهوده (العالم عن غير العالم) فإن غير العالم وإن ظهرت صورته في مرآة الحق لم يصر عالما إذ الصورة لا تصير من جنس المرآة.  
 
وإنما جعلت قوى هذا المنفي من جنس المرأة؛ لأنها اكتسبت أولا صورة كاملة استعدت بها رؤية الحق؛ فكانت الصورة الظاهرة في مرآة الحق كأنها عين المرآة بخلاف صورة غيره.
ويدل على هذا قوله تعالى: ("قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون") [الزمر: 9]  فإنهما وإن كانا في مرآة الحق لكن ("إنما يتذكر أولوا الألباب"
[الزمر: 9] وهم الناظرون في لب الشيء)، فهؤلاء إنما صاروا متقين مشاهدين.
 
لأنهم لا ينظرون إلى صورهم، ولو في مرآة الحق بل إلى لب الصور، وهو الحق لأن لب الشيء عبارة عن الأمر (الذي هو المطلوب من الشيء)، فكانوا طالبين مشاهدة الحق الذي هو لب الكل، فانعكست صورهم إلى مرآة الحق، فصار نظرهم إلى صورهم بالضرورة.
قال رضي الله عنه : (فما سبق مقصر مجدا)، وإن استويا في عدم رؤية اللب لكن هذا المنفى المجد عالم باللب، والمقصر غير عالم به فلا يستويان.
 
قال رضي الله عنه : (كذلك لا يماثل أجير عبدا) أي: هذا المنفي المحد لما كان طالبا لرؤية اللب كان أجيرا، والمنفي الأول لما لم يكن طالبا لشيء إذ لم يبقي شيئا حتى يبقى له طلب كان عبدا، وكما لا يستوي المقصر مع المجد كذلك لا يماثل أجير عبدا.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
 
للمتّقي اعتباران
قال رضي الله عنه : (أين المتّقون ؟ أي الذين اتّخذوا الله وقاية ،فكان الحقّ ظاهرهم ،أي عين صورهم الظاهرة ) لوقايته لهم ( وهو أعظم الناس ) قدر الشهود صورته أعظم ما في الوجود ( وأحقّه ) شهودا ، أي الواقع أظهر مطابقة لشهوده من شهود غيرهم ، وهو ظاهر.
( وأقواه ) حجّة ( عند الجميع ) وذلك أنّ الظاهر أنزل المراتب ، فهو أشمل ، فسائر الحجج تثبت مدعاه .
قال رضي الله عنه : ( وقد يكون المتّقي من جعل نفسه وقاية للحقّ بصورته ) وهو أن يكون الحقّ باطنه ، وهو ظاهر الحقّ لوقايته له
 
قال رضي الله عنه : ( إذ هويّة الحقّ قوى العبد فجعل مسمّى العبد وقاية لمسمّى الحقّ على الشهود ) عن أن ينتسب إلى الحقّ جهل أو شيء من نقائص الأوصاف الكونيّة فجعل مرجع ذلك كلَّها إلى العبد .
قال رضي الله عنه : ( حتّى يتميّز العالم ) ومن يوصف بالأوصاف الكماليّة ( عن غير العالم ) ممن ينتسب إليه النقائص ويوصف بها ( " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ " [ 39 / 9 ] وهم الناظرون في لبّ الشيء ) ، المطَّلعون على غايته وحدّه .
قال رضي الله عنه : ( الذي هو المطلوب من الشيء ) وأنت قد نبّهت على ما بين اللبّ والحدّ من النسب الدالَّة التلويحيّة .
( فما سبق مقصّر ) واقف بين الأوساط ( مجدّا ) واصلا إلى حدّه ( كذلك لا يماثل أجير) يعمل بجعل هو يحرّكه وهو مجعوله ( عبدا ) يسوقه ويجرّه الفواتح والخواتم ، كما سبق في بحث السائق والآخذ بالناصية .
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
 
قال رضي الله عنه : ( أين المتقون؟ أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع. وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم. «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)  
 
قال رضي الله عنه :  (أين المتقون أي الذين اتخذوا الله وقاية) لأنفسهم حيث تحققوا بفناء أنياتهم وحقائقهم فكيف بفناء صفاتهم وأفعالهم (فكان الحق ظاهرهم، أي عين صورهم) العلمية والعينية (الظاهرة) أو ظهور العينية فـ بالنسبة إلى الصور العلمية.
وأما ظهور الصور العلمية فـ بالنسبة إلى ما هي صور له وهو الشؤون الذاتية وإنما كان الحق ظاهرهم، لأنه وقاية لهم والوقاية ظاهر من يسترها وهو باطنها.
 
والمراد بصورهم الظاهرة ما يعم القوى الظاهرة وما يعم القوى الظاهرة والباطنة ، بل الأعيان وباطنة فكلها صور ظاهرة الثابتة فإنها وإن كانت منقسمة إلى ظاهره - بالنسبة إلى أعيانهم الثابتة التي هي أيضا ظاهرة بالنسبة إلى الأسماء الإلهية وهي بالنسبة إلى عين الذات المجهول النعت.
قال رضي الله عنه :  (وهم)، أي المنقون بالمعنى المذكور حيث عرفوا فناءهم الأصلي فكان الحق وجوداتهم الظاهرة وأعيانهم الباطنة لفناء أنياتهم وحفائفهم فكيف بصفاتهم وأفعالهم، فهم الشاهدون له بذاته المشاهدون لجماله بعينه فهم (أعظم الناس) قدرة (وأحقهم) وجودة وقربا (وأقواهم) صفة وفعلا .
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه وهو أعظم الناس بإفراد الضمير حملا على المعنى، أي المتقي أعظم الناس موافقة لقوله: (وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية اللحن بصورته) المحسوسة المشهودة لا بقواه الباطنة فيها (إذ هوية الحق) التي يكون العبد بصورته وقاية لها هي (قوى العبد) الباطنة فكيف يكون العبد بقواه الباطنة التي هي عين هوية الحق وقاية لها.
قال رضي الله عنه :  (فجعل مسمى العبد) بصورته المشهودة (وقاية بمسمى الحق)، الذي هو عين قوى الحق الباطنة فكل واحد من هذا الاتحاد والجعل إنما اعتبر إذا كانا مبنيين (على الشهود)، أي المشاهدة والكشف لا على الاستدلال والتقييد.
قال رضي الله عنه :  (حتى يتميز العالم) بالعلم الشهودي (من غير العالم) على هذا الوجه فغير العالم يشمل المستدل والمقلد كليهما .
قال رضي الله عنه :  ("هل يستوي الذين يعلمون ") الأمر على ما هو عليه علما شهوديا ("والذين لا يعلمون") الأمر كذلك.


قال رضي عنه : (  إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا.)
قال رضي الله عنه :  ("إنما يتذكر") بأمثال هذه العلوم ("أولوا الألباب") [الزمر: 9] المذكورة هذه العلوم وأمثالها في أصل فطرتهم (وهم الناظرون بعين الكشف) والمشاهدة بعد تصفية قلوبهم وتخليتها بالكلية عن الصور الكونية .
قال رضي الله عنه :  (في لب الشيء الذي هو المطلوب من) ذلك (الشيء) وهو الاسم الإلهي الذي يكون المقصود من وجود ذلك الشيء مظهريته .
قال رضي الله عنه :  (فما سبق مقصر) في هذه التصفية (مجدا) فيها بل لم يتحق، (كذلك لا يماثل أجير) يعمل للأجرة (عبدا) يعمل للعبودية فإن الأجير عند أجرته بتصرف من باب المستأجرة عند وصولها والعبد ملازم لباب سيده غير منصرف عنه على حالي أصلا فكذلك بعبدا الحق لمحض العبودية ليس من بعبده للفوز بالجنة والنجاة من النار.

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 9 يوليو 2019 - 9:51 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله


الفقرة االخامسة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق وقاية للحق بوجه والعبد وقاية للحق بوجه. فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق. وإن شئت قلت هو الحق.  وإن شئت قلت هو الحق الخلق. وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه. وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب. ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه. فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف. )
 
وإذا كان الحق سبحانه (وقاية للعبد بوجه) في النوع الأول من التقوى (و) كان (العبد وقاية للحق) تعالی (بوجه) آخر في النوع الثاني من التقوى .
قال رضي الله عنه : (فقل) يا أيها السالك (في) هذا (الكون)، أي الوجود الموهوم النسبة المضاف إلى الأعيان الممكنة العلمية الظاهرة في الحس والعقل (ما شئت)، أي أردت من العبارات حيث عرفت الأمر على ما هو عليه في نفسه (إن شئت قلت هو)، أي هذا الكون المذكور (الخلق)، لأنه تقدير الله تعالى الذي قدره في الأزل في ظلمة العدم ثم ظهر به حيث أظهره بتجلي وجوده عليه (وإن شئت قلت هو)، أي الكون المذكور (الحق) تعالی، لأن الوجود المطلق الظاهر نوره على أعيان الممكنات العدمية بالعدم الأصلي.
قال رضي الله عنه : (وإن شئت قلت هو)، أي الكون (الحق) باعتبار الوجود المطلق الظاهر بنفسه ولا شيء معه إذ " كل شيء هالك إلا" هو (الخلق) باعتبار صور الأعيان الممكنة الظاهرة بنور الوجود المطلق (وإن شئت قلت إنه (لاحق من كل وجه) بل من وجه الوجود فقط (ولا خلق من كل وجه)، بل من وجه الصور الممكنة المحسوسة والمعقولة .
قال رضي الله عنه : (وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك) الأمر والوقوف من غير قطع بواحد، فإنك لا تقدر أن تخلص واحدة إلى الطرف لتعلقها بالأخرى.
 وإليه أشرت بقولي شعرا:
 إن الوجود حقيقة لا تدرك      ….. وقف المحقق عنده والمشرك
قال رضي الله عنه : (فقد بانت المطالب) التي هي مقاصد العارف، فإنه يعرف الكون بهذه المعارف المذكورة، ثم ينفيها ويقف في العجز عن الإدراك، ثم في العجز عن العجز، ويرجع إليها بغير ما تركها.
وهكذا وليس للأمر نهاية ولا للمعرفة غاية (بتعيينك) هذه المراتب المذكورة للكون في نفسك (ولولا التحديد الوارد) عن الله تعالى في حضرة ظهوره كما سبق بيانه.
قال رضي الله عنه : (ما أخبرت الرسل) عليهم السلام (بتحول الحق) تعالى في يوم القيامة (في الصور) لأهل المحشر (ولا وصفته)، أي الرسل عليهم السلام (بخلع الصور عن نفسه ) سبحانه، فإن هذا كله تحديد في ظهوره تعالى، وهو حق لا يغير الحق أصلا من حيث بطونه على ما هو عليه عز وجل.
أخرج الترمذي بإسناده عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال:  "يجمع الله تعالى الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطلع عليهم رب العالمين
فيقول: ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد فيتمثل لصاحب الصليب صليبه ، ولصاحب التصاویر تصاویره، ولصاحب النار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون .
ويبقى المسلمون، فيطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا تتبعون الناس.
فيقولون: نعوذ بالله منك الله ربنا وهذا مكاننا حتى نری ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم، ثم يتوارى.
ثم يطلع فيقول: ألا تتبعون الناس
فيقولون نعوذ بالله منك، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا وهو يأمرهم  ويثبتهم، ثم يتوارى .
ثم يطلع فيقول : ألا تتبعون الناس
فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك الله ربنا، وهذا مكاننا حتى نرى ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم إلى آخر الحديث الطويل .ورواه البخاري ومسلم وغيرهما.
 
وفي رواية أخرى للبخاري ومسلم والنسائي بإسنادهم إلى أبي سعيد الخدري إلى أن قال: حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله عز وجل من بر وفاجر .
أتاهم الله عز وجل في أدنى صورة من التي رأوه فيها .
قال : فما تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد
قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما کنا إليهم ولم نصاحبهم
فيقول: وأنا ربكم
فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثة حتى أن بعضهم ليكاد ينقلب .
فيقول : هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها .
فيقولون: نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله عز وجل من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود.
ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله تعالی ظهره طبقة واحدة كما أراد أن يسجد على قفاه .
ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة.
قال: فيقول: "أنا ربكم "
فيقولون : أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة.
ويقولون: اللهم سلم، سلم .
" قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ إلى آخر الحديث.  وهناك روايات أخرى غير هذا في كتب الحديث النبوي . .
 
قال رضي الله عنه : (فلا تنظر العين) من كل أحد (إلا إليه سبحانه) من حيث ظهوره تعالى في كل صورة وهو منزه عن كل شيء من حيث بطونه (ولا يقع الحكم) من كل أحد على كل شيء بشيء من الأشياء (إلا عليه) سبحانه من الحيثية المذكورة .
(فنحن) كلنا معشر الأعيان الممكنة العدمية بالعدم الأصلي (له) ليظهر بنا في حضرة ظهوره بتجلي وجوده وانکشاف نوره .
وقال تعالى : "لله ما في السماوات وما في الأرض" [البقرة : 284].
وقال سبحانه : "وله كل شئ" [النمل: 91].
(و) نحن أيضا قائمون إيجادا وإمدادا (به)،سبحانه تعالی، لأنه الحي القيوم الذي قامت السماوات والأرض بأمره (و) نحن أيضا (في يديه) يصرفنا كيف يشاء بما شاء ويحركنا ويسكننا."وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [الأنعام : 13].
قال رضي الله عنه : (وفي كل حال) من أحواله التي لنا في الحس أو العقل أو الخير أو الشر أو القرب أو البعد (فإنا) كلنا (لديه)، أي عنده ولم نبرح من حضرته سواء كان بعضنا محسنا أو مجرما.
قال تعالى: " إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر" [القمر: 54 - 55].
وقال تعالى : "إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته " [الأعراف: 206] الآية.
وقال تعالى : "ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم" [السجدة : 12] الآية.
قال رضي الله عنه : (ولهذا) أي لكون الأمر كذلك (بنکر) سبحانه، أي ينكره قوم من الجاهلين به الغافلين عنه الكافرين له .
قال رضي الله عنه : (ویعرف) سبحانه، أي يعرفه قوم آخرون من المؤمنين به المتقين الكاملين (وينزه)، أي ينزهه قوم من المسلمين الحاکمین بعقولهم في إيمانهم به .
(ويوصف) سبحانه بما لا يليق بجنابه من أوصاف الحوادث عند قوم من المبتدعين الضالين، وجميع ذلك تجلياته سبحانه في حضرة ظهوره، لأنه الظاهر بكل شيء.
وهو في حضرة بطونه على ما هو عليه من إطلاقه الحقيقي، لأنه الباطن عن كل شيء، وأحكامه متوجهة منه تعالى على كل ذلك بألسنة رسله وأنبيائه عليهم السلام، فحكم بالكفر في اعتقاد وبالإيمان في اعتقاد وبالبدعة في اعتقاد وبالجهل به في اعتقاد و بالمعرفة به في اعتقاد والله يحكم لا معقب لحكمه له الحكم وإليه ترجعون.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه) أي من حيث كون الحق ظاهر العبد هذا ناظر إلى قوله : "أين المتقون" (والعبد وقاية للمحق بوجه) أي من حيث كون العبد ظاهر الحق فقد حصل في تلك المسألة خمسة أوجه كلها صحيحة لكنها يتفضل بعضها على بعض فشرع في تفصيلها بجزاء الشرط .
 
وهو قوله رضي الله عنه :  : (فقل في الكون،) أي في حق الكون (ما شئت إن شئت قلت هو) أي الكون (الخلق) باعتبار وقاية لكون الحق (وإن شئت قلت هو الحق الخلق) بالجمع بينهما (وإن شئت قلت لا حق) أي الكون لا حق (من كان وجه ولا خلق من كل وجه) فصدق سلب إيجاب الكلي فلا بصدق أصلا في الكون إيجاب الكلي لا في الحقية ولا في الخلفية .
(وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك) أي في حق الكون فمن قال بالحيرة لم يصدر منه حكم في حق الكون فإذا قلت بهذه المقامات.
 
قال رضي الله عنه : (فقد بانت) أي ظهرت (المطالب بتعيين المراتب) وكل ذلك تحديد الحق (ولولا التحديد) أي ولو لم يقع التحديد في نفس الأمر (ما أخبرن الرسل بتحول الحق في الصور)، وهو ما جاء في الخبر الصحيح أن الله يتجلى للخلق يوم القيامة في صورة منكرة . فيقول : أنا ربكم الأعلى فيقولون: نعوذ بالله منك فيتجلى في صورة عقائدهم فيسجدون له.
(ولا وصفته) أي ولا وصفت الرسل الحق (بخلع الصور عن نفسه) أي لم يقولوا إن الله يتجلى يوم القيامة خاليا من الصور .
 
بل فائوا إن الله يتجلى في الصور والصور كلها محدودة فالحق المتجلي في المحدود و محدود فكان الحق هو الظاهر في كل صورة فحينئذ .
شعر:
قال رضي الله عنه : (فلا تنظر العين) في الحقيقة (إلا إليه) لكنه لا يعلم من احتجب بالصور (ولا يقع الحكم إلا عليه) باعتبار الأحدية (فنحن له) عبيد وهو ربنا (وبه) أي وجودنا وقيامنا بالحق (و) قلوبنا (في يديه) يقلبنا كيف يشاء .
وهو إشارة للحديث : "قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء"
" ورد الحديث : «إن قلوب ابن آدم ملقى بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء» ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اصرف قلوبنا إلى طاعتك» رواه ابن حبان و ابن ماجة والحاكم والطبراني وغيرهم
كما ورد الحديث :  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:  «ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه»رواه ابن حبان و ابن ماجة والحاكم والطبراني وغيرهم  
 أو في يديه مجبورون ينصرف كيف يشاء (وفي كل حال) من الأحوال الحسنة أو السيئة (فإنا) حاضرون (لديه) فهو معنا أينما كنا (ولهذا) أي الأجل ظهور الحق في كل صورة (ينكر ويعرف وينزه ويوصف) على حسب مراتب الناس فإذا لم تنظر العين إلا إليه صار النظر مختلفة في رؤية الحق بأن كان بعضه فوق بعض.
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه. فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق. وإن شئت قلت هو الحق.  وإن شئت قلت هو الحق الخلق. وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه. وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب. ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه. فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه . فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه . لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف."
 
وقال: ما سبق مقصر مجدا.  قال: كذلك أنه لا يماثل أجير عبدا، والأجير هنا هو الذي يبتغي الثواب من الله على طاعته، وأما العبد فهو الذي يخدم عبودية لا يطلب عليها جزاء.
قال: وإذا ثبت الوقاية من الطرفين صدق أن تسمى الكون ربا وأن تسميه عبدا، وإن شئت قلت: هو الحق الخلق معا،
وإن شئت قلت: لا هو خلق من كل وجه ولا هو حق من كل وجه،
وإن شئت قلت: بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعين المراتب
قال: ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
قال: فلا تنظر العين إلا إليه ولا يقع الحكم إلا عليه فنحن له وبه في يديه وفي كل حال فإنا لديه
قوله: لهذا ينكر فينزه ويعرف فيوصف، فمن رأى الحق منه فيه بعين الحق فذلك هو العارف.
قال: ومن رأى الحق فيه منه بعين نفسه فذلك غير العارف، من جهة دخوله في القضية حيث اعتقد أنه يراه بعين نفسه مع أنه لا يرى الحق إلا الحق.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
 
قال رضي الله عنه : « وإذا كان الحق وقاية للعبد من وجه ، والعبد وقاية للحق من وجه »
يعني رضي الله عنه : فساغ في التحقيق إضافة ما لكلّ منهما إلى كلّ منهما .
قال رضي الله عنه : " فقل في الكون " أي في الوجود المقيّد الكوني « ما شئت إن شئت قلت : هو الخلق ، و إن شئت قلت : هو الحق ، وإن شئت قلت : هو الحق الخلق » أي بالاعتبارين معا « وإن شئت قلت : لا خلق من كل وجه ، ولا حق من كل وجه » يعني حق باعتبار الحقيقة والعين في الأصل ، وخلق باعتبار التعيّن والظهور بالكثرة . « وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك".
 
قال رضي الله عنه: « فقد بانت المطالب بتعيّنك المراتب »
ثمّ قال رضي الله عنه: « ولولا التحديد »
يعني سوغان التحديد بشرط التعيّن والظهور .
ثمّ قال رضي الله عنه : « ما أخبرت الرسل  بتحوّل الحق في الصور ، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه "
 بذلك علمنا أنّ ظهوره بصور ماله حدّ غير قادح في كماله المستوعب للإطلاق والتقييد ، والتنزيه والتجريد والتشبيه بالتحديد والتجديد .
 
قال رضي الله عنه  :
فلا تنظر العين إلَّا إليه     ...... ولا يقع الحكم إلَّا عليه
فنحن له وبه في يديه     ...... وفي كل حال فإنّا لديه
ولهذا ينكر ويعرف ، وينزّه ويوصف  .
أي : علَّة إنكار من أنكره إذا أنكر ، وسبب معرفة من أقرّ به حين عرفه إنّما هو تجلَّيه في صور ، وظهوره في أحكام وأوصاف ونعوت ، وخلع خلع وملابس يقتضي ذلك ، فاعرف ذلك .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه ، والعبد وقاية للحق بوجه ، فقل في الكون ما شئت ) أي وإذا كان المتقى يعرف أنه بأي وجه حق وبأي وجه عبد ، ويعرف بأن المذام والنقائص وفي الجملة الأمور العدمية من صفات العبد ولوازم الإمكان ، والممكن الذي أصله العدم والمحامد والكمالات ، وفي الجملة الأمور الوجودية كالجود بالنسبة إلى البخل من صفات الحق وأحكام الوجوب ونعوت الواجب ، وكان الحق عنده وقاية للعبد في الكمالات والمحامد ، والعبد وقاية للحق في النقائص والمذام.
 
 فقل ما شئت في الوجهين ( إن شئت قلت : هو الخلق ) أي بصفات النقص
( وإن شئت قلت : هو الحق ) في صفات الكمال
( وإن شئت قلت : هو الحق والخلق ) في الأمرين
( وإن شئت قلت : لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه ) لما ذكر .
( وإن شئت قلت : بالحيرة في ذلك ) لغلبة الحال بنسبة ما لكل واحد منها إلى الآخر.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب ، ولولا التجديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ، ولا وصفه بخلع الصور عن نفسه )
أي ولولا جواز التحديد على الحق بظهوره في صور المحدودات وتقيده بها وعدم منافاة ذلك للإطلاق ، ما أخبرت الرسل بتحولة في الصور ولا بخلع الصور عن نفسه ، فإن الظهور في كل ما شاء من الصور وخلع ما شاء عن نفسه عين اللاتقيد واللاإطلاق .
( فلا تنظر العين إلا إليه  .... ولا يقع الحكم إلا عليه )
لامتناع وجود غيره ، لأن ما عداه العدم المحض ، فلا يصح كون العدم وجودا
( فنحن له وبه في يديه ) أي ونحن له عباد مملوكون ، وبه موجودون ، وفي يده مأسورون
مجبورون ( وفي كل حال فإنا لديه ) لأنا معه بإضافة وجوده إلينا وكوننا بوجوده ، كما قال علي رضي الله عنه : مع كل شيء لا بمقارنه .
( ولهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف ) لاختلاف صور مجاليه ومظاهره .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه ) وهو كون الحق ظاهر العبد .
( والعبد وقاية للحق بوجه ) . وهو كون العبد ظاهر الحق .
قال رضي الله عنه : ( فقل في الكون ما شئت . إن شئت قلت هو الخلق ) . كما يقول المحجوبون ، باعتبار صفات النقص .
( وإن شئت قلت هو الحق ) . كما يقول الموحدون ، باعتبار صفات الكمال .
( وإن شئت قلت هو الحق والخلق ) . ، باعتبار الجمع بين الكمال والنقصان .
( وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ، ولا خلق من كل وجه ) . كما يقول المحققون الجامعون بين المراتب الإلهية والعبودية .
( وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك ) . كما قيل : ( العجز عن درك الإدراك إدراك ) .
قال رضي الله عنه : (فقد بانت المطالب بتعينك المراتب . ولولا التحديد ، ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه ) .
لما كان كون الحق عين الأشياء يوجب التحديد ، قال : ( ولولا التحديد ) أي ، واقعا في نفس الأمر ، ما أخبرت الرسل بأن الحق يتحول في الصور .
كما جاء في الحديث الصحيح :
"أن الحق يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة ، فيقول : أنا ربكم الأعلى  .
فيقولون : نعوذ بالله منك . فيتجلى في صورة عقائدهم ، فيسجدون له "
والصور كلها محدودة . فإذا كان الحق يظهر بالصور المحدودة - ونطق الكتاب بأنه
"هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم " حصل العلم للعارف
أن الظاهر بهذه الصور أيضا ليس إلا هو .

(فلا تنظر العين إلا إليه .....  ولا يقع الحكم إلا عليه )
إذ لا موجود سواه ليكون مشاهدا إياه ، بل هو الشاهد والمشهود ، وهو الحاكم
والمحكوم عليه .
( فنحن له وبه في يديه )
أي ، نحن له عبيد وهو مالكنا ، كما قال تعالى : "ولله ما في السماوات والأرض " .
وقيامنا ووجودنا به ، وأزمة أمورنا وقلوبنا في يديه يتصرف فينا كيف يشاء .
(وفي كل حال ، فإنا لديه )
أي ، على كل حال من الأحوال ، حسنة كانت أو سيئة ، فإنا حاضرون لديه ،
لا ينفك عنا ولا ننفك عنه ، كما قال تعالى : " وهو معكم أينما كنتم ".

( ولهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف ) . أي ، ولهذا الظهور في الصور المحدودة المختلفة ينكره المنكر الجاهل حين لا يراه بصورة عقيدته ، ويعرفه إذا ظهر بصورة ما يعتقده . وينزهه المنزه ، لأن من هو " كل يوم في شأن " وصورة ، لا يكون له صورة معينة .
هذا حال المنزه العارف . أو لاعتقاده أنه منزه عن الظهور بالصورة كما يقول : ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، وأمثال ذلك .
وهذا حال المنزه الجاهل . ويصفه المشبه بالصفات الكمالية المشتركة بينه وبين خلقه .  
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 9 يوليو 2019 - 10:54 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 9 يوليو 2019 - 10:06 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة االخامسة عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
 
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه)، وهو كون الحق ظاهرا في مرآة العبد.(والعبد وقاية للحق بوجه) "كون الحق" باطنا.
(فقل: في الكون) أي: الموجودات الظاهرة (ما شئت) بالاعتبارات المختلفة :
(إن شئت قلت: هو الخلق، وإن شئت قلت: هو الحق) أي: صورته ظهرت في مرأة الخلق باعتبار كون الحق وقاية.
قال رضي الله عنه : (وإن شئت قلت: هو الحق الخلق) باعتبار ظهور كل في مرآة الأخر مع عدم تميز المرأتين، فإن الأعيان إنما تثبت في علم الحق الذي لا يغايره من كل وجه.
(وإن شئت قلت: لا حق من كل وجه، ولا خلق من كل وجه) باعتبار تتميز المرآتين من وجه، وهو وجه تمایز العلم عن الذات.
 
قال رضي الله عنه : (وإن شئت قلت بالحيرة) بأن تقول: لا يعلم ما الظاهر، وما الباطن إذ الظاهر في مرآة صار باطنا باعتبار كونه نفس المرأة بنظر آخر.
إذا عرفت هذا (فقد بانت المطالب)، أي: مطالب كل واحد من المعنيين (بتعيينك المراتب) أي: مراتب الثبوت باعتبار ذاته وظهوراته، وأن التعيين مستلزم للتحديد، فلا بأس بذلك.
والدليل عليه أنه (لولا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه)، وهو ما ورد أن الله تعالى يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة تنكر، فيقول: "أنا ربكم الأعلى" [النازعات:24] .
 
فيقولون: أعوذ بالله منك ثم يتجلى في صورة عقائدهم فيسجدون له، وإذا كان الكل من مراتب الحق مع أن له التحول في الصور ولا صورة للأعيان من حيث هي عدم.
قال رضي الله عنه : (فلا تنظر العين) في مرآة الحق والخلق (إلا إليه)، ولا يختص ذلك بالرؤية بل (لا يقع الحكم إلا عليه)، سواء كان الحكم بالرؤية أو غيرها، إذ المعدوم من حيث هو معدوم لا يثبت له حكم.
فلا حكم على الأعيان بالرؤية وغيرها، إذ المعدوم من حيث هو المعدوم لا يثبت له حكم.
فلا حكم على الأعيان بالمراتب وغيرها، إلا باعتبار ثبوتها في علمه الذي لا يغايره من كل وجه.
 
قال رضي الله عنه : (فنحن) أي: الأعيان ثابتون (له)، وقائمون (به)؛ الأن كثبوت العرض للجوهر وقيامه به، وذلك لأنا (في يديه) و محل تصرفه، ومتى كان من صفاته ليس محل تصرفه، و (في كل حال فإنا لدية) كما قال: "وهو معكم أين ما كنتم" [الحديد: 4] .
 
فكأننا ملتبسون به التباس الصفة بالموصوف، (وهذا) أي: ولكوننا لديه التبس أمره التباس الخمر بالزجاج، فتارة (ينكر)؛ فيقال: المرئي هو الحق.
وتارة (يعرف) فيقال: الوجود، إما ذاته أو صوره القائمة به الأن الكائنة فيه بالقوة قبل الآن.
قال رضي الله عنه : (وینزه) إذا أنكر فيقال: لا صورة له في ذاته، فكيف يظهر بهذه الصور، (ويوصف) الظهور إذا عرف أنه، وإن تنزه عن الصور في ذاته فله أن يتصور بأي صورة شاء كما تصور جبريل بصورة دحية الكلبي.
 
وقد ورد تحول الحق في الصور، وورد أيضا: "مرضت؛ فلم تعدني، وجعت؛ فلم تطعمني"، "وكنت سمعه وبصره" .
ولا بأس بما يلزمه من شبه التماثل؛ فإنه لازم لاتصافه بصفاته من الحياة والعلم والإرادة والقدرة وغيرها، وإذا كان لا ينظر العين إلا إليه ولا يقع الحكم إلا عليه،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
 
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحقّ وقاية للعبد بوجه ، والعبد وقاية للحق بوجه ) بناء على ما في المشهد الجمعيّ الختميّ ، من الجمع بين المشاهد والأذواق كلَّها ، والختم بتمامها .
( فقل في الكون ما شئت إن شئت قلت : « هو الخلق » ) كما في مشهد المتّقين ، الذي جعلوا صورتهم وقاية للحق ، وإنّما قدم هذه الطائفة لكثرتها وغلبتها .
قال رضي الله عنه : ( وإن شئت قلت : « هو الحق » ) - كما هو مشهد المتّقين الذين اتّخذوا الله وقاية لهم .
( وإن شئت قلت : "هو الحقّ الخلق ") كما هو في المشهد الإطلاقي الختمي .
 
للهويّة الإطلاقيّة وجهان
ثمّ هاهنا نكتة لها كثير دخل فيه ، وهي أنّ للهويّة الإطلاقيّة التي هي مشهد الورثة الختميّة وجهين ظاهرين ولازمين بيّنين ، يظهر بهما في مجالي الوجود ومواطن الشهود :
أحدهما الإحاطة التامّة المقتضية لأن يكون عين الأشياء ، وقد عبّر عن ذلك عبارة الكاشف عنها أنّه « مع كلّ شيء لا بمقارنة » وهذا مبدأ الأوصاف الوجوديّة وقد لوّح عليه هاء « هو » رقما.
والآخر العلوّ فيها وعنها ، وهو أن لا يكون شيء يحيط بها  أو يقابلها في تلك الإحاطة ، وهو وجه تماميّتها ، وذلك يقتضي أن لا يكون عين شيء من الأشياء ، بل غيره .
كما عبّر عنه في تلك العبارة بأنّه  : " غير كلّ شيء لا بمزايلة " وهذا مبدأ الأوصاف السلبيّة ، وهو أبطن وأقرب إلى الذات ، وقد لوّح عليه واو «هو» عقدا .
فمنهم من غلبه الأوّل ، ومنهم من الغالب عليه هو الثاني ، وإليه أشار
 
بقوله : ( وإن شئت قلت : لا حقّ من كلّ وجه ، ولا خلق من كلّ وجه ) كما هو ذوق بعض الشاهدين ذلك المشهد ، فإنّك قد عرفت في طيّ هذه النكتة الحكميّة ما يطلعك على ما للمعنى الإطلاقي من الوجهين ، وأنّ العدمي منهما أقرب إلى الذات وأعلى .
 
( وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك ) كما هو ذوق بعض الحائرين في سطوات تموّجات بحر الذات ، الضالَّين في أنوار هدايتها :ما بين ضال المنحني وظلاله
ضلّ المتيّم واهتدى بضلاله ( فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب ) وتبيينك غايات أذواق الكمّل وحدود مراقيهم ، ( ولولا التحديد ما أخبرت الرسل ) عند الكشف عما ينبئ ما عليه الحقّ في نفسه ( بتحوّل الحقّ في الصور ، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه ) .
 
أمّا الملازمة الأولى فظاهرة ، إذ الصورة هي إحاطة حدّ أو حدود ، فهي تستلزمه ضرورة ، وأمّا الثانية فلما مرّ من أن مقابل المحدود لا بدّ وأن يكون محدودا ، كما أنّ مقابل المقيّد مقيّد بالإطلاق كما سبق تحقيقه آنفا وهذان هما الحدّان للإطلاق كما تذكَّرته آنفا .

( فلا تنظر العين إلَّا إليه ولا يقع الحكم ) في نفي المنظوريّة عنه ( إلَّا عليه )

( فنحن له ) نبيّن ( وبه ) ظهر ، حال كوننا ( في يديه ) مخففين ومختفين في ثنوية المتقابلين ( وفي كلّ حال ) من الإخفاء والإظهار ( فإنّا لديه ) وذلك لما في القرب من الوحدة الإطلاقيّة ما ليس في الاتحاد ، ولذلك تراها ظاهرة بالوجهين .
 
أقسام الناس ومراتبهم في شهود الوحدة
( ولهذا ) الذي في الهويّة الإطلاقيّة من الوجهين ( ينكر ويعرف ، وينزّه ويوصف
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
 
قال رضي الله عنه : (  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه. فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق. وإن شئت قلت هو الحق.  وإن شئت قلت هو الحق الخلق. وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه. وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب. ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول )


قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه) وهو وجه ظاهريه الحق للعبد (والعبد وقاية للحق بوجه) وهو وجه کون العبد ظاهرا للحق.
(فقل في الكون)، أي الموجودات الكائنة (ما شئت إن شئت قلت : هو الخلق) باعتبار كون الخلق ظاهرا والحق باطنا.
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت: هو الحق)، باعتبار کون الحق ظاهرا والخلق باطنا .
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت : هو الحق والخلق) بالاعتبارين .
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت لا حق من كل وجه)، لأنه بأحد الوجهين (ولا خلق من كل وجه)، لأنه بأحد الوجهين حق.
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت : بالحيرة في ذلك) لعدم التمييز بين الوجهين.
(فقد بانت)، أي ظهرت هذه (المطالب) المذكورة المفصلة (بتعينك) بحسب استعدادك وسلوكك (المراتب) فإن كنت في مرتبة قرب النوافل قلت : هو الخلق.
وإن كنت في مرتبة قرب الفرائض قلت : هو الحق.
وإن كنت في مرتبة الجمع بينهما قلت : هو الحق الخلق.
وإن كنت في مرتبة التحقيق والتمييز بين المراتب الإلهية والخلفية
 
قال رضي عنه : (  الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه. فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه . فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه . لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف. )
 
قلت : لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه. وإن كنت في مرتبة العجز وعدم التمييز قلت: بالحيرة.
ثم أنه رضي الله عنه أكد ما بصدد بيانه من أن كل ما ورد من عند الله فيما يرجع إليه إنما ورد بالتحديد بقوله : (ولولا التحديد) واقعة في نفس الأمر (ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصورة) بانخلاعه عن صورة وتلبسة بأخرى .
كما جاء في الحديث الصحيح:" أن الحق تعالى يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة فيقول:" أنا ربكم الأعلى " [النازعات : 24].
فيقولون: "نعوذ بالله منك فيتجلى في صورة عقائدهم فيسجدون له" .
 
""حديث البخاري ومسلم : قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟» قالوا: لا يا رسول الله.
 قال: " فإنكم ترونه، كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم.
فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم، سلم...الى آخر الحديث . رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم "".
 
قال رضي الله عنه :  (ولا وصفته الرسل بخلع الصور عن نفسه) بأن ينخلع عن الصور كلها فيحدد بتقييده بانخلاعه عنها وإذا كان الحق سبحانه ظاهرة في كل محدود و شاهد في كل مشهود قال رضي الله عنه :  (فلا تنظر العين)، أي عين البصر والبصيرة في المظاهر الصورية والمجاني المعنوية (إلا إليه) سبحانه (ولا يقع الحكم) الواقع من كل حاكم يحكم على تلك المظاهر والمجالي بأي حكم كان.
(إلا عليه) لأنه هو الظاهر فيها والظاهر عين المظهر من وجه.
قال رضي الله عنه :  (فنحن) عبيد (له) قائمون (به) حال كوننا مأسورين (في يدیه) يتصرف فينا كيف يشاء.
(وفي كل حال) يحولنا إليها (فإنا) حاضرون (لديه) لا ينفك عنا ولا نفك عنه كما قال تعالى : "وهو معكم أين ما كنتم " [الحديد: 4].
قال رضي الله عنه :  (ولهذا)، أي لاختلاف ظهوراته وتعدد مظاهره (ينکر) تارة فيما ينكر من المظاهر (ويعرف) أخرى فيما يعرف منها (و) كذلك ينزه فيما (ينزه) من المظاهر المنزهة (ویوصف) بما تنزه عنه تلك المظاهر في مظاهر أخر.
أو نقول معناه ينكر في بعض المظاهر بأن يكون ذلك البعض ممن نكره ويعرف في بعضها بأن يكون ذلك البعض من القائلين بالتنزيه .
ويوصف، أي يشبه في بعض المظاهر إذا كان من القائلين بالتشبيه أو نقول معناه ينكر إذا کان متجليا في غير صورة معتقد المتجلى له.
ويعرف إذا كان على صورة معتقده وينزه إذا كان اعتقاده التنزيه ، ويوصف إذا كان اعتقاده التشبيه .

 
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 9 يوليو 2019 - 10:16 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)
قال رضي الله عنه : ( فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف. ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف. ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل. وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها : فإذا تجلى له الحق فيها و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها. )
 
قال رضي الله عنه : (فمن رأى الحق) تعالى (منه)، أي من نفسه وصورته یعني ظاهرة له من ذلك ، لأنه مظهرا له تعالى، أي آلة لظهوره سبحانه من حيث نحن وإلا فهو تعالی ظاهر لنفسه أزلا وأبدا ولا حاجة له في ظهوره إلى شيء أصلا (فيه).
أي في نفسه وصورته على معنى أن نفسه وصورته تفنى وتضمحل بظهوره سبحانه فيبقى هو تعالى الموجود الممسك للنفس والصورة الممكنة العلمية بالعدم الأصلي، ولا نفس ولا صورة في الوجود أصلا (بعينه)، أي بعين الحق تعالی، لأنه سبحانه كان عينه التي يبصر بها لا عينه التي لا يبصر بها التي هي عين القلب أو البصر الحادثة المخلوقة المشتملة على القوة العرضية كما ورد : «كنت بصره الذي يبصر به» (فذلك) العبد حينئذ هو العارف بالله تعالی.
قال رضي الله عنه : (ومن رأى الحق) تعالى (منه)، أي من ذات نفسه كما ذكرنا (فيه)، أي في ذات نفسه على حسب ما بيناه (بعين نفسه) هو لا بعين الحق تعالی (فذلك) العبد
غير العارف بالله تعالى وهو السالك الذي عليه بقية نفسانية (ومن لم ير الحق) تعالى (منه)، أي من نفسه وصورته بأن رأى نفسه وصورته هو موجودة مع الحق تعالی فكان عنده موجودان :
موجود محسوس له وهو نفسه وصورته.
وموجود معقول له وهو الحق تعالى .
قال رضي الله عنه : (ولا) رأى الحق تعالى (فيه)، أي في نفسه وصورته بل ادعى الوجود المستقبل في نفسه وصورته (وانتظر أن يراه)، أي يرى الحق تعالی بعين نفسه في الدنيا أو في الآخرة (فذلك) هو العبد (الجاهل) بالله تعالى المنقطع عنه المعرض بجانبه عن التوجه إلى جنابه غير السالك إليه ولا العارف به تعالى .
وإن قطع إربا إربا في عبادته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فإنه عبد محجوب بالطاعة .
كما أن العاصي المذنب محجوب بالمعاصي والذنوب .
والكافر المشرك محجوب بالكفر والشرك.
فإن صدق هذا الجاهل بما عليه العارفون من المعرفة بالله وآمن بكلامهم وبعلومهم، فهو معهم على مشرب من مشاربهم، لأن المرء مع من أحب.
قال الجنيد رضي الله عنه: "الإيمان بكلام هذه الطائفية ولاية".
فإن كلب أصحاب الكهف لما آمن بهم وصدقهم وتبعهم، وهو باق على صفة الكلبية والنجاسة العينية لم يضره ذلك.
وذكره الله تعالى معهم في القرآن كما ذكروا وهو معهم في الجنة أيضا.
كما ورد في الأخبار، وفي الباب السادس والثمانين ومائتان من الفتوحات المكية للمصنف قدس الله سره قال ما ملخصه:
إنه إن قام بك التصديق فيما يتحقق به أهل طريق الله تعالى بأنه حق، وإن لم تذقه ولا تخالفهم، فإنك تكون على بينة من ربك.
وبتلك البينة التي أنت عليها توافقهم في ذلك، فأنت منهم في مشرب من مشاربهم، فإنهم أيضا ممن يوافق بعضهم بعضا فيما يتحققون به في الوقت ، وإن كان لا يدرك هذا ذوقا فيقر له ويسلمه له ولا ينكره لارتفاع التهمة.
 ومجالسة هؤلاء الأقوام الغير المؤمن بهم على خطر عظيم وخسران كما قال بعض السادات وأظنه رویما رضي الله عنه : من قعد معهم وخالفهم في شيء مما يتحققون به في سرائرهم نزع الله نور الايمان انتهى .
وقال سيدي أفضل الدين :
لو أن إنسانا أحسن الظن بجميع أولياء الله تعالی إلا واحدا منهم بغیر عذر مقبول في الشرع لم ينفعه حسن الظن عند الله تعالی .
ولذلك لا تجد وليا حق له قدم الولاية إلا وهو مصدق بجميع أقرانه من الأولياء لم يختلف في ذلك اثنان ، كما أنه لم يختلف في الله تعالی بنیان.
فمن آذى الأولياء بسوء ظنه فقد خرج من دائرة الشريعة.
ومن كلام الشيخ أبي المواهب الشاذلي رضي الله عنه:
من حرم احترام أصحاب الوقت فقد استوجب الطرد والمقت.
وقال الشيخ الأكبر رضي الله عنه المصنف لمتن هذا الكتاب :
معاداة الأولياء والعلماء العاملين كفر عند الجمهور .
وقال : من عادي أحدا من العلماء العاملين أو الشرفاء فقد عادی إيمانه .
وقال سيدي علي الخواص رضي الله عنه :
من عادى أحدا من الأولياء أو العلماء خالفه ضرورة، وفي مخالفة الولي والعالم الضلال والهلاك.
قال رضي الله عنه : (وبالجملة فلا بد لكل شخص) من الناس (من عقيدة) يعتقدها بقلبه (في ربه) سبحانه (يرجع) ذلك الشخص (بها)، أي بتلك العقيدة (إليه)، أي إلى ربه تعالى (ويطلبه) سبحانه .
قال رضي الله عنه : (فيها فإذا تجلی) أي انكشف (له)، أي لذلك الشخص (الحق) تعالى (فيها عرفه)، أي عرف الحق تعالى ذلك الشخص (وأقر)، أي صدق واعترف (به) سبحانه .
(وإن تجلی الحق) تعالی (له)، أي لذلك الشخص (في غيرها)، أي غير تلك العقيدة (نکره)، أي أنكره ولم يقر به (وتعوذ منه وأساء الأدب عليه)، أي على الحق تعالى (في نفس الأمر) من حيث لا يشعر بذلك ولا يدري، وهذا في الدنيا بقلبه أو بلسانه أو بهما، وفي الآخرة كذلك إذا تجلى له في المحشر كما مر ذكره في الحديث .
 
قال رضي الله عنه : (وهو)، أي ذلك الشخص (عند نفسه أنه قد تأدب معه)، أي مع الحق تعالی باستعاذته منه وإسائته الأدب معه وإنكاره له من كثرة جهله بربه (فلا يعتقد معتقد) من الناس مطلقة (إلها) يرجع إليه و يطلبه (إلا بما جعل).
أي يجعله ذلك (في نفسه فالإله في الاعتقادات بالجعل) وذلك في المتمسكين بالنظر العقلي وما يؤديهم إليه فکرهم، فيقيدون الإله في معنى يفهمونه، ثم ينزهونه عن كل ما سواه من محسوساتهم ومعقولاتهم.
فإذا شعروا بأن الذي ينزهونه معنی مفهوم لهم، أثبتوا معنى آخر فهموه، ونزهوه عن المعنى المفهوم لهم أولا، وعن كل شيء وهكذا، ولا يمكنهم أن يخرجوا عن المفاهيم العقلية أصلا ما دام الحق تعالى في بالهم وهم مستحضرون له.
قال رضي الله عنه : (فما رأوا) حينئذ (إلا نفوسهم وما جعلوا فيها)، أي في نفوسهم من الاعتقادات حيث رأوا قوة استعدادهم في إثبات المفهوم العقلي الذي اطمأنوا إليه أنه الحق تعالی ونزهوه عن مشابهة كل ما عداه من محسوس أو معقول ولو عقلوا لما اغتروا بتنزيههم ذلك المعنى المفهوم العقلي.
وبكشفهم عن كونه منزه عن مشابهة كل ما سواه من المحسوسات والمعقولات، فإن كل معنى عقلي وكل محسوس بتلك المثابة من وجه ما منزه به عن كل ما سواه، ومن وجه ما هو مفهوم عقلي يشبه غيره من المفاهيم العقلية، ومن وجه ما هو محدود يشبه المحسوسات أيضا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)
 قال رضي الله عنه : (فمن رأى الحق منه) أي من الحق (فيه) أي في الحق (بعينه) أي بعين الحق (فذلك العارف) لكون الناظر والنظر والمنظور منه والمنظور فيه والمنظور إليه كلها حق في نظره .
قال رضي الله عنه : (ومن رأى الحق منه) أي من الحق (فيه) أي في الحق (بعين نفسه فذلك غير العارف) لعدم علمه أن الحق لا يرى بعين غيره .
قال رضي الله عنه : (ومن لم ير الحق منه) أي من الحق (ولا فيه) أي لا في الحق (وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل) لعدم رؤيته بالحق أصلا  .
بخلاف غیر عارف من حيث أنه يرى بعين نفسه لا بعين الحق
فظهر في هذا المقام ثلاث مراتب عارف وجاهل وغير عارف .
 
لذلك قال رضي الله عنه : (وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه) أي في حق ربه (يرجع) ذلك الشخص (بها) أي مع تلك العقيدة (إليه) أي إلى ربه (ويطلبه) أي يطلب ذلك الشخص ربه (فيها) أي في تلك العقيدة (فإذا تجلى له الحق) يوم القيامة (فيها) أي في صورة عقيدته (عرفه وأقر به وإن تجلى له في غيرها) أي في صورة غير صورة عقيدته (أنكره) أي الحق (وتعوذ منه وأساء الأدب عليه) أي على الحق (في نفس الأمر وهو عند نفسه) يعتقد (أنه قد تأدب معه) .
فإذا كان الأمر في حق المحجوب كذلك قال رضي الله عنه : (فلا يعتقد معتقد) محجوب (إلها إلا بما جعل) أي تصور المعتقد ذلك الإله (في نفسه) أي في ذهنه فاعتقد كون الحق على تلك الصورة ونفاه عما عداها فحينئذ (فالإله) حاصل (في الاعتقادات بالجعل).
أي بسبب جعل المعتقد فإذا رأوا الحق يوم القيامة (فما) أي فليس (رأوا) أي المعتقدون (إلا) عين نفوسهم (و) رأوا (ما) أي الذي (جعلوا فيها) أي في أنفسهم فما رأوا الحق.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)
قال رضي الله عنه : " فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف. ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.  ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها : فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس  الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)
 
قال: ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
قال: فلا تنظر العين إلا إليه ولا يقع الحكم إلا عليه فنحن له وبه في يديه وفي كل حال فإنا لديه
قوله: لهذا ينكر فينزه ويعرف فيوصف، فمن رأى الحق منه فيه بعين الحق فذلك هو العارف.
قال: ومن رأى الحق فيه منه بعين نفسه فذلك غير العارف، من جهة دخوله في القضية حيث اعتقد أنه يراه بعين نفسه مع أنه لا يرى الحق إلا الحق لكن هذا لا يسمى جاهلا، لأنه عرف الحق منه فيه.
قال: ومن لم ير الحق منه فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه، فذلك هو الجاهل.
ثم ذكر أن لكل أحد عقيدة وكل عقيدة فهي مصادفة وجه ربها، عز وجل، في متوجهها إليه.
لأنه واسع الإحاطة محيط السعة فمن حصره انحصر هو ولم ينحصر الحق تعالى.
ونبه الشيخ رضي الله تعالی عنه: على وجوب الأدب مع الحق من حيث ما استقرت عليه عقائد هذه الأمة الكريمة، صلوات الله على رسولها.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
 قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)
قال رضي الله عنه  : " فمن رأى الحق منه وفيه بعينه ، فذلك العارف " .
يعني : من رأى الحق من الحق في الحق بعين الحق ، فقد رأى الحق .
قال رضي الله عنه  : "ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه ، فذلك غير العارف " لكون العارف عارفا بأنّ الحق لا يراه إلَّا عينه .
قال رضي الله عنه : « ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه ، فذلك الجاهل ، وبالجملة فلا بدّ لكل شخص من عقيدة في ربّه يرجع بها إليه ، ويطلبه فيها ، فإذا تجلَّى له الحق فيها عرفه وأقرّ به ، وإن تجلَّى في غيرها ، نكره وتعوّذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر وهو عند نفسه أنّه قد تأدّب معه ، ولا يعتقد معتقد إلها إلَّا بما جعل في نفسه " .
يعني رضي الله عنه : أنّ أهل الاعتقادات إنّما يعتقدون الإله بما جعلوا في نفوسهم من الاعتقاد الذي جزموا بهواه على حقيقة وبطلان ما يغايره وإحالته .
 
قال رضي الله عنه : « فالإله بالاعتقادات بالجعل ، لأنّه هو الذي جعل في نفسه ، صورة يعتقد أنّ الحق على تلك الصورة في نفس الأمر ، فهو مجعول فيه بجعله ، فما رأوا هؤلاء إلَّا نفوسهم وما جعلوا فيها » يعني في نفوسهم من الصور الاعتقادية ، ولكنّ الحق يسع بسعة حقّيّته كلّ ذلك ، فيحقّق جميع تلك الصور ، وينفخ فيها روح الحقّية برحمته وسعته ، فيرحمهم بحسب صحّة معاملاتهم مع ذلك الحق المجعول المتخيّل وإن كانت في الحقيقة أوثانا وأنصابا نصبوها وأصناما وطواغيت متخيّلات بالوهم ، عبدوا الحقّ فيها أنّها هو .




شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن رأى الحق منه فيه بعينه ، فذلك العارف ) أي من الحق في الحق لأن الحق لا يرى إلا بعينه ، وعين الحق لا يخطئ في الرؤية .
( ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه ، فذلك غير العارف ) ومن رأى بعين نفسه فقد أخطأ ولم يره لأن الحق لا يرى بعين الغير بل يراه غيره.
( ومن لم ير الحق منه ولا فيه ، وانتظر أن يراه بعين نفسه فهو الجاهل المحجوب ) الذي لم يهتد إلى معنى اللقاء فينظر في الآخرة
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها ، فإذا تجلى له الحق فيها عرفه وأقرّ به ، وإن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر ، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه ) يعنى لا بد لكل شخص من أهل الحجاب المحجوبين بالتقييد أن يعتقدوا إلها معينا لا يقرون إلا به ، فلذلك ينكرون ما عداه ويسيئون معه الأدب .
 
"" إضافة بالي زادة ولهذا ، أي لأجل ظهور الحق في كل صورة ( ينكر ويعرف ) على حسب مراتب الناس ، فإذا لم تنظر للعين إلا إليه صار النظر مختلفا في رؤية الحق ، بأن كان بعضه فوق بعض ( فمن رأى الحق منه ) أي من الحق ( فيه ) أي في الحق ( بعينه ) أي بعين الحق ( فذلك العارف ) لكون الناظر والنظر والمنظور منه والمنظور فيه والمنظور إليه كلها حتى في نظره ( ومن رأى الحق ) فذلك غير العارف لعدم علمه أن الحق لا يرى بعين غيره اهـ بالى .
( الموجب لذلك ) أي لكون مراتب العلم عين مراتب الرؤية ، وذلك السبب المعلم به هو رجوع كل واجد إلى صورة معتقده ، فمن كان صورة معتقده مقيدة لا يرى الحق إلا فيها ، ومن لم يكن صورة معتقده   . أهـ بالي زادة ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا يعتقد معتقدا لها إلا بما جعل في نفسه ، فالإله في الاعتقادات بالجعل ، فما رأوا إلا نفوسهم وما جعلوا فيها )
أي معتقدات أهل الحجاب ألوهية إله غير الذي تصوره في نفسه فالإله عند أهل الاعتقادات إنما هو الذي جعلوه في أنفسهم ويحبونه بأوهامهم وجزموا بحقيته وبطلان ما هو على خلافه ، واعتادوا بهواهم على عبادته فهو مجعول لهم ، فما رأوا إلا نفوسهم للمناسبة لما اخترعوه وما جعلوه فيها من صورة معتقدهم .
 


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)
قال رضي الله عنه : ( فمن رأى الحق منه فيه بعينه ، فذلك العارف ) . أي ، فمن رأى الحق الظاهر على صورته من الحق المطلق في عين الحق بعين الحق ، فهو العارف .
أو فمن رأى الحق من نفسه في نفسه بعين الحق ، فهو العارف .
فالضمائر في الأول عائدة إلى ( الحق ) . وفي الثاني ضمير ( منه ) و ( فيه ) عائد إلى ( من ) . وضمير ( بعينه ) عائد إلى ( الحق ) .
إذ لا يرى الحق بعين غيره ، كما قال : " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار " .

قال رضي الله عنه : ( ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه ، فذلك غير العارف ) . أي ، ومن رأى الحق من نفسه بنفسه بعين نفسه ، فذلك غير العارف ، مع أنه صاحب الشهود ، لعدم اطلاعه على أنه لا يمكن إدراك الحق بعين غيره .
قال رضي الله عنه : (ومن لم ير الحق منه ولا فيه ، وانتظر أن يراه بعين نفسه ، فذلك الجاهل ) .
أي ، ومن لم ير الحق من نفسه ولا في نفسه ، وانتظر أن يراه في الآخرة بعين نفسه ، فهو الجاهل ، لأنه " من كان في هذه أعمى ، فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " أما من انتظر أن يراه في الآخرة بعين ربه ، فهو ليس من الجهال .
قال رضي الله عنه : ( وبالجملة ، فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع ) ذلك الشخص ، ( بها إليه ) .

أي ، مع تلك العقيدة أو بسببها إلى ربه . ( ويطلبه ) أي ، يطلب ربه ( فيها ) أي ، في صورة تلك العقيدة .
( فإذا تجلى ) يوم القيامة ( له الحق فيها ) . أي ، في صورة عقيدته .
( عرفه وأقر به ، وإن تجلى له في غيرها ) أي ، في غير صورة عقيدته .

قال رضي الله عنه : ( أنكره وتعوذ منه ، وأساء الأدب عليه في نفس الأمر ، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه ، فلا يعتقد معتقدا لها إلا بما جعل في نفسه . فالإله في الاعتقادات بالجعل ، فما رأوا إلا نفوسهم ، وما جعلوا فيها ) .
أي ، فلا يعتقد معتقد من المحجوبين الذين جعلوا الإله في صور معتقدهم فقط ، إلا بما جعل في نفسه ، وتصوره بوهمه .
فإن الإله من حيث ذاته منزه من التعيين والتقييد ، وبحسب أسمائه وصفاته وتجلياته ، له ظهورات في صور مختلفة .
فمن جعل غير المحصور محصورا ونفى غيره واتخذ ما جعله في نفسه إلها ، فإلهه مجعول نفسه ، فما رأى المحجوبون المقيدون إلهتهم في الحقيقة إلا نفوسهم ، وما جعلوا فيها من صور إلهتهم . والإله المجعول بالاعتقادات هو الذي يتخذه المحجوب بالتعمل والتصور إلها .
ولا فرق بين الأصنام التي اتخذت إلها ، وبينه .
وأما إذا تجلى الحق لأصحاب الاعتقادات في الدنيا والآخرة بحسب عقائدهم ، فهو الحق ، والمشاهد لتلك الصورة مشاهد للحق فيها .
فإن الحق ، من حيث هو هو ، لا نسبة بينه وبين أحد من العالمين ، فلا يمكن رؤيته لأحد من
هذه الجهة . ومن حيث أسمائه يتجلى لكل واحد من حيث الاسم الذي هو ربه .
فلا يتجلى الحق لأصحاب الاعتقادات المقيدة ، إلا بحسب الأسماء الحاكمة عليهم ، واستعدادات أعيانهم .
فشهودهم لصور اعتقاداتهم عند التجلي عين شهودهم لربهم . لا يمكن أن يحصل لهم غير ذلك ، كما لا يمكن أن يشاهد العارفون أيضا حال التجلي الذاتي ، إلا أعيانهم - كما مر في الفص الشيثي - وفي التجلي الأسمائي ، إلا ما يعطيهم أعيانهم من العلم بصور التجليات والمعرفة بها ، لا غير .
فشهود أرباب الاعتقادات الجزئية لا يكون مثل شهود من لا يتقيد باعتقاد خاص ويعتقد حقية الاعتقادات كلها ، لكن يحصل لهم الشهود .
كما قال عليه السلام : " سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ".
وفي قوله : ( ربكم ) وفي التشبيه ب‍ ( القمر ليلة البدر ) إيماء بما ذكرنا ، إذ لم يقل : إنكم ترون الرب المطلق أو رب غيركم .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 14:04 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 9 يوليو 2019 - 10:20 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)

قال رضي الله عنه : (فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف. ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف. ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل. وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها : فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه )

قال رضي الله عنه : (فمن رأى الحق منه) فيه قال رضي الله عنه : (بعينه) بأن يكون هو الرائي والمرئي وقوة البصر، (فذلك العارف) الذي عرف أن ما عداه عدم صرف لا يصلح لشيء من ذلك.
 
قال رضي الله عنه : (ومن رأى الحق منه) فيه (بعين نفسه فذلك غير العارف)؛ لأنه وإن كان جعله الرائي والمرئي لكن أثبت قوة البصر لنفسه، ظنا منه أنها لو كانت أيضا للحق، فهو رأي نفسه بنفسه في الأزل.
فتقول: عينه في الأول صفته، وهذا العين مظهرها كالرائي مظهر الرائي الحق، فلذلك تتفاوت الرؤيتان لا محالة.
قال رضي الله عنه : (ومن لم ير الحق منه) ولا فيه، فلم يجعله الرائي ولا المرئي الآن، (وانتظر أن يراه)

في القيامة (بعين نفسه، فذلك الجاهل) الذي منع القول بظهوره في المظاهر، وانتظر الرؤية من غير مثال في التنزيه المحض ولو حصل انعكست صورة الرائي فيحجبه، ولذلك قال تعالى:"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" [الأنعام: 103].

قال رضي الله عنه : (وبالجملة) أي: سواء كان الشخص عارفا أو غير عارف، أو جاهلا (فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه) يأخذها من العقل والنقل من الكتاب أو السنة أو الكشف : عن هواه، ولا عن تقليده الجهال.
إذ قصده من ذلك أنه (يرجع بها إليه) في عبادته (ويطلبه فيها) في دعواته، فلا ينبغي أن يتقيد من ذلك بعقد مخصوص مع ورود الشرع والكشف بالجميع.
(فإذا تجلى له الحق فيها) ، أي: في صورة عقيدته (عرفه) بقلبه (وأقر به بلسانه، فاستبشر) وإن تجلى له في غيرها أنكره بقلبه (وتعوذ منه) بلسانه.
وهو بهذا الإنكار والتعوذ (أساء الأدب عليه في نفس الأمر)؛ لأنها صورة نسبها إلی نفسه ، وقد خالفه هذا المنکر .
قال رضي الله عنه : (وهو عند نفسه)، أي: في اعتقاده (أنه قد تأدب معه) إذ نزهه عن الصور التشبيهية ، وليس من هذا القبيل الإنكار على الإنسان والشيطان في دعوت الربوبية؛ لأنهما يدعيان الربوبية لأنفسهما، والصورة المتجلي فيها إنما تدعي الربوبية لربها لا لنفسها.
فإن ادعت فهي دعوی ربها كما في شجرة موسى عليه السلام .
وكذا الإنكار على الشيطان إذا سول للإنسان في خياله صورة وزعم أنها هي الحق؛ لأن الإنكار عليه من حيث إن الحق لم يتجلى عليه في تلك الصورة بنسبتها إليه.
 
"" أضاف الجامع : جاء في  ذيل طبقات الحنابلة ابن رجب الحنبلي :
عن موسى ابن الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه قال: سمعت والدي يقول: خرجت في بعض سياحاتي إلى البرية ومكثت أياما لا أجد ماء، فاشتد بي العطش فأظلتني سحابة، ونزل عليِّ منها شيء يشبه الندى. فترويت به.
ثم رأيت نورا أضاء به الأفق، وبدت لي صورة، و نوديت منها: يا عبد القادر أنا ربك، وقد أحللت لك المحرمات . أو قَالَ: ما حرمت على غيرك.
 فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. اخسأ يا لعين. فإذا ذلك النور ظلام، وتلك الصورة دخان.
 ثم خاطبني وقال: يا عبد القادر، نجوت مني بعلمك بحكم ربك وفقهك في أحوال منازلاتك. ولقد أضللت بمثل هذه الواقعة سبعين من أهل الطريق.
 فقلت: لربي الفضل والمنة.
قَالَ: فقيل له: كيف علمت أنه شيطان. قَالَ: بقوله: وقد أحللت لك المحرمات.أهـ ""
 
إذ لو تجلى "الحق" فيها كذلك لحصل في ذلك التجلي خواص من سماع كلامه من كل جهة، وبكل حاسة، ورؤيته المتكلم والمجيب جميعا. كما حكي في قصة موسى عليه السلام ؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.

قال رضي الله عنه : ( فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)

ثم أشار إلى أنه لا وجه للإنكار على تلك الصورة من حيث هي مجعولة، (فلا يعتقد معتقد) من أهل الحق أو الباطل (إلها إلا بما جعل في نفسه) أي: أحدث صورته في نفسه، سلمنا أنه لا يحدث تلك الصورة.

ولكن (الإله) من حيث هو (في الاعتقادات) لا يكون إلا من عوارض النفس أو الروح أو القلب، فلا يكون إلا (با لجعل)؛ لأن معرضه مجعول، فالعارض أولی.
قال رضي الله عنه : (فما رأوا) عند تجلي الحق في صورة معروفة أو منكرة (إلأ نفوسهم وما جعلوا فيها) .
كيف ولو كوشف لهم عن الحق الصریح انعكست صورهم إلى مرآته فما يرون إلا صورهم عند رؤيتهم الحق، فعلم أن التجلي لكل شخص على مقدار علمه.



شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)

قال رضي الله عنه : ( فمن رأى الحقّ منه فيه بعينه : فذلك العارف ) لشهوده الوحدة الجمعيّة والهويّة الإطلاقيّة بإطلاقها .
قال رضي الله عنه : ( ومن رأى الحقّ منه فيه بعين نفسه :  فذلك غير العارف ) لشهوده الوحدة ليس بإطلاقها .
قال رضي الله عنه : ( ومن لم ير الحقّ لا منه  ولا فيه ، وانتظر أن يراه بعين نفسه : فذلك الجاهل ) فإنّ حظَّه من المشهد الجمعي الختمي هو الانتظار ، ليس إلَّا ولذلك ترى سائر الأمم حظَّهم من السعة الساعة الإطلاقيّة هو انتظار ظهور الخاتم ، معبّرا عن اسمه بما أفصح عنه لسان مرتبتهم ، وناطقة عقيدتهم ، ضرورة شمول نسبة الكلّ ، وعدم بلوغ رقيقة قربهم وراء الانتظار .

قال رضي الله عنه : ( وبالجملة ، فلا بدّ لكلّ شخص من عقيدة في ربّه ) ورقيقة نسبية ( يرجع بها إليه ويطلبه فيها ، فإذا تجلَّى له الحقّ فيها عرفه وأقرّ به ، وإن تجلَّى له في غيرها نكره وتعوّذ منه ، وأساء الأدب عليه في نفس الأمر ) ضرورة إنكاره له في بعض مجاليه ومظاهره .
قال رضي الله عنه : ( وهو عند نفسه أنّه قد تأدّب معه ) ونزّهه ( فلا يعتقد معتقد ) من ذوي العقائد الجزئيّة - تقليديّة كانت أو نظريّة ( إلها إلَّا بما جعل في نفسه ) من الصورة التي عقدها من إمامه الذي تقلَّده أو ساق إليها نظره .
قال رضي الله عنه : ( فالإله في الاعتقادات بالجعل ) من المعتقد وما يصوّرون به بواطنهم ونفوسهم ( فما رأوا إلَّا نفوسهم وما جعلوا فيها ) من الصور .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)

قال رضي عنه : (  فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف. ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف. ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل. وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها : فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما )
 
قال رضي الله عنه :  (فمن رأى الحق) رؤية منشأة (منه)، أي من الحق بأن يكون الرائي هو الحق (فيه)، أي في الحق بأن يكون المجلي أيضا الحق سبحانه (بعينه)، أي بعين الحق بأن تكون آلة الرؤية عين الحق لا عين نفسه.
قال رضي الله عنه :  (فذلك) الرائي هو (العارف ومن رأى الحق منه بعين نفسه فذلك غير العارف) الذي يعرف الحق بجميع اعتباراته.
 
فإنه وإن كان عارف بأن الراني والمجلى هو الحق لكنه لم يعرف أن عينه عین الحق، بل توهمها غيرها وتخيل أنه رآها بذلك الغير وليس هذا من مقتضیات المعرفة .
لأن العارف يعلم أن الحق لا يراه إلا عينه (ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه) في الآخرة (بعين نفسه) لا بعين الحق.
قال رضي الله عنه :  (فذلك الجاهل)، فإنه ما رآه في هذه البشارة وما أنتظر رؤيته في الآخرة على ما هو الأمر عليه في نفسه . فإن رؤيته في الآخرة تكون بعين الحق لا بعين الرائي.
 
قال رضي الله عنه :  (وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه برجع بها)، أي بتلك العقيدة (إليه) سبحانه إذا رجع إليه دنيا وأخرى (ویطلبه فيها)، أي في تلك العقيدة إذا طلبه.
(فإذا تجلى له الحق فيها)، أي في صورة عقيدته (عرفه) أنه ربه (وأقر به).
قال رضي الله عنه :  (وإن تجلى له في غيرها)، أي في غير صورة عقيدته (أنكره). ولم يعرفه (وتعوذ منه) أن يعتقده ربه (وأساء الأدب عليه في نفس الأمر) بنفي كونه ربه فإنه من بعض تجلياته (وهو عند نفسه أنه تأدب معه) حيث نفى عنه ما لا يليق به في زعمه.
قال رضي الله عنه :  (فلا يعتقد معتقد) من المحجوبين (إلها) إلا بما جعل، أي (إلا بجعله له في نفسه) وخلقه فيها فإن أصحاب الاعتقادات لا يعتقدون  
 
قال رضي عنه : (  رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.)
 
بالألوهية إلا الاعتقادية المجعولة في أنفسهم التي جرموا بها واعتقدوا حنينها وبطلان ما يغادرها قال رضي الله عنه :  (فالإله في الاعتقادات) المنضوية على عقد القيود وهي اعتقادات المحجوبين لا تكون (إلا بالجعل فما رأوا) حين رأوا إلههم.
قال رضي الله عنه :  (إلا نفوسهم وما جعلوا فيها) من الصور الاعتقادية التي توهموا أن إلههم عليها فهذه الصور الاعتقادية وإن كانت الأصنام المتخذة في الجعل والتعمل .
لكن الحق سبحانه بسعة رحمته ينفخ فيها روح الحقية فرحم العائدين إليها بسبب صحة معاملاتهم معها على أمر ما أمروا به مع الحق الظاهر في تلك الصور الغير المحصورة فيها .

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 9:12 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة السابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور. )
قال رضي الله عنه : ( فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة. وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين. وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته. فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور. )
 
قال رضي الله عنه : (فانظر) يا أيها السالك (مراتب الناس في العلم بالله) في الدنيا على زعمهم أنهم عالمون به سبحانه (فإنه هو عين مراتبهم)، أي الناس (في الرؤية)، أي رؤية ربهم تعالی (یوم القیامة) كما سبق في الحديث (وقد أعلمتك) يا أيها السالك
(بالسبب الموجب لذلك)، أي لكون مراتب علمهم بالله عين مراتب رؤيتهم له في الآخرة، وذلك السبب هو اعتقادهم له بما جعلوه في نفوسهم من صورة استحضارهم له لجهلهم به وعدم رؤيتهم له منهم فيهم كما سبق بيانه .
قال رضي الله عنه : (فإياك) يا أيها السالك أي احذر (أن تتقيد) في الله تعالى (بعقد مخصوص)، أي اعتقاد معنی مفهوم لك بعقلك أنه هو الله تعالى كما فعل أرباب النظر العقلي والتقليد النقلي (وتكفر بما)، أي بكل عقد (سواه) من عقائد الناس كفعل من ذكرنا (فيفوتك خیر کثیر) من الكمال العلمي (بل يفوتك العلم) في الله تعالی (با لأمر ما هو عليه) كما فات المتقدمين بذلك من الجهة .
قال رضي الله عنه : (فکن) يا أيها السالك (في نفسك هیولی)، أي مادة كلية (الصور المعتقدات)، التي يعتقدها في الله تعالى جميع الناس في سائر الملل (كلها) مع تخطئتك لجميع الملل المقيدين اعتقادهم بعقد واحد و مكفرين من خالفهم في ذلك.
فإنهم الذين قال تعالى في حقهم: "في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها " [الأعراف: 38] .
قال رضي الله عنه : (فإن الإله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد) من عقائد الناس (دون عقد آخر) من عقائدهم لإطلاقه تعالى الإطلاق الحقيقي الذي تشير إليه أرباب الملل من حيث العبارة.
وتعدل عنه في نفسها من حيث ما تفهمه، فتنزهه عن كل ما سواه، ولا يشعر أحد منهم بأن قيده وحصره بفهمه له حين نزهه عن كل ما سواه.
فإن كل مفهوم محدود بالمعنى المنسوب إليه بالفهم مقيدة بما نسب إليه من المعنى الخاص قال رضي الله عنه : (فإنه)، أي الله تعالى يقول في كلامه القديم (" فأينما تولوا فثم وجه الله")، أي تتوجهوا بظواهركم أو بواطنكم ("فثم")، أي هناك ("وجه الله")."إن الله واسع عليم" [البقرة : 115] .
قال رضي الله عنه : (وما ذكر) سبحانه (أيا)، أي مكانا (من أين)، أي مكان يعني لم يخصص بل عمم في كل أين لكل جهة توجهت إليها همة طالب للحق سبحانه في تلك الجهة
(وذكر) تعالى (أن ثم)، أي هناك في الجهة التي وقع التوجه إليها ("وجه الله") تعالى (ووجه الشيء حقيقته)، أي ذاته وهويته الجامعة لصفائه وأسمائه .
قال رضي الله عنه : (فنبه) سبحانه (بهذا) الإخبار (قلوب العارفين به) أنه تعالى الظاهر على كل حال في كل شيء مع أنه سبحانه الباطن على كل حال عن كل شيء (لئلا تشغلهم العوارض)، أي الأمور التي تعرض لهم من عوائق الأحوال (في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا)، أي عموم ظهور الحق تعالى في كل أمر، فلا يحجبون عنه تعالی بشيء، ولا يشتغلون عن شهود ظاهريته تعالى بما هم فيه.
ولا ينكرونه سبحانه في كل تجلي من تجلياته وظهور من ظهوراته و تستغرقهم الأوقات في معرفته واستحضاره، فلا يغيبون عنه كما هو لا يغيب عنهم.
قال رضي الله عنه : (فإنه)، أي الشأن (لا يدري العبد) المخلوق (في أي نفس) بفتح الفاء (يقبض) فإن الأنفاس بيد الله تعالى والأعمار مقدرة بها (فقد يقبض) العبد (في وقت غفلة) بنفس ملهي عن الحق سبحانه (فلا يستوي) عند الله تعالى (مع من قبض على حضور)، أي استحضار لعظمة الله تعالى في تجليه بنوع من أنواع تجلياته.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور.)
قال رضي الله عنه :  (فانظر مراتب الناس في العلم بالله) .
(هو) راجع إلى المراتب أفرد باعتبار العلم بالله (عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة) هذا هو حال المعتقدين الذين حصروا الحق في صورة اعتقاداتهم وقد حذر السالكين عن ذلك مع بيان مقام أمل الشهود.
بقوله : (وقد أعلمتك بالسبب الموجب) وهو حصر الحق في صورة الاعتقاد (لذلك) أي التجلي الحق يوم القيامة فما يتجلى الحق لأحد يوم القيامة إلا على حسب اعتقاده في الدنيا في العلم بالله بقيد أو إطلاق (فإياك أن تتقيد)
 
في الدنيا (بعقد) أي باعتقاد (مخصوص وتكفر) الحق (بما سواه) أي بما سواه ذلك الاعتقاد حتى لا تكفر يوم القيامة إذا تجلى لك في غير ذلك الاعتقاد (فيفوتك خير كثير) أي علم كثير نافع في الدنيا ودرجة عالية في العقبی.
قال رضي الله عنه : (بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه) إذ الحق لا ينحصر في عقد دون عقد (فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات) بفتح القاف (كلها فإن الإله تبارك وتعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد، فإنه بقول :"فأينما تولوا فثم وجه الله" [البقرة : 115] وما ذكر أينا من أين) إلا (وذكر أن ثمة) أي في الأين المذكور (وجه الله ووجه الشيء حقيقته فنبه) الحق (بهذا) القول .
وهو قوله : "فاينما تولوا فثم وجه الله".
 (قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار) الحق (مثل هذا) الاستحضار وهو كون وجه الحق في كل أينية فلا يغفل قلوب العارفين عن الحق في كل حال، فهذا التنبيه عناية من الله لهم حتى يكونوا مع مشاهدة الحق في جميع الأحوال التي تعرض عليهم في الحياة الدنيا فلا يقبضوا مع غفلة.
قال رضي الله عنه : (فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض فقد يقبض في وقت غفلة) فيستحق العبد من الله البعد والإهانة .
قال رضي الله عنه : (فلا يستوي مع من قبض على حضور) فإنه يستحق القرية والكرامة


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور. )
قال رضي الله عنه : " فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.  وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.  وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته. فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور. "
 
قال: ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
قال: فلا تنظر العين إلا إليه ولا يقع الحكم إلا عليه فنحن له وبه في يديه وفي كل حال فإنا لديه
قوله: لهذا ينكر فينزه ويعرف فيوصف، فمن رأى الحق منه فيه بعين الحق فذلك هو العارف.
قال: ومن رأى الحق فيه منه بعين نفسه فذلك غير العارف، من جهة دخوله في القضية حيث اعتقد أنه يراه بعين نفسه مع أنه لا يرى الحق إلا الحق لكن هذا لا يسمى جاهلا، لأنه عرف الحق منه فيه.
قال: ومن لم ير الحق منه فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه، فذلك هو الجاهل.
ثم ذكر أن لكل أحد عقيدة وكل عقيدة فهي مصادفة وجه ربها، عز وجل، في متوجهها إليه.
لأنه واسع الإحاطة محيط السعة فمن حصره انحصر هو ولم ينحصر الحق تعالى.
 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور. )
قال رضي الله عنه : " فانظر مراتب الناس في العلم بالله ، هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك " .
يعني : كلّ من تقيّد بقيد وبعقد معيّن وقيّد الحق بذلك العقد الذي اعتقده وجعله في نفسه عقيدة يرجع بها إلى ربّه ، فهو عبد ذلك العقد .
 
قال رضي الله عنه : « فإيّاك أن تتقيّد بعقد مخصوص ، وتكفر بما سواه ، فيفوتك خير كثير».
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق المتجلَّي في صور الاعتقادات يقبل الجميع ويسعها ، فإذا تقيّدت منها بصورة دون صورة ، فقد كفرت بما سواه والحق فيه ، فجعلته وأسأت الأدب معه وأنت لا تدري .
 
قال رضي الله عنه : « فيفوتك خير كثير ، بل يفوتّك العلم بالأمر على ما هو عليه ، فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلَّها ، فإنّ الإله - تعالى - أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد " .
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق هو الظاهر المتجلَّي في كل ذلك ، ومتعلَّق الجهل والكفر إنّما هو التعيّن والتقيّد والحصر لا غير ، فأطلق الأمر وانطلق أنت بعقلك عن القيود الاعتقادية تحظ بالعلم الأتمّ والشهود الأعمّ .
كما أشار إليه الشيخ في المقام :
« عقد الخلائق في الإله عقائدا  .... وأنا اعتقدت جميع ما اعتقدوا ».
قال رضي الله عنه : « فإنّه يقول » أي الحقّ " فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه ُ الله "  وما ذكر أينا من أين » أي أطلق وعمّم ، فلا أين إلَّا ولله تعالى وجه يولَّي وجهه إليه مولّ .
قال : « وذكر أن ثمّ وجه الله ، ووجه الشيء حقيقته ، فنبّه بهذا قلوب العالمين لئلَّا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا ، فإنّه لا يدري العبد في أيّ نفس يقبض ، فقد يقبض في وقت غفلة ، فلا يستوي مع من قبض على حضور " .
يحرّض رضي الله عنه : المؤهّلين للكمال أن لا يتقيّدوا ولا يقيّدوا ، فيغلب عليهم ذلك ، فيعمّ أحوالهم وأوقاتهم ، ثمّ لا يتأتّى لهم أن يلقوا الله على الحضور والمراقبة والعلم ، فيخسروا ويحشروا على ما قبضوا عليه من الغفلة ، أعاذنا الله وإيّاك من آفات الغفلات ، فإنّها أفظع العاهات ، وأقطع الزلَّات ، إنّه قدير .
 

 شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر مراتب الناس في العلم باللَّه هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة ، وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك ) .
لا شك أن العلم باللَّه يختلف بحسب استعدادات الخلق أولا ، ثم بحسب التربية والصحبة والعادة ، فكل أحد علمه باللَّه هو ما أبلغه من كماله المخصوص به فلا يتصوره إلا على صورة الكمال الذي وسعه ، فلا جرم كانت مرتبته يوم القيامة في الرؤية بحسب ما علمه واعتقده من الموصوف بالكمال الذي تصوره على الصورة التي اعتقدها ، وهي الصورة المقيدة بالقيد المعين الذي جعله كمالا في حقه تعالى ، واعتقد أنه يستحيل أن لا يكون على تلك الصورة وتلك الصفة المعينة التي يرجع بها في عقيدته إلى ربه فهو عبد ذلك المعتقد .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر ما سواه فيفوتك خير كثير ، بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه ) .
فإن الحق المتجلى في صورة المعتقدات يسع الكل ويقبلها جميعا ، فإذا تقيدت بصورة مخصوصة فقد كفرت بما سواه وهو الحق المتجلى بتلك الصورة إذ لا شيء غيره ، فإذا أنكرته فقد جهلته وأسأت الأدب معه وأنت لا تدري ، فيفوتك الحق المتجلى في جميع الصور التي هي غير الصورة التي تقيدت بها في اعتقادك وهو خير كثير ، بل يفوتك العلم بالحق على ما هو عليه وهو الخير الكثير.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها ، فإن الإله تبارك وتعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد ، فإنه يقول " فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الله "  وما ذكر أينا من أين ، وذكر أن ثمة وجه الله ) .
إذا علمت أنه غير محصور في قيد ولا صورة يوجد بدونه في عقل ولا خارج ، فانطلق عن أمر القيود والعقود ، وأطلق الأمر في كل الموجود تحظ بالعلم الأتم في الشهود .
فإن الله تعالى يقول " فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الله " (وما ذكر أينا من أين.  وذكر أن ثم وجه الله)
ما خص جهة دون جهة لوجهه ، فلا أين إلا وقد تجلى فيه وجهه وتولى إلى وجهه فيه من تولى إليه .
 
"" إضافة عبد الرحمن الجامي :  مقيدة بل مطلقة يراه في كل صورة ( فإياك أن تتقيد ) فإنه غير محصور فيما قيدته به وكفرت بما سواه ، بل هو شامل الكل ظاهر في الجميع من غير تقييد ( فكن في نفسك هيولى ) واقبل كل صورة ترد عليك واعتقد أنها بعض مجاليه وهو غير منحصر فيها ، فإن الإله أوسع وأعظم. اهـ جامى .""
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ووجه الشيء حقيقته ، فنبه بهذا قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا ، فإنه لا يدرى العبد في أي نفس يقبض فقد يقبض في وقت غفلة ، فلا يستوي مع من قبض على حضور ) .
حرّض على الحضور مع الله والمراقبة في شهوده ، وحذر عن التقيد والالتفات إلى الغير والاشتغال بما يشوش الوقت ، حتى يعم شهود وجه الله جميع أحواله فيقبض في حال الشهود فيحشر مع الله ، لا من غفل فيقبض على حال الغفلة فيحشر مع من تولاه ، اللهم لا تحجبنا عن نور حمالك ولا تكلنا إلى أنفسنا بفضلك ، وتولنا بولايتك عن مطالعة نوالك .  


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور. )
قال رضي الله عنه :  (فانظر مراتب الناس في العلم بالله : هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة )
وذلك لأن الرؤية إنما هي بحسب التجلي ، والتجلي بحسب العلم بالله وتجلياته ، فمراتب الناس في العلم بالله هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة .
والعلم بالله لا يكون إلا بحسب الاستعدادات ، والاستعدادات متفاوتة بحيث لا نهاية لها ،
فالرؤية أيضا يتفاوت بحسها يوم القيامة .
 
( وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك ) . أي ، لتجلى الحق يوم القيامة على صورة الاعتقادات . قال رضي الله عنه : ( فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه ) . بنفيك إياه . ( فيفوتك خير كثير ) وهو ما يعطيه رب العقد المنفى .
( بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه ) . لأن الأمر في نفسه غير منحصر ، وأنت جعلته محصورا فيما تعتقده .
(فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها . فإن الله ، تبارك وتعالى ، أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد ، فإنه يقول : " فأينما تولوا فثم وجه الله " . وما ذكر أينا من أين ) . أي ، ما عين أينا وجهة من غير أين آخر ، بل قد أطلق .
فكن جامعا للعقائد كلها ، مصححا لها بشهود وجوده متجلية لأصحابها ، إذ كل منهم عبد لرب يعطيه ما يعتقده ، لتكون مشاهدا للحق من جميع وجوهه ، مقرا بألوهيته معترفا بوحدانيته ، فتسلم عن الحجاب ، ويتجلى لك رب الأرباب.
قال رضي الله عنه : (وذكر أن ثم وجه الله ، ووجه الشئ حقيقته . فنبه بهذا قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا ) .
أي ، نبه لهذا القول قلوب العارفين لئلا يغفلوا عن الحق ووجوهه حال اشتغالهم بعوارض
الحياة الدنيا ، بل يشاهدوا فيها أيضا ذات الحق ووجوه أسمائه وصفاته ، فيكونوا معه على جميع الأحوال .
قال رضي الله عنه : (فإنه لا يدرى العبد في أي نفس تقبض ، وقد تقبض في وقت غفلة ، فلا يستوى مع من يقبض على حضور ) .
لأن المقبوض على الحضور ، يحشر متوجها إلى الله ، والمقبوض على الغفلة ، يحشر وجهه إلى الغير ، فيستحق البعد والطرد . نعوذ بالله منه .  
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 14:02 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 9:19 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور.)
  
قال رضي الله عنه : (فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة. وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين. وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته. فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور. )
 
قال رضي الله عنه : (فانظر مراتب الناس في العلم بالله) هو أي: ذلك العلم بحسب مراتبه (عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة)، وكيف لا (وقد أعلمتك بالسبب الموجب) لكون الرؤية على مقدار العلم.
وهو أن نفسه يتصف (لذلك) العلم ويتصور به، وتلك الصورة تنعكس إلى مرآة الحق فتراها عند رؤية الحق، وإذا كانت الرؤية يوم القيامة التي هي أقصى المطالب للكمل على مقدار العلم و صورة الاعتقاد.
 
"" أضاف الجامع : في ظهور الحق تعالى يوم القيامة :
أخرج الترمذي بإسناده عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال:  "يجمع الله تعالى الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطلع عليهم رب العالمين
فيقول: ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد فيتمثل لصاحب الصليب صليبه ، ولصاحب التصاویر تصاویره، ولصاحب النار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون .
ويبقى المسلمون، فيطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا تتبعون الناس.
فيقولون: نعوذ بالله منك الله ربنا وهذا مكاننا حتى نری ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم، ثم يتوارى.
ثم يطلع فيقول: ألا تتبعون الناس
فيقولون نعوذ بالله منك، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا وهو يأمرهم  ويثبتهم، ثم يتوارى .
ثم يطلع فيقول : ألا تتبعون الناس
فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك الله ربنا، وهذا مكاننا حتى نرى ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم إلى آخر الحديث الطويل .ورواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وفي رواية أخرى للبخاري ومسلم والنسائي بإسنادهم إلى أبي سعيد الخدري إلى أن قال: حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله عز وجل من بر وفاجر .
أتاهم الله عز وجل في أدنى صورة من التي رأوه فيها .
قال : فما تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد
قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما کنا إليهم ولم نصاحبهم
فيقول: وأنا ربكم
فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثة حتى أن بعضهم ليكاد ينقلب .
فيقول : هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها .
فيقولون: نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله عز وجل من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود.
ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله تعالی ظهره طبقة واحدة كما أراد أن يسجد على قفاه .
ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة.
قال: فيقول: "أنا ربكم "
فيقولون : أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة.
ويقولون: اللهم سلم، سلم .
" قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ إلى آخر الحديث.
وهناك روايات أخرى غير هذا في كتب الحديث النبوي . . أهـ ""
 
قال رضي الله عنه : (فإياك أن تتقيد) في اعتقادك (بعقد مخصوص) من الاعتقادات التي دل عليها الشرع أو الكشف أو العقل، (وتكفر بما سواه) مع ثبوته بأحد ما ذكر .
(فيفوتك خير كثير) من فوائد التجليات المختلفة، ومن التجلي الجامع ومن التطبيق بين دلائل العقل والشرع والكشف.
قال رضي الله عنه : ( بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه)؛ لأن هذه الدلائل كلها صادقة فمخالفة واحد منها توجب الجهل الموجب للحجاب الموجب للعذاب، والعياذ بالله من ذلك.
قال رضي الله عنه : (فکن) معتقدا اعتقادا منطبقا (في نفسك هيولي) قبول (لصور المعتقدات) .
 
"" أضاف الجامع : عن الهيولي
الـ هيول فى اللغة : هباء منبث وهو ما تراه في البيت من ضوء الشمس يدخل من الكوة .
و الهيولي : مادة الشيء التي يصنع منها كالخشب للكرسي وكالحديد للمسمار . كذلك الجوهر القابل لما يعرض للجسم من أشكال.
قال الشيح رضي الله عنه الهيولي : هو العنصر الأعظم ، الذي هو أصل السموات والأرض وما
بينهما ، وأصل أركانها ومادتها.
يقول الشيخ شهاب الدين السهروردي الهيولي : عبارة عن جسم يلبس تارة الصورة النارية ، وتارة الصورة الهوائية ، وتارة الصورة المائية ، وتارة الصورة الترابية.
يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين الهيولي : هو جوهر بسيط قابل للصورة.
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي الهيولي : هو المادة الكلية التي هي ممدة للأجسام الفلكية والعنصرية. ""
"" قال القاشاني الهيولى: عندهم اسم الشيء بنسبته إلى ما يظهر فيه صورة، فكل باطن يظهر فيه صورة يسمونه هيولى.""
 
أي: معتقدات أهل الأدلة العقلية أو الشرعية أو الكشفية (كلها) دائما.
قيدنا الاعتقاد بإحدى الدلائل؛ لأن ما خالفها ليس من الاعتقادات التي فيها عقد القلب وجزمه لتزلزله بأدنى شيء، إذ لا تستند إلى دليل.
 فإن حصل فيه الجزم فهو کلا جزم، وذلك بأن يعتقد أنه في ذاته منزه عن الصور كلها، وفي الظهور يتصور بكل صورة مخصوصة.
فهذا الاعتقاد لغاية سعته أليق بالحق، فإن الإله تبارك وتعالى أوسع في التجلي (وأعظم أن يحصره عقد دون عقد)، فإن العقود بحسب علم المعتقدين وإفهامهم "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" [الإسراء: 85].
 
وهذا ما أشار إليه الإمام حجة الإسلام الغزالي في كتاب "التوبة في بيان وجوب التوبة وفضلها" أن جماعة من العميان سمعوا أنه قد حمل إلى البلد حيوان عجيب يسمى الفيل، وما كانوا قد شاهدوا صورته، فقالوا: لا بد من معرفته باللمس الذي نقدر عليه، فيما لمسوه وقع يد بعضهم على رجله، ويد بعضهم على نابه، وبعضهم على أذنه، فقالوا: قد عرفناه !.
 
فلما انصرفوا سألهم بقية العميان فاختلفت أجوبتهم.
 فقال الذي لمس الرجل: إنه مثل أسطوانة خشنة الظاهر إلا أنه ألين منها.
 وقال الذي لمس الناب: بل هو صلب لا لين فيه وأملس لا خشونة فيه، وليس في غلظ الأسطوانة أصلا بل هو عمود.
 وقال الذي لمس الأذن هو لين وفيه خشونة، ولكن ما هو مثل عمود ولا مثل أسطوانة، وإنما هو مثل جلد غلية عريض.
فكل واحد أخبر عما أصابه من معرفة الفيل، ولم يخرج واحد في خبره عن وصف الفيل.
فاستبصر بهذا المثال، واعتبر به؛ فإنه مثال أكثر ما اختلفت فيه آراء الناس.
وهذا المعنى منصوص في الكتاب العزيز الإلهي، (فإنه تعالى يقول: "فأينما تولوا قم وجه الله") [البقرة: 115] .
 
وجه الاستدلال أنه (ما ذكر) للتولي إليه (اينا) متميز (من أين)، فيصح التولي والتوجه إليه في كل أين.
أي: في كل معتقد دل عليه العقل أو الشرع أو الكشف، وإنما قلنا: المراد التوجه إليه لا إلى القبلة.
لأنه (ذكر أن ثم وجه الله ووجه الشيء هو حقيقته)، فالتوجه إلى كل أين توجه إلى حقيقة الحق، فينبغي أن يقصد في التوجه إلى كل أين حقيقة الحق الظاهرة في ذلك الأين، ولكن لا يعبد الأين، ولا ما يظهر من الأرواح الشيطانية أو غيرها.
ولا يعتقد في ذلك رؤية الحق الصريح إلا بالخواص المذكورة؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
وإذا كان في كل أين وجه، والناس لا يخلون عن التوجه إلى أين، (فنبه بهذا قلوب العارفين) أن يتوجهوا إليه في كل ما يتوجهون إليه من أشغالهم.
 
قال رضي الله عنه : (لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا)، فيكونوا غافلين عن الحق، وربما يفاجئهم الموت على هذه الحالة.
(فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فربما يقع القبض في وقت غفلة)، فيقع الحجاب بينه وبين ربه.
وبالجملة (فلا يستوي مع من يقبض على حضور)، وقد ورد كما يموتون يبعثون؛ فيكون الحاضر كالمتوجه إلى الحق وغيره كالمستدبر عنه، وفيما ذكره من التنبيه.
إشارة إلى ما ذكرنا أي: أنه ليس ليعبده أهل الحق في جميع تلك الصور.
 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور.)
 قال رضي الله عنه :  (فانظر مراتب الناس في العلم باللَّه تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة ) كما نبّهت عليه من رؤية الحقّ كلّ أحد في سعة ساعته ، على ما عليه نفسه من الصور ، إمّا انشراحا علميا من الحقّ ، أو عقدا تقليديّا جعليّا من نفسه ، وهذا لا يمكن له أن يجاوز ذلك الصورة المحصورة إلى غيرها في تلك السعة .
 
قال رضي الله عنه : ( وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك ) وهو العقد الذي جعله عليه تعمّلا وتكلَّفا ، تقليدا لمن حسن ظنّه به ، فطاب له قبوله عنه .
قال رضي الله عنه : ( فإيّاك أن تتقيّد بقيد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير ) ضرورة أنّ ما تكفر به من صور الحقّ كثير بالنسبة إلى ذلك العقد المخصوص .
قال رضي الله عنه : ( بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه ) في نفسه ، فإنّه في نفسه مطلق ، وهو قد اعتقده مقيّدا مخصوصا ، فيكون الفائت منه حينئذ العلم كلَّه .
أينما وليت فثمّ وجه الله
 
قال رضي الله عنه : (فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلَّها ، فإنّ الإله تعالى أوسع وأعظم أن يحصره عقد دون عقد ، فإنّه يقول : " فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه ُ الله " [ 2 / 115 ] وما ذكر أينا من أين ، وذكر أنّ ثمّ وجه الله - ووجه الشيء حقيقته - فنبّه بهذا قلوب العالمين لئلا يشغلهم العوارض)
من الصور العقديّة التي عليها جمهور الأمم ، فإنّها شاغلة للإنسان ، لتمدّنه بالطبع ، وضرورة تشاركه لبني نوعه ( في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا ) الإطلاق الذاتي ، ( فإنّه لا يدري العبد في أيّ نفس يقبض ) عن هذا الموطن الإطلاقي والنشأة الطبيعيّة الكلَّية ( فقد يقبض في وقت غفلة ، فلا يستوي مع من قبض على حضور ) .
ثمّ أخذ يبيّن مبدأ ما عليه الجمهور من العوارض الشاغلة ، والعقائد العائقة قائلا


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور. )
 
قال رضي الله عنه : (  فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة. وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين. )


قال رضي الله عنه :  (فانظر مراتب الناس في العلم بالله) في هذه النشأة (هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة) فمن اعتقده منحصرا في صورة مخصوصة لا يراه يوم القيامة إلا فيها.
ومن لم يقيده برؤية مخصوصة واعتقد أنه المتجلي في كل الصور لا غير عرفه في كل صورة يراه .
قال رضي الله عنه :  (وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك)، أي لكون مراتب العلم غير مراتب الرؤية وذلك السبب المعلم به هو رجوع كل واحد إلى صورة معتقده، فمن کان سورة معتقده مقيدة لا يرى الحق إلا فيها، ومن لم تكن صورة معتقده مقيدة بل معلقة يراه في كل صورة.
قال رضي الله عنه :  (وإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير کبیر) وهو شهوده سبحانه فيما كفرت به (بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه السلام) فإنه غير محصور فيما قيدته به وكفرت بما سواه .
بل هو شامل للكل ظاهر في الجميع من غير تقييد .
قال رضي الله عنه :  (فكن في نفسك هیوای) قابلة (لصور المعتقدات كلها) وأقبل كل صورة ترد عليك وأعتقد أنها بعض مجانيه وهو غير منحصر فيها .
قال رضي الله عنه :  (فإن الإله) الحق تعالى (أوسع وأعظم) من (أن يحصره عقد دون عقد فإنه) تعالى (يقول: "فأينما تولوا فثم وجه الله " وما ذكر أينا) مميزة إياه (من أين) آخر
 
قال رضي عنه : ( وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته. فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور.)
 
قال رضي عنه : (و) ما (ذكر أن ثمة)، أي في الأين الأول مثلا ("وجه الله") دون ألأين الآخر (ووجه الشيء حقيقته) فتكون حقيقة الحق سبحانه متجلية في كل أين وظاهرة في كل عين .
قال رضي الله عنه :  (فنبه بهذا) الذي ذكر (قلوب العارفين) على شمول وجه المطلق على كل أين وعين.
قال رضي عنه : (لنلا يشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا) الوجه المطلق الغير المقيد بأين دون أين .
بل يستحضرونه في كل ما يرد عليهم من عوارض الحياة الدنيا فيحظون بالعلم الأتم والشهود الأعم كما أشار إليه الشيخ رضي الله عنه بقوله:
عقد الخلائق في الإله عقائدا     ……. وأنا اعتقدت جميع ما اعتقدوه
قال رضي الله عنه :  (فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض) فيستحضره في ذلك النفس وإذا لم يدر في أي نفس يقبض ولم يستوعب أستحضاره جميع الأنفاس (فقد بقبض) بعضهم في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على صفة (حضور) .
فإن الأول يحشر وجهه إلى غير الحق سبحانه فيستحق البعد والطرد .
والثاني بحشر ووجهه إلى الحق سبحانه مشاهد إياه فيسعد بالسعادة العظمى والمثوبة الكبرى .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 14 أغسطس 2019 - 20:42 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 9:23 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
قال رضي الله عنه: ( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، وهو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.  ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام والزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، وما ثم إلا الاعتقادات. فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عنه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.)
 
قال رضي الله عنه: (ثم إن العبد الكامل) في المعرفة الإلهية (مع علمه بهذا) الأمر المذكور في حق الله تعالى (يلزم في الصورة الظاهرة) التي له (والحال المقيدة) المتصف بها (التوجه بالصلاة) المفروضة وغير المفروضة (إلى شطر)، أي جهة (المسجد الحرام) حيث كان من الأرض (ويعتقد أن الله تعالی) سبحانه (في قبلته) وهو متوجه إليه تعالى (في حال صلاته) ووجهه مقابل له أينما توجه من حيث ظهوره تعالى فيما توجه إليه تعالی ذلك العبد لا من حيث بطونه تعالى بما لا يعلمه إلا هو.
وفي حديث الترمذي بإسناده إلى الحارث الأشعري قال فيه:
«وإن الله عز وجل أمركم بالصلاة، فإذا صلیتم فلا تلتفتوا فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته مالم يلتفت».رواه الحاكم و الترمذي ، الجامع الصحيح.
قال رضي الله عنه: (وهو) ، أي التوجه إلى شطر المسجد الحرام (بعض مراتب وجه الحق) تعالى المأخوذة
(من) قوله سبحانه : (" فأينما تولوا فثم وجه الله" فـ  "شطر المسجد  الحرام") بعض (منها)، أي من تلك الأينيات التي هي مراتب لوجه الحق تعالی (ففيه)، أي في شطر المسجد ("وجه الله") سبحانه .
قال رضي الله عنه: (ولكن لا تقل) يا أيها السالك (هو)، أي الحق تعالی (ههنا) في شطر المسجد الحرام (فقط) دون غيره من الجهات (بل قف) يا أيها السالك (عندما أدركت) وعرفت من أنه تعالى في كل وجهة من حيث ظاهريته كما مر غير مرة (والزم الأدب) الذي أمرت به على لسان الشارع (في استقبال شطر المسجد الحرام) حال صلاتك ولا تستقبل غير ذلك في الصلاة .
 
قال رضي الله عنه: (والزم الأدب) أيضا (في عدم حصر الوجه) الإلهي (في تلك الأينية الخاصة) شطر المسجد الحرام (بل هي)، أي تلك الأينية (من جملة أينيات ما تولى) من الناس (إليها) فهي وغيرها سواء في كون وجه الحق تعالی ظاهرة فيها من اسمه الظاهر لا فرق بينهما أصلا.
 
ولكن الخصوص شطر المسجد الحرام أمر تعبدي شرعي لا علة له غير مجرد الأمر الإلهي بالتوجه إلى ذلك، فللخصوص أدب وللعموم أدب، والكامل قائم بكلا الأدبين في ظاهره وباطنه علما وعملا.
قال رضي الله عنه: (فقد بان)، أي ظهر (لك) يا أيها السالك (عن الله) تعالى (أنه) ظاهر سبحانه من حيث تجلي اسمه الظاهر (في أبنية كل وجهة) لكل أحد، وهو سبحانه من حيث اسمه الباطن منزه عن كل شيء بل عن تنزيهنا له.
 
لأنه حكم منا على محكوم عليه مفهوم لنا، وكل محكوم عليه مفهوم لنا محدود محصور، وكل محدود محصور غیر مطلق وغير منزه عن القيود، فتنزيهنا تشبيه له، والتنزيه اللائق به ما هو عليه في نفسه مما لا يعلمه به عالم أصلا.
وإنما تعلق علم العالمين به من حيث تشبيهه وظهوره في الأينيات المذكورة، وتجليه لقلوب العارفين في كل صورة، ومن هذه الحضرة جاءت الشرائع وانتصبت الوسائل إليه والذرائع ووصف على ألسنة الأنبياء والمرسلين وتعلقت به قلوب السالكين والواصلين.
 
فمن عرف أنه مطلق في عين کونه مقيدة وصدق وآمن بأنه سبحانه منزه بالتنزيه الذي يعلمه هو سبحانه مما هو معجوز عنه في عين كونه مصورة محدودة .
فكان تعالی عنده جامعة بين النقيضين وموصوفة بالخلافين والضدين فهو العارف الكامل والعالم العامل ومن قيده بالإطلاق أو القيد فهو جاهل به تعالی وعلمه قاصر غير شامل.
قال رضي الله عنه: (وما ثم)، أي هناك في الأينيات المذكورة (إلا الاعتقادات) في الحق تعالی من كل معتقد من الناس (فالكل)، أي كل معتقد من الناس في الحق تعالى بأي اعتقاد اعتقده (مصيب) في اعتقاده ذلك.
 
لأن الحق تعالی تجلی عليه في ذلك الاعتقاد فخلقه له في بصيرته على حسب استعداده ، فكيف يكون أخطأ في اعتقاده ، وجميع الاعتقادات بهذه المثابة، لا ترجيح لأحدها على الآخر.
وما يتوهمه الجاهل من مطابقة اعتقاده للحق تعالى دون اعتقاد غيره، فإن كل ذي اعتقاد في اعتقاده كذلك، وليس اعتقاد من الاعتقادات مطابقة أصلا ولا مردودة أيضا على معتقده أصلا.
وإنما الكفر والضلال في حصر الحق تعالی من حيث ما هو عليه في ذلك الاعتقاد، ورؤية ذلك الاعتقاد لائقا بالحق تعالی مطابقا لنفس الأمر، خصوصا مع اعتقاد أن ذلك الاعتقاد مخلوق لله تعالى.
مثل الاعتقادات كلها تبارك الله تعالی في ذاته، وتقدس في صفاته وأسمائه عن ذلك علوا كبيرا.
قال رضي الله عنه: (وكل مصيب) من الناس في اعتقاده (مأجور) من الله تعالى على إصابته للحق (وكل مأجور) على إصابته للحق (سعيد وكل سعيد مرضي)، أي الله تعالی (عنه) راض (وإن شقی)، أي اتصف بالشقاوة (زمان) طويلا أو قصيرة (في الدار الآخرة)، وإن لقبه الله تعالى في الدنيا بلقب الكافر والفاسق أو غير ذلك، فإنه تعالى لقب غيره بلقب المؤمن أو التقى أو الصالح من غير علة ولا سبب ولكن بمجرد الحكم الربانی.
والحكمة المقتضية لذلك ولا غرض له تعالى أصلا مع أن الكل مخلوقون نه تعالى ، وهو الذي يخلق لهم ما يفعلونه بحوله سبحانه وقوته في ظواهرهم وبواطنهم، وهو تعالی متجلي على الكل في صور اعتقاداتهم كلهم.
وهو عالم سبحانه بأن جميع اعتقاداتهم غير مطابقة لما هو عليه سبحانه في حضرة اسمه الباطن، وإنما هي كلها مطابقة له تعالى من تجلی اسمه الظاهر.
وأرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب الإقامة الحجج في الآخرة ولتمييز القبضتين : قبضة السعادة وقبضة الشقاوة.
وأعد لهم في الآخرة جزاء وفاقا على حسب أعمالهم المنسوبة إليهم.
ومرجع الكل إلى الرحمة العامة التي هم فيها في الدنيا والآخرة مؤمنهم وكافرهم، وأهل الجنة في الجنة خالدون، وأهل النار في النار خالدون.
وما سماه نعيمة في حق هؤلاء لا يزول عنهم أبدا، وما سماه عذاب أليمة في حق هؤلاء لا يزول عنهم أبدا.
والشريعة حق والحقيقة حق ولكن الجاهل في عمر وإن كان إلى العلم انتمى، وشقاوة أهل الشقاوة في الآخرة نظیر شقاوة أهل السعادة في الدنيا وإن لم يسم ذلك شقاوة في حق السعداء ولا عذابا لهم لأجل الحكم الإلهي و التلقيب الرباني بل يسمی ابتلاء قال عليه الصلاة والسلام «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل».


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
(ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا) أي يكون الحق في كل جهة (يلزم) أي يجب عليه انقياد الأمر الحق (في الصورة الظاهرة والحال المقيدة) أي للعبد الكامل وهي الصلاة (التوجه) فاعل يلزم أي ملتبسا (بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته وهي) أي القبلة .
قال رضي الله عنه : (بعض مرائب وجه الحق من أينما تولوا فثمة وجه الله فشطر المسجد الحرام منها) أي بعض من تلك المراتب.
قال رضي الله عنه : (ففيه) أي في المسجد الحرام کان (وجه الله ولكن لا تقل هو) أي الحق (هنا) أي في المسجد الحرام : (فقط بل قف، عندما أدركت) أي عند إدراكك الحق (والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام والزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة بل هي) أي بل الأينية الخاصة (من جملة أينيات ما) أي الذي (تولى متولي إليها) أي إلى تلك الأينيات (فقد بان) أي فقد ظهر( لك على الله) أي فقد عرفت بما أخبر الحق به عن نفسه .
 
قال رضي الله عنه : (أنه) أي الحق كان (في أينيته كل وجه وما ثمة) أي وليس في عقل كل واحد من أفراد الإنسان في حق الحق من الأينيات (إلا الاعتقادات فالكل) أي فكل واحد من صاحب الاعتقادات (مصيب) في اعتقاده الحق في نفس الأمر سواء طابق ذلك الاعتقاد بالشرع أو لم يطابق.
" إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) سورة الفرقان"
لكنه إذا لم يطابق بالشرع لا ينفع ، قال رضي الله عنه : (وكل مصيب مأجور) بحسب اعتقاده فكان أجر من اعتقد الحق على ما يخالف الشرع من الكفار التلذذات الروحانية لمشاهدة ربه مخلدا في النار (وكل ماجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه) وقد علمت معنى السعادة والرضاء في فص إسماعيل عليه السلام .
قال رضي الله عنه : (وإن شقي) أي وإن عذب ذلك السعيد بالعذاب الخالص (زمانا) طويلا (في الدار الآخرة) فكان المؤمنون سعداء خالصين من الشقاء لذلك ادخلوا الجنة والكفار الشقاء لذلك أبقوا في النار وكذلك في الرضاء .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
قال رضي الله عنه : " ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله».
فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   "
 
ونبه الشيخ رضي الله تعالی عنه: على وجوب الأدب مع الحق من حيث ما استقرت عليه عقائد هذه الأمة الكريمة، صلوات الله على رسولها.
فيولون وجوههم شطر المسجد الحرام مع معرفتهم بأن الحق تعالى في كل وجهة ، فيقومون بوظيفة مقام اتباعه في ظاهر ما ورد به أمره ونهيه ويقومون بوظيفة معرفة باطنه، عليه السلام، وباقي الحكمة ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
قال رضي الله عنه : « ثمّ إنّ العبد الكامل مع علمه بهذا » يعني بعدم حصر الحق في إنّيته وجهة وجهه « يلزم في الصورة الظاهرة والحالة المقيّدة التوجّه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ، ويعتقد أنّ الله في قبلته حال صلاته وهو بعض مراتب وجه الحقّ من « أينما تولَّوا فثمّ وجه الله "  فشطر المسجد الحرام منها ، ففيه وجه الله ، ولكن لا تقل هو هاهنا فقطَّ ، بل قف عندما أدركت والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام ، والزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأينيّة الخاصّة ، بل هي من جملة أينيات ما ولَّى مولّ إليها ، فقد بان لك عن الله أنّه في أينية كلّ وجهة " .
يعني : في قوله : " فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه ُ الله".  " وما ثمّ إلَّا الاعتقادات ".
يعني : أنّها هي الجهات المعنوية التي يتوجّه إلى الحق فيها قلوب المعتقدين .
 
قال رضي الله عنه : « فالكلّ مصيب » لأنّه من المطلق الحقّ له حظَّ ونصيب .
قال رضي الله عنه : « وكل مصيب مأجور ، وكل مأجور سعيد ، وكل سعيد مرضيّ عنه وإن شقي زمانا في الدار الآخرة ،"
يشير رضي الله عنه إلى أنّ أهل جهنّم على ما هم عليه من البعد المتوهّم ينعّمون بما يعذب لهم من العذاب الذي ألفوه مدّة في تلك الدار ثمّ فصّل ذلك النعيم الخاصّ بهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزمه في الصورة الظاهرة والحال المقيد بوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ، ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته ، وهي بعض مراتب الحق من " فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الله "  فشطر المسجد الحرام منها ففيه وجه الله ، ولكن لا تقل هو هاهنا فقط ، بل قف عندما أدركت ، والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام ، والزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأينية الخاصة بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها ، فقد بان لك عن الله أنه في أينية كل وجه ).
يعنى أن الكامل مع علمه بلا تقيد الحق بجهة مخصوصة يلزمه بحكم حال التقيد بالتعلق البدني التوجه بالصلاة إلى جهة الكعبة ، فإنه لا يمكنه التوجه حال التقيد إلى جميع الجهات ، بل يختص توجهه بجهة واحدة ، وتلك الجهة هي المأمور بالتوجه إليها من عند الله فتعينت وإلا ثبت العصيان ، والباقي ظاهر
 
(وما ثم إلا الاعتقادات ) أي وما في أينية كل جهة إلا الاعتقادات ، لأنها هي الجهات المعنوية تتوجه فيها قلوب المعتقدين إلى الحق.
( فالكل مصيب ) لأن للحق في كل معتقد وجها ( وكل مصيب مأجور ) لأن له من الحق المطلق حظا ونصيبا.
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضى عنه وإن شقي زمان في دار الآخرة ،)
قوله في الحياة الدنيا متعلق بقوله مرض وتألم ، ثم إن أهل العلم الكشفي يطلعون من طريق الكشف على أن أهل جهنم قد يكون لهم نعيم مختص بهم ولذة تناسب حالهم ، مع كونهم في دار الهوان والبعد المتوهم وبعض الشر أهون من بعض ، ومع ذلك لا يخلد مؤمن في عذاب جهنم وإن كان فاسقا .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
قال رضي الله عنه : ( ثم ، إن العبد الكامل مع علمه بهذا ، يلزم في الصورة الظاهرة والحالة المقيدة ) وهي حال الصلاة .
قال رضي الله عنه : (التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ، ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته ،وهي بعض مراتب وجه الحق في " أينما تولوا فثم وجه الله " فشطر المسجد الحرام منها ، ففيه وجه الله).
 
أي ، الكامل أيضا مع علمه بوجوه الحق ومراتبه - وأن الحق متجلي في جميع الجهات - ينبغي أن يلازم شطر المسجد الحرام ، ويتقيد بما يقتضيه حال الصلاة انقيادا لأمر الحق واتباعا لنبيه ، وطوعا لشريعته الذي هو المقتدى للكل من حيث إنه مظهر الاسم الظاهر وتجلياته ، ويعتقد
بحسب الباطن أن هوية الحق في قبلته ، لأنها بعض وجوه الحق لكن لا يحصرها فيها .
 
قال رضي الله عنه : (ولكن لا تقل هو هيهنا فقط ، بل قف عندما أدركت والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام ، والزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة ، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها ) . ( ما ) بمعنى الذي .
( فقد بان لكن عن الله أنه في أينية كل وجهة ) . ولما كانت الأينيات عبارة عن الجهات - وكان بعضها حسية وبعضها عقلية وهي جهات الاعتقادات -
قال : ( وما ثم إلا الاعتقادات . فالكل مصيب ) . لأن كلا منهم يعتقد وجها خاصا من وجوه الحق .
قال رضي الله عنه : (وكل مصيب مأجور ، وكل مأجور سعيد ،وكل سعيد مرضى عند ربه ،وإن شقي زمانا في الدار الآخرة)

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 13:55 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 9:28 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
 
قال رضي الله عنه : ( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله. ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر . حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات. فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عنه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.)
قال رضي الله عنه : (ثم إن العبد الكامل) الذي اعتقاده هیولی صور المعتقدات (مع علمه بهذا) أي: بكونه في كل أين لا يكفيه ذلك بحسب الأحوال كلها.
 بل (يلزمه في الصورة الظاهرة) وإن كان في الباطن متوجها إلى ما هو هيولى، صور المعتقدات كلها.
"" قال القاشاني الهيولى: عندهم اسم الشيء بنسبته إلى ما يظهر فيه صورة، فكل باطن يظهر فيه صورة يسمونه هيولى.""
 
قال رضي الله عنه : (والحال المقيدة) وهي حال الصلاة في الأمن غير النافلة، حالة السير في السفر إلى مقصد معين.
قال رضي الله عنه : (التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام) لكونه أول بيت وضع للناس، أي: لعبادتهم التي خلقوا لها، وقد كان مبدأهم الترابي من تلك الجهة.
فأشبه المبدأ الروحاني، ولذلك يلزمه أن (يعتقد أن الله) ظهر (في قبلته)
ظهورا یوجب التوجه إليها في عبادة الحق، ولكن لا نعبد القبلة نفسها، ولا نعتقد ألوهيتها.
وإلا لم يختص وجوب هذا الاعتقاد (حال صلاته)، ولكن النص خصصه بها.
قال صلى الله عليه وسلم : "إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فلا يبصقن قبل قبلته فإن الله في قبلته ".
 
وفي رواية: «إن أحدكم إذا قام في الصلاة، فإنما يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزق أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو يمينه" . رواه البخاري ومصنف ابن أبي شيبة و عوالي الحارث بن أبي أسامة ومسند الشاميين للطبراني و ورى مثله الحاكم.
 
""وفي رواية مسلم : "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا، وفي يده عرجون ابن طاب، فرأى في قبلة المسجد نخامة فحكها بالعرجون، ثم أقبل علينا فقال: «أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟» قال فخشعنا، ثم قال: «أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟» قال: فخشعنا، ثم قال: «أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟» قلنا: لا أينا، يا رسول الله قال: «فإن أحدكم إذا قام يصلي، فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره، تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا الى آخر الحديث » ورواه أحمد وابو داود وغيرهم.""
 
قال رضي الله عنه : (وهي) وإن كان موجبا للتوجه إليه والإيمان به (بعض مراتب وجه الحق) كسائر مراتبه الكاملة من الأنبياء والملائكة واليوم الأخر وغير ذلك مما يجب الإيمان به، ولا تكفي الاعتقادات بدونها.
لأنها داخلة (في) قوله تعالى: "فأينما تولوا فثم وجه الله "  [البقرة: 115] .
لكن هذه وجوه خاصة، (فشطر المسجد الحرام منها ففيه وجه الله) بنهج خاص يمنع التوجه إلى ما سواه.
قال رضي الله عنه : (ولكن لا تقل هو هاهنا فقط)، أي: في شطر المسجد الحرام، وكذا لا تقل في تلك المظاهر الملائكة والنبوة كما قالت النصارى في المسيح والصابئون في الملائكة (بل قف عند ما أدركت) من كونه وجها خاصا يوجب التوجه.
 
قال رضي الله عنه : (والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام)، فلا تجعل المسجد نفس المعبود، ولا يكن كونه مظهرا خاصا موجبا للتوجه إليه لشبهة المبدأ خلاف ما يتوجه إليه عبدة الأصنام مثلا.
قال رضي الله عنه : (والزم الأدب في عدم حصر الوجه) الإلهي (في تلك الأبنية الخاصة)، أي: وإن كان له نوع اختصاص يوجب التوجه إليها في العبادة.
 
قال رضي الله عنه : (بل هي) أي: أبنية المسجد الحرام (من جملة أينيات ما تولى متول إليها) في طلب الحق، لكن خصت بالجذب إلى الحق دون سائر الجهات .
فإن عبادة الأصنام وغيرها من العنصريات والفلكيات إنما تجذب إلى الشياطين وإنكار النبوة و الأمور الأخروية.
 
وإذا ورد في القرآن: "فأينما تولوا فثم وجه الله " ؛ (فقد بان لك عن الله أنه في أينيته كل وجهة)، ومعلوم أنه منزه عن المكان والجهة. "قال تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الأسرار : 23 ]".
 
فتعين أنه (ما ثم) أي: في الأينيات أي: (الاعتقادات)، أي: الصور المعتقدة وقد علمت أن المعتقد إما يصير معتقدا عندما يوجب الجزم به من الدليل عقلي أو شرعي أو كشفي.
 
فالكل من المعتقدين المتولين إلى الصور قاصدين بذلك التوجه إلى الحق نفسه لا إلى الصور ولا إلى ما يظهر فيها من أرواح الشياطين وغيرها (مصيب)، وإن أخطأ بعضهم في حصر الحق في بعض الصور وهم البراهمة، أو بنفي الصفات عنه أو إثبات ما ليس من صفاته له.
 
قال رضي الله عنه : (وكل مصيب مأجور) بقدر إصابته إن لم يحيط أجر إصابته باعتقاد إلهية الصور، أو أرواحها أو الإخلال بالإيمان لما يجب به الإيمان فيؤجر لا محالة، وإن عوقب بما أخطأ أو باشر من الكبائر أو الصغائر.
قال رضي الله عنه : (وكل مأجور سعيد)، كيف لا (وكل سعيد مرضي عنه)، والألم يعطي الأجر، والرضا غاية السعادة، فلا تبطل سعادته الباقية بعد تعلق الرضا به.
 
قال رضي الله عنه : (وإن شقي زمانا) قبله (في الدار الآخرة) بما فاته من نور الاعتقاد الجامع الذي هو هیولی صور الاعتقادات كلها، وكيف تنافي هذه الشقاوة سعادته.
 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
 
ثمّ أخذ يبيّن مبدأ ما عليه الجمهور من العوارض الشاغلة ، والعقائد العائقة قائلا : ( ثمّ إنّ العبد الكامل مع علمه بهذا ) الوجه الإطلاقي ( يلزم في الصورة الظاهرة ) وما هي عليه من حكم الكون وقهرمان القيد ( والحال المقيّدة ) من العوارض المشخّصة الزمانيّة وتطوّراتها المكانيّة.
قال رضي الله عنه : ( التوجّه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ، ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته ) وهو من آثار تقيّد العبد وتشخّصه زمانا ومكانا .
قال رضي الله عنه : (وهو بعض مراتب وجه الحقّ من : " فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه ُ الله " فشطر المسجد الحرام منها) أي من تلك المراتب وجزئيّاتها ( ففيه وجه الله ، ولكن لا تقل « هو هنا فقط » ) .
كما قيل :
لا تقل دارها بشرقي نجد   ..... كلّ نجد للعامريّة دار
فلها منزل على كلّ ماء   ...... وعلى كلّ دمنة آثار
 
قال رضي الله عنه : ( بل قف عندما أدركت ) من الإطلاق ، ( والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام ) خاصّة ، وفاء بحقّ العبوديّة من الإذعان والانقياد .
( والزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأينية الخاصّة ) وفاء بحقّ كمال العبوديّة ، وبيّن أنّ كلّ ما يقصده المتحرّك فهو المتوجّه إليه - سواء كان شرحيّة صدريّة ، أو عقديّة عقليّة ، أو كونيّة طبيعيّة ، أو ظهوريّة جوهريّة ، أو حاليّة عرضيّة نمويّة كميّة ، أو استحاليّة كيفيّة ، أو انتقاليّة أينيّة - وهذا أظهر أقسام الحركة وأنزل مراتبها.
 
ولذلك قال : ( بل هي من جملة أينيّات ) أي منسوبات إلى الأين ، وهي سائر أقسام الحركة وأصنافها ( ما تولى متول إليها ) على ما هو المستفاد من العموم في "أَيْنَ ما".
قال رضي الله عنه : ( فقد بان لك عن الله أنّه في أينية كلّ وجهة ، وما ثمّ ) في الأينيّات ( إلَّا الاعتقادات ) فإنّها أصل سائر الحركات والأينيّات ، ( فالكلّ ) من المعتقدين ( مصيب ) في اعتقاده ، لأنّه ممّا تولَّى إليه متولي .
قال رضي الله عنه : ( وكلّ مصيب مأجور ، وكلّ مأجور سعيد ، وكلّ سعيد مرضيّ عنه وإن شقي زمانا  في الدار الآخرة ) باعتبار إدراكه الأمور الغير الملائمة المنافرة لمقتضى زمانه .
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.   )
 
قال رضي الله عنه : ( ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد )


قال رضي الله عنه :  (ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا)، أي بعدم انحصار الحق في أبنية خاصة وجهة معينة (يلزم)، أي يلازم في الصورة الظاهرة الحسية اللدنية لا في الصورة الباطنة القلبية الروحية .
قال رضي الله عنه :  (و) في (الحالة المقيدة) المخصوصة التي حالي الصلاة (التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام) انقيادا لأمر الحق سبحانه واتباع لشريعة نبيه صلى الله عليه وسلم (ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته) غير منحصر فيها .
 
"" أضاف المحقق : حديث البخاري ومسلم :  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقا في جدار القبلة فحكه، ثم أقبل على الناس فقال: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه، فإن الله قبل وجهه إذا صلى الله عليه وسلم" . ورواه غيرهما""
 
قال رضي الله عنه : (وهي)، أي قبلته (بعض مراتب) ظهور (وجه الحق) المفهومة من قوله تعالى: ("فأينما تولوا فثم وجه الله "، فشطر المسجد الحرام منها)، أي من تلك المراتب
 
قال رضي عنه : (  الحرام منها، ففيه وجه الله. ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات. فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه )
 
قال رضي الله عنه : (ففيه)، أي في شطر المسجد الحرام ("وجه الله") وحقيقته لكنه غير منحصر فيه كما أشار إليه بقوله (و لكن لا تقل هو ههنا)، أي في شطر المسجد الحرام (فقط) وما أحسن ما قيل:
لا تقل دارها شرقي نجد    …… کل نجد للعامرية دار
فلها منزل على كل ماء    ….. وعلی کل دمنة آثار
 
قال رضي الله عنه :  (بل قف عندما أدركت) من كتابه سبحانه ولا يتجاوزه (والزم الأدب) ظاهرا (في الاستقبال شطر المسجد الحرام) ولا تتجاوزه .
كما أدركت من قوله تعالى : "فول وجهك شطر المسجد الحرام " [البقرة: 144]، (و) كذلك (الزم الأدب) باطنا (في عدم حصر الوجه في تلك الأينية خاصة) أو الجهة المنسوبة إلى الأين المسؤول عنها التي هي شطر المسجد الحرام ما أدركت من قوله تعالى : "فأينما تولوا فثم وجه الله".
 
قال رضي الله عنه :  (بل هي)، أي تلك الأينية الخاصة من جملة أينيات ما تولى متولي إليها، أي (من جملة أينيات) وجهات (ما تولی متول إليها) .
فقوله : أينيات بالتنوين و لفظة ما زائدة (فقد بان)، أي ظهر (لك عن الله) بهذه الآية (أنه في أينية كل وجهة) يتوجه إليها.
قال رضي الله عنه :  (وما ثمة) أي عند التولي إلى أينية كل وجهة (إلا الاعتقادات)، أي اعتقادات أن ثمة وجه الله ، فإن تلك الأينيات إن كانت أينية معنوية .
فالقول إليها عین اعتقادات وجه الله فيها ، وإن كانت صورته فالتولي إليها صورة لا تكون إلا بعد اعتقاد أن فيها وجه الله .
 
فالاعتقاد الذي هو التولي المعنوي لازم على كل تقدير بخلاف التولي الصوري، فإنه غير لازم بل غير صحيح إذا كانت الأينية المتوجه إليها من الجهات المعنوية.
فليس عند التولي إلى الأينيات على وجه العموم واللزوم إلا الاعتقادات، فالاعتقاد أيضا تولي، فكل ما يعتقده المعتمدون یکون من الأينيات التي أخبر الله سبحانه بأن ثمة وجه الله (فالكل) من المعتقدين.
أي اعتقاد کان (مصيب) في اعتقاده ، لأن اعتقاده مما تولى إليه متول (وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي) عند ربه فكل من المعتقلين في الله ، أي اعتقاد كان مرضي عند ربه
 
قال رضي عنه : (  وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.)
قال رضي الله عنه :  (وإن شقی زمانا في الدار الآخرة)، فإن الشقاوة في بعض الأزمنة لا ينافي السعادة المطلقة .

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 9:34 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
قال رضي الله عنه : ( فقد مرض وتألم أهل العناية- مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق- في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم .)
 
قال رضي الله عنه : (فقد مرض وتألم) في الدنيا بأنواع الأمراض والأوجاع والآلام (أهل العناية) من الخاصة والعامة (مع علمنا) قطعة (بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا) وكثير من الناس جرى عليهم لسان الشرع بالتلقيب بالكافرين والضالين المضلين والفاسقين والمبتدعين.
ثم انتسخ ذلك عنهم وزال حكمه بخلق الله فيهم الإيمان والهداية ، فلقبوا بالمؤمنين والصالحين والأولياء المقربين، وبعد أن توجه عليهم غضب الله تعالی وکانوا من أهل السخط والعقوبة زال ذلك عنهم.
وتبدل الغضب بالرضوان والمثوبة، وبالعكس من ذلك أيضا ولم يلزم منه فساد في ملك الله تعالى ولا تعطيل اسم من أسمائه ولا صفة من صفاته، لأن صفاته تعالى وأسماءه ثابتة له تعالى من الأزل إلى الأبد ولا توقف لها على ظهور أثر أصلا، بل الآثار موقوفة عليها لا هي موقوفة على الآثار، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
 
والمخلوقات كلها متغيرة متبدلة في كل حين كما هو المشاهد في الدنيا ، وكذلك في الآخرة وإن كانت الآخرة متسر مدة عليهم وأهل الجنة والنار باقون على الأبد.
ولكن تغيير أحوالهم في ظواهرهم وبواطنهم كائنة لا محالة ، فإذا أدركت الرحمة جميع أهل الآخرة وعمتهم مع بقاء أحوالهم فيها على ما هي عليه وتبدلها من حيث الأذواق باطنا فلا بعد في ذلك والنصوص بسبق الرحمة والغضب واردة.
والإشارة القرآنية على ذلك متعاضدة .
قال رضي الله عنه : (فمن) بعض (عباد الله) تعالى (من تدركهم تلك الآلام) والبلايا التي أدركت أهل السعادة في الحياة الدنيا تدركهم (في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم ومع هذا)، أي إدراك الأمر لهم في الحياة الأخرى (لا يقطع أحد من أهل العلم) بالله تعالى (الذين كشفوا الأمر) الإلهي في جميع العالمين (على ما هو عليه) في نفسه.
 
(أنه)، أي الشأن (لا يكون لهم)، أي لأهل الشقاء في الآخرة (في تلك الدار) التي تسمى جهنم (نعیم) روحاني ذوقي (خاص بهم) ليس مما يعهد في الحس والعقل إما بفقد ألم العذاب الذي (كانوا يجدونه) في نار جهنم مع بقاء صورة العذاب عليهم إلى الأبد (فارتفع عنهم) وجعه وبقيت عينه على ما هو عليه .
قال رضي الله عنه : (فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم) الذي كانوا يجدونه أولا مدة يوم القيامة حتى ينقضي كما انقضى يوم الدنيا، ويبدأ يوم الخلود كما قال سبحانه :
"ذلك يوم الخلود " [ق: 34] .
فيوم الخلود بعد أن ييأس أهل النار من الخروج منها وينادوا : "ونادوا يامالك ليقض علينا ربك" ، وهم فيها يصطرخون وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه : "قال إنكم ماكثون " [الزخرف: 77].
فإذا ابتدأ يوم الخلود أدركوا هذا النعيم الروحاني الذي كانوا بعضهم من طوائف أهل النار مؤمنین به في الدنيا ولاحظ لهم من النعيم الجسماني الذي كذب به من كذبه منهم.
قال رضي الله عنه : (أو يكون) لهم في النار (نعیم مستقل) غير الراحة وزوال الألم (زائد) على الراحة وزوال الألم المذكور (کنعيم أهل الجنان في الجنان).
وقد اختلف أهل الله تعالى في هذه المسألة وكلهم مجمعون بطريق الكشف والإشارة اللائحة من النصوص العقلية على أن المآل والمرجع إلى الرحمة وسبقها للغضب وتأخر الغضب عنها (والله أعلم ) بما هو الأمر عليه في نفسه وهو الحكيم الخبير .
تم فص الحكمة الهودية
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
(فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا) سعداء ممتزجين من (أنهم سعداء أهل حق) .
قوله رضي الله عنه :: (في الحياة الدنيا) متعلق بتألم (فمن عباد الله من ندركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمي جهنم) فكما لا ينافي الألم السعادة في الحياة الدنيا كذلك لا ينافي في الحياة الأخرى .
فكما أن أهل الحق إذا تألموا في الحياة الدنيا فهم على لذة في ذلك الألم بمشاهدة ربهم فلا يشغلهم الألم عن ربهم.
فإن الألم أين من الأبنبات والأين لا يشغل العارفين عن استحضار الحق كذلك أهل النار في الحياة الأخروية وإن كانوا يتألمون فهم على لذة روحانية بمشاهدة ربهم لانهم عارفون فيها فلا يحتجبون بالألم عن الحق فلا ينافي الآلام راحتهم .
وقد أورد دليلا على ذلك كلام أهل الله بقوله رضي الله عنه : (ومع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما مو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعیم خاص بهم أما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم من وجدان ذلك الألم أو يكون نمیم مستقل زائد) على فقد المهم مناسب لحالهم.
قال رضي الله عنه : (کنعيم أهل الجنان في الجنان) قوله : (والله أعلم).
يدل على توقف المصير في هذه المسألة.
أقول: إن لهذا الكلام مبني وتحقيقا أما مبناه فهو أن رحمة الله متنوعة بلا شك رحمة خالصة من شرب الألم كما في الجنة ورحمة ممتزجة بالألم كما في الأنبياء .
فإن منهم من يدركهم الألم في الدنيا وهم في لذة وراحة في ذلك الألم بل الألم عين الرحمة في حقهم فهم يحسون الراحة مع حسهم الألم.
إذ لا ينفك نعم الله منهم في أي حال كانوا ولا ينبغي لأحد أن ينكر اجتماع الألم واللذة في طبعهم الشريفة فلما سبقت رحمته غضبه لا يكون العذاب أبدا إلا ممتزجا إذ رحمه الله بالنسبة إليه عامة في حق كل شيء.
والعذاب قد عرض باستحقاق عين الممكن بالمخالفة أو بحكمة أخرى فلزم الامتزاج من ذلك فلا ينافي الألم ظهور أثر الرحمة وهو وجدان الراحة في بعض المزاج هذا هو مبنى الكلام .
وأما تحقيقه فهو أن قوله : "وسعت رحمتي كل شيء" (الأعراف: 156) عام في حق كل شيء وكذلك «سبقت رحمتي غضبي» عام.
والنصوص الواردة في حق الكفار كلها بحسب اجتماعها وانفرادها لا تدل قطعيا إلا على حرمانهم أبدا عن رحمة خالصة وهي نعيم الجنان يعني لا يخرجون عن النار أبدا ولا يدخلون الجنة .
وأما دلالة النصوص على أنهم لا يخلون عن العذاب أبدا على معنى لا يرتفع العذاب أصلا لا ينافي كلامهم .
فإن قولهم: يجوز أن يكون لهم في نار جهنم بعد التعذيب إلى ما شاء الله نعيم مباين نعيم الجنان هو بعينه ممتزج بالعذاب .
لأن النعيم الخاص في الدار الآخرة عندهم مختص بنعيم الجنان لا يوجد في غيره فلا يخلون عن العذاب أم على ذلك التقدير غايته يحسون الراحة ويجدون اللذة بعد المدة المديدة ويجمعون اللذة والألم لظهور الرحمة التي سبقت في حقهم بقدر نصيبهم فيحسونها في الألم لكسب الاستعداد إلى وجدان الحس فإن العذاب متنوع فحاز أن
يجتمع نوع من العذاب بنوع من الرحمة ويؤيد ما قلناه تفسير البيضاوي في قوله تعالى فلو جعل قوله : "لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا " [النبأ: 24 - 25] .
حالا من المستكن في لابثين أو نصب أحقابا لا يذوقون احتمل أن يلبثوا فيها أحقابا غير ذائقين إلا حميما وغساقا .
ثم يبذلون جنسا آخر من العذاب فلا تقطع النصوص الواردة في حقهم الرحمة بكليتها بالنظر إلى نفسها من غير اقتران بالإجماع فظهر أن كلامهم أدل على بقاء العذاب للكفار من النصوص الواردة في حقهم الرحمة بكلبتها بالنظر إلى نفسها من غير اقتران بالإجماع فظهر أن كلامهم أدل على بقاء العذاب للكفار من النصوص والإجماع .
لأنهم لما قسموا الرحمة إلى الخالصة من الألم والممتزجة مع الألم وحصروا الخالصة في الدار الآخرة إلى نعيم الجنان .
تعين ما أثبتوا لهم من الراحة على الاحتمال ومجرد الجواز لا على تحقيق الوقوع لا يكون أبدا إلا رحمة ممتزجة بالألم فلا يخلو عن العذاب قطعا ولا يخفف عنهم العذاب بتقليل أسبابه إذ مال التخفيف إلى ارتفاع العذاب.
وذا ينافي الرحمة الممتزجة لهم ولا هم ينظرون بنظر الرحمة التي في دار الجنان فإن هذه الرحمة ليست بنظر الرحمة في حقهم بل هي سبقت في حقهم مرکوزة في جبلتهم ومكنونة في بطونهم .
فظهرت في وقتها لوجود شرائط ظهورها وهي من مقتضيات طبعهم تحصل لهم لا تحصل بنظر الله لهم .
لذلك لا يرتفع بظهورها العذاب، ولو كانت تلك الرحمة بنظر الله لارتفع عذابهم فلا تخصص بالنصوص الواردة في تأييد العذاب في حق الكفار قوله : "وسعت رحمتي كل شيء" وبقي على عمومه بحسب نصيب كل شيء منها.
ولا تسقط بها عموم الرحمة في حق الكفار إلا في نوع من أنواعه وهو نعيم الجنان فرحمة الله تعالی تعم الأشياء كلها بالنص الإلهي حتى العذاب إذ العذاب وجود والوجود من رحمة الله تعالی بل الحق أيضا بمعنی إيصال الرحمة فيه كان رحيما فشيئه لا كشيء والله على كل شيء قدير بل کشيء.
 والله بكل شيء عليم ورحمة الله تعالى واسعة ونور من الله تصل إلى عباده على حسب استحقاقهم ولا يطفى نور الله شيء في حق شيء والله متم نوره .
بأن نقول إن الله قد يتجلي في الجنة القلوب عباده من أهل الله بعظمة جلاله وكبريائه فيشاهدون قدرة الله على إهلاكهم وإهلاك الجنة لإمكان الهلاك في نفسه وإنما كان وعد الله حقا وهو النصوص الواردة في عدم هلاكهم وهلاك الجنة.
لكن لا ينافي ما قلناه كالمبشرة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين بزید خوفهم من الله بعد البشارة بالجنة بالنص الإلهي فحالهم هذه ناشئة من كمال يقينهم بالنص في حقهم فيقعون في خشية الله تعالى بسبب هذا العلم الحاصل من التجلي. "إنما يخشى الله من عباده العلماء".
والخشية توجب الخوف، والخوف نوع من الألم من كونهم في الراحة الكلية فيجتمعون الألم المعنوي الجزئي و الراحة الصورية الكلية في دار النعيم والنصوص لا تقطع في حقهم إلا الألم الصوري لا الألم المعنوي.
 قال الشيخ في كلمة عزيرية العلم بسر القدر يعطي الراحة الكلية للعالم به ويعطي العذاب الأليم أيضا للعالم به فهو يعطي النقيضين تم كلامه .
وقد ظهر سر القدر في اليوم الآخر لكل أحد فيعطي النقيضين في ذلك اليوم أيضا والإنسان لكونه مظهرة للأسماء الإلهية المتقابلة لا يزال جامعا للنقيضين الألم والراحة بحسب المقامات وبحسب الظهور والبطون .
فألم أهل الجنة في غاية الخفاء والبطون بظهور الراحة الكلية كما أن راحة أهل النار في غاية الخفاء والبطون بظهور العذاب الأليم .
فلا يصح في التحقيق سلب الألم والنعم عن الإنسان من كل الوجوه لعموم الجمعية في نشأته الدنيوية والأخروية والمقصود إثبات عدم انقطاع أثر الأسماء المتقابلة وأحكامها عن وجود الإنسان وقد نازعني بعض العلماء في ذلك بقوله تعالى: "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها" [النساء: 56) .
وما علموا أن كلما لعموم الفعل لا لدوام ثبوته فما ثبت قطع الرحمة بالكلية في حقهم إلا بالإجماع وما لهم نص في ذلك إلا أنه لما دل النصوص على حرمانهم أبدأ عن الرحمة العظمى والجليل القدر عند الله والنعمة العظمى والنافعة الكبرى وهي نعيم الجنان فلا رحمنه عندهم في الدار الآخرة أصلا غير ذلك .
وكل ما عدا ذلك عذاب محض غير الأعراف وما جاز عند أهل الفناء من الرحمة الممتزجة بالعذاب ليس بشيء من الرحمة عندهم على أنه من أي شيء عرفتم أن الإجماع وقع على نفي ما جاز عند أهل الله لا بد من البيان .
فجاز وقوع الإجماع على ما دل عليه النصوص بدون سلب کلي غايته أنهم لم يتعرضوا جوازه ولا عدم جوازه.
فجاز أن يدخل تحت الإجماع وأن لا يدخل بل التفويض والتوقف في ذلك أولى وأنسب من أهل الفناء إلى الإجماع لأن حكمهم على حسب علمهم ولا يتعلق علمهم بما في العذاب بدون نص حتی تعلق حكمهم بالنفي أو الإثبات .
إلى ما في لب العذاب إذ كل نص عندهم لا يدل إلا على بقاء ظاهر العذاب ولا يلزم منه الدلالة على ما في العذاب فلا حكم لهم في باطن العذاب أصلا بحسب النصوص.
 وإن قلتم اجتمعوا على ذلك برايهم أو بالنص هات البرهان على ذلك من النقل أو العقل، فلا يتوهم أن هذا المعني تكلم منهم من عند أنفسهم بل أخذوا الرحمة عن بعض النصوص .
وهو قوله: "سبقت رحمتي غضبي" ، "ورحمتي وسعت كل شئ"، وغير ذلك من النصوص الدالة على شمول الرحمة وأخذوا عن بعض النصوص بقاء العذاب عليهم فجوزوا الرحمة الممتزجة من العذاب إبقاء لحكم النصوص.
إذ لا يترك حكم الله من غير ضرورة ولا ضرورة ههنا وعاملا بقوله تعالى: "أعطى كل ذي حق حقه" فنهاية علم العلماء بالله في مثل ذلك التوقف وتفويض الأمر .
كما توقف الشيخ صاحب الكتاب رضي الله عنه في حق فرعون وفوض أمره إلى الله .
وقال : ثم إنا نقول بعد ذلك والأمر فيه إلى الله لما استقر في نفوس عامة الخلق إلى شقائه . فراعى الشيخ جانب الإجماع لأن الإجماع كما كان حجة عند أهل الظاهر كذلك حجة لأهل الله سواء كان بالنص أو بدونه فإذا عرفت هذا.
فاعلم أن أهل الله الذين انكشف لهم أسرار النصوص الإلهية في مثل هذه المسائل إذا نظروا إلى النصوص يبسطون ويرجون رحمة الله وإذا نظروا إلى الإجماع خافوا عقاب الله .
هكذا حالهم إلى آخر عمرهم، فعلمهم هذا يعطي الحيرة والتوقف وتفويض الأمر إلى الله وهو مقام الأعراف.
وعلى الأعراف رجال فهم ثابتون في هذا المقام الأعلى والأشرف فكان ثبوتهم بين هذه النصوص والإجماع وهو عين ما ذهب إليه جميع الملل الإسلامية من أنه المؤمن بين الخوف والرجاء فلا يكذبون النصوص ولا الإجماع.
بل يصدقون ويجمعون بينهما كيف فإن قوله لا يقطع أن يكون لهم نعيم مباین لا يدل إلا على احتمال الوقوع لا على تحقق الوقوع والرجاء.
بتحقيق بمجرد احتمال وقوع الوعد فليس في كلامهم في هذه المسألة دلالة على تحقق وقوع الرحمة ولو ممتزجة بل على جواز الوقوع.
فكما أن المؤمن في حالة الرجاء لا يكذب النصوص الواردة في الوعيد وفي حالة الخوف لا يكذب النصوص الواردة في الوعد.
وكذلك أهل الفناء فما مسألتنا هذه إلا وهي عين ذلك ولا تحمل عليه أي على الشيخ ما لا تحمل عبارته بل كل ما نقوله من مدلولات کلامه ومقصوده وليس مقصوده من إيراد هذه المسألة إلا تحقیق دلالة النصوص في هذا الباب.
فإن أكثر الناس لا يعلمون مثل ما علمه فما ثبت قطع الرحمة عنده بالكلية إلا بالإجماع.
وأما النصوص فلا تدل إلا على قطع نوع من الرحمة وهو نعيم الجنان، فقد رفع الحجاب بذلك التحقيق عن وجوه المعاني لأهل الإنصاف وهذا التطبيق والتوجيه على مراده مما لم يهتدي به أحد من قبلي.
والله الهادي إلى صراط مستقيم وما ذلك الكتاب إلا كرامة منه لذلك رد البعض وقبل البعض وذلك من خصائص المعجزة والكرامة شعبة منها.
إلا أن منهم من رده لغير أهله وأجازه لأهله فله وجه ظاهر مطابق للواقع، ومنهم من زده وبالغ في رده بالإبطال والإحراق فله وجه صحيح أيضا.
فإن للفتوى لا يكون عن جهل لأنه هو الحكم على ما ينتهي إليه علم المفتي من الحق والباطل.
فإن الحكم في حق الشيء بالحق أو الباطل تابع بعلم المفتي لا على ما كان عليه نفس ذلك الشيء في الواقع فلا يكلف إلا بالجهد على قدر طاقته البشرية بحيث لا يكون مقصرا في جهده في حكم شيء.
كالمصلي المتحري نحو القبلة ولا يكلف باطلاع على حقيقة الأمر فإن ذلك ليس في وسع كل أحد فكان مثابا مأجورا بعمل ما يجب عليه من حفظ الشريعة المطهرة ولا يتعلق به لسان الذم شرعا.
وحقيقة بل هذا عند أهل الله بل عند صاحب الكتاب أكمل الناس في مقام الشرع لظهور غاية الشرع بكماله منه فكان الإحراق في حق الكتاب وإن كان ظلمة أولى من أن لا يطلع ويعمل به فاستحق بذلك عند أهل التحقيق لان المدح فلا ينبغي للسالكين أن يظنوا السوء بالعلماء في مثل ذلك.
فإن ظهور هذه الأفعال منهم لا يكون إلا عن كمالاتهم في مرتبتهم اقتضت صدور ذلك لا عن نقصهم فمن ظن السوء منا فليس ذلك
إلا عن جهله وتصوره في طريق التصوف.
أيها المحب اسمع من لسان الفقير فائدة جديدة جليلة وهي أنه لما قال الله تعالی للملائكة : "إني جاعل في الأرض خليفة" [البقرة : 30] قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" [البقرة : 30] .
انضمت هذه المنازعة إلى علة آدم فأثرت في وجوده فكل آدم حاملا لها فخرجت من ذريته ثلاثة طوائف :
خليفة عن الحق والملائكة معا وهم الأنبياء والمرسلون.
وخليفة عن الحق وهم أولياء الله ومن كان في طريقهم
وخليفة عن الملائكة وهم علماء الشريعة وأئمة الدين
فمقام الأولياء العفو والستر والنظر إلى جهة الكمال كما فعل الحق بآدم ولا ينظرون إلى جهة القصور بل كل شيء تام بنظرهم لعلمهم بأن الله تعالى قبل آدم وأوجد ولم يرد قول الملائكة في حقه مع علمه بعصيان آدم ولم ينظر إلى قصورهم بل نظر إلى جهة كماله وقيل من كل عيب ثم أوجدهم وقال في جوابهم "إني أعلم ما لا تعلمون" [البقرة : 30] .
يعني أن ما قلتم في حقه صدق لكنه إني أعلم منه غير ذلك من الكمال ولو علمتم ما أعلم لم ينازعني فلم علم الملائكة ما علم الله بتعليم الأسماء ارتفع نزاعهم فقالوا: " لا علم لنا إلا ما علمتنا" [البقرة: 32] .فهذا هو مقام أهل الله خلافة عن الحق .
وأما خليفة الملائكة فهم علماء الشريعة وأئمة الدين فإن مراد الملائكة بقوله :"أتجعل فيها" تقديس الحق وتنزيهه عما لا يليق بجناب عزه من الإفساد وسفك الدماء وغير ذلك من المناهي الشرعية.
لذلك قالوا: "ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " [البقرة : 30] يعني لا يليق بحضرتك إلا التسبيح والتقديس ، فأقامهم الله في مقام التقديس مقام الملائكة فسبحوا وقدسوا الحق بحسب علمهم على كل ما يليق به تسبيحهم وتقديسهم وإن لم يعلموا مرتبتهم فإذا علموا ما علم أهل الله ارتفع نزاعهم لعلمهم علما وراء علمهم الذي أنكروه قبل ذلك .
لحصرهم العلم على علمهم فما كان نزاعهم في التحقيق إلا لطلب العلم عن أهله وإن كانوا لا يشعرون بذلك فالنزاع ينشأ من عدم علمهم بحقيقة العلم .
فإذا علموا سلموا كالملائكة عند علمهم من آدم بما علم الله منه .
كما أن الملائكة ليس مرادهم المنازعة مع الحق بل طلب العلم بحكمة الخلافة مع التقديس جناب الحق .
فإذا كان العلماء خليفة الملائكة وجب تعظيمهم كالملائكة بل هم أحق بالتعظيم من الملائكة فهم البشر الملك والملك ملك وحده فإنهم حجة واضحة لله تعالى في الأرض عامة .
الحكم لجميع الناس وليس كذلك أهل الحق فإنهم حجة مخصوصة لطائفة مخصوصة وكم بينهما إلا فتعظموهم على أي حال كانوا من الإقرار والإنكار فإن إنكارهم بعض أفعال الفقراء وأقوالهم وأحوالهم عين تنزيههم الحق وتقديسهم عما لا يليق به اقتضت غيرة الحق بحسب مقامهم صدوره منهم.
فتعظيمهم تعظيم الحق والملائكة وتعظيم الأنبياء فإنهم كأنبياء بني إسرائيل وورثة الأنبياء فهم حملوا على ظهورهم ما لا تحمله السموات والأرض .
وما قدر أحد قدر هم إلا من علمه الله من لدنه علما فلا يصح المعارضة والمنازعة معهم في شيء فالواجب علينا فيما أشكل عليهم من كلام أهل الفناء التطبيق الشرعي.
فإن علم أهل الله المسمى بالعلم الباطن من مدلولات ما دل على العلم المسمى بالعلم الظاهر والأول عين الثاني بالذات .
فهو مستفاد من وجوه الشرع لكن لا يفهمه كل أحد بل يفهم من تنور عقله بالنور الإلهي فمن ذهب إلى أنه مغاير بالذات لا يمكن التطبيق الشرعي بحيث يسلم ويقبل عند الشرع بحسب القبول فقد أخطأ .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
 
قال رضي الله عنه : " فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . "
 
معنى الحكمة ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
 
قال رضي الله عنه : "فقد مرض وتألَّم أهل العناية مع علمنا بأنّهم سعداء أهل الحق في الحياة الدنيا ، فمن عباد الله من يدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمّى جهنّم ، ومع هذا فلا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه ، أنّه لا يكون لهم في تلك الدار " أي في دار جهنّم « نعيم خاصّ بهم " .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ أهل جهنّم على ما هم عليه من البعد المتوهّم ينعّمون بما يعذب لهم من العذاب الذي ألفوه مدّة في تلك الدار ثمّ فصّل ذلك النعيم الخاصّ بهم .
 
بقوله رضي الله عنه: « إمّا بفقد ألم كانوا يجدونه ، فارتفع عنهم ، فيكون نعيمهم راحتهم من وجدان ذلك الألم ، أو يكون نعيم مستقلّ زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان والله أعلم " .
يعني : أنّ كلا القسمين بالنسبة إليهم إدراك ملائم لهم ، فافهم وتدبّر


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
قال رضي الله عنه : ( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم ، ومع هذا لا يقع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم) .
قوله في الحياة الدنيا متعلق بقوله مرض وتألم ، ثم إن أهل العلم الكشفي يطلعون من طريق الكشف على أن أهل جهنم قد يكون لهم نعيم مختص بهم ولذة تناسب حالهم ، مع كونهم في دار الهوان والبعد المتوهم وبعض الشر أهون من بعض ، ومع ذلك لا يخلد مؤمن في عذاب جهنم وإن كان فاسقا .
 
"" إضافة بالي زادة ( فالكل مصيب ) في اعتقاده الحق في نفس الأمر سواء طابق ذلك الاعتقاد بالشرع أو لم يطابق ، لكنه إذا لم يطابق الشرع لا ينفع ( وكل مصيب مأجور ) بحسب اعتقاده ، فكان أجر من اعتقد بما يخالف الشرع من الكفار ، والتلذذات الروحانية بمشاهدة ربه مخلدا في النار ( وكل مأجور سعيد ) وإن شقي ، أي وإن عذب ذلك السعيد بالعذاب الخالص زمانا طويلا في الدار الآخرة ، فكان المؤمن سعيدا خالصا من الشقاء لذلك أدخلوا الجنة ، والكافر سعيدا ممتزجا من الشقاء لذلك أبقوا في النار ، وكذلك في الرضا اهـ بالى .
( في دار تسمى جهنم ) فكما لا ينافي الألم السعادة في الحياة الدنيا كذلك لا ينافي في الحياة الأخرى ، فكما أن أهل الحق إذ تألموا في الدنيا فهم على لذة في ذلك الألم بمشاهدة ربهم فلا يشغلهم الألم عن ربهم ، فإن الألم أين من الأينيات والأين لا يشغل العارفين عن استحضار الحق ، كذلك أهل النار في الأخرى وإن كانوا يتألمون فهم على لذة روحانية بمشاهدة ربهم ، لأنهم عارفون فيها فلا يحتجبون بالألم عن الحق فلا ينافي المهم راحتهم ، وقد أورد دليلا على ذلك بقوله ( ومع هذا لا يقطع ) اهـ بالى . ""
 
ثم فصل النعيم المختص بأهل النار بقوله ( إما بفقد ألم كانوا يجحدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم من وجدان ذلك الألم أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان ، والله أعلم ).
ولكن بالنسبة إليهم فإن اللذة إدراك الملائم ، فقد يكون نعيم ملائم لهم يلتذون به مع أنه بالنسبة إلى أهل اللطف عذاب أليم للطف إدراكهم ، وقد يكون مماثلا لنعيم أهل الجنة في بعض الصور ، ولكن أهل الجنة يختصون بأنواع النعيم المقيم ، مما ليس لأولئك فيه نصيب .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
قال رضي الله عنه : (فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل الحق في الحياة الدنيا) .
تقديره : فقد مرض وتألم أهل العناية في الحياة الدنيا مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق .
 
قال رضي الله عنه : (فمن عباد الله من يدركهم الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى "جهنم " ، ومع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم ، إما بفقد ألم كانوا يجدونه ، فارتفع عنهم ، فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم ، أو يكون نعيم مستقل زائد ، كنعيم أهل الجنان في الجنان . والله أعلم ) .
كل هذه الأقسام لمن هو خالد في النار ، إذا العاصون من المؤمنين خارجون منها . ونعيم أهل النار لا يكون إلا بحسب استعدادات نفوسهم ، فيتفاوتون .
وإنما قال : ( نعيم مستقل زائد ) لأنه لا يشبه لنعيم أهل النعيم ، بل يكون مشابها للجحيم ومناسبا لأهله . والله أعلم .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 14:10 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 9:37 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
 
قال رضي الله عنه : ( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق- في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم .)
 
قال رضي الله عنه : (فقد مرض وتألم أهل العناية) وهم الأنبياء والأولياء (مع علمنا بأنهم سعداء)، وكيف لا هم (أهل الحق في الحياة الدنيا) حال ما باشرهم المرض والألم، فكيف تنافي الشقاوة السابقة السعادة اللاحقة.
فمن عباد الله المعتقدين فيه الاعتقادات المخصوصة التي دل عليها إحدى الأدلة المذكورة (من تدركهم تلك الآلام ) المسماة عذابا لما فاتهم من الاعتقاد الكامل (في دار تسمى جهنم) وراء شدائد القيامة والقبر.
وأشار بهذه العبارة إلى أنها بالنظر إلى ما يحصل لهم من السعادة الكاملة بسبب التصفية الحاصلة لهم منها، كأنها اسم لا مسمى في حقها.
 
قال رضي الله عنه : (فلا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه)، وإن اختلف المتكلمون فيه تكفيرهم بعضهم أيضا مع كون الكل من أهل القبلة (أنه لا يكون لهم في تلك الدار) فضلا عما يحصل لهم بغير الخروج عنها (نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه، فارتفع عنهم) بأن يصيروا کالأموات قبيل الإخراج من النار.
قال رضي الله عنه : (فیکون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم)، وإن كان هذا كالعدم (أو يكون نعيم مستقل زائد) على دفع الألم عندما أعلموا بقرب الخروج من النار، فإنه يكون (کنعيم أهل الجنان في الجنان والله أعلم).
وليس هذا في حق المشركين والجاحدين له، أو لشيء مما يجب الإيمان به إذ كلامنا في المعتقدين في الله اعتقادا دل على إحدى الأدلة المذكورة.
 
والمشرك لما اعتقد ألوهية الغير؛ فإن كان من الأمور الموهمة؛ فقد اعتقد في الله هو ما اعتقده مما ليس بشيء، فكأنه لم يعتقده أصلا، وإن كان من الأمور الموجودة، ولا شك أنه حادث.
فقد اعتقد جواز كون الإله حادثا، وليس بإله فكأنه لم يعتقد إلوهيته أصلا.
والجاحد له أمره ظاهر في عدم الاعتقاد، وأما الجاحد لما يجب الإيمان به فجاحد اليوم الأخر جاحد لدوام وإلهيته عليه السلام.
وجاحد الأنبياء جاحد اليوم الأخر إذ لا يعرفه بدونهم، وجاحد الملائكة والكتب الإلهية، جاحد للنبوة وجاحد القدر جاحد للعلم الإلهي الذي به وإلهيته.
 
فإن سلم صحة اعتقاد الجاحد لشيء يجب الإيمان به مع ما يعارضه مما ذكرنا؛ فنقول: المراد أنهم تنحدر جلودهم حالة النضج والتبديل؛ فلا يجدون الآلام في تلك الحالة، وربما يجد بعضهم في تلك الحالة نعيما خياليا كما يراه النائم، حتى إذا بدلت جلودهم عادت الألام عليهم.
وقد صرح بذلك في «الفتوحات المكية في الباب الثاني والستين في مراتب أهل النار، وإليه يشير قوله تعالى: "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب" [النساء: 56] .
فلو حصل لهم العذاب حالة النضج لم يحتج إلى التبديل، وربما يشير إليه قوله تعالى: "إلا ما شاء ربك" [هود: 107] في سورة هود عليه السلام بعد قوله:
"فأما الذين شقوا في النار هم فيها زفير وشهيق خلين فيها ما دامت الشموت والأرض" [هود: 106، 107].
وربما يشير إليه أيضا قوله تعالى: "فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا" [النبأ:30].
 
فإنه لا بد للزائد من المزيد عليه، وهو النعيم الواقع في الأزمنة القليلة المتحللة بين أزمنة العذاب الكثيرة التي لا يعقل معها أزمنة النعيم لغاية قلبها؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ولما فرغ عن بيان الحكمة الأحدية والواصل إليها، فتح ما اختزنته من الكثرة التي فيها بالقوة کالعدد في الواحد.
شرع في الحكمة الفاتحية المخرجة لما فيها بالقوة إلى الفعل؛ فقال:
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
 
قال رضي الله عنه : ( فقد مرض وتألَّم أهل العناية - مع علمنا بأنّهم سعداء أهل حقّ - في الحياة الدنيا ) .
 
نعيم أهل جهنّم
قال رضي الله عنه : ( فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار يسمّى" جهنّم " ) وأنت قد عرفت من قريب ما يختصّ به أهل جهنّم من الملائمات الخاصّة بأهل القرب ، فاستشعر ذلك قائلا رضي الله عنه : ( ومع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنّه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاصّ بهم ، إمّا بفقد ألم كانوا يجدونه )
 
مما يمنعهم عن إدراك ما هم عليه من القرب ، كالتوهّمات والخيالات العائقة عن إدراك الأمر على ما هو عليه ( فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم ، أو يكون نعيم مستقلّ زائد ) على فقد المؤلم ، ذلك مما يثمره أطوار أدوار الزمان على أفنان الوقت ، ( كنعيم أهل الجنان في الجنان والله أعلم ) .
 
تمهيد للفصّ الآتي
وإذ قد بيّن في الفصّ الهودي أمر الطريق وما هو عليه من الاستقامة والاستواء واتّفاق السالكين كلَّها فيه على منهج الصواب ومسلك السداد :
ناسب أن يستردف ذلك بما يكشف عمّا به يتحقّق السلوك على ذلك الصراط المستقيم .
ومنه تصدر الحركة في منهجه القويم ، وعمّا به تتخالف المذاهب وتتباين الطرق والشوارع فقال :
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . )
 
قال رضي الله عنه : ( فقد مرض وتألم أهل العناية- مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق- في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم .)
 
قال رضي الله عنه : (فقد مرض) ، أي فإنه قد مرض .  (وتألم أهل العناية) ولا شك أن كل واحد من المرض والتألم شقاوة (مع علمنا بأنهم سعداء أهل الحق في الحياة الدنيا) قوله : في الحياة الدنيا ، متعلق بقوله : مرض وتألم. أي فكذلك من عباد الله من تدركهم الآلام في الحياة الدنيا .
قوله : في الحياة الدنيا، متعلق بقوله : مرض وتألم (فمن عباد الله)، أي فكذلك من عباد الله ( من تدركهم الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى بجهنم ومع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر)، أي أمر دار جهنم .
 
قال رضي الله عنه :  (على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعیم خاص بهم)، لا يتجاوز إلى أهل الجنة وذلك النعيم الخاص (إما) يكون (بفقد ألم كانوا يجدونه) أو (فارتفع عنهم) آخرا (فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم) وخلاصهم عنه.
قال رضي الله عنه :  (أو يكون نعیم) وجودي (مستقل زائد) على الراحة والخلاص من الألم (کنعيم أهل الجنان في الجنان) فإن نعيمهم لیس مجرد خلاصهم عن ألم العذاب بل أمور زائدة عليه كما أخبرت به الشريعة الحقة.

(والله أعلم) بحقيقة الحال وإليه المرجع والمآل .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 9:42 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العشرون :
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
 
10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( غايات الطرق كلها إلى الله سبحانه، والله غايتها. فكلها صراط مستقیم، لكن )
 
10 -  فص حكمة أحدية في كلمة هودية
اعلم أن للأحدية ثلاث مراتب:
الأولى: وهي الأحدية الذاتية المطلقة.
وليست الوحدة من هذا الوجه نعت اللواحد، بل هي ذاته.
فمتى ذكرت الأحدية الذاتية، وكان المترجم عنها الحق سبحانه أو أحد من أكابر المحققين الراسخين في العلم، فإنما يطلقها بهذا الاعتبار.
ولكل شيء أحدية تخصه؛ وهي اعتباره من حيث عدم مغايرة كل شأن من الشؤون الذاتية اللذات المنعوتة بالأحدية بالتفسير المشار إليه.
الثانية : وهذه الأحدية هي أحدية الإلهية .
والوحدة بهذا الاعتبار نعت للواحد، لا ذاته ، وتسمى بـ «وحدة النسب والإضافات»، أي وحدة تعدده.
لا باعتبار الوجود المتعدد والتمييز الحقيقي، بل تعدد نسبي من حيث أن ذلك المتعدد عين ذلك الواحد؛ ک «الخالق» و"القادر" و"العالم" من حيث الذات التي ثبت لها هذه الأحكام.
 فإنها، أي تلك الأسماء من هذه الحيثية - أي حيثية وحدة الذات واحدة .
 
الثالثة : وهذه الأحدية هي أحدية الربوبية .
(غايات الطرق) التي يسلكها السالكون، صورية كانت أو معنوية، (كلها) راجعة إلى (الله سبحانه، والله غايتها).
وذلك لأن الحق سبحانه لما كان محيطا بكل شيء وجودا وعلما و مصاحبا كل شيء بمعية ذاتية مقدسة عن المزج والحلول والانقسام وكل ما لا يليق بجلاله.
 كان سبحانه منتهي كل صراط وغاية كل سالك.
 كما أخبر سبحانه بعد قوله : " وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض" [الشوری : 52 - 53]، بقوله: "ألا إلى الله تصير الأمور" [الشوری : 53]۔ فنبه أن مصير كل شيء إليه.
 وكل من الأشياء يمشي على صراط، إما معنوي أو محسوس بحسب سالکه.
والحق غايته، كما قال :"وإلى الله المصير" [آل عمران : 28]، [النور: 43]، [فاطر: ۱۸].
فعرف سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم ليعرفنا. فقال : "وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم  [الشورى: 52] منها بالنسبة إلى غيره.
فهو تعالى غاية السائرين، كما أنه دليل الحائرين.
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( تعبدنا الله بالطريق الموصل إلى سعادتنا خاصة، وهو ما شرعه لنا. فللأول وسعت )
 
(فكلها)، أي كل الطرق، (صراط مستقیم)، باعتبار أنها موصلة إليه تعالی استقامة مطلقة، لا بالنسبة إلى الغير.
(لكن) لا شرف في مطلقاته التي يرتفع فيها التفاوت، كمطلق معيته ومصاحبته ومطلق استقامة صراطه ومطلق الانتهاء إليه من حيث إحاطته ومطلق توجهه الذاتي والصفاتي معا للإيجاد.
فإنه لا فرق بين توجهه إلى إيجاد العرش والقلم الأعلى وبين توجهه إلى إيجاد النملة من حيث أحدية ذاته ومن حيث التوجه.
قال تعالى : "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" [الملك: 3]، وهكذا الأمر في معيته الذاتية وصحبته، فإنه مع أدني مكوناته کـ هو مع أشرفها وأعلاها بمعية ذاتية قدسية لائقة.
وهكذا الأمر في إحاطته ؛ فإنه بكل شيء محيط رحمة وعلم. ورحمته هنا وجوده ، إذ ليس ثمة ما يشترك فيه الأشياء على ما بينها من التفاوت والاختلاف إلا الوجود. و علمه سبحانه في حضرة أحدية ذاته لا يغایر ذاته ولا يمتاز عنه، إذ لا تعدد هناك بوجه أصلا.
فإذن بمجرد ثبوت أنه غاية كل شيء ومنتهي كل طريق ومع كل شيء ومحيط بباطن كل شيء وظاهره، لا تعم الفائدة، ولا تتم السعادة .
وإنما تظهر الفوائد بتمييز الرتب واختلاف الجهات والطرق وتفاوت ما به يصحبك وما إليه يدعوك ويجذبك .
فلذلك (تعبدنا الله)، أي أخذنا عبادا نعبده، (بالطريق الموصل) لنا (إلى سعادتنا) - التي هي الفوز بالنجاة والدرجات خاصة، لا بأي طريق كان ، فإن كل طريق وإن كان يوصلنا إليه من حيثية اسم من الأسماء .
لأن كل اسم من وجه عين المسمى فذلك لا يجدي نفعا ولا يورث سعادة؛ فإنها، أي الأسماء، من حيث حقائقها وآثارها مختلفة: فأين «الضار» من «النافع» و«المعطي» من «المانع»؟!
وأين "المنتقم" من "الغافر" و"المنعم اللطيف" من «القاهر»؟!
 
(وهو)، أي الطريق الموصل لنا إلى سعادتنا هو، (ما شرعه) الله سبحانه لنا على لسان رسوله وأمره بأن يدعونا إليه بقوله : "قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين" [يوسف: 108].
ولما كان في الدعوة إلى الله مما يكون المدعو فيه وعليه إيهام من وجه بأن الحق متعين في الغاية مفقود في الأمر الحاضر، وكان حرف «إلى» المذكور في قوله: "أدعو إلى الله " [یوسف: 108]، حرقة يدل على الغاية ويوهم التحديد، أمره أن ينبه أهل اليقظة واليقين على سر ذلك.
فكأنه يقول لهم: «إني وإن دعوتكم إلى الله بصورة إعراض وإقبال، فليس ذلك لعدم معرفتي أن الحق مع كل ما أعرض عنه المعرض، کـ هو مع ما أقبل عليه ؛ لم يعدم من البداية ، فيطلب في الغاية .
بل " أنا ومن اتبعني" [يوسف : 108] في دعوة
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( رحمته كل شيء، فالمال إلى السعادة حيث كان العبد، وهو الوصول إلى الملائم. )
 
الخلق إلى الحق "على بصيرة" [يوسف: 108] من الأمر.
"وما أنا من المشركين" [يوسف: 108]، أي لو اعتقد شيئا من هذا، كنت محددة للحق ومحجوية عنه ؛ فكن إذا مشركا.
"وسبحان الله" أن يكون محدودا متعبنا في جهة دون جهة أو منقسما، أو أن أكون من المشركين الظانين بالله ظن السوء.
وإنما موجب الدعوة إلى الله اختلاف مراتب أسمائه بحسب اختلاف من يدعي إليه . فيعرضون عنه من حيث ما تقی عنه ويحذر، ويقبلون عليه بما هدى وبصر لما يرجى من الفوز به وبفضلها .  فافهم وتدبر.
 
(فللأول)، أي فـ للأمر المذكور أولا . وهو کونه تعالى غاية لكل طريق ومحيطا بكل شيء .
(وسعت رحمته) الرحمانية ، بل الرحيمية أيضا، كل شيء من الأشياء .
وإذا وسعت رحمته (كل شيء)، (فالمال والرجوع عاقبة الأمر إلى السعادة حيث كان العبد) من الجنة والنار.
ولما كان المتوهم أن يقول، «السعادة هو الوصول إلى الجنة ودرجاتها، فكيف يكون مآل كل أحد إليها مع خلود بعض في النار؟»، عمم الأمر .
وقال، (وهو)، أي السعادة هي، (الوصول إلى) الأمر (الملائم) لمزاج العبد، سواء كان من درجات النعيم أو در کات الجحيم.
 
اعلم أن العبيد وإن استحقوا العقاب ودخلوا دار الشفاء - وهي جهنم . فلا بد أن يسبق رحمته غضبه في الأخير، فينقلب العذاب عذية عند أهل النار، وأن يؤول عواقب أهل العقاب إلى الرحمة بعد الأحقاب .
 
ولما كانت الرحمة المشار إليها آنفا نوعين :
رحمة ذاتية مطلقة امتنانية، هي التي وسعت كل شيء. ومن هذه الرحمة كل عطاء يقع لا عن سؤال أو حاجة ولا السابقة حق أو استحقاق لوصف ثابت للمعطى له أو حال مرضي يكون عليه ، كالدرجات والخبرات الحاصلة في الجنة لقوم بالسر المستمي في الجمهور "عناية".
لا لعمل عملوه أو خیر قدموه؛ كما ورد أنه يبقى في الجنة مواضع خالية يملأها الله بخلق يخلقهم لم يعملوا خيرا قط، إمضاء السابق حکمه وقوله: «لكل واحدة منكما ملؤها» . رواه الطبراني في مسند الشاميين
 
"" الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الجنة والنار احتجا، فقالت الجنة يدخلني سقطهم و ضعفاؤهم، وقالت النار: إني أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وأوحى الله إلى الجنة: إنك رحمتي أصيب بك من أشاء وأوحى الله إلى النار، إنك عذابي أصيب بك من أشاء لكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فتمتلئ، وأما الجنة فينشئ الله عز وجل خلقا منها ""
ومتعلق طمع إبليس هذه الرحمة الإمتنانية التي لا تتوقف على شرط وقيد
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن الناس من نال الرحمة من عين المئة، ومنهم من نالها من حيث الوجوب . ونال سبب حصولها من عين المئة.
وأما المتقي، فله حالان: حال يكون فيه وقاية لله تعالى من المذام ؛ وحال )
 
والرحمة الأخرى هي الرحمة الفائضة عن الرحمة الذاتية والمنفصلة عنها بالقيود التي من جملتها الكتابة المشار إليها بقوله:"كتب ربكم على نفسه الرحمة" [الأنعام: 54]، و بقوله: " فسأكتبها للذين يتقون " [الأعراف: 156]، فهي مقيدة موجبة بشروط من أعمال وأحوال وغيرهما
أراد الشيخ رضي الله عنه أن يشير إليهما، فقال: (ومن الناس من نال الرحمة) وأصابها (من عين المنة) ومحض الفضل من غير سابقة فعل يوجبها أو صدور عمل يجلبها، بل بها يحصل القدرة على كل الأفعال والتمكن من جميع الأعمال.
(ومنهم)، أي من الناس، (من نالها)، أي الرحمة، (من حيث الوجوب)، أي من جهة وجوبها على الله بإيجابه إياها على نفسه في مقابلة أعماله التي كلفه بها مجازاة له و عوضا عن عمله .
ولكن ذلك على سبيل الامتنان : فإن العبد يجب عليه طاعة سيده والإتيان بأوامره. فإذا أوجب على نفسه شيئا في مقابلة أعماله، يكون ذلك رحمة وامتنانا منه عليه . وإلى ذلك أشار رضي الله عنه بقوله، (ونال سبب حصولها)، أي سبب حصول الرحمة الوجوبية - الذي هو ذلك الإيجاب ، من عين السمنة ؛ فإنه ليس في مقابلة عمل ولا جزاء فعل.
ويحتمل أن يراد بـ "سبب حصولها" أعمال العبد وأفعاله : فإن التمكين والإقدار عليها، بل إيجادها فيه، من الرحمة الامتنانية أيضا،
وأما العبد (المتقي)، الذي كتب الله سبحانه على نفسه الرحمة، كما قال تعالى :" " فسأكتبها للذين يتقون " [الأعراف: 156].
 
(فله حالان):
أحدهما (حال يكون) ذلك العهد المتقي (فيه)، أي في ذلك الحال ، (وقاية الله تعالی)؛ أي اخذ نفسه وقاية يقي بها الله سبحانه من نسبة المذام والنقائص إليه.
 فإنه يضيفها إلى نفسه، لا إليه، كما يقتضيه التحقيق، إذ المدام والنقائص والقبائح كلها أحكام العدم اللازم للعبد الممكن القابل.
وإليه الإشارة بقوله عليه السلام: "اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي»،
"" الحديث : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطاياي وعمدي، وكل ذلك عندي» . رواه البخاري وابن حجر العسقلاني فى الأدب المفرد و البغوي في شرح السنة  ""
 وبقوله عليه السلام: "والشر ليس إليك". رواه مسلم والترمذي وأبو داود وأحمد وغيرهم.
"" ورد فى حديث مسلم : عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك».
 وإذا ركع، قال: «اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي، وعصبي»، وإذا رفع، قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد».
وإذا سجد، قال: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين»، ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت». ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( يكون الله له وقاية فيه، وهو معلوم .)
 
(و) ثانيهما (حال يكون الله له)، أي للعبد المتقي، (وقاية فيه)، أي في ذلك الحال ، من أن يضاف إليه المحامد، فإنه يضيف الفضائل والمحاسن والمحامد والكمالات إلى الله سبحانه .
فكان وقاية له من إضافة ما ليس له من ذاته بالحقيقة ، لكونها أمورة وجودية، والوجود للحق؛ بل الوجود هو الحق حقيقة.
 
(وهو)، أي كون الله سبحانه وقاية للعبد المنقي في الحال الثاني، أمر (معلوم) مکشوف لظهور استناد الأمور الوجودية إليه سبحانه وهو أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب .
 .


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 13:48 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 10:58 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الحادية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية والعشرون :
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
10 - الفص العاشر حكمة أحدية في كلمة هودية
(1) «أحديَّة الصراط المستقيم».
(1) شرحنا من قبل في مناسبات عدة بعض نواحي «الأحدية»: فتكلمنا عن أحدية الذات الإلهية المنزهة عن الوصف المجردة عن جميع النسب و الإضافات، التي لا يرقى إليها عقل و لا يحيط بها علم.
و تكلمنا عن أحدية الأسماء الإلهية التي وصفناها بأنها أحدية الكثرة من حيث إن الأسماء الإلهية دلالات مختلفة على ذات واحدة، و مجالٍ متعددة في عين واحدة هي عين الحق.
و لنا أن نسمي هذه الأحدية أيضاً أحدية الاثنينية لأنها مقام الجمع بين الحق و الخلق: اللَّه و العالم أو الذات الإلهية و الأسماء.
و هنا نجد نوعاً ثالثاً من الأحدية يتحدث عنه ابن العربي و هو أحدية الأفعال التي يشير إليها في فاتحة هذا الفص باسم الصراط المستقيم و في فاتحة الكتاب (الفصوص) باسم الطريق الأمم.
و معنى الصراط المستقيم- أو الطريق الأمم- الطريق الذي يسير فيه الكون بأسره و تلتقي عنده جميع الطرق مهما تشعبت و اختلفت و افترقت.
و هو الطريق الذي خطته يد القدر من الأزل: لا يعتريه تغيير و لا تبديل، و لا يحيد عنه موجود أياً كان.
و لنا أن ننظر إليه من نواح متعددة: فمن ناحية أفعال العباد- بل أفعال الكائنات كلها- هو طريق الجبرية التي يخضع لها كل كائن فيما يصدر عنه من الأفعال و الآثار، فإن جميع ما يظهر في الوجود إنما يخضع لطبيعة الوجود ذاتها.
و هذا معنى أحدية الأفعال لأن الأفعال تظهر بمقتضى قوانين الوجود الحتمية التي هي قوانين الحق.
و هذا الطريق الجبري نفسه هو الطريق الذي يسير فيه العالم كله في نظامه
و تركيبه و حركاته و سكناته و تغيراته، و لكنه ليس طريق الجبرية الميكانيكية أو المادية التي يتكلم عنها بعض المحدثين أو التي تكلم عنها الرواقيون.
و إذا نظرنا إلى الطريق المستقيم هذا من ناحية الدين و المعتقدات وجدناه اسماً آخر لمذهب وحدة الوجود التي تلتقي فيها جميع الأديان و تتلاءم جميع العقائد.
و تظهر الأحدية فيه من ناحية أن المعبود على الإطلاق و في أي صورة عُبِدَ، هو اللَّه لا غيره. هذه هي ناحية الاحدية الملحوظة في هذا الفص و إن كانت النواحي الاخرى لم يغفل ذكرها تماماً.
 
(2) «و المآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، و هي السابقة».
(2) يَستعمل كلمة الرحمة من الناحية الميتافيزيقية الصرفة بمعنى منح اللَّه الوجود لأي موجود. و لما كان الحق سبحانه هو واهب الوجود للموجودات جميعاً وسعت رحمته كل شيء.
قال تعالى: «وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ»: لم يقل كل إنسان فقط و لا كل إنسان خير أو مطيع. فالشرور و المعاصي إذن من رحمة اللَّه لأنها من الموجودات التي وسعتها الرحمة.
و لكننا إذا نظرنا إلى المسألة في دائرة الاحكام الخلقية، كان للرحمة معنى آخر مختلف بعض الشي ء عن المعنى السابق لأنها تصبح مرادفة لكلمة الرضا:
فرحم اللَّه فلاناً بهذا المعنى مرادف لقولنا رضي اللَّه عن فعله و أثابه عليه.
و لكن حتى بهذا المعنى نستطيع أن نقول إن اللَّه يرضى عن جميع الأفعال خيرها و شرها و أن رحمته وسعت الأفعال كلها:
أولًا: لأن جميع الأفعال تصدر بمقتضى الإرادة الإلهية خاضعة للأمر التكويني- كما قلنا- و إن كانت في الصورة مخالفة للأمر الديني الذي هو الامر التكليفي.
ثانياً: لأن جميع الأفعال خير في ذاتها و لا توصف بالشر إلا بطريق العرض.
و إذا كانت شرية الأفعال عرضية فغضب اللَّه من أجلها عرضي أيضاً (قارن ما قلناه في صدق الوعد لا الوعيد).
أما أسبقية الرحمة فلأن اللَّه تعالى أوجد بها الأشياء في صور أعيانها الثابتة على نحو ما ظهرت عليه في وجودها، و قبل أن يوجد تمييز بين خير و شر أو طاعة و معصية.
 
(3) «إذا دان لك الخلق فقد دان لك الحق» الأبيات
(3) الحق و الخلق، أو الوحدة و الكثرة- و في الإنسان اللاهوت و الناسوت- وجها الحقيقة الوجودية كما أسلفنا شرحه. فإن خضع جانب الخلق في أي مخلوق لتصرف الإنسان، خضع تبعاً له جانب الحق في ذلك المخلوق، لأن في كل خلق وجهاً من وجوه الحق.
و لكن إذا خضع جانب الحق في أي موجود متعين فليس من الضروري أن يخضع الخلق في جملته لأن الحق المذعن لا ينحصر في الوجه الذي تجلى به لك و أذعن. فليس من الضروري أن تنقاد الخلائق الأخرى لأن تجليات الحق فيهم بحكم مجاليهم. فقد يخالف وجهه الذي تجلى به لك الوجوه التي تجلى بها لهم.
و قد ذهب الجامي (ج 2 ص 64) إلى أن المراد بالحق مرتبة الجمع و المراد بالخلق مرتبة الفرق: أي أننا إذا نظرنا إلى الكثرة (الخلق) لزم أن ننظر إلى الوحدة التي تضمها جميعاً (الحق) و هذه الوحدة هي الذات الإلهية. أما إذا نظرنا إلى الوحدة فقد لا نفكر مطلقاً في الكثرة التي تتجلى فيها.
«فما في الكون موجود تراه ما له نطق» إما أن نفهم هذا بمعنى أن كل موجود ينطق بتسبيح اللَّه و تقديسه من حيث إنه مجلى من مجالي الحق و مظهر من مظاهر كماله كما قال تعالى: «وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ».
أو نفهم النطق بمعنى التفكير و التعقل: أي فليس في الكون إلا ما فيه فكر و عقل مهما اختلفت درجات العقل في الموجودات، و إن كنا لا ندرك عقولا غير العقول الإنسانية، و لا نتصل بها لعدم وجود المناسبة بيننا و بينها. و كلا التفسيرين جائز و له ما يؤيده من كلام المؤلف.
 
(4) «اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل اللَّه مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة».
(4) المراد بالعلوم الإلهية العلوم التي موضوعها اللَّه و صفاته و أسماؤه. و هي تحتوي العلم بأحكام الأسماء الإلهية و لوازمها و كيفية ظهورها في مظاهر الوجود، كما تحتوي العلم بأعيان الموجودات الثابتة و أعيانها الخارجية من حيث هي مظاهر للحق. على الأقل هذا معنى العلوم الإلهية في عرف أصحاب وحدة الوجود، و لغيرهم أن يفهموها فهماً آخر.
أما المراد بالذوق فهو كما يقول القيصري «ما يجده العالِم على سبيل الوجدان و الكشف لا البرهان و الكسب، و لا على طريق الأخذ بالايمان و التقليد» (مطلع خصوص الكلم: صفحة 193). هو العلم الذي يلقى في القلب إلقاء فيذوق الملقى إليه معانيه و لا يستطيع التعبير عنها و لا وصفها.
و العلم الذوقي و لو أنه من نوع واحد إلا أنه يختلف باختلاف القوى التي يحصل بواسطتها، سواء أ كانت هذه القوى روحية كقوى النفس أو حسية كالجوارح.
أما حصوله عن طريق الجوارح فكما يدل عليه حديث قرب النوافل الذي يقرر أن الحق يصير سمع العبد و بصره و يده و لسانه.
و يفسره الصوفية بأن العبد في حال الفناء يسمع و يبصر و يبطش بالحق في الحق، و تؤدي إليه كل من هذه الجوارح من المعاني ما يدركه ذوقاً و لا يمكنه الإفصاح عنه.
أما العلوم الذوقية الحاصلة عن طريق القوى النفسية العليا كالقلب و الوهم و الخيال فقد سبقت الإشارة إليها في مناسبات أخرى.
و قوله «ترجع إلى عين واحدة» إما المراد به أن القوى التي تحصل بها العلوم الذوقية ترجع كلها إلى ذات واحدة هي ذات الحق أو ذات العبد على الرغم من اختلافها، أو أن العلوم الذوقية على الرغم من اختلاف أنواعها ترجع إلى أصل واحد لاشتراكها جميعاً في صفات و خصائص معينة. كالماء الذي هو حقيقة واحدة مع أن منه العذب الفرات و الملح الأجاج.
 
(5) «و هذه الحكمة من علم الأرْجُل».
(5) أي هذه الحكمة الأحدية على نحو ما فسرناها في التعليقات السابقة من علم الأرجل المشار إليه في قوله تعالى: «وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ» (قرآن س 5 آية 66) .
أي و لو أنهم أقاموا أحكام ما أنزل إليهم من ربهم و عملوا به و تدبروا معانيه و كشفوا حقائقه، لفاضت عليهم العلوم الإلهية من غير كسب و عمل و هو الأكل من فوق، و لفازوا بالعلوم الحاصلة لهم من سلوكهم في طريق الحق و تصفية بواطنهم و هو الأكل من تحت الأرجل بدليل قوله: «فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه و المشي فيه».
و يشرح القاشاني (ص 186) الأكل من فوق و الأكل من تحت الأرجل شرحاً آخر فيفهم الأول بمعنى علم أسرار الفواعل التي هي الأسماء الإلهية، و الثاني بمعنى علم القوابل السفلية التي هي العالم و ما فيه.
و لو عرف الناس أسرار الوجود و أحكامه عن طريق تدبر ما انزل إليهم من ربهم لكشفت لهم الحكمة الاحدية.
 
(6) «فما مشوا بنفوسهم و إنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب».
(6) عين القرب هي المقام الذي يصل إليه السالك و يتحقق فيه من وحدته الذاتية مع الحق، و هو الغاية التي يتجه إليها جميع الصوفية من القائلين بوحدة الوجود.
و هم لا يسيرون في طريقهم بحكم الاختيار، بل يساقون إليه سوقاً بحكم الجبر المسيطر على كل الوجود في مذهب ابن العربي. فالسالك الواصل إلى هذه الغاية مجبر على وصوله، و السالك الذي حرم الوصول إليها مجبر على الحرمان.
و إلى الصنفين أشار بأهل الجنة و أهل جهنم: إذ الأولون حاصلون في عين القرب من اللَّه، و الآخرون حاصلون في عين البعد عنه.
و ليس للجنة و لا لجهنم معنى عنده إلا ذاك. فإنه يعرف جهنم بأنها البعد الذي يتوهمه الإنسان بينه و بين الحق. و في جهنم عذاب أليم و ذل عظيم هما عذاب الحجاب و ذله، و لكن مآل أهل جهنم إلى النعيم كما قلنا من قبل لأنهم يحصلون بعد فترة من عذاب البعد في عين القرب من اللَّه. قارن الأبيات الواردة في آخر الفص السابع و التعليق الحادي عشر عليها.
 
(7) «فهو حق مشهود في خلق متوهم».
(7) تحتمل هذه العبارة أحد المعنيين الآتيين: الأول أن العبد أو أي ممكن من الممكنات هو الحق المرئي في الصور، و أن الصور لا وجود لها في ذاتها.
فكل من أثبت لها وجوداً مستقلًا عن وجود الحق فقد وهم. الثاني أن العبد أو أي ممكن من الممكنات هو الحق الذي ينكشف للصوفي في شهوده. أما الصور التي يدركها الحس فهي صور متوهمة لا وجود لها في ذاتها.
و ليس هناك كبير فرق بين المعنيين بدليل أنه يجملهما معاً في قوله بعد ذلك مباشرة «فالخلق معقول و الحق محسوس مشهود عند المؤمنين و أهل الكشف و الوجود» فينكر وجود الخلق إلا في صورة عقلية متوهمة، و يثبت وجود الحق وجوداً محسوساً مشهوداً: أي وجوداً يقربه الحس و الذوق معاً.
و الوجود الوارد في قوله: «أهل الكشف و الوجود» اسم يستعمله الصوفية مرادفاً لكلمة الفناء: أي فناء الصفات البشرية و بقاء الصفات الإلهية: فهو الحال الذي لا يشاهد فيه الصوفي إلا الوجود الحقيقي الذي هو وجود الحق. و ليس الوجد الصوفي إلا مقدمة لحالة الوجود هذه.
راجع القشيري في الرسالة ص 34 و تعريفات الجرجاني ص 171.
 
( 8 ) «و بقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود و الأيدي و الأرجل و عذبات الأسواط و الأفخاذ»:
( 8 ) تشير العبارة المذكورة إلى قوله تعالى: «يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» (س 24 آية 24).
ويجمع معظم شرّاح الفصوص على أن المؤلف يشير هنا إلى نوعين من الحياة: الحياة الفائضة من الحق مباشرة على جميع الممكنات ما وصف منها عادة بالحياة و ما لم يوصف، و الحياة المتعينة في كل كائن على حدة و هي نفسه التي تدبر بدنه و تبدو أنها تختفي بفناء البدن.
وهذه الأخيرة متصلة بالبدن مفتقرة إليه في تدبيرها له، و تفنى من حيث هي مدبّرة له بفنائه.
ولكن الأولى لا تفنى أبداً ولا تنقطع لأنها سارية في جميع الموجودات، موجودة حيثما توجد ذات الحق.
فالذي أفنته الريح من قوم عاد إنما هو حياتهم أو نفوسهم المدبرة لأجسامهم، و لكنهم بقوا بالحياة الأخرى الخاصة بهم الناشئة من تجلي الحق سبحانه عليهم بالاسم الحي الساري في كل شي ء. و هذا معنى قوله: «و بقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق».
و هذه الحياة الخاصة هي التي تنطق بها الجلود و الأيدي و الأرجل إلخ .. يوم القيامة.
أما إذا اعتبرنا هلاك قوم عاد بالريح التي أرسلها اللَّه عليهم رمزاً لفناء الإنسان في اللَّه و تحققه بوحدته الذاتية معه، و إشارة إلى زوال ما يتخيل العبد أنه حجاب حقيقي بينه و بين ربه، فإن «مساكنهم» الواردة في قوله تعالى: «فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ» تصبح أيضاً رمزاً على الصورة الانسانية و ما فيها من جسم و روح لا وجود لهما في ذاتهما.
فلما زالوا من الوجود بقي الحق الذي هو عينهم. و كذلك العارف إذا فني بصورته- أي إذا تحقق أنه لا وجود له في ذاته بقي بالحق.
 
(9) «و من غيرته «حرم الفواحش»: و ليس الفحش إلا ما ظهر، و أما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له».
(9) يصف الصوفية اللَّه سبحانه بالغيرة على أنحاء شتى: فيرى بعضهم أنه غيور بمعنى أنه لا يحب أن ينكشف السر الذي بينه و بين عبده. و يرى الآخرون أنه غيور يمنع أن يحبَّ أو يعبد، إلى غير ذلك من المعاني.
و يستندون في نسبة هذه الصفة إلى اللَّه حديث يروونه عن النبي و هو قوله عليه السلام: «إن سعداً لغيور و أنا أغير منه و اللَّه أغير منا». و لكن الغيرة التي يتكلم عنها ابن العربي شيء آخر لم يسبق لأحد من الصوفية أن ذكره: فهو في الوقت الذي يستعمل الكلمة فيه في معناها العادي و هو دفع منافسة الغير في أمر محبوب، يقول إنها مرادفة لكلمة الغير أو الغيرية!.
ثم يأتي فيفسر كلمة الفواحش بأنها الأمور التي ظهرت و كان الأوْلى إخفاؤها.
و يقسّم الفواحش قسمين:
ما ظهر منها و هي الأمور التي تدرك بالحس في العالم الخارجي.
و ما بطن- و هو الذات الإلهية.
و فحشها (أي ظهورها) واضح لمن ظهرت له: أي واضح لمن عرف أنها الظاهرة في أعيان الممكنات.
بعد هذه الألاعيب اللفظية التي لا يقره عليها لغة و لا عُرْف، يمهد ابن العربي الطريق لشرح نظريته في وحدة الوجود. فكأنه يريد أن يقول إن الحق غيور لا يريد أن يطلع المحجوبون من غير أهل الكشف على سر قدره و هو ظهوره في أعيان الممكنات، و لذا حرّم الفواحش أي الأمور الظاهرة: أي و لذا حرّم اعتبار الأعيان الظاهرة موجودات لها وجود مستقل عن وجوده. و هذا نوع من الغيرة و الغيرة ساترة للحقيقة لأنها من الغير و الغير أنت أي الوجود الظاهر المعبر عنه بالخلق.
 
(10) «و ما رأينا قط من عند اللَّه في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أوصله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيهاً كان أو غير تنزيه».
(10) يرى المتكلمون أن في القرآن و الحديث ما يدل صراحة على تنزيه اللَّه أحياناً، و فيهما ما يشعر بالتشبيه أحياناً أخرى. و لكنهم اختلفوا في معنى التشبيه و كيفيته.
أما ابن العربي فيرى أن كل ما ورد في وصف اللَّه فيه معنى التحديد سواء أريد به التشبيه أو التنزيه. إذ مجرد الوصف تحديد للموصوف.
فوصف اللَّه بأنه كان في عماء ليس فوقه هواء و لا تحته هواء تحديد.
و وصفه بأنه ينزل إلى السماء الدنيا و أنه في السموات و في الأرض و أنه مَعَنَا أينما كنا، كل ذلك تحديد.
بل إن وصفه بأنه ليس كمثله شي ء تحديد لأنه تمييز له عن المحدود، و من تميز عن المحدود فهو محدود بأنه ليس مثل هذا المحدود.
و قد سبق أن ذكرنا في تعليقاتنا على الفص الثالث أن ابن العربي لا يرضى من معاني التنزيه إلا الإطلاق، و أن هذا الوصف لا يصدق إلا على الذات الإلهية التي لا يمكن وصفها بغير ذلك.
و كأنه خشي بعد أن ذكر أن الحق هو الظاهر في صور الممكنات، المتعين بتعينها، أن يُرَدَّ عليه بالأدلة النقلية التي تُنزه الحق عن صفات الخلق و ترفع عنه صفة التحديد، فأجاب بما أجاب به من أن كل ما ورد في وصف الحق تحديد له.
على أن للتحديد معنى آخر عنده و هو التعريف، و قد أشرنا إليه في التعليق الثاني على الفص الثالث.
و يظهر أنه هو المراد في قوله بعد الذي شرحناه مباشرة «فهو (أي الحق) محدود بحد كل محدود.
فما يحد شي ء إلا و هو حد الحق» أي أننا إذا أردنا وضع تعريف للحق لا للذات المجردة المعراة عن جميع النسب و الإضافات- كان تعريفه مجموع تعريفات الموجودات.
أما الذات الإلهية من حيث هي فغير معروفة و غير قابلة للتعريف.
 
(11) «فيه منه إن نظر ت بوجه تعوذي»
(11) هذا الوجه هو وجه الأحدية، فإنك إذا افترضت وحدة الوجود و قلت إن العالم ليس إلا صورة الحق المتجلي في أسمائه و صفاته، و إن ما فيه مما يسمى عادة شراً ليس إلا مجلى لبعض أسمائه، و ما فيه مما يسمى خيراً ليس إلا مجلى لأسماء أخرى.
لزم أن تقول إن الاستعاذة بالحق من أي شيء إنما هي به منه، أو استعاذة ببعض أسمائه من أسمائه الأخرى.
و على هذا يفسر قولنا: «أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم» بأن معناه أعوذ باسم اللَّه الهادي من اسمه المضل.
و بهذه الطريقة فسروا قول النبي «أعوذ بك منك»: أي أعوذ برضاك من سخطك أو ما شاكل ذلك.
 
(12) «و لهذا الكرب تنفس فنسب النَّفَس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق».
(12) النَّفَس هنا عبارة عن الوجود العام المنبسط على أعيان الموجودات، كما أنه يستعمل مرادفاً لكلمة الهيولى الحاملة لصور الوجود و هي الذات الإلهية.
و قد أضيف النفس إلى الاسم الرحمن من قوله عليه السلام: «إني أجد نفس الرحمن من قِبَل اليمن».
و قد ذكرنا أن من معاني الرحمة عند ابن العربي منح الأشياء الوجود و إظهارها بالصور التي تظهر فيها. فبالنفس الرحماني أظهر الحق الوجود- أو ظهر في صوره فنفَّس عن الكرب الذي كان في باطنه لأن التنفس فيه تفريج عن المكروب.
و هذا التشبيه الذي لا يخلو من شناعة في حق الجناب الإلهي يشير إلى حقيقة هامة و هي أن طبيعة الوجود طبيعة خالقة تأبى إلا الظهور و الإعلان عما كمن فيها، و أن خروج ما بالقوة إلى ما بالفعل فيض دائم من وجود الحق إلى وجود الخلق من الوجود الحقيقي إلى الوجود الإضافي. و لو لا هذا الفيض و الظهور لظل الوجود سراً منطوياً على نفسه يضطرب في ذات الحق كما يضطرب النّفَس في ذات المكروب.
و لكلمة النَّفَس المستعملة هنا مغزى آخر يجب أن نشير إليه و هي صلتها بكلمة التكوين «كن» التي هي صورة خارجة من صور النَّفَس. و لكن هذا لازم من لوازم التشبيه الذي استعمله ابن العربي و هو مولع باستقصاء جميع لوازم تشبيهاته.
 
(13) «و لو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور و لا وصفته بخلع الصور عن نفسه».
(13) أثبت فيما مضى جواز التحديد على الحق بظهوره في صور المحدودات و حدَّه بحدودها، و استدل على قوله هذا ببعض الآيات و الأحاديث التي تشعر بالتشبيه و من ثم بالتحديد.
و قال هنا و لو لا أن التحديد واقع بالفعل في حق اللَّه ما وصفه الرسل بالتحول في الصور.
فقد ورد في حديث عن النبي صلى اللَّه عليه و سلم أنه قال: «إن الحق يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة فيقول: أنا ربكم الأعلى فيقولون نعوذ باللَّه منك، فيتجلى في صورة عقائدهم فيسجدون له».
أي إذا كان الحق يظهر يوم القيامة في الصور المحدودة التي تُعْرَف و تُنْكَر فلِمَ لا يظهر في الدنيا بصورة محدودة أيضاً؟
و لكن ابن العربي نفسه لا يفهم من هذا الحديث إلا أن كل عبد يعرف اللَّه في صورة معتقده الخاص و ينكره في صور معتقدات الآخرين، و أن هذا في رأيه عين الحجاب، لأن الذوق و الكشف يؤيدان أن الحق هو الظاهر في صور المعتقدات جميعاً.
و لا أحسبه يرى في وصف الحق بالتجلي في الصور يوم القيامة إلا ضرباً من التمثيل.
و إذا كان الأمر كذلك، و إذا ثبت أن كل صورة من صور الحق في معتقداتنا لا بدّ، و أن ينالها التحديد و التقييد، لأن العقل الانساني لا يدرك إلا المحدد المقيَّد، فكيف يستدل بهذه الحقيقة السيكولوجية على صحة دعوى ميتافيزيقية تقول بأن الحق هو عين ما ظهر في صورة كل محدود و مقيد؟
أما دعوته إلى عدم حصر الحق في صورة معينة من صور المعتقدات فظاهرة في قوله فيما بعد «فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص و تكفر بما سواه فيفوتك خير كثير، بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها» إلخ إلخ ...
و يشير إلى إله المعتقدات بأنه إله مجعول أي مخلوق في الاعتقاد في قوله «فالإله في الاعتقادات بالجعل».
 
(14) «فمن عباد اللَّه من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم» ... إلى آخر الفص.
(14) بعد أن شرح اختلاف الناس في اعتقاداتهم في اللَّه و بيّن أن كلًا منهم يراه في الصورة التي يصوّرها له اعتقاده و يقضي بها استعداده، ذكر أن الكل مصيب في رأيه- و إن كانت درجة الإصابة تتسع و تضيق بحسب اتساع الاعتقاد و ضيقه و أن كل مصيب مأجور، و كل مأجور سعيد.
فكأن مآل الناس جميعاً فيما يتعلق بعقائدهم في اللَّه هو السعادة و النعيم في الدار الآخرة، كما سبق أن بيّن أن مآلهم فيما يتعلق بأعمالهم النعيم أيضاً.
و ليست جنة ابن العربي و لا جهنمه إلا الحالة الروحية التي تكون عليها النفس الجزئية بعد مفارقتها البدن و أهم عامل في سعادتها أو شقائها درجة معرفتها باللَّه و بالوحدة الذاتية في الوجود.
فمن عرف هذه الوحدة حق معرفتها و تحقق بها حظي بالسعادة العظمى، و من جهل تلك الوحدة جهل سر الوجود و حقيقته و مصدره و مصيره، و كان حظه الشقاوة و العذاب.
و لكنه عذاب موقوت يرتفع برفع الحجاب أي برفع الجهل. فإذا ما انكشفت الحقيقة، زال معنى جهنم في حق أهلها و حلّ محله النعيم المقيم.
و هو نعيم خاص بهم إما بفقد الألم الذي كانوا يجدونه في حالة جهلهم، أو بشعورهم بنعيم آخر مستقل كنعيم أهل الجنان في الجنان.
قارن التعليقين الثاني و السادس على هذا الفص.



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 13:46 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 11:10 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية والعشرون : الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمد محمود الغراب 1405 هـ:
 
10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في صغير وكبير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم "2"
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم».
فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.)
..............................................................
 
1 - المناسبة في تسمية هذا الفص :
هو أن لكل دابة صراطا مستقيما تمشي عليه وهو قول هود عليه السلام « ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقیم » .
ولهذا كانت المناسبة مع الأحدية فإن الخط المستقيم الذي يصل بين البداية والنهاية واحد لا ثاني له .
ولذلك خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه السلام وسلم خطا ثم خط على جانبيه خطوطا ثم تلا « وأن هذا صراطي مستقیما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ».
 فإذا عرف الصراط بالألف واللام أو بالاضافة فهو صراط واحد وهو شرع الله تعالى المنزل من عنده ، وإذا نكر الصراط فهو أيضا واحد وهو ما يمشي عليه المكلف إما إلى سعادته أو شقاوته فإن الله آخذ بناصيته على هذا الصراط ، ومن هنا كان مذهب الشيخ رضي الله عنه عدم سرمدة العذاب وشمول الرحمة فإن المكلف مجبور في اختياره .
 
2- راجع هامش رقم 1  
 
ص 143
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق  "3"
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق "4"
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق  "5"
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق  "6"
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق   "7"
اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. "8"
فإن الله تعالى يقول : «كنت )
..............................................................
3 - « دان له » أي أطاعه يشير بذلك أن الخلق إذا تبعك وأطاعك فقد دان لك الحق فإنه هو الآخذ بناصية الخلق .
4 - « وإن دان لك الحق » من قوله تعالى في الحديث القدسي « عبدي كن لي كما أريد أكن لك كما تريد » ومن قوله تعالى « أجيب دعوة الداعي » « فقد لا يتبع الخلق ، فليس كل الخلق على الصراط المستقيم الذي تدعو إليه وإن كانوا على صراط مستقیم .
5 - وهو الفرق بين الصراط المستقيم و بين قوله تعالى «إن ربي على صراط مستقیم» فكله حق .
6 - هو قوله تعالی " وإن من شيء إلا يسبح بحمده".
7 - إشارة إلى أنه تعالى "هو الظاهر في المظاهر"  وإلى الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة وما يقوله العامة عنها "وحدة الوجود" .
8 - العلوم الإلهية الذوقية
علوم الأذواق لا سبيل إليها إلا بالذوق، فلا يقدر عاقل على أن يحدها ولا يقيم على معرفتها دليلا، كالعلم بحلاوة العسل ومرارة الصبر ولذة الجماع والعشق والوجد والشوق وما شاكل هذا النوع من العلوم.
فهذه علوم من المحال أن يعلمها أحد إلا بأن يتصف بها ويذوقها ، وبالذوق تتميز الأشياء عند العارفين .
والكلام على الأحوال لا يحتمل البسط وتكفي فيه الإشارة إلى المقصود ، ومهما بسطت القول
 
ص  144
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها. فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح )
..............................................................
 
فيه أفسدته ، فعلوم الأذواق لا تنقال ولا تنحكي ، ولا يعرفها إلا من ذاقها ، وليس في الإمكان أن يبلغها من ذاقها إلى من لم يذقها .
وبينهم في ذلك تفاضل لا يعرف ، ولا يمكن أن يعرف عين ما فضله به ، وما من أمر إلا وهو يقبل التعبير عنه ، ولا يلزم من ذلك فهم السامع الذي لا يفهم ذلك الاصطلاح ولا تلك العبارة ، فإن علوم الأذواق والكيفيات وإن قبلت لا تنقال ، ولكن لما كان القول بها والعبارة عنها لإفهام السامع .
لذلك قالوا ما ينقال ، ولا يلزم ما لا يفهم السامع - المدرك له أن لا يصطلح مع نفسه على لفظ بدل به على ما ذاقه ، ليكون ذلك اللفظ منبها ومذكرة له إذا نسي ذلك في وقت آخر ، وإن لم يفهم عنه من لا ذوق له فيه ، فالله يرزقنا الإصابة في النطق والإخبار عما أشهدناه وعلمناه من الحق علم کشف و شهود وذوق ، فإن العبارة عن ذلك فتح من الله تأتي بحكم المطابقة ، وكم من شخص لا يقدر أن يعبر عما في نفسه، وكم من شخص تفسد عبارته صحة ما في نفسه ، والصحيح أن كل علم لا يكون عن ذوق فليس بعلم أهل الله .
ولما كانت العلوم تعلو وتنضع بحسب المعلوم ، لذلك تعلقت الهمم بالعلوم الشريفة العالية التي إذا اتصف بها الإنسان زکت نفسه وعظمت مرتبته ، فأعلاها مرتبة العلم بالله .
وأعلى الطرق إلى العلم بالله علم التجليات ، ودونها علم النظر ، فالتجلي أشرف الطرق إلى تحصيل العلوم ، وهي علوم الأذواق .
ولما لم تر إلا التقليد ترجح عندنا تقلید هذا المسمى برسول والمسمى بکلام الله ، وعملنا عليه تقليدا حتى كان الحق سمعنا وبصرنا فعلمنا الأشياء بالله .
فرجال الله علموا الله بإعلام الله ، فكان هو علمهم كما كان بصرهم.
 فمثل هؤلاء لو تصور منهم نظر فکري لكان الحق عين فكرهم كما كان عين علمهم وعين بصرهم وسمعهم ، لكن لا يتصور من يكون مشهده هذا وذوقه أن يكون له فكر البتة في شيء إنما هو مع ما يوحي إليه على اختلاف ضروب الوحي ، وإنه من ضروب الوحي الفهم عن الله ابتداء من غير تعكر ، فإن
 
ص  145  


قال الشيخ رضي الله عنه : ( مختلفة. "9"
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت )
..............................................................
 
أعطي الفهم عن تفكر فما هو ذلك الرجل فإن الفهم عن الفكر يصيب وقتا ويخطىء وقتا ، والفهم لا عن فكر وحي صحيح صريح من الله لعبده ، وذوق الأنبياء عليهم السلام في هذا الوحي يزيد على ذوق الأولياء .
وأهل الله من الأنبياء والأولياء ينسبون فيما يدركونه من العلوم على غير الطريق المعتادة ، فإذا أدركوها تسبوا إلى تلك الصفة التي أدركوا بها المعلومات ، فيقولون فلان صاحب نظر أي بالنظر يدرك جميع المعلومات .
وهذا ذقته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفلان صاحب سمع ، وفلان صاحب طعم ، وصاحب نفس وأنفاس يعني الشم ، وصاحب لمس.
فمن علوم الوهب العلم عن النظرة والضربة والرمية وكيف نقوم هذه الأمور مقام کلام العالم للمتعلم ، وذوقنا من هذا الفن ذوق النظرة فتستفاد علوم كثيرة من مجرد ضرب أو نظر ، قد رأينا هذا كله بحمد الله من نفوسنا فلا نشك فيه .
الفتوحات ج 1 / 31 ، 166 ، 214 ، 483 ، 551 - ج 2 / 298 ، 482 ، 608 ، 754 .
ج 3 / 60 - ج 4 / 38 .
 
9 -  فإذا أحببته كنت سمعه .. الحديث
اعلم أن القرب قربان:
قرب في قوله تعالى «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد » وقوله تعالى «وهو معكم أينما كنتم».
وقرب هو القيام بالطاعات وهو المقصود في هذا الحديث ، فالقرب الذي هو القيام بالطاعات فذلك القرب من سعادة العبد من شقاوته ، وسعادة العبد في نيل جميع أغراضه كلها ، ولا يكون ذلك إلا في الجنة ، وأما في الدنيا فإنه لابد من ترك بعض أغراضه القادحة في سعادته .
فالقرب من السعادة بأن يطيع ليسعد ، وهذا هو الكسب في الولاية بالمبادرة لأوامر الله التي ندب إليها ، أما قوله « من أداء ما افترضته عليه » لأنها عبودية اضطرارية « ولا يزال
 
ص 146


قال الشيخ رضي الله عنه : ( طعومه.
وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط )  
..............................................................
العبد يقترب إلي بالنوافل » وهي عبودية اختيار « حتى أحبه » .
إذ جعلها نوافل ، فإذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقربت إلى الله بأحب الأمور المقربة إليه ، وإذا کنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق و بصره .
وتكون يدك يد الحق « إن الذين بیا یعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم » وهذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل ، فإن للمثابرة على النوافل حبا إلهيا منصوصا عليه يكون الحق سمع العبد ونظره ، فانظر ما تنتجه محبة الله ، فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية .
ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض ، فالحق سبحانه روح العالم وسمعه وبصره ويده ، فبه يسمع العالم و به يبصر وبه يتكلم وبه يبطش و به يسعى ، إذ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولا يعرف هذا إلا من تقرب إلى الله بنوافل الخيرات ، كما ورد في الحديث الصحيح ، فانتبه لقوله « كنت سمعه الذي يسمع به ولسانه الذي يتكلم به وما تكلم إلا القائل في الشاهد وهو الإنسان، وفي الإيمان الرحمن ، فمن كذب العيان كان قوي الإيمان ، ومن تردد في إيمانه تردد في عيانه ، فلا إيسان عنده ولا عيان ، فما هو صاحب مكان ولا إمكان .
ومن صدق العيان وسلم الإيمان كان في أمان ، فإن الله أثبت أن ذلك للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له ، وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته ، وحق الخلق عبوديته.
فنحن عبيد وإن ظهرنا بنعوته ، وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا ، فإن التعوت عند المحققين لا أثر لها في العين المنعوتة.
ولهذا تزول بمقابلها إذا جاء ولا تذهب عينا .
فقوله تعالی « كنت سمعه وبصره » جعل کینوتنه سمع عبد منعوت بوصف خاص ، وهذا أعظم اتصال يكون من الله بالعبد حيث يزيل قواه من قواه ويقوم بکینوته في العبد مقام ما أزال على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تكييف ولا حصر ولا إحاطة ولا حلول
 
ص 147
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (
مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. "10"
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب "11" فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.
فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب. "12"
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي. )
 
..............................................................
ولا بدليه ، فإنه أثبت عين الشخص بوجود الضمير في قوله « كنت سمعه » فهذه الهاء عينه ، والصفة عين الحق لا عينه ، فالشخص محل لأحكام هذه الصفات التي هي عين الحق لا غيره .
كما يليق بجلاله ، فنعته سبحانه بنفسه لا بصفته ، فهذا الشخص من حيث عينه هو ومن حيث صفته لا هو ، وهذا من ألطف ما يكون فظهور رب في صورة خلق عن إعلام إلهي لا تعرف له کيفية ولا تنفك عنه بينية .
والكرامة التي حصلت لهذا الشخص إنما هي الكشف والاطلاع لا أنه لم يكن الحق سمعه ثم كان ، والجاهل إذا سمع ذلك أداه إلى فهم محظور من حلول أو تحديد ، فبالوجه الذي يقول فيه الحق إنه سمع العبد به بعينه يقول إنه حياة العبد وعلمه وجميع صفاته .
فمثلا سر الحياة سري في الموجودات فحييت بحياة الحق ، فهي نسب وإضافات وشهود حقائق ، والله هو العلي الكبير عن الحلول والمحل.
الفتوحات ج 3 / 14 ، 63 ، 68 ، 184 ، 298 ، 356 ، 531 ، 557 .
ج 4 / 5 ، 362 ، 449 .
 
10 - هو قوله في أول الفص « ولهذا وسعت رحمته كل شيء » .
11 ، 12  - هو القرب الأول المشار إليه في رقم .9
 
ص 148


قال الشيخ رضي الله عنه : (
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. "13"
فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.
فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر. "14"
فلا عالم إلا هو فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق: فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة: ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة، وفي هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله،"15" إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة)
  
..............................................................
 
13 - هو القرب الثاني المشار إليه في رقم ۰9
14 - وحدة الوجود فص 5 هامش 6.
راجع الفقرة 
15 - إشارة إلى المآل للرحمة - راجع شمول الرحمة فص 7 رقم ۰17
"" 17 ۔ شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب  ص 117
من اختصاص البسملة في أول كل سورة تتويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة أنها منه كعلامة السلطان على مناشيره، وسورة التوبة والأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها وحكم بالفصل فقد سماها سورة التوبة ، أي سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد ، فما هو غضب أبد لكنه غضب أمد ، والله هو التواب .
 فما قرن بالتواب إلا الرحيم ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم لضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به التواب تجد حكمه کما ذكرنا ، والقرآن جامع لذكر من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله بالرحمن الرحيم ، والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله ، فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن الله ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله « في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة » أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .
خلق الله الخلق قبضتين فقال هؤلاء للنار ولا أبالي ، وهؤلاء إلى الجنة ولا أبالي .
فمن كرمه تعالی لم يقل هؤلاء للعذاب ولا أبالي وهؤلاء إلى النعيم ولا أبالي وإنما أضافهم إلى الدارين ليعمروها ، فإنه ورد في الخبر الصحيح أن الله لما خلق الجنة والنار قال لكل واحدة منهما لها علي" ملؤها ، أي أملؤها سكانا ، فيستروح من هذا عموم الرحمة في الدارين وشمولها حيث ذكرهما ولم يتعرض لذكر الآلام وقال بامتلائهما وما تعرض لشيء من ذلك .
فكان معنى « ولا أبالي » في الحالتين لأنهما في المال إلى الرحمة ، فلذلك لا يبالي فيهما ، ولو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له من عدم المبالاة.
ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف الله نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ، وقد قيل في أهل التقوى إن الجنة أعدت للمتقين ، وقال في أهل التقاء « وأعد لهم عذابا أليما » فلولا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .
فما أعظم رحمة الله بعباده وهم لا يشعرون ، فإن الرحمة الإلهية وسعت كل شيء ، فما ثم شيء لا يكون في هذه الرحمة « إن ربك واسع المغفرة » فلا تحجروا واسعا فإنه لا يقبل التحجير ، ولقد رأيت جماعة ممن ينازعون في اتساع رحمة الله وأنها مقصورة على طائفة خاصة ، فحجروا وضيقوا ما وسع الله .
فلو أن الله لا يرحم أحدا من خلقه لحرم رحمته من يقول بهذا ، ولكن أبي الله تعالى إلا شمول الرحمة ، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » ، وما خص مؤمنا من غيره ، والله أرحم الراحمين كما قال عن نفسه .
وقد وجدنا من نفوسنا ، وممن جبلهم الله على الرحمة انهم يرحمون جميع العباد ، حتى لو حكمهم الله في خلقه لأزالوا صفة العذاب من العالم ، بما تمكن حكم الرحمة من قلوبهم .
وصاحب هذه الصفة أنا وأمثالي مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، وقد قال عن نفسه جل علاه أنه أرحم الراحمين ، فلا شك أنه أرحم منا بخلقه ، و نحن قد عرفنا من تفوسنا هذه المبالغة في الرحمة .
فكيف يتسرمد، عليهم العذاب وهو بهذه الصفة العامة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، ولا سيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباريء لا تنفعه الطاعات، ولا تضره المخالفات، وان كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه.
وأن الخلق مجبورون في اختيارهم ، وقد قام الدليل السمعي أن الله يقول في الصحيح « يا عبادي » فأضافهم إلى نفسه ، وما أضاف الله قط العباد لنفسه إلا من سبقت له الرحمة ألا يؤبد عليهم الشقاء وإن دخلوا النار .
فقال : « يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا » .
وهذه مسألة المكاشف لها قليل ، والمؤمن بها أقل ، وهو سر عجيب ، ما رأينا أحدا نبه عليه من خلق الله ، وإن كانوا قد علموه بلا شك ، وما صانوه والله أعلم إلا صيانة لأنفسهم ورحمة بالخلق .
لأن الإنكار يسرع إليه من السامعين ، ووالله ما نبهت عليه هنا إلا لغلبة الرحمة عليه في هذا الوقت ، فمن فهم سعد ومن لم يفهم لم يشق بعدم فهمه وإن كان محروما ، فقد أظهرت أمرا في هذه المسألة لم يكن باختياري ، ولكن حق القول الإلهي بإظهاره ، فكنت فيه كالمجبور في اختياره ، والله ينفع به من يشاء لا إله إلا هو .
الفتوحات : ج 2 / 148 ، 244 ، 674 - ج 3 / 25 ، 100 ، 101 ، 383 .
 ج 4 / 163 .  ""
 
 
 
 
ص  149


قال الشيخ رضي الله عنه : (
ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له. فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. "16" فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها."17"
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم»."18" وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟   ) 
 
..............................................................
16 - راجع رقم 9 « كنت سمعه » ، رقم 14 وحدة الوجود .
17 - ذكرت بالفتوحات المكية ج 4 / 77 .
18 - قول هود عليه السلام « ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقیم».
ما جاء في هذه الفقرة من قوله « ودليلي على كشفه لها » لا يصح صدوره عن الشيخ لأنه يناقض الثابت من قوله « ذوق الأنبياء عليهم السلام في هذا الوحي يزيد على ذوق الأولياء » .
وقوله «لا يتكلم في الرسل إلا رسول ولا في الأنبياء إلا نبي » وقوله « إني لست بنبي فذوق الأنبياء لا يعلمه سواهم » وقوله في هذه الآية بالذات « إن الرسل لا تقول على الله إلا ما تعلمه منه فهم أعلم الخلق بالله ».
فهل بعد هذا يحتاج الشيخ إلى دليل ؟!
"" تعقيب من الجامع : الحقيقة كل كلام قاله نبي الله هود عليه السلام فى الأيات قاله الله تعالى في القرآن بعد أن تم وانتهى فقد قاله هود عليه السلام في زمانه سابقا واصبح قصص للعبلاة تروى: "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50) يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51) وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)سورة هود.
فما وجه الاستدلال هنا بـ «لا يتكلم في الرسل إلا رسول ولا في الأنبياء إلا نبي » وقوله « إني لست بنبي فذوق الأنبياء لا يعلمه سواهم » لأن المتكلم هنا هو الله عز وجل والعلم هنا من لله والقرآن كلام الله الى العالمين كافة وليس كلام الشيخ ابن العربي إلى العالمين كافة .
الأمر هنا آيات القرآن الكريم وليست تجلي خاص أو رؤيا او كشف خاص بالشيخ ابن العربي فلا محل هنا للمعارضة ونفي الأمر عن الشيخ ؟! ""
الفتوحات ج 2 / 85 ، 563 - ج 4 / 38 ، 85.
أما فهمه في هذه الآية فانظر إلى جمیل بیانه حيث يقول :
أتي بالصراط نكرة لأنه على كل صراط شهيد ، وجاء في فاتحة الكتاب في « اهدنا الصراط المستقيم » بالتعريف ، لأنه صراط مخصوص وهو المؤدي إلى السعادة ، ومع هذا فإن القول من الكلام القديم ، والقرآن الحكيم ، جاء به الرؤف
 
ص 150


قال الشيخ رضي الله عنه : (
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي  )
..............................................................
الرحيم ، الخبير بما هناك العليم ، فمع الحق مشي من مشى ، وما تشاؤن إلا أن يشاء .
فالسعادة كاملة ، والرحمة شاملة ، فإن أهل الاستقامة في الاستقامة هم أهل السلامة في القيامة ، وأما الماشي في الاستقامة بغير استقامة فهو المنحاز من دار الكرامة ، وكما أنه سبحانه في قبلة المصلي فهو تعالى من ورائه محیط.
فهو السابق والهادي ، فهو سبحانه الذي نواصي الكل بيده ، الهادي إلى صراط مستقیم ، والذي يسوق المجرمين إلى جهنم وردا ، وإليه يرجع الأمر كله ، وإن كان الصراط المستقيم الذي عليه الرب الكريم يتضمن الخير والشر ، والنفع والضر ، والفاجر والبر « ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقیم » وهو البر الرحيم ، فلا ينفع الاحتجاج بما سبق ، وإن كان حقا ، فهي حجة لا تنفع قائلها ، ولا تعصم حاملها ، لما يؤدي إليه من درس الطريق الأمم ، الذي أجمع على صحته الأمم .
« ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها » دخل في حكم هذه الآية جميع ما دب علوا وسفلا ، دخول ذلة وعبودية لأنها أعطته بحقيقتها وقبولها التمكن من الأخذ بناصيتها إذلالا ، لأنها عبد، وكل من أخذ بناصيته فهو ذليل ، والكل عبيد الله تعالى .
فالكل أذلاء بالذات وهو العزيز الحكيم ، وإنما جعل يده بناصيتك ابتغاء عافيتك ، فأثبت أمرا هو عليه وما سواه فانظر من يصل إليه ، وهذا من كرمه وسابقة قدمه ، فما ثم إلا مستقیم ، وعلى منهج قويم ، لأنه بيد الكريم.
وتدل هذه الآية على أنه ما ثم إلا من الحق آخذ بناصيته ، ولا يمكن إزالة ناصيته من يد سيده ، وشكر لفظ دابة ، فعمه ، فهو مسلوك به ، سالك بحكم الجبر .
هكذا قال هود عليه السلام ، فلهذا كان المآل إلى الرحمة ، وإذا أدركه في الطريق النصب ، فتلك أعراض عرضت له ، فإنه أخبر بأنه تعالى على صراط مستقیم ، فما ثم إلا من هو مستقيم على صراط الرب ، فهذه الآية دليل لمن قال بالجبر، ويحتمل أن يكون قوله عليه السلام « إنه ربي على صراط مستقیم ، فيما شرع مع کونه آخذا بنواصي عباده إلى ما أراد وقوعه
 
ص 151


قال الشيخ رضي الله عنه : (
هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد. فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقاتله لقومه بشرى لنا، وترجم )  


..............................................................
منهم ، وعقوبته إياهم مع هذا الجبر ، فاجعل بالك وتأدب واسلك سواء السبيل ، فهذه آية بشرى لنا ، فما في العالم إلا مستقیم ، لأن الآخذ بناصيته هو الماشي به .
وهو على صراط مستقیم ، فكل حركة وسكون في الوجود فهي إلهية ، لأنها بيد حق ، وصادرة عن حق ، موصوف بأنه على صراط مستقیم ، بإخبار الصادق .
فإن الرسل لا تقول على الله إلا ما تعلمه منه ، فهم أعلم الخلق بالله ، وليس للكون معذرة أقوى من هذه ، فمن رحمة الرسل بالخلق تنبيه الخلق على مثل هذا، فإن الله أخبر عن نبيه ورسوله هود عليه السلام قوله هذا .
وما خطا هذا الرسول في هذا القول ، ومعلوم أن تصرف كل دابة قد يتعلق به لسان حمد أو ذم لأمور عرضية في الطريق عينتها الأحوال وأحكام الأسماء .
والأصل محفوظ في نفس الأمر تشهده الرسل عليهم السلام والخاصة من عباد الله ، ومع هذا التحقيق فإن قوله « إن ربي على صراط مستقيم » من حيث ما يقود الماشي عليه إلى سعادته ، وعلى هذا الصراط كل دابة عسومة ما عدا الإنس والجن ، فإنه ما دخل من الثقلين إلا الصالحون منهم خاصة ، ولو دخل جميع الثقلين لكان جميعهم على طريق مستقیم.
نصيحة : لا تجعل زمامك إلا بيد ربك فإن له كما قال يدين كما أنه قد أخبرك أن يده بناصيتك اضطرارا ، فاجعل زمامك بيده اختیارا ، فتجني ثمرة الاختيار والاضطرار بجمعك بين اليدين ، واعلم أن العباد في قبضة الحق .
قال تعالى « ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها » لما هي مصرفة فيه ، فالكل في قبضته من قضائه في قضائه .
ومع ذلك عليك بأمر الحق فاتبعه ، ولا تغتر بكونك لا ترى شيئا إلا تحت تصريفه وحكم إرادته ، هذا لا ينجيك والأخذ بأمر الحق ينجيك ، لكن انظر ذلك عقدا وتصرف بالأمر .
الفتوحات ج 1 / 406 ، 426  - ج 2 / 217 ، 478 ، 563 .
ج 3 / 410 ، 413  - ج 4 / 273 ، 364 ، 366 ، 384 ، 400.
 
ص 152
 
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 13:41 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 11:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية والعشرون : الجزء الثاني
قال الشيخ رضي الله عنه : (
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم "19" «وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عينا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة. ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود،20 «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود. فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير."21"
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه "22" ... ولذا قلت يغتذي   )

..............................................................
كتاب التراجم - كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن قارن بين جزالة اللفظ هنا في تفسير هذه الآية والتحقيق ، وبين ما جاء في هذا الفص .
19 - الإشارة إلى شمول الرحمة .
راجع البند 15
20 - وحدة الوجود راجع فص 5 ، رقم 6 ص 45.
  ""   6 - وحدة الوجود – المرايا  ص 45

اعلم أن المعلومات ثلاثة لا رابع لها :
وهي الوجود المطلق الذي لا يتقيد وهو وجود الله تعالى الواجب الوجود لنفسه .
والمعلوم الآخر العام المطلق الذي هو عدم لنفسه وهو الذي لا يتقيد أصلا وهو المحال ،
والعلوم الثالث هو البرزخ الذي بين الوجود المطلق والعدم المطلق وهو الممكن ، وسبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته .
 وذلك أن العدم المطلق قام للوجود المطلق كالمرآة فرأي الوجود فيه صورته فكانت تلك الصورة عين الممكن ، فلهذا كان للممكن عين ثابتة وشيئية في حال عدمه ولهذا خرج على صورة الوجود المطلق .
ولهذا أيضا اتصف بعدم التناهي فقيل فيه إنه لا يتناهی ، وكان أيضا الوجود المطلق كالمرآة للعدم المطلق فرأى العدم المطلق في مرآة الحق نفسه .
فكانت صورته التي رأي في هذه المرأة هو عين العدم الذي اتصف به هذا الممكن ، وهو موصوف بأنه لا يتناهی كما أن العدم  المطلق لا يتناهی ، فاتصف الممکن بأنه معدوم ، فهو كالصورة الظاهرة بين الرائي والمرأة ، لا هي عين الرائي ولا غيره.
 

وقد علمنا أن العالم ما هو عين الحق وإنما هو ما ظهر في الوجود الحق ، إذ لو كان عين الحق ما صح كونه بديعا ، كما تحدث صورة المرئي في المرآة ، ينظر الناظر فيها، فهو بذلك النظر كأنه أبدعها مع كونه لا تعمل له في أسبابها، ولا يدري ما يحدث فيها .
ولكن بمجرد النظر في المرآة ظهرت صور ، هذا أعطاه الحال ، فما لك في ذلك من التعمل إلا قصدك النظر في المرآة .
ونظرك فيها مثل قوله « إنما قولنا لشيء إذا أردناه » وهو قصدك النظر « أن نقول له کن » وهو بمنزلة النظر « فیکون » وهو بمنزلة الصورة التي تدركها عند نظرك في المرآة ،.
ثم إن تلك الصورة ما هي عينك الحكم صفة المرآة فيها من الكبر والصغر والطول والعرض ، ولا حكم لصورة المرآة فيك فما هي عينك ولا عين ما ظهر ممن ليس أنت من الموجودات الموازية لنظرك في المرآة ، ولا تلك الصورة غيرك ، لما لك فيها من الحكم .

فإنك لا تشك أنك رأيت وجهك ، ورأيت كل ما في وجهك ظهر لك بنظرك في المرآة من حيث عين ذلك لا من حيث ما طرأ عليه من صفة المرآة ، فما هو المرئي غيرك ولا عينك ، كذلك الأمر في وجود العالم الحق .
أي شيء جعلت مرآة أعني حضرة الأعيان الثابتة أو وجود الحق، فإما أن تكون الأعيان الثابتة الله مظاهر ، فهو حكم المرآة في صورة الرائي ، فهو عينه وهو الموصوف بحكم المرآة ، فهو الظاهر في المظاهر بصورة المظاهر.
أو يكون الوجود الحق هو عين المرآة ، فترى الأعيان الثابتة من وجود الحق ما يقابلها منه ، فترى صورتها في تلك المرآة و يترائي بعضها البعض ، ولا ترى ما ترى من حيث ما هي المرآة عليه ، وإنما ترى ما ترى من حيث ما هي عليه من غير زيادة ولا نقصان .
وكما لا يشك الناظر وجهه في المرآة أن وجهه رأي ، وبما للمرآة في ذلك من الحكم يعلم أن وجهه ما رأى .

فهكذا الأمر فانسب بعد ذلك ما شئت كيف شئت ، فإن الوجود للعين الممكنة كالصورة التي في المرآة ، ما هي عين الرائي ولا غير الرائي ، ولكن المحل  المرئي فيه به و بالناظر المتجلي فيه ظهرت هذه الصورة ، فهي مرآة من حيث ذاتها والناظر ناظر من حيث ذاته والصورة الظاهرة تتنوع بتنوع العين الظاهرة فيها .


کالمرأة إذا كانت تأخذ طولا ترى الصورة على طولها والناظر في نفسه على غير تلك الصورة من وجه ، وعلى صورته من وجه ، فلما رأينا المرآة لها حكم في الصورة بذاتها ورأينا الناظر يخالف تلك الصورة من وجه .
علمنا أن الناظر في ذاته ما أثرت فيه ذات المرآة ، ولما لم يتأثر ولم تكن تلك الصورة هي عين المرأة ولا عين الناظر ، وإنما ظهرت من حكم التجلي للمرآة ، علمنا الفرق بين الناظر وبين المراة وبين الصورة الظاهرة في المرآة التي هي غيب فيها ، ولهذا إذا رؤي الناظر يبعد عن المرآة يرى تلك الصورة تبعد في باطن المرآة ، وإذا قرب قربت .
وإذا كانت في سطحها على الاعتدال ورفع الناظر يده اليمنى رفعت الصورة اليد اليسرى ، تعرفه إني وإن كنت من تجليك وعلى صورتك فما أنت أنا ولا أنا أنت ، فإن عقلت ما نبهناك عليه فقد علمت من أين اتصف العبد بالوجود، ومن هو الموجود، ومن أين اتصف بالعدم، ومن هو المعدوم ومن خاطب ومن سمع ومن عمل ومن كلف .
وعلمت من أنت ومن ربك وأين منزلتك ، وأنك المفتقر إليه سبحانه وهو الغني عنك بذاته.
فسبحان من ضرب الأمثال وأبرز الأعيان دلالة عليه أنه لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا ، وليس في الوجود إلا هو ، ولا يستفاد الوجود إلا منه، ولا يظهر الموجود عين إلا بتجليه.

فالمرأة حضرة الإمكان والحق الناظر فيها والصورة أنت بحسب إمكانيتك ، فإما ملك وإما فلك وإما إنسان وإما فرس ، مثل الصورة في المرآة بحسب ذات المرآة من الهيئة في الطول والعرض والاستدارة واختلاف أشكالها مع كونها مرآة في كل حال.

كذلك الممكنات مثل الأشكال في الإمكان والتجلي الإلهي يكسب الممكنات الوجود والمرآة تكسبها الأشكال ، فيظهر الملك و الجوهر والجسم والعرض ، والإمكان هو هو لا يخرج عن حقیقته ، وأوضح من هذا البيان في هذه المسألة لا يمكن إلا بالتصريح ، فقل في العالم ما تشاء و انسبه إلى من تشاء بعد وقوفك على هذه الحقيقة كشفة وعلما .
راجع الفتوحات ج3/ 46 , 80 , 352 . - ج4/ 316. ""



21 - العالم على صورة الحق فص 1 رقم ۰3

""  4 . خلق الله آدم على صورته   ص 24
اعلم أنه لا يصح أن يكون شيء من العالم له وجود ليس هو على صورة الحق، فنسبة الحق إلى الخلق نسبة الإنسان إلى كل صنف من العالم ، والعالم عند الجماعة، هو إنسان كبير في المعنى والجرم.
يقول الله تعالى : "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون" .
فلذلك قلنا في المعنى ، وما في العلم عن الكل وإنما نقاه عن الأكثر ، والإنسان الكامل من العالم وهو له کالروح لجسم الحيوان ، وهو الإنسان الصغير ، وسمي صغيرا لأنه انفعل عن الكبير وهو، مختصر فالمطول العالم كله والمختصر الإنسان الكامل ، فالإنسان آخر موجود في العالم لأن المختصر لا يختصر إلا من مطول وإلا فليس بمختصر ، فالعالم مختصر الحق والإنسان مختصر العالم والحق ، فهو نقاوة المختصر.

فلما كان العالم على صورة الحق وكان الإنسان الكامل على صورة العالم وصورة الحق وهو قوله : " إن الله خلق آدم على صورته"، فليس في الإمكان أبدع ولا أكمل من هذا العالم إذ لو كان لكان في الإمكان ما هو أكمل من الله .
 فإن آدم وهو من العالم قد خلقه الله على صورته ، وأكمل من صورة الحق فلا يكون ، وما كملت الصورة من العالم إلا بوجود الإنسان .
فمن كل شيء في الوجود زوجان الأن الإنسان الكامل والعالم بالإنسان الكامل على صورة الحق ، فامتاز الإنسان الكامل عن العالم مع كونه من كمال الصورة للعالم الكبير بكونه على الصورة بانفراده ، من غير حاجة إلى العالم .


فالإنسان الكامل وحده يقوم مقام الجماعة ، فإنه أكمل من عين مجموع العالم إذ كان نسخة من العالم حرفا بحرف (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) ، ويزيد أنه على حقيقة لا تقبل التضاؤل « خلق الله آدم على صورته » .

فحاز الإنسان الكامل صورة العالم وصورة الحق ففضل بالمجموع فجعل الحق الإنسان الكامل نسخة من العالم كله ، فما من حقيقة في العالم إلا وهي في   الإنسان .

فهو الكلمة الجامعة وهو المختصر الشريف وجعل الحقائق الإلهية التي توجهت على إيجاد العالم بأسره متوجهة على إيجاد هذه النشأة الإنسانية الإمامية ، فخلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم ، وأبرزه نسخة كاملة جامعة لصورة حقائق الحدث وأسماء القديم ، أقامه سبحانه معنى رابطا للحقیقتين ، وأنشأه برزخا جامعا للطرفين والرقيقتين ، أحكم بيديه صنعته وحسن بعنايته صبغته ، وكانت مضاهاته للأسماء الإلهية بخالقه، ومضاهاته للأكوان العلوية والسفلية بخلقه، فتميز عن جميع الخلائق بالخلقة المستقيمة والخلائق ، عين سبحانه سره مثالا في حضرة الأسرار ، ومیز نوره من بين سائر الأنوار ، وقصب له کرسي العناية بين حضرتيه ، وصرف نظر الولاية والنيابة فيه وإليه .

فلم يخلق الله تعالى الإنسان عبثا بل خلقه ليكون وحده على صورته ، فكل من في العالم جاهل بالکل عالم بالبعض ، إلا الإنسان الكامل وحده ، فإن الله علمه الأسماء كلها وآتاه جوامع الكلم ، فكملت صورته ، فجمع بين صورة الحق وصورة العالم ، فكان برزخا بين الحق والعالم ، مرآة منصوبة ، يرى الحق صورته في مرآة الإنسان ، ويرى الخلق أيضا صورته فيه ، لأن الإنسان فيه مناسب من كل شيء في العالم ، فيضاف كل مناسب إلى مناسبه بأظهر وجوهه ، ويخصصه الحال والوقت والسماع بمناسب ما دون غيره من المناسب ، إذا كان له مناسبات كثيرة لوجوه كثيرة يطلبها بذاته، فمن حصل هذه المرتبة حصل رتبة الكمال الذي لاأكمل منه في الإمكان، ومعنى رؤية صورة الحق فيه ، إطلاق جميع الأسماء الإلهية عليه ، كما جاء في الخبر

"فبهم تنصرون" ، والله الناصر « وبهم ترزقون » والله الرازق « وبهم ترحمون ، والله الراحم ، وقد ورد في القران فيمن علمنا كماله صلى الله عليه وسلم واعتقدنا ذلك فيه أنه « بالمؤمنين رؤوف رحيم » ، « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » أي لترحمهم ، والتخلق بالأسماء يقول به جميع العلماء ، فالإنسان متصف يسمى بالحي والعالم المريد السميع البصير المتكلم القادر وجميع الأسماء الإلهية من أسماء تنزيه وأفعال .

ولذلك عبر عن الإنسان الكامل بمرآة الحق ، والحقيقة من قوله تعالی " ليس كمثله شيء " وهي مثلية لغوية ، وذلك عند بروز هذا الموجود في أصفى ما يمكن وأجلي ، ظهر فيه الحق بذاته وصفاته المعنوية لا النفسية ، وتجلى له من حضرة الجود ، وفي هذا الظهور الكريم قال تعالى : « لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم »

فالإنسان الكامل له الشرف على جميع من في السماء والأرض ، فإنه العين المقصودة للحق من الموجودات ، لأنه الذي اتخذه الله مجلي ، لأنه ما كمل إلا بصورة الحق ، كما أن المرآة وإن كانت تامة الخلق فلا تكمل إلا بتجلي صورة الناظر ، فتلك مرتبتها والمرتبة هي الغاية .

راجع فتوحات  ج3 /152, 315 ,331 , 398 , 409.
 ج4 / 21 , 132 , 230 , 231 , 409.  عقلة المستوفز ۔ ذخائر الأعلاق ""


22 - وحدة الوجود ، الظاهر في المظاهر ، ص ۰84

"" 6 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر ص 84
الموجودات على تفاصيلها في ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من الاستعدادات ، فاختلفت الصفات على الظاهر لأن الأعيان التي ظهر فيها مختلفة ، فتميزت الموجودات وتعددت لتعدد الأعيان وتميزها في نفسه فما في الوجود إلا الله وأحكام الأعيان ، وما في العدم شيء إلا أعيان الممكنات مهيأة للاتصاف بالوجود .
فهي لا هي في الوجود ، لأن الظاهر أحكامها فهي ، ولا عين لها في الوجود فلا هي ، كما هو لا هو .
لأنه الظاهر فهو والتميز بين الموجودات معقول ومحسوس لاختلاف أحكام الأعيان فلا هو ، فيا أنا ما هو أنا ولا هو ما هو هو .
مغازلة رقيقة وإشارة دقيقة ردها البرهان ونفاها ، و أوجدها العيان وأثبتها .
ما من شيء في تفاصيل العالم إلا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكل ما ظهر ، أي يتقيد بها، ولولا هي ما ظهر .
فإذا تأملت فما ثم وجود إلا الله خاصة ، وكل موصوف بالوجود مما سوى الله فهو نسبة خاصة ، والإرادة الإلهية إنما متعلقها إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.
وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.
والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .
ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله، فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال ، من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم ، فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.
فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
 الفتوحات ج1 / 694  , ج 2 / 40 ، 42 ، 99 ، 160 ، 435 ، 606.  ""

ص 153


قال الشيخ رضي الله عنه : (
فوجودي غذاؤه "23" ... وبه نحن نحتذي "24"
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي "25"
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق "26" إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، و«هو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلى . أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا.
وإذا كان الحق وقاية للحق بوجه والعبد )
..............................................................

23 - الكون غذاء الأسماء - راجع فص 5 رقم 11.

""11 – الغذاء   ص 88
كل غذاء أعلا من حياته المتولدة عنه ، فلا تزال من العالم الأدنۍ ترتقي في أطوار العوالم أغذية وحياة حتى تنتهي إلى الغذاء الأول الذي هو غذاء أغذية الأغذية.
وهي الذات المطلقة ، والأسماء الإلهية أقواتها أعيان آثارها في الممكنات .
فبالآثار تعقل أعيانها ، فلها البقاء بآثارها .
فقوت الاسم أثره، وتقديره مدة حكمه في الممكن أي ممكن كان ، ولما لم يكن في الكون إلا علة و معلول ، علمنا أن الأقوات العلوية والسفلية أدوية لإزالة أمراض ، ولا مرض إلا الافتقار .
فقوت القوت الذي يتقوت به هو استعماله .
 فالمستعمل قوت له لأنه ما يصح أن يكون قوتا إلا إذا تقوت به ، فاعلم من قوتك ومن أنت قوته.
من قدر القوت فقد قدرا     …… والقوت ما اختص بحال الوری
 بل حكمه سار فقد عمنا    …… ونفسه فانظر تری ما تری
 کل تغذي فيه قام في       …… وجوده حقا بغير افتری
فأول رزق ظهر عن الرزاق ما تغذت به الأسماء من ظهور آثارها في العالم ، وكان فيه بقاؤها ونعيمها و فرحها وسرورها .
وأول مرزوق في الوجود الأسماء ، فتأثير الأسماء في الأكوان رزقها الذي به غذاؤها وبقاء الأسماء عليها .
وهذا معنى قولهم إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية ، فإن الإضافة بقاء عينها في المتضايفين ، وبقاء المضافين من كونهما مضافين إنما هو بوجود الإضافة، فالإضافة رزق المتضایفین، و به غذاؤهما وبقاؤهما متضايفين .
فهذا من الرزق المعنوي الذي يهبة الاسم الرزاق ، وهو من جملة المرزوقين .
فهو أول من تغذى بما رزق ، فأول ما رزق نفسه .
ثم رزق الأسماء المتعلقة بالرزق الذي يصلح لكل اسم منها.
وهو أثره في العالم المعقول والمحسوس .
الفتوحات  ج2 / 462 , ج4 / 248 , 409 . أهـ  ""


24 - العالم على صورة الحق فص 1 رقم ۰4
   راجع البند 21

25 - إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم « أعوذ بك منك » .

26 - الحب سبب وجود العالم
الحب أصل سبب وجود العالم والسماع سبب كونه ، و بهذا الحب وقع التنفس. وأظهر العالم نفس الرحمن لإزالة حكم الحب ( الكرب ) وتنفس ما يجد المحب. وخرج ذلك النفس عن أصل محبة في الخلق الذي يريد أن يتعرف إليهم ليعرفوه .
فتوحات ج 2 / 111 ، 428  . راجع فص 1 هامش 3 ص 23

 
""   3- الحب سبب وجود العالم   ص 23
لما لم يكن علم الله تعالى بالعالم إلا علمه بنفسه إذ لم يكن في الوجود إلا هو.
فما ظهر في الكون إلا ما هو عليه في نفسه ، فلابد أن يكون العالم على صورته ، وصورة العالم على قدر الحضرة الإلهية الأسمائية ، فما في الحضرة الإلهية اسم إلهي إلا وهو على قدر أثره في نشء العالم من غير زيادة ولا نقصان ، فخلق الله العالم
في غاية الإحكام والإتقان كما قال الإمام أبو حامد الغزالي من أنه لم يبق في الإمكان أبدع من هذا العالم ..
فطابق العالم الأسماء الإلهية ، وكأنه تعالى كان باطنا فصار بالعالم ظاهرا ، فعرف نفسه شهودة بالظاهر بقوله : "فأحببت أن أعرف" - الحديث .
ولما أظهر العالم في عينه كان مجلاه ، فما رأي فيه غير جماله ، فالعالم جمال الله، فهو تعالى الجميل المحب الجمال ، ورد في الخبر الصحيح في صحيح مسلم عن رسول الله مع أنه قال : "إن الله جميل يحب الجمال"، فأوجد الله العالم في غاية الجمال والكمال خلقا وإبداعا ، فإنه تعالى يحب الجمال ، وما ثم جميل إلا هو ، فأحب نفسه ثم أحب أن يرى نفسه في غيره ، فخلق العالم على صورة جماله ونظر إليه فأحبه حب من قيده النظر ، فما خلق الله العالم إلا على صورته ، فالعالم كله. جميل وهو سبحانه يحب الجمال.

كلمة الحضرة الإلهية وهي كلمة « کن » : لله تجل في صورة تقبل القول والكلام بترتيب الحروف ، « فكن » عين ما تكلم به فظهر عنه الذي قيل له كن ، فعين الأمر عين التكوين ، وما ثم أمر إلهي إلا كن ، فإذا نظرت إلى تكون العالم من النفس الرحماني الظاهر من محبة الله أن يعرفه خلقه ، علمت أن ما في العالم أو ما هو العالم سوی کلمات الله ، وكلمات الله أمره ، وأمره واحدة كلمح البصر أو هو أقرب .
وعلمت اختصاص كلمة الحضرة من الكلمات بكلمة كن لكل شيء مع اختلاف ما ظهره فليس الكون بزائد على كن بواوها الغيبية ، فظهر الكون على صورة كن ، وكن أمره وأمره كلامه وكلامه علمه ، وعلمه ذاته ، فظهر العالم على صورته ، فليس للحق منزه ولا مجلي إلا العالم.
راجع الفتوحات المكية  ج2 /111 , 345 , 399 , 401 , 402 , 403
ج3/ 151 , ج4/ 269  ""

 
ص 154


قال الشيخ رضي الله عنه : (
وقاية للحق بوجه، فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق، وإن شئت قلت هو الحق، وإن شئت قلت هو الحق الخلق، وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه، وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب. ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه و يوصف. فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف، ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف. ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها فإذا تجلى له الحق فيها و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم وما جعلوا فيها. "27"
فانظر: مراتب الناس في العلم   )

..............................................................

27 - خلق الله نفسه ؟!
جاء في الخبر « خلق الله نفسه » فردت العقول كلها هذا الخبر لعدم فهمها من ذلك ، وما شعرت بأن كل صاحب مقالة في الله أنه يتصور في نفسه أمرا ما يقول فيه هو الله فيعبده وهو الله لا غيره ، ما خلقه في ذلك المحل إلا الله .
فهذا معنى ذلك الخبر ، واختلفت المقالات باختلاف النظار فيه ، فكل صاحب نظر ما عبد ولا أعتقد إلا ما أوجده في محله ، وما وجد في محله وقلبه إلا مخلوق ، وليس هو الإله الحق .
وفي تلك الصورة أعني المقالة تتجلى له وإن كانت العين من حيث ما هي واحدة ، وهو ظهور الحق في صورة كل اعتقاد لكل معتقد ، ولولا أن له وجها في كل معتقد ما وصف نفسه على ألسنة رسله بالتحول في صور الاعتقادات ، وإنجي الطوائف من اعتقد في الله ما أخبر الحق به عن نفسه على السنة رسله .

فتوحات ج 4 / 211.


"" أضاف الجامع : عن "خلق الله نفسه " يقول إسماعيل حقي الخلوتي في روح البيان فى تفسير القرآن 1127 هـ  الجزء الرابع في تفسير سورة يوسف :
ثم اعلم أن الرؤيا عبارة عن ارتسام صورة المرئي وانتقاشها في مرآة القلب فى النوم دون اليقظة فالرؤيا من باب العلم ولكل علم معلوم ولكل معلوم حقيقة .
وتلك الحقيقة صورته والعلم عبارة عن وصول تلك الصورة الى القلب وانطباعها فيه سواء كان فى النوم أو فى اليقظة .
فلا محل له غير القلب ولما كان عالم الأرواح متقدما بالوجود والمرتبة على عالم الأجسام وكان الإمداد الرباني الواصل الى الأجسام موقوفا على توسط الأرواح بينها وبين الحق .
وتدبير الأجسام مفوض الى الأرواح وتعذر الارتباط بين الأرواح والأجسام للمباينة الذاتية الثابتة بين المركب والبسيط .
فان الأجسام كلها مركبة والأرواح بسيطة فلا مناسبة بينهما فلا ارتباط وما لم يكن ارتباط لا يحصل تأثير ولا تأثر ولا امداد ولا استمداد .
فلذلك خلق الله عالم المثال برزخا جامعا بين عالم الأرواح وعالم الأجسام ليصح ارتباط أحد العالمين بالآخر فيتأتى حصول التأثر والتأثير ووصول الإمداد والتدبير.
وهكذا شأن روح الإنسان مع جسمه الطبيعي العنصري الذي يدبره ويشتمل عليه علما وعملا فإنه لما كانت المباينة ثابتة بين روحه وبدنه وتعذر الارتباط الذي يتوقف عليه التدبير ووصول المدد إليه خلق الله نفسه الحيوانية برزخا بين البدن والروح المفارق .
فنفسه الحيوانية من حيث إنها قوة معقولة هى بسيطة تناسب الروح المفارق ومن حيث أنها مشتملة بالذات على قوى مختلفة متكثرة منبثة فى أقطار البدن متصرفة بتصرفات مختلفة ومحمولة ايضا فى البخار الضبابي الذي فى التجويف الأيسر من القلب الصنوبري .
تناسب المزاج المركب من العناصر فحصل الارتباط والتأثر والتأثير وتأتى وصول المدد وإذا وضح هذا فاعلم أن القوة الخالية التي فى نشأة الإنسان من كونه نسخة من العالم بالنسبة الى العالم المثالي المطلق كالجزء بالنسبة إلى الكل و كالجدول بالنسبة الى النهر الذي هو مشرعه .
وكما أن طرف الجدول الذي يلى النهر متصل به كذلك عالم الخيال الإنساني من حيث طرفه الأعلى متصل بعالم المثال والمثال نوعان : مطلق ومقيد.
فالمطلق ما حواه العرش المحيط من جميع الآثار الدنيوية والأخروية.
والمقيد نوعان :
نوع هو مقيد بالنوم
ونوع غير مقيد بالنوم مشروط بحصول غيبة وفتور ما فى الحس.
 كما فى الواقعات المشهورة للصوفية وأول ما يراه الأنبياء عليهم السلام إنما هو الصور المثالية المرئية فى النوم والخيال .
ثم يترقون إلى أن يروا الملك في المثال المطلق أو المقيد فى غير حال النوم لكن مع نوع فتور فى الحس .
وكونهم مأخوذين عن الدنيا عند نزول الوحي إنما هو مع بقاء العقل والتمييز .
ولذا لا ينتقض حينئذ وضوؤهم ولانهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم لكون بواطنهم محلاة بصفات الله متخلقة بأخلاقه مطهرة عن أوصاف البشرية من الحرص والعجز والأمل والضعف وغير ذلك.أهـ
ومن موسوعة البحوث والمقالات العلمية: في تفسير سورة يوسف : عن "خلق الله نفسه"
أن قوله (كلمته) هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، فـ (الكلمة) هنا عيسى، وهو مخلوق، لأنه منفصل.
وقد بينا سابقا أن إضافة الشيء القائم بذاته إلى الله، هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، فيكون المراد بـ (الكلمة) هنا عيسى، وأضافه الله إلى نفسه تشريفا له وتكريما.فإن قلتم: كيف يسمي الله - تعالى -عيسى (كلمة) والكلمة صفة لله؟
فالجواب: أنه ليس المراد هنا الصفة، بل هذا من باب إطلاق المصدر، وإرادة المفعول نفسه، كما نقول: هذا خلق الله، ونعني هذا مخلوق الله، لأن خلق الله نفسه فعل من أفعاله.
لكن المراد هنا المفعول، أي المخلوق،"عيسى عليه السلام"  ومثل ما تقول أيضا: أتى أمر الله، يعني المأمور، أي ما أمر الله به، وليس نفس الأمر، فإن الأمر فعل من الله تعالى. أهـ""


ص 155


قال الشيخ رضي الله عنه : (
بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة. "28"
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك. فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم  )  

..............................................................

28 - مراتب الناس في العلم بالله
الناس فيما ورد به التعريف على أحد ثلاثة أمور :
الأمر الأول : من يطعن في الرسل ويجعلهم تحت سلطان الخيال . وهذه الطائفة من الأخسرين الذين أضلهم الله وأعماهم عن طريق الهدى بل في طريق الهدی لو علموا ، فهؤلاء قد جمعوا بين الجهل وبين المروق من الدين فلا حظ لهم في السعادة.
الأمر الثاني: قسم قالوا إن الرسل هم أعلم الناس بالله فتنزلوا في الخطاب على قدر أفهام الناس لا على ما هو الأمر عليه فإنه محال ، فهؤلاء كذبوا الله ورسوله فيما نسب الله إلى نفسه وإلى رسله بحسن عبارة ، كما يقول الإنسان إذا أراد أن يتأدب مع شخص آخر إذا حدثه بحديث يرى السامع في نظره أنه ليس كما قال المخبر فلا يقول له كذبت ، وإنما يقول له يصدق سيدي ولكن ما هو الأمر على هذا وإنما الأمر الذي ذكره سيدي على صورة كذا وكذا فهو يكذبه ويجهله بحسن عبارة . هكذا فعل هؤلاء المتأولون .
وقسم آخر لا يقول بأنه نزل في العبارة إلى أفهام الناس . وإنما يقول ليس المراد بهذا الخطاب إلا كذا وكذا ما المراد منه ما تفهمة العامة .
وهم طائفة من المنزهة عدلت بهذه الكلمات عن الوجه الذي لا يليق بالله تعالى في النظر العقلي .

فعدلت إلى وجه من وجوه التنزيه على التعيين مما يجوز في النظر العقلي أن ينصف به الحق تعالى ، بل هو متصف به ولابد ، وما بقي النظر إلا في أن هذه الكلمة هل المراد بها ذلك الوجه أم لا، ولا يقدح ذلك التأويل في ألوهته .
وربما عدلوا بها إلى وجهين وثلاثة وأكثر على حسب ما تعطيه الكلمة في وضع اللسان ولكن من الوجوه المنزهة لا غير ، فإذا لم يعرفوا من ذلك الخبر أو الآية عند التأويل في اللسان إلا وجها واحدا قصروا الخبر على ذلك الوجه النزيه وقالوا هذا ليس إلا في علمنا وفهمنا ، وإذا
 

ص 156
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 11:38 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 11:27 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية والعشرون : الجزء الثالث
قال الشيخ رضي الله عنه : (
بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر )
..............................................................
وجدوا له مصرفین صرفوا الخبر أو الآية إلى تلك المصارف .
وقالت طائفة من هؤلاء ، يحتمل أن يريد كذا ويحتمل أن يريد كذا وتعدد وجوه التنزيه ثم تقول والله أعلم أي ذلك أراد .
وطائفة أخرى تقوى عندها وجه ما من تلك الوجوه النزيهة بقرينة ما قطعت لتلك القرينة بذلك الوجه على الخبر وقصرته عليه ولم تعرج على باقي الوجوه في ذلك الخبر وإن كانت كلها تقتضي التنزيه ، وهذا موجود في اللسان الذي جاء به هذا الرسول ، فهؤلاء أشبه حالا من تقدم إلا أنهم متحكمون في ذلك على الله بقولهم هذا هو المفهوم من اللسان .
وكذلك الذي يعتقده عامة أهل ذلك النسان هو أيضا المفهوم من ذلك فما يمنع أن يكون المجموع فأخطأوا في الحكم على الله بما لم يحكم به على نفسه ، فهؤلاء ما عبدوا إلا الإله الذي ربطت عليه عقولهم وقيدته وحصرته .

وقسم آخر قالوا نؤمن بهذا اللفظ كما جاء من غير أن نعقل له معنى حتى نكون في هذا الإيمان به في حكم من لم يسمع به ونبقى على ما أعطانا دليل العقل من إحالة مفهوم هذا الظاهر من هذا القول ، فهذا القسم متحكم أيضا بحسن عبارة وأنه رد على الله بحسن عبارة فإنهم جعلوا نفوسهم حكم نفوس لم تسمع ذلك الخطاب .
وقسم آخر قالوا نؤمن بهذا اللفظ على حد علم الله فيه وعلم رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء قد قالوا إن الله خاطبنا عبثا لأنه خاطبنا بما لا تفهم.
والله يقول : « وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم » وقد جاء بهذا فقد أبان كما قال الله لكن أبی هؤلاء أن يكون ذلك بيانا ، وهي طائفة لم تشبه ولم تجسم وصرفت علم ذلك الذي ورد في كلام الله ورسله إلى الله تعالى ، ولم تدخل لها قدما في باب التأويل .
وقنعت بمجرد الإيمان بما يعلمه الله في هذه الألفاظ والحروف من غير تأويل ولا صرف إلى وجه من وجوه التنزيه بل قالت لا أدري جملة واحدة ولكني أحيل إبقاءه على وجه التشبيه لقوله تعالى : « ليس كمثله شيء » لا لما يعطيه النظر العقلي ، وعلى هذا فضلاء المحدثين من أهل الظاهر السالمة عقائدهم من التشبيه والتعطيل.

ص 157
قال الشيخ رضي الله عنه : (
أينا من أين. وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته. فنبه بذلك قلوب العارفين  )
.............................................................
الأمر الثالث : هم الذين كشف الله عن أعين بصائرهم غطاء الجهل ، فأشهدهم آيات أنفسهم و آیات الآفاق فتبين لهم أنه الحق لا غيره .
فآمنوا به بل علموه بكل وجه ، وهي طائفة من المنزهة أيضا وهي العالية وهم من أصحابنا فرغوا قلوبهم من الفكر والنظر وأخلوها إذ كان المتقدمون من الطوائف المتقدمة المتأولة أهل فکر و نظر و بحث .
فقامت هذه الطائفة المباركة والكل موفقون بحمد الله وقالت حصل في نفوسنا تعظيم الحق جل جلاله بحيث لا تقدر أن تصل إلى معرفة ما جاء من عنده بدقيق فکر ونظر فأشبهت في هذا العقد المحدثين السالمة عقائدهم حيث لم ينظروا ولا تأولوا ولا صرفوا بل قالوا ما فهمنا .
فقال أصحابنا بقولهم ، ثم انتقلوا عن مرتبة هؤلاء بأن قالوا لنا أن نسلك طريقة أخرى في فهم هذه الكلمات وذلك بأن تفرغ قلوبنا من النظر الفكري وتجلس مع الحق تعالى بالذكر على بساط الأدب والمراقبة والحضور والتهيؤ لقبول ما يرد علينا منه تعالى حتى يكون الحق تعالی يتولى تعليمنا على الكشف والتحقيق لما سمعته يقول : «واتقوا الله ويعلمكم الله »

ويقول : « إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا » « وقل رب زدني علما » « وعلمناه من لدنا علما" ، فعندما توجهت قلوبهم وهممهم إلى الله تعالى ولجأت إليه وألقت عنها ما استمسك به الغير من دعوى البحث والنظر ونتائج العقول كانت عقولهم سليمة وقلوبهم مطهرة فارغة .
فعندما كان منهم هذا الاستعداد ، تجلى الحق لهم معلما فاطلعتهم تلك المشاهدة على معاني هذه الأخبار والكلمات دفعة واحدة ، وهذا ضرب من ضروب المكاشفة ، فإنهم إذا عاينوا بعيون القلوب من نزهته العلماء المتقدم ذكرهم بالإدراك الفكري ، لم يصح لهم عند هذا الكشف والمعاينة أن يجهلوا خبرا من هذه الأخبار التي توهم ، ولا أن يبقوا ذلك الخبر منسحبا على ما فيه من الاحتمالات النزيهة من غير تعيين ، بل يعرفون الكلمة والمعنى النزيه الذي سيقت له فيقصروها على ما أريدت به له ، وإن جاء في خبر آخر ذلك اللفظ عينه فله وجه آخر من تلك الوجوه المقدسة معين عند هذا المشاهد ، هذا حال طائفة منا .
وطائفة أخرى منا أيضا


ص 158


قال الشيخ رضي الله عنه : (
لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا 29، فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور.
ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة )
..............................................................
ليس لهم هذا التجلي ولكن لهم الإلقاء والإلهام واللقاء والكتابة وهم معصومون فيما يلقى إليهم بعلامة عندهم لا يعرفها سواهم ، فيخبرون بما خوطبوا به وما ألهموا به وما ألقي إليهم أو كتب.
وقد تقرر عند جميع المحققين أن الحق تعالى لا تدخل عليه الأدوات المقيدة بالتحديد والتنبيه على حد ما نعقله في المحدثات ولكن تدخل عليه بما فيها من معنى التنزيه والتقديس على طبقات العلماء والمحققين في ذلك لما فيه وتقتضيه ذاته من التنزيه.
الفتوحات ج 1 / 89  - ج 4 / 7 .

29 - مشاهدة الحق في كل اعتقاد
ولله رجال أعطاهم الله الفهم والاتساع وحفظ الأمانة أن يفهموا عن الله جميع إشارات كل مشار إليه، وهم الذين يعرفونه في تجلي الإنكار الشاهدون إياه في كل اعتقاد ، والحمد لله الذي جعلنا منهم إنه ولي ذلك .
قال تعالى : "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " أي حكم ، وقضاء الحق لا يرد ، فقضى أن لا يعبد غير الله ، فمن أجل حكم عبدت الآلهة ، فلم يكن المقصود بعبادة كل عابد إلا الله .
فما عبد شيء لعينه إلا الله ، وإنما أخطأ المشرك حيث تصب لنفسه عبادة بطريق خاص لم يشرع له من جانب الحق ، فشقي لذلك .
فإنهم قالوا في الشركاء « ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله » فاعترفوا به وأنزلوهم منزلة النواب الظاهرة بصورة من استنابهم ، وما ثم صورة إلا الألوهية فنسبوها إليهم، فكان قوله تعالى "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" من الغيرة الإلهية حتى لا يعبد إلا من له هذه الصفة .
فكان من قضائه أنهم اعتقدوا الإله وحينئذ عبدوا ما عبدوا ، مع أنهم ما عبدوا في الأرض من الحجارة والنبات والحيوان وفي السماء من الكواكب والملائكة إلا لاعتقادهم في كل معبود أنه إله.
 
ص 159
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (
 التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات. "30"  فالكل مصيب، وكل  )
..............................................................
لا لكونه حجرا ولا شجرا ولا غير ذلك وإن أخطأوا في النسبة فما أخطأوا في المعبود .
فعلى الحقيقة ما عبد المشرك إلا الله ، وهو المرتبة التي سماها إلها لأنه لو لم يعتقد الألوهية في الشريك ما عبده .
فالكامل من عظمت حيرته و دامت حسرته ، ولم ينل مقصوده لما كان معبوده ، وذلك أنه رام تحصیل ما لا يمكن تحصيله ، وسلك سبيل من لا يعرف سبيله. والأكمل من الأكمل من اعتقد فيه كل اعتقاد ، وعرفه في الإيمان والدلائل وفي الإلحاد ، فإن الإلحاد ميل إلى اعتقاد معين من اعتقاد ، فاشهدوه بكل عين إن أردتم إصابة العين ، فإنه عام التجلي ، له في كل صورة وجه ، وفي كل عالم حال.
الفتوحات ج 1 / 238 ، 405 ، 589 - ج 2 / 92 ، 212 ، 326 ، 498 .
ج 4 / 100 ، 101 ، 415.
 
30 - « فأينما تولوا فثم وجه الله » الآية  
هذه حقيقة منزهة بلا خلاف ، فإن الله جل جلاله عن التقييد .
فهو قبلة القلوب ، فوجه الله موجود في كل جهة يتولى أحد إليها ، ولابد لكل مخلوق من التولي إلى أمر ما، ووجه الشيء ذاته وحقيقته ، فكما نسب الحق الفوقية لنفسه من سماء وعرش ، نسب لنفسه الإحاطة بالجهات كلها بقوله « فأينما تولوا فثم وجه الله » لحكم المراتب ، فإن الله تعالى جعل وجهه في كل جهة ليعصم من شاء ويحفظ من شاء ، فإن الحق مع بعض عباده بالولاية والعناية وبالكلاءة والرعاية .
فله تعالى عين في كل أین ، ومع هذا لو تولى الإنسان في صلاته إلى غير الكعبة مع علمه بجهة الكعبة لم تقبل صلاته ، لأنه ما شرع له إلا استقبال هذا البيت الخاص بهذه العبادة الخاصة .
فإذا تولى في غير هذه العبادة التي لا تصح إلا بتعيين هذه الجهة الخاصة فإن الله يقبل ذلك التولي، مثل الصلاة على الراحلة ، فالمستقبل لا يتقيد فهو بحسب ما تمشي به
 
 
ص 160
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (
مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عنه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.
فقد مرض وتألم أهل العناية- مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق- في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم . "31"   )
..............................................................
الراحلة ، كما أنه لو اعتقد ان كل جهة يتولى إليها ما فيها وجه الله لكان كافرا وجاهلا ، ولولا أن الإجماع سبق في أن التوجه إلى القبلة شرط من شروط صحة الصلاة ، لما كان ذلك شرطا في صحتها .
فإن قوله تعالى: « فأينما تولوا فثم وجه الله » نزلت بعد الأمر بالتوجه إلى الكعبة ، وهي آية محكمة غير منسوخة ، ولكن العقد الإجماع على هذا ، وعلى قوله : « فأينما تولوا فثم وجه الله » محكما في الحائر الذي جهل القبلة فيصلي حيث يغلب على ظنه باجتهاد بلا خلاف ، ولا خلاف أن الإنسان إذا عاين البيت أن الفرض عليه هو استقبال عينه ، وأما إذا لم ير البيت فعندنا أن استقبال الجهة هو الفرض لا العين .
رقيقة - أوتر رسول الله و على الراحلة حيث توجهت فإن النبي صلى الله عليه وسلم  كله وجه بلا قفا .
فإنه قال صلى الله عليه وسلم :" إني أراكم من خلف ظهري" ، فأثبت الرؤيا لحاله ومقامه . فثبتت الوجهية له ، وذكر الخلف والظهر لبشرته ، فإنهم ما يرون رؤيته ويرون خلفه وظهره ، ومن كانت هذه حاله فحيث كانت القبلة فهو مواجهها .
فما أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قط على راحلته حيث توجهت إلا والقبلة في وجهه « فأينما تولوا فثم وجه الله » فمن كان وجها كله يستقبل ربه بذاته ، ووجه الله للمصلي إنما هو في قبلته ، ودل على أن من حاله هذا الوصف ويرى القبلة بعين منه تكون في الجهة التي تليها فهو مصل للقبلة ، والله جل جلاله عن التقييد فهو قبلة القلوب .
الفتوحات ج 1 / 401 ، 491 ، 507 ، 517 - ج 3 / 408 ، 542 .
ج 4 / 103 ، 253 ، 346.
 
31 - شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب . راجع فص 7 رقم 17 ص 117
  راجع البند 15
 ""    17 ۔ شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب فص 7 رقم 17 ص 117

من اختصاص البسملة في أول كل سورة تويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة أنها منه كعلامة السلطان على مناشيره، وسورة التوبة والأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها وحكم بالفصل فقد سماها سورة التوبة .

 أي سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد ، فما هو غضب أبد لكنه غضب أمد ، والله هو التواب .

فما قرن بالتواب إلا الرحيم ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم لضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به التواب تجد حكمه کما ذكرنا ، والقرآن جامع لذكر من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله بالرحمن الرحيم ، والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله ، فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن الله ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله « في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة » أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .

خلق الله الخلق قبضتين فقال هؤلاء للنار ولا أبالي ، وهؤلاء إلى الجنة ولا أبالي .

فمن كرمه تعالی لم يقل هؤلاء للعذاب ولا أبالي وهؤلاء إلى النعيم ولا أبالي وإنما أضافهم إلى الدارين ليعمروها ، فإنه ورد في الخبر الصحيح أن الله لما خلق الجنة والنار قال لكل واحدة منهما لها علي" ملؤها ، أي أملؤها سكانا ، فيستروح من هذا عموم الرحمة في الدارين وشمولها حيث ذكرهما ولم يتعرض لذكر الآلام وقال بامتلائهما وما تعرض لشيء من ذلك .

فكان معنى « ولا أبالي » في الحالتين لأنهما في المال إلى الرحمة ، فلذلك لا يبالي فيهما ، ولو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له من عدم المبالاة.

ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف الله نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ، وقد قيل في أهل التقوى إن الجنة أعدت للمتقين ، وقال في أهل التقاء « وأعد لهم عذابا أليما » فلولا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .

فما أعظم رحمة الله بعباده وهم لا يشعرون ، فإن الرحمة الإلهية وسعت كل شيء ، فما ثم شيء لا يكون في هذه الرحمة « إن ربك واسع المغفرة » فلا تحجروا واسعا فإنه لا يقبل التحجير ، ولقد رأيت جماعة ممن ينازعون في اتساع رحمة الله وأنها مقصورة على طائفة خاصة.

 فحجروا وضيقوا ما وسع الله ، فلو أن الله لا يرحم أحدا من خلقه لحرم رحمته من يقول بهذا ، ولكن أبي الله تعالى إلا شمول الرحمة .

 قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » ، وما خص مؤمنا من غيره ، والله أرحم الراحمين كما قال عن نفسه ، وقد وجدنا من نفوسنا ، وممن جبلهم الله على الرحمة انهم يرحمون جميع العباد ، حتى لو حكمهم الله في خلقه لأزالوا صفة العذاب من العالم ، بما تمكن حكم الرحمة من قلوبهم ، وصاحب هذه الصفة أنا وأمثالي مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، وقد قال عن نفسه جل علاه أنه أرحم الراحمين ، فلا شك أنه أرحم منا بخلقه ، و نحن قد عرفنا من تفوسنا هذه المبالغة في الرحمة .

فكيف يتسرمد، عليهم العذاب وهو بهذه الصفة العامة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، ولا سيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباري لا تنفعه الطاعات، ولا تضره المخالفات، وان كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه.

وأن الخلق مجبورون في اختيارهم ، وقد قام الدليل السمعي أن الله يقول في الصحيح « يا عبادي » فأضافهم إلى نفسه ، وما أضاف الله قط العباد لنفسه إلا من سبقت له الرحمة ألا يؤبد عليهم الشقاء وإن دخلوا النار .

فقال : « يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا » .

وهذه مسألة المكاشف لها قليل ، والمؤمن بها أقل ، وهو سر عجيب ، ما رأينا أحدا نبه عليه من خلق الله ، وإن كانوا قد علموه بلا شك ، وما صانوه والله أعلم إلا صيانة لأنفسهم ورحمة بالخلق .

لأن الإنكار يسرع إليه من السامعين ، ووالله ما نبهت عليه هنا إلا لغلبة الرحمة عليه في هذا الوقت ، فمن فهم سعد ومن لم يفهم لم يشق بعدم فهمه وإن كان محروما ، فقد أظهرت أمرا في هذه المسألة لم يكن باختياري ، ولكن حق القول الإلهي بإظهاره ، فكنت فيه كالمجبور في اختياره ، والله ينفع به من يشاء لا إله إلا هو .

الفتوحات : ج2 / 148 ، 244 ، 674 - ج 3 / 25 ، 100 ، 101 ، 383 .

 ج 4 / 163 .


- لم سمي العذاب عذابا

العذاب إنما سماه الله بهذا الاسم إيثارا للمؤمن ، فإنه يستعذب ما يقوم بأعداء الله من الآلام ، فهو عذاب بالنظر الى هؤلاء .

ومن وجه آخر سمي عذابا ما يقع به الآلام بشرى من الله لعباده أن الذي تألمون به لابد إذا شملتكم الرحمة أن تستعذبوه وأنتم في النار ، كما يستعذب المقرور حرارة النار ، والمحرور برودة الزمهرير .

ولهذا جمعت جهنم النار والزمهرير لاختلاف المزاج ، فما يقع به الألم المزاج مخصوص يقع به النعيم في مزاج آخر يضاده ، فلا تتعطل الحكمة، ويبقي الله على أهل جهنم الزمهرير على المحرورين ، والنار على المقرورين فينعمون في جهنم ، فهم على مزاج لو دخلوا به الجنة تعذبوا بها لاعتدالها ، فسمى العذاب عذابا لأن المال إلى استعذابه لمن قام به بعد شمول الرحمة.

كما يستحلي الجرب من يحكه ، فإذا حكه . من غير جرب أو حاجة من بوسة تطرأ على بعض بدنه تألم من حكه .

الفتوحات : ج 2 / 136 ، 207 - ج 3 / 463 .




ص 161
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 11 يوليو 2019 - 12:01 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 11 يوليو 2019 - 11:47 من طرف عبدالله المسافربالله

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثالثة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة والعشرون :
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
المرتبة 10: الفص حكمة أحدية في كلمة هودية من الاسم المقدر
 وله فلك المنازل المكوكب ومولة الجبهة وحرف الشين
الرب هو السيد المالك المصلح الثابت. والتربية والإصلاح يستلزمان التدرج في منازل السلوك مع الثبات على السير بلا ملل، وتقدير كل شيء في موضعه الأصلح. فالاسم الرب يستلزم ظهور الاسم: المقدر فله المرتبة العاشرة التي لها فلك منازل الكواكب التي تبدو ثابتة رغم سرها.
ومدار هذا الفص حول طرق الصراط المستقيم لأن أنسب المراتب للطرق المختلفة في عين أحذيتها هو الفلك المكوكب لأن لكل کو کب طريقا مخصوصا في فلك معين و كلها واحد في غاية التناسق وكمال الإحكام.
قال تعالى في سورة يس مبينا علاقة اسمه المقدر بالكواكب :" والقمر قدرناه منازل " .
وقال:"والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم " وقال: "وكل في فلك يسبحون " وفي سورة الواقعة (75 و76): " فلا أقسم بمواقع النجوم ده وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ". وأنسب الأنبياء لهذه الحضرة هو هود عليه السلام .
قال تعالى : " وبالنجم هم يهتدون " (النحل، 16).
فالهداية مناسبة لاسمه هود لأن فعل هود معناه اهتدى بمشيه على الصراط المستقيم. وفي الباب 14 من الفتوحات سماه الشيخ: الهادي كما نجده يقرن بين الهدى والطريق المستقيم في حضرة الهادي من الباب 558 فيقول:
فهدي الحق هدي     ….. وذاك هو الطريق المستقيم
عليه الرب والأكوان طرا …..  فما في الكون إلا مستقیم
 
فحكمة هود أحدية لشهوده أحدية كثرة الأفعال الإلهية وصرح بذلك قائلا: " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" (هود، 56).
ومن هذه الدواب الكواكب قال تعالى: " والنجوم مسخرات بأمره" (الأعراف، 54). قد أشار الشيخ إلى علاقة هذا الفص بسير الحکم الكواكب في المنازل بكثرة كلامه على المشي .
 
حتى قال: "وهذه الحكمة من علم الأرجل" كما أشار إلى المراتب الثماني والعشرين المقسم عليها فلك المنازل بقوله: (فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب ):... وعلم الأرجل هو من علوم العرب كما أن من علومهم مواقع النجوم وما يهتدون في رحلاتهم.
و هود هو أول الرسل العرب المذكورين في القرآن.
ولهذا نجد الشيخ في الباب 278 من الفتوحات المخصوص بمنزل قريش يشير إلى الأنبياء العرب وأنبياء السماوات السبعة وعلومهم فيقول: (واعلم أن هذا المنزل إذا دخلته تجتمع فيه مع جماعة من الرسل صلوات الله عليهم فيحصل لك منهم علم الأدلة والعلامات فلا يخفى عليك شيء في الأرض ولا في السماء إذا تحل لك إلا مميزه وتعرفه حين يجهله غيرك. ويحصل لك منهم القدم. ويعلم علم الحروف والنجوم من حيث خصائصها وطبائعها وآثارها) .
والملاحظ أن هذا الفص تفصيل لفاتحة كتاب الفصوص التي هي: (الحمد لله منزل الحكم على قلوب الكلم بأحدية الطريق الأمم من المقام الأقدم وإن اختلفت النحل والملل لاختلاف الأمم).
حيث أن الشيخ بين في هذا الفص أن كثرة الطرق منطوية في أحدية الطريق المستقيم للرب الأخذ بناصية كل دابة.
وهذه العلاقة بين المقدمة وهذا الفص هي علاقة الاسم (رفيع الدرجات) المتوجه على إيجاد المرتبة الجامعة المعينة لكل المراتب وهي مرتبة خاتم الأولياء الثامنة والعشرون بالاسم (القدر) الحاكم على هود.


وهذه العلاقة المتميزة بين هود والخاتم ذكر الشيخ في هذا الفص اجتماعه بجميع الأنبياء .
وقال: (ماكلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام ) النسبة العربية المشتركة بينهما ولمشربهما المشترك في الأحذية والهداية والكرم العربي.
وإنما كلمه هود باسم جميع الأنبياء لتهنئته بنيله مقام خاتم الولاية المحمدية الخاصة كما ذكره شراح الفصوص الأوائل...
وإلى هذه العلاقة أشار الشيخ بقوله آخر الفص: (قد بانت المطالب بتعيينك المراتب) ... وقد ذكرنا هذا في الكلام حول المرتبة 28.
وقوله: (فكن في نفسك ميولي لصور الاعتقادات كلها) أي العقائد الصحيحة التي بينها الحق تعالى على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام .
فكأنه يعي: كن متحققا هذه المرتبة العاشرة التي لفلك المنازل المكوكب الذي هو هيولي كل المنازل و كل الصور الكوكبية والمراتب الحرفية.
يقول الشيخ عنه ما خلاصته: (فالمنازل مقادير التقاسيم التي في فلك البروج عينها الحق تعالى لنا إذ لم يميزه البصر إلا هذه المنازل وجعلها 28 منزلة من أجل حروف النفس الرحماني وإنما قلنا ذلك لأن الناس يتخيلون أن الحروف الثمانية والعشرين من المنازل حكم هذا العدد لها وعندنا بالعكس عن هذه الحروف كان حكم عدد المنازل.


 وجعلت 28 مقسمة على 12 برجا ليكون لكل برج في العدد الصحيح قدم وفي العدد المكسور قدم ليعم حكم ذلك البرج في العالم بحكم الزيادة والنقص والكمال وعدم الكمال لأن الاعتدال لا سبيل إليه لأن العالم مبناه على التكوين والتكوين بالاعتدال لا يصح فكان لكل برج مترئتان وثلث صحيحتان أو مكسورتان...
ولما خلق الله هذا الفلك كون في سطحه الجنة فسطحه مسك وهو أرض الجنة وقسم الجنات على ثلاثة أقسام للثلاثة وجوه التي لكل برج:
جنات الاختصاص والميراث والأعمال.
ثم جعل في كل قسم أربعة أغار مضروبة في ثلاثة يكون منها 12 نهرا ومنها ظهر في حجر موسى 12 نهرا لاني عشر سبطا.
نهر الماء وهو علم الحياة
ونهر الخمر وهو علم الأحوال
ونهر العسل وهو علم الوحي
ونهر اللبن وهو علم الأسرار واللب الذي تنتجه الرياضات والتقوى.
 
والإنسان مثلث النشأة: روح وحس وبرزخ بينهما. لكل نشأة من الأعمار نصيب.
 فله اثنا عشر نهرا في كل جنة أربعة.
ونفس الرحمن فيها دائم لا ينقطع تسوقه ريح تسمى المثيرة.
وفي الجنة شجرة ما يبقى بيت فيها إلا دخلته تسمى المؤنسة يجتمع إلى أصلها أهل الجنة في ظلها فيتحدثون بما ينبغي لجلال الله بحسب مقاماتهم فيزدادون علما فتزداد درجاتهم في جناتهم فلا يمر عليهم نفس إلا ولهم فيه نعيم مقيم جديد.
ووجدت هذه الجنان بطابع الأسد وهو برج ثابت فله الدوام وله القهر فلهذا يقول أهله للشيء كن فيكون.
وأما مقعر هذا الفلك فجعله الله محلا للكواكب الثابتة القاطعة في فلك البروج ولها من الصور فيه 1021 صورة وصور كواكب السماوات السبعة فبلغ الجميع 1028 صورة في 1028 فلك...
ويبقى في الآخرة في جهنم حكم أيام هذه الكواكب لأن هذا الفلك سقف جهنم والجواري السبعة مع انکدارها وطمسها وانتشارها فتحدث في جهنم حوادث غير حوادث إنارتها وسير أفلاكها بها فتبقى السباحة للكواكب بذاتها مطموسة الأنوار. ويبقى في الجنة في الآخرة حكم البروج وحكم مقادير العقل عنها لأن تلك البروج العرشي سقف الجنة.
 
وأما كثيب المسك الأبيض الذي في جنة عدن الذي تجتمع فيه الناس للرؤية يوم الزور الأعظم وهو يوم الجمعة فأيامه من أيام أسماء الله ولا علم لي ولا لأحد ما استأثر الله ما في علم غيبه.
وعدن بين الجنات کالكعبة بيت الله بين بيوت الناس وتزور الحق على قدر صلاتك وتراه على قدر حضورك فهنا مناجاة وهناك مشاهدة وهنا حركات وهناك سكون".
فانظر كيف ختم الشيخ فصل فلك المنازل من الباب 198 بذكره للكعبة والصلاة مثلما ختم فص هود بذكره للمسجد الحرام واستقباله.
ليمهد للدخول لفص صالح الموالي الذي له مرتبة السماء السابعة حيث البيت المعمور الذي هو كعبة تلك السماء وهو على سمت كعبة الأرض.
وحيث إبراهيم الخليل باني الكعبة الذي ألقي في النار فكانت عليه بردا وسلاما، فختم الشيخ بالبرد والنعيم الجهنمي بعد إقامة الحدود على الجهنميين"خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد " (هود، 107).
وحرف هذه المرتبة هو حرف التفشي أي الشين وهو أنسب الحروف لفلك المنازل لتفشيه المناسب لتفشي نفس الرحمن .کراتبه الثمانية والعشرين المناسبة لمنازل هذا الفلك.
يقول الشيخ في الباب 198:
(ثم انفش ذلك النفس الإلهي على أعيان العالم الثابتة ولا وجود لها فكان مثل ذلك في الكلام الإنساني حروف التفشي).
وأخيرا فإن وصف حكمة هذا الفص بصفة - أحذيه - مناسب أيضا من حيث العدد إلى المنازل الثمانية والعشرين حيث أن عدد كلمة " أحدية = 1+8+9+10+5" هو 28.
وسنرى أن السورة المناسبة لهذا الفص، وهي سورة الفيل.
لها علاقة عددية متميزة مع ذلك العدد 28، ومع تفشي نفس الرحمان من عدد (بسم الله الرحمن الرحيم).
 
 
10: سورة فص هود عليه السلام
هي سورة الفيل .
بدأ الشيخ الفص بذكره للدابة كالفيل الذي أخذ ربه بناصيته فامتنع عن التوجه للكعبة وكالطير الأبابيل التي رمت أصحاب الفيل بحجارة من سجيل فجعلتهم كعصف مأكول للدواب .
والاسم "الرب" الأخذ بالناصية هو الاسم الوحيد الظاهر في سورة الفيل.
وفي الفص عدة إشارات إلى كلمات السورة كقوله: "ألا ترى عادا قوم هود كيف" إشارة إلى "ألم تر كيف..."
وكلامه عن العلوم الذوقية من فاتحتها: " ألم تر كيف فعل ربك " [الفيل: 1] .
ولهذا يقول في الوصل العاشر من الباب 369 وهو المتعلق بسورة الفيل:
"وهذا وصل الأذواق وهو العلم بالكيفيات فلا تقال إلا بين أربابها..."
وكلامه حول الضلال والحيرة  كقوله:
"ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا... وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك..."
يشير إلى آية: " ألم تجعل يده في تضليل " [الفيل، 2].
وكلامه حول النسب الإلهي مرجعه إلى نسبة المربوب لربه من كلمة "ربك" في الآية الأولى وهو ما يقرره في فقرة من الباب "559" وهي متعلقة بسورة الفيل التي لمنزها الباب "297 فتوحات " وعنوانها : "الاعتبار لأولي الأبصار"
فقال: "ما بينه وبين ربه سوى النسب العام الموجود لأهل الخصوص من الأنام وهو التقوى ".
وهو قوله في هذا الفص: "صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه... أين المتقون ؟"
وكلامه على هلاك المجرمين وقوم هود والآلام مناسب لآخر السورة: "ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول " [ الفيل: 4-5].
 
علاقة هذا الفصل بسابقه ولاحقه
- الرابطة بين فصي هود ويوسف السابق هي مسألة النسب الإلهي.
ففي نص يوسف يقول الشيخ عن سورة الإخلاص: "وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت"
يشير إلى أن سبب نزولها قول المشركين للرسول : "انسب لنا ربك".
 
"" حديث المستدرك للحاكم :  عن أبي بن كعب رضي الله عنه، " أن المشركين، قالوا: يا محمد، انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: "قل هو الله أحد الله الصمد"[الإخلاص: 2] قال: الصمد: الذي لم يلد، "ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 3] لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث "ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 4] .
قال: لم يكن له شبيه، ولا عدل وليس كمثله شيء " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه و وافقه الذهبي]  ورواه البيهقي ومسند أحمد و الترمذي و ابي عاصم و امالي بشران وغيرهم  ""
 
وفي وسط نص يوسف أشار إلى سورة الفيل حين استشهد بالآية :" ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " [الفرقان، 45].
وهي مقاربة لذوق "ألم تر كيف فعل ربك" (الفيل، 1) من حيث ذوق الكيفية.
وإلى هذه الكيفية يشير في الأبيات التي افتتح بها منزل سورة الفيل الباب "279 فتوحات ".
وكلام الشيخ عن الحيرة في هذا الفص مطابق لكلامه في ذلك الباب من متل سورة
الفيل.
 
وأما علاقة هذا الفص بفص صالح التالي:
فكما أن هودا وصالحا أخوان في النسبة العربية، فسورتا نصيهما المتجاورتان كذلك أي قريش والفيل.
وفي كليهما تظهر عناية الرب تعالى وحفظه لبيته الحرام وسكان بلده الأمين.
ولهذا ختم الشيخ فص هود بالكلام عن المسجد الحرام تمهيدا للدخول لسورة قريش المناسبة لفص صالح والتي ورد فيها ذكر هذا المسجد: " فليعبدوا رب هذا البيت " [قریش، 3] .
وبدأ فص صالح بذكر الركائب أي الإبل التي تركبها العرب وهي من الدواب التي ذكرها في فاتحة فص هود الآية (56) "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ".
 
لطيفة عددية عجيبة:
سبق القول بأن عدد كلمة "أحدية" التي هي صفة حكمة هذا الفص هو: 28.
ومن لطيف الاتفاق أن مجموع أعداد حروف سورة الفيل مع بسملتها بالحساب المغربي الصغير هو : 406 الذي هو مجموع الأعداد الثمانية والعشرين الأولى المناسبة لهذا الفص لأن له مرتبة فلك المنازل الثماني والعشرين، وهي المرتبة العاشرة نزولا من القلم الأعلى "0+ 2 = 10" "تلك عشرة كاملة".
كما أن مجموع أعداد حروف سورة الفيل مع بسملتها بالحساب النفسي (حيث نعطى لكل حرف قيمة مرتبته في مخارج الحروف. مثلا: . 1/ ن = 14/ ر= 28) هو: 1572

ينظر تفصيل الحساب ودلالات العددين 406  و 1572 في القسم الأخير من الكتاب.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى