تاريخ ظهور الماسونية .كتاب الماسونية احمد عطار

تاريخ ظهور الماسونية .كتاب الماسونية احمد عطار

كتاب الماسونية احمد عبد الغفور عطار

تاريخ ظهور الماسونية

إذا كان بعض الباحثين يرون أن الماسونية ظهرت في القرن السابع عشر فإن هناك من الباحثين من يرتد بنشأتها إلى عهد الحروب الصليبية التي بدأت في أواخر القرن الحادي عشر .
ومنهم من يعود بها إلى القرن الأول ، ومن هؤلاء الباحثين الدكتور محمد علي الزغبي في كتابه « الماسونية منشئة ملك إسرائيل ».
القسم الأول المطبوع ببيروت سنة 1370 (1909 م)
وقد ذهب فيه بصفحة 37 - 44 إلى أن المؤسس الأول للماسونية هو « هيرودس الثاني » والي الرومان على اليهودية .
إلا أن الدكتور الزغبي يقرر أن المرحلة الأولى للماسونية التي جعل مرادفها « القوة الخفية ، بدأت من سنة 43 م إلى عام 55 م .
حيث اجتمع هيرودس أغريبا و مستشاره أحيرام أبيود وموآب لافي اليهوديان .
وتآمروا فيما بينهم على المسيح الذي أخذ يبشر بزوال هيكل سليمان بحيث لا يبقى منه حجر على حجر لا ينقض ( متى 24 / 1-2 ومرقص 13 / 1-2 و لوقا 12 / 5-6 ) .
وأنشأوا جمعية سرية باسم « القوة الخفية» مهمتها التخلص من المسيح وأتباعه .
وكان المجلس السري الأعلى مكونا من تسعة في طليعتهم الثلاثة السابقون :
هيرودس أغريبا.
و أحيرام أبيود.
و موآب لافي .
وأقسموا فيما بينهم اليمين على أن يكون أمر جمعيتهم سرا يحرم كشفه أو البوح به .
وكان سبب وجودها المسيح ودينه ، و مهمتها القضاء عليهما وعلى أتباعهما .
وطبيعة اليهود أن يجعلوا مخازنهم وشرورهم عملا دينيا ، و ينسبوا باطلهم إلى ربهم أو إلى أحد رسلهم حتى يجبروا عامتهم على الإيمان به .
ومن دأبهم الكذب والتزوير والتزييف والدعاوى الباطلة ، فزعم هيرودس أنه عثر على أوراق في خزائن جده تحوي أنظمة وقوانين تدل على وجود جمعية أسست في عهد موسى أو داود أو سليمان .
وما جمعيتهم إلا إحياء تلك الجمعية القديمة .
وما دعواهم هذه إلا وضع قانون يبيح لليهود أن يحاربوا الناس جميعا ، ففي عهد سلمان أو من قبله لم يكن هناك مسيح ولا مسيحية.
فإذا كان هيرودس ومن معه أحيوا الجمعية القديمة للتخلص من المسيح ودينه وأتباعه فإن على خلفائهم القادمين أن يضموا اليهم غيرهم من الرسل والأديان والأتباع والناس جميعا .
ووضع هؤلاء الأبالسة أسس هذه الجمعية ومهمتها وغاياتها وسبل العمل ، وعقدوا اجتماعهم السري في أحد أقبية قصر الملك هيرودس في يوم 10 أغسطس ( آب ) سنة 43 م .
كما يذكر الدكتور الزغبي في كتابه « الماسونية » - وأول ما فعلوه أن سموا مكان الاجتماع هيكلا تخليدا لهيكل سليمان الذي تنبأ المسيح بتقويضه .
ووضعوا صيغة اليمين الذي يقسمه الأعضاء ، وفرضوا على أنفسهم وعلى كل من ينتسب إليهم تنفيذ ما يوكل إليهم .
والتعاون فيما بين الأعضاء ، وكتمان كل شيء يتصل بالجمعية كتمانا ، وإلا كان الموت جزاء من يبوح أو يفشي .
ففي المؤسسين ثلاثة قضاة ، و الحكم قد صدر ، فجزاء من لا يكتم السر الموت ، بل هو جزاء من تحوم حوله الشبهة ولو كان من الأعضاء المؤسسين .
والحكم ينفذ مجرد صدوره ، ولا يقبل فيه استئناف أو شفاعة .
ولكي يدخلوا الرعب في نفس من يريد الانتساب أحاطوه بكل ما يؤثر فيه ويجعله مقود الخطى ، مشلول التفكير ، كفيف العقل ، مفقود الإرادة، حتى يستطيع تنفيذ ما يؤمر به.
وعندما يريد الراغب في الانتساب إلى الجمعية ليكون عضوا فيها يقوده الحاجب معصب العينين إلى من يتسلمه حتى ينتهي إلى الرئيس .
وكل هذا يتم في جو غریب مرعب ، وما يكاد يؤمر بفك العصابة عن عينيه حتى يفاجأ بسيوف مسلولة حول عنقه ، وبين يديه كتاب العهد القديم.
و إمعانا من المؤسسين في الإرهاب والإيحاء والتضليل جعلوا الهيكل بهوا رحبا تتفتح عليه أبواب تختفي وراء ستائر "غامقة" اللون ، وأقاموا فيه عمودين ، ووضعوا على مرأى من الأعين میزان.
وجعلوا شعارهم أدوات الهندسة والبناء كالمطرقة والبركار ، واتخذوا صور الشمس والقمر والنجوم قاصدين التأثير والإيحاء بأن جمعيتهم قديمة قدم العالم ، وجعلوا جو الهيكل أو مكان الاجتماع مثيرا رهيبا .
وكان منشأ الجمعية الأساسية في القدس ، وفي خلال بضعة شهور أقاموا فروعا للهيكل تجاوزت الأربعين في المدن الأخرى، وأسرع الأغنياء والمرابون إلى الانضمام إرضاء للملك هيرودس،
وطمعا في مزيد من المكاسب التي يتيحها لهم الانضمام .
وهلك هيرودس ، وأسندت رئاسة القوة الخفية لأحرام أبيود ، فسمي هيكل القدس المركزي «كوكب الشرق الأعظم» لكي يخفوا به النجم الذي ظهر للمجوس الذين أقبلوا من الشرق إلى أورشليم إيذانا بمولد المسيح .
و يتحدوه ويكذبوا نبوءة هؤلاء المجوس التي أشار إليهم متى في إنجيله 2 / 1 -12 إذ قال :
« ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس إذا مجوس من الشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين :
أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق ، فأتينا لنسجد له، فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه ، فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم : أين يولد المسيح ؟
فقالوا له : في بيت لحم ...
حينئذ دعا هيرودس المجوس سرا وتحقق منهم زمان النجم الذي ظهر ،ثم أرسلهم إلى بيت لحم.
وقال : اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي، ومتى وجدتموه فأخبروني لكي آتي أنا أيضا وأسجد له.
فلما سمعوا من الملك ذهبوا وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف فوق حيث كان الصبي.
فلما رأوا النجم فرحوا فرحا عظيما جدا ، وأتوا إلى البيت ورأوا الصبي مع مريم أمه ، فخروا وسجدوا له ، ثم فتحوا ?نوزهم وقدموا له هدايا : ذهبا ولبانا ومرا ، ثم إذ أوحي إليهم في حلم ألا يرجعوا إلى هيرودس انصرفوا في طريق أخرى » .
وأثر هذا الحادث في هيرودس وأعضاء جمعيته وغيرهم ، وخافوا من المسيح أن يكبر فيقضي عليهم.
فأمر هيرودس بقتل كل أطفال بيت لحم وفي كل تخومها من عمر سنتين فما دون ..
وفي عهد احيرام أبيود اتسع نشاط القوة السرية ، وكثرت الهياكل والجمعيات التي تعمل على أسس عصبة الشر .
ولما اغتيل على يد المسيحيين كما يذكر ابن أخيه وخليفته في الرئاسة "طوبالقيان" اشتد حقد القوة الخفية على المسيحيين الذين اغتالوا مؤسسها ، وعنف الصراع بينها وبين المسيحية .
ويذكر الدكتور الزعبي أن المرحلة الثانية تبدأ من سنة 55 م إلى سنة 100 م وفيها أقيمت هياكل كثيرة في مختلف البلدان ، ومن أشهرها هيكل روما .
وكان من ثمار القوة الخفية قتل « بطرس » صخرة المسيحية وشقيقة ، اندراوس حيث استعانت سيف «نيرون » وحقد زوجه اليهودية «بوبايا » ولؤمها.
وكان للقوة الخفية يد طولى فيها أصاب المسيحيين من ظلم واضطهاد .
ويجوز أن هذه اليد دست على المسيحيين بعض عملائها وأعضائها ليدخلوا في المسيحية و ينسفوها من الداخل .
ويجوز أن يكون من هؤلاء : بولس الذي أفرغ المسيحية من لبابها وجوهرها ليحل محلها ما يقضي على معتقدها السليم .
وقد استطاعت القوة الخفية تحويل خط سير المسيحية التي فرض عليها أن تؤمن بقداسة أسفار العهد القديم .
وهذا الإيمان يحتم على المسيحية أن تؤمن بأن اليهود شعب الله المختار.
وأرادوا أن يعملوا في الاسلام ما عملوه في المسيحية ، ولكنهم أخفقوا ، وإن كانت حركاتهم الهدامة قد أصابت الإسلام والمسلمين بضربات في الصميم .
وإذا صح ما ذهب إليه الباحثون من قدم الماسونية أو لم يصح فإن الثابت الذي لا شك فيه أن اليهود لم يقلعوا قط عن حقدهم على البشر جميعا .
و آذوا المسيحيين أكثر من غير هم بحرب غاية في الضراوة حتى استعبدوهم.
وسيطروا على دولهم وزعمائهم وحكوماتهم ، ووجهوهم لتحقيق مآربهم الهدامة ، وجعلوهم أداة مسلطة على كل الشعوب غير المسيحية .
وعلى مر العصور كان اليهود أشد على الإنسانية والشعوب
جميعها من الشيطان ومن كل القوى الشريرة في العالم.
وكان الخلف يتسلم من السلف مهمة الهدم ، واستطاعوا أن يستعبدوا
كبار مفكري الغرب والملوك والحكام والسياسيين المسيحيين بخاصة ، ويجعلوهم عبيدهم المسخرين ليتم هدم الشعوب على أيدي أبنائها ، وتلك براعة تحسب لليهود ، وما أسوأها من براعة ! .