اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

اذهب الى الأسفل

02112023

مُساهمة 

 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Empty الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني




 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

موسوعة القرآن العظيم ج 2 د. عبد المنعم الحفني

1015 - في أسباب نزول آيات سورة آل عمران

1 - في قوله تعالى :قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ( 12 ) :
قيل : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا أصاب من أهل بدر ما أصاب ، ورجع إلى المدينة ، فجمع اليهود في سوق بنى قينقاع ، وقال لهم : « يا معشر اليهود ، أسلموا قبل أن يصيبكم اللّه بما أصاب قريشا » ، فقالوا : يا محمد ، لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال ! إنك واللّه لو قاتلتنا لعرفت أنّا نحن الناس ، وأنك لم تلق مثلنا ، فأنزل اللّه في ذلك قوله :قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ( 12 ) حتى قوله :قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ( 13 ) ، وقيل : إن اليهود لما فرحوا بما أصاب المسلمين يوم أحد ، نزلت الآية .
2 - وفي قوله تعالى :قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ( 15 ) : قيل : لما نزلت الآية :زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ( 14 ) ( آل عمران ) : قال عمر بن الخطاب : الآن يا ربّ حين زيّنتها لنا ! فنزلت :قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ . . ..
3 - وفي قوله تعالى :شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ( 18 ) : قيل : نزلت لما قدم حبران من الشام ، وسألا الرسول عن أعظم شهادة في القرآن ، فنزلت الآية .
4 - وفي قوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ( 21 ) : قيل : كان ناس من بني إسرائيل جاءهم النبيون يدعونهم إلى اللّه فقتلوهم ، فقام أناس من بعدهم من المؤمنين ، فدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم ، وفي هؤلاء وهؤلاء نزلت الآية . وقيل : الآية نزلت في اليهود ، فقد كانت الأنبياء تجىء إلى بني إسرائيل بغير كتاب فيقتلونهم ، فيقوم قوم ممن اتبعوهم فيأمرون بالقسط فيقتلون ، وهكذا .
5 - وفي قوله تعالى :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ( 23 ) : قيل : هذه الآية نزلت بسبب أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دخل بيت المدراس ( المدرسة ) على جماعة من اليهود فدعاهم إلى اللّه ، فقال له نعيم بن عمرو ، والحارث بن زيد : على أي دين أنت يا محمد ؟ فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « إني على ملّة إبراهيم » ، فقالا : فإن إبراهيم كان يهوديا ؟ فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم » ، فأبيا عليه ، فنزلت الآية . وقيل : نزلت لأن جماعة من اليهود أنكروا نبوّة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، فقال لهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « هلموا إلى التوراة ففيها صفتي » ، فأبوا .
6 - وفي قوله تعالى :لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ( 28 ) :
قيل : إن هذه الآية في عبادة بن الصامت الأنصاري ، وكان بدريا تقيا ، وله حلف من اليهود ، فلمّا خرج النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم الأحزاب ، قال عبادة : يا نبىّ اللّه ، إن معي خمسمائة رجل من اليهود ، وقد رأيت أن يخرجوا معي ، فأستظهر بهم على العدو ، فأنزل اللّه الآية . وقيل : الآية نزلت في عمّار بن ياسر حين تكلم ببعض ما أراد منه المشركون .
7 - وفي قوله تعالى :قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 31 ) : قيل : إن أقواما من اليهود قالوا : إنا لنحب ربّنا ، فأنزل اللّه عز وجلّ الآية . وقيل : إن المسلمين قالوا : واللّه يا رسول اللّه إنا لنحب ربّنا ، فأنزل اللّه عز وجلّ الآية .
8 - وفي قوله تعالى :إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ( 59 ) : قيل : نزلت هذه الآية بسبب وفد نجران حين أنكروا على النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم قوله : إن عيسى عبد اللّه وكلمته ، فقالوا : أرنا عبدا خلق من غير أب ؟ فقال لهم : « آدم ليس له أب ولا أم » ونزلت الآية .
9 - وفي قوله تعالى :فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ( 61 ) :
قيل : الآية نزلت في نصارى نجران لمّا أصروا على أقوالهم أن عيسى ابن اللّه ، فدعاهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يباهلوه ، أي يجتمعوا ويدعوا أن لعنة اللّه على الكاذبين ، فرفضوا ، وانصرفوا إلى بلادهم على أن يؤدوا الجزية ، فصالحهم الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم على ذلك بدلا من الإسلام .
10 - وفي قوله تعالى :قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ( 64 ) : قيل : نزلت الآية في يهود المدينة ، دعاهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى كلمة سواء ، أي الكلمة الفصل التي هي الحق ولا حق بعدها : ألا يعبدوا إلا اللّه ، ولا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون اللّه ، لأنهم جعلوا أحبارهم في الطاعة كالأرباب ، وقبلوا تقديراتهم التي قدروها دون مستندات بيّنة ، وأفتوا في الدين بغير علم، وقالوا إن اللّه يطيع الأحبار ولا تطيع الأحبار اللّه.
11 - وفي قوله تعالى :يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ( 65 ) : قيل : الآية نزلت بسبب دعوى كل فريق من اليهود والنصارى أن إبراهيم كان على دينه ، فأكذبهم اللّه تعالى بأن اليهودية والنصرانية إنما كانتا بعده .
12 - وفي قوله تعالى :إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ( 68 ) : قيل : إن رؤساء اليهود قالوا للنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : يا محمد ، لقد علمت أنّا أولى الناس بدين إبراهيم منك ومن غيرك ، فإنه كان يهوديا ، وما بك إلا الحسد ، فأنزل اللّه هذه الآية .
13 - وفي قوله تعالى :وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ( 69 ) : قيل : نزلت الآية في معاذ بن جبل وجماعته ، حين دعاهم اليهود من بنى النضير وقريظة وبنى قينقاع إلى دينهم ، وهذه الآية نظير قوله تعالى :وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 109 ) ( البقرة ) .
14 - وفي قوله تعالى :وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( 72 ) : قيل : نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وغيرهما ، قالوا للسفلة من قومهم : آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار - يعنى أوله ، وسمّاه وجها لأنه أحسنه ، وفعلوا ذلك ليشكّكوا المسلمين . والطائفة هي الجماعة ، وهؤلاء كطائفة كان بتعبير العصر « الطابور الخامس » ، غرضهم تخريب الجبهة الداخلية للمسلمين .
15 - وفي قوله تعالى :وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ( 75 ) : قيل : الذي تأمنه من أهل الكتاب مثل عبد اللّه بن سلام ، والذي لا تأمنه بدينار مثل كعب بن الأشرف ، ففي أهل الكتاب : الخائن والأمين ، والخيانة فيهم أكثر ، والكلام في الآية على الغالب ، وقولهملَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌمبدأ أخلاقي عندهم في التلمود ، فالأمانة فيهم بين اليهودي واليهودي ، بينما خيانة غير اليهودي وسرقته حلال ، وهو ما يعرف بازدواجية الأخلاق ونلاحظه حاليا في السياسة الأمريكية التي تحكمها الأخلاق اليهودية ، فضرب اليهود للمسلمين حلال ، وضرب المسلمين لليهود حرام !
وقيل : إن اليهود في عهد الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم استدانوا فيما بينهم أموالا ، فلمّا أسلم أصحابها ، قال المدينيون للدائنين ليس علينا شئ لأنكم تركتم دينكم فسقط عنا دينكم .
16 - وفي قوله تعالى :بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ( 76 ) : قيل : نزلت كردّ على الأخلاق اليهودية التي تستحلّ أموال غير اليهود ، وتضع أخلاق المسلمين كمقابل لأخلاق اليهود . ولمّا قال رجل لابن عباس : إنا نصيب في العمد من أموال أهل الذمّة الدجاجة والشاة ونقول : ليس علينا في ذلك بأس ، فقال له : هذا كما قال أهل الكتابلَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ( آل عمران 75 ) .
17 - وفي قوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ( 77 ) :
قيل : الآية نزلت في الأشعث بن قيس ، قال : كان بيني وبين رجل من اليهود أرض ، فجحدني ، فشكوته إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، وحضرنا أمامه فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : « هل لك بيّنة ؟ » قلت : لا . قال لليهودي : « احلف » ، قلت : « إن يحلف يذهب بمالي ، فأنزل اللّه تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا . . .. وقيل : إن إعرابيا جاء إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يسأل عن الكبائر ؟ قال : « الإشراك باللّه ، ثم عقوق الوالدين ، ثم اليمين الغموس » ، فسئل : وما اليمين الغموس ؟ قال : « التي تقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب » ، وقال : « من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب له اللّه النار وحرّم عليه الجنة » ، فنزلت الآية ، واليمين الغموس : هي اليمين الكاذبة التي يتعمّدها صاحبها .
18 - وفي قوله تعالى :ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ( 79 ) : قيل : نزلت هذه الآية في نصارى نجران ، وكذلك قيل إن سورة آل عمران كلها إلى قولهوَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ( آل عمران 121 ) كان سبب نزولها نصارى نجران ، ومزج معهم اليهود ، لأنهم فعلوا من الجحد والعناد ما فعل هؤلاء النصارى . ونجران : مدينة واقعة بين الحجاز واليمن ، وكان يسكنها في الجاهلية عدد من النصارى المونوفيسيّون - أي يقولون بطبيعة واحدة للمسيح ، وهؤلاء صالحهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ودخلوا في الإسلام ، إلا من هاجر منهم في القرن السابع إلى نجران العراق بالقرب من الكوفة ، وبينها وبين واسط . وفي نصارى نجران نزلت أيضا سورة البروج ، وفيها :وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ( 3 ) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ ( 4 ) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ( 5 ) ( البروج ) ، وكان ذو نواس ملك حمير اليهودي قد أكرههم على اعتناق اليهودية ، فأبوا ، فقتلهم مع الحارث مليكهم سنة 523 م ، بأن حفر لهم حفرة أوقد فيها النار وألقى بهم فيها ، فاشتهروا باسم شهداء نجران .
19 - وفي قوله تعالى :وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَ يَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( 80 ) : قيل : قالت اليهود للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم : أتريد أن نتخذك يا محمد ربّا ؟ فقال تعالى :ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ( 79 ) ( آل عمران ) إلى قوله :وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً( 80 ).
20 - وفي قوله تعالى :أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ( 83 ) : قيل : إن كعب بن الأشرف وأصحابه اختصموا مع النصارى إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فقالوا : أيّنا أحق بدين إبراهيم ؟ فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « كلا الفريقين برئ من دينه ؟ » فقالوا : ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك ، فنزل :أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ . . .
21 - وفي قوله تعالى :وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ( 85 ) : قيل : نزلت هذه الآية في الحارث بن سويد أخي الجلاس بن سويد ، وكان من الأنصار ، وارتد عن الإسلام هو واثنا عشر معه ولحقوا بمكة كفارا ، فنزلت فيهم الآية .
22 - وفي قوله تعالى :كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( 86 ) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( 87 ) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ( 88 ) :
قيل : نزلت هذه الآيات في اليهود لأنهم كانوا يبشرون بالنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، ويستفتحون على الذين كفروا ، فلما بعث عاندوا وكفروا . وقال ابن عباس : إن رجلا من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ، ثم ندم ، فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : هل له من توبة ؟ فنزلت :كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ( 86 ) إلّا أن الرجل أصرّ على التوبة ورجع تائبا ، فقبل منه الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، ونزلت الآية :إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 89 )
وفي رواية : أن رجلا من الأنصار ارتد فلحق بالمشركين ، فأنزل اللّه تعالى :كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ . . .، إلى قولهإِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 89 ) ، فبعث بها قومه إليه ، فلما قرئت عليه قال : واللّه ما كذبني قومي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ولا أكذبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، واللّه أصدق الثلاثة ، فرجع تائبا ، فقبل منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم .

23 - وفي قوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ( 90 ) : قيل : نزلت في اليهود ، كفروا بعيسى والإنجيل ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم والقرآن . قيل : نزلت الآية في اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم بعد إيمانهم بنعته وصفاته ، ثم ازدادوا كفرا بإقامتهم على كفرهم . وقيل : هذه الآية نزلت في المنافقين من أهل مكة ، قالوا نتربص بمحمد ريب المنون ، فإن بدا لنا الرجعة رجعنا إلى قومنا ، فأنزل اللّه الآية ، وتعنى أنه لن يقبل توبتهم طالما هم مقيمون على الكفر ، يعلنون الإسلام ظاهرا ، ويبطنون الكفر ، فكان تسمية توبتهم توبة غير مقبولة ، لأنه لم يصحّ منهم العزم على التوبة ، ولا تقبل التوبة إلا إذا صحّ العزم .
24 - وفي قوله تعالى :كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ( 93 ) : قيل : إن اليهود سألوا النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : أخبرنا ما حرّم إسرائيل على نفسه ؟ قال : « كان إسرائيل يسكن البدو فاشتكى عرق النّسا ، فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرّمها » ، أي حرّمها لأنها تهيّج عليه عرق النسا ، فجعل بنوه يتبعون بعد ذلك العروق فيخرجونها من اللحم ، فهذا التحريم كان خاصا بيعقوب الذي هو إسرائيل ، ولم يتنزل في التوراة ، لأن التوراة لم تكن قد نزلت بعد ، فالتحريم ليس من اللّه .
25 - وفي قوله تعالى :إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ( 96 ) : قيل : تفاخر المسلمون واليهود ، فقالت اليهود : بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة ، لأنه مهاجر الأنبياء وفي الأرض المقدسة ، وقال المسلمون : بل الكعبة أفضل ، فأنزل اللّه هذه الآية .
26 - وفي قوله تعالى :فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ( 97 ) : قيل : لما نزلت الآية :وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ( 85 ) ( آل عمران ) ، قالت اليهود : فنحن مسلمون ؟ فقال لهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « إن اللّه فرض على المسلمين حجّ البيت » ، فقالوا : لم يكتب علينا ، وأبوا أن يحجوا ، فأنزل اللّه :وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ( 97 ) .
27 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ( 100 ) : قيل : نزلت في يهودي أراد تجديد الفتنة بين الأوس والخزرج بعد انقطاعها بوجود النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بين ظهرانيهم ، فجلس هذا اليهودي بينهم ، وأنشدهم شعرا ، قاله كلّ منهما عندما كانا يتنازعان ويتقاتلان قبل الإسلام ، فعلت أصواتهم وتنابذوا وكادوا يجددون الحروب بينهما ، ورفعوا أسلحتهم ووقفوا للقتال ، فنزلت الآية ، فجاء النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم وخطبهم ، فلما فرغ تصالحوا وتعانقوا وبكوا . قيل : والذي أجج هذه الفتنة وأحياها شاس بن قيس اليهودي ، دسّ على الأوس والخزرج من يذكرهم ما كان بينهم من حروب ، فلما خطب فيهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم عرفوا أنها نزغة شيطان وكيد يهودي .
28 - وفي قوله تعالى :وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ( 101 ) : قيل : كان بين الأوس والخزرج قتال وشر في الجاهلية ، فذكروا ما كان بينهم ، فثار بعضهم على بعض بالسيوف ، فذهب النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم إليهم ، فنزلت هذه الآية .
29 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( 102 ) : قيل : لما نزلت هذه الآية : شقّ على المسلمين ، فقالوا يا رسول اللّه ، من يقوى على ذلك ؟ فنزلت الآية :فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ( التغابن 16 ) بيانا لهذه الآية .
30 - وفي قوله تعالى :وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ( 103 ) : قيل : نزلت لمّا تفرق اليهود والنصارى في دينهم ؛ وقيل تفرقت اليهود على إحدى وسبعين ، أو اثنتين وسبعين فرقة ، بحسب شيوخهم الذين حضروا مع موسى على الجبل ، فكان لكل واحد منهم رأيه ، فنزلت الآية تحذيرا للمسلمين أن يحذو حذو اليهود ، وهناك الحديث الضعيف في افتراق المسلمين إلى ثلاث وسبعين فرقة ؛ وقيل أصول الفرق الإسلامية سبعة : السنّة ، والخوارج ، والقدرية ، والجهمية ، والمرجئة ، والرافضة ، والجبرية ، وكل منها انقسمت فرقا أخرى ، وإنما هذا في القديم في عهد الضعف والانحلال ، والآن لا توجد إلا فرقتان : السنة والشيعة ، وهناك محاولات للتوحيد بينهما .
31 - وفي قوله تعالى :وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً( 103 ) : قيل : نزلت في الأوس والخزرج ، والآية تعمّ .
32 - وفي قوله تعالى :وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ( 105 ) : قيل : هم اليهود والنصارى .
33 - وفي قوله تعالى :يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ( 106 ) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ( 107 ) : قيل : الذين تبيض وجوههم المؤمنون ، والذين تسوّد وجوههم ، قيل نزلت في اليهود خاصة ، كانوا يؤمنون بنبىّ يبعث ، فلما بعث النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم كفروا به . وقيل : الذين تسوّد وجوههم المنافقون .
34 - وفي قوله تعالى :كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ( 110 ) : قيل : نزلت الآية في الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وشهدوا بدرا والحديبية .
وقيل : هم أمة محمد نزلت فيهم هذه الآية طالما يؤمنون باللّه ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
35 - وفي قوله تعالى :ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ( 112 ) : قيل : هم اليهود نزلت الآية فيهم .
36 - وفي قوله تعالى :لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ( 113 ) : قيل : أخّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلاة العشاء ليلة ثم خرج إلى المسجد ، فإذا الناس ينتظرون الصلاة ، فقال : « إنه ليس من أهل الأديان أحد يذكر اللّه تعالى في هذه الساعة غيركم » ، فأنزلت هذه الآية . وقيل : لمّا أسلم عبد اللّه بن سلام ، وثعلبة بن سعية ، وأسيد بن سعية ، وأسد بن عبيد ، ومن أسلم من يهود ، قالت أحبار اليهود : ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا شرارنا ، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره ، فأنزل اللّه الآية .
37 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ( 118 ) : قيل : كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية ، فأنزل اللّه فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوّف الفتنة عليهم .
38 - وفي قوله تعالى :ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ( 119 ) : قيل الآية نزلت في اليهود ، صافاهم المسلمون وجنحوا معهم للسلم ، ولكن بغض اليهود لهم مستمر ومفضوح ، ومن أقوال الحاخام عوفي الإسرائيلى في يوليو سنة 2001 : « هؤلاء المسلمون إنهم شئ فظيع ، ويتكاثرون كالفئران » وهو نفس كلام اليهود في المسلمين منذ ألف وخمسمائة سنة ، نزلت هذه الآية وأمثالها تكشف بواطنهم ، يقولون لبعضهم البعض من عهد الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم : ألا ترون هؤلاء ظهروا وكثروا !
39 - وفي قوله تعالى :وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( 121 ) : قيل : هذا كان في غزوة أحد ، وفيها نزلت هذه الآية ، والآية المكمّلة :إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ( 122 ) .
40 - وفي قوله تعالى :إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ( 122 ) : قيل : الطائفتان : بنو سلمة من الخزرج ، وبنو حارثة من الأوس ، وبنو النبيت ، والنبيت هو عمرو بن مالك من بنى الأوس ، وكان الأوس والخزرج جناحي العسكر يوم أحد ، وقد همّا أن يرجعوا مع عبد اللّه بن أبي بن سلول ، وكان ذلك حديث نفس منهم خطر ببالهم ، ولكنهم ازدادوا بصيرة وعصمهم اللّه ، وذمّ بعضهم بعضا ، ونهضوا مع النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتى أطل على المشركين ، فنزلت الآية .
41 - وفي قوله تعالى :وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( 123 ) : قيل : كان المسلمون قليلين ، وقيل كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلا ، وكان عدوهم ما بين التسعمائة إلى الألف ، ووصفوا بأنهم أذلة لأن قلة عددهم تقتضى عند التأمل ذلّتهم وأنهم يغلبون .
42 - وفي قوله تعالى :إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ( 124 ) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ( 125 ) : قيل : كثرة عدد الملائكة لتسكين قلوب المؤمنين ، والملائكة لا تقاتل وإنما يكونون عددا أو مددا ، والفائدة : أن يقوى عزم المؤمنين إذ يتأكدون أن الحقّ معهم وأن اللّه يساعدهم . وقيل أمدّهم اللّه بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف ، ثم خمسة آلاف لمّا صبروا واتقوا اللّه . وقيل : إن كرز بن جابر المحاربي كان يزمع أن يمدّ الكافرين ، فشقّ ذلك على النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى المسلمين ، فنزلت الآية ، فبلغت كرزا ، فنكص عن إمداد الكفّار بالمدد . والآية نزلت لتؤكد أن نزول الملائكة لا يحتاج الربّ إليه ، وإنما يحتاج إليه المخلوق ليعلق قلبه باللّه وليثق به ، فهو الناصر بسبب وبغير سبب.
43 - وفي قوله تعالى :لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ( 128 ) : قيل : نزلت الآية لمّا دعا النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم على المشركين لمّا كسروا رباعيته يوم أحد ، وشجّوا رأسه ، فسال دمه حتى قال : « كيف يفلح قوم شجّوا رأس نبيّهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى اللّه تعالى » . فلما نزلت الآية علم أن منهم من سيسلم ، وقد حدث وأسلم : خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم .
44 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( 130 ) : قيل : كانوا يبيعون البيع إلى أجل ، فإذا حلّ الأجل وأخّروا السداد زادوا في الثمن أضعافا ، فنزلت الآية . وقيل : كانت ثقيف تداين بنى النضير في الجاهلية ، فإذا جاء الأجل قالوا : أتقضون أم تربون ؟ يعنى تؤخّرون السداد بالربا ، فنزلت الآية .
45 - وفي قوله تعالى :وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( 139 ) :
قيل : لمّا انهزم الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم يوم أحد ، أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين : يريد أن يعلو عليهم الجبل ، فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « اللهم لا يعلنّ علينا ! اللهم لا قوة لنا إلا بك ! اللهم ليس يعبدك بهذا البلد غير هؤلاء النفر » ذكره الطبري ، فأنزل اللّه هذه الآية ، وكان نفر من المسلمين الرماة ، قد صعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم ، فذلك قول اللّه تعالى :وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ، يعنى الغالبين .
46 - وفي قوله تعالى :إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ( 140 ) : قيل : نزلت الآية في هزيمة أحد ، والقرح الذي مسّ المشركين كان في بدر ، فمرة انتصار ومرة هزيمة ، والأيام دول ، والهزيمة لها فوائد مثلما لها مضار ، وبسببها يعرف المؤمن من المنافق فيتمايزان ، وقد يستشهد من المؤمنين من يستشهد ، فيكونون شهداء على الناس بأعمالهم .
47 - وفي قوله تعالى :وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ( 143 ) : قيل : كان كثير ممن لم يحضروا بدرا يتمنون يوما يكون فيه قتال ، فلما كان يوم أحد انهزموا ، وكان منهم من تجلّد حتى قتل ، ومنهم أنيس بن النضر عمّ أنس بن مالك ، فإنه قال لمّا انكشف المسلمون : اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ، وباشر القتال ، ونزلت الآية عتابا لمن انهزم .
48 - وفي قوله تعالى :وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ( 144 ) :
قيل : نزلت بسبب انهزام المسلمين يوم أحد ، وسريان الإشاعة بأن محمدا قد قتل ، حتى بكى المسلمون ، ففريق لم ير بأسا أن يصالح المشركين فهم إخوانهم رغم كل شئ ، وفريق رأى أن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم إن كان قد أصيب فذلك أدعى أن يواصلوا ما مضى عليه ، فأنزل اللّه الآية ، يبيّن أن الرسل ليسوا بباقين في أقوامهم إلى الأبد ؛ ويجب التمسّك بما أتوا به ، وإن فقد الرسول بموت أو قتل . وفي الآية أنه تعالى قد أكرم نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بذكر اسمه « محمد » ، والعرب تقول : رجل محمود ومحمد ، إذا كثرت خصاله المحمودة . والآية من تتمة عتاب المسلمين لمّا انهزموا . ولمّا توفى الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم من بعد ، ولم يصدق الناس وقالوا : لم يمت وإنما هو بعض ما كان يأخذه عند الوحي ، ونادى عمر بن الخطاب :
واللّه ما مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ولا يموت حتى تقطع أيدي وأرجل ناس من المنافقين كفروا ! فقام أبو بكر ، وصعد المنبر وقال : « من كان يعبد اللّه فإن اللّه حىّ لا يموت ، ومن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ثم قرأ الآية :وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ . . .، قال عمر : فلكأنى لم أقرأها إلا يومئذ ! - وعن أنس أنه سمع أبا بكر يقول :كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ( 185 ) ( آل عمران ) ، ويقول :إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ( 30 ) ( الزمر ) . قال وخرج الناس يتلونهما في سكك المدينة كأنهما لم يتنزلا قط إلا ذلك اليوم .
49 - وفي قوله تعالى :وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ( 146 ) : قيل : لمّا انهزم المسلمون في أحد سمع من يهتف : قتل محمد ! فولّى من ولّى ، فأنزل اللّه الآية يثنى على من ثبت حول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم . وقيل : صاح صوت شيطانى يوم أحد : قتل محمد ، فانهزم جماعة من المسلمين . قال كعب بن مالك : فكنت أول من عرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم . رأيت عينيه من تحت المغفر تزهران، فناديت بأعلى صوتي : هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه الآية.
50 - وفي قوله تعالى :وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ( 147 ) : قيل : قال ذلك الذين ثبتوا حول الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم في أحد بعد أن ولّى من ولّى من المسلمين ، فأنزل اللّه تعالى الآية بما قالوا .
51 - وفي قوله تعالى :وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ( 152 ) : قيل : نزلت هذه الآية بعد أحد وهزيمة المسلمين لمّا عصوا الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم واشتغلوا بالغنائم ، وترك الرماة مراكزهم فكان ذلك السبب في هزيمتهم ، فكانوا يقولون لبعضهم البعض ، كيف أصابنا هذا وقد وعدنا اللّه النصر ؟ فنزلت الآية . وقيل : لما رجع الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة بعد أحد وقد أصيبوا ، قال بعضهم لبعض : من أين أصابنا هذا ! وقد وعدنا اللّه النصر ! فنزلت الآية .
52 - وفي قوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ( 155 ) : قيل : نزلت هذه الآية فيمن هرب إلى المدينة في وقت الهزيمة في أحد يوم التقى الجمعان ، استزّلهم الشيطان بخطاياهم السابقة وأنهم سيقتلون لو حاربوا ، فكرهوا الثبوت لئلا يقتلوا ، ومنهم : عثمان بن عفان ؛ وعيّر عبد الرحمن بن عوف عثمان فقال : شهدت بدرا ولم تشهد ! وبايعت تحت الشجرة ولم تبايع ! وقاتلت يوم الجمع ووليت مع من ولى !
53 - وفي قوله تعالى :وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ( 161 ) : قيل : نزلت بسبب قطيفة حمراء فقدت في المغانم يوم بدر ، فقال بعض من كانوا مع النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : لعل النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد أخذها ! فنزلت الآية . ويغل معناها يخون .
54 - وفي قوله تعالى :أَ وَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 165 ) : قيل : نزلت الآية لمّا قالوا بعد الهزيمة : من أين أصابنا هذا الانهزام والقتل ونحن نقاتل في سبيل اللّه ووعدنا النصر ؟ فردّ عليهم :هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ لمخالفتهم الرماة ، وما من قوم لم يطيعوا نبيّهم في حرب إلا انهزموا ، لأنهم لو أطاعوه لكانوا حزبه ، حزب اللّه ، وهم الغالبون . وأصابتهم مثليها كان يوم بدر ، بأن قتلوا للكفار سبعين ، وأسروا سبعين ، وحتى يوم أحد قتلوا لهم عشرين .
55 - وفي قوله تعالى :وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ( 169 ) : قيل : الآية نزلت في شهداء أحد ؛ وقيل نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلا ، ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين . وقيل : نزلت في شهداء بئر معونة ؛ وقيل : بل هي عامة في جميع الشهداء . وقيل : إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة وسرور تحسّروا وقالوا : نحن في النعمة والسرور ، وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور ! فأنزل اللّه تعالى هذه الآية تنفيسا عنهم ، وإخبارا عن حال قتلاهم .
56 - وفي قوله تعالى :الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ( 172 ) : قيل : نزلت الآية في ابن الزبير وأبى بكر ، فإنهما في أحد أصابهما القرح . وفي اليوم الثاني من أحد ، انتدب النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم سبعين ليخرجوا في آثار كفّار قريش مخافة أن يرجعوا ، وليعلموا أنه ما تزال بالمسلمين قوة ، فخرج مع الخارجين رجلان . وقيل : كانا من بنى عبد الأشهل وكانا مثخنين بالجراح حتى أن أحدهما ليتوكأ على الآخر ، وفي هؤلاء نزلت الآية .
57 - وفي قوله تعالى :الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ( 173 ) : قيل : نزلت هذه الآية في خروج النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى بدر الصغرى لميعاد أبي سفيان الذي كان قد حدده في أحد عندما قال له : موعدنا بدر من العام المقبل . فقرب بدر جاءه نعيم بن مسعود الأشجعي فأخبره أن قريشا قد اجتمعت وأقبلت لحربه هي ومن انضاف إليها ، فأشفق المسلمون ، ولكنهم قالوا : حسبنا اللّه ونعم الوكيل . فلما وصلوا بدرا لم يجدوا أحدا ، ولم يلقوا كيدا ، فنزلت الآية :فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ( 174 ) ( آل عمران ) .
يتبع
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 نوفمبر 2023 - 14:26 من طرف عبدالله المسافربالله

 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

1015 - في أسباب نزول آيات سورة آل عمران

58 - وفي قوله تعالى :وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ( 176 ) : قيل : نزلت في جماعة أسلموا ثم ارتدوا خوفا من المشركين ، فاغتمّ النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فأنزل اللّه الآية . وقيل : نزلت في المنافقين ، ورؤساء اليهود . وقيل : إن أهل الكتاب لمّا لم يؤمنوا شقّ ذلك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، لأن الناس ينظرون إليهم ويقولون إنهم أهل كتاب ، فلو كان محمد صلّى اللّه عليه وسلّم على الحق لاتّبعوه ، فنزلت الآيةوَلا يَحْزُنْكَ . . ..
59 - وفي قوله تعالى :ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ( 179 ) : قيل : إن الكفار لمّا سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يبيّن لهم من يؤمن منهم ، أنزل اللّه هذه الآية ، يعنى بها : لا تشتغلوا بما لا يعنيكم ، واشتغلوا بما يعنيكم وهو الإيمان .
60 - وفي قوله تعالى :وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ( 180 ) : قيل : نزلت هذه الآية في البخل بالمال ، والإنفاق في سبيل اللّه ، وأداء الزكاة المفروضة . وقيل : إنما نزلت الآية في أهل الكتاب وبخلهم ، ببيان ما علموه من أمر النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم .
61 - وفي قوله تعالى :لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ( 181 ) : قيل : لمّا أنزل اللّه :مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( 245 ) ( البقرة ) ، قال قوم من اليهود منهم حيى بنى أخطب ، أو فنحاص بن عازوراء : إن اللّه فقير ونحن أغنياء يقترض منا ! ! وقالوا هذا تمويها على ضعفائهم ، لا لأنهم يعتقدون هذا فعلا ، فهم أهل كتاب أولا وأخيرا ، ولكنهم بهذا القول كفروا ، لأنهم شككوا الضعفاء منهم ومن المؤمنين ، فنزلت الآية فيهم .
62 - وفي قوله تعالى :الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ( 183 ) : قيل : نزلت في كعب بن الأشرف ، ومالك بن الصيف ، ووهب بن يهوذا ، وفنحاص بن عازوراء ، وجماعة أتوا النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا له : أتزعم أن اللّه أرسلك إلينا ؟
فلقد أنزل علينا كتابا عهد إلينا فيه إلا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند اللّه حتى يأتينا بقربان تأكله النار ؟ فإن جئتنا به صدّقناك ، فأنزل اللّه هذه الآية .
63 - وفي قوله تعالى :لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ( 186 ) : قيل : نزلت بسبب أن أبا بكر سمع يهوديا يقول : إن اللّه فقير ونحن أغنياء ، ردّا على القرآن واستخفافا به ، حين أنزل اللّه :مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( 245 ) ( البقرة ) ، فلطمه ، فشكاه إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فنزلت الآية . وقيل : إن قائل « إن اللّه فقير ونحن أغنياء » هو فنحاص اليهودي ، وقيل هو كعب بن الأشرف ، ونزلت بسببه :وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا . .الآية .
وكان ابن الأشرف شاعرا يهجو النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه ويؤلّب عليهم الكفّار ، ويشبّب بنساء المسلمين ، حتى تصدّى له محمد بن مسلمة وأصحابه ، فقتله القتلة المشهورة . وقيل : إن الآية نزلت في ابن أبىّ لمّا أغلظ للنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فقال عنه سعد ابن عبادة في مرضه : اعف عنه واصفح ، فو الذي أنزل عليك الكتاب : لقد جاءك اللّه بالحق الذي نزل ، وقد شرق به ابن أبىّ ، ولذلك فعل به ما رأيت منه ! فعفا عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونزلت الآية .

64 - وفي قوله تعالى :لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ( 188 ) : قيل : أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب ، سألهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن شئ فكتموه إياه ، وأخبروه بغيره ، وظنوا أنه قد انطلت عليه حيلتهم ، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم .
65 - وفي قوله تعالى :فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ( 195 ) : قيل : إن أم سلمة قالت للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم : لا أسمع أن اللّه تعالى قد ذكر النساء في الهجرة بشيء ، فأنزل اللّه الآية .
66 - وفي قوله تعالى :لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ( 196 ) ( آل عمران ) :
قيل : كانت للكفار تجارات وأموال وحركة في البلاد ، بينما المسلمون بائسون وفقراء ، فنزلت هذه الآية في الكفار ، تؤنس المسلمين وتسرّى عنهم ، كقوله تعالى :وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ( 45 ) ( القلم ) ، وكقوله :فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ( 44 ) ( القلم ) .
67 - وفي قوله تعالى :وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ( 199 ) : قيل : نزلت الآية في النجاشي لمّا مات ، فطلب الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، أن يصلّوا عليه ، فقالوا : يا رسول اللّه ، نصلى على عبد حبشي ؟ ! فنزلت الآية .
   * * *

1016 - في أسباب نزول آيات سورة النساء

1 - وفي قوله تعالى :وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً( 2 ) : قيل : نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم وطلب المال منعه عمه ، فنزلت الآية ، فأسرع العم بردّ المال مخافة قوله تعالىوَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً، وقال العمّ : نعوذ باللّه من الحوب الكبير - والحوب هو الإثم ، فلما قبض الفتى المال أنفقه في سبيل اللّه ، فقال صلّى اللّه عليه وسلّم : « ثبت الأجر وبقي الوزر » ؟ فسئل : كيف ؟ قال : « ثبت الأجر للغلام ، وبقي الوزر على والده » ، لأن والده كان مشركا .
2 - وفي قوله تعالى :وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا( 3 ) :
قيل : الآية نزلت في اليتيمة تكون في حجر وليّها تشاركه في ماله ، فيعجبه مالها وجمالها ، فيريد أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن .
3 - وفي قوله تعالى :وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً( 4 ) : قيل : كان الولي يأخذ مهر المرأة ولا يعطيها شيئا ، فنهوا عن ذلك ، وأمروا أن يدفعوا ذلك إليهن .
4 - وفي قوله تعالى :وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً( 6 ) : قيل : نزلت في ثابت بن رفاعة ، وفي عمّه ، فلما توفى رفاعة وترك ابنه وهو صغير ، أتى عم ثابت إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : إن ابن أخي يتيم في حجري ، فما يحل لي من ماله ، ومتى أدفع إليه ماله ؟ فأنزل اللّه الآية .
5 - وفي قوله تعالى :لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً( 7 ) : قيل : نزلت الآية في أوس بن ثابت الأنصاري ، توفى وترك امرأة وثلاث بنات ، فقام رجلان هما ابنا عم الميت ووصيّاه ، فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته وبناته شيئا . وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا ، ويقولون : لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل ، وطاعن بالرمح ، وضارب بالسيف ، وحاز الغنيمة ؛ فذكرت المرأة حالها للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، فدعاهما ، فقالا :
يا رسول اللّه ، ولدها لا يركب فرسا ، ولا يحمل كلا ، ولا ينكأ عدوا . فأنزل اللّه هذه الآية ردا عليهما ، وإبطالا لقولهما وتصرّفهما بجهل .
6 - وفي قوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً( 10 ) : قيل : نزلت في رجل من غطفان يقال له مرثد بن زيد ، ولى مال ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله ، فأنزل اللّه تعالى فيه هذه الآية .
7 - وفي قوله تعالى :وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ( 12 ) : قيل : هذه هي آية المواريث ، وهي ركن من أركان الدين ، وعمدة من عمد الأحكام ، وتشمل الفرائض وهي ثلث علم الموارث أو نصفه . وفي أسباب نزولها : أن امرأة سعد بن الربيع جاءت إلى الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم تشكو له أخاه ، فإن سعدا لمّا توفى تركها وترك ابنتين ، وأخوه استولى على كل شئ ولا يريد إعطاءهن شيئا ، فاستدعاه الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم فقال له : « ادفع إلى ابنتيه الثلثين ، وإلى امرأته الثمن ، ولك ما بقي » ، فنزلت آية المواريث . وقيل : إن آية المواريث نزلت في جابر لمّا مرض وسأل الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم كيف يصنع في ماله وله ولد وبنت . وقيل : نزلت بسبب بنات عبد الرحمن بن ثابت أخي حسّان بن ثابت . وقيل : نزلت في ورثة ثابت بن قيس بن شماس .
8 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً( 19 ) ( النساء ) : قيل : نزلت في المرأة يموت عنها زوجها فتؤول إلى أوليائه ، إن شاء بعضهم تزوجها ، وإن شاءوا زوّجوها ، وإن شاءوا لم يزوّجوها ، فهم أحق بها من أهلها ، فأنزلت الآية . وقيل : كان من عادتهم إذا مات الرجل أن يلقى ابنه من غيرها ، أو أقرب عصبته ، ثوبه على المرأة ، فيصير أحق بها من نفسها ومن أوليائها ، فإن شاء تزوّجها بغير صداق إلا ما أصدقها الميت ، وإن شاء زوّجها من غيره وأخذ صداقها ولم يعطها شيئا ، وإن شاء عضلها لتفتدى منه بما ورثته من الميت أو تموت فيرثها ، فأنزل اللّه الآية . وقيل : كان الوارث إن سبق فألقى عليها ثوبا فهو أحق بها ، وإن سبقته فذهبت إلى أهلها كانت أحق بنفسها . وكان يكون عند الرجل عجوز ونفسه تتوق إلى شابة ، فيكره فراق العجوز لمالها ، فيمسكها ولا يقربها حتى تفتدى منه بمالها ، أو تموت فيرثها ، فنزلت الآية . والمقصود من الآية إذهاب ما كانوا عليه في الجاهلية ، وألّا تجعل النساء كالمال يورثن عن الرجال كما يورث المال .
9 - وفي قوله تعالى :وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ: قيل : كان الناس يتزوجون امرأة الأب كرها ليرثوها ، وسمى لذلك زواج المقت ، أي الزواج الممقوت ، فنزلت الآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً( النساء 19 ) ، فصاروا يتزوجونها برضاها ، فنزلت الآية :وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْفصار حراما في الأحوال كلها . وكان زواج امرأة الأب سائدا عند الأنصار ، ومباحا في قريش ، ومن ذلك زواج عمرو بن أمية من امرأة أبيه بعد موته ، فولدت له ولدين هما : مسافر ، وأبو معيط ، وكان للمرأة من الأب أولاد منهم : أبو العيص وغيره ، فكان بنو أمية إخوة لمسافر وأبى معيط ، وفي نفس الوقت أعمامهما ؛ وكذلك زواج صفوان بن أمية من امرأة أبيه فاختة بنت الأسود ، وكان أبوه قد قتل عنها ؛ وزواج منظور بن زبّان ، خلف أباه على مليكة بنت خارجة ؛ وحصن بن أبي قيس تزوج امرأة أبيه كبيشة بنت معن ؛ والأسود بن خلف تزوج امرأة أبيه . وفي عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما توفى أبو قيس الأنصاري ، خطب ابنه امرأة أبيه ، فطلبت سؤال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أولا ، فأتته وأخبرته ، فنزلت الآية . وشبيه بالزواج من امرأة الأب - الزواج من الابنة ، وقد تزوج حاجب بن زرارة ابنته قبل نزول آية المحرّمات :حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ( النساء 23 ) فنهى اللّه المسلمين عما كان عليه آباؤهم من هذه السيرة .
10 - وفي قوله تعالى :وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً( 24 ) : قيل : المراد بالمحصنات المسبيات ذوات الأزواج خاصة ، أي هن محرّمات إلا ما ملكت اليمين بالسبى من أرض الحرب ، فإنها تكون حلالا للذي تقع في سهمه وإن كان لها زوج . ومناسبة نزول الآية أن المسلمين الذين غزوا أوطاس أصابوا سبابا فتحرّجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين ، فأنزل اللّه الآية ، تحللهن لهم إذا انقضت عدّتهن ، فالآية نزلت بسبب تحرّج أصحاب النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن وطء المسبيات ذوات الأزواج ، فأنزل اللّه الآية في جوابهم .
11 - وفي قوله تعالى :وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً( 32 ) : قيل : إن أم سلمة قالت : يغزو الرجال ولا يغزو النساء ! وفي الميراث لنا النصف ! فأنزل اللّه تعالى الآية . وقيل : إن أم سلمة قالت : كانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان ، فلما ورثوا جعلوا للذكر مثل حظ الأنثيين ، فتمنى النساء أن لو جعلت أنصباء النساء كانصباء الرجال ، فنزلت الآية .
12 - وفي قوله تعالى :الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً( 34 ) : قيل : الآية نزلت في سعد بن الربيع ، نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن خارجة بن أبي زهير ، فلطمها ، فاشتكت للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : « لتقتص من زوجها » فانصرفت مع أبيها لتقتص من زوجها ، فأرسل خلفها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال : « جبريل أتاني » فنزلت الآية . وقيل : إن امرأة أتت النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت : إن زوجي لطم وجهي ، فقال : « بينكما القصاص » ، ونزلت الآية بغير ذلك . وقيل : نزلت الآية في جميلة بنت أبىّ ، وفي زوجها ثابت بن قيس بن شماس . وقيل : نزلت في عميرة بنت محمد بن مسلمة وفي زوجها سعد بن الربيع .
13 - وفي قوله تعالى :الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً( 37 ) : قيل : نزلت في اليهود فقد كان علماء إسرائيل يبخلون بما لديهم من العلم . وقيل : كان كردم بن زيد حليف كعب بن الأشرف ، وأسامة بن حبيب ، ونافع بن أبي نافع ، وبحرى بن عمرو ، وحيى بن أخطب ، ورفاعة بن زيد بن التابوت ، يأتون رجالا من الأنصار يتنصّحون لهم ، فيقولون : لا تنفقوا أموالكم ، فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ، ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون ، يقصدون أن يمنعوهم من الإنفاق على المهاجرين ، فنزلت الآية .
14 - وفي قوله تعالى :وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً( 38 ) : قيل : نزلت في مطعمى يوم بدر وهم رؤساء مكة ، أنفقوا على الناس ليخرجوا معهم إلى بدر ، ونفقة الرئاء لا تجزئ .
15 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ . . .( 43 ) : قيل : كانوا يقيمون الصلاة وقد أخذوا من الخمر وأتلفت عليهم أذهانهم ، فنزلت :يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ . .( 219 ) ( البقرة ) ، فسأل عمر ربّه بيانا شافيا فيها : فنزلتلا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى . .( 43 ) ( النساء ) ، فكانوا إذا أقاموا الصلاة ، ينادى المنادى : ألا يقربنّ الصلاة سكران . فسأل عمر ربّه بيانا شافيا في الخمر ، فنزلتفَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ( 91 ) ( المائدة ) .
16 - وفي قوله تعالى :وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا: قيل في سبب الآية :
أن قوما من الأنصار كانت أبواب دورهم شارعة في المسجد ، فإذا أصابته أحدهم الجنابة اضطر إلى المرور في المسجد . والجنب لا يمر في المسجد إلا إذا عدم الماء ، فحينئذ يمكنه أن يتيمم ويمر في المسجد ، والجنب أصلا لا يمر في المسجد وهو جنب ، وقيل : إن الآية نزلت بسبب عبد الرحمن بن عوف وعلىّ بن طالب وآخرين ، دعاهم عبد الرحمن إلى الخمر فشربوا وأحدث منهم ، فلما حضرت الصلاة قدّموا عليا فقرأ : ( قل يا أيها الكافرون ما أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون ) فأنزل اللّه الآية .
17 - وفي قوله تعالى :. . . وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً( 43 ) : قيل : هذه آية التيمم ، نزلت في عبد الرحمن بن عوف أصابته جنابة وهو جريح ، فرخّص له أن يتيمم ، ثم صارت الآية عامة . وقيل : أنزلت بسبب عدم وجود الماء مع الصحابة في غزوة المريسيع حين انقطع عقد عائشة . وقيل : هلكت قلادة لعائشة كانت قد استعارتها من أختها أسماء ، فبعث النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم في طلبها رجالا ، فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ، ولم يجدوا ماء ، فصلّوا وهم على غير وضوء ، فأنزل اللّه تعالى آية التيمم . وقيل : إن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أصابتهم جراحة ففشت فيهم ، ثم ابتلوا بالجنابة ، فشكوا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فنزلت هذه الآية . وآية التيمم في سورة المائدة بخلاف ذلك ، وتسمى آية الوضوء ، ولا يوجد التيمم إلا في هاتين السورتين . والتيمم مما خصّت به هذه الآية على المسلمين .
18 - وفي قوله تعالى :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ( 44 ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً ( 45 ) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا( 46 ) : قيل : الآية نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود المدينة ، وكان إذا كلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لوى لسانه ، وقال : أرعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ! ثم طعن في الإسلام وعابه ، فأنزل اللّه هذه الآيات .
19 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا( 47 ) : قيل : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كلّم رؤساء من أحبار يهود ، منهم عبد اللّه ابن صوريا الأعور ، وكعب بن أسد ، فقال لهم : « يا معشر يهود ، اتقوا اللّه وأسلموا ، فو اللّه إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق » ، قالوا : ما نعرف ذلك يا محمد ! وجحدوا ما عرفوا ، وأصرّوا على الكفر ، فأنزل اللّه فيهم :يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً . .إل آخر الآية .
20 - وفي قوله تعالى :إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً( 48 ) ( النساء ) : قيل : إن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم تلا :قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ( 53 ) ( الزمر ) ، فقال له رجل : والشرك ؟ ! فنزلت :إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ . . . *.
21 - وفي قوله تعالى :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا( 49 ) ( النساء ) : قيل : نزلت الآية في اليهود ، قالوا :وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى . . .( 111 ) ( البقرة ) ، وقالوا :نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ . . .( 18 ) ( المائدة ) ، وقالوا : لا ذنوب لنا ، وما فعلناه نهارا غفر لنا ليلا ، وما فعلناه ليلا غفر لنا نهارا ، ونحن كالأطفال في عدم الذنوب . وكانوا يقدمون صبيانهم في الصلاة بدعوى أنهم لا ذنوب عليهم ، فهذه هي تزكيتهم لأنفسهم ولأولادهم .
22 - وفي قوله تعالى :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا( 51 ) : قيل : إن كعب بن الأشرف خرج في سبعين راكبا من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ، ليحالفوا قريشا على قتال المسلمين ، فنزل كعب على أبي سفيان ، ونزلت اليهود في دور قريش ، فتعاقدوا وتعاهدوا ليجتمعن على قتال محمد ، فقال أبو سفيان : إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ، ونحن أميون لا نعلم ، فأيّنا أهدى سبيلا وأقرب إلى الحق : نحن أم محمد ؟ فقال كعب :
أنتم واللّه أهدى سبيلا مما عليه محمد .
23 - وفي قوله تعالى :أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً( 54 ) : قيل : إن أهل الكتاب قالوا : زعم محمد أنه أوتى ما أوتى في تواضع ، وله تسع نسوة ، وليس همّه إلا النكاح ، فأي ملك أفضل من هذا ؟ فأنزل اللّه :أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ . . .الآية .
24 - وفي قوله تعالى :إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً( 58 ) : قيل : لما فتح الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم مكة ، رفض عثمان بن أبي طلحة الحجبى العبدري ، وابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة - وكانا كافرين - أن يعطيا مفتاح الكعبة للعباس بن عبد المطلب ، ثم دفعاه إلى الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وقالا له : خذه بأمانة اللّه ، ودخل الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم الكعبة ، فكسر ما فيها من أوثان ، وأخرج مقام إبراهيم ، ونزل عليه جبريل بهذه الآية ، فأعاد المفتاح لعثمان وشيبة وقال لهما : « خذاه خالدة تالدة ، لا ينزعه منكما إلا ظالم » . والأظهر في الآية أنها عامة في جميع الناس .
25 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا( 59 ) ( النساء ) : قيل : نزلت الآية في عبد اللّه بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي ، إذا بعثه النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم في سرية . وكان عبد اللّه من أصحاب بدر وفيه دعابة ، ومن دعابته أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا أمره على السرية ، قال لهم عبد اللّه أن يجمعوا حطبا ويوقدوا نارا ، فلما أوقدوها أمرهم بالتفحّم فيها وقال: ألم يأمركم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بطاعتى؟
وقال : من أطاع أميري فقد أطاعني ؟ فقالوا : ما آمنا باللّه واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار ! ولمّا سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم القصة صوّب فعلهم ، وقال : « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » ، فلم يطيعونه دون غيره ؟ ولم يخصونه بالطاعة وما أمرهم به الرسول للّه ، وليس له صلة بما كلفهم به وعهد فيه إلى عبد اللّه بالإمارة ليقوم به ؟ والطاعة لا تكون إلا في المعروف ، ثم إن الآية لم تسألهم لم لم تطيعوه ، ولذلك نستبعد هذه القصة كسبب لنزول الآية . وقولهفَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ . .يناسبه أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع : وهو الردّ إلى اللّه والرسول - أي إلى كتابه ثم سنّة النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد وفاته ، وكذلك الاجتهاد القائم على الاستنباط ، كقوله تعالى :وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا( 83 ) ( النساء ) .
26 - وفي قوله تعالى :أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً( 60 ) : قيل : كان بين رجل من المنافقين ويهودي خصومة ، فدعا اليهود إلى تحكيم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ، فرفض المنافق ، ودعا إلى تحكيم كعب بن الأشرف - وهو الطاغوت ، أي ذو الطغيان ، فأبى اليهودي أن يخاصمه إلا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فلما رأى المنافق إصراره ذهبا إلى الرسول فحكم لليهودي ، ولم يرض المنافق ، وانطلقا إلى أبى بكر فحكم لليهودي ، فانطلقا إلى عمر وقصّا عليه القصة ، وأنهما احتكما إلى الرسول وأبى بكر فحكما لليهودي ، فانتضى عمر سيفه ليضرب المنافق لأنه لم يرض بحكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فنزلت الآية . وقال جبريل : إن عمر فرق بين الحق والباطل ، فسمى الفاروق .
27 - وفي قوله تعالى :فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً( 62 ) : قيل : نزلت في شأن الذين بنوا المسجد الضرار ، فلما أظهر اللّه نفاقهم وأمرهم بهدم المسجد ، حلفوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دفاعا عن أنفسهم : ما أردنا ببناء المسجد إلا طاعة اللّه وموافقة الكتاب .
28 - وفي قوله تعالى :فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً( 65 ) : قيل : نزلت في الزبير مع الأنصاري ، وكانت الخصومة في سقى بستان ، فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم للزبير : « اسق ارضك ثم ارسل الماء إلى أرض جارك » ، فقال الخصم : « أراك تحابى ابن عمتك ! فتلوّن وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال للزبير : « اسق ثم احبس حتى يبلغ الجدر » أي حائط المزرعة ، ونزلت الآية .
29 - وفي قوله تعالى :وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً( 66 ) : قيل : سبب نزولها أن ثابت بن قيس بن شماس تفاخر هو ويهودي ، فقال اليهودي : واللّه لقد كتب علينا أن نقتل أنفسنا فقتلنا ، وبلغ القتلى سبعين ألفا ، فقال ثابت : واللّه لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم لفعلنا ، فنزلت الآية .
30 - وفي قوله تعالى :وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً( 69 ) : قيل : هذه الآية تفسير لقوله تعالى :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ( 7 ) ( الفاتحة ) ، وهي المراد في قوله صلّى اللّه عليه وسلّم في مرض موته : « اللهم الرفيق الأعلى » . وقيل : إنما نزلت هذه الآية لمّا قال عبد اللّه بن زيد بن عبد ربّه الأنصاري : يا رسول اللّه ، إذا مت ومتنا ، كنت في عليين ، لا نراك ولا نجتمع بك » ، وذكر حزنه على ذلك ، فنزلت هذه الآية . وقيل : الآية نزلت في ثوبان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، وكان شديد الحب له ، قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغيّر لونه ونحل جسمه ، يعرف في وجهه الحزن فقال له : « يا ثوبان ، ما غيّر لونك ؟ » فقال : يا رسول اللّه ، ما بي ضرّ ولا وجع ، غير أنى إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة ، وأخاف ألا أراك هناك ، لأنى عرفت أنك ترفع مع النبيين ، وأنى إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك ولن أراك أبدا ، فكأني ما دخلت الجنة ! فأنزل اللّه هذه الآية .
وقيل : إن أصحابه قالوا : ما ينبغي أن نفارقك في الدنيا ، فإنك إن فارقتنا رفعت فوقنا .
فأنزل اللّه تعالى الآية .
31 - وفي قوله تعالى :وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا( 83 ) : قيل : لمّا اعتزل النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم نساءه دخل عمر بن الخطاب المسجد ، فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون : طلّق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نساءه ! فقام على باب المسجد فنادى بأعلى صوته : لم يطلق نساءه ، فنزلت هذه الآية ، وقال عمر : وكنت أنا الذي استنبطت ذلك الأمر . والآية تعنى : أنهم إذا سمعوا ما فيه أمن لهم أو خوف أفشوه وأظهروه وتحدّثوا به قبل أن يقفوا على حقيقته ، ويظنون أنه لا إثم عليهم في ذلك . ولو سكتوا حتى ينكره النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنفسه ، أو أهل العلم والاختصاص من بعده لكان ذلك أوفق وأفضل ، لأن أهل العلم هم الذين لديهم المعرفة لما ينبغي أن يفشى منه أو أن يكتم .
32 - وفي قوله تعالى :فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا( 84 ) : قيل : نزلت هذه الآية في بدر الصغرى ، فإن أبا سفيان لما انصرف من أحد ، واعد الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم موسم بدر الصغرى . فلمّا جاء الميعاد خرج إليها رسول اللّه في سبعين راكبا ، فلم يحضر أبو سفيان ، ولم يقع قتال . والآية فيها الأمر بالقتال ، والإعراض عن أراجيفهم ، وأخذ الأمور بجدية ، وإن لم يقم معه أحد فليكن قيامه ولو بنفسه فقط ، وقيل : ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يجاهد ولو وحده ، وفي الحديث : « واللّه لأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتي » ، وعن أبي بكر قال في وقت الردّة : « ولو خالفتنى يميني لجاهدتها بشمالي » .
33 - وفي قوله تعالى :فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا( 88 ) : قيل : نزلت في عبد اللّه بن أبىّ وأصحابه الذي خذلوا اللّه يوم أحد ، ورجعوا بعسكرهم بعد أن خرجوا ، فانقسم المسلمون حيالهم فرقتين ، فرقة تقول نقتلهم ، وفرقة تنكر ذلك ، فنزلت الآية . وقيل : نزلت الآية في قوم بمكة آمنوا وتركوا الهجرة ، وقالوا : إن ظهر محمد فقد عرف أننا معه ، وإن ظهر قومنا فهذا أحب إلينا ، فصار المسلمون فيهم فئتين ، قوم يتولونهم ، وقوم يتبرءون منهم ، فنزلت الآية . وقيل : نزلت في قوم جاءوا إلى المدينة وأظهروا الإسلام ، فأصابهم وباء المدينة وحماها ، فأركسوا فخرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من أصحاب النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فقالوا : ما لكم رجعتم ؟ قالوا : أصابنا وباء المدينة فاجتويناها . فقالوا : تأسّوا بالرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وأقيموا ، وقال بعضهم : نافقوا ، وقال بعضهم : ولم ينافقون وهم مسلمون ؟
فليذهبوا لو شاءوا ، فنزلت الآية . وقيل : نزلت في جماعة قدموا المدينة وأسلموا ثم ارتدوا ، وادّعوا أنهم يخرجون ليأتوا بضائع يتّجرون فيها ، وخرجوا ولم يعودوا ، فانقسموا فيهم ، فقالت فئة هم مؤمنون ، فبيّن اللّه نفاقهم وأنزل هذه الآية فيهم .
34 - وفي قوله تعالى :إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا( 90 ) : قيل : الآية نزلت في هلال بن عويمر ، وسراقة بن جعشم ، وخزيمة بن عامر بن عبد مناف ، وكان بينهم وبين النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم عهد . وقيل : أراد بالذي بينكم وبينهم ميثاق : خزاعة ، وقيل : هم بنو بكر بن زيد بن مناة . وقيل : الذين بينهم وبين النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ميثاق بنو مدلج ، وكان بينهم وبين قريش عهد ، وبين قريش وبين الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم عهد ، فهؤلاء تضيق صدورهم أن يقاتلوكم . وقيل : الآية نزلت لما أراد الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم أن يرسل خالد بن الوليد إلى بنى مدلج ، فأتى سراقة بن مالك المدلجي يرجوه ليوادعهم ، ففعل الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ذلك وأمر خالدا به ، فكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم . وقيل إن هلال بن عويمر الأسلمي ، كان بينه وبين المسلمين عهد ، وقصده ناس من قومه فكره أن يقاتل المسلمين ويقاتل قومه معا .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس 2 نوفمبر 2023 - 14:32 عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 نوفمبر 2023 - 14:30 من طرف عبدالله المسافربالله

 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

1016 - في أسباب نزول آيات سورة النساء

35 - وفي قوله تعالى :وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً( 92 ) : قيل : كان الحارث بن يزيد من بنى عامر بن لؤي يعذّب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ، ثم خرج الحارث مهاجرا فلقيه عيّاش بالحرة ، فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ، ثم جاء النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبره ، فنزلت الآية .
36 - وفي قوله تعالى :وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً( 93 ) : قيل : نزلت الآية في مقيس بن صبابة ، ذلك أنه كان قد أسلم هو وأخوه هشام بن صبابة ، فوجد هشاما قتيلا في بنى النجار ، فأخبر بذلك النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فكتب له إليهم أن يدفعوا إليه قاتل أخيه ، وأرسل معه رجلا من بنى فهر ، فقال بنو النجار : واللّه ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدى الدية ، فأعطوه مائة من الإبل ، ثم انصرفا راجعين إلى المدينة ، فعدا مقيس على الفهري فقتله بأخيه ، وأخذ الإبل ، وانصرف إلى مكة كافرا مرتدا ، فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : لا أؤمنه في حلّ ولا حرم ، فقتل يوم فتح مكة وهو متعلق بالكعبة ، وفي ذلك نزلت الآية .
37 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً( 94 ) : قيل : هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين مرّوا في سفرهم برجل معه جمل وغنيمة يبيعها ، فسلم على القوم ، وقال : لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ، فحمل عليه أحدهم فقتله . فلما ذكر ذلك للنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم شقّ عليه ونزلت الآية . وقيل : كان رجل في غنيمة له ، فلحقه المسلمون ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته ، فأنزل اللّه الآية ، وحمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ديته إلى أهله ، وردّ عليه غنيماته . وكان القاتل اسمه : محلم بن جثامة ، والمقتول : عامر بن الأضبط ، فدعا النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم على محلم ، فما عاش بعد ذلك إلا سبعا . وقيل : إن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم بعث جيشا من المسلمين إلى المشركين ، فقاتلوهم قتالا شديدا ، فحمل رجل مسلم على رجل من المشركين بالرمح ، فلما غشيه قال المشرك : أشهد أن لا إله إلا اللّه . إني مسلم . فطعنه المسلم فقتله ، وأتى إلى الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم يولول : هلكت وقصّ القصة ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :
« فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه ! فلا أنت قبلت ما تكلم به ، ولا أنت تعلم ما في قلبه » . وقيل إن القاتل : أسامة بن زيد ، والمقتول مرداس بن نهيك، وقوله تعالى وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً . . .نزلت في مرداس . وقيل : إن مسلما قدم إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم من اليمن ، فلقيته سرية من المسلمين ، فقال لهم : أنا مؤمن ، فلم يقبلوا منه وقتلوه ، فجاء أخوه إلى النبىّ يشكو أمره ، فنزلت :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا . . .، وأعطاه النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم دية أخيه.
38 - وفي قوله تعالى :لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً( 95 ) : قيل : نزلت الآية أولا « لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون » ، يعنى بدون « غير أولى الضرر » ، فلمّا كان المسلمون يكتبونها ، وكان ابن أم مكتوم حاضرا ، قال للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم : أنا ضرير ، فنزلت مكانهالا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ . . ..
39 - وفي قوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً( 97 ) : قيل : الآية نزلت في المسلمين الذين كانوا يكتمون إسلامهم واستمروا في سكنى مكة ولم يهاجروا ، فكانوا إذا خرج الكفار أخرجوهم معهم ، ويتحرّج هؤلاء أن لا يخرجوا ، فكانوا يصابون في المعارك ويموتون ، فهؤلاءالَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ . . .، ومنهم : قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكهة بن المغيرة ، والوليد بن عتبة بن ربيعة ، وعمرو بن أمية بن سفيان ، وعلي بن أمية بن خلف ، والحارث بن زمعة بن الأسود ، والعاص بن منبه بن الحجاج ، وقتلوا ببدر ، وفيهم نزلت الآية . وكتب المسلمون لمن كان في مكة بضرورة الهجرة حتى لا يقعوا في نفس المشكلة التي وقع فيها إخوانهم ، فخرجوا فلحق بهم المشركون ، ففتنوهم فرجعوا ، فنزلت :وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ( العنكبوت 10 ) ، وكتبوا إلى إخوانهم في المدينة فتحزنوا عليهم ، فنزلت :ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا . . .( النحل 110 ) الآية .
40 - وفي قوله تعالى :وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً( 100 ) : قيل : نزلت الآية في ضمرة بن جندب - أو أنه ضمرة بن العيص ، أو العيص بن ضمرة ، وقيل رجل من بنى ضمرة ، أو من بنى ليث ، أو من بنى كنانة ، أو من بنى بكر ، وكان كبير السن وأراد أن يهاجر من أرض الشرك إلى المدينة - قال : إني لغنى ، وإني لذو حيلة ، يردّ على الآية :إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا( 98 ) ( النساء ) ، فتجهّز يريد النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فأدركه الموت بالتنعيم ، فنزلت هذه الآية :وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ . .. وقيل : إن جندبا كان بمكة ، فمرض فقال لبنيه : أخرجوني من مكة فقد قتلني غمّها ، فقالوا : إلى أين ؟ فأومأ بيده ناحية المدينة يريد الهجرة ، فخرجوا به ، فلما بلغوا به أضاة بنى غفار مات ، فأنزل اللّه فيه :وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ . . .. وقيل : إن أكثم بن صيفي أرسل إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يسأله : من أنت للّه وبم جئت ؟ فتلا النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعض آيات القرآن على من أرسله ، ومنها :إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( 90 ) ( النحل ) ، فلما سمع أكثم ، قال : أي قوم ، إنه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها ، وركب بعيره يريد المدينة فمات في الطريق ، فنزلت الآية :وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ . ..
41 - وفي قوله تعالى :وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً( 101 ) : قيل : كان المسلمون بعسفان فاستقبلهم المشركون وعليهم خالد بن الوليد ، وكانوا بين المسلمين والقبلة ، فصلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالمسلمين الظهر ، فقال المشركون : قد كانوا على حال لو أصبنا غرّتهم .
وقالوا : وتأتى عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم . فنزل جبريل على النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بهذه الآية بين الظهر والعصر :وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً . .( 102 ) . وفي هذه الآية صلاة الخوف وصلاة السفر ، وكان الغالب على المسلمين الخوف في الأسفار . فلما آمنوا سألوا : ما لنا نقصر وقد أمنّا ؟ فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « صدقة تصدّق اللّه بها عليكم فاقبلوا صدقته » .
42 - وفي قوله تعالى :. . وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً( 102 ) : قيل : الآية في وجوب حمل السلاح في الصلاة عند الخوف من عدو ، ثم رخّص في المطر وضعه ، لأن السلاح يبتل فيصدأ الحديد ويثقل . وقيل : نزلت الآية في النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم « بطن نخلة » ، وبطن نخلة قرية قرب المدينة في الطريق إلى البصرة ، وفيها انهزم المشركون وغنم المسلمون ، وكان يوما مطيرا ، وخرج النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم لقضاء حاجته ، واضعا سلاحه ، فرآه الكفار منقطعا عن أصحابه ، فقصده غورث بن الحارث ، فانحدر عليه من الجبل بسيطه ، فقال : ما يمنعك منى اليوم ؟ فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « اللّه » ، ثم قال : « اللهم اكفنى الغورث بما شئت » ، فأهوى بالسيف إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليضربه ، فانزلقت قدمه وزلت ، وانكب لوجهه وسقط السيف من يده ، فأخذه النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : وقال : « ما يمنعك منى يا غورث ؟ » فقال : لا أحد ، فقال : « تشهد لي بالحق وأعطيك سيفك ؟ » ، قال : لا ، ولكن أشهد ألا أقاتلك بعد هذا ولا أعين عليك عدوا . فدفع إليه السيف ، ونزلت الآية رخصة في وضع السلاح في المطر .
43 - وفي قوله تعالى :وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً( 104 ) : قيل : نزلت في حرب أحد حيث أمر النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالخروج في آثار المشركين ، وكانت بالمسلمين جراحات ، وكان قد أمر ألا يخرج معه إلا من كان في الوقعة . وقيل : الآية نزلت في كل جهاد .
44 - وفي قوله تعالى :إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً( 105 ) : قيل : نزلت هذه الآية في رجل يدعى بشير بن الحارث ، عدا على مشربة رفاعة بن زيد ، عمّ قتادة بن النعمان ، فنقبها من ظهرها ، وسرق الطعام ودرعين ، فأتى قتادة النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبره بذلك ، فدعا بشيرا فسأله وأنكر ، ورمى بالسرقة رجلا يدعى لبيد بن سهل من أهل الدار وكان ذا حسب ونسب ، فنزل القرآن بتكذيب بشير وبراءة لبيد ، وهرب بشير إلى مكة وجعل يقع في النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم وفي المسلمين ، فنزل فيه :وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ . . .( النساء 115 ) ، وقيل : كان بنو أبيرق ثلاثة أخوة : بشر ، وبشير ، ومبشر ، وكان لهم ابن عم اسمه أسير بن عروة ، ونقب الأربعة مشربة لرفاعة بن زيد في الليل ، وسرقوا أدرعا وطعاما ، وقيل إن السارق بشير وحده ، وكان يكنّى أبا طعمة ، أخذ درعا كان في جراب فيه دقيق ، فكان الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى داره ، فجاء ابن أخي رفاعة يشكوهم إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فجاء أسير ابن عروة إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يجادل عنهم ، ونسب إلى ابن أخي رفاعة أنه اتهمهم بالسرقة ورماهم بها من غير بيّنة ، وكاد النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يصدقه ، وأنزل :وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً( 112 ) ( النساء ) وكانوا قد اتهموا أثناء ذلك لبيد بن سهل وكان يهوديا ، وقيل : زيد بن السمين وهو يهودي أيضا ، أو أنهم اتهموا رجلا من الأنصار ، وكان بريئا . فلما أنزل اللّه ما أنزل ، هرب ابن أبيرق السارق إلى مكة ، ونزل على سلامة بنت سعد بن شهيد ، فقال فيه حسّان بن ثابت بيتا من الشعر يعرض فيه بها :
وقد أنزلته بنت سعد وأصبحت * ينازعها جلد استها وتنازعه
ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتموا * وفينا نبىّ عند الوحي واضعه
فلما بلغها أخذت رحل ابن أبيرق فألقته خارج بيتها ، فهرب إلى خيبر وارتد . ثم أنه نقب بيتا ذات ليلة ليسرق ، فسقط عليه الحائط فمات مرتدا . وقيل قبل موته ، أراد النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقطع يده ، فجاءت اليهود شاكين السلاح ، فأخذوه وهربوا ، فنزلت :ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا( 109 ) ( النساء ) . 

وقيل : لما سرق الدرع اتخذ حفرة في بيته وجعل الدرع تحت التراب ، وقيل :
إنهم سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يبرئ ابن أبيرق لأنه كان مطاعا في قومه ، ويلحق التهمة بيهودي ! ! فنبّه اللّه تعالى نبيّه فقال :وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ . . .( 113 ) ( النساء ) . وقال في تدبيرهم :لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً( 114 ) ( النساء ) .
45 - وفي قوله تعالى :وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً( 106 ) : قيل : لما همّوا أن يقطعوا يد اليهودي بسبب السرقة ، أمر النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالاستغفار عن هذا الخطأ الذي كاد يقع فيه المسلمون .

46 - وفي قوله تعالى :وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً( 107 ) : قيل : نزلت في أسير بن عروة وجداله عن السارق الحقيقي .
47 - وفي قوله تعالى :يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً( 108 ) : قيل : نزلت لمّا سرق الدرع ، وجعل له بشير بن أبيرق حفرة في بيته جعل فيها الدرع وأهال عليه التراب .
48 - وفي قوله تعالى :وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً( 110 ) : قيل : نزلت على بنى أبيرق يعرض عليهم التوبة . وقيل : الآية أيضا في شأن وحشى قاتل حمزة ، أشرك باللّه وقتل حمزة ، ثم جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال :
إني لنادم ، فهل لي من توبة ، فنزلت الآية ، وقيل : المراد بالآية العموم والشمول لجميع الخلق .
49 - وفي قوله تعالى :إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً: قيل : نزلت في أهل مكة أن عبدوا الأصنام وكانوا يجعلون لها أسماء الإناث ، اعتقادا منهم أن الآلهة إناث ، حتى أن كلّ حىّ كان له صنم ، كان يقال عنه : أنثى بنى فلان ، وحتى الملائكة ، قالوا عنها إنها بنات اللّه أي جعلوها إناثا ، ولهذا السبب نزلت الآية .
50 - وفي قوله تعالى :وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً( 113 ) : قيل : نزلت لأنهم سألوا الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم أن يبرئ ابن أبيرق من التهمة ويلحقها باليهودي ، فتفضّل اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ونبّهه على ذلك وأعلمه به .
51 - وفي قوله تعالى :وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ( 115 ) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً( 116 ) : قيل : نزلت الآيتان بسبب ابن أبيرق السارق لمّا حكم عليه النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالقطع فهرب إلى مكة وارتد . وقيل : لما صار إلى مكة نقب بيتا بها فأمسكوا به وقتلوه . وقيل : قدم نفر من قريش المدينة وأسلموا ثم انقلبوا إلى مكة مرتدين فنزلت الآية. وقيل : الآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين.
52 - وفي قوله تعالى :لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً( 123 ) : قيل : نزلت في اليهود والنصارى قالوا : لن يدخل الجنة إلا من كان منا ، وقالت قريش : نحن لن نبعث ، فأنزل اللّه تعالى الآية .
53 - وفي قوله تعالى :وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً( 127 ) : قيل : نزلت الآية بسبب سؤال قوم من الصحابة عن أمر النساء وأحكامهن في الميراث وغير ذلك ، فأمر اللّه نبيه أن يقول لهم : اللّه يفتيكم فيهن ، أي يبين لكم حكم ما سألتم عنه . والآية رجوع إلى ما افتتحت به السورة من أمر النساء ، وكانت قد بقيت لهم أحكام لم يعرفوها فسألوا ، فقيل لهم :اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ .
54 - وفي قوله تعالى :وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً( 128 ) : قيل : نزلت الآية بسبب سودة بنت زمعة ، فقد خشيت سودة أن يطلّقها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت : لا تطلقني وأمسكني ، واجعل يومى منك لعائشة ، ففعل ، ونزلت الآية بسبب سودة بنت زمعة ، فما اصطلحا عليه فهو جائز ، والصلح خير والصحيح أن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ما طلّق سودة ، ولا فكّر في ذلك ، ووهبت سودة ليلتها لعائشة من تلقاء نفسها وإدراكا لموقفها بسبب كبر سنّها . وقيل : إن رافع بن خديج كانت تحته خولة ابنة محمد بن سلمة ، فكره من أمرها ، إما كبرا وإما غيره ، فأراد أن يطلقها فقالت : لا تطلقني واقسم لي ما شئت ، ونزلت الآية . وقالت عائشة في الآية : إنها عن الرجل تكون عنده المرأة ، ليس بمستكثر منها ، يريد أن يفارقها فتقول : أجعلك في شأني في حلّ ، فنزلت الآية . وفي رواية قالت عائشة : نزلت هذه الآية في رجل كانت تحته امرأة قد ولدت له أولادا ، فأراد أن يستبدل بها ، فراضته على أن تقرّ عنده ولا يقسم لها .
54 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً( 135 ) : قيل : اختصم إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم غنى وفقير ، فكان قلبه صلّى اللّه عليه وسلّم مع الفقير ، وكان يرى أن الفقير لا يظلم الغنى ، فنزلت الآية .
55 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً( 136 ) : قيل : نزلت في جميع المؤمنين ، والمعنى : يا أيها الذين صدّقوا ، أقيموا على تصديقكم ، واثبتوا عليه . وقيل : نزلت فيمن آمن بما تقدّم محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم من الأنبياء . وقيل : الخطاب للمنافقين ، والمعنى على هذا : يا أيها الذين آمنوا في الظاهر أخلصوا للّه .
56 - وفي قوله تعالى :الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً( 139 ) : قيل : نزلت الآية في رجل من المشركين لحق بالنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يريد أن يقاتل معه لقاء نصيبه من الغنائم ، فقال له النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « ارجع ، فإنا لا نستعين بمشرك » ، فنزلت الآية .
57 - وفي قوله تعالى :لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً( 148 ) : قيل : نزلت هذه الآية في انتصار المظلوم من ظالمه ، ولكن مع اقتضاء ، أي يقضيه حقه ويطالبه به ، وأما أن يقال القذف فلا ، فإن كان مجاهرا بالظلم دعى عليه جهرا .
58 - وفي قوله تعالى :يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً( 153 ) ( النساء ) : قيل : سألت اليهود النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن . يصعد إلى السماء وهم يرونه فينزل عليهم كتابا مكتوبا بما يدّعيه ، دليلا على صدقه ، دفعة واحدة كما أتى موسى بالتوراة ، تعنتا له صلّى اللّه عليه وسلّم ، فنزلت فيهم الآية .
وللتصحيح : فإن التوراة وهي كتب موسى الخمسة ، كتبها عزرا بعد أكثر من ثلاثمائة ستة وخمسين من وفاة موسى ، وأنها لم تتنزّل على موسى ، ففيها روايات تحكى « عن » موسى ، وما كان موسى يمكن أن يحكى عن نفسه بعد وفاته ؟ !
59 - وفي قوله تعالى :إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً( 163 ) : قيل : نزلت في قوم من اليهود ، منهم سكّين وعدىّ بن زيد ، قالوا للنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم . ما أوحى اللّه إلى أحد من بعد موسى ! فكذّبهم اللّه ، ونزلت الآية .
60 - وفي قوله تعالى :يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( 176 ) : قيل : هذه آخر آية نزلت من القرآن ، وذلك غير صحيح ، وتسمى آية الصيف لنزولها في الصيف ، وكان نزولها والنبىّ متجهّز لحجة الوداع ، ونزلت بسبب جابر ، وكان قد أشرف على الموت ، فسأل النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : كيف أقضى في مالي ؟ فنزلت آية الكلالة .
   * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 2 نوفمبر 2023 - 14:48 من طرف عبدالله المسافربالله

 الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1015 إلى 1017 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

1017 - في أسباب نزول آيات سورة المائدة

1 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ( 2 ) : قيل : لمّا خرج النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم عام القضية ( أي عام قضاء العمرة التي أحصر عنها ) ، سمع تلبية حجاج اليمامة ، فقال : « هذا الحطم وأصحابه » ، وكان الحطم قد هاجم المدينة ونهب منها ما نهب ، فجاء يحج وقد قلّد ما نهب من سرح المدينة وأهداه إلى مكة ، فتوجه المسلمون في طلبه ، فنزلت الآية تقول لا تحلوا ما أشعر للّه وإن كانوا مشركين .
وقيل : نزلت الآية عام الفتح ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمكة ، وكان جماعة من المشركين قد حضروا ليحجوا ويعتمروا ، فقال المسلمون : يا رسول اللّه ، إنما هؤلاء مشركون فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم ، فنزل القرآن :وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ . .. وقيل : كان هدا لأمر شريح بن ضبيعة البكري ويلقب الحطم ، أخذه المسلمون وهو في عمرته فنزلت الآية ، وأدرك الحطم ردّة اليمامة فقتل مرتدا . وكان الحطم هذا قد دخل على الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم في المدينة يريد الإسلام وسأله : إلام تدعو ؟ ثم خرج من عنده يشاور أصحابه ، وكان النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد قال فيه قبل أن يدخل عليه : « يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان » ، فلمّا خرج من عنده قال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « لقد دخل بوجه كافر ، وخرج بقفا غادر ، وما الرجل بمسلم » ، فمر الحطم بسرح ( أنعام ) المدينة فاستاقه ، فطلبوه فعجزوا عنه ، إلى أن قابلوه في عام القضية جاء وأصحابه يعتمر . وأخرج بن جرير عن عكرمة قال : قدم الحطيم بن هند البكري المدينة في عير له يحمل طعاما فباعه ، ثم دخل على النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فبايعه وأسلم ، فلمّا ولّى خارجا نظر إليه فقال لمن عنده : « لقد دخل علىّ بوجه فاجر ، وولّى بقفا غادر » ، فلمّا قدم اليمامة ارتدّ عن الإسلام ، وخرج في عير له يحمل الطعام في ذي القعدة يريد مكة ، فلما سمع به أصحاب النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم تهيأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوه في عيره ، فأنزل اللّهيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ . .الآية ، فانتهى القوم . وقيل : نزلت الآية عام الفتح ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمكة ، فقد جاء مشركون يحجّون ويعتمرون ، فقال المسلمون للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم : أندعهم ؟ فنزل القرآنوَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ . ..
وقيل : كان هذا لأمر شريح بن ضبيعة البكري ويلقب الحطم ، أخذته جند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في عمرته ، فنزلت هذه الآية . وقيل : إن الحطم كان قد قلّد ما نهب من سرح المدينة وأهداه إلى مكة ، فتوجهوا في طلبه ، فنزلت الآية . أي لا تحلوا من أشعر للّه وإن كانوا مشركين . وقيل : لما كان المشركون قد صدّوا المسلمين عام الحديبية سنة ست ، وكان الصدّ قبل الآية ، فقد نهوا أن يجعلوا هذا الصدّ سببا في بغضهم فيعتدوا عليهم . وقيل : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالحديبية وأصحابه حين صدّهم المشركون عن البيت ، وقد اشتد ذلك عليهم ، فمرّ بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة ، فقال أصحاب النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : نصدّ هؤلاء كما صدّوا أصحابنا ، فأنزل اللّه :وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ . . .
2 - وفي قوله تعالى :حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 3 ) :
قيل : هذه جميعها كانوا يفعلونها في الجاهلية ، فكانوا يخنقون الشاة وغيرها فإذا ماتت أكلوها ، وكان يضربون الأنعام بالخشب لآلهتهم حتى يقتلوها فيأكلوها ، وكانوا يأكلون المتردّى والنطيحة ، وما يفترسه ذو ناب وأظفار كالأسد والنمر والذئب ، وكانوا يستقسمون بالأزلام ، فنزلت الآية في ذلك . وقيل :

نزلت هذه الآية حين فتح مكة لثمان بقين من رمضان سنة تسع أو ثمان ، ونادى المنادى في أهلها : « إلا من قال لا إله إلا اللّه فهو آمن ، ومن وضع السلاح فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن » . وقيل : لمّا كان النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم في مكة قبل الهجرة لم تكن إلا فريضة الصلاة وحدها ، فلما قدم المدينة أنزل اللّه الحلال والحرام إلى أن حجّ وكمل الدين ، فنزلت هذه الآية .
3 - وفي قوله تعالى :يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ( 4 ) : قيل : نزلت بسبب عدىّ بن حاتم ، وزيد بن مهلهل - وهو « زيد الخيل » الذي سمّاه الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم « زيد الخير » ، قالا : يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة ، وإن الكلاب تأخذ البقر والحمر والظباء ، فمنه ما ندرك ذكاته ، ومنه ما تقتله فلا ندرك ذكاته ، وقد حرّم اللّه الميتة ، فما ذا يحلّ لنا ؟ فنزلت الآية .
4 - وفي قوله تعالى :الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ( 5 ) : قيل نزلت الآية :وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ . .فقالت نساء أهل الكتاب : لولا أن اللّه تعالى رضى ديننا لم يبح لكم نكاحنا ، فنزلت :وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ . .أي بما أنزل على محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، والكفر به أن يجحده .
5 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا . .( 6 ) : قيل : هذه آية الوضوء ، وكان الوضوء عندهم قبلها متقررا ومستعملا ، فلم تزدهم الآية إلا تلاوته .
6 - وفي قوله :. . وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( 6 ) : قيل : هذه آية التيمم ، وأصلها ضمن سورة النساء بسبب ضياع قلادة عائشة ، فتأخروا في البحث عنها ، وحانت الصلاة ولم يجدوا ماء ، فنزلت آية التيمم . ولم يرد التيمم إلا مرتين ، الأولى في سورة النساء ، والثانية في سورة المائدة .
7 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ( 11 ) : قيل : نزلت في قوم من اليهود جاءهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يستعينهم في دية ، فهمّوا بقتله ، فمنعه اللّه منهم .
وقيل : نزلت في غورث بن الحارث ، أو أن اسمه دعثور بن الحارث ، أو هو عمرو بن جحاش ، وكان يهوديا من بنى النضير ، وقيل : إنه هجم على سيف النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم وجرّده منه ، وشهره يقول : من يعصمك منى يا محمد ؟ وقيل : كان ذلك في غزوة ذات الرقاع .
وقيل : كان في أحد مجالس الرسول وأصحابه معه وكان يجلس معهم ، وفجأة فعل ما فعل ، ولم يعاقبه أىّ من أصحاب النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فنزلت الآية .
8 - وفي قوله تعالى :وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ( 18 ) : قيل : نزلت في اليهود لمّا قرأ لهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم آيات القرآن المنذرة بالعذاب ، فقالوا : نحن لا نخاف فإنّا أبناء اللّه وأحباؤه ، فنزلت الآية . وقيل : نزلت الآية في نعمان بن أضا ، وبحرىّ بن عمرو ، وشأس بن عدىّ ، لمّا اجتمعوا بالنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فكلّمهم وكلّموه ، ودعاهم إلى اللّه وحذّرهم نقمته ، فقالوا : ما تخوّفنا يا محمد ! نحن أبناء اللّه وأحباؤه !
9 - وفي قوله تعالى :يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 19 ) : قيل : إن معاذ بن جبل ، وسعد بن عبادة ، وعقبة بن وهب ، قالوا لليهود : يا معشر يهود ، اتقوا اللّه ، فو اللّه إنكم لتعلمون أنه رسول اللّه ، وقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته . فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا هذا لكم ، ولا أنزل اللّه من كتاب بعد موسى ، ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا من بعده . .فأنزل اللّه الآية.
10 - وفي قوله تعالى :إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ( 33 ) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 34 ) : قيل : اختلف الناس في سبب نزول هاتين الآيتين ، والذي عليه الجمهور أنها نزلت في العرنيين ، سنة ست هجرية ، قدموا من عرينة فاجتووا بالمدينة - أي أصابهم المرض ، فأمر الرسول بلقاح لهم يشربون من ألبانها ، فلمّا صحوا قتلوا راعى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم واستاقوا النّعم ، فأرسل في أثرهم ، وجيء بهم ، فلما كانوا قد سحلوا عيون الرعاة ، أمر بهم أن تسمل عيونهم وهذا غير صحيح . وقيل : نزلت الآيتان في قوم من أهل الكتاب كان بينهم وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عهد فنقضوه وأفسدوا في الأرض . وقيل نزلت فيمن خرج من المسلمين يقطع السبيل ويسعى في الأرض بالفساد . وقيل نزلت الآيتان في المحاربين من أهل الإسلام .
11 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ( 41 ) ( المائدة ) :
قيل : الآية في سبب نزولها ثلاثة أقوال : قيل : 
نزلت في بني قريظة والنضير ، فقد قتل قرظىّ نضيريا ، وكان بنو النضير إذا قتلوا من بني قريظة لم يقيدوهم ، وإنما يعطونهم الدّية ، فتحاكموا إلى النبىّ فحكم بالتسوية بين القرظي والنضيرى ، فساءهم ذلك ولم يقبلوا ، فنزلت الآية . وقيل : إنها نزلت في شأن أبى لبابة حين أرسله النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى بني قريظة ، فخانه حين أشار إليهم أنه الذبح . وقيل : إنها نزلت في زنا اليهود وقصة الرجم ، وهذا أصح الأقوال ، فإنّ النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم طلب أعلم رجلين منهم ، فجاءوا بابنى صوريا ، وقالا نجد الرجم في التوراة للزاني والزانية ، فسألهما : ولم لا ترجموهما » ؟ قالوا : ذهب سلطاننا فكرهنا القتل ، وقال غيرهم : الزنا كثر في أشرافنا ، فكنا إذا زنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحدّ . فأمرهم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقيموا حدود اللّه ، ونزلت الآية ، ونزل قوله تعالى :إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ( 44 ) ( المائدة ) ، وقوله :وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ( 45 ) ( المائدة ) ، وقوله :وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ( 47 ) ( المائدة ) .
وفي رواية :
أن يهودي ويهودية زنيا فأتى بهما ، فانطلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى جاء يهود ، فقال : « ما تجدون في التوراة على من زنى ؟ » وقيل : إنهم دعوه إلى المدارس وسألوه أن يحكم بينهم في رجل يهودي زنى بامرأة يهودية . فسألهم : « ما ذا يجدون في التوراة لمثل ذلك ؟ » ، فقالوا : الرجم ، فقال : فإني أحكم بما في التوراة . وفي التوراة عن ذلك : يرجم الزاني والزانية ( تثنية الاشتراع 22 / 20 - 26 ) .
12 - وفي قوله تعالى :وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ( 45 ) : قيل : نزلت الآية في بني قريظة وبنى النضير من اليهود ، فقد خالفوا أن يسوّوا بين النفس والنفس كما جاء في التوراة ، فضلّوا وجعلوا دية النضيرى أكثر ، وكان النضيرى لا يقتل بالقرظى ويقتل به القرظي ، فلما جاء الإسلام راجع بني قريظة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فحكم بالاستواء ، فقالت بنو النضير : قد حططت منا ، فنزلت هذه الآية لتؤكد هذا الاستواء .
13 - وفي قوله تعالى :وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ( 49 ) : قيل : إن كعب بن أسيد ، وعبد اللّه بن صوريا ، وشاس بن قيس ، ذهبوا إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم وفي بالهم أن يفتنوه عن دينه ، فقالوا له : إنك عرفت أننا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم ، وإن اتبعناك اتبعتنا يهود ولم يخالفونا ، وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك ، فتقضى لنا عليهم ونؤمن بك فأبى ذلك ، وأنزل اللّه فيهم الآية .
14 - وفي قوله تعالى :أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ( 50 ) : قيل : كانوا في الجاهلية يجعلون حكم الشريف خلاف حكم الوضيع ، وكانت اليهود تقيم الحدود على الضعفاء الفقراء ، ولا يقيمونها على الأقوياء الأغنياء ، فنزلت الآية تنبه إلى فساد هذا الفعل ، وإلى أن اليهود ضارعوا الجاهلية فيه .
15 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ( 51 ) : قيل : الآية نزلت في عبادة بن الصامت وعبد اللّه بن أبي بن سلول ، وكان ذلك في أحد ، فإن هذين وأتباعهما خافوا أن تدور الدوائر على المسلمين فهمّوا أن يوالوا اليهود ويتركوا المسلمين ، فنزلت الآية ، فتبرأ عبادة بن الصامت من موالاة اليهود ، وتمسك بها ابن أبىّ .
16 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ( 54 ) : قيل : الآية عن وقائع من الغيب ، وهذا إعجاز من القرآن والنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، وتخبر عن ارتدادهم وعن أهل الردّة ، ومن نبذ منهم الشريعة وخرج عنها ، ومن نبذ وجوب الزكاة واعترف بوجوب غيرها وقالوا نصوم ونصلى ولا نزكى ، فقاتلهم الصدّيق ، وبعث خالد بن الوليد إليهم . وقوله :فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ . .نزلت في أبى بكر وأصحابه ؛ وقيل : نزلت في الأنصار ، وقيل : هي إشارة إلى قوم لم يكونوا موجودين في ذلك الوقت ، فإن أبا بكر قاتل أهل الردة بقوم لم يكونوا وقت نزول الآية .
17 - وفي قوله تعالى :إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ( 55 ) : قيل : نزلت في عبد اللّه بن سلام ، قال للنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد إسلامه : إن قومنا من قريظة والنضير قد هجرونا وأقسموا ألا يجالسونا ، ولا نستطيع مجالسة الصحابة لبعد المنازل ، ونزلت الآية ، فقال عبد اللّه : رضينا باللّه ورسوله وبالمؤمنين أولياء . وقيل : إن الآية نزلت في أبى بكر ؛ وفي رواية أخرى : نزلت في علىّ بن أبي طالب ، وحملهم على هذا القول ما يروج من حديث ضعيف بشأن الآية :الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ . .، فقد ذكر - على غير الحقيقة - أن سائلا سأل في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، فلم يعطه أحد شيئا ، وكان علىّ في الصلاة في الركوع ، وفي يمينه خاتم ، فأشار إلى السائل بيده حتى أخذه .
18 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( 57 ) : قيل : إن قوما من اليهود والمشركين ضحكوا من المسلمين وقت سجودهم ، فأنزل اللّه الآية .
19 - وفي قوله تعالى :وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ( 58 ) : قيل : كان إذا أذّن المؤذن وقام المسلمون إلى الصلاة قالت اليهود : قد قاموا ، لا قاموا . وكانوا يضحكون إذا ركع المسلمون وسجدوا ، وقالوا عن الأذان : إن محمدا ابتدع شيئا لم نسمع به فيما مضى من الأمم ، فمن أين لك صياح مثل صياح العير ( الجمال ) ؟ فما أقبحه من صوت ، وما أسمجه من أمر ! وقيل : إنهم إذا أذّن المؤذن تضاحكوا فيما بينهم ، وتغامزوا على طريق السخف والمجون ، تجهيلا لأهل الإسلام ، وتنفيرا للناس عن الصلاة والداعي إليها ؛ وكان يرون المنادى إلى الصلاة بمنزلة اللاعب الهازئ ؛ جهلا منهم ، فنزلت الآية ، ومن الغريب أن ذلك مستمر معهم حتى اليوم ويشبّهون المؤذن بنفس التشبيهات ! .
20 - وفي قوله تعالى :قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ( 59 ) : قيل : جاء نفر من اليهود ، فيهم أبو ياسر بن أخطب ، ورافع بن أبي رافع ، فسألوا المسلمين عمّن يؤمنون به من الرسل ، فنزلت :قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ( 136 ) ( البقرة ) ، فلما ذكر عيسىوَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى *جحدوا نبوته ، وقالوا : واللّه لا نعلم أهل دين أقل حظا في الدنيا والآخرة منكم ، ولا دينا شرا من دينكم ، فنزلت هذه الآية وما بعدها :قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ( 60 ) ( المائدة ) .
21 - وفي قوله تعالى :وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ ( 61 ) وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ( 62 ) : قيل : الآية نزلت في اليهود الذين كانوا يظهرون الإيمان وجه النهار كلما دخلوا المدينة ، ويكفرون آخر النهار إذا رجعوا إلى بيوتهم .
22 - وفي قوله تعالى :وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ( 64 ) : قيل : نزلت الآية في فنحاص بن عازوراء ؛ وقيل في النباش بن قيس ، والأول صحيح ، وكان النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يستعين باليهود في الديات فقالوا : إن إله محمد فقير ، أو بخيل ، وهو معنىيَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ . . .. وقيل : كانت مكاسبهم كثيرة قبل مجىء الإسلام ، فقلّت به ، فقالوا : إن إله محمد هو السبب ، وهو إله بخيل ، ويده مقبوضة في العطاء .
23 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ( 67 ) : قيل : نزلت هذه الآية لأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يدعو في بداية الإسلام سرّا خوفا من المشركين ، ثم أمره اللّه بإظهار الدعوة في هذه الآية . وقيل : كان عمر أول من أظهر إسلامه وقال : لا نعبد اللّه سرا ، وفي ذلك نزلت الآية . وفي قوله :وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ . .، قيل : إن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا أمر بالبلاغ ، كان الأمر أن يبلّغ كل ما أنزل إليه من ربّه ، ونزلت الآية :وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ . .لتعنى أن لا يكتم شيئا مما ينزل عليه ، والآية تردّ على من قالوا : إن النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم كتم شيئا من أمر الدين تقية ، فأبطلت الآية هذا القول ، وهؤلاء هم الرافضة ، ودلّت على أنه لم يسرّ إلى أحد شيئا من أمر الدين ، لأن المعنى : بلّغ جميع ما أنزل إليك ظاهرا ، فكان مما بلّغه ما أنزله ربّه عليه في أمر زينب بنت جحش ، وفيه قالت عائشة : من حدثك أن محمدا كتم شيئا من الوحي فقد كذب ، ولو كان فاعلا لكتم هذه الآيات » . . وفي قوله :وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ . .، قيل : هذه الآية بها دلائل نبوة محمد ، لأن اللّه تعالى أخبر أنه معصوم من الناس . قيل : كان أبو طالب يرسل كل يوم مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزلت الآية ، فقال النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « يا عمّاه ، إن اللّه قد عصمني من الناس فلا أحتاج إلى من يحرسني » . وهذا يقتضى أن القصة جرت في مكة ، لأن أبا طالب كان في مكة ، وعلى ذلك تكون الآية مكية ، وذلك غير صحيح ، وقيل : إن عمه هو العباس وهو غير صحيح أيضا . وقيل : إن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان نازلا تحت شجرة ، فجاء أعرابي فاختطف سيفه من يده ، وجرى لا يلوى على شئ ، فاصطدم بالشجرة . وقيل اسم الأعرابي « غورث بن الحارس » وقد عفا عنه ، وفي هذا المعنى نزلت هذه الآية ، ونزلت أيضا :إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ( 11 ) ( المائدة ) . وقيل : إن ذلك كان قبل نجد ونزل يستريح ، وعلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سيفه بغصن شجرة ، وتفرّق الناس يستظلون بالشجر ، وأتاه رجل وهو نائم وأخذ سيفه ، واستيقظ والرجل قائم على رأسه ، وقال له :
من يمنعك منى ؟ قال : اللّه ، وكررها ثانية ، فقال : اللّه ، فوضع السيف ، ولم يعرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للرجل . وقالت عائشة : سهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة مقدمه المدينة ، فقال :
« ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة » ، قالت : فبينما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح ، فقال : من هذا ؟ قال : سعد بن أبي وقاص ، فقال له : ما جاء بك ؟ قال : وقع في نفسي خوف على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فجئت أحرسه ، فدعا له صلّى اللّه عليه وسلّم ثم نام . وفي رواية أخرى أن سعدا وحذيفة جاءا لحراسته ، فنام النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتى سمعت عائشة غطيطه - يعنى نام مطمئنا ، ونزلت الآية ، فأخرج رأسه من الخيمة وقال : « انصرفوا إيها الناس فقد عصمني اللّه » .
24 - وفي قوله تعالى :قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ( 68 ) : قيل : جاء جماعة من اليهود إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا : ألست تقرّ أن التوراة حقّ من عند اللّه ؟ قال : « بلى » ، فقالوا : فإنّا نؤمن بها ولا نؤمن بما عداها .
فنزلت الآية . وقيل : جاء رافع ، وسلام بن مشكم ، ومالك بن الصيف ، فقالوا : يا محمد ، ألست تزعم أنك على ملّة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا ؟ قال : « بلى ، ولكنكم أحدثتم وجحدتم بما فيها ، وكتمتم ما أمرتم أن تبينوه للناس » . قالوا : فإنا نأخذ بما في أيدينا ، فإنّا على الهدى والحق ، فأنزل اللّه الآية .
25 - وفي قوله تعالى :لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ( 73 ) : قيل : هؤلاء فرق النصارى ، كانوا يقولون : الأب والابن وروح القدس إله واحد ، ولا يقولون ثلاثة آلهة ، وهو معنى مذهبهم وإنما يمتنعون من العبارة وهي لازمة لهم .
26 - وفي قوله تعالى :قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ( 77 ) : قيل : نزلت في غلو اليهود وغلو النصارى ، فأما غلو اليهود فقولهم عن المسيح : أنه ابن زانية وليس ولد نكاح ، وأنهم أبناء اللّه وأحباؤه ، وأما غلو النصارى فقولهم إن المسيح إله ، فنزلت الآية فيهما .
27 - وفي قوله تعالى :لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ( 82 ) : قيل : الآية نزلت في نصارى الحبشة ، فقد قدم إليهم المسلمون في الهجرة الأولى فأكرموا وفادتهم ، ولمّا كان الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم أرسل إلى النجاشي عمرو ابن أمية الضمري ، فأرسل إلى الرهبان والقسيسين وجمعهم به وقرأ عمرو رسالة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، وبعضا من القرآن ، قيل سورة مريم ، ففاضت دموعهم ، فهم الذين نزلت فيهموَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا . .، وقيل : قدم على النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم من الحبشة عشرون رجلا ، وكان بمكة ووجدوه في المسجد ، وسألوه ، ودعاهم الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم إلى اللّه ، وتلا عليهم القرآن وفاضت دموعهم ، واستجابوا وآمنوا ، فلما قاموا من عنده اعترضهم أبو جهل ونفر من قريش وأغلظ لهم لإظهارهم الإيمان به . وقيل : هؤلاء النفر من نجران ، وفيهم نزلت الآية :الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ( 52 ) ( القصص ) . وقيل :
إن وفد النصارى كان سبعين رجلا من الرهبان ، منهم اثنان وستون من الحبشة ، وثمانية من الشام ، وفيهم نزلت :وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى . .، ونزل فيهم أيضا :الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ( 52 ) ( القصص ) . وقيل : كانوا أربعين رجلا من أهل نجران من بنى الحرث بن كعب ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية وستين من الشام . ونزلت فيهم الآية ، وقيل : الآية نزلت في جماعة من أهل الكتاب وكانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى ، فلما بعث محمد صلّى اللّه عليه وسلّم آمنوا به . 
28 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ( 87 ) : قيل : نزلت بسبب رجل أتى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم يشكو شهوته إذا أكل اللحم ، وسأل هل يحرّمها على نفسه ، فنزلت الآية . وقيل : نزلت بسبب جماعة من الصحابة ، منهم أبو بكر ، وعلىّ ، وابن مسعود ، وعبد اللّه بن عمر ، وأبو ذر الغفاري ، وسالم مولى أبى حذيفة ، والمقداد بن الأسود ، وسلمان الفارسي ، ومعقل بن مقرن ، اجتمعوا في دار عثمان بن مظعون ، واتفقوا أن يصوموا النهار ويقوموا الليل ، ولا يناموا على الفرض ، ولا يأكلوا اللحم ولا الدهن ، ولا يقربوا النساء والطيب ، ويلبسوا المسوح ، ويرفضوا الدنيا ، ويسيحوا في الأرض ، ويترهبوا ، ويجبوا المذاكير ، فأنزل اللّه الآية .
29 - وفي قوله تعالى :لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( 89 ) : قيل : اختلفوا في سبب نزول هذه الآية ، فقيل : سبب نزولها القوم الذين حرّموا طيبات المطاعم والملابس والمناكح على أنفسهم ، وحلفوا على ذلك ، فلما نزلت :لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ( 87 ) قالوا : كيف نصنع بأيماننا ؟ فنزلت هذه الآية . وقيل : إن عبد اللّه بن رواحة كان له أيتام وضيف ، فانقلب من شغله بعد ساعة من الليل ، فقال : أعشيتم ضيفي ؟ فقالوا :
انتظرناك . فقال : لا واللّه ، لا آكل الليلة . فقال ضيفه : وما أنا بالذي يأكل . وقال أيتامه :
ونحن لا نأكل . فلما رأى ذلك أكل وأكلوا ، ثم أتى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبره . فقال له :
« أطعت الرحمن وعصيت الشيطان » .
30 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( 90 ) : قيل : لمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة وهم يشربون الخمر ويلعبون الميسر ، فسألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنهما ، فأنزل اللّهيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ . . .( 219 ) ( البقرة ) ، فقال الناس : ما حرّم علينا ، إنما قال إثم كبير ، وكانوا يشربون الخمر حتى كان يوم من الأيام صلّى رجل من المهاجرين - قيل هو علىّ - أمّ أصحابه في المغرب ، فخلط في قراءته ، فأنزل اللّه :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ . .( 43 ) ( المائدة ) ، ثم نزلت آية أشد من ذلك :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( 90 ) ، فقالوا : انتهينا ربّنا . وقيل : نزلت الآية بسبب عمر ابن الخطاب ، فإنه عدّد للنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم عيوبها ، وما ينزل بالناس بسببها ، ودعا اللّه إلى تحريمها ، وقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية ، فقال عمر : انتهينا ، انتهينا .
وقال سعد ابن أبي وقاص : إن جماعة من الأنصار دعوه إلى الطعام والخمر قبل أن ينزل تحريمها ، فأكل معهم وشرب وتشاجر مع أحد الناس ففزر له أنفه ، وذهب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو هكذا ، قال : فأنزل اللّه تعالى فىّ - في سعد بن أبي وقاص الآية . وقيل : إن حمزة عم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم سكر يوما فأذى لعلىّ ناقتين ، فاشتكاه إلى النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، فجاءه وقد ذهبت الخمر بعقل حمزة ، فلم ينكره ولم يعنفه ، لا في سكره ولا بعد ذلك ، فنزلت الآية .
31 - وفي قوله تعالى :لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ( 93 ) :
قيل : لما نزل تحريم الخمر قال قوم من الصحابة : كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر ؟ ونزلت الآية . وقيل : لمّا نزل تحريمها أمر النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم مناديا ينادى في المدينة :
ألا إن الخمر قد حرمت ، فجعل الناس يهرقونها ، فجرت في سكك المدينة ، فقال قوم :
قتل من كانت في بطونهم ! فأنزل اللّه الآية .
32 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ( 94 ) : قيل : نزلت عام الحديبية ، فأحرم بعض الناس مع النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، ولم يحرم آخرون ، فكان إذا عرض صيد اختلف فيه أحوالهم وأفعالهم ، واشتبهت أحكامه عليهم ، فأنزل اللّه هذه الآية بيانا لأحكام أحوالهم وأفعالهم ، ومحظورات حجّهم وعمرتهم .
33 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ( 95 ) : قيل : نزلت في أبى اليسر ، واسمه عمرو بن مالك الأنصاري ، كان محرما عام الحديبية لعمرة ، فقتل حمار وحش ، فنزلت فيه الآية .
34 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ( 101 ) : قيل : عند البخاري ومسلم ، عن أنس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : « فو اللّه لو تسألوني عن شئ إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا » ، فقام إليه رجل فقال : أين مدخلى يا رسول اللّه ؟ قال له : « النار » ، فقام عبد اللّه بن حذافة فقال : من أبى يا رسول اللّه ؟ فقال : أبو حذافة » ، فقام عمر بن الخطاب فقال : رضينا باللّه ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبالقرآن إماما . إنّا يا رسول اللّه حديثو عهد بجاهلية ويشرك ، واللّه أعلم من آباؤنا . فسكن غضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ونزلت الآية . وعن ابن عباس قال : كان قوم يسألون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فيقول الرجل : من أبى ؟ ويقول الرجل تضلّ ناقته : أين ناقتي ؟ فأنزل اللّه هذه الآية . وعن ابن عباس أيضا قال : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أذّن في الناس فقال : « يا قوم كتب عليكم الحج » ، فقام رجل من بنى أسد فقال : يا رسول اللّه ، أفي كل عام ؟ فأغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غضبا شديدا ، فقال : « والذي نفسي بيده ، لو قلت نعم لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، وإذا لكفرتم ، فاتركونى ما تركتكم ، وإذا أمرتكم بشيء فافعلوا ، وإذا نهيتكم عن شئ فانتهوا عنه » ، فأنزل اللّه هذه الآية .
35 - وفي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ( 106 ) : قيل : نزلت الآية بسبب تميم الداري وعدىّ بن بداء ، وكانا نصرانيين ، وكانا يختلفان إلى مكة ، فخرج معهما بتجارة فتى من بنى سهم يقال له بديل بن أبي مريم ، فمرض ، فأوصى إليهما ، وأمرهما أن يبلغا أهله ما ترك ، فلما مات كانت له إناء من فضة ، فأخذاها وباعاها بألف درهم واقتسماها ، وأسلم تميم الداري بعد قدوم النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة ، وتأثّم مما فعل ، فأتى أهله وأخبرهم ، وأدّى لهم خمسمائة درهم ، وأخبرهم أن عند صاحبه مثلها ، وأتوا النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم واستحضر عدىّ ، واستحلفه النبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم بما يحلف به أهل دينه ، فحلف ، فأنزل اللّه الآية ، ثم إنه انتزعت من عدى الخمسمائة درهم وأعطيت للورثة .
36 - وفي قوله تعالى :إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( 112 ) :
قيل : نزلت هذه الآية لمّا طلب أتباع عيسى أن ينزل عليهم مائدة عليها طعام ، وكانوا في صيام ، وأرادوا أن يجاب مطلبهم ليستيقنوا قدرته .
وقيل : نزلت المائدة يوم الأحد غدوة وعشية ، فكان الأحد عيدا .
وقيل : 
ما نزلت المائدة ، وإنما هو مثل ضربه اللّه لخلقه لينهاهم عن مسألة الآية لأنبيائه .
 * * *

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1018 إلى 1025 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1026 إلى 1034 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1035 إلى 1044 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1045 إلى 1058 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
»  الباب التاسع في أسباب نزول آيات القرآن من 1059 إلى 1075 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى