اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

اذهب الى الأسفل

07042021

مُساهمة 

تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي Empty تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي




تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب

( 41 ) سورة فصّلت مكيّة
[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 1 إلى 3 ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 
حم ( 1 ) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( 2 ) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ( 3 )
[ شمول الرحمة ومراتب العالم ومآله : ] 
لما جمع اللّه بالرحمة المركبة القرآن في الكتب لا في الصدور ، فإنه في الصدور قرآن ، وفي اللسان كلام ، وفي المصاحف كتاب ، وضع ذلك الاسم المفصل عن أمر المدبر ، فإنه متقدم عليه بالرتبة ، فلهذا له الحكم في التفصيل بالقوة وللمفصل بالفعل ، فإن اللّه تعالى جمع بالرحمة المركبة الكتب ، وأنزل كل كتاب سورا وآيات ، والرحمة المركبة من الرحمن الرحيم ، فإن الرحمن له عموم الرحمة ، والرحيم له الرحمة الخاصة الواجبة ، فهي مركبة من رحمة عامة وهي التي وسعت كل شيء ، ومن رحمة خاصة وهي الرحمة التي تميز بها من اصطفاه اللّه واصطنعه لنفسه من رسول ونبي وولي ، ثم قال :« كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ »وجعله

ص 28

كتابا لضم حروفه بعضها إلى بعض ، وضم معانيه إلى حروفه ، مأخوذ من كتيبة الجيش ، وهو كتاب مبسوط للرحمة ، لأنه منها نزل كما قال تعالى) : تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ )
وقد قال تعالى في ذلك ( كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ )
وهنا قال تعالى :« قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ » فإحكام الآيات وتفصيلها لا يعرفه إلا من آتاه اللّه الحكمة وفصل الخطاب ، 
وصورة الحكمة التي أعطاها الحكيم الخبير لأهل العناية ، علم مراتب الأمور وما تستحقه الموجودات والمعلومات من الحق الذي هو لها ، 
وهو إعطاء كل شيء خلقه إعطاء إليها ، ليعطي كلّ خلق حقه إعطاء كونيا بما آتانا اللّه ، فنعلم بالقوة ما يستحقه كل موجود في الحدود ، 
ونفصله بعد ذلك آيات بالفعل لمن يعقل كما أعطانيه الخبير الحكيم ، فننزل الأمور منازلها ونعطيها حقها ، ولا نتعدى بها مراتبها ، 
فتفصيل الآيات من المفصّل إذا جعلها في أماكنها بهذا الشرط - لأنه ما كل مفصّل حكيم - دليل على أنه قد أوتي الحكمة وعلم إحكام آياته ، 
ورحمته بالآيات والموجودات التي هي الكتاب الإلهي وليس إلا العالم - فإن العالم كله كتاب مسطور في رق منشور ، وهو الوجود -
 دليل على علمه بمن أنزله وليس إلا الرحمن الرحيم ، وخاتمة الأمر ليست سوى عين سابقتها ، وسوابقها الرحمن الرحيم ، فمن هنا تعلم مراتب العالم ومآله أنه إلى الرحمة المطلقة ، وإن تعب في الطريق وأدركه العناء والمشقة ، 
فمن الناس من ينال الرحمة والراحة بنفس ما يدخل المنزل الذي وصل إليه وهم أهل الجنة ، ومنهم من يبقى معه تعب الطريق ومشقته ونصبه بحسب مزاجه ، وربما مرض واعتل زمانا ثم انتقل من دائه واستراح وهم أهل النار الذين هم أهلها ، 
ما هم الذين خرجوا منها إلى الجنة فمستهم النار بقدر خطاياهم مع كونهم أماتهم اللّه فيها إماتة ، فإن أولئك ليست النار منزلا لهم يعمرونه ويقيمون فيه مع أهليهم ، 
وإنما النار لهؤلاء منهل من المناهل التي ينزلها المسافر في طريقه حتى يصل إلى منزله الذي فيه أهله ، فهذا معنى الحكمة والتفصيل ، فمن كشف التفصيل في عين الإجمال علما أو عينا أو حقا فذلك الذي أعطاه اللّه الحكمة وفصل الخطاب ، وليس إلا الرسل والورثة خاصة .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 4 إلى 5 ] 
بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ( 4 ) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ ( 5 )

ص 29

الكنّ بيت الطبيعة ، فالقلب مشغول بأمه ما عنده خبر بأبيه الذي هو روح اللّه ، فلا يزال في ظلمة الكنّ وهي حجاب الطبيعة ، فهو في حجابين كنّ وظلمة ، 
فهو يسمع ولا يفهم ، كما قال اللّه فيهم( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ )
أي لا يفهمون فهنا قال الكفار« وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ »فكانت قلوبهم في أكنة مما يدعوها الرسول إليه خاصة ، لا أنها في كنّ ، ولكن تعلقت بغير ما تدعى إليه ، 
فعميت عن إدراك ما دعيت إليه فلا تبصر شيئا« وَفِي آذانِنا وَقْرٌ »فطابق ذلك قول اللّه : إنهم صم ، فلم يسمعوا ، والوقر هنا هو ثقل الأسباب الدنياوية التي تصرف عن الآخرة« وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ »إن كان الوقر طخاء ، فهو قساوة قلبه أن يؤثر فيه قبول ، 
ما يخطر له حديث النفس من النظر والإصغاء إلى هذا الداعي الذي هو الشارع ، قال بعضهم ذلك لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، يعنون بالحجاب هنا الأكنة« فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ »
- الوجه الأول - أي اعمل في رفع ذلك إننا عاملون في رفع ذلك ، 
في حق من يحتمل صدقه عندهم ، فإنهم اعترفوا أن قلوبهم في أكنة مما يدعوهم إليه ، فما جحدوا قوله ولا ردوه كما اعتقد غيرهم ممن لم يقل ذلك ، 
ولا ندري ما آل إليه أمر هؤلاء ، فإنا نعلم قطعا أن الرسول يعمل في رفع الغطاء عن أعينهم بلا شك ، 
ولذا قال في الآية التالية ( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ) ولم يقل : وويل لكم ، 
فهذا يدل بقرينة الحال أنهم عاملون في رفع الحجاب وإخراج قلوبهم من الأكنة ، وإنما كثر الأكنة لاختلاف أسباب توقفهم في قبول ما أتاهم به ، فمنهم من كنّه الحسد ، وآخر الجهل ، وآخر شغل الوقت بما كان عنده أهم حتى يتفرغ منه ، والكل حجاب -
- الوجه الثاني - « وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ »أي هو منّا« وَفِي آذانِنا وَقْرٌ »أي هو منّا ،« وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ »أي هو منّا« فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ »فقال اللّه تعالى وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ )وهو العمل الذي قالوه وطلبوه -إشارة وموعظة : [ القلب مرآة مصقولة ] 
- اعلم أن القلب مرآة مصقولة ، كلها وجه لا تصدأ أبدا ، فإن أطلق يوما عليها أنها صدئت كما قال عليه السلام : [ إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد - الحديث ] وفيه أن جلاءها ذكر اللّه وتلاوة القرآن ، ولكن من كونه الذكر الحكيم ، فليس المراد بهذا الصدأ أنه طخاء طلع على وجه القلب ، ولكنه لما تعلق واشتغل بعلم الأسباب عن العلم باللّه ، كان تعلقه بغير اللّه صدأ على وجه القلب ، لأنه المانع من تجلي الحق إلى هذا القلب ، لأن الحضرة الإلهية متجلية على الدوام ، لا يتصور في حقها

ص 30

حجاب عنا ، فلما لم يقبلها هذا القلب من جهة الخطاب الشرعي المحمود ، لأنه قبل غيرها ، عبّر عن قبول ذلك الغير بالصدإ والكن والقفل والعمى والران وغير ذلك ، وإلا فالحق يعطيك أن العلم عنده ، ولكن بغير اللّه في علمه وهو باللّه في نفس الأمر عند العلماء باللّه ، فالقلوب أبدا لم تزل مفطورة على الجلاء مصقولة صافية ، فكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي ياقوت أحمر ، الذي هو التجلي الذاتي ، فذلك قلب المشاهد المكمل العالم ، الذي لا أحد فوقه في تجل من التجليات ، ودونه تجلي الصفات ، ودونهما تجلي الأفعال ، ولكن من كونها من الحضرة الإلهية ، ومن لم تتجل له من كونها من الحضرة الإلهية فذلك هو القلب الغافل عن اللّه تعالى ، المطرود من قرب اللّه تعالى ، فانظر وفقك اللّه في القلب على حد ما ذكرناه .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 6 إلى 7 ]
قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ( 6 ) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ ( 7 ) 
لا يجوز أخذ الزكاة من كافر ، وإن كانت واجبة عليه مع جميع الواجبات ، إلّا أنه لا يقبل منه شيء ممّا كلّف به إلا بعد حصول الإيمان به ، فإن كان من أهل الكتاب ففيه عندنا نظر ، فإنّ أخذ الجزية منهم قد يكون تقريرا من الشارع لهم دينهم الذي هم عليه ، فهو شرع لهم ، فيجب عليهم إقامة دينهم ، فإن كان فيه أداء زكاة وجاءوا بها قبلت منهم ، وليس لنا طلب الزكاة من المشرك ، وإن جاء بها قبلناها ، وهي لا تجزي عن أهل الذمّة إذا أخرجوها - مع كونها واجبة عليهم كسائر جميع فروض الشريعة - لعدم الشرط المصحح لها ، وهو الإيمان بجميع ما جاءت به الشريعة ، لا بها ولا ببعض ما جاء به الشرع .

 [ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 8 إلى 9 ] 
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ( 8 ) قُلْ أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ ( 9 )
[ فصل في خلق الأرض : ] 
فصل في خلق الأرض : الأرض أول مخلوق من الأركان ، ثم الماء ، ثم الهواء ، ثم النار ، ثم السماوات ، وأخبر تعالى عنها بأمور تقضي أنها تعقل ، فوصفها بالقول والإباية ، وقال

ص 31

لها وقالت له ، ونعتها بالطاعة والأخذ بالأحوط ليدل بذلك على علمها وعقلها ، وجعلها محلا لتكوين المعادن والنبات والحيوان والإنسان ، وجعلها حضرة الخلافة والتدبير ، فهي موضع نظر الحق ، وسخر في حقها جميع الأركان والأفلاك والأملاك ، وأنبت فيها من كل زوج بهيج ، من كل ذكر وأنثى ، وما جمع لمخلوق بين يديه سبحانه إلا لما خلق منها ، وهي طينة آدم عليه السلام خمرها بيديه ، وهو ليس كمثله شيء ، 
وأقامها مقام العبودية فقال الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ) وظهر عن هذه الأرض من العالم المولدات إلى مقعر فلك المنازل ، وهذا الركن لا يستحيل إلى شيء ، ولا يستحيل إليه شيء ، وإن كان بهذه المثابة بقية الأركان ، 
ولكنه في هذا الركن أظهر حكما منه في غيره ، فهي الذلول التي لا تقبل الاستحالة ، فيظهر فيها أحكام الأركان ولا يظهر لها حكم في شيء ، تعطي جميع المنافع من ذاتها ، هي محل كل خير ، فهي أعز الأجسام ، لا تزاحم المتحركات بحركتها ،
 لأنها لا تفارق حيّزها ، يظهر فيها كل ركن سلطانه ، وهي الصبور القابلة الثابتة الراسية ، سكّن ميدها جبالها التي جعلها اللّه أوتادا لما تحركت من خشية اللّه ، آمنها اللّه بهذه الأوتاد فسكنت سكون الموقنين ، 
وهي الأم التي منها أخرجنا وإليها نعود ومنها نخرج تارة أخرى ، لها التسليم والتفويض ، هي ألطف الأركان معنى ، وما قبلت الكثافة والظلمة والصلابة إلا لستر ما أودع اللّه فيها من الكنوز ، لما جعل اللّه فيها من الغيرة ، فحار السعادة فيها فلم يخرقوها ، 
ولا بلغوا جبالها طولا ، أعطاها صفة التقديس فجعلها طهورا في أشرف الحالات ، وذلك عند الاضطرار ، لما أقامها مقامه ، مثل الظمآن يرى السراب فيحسبه ماء فإذا جاءه لم يجده شيئا ، يعني ماء ووجد اللّه عنده ، فما وجد اللّه إلا عند الضرورة ، 
كذلك طهارة الأرض لا تكون إلا لفاقد الماء على ما كان من الأحوال ، فانظر ما أشرف منزلها ، ثم أنزلها منزلة النقطة من المحيط ، فهي تقابل بذاتها كل جزء من المحيط ، وينظر إليها كل جزء من المحيط ، فكل خط منها يخرج إلى المحيط على السواء والاعتدال ، 
لأنها ما تعطي إلا بحسب صورتها ، وكل خط من المحيط إليها يقصد ، فلو زالت زال المحيط ، ولو زال المحيط لم يلزم زوالها ، فهي الدائمة الباقية في الدنيا والآخرة . 
واعلم أن اللّه تعالى قد جعل هذه الأرض بعد ما كانت رتقا كالجسم الواحد - كما كانت السماء - ففتق رتقها وجعلها سبعة أطباق ، كما فعل بالسماوات ، وجعل لكل أرض استعداد انفعال لأثر حركة فلك من أفلاك السماوات وشعاع

ص 32

كوكبها ، فالأرض الأولى وهي التي نحن عليها للفلك الأول من هناك ، ثم تنزل إلى أن تنتهي إلى الأرض السابعة والسماء الدنيا ، 
ولذلك قال عليه السلام فيمن غصب شبرا من الأرض [ طوقه اللّه به من سبع أرضين ] لأنه إذا غصب شيئا من الأرض ، كان ما تحت ذلك المغصوب مغصوبا إلى منتهى الأرض ، ولو لم تكن طباقا بعضها فوق بعض لبطل معقول هذا الخبر ، 
وكذلك الخبر الوارد في سجود العبد على الأرض : طهّر اللّه بسجدته إلى سبع أرضين ، وقال تعالى :أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً، أي كل واحدة منهما مرتوقة ، 
ثم قال فَفَتَقْناهُما ) يعني فصل بعضها عن بعض حتى تميزت كل واحدة عن صاحبتها ، 
كما قال الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ )الظاهر يريد طباقا 
ثم قال يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ )أي بين السماوات والأرض .

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 10 ] 
وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (10)
" وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها »قدّر اللّه في هذه الأرض الأولى أقواتها فجعلها ذات مقدار ، فلن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، والأرزاق في تقديرها بوجهين : الوجه الواحد كمياتها ، والثاني أوقاتها ، فأعطى الحق مقادير أوقات الأقوات وموازينها ، فإن القوت لكل من لا يقوم له بقاء صورة في الوجود إلا به ، ومن هذه الأقوات عين الوحي الذي في السماء ، فالقوت في الأرض كالأمر في السماء ، وتقدير القوت في الأرض كالوحي في السماء ، وهو عينه لا غيره ، فأوحى في كل سماء أمرها ، وهو تقدير أقواتها ، وقدر في الأرض أقواتها ، فالرزق الذي في الأرض ما تقوم به الأجسام ، والذي في السماء ما تقوم به الأرواح ، 
وهو قوله تعالى وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ ) وكل ذلك رزق ليصح الافتقار من كل مخلوق ، وينفرد الحق بالغنا « فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ » 
أي في أربعة آلاف سنة ، كل يوم من الأيام ألف سنة عنده ، وخلق اللّه الأرض وقدر فيها أقواتها علما ، لأنه قال بعد ذلك ، ثم استوى ، فجاء بثم التي تؤذن بالبعدية ، فبعد أن دارت السماوات بكواكبها ، فتق الأرض بما أخرج فيها ومنها من معدن ونبات وحيوان ، فكان إيجادا عند دوران الأفلاك بعد تقدير .

ص 33

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 11 ] 
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ( 11 ) 
جاء بكلمة ثم بعد خلق تؤذن غالبا أن الثاني بعد الأول بمهلة ، وهو زمان خلق الأرض وتقدير أقواتها في أربعة أيام من أيام الشأن ، يومان لشأنها في عينها وذاتها ، يوم لظهورها وشهادتها ، ويوم لبطونها وغيبتها ، ويومان لما أودع فيها من الأقوات الغيبية والشهادية ، ثم كان الاستواء الأقدس الذي هو القصد والتوجه إلى فتق السماوات وفطرها ، 
فقال تعالى :« ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ »فالاستواء هنا بمعنى القصد ، فإن القصد هو الإرادة وهي من صفات الكمال« وَهِيَ دُخانٌ »أي أن أصلها الدخان ، وهي اليوم سماوات ، كما أن آدم خلقه اللّه من تراب أي أصله ، وهو لحم ودم وعروق وأعصاب
[ طاعة السماء والأرض للأمر الإلهي : ]
« فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً »
-الوجه الأول - لأمر حدّ لهما ، أي أجيبا إذا دعيتما لما يراد منكما مما أمنتما عليه أن تبرزاه ، فإن اللّه تعالى ما خلق شيئا في الكون إلا حيا ناطقا ، جمادا كان أو نباتا أو حيوانا ، في العالم الأعلى والأسفل ، 
مصداق ذلك قوله تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )
ولما كان الأمر هكذا ، جاز بل وقع وصح أن يخاطب الحق جميع الموجودات ويوحي إليها ، من سماء وأرض وجبال وشجر وغير ذلك من الموجودات ، ووصفها بالطاعة لما أمرها به ، وبالإباية لقبول عرضه ، وأسجد له كل شيء ، لأنه تجلى لكل شيء ، وأوحى إلى كل شيء بما خاطب ذلك الشيء به ، 
فقال للسماء والأرض« ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ، قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ »لأنها علمت أنها إن لم تجب مختارة جبرت على الإتيان ، فجيء بها كما جيء بجهنم ، فالسماء والأرض آتيتان أبدا ، فلا يزالان متحركتين ، غير أن حركة الأرض خفيّة عندنا ، وحركتها حول الوسط لأنها أكر ، والسماء أتت طائعة عند أمر اللّه لها بالإتيان ، وأمر الأرض فأتت طائعة لما علمت نفسها مقهورة ، وأنه لا بد أن يؤتى بها بقوله « أَوْ كَرْهاً » فكانت المرادة بقوله تعالى :" أَوْ كَرْهاً "
-الوجه الثاني – " فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً " 
أي تهيأ القبول ما يلقى فيكما« قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ »فإنه كان أمرا لا عرضا ، فتعين عليهم الإجابة طوعا ، أو كرها ، أي على مشقة ، لمعرفتهم بعظيم ما أوجب اللّه عليهم ، فأتوا طائعين ، فلما أتيا طائعين وتهيئا لقبول ما شاء الحق أن يجعل فيهما ،

ص 34

مستسلمين خائفين فقدّر في الأرض أقواتها وجعلها أمانة عندها ، حمّلها إياها جبرا لا اختيارا ، وأوحى في كل سماء أمرها وجعل ذلك أمانة بيدها تؤديها إلى أهلها ، حمّلها إياها جبرا لا اختيارا
 - الوجه الثالث - لما أمرت السماء والأرض بالإتيان أمر وجوب ، فإن لم يجئن جيء بهن على كره . فقالتا أتينا طائعين لعلمهن بأن الذي أمرهن قادر على الإتيان بهن على كره منهن ، فقلن أتينا طائعين ، فالإتيان حاصل ، والطوع في معرض الاحتمال إن يكن صدقن في دعواهن ، فإن كان الحق القائل فما كذبا بل صدقا ، وإن كان القول بالواسطة فيحتمل ما قلناه
 - الوجه الرابع - تدل هذه الآية أن اللّه تعالى ما أوجد كل ما عدا الثقلين ولا خاطبهم إلا بصفة القهر والجبروت ، فإن قوله« كَرْهاً »كلمة قهر حيث أتت ، لذا بادرتا« قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ».

 [سورة فصلت ( 41 ) : آية 12 ]
فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ( 12 )
[ " وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها " : ] 
فلما قضاهن سبع سماوات في يومين أوحى في كل سماء أمرها ، فإن الحق سبحانه جعل بين السماء والأرض التحاما معنويا وتوجها لما يريد سبحانه أن يوجده في هذه الأرض ، من المولدات من معدن ونبات وحيوان ، وجعل الأرض كالأهل ، وجعل السماء كالبعل ، والسماء تلقي إلى الأرض من الأمر الذي أوحى اللّه فيها كما يلقي الرجل الماء بالجماع في المرأة ، وتبرز الأرض عند الإلقاء ما خبأه الحق فيها من التكوينات على طبقاتها ، وقوله تعالى« فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها »فذلك الأمر هو الذي ينزل إلى أرضه بما أوحى اللّه فيها ، فهو ينزل من كل سماء إلى أرضه في قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ )
فجعل في كل سماء ما يصلح تنفيذه في الأرض من هذا الخلق ، ومن أمرها ما أودع اللّه في حركات الكواكب واقترانها وهبوطها وصعودها في بيوت نحوسها وسعودها ، فعن حركاتها وحركات ما فوقها من الأفلاك حدثت المولدات ، فأودع اللّه في خزائن الكواكب التي في الأفلاك علوم ما يكون من الآثار في العالم العنصري من التقليب والتغيير ، والكواكب مسخرة من اللّه أمينة على ما يحدثه في العالم ، 
وهو قوله تعالى وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ )

ص 35

فكما سخّر الرياح والبحار ، هكذا سخّر الكواكب ، فالأمر هو ما تنتجه الحركات الكوكبية ، لأن اللّه ما جعل سباحتها في الأفلاك باطلا ، بل لأمور أودعها اللّه تعالى في المجموع ، فيها وفي حركاتها وفي قطعها في البروج المقدّرة في الفلك الأقصى ، فهي تؤدي في تلك السباحة ما أمنت عليه من الأمور التي يطلبها العالم العنصري والتي لها آثار فيه ، ولذلك فإن الفلك عندنا متحرك حركة إرادية كتحرك الإنسان في الجهات ، لأنه يعقل ويكلّف ويؤمر ، فهو متحرك بالإرادة ليعطي ما في سمائه من الأمر الإلهي الذي يحدث أشياء في الأركان والمولدات ، فحركة الفلك ما تعرف سوى ما تعطيه في الأركان من التحريك ، وشعاعات كواكبها بما أودع اللّه فيها من العقل والروح والعلم في أشخاص كل نوع من المولدات على التعيين ، من معدن ونبات وحيوان وجن ، وملك مخلوق من عمل أو نفس ، بقول من تسبيح وذكر أو تلاوة ، وذلك لعلمها بما أودع اللّه لديها مما ينفرد به الكوكب ومما لا ينفرد به ، فإن كل كوكب يعطى في الدرجة الفلكية على انفراده من الحكم ما لا يعطيه إذا اجتمع معه في تلك الدرجة كوكب آخر أو أكثر ، فذلك الذي يحدث من الاجتماع خارج عن الأمر الذي تنفرد به كل سماء ، والأمر هو ما يعطيه من الآثار في العالم ، كما تعطى كل آلة للصانع بها ما عملت له ، والصنعة مضافة للصانع لا للآلة . 
واعلم أن هذه النشأة الإنسانية قبل أخذ الميثاق كانت مبثوثة في العناصر ، ومراتبها إلى حين موتها التي يكون عليها في وجود أعيان أجسامها معلومة معينة في الأمر المودع في السماوات ، لكل حالة من أحواله التي تتقلب فيها في الدنيا صورة في الفلك على تلك الحالة ، قد أخذ اللّه بأبصار الملائكة عن شهودها ، مكتنفة عند اللّه في غيبه ، معيّنة له سبحانه ، لا تعلم السماوات بها مع كونها فيها ، وقد جعل اللّه وجود عينها في عالم الدنيا في حركات تلك الأفلاك ، فهذا من أمرها ، وشأنها حفظ هذه الصور إلى وصول وقتها ، فتعطيها مراتبها في الحياة الدنيا تلك الصورة الفلكية من غير أن تفقد منها ، ذلك تقدير العزيز العليم ، وهذه الصور كلها موجودة في الأفلاك التسعة ، وجود الصورة الواحدة في المرايا الكثيرة المختلفة الأشكال ، فمن أعطي في ذلك الموطن شهود نفسه ومرتبته حكم على نفسه بها ، 
وهنا شاهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نبوته فقال : [ كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ] فكان له التعريف في تلك الحالة ، وأعطى الحق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما لم يعط غيره من وحي أمر السماوات في طالع مولده ، فمن الأمر

ص 36

المخصوص بالسماء السابعة : لم يبدل حرف من القرآن ولا كلمة ، ولو ألقى الشيطان في تلاوته ما ليس منها بنقص أو زيادة لنسخ اللّه ذلك ، وهذا عصمة ، ومن ذلك الثبات ما نسخت شريعته صلّى اللّه عليه وسلّم بغيرها ، بل ثبتت محفوظة ، واستقرت بكل عين ملحوظة ، ولذلك تستشهد بها كل طائفة ، 
ومن الأمر المخصوص بالسماء السادسة : خصّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعلم الأولين الآخرين ، والتؤدة والرحمة والرفق ، وكان بالمؤمنين رحيما ، وما أظهر في وقت غلظة على أحد إلا عن أمر إلهي ، 
حين قيل له ( جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ )
ومن ذلك ما حلل اللّه له من الغنائم ، وجعلت له الأرض مسجدا وطهورا ، ومن الأمر المخصوص بالسماء الخامسة : السيف الذي بعث به والخلافة ، واختص بقتال الملائكة معه منها ، فإن ملائكة هذه السماء قاتلت معه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم بدر ، 
ومن هذه السماء أيضا بعث من قوم ليس لهم همة إلا في قرى الأضياف ، ونحر الجزر والحروب الدائمة وسفك الدماء ، ومن ذلك النصر بالرعب فهو من السماء الخامسة ، 
ومن الوحي المأمور به في السماء الرابعة : نسخه بشريعته جميع الشرائع ، وظهور دينه على جميع الأديان عند كل رسول ممن تقدمه وفي كل كتاب منزل ، فلم يبق لدين من الأديان حكم عند اللّه إلا ما قرر منه ، فبتقريره ثبت ، فهو من شرعه وعموم رسالته ، وإن كان بقي من ذلك حكم ، فليس هو من حكم اللّه إلا في أهل الجزية خاصة ، ومن هذا الأمر من هذه السماء بعث وحده إلى الناس كافة ، 
فعمت رسالته ، ومن الوحي المأمور به في السماء الثالثة المختص بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم : أنه ما ورد قط عن نبي من الأنبياء أنه حبّب إليه النساء إلا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وإن كانوا قد رزقوا منهن كثيرا ، كسليمان عليه السلام وغيره ، فكان صلّى اللّه عليه وسلّم يحبهن بكون اللّه حببهن إليه ، ومن هذه السماء حب الطيب ، وكان من سنته النكاح لا التبتل ، وجعل النكاح عبادة للسر الإلهي في الإنتاج ، 
فهذا الفضل زاد فيه بنكاح الهبة ، ومن الأمر الموحى في السماء الثانية : إعجاز القرآن ، والذي أعطيه صلّى اللّه عليه وسلّم من جوامع الكلم من هذه السماء تنزل إليه ، ولم يعط ذلك نبي قبله ، ومن أمر هذه السماء ما خصه اللّه به من إعطائه إياه مفاتيح خزائن الأرض ، ومن الوحي المأمور به في السماء الأولى وهي الدنيا التي تلينا : كون اللّه خصه بصورة الكمال ، فكملت به الشرائع ، وكان خاتم النبيين ولم يكن ذلك لغيره صلّى اللّه عليه وسلّم ، فبهذا وأمثاله انفرد صلّى اللّه عليه وسلّم بالسيادة الجامعة للسيادات كلها ، والشرف المحيط الأعم صلّى اللّه عليه وسلّم ، وبهذا قد نبهنا على ما حصل له في مولده من بعض ما أوحى اللّه به في كل سماء من أمره .

ص 37

ألا بأبي من كان ملكا وسيدا *** وآدم بين الماء والطين واقف
فذاك الرسول الأبطحي محمد *** له في العلى مجد تليد وطارف
أتى بزمان السعد في آخر المدى *** وكانت له في كل عصر مواقف
أتى لانكسار الدهر يجبر صدعه *** فأثنت عليه ألسن وعوارف
إذا رام أمرا لا يكون خلافه *** وليس لذاك الأمر في الكون صارف

ومن الأمر الموحى في السماء السابعة التي أسكنها الخليل عليه السلام من حيث العموم : 
عين الموت ومعدن الراحة ، وسرعة الحركة في ثبات وطرح الزينة ، 
ومن الأمر العام الموحى في السماء السادسة التي أسكنها الحق روحانية موسى عليه السلام : حياة قلوب العلماء بالعلم ، واللين والرفق ، وجميع مكارم الأخلاق ، ومن الأمر العام الموحى في السماء الخامسة مسكن هارون عليه السلام : إهراق الدماء والحميات ، 
وهو من أثر الاسم الإلهي القهار ، فإنه الممد لها ، ومن الأمر الموحى في السماء الرابعة التي أسكن فيها قطب الأرواح الإنسانية إدريس عليه السلام : تقسيم الحكم الإلهي في العالم ، ومن الأمر الموحى في السماء الثالثة التي أسكنها روحانية يوسف عليه السلام : إظهار صور الأرواح والأجسام والعلوم في العالم العنصري ، ومن الأمر الموحى في السماء الثانية التي أسكنها الحق عيسى عليه السلام : كل ما ظهر في العالم العنصري من الآثار الحسية والمعنوية ، 
وما يحصل للعارفين في قلوبهم من ذلك ، ومن الأمر الموحى في السماء الأولى التي أسكنها روحانية آدم عليه السلام ، وله كل حكم يظهر في العالم يوم الاثنين روحا وجسما ، وسرعة ظهور الأثر في الكون لسرعة حركة هذا الفلك وكوكبه ، 
ولذلك كان الإنسان سريع التغيير في باطنه ، كثير الخواطر ، يتقلب في باطنه في كل لحظة تقلبات مختلفة ، فإن الحق تعالى لما قضى السبع سماوات في يومين من أيام الشأن أوحى في كل سماء أمرها ، فأودع فيها جميع ما تحتاج إليه المولدات من الأمور ، 
في تركيبها وتحليلها وتبديلها وتغييرها وانتقالها من حال إلى حال بالأدوار والأطوار فإنه من الأمر الإلهي المودع في السماوات من الروحانيات العلية، 
فبرز بالتحريكات الفلكية ليظهر التكوين في الأركان بحسب الأمر الذي يكون في تلك الحركة وفي ذلك الفلك ، فإن السماوات كلها قد جعلها اللّه محلا للعلوم الغيبية المتعلقة بما يحدث اللّه في العالم من الكائنات ، 
جوهرها وعرضها ، صغيرها وكبيرها ، وأحوالها وانتقالها ، وما من سماء إلا وفيها علم

ص 38

مودع بيد أمينها ، وأودع اللّه نزول ذلك الأمر إلى الأرض في حركات أفلاكها وحلول كواكبها في منازل الفلك الثامن ، وجعل لكواكب هذه السماوات السبع اجتماعات وافتراقات ، وصعودا وهبوطا ، وجعل آثارها مختلفة ، 
وجعل منها ما يكون بينه وبين كواكب أخر مناسبة ، وجعل منها ما يكون بينه وبين كواكب أخر منافرة ، لا أنهم أعداء ، وإنما ذلك لحقائق خلقهم اللّه تعالى عليها ، يقضي بذلك ويشغلهم بطاعة ربهم وتسبيحه ، لا يعصون اللّه ما أمرهم ، كما جاء في خلق مالك خازن النار أنه ما ضحك قط ، بخلاف رضوان الذي خلق من سرور وفرح ، 
وكلاهما عبدان صالحان مطيعان ليس بينهما عداوة ولا شحناء ، غير أن الآثار هنا في العالم الأسفل تنبعث عن تلك الحقائق ، وعندنا أغراضنا قائمة ، فيقع بيننا التحاسد والعداوة ، والأصل من ذلك ، وأما عدم المنافرة بين المتناسبين منها ، فهو أن أوجد الواحد على خلاف ما أوجد الآخر لا على ضده ، فكل ضد خلاف ، وما كل خلاف ضد ، 
فإن وكيل السماء السابعة يضاد وكيل السماء السادسة ، حتى أن ما يعمله صاحب السماء السادسة إذا صار وقت الحكم فيه للملك الموكل في السماء السابعة أفسد ما أصلحه صاحب السماء السادسة ، كما يفعل أيضا صاحب السادسة إذا أصلح ما يفسده صاحب السابعة ، وكل ملك ما عنده أنه يفسد ، وإنما يقول في فعله أنه أصلح ، من حيث أنه امتثل فيه أمر ربه ، وأدّى ما أمّن عليه ، وهو الأمر الذي ذكر اللّه تعالى أنه أوحى في السماوات ، فإذا أنست بهذا القدر وعلمت أنه لا يطعن في العقد ، وإلا فأية فائدة كانت في قول اللّه تعالى وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ )فبما ذا سخرها يا أخي في هذا وأشباهه ؟ 
أليس اللّه قد سخر العالم ببعضه لبعض ؟ 
فقال  وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا )
وقال وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) فذكر أن في السماء أمورا مسخرة لنا مثل الأرض ، فلا يقدح في عقيدة مسلم كونه يعلم ما أوحى في السماء من أمرها وفيما ذا سخرها عالمها ، ولو كان ذلك لاطرد في الأرض وفي السماء ، ونحن في كل زمان نهرب إلى الأسباب التي نصبها اللّه لنا وعرفنا بها على جهة أنها مسخرة ، لا على أنها فاعلة ، نعوذ باللّه ، لا أشرك به أحدا ، وإنما كفّر الشارع من يعتقد أن الفعل للكواكب لا للّه ، 
وأن اللّه يفعل الأشياء بها ، هذا هو الكفر والشرك ، وأما من يراها مسخرة وأن اللّه أجراها حكمة فلا ، بل من جهل ما أودع اللّه فيها وما أوحى

ص 39

اللّه فيها من الأمور ورتب فيها من الحكم فقد فاته خير كثير وعلم كبير ، وما ذا بعد الحق إلا الضلال . 
ولما فتق اللّه السماوات من رتقها ودارت كانت شفافة في ذاتها وجرمها ، حتى لا تكون سترا لما وراءها ، أدركنا بالأبصار ما في الفلك الثامن من مصابيح النجوم ، فيتخيل أنها في السماء الدنيا ، واللّه يقول :« وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ »
ولا يلزم من زينة الشيء أن يكون فيه ، وأما قوله « وَحِفْظاً » فهي الرجوم التي تحدث في كرة الأثير لإحراق الذين يسترقون السمع من الشياطين فجعل اللّه لذلك شهابا رصدا وهي الكواكب ذوات الأذناب ، ويخترق البصر الجو حتى يصل إلى السماء الدنيا فلا يرى من فطور فينفذ فيه فينقلب خاسئا وهو حسير أي قد أعيا ، وجعل في كل سماء من هذه السبعة كوكبا سابحا 
وهو قوله تعالى :« كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ » فتحدث الأفلاك بحركة الكواكب لا السماوات ، فتشهد الحركات من السبعة السيارة أن المصابيح في الفلك الثامن وزينا السماء الدنيا لأن البصر لا يدركها إلا فيها فوقع الخطاب بحسب ما تعطيه الرؤية 
لهذا قال :« زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ » ولم يقل خلقناها فيها وليس من شرط الزينة أن تكون في ذات المزين بها ولا بد فإن الرجل والخيل من زينة السلطان وما هما قائمان بذاته« ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ »بالفتق والرتق فإن اللّه تعالى لما خلق الأفلاك وعمرها بالأملاك وقدر للكواكب السبعة السيارة فيها منازل تجري فيها إلى أجل مسمى تعين الزمان بجريانها وسباحتها وخلق المكانة قبل الأمكنة ومد منها رقائق إلى أمكنة مخصوصة في السماوات السبع والأرض ثم أوجد المتمكنات في أمكنتها على قدر مكانتها وجعل إمضاء الأمور التي أودعها السماوات في عالم الأركان عند سباحة الجواري وجعلهم نوابا متصرفين بأمر الحق لتنفيذ هذه الأمور التي أخذوها من خزائن البروج في السنة بكمالها وقدر لها المنازل المعلومة التي في الفلك المكوكب وجعل لها اقترانات وافتراقات كل ذلك بتقدير العزيز العليم
[ إشارة : مقارنة البنية الإنسانية بالسماوات والأرض ] 
- إشارة - لما كملت البنية الإنسانية وصحت التسوية ، وكان التوجه الإلهي بالنفخ العلوي في حركة الفلك الرابع من السبعة ، وقبل هذا المسمى الذي هو الإنسان لكمال تسويته السر الإلهي الذي لم يقبله غيره ، وبهذا صح له المقامات ، مقام الصورة ومقام الخلافة ، فلما كملت الأرض البدنية ، وقدّر فيها أقواتها ، وحصل فيها قواها الخاصة بها من كونها حيوانا نباتا ، كالقوة الجاذبة والهاضمة والماسكة والدافعة والنامية والمغذية ، وفتقت طبقاتها السبعة ، من جلد ولحم وشحم وعرق وعصب

ص 40

وعضل وعظم ، استوى السر الإلهي الساري فيه ، فنفخ النفخ الروحي إلى العالم العلوي من البدن ، وهو بخارات تصعد كالدخان ، فتق فيها سبع سماوات : السماء الدنيا وهي الحس ، وزينها بالنجوم والمصابيح مثل العينين ، وسماء الخيال ، وسماء الفكر ، وسماء العقل ، وسماء الذكر ، وسماء الحفظ ، وسماء الوهم ، 
وأوحى في كل سماء أمرها ، وهو ما أودع في الحس من إدراك المحسوسات - ولا نتعرض للكيفية في ذلك للخلاف الواقع فيها ، وإن كنا نعلم ذلك فإن علمنا لا يرفع الخلاف من العالم - وفي الخيال من متخيلات المستحيلات ، وفي العقل من المعقولات ، 
وهكذا في كل سماء ما يشاكلها من جنسها ، فإن أهل كل سماء مخلوقون منها ، فهم بحسب مزاج أماكنهم ، وخلق في كل سماء من هذه السبعة كوكبا سابحا في مقابلة الكواكب السيارة ، تسمى صفات ، 
وهي الحياة والسمع والبصر والقدرة والإرادة والعلم ، كل يجري إلى أجل مسمى ، فلا تدرك قوة إلا ما خلقت له خاصة ، فالبصر لا يرى سوى المحسوسات المبصرات ، وينحسر فينقلب خاسئا ، فإنه لا يجد قطرا ينفذ فيه ، والعقل يثبت هذا كله ، يشهد بذلك الحركات الفلكية التي في الإنسان ، وذلك بتقدير العزيز العليم .

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 13 ] 
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ( 13 ) 
جاء الجبار من رؤساء الجاهلية إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال له : يا محمد أتل علي مما جئت به حتى أسمع ؛ فتلا عليه حم السجدة ، فلما وصل إلى قوله تعالى :« فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ »وهما من العرب وحديثهما مشهور عندهم بالحجاز ، فلما سمع هذه الآية ارتعدت فرائصه واصفر لونه وضرط من شدة ما سمع ومعرفته بذلك ، وقال : هذا كلام جبار .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 14 إلى17 ] 
إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ( 14 ) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ ( 15 ) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ ( 16 ) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ( 17 )

ص 41

إن اللّه ما جعل في العالم هدى لا يصح أن يعود عمى ، فإنه أبان لمن أوصله إليه ، فما اتصف بالعمى إلا من لم يصل إليه الهدى من ربه ، 
ومن قيل له : هذا هدى ؛ لا يقال إنه وصل إليه حتى يكون هو الذي أنزل عليه الهدى وحصل له العلم بذلك ، فإن هذا لا يكون عنده عمى أبدا ، فما استحب العمى على الهدى إلا من هو مقلد لأبناء جنسه ، فالعمى يوافق طبعه والهدى يخالف طبعه ، فلذلك يؤثره عليه .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 18 إلى 20 ] 
وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ( 18 ) وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ( 19 ) حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ( 20 )
« شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ »وهما من النشأة الباطنة« وَجُلُودُهُمْ »من النشأة الظاهرة ، فما من شخص يروم مخالفة حق إلا ونشأتاه تقولان له : لا تفعل أيها الملك ، ولا تحوجنا أن نكون سببا في هلاكك ، فإن اللّه إن استشهدنا شهدنا ، ونحن رعيتك ولا حركة لنا إلا بك ، فلا تحركنا إلا في أمر يكون لك لا عليك ، فإن الأعضاء كالآلة للنفس الناطقة المخاطبة المكلّفة بتدبير هذا البدن ، وأنت المسؤول عن إقامة العدل فيهم ، فأنت تعلم من خطاب الشارع جميع ما يتعلق بكل عضو مكلف : وهي العين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب .

ص 42
يتبع
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 7 أبريل 2021 - 1:28 من طرف عبدالله المسافربالله

تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب

( 41 ) سورة فصّلت مكيّة
[سورة فصلت ( 41 ) : آية 21] 
وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 21 )
[ نطق الجلود وسبب تسميتها جلودا : ]
" وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ " إذا شهدت عليهم« لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا » فتقول الجلود« أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ » فعمت ، فإن الدار الآخرة هي الحيوان ، ينطق فيها كل شيء ، فكانت الجلود أعلم بالأمر ممن جعل النطق فصلا مقوما للإنسان خاصة ، وعرّى غير الإنسان عن مجموع حده في الحيوانية والنطق ، وسميت الجلود بهذا الاسم لما هي عليه من الجلادة ،
 لأنها تتلقى بذاتها جميع المكاره من جراحة وضرب وحرق وحر وبرد ، وفيها الإحساس ، وهي مجنّ النفس الحيوانية لتلقي هذه المشاق ، 
فما في الإنسان أشد جلادة من جلده ، ولهذا غشاه اللّه به ، ولما كانت الجلود شهداء عدول فهي مقبولة القول عند اللّه ، وكانوا في الدنيا غير راضين بما كانت النفس الناطقة الحيوانية تصرفهم فيه ، زمان حكمها وإمارتها عليهم وعلى جميع جوارحهم ، 
من سمع وبصر ولسان ويد وبطن وفرج ورجل وقلب ، فأخبر تعالى عن بعض الناس المشهود عليهم أنهم يقولون لجلودهم« لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ »يعني بالشهادة عليكم« الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ »فإن الأصل في الأعيان الصمت ، فكل عين سوى اللّه خاصة لا نطق لها ، وما من شيء ينطق إلا واللّه أنطقه ، واختلف المنطوق به ، فثمّ نطق - أي منطوق به - يتعلق به مديح ، وثمّ منطوق به يتعلق به ذم ، وثمّ منطوق به يتعلق به تجوز لتواطؤ جعله اللّه في العالم ، وثمّ منطوق به على ما هو المدلول عليه في نفسه ، فهو إخبار عن حقيقة ، وما ثمّ إلا ما ذكرنا ، فنطق المدح شهادة أولي العلم بتوحيد اللّه ، ونطق الذم قول القائل :إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ، ونطق الحقيقة( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ )ونطق بالتجوز( وَما تَعْمَلُونَ )وما ثمّ قائل إلا اللّه ، ولا منطق إلا اللّه ، وما بقي إلا فتح عين الفهم لتنطيق اللّه ، من حيث أنه لا ينطق إلا بالصواب ، فكل كلام في العالم فهو إما من الحكمة أو من فصل الخطاب ، فالكلام كله معصوم من الخطأ والزلل ، إلا أن للكلام مواطن ومحال وميادين ، له فيها مجال رحب تتسع ميادينه ، بحيث أن تنبو عن إدراك غايتها عيون البصائر ، فيا ولي لا تكن الجلود أعلم بالأمر منك مع دعواك أنك من أهل العقل والاستبصار ، فهذه الجلود علمت نطق كل شيء ، وأن اللّه منطقه بما شاء ، والجلد من حيث

ص 43

هو شاهد لا يعذب بل متنعم .

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 22 ] 
وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ ( 22 ) 
أي هذا لا يمكن الاستتار منه ، لأنكم ما تعملون الذي تأتونه من المنكرات إلا بالجوارح ، فإنها عين الآلة تصرفونها في طاعة اللّه أو معصيته ، فلا يتمكن لكم الاستتار عما لا يمكنكم العمل إلا به ، والجسد كله من حيث طبيعته طائع للّه مشفق ، وما من جارحة منه إذا أرسلها العبد جبرا في مخالفة أمر إلهي إلا وهي تناديه : لا تفعل ، لا ترسلني فيما حرّم عليك إرسالي ، إني شاهدة عليك ، لا تتبع شهواتك ؛ وتبرأ إلى اللّه من فعله بها ، وكل قوة وجارحة فيه بهذه المثابة ، وهم مجبورون تحت قهر النفس المدبرة لهم وتسخيرها« وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ »فمن علم أن كل شيء ناطق ناظر إلى ربه لزمه الحياء من كل شيء حتى من نفسه وجوارحه ، ومن كان مشهده هذا استحى من الموجودات كل الحياء في خلوته كما يستحي في جلوته ، فإنه في جلوة أبدا ، لأنه لا يخلو عن مكان يقلّه وسماء تظلّه ، ولو لم يكن في مكان لاستحى من أعضائه ورعية بدنه ، فإنه لا يفعل إلا بها ، فإنها آلاته وإنه لا بد أن تستشهد فتشهد ، ولا يستشهد اللّه إلا عدلا« وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ »هذا خطاب لمن يعتقد أن اللّه لا يعلم الجزئيات خاصة ثم قال :

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 23 ]
وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ ( 23 )
« وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ »أي يقينكم« الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ »أي أهلككم ، لأنهم ظنوا أن اللّه لا يعلم كثيرا مما يعملون ، فعاد وبال ذلك عليهم ، فعذبهم اللّه بأعمالهم ، فظنهم أرداهم لأنهم ظنوا محالا ، وهو نفي العلم عن اللّه ببعض أعمال العباد« فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ »والخسران ضد الربح ، وهو نقص من رأس المال ، لما كان الأمر تجارة اتصف بالربح والخسران ، قال تعالى هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ )ويقول اللّه

ص 44

تعالى : [ أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا ] فحسن الظن إذا غلب على العبد أنتج له السعادة ، كما أن سوء الظن باللّه يرديه ، ومن جمع همته على ربه أنه لا يغفر الذنب إلا هو ، وأن رحمته وسعت كل شيء ، كان مرحوما بلا شك ولا ريب .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 24 إلى 26 ]
فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ( 24 ) وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ ( 25 ) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ( 26 )
" وَالْغَوْا فِيهِ »حتى لا يسمعوا دعاء ، فلا يرجعون ولا يعقلون ، لأنه بلسانهم نزل .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 27 إلى 30 ]
فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ( 27 ) ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ ( 28 ) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ( 29 ) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30 )
[ تنزل الملائكة على البشر : ]
« إِنَّ الَّذِينَ قالُوا »من أي شرع كان إذا كان له الزمان والوقت« رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا »على طريقهم الذي شرع اللّه لهم المشي عليها« تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ »وهذا التنزل هو النبوة العامة لا نبوة التشريع ، تتنزل عليهم بالبشرى« أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا »فإنكم في طريق

ص 45

الاستقامة« وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ »هذه الآية نص في نزول الملك على الأولياء ، وأن نزول الملك ليس من خصائص النبوة فقط ، فإن اللّه قال في أهل الاستقامة القائلين بربوبية اللّه إن الملائكة تنزل عليهم بالبشرى من اللّه بأنهم من أهل السعادة والفوز وبالأمان ، كل ذلك في الحياة الدنيا ، ومن هنا تنزل الأملاك على قلوب الأولياء ، وفيه أقول :
إذا نزل الروح الأمين على قلبي *** تضعضع تركيبي وحنّ إلى الغيب
فأودعني منه علوما تقدست *** عن الحدس والتخمين والظن والريب
ففصلت الإنسان نوعين إذ رأت *** يقوم به الصفو النزيه مع الشوب
فنوع يرى الأرزاق من صاحب الغيب *** ونوع يرى الأرزاق من صاحب الجيب
فيعبد هذا النوع أسباب ربه *** ويعبد هذا خالق المنع والسّيب « 1 »
فهذا مع العقل المقدس وصفه *** وهذا مع النفس الخسيسة بالعيب

ولعلك يا ولي ، إذا سمعتني أقول : تنزل الروح الأمين على القلب ، تنكر وتقول : أوحي بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ؟ ! 
لا تفعل أعاذنا اللّه وإياك من وحي كل شيطان غوي ، إنما هو عبارة في العامة عن اللمة الملكية ، وفي الخاصة عن الحديث ، كما ورد في صحيح الحديث ، وفي القديم والحديث ، قال خير البشر : [ إن من أمتي محدّثين ، وإن منهم عمر ] 
وقال أيضا عليه الصلاة والسلام في قلب العبد : إنه يتصرف بين لمة الملك ولمة الشيطان ؛ ثم كنّى عن هذا التصريف والتقليب بالإصبعين ، وأضافهما إلى الرحمن ؛ فما زالت الملائكة تتعاهد القلوب ، بأسرار الغيوب ، وهي التي تأمرك بالطاعة ، والتزام السنّة والجماعة ، حين تأمرك الشياطين بلمتها ، فإن لم تسمع لها ، أمرتك بالتسويف أو الموافقة ، وتتنوع تنزلات الغيوب ، بتنوع استعدادات القلوب ، ولا تظن أيها الخليل ، أنني أعني بالروح الأمين جبريل ، فإن الملائكة كلهم أرواح أمناء على ما أودعها اللّه من أصناف العلوم الموقوفة على التوصيل ، تارة بالإجمال وتارة بالتفصيل ، ولا بد أن يكون صاحب التنزلات الغيبية عارفا بالمتنزلات وأصنافها ( الخواطر وأجناسها ) ، وعالما بالروائح وأنفاسها ، فلا يتصور إنكار بعد ما قررناه من اللمة والحديث ، إلا من معاند خبيث ، متعنا اللّه وإياكم بنتائج الأذكار ،
________________________________________
( 1 ) السيب : العطاء .

ص 46

وعصمنا وإياكم من أغاليط الأفكار ، وقدّس قلوبنا من دنس التعصب والإنكار ، على ما يظهر من المتقين الأبرار ، من غوامض العلوم والأسرار . فقد قال لهم هؤلاء المبشرون من الملائكة .
[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 31 ] 
نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ ( 31 )
" نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا »أي نحن كنا ننصركم في الحياة الدنيا ، في الوقت الذي كان الشيطان يلقي إليكم بلمته العدول عن الصراط الذي شرع لكم المشي عليه ، فكنا ننصركم عليه باللمة التي كنتم تجدونها في وقت التردد بين الخاطرين ، هل يفعل أو لا يفعل ؟ 
نحن كنا الذين نلقي إليكم ذلك في مقابلة العدو ، 
ونحن أيضا أولياؤكم « وَفِي الْآخِرَةِ » بالشهادة لكم أنكم كنتم تأخذون بلمتنا وتدفعون بها عدوكم ، فهذه ولايتهم في الآخرة ، وولايتهم أيضا بالشفاعة فيهم فيما غلب عليهم الشيطان في لمته ، فيكون العبد من أهل التخليط فتشفع الملائكة فيه حتى لا يؤاخذ بعمل الشيطان ، 
فهذا معنى قوله « وَفِي الْآخِرَةِ »
[ الإرادة والشهوة : ]
" وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ » من شهادتنا لها وشفاعتنا فيها في هذا الموطن« وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ »من الدعة ، وتدل هذه الآية على أن نشأة الآخرة طبيعية مثل نشأة الدنيا ، لأن الشهوة لا تكون إلا في النفوس الطبيعية ، يقول الحق في الآخرة إن لأهل السعادة ما تشتهي نفوسهم ، ولم يقل ما تريد نفوسهم ، والشهوة إرادة ، لكن لما لم يكن كل مراد يشتهى ، لم تكن كل إرادة شهوة ، فإن الإرادة تتعلق بما يلتذ به وبما لا يلتذ به ، ولا تتعلق الشهوة إلا بالملذوذ خاصة ، فأخذوا الأعمال بالإرادة والقصد ، وأخذوا النتائج بالشهوة ، فإن اللّه تعالى كساهم حلة الصفة الربانية ، فأعطى كل واحد منهم أن يقول للشيء كن فيكون ، وهذا سر وجود الغنى في الفقر ، ولا يشعر به كل أحد ، فإنه لا يقول لشيء كن فيكون حتى يشتهيه ، ولهذا قال تعالى :« وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ »فما طلب إلا ما ليس عنده ليكون عنده عن فقر لما طلب ، لأن شهوته أفقرته إليه ودعته إلى طلبه ، ليس ذلك المشتهى طلبه ، وعنده الصفة الربانية التي أوجبت له القوة على إيجاد هذا المشتهى والمطلوب ، فقال له : كن ؛ عن فقر بصفة إلهية ، فكان هذا المطلوب في عينه ، فتناول منه ما لأجله طلب

ص 47

وجوده ، وليس هو كذا في حق الحق ، لأن اللّه لم يطلب تكوين الموجودات لافتقاره إليها ، لأنها مشهودة له تعالى في حال عدمها ووجودها ، والعبد ليس كذلك ، فإنه فاقد لها حسا في حال عدمها .

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 32 ] 
نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ( 32 )
« نُزُلًا »بشهادتنا وشفاعتنا حيث قبلها ، فأسعدكم اللّه بها« مِنْ غَفُورٍ »فستركم في كنفه« رَحِيمٍ »وأدخلكم في رحمته .

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 33 ]
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( 33 ) 
إنما يدعى إلى اللّه من لم يكن عنده في الصفة التي يدعى إليها ، ولا أبعد من شياطين الإنس والجن ، فما يتقرب المتقرب إلى اللّه من أهل الدعاء إلى اللّه ، بأولى من رد من شرد عن باب اللّه وبعد إلى اللّه لينال رحمته ، فإن الرسل ما بعثت بالتوحيد إلا للمشركين وهم أبعد الخلق من اللّه ، ليردوهم إلى اللّه ويسوقوهم إلى محل القرب وحضرة الرحمة .
[ سبب إسلام بعض فصحاء العرب : ] 
يروى من الاخبار في سبب نزول هذه الآية ، أن أعرابيا جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من المشركين من فصحاء العرب ، وقد سمع أن اللّه قد أنزل عليه قرآنا عجز عن معارضته فصحاء العرب ، 
فقال له : يا رسول اللّه هل فيما أنزل عليك ربك مثل ما قلته ؟ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : وما قلت ؟ 
فقال الأعرابي قلت :
وحيّ ذوي الأضغان تسبي عقولهم *** تحيتك القربى فقد ترقع النفل « 1 »
وإن جهروا بالقول فاعف تكرما *** وإن ستروا عنك الملامة لم تبل
________________________________________
( 1 ) النفل : الأعطيات .

ص 48

فإن الذي يؤذيك منه استماعه *** وإن الذي قد قيل خلفك لم يقل
فأنزل اللّه تعالى" وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ "الآية 
فقال الأعرابي : هذا واللّه هو السحر الحلال ، واللّه ما تخيلت ولا كان في علمي أن يزاد أو يؤتى بأحسن مما قلته ، أشهد أنك رسول اللّه ، واللّه ما خرج هذا إلا من ذي إلّ . يقول اللّه تعالى :« ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ »من الإحسان يعني قوله( وَأَصْلَحَ )من قوله تعالى( فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ )السيئة« فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ».

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 35 ]
وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ( 35 )
« وَما يُلَقَّاها »يعني هذه الصفة« إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا »
[ « وَما يُلَقَّاها » : ] 
وحبسوا أنفسهم عن أن يجازوا المسئ بإساءته إساءة ، ولو علم الناس قدر ما نبهنا عليه في هذه المسألة ، ما جازى أحد من أساء إليه بإساءة ، فما كنت ترى في العالم إلا عفوا مصلحا ، لكن الحجب على أعين البصائر كثيفة ، وليست سوى الأغراض واستعجال التشفي والمؤاخذة ، ولو نظر هذا الناظر لمّا أساء هو على اللّه ، في رد ما كلفه به ، وركوبه الخطر في ذلك ، وإمهال الحق له وتجاوزه عنه في هذه الدار ، حتى يكون هو الذي يكشف نفسه ، حتى تقام عليه الحدود ويرمي نفسه في المهالك ، كما قال الصاحب : ستر اللّه عليه لو ستر على نفسه ؛ في المعترف بالزنا ، 
مثل هذا الأعرابي الذي سبق الإشارة إليه عرفوا إعجاز القرآن ، أترى يا ولي يكون هذا الأعرابي فيما وصف به نفسه بأكرم من اللّه في تحمل الأذى وإظهار البشر والمخالفات عن العقوبة ، والعفو مع القدرة ، وتهوين ما يقبح على النفس ، والتغافل عمن أراد التستر عنك بما يشينه لو ظهر به ؟ 
بل اللّه أكرم منه ، وأكثر تجاوزا ، وعفوا وحلما وأصدق قيلا ، فإن هذا القول من العربي وإن كان حسنا ، فما يدري عند وقوع الفعل ما يكون منه ، والحق صادق القول بالدليل العقلي ، فما يأمر بمكرمة إلا وهي صفته التي يعامل بها عباده ، ولا ينهى عن صفة مذمومة لئيمة إلا وهو أنزه عنها :
إذا رأيت مسيئا يبتغي ضررا *** فداره ثم لا تظهر له خبرا
وادفع أذاه بما توليه من حسن *** وامنن عليه ولا تعلم به بشرا
فإن ذلك إكسير وقوته *** أن تقلب العين والأجساد والصورا

ص 49 

يرجع عدوك صديقا فتأمنه *** ولا تخف منه إضرارا ولا ضررا
وما يلقاها إلا صابر وله *** حظ من العلم لمّا أمعن النظرا

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 36 إلى 37 ]
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 36 ) وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ( 37 ) 
لما كانت حاجة الخلق إلى الليل ليسكنوا فيه ويتخذوه لباسا يحول بينهم وبين عين الناظرين ، وإلى النهار ليتسببوا فيه في تحصيل أقواتهم ، ورأوا أن الشمس يكون النهار بطلوعها ويكون الليل بغروبها ، نسبوا وجود الليل والنهار إليها فعبدوها ، وهم الشمسية ، فقال تعالى :« وَمِنْ آياتِهِ »الضمير يعود على اللّه« اللَّيْلُ وَالنَّهارُ »وإن حدث عن الشمس فما هو من آياتها بل هو من آياتي ، 
ثم قال« وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ »فإذا كانت عبادتكم للشمس والقمر لما ظهر عنها من علل ، فأنا خالق هذه الآيات دلالات عليّ« لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ »فاسجدوا للّه الذي خلقهن ، فجمع الليل والنهار والشمس والقمر في الضمير ، 
وغلب هنا التأنيث على التذكير ، لأن الليل والنهار والشمس والقمر منفعلون لا فاعلون ، وجمعهن جمع من يعقل من المؤنث ، ينبه بذلك أيضا على نقص الدرجة التي تنبغي للذكورية ، ولم يقل خلقهم حتى لا يعظم قدرهم بتغليب التذكير عليهم ، فإن العرب تغلب المذكر على المؤنث في كلامها ، تقول : زيد والفواطم خرجوا ، 
ولا تقول : خرجن ، فإن اللّه الذي خلقهن أولى بأن تعبدوه منهن ، لأن مرتبة الفاعل فوق مرتبة المنفعل ، فالحق أولى وأحق أن يعبد ممن له النقص من طريقين ، من كونه مخلوقا ومن كونه مؤنثا .

[ سورة فصلت ( 41 ) :  آية 38 ]
فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ ( 38 )

ص 50

" فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ »يعني العلماء باللّه من الملائكة« يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ »وهم أعلم باللّه منكم ، فلو كان ما اتخذتموه من هؤلاء آلهة لكانت الملائكة أولى بالسجود لهن منكم ، لعلمكم أنهم أعلم ، فهم يسجدون للّه « وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ » لا يملون من غير سآمة ولا فتور ، 
فإن حقيقة نشأتهم تعطي ذلك ، وهي العبادة الذاتية ، وهي عبادة سارية في كل ما سوى اللّه ، وقد خلق اللّه الملائكة وهم عمار السماوات والأرض لعبادته ، فما في السماء والأرض موضع إلا وفيه ملك ، ولا يزال الحق يخلق من أنفاس العالم ملائكة ما داموا متنفسين ، فالملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون في غير ليل ولا نهار وهم لا يسأمون ، 
فكفى بالبشرية نقصا - وفي موضع هذه السجدة خلاف ، 
فقيل عند قوله :« إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ »وقيل عند قوله :« لا يَسْأَمُونَ »فمن سجدها عند« إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ » جعلها سجدة شرط ، ومن سجدها عند قوله « لا يَسْأَمُونَ »جعلها سجدة نشاط ومحبة ، وهي سجدة الاجتهاد وبذل المجهود فيما ينبغي لجلال اللّه من التعظيم ، والالتذاذ به .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 39 إلى 40 ]
وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 39 ) إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 40 ) 
هذا وعيد ، أي قوله تعالى« اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ ».

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 41 إلى 42 ] 
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ( 41 ) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ( 42 )
« تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ »على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . وانظر ما أحكم القرآن وما فيه من العلوم لمن رزق الفهم فيه ، فإنه الوحي المعصوم المقطوع بصدقه ،

ص 51

الذي« لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ »فتصدقه الكتب المنزلة قبله« وَلا مِنْ خَلْفِهِ »ولا ينزل بعده ما يكذبه ويبطله ، فهو حق ثابت ، وكل تنزل سواه في هذه الأمة وقبلها في الأمم فيمكن أن يأتيه الباطل من بين يديه ، فيعثر صاحبه على آية أو خبر صحيح يبطل له ما كان يعتمد عليه من تنزيله ، ويأتيه من خلفه أي لا يعلم في الوقت بطلانه لكن قد يعلمه فيما بعد ، والأنبياء عليهم السلام ما قالت على اللّه ما لم يقل لها ، ولا أخرجت ذلك من نفوسها ، ولا تعملت فيه ، بل جاءت به من عند اللّه ، 
كما قال تعالى :" تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ »بما هو حامد بلسان كل حامد وبنفسه ، وبما هو محمود بكل ما هو مثني عليه وعلى نفسه ، فإن عواقب الثناء تعود عليه .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 43 إلى 44 ]
ما يُقالُ لَكَ إِلاَّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ ( 43 ) وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ( 44 )
« أَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ »العجمي بالوضع بالأصل أقدم من العربية ، ويجمعهما الكلام ، والعبارة المعجمة متقدمة« قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً »أي بيان« وَشِفاءٌ »والشفاء من الرحمة ، وحضرة الشفاء هي التي تنيل أصحاب الأغراض أغراضهم ، وكونه شفاء فكفاتحة الكتاب وآيات الأدعية كلها .

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 45 إلى 46 ] 
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ( 45 ) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ( 46 )

ص 52

" مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ »فنحن نطلب الحق لنا لا له ، فإن اللّه تعالى غني عن العالمين« وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ »فلله الحجة البالغة.

[ سورة فصلت ( 41 ) : الآيات 47 إلى 53 ]
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ( 47 ) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ( 48 ) لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ ( 49 ) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ ( 50 ) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ ( 51 ) 
قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ ( 52 ) سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( 53 )
[ « سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ . . . » : ] 
هذه الآية جمعت الخلق والحق ، لأن كل حقيقة تعقل للحق لا تعقل مجردة عن الخلق ، فهي تطلب الخلق بذاتها ، فلا بد من معقولية حق وخلق ، لأن تلك الحقيقة الإلهية من المحال أن يكون لها تعلق أثري في ذات الحق ، ومن المحال أن تبقى معطلة الحكم ، لأن الحكم لها ذاتي ، فلا بد من معقولية الخلق سواء اتصف بالوجود أو العدم ، وعلى ذلك فللآية عدة وجوه

ص 53

- الوجه الأول - أحالنا الحق في العلم به على الآفاق وهو ما خرج عنا ، وعلى أنفسنا وهو ما نحن عليه وبه ، فإذا وقفنا على الأمرين معا ، حينئذ عرفناه وتبين لنا أنه الحق ، وذكر الحق الآفاق أولا حذرا عليك أن تتخيل أنه قد بقي في الآفاق ما يعطي من العلم ما لا تعطيه نفسك ، وحتى إذا عرفت عين الدلالة منه على اللّه ، نظرت في نفسك ، فوجدت ذلك بعينه الذي أعطاك النظر في الآفاق ، أعطاك النظر في نفسك من العلم باللّه ، فلم تبق لك شبهة تدخل عليك ، لأنه ما ثمّ إلا اللّه وأنت وما خرج عنك ، 
وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : 
[ من عرف نفسه عرف ربه ] 
فإنه صلّى اللّه عليه وسلّم علم أن النفس جامعة لحقائق العالم ، فجمعك عليك حرصا منه ، حتى تقرب الدلالة فتفوز معجلا بالعلم باللّه فتسعد ، فإنه لو خرج الإنسان عن غيره ما خرج عن نفسه ، فمن خرج عن نفسه وعن العالم فقد خرج عن الحق ، ومن خرج عن الحق فقد خرج عن الإمكان والتحق بالمحال ، ومن حقيقته الإمكان لا يلحق بالمحال وذلك قوله تعالى :« حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ »
- الوجه الثاني - ذكر اللّه تعالى النشأتين بقوله« سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ »فذكر نشأة صورة العالم بالآفاق ، ونشأة روحه بقوله« وَفِي أَنْفُسِهِمْ »ليعلموا أن الإنسان عالم وجيز من العالم ، يحوي على الآيات التي في العالم ( راجع سورة الرعد الآية - 3 - ) 
وقدّم اللّه رؤية الآيات في العالم كالذي وقع في الوجود ، فإنه أقدم من الإنسان ، فالذي يريه اللّه الآيات يريه آيات العالم قبل آيات نفسه لأن العالم قبله ، ثم بعد هذا يريه الآيات التي أبصرها في العالم في نفسه ، فلو رآها أولا في نفسه ثم رآها في العالم ، ربما تخيل أن نفسه رأى في العالم ، فرفع اللّه عنه هذا الإشكال بأن قدم له رؤية الآيات في العالم« حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ »وتبين له ذلك ، والعالم على صورة الحق ، والإنسان على صورة الحق ، فالإنسان عالم صغير والعالم إنسان كبير ، والآيات هي الدلالات له على أنه الحق الظاهر في مظاهر أعيان العالم ، فظهور الحق فيه هو الذي تبين له بالآيات ، وهو عثورهم على وجه الدليل وحصول المدلول ، ولذلك ذكر تعالى أنه يريهم آيات ، ما جعل ذلك آية واحدة ، فهذه صفة أهل الاعتبار والنظر المأمور به شرعا ، فما يفرغون من نظر في دليل بعد إعطائه إياهم مدلوله ، إلا ويظهر اللّه لهم دليلا آخر ، فيشتغلون بالنظر فيه إلى أن يوفي لهم ما هو عليه من الدلالة ، فإذا حصلوا مدلوله أراهم الحق دليلا آخر ، هكذا دائما ، ولهذا تمم تعالى في

ص 54

التعريف« أَ وَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ »من الأعيان« شَهِيدٌ »على التجلي فيه والظهور ، يعني أن يكون دليلا على نفسه ، وأوضح الدلالات دلالة الشيء على نفسه بظهوره ، ولذلك ذكر الرؤية ، والآيات للتجلي ، فيتبين لهم أنه الحق ، يعني ذلك التجلي الذي رأوه علامة ، أنه علامة على نفسه ، فيتبين لهم أنه الحق المطلوب
 - الوجه الثالث - دليلك على الحق نفسك والعالم ، وهو قوله تعالى« سَنُرِيهِمْ آياتِنا »أي الدلالة علينا« فِي الْآفاقِ » وهو ما خرج عنهم« وَفِي أَنْفُسِهِمْ »وهو ما هم عليه ، وما كثّر اللّه لنا الآيات في العالم وفي أنفسنا - إذ نحن من العالم - إلا لنصرف نظرنا إليه ، ذكرا وفكرا وعقلا وإيمانا وعلما وسمعا وبصرا ونهى ولبا ، 
وما خلقنا إلا لنعبده ونعرفه ، وما أحالنا في ذلك على شيء إلا على النظر في العالم ، لجعله عين الآيات والدلالات على العلم به مشاهدة وعقلا ، فإن نظرنا فإليه ، وإن سمعنا فمنه ، وإن عقلنا فعنه ، وإن فكرنا ففيه ، وإن علمنا فإياه ، 
وإن آمنّا فبه ، فهو المتجلي في كل وجه ، والمطلوب من كل آية ، والمنظور إليه بكل عين ، والمعبود في كل معبود ، والمقصود في الغيب والشهود ، لا يفقده أحد من خلقه بفطرته وجبلته ، فجميع العالم له مصلّ ، وإليه ساجد ، وبحمده مسبّح ، فالألسنة به ناطقة ، والقلوب به هائمة عاشقة ، والألباب فيه حائرة ، يروم العارفون أن يفصلوه من العالم فلا يقدرون ، ويرومون أن يجعلوه عين العالم فلا يتحقق لهم ذلك ، فهم يعجزون ، فتكلّ أفهامهم ، وتتحير عقولهم ، وتتناقض عنه في التعبير ألسنتهم« حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ » 
فالعالم كله مرآة الحق ، وعندما يتحقق المتحققون بمحبة اللّه عزّ وجل ، ما يرون في العالم إلا صورة الحق ، ظهر فيه بأسمائه وصفاته وأفعاله ، فالآيات هنا دلالات أنها مظاهر الحق ، فما ألطف سريان الحق في الموجودات ، فجميع الأشياء مظهر الحق ومجلاه
 - الوجه الرابع - « سَنُرِيهِمْ آياتِنا »وهي الدلالات وهو ما هم عليه« فِي الْآفاقِ »
فما ترك شيئا من العالم ، فإن كل ما خرج من العالم عنك فهو عين الآفاق ، وهي نواحيك« وَفِي أَنْفُسِهِمْ »فأبان تعالى لنا في هذه الإحالة على أحسن الطرق في العلم به ، 
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : [ من عرف نفسه عرف ربه ] 
وقال : [ أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه ] والنفس بحر لا ساحل له ، لا يتناهى النظر فيها دنيا وآخرة ، وهي الدليل الأقرب ، فكلما ازداد نظرا ازداد علما بها ، وكلما ازداد علما بها ازداد علما بربه« حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ »لا غيره ، فلو علمت نفسك علمت

ص 55

ربك ، كما أن ربك علمك وعلم العالم بعلمه بنفسه ، وأنت صورته ، فلا بد أن تشاركه في هذا العلم ، فتعلمه من علمك بنفسك ، إذ كان الأمر في علم الحق بالعالم علمه بنفسه ، فمن رحمة اللّه تعالى بالإنسان أن أشهده أولا نفسه ، فرأى في نفسه قوى ينبغي أن لا تكون إلا لمن هو إله ، فلما حقق النظر بعقله ، ونظر إلى العوارض الطارئة عليه بغير إرادته ، ومخالفة أغراضه ، ووجد الافتقار في نفسه ، علم قطعا أن عين وجوده شبهة ، وأن هذه الصفات لا ينبغي أن تكون إلا لمن هو إله ، فنفى تلك الألوهة التي قامت له من نفسه ، ثم إنه لما أمعن النظر وجد نفسه قائما بغيره ، غير مستقل في وجوده ، فأوجب وأثبت بعد أن نفى ، فقال : لا إله إلا اللّه ؛ 
وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلّم : [ من عرف نفسه عرف ربه ] فانظر ما ألطف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأمته ، وما أحسن ما علمهم وما طرّق لهم ، فنعم المدرس والمطرق ، جعلنا اللّه ممن مشى على مدرجته حتى التحق بدرجته ، آمين بعزته
 - الوجه الخامس - اعلم أن اللّه لما سوّى جسم العالم ، وهو الجسم الكل الصوري ، في جوهر الهباء المعقول ، قبل فيض الروح الإلهي الذي لم يزل منتشرا غير معين ، إذ لم يكن ثمّ من يعيّنه ، فحيي جسم العالم به ، والعالم إنسان كبير ، وهو ليس كذلك إلا بوجود الإنسان الكامل الذي هو محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومرتبته صلّى اللّه عليه وسلّم من العالم مرتبة النفس الناطقة من الإنسان الكامل ، الذي حاز درجة الكمال بتمام الصورة الإلهية في البقاء والتنوع في الصور وفي بقاء العالم به ، 
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : [ من عرف نفسه عرف ربه ] إذ كان الأمر في علم الحق بالعالم علمه بنفسه ، وهذا نظير قوله تعالى :« سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ " فذكر النشأتين ، نشأة صورة العالم بالآفاق ونشأة روحه بقوله :« وَفِي أَنْفُسِهِمْ »فهو إنسان واحد ذو نشأتين" حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ " للرائين « أَنَّهُ الْحَقُّ » أي أن الرائي فيما رآه الحق لا غيره
 - الوجه السادس - لما نصب الحق الأدلة عليه ، نصبها في الآفاق على وجوده خاصة ، فما نابت الآفاق في الدلالة عليه بما جعل فيها من الآيات منابه لو ظهر للعالم بذاته ، فخلق الإنسان الكامل على صورته ، ونصبه دليلا على نفسه لمن أراد أن يعرفه بطريق المشاهدة ، لا بطريق النظر الفكري الذي هو طريق الرؤية في الآفاق ، وهو قوله تعالى :« سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ »ثم لم يكتف بالتعريف حتى أحال على الإنسان الكامل حتى قال :« وَفِي أَنْفُسِهِمْ »وهنا قال :« حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ »أي أن ذلك المرئي هو الحق ، فالآيات دلالات عليه وعلينا ، وكذلك
ص 56
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 7 أبريل 2021 - 1:43 عدل 1 مرات

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 7 أبريل 2021 - 1:40 من طرف عبدالله المسافربالله

تفسير الآيات من "01 - 54 " من سورة فصلت .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب

( 41 ) سورة فصّلت مكيّة
نحن أدلة عليه وعلينا ، فإن أعظم الدلالات وأوضحها دلالة الشيء على نفسه ، فالتدبر من اللّه عين التفكر من المفكرين منا ، وبالتدبر تميز العالم بعضه من بعضه ومن اللّه ، وبالتفكر عرف العالم ذلك ، 
ودليله الذي فكّر فيه هو عين ما شاهده من نفسه ومن غيره ، فإذا انكشفت الحقائق فلا ريب ولا مين ، وبان صبحها لذي عينين ، كان الاطلاع ، وارتفاع النزاع ، وحصل الاستماع ، ولكن بينك وبين هذه الحال مفاوز مهلكة ، وبيداء معطشة ، وطرق دارسة ، وآثار طامسة ، يحار فيها الخرّيت ، فلا يقطعها إلا من يحيي ويميت ، لا من يحيا ويموت ، فكيف حال من يقاسي هذه الشدائد ويسلك هذه المضايق ؟ 
ولكن على قدر آلام المشقات يكون النعيم بالراحات ، وما ثم بيداء ولا مفازة سواك ، فأنت حجابك عنك ، فزل أنت وقد سهل الأمر ، فمن علم الخلق علم الحق ، ومن جهل البعض من هذا الشأن جهل الكل ، فإن البعض من الكل فيه عين الكل من حيث لا يدري ، فلو علم البعض من جميع وجوهه علم الكل ، فإن من وجوه كونه بعضا علم الكل ، ولذا كثرت الآيات واتضحت الدلالات ، ولكن الأبصار في حكم أغطيتها ، والقلوب في أكنتها ، والعقول مشغولة بمحاربة الأهواء ، فلا تتفرغ للنظر المطلوب منها« أَ وَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ »

إشارة إلى ما خلق عليه الإنسان الكامل الذي نصبه دليلا أقرب على العلم من طريق الكشف والشهود ، فقال أهل الشهود كفانا ، فما عرف الحق إلا الإنسان الكامل ، فإنه بنفسه عرفه ، وأما الإنسان الحيوان فعرفه بعقله بعد ما استعمل فكره في النظر في آيات الآفاق ، بمشاهدة التنزيه دون التشبيه الذي أعطته المماثلة بالصورة ، وأما الأنبياء عليهم السلام فقد وصفوا الحق بما شهدوه ، وأنزل عليهم بصفات المخلوقين ، لوجود الكمال الذي هو عليه الحق ، وما وصل إلى هذه المعرفة باللّه لا ملك ولا عقل إنسان حيواني ، فإن اللّه حجب الجميع عنه ، وما ظهر إلا للإنسان الكامل ، الذي هو ظله الممدود ، وعرشه المحدود ، وبيته المقصود ، الموصوف بكمال الوجود ، فلا أكمل منه ، لأنه لا أكمل من الحق تعالى ، فعلمه الإنسان الكامل من حيث عقله وشهوده ، فجمع بين العلم البصري الكشفي وبين العلم العقلي الفكري ، فمن رأى أو علم الإنسان الكامل الذي هو نائب الحق فقد علم من استخلفه ، فإنه بصورته ظهر ، وما أنكر الحق من أنكره في الآخرة أو حيث وقع الإنكار ، إلا لما تقدمهم من النظر العقلي ، وقيدوا الحق ، فلما لم يروا ما قيدوه به من الصفات ، عند ذلك أنكروه ،

ص 57

ألا تراهم إذا تجلى لهم بالعلامة التي قيدوه بها عند ذلك يقرون له بالربوبية ، فلو تجلى لهم ابتداء قبل هذا التقييد لما أنكره أحد من خلقه ، فإنه بتجليه ابتداء يكون دليلا على نفسه ، فلهذا قلنا في الإنسان الكامل : إنه نائب عن الحق في الظهور للخلق لحصول المعرفة به على الكمال الذي تطلبه الصورة الإلهية ، واللّه من حيث ذاته غني عن العالمين - الوجه السابع -« سَنُرِيهِمْ آياتِنا »يعني الآيات المنزلة« فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ »
[ ما المقصود بالتفسير الإشاري ؟ أقسام العالم ونظائره في الإنسان : ] 
فكل آية منزلة لها وجهان : 
وجه يرى في النفس ووجه يرى فيما خرج عن النفس ، فالوجه الذي في النفس يسميه أهل المعرفة إشارة ، ولا يقولون في ذلك إنه تفسير ، 
فيقولون : تفسير من باب الإشارة ، وإن كان ذلك حقيقة وتفسيرا لمعانيه النافعة ، ويردون ذلك إلى نفوسهم ، مع تقريرهم التفسير في العموم وفيما نزل فيه من الوجه الثاني كما يعلمه أهل اللسان الذي نزل الكتاب بلسانهم ، فعم به سبحانه عند أهل المعرفة الوجهين فإن العوالم أربعة : العالم الأعلى وهو عالم البقاء ، ثم عالم الاستحالة وهو عالم الفناء ، ثم عالم التعمير وهو عالم البقاء والفناء ، ثم عالم النسب ، وهذه العوالم في موطنين ، في العالم الأكبر وهو ما خرج عن الإنسان ، وفي العالم الأصغر وهو الإنسان ، فأما العالم الأعلى ، فالحقيقة المحمدية وفلكها الحياة ، نظيرها في الإنسان اللطيفة والروح القدسي ، ومنهم العرش المحيط ونظيره من الإنسان الجسم ، ومن ذلك الكرسي ، ونظيره من الإنسان النفس ، ومن ذلك البيت المعمور ، ونظيره من الإنسان القلب ، ومن ذلك الملائكة ونظيرها من الإنسان الأرواح والقوى ، ومن ذلك زحل وفلكه ، ونظيره من الإنسان القوة العلمية والنفس ، ومن ذلك المشتري وفلكه ، نظيرهما القوة الذاكرة ومؤخر الدماغ ، ومن ذلك الأحمر وفلكه ، نظيرهما القوة العاقلة واليافوخ ، ومن ذلك الشمس وفلكها ، نظيرهما القوة المفكرة ووسط الدماغ ، ثم الزهرة وفلكها نظيرهما القوة الوهمية والروح الحيواني ، ثم الكاتب وفلكه نظيرهما القوة الخيالية ومقدم الدماغ ، ثم القمر وفلكه نظيرهما القوة الحسية والجوارح التي تحس ، فهذه طبقات العالم الأعلى ونظائره من الإنسان - وأما عالم الاستحالة - فمن ذلك كرة الأثير وروحها الحرارة واليبوسة ، وهي كرة النار ، ونظيرها الصفراء وروحها القوة الهاضمة ، ومن ذلك الهواء وروحه الحرارة والرطوبة ، ونظيره الدم وروحه القوة الجاذبة ، ومن ذلك الماء وروحه البرودة والرطوبة ، نظيره البلغم وروحه القوة الدافعة ، ومن ذلك التراب وروحه البرودة

ص 58

واليبوسة ، نظيره السوداء وروحها القوة الماسكة ، وأما الأرض فسبع طباق ، أرض سوداء ، وأرض غبراء ، وأرض حمراء ، وأرض صفراء ، وأرض بيضاء ، وأرض زرقاء ، وأرض خضراء ، نظير هذه السبعة من الإنسان في جسمه ، الجلد والشحم واللحم والعروق والعصب والعضلات والعظام
 - وأما عالم التعمير - فمنهم الروحانيون ، نظيرهم القوى التي في الإنسان ، ومنهم عالم الحيوان نظيره ما يحس من الإنسان ، ومنهم عالم النبات ، نظيره ما ينمو من الإنسان ، ومن ذلك عالم الجماد ، نظيره ما لا يحس من الإنسان - وأما عالم النسب - فمنهم العرض نظيره الأسود والأبيض والألوان والأكوان ، 
ثم الكيف نظيره الأحوال مثل الصحيح والسقيم ، ثم الكم نظيره الساق أطول من الذراع ، ثم الأين نظيره العنق مكان للرأس ، والساق مكان للفخذ ، ثم الزمان نظيره حركت رأسي وقت تحريك يدي ، 
ثم الإضافة نظيرها هذا أبي فأنا ابنه ، ثم الوضع نظيره لغتي ولحني ، ثم أن يفعل نظيره أكلت ، 
ثم أن ينفعل نظيره شبعت ، ومنهم اختلاف الصور في الأمهات كالفيل والحمار والأسد والصرصر ، نظير هذا القوة الإنسانية التي تقبل الصور المعنوية من مذموم ومحمود ، هذا فطن فهو فيل ، هذا بليد فهو حمار ، هذا شجاع فهو أسد ، هذا جبان فهو صرصر أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ، وهو إحسان اللّه ، فهو رؤية عباده في حركاتهم وتصرفاتهم ، فشهوده لكل شيء هو إحسانه ، فإنه بشهوده يحفظه من الهلاك
 - خلاصة وتحقيق - لما تحير العارفون فيه فيقولون في وقت : هو ، وفي وقت : ما هو . 
وفي وقت :  هو ما هو ، فلا تستقر لهم فيه قدم ، ولا يتضح لهم إليه طريق أمم ، لأنهم يشهدونه عين الآية والطريق ، 
فتحول هذه المشاهدة بينهم وبين طلب غاية الطريق ، إذ لا تسلك الطريق إلا إلى غاياتها ، والمقصود معهم وهو الرفيق ، فلا سالك ولا سلوك ، 
فتذهب الإشارات وليست سواه ، وتطيح العبارات وما هي إلا إياه ، فلا ينكر على العارف ما يهيم فيه من العالم ، وما يتوهمه من المعالم ، ولولا أن هذا الأمر كما ذكرناه ، ما أحب نبي ولا رسول أهلا ولا ولدا ، ولا آثر على أحد أحدا ، وذلك لتفاضل الآيات ، 
وتقلب العالم هو عين الآيات ، وليست غير شؤون الحق التي هو فيها ، وقد رفع بعضها فوق بعض درجات ، لأنه بتلك الصورة ظهر في أسمائه ، فعلمنا تفاضل بعضها على بعض بالعموم والخصوص ، فهو الغني عن العالمين ، وهو القائل( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )فأين الخالق من الغني ؟

ص 59

وأين القابض منه والمانع ؟ 
وأين العالم في إحاطته من القادر والقاهر ؟ 
فهل هذا كله إلا عين ما وقع في العالم ، فما تصرف رسول ولا عارف إلا فيه ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، وذلك لأن من الناس من في أذنه وقر وعلى بصره غشاوة ، وعلى قلبه قفل وفي فكره حيرة ، وفي علمه شبهة وبسمعه صمم ، وو اللّه ما هو هذا كله عند العارف إلا للقرب المفرط( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ )ولهذا هام في العالم العارفون ، وتحقق بمحبته المتحققون ، ولهذا قلنا فيه في بعض عباراتنا : إنه مرآة الحق ، فما رأى العارفون فيه إلا صورة الحق ، وهو سبحانه الجميل ، والجمال محبوب لذاته ، والهيبة له في قلوب الناظرين إليه ذاتية ، فأورث المحبة والهيبة .

[ سورة فصلت ( 41 ) : آية 54 ] 
أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ( 54 )
« أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ »فإنه تعالى أبان لنا في هذه الإحالة عن أحسن الطرق في العلم به ، فتبين لنا أنه الحق ، وأنه على كل شيء شهيد ، وقال في حق من عدل عن هذا النظر بالنظر فيه تعالى ابتداء« أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ »فلو رجعوا إلى ما دعاهم إليه من النظر في نفوسهم ، لم يكونوا في مرية من لقاء ربهم [ من عرف نفسه عرف ربه ] ثم تمم وقال :« أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ »
- الوجه الأول - وأراد هنا شيئية الوجود لا شيئية الثبوت ، فإن الأمر هناك لا يتصف بالإحاطة ، فكل ما سوى اللّه لا يمكنه الخروج من قبضة الحق ، فهو موجدهم ، فارجع بالنظر والاستقبال إلى ما منه خرجت ، فإنه لا أين لك غيره ، وانظر فيه تجده محيطا بك مع كونه مستقبلك ، فقد جمع بين الإطلاق والتقييد
 - الوجه الثاني - لما كان ظهور الحق في الآيات وفي الأنفس هو الذي تبين له بالآيات تمم وقال :« إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ » من العالم« مُحِيطٌ »والإحاطة بالشيء تستر ذلك الشيء ، فيكون الظاهر المحيط لا ذلك الشيء ، وصار ذلك الشيء وهو العالم في المحيط كالروح للجسم ، والمحيط كالجسم للروح ، الواحد شهادة وهو المحيط الظاهر والآخر غيب وهو المستور بهذه الإحاطة وهو عين العالم ، ولما كان الحكم للموصوف بالغيب في الظاهر الذي هو الشهادة ، وكانت أعيان شيئيات العالم على استعدادات في أنفسها ، حكمت على الظاهر فيها بما تقتضيه حقائقها ، فظهرت صورها في المحيط وهو الحق ، فقيل عرش وكرسي وأفلاك

ص 60

وأملاك وعناصر ومولدات وأحوال تعرض ، وما ثم إلا اللّه 
- الوجه الثالث -« أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ »أي له في كل شيء إحاطة بما في ذلك المعلوم عليه ، إذا كانت الباء بمعنى في. 
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى