اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية

اذهب الى الأسفل

19092017

مُساهمة 

25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية Empty 25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية




25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية

كتاب فصوص الحكم الشيخ الاكبر محيي الدين بن عربي الحاتمي الطائي

25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية

حكمة قتل الأبناء «1» «1» من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قُتِل من أجله لأنه قتل على أنه موسى. و ما ثَمَّ جهلٌ‏ «2»، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة «3» المقتول من أجله- و هي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض‏ «4» النفسية، بل هي على فطرة «بلى». فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئاً لذلك المقتول مما كان استعدادُ روحه له، كان في موسى عليه السلام. و هذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حِكَمَ موسى كثيرة و أنا إن شاء اللَّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أول ما شوفهتُ به من هذا الباب، فما ولد موسى إلا و هو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعَّالة لأن الصغير يفعل في الكبير. أ لا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق‏ «5» له و يظْهَر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو «6» لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه‏ «7» حتى لا يضيق صدره. هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين‏
______________________________
(1) ب: الأنبياء
(2) ا: بجهل. و ما ثم جهل أي ما في قتل الأبناء على هذا الوجه جهل، بل هو مقصود لحكمة إلهية. أو ما ثم جهل بمعنى أنه علم أن كل من قتل قُتل على أنه موسى. أو معناه: و ما جهل فرعون أن قتله الأبناء على أنهم موسى كان ظلماً و عمداً فوجب القصاص‏
(3) ن: جناءه، و هو تحريف‏
(4) ا: الأغراض، بالعين‏
(5) «ا» و «ن»: و يرقرق‏
(6) ا: ساقطة
(7) ب: و تأنيه.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 198
و الكبير أبعد. فمن كان من اللَّه أقرب سخَّر «1» من كان من اللَّه أبعد، كخواص المَلِك للقرب منه يسخِّرون الأبعدين. كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم يبرز بنفسه‏ «2» للمطر إذا نزل و يكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه. فانظر إلى هذه المعرفة باللَّه من هذا النبي ما أجلَّهَا و ما أعلاها و أَوضَحَها. فقد سخَّر المطرُ أفضل البشر لقربه من ربه فكان مِثْلَ الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه‏ «3» بالحال بذاته فبرز «4» إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه. فهذه رسالة ماء جعل اللَّه منه كل شي‏ء حي فافهم.
و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليمِّ: فالتابوت ناسوته، و اليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية و القوى‏ «5» الحسية و الخيالية التي لا يكون شي‏ء منها و لا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري. فلما حصلت النفس في هذا الجسم و أُمِرَت بالتصرف فيه و تدبيره، جعل اللَّه لها هذه القوى آلات يُتَوَصَّل‏ «6» بها إلى ما أراده اللَّه منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب «2».
فرُمِي به في اليم ليحصُلَ بهذه‏ «7» القوى على فنون العلم‏ «8» فأعلمه بذلك أنه و إن كان الروح المدبر له هو المَلِك، فإنه لا يدبره إلا به. فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت‏ «9» في باب الإشارات و الحِكَم.
كذلك تدبير الحق العالَم ما دبَّره إلا به أو بصورته، فما دبَّره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد «3»، و المسببات على‏أسبابها، و المشروطات على شروطها، و المعلولات‏ «10» على عللها «4»، و المدلولات على أدلتها، و المحقَّقات‏
______________________________
(1) ن: فسخر
(2) ب: نفسه‏
(3) «ب» و «ن»: يدعوه. و دعاه أي المطر دعا الرسول بلسان الحال‏
(4) «ب» و «ن»: فيبرز
(5) ب: و القوة
(6) ب: تتوصل‏
(7) ب: ساقطة
(8) ا: العلوم‏
(9) ب: في التابوت‏
(10) ن: المعلومات‏

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 199
على حقائقها. و كل ذلك من العالم و هو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به. و أما قولنا أو بصورته- أعني صورة العالم- فأعني به الأسماء الحسنى و الصفات العلى التي تَسمّى الحق بها و اتصف بها. فما وصل إلينا من اسم تَسَمّى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم و روحه في العالم. فما دبر العالم أيضاً إلا بصورة العالم.
و لذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات و الصفات و الأفعال «إن اللَّه خلق آدم على صورته». و ليست صورته سوى الحضرة الإلهية. فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية و حقائق‏ «1» ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، و جعله روحاً للعالم فسخر له العلو و السفل لكمال الصورة «2». فكما أنه ليس شي‏ء من‏ «3» العالم إلا و هو يسبح بحمده، كذلك ليس شي‏ء من‏ «4» العالم إلا و هو مسخر لهذا الإنسان «5» لما تعطيه حقيقة صورته. فقال تعالى‏ «وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ». فكل ما في العالم تحت تسخير «5» الإنسان، عَلِمَ ذلك من علمه- و هو الإنسان الكامل- و جهل ذلك من جهله، و هو الإنسان الحيوان. فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، و إلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، و في الباطن كانت نجاة له من القتل. فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى‏ «أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً» يعني بالجهل‏ «فَأَحْيَيْناهُ» يعني‏ «6» بالعلم، «وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ» و هو الهدى، «كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ» و هي الضلال‏ «لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها» أي لا يهتدي أبداً: فإن الأمر «7» في نفسه لا غاية له يوقف‏ «8» عندها «6». فالهدى هو أن يهتدي الإنسان‏
______________________________
(1) ن: ساقط
(2) ن: ساقط
(3) ب: «في»
(4) ب: «في»
(5) ب: تسخيراً
(6) ب: ساقطة
(7) ب: العلم‏
(8) ن: فيوقف‏

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 200
إلى الحيرة، فيعلم‏ «1» أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم. و كذلك في الماء الذي به حياة الأرض و حركَتُها، قوله تعالى‏ «اهْتَزَّتْ» و حَمْلُهَا، قوله‏ «وَ رَبَتْ»، و ولادَتُهَا قوله‏ «2» «وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ». أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعياً مثلها. فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها. كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا و كذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية. فثبت‏ «3» به و بخالقه‏ «4» أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور «5» الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته. كذلك الحق بما ظهر منه من صور «6» التجلي، فكان مجلى صور «7» العالم مع الأحدية المعقولة «7». فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص اللَّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده. و لما وجده آل فرعون في اليمِّ عند الشجرة سماه فرعون مُوسى: و المو هو الماء بالقبطية و السَّا هو الشجرة «8»، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة «9» في اليم. فأراد قتله فقالت‏ «10» امرأته- و كانت مُنْطَقَةً بالنطق الإلهي- فيما قالت‏
______________________________
(1) ا: ليعلم‏
(2) ن: ساقطة
(3) ا: فثبتت‏
(4) ا: و تخالفت. يقرأ القاشاني (ص 903) «فثنيت به» و يشرحها بمعنى الشفعية. و يقرأ «و يخالفه» أي و يخالف ما ظهر عنه من العالم أحدية الكثرة التي للحق لذاته. و يقرأ بالي (ص 390- 1) «و ثنيت به و بخالقه أحدية الكثرة». و يقرأ القيصري (ص 274) «فثبت به و بخالقه»- أي فثبت بالعالم و الحق الذي هو خالقه، أي بهذا المجموع، أحدية الكثرة كما مر في الفص الاسماعيلي أن مسمى اللَّه أحدي بالذات، كل بالأسماء و الصفات. و يقول: و صحف بعض الشارحين قوله «بخالقه» و قرأ يخالفه من الخلاف و هو خطأ.
(5) ا: بالصورة
(6) ا: صورة
(7) ا: صورة
(8) ا: «الشجر»
(9) ا: «الشجر»
(10) ب: فقالت له.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 201
لفرعون، إذ كان اللَّه تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد «1» لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذُّكران‏ «2»- فقالت لفرعون في حق موسى إنه‏ «قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ». فبه قرَّت عينها بالكمال‏ «3» الذي حصل لها كما قلنا، و كان قرة عين لفرعون‏ «4» بالإيمان الذي أعطاه اللَّه عند الغرق.
فقبضه طاهراً مطهراً ليس فيه شي‏ء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه «8» قبل أن يكتسب شيئاً من الآثام. و الإسلام يَجُبُ‏ «5» ما قبله. و جعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء «6» حتى لا ييأس أحد من رحمة اللَّه، «فإنه‏ «7» لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏ «8» إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ». فلو كان فرعون ممن‏ «9» يئس ما بادر إلى الايمان.
فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه‏ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا». و كذلك وقع فإن اللَّه نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله. و لما عصمه اللَّه من فرعون‏ «أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى‏ فارِغاً» من الهم الذي كان قد أصابها. ثم إن اللَّه حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمِّل اللَّه لها سرورها به. كذلك‏ «10» علم الشرائع، كما قال تعالى‏ «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً» أي طريقاً. و منهاجاً أي من تلك الطريقة جاء «9». فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء. فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.
فما «11» كان حراماً في شرع يكون حلالًا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني‏
______________________________
(1) ب: ساقطة
(2) ن: الذكران‏
(3) ا: في الكمال‏
(4) ن: ساقطة
(5) ب: يحب‏
(6) ن: يشاء
(7) ن: ساقط. و يقرأ ا: رحمه اللَّه بدلا من روح اللَّه‏
(8) ن: ساقط. و يقرأ ا: رحمه اللَّه بدلا من روح اللَّه‏
(9) ن: ساقط
(10) ب: فكذلك‏
(11) ن: فكان‏

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 202
قولي يكون حلالًا، و في نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك. فكنَّى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع:
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكوَّن فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما «1» لو لم يَتَغَذَّ به و لم‏ «2» يَخْرُج عنها ذلك الدم لأهلكها و أمرضها. فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها و لا يخرج و لا يتغذى به جنينها. و المرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. فجعل اللَّه ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر «3» عينها أيضاً بتربيته و تشاهد انتشاءه‏ «4» في حجرها، «وَ لا تَحْزَنَ». و نجاه اللَّه من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه اللَّه من العلم الإلهي و إن لم يخرج عنها، و فتنه فتوناً أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه اللَّه‏ «5» به. فأول ما أبلاه اللَّه به‏ «6» قتله القبطي بما ألهمه اللَّه و و فقه له في سِرِّه‏ «7» و إن لم يعلم بذلك، و لكن لم يجد في نفسه اكتراثاً بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى يُنَبَّأ أي يخبر بذلك. و لهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر «8» عليه قتله و لم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي» ينبهه‏ «9» على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر و إن لم يشعر بذلك. و أراه أيضاً خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة «10» من يد الغاصب. جعل له ذلك‏
______________________________
(1) ب: بما أنه‏
(2) ا: و لو لم‏
(3) ب: ليقر
(4) ا: انتشاه‏
(5) ن: ساقطة
(6) ا: ساقطة
(7) ن: أمره‏
(8) ب: فأنكر موسى‏
(9) ب: نبهه.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 203
في مقابلة التابوت له الذي كان في اليمِّ مُطبقاً عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة.
و إنما فعلت به أمه ذلك خوفاً من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبراً «11» «1» و هي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها اللَّه به من حيث لا تشعر. فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المَثَل «عين لا ترى قلب لا يفجع» «2». فلم تخفْ عليه خوف مشاهدة عين، و لا حزنت عليه حزن رؤية بصر، و غلب على ظنها أن اللَّه ربما ردَّه إليها لحسن‏ «3» ظنها به. فعاشت بهذا الظن في نفسها، و الرجاء يقابل الخوف و اليأس، و قالت حين أُلْهِمَتْ لذلك‏ «4» لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون و القبط على يديه. فعاشت و سُرَّتْ بهذا التوهم و الظن بالنظر إليها، و هو علم في نفس الأمر. ثم‏ «5» إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارّاً- خوفاً في الظاهر، و كان في المعنى حبًّا للنجاة. فإن الحركة أبداً إنما هي حبِّية، و يُحْجب‏ «6» الناظر فيها بأسباب أخر «12»، و ليست تلك 34. و ذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكناً فيه إلى الوجود، و لذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت‏ «7» الحركة التي هي وجود العالم حركة حب. و قد نبَّه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم على ذلك بقوله «كنت كنزاً «8» لم أُعْرَف فأحببت أن أُعْرف‏ «9»». فلو لا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه. فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجِد لذلك: و لأن العالم أيضاً يحب شهود نفسه وجوداً كما شهدها ثبوتاً، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة «10» حبٍ من جانب الحق و جانبه: فإن‏
______________________________
(1) ب: ضيراً. قرأها هكذا القاشاني و بالي و القيصري. و نص جامي على أنها صبراً بالصاد و الباء و أن ضيراً تحريف. و قتله صبراً قول مشهور
(2) ن: تيجع‏
(3) ن: بحسن‏
(4) الجار و المجرور متعلق بقالت: أي قالت من أجل ذلك لعل إلخ‏
(5) ا: ساقطة
(6) ب: و حجب‏
(7) ب: و كانت‏
(8) ب: كنزاً مخفياً.
(9) «أن أعرف» ساقط في ب‏
(10) ن: و حركه.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 204
الكمال محبوب لذاته، و علمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هُوَ لَهُ‏ «1». و ما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم‏ «2» الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدَث و القديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين، و كذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي و هو «3» الحادث. فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة «4» العالم الثابت. فيسمى‏ «5» حدوثاً لأنه ظهر بعضه لبعضه و ظهر لنفسه بصور «6» العالم. فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبيَّة للكمال فافهم «13». أ لا تراه كيف نفَّس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين‏ «7» مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له‏ «8»، و لم يوصل إليها إلا بالوجود «9» الصوري الأعلى و الأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثَمَّ حركة في الكون إلا و هي حبيَّة. فمن العلماء من يعلم ذلك و منهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه‏ «10» في الحال و استيلائه على النفس. فكان الخوف لموسى مشهوداً له بما وقع من قتله القبطي، و تضمَّن الخوفُ حبَّ النجاة من القتل «14». ففر لمَّا خاف، و في المعنى ففر لمَّا أحبَّ النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
و حب النجاة مُضَمن‏ «11» فيه تضمين الجسد للروح المدبر له. و الأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، و اعتمادهم على فهم العالِمِ السامع.
فلا يَعْتَبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرْتبة «12» أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على‏
______________________________
(1) ب: هو له بذاته‏
(2) «ا» و «ن»: و ما بقي إلا تمام معرفة العلم به. فالعلم إلخ‏
(3) ب: فهو
(4) ب: بصور
(5): فسمى- ن: يسمى‏
(6) ن: بصورة
(7) ا: عن‏
(8) ا: ساقطة
(9) ا: الوجود له‏
(10) ا: بحكمة
(11) ا: تضمن‏
(12) ن: مرتبه.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 205
هذه المرتبة «1» في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيرُهُ أَحب إليّ منه مخافة أن يكبه اللَّه في النار». فاعتبر الضعيف العقل و النظر الذي غلب عليه الطمع و الطبْع. فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به و عليه خِلْعَة أدنى الفهوم ليقف من لا غوْصَ‏ «2» له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة و يراها غاية الدرجة. و يقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحِكَم- بما استوجب هذا- «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة و صنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.
و لما علمت الأنبياء و الرسل و الورثة أن في العالم و أممهم‏ «3» من هو بهذه المثابة، عمدوا «4» في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك‏ «5» الخاص و العام، فيفهَم منه الخاص ما فهم العامة منه و زيادة مما صح له به اسم أنه‏ «6» خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى‏ «7» المبلغون‏ «8» العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام‏ «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ»، و لم يقل ففررت منكم حباً في السلامة و العافية. فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين‏ «فَسَقى‏ لَهُما» من غير أجر، «ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ» الإلهي فقال‏ «رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» فجعل عين عمله‏ «9» السقي عين الخير الذي أنزله اللَّه إليه، و وصف نفسه بالفقر إلى اللَّه في الخير الذي عنده. فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه‏ «10» على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم‏ «11» يذكر حتى تمنى صلى اللَّه عليه و سلم أن يسكت موسى عليه السلام و لا يعترض حتى يقص‏ «12» اللَّه عليه من أمرهما
______________________________
(1) ا: الرتبة
(2) ا: غرض. ن: عرض‏
(3) ب: و في أمتهم. ن: و أمتهم‏
(4) ب: عهدوا
(5) ن: الاشتراك‏
(6) ن: ساقطة
(7) ن: و اكتفى.
(8) ا: المتلقون‏
(9) ا: علمه‏
(10) ن: فعيبه‏
(11) ن: ساقطة
(12) ب: يقضي.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 206
فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير «1» علم منه. إذ لو كان على‏ «2» علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد اللَّه له عند موسى و زكاه و عدَّله‏ «3». و مع هذا غفل موسى عن تزكية اللَّه‏ «4» و عما شرطه‏ «5» عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر اللَّه. و لو كان موسى عالماً بذلك لما قال له الخضر «ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا «15». فأنْصَفَ. و أما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول اللَّه فيه‏ «وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا». فوقف العلماء باللَّه الذين يعرفون قدر الرسالة و الرسول عند هذا القول. و قد علم الخضر أن موسى رسول اللَّه فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول‏ «6»: فقال له‏ «إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْ‏ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي» فنهاه عن صحبته. فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ». و لم يقل له موسى لا تفعل و لا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه. فسكت موسى و وقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم و توفيقة الأدب الإلهي حقه و إنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه اللَّه لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه اللَّه لا أعلمه أنا». فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله‏ «وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى‏ ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر. و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبَار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
و لا شك أن العلم بالشي‏ء خير من الجهل به: و لهذا «7» مدح اللَّه نفسه بأنه بكل‏
______________________________
(1) ب: ساقطة
(2) ب: عن‏
(3) عدله أي زكاه‏
(4) ب: اللَّه له‏
(5) ا: شرطه‏
(6) ن: الرسل‏
(7) ا: و بهذا.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 207
شي‏ء عليم‏ «1» فقد اعترف صلى اللَّه عليه و سلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا «2» منه لكونه لا خبرة «3» له بذلك فإنه علم ذوق و تجربة و لم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان‏ «4» شغله بالأهم فالأهم. فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه. و قوله‏ «فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً» يريد الخلافة، «وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ» يريد الرسالة «16»: فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. و الرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ‏ «5» ما أُرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول. فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة- أي ما أُعْطِيَ الملك و لا التحكم فيه. و أما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يَكن‏ «6» عن جهل، و إنما كان عن اختبار «17» حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه- و قد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم- فيستدل بجوابه على صدق دعواه. و سأل سؤال إيهام‏ «7» من أجل الحاضرين حتى يعرِّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: ف إذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون- إبقاء لمنصبه- أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين- لقصور فهمهم- أن فرعون أعلم من موسى. و لهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي- و هو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه، و قد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك- فقال لأصحابه‏ «إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلًا. فالسؤال صحيح، فإن السؤال‏
______________________________
(1) ا: محيطه‏
(2) ا: دنياهم‏
(3) ا: لا خبر
(4) ا: كل‏
(5) ب: البلاغ لما
(6) ا: تكن‏
(7) إبهام بالباء في المخطوطات الثلاثة و لكن جامي يقرؤها إيهام و يقول هكذا كانت في نسخة المؤلف. و المراد سؤال يوهم خلاف المقصود.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 208
عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، و لا بد أن يكون على حقيقة في نفسه‏ «1».
و أما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس و فصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، و مَنْ لا جنس له لا يلزم ألّا «2» يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره. فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق و العلم الصحيح و العقل السليم، و الجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. و هنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم. فكأنه قال في جواب قوله‏ «وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ»- قال- الذي يظهر فيه صور العالمين من علو- و هو السماء- و سفل و هو الأرض: «إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ»، أو يظهر «3» هو بها. فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنوناً، زاد موسى في البيان‏ «4» ليَعْلم فرعون رتبته‏ «5» في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ» فجاء بما يَظْهَر و يُسْتَر، و هو الظاهر و الباطن، و ما بينهما و هو قوله‏ «بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ»*. «إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ»* «18»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد «6». فالجواب الأول جواب الموقنين و هم أهل الكشف و الوجود.
فقال له‏ «إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ» أي أهل كشف و وجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم و وجودكم، فإن‏ «7» لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحقُّ فيما تعطيه أدلة عقولكم. فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله و صدقه. و علِمَ موسى أن فرعون علم ذلك‏
______________________________
(1) ب: «في نفسه لا تكون لغيره، فالسؤال صحيح»
(2) ن: أن‏
(3) ب: يظهر فيها هو بها
(4) ا: زاد في البيان موسى‏
(5) ب: مرتبته‏
(6) ب: فإن للعقل التقييد
(7) ا: و إن.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 209
- أو يعلم ذلك- لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما «1»، فلذلك‏ «2» أجاب. و لو «3» علم منه غير ذلك لخطَّأه في السؤال. فلما جعل موسى المسئول عنه عين العالم، خاطبه فرعون بهذا اللسان‏ «4» و القوم لا يشعرون. فقال له‏ «لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ».
و السين في «السجن» من حروف الزوائد: أي لأسترنك: فإنك أجبت بما أيدتني به أن أقول لك مثل هذا القول. فإن قلت لي: فقد جهلت يا فرعون بوعيدك إياي، و العين واحدة، فكيف فرقت، فيقول فرعون إنما فرَّقَتْ المراتب‏ «5» العينَ، ما تفرقت العين و لا انقسمت في ذاتها. و مرتبتي الآن التحكم فيك يا موسى بالفعل، و أنا أنت بالعين و غيرك بالرتبة. فلما فهم‏ «6» ذلك موسى منه أعطاه حقه في كونه‏ «7» يقول له لا تقدر على ذلك، و الرتبة «8» تشهد له بالقدرة عليه و إظهار الأثر فيه: لأن الحق في رتبة فرعون من الصورة «9» الظاهرة، لها التحكم على الرتبة التي كان فيها ظهور موسى في ذلك المجلس. فقال له، يظهر «10» له المانع من تعديه عليه، «أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَيْ‏ءٍ مُبِينٍ». فلم يسَعْ فرعونَ إلا أن يقول له‏ «فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» حتى لا يظهر فرعون عند الضعفاء الرأي من قومه‏ «11» بعدم الإنصاف فكانوا يرتابون فيه، و هي الطائفة التي استخفها «12» فرعون فأطاعوه‏ «إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ»: أي خارجين عما تعطيه العقول الصحيحة من إنكار ما ادعاه فرعون باللسان الظاهر «13» في العقل،
______________________________
(1) ا: بها. ب: بما هو
(2) ا: و لذلك. ب:+ بما هو لكونهم لا يجيزون السؤال عن ماهية ما لا حد له بجنس و فصل، فلما علم موسى ذلك، فلذلك إلخ‏
(3) «ب» و «ن»: فلو
(4) ب: اللسان الكشفي‏
(5) ب: مراتب‏
(6) ن: أفهم‏
(7) أي حالة كونه‏
(8) ب: و الرتبة الفرعونية
(9) ا: الصور
(10) ن: ساقطة
(11) ب: قوله‏
(12) ب: استحقها
(13) ب: الظاهري.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 210
فإن له حداً يقف عنده إذا جاوزه‏ «1» صاحب الكشف و اليقين. و لهذا جاء موسى في الجواب‏ «2» بما يقبله الموقن و العاقل خاصة «19». «فَأَلْقى‏ عَصاهُ»*، و هي صورة ما عَصَى به فرعونُ موسى في إبائه عن إجابة دعوته، «فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ»* أي حيَّة ظاهرة. فانقلبت المعصية التي هي السيئة طاعة أي حسنة كما قال‏ «يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ» يعني في الحكم. فظهر الحكم هنا عيناً متميزة في جوهر واحد «20». فهي العصا و هي الحية و الثعبان الظاهر، فالتقم أمثاله من الحيَّات من كونها حية و العصيَّ من كونها عصاً. فظهرت‏ «3» حجة موسى على حجج فرعون في صورة عِصيّ و حيات و حبال، فكانت للسحرة الحبال‏ «4» و لم يكن لموسى حبل. و الحبل التل الصغير: أي مقاديرهم بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة. فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، و أن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: و إن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز «5» في العلم المحقَّق عن التخيل و الإيهام. فآمنوا برب العالمين رب موسى و هارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى و هارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون. و لما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت، و أنه الخليفة بالسيف- و إن جار في العرف الناموسي- لذلك قال‏ «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏»: أي و إن كان الكل أرباباً بنسبة ما «6» فأنا الأعلى منهم بما أُعْطِيته في الظاهر من التحكم فيكم. و لما علمت السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه و أقروا له بذلك فقالوا له: إنما تقضي هذه الحياة الدنيا
______________________________
(1) ب: حاوره‏
(2) ب: بالجواب‏
(3) ا: فظهر
(4) ب: الجبال‏
(5) ب: تمييز
(6) ب: بنسبة ما و إضافة لمن ير به: و لعل هذه الإضافة مقتبسة من شرح القاشاني لأنها واردة فيه.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 211
فاقض ما أنت قاض‏ «1»، فالدولة لك‏ «2». فصح قوله‏ «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏». و إن كان عين‏ «3» الحق فالصورة لفرعون. فقطع الأيدي و الأرجل و صلب بعين حق في صورة باطل لنيل مراتب لا تنال إلا بذلك الفعل. فإن الأسباب لا سبيل إلى تعطيلها لأن الأعيان الثابتة اقتضتها، فلا تظهر في الوجود إلا بصورة ما هي عليه في الثبوت إذ لا تبديل لكلمات اللَّه. و ليست كلمات اللَّه سوى أعيان الموجودات «21»، فينسب إليها القدم من حيث ثبوتها، و ينسب إليها الحدوث من حيث وجودها و ظهورها. كما تقول حدث عندنا اليوم إنسان أو ضيف، و لا يلزم من حدوثه أنه ما «4» كان له وجود قبل هذا الحدوث. لذلك‏ «5» قال تعالى في كلامه العزيز أي في إتيانه مع قدم كلامه‏ «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ يَلْعَبُونَ»: «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ». و الرحمن‏ «6» لا يأتي إلا يأتي إلا بالرحمة. و من أعرض عن الرحمة استقبل العذاب الذي هو عدم الرحمة. و أما قوله‏ «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» إلا قوم يونس، فلم يدل ذلك على أنه لا ينفعهم في الآخرة لقوله‏ «7» في الاستثناء إلا قوم يونس، فأراد أن ذلك لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا، فلذلك أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه. هذا إن كان أمره أمر «8» من تيقن بالانتقال في تلك الساعة. و قرينة الحال تعطي أنه ما كان على يقين من الانتقال، لأنه عاين المؤمنين يمشون في الطريق اليَبَس الذي ظهر بضرب موسى بعصاه البحر. فلم يتيقن فرعون بالهلاك إذ آمن، بخلاف‏
______________________________
(1) الآية معكوسة و أصلها «فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ، إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا» (قرآن سورة طه آية 75)
(2) ب: له‏
(3) ب: غير
(4) ا: ساقطة
(5) ب: و لذلك‏
(6) «ا» و «ن»: و الرحمة
(7) «ا» و «ب»: بقوله‏
(8) ن: ساقطة

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 212
المحتضر حتى لا يلحق به. فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على التيقن‏ «1» بالنجاة، فكان كما تيقن لكن على‏ «2» غير الصورة التي أراد. فنجاه اللَّه من عذاب الآخرة في نفسه، و نجَّى بدَنه كما قال تعالى‏ «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً»، لأنه لو غاب بصورته ربما قال قومه احتجب. فظهر بالصورة المعهودة ميتاً ليُعْلَم أنه هو. فقد عمته النجاة حساً و معنى. و من حَقَّت عليه كلمة العذاب الأخروي لا يؤمن و لو جاءته كل آية حتى يروا «3» العذاب الأليم، أي يذوقوا العذاب الأخروي. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن. ثم إنّا نقول بعد ذلك: و الأمر فيه إلى اللَّه، لما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه، و ما لهم نص‏ «4» في ذلك يستندون إليه. و أما آله فلهم حكم آخر ليس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما يقبض اللَّه أحداً إلا و هو مؤمن أي مصدِّق بما جاءت به الأخبار الإلهية: و أعني من المحتضرين «22»: و لهذا يُكرَه موت الفجاءة و قتل الغفلة. فأما موت الفجاءة فحدُّه أن يخرج النفس الداخل و لا يدخل النفس الخارج. فهذا موت الفجاءة. و هذا غير المحتضر. و كذلك قتل الغفلة بضرب عنقه من ورائه و هو لا يشعر: فيقبض على ما كان عليه من إيمان أو كفر. و لذلك قال عليه السلام «و يحشر على ما عليه مات‏ «5»» كما أنه يُقْبَض على ما كان عليه. و المحتضر ما يكون إلا صاحب شهود، فهو صاحب إيمان بما ثَمَّة «6». فلا يقبض إلا على ما كان عليه، لأن «كان» حرف وجودي‏ «7» لا ينجر معه الزمان إلا بقرائن الأحوال: فيفرق بين الكافر المحتَضَر في الموت و بين الكافر المقتول غفلة أو الميت فجاءة كما قلنا في حد الفجاءة. و أما حكمة التجلي و الكلام‏
______________________________
(1) ا: اليقين‏
(2) ب: ساقطة
(3) ا: رأوا
(4) ن: من ناصر
(5) ا: ما مات عليه. ن: و يحشر ما مات عليه‏
(6) ا: تقدم ثم‏
(7) «ا» و «ن»: حرفاً وجودياً.

فصوص الحكم ( ابن عربي )، المتن، ص: 213
في صورة النار، فلأنها «1» كانت بغية موسى «23». فتجلى له في مطلوبه ليُقْبِلَ عليه و لا يعرض عنه. فإنه لو تجلى له في غير صورة مطلوبه أعرض عنه لاجتماع همه‏ «2» على مطلوب خاص. و لو أعرض لعاد عمله عليه و أعرض‏ «3» عنه الحق، و هو مصطفىً مقرب. فمن قربه أنه تجلى له في مطلوبه و هو لا يعلم.
كنار موسى رآها «4» عين حاجته‏ و هو الإله و لكن ليس يدريه‏
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 4 سبتمبر 2018 - 8:31 من طرف عبدالله المسافربالله

حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قُتِل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثَمَّ جهلٌ‏ ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله- وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض‏ النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئاً لذلك المقتول مما كان استعدادُ روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حِكَمَ موسى كثيرة وأنا إن شاء اللَّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري.
فكان هذا أول ما شوفهتُ به من هذا الباب، فما ولد موسى إل وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعَّالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
 ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه ويزقزق‏ له ويظْهَر له بعقله.

فهو تحت تسخيره وهو لا يشعر، ثم شغله بتربيته وحمايته وتفقد مصالحه وتأنيسه‏ حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير وذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين‏ والكبير أبعد.
فمن كان من اللَّه أقرب سخَّر من كان من اللَّه أبعد، كخواص المَلِك للقرب منه يسخِّرون الأبعدين.
 كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يبرز بنفسه‏ للمطر إذا نزل ويكشف رأسه له حتى يصيب منه ويقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة باللَّه من هذا النبي ما أجلَّهَ وما أعلاه وأَوضَحَها.
فقد سخَّر المطرُ أفضل البشر لقربه من ربه فكان مِثْلَ الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه‏ بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
 فهذه رسالة ماء جعل اللَّه منه كل شي‏ء حي فافهم.

وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليمِّ: فالتابوت ناسوته، واليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى‏ الحسية والخيالية التي لا يكون شي‏ء منه ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأُمِرَت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل اللَّه لها هذه القوى آلات يُتَوَصَّل‏ بها إلى ما أراده اللَّه منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب .

فرُمِي به في اليم ليحصُلَ بهذه‏ القوى على فنون العلم‏ فأعلمه بذلك أنه وإن كان الروح المدبر له هو المَلِك، فإنه لا يدبره إلا به. فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت‏ في باب الإشارات والحِكَم.
كذلك تدبير الحق العالَم ما دبَّره إلا به وبصورته، فما دبَّره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، والمسببات على ‏أسبابها، والمشروطات على شروطها، و المعلولات‏ على عللها ، والمدلولات على أدلتها، والمحقَّقات‏ على حقائقها.
 وكل ذلك من العالم وهو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به.
وأما قولن وبصورته- أعني صورة العالم- فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي تَسمّى الحق به واتصف بها. فما وصل إلينا من اسم تَسَمّى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم.
 فما دبر العالم أيضألا بصورة العالم.

ولذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال «إن اللَّه خلق آدم على صورته».
 وليست صورته سوى الحضرة الإلهية.
فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية وحقائق‏ ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، وجعله روحاً للعالم فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة .
فكما أنه ليس شي‏ء من‏ العالم إل وهو يسبح بحمده، كذلك ليس شي‏ء من‏ العالم إل وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته.
 فقال تعالى‏ «وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ».
 فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان، عَلِمَ ذلك من علمه- وهو الإنسان الكامل- وجهل ذلك من جهله، وهو الإنسان الحيوان. فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، وإلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، وفي الباطن كانت نجاة له من القتل. فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى‏ « ومَنْ كانَ مَيْتاً» يعني بالجهل‏ «فَأَحْيَيْناهُ» يعني‏ بالعلم، «وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ» وهو الهدى، «كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ» وهي الضلال‏ «لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها» أي لا يهتدي أبداً: فإن الأمر في نفسه لا غاية له يوقف‏ عندها .
فالهدى هو أن يهتدي الإنسان‏ إلى الحيرة، فيعلم‏ أن الأمر حيرة والحيرة قلق وحركة، والحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، ووجود، فلا عدم.
 وكذلك في الماء الذي به حياة الأرض وحركَتُها، قوله تعالى‏ «اهْتَزَّتْ» وحَمْلُهَا، قوله‏ «وَ رَبَتْ»، وولادَتُهَا قوله‏ «وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ».
أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعياً مثلها.
فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منه وظهر عنها.
كذلك وجود الحق كانت الكثرة له وتعداد الأسماء أنه كذ وكذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية.
 فثبت‏ به وبخالقه‏ أحدية الكثرة، وقد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته.
 كذلك الحق بما ظهر منه من صور التجلي، فكان مجلى صور العالم مع الأحدية المعقولة .
 فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص اللَّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده.
ولما وجده آل فرعون في اليمِّ عند الشجرة سماه فرعون مُوسى: والمو هو الماء بالقبطية والسَّا هو الشجرة ، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة في اليم. فأراد قتله فقالت‏ امرأته- وكانت مُنْطَقَةً بالنطق الإلهي- فيما قالت‏ لفرعون، إذ كان اللَّه تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد له ولمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذُّكران‏ - فقالت لفرعون في حق موسى إنه‏ «قُرَّتُ عَيْنٍ لِي ولَكَ».
فبه قرَّت عينها بالكمال‏ الذي حصل لها كما قلنا، وكان قرة عين لفرعون‏ بالإيمان الذي أعطاه اللَّه عند الغرق.

فقبضه طاهراً مطهراً ليس فيه شي‏ء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئاً من الآثام. والإسلام يَجُبُ‏ ما قبله. وجعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء حتى لا ييأس أحد من رحمة اللَّه، «فإنه‏ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ».
فلو كان فرعون ممن‏ يئس ما بادر إلى الايمان.

فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه‏ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي ولَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا».
 وكذلك وقع فإن اللَّه نفعهما به عليه السلام وإن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون وهلاك آله.
ولما عصمه اللَّه من فرعون‏ «أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى‏ فارِغاً» من الهم الذي كان قد أصابها.
ثم إن اللَّه حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمِّل اللَّه لها سرورها به.
كذلك‏ علم الشرائع، كما قال تعالى‏ «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهاجاً» أي طريقاً.
ومنهاجاً أي من تلك الطريقة جاء .
فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء.
فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.

فما كان حراماً في شرع يكون حلالًا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني‏ قولي يكون حلالًا، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد ولا تكرار. فلهذا نبهناك.
فكنَّى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع:

فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكوَّن فيه وتغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما لو لم يَتَغَذَّ به ولم‏ يَخْرُج عنها ذلك الدم لأهلكه وأمرضها.
فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عنده ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها.
والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته وإبقائه.
فجعل اللَّه ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر عينها أيضاً بتربيته وتشاهد انتشاءه‏ في حجرها، «وَ لا تَحْزَنَ».
ونجاه اللَّه من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه اللَّه من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها، وفتنه فتوناً أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه اللَّه‏ به.
 فأول ما أبلاه اللَّه به‏ قتله القبطي بما ألهمه اللَّه وو فقه له في سِرِّه‏ وإن لم يعلم بذلك، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثاً بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى يُنَبَّأ أي يخبر بذلك.
و لهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي» ينبهه‏ على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك.
و أراه أيضاً خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب.
 جعل له ذلك‏ في مقابلة التابوت له الذي كان في اليمِّ مُطبقاً عليه. فظاهره هلاك وباطنه نجاة.

وإنما فعلت به أمه ذلك خوفاً من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبر وهي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها اللَّه به من حيث لا تشعر.
فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المَثَل «عين لا ترى قلب لا يفجع» .
فلم تخفْ عليه خوف مشاهدة عين، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر، وغلب على ظنها أن اللَّه ربما ردَّه إليها لحسن‏ ظنها به.
فعاشت بهذا الظن في نفسها، والرجاء يقابل الخوف واليأس، وقالت حين أُلْهِمَتْ لذلك‏ لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يديه. فعاشت وسُرَّتْ بهذا التوهم والظن بالنظر إليها، وهو علم في نفس الأمر.
 ثم‏ إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارّاً- خوفاً في الظاهر، وكان في المعنى حبًّا للنجاة.
 فإن الحركة أبداً إنما هي حبِّية، ويُحْجب‏ الناظر فيها بأسباب أخر ، وليست تلك .
 وذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكناً فيه إلى الوجود، ولذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت‏ الحركة التي هي وجود العالم حركة حب.
وقد نبَّه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على ذلك بقوله «كنت كنزاً لم أُعْرَف فأحببت أن أُعْرف‏ ».
فلو لا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه.
فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجِد لذلك: ولأن العالم أيضاً يحب شهود نفسه وجوداً كما شهدها ثبوتاً، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة حبٍ من جانب الحق وجانبه: فإن‏ الكمال محبوب لذاته، وعلمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هُوَ لَهُ‏ .
وما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم‏ الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت.
فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدَث والقديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين، وكذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي وغير أزلي وهو الحادث. فالأزلي وجود الحق لنفسه، وغير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت.
فيسمى‏ حدوثاً لأنه ظهر بعضه لبعضه وظهر لنفسه بصور العالم. فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبيَّة للكمال فافهم .
ألا تراه كيف نفَّس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين‏ مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له‏ ، ولم يوصل إليهألا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل.
فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثَمَّ حركة في الكون إل و هي حبيَّة.
فمن العلماء من يعلم ذلك ومنهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه‏ في الحال واستيلائه على النفس.
فكان الخوف لموسى مشهوداً له بما وقع من قتله القبطي، وتضمَّن الخوفُ حبَّ النجاة من القتل .
ففر لمَّا خاف، وفي المعنى ففر لمَّا أحبَّ النجاة من فرعون وعمله به.

فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
وحب النجاة مُضَمن‏ فيه تضمين الجسد للروح المدبر له.
 والأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، واعتمادهم على فهم العالِمِ السامع.

فلا يَعْتَبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرْتبة أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على‏ هذه المرتبة في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل وغيرُهُ أَحب إليّ منه مخافة أن يكبه اللَّه في النار».
 فاعتبر الضعيف العقل والنظر الذي غلب عليه الطمع والطبْع.
 فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به وعليه خِلْعَة أدنى الفهوم ليقف من لا غوْصَ‏ له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة ويراها غاية الدرجة.
ويقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحِكَم- بما استوجب هذا- «هذه الخلعة من الملك».
فينظر في قدر الخلعة وصنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.

ولما علمت الأنبياء والرسل والورثة أن في العالم وأممهم‏ من هو بهذه المثابة، عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك‏ الخاص والعام، فيفهَم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه‏ خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى‏ المبلغون‏ العلوم بهذا.
فهذا حكمة قوله عليه السلام‏ «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ»، ولم يقل ففررت منكم حباً في السلامة والعافية.
 فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين‏ «فَسَقى‏ لَهُما» من غير أجر، «ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ» الإلهي فقال‏ «رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» فجعل عين عمله‏ السقي عين الخير الذي أنزله اللَّه إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى اللَّه في الخير الذي عنده.
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه‏ على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم‏ يذكر حتى تمنى صلى اللَّه عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص‏ اللَّه عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على‏ علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد اللَّه له عند موسى وزكاه وعدَّله‏ .
 ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللَّه‏ وعما شرطه‏ عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر اللَّه.
ولو كان موسى عالماً بذلك لما قال له الخضر «ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا . فأنْصَفَ.
وأما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول اللَّه فيه‏ «وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا».
 فوقف العلماء باللَّه الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول. وقد علم الخضر أن موسى رسول اللَّه فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول‏ : فقال له‏ «إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْ‏ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي» فنهاه عن صحبته.
 فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فِراقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ».
 ولم يقل له موسى لا تفعل ولا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه.
فسكت موسى ووقع الفراق.
 فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفيقة الأدب الإلهي حقه وإنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه اللَّه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه اللَّه لا أعلمه أنا».
فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله‏ «وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى‏ ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، وليست تلك الرتبة للخضر.
وظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبَار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».

ولا شك أن العلم بالشي‏ء خير من الجهل به: ولهذا مدح اللَّه نفسه بأنه بكل‏ شي‏ء عليم‏ فقد اعترف صلى اللَّه عليه وسلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا منه لكونه لا خبرة له بذلك فإنه علم ذوق وتجربة ولم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان‏ شغله بالأهم فالأهم.
 فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله‏ «فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً» يريد الخلافة، «وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.

فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية.
 والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ‏ ما أُرسل به: فإن قاتل عليه وحماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة- أي ما أُعْطِيَ الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يَكن‏ عن جهل، وإنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه- وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم- فيستدل بجوابه على صدق دعواه.
 وسأل سؤال إيهام‏ من أجل الحاضرين حتى يعرِّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فـ إذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون- إبقاء لمنصبه- أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين- لقصور فهمهم- أن فرعون أعلم من موسى. ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي- وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه، وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك- فقال لأصحابه‏ «إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلًا.
 فالسؤال صحيح، فإن السؤال‏ عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه‏ .

وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، و مَنْ لا جنس له لا يلزم ألّا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره.
فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم، والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى.
وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، وما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله‏ «وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ»- قال- الذي يظهر فيه صور العالمين من علو- وهو السماء- وسفل وهو الأرض: «إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ»، ويظهر هو بها.
 فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنوناً، زاد موسى في البيان‏ ليَعْلم فرعون رتبته‏ في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رَبُّ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ» فجاء بما يَظْهَر ويُسْتَر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهم وهو قوله‏ «بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ»*.
«إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ»* : أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد .
فالجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود.

فقال له‏ «إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ» أي أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم ووجودكم، فإن‏ لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل وتقييد و حصر.
 ثم الحقُّ فيما تعطيه أدلة عقولكم.
 فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله و صدقه.
وعلِمَ موسى أن فرعون علم ذلك‏ - ويعلم ذلك- لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما ، فلذلك‏ أجاب. ولو علم منه غير ذلك لخطَّأه في السؤال.
فلما جعل موسى المسئول عنه عين العالم، خاطبه فرعون بهذا اللسان‏ والقوم لا يشعرون.
فقال له‏ «لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ».

والسين في «السجن» من حروف الزوائد: أي لأسترنك: فإنك أجبت بما أيدتني به أن أقول لك مثل هذا القول.
فإن قلت لي: فقد جهلت يا فرعون بوعيدك إياي، والعين واحدة، فكيف فرقت، فيقول فرعون إنما فرَّقَتْ المراتب‏ العينَ، ما تفرقت العين ولا انقسمت في ذاتها.
ومرتبتي الآن التحكم فيك يا موسى بالفعل، وأنا أنت بالعين وغيرك بالرتبة.
فلما فهم‏ ذلك موسى منه أعطاه حقه في كونه‏ يقول له لا تقدر على ذلك، والرتبة تشهد له بالقدرة عليه وإظهار الأثر فيه: لأن الحق في رتبة فرعون من الصورة الظاهرة، لها التحكم على الرتبة التي كان فيها ظهور موسى في ذلك المجلس.
 فقال له، يظهر له المانع من تعديه عليه، « ولَوْ جِئْتُكَ بِشَيْ‏ءٍ مُبِينٍ».
 فلم يسَعْ فرعونَ إلا أن يقول له‏ «فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» حتى لا يظهر فرعون عند الضعفاء الرأي من قومه‏ بعدم الإنصاف فكانوا يرتابون فيه، وهي الطائفة التي استخفها فرعون فأطاعوه‏ «إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ»: أي خارجين عما تعطيه العقول الصحيحة من إنكار ما ادعاه فرعون باللسان الظاهر في العقل، فإن له حداً يقف عنده إذا جاوزه‏ صاحب الكشف واليقين. ولهذا جاء موسى في الجواب‏ بما يقبله الموقن والعاقل خاصة .
 «فَأَلْقى‏ عَصاهُ»*، وهي صورة ما عَصَى به فرعونُ موسى في إبائه عن إجابة دعوته، «فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ»* أي حيَّة ظاهرة. فانقلبت المعصية التي هي السيئة طاعة أي حسنة كما قال‏ «يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ» يعني في الحكم.
فظهر الحكم هنا عيناً متميزة في جوهر واحد .
فهي العص وهي الحية و الثعبان الظاهر، فالتقم أمثاله من الحيَّات من كونها حية والعصيَّ من كونها عصاً.
 فظهرت‏ حجة موسى على حجج فرعون في صورة عِصيّ وحيات وحبال، فكانت للسحرة الحبال‏ ولم يكن لموسى حبل.
 والحبل التل الصغير: أي مقاديرهم بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة.
 فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقَّق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
و لما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف- وإن جار في العرف الناموسي- لذلك قال‏ «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏»: أي وإن كان الكل أرباباً بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أُعْطِيته في الظاهر من التحكم فيكم.
ولما علمت السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه وأقروا له بذلك فقالوا له: إنما تقضي هذه الحياة الدنيا فاقض ما أنت قاض‏ ، فالدولة لك‏ . فصح قوله‏ «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏».
 وإن كان عين‏ الحق فالصورة لفرعون. فقطع الأيدي والأرجل وصلب بعين حق في صورة باطل لنيل مراتب لا تنال إلا بذلك الفعل. فإن الأسباب لا سبيل إلى تعطيلها لأن الأعيان الثابتة اقتضتها، فلا تظهر في الوجود إلا بصورة ما هي عليه في الثبوت إذ لا تبديل لكلمات اللَّه.
وليست كلمات اللَّه سوى أعيان الموجودات ، فينسب إليها القدم من حيث ثبوتها، وينسب إليها الحدوث من حيث وجوده وظهورها.
كما تقول حدث عندنا اليوم إنسان وضيف، ولا يلزم من حدوثه أنه ما كان له وجود قبل هذا الحدوث. لذلك‏ قال تعالى في كلامه العزيز أي في إتيانه مع قدم كلامه‏ «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وهُمْ يَلْعَبُونَ»: «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ».
والرحمن‏ لا يأتي إلا يأتي إلا بالرحمة.
ومن أعرض عن الرحمة استقبل العذاب الذي هو عدم الرحمة.
 وأما قوله‏ «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» إلا قوم يونس، فلم يدل ذلك على أنه لا ينفعهم في الآخرة لقوله‏ في الاستثناء إلا قوم يونس، فأراد أن ذلك لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا، فلذلك أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه.
هذا إن كان أمره أمر من تيقن بالانتقال في تلك الساعة.
وقرينة الحال تعطي أنه ما كان على يقين من الانتقال، لأنه عاين المؤمنين يمشون في الطريق اليَبَس الذي ظهر بضرب موسى بعصاه البحر.
فلم يتيقن فرعون بالهلاك إذ آمن، بخلاف‏ «فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ، إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا»  

المحتضر حتى لا يلحق به.
فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على التيقن‏ بالنجاة، فكان كما تيقن لكن على‏ غير الصورة التي أراد. 

فنجاه اللَّه من عذاب الآخرة في نفسه، ونجَّى بدَنه كما قال تعالى‏ «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً»، لأنه لو غاب بصورته ربما قال قومه احتجب.
 فظهر بالصورة المعهودة ميتاً ليُعْلَم أنه هو. فقد عمته النجاة حس ومعنى.
 ومن حَقَّت عليه كلمة العذاب الأخروي لا يؤمن و لو جاءته كل آية حتى يروا العذاب الأليم، أي يذوقوا العذاب الأخروي.
فخرج فرعون من هذا الصنف.
هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن.
ثم إنّا نقول بعد ذلك: والأمر فيه إلى اللَّه، لما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص‏ في ذلك يستندون إليه. وأما آله فلهم حكم آخر ليس هذا موضعه.
ثم لتعلم أنه ما يقبض اللَّه أحدأل وهو مؤمن أي مصدِّق بما جاءت به الأخبار الإلهية: وأعني من المحتضرين : ولهذا يُكرَه موت الفجاءة وقتل الغفلة.
فأما موت الفجاءة فحدُّه أن يخرج النفس الداخل ولا يدخل النفس الخارج.
فهذا موت الفجاءة. وهذا غير المحتضر.
و كذلك قتل الغفلة بضرب عنقه من ورائه وهو لا يشعر: فيقبض على ما كان عليه من إيمان وكفر.
ولذلك قال عليه السلام «و يحشر على ما عليه مات‏ » كما أنه يُقْبَض على ما كان عليه.
والمحتضر ما يكون إلا صاحب شهود، فهو صاحب إيمان بما ثَمَّة .
فلا يقبض إلا على ما كان عليه، لأن «كان» حرف وجودي‏ لا ينجر معه الزمان إلا بقرائن الأحوال: فيفرق بين الكافر المحتَضَر في الموت وبين الكافر المقتول غفلة والميت فجاءة كما قلنا في حد الفجاءة.
وأما حكمة التجلي و الكلام‏ في صورة النار، فلأنها كانت بغية موسى .
 فتجلى له في مطلوبه ليُقْبِلَ عليه ولا يعرض عنه.
 فإنه لو تجلى له في غير صورة مطلوبه أعرض عنه لاجتماع همه‏ على مطلوب خاص.
ولو أعرض لعاد عمله عليه وأعرض‏ عنه الحق، وهو مصطفىً مقرب. فمن قربه أنه تجلى له في مطلوبه وهو لا يعلم.

كنار موسى رآها عين حاجته‏    ....      وهو الإله ولكن ليس يدريه‏
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» 25 - نقش فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي
» 25 – شرح نقش فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب نقد النصوص في شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي
» 25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي
» 25 - فصّ حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة
» 25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية .شرح عبد الرحمن الجامي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى