اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

صفحة 2 من اصل 2 الصفحة السابقة  1, 2

اذهب الى الأسفل

03122019

مُساهمة 

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي - صفحة 2 Empty السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
 الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه  .... روحا وصيره مثلا بتكوين
اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه.
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام.
فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز.
فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. 
فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه».
فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي، وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله.
فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه.
وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك.
وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا.
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر.
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها.
ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.
فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي.
فوقع الخلاف بين أهل الملل في عيسى ما هو؟
فمن ناظر فيه من حيث صورته الإنسانية البشرية، فيقول هو ابن مريم.
ومن ناظر فيه من حيث الصورة الممثلة البشرية فينسبه إلى جبريل.
ومن ناظر فيه من حيث ما ظهر عنه من إحياء الموتى فينسبه إلى الله بالروحية فيقول روح الله.   أي به ظهرت الحياة فيمن نفخ فيه.
فتارة يكون الحق فيه متوهما- اسم مفعول وتارة يكون الملك فيه متوهما،
وتارة تكون البشرية الإنسانية فيه متوهمة: فيكون عند كل ناظر بحسب ما يغلب عليه.
فهو كلمة الله وهو روح الله وهو عبد الله، وليس ذلك في الصورة الحسية لغيره، بل كل شخص منسوب إلى أبيه الصوري لا إلى النافخ روحه في الصورة البشرية.
فإن الله إذا سوى الجسم الإنساني كما قال تعالى «فإذا سويته» نفخ فيه هو تعالى من روحه فنسب الروح في كونه وعينه إليه تعالى.
وعيسى ليس كذلك، فإنه اندرجت تسوية جسمه وصورته البشرية بالنفخ الروحي، وغيره كما ذكرناه لم يكن مثله.
فالموجودات كلها كلمات الله التي لا تنفد، فإنها عن «كن» وكن كلمة الله. فهل تنسب الكلمة إليه بحسب ما هو عليه فلا تعلم ماهيتها، أو ينزل هو تعالى إلى صورة من يقول «كن» فيكون قول كن حقيقة لتلك الصورة التي نزل إليها وظهر فيها؟
فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد، وبعضهم إلى الطرف الآخر، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري.
وهذه مسألة لا يمكن أن تعرف إلا ذوقا كأبي يزيد حين نفخ في النملة التي قتلها فحييت فعلم عند ذلك بمن ينفخ فنفخ فكان عيسوي المشهد.
وأما الإحياء المعنوي بالعلم فتلك الحياة الإلهية الدائمة العلية النورية التي قال الله فيها «أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» فكل من أحيا نفسا ميتة بحياة علمية في مسألة خاصة متعلقة بالعلم بالله، فقد أحياه بها وكانت له نورا يمشي به في الناس أي بين أشكاله في الصورة.
فلولاه ولولانا ... لما كان الذي كانا
فإنا أعبد حقا ...    وإن الله مولانا
وإنا عينه فاعلم ...    إذا ما قلت إنسانا
فلا تحجب بإنسان ...  فقد أعطاك برهانا
فكن حقا وكن خلقا ... تكن بالله رحمانا
وغذ خلقه منه ...    تكن روحا وريحانا
فأعطيناه ما يبدو ...    به فينا وأعطانا
فصار الأمر مقسوما   ... بإياه وإيانا
فأحياه الذي يدري  ... بقلبي حين أحيانا
فكنا فيه أكوانا    ... وأعيانا وأزمانا
وليس بدائم فينا   ... ولكن ذاك أحيانا
ومما يدل على ما ذكرناه في أمر النفخ الروحاني مع صورة البشر العنصري هو أن الحق وصف نفسه بالنفس الرحماني ولا بد لكل موصوف بصفة أن يتبع الصفة جميع ما تستلزمه تلك الصفة.
وقد عرفت أن النفس في المتنفس ما يستلزمه.
فلذلك قبل النفس الإلهي صور العالم.
فهو لها كالجوهر الهيولاني، وليس إلا عين الطبيعة.
فالعناصر صورة من صور الطبيعة.
وما فوق العناصر وما تولد عنها فهو أيضا من صور الطبيعة وهي الأرواح العلوية التي فوق السموات السبع.
وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.
فبما فيه من الحرارة علا، وبما فيه من البرودة والرطوبة سفل، وبما فيه من اليبوسة ثبت ولم يتزلزل. فالرسوب للبرودة والرطوبة.
ألا ترى الطبيب إذا أراد سقي دواء لأحد ينظر في قارورة مائه، فإذا رآه راسا علم أن النضج قد كمل فيسقيه الدواء ليسرع في النجح.
وإنما يرسب لرطوبته وبرودته الطبيعية.
ثم إن هذا الشخص الإنساني عجن طينته بيديه وهما متقابلتان و إن كانت كلتا يديه يمينا فلا خفاء بما بينهما من الفرقان، و لو لم يكن إلا كونهما اثنين أعني يدين، لأنه لا يؤثر في الطبيعة إلا ما يناسبها و هي متقابلة.
فجاء باليدين: ولما أوجده باليدين سماه بشرا للمباشرة اللائقة بذلك الجناب باليدين المضافتين إليه.
وجعل ذلك من عنايته بهذا النوع الإنساني فقال لمن أبى عن السجود له «ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت» على من هو مثلك- يعني عنصريا أم كنت من العالين عن العنصر ولست كذلك.
ويعني بالعالين من علا بذاته عن أن يكون في نشأته النورية عنصريا وإن كان طبيعيا.
فما فضل الإنسان غيره من الأنواع العنصرية إلا بكونه بشرا من طين، فهو أفضل نوع من كل ما خلق من العناصر من غير مباشرة.
والإنسان في الرتبة فوق الملائكة الأرضية والسماوية، والملائكة العالون خير من هذا النوع الإنساني بالنص الإلهي.
فمن أراد أن يعرف النفس الإلهي فليعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذي ظهر فيه: أي العالم ظهر في نفس الرحمن الذي نفس الله به عن الأسماء الإلهية ما تجده من عدم ظهور آثارها.
فامتن على نفسه بما أوجده في نفسه، فأول أثر كان للنفس إنما كان في ذلك الجناب، ثم لم يزل الأمر ينزل بتنفيس العموم إلى آخر ما وجد.
فالكل في عين النفس ... كالضوء في ذات الغلس
والعلم بالبرهان في ... سلخ النهار لمن نعس
فيرى الذي قد قلته ... رؤيا تدل على النفس
فيريحه من كل غم ... في تلاوته «عبس»
ولقد تجلى للذي ... قد جاء في طلب القبس
فرآه نارا وهو نور ... في الملوك و في العسس
فإذا فهمت مقالتي ... تعلم بأنك مبتئس
لو كان يطلب غير ذا ... لرآه فيه وما نكس
وأما هذه الكلمة العيسوية لما قام لها الحق في مقام «حتى نعلم» ويعلم، استفهما عما نسب إليها هل هو حق أم لا مع علمه الأول بهل وقع ذلك الأمر أم لا فقال له «أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله».
فلا بد في الأدب من الجواب للمستفهم لأنه لما تجلى له في هذا المقام وهذه الصورة اقتضت الحكمة الجواب في التفرقة بعين الجمع، فقال: وقدم التنزيه «سبحانك» فحدد بالكاف التي تقتضي المواجهة والخطاب «ما يكون لي» من حيث أنا لنفسي دونك «أن أقول ما ليس لي بحق» أي ما تقتضيه هويتي ولا ذاتي.
«إن كنت قلته فقد علمته» لأنك أنت القائل، ومن قال أمرا فقد علم ما قال، وأنت اللسان الذي أتكلم به كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه في الخبر الإلهي فقال «كنت لسانه الذي يتكلم به».
فجعل هويته عين لسان المتكلم، ونسب الكلام إلى عبده.
ثم تمم العبد الصالح الجواب بقوله «تعلم ما في نفسي» والمتكلم الحق، ولا أعلم ما فيها. فنفى العلم عن هوية عيسى من حيث هويته لا من حيث إنه قائل وذو أثر.
«إنك أنت» فجاء بالفصل والعماد تأكيدا للبيان واعتمادا عليه، إذ لا يعلم الغيب إلا الله.
ففرق وجمع، ووحد وكثر، ووسع وضيق ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.
ولما كان الأمر ينزل بحكم المراتب، لذلك ينصبغ كل من ظهر في مرتبة ما بما تعطيه حقيقة تلك المرتبة:
فمرتبة المأمور لها حكم يظهر في كل مأمور، ومرتبة الآمر لها حكم يبدو في كل آمر.
فيقول الحق «أقيموا الصلاة» فهو الآمر والمكلف والمأمور.
ويقول العبد «رب اغفر لي» فهو الآمر والحق المأمور.
فما يطلب الحق من العبد بأمره هو بعينه يطلبه العبد من الحق بأمره.
ولهذا كان كل دعاء مجابا ولا بد، وإن تأخر كما يتأخر بعض المكلفين ممن أقيم مخاطبا بإقامة الصلاة فلا يصلي في وقت فيؤخر الامتثال ويصلي في وقت آخر إن كان متمكنا من ذلك. فلا بد من الاجابة و لو بالقصد.
ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة.
ثم أعلم أن للحق الرقيب الاسم الذي جعله عيسى لنفسه وهو الشهيد في قوله عليهم شهيدا. فقال «وأنت على كل شي ء شهيد».
فجاء «بكل» للعموم و«بشيء» لكونه أنكر النكرات.
وجاء بالاسم الشهيد، فهو الشهيد على كل مشهود بحسب ما تقتضيه حقيقة ذلك المشهود. فنبه على أنه تعالى هو الشهيد على قوم عيسى حين قال «وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم».
فهي شهادة الحق في مادة عيسوية كما ثبت أنه لسانه وسمعه وبصره.
ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.
فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه.
«فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى.
وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة.
فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.
فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.


متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
 15 - نقش فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
من خصائص الروح أنه ما يمر على شيءٍ إلا حيي ذلك الشيء.
ولكن إذا حيي يكون تصرفه بحسب مزاجه واستعداده لا بحسب الروح.
فإن الروح قدسيٌ .
ألا ترى أن النفخ الإلهي في الأجسام المسواه مع نزاهته وعلو حضرته كيف يكون تصرفه بقدر استعداد المنفوخ فيه.
ألا ترى السامري لما عرف تأثير الأرواح كيف قبض فخّار العجل فذلك استعداد المزاج.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 3 ديسمبر 2019 - 10:03 عدل 2 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

مُساهمة الخميس 5 ديسمبر 2019 - 21:08 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة والعشرون : -    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ قال كلمة عيسويّة ومحمّديّة : أمّا كونها عيسويّة فإنّها قول عيسى بإخبار اللّه تعالى عنه في كتابه ؛ وأمّا كونها محمّديّة فلموقعها من محمّد صلى اللّه عليه وسلم بالمكان الّذي وقعت منه ، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر .إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ المائدة : 118 ] . « وهم » ضمير الغائب كما أنّ « هو » ضمير الغائب . كما قال :هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا[ الفتح : 25 ] بضمير الغائب ، فكان الغيب سترا لهم عمّا يراد بالمشهود الحاضر . فقال :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ بضمير الغائب . وهو عين الحجاب الّذي هم فيه عن الحقّ . )
 
قال رضي الله عنه :  (ثم قال) ، أي عيسى عليه السلام بعد ذلك (كلمة عيسوية) ، أي منسوبة إليه عليه السلام (ومحمدية) ، أي منسوبة إلى نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم أما كونها ، أي الكلمة عيسوية فإنها قول عيسى عليه السلام من مقامه الروحاني الإلهي بإخبار اللّه تعالى عنه .
أي عن عيسى عليه السلام بذلك في كتابه تعالى وهو القرآن العظيم وأما كونها ، أي الكلمة (محمدية فلوقوعها من محمد صلى اللّه عليه وسلم بالمكان) ، أي المقام والمحل (الذي وقعت منه) صلى اللّه عليه وسلم من حيث المشرب العيسوي والمرتبة الروحانية الإلهية.
فقام ، أي محمد صلى اللّه عليه وسلم بها ، أي بهذه الكلمة المذكورة ليلة كاملة يرددها .
 
أي يكررها في القرآن في القراءة في الصلاة النافلة لم يعدل عنها إلى غيرها حتى طلع الفجر
الثاني وهي قوله :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ، أي القائلين من الناس أن عيسى وأمه عليهما السلام إلهين من دون اللّه تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ، أي أصحاب عبودية لك وهي غاية الذل بين يديك ولم يشعروا بذلك من نفوسهم لانطماسها بالكفر بك .
("وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ")، أي تستر عنهم المؤاخذة على كفرهم ، لأنه أمر جائز منك غير مستحيل وقوعه فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ[ المائدة : 118 ] ، أي صاحب العزة والعظمة عن أن يقدروا أن يغضبوك بمخالفتهم لك فتشتفي منهم بعذابك لهم .
 
ونظيره ما روى أبو نعيم في الحلية عن يوسف بن الحسين الرازي قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول : سمعت أبا سليمان الداراني يقول : ليس أعمال الخلق بالتي ترضيه ولا تسخطه ، إنما رضي عن قوم فاستعملهم بأعمال الرضى ، وسخط على قوم فاستعملهم بأعمال السخط الْحَكِيمُ.
أي صاحب الحكمة البالغة ، فلو غفر لهم لكان ذلك هو الحكمة منك ، فإنها دائرة مع أفعالك كيفما فعلت ، فهو الحكمة ، لا هي أمر مخصوص بحيث تنحصر أفعالك فيها ، تعاليت عن ذلك علوا كبيرا وهم ( ) - من قوله :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ، ضمير الغائب كما أن هو ضمير الغائب لكنه للواحد كما قال اللّه تعالى في نظير ضمير الغائب المجموع هم الذين كفروا .
 
بضمير الغائب المجموع لغيبتهم عن الحضور مع اللّه تعالى فكان الغيب الذي هم فيه بجهلهم وكفرهم سترا ، أي ساترا لهم عما ، أي عن الخلق الذي يراد ، أي يقصد عند العارفين بالمشهود ، لأنهم يشهدونه الحاضر لحضورهم بين يديه على بصيرة منهم بذلك ويقين تام .
فقال ، أي عيسى عليه السلام فيما أخبر اللّه تعالى به عنه إِنْ تُعَذِّبْهُمْ بضمير الغائب المجموع وهو ، أي نواب المفهوم من ضمير الغائب عين الحجاب الذي هم فيه عن شهود الحق تعالى والحضور بين يديه على علم .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم قال ) الحق ( كلمة عيسوية ومحمدية ) مقول قال ( أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى عليه السلام بإخبار اللّه عنه في كتابه وإما كونها محمدية فلوقوعها عن محمد عليه السلام بالمكان الذي وقعت منه فقام ) محمد عليه السلام ( بها ).
 أي بهذه الكلمة ( ليلة كاملة ) وقرأها ( يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى طلع الفجر ) فهذه الكلمة المنسوبة إلى عيسى وإلى محمد عليهما السلام قوله تعالى :" إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " بجرمهم وهو جعلهم شركاء للَّه ( فإنهم عبادك ) لا اعتراض على المولى المطلق فيما يفعل بعبيده بما استحقوا به .
قال رضي الله عنه :  ( وإن تغفر لهم )  أي تسترهم عن الذنوب " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " أي أنت القادر القوي على عفو المجرمين .
فإن عذبت فعدل فإن غفرت ففضل هذا تفسيرها .
وأما إشاراتها ولطائفها فسنبينك ( وهم ) في قوله " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ"، "وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ " ( ضمير الغائب كما أن هو ) في قوله تعالى :" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " وفي غير ذلك ( ضمير الغائب كما قال هم الذين كفروا بضمير الغائب فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر ) .
والمراد بالمشهود الحاضر عالم الشهادة وبما يراد به هو الحق تعالى .
أي يشاهد الحق بالمشهود والحاضر ويستدل به فكان الحق نفسه مشهودا بالعالم الشهادة وهم لا يشاهدون الحق بالمشهود يستدلون به لكون الغيب سترا وحجابا لهم فكانوا محجوبين عن الحق فإذا كان الغيب سترا لهم .
قال رضي الله عنه :  ( فقال إن تعذبهم بضمير الغائب وهو ) أي الغيب ( عين الحجاب الذي هم ) كانوا ( فيه ) أي في ذلك الحجاب الذي ( عن الحق ) أي حصل عن الحق ، فغيب الحق تسترهم فالحق معهم في حجابهم بل الحق عين حجابهم وهم لا يشعرون بذلك .
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر. «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم». و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر. فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.)
ما ذكره  ظاهر.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ثم قال كلمة عيسويّة ومحمدية ، أمّا كونها عيسويّة فإنّها قول عيسى بإخبار الله في كتابه . وأمّا كونها محمدية فلموقعها من محمّد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه ، فقام بها ليلا كاملا يردّدها لم يعدل إلى غيرها ، حتى طلع الفجر " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " و « هم » ضمير الغائب كما أنّ « هو » ضمير الغائب كما قال : " هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا " بضمير الغائب ، فكان الغيب سترا لهم عمّا يراد بالمشهود الحاضر ، فقال : " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " بضمير الغائب ،وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق ).
 
يعني : حجاب تعيّن عيسى وحجابيّتهم ، فإنّهم إنّما حجبوا بالصورة الشخصية التعيّنية وحصروا الحق فيه ، فكفروا أي ستروا وغابوا عن الحق المتعيّن فيه وفيهم وفي الكلّ من غير حصر ، وذلك الحجاب الستر كان غيبا لهم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  (ثم قال : كلمة عيسوية ومحمدية أما كونها عيسوية فإنه قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه ، وأما كونها محمدية فلوقوعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه ) أي لعلو شأنها ورفعة مكانها عنده .
 
"" أضاف بالي زادة " وأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " يعنى أنا شهيد على قوم مخصوصين ما دمت فيهم وأنت عليهم وعلى كل شيء شهيد أزلا وأبدا ، وهي شهادة الحق في مقام الجمع والإطلاق ، فأثبت الشهادة أولا بنفسه بقوله : "وكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ".
 ونفى ثانيا بإثباتها وحصرها للحق بقوله " وأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " - اهـ بالى .
( ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية ) وهي " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ " - الآية أي ألحقه بالكلام السابق المحرر اه والمراد ( بالمشهود الحاضر ) عالم الشهادة وبما يراد به هو الحق تعالى ، أي يشاهد الحق بالمشهود الحاضر ويستدل به فكان الحق نفسه مشهودا بالعالم الشهادة ، وهم لا يشاهدون الحق بالمشهود ، ولا يستدلون به لكون الغيب سترا وحجابا لهم فكانوا محجوبين عن الحق اهـ بالى .  ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى طلع الفجر – " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " - وهم ضمير الغائب ، كما أن هو : ضمير الغائب . كما قال :  " هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا " بضمير الغائب فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر فقال : " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " – بضميرالغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق ) .
 
أي حجاب بعين عيسى وحجابيتهم ، فإنهم إنما حجبوا بالصورة الشخصية المتعينة ، وحصروا الحق فيه بقولهم " إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " فكفروا - أي ستروا وغابوا عن الحق المتعين فيهم وفي الكل من غير حصر ، وذلك الحجاب والستر كان غيبا.
 
قال رضي الله عنه :  ( فذكرهم الله النبي قبل حضورهم ) الحق المتجلى في الفرقان يوم الجمع والفصل ( حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين ) أي من حيث أحدية جمع العين .
 
"" أضاف بالي زادة ( حتى إذا حضروا ) بين يدي الله ، وشاهدوا ما كانوا عليه قبل ذلك من الحجاب ( تكون الخميرة ) هي ما أودع في طينة أبدانهم من استعداد الوصول إلى حضرة الحق ، والعجين طينة أبدانهم فمقتضى العجين الستر والحجاب والخميرة الكشف عن الحق ، فقد تحكم خميرتهم على عجينتهم في الدنيا فتصيرها مثله في الستر ، فإذا قامت قيامتهم انتهى حكم العجين فتحكمت فيه كما تحكم فيها اهـ بالى .
( أي المنيع الحمى ) يعنى أن ذاتك بحسب الاسم العزيز والغفور ويقتضي مظهرا يظهر بهما كمال الظهور ولا أكمل مظهرا ممن جعل لك شريكا ، فإن لم تسترهم من العذاب فائت هذه الحكمة التي يراد وقوعها ، وهو ظهور الحق بكمال الغفارية أي منيع الحمى ، وما حماه إلا عين عبده ( يريد به المنتقم ، والمعذب من الانتقام والعذاب )
فمقتضى هذا الاسم منع العذاب عن العبد المذنب لذلك التجأ في دعائه إليه فأجاب الله دعاءه حفظا
عن إضاعة مجاهدته في ليلة كاملة ( تقديم الحق وإيثار جنابه ) من أن الحق يريد القهر والانتقام منهم ( فدعا عليهم لما لهم ) لأن الأنبياء لا يريدون إلا ما يريده الحق ، فلو لم يلاحظ العفو ما بالغ في دعائه ليلة كاملة ، فما نزلت الآية عليه إلا أن يشفع لهم ، ولا يشفع إلا لمن يقبل الشفاعة اهـ  بالى زادة. ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم ، قال : كلمة عيسوية ومحمدية . أما كونها عيسوية ، فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه . وأما كونها محمدية ، فلوقوعها من محمد ، صلى الله عليه وسلم ، بالمكان الذي وقعت منه ، فقام بها ليلة كاملة يرددها ، لم يعدل إلى غيرها حتى طلع الفجر : "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" . ) .
 
أي ، ثم قال عيسى كلمة ينسب إليه وإلى محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وهي : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك . . . ) أما نسبتها إلى الكلمة العيسوية ، فبإخبار الله في كتابه عنه ، وأما نسبتها إلى المحمدية ، فيكونه ، عليه السلام ، قام بها ليلة كاملة يقرأها ويكررها حتى طلع الفجر . ولما قال : ( وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) . وكان الفقر سترا - وضمير الغائب أيضا يدل عليه فإن الغائب عن الحس مستور عنه - نبه عليه بقوله : ( و ( هم ) ضمير الغائب ، كما أن ( هو )
ضمير الغائب ، كما قال : ( هم الذين كفروا ) بضمير الغائب . فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر ، فقال : ( إن تعذبهم ) بضمير الغائب )
أي ، ( هم ) في قوله : "إن تعذبهم وإن تغفر لهم " ضمير الغائب . كما أنه ( هو ) في قوله : " قل هو الله أحد " . و (هو الذي في السماء اله وفي الأرض إله ) و (هو الله الذي لا إله إلا هو).
 
وأمثاله ضمير الغائب . فيكون الغيب الذي يدل عليه ضمير ( لهم ) و ( هم ) سترا وحجابا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر . كما قال : ( هم الذين كفروا ) بضمير ( هم ) ووصفهم بالكفر الذي هو الستر . ففي الكلام تقديم وتأخير .
تقديره :
فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر ، كما قال هم الذين كفروا .
والمراد ب‍ ( المشهود الحاضر ) هو الحق الذي ظهر بنفسه الرحماني ، وصار مشهودا في مراتب عالم الأرواح المجردة بالصور النورية ، وفي عالم المثال والحس بالصور الحسية ، وذكر أيضا مرارا أن الأعيان ما شمت رائحة الوجود بعد ، وكل ما في الوجود هو تعينات وصور طارية على الوجود ، مثالا لها وعكسا ، فإن الأعيان لا تشاهد إلا في مرآة الوجود ، والوجود هو الحق ، فالمشهود الحق لا غير .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق . ) أي ، ذلك الستر هو عين الحجاب الذي حجبهم عن الحق ، أي ، ذلك الغيب الذي يدل ضمير الغائب عليه ، عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق ، فإن الغيب من حيث هو غيب شئ واحد ، وهو غيب الحق الذي يتستر الكاملون من العباد فيه عند فنائهم من صفاتهم ، وهو الغيب الذي يحصل من التقرب بالنوافل .
كما قال الشاعر المحقق :
( تسترت عن دهري بظل جناحه .... فعيني ترى دهري وليس يراني)

(فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت .... وأين مكاني ما درين مكاني )
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 5 ديسمبر 2019 - 21:11 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثانيل .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة والعشرون : -    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم». 
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )

قال رضي الله عنه :  (ثمّ قال كلمة عيسويّة ومحمّديّة : أمّا كونها عيسويّة فإنّها قول عيسى بإخبار اللّه تعالى عنه في كتابه ؛ وأمّا كونها محمّديّة فلموقعها من محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم بالمكان الّذي وقعت منه ، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجرإِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ المائدة : 118 ] ، « وهم » ضمير الغائب كما أنّ « هو » ضمير الغائب .  كما قال : "هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا" [ الفتح : 25 ] بضمير الغائب ، فكان الغيب سترا لهم عمّا يراد بالمشهود الحاضر . فقال : "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " [ المائدة : 118 ] ، بضمير الغائب ، وهو عين الحجاب الّذي هم فيه عن الحقّ ، )


قال رضي الله عنه :  ( ثم قال ) عيسى عليه السّلام في منتهى أمره ( كلمة عيسوية ومحمدية ) ، وهو قوله :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ المائدة : 118 ] ، ( أما كونها عيسوية ، فإنها قول عيسى عليه السّلام ) ابتداء بإخبار اللّه ( عنه في كتابه ) ، وما أخبر عنه إلا لكونه مبتديا لها ، وإن كان غاية كمالها لغيره ، كما أشار إليه بقوله ، ( وأما كونها محمدية ؛ فلوقوعها من محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) ( بالمكان ) العظيم ( الذي وقعت فيه ، فقام بها ) أي : بتلاوتها وتدبرها ( ليلة كاملة يرددها ) .

لما انكشف له من فوائدها في مراتب ترديدها ( لم يعدل إلى غيرها ) لاستيفاء تلك الفوائد ( حتى طلع الفجر ) ، فحصل له الكشف التام من فوائدها ، وهو يقول :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[ المائدة : 118 ] .
ولما كان المقصود منها التعريض للعفو عنهم مع تفويض الأمر إليه تعالى ، أخذ في بيان عذرهم مع بيان الحكمة في تعذيبهم ، فقال : وهم ، أي : لفظة هم في قوله :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ ،وقوله :فَإِنَّهُمْ [ المائدة : 118 ] ، وقوله :"وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" [ المائدة : 118 ] ، ( لهم ضمير الغائب ) يدل على غيبتهم عن الحق .

قال رضي الله عنه :  ( كما أن هو ضمير الغائب ) يدل على غيبة الحق عنهم ، فإنهم إنما غابوا عنه ؛ لغيبته عنهم ، فاقتصر نظرهم على الأمور الظاهرة ، فلما ظهر لبعضهم إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص من عيسى ، نسبوا الألوهية إليه ، ( كما قال ) في حق غيرهم :هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا[ الفتح : 25 ].

 أي : لغفلتهم عن الحق الظاهر فيهم وفي غيرهم ستروه ، ( فكان الغيب ) أي : غيب الحق عنهم عند ظهوره فيهم لغفلتهم عنه ، ( سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر ) من جعله سببا لمعرفته بما ظهر من إرادتك بتغليب بعض تجليات الأسماء على بعض ؛ ولذلك فسره بقوله ، ( أي : منيع الحمى )
"" يعني أن ذاتك بحسب الاسم العزيز والغفور ويقتضي مظهرا يظهر بها كمال الظهور ولا أكمل مظهرا ممن جعل لك شريكا .""
بحيث لا يكون لبعض أسمائك غلبة على البعض بدون إرادتك ، حتى أنه إذا تجليت بهذا الاسم على بعض عبيدك ، صار عزيزا منيع الحمى من تصرف بعض أسمائك فيه.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )

الكلمة العيسويّة والمحمديّة
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ قال ) بلسانه الذي هو الحقّ بعد إعلامه بالسمع وتنبيهه بالبصر - فإنّ محل الإعلام هو السمع ، كما أنّ موطن التنبيه إنما هو البصر - ( كلمة عيسويّة ومحمديّة ) وهذا أيضا من ثمرات شعب الثنويّة الأصليّة التي عليها الكلمة العيسويّة في مرتبة الكلام الكاشف عن الكل أنّه تكلم بلسانين ، وانتسب قوله إلى الرسولين ، عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام .
قال رضي الله عنه :  (أما كونها عيسويّة فإنّها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه وأما كونها محمديّة فلموقعها من محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بالمكان الذي وقعت منه ) من إجلاله لها وقيامه في مواقف تعظيمها .
( فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتّى طلع الفجر ) وفيه إشارة إلى أن ترتّب طلوع فجر الإظهار في غياهب الغيبة والكمون على كلامه الكامل هو إجابة دعائه صلَّى الله عليه وسلَّم .
وذلك قوله رضي الله عنه  : ("إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [ 5 / 118 ] ) .

نظرة على الضمائر المذكورة في الآية
( و « هم » ضمير الغائب ، كما أن « هو » ) في قوله : " وَهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِله ٌ وَفي الأَرْضِ إِله ٌ " [ 43 / 84 ] ( ضمير الغائب ) فمن غلب عليهم حكم الغيب الذاتي ، وظهر فيهم مقتضاه من اندماج الأحكام الظاهرة فيهم وعدم إذعانهم للمشهود الحاضر ، هم الذين أبوا من متابعة الأنبياء ، ولذلك أشار إليهم بضمير الغائب (كما قال: " هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا "[ 48 / 25 ]).
(بضمير الغائب - فكان الغيب سترا لهم عمّا يراد بالمشهود الحاضر ) من الإيمان به واليقين له
( فقال : " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " بضمير الغائب ) وذلك العذاب ( هو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحقّ ،)
المنضجة لاستعداداتهم المستكملة لهم ، أعني تذكير عيسى إيّاهم عند الله ، فإنّ الوجود الكلامي مرتبة من الوجود يستتبع الشهود ويستلزمه على ما لا يخفى.
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )

قال رضي الله عنه :  (ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم». )

قال رضي الله عنه :  (ثم قال ) عليه السلام ( كلمة عيسوية ومحمدية أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى عليه السلام إخبارا من اللّه تعالى في كتابه وأما كونها محمدية فلوقوعها ) .
وفي بعض النسخ فلموقعها لوقوعها ( من محمد صلى اللّه عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه فقام بها ليلة كاملة ) يقرأها و ( يرددها ولم يعدل إلى غيرها حتى طلع الفجر ) . وهذه الكلمة العيسوية المحمدية قوله : ("إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ) [ المائدة : 118 ].

قال رضي الله عنه :  ( و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب. كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر. فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.).

قال رضي الله عنه :  (وهم ) في قوله :"إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" ( ضمير الغائب كما أن هو ) في قوله تعالى :" وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ " [ الزخرف : 84 ] وأمثاله ( ضمير الغائب ) فالتعبير في هذه المواضع بكناية الغائب بعينه هو ( كما قال ) في موضع آخر .

قال رضي الله عنه :  (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بضمير الغائب ) فإن وصف الغيبة في تلك المواضع كما يلائم التعذيب والمغفرة كذلك وصف الغيبة في هذا الموضع يلائم الحكم عليهم بالكفر فإنه كما أن سبب تعذيبهم ومغفرتهم هو غيبتهم عن ساحة حضور القرب لاحتجابهم بالتعينات الحجابية كذلك سبب الحكم عليهم بالكفر هو غيبتهم عنها ( فكان الغيب ) ، أي الحالة الحاصلة لهم من احتجابهم بالتعينات الحجابية الموجبة لغيبتهم عن ساحة الشهود.

قال رضي الله عنه :  ( سترا لهم عما يراد بالشهود الحاضر ) الذي لم يحتجب بتلك التعينات ، وما يراد به هو ما يقتضيه الشهود والحضور من القرب والسعادة الدنيوية ، ثم بين المناسبة بين التعذيب وضمير الغائب ( فقال :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ بضمير الغائب وهو ) ، أي ذلك العذاب هو ( عين الحجاب الذي هم فيه ) محتجبون ( عن الحق ) ، فإن الاحتجاب عنه تعالى حجاب والعذاب الأخروي يكون صورة ذلك الاحتجاب .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 4:25 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )

قال رضي الله عنه :  (ثمّ قال كلمة عيسويّة ومحمّديّة : أمّا كونها عيسويّة فإنّها قول عيسى بإخبار اللّه تعالى عنه في كتابه ؛ وأمّا كونها محمّديّة فلموقعها من محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم بالمكان الّذي وقعت منه ، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجرإِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ المائدة : 118 ] ، « وهم » ضمير الغائب كما أنّ « هو » ضمير الغائب .  كما قال : "هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا" [ الفتح : 25 ] بضمير الغائب ، فكان الغيب سترا لهم عمّا يراد بالمشهود الحاضر . فقال : "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " [ المائدة : 118 ] ، بضمير الغائب ، وهو عين الحجاب الّذي هم فيه عن الحقّ ، )

 
قال رضي الله عنه :  ( ثم قال ) عيسى عليه السّلام في منتهى أمره ( كلمة عيسوية ومحمدية ) ، وهو قوله :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ المائدة : 118 ] ، ( أما كونها عيسوية ، فإنها قول عيسى عليه السّلام ) ابتداء بإخبار اللّه ( عنه في كتابه ) ، وما أخبر عنه إلا لكونه مبتديا لها ، وإن كان غاية كمالها لغيره ، كما أشار إليه بقوله ، ( وأما كونها محمدية ؛ فلوقوعها من محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) ( بالمكان ) العظيم ( الذي وقعت فيه ، فقام بها ) أي : بتلاوتها وتدبرها ( ليلة كاملة يرددها ) .

لما انكشف له من فوائدها في مراتب ترديدها ( لم يعدل إلى غيرها ) لاستيفاء تلك الفوائد ( حتى طلع الفجر ) ، فحصل له الكشف التام من فوائدها ، وهو يقول :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[ المائدة : 118 ] .

ولما كان المقصود منها التعريض للعفو عنهم مع تفويض الأمر إليه تعالى ، أخذ في بيان عذرهم مع بيان الحكمة في تعذيبهم ، فقال : وهم ، أي : لفظة هم في قوله :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ ،وقوله :فَإِنَّهُمْ [ المائدة : 118 ] ، وقوله :"وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" [ المائدة : 118 ] ، ( لهم ضمير الغائب ) يدل على غيبتهم عن الحق .


قال رضي الله عنه :  ( كما أن هو ضمير الغائب ) يدل على غيبة الحق عنهم ، فإنهم إنما غابوا عنه ؛ لغيبته عنهم ، فاقتصر نظرهم على الأمور الظاهرة ، فلما ظهر لبعضهم إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص من عيسى ، نسبوا الألوهية إليه ، ( كما قال ) في حق غيرهم :هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا[ الفتح : 25 ].

 أي : لغفلتهم عن الحق الظاهر فيهم وفي غيرهم ستروه ، ( فكان الغيب ) أي : غيب الحق عنهم عند ظهوره فيهم لغفلتهم عنه ، ( سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر ) من جعله سببا لمعرفته بما ظهر من إرادتك بتغليب بعض تجليات الأسماء على بعض ؛ ولذلك فسره بقوله ، ( أي : منيع الحمى )

"" يعني أن ذاتك بحسب الاسم العزيز والغفور ويقتضي مظهرا يظهر بها كمال الظهور ولا أكمل مظهرا ممن جعل لك شريكا .""

بحيث لا يكون لبعض أسمائك غلبة على البعض بدون إرادتك ، حتى أنه إذا تجليت بهذا الاسم على بعض عبيدك ، صار عزيزا منيع الحمى من تصرف بعض أسمائك فيه.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  ) 

الكلمة العيسويّة والمحمديّة
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ قال ) بلسانه الذي هو الحقّ بعد إعلامه بالسمع وتنبيهه بالبصر - فإنّ محل الإعلام هو السمع ، كما أنّ موطن التنبيه إنما هو البصر - ( كلمة عيسويّة ومحمديّة ) وهذا أيضا من ثمرات شعب الثنويّة الأصليّة التي عليها الكلمة العيسويّة في مرتبة الكلام الكاشف عن الكل أنّه تكلم بلسانين ، وانتسب قوله إلى الرسولين ، عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام .

قال رضي الله عنه :  (أما كونها عيسويّة فإنّها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه وأما كونها محمديّة فلموقعها من محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بالمكان الذي وقعت منه ) من إجلاله لها وقيامه في مواقف تعظيمها .
( فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتّى طلع الفجر ) وفيه إشارة إلى أن ترتّب طلوع فجر الإظهار في غياهب الغيبة والكمون على كلامه الكامل هو إجابة دعائه صلَّى الله عليه وسلَّم .
وذلك قوله رضي الله عنه  : ("إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [ 5 / 118 ] ) .
 

نظرة على الضمائر المذكورة في الآية
( و « هم » ضمير الغائب ، كما أن « هو » ) في قوله : " وَهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِله ٌ وَفي الأَرْضِ إِله ٌ " [ 43 / 84 ] ( ضمير الغائب ) فمن غلب عليهم حكم الغيب الذاتي ، وظهر فيهم مقتضاه من اندماج الأحكام الظاهرة فيهم وعدم إذعانهم للمشهود الحاضر ، هم الذين أبوا من متابعة الأنبياء ، ولذلك أشار إليهم بضمير الغائب (كما قال: " هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا "[ 48 / 25 ]).
(بضمير الغائب - فكان الغيب سترا لهم عمّا يراد بالمشهود الحاضر ) من الإيمان به واليقين له
( فقال : " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " بضمير الغائب ) وذلك العذاب ( هو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحقّ ،)
المنضجة لاستعداداتهم المستكملة لهم ، أعني تذكير عيسى إيّاهم عند الله ، فإنّ الوجود الكلامي مرتبة من الوجود يستتبع الشهود ويستلزمه على ما لا يخفى.
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.  )
 
قال رضي الله عنه :  (ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم». ) 

قال رضي الله عنه :  (ثم قال ) عليه السلام ( كلمة عيسوية ومحمدية أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى عليه السلام إخبارا من اللّه تعالى في كتابه وأما كونها محمدية فلوقوعها ) .
وفي بعض النسخ فلموقعها لوقوعها ( من محمد صلى اللّه عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه فقام بها ليلة كاملة ) يقرأها و ( يرددها ولم يعدل إلى غيرها حتى طلع الفجر ) . وهذه الكلمة العيسوية المحمدية قوله : ("إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ) [ المائدة : 118 ].
 

قال رضي الله عنه :  ( و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب. كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر. فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.).

 
قال رضي الله عنه :  (وهم ) في قوله :"إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" ( ضمير الغائب كما أن هو ) في قوله تعالى :" وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ " [ الزخرف : 84 ] وأمثاله ( ضمير الغائب ) فالتعبير في هذه المواضع بكناية الغائب بعينه هو ( كما قال ) في موضع آخر .
 
قال رضي الله عنه :  (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بضمير الغائب ) فإن وصف الغيبة في تلك المواضع كما يلائم التعذيب والمغفرة كذلك وصف الغيبة في هذا الموضع يلائم الحكم عليهم بالكفر فإنه كما أن سبب تعذيبهم ومغفرتهم هو غيبتهم عن ساحة حضور القرب لاحتجابهم بالتعينات الحجابية كذلك سبب الحكم عليهم بالكفر هو غيبتهم عنها ( فكان الغيب ) ، أي الحالة الحاصلة لهم من احتجابهم بالتعينات الحجابية الموجبة لغيبتهم عن ساحة الشهود. 

قال رضي الله عنه :  ( سترا لهم عما يراد بالشهود الحاضر ) الذي لم يحتجب بتلك التعينات ، وما يراد به هو ما يقتضيه الشهود والحضور من القرب والسعادة الدنيوية ، ثم بين المناسبة بين التعذيب وضمير الغائب ( فقال :إِنْ تُعَذِّبْهُمْ بضمير الغائب وهو ) ، أي ذلك العذاب هو ( عين الحجاب الذي هم فيه ) محتجبون ( عن الحق ) ، فإن الاحتجاب عنه تعالى حجاب والعذاب الأخروي يكون صورة ذلك الاحتجاب .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 4:34 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 4:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة والعشرون : -    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )

قال رضي الله عنه :  ( فذكّرهم اللّه قبل حضورهم حتّى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكّمت في العجين فصيّرته مثلها .فَإِنَّهُمْ عِبادُك َفأفرد الخطاب للتّوحيد الّذي كانوا عليه . ولا ذلّة أعظم من ذلّة العبيد . لأنّهم لا تصرّف لهم في أنفسهم فهم بحكم ما يريده بهم سيّدهم ولا شريك له فيهم فإنّه قال :عِبادُكَ فأفرد . والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذلّ منهم لكونهم عبادا . فذواتهم تقتضي أنّهم أذلّاء فلا تذلّهم فإنّك لا تذلّهم بأدون ممّا هم فيه من كونهم عبيدا .وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ أي تسترهم عن إيقاع العذاب الّذي يستحقّونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه .فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ[ المائدة : 118 ] أي المنيع الحمى ).

قال رضي الله عنه :  (فذكرهم اللّه) تعالى في حال غيبتهم عنه وانحجابهم عن شهوده (قبل حضورهم) بين يديه بكشف الغطاء عنهم وارتفاع الحجاب عنهم بالموت والبعث يوم القيامة كما قال تعالى :فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ[ ق : 22 ] حتى إذا حضروا وانكشف عنهم غطاؤهم بين يدي اللّه تعالى تكون الخميرة وهي ما حمض من العجين يوضع فيها يعجن فيستحيل كله خميرا ، وذكر اللّه تعالى لهم في الدنيا على هذا الوصف بلسان نبيين معصومين عليهم السلام اعتناء بهم ونوع حضور منهم وإن لم يحضروا معه .

ولولا حضوره تعالى واعتناؤه لما حضر معه من حضر واعتنى به ، فكان ذكره تعالى لهم بمنزلة الخميرة لحضورهم وذكرهم له في الآخرة قد تحكمت ، أي خميرة ذكره لهم في العجين من حقائقهم المذكورة له تعالى فصيرته ، أي ذلك العجين مثلها ، أي مختمرا بسريانها فيه واستحالته إليها فإنهم عبادك فأفرد الخطاب بالكاف للّه تعالى للتوحيد ، أي لأجل التوحيد الاضطراري الذين كانوا عليه من حيث حقائقهم القائمة به تعالى وإن لم يشعروا لانطماسهم بالكفر ودعوى الشريك معه تعالى .

قال تعالى :وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً ( 67 ) أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا ( 68 ) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً( 69 ) [ الإسراء : 67 - 69 ] .


قال رضي الله عنه :  (ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد) وهوانهم وحقارتهم (لأنهم) ، أي العبيد (لا تصرف لهم في أنفسهم) أصلا فمنهم ، أي العبيد قائمون بحكم ما يريد بهم سيدهم .
أي مولاهم من جميع الأحوال ولا شريك له ، أي لسيدهم فيهم فإنه .
أي عيسى عليه السلام قال عبادك فأفرد الخطاب للّه تعالى ، لأنهم إذا كانوا عباده وهم كثيرون كان هو سيدهم ومولاهم وهو واحد لا شريك له فيهم .
والمراد بالعذاب من قوله : إِنْ تُعَذِّبْهُمْ في نفس الأمر إذلالهم ، أي إهانتهم بما يذيقهم من الألم بالنار وغيرها (ولا أذل) ، أي أكثر ذلا ومهانة وحقارة (منهم) ، أي من العبيد (لكونهم عبادا) ، أي ذليلون حقيرون من العبادة وهي نهاية الذل وغاية المهانة في طاعة الرب والمولى عز وجل فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء .

 
أي ذليلون حقيرون مهانون بسبب ظهور عبوديتهم لك عند من يعترف بها وإن لم يشعروا بها هم لانطماس قلوبهم بالكفر فلا تذلهم أكثر مما هم فيه من الذل والحقارة فإنك لا تذلهم بأدون .
أي بذل يجعلهم أدون وأقل مما هم فيه من الذل الذي هو مقتضى كونهم عبيدا .
أي متصفين بالعبودية التي هي كمال الذلة بحيث لا يمكن أذل منها لكنهم لا يشعرون بذلك من نفوسهم لانطماسهم بالكفر وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ أي تسترهم ، يعني تغطيهم برداء حكمك الواسع عن إيقاع العذاب المؤلم الموجع بهم الذين يستحقونه منك بمخالفتهم لأمرك وعدم امتثالهم لطاعتك ومعنى تغفر لهم أي تجعل لهم غفرا ، أي سترا وغطاء .

ومنه المغفر لما يجعل على الرأس من درع الحديد ليسترهم عن ذلك ، أي عن إيقاع العذاب ويمنعهم ، أي يحميهم ويحفظهم ويحرسهم ويوقيهم منه ، أي من إيقاع العذاب بهم فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ، أي المنيع ، أي الممنوع المحفوظ الحمى ، أي الجناب .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )


قال رضي الله عنه :  ( فذكرهم اللّه ) النبي بتشديد الكاف فتذكر النبي فدعا لهم بضمير الغائب في قوله :" إِنْ تُعَذِّبْهُمْ على كونهم في حجاب في الحياة الدنيا ( قبل حضورهم ) بين يديّ اللّه في يوم القيامة .
قال رضي الله عنه :  ( حتى إذا حضروا ) بين يديّ اللّه وشاهدوا ما كانوا عليه قبل ذلك من الحجاب ( تكون الخميرة ) هي خميرة ما أودع في طينه أبدانهم من استعداد الوصول إلى حضرة الحق ( قد تحكمت في العجين ) أي في عجينهم العجين طينة أبدانهم ( فصيرته ) أي صيرت الخميرة العجين في وقت حضورهم ( مثلها ) أي مثل الخميرة في إيصالهم إلى الحق .

فمقتضى العجين الستر والحجاب عن الحق والخميرة الكشف عن الحق والوصول إلى الحق فقد يحكم عجينهم على خميرتهم في الحياة الدنيا فصيرها مثله في عدم الإيصال إلى الحق .
فإذا قامت قيامتهم انتهى بحكم العجين فتحكمت فيه كما تحكم فيها فصيرته كما صيرها مثله .
فقيام النبي عليه السلام بهذه الآية ليلة كاملة وانتهاؤه عند ظهور نور الشمس يدل على أنهم في ستر من الحق في الحياة الدنيا .

فهي كلها ليلة كاملة في حقهم لذلك لم يفعل العكس .
ولا نهار لهم في الدنيا لعدم ظهور الحق لهم فيها ولعدم شهودهم أنفسهم فيها وهم عند شهودهم أنفسهم وشهودهم الحق في اليوم الآخر .
فالحق مذكرهم ما داموا في غيبة موادهم الغيبية فإذا حضروا بين يديّ اللّه في يوم القيامة فالحق مشاهدهم في موادهم الصورية الأخروية مع كونه مشاهدهم في مقامه الجمعي الإلهي أزلا وأبدا فتذكيرهم الحق النبي على هذا الوجه يدل على استحقاقهم المغفرة بدعاء النبي عليه السلام .


قال رضي الله عنه :  ( فإنهم عبادك فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه ) في التولد وفي جواب ألست يعني وإن خالفوا أمرك في الظاهر ويعبدون غيرك ويجعلون لك شريكا لكنهم في المعنى يعبدونك لكون فطرتهم الأصلية على التوحيد .

قال رضي الله عنه :  ( ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد ) وإنما كانوا عبادك ( لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم فهم بحكم ما يريد بهم سيدهم ولا شريك له ) أي لسيدهم ( فيهم ) وإنما كان لا شريك للَّه فيهم .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه قال ) بلسان نبيه ( عبادك فأفرد ) فلما توجه أن يقال إذا كانوا يحكم ما يريد به سيدهم فلا استحقاق لهم العذاب الموجع من هذا الوجه .
قال رضي الله عنه :   ( والمراد بالعذاب إذلالهم و ) الحال ( لا أذل منهم لكونهم عبادا فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء فلا تذلهم )  فمعنى قوله " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ " أي أن تريد إذلالهم ( فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه ) من الإذلال ( من كونهم عبيدا ) .
فلا سبيل إلى إذلالهم لامتناع إذلال الأذلاء وامتناع تعلق قدرتك بالممتنع ولا سبيل إلى العذاب الموجع على الشق الأول من الترديد لعدم استحقاقهم من هذا الوجه .

قال رضي الله عنه :  ( وإن تغفر لهم أي تسترهم عن إيقاع العذاب ) الموجع ( الذي يستحقونه بمخالفتهم ) بأمرك التكليفي ( أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ) العذاب ( ويمنعهم منه فإنك أنت العزيز أي المنيع الحمى ) .
يعني إن ذاتك بحسب الاسم العزيز والغفور يقتضي مظهرا يظهر بهما بكمال الظهور ولا أكمل مظهرا ممن جعل لك شريكا .
فإن لم تسترهم من العذاب لفائت هذه الحكمة التي يراد وقوعها وهو ظهور الحق بكمال الغفارية فلا بد من ظهور الحق بكمال الغفارية ولا بد من إجابة دعاء الرسول عليه السلام في حقهم بإذن اللّه .
فلا بد من ستر الحق عنهم إيقاع العذاب الذي يستحقونه بجرمهم هذا في حق المشركين الذين استحقوا العفو والمغفرة في العلم الأزلي بشرط دعاء الرسول عليه السلام ليلته الكاملة فخاتمتهم في آخر نفسهم على الإيمان وأما الذين قبضوا على الشرك فلن يغفر اللّه لهم .

فلا يؤذن للرسول عليه السلام إن يدعو لهم بل يدعو عليهم لوجوب التعذيب في حقهم بالنص.
ولا يجوز إلحاحا من النبي على ربه في المسألة ليلة كاملة طلبا للمغفرة لمن وجب في حقه التعذيب بالنص .
فلا ينفع الدعاء لهم فالأنبياء معصومون عن فعل العبث قال القاضي البيضاوي في تفسير الآية وعدم غفران الشرك مقتضى الوعيد فلا امتناع فيه لذاته ليمتنع الترديد تم كلامه .
فحينئذ ليس المراد من الترديد طلب المغفرة لهم بل ثناء للَّه من النبي عليه السلام بكمال التوحيد وكمال القدرة .
لكن الأنبياء ممنوعون بالنص الإلهي عن طلب المغفرة للمشركين فكان التريد عبادة خاصة للرسول نافعة له لا لهم هذا وإن كان له وجه لكن ظاهر الآية وقرنية الحال وهي تلاوة النبي عليه السلام ليلة كاملة يدلان ما قاله الشيخ رضي اللّه عنه من أنه دعاء لهم من النبي عليه السلام بإذن اللّه فما كان الدعاء إلا لطلب الإجابة فأجاب اللّه دعاءه .

ولو لم يجب لردّه في كرة أو كرتين أو ثلاث كرات كما قال تعالى :" اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ " [ التوبة : 80 ] .
فمنع نبيه عليه السلام عن طلب الاستغفار للمشركين وكما قال تعالى :" لَنْ تَرانِي " يا موسى.
 فمن سنة اللّه منع نبيه عليه السلام عن فعل ما لا يفيد ولو لم يفد هذا الترديد في حقهم لما ترك نبيه عليه السلام في ليلة كاملة .
فما ترك الترديد إلا بطلوع الفجر ولو طال لطال .
فظاهر الآية يدل على كمال شفقة النبي عليه السلام وترحمه عليهم فما هذا إلا دعاء وشفاعة لهم لا مجرد ترديد خال عن طلب المغفرة.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )

قال رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها. «فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.  ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم. فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد. والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.  فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا. «وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه.«فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )
ما ذكره  ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. ).
 

قال رضي الله عنه : (« فذكَّرهم الله قبل حضورهم »)
يعني : الحق المتجلَّي في الفرقان يوم الجمع والفصل ،
قال رضي الله عنه :  ( حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكَّمت في العجين )
يعني : من حيث أحدية جمع العين « فصيّرته مثلها .
قال رضي الله عنه :  ( فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ " فأفرد الخطاب ، للتوحيد الذي كانوا عليه )
يعني : من حيث العين في الحقيقة وإن كانوا مشركين في زعمهم ومعتقدهم وغيرهم من أهل الاعتقاد والتقليد .
قال رضي الله عنه : ( ولا ذلَّة أعظم من ذلَّة العبيد ، لأنّهم لا تصرّف لهم في أنفسهم ، فهم بحكم ما يريد بهم سيّدهم ، ولا شريك له فيهم ، فإنّه قال : " عِبادُكَ " فأفرد ، والمراد بالعذاب إذ لا لهم ، ولا أذلّ منهم ، لكونهم عبادا ، فذواتهم تقتضي أنّهم أذلَّاء فلا تذلَّهم ، فإنّك لا تذلَّهم بأدون ما هم فيه من كونهم عبيدا " وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ " أي تسترهم  عن إيقاع العذاب الذي يستحقّونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم عنه ، " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ ، أي المنيع الحمى ) .

يعني رضي الله عنه : لا يصلون إليك من حيث إنّك ربّ الكلّ على ما يقتضي من حيث ذاتك في نفسك ، فربوبيتك بالنسبة إلى عبدانيتهم بحسبهم وبحسبها ، وعبدانيتهم مقيّدة جزئيّة ، لكونهم كذلك ، فأنّى لهم عبادتك الحقيقية الكلَّية التي تستحقّها لنفسك ؟
وكيف اتّصالهم بربّ الكلّ وإله العالمين - تبارك وتعالى - وهو العزيز الحكيم ؟ !

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )

قال رضي الله عنه :  ( فصيرته مثلها فإنهم عبادك فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه ) في الحقيقة وإن كانوا لا يعلمون ذلك ، فإنهم كانوا مشركين في زعمهم ومعتقدهم .

قال رضي الله عنه :  ( ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم فهم بحكم ما يريد بهم سيدهم ولا شريك له فيهم . فإنه قال : " عِبادُكَ "  فأفرد والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا ، فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا "وإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ " . أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا تسترهم عن ذلك وتمنعهم منه " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ " أي المنيع الحمى )
في ما تعطيه بدل ما استحقوا به العفو مما تعطيه هذه الآية من التسليم لله وتفويض أمرهم إليه ، وحذف مفعول استحقوا لدلالة قوله والتعريض لعفوه عليه .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )

لذلك قال رضي الله عنه  : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا ، تكون الخميرة قد تحكمت في العجين ، فصيرته مثلها . ) أي ، ذكرهم الله بقوله : ( وإن تغفر لهم ) .
وبالضمير الذي في ( لهم ) على أنهم في ستر من أستار الله في هذه الحياة الدنيا قبل حضورهم بين يدي الحق يوم القيامة الكبرى وانبعاث الخلائق من القبور التي ستروا بها وفيها ، وهي الأبدان والجثث التي هي القبور المعنوية ، وهذه القبور الصورية صورتها .

حتى إذا حضروا الحق وفنوا فيه وقامت قيامتهم وشاهدوا بعين الحق ما كانوا عليه قبل ذلك تكون الخميرة ، أي ، خميرة ما جعل في طينة أعيانهم من استعداد الكمال والقابلية للوصول إلى الفناء في حضرة ذي الجلال ، قد تحكمت في عجين أعيانهم وطينة استعداداتهم ، فصيرته مثل نفسها .
أي ، أوصلتهم إلى الكمال المراد منهم . وهو مقام الفناء المذكور والستر المطلوب المنبه عليه بقوله : " وإن تغفر لهم فإنهم عبادك " .

فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد ) أعاد قوله : (فإنهم عبادك) ليذكر ما فيه من الأسرار .
ومن جملتها الإفراد ب‍ ( الكاف ) ، فإنه يدل على التوحيد الذي كانوا عليه ، وإن لم يكن لهم شعور به . فإن العابد لكل معبود - كان ما كان - لا يعبد إلا لكونه إلها أو شفيعا عند الله ، كما قال : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) .

وفي الحقيقة لا يعبد إلا الحق الذي يظهر بتلك الصور . كما قال : ( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه ) . وإطلاق ( العباد ) يدل على ذلة من يعبد ، ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد .

 
قال رضي الله عنه :  ( لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم ، فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ، ولا شريك له فيهم ، فإنه قال : ( عبادك ) فأفرد .  والمراد بالعذاب إذ لا لهم . ولا أذل منهم ، لكونهم عبادا ، فذواتهم يقتضى أنهم أذلاء . فلا تذلهم ، فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا . ( وإن تغفر لهم ) أي ، تسترهم عن إيقاع العقاب الذي يستحقونه بمخالفتهم ، أي ، تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه . ) .
استعمل ( الغفر ) بمعنى الغافر ، وهو الساتر . كما يستعمل ( العدل ) بمعنى العادل . يقال : رجل عدل . أي عادل .

قال رضي الله عنه :  ( "فإنك أنت العزيز " أي ، المنيع الحمى ) تمنع ما تحميه عن أن يتسلط سلطان القهر عليه . ف‍ ( المنيع ) بمعنى المانع . و ( الحمى ) هو الممنوع . أو بمعنى الممنوع . أي ، ممنوع حماك عن أن يكون للغير وجود فيه .
وحماه أحدية ذاته التي جميع الأشياء فانية فيها متلاشية عندها . أو عين العبد المحمى عن أن ينصرف فيه غيره .

 .
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 4:55 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الثاني.موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة والعشرون : -    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )

قال رضي الله عنه :  (فذكّرهم اللّه قبل حضورهم حتّى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكّمت في العجين فصيّرته مثلها ،فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ [ المائدة : 118 ] فأفرد الخطاب للتّوحيد الّذي كانوا عليه
ولا ذلّة أعظم من ذلّة العبيد ، لأنّهم لا تصرّف لهم في أنفسهم فهم بحكم ما يريده بهم سيّدهم ولا شريك له فيهم فإنّه قال : عِبادُكَ [ المائدة : 118 ] ، فأفرد .  والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذلّ منهم لكونهم عبادا ؛ فذواتهم تقتضي أنّهم أذلّاء فلا تذلّهم فإنّك لا تذلّهم بأدون ممّا هم فيه من كونهم عبيدا .وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ أي :  تسترهم عن إيقاع العذاب الّذي يستحقّونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه ،فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ المائدة : 118 ] ، أي : المنيع الحمى ، )

من جعله سببا لمعرفته بما ظهر من إرادتك بتغليب بعض تجليات الأسماء على بعض ؛ ولذلك فسره بقوله ، ( أي : منيع الحمى ) "" يعني أن ذاتك بحسب الاسم العزيز والغفور ويقتضي مظهرا يظهر بها كمال الظهور ولا أكمل مظهرا ممن جعل لك شريكا .""

بحيث لا يكون لبعض أسمائك غلبة على البعض بدون إرادتك ، حتى أنه إذا تجليت بهذا الاسم على بعض عبيدك ، صار عزيزا منيع الحمى من تصرف بعض أسمائك فيه ، وإليه الإشارة بقوله ، ( وهذا الاسم ) العزيز ( إذا أعطاه الحق ) فيه إشارة إلى أنه لا مدخل للكشف في حصوله للعبد ، ولا يكون له سبب من العالم إذ أصلهم الذلة والعجز ، فلا يحصل منهم ضد ذلك ( لمن أعطاه ) فيه إشارة إلى أنه ليس يعطي الآحاد والأفراد منهم إلا على خلاف مقتضى طبعهم من الذلة ، ( يسمى الحق بالمعز ) .

أي : معطي الاسم العزيز ؛ ليتميز عن العبد المسمى بالعزيز ؛ وذلك لأنه يسمى العبد ( المعطى له هذا الاسم بالعزيز ) ، وإن لم يقع مثل هذا التميز في سائر الأسماء التي تشارك فيها الحق والعبد ؛ وذلك لمزيد اختصاص هذا الاسم بالحق ، فيكون هذا العبد من أخص العباد ، ( فيكون ) ذلك العبد ( منيع الحمى مما يريد به المنتقم والمعذب ) من أسماء اللّه تعالى ( من الانتقام والعذاب ) فضلا عن تصرف العالم فيه.

 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )


قال رضي الله عنه :  (فذكرهم الله قبل حضورهم ، حتّى إذا حضروا تكون الخميرة ).
 المنضجة لاستعداداتهم المستكملة لهم ، أعني تذكير عيسى إيّاهم عند الله ، فإنّ الوجود الكلامي مرتبة من الوجود يستتبع الشهود ويستلزمه على ما لا يخفى ( قد تحكَّمت في العجين ) - أي عجين تعيّناتهم المحجوبة في الغيب .

 قال رضي الله عنه :  ( فصيّرته مثلها ) في الحضور والشهود ، والذي يدلّ على أنّ حجابهم هو عين كمونهم في الغيب الذاتيّ قوله : ( " فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ " فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه ) في تلك الغيبة ، وأشار بانقهارهم وإذلالهم في ذلك الغيب عند تسميته إيّاهم بالعباد ، ( ولا ذلَّة أعظم من ذلَّة العبيد ، لأنّهم لا تصرّف لهم في أنفسهم ) لغلبة قهرمان الأحكام الذاتيّة في الغيب عليهم
قال رضي الله عنه :  ( فهم بحكم ما يريد به سيّدهم ، ولا شريك له فيهم ، فإنه قال : " عِبادُكَ " فأفرد ) .

قال رضي الله عنه :  (والمراد بالعذاب إذلالهم ، ولا أذلّ منهم ، لكونهم عبادا ، فذواتهم تقتضي أنهم أذلَّاء ) بما جبلوا عليه من الغيب وكمونهم فيها ، ( فلا تذلَّهم ، فإنّك لا تذلَّهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا ) .
قال رضي الله عنه :  ("وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقّونه بمخالفتهم) لما يراد منهم من الإيمان بالمشهود الحاضر ، وامتثال الأوامر في عالم الأفعال ، ( أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ) المخالفة ( ويمنعهم منه " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ " [ 5 / 118 ] أي المنيع الحميّ ).


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )
 
قال رضي الله عنه :  (فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها. «فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.  ولا ذلة أعظم من )

قال رضي الله عنه ( فذكرهم اللّه ) ، أي جعلهم عيسى عليه السلام مذكورين للّه حاضرين عنده بالوجود الذكري اللفظي .

قال رضي الله عنه ( قبل حضورهم ) العيني بارتفاع حجتهم ( حتى إذا حضروا ) ، أي أشرفوا على الحضور ( تكون الخميرة ) وهي على الحضور الذكري ( قد تحكمت في العجين ) ، أي عجين استعدادهم ( فصيرته مثلها ) يعني صير الحضور الذكري استعداداتهم عين الحضور العيني الذي هو مثل الحضور الذكري ، وذلك إنما هو على سبيل المبالغة وإلا لم يصر استعداد عين الحضور كما لا يخفى .

ثم إنه رضي اللّه عنه لما بين النكتة في إيراد ضمير الغائب أراد أن يبين النكات المتعلقة فإفراد ضمير الخطاب وذكر العباد فلهذا أعاد قوله : (فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) ثم شرع في بيان نكاته وقال : ( فأفرد الخطاب ) بالكاف ( للتوحيد الذي كانوا عليه ) بحسب أصل الفطرة أو بسبب أن الظاهر بصورة كل معبود إنما هو الحق تعالى كما قال تعالى : " وَقُضِيَ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " [ الإسراء : 23 ]

قال رضي الله عنه :  ( ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم. فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد. والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا. فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا. «وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه. «فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى. )

قال رضي الله عنه :   ( ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم ) وعدم تصرفهم في أنفسهم فيما عدا وجوداتهم العينية ظاهرا ، وأما فيها فبناء على أن المتصرف فيهم في الكل هو الحق سبحانه وما يتوهم منه التصرف فهو من مظاهره التي يظهر منها تصرفه ( فهم يحكم ما يريده بهم سيدهم ) من التصرفات .

قال رضي الله عنه ( ولا شريك له فيهم فإنه قال " عبادك " فأفرد ) كاف الخطاب الذي أضاف العباد إليه وذلك يدل على عدم الشركة فيهم ( والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا ) وقد علمت أنه لا ذلة أعظم من ذلة العبيد.

قال رضي الله عنه :   ( فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء فلا تذلهم فإنك ) على تقدير الإذلال ( لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا أو أن تغفر لهم ، أي تسترهم على إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم ، أي تجعل لهم غفرا ) بمعنى الغافر كالعدل بمعنى العادل ، أي ساترا ( يسترهم عن ذلك ) الإيقاع ( ويمنعهم منه فإنك أنت العزيز ، أي المنيع الحمى ) ، أي حماه ممنوع عن أن يتصرف فيه غيره.

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 5:01 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السادسة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة والعشرون : -    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحقّ لمن أعطاه من عباده يسمّى الحقّ بالمعزّ ، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز . فيكون منيع الحمى عمّا يريد به المنتقم والمعذّب من الانتقام والعذاب . وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله :إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ[ المائدة : 116 ] . وقوله :كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ[ المائدة : 117 ] .
فجاء أيضا :فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ المائدة  118 ] . فكان سؤالا من النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم وإلحاحا منه على ربّه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة فلو سمع الإجابة في أوّل سؤال ما كرّر . فكان الحقّ يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصّلا فيقول له في كلّ عرض عرض وعين عين : "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [ المائدة : 118 ] . )
 
قال رضي الله عنه :  (وهذا الاسم) الذي هو اسم اللّه العزيز (إذا أعطاه الحق تعالى لمن أعطاه من عباده ) المؤمنين ، أي جعله متخلقا به ظاهرا بمقتضى مدلوله وهو العزة والمنعة والهيبة (يسمى الحق) تعالى حينئذ (بالمعز) ، لأنه أعطى اسمه العزيز لعبده فأعزه به بل ظهر تعالى عزيزا بذلك العبد لأنه قيوم عليه وبطن عنه باسم المعز فهو تعالى المعز والعزيز ويسمى ذلك العبد المعطى له هذا الاسم من أسماء اللّه تعالى بالعزيز ، أي المنيع الحمى فيكون ، أي المعطى له هذا الاسم منيع الحمى ، أي محروس الجناب محفوظ الذات والصفات عما ، أي عن كل سوء يريد به اسم المنتقم والاسم المعذب اسم فاعل اللذين هما من أسماء اللّه تعالى من 0 حلول الانتقام به والعذاب بيان لما .
 
قال رضي الله عنه :  (وجاء ) ، أي عيسى عليه السلام في كلامه هذا (بالفصل) وهو ضمير الفصل ويسمى العماد أيضا وذلك قوله : " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (تأكيدا) ، أي على وجه التأكيد للبيان ، أي لإظهار مضمون هذه الجملة كما مر ولتكون هذه الآية من أوّلها إلى آخرها على مساق ، أي أسلوب ونمط واحد .
 
في قوله أوّلا إنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
وقوله : ثانيا :كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ فجاء ، أي عيسى عليه السلام في آخر الآية أيضا .
ثالثا بقوله : إنكأ َنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فكان مقتضى هذه الآية ومضمونها سؤالا .
أي طلبا من النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم وإلحاحا ، أي مبالغة في الطلب منه صلى اللّه عليه وسلم على ربه تعالى في هذه المسألة التي هي مقتضى هذه الآية ومضمونها ليلة كاملة من بعد العشاء الأخيرة إلى طلوع الفجر الثاني وهو يرددها .
أي هذه الآية في قراءته لها طلبا من اللّه تعالى للإجابة إلى حصول مضمونها من المغفرة والمسامحة .
 
فلو سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم الإجابة إلى سؤاله المذكور من اللّه تعالى في أوّل سؤال وقع منه بقراءة هذه الآية ما كرر قراءتها مرة بعد أخرى فكان الحق تعالى يعرض عليه ، أي النبي صلى اللّه عليه وسلم فصول ، أي أنواع ما ، أي بسبب الذي استوجبوا ، أي استحقوا يعني الكافرين به .
 
أي بذلك السبب العذاب من اللّه تعالى عرضا مفصلا فيقول ، أي النبي صلى اللّه عليه وسلم له ، أي اللّه تعالى في كل عرض من ذلك وكل عين عين بتكرار لفظ العين أي خصوص كل سبب من أسباب العذاب إِنْ تُعَذِّبْهُمْ على ما عرضته علي من هذا السبب المخصوص فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ ذلك السبب فتستره ولا تؤاخذهم به فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )


قال رضي الله عنه :   ( وهذا الاسم ) العزيز ( إذا أعطاه ) أي هذا الاسم ( الحق لمن أعطاه من عباده يسمى الحق ) في ذلك الوقت ( بالمعز و ) العبد ( المعطى له هذا الاسم ) يسمى ( بالعزيز ) لكونه مظهرا لتجلي الحق بالعزة .
قال رضي الله عنه :  ( فيكون ) الحق ( منيع الحمى ) أي مانعا حماه وما حماه إلا عين عبده ( عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب ) فمقتضى هذا الاسم منع العذاب عن العبد المذنب لذلك التجأ في دعائه إليه فأجاب اللّه دعاءه عن إضاعة مجاهدته في ليلة كاملة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله "إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ " وقوله " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِم " ْفجاء أيضا "فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ") أعاده ليتفرع عليه بعض الأحكام .
( فكان ) ترديد النبي عليه السلام ليلته ( سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلة الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها ) أي يردد النبي عليه السلام تلك المسألة ( طلبا للإجابة فلو سمع الإجابة في أول سؤاله ما كرر ) سؤاله .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان الحق يعرض عليه ) أي على النبي عليه السلام ( فصول ما استوجبوا به ) أي استحقوا به ( العذاب ) وهو الذنب الذي يطلب المغفرة وهو عدا الشرك إذ الشرك لا يقبل المغفرة فالشيء لا يطلب ما لا يقبله ( عرضا مفصلا ) أي كل واحد من الذنوب والمذنبين .
قال رضي الله عنه :  ( فيقول ) النبي عليه السلام ( له ) أي للحق ( في كل عرض عرض وعين عين ) أي في كل عرض وعين فردا فردا ("إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ")


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز. فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب. وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم». فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم». فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر. فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )
ما ذكره  ظاهر.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )
 
 قال رضي الله عنه : ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده يسمّى الحق ب « المعزّ » والمعطى له هذا الاسم بـ « العزيز » فيكون منيع الحمى عمّا يريد به «المنتقم» و «المعذّب» من الانتقام والعذاب . وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله : " إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ " وقوله : " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " فجاء أيضا بـ " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " فكان سؤالا من النبيّ عليه السّلام وإلحاحا منه على ربّه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يردّدها طلبا للإجابة ، فلو سمع الإجابة في أوّل سؤاله ، ما كرّر ، وكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصّلا ، فيقول له في كل عرض عرض ، وعين عين : " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ")
يعني : ممّا تعطيه هذه الآية من تفويض أمرهم إليه تعالى .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )
 
قال رضي الله عنه :  (وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده يسمى الحق بالمعز ، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز ، فيكون منبع الحمى عما يريد به المنتقم ، والمعذب من الانتقام والعذاب ، وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ، ولتكون الآية على مساق واحد في قوله " إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ " وقوله " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " فجاء أيضا " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ، فكان سؤالا من النبي صلى الله عليه وسلم وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة ، فلو سمع الإجابة في أول السؤال ما كرر ، فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في كل عرض عرض وعين عين "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ")
في ما تعطيه بدل ما استحقوا به العفو مما تعطيه هذه الآية من التسليم لله وتفويض أمرهم إليه ، وحذف مفعول استحقوا لدلالة قوله والتعريض لعفوه عليه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الله لمن أعطاه من عباده ) أي ، إذا جعله عزيزا .
قال رضي الله عنه :  ( يسمى الحق ب‍ ( المعز ) والمعطى له هذا الاسم ب‍ " العزيز " ( لكونه مظهر العزة ( فيكون منيع الحمى عما يريد به ( المنتقم ) و ( المعذب ) من الانتقام والعذاب . )
أي ، فيكون الحق مانعا حماه ، وهو عين العبد الذي جعله الحق عزيزا ، عما يريد به ( المنتقم ) و ( المعذب ) من التسلط عليه . أو يكون العزيز ممنوع الحمى ، أي ، لا يكون للإسم ( المنتقم ) و ( المعذب ) عليه حكم . وذلك إما للعفو عن ذنوبه ، أو للمغفرة بهيئة ماحية للذنوب ، كقوله : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ، ولتكون الآية على مساق واحد في قوله : ( إنك أنت علام الغيوب ) . وقوله : ( كنت أنت الرقيب عليهم ) فجاء أيضا : "إنك أنت العزيز الحكيم " فكان ) أي ، تردد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قرائته ليلته الكاملة.
قال رضي الله عنه :  ( سؤالا عن النبي ، عليه السلام ، وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة . فلو سمع الإجابة أول سؤال ، ما كرر .فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب ) أي ، في كشفه أعيان العباد حال القراءة .
 
قوله : ( كان ) يجوز أن يكون ناقصة ، ويجوز أن يكون النون مشددة ( كأن ) لتكون من أخوات ( ان ) . والأول يفيد الجزم ، والثاني يفيد الظن والشك .
( عرضا مفصلا ) أي ، كان الحق يعرض عليه ، صلى الله عليه وسلم ، كل واحد واحد من أعيان العباد وذنوبهم . ( فيقول النبي ، عليه السلام له ) ، أي للحق .
( في كل عرض عرض وعين عين : ) أي ، في عرض فصل فصل وعرض عين عين .
 
قال رضي الله عنه :  ("إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم".
أي ، ولو علم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في ذلك العرض أن الحق لا يريد العفو والمغفرة لهم ويريد القهر والانتقام منهم . ( لدعا عليهم لا لهم . ) لأن الأنبياء واقفون مع إرادة الحق ، ولا يشفعون للأمم إلا بإذن الله تعالى.
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 5:10 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السادسة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة والعشرون : -    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم». فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )

قال رضي الله عنه : (وهذا الاسم إذا أعطاه الحقّ لمن أعطاه من عباده يسمّى الحقّ بالمعزّ ، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز ، فيكون منيع الحمى عمّا يريد به المنتقم والمعذّب من الانتقام والعذاب ).

قال رضي الله عنه : ( وهذا الاسم ) العزيز ( إذا أعطاه الحق ) فيه إشارة إلى أنه لا مدخل للكشف في حصوله للعبد ، ولا يكون له سبب من العالم إذ أصلهم الذلة والعجز ، فلا يحصل منهم ضد ذلك ( لمن أعطاه ) فيه إشارة إلى أنه ليس يعطي الآحاد والأفراد منهم إلا على خلاف مقتضى طبعهم من الذلة ، ( يسمى الحق بالمعز ) أي : معطي الاسم العزيز ؛ ليتميز عن العبد المسمى بالعزيز ؛ وذلك لأنه يسمى العبد ( المعطى له هذا الاسم بالعزيز ) .

وإن لم يقع مثل هذا التميز في سائر الأسماء التي تشارك فيها الحق والعبد ؛ وذلك لمزيد اختصاص هذا الاسم بالحق ، فيكون هذا العبد من أخص العباد ، ( فيكون ) ذلك العبد ( منيع الحمى مما يريد به المنتقم والمعذب ) من أسماء اللّه تعالى ( من الانتقام والعذاب ) فضلا عن تصرف العالم فيه .

قال رضي الله عنه :  (وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله : إنّكأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ[ المائدة : 116 ] ، وقوله :كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ[ المائدة : 117 ] فجاء أيضا :فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[ المائدة : 118 ] ، فكان سؤالا من النّبيّ وإلحاحا منه على ربّه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة فلو سمع الإجابة في أوّل سؤال ما كرّر ، فكان الحقّ يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصّلا فيقول له في كلّ عرض عرض وعين عينإِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[ المائدة : 118 ] )
 

وعلى هذا ( جاء بالفصل والعماد أيضا ) مع أن المقصود ليس بيان الحصر ( تأكيدا للبيان ) أي : لسان كونه عزيزا بالذات وغيره ، إنما صار عزيزا بجعله إياه عزيزا على خلاف طبعه ، ( ولتكون الآية على مساق واحد ) ، ففيه التناسب المقصود لهم ، فإنه لما جاء به ( في قوله :إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ )[ المائدة : 109 ] .

وقوله : كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ[ المائدة : 117 ] ، ( فجاء أيضا :فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )[ المائدة : 118 ] ؛ إلحاقا للأقل بالأكثر ، وإن اختلفا في إفادة الحصر وعدمها رعاية للتناسب ، ولما كانت هذه الآية تتضمن هذه الأسرار في سؤال العفو على نهج التعريض مع التفويض ، ( فكان ) مفهومها بجميع تلك الوجوه ( سؤالا من النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، والذي كان من عيسى وجه من وجوهها ؛ ولذلك كان إلحاحا منه على ربه الجامع للتصرفات بخلاف رب عيسى ، فإنه ليس له جمعية رب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم

( في المسألة ) أي : الدعاء ( ليلته الكاملة ) ؛ لتفصيل السؤال بما فيه ( إلى طلوع الفجر ) ، وهو إشارة إلى إشراق نور التفصيل ( يرددها طلبا للإجابة ) المفصلة التي كانت لم تشرع له في السؤال الإجمالي .
( فلو سمع الإجابة ) الإجمالية الشاملة التفاصيل في ( أول سؤال ) إجمالي ( ما كرر ) لتضمنه التفصيل ، ولكنه عزّ وجل أخر في شأنه الإجابة ؛ لتفصيل السؤال ، ( فكان الحق يعرض عليه فصول ) أي : وجوه ( ما استوجبوا به ) ( العذاب عرضا مفصلا ، فيقول له ) النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :

( في كل عرض عرض ) من أنواع المعاصي ( وعين عين ) من أفراد العصاة :"إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"[ المائدة : 118 ] من غير أن يزيد عليه باعتبار تلك التفاصيل ، إذ إجمالها كاف في سؤال العفو عن أهل الإسلام في معاصيهم ، إذ ليس فيها ما يوجب الخلود في العذاب ، بخلاف الكفر فهو عليه السّلام ما سأل في حقهم ، وإنما كان ذلك في سؤال عيسى عليه السّلام ولم تتوقع الإجابة .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم». فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )

قال رضي الله عنه :  (وهذا الاسم إذا أعطاه الحقّ لمن أعطاه من عباده يسمى الحق ب " المعزّ " والمعطي له هذا الاسم ب « العزيز » ، فيكون منيع الحمى عمّا يراد به  المنتقم المعذّب من الانتقام والعذاب ) وفيه إشارة إلى التوحيد الذاتي حيث قال : " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ".

قال رضي الله عنه :  ( وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ) من حصر العزّة والحكمة فيه المستلزمة للتوحيد هاهنا على ما بيّن ( ولتكون الآية على سياق واحد ) من الاشتمال على الثنويّة المجبولة عليها الكلمة هذه ، كما مرّ غير مرّة – ( ي قوله : " إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ") عند التعبير عن أصل ما تفرّع عنه أحواله وأقواله المسؤول عنها ، ( وقوله : " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " ) عند الكشف عن ظاهر ما ابتنى عليه تلك الأحوال منه والأقوال .

( فجاء أيضا : " فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ) على مساقها في الاشتمال على الثنويّة التي هي أصل أمر الكثرة وتمامها ، على ما بيّن في موضعه ولوّح عليه .

لما ذا كرّر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الدعاء ليلة كاملة
ومن ثمّة ترى الخاتم يردّدها عند الاستجابة منه ، وأظهرها بصورة الكثرة التي هي مقتضى أمرها ، ( وكان سؤالا من النبيّ وإلحاحا منه على ربّه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر ، يردّدها طلبا للإجابة ، فلو سمع الإجابة في أوّل سؤال ما كرّر ، وكأنّ الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصّلا ، فيقول له في كل عرض عرض وعين عين ) عند استطلاعه صلى الله عليه وسلَّم على ما عليه أمر الكل في طي ثنويّة الفريقين وكثرتها الأصليّة الكماليّة : ( " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ " ) المفتقرون إليك ، المتذللون عندك نهاية الذلَّة ، فهم المستأهلون السائلون بلسان القابليّة عذابك - وهاهنا تلويح يدلّ على مناسبة بيّنة بين العباد والعذاب .

قال رضي الله عنه :  ( " وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ) بدون تمييز عين وتخصيصه بالدعاء له ، غير أنّه خصّص الفريق الأوّل بنسبتهم إليه تعالى وجعلها ذريعة في تحقيق أمرهم ، والثاني بالمغفرة الساترة لهم عن إظهار تلك النسبة .
ولذلك رتّب عليه صورة الحصر والتوحيد ، فهو الدعاء للفريقين على ما هو مقتضى جبلَّتهم .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم». فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم».
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».  )

قال رضي الله عنه :  (وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.  فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب. وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم». )

قال رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده ) ، بأن يتجلى عليه ويظهر فيه به ( يسمى الحق بالمعز و ) العبد ( المعطى له هذا الاسم بالعزيز ) لكونه مظهرا له.

قال رضي الله عنه :  ( فيكون ) ذلك العبد المطعى له أيضا ( منيع الحمي عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب ، وجاء بالفصل والعماد ) فيكون الآية كما جاء به فيما سبق ( تأكيدا للبيان ولتكون الآية ) الواردة في شأن عيسى عليه السلام ( على واحد في قوله :" إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ " وقوله : " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ" فجاء أيضا " إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ") على مساقهما

قال رضي الله عنه :  ( فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم». فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة.
فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر. فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم». )


قال رضي الله عنه :  ( فكان ) ترديد النبي صلى اللّه عليه وسلم الآية ليلته الكاملة ( سؤالا من النبي صلى اللّه عليه وسلم وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر ) كان ( يرددها طلبا للإجابة فلو سمع الإجابة في أول سؤاله ما كرر . فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب ) من الذنوب والمعاصي .

قال رضي الله عنه :  ( عرضا مفصلا ) إما بتفصيل كل ذنب ذنب ، أو بتفصيل كل عين من أعيان المذنبين ( فيقول ) النبي صلى اللّه عليه وسلم ( له ) ، أي للحق تعالى .

قال رضي الله عنه :  ( في كل عرض وعين عين " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" [ المائدة : 118 ] ، فلو رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه ) من إرادته القهر عليهم والانتقام منهم فإن إرادة القهر والانتقام فيما يوجب إيثار جناب الحق إذ لاحظ للعبد فيها ، بخلاف اللطف والرحمة فإن للعبد فيهما حظا فليسا إذا طلبا خالصين للّه تعالى وإن أمكن أن يلاحظ فيهما جانبه تعالى أيضا إذا وافقا إرادته .

قال رضي الله عنه : فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.  ( لدعا عليهم ) بما لا يلائمهم ( لا لهم ) بما يلائمهم فإن الأنبياء واقفون مع إرادة الحق ولا يستشفعون إلا بإذنه ( فما عرض ) الحق سبحانه ( عليه ) ، أي على النبي صلى اللّه عليه وسلم حين كان يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب ( إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم ) للّه لاشتمالها على قوله :" وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " .

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 5:17 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السابعة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة والعشرون : -    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحقّ وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم .  فما عرض عليه إلّا ما استحقّوا به ما تعطيه هذه الآية من التّسليم للّه والتّعريض لعفوه .   وقد ورد أنّ الحقّ إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه أخّر الإجابة عنه حتى يتكرّر ذلك حبّا فيه لا إعراضا عنه ، ولذلك جاء بالاسم الحكيم ؛ والحكيم هو الّذي يضع الأشياء في مواضعها ، ولا يعدل بها عمّا تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها . فالحكيم هو العليم بالتّرتيب .
فكان صلى اللّه عليه وسلم بترداده هذه الآية على علم عظيم من اللّه تعالى . فمن تلا هذه الآية فهكذا يتلو ، وإلّا فالسّكوت أولى به .  وإذا وفّق اللّه عبدا إلى النّطق بأمر ما فما وفّقه إليه إلّا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته فلا يستبطيء أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله ، حتّى يسمع بأذنه أو بسمعه ، كيف شئت أو كيف أسمعك اللّه الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللّسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك).
 
قال رضي الله عنه :  (فلو رأى ) ، أي النبي صلى اللّه عليه وسلم (في ذلك العرض) المذكور (ما يوجب تقديم ) حق الحق تعالى على حق عباده المذكورين وإيثار .
أي اختيار ترجيح جنابه تعالى على جنابهم لدعا صلى اللّه عليه وسلم عليهم بما يستحقونه من العذاب لا دعا لهم بالمغفرة والمسامحة ، ولكنه رأى في ذلك ما يوجب تقديم حق العبد لعجزه وافتقاره على حق الرب تعالى لقدرته وغناه المطلق ، وإيثار جناب العبد في دعاء الحق تعالى بالمغفرة له على جناب الحق تعالى سبحانه في الدعاء على من خالف أمره لكمال عزته وعموم حكمته .
 
قال رضي الله عنه :  (فما عرض) ، أي الحق تعالى (عليه) ، أي على النبي صلى اللّه عليه وسلم بتلاوته هذه الآية في تلك الليلة التي كان يكررها فيها (إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية ) المذكورة من المغفرة لهم والعفو عنهم (من التسليم ) بيان لما استحقوا به للّه تعالى في جميع أحوالهم التي أراد تعالى وقوعها بهم مما يضرهم كالكفر والضلال ، أو ينفعهم كالذل له في حقيقة نفوسهم واضطرارهم إلى إمداده ظاهرا أو باطنا وإن لم يشعروا بذلك والتعريض لعفوه عنهم والمغفرة لهم بما عندهم من العبودية له وذلك مستفاد من مضمون الآية المذكورة .
 
قال رضي الله عنه :  (وقد ورد) في الحديث (أن الحق) تعالى (إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه ) سواء كان صوت قلب أو لسان ، فإن للقلب كلاما كما وللسان كلاما أخر تعالى الإجابة عنه لدعائه حتى يتكرر ذلك ، أي الدعاء منه ، أي من ذلك العبد حبا ، أي محبة منه تعالى فيه ، أي في ذلك العبد لا إعراضا منه تعالى عنه ، أي عن ذلك العبد الداعي ولذلك جاء ، أي عيسى عليه السلام في كلامه بالاسم الحكيم فقال : إنكأَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
 
قال رضي الله عنه :  (والحكيم) معناه (هو الذي يضع الأشياء في مواضعها) اللائقة بها والمناسبة لها ولا يعدل بها ، أي بالأشياء عما تقتضيه وتطلبه حقائقها ، أي حقائق تلك الأشياء بصفاتها ، أي بسبب ما اتصف به من الأحوال المختلفة فالحكيم هو في المعنى العليم ، أي الذي يعلم جميع الأشياء بالترتيب المتقن الذي هو على أبلغ الوجوه طبق ما هي عليه الأشياء في حال ثبوتها في العلم القديم ، وهي معدومة بالعدم الأصلي وكان ، أي النبي صلى اللّه عليه وسلم بترداده ، أي تكراره هذه الآية المذكورة على علم عظيم من اللّه تعالى .
فإنه أعلم الخلق باللّه تعالى على الإطلاق فمن تلا ، أي قرأ هذه الآية المذكورة فهكذا ، أي على هذا الوصف المذكور من التنبيه للمعاني الإلهية والمناجاة مع الحق تعالى بالأسرار الخفية والجلية يتلو ، أي يقرأ هذه الآية وإلا ، أي وإن لم يتلها هكذا بأن تلاها بفغلة قلب وجهل بالأمور الإلهية وتحريف للأسرار واستصغار للمعاني الكبار فالسكوت وترك التلاوة أولى به حينئذ كما قال تعالى :" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ( 44 ) [ البقرة : 44] .
 
وورد في الخبر : « رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه » (وإذا وفق اللّه) تعالى (العبد إلى نطق) ، أي تكلم ودعاه (بأمر ما) ، أي أمر من الأمور فما وفقه ، أي اللّه تعالى إليه ، أي إلى النطق بذلك الأمر إلا وقد أراد إجابته فيه ، أي في ذلك الأمر الذي دعاه به . وأراد قضاء حاجته ، فيما طلب منه تعالى فلا يستبطىء أحد من الناس ما يتضمنه ما ، أي الذي وفق ، أي وفقه اللّه تعالى له من الدعاء فإن قضاء الحاجات له أوقات .
 
وقد ورد : « يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول :
دعوت فلم يستجب لي » ولعل قوله : ذلك مبطل للدعاء ، فمانع من الإجابة ،
وامتثال العبد أمر ربه تعالى له بالدعاء في قوله :ادْعُوا رَبَّكُمْ[ الأعراف : 55 ] ، وقوله :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[ غافر : 60 ] عين الإجابة من العبد لأمر ربه سبحانه ، فاللّه مستجيب له على كل حال كما مر .
 
قال رضي الله عنه :  (وليثابر) ، أي يواظب الداعي مثابرة ، أي مواظبة (رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على) تلاوة (هذه الآية) في تلك الليلة الكاملة ودعا اللّه تعالى بمضمونها في شأن الكافرين (في جميع أحواله) ، أي الداعي ولا يستبطىء الإجابة فيترك الدعاء حتى يسمع ذلك الداعي بأذنه الحسية أو بسمعه النفساني كيف شئت قلت في ذلك أو كيف أسمعك اللّه تعالى الذي يسمع من يشاء الإجابة لدعائك ذلك فإن شاء تعالى جازاك على دعائك سؤال ، أي طلب اللسان منك للذي أردته أسمعك تعالى الإجابة لدعائك بأذنك قوله القديم : لبيك عبدي وإن جازاك على دعائك فأجابه لك بالمعنى ، أي أعطاك ما طلبته أسمعك إجابة لك بسمعك النفساني بأن يكشف لك عن حصول نفس مطلوبك ، فيكون ذلك دليلا على أنه يذيقك عين ما طلبته في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد أنت ، فإنه يعلم وأنت لا تعلم .
تم فص الحكمة العيسوية .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فلو رأى ) النبي عليه السلام ( في ذلك العرض ) أي عرض الحق على النبي عليه السلام ( ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه ) من أن الحق يريد القهر والانتقام منهم لا يريد المغفرة لهم ( لدعا عليهم لا لهم ) لأن الأنبياء لا يريدون ما لا يريده الحق .
فعلم النبي عليه السلام في ذلك العرض أن الحق يريد العفو والمغفرة لهم بدعائه فبالغ في دعائه ليلة كاملة ( فما عرض ) الحق ( عليه ) أي على النبي عليه السلام ( إلا ما استحقوا به ) أي بسبب ذلك الشيء وهو الذنب .
قال رضي الله عنه :  ( ما ) مفعول استحقوا أي الذي ( تعطيه ) أي تعطي ذلك الشيء ( هذه الآية ) قوله ( من التسليم للَّه والتعريض لعفوه ) بيان لما يعني أن هذه الآية تعطي الرسول عليه السلام ما استحقوا به من أن الرسول عليه السلام يسلم للَّه في دعائه لهم إذ لا يدعو لهم إلا بأمر الحق ويعرض على الحق مغفرتهم فما نزل الآية عليه إلا أن يشفع لهم ولا يشفع إلا لمن يقبل الشفاعة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ورد ) في الخبر ( أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه ) أي إلى الحق ( أخر الإجابة عنه ) أي عن العبد ( حتى يتكرر ذلك ) الدعاء ( منه ) أي من العبد ( حبا فيه ) أي في دعائه ( لا إعراضا عنه ولذلك ) أي ولأجل تأخير الإجابة عن العبد حبا من اللّه ليتكرر من العبد.
( جاء بالاسم الحكيم والحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ولا يعدل بها ) أي الأشياء ( عما ) أي عن الذي ( تقتضيه وتطلبه حقائقها ) أي حقائق الأشياء ( بصفاتها ) أي بصفات الحقائق .
قال رضي الله عنه :  ( فالحكيم هو العليم بالترتيب فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بترداده هذه الآية على علم عظيم من اللّه فمن تلا هذه الآية فهكذا يتلو ) أي كتلاوة الرسول عليه السلام في كونه على علم عظيم ( وإلا فالسكوت أولى به فإذا وفق اللّه عبدا إلى نطق بأمر ما فما وفقه ) أي العبد ( إليه ) إلى نطق ( إلا وقد أراد إجابته ) أي إجابة عبده ( فيه ).
 
أي في ذلك النطق ( وقضاء حاجته ) فإذا كان الأمر كذلك ( فلا يستبطئ ) أي فلا يغتم ( أحد ) بتأخير ( ما يتضمنه ما وفق له ) من الدعاء ( وليثابر ) أي وليواظب على دعائه مثل ( مثابرة رسول اللّه على هذه الآية في جميع أحواله ) أي أحوال الرسول ( حتى يسمع ) الداعي ( بإذنه )  الجسماني ( أو بسمعه ) القلبي ( كيف شئت أو كيف أسمعك اللّه الإجابة فإن جازاك ) الحق ( بسؤال اللسان أسمعك بإذنك وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :   ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها. فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم. فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها. فالحكيم العليم بالترتيب.  فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى. فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
ما ذكره  ظاهر.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه ،لدعاء عليهم لا لهم ، فما عرض عليه إلَّا ما استحقّوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله ).
يعني : ممّا تعطيه هذه الآية من تفويض أمرهم إليه تعالى .
 
قال رضي الله عنه  : ( من التسليم لله والتعريض لعفوه . وقد ورد أنّ الحق إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه ، أخّر الإجابة عنه ، حتى يتكرّر ذلك منه ، حبّا فيه لا إعراضا عنه ، ولذلك جاء بالاسم « الحكيم » ، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عن الذي تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها ، فالحكيم هو العليم بالترتيب ، فكان صلى الله عليه وسلَّم بترداد هذه الآية على علم عظيم عن الله ، فمن تلا فهكذا يتلو » يعني : فليتل « وإلَّا فالسكوت أولى به . وإذا وفّق الله العبد إلى نطق بأمر ما ، فما وفّقه إليه ) .
يعني : « عليه » فإنّ حروف الجرّ يبدل بعضها عن بعض ، ولا سيّما « إلى » و « على » كما قال الله - تعالى - : " أُنْزِلَ إِلَيْكَ " و " أَنْزَلَ عَلَيْكَ " في مواضع .
 
قال رضي الله عنه : ( فما وفّقه إليه إلَّا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ، فلا يستبطئ أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله ، حتى يسمع بأذنه أو بسمعه ، كيف شئت أو كيف أسمعك الله الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ).
قال العبد : لم أجد مزيدا على ما فسّر الشيخ هذه الآية في المناجاة المحمدية العيسوية ، فقد وفّى حقّ تفسيرها ، وحرّر بحسن تخبيره تقريرها .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :   ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم، فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه)
« ما » في ما تعطيه بدل ما استحقوا به العفو مما تعطيه هذه الآية من التسليم لله وتفويض أمرهم إليه ، وحذف مفعول استحقوا لدلالة قوله والتعريض لعفوه عليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الإجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه ، ولذلك جاء باسم الحكيم ، والحكيم : هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ، ولا يعدل بها عما يقتضيه ويطلبه حقائقها بصفاتها فالحكيم هو العليم بالترتيب )  أي فالحكيم هو العليم بترتيب الأشياء
قال رضي الله عنه :  ( فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله فمن تلا فهكذا يتلو )
أي بالعلم البكاء والتعريض ومحافظة الأدب .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإلا فالسكوت أولى به ، وإذا وفق الله العبد إلى نطق بأمر ما فما وفقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو سمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ) المعنى واضح.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :   ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه ) أي ، ولو علم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في ذلك العرض أن الحق لا يريد العفو والمغفرة لهم ويريد القهر والانتقام منهم . ( لدعا عليهم لا لهم . ) لأن الأنبياء واقفون مع إرادة الحق ، ولا يشفعون للأمم إلا بإذن الله تعالى .
قال رضي الله عنه :  ( فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه . ) .
أي ، ما عرض الحق تعالى على رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ليلته الا شيئا استحقت أعيان العباد بذلك الشئ العفو والمغفرة ، وليس ذلك الشئ إلا ذنوبهم ، فإن الذنب هو الذي يطلب المغفرة ، وبه يصير الحق غفورا .
فما استحق العفو إلا الأعيان التي استحقت العفو والمغفرة في الأزل ، إلا الأعيان التي سبق العلم فيها بأنها داخلة في حكم ( المنتقم ) و ( المعذب )  فيجب تعذيبهم والانتقام منهم .
 
ف‍ ( ما ) في قوله : ( ما استحقوا ) بمعنى الشئ ، أو بمعنى الذي . أي ، ما عرض الحق عليه ، صلوات الله عليه ، إلا الذين استحقوا ما تعطيه ، إلا به من العفو وتسليم أمور العباد إلى الله . ف‍ ( ما تعطيه ) . مفعول ( استحقوا ) .
و ( ما ) فيما ( تعطيه ) بمعنى الذي ، أو بمعنى الشئ . و ( من التسليم ) بيانه .
ويجوز أن يكون ( ما تعطيه ) بدلا من ( ما استحقوا ) . أي ، ما عرض عليه إلا ما تعطيه إلا به في حقه ، وهو العفو والمغفرة . فمفعول ( استحقوا ) وهو ( العفو ) ، محذوف لوجود القرينة
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه ، أخر الإجابة عنه حتى يتكرر . ذلك منه حبا فيه ، لا إعراضا عنه . ولذلك جاء بالاسم ( الحكيم ) . و ( الحكيم ) هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها . ).
 
( الباء ) في ( بها ) للصلة . يقال : عدل به فلان عن فلان . أي ، تجاوز عنه . أي ، ولأجل أن الحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها - التي يستحقها بذواتها وأعيانها - ولا يعدل عن مقتضى طبائعها ، جاء بالاسم ( الحكيم ) هنا .
فتأخير إجابة دعاء رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، وشفاعته في حق الأمة أيضا من جملة الحكمة . وهي محبته فيه وإرادته لدعائه وشفاعته في حق أمته .
قوله رضي الله عنه  : ( وقد ورد . . . ) . أقول : أراد الشيخ رضي الله عنه  أن يبين أن تأخير الإجابة بواسطة
عرض الفصول إنما هو من مقتضيات عنايته به ، لا الإعراض عنه .
وقد ورد أن ضجيج التائبين خير من تسبيح المسبحين . قوله : حقائق الأشياء . أي ، حقائقها حال كونها متلبسة بصفاتها ، أو مع صفاتها ، فإنه للصفات أيضا مدخلية في اقتضاء خصوصيات المواضع ، فوضع تأخير إجابة دعائه ، صلى الله عليه وآله ، في موضع يكون تكرار الدعاء فيه مطلوبا من جملة الحكمة .
قوله في المتن : ( بالاسم الحكيم ) حيث أجراه أولا على لسان عيسى ، كذلك ليترتب عليه إجرائه على لسان محمد ( ص ) كذلك ، فيكون حين يجرى على لساني مبنيا على تلك الحكمة .
 
قال رضي الله عنه :  (فالحكيم هو العليم بالترتيب . فكان صلى الله عليه وسلم ، بترداده هذه الآية على علم عظيم من الله . فمن تلا هذه الآية هكذا يتلو ، وإلا فالسكوت أولى به.)
هذا تحريض على التدبر والتفكر في معاني الآيات والحضور بين يدي الحق .
(وإذا وفق الله عبدا إلى نطق بأمر ما ، فما وفقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته.) وهذا أيضا سر إجابة الدعاء . فإن الله تعالى لا يمكن العبد في الدعاء إلا للإجابة .
قال رضي الله عنه :  ( فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له وليثابر مثابرة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ) . (ما يتضمنه) مفعول ( يستبطئ ) و ( ما ) موصولة ، أو بمعنى شئ .
و ( ما وفق له ) فاعل ( يتضمن ) وهو الدعاء . أي ، فلا يستبطئ أحد الإجابة التي يتضمنها الدعاء . وتذكير ضمير المفعول باعتبار لفظة ( ما ) .
 
ويجوز أن يكون ( ما ) في ( ما وفق ) بمعنى المدة . وفاعل ( يتضمن ) ضميرا راجعا إلى (الدعاء) ، إذ الكلام فيه . أي ، لا ينبغي أن يستبطئ أحدكم في دعائه الإجابة ما دام موفقا للدعاء ، وليواظب على دعائه وطلبه مواظبة رسول الله ، عليه السلام ، بتكراره ليلته . ( على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه . )
أي ، حتى يسمع الداعي بأذنه التي هي آلة السماع . ( أو بسمعه ) أي ، بسمع قلبه . فإن السمع روحاني ، والأذن جسماني .
قال رضي الله عنه :  ( كيف شئت ، أو كيف أسمعك الله الإجابة . فإن جازاك بسؤال اللسان ، أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى ، أسمعك بسمعك . ) لما كانت المجازاة في
مقابلة العمل والطلب من الله ، والدعاء عمل من الأعمال ، قال : ( فإن جازاك ) أي ، فإن جازاك الحق بسؤال لسانك وجارحتك ، أسمعك بأذنك التي من الجوارح قوله : (لبيك يا عبدي).
 
وإن جازاك بالعمل القلبي ، أسمعك بسمعك القلبي قوله : ( لبيك يا عبدي ) ورزقك مطلوبك ، إن كان الوقت وقته ، وإلا يؤخر مطلوبك إلى وقته المقدر له أزلا .
ولا يتأخر قوله : ( لبيك ) عن وقت الدعاء أبدا . كما مر في ( الفص الشيثي ) .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 5:22 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة والعشرون : -    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :   ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك. )
 
قال رضي الله عنه : (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحقّ وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم ،فما عرض عليه إلّا ما استحقّوا به ما تعطيه هذه الآية من التّسليم للّه والتّعريض لعفوه).
 
فلم تكرر ( فلو رأى ) صلّى اللّه عليه وسلّم ( في ذلك العرض ) الإلهي جنابة في رعاية الحكمة في إهلاك أعدائه بالكلية ؛ لدعا عليهم لا لهم ، ولكنه ما دعا عليهم بل لهم .
قال رضي الله عنه :  ( فما عرض ) الحق ( عليه ) إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية ( من التسليم للّه ) من العذاب ، وتركه لشمول الحكمة إياها ، ( والتعريض لعفوه ) الراجح في موضع المعارضة ، فسبب تأخير الإجابة إلى الفجر ؛ ليكون سؤاله عليه السّلام مفصلا في حق عصاة أمته ؛ ليزيل بكل سؤال ظلمة خاصة من ظلمات معاصيهم ، ويفيد كل واحد منهم نورا خاصّا يليق به ؛ ولتأخير الإجابة في حق الكمّل سبب آخر .
 
قال رضي الله عنه :  (وقد ورد أنّ الحقّ إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه أخّر الإجابة عنه حتى يتكرّر ذلك حبّا فيه لا إعراضا عنه ، ولذلك جاء بالاسم الحكيم ؛ والحكيم هو الّذي يضع الأشياء في مواضعها ، ولا يعدل بها عمّا تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها ، فالحكيم هو العليم بالتّرتيب ؛ فكان صلّى اللّه عليه وسلّم بترداده هذه الآية على علم عظيم من اللّه تعالى ، فمن تلا هذه الآية فهكذا يتلو ، وإلّا فالسّكوت أولى به ، وإذا وفّق اللّه عبدا إلى النّطق بأمر ما فما وفّقه إليه إلّا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته فلا يستبطئ أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على هذه الآية في جميع أحواله ، حتّى يسمع بأذنه أو بسمعه ، كيف شئت أو كيف أسمعك اللّه الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللّسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ) .
 
وهو أنه ( قد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده ) وإن لم يكن له حسن ؛ بل لكونه ( في دعائه إياه ) ، وهو مخ العبادة ( أخر الإجابة عنه حتى يتكرر ذلك ) الدعاء منه ( حبّا فيه ) أي : في دعائه ؛ ليزداد به عبده عبادة وتوبة إليه ، ( لا إعراضا عنه ) أي : عن دعائه ؛ لكونه من كامل ؛ فلا ينبغي أن يتوهم فيه ذلك ، فإن الحكيم لا يفعل بدعاء الكامل الإعراض .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك جاء بالاسم الحكيم ) في آخر هذه الآية ، وكيف يفعل الحكيم الإعراض عن دعاء الكامل ، ( والحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ) ، وليس دعاء الكامل موضعا للإعراض ، وهو إما يعذب أو يعفو بمقتضى الحكمة ، ( إذ لا يعدل بها ) أي : بالأشياء ( عما تقتضيه ) بلا واسطة ، ( وتطلبه ) بالواسطة ( حقائقها ) لا باعتبار كليتها فقط ، بل باعتبار اتصافها (بصفاتها ) المفيدة لها الشخصية أيضا ، فتفعل ما ترتب على كل صفة منها .
قال رضي الله عنه :  ( فالحكيم العليم بالترتيب ) أي : بما ترتب على كل صفة من الأفعال العامل بمقتضى ذلك ، فلما كان في السؤال بهذه الآية ، وتأخير الإجابة لهذه الأسرار .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان صلّى اللّه عليه وسلّم يردد هذه الآية على علم عظيم من اللّه ) لا من عيسى عليه السّلام ، وإن كان قد بدأ بها ، ( فمن تلا فهكذا يتلو ) متأملا في أسرارها ملحّا بها على ربه ، ( وإلا فالسكوت أولى به ) ؛ لئلا يدخل تحت قوله تعالى :" وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ " [يوسف : 15 ] ، سيما من يتأتى منه التأمل والعمل فترك تكاسلا .
 
ثم أشار إلى أنه لا ينبغي ترك الدعاء عند استبطاء الإجابة ؛ فقال : ( وإذا وفق اللّه عبدا إلى نطق ) أي : دعاء صادر عن قلبه الذي هو النفس الناطقة ( بأمر ما ) من الأمور العظام أو الصغار ، ( فما وفقه إليه إلا وقد أراد إجابته ) بنحو لبيك عبدي ، ( وقضاء حاجته ) التي طلبها بالدعاء في وقت ما ؛ لأن الدعاء مخ العبادة ، وكل عبادة لها جزاء ، وجزاء الدعاء الإجابة وقضاء الحاجة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له ) ، إذ أمر بتضمنه دعاء وفق له من عباد اللّه بتكميل نفسه الناطقة ، فإنه لا بدّ من وقوعه ، وإن تأخر ولا يتوهم في ذلك نقصا ، بل ( ليثابر ) أي : ليواظب ( مثابرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) مع جلالة شأنه ، فإنه ثابر ليلة كاملة على هذه الآية ؛ ( ليثابر ) أحدنا على الدعاء ( في جميع أحواله ) سواء كان قلبه صافيا أو غير صاف .
فإنه ربما يحصل له الصفاء بالمثابرة على الدعاء ( حتى يسمع ) الإجابة ( بأذنه ) الظاهرة إن حصل له كشف صوري ( أو بسمعه ) القلبي إن حصل له كشف معنوي ( كيف شئت ) أي : بقي لك اختيار في هذه التصفية الحاصلة عن المثابرة في الدعاء .
 
قال رضي الله عنه :  ( أو كيف أسمعك اللّه الإجابة ) إن لم يبق لك اختيار ؛ لاستغراقك في الدعاء أو المدعو ، وهذا التفصيل فيما بقي فيه الاختيار ظاهر ؛ لأنه إجابة لمراد هذا العبد في دعائه ، وأما فيما لم يبق فيه الاختيار ( فإن جازاك بسؤال اللسان ) " أي اللسان الذي هو من مقولة الحرف والصوت الصادر من اللسان الجسماني . [ جامي ص 359 ]"
 
لجريان الألفاظ عليه مع  استغراق القلب بالمدعو أسمعك بأذنك الظاهرة لمناسبتها اللسان في أنها ظاهرة مثله ، وإن جازاك بالمعنى القائم بالقلب عند سلب الألفاظ عن اللسان ( أسمعك بسمعك ) القلبي ، ولما كانت الحكمة النبوية متضمنة للرحمة العامة ؛ لانتظام أمر معاش الكل ومعادهم بها على أتم الوجوه أردفها بالحكمة الرحمانية ؛ فقال : فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحقّ وايثار جنابه لدعا عليهم - لا لهم - فما عرض الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه ) .
 فـ « ما » في « ما يعطيه » بدل ممّا استحقّوا به  وفيه إشارة إلى أنّ وصول أهل العذاب والمغفرة إلى ما استحقّوه إنما هو بدعاء الخاتم ، على ما هو مقتضى الأصول .
 
قال رضي الله عنه :  (وقد ورد أنّ الحقّ إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه أخّر الإجابة عنه حتى يتكرّر ذلك منه حبّا فيه ، لا إعراضا عنه ولذلك جاء باسم الحكيم ، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ، ولا يعدل بها عمّا تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها ، فالحكيم : العليم بالترتيب ) .
أي العارف بترتيب الأحكام والأوصاف على الحقائق ، ووضع كلّ منها مواضعها بمواقيتها المختصّة بها ، فإنّه من آثار الاسم الحكيم .
قال رضي الله عنه :  ( فكان صلَّى الله عليه وسلَّم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله ) يعني العلم بمواضع كل شيء ومواقع تحقّقها وثبوتها ، وما يستتبعه من العلم بترتيب الإجابة على دعائه وسائر الصفات والأحكام مطلقا .
 
أدب الدعاء رمز الاستجابة
قال رضي الله عنه :  ( فمن تلا فهكذا يتلو ) بمثل هذا التحقّق العلميّ الشهوديّ التفصيليّ على ما بيّن وراثة لحضرة الختميّة وفي هذا الكلام إيماء إلى أن الشيخ قد تلاها هذه التلاوة ، كما أنّ في اكتفائه بالضمير والصلاة إشارة إلى أنّ الرسولين إنّما وفّقا للمصدريّة المذكورة بميامن الكمال الختميّ الذي لمحمّد بالذات ، ولعيسى بالتبع من وجه .
 
قال رضي الله عنه :  (وإلَّا فالسكوت أولى به ) لأنّ ذلك مقتضى مقامه ، فهو من المرحومين على ما ورد : « رحم الله امرأ عرف قدره ولم يتعدّ طوره » فالسكوت للجاهل نجاته واستراحته من التعب .
قال رضي الله عنه :  ( وإذا وفّق الله العبد إلى نطق بأمر ما ) - دعاء كان أو تمنّيا أو ترجّيا  ( فما وفّقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ) في طلبه ، على ما هو مقتضى الجود وقهرمان أمره في ديوان الخلق والإيجاد.
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يستبطئ أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول على هذه الآية في جميع أحواله ) فإنّه لا بدّ من الإجابة وإسعاف المسؤول ، وإن تأخّر في هذه الدار الصوريّة .
وإليه أشار بقوله : ( حتى يسمع باذنه ) الجسمانيّة التي في هذه النشأة ( أو بسمعه ) الروحانيّ ( كيف شئت أو كيف أسمعك الله الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بإذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ) وفق ما نبّه عليه في تسوية العبارتين بقوله :
 « كيف شئت أو كيف أسمعك الله » أي جواب تحقّق المجازاة مترتّب على سؤال القائل ، إمّا بلسان أصل قابليّته وشيئيّته الكونيّة ، أو بلسان جمعيّته السمعيّة الإلهيّة .
وهذا أيضا من أحكام تلك الثنويّة المشتمل عليها الكلمة هذه .
 
ثمّ إنّك ينبغي أن تعلم هاهنا أنّ من آثار ما اشتمل عليه الكلمة النبويّة من أمر الثنويّة وجلائل ثمارها - التي إنّما تجتنى من شجرة النبوّة عند بلوغها ووقت إدراك مقصودها - هو معرفة الفريقين التي عليها فيصل التفرقة ومباني أحكام التفصيل ، وهو الذي به تتفاوت مراتب الأنبياء عند الارتقاء إلى معارج كمالها في أمر النبوّة - ولذلك تراه أنّه به وافق الذوق الختميّ وعليه طابق نقطة تمام النبوّة ، حيث أخذ يردّده الخاتم ، إلى أن استجيب .
 
وكأنّك قد نبّهت في التلويحات السابقة بما يطلعك على أصل هذه النكتة عند تحقيق نهاية أمر الكثرة التي عليها استقرّت إمالة قهرمانها في الاثنين فليكن ذلك على ذكر منك إذ به ينكشف من جلائل الدقائق ما يعسر للعبارة المتعاورة أن ينبّه عليها بضرب من الدلالات المعتبرة عند أرباب الرسوم .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم. فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.)
 
قال رضي الله عنه :  "فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم". ( لدعا عليهم ) بما لا يلائمهم ( لا لهم ) بما يلائمهم فإن الأنبياء واقفون مع إرادة الحق ولا يستشفعون إلا بإذنه ( فما عرض ) الحق سبحانه ( عليه ) ، أي على النبي صلى اللّه عليه وسلم حين كان يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب ( إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم ) للّه لاشتمالها على قوله :" وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " .
 
فقوله رضي الله عنه  : ما تعطيه مفعول للاستحقاق فإن قلت المعروض عليه صلى اللّه عليه وسلم إنما هو ذنوب العباد وهي ما استوجبوا به العذاب كما صرح به أولا فلم حكم عليها ههنا بأنهم استحقوا بها التسليم للّه ( والتعريض لعفوه ) ، فإن ذلك ينافي استحقاقهم بها العذاب .
قلت : إيجاب الذنوب العذاب إنما هو لذواتها ويمكن أن تلحقها أمور تخرجها عنه كالتوبة والندامة أو تسبقها كالعناية من جانب الحق سبحانه فما عرض عليه إلا ذنوبهم التي استوجبوا بها النظر إلى ذواتها العذاب ، ولكن وقع ذلك العرض على وجه ينبئ على استحقاقهم لما تعطيه الآية من التسليم للّه والتعريض لعفوه .
ثم إنه رضي اللّه عنه أراد أن يبين أن تأخير الإجابة بواسطة عرض الفصول إنما هو من مقتضيات عنايته لا الإعراض عنه فقال :
 
قال رضي الله عنه :  (وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.  فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به. وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم )
 
قال رضي الله عنه :   ( وقد ورد ) في الأحاديث ( أن الحق سبحانه إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الإجابة حتى يتكرر ذلك الدعاء منه حبا فيه لا إعراضا عنه ) ، فيكون تأخير الإجابة عنه حتى يتكرر الدعاء مما تقتضيه حكمته تعالى ( ولذلك ) ، أي لأجل تأخير الإجابة ليترتب عليه تكرار الدعاء مما تقتضيه الحكمة ( جاء ) الحق سبحانه في هذا الكلام ( بالاسم الحكيم ) حيث أجراه أولا على لسان عيسى كذلك ليترتب عليه إجراؤه على لسان محمد صلى اللّه عليه وسلم كذلك ويكون حين يجري على لسانه مبنيا على تلك الحكمة.
 
قال رضي الله عنه :  ( والحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ولا يعدل بها ) الباء للتعدية أي لا يعدل بها ( عما تقتضيه ) من تلك المواضع ( وتطلبه حقائقها ) ، أي حقائق الأشياء حال كونها ملتبسة ( بصفاتها ) أو مع صفاتها فإنه للصفات أيضا مدخل في اقتضاء خصوصيات المواضع فوضع تأخير إجابة دعائه صلى اللّه عليه وسلم في موضع يكون تكرار الدعاء فيه مطلوبا من جملة الحكمة ( فالحكيم ) ( هو العليم بالترتيب ) ، أي بوضع كل شيء في مرتبته وموضعه ولكن يشترط أن يعمل بمقتضى علمه ويضع كل شيء في موضعه.
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان ) النبي ( صلى اللّه عليه وسلم بترداده هذه الآية على علم عظيم من اللّه تعالى ) كعلمه بتفاصيل ما عرض عليه الحق سبحانه من أحوال أمته وكعلمه بحكمة تأخير إجابة دعائه بل بوضعه كل شيء في مرتبته ( فمن تلا هذه ) الآية ( فهكذا يتلو وإلا ) ، أي وإن لم يتلها كذلك ( فالسكوت ) عنها ( أولى به ) من تلاوتها .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا وفق اللّه سبحانه عبدا ) متحققا بمقام العبودية بحيث لم يبق له شائبة ربوبية ( إلى النطق بأمر ما ) وطلب له الدعاء أو تمنيا أو ترجيا (فما فقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ) ، لأن ذلك النطق والطلب ليس منه لأنه لا تنبعث منه إرادة تسمى أصلا لتحققه العبودية ، وكل إرادة تظهر فيه فإنما هي من الحق سبحانه فلا يتخلف عنها المراد ( فلا يستبطىء ) على صيغة النهي ( أحد ) من العبيد المتحققين بالعبودية ( ما يتضمن ) من الحاجات ( ما وفق له ) من النطق بأمر ما ( وليثابر مثابرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله ) فكلمة على متعلقة بمثابرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكلمة بقوله :
 
قال رضي الله عنه :  (هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.  فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.)
 
وليثابر على ( "هذه الآية في جميع أحواله" حتى يسمع ) ذلك الآخذ بالمثابرة ( بأذنه ) الجسماني ويكون المسموع من مقولة الصوت والحرف الحسي ( أو ) يسمع ( بسمعه ) الروحاني ويكون المسموع أمرا روحانيا ( كيف شئت أو كيف أسمعك اللّه الإجابة ) يعني سماع الإجابة بأمره بالإذن وتارة بالسمع ، إما مستند إلى مشيئتك بأن سبب السماع بالأذن أو السمع فأسمعك اللّه كما شئت ، وإما مستندا إلى إسماع اللّه ومشيئته سواء كان لك مشيئة ولم يسمعك كما شئت أو لم يكن له مشيئة أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن جازاك بسؤال اللسان ) الذي هو من مقولة الحرف والصوت الصادر من اللسان الجسماني ( أسمعك ) اللّه الإجابة ( بأذنك ) الجسماني ليوافق الجزاء العمل ( وإن جازاك بالمعنى ) ، أي بمعنى ذلك السؤال وروحه ( أسمعك بسمعك ) الروحاني لتلك الموافقة ولا يخفى أن الظاهر أن يقال : كيف شاء أو كيف أسمعه اللّه ، فتغيير الأسلوب إما بالتفاوت من الغيبة إلى الخطاب أو بتقدير القول .
أي يسمع بأذنه مقولا معه كيف شئت الإجابة بسؤال اللسان لفظا أو بمعناه ، كيف شئت أسمعك اللّه الإجابة لا بد أن يكون مجازا به لك ، وإجابته إياك بما يناسب حالك .
فإن جازاك بسؤالك باللسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 6:12 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثامنة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة والعشرون : -  
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (من خصائص الروح أنه ما يمر على شيءٍ إلا حيي ذلك الشيء.
ولكن إذا حيي يكون تصرفه بحسب مزاجه واستعداده لا بحسب الروح. فإن الروح قدسيٌ.
ألا ترى أن النفخ الإلهي في الأجسام المسواه مع نزاهته وعلو حضرته كيف )
 
إنّما خصّت الحكمة النبوية بالكلمة العيسوية- و إن كانت جميع هذه الحكم نبوية- لأنّ نبوّته فطرية غالبة على حاله و قد أنبأ عن الله في بطن أمّه بقوله، «أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا»، و في المهد بقوله، «آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا»، إلى وقت بعثه- و هو الأربعون من سنة، لقوله عليه السلام "ما بعث نبى إلّا بعد الأربعين".
و قيل، إنّها ليست مهموزة من «النبإ»، بل ناقصة من «نبا ينبو نبوّا» بمعنى «ارتفع»، لارتفاع مقامه من أبناء البشر و لقوله تعالى، «بَلْ رَفَعَهُ الله»، و لختم الولاية عليه.
من (خصائص الروح) الذي هو نفس رحمانى من صفاته الذاتية الحياة- أنه ما يمر على شي‏ء من القوابل و لم يباشره بصورته المثالية (إلا حيي ذلك الشي‏ء) بقوّة قبوله، و ظهر فيه خاصية الحياة و أثر من آثارها بحسب تلك القوّة.
(و لكن إذا حيى ذلك الشي‏ء) الذي مرّ عليه الروح و باشره، و سرت الحياة فيه (يكون تصرفه) ، أي تصرّف الروح و تأثيره، (بحسب مزاجه)، أي مزاج ذلك الشي‏ء (واستعداده، لا بحسب الروح) نفسه، فان الروح أمر قدسي، ليس له حسب معيّن و حيثية مخصوصة.
(ألا ترى أن النفخ الإلهي)، أي الروح الإلهي المنفوخ، (في الأجسام المسواة)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (يكون تصرفه بقدر استعداد المنفوخ فيه.
ألا ترى السامري لما عرف تأثير الأرواح كيف قبض فخّار العجل فذلك استعداد المزاج.)
 
لنفخ الروح فيها، (مع نزاهته) عن خواص تلك الأجسام (و علو حضرته) في حدّ ذاته عن التقيّد بصفاتها، (كيف يكون تصرفه)، أي تصرّف الروح في الجسم المنفوخ فيه أو فيما عداه بتوسّطه، (بقدر استعداد) الجسم (المنفوخ فيه) و قابليته، لا بحسب الروح في نفسه؟
(ألا ترى أن السامري لما عرف تأثير الأرواح) فيما تمرّ عليه و تباشره (كيف قبض) «قَبْضَةً من أَثَرِ الرَّسُولِ»؟ يعنى الروح الأمين- الذي هو جبرئيل- حين ظهر متمثّلا على البراق و كان البراق أيضا روحا متمثّلا.
فأثّر ذلك في التراب الذي مرّ عليه، و سرت الحياة فيه، فعرف السامري ذلك بنور باطنه و قوّة استعداده.
فقبض قبضة من أثره، فنبذها على صورة العجل المتّخذة من حلى القوم.
(فخار العجل) بعد ما حيى. (فذلك)، أي الخوار، سببه (استعداد المزاج) التابع لصورة العجل.
 
فلو كان صورة حيوان آخر، لنسب إليها اسم الصوت الذي لتلك الصورة، كالرغاء للإبل، و الثواج‏ للكبش، و اليعار للشاة، و غير ذلك. 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 7:59 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 6:31 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة والعشرون : -   الجزء الأول
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
15 - عشر حكمة نبوية في كلمة عيسوية
(1) «الحكمة النبوية في الكلمة العيسوية».
(1) يظهر أن السبب في نسبة الحكمة النبوية إلى عيسى واختصاصه بالنبوة أكثر من الرسالة، هو ما ورد في القرآن من الآيات التي تنص على نبوته منذ ولادته حتى أنطقه اللَّه بما يثبت ذلك وهو لم يزل بعد في المهد صبياً.


قال عيسى يخاطب قومه ويدافع عن أمه التي حام شك الناس حولها: «إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا» (قرآن س 19 آية 32).
هذا من ناحية: ومن ناحية أخرى يعتقد المسلمون أن عيسى سينزل من السماء آخر الزمان ويحكم في الناس بشريعة محمد صلى اللَّه عليه وسلم ويعيد الإسلام إلى سيرته الأولى: أي أنه سيكون نبياً تابعاً لا نبياً رسولًا ولا مشرّعاً وهذه هي النبوة العامة أو النبوة المطلقة التي تختلف عن النبوة الخاصة التي هي نبوة التشريع.
ولهذا يعتبره ابن العربي خاتم الأنبياء: 
أي خاتم من تكون لهم هذه النبوة العامة. أما خاتم الأنبياء المشرعين فمحمد عليه السلام.
على أن عيسى- إذا نظر إليه من ناحية حياته في هذه الدنيا- قد كان نبياً رسولًا، لأن كل رسول له إلى جانب رسالته صفتا النبوة والولاية كما ذكرنا.
وجانب النبوة فيه يختلف عن جانب الرسالة وينحصر في قدرته على الإخبار بما هو في عالم الغيب، تلك القدرة التي تظهر في كل نبي عند سن الأربعين.
ولا يتردد ابن عوبي في أن يسمي تلك النبوة العامة التي هي قدر مشترك بين الأنبياء
والرسل جميعاً بالاسم الذي أطلقه عليها الغزالي وهو النبوة المكتسبة، بل يذهب إلى أبعد من ذلك فيرى أن في إمكان الأولياء اكتساب هذه القوة بعد وصولهم إلى درجة خاصة في معراجهم الروحي (راجع الفتوحات ج 2 ص 3، 4).
 

(2) «عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين»
(تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين)
(لأجل ذلك قد طالت إقامته  … فيها فزاد على ألف بتعيين)
(روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين)
(2) يفهم البيتان الأولان من هذه الأبيات بمعنى الاستفهام، ولكن الأفضل أن يفهما بمعنى الإخبار
و أن تفهم «أو» الواردة في الشطر الأول من البيت الأول بمعنى «و» لأنه يريد أن يقرر أن طبيعة المسيح ركّبت على هذا النحو أي ركبت من مادة محققة هي ماء مريم و من روح هي روح جبريل المعبر عنها بالنفخ.
ويؤيد هذا التفسير ما يلي من نصوص الكتاب فيما بعد. فابن العربي لا يتساءل عما إذا كانت كلمة اللَّه قد تكوّن منها المسيح في صورة مادية بحتة- هي ماء مريم، أو في صورة روحية بحتة هي النفخ المذكور، وإنما يريد أن يضع أمامنا نظريته الخاصة في طبيعة المسيح، وهي نظرية لا تخلو حقاً من طرافة وغرابة معاً.

تكوّن المسيح في رأيه من عنصرين أحدهما مادي وهو ماء أمه والآخر روحي وهو كلمة (روح) اللَّه التي ألقاها جبريل إلى مريم بواسطة النفخ بعد أن تمثل لها في صورة البشر السويِّ.
أما كلمة «الذات» الواردة في الشطر الأول من البيت الثاني فيمكن أن تؤخذ على أنها ذات المسيح أي مادة جسمه، أو ذات أمه التي تكوَّن فيها.
ومعنى تطهيرها من الطبيعة تخليصها من شوائب الطبيعة التي تعرضها للفساد.

فكأنه يريد أن يقول إن جسم المسيح ولو أنه طبيعي، إلا أنه غير عنصري لأن الأجسام الطبيعية نوعان: عنصرية كالأجسام الأرضية، وغير عنصرية كالأجرام السماوية وكجسم عيسى لهذا السبب قد طالت إقامة عيسى في العالم ولم يعتبر جسمه الفساد الذي يصيب الأجسام الأرضية الأخرى، وستطول إقامته في السماء حتى ينزل إلى الأرض آخر الزمان ويحكم بشرع محمد كما ذكرنا.
وقد وردت كلمة «سجّين» في القرآن (في س 83 آية 7، بمعنى الكتاب المرقوم الذي أحصى فيه اللَّه أعمال الفجار.

ولكنها مشتقة من سجن على رأي أبي عبيدة، واستعملت بمعنى «جهنم» أو واد خاص بالفجار فيها، أو كتاب الفجار الذي سيطلعهم اللَّه عليه في جهنم وغير ذلك.
ولكن مما لا شك فيه أن ابن العربي يستعملها بمعنى السجن جرياً على عادة الصوفية والفلاسفة الاسلاميين الذين أخذوا بنظرية أفلاطون في طبيعة الجسم والنفس، فنظروا إلى الطبيعة (البدن) على أنه سجن النفس وجحيم المؤمنين في هذه الدنيا.

(3) «روح من اللَّه لا من غيره فلذا أحيا الموات و أنشا الطير من طين»
(3) يذهب الفلاسفة المسلمون الذين تأثروا بنظرية أفلوطين في الفيوضات إلى أن أول ما فاض عن «الواحد» هو «العقل الأول» ثم توالت الفيوضات بعد ذلك في نظام تنازلي حتى انتهى الأمر بالعقل الفعال آخر العقول و مبدأ الحياة الناطقة في كل ما يحتوي عليه فلك ما تحت القمر.
فالعقول البشرية في نظرهم ليست سوى تعينات أو صور للعقل الفعال:
تهبط على الأجسام وتبقى بها زمناً محدوداً، فإذا فارقتها رجعت إلى أصلها واتصلت به.
أما فلاسفة الصوفية فلم يصوروا المسألة هذا التصوير بالرغم من استعمالهم ألفاظ الفيض والصدور وما إليها.
فمذهب ابن العربي على الأقل- وهو في مقدمة المذاهب الصوفية الفلسفية في الإسلام- يحمل طابع وحدة الوجود التي لا أرى أنها تتفق تماماً مع نظرية الفيوضات الأفلوطينية.
نعم يستعمل كلمة الفيض وما يتصل بها من اصطلاحات، وقد يذكر فيوضات أفلوطين بأسمائها وعلى النحو الذي ذكره هذا الفيلسوف، ولكن للفيض عنده معنى يختلف تماماً عن معنى أصحاب الأفلاطونية الحديثة كما أشرنا إلى ذلك من قبل.
فالوجود فائض عن «الواحد» - على مذهبه- بمعنى أن «الواحد» متجلّ في صور أعيان الممكنات التي لا تتناهى: كان ذلك منذ الأزل وسيبقى كذلك على الدوام.
لم يجد ابن العربي وأصحابه إذن حرجاً كما وجد الفلاسفة المشاءون من المسلمين- في القول بأن الكثرة قد صدرت عن الواحد بالمعنى الذي ذكرناه: أي أن الواحد قد ظهر بصور الأعيان المتكثرة في الوجود الخارجي.

ولم يأخذ بالقاعدة التي أخذ بها المشاءون وجعلوها أساساً لمذهبهم، وهي أن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد، بل قال إن الواحد قد صدر عنه العقل الأول كما صدر عنه الأرواح المهيمة و أرواح الكاملين من الخلق كالأنبياء و الأولياء، بل و روح كل موجود (و ليس في الوجود إلا ما له روح).
بعبارة أخرى صدر عن الواحد الحق كل شيء، لأنه حقيقة كل شيء والمتجلي في كل شيء.

فالمسيح الذي هو روح من اللَّه صدر عن اللَّه بهذا المعنى:
أي أن اللَّه قد تجلى في صورته كما تجلى في صور ما لا يحصى من الممكنات الأخرى، وليس كما يقول القيصري إنه صدر عن اللَّه لأنه في الصف الأول من الأرواح التي صدرت مباشرة عن اللَّه، بينما صدر غيره من الأرواح عن اللَّه بوساطة العقل الأول أو العقول الكونية الأخرى.
وفي هذا التأويل بمعنى من الأفلاطونية الحديثة لا تحتمله فلسفة ابن العربي العامة ولا يتفق مع ما سيرد من النصوص في هذا الفص.

ومن كون المسيح روحاً من اللَّه، أو من كونه مجلى من المجالي الإلهية التي لا تحصى، كانت له القدرة على الخلق و إحياء الموتى و غير ذلك مما لا ينسب عادة إلا إلى اللَّه.
والحقيقة أن في نسبة هذه الأفعال إلى المسيح شيئاً من التجوز، لأن الخالق على الإطلاق والمحيي على الإطلاق هو اللَّه، ولم يكن في هذه الحالة سوى اللَّه في الصورة العيسوية الخاصة.

(4) «جبريل عليه السلام و هو الروح».
(4) ليس من الغريب أن يكون لجبريل في مذهب ابن العربي شأن آخر غير شأن جبريل الملك الموكل بالوحي، فقد أشرنا فيما مضى إلى أنه يرى أن الوحي تلقائي ينكشف للموحَى إليه من ذاته، حيث لا يحتاج لوساطة ملك أو غيره (الفص السابع: التعليق العاشر).
جبريل عنده هو مبدأ الحياة في الكون:
هو الروح الكلي المنبث في الوجود بأسره على ما في الموجودات من تفاوت في درجات الحياة ومقدرتهم على الظهور بمظاهرها.
وليس في الوجود في مذهبه إلا ما هو حي وما هو ناطق، وإن كنا قاصرين عن إدراك هاتين الناحيتين في كثير من الموجودات.
فيجب إذن ألا نسارع إلى إنكار وجودهما في بعض الكائنات لأننا عجزنا عن إدراكهما فيها عن طريق العقل أو الحس.
فجبريل ليس إلا الحق ذاته متجلياً في صورة ذلك الروح الكلي، وما ظهر منه في أي موجود من الموجودات هو «لاهوت» هذا الموجود أو جهة الحق فيه : كما أن الصورة التي يظهر فيها هي ناسوته  أو جهة الخلق فيه.

"" يستعمل ابن العربي كلمة اللاهوت للدلالة على «ذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء» والناسوت «للمحل القائم به الروح».
وقد استعمل الاصطلاحين من قبله الحلاج كما استعمل كلمتي الطول والعرض.
قارن الفتوحات ج 1 ص 219 حيث يشرح ابن العربي نظرية الحلاج.
على أن كلمة الروح قد تطلق مجازاً على الناسوت من ناحية أنه محلها الذي تقوم به. ""
 وإن شئت فقل إن الروح والمادة هما وجها الحقيقة الوجودية اللذان أطلقنا عليهما اسم الحق والخلق، أو الباطن والظاهر فيما سبق.

وهذه نظرة إلى الحق لا من ناحية إطلاقه وتنزهه عن الخلق، بل من ناحية تعينه ووجوده فيه. فهو تلك القوة التي لا تطأ شيئاً في الوجود إلا دبت فيه الحياة، وهو الذي قبض السامري قبضة من أثره وصنع منها عجل بني إسرائيل، وهو الذي نفخ في مريم فولدت عيسى عليه السلام.

وليس من الخطأ أن نقول إن هذا الروح المعبر عنه بجبريل يشبه من بعض الوجوه النفس الكلية التي قال بها أفلوطين، ولكن من الخطأ أن نغفل الفرق الذي أشرنا إليه مراراً بين منزلة جبريل في مذهب ابن العربي ومنزلة النفس الكلية في مذهب أفلوطين في الفيوضات.
وبالرغم من تصوير المسألة هذا التصوير الفلسفي يأبى ابن العربي وأتباعه إلا أن يخلعوا على جبريل بعض الصفات غير الفلسفية ويعينوا له مكاناً خاصاً من الوجود.

فهم يقولون إنه هو المدبّر للأفلاك السبعة وكل ما يوجد فيها، و إن مقامه سدرة المنتهى (قرآن 53 آية 14) التي هي صورة الفلك السابع.
وهذا مخالف لما ذهب إليه الفلاسفة الإسلاميون من أن لكل فلك نفساً أو عقلًا يدبره و أن آخر العقول- و هو العقل الفعال- هو الذي يدبر فلك ما تحت القمر أو فلك الكون و الفساد.

"" يقول القاشاني: وأما روح فلك القمر الذي سماه الفلاسفة العقل الفعال فالعرفاء (الصوفية) يسمونه اسماعيل وهو ليس بإسماعيل النبي عليه السلام بل هو ملك مسلط على عالم الكون والفساد من إعوان جبريل وأتباعه وليس له حكم فيما فوق فلك القمر كما لا حكم لجبريل فيما فوق السدرة» شرح الفصوص ص 259 - 260.""


(5) «فحصل لها حضور تام مع اللَّه وهو الروح المعنوي».
(5) لما تمثل جبريل لمريم في صورة البشر السوي ولم يكن في الحقيقة إلا صورة من خلق خيالها كما يقول ابن العربي خافت واستعاذت باللَّه منه وتوجهت بكل ما فيها من جمعية روحية إلى اللَّه، فحصل لها حضور تام معه، فَنِيَتْ فيه عن نفسها وكانت على أتم استعداد لقبول الكلمة الإلهية التي هي روح عيسى أو حقيقته.
وليس وصف عيسى بالكلمة اختصاصاً له، فإن كل موجود كلمة من كلمات اللَّه التي لا تنفد كما قال عزّ وجل «قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً».
فعيسى إحدى هذه الكلمات: أما الكلمة بالألف واللام فاسم يقصره ابن العربي على الحقيقة المحمدية أو الروح المحمدي الذي يصفه بجميع الصفات التي يصف بها المسيحيون الكلمة (المسيح) في نظريتهم.

أما إلقاء الكلمة الإلهية إلى مريم فمعناه ظهور الكلمة الإلهية في مظهر خارجي بالصورة العيسوية كما ينقل الرسول كلام اللَّه لأمته بأن يصوغ المعاني العقلية التي لا صورة لها ولا جرس في صورة ألفاظ خارجية تسمع وتقرأ.

(6) «فَسَرَتْ الشهوة في مريم فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم و من ماء متوهم من جبريل».
(6) لم يجد ابن العربي صعوبة في تعليل لاهوتية "هوية" المسيح، ولكن الصعوبة التي واجهته كانت في تعليل ناسوتيته، لأن المسيح في نظره كما هو في نظر المسلمين جميعاً إنسان بكل معاني الكلمة: له جسم كسائر الأجسام بالرغم من أنه لم يكن له أب بشري.
حاول ابن العربي أن يعلل هذه الظاهرة الغريبة فوضع لها تفسيراً أعتقد أنه لم يسبق إليه وقرّب ما أمكنه التقريب بين ولادة المسيح الشاذة والقانون الطبيعي العام، وبين تكوين جسد المسيح وتكوين غيره من الأجساد.

يقول إن عيسى لم يكن له أب من البشر فلم يتكوّن جسده من امتزاج ماء ذلك الأب بماء أمه على نحو ما تجري به العادة، ولكن لما ظهر جبريل لمريم في صورة بشرية وأخبرها بأنه رسول من عند اللَّه جاء ليهب لها غلاماً زكيّاً، سرت فيها الشهوة لما توهمت أن هذا الشاب الجميل يريد مواقعتها وجرى ماؤها.

وفي هذه اللحظة نفخ جبريل فيها روح اللَّه فامتزجت رطوبة النفخ التي هي الماء المتوهم بمائها الحقيقي وتكوّن جسد عيسى.
ولم يكن ذلك النفخ سوى الروح الإلهي الذي مسّ ماء مريم فسرت فيه الحياة.
ولا يرى القيصري (شرحه على الفصوص ص 252 - 3) أن تولد المولود من ماء المرأة وحدها أمر مستحيل لاحتمال وجود جراثيم اللقاح فيها.
وعدم جريان العادة بذلك لا ينهض دليلًا عنده على استحالته.

(7) «ويحتمل أن يكون العامل فيه «تنفخ» فيكون طائراً من حيث صورته الجسمية الحسية».
(7) يبحث عن العامل في المجرور «بِإِذْنِ اللَّهِ» في قوله تعالى في حق عيسى «وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي»: هل هو «يكون» فيكون المعنى «فيكون بإذن اللَّه طيراً»، أو «تنفخ» فيكون المعنى «فتنفخ فيه بإذن اللَّه فيكون طيراً؟» بعبارة أخرى هل كان خلق الطير من الطين من عمل عيسى بواسطة النفخ الذي أذن اللَّه له به، أم كان الخلق بإذن اللَّه و لم يكن لعيسى فيه سوى النفخ؟
إذا قلنا إن عيسى لم يكن سوى أداة في الخلق من حيث إنه سوَّى الطين في صور كهيئة الطير و نفخ فيها، و إن الخالق في الحقيقة هو اللَّه، كان قولنا هذا أشبه بقول الأشاعرة في خلق الأفعال أو أشبه بنظرية ديكارت و ملبرانش في تفسير الحركة، و هي النظرية المعروفة بنظرية المصادفة  Occasionalism : ولكن هذا تفسير لا يتمشى مع الروح العامة لمذهب يقول بوحدة الوجود.
وإذا قلنا إن خلق الطير من الطين كان من عمل عيسى نفسه، لزم أن يكون تحقق هذا الفعل راجعاً إلى أن اللَّه أمره بالنفخ في الطير المصور في الطين.

والتفسير الصحيح المتمشي مع مذهب المؤلف هو أن الخالق للطير من الطين هو اللَّه المتجلى في الصورة العيسوية، والذي صدر عنه كل ما صدر عن عيسى من الأعمال الخارقة للعادة كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغيرهما:
أي أنه ليس في الأمر ثنوية كما يذهب إليه الأشاعرة وأصحاب مذهب المصادفة: خالق يفعل كل شيء، ومحل يظهر فيه فعل الخلق، أو إنسان يظهر على يديه ذلك الفعل.
كما أن الخلق لم يكن لعيسى مستقلًا عن اللَّه.
و يذهب القيصري إلى أن خلق الطير من الطين كان من فعل عيسى نفسه و أنه كان من جملة المعجزات التي ظهر بها في قومه.
وإذا كان كذلك فلا يكفي أن يكون عيسى قد صنع أجسام الطير من الطين، وأنه نفخ فيها، في حين أن الذي خلق الطير الحقيقي منها هو اللَّه، لأن هياكل الطير الطينية ليست طيراً والمنصوص عليه هو أن عيسى خلق طيراً.
ولذلك يعيد الضمير في قوله «من حيث صورته الجسمية» إلى عيسى نفسه لا إلى الطير: أي أن الطين صار طيراً بواسطة نفخ عيسى الصادر عن صورته الجسمية المحسوسة- لا أن الطين صار طيراً من حيث صورته الجسمية المحسوسة.
ولكني أرى أن القيصري في نسبته الخلق إلى عيسى، مهما كان فيه من تأييد لمعجزته، قد خرج على روح مذهب ابن العربي في وحدة الوجود.
 

(8) «ولو أتى جبريل أيضاً بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته إلخ»:
(8) إن السر في أن عيسى أحيا الموتى وخلق من الطين طيراً بالمعنى المتقدم وهو في صورة بشرية، يرجع إلى أن جبريل الروح تمثل لأمه مريم في صورة بشرية، ولو أنه أتى إليها في صورة أخرى لما كان عيسى ليستطيع أن يفعل ما فعل إلا إذا ظهر هو الآخر بهذه الصورة لأن جبريل كان له بمثابة الأب والولد سر أبيه.
أما أن جبريل لا يخرج عن طبيعته فمعناه أنه لا يتجاوز في عمله من حيث هو مبدأ الحياة في عالم الكائنات الحية الفلك السابع أو سدرة المنتهى التي هي حد الفلك السابع: وهو آخر الأفلاك في العالم الطبيعي.
فجبريل يستطيع الظهور بأية صورة شاء من صور الأفلاك السبعة بما في ذلك فلك الأرض، بل يستطيع أن يظهر في صورته النورية المحضة الخارجة عن العناصر والأركان، ولكنه لا يستطيع أن يتعدى حدود الطبيعة: إذ ليس وراء الطبيعة إلا الواحد الحق المنزه عن جميع الصفات.
و الطبيعة طبيعتان:
نورية و عنصرية.
أو طبيعة عنصرية و طبيعة غير عنصرية.
 و هي تفرقة أخذها مفكرو الإسلام عن أرسطو الذي ميز بين الطبيعة الأثيرية التي هي مادة الأفلاك.
والطبيعة العنصرية التي هي عادة عالم الكون والفساد.
فإذا قلنا إن جبريل يستطيع أن يظهر بأية صورة في عالم الطبيعة بناحيتيه، كان معنى هذا أنه مبدأ الحياة الساري في كل صورة من صور هذا العالم.

(9) «ولذلك نُسِبُوا إلى الكفر وهو الستر لأنهم ستروا اللَّه الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى».
(9) لما أحيا عيسى الموتى و خلق الطير من الطين و أتى بغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة، ذهب الناس في أمره مذاهب شتى.
فمنهم من قال بحلول اللَّه فيه فنسب كل هذه الخوارق إلى اللَّه «المستور» خلف الصورة العيسوية: وهذا هو الكفر في نظر ابن العربي إذ الكفر معناه «الستر»
والإشارة هنا إلى قوله تعالى «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ».
ولكن بأي معنى، ومن أي وجه كفر الذين قالوا إن اللَّه هو المسيح عيسى ابن مريم؟
يقول إنهم لم يكفروا بقولهم إن اللَّه هو المسيح، ولا بقولهم إن المسيح هو عيسى ابن مريم، ولكنهم كفروا بالقولين معاً: أي بقولهم إن اللَّه هو المسيح عيسى ابن مريم وحده دون غيره.
فكفرهم راجع إلى قولهم بالحلول!.
أي سترهم الحق وراء الصورة العيسوية وقولهم إنه حال في هذه الصورة دون غيرها:
مع أن الحق لم يحلّ في صورة المسيح ولا في غيرها، وإنما تجلى في كل صورة من صور الوجود بما فيها صورة المسيح.
وقد كان السبب في كفرهم جهلهم بطبيعة الوجود وتقييدهم الحق بصورة معينة مع أنه منزه عن التقييد، إذ لا صورة من صور الوجود أحق به من غيرها.

(10) «وكان النفخ من الصورة، فقد كانت و لا نفخ، فما هو النفخ من حدِّها الذاتي».
(10) ظهر جبريل لمريم في صورة بشرية ثم نفخ فيها كلمة اللَّه: أي أنه كان في هذه الصورة ولا نفخ. فالنفخ إذن ليست جزءاً من حد الْبَشَر ولو أنه يصدر عنه.
أي أن ظهور جبريل في صورة بشرية شيء ونفخه في مريم بهذه الصورة شيء آخر.
كذلك الحال في ظهور الحق في صورة عيسى، فإنه لا يلزم منه أن تكون الألوهية التي هي صفة ذاتية للحق صفة لهذه الصورة الخاصة.
أي أن تجلي الحق في أية صورة من صور الوجود شيء وكونه عين هذه الصورة شيء آخر: أو أن الألوهية ليست جزءاً من حد الصورة التي يتجلى فيها اللَّه، كما أن النفخ ليس جزءاً من حد الصورة البشرية التي ظهر فيها جبريل.
كان النفخ إذن من جبريل الروح لا من الصورة التي ظهر فيها.
ولهذا ينسب النفخ إليه لا إليها، كما أن الألوهية تنسب إلى اللَّه لا إلى الصورة التي يتجلى فيها.

(11) «كما قال تعالى: فَإِذا سَوَّيْتُهُ*. نفخ فيه هو تعالى من روحه فنسب الروح في كونه وعينه إليه تعالى».
(11) الإشارة هنا إلى قوله عز و جل «إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» (قرآن س 38 آية 72) فنسب الروح في كون الإنسان و في عينه إلى نفسه تعالى.
أي نسبها إلى نفسه عند ما وصف كيفية خلق الإنسان وعند ما أشار إلى عينه. أما الأولى فتعبر عنها الآية في قوله «سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ» وأما الثانية فتعبر عنها في قوله «مِنْ رُوحِي» لأن عين الإنسان الحقيقية هي روحه التي هي روح اللَّه.
أما في حالة عيسى فالأمر بخلاف ذلك، لأن اللَّه تعالى عند ما خلق الإنسان سوى صورته أولًا ثم نفخ فيه من روحه فظهر في الوجود بهذه الصورة الخاصة.
ولكن عيسى جاءت تسوية صورته الجسمية بعد أن تلقت أمه كلمة اللَّه: أي بعد أن نفخ فيها روح اللَّه.
وقد اقتضى ذلك أن الروح الإلهي قد سرى في جميع جسد عيسى قبل أن يسوى ذلك الجسد في الصورة الخاصة.
ومعنى هذا أن تسوية جسمه وصورته البشرية قد تمّا معاً بالنفخ الروحي.
وفي هذا تعليل لما قلناه من قبل (التعليق الثاني) من أن جسد المسيح ليس جسداً عنصرياً يخضع للكون والفساد كسائر أجساد البشر ولكنه طبيعي نوري: أو طبيعي غير عنصري.


(12) «فالموجودات كلها كلمات اللَّه التي لا تنفد فإنها عن «كنْ».
(12) سبق أن أشرنا (التعليق الخامس) إلى أن ابن العربي يعتبر كل شيء في الوجود كلمة من كلمات اللَّه من حيث إن الموجودات جميعها مظاهر للكلمة الإلهية أو العقل الإلهي الذي غالباً ما يسميه بالروح المحمدي أو الحقيقة المحمدية، كما يطلق عليه أحيانا اسم جبريل على نحو ما رأينا فيما سبق.
وقد سميت الموجودات «كلمات» من حيث إنها مخلوقة بكلمة التكوين «كن» هذا كلام أهل الظاهر.
أما حقيقة المسألة وباطنها فالكلمة «كن» رمز للعقل الإلهي الذي هو واسطة في الخلق بين الواحد الحق والكثرة الوجودية التي هي أعيان العالم.
فهو البرزخ الذي تمر به الموجودات من وجود بالقوة- وجود معقول- إلى وجود بالفعل و هذه صفة من الصفات التي يصف بها ابن العربي ما يسميه بالكلمة  Logos وبالحقيقة المحمدية و الإنسان الكامل وغير ذلك من الأسماء.
فنحن لا نتردد إذن في القول بأن كلمة التكوين هي الحقيقة المحمدية أو الروح المحمدي- ولكن لا الكلمة القولية «كن» بل الكلمة الوجودية على حَدِّ تعبير شراح الفصوص.
وعلى هذا تكون الكثرة الوجودية كلمات للَّه من حيث هي تعينات جزئية أو مظاهر للكلمة بالمعنى المتقدم.
وإذا صح لنا أن نقول إن الكلمات التي يتلفظ بها الإنسان إنما هي صور للنَّفَس الخارج من صدره، أمكننا أن نقول بالقياس إلى ذلك إن الكلمات الوجودية صور خارجية للنفس الرحماني أو للذات الإلهية.
ولا يبعد أن يكون مصدر هذه التعبيرات متصلًا بالآية القرآنية: «قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي» (س 18 آية 109) ولكنني أعتقد أن الاصطلاح قد تسرب إلى مفكري الإسلام من فلاسفة الأفلاطونية الحديثة بالاسكندرية ومن كتابات فلاسفة اليهود الذين عاشوا فيها لا سيما فيلون.
يتساءل ابن العربي بعد ذلك فيقول «فهل تنسب الكلمة إليه (إلى اللَّه) بحسب ما هو عليه فلا تعلم ماهيتها، أو ينزل هو تعالى إلى صورة من يقول «كُنْ» فيكون قول كن حقيقة لتلك الصورة التي نزل إليها وظهر فيها»؟
أما إذا أخذنا كلمة التكوين بهذا المعنى الميتافيزيقي على أن المراد بها العقل الإلهي أو الحقيقة المحمدية التي هي واسطة في الخلق، ونسبناها إلى الواحد الحق، كانت غير معلومة الماهية كما أن الحق نفسه غير معلوم الماهية.

وأما إذا فهمناها على حرفيتها فلا يمكن نسبتها إلى الحق مطلقاً لأن الحق يتعالى عن التلفظ والنطق بالكلمات.
وإذن يجب نسبتها إلى من ينزل الحق إلى صورته وتكون له القدرة على الخلق كما كان الحال في عيسى عليه السلام وابي يزيد البسطامي الصوفي، فإن الحق قد نزل إلى صورة هذين- كما نزل إلى صور غيرهما من الموجودات التي لا تحصى- وكانت لهما القدرة على الخلق وقالا لمخلوقاتهما كوني فكانت.
في هذه الحالة تكون نسبة الكلمة التكوينية إلى الصورة التي نزل إليها الحق نسبة حقيقية.


غير أننا إذا أضفنا الخلق إلى عيسى أو أبي يزيد أو أي كائن آخر يجب ألا ننسى أن الخالق في الحقيقة ليس هو صورة عيسى أو أبي يزيد أو غيرهما، وإنما هو النازل إلى تلك الصور- أي هو الروح الإلهي الساري في هذه الصور.
ففي نسبة الخلق إلى المخلوقات ضرب من التجوز، كما أن في نسبة كلمة التكوين- من حيث هي كلمة- إلى الحق ضرباً من المجاز، وهي لا تنسب على الحقيقة إلا إلى واحد من المخلوقات لأنها من عالم الخلق.
 

(13) «وإنا عينه فاعلم إذا ما قلت إنسانا»
(13) كثرت في هذا البيت وفي البيت الذي يليه الألفاظ المزدوجة المعنى فانبهم المراد وكثرت في تأويله الآراء.
فكلمتا «عين» و «إنسان» إما أن يفهما بمعنى العين الجارحة وإنسان العين أو العين الباطنة وإنسانها الذي هو موضع السر منها، وإما أن يفهما بمعنى الذات الإلهية و العالم: العين الذات، والإنسان الإنسان الكبير العالم.
واللبس واقع حتى في كلمة «إنّا» فقد يكون المراد بها الجنس البشري، الإنسان الذي هو أكمل المخلوقات، وقد يكون المراد بها المخلوقات كلها أو ما يطلق عليه سوى اللَّه.
ولكل من هذه التفسيرات أساس من كلام ابن العربي نفسه.

فالبيت إذن يحتمل أحد التأويلين الآتيين:
1 - إنك إذا تكلمت عن الإنسان الذي هو الإنسان الكبير أو العالم فاعلم أنه عين الذات الإلهية لا غيرها، و هو عينها من حيث هو ظاهرها و هي باطنه.
أو إن شئت فقل إن العالم عين الأسماء الإلهية التي هي عين الذات.
2 - إنك إن تكلمت عن الإنسان الذي هو الجنس البشري فاعلم أنه من حيث كمال صورته التي تتجلى فيها جميع كمالات الحق، عين الحق التي يرى بها نفسه في مرآة الوجود.
وقد أشار إلى هذا المعنى ذاته في الفص الأول في قوله: «لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى التي لا يبلغها الإحصاء أن يرى أعيانها:
وإن شئت قلت أن يرى عينه في كون جامع يحصر الأمر كله إلخ إلخ». فبالانسان تحققت الغاية من الوجود وهي أن يُعْرَف الحق، وهو يعرف عن طريق الإنسان الذي يعرف الحق في نفسه وفي غيره: فهو عينه لأنه أكمل مجلى من مجاليه، و هو له بمثابة العين الباصرة الذي يدرك بها صاحبها ما حوله من الوجود.
وإلى هذا المعنى أيضاً أشار الحسين بن منصور الحلاج في بيتيه المشهورين.
سبحان من أظهرنا سوتُه سرَّ سنا لاهوته الثاقب
حتى بدا لخلقه ظاهراً في صورة الآكل والشارب.

غير أننا يجب ألا نغفل عن الفرق الكبير بين الحلاج وابن العربي:
فالأول حلولي يرى أن اللَّه قد يحل في الإنسان فتظهر بذلك كمالاته وأسرار ألوهيته.
أما الثاني فاتحادي يرى أن الإنسان هو المظهر الكامل الدائم للَّه، وأنه لا فرق بين ناسوت ولاهوت إلا بالاعتبار.
ولذلك قال: فكن حقاً وكن خلقاً تكن باللَّه رحمانا
أي اعتبر نفسك هذا أو ذاك، فأنت حق من وجه وخلق من وجه، وأنت حق وخلق معاً.
وإذا نظرت إلى نفسك هذه النظرة كنت مظهراً كاملا للاسم «الرحمن» الذي هو جماع الأسماء الإلهية كلها.
وقد عرفنا فيما سبق أن المراد بالاسم الرحمن الاسم الذي يعطي الموجودات حظها من الوجود الذي تتطلبه أعيانها.
فهو مرادف للوجود المطلق الذي هو الحق.
وعلى ذلك فالإنسان هو المظهر الكامل للوجود كما أنه المظهر الكامل للأسماء (قارن الفص الأول: التعليق الخامس).

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 8:12 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 6:32 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة والعشرون : -   الجزء الثاني
(14) «وغذ خلقه منه تكن رَوْحاً وريحاناً»
(14) ذكر فيما مضى تشبيه الحق الساري في الخلق بالغذاء الذي يسري في الجسم و يقومه (الفص الخامس: التعليق الأول).
و المراد بالبيت: اعتبر الحق غذاء للخلق لأنه هو الذي يمد الخلق بوجودهم و حياتهم كما يمد الغذاء الجسم المتغذي بحياته. وقد عبر عن هذه الحياة بالريحان.
أما الروح بفتح الراء وسكون الواو فهو الراحة، والمراد به التفريج عن الكرب الذي كانت تضطرب به أعيان الموجودات التائقة إلى الوجود كيما تمنَحَ الوجود.
والخطاب هنا موجه إلى الإنسان الكامل "الخليفة" الذي هو سر الوجود وعلته.
فبوجوده عمت الرحمة جميع الموجودات كما قلنا، وشملتهم الراحة واستنشقوا رائحة الريحان.
على أن «التغذية» ليست من الحق للخلق فحسب، بل هي من الخلق للحق
أيضاً، فإن الخلق يغذي الحق بإظهار كمالات أسمائه وصفاته التي لم تكن لتوجد لو لا وجود الخلق.
ولذلك قال: «فأعطيناه ما يبدو به فينا وأعطانا» أي فأعطيناه الظهور وأعطانا الوجود.
«فصار الأمر مقسوما بإياه. وإيانا» أي فصار أمر الوجود منقسماً بين الحق والخلق: إذ هو حق في خلق وخلق في حق، أو فصار المعطى منقسماً إلى ما يعطيه الحق للخلق وما يعطيه الخلق للحق.
«فأحياه الذي يدري بقلبي حين أحيانا» الضمير في أحياه عائد على الحق، والجار والمجرور في «بقلبي» متعلق بأحيا أو بيدري.
والمعنى أن الجزء الخاص في القلب الذي له صفة المعرفة قد أحيا اللَّه في القلب كما أحيا اللَّه الناس.
ومعنى إحياء اللَّه في القلب إيجاد صورة له فيه من صور المعتقدات.
وهذا معنى طرفه ابن العربي مراراً فيما مضى.
وفي ذلك قوله: «لذاك الحق أوجدني فأعلمه فأوجده»
(الفص الخامس) وقد يكون للبيت معنى آخر وهو الذي ذهب إليه «بالي» في شرحه على الفصوص إذ اعتبر الضمير في أحياه عائداً على القلب المتأخر لفظاً المتقدم معنى: 
فأصبح معنى البيت على حد فهمه: أحيا قلبي بالحياة العلمية الحقُّ الذي يدري قلبي ويعلم استعداده الأزلي:
فهو يحيينا بالحياة العلمية الروحية كما أحيانا بالحياة الحسية.
«فكنا فيه أكوانا و أعيانا و أزمانا»
«كان» في كنا تفيد الاستمرار لا الزمان الماضي المنقطع كما في قوله تعالى: «كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً» *.
و المراد أننا على الدوام في الحق: ففيه كوننا و وجودنا و فيه دواتنا التي هي أعياننا.
و هذا إشارة إلى ما يسميه أصحاب وحدة الوجود بمقام قرب الفرائض، و هو مقام الوحدة الذاتية الحاصلة بالفعل بين الحق و الخلق.
و لكن هناك مقاماً آخر هو مقام قرب النوافل الذي يشير إليه الحديث القدسي «لا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي به يسمع و بصره الذي به يبصر إلخ» و في هذا المقام يتحقق العبد من وحدته الذاتية مع الحق فهو مقام اثنينية و الأول مقام أحدية.
و لا ضرورة إلى ما ذهب إليه «بالي» من إرجاع الضمير في «فيه» إلى عالم الغيب إذ لا ذكر له في الأبيات:
«و ليس بِدَائِمٍ فينا و لكن ذاك أحيانا»
الإشارة هنا إلى التجلي الشهودي لا التجلي الوجودي كما يقول «جامي» (شرح الفصوص ج 2 ص 172).
فالحق يتجلى بالتجلي الوجودي في الخلق على الدوام، و لكنه لا يتجلى بالتجلي الشهودي- أي لا يدركه الخلق إدراكاً ذوقياً شهودياً إلا في بعض الأحيان.
و ليس إدراك الحق بالشهود رؤية بعين البصر أو البصيرة فهذا أمر برهن ابن العربي على استحالته في مواطن عدة من هذا الكتاب، و إنما المراد إدراك الوحدة الوجودية ذوقاً في مقام يسميه مقام الشهود و هو مقام الفناء.


(15) «فلذلك قَبِلَ النَّفَسُ الإلهي صور العالم».
(15) يظهر من ناحية الاشتقاق اللغوي أن كلمتي «النَّفْس» والنّفَس آتيتان من أصل واحد، و لعل هذا راجع إلى اعتقاد القدماء بأن النفْس- أو الروح- جوهر لطيف شفاف أكثر ما يكون شبهاً بالهواء الذي منه النَّفَس الحيواني.
ولهذا كان من السهل تصور انتقال الروح إلى الجسم بواسطة النفخ كما صرح بذلك القرآن في حكاية خلق آدم وعيسى:
قال في الأول: «فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» *،
و قال في الثاني: «وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا».
فالنفخ الإلهي كناية عن منح الحياة للجسم المنفوخ فيه، و النَّفَس الإلهي كناية عن النَّفْس أو الروح الإلهي.
و لكن القرآن لم يتكلم عن نَفَسٍ إلهي يقبل صور الموجودات أو عن نَفْسٍ إلهية تتفتح فيها صور العالم، أي أن القرآن لم يحدثنا عن جوهر روحي عام تتعين فيه صور الموجودات في العالم، و إن ذكر لنا أن اللَّه هو واهب الحياة لكل كائن حي.
ولذلك كان من الواجب أن نبحث عن أصل ما يقوله ابن العربي في هذا الصدد في مصدر آخر غير القرآن، وأغلب الظن عندي أنه استمد فكرة النفس الكلية التي تفتحت فيها صور العالم، من الكتابات الهلينية المتأخرة المتأثرة بالفلسفة الهرميسية.
فقد ذكر في المقالة التاسعة من مجموعة الفلسفة الهرميسية إن نَفَس الحياة الساري في العالم على الدوام يمد الأجسام بما يتعاقب عليها من الصفات، ويجعل من العالم كتلة واحدة حية.
 
وفي موضع آخر «إن الحياة والعقل يُنْفَخان نفخاً في كل ذي روح من الموجودات، وإن اللَّه قد نفخ الحياة والعقل في العالم منذ أنشأته».
وليس هذا النّفَس الساري في الوجود الذي نفخ به اللَّه في كل كائن، سوى ما يسميه ابن العربي بالنفس الرحماني على ما بين الفكرتين من اختلاف في التفاصيل.
وسواء أ قلنا- كما يقول النص- إن النَّفَس الإلهي قد قبل صور العالم أو إن صور العالم قد قبلته، فإننا في الحالين يجب ألا نفهم من القبول والإعطاء معناهما الحرفي، فإن اثنينية القابل والفاعل ليست إلا اثنينية اعتبارية كما قررنا فيما سبق.
 
ولما ذكر النفس الرحماني وقارن بينه وبين النفس الحيواني رأى أن ينسب إلى النفس جميع ما يستلزمه من التَّنفيس، وقبول صور الحروف والكلمات، ووجود الفاعل (النافخ) والقابل (المنفوخ فيه) وحرارة النَّفَس ثم برودته، ورطوبته، و صعوده و هبوطه و غير ذلك.
أما التَّنْفيس وقبول صور الكلمات فقد مر ذكرهما، وأما الفاعل والقابل فهما الطبيعة وهيولى العالم على التوالي.
و المراد بالطبيعة القوة الكلية السارية في جميع الموجودات عقولًا كانت أو نفوساً، مجردة كانت أو غير مجردة.
ولهذا اعتبر العناصر وما فوق العناصر من أرواح علوية و ما تولد عنها، و أرواح السموات السبع، من صور الطبيعة.
أما الفلاسفة المشاءون من المسلمين فالطبيعة عندهم هي القوة السارية في الأجسام، بها يصل الجسم إلى كماله الطبيعي. فهي لذلك نوع من الطبيعة الكلية كما يفهمها الصوفية.
و نسبة الطبيعة الكلية إلى النفس الرحماني كما يقول القيصري (ص 261) أشبه بنسبة الصورة النوعية إلى الجسم الكلي أو أشبه بنسبة جسم معين إلى الجسم من حيث هو.
 
(16) «وأما أرواح السماوات السبع وأعيانها فهي عنصرية».
(16) في كلام ابن العربي شيء من التخبط في هذا الموضوع، فقد ذكر فيما مضى ما يُفْهَم منه أن الأجرام السماوية غير عنصرية بالرغم من أنها طبيعية، وهذا هو سر بقائها وعدم خضوعها لقانون الكون والفساد.
ولكنه يقول هنا إن أرواح السماوات السبع وأعيانها عنصرية لأنها تكونت من دخان العناصر الذي هو ألطف وأدق صور المادة.
وقد وردت كلمة «الدخان» في القرآن بصدد خلق السماوات في قوله تعالى «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» (س 41 آية 10)، ولكنها وردت أيضاً في هذا المعنى في نصوص أقدم من القرآن ذكر فيها الدخان على أنه عنصر خامس وأنه أعلى العناصر وأنقاها وألطفها.
 (راجع  Hermetica P. 115, 123)
وعلى ذلك انقسمت الأشياء الطبيعية إلى قسمين: عنصرية وهي ما تألفت من العناصر الأربعة في العالم الطبيعي، وما تألفت من دخان العناصر وهي الأجرام الفلكية والأرواح التي تدبرها، وكذلك كل ما تولد عن هذين.
أما الطبيعية غير العنصرية فهي الأرواح التي فوق السماوات السبع وهي المجردات من النفوس والعقول، مثل روح العرش وروح الكرسي وغيرهما.
وطبيعة هذه نورية لا عنصرية: أي غير مادية كما أسلفنا.
فهناك إذن فرق بين طبيعة الملائكة المتولدة في الأفلاك والملائكة التي فوقها، لأن طبيعة الأولى عنصرية
كطبيعة أجرام الأفلاك نفسها، في حين أن طبيعته الثانية نورانية.
 
(17) «فلهذا أُخْرِج العالم عن صورة من أوجدهم وليس إلا النَّفَس الإلهي».
(17) ليس المراد بإخراج العالم هنا خلقه من العدم، بل إظهاره بالصورة التي هو عليها.
و الذي أخرج العالم بالصورة التي هو عليها هو النّفَس الإلهي الذي قبل جميع صور الوجود، أو هو حضرة الأسماء الإلهية كما سبق أن ذكرنا.
فالعالم الذي هو «الإنسان الكبير» خلق على صورة الحق- بل هو صورة الحق، كما أن آدم- العالم الأصغر- قد خلق على صورة الحق.
و الفرق بين الصورتين أن الأولى صورة مفصلة و الأخرى مجملة، و الأولى مركبة من أكوان و صور مختلفة، و الأخرى كون واحد جامع يحتوي ما في العالم كله أعلاه و أسفله.
ولما كان النفس الإلهي قد قبل الأضداد وتفتحت فيه الكثرة الوجودية المتناقضة كل أنواع التناقض، ظهر العالم بصورة من أوجده فانعكس فيه كل ما هو في الأصل الذي صدر عنه وظهر فيه التقابل و التناقض ايضاً.
و يستوي عند ابن العربي أن نقول إن الأسماء الإلهية تعددت و تناقضت لظهور أحكام الكثرة الوجودية فيها، أو أن العالم وقع فيه الكثرة و التناقض من أجل ظهور أحكام الأسماء الإلهية فيه.


(18) «ثم إن هذا الشخص الانساني عَجَنَ طينته بيديه وهما متقابلتان و إن كانت كلتا يديه يمينا».
(18) الشخص الانساني هو آدم أو الجنس البشري. و قد عجن اللَّه صورته بيديه المتقابلتين أي أظهر فيه كمالات أسمائه و صفاته المتقابلة: و هي أسماء الجمال و أسماء الجلال.
على أن الأسماء و الصفات الإلهية المتقابلة لم تظهر في الصورة الانسانية وحدها، بل هي ماثلة في جميع مظاهر الوجود.
أما وصفه يدي الحق بأن كلتيهما يمين فيرجع فيما أرى إلى سببين:
الأول: أن اليد اليمنى أقوى وأشدُّ في عملها عادة من اليد اليسرى.
وإذا فهمنا أنه يريد باليدين هنا أسماء الجمال و أسماء الجلال، أدركنا أنه يريد أن يقول إن جميع الأسماء الإلهية متكافئة في قوة فعلها و تأثيرها في الوجود، و إن الصفات الإلهية المتقابلة أيضاً متكافئة في قوة ظهورها في الموجودات.
الثاني: أن اليد اليمنى عادة هي اليد التي تعطي. فكأنه يريد أن يقول إن الأسماء الإلهية والصفات متكافئة في إعطاء الوجود ما هو عليه من الصفات والخصائص.
فاختلفت اليدان ظاهراً فقط واتحدتا في الحقيقة، وقد اختلفتا لأن الطبيعة التي يؤثران فيها مختلفة متقابلة، ولا يؤثر فيها إلا ما يناسبها.


(19) «ولما أوجده باليدين سمّاه بَشَراً للمباشرة اللائقة بهذا الجناب».
(19) عقد صلة لفظية ولكنها بعيدة بين كلمتي «بَشَر» و «مباشرة» وقال إن الإنسان سمِّيَ بشراً لأن الحق تعالى باشر عجن طينته بيديه بطريقة تليق بالجناب الإلهي.
والمباشرة التي تليق بالجناب الإلهي في نظر ابن العربي ليست المباشرة «بلا كيف» كما كان يقول مثبتو الصفات، بل إظهار الكمالات الإلهية المودعة في الأسماء (المعبر عنها باليدين) في الصورة البشرية التي خلقها اللَّه على صورته (قارن الفص الأول).
على أن كلمة «الجناب» قد يراد بها جناب الإنسان: أي أن يدي الحق توجهتا إلى خلق الإنسان ومباشرة ذلك الخلق على نحو يليق بالكرامة الانسانية.
ولكن التفسير الأول أولى وأدنى إلى المراد.
ولما كان الإنسان وحده هو الذي توجهت يدا الحق إلى مباشرة خلقه على نحو ما شرحنا، كان أفضل الأنواع العنصرية إطلاقاً.
ولكنه لم يفضلها إلا بأن الحق باشر خلقه بيديه جميعاً: أي أنه أظهر فيه جميع كمالات أسمائه وصفاته، وغيره من الكائنات العنصرية لا تظهر فيه هذه الكمالات مجتمعة. فالإنسان- من هذا الوجه- أفضل من الملائكة العنصريين: أي ملائكة السماوات السبع.
أما من فوق هؤلاء من الملائكة فهم أفضل منه.
ولهذا قال اللَّه لإبليس لما أبى السجود لآدم «أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ؟» أي أستكبرت على من هو عنصري مثلك، أم كنت من العالين عن العناصر؟


(20) «فأول أثر كان للنَّفَس إنما كان في ذلك الجناب، ثم لم يزل الأمر ينزل بتنفيس العموم إلى آخر ما وجد».
(20) قد ذكرنا مراراً أن الأسماء الإلهية يقتضي تطبيقها وجود المألوه الذي هو العالَم وأنه على حد قول المؤلف لو لا التَّنفيس عن هذه الأسماء بإظهار آثارها في الصور الوجودية التي ظهرت فيها، لأحست بكرب عظيم لما يحتبس فيها حينئذ من قوة خالقة لاتحد ما تخلقه.
و في هذا التصوير المجازي للقوة الخالقة في الوجود معنى فلسفي عميق، إذ يتصور ابن العربي الحقيقة الوجودية على أنها شيء يندفع من ذاته إلى الظهور دائماً و يتحوَّل في كل لحظة ما استقر فيه من كوامن القوة إلى صور وجودية فعلية.
وأول أثر ظهر لهذا التَّنْفيس الوجودي كان في حق الحق ذاته، لأن أول مرحلة من مراحل ظهور الحق كانت تجليه لنفسه في نفسه في صور أعيان الممكنات، أو في الحضرة الأسمائية وهي الفيض الأقدس الذي أشرنا إليه (راجع الفص الأول: التعليق الثالث).
ثم توالت الفيوضات بعد ذلك في صورة تنازلية إلى آخر ما وجد من الممكنات، وهذا هو المعبر عنه بالفيض المقدس.
وفي كل فيض: أي في كل حال يتجلى فيها الحق في الخلق، «تنفيس» بالمعنى الذي شرحناه.


(21) «فالكل في عين النَّفس كالضوء في ذات الْغَلَس» الأبيات
(21) النّفَس بمثابة الجوهر الهيولاني الذي تتفتح فيه صور الموجودات، و إذا أخذناه في إطلاقه و عدم تعينه كان بعيداً عن الإدراك و التصور، و هذا هو السر في تشبيهه بالظلمة الحالكة.
أما إذا نظرنا إليه من ناحية ظهور «الكل» فيه أمكننا أن ندرك صور «الكل» في فحمة هذا الظلام، لما سكب الحق على هذه  الصور من نور الوجود و لما كان الظلام لا يمكن إدراكه إلا عن طريق ما يتخلله من النور، لم ندرك «النّفَس الإلهي» إلا عن طريق ما تفتح فيه من صور الوجود.
و لكن كيف ظهر الخلق في الحق؟
أو كيف تفتحت صور الوجود في النّفَس الإلهي؟
كيف ظهر الخلق؟
هذا سؤال حاول الاجابة عنه أهل النظر بالبرهان، و أجاب عنه الصوفية بالكشف، و طريق أهل النظر عقلي منطقي، و طريق الصوفية ذوقي شهودي.
أما الأولون فلما طلبوا حقيقة الأمر وأعياهم مطلبها قعدوا عن طلبها واستكانوا.
وأما الآخرون فجدوا في الطلب حتى وصلوا إلى غايتهم و شاهدوا الأمر شهوداً عينياً ليس فيه لبْسٌ أو تأويل.
أما صاحب النظر فيرى أمر الخلق كما يرى النائم حلماً من الأحلام: أي أنه يرى رمز الحقيقة لا الحقيقة نفسها.
وإلى اصحاب النظر (الفلاسفة) يشير بقوله:
والعلم بالبرهان في سلخ النهار لمن نعس أي والعلم بمسألة الخلق وظهور الكل في النفس الإلهي من خواص الناعسين الذين تبدو لهم الحقيقة في ثوب من الخيال، فيطلبون تأويلها كما تبدو للنائم الحقائق في صور الأحلام.
وسلخ النهار رمز لآخر مرحلة من مراحل السلوك إلى الحق.
فيرى الذي قد قلته رؤيا تدل على النفس أي فيرى الأمر الذي شرحته كما يرى الحالم رؤياه لا كما يرى العارف رؤيته.
فيريحه من كل غم في تلاوته عبس أي فتريحه هذه الرؤيا الناقصة من كل غم يشعر به من جراء الحيرة العقلية التي يشعر بها إزاء هذه المشكلة.
والمراد بعبس هنا القلق والحيرة لا السورة القرآنية المسماة بهذا الاسم (س 80).
 
أما أصحاب الكشف والشهود فيشير إليهم بقوله:
و لقد تجلى للذي قد جاء في طلب القبس أي و لقد تجلى هذا الأمر و ظهر على حقيقته لأولئك الذين جدوا في الطلب وسعوا وراء النور (اللَّه).
والإشارة هنا إلى موسى الذي قال لأهله «امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً. فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً» (قرآن س 20 آية 10 - 11).
فموسى جاء في طلب القبس فرآه ناراً و هو نور.
وكذلك كل سالك إلى اللَّه يطلب هذا النور.
فرآه ناراً وهو نور في الملوك وفي العسس أي أن موسى رأى الحق في صورة النار و هي في الحقيقة النور الذي ظهر في كل شيء في الوجود:
أعلاه وهو المشار إليه بالملوك- وأسفله، وهو المشار إليه بالعسس.
واستعمال كلمة العسس للمظاهر الوجودية الدنيا لا يخلو من مغزى، لأن العسس وهم حرّاس الليل، لا يظهرون في صورة كاملة واضحة لاشتمال الليل عليهم، وكذلك المظاهر الوجودية الدنيا لا يظهر فيها كمالات النور الإلهي واضحة لقصور استعدادها عن قبول ذلك النور.
أما الملوك وهم أظهر الناس، فهم رمز للمجالي الإلهية العليا التي قبل استعدادها أكبر قسط من النور الإلهي.
ويمكن أن يكون معنى البيت- كما يفهمه القيصري أن الحق (النور) ظهر للكاملين من العارفين وهم الملوك ولأولئك الذين هم أقل حظاً في الكمال منهم وهم العسس.
 
بعد ذلك أشار إلى إفلاس طرق الفلاسفة في الوصول إلى الحقيقة وابتئائهم في قوله:
فإذا فهمت مقالتي فاعلم بأنك مبتئس
ثم عرج على قصة موسى ثانية فقال لو أنه طلب الحق في صورة أخرى غير صورة القبس لرآه في الصورة التي طلبه فيها، لأن الحق يظهر في كل صورة من صور الموجودات ولا يخيب أمل عبده فيه.
فمن طلب الحق في شيء وجده:
وهذا بالضبط الحق المعتقد فيه لا الحق المطلق كما أشرنا إلى ذلك من قبل. فمن الجهل إذن في نظر ابن العربي أن تطلب الحق في صورة معينة وتقول هو ذي دون غيرها من الصور، فان ذلك عين الكفر الذي وقع فيه المسيحيون.
بل اطلبه في أية صورة من الصور ولا تحصره فيها فإن الحقيقة تمنع من الحصر والتقييد.
اجعل قلبك هيولى المعتقدات كلها وشاهد الحق في كل شيء. هذا هو الدين العام الذي يدعو إليه ابن العربي وقد سبق شرحه فيما مضى (راجع مثلا الفص 12 التعليق 2).
أما الإشارة إلى طلب موسى ففي قوله: لو كان يطلب غير ذا لرآه فيه وما نكس.
 
(22) «مقام حتى نعلم».
(22) هذا هو مقام الفرق أي مقام التمييز بين الواحد والكثرة.
و قد قام الحق بالنسبة لعيسى عليه السلام في هذا المقام عند ما سأله عن صحة ما نسب إليه من الأقوال مما ورد ذكره في القرآن في سورة المائدة: (آية 116 - 117) .
و ترجع تسمية هذا المقام «بمقام حتى نعلم» إلى قوله تعالى: «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ" (قرآن س 47 آية 31).
فهنا وضع الحق نفسه في مقام من يأخذ علمه بالناس من الناس أنفسهم مع أن علمه قديم سابق عليهم. هذا إذا نظرنا إلى اثنينية العالم والمعلوم- الحق والخلق- ولكن الحقيقة تأبى الاثنينية إذ العالم عين المعلوم.
وكذلك الحال في عيسى الذي أقامه الحق مقام المسئول وطلب منه معرفة حقيقة ما قاله الناس في ألوهيته.
هذا مقام «حَتَّى نَعْلَمَ» أيضاً، وهو مقام اثنينية اعتبارية ووحدة حقيقية.
وغني عن البيان أن ما أورده الحق سبحانه في القرآن من حديث بينه وبين عيسى إنما قصد به أمراً آخر غير ما يقصده ابن العربي:
ويستوي عنده أن هذا الحديث قد وقع بالفعل أو لم يقع، ولكنه يأخذه على أنه مثال يوضح به وحدة السائل والمسئول ووجود الكثرة في عين الوحدة.
ولذلك فسر جميع الآيات التي وردت في هذا الخطاب تفسيراً يتفق مع مذهبه في وحدة الوجود: كقوله مثلًا في تفسير: «إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ» أي علمته «لأنك أنت القائل، ومن قال أمراً فقد علم ما قال: وأنت اللسان الذي أتكلم به» إلخ.
وكقوله: «تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي»: والمتكلم الحق.
ولا أعلم ما فيها (بدلًا من قوله تعالى: وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ).
فنفى العلم عن هوية عيسى من حيث هويته لا من حيث إنه قائل و ذو أثر».
يريد بذلك أننا إذا نظرنا إلى عيسى من حيث هو صورة من صور الحق قلنا إنه ليس له علم بذاته.
وإذا نظرنا إليه من حيث إنه الحق متجلياً بهذه الصورة العيسوية الخاصة التي قالت ما قالت، نسبنا إليه العالم.
والمراد بالأثر خلق عيسى الأشياء وتصرفه فيها.
فالعلم المنفي عن عيسى إنما نفي عنه من حيث صورته الشخصية لا من حيث حقيقته.
 
(23) «فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها».
(23) أوردت المخطوطات التي رجعت إليها كلمة «تثنية».
ويرفض القيصري هذه القراءة لسببين:
الأول: أن الاثنينية لا يمكن أن توصف بأنها روحية إلهية بينما يمكن وصف التنبئة بهما.
الثاني: أَن عنوان الفص هو الحكمة النبوية لا الحكمة الثنوية. والنبوية والتنبئة مشتقان من أصل واحد.
ولرفض القيصري ما يبرره، ولكنه يجب ألا نفسي أن ابن العربي يفيض في هذا الجزء من الفص في شرح الآيات القرآنية السالف ذكرها على أساس فكرته في وحدة الاثنينية والجمع (راجع شرح القيصري ص 268).
 
(24) «إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل».
(24) شرحنا في أكثر من موضع في هذا الكتاب معنى الأمر الإلهي وفرقنا بين الأمر التكليفي والأمر التكويني.
وكذلك شرحنا الصلة بين الأمر الإلهي والجزاء على طاعة العبد ومعصيته.
كل من يؤمر بأمر إلهي يتصوَّر منه الامتثال لهذا الأمر، وإلا كان أمر من لا يتصور منه الامتثال ضرباً من العبث.
ولكن العباد منهم من يمتثل ومنهم من لا يمتثل حسبما قدر في طبيعتهم من الأزل.
فإن بعض أعيان الموجودات طبعت أزلًا على الطاعة في حين طبع غيرها على المعصية.
ولكن هذا لا يمنع في نظر ابن العربي من توجيه الأوامر الإلهية إلى الجميع على السواء، لأن الجميع يتصور في حقهم امتثال ما أمروا به.
ومهما تكن استجابة العبد لأوامر اللَّه التكليفية، فإنها امتثال تام لأوامره التكوينية:
أي أن العبد الذي يعصي الأمر التكليفي إنما يطيع بفعله هذا الأمر الإلهي التكويني.
(قارن الفص الثامن التعليق 1، 2، 6).
 
(25) «فكان الغيب ستراً لهم عما يراد بالمشهود الحاضر».
(25) المراد بالغيب ضمير الغائب «هم» في مثل قوله تعالى: «هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا» *.
والمشهود الحاضر هو الحق الظاهر المتجلي في صور أعيان الممكنات. هذا إذا نظرنا إلى الحقيقة الوجودية من حيث إنها «حق».
أما إذا نظرنا إليها من حيث إنها خلق وأثبتنا للخلق وجوداً، فقد سترنا الحق وراء صورها.
وهذا معنى قوله أن الغيب (و المراد به الخلق المشار إليه بالضمير هم) ستر للمشهود الحاضر.
أما أن الحق هو المشهود الحاضر، فذلك لأن أعيان الممكنات في ذاتها عدم محض ولم تبرح كذلك لأنها صور معقولة في عالم الغيب العلمي:
وهذا هو الوجه الذي يرتضيه ابن العربي الذي يُغَلب جانب الحق على جانب الخلق دائماً في وحدته الوجودية.
وقد اختار قوله تعالى: «هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا» لا ليوضح فكرته بضمير الغائب الوارد فيها فحسب، بل ليفهم كذلك كلمة «كفروا» فهماً خاصاً يدعم به هذه الفكرة.
فكفروا هنا ليست بمعنى لم يؤمنوا، بل بمعنى ستروا أو أخفوا، وهذا هو المعنى الحرفي للكلمة. فهم كفروا أي ستروا الحق وراء صورهم فأخفوا بذلك حقيقتهم. إن العالم كله حجاب على الحق، فمن أثبت للعالم وجوداً فقد وضع أكثف حجاب بينه وبين الحق.
 
(26) «حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها»
(26) العجين هو الناحية البشرية في الإنسان- الناسوت. والخميرة ما في الإنسان من لاهوتية يستطيع بها الوصول إلى مقام الفناء في اللَّه، و يتحقق بوحدته الذاتية معه، بعد أن يتخلص من قيود عبودية أنانيته.
والحضور هو الوصول إلى هذا المقام. فإذا حصل العبد في مقام الفناء غلبت لاهوتيته ناسوتيته أو انمحت ناسوتيته وتحقق بالوحدة الكاملة .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 8:13 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 7:09 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثلاثون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثلاثون : -   الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية 
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين ... في صورة البشر الموجود من طين
تكون الروح في ذات مطهرة ... من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ... فيها فزاد على ألف بتعيين "2"
روح من الله لا من غيره فلذا ... أحيا الموات وأنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نسب "3" ... به يؤثر في العالي وفي الدون
الله طهره جسما ونزهه  .... روحا وصيره مثلا بتكوين  "4"
اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيي ذلك الشيء وسرت الحياة فيه. "5"
ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام)
_________________
1 - المناسبة بين تسمية الحكمة :
وعيسى عليه السلام في قوله عليه السلام « إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا » فهو عليه السلام الوحيد الذي أخبر عن نفسه بالنبوة وهو في المهد ، فنسبت الحكمة النبوية إليه .
 
2 - يشير إلى أن عيسى عليه السلام لم يقتل :
وأنه لم يزل حيا في الدار الدنيا ، فإن السماء الثانية التي هي مسكنه الآن هي من الدار الدنيا ، وهو على زمن الشيخ قد جاوز عمره الألف سنة.
 
3 - يشير إلى تسمية عيسى عليه السلام « روح الله وكلته » فهذا هو نسبه.
4 - يشير إلى قوله عليه السلام « أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله » .
5 - قال ابن عباس رضي الله عنهما ، ما وطيء جبريل عليه السلام قط موضعا في الأرض إلا حيي ذلك الموضع:
 وما يطؤه الروح يعطي الحياة في أي صورة مركبة، فلما أبصر السامري جبريل عليه السلام حين جاء لموسى عليه السلام وعرفه وعلم أن روحه عين ذاته ، وأن حياته حياة ذاتية ، فلا يطأ موضعا إلا حيي ذلك الموضع بمباشرة
 
ص 228
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : ( وهو الروح.
وكان السامري عالما بهذا الأمر.
فلما عرف أنه جبريل، عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العجل فخار العجل، إذ صوت البقر إنما هو خوار، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل والثؤاج للكباش واليعار للشياه والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام.
فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يسمى لاهوتا والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي الناسوت روحا بما قام به.
فلما تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشرا سويا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت بالله منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها الله منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز.
فحصل لها حضور تام مع الله وهو الروح المعنوي.
فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه لحال أمه. فلما قال لها «إنما أنا رسول ربك» جئت «لأهب لك غلاما زكيا» انبسطت عن ذلك القبض وانشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين عيسى: فكان جبريل ناقلا كلمة الله لمريم كما ينقل الرسول كلام الله لأمته، وهو قوله «وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه».
فسرت الشهوة في مريم:
فخلق جسم عيسى من ماء محقق من مريم ومن ماء متوهم من جبريل، سرى في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطب لما فيه من ركن)
_____________________________________
تلك الصورة الممثلة إياه ، وعلم أن وطأته يحيا بها ما وطئه من الأشياء ، فقبض قبضة من أثر الرسول ، فلما صاغ العجل وصوره نبذ فيه تلك القبضة فحيي ذلك العجل وخار.
راجع فتوحات ج 1 / 168 ، 337 - ج 3 / 346 
 
6 - تكوين جسم عیسی علیه السلام
لما قال أهل الطبيعة إن ماء المرأة لا يتكون منه شيء ، وإن الجنين الكائن في الرحم إنما هو من ماء الرجل ، لذلك جعلنا تکوین جسم عیسی تکوینا آخر ، وإن كان تدبيره في الرحم تدبير أجسام البنين ، فإن كان عن ماء المرأة إذ تمثل لها الروح بشرا سويا ، أو كان عن نفخ بغير ماء ، فعلى كل وجه هو جسم رابع مغاير في النشء غيره من أجسام النوع ( آدم ، وحواء ، والبنين ) 
ثم إن عيسي على ما قيل لم يلبث في بطن مريم لبث البنين المعتاد ، لأنه أسرع إليه التكوين لما أراد الله أن يجعله آية .
 
ص 229
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : ( الماء.
فتكون جسم عيسى من ماء متوهم وماء محقق، وخرج على صورة البشر من أجل أمه، ومن أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا على الحكم المعتاد.
فخرج عيسى يحيي الموتى لأنه روح إلهي "7"
 وان الإحياء لله والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة لله.
فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه.
وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق"8"  ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»،)
_____________________________________
ويرد به على الطبيعيين حيث حكموا على الطبيعة بما أعطتهم من العادة ، لا بما تقتضيه مما أودع الله فيها من الأسرار والتكوينات العجيبة ، ومن كان عن أم وأب متوهم مثالي ، أشبه جده لأمه ، إذ لا أب له ، مثل عيسى عليه السلام ، فصفته صفة جده آدم في صدوره عن الأمر ، بذا ورد التعريف الإلهي فقال « إن مثل عیسی عند الله کمثل آدم » أي الاسم الإلهي الذي وجد عنه آدم وجد عنه عيسی د خلقه من تراب » الضمير يعود على آدم ، فعيسى أخ لحواء وهو ابن ابنتها .
فتوحات ج 1 / 125 ، 679 .
 
7 - يفسره البيت الرابع من الشعر
سمي الذكر الذي هو نقيض الأنثي من الذكر ، فهو الفاعل ، والأنثى منفعلة کحواء من آدم عن ذکر بشري صوري إلهي ( خلق الله آدم على صورته ) 
وعیسی عن ذكر روحي ملكي في صورة بشر ( فتمثل لها بشرا سويا ) فحواء أتمر بسبب الصورة ، وعيسى أتم بالملكية المتجلية في الصورة البشرية المخلوقة على الحضرة الإلهية ، فجمع بين الصورة والروح ، فكان نشأة تمامية ، ظاهره بشر وباطنه ملك ، فهو روح الله وكلمته . 
فتوحات  ج 2 / 31 
 
8 - راجع هامش رقم 6
 
ص 230
 
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ». 
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية. 
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون». 
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. 
وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن «يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وأن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخد الآخر لمن لطمه، ولا يرتفع عليه ولا يطلب القصاص منه.
هذا له من جهة أمه، إذ المرأة لها السفل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكما وحسا. 
وما كان فيه من قوة الإحياء والإبراء فمن جهة نفخ جبريل )
___________________________________
9 - « أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله .. » الآية .
هذه الآية دالة على أنه ما من موجود خلقه الله عند سبب إلا بتجل إلهي خاص لذلك الموجود ، لا يعرفه السبب ، فيتكون هذا الموجود ، وهو قوله سبحانه وتعالى « فأنفخ فيه » فلم يكن للسبب غير النفخ « فيكون طيرا بإذن الله » 
فالطائر إنما كان تتوجه الأمر عليه بالكون وهو قوله تعالی «کن» بالأمر الذي يليق بجلاله ، فالعامل في قوله تعانی « بإذن الله » يتعلق بيكون طيرة ، وأما عند مثبتي الأسباب فيتعلق بقوله « أنفخ » فإنه نسب الخلق إلى عيسى عليه السلام ، وهو إيجاد صورة الطائر من الطين .
 ثم أمره أن ينفخ فيه فقامت تلك الصورة التي صورها عيسى عليه السلام طائرا حية ، وقوله « بإذن الله » يعني الأمر الذي أمره الله به في خلقه صورة الطائر والنفخ وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الميت ، فأخبر أن عيسى عليه السلام لم ينبعت إلى ذلك من نفسه وإنما كان عن أمر الله ، ليكون ذلك وإحياء الموتى من آیاته على ما يدعيه ، ويخرج عليه السلام ممن يدعي فيه الخلق.
 فتوحات ج 1 / 276 - ج 2 / 274 ، 675 - ج 3 / 149 
 
ص 231
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (  في صورة البشر. "10"
فكان عيسى يحيي الموتى بصورة البشر.
ولم يأت جبريل في صورة البشر وأتى في صورة غيرها من صور الأكوان العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة ويظهر فيها.
ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.
فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم،"11"
فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى)
__________________________________
10 - اعلم أنه لما وجد عيسى من غير شهوة طبيعية :
فإنه كان من باب التمثيل في صورة البشر ، فكان غالبا على الطبيعة بخلاف من نزل عن هذه الرتبة ، ولما كان الممثل به روحا في الأصل كانت في قوة عيسى إحياء الموتى ، ألا ترى السامري لمعرفته بأن جبريل معدن الحياة حيث سلك ، أخذ من أثره قبضة فرماها في العجل فخار وقام حيا .
ذخائر الأعلاق.
 
11 - « لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مریم ۰۰» الآية -
ما أجهل من قال بهذا القول من أمة عيسى عليه السلام ، فقد فاتهم علم كثير حيث قالوا ابن مریم وما شعروا ، ولهذا قال الله تعالى في إقامة الحجة على من هذه صفته « قل سموهم » فما يسمونهم إلا بما يعرفون به من الأسماء حتى يعقل عنهم ما يريدون ، فإذا سموهم تبين في 
نفس الاسم أنه ليس الذي طلب منهم الرسول المبعوث إليهم أن يعبدوه ، وادعى في عيسى عليه السلام الألوهية لأنه كان ظاهرا في العالم باسم الدهر في نهاره ، وباسم القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم في ليله ،


ص  232 


قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي.
فوقع الخلاف بين أهل الملل في عيسى ما هو؟
فمن ناظر فيه من حيث صورته الإنسانية البشرية فيقول هو ابن مريم، ومن ناظر فيه من حيث الصورة الممثلة البشرية فينسبه لجبريل، ومن ناظر فيه من حيث ما ظهر عنه من إحياء الموتى فينسبه إلى الله بالروحية، فيقول روح الله، أي به ظهرت الحياة فيمن نفخ فيه.
فتارة يكون الحق فيه متوهما- اسم مفعول وتارة يكون الملك فيه متوهما، وتارة تكون البشرية الإنسانية فيه متوهمة: فيكون عند كل ناظر بحسب ما يغلب عليه.
فهو كلمة الله وهو روح الله وهو عبد الله "12"
 وليس ذلك في الصورة الحسية لغيره، بل كل )
______________________________
فكان يصوم الدهر ولا يفطر ويقوم الليل فلا ينام ، وما فيل ذلك في نبي قبله ، فإنه غاية ما قيل في العزير أنه ابن الله ، ما قیل هو الله ، فأثرت هذه الصفة من خلف حجاب الغيب في قلوب المحجوبين حتى قالوا « إن الله هو المسيح ابن مریم ، فنسبهم إلى الكفر في ذلك ، إقامة عذر لهم ، فإنهم ما أشركوا بل قالوا هو الله والمشرك يجعل مع الله إلها آخر ، فهذا كافر لا مشرك ، فوصفهم بالستر فإنهم انخذوا ناسوت عیسی مجلي .
فتوحات ج 1 / 652 ، 664 

12 - « يا أهل الكتاب لا نغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عیسی ابن مریم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ۰۰» الآية .
من غلوهم في دينهم وتعظيمهم لرسلهم قالوا إن عيسى هو الله وقالت طائفة هو ابن الله وقال من لم يغل في دينه هو عبد الله وكلمه ، كما قال تعالى « وكلمته ألقاها إلى مريم » وليست غير عيسى عليه السلام ، لم يلق إليها غير ذلك ولا علمت غير ذلك، فلم تكن الكلية الإلهية التي ألقيت إليها إلا عين عیسی روح الله وكلمته وعبده « وروح منه ، وهو النفس الذي كانت به حياته ، وسمي عیسی علیه السلام بروح الله لأن جبريل عليه السلام وهو روح القدس هو الذي وهبه لأمه . 
فتوحات ج 2 / 331 ، 400 - ج 3 / 283 ، 398 

 
ص 233


قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
شخص منسوب إلى أبيه الصوري لا إلى النافخ روحه في الصورة البشرية.
فإن الله إذا سوى الجسم الإنساني كما قال تعالى «فإذا سويته» نفخ فيه هو تعالى من روحه فنسب الروح في كونه وعينه إليه تعالى.
وعيسى ليس كذلك، فإنه اندرجت تسوية جسمه وصورته البشرية بالنفخ الروحي، وغيره كما ذكرناه لم يكن مثله.
فالموجودات كلها كلمات الله التي لا تنفد، "13"  فإنها عن «كن» وكن كلمة الله. فهل تنسب الكلمة إليه بحسب ما هو عليه فلا تعلم ماهيتها، أو ينزل هو تعالى  )
__________________________
13 - الموجودات هي كلمات الله
« قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا » أعيان الموجودات كلها كلمات الحق وهي لا تنفد ، فمخلوقاته لا تزال توجد ولا يزال خالقا ، فنفس الرحمن هو المعطي صور الممكنات الوجود كما أعطى النفس الحروف ، فالعالم كلمات الله من حيث هذا النفس ، 
كما قال تعالى « وكلمته ألقاها إلى مريم » وليست غير عيسى عليه السلام ، 

وقال تعالى: ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزیز حکیم » فالممكنات هي كلمات الله التي لا تنفد ، وهي تحدث أي تظهر دائما ، فالوجود والإيجاد لا يزال دائما ، فمخلوقاته لا تزال توجد ولا يزال خالقا ، وليست کلمات الله سوى صور الممكنات وهي لا تناهي ، وما لا يتناهى لا ينفد ولا يحصره الوجود والمادة التي ظهرت فيها كلمات الله وصدرت هذه الكلمات عن تركيب يعبر عنه في اللسان العربي لفظة كن ، فکلمات الله کاها عن كلمة الله « کن » وعنها تنشأ الكائنات ، وقد أخبر الله أنه ما من شيء يريد إيجاده إلا يقول له كن ، وجاء بلفظة کن لأنها لفظة وجودية فنابت مناب جميع الأوامر الإلهية ، فتظهر أعيان الكلمات وهو المعبر عنها بالعالم بكلمة كن ، فالكلمة ظهورها في النفس الرحماني ، والكون ظهورها في العماء ، فيما هو للنفس يسمى كلمة وأمر؟ ، وبما هو في العماء يسمی کونا وخلقا وظهور عين ، فکلمات الله لا تنفد وهي أعیان موجوداته ، والوجود كله كلمات الله التي لا تنفد أبدا . 
فتوحات ج 2 / 90 ، 390 ، 423 ، 459 - ج 3 / 525 - ج 4 / 65 

ص 234


قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
إلى صورة من يقول «كن» فيكون قول كن حقيقة لتلك الصورة التي نزل إليها وظهر فيها؟
فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد، وبعضهم إلى الطرف الآخر، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري. "14"
وهذه مسألة لا يمكن أن تعرف إلا ذوقا كأبي يزيد حين نفخ في النملة التي قتلها فحييت فعلم عند ذلك بمن ينفخ فنفخ فكان عيسوي المشهد.
وأما الإحياء المعنوي بالعلم فتلك الحياة الإلهية الدائمة العلية النورية التي قال الله فيها «أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس» "15"
فكل من )
________________________________________
14 - كلمة كن الإلهية
« إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له ، وهو قوله لكل شيء يريده وذلك من كون الحق متكاما «کن» بالمعنى الذي يليق بجلاله.
فتوحات ج 2 / 62 ، 201 ، 280 ، 401.


15 - «أو من كان ميتا فأحييناه ۰۰» الآية .
هذا ضرب مثل في الكفر والإيمان ، والعلم والجهل ، فالجهل موت والعلم حياة لذلك قال تعالى « أو من كان ميتا » أراد بالموت الجهل « فأحييناه ». بالعلم ، وهي الحياة العلمية التي نحيي بها القلوب ، فحياة العلم يقابلها موت الجهل ، وبالنور يقع حصوله ، كما بالظلمة يكون الجهل ، فسون النفس بعدم العلم ، فإن قلت إن العلم بالله طاريء الذي هو حياة النفوس والجهل ثابت لها قبل وجود العلم، فكيف يوصف الجاهل بالموت وما تقدمه علم ؟ 
قلنا إن العلم بالله سبق إلى نفس كل إنسان في الأخذ الميثاقي حين أشهدهم على أنفسهم ، فلما عسرت الأنفس الأجسام الطبيعية في الدنيا فارقها العلم بتوحيد الله ، فبقيت النفوس ميتة بالجهل بتوحيد الله ، ثم بعد ذلك أحيا الله بعض النفوس بالعلم بتوحيد الله .

وأحياها كلها بالعلم بوجود الله إذ كان من ضرورة العقل العلم بوجود الله ، فلهذا سميناه میتا فقال تعالى « أو من كان ميتا » يعني بما كان الله قد قبض منه روح العلم بالله ، فقال تعالى في معرض الامتنان « فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ».
فرد إليه علمه فحيي به كما ترد الأرواح إلى أجسامها في الدار الآخرة يوم البعث « كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها »


ص 235

قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
أحيا نفسا ميتة بحياة علمية في مسألة خاصة متعلقة بالعلم بالله، فقد أحياه بها وكانت له نورا يمشي به في الناس أي بين أشكاله في الصورة.
فلولاه ولولانا ...  لما كان الذي كانا
فإنا أعبد حقا   ...    وإن الله مولانا
وإنا عينه فاعلم ...    إذا ما قلت إنسانا "16"
فلا تحجب بإنسان ...  فقد أعطاك برهانا
فكن حقا وكن خلقا ... تكن بالله رحمانا
وغذ خلقه منه ...    تكن روحا وريحانا
فأعطيناه ما يبدو ...    به فينا وأعطانا "17"
فصار الأمر مقسوما   ... بإياه وإيانا
فأحياه الذي يدري  ... بقلبي حين أحيانا
فكنا فيه أكوانا    ... وأعيانا وأزمانا
وليس بدائم فينا   ... ولكن ذاك أحيانا "18"
____________________________________
بريد مقابلة النور الذي يمتي به في الناس ، وما هو عين الحياة ، فالحياة الإقرار بالوجود أي بوجود الله لا بتوحيده ، ما تعرض للتوحيد في الإشهاد ، ولهذا أردف الله في الآية حين قال « فأحييناه » فلم يكتف حتى قال « وجعلنا له نورا يمشي به في الناس » يريد العلم بتوحيد الله لا غيره ، فإنه العلم الذي يقع به الشرف له والسعادة وما عدا هذا لا يقوم مكانه في هذه المنزلة . 
فتوحات ج 1 / 350 ، 558 - ج 2 / 274 ، 342 ، 618 - ج 3 / 100 - ج 4 / 312

16 - يشير إلى الظاهر في المظاهر راجع الفص رقم 5 هامش 6 ص 83 .

 "" 6 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر الفص رقم 5 هامش 6 ص 83
إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.
وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.
والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .
ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله، فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال ، من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم ، فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.
فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
 الفتوحات ج1 / 694  , ج2 / 40,42,99,160,435,606  .أهـ .""

17 - يشير إلى العلم تابع للمعلوم  راجع الفص رقم 2 هامش 3 ص 42.

"" 3 - العلم تابع للمعلوم  الفص رقم 2 هامش 3 ص 42
ليس سر القدر الذي يخفى عن العالم عينه الا اتباع العلم المعلوم ، فلا شيء أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد ، فإن العلم تابع للمعلوم ما هو المعلوم تابع للعلم فافهمه.
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحدا نبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا ، وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها ، وفرق يا أخي بين كون الشيء موجودا فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصورة في حال عدمه الأزلي ، فهو مساوق للعلم الإلهي به ومتقدم عليه بالرتبة .
لأنه لذاته أعطاه العلم به ، فإن المعلوم متقدم بالرتبة على العلم وإن تساوقا في الذهن من كون المعلوم معلوما ، لا من کونه وجودا أو عدما ، فإنه المعطي العالم العلم .
فاعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر الذي قضاه حالك ، فلو لم يكن في هذا الكتاب « الفتوحات المكية » إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سدید و عقل سلیم .
واعلم أن الله تعالى ما كتب إلا ما علم ولا علم إلا ما شهد من صور المعلومات على ما هي عليه في أنفسها ما يتغير منها وما لا يتغير ، فيشهدها كلها في حال عدمها على تنوعات تغييراتها إلى ما لا يتناهی ، فلا يوجدها إلا كما هي عليه في نفسها ، فمن هنا تعلم علم الله بالأشياء معدومها وموجودها ، وواجبها وممكنها ومحالها ، ومن هنا إن عقلت وصف الحق نفسه بأن له الحجة البالغة لو توزع .

فإنه من المحال أن يتعلق العلم إلا بما هو المعلوم عليه في نفسه ، فلو احتج أحد على الله بأن يقول له علمك سبق فيه بأن أكون على كذا فلم تواخذني ، يقول له الحق هل علمتك إلا بما أنت عليه ؟
فلو كنت على غير ذلك لعلمتك على ما تكون عليه ، ولذلك قال « حتى تعلم » فارجع إلى نفسك وأنصف في كلامه ، فإذا رجع العبد على نفسه ونظر في الأمر كما ذكرناه علم أنه محجوج، وأن الحجة لله تعالى عليه.
أما سمعته تعالى يقول: « وما ظلمهم الله" "وما ظلمناهم" .
وقال « ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، كما قال « ولكن كانوا هم الظالمين » يعني أنفسهم .
فإنهم ما ظهروا لنا حتى علمناهم وهم معدومون إلا بما ظهروا به في الوجود من الأحوال ، فعندنا ما كانت الحجة البالغة لله على عباده إلا من كون العلم تابعا للمعلوم ما هو حاكم على المعلوم.
فإن قال المعلوم شيئا كان الله الحجة البالغة عليه بأن يقول له ما علمت هذا منك إلا بكونك عليه في حال عدمك ، وما أبرزتك في الوجود إلا على قدر ما أعطيتني من ذاتك بقبولك ، فيعرف العبد أنه الحق فتندحض حجة الخلق ، فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى تعلم ما كنا
فيه ، فإنه لا يحكم فينا إلا بنا.
فمن وقف في حضرة الحكم وهي القضاء على حقيقتها شهودا علم سر القدر ، وهو أنه ما حكم على الأشياء إلا بالأشياء ، فما جاءها شيء من خارج ، "ولا ينكشف هذا السر حتى يكون الحق بصر العبد" ، فإذا كان بصر العبد بصر الحق نظر الأشياء ببصر الحق، حينئذ انكشف له علم ما جهله، إذ كان بصر الحق لا يخفى عليه شيء ، ومن وقف على سر القدر ،" وهو أن الإنسان مجبور في اختياره "، لم يعترض على الله في كل ما يقضيه و يجريه على عباده وفيهم ومنهم ، وهذا يشرح ما ذكره الشيخ في كتابه المشاهد القدسية من أن الحق قال له « أنت الأصل وأنا الفرع ".
وعلامة من يعلم سر القدر هو أن يعلم أنه مظهر ، وعلامة من يعلم أنه مظهر ، أن تكون له مظاهر حيث شاء من الكون كقضيب البان ، فإنه كان له مظاهر فيما شاء من الكون حيث شاء من الكون.
وإن من الرجال من يكون له الظهور فيما شاء من الكون لا حيث شاء ، ومن كان له الظهور حيث شاء من الكون كان له الظهور فيما شاء من الكون.
فتكون الصورة الواحدة تظهر في أماكن مختلفة ، وتكون الصور الكثيرة على التعاقب تلبس الذات الواحدة في عين المدرك لها ، ومن عرف هذا ذوقا .
كان متمكنا من الاتصاف بمثل هذه الصفة ، وهذا هو علم سر القدر الذي ينكشف لهم .
 راجع الفتوحات ج2 / 2 , 13 .  ج4/ 16 , 70 , 74 , 182 , 235. أهـ ""

18 - يشير إلى أن هذا الشهود ليس بدائم

ص 236
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 8:48 عدل 6 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 7:31 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثلاثون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثلاثون : -   الجزء الثاني
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
ومما يدل على ما ذكرناه في أمر النفخ الروحاني مع صورة البشر العنصري هو أن الحق وصف نفسه بالنفس الرحماني ولا بد لكل موصوف بصفة أن يتبع الصفة جميع ما تستلزمه تلك الصفة.
وقد عرفت أن النفس في المتنفس ما يستلزمه.
فلذلك قبل النفس الإلهي صور العالم.
فهو لها كالجوهر الهيولاني، وليس إلا عين الطبيعة. "19"
فالعناصر صورة من صور الطبيعة.
وما فوق العناصر وما تولد عنها فهو أيضا من صور الطبيعة وهي الأرواح العلوية التي فوق السماوات السبع. )
____________________________________________
10 - الطبيعة هي نفس الرحمن
اعلم أن الله وصف نفسه بأن له نفسا بفتح الفاء وأضافه إلى الاسم الرحمن ، لنعلم إذا ظهرت أعياننا وبلغتنا سفراؤه هذا الأمر شمول الرحمة وعمومها ومآل الناس والخلق إليها .
فإن الرحمن لا يظهر عنه إلا مرحوم ، فالنفس أول غيب فظهر لنفسه ، فكان فيه الحق من اسمه الرب ( إشارة إلى الحديث النبوي ) مثل العرش اليوم الذي استوى عليه بالاسم الرحمن ، وهو أول كثيف شفاف نوري ظهر.
فلما تمیز عمن ظهر عنه وليس غيره ، وجعله تعالی ظرفا له « إشارة إلى ما جاء في الحديث - كان الله في عماء - » لأنه لا يكون ظرفا له إلا عينه ، فظهر حكم الخلاء بظهور هذا النفس ، ثم أوجد من هذا العماء جميع صور العالم ، وفيه ظهرت الملائكة المهيمة والعقل والنفس والطبيعة ( البنت لا الأم) و الطبيعة (الأم) هي أحق نسبة بالحق مما سواها .
فإن كل ما سواها ما ظهر إلا فيما ظهر منها ، وهو النفس بفتح الفاء ، وهو الساري في العالم ، أعني في صور العالم ، وبهذا الحكم يكون نجلي الحق في الصور التي ذكرها عن نفسه لمن عقل عنه ما أخبر به عن نفسه تعالى .

فانظر في عموم حكم الطبيعة ، وانظر في قصور حكم العقل لأنه في الحقيقة صورة من صور الطبيعة، بل من صور العماء ، والعماء هو من الطبيعة ، وإنما جعل من جعل رنية الطبيعة دون النفس وفوق الهيولي لعدم شهوده الأشياء، وإن كان صاحب شهود ومشى هذه المقالة فإنه يعني بها الطبيعة ( البنت ) التي ظهرت بحكمها في الأجسام الشفافة من العرش فما حواه ، فهي بالنسبة إلى الطبيعة نسبة البنت إلى المرأة التي هي الأم ، فتلد کا .تلد أمها ، وإن كانت البنت مولودة عنها ، فلها ولادة على كل من يولد عنها ، وكذلك

 

ص 237


قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة. "20"
و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس. ألا ترى الذات )
___________________________________
العناصر عندنا القريبة إلينا ( الماء والهواء والتراب والنار ) هي طبيعة لما تولدت عنها ، فلهذا سميناها طبيعة ( أي البنت ) ، فالعماء هو الجسم الحقيقي العام الطبيعي الذي هو صورة من قوة الطبيعة ( الأم ) تجلى لما يظهر فيه من الصور ، وما فوقه رتبة إلا رتبة الربوبية التي طلبت صورة العماء من الاسم الرحمن ، فتنفس فكان العماء . 
فلو لم تكن الطبيعة - وهي موجود خامس هو أصل للأركان الأربع - نورا في أصلها لما وجدت بين النفس الكلية وبين الهيولي الكل ، فعن الطبيعة ظهر كل جسم وجسد وجسماني من عالم الأجسام العلوي والسفلي ، فتركيبها لا نهاية له في الدنيا والآخرة .

فالنشأة الطبيعية تحوي على الأسرار الإلهية ، وأنها من نفس الرحمن ظهرت في الكون ، فذمت وجهل قدرها فأول صورة قبل نفس الرحمن صورة العماء فهو بخار رحماني فيه الرحمة بل هو عين الرحمة ، فجوهر العالم في النفس الرحماني الذي ظهرت فيه صور العالم . 
فتوحات ج 1 / 56 ، 723 - ج 2 / 352 ، 551 - ج 3 / 420 ، 430 ، 452 


20 ۔ خصام الملائكة
قال الله تعالی « ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون »
المولد من الأضداد المتنافرة لابد فيه من المنازعة ، ولاسيما المولد من الأركان، فإنه مولد من مولد من مولد من مولد رکن عن فلك عن برج عن طبيعة عن نفس ، والأصل الأسماء الإلهية المتقابلة .
ومن هنالك سرى التقابل في العالم ، فنحن في آخر الدرجات، فالخلاف فيما علا عن رتبة المولد من الأركان أقل، وإن كان لا يخلو، الإ تړي إلى الملأ الأعلى كيف يختصمون .. وهذه الآية مما يدل على أن الملائكة من بعالم

ص 238


قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.
فبما فيه من الحرارة علا، وبما فيه من البرودة والرطوبة سفل، وبما فيه من اليبوسة ثبت ولم يتزلزل. فالرسوب للبرودة والرطوبة.
ألا ترى الطبيب إذا أراد سقي دواء لأحد ينظر في قارورة مائه، فإذا رآه راسا علم أن النضج قد كمل فيسقيه الدواء ليسرع في النجح.
وإنما يرسب لرطوبته وبرودته الطبيعية.
ثم إن هذا الشخص الإنساني عجن طينته بيديه وهما متقابلتان و إن كانت كلتا يديه يمينا فلا خفاء بما بينهما من الفرقان، و لو لم يكن إلا كونهما اثنين أعني يدين، لأنه لا يؤثر في الطبيعة إلا ما يناسبها وهي متقابلة.
فجاء باليدين: ولما أوجده باليدين سماه بشرا للمباشرة اللائقة بذلك الجناب باليدين المضافتين إليه. "21"
وجعل ذلك من عنايته بهذا النوع الإنساني فقال لمن أبى )
________________________________
الطبيعة ، مخلوقون مثل الأناسي غير أنهم ألطف ، كما أن الجن ألطف من الإنسان مع كونهم من ثار من مارجها ، والنار من عالم الطبيعة ، فكذلك الملائكة عليهم السلام من عالم الطبيعة ، وهم عمار الأفلاك والسموات ، فإنهم يختصمون والخصام من الطبيعة لأنها مجموع أضداد ، والمنازعة والمخالفة هي عين الخصام ، ولا يكون إلا بین ضدین ، فلولا أن الملائكة في نشأتها على صورة نشأتنا ، أي أن نشأتها عنصرية ، ما ذكر الله عنهم أنهم يختصمون ، والخصام لا يكون إلا مع الأضداد ، فالملائكة عليهم السلام لو لم تكن الأنوار التي خلقت منها موجودة من الطبيعة مثل السموات التي عمرتها هؤلاء الملائكة ، فإنها كانت دخانا ، فكانت السموات أجساما شفافة لأن كمية الحرارة واليبس فيها أكثر من الرطوبة ، وخلق الله عمار كل فلك من طبيعة فلکه ، فلذلك كانت الملائكة من عالم الطبيعة وإن كانت أجسامهم نورية فمن نور الطبيعة كنور السراج ، فأثر فيهم حكم الطبيعة الخصام لما فيها من التقابل والتضاد ، والضد والمقابل منازع لمقابله ، فهذه هي الحقيقة التي أورثتهم الخصومة.
ونعتوا بأنهم يختصمون لأن الخصام لا يكون إلا فيمن ركب من الطبائع لما فيها من التضاد ، فلا بد فيمن يتكون عنها أن يكون على حكم الأصل ، فالنور الذي خلقت منه الملائكة نور طبيعي ، فكانت فيها الموافقة من وجه و المخالفة من وجه .

21 - ولما أوجده باليدين سماه بشرا للمباشرة اللائقة بذلك الجناب باليدين المضافتين إليه
نفس المعنى في الفتوحات ج 2 / 70  - ج 4 / 410

"" أضاف الجامع :  لما أوجده باليدين سماه بشرا للمباشرة اللائقة بذلك الجناب    
ذكر الشيخ عن خلق آدم على الصورة وباليدين في الفتوحات الباب الثامن والأربعون :
"إنما صحت الصورة لآدم لخلقه باليدين فاجتمع فيه حقائق العالم بأسره والعالم يطلب الأسماء الإلهية فقد اجتمع فيه الأسماء الإلهية ولهذا خص آدم عليه السلام بعلم الأسماء كلها التي لها توجه إلى العالم ولم يكن ذلك العلم أعطاه الله للملائكة وهم العالم الأعلى الأشرف قال الله عز وجل وعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ولم يقل بعضها وقال عَرَضَهُمْ ولم يقل عرضها فدل على أنه عرض المسمين لا الأسماء وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم غيبك". أهـ 

 
وقال الشيخ رضي الله عنه عن الكامل من يعطى بالحالتين ليجمع بين الحقيقتين الفتوحات الباب السبعون في معرفة أسرار الزكاة
"ورد من سن سنة حسنة الحديث وأما الكامل من أهل الله فهو الذي يعطي بالحالتين ليجمع بين المقامين ويحصل النتيجتين وينظر بالعينين ويسلك النجدين ويعطي باليدين فيعلن في وقت في الموضع الذي يرى أن الحق رجح فيه الإعلان ويسر بها في وقت الموضع الذي يرى أن الحق رجح فيه الأسرار وهذا هو الأولى بالكمل من أهل الله في طريق الله تعالى" أهـ.

 

قال الشيخ رضي الله عنه كن للشيء بالحرفين وخلق آدم باليدين في الفتوحات في الرد على السؤال الثالث والأربعون للحكيم الترمذي :
" فقوله للشيء كن بالحرفين الكاف والنون بمنزلة اليدين في خلق آدم فأقام القول للشيء مقام المباشرة وأقام الكاف والنون مقام اليدين وأقام الواو المحذوفة لاجتماع الساكنين مقام الجامع بين اليدين في خلق آدم وأخفى ذكره كما خفيت الواو من كن غير أن خفاءها في كن لأمر عارض وخفاء الجامع بين اليدين لاقتضاء ما تعطيه حقيقة الفعل وهو قوله ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ والْأَرْضِ وهو حال الفعل لأنه ليس في حقائق ما سوى الله ما يعطي ذلك المشهد فلا فعل لأحد سوى الله ولا فعل عن اختيار واقع في الوجود فالاختيارات المعلومة في العالم من عين الجبر فهم المجبورون في اختيارهم والفعل الحقيقي لا جبر فيه ولا اختيار لأن الذات تقتضيه فتحقق ذلك " أهـ .
 

قال الشيخ رضي الله عنه عن ملك الآلاء في سورة الرحمن في الفتوحات في إجابة سؤال الحكيم الترمذي الحادي عشر ومائة ما صفة ملك الآلاء؟
"فمن أراد تحقيق ملك الآلاء فليتدبر سورة الرحمن من القرآن وينظر إلى تقديم الإنس على الجن في آيتها وقوله تعالى خَلَقَ الْإِنْسانَ أيضا فابتدأ به تقديرا ومرتبة نطقية تهمما به على الجن وإن كان الجن موجودا قبله يؤذن بأنه وإن تأخرت نشأته فهو المعتنى به في غيب ربه لأنه المقصود من العالم لما خصه به من كمال الصورة في خلقه باليدين وعلمه الأسماء والإفصاح عما علمه بقوله عَلَّمَهُ الْبَيانَ " أهـ.


قال الشيخ رضي الله عنه أن لعيسى عليه السلام من علم الكيمياء الطريقين الفتوحات الباب السابع والستون ومائة في معرفة كيمياء السعادة :
"فإن لعيسى "عليه السلام" من علم الكيمياء الطريقين الإنشاء وهو خلقه الطير من الطين والنفخ فظهر عنه الصورة باليدين والطيران بالنفخ الذي هو النفس فهذه طريقة الإنشاء في علم الكيمياء الذي قدمناه في أول الباب والطريق الثانية إزالة العلل الطارئة وهو في عيسى إبراء الأكمه والأبرص وهي العلل التي طرأت عليهما في الرحم الذي هو من وظيفة التكوين فمن هنا يحصل لهذا التابع علم المقدار والميزان الطبيعي والروحاني لجمع عيسى بين الأمرين ومن هذه السماء يحصل لنفس هذا التابع الحياة العلمية التي يحيي بها القلوب كقوله أَومن كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وهي حضرة جامعة فيها من كل شيء وفيها الملك الموكل بالنطفة في الشهر السادس ومن هذه الحضرة يكون الإمداد للخطباء والكتاب لا للشعراء ولما كان لمحمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم جوامع الكلم خوطب من هذه الحضرة وقيل ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ لأنه أرسل مبينا مفصلا والشعر من الشعور فمحله الإجمال لا التفصيل وهو خلاف البيان ومن هنا تعلم تقليبات الأمور ومن هنا توهب الأحوال لأصحابها" أهـ.


قال الشيخ رضي الله عنه عن صورة الإنسان الأول المخلوق باليدين الفتوحات الباب الثامن والتسعون ومائة في معرفة النفس :
"والذات الحاملة لهاتين القوتين نفسا فإن كانت الصورة الإلهية فلا تخلو إما أن تكون جامعة فهي صورة الإنسان أو غير جامعة فهي صورة العقل فإذا سوى الرب الصورة العقلية بأمره وصور الصورة الإنسانية بيديه توجه عليهما الرحمن بنفسه فنفخ فيهما روحا من أمره فأما صورة العقل فحملت في تلك النفخة بجميع علوم الكون إلى يوم القيامة وجعلها أصلا لوجود العالم وأعطاه الأولية في الوجود الإمكانى وأما صورة الإنسان الأول المخلوق باليدين فحمل في تلك النفخة علم الأسماء الإلهية ولم يحملها صورة العقل فخرج على صورة الحق وفيه انتهى حكم النفس إذ لا أكمل من صورة الحق ودار العالم وظهر الوجود الإمكانى بين نور وظلمة وطبيعة وروح وغيب وشهادة وستر وكشف فما ولي من جميع ما ذكرناه الوجود المحض كان نورا وروحا وما ولي من جميع ما ذكرناه العدم المحض كان ظلمة وجسما وبالمجموع يكون صورة فإن نظرت العالم من نفس الرحمن قلت ليس إلا الله وإن نظرت في العالم من حيث ما هو مسوى ومعدل قلت المخلوقات وما رَمَيْتَ من كونك خلقا إِذْ رَمَيْتَ من كونك حقا ولكِنَّ الله رَمى لأنه الحق فبالنفس كان العالم كله متنفسا والنفس أظهره وهو للحق باطن وللخلق ظاهر فباطن الحق ظاهر الخلق وباطن الخلق ظاهر الحق وبالمجموع تحقق الكون وبترك المجموع قيل حق وخلق فالحق للوجود المحض والخلق للإمكان المحض"أهـ.

قال الشيخ رضي الله عنه عن تشريف آدم بخلقه باليدين الفتوحات الباب الأحد والستون وثلاثمائة في معرفة منزل الاشتراك مع الحق في التقدير وهو من الحضرة المحمدية:
"فإن الله ما ذكر أنه خاطب إلا الملائكة ولهذا قال فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ونصب إبليس على الاستثناء المنقطع لا المتصل وهذه الأرواح المهيمة في جلال الله لا تعلم أن الله خلق آدم ولا شيئا لشغلهم بالله يقول الله لإبليس أَمْ كُنْتَ من الْعالِينَ أي من هؤلاء الذين ذكرناهم فلم تؤمر بالسجود والسجود التطأطؤ في اللسان لأن آدم خلق من تراب وهو أسفل الأركان لا أسفل منه ومن هنا يعرف شرف نقطة الدائرة على محيطها فإن النقطة أصل وجود المحيط فالعالون ما أمروا بالسجود لأنهم ما جرى لهم ذكر في تعريف الله إيانا ولو لا ما ذكر الله إبليس بالإباءة ما عرفنا أنه أمر بالسجود فما أضاف آدم إلى يديه إلا على جهة التشريف على غيره والتنويه لتعلم منزلته عند الله ثم زاد في تشريفه بخلقه باليدين" أهـ.

 
قال الشيخ رضي الله عنه أن شجرة طوبى لجميع شجر الجنات كآدم لما ظهر منه من البنين الفتوحات الباب الأحد والسبعون وثلاثمائة في معرفة منزل سر :
" واعلم أن شجرة طوبى لجميع شجر الجنات كآدم لما ظهر منه من البنين فإن الله لما غرسها بيده وسواها نفخ فيها من روحه وكما فعل في مريم نفخ فيها من روحه فكان عيسى يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص فشرف آدم باليدين ونفخ الروح فيه فأورثه نفخ الروح فيه علم الأسماء لكونه مخلوقا باليدين فبالمجموع نال الأمر وكانت له الخلافة .
"الْمالُ والْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا " وتولى الحق غرس شجرة طوبى بيده ونفخ الروح فيها زينها بثمر الحلي والحلل الذين فيهما زينة للابسهما فنحن أرضها .
فإن الله جعل ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها وأعطت في ثمر الجنة كله من حقيقتها عين ما هي عليه كما أعطت النواة النخلة وما تحمله مع النوى الذي في ثمرها وكل من تولاه الحق بنفسه من وجهه الخاص بأمر ما من الأمور فإن له شفوفا وميزة على من ليس له هذا الاختصاص ولا هذا التوجه والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ " أهـ


قال الشيخ رضي الله عنه  لا يعرف قدر الحق إلا من عرف الإنسان الكامل الفتوحات  الباب السادس والتسعون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله وما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ :
ما قدر الله غيره أبدا   .....   وليس غير فكلهم قدرا
ما حق قدر الآلة عندي سوى   ..... بأنه الله فاعرف الصورا
لو يعرف الخلق ما أفوه به   ..... في حق قدر الآلة ما اعتبرا
لو عبروا عن وجود ذاتهم   ..... ما عرفوا الحق لا ولا البشرا
"لا يعرف قدر الحق إلا من عرف الإنسان الكامل الذي خلقه الله على صورته وهي الخلافة .
ثم وصف الحق في الصورة الظاهرة نفسه باليدين والرجلين والأعين وشبه ذلك مما وردت به الأخبار مما يقتضيه الدليل العقلي من تنزيه حكم الظاهر من ذلك في المحدثات عن جناب الله فحق قدره إضافة ما أضافه إلى نفسه مما ينكر الدليل إضافته إليه تعالى إذ لو انفرد دون الشرع لم يضف شيئا من ذلك إليه فمن أضاف مثل هذا إليه عقلا فذلك هو الذي ما قدر الله حق قدره وما قال أخطأ المضيف ومن أضافه شرعا وشهودا وكان عَلى بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ .
فذلك الذي قدر الله حق قدره فالإنسان الكامل الذي هو الخليفة قدر الحق ظاهرا وباطنا صورة ومنزلة ومعنى فمن كل شيء في الوجود زوجان لأن الإنسان الكامل والعالم بالإنسان الكامل على صورة الحق والزوجان الذكر والأنثى ففاعل ومنفعل فيه فالحق الفاعل والعالم منفعل فيه لأنه محل ظهور الانفعال بما يتناوب عليه من صور الأكوان من حركة وسكون واجتماع وافتراق ومن صور الألوان والصفات والنسب فالعالم قدر الحق وجودا وأما في الثبوت فهو أظهر لحكم الأزل الذي هو للممكنات.أهـ""

ص 239

قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
عن السجود له «ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت» على من هو مثلك- يعني عنصريا أم كنت من العالين عن العنصر ولست كذلك.
ويعني بالعالين من علا بذاته عن أن يكون في نشأته النورية عنصريا وإن كان طبيعيا.
فما فضل الإنسان غيره من الأنواع العنصرية إلا بكونه بشرا من طين، فهو أفضل نوع من كل ما خلق من العناصر من غير مباشرة.
والإنسان في الرتبة فوق الملائكة الأرضية والسماوية، والملائكة العالون خير من هذا النوع الإنساني بالنص الإلهي. "22"
فمن أراد أن يعرف النفس الإلهي فليعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذي ظهر فيه: أي العالم ظهر في نفس الرحمن الذي نفس الله به عن الأسماء الإلهية ما تجده من عدم)
___________________________________
22 - أفضلية الملائكة على الإطلاق *
هذا التقسيم المذكور هنا يخالف ما ذهب إليه الشيخ ونص عليه من أن الملائكة أفضل من البشر على الإطلاق إذ يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم  قام عندما رأى جنازة يهودي ، فقيل له إنها جنازة يهودي ، فقال : أليس معها الملك ؟ وقال مرة أخرى : إن الموت فزع ، وقال مرة أخرى : أليست نفسا ؟ 
ولكل قول وجه ، أرجى الأقوال أليست نفسا لمن عقل ، فكان قيامه مع الملك ، وفي هذا الحديث قيام المفضول للفاضل عندنا ، وعند من يرى أن الملائكة أفضل من البشر على الإطلاق .
هكذا قال لي رسول الله م في مبشرة أريتها في هذه المسألة الطفولية التي بين الناس ، واختلافهم في فضل الملائكة على البشر ، فإني سألت رسول الله و في الواقعة ، فقال لي : إن الملائكة أفضل .
فقلت له : يا رسول الله فإن سئات ما الدليل على ذلك فما أقول ؟
فأشار إلي أن قد علمتم أني أفضل الناس ، وقد صح عندكم وثبت وهو صحيح اني قلت عن الله تعالى أنه قال : من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وكم ذاكر لله تعالى ذكره في ملا أنا فيهم ، فذكره الله في ملأ خير من ذلك الذي أنا فيهم - فما سررت بشيء سروري بهذه المسألة ، فإنه كان على قلبي منها كثير ، فإن جماعة من أصحابنا غلطت في هذه المسألة لعدم الكشف ، فقالت بطريق القوة والفكر الفاسد إن الكامل من بني آدم أفضل من الملائكة عند الله مطلقا، ولم تقید صنفا ولا مرتبة من المراتب التي تقع عليها الفضلية لمن هو فيها على غيره، 

ص 240


قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : ( ظهور آثارها.
فامتن على نفسه بما أوجده في نفسه، فأول أثر كان للنفس إنما كان في ذلك الجناب، ثم لم يزل الأمر ينزل بتنفيس العموم إلى آخر ما وجد. "22"
_________________________________
وهم مسؤولون مؤاخذون بذلك عند الله ، والعالم بالله المكسل هو الذي يحمي نفسه أن يجعل الله عليه حجة بوجه من الوجوه ، ومن أراد أن يسلم من ذلك فليقف عند الأمر والنهي ، ولیر نقب الموت ويلزم الصمت إلا عن ذكر الله من القرآن خاصة ، فالملأ الأعلى عند الله أنعرف من آدم عليه السلام ، ومع هذا فكان عند آدم ما لم يكن عندهم من علم الأسماء وقد أوضحت دلیل تفضيل الملأ الأعلى من الملائكة على أعلى البشر ، أعطاني ذلك الدليل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤية أريتها ، وقبل تلك الرؤية ماكنت أذهب إلى مذهب جملة واحدة .

قال تعالى « إن الله وملائكته يصلون على النبي » فلو لم يكن من شرف الملائكة على سائر المخلوقات إلا جمع الضمير في « يصلون» بينهم وبين الله لكفاهم وما احتيج بعد ذلك إلى دليل آخر ، فإن فضل آدم عليه السلام لم يعم ، هكذا أخبرني رسول الله ما في واقعة رأتها ، وهكذا أخبر الخليل إبراهيم عليه السلام شيخنا أبا مدين بأن فضل آدم لم يعم ، فالإنسان اکسل نشأة والملك أكمل منزلة ،كذا قال لي رسول الله من في الواقعة. 
الفتوحات ج 1 / 527 ، 640 - ج 2 / 61 ، 423 .


23 - محاضرة الأسماء ومحاوربها
يقول الشيخ في كتابه « عنقاء مغرب » في باب محاضرة أزلية على نشأة أبديه : اجتمعت الأسماء بحضرة المسمى اجتماعا كريما وتريا منزهة عن العدد ، من غير مادة الأمد ، فلما أخذ كل اسم فيها مرتبته ، ولم يتعد منزلته ، فتنازعوا الحدت دون محاورة ، وأشار كل اسم إلى الذي يجانبه دون ملاصقة ومجاورة ، وقالت . 
يا ليت شعرنا ، هل يتضمن الوجود غيرنا ، فما عرف أحد منهم ما يكون ، إلا اسان أحدهما العلم المكنون ، فرجعت الأسماء إلى الاسم العليم الفاضل : وقالوا أنت لنا


ص 241
 

قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
فالكل في عين النفس ... كالضوء في ذات الغلس
والعلم بالبرهان في ... سلخ النهار لمن نعس )
________________________________
الحكم العادل، فقال نعم " باسم الله"، وأشار إلى الاسم الجامع « الرحمن » وأشار إلى الاسم التابع «الرحيم»، وأشار إلى الاسم العظيم وصلى الله» ورجع إلى الاسم الجامع من جهة الرحمة « على النبي » وأشار إلى الاسم الخبير والعلي" ، بمحمد الكريم ، وأشار إلى الاسم الحميد « خاتم الأنبياء وأول الأمة، وصاحب لواء الحمد والنعمة » فنظر في الأسماء من لم يكن له فيما ذكره العليم حظ ، ولا جرى عليه من اسسه التكريم لفظ ، وقال العليم ، من ذا الذي صليت عليه ، وأثرت في كلامك إليه ، وقرنته بحضرة جمعنا (قرن الشهادة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) .
 وقرعت به باب سمعنا ، ثم خصصت بعضنا بالإشارة والتقييد، إلى اسمه الرحيم والحميد ، فقال لهم يا عجبا ، وهذا هو الذي سألتموني عنه أن أبينه لكم تحقيقا ، وأوضح لكم إلى معرفته طريقا ، هو موجود يضاهيكم في حضرتكم ، وتظهر عليه آثار نفحتكم، فلا يكون في هذه الحضرة شيء إلا ويكون فيه ، ويحصله ويستوفيه ، ويشارككم في أسمائكم ، ويعلم بي حقائق انبائكم ، وعن هذا الوجود المذكور الصادر من حضرتكم ، وأشار إلى بعض الأسماء منها الجود والنور يكون الكون ، والكيف والأين ، وفيه تظهر بالاسم الظاهر حقائقكم ، وإليه بالاسم المنان وأصحابه تستد رقائقكم ، فقالت تنبيها على أمر لم يكن به عليما ، وكان هذا الاسم - وأشارت إلى المفضل - علينا عظيما ، فمتى يكون هذا الأمر ، ويلوح هذا السر ؟ 

فقال سألتم الخبير ، واهتديتم بالبصير ، ولسنا في زمانه ، فيكون بيننا وبين هذا الكون مدة وأوان ، فغاية الزمان في حقنا ملاحظة المشيئة حضرة التقديم ، فتعالوا نسأل هذا الاسم الإحاطي في جنسه ، المنزه في نفسه ، وأشارت إلى المريد ، فقيل له متى يكون عالم التقييد في الوجود الذي يكون لنا فيه الحكم والصولة، ونجول بظهور آثارنا عليه في الكون على ما ذكره الاسم الحكيم جولة ؟ 
فقال المريد وكان به

ص 242
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
فيرى الذي قد قلته ... رؤيا تدل على النفس
فيريحه من كل غم ... في تلاوته «عبس» )
_________________________________
قد كان ، ويوجد في الأعيان ، وقال الاسم العليم ویسی بالإنسان ، ويصطفية الاسم الرحمن ، ويفيض عليه الاسم المحسن وأصحابه سوابغ الإحسان ، فأطلق الاسم الرحمن محياه ، وحيا الاسم المحسن وبیاه ، وقال نعم الأخ ونعم الصاحب ، وكذلك الاسم الواهب ، فقام الاسم الوهاب ، فقال وأنا المعطي بحساب وبعير حساب . 

فقال الاسم الحسيب ، أقيد عليكم ما تهبونه ، وأحسب عليكم ما تعطونه ، بشهادة الاسم الشهيد ، فإنه صاحب الضبط والتقييد ، غير أن الاسم العليم قد يعرفی المعطى له ما يحصل له في وقت ، ويبهم عليه الاسم المريد في وقت إبهامه يعلمه ولا يمضيه ، ويأمر بالشيء ويريد ضده فلا يقضيه ، فلا زوال لي عنكما ، ولا فراق لي منكما ، فأنا لكم لزيم ، فنعم الجار والحميم ، فتوزعت الأسماء كلها مملكة العبد الإنساني، على هذا الحد الرباني وتفاخرت في الحضرة الإلهية الذائية بحقائقها . 

وبينت حكم مسالكها وطرائقها ، وتعجلت وجود هذا الكون ، رغبة في أن يظهر لهم عين ، فلجأوا إلى الاسم المريد ، الموقوف علیه تخصيص الوجود ، وقالوا سألناك بهذه الحضرة التي جمعتنا ، والذات التي شملتنا ، إلا ما علقت نفسك بهذا الوجود المنتظر فأردته ، وأنت يا قادر سألناك بذاك إلا ما أوجدته ، وأنت یا حکیم سألناك بذلك إلا ما أحكمته ، وأنت يا رحمن سألناك بذاك إلا ما رحمته ، ولم نزل الأساء تسأل كلها واحدة واحدة ، قائما وقاعدة ، فقال القادر يا إخواننا على المريد بالتعلق وعلي بالإيجاد ، وقال الحكيم على القادر بالوجود وعلي" بالإحكام . 

فقام الرحمن وقال علي بصلة الأرحام فإنه شجنة مني فلا صبر لها عني ، فقال له القادر كل ذلك تحت حكمي وقهري ، 
فقال له القاهر لا تفعل إن ذلك لي وأنت خادمي ، وإن كنت صاحبي وحميمي ، فقال العليم أما الذي قال تحت حكمي فليقدم علي . 
فتوقف الأمر على جميع الأسماء ، وأن بجملتها يصح وجود عالم الأرض والسماء ، وما بينهما إلى مقام
 

ص 243

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 13:57 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 7:41 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثلاثون الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثلاثون : -   الجزء الثالث
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
ولقد تجلى للذي ... قد جاء في طلب القبس )
________________________________
الأستواء ، ولو فتحنا عليك باب توقفها والتجاء بعضها إلى بعض لرأيت أمرا يهولك منظره ، ويطيب لك خبره ، ولكن فيما ذكرناه ، تنبيه على ما سكتنا عنه وتركناه .
 
ولنرجع ونقول والله يقول الحق ويهدي السبيل ، فعندما وقع هذا الكلام الأنفس ، في هذا الجمع الكريم الأقدس ، تعطشت الأسماء إلى ظهور آثارها في الوجود ، ولاسيما الاسم المعبود ، ولذلك خلقهم سبحانه وتعالى ليعرفوه بما عرفهم ، ويصفوه بما وصفهم .
فقال « وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون » فلجأت الأسماء كلها إلى اسم الله الأعظم ، والركن القوي الأعصم .
فقال ما هذا اللجاء ولأي شيء هذا الالتجاء ، فقالت أيها الإمام الجامع ، لما نحن عليه من الحقائق والمنافع ، ألست العالم أن كل واحد منا في نفسه على حقيقة ، وعلى سنة وطريقة ، وقد علمت يقينا أن المانع من إدراك الشيء مع وجود النظر ، کونك فيه لا اكثر ، ولو تجرد عنك بمعزل لرأيته ، وتنزهت بظهوره وعرفته .
ونحن بحقائقنا متحدون لا نسمع لها خبرا ، ولا نرى لها أثرا، ولو برز هذا الوجود الكوني ، وظهر هذا العالم الذي يقال له العلوي والسفلي ، لامتدت إليه رقائقنا ، وظهرت فيه حقائقنا ، فكنا نراه مشاهدة عين ، لما كان منا في أین ، وفي حال فصل وبين ، ونحن باقون على تقديسنا من الأينية ، وتنزيهنا عن إحاطتهم بنا من جهة الماهية والكيفية ، فغايتهم أن يستدلوا برقائقها على حقائقنا استدلال مثال ، وطروق خیال ، وقد لجأنا إليك مضطرين ، ووصلنا إليك قاصدين ، فلجأ الاسم الأعظم إلى الذات ، كما لجأت إليه الأسماء والصفات ، وذكر الأمر ، وأخبر السر ، فأجاب نفسه المتكلم بنفسه العليم ، لك ذلك .
قد كان بالرحمن ، فقل للاسم المريد يقول للاسم القائل يأمر بكن ، والقادر يتعلق بإيجاد الأعيان فيظهر ما تمنيتم ، ويبرز لعیانكم ما اشتهيتم ، فتعلقت الإرادة والعلم والقول والقدرة ، فظهر أصل العدد والكثرة، وذلك من حضرة الرحمة وفيض النعمة .
 
ص 244

قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
فرآه نارا وهو نور ... في الملوك وفي العسس "24"
فإذا فهمت مقالتي ... تعلم بأنك مبتئس
لو كان يطلب غير ذا ... لرآه فيه وما نكس
وأما هذه الكلمة العيسوية لما قام لها الحق في مقام «حتى نعلم» ويعلم، استفهما عما نسب إليها هل هو حق أم لا مع علمه الأول بهل وقع ذلك الأمر أم لا فقال له «أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله».
فلا بد في الأدب من الجواب للمستفهم لأنه لما تجلى له في هذا المقام وهذه الصورة اقتضت الحكمة الجواب في التفرقة بعين الجمع، فقال: وقدم التنزيه «سبحانك» فحدد بالكاف التي تقتضي المواجهة والخطاب «ما يكون لي» من حيث أنا لنفسي دونك «أن أقول ما ليس لي بحق» أي ما تقتضيه هويتي ولا ذاتي.
«إن كنت قلته فقد علمته» لأنك أنت القائل، ومن قال أمرا فقد علم ما قال، وأنت اللسان الذي أتكلم به كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه في الخبر الإلهي فقال «كنت لسانه الذي يتكلم به».
فجعل هويته عين لسان المتكلم، ونسب الكلام إلى عبده.
ثم تمم العبد الصالح الجواب بقوله «تعلم ما في نفسي» والمتكلم الحق، ولا أعلم ما فيها. فنفى العلم عن هوية عيسى من حيث هويته لا من حيث إنه قائل وذو أثر.
«إنك أنت» فجاء بالفصل والعماد تأكيدا للبيان واعتمادا عليه،)
_____________________________________________
24 - الشعر
يريد تجلي الحق سبحانه وتعالى - ومن أسمائه النور «الله نور السموات والأرض» لموسى عليه السلام في صورة النار، قال تعالى عن موسى عليه السلام قوله «إني آنست نارا .. فلما جاءها نودي يا موسى ..)، وقال تعالى « أن بورك من في النار ومن حولها .. »
فسبحان من علا في نزوله، ونزل في علوه، ثم لم يكن واحدا منهما، ولم يكن إلا هما، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، فيعرف معرفة لا يشهد معروفها، فإنه سبحانه تجلى لموسى عليه السلام في عين حاجته، فلم تكن تارة، فلا يرى الحق إلا في الافتقار، ولا يتجلى إلا في صور الاعتقادات وفي الحاجات 
وقلنا في ذلك من قصيدة لنا
کنار موسى يراها عين حاجته   …. وهي الإله ولكن ليس يدريه 
ج 2 / 74 ، 269 ، 277 - ج 3 / 119 .
 
ص 245
 
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
إذ لا يعلم الغيب إلا الله.   "25"
ففرق وجمع، ووحد وكثر، ووسع وضيق ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.
ولما كان الأمر ينزل بحكم المراتب، لذلك ينصبغ كل من ظهر في مرتبة ما بما تعطيه حقيقة)
______________________________________
25 - " تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك " الآية
شرح الشيخ هذا المعني استنادا إلى الحديث الصحيح في مقام المحبوبية وهو قوله تعالى « كنت لسانه الذي يتكلم به ۰۰» 
وقد ذهب الشيخ في الفتوحات المكية إلى ثلاث معان أخر في ذلك :
فيقول في الأول
إن علم الحق بنا قد يكون معلوما لنا وأما علمه بنفسه فلا يعلم العلو قدسه وهو قوله : « ولا أعلم ما في نفسك » أي نفس الحق .
 الثاني : ولا أعلم ما في نفسك من القضاء والقدر فإنه لا يعلم ما في نفس الله .
الثالث : أن تكون النفس هنا تنفس عیسی عینه فإذا جهل العبد ما هي عليه نفسه من حكم الاستعداد فهو بما هو عليه في المستأنف أجهل.
فأضاف عیسی عليه السلام نفسه إليه من وجه ما هي له ، وأضافها إلى الله من وجه ما هي لله ، فقال « تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك » أي نفسي هي نفسك وملكك فإنك اشتريتها وما هي ملكي ، فأنت أعلم بما جعلت فيها ، فأضاف نفسه إليه من حيث عينها ، ولا أعلم ما في نفسك » من حيث وجودها وهو من حيث ما هي لك ، فهذه عينها ، ولا أعلم ما في نفسك » من حيث وجودها وهو من حيث ما هي لك ، فهذه إضافة تشريف کمثل عبد الملك وخديمه ، وهو أتم في الثناء على الله والتبري مما نسب إليه .
الفتوحات ج 1 / 500 - ج 2 / 300 ، 538 - ج 4 / 332 .
 
ص 246
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : ( تلك المرتبة:
فمرتبة المأمور لها حكم يظهر في كل مأمور، ومرتبة الآمر لها حكم يبدو في كل آمر.
فيقول الحق «أقيموا الصلاة» فهو الآمر والمكلف والمأمور.
ويقول العبد «رب اغفر لي» فهو الآمر والحق المأمور.
فما يطلب الحق من العبد بأمره هو بعينه يطلبه العبد من الحق بأمره.
ولهذا كان كل دعاء مجابا ولا بد، وإن تأخر كما يتأخر بعض المكلفين ممن أقيم مخاطبا بإقامة الصلاة فلا يصلي في وقت فيؤخر الامتثال ويصلي في وقت آخر إن كان متمكنا من ذلك. فلا بد من الإجابة ولو بالقصد. "26"
___________________________________
26 - كل دعاء مجاب ولابد *
يقول العبد « رب اغفر لي » كما قال له الحق « أفم الصلاه لدكري » فیسی ما كان من جانب الحق للعبد أمرا ، ويسمى ما كان من جانب العبد للحق دعاء . 
أدبا إلهيا ، وإنما هو على الحقيقة أمر ، فإن الحد يشمل الأمرين معا ، ولا بد من أخذ الإرادة في حد الأمر ، لأنه اقتضاء وطلب من الآمر بالمأمور ، سواء كان المأمور دونه أو مثله أو أعلى ، وفرق الناس بين أمر الدون وبين أمر الأعلى ، فسوا أمر الدون إذا أمر الأعلى طلبا وسئولا مثل قول « اهدنا » فلا يشك أنه أمر من العبد لله . 
فسمي دعاء ، قال تعالى « ادعوني أستجب لكم » وهذا غاية النزول الإلهي لعبده . فيقول العبد « اغفرلي » « ارحمني » « انصرني » « اجبرني » ، فيفعل. 
ويقول الله له « ادعني » « أقم الصلاة » « وآت الزكاة » « اصبروا ورابطوا » « جاهدوا » فيطيع ويعصي ، وأما الحق فيجيب عبده لما دعاه إليه بشرط تفرغه لدعائه ،
والدعاء على نوعين :
1 - دعاء بلسان نطق وقول .
2 - و دعاء بلسان حال .
فدعاء القول يكون من الحق ومن الخلق ، ودعاء الحال يكون من الخلق ولا يكون من الحق إلا بوجه بعيد .
« وقال ربكم ادعوني أستجب لكم » اعلم أن العبد لا يكون مجيبا للحق حتى يدعوه الحق إلى ما يدعوه إليه قال تعالى: " فليستجيبوا لي" ، 
كذلك رأيناه تعالی لا يستجيب إلا بعد دعاء العبد إياه كما شرع ، فاشترك العبد والحق في القضية ، من كون الحق يجيب العبد إذا دعاه وسأله ، كما أن العبد يجيب أمر الله إذا أمره ، وإجابة الحق إيانا فيما دعوناه به على ما يرى الإجابة فيه ، فهو أعلم بالمصالح منا ،
 
ص 247
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء
شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك )
_____________________________________
فإنه تعالى لا ينظر لجهل الجاهل فيعامله بجهله ، وإنما الشخص يدعو والحق يجيب ، فإن اقتضت المصلحة البطء أبطأ عنه ، فإن المؤمن لا يتهم جانب الحق ، وإن اقتضت المصلحة السرعة أسرع في الجواب ، وإن اقتضت المصلحة الإجابة فيما عينه في دعائه أعطاه ذلك سواء أسرع به أو أبطأ ، وإن اقتضت المصلحة أن يعدل مما عينه الداعي إلى أمر آخر أعطاه أمرا آخر لا ما عينه ، فما جاز الله المؤمن في شيء إلا كان له فيه خير ، فإياك أن تتهم الحق فتكون من الجاهلين .
وقال تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان »،
أعلم أن الإجابة على نوعين :، 
إجابة امتثال وهي إجابة الخلق لما دعاه إليه الحق ، 
وإجابة امتنان وهي إجابة الحق لما دعاه إليه الخلق ، 
فإجابة الخلق معقولة ، 
وإجابة الحق منقولة ، 
لكونه تعالى أخبر بها عن نفسه « فليستجيبوا لي » يعني إذا دعوتهم إلى القيام بما شرعته لهم ، فإنك لا تعامل إلا بما عاملت ، فإنه إذا دعاك فأجبته يجيبك إذا دعوته ، لذلك قال « فليستجيبوا لي » 
فإني دعوتهم على ألسنة أنبيائي بلسان الشرع وفي كتبي المنزلة التي أرسلت رسلي بها إليهم، أما اتصاف الحق بالقرب في الإجابة فهو اتصافه بأنه أقرب إلى الإنسان من حبل الورید ، فشبه قربه من عبده قرب الإنسان من نفسه إذا دعا نفسه لأمر ما تفعله فتفعله ، فما بين الدعاء والإجابة الذي هو السماع زمان ، بل زمان الدعاء زمان الإجابة ، فقرب الحق من إجابة عبده قرب العبد من إجابة نفسه إذا دعاها ، 
ثم ما يدعوها إليه يشبه في الحال ما يدعو العبد ربه إليه في حاجة مخصوصة ، فقد يفعل له ذلك وقد لا يفعل ، 
كذلك دعاء العبد نفسه إلى أمر ما قد يفعل ذلك الأمر الذي دعاها إليه وقد لا تفعل الأمر عارض يعرض له ، 
فقد قرن الحق تعالى إجابته لكم بإجابتكم له ، وقد تقدم دعاؤه لكم في قوله تعالی « يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب الیم »
 
ص 248
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.)
_____________________________________
فإن استجبتم استجاب لكم، وإن تصاممتم فما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، وإنما هي أعمالكم ترد عليكم ، فكرامة عنده سبحانه وتعالى إجابته لهم إذا دعوه الارتباط الحكمة في المناسبة ، فلا يجاب إلا من يجيب " ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين" ، فقد غفر لكم وأجابكم إن أتم أجبتم داعية ، وكلامه حق ووعده صدق .
فما دعا الله أحد إلا أجابه إلا أن الأمور مرهونة بأوقاتها لمن يعلم ذلك ، فلا تستبطیء الإجابة فإنها في الطريق، وفي بعض الطريق بعد وهو التأجيل، واعلم أن الله أخبر أنه يجيب دعوة الداع ، وما دعاؤه إياه إلا عين قوله حين يناديه باسم من أسمائه فيقول يا الله ، یا رب . رب . 
ياذا المجد والكرم وما أشبه ذلك ، فالدعاء نداء ، وهو تأبه بالله ، فإجابة هذا القدر الذي هو الدعوة وبها سمي داعيا أن يلبيه الحق فيقول لبيك ، فهذا لا بد منه من الله في حق كل سائل ، ثم ما يأتي بعد هذا النداء فهو خارج عن الدعاء ، وقد وقعت الإجابة كما قال ، فيوصل العبد بعد النداء من الحوائج ما قام في خاطره مما شاءه ، فلم يضمن إجابته فيما سأل فيه ودعاه من أجله ، فهو إن شاء قضى حاجته وإن شاء لم يفعل ، ولهذا ما كل مسؤول فيه يقضيه الله لعبده ، وذلك رحمة به ، 
فإنه قد يسأل فيما لا خير له فيه ، فلو ضمن الإجابة في ذلك لوقع، ويكون فيه هلاكه في دينه وآخرته ، وربما في دنياه من حيث لا يشعر ، 
فمن كرمه أنه ما ضمن الإجابة فيما يسأل فيه ، وإنما ضمن الإجابة في الدعاء خاصة ، وهذا غاية الكرم من السيد في حق عبده ، 
ومن تحقق بالقرب الإلهي لابد أن يسمع الإجابة الإلهية ذوقا، فلابد من علامة يعطيها الله لهذا المتحقق، يعلم بها أنه قد أجاب دعاءه، ومعلوم أنه أجاب دعاءه ، وإنما أريد أن يعلمه أن الذي سأل فيه قد قضي وإن تأخر أو أعطى بدله على طريق العوض لما له في البدل من الخير .
الفتوحات ج 1 / 182 ، 183 - ج 2 / 50 - ج 4 / 71 ، 177 ، 245 ، 255 ، 429 ، 445 . كتاب الكتب - كتاب مواقع النجوم .
 
ص 249
 
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : ( إياه. "27"
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة.
ثم أعلم أن للحق الرقيب الاسم الذي جعله عيسى لنفسه وهو الشهيد في قوله عليهم شهيدا. فقال «وأنت على كل شي ء شهيد».
فجاء «بكل» للعموم و«بشيء» لكونه أنكر النكرات.
وجاء بالاسم الشهيد، فهو الشهيد على كل مشهود بحسب ما تقتضيه حقيقة ذلك المشهود. فنبه على أنه تعالى هو الشهيد على قوم عيسى حين قال «وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم».
فهي شهادة الحق في مادة عيسوية كما ثبت أنه لسانه وسمعه وبصره.
ثم قال كلمة عيسوية ومحمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار الله عنه في كتابه، وأما كونها محمدية فلموقعها من محمد صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي وقعت منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل إلى غيرها حتى مطلع الفجر.
«إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
و«هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب.
كما قال «هم الذين كفروا» بضمير الغائب، فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر.
فقال «إن تعذبهم» بضمير الغائب وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.
فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين فصيرته مثلها.
«فإنهم عبادك» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
ولا ذلة أعظم من ذلة العبيد لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم.
فهم بحكم ما يريده بهم سيدهم ولا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد.
والمراد بالعذاب إذلالهم ولا أذل منهم لكونهم عبادا.
فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيدا.
«وإن تغفر لهم» أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم أي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه.
«فإنك أنت العزيز» أي المنيع الحمى.
وهذا الاسم إذا أعطاه الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، والمعطى له هذا الاسم بالعزيز.
فيكون منيع الحمى عما يريد به المنتقم والمعذب من الانتقام والعذاب.
وجاء بالفصل والعماد أيضا تأكيدا للبيان ولتكون الآية على مساق واحد في قوله «إنك أنت علام الغيوب» وقوله «كنت أنت الرقيب عليهم».
فجاء أيضا «فإنك أنت العزيز الحكيم». )
________________________________
27 - راجع شرح «کنت سمعه وبصره » فص 9، هامش 9، ص 136

""  9 - «كنت سمعه وبصره » الحديث فص 9، هامش 9، ص 136
يقول تعالى : « ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ۰۰. الحديث »
اعلم أن العبد حادث فلا تنفي عنه حقیقته لأنه لو انتفت ، انتفت عينه ، وإذا انتفت عينه فمن يكون مكلفا بالعبادة .
 ففي هذا الحديث أثبتك و نفاك ، فتكون أنت من حيث ذاتك ، ويكون هو من حيث تصرفاتك وإدراكاتك .
فأنت مكلف من حيث وجود عينك ومحل للخطاب ، وهو العامل بك من حيث أنه لا فعل لك .
إذ الحادث لا أثر له في عين الفعل ، ولكن له حكم في الفعل إذ كان ما كلفه الحق من حركة وسكون لا يعمله الحق إلا بوجود المتحرك والساكن .
إذ ليس إذا لم يكن العبد موجودا إلا الحق ، والحق تعالی عن الحركة والسكون أو يكون محلا لتأثيره في نفسه ، فلابد من حدوث العبد حتى يكون محلا لأثر الحق ، فإذا كان العبد ما عنده من ذاته سوى عينه بلا صفة ولا اسم سوى عينه ، حينئذ يكون عند الله من المقربين و بالضرورة يكون الحق جميع صفاته .
و يقول له : أنت عبدي حقا ، فما سمع سامع في نفس الأمر إلا بالحق ولا أبصر إلا به ولا علم إلا به ولا حيي ولا قدر ولا تحرك ولا سكن ولا أراد ولا قهر ولا أعطى ولا منع ولا ظهر عليه وعنه أمر ما هو عينه إلا وهو الحق لا العبد.
فما للعبد سوى عينه سواء علم ذلك أو جهله ، وما فاز العلماء إلا بعلمهم بهذا القدر في حق كل ما سوى الله لا أنهم صاروا كذا بعد أن لم يكونوا.
فالضمير في قوله «كنت سمعه» هو عين العبد . والسمع عين الحق في كل حال. فكشف له سبحانه عن ذلك فإن قوله « کنت » يدل على أنه كان الأمر على هذا وهو لا يشعر .
فكانت الكرامة التي أعطاها هذا التقرب الكشف والعلم بأن الله كان سمعه وبصره فهو يتخيل أنه يسمع بسمعه وهو يسمع بربه .
كما كان يسمع الإنسان في حال حياته بروحه في ظنه لجهله وفي نفس الأمر إنما يسمع بريه ، ألا ترى نبيه الصادق في أهل القليب كيف قال : ما أنتم بأسمع منهم ، فأثبت الله للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له .
وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد .
فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته وحق الخلق عبوديته .
الفتوحات ج 1 / 203 ، 305 ، 378 ، 397 ، 406 ، 407 ، 415 ، 434 ، 445 ، 468 ، 675 .
الفتوحات ج 2 / 65 ، 189 ، 323 ، 341 ، 479 ، 502 ، 513 ، 559.أهـ.إكمال فص 10 هامش 9   ""
   



ص 250


قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : ( الحكيم». "28"
فكان سؤالا من النبي عليه السلام وإلحاحا منه على ربه في المسألة ليلته الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها طلبا للإجابة.
فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما كرر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضا مفصلا فيقول له في عرض عرض وعين عين «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم».
فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الإجابة)
_________________________________
28 - «إن تعذبهم فإنهم عبادك» الآية
عرض عیسی علیه السلام بالمغفرة لقومه لما عصوا الله ولم يتوبوا بقوله هذا، وذلك لما علم أن رحمته تعالی سبقت غضبه، وقد قام النبي محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الآية ليلة كاملة، ما زال يرددها حتى طلع الفجر، إذ كانت كلمة غيره، فكان يكررها حكاية وقصده معلوم في ذلك، 
كما قيل في المثل «إياك أعني فاسمعي يا جارة» ولما كان في هذا اشتباه على المحجوبين من المعتزلة وغيرهم، الذين يقولون إن كفر العبد منسوب إلى اختراعه، غیر مستند إلى إرادة ربه سبحانه وإلا لما جاز أن يعاقبه عليه، لا جرم بين الله تعالی جوابهم على لسان نبيه عيسى عليه السلام في قوله «إن تعذبهم فإنهم عبادك» علل جواز تعذيبه لهم بأنهم عباده ، تنبيها على أن التعذيب لا يحتاج في جوازه عقلا إلى معصية ولا كفر ،
ولهذا لم يقل فإنهم عصوك، وإنما مجرد كونهم عبادا يجوز للمالك أن يفعل بهم ما يشاء، حتى وليس عليه حق، ومهما قال فالحسن الجميل «وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم» ولم يقل «إنك أنت الغفور الرحيم» أدبا مع الجناب الإلهي، فتأدب العبد الصالح مع الله في هذا القول لما عصى قومه الله ولم يتوبوا.
نصيحة لا تدخل بين الله وبين عباده، ولا تسع عنده في خراب بلاده، هم على كل حال عباده، قل كما قال العبد الصالح ، صاحب العقل الراجح ، «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم » انظر في هذا الأدب النبوي ، أين هو مما نسب إليه من النعت البنوي ، هو عين روح الله وكلمته ، ونفخ روحه وابن
 
ص 251
 
قال الشيخ رضي الله عنه الله عنه : (
عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.
فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى. "29"
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.)
________________________________
أمته ، ما بينه وبين ربه سوى النسب العام ، الموجود لأهل الخصوص من الأنام . وهو التقوى لا أمر زائد، في غير واحد.
مناجاة - الهي جلت عظمتك أن يعصيك عاص أو ينساك ناسي، ولكن أوجبت روح اوامرك في أسرار الكائنات ، فذكرك الناسي بنسيانه ، وأطاعك العاصي بعصيانه، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ، إن عصي داعي إيمانه فقد أطاع داعي سلطانك ، ولكن قامت عليه حجتك ، فلله الحجة البالغة ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
الفتوحات ج 2 / 50 - ج 4 / 378 .
 
29 ۔ مخالفة لأصول الشيخ : *
ما جاء في هذه الفقرة مخالف لأصول الشيخ التي سبق ذكرها، ومنها: لا ذوق الأحد في ذوق الرسل.
فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع، ومن أصولنا أنا لا تتكلم إلا عن ذوق، ونحن لسنا برسل ولا أنبياء شريعة.
فكيف يصح ما جاء في هذه الفقرة وهو حال من أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامه ليلة من الليالي 
الفتوحات ج 2 / 51 - - راجع كتابنا «الرد على ابن تيمية» ص 25
 
 
"" التعقيب على الإستاذ محمود محمود الغراب رحمه الله :
الإستاذ محمود فهم كلام الشيخ الأكبر ابن العربي من وجه دون الوجوه الآخرى وحصره في اتجاه واحد فقط وهو ما فهمه واعتقده دون غيره مع أنه أوضح وأكثر سطوعا من شمس الظهيرة  ومنه مثال واحد فقط يكفيك دليلا :
اين ذوق الرسول موسى وهو من أولي العزم من الرسل ولا جدال من ذوق الخضر عليهما السلام ؟؟؟؟
فرسول الله موسى لم يكن على علم مطلق بما يعلمه الخضر ولا ذوق له فيه عليهما السلام  
في حين ان الخضر فيما يعلم ان رسول الله موسي لاذوق ولا علم له فيما يعلم  
لقوله تعالى : " قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا " سورة الكهف.
 
إيضاح لعبارة الشيخ ابن العربي رضي الله عنه  الله عنه :
"لا ذوق الأحد في ذوق الرسل. فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع، ومن أصولنا أنا لا تتكلم إلا عن ذوق، ونحن لسنا برسل ولا أنبياء شريعة."
يقصد به الشيخ فيما ارسلوا به من شرائع لقومهم وهو أمر خاص لهم مع شرائع قومهم فهم أعلي ذوق فيما ارسلوا به من تجليات وامداد الله لهم .
اما فيما يعلمه الله تعالي ولم يعلمهم إياه وعلمه احد من عباده فهو اعلى من اى بشر آخر به والدليل شهادة الله تعالى على ذلك كما جاء بالآيات بعاليه.""
 

ص 252
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 8:50 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 6 ديسمبر 2019 - 7:56 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الحادية والثلاثون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية والثلاثون : -   
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
المرتبة 15 لفص حكمة نبوية في كلمة عيسوية من الاسم المصور والسماء الثالثة ومنزلة الغفر وحرف الراء
ذكرنا علاقة المحصي بالكتابة . والكتابة تصوير للحروف : الحروف الرقمية في قرطاس ، والحروف اللفظية في الهواء ، والحروف الخيالية في الخيال والحروف الكونية في كتاب الوجود الكبير .
فظهور المحصي يستلزم ظهور الاسم المصور فله المرتبة 15 وبتوجهه وجدت حضرة التصوير في الدنيا وهي السماء الثالثة وكوكبها الأزهر : الزهرة وقطبها المخلوق في أجمل صورة يوسف عليه السلام ولها ليلة الثلاثاء ونهار الجمعة أحسن الأيام الذي خلق اللّه فيه الإنسان في أحسن تقويم .
لهذا افتتح هذا الفص بتصوير عيسى في بطن أمه وكل الباب يدور حول مفهوم ومعاني  
الصورة فتكررت فيه كلمة : صورة أكثر من ثلاثين مرة .
يقول الشيخ عن هذا التوجه للاسم المصور : " وكان ظهور ذلك في منزلة الغفر وأوحي فيها إظهار صور الأرواح والأجسام والعلوم في العالم العنصري .
وعنها ظهر حرف الراء " . . . والراء من أنسب الحروف للمصور لأنه حرف الرؤية التي بها يتم شهود الصور وهو الحرف المكرر والصور تتكرر في كل آن مختلفة على نفس العين .
وفي القرآن كثيرا ما يقترن التصوير بالحسن كقوله تعالى :" وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ" ( غافر ، 64 ) ، . . .
ولاقتران البصر برؤية الصور في هذه السماء اليوسفية نجد الشيخ في كتاب العبادلة يخصص بابا عنوانه : " عبد اللّه بن يوسف بن عبد البصير " . .
وأقرب الأنبياء نسبة إلى حضرة التصوير الزهرائية هو عيسى عليه السلام لأنه خلق من تصور جبريل إلى مريم ونفخه فيها فكان يصور من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طائرا بإذن اللّه تعالى ، ولهذا سرى سلطان اسمه تعالى المصور في المسيحيين فصوروا في كنائسهم التصاوير وظهرت في صناعاتهم عجائب التصوير كما ذكره الشيخ في الباب 36 من الفتوحات .
 
وفي كتاب العبادلة نجد العنوان : " عبد اللّه بن عبد اللّه بن عبد المصور " يعني بعبد اللّه عيسى الذي قال :"إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا"( مريم ، 30 ) لهذا كانت حكمة فصه نبوية فبدأت نبوته بولادته.
وكلمة " نبوية " مشتقة من نبأ ينبو أي ارتفع وعلا لأنه رفع إلى السماء وخص بولادة من نفخ جبريل وخص بختام دورة الملك السابقة والممهدة للدورة المحمدية كما خص بختمه الولاية العامة عند نزوله آخر الزمان كمقرر للشرع المحمدي .


فيكون كما قال عنه الشيخ في الباب " 480 فتوحلت " " من الفائزين برؤية الحق تعالى في الصورة المحمدية بالرؤية المحمدية " ، وهي أشرف رؤية وأكملها . . .
ولهذا جمعت مرتبة هذا الباب الكلمتين العيسوية والمحمدية حسبما أشار اليه في أواخر الفص عند قوله : " ثم قال كلمة عيسوية محمدية . . . " لا سيما وأن لهذه السماء اليوسفية الزهرائية يوم الجمعة المخصوص بالأمة المحمدية . . .
 
وهي أيضا سماء الجمال والزينة والنكاح فذكر في هذا الفص أصناف النكاح الروحاني والبشري والطبيعي والعنصري . . .
 
وفي أواخره كرر كلمات ستر وحجب وغفر وغيب ومشتقاتها وهذا مناسب لاسم المنزلة الفلكية لهذا الباب أي منزلة الغفر في برج الميزان ، وهو البرج المناسب لليل الغيب في مقابلة برج الحمل المناسب لنهار الظهور الربيعي . . .
 
وقد بين الشيخ في الباب " 12 ف " أن بعثة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت عند مطلع حكم الميزان ، كما حقق بعض الفلكيين أن مولده صلى اللّه عليه وسلم كان عند طلوع الغفر من برج الميزان ودخول الشمس درجة شرفها من برج الحمل . . .
فمنزلة الغفر جامعة للكلمتين المحمدية والعيسوية . . .
  
وفي الفص مقارنة بديعة بين كيفية خلق عيسى بالنفخ الجبريلي في مريم وخلق العالم الطبيعي بنفخ الروح الكلي في الصور الطبيعية وأول مولود كان الشكل الكلي في صورة الجسم الكلي المحيط . . .
ومن هذه العلاقة تكلم في هذا الفص عن الطبيعة المناسبة لمريم ، كما تكررت فيه كلمة حكمة ومشتقاتها لأن الاسم المتوجه على إيجاد الشكل الكلي هو الحكيم ، وفصه فص إسحاق عليه السلام
 . . . فالبداية بالحكمة والنهاية بالصورة فكان إسحاق والد إسرائيل ومدده من الاسم الحكيم ، وكان عيسى خاتم رسل بني إسرائيل ومدده من الاسم المصور مبشرا بإتيان كمال الصورة الأحمدية . . .
ومن هذه العلاقة بين حكمة إسحاق وصورة عيسى نجد الشيخ يكثر من الشعر في فصيهما . ففيهما من الأبيات أكثر من جميع الأبواب الأخرى : ففي فص إسحاق :
27 بيتا وفي فص عيسى 25 بيتا ،
وسبب هذا أن الشعراء يستمدون من هذه السماء الثالثة حسب ما ذكره الشيخ في عدة مواضع لأنها سماء الخيال والحسن وجمال التصوير كما سبق ذكره .
والشعر كلام مقيد بشكل الوزن والقافية ، فهو تحت حكم الاسمين : الحكيم  و المصور
وهذه السماء الثالثة هي سماء الخيال والمرائي في النوم وإليها أشار في قوله :
والعلم بالبرهان في  ..... سلخ النهار لمن نعس
فيرى الذي قد قلته  ..... رؤيا تدل على النفس
وفي الفصوص 19 بابا تحتوي على أبيات شعر مجموعها 132 .
والعدد 132 هو عدد اسم ( محمد ) - باعتبار تضعيف الميم - أو عدد ( اللّه اللّه ) أو عدد ( إسلام ) أو عدد ( قلب ) .
وإذا كان لهذه السماء بنفسها العيسوي وروحها اليوسفي إمداد الشعراء فللسماء التي تحتها أسماء الكاتب بنفسها السليماني وروحها العيسوي إمداد الكتاب والخطباء .
وكتمهيد للدخول لفصها تكلم الشيخ في آخر هذا الباب عن النطق والإجابة واللسان والسمع . . .
وحضرة النطق من أنسب الحضرات لسليمان الذي قال :"عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ"( النمل ، 16 ) .
 
 
15 - سورة فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
صرح الشيخ في كتابه " التنزلات الموصلية " أن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى البرزخية المخصوصة بالكمال لاعتدال ظهور الشمس في وقتها .
وذكر أنها تناسب عيسى عليه السلام في سمائه الثانية سماء الاعتدال والوسطية لأنها سماء المزج تجتمع فيها كل الطبائع كامتزاج عيسى من الروحانية الجبريلية والبشرية المريمية . ولكوكبها الكاتب نهار الأربعاء أوسط الأيام إذ قبله ثلاثة الأحد أولها وبعده ثلاثة السبت آخرها . . .
كذلك في الباب " 281 " من الفتوحات المخصوص بسورة " العصر " يصرح الشيخ بأن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى وهي أنسب الصلوات للإنسان الكامل المعصور من تقابل ذات عبد مطلق مع ذات حق مطلق فقال :
صلاة العصر ليس لها نظير   ...... لنظم الشمل فيها بالحبيب
هي الوسطى لأمر فيه دور   ...... محصلة على أمر عجيب
وفي الباب " 22 " من الفتوحات أشار لسورة العصر بمنزل الصلاة الوسطى . ومن الاتفاق أن عدد كلمة " عصر " هو .
 360 المشير لكمال درجات الدور المذكور في البيت السابق وهو عدد كلمة : ( لعمرك ) من الآية 72 من سورة الحجر .
والعدد الصغير لكل منهما هو 18 أي عدد اسمه تعالى : ( حي ) . فعمر النبي صلى اللّه عليه وسلم هو العصر الحي المقسم به .
وبدأ الباب بذكر عيسى عليه السلام وقارن قوله بقول سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم في شأن الصدقة ، إشارة إلى أن مرتبة العصر الوسطى الكمالية مشتركة بينهما وهو عين ما ذكره في أواخر هذا الفص بدءا من قوله : " كلمة عيسوية محمدية " . . .
 
فسورة هذا الفص هي سورة " العصر " . والاسم الحاكم عليه " المصور " وفي ذلك الباب " 281 " ذكر الشيخ إسرافيل عليه السلام لعلاقته مع عيسى عليه السلام إذ كلاهما يحيي الصور بالنفخ بإذن اللّه تعالى ولهذا يقول الشيخ في الباب " 73 " أن كل ولي على قدم عيسى فهو على قالب إسرافيل . . .
وجل هذا الفص مداره حول سر النفخ وحياته بروح اللّه تعالى .
وقول الشيخ : " فتارة يكون الحق فيه متوهما - اسم مفعول - وتارة يكون الملك فيه متوهما . . . . . فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد ، وبعضهم إلى الطرف الآخر ، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري . . . " هذا مناسب للاختلاف والحيرة الواقعة بين الفقهاء في مسألة تحديد بداية ونهاية صلاة العصر وقد فصلها تفصيلا واسعا في الوصل الخاص بوقت صلاة العصر من باب الصلاة أي الباب " 69 " من الفتوحات .
 
وفي آخره تكلم عن نور الهداية الإلهية والنور المطلق وهو نظير كلامه في هذا الفص على الحياة الإلهية العلمية النورية التي قال اللّه فيها
"أوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ" ( الأنعام ، 122 ) والحيرة في وقت صلاة العصر هي نفس الحيرة الواقعة في تحديد مفهوم معنى " العصر " أي الوقت أو زمان الآن الحاضر فهو كالنقطة المتوهمة بين ماض انعدم ومستقبل معدوم فمثله مثل الإنية الشخصية الوهمية الظاهرة بين اسمه تعالى " الأول " واسمه " الآخر " ولهذا عبر الشيخ في كتابه " مشاهد الأسرار " عن العبد بأنه العدم الظاهر .
 
ثم إن الحيرة متعلقة بالتنزيه وهو ما شرحه الشيخ في باب منزل سورة " العصر " - الباب 281 " - حيث يقول عن صلاة العصر : " فقربت من التنزيه عن تقييد الحدود فعظم قدرها النبي صلى اللّه عليه وسلم للمناسبة في نفي تحقيق الحدود . . . "
 
ومن هذا الأصل حارت النصاري في طبيعة عيسى بن مريم عليهما السلام فاختلطت بين طوائفهم الحدود بين اللاهوت والناسوت ولهذا ختم الشيخ هذا الفص بكلام بديع حول حوار عيسى والحق تعالى يوم القيامة في شأنهم . . . .
 
علاقة هذا الفص بلاحقه
تكلم الشيخ في هذا الفص عن كلمة " كن " المتحقق بها عيسى عليه السلام ، وهي كالبسملة للعارف إذا أراد التكوين .
فافتتح فص سليمان الموالي بالكلام عن البسملة ، ونسب حكمته للاسم " الرحمن " وفي هذا الفص توسع الشيخ في الكلام عن النفس لأن نفس عيسى من نفس الرحمن الحاكم على فص سليمان .
 
وفي أواخر هذا الفص تكررت كلمة " شهيد ومشهود " كتمهيد للدخول إلى سورة فص سليمان ، أي الهمزة التي في وسطها كلمة الاطلاع على الأفئدة - والهمزة تتلو العصر كتتالي فصيهما . وختم الفص بالكلام عن النطق الذي به افتتحت سورة الهمزة :" وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " ومن النطق الهمز واللمز .
وقال سليمان : " علمنا منطق الطير " - الآية 16 من النمل .

.
تم بحمد الله وفضله
السفر الخامس عشر فص الحكمة النبوية في الكلمة العيسوية
جمعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 2 الصفحة السابقة  1, 2

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» الفقرة الأولي السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى