اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل

28052019

مُساهمة 

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية
هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة:
إنما هو منام في منام.
وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.
وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك.
و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»، فكان قول يوسف عليه السلام : «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه و سلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رءياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله فنقول: اعلم أن المعول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة.
و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا.  فهذا أثر البعد أيضا.
فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره.
فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ.
وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد.
وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.
فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض، وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.
فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر.



متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
09 – نقش فص حكمة نورية في كلمة يوسيفية  
النور يكشف ولا يُكشف به.
وأتم الأنوار وأعظمها نفوذ النور الذي يُكشف به ما أراد الله بالصور المتجلية المرئية في النور وهو التعبير.
لأن الصور الواحدة تظهر له معانٍ كثرة مختلفة يراد منها في حق صاحب الصورة معنى واحد.
فمن كشفه بذلك النور فهو صاحب النور. فإن الواحد يؤذن فيه.
وآخر يؤذن فيسرق. وصورة الأذان واحدة.
وآخر يؤذن فيدعو إلى الله على بصيرة. والآخر يؤذن فيدعو إلى ضلالة .



الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
09 -  فك ختم الفص اليوسفى
1 / 9  - المضاف الى الصفة النورية . اعلم ان النور الحقيقي يدرك به وهو لا يدرك، لأنه عين ذات الحق من حيث تجردها عن النسب والإضافات، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟
فقال: نورانى اراه ؟
اى : النور المجرد لا يمكن رؤيته وكذا أشار الحق في كتابه لما ذكر ظهور نوره في مراتب المظاهر وقال : " الله نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ " [ النور / 35 ] فلما فرغ من ذكر مراتب التمثيل .
قال : " نُورٌ عَلى نُورٍ " [ النور / 35 ] فأحد النورين هو الضياء والاخر النور المطلق الأصلي ولهذا تمم فقال : " يَهْدِي الله لِنُورِه من يَشاءُ " [ النور / 35 ] اى يهدى الله بنوره المتعين في المظاهر والساري فيها الى نوره المطلق الاحدى .

2 / 9 - ولما سأل ابن عباس رضى الله عنه عن رؤية النبي صلى الله عليه و سلم ربه أخبر انه رآه ، فأخبر بقول عائشة رضى الله عنها وقولها عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد سألته عن رؤية ربه وقوله : "نور انى اراه " ؟
فراجع السائل ابن عباس في ذلك فقال ابن عباس : ويحك !
ذاك إذا تجلى في نوره الذي هو نوره، اى انما يتعذر الرؤية والإدراك باعتبار تجرد الذات عن المظاهر والنسب والإضافات، فاما في المظاهر ومن وراء حجابية المراتب :فالادراك ممكن .
كما قيل :
كالشمس تمنعك اجئلائك وجهها   .... فإذا اكتست برقيق غيم أمكنا

3 / 9 - والى مثل هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم في بيان الرؤية الجنانية المشبهة برؤية الشمس والقمر ، فأخبر عن اهل الجنة انهم يرون ربهم وانه ليس بينه وبينهم حجاب الا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن فنبه صلى الله عليه وسلم على بقاء رتب الحجابية وهي رتبة المظهر .
فاعلم ذلك ، وإذ قد نبهتك على شأن النور الحقيقي وانه يدرك به وهو لا يدرك .

4 / 9 - فاعلم ان الظلمة لا تدرك ولا يدرك بها ، وان الضياء يدرك ويدرك به ، ولكل واحد من الثلاثة شرف يختص به : فشرف النور الحقيقي هو من حيث الاولية والاصالة ، إذ هو سبب انكشاف كل مستور.
وشرف الظلمة هو انه باتصال النور الحقيقي بها يتأتى ادراك النور مع تعذر ذلك قبل الاتصال وشرف الضياء هو من حيث الجمع بالذات بين الأمرين، واستلزام ذلك حيازة الشرفين .
5 / 9 - وللنور الحقيقي ثلاث مراتب آخر: إحداها مشاركة للوجود المحض المطلق والاخرى مشاركة للعلم الحقيقي المطلق ايضا والثالثة اختصاصه بالجمع الذي له الظهور والاظهار. وسأعرفك سر هذه الجمعية واختصاصها بالضياء ومحتده بحيث يعرف منه حقيقة عالم المثال ايضا .
226

6 / 9 - فاما وجه اتحاد العلم مع الوجود والنور فهو من جهة ان كلا منها من شأنه كشف المستور اما الكشف بالوجود فهو من جهة ان الوجود لما كان واحدا في الأصل وعرضت له التعددات المختلفة.
علم ان ثم معدودات متفاوتة القبول، فصار الوجود من هذا الوجه سببا لمعرفة الماهيات المعدومة، إذ لولاه لم يعلم ان ثمة ماهيات اصلا واما العلم فيكشف الماهيات المعدومة قبل الكشف الوجودي.
ويعرف بكيفية قبولها للوجود وتوابع ذلك من بقاء وفناء وبساطة وتركيب وغير ذلك من اللوازم واما كشف النور فهو متأخر عن الكشف الوجودي لكنه يشترك الوجود والعلم في معقولية الكشف . فافهم .

7 / 9  -  وإذا تقرر هذا فاعلم ايضا ان كل واحد من الوجود والعلم والنور لا يتميز بينهم في ان كل واحد من حيث وحدته وإطلاقه لا يدرك ولا يرى.
بل تعدد بينهم في حضرة الاحدية الذاتية ، ويتميز الوجود عن العلم بكون المعلومات تعدد العلم من حيث التعلقات في مرتبة التعقل لا غير - بخلاف الوجود - فان الموجودات تعدده وتظهره للمدارك في المراتب التفصيلية  .

8 / 9 - واما الفرق بين النور الحقيقي ومسمى الوجود المحض فهو من جهة ان الوجود يظهر للمدارك بقابلية المعلومات المعدومة المتعينة في علم الحق ، والنور المحض لا يمكن إدراكه الا في مظهر موجود.
فاعلم ذلك وتدبره تعرف الفرق بين الحقائق وهي الماهيات الأسماء الإلهية وبما ذا يتميز بعضها عن بعض والفرق بين حكم الوجود وحكم العلم وحكم النور وشأن كل واحد منهم مع الاخر وشأن الثلاثة مع غيرهم من التوابع واللوازم والأسماء متفرعة عنهم. والله الهادي.

9 / 9 -  ثم أقول : ان النور المحض المشار اليه لا يغاير وجود الحق ، ولا شك ان وجود المحض المتعقل في مقابلة العدم المضاد له.
فان للعدم الإضافي تعينا في التعقل لا محالة وله الظلمة، كما ان الوجود له النورية ولهذا يوصف الممكن بالظلمة.
فإنه يتنور بالوجود فيظهر في الوهم فقط فظلمته من احد وجهيه الذي يلي العدم، وكل نقص يلحق الممكن ويوصف به انما ذلك من احكام نسبة العدمية.
واليه الإشارة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ان الله تعالى خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فظهر". رواه الترمذي، وأحمد والحاكم.
وخلق هاهنا بمعنى التقدير، فان التقدير سابق على الإيجاد، ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات. فاعلم ذلك.

10 / 9 - وإذا تقرر هذا فأقول: فالعدم المتعقل في مقابلة الوجود لا تحقق له دون التعقل ، والوجود المحض لا يمكن إدراكه.
فمرتبة العدم من حيث تعقل مقابليته للوجود كالمرآة له، والمتعين بين الطرفين هو حقيقة عالم المثال والضياء الذاتية ثم سرى هذا الحكم في كل متوسط بين شيئين انه إذا كان نسبته الى احد الطرفين اقوى من نسبته الى الطرف الاخر، ان يوصف بما يوصف به ذلك الطرف الغالب ويسمى باسمه.

11 / 9 - الا ترى انه لما كان عالم الأرواح وما فوقه من عوالم الأسماء والصفات موصوفا بالنور والوجود الأبدي كانت صور عالم الكون والفساد موصوفة بالكدورة والظلمة ؟ لكونها في مقابلة عالم الأرواح الذي هو عالم النور، ولهذا لقبه شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالنورية، وإلا فهي حقيقة ضيائية لا نورية محضة.
واما المتوسط بين نشأة الإنسان العنصرية وبين الروحانية ومعناه: فهو العالم الخيال المقيد، والصورة الظاهرة فيه يكون بحسب نسبة ذى الخيال المقيد من الطرفين.
فان قويت نسبته الى طرف الأرواح وما فوقها، كانت تخيلاته صحيحة حقية وجودية علمية نورانية.
وان قويت نسبته الى عالم الحس لغلبة احكام صورها المنحرفة الكائنة الفاسدة وأحوالها المختلفة البعيدة عن الاعتدال، كانت تخيلاته يقظة ومناما تخيلات فاسدة وآرائه واعتقاداته غير صائبة لخلوها عن النور العلمي وخاصية الوجود الأبدي، فسميت اضغاث احلام

12 / 9 - ولما اشاره شيخنا رضى الله عنه في هذا الفص اليوسفى الى طرف من حال العالم وإيجاده ونسبته من جناب الحق تعين على ان اذكر أصله اعنى اصل الإيجاد وموجبه : وان كنت المعت بطرف منه منذ قريب ، لكني اذكر الان تتمة ولو على سبيل الإجمال .

13 / 9 - فأقول : اعلم ان الحق هو النور ، والنور لا يمكن ان يرى في النور ، فكمال رؤية النور موقوف على مقابلة الظلمة ، فمتعلق حب الحق ايجاد العالم انما موجبه حب  كمال رؤية الحق نفسه جملة من حيث هويته ووحدته وتفصيلا من حيث ظهوره في شئونه .
ولما كان من البيّن ان كل ما لا يحصل المطلوب الا به فهو مطلوب، لزم تعلق الإرادة الإلهية بايجاد العالم لتوقف حصول المطلوب الذي هو عبارة عن كمال الجلاء والاستجلاء عليه.

14 / 9- ولما كانت الشئون الإلهية ذاتية وكان الاستجلاء التام للذات لا يحصل الا بالظهور في كل شأن منها بحسبه ورؤيته نفسه من حيث ذلك الشأن وبمقدار ما يقبله من إطلاقه وتعينه وخصوصية.
فتوقف كمال رؤيته على ظهوره في جميع الشئون ولما كانت الشئون مختلفة من حيث خصوصياتها وغير منحصرة، وجب دوام تنوعات ظهوراته سبحانه بحسبها لا الى أمد ولا غاية، وهذا هو سر كون الحق خلاقا على الدوام الى ابد الآباد.

15 / 9 - لما كانت المراتب من وجه محصورة في الظهور والبطون والاعتدال والانحراف المعنويين ثم الروحانيين ثم المثاليين ثم الحسيين وكمال الجمع ونقصانه اقتضى الامر استمرار حكم الظهور والاظهار بالإيجاد.
واستمرار وجود الانحراف والاعتدال والنقص والكمال للاكمال، بحسب المراتب والمواطن وخصوصياتها وخصوصيات القوابل، كالهيئات الاجتماعية والأحوال والتركيبات المتعقلة في الصور والامزجة، والتضعيفات العددية الدائمة الحكم والمتناهية الآجال.

16 / 9 - ثم ارجع وأقول : اعلم ان مستوى النور من كونه يدرك ويدرك به هو المسمى بالضياء ومحتده عالم المثال كما مر .
وله ، اى لعالم المثال مرتبة عامة من حيث هي تسمى عالم المثال المطلق وله مرتبة خاصة ذات تقيدات يختص بعالم خيال النوع الإنساني وكل متخيل ، وبه نبهت في الفص الإسحاقي ان الناس في خيالاتهم المقيدة على قسمين.
وذكرت من حال كل قسم ما يسر الله ذكره : وسأذكر هنا تتمات توضح المقصود ان شاء الله تعالى .

17 / 9 -  فأقول : من جملة احوال احد القسمين هو ان كل من غلب على خياله الصفات التقيدية واحكام الانحرافات الخلقية والمزاجية ، فإنه لا يدرك مشرع خياله ومحتده من عالم المثال ولا يتصل به عن علم وشهود وان كانت الوصلة غير منقطعة .
ومن حصل له سير في خياله المقيد حتى انتهى الى طرفه المتصل بعالم المثال المطلق بحيث يتأتى له التجاوز من خياله الى عالم المثال، فإنه يدخله فيدرك فيه ما شاء الحق ان يريه منه.
بل قد يخرج منه كما بينا في الفص الإسحاقي الى عالم الأرواح ثم الى فسيح حضرة العلم، فيستشرف على جملة من المغيبات والكوائن المقدر ظهورها في عالم الحس .


18 / 9 - فالمعبر إذا سمع الرؤيا ممن رآها وسأله تعبيرها لعدم علمه بما رأى وما المراد من تلك الصور الممثلة له.
وكان المعبر تام المعرفة بالتعبير وبمواطن الرؤيا، فإنه يشخص الرؤيا في خياله، فإذا شخصها اسراها الى ان يدخله عالم المثال ، فيرى نسبة تلك الرؤيا من عالم المثال ويستدل بتلك النسبة على الرؤيا وتتضمنه .
بل قد يعديها الى عالم الأرواح وما بعدها حتى يقع على الامر الذي قصد ابدائه في تلك الصورة الممثلة بها فيخبر عن المراد، ويسمى ذلك الاخبار تعبيرا، وما وجد في الرؤيا من خلل يفضي بعدم المطابقة بين المعنى المقصود إبانته والتعريف به وبين الصورة الممثلة.
علم ان ذلك من كدورة الباطن صاحب الرؤيا وانحراف مزاجه وفساد هيئة دماغه واختلال أحواله الحسية، كالكذب وسوء سيره والانهماك على امر خسيس ينغمس به أوقاته وأحواله المحمودة بحيث يستهلك احكام صفاته وأحواله المحمودة في ضمن ذلك الوصف الغالب.
والامر بالعكس إذا كان الحال بالعكس واليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا .

19 / 9 - ثم نبه في حديث أخر على كليات اقسام الرؤيا وحكم الاعتدال فيها والانحراف فقال  صلى الله عليه وسلم الرؤيا ثلاث :
رؤيا من الله ، وهي التي ظهور حكمها موقوف على تهيئة واستعداد معتدلين وصفاء محل وطهارة نفس ليتأتى لصاحبها تلقى ما يصل اليه من التعريفات الإلهية والاستجلاء الروحانية والمعنوية بواسطة الصور المثالية .
ثم قال صلى الله عليه وسلم: رؤيا تخزين من الشيطان، وهي التي قلنا انها نتيجة الانحرافات المزاجية والكدورات النفسانية وفساد الهيئة الدماغية ونحو ذلك مما سبق التنبيه عليه.
ثم قال صلى الله علييه وسلم: ورؤيا مما حدث المرء به نفسه، وهذه من آثار الصفات الغالبة الحكم على نفس الرائي حال رؤيته مثل هذه الرؤيا، واثر الحال القاهر ايضا الذي يتلبس الرائي.

20 / 9 - ثم اعلم: ان من اقوى الأسباب الموجبة اطلاع النائم على ما يراه ، وهو توحد توجهه وجميع همه وميله الى الاعراض عن جل احكام الكثرة.
وترجيحه: تعطيل تصرفاته المتنوعة طلبا للراحة لشعور نفسانى من خلف حجاب الطبع، يقضى بان الراحة منوطة بالاعراض اللازم لما ذكر، هذا ترجيحه، وان لم يتحقق اصل هذه المسألة وعموم حكمها في سائر الأنواع الاطلاعات .

21 / 9 - واما مواد الصور التي يتمثل له من حيث هي لا من حيث معانيها فهي الأشياء المصاحبة له من عالم حسه ويقظته وآثار الأوصاف والأحوال الغالبة عليه حينئذ.
كما سبقت الإشارة اليه، فان لهذه الأمور اندراجات بعضها مع بعض طبيعية وعقلية معنوية، ولتلك الامتزاجات بعضها مع بعض احكام تسوى في صورة التمثيل.
فيظهر حسنا وقبحا بحسب درجات الاعتدال والانحراف الطبيعي والمعنوي الخصيص بالصفات والأحوال والعلوم والاعتقادات، ولآخر انفاس اليقظة التي يتلوه النوم سلطنة قوية بحسب ما كان
الباطن به حالتئذ مغمورا.
فان لم يكن الباطن مغمورا بشيء وخلا بالكلية من الخواطر والتعلقات وخواص الأفعال والصفات القريبة العهد بالشخص كان ذلك سببا معينا في مزيد الاطلاع وصحة ارتسام ما اطلع عليه النائم في نفسه .

22 / 9 - واما تأخر ظهور حكم المنافاة فإنه دليل على علو مرتبة النفس لكونها أدركت ما سيكون في العوالم العالية جدا ، القريبة من حضرة العلم وعالم المعاني المجردة.
فلا بد من فترة واقعة بين زمان الاطلاع وزمان ظهور حكم ما وقع الاطلاع عليه في الحس بمقدار ما يقتضي مكث ذلك الامر في كل سماء الى ان ينصبغ بحكمه ويأخذ حصته من ذلك الفلك وما فيه.
ثم يمر متنازلا الى الفلك الذي هو دونه، وهكذا الى آخر فلك طلبا للاستتمام ومستصحبا قوى ما يمر عليه.
فان لكل كائنة وامر يظهر في هذا العالم من حال انفصاله المعنوي من مقام القلم الأعلى واللوح المحفوظ واتصاله بالعرش ثم الكرسي وفي كل سماء، منزلا ومقاما، وذلك لما مر بيانه.

23 / 9 - وقد ورد في الحديث: ان الامر الإلهي يبقى في الجو بعد مفارقته سماء الدنيا ثلاث سنين حتى يصل الى الأرض ويتصل بالمحل المختص به. وهذا من المكاشفات المجربة والمتفق عليها.

24 / 9 - وسرعة ظهور حكم الرؤيا وما عبرت به دليل على ضعف نفس الرائي وان صفت فإنها لم تفق على الترقي والعروج لتدرك صور الأمور والكوائن المقدر وقوعها في العوالم العالية ، بل كان غاية عروجها حال اعراضها عن التعلقات البدنية والشواغل الكونية الجو الذي بين الأرض وبين الفلك الأول.
فأدركت بذلك القدر من الصفاء الذي استفاد به بعض الكوائن في أثناء الجو، فلم يتأخر ظهوره. وهذا حال اهل البداية من السالكين، وقد جربنا ذلك كثيرا في أصحابنا واصحاب غيرنا من الشيوخ، وكذلك في أنفسنا زمان البداية.

25 / 9 - ورأيت من الشيخ الامام العارف المحقق سعد الملة والدين محمد المؤيد الحموئى قدس الله نفسه الزكية انه كان يرى الكوائن في، عالم المثال المطلق ويعلم حالتئذ ان المرئي صورة معلومة ذلك الشيء المتعين في علم الحق ازلا مثلت له وانه لأبدي ، ظهور ذلك الشيء في الحس بصورة ما رآه هناك دون تغير ولا تبديل.

26 / 9 - ورأيت غير واحد من ممن له هذه الرؤية غير ان أكثرهم لم يكن له علم بان الذي رآه عبارة عن عين ثابتة من جملة المعلومات المتعينة في علم الحق ازلا وابدا على وتيرة واحدة مثلت له صورتها في عالم المثال المطلق وانه سيدخل هذا العالم الحسي بتلك الصورة .

27 / 9 - واما ما شاهدته وذقته وجربته من ذوق شيخنا رضى الله عنه وأرضاه فأعظم واعلى من ان يتسلق الفهوم اليه او يستشرف العقول عليه.
فإنه كان يستجلى المعلومات الإلهية في حضرة العلم ويخبر عن كيفية تبعية العلم للمعلوم وكون العلم لا اثر له في المعلوم، بل المعلوم يعين تعلق علم العالم به ويعطيه ذلك من ذاته.
فان كان علم العالم علما ذاتيا أزليا: كان العطاء من المعلوم عطاء ذاتيا أزليا، لان تعين المعلوم في العلم الإلهي الأزلي تعين أزلي ابدى على وتيرة واحدة وان كان علم العالم علما انفعاليا حادثا كان تعلقه بالمعلوم تعلقا حادثا انفعاليا مثله هذا.
مع تبعية العلم من حيث تعلقه للمعلوم لى كل حال، وكان يشهد الاستعدادات التي للناس جزئياتها وكلياتها ويشهد نتائجها وما يستمر كل استعداد منها الى منتهى امر كل انسان في مرتبة شقائه وسعادته، وكان إخباره عنه تابعا لنظرة مخصوصة ينظر بها الى الشخص.
اى شخص أراد الاستشراف على كنه حاله وما يستقبله الى حين مستقره في مآله في مرتبة نقصه او كماله ثم يخبر ولا يخطئ.

28 / 9 - شاهدت ذلك منه في غير واحد وفي غير قضية من الأمور الإلهية والكونية ، واطلعت بعد فضل الله وببركته على سر القدر ومحتد الحكم الإلهي على أشياء ، وبشرنى بالاصابة في الحكم بعد ذلك في ما احكم به بسبب هذا الاطلاع ونيل ما يتعلق الإرادة بوقوعه بموجب هذا الكشف الأعلى ، فلم ينخرم الامر على ولم ينفسخ.

والحمد لله المنعم المفضل.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الجمعة 12 يوليو 2019 - 13:12 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 28 مايو 2019 - 9:58 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الأولى الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى : الجزء الثاني 
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة نورية في كلمة يوسفية :
01 - النور
النور في اللغة  : 1. الضوء . 2. من أسماء الله تعالى . 3. لقب لرسول الله محمد " .
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (49) مرة على اختلاف مشتقاتها ، منها قوله تعالى : " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين" .
في الاصطلاح الصوفي

تقول الدكتورة سعاد الحكيم النور عند الشيخ ابن العربي :
" النور اسم من أسماء الله تعالى ، يجعله ابن العربي الطائي الحاتمي في رؤيته :
1 - مبدأ الخلق ، أو مبدأ ظهور التعينات .
2 - مبدأ الإدراك أو العقل الساري في الوجود .
وعلى هذا يكون الاسم النور المنبسط على جميع الموجودات ، أصل نور الوجود ونور الشهود . يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
1 - النور = مبدأ الخلق والظهور = نور الوجود
" ... والله تعالى أخرجنا من ظلمة العدم ، إلى نور الوجود ، فكنا نورا بإذن ربنا ، إلى صراط العزيز الحميد ، فنقلنا من النور ، إلى ظلمة الحيرة ... " .
" ... ولولا النور ما ظهر للممكنات عين ، قول رسول الله في دعائه : " اللهم اجعل في سمعي نورا ، وفي بصري نورا ، وفي شعري نورا .
حتى قال : " واجعلني نورا " ، وهو كذلك ( = نور ) .
وإنما طلب مشاهدة ذلك ( كونه نورا ) في الحس " .

2 - النور : مبدأ الإدراك = نور الشهود ، نور الإيمان
" ولكن باسم النور وقع الإدراك ، وامتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صور الغيب المجهول ... " .
" ... من عرف نفسه عرف ربه ، فيعلم أنه الحق . فيخرج العارف المؤمن الحق بولايته ، التي أعطاه الله ، من ظلمة الغيب ، إلى نور الشهود . فيشهد ما كان غيبا له ، فيعطيه كونه مشهودا ... " .
" فلما رأى الرسل ذلك ، وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الأيمان : ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور ، المسمى إيمانا ، فلا ينفع في حقه الأمر المعجز ... " .

" حيث أن ابن العربي الطائي الحاتمي يجعل الاسم النور مبدأ الوجود والإدراك ، لذلك كل وجود أو خير فهو : نور ، لأصله الإلهي في مقابل العدم والشر ( ظلمة - اصل كوني )
يقول : " ... فالوجود : نور ، والعدم : ظلمة ، فالشر : عدم ، ونحن في الوجود : فنحن في الخير ، وإن مرضنا فآنا نصح ، فإن الأصل جابر ، وهو : النور . وهكذا صفة كل نور ، إنما جاء ليظهر ما طلع عليه ، فلا تدركه الأشياء إلا بك ( = الممكن = ظل وليس ظلمة " .

" الإنسان في فكر ابن العربي الطائي الحاتمي تمتع بمكانة خاصة ، فهو صورة للحضرتين : الإلهية والكونية .
لذلك جمع في ذاته صفة الحضرتين فهو : نور وظلمة ، أو هو : النور الممتزج .

" ... فأفاده التجلي علما . بما رآه ، لا علما بأنه هو الذي أعطاه الوجود . فلما أنصبغ بالنور ، التفت إلى اليسار . فرأى العدم ، فتحققه ، فإذا هو ينبعث منه ، كالظل المنبعث من الشخص ، إذا قابله النور . فقال : ما هذا ؟
فقال له : النور من الجانب الأيمن : هذا هو أنت ، فلو كنت أنت النور ، لما ظهر للظل عين . فأنا النور ، وأنا مذهبه ، ونورك الذي أنت عليه ، إنما هو من حيث ما يواجهني من ذاتك ، ذلك لتعلم أنك لست أنا .
فأنا : النور بلا ظل ، وأنت النور الممتزج لإمكانك . فإن نسبت إلي ، قبلتك .
وإن نسبت إلى العدم ، قبلك ، فأنت : بين الوجود والعدم " .

" استفاد ابن العربي الطائي الحاتمي من اسم ( النور ) وأهميته .
صورتان تخدمان فكرته في الوجود الواحد .
فالوجود الحقيقي واحد يتكثر في صور الممكنات كما أن النور واحد يتكثر في الظلال ، والنور لا لون له يتكثر بالزجاج الملون .
يقول :

1 - صورة النور والظلال :
" ... فما اندرج نور في نور ، وإنما هو نور واحد ، في عين صورة خلق ، فانظر ما أعجب هذا الاسم ( النور ) . فالخلق ظلمة ، ولا يقف للنور ، فإنه ينفرها ، والظلمة لا ترى النور ، وما ثم نور ، إلا نور الحق ... " .
" وكذلك أعيان الممكنات ، ليست نيرة , لأنها معدومة ، وإن اتصفت بالثبوت
( = ظل ) ، لكن لم تتصف بالوجود ، إذ الوجود نور ... فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور " .

2 - صورة النور والزجاج
" فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير ، وصافي واصفى ، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج ، يتلون بتلونه ، وفي نفس الأمر لا لون له " .
" يستعمل ابن العربي الطائي الحاتمي لفظ ( نور ) ، يجمعها أنوار في سياق معرفي انسجاما مع اعتباره الاسم ( النور ) : مبدأ الإدراك ، فتكون ( الأنوار ) هنا بمعنى : ( الحقائق ) .
يقول : " اعلم أن التجلي عند القوم : ما ينكشف للقلوب ، من أنوار الغيوب . وهو على مقامات مختلفة ، فمنها : ما يتعلق بأنوار المعاني المجردة عن المواد ، من المعارف والأسرار . ومنها : ما يتعلق بأنوار الأنوار ، ومنها : ما يتعلق بأنوار الأرواح ، وهم الملائكة . ومنها : ما يتعلق بأنوار الأسماء ، ومنها : ما يتعلق بأنوار المولدات ، والأمهات ، والعلل ، والأسباب على مراتبها ، فكل نور من هذه الأنوار ، إذا طلع من أفق ، ووافق عين
البصيرة ، سالما من العمى ، والغش ، والصدع ، والرمد ، وآفات الأعين ، كشف بكل
نور ، ما انبسط عليه .. " .
" ( النور ) مبدأ الخلق والإدراك ، هو في الأمر نفسه : يفني ، ولا إدراك فيه ، بل يدرك الإنسان في الضياء .

1 - النور مبدأ الخلق : يفني :
" إذا بدت سبحات الوجه فاستتر فالنور يذهب بالأعيان والأثر
وانظر إلى من وراء النور مستترا ترى الضيا فامعن فيه بالبصر
وقل لقلبك امسك عنه شاهده فعند ردك تلقى لذة النظر " .

2 - النور مبدأ الإدراك : لا ترى فيه غيره :
" فقال ( الحق ) لي ( العبد ) : رأيت ما اشد ظلام هذا النور ، اخرج يدك فلن تراها ، فأخرجت يدي فما رأيتها . فقال لي : هذا نوري لا ترى فيه غير نفسه " .
" عودنا الشيخ الأكبر لغة تجربة صوفية تقرب من حدود النظريات ، لذلك عندما يكشف لنا عن وجه تجربته الصوفية الخاصة نتلمس فيه نبضا ، سبق أن أحسسناه عند النفري ، وابن الفارض .. لغة وجدان من داخل التجربة ، حيث لا نرى إلا عابدا ومعبودا ، عاشقا ومعشوقا . ولا وجود للقارئ ، وهو الذي لا يغيب تقريبا في كتب الشيخ الأكبر .

والنص الذي سنورده فيما يلي يجمع :
لغة النفري في ( مواقفه ) من ناحية . وتدرج الكلام وصولا إلى لسان الحقيقة المحمدية الذي نجده في ( تائية ) ابن الفارض من ناحية ثانية .
المخاطب في هذا النص يتلون متدرجا مع خطاب الحق .
يتكشف بعد كل مقطع خطاب ، وجه له ( للمخاطب - العارف ) ونسبة .
فكأن خطاب الحق هو لوجوه ونسب هذا العبد العارف ، الذي نلاحظ من حركة التدرج الصاعدة الجامعة أنه : محمدي المقام .
وهذا يذكرنا بابن الفارض في تائيته حيث يتكلم أحيانا بلسان الحضرة
المحمدية .

ونستدل على تلون المخاطب من قوله في بدء النص : ( الآن أنت أنت ) .
ولم ننقل النص ، لا لإبراز عميق تجربة الشيخ الأكبر الصوفية ، وامتلاكه اللغة امتلاكا استطاع معه أن يعبر بمفردي : النور والظلمة ، عن ( المقام المحمدي ) الجامع للمقامات ( = الملاحظ أنها تبدأ عند كل ( ثم ) من النص ) .
يقول : " ... ثم قال لي : الآن أنت ، أنت ، ثم قال لي : ترى ما أحسن هذه الظلمة . وما أشد ضؤها ، وما أسطع نورها .
هذه الظلمة مطلع الأنوار ، ومنبع عيون الأسرار ، وعنصر المواد .
من هذه الظلمة أوجدك واليها أردك ولست أخرجك منها .
ثم فتح لي قدر سم الخياط فخرجت عليه فرأيت بهاء ونورا ساطعا ،

فقال لي : رأيت ما اشد ظلام هذا النور اخرج يدك فلن تراها فأخرجت يدي فما رأيتها ، فقال لي : هذا نوري لا ترى فيه غير نفسه .
ثم قال : ارجع إلى ظلمتك فإنك مبعود عن أبناء جنسك .
ثم قال لي : ليس في ظلمة غيرك ولا أوجدت فيها سواك . منها أخذتك ...

ثم قال لي : كل موجود دونك خلقته من نور ( = من وجود ) ، إلا أنت فانك مخلوق من الظلمة ( = عدم ) " .
يلاحظ في جملة الخطاب الأخير : ( ثم قال لي : كل موجود دونك ... من الظلمة ) أن المخاطب هنا وصل إلى الاتحاد . بمقامه المحمدي ، فكان هو المخاطب فيه , لأن النص لا يستقيم إلا نسبته إلى الحقيقة المحمدية . فهي وحدها مخلوقة من عدم ( ظلمة ) ، وكل ما دونها مخلوق من وجود ( نور ) ، وفي ذلك إشارة إلى الحديث : " أول ما خلق الله نوري ومن نوري خلق كل شيء "

يقول الشيخ أحمد بن عجيبة أهل التنوير : هم أهل الحكمة ، العارفون بالله " .
يقول الإمام القشيري  سمي نورا عز وجل : لأن منه النور . والعرب تسمي من منه الشيء باسم ذلك الشيء ، فإذا كان بمعنى المنور فهو منور الآفاق بالنجوم والأنوار ، ومنور الأبدان بآثار العبادات ، ومنور القلوب بالدلائل والحجج " .

يقول الإمام الغزالي النور عز وجل : هو الظاهر الذي به كل ظهور ، فإن الظاهر بنفسه المظهر لغيره يسمى نورا .
ومهما قوبل الوجود بالعدم ، كان الظهور لا محالة لوجود ، ولا ظلام أظلم من
العدم .
فالبريء عن ظلمة العدم ، بل عن إمكان العدم ، والمخرج كل الأشياء من ظلمة العدم إلى ظهور الوجود - جدير بأن يسمى : نورا " .

يقول الشيخ أحمد الرفاعي الكبير النور عز وجل : هو الظاهر الذي به كل ظهور " .

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى النور : هو الله تعالى ، ونور الرسول من نور العزة ، ونور الأولياء والمؤمنين من نور الرسول ، فلا نور إلا نوره  .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني : النور عز وجل هو اسم من أسماء الله تعالى ، وهو تجليه باسمه الظاهر . أعني الوجود الظاهر في صور الأكوان كلها ، وقد يطلق على كل ما يكشف المستور من العلوم الدينية والواردات الإلهية التي تطرد الكون عن القلب " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي النور : هو محل صلاة الرب عليه " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني نور محمد : هو أحد وجوه الروح الأعظم " .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي النور : فإن الله تعالى سماه به في قوله : " قد جاءكم من الله نور "  .

يقول الشيخ أحمد الرفاعي الكبير النور : هو الشيء الخارج عن الموجودات ، به ظهرت للعيان ، وهو غير حال فيها ، ولا ناء عنها ، مشرق عليها  .

يقول الشيخ شهاب الدين السهروردي النور : هو الظاهر في حقيقة نفسه ، المظهر لغيره بذاته ، وهو أظهر في نفسه من كل ما يكون الظهور زائدا على حقيقته " .

و يقول : " النور : هو حقائق ما يستفاد من معاني الأسماء والصفات ، جند القلب ، الذي يقابل النفس والهوى والشيطان " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي " النور : هو الظاهر في نفسه والمظهر لغيره ، والظاهر في نفسه لا يعرف له بصفة ولا بعلامة ، ولا يحتاج أن يوصف له بنعت أو بوقت " .

وأضاف الشيخ قائلا : " اعلم أن الشيء الظاهر في نفسه لا يتجزأ ولا يتبعض , لأن تبعض الشيء وتجزئه إنما يكون بتفاوت في نفسه ، وكذلك لا يتقدر , لأن نسبته في الجزء نسبته في الكل ، كأجسام الأنوار ، فعلى هذا يكون النور الحقيقي ، صورة للروحية ، والروح صورة للنورية " .
ويقول : " النور : هو كل وارد إلهي يطرد الكون عن القلب " .

يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين النور : هو جوهر بسيط مرئي بذاته " .
ويقول : " النور : كثير المفهوم وعزيز المعلوم ، وجليل القدر في القلب ... وهو الذي إذا ظهر ظهر بنفسه وظهر به ما سواه محسوسا ومعقولا ، وهو الشاهد لنفسه ، المتفق من جميع جهاته ، الذي تدركه الحواس الخمس ويتطرق إليه الوهم ، ويدل عليه الدليل ، ويعلم ببديهة العقل . وهو طبيعة الأرواح ، بل هو الوجود على الحقيقة ، وهو الكاشف الظاهر ، ولذلك يجوز أن يقال في القرآن نور ، فإنه يكشف وبه تبصر طرق السعادة ، والنبي نور ، والعقل نور ، والعلم نور ، والشيخ نور ... وما أشبه ذلك ...

والصوفية تطلقه على الأحوال الكاشفة تارة .
وعلى الأرواح أخرى .
وعلى المواهب ثالثة .
وعلى المشاهد رابعة .
وعلى الاستغاثة خامسة ...
وعلى ما يخص السر ، وعلى الظفر بالعلم اللدني ، وعلى الوجودء وعلى الجمال المطلق ، وعلى التوحيد الخالص ... والمحقق يجعله الإحاطة وفص التطور ، والقضية الجازمة ، والتقديس البسيط ، والعين الجامعة المانعة ، والعموم الواحد ، والامتداد القصير ، والوجود الغائب الحاضر ، والمعنى الذي لا يخبر عنه ، وإن أخبر عنه وقع في غيره أو فيه بالوهم من حيث أن له ذلك كله من غير قصد للمخبر".

يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري "الأنوار : هي مطايا القلوب والأسرار " .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني " النور : هو الظاهر الذي يظهر به كل شيء كونا وعلما ، فهو نور للعالمين يهتدى به " .
يقول الشريف الجرجاني " النور : كيفية يدركها الباصرة أولا وبواسطتها سائر المبصرات " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن " النور المجعول : هو العلم بتوحيد الله " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي " نور المحبة : هو الخرج من باب التنزيه والقبول ، وهو نور استولى على كل علة ومعلول ، بحرق كل ما انتهى إليه بناره . وهو على الدوام منظور الله ومقبول " .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي " النور : هو الكتاب المسطور يضل من يشاء ويهدي من يشاء " .
ويقول " الأنوار عند الشيخ ابن العربي : هي الصفات والأسماء الإلهية التي لا ظهور لها الا بوجود الخلق " .
ويقول : " لأنه يستحيل ظهور أثر الرازق ولا مرزوق ، والخالق ولا مخلوق ، والقادر ولا مقدور عليه ، إلى غير هذه المعاني مما هو لمقتضى الأسماء والصفات " .

يقول الشيخ أحمد زروق " الأنوار : هي الظلال الواقعة في الصدر من المعاني التي أتت بها الواردات ، وهي مطايا القلوب ، بإيضاح الفهم إلى حضرة علام الغيوب " .
ويقول " الأنوار : وهو الظل الواقع في الصدر من معاني الأسماء والصفات " .
ويقول " النور : نكتة تقع في قلب العبد من معنى اسم أو صفة ، يسري معناها في كليته ، حتى يبصر الحق والباطل إبصارا لا يمكنه التخلف معه عن موجبه " .

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي " الأنوار : كناية عن العلم النافع , لأنه يكشف عن غيوب الأسرار الإلهية " .
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة " النور : هو عبارة عن اليقين الذي يحصل في القلب ، ويثمر حلاوة العمل " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في أقسام الأنوار:

" الأنوار على قسمين :
أنوار أصلية ، وأنوار متولدة عن ظلمة الكون .
كنور قوله تعالى : " وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون " " .
ويقول : " الأنوار على قسمين : نور ما له شعاع ونور شعشعاني .
فالنور الشعشعاني إن وقع فيه التجلي ذهب بالأبصار ، وهو الذي أشار إليه رسول
الله ... " نور أنى أراه " .
يقول نور كيف أراه يريد : النور الشعشعاني ...

وأما النور الذي لا شعاع له ، فهو النور الذي يكون فيه التجلي ، ولا شعاع له ،
ولا يتعدى ضوؤه نفسه ، ويدركه المبصر غاية الجلاء والوضوح بلا شك ... يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر " " .

ويقول الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي الأنوار على قسمين :
أنوار أصلية وأنوار مولدة عن ظلمة الكون .
كنور قوله تعالى : " وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون " ... فإذا غشي الليل النهار فالمتولد منه هو النور المطلوب ، وهذا النور المولد الذي شرعنا فيه : هو نور العصمة للنبي والحفظ للولي ، وهو يعطي الحياء والكشف ، ويكشف به ، والنور الأصلي يكشف به ولا يكشف ,

لأنه يغلب على الأبصار فتزول الفائدة التي جالها النور ، ولهذا تلجأ نفوس العارفين بالأنوار ومراتبها إلى النور المولد من الظلمة للمناسبة التي بيننا وبينه من خلق أرواحنا " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في درجات الأنوار:
" الأنوار وإن اجتمعت في الإضاءة والتنفير ، فإن لها درجات في الفضيلة ، كما أن لها أعيانا محسوسة ، كنور الشمس والقمر والنجم والسراج والنار والبرق ، وكل نور محسوس أو منور ... كما أيضا يتفاضلون في الإحراق ، فإن الإضاءة محرقة مذهبة على قدر قوة النور وضعفه ، وقد ورد حديث السبحات المحرقة والسبحات الأنوار الوجهية " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في توجه الاسم النور:
" الاسم النور ، وتوجه هذا الاسم الإلهي : على إيجاد السماء الرابعة ، وهي قلب العالم وقلب السموات " .


02 -  الظل
في اللغة " ظل : 1. ضوء الشمس إذا استترت عنك بحاجز . 2. حماية  .

وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (22) مرة بمشتقاتها المختلفة ، منها قوله تعالى : "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : " ما مدت الظلال للاستظلال وإنما مدت لتكون سلما إلى معرفة الله معك فأنت الظل وسيقبضك إليه ".

في الاصطلاح الصوفي
الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي
يقول : " قال بعضهم : الظل : هو حجاب بينك وبين الله  .
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " الظل : هو وجود الراحة خلف حجاب الضياء  .

الشيخ كمال الدين القاشاني
يقول : " الظل : يعنون به الصوفية وجود الراحة خلف الحجاب . ويشيرون به أيضا إلى كل ما سوى الله ـ عز وجل ـ من أعيان الكائنات .

يقول الشريف الجرجاني " الظل : عند الشيخ كمال الدين القاشاني هو الوجود الإضافي الظاهر بتعينات الأعيان الممكنة وأحكامها التي هي معدومات ظهرت باسمه النور الذي هو الوجود الخارجي المنسوب إليها فيستر ظلمة عدميتها النور الظاهر بصورها صار ظلا لظهور الظل بالنور وعدميته في نفسه ، قال الله تعالى : "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " أي : بسط الوجود الإضافي على الممكنات  .

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي " الظل : هو عالم الروح الجزئي  .
ويقول : " الظل : أثر الإرادة والمشيئة من قوله تعالى : "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل "  .
ويقول " الظلال عند الشيخ ابن الفارض : كناية عن هذه العوالم العلوية والسفلية ، الحسية والعقلية من جميع الأشياء فإنها بمنزلة الظلال عن المعلومات الربانية والمرادات الإلهية  .
ويقول : " الظلال : كناية عن الأحوال التي تغلب على القلب من شدة ظهور الحق في تجليه عليه "  .

تقول الدكتورة سعاد الحكيم ( الظل ) في فكر الشيخ ابن العربي :
استعان ابن العربي الطائي الحاتمي بصورة الشيء والنور وظله أو ظلاله ، المثلثة العناصر ليفسر :
1. الخلق والتكثر
2. نمطية العلاقة بين الحق والخلق
3. أحدية الفعل .

فالظل لا يتمتع بمضمون ذاتي عند شيخنا الأكبر ، وما هو إلا صورة استعارها ليقرب إلى الأذهان فكرته في الوجود الواحد المتكثر في المظاهر . وقد استطاعت هذه الصورة التمثيلية أن تتكيف مع نظريته فطبقها في الكليات ، وطوعها في الجزئيات . فلنر إلى أي مدى وفق في استعارته هذه .

" الخلق والتكثر الوجود واحد يتكثر في الصور التي يعبر عنها الشيخ ابن العربي بالمظاهر أو المجالي أو الظلال .
فالظل هو شكل الشيء عند مقابلته النور . فلذلك الظل وإن كان على الصورة فنسبته إلى الأصل نسبة بعيدة ، نسبة ما بين الشخص وظله .
فالظل تدن في المرتبة الوجودية ، وإشارة إلى المرتبة الأدنى دائما ، جسم الشخص مثلا ظل حقيقته وهكذا ...
يقول :" ظل الأشخاص أشكالها فهي أمثالها وهي ساجدة بسجود أشخاصها ، ولولا النور الذي هو بأزاء الأشخاص ما ظهر الظلال.

" الظل : نمطية علاقة الحق والخلق
يتصور الشيخ ابن العربي العلاقة بين الحق والخلق كالعلاقة بين الصورة والأصل ، فالصورة لا وجود لها في عينها وإنما تكتسب وجودها بوجود الأصل ، وهي وإن كانت غير الأصل إلا أنها موصلة إليه بشكل من الأشكال ، ودالة عليه .

يقول : " إنما جعل النهار ظلا لليل ، لأن الليل هو الأصل ، وكذلك الجسم هو الأصل ، فإنه بعد التسوية انسلخ منه النهار عند التفتح فكان مدرجا فيه من أجل الحجاب ، فلما أحس بالنفخة الإلهية سارع إليها فظهر ما كان مسلوخا منه ...  .

" الظلال لا تؤثر في أحدية الفعل.

يوحد الشيخ ابن العربي الفعل في الكون بأجمعه وينسبه إلى الحق فقط ، فهو الفاعل تعالى في كل فعل .
وليس أكمل من استعارة الظلال في التعبير عن تبعية ظل الصورة لفعل الأصل . فالحركة المرئية في الظل هي في الحقيقة للأصل .
لذلك كل فعل في الكون تنطبق عليه الآية التي تنفي وتثبت ..." وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" فنفى وأثبت وأكد نسبته إلى الحق .

يقول الشيخ : "ظلك على صورتك وأنت على الصورة ، فأنت ظل ، قام الدليل على أن التحريك للحق لا لك ، كذلك التحريك لك لا للظل .

تقول الدكتورة سعاد الحكيم " ظل الله عند ابن العربي: هو كل مظهر أو صورة للحق تعالى ، وهو يعني هنا : العالم أو ما يسميه ( سوى الحق )  .
" ظل الله عند ابن العربي: هي المظاهر للحق تعالى من حيث جمعية الأسماء وليس من حيث الذات الإلهية  .
" ظل الله : هو الظاهر بصفة من صفاته أو أسمائه تعالى ، على الإستخلاف ، فالخليفة إذا هو ظل الله  ." ظل الله : هو الإنسان الكامل  .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي ظل الوجود المطلق من الاسم النور : هو الحضرة البرزخية  .

ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري "للحق تعالى ثلاثة ظلال :
الظل الأول : هو الوجود الإضافي المسمى بنفس الرحمن ، والتعين الأول ، والوحدة المطلقة ، والحقيقة المحمدية ، وهو ظل مجمل غير مفصل .
والظل الثاني : هو المسمى بالتعين الثاني ، وبمرتبة الواحدية ، والإنسان الكامل ، وهذا الظل مفصل تفصيلا معنويا علميا .
والظل الثالث : هو العالم كله ملكه وملكوته ، المسمى بالصور الخارجية والأعيان المفصلة وبالوجود الخارجي . فهي ثلاثة ظلال في مقام الفرق ، وظل واحد في مقام الجمع ، بل ولا ظل أصلا بالنسبة إلى الوجود ...

فالظل الأول ظل الذات .
والظل الثاني : ظل الأسماء والصفات ، باعتبار الذات .
والظل الثالث : ظل الصفات والأسماء لا باعتبار الذات  .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 20:28 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 28 مايو 2019 - 10:10 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثانية الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية
هذا نص الحكمة اليوسفية ذكره بعد حكمة يعقوب عليه السلام، لأنه ابنه والأب مقدم على الابن والابن مؤخر عن الأب في رتبة الوجود.
ولأن علم الخيال الذي يبحث عنه في الحكمة اليوسفية ، هو من أحد الطرق الموصلة إلى معرفة أعيان الممكنات في حال ثبوتها.
فناسب تتميم المبحث السابق بما منه (فص حكمة نورية)، أي منسوبة إلى النور كما سبق بيانه (في كلمة يوسفية)، إنما اختصت حكمة يوسف عليه السلام بكونها نورية، لأن النور ممد الجمال الصوري في الهياكل الإنسانية، لأنه إشراق وجه الروح إلى جهة الجسم.
ويوسف عليه السلام كان الجمال النوراني مشرقة على صورته الظاهرة والباطنة؛ ولهذا شهد له النبي صلى الله عليه السلام وسلم أنه أعطي شطر الحسن، وهو أعطي الحسن كله. لأنه أعطي هذا الشطر الذي هو عين الحضرة الصفاتية والاسمائية. وأعطي الشطر الآخر الذي هو عين الحضرة الذاتية الإلهية فكمل له الحسن ؟  ذات وصفات وأسماء .


قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام.)

(هذه الحكمة النورية) من حقيقة يوسف عليه السلام (انبساط نورها) دائما (على حضرة الخيال) من كل إنسان في النوم وفي اليقظة.
حتى أنني بما جربته أني إذا قصت على رؤيا منام وطلب مني تعبيرها أتوجه بكليتى قبل إمرار صورة تلك الرؤيا على خيالي إلى يوسف عليه السلام بالنورية.
وأصلي وأسلم عليه في نفسي أو في لساني، ثم أتكلم في تعبير تلك الرؤيا ، فلا أكاد أخطىء إن شاء الله تعالى، وإذا لم أفعل كذلك أخطأت كثيرة (وهو)، أي الخيال المنبسط عليه تلك الحضرة النورية أول مباديء الوحي الإلهي (في أهل العناية الإلهية من الرسل والأنبياء عليهم السلام، ولهذا ورد في الحديث : «الرؤيا الصالحة جزء من النبوة»).
"" أضاف المحقق : يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الخيال أحق باسم النور من جميع المخلوقات الموصوفة بالنورية ، فنوره لا يشبه الأنوار ، وبه تدرك التجليات وهو نور عين الخيال لا نور عين الحس .""

وفي رواية : «ذهبت النبوات وبقيت المبشرات»، أورده ابن حجر العسقلاني في الإصابة في تمييز الصحابة . «الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تری له ».رواه الحاكم في المستدرك ،والطبراني في الكبير ورواه غيرهما.

فبقي من الوحي عالم الخيال في المنام بين الأمة غير ذاهب .
(تقول عائشة رضي الله عنها أول ما بدئ)، أي بدأ الله تعالى (به رسول الله) صلى الله عليه وسلم  (من الوحي) النبوي (الرؤيا) في المنام الصادقة المنزهة عن كونها أضغاث أحلام (فكان) صلى الله عليه وسلم (لا يرى الرؤيا) في منامه (إلا خرجت) تلك الرؤيا أي ظهرت في اليقظة بعين ما رأى في المنام (مثل فلق الصبح)، أي ضوئه المنتشر في أقطار الأرض بحيث لا يخفى (تقول)، أي عائشة رضي الله عنها (لا خفاء بها)، أي بتلك الرؤيا (وإلى هنا)، أي كون أول مبادئ الوحي كان الرؤيا الصادقة من النبي صلى الله عليه وسلم الظاهرة التي لا خفاء بها .
(بلغ)، أي وصل (علمها)، أي علم عائشة رضي الله عنها حين قالت ذلك (لا غير) مما هو فوق ذلك مما كان يعرفه النبي ة ويعرفه أبوها الصديق رضي الله عنه، ومن ضاهاه من الصحابة أرباب المقامات الاختصاصية .
(وكانت المدة) التي يرى فيها النبي الرؤيا الصادقة فتخرج ظاهرة مثل فلق الصبح (له)، أي للنبي عليه السلام في ذلك الأمر المذكور (ستة أشهر) فقط كما جاء في الأخبار الصحيحة (ثم جاء الملك)، أي جبريل بالوحي القرآني
(وما علمت) أي عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : إن الناس نيام)، أي نائمون بنوم الغفلة في الحياة الدنيا الوهمية عن اليقظة الحقيقية بالحياة الآخرة


(فإذا ماتوا) عن حياتهم الموهومة لهم موتا اختيارية أو اضطرارية (انتبهوا) من نورهم ذلك وقاموا بالحياة الحقيقية الأبدية الإلهية.
كما قال تعالى:" يوم يقوم الناس لرب العالمين" [المطففين: 6].
وقال تعالى: "ومن آياته منامكم بالليل والنهار" [الروم: 23]، فقد استوعب نوم الغافلين الليالي والأيام (وكل ما)، أي شيء (يرى)، أي يراه أحد (في حال النوم فهو من ذلك القبيل) الذي قالت عائشة رضي الله عنها فهو من جملة الوحي الإلهامي عند أهل المعرفة.
(وإن اختلفت الأحوال) من الرائي لذلك بالصلاح والفساد، لأن الناس الموصوفين بأنهم نيام غیر مخصوصین من العموم، ولكن لا يعرف هذا غير أرباب الكمال من خاصة الرجال .
(فمضى)، أي ذهب (قولها)، أي عائشة رضي الله عنها وكانت المدة له في ذلك (ستة أشهر)، إلى مقدار ما تعلم من ذلك (بل) كان عمره) صلى الله عليه وسلم  (كله في) الحياة (الدنيا بتلك المثابة) التي قالت عائشة رضي الله عنها بمقتضى قوله عليه السلام : «الناس نيام».
وقول الله تعالى له : "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي" [الكهف: 110].
فانظر قوله:"يوحى إلى " ، أي في جميع أحوالي كما قال تعالى: "إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 4] .
(إنما هو)، أي عمره صلى الله عليه وسلم بسبب كونه من جملة الناس الذين أخبر عنهم أنهم نیام وقوله : «إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا ».
(منام) كان ينامه (في منام) هو يقظة الحياة الدنيا إلا مدة ذلك ستة أشهر فقط يعني كل نوم كان ينامه فهو كذلك في مدة عمره عليه السلام.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية  

(فص حكمة نورية) أي العلوم المنسوبة إلى النور مودعة (في كلمة يوسفية) أي في روح ذلك النبي عليه السلام (هذه الحكمة النورية) مبتدأ (انبساط نورها) مبتدأ ثاني الضمير يرجع إلى الحكمة (علی حضرة الخيال) خبر الجملة خبر المبتدأ الأول أي هذه الحكمة النورية التي في كلمة يوسفية ينبسط نورها على حضرة المنام فيرى بسبب هذا النور رؤيا صادقة.
"" يبحث هذا الفص في "عالم المثال" وما يتصل به من القوة الخيالية في الإنسان وما يكشف الإنسان بواسطة اتصاله بالعالم المثالي من صورة الوجود الروحاني بالصور التي ترى في الأحلام.
والعالم المثالي نوراني كما يقولون، أي غير مادي، وتسمية كل روحي لطيف نورة، وكل مادي كثيف ظلمه.""
(وهو) أي انبساط النور على حضرة الخيال (أول مبادىء) أول منشأ ظهور (الوحي الإلهي في أهل العناية) أي في حق الأنبياء فأول الوحي الرؤيا الصادقة وسبب ظهورها انبساط النور عني حضرة الخيال.
وأورد على ذلك دليلا قول عائشة رضي الله عنها فقال : تقول عائشة رضي الله عنها (أول ما بدئ به) أي أول ما ظهر به (رسول الله) صلى الله عليه وسلم (من الوحي الرؤيا الصادقة فكان) رسول الله عليه السلام (لا يرى رؤيا إلا خرجت) أي ظهرت تلك الرؤيا في الحس (مثل فلق الصبح) في الظهور هذا من قول عائشة رضي الله عنها : (تقول) أي عائشة (لا خفاء بها) في صدقها هذا كلام الشيخ تفسير لقول عائشة رضي الله عنها (وإلى هنا بلغ علمها لا غير) وليس الأمر على ما علمت العائشة .
(فكأن المدة له) أي الرسول الله صلى الله عليه وسلم (في ذلك) الوحي (ستة أشهر ثم جاءه الملك) هذا قول عائشة رضي الله عنها قالته في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(وما علمت) عائشة رضي الله عنها أن رسول الله عليه السلام قد قال : "إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا". ذكره العراقي في المغني
وكل ما يرى) رسول الله عليه السلام (في حال النوم) وهو اليقظة في العرف العام التي عبر عنها رسول الله عليه السلام بقوله:" والناس نيام" (فهو) أي كل ما يرى فيه (من ذلك القبيل) أي من قبيل ما رآه رسول الله عليه السلام في ستة أشهر من الرؤيا الصادقة.
فما رأى الملك إلا من حضرة الخيال كالرؤيا الصادقة (وإن اختلف الأحوال) على الرائي باليقظة والنوم (فمضي) عمره في الوحي .
(قولها) أي في قول عائشة في منام بالرؤيا الصادقة (ستة أشهر) ومضى بعد ذلك عمره في الوحي بمجيء الملك في اليقظة لا في المنام .
فما رأى الملك من حضرة الخيال في قولها بل من حضرة الشهادة وليس الأمر كما قالت العائشة (بل) مضى عمره كله في الدنيا في الوحي.
(بتلك المثابة) أي بمثابة ستة أشهر في كون الوحي في المنام فإذا مضى عمره في الوحي بتلك المثابة فوحيه كله إنما هو منام في منام أو فعمره كله في الوحي كله (إنما هو منام في منام).
فالمنام الأول هو حضرة الخيال
والثاني قوله عليه السلام: «الناس نيام» وهو اليقظة ، فكان عمره كله في الوحي في نيام مثل ما قالت العائشة ستة أشهر .
فما ورد الوحي إليه إلا من قبيل المنام في المنام .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
قال رضي الله عنه : "هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير. وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.  فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. "
قلت : هذه الحكمة جعل، رضي الله عنه، موضوعها الذي يتكلم في أحواله هو عالم الخيال، من أجل أن يوسف، عليه السلام، رأي«إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين» (يوسف: 4) وذلك أن الرؤيا عنده هي من عالم الخيال.
ولما قرر أن الناس نيام كان مجال تصرفهم النومي كله في عالم الخيال. وفي قوة كلامه ما يقتضي أن الوحي أيضا هو في عالم الخيال.
قال: ولذلك كان، عليه السلام، إذا جاءه الوحي يغيب عن المحسوسات.
قال : وامتداد النور على عالم الخيال هو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية وذكر حديث عائشة، رضي الله عنها، وهو قولها: أول ما بدئ به رسول الله عليه السلام، من الوحي الرؤيا الصادقة.
قد قال: وإلى هنا بلغ علمها، يعني أن ما بقي هو أيضا في المنام، فلا معنى لقولها أنه بقي وحيه الوارد عليه ستة أشهر ثم جاءه الملك.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
09 - فصّ حكمة نورية في كلمة يوسفية   
قد ذكر السرّ في إسناد الحكمة إلى الكلمة . " أضاف رضي الله عنه حكمة النور إلى الكلمة اليوسفية لظهور السلطنة النورية العلمية المتعلَّقة بكشف الصور الخيالية والمثالية .
وهو علم التعبير على الوجه الأكمل في يوسف عليه السّلام فكان يشهد الحقّ عند وقوع تعبيره ، كما قال " قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " فأشار إلى حقيقة ما رأى ، وأضاف إلى ربّه الذي أعطاه هذا الكشف والشهود ."
قال رضي الله عنه : ( هذه الحكمة النورية انبساط نورها على عالم الخيال ، وهو أوّل مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية).
يعني : أنّ نورية هذه الحكمة - من حيث كشفها معاني ما يظهر في عالم الخيال - للأولياء والأنبياء ، فيعلمون بها مراد الحق من تشخيص تلك المعاني وتجسيدها ضربا للمثل لهم .
قال رضي الله عنه : ( تقول عائشة رضي الله عنها : أوّل ما بدىء به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الوحي الرؤيا الصادقة ، فكان لا يرى رؤيا إلَّا خرجت مثل فلق الصبح .
تقول : لا خفاء بها . وإلى هنا بلغ علمها لا غير . وكانت المدّة له في ذلك ستّة أشهر ، ثم جاءه الملك . وما علمت أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : “ الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا » وكلّ ما يرى في حال يقظته ، فهو من ذلك القبيل ) .
يعني رضي الله عنه : أنّ النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان عالما بأنّ كلّ أمر ظهر من الغيب سواء كان ظهوره حسّا أو خيالا أو في عالم المثال .
فإنّ ذلك وحي تعريف وإعلام من الله له عليه السّلام  بما أراد الله أن يكوّنه ، وأنّه تمثيل وتشخيص للمعاني والحقائق التكوينيّة التي تعلَّقت الإرادة الإلهية بتعريفه وتعليمه صلى الله عليه وسلم بها .
وذلك لأنّ العوالم في مشرب التحقيق خمسة وكلَّها حضرات إشهاد الحق وشهوده ، والأنزل منها أمثلة وصور للأعلى والأشرف الأفضل . فالأعلى عالم الغيب ، والأدنى الشهادة.
فكل ما يتراءى ويظهر في الحسّ مثال وصورة لهيئات غيبية معنوية ، هي المعاني المعنيّة المعيّنة من تلك الصورة ، ولكنّ العلم بتلك الصورة وكشف أسرارها ومعانيها هو الكشف المعنوي الحقيقي ، فمن أوتيهما في كل ما يرى ويسمع ويدرك " فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً " .
وتحقّق بكمال الكشف والشهود في الوجود قبيلا ودبيرا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الأنبياء بذلك ، وذلك بتصريحه :
"إنّ الناس نيام " في عالم الحس ، وأنّ كلّ ما يجري عليهم وبهم وفيهم صور وأمثلة لمعان عناها الله بحسب العلم بحقائقها ، وإلَّا فهو غافل ، وعن حقيقة الأمر عاطل.
ومبلغ علم عائشة من كلّ ذلك أنّ كشفه صلى الله عليه وسلم مبدؤه الرؤيا الصادقة ، وآخره ظهور الملك له ، وما علمت أنّه صلى الله عليه وسلم كان يشهد الحق في كلّ ما يرى ويدرك ، بل لا يغيب عن شهود الحق.
كما قال عليه السّلام اللهمّ إنّي أسألك لذّة النظر إلى وجهك ، فصرّح بشهوده وجهه تعالى وأنّه في شهوده ، فادّعى اللذّة بما يشهد لفنائه وحيرته الكبرى ، فسأل اللذّة بما يشهد ، وهي زيادة على مرتبة الشهود ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( وإن اختلفت الأحوال ، فمضى قولها ستّة أشهر بل عمره كلَّه في الدنيا بتلك المثابة ، إنّما هو منام في منام ) .
يعني رضي الله عنه : أنّ الناس في حالة يقظة في جميع أحوالهم في كشف وضرب مثال يضربه الله لهم بالأفعال والأحوال والأقوال التي تجري عليهم ومنهم وهم عنها غافلون " وَكَأَيِّنْ من آيَةٍ في السَّماواتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ " ، " وَتِلْكَ الأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ " جعلنا الله وإيّاك من أهل الحضور ، وكشف عن وجهه لنا بحقيقة النور ، في كلّ الأمور .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية
إنما خصت الكلمة اليوسفية بالحكمة النورية ، لأن النور هو الذي يدرك ويدرك به ، أي الظاهر لذاته المظهر لغيره ، وقد كشف الله على يوسف عليه السلام وأعطى النور التام العلمي الذي كان يكشف به حقية الصور المتخيلة في المنام ، أي ما تحقق في عالم المثال ويصير مشاهدا في عالم الحس ، وتغيرت صورته في الخيال بتصرف القوة المتصرفة ، فيعلم ما أراد الله تعالى بالصور الخيالية وهو علم التعبير ، كما أشار إليه قدس سره في نقش الفصوص ، وقال : لأن الصورة الواحدة تظهر لمعان كثيرة يراد منها في حق صاحب الصورة معنى واحد : أي تظهر تلك الصورة الواحدة في خيال أشخاص كثيرة لمعان كثيرة مختلفة يراد من تلك الصورة في حق صاحبها معنى واحد من تلك المعاني فيمن كشفه بذلك النور فهو صاحب النور ، فإن الواحد يؤذن فيحج ، والآخر يؤذن فيسرق ، وصورة الأذان واحدة ، وآخر يؤذن فيدعو إلى الله على بصيرة ، والآخر يؤذن فيدعو إلى الضلالة ، هذا كلامه بشرحه ، والمراد بحقية الصورة الخيالية ما يتحقق منها في الخارج ، كقوله : " قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " وما كان عند الله ، وما تمثل في العالم المثالي إلا ذلك ( هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال ، وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية )
"" إضافة بالي زادة : (هذه الحكمة النورية ) مبتدأ و ( انبساط نورها ) مبتدأ ثان ، وضميره يرجع إلى الحكمة ( على حضرة الخيال ) خبره ، والجملة خبر المبتدأ الأول ، أي هذه الحكمة النورية ينبسط نورها على حضرة المنام ، فيرى بسببه رؤيا صادقة اهـ بالي زادة .
(أهل العناية الكبرى ) هم الأنبياء لأن ما يراه الأنبياء أولا إنما هو في الصورة المثالية المرئية في النوم ، ثم يرقون إلى أن يروا الملك في المثال المطلق أو المقيد في غير حال النوم ، لكن مع فتور ما في الحس اهـ جامى ""


وفي نسخة : انبساطها على عالم الخيال ، ولا فرق في المعنى ، لأن هذه الحكمة نورية تنبسط على حضرة الخيال ، فيتسع بابها إلى عالم المثال ، فيطلع صاحبه على ما في الحضرة المثالية من المعنى الذي هذه الصورة الخيالية مثاله ، وذلك المعنى هو مراد الله من صورة الرؤيا ، وهذا الانبساط أول مبادئ الوحي إلى الأنبياء الذين هم أهل العناية الإلهية ، ولهذا كانت المنامات والوحي من مشكاة واحدة .
( تقول عائشة رضي الله عنها : أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، تقول لا خفاء بها .
وإلى هذا بلغ علمها لا غير، وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك ، وما علمت أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قد قال « إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » وكل ما يرى في حال يقظته فهو من ذلك القبيل ، وإن اختلفت الأحوال )
أي كان مبلغ علم عائشة رضي الله عنها أن مبدأ كشف النبي الرؤيا الصادقة ، ومنتهاه ظهور الملك له ، وما علمت أنه عليه الصلاة والسلام كان عالما بأن كل أمر ظهر من عالم الغيب إلى الشهادة ، سواء كان ظهوره في الحس أو في الخيال أو في المثال ، فهو وحى وتعريف وإعلام له من الله بما أراد أن يكوّنه ، وأنه مثال وصورة لمعنى وحقيقة تعلق الإرادة الإلهية بتعريفه وتعليمه إياه .
""إضافة بالي زادة : وقول عائشة ( لا خفاء بها ) تفسير لقولها مثل فلق الصبح اهـ""

وذلك أن العوالم عند أهل التحقيق خمسة ، كلها حضرات للحق في بروزه :
1- حضرة الذات .
2 -  وحضرة الصفات والأسماء وهي حضرة الألوهية.
3 -  وحضرة الأفعال وهي حضرة الربوبية .
4 - ثم حضرة المثال والخيال .
5 - ثم حضرة الحس والمشاهدة .
وإلا نزل منها مثال وصورة للأعلى فالأعلى عالم الغيب المطلق ، أي غيب الغيوب وإلا نزل عالم الشهادة فهو آخر الحضرات .
فكل ما فيه مثال لما في عالم المثال ، وكل ما في عالم المثال صورة شأن من شؤون الربوبية ، وكل ما في الحضرة الربوبية من الشؤون فهو مقتضى اسم من أسماء الله وصورة صفة من صفات الله ، وكل صفة وجه للذات تبرز بها في كون من الأكون فكل ما يظهر في الحس صورة لمعنى غيبى ، ووجه من وجوه الحق برزه .
والعلم بذلك هو الكشف المعنوي ، فمن أوتى ذلك في كل ما يرى ويسمع ويعقل فقد أوتى خيرا كثيرا ، وقد أشار إليه عليه الصلاة والسلام في قوله : « الناس نيام ».
فكل ما يجرى عليهم فهو صورة لمعنى مما عند الله ومثال لحقيقة من الحقائق الغيبية .
وكان عليه الصلاة والسلام يشهد الحق في كل ما يرى ويدرك بل لا يغيب عن شهوده ، كما قال عليه الصلاة والسلام « اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم » فصرح بشهود وجهه تعالى ، وأنه فان في شهوده فلا لذة له لفنائه وحيرته فيه ، فسأل لذة الشهود بالبقاء بعد الفناء ، والفرق بعد الجمع لوجدان لذة الشهود .
وهي مرتبة أعلى من الشهود ، والفناء بالشهود هو الموت الحقيقي المشار إليه بالهلاك في قوله : " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه "  .
والبقاء بعد الفناء هو الانتباه الحقيقي ، فكل ما يرى إلى الرسول في حال يقظته فهو من قبيل ما يرى في النوم وإن اختلفت الأحوال ، فإن هذا في الحس وذلك في الخيال ، ولكنها من حيث إن كلا منهما مثال وصورة لمعنى حقيقي سواه .
وفي بعض النسخ : وكل ما يرى في حال النوم .
"" إضافة الجامي : ( وكل ما يرى في حال النوم ) وهو اليقظة في العرف العام التي عبر عنها بقوله : « الناس نيام » ( فهو من ذلك القبيل ) أي من قبيل ما رآه النبي في ستة أشهر من الرؤيا الصادقة حيث يحتاج إلى التعبير اه فإنه عليه الصلاة والسلام عد الناس في حال اليقظة أيضا نياما ، وجعل ما يظهر لهم في الحس مثل ما يظهر لهم في الخيال عند النوم ، فكما أن الصور المرئية في النوم محتاجة إلى العبور منها إلى حقائقها الباطنة.
كذلك الصور المحسوسة أيضا فإنها أمثلة للصور المثالية، وهي للأرواح المجردة وآثارها وهي للأسماء الإلهية وهي للشؤون الذاتية، فكما يعرف العالم بالتعبير المراد بالصورة المرئية في النوم، كذلك يعرف العارف بالحقائق المراد بالصورة الظاهرة في كل مرتبة ، فعلم من قوله عليه الصلاة والسلام أن يقظة الناس نوم. اهـ جامى
وإن اختلفت الأحوال ، أي أحوال النوم ، بأن كان حال النوم المزاجي الحقيقي أو حال النوم الحكمي اهـ بالي زادة  .""

والمراد به إن صحت الرواية النوم المشار إليه بقوله « نيام » والمرئي في الحس فيه كالمرئى بالخيال ( فمضى قولها ستة أشهر ، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة إنما هو منام في منام ) قولها بمعنى مقولها أي المدة التي هي ستة أشهر بدليل عطف قوله : بل عمره كله في الدنيا عليه ، وهو كالحلف بمعنى المحلوف عليه في قوله عليه الصلاة والسلام « إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك » .
أي فمضى زمان الرؤيا وهو ستة أشهر بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة ، أي بالعبور عما رأى في الخيال أو الحس من الصور إلى معانيها ، أي الحق المتجلى في تلك الصور المعرف له حقائق أسمائه إنما هو .
أي ما قالت من المدة ، منام في منام ، أي الناس في الدنيا في ضرب مثال وكشف صوري ، يجعل الله تعريفا لهم بأفعالهم وأحوالهم وأقوالهم تجلياته في كل ما يجرى عليهم وهم عنها غافلون ، كقوله تعالى : "وكَأَيِّنْ من آيَةٍ في السَّماواتِ والأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ ".
""إضافة بالى زادة : ( فمضى ) عمره عليه الصلاة والسلام في الوحي .
( قولها ) أي في قول عائشة : ومضى بعد ذلك عمره في الوحي بمجيء الملك ( بل ) مضى ( عمره كله في الدنيا ) في الوحي ( بهذه المثابة ) أي بمثابة ستة أشهر في كون الوحي في المنام ، فإذا فوحيه كله ( إنما هو منام في منام ) أو فعمره كله في الوحي كله منام في منام
الأول هو حضرة الخيال
والثاني قوله عليه الصلاة والسلام « الناس نيام » وهو اليقظة اهـ بالى زادة.""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )

09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية
لما كان عالم الأرواح المسمى ب‍ ( العالم المثالي ) عالما نورانيا وكان كشف يوسف (عليه السلام) مثاليا وكان على الوجه الأتم والأكمل .
أضاف الحكمة النورية الكاشفة عن الحقائق إلى كلمته ، لذلك كان عالما بعلم التعبير ومراد الله
من الصورة المرتبة المثالية . وكل من يعلم بعده ذلك العلم ، فمن مرتبته يأخذ و من روحانيته يستفيد . ولقوة نورية روحه ، عليه السلام ، كانت صورته أيضا كاملة في الحسن والبهجة .
واعلم ، أن النور الحقيقي هو الذات الإلهية لا غير ، إذ هو اسم من أسماء الذات .
وكل ما يطلق عليه اسم الغيرية والسوى ، ظل من ظلالها ، والأرواح وعالمها من ظلالها . وكونه نورانيا بالإضافة إلى عالم الأجسام .
ولما كان دخول الروح في عالمه الأصلي بواسطة العبور على الحضرة الخيالية التي هو ( المثال المقيد ) وبإشراق نور الروح عليها تظهر الصور المثالية ، وجب انبساط النور على هذه الحضرة أولا ، ليشاهد الروح ما يتجسد من المعاني الفائضة عليه فيها شهودا عيانيا ، فيتمرن وينتقل منها إلى عالم ( المثال المطلق ) .
فقوله : ( هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال ) .
معناه : هذه الحكمة النورية عبارة عن انبساط نور الكلمة اليوسفية ، وهي روحانية يوسف ، عليه السلام ، على حضرة خيالها ، لتتنور ، فيشاهد فيها المعاني المتجسدة .
فضمير ( نورها ) عائد إلى ( الكلمة ) . ويجوز أن يرجع إلى ( الحكمة ) .
ومعناه : هذه الحكمة النورية عبارة عن انبساط نور العلوم المنتقشة في الكلمة اليوسفية على حضرة الخيال ، لأن الحكمة هي العالم بالحقائق على ما هي عليه ، والعلم نور في نفسه منور لغيره .
إلا أن الأول أولى . وفي بعض النسخ : ( إنبساطها ) . والمعنى واحد .
( وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية ) . أي ، هذا الانبساط هو أول ظهور مبادئ الوحي في أهل العناية . وهم الأنبياء ، عليهم السلام .
وإنما كان أولا ، لأن الوحي لا يكون إلا بنزول الملك ، وأول نزوله في الحضرة الخيالية ،
ثم الحسية ، فالمشاهد له لا بد أن يكون خياله متنورا ، ليقدر على مشاهدته فيه ، ثم في المثال المطلق ، لأنه واسطة بين العالم الحسى والمثالي المطلق ، فالنازل لا بد له من العبور عليه ، والصاعد أيضا كذلك .
(تقول عائشة : أول ما بدء به رسول الله ،صلى الله عليه وسلم من الوحي ،الرؤيا الصادقة ) .
أي ، أول ما حصل لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من آثار الوحي ومباديه ،الرؤيا الصادقة.

لذلك قال ، عليه وعلى آله السلام : ( الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة . وهي نصيب للمؤمنين منها . ( فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت معاينة مثل فلق الصبح ) . أي ، ظهرت
في الحس كما رأى مثل فلق الصبح . ( تقول لا خفاء بها ) . تفسير لقولها - أي عائشة : ( مثل فلق الصبح ) . وليس من تتمة قولها .
(وإلى هنا بلغ علمها لا غير . وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ، ثم جاءه الملك . وما علمت أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قد قال : " إن الناس نيام ، فإذا ماتوا ، انتبهوا").
أي ، ما علمت أن كل ما يظهر في الحس هو مثل ما يظهر في النوم . والناس غافلون عن إدراك حقائقها ومعانيها التي يشتمل تلك الصور الظاهرة عليها .
فكما يعرف العارف بالتعبير المراد من الصور المرئية في المنام ، كذلك يعرف العارف بالحقائق المراد من الصور الظاهرة في الحس ، فيعبر منها إلى ما هو المقصود منها ، لأن ما يظهر في الحس صورة ما يظهر في العالم المثالي .

وهو صورة المعاني الفائضة على الأرواح المجردة من الحضرة الإلهية ، وهي من مقتضيات الأسماء . فالعارف بالحقائق إذا شاهد صورة في الحس ، أو سمع كلاما ، أو وقع في قلبه معنى من المعاني ، يستدل منها على مبادئها ، ويعلم مراد الله من ذلك .
ومن هذا المقام يقال : إن كل ما يحدث في العالم ، كله رسل من الحق تعالى إلى العبد ، يبلغون رسالات ربهم . يعرفها من عرفها ، ويعرض عن المقصود منها من يجهلها .
كما قال تعالى : " وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ".
لعدم انتبائهم ، ودوامهم في نوم الغفلة . ولا يعرف هذا المقام إلا من يكاشف جميع المقامات العلوية والسفلية ، فيرى الأمور النازلة من الحضرة الإلهية إلى العرش والكرسي والسماوات والأرض ، ويشاهد في كل مقام صورته .
(وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل ، وإن اختلفت الأحوال ) .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:31 عدل 13 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 28 مايو 2019 - 10:16 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية : الجزء الثاني
تابع مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
وفي بعض النسخ : ( وكل ما يرى في حال اليقظة فهو من ذلك القبيل ) .
الألف واللام في ( النوم ) للعهد . والمعهود النوم الذي في قوله ، صلى الله عليه وسلم :"الناس نيام ، إذا ماتوا إنتبهوا. .
" أي ، كل ما يرى في اليقظة التي هي في الحقيقة نوم .

فهو من قبيل ما رآه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في مدة ستة أشهر ، عند كل عالم بالحقائق .
فإنهم يعلمون ما أراد الله منه ويعملون بمقتضاه ، وإن اختلفت أحوال الصور المرئية ومعانيها  أو وإن اختلفت أحوالهما بحسب اختلاف عوالمهما ، فكما يجب العبور عن الصور المرئية في النوم إلى المراد منها ، كذلك يجب العبور عن الصور المرئية في اليقظة إلى المراد منها .
( فمضى قولها ستة أشهر ) . أي ، مدة ستة أشهر ، كما قالت . فالمراد من ( القول ) المقول .
يدل على ذلك قوله : ( بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة إنما هو منام في منام ) . أي ، مضى عمره كله بمثابة الأشهر المذكورة ، فعمره إنما هو منام في منام . لأن الأحوال المتعاقبة مقامات متعاقبة .
فقوله : ( إنما هو منام في منام ) خبر مبتداء محذوف . ويجوز أن يكون عطف بيان لقوله : ( بتلك المثابة ) . يعنى كان مناما في منامه .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
الفص اليوسفي
09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية

أي: ما يتزين به ويكمل العلم اليقيني الباحث عن تنوير الخيال لصحة الكشف الصوري.
ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى يوسف عليه السلام إذ كوشف في الصغر في المنام عن حال أمره في الكبر ، ثم كوشف له عن معاني هذه الصور من غير اشتغال بتعلم علم التعبير.
"" أضاف المحقق : اعلم أن النور الحقيقي يدرك به، و نور ذات الحق سبحانه وتعالى لا يدرك؛ لأنه عين ذات الحق تعالى من حيث تجردها عن النسب والإضافات .
الحديث: "سئل ابن عباس، فقيل: يابن عباس، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟
قال: نعم. فقلت لابن عباس: أليس يقول الله: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" [الأنعام: 103] ، قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره الذي هو نوره، إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء." رواه المقدسي في المختارة والبيهقي وابن خزيمة وغيرهم.""
كما قال أبوه: "وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث" [يوسف: 6]، وقد أول رؤيا الفتيان في السجن، وقال: "ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون" [يوسف: 37].
وقد أول رؤيا الملك بعدما عجز عن تعبيرها أهل زمانه وقالوا:"أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين" [يوسف: 44].

قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
ثم أشار رحمه الله إلى وجه تخصیص هذه الحكمة بالنورية مع أن جميع الحكم أنوار الكمال معنى النورية فيها إذ تنكشف بها المعاني بلبسة المحسوسات.
فتتضح غاية الوضوح ويعرف بها ما وراء الصور من المعاني من غير احتياج إلى تعلم علم التعبير، ولذا لا يقال لكل من رأى رؤيا صادقة أنه أوتي الحكمة النورية.
فقال: (هذه الحكمة النورية) أي: المذكورة هاهنا دون المشار إليها في قوله: "الله نور السموات والأرض" [النور:35] وقوله: "واتبعوا النور الذي أنزل معه" [ الأعراف: 157].
وقوله : "الله ولي الذين قاموا يخرجهم من الظلمات إلى النور" [البقرة: 257] ونحو ذلك (انبساط نورها) أي نور الحكمة بحيث تقيد الصفاء الكلي، ولا تحوج إلى علم آخر (على حضرة الخيال) التي هي خزانة صور المحسوسات ليكشف له في البسها المعاني الغيبية من غير انحراف فيها.
(وهو) أي: انبساط نور الحكمة على حضرة الخيال (أول مبادئ الوحي الإلهي)، فإن الوحي لما كان إلقاء المعاني الغيبية على الروح، ولا تعرفها النفس المحجوبة إلا بواسطة قواها الباطنة، ولا يصفو ما فيها إلا عند تنورها بنور الحكمة، وأول ما يتنور منها قوة الخيال؛ فتصغر منها الصور المخزونة عن الالتباس والاختلاط، فيصح فيها الكشف الصوري في المنام، ثم في اليقظة.
وغاية ذلك أن تصبر النفس متنورة بنور الروح، فلا يحتاج إلى الوسائط، فللوحي مبادئ وغاية وأول مبادئه انبساط نور الحكمة الفائضة على الروح إلى حضرة الخيال في أهل العناية)، وهم الأنبياء عليهم السلام - ثم الأولياء اعتني بهم في تصحیح كشوفهم عما يعرض لأصحاب أضغاث الأحلام في اليقظة أو المنام، وفي رعاية أحوال عقولهم حتى لا تدهش بما ليس لها به ألفة إذا رأته بغتة.
واستدل على أنه أول مبادئ الوحي بأثر عائشة رضي الله عنها فقال: (تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي..)
أي: إلقاء المعاني الغيبية عليه ("الرؤيا الصادقة"). رواه البخاري ، ومسلم.
المطابقة صورة المرئي فيها صورته في عالم الحس الظاهر»، فلا تحتاج إلى التعبير إذ المحتاج إليه إنما يصدق باعتبار التأويل.
ولذلك قالت: («فكان لا يرى رؤيا إلا") جاءت في الحس الظاهر ("مثل فلق الصبح»). رواه البخاري ، ومسلم.
في كشف الحجاب عن خفائها فكأنها (تقول: لا خفاء بها) فنسب إليها القصور بهذا القول.
فقال رضي الله عنه : (وإلى هاهنا) أي: القول بعدم الخفاء في الصور إذا انتهت إلى الحس الظاهر (بلغ علمها لا غير) مع أن الصور ليست مقصودة بذاتها، فلها معان خفية لا تظهر إلا عند تمام كشف الحجب في الآخرة.
ثم قالت: («وكانت المدة في ذلك ستة أشهر، ثم جاءه الوحي على لسان الملك» فغلطها أولا في تعيين المدة، ثم في مجيء الملك مخالف لحالة الرؤيا بالكلية.
فقال رضي الله عنه : (وما علمت) حين قيدت المدة بستة أشهر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام").
يرون صورة لا يعرفون معانيها الحقيقية ("فإذا ماتوا انتبهوا") لها بكشف الحجب كلها والرسول داخل فيهم، وإن كان صاحب كشف ووحي لبقاء بعض الحجب عليه بسبب تعلق الروح بالبدن. الحديث رواه البيهقي والسيوطي في الجامع الصغير.
وكل ما يرى الرسول صلى الله عليه وسلم (في حال يقظته فهو من ذلك القبيل) أي: قبيل الرؤيا في الاحتياج إلى التعبير الذي لا يتم ظهوره إلا في عالم الآخرة.
(وإن اختلفت الأحوال) أي: أحواله صلى الله عليه وسلم في المنام واليقظة وانكشاف أمور الآخرة له والحجاب عنها.
وإذا كان كذلك (فمضى) أي: بطل بطلان الماضي بحيث لا يمكن عوده (قولها أن تلك المدة ستة أشهر بل عمره كله) سواء كان حال الكشف أم لا، لأنه في الدنيا فبعض الحجب باق عليه لا محالة (بتلك المثابة) أي: مثابة المنام.
ثم استشعر سؤالا بأنه إذا كان الكل مناما فما معنى رؤيته في المنام، وما معنی كشوفه؟؟
فقال رضي الله عنه : (إنما هو) أي: المرئي له في المنام المتعارف (منام في منام)، كمن يرى في المنام أنه كان نائما فرأى في نومه رؤيا فاستيقظ فعبرها وهو إلى الآن في المنام لم يستيقظ بعد.

"" أضاف الجامع من حدث ولو كذبا الى عابر للرؤيا متحقق ونقلها الى خيال العابر وعبرها له وقعت حكما 
قال الشيخ في الفتوحات الباب الثامن والثمانون ومائة :
أو مما يحدث المرء به نفسه في حال يقظته فلا يعول على ما يرى من ذلك.  ومع هذا وكونها لا يعول عليها إذا عبرت كان لها حكم .
ولا بد يحدث لها ذلك من قوة التعبير لا من نفسها وهو أن الذي يعبرها حتى يصورها في خياله من المتكلم فقد أنتقلت تلك الصورة عن المحل الذي كانت فيه حديث نفس أو تحزين شيطان إلى خيال العابر لها وما هي له حديث نفس.
فيحكم على صورة محققة أرتسمت في ذاته فيظهر لها حكم أحدثه حصول تلك الصورة في نفس العابر.
كما جاء في قصة يوسف مع الرجلين وكانا قد كذبا فيما صوراه فكان مما حدثا به أنفسهما فتخيلاه من غير رؤيا وهو أبعد في الأمر أذ لو كان رؤيا لكان أدخل في باب التعبير فلما قصاه على يوسف حصل في خيال يوسف عليه السلام صورة من ذلك لم يكن يوسف حدث بذلك نفسه فصارت حقا في حق يوسف وكأنه هو الرائي الذي رأى تلك الرؤيا
لذلك الرجل وقاما له مقام الملك الذي بيده صور الرؤيا فلما عبر لهما رؤياهما قالا له أردنا أختبارك وما رأينا شيئا .
فقال: يوسف قضى الأمر الذي فيه تستفتيان فخرج الأمر في الحس كما عبر .
ثم أن الله تعالى إذا رأى أحد رؤيا فإن صاحبها له فيما رآه حظ من الخير والشر بحسب ما تقتضي رؤياه أو يكون الحظ في ناموس الوقت في ذلك الموضع وأما في الصورة المرئية فلا فيصور الله ذلك الحظ طائرا وهو ملك في صورة طائر
كما يخلق من الأعمال صورا ملكية روحانية جسدية برزخية وأنما جعلها في صورة طائر لأنه يقال طار له سهمه بكذا أو الطائر الحظ قال الله عز وجل " قالوا طائركم معكم " أي حظكم ونصيبكم معكم من الخير والشر .أهـ . ""


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
09  - فصّ حكمة نوريّة في كلمة يوسفيّة

ومما يلوّح عليه أنّ التسعة الكماليّة المتبطَّنة في عقد الوجود تراها ظاهرة في " النور" والكلمة ، وهما متطابقان فيه ، متوافقان في إظهار تلك الصورة الكماليّة وإبرازها إلى العيان : وجود ( 19 ) ، نور ( 256 ) ، ون اوا ( 64 ) ، ين ال ( 91 ) ، يوسف ( 11 ) ، ااوين ا ( 69 ) .
ومن هاهنا ترى هذه الحكمة واقعة من النظم في المرتبة التاسعة .
تسمية الفصّ
وبيّن أنّ الحكمة النوريّة كما هي منتهى سرّ الظهور وإبانة الصور في أحد الأبعاد الثلاثة التي عليها بناء نظم الفصوص الحكميّة التي في هذا الكتاب لا بدّ وأن تكون كاشفه عن أمر الإظهار وتبيين المعاني على ما هو بصدده الكلمات الكماليّة النبويّة .
التي هي مظاهر تلك الحكم ، إلَّا أن ذلك الكشف والإظهار إنّما يتصوّر تحقّقه في الصور بحسب عقائد العامّة ، إذا كانت تلك الصور خياليّة محضة في المنام ، دون الحسيّة المشاهدة .
وأمّا عند الخاصّة من المحقّقين فعامّ كما سبق الإيماء إليه في طيّ منظوماته ، وإليه أشار بقوله :

مبادئ الوحي
( هذه الحكمة النوريّة انبساط نورها على حضرة الخيال ) وذلك في أوّل مراتب إظهار النور لطائف المعاني .
ولذلك قال : ( وهو أوّل مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية ) فإنّ الأكثرين عاكفون عليه في استكشاف المعاني ، ما يجاوزون عنه ، سيّما أهل الظاهر ، الذين هم بنات آدم كما سبق تحقيقه  وإليه نبّه بقوله : ( تقول عائشة رضي الله عنها: « أوّل ما بدئ به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من الوحي : الرؤيا الصادقة ، وكان لا يرى رؤيا إلا خرجت ) أي ظهرت في عالم العيان ( "مثل فلق الصبح » ) في الصدق والإبانة .
ولذلك قال : ( تقول : لاخفاء بها ، وإلى هنا بلغ علمها ) أي إلى ظهور رؤياه مثل فلق الصبح بما لا يشك فيه ولا يرتاب ( لا غير ) ذلك من المعاني .

الدنيا منام في منام
(وكانت المدّة له في ذلك ستّة أشهر ، ثمّ جاءه الملك ) ،  وهذا التفصيل من عندها بحسب مبلغ علمها في رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ( وما علمت أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد قال  : « إنّ الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا » ) . 
فتكون الصور المرئيّة في هذا العالم كلَّها مبيّنة للحقائق مثل فلق الصبح في الشهود الختمي ( وكلّ ما يرى في حال النوم  فهو من ذلك القبيل ) مثل فلق الصبح وذلك لأنّ الصورة حيثما كانت مبيّنة للمعاني ، كاشفة عن تفاصيلها سيّما للحضرة الختميّة ( وإن اختلفت الأحوال ) بحسب النوم واليقظة .
( فمضى قولها « ستة أشهر » ) أي مضت المدّة التي حدّتها بحسب علمها الذي مضى حكمها ، فإنّه ما هي مقصورة عليه ( بل عمره كلَّه في الدنيا بتلك المثابة ) هذا كلام وقع في البين.
وقوله  رضي الله عنه : ( إنّما هو منام في منام ) الضمير فيه راجع إلى « كلّ ما يرى في حال النوم » ، أي كلّ ما يرى في حال النوم إنّما هو منام في منام .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )

الفص اليوسفي
09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية

قال الشيخ رضي الله عنه : ( هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة،)

المراد بالحكمة النورية : العلوم والمعارف المتعلقة بعالم المثالي، لأنه عالم نوراني وإنما خصها بالكلمة اليوسفية لأنه عليه السلام كان عالما بمراد الله من الصور المرتبة المثالية .
وكل من يعلم بعده ذلك فمن مرتبته يأخذ ومن روحانيته يستفيد (هذه الكلمة النورية)، أي العلوم والمعارف المتعلقة بعالم المثال هو عالم نوراني (انبساط نورها)، أي حاصلة من انبساط نورها.
أي نور الكلمة اليوسفية التي هي روحانيته (على حضرة الخيال) المطلق أو المقيد في حال النوم.
والمراد بانبساط نورها عليها على الصورة المتمثلة المرتبة فيها وعلى ما أراد الله سبحانه بها (وهو)، أي ذلك الانبساط (أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية) الكبرى الذين هم الأنبياء عليهم السلام أولا إنما هو الصور المثالية المرئية في النوم ثم يترقون إلى أن يروا الملك في المثال المطلق أو المفيد في غير حال النوم لكن مع فتور ما في الحس .
(تقول عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة).رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
فهي من أقسام الوحي، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : «الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وهي نصيب المؤمنين منها". رواه البخاري ومسلم وغيرهما.


قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام. )
(وكان) صلى الله عليه وسلم  (لا يرى رؤيا إلا خرجت)، أي هذه الرؤيا معا، أي مع ما عبرت به (مثل فلق الصبح).
وفسر الشيخ رضي الله عنه قوله : مثل فلق الصبح بقوله : (تقول)، أي عائشة رضي الله عنها (لا خفاء بها)، أي بالرؤيا التي كان صلى الله عليه وسلم يراها فميزت عائشة رضي الله عنها بین أوقات النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت بعضها مناما يخرج المرئي فيه إلى التعبير وبعضها يقظة لا يحتاج فيها إليه .
(وإلى هنا) أي إلى هذا المقام من التمييز بين النوم واليقظة (بلغ علمها لا غير) ثم تقول عائشة رضي الله عنها (وكانت المدة له)، أي رسول الله  صلى الله عليه وسلم (في ذلك)، أي في الوحي بالرؤيا الصادقة (ستة أشهر ثم جاء الملك) في حضرة المثال والخيال من غير نوم .
(وما علمت) عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال) يعني ما تنبهت المعنى قوله : (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا) فإن النبي صلى الله عليه وسلم عد الناس في حال اليقظة أيضا نياما . رواه أبو نعيم فى حلية الأولياء و أبي الفضل الزهري وأورده الكواني الشافعي فى الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري .أورده العجلوني و العراقي والسيوطي وقالوا هو من قول الإمام علي بن أبي طالب.
وجعل ما يظهر لهم في الحس مثل ما يظهر لهم في الخيال حين النوم، فكما أن الصور المرئية في النوم محتاجة إلى العبور منها إلى حقائقها الباطنة كذلك الصور المحسوسة أيضا.
فإنها أمثال للصور المثالية ، وهي الأرواح المجردة وأحوالها وهي للأسماء الإلهية وهي للشؤون الذاتية، فكما يعرف العالم بالتعبير المراد بالصورة المرئية في النوم كذلك يعرف العارف بالحقائق المراد بالصور الظاهرة في كل مرتبة.
فعلم من قوله صلى الله عليه وسلم : "إن يقظة الناس نوم" وعندنا مقدمة معلومة (و) هي (كل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل)، أي من قبيل ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم  في مدة ستة أشهر في الاحتياج إلى التعبير .
(وإن اختلفت الأحوال)، أي أحوال النوم بأن كانت حال النوم المزاجي الحقيقي أو حال النوم الحكمي (فمضى قولها)، أي مقول عائشة رضي الله عنها (ستة أشهر)، أي مدتها كلها (بل عمره) صلى الله عليه وسلم  (كله في الدنيا بتلك المثابة).
أي بمثابة النوم . قوله رضي الله عنه  : بتلك، متعلق بقوله : مضى (إنما هو)، أي عمره صلى الله عليه وسلم  (منام في) عقب (منام)، لأن الصورة المتعاقبة المرئية فيه منامات متعاقبة يعبر العارف منها إلى حقائقها.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 20:52 عدل 5 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 28 مايو 2019 - 10:24 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : "وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم. ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما."
قال رضي الله عنه : (وكل ما ورد من رؤياه) المنامية عليه السلام ورؤيا غيره أيضا (من هذا القبيل)، أي منام في منام مدة العمر (فهو)، أي الوارد من ذلك (المسمى عالم الخيال)، لأن الله تعالى يخلقه للنائم فكشف له عنه، فیدركه النائم بقوة خياله فهو عالم، أي موجود عنده لا عند غيره ممن ليس بنائم.
قال رضي الله عنه : (ولهذا)، أي لكون المسمى عالم الخيال (يعبر)، أي يعبره المعبرون (أي) بيان للضمير المستتر في الفعل الأمر الذي يراه النائم (وهو في نفسه على صورة كذا)، أي صورة كانت من الصور المحسوسة أو المعنوية المعقولة (ظهر)، أي ذلك الأمر باعتبار حالة النوم (في صورة) أخرى محسوسة (غيرها)، أي غير تلك الصورة الأولى التي هو عليها ذلك الأمر.
قال رضي الله عنه : (فيجوز)، أي يمر ويتجاوز الإنسان (العابر)، أي المعبر لتلك الرؤيا المنامية (من هذه الصورة) الثانية التي أبصرها النائم في منامه المنسوبة لذلك الأمر إلى (صورة ما هو) ذلك (الأمر عليه) من صورته التي هو عليها في عالم محسوسة كانت أو معقولة .
(إن أصاب) ذلك العابر في تعبيره قال رضي الله عنه : (كظهور) صورة (العام) المعنوية في المنام (في صورة اللبن)، أي الحليب المحسوسة لمن رأى ذلك (فعبر)، أي جاوز العابر (في التأويل من صورة اللبن) المرئية في المنام.
قال رضي الله عنه : (إلى صورة العلم فتأول) ذلك (أي قال مآل)، أي مرجع (هذه الصورة اللبنية)، أي المنسوبة إلى اللبن التي رآها الرائي في المنام (إلى صورة العلم) في اليقظة، وهكذا في كل رؤيا عبرها العابر وأولها المؤول.
قال رضي الله عنه : (ثم إنه)، أي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (كان إذا أوحي إليه)، أي إذا أوحى الله تعالى إليه بالملك (أخذ بالبناء للمفعول، أي غاب (عن) الأشياء المحسوسات المعتادة) للناس (فسجي)، أي غطي بثوب ونحوه (وغاب عن) الجماعة (الحاضرين عنده فإذا سري)، أي ذهب ذلك الحال قال رضي الله عنه : (عنه رد) صلى الله عليه وسلم إلى المحسوسات المعتادة (فما أدركه)، أي الوحي .
قال رضي الله عنه : (إلا في حضرة الخيال إلا أنه)، أي النبي في تلك الحالة (لا يسمى نائما)، لأن النوم فتور يأتي من قبل الطبيعة لضعف تماسكها في بعض الأحيان من تراكم الأبخرة الرطبة المتصاعدة إلى الدماغ.
وهذه الحالة من قبل الروح الإنساني القدسي وتوجهه إلى إفادة النفس المتشعبة في الجسم التي هي شعاع ذلك الروح الإنساني، فتفيض ما أفاضته في الصور الطبيعية فتزول المعاني في الصور الطبيعية.
هو القدر المشترك بين حالة النائم وهذه الحالة، والفرق بينهما من جهة المبدأ الفياض.
ولهذا ورد في الحديث : "أن رؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة»رواه مسلم وابن حبان وغيرهما.
وفي رواية : «الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة»رواه البخاري والنسائي وغيرهما.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل، أي من قبيل المنام في المنام فهو المسمى علم الخيال) فكان الوحي كلها سواء كان بالرؤيا الصادقة أو بالملك أو بغيرهما سواء سمي نائما كما في الرؤيا أو لم يسمى كما في غيرها من عالم الخيال.
(ولهذا) أي ولأجل كون كل ما ورد من قبيل المنام في المنام من حضرة الخيال (یعبر) بالتشديد على البناء للمفعول (أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر) للنائم (في صورة غيرها) أي غير صورته في نفسه .
قال رضي الله عنه : (فیجوز) أي فيعبر (العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه) في نفسه (إن أصاب) العابر.
قال رضي الله عنه : (كظهور العلم) لرسول الله عليه السلام في منامه (في صورة اللبن فعبر) أي جاز رسول الله عليه السلام (في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول) رسول الله عليه السلام (أي قال مال هذه الصورة اللبنية) وهي التي  أبصرها رسول الله عليه السلام (إلى صورة العلم) التي لم يبصرها رسول الله (ثم إنه عليه السلام كان إذا أوحي إليه) بدون تمثل الملك .
قال رضي الله عنه : (أخذ عن المحسوسات المعتادة) أي عن محسوساته المعتادة له (فسجي) بالتشديد أي فستر عن المحسوسات المعتادة (وغاب عن الحاضرين عنده) بدخوله في حضرة الغيب.
قال رضي الله عنه :  (فإذا سري) بالتشديد أي رفع (عنه) ما به غاب عن الحاضرين (رد) إلى المحسوسات المعتادة (فما ادركه) أي الأمر حين غيبته عن الحس.
(إلا في حضرة الخيال إلا أنه لا بسمي) رسول الله (نائما) في ذلك الوقت .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : "وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن. فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم. ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما."
قال : ثم جاءه الملك. يعني أن عند مجيء الملك أيضا كان من عالم الخيال .
قال :وعذرها أنها ما علمت قوله، عليه السلام: "الناس نيام"، وأنه لا انتباه من ذلك النوم إلا بالموت وهو قوله: «فإذا ماتوا انتبهوا.»
قال : و كل ما يرى فهو في حال النوم، فمضى قولها ستة أشهر أي بطل .
قال: بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة إنما هو منام في منام، يعني أن المستيقظ هو نائم، فإذا انتقل إلى النوم" فإنما انتقل من منام إلى منام.
قال: وكل ما ورد من هذا القبيل، أي من الوحي فهو من عالم الخيال.
قال: ولهذا يعبره العابر، كتأويل شرب اللبن بحصول العلم وهو علم الفطرة لا العلم الإلهي. فإن تعبير ذلك إنما هو برؤية شرب الماء كما أن عبارة شرب الخمر عند أهل الطريق بحصول الأحوال وتناول العسل بحصول علم الأسرار.
قال: فما أدركه النبي، صلى الله عليه وسلم، هو في صورة الخيال لأنه إذا غاب ويتنحى في حال ورود الوحي لا يسمونه مناما وإن كان في الحقيقة مناما، هذا هو مراده.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : ( وكلّ ما ورد من هذا القبيل ، فهو المسمّى عالم الخيال ولهذا يعبّر ، أي الأمر - الذي هو في نفسه على صورة كذا - ظهر في صورة غيرها ، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه ، إن أصاب ، كظهور العلم في صورة اللبن ، فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم ، فتأوّل ، أي قال : مؤوّل " هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم ) .
قال العبد : سرّ ذلك أنّ اللبن أوّل غذاء فطريّ يغذّى به المولود الجسماني ، والعلم الفطريّ أوّل غذاء يتغذّى به الروح ، لهذا كانت الصورة اللبنية مظهر العلم في عالم المثال وما دونه من حضرات الصور والشخصيات ، لثبوت هذه النسبة الصحيحة بينهما .
قال رضي الله عنه : ( ثم إنّه عليه السّلام كان إذا أوحي إليه ، أخذ عن المحسوسات المعتادة ، فسجّي وغاب عن الحاضرين عنده ، فإذا سرّي عنه ردّ ، فما أدركه إلَّا في حضرة الخيال إلَّا أنّه لا يسمّى نائما ) أي ما يغفل مثل غفلة النائم ، لأنّه كان ينام عينه ولا ينام قلبه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : ( وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ، ولهذا يعبر : أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها ) أي تفسير لهذا القبيل .
والمعنى كل ما ورد من الأمر الذي له صورة معينه في نفسه فظهر صورة أخرى غيرها من عالم الخيال.
"" إضافة بالي زادة :  ( وكل ما ورد من هذا القبيل ) أي من قبيل المنام في المنام فهو المسمى عالم الخيال ، فكان الوحي كلها سواء كان بالرؤيا أو بالملك ، وسواء سمى نائما أو لم يسم من عالم الخيال اهـ
( هذا ) أي إدراك هذه الأشياء . (من جهة يوسف ) فقط لا من جهة المرئي ، وإلا لكان لهم علم بما رآه يوسف ولم يكن لهم علم اهـ ""
فيجوز العابر من هذه الصور التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب ، كظهور العلم في صورة اللبن فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول.
أي قال : مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم ) وذلك أن اللبن أول غذاء البدن ، فتمثل أول غذاء الروح وهو العلم النافع الفطري بصورته ، كما ذكر للمناسبة بينهما .
قال رضي الله عنه : (ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحى إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجى وغاب عن الحاضرين عنه ، فإذا سرى عنه رد ، فما أدركه إلا في حضرة الخيال إلا أنه لا يسمى نائما )
( وكل ما ورد من هذا القبيل ) أي ، من قبيل ما يعبر . ( فهو المسمى عالم الخيال ) . فالكون كله خيال .

كما قال : إنما الكون خيال ، وهو حق في الحقيقة كل من يفهم هذا حاز أسرار الطريقة
( ولهذا يعبر ) على البناء للمفعول .
( أي ، الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ، ظهر في صورة غيرها ، فيجوز العابر ) أي ، يعبر العابر . ( من هذه الصورة التي أبصرها النائم ، إلى صورة ما هو الأمر عليه ) .
أي ، في نفسه ( إن أصاب ) أي ، العابر . ( كظهور العلم في صورة اللبن ، فعبر ) بالتخفيف .

أي ، عبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين ما رأى في منامه أنه يشرب اللبن إلى
أن خرج من أظافيره . ( في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم ، فتأول ) رسول الله .
( أي قال : مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم ) . التي هي في نفس الأمر .
(ثم إنه ، صلى الله عليه وسلم ، كان إذا أوحى إليه ، أخذ عن المحسوسات المعتادة ، فسجى ) على البناء للمفعول . أي ، ألبس ثوبا مثاليا .
يقال : سجيته . أي ، ألبسته الثوب . أو ستر عنه المحسوس بدخوله في الغيب .
( وغاب عن الحاضرين عنده ، فإذا سرى عنه رد ) أي ، إذا كشف عنه ورفع ما به كان غائبا عن الحس ، رد إلى حضرة الشهادة .
( فما أدركه إلا في حضرة الخيال ، إلا أنه لا يسمى نائما ) . وذلك لأن النوم ما يكون سببه أمرا مزاجيا يعرض للدفاع .
وسبب هذا أمر روحاني ، يفيض على القلب فيأخذه عن الشهادة . فلا يسمى باسمه . وهذا المعنى قد يكون بلا غيبة عن الحس بالكلية . كما كان حال النبي ، صلوات الله عليه ، في نهاية أمره ، بخلاف النوم . وهذه الحالة شبيه بالسنة . 


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : ( وكل ما ورد من هذا القبيل ) أي ، من قبيل ما يعبر . ( فهو المسمى عالم الخيال ) . فالكون كله خيال .
كما قال : إنما الكون خيال ، وهو حق في الحقيقة كل من يفهم هذا حاز أسرار الطريقة
( ولهذا يعبر ) على البناء للمفعول .
( أي ، الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ، ظهر في صورة غيرها ، فيجوز العابر ) أي ، يعبر العابر . ( من هذه الصورة التي أبصرها النائم ، إلى صورة ما هو الأمر عليه ) .
أي ، في نفسه ( إن أصاب ) أي ، العابر . ( كظهور العلم في صورة اللبن ، فعبر ) بالتخفيف . 
أي ، عبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين ما رأى في منامه أنه يشرب اللبن إلى
أن خرج من أظافيره . ( في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم ، فتأول ) رسول الله .
قال رضي الله عنه : ( أي قال : مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم ) . التي هي في نفس الأمر .
(ثم إنه ، صلى الله عليه وسلم ، كان إذا أوحى إليه ، أخذ عن المحسوسات المعتادة ، فسجى ) على البناء للمفعول . أي ، ألبس ثوبا مثاليا . 
يقال : سجيته . أي ، ألبسته الثوب . أو ستر عنه المحسوس بدخوله في الغيب .
قال رضي الله عنه : ( وغاب عن الحاضرين عنده ، فإذا سرى عنه رد ) أي ، إذا كشف عنه ورفع ما به كان غائبا عن الحس ، رد إلى حضرة الشهادة .
قال رضي الله عنه : ( فما أدركه إلا في حضرة الخيال ، إلا أنه لا يسمى نائما ) . وذلك لأن النوم ما يكون سببه أمرا مزاجيا يعرض للدفاع .
وسبب هذا أمر روحاني ، يفيض على القلب فيأخذه عن الشهادة . فلا يسمى باسمه . وهذا المعنى قد يكون بلا غيبة عن الحس بالكلية . كما كان حال النبي ، صلوات الله عليه ، في نهاية أمره ، بخلاف النوم . وهذه الحالة شبيه بالسنة . 


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن. فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم. ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
ثم أشار إلى الفرق بين ما يرى بالحس الظاهر، وبين ما يرى بالحس الباطن في اليقظة أو المنام في لبسه الصور، وبين المعاني المجردة عنها.
فقال رضي الله عنه : (وكل ما ورد) من المعاني (من هذا القبيل) أي: في لبسه الصور (هو المسمى عالم الخيال) لكونه مرئيا في الحس المشترك عن القوة الخيالية المقابلة لها تقابل المرايا المصقولة.
ولا تسمى الصور المحسوسة بالحس الظاهر بذلك إلا مجازا باعتبار ما لها من التأويل في الآخرة مثل تأويل هذه الصور.
واسمها الحقيقي عالم الحس الظاهر، وتسمى المعاني بالمجردة عالم العقل.
ولهذا أي لوقعها في القوة الخيالية التي من شأنها جمع الصور المتقاربة بحيث تلبس على الرائي بعضها ببعض، فلا يكاد يتميز المقصود عن غيره تميزا تاما .
(يعبر)، أي: يحتاج فيه إلى التعبير غالبا سواء في المنام أو اليقظة، ومعناه ما أشار إليه بقوله، (أي: الأمر الذي هو في نفسه) .
أي: في عالم الحس الظاهر (على صورة كذا ظهر) للرائي بحضرة الخيال (في صورة غيرها) مما يناسبها مناسبة ما، فهنا تعبير وتأويل:
والأول: هو المرور من الصورة المرئية في المنام إلى الصورة المحسوسة بالحس الظاهر .
والثاني: هو الوصول إلى تلك الصورة المحسوسة .
وإليه الإشارة بقوله: (فيجوز) أي: يمر (العابر) أي: القاصد للوصول إلى الصورة المحسوسة سواء كان الرائي أو غيره .
(من هذه الصورة التي أبصرها النائم) أو من في معناه (إلى صورة ما هو الأمر) أي: أمر المرئي (عليه) من الحس الظاهر (إن أصاب) في التعبير، وإلا وصل إلى غيرها.
ثم مثل بالصورة البعيدة المناسبة بحسب إدراك العامة، فقال: (كظهور العلم في صورة اللبن) في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم (فعبر في) فضل الوصول إلى (التأويل من صورة اللبن) الذي هو غذاء الجسم إلى صورة العلم الذي هو غذاء الروح.
(فتأول) أي: وصل إلى التأويل (أي قال: مال هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم) فهذا صحيح كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم وإن كان بصورة العلم تأويل آخر بالنسبة إلى الآخرة.
ولهذا لم يعترض على يوسف عليه السلام بقوله: "هذا تأويل رؤياي" [يوسف: 100] كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وإنما اعترض عليه بقوله: "قد جعلها ربي حقا " .
ثم أشار رضي الله عنه : إلى رؤية الملك في اليقظة سواء في صورة لا توجد في الحيوانات أو في صورة توجد فيها من هذا القبيل ردا على ما يفهم من ظاهر قول عائشة رضي الله عنها "ثم جاءه الملك".
فقال رضي الله عنه : (ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة) قيد بذلك؛ لأنه قد يفتح له عن المحسوسات الباطنية ليدرك بالقوة الخيالية أو الوهمية أو المفكرة.
واستدل عليه بأنه (غاب عن الحاضرين عنده)، وذلك لئلا يشغله عن عالم الغيب، (فإذا سری) أي: ذهب الوحي عنه (رد) إلى عالم المحسوسات. وإذا كان كذلك (فما أدركه) أي: الملك الذي جاء بالوحي (إلا في حضرة الخيال) لامتناع إدراكه في عالم الحس بعد أن يؤخذ عن المحسوسات.
وعدم الاحتياج إلى هذا الأخذ عند كشف المعاني المجردة عند تنور النفس غاية التنور، هذا رؤية الملك في غير صور الحيوانات.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:31 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 30 مايو 2019 - 0:37 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة :الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : ( وكلّ ما ورد ) من الصور الحسّية العيانيّة أيضا ( من هذا القبيل ، فهو المسمّى « عالم الخيال » ) لأنّ سلطان الخيال أمره قويّ في العالمين ، والصور متشاكلة متناسبة فيهما ، وأمزجة الرائي بحسب أوقاتها وروابط مناسباتها إلى تلك الصور متفاوتة .
فربّما رأى شيئا في المنام ، أو ورد عليه في القيام على صورة مشاكلة لما عليه في نفس الأمر ، بحسب مناسبته لتلك الصورة المرئيّة مزاجا أو وقتا أو حالا  .

التعبير 
قال رضي الله عنه : ( ولهذا يعبّر ) من الصورة المرئيّة - مثاليّة كانت أو حسّية - إلى الصورة التي عليها في نفس الأمر ، فإنّ الصور كلَّها من الخيال .
ولغرابة هذا الكلام على المدارك احتاج إلى تفسير عالم المثال مطلقا والتعبير عمّا وقع فيه بقوله قال رضي الله عنه : ( أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها ، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه - إن أصاب ) .
وهذه هي الحكمة النوريّة التي تفرّد بإظهارها الكلمة اليوسفيّة ( كظهور العلم في صورة اللبن ، فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم ، فتأوّل أي فآل  مآل هذه الصورة اللبنيّة إلى صورة العلم ) .
ووجه المناسبة بينهما بحسب الأصول الحكميّة : أنّ اللبن مع صفاء جوهره وبياض نوريّته المبين أوّل ما يتغذّى به القوابل في مهد تقدّسها وتنزّهها عن التعمّلات الإمكانيّة والتسبّبات الكونيّة الهيولانيّة ، وهو الذي  يعدّ مزاج الطفل القابل للأغذية المتكثّرة ، فذلك هي الرقيقة الوحدانيّة بين القابل والأكوان المعدّة له أن يتّحد بالكلّ - إعداد العلم للعالم أن يتحد بمعلوماته المتكثّرة.

وأمّا بحسب التلويحات الحرفيّة فهو أنّ ما يستحصل من بيّنات « اللبن » يدلّ على الصحّة التي هي من خواصّ الصور العلميّة ، المطابقة لما في نفس الأمر ، وإذا انضمّ إليها بيّنات عددها يستحصل منه صورة الوضوح التي إنّما يكون للعلم : لبن : أم ا ون 98 ، ادا .

" يعني من « صورة الوضوح » لفظة « الصحو » فان من ( 98 ) يستحصل حرفا الصاد والحاء ، ومن بينات صاد وح يعني ( اد ) و ( ا ) ، وعدد هذه الحروف الثلاثة جمعا هو الستة التي هي عدد الواو ، فإذا انضم الواو إلى ص وح حصل لفظة « صحو » ، والصحو نهاية الظهور الذي يعبّر عنه بالوضوح في عرف العامة ".

أخذ الوحي في حضرة الخيال
هذا ما في عالم المثال من الصور الخياليّة . وأمّا ما في عالم الحسّ منها ، فإليه أشار بقوله :
قال رضي الله عنه : ( ثمّ إنّه صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة ) بجواذب الصور الفائضة عليه ، الشاغلة له عنها ، ( فسجّي وغاب عن الحاضرين عنده ) - سجّيت الثوب على الميّت : إذا مددته عليه ( فإذا سرّي عنه ) أي كشف - ( ردّ ) إلى تلك المحسوسات المعتادة.

قال رضي الله عنه : ( فما أدركه إلَّا في حضرة الخيال ) ، أي ما أدرك الوحي إلَّا في طيّ الصور الخياليّة ، مما لا اعتياد لقواه الحاسّة بها ، كالصور الحرفيّة وتركيباتها المعجزة الفائقة ، وإدراك تلك الصور وإن كان لا يمكن  إلَّا في حضرة الخيال التي هي من عالم المثال ( إلَّا أنّه لا يسمّى نائما ) لعدم تعطيل قواه وتحويلها جملة من هذا العالم إلى عالم المثال .
هذا إذا قوي عليه سلطان الوحي ، بحيث غاب عن المحسوسات .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)
قال رضي الله عنه : (وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم. ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. )

قال رضي الله عنه :  (وكل ما ورد من رؤیاه من هذا القبيل)، أي من قبيل ما يرى في حال النوم (فهو المسمى عالم الخيال)، فالعام كله خیال.
قال رضي الله عنه :
إنما الكون خيال   …. وهو حق في الحقيقة
(ولهذا)، أي تكون الكل من عالم الخيال مسمی به (يعبر) وفسر التعبير بقوله : (أي) الأمر الذي يعني التعبير هو أن يتمان (الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة) بالتنوين قال رضي الله عنه : (غيرها) بالجر على أنه صفة للصورة أي في صورة مغايرة للصورة التي هو عليها في نفسه.
(فيجوز) أن يعبر (العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم) حقيقة أو حكمة (إلى صورة ما هو الأمر عليه)، أي إلى صورة يكون الأمر عليها، فما موصولة وإضافة الصورة إليه بيانية والضمير المرجوع مفسر بالأمر .
قال رضي الله عنه : (إن أصاب) المعبر وظهر الأمر في صورة مغايرة لما هو عليه في نفسه (كظهور العلم في المنام في صورة اللبن) فعبر النبي صلى الله عليه وسلم  (في التأويل)، أي في الحكم .
بأن مأل الصورة المرئية في النوم، أي سمی هو (من صورة اللبن إلى صورة العلم فناول) صلى الله عليه وسلم  (أي قال مال هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.

"" أضاف المحقق يشير إلى حديث البخاري: (عن عبد الله بن عمر أن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتی !ې لاري لم يخرج في أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله قال : العلم.)""

قال رضي الله عنه : (ثم أنه  صلى الله عليه وسلم  كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي)، أي ستر (وغاب عن الحاضرين عنده)، أي لم يبق له احساس بهم فإن الغائب عن الشيء لم يكن له إحساس به. (فإذا سري)، أي رفع الوحي (عنه رد) إلى ما غاب عنه وأحس به.
قال رضي الله عنه : (فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.)  

(فما أدركه)، أي الذي أوحي إليه (إلا في حضرة الخيال) المطلق أو المقيد (إلا أنه لا يسمي نائما)، لأن النوم عرفا ولغة ما يكون سببه أمرا مزاجيا يعرض للدماغ و سبب هذا أمر مزاجي يقبض على القلب فيأخذه عن المحسوسات.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:34 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 30 مايو 2019 - 0:40 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )
قال رضي الله عنه : " وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.  فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها. ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين: صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. "
قال رضي الله عنه : (وكذلك)، أي مثل ما ذكر (إذا تمثل له الملك) الذي يوحي إليه (رجلا)، أي في صورة رجل كما كان يأتيه صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي وفي صورة أعرابي (فذلك) التمثل (من حضرة الخيال) أيضا .
(فإنه)، أي الملك المتمثل (ليس برجل) من بني آدم (وإنما هو ملك) من الملائكة (فدخل) ذلك الملك (في صورة إنسان) فالحقيقة الروحانية للملك والإنسانية فيه خيالية (فعبره الناظر) إلى تلك الصورة الإنسانية (العارف) بذلك التمثيل يعني جاوز من تلك الصورة الإنسانية (حتى وصل إلى صورته)، أي صورة ذلك الملك الحقيقية التي هو عليها في نفسه .
والحاصل أن الأرواح سواء كانت ملكية أو إنسانية أو جنية أو شيطانية أو حيوانية أو غير ذلك قابلة للتشكل والدخول في أي صورة شاءت من الصو.
غير أن تلك القابلية فيها إما بالفعل كالأرواح الملكية والجنية والشيطانية وبعض الإنسانية، أو بالقوة كالأرواح الحيوانية وغيرها، وكل هذا بواسطة القوة المتخيلة ووجود عالم الخيال واتصاله بعالم الأرواح في الكل، والوحي يكون بتجريد النبي عن صورته الحسية الخيالية ودخوله في صورة ملكية خيالية أخرى.
وهو حال غيبته عن الحاضرين عنده ، أو بتجريد الملك عن صورته الخيالية ونزوله في الصورة الحسية الخيالية الإنسانية.
وهو مجيئه في صورة دحية الكلبي أو صورة الأعرابي والصور كلها خيالية في الملأ الأعلى والأدنى، والحقائق كلها روحانية في الأعلى والأدنى أيضا، فكل ما هو غير الحق تعالی عالم روحاني له قوة خيال يظهر بها في كل صورة إما بالفعل أو بالقوة (فقال) عليه السلام عند ذلك التعبير لهم عنه كما يعبر لهم رؤيا المنام بصورة غير صورة ما رأوا (هذا)، أي الرجل الذي رأيتموه (جبرائیل) علیه السلام (أتاكم) في عالم منامكم الذي هو يقظتكم في الدنيا (یعلمكم دینكم) بسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم على حسب ما ورد في بقية الحديث.
قال رضي الله عنه : (وقد قال)، أي النبي صلى الله عليه وسلم (لهم ردوا على الرجل فسماه)، أي الملك (بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم) ذلك الملك (فيها ثم قال) صلى الله عليه وسلم  (هذا جبرائیل) علیه السلام (فاعتبر الصورة) الجبرائيلية (التي مآل)، أي مرجع (هذا الرجل المتخيل) لهم في التأويل (إليها فهو) صلى الله عليه وسلم  (صادق في المقالتين صدق) في المقالة الأولى ردوا على الرجل (العين) التي ظهر بها الملك له ولهم في صورة الرجل.
(في العين الحسية) الباصرة، فإنها لا ترى إلا الصورة المحسوسة (وصدق في أن هذا جبرائیل) علیه السلام في عين القلب التي هي البصيرة العارفة بذلك (فإنه)، أي ذلك الرجل (جبرائیل) علیه السلام (بلا شك) في نفس الأمر فقد أوفي عليه السلام كل عين حقها وأعطى كل عالم مقتضاه وهو الكمال المطلوب.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )
قال رضي الله عنه : (وكذلك إذا تمثل له الملك) أي إذا جاءه الملك للوحي فتمثل له (رجلا فذلك) الملك الظاهر له بصفة الرجل (من حضرة الخيال) .
فما رآه رسول الله عليه السلام والأصحاب رضوان الله عليهم إلا من حضرة الخيال لا من حضرة الشهادة وإنما كان ذلك الملك من حضرة الخيال .
قال رضي الله عنه : (فإنه) أي فإن ذلك الملك (ليس برجل في نفسه وإنما هو) في الحقيقة (ملك فدخل في صورة إنسان) فظهر له للوحي (فعبره الناظر العارف) حقيقة الحال وهو الرسول (حتى وصل إلى صورته الحقيقية) وهي صورة الملكية .
(فقال صلى الله عليه وسلم : هذا جبرائيل أتاكم يعلمكم) أمر (دينكم) فهذا حكم التعبير (و) الحال.
قال رضي الله عنه : (قد قال) عليه السلام (لهم) أي لأصحابه الذين منعوا دخول الرجل عليه (ردوا على الرجل فسماه بالرجل من أجل) أي بسبب (الصورة التي ظهر لهم) أي ظهر جبرائيل لأصحابه الحاضرين في ذلك المجلس (فيها) أي في صورة الرجل .
قال رضي الله عنه : (ثم قال) بعد قوله : ردوا على الرجل (هذا جبرائيل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها نهر صادق في المقالتين) .
هذا جبرائيل وردوا على الرجل (صدق) في تسمية الرجل (للعين) أي لأجل البصر الذي كان موضعه (في العين الحسية) فإن العين يطلق على البصر وعلى موضعه فإن الحاضرين لا ينظرون إليه إلا بالبصر الذي كان موضعه في عين رؤوسهم لا بالبصر الذي كان في قلوبهم .
ولو أدركوا بذلك لقالوا: هذا جبرائيل كما قال الرسول عليه السلام فما يسمي هذا العين إلا بالرجل .
فصدق الرسول عليه السلام في قوله لأجل هذا العين فهو معنى قوله : فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فهو حكم من الرسول عليه السلام بحسب العين الحسية أو معناه صدق للعين أي تعين الرجل .
قال رضي الله عنه : (وصدق في قوله : إن هذا جبرائيل فإنه جبرائیل) في نفسه (بلا شك) .
ولما فرغ عن بيان حال محمد عليه السلام في الرؤيا والوحي شرع في بيان حال يوسف عليه السلام في رؤياه ليظهر الفرق بينهما في رتب العلم في الرؤيا بقوله:  


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )
قال رضي الله عنه : " وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.  فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.  ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين: صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. "
و قال: وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا، فهو في عالم الخيال المذكور.
قال فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، لأنه، عليه السلام، قال عند ما رأوا رجلا يسأل النبي عليه السلام، عن الإسلام والإيمان والإحسان... والحديث مشهور.
قال: ردوا على الرجل فسماه رجلا، نظرا إلى صورته التي تحتاج إلى التعبير فلما لم يروا شيئا
قال: هذا جبرائیل جاء ليعلم الناس دينهم فسماه بالتعبير جبرئیل .وإن كان قد يقال للملك أنه رجل .و للجان أنه رجل.
قال تعالى: «وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن" (الجن: 6).


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )
قال رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثّل له الملك رجلا ، فذلك من حضرة الخيال ، فإنّه ليس برجل ، إنّما هو ملك فدخل في صورة إنسان ، فعبر الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية ، فقال : هذا جبرئيل ، أتاكم يعلَّمكم دينكم ، وقد قال لهم :" ردّوا عليّ " الرجل فسمّاه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها) .
ثم قال رضي الله عنه : (هذا جبرئيل فاعتبر الصورة التي مآل  هذا الرجل المتخيّل إليها ، وهو صادق في المقالتين ، صدق للعين في العين الحسيّة ، وصدق في أنّ هذا جبرئيل ، فإنّه جبرئيل بلا شكّ ) كلّ هذا ظاهر بيّن .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )

قال رضي الله عنه : (وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال ، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك ، فدخل في صورة إنسان فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته بالحقيقة ، فقال: " هذا جبريل أتاكم ليعلمكم دينكم "وقد قال لهم " ردوا علىّ الرجل » فسماه رجلا من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها ، ثم قال: « هذا جبريل » فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها ، فهو صادق في المقالتين صدق العين ).
أي عين الرجل ( في العين الحسية وصدق في أن هذا جبريل ، فإنه جبريل بلا شك ) كله ظاهر.
"" إضافة بالي زادة : ( من يوسف في خزانة خياله ) لا من المرئي ، فإن إدراك ما في خزانة الخيال قد يكون من الرائي والمرئي معا كظهور جبرئيل للنبي ، فإن الإدراك واقع منهما ، بخلاف يوسف مع إخوته ( وعلم ذلك يعقوب ) أي عدم علمهم بما رآه يوسف ( حين قص ) الرؤيا على يعقوب اهـ بالى .
( ثم برأ وألحقه بالشيطان ) أي بعد إسناد ذلك الكيد لبغيه أسنده إلى الشيطان ( وليس إلا عين الكيد ) من يعقوب مع يوسف لئلا تبقى عداوة إخوته في قلبه مع بقاء الاحتراز اهـ. بالي زادة ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )
قال رضي الله عنه : (وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا ، فذلك ) أي التمثل . ( من حضرة الخيال ، فإنه ليس برجل ) . أي ، موجود في الحس كما هو العادة .
( وإنما هو ملك ، فدخل في صورة إنسان . فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية ،فقال : هذا جبرئيل أتاكم يعلمكم أمر دينكم.
وقد قال لهم : ردوا على الرجل . فسماه ب‍ ( الرجل ) من أجل الصورة التي ظهر لهم ) أي ، ظهر جبرئيل ، عليه السلام ، للناظرين .
قال رضي الله عنه : ( فيها . ثم قال : هذا جبرئيل . فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها ) . وهي الصورة الملكية .
( فهو صادق في المقالتين : صدق للعين في العين الحسية ) .
أي ، للعين التي هي من الحواس الظاهرة في رؤيته العين ، أي الذات المحسوسة . أو صدق للعين ، أي الذات الجبرئيلية في العين الحسية ، وهي البصر .
قال رضي الله عنه : (وصدق في أن هذا جبرئيل . فإنه جبرئيل بلا شك ).  



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )
قال رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.  فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها. ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين: صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )
ثم أشار إلى رؤيته في صور الحيوانات، فقال: (وكذلك) أي: يرى الملك في حضرة الخيال (إذا تمثل له الملك رجلا فذلك) المتمثل (من حضرة الخيال) إذ لو كان من عالم الحس لكان رجلا بالحقيقة، ولكنه ليس كذلك.
(فإنه ليس برجل) ذكر من بني آدم، و(إنما هو ملك) كان مجردا (فدخل في صورة إنسان) أخذها من عالم المثال لنفسه، ليألف المخاطب، (فعبره) الناظر (العارف) لقوة معرفته بالفرق بين الصور الحسية والخيالية بحيث يميز بينهما بالبداهة .
(حتى وصل إلى صورته الحقيقية) التي ليس شأن كل واحد الوصول إليها،
(فقال: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم") أي: في صورة مألوفة لكم فلا تدهش عقولكم لرؤيته فلا تفهموا منه أمر دينكم الذي هو أهم الأمور كلها. الحديث رواه مسلم وابن أبي عاصم.
(وقد قال لهم) أولا (ردوا على الرجل) ليعلموا عند تعذر رده بعدم رؤيته بعد غيبة قليلة أنه ليس من جنس البشر فيصدقونه صلى الله عليه وسلم في أنه جبريل بلا وقفة (فسماه) أولا مجازا (بالرجل من أجل الصورة التي ظهر جبريل)عليه السلام  (لهم فيها) جريا على اعتقاد الحاضرين حتى إذا أزال اعتقادهم ذلك.
( فاعتبر) ثانيا (الصورة الملكية التي مال هذا الرجل المتخيل إليها) أي: إلى تلك الصورة الملكية.
( فهو) أي: النبي صلى الله عليه وسلم (صادق في المقالتين).
لكن قوله: ردوا على الرجل (صدق العين) أي: الصورة المحسوسة الظاهرة في العين الحسية الباطنة، كأنها عين ظاهرة .
(وصدق في أن هذا جبريل عليه السلام) باعتبار مالها، (فإنه جبريل عليه السلام  بلا شك)، وإن ظهر في صورة خيالية من شأنها كثرة الغلط فيها، لكن لا غلط فيها بعد تنورها.
ولذلك يقع الجزم بما يرى فيها حينئذ الكامل الحال تام الاعتدال كالمقامات الصادقة، كما يحصل الجزم بالمرئيات الظاهرة، وإن وقع في بعضها الغلط.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:33 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 30 مايو 2019 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )
قال رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثّل له الملك رجلا ) فيما لم يغب عن تلك المحسوسات ، (فذلك من حضرة الخيال ) أيضا ( فإنّه ليس برجل ) في نفسه ( وإنّما هو ملك ، فدخل في صورة إنسان ، فعبره الناظر العارف حتّى وصل إلى صورته الحقيقيّة ) التي هو عليها في نفسه ( فقال : « هذا جبرئيل أتاكم يعلَّمكم دينكم  ").
قال رضي الله عنه : (وقد قال لهم : « ردّوا عليّ الرجل » فسمّاه ب « الرجل » من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها ) تنزّلا إلى مواطن إدراكهم ( ثمّ قال : «هذا جبرئيل» فاعتبر الصورة التي هي مآل هذا الرجل المتخيّل إليها ، فهو صادق في المقالتين ، صدق للعين في العين الحسيّة ) ، لأنّ المحسوس هو المشار إليه بهذا الرجل ، والعين صادقة في إدراكها هذا بأنّه رجل ، ( وصدق في أنّ هذا جبرئيل ، فإنّه جبرئيل بلا شك ) ، فإنّه هو في نفسه .
هذا ما أشار إليه الحضرة الختميّة من الجمعيّة في هذا الموطن .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية، وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك. )

قال رضي الله عنه : ( وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان. فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم. و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها. ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. فهو صادق في المقالتين: صدق للعين في العين الحسية، )
قال رضي الله عنه : (فكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك) التمثل (من حضرة الخيال فإنه)، أي الملك (ليس برجل) حقيقي، فإنه ليس إنسان ذكر (وإنما هو ملك فدخل في صورة إنسان) ذكر .
(فعبره)، أي الإنسان (الناظر) في الصورة المرئية (العارف) بما يؤول إليه (حتي وصل إلى صورته الحقيقية . فقال : "هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دینكم".)
"" أضاف المحقق : الشيخ يشير لحديث مسلم : قال حدثني أبي عمر بن الخطاب قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم : فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ذ وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . قال صدقت.
قال فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال صدقت . قال فأخبرني عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال فأخبرني عن الساعة قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل . قال فأخبرني عن إمارتها .قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان. قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي يا عمر أتدري من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.) ""
وقد قال لهم: "ردوا على الرجل فسماه)، أي جبریل (بالرجل من أجل الصورة التي ظهر) جبريل (لهم)، أي للحاضرين (فيها)، أي في تلك الصورة.
قال رضي الله عنه : (ثم قال: هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مال هذا الرجل المنخيل إليها)، وهذه الصورة المعتبرة هي الصورة الملكية (فهو صادق) في هاتين المقالتين (صدق للعين)، أي لمشاهدة العين الباصرة (في العين الحسية).
أي في الذات المحسوسة بالبصر التي لجبريل والجار والمجرور أعني في العين الحسية متعلق بصدق، أي صدق في الحكم .
على الذات الجبريلية المحسوسة بأنه رجل المشاهدة بالعين الباصرة له.
كذلك هو صادق في أنه رجل لظهور العين الجبریلية في العين الباصرة التي هي من جملة الحواس .
قال رضي الله عنه : ( وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك.)
وصدق في أنه رجل لظهور العين الجبریلية في العين الباصرة التي هي من جملة الحواس .
كذلك وصدق في أن هذا المرئي في صورة رجل (جبريل فإنه جبريل بلا شك) منه ظهر في صورة رجل.



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:34 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 30 مايو 2019 - 0:54 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
قال رضي الله عنه : " و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر. هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم. فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد. فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة. ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،"
"إن الشيطان للإنسان عدو مبين" [يوسف: 5] أي ظاهر العداوة .
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: "هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا". أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال،
فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : «الناس نيام».
قال رضي الله عنه : (وقال يوسف عليه السلام) في رؤياه التي قصها على أبيه (" إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " [يوسف: 4] .
فرأى عليه السلام (إخوته) الاثنى عشر (في صورة الكواكب ورأى أباه يعقوب) عليه السلام  (في صورة الشمس) (وخالته) أخت أمه  كان أبوه قد تزوجها بعد موت أمه في صورة (القمر) .
قال رضي الله عنه : (هذا) الأمر كان (من جهة يوسف) عليه السلام في عالم خياله (ولو كان) الأمر كذلك (من جهة المرئي لكان ظهور إخوته) عليهم السلام (في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم) من جهة عالم خيالهم أن يظهروا كذلك ليوسف عليه السلام.
مثل ظهور الملك "جبريل" في صورة الأعرابي من جهة عالم خياله أمر مراد له أن يظهر فيه للنبي صلى الله عليه وسلم وللصحابة رضي الله عنهم.
(فلما لم يكن لهم)، أي لإخوة يوسف عليه السلام لأبيه وخالته (علم بما رآه يوسف عليه السلام) منهم في المنام في عالم خياله (كان الإدراك) في تلك الصور
من جهة (يوسف عليه السلام في خزانة خياله) بحسب منامه .
قال رضي الله عنه : (وعلم ذلك)، أي أن تلك الصور من جهة يوسف عليه السلام لا من جهة المرئي (يعقوب أبوه عليهما السلام حين قصها)، أي هذه الرؤيا المنامية (عليه فقال ) يعقوب عليه السلام (" يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا") [يوسف: 5].
بسبب علمهم من ذلك رفعتك عليهم وانقيادهم لك طوعا لسلطانك.
قال رضي الله عنه : (ثم برأ) يعقوب عليه السلام (بنیه) عليهم السلام (عن ذلك الكيد) الذي علم أنه يصدر منهم في حق يوسف عليه السلام (وألحقه)، أي ذلك الكيد (بالشيطان وليس الشيطان في ذلك إلا عين الكيد) الذي وقع منهم في حق يوسف عليه السلام فإنهم أنبياء كما هو نبي وهم معصومون من الذنوب.
فإذا صدر منهم ذنب كان من عمل الشيطان الذي يجري من الإنسان في جسده مجرى الدم لا من علمهم، كما قال موسى لما وكز القبطي فقضى عليه إنه من عمل الشيطان.
ثم قال : و"وقتلت منهم نفسا" [القصص: 33]، أي بالنظر إلى رؤيتهم ذلك، فإن الشيطان استعمل" الغضب" يد موسی علیه السلام في القتل دون الحقيقة الإنسانية المعصومة من الذنوب ، فكان ظهور صور الذنوب على أجسام الأنبياء عليهم السلام نظير ظهور ذلك على أجسام
غيرهم من الناس الذي لم يكن ذلك عن تعمد منهم كما قال عليه السلام «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » فليست ذنوبا صغائر ولا كبائر وإنما هي صور الذنوب فقط.
الحديث أورده العجلوني في كشف الخفاء وأورده السيوطي في التفسير بلفظ : «رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه». وعزاه إلى ابن عدي في الكامل وأبي نعيم في التاريخ. و روي الحديث بألفاظ اخرى متقاربة منها: «وضع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

قال تعالى: "وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ" [البقرة : 225]، وأما غير الأنبياء عليهم السلام إذا صدرت منهم الذنوب فإن الشيطان يستعمل فيها حقائقهم الإنسانية مع أعضائهم الجسمانية فتكون ذنوبة من الصغائر والكبائر.
وكون الشيطان نفس الكيد، لأنه قوة نارية اتصلت بأجسام النبيين فحفظ الله تعالى منها إنسانيتهم وعصمها فلم يصدر عنها ذنب أصلا وإنما صدر ذلك من الشيطان باستعمال أجسامهم كما ورد أن الله سلط الشيطان على جسد أيوب عليه السلام وحفظ قلبه.
فكان البلاء في جسده دون قلبه، وفي آدم عليه السلام حتى أكل من الشجرة فأهبط الله تعالی جسده إلى الأرض بسبب عصيانه الصوري. وهو في الحقيقة عصیان الشيطان العصيان الحقيقي.
وقلب آدم عليه السلام الذي هو إنسانيته المكلفة لم تبرح من حضرة الحق تعالی كباقي النبيين عليهم السلام، وهي المعصومة دون غيرهم من الناس، فإن التكليف واقع من الله تعالى على الإنسانية المتصلة بالجسد لا على الجسد.
ونظير هذا قصة الغرانيق التي وقعت لنبينا صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تعالى فيها قوله سبحانه : "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته " [الحج: 52]، الآية .
أرأيت أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر وأخذ عن زوجته وكان يخيل له أنه فعل الشيء ولم يكن فعله، والسحر استعمال الشياطين.
فكان ذلك في جسد النبي دون قلبه وأنزل الله عليه المعوذتين في شأن ذلك ولا ينافي هذا قول علماء الكلام إن الأنبياء معصومون من الصغائر والكبائر عمدها وخطئها.
فإن هذا ليس من الذنوب بالنظر إلى الأنبياء عليهم السلام أصلا، وإن صدر على خواطرهم، فإنه من عمل الشيطان .
كما قال تعالى حكاية عنهم وليس من عملهم، ولعل للأنبياء عليهم السلام في حالة صدور ذلك عنهم حالة نفسانية خصوصية يعرفونها نظير الخطأ أو النسيان فينا.
فالنائم إذا رأى في منامه أنه فعل ذنبا فإنه ليس بذنب أصلا، ويؤيده قوله تعالى: "ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي" [طه: 115]، فقد سمى تعالى تلك الحالة نسيانا ولا
يقاس غير الأنبياء على الأنبياء والأمر ذوقي لا خيالي، والله أعلم.
قال رضي الله عنه : (فقال) يعقوب عليه السلام ("إن الشيطان للإنسان") [يوسف : 5] من طرف يوسف وإخوته عليهم السلام وعدو مبيه [يوسف: 5]، (أي ظاهر العداوة) لا تخفي عداوته (ثم قال يوسف) لأبيه عليه السلام (بعد ذلك في آخر الأمر) بعد أن وقع الكيد له من إخوته ونجاه الله تعالى من ذلك .
وأتته إخوته ووضع أبويه على العرش وخروا له سجدا (هذا)، أي ما وقع الآن (تأويل)، أي مآل، أي مرجع (رؤياي) المنامية (من قبل قد جعلها ربي حقا) بعدما كانت خيالا لا باطلا في غير صورتها الآن .
قال رضي الله عنه : (أي أظهرها) في صورتها الأصلية (في) عالم (الحس بعدما كانت في صورة الخيال فقال له)، أي ليوسف عليه السلام بلسان الحال نظرا إلى مقابلة الكاملين (النبي صلى الله عليه وسلم الناس) في عالم الحس في الحياة الدنيا الذي سماه يوسف عليه السلام حق أي أمرة حقيقية (نیام) جمع نائم، فإذا ماتوا انتبهوا ، وكذلك إذا ماتوا نیام، فإذا بعثوا انتبهوا.
قال تعالى : "قالوا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا" [يس : 52]، والمرقد موضع الرقود وهو النوم وكذلك إذا بعثوا نيام، فإذا استقروا في جنة أو نار انتبهوا ، والانتباه الحقيقي الذي ليس بعده نوم وقت رؤية الحق تعالی و ظهور أمره مجردا عن كل صورة، لأن الصورة كلها خيالية كما قدمناه والحقائق كلها أمرية روحانية .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
قال رضي الله عنه : (وقال يوسف) عليه السلام قال رضي الله عنه : («إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين» فرأى إخوته في صورة الكوكب ورأى أباه وخالته في صورة الشمس والقمر هذا أي إدراك هذه الأشياء من جهة يوسف عليه السلام) فقط لا من جهة المرئي .
قال رضي الله عنه : (ولو كان) هذا الإدراك (من جهة المرئي لكل ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم) ولم يكن لهم هذا الظهور
مرادا وإلا لكان لهم علم بما رآه يوسف عليه السلام ولم يكن لهم علم بما رآه يوسف (فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف عليه السلام كان الإدراك من جهة يوسف في خزانة خياله) لا من المرئي .
فإن إدراك ما في خزانة الخيال قد يكون من الرائي والمرئي مع كظهور جبريل للنبي فإن جبرائیل علم بما رآه محمد عليه السلام فكان الإدراك واقعة منهما بخلاف يوسف عليه السلام مع إخوته (وعلم ذلك يعقوب) عليه السلام أي عدم علمهم بما رآه يوسف عليه السلام (حين قصها عليه).
أي حين قصر الرؤيا علي يعقوب فقال: («يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك») لنلا يطلعوا على رؤياك فإنهم لو اطلعوا رؤياك لعلموا تفوقك عليهم ("فيكيدوا لك كيدا" ) أي فيحتالوا لإهلاكك حيلة.
قال رضي الله عنه : (ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان) أي بعد إسناد ذلك الكيد إلى بنية أسند إلى الشيطان لأن كيدهم بإغوائه و إضلاله
قال رضي الله عنه : (وليس) إلحاق الكيد بالشيطان (إلا عين الكيد) من يعقوب مع يوسف عليهما السلام لثلا يبقى عداوة إخوته في قلبه .
فإنه لما أسند الكيد إلى بنيه علم يوسف عليه السلام إن إخوته عدو له فوقع في قلب يوسف عليه السلام عداوة إخوته فعلم يعقوب عليه السلام ذلك من يوسف عليه السلام فألحق الكيد بالشيطان تدفع ذلك من يوسف عليه السلام .
قال رضي الله عنه : (فقال : «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أى ظاهر العداوة) فعلم يوسف عليه السلام من ذلك إن إخوته ليسوا عدوا له بل عدوه الشيطان فكان هذا الكلام من يعقوب عليه السلام عين الكيد مع يوسف عليه السلام حتى لا يزول عن قلبه محبة الأخوة مع بقاء الاحتراز.
وهو قوله : "لا تقصص" فمراد يعقوب عليه السلام إثبات محبتهم في قلبه مع حفظه يوسف عليه السلام عن كیدهم.
وإنما قال الحق الكيد مع أن الملحق العداوة لا الكبد تكون العداوة سببة للكبد فإلحاق العداوة إلحاقة (ثم قال يوسف عليه السلام بعد ذلك) أي بعد ظهور هذه الأشياء له.
قال رضي الله عنه : (في آخر الأمر) وهو وقت لقائه إلى أبيه وخالته وإخوته (هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا أي أظهرها في الحس بعدما كانت في صورة الخيال) فلم يعلم تأويل رؤياه إلا بعد وجودها في الحس .
ففرق بين الصورة الخيالية والحسية ولم يجعل الخيالية من المحسوسات والمحسوسات من الخيالية وليس الأمر كذلك بل كلها خيالية حسية.
قال رضي الله عنه : (فقال له النبي محمد) عليه السلام أي للحس الذي لم يجعله يوسف عليه السلام من الخيال (الناس نيام) فجعله محمد عليه السلام من الخيال .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
قال رضي الله عنه : " و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر. هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم. فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد. فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،"
قال: ومن عالم الخيال، قول يوسف، عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين» (يوسف: 4) وكان تعبير الأحد عشر كوكبا، إخوته وتعبير الشمس والقمر، أباه وخالته.
قال: وهذا من جهة خيال يوسف، لا خيال إخوته وأبيه وخالته، إذ لو كان بخيال الأخوة والأبوين لأحسوا بأنهم صاروا كواكب وشمسا وقمرا ولكان صيرورتهم كذلك هو مرادا لهم.
أي أرادوا أن يصيروا شمسا وقمرا وكواكب وليس فلیس"كذلك" .
قال : وعلم ذلك يعقوب حین قصها عليه، يعني أنه عبرها فعلم مآل الأمر .
فقال: يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك.
قال : وبرأ أبناءه من ذلك الكيد و ألحقه بالشيطان، قال: وتعني بالشيطان نفس كیدهم فإنه شیطان ظاهر العداوة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
وقال رضي الله عنه : ( وقال يوسف عليه السّلام : “ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ " ، فرأى إخوانه في صور الكواكب ، ورأى أباه وخالته في صورة الشمس والقمر) .
قال العبد : إنّما رآهم كذلك ، لمناسبة موجبة لتجسّدها في هذه الصورة ، وذلك لأنّ الشمس والقمر أصلان كالأبوين بالنسبة إلى أنوار الكواكب ، فهم لا ظهور لهم في حضورهما للرائي ، كما أنّ النجوم لا تظهر في نور النيّرين ، ويغمرانها في الحضور بنورهما ويغمرانها به كذلك في البعد والسفور .
قال رضي الله عنه : ( هذا من جهة يوسف ، ولو كان من جهة المرئيّ لكان ظهور إخوته في صور الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم ، فلمّا لم يكن لهم علم بما رآه يوسف ، كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله ، وعلم ذلك يعقوب عليه السّلام حين قصّها عليه ).
فقال رضي الله عنه: ( "يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً " ، ثمّ برّأ أبناءه عن ذلك الكيد  وألحقه بالشيطان ، وليس إلَّا عين الكيد ).
فقال رضي الله عنه: (إِنَّ الشَّيْطانَ لِلإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ " أي ظاهر العداوة  .)
قال العبد : هذا من علم يعقوب ويوسف عليهما السّلام وأرباب علم التعبير ، إنّ ما صوّر النيّرين والكواكب إلى أبويه وإخوته لما ذكرنا من المناسبة ، والذي فوق هذا من الكشف أنّ الأب والأمّ صورتا الروح والطبيعة تولَّدت بينهما صورة الإنسان العنصرية ، والكواكب صور الحقائق والقوى روحانيّها وطبيعيّها وإلهيّها ويوسف عليه السّلام صورة أحدية جمع الجمال والكمال العلمي والعملي الخصيصين بصورة الإنسان التي هي صورة الحق أو على صورته .
وسجودهم له إشارة من الحق إلى أنّ قواه الطبيعية والروحانية والروح والطبيعة داخلة في حكم الصور الإلهية الإنسانية المخلوقة على أحسن تقويم.
ومنفعلة ومسخّرة لها ، لأنّ الإنسان وإن تولَّد من حيث صورته الجسمانية من الروح والطبيعة أوّلا وتولَّدت معه وقبله وبعده من أبوي روحه وطبيعته قوى وخصائص ، ولكنّ الكلّ تحت حيطة فلك الصورة ، وليس إلَّا لأهل الكشف المعنوي ، والحمد لله .

قال رضي الله عنه : ( ثم قال يوسف عليه السّلام عند ذلك في آخر الأمر : "هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " أي أظهرها في الحسّ بعد ما كانت في صورة الخيال ).
أي حقيقة الصور المتخيّلة أن تظهر في الحسّ على صورها الأصلية الفعلية الحقيقية .
قال رضي الله عنه: ( فقال له النبي عليه السّلام: " الناس نيام ) أي أنّه لا يظهر في الخيال إلَّا الصور المحسوسة المرئيّة قبل ذلك ، لتقييد مرتبة عالم الخيال بالقوّة المتخيّلة ، فإنّه المثال المقيّد


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
قال رضي الله عنه : ( وقال يوسف عليه والسلام : " إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشَّمْسَ والْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ " فرأى إخوته في صورة الكواكب ، ورأى أباه وخالته في صورة الشمس والقمر ، هذا من جهة يوسف ، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب ، وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس ، والقمر مرادا لهم .
فلما لم يكن لهم علم بما رآه كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله ، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال : "يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً "  ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان .
وليس إلا عين الكيد فقال : " إِنَّ الشَّيْطانَ لِلإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ " أي ظاهر العداوة ) وعلم يعقوب أن ذلك اختصاص من عند الله ليوسف واجتباء له من بين إخوته ، وأن اقتصاصها عليهم يوجب حسدهم عليه وقصدهم إياه بالسوء فنهاه عن ذلك.
"" إضافة بالي زادة : ( من يوسف في خزانة خياله ) لا من المرئي ، فإن إدراك ما في خزانة الخيال قد يكون من الرائي والمرئي معا كظهور جبريل للنبي ، فإن الإدراك واقع منهما ، بخلاف يوسف مع إخوته ( وعلم ذلك يعقوب ) أي عدم علمهم بما رآه يوسف ( حين قص ) الرؤيا على يعقوب اهـ بالى .
( ثم برأ وألحقه بالشيطان ) أي بعد إسناد ذلك الكيد لبغيه أسنده إلى الشيطان ( وليس إلا عين الكيد ) من يعقوب مع يوسف لئلا تبقى عداوة إخوته في قلبه مع بقاء الاحتراز اهـ. بالي زادة ""

وإنما نسب الكيد إلى الشيطان وبرأ أبناءه عنه مكرا ليوسف وكيدا له في تزكيته عن سوء الظن بهم ، وتربيته وترشيحه للنبوة التي يغرسها فيه .
فإن النبوة لا بد لها من سلامة الصدر وصفاء القلب ونقاء الباطن ، وتذكر ما ذكره في فص نوح : أن الدعوة مكر بالمدعو ، وقد علم أن الكيد من أحوال أعيانهم الثابتة وكذا طاعة الشيطان ، والفعل في الأصل إنما هو من الله .
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر :" هذا تَأْوِيلُ رُؤيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا ".
أي أظهر في عالم الحس بعد ما كانت في صورة الخيال ) ومعنى كون الصورة الخيالية حقا أن يظهر في الشاهد عند الحس مطابقة للصورة العقلية الحقيقية والصورة الشخصية المثالية ، فإن الأخذ قد يكون من عالم القدس وقد يكون من عالم المثال ، والصورة المثالية لا تكون إلا حقا : أي مطابقة للمعنى العقلي .
"" إضافة بالي زادة :   فلم يعلم تأويل رؤياه إلا بعد وجودها في الحس ، ففرق يوسف بين الصورة الخيالية والحسية ، ولم يجعل أحدهما من الآخر ، وليس كذلك بل كلها خيالية حسية ( فقال له ) أي للحس الذي لم يجعله يوسف من الخيال ( الناس نيام ) فجعلها من الخيال فكان قول يوسف في إدراك محمد بمنزلة من رأى اهـ بالى . ""
وكذلك الخارجية للمثالية أبدا ( فقال له ) أي لهذا الأمر ( النبي محمد صلى الله عليه وسلم " الناس نيام ").


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
قال رضي الله عنه : (وقال يوسف ، عليه السلام : " رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ") .
فرأى إخوته في صورة الكواكب ، ورأى أباه وخالته في صورة الشمس والقمر . هذا من
جهة يوسف . ولو كان من جهة المرئي ، لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم . فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف ، كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله ، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه .
فقال رضي الله عنه : ( يا بنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ) .

واعلم ، أن المرئي في صورة غير صورته الأصلية أو على صورته ، قد يكون بإرادة المرئي ، وقد يكون بإرادة الرائي ، وقد يكون بإرادتهما معا ، وقد يكون بغير إرادتهما .
أما الأول ، فكظهور الملك على نبي من الأنبياء في صورة من الصور ، وظهور الكمل من الأناسي على بعض الصالحين في صورة غير صورته .
وأما الثاني ، فكظهور روح من الأرواح الملكية أو الإنسانية باستنزال الكامل المتصرف إياه إلى
عالمه ، ليكشف معنى ما ، مختصا علمه به .
وأما الثالث ، فكظهور جبرئيل ، عليه السلام ، للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، باستنزاله إياه ، وبعث الحق إياه إلى النبي ، عليه السلام .
وأما الرابع ، فكرؤية زيد ، مثلا ، صورة عمرو في النوم من غير قصد وإرادة منهما .
ولما كان ظهور إخوة يوسف بصور الكواكب وظهور أبيه وخالته بصورة الشمس والقمر من غير علم منهم وإرادة ، قال : ( ولو كان من جهة المرئي ) أي ، هذا الظهور لو كان من جهتهم ، لعلموا ذلك .
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف في نومه ، علم أنه لم يكن من جهتهم ، ولا من جهة يوسف بحسب القصد والإرادة ، بل كان الإدراك منه بحسب إعطاء استعداده ذلك في خزانة الخيال .
ولم يكن له علم بما رآه ، إلا بعد أن وقع ، لذلك قال : " قد جعلها ربى حقا " .
وعلم ذلك يعقوب ، عليه السلام ، أولا حين قصها يوسف ، عليه السلام .
فقال : ( يا بنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ) .
( ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان ) . أي ، ألحق الكيد بالشيطان وبرأ أبناءه من ذلك الفعل ، لعلمه أن الأفعال كلها من الله .
ولما كان الشيطان مظهرا للإسم ( المضل ) ، أضاف الفعل السئ إليه . وهذه الإضافة أيضا كيد ومكر : فإن الله هو الفاعل في الحقيقة ، لا المظهر الشيطاني .
وهو المراد بقوله : ( وليس إلا عين الكيد ) . أي ، ليس إسناد الكيد إلى الشيطان أيضا إلا عين الكيد مع يوسف ، عليه السلام . وذلك ليتأدب ويتقى بإسناد المذام إلى ما هو مظهره ، وهو الشيطان .
(فقال : " إن الشيطان للإنسان عدو مبين " . أي ، ظاهر العداوة .
ثم ، قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر : " هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا "
أي ، أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال ).
(فقال له النبي ، صلى الله عليه وسلم : "الناس نيام " . ) أي ، جعل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، اليقظة أيضا نوعا من أنواع النوم ، لغفلة الناس فيه عن المعاني الغيبية والحقائق الإلهية ، كما يغفل النائم عنها .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
قال رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.  هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد. فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة. )

ثم أشار إلى أن هذا التمثل قد يكون من جهة المرئي كما مر من قصة جبريل عليه السلام وقد يكون من جهة الرائي مثل رؤيا يوسف عليه السلام .
فقال رضي الله عنه : (وقال يوسف عليه السلام :" إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم إلى ساجدين " [يوسف: 4]) فرأى إخوته) الذين هم أولاد سماء النبوة (في صور الكواكب ورأى أباه وخالته في صورة الشمس والقمر).
لكون يعقوب عليه السلام نبي ووالد لجملة من الأنبياء عليهم السلام، فهو منبع النور التام كالشمس وخالته مستفيدة للنور منه استفادة القمر من الشمس.
(هذا التمثل للمذكورين (من جهة) تصرف نفس (يوسف عليه السلام ) في خزانة خيالية لا من جهة قصد المرئي، كما مر في تمثل جبريل عليه السلام والدليل عليه أنه (لو كان) التمثل هاهنا (من جهة المرئي) أخوة يوسف عليه السلام وأبيه وخالته، (لكان ظهور أخوته في صور الكواكب، وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم) ضرورة أن ذواتهم لا توجب هذا التصور.
فلو أرادوا ذلك الظهور في هذه الصور الجليلة لم يريدوا مع ذلك أن يسجدوا ليوسف عليه السلام مع أنه نقيض مطلوبهم بالكلية على أنهم لو أرادوا ذلك لعلموا ولو علموا لذكروه.
إذ لا يمكن في العادة نسيان مثل هذا الأمر الجليل بسرعة فلم يكن لنهي يعقوب عليه السلام عن قص الرؤيا عليهم معنی.
(فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف عليه السلام كان الإدراك) لهؤلاء في هذه الصور الجليلة مع تذللهم له، وتصرف نفس (يوسف عليه السلام في خزانة خياله) رآهم مع هذه العظمة ساجدين له.
فلذلك . قال: "رأيتهم لى ساجدين" بتكرير رأيت كأنها رؤية أخرى بالكلفة.
(وعلم ذلك يعقوب عليه السلام حين قصها عليه) من حيث إن الظهور بهذه الصور الجليلة مع السجود ليوسف عليه السلام ليس مقصودا لهم البتة بل مقصود ليوسف عليه السلام (فقال: "يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا" [يوسف: 5]) عظيما لما فيها من تذللهم لك حال كمالهم.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:35 عدل 6 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 30 مايو 2019 - 1:01 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الخامسة الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة : الجزء الثاني
تابع خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
(ثم برا أبناءه عن ذلك الكيد)، بأنه ليس مقتضى كونهم أبنائي (فألحقه بالشيطان) من حيث غلبته عليهم عن غلبة الهوى الذي هو مراعاة عليهم.
(وليس) هذا الإلحاق بالشيطان وإن كان من قبيل إسناد الفعل إلى السبب بعد إسناده إلى الفاعل (إلا عين الكيد) بيوسف عليه السلام حيث أوقع في اعتقاده من ظاهر عبارته أنه من الشيطان لا غير، لئلا يحقد يوسف عليه السلام عليهم، ومثل هذا الكيد للمصلحة بلا تضمن مفسدة مع رعاية الصدق بالتجوز في الإسناد لا يمتنع من الأنبياء، كما كاد يوسف عليه السلام.
بإخوته في إخفاء الصاع، فقال تعالى في حقه: "كذلك كدنا ليوسف" [يوسف:76] فقال: "إن الشيطان للإنسان عدو مبين" [يوسف: 5])؛ فنفي العداوة منهم لئلا يعاديهم، وألحقه بالشيطان ليعاديه دائما، فكان كذلك في آخر الأمر.

""تعقيب من الجامع : 
اولا : كل الرسل والأنبياء منفي عنهم الحقد والحسد والغيلة والبغي والإفتراء وغيرها من أدوات واخلاق الشيطان التى يوقع بها العداوة بين البشر.
فضلا على أنها منفيه عن الأولياء الكمل من الرجال ولكن هناك الكراهية والمقت و الحزن و الغضب فخاف نبي الله يعقوب ان يقع ابنه يوسف عليهما السلام فى الحزن والكراهية والبغض او المقت لإخوته .
ولقد وضعوه فى غيابات الجب وباعوه بثمن بخس ولم يقل الله أنه حقد عليهم وإنما حزن وغضب وهو جائز فى حق الأنبياء عليهم السلام .
ثانيا ما قاله يعقوب عليه السلام السلام للشيطان فهو الحق والصدق لا شك بهذا .
وحتى لا يلقيها الشيطان في أمنية يوسف عليه السلام السلام فـ يستجلبها بهمته من عالم الخيال والمثال إلى عالم الحس فتصيب إخوته فنبهه وعلمه يعقوب عليه السلام السلام أن يغلق هذا الباب على الشيطان بالكلية .
وقد فعل يوسف عليه السلام السلام هذا. وتركهم لله وصبر عليهم حتى أتى الله بهم جمعيا وسجدوا له تحقيقا لرؤياه.""
ولما توهم من قوله: "مبين" أنه يظهر عداوته لهم مع أنه ليس كذلك لقصده أن يتبعوه قال: (أي: ظاهر العداوة) يعني أنه وإن بالغ في قصد إخفائها، فإنها من مبالغته فيها تصير ظاهرة كأنه يقصد إظهارها.

قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،
ثم أشار إلى أن منتهی علم يوسف عليه السلام يشبه علم عائشة رضي الله عنها في هذا المقام ليتدارك ما قال في شأنها أولا مع إظهار فضل نبينا الكلي.
فقال رضي الله عنه : (ثم قال يوسف عليه السلام بعد ذلك في آخر الأمر عند انتهاء حالة في الكمال: (" هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا" [يوسف: 100])، ولما لم يمكن تفسيره بمعنى: الثابت لكونه أمرا زائدا من أمور الدنيا، فيبعد من يوسف عليه السلام القول بثبوته.
قال رضي الله عنه : (أي: أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال) جعله حقا من حيث إنه لا يحتاج إلى العبور عنه إلى ما هو تأويله.
فقال له: أي لأجل احتياج كل محسوس إلى تأويل في القسمة (النبي) أي: الذي نبئ بالأسرار الخفية حتى فضل على من تقدمه من الأنبياء (محمد صلى الله عليه وسلم : «الناس نيام» فلكل ما رأوه في الدنيا تأويل «فإذا ماتوا انتبهوا» لتأويله .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
رؤيا يوسف ووجه تعبيرها
قال رضي الله عنه : (وقال يوسف عليه السّلام : " إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ " [ 12 / 4 ] فرأى إخوته في صورة الكواكب ) لما في متخيّلة يوسف من الاقتداء بأوضاعهم البيّنة الواضحة لديه والاهتداء بنيّرات أعمالهم عنده في ظلمات الغواسق الطبيعيّة والعوائد النفسانيّة.
ثمّ هذا النور تتفاوت أضواء هدايته في متخيّلة يوسف - تفاوت الأنوار الحسّية فيها - فلذلك رأى الإخوة في صورة الكواكب ( ورأى أباه وخالته في صورة الشمس والقمر).

قال رضي الله عنه : ( هذا من جهة يوسف ) وما في متخيّلته من الصورة المناسبة لهم حسب نيّته وخلاصة عقيدته فيهم ، ( ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صور الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم ) ويستلزم ذلك أن يكون مقتضى إرادتهم ومقاصد نيّاتهم إنّما يتوجّه إلى تبيين مسالكه وهدايته .
قال رضي الله عنه : ( فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف ) من الصورة الهادية ( كان الإدراك من يوسف ) إياهم في تلك الصورة ( في خزانة خياله ) فقط .
قال رضي الله عنه : ( وعلم ذلك يعقوب حين قصّها عليه ) وهو أنّ الصور النورانيّة الهادية التي رآهم فيها من جهة يوسف وما في صافي نيّته لهم ( فـ " قالَ يا بُنَيَّ "على صيغة التصغير ترحّما عليه بما فيه ( " لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ " ) لئلَّا يعرفوا رتبة منزلتهم في نيّتك وكمال عقيدتك فيهم وعلوّ رتبتك عليهم في نفسه ( " فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً " ) .
قال رضي الله عنه : ( ثمّ برّأ أبناءه عن ذلك الكيد ) إبقاء ليوسف في صفاء نيّته ونقاء سريرته ( وألحقه بالشيطان ، وليس ) ذلك الإبراء والإلحاق ( إلَّا عين الكيد )، لئلَّا ينحرف يوسف عن جادّة نيّته القويمة الموصلة له إلى كمالاته ، وإن كان في طريقه ذلك من المهالك الموحشة ما رآه - هذا من أدب الإرشاد .
قال رضي الله عنه : (فقال:  "إِنَّ الشَّيْطانَ لِلإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ " [ 12 / 5 ] أي ظاهر العداوة ) ، فإنّه في الباطن ما كان عداوة ، بل لو نظر إلى ما يؤول إليه أمر كيدهم ذلك كان عين الشفقة والحفاوة .
ولذلك قد استردف هذا الكلام بقوله : ( ثمّ قال يوسف - بعد ذلك في آخر الأمر ) قاعدا على سرير جلاله ، ومتمكَّنا في مستقرّ كماله ، مشيرا إلى موطن ذوقه وحاله - : ( " هذا تَأْوِيلُ رُؤيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " [ 12 / 100 ] أي أظهرها في الحسّ بعد ما كان في الخيال ) . 

البيان الختمي للرؤيا ومقارنته مع البيان اليوسفي
قال رضي الله عنه : ( فقال له ) أي للأمر الذي قبل فيه من يوسف : " هذا تَأْوِيلُ رُؤيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا ( النبي محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ) بلسان رتبته الإحاطيّة الختميّة في مضمار تسابق جياد الأذواق الحامدة ، والإنباء عن الحقائق الكاشفة - :
( « الناس نيام » ) في هذه المرتبة الحسّية أيضا ، لأنّهم مشغولون بالصور ، مستغرقين فيه ومشتغلين به عن جلائل الحقائق واللطائف المشتملة هي عليها .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»،)
قال رضي الله عنه : (  و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر. هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم. فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد. )
قال رضي الله عنه : (وقال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين» فرأى إخوته في صورة الكواكب) [يوسف :4 ].
المكان الاهتداء بهم (ورأى أباه وخالته في صورة الشمس والقمر) لكمال نوريته بالنسبة إلى اخوته وخالته في صورة القمر لاقتباسها النور من أبيه يعقوب عليه السلام الذي هو كان كالشمس.
قال رضي الله عنه : (هذا الذي ذكرنا من رؤية هؤلاء في تلك الصور من جهة يوسف) وبحسب إعطاء استعداده ذلك في القوة الخيالية ، وإن لم يكن بحسب الشعور والإرادة ولم يكن له علم بما رآه إلا بعد أن وقع.
(ولو كان من جهة الرائي) وبحسب شعوره وإرادته كظهور الملك على الأنبياء في صورة من الصور و كظهور الكمل من الأولياء على بعض الصالحين أيضا في صورة من الصور (لكان ظهور اخوته في صورة الكواكب، وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر) معلومة (مراد لهم فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من جهة يوسف في خزانة خياله وعلم بعقوب ذلك).
يعني أن هذه الرؤيا من جهة يوسف لا من جهتهم وليس لهم شعور بذلك حين قصها عليه .
فقال :"يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا" حسدا عليك حيث يحصل لهم علم بما رأينه من تفوقك عليهم وانقيادهم لك .
(ثم برأ) يعقوب عليه السلام (أبناءه عن الكبد) الذي أسنده إليهم أولا (وألحقه)، أي ذلك الكيد (بالشيطان وليس) ذلك الإلحاق (إلا عين الكبد) فإن الأفعال كلها من الله فنسبتها إلى الشيطان كنسبتها إلى أبنائه .
وإنما نسبها "يعقوب" إلى الشيطان كيدا بيوسف ليتجنب عن إسناد المنام إليه سبحانه.
""تعقيب من الجامع : " كيدا بيوسف" الأحداث تؤكد أن سيدنا يعقوب عليه السلام أبو الأنبياء والأسباط عليه السلام برأ أولاده من الكيد ليوسف عليه السلام (وهم ليسوا بأنبياء وليس لهم أخلاق الأنبياء) من الكيد والحقها بالشيطان فمن باب أولى نبرئ نبي الله يعقوب عليه السلام  من الكيد ليوسف عليه السلام والصحيح الحقها بالشيطان فاخلاقة وأدواته فى الغواية والحقد والكيد و الفتن والبغضاء لبنى آدم مؤكدة من الله تعالى لاتخفي إلا على الغافلين .
قال تعالى : "ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ"[يوسف :76 ]. فالكيد هنا بأمر وإذن وإرشاد الله تعالى ليوسف عليه السلام كيدا له فى الشيطان ومن تبعه في فعله .
قال تعالى : "وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " [يوسف :100]. ورفع يوسف عليه السلام أبويه على العرش وخروا جميعا لله سجدا
وأحسن يوسف عليه السلام بمدح إخوته بعد المصالحة قال : "مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي" ولم يستخد كيد أو فتنة أو حقد وانما استخدم "نزغ"
أي: أن ما فعله الشيطان هو مجرد وَخْزة تُنبِّه إلى الشيء الضار فيندفع له الإنسان، وهي مأخوذة من المِهْماز الذي يُروِّض به مدرب الخيل أيَّ حصان، فهو ينغزه بالمِهْماز نزغة خفيفة، فيستمع وينفذ ما أمره به، فالنَّغْز تنبيه لمهمة، ويختلف عن الطَّعْن. ابرازا لوجود ايمان أخوته بالله فهى حصن من الشيطان وما فيهم من بركة بسبب لوجود أبيهم نبي الله يعقوب عليه السلام فهو "إسرائيل" و أبو الأنبياء والأسباط ليرفع من شأنهم وإحترامهم وتقديرهم وأنه عفا بالكلية عن ما فات.
والحق سبحانه ينبهنا جميعا إلى ما يفعله عدونا الشيطان الرجيم ؛ فيقول لنا: {وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله ... } [الأعراف: 200] . ""

ويتأدب بإسنادها إلى ما هو مظهر لاسمه المضل وليتزكی عن سوء الظن بأجوبته ترشيحا للنبوة التي تفرسها فيه فإن النبوة لا بد لها من سلامة الصدر وصفاء القلب ونقاء


قال رضي الله عنه : ( فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة. ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»، )
الباطن (فقال : «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» [يوسف: 5]، أي ظاهر العداوة) فإن الإبانة هي الظهور .
(ثم قال يوسف) عليه السلام (بعد ذلك في آخر الأمر) حيث دخلوا مصر وخروا له سجدا ("هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا"، أي أظهرها في الحس بعدما كانت في صورة الخيال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "الناس نيام").
فجعل مرتبة الحس أيضا من قبيل النوم  لأنها صورة مرئية لا بإزاء المعاني الغيبية والحقائق الإلهية معبرة بها (فكان قول يوسف عليه السلام) قد جعلها ربي حقا.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:35 عدل 7 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 30 مايو 2019 - 1:05 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السادسة الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)
قال رضي الله عنه : " فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها. ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك. فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه و سلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له. فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول"

فنقول :
(فكان قول يوسف عليه السلام : "قد جعلها ربي حقا " [يوسف : 100] بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا) منامية (رآها ثم عبرها) في نومه (ولم يعلم ذلك) الرائی (المعبر أنه ) في حالة الرؤيا وحالة الاستيقاظ والتعبير لتلك الرؤيا (في النوم عينه)، أي عين ذلك النوم الأول الذي كانت فيه الرؤيا (ما برح) عنه (فإذا استيقظ) من ذلك النوم اليقظة الحقيقية.
قال رضي الله عنه : (يقول رأيت) في منامي (كذا ورأيت) في منامي أيضا (كأني استيقظت) من منامي (وأولتها)، أي تلك الرؤيا (بكذا هذا) المذكور .
(مثل ذلك) الذي قاله يوسف عليه السلام (فانظر) يا أيها السالك (كم) من التفاوت في الرتبة (بين إدراك) نبينا (محمد صلى الله عليه وسلم وبين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره) لما كان عزیز مصر (حين قال : "هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا" [يوسف: 100] معناه)، أي معنى حقا جعلها ربي (حسا، أي) أمرا (محسوسا) يدرك بالحواس (وما كان) ذلك التأويل (إلا) أمرا (محسوسا) له صورة في الحس.
قال رضي الله عنه : (فإن) عالم (الخيال لا يعطي أبدا إلا) الأمور (المحسوسات)، أي المدركات بالحس (غير ذلك) الأمر (ليس له)، أي الخيال.
قال رضي الله عنه : (فانظر) يا أيها السالك (ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم  ) الذي أخذوه من مشكاة نبوته عليه السلام بالمتابعة والاقتداء ، فإن الأنبياء الماضين عليهم السلام لم يعلموا ذلك من حيث مقام نبوتهم بسبب عدم كونهم من هذه الأمة والورثة من الأولياء في هذه الأمة.
ما نالوه من جهة نبوة أنفسهم، وإنما نالوه من نبوة نبيهم، ولا يلزم بذلك تفضيلهم على الأنبياء الماضين.
لأن حصول العلم من الغير السابق إليه لا يلزم الفضيلة به، وإنما الفضيلة لمن تبيعوه في حصوله وهو محمد صلى الله عليه وسلم  ، لأن الحاصل له عليه السلام من نبوته الكاملة.
قال صلى الله عليه وسلم : «لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي» ومن هنا قول المصنف قدس سره : "خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله" والبحر هو علم محمد صلى الله عليه وسلم المختص به.
وفي رواية : بحارة. كناية عن علومه عليه السلام.
ووقوف الأنبياء عليهم السلام بساحله : اطلاعهم على أنه نبي آخر الزمان وأنه سيبعثه الله تعالى من غير اطلاع على تفاصيل علومه ولا خوض فيها.
(و سأبسط القول في) بيان هذه (الحضرة ) الخيالية التي كان يوسف عليه السلام عالما بها ، فانتسب إليه تعبير الرؤيا لأجل ذلك .
قال رضي الله عنه : (بلسان) الولي الوارث مقام (یوسف عليه السلام) من المقام  (المحمدي) الجامع لجميع مقامات الأنبياء عليهم السلام (ما)، أي بسطا وبيانا (ستقف عليه)، أي تعرفه قريبا (إن شاء الله تعالی فنقول) في بيان ذلك .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)
قال رضي الله عنه : (فكان قول يوسف) عليه السلام في إدراك محمد عليه السلام (قد جعلها ربي حقا بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها ولم يعلم) هذا الشخص (أنه) أي الشأن موجود (في النوم) .
قال رضي الله عنه : (عينه) بالجر تأكيد للنوم (ما برح) أي ما زال عن النوم (فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت واولتها بكذا هذا).
أي قول يوسف عليه السلام : "قد جعلها ربي حقا " (مثل ذلك) الشخص في كونه منامة في منام قال رضي الله عنه : (فانظر كم بين إدراك محمد عليه السلام وبين إدراك يوسف عليه السلام في آخر امره حين قال«هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه ) .
أي معنى قوله : حقا (حسا ای محسوسا وما كان) ذلك المرئي في حضرة الخيال قبل قوله حقة أي محسوسة (إلا محسوسة فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات).
قال رضي الله عنه : (غير ذلك) مبتدأ (ليس له) خبره ، فالجملة تأكيد لقوله فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات أي ليس للخيال إعطاء غير المحسوسات ، ولم يعلم يوسف عليه السلام كما علم محمد عليه السلام فقال : إن الكون كله خيال وما يعطي الخيال إلا المحسوسات .
قال رضي الله عنه : (فانظر ما أشرف علم ورثة محمد) عليه السلام كيف يطلعون هذه الأسرار فإن هذه مسألة دقيقة في الفن لا يطلعها إلا ورثة محمد عليه السلام ، وفيه تعظيم شأن محمد عليه السلام .
والمراد من الورثة وإن أتي بالجمع نفسه قدس سره لأن هذا العلم لا يظهر من أحد من العلماء بالله قبله .
قال رضي الله عنه : (و سأبسط القول) أي و سنفصل القول المجمل المذكور في هذه الحضرة الخيالية فاللام إشارة إلى القوم المذكور فيما سبق لبيان حضرة الخيال.
و سأبسط و أعد إلى تفصيل ما أجمله في حضرة الخيال فقوله: (في هذه الحضرة) متعلق بالقول.
ولما كان حضرة الخيال في روحانية يوسف عليه السلام قال (بلسان يوسف) عليه السلام.
ولما كان نفسه قدس سره وارثا للولاية الخاصة المحمدية قال : (المحمدي) لأنه إذا كان قائما بالولاية الخاصة المحمدية كان جامعا الجميع ولاية الأنبياء.
فكان قائلا بلسان موسى المحمدي عليه السلام وبلسان عيسى المحمدي عليه السلام.
فالمراد بلسان يوسف المحمدي عليه السلام نفسه اى الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي .
(ما) موصول صفة لمحذوف أي سأبسط البسط الذي (تقف) أي تطلع عليه (إن شاء الله تعالی) أو بدلا من القول أو موصوفة بمعنی بسطأ نقف به على علم ورثة محمد عليه السلام.
ولما بين حضرة الخيال بالنسبة إلى الرؤية فهي بهذا الاعتبار عالم خاص كما ذكر وغيره من العوالم ليس بخيال شرع في بيان أن العالم كله خيال .



شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)
قال رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.  ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك. فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له. فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله"

وأما قوله رضي الله عنه: إن الظل موجود بلا شك، فهو وهم قد أراد الشيخ أن يحققه باعتبار توهم من يتوهمه.
""تعقيب الجامع : الشيخ الأكبر هو على الحق هنا وان الممكنات كلها غير منيرة او نورها اقل من الشمس فلها ظلال وقد يكون بعضها عند التجلي نور اكبر او مساوي لنور الشمس فلن تجد له ظل كما حدث لرسول الله لاحظ الصحابة أن لهم ظلال الا رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة مرات سواء فى نور الشمس أو القمر رويت كمعجزة لرسول الله . ويخلق ما لا تعلمون.
قال البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع": لم يكن له صلى الله عليه وسلم في أي ظل في الشمس والقمر، لأنه نوراني، والظل نوع ظلمة.. ويشهد له أنه سأل الله تعالى أن يجعل في جميع أعضائه وجهاته نورا، وختم بقوله: واجعلني نورا.
وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء: 
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:ثُمَّ خَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ شِمَالِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا أَوْ قَالَ وَاجْعَلْنِي نُورًارواه البخاري و مسلم
حديث ابن عباس : عن ابن عباس رضي اللَّه عنه: لم يكن لرسول اللَّه ظل، ولم يقم مع شمس قط إلا غلب ضوؤه الشمس، ولم يقم مع سراج قط إلا غلب ضوءه على ضوء السراج. إسناده صحيح وأخرجه ابن الجوزي في الوفا بتعريف فضائل المصطفى
وأخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول بإسناد مرسل (ج1/ص122) من طريق ذكوان أبي صالح، السمان الزيات، المدني، الثقة الثبت:أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يُرَى له ظلّ في شمس ولا قمر ولا أثر قضاء حاجة. فالحديث مرسل حسن لغيره وله شاهد على كونه نورا والنّور لاظلّ له. من حديث البخاري ومسلم""

بل لا حقيقة للظل في نفسه لأنه عدم الشمس في مكان مخصوص مقابل لحاجز مخصوص حجز من شعاع الشمس قسطا مخصوصا، فدار البصر على حدود الشمس فرأى ما بقي خارجا عن الشمس شبيها بصورة الشخص الحاجز لبعض أجزاء الشعاع.
فظن أن في الخارج شيئا فسماه الناس المتوهمون لهذا الغلط ظلا، وليس هو إلا بقايا عدم شروق الشمس على المكان الأرضي وهو ما يسمى حال غروب الشمس ليلا وحال احتجاب بعض الأرض أو الجسم عن شعاع الشمس ظلا، فهو هو فلا وجود للظل في الأعيان.
فقوله: إنه موجود بلا شك، مردود فإن كان العالم مثل الظل فالعالم ليس بموجود.
وإنما الذي أقول به: أن لكل جسم نورا يمتد منه وهو غير محسوس بالبصر إلا إذا جمعه صقال المرأة لتساوي أجزائها وتشابه المتصل الصيقل منها، فإنه يجتمع فيراه بالبصر في سطح المرأة حيث انجمع منها، وأما إذا تقابلت الأجسام غير الصقيلة فإن ذلك النور الشعاعي يتفرق في تجاويف خشونة الأجسام المذكورة، فلا يتصل ولا يجتمع فلا جرم لا يراه البصر، فهذا الذي ينبعث من الأجسام ولا يرى إلا في الصيقل المتلزز من الأجرام فإنه موجود بلا شك.
بخلاف الظل فاعلم فلو قاله رضي الله عنه: إن العالم من الحق تعالی بمنزلة هذا الشعاع المذكور من الأجسام لما بعد عن المرام فإن الحق تعالی وجود وكل ما يصدر عنه هو الموجود، فلا وجود إلا الله تعالى فإن نور الشمس لا يغاير الشمس.
فإن قال قائل: إن هذا مذهب هو الفلاسفة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)
قال رضي الله عنه( فقال له النبي عليه السّلام: " الناس نيام " فكان قول يوسف " قد جعلها ربّى حقّا " بمنزلة من رأى في نومه أنّه استيقظ  من رؤيا رآها ، ثم عبّرها ، ولم يعلم أنّه في النوم عينه ما برح.
فإذا استيقظ يقول : رأيت كذا ، ورأيت كأنّي استيقظت ، وأوّلتها بكذا ، هذا مثل ذلك .
فانظر كم بين إدراك محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وإدراك يوسف عليه السّلام في آخر أمره حين قال : “ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " ، معناه حسّا أي محسوسا ، وما كان إلَّا محسوسا ، فإنّ الخيال لا يعطي أبدا إلَّا المحسوسات ليس له غير ذلك ) .
يعني رضي الله عنه : أنّه لا يظهر في الخيال إلَّا الصور المحسوسة المرئيّة قبل ذلك ، لتقييد مرتبة عالم الخيال بالقوّة المتخيّلة ، فإنّه المثال المقيّد ، وأمّا عالم المثال المطلق فهو محلّ تجسّد الأرواح والأنوار والمعاني والصور ، فهذا وسع العوالم ، كما مرّ بيانه .
قال رضي الله عنه : ( فانظر ما أشرف علم ورثة محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ).
قال رضي الله عنه : ( وسأبسط القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمديّ ما تقف عليه إن شاء الله تعالى )
قال العبد : قوله " المقول عليه سوى الحق " يعني على ما يقال كذلك عرفا وفي المعهود عند الجمهور ، فإنّ الحقيقة تأبى أن يكون لسوى الحق وغيره وجود ، ولو سمّي ما سمّي "سوى " على مقتضى التحقيق والكشف والنظر الدقيق .
لقيل فيه : صور أسماء الحق ، وأشخاص تعيّناتها بالوجود الواحد الحق ، وتنوّعات ظهوره وتجلَّياته ، فإنّه ما في الوجود إلَّا هو وأسماؤه لا غير .
فإن اعتبرنا هويته الذاتية فواحد ، وإن اعتبرنا أسماءه ونسب شؤونه الذاتية ، فكثرة ظاهرة في عين واحدة ، وهذه العين الواحدة الظاهرة كثيرة هي نور ممتدّ إلى مجال كثيرة مختلفة هي مجالي جولانه وجليّاته ومحالّ ظهوره وتبيانه .
والظلّ الممتدّ من النور نور بيد أنّ الممتدّ هو منه مطلق بالنسبة والممتدّ مقيّد بحسب القوابل المقيّدة له ، والتقيّد والإطلاق نسبتان معقولتان ليس لهما إلَّا في التعقّل ظهور وتحقّق ، وهو ظلّ لحقيقة النور الواحد الأحد الذي ليس إلَّا هو .
فلمّا ظهر النور الواحد بحسب خصوصيات القوابل متكثّرة متعدّدة ، ظهرت المغايرة والممايزة ، فكل واحد واحد منها غير الآخر وسواه في رأي العين والتعقّل .
والوجود الواحد الحق وهو النور عين الكلّ ، فإنّها وجودات متعيّنة في قوابل متعدّدة ومراتب كثيرة ، كثيرة ومتعدّدة ، فإن نظرت الحقيقة .
قال رضي الله عنه : ( وسأبسط القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمديّ ما تقف عليه إن شاء الله تعالى ).


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)
قال رضي الله عنه : (وكان قول يوسف : " قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح ، فإذا استيقظ يقول : رأيت كذا ورأيت كذا ، كأني استيقظت وأولتها بكذا ، هذا مثل ذلك ، فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم ، وبين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال : " هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " ).
معناه حسا : أي محسوسا وما كان إلا محسوسا ، فإن الخيال لا يعطى أبدا إلا المحسوسات ، ليس له غير ذلك ) عينه تأكيد النوم ، والفرق بين إدراك محمد وإدراك يوسف ، أن يوسف جعل الصورة الخارجية الحسية حقا وما كانت الصورة في الخيال إلا محسوسة ، لأن الخيال خزانة المحسوسات ليست فيه إلا الصورة المحسوسة مع غيبتها عن الحس .
وأما محمد صلى الله عليه وسلم فقد جعل الصورة الخارجية الحسية أيضا خيالية بل خيال في خيال ، حيث جعل الحياة الدنيوية نوما والحق المتجلى بحقيقته وهويته فيها : أي في الصورة الحسية التي تجلى فيها عند الانتباه عن هذه الحياة ، التي هي نوم الغفلة بعد الموت عنها بالفناء في الله حقا .
قال رضي الله عنه : (فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم ، وسأبسط القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ، ما تقف عليه إن شاء الله تعالى ) « ما » في تقف يجوز أن يكون بدلا من القول ، وأن يكون موصوفا بمعنى بسطا في محل النصب على المصدر ، أي بسطا تقف به  على علم ورثة محمد.

"" إضافة بالي زادة :  لما كان حضرة الخيال في روحانية يوسف قال ( بلسان يوسف ) ولما كان نفسه قدس سره وارثا للولاية الخاصة المحمدية قال ( المحمدي ) لأنه إذا كان قائما بالولاية المحمدية كان جامعا لجميع ولاية الأنبياء ، فكان قائلا بلسان موسى المحمدي وبلسان عيسى المحمدي فالمراد نفسه اهـ .بالي زادة ""


وفي بعض النسخ : من القول ، فيكون ما في محل النصب بالمفعولية ( فنقول : اعلم أن المقول عليه سوى الحق أو مسمى العالم ، هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص ، فهو ظل الله ).
أي ما يقال عليه سوى الحق في العرف العام ، وأما في العرف الخاص عند أهل التحقيق ليس سوى الحق وجود ، ولو اعتبر السوي بالاعتبار العقلي الذي هو الصفات والتعينات التي هي حقائق الأسماء عند نسبها إلى الذات لقيل فيه صور أسماء الحق .
إذ ليس في الوجود إلا هو وأسماؤه باعتبار معاني الصفات فيه لا غير ، فإذا اعتبرت الوجود الإضافي المتعدد بتعينات الأعيان التي هي صور معلومات الحق سميته سوى الحق والعالم ، وهو بالنسبة إلى الحق أي الوجود المطلق كالظل للشخص فالوجود الإضافي أي المقيد بقيود التعينات ظل الله.

"" إضافة بالي زادة :  فكما أن الظل معدوم في نفسه موجود بالشخص  كذلك العالم مع الحق : فهو ، أي العالم ظل الله اه ( فهو ) أي ظل الله ( عين نسبة الوجود ) الإضافي ( إلى العالم ) فإذا كان ظل الله هو العالم فلا بد في ظهور العالم كل ما لا بد في ظهور ظل العالم بحسب ما يناسب الظهور ، وإنما كان ظل الله عين نسبة ظل العالم إلى العالم ( لأن الظل موجود بلا شك ) اهـ بالى زادة "".


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)
قال رضي الله عنه : (فكان قول يوسف ، عليه السلام : " قد جعلها ربى حقا " . بمنزله من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤياه رآها ، ثم عبرها ، ولم يعلم أنه في النوم عينه ) (عينه ) بالجر ، تأكيد ( للنوم ) . أو منصوب على أنه تأكيد لضمير ( أنه ) . أي لم يعلم أنه بعينه في النوم . ويجوز أن يكون مرفوعا على أنه مبتداء ، والظرف خبره مقدم عليه ، وضمير ( أنه ) للشأن .
( ما برح ، فإذا استيقظ ، يقول : رأيت كذا ، ورأيت كأني استيقظت . وأولتها بكذا ، هذا مثل ذلك ) .

( فانظر كم بين إدراك محمد وبين إدراك يوسف ، عليهما السلام ، في آخر أمره حين قال : " هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا" ) . معناه حسا أي ، محسوسا ) أي ، ثابتا .
لذلك قال : ( ( أي محسوسا ) . وما كان إلا محسوسا . فإن الخيال أبدا لا يعطى إلا المحسوسات ، غير ذلك ليس له ) . أي ، فانظر كم بينهما في الإدراك : فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، جعل الصور الحسية أيضا كالصور الخيالية التي يتجلى الحق والمعاني الغيبية والحقائق العينية فيها ، وجعل يوسف ، عليه السلام ، الصور الحسية حقا ثابتا والصور الخيالية غير ذلك.
فصار الحس عنده مجالي للحق والمعاني الغيبية دون الخيال ( فانظر ما أشرف علم ورثة
سيد الأنبياء والرسل ، محمد ، صلى الله عليه وسلم ) . أي ، علم الأولياء الكاملين المطلعين على هذه الأسرار .

( وسأبسط القول ) ( اللام ) للعهد ، والمعهود قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( الناس نيام ) . أي ، سأبسط هذا القول وأبين أن العالم كله خيال ، والناس كلهم نيام ، والصور المرئية كلها صور خيالية .
كما قال في موضع آخر : إنما الكون خيال وهو حق في الحقيقة كل من يفهم هذا حاز أسرار الطريقة ( في هذه الحضرة ) أي ، الحضرة الخيالية .
( بلسان يوسف المحمدي ، ما تقف عليه ) أي ، سأبسط القول بسطا تطلع عليه . ( إنشاء الله تعالى ) .  أو يكون ( ما تقف عليه ) بدلا من ( القول ) .

قد مر أن المرتبة المحمدية محيط بجميع مراتب الأنبياء نبوة وولاية ، إذ منها يتفرع المراتب ، كما تتفرع من روحه الكلى الأرواح .
وكل من ورثته ، قائم على ولاية نبي منهم ، لذلك كان بعضهم على قلب إبراهيم ، وبعضهم على قلب يوسف ، وبعضهم على قلب موسى ، صلوات الله عليهم أجمعين .
والقائم بالولاية الخاصة المحمدية جامع لمراتب ولايات كلهم .
فقوله ( بلسان يوسف المحمدي ) أي ، بلسان القائم على ولاية يوسف الذي هو محمدي  ولما كان القائم على ولاية يوسف مظهرا لسره ، سماه باسمه .
وفيه سر آخر لا يطلع عليه إلا من اطلع على ظهورات الكمل في العوالم .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)
قال رضي الله عنه : (فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها. ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك. فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.)
ثم أشار إلى أن منتهی علم يوسف عليه السلام يشبه علم عائشة رضي الله عنها في هذا المقام ليتدارك ما قال في شأنها أولا مع إظهار فضل نبينا الكلي.
فقال رضي الله عنه : (ثم قال يوسف عليه السلام بعد ذلك في آخر الأمر عند انتهاء حالة في الكمال: (" هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا" [يوسف: 100])، ولما لم يمكن تفسيره بمعنى: الثابت لكونه أمرا زائدا من أمور الدنيا، فيبعد من يوسف عليه السلام القول بثبوته.
قال رضي الله عنه : (أي: أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال) جعله حقا من حيث إنه لا يحتاج إلى العبور عنه إلى ما هو تأويله.
فقال له: أي لأجل احتياج كل محسوس إلى تأويل في القسمة (النبي) أي: الذي نبئ بالأسرار الخفية حتى فضل على من تقدمه من الأنبياء (محمد صلى الله عليه وسلم : «الناس نيام» فلكل ما رأوه في الدنيا تأويل «فإذا ماتوا انتبهوا» لتأويله .
فإذا كان كل تأويل يحصل في اليقظة بمنزلة المرئي في المنام، (فكان قول يوسف عليه السلام "قد جعلها ربي حقا" بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها، ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح) نائما إلى الآن.
فإذا استيقظ بالحقيقة (يقول: رأيت في النوم كذا، ورأيت في ذلك النوم عينه (كأني استيقظت وأولتها بكذا، هذا) أي: قول يوسف عليه السلام : قد جعلها ربي حقا (مثل ذلك) القول في النوم عينه.
(فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم ، وبين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: "هذا تأويل رؤیای من قبل قد جعلها ربي حقا")، فأوقفه على الحس، ولم يخرجه إلى التأويل.
فإن حقا (معناه حسا) مع أنه ليس بحس، كأنه مشعر وما رآه ليس بمشعر بل مدرك به فلذلك فسره بقوله (أي: محسوسا).
وهو بهذه التأويلات البعيدة أيضا باطل، و لبيان بطلانه إعادة.
فقال: وما كان حين رآه في المنام إلا محسوسا (فإن الخيال) لكونه خزانة الصور دون المعاني (لا يعطي أبدا إلا المحسوسات ليس له غير ذلك) لاختصاص كل حاسه بنوع من الإدراك.
فلا بد من تأويله محسوسا بالحواس الظاهرة بعد كونه محسوسا بالحواس الباطنة.
لكن لا ينبغي للكمل أن يقتصروا على المحسوسات، ويتركوا النظر إلى تأويلات القسمة، وقد نظر إليها من دونهم من ورثة محمد صلى الله عليه وسلم ببركة متابعته، وإن لم يشتغلوا بذلك.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول)
فقال: (فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم ) حيث أدركوا فضله من قوله: «الناس نيام» على يوسف عليه السلام في قوله:"قد جعلها ربي حقا" (وسأبسط من القول) في هذه الحضرة أي: حضرة الخيال بلسان يوسف المحمدي.
أي بلسان من له كشف يوسف في هذه الحضرة مع كونه من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم مستكملا ذلك الكشف بنور متابعته عليه السلام ما يقف عليه بدل من القول إن شاء الله تعالی.
فأشار إلى بيان كون المحسوسات؛ بل العالم كل من عالم الخيال لها تأويلات في القسمة.


"" أضاف الجامع : يقول إسماعيل حقي الخلوتي في روح البيان فى تفسير القرآن 1127 هـ  الجزء الرابع في تفسير سورة يوسف :
ثم اعلم أن الرؤيا عبارة عن ارتسام صورة المرئي وانتقاشها في مرآة القلب فى النوم دون اليقظة فالرؤيا من باب العلم ولكل علم معلوم ولكل معلوم حقيقة .
وتلك الحقيقة صورته والعلم عبارة عن وصول تلك الصورة الى القلب وانطباعها فيه سواء كان فى النوم أو فى اليقظة .
فلا محل له غير القلب ولما كان عالم الأرواح متقدما بالوجود والمرتبة على عالم الأجسام وكان الإمداد الرباني الواصل الى الأجسام موقوفا على توسط الأرواح بينها وبين الحق .
وتدبير الأجسام مفوض الى الأرواح وتعذر الارتباط بين الأرواح والأجسام للمباينة الذاتية الثابتة بين المركب والبسيط .
فان الأجسام كلها مركبة والأرواح بسيطة فلا مناسبة بينهما فلا ارتباط وما لم يكن ارتباط لا يحصل تأثير ولا تأثر ولا امداد ولا استمداد .
فلذلك خلق الله عالم المثال برزخا جامعا بين عالم الأرواح وعالم الأجسام ليصح ارتباط أحد العالمين بالآخر فيتأتى حصول التأثر والتأثير ووصول الإمداد والتدبير.
وهكذا شأن روح الإنسان مع جسمه الطبيعي العنصري الذي يدبره ويشتمل عليه علما وعملا فإنه لما كانت المباينة ثابتة بين روحه وبدنه وتعذر الارتباط الذي يتوقف عليه التدبير ووصول المدد إليه خلق الله نفسه الحيوانية برزخا بين البدن والروح المفارق .
فنفسه الحيوانية من حيث إنها قوة معقولة هى بسيطة تناسب الروح المفارق ومن حيث أنها مشتملة بالذات على قوى مختلفة متكثرة منبثة فى أقطار البدن متصرفة بتصرفات مختلفة ومحمولة ايضا فى البخار الضبابي الذي فى التجويف الأيسر من القلب الصنوبري .
تناسب المزاج المركب من العناصر فحصل الارتباط والتأثر والتأثير وتأتى وصول المدد وإذا وضح هذا فاعلم أن القوة الخالية التي فى نشأة الإنسان من كونه نسخة من العالم بالنسبة الى العالم المثالي المطلق كالجزء بالنسبة إلى الكل و كالجدول بالنسبة الى النهر الذي هو مشرعه.
وكما أن طرف الجدول الذي يلى النهر متصل به كذلك عالم الخيال الإنساني من حيث طرفه الأعلى متصل بعالم المثال 
والمثال نوعان : مطلق ومقيد.
فالمطلق ما حواه العرش المحيط من جميع الآثار الدنيوية والأخروية.
والمقيد نوعان :
نوع هو مقيد بالنوم
ونوع غير مقيد بالنوم مشروط بحصول غيبة وفتور ما فى الحس.
كما فى الواقعات المشهورة للصوفية وأول ما يراه الأنبياء عليهم السلام إنما هو الصور المثالية المرئية فى النوم والخيال .
ثم يترقون إلى أن يروا الملك في المثال المطلق أو المقيد فى غير حال النوم لكن مع نوع فتور فى الحس .
وكونهم مأخوذين عن الدنيا عند نزول الوحي إنما هو مع بقاء العقل والتمييز .
ولذا لا ينتقض حينئذ وضوؤهم ولانهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم لكون بواطنهم محلاة بصفات الله متخلقة بأخلاقه مطهرة عن أوصاف البشرية من الحرص والعجز والأمل والضعف وغير ذلك.أهـ
ومن موسوعة البحوث والمقالات العلمية: في تفسير سورة يوسف :
أن قوله (كلمته) هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، فـ (الكلمة) هنا عيسى، وهو مخلوق، لأنه منفصل.
وقد بينا سابقا أن إضافة الشيء القائم بذاته إلى الله، هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، فيكون المراد بـ (الكلمة) هنا عيسى، وأضافه الله إلى نفسه تشريفا له وتكريما.فإن قلتم: كيف يسمي الله - تعالى -عيسى (كلمة) والكلمة صفة لله؟
فالجواب: أنه ليس المراد هنا الصفة، بل هذا من باب إطلاق المصدر، وإرادة المفعول نفسه، كما نقول: هذا خلق الله، ونعني هذا مخلوق الله، لأن خلق الله نفسه فعل من أفعاله.
لكن المراد هنا المفعول، أي المخلوق،"عيسى عليه السلام"  ومثل ما تقول أيضا: أتى أمر الله، يعني المأمور، أي ما أمر الله به، وليس نفس الأمر، فإن الأمر فعل من الله تعالى. أهـ"" 
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:36 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 31 مايو 2019 - 15:28 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السادسة الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)
قال رضي الله عنه : (فكان قول يوسف : " قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " بمنزلة من رأى في نومه أنّه قد استيقظ من رؤيا رآها ، ثمّ عبّرها ولم يعلم أنّه في النوم عينه ما برح ، فإذا استيقظ يقول : « رأيت كذا ، ورأيت كأنّي استيقظت وأوّلتها بكذا » هذا مثل ذلك ) فمقام محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم هو الاستيقاظ الحاكم بالأشياء على ما هي عليه .

قال رضي الله عنه : (فانظر كم بين إدراك محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وبين إدراك يوسف عليه السّلام في آخر أمره ، حين قال : " هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " معناه : حسّا أي محسوسا ) فأدرك مطابقة عقيدته وما في متخيّلته من الصورة بالمحسوسات ، وسمّاها بالحقّ .
وهذا ليس تأويله حقّا ، لأنّ تأويل الصور ومآل أمرها إنّما هو الحقائق المعنويّة ولطائفها الأصليّة ، لا المحسوسات نفسها ، كيف ( وما كان ) عند رؤيته ( إلَّا محسوسا ، فإنّ الخيال لا يعطي أبدا إلَّا المحسوسات ) ، بتركيباتها الخاصّة وامتزاجاتها الاختراعيّة ، ( غير ذلك ليس له ) .
قال رضي الله عنه : (فانظر ما أشرف علم ورثة محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ، وسأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمّدي ما تقف عليه إن شاء الله تعالى ) .
وذلك لأنّ لنقطة الولاية في دائرة الدولة المحمّديّة سيرا خاصّا بحسب تطوّراتها الأصليّة ، ولذلك تسمعهم يقولون لكلّ من الأولياء المحمّديّة : " إنّهم على قدم واحد من الأنبياء".
ثمّ إنّ ورثة محمّد من الأولياء ، الواقفين على مواقف يوسف ، المقتفين آثار أقدامه ما يقنعون في تأويل رؤياه من سجود الأنوار كلَّها له بالمحسوسات فقط بل يعبّرونها باللطائف المعنويّة ، وذلك بميامن تلك الوراثة الختميّة فإنّها شنشنة أعرفها من أخزم كما أشار إليه بقوله :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله)

قال رضي الله عنه : ( فكان قول يوسف: «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها. ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك. فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم وبين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا».  معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، )
قال رضي الله عنه : (فكان قول يوسف عليه السلام) قد جعلها ربي حقا.
(بمنزلة) قوله رضي الله عنه  (من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤیا رآها ثم عبرها ولم يعلم أنه في النوم) الذي رأى فيه الرؤيا (عينه) بالجر على أنه توكبد للنوم .
بقرينة قوله رضي الله عنه : (ما برح)، أي ما زال عن النوم الذي كان فيه (فإذا استيقظ يقول : رأيت) في النوم (كذا ورأيت كأني استيقظت وأولتها)، أي رؤياي (بكذا هذا) الذي ذكرنا عن حال النائم الذي توهم أنه قد أستيقظ .
(مثل ذلك) الذي ذكرنا من يوسف عليه السلام (فانظر كم) فرقي (بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم ) حيث أدرك الناس في كل حال نیام .
قال رضي الله عنه : (وبين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال : «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا»معناه ) ثابتة (حسا، أي محسوسأ) بالحواس الظاهرة .
(وما كان) هذا الأمر الثابت حسا (إلا محسوسا)، أي مأخوذا من الحس (فإن الخيال لا يعطى ابدأ إلا المحسوسات)، يعني الصورة المأخوذة من الحس فإن المادة التي ينصرف فيها الخيال ليست إلا الصورة الحسية المخزونة فيه.
وليس المراد أنها حين التخيل محسوسا بالحواس الظاهرة.

قال رضي الله عنه : ( غير ذلك ليس له. فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. وسأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله.)
قال رضي الله عنه : (غير ذلك) الذي ذكرنا (ليس) ثبات (له)، أي للخيال.
(فانظر ما أشرف علم ورثه محمد صلى الله عليه وسلم) من الكمل المطلعين على مثل هذه الأسرار فكيف علم محمد صلى الله عليه وسلم (وسأبسط القول)، أي الكلام (في) تحقيق هذه الحضرة الخيالية (بلسان يوسف المحمدي).
""إضافة الجامع : الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي يقصد بـ (تحقيق هذه الحضرة الخيالية بلسان يوسف المحمدي) نفسه لإنه ختم الولاية المحمدية الخاصة فهو صاحب لسان يوسف المحمدي""

أي بلسان من هو على قدم يوسف من ورثة محمد صلى الله عليه وسلم  فكأنه جعل اسم يوسف علما لجنس من كان على تلك القدم فوصفه بالمحمدي للتخصيص (ما ستقف عليه إن شاء الله).
ما موصولة أو موصوفة بدلا من القول، وضمير عليه لما.
أي : ما توقف عليه ويصل فهمك إليه ، أو موصوفة بمعنی بسطا في محل النصب على المصدرية ، وضمير عليه العلم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم  والضمير العائد إلى ما محذوف، أي بسطة تقف به عليه .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:36 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 31 مايو 2019 - 15:34 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السابعة الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
قال رضي الله عنه : " اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل. فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.  ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول . ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة. ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء. فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. "

قال رضي الله عنه : (اعلم) يا أيها السالك (أن) الشيء (المقول عليه) عند الحس والعقل (سوی الحق) تعالى من جميع المخلوقات .
(أو مسمي العالم) بفتح اللام لأن الله تعالى يعلم به (هو) كله (بالنسبة إلى) وجود (الحق) تعالى في نفسه (كالظل) الممتد (للشخص) في النور (فهو)، أي سوى الحق تعالى المسمی عالما (ظل الله) تعالى.
أي أثره الظاهر عنه على صورة ما علمه فأراده في الأزل (فهو)، أي ذلك الظل (عين نسبة الوجود إلى العالم) والعالم على أصله من العدم (لأن الظل) الممتد عن الشخص في النور.
(موجود بلا شك في الحس ولكن)، إنما يكون موجودا (إذا كان ثم)، أي هناك (من يظهر فيه ذلك الظل حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل) من أرض أو ماء أو نحو ذلك (كان الظل) حينئذ أمرا (معقولا غير موجود في الحس) بالفعل بل يكون موجودة (بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه) ذلك (الظل) إذا علم هذا.
قال رضي الله عنه : (فمحل ظهور هذا الظل الإلهي) الذي هو الوجود المفاض من الحق تعالی على ما سواه من الممكنات (المسمى ذلك) الظل (بالعالم) باعتبار الوجود المستفاد من الحق تعالى (إنما هو أعيان الممكنات) العدمية بالعدم الأصلي (عليها)، أي على تلك الأعيان (امتد هذا الظل) الوجودي .
قال رضي الله عنه : (فيدرك) بالبناء للمفعول أي يدرك المدركون (من هذا الظل) الممتد.
(بحسب)، أي مقدار (ما امتد عليه) من أعيان تلك الممكنات (من وجود هذه الذات) القديمة التي هذا ظلها امتد فظهر منها مقدار ما ظهر من أعيان الممكنات ، ويظهر على حسب ما ترتبت تلك الممكنات في أزلها العدمي (ولكن باسمه) تعالی (النور) كما قال تعالى : "الله نور السموات والأرض" [النور: 35]، أي منورهما .
قال رضي الله عنه : (وقع الإدراك) لذلك الظل لأن به كان ظهوره ولولا النور ما تبين الظل المستور، فالنور سبب إدراك الكائنات بعضها لبعض؛ ولهذا كان الإدراك بمعنی باطني يأتي للكائنات من ورائها فلو استقبلته لما رأت شيئا لانطماسها به .
قال تعالى: "والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ " [البروج : 20 - 22]. والقرآن نور كما قال الله تعالى: "النور الذي أنزلنا" [التغابن: 8] .
قال رضي الله عنه : (وامتد هذا الظل) الوجودي من عين الوجود (على أعيان الممكنات) العدمية
(في صورة)، أي هوية (الغيب) الذاتي الإلهي (المجهول) مطلقا على معنى أن ذلك الامتداد في صورة ذلك الغيب المذكور.
أي في مراتب صفاته وأسمائه وأحكامه وأفعاله المسماة صورته باعتبار تعينها من ذاته التعين الأزلي باستعداد الكائنات العدمية الغير المجعولة المستعدة للجعل بتلك الصورة الغيبية وهو الأمر الذي قال تعالى : "ذلك أمر الله أنزله إليكم" [الطلاق: 5]، وهو التوجه الأزلي المسمى بالوجه .
في قوله سبحانه : "كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88]
وقوله تعالى : "فأينما تولوا فثم وجه الله إن" [البقرة : 115].
قال رضي الله عنه : (ألا ترى) يا أيها السالك (أن الظلال) جمع ظل، أي ظلال الأشياء في الأنوار (تضرب)، أي تميل (إلى) لون (السواد) كأنها (تشير) بذلك (إلى ما فيها)، أي في نفس الظلال (من الخفاء) بالنسبة إلى ظهور ما هي ظلال عنه بها .
قال رضي الله عنه : (لبعد المناسبة بينها)، أي بين تلك الظلال (وبين أشخاص من هي ظل له) تنزيها له وهو التسبيح المشار إليه بقوله تعالى : "تسبح له السموات السبع والأرض  ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده" [الإسراء : 44] الآية.
وإن كان ذلك الشخص الذي امتد الظل عنه (أبيض فظله بهذه المثابة) يعني أسود اللون (ألا ترى) ما يؤيد ظهور الظل أسود لبعد المناسبة (أن الجبال) البيض (إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر) له (سوداء) بخلاف لونها إشارة إلى البعد وقد تكون تلك الجبال (في أعيانها على غير ما يدركها الحس) البصري (من اللونية وليس ثم)، أي هناك (علة) لتغير لون المرئي بخلاف لونه عند الحس (إلا البعد) عن حس الرائي (وكزرقة السماء) مع أن لونه أبيض شفاف (فهذا ما)، أي الأمر الذي أنتجه البعد بين الرائي والمرئي.
قال رضي الله عنه : (في الحس) البصري (في الأجسام غير النيرة)، أي المنيرة كالأجرام ذات الظلال والجبال." الكواكب والقمر تبدوا منيرة وحقيقتها غير ذلك فهى معتمة فى ذاتها ولكنها تعكس النور الساطع عليها من الأصل وهو نور الشمس."

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
قال رضي الله عنه: (فنقول : اعلم أن المقول عليه سوى الحق أو مسمى العالم هو) أي مسمى العالم (بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص) فكما أن الظل معدوم في نفسه موجود بالشخص كذلك العالم معدوم في نفسه موجود بالحق.
قال رضي الله عنه : (فهو) أي العالم (ظل الله فهو) أي ظل الله (عين نسبة الوجود إلى العالم) فإذا كان ظل الله هو عين العالم فلا بد في ظهور العالم كل ما لا بد في ظهور العالم بحسب ما يناسب الظهور وإنما كان ظل الله عين نسبة ظل العالم إلى العالم .
قال رضي الله عنه : (لأن الظل) أي ظل العالم (موجود بلا شك في الحس ولكن إذا كان ثمة) أي في الحس (من يظهر فيه ذلك الظل حتی لو قدرت عدم من يظهر فيه الظل كان الظل معقولا غير موجود في الحس بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل) ولا بد أيضا من النور ليدرك به .  ولم يذكره اكتفاء بذكره بعده .
قال رضي الله عنه : (فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات عليها امتداد هذا الظل فيدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذا الذات) التي يمتد الوجود عليها فأعيان الممكنات ليست من العالم بل محل ظهور العالم .
فالأعبان لا تظهر أبدا من هذا الوجه فلا يمتد ظلال إلا بحسب اقتضاء المحل (ولكن باسمه النور) أي لكن بمظهر اسم النور وهو الشمس (وقع الإدراك) .
أي وبانبساط نور الشمس على العالم يدرك العالم وهو ظل الإلهي (وامتد هذا الظل على أعيان الممكنات) قوله: (في صورة) متعلق بامتداد (الغيب المجهول) وهو الذي يعلم لنا بالمجهولية فصار معلوما من وجه ومجهولا من وجه .
كشبح تراه من بعيد وهو معلوم لنا بالصورة الشبحية ومجهول لنا بالكيفية والحقيقة. فإنه لا نعرف أنه إنسان أم غيره كذلك العالم معلوم لنا حيث أنه ظل الله ومجهول لنا من حيث الحقيقة .
فإن حقيقته راجعة إلى حقيقة الحق و امداد الظل عليها ظهوره فيها على حسب ما هي عليه من الأحوال .
فكأن صورة الظل صورة غيبه مجهول فإن أعيان الممكنات معدومة في الخارج فكانت مختفية عنا بالظلمة العدمية .
واستدل على ما في الغيب، بما في الشهادة تسهيلا للطالبين بقوله : (ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها) أي في أنفس الظلال (من الخفاء) وإنما كان الخفاء في الظلال (لبعد المناسبة بينها) أي بين الظلال (وبین أشخاص من هي).
أي الأشخاص (ظل له) أي لتحق فمن عبارة عن الحق والأشخاص العالم فإذا ثبت في ظلالنا الخفاء لبعد المناسبة بيننا وبين ظلالنا ثبت في العالم الخفاء لبعد المناسبة بينه وبين من هو ظل له .
فإن من اتصف بالعبودية بعيد عن من اتصف بالربوبية فإذا كان العالم في صورة الغيب المجهول فلا يعلم العالم من كل الوجوه فلا يعلم الحق من كل الوجوه (وإن) وصل (كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة) أي يضرب إلى السواد واستدل على أن البعد سبب للخفاء بشهادة الوجود الخارجي على طريق التمثيل.
بقوله رضي الله عنه : (ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر يظهر سوادة وقد تكون في اعيانها على غير ما بدركها الحس من اللونية وليس ثمة علة) للسواد (إلا البعد و كزرقة السماء فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة(.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
قال رضي الله عنه : " اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات. ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول . ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة. ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء. فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. "

فقوله: إنه موجود بلا شك، مردود فإن كان العالم مثل الظل فالعالم ليس بموجود.
وإنما الذي أقول به: أن لكل جسم نورا يمتد منه وهو غير محسوس بالبصر إلا إذا جمعه صقال المرأة لتساوي أجزائها وتشابه المتصل الصيقل منها، فإنه يجتمع فيراه بالبصر في سطح المرأة حيث انجمع منها، وأما إذا تقابلت الأجسام غير الصقيلة فإن ذلك النور الشعاعي يتفرق في تجاويف خشونة الأجسام المذكورة، فلا يتصل ولا يجتمع فلا جرم لا يراه البصر، فهذا الذي ينبعث من الأجسام ولا يرى إلا في الصيقل المتلزز من الأجرام فإنه موجود بلا شك.
بخلاف الظل فاعلم فلو قاله رضي الله عنه: إن العالم من الحق تعالی بمنزلة هذا الشعاع المذكور من الأجسام لما بعد عن المرام فإن الحق تعالی وجود وكل ما يصدر عنه هو الموجود، فلا وجود إلا الله تعالى فإن نور الشمس لا يغاير الشمس.
فإن قال قائل: إن هذا مذهب هو الفلاسفة.
فالجواب: إن الفلاسفة يحصرون العالم فيما هو من محدب الفلك التاسع إلى نقطة مركز الأرض وما هو عندهم من المجردات أيضا عن هذه الأفلاك التي المادة من لواحقها، فيجردون المجردات عن المادة.
وعندنا لهم مخالفة في الأمرين معا :
أحدهما: أن العوالم الصادرة عن الحق المذكور حالها غير متناهية وليس لها مركز واحد بل كل كرة فلها مركز ولا مركز لما لا يتناهي وهي غير متناهية.
والثاني: أنه ليس هناك شيء مجرد عن النور الوجودي الصادر عن الباريء تعالى فهو مادة لكل مادة، فإذن ما هناك شيء مجرد عن المادة إلا إن عنوا بالمادة شيئا معينا محدودا، فلا يلزم أن يكون ما لا يتناهي هو من مادة محدودة هي ذلك المحدود أو غيره.
فحاصل الأمر أن الحق تعالی ليس معه غيره لأن عوالمه هي أشعة أنواره، فإن سماها مخلوقاته فواجب حق لا مرية فيه، وبهذا قال جميع العلماء بالله تعالی وإن اختلفت ألفاظهم.
ولم يخالفهم إلا الشيخ، رضي الله عنه، أو من كان على رأيه، و واوفق رأيه رأي طائفة من المتكلمين الذين يرون أن العالم قبل وجوده هو ثابت لا موجود ولا معدوم، فيجعلون بين الوجود والعدم مرتبة ثالثة.
والشيخ، رضي الله عنه، فيلزمه ما يلزمهم، وأنا أقول إن الوجود مساو للاثبات وإن العدم مساو للنفي وإن النفي و الاثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان.

""أضاف الجامع قال الشيخ ابن العربي في الفتوحات الباب الثاني عشر وثلاثمائة في معرفة منزل كيفية نزول الوحي على قلوب الأولياء :
إعلم أن المعلومات ثلاثة لا رابع لها:
1 - وهي الوجود المطلق الذي لا يتقيد وهو وجود الله تعالى الواجب الوجود لنفسه
2 - والمعلوم الآخر العدم المطلق الذي هو عدم لنفسه وهو الذي لا يتقيد أصلا وهو المحال وهو في مقابلة الوجود المطلق .
فكانا على السواء حتى لو اتصفا لحكم الوزن عليهما وما من نقيضين متقابلين إلا .
وبينهما فاصل به يتميز كل واحد من الآخر وهو المانع أن يتصف الواحد بصفة الآخر وهذا الفاصل الذي بين الوجود المطلق والعدم لو حكم الميزان عليه لكان على السواء في المقدار من غير زيادة ولا نقصان .
3 - وهذا هو البرزخ الأعلى وهو برزخ البرازخ له وجه إلى الوجود ووجه إلى العدم .
فهو يقابل كل واحد من المعلومين بذاته وهو المعلوم الثالث وفيه جميع الممكنات وهي لا تتناهى كما أنه كل واحد من المعلومين لا يتناهى .
ولها في هذا البرزخ أعيان ثابتة من الوجه الذي ينظر إليها الوجود المطلق ومن هذا الوجه ينطلق عليها اسم الشيء الذي أراد الحق إيجاده قال له كن فيكون .
وليس له أعيان موجودة من الوجه الذي ينظر إليه منه العدم المطلق ولهذا يقال له كن .
وكن حرف وجودي فإنه لو أنه كائن ما قيل له كن .
وهذه الممكنات في هذا البرزخ بما هي عليه وما تكون إذا كانت مما تتصف به من الأحوال والأعراض والصفات والأكوان .
وهذا هو العالم الذي لا يتناهى وماله طرف ينتهي إليه وهو العامر الذي عمر الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام عمارة الصور الظاهرة للرائي في الجسم الصقيل عمارة إفاضة .
ومن هذا البرزخ هو وجود الممكنات وبها يتعلق رؤية الحق للأشياء قبل كونها وكل إنسان ذي خيال وتخيل إذا تخيل أمرا ما فإن نظره يمتد إلى هذا البرزخ وهو لا يدري أنه ناظر ذلك الشيء في هذه الحضرة .
وهذه الموجودات الممكنات التي أوجدها الحق تعالى هي للأعيان التي يتضمنها هذا البرزخ بمنزلة الظلالات للأجسام بل هي الظلالات الحقيقية.
وهي التي وصفها الحق سبحانه بالسجود له مع سجود أعيانها فما زالت تلك الأعيان ساجدة له قبل وجودها فلما وجدت ظلالاتها وجدت ساجدة لله تعالى لسجود أعيانها التي وجدت عنها من سماء وأرض وشمس وقمر ونجم وجبال وشجر ودواب وكل موجود .
ثم لهذه الظلالات التي ظهرت عن تلك الأعيان الثابتة من حيث ما تكونت أجساما ظلالات أوجدها الحق لها دلالات على معرفة نفسها من أين صدرت .
ثم إنها تمتد مع ميل النور أكثر من حد الجسم الذي تظهر عنه إلى ما لا يدركه طولا ومع هذا ينسب إليه وهو تنبيه أن العين التي في البرزخ التي وجدت عنها لا نهاية لها كما قررناه في تلك الحضرة البرزخية الفاصلة بين الوجود المطلق والعدم المطلق.
وأنت بين هذين الظلالين ذو مقدار فأنت موجود عن حضرة لا مقدار لها ويظهر عنك ظل لا مقدار له فامتداده يطلب تلك الحضرة البرزخية .
وتلك الحضرة البرزخية هي ظل الوجود المطلق من الاسم النور الذي ينطلق على وجوده فلهذا نسميها ظلا ووجود الأعيان ظل .
لذلك الظل والظلالات المحسوسة ظلالات هذه الموجودات في الحس .
ولما كان الظل في حكم الزوال لا في حكم الثبات وكانت الممكنات وإن وجدت في حكم العدم سميت ظلالات ليفصل بينها وبين من له الثبات المطلق في الوجود .
وهو واجب الوجود وبين من له الثبات المطلق في العدم وهو المحال لتتميز المراتب .
فالأعيان الموجودات إذا ظهرت ففي هذا البرزخ هي فإنه ما ثم حضرة تخرج إليه ففيها تكتسب حالة الوجود والوجود فيها متناه ما حصل منه.
والإيجاد فيها لا ينتهي فما من صورة موجود إلا والعين الثابتة عينها والوجود كالثوب عليها .
فإذا أراد الحق أن يوحي إلى ولي من أوليائه بأمر ما .
تجلى الحق في صورة ذلك الأمر لهذه العين التي هي حقيقة ذلك الولي الخاص.
فيفهم من ذلك التجلي بمجرد المشاهدة بما يريد الحق أن يعلمه به فيجد الولي في نفسه علم ما لم يكن يعلم.أهـ
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي: " شرف العدم المطلق فإنه يدل على الوجود المطلق فعظم من حيث الدلالة … وأما شرف العدم المقيد فإنه على صفة تقل الوجود ، والوجود في نفسه شريف،
ولهذا هو من أوصاف الحق فقد شرف على العدم المطلق بوجه قبوله للوجود .
فله دلالتان على الحق : دلالة في حال عدمه ، ودلالة في حال وجوده .
وشرف العدم المطلق على المقيد بوجه وهو أنه من تعظيمه لله وقوة دلالته أنه ما قبل الوجود وبقي على أصله في عينه غيرة على الجناب الإلهي أن يشركه في صفة الوجود … فشرف سبحانه العدم المطلق. بأن وصف به نفسه فقال : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون " تشريفا
للعدم لهذا القصد المحقق .   فالعدم المحض : "هو الذي ما فيه حق ولا خلق".
د. سعد الحكيم ترى العدم المطلق عند ابن العربي : هو المحال ، وهو الشر المحض والظلمة المحضة ، وهو الباطل في مقابل الوجود الخير المحض - النور المحض - الحق .أهـ 
وقال الشيخ ابن العربي الحاتمي فى التنزلات الموصلية  الباب الخامس والعشرون في معرفة أسرار مسح الرأس:
مسحت رأسي للظل الذي نيط  ….. بالعرش الذي هو بالأنوار محفوف
فأعجب لظل من الأنوار منبعث      …. فيه الدلالة : أن الظل موقوف
على نتيجته، لا عين صورته      ….. على استقامته : ما فيه تحريف
العرش سقف لجنات الخلود ، فدار  ….. الخلد دائرة فيها التصاريف
نزل الروح على القلب  قال :
أمسح برأسك يا عقل في الظهر لظهور سر الظل ، وفي العصر لوجود الظل في النور ، وفي المغرب لحجاب النور والظل ، وفي العشاء لاستواء الظل والنور في الحجاب ، وفي الصبح لتسمية الله بالنور دون ضده ""
وما قالته هذه الطائفة يقتضي ارتفاع النقيضين وإن ما رواه فيه تهافت والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
قوله: فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات عليها امتد هذا الظل.
فأقول: كيف يصح أن يكون الظل الممتد هو العالم وأنه امتد على أعيان الممكنات وأعيان الممكنات هو العالم نفسه ولا ثبوت لها يسبق الامتداد، إذ لا ذوات لها قبل وجودها، لأن المعدوم لا اسم له من ضرورة أن لا ذات له، وإنما قلنا نحن معدوم لتميز الموجود عما لا ذات له لا لتميز المعدوم الذي لا ذات له، وهنا مكان زلق إلا لمن تنورت لطيفته المدركة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
فيقول  رضي الله عنه : (اعلم أنّ المقول عليه " سوى الحق " أو مسمّى " العالم " هو بالنسبة إلى الحق كالظلّ للشخص ، فهو ظلّ الله) .
قلت :هو الواحد الموجود في الكلّ وحده سوى أنّه في الوهم سمّي بـ " السوي" فـ العالم من حيث وجوده ظلّ الله وهو نور مقيّد ممتدّ من النور المطلق متّصل به من غير انفصال ولا انتقال ، فإنّ لله نورا على نور .
والعالم عالمان : عالم أمر ، وعالم خلق .
فعالم الأمر علوي سما على عالم الخلق .
وعالم الخلق سفلي سفل عن العالم السماوي العلوي .
والله نور السماوات العلويات الروحانيات النورانيات والأرضين السفليات الجسمانيات ، ولولا نور الوجود الممتدّ منه ، لما ظهر من العالمين ولا وجد من الكونين شيء ، ولا تظاهر وأظلّ ظلّ ، ولا فاء فيء.
فهو نور السماوات والأرضين ، يهدي بنوره المقيّد وهو الظلّ الممتدّ منه لنوره المطلق من يشاء ، ويضرب الله الأمثال للناس ، وهم الكمل الأمثال الإلهيون الذين يشاء أن يهديهم إلى نوره الذاتي المطلق ، لأنّه تعالى علم من مقتضى خصوصيات استعداداتهم الأزلية أزلا قبل الإيجاد أنّ لهم صلاحية ذلك " وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ".
قال رضي الله عنه : ( فهو عين نسبة الوجود إلى العالم ) .
الضمير يعود إلى العالم ، فإنّ الوجود من حيث ما يسمّيه عالما يسمّى " سوى الحق" وإلَّا فالوجود واحد .
وهو من حيث نسبته إلى الحق عينه لا غير ، ولا يصحّ من هذه الحيثية أن يقال : هو سواه ، فإنّ قوله رضي الله عنه : (لأنّ الظلّ موجود بلا شكّ في الحسّ ، ولكن إذا كان ثمّ من يظهر فيه ذلك الظلّ حتى لو قدّرت عدم من يظهر فيه ذلك الظلّ ، كان الظلّ معقولا غير موجود في الحسّ ، بل يكون في القوّة في ذات الشخص المنسوب إليه الظلّ .)
تعليل لقوله : " مسمّى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظلّ " فكما أنّ الظلّ موجود في الحسّ عند وجود الشخص ، فكذلك العالم ، إذ ما يسمّى " سوى الحق " موجود بوجود الحق وهو مع قطع النظر عن الحق غير موجود في عينه .
إذ لا وجود له من ذاته ، كما لا وجود للظلّ بلا وجود الشخص ، ثم العدم بالنسبة إلى الممكن - على ما عرف وعرّف عرفا حكميّا رسميا أولى ، فهو به أولى .
فقد كان معدوما لعينه ، فكما أنّ الظلّ غير موجود مع فرض عدم الشخص الذي يمتدّ منه الظلّ ، فكذلك العالم مع قطع النظر عن النور الوجودي الممتدّ من الحق ، ولو قدّرنا عدم إفاضة الوجود الحق المطلق لنوره المنبسط على أعيان العالم ، ما وجد العالم أصلا ، وكان الحق إذ ذاك في تجلَّي عزّه وغناه عن العالمين في مقام “ كان الله وما كان معه شيء " .
قال رضي الله عنه : ( فمحلّ ظهور هذا الظلّ الإلهي المسمّى بالعالم هو أعيان الممكنات ، عليها امتدّ هذا الظلّ ، فتدرك من هذا الظلّ بحسب ما امتدّ عليه من وجود هذه الذات ، ولكن باسمه النور وقع الإدراك ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّه لا يدرك من الوجود الحق المطلق إلَّا بحسب ما امتدّ عليه فيضه الوجودي وتجلَّيه الجوديّ ، فحقيقة الوجود لا تدرك في إطلاقه ، ولكن من حيث تعيّنه في هذه الأعيان الممكنة أي القابلة والممكنة للوجود على الظهور بحسبها ، ومع قطع النظر عن تعيّنه في خصوصيات حقائقها ، فلا تدرك حقيقة الوجود ، إذ هو الحق عينه .
قال رضي الله عنه : ( وامتدّ هذا الظلّ على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول ، ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء ، لبعد المناسبة بينها وبين أشخاص من هي ظلَّة له ).
يشير رضي الله عنه : إلى ما فيها من النور ، لأنّ نور الوجود ، الممتدّ على أعيان الممكنات يباين وينافي ظلمة عدميات الأعيان ، لأنّ نورية الأعيان ، بالحق ، وهي في أنفسها عدمية مظلمة ، فبينهما غاية البعد من عدم المناسبة.
ولا بعد أبعد من البعد الذي بين الوجود والعدم ، ولبعد المناسبة جهل من حيث ذلك الوجه المنافي ، فتجلَّى للأعيان وعليها وبحسبها ، وكانت هي ظلمة العدم والغيب المشيرين إلى السواد الظاهر على الظلال ، وذلك لأنّ الأعيان أبدا غيب ولم تظهر ولم تدخل في الوجود ، بل هي في العلم الذاتي معيّنة الأعيان ، تعدّديّتها من حيث هي هي .
الذي يتراءى إنّما هي تأثيرات خصوصياتها في مرآة نور الوجود الممتدّ عليها ، فامتدّ على نور الوجود من أشخاص الأعيان الغيبية ظلّ غيبيّ يضرب إلى السواد بالتعيين والتقييد .
وامتدّ من النور المطلق ظلّ نوري ، فاختلط الظلَّان ، فظهر سواد عينيّة الأعيان ، وبطن نور الوجود فظهر الظلّ المطلق النوري مقيّدا مظلما .
فأهل الحجاب هم أهل الظلمات ، لا يرون ولا يشهدون إلَّا العالم ، والحق عند أفاضلهم وأمثالهم معقول أو متوهّم ، لا مشهود موجود في شهودهم ونظرهم ، وتراهم ينظرون إلى الحق الظاهر وهم لا يبصرون .ربّ امرئ نحو الحقيقة ناظر برزت له فيرى ويجهل ما يرى.
وأهل الحق لا يشهدون إلَّا الوجود الحق الواحد الأحد الصمد في صور شؤونه العينيّة ، فمتعلَّق نظرهم نور الحق ، في سواد غيب الخلق ، فافهم .
قال رضي الله عنه : (وإن كان الشخص أبيض ، فإنّه أي الظلّ  بهذه المثابة ، ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وإن كانت في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونيّة ، وليس ثمّ علَّة إلَّا البعد .)
يعني رضي الله عنه : أنّ الوجود الظاهر في العالم وإن كان نورا في حقيقته ، ولكنّه ظهر بحسب المظهر غير نيّر .
قال رضي الله عنه : ( كرزقة السماء) لأنّ السماء زرقاء في عينها ، ولكنّ البعد يقضي أن تظهر كذلك في بصر الناظر .
قال رضي الله عنه: (فهذا ما أنتجه البعد في الحسّ في الأجسام غير النيّرة ) . يعني الجبال .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:37 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 31 مايو 2019 - 15:47 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :

قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
وفي بعض النسخ : من القول ، فيكون ما في محل النصب بالمفعولية ( فنقول : اعلم أن المقول عليه سوى الحق أو مسمى العالم ، هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص ، فهو ظل الله ).
أي ما يقال عليه سوى الحق في العرف العام ، وأما في العرف الخاص عند أهل التحقيق ليس سوى الحق وجود ، ولو اعتبر السوي بالاعتبار العقلي الذي هو الصفات والتعينات التي هي حقائق الأسماء عند نسبها إلى الذات لقيل فيه صور أسماء الحق ، إذ ليس في الوجود إلا هو وأسماؤه باعتبار معاني الصفات فيه لا غير ، فإذا اعتبرت الوجود الإضافي المتعدد بتعينات الأعيان التي هي صور معلومات الحق سميته سوى الحق والعالم ، وهو بالنسبة إلى الحق أي الوجود المطلق كالظل للشخص فالوجود الإضافي أي المقيد بقيود التعينات ظل الله.

"" إضافة بالي زادة :  فكما أن الظل معدوم في نفسه موجود بالشخص  كذلك العالم مع الحق : فهو ، أي العالم ظل الله اه ( فهو ) أي ظل الله ( عين نسبة الوجود ) الإضافي ( إلى العالم ) فإذا كان ظل الله هو العالم فلا بد في ظهور العالم كل ما لا بد في ظهور ظل العالم بحسب ما يناسب الظهور ، وإنما كان ظل الله عين نسبة ظل العالم إلى العالم ( لأن الظل موجود بلا شك ) اهـ بالى زادة ""
قال رضي الله عنه : ( فهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ) فهو أي الظل عين نسبة الوجود إلى العالم وتقيده بصورها ، فإن الوجود من حيث إضافته إلى العالم يسمى سوى الحق ، وإلا فالوجود حقيقة واحدة هي عين الحق ، فهو من حيث الحقيقة عين الحق ومن حيث نسبته إلى العالم غيره ، ولهذه النسبة ولأجلها قيل : الظل موجود بلا شك في الحس.
قال رضي الله عنه : ( ولكن إذا كان ثمة من يظهر فيه ذلك الظل ، حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل كان الظل معقولا غير موجود في الحس ، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل ).
لا بد للظل من الشخص المرتفع المتصل به الظل ، ومن المحل الذي يقع عليه ومن النور الذي يمتاز به الظل ، فالشخص هو الوجود الحق أي المطلق ، والمحل الذي يظهر فيه هو أعيان الممكنات .
إذ لو قدر عدمها لم يكن الظل محسوسا بل معقولا في الذات كالشجرة في النواة ، فيكون بالقوة في ذات الظل ، والنور هو اسم الله الظاهر ، ولو لم يتصل العالم بوجود الحق لم يكن الظل موجودا وبقي العالم في العدم الأصلي الذي للممكن مع قطع النظر عن موجده ، إذ لا بد للظل من المحل ومن اتصاله بذات ذي الظل ، وكان الله ولم يكن معه شيء غنيا بذاته عن العالمين.
قال رضي الله عنه : ( فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات ) أي المسمى بوجود العالم ، فإن العالم من حيث حقائق أجزائه هو مجموع الأعيان الممكنة ( عليها امتد هذا الظل ) أي الوجود الإضافي ( فيدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات ) أي بقدر ما انبسط على المحل من الوجود المطلق بالإضافة .
( ولكن باسمه النور وقع الإدراك ) أي لا يدرك الوجود الحقيقي على إطلاقه ، بل إنما يدرك باسمه النور : أي الوجود الخارجي المقيد بقيد الإضافة إلى المحل.

قال رضي الله عنه : ( وامتد هذا الظل ) أي الوجود الإضافي ( على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول ) وهو اسمه الباطن .
قال رضي الله عنه : (ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد ، يشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها وبين أشخاص من هي ظل له ) .
أي الأعيان لبعدها عن نور الوجود مظلمة ، فإذا امتد عليها النور المباين لظلمتها أثرت ظلمتها العدمية في نورية الوجود فمالت النورية إلى الظلمة فصار نور الوجود ضاربا إلى الخفاء كالظلال بالنسبة إلى الأشخاص التي هي ظلالها .
فكذلك نسبة الوجود الإضافي إلى الوجود الحق ، فلو لا تقيده بالأعيان الممكنات العدمية لكانت في غاية النورية فلم تدرك لشدتها ، فمن احتجب بالتعين الظلماني شهد العالم ولم يشهد الحق .
"" إضافة بالي زادة :  ( من وجود الذات ) التي يمتد الوجود عليها فأعيان الممكنات ليست من العالم بل محل ظهور العالم ، فالأعيان لا تظهر أبدا من هذا الوجه ، فلا تمتد ظلال إلا بحسب اقتضاء لمحل إلا ( وقع الإدراك ) أي وبانبساط نور الشمس على العالم يدرك العالم وهو الظل الإلهي ( الغيب المجهول ) وهو الذي يعلم لنا بالمجهولية فصار معلوما من وجه ومجهولا من وجه ، كشبح نراه من بعيد وهو معلوم لنا بالصورة الشبحية ومجهول لنا بالكيفية .
كذلك العالم معلوم لنا من حيث أنه ظل الله ومجهول من حيث الحقيقة ، فإنها راجعة إلى حقيقة الحق ، وامتداد الظل عليها ، ظهوره فيها على حسب ما هي عليه من الأحوال ، فكانت صورة الظل صورة الغيب المجهول ، فإن الأعيان معدومة في الخارج فكانت مختفية عنا بالظلمة العدمية ، واستدل على ما في الغيب بما في الشهادة بقوله ( ألا ترى الظلال ) فمن عبارة عن الحق والأشخاص العالم ، فإذا ثبت في ظلالنا الخفاء لبعد المناسبة بيننا وبين ظلالنا ثبت في العالم الخفاء لبعد المناسبة بينه وبين من هو ظل له ، فإن من اتصف بالعهودية بعيد عن من اتصف بالربوبية ، فإذا كان العالم في صورة الغيب المجهول فلا يعلم العالم من كل الوجوه ، فلا يعلم الحق من كل الوجوه واستدل على أن البعد سبب للخفاء في الخارج بقوله ( ألا ترى الجبال ) اهـ بالى . ""

وهم " في ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ "  ومن برز عن حجبات التعينات شهد الحق وخرق حجب الظلمات واحتجب بالنور عن الظلمات وبالذات عن الظل ، ومن لم يحتجب بأحدهما عن الآخر شاهد نور الحق في سواد الخلق وظلمته ( وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة ) أي ضارب إلى السواد لبعده من الذات في الظهور والخفاء .
قال رضي الله عنه : (ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوادا ، وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية وليس ثم علة إلا البعد ، وكزرقة السماء ، فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة ) .
ضرب الجبال مثلا لذات ذي الظل فإنها على أي لون كانت ترى من بعيد سوداء ، فالوجود وإن كان في ذاته حقيقة نورية ، فإنه بحسب المظهر العدمي في أصله وتجليه فيه صار غير نير.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل. فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات. ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول . ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة. ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء. فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
 إن بحثت عنه ، وصلت إليه  فيقول رضي الله عنه : ( اعلم ، أن المقول عليه سوى الحق أو مسمى ( العالم ) هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص ) أي ، كل ما يطلق عليه اسم الغيرية ، أو يقال عليه أنه
مسمى ( العالم ) ، فهو بالنسبة إلى الحق تعالى كالظل للشخص .
وذلك لأن الظل لا وجود له إلا بالشخص ، كذلك العالم لا وجود له إلا بالحق وكما أنه تابع له ، كذلك مسمى ( العالم ) تابع للحق لازم له ، لأنه صور أسمائه ومظهر صفاته اللازمة له .
وإنما قال بلفظ التشبيه ، لأنه من وجه عين الحق ، وإن كان من وجه آخر غيره .
والظل لا يمكن أن يكون عين الشخص ، والمقصود إثبات أن العالم كله خيال .
وكما قال : ( سأبسط القول في هذه الحضرة ) .
يقول رضي الله عنه: ( فهو ظل الله ) . وإنما جاء بهذا الاسم الجامع دون غيره من الأسماء ، لأن كل واحد من الموجودات مظهر اسم من الأسماء الداخلة فيه وظل له ، فمجموع العالم ظل للإسم الجامع للأسماء .
يقول رضي الله عنه : ( فهو عين نسبة الوجود إلى العالم ) . أي ، ظل الله هو عين نسبة الوجود الإضافي إلى العالم . وذلك لأن الظل يحتاج إلى محل يقوم به ، وشخص مرتفع يتحقق به ، ونور يظهره .
كذلك هذا الظل الوجودي يحتاج إلى أعيان الممكنات التي امتد عليها ، وإلى الحق ليتحقق به ، وإلى نوره ليظهر به .
ونسبة الوجود الكوني إلى العالم نسبه الظل إلى ما يقوم به ، ونسبته إلى الحق نسبة الظل إلى من
يتحقق به ، وهو الشخص ، وإليه أشار بقوله : ( لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثمة من يظهر فيه ذلك الظل حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل ، لكان الظل معقولا غير موجود في الحس ، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل ) . كالشجرة في النواة .
قال رضي الله عنه : ( فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى ب‍ ( العالم ) إنما هو أعيان الممكنات ، عليها امتد هذا الظل . فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات ) . ( من ) بيان ( ما امتد ) .
والمراد ب‍ ( وجود هذه الذات ) التجلي الوجودي الفائض منها ( ولكن باسمه النور وقع الإدراك ) . أي ، النور اسم من أسماء الذات الإلهية ، ويطلق على الوجود الإضافي والعلم والضياء ، إذ كل منها مظهر للأشياء : أما الوجود ، فظاهر ، لأنه لولاه ، لبقى أعيان العالم في كتم العدم .
وأما العلم ، فلأنه لولاه ، لم يدرك شئ ، بل لا يوجد ، فضلا عن كونه مدركا .
وأما الضياء ، فلأنه لولاه ، لبقيت الأعيان الوجودية في الظلمة الساترة لها . فبالضياء يقع الإدراك في الحس ، وبالعلم يقع الإدراك في عالم المعاني ، وبالوجود الحقاني الموجب للشهود يقع الإدراك في عالم الأعيان والأرواح المجردة .
قال رضي الله عنه : ( وامتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول ) . أي ، وباسمه ( النور ) امتد الظل الوجودي على الأعيان .
كما قال تعالى : ( الله نور السماوات والأرض ) . وأول ما يمتد عليها في العلم ، ثم في العين . والأول هو الغيب المجهول لغير الله ، إلا لمن اطلعه الله على من يشاء منه .
وإنما كان مجهولا ، لظلمة عدميته بالنسبة إلى الخارج . ومن شأن الظلمة اختفاء الشئ في
نفسه وإخفاء غيره أيضا ، كما أن من شأن النور الظهور لنفسه والإظهار لغيره.
 قال رضي الله عنه : ( ألا ترى أن الظلال تضرب إلى السواد وتشير إلى ما فيها من الخفاء ، لبعد المناسبة بينهما وبين أشخاص من هي ظل له) .
لما كان كل ما في الخارج دليلا وعلامة لما في الغيب ، استدل بضرب الظلال إلى السواد على الخفاء الذي في الأعيان الغيبية ، إذ السواد صورة الظلمة ، كما أن البياض صورة النور . فضمير ( فيها ) و ( بينها ) يجوز أن يكون عائدا إلى ( الظلال ) وهو ظاهر . ويجوز أن
يكون عائدا إلى ( الأعيان ) ، لأنها المستشهد عليها .
وتقديره : ألا ترى الظلال تشير بضربها إلى السواد إلى ما في الأعيان من الخفاء ، لبعد المناسبة بين الأعيان وبين أشخاص من هي ظلال له ، وهي الأسماء الإلهية .
فإن كل عين ظل لاسم من الأسماء - ولا شك - لبعد المناسبة بينها وبين الأسماء ، فإنها أرباب ، وهي عبيدها .
قال رضي الله عنه : (وإن كان الشخص أبيض ، فظله بهذه المثابة ) . ( إن ) للمبالغة .
 ( ألا ترى أن الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر ، تظهر سوداء . وقد يكون في أعيانها على غير ما يدركه الحس من اللونية . وليس ثمة علة إلا البعد ، وكزرقة السماء . فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام الغير النيرة ) ظاهر
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات. ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول . )
فقال: (فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم ) حيث أدركوا فضله من قوله: «الناس نيام» على يوسف عليه السلام في قوله:"قد جعلها ربي حقا" (وسأبسط من القول) في هذه الحضرة أي: حضرة الخيال بلسان يوسف المحمدي.
أي بلسان من له كشف يوسف في هذه الحضرة مع كونه من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم مستكملا ذلك الكشف بنور متابعته عليه السلام ما يقف عليه بدل من القول إن شاء الله تعالی.
فأشار إلى بيان كون المحسوسات؛ بل العالم كل من عالم الخيال لها تأويلات في القسمة.
(فقال رضي الله عنه: اعلم أن المقول عليه) أي: الموجود الصادق عليه أنه (سوى الحق، أو أنه مسمى العالم) .
يعني: سواء اعتبر فيه جهة الغيرية أم لا؛ فإن العالم اسم كل موجود من حيث دلالته على الحق والدليل لا بد وأن يتحد بالمدلول من وجه، واعتبر في الصدق مسمى العالم.
لأن الصادق على الموضوعات المستعملة في العلوم مفهوم المحمول لا لفظه،
(هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص) إذ لا يحقق له بذاته لا مكانة؛ فلا بد له مما يتحقق به، ويكون تحققه بنفسه وهو الحق فكأنه الشخص المحقق للظل.
(فهو): أي: تلك المقول عليه سوى الحق (ظل الله) متحقق به.


"" أضاف المحقق : أي ظل هذا الاسم الجامع "الله"، فإن كل جزء من أجزاء العالم ظل لا اسم من الأسماء الداخلة في ذلك الاسم الجامع، فمجموع العالم ظل بمجموعه .أهـ الجامي ""

وما به التحقيق هو: الوجود (فهو) أي : كونه ظل الله (عين نسبة الوجود إلى العالم)، وإنما كان كونه ظل الله عين نسبة الوجود إليه.
مع أن الظل عند بعضهم عبارة عن عدم استنارة المحل بنور الشمس لحجب الشخص، ومنعه عن وصول النور إليه، (لأن الظل موجود بلا شك في الحس) فالقول بكونه معدوما مطلقا يكون سفسطة، فلا عبرة بما قاله البعض، (ولكن) وجوده لا يكون عين الشخص؛
لأنه إنما يوجد (إذا كان ثمة) أي: في مقابلة الشخص (من يظهر فيه ذلك الظل) وهو المحل القابل له، (حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل) في مقابلة ذلك الشخص
كان الظل) للشخص (معقولا غير موجود في الحس)، وإن كان الشخص موجودا في الحس، والموجود في الحس غير ما ليس بموجود فيه.
(بل) غايته في الاتحاد حينئذ أنه (يكون) الظل (بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل)، لكن هذا الكون بالقوة غير كونه بالفعل في الحس فكما لا بد للظل المتعارف من المحل قابل له في مقابلة الشخص، فكذا لا بد للظل الوجودي من قابل في مقابلة الحق .
(فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم) من حيث إنه علامة على ذي الظل الحق، (إنما هو أعيان الممكنات) وإنما كانت محل ظهور هذا الظل والظل فيها دليلا على ذي الظل.
إذ (عليها امتد هذا الظل فتدرك من) إدراك (هذا الظل) الكائن امتداده متصورا، وإن لم يكن ذا صورة في نفسه (بحسب ما امتد عليه السلام) بشيء (من وجود هذه الذات) الذي به تحقق الظلالات الوجودية، وإن لم يكن بحسب ما امتد عليه بل ميزها عن ذلك.
ولكن هذا الإدراك لشيء من وجود الذات لم يقع من الظل نفسه، وإن كان دليلا عليه بل (باسم النور) المتعلق بالظل المشرق على الروح والعقل والقلب والنفس والحواس، (وقع هذا الإدراك) لاقتضائه الظهور والإظهار وكيف يقع من الظل نفس.
وقد (امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول) ضرورة أن الظل إنما تصور بصور الأعيان بعد الامتداد عليها فيكون قبلها في صورة الغيب المجهول، والأعيان ليست ظاهرة؛
فكيف يقع بها إدراك الشيء من وجود الذات و صورة الغيب المحمول التي هي أصل هذا الظل الوجودي ليست مدركة فكيف يدرك بها شيء من وجود الذات.
وهو الظل إنما صار دليلا على شيء من وجود الذات لا من حيث أصله.
بل من حيث تعلق اسم النور بذلك الظل بعد إشراقه على ما ذكرنا من المدركات.
"" أضاف الجامع :
وفي كتاب فى التنزلات الموصلية الباب الخامس والعشرون قال الشيخ ابن العربي الحاتمي :
مسحت رأسي للظل الذي نيط  ….. بالعرش الذي هو بالأنوار محفوف
فأعجب لظل من الأنوار منبعث      …. فيه الدلالة : أن الظل موقوف
على نتيجته، لا عين صورته      ….. على استقامته : ما فيه تحريف
العرش سقف لجنات الخلود ، فدار  ….. الخلد دائرة فيها التصاريف
نزل الروح على القلب  قال :
أمسح برأسك يا عقل في الظهر لظهور سر الظل ، وفي العصر لوجود الظل في النور ، وفي المغرب لحجاب النور والظل ، وفي العشاء لاستواء الظل والنور في الحجاب ، وفي الصبح لتسمية الله بالنور دون ضده . ""

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )

ثم استدل على أن أصل هذه الظلال الوجودية صورة الغيب المجهول بأن الظلال المتعارفة أمثلة لذلك الظل، وهي مائلة إلى السواد الذي هو مثال الغيب المجهول.
فقال رضي الله عنه : (ألا ترى الظلال) المتعارفة (تضرب إلى السواد)، وهي بذلك (تشير إلى ما فيها من الخفاء) باعتبارات أصلها الظل الوجودي الذي أصله صورة الغيب المجهول.
والسواد باعتبار أنه لون قابض للبصر موجب للخفاء، فالظلال المتعارفة تخفى، وإن كانت أشخاصها جلية (لبعد المناسبة بينها وبين أشخاص من هي ظل له)، فلا تستفيد الظلال من الأشخاص الجلاء ولا غيره من صفاتها.
ولذلك (أن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة) من الميل إلى السواد؛ بل البعد سواء كان بعد المسافة، أو بعد المناسبة يوجب السواد إما حقيقة، وإما في النظر.
(ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء)؛ لأن البعد أوجب فيها الخفاء؛ ولكن لا يلزم أن يكون سوادا حقيقيا.
لأنه (قد تكون) تلك الجبال (في أعيانها): أي: نفسها (على غير ما يدركها الحس من اللونية)، والدليل على أن ذلك أثر البعد أنه (ليس ثمة).
أي: في ظهورها سوداء من غير أن يكون فيها سواد (علة إلا البعد)، وقد تأكد هذا المعنى من عليه البعد، حيث أثر في غير هذا الموضع (كزرقة السماء) مع أنها لا لون لها، وإلا كان حاجبا عن رؤية ما وراءها من الكواكب.
إذن الألوان حاجبة عن الأبصار بدليل أن الزجاجات الملونة لا يرى ما في باطنها بخلاف غير الملونة، وعدم اللون فيها يوجب الصفاء الموجب للبياض في النظر، والبعد السواد، فصارت في النظر على الزرقة.
(فهذا ما أنتجه البعد) الذي هو بعد (في الحس) من السواد والزرقة (في الأجسام غير النيرة)، إذ لم يعارض فيها ما يوجب الجلاء فكذا بعد المناسبة، أوجب الخفاء في الظلال المتعارفة، وقد أوجبه أيضا فيها كون أصلها الظل الوجودي الذي أصله الغيب المجهول.
فهو خفي بهذا الاعتبار ولم تعارضه في تأثيره بالإخفاء الأعيان الثابتة؛ بل أثرت بالإخفاء.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
العالم كظل للحقّ تعالى
قال رضي الله عنه : (فنقول : اعلم أنّ المقول عليه : « سوى الحقّ » أو مسمّى « العالم » هو بالنسبة إلى الحقّ كالظلّ للشخص ، فهو ظلّ الله ) ، ولا شك أن الظلّ صورة ظهور الشخص ، فنسبة الظلّ وإن كانت إلى الله ( فهو عين نسبة الوجود إلى العالم ، لأنّ الظلّ موجود بلا شك في الحسّ ، ولكن إذا كان ثمّ من يظهر فيه ذلك الظلّ ، حتّى لو قدّرت عدم من يظهر فيه ذلك الظلّ كان الظلّ معقولا ) وجوده بمجرّد الاعتبار ( غير موجود في الحسّ ) ولا ظاهر في الخارج ، ( بل يكون بالقوّة في ذات الشخص المنسوب إليه الظلّ ) .
قال رضي الله عنه : ( فمحلّ ظهور هذا الظلّ الإلهي - المسمّى بالعالم - إنّما هو أعيان الممكنات ، عليها امتدّ هذا الظلّ ) ، وإذا كان الأعيان الممكنة كالمحل المنبسط عليه الظلّ ، الذي هو للذات كالصورة للشخص ( فيدرك من هذا الظلّ بحسب ما امتدّ عليه من وجود هذه الذات ) ليس لتلك الأعيان دخل في الظهور عند المدارك بوجه .
وبيّن أنّه لا بدّ للظلّ من أمور ثلاثة حتّى يظهر :
الأوّل هو الذات – ذات الظلّ
الثاني هو المحلّ الممتدّ عليه الظلّ ،
والثالث النور الذي يدرك ويتميّز به الظلّ .
فلمّا بيّن الأولين أراد أن يشير إلى الثالث ، ثمّ إنّ المعهود في الظلال المحسوسة أن يباين النور المميّز لتلك الذات التي هي ذات الظلّ ، وفيما نحن فيه وقع الأمر على خلاف ذلك ، فإنّ النور أيضا من تلك الذات.
لذلك نبّه عليه بأداة الاستدراك قائلا : ( ولكن باسمه « النور » وقع الإدراك ) وكما أنّه ليس للأعيان دخل في الظهور والمدركيّة ، كذلك ليس له دخل في الإظهار والمدركيّة ، فإنّ الأعيان باقية في كنه بطون الخفاء والعدميّة التي لها في الغيب .

قال رضي الله عنه : ( وامتدّ هذا الظلّ على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول ) لما مهّد من أنّ محل انبساط الظلّ إذا كان معدوما أو قدّر كذلك ، كان بالقوّة في ذات الشخص المنسوب إليه ، منغمرا في كنه بطونها الذاتي .
وقد أبدع في هذا البيان حيث برهن ذوقيّا وعقليّا للمتفطَّن ظهوره في كنه البطون ، وبطونه في غاية الظهور وقد أشار إليه نظما :وباطن لا يكاد يخفى وظاهر لا يكاد يبدو .

نسبة الظل مع صاحبه
قال رضي الله عنه : (ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد ، تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها وبين أشخاص من هي ظلّ له ،وإن كان الشخص أبيض ، فظلَّه بهذه المثابة ).
هذا في البعد المعنوي ، وكذلك الصوري منه - يعني البعد المكاني - : ( ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سودا ، وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركه الحسّ من اللونيّة ، وليس ثمّ علَّة إلَّا البعد ) .
هذا إذا كان البعيد متلونا ، وكذلك إذا كان شفّافا ، فإنّه لا بدّ وأن يرى وفيه بعض السواد ، وإليه أشار قوله : ( وكزرقة السماء ) .
قال رضي الله عنه : ( فهذا ما أنتجه البعد في الحسّ في الأجسام غير النيّرة ) وذلك لأنّ نور البصر يتحلَّله بحب المسافة ، ولذلك لا يشخّص البعيد ، ولا يفي بإدراك ما عليه في متخيّلته من الأوضاع والهيئات المشخّصة له ما لم يقرّب ، فإذا لم يكن البعيد من الأجسام النيّرة ، ولم يصل إليه نور البصر بحيث يظهر في ضوئه أوضاعه لا بدّ وأن يرى شبحا أسود .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:37 عدل 8 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 31 مايو 2019 - 15:50 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السابعة الجزء الثالث السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة : الجزء الثالث
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )

قال رضي الله عنه : ( اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل. فمحل ظهور هذا الظل ).
وفي بعض النسخ سأبسط من الفول فتكون ما في محل النصب بالمفعولية (فنقول: اعلم ان المقول عليه سوى الحق أو مسمي العالم هو بالنسبة إلى الحق تعالی كالظل) التابع (للشخص) فكما أن الظل تابع للشخص لا وجود له إلا بتبعية الشخص كذلك العالم تابع للحق سبحانه لا وجود له إلا بتبعيته .
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي العالم (ظل الله)، أي ظل هذا الاسم الجامع، فإن كل جزء من أجزاء العالم ظل لاسم من الأسماء الداخلة في ذلك الاسم الجامع فمجموع العالم ظل بمجموعه.
(فهو)، أي كون العالم ظل الله سبحانه عين نسبة الوجود الخارجي (إلى العالم)، أي مستلزم تها استلزاما ظاهرا كأنه عينها (لأن الظل) المتعارف (موجود بلا شك في الحس) يحكم بوجود الحس تابع في وجوده للشخص .
فكذا كل ما كان له نسبة الظلية إلى الحق سبحانه ينبغي أن يكون موجودا به تابعا له في وجوده فكانت نسبة الظلية إليه كأنها عين نسبة الوجود إليه.
قال رضي الله عنه : (ولكن) إنما يكون الظل موجودا (إذا كان ثمة من يظهر فيه ذلك الظل حتى لو قدرت)، أي فرضت (عدم من يظهر فيه ذلك الظل كان الظل معقولا غير موجود في الحس بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل فمحل ظهور هذا الظل)
قال رضي الله عنه : ( الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات. ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول . ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.)

قال رضي الله عنه : (الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات) الثابتة في الحضرة العلمية (عليها)، أي على تلك الأعيان (امتد هذا الظل) وفاض عليه من وجود هذه الذات متعلق بقوله : امتد وما امتد عليه هذا الظل إنما هو أعيان الممكنات ولكن باسمه النور الذي يظهر الأشياء في العلم والعين وقع (فيدرك) الإدراك، أي إدراك (الظل من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات) القديمة .
(ولكن باسمه النور كما وقع الإدراك وامتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول) فالغيب المجهول هو الهوية الغيبية المجهولة مطلقا من حيث إطلاقها .
وصورة الغيب المجهول في الحضرة العلمية فإنها الصورة الأولى لذلك الغيب ، ويجوز أن يراد بالغيب المجهول الأعيان الثابتة لكونها غائبة عما سوى الحق مجهولة له، إلا من شاء الله أن يطلعه عليها .
وحينئذ تكون إضافة الصورة إليه بيانية، وامتداد الخفا على الأعيان الثابتة للممكنات في الحضرة العلمية، وعبارة عن إيضاح ظاهر الوجود بأحكام تلك الأعيان.
ويعبده بآثارها فبواسطة هذا التقييد و الانصباغ يصير ظلا لمرتبة إطلاقه.
فالظل في الحقيقة هو عين ذي الظل لا فرق بينهما إلا بالتقييد والإطلاق، ثم إنه لا شك أن الجهل عدم العلم.
والعدم ظلمة وسواد كما أن الوجود نور وبياض، فإذا انبسط النور الوجودي على الأعيان في صورة الغيب المجهول.
فلا بد أن يقع له امتزاج بالظلمة فيحصل له صلاحية أن يدرك لأن النور المحض لا تتعلق به الإدراك ما لم يمتزج بظلمة ما.
وكذلك الظلمة الصرفة فإنه لا بد في الإدراك من النور.
فالظل الوجودي المدرك للمجهول لا بد له من ظلمة، واستشهد على ذلك بقوله : (ألا ترى الظلال) المشهودة للكل (تضرب إلى السواد وتشير)، أي الظلال بسوادها (إلى ما فيها)، أي في أعيان الممكنات .
(من الخفاء) والظلمة فإن كل صورة شهادية إنما هي دليل على معنى عيني .
إنما تضرب الظلال إلى السواد (لبعد المناسبة بينها)، أي بين الظلال (وبین أشخاص من هي ظل له).
ثم بالغ في ذلك (وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة)، أي يضرب إلى السواد .

قال رضي الله عنه : ( ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة. )
ثم استشهد على أن البعد بوجب ضربه إلى السواد بقوله: (ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء و) الحال أنه (قد يكون) الجبال (في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية)، أي حد أنفسها غير سود.
(وليس ثمة علة) بالاستقرار لرؤية السواد (إلا للبعد)، فما يوجبه البعد كسواد الجبان (وكزرقة السماء فهذا)، أي سواد الجبال وزرقة السماء (ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة) التي هي الجبال والسماء وغيرهما.
كما أن الجبال والسماء ليست نيرة فيوجب البعد فيها السواد والزرقة.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:39 عدل 5 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 31 مايو 2019 - 16:00 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه : " و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد. فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا."

قال رضي الله عنه : (وكذلك أعيان الممكنات ليست نيرة)، أي مستنيرة (لأنها)، أي أعيان الممكنات (معدومة) بالعدم الأصلي لها (وإن اتصفت) في حال عدمها ذلك (بالثبوت) ضد النفي فهي ثابتة بكشف علم الحق تعالی عنها وتعلقه بها .
وتخصيص إرادة الحق تعالى لها على طبق علمه بها وتوجه قدرته عليها من الأزل فليست منفية أزلا .
قال رضي الله عنه : (لكن لم تتصف بالوجود)، لأنه ضد العدم وهي معدومة لا موجودة (إذ الوجود نور) والنور هو الحق تعالى لا غيره.
فإذا امتد نوره عليها من ورائها نسب إليها الوجود الذي هو ظل وجوده عند غير المحققين.
مداه استعدادها لقبول امتداد ذلك الظل الوجودي عليها بحسب ما كشف بعلمه عنها، وخصصها به بالإرادة ، وتوجه عليها بالقدرة على طبق الإرادة والعلم (غير أن الأجسام النيرة) كالكواكب (يعطي فيها البعد )عن الرائي (في الحس) البصري (صغرا) ليست هي عليه في نفسها فهذا تأثير آخر.
قال رضي الله عنه : (للبعد فلا يدركها)، أي الأجسام النيرة (الحس البصري إلا صغيرة الحجم)، أي المقدار (و) الحال (هي)، أي تلك الأجسام النيرة (في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر) الذي أدركها فيه الحس (وأكبر) من ذلك القدر (كميات)، أي مقادير (كما تعلم بالدليل) الذي ذكره في علم الهيئة (أن الشمس مثل الأرض في الجرم)، أي المقدار (مائة وستة وستين و ربعا وثمن مرة) ثم أعظم الكواكب خمسة عشرة كوكبا من الكواكب الثابتة ، كل واحد منها

مثل أربعة وتسعين مرة ونصف مثل الأرض.  ثم زحل هو مثل تسع وتسعين مرة ونصف مثل الأرض، ثم المشتري وهو مثل اثنين وثمانين ونصف وربع مرة مثل الأرض، ثم سائر الكواكب الثابتة الباقية، كل واحد منها يصغر عن الآخر على مراتبها حتى يكون أصغرها مثل ستة عشر مرة من الأرض، ثم المريخ وهو مثل مرة ونصف من الأرض، ثم القمر أصغر من الأرض ويقع من الأرض مثل جزء من تسعة وثلاثين جزءا وربع جزء من الأرض، ثم الزهرة وهي جزء من أربعة وأربعين جزءا من الأرض، ثم عطارد وهو جزء من مائة واثنين وثلاثين جزءا من الأرض . ذكره الشيخ شهاب الدین عمر السهروردي في رشف النصائح .
(و) الحال (هي)، أي الشمس مع هذا العظام في المقدار ظاهرة (في الحس) البصري للرائي.
قال رضي الله عنه : (على قدر جرم)، أي سعة (الترس مثلا فهذا) الصغر في الجرم الكبير
أثر البعد بين الرائي والمرئي (أيضا) كما أن أثره ما تقدم من سواد اللون وفي رشف النصائح، وأما أبعاد الأفلاك من الأرض، فإن من مركز الأرض إلى أقرب بعد ذلك القمر مائة ألف وثمانية وعشرين ألف وأربعة وتسعين ميلا، والميل ثلاثة آلاف ذراع، وغلظ فلك القمر مائة وستة عشر ألفا وثمانمائة وأربعون ميلا وأبعد بعد القمر الذي هو أقرب بعد فلك عطارد مائتان وأربع وأربعون ألف وتسعمائة وثمانية وثلاثون ميلا وغلظ فلك عطارد ثلاثمائة وثمانية وثمانون ألفا، أو ثمانمائة وخمسون ميلا، وعلى هذا الترتيب كل فلك بالنسبة إلى الفلك الآخر حتى قيل نسبة الأرض إلى فلك البروج جزء من ألف ألف وثلاثمائة ألف وستة وخمسون ألف وثلاثمائة وأربعة وستون جزء من درجة واحدة إذا علمت هذا.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه : )وكذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة) فوقع الخفاء في صورتها وهى ظل الله وهو العام.
(وان) وصل (اتصفت بالثبوت لكن لم تنتصف بالوجود الخارجي إذ الوجود نور) لا يجتمع مع الظلمة بخلاف الثبوت فإنه ليست بنور فيجتمع مع الظلمة وهي العدم فظهر الفرق بين الثبوت والوجود .
قال رضي الله عنه : (غير أن الأجسام النبرة يعطي فيها البعد للحس صغرة فهذا) أي الصغر (تاثير آخر للبعد) يعطيه في الأجسام النيرة (فلا يدركها الحس) أي الأجسام النيرة (إلا منيرة الحجم) .
قال رضي الله عنه : (و) الحال (هي) أي الأجسام (في أعيانها) أي في وجودها الخارجي (كبيرة من ذلك القدر واكثر كميات كما بعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة وربع وثمن مرة وهي في الحس على قدر جرم الترس مثلا وهذا أثر البعد أيضا) فلما كان البعد علة للخفاء لزم أن يمتد الظل على الأعيان في صورة الغيب المجهول .
فإذا امتد في صورة الغيب المجهول.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه : " و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد. فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا."
قوله: ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد إلى آخر كلامه فيه.
هو معنى لا يتقرر إذا حقق، لأن أصل الظل قبل طلوع الشمس كان ليلا، فلما طلعت الشمس ولم يتصل شعاعها بمكان الظل لأجل الحائل سری بعض ضياء الشمس في مكان الظل، فجلا منه بعض الظلمة ولم يبلغ أن يتجلى كانجلاء ما اتصل به الشعاع، فبقي مايلا إلى السواد الذي هو أصله إذ أصله أن يكون ليلا أعني لون الليل مما هو من الخفاء، لبعد المناسبة بينها وبين أشخاص من هي له.
وأما قوله: إن الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تراها سوداء، فما ذلك إلا لأن أشعة النيرات يكتنفها، فتظهر هي بالنسبة إلى أشعة النيرات سوداء، لأن الضد يظهر حكمه بمقارنة الضد.
قوله: وكذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة
قلت: وهذا الكلام لا يتحقق لأن المعدوم لا ذات له، فلا يقال فيه: إنه نیر ولا نیر، فصدق لا نير عليه ليس لأن له ذاتا غير نيرة.
قوله: وإن اتصفت بالثبوت، قول لا أقبله لأن الثبوت إما أن يكون بضرب من الوجود فهو من الوجود فهي موجودة الوجود الثبوتي، وإن لم يكن لها ضرب من الوجود فذلك الثبوت هو من حقيقة لا شيء من كل وجه وهو العدم الصرف.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه: ( وكذلك أعيان الممكنات ليست نيّرة ، لأنّها معدومة وإن اتّصفت بالثبوت ، ولكنّها لم تتّصف بالوجود ) .
يعني : أنّ الأعيان الثابتة ثبوتها في العلم الذاتي العالم بها ، لا لأعيانها .
قال رضي الله عنه : ( إذ الوجود نور ، غير أنّ الأجسام النيّرة تعطى في الحسّ صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد ، فلا يدركها الحسّ إلَّا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر.
أي أكبر وأكثر كمّيّات كما نعلم بالدليل أنّ الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستّين وربعا وثمن مرّة وهي في العين على قدر جرم الترس ، فهذا أثر للبعد أيضا ) .
قال العبد : ظهور الكبير صغيرا بسبب البعد ضرب مثل لظهور نور الوجود المطلق مقيّدا بحسب القابل ، لبعد المناسبة بين الإطلاق والتقييد .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه : (وكذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة وإن اتصفت بالثبوت لكن لم يتصف بالوجود إذ الوجود نور ) .
فهذا بيان وضرب مثال لخفاء الوجود الإضافي، لثبوت العدم بها عند التقييد مع نوريتها بالحقيقة.
"" إضافة بالي زادة :  ( لأنها معدومة ) فوقع الخفاء في صورتها وهي ظل الله وهو العالم اهـ
( إذ الوجود نور ) لا يجتمع مع الظلمة بخلاف الشهوة ، فإنه ليس بنور فإنه يجتمع مع الظلمة ، فظهر الفرق بين الثبوت الوجود أهـ . ""


قال رضي الله عنه : ( غير أن  الأجسام النيرة يعطى فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات ، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستة وستين وربع وثمن مرة ، وهي في الحس على قدر جرم الترس مثلا فهو أثر البعد أيضا ) .
وهذا بيان ومثال ، لأن المعلوم من الحق تعالى سبب علمنا بوجود العالم على قدر المعلوم من الشخص عند العلم بظله ، فإن وجود العالم لامتداده على الأعيان الثابتة التي هي في غاية البعد لانعدامها وتقيده بها وقع في حد البعد من الوجود المطلق كغاية بعد المقيد من المطلق . فصار صغيرا في الرؤية كما صار مظلما

"" إضافة بالي زادة :  فلما كان البعد علة للخفاء لزم أن يمتد الظل على الأعيان في صورة الغيب المجهول ، فإذا امتد في صورة الغيب المجهول ( فما يعلم من العالم ) وهو ظل الله ( إلا قدر ما يعلم من الظلال ) أي من ظلال العالم ، وما يجهل من العالم إلا قدر ما يجهل من الظلال ، وما يعلم من الحق إلا قدر ما يعلم من العالم ( ويجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه ) أي عن ذلك الشخص كان ذلك الظل ، وهو ظل العالم ، وإذا كان الأمر كذلك فمن حيث اهـ بالى . ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه : ( وكذلك أعيان الممكنات ليست نيرة ، لأنها معدومة ، وإن اتصفت بالثبوت ، لكن لم تتصف بالوجود ، إذ الوجود نور ) .
لما قال لبعد المناسبة بينها وبين اشخاص من هي ظل له ، شرع في آثار البعد ولوازمه . وأراد ب‍ قال رضي الله عنه : ( الوجود ) هنا الوجود الخارجي . وإنما كان الوجود الخارجي نورا ، لأنه يظهر الأعيان في الخارج ، فتطلع حينئذ على أنفسها وعلى مبدعها ، وتعرف بعضها بعضا وتشاهده ، بخلاف الثبوت فإنها حال كونها ثابتة في الغيب العلمي ، لم يكن لها ذلك ، للقرب المفرط .
والثبوت العلمي ، وإن كان نوعا من الوجود ، لكن ليس له الظهور التام كما للوجود العيني . واعتبر من نفسك :فإن المعاني التي هي حاصلة في روحك المجردة ، ثابتة فيها ولا يشعر بها مفصلة ولا يتميز بعضها عن بعض ، حتى تحصل في القلب ، فيتفصل ويكتسي كل منها صورة قريبة من الصور الخيالية ، فتشعر بها حينئذ ، ويتميز بعضها عن بعض .
فإذا حصلت في الخيال واكتست الصور الخيالية ، صارت مشاهدة ، كما نشاهد المحسوس . ثم ، إذا أخرجتها في الخارج ، حصل له الظهور التام ، فأدركها غيرك وشاهدها . فللأعيان مراتب في الغيب العلمي ، كما لها مراتب في الخارج .
فإذا علمت ما أشير إليه ، علمت الفرق بين الثبوت العلمي والوجود الخارجي .
قال رضي الله عنه : (غير أن الأجسام النيرة يعطى فيها البعد للحس صغرا . فهذا تأثير آخر للبعد . فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم ، وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات . كما علم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين وربعا وثمن مرة ، وهي في الحس على قدر جرم الترس ، مثلا ، فهذا أثر البعد أيضا ) .
أي ، للبعد تأثيرات في رؤية الأجسام النيرة التي هي الكواكب يعطى البعد صغرا ، وفي
غير النيرة يعطى سوادا وزرقة . والباقي ظاهر .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد. فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)

كما قال رضي الله عنه : (وكذلك) أي: مثل البعد بالتأثير في الإخفاء (أعيان الممكنات) فإنها في غاية انخفاء، وإن ظهر فيها الوجود؛ لأنها (ليست نيرة) لا بذاتها ولا بالوجد؛ (لأنها معدومة) والعدم محض ظلمة.
(وإن اتصفت بالثبوت) في العلم الأزلي الذي هو نور، وكذا في الخارج عند تجلى الوجود عليها؛ ولكن لم تتصف بالوجود والإلزام انصاف أحد الضدين بالأخر؛ (إذ الوجود نور)، فلا تتصف به الأعيان التي هي ظلمة من حيث هي معدومة.
وظهور الوجود فيها كظهور الصورة في المرآة لا يجعلها من جنسها، فللأعيان تأثير بالإخفاء كما للبعد في كل جسم نيرا وغیر نیر .
(غير أن الأجسام النيرة) لما تعذر تأثير البعد فيها بالتسويد والزرقة لاقتضاء النور فيها الجلاء، وهو معارض قوي في ذواتها، (يعطي فيها البعد في الحس صغرا) في حجمها فيوجب الإخفاء في مقدارها في النظر.
(وهذا تأثير آخر) غير التسويد والزرقة (للبعد) لا للعين الثابتة؛ لكنه في الحس فقط؛ (فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم، وهي في أعيانها كبيرة) فوق قدرها المحسوس.
(وذلك لأنها أكبر كميات) في نفسها والبعد لم يؤثر في نقص تلك الكميات؛ لأنه إنما يؤثر في الإخفاء، وهذه الكثرة في الكمية قد تعلم بالحس إذا قرب من ذلك الجسم، وقد تعلم بالدليل (كما يعلم بالدليل) الهندسي (أن الشمس مثل الأرض في الجرم): أي المقدار مائة وستة وستين وربعا وثمن مرة وهي في الحس على قدر جرم الترس) أو أقل.

(فهذا أثر البعد أيضا) في إخفاء المقدار، كما أن أثره فيما مر في إخفاء الذات بالتسويد والزرقة مع الصغر أيضا، وإذا عرفت هذا فالظل الوجودي، وإن دل على شيء من وجود الحق؛ فلا بد وأن يوجب إخفاء ذاته وإخفاء مقدار عظمته لخفاء الظل في نفسه.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 13 يوليو 2019 - 6:58 عدل 7 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 31 مايو 2019 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه : ( وكذلك أعيان الممكنات ليست نيّرة ، لأنّها معدومة ) في نفسها ( وإن اتّصفت بالثبوت ، لكن لم تتّصف بالوجود إذ الوجود نور ، غير أنّ الأجسام النيّرة يعطي فيها البعد في الحسّ صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد ) في الحسّ ( فلا يدركها الحسّ إلَّا صغيرة الحجم ، وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كمّيات ، كما تعلم بالدليل ) الهندسي .
( أنّ الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستّون وربع وثمن مرّة وهي في الحسّ على قدر جرم الترس مثلا ) .
هذا يتبيّن به إنّيّته وأمّا لميّته : فهو أنّ الشعاع المخروطي ، الذي قاعدته عند المرئي ، ورأسه على الثقبة العينيّة ، كلَّما كان مسافة المرئي أبعد ، كان المخروط أرقّ ورأسه أحدّ ، وكلَّما كان أحدّ ، كان المرئي أصغر - على ما لا يخفى - .
قال رضي الله عنه : (فهذا أثر البعد أيضا ) ، وقد عرفت ما بين الظلّ وشخصه من وجوه المخالفة وصنوف المباينة والمباعدة فما يعلم من الظلّ إلَّا وجود الشخص. 


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
قال رضي الله عنه : ( و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.  فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا.)
كما أن الجبال والسماء ليست نيرة فيوجب البعد فيها السواد والزرقة (فكذلك أعيان الممكنات) من حيث ثبوتها في الحضرة العلمية (ليست نيرة) فهي من قبيل الأجسام المظلمة الغير المنيرة .فيؤثر البعد فيها ظلمة صورتها السواد أو الزرقة.
وإنما قلنا : أعيان الممكنات ليست نيرة (لأنها معدومة) بحسب الخارج فهي (وإن اتصفت بالثبوت) في الحضرة العلمية (لكن لم تتصف بالوجود) الخارجي (إذ الوجود نور) يظهر ذات الشيء وأحكامه وآثاره في الخارج والأعيان الثابتة ما ظهرت في الخارج لا ذاتها ولا أحكامها وآثارها فلم تكن متصفه بالوجود.
فإذا لم تكن منصفة بالوجود كانت متصفة بالعدم الذي هو الظلمة فلم تكن نيرة.
ولما قید رضي الله عنه الأجسام التي تورث البعد فيها السواد والزرقة بكونها غير نيرة .
يفهم منه أن الأجسام النيرة لا يورث البعد فيها شيئا منها، فكان محال أن تبين أن البعد فيها يورث شيئا آخر أم لا
فقال : (غير أن الأجسام النيرة) بل وغير النيرة أيضا (يعطى فيها البعد للحس صغرا) بالنسبة إلى ما هي عليه في نفس الأمر (فهذا تأثير آخر للبعد) عام للاجسام كلها .
(فلا بدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة) متجاوزة (عن ذلك القدر) المحسوس (وأكبر كميات) منه من بعيد .
(كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستة وستين وربعة وثمن مرة وهي)، أي الشمس (في الحس) على (قدر جرم الترس مثلا) فهذا الذي ذكرنا من الصغر (أثر البعد أيضا) كما كان السواد والزرقة من أثره.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:48 عدل 6 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 6 يونيو 2019 - 13:52 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : " فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل. فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق. فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة. يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود.  «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور. «ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو لا غيره. "

قال رضي الله عنه : (فما تعلم من العالم) الظاهر المسمى بغير الحق تعالى (إلا قدر ما تعلم من الظلال) الممتدة عن الشخوص نظير امتداد ظل وجود الحق تعالى بالتوجه الذي هو عين أمر القديم على أعيان الممكنات العدمية .
قال رضي الله عنه : (وتجهل من الحق) سبحانه (على قدر ما تجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل، فمن حيث هو)، أي ذلك الوجود الممتد على أعيان الممكنات العلمية المسمى بالأمر وبالوجه حيث "كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88] .
(ظل له)، أي للحق تعالی (يعلم)، أي الحق تعالی ويرى ولا يرى معه غيره .
قال رضي الله عنه : (ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل) الممتد (من صورة شخص من امتد عنه) حيث خفي ذلك في الظل ولم يتبين من بعد المناسبة كما سبق.
قال رضي الله عنه : (يجهل مقدار ذلك من الحق تعالی) فلا يعلم أصلا (فلذلك)، أي لكون الأمر كما ذكر (نقول) معشر المحققين (إن الحق) تعالی (معلوم لنا من وجه) أمره ووجهه الظاهر فينا ونحن عدم بالعدم الأصلي.
ومع ذلك هو (مجهول لنا من وجه) آخر هو ذاته القديمة الأزلية على ما هي عليه من حيث هي ذاته، فلا تعلم أصلا.
قال الله تعالى تأييدا لما ذكر ("ألم تر") يا محمد (" إلى ربك") الذي هو الذات المغيبة عنك (" كيف مد الظل")، أي الوجود الأمري والتوجه الأزلي على أعيان الممكنات العدمية.
قال رضي الله عنه : ("ولو شاء") سبحانه ("لجعله")، أي ذلك الظل ("ساكنا") [الفرقان : 45] غير متحرك بحركة استعداد أعيان الكائنات لامتداده عليها وميله عنها منها (أي يكون) ذلك الظل الممتد عنه (فيه)، أي في الحق تعالی (بالقوة)، لأن امتداده على أعيان الكائنات ما كان إلا على مقدار استعداد الكائنات القبول امتداده عليها، أى مقدار ذلك الاستعداد.
وذلك الاستعداد أمر ذاتي لأعيان الممكنات العدمية غير مجعول فيها كما أنها غير مجعولة أيضا في عدمها الأصلي.
والجعل إنما هو إفاضة الوجود عليها بمقدار استعدادها لإفاضته، فما شاء امتداد ذلك الظل عليها إلا لاستعدادها له على مقدار الاستعداد.
فلو لم يكن لها استعداد لقبوله ما شاء لها ذلك الامتداد، وشاء عدم الامتداد فكان الظل ساكنا فيه غير ممتد منه عليها، لأنه تعالى لا يشاء إلا ما يعلم، ولا يعلم إلا ما هي عليه في أعيان الممكنات من الاستعداد وغيره .

قال تعالى : " الذي أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50]، وإنما أحال جعله ساكنا على أقرب الأسباب وهو المشيئة وسبب المشيئة العلم وسبب العلم، ما هي عليه أعيان الممكنات العلمية في نفسها من استعداده وغيره.
ونظيره قوله تعالى: "ولو شاء لهداكم أجمعين" [النحل: 9]، أي لو كنتم كذلك لعلمكم كذلك لشاء لكم أن تكونوا كذلك وهو إضافة الحكم إلى أقرب أسبابه إليه وهو السبب المؤثر فيه فحاصل ذلك أنه تعالی.
قال رضي الله عنه : (يقول) لو شاء (ما كان الحق) تعالى (يتجلى)، أي ينكشف بالوجوه (للمكنات) العلمية (حتى يظهر) عليها (الظل) الوجودي (فیكون) حينئذ أمر الممكنات العدمية الظاهرة بالوجود الممتد عليها (كما)، أي مثل الذي (بقي من الممكنات) العدمية بالعدم الأصلي (التي ما ظهر لها عين في الوجود) وهذا معنى جعل الظل ساكنا، أي غير ممتد على شيء من الأشياء الهالكة أصلا ("ثم جعلنا الشمس عليه ") [الفرقان: 45]، أي على ذلك الظل الممدود على أعيان الكائنات العدمية ("دليلا") بحيث تدل عليه، أي تكشف عنه وتظهره.
قال رضي الله عنه : (وهو)، أي الدليل على الظل الذي هو الشمس (اسمه) تعالی (النور الذي قلناه) فيما مر قريبا أن الإدراك وقع به (ويشهد له)، أي لكون الشمس دليلا على الظل الممدود (الحس البصري، فإن الظلال) الممدودة من الشخوص (لا يكون لها عين) أصلا (بعدم النور) فلا يدل عليها إلا النور .
(ثم قبضناه)، أي الظل الوجودي الممدود على أعيان الكائنات العدمية (إلينا)، أي إلى حضرة الذات الأزلية الممتد هو عنها بسبب استعداد الأعيان وقبولها الامتداد عليها (قبضا يسيرا)، أي شيئا فشيئا على حسب مقادیر استعدادات الممكنات القبول فيضانه وامتداده عليها فإن الاستعداد بقسط كما هو مرتب.
قال رضي الله عنه : (وإنما قبضه)، أي الظل (إليه) سبحانه (لأنه ظل فمنه) تعالى (ظهر)، أي ذلك الظل (وإليه تعالی يرجع) قال عز وجل ("و إليه يرجع الأمر") فسمي الظل أمرا كما سماه وجها.  لأنه توجهه القديم كما مر ("كله") [هود: 123].
من حيث تعدده الاعتباري بسبب كثرة استعدادات أعيان الممكنات القابلة لامتداده عليها (فهو)، أي ذلك الظل الذي هو الأمر الإلهي والوجه الباقي بعد فناء كل شيء.
(هو)، أي الحق سبحانه وتعالى (لا) ذلك الظل والأمر والوجه (غیره تعالی) وأعيان الممكنات على ما هي عليه من عدمها الأصلي.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : (فما يعلم من العالم)، وهو ظل الله (إلا ما قدر ما يعلم من الظلال) أي من ظلال العالم وما يجعل من العالم إلا قدر ما يجهل من الظلال وما يعلم من الحق إلا ما قدر ما يعلم من العالم
قال رضي الله عنه : (ويجهل من الحق على قدر ما بجهل من الشخص الذي منه) أي عن ذلك الشخص (كان) أي وجل (ذلك الظل) وهو ظل العالم فإذا كان الأمر كذلك (فمن حيث هو) أي العالم (ظل اله) أي للحق (یعلم) الحق للعلم بالظل من هذا الوجه فيعلم من الحق بهذا المقدار .
(من حيث ما) زائدة للتأكيد (يجهل ما) موصولة قائم مقام فاعل يجهل (في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه) ذلك الظل .
قال رضي الله عنه : (يجهل من الحق فلذلك) أي فلأجل أن الظل معلوم من وجه (نقول إن الحق معلوم لنا من وجه) لكون ظله معلوما لنا من وجه (ومجهول لنا من وجه) لكونه ظله مجهولا لنا من وجه ويدل على أن العالم أي الوجود الخارجي ظل إلهي ممتد على أعيان الممكنات .
قوله تعالى : «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا» [الفرقان:45] أي كیف بسط الوجود الخارجي وهو العالم (ولو شاء) عدم مده (لجعله) أي لجعل ذلك الظل (ساكنا أي يكون فيه) أي في وجود الحق (بالقوة) كظل الشخصي في وجوده إذا لم يكن ثمة من يظهر فيه.
يعني (يقول) الله (ما كان ليتجلى للممكنات) على طريق قوله: " وما كان الله معذبهم وأنت فيهم" قال رضي الله عنه : (حتى يظهر الظل) يعني إنما يتجلى الله للممكنات كي يظهر الظل فلولا تجلي الحق للممكنات لم يظهر الظل.
(فيكون الظل كما بقي) الآن من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود الخارجي ويدل على وقوع الإدراك بأسمه النور .
قوله تعالى: (ثم) أي بعد مد الظل (جعلنا الشمس عليه) أي على ذلك الظل (دليلا) ليدرك به ذلك الظل (وهو) أي الدليل (اسمه النور) أي مظهره (الذي قلناه) بقولنا لكن باسمه النور وقع الإدراك .
قال رضي الله عنه : (ويشهد له) أي لكون النور دليلا (الحس فإن الظلال لا تكون لها عين) أي وجود في الخارج (بعدم النور) كما في الليل المظلمة (ثم قبضناه) أي ذلك يقبض النور الذي دل عليه (إلينا قبضا يسيرا) يعني لا يعسر علينا قبضه كما لا يعسر مده (وإنما قبضه إليه لأنه ظله فمنه ظهر إليه يرجع) وإليه يرجع (الأمر كله) في القيمة الكبرى لأن جميع الأمور ظلاله والظل لا يرجع إذا رجع إلا إلى صاحبه .
ولما حقق أن العالم كله ظل الحق أراد أن يبين أن العالم من أي جهة أمتاز عن الحق ومن أي جهة اتحد معه"الأصوب : ظهر به للمتحققين"
فقال رضي الله عنه : (فهو) أي وجود العالم (هو) أي عين وجود الحق من وجه (لا غيره) فإذا كان وجود العالم عین الحق من وجه .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : " فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل. فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق. فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.  يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور. «ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. "

قوله: وكذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة
قلت: وهذا الكلام لا يتحقق لأن المعدوم لا ذات له، فلا يقال فيه: إنه نیر ولا نیر، فصدق لا نير عليه ليس لأن له ذاتا غير نيرة.
قوله: وإن اتصفت بالثبوت، قول لا أقبله لأن الثبوت إما أن يكون بضرب من الوجود فهو من الوجود فهي موجودة الوجود الثبوتي، وإن لم يكن لها ضرب من الوجود فذلك الثبوت هو من حقيقة لا شيء من كل وجه وهو العدم الصرف.
وأما الاستدلال بقوله : " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل" (الفرقان: 45) يعني ولو كان عدما لم يمتد، فالجواب أنه خاطبنا على قدر جهلنا والكتاب العزيز مملوء من مثل هذا الخطاب.
قوله: وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم، ما له وجود حقيقي.
قلت: إن الذي تقدم من الكلام ما يقتضي أن العالم متوهم بل متحقق، لأنه جعله ثابتا قبل الوجود ومتحققا بعد الوجود، فكيف مع هذين الوصفين يكون متوهما.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : ( فما نعلم من العالم إلَّا بقدر ما نعلم من الظلال ) .
يعني : لا نعلم غيوب أعيان الماهيات وهويّاتها ، وإنّما نعلم منها ما ظهر في نور الوجود من آثار خصوصيّاتها ، فما هي إلَّا أمثلة أعيان الحقائق وظلالها ، لا أعيانها .
قال رضي الله عنه : (ويجهل من الحق بقدر ما يجهل من الشخص الذي كان عنه ذلك الظل) .
أي المدرك هو الشكل والصورة والهيئة والمثال ، وحقيقة النور الوجودي المتشكَّل في كل شكل ، والمتصوّر في كل صورة ، والمتمثل في كل مثال وهيئة لا تعلم ولا تدرك من حيث عينها ، بل من حيث تشكَّلها ، فالعلم بها من حيث هي هي جهل بها ، لأنّها بحقيقتها تقتضي أن تجهل ولا تعلم ولا تتعيّن .
قال رضي الله عنه : ( فمن حيث هو ظلّ له يعلم ) .
يعني رضي الله عنه : إن علمت ، فما تعلم إلَّا من كونها ذات ظلّ وهو كونه إلها ربّا ، لا من حيث هي مطلقة .
قال رضي الله عنه : ( ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظلّ الذي من صورة شخص من امتدّ عنه ، يجهل من الحق) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ صورة الإطلاق الذاتي واللاتعيّن واللا تناهي - التي هي صورة الحق الذي امتدّ عنه هذا الوجود غير مشهودة ولا مدركة في الوجود الممتدّ إلى الممكنات ، لكون النور الممتدّ الظلَّي مقيّدا بحسب من امتدّ عليه ، وكذلك يجهل من الوجود الممتدّ أيضا بحسب ذلك .
وهو ما يشير إليه الشيخ رضي الله عنه : إنّ وراء كل متعيّن من الوجود ما لم يتعيّن ، فمهما لم تصل معرفة العارف من كل شيء إلى ما وراءه من اللاتعيّن والإطلاق ، فلم يعرفه ولم يدركه ، وقد أشار إليه هذا الختم رضي الله عنه بقوله ، شعر :
ولست أدرك من شيء حقيقته  ...... وكيف أدركه وأنتم فيه ؟!
قال رضي الله عنه : (فلذلك نقول : إنّ الحق معلوم لنا من وجه ، مجهول لنا من وجه آخر.)
فلا نعلم إطلاق المطلق بالمقيّد إلَّا مثل ما يعلم الضدّ بالضدّ ، يعني مجملا أنّه مناف له ، والنقيض بالنقيض كذلك لا غير ، وليس هو علم تحقيق وذوق ، بل علم استدلال على وجوده أو عدمه لا غير .
قال رضي الله عنه : (" أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ") أي تجلَّى بالنور الوجودي والفيض النفسي الجوديّ .
قال رضي الله عنه : (" وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَه ُ ساكِناً " ، أي يكون فيه بالقوّة. )
قال رضي الله عنه : (يقول "ما كان الحق ليتجلَّى للممكنات ، حتى يظهر الظلّ ، فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ).
يعني رضي الله عنه : تجلَّى بالوجود الممتدّ على أعيان الممكنات ، فوجد من العالم بذلك الظلّ ، وعلم من حقيقة الوجود بقدر ذلك ، وإن لم يرد ذلك وشاء أن لا يمتدّ .
فيكون الظاهر الممتدّ فيه بالقوّة كما لم يمتدّ ولم يظهر ، كان كما كان ، ولم يكن معه شيء ، ولم يظهر ظلّ ولا فيء ، فبقي ما ظهر كما لم يظهر مغيّبا .
وانطلق المقيّد عن قيوده مسبّبا ، فإنّ الأمر غيب وشهادة ، فما خرج من الغيب شهدت به الشهادة وما نقص من الشهادة أخذه الغيب ، فسمّي عدما ووجودا بالنسبة والإضافة .
فإنّ العدم الحقيقي لا يعقل بالعقل ، فلا كلام فيه أصلا ، فإن لم يظهر ما ظهر من الغيب ، لكان كالظلّ الساكن في الشخص قبل الامتداد وبعد الفيء ، فافهم .
قال رضي الله عنه : (" ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه ِ دَلِيلًا " وهو اسمه النور الذي قلناه ، ويشهد لها الحسّ ، فإنّ الظلال لا يكون لها عين بعدم النور ) .
قال العبد : ثم جعلنا الشمس عليه دليلا بعد امتداده ، فإنّ التجلَّي النوري الوجودي المتدلَّي من شمس الألوهيّة هو الذي يظهر الظلال المعقولة في الأشخاص الموجودة بالقوّة في ذوات الظلّ ، إذ الألوهة تظهر عين المألوه .
قال رضي الله عنه : (" ثُمَّ قَبَضْناه ُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً " وإنّما قبضه الله لأنّه ظلَّه فمنه ظهر وإليه يرجع).
يشير إلى أنّ الوجود المشترك وهو الفيض الوجودي بعد انبساطه على أعيان الممكنات في أرض الإمكان ، وظهور ما ظهر فيه من أمثلة أشخاص الأعيان في العيان.
وتعيّنه بخصوصيات حقائق الممكنات والأكوان يتقلَّص وينسلخ عنها النور والتجلَّي ، بسرّ التولَّي بعد التدلَّي ، وحقيقة التجلَّي بعد التجلَّي .
والتخلَّي والتملَّي إلى أصل منبعه ومركز منبعثه ومهيعه ، وفي المشهد الحق لا استقرار للتجلَّي ، كما قرأ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام "والشّمس تجرى لا مستقرّ لها " ، فإنّه بطون وظهور ، وكمون وسفور ، وتجلّ وتخلّ معقّب بتجلّ وتخلّ ، متواصل متوال غير مخلّ ، فإنّ الله دائم التجلَّي مع الآنات ، والقوابل دائمة القبول ، بأحد وجهيه راجع إلى الغيب من الوجه الآخر الذي يلي العدم .
قال رضي الله عنه : ( "وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " ، فهو هو لا غير).
لأنّ النور المنبعث من منبع النور نور أبدا ليس غيره وقد دار معه وجودا وعدما كدوران نور الشمس المنبسط عند إشراقها على ما أشرقت عليه ، الدائر كما دارت ، والغائب عنّا بغيبوبتها أبدا .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه :  ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال ، ويجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل ) أي فما يعلم الحق من وجود العالم إلا قدر ما يعلم الذوات من الظلال ، أو فما يعلم من حقيقة العالم وغيوب أعيانه من حقائق الماهيات ، إلا قدر ما ظهر عنها في نور الوجود من آثارها وأشكالها وصورها وهيئاتها وخصوصياتها الظاهرة بالوجود .
وما هي إلا ضلالها لا أعيانها وحقائقها الثابتة في عالم الغيب ، وإذا لم تعلم من وجود الظل حقيقته فبالحري أن لا يعلم منه حقيقة ذات ذي الظل ، ونجهل من الحق عند علمنا بوجود العالم الذي هو ظله على قدر ما نجهل من الشخص الذي عنه ذلك الظل المعلوم لنا .
قال رضي الله عنه : ( فمن حيث هو ظل له يعلم ، ومن حيث ما يجهل ما في ذات الظل من صورة شخص من امتد عنه يجهل من الحق ).
أي فمن حيث أنه ذات لذي الظل يعلم ، وهو كونه إله العالم وربه ، ومن حيث صورته الحقيقية المطلقة الذاتية اللاتعينية لا يعلم ، إذ لو علمت صورته المطلقة لكانت محاطا بها وتعينت وانحصرت فلم تكن مطلقة بل مقيدة ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
قال رضي الله عنه : ( فلذلك نقول : إن الحق معلوم لنا من وجه ومجهول لنا من وجه ) أي نعلمه مجملا من جهة الظهور في المقيدات ، لا من جهة الإطلاق واللا تناهي في التجليات " أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ")  أي عين باسم النور في صورة العالم وأعيانه .
(" ولَوْ شاءَ لَجَعَلَه ساكِناً "  أي يكون فيه بالقوة يقول ) أي الله
"" إضافة بالي زادة :  ويدل على أن العالم ظل إلهي ممتد على الأعيان قوله تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ".
أي كيف بسط الوجود الخارجي وهو العالم " ولَوْ شاءَ " عدم مده " لَجَعَلَه " أي ذلك الظل "ساكِناً "  أي يكون فيه ) أي في وجود الحق ( بالقوة ) كظل الشخص في وجوده إذا لم يكن ثمة من يظهر فيه ( يقول الله ما كان الحق ليتجلى الممكنات ) على طريقة " ما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ ".
( حتى يظهر الظل ) يعنى إنما يتجلى الله للممكنات كي يظهر الظل فلو لا التجلي لما يظهر ( فيكون ) الظل ( كما بقي ) الآن ( من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ) الخارجي ويدل على وقوع الإدراك باسمه النور قوله تعالى:"ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه دَلِيلًا "اهـ بالي زادة.""

قال رضي الله عنه : ( ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل ، فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ) .
أي ولو شاء الله أن يتجلى للممكنات لأبقاها في كتم العدم المطلق لا العدم المطلق ، فإنه لا شيء محض بل في الغيب .
وهو معنى قوله تكون فيه بالقوة : أي يكون وجودها الإضافي المقيد في الوجود الحق المطلق كامنا ، له أن يظهره فيكون كسائر الممكنات التي لم تظهر أعيانها في الوجود باقيا في الغيب ساكنا لم يتحرك إلى الظهور كالظل الساكن في ذات الشخص قبل امتداده وبعد الفيء .
فإن الأمر غيب وشهادة والغيب على حاله أبدا ، فما لم يظهر إلى عالم الشهادة ساكن ، وما ظهر متحرك إلى الشهادة ساكن بالحقيقة.
قال رضي الله عنه : (" ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه دَلِيلًا "  وهو اسمه النور الذي قلناه)
أي الدليل الذي هو الشمس اسم النور المذكور : أي الوجود الخارجي الحسي
قال رضي الله عنه : (ويشهد له الحس ، فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور ) أي الحس يشهد أن الدليل على الظل ليس إلا النور ، فإن الظلال لا توجد إلا بالنور .
قال رضي الله عنه : (" ثُمَّ قَبَضْناه إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً ") أي قبضنا الظل فنبقى ما عليه الظل في الغيب غير بارز ووصفه باليسير ، لأن التجلي يدوم فيكون المقبوض بالنسبة إلى الممدود يسيرا.
"" إضافة بالي زادة :  ( ويشهد له ) أي لكون النور دليلا ( الحس ، فإن الظلال لا يكون لها عين ) أي وجود في الخارج ( بعدم النور ) كما في الليلة المظلمة " ثُمَّ قَبَضْناه " أي ذلك الظل بقبض النور الذي دل عليه " إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً " أي لا يعسر علينا قبضه كما لا يعسر مده اهـ بالى .
( وإليه يرجع الأمر كله ) عند القيامة الكبرى ، لأن جميع الأمور ظلاله والظل لا يرجع إذا رجع إلا إلى صاحبه .
ولما حقق أن العالم كله ظل الحق ، أراد أن يبين أن العالم من أي جهة امتاز عن الحق ، ومن أي جهة اتحد معه فقال ( فهو ) أي العالم ( هو ) أي الحق ، من وجه ( لا غيره فكل ما تدركه ) من العالم ( فهو وجود الحق ) المنبسط ( في أعيان الممكنات ) فهذا الاتحاد اتحاد العبد مع الحق في جهة خاصة ، كاتحاده معه في حقيقة العلم والحياة وغير ذلك .بالي زادة  ""

قال رضي الله عنه : ( وإنما قبضه إليه لأنه ظله فمنه ظهر ) إذ الذات منبع الظلال : (" وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " فهو هو لا غيره ) لأن المنبعث من منبع النور نور ، والمطلق منبع المقيد دائما ولا مقيد إلا كان المطلق فيه ، فلا مقيد إلا بالمطلق ولا يتجلى المطلق إلا في المقيد مع عدم انحصاره فيه وغناه عنه ، فهو هو بالحقيقة لا غيره.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : (فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال ، ويجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل ) .
قد مر في المقدمات أن الأعيان هي الذات الإلهية المتعينة بتعينات متكثرة ، فهي من حيث الذات عين الحق ، ومن حيث التعيينات هي الظلال.

فقوله : ( فما يعلم ) . . . معناه : فما يعلم من أعيان العالم التي هي ظلال أسماء الحق وصورها - ومن هذه الموجودات الخارجية مع آثارها وهيآتها اللازمة لها التي ظلال تلك الظلال - إلا مقدار ما يعلم من ذلك الظلال من الآثار والأحوال والصور والأشكال والخصوصيات الظاهرة
منها ، ويجعل من الحق على قدر ما يجهل من ذوات الأعيان وحقائقها التي هي عين الحق .
ولما كان الظل الحسى دليلا وعلامة للظل المعنوي ، قال : ( على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل ) .
أي ، حصل ، لأن الناظر يستدل من الظل على صاحب الظل ، فيعلم أن ثمة شخص ، هذا ظله ، ولا يعلم كيفيته ولا مهيته .
فإذا لم يكن الظل دليلا لمعرفة نفسه وسببا للعلم بحقيقته ، لا يمكن أن يكون دليلا لمعرفة ذات الحق وحقيقته .
(فمن حيث هو ظل له ، يعلم ، ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من
صورة شخص من امتد عنه ، يجهل من الحق . فلذلك نقول : إن الحق معلوم لنا من وجه ،ومجهول لنا من وجه) .
أي ، من حيث أن العالم ظل للحق ، يعلم العالم ، فيعلم من الحق ذلك المقدار .
ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من الذات الإلهية ، يجهل من الحق . وهو المراد بقوله : ( من صورة شخص من امتد عنه ) .

و ( ما ) في قوله : ( من حيث ما ) زائدة . إذ معناه : ومن حيث يجهل ما في ذات ذلك الظل ، يجهل الحق . أو مصدرية . أي ، من حيث جهلنا لما في ذات ذلك الظل ، فالحق معلوم لنا من حيث ظلاله ، ومجهول لنا من حيث ذاته وحقيقته .
( "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " . ) استشهاد بأن الوجود الخارجي الإضافي ظل إلهي ، مستفاد من تجلى الاسم ( الرب ) على يدي ( المبدئ ) و ( القادر ) لإظهار المربوب .
( " ولو شاء لجعله ساكنا " . أي ، يكون فيه بالقوة ) . أي ، ولو شاء لجعل ذلك الظل مكتوما في ظلمة العدم وغيبه المطلق ، فيكون العالم في وجود الحق بالقوة ، ما ظهر شئ منه بالفعل ، لكنه لم يشأ ذلك الظهور الحكم الإلهية في مده وبسطه على الأعيان .
وإنما عبر عن البقاء بالقوة ب‍ ( الساكن ) ، لأن الظهور من القوة إلى الفعل نوع من أنواع الحركة المعنوية .

(يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل ، فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ) .
أي ، يقول الحق بقوله : ( ألم تر إلى ربك كيف ) الآية ما كان الحق بحيث إن يتجلى لأجل إظهار الممكنات التي هي ظلاله ، فيكون ذلك الظل باقيا في كتم العدم ، كما بقي بعض الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود الخارجي في كتم عدمه ، بل حين ما يتجلى لها ،ظهرت.
كما قال : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) .
و ( اللام ) في ( ليتجلى ) لام الجحود ، وهو لتأكيد النفي . كقوله تعالى :"وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " . وقوله : ( حتى ) بمعنى ( كي ) . وهو للتعليل ، لا بمعنى ( إلى ) .
فإن قلت : تقرر عند أهل الحق أن الممكنات الطالبة للوجود العيني ، كلها ظاهرة فيه ، فكيف قال : ( كما بقي في الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ) . ؟
قلت : ذلك بحسب الكليات لا جزئياتها ، وهو المراد هنا .

( " ثم جعلنا الشمس " ) أي ، الوجود الخارجي الذي هو النور الإلهي ، سماه شمسا باعتبار النور الذي مظهره الشمس .
( "عليه " ) أي ، على الظل الذي هو أعيان الممكنات . ( " دليلا " ) يدل عليه ويظهره .
( وهو اسمه " النور " الذي قلناه ) أي ، ( الشمس ) هو الاسم النور الذي قلناه ، وهو إشارة إلى قوله : ( باسمه النور ، وقع الإدراك ) .
أو مظهر الاسم النور . وكلاهما حق . وذكر الضمير باعتبار الخبر . ( ويشهد له الحس ، فإن الظلال لا يكون لها عين بعد عدم النور ) . ظاهر .

( " ثم قبضناه " ) أي ، الظل الذي هو وجود الأكوان . ( " إلينا قبضا يسيرا "  ) . قبضا سهلا هينا . ( وإنما قبضه إليه ، لأنه ظله ، فمنه ظهر وإليه يرجع ، وإليه يرجع الأمر كله ) . ظاهر . ( فهو هو لا غيره .  
أي ، كل ما ندركه بالمدركات العقلية والقوى الحسية ، فهو عين وجود الحق الظاهر في مرآيا أعيان الممكنات .
وقد علمت أن الأعيان مرآيا للحق وأسمائه ، كما أن وجود الحق مرآة للأعيان .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:48 عدل 8 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 6 يونيو 2019 - 13:56 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة التاسع الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسع : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل. فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق. فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.  يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور. «ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )  
قال رضي الله عنه : (فما يعلم) شيء (من) حقائق (العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال) الوجودية الدالة على تلك الحقائق؛ ولذلك صعب على العقول تحديد الأشياء غاية الصعوبة مع أن هذه الظلال ممتدة على تلك الأعيان قريبة منها.
(ويجهل من الحق) بالنظر في هذه الظلال الوجودية البعيدة المناسبة للحق أكثر مما يجهل من حقائق العالم، إذ ذلك (على قدر ما يجهل) عند النظر في الظلال المتعارفة (من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل) لجامع بعد المناسبة الموجبة للخفاء، وهو مع ذلك دال على موجب للجلاء قال رضي الله عنه : (فمن حيث هو) : أي (هذا) الظل (ظل له) واجب النسبة إليه.

(يعلم) الحق لتوقف معرفة النسبة على معرفة المنتسبين (ومن حيث ما يجهل ما خفي في ذات ذلك الظل) أي: نفس الظل العرفي (من صورة شخص من امتد عنه) الظل، فإن كل ظل وإن كان متشک بوجه ما تشكل شخصه؛ لكن يخفي فيه تمام صورته، بحيث لا يتم تميزه عن غيره بمجرد النظر إليه.
قال رضي الله عنه : (يجهل من الحق) عند النظر في الظل الوجودي، (فلذلك) أي: فلأجل أن النظر في الظل لا يفيد تمیز صورة الشخص على التمام، مع أنه يفيد تميزه بوجه ما (تقول: إن الحق) بالنظر في العالم وإلا نفس (معلوم لنا من وجه، ومجهول لنا من وجه)، وإن بلغنا من مراتب المعرفة غايتها، وحصل لنا من تفاصيل الظلال ما قصرت عنه أنظار أكبر الفحول البزل من النظار.
ثم استدل بالقرآن على أن العالم ظل الحق، وأنه دال عليه، وأنه إنما يدل عليه بنوره لا بذاته.
فقال رضي الله عنه : ("ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء" [الفرقان : 45]) أي: ظل الوجود على أعيان الكائنات، إذ الحمل على هذا المعنى أبلغ من الحمل على مد الظل المتعارف على الأرض، فهو أولى بالقرآن وأنسب بنظم الآية، ولذلك أورد ما فيها مع ما فيه من الدلالة على ما ذكرنا.
فقال : "ولو شاء لجعله، ساكنا" لا يتحرك منه إلى الأعيان .
ولما توهم منه أنه موجود فيه قابل للتحرك، وهو فاسد لاستلزامه التركب فيه، والانضمام إليه في الحيز.
قال رضي الله عنه : (أي: يكون فيه بالقوة) إذ لا ظل بالفعل بدون وقوعه على المحل القابل له.كما مر
 فلو شاء لم يجعل له محلا قابل فيبقى الأن في ذاته بالقوة كما كان في الأزل، فكأنه تعالى (يقول): لو شاء (ما كان الحق ليتجلى للممکنات حتى يظهر الظل) الوجودي فيها؛ (فيكون) كل ممکن وجد (كما بقي من الممكنات) في العدم وهي (التي ما ظهر لها عين في الوجود)؛ لعدم وقوع الظل الوجودي عليها؛ فعلم بذلك أن الأعيان من حيث هي أعيان لا توجب تجلية عليها؛ بل هو بمشيئته تعالی.
ثم استدل على أن إدراك هذا الظل الوجودي لكونه على صورة الغيب المجهول في الأصل، إنما هو باسمه النور فدلالته على الحق أيضا بذلك بقوله: (ثم جعلنا الشمس عليه دليلا).
وهو: أي الدليل الذي (هو) الشمس (اسمه النور الذي) به إدراك الظل. ودلالته على الشخص، (ويشهد له): أي لكون اسم النور دليلا على الظل، وعلى دلالته على الشخص (الحس) في الظلال المتعارفة التي هي أمثلة الظل الوجودي، (فإن الظلال) المتعارفة (لا تكون لها عين) .
أي: تعين في نفسها بحيث يمكن إدراكها ودلالتها على الشخص، لو لم تطلع الشمس (لعدم النور) المفيد تعينها الدال على الشخص، بل يكون حينئذ على صورة الغيب المجهول.
واستدل على أنها في الأصل بتلك الصورة بقوله تعالى: ("ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا" [الفرقان : 46]) أي: إلى غيبنا الذي كان عليه حين كان بالقوة فينا قبضا يسيرا، لأنه رجع الشيء إلى أصله وما ثم حركة ولا ضم شيء.
وإليه الإشارة بقوله: (وإنما قبضه إليه؛ لأنه ظله)، وكان فيه بالقوة فمنه (ظهر) حتى صار بالفعل، وإليه يرجع حتى قبض فيصير بالقوة ثانيا، ولذلك (وإليه يرجع الأمر
له. [هود: 123])؛ لأن الكل ظله، ولا بد لكل ظل أن يرجع إلى من ظهر منه بحكم "ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا".
وإذا صار الظل مقبوضا من الكل (فهو هو): أي فالموجود حينئذ هو الحق (لا غيره) .

كما قال: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" [غافر:16]، وإذا كان الظل حين كونه بالقوة عين الحق، وهو المدرك في أعيان الموجودات حين كونه بالفعل.

قال رضي الله عنه : (وكل ما ندركه فهو وجود الحق) أي: ظل وجوده، وقد تصور بصور الأعيان، وإن لم يكن لوجوده صورة في نفسه، ولا لظله حين كان بالقوة فيه؛ لكن حصل لظله صورة حين ظهر (في أعيان الممكنات).
فالموجودات الممكنة لها ظل من الحق، وصورة من الأعيان، (فمن حيث هوية الحق)، وهي الظل الذي كان عين الحق حين كان بالقوة (هو وجوده) أي: وجود ذلك الموجود الممكن.
ومن حيث اختلاف الصور الكائنة في ذلك الموجود الممكن من الذات والأعراض (هو أعيان الممكنات) أي: حقائق تلك الموجودات من الذات والأعراض الموجودة في كل موجود ممکن، اجتمع فيه الذات والأعراض.
فلکل موجود وجهان وجه إلى الحق، ووجه إلى الأعيان الثابتة.
 لا يرتفع أحدهما بالأخر فهما لازمان له دائما (فكذا لا يزول عنه): أي عن كل موجود ممكن، وإن كان (باختلاف الصور) الذي به تلي الأعيان (اسم الظل) الذي به يلي الحق.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : (فما يعلم من العالم إلَّا قدر ما يعلم من الظلال ، ويجهل من الحقّ على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظلّ ، )  .
(فمن حيث هو ظلّ له يعلم ) ، وقد عرفت ما بين الظلّ وشخصه من وجوه المخالفة وصنوف المباينة والمباعدة فما يعلم من الظلّ إلَّا وجود الشخص أو بعض ما عليه من الأوضاع والأشكال إجمالا .

ما ذا نعرف من الحقّ  
قال رضي الله عنه : (ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظلّ - من صورة شخص من امتدّ عنه - تجهل من الحقّ ، فلذلك نقول : إنّ الحقّ معلوم لنا من وجه ، مجهول لنا من وجه ) كما يدلّ عليه قوله تعالى : ( " أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ " ) [ 25 / 45 ]  .
دلالة إشارة ، فإنّ الرؤية فيه إنّما تتعلَّق بالربّ من حيث مدّ الظلّ لا مطلقا وهو وجه معلوميّته للأعيان المخاطبة ، وذلك الرؤية والعلم للأعيان إنّما يتحقّق ويمكن بعد حركته في مدّه الظلّ على تلك الأعيان ( "وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَه ُ ساكِناً " ) فيبقى الأعيان على ما عليه (أي يكون فيه بالقوّة).
فتبيّن أنّ رؤية العبد في الحركة المدّيّة الظلَّيّة .
وإليه أشار بقوله : ( يقول : ما كان الحقّ ليتجلَّى للممكنات حتّى يظهر الظلّ ، فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها في عين الوجود  .
قال رضي الله عنه : ( " ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه ِ دَلِيلًا " ) [ 25 / 45 ] فظهر بها ظهور المدلول بدليله  ( وهو اسمه النور الذي قلناه ، ويشهد له الحسّ ) بكونه هو الدليل عليه ( فإنّ الظلال لا يكون لها عين بعدم النور ) .
ثمّ إنّ مدّ الظلّ كما أنّه عبارة عن الحركة الوجوديّة ، فالسكون حينئذ إنّما يدلّ على الثبوت الذي عليها الأعيان في نفسها ، حيث يتميّز المعلوم عن العلم ويتشعّب الإمكان عن الوجوب ، فإنّ الحضرات السابقة على ذلك لا تمايز فيها ، فيكون فيها من بقايا أحكام الظلّ شيء يسير ، ولذلك قال: (" ثُمَّ قَبَضْناه ُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً " ) [ 25 / 46 ] .

معنى ألم تر إلى ربك كيف مد الظل  
اعلم أنّه يمكن أن يتفطَّن من هذه الآية تمام الحضرات على طريقة الإيماء والإشارة فإنّه يمكن أن يجعل هذا هو الحقيقة المحمّديّة ، التي فيها وجه الظلَّيّة يسير مقبوض.
كما أنّ قوله : " وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَه ُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه ِ دَلِيلًا " فيه إشارة إلى الحقيقة الآدميّة بوجوهها ونشآتها ، فإنّ الحركة المدّيّة فيها سكنت من وجه ، لأنّها بلغت إلى غايتها ، والعين عليها دلَّت من آخر ، وهو عين الحقيقة الشاهدة المظهرة ، وما اعتبر في تعبير السكون من « لو » الامتناعيّة الشرطيّة المعلَّقة.

إيماء إلى أنّ السكون المتوهّم في هذه النشأة ممتنع بامتناع المشيّة ، ولذلك جعل الشمس عليه دليلا . ومن هاهنا قيل : « الأعيان على عدمها - مع نسبة الوجود إليها - مطلقا » .
فالقرينتان الأوليان اللتان أجري الكلام فيهما على الغيبة تدلَّان على قوس الوجود .
والقرينتان الأخريان اللتان سلك فيهما مسلك التكلَّم والحضور تدلَّان على قوس الشهود .
وإنّما قال : " قَبْضاً يَسِيراً " إذ الظلّ هو المقبوض ، وما بقي من الظليّة هناك إلَّا قليلا ، فيكون قبضه يسيرا فإنّ القبض في تلك الحضرة عين المقبوض ، كما أنّ الفيض عين المفاض ، وهو مكمن القوابل الذي هو الغيب المجهول كما سبق آنفا .

ويمكن أن يجعل " يَسِيراً " هاهنا من « اليسر » أي يسير غير عسير ، وذلك لأنّه جعل الشمس عليه دليلا ، فيكون رجوعه إلى أصله ، وقبضه إليه غير عسير ، ضرورة أنّ دليله جعلي .
( وإنّما قبضه إليه لأنّه ظلَّه ) والذي يدلّ عليه ما اعتبر في فاعل القبض ، من الكثرة العدميّة الظلمانيّة الظلَّيّة - فافهم .
(فمنه ظهر : " وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " ) [ 11 / 123]  ظهورا كان أو رجوعا ، وظلمة كان أو نورا ( فهو هو ) المسند إليه بالهويّة التي هي مرجع الأمور ( لا غيره ).


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل. فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق. فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة. يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من )
قال رضي الله عنه : (فما يعلم من العالم) الذي هو كالظل للحق الذي هو كذي الظل (إلا قدر ما يعلم من الظلال) المتعارفة المشهودة بالنسبة إلى أشخاصها .
فكما يعلم من الظل المشهود كونه ممتدا من الشخص تابعا له في الوجود قائما به مشكلا بأشكال أعضائه وأجزائه .
فكذلك يعلم من العالم كونه ظلا ممتدا من الحق سبحانه تابعا له في الوجود قائما مشتملا على صور أسمائه وصفاته .
قال رضي الله عنه : (ويجهل من الحق) عند معرفته بالعالم (على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان)، أي وجد (ذلك الظل) المشهود المتعارف عند معرفته بذلك الظل.
فكما يجهل من الشخص عند معرفته بالظل حقيقة ذائه و كنه صفاته ، كذلك يجهل من الحق سبحانه عند معرفته بالعالم حقيقة ذاته وصفاته وأفعاله .
(فمن حیث) أن الحق سبحانه من حيث (هو)، أي العالم (ظل له) سبحانه (بعلم)، أي الحق (ومن حيث ما يجهل ما في ذلك الظل) الذي هو العالم (من صورة شخص امتد عنه)، وهي صورته الحقيقية المطلقة الذاتية اللاتعينية.
قال رضي الله عنه : (يجهل من الحق فلذلك نقول إن الحق) سبحانه (معلوم لنا من وجه)، وهو وجه ظهوره بصور الظلال (مجهول لنا من وجه) وهو وجه طلاق ذاته و عدم تناهي تجلياته.
ثم استشهد رضي الله عنه على ما ادعاه من كون العالم ظلا للحق بقوله تعالی : («ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا» ) [الفرقان:45)، إن كان الخطاب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم  كان المراد بالظل العالم كله.
لأن ربه "الله" إنما هو الاسم الجامع لجميع الأسماء، وإن كان الخطاب لكل أحد فالمراد بالظل ذلك الأحد الذي هو بعض أجزاء العالم .
ومظهر للاسم الذي بربه خاصة (ولو شاء) ربك (لجعله)، أي الظل (ساكنا أي يكون فيه)، أي في الحق (بالقوة) ولم يتحرك من القوة إلى الفعل .
ولما كان المتوهم من قوله : لجعله ساكنا إحداث السكون له والمراد بقاؤه على السكون الأصلي.
فسره (بقوله)، أي الحق سبحانه لو شاء (ما كان الحق يتجلى للممكنات)، أي لأعيانها الثابتة في الحضرة العلمية (حتى يظهر الظل فيكون) على تقدير ذلك التجلي
قال رضي الله عنه : (الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور. «ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : (كما بقي من الممكنات)، أي مثل الممكنات الباقية في العلم (التي ما ظهر لها عين في الوجود).
فاللام في قوله: ليتجلى لتأكيد النفي حتى يظهر غابة المتجلي ("ثم جعلنا الشمس عليه")، أي على الظل الذي هو أعيان الممكنات ("دليلا") [الفرقان : 49].
يدل عليه ويظهره للبصر والبصيرة علما وعينا (وهو)، أي الشمس بلسان الإشارة (اسمه النور الذي قلناه) .
حيث قلنا : ولكن باسمه النور وقع الإدراك وهو عبارة عن الوجود الحق باعتبار ظهوره في نفسه وإظهاره لغيره في العلم أو العين .
قال رضي الله عنه : (ويشهد له)، أي تكون الشمس دليلا يظهر الظل (الحس فإن الظلال) المحسوسة
(لا يكون لها عين) وجودي (بعدم النور) فإن في الظلمة المحضة لا يتحقق الظل.
(ثم قبضناه)، أي الظل الذي هو العالم (إلينا قبضا يسيرا)، أي هينا بالنسبة إلى مده وبسطه ، فإن في مده لا بد من اجتماع شرائط يكفي في قبضة انتفاء بعضها.
قال رضي الله عنه : (وإنما قبضه)، أي الظل الذي هو العالم (إليه)، أي إلى الحق تعالی (لأنه ظله فمنه ظهر) كما أن الظل من الشخص يظهر (وإليه برجع) كما أن الظل إلى الشخص يرجع (الأمر كله) كائنا ما كان.
(فهو)، أي الظل الوجودي (هو)، أي الوجود الحق (لا غيره)، لأنه لا فرق بينهما إلا بالإطلاق والتقييد والمقيد عين المطلق باعتبار الحقيقة وإن كان غیره باعتبار التقييد.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:41 عدل 7 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 9 يونيو 2019 - 18:08 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. )
قال رضي الله عنه : "فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات. فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات. فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق. فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد. و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك. و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .  أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟ فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. "

قال رضي الله عنه : (فكل ما)، أي شيء محسوس أو معقول (تدركه) يا أيها الإنسان (فهو وجود الحق) سبحانه (في أعيان الممكنات) العدمية ممسك لها بتوجهه عليها فظاهر بها من غير أن يتغير عما هو عليه أزلا، فإن المعدوم لا يغير الوجود.
قال رضي الله عنه : (فمن حيث هوية)، أي ذات (الحق) سبحانه (هو)، أي الحق تعالى (وجوده)، أي وجود كل ما تدركه بالحس أو العقل (ومن حيث اختلاف الصور) الحسية والعقلية (فيه) كل ما تدركه بالحس والعقل (هو)، أي كل ما تدركه (أعيان الممكنات) العدمية ظهرت في ظل الوجود القديم المسمى بالأمر والوجه كما قدمناه.
قال رضي الله عنه : (فكما لا يزول عنه)، أي عن كل ما تدركه (باختلاف الصور) الحسية والعقلية (اسم الظل) الممتد عن الوجود والقديم، لأن كل ما تدركه أعيان ممكنة علمية في نفسها بالعدم الأصلي، فلا تغير من الوجود الممتد المسمى بالظل شيئا كما أن اختلاف الصور لا يغير من وجه المرآة الصقيلة شيئا في عين الرائي .
قال رضي الله عنه : (كذلك لا يزول عنه)، أي عن كل ما تدركه (باختلاف الصور) الحسية والعقلية (اسم العالم) الحادث المتغير المتجدد في كل وقت (أو اسم سوی)، أي غير (الحق) تعالی، لأنه غير الحق تعالى حقيقة، لأنه أعيان عدمية قائمة بإيجاد الله تعالى الذي هو أمره ووجهه.
قال رضي الله عنه : (فمن حيث أحدية كونه)، أي كون كل ما تدركه (ظلا) وجودية للوجود القديم (هو)، أي كل ما تدركه (الحق) تعالى من غير اعتبار أعيان الممكنات العدمية وإن ظهرت بظهوره سبحانه (لأنه تعالی) هو (الواحد) في صفاته (الأحد) في ذاته (ومن حيث كثرة الصور الحسية والعقلية (هو)، أي كل ما تدركه
العالم الحادث المتغير (فتفطن) يا أيها السالك (وتحقق ما أوضحته لك) من البيان في هذا المكان.
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الأمر)، أي الشأن في نفسه (على) حسب (ما ذكرته لك) هنا (فالعالم) المسمى بغير الحق تعالی من كل محسوس أو معقول في الدنيا والآخرة كله أمر (متوهم في بعضه للبعض (ما له)، أي العالم (وجود حقيقي) وإنما الوجود الحقيقي للحق تعالی وللعالم الوجود المجازي وهو المستعمل في غير ما وضع العلاقة السببية .
قال رضي الله عنه : (وهذا) الأمر المتوهم المنتفي عنه الوجود الحقيقي القائمة بنسبة الوجود إليه هو (معنى الخيال) الذي الآن في صدد بیانه (أي خيل لك) يا أيها الإنسان هذا العالم المحسوس والمعقول (أنه أمر زائد) على الحق تعالی (قائم بنفسه) من حيث ما أعطاك نظر الحس والعقل وغابت عنك المعرفة الحقيقية (خارج)، أي منفصل
(عن الحق) كما هو نظر جميع الناس من علماء وجاهلين ما عدا هذه الطائفة العارفين، الذين خرقوا حجاب الوهم وأرتكزوا على مراكز الحقيقة و تأدبوا بآداب الشريعة.
قال رضي الله عنه : (وليس كذلك)، أي كما خيل لك (في نفس الأمر)، فإن الكتاب والسنة وإجماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم سلفا وخلفا مما أنت قائل به أيضا كلامة لا تحققا يرد عليك ما خيل لك من زيادة وجود العالم.
وأنه وجود حقيقي قائم بنفسه خارج عن الحق، وإنما مقتضى الأدلة القطعية عندك أن وجود العالم وجود عرض له بعد أن لم يكن، مستفادة من الحق تعالی غیر قائم بنفسه أصلا.
ولا منقطع عن قيومية الحق تعالی عليه، بل الأدلة صريحة بأن الكل فان منعدم بالعدم الأصلي، وإن تبين بالتجلي الإلهي النوراني كما ورد: "كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88]، وقوله : "كان الله ولا شيء معه" إلى غير ذلك.اورده ابن حبان والحاكم وابن أبي بريدة والعجلوني
وإن أول ذلك مؤول مخالف، وتكلف له ليخرجه عن مفهومه، ويطابق بينه وبين الوهم الحسي، نصرة للحس والعقل على الشرع، "والله بكل شيء عليم" [لبقرة : 282].
قال رضي الله عنه : (ألا تراه)، أي الظل الممتد عن الشخص (في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه) اتصالا به من غير لصوق لعدم المناسبة بينهما (يستحيل عليه)، أي على ذلك الظل (الانفكاك)، أي الانفصال (عن ذلك الاتصال) المذكور ولا لما كان ظلا عن ذلك الشخص بل كان وجود مستقلا مثل ذلك الشخص (لأنه)، أي الشأن
يستحيل على الشيء الواحد (الانفكاك)، أي الانفصال (عن ذاته)، وإلا لما كان شيئا واحدا بل كان شيئين.
قال رضي الله عنه : (فاعرف) يا أيها السالك (عينك)، أي ذاتك الممكنة العدمية بالعدم الأصلي (و) اعرف (من أنت) فإنك عين ممكنة عدمية بالعدم الأصلي (و) اعرف (ما هويتك)، أي ذاتك وماهيتك فإنها عدم صرف.
(و) اعرف (ما نسبتك إلى) وجود (الحق تعالی)، فإن نسبتك مثل نسبة لوم الزجاج الأحمر أو الأخضر إلى شعاع الشمس إذا انصبغ به أو وجه المرأة الصافية إذا انصبغ بلون الصورة المقابلة له (و) اعرف (بما) بأي أمر (أنت حق).
فإنك وجود حق بوجود الذي هو منصبغ بك انصباغة عدمية لأنك عين ممكنة عدمية بالعدم الأصلي، فليس الانصباغ حقيقية بل هو بحسب ما يظهر لك في الحس والعقل.
وهذا الظهور وما به كان هذا الظهور لك من حسك وعقلك من جملة عينك الممكنة العدمية بالعدم الأصلي، والانصباغ العدمي لوجود الحق تعالی سبحانه حاصل بذلك أيضا .
قال رضي الله عنه : (و) اعرف (بما)، أي بأي أمر (أنت عالم) بفتح اللام (وسوى) للحق تعالی (وغير) الحق تعالى (وما شاكل)، أي ماثل (هذه الألفاظ) من ذلك عبدة ومخلوقة ومصنوعة وحادثة (فإنك كذلك بالماهية الممكنة العلمية بالعدم الأصلي الشاملة لصورتك الظاهرة والباطنة.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشيء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. )
قال رضي الله عنه : (فكل ما تدركه) أنت من العالم (فهو) أي ما تدركه هو (وجود الحق) المنبسط (في أعيان الممكنات) فهذا الاتحاد اتحاد العبد مع الحق في جهة خاصة كاتحاده معه في حقيقة العلم والحياة وغير ذلك .
"" أضاف الجامع : الإتحاد يكون ممكننا بين المتشابهات ولو كان بينهما اى نسبة فى التشابه ولو ضئيلة جدا ،لكن الله عز وجل ليس كمثله شيء .فلا شبيه ولا نظير ولم يقل الله سبحانه انه اتحد مع أحد أو شيء فلا شيء اسمه اتحاد مع الله الا في أوهام عقول الفلاسفة وعلماء الرسوم . إنما يستعمل الممكنات ليظهر و يتجلى بالطريقة والحد الذي يريده ويقدره وحده بلا شريك او نظير. إذ لا ظهور ولا ظلال إلا بالله فقط .. فلا يوجد اتحاد ولكن استخدام واستعمال لقدرته وحكمته ونوره الساري في كل الموجدات والممكنات.
والشيخ رضي الله عنه يقول في هذا الفص:"فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه" ""

وأشار إلى جهة الاتحاد "الإدرك" بقوله : (فمن حيث أن هوية الحق) ظاهرة فيه (هو) أي ما تدركه (وجوده) أي عين وجود الحق فإن عكس الشيء عين ذلك الشيء من وجه (ومن حيث أن اختلاف الصور) واقع (فيه) أي في كل ما تدركه .
قال رضي الله عنه : (هو) أي ما ندركه (أعيان للممكنات نكما لا يزول عنه) أي عن العالم (باختلافي الصور فيه اسم الظل كذلك لا يزول عنه باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق) فيمتاز بهذا الوجه عن الحق لتنزه الحق عن الحدوث والإمكان وغير ذلك من النقائص الإمكانية .
قال رضي الله عنه : (فمن حيث أحدية كونه) أي كون العالم (ظلا هو الحق) أي هو الموصوف بالواحد الأحد (لأنه) أي لأن الحق أو لأن الظل (الواحد الأحد ومن حيث كثرة الصور هو العالم) فلا يظهر الفرق للناظر إلى هذه المرتبة الأحدية فلا يطلق عليه من هذا الوجه اسم العالم وسوى.
لكن بين أحدية الحق وبين أحدية العالم فرق في نفس الأمر فإن أحدية الحق ، أحدية ذاتية منزعة عن تعين الكثرة .
وأما أحدية العالم فإنه عبارة عن عدم تعین الكثرة ولا يتعين أصلا بتعين الكثرة ولا بعدم تعين الكثرة .
وأما أحدية العالم فإنه عبارة عن عدم اعتبار تعين الكثرة فتعين أحدية العالم بعدم تعين الكثرة كما إذا قطعت النظر عن الشخص الزيدي بقي في نظرك الإنسان .
فهذا أحدية الزيد لا أحدية حقيقة الإنسان فإن ذلك قد عرض عليه التعين فزال فبقي متعينا بزوال التعين لأنه لا يزول على أحدية العالم هذا الوصف العدمي حتى اتحد الأحديتين في نفس الأمر .
فإن المتعين بتعين عدمي مانع الوصول إلى الإطلاق والحقيقي فلا يخرج أحدية العالم تحت الإمكان .
ولا حظ له من الوجوب الذاتي ران اتصف من هذا الوجه بالواحد الأحد وأطلق عليه الحق وإنما لم يطلق عليه من هذا الوجه غيره من الأسماء كالخلق والرازق وغيرهما.
إذ لا يلزم من الاتحاد في الأحدية الاتحاد بالكلية لأن الأحدية وجه من وجوه الحق.
وإنما كان إطلاق اسم الحق على العالم من هذا الوجه عند أهل الله بحسب ما يعطيه النظر من المساواة في هذا الوصف لا بحسب نفس الأمر إذ لا مساواة في الحقيقة.
ولما كانت هذه المسألة أنفع علما اوصى وأمر بالسالكين بالحفظ و التفطن فقال :
(فتفطن وتحقق ما أوضحته لك) فإنه إذا تفطنته وتحققت به فقد وصلت إلى أصل الأصول الذي ينفتح لك منه كثير من مسائل العلوم الإلهية ثم استعمل حرف الشك في محقق الوقوع الذي لا يحتمل خلافه.
وقال رضي الله عنه : (إذا كان الأمر على ما ذكرته لك) مع أن الأمر على ما ذكره في نفسه في يقينه تنبيها للطالبين حتى لا يعتمدوا على أنفسهم في العلم فينقطعوا عن طلب العلم (فالعالم متوهما ما) أي ليس (له وجود حقيقي مغاير) بالذات من كل الوجود لوجود الحق بل الوجود الحقيقي والوجود الإضافي للعالم وليس إلا وهو ظل لوجود الحقيقي فلم يقم بنفسه لكونه ظلا بل قائم بمن هو ظل له فقد عرفت وجه الاتحاد ووجه الامتياز . "الاتحاد = الإدراك بالظهور"
وقال رضي الله عنه : (وهذا) أي كون العالم متوهما لا موجودا حقيقيا (معنى الخيال أي خيل لك أنه) أي العالم (أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق) كما أخذ أهل الحجاب هذا التخيل تحقيقا واختاروا مذهبا حقا لأنفسهم .
وقال رضي الله عنه : (وليس العالم كذلك في نفس الأمر) وكيف كذلك في نفس الأمر (ألا تراه) أي ترى الظل (في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه) ذلك الظل (يستحيل عليه) أي على الظل.
وقال رضي الله عنه : (الانفكاك عن ذلك الاتصال) أي كون الظل قائمة بالشخص (لأنه يستحيل على الشيء الانفكاك عن ذاته) فالظل يستحيل انفكاكه عن الشخص الذي امتد عنه لأن الظل عن ذلك الشخص وذاته لا أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الشخص.
فما ثمة إلا أمر واحد يظهر بالصورتين : الشخصية والظلية .
وبه يتوهم المغايرة وتخيل أن الظل موجود متحقق فإذا رأيت الظل وعرفت نسبته إلى الشخص أو فإذا تفطنت ما أوضحته لك فتوجه إلى نفسك (فاعرف عينك) أي وجودك الخارجي (و) اعرف (من أنت) لموجود حقيقي أم متوهم متخیل .
وقال رضي الله عنه : (و) اعرف ما هويتك أهو الحق أو غيره (و) اعرف (ما) أي شيء (نسبتك إلى الحق و) اعرف (بما) أي بأي سبب (أنت حق و) إعرف.
(بما) أي بأي سبب (انت عالم وسوى وغير ذلك وما شاكل كل هذه الألفاظ) الكلام إخبار في صورة الإنشاء يعني فإذا تفطنت ما أوضحته لك فقد عرفت في نفسك هذه الأمور فظفرت المطلوب الأعلى في رتب العلم بالله .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. )
قال رضي الله عنه : "فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات. فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات. فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق. فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد. و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك. و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال . أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟ فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. "
قوله: وإن اتصفت بالثبوت، قول لا أقبله لأن الثبوت إما أن يكون بضرب من الوجود فهو من الوجود فهي موجودة الوجود الثبوتي، وإن لم يكن لها ضرب من الوجود فذلك الثبوت هو من حقيقة لا شيء من كل وجه وهو العدم الصرف.
وأما الاستدلال بقوله : " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل" (الفرقان: 45) يعني ولو كان عدما لم يمتد، فالجواب أنه خاطبنا على قدر جهلنا والكتاب العزيز مملوء من مثل هذا الخطاب.
قوله: وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم، ما له وجود حقيقي.
قلت: إن الذي تقدم من الكلام ما يقتضي أن العالم متوهم بل متحقق، لأنه جعله ثابتا قبل الوجود ومتحققا بعد الوجود، فكيف مع هذين الوصفين يكون متوهما.
قوله: والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماؤه لها مدلولان : المدلول الواحد عينه وهو عين المسمی، والمدلول الآخر ما ينفصل به عن اسم آخر إما ضد أو غير، وكل هذا غير متحقق لأنه سماه هنا أعني العالم الحق المتخيل.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. )
قال رضي الله عنه : ( فكلّ ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات ) .
يعني رضي الله عنه : متجلَّيا يجلَّي خصوصيات الأعيان وأوصافها ونعوتها ، إذ هو مرآة آثارها ، ومجلى جليّات تجلَّياتها ، وجليات جليّاتها بأنوارها .
قال رضي الله عنه : ( فمن حيث هوية الحق هو وجوده ، ومن حيث اختلاف الصور هو أعيان الممكنات ) .
يريد أنّ العالم الذي هو في دقيق التحقيق ظلّ أحديّ جمعي ممدود ذو وجهين :
وجه إلى الوجود الواحد الحق ومنه وهو وجود العالم .
ووجه إلى الإمكان والكيان ، وكثرة الأعيان والأكوان والألوان في العيان ، وهو ظلّ أشخاص الأعيان ، الثابتة في العلم الذاتي النابتة في أرض الحقيقة بموجب أتمّ الشهود وأعمّ الأعيان .
قال رضي الله عنه : ( فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظلّ ، كذلك لا يزول باختلاف الصور  اسم " العالم " و " السوي " ، فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق ، لأنّه الواحد الأحد ، ومن حيث كثرة الصور هو العالم )، لأنّه المعدود والعدد  .
يعني رضي الله عنه : إن وجدت الأعيان على مشهد من يرى ذلك إنّما وجدت بالوجود الواحد الأحد المستفاد من الحق المطلق المشترك بين الكلّ .
فهو الحق الواحد الأحد وهو النور الظلَّي الممتدّ ، أو الظلّ النوري المشتدّ المعتدّ ، أمّا تسمية من يسمّيه “ سوى » فمن حيث نقوش الكثرة ، فإنّ كل واحد واحد منها غير الآخر وسواه ، وهي أغيار بعضها للبعض .
قال رضي الله عنه : ( فتفطَّن وتحقّق ما أوضحت لك ، وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك ، فالعالم متوهّم ، ما له وجود حقيقي ، وهذا معنى الخيال ، أي خيّل لك أنّه أمر زائد قائم بنفسه ، خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر ، ألا تراه في الحسّ متّصلا بالشخص الذي امتدّ عنه يستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتّصال ، لأنّه يستحيل عليه الانفكاك عن الحق "عن ذاته") .
كما يستحيل على النور المنبسط من عين الشمس على أعيان العالم الانفكاك عنها وكاستحالة انفكاك الظلّ عمّن امتدّ عنه .
قال رضي الله عنه : ( فاعرف عينك ومن أنت ؟ وما هويّتك ؟ وما نسبتك إلى الحق ؟ وبما أنت حق ؟ وبما أنت عالم وسوى وغير ؟ وما شاكل هذه الألفاظ ، وفي هذا يتفاضل العلماء ، فعالم وأعلم ) .
يشير رضي الله عنه : إلى كليات أذواق علماء العالم على اختلاف مشاهدهم ومشاهدهم :
فإن كان شهودك الوجود الحق ظهر في عينك الثابتة بمقتضى خصوصها ، فأنت حق .
وإن كان مشهدك الكثرة والتجدّد والتحدّد والتعيّن والاختلاف والتميّز والتبيّن ، فأنت عالم وخلق وسوى .
وإن كان مشهدك أنّك ذو وجهين وظاهر باعتبارين ، فأنت حق من وجه ، خلق من وجه ، فأنت بهويتك وعينك حق واحد أحد ، وبصورتك وأنانيّتك خلق أو ظاهر أو مظهر أو شهادة للحق .
وإن كان مشهدك الكثرة والاختلاف ورأيت أنّ هذه الكثرة من عين الوحدة ، وفيها نسبها وإضافاتها ، فأنت من أهل الله .
وإن كان مشهدك حجابيّات الكثرة وصنميّات الأشياء ، ولا ترى غير العالم فأنت من أهل الحجاب .
وإن رأيت حقّا بلا خلق ، فأنت صاحب شهود حاليّ .
وإن رأيت حقّا في خلق وهو غيره ، فأنت قائل بالحلول أو قائل بالاتّحاد .
وإن رأيت خلقا في حق مع أحدية العين ، فأنت على الشهود الحقيقي .
وإن شهدت حقا في خلق وخلقا في حق من وجهين وباعتبارين مع أحدية العين ، فأنت كامل الشهود ، فاشكر الله تعالى على ما هداك وأولاك وولَّاك .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. )
قال رضي الله عنه : ( فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات ، فمن حيث هوية الحق هو وجوده ، ومن حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات ) أي فهو وجود الحق متجليا في أعيان الممكنات ، لأنه مرآة آثارها وخصوصياتها .
فله وجهان : وجه الإطلاق وهو الهوية من حيث هو هو وجود الحق : أي الحق عينه ، ووجه التقييد : وهو اختلاف الصور فيه ، وهو خصوصيات الأعيان الظاهرة فيه.
"" إضافة بالي زادة :  وأشار إلى جهة الاتحاد بقوله ( فمن حيث أن هوية الحق ) ظاهرة فيه ( هو ) أي ما تدركه ( وجوده ) أي عين وجود الحق ، فإن عكس الشيء عين ذلك الشيء من وجه ( ومن حيث أن اختلاف الصور ) واقع ( فيه ) أي في كل ما تدركه ( هو ) أي ما تدركه ( أعيان الممكنات ) .
قوله ( أو اسم سوى الحق ) فيمتاز بهذا الوجه عن الحق لتنزه الحق عن الحدوث والإمكان وغير ذلك من النقائص اهـ.يالي زادة. ""

قال رضي الله عنه :  ( فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل ، كذلك لا يزول عنه باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق ) أي لما ثبت للوجود المدرك وجه الأحدية ووجه التعدد باختلاف الصور ولم يزل عنه اسم الظل واسم العالم واسم سوى الحق
قال رضي الله عنه : ( فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق لأنه الواحد الأحد ، ومن حيث كثرة الصور هو العالم ، فتفطن وتحقق ما أوضحته لك ) أحدية الظل هو الوجه الذي لم يتقيد به ولم ينضف إلى شيء سوى الذات المنسوب إليه ، وهو الوجود من حيث هو وجود .
بلا اعتبار الكثرة فيه ولا الإضافة ، وإلا لم تكن الأحدية أحدية فهو عين الحق ، لأنك علمت أن الحق وجوده عينه لا عين له سوى الوجود ، ومن حيث التعدد العارض له بالإضافة واختلاف الصور فيه بالإضافة المعنوية عارضة له وتكثر النقوش هو العالم ، لأن كل واحد من الصور غير الآخر فيصدق عليه اسم السوي والغير .
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ماله وجود حقيقي وهذا معنى الخيال ، أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق ، وليس كذلك في نفس الأمر ) إنما كان خيالا لأنه ليس له من الوجود الحقيقي إلا النسبة الاتصالية لا الوجود .
قال رضي الله عنه : ( ألا تراه في الحسن متصلا بالشخص الذي امتد عنه يستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال ، لأنه يستحيل على الشيء الانفكاك عن ذاته ) .
أي ألا ترى الظل في الحس متصلا بذات ذي الظل ، فكذلك النور الوجودي الممتد على العالم يستحيل عليه الانفكاك عن الحق ، كما يستحيل على الظل الانفكاك عن ذلك الاتصال في الحس ، إلا أن بين الاتصالين فرقا .
فإن اتصال الظل بالذات في الحس يحكم باثنينية ، والاتصال النور الوجودي الذي هو وجود العالم بالحق يحكم بالأحدية ، فإن اتصال المقيد بالمطلق والمقيد عين المطلق مضافا إلى خصوصية ما تقيد به ، فلذلك قال الشيخ لأنه يستحيل على الشيء الانفكاك عن ذاته .

"" إضافة بالي زادة :  ( فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي ) مغاير بالذات من كل الوجوه لوجود الحق ، بل الوجود الحقيقي الحق والوجود الإضافي للعالم ، وليس إلا هو ظل الوجود الحقيقي ، فلم يقم بنفسه لكونه ظلا بل قائم بمن هو ظل له ( وهذا ) أي كون العالم متوهما لا موجودا ( معنى الخيال : أي خيل لك ) كما أخذ أهل الحجاب هذا التخيل تحقيقا واختاروا مذهبا حقا لأنفسهم اه لأن الظل عين ذلك الشخص وذاته ، لا أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الشخص ، فما ثمة إلا أمر واحد يظهر بالصورتين الشخصية الظلية ، وبه يتوهم المغايرة وتخيل أن الظل موجود متحقق اهـ بالى . ""
قال رضي الله عنه : ( فاعرف عينك ومن أنت وما هويتك وما نسبتك إلى الحق وبما أنت حق وبما أنت عالم وسوى وغيره وما شاكل هذه الألفاظ )
" ما " في ما أنت : استفهامية ، والأكثر في الاستعمال حذف الألف عند دخول حرف الجر عليها ، كقولهم : بم ومم ، وقد يقع إثباتها في كلامهم أي اعرف عينك الثابتة في الغيب ، فإنها شأن من الشؤون الذاتية للحق وصورة من صور معلوماته ، وما أنت إلا الوجود الحق الظاهر في خصوصية عينك الثابتة وما نسبتك إلى الحق إلا نسبة المقيد إلى المطلق ، وأنت من حيث هويتك وحقيقتك حق .
ومن حيث تعينك واختلاف هيئاتك عالم وغير .
ثم إن مشاهد العرفاء في ذلك مختلفة ، فباختلاف المشاهد يتفاضلون :
فمن شهد التعين والتكثر شهد الخلق .
ومن شهد الوجود الأحدى المتجلى في هذه الصور شهد الحق .
ومن شهد الوجهين شهد الخلق والحق باعتبارين ، مع أن الحقيقة واحدة ذات وجهين .
ومن شهد الكل حقيقة واحدة متكثرة بالنسب والإضافات أحدا بالذات كلا بالأسماء ، فهو من أهل الله العارفين باللَّه حق المعرفة .
ومن شهد الحق وحده بلا خلق فهو صاحب حال في مقام الفناء والجمع .
ومن شهد الحق في الخلق والخلق في الحق فهو كامل الشهود في مقام البقاء بعد الفناء والفرق بعد الجمع وهو مقام الاستقامة وذلك أعلم.
"" إضافة بالي زادة :  إذا تفطنت ما أوضحته لك فتوجه إلى نفسك ( فاعرف عينك ) أي وجودك الخارجي ( و )اعرف ( من أنت ) أموجود حقيقي أو متوهم ( و ) اعرف ( ما هويتك ) هو الحق أم غيره ( و ) اعرف ( ما نسبتك إلى الحق ) واعرف ( بما ) أي بأي سبب ( أنت ) حق واعرف ( بما ) أي بأي سبب أنت ( عالم وسوى وغير وما شاكل هذه الألفاظ ) وهذا الكلام إخبار في صورة الإنشاء ، يعنى إذا تفطنت ما أوضحته لك فقد عرفت في نفسك هذه الأمور فظفرت المطلب الأعلى اهـ. ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. )
قال رضي الله عنه : (فوجود الأكوان عين هوية الحق لا غيرها . فكل ما ندركه ، فهو وجود الحق في أعيان الممكنات ) .
أي ، كل ما ندركه بالمدركات العقلية والقوى الحسية ، فهو عين وجود الحق الظاهر في مرآيا أعيان الممكنات .
وقد علمت أن الأعيان مرآيا للحق وأسمائه ، كما أن وجود الحق مرآة للأعيان .
فبالاعتبار الأول ، جميع الموجودات عين ذات الحق ، والأعيان على حالها في العدم ، لأن حامل صور الأعيان هو ( النفس الرحماني ) ، وهو عين وجود الحق ، والوجود الإضافي الفائض عليها ، أيضا عين الحق ، فليس المدرك والموجود إلا عين الحق ، والأعيان على حالها في العلم . وهذا مشرب الموحد .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:45 عدل 7 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 9 يونيو 2019 - 18:20 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة : الجزء الثاني
تابع مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
وبالاعتبار الثاني ، الأعيان هي الظاهرة الموجودة في مرآة الوجود ، والوجود معقول محض .
وهذا مشرب المحجوبين عن الحق ومشرب المحقق الجامع بين المراتب العالم بها في هذا المقام ، الجمع بين الحق والخلق بحيث شهود أحدهما لا تحجبه عن شهود الآخر .
وذلك لجمعه بين المرآتين ، لأن المرايا إذا تقابلت ، تظهر منها عكس جامع لما فيها ، فيتحد ما في المرايا المتعددة بحكم اتحاد انعكاس أشعتها .
وإلى هذا الاعتبار أشار بقوله : ( فمن حيث هوية الحق هو وجوده ) . أي ، فكل ما ندركه من حيث هوية الحق الظاهرة فيه ، هو وجود الحق .
قال رضي الله عنه : ( ومن حيث اختلاف الصور فيه ) أي ، في كل ما ندركه . ( هو أعيان الممكنات . فكما لا يزول عنه ) . أي ، عن الوجود المنسوب إلى العالم .
( باختلاف الصور اسم الظل ) أي ، كونه ظلا للحق وأسمائه .
قال رضي الله عنه : ( كذلك لا يزول عنه باختلاف الصور اسم العالم ، أو اسم سوى الحق ، فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق ، لأنه الواحد الأحد ، ومن حيث كثرة الصور ،هو العالم).
أي ، فمن حيث أحدية الوجود الإضافي وأحدية كونه ظلا ظاهرا منه ، هو الحق لا غيره ، لأن الحق هو الموصوف بالواحد الأحد لا غيره .
وظل الشئ أيضا باعتبار عينه ، وإن كان باعتبار آخر غيره . ومن حيث إنه حامل للصور المتكثرة والحق لا تكثر فيه ، فهو العالم .
قال رضي الله عنه : (فتفطن وتحقق ما أوضحته لك . وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك ، فالعالم متوهم ، ماله وجود حقيقي ) . لأن الوجود الحقيقي هو الحق ، والإضافي عائد إليه . فليس للعالم وجود مغائر بالحقيقة لوجود الحق ، فهو أمر متوهم وجوده .
(وهذا معنى ( الخيال ) ، أي ، خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق . وليس كذلك في نفس الأمر ) . صرح مقصوده من بيان كون العالم ظلا معناه ظاهر .
قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه ) أي ، ألا ترى الظل . ( في الحس ) حال كونه ( متصلا بالشخص الذي امتد عنه ، يستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال ، لأنه يستحيل على الشئ الانفكاك عن ذاته ) .
إستدل بعدم انفكاك الظل عن الشخص على أنه عين ذلك الشخص ، فهما في الحقيقة واحد . وما أو هم المغايرة إلا ظهور الشئ الواحد بصورتين : إحديهما ، الصورة الظلية ، والأخرى ، الصورة الشخصية .
قال رضي الله عنه : ( فاعرف عينك ، ومن أنت ، وما هويتك ) . أي ، إذا عرفت أن العالم متوهم والمدرك المشهود هو الحق لا غير ، فاعرف ذاتك ، ومن أنت عينه أو غيره ، وما هويتك وحقيقتك ، أحق هي أم غيره ؟
قال رضي الله عنه : (وما نسبتك إلى الحق ، وبما أنت حق ، وبما أنت عالم وسوى وغير ، وما شاكل هذه الألفاظ ) . أي ، وعلى تقدير إنك غيره ، ما النسبة بينك وبينه ؟
وبأي وجه أنت حق وبأي وجه عالم ؟

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. )
قال رضي الله عنه : (فكلّ ما يدركه فهو وجود الحقّ في أعيان الممكنات ) .

مراتب الهويّة الذاتية  
ثمّ من الآيات الدالَّة على انطواء هذه الآية الكريمة على جملة من الحضرات والعوالم أنّ الشيخ قد تعرّض في طيّ مؤدّاها للهويّة الذاتيّة الإطلاقيّة ، بمراتبها الأربع ، المعربة عن الكلّ بكنهه ، حيث نبّه للهويّة الإطلاقيّة ، ثمّ لحيثيّاته الأربع بقوله : ( فمن حيث هويّة الحقّ هو وجوده ) الذي هو ظاهر الهويّة الإطلاقيّة.
قال رضي الله عنه : (و من حيث اختلاف الصور فيه ) اختلاف ظلال الزجاجات المتلوّنة عند ظهورها في النور وإظهاره لها ( هو أعيان الممكنات ، فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظلّ .  كذلك لا يزول عنه باختلاف الصور اسم « العالم » ، أو اسم « سوى الحقّ » فمن حيث أحديّة كونه ظلَّا هو الحقّ ) لا غير .
كما أنّه من حيث أنّه نور هو الهويّة الإطلاقيّة الوجوديّة - وفيه إشارة إلى أنّ ظلَّيته مما لا يزول بها كونه نورا ، كما أنّ وحدته مما لا يزول بالكثرة .
وإليه أشار بقوله : ( لأنّه الواحد الأحد ) أي الجامع بين الوحدة النورانيّة والكثرة الظلمانيّة ( ومن حيث كثرة الصور ) بدون اعتبار صورته الجمعيّة (هو العالم).

قال رضي الله عنه : ( فتفطَّن وتحقّق ما أوضحته لك ) من التوحيد الذاتي الذي لا يشوبه ثنويّة ظلَّية الأكوان والأغيار  كما قيل :لا ترم في شمسها ظلّ السوي فهي شمس وهي ظلّ وهي فيءهذا مفهومه الإجمالي .
وأمّا ما علم منه من تفصيل الحضرات والعوالم :
فهو أنّ الوجود هو ظاهر الهويّة الذاتيّة.
وأعيان الممكنات هي صورها المتخالفة .
وأنّ الظلّ هو حضرة الأسماء والصفات .
وأنّ العالم هو صورها المتخالفة .
وإذا تقرّر هذا ظهر أنّ العالم هو الظلّ الثاني ، والوجود في الحقيقة ليس إلَّا النور .

العالم متوهّم ماله وجود
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهّم ، ما له وجود حقيقيّ ، وهذا معنى الخيال ، أي خيّل لك أنّه أمر زائد قائم بنفسه ، خارج عن الحقّ ).
خروج الأشكال اللونيّة للزجاجات عن جمعيّة النور وظلَّه ، ( وليس كذلك في نفس الأمر ) فإنّ تلك الأشكال إنّما هي للظلال قائمة بها ، ليست قائمة بنفسها فإنّه ليس خارج الظلّ شيء .
قال رضي الله عنه : ( ألا تراه في الحسّ متّصلا بالشخص الذي امتدّ عنه ؟
يستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتّصال ، لأنّه يستحيل على الشيء الانفكاك عن ذاته ) والشخص هو الذات للظلّ .

مراتب العبد
قال رضي الله عنه : ( فاعرف ) من هذا التفصيل المدرج في طيّ هذا البيان المثالي المنزل به الخاتم ( عينك ) الذي هو شكل الظلّ ، ( ومن أنت ) الذي هو باطن العين ، يعني الظلّ نفسه ، ( وما هويّتك ) الذي هو النور ، يعني باطن الظلّ .
قال رضي الله عنه : ( وما نسبتك إلى الحقّ ) نسبة الظلّ إلى نوره ، ( وبما أنت حقّ ) يعني طرف الجمعيّة الظلَّية وأحديّتها ( وبما أنت عالم وسوى ، وغير وما شاكل هذه الألفاظ ) يعني طرف كثرة الصور للظلّ وتنوّع الأشكال والألوان المتخالفة له من حيث هي قائمة بنفسها .
ثمّ اعلم أنّه قد أدرج في هذا التفصيل مراتب العبد من مبدأ اعتباره إلى منتهى وجوده واختياره  حيث بيّن ستّ مراتب ، ثمّ في التعبير عن الأوّل بـ " العين " والثاني بـ « من » والثالث بـ « ما » : إشارة إلى ما له في الحضرات الثلاث .
هذا قبل بروز تعيّنه الباين العالمي ، ثمّ إذا ظهر ذلك وتحقّق النسبة شرع في تفصيل ذلك بما ينبئ عن خصوصيّات كل من العوالم الإمكانيّة على ما لا يخفى على اللبيب وجه تحقيقه .

وفي بعض النسخ : « بما أنت حقّ » - بلا واو ، فيكون « ما » موصولة ، أي : بما أنت به حقّ - وفي أكثر النسخ مع الواو ، فيكون استفهاميّة ، وإثبات الألف على غير القياس المتعارف إشارة إلى ما لهذه المرتبة العالميّة من إثبات الزوائد والنوافل .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. ) 
قال رضي الله عنه : (فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات. فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات. فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.)
(فكل ما تدركه) من العالم (فهو وجود الحق) ظهر (في أعيان الممكنات) وتقید بأحكامها وآثاره فسمي ظلا وعالما .
(فمن حيث)، أي فكل ما يدركه من حيث (هوية الحق ) ووحدتها وطلاقها من غير اعتبار اختلاف الصور فيها (هو وجوده)، أي وجمود الحق سبحانه (ومن حيث اختلاف الصور فيه). أي في كل ما بدر كه.
(فهو أعيان الممكنات فكما لا يزول عنه) أي عن كل ما يدر كه حال كونه متلبسا باختلاف الصور اسم الظل كذلك لا يزول عنه حين تلبسه (باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوی الحق) فإن إطلاق هذين الاسمين على كل ما يدركه إنما هو باعتبار كونه ظلا لا باعتبار. 
قال رضي الله عنه : ( فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد. و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك. و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال . أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر. ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟ )
كونه عین ذي الظل (فمن حيث أحدية كونه ظلا)، أي فكلما پدر كه من حيث أحدية ظنيته بأن لم يعتبر فيه اختلاف الصور (هو الحق) فإن ظليته إنما هي بسبب اختلاف الصور فيه فإذا زال الاختلاف زالت الظلية فصار واحدة لا كثرة فيه فكان عين الحق .
(لأنه)، أي الحق هو الواحد الأحد لا غيره أو لأن الظالم من حيث أحدينه هو الواحد الأحد والواحد الأحد هو الحق لا غير (و من حيث كثرة الصور) فيه (هو العالم) و سوی الحق والظل.
قال رضي الله عنه : (فتفطن وتحقق ما أوضحته لك. وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي) فإن الوجود الحقيقي هو الحق سبحانه ، والعالم كثرة صور متوهمة فيه.
فوجوده وقيامه بالحق لا بنفسه كما يتوهمه المحجوبون (وهذا معنى الخيال أي خيل لك أنه أمر زائد)، على الوجود الحق (قائم بنفسه) لا بالوجود الحق (خارج عن الوجود الحق وليس الأمر كذلك في نفس الأمر) فإن الوجود في نفس الأمر واحد، وهذا الوجود الواحد باعتبار وحدته وإطلاقه هو الحق سبحانه وباعتبار كثرته لنلبسه بأحكام أعيان الممكنات وآثارها هو العالم بسوی الحق والظل .
فمن تخيل أن للعالم وجودا مستقلا في نفسه مغايرة لوجود الحق فلا شك أن ذلك وهم وخيال لا حقيقة له وغير مطابق تما في نفس الأمر.
ثم أنه رضي الله عنه أكد عدم أمر العالم بدون الحق بنشبيه العالم بالظل المحسوس والحق كالشخص فقال : (ألا تراه)، أي الظل الظاهر (في الحس) حال كونه
(متصلا بالشخص الذي امتد) ذلك الظل (عنه)، أي عن هذا الشخص (يستحيل عليه) ، أي على ذلك الظل (الانفكاك عن ذلك الاتصال) بل عما اتصل به أعني الشخص.
قال رضي الله عنه : (لأنه يستحيل على الشيء الانفكاك عن ذاته) حقيقة أو حكما فالشخص وإن لم يكن ذات الظل حقيقة فإنه كالذات له في قوامه وعدم تحققه بدونه ، ولما كان الظل الذي هو المشبه .
أعني العالم عین ذات محضة الذي هو الحق سبحانه من وجه أورد هذه العبارة للمبالغة
قال رضي الله عنه : ( فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ. )
قال رضي الله عنه : (فاعرف عينك)، أي عينك الثابتة فإنها عبارة عن صورة معلومية ذات الحق متلبسة بشؤونها كلا أو بعضا .
قال رضي الله عنه : (و) اعرف (من أنت) من حيث عينك الخارجية فما أنت من هذه الحينية إلا الوجود الحق متصة بأحكام عينك الثابتة وآثارها .
قال رضي الله عنه : (و) اعرف (ما هويتك) السارية في عينك الثابتة في الحضرة العلمية أولا، وفي عينك الموجودة في الخارج ثانية.
قال رضي الله عنه : (وما نسبتك إلى الحق) نسبة الظل إلى الشخص والمقيد إلى المطلق (وبما أنت حق)، أي بأي وجه أنت حق فأنت حق من حيث الحديقة (وبما أنت عالم)، أي بأي وجه أنت عالم (وسوی) للحق (وغير) له فأنت عالم وسوی و غیر للحق من حيث التقيد والتعيين.

قال رضي الله عنه : (وما شاكل هذه الألفاظ)، أي العالم والسوي والغير ويجوز أن يكون قوله : هذه الألفاظ إشارة إلى ما ذكرنا من هذه الألفاظ الثلاثة مع ما ذكر قبلها من قوله : "فاعرف عينك إلى آخره " فإنك كذلك بالماهية.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:46 عدل 8 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 9 يونيو 2019 - 18:39 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الحادية عشر الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. .)
قال رضي الله عنه : " وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه. ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح. فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه. كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق. مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد."
قال رضي الله عنه : (وفي هذا) العرفان (تتفاضل العلماء) بالله سبحانه (فعالم) بالله (و) آخر (أعلم منه) بالله. قال تعالى: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" [فاطر: 28]، أي بالله .
وقال عليه السلام لأصحابه رضي الله عنهم: «أنا أعلمكم بالله وأكثركم منه خشية».
ورد بمسند ابن حميد و رواه البخاري في صحيحه بلفظ: "إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا".
فالحق سبحانه (بالنسبة إلى ظل) شيء (خاص) امتد ذلك الظل الوجودي المسمى أمرة ووجها على ذلك الشيء الخاص وهو عين ممكنة معدومة بالعدم الأصلي
(صغير) ذلك الشيء الخاص كالذرة (وكبير) كالجبل .
قال رضي الله عنه : (وصاف)، أي لطيف كالنفوس الحيوانية وقواها المنبثة في الأجسام (وأصفى) كالأرواح والعقول المجردة (كالنور)، أي بمنزلة شعاع الشمس مثلا (بالنسبة إلى حجابه)، أي حجاب ذلك النور الذي هو الشعاع (عن) عين (الناظر) إليه حجاب حاصلا (بالزجاج) الأحمر أو الأخضر وغير ذلك.
قال رضي الله عنه : (فإنه يتلون) ذلك النور (بلونه)، أي بلون ذلك الزجاج في نظر الحس عند الناظر (وفي نفس الأمر) مع عدم اعتبار نظر الحس عند الناظر (لا لون له)، أي لذلك النور الظاهر أصلا (ولكن هكذا)، أي على حسب ألوان الزجاج (تراه)، أي ترى النور الظاهر بلون الزجاج يا أيها الإنسان (ضرب) مفعول ثان لتراه (مثال الحقیقتك) يا أيها الإنسان في ظاهر و باطنك مع جميع أحوالك القائمة (بربك) الحق سبحانه وتعالی.
قال رضي الله عنه : (فإن رأيته) كذلك ومع ذلك (قلت إن النور) الظاهر لك بلون الزجاج (أخضر) مثلا (كخضرة الزجاج صدقت وشاهدك) على صدق قولك (الحس)، أي نظر العين منك ومن غيرك.
(وإن قلت إنه)، أي ذلك النور (ليس بأخضر ولا) هو بنور (ذي)، أي صاحب (لون) من الألوان أصلا (لما)، أي على مقتضی الوصف الذي (أعطاه لك الدليل) بأن النور لا لون له أصلا وهو منزه عن جميع الألوان .
قال رضي الله عنه : (صدقت) في ذلك (وشاهدك) على صدق قولك (النظر)، أي الدليل (العقلي)، أي المنسوب إلى العقل (الصحیح) الذي لا شبهة فيه أصلا وذلك أن النور لو كان له لون يخصه لما قبل أن يظهر في ألوان الزجاج على مقتضى ما هي عليه السلام.
تلك الألوان فى نفسها وهو ظاهر كذلك من غير أن يغير من لون الزجاج شيئا مع تضاد تلك الألوان وعدم مناسبة بعضها لبعض وعدم المشابهة بينها، فإن اللون الأسود غير اللون الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر وغير ذلك.
فلا لون للنور من حيث هو أصلا ولو كان له لون في نفسه على ما هو عليه لغير شيئا من ألوان الزجاج حين ظهوره ومصبوغ به إذا علمت ما ذكر .
قال رضي الله عنه : (فهذا)، أي شعاع الشمس الذي هو ظل عنها (نور ممتد عن ظل) أيضا (هو)، أي ذلك الظل (عين الزجاج) الملون فقد امتد النور الذي هو نور الشمس مثلا وهو شعاعها عن الشمس فهو ظل الشمس وعن عين الزجاج الملون أيضا فهو ظل عين الزجاج الملون (فهو) أي ذلك النور الممتد على عين الزجاج الملون (ظل نوري) على ما هو عليه في نفسه لا لون له أصلا وإن تلون بلون الزجاج (لصفائه) في نفسه مع قطع النظر عن لون الزجاج.
قال رضي الله عنه : (كذلك)، أي مثل ما ذكر من ضرب المثال الإنساني (المتحقق منا) معشر المحققين (بالحق) تعالى، فإنه (تظهر) له (صورة الحق) تعالى (فيه) وهو الوجود المطلق المنزه عن مشابهة كل ما عداه (أكثر مما تظهر)، أي من ظهورها (في غيره)، أي غير ذلك المتحقق من جميع السالكين والعارفين وأما المنقطعون فلا ظهور للحق تعالى فيهم لهم أصلا وإن صدقوا لوجدوه وعبدوه في صورة تخيلاتهم فإنهم غافلون عن ظهوره لهم بهمن.
قال رضي الله عنه : (فمنا)، أي معشر المحققين (من یكون) وجود (الحق) تعالی (سمعه) الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (وجميع قواه) الباطنة (وجوارحه) الظاهرة كیده ورجله (بعلامات) عنده (قد أعطاها له الشرع) المحمدي (الذي يخبر عن الحق تعالی) وهو التقرب بنوافل الأعمال إلى حضرة ذي الجلال بوصف الإخلاص والرغبة والإقبال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي في حديثه القدسي: «ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه».
قال رضي الله عنه : (ومع هذا)، أي مع كون الحق تعالی سمعه وبصره كما ذكر (عين الظل) الذي هو مقید بلون الزجاج (موجود) بوجود ظل الشمس الذي هو شعاعها (فإن الضمير من) قوله صلى الله عليه وسلم كنت سمعه وبصره ويده ورجله (يعود عليه).
أي على ذلك الظل المنبعث عن الزجاج الذي هو في نفس الأمر ظل الشمس، لأن شعاعها المنبعث عنها وهو أيضا ظل الزجاج المنبعث عنه من حيث هو متلون بلون الزجاج وهو العبد الذي قيل عنه : «ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل» الحديث .
فالعبد موجود والحق تعالی أيضا موجود، والوجود واحد مطلق لله تعالى، مقيد بالقيود الإمكانية العدمية للعبد الحادث (وغیره)، أي غير ذلك العبد المتحقق بما ذكر (من) بقية (العبيد ليس كذلك) قال تعالى : "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " [الزمر: 9].
وقال تعالى: "أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار " [ص: 28] إلى غير ذلك من الآيات .
قال رضي الله عنه : (فنسبه هذا العبد) المتحقق بما ذكر من المعرفة عن كشف و شهود وذوق لا عن مجرد تخيل في النفس وحفظ للمعنى (أقرب عنده إلى وجود الحق) تعالى (من نسبة غيره من العبد) إلى وجود الحق تعالی.
كما قال سبحانه : " ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون" [الواقعة: 85].
وقال سبحانه: «نحن أقرب إليه من حبل الوريد" [ق: 16].
وقال سبحانه:: "استمع يوم ينادون من مكان قريب" [ق: 41].
وقال سبحانه: : " أولئك ينادون من مكان بعيد" [فصلت : 44].

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. )
وقال رضي الله عنه : (وفي هذا) العلم (يتفاضل العلماء فعالم بالله واعلم) فإن هذه المسألة من أغمض مسائل العلوم الإلهية فكانت محلا لتفاوت شأن العلماء.
ولما بين حكم نسبته الظل إلى الحق أراد أن يبين نسبته الحق إلى الظل بقوله: (فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير وصاف وأصفي) في حكم الحس لا في نفس الأمر فإن الظل قد يكون مساوية للشخص وقد يكون صغيرة وكبيرة بحسب اختلاف الأوقات .
فمن نظر إلى الظل مع غيبة عن الشخص وقد حكم على الشخص يحكم الظل بحسب الصور المختلفة والشخص باق على حاله لا يختلف باختلاف الصور الظلية .
فكذلك الحق باقي على حاله منزه عن هذه الأمور في نفسه لكن الحس يحكم عليه بهذه الأحكام المختلفة من أحكام الظل بحسب المحل .
ومثال كون الحق محكوم عليه بهذه الأمور المختلفة (كالنور) أي ضياء الشمس (بالنسبة إلى حجابه) أي إلى ما يحجبه (عن الناظر) .
قوله رضي الله عنه : (في الزجاج) متعلق بحجابه أي حجابه الحاصل في الزجاج او متعلق بالنور أي كالنور الحاصل في الزجاج أو متعلق بالناظر (یتلون) هذه النور (بلونه) أو بلون الزجاج في الحس.
وقال رضي الله عنه : (وفي نفس الأمر لا لون له) أي للنور وإنما كان اللون في الحقيقة للزجاج لا له.
(ولكن هكذا نراه) مبني للمفعول أي أرانا الحق النور في الزجاج حال كونه متلونا بالألوان المختلفة .
وقال رضي الله عنه : (ضرب) أي نوع (مثال لحقيقتك بربك) أي مع ربك (فإن قلت إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك) اسم فاعل (الحس وإن قلن إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل صدقت وشاهدك) على ما حكم به الدليل (النظر العقلي الصحيح) .
إذ الدليل نتيجة النظر العقلي لا نفس النظر العقلي فيجعل شاهدا عليه وجاز أن يكون معناه وشاهدك أي ودليلك فحينئذ يجعل الدليل عين النظر العقلي .
(فهذا) أي النور المتلون بلون الزجاج (نور ممتد عن ظل وهو) أي الظل الذي امتد عنه هذا النور (عين الزجاج فهو) أي النور المتلون (ظل نوري لصفائه) أي لصفاء الزجاج فبقي أصل النور على حاله منزها عن التلون فكما أن النور يختلف عليه الأحكام بحسب ظروفه .
وقال رضي الله عنه :  (وكذلك المتحقق منا بالحق تظهر لصفاء صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره) لاختلاف أعياننا فلا نسع الحق منا إلا بحسب قابليتنا .
(فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه وجوارحه بعلامات) بدلائل (قد أعطاها) أي هذه العلامات الشرع الذي يخبر عن الحق وهو إشارة إلى الحديث القدسي كنت سمعه وبصره الخ .
وقال رضي الله عنه : (ومع هذا) أي مع كونه الحق جميع قوی وجوارح هذا العبد (عين الظل) وهو العبد (موجود) لا فإن في الحق (فإن الضمير) أي ضمير قوله سمعه وبصره (يعود إليه) أي على العبد فعود الضمير على الشيء يدل على وجود ذلك الشيء .
وقال رضي الله عنه : (وغيره من العبيد ليس كذلك) أي ليس بظهر الحق فيهم كظهوره فيه (فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد) إلى وجود الحق فما حكم على الحق بالأحكام المختلفة إلا أعياننا فالحق في نفسه منزه عن هذه الأحكام .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. .)
قال رضي الله عنه : " وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.  ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح. فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه. كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق. مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. "
المعنى ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. .)
قال رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء ، فعالم وأعلم ) .
يشير رضي الله عنه : إلى كليات أذواق علماء العالم على اختلاف مشاهدهم ومشاربهم :
فإن كان شهودك الوجود الحق ظهر في عينك الثابتة بمقتضى خصوصها ، فأنت حق .
وإن كان مشهدك الكثرة والتجدّد والتحدّد والتعيّن والاختلاف والتميّز والتبيّن ، فأنت عالم وخلق وسوى .
وإن كان مشهدك أنّك ذو وجهين وظاهر باعتبارين ، فأنت حق من وجه ، خلق من وجه ، فأنت بهويتك وعينك حق واحد أحد ، وبصورتك وأنانيّتك خلق أو ظاهر أو مظهر أو شهادة للحق .
وإن كان مشهدك الكثرة والاختلاف ورأيت أنّ هذه الكثرة من عين الوحدة ، وفيها نسبها وإضافاتها ، فأنت من أهل الله .
وإن كان مشهدك حجابيّات الكثرة وصنميّات الأشياء ، ولا ترى غير العالم فأنت من أهل الحجاب .
وإن رأيت حقّا بلا خلق ، فأنت صاحب شهود حاليّ .
وإن رأيت حقّا في خلق وهو غيره ، فأنت قائل بالحلول أو قائل بالاتّحاد .
وإن رأيت خلقا في حق مع أحدية العين ، فأنت على الشهود الحقيقي .
وإن شهدت حقا في خلق وخلقا في حق من وجهين وباعتبارين مع أحدية العين ، فأنت كامل الشهود ، فاشكر الله تعالى على ما هداك وأولاك وولَّاك .
قال رضي الله عنه : ( فالحق بالنسبة إلى ظلّ خاصّ صغير وكبير وصاف وأصفى كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر إلى الزجاج يتلوّن بلونه ، وفي نفس الأمر لا لون له ، ولكن هذا تراه ضرب مثال لحقيقتك بربّك ) .
يعني رضي الله عنه : ظهور الحق في حقيقة ظاهرة ظهور ظاهر صاف ، كظهور النور في الزجاج الصافي الذي لا لون له ، وفي الملوّن ملوّن ، كذلك في الكدر كدر.
فإنّ لون الماء لون إنائه ، فمن كان في حقيقته لا لون له على التعيّن ، ظهور النور فيه كما هو في ذاته ، خارجا عن المرآة ، كما قلنا : أنا الآن من ماء إناء بلا لون .
قال رضي الله عنه : ( فإن قلت : النور أخضر لخضرة الزجاج ، صدقت وشاهدك الحسّ . وإن قلت : ليس بأخضر ولا ذي لون كما أعطاه لك الدليل صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح . فهذا نور ممتدّ عن ظلّ هو عين الزجاج ، فهو ظلّ نوري لصفائه ) .
يعني : ظهور الوجود الحق في عالم الأمر والعقول والنفوس ظهور نوري ، فهي أنوار ظلاليّة أو ظلال نورية فإنّ الاعتبارين فيها سائغان بحسب ذوقك غير متحيّزة ولا جسمانية .
ولكن لها صبغة من صبغ الجسمانيات ، وظهوره في الزجاج غير الملوّن كظهور نور الوجود في أعيان الأرواح والعقول ، فافهم . أو كظهور التجلَّي في قابلية العارف والمحقّق .
قال رضي الله عنه : ( كذلك المتحقّق منّا بالحق تظهر لصفائه صورة الحق فيه أكثر ممّا تظهر في غيره ، فمنّا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشارع الذي يخبر عن الحق ، ومع هذا عين الظلّ موجود ) .
يعني : أنّك موجود ، وظهور الحق فيك بحسبك مشهود .
قال رضي الله عنه : ( فإن الضمير من " سمعه " وغيره يعود عليه ، وغيره من العبيد ليس كذلك ، ونسبة هذا العبد إلى وجود الحق أقرب من نسبة غيره من العبيد) .
قال العبد : فكذلك صاحب الفرائض الذي يسمع به الحق ويبصر به ويأخذ ويعطي فهو سمع الحق وبصره وعينه ، وكذلك الذي يجمع بين القربين ، والذي في مقام التشكيك ، والذي في مقام التمحّض على ما تقرّر وتحرّر ، فتذكَّر وتأمّل وتدبّر تعرف مقامات رجال الله وأولياء الله وأهله ، لا أولياء الأوامر والنواهي الإلهيّة ، إن شاء الله تعالى .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد.)
قال رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء فعالم وأعلم )
" ما " في ما أنت : استفهامية ، والأكثر في الاستعمال حذف الألف عند دخول حرف الجر عليها ، كقولهم : بم ومم ، وقد يقع إثباتها في كلامهم أي اعرف عينك الثابتة في الغيب ، فإنها شأن من الشؤون الذاتية للحق وصورة من صور معلوماته ، وما أنت إلا الوجود الحق الظاهر في خصوصية عينك الثابتة وما نسبتك إلى الحق إلا نسبة المقيد إلى المطلق ، وأنت من حيث هويتك وحقيقتك حق .
ومن حيث تعينك واختلاف هيئاتك عالم وغير .
ثم إن مشاهد العرفاء في ذلك مختلفة ، فباختلاف المشاهد يتفاضلون :
فمن شهد التعين والتكثر شهد الخلق .
ومن شهد الوجود الأحدى المتجلى في هذه الصور شهد الحق .
ومن شهد الوجهين شهد الخلق والحق باعتبارين ، مع أن الحقيقة واحدة ذات وجهين .
ومن شهد الكل حقيقة واحدة متكثرة بالنسب والإضافات أحدا بالذات كلا بالأسماء ، فهو من أهل الله العارفين باللَّه حق المعرفة .
ومن شهد الحق وحده بلا خلق فهو صاحب حال في مقام الفناء والجمع .
ومن شهد الحق في الخلق والخلق في الحق فهو كامل الشهود في مقام البقاء بعد الفناء والفرق بعد الجمع وهو مقام الاستقامة وذلك أعلم.
"" إضافة بالي زادة :  إذا تفطنت ما أوضحته لك فتوجه إلى نفسك ( فاعرف عينك ) أي وجودك الخارجي ( و )اعرف ( من أنت ) أموجود حقيقي أو متوهم ( و ) اعرف ( ما هويتك ) هو الحق أم غيره ( و ) اعرف ( ما نسبتك إلى الحق ) واعرف ( بما ) أي بأي سبب ( أنت ) حق واعرف ( بما ) أي بأي سبب أنت ( عالم وسوى وغير وما شاكل هذه الألفاظ ) وهذا الكلام إخبار في صورة الإنشاء ، يعنى إذا تفطنت ما أوضحته لك فقد عرفت في نفسك هذه الأمور فظفرت المطلب الأعلى اهـ. ""
قال رضي الله عنه : ( فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير صاف وأصفى ، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه وفي نفس الأمر لا لون له ، ولكن هكذا تراه ضرب مثال لحقيقتك بربك ) .
ضرب مثال نصب على المصدر : أي ضرب ضرب مثال أو حال ، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا أي تعلمه ضرب المثال لحقيقتك ، والباء في بربك بمعنى مع أي ضرب مثال لحقيقتك مع ربك والمعنى أن الحق في المظاهر يختلف باختلافها كالنور بالنسبة إلى ما يحجبه من الزجاجات المختلفة الجوهر واللون عن الناظر فإن شعاع اللون يتلون بألوان له الزجاجات وراءها مع أن النور لا لون له ، وإن كانت الزجاجة صافية شفافة بقي النور على صفائه من ورائها ، وإن تكدرت تكدر النور .
كما قيل : لون الماء لون إنائه ، فالحق يتجلى في الأعيان بصور أحوالها ، فهو كالنور وحقيقتك كالزجاجة ( فإن قلت : إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس.
وإن قلت : إنه ليس بأخضر ولا ذي لون كما أعطاه لك الدليل صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح ) ظاهر .
"" إضافة بالي زادة :  ولما بين حكم نسبة الظل إلى الحق أراد أن يبين نسبة الحق إلى الظل بقوله ( فالحق بالنسبة إلى ظل ) في حكم الحس لا في نفس الأمر ، فإن الظل قد يكون مساويا للشخص وقد يكون صغيرا أو كبيرا بحسب اختلاف الأوقات .
فمن نظر إلى الظل مع عينه عن الشخص وقد حكم على الشخص حكم الظل بحسب الصور المختلفة والشخص باق على حاله لا يختلف باختلاف الصور الظلية ، فكذلك الحق باق على حاله منزه عن هذه الأمور في نفسه ، لكن الحس يحكم عليه بهذه الأحكام المختلفة من أحكام الظل بحسب المحل ، ومثال كون الحق محكوما عليه بهذه الأمور المختلفة اهـ بالى  ( كالنور ) أي ضياء الشمس ( بالنسبة إلى حجابه ) أي إلى ما يحجبه ( عن الناظر في الزجاج ) متعلق بحجابه ، أي حجابه الحاصل في الزجاج ، أو متعلق بالنور : أي كالنور الحاصل في الزجاج ، أو بالناظر ( يتلون ) هذا النور اهـ. بالى زادة.. ""

( فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه ) هذا إشارة إلى النور بالنسبة إلى حجابه الصافي وأصفى ، فإنه نور ممتد عن ظل هو عين الزجاج الصافي الشفاف ، كظهور الحق في عالم الأمر لصور الأرواح من العقول والنفوس المجردة ظهورا نوريا فإنه إذا ظهر بصورة روحانية عقلية فهو ظل نوري لصفائه لا ظلمة فيه ، والممتد عن الزجاج الملون كظهور الحق في صورة نفس منصبغة بصبغ الهيئات الجسمانية ، فإن النفس الناطقة وإن كانت غير جسمانية لكنها تتكدر وتتلون بالهيئات البدنية.
( كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره ، فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق ومع هذا عين الظل موجود ، فإن الضمير من سمعه يعود عليه ، وغيره من العبيد ليس كذلك ، فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد.)
المتحقق بالحق هو الذي فنى في صفات الحق عن صفاته فقام الحق مقام صفاته ، أو في ذات الحق عن ذاته فقام الحق مقام ذاته ، فالأول هو المشار إليه بقولنا : فمنا من يكون الحق سمعه وبصره ، بعلامات أي آيات تدل على ذلك أخبر عنها الشارع في الحديث المشهور المذكور قبل.
فهذا العبد أقرب إلى الحق من سائر العبيد الفاعلين بصفاتهم الواقفين مع حجبها ، وهذا يسمى قرب النوافل وعين الظل ، أي الوجود الإضافي الذي هو أنيته موجود فيه ، وظهور الحق فيه بحسب الصفات فيه مشهود .
لأن الضمير في سمعه وسائر قواه وجوارحه يعود إلى الوجود الخاص الذي هو الظل ، وأقرب من هذا القرب قرب الفرائض ، وهو القسم الثاني الذي هو الفاني بالذات الباقي بالحق ، وهو الذي يسمع به الحق ويبصر به فهو سمع الحق وبصره بل صورة الحق .
كالذي قال فيه : " وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى. "

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. .)
قال رضي الله عنه : ( وفي هذا ) أي ، في هذا العلم . ( تتفاضل العلماء : فعالم ) بالله ، (وأعلم .)
(فالحق بالنسبة إلى ظل خاص ، صغير وكبير ، وصاف وأصفى ) أي ، الحق بالنسبة إلى كل واحد من الأعيان التي هي الظلال ، يظهر صغيرا ، وكبيرا ، وكثيفا ، ولطيفا ، وصافيا ، وأصفى .
وذلك لأن المرآة لها أحكام في ظهور المرئي - كما مر من أن الصورة تظهر في المرآة الصغيرة صغيرة ، والكبيرة كبيرة - وإذا كانت قريبة من البساطة ، يظهر الحق فيها على غاية الصفاء واللطافة ، كأعيان المجردات .
وإذا كانت بالعكس تظهر في غاية الكثافة كأعيان من يوصف بأسفل السافلين .
وهو في نفس الأمر منزه عن اللطافة والكثافة والصغر والكبر .
فقوله رضي الله عنه : ( صغير وكبير ) يجوز أن يكون مرفوعا على أنه خبر المبتدأ . ويجوز أن يكون مجرورا صفة ( لظل خاص ) .

وخبر المبتدأ قوله : ( كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج : يتلون بلونه ، وفي نفس الأمر لا لون له ) . وعلى الأول ، قوله : ( كالنور ) خبر مبتدأ محذوف .
تقديره : فهو ( كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج ) . أي ، بالنسبة إلى ما يحجبه عن الناظر في الزجاج . وفي بعض النسخ : ( بالزجاج ) . وهو متعلق بحجابه .
قال رضي الله عنه : (يتلون بلونه ، وفي نفس الأمر لا لون له . ولكن هكذا تراه ضرب مثال لحقيقتك بربك ) . ( تراه ) مبنى للمفعول ، من ( أرى ، يرى ) بضم الفاء وكسر العين .
أي ، أرانا الحق حال النور وظهوره ملونا بألوان مختلفة وغير ملون في الزجاج المتلون وغير المتلون وهو في نفس الأمر لا لون له ، نوع مثال لحقيقتنا مع ربنا ، لنعلم أنه الواحد الحقيقي الذي لا صورة له في نفسه تحصره ، وهو الذي يظهر في صور الكثرات التي هي مظاهر الأسماء والصفات .

وشبه الحق ب‍ ( النور ) ، والحقائق ب‍ ( الزجاجات المتنوعة ) ، وظهورات الحق في العالم ب‍
( الألوان المختلفة ) . و ( الضرب ) هنا بمعنى النوع ، أي ، نوع ( مثال ) . و ( الباء ) في
( بربك ) بمعنى ( مع ) .
قال رضي الله عنه : (فإن قلت : إن النور أخضر بخضرة الزجاج ، صدقت ، وشاهدك الحس . وإن قلت : ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل ، صدقت ، وشاهدك النظر العقلي الصحيح ) .
وإنما جعل النظر العقلي شاهدا على ما حكم به الدليل ولم يجعله عينه ، لأنه نتيجة النظر العقلي ، فليس عينه .
قال رضي الله عنه : ( فهذا نور ممتد عن ظل هو عين الزجاج ، فهو ظل نوري لصفائه ، ) أي ، هذا النور الملون بالزجاج ممتد عنه ، فهو ظل نوري لصفائه . والغرض منه ، استدلال بما في الخارج على ما في الغيب .
( فهذا نور ) إشارة إلى الوجود الخارجي ، أي ، هذا النور الوجودي ممتد في الخارج بحسب
استعدادات الأعيان وقابلياتها . وتلك الأعيان هي عين الزجاج الذي قبل النور ، وجعله منصبغا بصبغة الذي يقتضيه استعداده . فالوجود الكوني ظل نوري لصفائه وانصباغه بأصباغ الأعيان .
قال رضي الله عنه : (كذلك المتحقق منا بالحق ، تظهر لصفائه صورة الحق فيه أكثر مما يظهر في غيره ) . أي ، كما أن الزجاج لأجل صفائه يمتد عنه ظل نوري منور لما في البيت ،
كذلك ( المتحقق ) بالحق ، أي بالوجود الحقاني وكمالاته والمتخلق بالأخلاق الإلهية ، ( منا ) ، أي من أهل العالم كله أو من الأفراد الإنسانية ، تظهر صورة الحق ، وهي الكمالات الإلهية والصفات الربانية .
فيه أكثر مما تظهر في غيره الذي لم يتخلق بها ولم يتحقق بالحق ، فينور غيره ويظهر ما فيه من الكمالات . وذلك التحقق بحسب صفاء استعداده وقابلية عينه لا غير .
قال رضي الله عنه : ( فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه وجوارحه بعلامات ) أي ، بدلائل .
( قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق ) . إشارة إلى الحديث القدسي : " لا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه . فإذا أحببته ، كنت سمعه وبصره "إلى آخره .
قال رضي الله عنه : ( ومع هذا عين الظل موجود ، فإن الضمير ) . أي ، ضمير ( سمعه ) و ( بصره ) .
( يعود عليه ) . أي ، على العبد . ( وغيره من العبيد ليس كذلك . فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد ) .
قد مر أن للوجود بالنسبة إلى الأعيان اعتبارات ثلاث :
الأول ، أن الموجود الخارجي وجود متشكل بأشكال الحقائق الغيبية بحكم ظهوره في مرآيا الأعيان وهي ( ما شمت رايحة الوجود ) بعد .
فالحق بهذا الاعتبار عين سمع كل واحد وعين قواه وجوارحه . ولا يختص هذا المعنى بالكمل .
والامتياز بينهم وبين غيرهم من العوام ، في ذلك ، يكون بالعلم والقدرة ، وظهور
أنوار تلك القوى فيهم أكثر من غيرهم ، فيكونوا أقرب إلى مقام الجمع الإلهي من غيرهم .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:49 عدل 8 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 9 يونيو 2019 - 18:43 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر : الجزء الثاني
تابع مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
والثاني ، أن الأعيان هي الموجودة في الخارج بحكم ظهورها في مرآة الوجود ،فالموجود خلق.
وحينئذ كل من يترقى عن مرتبة الخلقية بفناء صفاته في صفات الحق وتتبدل بشريته بالحقية ، يبقى الحق عوضا عما فنى منه ، فيكون سمعه وبصره وجوارحه ، وعين العبد باقية . فيختص هذا المعنى بهؤلاء الكمل .
والاعتبار الثالث ، وهو ظهور كل منهما في مرآة الآخر . ويجمع هذا الاعتبار أحكام الاعتبارين المذكورين .
وكلام الشيخ رضي الله عنه  هنا جامع الاعتبارات الثلاث ، يظهر بأدنى تأمل

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. .)

قال رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه. ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح. فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه. كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق. )
ثم عظم هذه المعرفة، فقال: (وفي هذا) العرفان الجامع للحقائق الكلية من الحق، والعالم (تتفاضل العلماء) لا في سواه من العلوم، فإنها ليست علوما مقصودة لذواتها إن كانت مقدمات لهذا العلم، وإلا فليست بشيء أصلا.
(فعالم وأعلم) في هذا العلم لا غير، وإن وقع التفاضل هناك أيضا بحسب المتعارف، فهم وإن كانوا ظلال الحق فالتفاوت واقع فيهم بتفاوت الأعيان الثابتة، فيقع ذلك في ظهور الحق بهذه الظلال.
(فالحق) باعتبار ظهوره (بالنسبة إلى ظل خاص)، وإن لم يقع في ظهوره تفاوت بالنسبة إلى أحدية الظل في الكل (صغير وكبير) كالمفضول والفاضل، (وصاف) کالعالم والأعلم.
إذ ظهوره فيها نور ظهر في هذه الظلالات التي هي على صورة الغيب المجهول، فأظهرها على حسب محال تلك الظلال من الأعيان الثابتة، فتصور بصورها، وتلون بألوانها، فكأنما تصور الحق بصورها، و تلون بألوانها.
(کالنور) أي: نور الشمس الممتد في ظل الزجاج المتلون، ذلك الظل بلون الزجاج يرى (بالنسبة إلى حجابه) الذي هو الزجاج (عن الناظر إلى الزجاج) الذي لا يعرف ما وراءه من نور الشمس المجرد عن الألوان، (يتلون) هذا النور في نظره (بلونه) أي: بلون الزجاج الظاهر في ظله.
(وفي نفس الأمر لا لون له) أي: لنور الشمس، ولو باعتبار كونه ممتدا على ظلال الزجاج، بل هو لون الظل، ظهر في هذا النور (ولكنه) أي: النور لامتداده على ذلك الظل
(هكذا نراه)، فجعل هذا النور الشمسي الممتد في الظل النوري للزجاج في تلونه بلون الزجاج في الحس مع عدم تلونه بذلك في نفس الأمر (ضرب مثال تحققه).
أي: هذا الظل النوري المتلون بلون عينك الثابتة مع عدم تلونه بذلك باعتبار اتصاله (بربك)، لكنه يرى نور الحق الممتد عليه متلوئا بلون ظلك المتلون بلون عينك مع عدم تلونه في نفس الأمر، فيصدق في حق الحق الأمران، كما يصدق في حق نور الشمس.
(فإن قلت) أيها الناظر في حجاب الزجاج (أن النور) الممتد على ظله (أخضر لحضرة الزجاج) المؤثر في ظله بالخضرة (صدقت وشاهدك الحس) الظاهر الذي لا يمكن تكذيبه وتصديق العقل المتفرع عليه السلام.
(وإن قلت: إنه ليس بأخضر ولا ذي لون) فضة عن الخضرة (لما أعطاه) أي: نفي اللون (الدليل) الدال على تنزهه في نفس الأمر، وإنما هو للظل الذي امتد هذا النور عليه (صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح) بحيث يمكن جعله في مقابلة الحس، فيجمع بينهما باعتبار الجهات المختلفة
فإذا نظرت إليه بنظر العقل الصحيح، (فهذا) الظاهر تحت الزجاج (نور ممتد ) يرى له تلون (عن ظل) امتد عليه (هو) أي: لون ذلك الظل.(عين) لون (الزجاج فهو).
أي: المرئي تلونه بلون الزجاج في الحقيقة (ظل) لم يسود كسائر الظلال؛ لأنه (نوري) وقع عليه أثر النور من وراء الزجاج (لصفائه) أي: صفاء الزجاج الموجب تنور الظل (كذلك) أي مثل هذا الظل النوري لصفاء ما امتد عليه (المتحقق منا بالحق)، وهو المتخلق بأسمائه كلها أولا حتى صار بحيث يؤثر بها في الغير لكماله.
(تظهر فيه صورة الحق) الذي هو بمنزلة نور الشمس المظهر للظل (أكثر مما تظهر في غيره)؛ لصفاء محله، فيصير ظله نورانیا كما تصير صورة الشمس في المرأة نورانية تنير من محاذاتها من الماء والجدار، وتنتهي هذه الصورة إلى مراتب جليلة.
(فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه) المدركة والمحركة، وجميع (جوارحه) بأن تتم مناسبتها لصفات الحق التي لا تغایر ذاته، فكأنها عين ذاته يعرف ذلك (بعلامات) من الاشتغال بالنوافل حتى يغلب عليه حب الحق، فيتم صفاؤه، فلا يحتجب عن مدار که، ولا يلتبس عليه فعل، وهذا لا ينكر شرعا.
 فإن (الشرع) هو (الذي يخبر عن الحق) بذلك إذ تجلى صلى الله عليه وسلم عن ربه: «ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجليه التي يمشي بها)).
قال رضي الله عنه : ( مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. .)
ثم أشار إلى أنه، وإن بلغ ما بلغ لا يصيرا لها، فقال: (ومع هذا عين الظل موجود) غايته أنه نوراني، (فإن الضمير من سمعه) وبصره ويده ورجله (يعود إليه) أي: إلى الظل الذي هو العبد.
(وغيره) أي: غير المتحقق منا بالحق (من العبيد)،وإن بالغ في العبادة (ليس كذلك).
أي: لا يكون ظله نورانيا بحيث يصير الحق سمعه و بصره، وإن اكتسب شيئا من النور (فنسبة هذا العبد) المتحقق بالحق (أقرب إلى وجود الحق) لغلبة نوره على ظله فيه .
(من نسبة غيره من العبيد) الذين ظلمة الظل فيهم غالبة على النور، وإن كانت ظلالهم لا تخلو عن نور العبادة،  
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. .)
المعرفة ذو درجات
قال رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء : فعالم وأعلم ) تفاضل الأنوار في قوابلها الشفّافة ، حسب تفاوت تلك القوابل في الصفاء وقبولها وإظهارها لما يفيض عليها من أشعّة تلك الأنوار ( فالحقّ بالنسبة إلى ظلّ خاصّ صغير وكبير ، وصاف وأصفى كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلوّن بلونه ، وفي نفس الأمر لا لون له ، ولكن هكذا تراه) على صيغة المجهول من الإراءة  . " الرؤية ".
قال رضي الله عنه : ( ضرب مثال لحقيقتك بربّك ) أي تعلم الزجاج المذكور ضرب مثال لحقيقتك مع ربّك - فيكون نصب « ضرب » على أنّه مفعول ثاني لـ « تراه » ، ويجوز أن يكون نصبا على المصدر ، والباء في « بربّك » بمعنى " مع " .
قال رضي الله عنه : ( فإن قلت : « إنّ النور أخضر » - لخضرة الزجاج - صدقت ) بما أدركت منه ( وشاهدك الحسّ وإن قلت : « إنّه ليس بأخضر ولا ذي لون » كما أعطاه لك الدليل ، صدقت ، وشاهدك النظر العقليّ الصحيح ) فأنت في إضافة الألوان إلى النور وتنزيهها عنه صادق .
وذلك لأنّ ظلّ الزجاج المتلوّن هو المشار إليه بقوله : ( فهذا نور ممتدّ عن ظلّ ، وهو عين الزجاج ) بما بيّن آنفا أنّ ذات الظلّ إنّما هو الشخص ( فهو ظلّ نوريّ لصفائه) أي صفاء ذاته ، وهو شخص الزجاج .

قال رضي الله عنه : ( كذلك المتحقّق منّا بالحقّ تظهر ) لصفائه ( صورة الحقّ فيه أكثر مما يظهر في غيره ، فمنّا من يكون الحقّ سمعه وبصره وجميع قواه وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحقّ ) كما سمعت غير مرّة في حديث قرب النوافل .
( ومع هذا عين الظلّ موجود ، فإنّ الضمير من سمعه ) في قوله : « كنت سمعه » ( يعود عليه ، وغيره من العبيد ليس كذلك ، فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحقّ من نسبة غيره من العبيد ) .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد.)
قال رضي الله عنه : ( وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر )
قال رضي الله عنه : (وفي هذا) الفرقان والعلم (يتفاضل العلماء فعالم) يعلم بعض هذه الأمور كمن شهد كثرة التعينات والتقيدات فقط فهو المحجوب عن الحق المشاهد للعالم والخلق و كمن شهد الوجود الأحدي المتجلى في هذه الصور فهو صاحب حال في مقام الفناء والجمع.
قال رضي الله عنه : (وأعلم منه) بعلم كلها وهو من شهد الحق في الخلق والخلق في الحق فهو كامل الشهود في مقام البقاء بعد الفناء و الفرق بعد الجمع وهو مقام الاستقامة ، وما ظهر أن نسبة العالم إلى الحق سبحانه نسبة الظل إلى الشخص فكان العالم بأجزانه ظلا لا للحق سبحانه بأسمائه (فالحق بالنسبة إلى ظل خاص) هو بعض أجزاء العالم (صغير) لظهوره فيه ببعض من أسمائه لبروز ذلك البعض قابلية ظهور الأسماء كلها ما عدا الإنسان الكامل، وبالنسبة إلى ظل خاص آخر من أجزاء العالم له قابلية ظهور الأسماء كلها.
(وكبير و) كذلك الحق سبحانه بالنسبة إلى بعض الظلال (صاف) كظهوره في عالم الآخرة بصور النفوس المجردة ظهورا نورية (و) بالنسبة إلى بعضها (أصفی) ظهوره بصور العقول المجردة .
فإن الصفاء له مراتب بحسب قلة الوسائط وكثرتها. (كالنور بالنسبة إلى حجابه)، أي ما يحجب طرفه نوريته من الألوان والأشكال الزجاجية (عن الناظر في في الزجاج) .  
فقوله رضي الله عنه  : صغير وكبير إما مجرور صفة تظل خاص و خبر المبتدأ قوله : كالنور، وما مرفوع على الخبرية .
وقوله رضي الله عنه  : كالنور خبر محذوف أو صفة محذوفة (فإنه يتلون)، أي النور (بلونه) ، أي لون الزجاج.

قال رضي الله عنه : ( لا لون له. ولكن هكذا تراه. ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي  لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح. فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.)
قال رضي الله عنه : (وفي نفس الأمر لا لون له ولكن هكذا) متلونا بألوان الزجاجات (تراه) على البناء تنمفعول، أي تظنه وتعلمه .
وقوله رضي الله عنه : (ضرب مثال لحقيقتك بربك)، أي ضرب الزجاج مع النور ضرب مثال لحقيقتك مع ربك فشونه : ضرب مثالا منصوب على المصدرية. ويجوز أن يكون منصوب على الحالية مزولا باسم الفاعل، أي ضارب مثال، أو على المفعولية بأن يكون مفعولا ثانيا بقوله : تراه ، أي بعلمه ضرب مثال، أو على أن يكون مفعولا له .
لقوله : تراه ، أي أرنا الحق لضرب المثال، يجوز رفعه على أن يكون خبر مبتدأ محذوف وجعل الضرب مع كونه مستعملا مع المثال بمعنى النوع صرف من الظاهر.
(فإن رأيته قلت) : إذا رأيت النور ملونا بلونه الأخضر (إن النور أخضر كخضرة الزجاج صدقت وشاهدك) على صدق ما قلت (الحس) فإنه هكذا يظهر في الحس البصري .
قال رضي الله عنه : (وإن قلت) : إن النور (ليس بأخضر ولا ذي لون) مطلقا (لما أعطاه)، أي لأجل علم أو حكم أعطاه لك الدليل العقلي (صدقت وشاهدك) على صدق ما قلت (النظر العقلي الصحيح) .
فإن النور من حيث صرافة إطلاقه لا لون له (فهذا النور المحكوم عليه بأنه أخضر وليس بأخضر بالاعتبارین.
قال رضي الله عنه : (نور ممتد عن ظل هو)، أي هذا الظل (عين الزجاج) وإنما جعل الزجاج ظلا لأنه من أجزاء العالم الذي هو ظل تلحق سبحانه (فهو)، أي الزجاج (ظل)، أي نلحق لأنه من أجزاء العالم .
قال رضي الله عنه : (نورې لصفائه) بحيث لا يحجب النور أو النور الممتد من الزجاج ظل له لامتداده عنه أو ظل للنور المطلق نوري لصفائه بالنسبة إلى الأجسام الكثيفة المظلمة.
وعلى هذا القياس الموجود المتعين المتقيد بأحكام الأعيان الثابتة هو نور ممتد عن ظل هو عين الأعيان الثابتة.
فإنه متفيد بحسب أحكامها فهو أي الظل الذي هو عين الأعيان الثابتة أو الوجود المتقيد بحسب أحكامه ظل نوري.
أما كون الأعيان طلا فظاهر لكونها ظلا للشؤون الإلهية في الحضرة العلمية ، وأما كون الوجود المقيد ظلا فلكونه ممتد إما عن الأعيان أو عن الوجود المطلق .

قال رضي الله عنه : ( كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق. مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد.)
قال رضي الله عنه :  (كذلك) أي كمثل الزجاج الذي هو ظل نوري لا يحجب النور وأوصافه (المتحقق منا)، أي من بني نوعنا (بالحق).
فلأن المتحقق منا أيضا ظل نوري (يظهر صورة الحق)، أي أسماؤه وصفاته (فيه) ظهور (أكثر مما يظهر في غيره) ممن لا تحقق له بالحق.
أي من ظهوره في غيره لتكون ما مصدرية أو تظهر صورة الحق، أي أسماؤه فيه أكثر من أسماء أو الأسماء التي تظهر في غيره فتكون ما موصوفية أو موصولة (فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه) الروحانية وجوارحه الجسمانية (بعلامات) دالة على كون الحق عين بصر العبد و سمعه وجميع قواه وجوارحه (فقد أعطاه الشرع).
وفي بعض النسخ الشارع، أي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الشارع الذي يخبر عن الحق في الحديث القدسي الوارد في قرب النوافل .

""أضاف المحقق : يشير الشيخ إلى حديث البخاري (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش به ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا في عمله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته.) ""
ولما ذكر أن الحق سبحانه سمع العبد المتحقق بالحق وبصره وجميع قواه وجوارحه كان محال أن يتوهم أنه فاني معدوم بالكلية .
فإنه ليس إلا أحدية جمع تلك القوى والجوارح، فإن كانت تلك القرى والجوارح عین الحق فلم يبق من العبد شيء.
دفعه بقوله رضي الله عنه : (ومع هذا) الذي ذكرنا من كون الحق سمعه وبصره وجميع قواه وجوارحه (عين الظل) الذي هو العبد المتحقق بالحق (موجود فإن الضمير) في قوله : (من سمعه ) وبصره (يعود عليه) فلم يكن له تعين وتميز في الوجود كيف يعود عليه الضمير.
(وغيره)، أي غير من يكون متحققا بالحق (من العبيد )، أي بحيث تظهر صورة الحق فيه أكثر ما تظهر في غيره .
و بصره وسائر قواه (أقرب عنده إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد) الذين لم يصلوا إلى هذا المقام.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:50 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 19:29 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثانية عشر الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال. فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، والمدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز. فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟ فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر. فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. "

قال رضي الله عنه : (وإذا كان الأمر) الإلهي في نفسه (على) حسب (ما قررناه) لك (فاعلم) يا أيها السالك (أنك) في الدنيا والآخرة (خیال) لا حقيقة وجود لك بل لك مجاز الوجود كما تقرر فيما مر.
(وجميع ما تدركه) من المحسوسات والمعقولات (مما تقول فيه) بلسانك أو بقلبك (ليس أنا) لأنك تراه غيرك (خیال) أيضا مثلك (فالوجود) المحسوس والمعقول على اختلاف أنواعه في الدنيا والآخرة (كله خیال) ظاهر (في) حس وعقل (خیال) ذلك الحس والعقل أيضا.
قال رضي الله عنه : (والوجود الحق تعالی) الحقيقي (إنما هو الله) تعالی (خاصة من حيث ذاته) سبحانه (وعينه) الأزلية القديمة الأبدية المطلقة عن جميع القيود، المنزهة عن مشابهة كل شيء محدود .
(لا من حيث أسماؤه) سبحانه .
قال رضي الله عنه : (لأن أسماءه) تعالی (لها مدلولان)، أي جهتان تدل عليهما:-
(المدلول الواحد) أسماؤه تعالى (عينه)، أي ذاته لا زائد عليها أصلا (وهو) كون الاسم (عين المسمى .)
(والمدلول الآخر) أسماؤه تعالى هي (ما تدل عليه مما)، أي من الأمر الذي (ينفصل) هذا (الاسم) الإلهي (به عن هذا الاسم الآخر ويتميز) به اسم عن اسم .
وهو خصوص التعين الإلهي بأعيان الممكنات العدمية في الأزل مما يرجع إليه تعالی عندنا كونه مصدر جميع الكائنات، وهذا معنى قولهم إن الصفات الإلهية ليست عين الذات ولا غيرها فإنهما نقیضان يلزم من ارتفاعهما ثبوتهما، فهي عين الذات باعتبار وغيرها باعتبار آخر.
قال رضي الله عنه : (فأين) الاسم (الغفور) للذنوب ودلالته على معنى العفو والمسامحة (من) الاسم (الظاهر) في كل شيء ودلالته على معنى الظهور والتجلي والانكشاف (و) أين الاسم (الظاهر من) الاسم (الباطن) لبعده عن مشابهة كل شيء ودلالته على معنى الخفاء والغيبة عن علم كل شيء به مطلقا .
(وأين) الاسم الأول من حيث سبقه على كل شيء ودلالته على القدم والأزلية (من) الاسم (الآخر) من حيث دوامه واستمراره على ما هو عليه بعد فناء كل شيء واضمحلاله له ودلالته على البقاء والأبدية (فقد بان)، أي ظهر (لك) من هذا التقرير (بما)، أي بأي اعتبار (هو).
أي ذلك الاعتبار كل اسم من الأسماء الإلهية (عين الاسم الآخر)، أي بأي اعتبار (وبما هو)، أي كل اسم إلهي (غير الاسم الآخر) ثم بين هذا الأمر بقوله .
قال رضي الله عنه : (فبما)، أي فـ بالاعتبار الذي (هو)، أي كل اسم إلهي (عينه)، أي عين الاسم الآخر (هو)، أي كل اسم إلهي عين (الحق) سبحانه الوجود المطلق القديم (وبما)، أي باعتبار الذي (هو)، أي كل اسم إلهي (غيره)، أي غير الاسم الآخر (هو)، أي كل اسم (الحق المتخيل) بصيغة اسم المفعول، أي (الذي) هو ظاهر بصور أعيان الممكنات العلمية الذي يتخيله العارف به في كل ما يراه حسة أو عقلا الذي .
قال رضي الله عنه : (كنا) فيما سبق من الكلام (بصدده)، أي بصدد بیانه (فسبحان) تنزیه له تعالى من الشيخ قدس سره (من) هو الحق تعالى الذي (لم يكن)، أي يوجد (عليه دلیل سوى نفسه)، فإنه عين كل دلیل حسي أو عقلي أو شرعي، لأنه الظاهر بصورة ذلك من حيث إن ذلك ممكن عدمي بالعدم الأصلي (ولا ثبت كونه)، أي وجوده عند أحد (إلا بعينه)، أي بعين وجوده الظاهر بأعيان الممكنات العدمية .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
وقال رضي الله عنه : (وإذا كان الأمر على ما قررناه) من أن العالم ما له وجود حقيقي والموجود الحقيقي هو الحق .
وقال رضي الله عنه : (فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا) إلا (خیال فالوجود) الظلي (كله خيال في خيال) الخيال الثاني المخاطب أي أنت و قوی مدركك خیال وجميع ما تدركه من العالم كله خيال فيك فليس العالم إلا الوجود المنخيل.
وقال رضي الله عنه : (والوجود الحق) الثابت لذاته (إنما هو الله خاصة من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسمائه) فوجوده تعالی عین ذاته من حيث ذاته وغير ذاته من حيث أسمائه .
(لأن أسماءه لها مدلولان) أي لأن مدلول الأسماء مركب من جز این الذات والصفة (المدلول الواحد منه) أي ذات عين الحق  .
وقال رضي الله عنه : (وهو) أي الاسم (عين المسمى) وهو ذات الحق فالوجود بهذا الاعتبار هو الله خاصة وكل واحد من الأسماء بهذا الاعتبار عين الآخر (والمدلول الأخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به ) الدال (به عن هذا الاسم الآخر فيتميز فاین الغفور من الظاهر ومن الباطن وأين الأول من الآخر) فبهذا الاعتبار جميع الأسماء مع مظاهرها كلها ظلال الذات الإلهية.
وقال رضي الله عنه : (فقد بان) أي فقد ظهر (لك بما هو كل اسم عین الاسم الآخر) وهو باعتبار اشتمال كل واحد منها على ذات الحق تعالی وبهذا الإعتبار ليست الأسماء ظلالا لذات الحق (وبما هو غير الاسم الآخر) وهر باعتبار اشتمال كل واحد منها على الصفة المتميزة بها الاسم عن الآخر لما في قوله بما هو كل اسم وفي قوله وبما هو غير الاسم .
(فبما) أي فـ بسبب الذي (هو) أي الاسم (عينه) أي عین الحق أو عين الاسم الآخر (هو) أي الاسم (الحق وبما) أي وبسبب الذي (هو) أي الاسم (غيره) أي غير الحق أو غير الاسم الآخره (هو) أي الاسم (الحق المتخيل الذي كنا بصدده) وهو ظل الله (فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه) لأن العالم كله بحسب الأحدية نفسه .


(ولا يثبت كونه) أي وجود الحق وهو الله خاصة (إلا بعينه) وذاته فإن ما يثبت به المدلول ولا موجود بالوجود الحقيقي إلا هو فلا دليل عليه إلا هر فإذا كان لا يثبت وجود الحق إلا بنفسه .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.  فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز. فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟ فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.  فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده. فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. "

قلت: إن الذي تقدم من الكلام ما يقتضي أن العالم متوهم بل متحقق، لأنه جعله ثابتا قبل الوجود ومتحققا بعد الوجود، فكيف مع هذين الوصفين يكون متوهما.
قوله: والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماؤه لها مدلولان : المدلول الواحد عينه وهو عين المسمی، والمدلول الآخر ما ينفصل به عن اسم آخر إما ضد أو غير، وكل هذا غير متحقق لأنه سماه هنا أعني العالم الحق المتخيل.
وقوله في آخر الحكمة: و أعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره فهو هويتنا لا هويتنا فيه.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
قال رضي الله عنه : (وإذا عرفت ما قرّرناه ، فاعلم : أنّك خيال ) . وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال.
يعني : من حيث تصوّرك وحجابيّتك وصنميّتك الطاغوتية على ما في وهمك منك وزعمك ، لا على ما أنت عليه عند الحق والمحقّقين .
قال رضي الله عنه : ( وجميع ما تدركه ممّا تقول فيه " سوى " كلَّه خيال في خيال ) .
يعني رضي الله عنه : أنّك ما تدرك على ما تعوّدت وعرفت في زعمك إلَّا غير الحق وهو خيال ، فإنّه ما ثمّ إلَّا الحق ، فالذي يجزم أنّه الموجود خيال ، والذي توهّمت أنّك وجود غير الحق ، مستقلّ في الوجود ، فاعل مختار خيال في خيال ، وكل ما تقول وتفعل خيال .
والوجه الآخر الأعلى هو أنّ الوجود الحق  كما علمت إن شاء الله - مجلى ومرآة لظهور صور الأعيان الثابتة ، والظاهر في المرآة مثال وهو خيال بلا شكّ .
إذ لا حقيقة له خارج المرآة ولا وجود له في عينه ، فهو مخيّل ممثّل أو نسبة ، لا وجود له في عينه ، ولكن من حيث الأمر الظاهر فيه المتمثّل المتخيّل ، له وجود محقّق ، فإنّ الخيال صورة
محسوسة في مخيّلة كل متخيّل وحسّه المشترك .
فإن اعتبرناه صورة خيالية فقطَّ ، فلا وجود له خارج الخيال ، وإن اعتبرنا الأمر الذي تصوّر وتشكَّل فيه متخيّلا أو متمثّلا من روح أو معنى أو حقيقة أو اسم ، فهو محقّق ، فتحقّق ذلك ولا تغفل .
قال رضي الله عنه : ( والوجود الحق إنّما هو الله خاصّة من حيث ذاته وعينه فكلّ من الظاهر والمظهر على الشهودين خيال ، فما في الوجود خيال في خيال .).
قال رضي الله عنه : ( لا من حيث أسمائه ، لأنّ أسماءه لها مدلولان : المدلول الواحد عينه وهو عين المسمّى ، والمدلول الآخر ما يدلّ عليه ممّا ينفصل به الاسم عن هذا الاسم الأخير ويتميّز ، فأين " الغفور " من " الظاهر "و "الظاهر " من " الباطن " ؟ وأين " الأوّل " من " الآخر " ؟ فقد بان لك بما هو كلّ اسم عين الاسم الآخر ، وبما هو غيره ، فبما هو عينه هو الحق ، وبما هو غيره هو الحق المتخيّل الذي كنّا بصدده) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّه لا موجود في الحقيقة إلَّا الحق ، والمتحقّق معنى آخر غيره هو الحق المتخيّل الذي نسمّيه " سوى " و " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ الله بِها من سُلْطانٍ " وإن هي إلَّا نقوش وعلامات .
قال رضي الله عنه : (  فسبحان من لم يكن عليه دليل إلَّا نفسه  ولا يثبت كونه إلَّا بعيّنه)
أنّ الواقف من الناظرين في العالم مع الكثرة إنّما يقف مع تعقّلات يتعقّلها في هذا النور الواحد الحقيقي الذي لا كثرة فيه على الحقيقة .
بل من حيث التعقّل ، فليس واقفا إلَّا مع أسماء وضعها على هذا النور الواحد ، بحسب تعقّلات يتعقّلها أسماء ، فيتعقّل من الظهور بعد البطون بالنسبة إليه تجدّدا وتغيّرا وحدوثا .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الأمر على ما قررناه ، فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال ، فالوجود كله خيال في خيال ) .
أي ما قررناه من أن الوجود الإضافي المسمى بالظل ليس إلا نسبة الوجود الحق إلى العين المتجلى هو فيها ، فإنك على ما تخيلت وتوهمت من نفسك أنك موجود قائم بنفسه خيال باطل ، وكذا جميع ما تدركه مما سواك مما هو غير الحق ، فالوجود الإضافي الذي تدركه وتتصور أنه وجود مستقل خيال في خيال ، لأنك خيال ، والذي توهمته وتخيلته فيك مما سوى الحق خيال في خيال.
قال رضي الله عنه : ( والوجود الحق إنما هو الله الحق خاصة ) أي وما هو إلا الله وحده لا غير .
"" إضافة بالي زادة :  ( فهو ) أي النور المتلون ( ظل نوري لصفائه ) أي الزجاج فبقي أصل النور على حاله منزها عن التلون ، فكما أن النور تختلف عليه الأحكام بحسب ظروفه ( كذلك المتحقق منا ) اه ( ومع هذا ) أي مع كون الحق جميع قرى هذا العبد ( عين الظل ) وهو العبد ( موجود ) لا فان في الحق اه بالى .
( على ما قررناه ) من أن العالم ما له وجود حقيقي والموجود الحقيقي هو الحق ( فاعلم أنك ) اه ( كله خيال في خيال ) الخيال الثاني المخاطب أي أنت وقوى مدركك خيال ، وجميع ما تدركه من العالم كله خيال فيك وقواك ، فليس للعالم إلا الوجود المتخيل ( والوجود الحق ) الثابت لذاته ( إنما هو الله خاصة ) اهـ""

قال رضي الله عنه : ( من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسماؤه ، لأن الأسماء لها مدلولان ، المدلول الواحد عينه وهو عين المسمى ، والمدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به عن هذا الاسم الآخر ويتميز ) وهو معنى الصفة ، وقد علمت أن الصفات إما سلبية وإما نسب وإضافات وإما اعتبارات محضة إضافية وإما تعينات فالوجود الحق مرآة ومجلى لصور الأعيان والظاهر في المرآة خيال ، إذ لا حقيقة له خارج المرآة ولا وجود له في نفسه ، وهو مثال مخيل.
( فأين الغفور من الظاهر والباطن ، وأين الأول من الآخر ) أمثلة لما تتفصل به الأسماء بعضها من بعض ، وتتميز به من معاني الصفات .
قال رضي الله عنه : ( فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر ، وبما هو غير الاسم الآخر ، فبما به هو عينه هو الحق ، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده ) الحق المتخيل هو المسمى سوى الحق وظله والوجود الإضافي ، فإن أصله حقيقة الحق مع نسبة وإضافة أو تعين وتقيد ، وليس معنى الخيال المتخيل لأنه لا حقيقة له بوجه من الوجوه كما توهم بعض العوام .
بل معناه أنه لا وجود له في عينه كما تقول في الأعيان الثابتة ، ولكن من حيث أنه متمثل في خيال وحس مشترك له تحقق ووجود خيالي ، كما المعلومات في العلم والعقل .
وأما خارج الخيال فلا ، فهو من الظلال كما في المعقولات والأعيان المعلومة ، فمن حيث أن له وجود الحق ، ومن حيث أنه معدوم في الخارج متخيل ، وكذا المعلومات والمعقولات وكلها تحت اسمه الباطن .
ومن هنا قيل : الحق المتخيل المسمى بالسوى ، ما هي إلا نقوش وعلامات دالة على من هي فيه ومنه وبه وله ، لقوله : " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ الله بِها من سُلْطانٍ ".

"" إضافة بالي زادة :  ( وأين الأول من الآخر ) فبهذا الاعتبار جميع الأسماء مع مظاهرها كلها ظلال الذات الإلهية اهـ بالى .
( بما هو كل اسم عين الاسم الآخر ) وهو باعتبار اشتمال كل واحد منها على ذات الحق ، وبهذا الاعتبار ليست الأسماء ظلالا لذات الحق ( وبما هو غير الاسم الآخر ) وهو باعتبار اشتمال كل واحد منها على الصفة المتميزة بها عن الاسم الآخر ( فيما ) أي فبسبب الذي ( هو ) أي الاسم ( عينه ) أي عين الاسم الآخر ( هو ) أي الاسم ( الحق ، وبما هو غيره ) أي غير الاسم الآخر ( هو ) أي الاسم ( الحق المتخيل الذي كنا بصدده ) وهو ظل الله اهـ بالي زادة ""

( فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا يثبت كونه إلا بعينه ) لأن غير الوجود الحق الظاهر ( والباطن عدم محض ) فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية ، وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه ، فاعلم أنك خيال ، وجميع ما تدركه مما تقول فيه سوى ، ) وفي بعض النسخ : ( ليس أنا ) . بفتح الهمزة . أي ، مما تجعله غيرك وتقول فيه : ليس أنا .
( خيال ، فالوجود ) أي ، الوجود الكوني . ( كله خيال في خيال ) لأن الوجود الإضافي والأعيان كلها ظلال للوجود الإلهي .

قال رضي الله عنه : ( والوجود الحق ) أي ، الوجود المتحقق الثابت في ذاته . ( إنما هو الله خاصة من حيث ذاته وعينه ، لا من حيث أسمائه ) . كما مر بيانه في المقدمات من أن الوجود من حيث هو هو ، هو الله ، والوجود الذهني والخارجي والأسمائي ،الذي هو وجود الأعيان الثابتة ،ظلاله .
قال رضي الله عنه : ( لأن الأسماء لها مدلولان : ) أي ، بحسب الأجزاء ، إذ مدلول ( الاسم ) هو الذات مع صفة من الصفات . ( المدلول الواحد هو عينه ، وهو ) أي ، هذا المدلول هو ( عين المسمى ، والمدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر ، ويتميز .
فأين ( الغفور ) من ( الظاهر ) و ( الباطن ) ، وأين ( الأول ) من ( الآخر ) . فقد بان لك ما هو كل اسم عين الاسم الآخر ، وبما هو غير الاسم الآخر ) . والغرض ، أن الأسماء متحدة بحسب الذات الظاهرة فيها ، متكثرة ومتميزة بالصفات .

قال رضي الله عنه : ( فبما هو عينه ) أي ، عين الحق . ( هو الحق ، وبما هو غيره ) من الصفات ( هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده ) . يريد به الأسماء والأعيان ومظاهرها الموجودة في الخارج ، لأنها كلها ظلال الذات الإلهية ، والظل خيال .
فهي من حيث إنها عين الوجود الحق ، حق ظاهر في الصور المتخيلة - سواء كانت الصور علمية غيبية أو روحانية أو مثالية أو حسية ، فإنها كلها خيالات .
قال رضي الله عنه : ( فسبحان من لم يكن عليه دليل إلا نفسه ) . لأن الوجود الخارجي والأعيان الدالة عليه ، كلها بحسب الحقيقة عينه ، فهو الدليل على نفسه .
( ولا يثبت كونه ) أي ، وجوده . ( إلا بعينه ) . وذاته .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال. فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز. فأين الغفور  من القاهر ؟ وأين الظاهر من الباطن، وأين الأول من الآخر.؟ فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر. فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده. فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
(وإذا كان الأمر) أي: أمر الموجودات (علی ما قررناه) من كونه ظلا، وإن غلب على بعضها النور والظل لا وجود له حقيقي.
(فاعلم أنك خيال) أي: متخيل (وجميع ما تدركه) من كمالاتك النورانية (مما تقول فيه) ليس أنا، بل هي صفات الحق أو نوره أيضا.
(خیال) فإن النور الغالب على الظل ليس عين الحق لامتناع حلوله في الحوادث، (فالوجود كله) الذي يقال فيه: إنه نور الحق المنبسط على الموجودات (خیال) وكيف لا، وقد ظهر (في خيال) هو الظل (والوجود الحق).
أي: الثابت بكل حال سواء وجدت الخيالات أم لا، (هو الله خاصة) باعتبار (ذاته) وأسمائه باعتبار عینیتها (لا من حيث أسماؤه) باعتبار انتسابها إلينا.
وهذا (لأن الأسماء لها مدلولان المدلول الواحد) كل اسم (عينه) أي: عين كل اسم آخر.
(وهو) أي: الاسم بهذا الاعتبار، أي باعتبار عينيته لجميع الأسماء (عين المسمى) أي: الذات.
(والمدلول الآخر ما يدل عليه كل اسم بخصوصه (مما ينفصل به) ذلك (الاسم عن هذا الاسم الآخر في المفهوم، (ويتميز) في النسبة إلى ما في العالم، وهذا الانفصال والتميز ثابتان ثبوت الاتحاد لا كما يقوله نفاة الصفات.
(فأين الغفور من الظاهر والباطن)؛ فإنه يباينهما، وإن لم يقابلهما (وأين الأول من الآخر)، فإن بينهما تقابل التضاد، فإذا كان بين الأسماء اتحاد من وجه وتباين مع التقابل أو بدونه من وجه .
(فقد بان لك ) أمر الأسماء (بما هو كل اسم عين الاسم الآخر، وبما هو غير الاسم الآخر) فكونها نفس الوجود الحق أو المتخيل مبني على ذلك (فبما هو عينه) أي: بما يكون كل اسم عين الاسم الأخر (هو الحق) أي: الوجود الحقيقي.
لأنه بهذا الاعتبار عين المسمى الذي هو الله، وأن أخذنا فيه اعتبار الأسماء بوجه، لكن لم يعتبر فيه تميزها فيما بينها لم يكن لها تميز عن الله، الذي همه الوجود الحقيقي.
(وبما هو غيره هو الحق)، أي: الوجود (المتخيل) إذ بهذا الاعتبار تعنی الذات ويكون وجودها، كوجود سائر الموجودات، وهو المتخيل (الذي كنا بصورة).
فظهر الفرق بين العالم وبين الأسماء الإلهية، إذ كان لها الوجود الحق باعتبار، ولم يكن ذلك للعلم أصلا، وإذا لم يكن لأسمائه تعالى باعتبار تغایرها وجود حقيقي، لم تكن دالة على الوجود الحقيقي دلالة تامة.
(فسبحان من لم يكن عليه دلیل) تام (سوى تعينه) إذ الدال على وجوده الذي هو عينه؛ وذلك لأنه (لا يثبت كونه) أي: تحققه (إلا بعينه) أي: بالوجود الذي هو عينه، بل هو الدال على الماهيات المختفية في كم العدم دلالة نور الشمس على الموجودات المختفية في الظلمة المتعارفة.
وهذه الدلالة باعتبار أحدية الظل التي دل عليها أحدية الذات التي لها الوجود الحقيقي من حيث هي أحدية،

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:47 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 14 يونيو 2019 - 15:03 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
الوجود الحق هو الله تعالى والباقي خيال في خيال
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الأمر على ما قرّرناه : فاعلم أنّك خيال ، وجميع ما تدركه مما تقول فيه : «ليس أنا» خيال )  من القوى العقليّة ودلائلها النظريّة  (فالوجود كلَّه ) - سواء أدركته بأوصافك الوجوديّة أو بسلبها عنه من الأوصاف التنزيهيّة ( خيال في خيال ) باعتبار أنّه في قوّتك الإدراكيّة الحاكمة عليه بأنّه ليس بخيال.
(والوجود الحقّ إنّما هو الله خاصّة ، من حيث ذاته وعينه ، لا من حيث أسمائه ، لأنّ أسماءه لها مدلولان : المدلول الواحد عينه ، وهو عين المسمّى ) أي المدلول الأوّل عين المسمّى.
قال رضي الله عنه : ( والمدلول الآخر ما يدلّ عليه مما ينفصل الاسم به عن الاسم الآخر ويتميّز فأين «الغفور» من « الظاهر » ومن « الباطن » ، وأين « الأول » من « الآخر» ) .

نسبة كل اسم مع الحق ومع الأسماء الاخر
قال رضي الله عنه : (فقد بان لك بما هو كلّ اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر ، فبما هو عينه هو الحقّ ) أي بان لك بما هو عينه من الأسماء أنّه الحقّ ( وبما هو غيره هو الحقّ المتخيّل).
أي بان لك بما هو غيره أنّه المتخيّل ، أي الوجود الظلي الذي أثبت أنّه الحقّ ، باعتبار جمعيّته وأحديّته الظلَّية ، التي هي ذات الوحدة الحقيقيّة ، لا غيرها ، وهو بصدد إثبات ذلك في هذه المقدّمات ، ولذلك قال : ( الذي كنّا بصدده ) .

قال رضي الله عنه : (فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ) لأنّ الظلّ الذي هو الدليل قد ثبت أنّه قائم بالشخص الذي هو نفسه ، والأسماء التي هي دليل كونه هي عينه فلذلك قال : ( ولا ثبت كونه إلَّا بعينه).

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. )
قال رضي الله عنه : (غيره من العبيد.  وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال. فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز. فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟ فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.)
(وإذا كان الأمر على ما قررناه) من أن نسبة العالم إلى الحق كنسبة الظل إلى الشخص وليس لنظل وجود حقيقي بل وجوده إنما هو بالشخص .
(فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا). هكذا في النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه .
وفي بعض النسخ مما يقول فيه سوی (خیال فالوجود كله خيال)، أي الموجودات الممكنة كلها خيال وهو مدركاتك (في خيال) وهو أنت، فإن المدركات مرتسمة لا محالة في المدرك.
(والوجود الحق) الثابت المتحقق في نفسه المثبت المتحقق لغيره (إنما هو الحق خاصة) لكن (من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسمائه) إذا أحدث اسما من حيث أنها أسماؤه لا من حيث أنها ذاته وعينه (لأن أسماءه لها مدلولان) تضمنيان. (المدلول الواحد عينه)، أي عين الحق وذاته (وهو)، أي هذا المدلول (عين المسمى والمدلول الآخر ما يدل عليه)، أي صفة تدل تلك الأسماء عليها .
(مما ينفصل الاسم) الواحد (به عن هذا الاسم الآخر ويتميز) به عنه (فأين) الاسم (الغفور من) الاسم (القاهر وأين الظاهر) الاسم الظاهر (من الباطن وأين) الاسم (الأول من) الاسم (الآخر فقد بان لك) أنه (بما هو كل اسم) عين الاسم الأخر يعني بأي شيء كل أسم (عين الاسم الآخر) وهو عين المسمى وذاته .
(وبما هو غير الاسم الأخر)، يعني وبأي شيء كل اسم غير الاسم الآخر وهو الصفة التي بها يتميز كل اسم عن سائر الأسماء .
(فبما هو عينه)، أي فكل اسم اعتبر بوجه (هو)، أي ذلك الاسم بذلك الوجه عينه، أي عين الاسم الآخر هو (الحق) المحقق حقيقة (وبما هو غيره) .
أي بوجه ذلك الاسم غير الاسم الآخر (هو الحق المتخيل) حقيقة (الذي كنا بصدده)، لأن الأسماء والذوات كلها ظلالي للذات الإلهية والظلالات خیالات ولها على أشخاصها دلالات وهي عينها باعتبار الحقيقة وإن كان غيرها باعتبار التعين
قال رضي الله عنه : ( فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه.  )
(فسبحان من لم يكن)، أي لم يوجد (عليه دليل سوى نفسه) بحسب الحقيقة وإن كان من غيره بحسب التعين (ولا ثبت كونه)، أي وجوده (إلا بعينه)، أي بذاته .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:52 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 14 يونيو 2019 - 15:08 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : " فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم. ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين. وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها. «قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك. فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا. فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض. وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا. وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت."

قال رضي الله عنه : (فما في) هذا (الكون) ، أى الوجود المجازي الحادث (إلا ما دلت عليه) صفة (الأحدية) الإلهية من حيث ظهور هذا الوجود المطلق القديم بكل ممكن عدمي، فهو هو في عين كل ممكن لم يتغير ولم يتبدل عما هو عليه في نفسه من إطلاقه.
قال رضي الله عنه : (وما في الخيال) الذي هو أعيان الممكنات العدمية بالعدم الأصلي الظاهرة بظهور الوجود الواحد المطلق القديم (إلا ما دلت عليه الكثرة) الحسية والعقلية (فمن وقف من الناس (مع الكثرة) الخيالية الظاهرة في الحس والعقل (كان) واقفا (مع العالم) بفتح اللام المسمى غير الحق تعالى (ومع الأسماء الإلهية) من وجه كونها غير الحق تعالى (و) مع (أسماء العالم) بفتح اللام فهو محجوب عن الحق تعالی بوقوفه ذلك .
قال رضي الله عنه : (ومن وقف مع) صفة الذات (الأحدية) الإلهية الظاهرة في كل شيء من غير أن يغيرها شيء مطلقا عما هي عليه في نفسها (كان) واقفة (مع الحق) تعالى (من حيث ذاته) سبحانه (الغنية عن العالمين) بحكم قوله تعالى :" إن الله لغني عن العالمين" العنكبوت : 6] .  وقوله سبحانه :" ليس كمثله شيء" [الشورى : 11].
قال رضي الله عنه : (وإذا كانت) تلك الذات الإلهية (غنية عن العالمين فهو)، أي ذلك الغني (عين غنائها عن نسبة الأسماء) الإلهية (إليها) من وجه كون الأسماء غيرها كما مر (لأن الأسماء) الإلهية (لها)، أي لتلك الذات (كما تدل عليها ) من حيث أسماؤها بوجه كونها غيرها، لأن الدال غير المدلول .
قال رضي الله عنه : (تدل) أيضا (على مسميات أخر) هي حضرات تلك الذات وتعيناتها المعروفة عند العارف .
قال رضي الله عنه : (يحقق ذلك)، أي يثبته على طبق ما ورد به الشرع المحمدي وأتي به الكشف الذوقي للعارفين (أثرها)، أي أثر تلك الأسماء الإلهية من الأعيان الممكنة الظاهرة بنسبة الوجود إليها .
قال تعالى في سورة الإخلاص: ("قل") یا محمد "صلى الله عليه وسلم"  ("هو")، أي الشأن ("الله أحد")، أي موصوف بالأحدية (من حيث عينه)، أي ذاته (" الله الصمد")، أي المصمود إليه، يعني المقصود بالحوائج من كل شيء فهو صمد.
قال رضي الله عنه : (من حيث استنادنا) معشر الكائنات (إليه) سبحانه ("لم یلد")، أي لم يتولد منه شيء (من حيث هويته)، أي ذاته المطلقة الوجود، الخارجة عن أن تخاطبها الحدود.
قال رضي الله عنه : (و) من حيث (نحن) أيضا معشر الكائنات العدمية الظاهرة لنا في صورها الحسية والعقلية ("ولم يولد")، أي لم يتولد هو من شيء أصلا .
قال رضي الله عنه : (كذلك أيضا)، أي من حيث هويته ومن حينه نحن أيضا ("ولم يكن له ") سبحانه ("كفوا")، أي مكافئا يعني مماثلا ومشابها (" أحد") [الإخلاص] من المحسوسات والمعقولات .
(كذلك أيضا)، أي من حيث هويته وحيث نحن (فهذا) الشأن المذكور (نعته)، أي وصفه سبحانه (فأفرد) عز وجل (ذاته) الأزلية .
قال رضي الله عنه : (بقوله : " الله أحد" وظهرت الكثرة) من حيث هو ظاهر في كل شيء محسوس ومعقول ظهورا (بنعوته)، أي بسبب أوصافه أو أسمائه (المعلومة عندنا) مما دل عليها الشرع.
فنحن معشر الكائنات (نلد) أي يتولد منا غيرنا (ونولد) نحن من غيرنا ونحن نستند إليه سبحانه في وجودنا وفي جميع صفاتنا وأفعالنا وأحوالنا (ونحن أكفاء)، أي أمثال يشبه (بعضنا البعض وهذا الواحد) الأحد (منزه عن النعوت) كلها .
أي الأوصاف التي نحن موصوفون بها (فهو) سبحانه (غني) بالذات الأزلية (عنها)، أي عن هذه النعوت المذكورة (كما هو غني عنا معشر الكائنات (وما للحق نسب إلا هذه السورة المذكورة وهي (سورة الإخلاص) سميت بذلك لاشتمالها على خالص التوحيد، ولأن الإخلاص مشروط بالتحقق بمعانيها، ولأن الكشف عن أسرارها يوصل إلى مقام الإخلاص .
قال رضي الله عنه : (وفي ذلك)، أي في بيان نسب الحق تعالی نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له الكافرون:" انسب لنا ربك من أي شيء هو". رواه الترمذي و الحاكم في المستدرك  وغيرهما .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه :  (فما) أي فليس في الكون، أي في الوجود (إلا ما دلت عليه الأحدية) فكان الحق مدلول الأحدية وهي عين الحق إذ ما يدل على الواحد إلا الواحد ولا واحد إلا هو فلا دليل على نفسه إلا هو .
(ما) أي وليس (في الخيال إلا ما دامت عليه الكثرة) إذ الخيال متوهم لا موجود محقق وكذا الكثرة فما دل على الخيال إلا الخيال كما دل على الحق إلا الحق .
قال رضي الله عنه :  (فمن وقف) أي ثبت وقنع (مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم) . فكان محجوبا عن "حقيقة " وحدة الحق .
(ومن وقف مع الأحدية) الذاتية (كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين لا من حيث صورته) أي صفاته فكان محجوبا عن صفات الحق وكثرة أسمائه .
ومن وقف معهما نقد نال درجة الكمال .
(وإذا كانت) الذات الأحدية (غنية عن العالمين فهو) أي غناؤها عن العالمين (عين غنائها) أي غناء الذات (عن نسبة الأسماء إليها) أي إلى الذات الأحدية وإنما كان غناء الذات الأحدية عن العالمين عين غنائها عن نسبة الأسماء إليها .
قال رضي الله عنه :  (لأن الأسماء كلها لها) أي للذات (كما تدل عليها) أي على الذات (تدل على مسميات) أي مفهومات (آخر يحقق ذلك) المسمى (اثرها) أي أثر الأسماء أو أثر الذات الذي هو العالم وهو عين الأسماء من وجه.
فإذا استغنى الحق من حيث أحديته عن العالم فقد استغني عن نسبة الأسماء إليه من تلك الحيثية .
وقوله ذلك فاعل يحقق وأثرها مفعوله فكانت الذات الإلهية من حيث الأحدية الذاتية غنية عن الأسماء وغير غنية من حيث تحقق أثرها، إذ لا يتحقق أثر الذات إلا بالأسماء فكانت الأسماء من وجه عينه ومن وجه غيره .
فأحدية الله تعالى من حيث عينه لا من حيث أسمائه وصفاته ويدل على ذلك قوله تعالى: ("قل هو الله أحد " من حيث عينه "الله الصمد" من حيث استنادنا) أي استناد وجود العالم (إليه).
إذ الصمد هو المحتاج إليه لا يتحقق بدون المحتاج ("لم يلد" من حيث هويته و) من حيث هو قال رضي الله عنه :  (نحن) ولا يجوز أن يكون معناه ونحن نلد لئلا يلزم التكرار.
بقوله : فنحن نلد مع أن المراد بيان صفات الله خاصة فلا يناسب ذكر صفاتنا في خلالها ويدل عليه قوله فهذا نعته ("ولم يولد" كذلك) أي من حيث هويته ("ولم يكن له كفوا أحد" كذلك) أي من حيث هويته.
والمراد بيان سبب تنزيه الحق عن هذه الصفات الثلاث وهو من حيث الهوية الأزلية الدائمة فيوجب دوام سلبها .
فذاته تعالی دائمة وما تقتضيه من الصفات السلبية دائمة فلا يتوهم من قوله كذلك أنه إذا اعتبر خلاف ذلك جاز إثبات تلك الصفات له .
ويدل عليه قوله في النتيجة فنحن نلد ولم يقل فهو يلد فعلم أن المراد سلب هذه الصفات عن الحق من جميع الوجوه .
فما كان السبب لهذا السلب الكلي إلا كون الحق كذلك فلم يزل عنه كونه كذلك فلم يزل عن كونه كذلك فيمتنع إثباتها بوجه من الوجوه.
قال رضي الله عنه :  (فهذا) المذكور (نعنه نافرد ذاته بقوله الله أحد وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا) وهي صفاته المتكثرة كالعلم والحياة والقدرة .
(فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهي) أي هذا الواحد أنت الضمير باعتبار الذات .
قال رضي الله عنه :  (غني عنها) أي عن هذه النعوت (كما هو) أي هذا الواحد (غنی عنا وما) جاء (للحق نسب) إلهية في سورة نزلت في حقها .
(إلا هذه السورة سورة الإخلاص وفي ذلك) أي في حق التوصيف بتلك الأوصاف (نزلت) فظهر أن النسب بكسر النون وفتح السين جمع نسبة أنسب إلى المقام لا بفتح النون والسين الذي هو مصدر فظهر أن أحدية الحق على نوعين .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : " فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم. ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين. وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.  «قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك. فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا. فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض. وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا. وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت."
المعنى ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : ( فما في الكون إلَّا ما دلَّت عليه الأحدية ، وما في الخيال إلَّا ما دلَّت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة ، كان مع العالم أو مع الأسماء الإلهية وأسماء العالم .
ومن وقف مع الأحدية ، كان مع الحق من حيث ذاته الغنيّة عن العالمين ، لا من حيث صورته ، وإذا كانت غنية عن العالمين . فهو عين غناها عن نسبة الأسماء لها ، لأنّ الأسماء لها كما تدلّ عليها تدلّ على مسمّيات أخر يحقّق ذلك أثرها ).
يعني رضي الله عنه : أنّ الواقف من الناظرين في العالم مع الكثرة إنّما يقف مع تعقّلات يتعقّلها في هذا النور الواحد الحقيقي الذي لا كثرة فيه على الحقيقة .
بل من حيث التعقّل ، فليس واقفا إلَّا مع أسماء وضعها على هذا النور الواحد ، بحسب تعقّلات يتعقّلها أسماء ، فيتعقّل من الظهور بعد البطون بالنسبة إليه تجدّدا وتغيّرا وحدوثا .
فيقول : هذا متغيّر ، وكلّ متغيّر حادث ، فيتعقّل أنّ له محدثا ، ثم يتعقّل أنّ المحدث - اسم فاعل - يجب أن لا يكون حادثا ، ويتعقّل كثرة غير متناهية في الحادثات المتجدّدات ، فيضع بحسب ذلك لها أسماء ويضع لمحدثها أسماء يزعم أنّ فيها كمالات ، وفي أضدادها ونقائضها نقائص ، فهو هكذا دائما مع الأسماء .
والواقف مع أحدية العين يرى أنّ هذه الكثرة المتخيّلة والمتعقّلة إنّما هي في عين واحدة ، ليس لغيرها تحقّق في نفسه ، ويرى أنّ التجدّد والحدوث والظهور والبطون والكثرة والوحدة نسب متعقّلة ، ما لها تحقّق في أعيانها ، فهو مع الحق والواحد الأحد ، فافهم .
قال رضي الله عنه : (" قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ " من حيث عينه " الله الصَّمَدُ " ، من حيث إسنادنا إليه ، " لَمْ يَلِدْ " من حيث هويّته ونحن ، “ وَلَمْ يُولَدْ " كذلك ، " وَلَمْ يَكُنْ لَه ُ كُفُواً أَحَدٌ " كذلك ).
لأنّه محيط بالكلّ ، ولا غير له فما له كفو .
قال رضي الله عنه : (فهذا نعته ، فأفرد ذاته بقوله : “ الله أحد " وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا ، فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ، ونحن أكفاء بعضنا لبعض ، وهذا الواحد منزّه عن هذه النعوت ) .
يعني رضي الله عنه : أنّ الواحد الذي لا يكون معه غيره يتعالى ويتنزّه عمّا لا تقتضيه ذاته ، فإنّ مقتضى ذاته أن لا يكون إلَّا هو ولا يكون معه غيره أصلا ورأسا ، فانتفت عنه هذه النسب كلَّها .
لأنّها لا تعقل إلَّا في كثرة ، ونحن الكثيرون ، فصحّت نسبتها إلينا ، ولم تصحّ نسبتها إلى الواحد الأحديّ الذات الذي ليس إلَّا هو ، كان الله ولا شيء معه ، وهو الآن على ما عليه كان .
قال رضي الله عنه : (فهو غنيّ عنها أي عن هذه النسب ، كما هو غنيّ عنّا وما للحق نسب إلَّا هذه السورة سورة الإخلاص وفي ذلك نزلت) تتعقّل فيه كثرة نسبيّة ، لأنّ المسمّى بهذه الأسماء الكثيرة واحد ، والكثرة نسب تتعقّلها فيه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : (فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية ، وما في الخيال إلا ما دلت عليه فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم ) أي مع النفوس المتعددة في الوجود الواحد الحقيقي الذي لا كثرة فيه على الحقيقة بل بالحيثيات والاعتبارات العقلية فيسميها أسماء الحق ، وباعتبار الظل الممدود والمتخيل المذكور العالم .
"" إضافة بالي زادة :  ( فسبحان من ) لأن العالم كله بحسب الأحدية نفسه اه فكان الحق مدلول الأحدية وهي عين الحق ، إذ ما يدل على الواحد إلا الواحد ولا واحد إلا هو ، فلا دليل على نفسه إلا هو ( وما في الخيال إلا ) إذ الخيال متوهم وكذا الكثرة ، فما دل على الخيال إلا الخيال كما دل على الحق إلا الحق اهـ بالي زادة
( ومن وقف مع الحق ) فكان محجوبا عن صفاته وأسمائه تعالى ، ومن وقف معهما نال درجة الكمال اهـ بالى  زادة . ""

وباعتبار تجليات الواحد الحقيقي في صورة أسمائه كالتجلى باسم الظاهر بعد الباطن أسماء العالم كالحادث والمحدث والمتغير ، وينتقل منها إلى أسماء أخر يضعها الله كالمحدث والمغير والمدبر ، وهكذا إلى غير النهاية ، وكلها من قبيل الحق المتخيل.
قال رضي الله عنه : ( ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين ، لا من حيث ألوهيته وصورته ) لأنه لا يلتفت إلى الكثرة المتعللة لأنه يراها شؤون الذات ( وإذا كانت غنية عن العالمين فهو ) أي فغناه عن العالمين .
قال رضي الله عنه : ( عين غنائها عن نسبة الأسماء إليها لأن الأسماء لها ، كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها ) لأن كل اسم من أسمائه مقتض لنسبة أو مصدر لفعل وأثر فلا غناء له عن الغير في العقل أو في الخارج.
وقد بين ذلك في قوله : " قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ"  من حيث عينه " الله الصَّمَدُ " من حيث استنادنا إليه " لَمْ يَلِدْ " من حيث هويته ونحن " ولَمْ يُولَدْ " كذلك "ولَمْ يَكُنْ لَه كُفُواً أَحَدٌ " كذلك ) لأنه الكل من حيث الإحاطة فلا غير ولا سوى له فما له كفوا أحد.
"" إضافة بالي زادة :  قوله ( يحقق ذلك المسمى أثرها ) أي أثر الذات أو أثر الأسماء الذي هو العالم وهو عين الأسماء من وجه ، فإذا استغنى من حيث أحديته عن العالم فقد استغنى عن نسبة الأسماء إليه من تلك الحيثية ، وقوله ، ذلك فاعل يحقق ، وأثرها : مفعوله ، فكانت الذات الإلهية من حيث الأحدية الذاتية غنية عن الأسماء ، وغير غنية من حيث تحقق أثرها إذ لا يتحقق أثر الذات إلا بالأسماء ، فكانت الأسماء من وجه عينه ومن وجه غيره ، فأحديته تعالى من حيث عينه لا من حيث أسماؤه وصفاته ، يدل على ذلك قوله تعالى : " قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ " اهـ
إذ الصمد هو المحتاج إليه لا يتحقق بدون المحتاج " لَمْ يَلِدْ " من حيث هويته ونحن ) أي ومن حيث نحن ولا يجوز أن يكون معناه ونحن نلد للزوم التكرار ، بقوله : فنحن نلد ، مع أن المراد بيان صفاته تعالى ، فلا يناسب ذكر صفاته متماثلا لذلك بدل عينه قوله فهذا نعته اهـ
( بنعوته المعلومة عندنا ) كالعلم والحياة والقدرة اهـ
"(ولَمْ يَكُنْ لَه كُفُواً أَحَدٌ ) " كذلك ، أي من حيث هويته ، والمراد بيان تنزيه الحق من هذه الصفات الثلاثة وهو من حيث الهوية الأزلية الدائمة فيوجب دوام ما بها فذاته تعالى دائمة ، وما تقتضيه من الصفات السلبية دائمة ، فلا يتوهم من قوله كذلك أنه إذا اعتبر خلاف ذلك جاز إثبات تلك الصفة له ويدل عليه قوله في النتيجة فنحن نلد ولم يقل فهو يلد ، فعلم أن المراد سلب هذه الصفات عن الحق من جميع الوجوه ، فما كان السبب لهذا السلب الكلى إلا كون الحق كذلك ، فلم يزل عنه كونه كذلك ، فيمتنع إثباتها بوجه من الوجوه اهـ. بالي زادة""

قال رضي الله عنه : ( وهذا نعته ، فأفرد ذاته بقوله "الله أَحَدٌ " فظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا ، فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض ، وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت ، فهو غنى عنها كما هو غنى عنا ).
أي الأحدية نعته بحسب ذاته وسائر النعوت مقتضية الكثرة ، والواحد بالذات تعالى وتنزه عن الكثرة ، فهو منزه عن هذه النعوت فسلبت عنه لغناه عن الكثرة وما يتعلق به .
قال رضي الله عنه : ( وما للحق نسب إلا هذه السورة سورة الإخلاص ، وفي ذلك نزلت ) لأنها مختصة بسلب الكثرة وأحكامها ونعوتها عن ذاته فإن الأحدية نفى الكثرة وذلك معنى الإخلاص ، قال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه : وكمال الإخلاص له نفى الصفات عنه .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية ، وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة ) . أي ، فليس في الوجود إلا ما تدل عليه الأحدية . ودلالته عليه إظهاره إياه ، كما أن الدليل يظهر المدلول .
وليس في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة . وهي الكثرة الأسمائية التي تظهر الصور الخيالية التي للأكوان بها . فهي دليل على ما في الخيال الذي هو الوجود الإضافي من الصور المتكثرة ، كما أن أحدية الذات دليل على أحدية ذوات ما في الكون .

قال رضي الله عنه : ( فمن وقف مع الكثرة ، كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم).
لأن العالم والأسماء الإلهية هي التي لها التكثر . والمراد ب‍ ( أسماء العالم ) الأسماء التي
يلحقه بالصفات الكونية ، كالحادث والممكن وغيرهما ، كما أن المراد ب‍ ( الأسماء
الإلهية ) الأسماء التي تسمى الحق بها بالصفات الكمالية . ك‍ ( العليم ) و ( القادر ) .
قال رضي الله عنه : ( ومن وقف مع الأحدية ) أي ، الأحدية الذاتية . ( كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين ) . لا من حيث صورته أي ، صفاته ، فإنها متكثرة .
والوقوف مع الأحدية من شأن الموحدين المحجوبين عن الخلق ، وكونهم مظاهر الحق لاستهلاكهم فيه ، كما أن الوقوف مع العالم من شأن المحجوبين عن الحق ، لكونهم لا يشاهدون إلا الخلق .
والأعلى من هذين المقامين مقام الكمل المشاهدين للحق في كل من المظاهر ، ولو كان أحقر الأشياء . فيرون الحق مع الخلق والوحدة مع الكثرة ، وبالعكس .
قال رضي الله عنه : (وإذا كانت غنية عن العالمين ، فهو عين غناها عن نسبة الأسماء إليها ، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسمياة آخر تحقق ذلك أثرها ) أي ، وإذا كانت غنية عن العالمين.
فذلك الغنى عين غناها عن الأسماء أيضا ، لأن الأسماء من وجه غيرها ، وإن كان من وجه عينها ، لأنها كما تدل على الذات ، كذلك تدل على مفهومات يمتاز بعضها عن البعض بها . وتحقق ذلك المفهوم أثر تلك الأسماء ، وهو الأفعال الصادرة من مظاهرها .
فإن ( اللطيف ) بالعباد ليس ك‍ ( المنتقم القهار ) .
(" قل هو الله أحد ") من حيث عينه . ( الله الصمد ) من حيث استنادنا إليه)  في وجودنا وجميع صفاتها . ( "لم يلد " من هويته ونحن )  قوله : ( ونحن ) يجوز أن يكون معناه : ونحن نلد . و ( الواو ) للحال . ويجوز أن يكون للعطف .
ومعناه : لم يلد من حيث هويته وهوية عيننا . فإن الأعيان من حيث الهوية والذات عين هويته وذاته ، وإن كانت من حيث التعين غيرها . وأيضا الولد في الحقيقة مثل الوالد ، ولا مثل للحق ، إذ كل ما هو موجود ، متحقق به صادر منه ، معدوم عند قطع النظر عن الوجود الحق .
قال رضي الله عنه : ( " ولم يولد " . كذلك . " ولم يكن له كفوا أحد " . كذلك ) . أي ، ولم يولد من حيث هويته ، ولم يكن له كفوا أحد من حيث هويته . لأن ما سواه صادر منه ممكن لذاته ، وهو واجب بذاته فقط ، وأنى الكفاءة بين الممكن والواجب ؟
قال رضي الله عنه : (فهذا نعته . فأفرد ذاته بقوله : " قل هو الله أحد " ). وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا : فنحن نلد ونولد ، ونحن نستند إليه ، ونحن أكفاء بعضنا ببعض . وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت ، فهو غنى عنا ) . ظاهر .
قال رضي الله عنه : (وما للحق نسب إلا هذه السورة ، سورة "الإخلاص " ، وفي ذلك نزلت النسب ) . بفتح النون والسين ، مصدر ، كالنسبة . وجمعه : أنساب . والمراد به الوصف . ولا يتوهم أنه بكسر النون وفتح السين ، جمع ( نسبة ) .

إذ ( النسب ) الإلهية لا ينحصر فيما ذكر في هذه السورة . أي ، ليس للحق وصف جامع لبيان الأحدية والصفات الثبوتية والإضافية والسلبية في شئ من القرآن ، إلا هذه السورة .
لذلك تسمى سورة ( الإخلاص ) . لكونها خالصة لله .
قوله رضي الله عنه : ( وفي ذلك نزلت ) إشارة إلى أن الكفار قالوا للنبي ، صلى الله عليه وسلم : أنسب لنا ربك أي ، صف لنا أنه جوهر أو عرض ؟ يلد أو لم يلد ؟
وهل يشبهنا أو هل يشبهه شئ ؟  فنزلت . وسبب النزول والإشارة بذلك يؤيد أنه ( نسب ) بفتح النون لا بكسرها . والله أعلم .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
لا من حيث صورته .)
قال رضي الله عنه : (فما في الكون) الذي هو الظل الأحدية (إلا ما دلت عليه الأحدية) أي: أحدية الذات.
(وما في الخيال) من تكثير صور الظل أو تكثير الأسماء، إلا ما دلت عليه الكثرة من المعاني المخصوصة بالأسماء أو الأعيان الثابتة للعالم .
فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية، وأسماء العالم، ومن وقف مع الأحدية)، وإن كان لها دلالة على ما في الكون في الجملة، (كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين) بخلاف من وقف مع الأسماء، فإنه وإن كان مع الحق (لا) يكون معه (من حيث) أغناه عن العالمين.

قال رضي الله عنه : ( وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها. «قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك. فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا. فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض. وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا. وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 13 يوليو 2019 - 7:45 عدل 7 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 14 يونيو 2019 - 15:22 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين. لا من حيث صورته .)
قال رضي الله عنه : (فما في الكون) الذي هو الظل الأحدية (إلا ما دلت عليه الأحدية) أي: أحدية الذات.
(وما في الخيال) من تكثير صور الظل أو تكثير الأسماء، إلا ما دلت عليه الكثرة من المعاني المخصوصة بالأسماء أو الأعيان الثابتة للعالم .
فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية، وأسماء العالم، ومن وقف مع الأحدية)، وإن كان لها دلالة على ما في الكون في الجملة، (كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين) بخلاف من وقف مع الأسماء، فإنه وإن كان مع الحق (لا) يكون معه (من حيث) أغناه عن العالمين.

قال رضي الله عنه : ( وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها. «قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك. فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا. فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض. وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا. وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
ثم استشعر سؤالا بأن الذات ملزومة للأسماء الملزمة لنسبة الآثار، فكيف تكون غنية عن العالمين؟
فأجاب عنه بقوله رضي الله عنه : (وإن كانت غنية عن العالمين، فهو) أي: غناها عن العالمين (عين غنائها عن نسبة الأسماء) من حيث نسبة الآثار إلى تلك الأسماء إليها، وإن كانت الأسماء ازمة (لها) باعتبار اتحادها، ولا يلزم من ذلك لزومها إياها باعتبار تغايرها؛ وذلك (لأن الأسماء كما تدل عليها).
وهي جهة اتحادها التي بها اللزوم، (تدل على مسميات) أي: مفهومات (أخر لتحقق ذلك) المدلول (أثرها)، وهي جهة المغايرة، فلو كانت ملزومة لها هذا الاعتبار لزم افتقار الواجب بالذات إلى هذه الآثار، وهو ظاهر الاستحالة.
ثم أشار إلى أن تكرار لفظة الله في سورة الإخلاص للإشارة إلى هاتين الجهتين فقال: ( "قل هو الله أحد" [الإخلاص: 1])؛ فأثبت الأحدية الاسم الله الدال على الذات، والأسماء باعتبار تميزها (من حيث) هي (عينة).
ثم قال: ("الله الصمد" [الإخلاص:2]) بتكرار لفظة الله الدال على الذات والأسماء باعتبار تميزها بأثارها، فأثبت له الصمدية، وهي الحاجة إليه.
(من حيث استنادنا إليه) إذ ليس في ذاته ما يحتاج إليه، فلا يكون صمدا بذلك الاعتبار، فهذه الصفة له باعتبار الآثار فقط.
ثم قال: ("لم يلد" [الإخلاص: 3]) فوصفه بهذه الصفة السلبية (من حيث هويته ونحن) معا؛ لأن الولادة إضافة فلا يتصور بدون الطرفين.

("ولم يولد") كذلك ("ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص:4] كذلك فهذا) أي: قول: والله الضمة إلى آخره (نعته) الذي ينسب إلى الآثار، فهذا الاعتبار عين اعتبار عينية الأسماء، (فأفرد ذاته) مع الأسماء باعتبار العينية (بقوله: "قل هو الله أحد") إذ لو اعتبر معها الأسماء باعتبار التغاير لم يكن أحدا.
وذلك لأنه (ظهرت الكثرة بنعوته) التي تضمنتها الأسماء باعتبار مغایرتها ليتوقف تصورها على آثارها.
ولذلك كانت هذه الصفات من الصفات (المعلومة لنا) بظهورها فينا، (فنحن نلد ونولد ونستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض) يتوهم أنها أيضا موجودة فيه.
ولكن هذا الواحد الحق (منزه) باعتبار أحديته (عن هذه النعوت) من حيث توقفها على الآثار، (فهو غني عنها) في الجملة، وإن كانت لازمة لألوهيته وربوبيته، (كما هو غني عنا) أي: عن آثارها التي اعتبرت هذه النعوت بسببها، فالوقوف مع الكثرة العالم، والوقوف مع الأحدية وقوف مع الحق باعتبار غناه عن العالمين، وعن السماء المتضمنة هذه النعوت. .
ثم أشار إلى أن الاستدلال بهذه السورة تام من حيث هي جامعة للصفات مسبوقة لهذا المعنى.
فقال رضي الله عنه : (وما للحق نسب) أي: صفات ها انتسابه إلى العالم (إلا هذه السورة)
أي: المذكور فيها (سورة الإخلاص) أخلصت ذكر الحق عن سائر ما ذكر معه في سائر السور، وأخلصت أحديته عن الصفات بتكرار لفظه الله، (وفي ذلك نزلت).
"" أضاف المحقق : فإن بيان نسبه تعالی ليس إلا تنزيهه عن النسب.""
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : ( فما في الكون إلَّا ما دلَّت عليه الأحديّة ، وما في الخيال إلَّا ما دلَّت عليه الكثرة ، فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ) - إن كان الملاحظ من تلك الكثرة هي صور الظلالات المتنوعة بما هي كذلك ( ومع الأسماء الإلهيّة ) إن كان الملاحظ من تلك الصور المتكثرة هو وجه أحدية الظلَّية وجمعيّتها .

قال رضي الله عنه : ( وأسماء العالم ) إن كان الملاحظ من تلك الصور الظلَّية هي نفس الكثرة وعلى أي حال فأصل تلك الصور إنّما هي الخصوصيّات الأسمائيّة التي بها ينفرد بعضها عن البعض .
(ومن وقف مع الأحديّة كان مع الحقّ من حيث ذاته الغنيّة عن العالمين ، وإذا كانت غنيّة عن العالمين فهو ) أي غناؤها عن العالمين  ( عين غنائها عن نسبة الأسماء لها لأن الأسماء لها كما تدلّ عليها ) باعتبار أحد مدلوليها ( تدلّ على مسمّيات أخر ) باعتبار مدلوله الآخر.
قال رضي الله عنه : (محقّق) تحقّق الأعيان (ذلك) المسمّيات (أثرها) أي أثر تلك المسمّيات التي هي مصدر ذلك الأثر ، وهو العالم .

سورة الإخلاص نسبة الحقّ تعالى
وقد كشف عن معنى الأحديّة قوله : ( " قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ "  من حيث عينه ) أي الهويّة الإطلاقيّة الجامعة للأسماء كلَّها أحد من حيث أنّه عين الكلّ ، وهو الأحديّة العينيّة التي لا يشوبها شيء من النسب والإضافة .
قال رضي الله عنه : (" الله الصَّمَدُ " من حيث استنادنا إليه) في الافتقار، وهذا أحديّة الكثرة، وفيها مبدأ أمر النسبة، لذلك أخذ في نفي سائر الأصناف عنها .
( " لَمْ يَلِدْ " ) أي ليس في نسبة استنادنا إليه نسبة الوالديّة والمولوديّة ( من حيث هويّته ونحن) أنّه والد بالنسبة إلينا نحن ، أو ما يجري مجراه مما يحصل الشيء منه مستقلَّا بنفسه ، كالعلَّية والفاعليّة وغير ذلك .
( " وَلَمْ يُولَدْ " كذلك ) من حيث هويّته ونحن ، بأن يكون مولودا أو ما يحذو حذوه كالمعلوليّة والمعموليّة . 

قال رضي الله عنه : ( " وَلَمْ يَكُنْ لَه ُ كُفُواً أَحَدٌ " كذلك ) من حيث هويّته ونحن ، بأن كنّا فاعلين مستقلَّين ، متكافئين في التقدّم والعلوّ .
وقد اندرج في هذا سائر أصناف النسب ، وذلك لأنّ مؤدى قوله : " الله الصَّمَدُ " نفي سائر النسب عنه إلَّا مجرّد نفي انتسابنا إليه واستغناه عنّا ، فبيّن ذلك بما يستوعب أصنافها كلَّها .
فإنّ المنتسبين لا يخلو أمرهما في النسبة عن أن يكون أحدهما عاليا مقدّما محيطا ، كما للعلَّة إلى المعلول ، والقديم إلى الحادث ، والعامّ إلى الخاصّ ، أو سافلا مؤخّرا محاطا ، كما للمعلول إلى العلَّة ، والحادث إلى القديم ، والخاصّ إلى العامّ ، أو يكونا متكافئين في ذلك ، متقابلين ، وفي هذا القسم الأخير لكلّ من المنتسبين تفرّد واستقلال بنفسه ، دون القسمين الأوّلين ، ولذلك كرّر لفظ « الأحد » في الأخير .

قال رضي الله عنه : ( فهذا نعته ) في كيفيّة انتساب الأسماء إليه ونسبته إليها ( فأفرد ذاته بقوله : " الله أَحَدٌ " ) من حيث نفي تلك النسب عنه بصنوفها وجزئيّاتها ( وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا ، فنحن نلد ونولد ، ونحن نستند إليه ، ونحن أكفاء بعضنا لبعض وهذا الواحد ) وهو الأحد المنتفي عنه هذه النسب التي هي لنا .
قال رضي الله عنه : ( منزّه عن هذه النعوت ) التي هي لنا ( فهو غنيّ عنها ، كما هو غنيّ عنّا وما للحقّ نسب ) عند تبيين أصله وتعريف ما عليه منه وفي نفسه ( إلَّا هذه السورة سورة الإخلاص ) التي إنّما أتى بها الحضرة الختميّة ، التي أوتي بجوامع الكلم ، تبيّنا لكمال استغناء الله عن العالم ونفي الصفات والأسماء عن جلاله ، على ما ورد عن أمير ممالك الولاية علي عليه السّلام .
"كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه » وبه سمّيت سورة الإخلاص ( وفي ذلك نزلت ) .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم. ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين. وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها. )

قال الشيخ رضي الله عنه : (فما في الكون)، أي الوجود الحقيقي لوقوعه مقابلا للخيال (إلا ما دلت عليه الأحدية) وعبر عنه بالاسم الأحد بعني الوجود الحقيقي بحسب نفس الأمر إنما هو الذات الأحدية التي لا كثرة فيها بوجه من الوجوه .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة) وعبر عنه بالكثرة والكثير يعني الموجود الخيال الذي لا وجود له إلا في الخيال إنما هو الكثرة النسبية الأسمائية والكثرة الحقيقية التي لمظاهرها.
وكأنه رضي الله عنه أراد بالخيال مدارك أهالى المراتب فإنه لا وجود للكثرة إلا فيها، وإذا قطع النظر عنها لا وجود إلا للذات الأحذية (فمن وقف مع الكثرة) الحقيقية أو النسبية.
فإن كان مع الكثرة الحقيقية (كان) واقفا (مع العالم) المشهود .
وإن كان واقفا مع الكثرة النسبية (و) كان (مع الأسماء الإلهية) المنبتة عن التصرف والتأثير (و) مع (أسماء العالم) المنبتة عن القبول والتأثر (ومن وقف مع الأحدية) الذاتية (كان) واقفا (مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين لا من حيث صورته) التي هي الكثرة النسبية الأسمائية والحقيقة المظهرية.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإذا كانت) ذاته (غنية عن العالمين فهو)، أي غناه عن العالمين (عين غناها عن نسبة الأسماء إليها)، أي عن الأسماء المنسوبة إليها إلهية كانت أو كونية .
(لأن الأسماء) الكائنة (لها)، أي لتلك الذات الغنية (كما تدل عليها)، أي على الذات كذلك (تدل على مسميات أخر)، أي على معان أخر داخلة في مفهومات تلك الأسماء مغايرة للذات مع مغايرة بعضها البعض حصل التمييز بينهما.
قال الشيخ رضي الله عنه : (يحقق ذلك) المذكور من المسميات الأخير (أثرها)، أي أثر
قال رضي الله عنه : ( «قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك. فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا. فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض. وهذا  )

الأسماء التي هو العالم وأحواله أو محقق ذلك، أي كون هذه المسميات مغايرة للذات أثرها، أي أثر الأسماء فإن الذات من حيث هي لا أثر لها .
واختلاف الآثار يدل على مغايرة هذه المسميات، فتحقق هذه المسميات التي لا تحقق للأسماء إلا بها لا يكون إلا بالعالم فغناها عن العالم يستلزم غناها عن الأسماء.
وهذا هو المراد بكون الغنى عن العالم عين الغني عن الأسماء مما يدل على كون ذاته تعالي غنية عنا وعن الأسماء .
قوله تعالی: ("قل هو الله أحد" ) أثبت له الأحدية التي هي الغني عن كل ما عداه وذلك (من حيث عينه) وذاته من غير اعتبار أمر آخر ("الله الصمد " من حيث استنادنا إليه ) في الوجود والكمالات التابعة للوجود .
فإن الصمد من يصمد إليه في الحوائج، أي يقصد فإثبات الصمدية له سبحانه إنما هو باعتبار اعتيادنا إليه.
وأما باعتبار الأحدية ، فهو غني عن هذه الصفة أيضا ("لم يلد" من حيث هويته ونحن)، أي نفي الوالدية عنه سبحانه إنما هو بملاحظة هويته وهوياتنا فإنه لما اتصفت هوياتنا التي هي من مراتب الكونية بالوالدية تنزهت مرتبته الأحدية عنها.
فهذا النفي من حيث هو ونحن، أي باعتبارهما جميعا الوالدية نسبة بين والد ومولود.
فإذا فرضت ههنا إنما تكون بين والد هو هويته وبين مولود هو نحن إنما يكون لملاحظتهما معا .
أو الوالدية والمولودية لا بد أن يكون مثل الوالد ولا مثلية بين هويته الواجبة وهويتنا الممكنة فنفي والديته إنما تكون بملاحظة هويته وهوياتنا معا وعلى هذه الوتيرة المولودية والكفاءة .
فلذلك قال رضي الله عنه : ("ولم يولد" كذلك أيضا)، أي من حيث هويته ونحن "ولم يكن له كفوا أحد" ) كذلك أيضا [الإخلاص: 1- 4]، أي من حيث هويته ونحن.
فهذا المذكور في هذه السورة من الأحدية والصمدية ونفي الوالدية و المولودية والكفاءة مثل الوالدية و المولودية والكفاءة أيضا (نعته) إن جعلنا النعت أعم من صفاته الإلهية والكونية .
(فافرد ذاته) و برهنها عن الكثرة مطلقا (بقوله: "الله أحد" فهذا وظهرت الكثرة بنعونه المعلومة عندنا)، فالمراد بها إما النعوت المفهومة من هذه السورة أو مطلقا على كل من التقديرين.
فالمراد به إما النعوت الإلهية أو الكونية أو الأعم (فنحن نلد) فتتصف بالوالدية (و) نحن (نولد) فنتصف بالمولودية وهو يتصف أيضا فينا بهما فهما من نعوته .
(ونحن نستند إليه)، فهو المستند ولكن فينا وهو المستند إليه باعتبار ذاته (ونحن أكفاء بعضنا لبعض) ، فهو المتصف بالكفاءة لكن فينا
قال رضي الله عنه : ( الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا. وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.)
قال رضي الله عنه : (وهذا الواحد) من حيث أحذينه (منزه عن هذه النعوت) المعلومة عندنا .
(فهو غني)، أي منزه عنها) غير محتاج ليها باعتبار أحذيته وإن كان منصفة بها من حيث ظهوره في المراتب الكونية (كما هو غني عنا) وإذا كان غنيا عن وعنه كان غنية عن الأسماء الإلهية أيضا ، لأنه ما يحوجنا إلى ثبات تلك الأسماء إلا آثارها التي هي الأسماء الكونية والأعيان الخارجية (وما للحق نسب) بالفتح.
أي بيان نسب (إلا هذه السورة سورة الإخلاص)، فإن بيان نسبة تعالى ليس إلا تنزيهه عن النسب حيث قال :" لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 3 ،4]
قال رضي الله عنه : (وفي ذلك)، أي في بيان نسبه (نزلت) هذه السورة فإن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك، أي بين لنا نسبة فبين نسبه بتنزيهه عن النسب حيث نفى عنه الوالدية والمولودية والكفاءة .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:53 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 14 يونيو 2019 - 15:26 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)
قال رضي الله عنه : "فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض."
قال رضي الله عنه : (فأحدية الله) تعالى (من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا ) أن تكون آثارا لها فتظهر له تعالی بنا (أحدية الكثرة)، فهو تعالى أحد في عين كل شيء محسوس أو معقول، يعني لا يشبه ظهوره في عين شيء ظهوره في عين الشيء الآخر.
فكل شيء بهذا الاعتبار موصوف بظهور هذه الأحدية فيه، فكل شيء لا يشبه كل شيء (وأحدية الله ) تعالى (من حيث الغنى) الذاتي (عنا) معشر الكائنات (وعن الأسماء)، أي أسمائه تعالى من وجه كونها غيره سبحانه (أحدية العين)، أي الذات الإلهية.

قال رضي الله عنه : (وكلاهما) أحدية الكثرة وأحدية العين (يطلق عليه)، أي على كل واحد منهما (اسم الأحد) وذلك وارد في قوله تعالى : "قل هو الله أحد" ، فـ الهو أحدية العين ، والله أحدية الكثرة، والخبر عنهما واحد وهو لفظ أحد.
قال رضي الله عنه : (فاعلم) يا أيها السالك (ذلك) المذكور (فما أوجد الحق) تعالى (الظلال) جمع ظل وهي ظلال الأجسام الكثيفة في الأنوار (وجعلها)، أي تلك الظلال (ساجدة)، أي فانية من أنفسها معدومة مضمحلة في وجود الأشخاص الجسمانية التي هي ظلال عنها (متفيئة عن الشمال)، أي شمال الشخوص (وعن اليمين)، أي يمين الشخوص على حسب النور وتوجهه فإذا كان النور عن اليمين كانت الظلال عن الشمال وبالعكس كما يراه الحس في الدنيا إلا دلائل واضحة (لك) . يا أيها السالك
قال رضي الله عنه : (عليك)، أي على نفسك (وعليه)، أي على ربك سبحانه (لتعرف من أنت) من حيث إنك أثر ظاهر عن مؤثر.
كالظل يظهر عن الشخص وليس هو جزء منه ، ولم يتأثر الشخص بظهوره عنه،
ظاهر عن كل مؤثر كالظل يظهر عن الشخص وليس هو جزء منه ولم يتأثر الشخص بظهوره عنه ولا هو مماثل له بوجه أصلا إلا أنه ظله قائم به موجود به وجودة لا يشبه وجود الشخص ولا هو عدم صرف كما كان قبل أن يكون.
وزواله بشخصه أيضا لا بشيء غيره أصلا ما دام النور متوجها على الشخص، فإن توجه النور إلى جهة الظل انتقل الظل إلى الجهة التي كان فيها النور، وهكذا فإن النور بمنزلة الذات الإلهية.
والشخص بمنزلة الأسماء الإلهية التي امتد عنها ظل الممكنات، فكل ممكن تجلی عليه النور الذاتي انعدم في الحال وزال عنه تجلي الأسماء الإلهية ، فإذا استتر عنه النور الذاتي تجلت عليه الأسماء الإلهية فأوجدته بوجهها الذي تغایر به الذات الإلهية ، وهو الوجه الذي من طرف الآثار الكونية .
قال رضي الله عنه : (و) تعرف (ما نسبتك إليه) سبحانه فإن نسبتك إليه نسبة الظل إلى شخصه كما ذكرنا (و) تعرف (ما نسبته)، أي الحق تعالى (إليك) يا أيها السالك وكذلك كل مخلوق مثلك.
فإن نسبته إليك سبحانه نسبة الشخص إلى ظله من حيث أسماؤه وصفاته ونسبة النور إلى الظل من حيث ذاته تعالى.
ولا يغنيك إلا شهود الذات الإلهية النورية، ولا يوجدك ويبقيك إلا شهود الأسماء الإلهية بالنور الذات الإلهي (حتى تعلم) يا أيها السالك (من أين)، أي من أي ذات وهي ذات الحق تعالی وعينه النورية الوجودية المطلقة.
قال رضي الله عنه : (أو من أي حقيقة إلهية)، أي حضرة جامعة للذات والاسم الإلهي (اتصف ما سوی)، أي غير (الله تعالی) من كل شيء محسوس أو معقول (بالفقر)، أي بالافتقار والاحتياج (الكلي) الذي هو من حيث ذات ذلك الشيء وصفاته وجميع أحواله في ظاهره وباطنه إلى الله تعالى .
وذلك من حيث أن الظل صادر عن الشخص بصورته وهيئته وأحواله من حركة وسكون، وصادر عن النور الذي هو خلف الشخص بثبوته ووجوده وارتسامه في نفسه .
فقد اشترك الشخص والنور في إظهار الظل، والظل ظاهر عنهما معا لا عن أحدهما فقط، لكن كل واحد منهما له فيه تأثير باعتبار، إذ لو لم يكن الشخص ما كان الظل، وكذلك لو لم يكن النور ما كان الظل، فالشخص يرسم صورة مخصوصة يقتضيها.
والنور يكشف عن تلك الصورة ويظهر للحس فافتقار الظل إلى النور، والشخص بافتقار كلي نظر افتقار كل شيء محسوس أو معقول إلى الله تعالی من حيث ذاته تعالى، ومن حيث أسمائه وصفاته.
فإن الأسماء والصفات الإلهية لها رسم كل شيء أزلا، وتخصيص صورته بما تقتضيه من حال حسي أو معنوي على اختلاف ذلك.
والذات الإلهية لها إظهار ذلك الشيء على حسب ما هو عليه والكشف عنه ، لأنها النور الذي يظهر به كل مستور.
قال الله تعالى : "الله نور السموات والأرض" [النور: 35]. وفي الحديث من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام: «اللهم إني أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السموات والأرض، وأشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تحل على غضبك، أو تنزل على سخطك».رواه الطبراني والمقدسي في المختارة.
قال رضي الله عنه : (و) اتصف أيضا (بالفقر)، أي الافتقار (النسبي) الذي هو مجرد نسبة افتقار واحتياج فقط بلا حقيقة افتقار ولا احیتاج في نفس الأمر (بافتقار)، أي بسبب افتقار (بعضه)، أي بعض ما سوى الله تعالى.
(إلى بعض) آخر من ذلك السوي، فإنه اتصف بهذا النوع من الافتقار، الذي هو مجرد نسبة الافتقار فقط، باعتبار عدم انفكاك ما سوى الله تعالى الذي هو الظل عن شخصه، الذي هو حضرة الأسماء الإلهية.
ونوره الذي هو حضرة الذات العلية، تنبيها منه تعالى على حضرة قيوميته في كل شيء مفتقر إليه من المخلوقات من حيث افتقر إليه شيء آخر مثله في أمر من الأمور، وإرشاد إلى شهود غناه تعالى.
ودلالة على ذلك الافتقار الكلي الحقيقي، الذي هو من المخلوق إلى الخالق، وإهانة القلوب الغافلة عن الافتقار الحقيقي إلى الحق تعالى في كل شيء.
فإنها لما غفلت عنه تعالى في ظهوره في كل مظهر، جعلها مفتقرة إلى سواه بالنسبة إلى ما عندها من الجهل به سبحانه، وفي نفس الأمر ليس إلا الافتقار الكلي الحقيقي كما هو مشهد النبيين والكاملين من الورثة.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)
قال رضي الله عنه :  (فاحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا) لإظهار آثارها فينا يقال لها (أحدية الكثرة واحدية الله من حيث الغناء عنا وعن الأسماء) يقال لها (احدية العين وكلاهما يطلق عليه اسم الأحد فاعلم ذلك).
حتى لا يشتبه عليك عند استعماله في مقامه (فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة) أي منبسطة على الأرض (متفيئة) أي راجعة عن الشمال واليمين إلا دلائل لك عليك وعليه) أي على الحن قال رضي الله عنه :  (لتعرفه من أنت) يدل عليك ظلك أنت ظل إلهي من ظلال الذات الإلهية .
(وما نسبتك إليه) أي إلى الحق بدل نسبة ظلك إليك على نسبتك إلى ربك (وما نسبته) أي نسبة الحق (إليك) يدل، نسبتك إلى ظلك على نسبة الحق إليك .
قال رضي الله عنه :  (حتى تعلم من أین أو من أي حقيقة إلهية) أي من أي سبب وحكمة.
وقال رضي الله عنه :  (اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله وبالفقر النسبي إليه بافتقار بعضه إلى بعض) . فإذا عرفت أن ظلك لكونه ظلك يفتقر إليك بالفقر الكلي فقد عرفت منه انصافي العالم بالفقر الكلي إلى الله لكون العالم كله ظل الله .
وعرفت منه أيضا انصاف العالم بالفقر النبي إلى الله بافتقار بعضنا إلى بعض يرجع إلى افتقارنا إلى الحق .
لأن افتقار العالم إلى العالم ليس من جهة ظلية بل من جهة ربوبية وهو من هذه الحينية عين الحق لا ظله فما كان الافتقار إلا إلى الله خاصة .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)
قال رضي الله عنه : " فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض"
قوله: والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماؤه لها مدلولان : المدلول الواحد عينه وهو عين المسمی، والمدلول الآخر ما ينفصل به عن اسم آخر إما ضد أو غير، وكل هذا غير متحقق لأنه سماه هنا أعني العالم الحق المتخيل.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)
قال رضي الله عنه :  فأحدية الله - من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة ) .
يعني رضي الله عنه : واحد تتعقّل فيه كثرة نسبيّة ، لأنّ المسمّى بهذه الأسماء الكثيرة واحد ، والكثرة نسب تتعقّلها فيه .
قال رضي الله عنه : ( وأحدية الله من حيث الغنى عنّا وعن الأسماء الإلهية أحدية العين ، وكلاهما يطلق عليه اسم الأحد فاعلم ذلك ) .
يعني : ليس ذلك باعتبار تعقّل الكثرة فيه وعدم تعقّلها ، فاعلم ذلك .
قال رضي الله عنه : (فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيّئة عن اليمين والشمال ، إلَّا دلائل لك عليك وعليه ، لتعرف من أنت ؟ وما نسبتك إليه ؟ وما نسبته إليك ؟ ) .
يشير رضي الله عنه إلى : أنّ التعيّنات الوجودية التي هي نحن كالظلال الممتدّة من الأشخاص تزيد وتنقص ، تزيد بالامتداد عنها فسمّيت ظلالا وتنقص بالتقلَّص إليها ، فتسمّى أفياء من " فاء " إذا رجع .
قال الله تعالى : " فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ الله " ومنه سمّي الغنيمة فيئا ، لأنّها ترجع وتفيء إلى المغتنم الساعي فيها ، فنحن - أعني التعيّنات الوجودية الحقّة في العالمين - لنا دلالتان بالنسبة إلينا يستدلّ بهما عليهما :
إحداهما : دلالتنا على عين واحدة تجمعنا نحن لنا وفيها وبها ،ولا استقلال لنا في تحقّقنا دونها.
والدلالة الثانية : دلالاتنا علينا من حيث الكثرة التي ظهرنا بها بحسب خصوصيات أعياننا .
وكذلك الظلال يستدلّ بها على ذوات الظلال التي منها امتدّت ، ويستدلّ بها أيضا عليها أن لا استقلال ولا تحقّق لها دون تلك الأشخاص التي هي ظلالها .
قال رضي الله عنه : ( حتى تعلم من أين أو من أيّ حقيقة إلهية اتّصف ما سوى الله بالفقر الكلَّي إلى الله ، وبالفقر النسبي بافتقار بعضنا إلى بعض ؟)
العالم بمألوهيته ومربوبيته ومخلوقيته وعدميته مفتقر إلى الموجد الله الربّ الخالق ، والله من حيث وجوده المطلق غنيّ عن الربوبية والمربوب والخالقية والمخلوق ، لأنّ العالم من حيث مجموعه وكلَّيته يفتقر إلى الموجد الخالق بالذات .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)
قال رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة ، وأحدية الله من حيث الغنى عنا وعن الأسماء أحدية العين وكلاهما يطلق عليه اسم الأحد ) أحدية الكثرة وأحدية الجمع هي تعقل الكثرة في الذات الواحدة بحسب النسب ، فإن مسمى جميع الأسماء الإلهية ذات واحدة يتكثر بحسب النسب والتعينات الاعتبارية ، والذات باعتبار كل نسبة وتعين يقتضي أفراد نوع من أنواع الموجودات ، وأحدية العين هي أحدية الذات من غير اعتبار الكثرة ، فتقتضى الغناء عن الأسماء ومقتضياتها من الأكوان .

(فاعلم ذلك ، فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن الشمال واليمين إلا دلائل لك عليك وعليه ، لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك).
فما أوجد الظلال في الخارج للأشخاص الممتدة هي منها ساجدة لله في تذللها بوقوعها على الأرض منقادة له فيما سخرها له راجعة عن اليمين عند ارتفاع الشمس إلى الشمال ، وعن الشمال عند الغروب إلى اليمين بالطلوع إلا لتدل بها عليك .
أي على كل ممكن ، فإن الأعيان الموجودة وجوداتها كالظلال عليه تعالى ، فإنه بمثابة الشخص الذي يتظلل الظل به لتعرف أن الموجودات المتعينة التي أنت من جملتها ظل خيالي كما مر ، ونسبتك إليه نسبة الظل إلى الشخص الممتد عنه الظل .
"" إضافة بالي زادة :  (التي تطلبنا ) لأن آثاره فينا يقال لها أحدية الكثرة اهـ
( وجعلها ) ساجدة أي منبسطة في الأرض ( متفيئة ) أي مائلة عن الشمال واليمين اه ( لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك ) أنت ظل إلهي من ظلال الذات الأحدية ( حتى تعلم من أين ) فإذا عرفت أن ظلك لكونه ظلك يفتقر إليك بالفقر الكلى ، فقد عرفت منه اتصاف العالم بالفقر الكلى إلى الله لكون العالم ظله ، وقد عرفت منه أيضا اتصاف العالم بالفقر النسبي إلى الله بافتقار بعضنا إلى بعض وذلك يرجع إلى افتقارنا إلى الحق ، لأن افتقار العالم إلى العالم ليس من جهة ظليته بل من جهة ربوبيته ، وهو من هذه الحيثية عين الحق لا ظله ، فما كان الافتقار إلا إلى الله خاصة اهـ. بالي زادة""

فإن الوجود المتعين ممتد عن الوجود المطلق ويتقوم به ونسبته إليك بأنه يقومك ويسخرك منقادا لأمره متذللا متسخرا فيما يريد منك ، لا استقلال لك ولا وجود (حتى تعلم من أين ومن أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلى إلى الله ، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض) أي حتى تعلم من افتقار الظلال إلى الشخص القائم المنور بنور الشمس وإلى المحل الواقع عليه أن ما سوى الحق من الموجودات المتعينة .
هي ظلال الحق مفتقرة إلى الله الموجد المقوم القيوم الرب النور لمألوهيتها وعدمها ، ولا استقلال لها ومربوبيتها ، وظلمة أعيانها التي هي محالها في العدم وهو الفقر الكلى .

وأما الفقر النسبي كافتقارها إلى ما به متعين من الأعيان افتقار الظل إلى المحل وكافتقار الكل إلى الأجزاء والمسببات إلى الأسباب ، افتقار الظل إلى جميع أسبابه من أحوال المحل وهيئات ذي الظل وأشكاله ومقاديره من الطول والعرض وغيرها.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)
قال رضي الله عنه : (فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا ، أحدية الكثرة ، وأحدية الله من حيث الغنى عنا وعن الأسماء أحدية العين . وكلاهما يطلق عليه اسم "الأحد " . فاعلم ذلك ) .
والأول يسمى ب‍ ( مقام الجمع ) و ( أحدية الجمع ) و ( الواحدية ) أيضا .
والثاني يسمى ( جمع الجمع ) . وأكثر ما يستعمل ( الأحدية ) في أحدية العين .

قال رضي الله عنه : (فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن الشمال واليمين إلا دلائل لك عليك وعليه ، لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك ، حتى تعلم من أين ومن أي حقيقة اتصف ما سوى الله بالفقر الكلى إلى الله ، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض ) .

أي ، ما أوجد الحق الظلال المحسوسة ساجدة على الأرض متفيئة ، أي راجعة عن الشمال واليمين إلا دلائل لك ، لتستدل بها على حقيقتك وعينك الثابتة ، لأن عينك الخارجية ظل لها ، وحقيقتك ظل الله ، فيستدل بها عليه ، فتعرف إنك ظل الظل الحق .
ويتيقن أن نسبتك إليه بالظلية ، والظل مفتقر إلى شخصه ، فتعلم منه افتقارك إلى الله .
ونسبته إليك نسبة الشخص إلى الظل ، والشخص مستغن عن ظله ، فتعلم منه غناه الذاتي .
فإذا علمت هذا ، علمت أن العالم من أي جهة اتصف بالافتقار إلى الحق ، ومن أي جهة هو عين الحق .

ولما كان العالم مفتقرا إلى الله في وجوده وذاته وكمالاته مطلقا - وصفه بالفقر الكلى والافتقار بعض العالم إلى البعض كافتقار المسببات إلى الوسائط والأسباب وافتقار الكل إلى الأجزاء افتقار المفتقر إليه من وجه إلى المفتقر .
قال رضي الله عنه : ( وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)
قال رضي الله عنه : (فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض )
ثم استشعر سؤالا بأنها أثبتت الأحدية أولا والكثرة ثانيا وبينهما تناقض؟؟
فأجاب رضي الله عنه : بأن الأحدية لا تناقض الكثرة؛ لأنها قد تكون أحدية الكثرة، وإنما ينافيها أحدية الذات .
(فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا) أي: باعتبار غيريتها وتميزها (أحدية الكثرة) كأحدية الإنسان مع كثرة أعضائه، وقواه .
(وأحدية الله من حيث الغني عنا، وعن الأسماء) باعتبار غيريتها وتميزها (أحدية العين وكلاهما يطلق عليه اسم الأحد)، لكن السورة فرقت بين الأحدتيين بتكرار لفظه الله (فاعلم ذلك).
وإذا كان للحق أحدية الكثرة باعتبار الأسماء المتضمنة للنعوت، وظهرت هذه الأحدية في الظلال، (فما أوجد الحق الظلال) المتعارفة، وما (جعلها ساجدة متفيئة عن الشمال واليمين إلا) لتكون (دلائل لك) تستدل بها (عليك) أي: على كونك ظلا دليلا لأسماء الحق المتقابلة.
(وعليه) من حيث أن له هذه الأسماء المتقابلة، فهذه الظلال تدل على تلك الأسماء الدالة على الذات من وجه (لتعرف من أنت).
فإنك باعتبار عينك أمر متوهم وباعتبار ظلك صورة متخيلة، (وما نسبتك إليه) نسبته الظل إلى الشخص في أن تحققه به وإن كان متخيلا في نفسه.
(وما نسبته إليك) نسبة الشخص إلى ظل يظهر له صورا مختلفة بحسب موافقة المستقيمة والمعوجة، فيحصل له بحسب تلك الصور أسماء مختلفة مع أنه غني من الظلال والصور والأسماء (حتى تعلم من أين) أي: من جهة أحدية الكثيرة التي هي منشاة الظل المفتقر إلى الشخص.
(ومن أي حقيقة إلهية ) من الأسماء المتقابلة الظاهرة في بعض الأشياء بالتأثير، وفي البعض الأخر بالتأثر (اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله) هذا من جهة أحدية
الكثرة (وبالفقر النسبي) أي: بوجه دون وجه (بافتقار بعضه إلى بعض) هذا من جهة اسماء المتقابلة، باعتبار ظهورها المذكور ففيه لف و نشر.

 
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 13 يوليو 2019 - 7:51 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 14 يونيو 2019 - 15:40 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)
قال رضي الله عنه : ( فأحديّة الله من حيث الأسماء الإلهيّة التي تطلبنا : أحدية الكثرة ) على ما يستفاد من " الصَّمَدُ"،( وأحديّة الله من حيث الغنى عنّا وعن الأسماء : أحديّة العين ) على ما هو مؤدّى " الله أَحَدٌ " ( وكلاهما يطلق عليه اسم الأحد ) فقوله : " أَحَدٌ " شامل لهما ) فاعلم ذلك.

قال رضي الله عنه : ( فما أوجد الحقّ الضلال وجعلها ساجدة ) على الأرض خاضعة متذللة له ( متفيّئة عن الشمال ) ، وهو طرف شمول الطبيعة وشيوع أحكامها الظاهرة أولا ، ( واليمين ) ، وهو طرف ميامن تعيّن الحقيقة وظهور أحكامها المختفية آخرا ، على ما ورد في التنزيل : " أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ الله من شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُه ُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّه ِ وَهُمْ داخِرُونَ " [ 16 / 48 ] فإنّه قد علم في طيّة أن تفيّؤ ظلال الشيء الواحد الذي هو ذو أظلال وصور شماليّة جلاليّة ، ويمينيّة جماليّة إنّما هو لسجدتهم لله داخرين .
فما بيّن لك هذا ( إلَّا ) ليكون ( دلائل لك عليك وعليه ، لتعرف من أنت ؟ وما نسبتك إليه ؟ ) في قيام وجودك به ، قيام الظلّ بشخصه ( وما نسبته إليك ) في استغنائه عنك استغناء الشخص عن ظلَّه.
قال رضي الله عنه : ( حتى تعلم من أين ومن أيّ حقيقة إلهيّة اتّصف ما سوى الله بالفقر الكلَّي ) وهو الاحتياج في الوجود نفسه ( إلى الله ) احتياج الظلّ إلى شخصه ( وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض ) وذلك كما في انتظام أمر المعاش أو تبيين طريق المعاد ، فإنّه  في الأوّل يفتقر أهالي ظلال اليمين إلى الشمال ، كما أنّه في الثاني بالعكس .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض)

قال رضي الله عنه : ( فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين )
قال رضي الله عنه : (فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا) لتكون مجالي لها (احدية الكثرة) النسبية الأسمائية ويسمى مقام الجمع.
(وأحدية) الجمع والواحدية أيضا واحدية (الله من حيث الغناء عنا وعن الأسماء الإلهية ، أحدية العين) ويسمى جمع الجمع أيضا (وكلاهما يطلق عليه)، أي على كل منهما (اسم الأحد) لك إطلاقه على الثانی أكثر .
قال رضي الله عنه : (فاعلم ذلك مما أوجد الحق) سبحانه (الظلال) المحسوسة الممتدة عن الأجسام الشاخصة (و) ما (جعلها ساجدة) متذللة واقعة على وجه الأرض تحت أقدام تلك الأجسام .
قال رضي الله عنه : (متفيئة)، أي راجعة منفصلة إلى الشخص (عن) جهة الشمال في شمال الشخص عند ارتفاع الشمس في جانب الیمین (و) متنيئة (عن) جهة (اليمين) عند ارتفاعها في جانب الشمالي (إلا) لتكون (دلائل لك) يستدل بها (عليك).
أي على أحوالك من افتقارك إليه سبحانه في وجودك والكمالات التابعة لوجودك ويستدل بتفينه يمينا و شمالا لارتفاع نور الشمس شمالا ويمين على أن اختلاف أحوالك إنما هو بحسب تقلب الحق سبحانه في شؤونه (وعليه) سبحانه .
أي على أسمائه وصفاته كفنائه الذاتي وكونه مما يفتقر إليه من حيث أسماؤه وصفاته وإنما جعلها دلائل (لتعرف) بها (من أنت)، فأنت ظل بعينك الثابتة واقع على ظاهر الوجود منصبغ بأحكامها وعينك الثابتة تل لذاته المتلبسة بشؤونه.
(وما نسب إليه) افتقارك إليه بالوجوه المذكورة افتقار الظل إلى الشخص (وما نسبته إليك) غناه عنك بذاته غني الشخص عن الظل وافتقاره إليك في ظهور أسمائه وصفاته أفتقار الشخص إلى الظل في ظهوره في مرتبة أخرى .
قال رضي الله عنه : (  أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض .)
قال رضي الله عنه :  (حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية انصف ما سوى الله بالفقر الكلي)، أي بنقره في كل الأمور من الوجود والصفات التابعة له (إلى الله) وهذه الحقيقة علمية ومكانه في نفسه .
قال رضي الله عنه :  (وبالفقر النسبي بافتقار بعضه)، أي بعض ما سوى الله (إلى بعض) آخر بنقض الوجود فإن بعض ما سوی الله قد يكون له مرتبة الشرطية أو الإعداد لوجود بعض أخر والكلمات تابعة لوجوده
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 22:08 عدل 6 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 14 يونيو 2019 - 15:45 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به. فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : " وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به. فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.  وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق. فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا. فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. "
قال رضي الله عنه : (وحتى تعلم) أيضا يا أيها السالك (من أين)، أي من أي ذات مطلقة وجودية وهي الذات العلية (أو من أي حقيقة)، أي حضرة جامعة للذوات والأسماء كما مر .
(اتصف الحق) تعالی (بالغني عن الناس) بالخصوص كما قال تعالى : و (" الله غنى عنكم" ) [الزمر: 7].
قال رضي الله عنه : (و) بوصف (الغنی) أيضا (عن العالمين) بالعموم كما قال الله تعالى: " آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العلمين" [آل عمران: 97] .
من جهة أن النور الذي امتد به ظل الشخص عين الكمال وعين الغني، فلا يتصور منه افتقار أصلا إلى ظلمة الظل.
وكذلك الشخص من الوجه الذي يلي النور لا افتقار له أصلا إلى الظل بل الظل مفتقر إليه من هذا الوجه وإلى النور ليظهر عنهما كما قدمناه وافتقار الشخص من الوجه الذي يلي الظل إلى ظهور الظل عنه بوجهه الأول.
فهو عين افتقار المؤثر من حيث اسمه مؤثرة إلى الأثر من حيث هو أثر لأجل امتیاز الإلهية بعضها عن بعض، فإنه لا يميزها إلا الآثار كما مر.
فهو افتقار نسبي وهو عين ما سبق ما افتقار بعض ما سوى الله تعالى إلى بعض، وهو أيضا ما يأتي من غنى بعض العالم عن بعض.
فإن المفتقر من كل ما سوى الله قائم باسم إلهي.
والمستغني أيضا قائم باسم آخر إلهي.
فيظهر الافتقار والاستغناء لتمييز الحضرات الأسمائية بعضها عن بعض.
قال رضي الله عنه : (واتصف العالم) بفتح اللام ، أي ما سوى الله (بالغنى) النسبي أيضا كالافتقار وهو مجرد نسبة الغنى دون حقيقة الغني، إذ حقيقة الغني ليست إلا الله تعالى وحده (أي يغني بعضه)، أي بعض العالم (عن بعض من وجه)، أي من جهة.
(ما هو)، أي ذلك الوجه (عين ما افتقر إلى بعضه)، أي العالم (به)، أي بذلك الوجه كالعطشان مثلا، فإنه غني عن لبس الثوب وعن الأكل ونحو ذلك من وجه كونه مفتقر إلى الماء باعتبار عطشه، وبالعكس، وهذا هو الغنى النسبي.
فإن العالم الذي هو سوى الحق (مفتقر) دائما إلى الأسباب التي تحصل بها حوائجه من الله تعالى قال رضي الله عنه : (بلا شك) أصلا كما هو المعلوم عند الكل افتقارة ذاتية ، أي من حيث ذاتية العالم فلا قيام له إلا بذلك، لأن ذلك أمر عرضي له (وأعظم الأسباب) المذكورة (له) أي للعالم (سببية الحق) تعالى وهي ملاحظة ذلك في عين الأسباب الظاهرة .
(ولا سببية للحق) تعالى (يفتقر العالم إليها) عند نفسه حيث هو يشاهد لها في عين الأسباب الظاهرة (سوى الأسماء الإلهية) من الوجه الذي يلي الآثار الكونية إذ من الوجه الذي يلي الذات الإلهية هي عين الذات الإلهية، والذات غنية عن العالمين كما مر.
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية) هي (كل اسم يفتقر العالم) بفتح اللام (إليه)، أي بعض العالم أو كله بالاعتبارين الآتيين (من) حيث ظهوره في (عالم مثله) وهي الأسباب الظاهرة. (أو) من حيث ظهوره في (عين الحق) تعالى وهي سببية الحق تعالى المذكورة (فهو)، أي كل اسم من الأسماء الإلهية (الله) سبحانه وتعالى (لا غيره) من الوجه الذي يلي الذات الإلهية كما مر.
قال رضي الله عنه : (ولذلك)، أي لكون الأمر كما ذكر (قال) الله تعالى: ("يا أيها الناس أنتم الفقراء") أي المفتقرون (إلى الله "والله هو الغني الحميد" ومعلوم) عند الكل.
(أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا) فيفتقر الجاهل إلى العالم ليعلمه، ويفتقر العالم إلى الجاهل ليخدمه.
ويفتقر الكافر الحربي إلى المسلم ليؤمنه ويكف عنه، ويفتقر المسلم إلى الكافر الحربي ليخرج من عهدة دعوته إلى الله وجهاده بقتله أو استرقاقه أو ضرب الجزية عليه السلام.
وهكذا في جميع الناس تفتقر الرعية إلى الملوك للحماية والحفظ وتنفيذ الأحكام بينهم، وتفتقر الملوك إلى الرعية في ظهور سلطانهم عليهم وظهور هيبتهم وحرمتهم فيهم.
قال رضي الله عنه : (فأسماؤنا) معشر الناس التي إلى آثارها يحصل افتقار بعضنا إلى بعض كما ذكرنا ، كاسم العالم مثلا الذي بسببه افتقر الجاهل إلى من هو اسمه ليعلمه.
واسم القادر الذي بسببه افتقر العالم إلى من هو اسمه ليخدمه به ، واسم المانع الذي بسببه افتقر المسلم إلى من هو اسمه من الكافر الحربي الممتنع عن الإسلام والجزية ،
واسم الحفيظ الذي افتقرت بسببه الرعية إلى من هو اسمهم من الملوك، واسم المعز الذي بسببه افتقرت الملوك إلى من هو اسمهم من الرعية (هي أسماء الله تعالی)، لأنه يظهر من ذلك الاسم العالم والقادر والمانع والحفیظ والمعز ولا شك أنها أسماء الله بلا شبهة .
قال رضي الله عنه : (إذ إليه)، أي إلى الله تعالى (الافتقار) من كل ما سواه (بلا شك) أصلا (وأعياننا)، أي ذواتنا معشر الناس مع جميع أحوالنا في الظاهر والباطن (في نفس الأمر) من جهة قيامنا بأمره سبحانه وفنائنا في وجهه أي توجه .
(ظله تعالی) كما مر في مثال انصباغ النور بلون الزجاج فهو النور ظاهر في لون الزجاج وهو الله تعالی (لا غيره) ظاهر في صور الممكنات العدمية بالعدم الأصلي كما سبق بيانه .
(فهو)، أي الله تعالى (هويتنا)، أي حقيقتنا وماهيتنا من حيث الوجود المطلق القديم على ما هو عليه في الأزل .
ومع ذلك أيضا (لا) هو تعالی (هويتنا)، أي حقیقتنا وماهيتنا من حيث أرواحنا وعقولنا وأنفسنا وأجسامنا وجميع أحوالنا الظاهرة والباطنة .
فإن هذه كلها أمور ممكنات، أي عدمية بالعدم الأصلي لولا ظهور الله تعالى بها ما ظهرت لنا ولا له سبحانه .
قال رضي الله عنه : (وقد مهدنا)، أي سوينا وأصلحنا وهيأنا (لك) أيها السالك (السبيل)، أي الطريق إلى معرفة الله تعالى المعرفة الذوقية التي يأخذها العقل من الحس بالكشف والذوق.
لأن المعرفة العلمية الخيالية التي يأخذها العقل من فهم كلمات الكتاب أو عبارات الشيوخ فإنها معرفة التصديق بوجود الله لا معرفة التحقيق بوجوده سبحانه، فانظر ماذا ترى في كل ما يظهر لك من الورى . 
تم فص الحكمة اليوسفية

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه :  (وحتى تعلم من این أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغني عن الناس والغنى عن العالمين واتصف العالم بالغني أي بغني بعضه عن بعض بالوجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به) يعني كما أنك اتصفت بالغني عن ظلك من حيث ذاتك كذلك اتصف الحق بالغني بحسب الذات عن العالم .
فإذا كان ظلك مفتقر إليك ومستغنيا عن غيرك فقد عرفت منه أن اتصاف بعض بالغني عن بعض ليس عین افتقاره إلى بعض كالولد بالنسبة إلى والده مفتقر من حيث ربوبيته ومستغني من حيث أنه عبد محتاج مثله.
فاحتیاجه من هذه الحيثية إلى الله لا إليه فما كان وجه استغنائه وجه افتقاره واستغناؤه لعدم سببية من وجه في وجوده .
وافتقاره لوجود سببية هذا البعض فكان افتقار البعض إلى البعض عین افتقاره إلى الحق فإن ذلك البعض من حيث الربوبية عين الحق .
وهو معنى قوله وبالفقر النبي عليه السلام فقد عرفت منه أيضا أن اتصاف الحق
بالغني عن الناس من أي جهة و بالافتقار إليه من أي جهة فغناؤه بحسب ذاته وافتقاره بحسب ظهور أحكامه .
و إنما افتقر العالم إلى الله سواء كان افتقارة كليا أو افتقار نسبيا (فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارة ذاتية وأعظم الأسباب له سببية الحق) أي أن يكون الحق سببا له لا غيره.
قال رضي الله عنه :  (ولا سببية للحق) أي ولا يمكن للحق أن يكون سببا للعالم (يفتقر العالم إليها) أي إلى هذه السببية (سوى الأسماء الإلهية) إذ ما دبر الحق العالم إلا بأيدي أسمائه فسبحان من دبر العالم بالعالم .
قال رضي الله عنه :  (والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه) سواء كان ذلك الاسم المفتقر إليه من جنس (العالم مثله) أي مثل المفتقر كالوالد بالنسبة إلى الولد، فإنه اسم إلهي يفتقر إليه الولد في وجوده الخارجي مع أنه من العالم مثل الولد فلا يطلق الاسم على شيء إلا بسبب كونه محتاجة إليه للعالم .
(أو) تجلی من (عین الحق) فكيف كان (فهو) أي الاسم المفتقر إليه (الله) أي عين الحق باعتبار الربوبية (لا غيره) وإن كان غيره باعتبار الظلية إذ لا يحتاج إليه ولا يطلق عليه الاسم بهذا الاعتبار فكان العالم كله من الأسماء والأعيان وغيرها يفتقر إلى الله خاصة .
قال رضي الله عنه :  (ولذلك) أي ولأجل أن العالم كله محتاج إلى الله لا إلى غيره (قال الله تعالى : «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد» [فاطر: 15].
فالغناء لا يكون إلا لله والفقر لا يكون إلا للعالم (ومعلوم أن لنا افتقارة من بعضنا البعض فاسماؤنا) من جنسنا التي يحتاج إليها أسماء الله تعالى (وأسماء الله تعالی) عین ذاته من حيث الربوبية .
قال رضي الله عنه :  (إذ إليه الافتقار بلا شك) لا إلى غيره لأن الغير ظل الله والظل لا يقال فيه يفتقر إليه غيره (واعيننا) أي وجوداتنا الخارجية (في نفس) الأمر (ظله لا غيره) أي لا غير ظله أو لا غير الحق إذ ظل الشيء عينه.
قال رضي الله عنه :  (فهو) أي الحق (هويتنا) باعتبار ظهور هوية الحق فينا فلا امتیاز بهذا الوجه وهو وجه الأحدية (لا هويتنا) باعتبار ظهور الاختلاف فينا.
ولما كان هذا البيان أوضح الطريق وأقربه إلى معرفة الحق أوصي للسالكين بقوله: (وقد مهدنا لك السبيل) أي بسطنا و أوضحنا لك طريقة واسعة يوصل لمن سلك به إلى الحق فانظر) فيه تصل إلى مقصودك والله المعين.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : " وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به. فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.  وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق. فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا. فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. "
وقوله في آخر الحكمة: و أعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره فهو هويتنا لا هويتنا فيه ما يتضح مشافهة إن شاء الله تعالی.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين أو من أيّ حقيقة اتّصف الحق بالغنى عن الناس والغنى عن العالمين ، واتّصف العالم بالغنى ، أي بغنى بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به ؟ فإنّ العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شكّ افتقارا ذاتيّا ، وأعظم الأسباب له سببيّة الحق) .
قال العبد : العالم بمألوهيته ومربوبيته ومخلوقيته وعدميته مفتقر إلى الموجد الله الربّ الخالق ، والله من حيث وجوده المطلق غنيّ عن الربوبية والمربوب والخالقية والمخلوق ، لأنّ العالم من حيث مجموعه وكلَّيته يفتقر إلى الموجد الخالق بالذات .
إذ لا وجود له من نفسه ، وكذلك يفتقر إلى أجزائه وأبعاضه التي بها تتحقّق كليته ومجموعه ، وكذلك الكلّ من حيث كلّ جزء جزء من العالم مفتقر إلى الحق في الوجود ، ويفتقر كل جزء جزء كذلك في وجوده إليه افتقارا ذاتيا حقيقيا ويفتقر إلى بعضه في تحقّق نسبة بعضه إلى البعض .
فانتشت النسب الافتقارية الكثيرة بالوجود الواحد إليه في الكلّ للبعض من البعض ، وإلى الكلّ وللكلّ إلى الكلّ ، ومع قطع النظر عن النسب فذواتنا وهي عين وجوداتنا قائمة بالذات المطلقة الواحدة في حقيقتها ، إذ لا حقيقة لغيرها ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( ولا سببيّة للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهيّة ) .
يعني رضي الله عنه : لا افتقار إلى سبب إلَّا في الإيجاد كالخالقية والرازقية وما شاكلهما ، وذوات الحقائق صور التعينات الذاتية الشؤونيّة ، فلا افتقار من حيث الذات العينية ، فإنّها عين العين الغنيّة بالغيبيّة ، فالافتقار بين النسب وهي الأسماء التي نحن صورها .
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية كلّ اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله ، أو عين الحق ، فهو الله لا غير ).
يعني : كافتقار الابن إلى الأب في وجوده ، والفرع إلى الأصل ، فهو الله لا غير ، إذ لا مفتقر ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال الله تعالى “ يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله وَالله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "  ومعلوم أنّ لنا افتقارا من بعضنا إلى البعض ، فأسماؤنا أسماء الله - تعالى - إذ إليه الافتقار بلا شكّ وأعياننا في نفس الأمر ظلَّه لا غيره ، فهو هويّتنا لا هويّتنا ، وقد مهّدنا لك السبيل ، فانظر ) .
قال العبد : يشير إلى أنّ الافتقار لمّا كان لنا ذاتيا ، لكوننا غير موجودين من حيث حقائقنا وأعياننا ، فما لنا وجود من أنفسنا .
وكذلك لنا افتقار إلى الوجودية الثبوتيّة من ذاته ، فعمّنا الافتقار إلى الله في الوجود وفي ظهور بعضنا للبعض ، ووصول آثار بعضنا إلى البعض به.
وكان الغنى في كل ذلك للذات المطلقة الواجبة الوجود بالذات ، فهو المفتقر إليه مطلقا في جميع أقسام الافتقار ، سواء كان افتقارا كلَّيا أو نسبيّا .
فالافتقار إلى هذا الغنيّ بالذات المغني بالأسماء الإلهية ، ولمّا كان الافتقار منّا إلى أسمائه ، ونرى افتقار بعضنا إلى البعض من وجه بالسببية والمسبّبية .
فنحن إذا صور أسماء الحق ، فعين افتقارنا إلينا هو عين افتقارنا إلى الحق ، فهو الغنيّ ونحن الفقراء ، فاعلم ما أشرنا إليه ، إن شاء الله الموفّق.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين ومن أي حقيقة اتصف الحق بالغنى عن الناس والغنى عن العالمين ) أي تعلم أن الحق بذاته غنى عن العالمين لا بأسمائه ، فإنها تقتضي النسب إلى الخلق.
قال رضي الله عنه : ( واتصف العالم بالغنى : أي بغنى بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به ، فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا ) أي ومن أي حقيقة اتصف العالم بغنى بعضه عن بعض ، كغنى العناصر عن المواليد ، وغنى السمويات عن الأرضيات من حيث أنها لا تتأثر منها وما هو ، أي وليس وجه الغنى عين وجه افتقاره أي افتقار بعضه إلى بعض.
كافتقار العالم من حيث أنه كلى مجموعى إلى كل واحد من أجزائه ، وافتقار المسببات من أجزاء المواليد إلى أسبابها افتقارا ذاتيا لإمكانها بل بغنى بعضه عن بعض من وجه ، وافتقاره إلى ذلك البعض من وجه ، كاستغناء الماء في تبرده وجموده عن الشمس وافتقاره في حرارته وسيلانه إليها .
وفي الجملة إن العالم وإن عرض له الغنى بهذا الاعتبار فلا بد من الافتقار إلى أسبابه بالذات كالظل ، فإن الممكن في ذاته مفتقر إلى أسبابه .
قال رضي الله عنه : ( وأعظم الأسباب له سببية الحق ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية ) فإنه يفتقر إلى الإيجاد والربوبية والخالقية وأمثالها ، وهي لا تكون إلا بالأسماء لا في أعيانه ، فإن الأعيان غنية في كونها أعيانا عن السبب.
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله ، أو عين الحق فهو الله لا غيره) .
أي الأسماء الإلهية ما يفتقر إليه العالم سواء كان ذلك الاسم المحتاج إليه من عالم مثله كاحتياج الابن إلى الأب في وجوده ورزقه وحفظه فإنها صور أسماء الحق ومظاهرها .
أو من عين الحق كاحتياج الابن في صورته وشكله وخلقته إلى الحق المصور الخالق وهو ليس من عالم مثله ، فذلك الاسم المحتاج إليه هو الله لا غيره .
أما الأول فلأن سببية الأب ليست من حيث عينه الثابتة ، فإنها معدومة بل من حيث وجوده وفعله وقوته وقدرته ، والوجود عين الحق الظاهر في مظهره ، والفعل والصورة والقدرة والقوة والرزق والحفظ توابع الوجود وصفات الحق وأفعاله .
"" إضافة بالي زادة :  (واتصف العالم بالغنى ) يعنى كما أنك اتصفت بالغنى عن ظلك من حيث ذاتك ، كذلك اتصف الحق بالغنى بحسب الذات عن العالم ، فإذا كان ظلك مفتقرا إليك ومستغنيا عنك فقد عرفت منه أن اتصاف بعض بالغنى عن بعض ليس عين افتقاره إلى بعض ، فالولد بالنسبة إلى والده مفتقر من حيث ربوبيته ومستغن من حيث أنه عبد محتاج مثله فاحتياجه من هذه الحيثية إلى الله لا إليه ، فما كان وجه استغنائه وجه افتقاره فاستغناؤه لعدم سببيته فمن وجه في وجوده وافتقاره لوجود سببية هذا البعض ، فكان افتقاره إلى البعض عين افتقاره إلى الحق ، فإن ذلك البعض من حيث الربوبية عين الحق .
وهو معنى قوله ( وبالفقر النسبي ) عرفت أيضا اتصاف الحق بالغنى عن الناس من أي جهة ، وبالافتقار إليه من أي جهة ، فغناؤه بحسب ذاته وافتقاره بحسب ظهور أحكامه ، وإنما افتقر العالم إلى الله كليا كان أو نسبيا ( فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك ) اهـ بالى زادة .
( ولا سببية للحق ) إذ ما دبر الحق العالم إلا بأيدي أسمائه ، فسبحان من دبر العالم بالعالم اهـ.
( من عالم مثله ) أي مثل المفتقر كالوالد بالنسبة إلى الولد ، فإنه اسم إلهي يفتقر إليه الولد في وجوده الخارجي ، مع أنه من العالم مثل الولد فلا يطلق الاسم على شيء إلا بسبب كونه محتاجا إليه العالم ( أو ) تجلى من ( عين الحق ) فكيف كان ( فهو ) أي الاسم المفتقر إليه ( الله ) أي عين الحق باعتبار الربوبية ( لا غيره ) وإن كان غيره باعتبار الظلية إذ لا يحتاج إليه ولا يطلق عليه الاسم بهذا الاعتبار ، فكان العالم كله من الأسماء والأعيان وغيرها يفتقر إلى الله خاصة اهـ .بالي زادة""

ليس للأب إلا القابلية والمظهرية لما علمت أن القابل لا فعل له بل الفعل للظاهر في مظهره وأما الثاني فظاهر ، فظهر أن المحتاج إليه ليس إلا الله وحده ، فقوله : كل اسم خبر المبتدأ ، يفتقر إليه العالم صفته ، ومن عالم مثله صفة بعد صفة ، أي ثابت كائن من عالم مثله أو عين الحق عطف على عالم مجرور ، أي أو اسم كائن ناشئ من عين الحق.
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال : " يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ".)
أي ولأنا من مكمن الإمكان ، والممكن بالنظر إلى ذاته دون موجده معدوم وقابل بالذات فكيف بالصفات والأفعال ، فالفقر لنا إلى الله من جميع الوجوه ذاتي ، والله وحده هو الغنى بالذات الحميد بالكمالات والصفات .
قال رضي الله عنه : ( ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا ، فأسماؤنا أسماء الله تعالى ) أي لما ثبت أن الافتقار العام لازم لنا لزم افتقار بعضنا إلى بعض على ما نشاهد افتقارا إلى أسماء الله فينا بتجليه لنا بها ، فأسماؤنا أسماؤه ونحن له مظاهرها فحسب ، ليس لنا شيء مفتقر إليه.
قال رضي الله عنه :  ( فهو هويتنا ) بظهور وجه الأحدية ( لا هويتنا ) باعتبار التعين والإضافة التي هو بها ظل (وقد مهدنا لك السبيل فانظر) في هذا الفص ليتضح لك .
"" إضافة بالي زادة :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن العالم كله محتاج إلى الله لا إلى غيره ( قال تعالى: " يا أَيُّهَا النَّاسُ ") فالغنى لا يكون إلا لله ، والفقر لا يكون إلا للعالم اهـ بالى .
( فأسماؤنا ) من جنسنا التي نحتاج إليها أسماء الله تعالى ، وأسماء الله عين ذاته من حيث الربوبية إذ إليه الافتقار بلا شك اهـ. بالي زادة
( إذ إليه الافتقار بلا شك لا إلى غيره ) لأن الغير ظل الله والظل لا يقال فيه يفتقر إليه غيره ( وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره ) أي لا غير ظله أو لا غير الحق إذ ظل الشيء عينه ( فهو هويتنا ) باعتبار ظهور الحق فينا ، فلا امتياز بهذا الوجه وهو وجه الأحدية ( لا هويتنا ) باعتبار ظهور الاختلاف فينا اهـ. بالي زادة ""

قال رضي الله عنه : ( إذ إليه الافتقار بلا شك ) خاصة لا إلى غيره ( وأعياننا في نفس الأمر ظله ) باعتبار اسمه الباطن لأنها معلومات عينية ( لا غيره ) لأن اسم الباطن عينه باعتبار نسبة البطون ، وظله ووجوده مع قيد الإضافة .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
( حتى تعلم من أين ومن أي حقيقة اتصف الحق بالغنى عن الناس والغنى عن العالمين ) . الحقيقة التي اتصف منها الحق بالغنى عن الناس ، ليست غير ذاته تعالى ، فهو غنى بذاته عن العالمين .

والحقيقة التي اتصف منها العالم يغنى بعضه عن بعض ، هو كون كل من أهل العالم عبدا لله محتاجا إليه في ذاته وكمالاته ، والعبد لا يملك شيئا ، فلا يحتاج إلى غيره ، بل كلهم يحتاجون
إلى الحق . فاستغنى بعضهم عن بعض من هذه الحيثية ، مع أن كلا منهم مفتقر إلى الآخر . فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا ، وإليه أشار بقوله :
( واتصف العالم بالغنى ، أي ، بغنى بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى
بعضه به ) . ( ما ) في الموضعين بمعنى ( الذي ) .
و ( به ) عائد إلى ( الوجه ) . أي ، اتصف بعض العالم بالغنى عن بعضه من الوجه الذي افتقر ذلك البعض إلى بعض آخر بسبب ذلك الوجه . والمقصود أن وجه الغنى هو بعينه وجه الافتقار.
وذلك لأن الوجه الذي افتقر به بعض العالم إلى بعض ، هو وجه عبودية ذلك البعض المفتقر إلى ربوبية الآخر .
والوجه الذي غناه به عن بعض آخر ، هو أيضا عبودية ، لأن وجه العبودية ظل ، والظل لا يحتاج إلى الظل . غاية ما في الباب ، أن متعلق الغنى هو عبودية من هو مستغن عنه وظليته ، ومتعلق الافتقار ربوبيته . فاتحاد جهتي الغنى والافتقار من طرف الغنى والمفتقر ، لا من طرف الآخر .

ويجوز أن يكون : ( من وجه ما ) بتنوين التنكير . أي ، من وجه من الوجوه ، وذلك الوجه بعينه وجه الافتقار ، والمعنى على حاله .
ويجوز أن يكون ( ما ) في ( ما هو ) بمعنى ( ليس ) . أي ، ليس وجه الغنى عين الوجه الذي به يحصل الافتقار . والأظهر أن المراد هو الأول ، لأن تغاير الجهتين أمر بين لا يحتاج إلى الذكر .
وقد مر مثله ، في الفص الثاني ، من قوله : ( وهو عالم من حيث ما هو جاهل ) .
( فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا ، وأعظم الأسباب له سببية الحق ) . لأن ما سواه ممكن مفتقر إليه ، وهو واجب بذاته . ( ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية ) .
أي ، لا سببية فيفتقر العالم إليها للحق سوى الأسماء الإلهية ، لأنه تعالى بذاته غنى عن العالمين ، ولا يطلب العالم إلا الأسماء ، فلها السببية .
(والأسماء الإلهية ، كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم ، مثله أو عين الحق ) .
أي ، الأسماء عبارة عن كل ما يفتقر العالم إليه في وجوده وكمالاته وذاته ، سواء كان ذلك الاسم المفتقر إليه من جنس عالم مثله ، كالوالد بالنسبة إلى الولد ، فإنه سبب وجوده وتحققه في الخارج - مع أنه من العالم . أو لا يكون من جنس العالم ، بل ناش من عين الحق وتجل من تجلياته ، كالأرباب للأعيان .

ويجوز أن يكون ( من عالم ) بيان قوله : ( كل اسم ) . أي ، الاسم الإلهي .
كل عين يفتقر العالم إليها ، سواء كانت عينا من الأعيان الموجودة أو الثابتة العلمية ، أو عين الحق ، كافتقار الولد إلى عين الأبوين في كونهما سببا لوجوده .
وكافتقارنا في وجودنا إلى أعياننا العلمية ، لأنه ما لم يوجد في العلم ، لم يوجد في العين .
وكافتقارنا إلى الأسماء التي الأعيان الثابتة مظاهرها ،وهي الذات الإلهية باعتبار كل من الصفات .
فالاسم يطلق على الأعيان الموجودة والأعيان الثابتة التي هي مسمى العالم ، لكن من وجوه ربوبيتها ، لا من وجوه عبوديتها ، كما يطلق على أربابها ، وهي الذات مع كل واحد من صفاتها .

( فهو "الله" لا غيره . ولذلك قال : " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد ") .
أي ، فالاسم المحتاج إليه ، هو عين الله لا غيره ، سواء كان  من جنس العالم ، أو لم يكن ، لأنه إنما صار مفتقرا إليه باعتبار ربوبيته ، وهي لله تعالى لا لغيره .
وأيضا الوجود هو الله ، والكمالات اللازمة له من الرزق والحفظ والربوبية كلها لله ، فليس للعين من حيث إنه عالم إلا العجز والنقص وأمثالهما ، كلها راجعة إلى العدم ، فالعين من حيث إنها مغائرة للحق ، ليست إلا العدم .
ولكون الفقر لازما لعين العالم ، قال تعالى : " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد" .
(ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا . فأسماؤنا ) أي ، أسماؤنا الكونية ، هي (أسماء الله) . باعتبار التنزل والاتصاف بصفات الكون .
أو ذواتنا أسماء الله تعالى ، من حيث الربوبية والصفات الكمالية . وأسماؤنا الملفوظة أسماء تلك الأسماء ( إذ إليه ) أي ، إلى الله . ( الافتقار بلا شك ) . لا إلى غيره .
وإنما قال : ( أسماؤنا أسماء الله ) . ولم يقل : ذواتنا ، ليشمل أسماء الأسماء ، لأنها أيضا أسماؤه تعالى ، إذ هو الذي يتنزل بحسب المراتب ، فيتصف بصفات الأكوان ، ويتسم بأسماء الأعيان ، كما قال رضي الله عنه  : وهو المسمى بأبي سعيد الخراز وغيره .

"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه فى الفص الرابع فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية : "قال الخراز رحمه الله تعالى، وهو وجه من وجوه الحق ولسان من ألسنته ينطق عن نفسه بأن الله تعالى لا يعرف إلا بجمعه بين الأضداد في الحكم عليه بها.
فهو الأول والآخر والظاهر والباطن. فهو عين ما ظهر، وهو عين ما بطن في حال ظهوره. وما ثم من يراه غيره، وما ثم من يبطن عنه، فهو ظاهر لنفسه باطن عنه.
وهو المسمى أبا سعيد الخراز وغير ذلك من أسماء المحدثات".أهـ""
( وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره ، فهو هويتنا لا هويتنا ) . أي ، أعياننا الثابتة والموجودة كلها ظله ، وظل الشئ عينه باعتبار ، فالحق هويتنا من هذا الوجه ، لا هويتنا من حيث امتياز الظل عن المظل .
ولما كان هذا التحقيق إيضاحا للحق وطريقه ، قال : ( وقد مهدنا لك السبيل ، فانظر ) أي ،عينا لك طريق الحق ، فانظر فيه تجده.
والله أعلم بالصواب .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:50 عدل 7 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 16 يونيو 2019 - 10:08 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.)
قال رضي الله عنه : (وحتى تعلم من أين) أي: من جهة أحدية الذات (ومن أي حقيقة) إلهية وهي جهة الأسماء الخاصة التي لم يتعلق بها بعض جزاء العالم أصلا، فلم يؤثر بها ولم يتأثر عنها، ولا عن المؤثر.
قال رضي الله عنه : (اتصف الحق بالغني عن الناس) هذا من جهة أحدية الذات، وإن افتقر إليه في ظهوره من جهة أحدية الكثرة؛ فإنها من حيث هي أحدية جامع لا يظهر إلا في هذا المظهر الجامع (والغني عن العالمين) وإن فتقر إليهم في ظهوره هم باعتبار أسمائه من حيث تميز بعضها عن بعض.
قال رضي الله عنه : (واتصف العالم بالغني) مع أن من شأنه الافتقار لا مكانه، ولما توهم أنه غنى عن الله وهو باطل فسره بقوله: (أي بغني بعضه عن بعض) باعتبار ما يخص بعض أجزائه من الأسماء الإلهية المتميزة تأثيرا أو تأثرا بحيث لا يتعداه إلى غيره.
لكنه غنی (من وجه) وهو أن تحققه لا يتوقف عليه (ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به)، وهو أن التميز التام لكل واحد منهما غير البواقي يفتقر إلى تصور الكل، وإن لم يفتقر إلى ذلك في التميز الذاتي.
قال رضي الله عنه : (  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا. وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق. فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا. فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
ثم علل افتقار العالم على الوجه الكلي إلى الله، وافتقار بعضه إلى بعض على الوجه الجزئي بقوله: (فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتا) لكونه ممكنا في ذاته يستوي بالنظر إليه طرفا وجوده وعدمه، وإن كان يكفي في العلة عدم المرجح، فلا بد له في وجوده من مرجح موجود.
قال رضي الله عنه : (وأعظم الأسباب له سببية الحق)؛ لأن سائر الأسباب لما كانت ممكنة كانت مفتقرة إلى واجب الوجود، فلم تتم سببیتها بدونه وهو تام في السببية، فهو مفتقر إليه افتقارا كليا، ولكن هذا الافتقار إليه باعتبار أحدية الكثرة.
لأنه (لا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية) التي بها أحدية الكثيرة لتضمنها المعاني التي بها انتساب الحق إلى العالم، وانتساب العالم إلى الحق، وليس ذلك في أحدية الذات ودلالتها على الظل ليست باعتبار أنها أحدية الذات بل من حيث هي أحدية فقط.
فكان افتقار العالم إلى الله تعالى باعتبار أحدية الكثرة افتقارا كليا، ويدخل في هذا الافتقار افتقار بعض أجزاء العالم إلى أسماء خاصة أو إلى البعض منه إذ (الأسماء الإلهية)، وإن اعتبر تميزها المنافي الأحدية الذات، فلا ينافي أحدية الكثرة بل (كل اسم يفتقر) العالم .

أي: بعض أجزائه (إليه من) جهة ظهوره بصورة التأثير في (عالم مثله أو) يفتقر إليه من (عين الحق) أي: من جهة كونه أسماء إلها أثر فيه أو ظهر فيه بالتأثير، فهو أي ذلك الاسم المفتقر إليه (هو الله) باعتبار أحدية الكثرة (لا غيره).
وإن كان تغایره باعتبار أحدية الذات فالافتقار إلى ذلك الاسم سواء كان باعتبار ظهوره بالتأثير في بعض أجزاء العالم أو لا باعتبار ذلك افتقار إلى الله تعالی بماله من أحدية الكثرة.
قال رضي الله عنه : (ولذلك) أي: ولأجل افتقار العالم إلى الله بالكلية بحيث يدخل فيه افتقارنا إلى بعض الأسماء الخاصة أو البعض الآخر من العالم و لغنى الحق باعتبار أحدية الذات عنا وعن أسمائه باعتبار مغایرتها (قال:" يا أيها الناس أن الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد " [فاطر: 15]).
فدل ذلك على انحصار فقرهم في أنه إلى الله، والله هو الغنى الحيريده يعني لو لم يكن غنيا لم يكن كاملا واجبا بالذات، فلا يستحق الحمد على الكمالات.
ثم أشار إلى صحة الحصر مع افتقار بعضنا إلى بعض، فقال: (ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا إلى بعضنا) لا من جهة أعياننا المعدومة بل من حيث ما تجلى في بعضنا بعض أسمائه بصورة التأثير.
قال رضي الله عنه : (فأسماؤنا) أي: المعاني الموجبة لتأثير بعضنا في البعض الموجب افتقار البعض منا إلى البعض (أسماء الله تعالی) أي: صور أسمائه، (إذ إليه الافتقار) بالبعض.
 ودليل العقل على سبيل الحصر، وكيف ونحن إنما تؤثر بتأثير ظهر فينا منه إذا ليس لنا من أعياننا) باعتبار عدميتها شيء من الأوصاف فضلا عن التأثير.
ولكن أعياننا (في نفس الأمر ظله) أي: محل ظله، فتؤثر أعياننا بتأثيره لا بأنفسها، كتأثير المرأة بما انطبع فيها من صورة الشمس بتنوير ما يحاذيها من الجدار.
قال رضي الله عنه : (فهو) أي: المفتقر إليه منا لبعضنا (هويتنا) باعتبار أن لنا دخلا في التأثير (لا هويتنا) باعتبار أن تأثيرها ليس من أعيانها، بل من الاسم الإلهي الظاهر بصورة التأثير فيها، فهو المؤثر بالحقيقة.
ثم قال رضي الله عنه : (وقد مهدنا لك السبيل) إلى أحدية المفتقر إليه من الكل، فهو الفاعل الواحد في الكل، (فانظر) منه إلى أحدية الصفات، ثم إلى أحدية الذات؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم.
ولما كانت الحكمة النورية باحثة عن الكشف الصوري المستعقب للكشف المعنوي الذي أوله الكشف عن وحدة الأفعال التي بها أحدية الربوبية، ثم أحدية الصفات، ثم أحدية الذات عقبها بالحكمة الأحدية، وقد انساق الكلام في الحكمة النورية إليها؛ فقال:


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : (وحتّى يعلم من أين ، ومن أيّ حقيقة اتّصف الحقّ بالغنى عن الناس والغنى عن العالمين واتّصف العالم بالغنى - أي بغنى بعضه عن بعض من وجه ) لكن لا بد وأن يكون وجه الاستغناء ( ما هو عين ما افتقر به إلى بعضه) .
فعلم أنّ العالم له الافتقار الكلَّي والجزئي ، والحقّ له الاستغناء الكلَّي ، منزّه عن الافتقار الكلَّي والجزئي ، وأمّا الاستغناء الجزئي فقد يكون للعالم ، ولكن لا بدّ وأن يكون فيه جهة افتقاريّة - بدون ذلك لا يمكن ( فإنّ العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شكّ افتقارا ذاتيّا ، وأعظم الأسباب له سببيّة الحقّ ، ولا سببيّة للحق يفتقر العالم إليها ، سوى الأسماء الإلهيّة ) ،  كالحياة والقدرة والخلق والرزق ، وذلك سواء كان من المظاهر الجزئيّة التي للعالم ، أو عين الحقّ .

على ما قال رضي الله عنه : العالم مفتقر ( والأسماء الإلهيّة كلّ اسم يفتقر العالم إليه ) سواء كان ذلك المفتقر إليه ( من عالم مثله ) كاحتياج الابن مثلا إلى الأب في ظهوره ( أو ) من ( عين الحقّ ) كاحتياجه في حياته إليه ، ( فهو الله لا غيره ) هذا خبر « كلّ اسم » متّصف بتلك الأوصاف ، ف « كلّ اسم » مبتدأ ، و « يفتقر » صفة له  .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال : " يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله " ) فأطلق " الفقر " عليهم بإطلاقه ، لأنّه ذاتي لهم كليّا وجزئيّا ( " وَالله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " ) [ 35 / 15 ] .
وقيّد الغناء باللَّه بالحميد منه ، لما عرفت أنّ الغناء الجزئي قد يكون للعالم فيه حقّ ، وعلى التقادير فالمفتقر إليه لا بدّ وأن يكون هو الله - على ما علم من النصّ .

قال رضي الله عنه : (ومعلوم أنّ لنا افتقارا من بعضنا إلى بعض، فأسماؤنا أسماء الله تعالى، إذ إليه الافتقار بلا شكّ، وأعياننا في نفس الأمر ظلَّه ) المتقوّم به ( لا غيره ، فهو هويّتنا ) باعتبار نسبة الأسماء إلينا ( لا هويّتنا ) في نفسه .
( وقد مهّدنا لك السبيل ) في تحقيق ذلك مما يشاهد من الظلّ وقيامه بالشخص ( فانظر ) في ذلك حتّى يتبيّن لك ما به تصل إلى المراد .

تمهيد للفصّ الآتي
ثمّ إنّه قد تبيّن مما نبّهت عليه في أمر تنسيق هذه الفصوص وترتيبها أن الفص الهودي كاشف عما بدئ به من السير الكمالي الإظهاري الذي على عرض أرض الكون الجمعي الإنساني، فلذلك خصّه بالحكمة الأحديّة التي حضرتها أول التعيّنات قائلا :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )

قال رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به. فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا. وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية )

قال رضي الله عنه : (وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق سبحانه بالغني عن الناس والغني عن العالمين).
وهذه الحقيقة على أحذيته الذاتية فإن النسب الأسمائية مفتقرة إلى متعلقاتها (و) من أي حقيقة قال رضي الله عنه : (اتصاف العالم بالغنى، أي بغني بعضه)، أي بعض العالم (عن بعض) آخر
(من وجه ما هو)، أي ليس هذا الوجه (عين ما افتقر) البعض الأول (إلى بعضه) الآخر (به)، أي بذلك الوجه كالماء مثلا فإنه غني في تبرده عن الشمس مفتقر إليها في حرارته ، فجهة الغني هو التبرد الطبيعي وجهة الافتقار هي الحرارة الغريبة وجعل ما ! الأولى موصولة لا نافية بناء على ما مر في الفصل الثاني من قوله : وهو عالم من حيث هو جاهل خلاف الظاهر .
ولما ذكر أن ما سوى الله وهو العالم مفتقر إلى الله بالفقر الكلى ومفتقر بعضه إلى بعض بالفقر السببي.
فبينه بقوله رضي الله عنه : (فإن العالم) كلا و جزءا (مفتقر إلى الأسباب) في وجوده وبقائه (بلا شك افتقارا ذاتيا)، لإمكانه في نفسه (وأعظم الأسباب له)، أي العالم (سببية الحق) فإن المؤثر الحقيقي في الوجود إنما هو الحق سبحانه وسائر الأسباب مظاهر سببية لا تأثير له في الحقيقة.
ولهذا سمي تسبب الاسباب (ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوی) سببية (الأسماء الإلهية) ذلا نسبة بين الذات الأحذية ، وبين العالم بوجه من الوجوه لا بالسببية ولا بغيرها


قال رضي الله عنه : (  والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا. فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )

قال رضي الله عنه :  (والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم)، أي عالم من العوالم ك" أو جزءا (إليه من عالم مثله) في كونه عالم (أو) من (عین الحق) وذاته ولكن باعتبار نلبسه بشأن من شؤونه فقوله : من عالم مثله أو عین الحق بيان لكل اسم .
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي كل اسم يفتقر إليه العالم هو الله ، لأنه من الأسماء الإلهية و الاسم عين المسمى من حيث الحقيقة لا غيره وإن كان غيره من حيث التعين.
ولذلك أي تكون كل اسم مفتقرة إليه هو (الله لا غيره ولذلك قال تعالى: وبها ألامر أن الفقراء إلى الله) حيث تم يجعل المفتقر إليه في الذكر إلا الله خامة فلو كان بعض المفتقر إليهم غير الله لا وجه لتخصيصه بالذكر ( "والله هو الغني") في ذاته (" الحميد") [فاطر : 15] بصفاته التي يعاني بها مقاصد المفتقرين إليه.
قال رضي الله عنه : (ومعلوم أن لنا افتقارأ من بعضنا لبعضنا)، أي إلى بعض (فأسماؤنا أسماؤه إذ إليه الافتقار) فحسب بمقتضى الآية (بلا شك) فلو كنا غيره لم يكن المفتقر إليه هو الله فقط .
ولما لم يظهر من هذا الكلام إلا كوننا عین الله من حيث كوننا يفتقر إلينا بعض أراد أن بثبت العينية مطلقا.
فقال رضي الله عنه : (وأعياننا) سواء كانت خارجية أو ثابتة (في نفس الأمر ظله لا غير).
أما أعياننا الثابنة فلأنها لا للذات الإلهية المتلبسة بشؤونها، وأما أعياننا الخارجية فلأنها ظل لأعياننا الثابتة وظل الغفل ظل بالواسطة، والظل عين ظل ذي الظل، فإنه من مراتب نزلاته.
(فهو)، أي ألله هويتنا من حيث الحقيقة لا (هويتنا) من حيث التعين .
وقد مهدنا لك السبيل في معرفة كون الله عين كل شيء إجمالا فانظر في تفاصيل ما ورد علينا لتشاهده في كل شيء على سبيل التفصيل .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:51 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 16 يونيو 2019 - 20:35 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السادسة عشر السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر :
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
09 - نقش فص حكمة نورية في كلمة يوسفية
لما كان عالم المثال عالم نورانيا، وكان كشف يوسف عليه السلام مثاليا، وأيضا ظهر فيه عليه السلام سلطنة النورية العلمية المتعلقة بكشف الصور الخيالية والمثالية .
وهو علم التعبير على الوجه الأكمل؛ وكل من يعلم بعده ذلك العلم، فمن مرتبته يأخذ ومن روحانيته يستفيد، أضاف رضي الله عنه الحكمة النورية إلى الكلمة اليوسفية . 
اعلم أن النور الحقيقي يدرك به، وهو لا يذرك ، لأنه عين ذات الحق سبحانه من حيث تجدها عن النسب والإضافات.
ولهذا حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم :"هل رأيت ربك؟»، قال: «نور، أني أراه"»،رواه مسلم . أي النور المجرد لا يمكن رؤيته.
وكذا أشار الحق في كتابه لما ذكر ظهور نوره في مراتب المظاهر، وقال :" الله نور السماوات والأرض" [النور: 35].
فلما فرغ من ذكر مراتب التمثيل، قال : "نور على نور" [النور: 30],
فأحد النورين هو الضياء، والآخر هو النور المطلق؛ ولهذا تمم.
فقال : "يهدى الله لنوره من يشاء " [النور: 35]، أي يهدي الله بنوره المتعين في المظاهر إلى نوره المطلق الأحدي .
ولما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رؤية النبي عليه السلام ربه ، أخبر أنه رآه ؛ فأخبر بقول عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سأله عن رؤية ربه وقوله عليه السلام : "نور، أني أراه؟» .
فراجع السائل ابن عباس في ذلك ، فقال ابن عباس : "ويحك ، ذاك إذا تجلى في نوره الذي هو نوره»، أي إنما يتعذر الرؤية والإدراك باعتبار تجرد الذات عن المظاهر والنسب والإضافات ؛ فأما في المظاهر ومن وراء حجابية المراتب ، فالإدراك ممكن.
""حديث: سئل ابن عباس، فقيل: يابن عباس، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قال: نعم، فقلت لابن عباس: أليس يقول الله"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" [الأنعام: 103] ، قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره الذي هو نوره، إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء"" رواه المقدسي في المختارة والبيهقي وابن خزيمة وغيرهم.
كما قيل :
كالشمس تمنعك إجتلاك وجهها    …. فإذا اكتست برقیق غيم أمكنا
وإلى مثل هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم  في بيان الرؤية الجنائية المشبهة برؤية الشمس والقمر.

قال الشيخ رضي الله عنه : (  النور يكشف ويكشف به. وأتم الأنوار وأعظمها نفوذا النور الذي يكشف به)

فأخبر عن أهل الجنة أنهم يرون ربهم وأنه ليس بينه وبينهم حجاب إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن، فنبه صلى الله عليه وسلم على بقاء رتبة الحجابية، وهي رتبة المظهر. فاعلم ذلك.
"" أضاف المحقق:  يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن قيس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن». رواه مسلم وغيره.""

وإذ قد نبهت على شأن النور الحقيقي وأنه يذرك به وهو لا يدرك، فاعلم أن الظلمة لا تدرك، ولا يدرك بها، وأن الضياء يدرك، ويدرك به.
ولكل واحد من الثلاثة شرف يختص به: فشرف النور الحقيقي هو من حيث الأولية والأصالة، إذ هو سبب انكشاف كل مستور.
وشرف الظلمة هو أنه باتصال النور الحقيقي بها يتأتى إدراك النور مع تعذر ذلك قبل الاتصال.
وشرف الضياء هو من حيث الجمع بالذات بين الأمرين واستلزام ذلك حيازة الشرفين.
ثم إن النور المحض المشار إليه لا يغادر الوجود الحق. ولا شك أن الوجود المحض يتعقل في مقابلة العدم المضاد له ؛ فإن للعدم تعينا في التعقل، لا محالة ؛ وله الظلمة ، كما أن الوجود له التورية.
ولهذا يوصف الممكن بالظلمة وأنه يتنور بالوجود، فيظهر. فظلمته من أحد وجهيه، الذي هو العدم.
وإليه الإشارة بقول النبي عليه السلام: «إن الله خلق الخلق في ظلمة. ثم رش عليه من نوره، فظهر».
وإذا تقرر هذا، فالعدم المتعقل في مقابلة الوجود لا تحقق له بدون التعقل. والوجود المحض لا يمكن إدراكه. فمرتبة العدم من حيث تعقل مقابليته للوجود كالمرآة له. والمتعين بين الطرفين هو حقيقة عالم المثال . والضياء صفته الذاتية .
ثم لما كان الغالب على عالم المثال النورية، لقربها من عالم الأرواح وما فوقه من عوالم الأسماء والصفات .
كما أن الغالب على صور عالم الكون والفساد الظلمة ، لكونها في مقابلة عالم الأرواح، الذي هو عالم النور وكان من حكم كل متوسط بين شيئين أنه إذا كان نسبته إلى أحد الطرفين أقوى من نسبته إلى الطرف الآخر أن يوصف بما يوصف به ذلك الطرف الغالب ويسمى باسمه.
لقب الشيخ رضي الله عنه هذه الحكمة بـ «النورية». وإلا، فهي في الحقيقة ضيائية ، لا نورية محضة.
وعبر عن الضياء بـ «النور» حيث قال، (النور)، أي ما عدا النور الوجودي الحقيقي ... الذي هو ذات الحق سبحانه - (يكشف)، أي يذرك لذاته ، (ويكشف به) أي يدرك به ما سواه.


قال الشيخ رضي الله عنه : ( ما أراد الله بالصور المتخيلة المرئية ، وهو علم التعبير، لأن الصورة الواحدة تظهر بمعان كثيرة مختلفة يراد منها في حق صاحب الصورة معنى واحد.
فمن كشفه بذلك النور ، فهو صاحب النور، فإن الواحد يؤذن ، فيحج؛ وآخر يؤذن، فيسرق، وصورة الأذان واحدة. وآخر يؤذن، فيدعو إلى الله على بصيرة. وآخر يؤذن، فيدعو إلى الضلالة.)


(وأتم الأنوار) التي تكشف ويكشف بها في الكاشفية (وأعظمها نفوذا) في الأشياء بالكشف عن حقائقها هو (النور) التام العلمي (الذي يكشف به) ويدرك (ما أراد الله بالصور المتخيلة المرئية في النوم)، المتغيرة عما كانت عليه في عالم المثال، ويصير مشاهدة في عالم الحس بتصرف القوة المتصرفة.
(وهو)، أي الكشف عما أراد الله بها هو، (علم التعبير).
وإنما كان ذلك النور التام العلمي أتم الأنوار وأعظمها نفوذا (لأن الصورة الواحدة) المتخيلة المرئية في النوم قد (تظهر) في خيال أشخاص متعددة (بمعان كثيرة مختلفة التفاوت استعدادات تلك الأشخاص واختلاف أمزجتهم وتباين أمكنتهم وأزمنتهم وغير ذلك.
لكن (يراد منها)، أي من هذه الصورة، (في حق صاحب الصورة)، أي صاحب كان، (معنى واحد) من تلك المعاني الكثيرة.
(فمن كشفه)، أي المعنى المراد، وميزه عن غيره وعبر الصورة المرئية به (بذلك النور) التام العلمي ، (فهو صاحب النور) الأتم.
ونوره أنه الأنوار لأنه يتميز به ما هو في غاية الالتباس ونهاية الاشتباه.
وإنما قلنا: «إن الصورة الواحدة تظهر بمعان كثيرة»، (فإن) الشخص (الواحد) من جماعة قد يرى في النوم أنه (يؤذن، فيحج) في عالم الحس.
(و) شخص (آخر) منهم يرى فيه أنه (يؤذن، فيسرق) في الحس.
أما الحج، فمن قوله تعالى : "وأذن في الناس بالحج" [الحج: 27]، وأما السرقة، فمن قوله تعالى: "ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون" [يوسف: 70].
(وصورة الأذان واحدة)، لكن التعبير مختلف، لاختلاف الرائين.
(و) كذلك شخص (آخر) يرى فيه أنه (يؤذن، فيدعو إلى الله على بصيرة. و) شخص (آخر) يرى أنه (يؤذن، فيدعو إلى الضلالة).
وذلك الاشتراك الأذان مع هاتين الدعوتين في مطلق الدعوة إلى أمر ما، وإنما اختلف المدعو إليه لاختلاف الرائي.
اعلم أن كل ما يظهر في الحس هو مثل ما يظهر في النوم والناس غافلون عن إدراك الحقائق ومعانيها التي تشتمل الصور الظاهرة عليها .
كما قال : «الناس نيام، فإذا ماتوا، انتبهوا» رواه أبو نعيم والزهري  . وكما يعرف العارف بالتعبير المراد من الصور المرئية في النوم،
كذلك يعرف العارف بالحقائق المراد من الصور الظاهرة في الحس؛ فيعبر عنها إلى ما هو المقصود منها.
فالعارف إذا شاهد صورة في الحس أو سمع كلاما، أو وقع في قلبه معنى من المعاني، يستدل منها على مبادئها ويعلم مراد الله من ذلك.
ومن هذا المقام ما يقال إن كل ما يحدث في العالم رسل من الله تعالى إلى العباد، يبلغون رسالات ربهم؛ يعرفها من يعرفها، ويعرض عنها من يجهلها».
قال تعالى: "وكأين من اية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون" [يوسف: 105]، لعدم انتباههم ودوام غفلتهم.
ولا يعرف هذا المقام إلا من يكاشف جميع المقامات العلوية والسفلية ، فيرى الأمر النازل من الحضرة إلى العرش والكرسي والسموات والأرض ويشاهد في كل مقام صوره.
قال رضي الله عنه :
إنما الكون خيال     ….. وهو حق في الحقيقة
كل من يفهم هذا      …… حاز أسرار الطريقة

وفقنا الله للخروج من مضيق العلم إلى فضاء العين ورزقنا الجمع بين هاتين الحسنيين.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 5 أغسطس 2019 - 10:53 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 16 يونيو 2019 - 20:55 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السابعة عشر السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر :
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
الفص التاسع حكمة نورية في كلمة يوسفية
(1) حكمة نورية في كلمة يوسفية
(1) يبحث هذا الفص في «عالم المثال» و ما يتصل به من القوة الخيالية في الإنسان و ما ينكشف للإنسان بواسطة اتصاله بالعالم المثالي من صور الوجود الروحاني كالصور التي ترى في الأحلام.
و العالم المثالي نوراني كما يقولون- أي غير مادي- جرياً على الاصطلاح الفارسي- في تسمية كل روحي لطيف نوراً، و كل مادي كثيف ظلمةً، و لكن الصور النورانية التي يحتويها قد تبدو في العالم المحسوس متجسدة متشخصة، و تدرَك فيه على نحو ما تدرك الكائنات المادية.
و أهم مسألة يعرض المؤلف لذكرها هنا مسألة الرؤيا وصلتها بقوة الخيال في الإنسان من جهة، و بالعالم المثالي من جهة أخرى، ثم صلة الرؤيا بالوحي و منزلتها منه.
غير أنه لا يقف عند هذا الحد، بل يصبغ المسألة صبغة ميتافيزيقية أخرى فيتوسع في معنى الخيال بحيث يجعله الحضرة- أو الحال- التي تظهر فيها الحقائق الوجودية في صور رمزية. فكل ما يظهر للحس أو للعقل مما يجب تأويله لمعرفة حقيقته خيال. و لهذا لم يتردد في القول بأن حياتنا كلها حلم من الأحلام، و أن كل ما نراه من صور الوجود الخارجي خيال في خيال، و أن النور الحقيقي أو الوجود الحقيقي هو اللَّه. بعد ذلك يشرح بالتفصيل معنى وجود العالم و نسبته إلى اللَّه، و معنى الوحدة و الكثرة و العلاقة العِلّية بين اللَّه و العالم.
أما اقتران اسم يوسف بهذه «الحكمة النورية» فلصلته بتأويل الأحلام كما
ورد في قصته، لأن يوسف قد كشف عن العالم المثالي على الوجه الأكمل، و كان عالماً بالمراد من الصور المرئية المثالية.
و المراد «بالحكمة النورية» المعرفة الخاصة بذلك العالم النوراني الذي هو عالم المثال. فبهذه الحكمة نعرف أسرار هذا العالم و ندرك صلته بحضرة الخيال في الإنسان. و لهذا قال «انبساط نورها على حضرة الخيال»: أي انها تلقي الضوء على ما خفي من ظواهر حضرة الخيال. هذا إذا أعدنا الضمير في نورها على الحكمة النورية.
و لكن القيصري و جامي يعيدان الضمير على «الكلمة اليوسفية» أي روحانية يوسف التي يقولان إن نورها منبسط على حضرة الخيال، بحيث إن كل من يعلم علم الرؤيا من بعده إنما يأخذ عن مرتبته و يستمد من روحانيته. و ليس لهذا التخريج ما يؤيده من نصوص الكتاب.

(2) «و قال يوسف عليه السلام: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً ... إلى في خزانة خياله».
(2) يذهب إلى أن ما يُرى في الأحلام على صورته الواقعية أو على صورة أخرى غير صورته قد يكون نتيجة قصد و إرادة من الرائي أو من المرئي أو من كليهما، و قد يحصل عن غير قصد و لا إرادة منهما.
فإذا وقعت الرؤيا نتيجة لقصد و إرادة كان للقاصد علم بما قصد، و إذا وقعت من غير قصد و إرادة من أحد، لم يكن للمرئي علم بما رآه الرائي و لا للرائي علم بما رأى إلا بعد حصول الرؤية.
و هذا النوع أدخل في باب الرؤيا الصادقة و أكمل لأنه إدراك مباشر لما في خزانة الخيال. و قد كانت رؤية يوسف لإخوته في صورة الكواكب، و لأبيه و خالته في صورة الشمس و القمر غيرَ مرادة له و لا لأحد من المرئيين بدليل أنه لم يكن يعلم عن هذا الأمر شيئاً و أنهم لم يكن لهم علم بما رآه. و لذلك أدرك يعقوب قيمة رؤيا ابنه و صدقها فقال له «يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً».
أما الرؤيا عن قصد من الرائي فأمر يرى إمكانه معظم الصوفية. و يحدثنا ابن العربي نفسه أنه كان يستطيع في أي وقت شاء أن يستحضر في حلمه أو في يقظته صور مشايخه فتتمثل أمامه و يخاطبها بما يريد. و لعل غير الصوفية أيضاً يزعمون هذا الزعم و إن كانوا لا يذهبون في تفسير هذه الظاهرة مذهبهم. راجع ما ذكرناه عن الهمة و خلق الأشياء بواسطتها: الفص السادس: التعليق الثامن: قارن ما يذكره المؤلف عن «الصدق» في كتابه مواقع النجوم ص 83 - 85. راجع أيضاً شذرات الذهب لابن العماد ج 5 ص 196 في كلام صدر الدين القونوي عن تمكن شيخه ابن العربي من الاجتماع بروح من شاء في نومه أو يقظته.

(3) «و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي».
(3) حاول أن يعقد صلة بين الرؤيا التي رآها يوسف في منامه ثم أوَّلها و قال بعد أن تحققت: «هذا تَاوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا»، و بين قول النبي صلى اللَّه عليه و سلم: «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا».
فقال إن الأصل هو ما قال النبي محمد عليه السلام و هو أن الناس نيام و أن كل ما يرونه أحلام، و أن يوسف لما رأى رؤيته ثم أوَّلها فيما بعد إنما خيل إليه أنه استيقظ من نومه، و لكنه لم يستيقظ و لم يزل في نومه حتى مات: و كذلك كل إنسان و هذا معنى قوله «فكان (أي يوسف) بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبَّرها، و لم يعلم أنه في النوم عينه ما برح». فاليقظة إذن هي النوم بعينه، و ليس ما نسميه نوماً إلا حالًا من حالاتها، و ليس ما نراه في اليقظة أو في المنام إلا خيالًا يجب تأويله.
و لهذا يفرِّق بين يوسف النبي الذي وصف العالم المحسوس بأنه العالم الحق و قابل بينه و بين عالم الأحلام في قوله: «هذا تَاوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا»، و بين ما يسميه «يوسف المحمدي» أي يوسف الذي يتكلم بلسان محمد و يشرح قوله: «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» بالمعنى الذي أشرنا إليه
و الذي يزيده المؤلف تفصيلا فيما بعد.

(4) «اعلم أن المقول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم ... كالظل للشخص و هو ظل اللَّه».
(4) في هذا الجزء من الفص أثر واضح للفلسفة الزرادشتية: على الأقل في الاصطلاحات و التشبيهات التي يستعملها ابن العربي إن لم يكن في صميم الأفكار ذاتها.
فهو يرى أن الحقيقة الوجودية لها ناحيتان- و قد أشرنا إلى بعض خصائص هاتين الناحيتين فيما سبق- الحق، و ما سوى الحق: أو اللَّه و العالم و يرمز لهما بالنور و الظلمة، أو بالشخص و ظله. و لكن لكي يكون لشخص من الأشخاص ظل، يلزم أن توجد ذات يقع منها الظل، و ذات أخرى أو ذوات يقع عليها الظل، و نور يسبب الظل. و كذلك الحال في ذلك الظل الوجودي الذي يتكلم عنه. فالحق هو الذات التي يمتد منها الظل، و أعيان الممكنات هي الذوات التي يقع عليها الظل- لطيفاً في عالمها المعقول، كثيفاً في عالمها المحسوس- و النور هو اسم اللَّه الذي تجلى به على الممكنات فأظهر الحد ما بين الحق و الخلق.
و يتصوره ابن العربي على أنه أشبه شي ء بالقوة الخالقة في طبيعة الوجود تدفعه دائماً إلى الظهور و التعَيُّن في الصور.
"يقول القيصري إن اسم النور يطلق على الوجود الإضافي أي الوجود الذي يمنحه اللَّه العالم و على العلم الإلهي و على الضياء إذ كل منها مظهر للأشياء. اما الوجود فظاهر لأنه لولاه لبقي أعيان العالم في كتم العدم، و أما العلم فلأنه لولاه لم يدرك شي ء بل لا يوجد فضلا عن كونه مدركا، و أما الضياء فلأنه لولاه الأعيان الوجودية في الظلم الساترة لها "
و بالاسم النور يقع إدراكنا للموجودات لأنه يظهرها، و نحن ندرك من الحق بقدر ما ندرك من الأشياء التي وقع عليها ظل وجوده.
فإذا أثبتنا أن للعالم وجوداً (مستمداً من وجود الحق) كان للظل وجود واقعي و كانت الحقيقة ثنائية.
أما إذا قدرنا عدم وجود العالم، فإن الظل يكون أمراً معقولا موجوداً بالقوة لا بالفعل و تكون الحقيقة واحدية. فالمسألة إذن مسألة اعتبار و تقدير: إذا نظرنا إلى الحقيقة من جهة قلنا إنها واحدة، و إذا نظرنا إليها من جهة أخرى قلنا إنها اثنينية.
و ظاهر من هذا الكلام أن ابن العربي كان يشعر بنفس القلق العقلي الذي شعر به زرادشت من جراء محاولة التوفيق بين التوحيد الديني و الثنوية الفلسفية، و لكنه وَجَدَ- خلافاً لزرادشت- مخرجاً من هذا التناقض في نظريته في وحدة الوجود التي تقبل جميع الاعتبارات و تنمحي فيها جميع المتناقضات.

(5) «و لكن باسم النور وقع الإدراك، و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول».
(5) ذكرنا في التعليق السابق كيف اعتبر الاسم الإلهي «النور» مبدأ الخلق أو مبدأ ظهور التعينات في الذات الإلهية، و يظهر أنه يعتبره هنا مبدأ التعقل أو الإدراك في الذات الإلهية.
فكأنه بهذا المعنى مرادف للعلم أو العقل، إذ به امتد ظل الوجود الإلهي على أعيان الممكنات الثابتة في العلم القديم أو في العالم المعقول المشار إليه باسم «الغيب المجهول». و به عرف الحق نفسه بنفسه لما رأى صورة نفسه في مرآة الوجود الإضافي متمثلة في جميع الصور المعقولة التي احتوتها ذاته بالقوة. و ليس النور- بهذا المعنى- مبدأ الإدراك في الحق وحده، بل في كل ما يدرِك و من يدرِك من الكائنات. هو العقل الواعي الساري في الوجود.
و يذهب الصوفية الذين يستعملون هذه اللغة الاشراقية إلى أن هذا المعنى المزدوج لكلمة النور مشار إليه في قوله تعالى: «اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» فيقولون إنه نور السموات بمعنى أنه العقل الكلي الإلهي، و نور الأرض بمعنى أنه مبدأ وجود العالم أو مبدأ الخلق فيه.

(6) و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت، لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور».
(6) شرح قبل ذلك فيضان الوجود عن الواحد الحق: و عبَّر عن هذا المعنى هنا بامتداد ظل الوجود على الموجودات.
و لكنه يرى أن هذا الظل يختلف كثافة و لطافة بمقدار بعده أو قربه من مصدره. فالعالم المحسوس يمثل أكثف الظلال: و العالم المعقول ألطفها، و عالم المثال- الذي هو عالم الأرواح- بين بين. و هذا بالضبط ما يقوله أفلوطين في فيوضاته و لكن بلغة أخرى.
و لما كانت أعيان الممكنات- التي هي الصورة المعقولة للموجودات- من جملة هذه الظلال، و إن كانت أقربها جميعاً إلى مصدر الظل، قال إنها ليست نيِّرة لأنها الظل الأول الذي أخذ في التكاثف شيئاً فشيئاً حتى بلغ منتهى الظلمة في العالم المحسوس.
أما وصفه هذه الأعيان بأنها معدومة و إن كانت ثابتة، فذلك لأنه يفرِّق بين الثبوت و الوجود. و الأعيان ثابتة أي موجودة في العلم الإلهي على نحو ما توجد المعاني في العقول الانسانية و ليس لها وجود في العالم الخارجي، و هذا معنى عدمها. أما الوجود فيقصد به التحقيق في العالم الخارجي في الزمان و المكان، و لا يكون ذلك إلا لأشخاص الأعيان الثابتة.

(7) «و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهَّم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال».
(7) بعد أن شرح العلاقة بين اللَّه و العالم مستعملًا التمثيل بالظل و صاحب الظل على نحو ما شرح نفس الموضوع من قبل مستعملًا التمثيل بالمرايا و صورها، انتهى إلى النتيجة الحتمية التي أرادها، و هي أن ليس للعالم وجود حقيقي في ذاته، بل هو أمر متوهم، أي متوهم وجوده إلى جانب وجود اللَّه، إذ ليس في الحقيقة إلا وجود واحد.
و هذا هو معنى الخيال: يريك الشي ء في صورة أخرى، فإذا تأملته و أوَّلته أدركت أنه هو هو.
غير أننا يجب أن نكرر هنا ما ذكرناه من قبل عن التمثيل بالمرايا و صورها، و ضروب التمثيل الأخرى التي يستعملها ابن العربي- و ذلك أن كل تمثيل من هذا النوع لا يخلو من شي ء من الغموض و التضليل من ناحية أنه أمر محسوس يراد به إيضاح ما هو في نفسه غير محسوس، و من ناحية أنه يشعر بالاثنينية حيث ليس في الأمر اثنينية و لا كثرة بأي وجه.
فليس من الممكن أن نتصور الشخص و ظله إلا على أنهما شيئان متميزان مهما قيل من أن الظل لا وجود له بدون الشخص و من أنه يستحيل عليه الانفكاك عنه. فاتصال الظل بالشخص و افتقاره في وجوده إليه شي ء، و القول بأنهما حقيقة واحدة شي ء آخر.
و لكن هذه هي الدعوى التي يدعيها ابن العربي في الصلة بين اللَّه و العالم عند ما يشبه العالم بظل اللَّه و يقول يستحيل على الظل الانفكاك عن ذاته هل ظل الشي ء عين ذاته: أم هو أثر من آثاره و عرض من أعراضه؟
و هل للذات وجود في الظل الممتد عنها كما أن للحق وجوداً في صور الممكنات؟
هذه و أمثالها أسئلة فيها من جفاف المنطق ما لا تتحمله المعاني الشعرية التي يوضح بها ابن العربي نظريته فيجب إذن ألا ينظر إلى لوازم كل هذه التشبيهات و ألا نحكِّم منطق العقل في المسائل الذوقية و الشعرية.
و هناك تمثيل آخر يذكره بعد التمثيل بالظل مباشرة و يوضح به اختلاف تجلي الحق باختلاف صور الممكنات، لأنه يُشَبّه الحق بالنور الذي لا لون له، و يشبه الخلق بالزجاج الملون، و يقول إن الحق يظهر في صور الموجودات بحسب ما تقتضيه طبيعة هذه الصور كما يظهر النور المرئي خلال الزجاج الأخضر أخضَرَ، و المرئي خلال الزجاج الأحمر أحمر و هكذا. فاللون هو الذي حجب النور عن أن يظهر على حقيقته، كما أن صور الممكنات هي التي حجبت الحق عن الظهور بذاته في صورة غير متعينة.
فالنور هو الحق أو الذات الإلهية، و الزجاج هو العالم، و الألوان هي صور الوجود المختلفة. و الذات الإلهية لا لون لها: أي ليس لها في نفسها صفات و لا خصائص و لا نسب، و إنما تظهر بهذه الصفات و الخصائص و النسب إذا نظر إليها خلال الموجودات التي لها هذه الأوصاف.
و هذا معنى قوله: «و هكذا تُرَاهُ» - أي و هكذا تُرَى النور- «ضربَ مثالٍ لحقيقتك بربك» أي ذكرنا لك النور الملون لنضرب لك مثالا يوضح حقيقتك مع ربك.

(8) «مع هذا عين الظل موجود فإن الضمير من «سمعه» يعود عليه».
(8) الإشارة في قوله من «سمعه» تعود على الحديث القدسي الذي يكثر ابن العربي من الاستشهاد به، أي حديث قرب النوافل الذي يقول اللَّه فيه: «لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به ... » إلخ ..
و إعادة الضمير في «سمعه» على الظل في الفص السابق معناه إعادته على العبد الذي هو ظل الحق، و في هذا إثبات لوجود الظل. هذا إذا ذكرنا الخلق في مقابلة الحق، و العالم في مقابلة اللَّه، و الظل في مقابلة الشخص. و هو لسان الشرع في الظاهر: أما لسان الباطن فليس إلا الوحدة و هي ما يشير إليه الحديث في قوله فإذا أحببته كنت سمعه: أي تحقق العبد الكامل أنني أنا سمعه و بصره و جميع قواه: أو تحقق من الوحدة الوجودية الحاصلة بالفعل، لا من أن الحق يصير سمعه بعد أن لم يكن، أو بصره بعد أن لم يكن، إذ لا صيرورة في الأمر بل الوحدة حاصلة بالفعل. و قد ذكر حديث قرب النوافل ليستشهد به على وجود بعض الكائنات التي هي أقرب من غيرها إلى الحق و أدنى إلى صورته الجامعة الشاملة و هي صورة الإنسان الكامل، و لكن حتى في حالة الإنسان الكامل الذي هو من ألطف ظلال الوجود لا نزال نتحدث عن اثنينية الحق و العبد، لأننا نثبت وجود الظل فما بالك بالظلال الأخرى التي هي أكثر كثافة و أظلم؟ أي ما بالك بما بقي من مظاهر الوجود الأخرى؟

(9) «فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر و بما هو غير الاسم الآخر. فبما هو عينه هو الحق، و بما هو غيره هو الحق المتخيّل الذي كنا بصدده».
(9) أي ظهر لك بأي معنى يمكن اعتبار كل اسم من الأسماء الإلهية عين كل اسم آخر، و بأي معنى يمكن اعتباره غيره: و هو يشير هنا إلى ما سبق أن شرحه في مواضع أخرى من هذا الكتاب أعْنِي أن لكل اسم من الأسماء دلالتين: أولاهما دلالته على الذات الإلهية و الأخرى دلالته على الصفة الخاصة التي يتميز بها من غيره من الأسماء.
و لذا كانت الأسماء كلها متحدة من وجه، مختلفة من وجه آخر:
فهي متحدة لدلالتها جميعاً على الذات الإلهية التي هي عينها، و مختلفة من حيث دلالة كل منها على الصفة المعينة الخاصة به.
و لما كان الظاهر في صور الوجود الخارجي (المعبر عنه بالعالم) هو الحق- لا من حيث ذاته المجردة المعراة عن جميع الأوصاف و النسب- بل الحق من حيث أسماؤه و صفاته، فرَّق بين الحق الحقيقي و الحق المتخيل الذي هو العالم، و جعل الأول اسماً للَّه من حيث هو في ذاته، و الثاني اسماً له من حيث تجليه في الخلق، ثم جعل الحق المتخيَّل دليلًا على اللَّه حيث قال: «فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه، و لا ثبت كونه إلا بعينه».

(10) «فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم و مع الأسماء الإلهية و أسماء العالم، و من وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين».
(10) بعد أن بيَّن الفرق بين الحق و الخلق، أو بين اللَّه و العالم- شرع في ذكر أهم الخصائص التي يمتاز بها كل منهما، فقال إن الصفة الأساسية للوجود الحق هي الوحدة، و للوجود الظاهر هي الكثرة.
فمن قال بالكثرة نظر إلى الحقيقة الوجودية من حيث ظهورها في العالم و هو كثرة من الأعيان، و من حيث تجليها في الأسماء الإلهية و هي أيضاً كثرة معقولة لتمايز كل منها عن الآخر و وجود النسب و الإضافات فيها، و من حيث ظهورها في أسماء العالم أي في صفاته الخاصة به كالحدوث و الإمكان و التغير و ما شاكل ذلك.
أما من قال بالوحدة فقد نظر إلى الحقيقة الوجودية من حيث ذاتها التي لا كثرة فيها بوجه من الوجوه.
فهي تتعالى حتى عن الكثرة الاعتبارية العقلية التي هي كثرة الاتصاف بالأسماء. فهي غنية لا عن أعيان العالم فحسب، بل و عن الأوصاف أيضاً.
و يستوي في الحقيقة أن نقول إن من وقف مع الكثرة كان مع العالم و مع الأسماء الإلهية كما قال، أو أن نعكس القضية فنقول إن من وقف مع العالم و مع الأسماء الإلهية كان مع الكثرة لأن كلًا من الطرفين لازم عن الآخر.
كما يستوي أن نقول كما قال «و من وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته»، و أن نعكس فنقول «و من وقف مع الحق من حيث ذاته كان مع الأحدية»: و ذلك للسبب عينه.
و كل من قال بالكثرة وحدها محجوب لأنه لا يرى سوى وجه واحد من الحقيقة و كذلك كل من قال بالوحدة دون الكثرة.
لأنه لا يرى سوى الوجه الآخر من الحقيقة. أما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيرون الوحدة في الكثرة و يشاهدون الحق في الخلق، و يقررون وحدة الحق بعد أن يتحققوا أن الخلق لا وجود له في ذاته و لا من ذاته.
و هذه معان عرض لها المؤلف فيما مضى مستعملًا لغة أخرى. راجع مثلًا قوله في التنزيه و التشبيه في الفص الثالث.

(11) «و ظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا»
(11) قد يفهم هذا بمعنى أن الكثرة ظهرت في الذات الإلهية الواحدة لتجليها في الأسماء و النعوت الإلهية التي نعرفها، أو بمعنى أن الكثرة ظهرت لظهور الذات بالأوصاف المعلومة فينا: أي لظهورها في صور الممكنات و صفاتها.
و يظهر أن هذا أقرب إلى مراده بدليل قوله فيما بعد «فنحن نلد و نولد و نحن نستند إليه و نحن أكفاء بعضنا لبعض» و غير ذلك من الصفات التي هي صفات للخلق و لكن في ذات الحق. أما الذات نفسها فغنية عن كل هذا و لذا صدق فيها قوله تعالى: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «1» اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» (سورة الإخلاص).
" ابن العربي يستعمل في هذا الفص نفسه اسم الأحد للدلالة على الذات الإلهية المجردة عن الأسماء و الصفات و على الحق المتصف بهذه الأسماء و الصفات. يقول: «فاحدية اللَّه من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية اللَّه من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين. و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد"
على أن الفرق بين التفسيرين ليس بالأمر الخطير، فإن صفات الخلق ليست سوى المجالي الوجودية لصفات الحق، و إذا نظرنا إلى الذات الإلهية من حيث صفاتها كانت الكثرة فيها كثرة بالقوة، أما إذا نظرنا إليها بالاضافة إلى صفات الممكنات كانت الكثرة فيها بالفعل.
و يذهب ابن العربي إلى أن سورة الإخلاص قد جمعت جميع الصفات التي يمكن أن ننسبها إلى الحق من حيث ذاته، و ذلك في قوله: «و ما للحق نَسَبٌ إلا هذه السورة- سورة الإخلاص-. و لعل السر في هذا أنها مجموعة صفات سلبية محضة: و مثل هذه الصفات أقصى ما يمكن أن توصف به ذات مجردة غنية عن العالمين، منزهة حتى عن أن تعلم و توصف. أما قوله: «و ما للحق نسبٌ» ففيه إشارة إلى سبب نزول السورة و هو أن الكفار سألوا النبي عليه السلام أن ينسب إليهم ربه: أي يصفه، فنزل هذا النَّسَب.
و قد أخطأ من قرأ «و ما للحقِ نَسبٌ» بكسر النون لأن نسب الحق إلى الموجودات لا تتناهى، فلا يمكن عدُّها في سورة واحدة و لا في القرآن كله.

(12) «حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى اللَّه بالفقر ... إلى قوله و لا سببية يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية».
(12) يشرح في هذا الجزء قدراً كبيراً من نظريته في العلية: و قد سبق أن ذكرنا أنه يرى أن حدوث العالم ليس في أنه وُجد عن عدم، بل في ظهوره في الصور التي ظهر فيها.
أي أن العالم- أو ما سوى الحق- معلول في صورته لا في ذاته، إذ ذاته هي ذات الحق. فهو من هذه الناحية مفتقر افتقاراً كلياً إلى اللَّه، أو بعبارة أدق إلى الأسماء الإلهية، لأنها هي التي تعطي الوجود الخارجي صُوَره بتجليها فيه.
و لذا قال: «و لا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية».
فالعالم مفتقر في وجوده إلى اللَّه بهذا المعنى إذ لا وجود له من ذاته، و قد وهم من أثبت له وجوداً غير وجود الحق، كما وهم من أثبت للظل وجوداً غير وجود العين التي امتد منها الظل.
و لكن للعالم افتقاراً آخر بعضه إلى بعض، و هو الافتقار النسبي. و ذلك أن الموجودات يتصل بعضها ببعض داخل العالم اتصالا علياً و يؤثر بعضها في بعض و يتأثر به.
فهناك إذن نوعان من المعلولية: معلولية العالم في جملته: و معلولية أجزاء العالم بافتقار بعضها إلى بعض.
و لكن إذا أدركنا أن مذهباً كمذهب ابن العربي يرجع كل ما هو فعل و علية إلى الحق، و كل ما هو انفعال و قبول و معلولية إلى الخلق، عرفنا أن ذلك الافتقار النسبي ليس إلا اسماً على غير مسمى، و أن الفاعل على الإطلاق و العلة على الإطلاق هي الحق.
أما الحق فإن نظرنا إلى ذاته قلنا إنه غني على الإطلاق، و إن نظرنا إليه من حيث أسماؤه قلنا إنه مفتقر إلى العالم في إظهار كمالات هذه الأسماء ... و هذا معنى قوله:
فالكل مفتقر ما الكل مستغني هذا هو الحق قد قلنا لا نكني
(الفص الأول) غير أن العالم أيضاً قد يوصف بالغناء بمعنى أن بعض أجزائه مستغن عن البعض الآخر من وجه و إن كان مفتقراً إليه من وجه آخر.
فالعالم (أي بعض أجزائه) يوصف بالغناء في الوجه الذي لا تكون به حاجة إلى غيره. و هذا معنى قوله «و اتصف العالم بالغناء: أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به»
هذا إذا فهمنا ما (في قوله من وجه ما هو) على انها نافية: أي غناء بعضه عن بعض من وجه غير الوجه الذي به يفتقر بعضه إلى بعض. و هذا تفسير كل من القاشاني (ص 180) و جامي (ج 2 ص 60)، و لكن القيصري (ص 188) يفهم ما على أنها موصولة و يفسر العبارة كلها على النحو الآتي: و اتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من الوجه الذي افتقر ذلك البعض إلى بعض آخر بسبب ذلك الوجه.
و المقصود أن وجه الغنى هو بعينه وجه الافتقار. فإذا فرضنا أن ا، ب، ح أجزاء في العالم و فرضنا أن ب غنية عن ا و مفتقرة إلى ح، كان وجه غنائها عن ا هو بعينه وجه افتقارها إلى ح. أما تفسير القاشاني و جامي فيجعل الوجهين منفصلين مستقلين.

(13) «و الأسماء الإلهية كل اسم يفتقر إلى العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق. فهو اللَّه لا غيره».
(13) سبق أن شرحنا بعض نواحي نظرية ابن العربي العلية، و قلنا إن الحق- في نظره- هو العلة الأولى و الأخيرة في كل ما يظهر في الوجود، و لكن لا الحق من حيث ذاته بل من حيث أسماؤه. و هنا نراه يشرح معنى الأسماء الإلهية شرحاً جديداً، و إن كان أشار إليه من طرف خفي فيما مضى، و يبين بأي معنى من المعاني يمكن اعتبارها عِلل الوجود.
ليست الأسماء الإلهية قاصرة على مجموعة الأسماء المعروفة بأسماء اللَّه الحسنى، فإن هذه أمهات الأسماء فقط، و لكنها تشمل أيضاً كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو (من) عين الحق: أي أنها تشمل أسماء كل الأشياء التي تحدث آثاراً عِليَّة في غيرها.
فالأسماء الإلهية إذن نوعان: نوع يفتقر إليه بعض أجزاء العالم و يكون من جنس الجزء المفتقر- و هذا معنى قوله: «يفتقر العالم إليه من عالم مثله»
و ذلك مثل الأب بالنسبة إلى الابن، فإن الابن مفتقر في وجوده إلى الأب الذي هو من نوعه، و مثل النار بالنسبة إلى الجسم الساخن فإنهما من عالم واحد هو عالم الجماد.
و لا يتردد ابن العربي في أن يعد اسم الأب و النار و نحوهما من الموجودات التي تعتبر عللًا في موجودات أخرى من الأسماء الإلهية.
و بهذا المعنى يصبح العالم كله كتاباً لا نهائياً من أسماء اللَّه. أ لم يقل في مكان آخر إننا نحن (أي العالم) الأسماء الإلهية التي وصف بها الحق نفسه و نصفه نحن بها؟
ألم يقل إن الحق هو المسمى أبا سعيد الخراز و غير ذلك من المحدثات؟
أما النوع الآخر من الأسماء فهو كل اسم تتصف به الذات الإلهية: كالخالق و المصور و الرحيم و الغفار و القادر و غيرها من الأسماء الحسنى.
و قد سميت هذه الأسماء بالأمهات لأنها بمثابة الأصول التي يمكن أن يرد إليها أسماء النوع الأول، أو لأن أسماء النوع الأول يمكن أن تعتبر مظاهر أو محالي لها.
فاسم الأب مثلًا يمكن أن يعتبر مظهراً للاسم الخالق أو الرازق أو الحفيظ من ناحية أن الأب سبب في وجود الابن و أنه يتعهده بالغذاء و يحفظه مما يؤذيه.
و كذلك النار يمكن اعتبارها مظهراً من مظاهر الاسم الإلهي «القهار» أو القادر أو نحوهما.
وَ لِمَ نذهب إلى هذا النوع من التأويل البعيد و ابن العربي نفسه يعتبر جميع الموجودات مجالي لوجود الحق و تعينات فيه؟
و إذا كان الامر كذلك ألا يلزم أن تكون اسماؤها أسماء له؟
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 13 يوليو 2019 - 8:09 عدل 6 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 16 يونيو 2019 - 20:58 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول السفر التاسع الجزء الأول فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله


الفقرة الثامنة عشر : الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمد محمود الغراب 1405 هـ:
09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية

قال الشيخ رضي الله عنه : ( هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال "2"  وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العنابة . يقول عائشة رضي الله عنها : « أول ما بديء )
___________________________________
1 - المناسبة :
بين هذه الحكمة وبين يوسف عليه السلام هو رؤيته عليه السلام أبويه وإخوته في الرؤيا على صورة الشمس والقمر والكواكب وهي أجسام نيرة والخيال نور فكان الجامع النورية .
فيقول الشيخ رضي الله عنه : اعلم وفقك الله أنه لولا النور ما أدرك البصر شيئا ، فجعل الله الخيال نورا يدرك به تصوير كل شيء أي أمر كان ، فنوره ينفذ في العدم المحض فیصوره وجودا .
فالخيال أحق باسم النور من جميع المخلوقات الموصوفة بالنورية، فنوره لا يشبه الأنوار، و به تدرك التجليات، وهو نور عين الخيال لا نور عين الحس .
والخيال لا يكون فاسدا قط ، فمن قال بفساده فإنه لا يعرف إدراك النور الخيالي ، فإن هذا القائل يخطئ الحس في بعض مدركاته وإدراكه صحيح والحكم لغيره لا إليه.
فالحاكم أخطأ لا الحس ، كذلك الخيال أدرك بنوره ما أدرك وما له حكم ، وإنما الحكم لغيره وهو العقل فلا ينسب إليه فلا ينسب إليه الخطأ ، فما ثم خیال فاسد قط بل هو صحيح كله ، فالخيال كله حق ما فيه شيء من الباطل.
ولما كان هذا الفص فيه ما يتعلق بتأويل بعض ما يرى في الخيال و كان يوسف عليه السلام قد خصه الله بالعلوم المتعلقة بصور التمثل والخيال فكانت المناسبة بين يوسف عليه السلام وبين الكلام على حضرة الخيال المقصودة بهذا الفص .
الفتوحات ج 1 /  306 - ج 2 / 103 ، 133 .

2 - حضرة الخيال
حضرة الإمكان في البرزخ بين الوجود والعدم ، وللممكنات فيه أعيان ثابتة من الوجه الذي ينظر إليها الوجود المطلق ( أي الحق سبحانه ) .
ومن هذا الوجه ينطلق عليها اسم الشيء الذي إذا أراد الحق إيجاده قال له « كن فیكون » وليس

ص 128

قال الشيخ رضي الله عنه : ( به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة . فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت منل على الصبح » نقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير .
وكانت المده له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك ، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : « إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا »، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبل ، وإن اختلفت الأحوال . فمضى قولها ستة أشهر ، بل عمره كله في الدنيا بملك المثابة : إنما هو منام في منام .
وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعتبر ، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها ، فيجور العابر من هذه الصوره التي أبصرها النائم إلى سورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن . فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى سورة العلم فأول أي قال : مال هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم . ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده : فإذا سري عنه رد .
فما ادركه إلا في حضرة الخيال ، إلا أنه لا يسمى نائما . وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال ، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك ، فدخل في صورة إنسان .)
____________________________________
له أعيان موجودة من الوجه الذي ينظر إليه من العدم المطلق (أي المستحيل ) ولهذا يقال له « كن » وكن حرف وجودي ، فإنه لو أنه كائن ما قيل له كن، وهذه الممكنات في هذا البرزخ بما هي عليه وما تكون إذا كانت مما تتصف به من الأحوال والصفات والأعراض والأكوان .
ومن هذا البرزخ وجود الممكنات ، وبها يتعلق رؤية الحق للأشياء قبل كونها ، ويقال له الوجود الخيالي .
يقول له الحق كن في الوجود العيني ويكون هذا السامع هذا الأمر الإلهي وجودا عينيا يدركه الحس ، أي يتعلق به في الوجود المحسوس الحس كا تعلق به الخيال في الوجود الخيالي .
فإذا انتقلنا من برزخ البرازخ وهو حضرة الإمكان من حيث أن الصور بما هي صور هي المتخيلات ، والعماء الظاهرة فيه هو الخيال المطلق ، وأنها حضرة علمية معقولة ، إذا انتقلنا إلى الوجود الحادث قلنا :
إن العالم عالمان ، والحضرة حضرتان .
وإن كان قد تولد بينهما حضرة ثالثة من مجموعهما ، فالحضرة الواحدة حضرة الغيب ، ولها عالم يقال له عالم الغيب أو عالم الملكوت وهو عالم المعاني والغيب

ص 129

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية ، وقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .
وقد قال لهم ردوا على الرجل فسماه بالرجل من أجل الصوره التي ظهر لهم فيها . نم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مال هذا الرجل المتخيل إليها . فهو سادق في المقالتين : صدق للعين في العين الحسية ، وصدق في أن هذا جبريل . فإنه جبريل بلا شك . وقال يوسف عليه السلام : « إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين » : برای إخوته في سورة الكواكب ورأى أباه وخالته في سورة الشمس والقمر .
هذا من جهة بوسف ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صوره الكواكب وظهور أبيه وخالته في سورة الشمس والقمر مرادا لهم . فلما لم يكن لهم علم بما رآه بوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله . وعليم ذلك يعقوب حين قصها علبه فقال : « يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا » تم برا أبناءه عن ذلك الكبد وألحقه بالشيطان ، وليس إلا عين الكبد . فقال : « إن الشيطان للإنسان عدو مبين » أي ظاهر العداوة .
ثم قال بوسف بعد ذلك في آخر الأمر : « هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا » أي أظهرها في الحس بعدما كانت في صورة الخيال "3" .
فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم  : « الناس نيام . فكان قول يوسف : « قد جعلها ربي حقا » بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها تم عبرها . ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح ؛ وإذا استيقظ يقول رأيت كذا)
________________________________________
وهو عالم العقل .
والحضرة الثانية حضرة الحس والشهادة ويقال لعالمها عالم الملك أو عالم الشهادة والحرف وهو عالم الحس والظهور
 ، ومدرك هذا العالم بالبصر ومدرك عالم الغيب بالبصيرة .
والمتولد من اجتماعهما حضرة وعالم ، فالحضرة الخيال أو البرزخ ، والعالم عالم الخيال ويسميه بعض أهل الطريق عالم الجبروت ، وهو الذي بين عالم الملك وعالم الملكوت ، وهكذا هو عندي.
وحضرة الخيال أوسع الحضرات جودا لأنها تجمع العالمين فهي مجمع البحرین، بحر المعاني وبحر المحسوسات.
وحضرة الخيال التي عبرنا عنه بمجمع البحرین ، هو يجسد المعاني ويلطف المحسوس ويقلب في عين الناظر عين كل معلوم فيجمع عالم الغيب وعالم الشهادة .
الفتوحات ج 1 / 395 - ج 2 / 129 ، 311 -  ج 3 / 42 ،46 ، 361 - ج 4 / 211.

٣ - نفس الشرح   فتوحات ج 3 / ص 373 .

ص 130

كذا ورأيت كانی استيقظت وأولتها بكذا . هذا مثل ذلك، فانظر كم بين إدراك محمد ا وبين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال : « هذا تأويل رویای من قبل قد جعلها ربي حقا » . معناه حسا أي محسوسا ، وما كان إلا محسوسة ، وإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات ، غير ذلك ليس له . فانظر ما أشرف علم ورثه محمد صلى الله عليه وسلم "4" . وسأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله فنقول : اعلم أن المقول عليه « سوى الحق » أو مسمى العالم هو بالنسبة
______________________________
4 - مقام الأنبياء وأذواقهم عليهم السلام  
يستحيل صدور ما جاء في هذه الفقرة عن الشيخ رضي الله عنه ، لأن ذلك يخالف تماما الأصول والقواعد التي أصلها في كتبه حيث يقول :
لا ذوق لأحد في ذوق الرسل ، لأن أذواق الرسل مخصوصة بالرسل ، وأذواق الأنبياء مخصوصة بالأنبياء ، وأذواق الأولياء مخصوصة بالأولياء ، فبعض الرسل عنده الأذواق الثلاثة لأنه ولي ونبي ورسول .
"" تعقيب الجامع : الشيخ لم يقل شيئا خارج القول والعلم والذوق المحمدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" . ومن هذه العبارة "خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله" تفهم الشيخ افضل باننا ناخذ من بحر رسالة وذوق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم يأخذوا هم منه لأنه أتى بعدهم ونحن ورثته "".

"" التعقيب على الإستاذ محمود محمود الغراب رحمه الله :
الإستاذ محمود فهم كلام الشيخ الأكبر ابن العربي من وجه دون الوجوه الآخرى وحصرته فقط في اتجاه واحد فقط وهو ما فهمه واعتقده دون غيره مع أنه أوضح وأكثر سطوعا من شمس الظهيرة  ومنه مثال واحد فقط يكفيك دليلا :
اين ذوق الرسول موسى وهو من أولي العزم من الرسل ولا جدال من ذوق الخضر عليهما السلام ؟؟؟؟
فرسول الله موسى لم يكن على علم مطلق بما يعلمه الخضر ولا ذوق له فيه عليهما السلام  
في حين ان الخضر فيما يعلم ان رسول الله موسي لاذوق ولا علم له فيما يعلم  
لقول تعالى : " قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا " سورة الكهف.

إيضاح لعبارة الشيخ ابن العربي رضي الله عنه  الله عنه :
"لا ذوق الأحد في ذوق الرسل. فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع، ومن أصولنا أنا لا تتكلم إلا عن ذوق، ونحن لسنا برسل ولا أنبياء شريعة."
يقصد به الشيخ فيما ارسلوا به من شرائع لقومهم وهو أمر خاص لهم مع شرائع قومهم فهم أعلي ذوق فيما ارسلوا به من تجليات وامداد الله لهم.
اما فيما يعلمه الله تعالي ولم يعلمهم إياه وعلمه احد من عباده فهو اعلى من اى بشر آخر به والدليل شهادة الله تعالى على ذلك كما جاء بالآيات بعاليه.""
حضرت في مجلس فيه جماعة من العارفين ، فسأل بعضهم بعضا :
من أي مقام سأل موسى الرؤية ؟
فقال له الآخر : من مقام الشوق ،
فقلت له : لا تفعل أصل الطريق أنها نهايات الأولياء بدايات الأنبياء ، فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع، فلا ذوق لهم فيه .
ومن أصولنا أنا لا تتكلم إلا عن ذوق، ونحن لسنا برسل ولا أنبياء شريعة ، فبأي شيء تعرف من أي مقام سأل موسى الرؤية ربه ؟
نعم لو سألها ولي أمكنك الجواب ، فإن في الإمكان أن يكون لك ذلك الذوق ، وقد علمنا من باب الذوق أن ذوق مقام الرسل لغير الرسل ممنوع ، فالتحق وجوده بالمحال العقلي
ويقول : لا ذوق لنا في مقامات الرسل عليهم السلام ، وإنما أذواقنا في الوراثة خاصة ، فلا يتكلم في الرسل إلا رسول ، ولا في الأنبياء إلا نبي أو رسول ، ولا في الوارثين إلا رسول أو نبي أو ولي أو من هو منهم ، هذا هو الأدب الإلهي .
ويقول فيما يستفيده التابع في عروجه الروحي من يوسف عليه السلام :
التابع يتلقى من يوسف عليه السلام ما خصه الله به من العلوم المتعلقة بصور التمثل والخيال.

ص 131

قال الشيخ رضي الله عنه : ( إلى الحق كالظل للشخص ، وهو ظل الله "5" ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا سك في الحس .
ولكن إذا كان بم من يظهر فيه ذلك الظل : حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الفلل : كان الظل معقولا غير موجود في الحس ، بل تكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل . فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات : عليها امداد هذا الظل ، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد علبة من وجود هذه الذات . ولكن باسمه النور رفع الإدراك وامتد هذا الخلل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول ألا يرى الظلال نضرب إلى السواد سير إلى ما فيها من الحفاء لبعد المناسبة بينها وبين أشخاص من هي ظل له ؟.
وإن كان الشخص ابيض فظله بهذه المثابة .
الا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية ، وليس ثم علة إلا البعد ؟.. و كزرقة السماء . فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة .)
______________________
وعرفه بموازينها ومقاديرها و نسبها ونسبها ، وما زال يعلمه تجسد المعاني في النسب في صورة الحس والمحسوس ، وعرفه معنى التأويل في ذلك كله إلى غير ذلك من العلوم التي يزيد التابع على الناظر بما أعطاه الوجه الخاص من العلم الإلهي .
الفتوحات ج 2 / 51 ، 275 -  ح 4 / 75 .
راجع كتابنا « الرد على ابن تيمية » ص 25

5 - الوجود الحادث هو ظل الله من الاسم النور
الخيال المطلق هو المسمى بالعماء ، وهو الحضرة الجامعة والمرتبة الشاملة ، وانتشاء هذا العماء من نفس الرحمن الذي هو أول ظرف قبل كینونة الحق ، وهو الحق المخلوق به كل شيء ، وفتح الله في هذا العماء صور كل ما سواه من العالم واختلاف أعيان المسكنات في أنفسها في ثبوتها والحكم لها فيمن ظهر فيها .
ألا إن ذلك العماء هو الخيال المحقق ، ألا تراه يقبل صور الكائنات كلها و تصویر ما ليس بكائن، هذا لاتساعه ، فهو عين العماء لا غيره ، وفيه ظهرت جميع الممكنات، وهذه الموجودات الممكنات التي أوجدها الحق تعالى هي للأعيان التي يتضمنها هذا البرزخ بمنزلة الظلالات للأجسام .
الفتوحات ج 2 / 310 ، 312

ص 132



قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا. فهذا أثر البعد أيضا. "6"
فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره."7"  فكل ما ندركه)
_____________________________
6 - الألوان
إن الزرقة التي تنسبها إلى السماء ونصفها بها ، تلك اللونية لجرم السماء لبعدها عنك في الإدراك البصري ، كما ترى الجبال إذا بعدت عنك زرقا وليست الزرقة لها إلا لبعدها عن نظر العين ، كما ترى الجبل البعيد عن نظرك أسود ، فإذا جئته قد لا يكون كما أبصرته، فإن الألوان على قسمين ، لون يقوم بجسم المتلون ، ولون يحدث للبصر عند نظره إلى الجسم لأمر عارض يقوم بين الرائي والمرئي ، مثل هذا ومثل الألوان التي تحدث في المتلون باللون الحقيقي لهيئات تطرأ ، فيراها الناظر على غير لونها القائم بها الذي يعرفه .
الفتوحات ج 3 / ص 459

7 - ألم ترى إلى ربك كيف مد الظل ... الآية
اعلم أن الممكنات التي أوجدها الحق تعالی هي للأعيان التي تضمنها حضرة الإمكان ، وهي برزخ بين حضرة الوجود المطلق والعدم المطلق ، بمنزلة الظلالات للأجسام ، بل هي الظلالات الحقيقية ، وهي التي وصفها الحق سبحانه بالسجود له

ص 133



قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو وجود الحق في أعيان الممكنات. فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث)
____________________________________
مع سجود أعيانها ، فما زالت تلك الأعيان ساجدة له قبل وجودها . فلما وجدت ظلالاتها وجدت ساجدة لله تعالی لسجود أعيانها التي وجدت عنها ، من سماء وأرض وشمس وقمر ونجم وجبال وشجر ودواب وكل موجود ، ثم لهذه الظلالات التي ظهرت عن تلك الأعيان الثابتة من حيث تكونت أجساما ظلالات أوجدها الحق لها .
دلالات على معرفة نفسها من أين صدرت ، ثم أنها تمتد مع ميل النور أكثر من حد الجسم الذي تظهر عنه إلى ما لا يدركه طولا ، ومع هذا ينسب إليه ، وهو تنبیه أن العين التي في البرزخ التي وجدت عنها لا نهاية لها مما تتصف به من الأحوال والأعراض والصفات والأكوان .
فهو عالم لا يتناهی وما له طرف ينتهي إليه ، فإنه الحضرة الفاصلة بين الوجود المطلق والعدم المطلق.
وأنت بين هذين الظلالين ذو مقدار ، فأنت موجود عن حضرة لا مقدار لها ، ويظهر عنك ظل لا مقدار له.
فامتداده يطلب تلك الحضرة البرزخية ، وتلك الحضرة البرزخية هي ظل الوجود المطلق من الاسم النور الذي ينطلق على وجوده ، فلهذا نسميها ظلا ، ووجود الأعيان ظل ذلك الظل .
والظلالات المحسوسة ظلالات هذه الموجودات في الحس .
ولما كان الظل في حكم الزوال لا في حكم الثبات ، وكانت الممكنات وإن وجدت في حكم العدم سمیت ظلالات ، ليفصل بينها وبين من له الثبات المطلق في الوجود ، وهو واجب الوجود .
وبين من له الثبات المطلق في العدم وهو المحال ، لتتميز المراتب ، فالأعيان الموجودات إذا ظهرت ففي هذا البرزخ هي ، فإنه ما ثم حضرة تخرج إليه ، ففيها تكتسب حالة الوجود ، والوجود فيها متناه ما حصل منه ، والإيجاد فيها لا ينتهي ، فهذا مثل ضربه الله على دوام الخلق والتكوين وعلى العين الثابتة ثم ظهورها للوجود .
ففي قبض الظل ومده من اللطف ما إذا فكر فيه الإنسان رأی عظیم أمر ، ولهذا نصبه الله دليلا على معرفته ، فلا يدرك البصر عين امتداده حالا بعد حال، فإنه لا يشهد له حركة مع شهود انتقاله ، فهو عنده متحرك لا متحرك ، وكذلك في فيئه وهو قوله « ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا » فسنه خرج ، فانه لا ينقبض إلا إلى ما منه خرج ،

ص 134



قال الشيخ رضي الله عنه : ( اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات. "8" فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق. فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد. و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك. و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ.   وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع)
_______________________
كذلك تشهده العين.
وقد قال تعالى وهو الصادق إنه قبضه إليه ، فعلمنا أن عين ما خرج منه هو الحق ، ظهر بصورة خلق ، فيه ظل يبرزه إذا شاء ، ويقبضه إذا شاء .
وقوله تعالى « ثم جعلنا الشمس عليه دليلا » الضمير في عليه يطلب الظل لأنه أقرب مذكور ، ويطلب الاسم الرب وإعادته على الرب أوجه ، فإنه بالشمس ضرب الله المثل في رؤيته يوم القيامة.
انظر إلى نقص ظل الشخص فيه إذا ... ما الشمس تعلو فتفنى ظله فيه
ذاك الدليل على تحريكه أبدا ... بدأ وفيئا وهذا القدر يكفيه
لو كان يسكن وقتا ما بدا أثر ... في الكون من كن وذاك الحكم من فيه
فالكون من نفس الرحمن ليس له ... أصل سواه فحكم القول يبديه
خلاف ما يقتضيه العقل فارم به ... فإن حكمة شرع الله تقضيه
ما أن رأيت له عينا ولا أثرا ... ولو يكون لكان العقل يخفيه
الفتوحات ج 1 / 458 - ج 3 / 46 ، 47 ، 269 - ج 4 / 238 .

8 - راجع وحدة الوجود فص 2 ص 45 فص 5 ص 84
وحدة الوجود - المرايا
اعلم أن المعلومات ثلاثة لا رابع لها :
وهي الوجود المطلق الذي لا يتقيد وهو وجود الله تعالى الواجب الوجود لنفسه ، والمعلوم الآخر العام المطلق الذي هو عدم لنفسه وهو الذي لا يتقيد أصلا وهو المحال ،
والعلوم الثالث هو البرزخ الذي بين الوجود المطلق والعدم المطلق وهو الممكن ، وسبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته .
وذلك أن العدم المطلق قام للوجود المطلق كالمرآة فرأي الوجود فيه صورته فكانت تلك الصورة عين الممكن ، فلهذا كان للممكن عين ثابتة وشيئية في حال عدمه ولهذا خرج على صورة الوجود المطلق .
ولهذا أيضا اتصف بعدم التناهي فقيل فيه إنه لا يتناهی ، وكان أيضا الوجود المطلق كالمرآة للعدم المطلق فرأى العدم المطلق في مرآة الحق نفسه .
فكانت صورته التي رأي في هذه المرأة هو عين العدم الذي اتصف به هذا الممكن ، وهو موصوف بأنه لا يتناهی كما أن العدم المطلق لا يتناهی ، فاتصف الممكن بأنه معدوم ، فهو كالصورة الظاهرة بين الرائي والمرأة ، لا هي عين الرائي ولا غيره
وقد علمنا أن العالم ما هو عين الحق وإنما هو ما ظهر في الوجود الحق ، إذ لو كان عين الحق ما صح كونه بديعا ، كما تحدث صورة المرئي في المرآة ، ينظر الناظر فيها، فهو بذلك النظر كأنه أبدعها مع كونه لا تعمل له في أسبابها، ولا يدري ما يحدث فيها .
ولكن بمجرد النظر في المرآة ظهرت صور ، هذا أعطاه الحال ، فما لك في ذلك من التعمل إلا قصدك النظر في المرآة .
ونظرك فيها مثل قوله « إنما قولنا لشيء إذا أردناه » وهو قصدك النظر « أن نقول له كن » وهو بمنزلة النظر « فیكون » وهو بمنزلة الصورة التي تدركها عند نظرك في المرآة ،.
ثم إن تلك الصورة ما هي عينك الحكم صفة المرآة فيها من الكبر والصغر والطول والعرض ، ولا حكم لصورة المرآة فيك فما هي عينك ولا عين ما ظهر ممن ليس أنت من الموجودات الموازية لنظرك في المرآة ، ولا تلك الصورة غيرك ، لما لك فيها من الحكم .
فإنك لا تشك أنك رأيت وجهك ، ورأيت كل ما في وجهك ظهر لك بنظرك في المرآة من حيث عين ذلك لا من حيث ما طرأ عليه من صفة المرآة ، فما هو المرئي غيرك ولا عينك ، كذلك الأمر في وجود العالم الحق .
أي شيء جعلت مرآة أعني حضرة الأعيان الثابتة أو وجود الحق، فإما أن تكون الأعيان الثابتة الله مظاهر ، فهو حكم المرآة في صورة الرائي ، فهو عينه وهو الموصوف بحكم المرآة ، فهو الظاهر في المظاهر بصورة المظاهر.
أو يكون الوجود الحق هو عين المرآة ، فترى الأعيان الثابتة من وجود الحق ما يقابلها منه ، فترى صورتها في تلك المرآة و يترائي بعضها البعض ، ولا ترى ما ترى من حيث ما هي المرآة عليه ، وإنما ترى ما ترى من حيث ما هي عليه من غير زيادة ولا نقصان .
وكما لا يشك الناظر وجهه في المرآة أن وجهه رأي ، وبما للمرآة في ذلك من الحكم يعلم أن وجهه ما رأى .
فهكذا الأمر فانسب بعد ذلك ما شئت كيف شئت ، فإن الوجود للعين الممكنة كالصورة التي في المرآة ، ما هي عين الرائي ولا غير الرائي ، ولكن المحل المرئي فيه به و بالناظر المتجلي فيه ظهرت هذه الصورة ، فهي مرآة من حيث ذاتها والناظر ناظر من حيث ذاته والصورة الظاهرة تتنوع بتنوع العين الظاهرة فيها .
كالمرأة إذا كانت تأخذ طولا ترى الصورة على طولها والناظر في نفسه على غير تلك الصورة من وجه ، وعلى صورته من وجه ، فلما رأينا المرآة لها حكم في الصورة بذاتها ورأينا الناظر يخالف تلك الصورة من وجه .
علمنا أن الناظر في ذاته ما أثرت فيه ذات المرآة ، ولما لم يتأثر ولم تكن تلك الصورة هي عين المرأة ولا عين الناظر ، وإنما ظهرت من حكم التجلي للمرآة ، علمنا الفرق بين الناظر وبين المراة وبين الصورة الظاهرة في المرآة التي هي غيب فيها ، ولهذا إذا رؤي الناظر يبعد عن المرآة يرى تلك الصورة تبعد في باطن المرآة ، وإذا قرب قربت .
وإذا كانت في سطحها على الاعتدال ورفع الناظر يده اليمنى رفعت الصورة اليد اليسرى ، تعرفه إني وإن كنت من تجليك وعلى صورتك فما أنت أنا ولا أنا أنت ، فإن عقلت ما نبهناك عليه فقد علمت من أين اتصف العبد بالوجود، ومن هو الموجود، ومن أين اتصف بالعدم، ومن هو المعدوم ومن خاطب ومن سمع ومن عمل ومن كلف .
وعلمت من أنت ومن ربك وأين منزلتك ، وأنك المفتقر إليه سبحانه وهو الغني عنك بذاته.
فسبحان من ضرب الأمثال وأبرز الأعيان دلالة عليه أنه لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا ، وليس في الوجود إلا هو ، ولا يستفاد الوجود إلا منه، ولا يظهر الموجود عين إلا بتجليه.
فالمرأة حضرة الإمكان والحق الناظر فيها والصورة أنت بحسب إمكانيتك ، فإما ملك وإما فلك وإما إنسان وإما فرس ، مثل الصورة في المرآة بحسب ذات المرآة من الهيئة في الطول والعرض والاستدارة واختلاف أشكالها مع كونها مرآة في كل حال .
كذلك الممكنات مثل الأشكال في الإمكان والتجلي الإلهي يكسب الممكنات الوجود والمرآة تكسبها الأشكال ، فيظهر الملك و الجوهر والجسم والعرض ، والإمكان هو هو لا يخرج عن حقیقته ، وأوضح من هذا البيان في هذه المسألة لا يمكن إلا بالتصريح ، فقل في العالم ما تشاء و انسبه إلى من تشاء بعد وقوفك على هذه الحقيقة كشفة وعلما .
راجع الفتوحات ج3/ 46 , 80 , 352 . - ج4/ 316.


وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر
الموجودات على تفاصيلها في ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من الاستعدادات ، فاختلفت الصفات على الظاهر لأن الأعيان التي ظهر فيها مختلفة ، فتميزت الموجودات وتعددت لتعدد الأعيان وتميزها في نفسه فما في الوجود إلا الله وأحكام الأعيان ، وما في العدم شيء إلا أعيان الممكنات مهيأة للاتصاف بالوجود .
فهي لا هي في الوجود ، لأن الظاهر أحكامها فهي ، ولا عين لها في الوجود فلا هي ، كما هو لا هو .
لأنه الظاهر فهو والتميز بين الموجودات معقول ومحسوس لاختلاف أحكام الأعيان فلا هو ، فيا أنا ما هو أنا ولا هو ما هو هو .
مغازلة رقيقة وإشارة دقيقة ردها البرهان ونفاها ، و أوجدها العيان وأثبتها .
ما من شيء في تفاصيل العالم إلا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكل ما ظهر ، أي يتقيد بها، ولولا هي ما ظهر .
فإذا تأملت فما ثم وجود إلا الله خاصة ، وكل موصوف بالوجود مما سوى الله فهو نسبة خاصة ، والإرادة الإلهية إنما متعلقها إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.
وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.
والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .
ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله، فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال ، من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم ،
فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.
فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
الفتوحات ج1 / 694  , ج2 / 40,42,99,160,435,606



ص 135

قال الشيخ رضي الله عنه : ( الذي يخبر عن الحق. مع هذا عين الظل موجود. "9"
فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد.وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه. )
_________________________________
9 - «كنت سمعه وبصره » الحديث
يقول تعالى : « ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ۰۰. الحديث »
اعلم أن العبد حادث فلا تنفي عنه حقیقته لأنه لو انتفت ، انتفت عينه ، وإذا انتفت عينه فمن يكون مكلفا بالعبادة .
ففي هذا الحديث أثبتك و نفاك ، فتكون أنت من حيث ذاتك ، ويكون هو من حيث تصرفاتك وإدراكاتك .
فأنت مكلف من حيث وجود عينك ومحل للخطاب ، وهو العامل بك من حيث أنه لا فعل لك .
إذ الحادث لا أثر له في عين الفعل ، ولكن له حكم في الفعل إذ كان ما كلفه الحق من حركة وسكون لا يعمله الحق إلا بوجود المتحرك والساكن .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 24 نوفمبر 2019 - 12:22 عدل 9 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 18 يونيو 2019 - 6:17 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر : الجزء الثاني
إذ ليس إذا لم يكن العبد موجودا إلا الحق ، والحق تعالی عن الحركة والسكون أو يكون محلا لتأثيره في نفسه ، فلابد من حدوث العبد حتى يكون محلا لأثر الحق ، فإذا كان العبد ما عنده من ذاته سوى عينه بلا صفة ولا اسم سوى عينه ، حينئذ يكون عند الله من المقربين و بالضرورة يكون الحق جميع صفاته .
و يقول له : أنت عبدي حقا ، فما سمع سامع في نفس الأمر إلا بالحق ولا أبصر إلا به ولا علم إلا به ولا حيي ولا قدر ولا تحرك ولا سكن ولا أراد ولا قهر ولا أعطى ولا منع ولا ظهر عليه وعنه أمر ما هو عينه إلا وهو الحق لا العبد.
فما للعبد سوى عينه سواء علم ذلك أو جهله ، وما فاز العلماء إلا بعلمهم بهذا القدر في حق كل ما سوى الله لا أنهم صاروا كذا بعد أن لم يكونوا.
فالضمير في قوله «كنت سمعه» هو عين العبد . والسمع عين الحق في كل حال. فكشف له سبحانه عن ذلك فإن قوله « كنت » يدل على أنه كان الأمر على هذا وهو لا يشعر .
فكانت الكرامة التي أعطاها هذا التقرب الكشف والعلم بأن الله كان سمعه وبصره فهو يتخيل أنه يسمع بسمعه وهو يسمع بربه .
كما كان يسمع الإنسان في حال حياته بروحه في ظنه لجهله وفي نفس الأمر إنما يسمع بريه ، ألا ترى نبيه الصادق

ص 136
قال الشيخ رضي الله عنه : (  مما تقول فيه ليس أنا خيال.فالوجود كله خيال في خيال. "10"
، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز. فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول )
________________________________________
في أهل القليب كيف قال : ما أنتم بأسمع منهم ، فأثبت الله للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له .
وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد .
فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته وحق الخلق عبوديته .
الفتوحات ج 1 / 203 ، 305 ، 378 ، 397 ، 406 ، 407 ، 415 ، 434 ، 445 ، 468 ، 675 .
الفتوحات ج 2 / 65 ، 189 ، 323 ، 341 ، 479 ، 502 ، 513 ، 559.
إكمال فص 10 هامش 9

10 - الوجود الحادث خيال في خيال - الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
من لا يعرف مرتبة الخيال فلا معرفة له جملة واحدة ، وهذا الركن من المعرفة إذا لم يحصل للعارفين فما عندهم من المعرفة رائحة .
فمن العلم الذي يختص به أهل الله تعالى معرفة الكشف الخيالي ، فإنك لا تشك أنك مدرك لما أدركته أنه حق محسوس لما تعلق به الحس.
وأن الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا »
فنبه أن ما أدركتموه في هذه الدار مثل إدراك النائم في النوم وهو خیال .
ولا تشك أن الناس في برزخ بين هذه الدار والدار الآخرة وهو مقام الخيال .
قال تعالی : «وما رمیت اذ رمیت ولکن الله رمی » ، أبان الله لنا فيما ذكره في هذه الآية أن الذي كنا نظنه حقيقة محسوسة إنما هي متخيلة يراها رأي العين والأمر في نفسه على خلاف ما تشهده العين .
فكل ما سوى ذات الحق فهو في مقام الاستحالة السريعة والبطيئة وهو خیال حائل وظل زائل .
فالعالم ما ظهر إلا في خيال فهو متخیل لنفسه ، وهو كله في صور مثل منصوبة ، فالحضرة الوجودية إنما هي حضرة الخيال ، والوجود المحدث خیال منصوب ، ثم تقسم ما تراه من الصور إلى محسوس و متخیل والكل متخیل .
وهذا لا قائل به إلا من أشهد هذا المشهد، والشهود عناية من الله أعطاها إيانا نور الإيمان الذي أنار الله به بصائرنا .

ص 137 

قال الشيخ رضي الله عنه : ( من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه.
فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.  «قل هو )
____________________________
فما أعجب الأخبار النبوية ، لقد أبانت عن الحقائق على ما هي عليه ، وعظمت ما استهونه العقل القاصر .
فإنه ما صدر إلا من عظيم وهو الحق ، فإذا ارتقى الإنسان في درج المعرفة علم أنه نائم في حال اليقظة المعهودة .
وأن الأمر الذي هو فيه رؤیا إيمانا وكشفا ، ولهذا ذكر الله أمورا واقعة في ظاهر الحسن .
وقال « فاعتبروا » وقال « إن في ذلك لعبرة » أي جوزوا واعبروا مما ظهر لكم من ذلك إلى علم ما بطن به وما جاء له .
لذلك قال صلى الله عليه وسلم : « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » ولكن لا يشعرون ولهذا قلنا إيمانا .
فالوجود كله نوم ويقظته نوم، والحق هو الناطق والمحرك والمسكن والموجد والمذهب .
وجميع الصور بما ينسب إليها مما هو له خیال منصوب وأن حقيقة الوجود له تعالی.
الفتوحات ج 1 / 41 ، 116 ، 311 - ج 2 / 213 ، 313 ، 379 ، 380
ج 3 / 525.

11 - الله غني عن العالمين
اعلم أن الله ما هو غني عن العالم إلا لظهوره بنفسه للعالم ، فاستغنى أن يعرف بالعالم ، فلا يدل عليه الغير بل هو الدليل على نفسه بظهوره لخلقه ، فلا دليل عليه سواه .
فإنه لا شيء أدل من الشيء على نفسه ، فهو غني عن العالمين ، أي سواء ظهوركم وعدمكم ، فهو غني عن الدلالة .
كأنه يقول : ما أوجدت العالم ليدل علي . ولا أظهرته علامة على وجودي .
وإنما أظهرته ليظهر ح?م حقائق أسمائي ، وليست لي علامة على سوائي .
فإذا تجلیت عرفت بنفس التجلي ، والعالم علامة على حقائق الأسماء لا على. وعلامة أيضا على أني مستنده لا غير ، فإن كل حكم في العالم لابد

ص 138

قال الشيخ رضي الله عنه : (  الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت. فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن)
__________________________________________
أن يستند إلى نعت إلهي ، إلا النعت الذاتي الذي يستحقه الحق لذاته .
وبه كان غنيا عن العالمين ، والنعت الذاتي الذي للعالم بالاستحقاق ، وبه كان فقيرة بل عبدا .
فإنه أحق من نعت الفقر ، وإن كان الفقر والذلة على السواء ، فالحق تعالى هو المنزه عن أن تدل عليه علامة ، فهو المعروف بغير حد ، المجهول بالحد.
والعالمون هنا الدلالات على الله ، فهو غني عن الدلالات عليه ، فرفع أن يكون بينه وبين العالم نسبة ووجه يربطه بالعالم من حيث ذلك الوجه الذي هو منه غني عن العالمين .وهو الذي يسسيه أهل النظر وجه الدليل.
يقول الحق : ما ثم دليل علي فيكون له وجه يربطني به فأكون مقيدا به .
وأنا الغني العزيز الذي لا تقيدني الوجوه ولا تدل عليه أدلة المحدثات ، فالواجب الوجود غني على الإطلاق ، فلا شيء واجب الوجود لنفسه إلا هو .
فهو الغني بذاته على الإطلاق عن العالمين بالدليل العقلي والشرعي ، إذ لو أوجد العالم للدلالة عليه لما صح له الغني عنه ، فهو أظهر وأجلي من أن يستدل عليه بغير ، أو يتقيد تعالی بسوی .
إذ لو كان الأمر كذلك لكان للدليل بعض سلطنة وفخر على المدلول ، فكان يبطل الغني ، فما تصب الأدلة عليه وإنما تصبها على المرتبة ليعلم أنه لا إله إلا هو ، ولهذا لا يصح أن يكون عليه ، و إليه الدلالة بقوله صلى الله عليه وسلم « كان الله ولا شيء معه » فهو غني عن الدلالة .
واعلم أن معقولية كون الله ذاتا ما هي معقولية كونه إلها ، وهي مرتبة ، وليس في الوجود العيني سوى العين ، فهو من حيث هو غني عن العالمين ، ومن حيث الأسماء

ص 139



اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من انت و ما نسبك إليه وما نسبه إليك "12" حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهة اتصف ما سوى الله بالفقر
___________________________________________
التي تطلب العالم لإمكانه لظهور آثارها فيه يطلب وجود العالم ، فلولا الممكن ما ظهر أثر للأسماء الإلهية ، فـ للأسماء الإلهية أو المرتبة التي هي مرتبة المسي إلها.
التصرف والحكم فيمن نعت بها ، فبها يتصرف ولها يتصرف ، وهو غني عن العالمين في حال تصرفه لابد منه ، فالله من حيث ذاته ووجوده غني عن العالمين . ومن كونه ربا يطلب المربوب بلا شك ، فهو من حيث العين لا يطلب ، ومن حيث الربوبية يطلب المربرب وجودا وتقديرا .
الفتوحات  ج 1 / 291 ، 439 - ج 2 / 227 ، 429 ، 474 ، 518 ، 541 - ج 3 / 316 ، 364 ، 405 ، 557 - ج 4 / 101 .

12 - تفيؤ الظلال
قال تعالى : « ألم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون » خاطب بذلك أهل الكشف : وهم عامة الإنس و كل عاقل فخاطبهم بالنعيم البصري ، - راجع هامش رقم 7
اعتبار ظلك على صورتك ، وأنت على الصورة ، فأنت ظل قام الدليل على أن التحريك للحق لا لك .
كذلك التحريك لك لا للظل ، غير أنك تعترض فلم تعرف قدرك ، وظلك لا يعترض.
يا من هو ظله أعلم بقدره منه متى تفلح ، ما مدت الظلال للاستظلال ، وإنما مدت لتكون سلما إلى معرفة الله معك.
فأنت الظل و سيقبضك إليه ، فمن نظر إلى ظله عرف أن حكمه في الحركة والسكون من أصله .
فأراد الحق منك أن تكون معه كظلك معك ، من عدم الاعتراض عليه فيما يجريه عليك ، والتسليم والتفويض إليه فيما تصرف فيك به.
وينبهك بذلك أن حركتك عين تحری?ه وأن س?ونك كذلك .
ما الظل يحرك الشخص ، كذلك فلتكن مع الله.
فإن الأمر كما شاهدته ، فهو المؤثر فيك .
- راجع كتاب التراجم .

ص 140



قال الشيخ رضي الله عنه : ( اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض.
وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به. فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق"13": ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية.
والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك "14"، و أعياننا في نفس )
___________________________________
13 - السبب الأول
اعلم أن الأول أفضل الأشياء وأعلاها ، لأنه لا يكون عن شيء بل تكون الأشياء عنه ، فلو كان عن شيء لم تصح له الأولية على الإطلاق ، والعبد من حين عينه عن أوليات كثيرة قبله .
وأعني بذلك الأسباب ، فهو سبحانه السبب الأول الذي لا سبب لأوليته ، والأسباب استرقت العالم حتى لا يعرفوا سواها ، وأعلاهم في الرق الذين استرقتهم الأسماء الإلهية.
وليس أعلى من هذا الاسترقاق لا استرقاق أحدية السبب الأول من كونه سببا لا من حيث ذاته .
ومع هذا فينبغي لهم أن لا تسترقهم الأسماء لغلبة نظرهم إلى أحدية الذات من كونه ذاتا لا من كونه إلها .
الفتوحات  ج 1 / 391 ، 563 .

14 - تجلي الحق في صور الأسباب " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله "
في هذا الخطاب تسمية الله بكل اسم هو لمن يفتقر إليه فيما يفتقر إليه ، وهو من باب الغيرة الإلهية حتى لا يفتقر إلى غيره ، والشرف فيه إلى العالم بذلك.
فإن من الناس من افتقر إلى الأسباب الموضوعة كلها ، وقد حجبتهم في العامة عن الله .
وهم على الحقيقة ما افتقروا في نفس الأمر إلا إلى من بيده قضاء حوائجهم وهو الله.
ولهذا قال بعض العلماء بأن الله قد تسمي بكل ما يفتقر إليه في الحقيقة ، ودليلهم هذه الآية ، فقد تسمى الله في هذه الآية بكل ما يفتقر إليه ، لما اتصف لعباده بالغيرة أظهر حكمها ، فأبان لهم أنه المتجلي في صورة كل شيء حتى لا يفتقر إلا إليه خاصة.

ص 141
قال الشيخ رضي الله عنه : (  الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا،"15" و قد مهدنا لك السبيل فانظر.)
_________________________________
فقال عز وجل « يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله » فتحقق ركون الناس إلى صور الأسباب وافتقارهم إليها . وأثبت الله افتقار الناس إليه لا إلى غيره .
ليبين لهم أنه المتجلي في صور الأسباب ، وأن الأسباب التي هي صور حجاب عنه ، ليعلم ذلك العلماء لعلمهم بالمراتب .
فالحق عين السبب إذ لولاه ما كان العالم ، وكل ما يفتقر إليه فهو اسم الله تعالى إذ لا يفتقر إلا إليه ، وإن لم يطلق عليه لفظ من ذلك.
فنحن إنما تعتبر المعاني التي تفيد العلوم ، أما التحجير ورفع التحجير في الاطلاق عليه سبحانه فذلك إلى الله.
فما اقتصر عليه من الألفاظ في الإطلاق اقتصرنا عليه ، فإنا لا نسميه إلا بما سمى به نفسه ، وما منع من ذلك منعناه أدبا مع الله .
ففي هذه الآية تسمى الحق لنا باسم كل ما يفتقر إليه غيرة منه أن يفتقر إلى غيره ، وكان في هذا الخطاب هجاء للناس حيث لم يعرفوا ذلك إلا بعد التعريف الإلهي في الخطاب الشرعي على ألسنة الرسل عليهم السلام .
ومع هذا أنكر ذلك خلق كثير ، وخصوه بأمور معينة يفتقر إليه فيها ، ولا في كل الأمور من اللوازم التابعة للوجود التي تعرض مع الآفات للخلق .
و كان ينبغي لنا لو كنا متحققين بفهم هذه الآية أن نبكي بدل الدموع دما ، حيث جهلنا هذا الأمر من نفوسنا إلى أن وقع به التعريف الإلهي ، فكيف حال من أنكره وتأوله وخصصه .
الفتوحات  ۲۹۳ج 2 / 263 ، 469 ، 490 ، 601 - ج 3 / 35 - ج 4 / 196

15 - راجع وحدة الوجود ص 45 ، 84

ص 142 
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 24 نوفمبر 2019 - 12:23 عدل 5 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 21:14 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة التاسعة عشر السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة عشر:
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
المرتبة 09: لفص حكمة نورية في كلمة يوسفية
من الاسم: الغني وفلك البروج ومولة الطرف وحرف الجيم
التقدير تقسيم وتحديد، والجامع لكل الحدود والقيود يستلزم أن يكون غنيا عن كل حد وقيد.
فالاسم المقدر يستلزم ظهور الاسم الغني الذي له المرتبة التاسعة فتوجه على إيجاد تاسع الأفلاك مع الاسم: الدهر، وهو فلك البروج الاثني عشر كل برج منصة الملك عظيم بيده مفاتيح خزائن ذلك البرج التي أودع الله فيها أحكاما تظهر آثارها في العالم دنيا وأخرى حسب سير الكواكب وتنزلات الأنوار.
وقد فصل الشيخ كل ذلك في أبواب من الفتوحات وفي (عقلة المستوفز) وفي (التنزلات الموصلية).

""حديث: سئل ابن عباس، فقيل: يابن عباس، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قال: نعم، فقلت لابن عباس: أليس يقول الله: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" [الأنعام: 103] ، قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره الذي هو نوره، إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء"" رواه المقدسي في المختارة والبيهقي وابن خزيمة وغيرهم.
ولذلك اقترن الاسم الغني بفلك تلك الخزائن التي عددها 360 على عدد درجات الفلك.
ومن جهة أخرى لأن هذا الفلك الأطلس الذي لا صورة فوقه محسوسة هو مظهر للتنزبه الإلهي . أي لاسمه تعالى: الغني عن العالمين.
ولهذا كرر الشيخ هذا الاسم مع الفقر في آخر هذا الفص نحو30 مرة وختمه بالآية ( يأيها الناس أن الفقراء إلى الله والله هو الولي الحميد) (فاطر، 15).
ومن أنسب الأنبياء لحضرة الغني يوسف عليه السلام الذي جعله الله أمينا على خزائن الأرض وعلى خزائن عالم المثال والتصوير في السماء الثالثة ورفع أبويه على العرش.
ولهذا نجد الشيخ في كتاب العبادلة يخصص باباعنوانه عبد الله بن يوسف بن عبد الغني.

علاقة أخرى لطيفة بين فلك البروج الأطلس ويوسف وهي أنه عليه السلام أوتي شطر الحسن كما ورد في الخبر .
ففي المقام اليوسفي لا يظهر من دائرة كمال الحسن إلا نصفها الجمالي والتنبهي كما ظهر على لسان النسوة حسب ما أخبر القرآن "فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ " (یوسف، 31).
وكذلك الفلك الأطلسي لا يظهر منه إلا نصفه لوجودنا على الأرض والنصف الآخر في الغيب بالنسبة لنا.
وإلى هذا أشار الشيخ في أول الباب بذكره للستة التي هي عدد البروج الظاهرة في نصف الفلك ومثلها المغيبة .
فقوله عن أمنا عائشة رضي الله عنها: (فمضى قولها ستة أشهر) إشارة لطيفة إلى مناسبة لطيفة بين المرأة الصديقة والمقام اليوسفي.
فـ ليوسف شطر حسن الكمال. والزوجة نصف الرجل الكامل.
وفي القرآن وصف يوسف الصديق كما لقبت عائشة بالصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما وكانا كیوسف من أعلم الناس بعلم التعبير، ...
والصدق في الأقوال والأعمال يثمر الرؤى الصادقة ... والكمال ليس محصورا في الشطر الجمالي المنبسط نوره، بل الكمال في جمع وتكامل هذا الشطر الجمالي مع الشطر الآخر الجلالي المنبسط عليه الظل.
أي في الجمع بين قوسي التنزيه والتشبيه أو الإطلاق والتقييد وغير ذلك من الأضداد.


وبقدر الانحراف عن هذا الجمع الكمالي ينحرف المشاهد عن كمال المعرفة كما فصله الشيخ في بدايات الباب 73 من الفتوحات.
وإلى ذلك التكامل أشار الشيخ في قوله في الأبيات التي استفتح بها الباب 372 من الفتوحات المخصوص بسورة يوسف:
من حاز شطر الكون في خلقه   ….. وشطره الآخر في خلقه
فذاك عين الوقت في وقته     ….. وبدره الطالع في أفقه
فبدره يطلع من غربه       …… وضوءه يغرب في شرقه
فكل مخلوق به هائم      ….. وكلنا نهلك في حقه


وفي هذا الباب 372 يتكلم عن البروج وفلكها لأنه من المعلوم في الملة الإسرائيلية أن لكل سبط من الأسباط الاثني عشر برجا معينا، فقال (ألا أيها الفلك الدائر لمن أنت في سيركم سائر).
وكذلك في الباب 421 من الفتوحات الموافق لمنازلة في سورة يوسف يذكر بالتفصيل أسماء البروج مرتبة.
وعنوان هذا الباب وموضوعه حول التنزيه وهو : (منازلة من طلب الوصول الي بالدليل والبرهان لم يصل إلى أبدا فإنه لا يشبهني شيء).
ولهذا أيضا نجد في كتاب "التراجم" باب منازلة سورة يوسف تحت عنوان:
ترجمة السلب والتنزيه.
وأنسب الحروف هذه المرتبة هو الجيم لأنه الحرف الوحيد الخارج عن القبضة حسبما ذكره الشيخ في جوابه عن السؤال 120 من أسئلة الترمذي،
والخروج عن القبضة هو الإطلاق والتنزيه.
والجيم هو مفتاح اسمه تعالى: جامع الخارج عن قبضتي الجلال والجمال لجمعيته لهما معا في المقام الأحمدي الأحدي الكامل.
وهو مفتاح اسمه تعالى: جميل جواد المتجلي في المقام اليوسفي
وحكمة هذا النص نورية لعلاقة النور بيوسف والخيال والفلك الأطلس فقد أعطى الله تعالى ليوسف نور علم التعبير فكان يكشف به حقائق عالم المثال والخيال.
والخيال هو أعظم نور يدرك به الإنسان الأشياء، وقد أطنب الشيخ في هذا الموضوع في أبواب كثيرة من الفتوحات خصوصا في الباب 360 المخصوص .منزل سورة النور .


حيث يقول: (وإذا ثبت إلحاق الخيال في قوة الإيجاد بالحق ما عدا نفسه فهو على الحقيقة المعبر عنه بالإنسان الكامل .
فإنه ما ثم على الصورة الحقية مثله فإنه يوجد في نفسه كل معلوم ما عدا نفسه وألحق نسبة الموجودات إليه مثل هذه النسبة…
فما قبل شيء من المحدثات صورة الحق سوى الخيال فإذا تحققت ما قلناه علمت أنه في غاية الوصلة).
وأما علاقة فلك البروج بالحكمة النورية فلأن البروج ما تعينت إلا بسير الشمس التي هي أعظم مظهر للنور المحسوس في الدنيا.
فبالنور ظهرت البروج ولهذا قال الشيخ في هذا الفص:
(ولكن باسمه النور وقع الإدراك) ولهذا كرر الشيخ ذكر الشمس والقمر والنجوم التي ظهر بها الفلك الأطلس كما ظهر ما المقام اليوسفي في قوله في سورته :«إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين»
و كما لا تدرك حضرة الخيال إلا بواسطة الصور المثالية التي تعبره كذلك لا يدرك الفلك الأطلس إلا بواسطة الصور الكوكبية السابعة تحته.
وكما أن الخيال برزخ بين المحسوسات والمعاني فكذلك الفلك الأطلس برزخ بين عالم الطبيعة العنصرية الحسية وعالم الطبيعة النورانية الروحية الملكوتية.
وكما أن الخيال حيرة لأن الصورة الخيالية هي لا هي، فكذلك الفلك الأطلس هو فلك الحيرة.
وفي هذا المعنى يقول الشيخ في الفصل 16 من الباب 198:
"ألا ترى الفلك الأطلس كيف ظهر من الحيرة في الحق لأن المقادير فيه لا تتعين للتماثل في الأجزاء كالأسماء والصفات للحق لا تتعدد، فالحيرة ما ظهرت إلا في الفلك الأطلس حيث قيل إن فيه بروجا ولا تتعين. فوضع على شكل الحيرة.
ووضع الفلك المكوكب بالمنازل على شكل الدلالات على ما وقعت فيه الحيرة فاستدل بالمنازل على ما في الأطلس من البروج فهر على شكل الدلالة.
وجعل تنوع الأحكام بترول السيارة في المنازل والبروج بمنزلة الصور الإلهية التي يظهر فيها الحق فما للأطلس فيها من الحكم تجهل
ويقال ليس له صورة بالدلالة العقلية وبما للمنازل فيها من الدلالات تعلم ويقال هذا هو الحق".
فقول الشيخ: (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال) يمكن فهمه من عدة وجوه: ففي الحضرة الكونية لا تظهر حكمة فلك البروج إلا بانبساط نور الشمس خلال ميرها في فلكها .
قال تعالى ( ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) (الفرقان، 45).
وفي الحضرة الإنسانية الجزئية: هذه الحكمة تتعلق بالقوة المتخيلة في الإنسان التي هي أعظم نور فيه وأوسع حضرة منه فيه.


وأما في الحضرة الإنسانية الكلية فحضرة الخيال هي أخص مظاهر الإنسان الكامل لأنها على صورة الحق الكاملة في الإيجاد والاتساع. وهذا المظهر يسمى يوسف المحمدي.
أما يوسف اليعقوبي فنوره منبسط على حضرات الخيال المقيدة و روحانيته في السماء الثالثة فهي قطب عالم المثال والتعبير في الدنيا، ومحتد نفسه في الفلك الأطلس.
وأما في الحضرة الإلهية هذه الحكمة هي للتجلي الذاتي بالإسم النور في حضرة الغني وإظهار الممكنات لأنفسها مفتقرة للغني الحميد.

ويتكلم الشيخ عن فلك البروج فيقول ما خلاصته :
الاسم الغني جعل هذا الفلك أطلس لا كوكب فيه متماثل الأجزاء مستدير الشكل لا تعرفي لحركته بداية ولالاية يقطع بحركته في الكرسي كما يقطعه من دونه من الأفلاك، وماله طرف.
بوجوده حدثت الأيام والشهور والسنون ولكن ما تعينت هذه الأزمنة فيه إلا بعدما خلق الله في جوفه من العلامات التي ميزت هذه الأزمنة.
وما عين منها هذا الفلك سوى يوم واحد وهي دورة واحدة عينها مكان القدم من الكرسي فتعينت من أعلى فذلك القدر يسمى يوما.
وما عرف هذا اليوم إلا الله تعالى لتماثل أجزاء هذا الفلك و كان ابتداء حركته بأول درجة من برج الجوزاء المقابلة لقدم الكرسي فظهر أول يوم وهو يوم الأحد بانتهاء دورة واحدة ظهر عن صفة السمع.
فلهذا ما في العالم إلا من يسمع الأمر الإلهي في حال عدمه بقوله كن .
ومن دورته الثانية ظهر يوم الاثنين من صفة الحياة فما في العالم جزء إلا وهو حي.
ومن دورته الثالثة ظهر يوم الثلاثاء من صفة البصر فما في العالم جزء إلا وهو يشاهد خالقه من حيث عينه لا من حيث عين خالقه.
ومن دورته الرابعة ظهر يوم الأربعاء وحركته عن صفة الإرادة فما في العالم جزء إلا وهو يقصد تعظيم خالقه.
ومن دورته الخامسة ظهر يوم الخميس وحركته عن صفة القدرة فما في الوجود جزء إلا وهو متمكن من الثناء على موجده.
ومن دورته السادسة ظهر يوم الجمعة وحركته عن صفة العلم فما في العالم جزء إلا وهو يعلم موجده من حيث ذاته إلا من حيث ذات موجده.
ومن دورته السابعة ظهر يوم السبت وحركته عن صفة الكلام فما في الوجود جزء إلا وهو يسبح بحمد خالقه.


ولم يتمكن الدهر أن يزيد على سبعة أيام لأن الصفات الإلهية الأمهات سبعة.
ومن حركة هذا الفلك ظهرت الأحياز وثبت وجود الجوهر الفرد المتحيز الذي لا يقبل القسمة.
ولما انقسمت الكلمة العرشية الواحدة في الكرسي إلى اثنين بتدلي القدمين وهما خير وحكم.
والحكم خمسة أقسام: وجوب وحظر وإباحة وندب وكراهة. والخبر قسم واحد.
فإذا ضربت اثنين في ستة كان المجموع اثني عشر سنة إلهية وستة كونية لأنها على الصورة فأنقسم هذا الفلك الأطلس على اثني عشر قسما لكل قسم حكم في العالم ينتهي إلى غاية ثم تدور كما دارت الأيام سواء إلى غير نهاية.
فأعطى للحمل 12000 سنة ثم تمشي على كل برج بإسقاط ألف حتى تنتهي إلى آخرها وهو الحوت فله 1000 سنة فجملة الدور 78000 سنة وتعود الحركة الدورية متجددة مع ثبات عين المتحرك والحركة لا تعود عينها أبدا لكن مثلها.
وهذا الفلك هو سقف الجنة وعن حركته يتكون فيها ما يتكون وهو لا ينخرم نظامه فالجنة لا تفنى لذاتها أبدا ولا يتخلل نعيمها ألم ولا تنغيص.
ولحكم الطبيعة على هذا الفلك ظهرت فيه ثلاثة بروج نارية ومثلها ترابية ومثلها هوائية ومثلها مائية .
ولكل برج ثلاثة وجوه فمجموعها 36 وجها، والحاكم فيه ملك عظيم بيده تنفيذ ما أوحى الله فيه من أمره .
فـ لملك الحمل "الحامد" مفتاح خلق الصفات والأعراض.
وللثور "الثابت" مفتاح خلق الجنة والنار و بحركته وحدت جهنم وما يتكون فيها.
وللجوزاء "الجايز “ مفتاح خلق المعادن وفي أول الحادية إحدى عشرة درجة منه ينتهي يوم القيامة فيستقر أهل الجنة فيها وأهل النار فيها إلى الأبد.
وللسرطان "السائق" مفتاح خلق الدنيا.
وللأسد "الأقليد" مفتاح خلق الآخرة وبطالعه خلقت الجنة.
وللسنبلة "السادن‘‘ تدبير الأجسام البشرية ويطالعه خلق الإنسان والبرزخ.
وللميزان "المانح" مفتاح خلق الزمان والأحوال والاستحالات.
وللعقرب "العادل" مفتاح خلق النباتات .
وللقوس "القائم" تدبير الأجسام النورية والظلمانية والنار و مطالعه خلق الجان.
وللجدي "الجابر" مفتاح خلق الليل والنهار .
وللدلو "الدائم" مفتاح خلق الأرواح .
وللحوت "الحائر" تدبير الأجسام الحيوانية.
والمتولي عذاب أهل النار هم القائم والاقليد والحامد والثابت والسادن والجابر ومالك
هو الخازن.
وهؤلاء مع الستة الباقين - أي الحائز والسائق والمانح والعادل والدائم والحافظ - فان جميعهم يكون مع أهل الجنان ورضوان الخازن .
وفي الباب 361 من الفتوحات المتعلق بسورة المؤمنون فصل الشيخ بإسهاب آثار البروج في الإنسان الكامل و الإنسان الحيوان.
وفي أواخر هذا الفص تكلم الشيخ عن الأحدية تمهيدا للدخول إلى فص حكمة أحدية في كلمة هودية وختم بكلمة: (وقد مهدنا لك السبيل فانظر).
إشارة إلى قول هود:" إن ربي على صراط مستقيم" .
وكلمة "انظر" تشير الى فلك فص هود أي فلك الكواكب التي لا تدرك إلا بالنظر الأنوارها.
وحيث أن أنسب سورة للتنزيه والأحدية والغني الذاتي في سورة الإخلاص إذ كل كلماتها دالة على ذلك .
فقد فسرها الشيخ في هذا الفص وسمی منزلها فى الباب الثاني والسبعون ومائتان من الفتوحات المكية في معرفة منزل تنزيه التوحيد.


وأشار إلى استمداد هذا الفص منها ومن الاسم الغني فقال :
وهو الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا. وما للحق نسب إلا هذه السورة.
أن المراد بلفظة تنزيه التوحيد أمران
اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن المراد بلفظة تنزيه التوحيد أمران:
الواحد أن يكون التوحيد متعلق التنزيه لا الحق سبحانه.
والأمر الآخر أن يكون التنزيه مضافا إلى التوحيد على معنى أن الحق تعالى قد ينزه بتنزيه التوحيد إياه لا بتنزيه من نزهة من المخلوقين بالتوحيد مثل حمد الحمد.
فإن قيام الصفة بالموصوف ما فيها دعوى ولا يتطرق إليها احتمال.


09: سورة فص يوسف عليه السلام
هي التي فسرها الشيخ في آخر هذا الباب أي: الإخلاص.
كما سبق بيانه وتسمى سورة الجمال المناسب ليوسف الذي قال الله عنه في سورته "الآية 24" "إنه من عبادنا المخلصين " ولفظة "النور" المنسوبة إليه هذه الحكمة مناسبة لها.
فكون النور لا يدرك مناسب للآية: "قل هو الله أحد" ، غني الذات عن الغير لأحديتها . فهو تعالى : "لا تدركه الأبصار" ، (الأنعام، 103).
وكون النور واسطة الإدراك مناسب للآية: (" الله الصمد ") أي يفتقر إليه افتقار البصر للنور. راجع تفصيل هذه المعاني في آخر فص هارون عليه السلام .
ولخروج سورة الإخلاص عن قبضة كل تشبيه كانت في تمام المناسبة مع حرف هذا الفص أي الجيم الخارج عن قبضة الحروف كما سبق ذكره....
ومن لطيف الاتفاق أن عدد الجيم المفصل هو "جيم -3+10+40-53" .
وكذلك سورة الإخلاص تتألف من 53 حرفا باعتبار المد والتضعيف والهمزة.
فإن قيل إن الشيخ ذكر في أواخر فص هارون مسائل تتعلق بسورة الإخلاص حيث أكد على أحدية الحق تعالى وتخيل العابد المعبوده و الإله الذي يصعد إليه ويعلم من حيث الجملة ولا يشهد.
فما هي العلاقة بين فص هارون ونص يوسف بحيث يكادان يشتركان في سورة الإخلاص ؟

الجواب له عدة وجوه:
أولا: سورة فص هارون هي: الكافرون.
ولها علاقة متميزة معروفة بالإخلاص حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يقرؤهما معا في صلاة الفجر وصلاة الاستخارة وغيرها.
وذلك لأن في "الكافرون" تبريء من كثرة الآلهة المعبودة وفي "الإخلاص" إثبات للإله الواحد الأحد الصمد المعبود فهما متكاملتان حيث أن في "الكافرون" نفي للشرك وفي "الإخلاص" إثبات للتوحيد.
فمجموعهما يمثل كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله" فنصفها الأول لسورة الكافرون" والثاني الإخلاص.
ومن الاتفاق أن عدد حروف "الكافرون" هو "99" حرفا على عدد "لا إله إلا" وعدد حروف "الإخلاص" مع البسملة هو "66" على عدد الاسم "الله".
أي أن مجموع حروف البسملة مع السورتين يساوي عدد "لا إله إلا الله".


ثانيا: للفص اليوسفي الفلك الأطلس وهو فلك الحيرة. والفص الهاروني له مرتبة الحيوان.
وقد قال الشيخ في الفتوحات أن الحيوان في علمه بالله تعالى مفطور على الحيرة. وقال في الباب 357 المخصوص بسورة النمل أن البهائم اختصت بهذا الاسم لما انبهم علينا في أمرها فانبهام أمرها إنما هو من حيث حيرتنا
ولعلاقة الحيرة الحيوانية بتزيه الفلك الأطلس وحيرته نجد الشيخ يتكلم عن تحقق العارف بالحيوانية في آخر الفص إلياسي الذي مداره حول التعريه وتشبيه الأوهام وحيرة الأفكار...
ثالثا: هارون هو قطب السماء الخامسة سماء الهلال والقهر ويوم الثلاثاء.
ويوسف هو قطب السماء الثالثة سماء الجمال والحسن ويوم الجمعة.
فالجلال والجمال متكاملان تكامل سورتي الكافرون والإخلاص.
وروحانية كوكب الزهرة الحاكم على نار الجمعة هو الحاكم أيضا على ليلة الثلاثاء كما هو معروف عند علماء الفلك و كما أشار إليه الشيخ في كتابه: "أيام الشأن" حيث يقول: وصلى الله على من كان يومه المعروف ويومه المشهود المؤثر الثلاثاء ويومه المخصوص بذاته الجمعة" انتهى.
وأما ليلة الجمعة ونهار الاثنين فـ لروحانية القمر....
وليوسف نسبة متميزة مع العدد "ثلاثة" فهو صاحب روحانية الزهرة في السماء الثالثة التي لها نهار الجمال فار الجمعة وليلة الحسن ليلة الثلاثاء.
فالجمعة هي سادس الأيام والستة هي ضعف الثلاثة والعدد ستة يرجع بنا إلى الأشهر الستة المذكورة أول الفص.
والثلاثاء هو ثالث الأيام وسورة الإخلاص ثالث السور والفلك الأطلس هو ثالث الأفلاك :
إذ الأول للعرش  
والثاني الكرسي،
والثالث الفلك الأطلس
وهو تاسع مراتب نفس الرحمن فله الفصل التاسع والتسعة مكعب الثلاثة.
وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوسف عليه السلام ثلاثة آباء كرام فقال في الحديث الصحيح: "أتدرون من الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم؟"
يعني يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
وإنما ذكرنا هذا لأن سبب نزول سورة هذا الفص اليوسفي أي "الإخلاص هو سوال الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم : "أنسب لنا ربك".
ولهذا نجد الشيخ يبدأ الوصل الثالث من الباب 369 وهو المخصوص بسورة الإخلاص بقوله: "... من المولى الثالث وهو يتضمن علم الأمر الواقع عند السؤال" ويقول أيضا في أخر باب منزل "الإخلاص" أي الباب "273": وفي هذا المنزل من العلوم علم النسب الإلهي"
وختم الشيخ هذا الفص بقوله: "فهو هويتنا..." إشارة إلى فاتحة الإخلاص: "قل هو"
كدليل على علاقة سورة (الإخلاص) بيوسف والفلك الأطلس نذكر أبياتا كتبها الشيخ في متل سورة (الإخلاص) أي الباب (272 فتوحات) حيث يذكر تريد التوحيد وأبيات من الباب (372 في الخاص بسورة (يوسف) يذكر فيه الحيرة والفلك الدائر فيفتح الباب (272) قائلا:
بتنزيه  توحيد الأله  أقول ... وذلك نور ما لديه أقول
وتنزيهه ما بين ذات ورتبة ... وأن الذي يدري به لقليل
تنزه عن تنزيه كل منزه  … فمن شاء قولا فليقل بيقول
فإن وجود الحق في حرف غيبه ... فحرف حضور ما عليه قبول

وفي البيتين الأخيرين يشير إلى فاتحة الإخلاص (قول هو )
وفي باب منزل سورة "يوسف" يقول:
ولما رأينا الحق في صورة البشر ... علمنا بأن العقل فيه على خطر
فمن قيد الحق المبين بعقله ... ولم يطلق التقييد ما عنده خبر
إذا ما تجلى لي على مثل صورتي ... تجليت في التنزيه عن سائر الصور
فإن قال ماذا قلت أنت ذكرت لي ... بأنك نعفو عن ظلوم إذا انتصر
وأنت مثلي قل فلم حزت صورتي ... ورؤيتي إياكم كما يبصر القمر
فإن كنت مثلي فالتماثل حاكم ... على كل مثل كالذي يقتضى النظر
فكل شبيه للشبيه مشاكل ... على كل حال في القديم وفي البشر
لقد شرع الله السجود لسهونا ... بإرغام شيطان وجبر لما انكسر
فمالك لم تسجد وأنت أمامنا ... فأنت جدير بالسجود كما ذكر
أتيناك نسعى فاثنيت مهرولا ... وأين خطى الأقدام من خطوة البصر

ومنها أيضا:
فمن فصلنا أو بمن قد وصلتنا ... وما هو إلا الله بالعين ولأثر
فشكرا لما أخفى وشكرا لما بدا ... وحاز مريد الخير عبدا ذا شكر
وما هو إلا الحق يشكر نفسه ... ولكن حجاب القرب أرسل فاستتر

وفي هذا الباب يقول أيضا:
ألا أيها الفلك الدائر   ..... لمن أنت في سيركم سائر
إلينا فنحن بأحشائكم   ..... إليه فسيركم بائر
تعالى عن الحد في نفسه   ..... وقال هو الباطن الظاهر
تدور علينا بأنفاسنا   ..... وأنت لنا الحكم القاهر
فشغلك بي شغل شاغل   ..... وأنت إذا ما انقضى خاسر
فإن كنت في ذاك عن أمره   ..... فأنت به الرابح التاجر
ومن فوقكم ثم من فوقه   ..... إله لرتقكم فاطر
تعين بالفتق في رتقكم   ..... فعقلك في صنعه حائر
لذاك تدور وما تبرحن   ..... بمثواك والمقبل الغابر
فقف فأبى الجبر إلا السري   ..... وقال أنا الكاسر الجابر
سترت عيون النهي فانثنت   ..... وقد علمت أنني الساتر
فسبحان من حكمه حكمة   ..... ومن عينه الوارد الصادر
فلولاك ما لاح في أفقه   ..... بدورته كوكب زاهر

ولعلاقة يوسف بإخلاص التنزيه نجد الشيخ في كتابة "التراجم" يجعل باب سورة يوسف تحت عنوان: "ترجمة السلب والتنزيه".

علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه
العلاقة بين فصي يوسف ويعقوب لها عدة مظاهر:
فـ يوسف بن يعقوب، والاسم (الغني) "ابن" والشكور) لقوله تعالى: "لئن شكرتم لأزيدنكم" (إبراهيم، 7) .
وفلك البروج الأطلس "ابن" الكرسي وقد بين الشيخ العلاقة بينهما في الفصل 19 من الباب 198.
وأما إشارة الشيخ للدخول لسورة فص هود التالي فتظهر في آخر كلمة من الفص: (فقد مهدنا لك السبيل فانظر) إشارة إلى الصراط المستقيم الذي افتح به فص هود وقوله (فانظر) إشارة إلى فاتحة سورة فص هود كما ستراها أي (ألم تر كيف) من سورة (الفيل ).
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 22:00 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الحادي عشر فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى