سبب كتابة الرسالة - رؤية الحق في المنام .شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

سبب كتابة الرسالة - رؤية الحق في المنام .شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها أ. محمود محمود الغراب

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد و آله ، من العبد الضعيف الناصح الشقيق الأمور بالنصح لإخوانه ، والمشدد عليه في ذلك دون أهل زمانه (1) ،
محمد بن علي بن محمد بن العربي الطائي الحاتمي - وفقه الله تعالى - إلى وليه في الله تعالى ، وأخيه الركن الوثيق ، أبي محمد عبد العزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي - تزيل تونس - أبقاه الله محفوظة وبعين الصوف الإلهي والحماية ملحوظة ، السلام عليك ورحمة الله و بركاته :
أما بعد فإنني أحمد إليك الله ، الذي لا إله إلا هو ، وأصلي على نبيه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ؛ أما بعد يا أخي فإن النصح أولي ما تعامل به رفیقان ، وتسامر به صديقان ، وقلما دامت اليوم صحية إلا على مداهنة ، وقد ثبت أن النبي من قال : ما ترك الحق لعمر من صديق ،
وقال أويس القرني رضي الله عنه لرجل من مراد : يا أخا مراد إن الموت وذكره لم يتركا من فرحة ، وإن علم المؤمن بحقوق الله تعالى لم يترك في ماله فضة ولا ذهبا ، وإن قيامه لله بالحق لم يترك له صديقا ، روينا هذا عن أويس رضي الله عنه من حديث مخلد بن جعفر عن محمد ابن جرير عن محمد بن حميد عن زافر بن سليمان عن شريك بن جابر عن الشعبي عن رجل من مواد عن أوس رضي الله عنه ؛
وكل إنسان يقبل النصح من غيره لا من
..........................................................................................
(1) رؤية الحق في المنام
يقول الشيخ رضي الله عنه « إني رأيت الحق في النوم مرتين وهو يقول لي : انصح عبادي » وقد ورد في الخبر أن رسول الله و رای الحق في النوم، كما روي أن الإمام أحمد بن حنبل رأى الحق مائة مرة ، فسأله في المرة المائة و بماذا يتقرب إليك المتقرہون »
فقال له : بكلامي يا أحمد ، فسأله الإمام « بفهم أو بغير فهم ؟»
فقال تعالى له : بفهم وبغير فهم .

"10"

نفسه إلا من وفقه الله تعالی فحينئذ يلتذ بسماع معايب النفس ، لا سيما إذا أرسلتها
- يا أخي في مجالسك ، مطلقة من غير تعيين تقر لك بأن هذا هو الحق ،
فإذا قلت لها بالك عنيت بهذا الكلام والمؤمن مرة أخيه وقد رأيت فيك ما أوجبه علي أن أقول لك فيه شميته النفس وقالت: سبحان الله إنما أنا مرآة نفسك رأيت في ومثلي من يقال له هذا ؟
لأن النفس عمياء عن عيوبها بصيرة بعيوب غيرها ، فأدى نصحك لها في أمر وأحد إلى ارتكاب محظورات كثيرة من الكذب والنفاق ،
وقل يا وليي أن تجد اليوم للناصح من صديق ولقد قلت في ذلك شعر :
لما لزمت البحث والتحقيقا * * * لم يتركا لي في الأنام صديقها
ولعمر الله ما كذبت ولا قلت إلا ما وجدت، ويعلم وليي -- أبقاه الله تعالی ست أني ما عاشرته أيام إقامتي عنده إلا بالمناصحة (1)
حتى ذكر لي يوما على العشاء وقال
..........................................................................................
عليك بالنصيحة على الإطلاق فإنها الدين ، خرج مسلم في الصحيح عن رسول الله مع أنه قال : الدين النصيحة ، قالوا : لمن يا رسول الله ؟
قال : الله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ،
والذي اقول به إن النصيحة تعم ، إذ هي عين الدين ، وهي صفة الناصحه فتسري منفعتها في جميع العالم كله من الناصح الذي يستبرىء لدينه ويطلب معالي الأمور ، فيرى حيوانا قد أمر به العطش وقد حاد ذلك الحيوان عن طريق الماء ، فيتعين عليه أن يرده إلى طريق الماء ويسقيه إن قدر على ذلك ، فهذا من النصيحة الدينية ، وكذلك لو رأى من ليس على ملة الإسلام يفعل فعلا من سفساف الأخلاق تعين على الناصح أن يرده من ذلك مهمة قدر إلى مكارم الأخلاق ، وإن لم يقدر ،
عليه ان يبين له عيب ذلك، فربما انتفع بتلك النصيحة ذلك الشخص بما له في ذلك من الثناء الحسن ، وينتفع بتلك النصيحة من اندفع عنه ضرر هذا الذي أراد ان يضره وإن لم يكن مسلما ذلك المدفوع عنه ، فيتعين على صاحب الدين نصح عباد الله مطلقا ، ولهذا يتعين على السلطان أن يدعو عدوه الكافر إلى الإسلام قبل قتاله ،
فإن أجاب وإلا دعاه إلى الجزية ان كان من أهل الكتاب ، فإن أجابه إلى الصلح بما شرط عليه قبل منه ،
يقول الله لا وإن جنحوا للسلم فأجنح لها وتوكل على الله » فيبقى على المسلمين إن كانت المنفعة للمسلمين في ذلك ،
فإن أبوا إلا القتال قاتلهم وأمر المسلمين بقتالهم ، على أن تكون

"11"

في مواجهة : إنك كثير الا تنقاد ، واحتج علي بمسألة إبراهيم بن أدهم ،
ثم استشهد بقول القائل :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة .... كما أن عين السخط تبدي الساوية
فأعربت له - وفقه الله - أن ذلك مقام من أحبك لنفسه ، وأما من أحبات لك فلا سبيل ، ولما كان حب الله إیانا لنا لا لنفسه نبهنا على معايبنا ، وأظهر لنا نقائصنا ، ودلنا على مكارم الأخلاق ومحامد الأفعال ، وأوضح لنا مناهجها ، ورفع لنا معارجها ، ولما أحببناه لأنفسنا ولم تتمكن في الحقيقة أن نحبه له - تعالى عن ذلك - رضينا بما يصدر منه مما لا يوافق أغراضنا و تمجه أنفسنا وتكرهه طباعنا ، والسعيد هو الذي رضي بذلك منه تعالى و من سواه يضجر ويسخن ، فنسال الله تعالى العفو والعافية في ذلك لنا وللمسلمين .
وقد فزت يا أخي -- جعلني الله وإياك من الفائزين في زمانك هذا بخلال لم أقدر أن أراها من غيرتش ، منها معر فتلك بمرتبة العلم وأهله ، وعدم تعريجك على الكرامات والأحوال، ومنها القيادة للحق وتواضعه له ونزولك إليه عنده من وجدته
..........................................................................................
كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ، إلا أنه من التزم النصح قل أولياءه فإن الغالب على الناس اتباع الأهواء ،
ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما ترك الحق لعمر من صديق "
وكذلك قال أويس القرني « قولك الحق لم يترك لك صديقا " ولنا في ذلك :
لما لزمت النصح والتحقيقا … لم يترك لي في الوجود صديقا
ويحتاج الناصح إلى علم كثير من تعليم الشريعة ، لأنه المدير العام الذي يعم جميع أحوال الناس وعلم زمانه ومكانه ، وما تتم إلا الحال والزمان والمكان ، وبقي للناصح علم الترجيح إذا تقابلت هذه الأمور ، فيكون ما يصلح الزمان يفسد الحال او المكان ، وكذلك كل واحد منها .
فينظر في الترجيح فيفصل بحبه ما بترجع عنده ، وذلك على قدر إيمانه . مثال ذلك أن يعلم أن الزمان في اعملي بحاله في أمرين هما الحنان في حق شخص .
وضاق الزمان من فعلهما معا ، فيعدل إلى أولاهما فسشمیر به على المستشير . وكذلك إذا عرف من حال شخص المخالفة واللجاج وأنه إذا دله على أمر فيه معه مصلحته يفعل بخلافه ، فمن النصيحة أنه لا ينصحه ، بل يشير عليه بخلاف ذلك

"12"

سواء كان ممن تلحظه العيون أم لا يقربه له ، ولم تلحظ منزلتك الدنيوية من تعظيم الناس لك وتقبيلهم يدك وإتيان السلاطين إلى بابك وهذا غاية الإنصاف ، ثبتك الله وإيانا . ومنها قولك فيما لا تعلم لا أعلم وفيما تعلم أحب أن أسمعه من غيري ، فقد حزت - والله يا ولي - هذه الخصال التي تتطاير دونها رقاب الرجال ، والمقام الذي لا تغيره الأحوال ،
ولا تزيده حسنة ووضاءة رواتب الأعمال : ثم بحثك الذي لم أره من غيرك في معرفة الأفلام و الزمان ، واعتقاده أنه من فروض الأعيان من أعجب ما سمعته الآذان ، وتسامرت به الخلان ، وسارت به الركبان ، ثم ما وهبه الله من الصولة والقوة على الفقهاء بدلائل المكارم والفتوة الجارية مع براهين النبوة .
وأما أهل زمانك اليوم يا ولي ، فكما قال الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي رحمه الله : ضعف ظاهر ودعوى عريضة ، فأول ما وصلت إلى هذه البلاد سألته عن أهل هذه الطريقة المثلى عسى أن أجد منهم تفحة الرفيق الأعلى ، فحملت إلى جماعة قد جمعتهم خانقاه عالية البناء واسعة الفناء فنظرت إلى مغزاهم المطلوب ومنحاهم المرغوب ، تنظيف مرقعانهم بل مشهراتهم وترجیل لحاهم ، غير أنهم يدعون
..........................................................................................
إذا علم أن الأمر محصور بين أن يفعل ذلك و هذا الذي فيه المصلحة ، وشأنه المخالفة واللجاج فيشير عليه ما لا ينبغي ، فيخالفه فيفعل ما ينبغي ، والأولى عندي ترکه ، ولقد جرى لي مع اشخاص أظهرنا لهم أن في فعلهم ذلك الخير - الذي نريده منهم - تكايتنا ، وهم يريدون تكايتنا، فأشرنا عليهم أن لا يفعلوا ذلك ولهم في فعله الخير العظيم لهم : فلم يفعلوا و فعلوا ما نهيتهم عنه أن يفعلوه ، فهذه نصيحة خفية لا يشعر بها كل أحد وهذا يسمى علم السياسة، فإنه يسوس بذلك النفوس الجموحة الشاردة عن طريق مصالحها ،
فلذلك إن الناصح في دين الله يحتاج إلى علم كثير و عقل و فکر صحیح ورؤية حسنة و اعتدال مزاج و توده ، وإن لم تكن فيه هذه الخصال كان الخطة اسرع إليه من الإصابة ، وما في مكارم الأخلاق ارقي ولا أخفي ولا اعلم من النصيحة ، ولنا فيه جزء سميناه کتاب النصائح ذكرنا فيه ما لا يعول عليه وما يعول عليه.
ولكن أكثره فیما لا يعول عليه مما يعول الناس عليه و لكن لا يعلمون .
( ف ح 4 / 470 ، 472)

.

سبب كتابة الرسالة - رؤية الحق في المنام .شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

سبب كتابة الرسالة - رؤية الحق في المنام .شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

سبب كتابة الرسالة - رؤية الحق في المنام .شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها أ. محمود محمود الغراب

سبب كتابة الرسالة - رؤية الحق في المنام .شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :: تعاليق