اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل

12012020

مُساهمة 

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية  .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
الفقرة الأولى:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته.
وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه.
فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟
ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية.
وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له.
ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر.
فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.
فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.
والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية.
وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال:
فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه.
وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.
فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.
فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.
فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».
والتّوفيق من اللّه تعالى .

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
18- نقش فص حكمة نفسية في كلمة يونسية 
عادت بركته على قومه لأن الله أضافهم إليه وذلك لغضبه.
فكيف لو كان في حاله حال الرضا. فظن بالله خيراً. فنجاه من الغم.
وكذلك ننجي المؤمنين. يعني الصادقين في أحوالهم.
ومن لطفه أنبت عليه شجرةً من يقطين إذ خرج كالفرخ.
فلو نزل عليه الذباب أذاه لمّا ساهمهم أدخل نفسه فيهم.
فعمت الرحمة جميعهم.

الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
18 - فك ختم الفص اليونسى
1 / 18  - اعلم ان كل نبى وولى ما عدا الكمل منهم فإنه مظهر حقيقة كلية من حقائق العالم والأسماء الإلهية الخصيصة بها وأرواحها الذين هم الملأ الأعلى ، على اختلاف مراتبهم ونسبهم من العالم العلوي ،
واليه الإشارة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ان آدم في السماء الأول وعيسى في الثانية ويوسف في الثالثة ويونس في الرابعة وهارون في الخامسة وموسى في السادسة وإبراهيم في السابعة ومن المستبين ان أرواحهم غير متحيزة،
وليس المراد من ذلك الا التنبيه على قوة نسبتهم من حيث مراتبهم وعلومهم وأحوالهم ومراتب أممهم الى تلك السماء التي كانت أحوالهم هنا صور أحكامها، اعنى احكام المراتب والسموات،
 ومن هذا الباب ما يذكره الأكابر من اهل الله في اصطلاحهم بالاتفاق :
يأتى من الأولياء من هو على قلب جبرئيل ، ومنهم من هو على قلب ميكائيل ، ومنهم من هو على قلب اسرافيل - على جميعهم السلام - ونحو ذلك .

2 / 18  - وإذا تقرر هذا فاعلم : ان سر تسمية شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالحكمة النفسية هو من أجل ان يونس كان مظهرا للصفة الكلية التي يشترك فيها النفوس الانسانية ، ومثالها من حيث تدبيرها للأبدان العنصرية وأحواله عليه السلام صور احكام تلك الصفة الكلية وأمثلتها بحسب ما يقتضيه مرتبته واستعداده .

3 / 18 -  وبعد تقديم هذه القاعدة أقول : لما كانت النفوس في الأصل منبعثة عن الأرواح العالية الكلية المسماة عند الحكماء بالعقول ، وللنفوس الانسانية شبه قوى بتلك الأرواح من وجوه شتى : من جملتها البساطة ودوام البقاء ، ظنت ان تعلقها بالأجسام من حيث التدبير والتحكم لا يكسبها تقييدا وتعشقا ، وانها متى شاءت أعرضت عن التدبيرات بصفة الاستغناء ، وكانت كالارواح العالية التي انبعثت عنها وذهلت عن نزول درجتها عن درجة تلك الأرواح في هذا الامر وعن عدم استغنائها عن التعلق والتدبير .


4 / 18 -  فلما الفت الأبدان وانصبغت بأحكام الامزجة حتى اثرت فيها ، كما اثرت هي في المزاج وتعشقت بها واشتد تقيدها بصحبة البدن ، أراها الحق عجزها وقصورها عن البلوغ الى درجة من أوجدها الحق بواسطته ،
ورأت فقرها وتعشقها فرجعت متوجهة الى الحق بصفة التضرع والابتهال والافتقار الذاتي من الوجه الذي لا واسطة فيه بينها وبين الحق،
فأجاب الحق ندائها وأمدها من لدنه بقوة ونور استشرفت به على ما شاء الحق ان يطلعها عليه من حضراته القدسية ولطائف اسراره العلية، فانعكس تعشقها الى ذلك الجناب الأقدس واتصلت به وحصل لها بذلك الاتصال الرافع لأحكام الوسائط ما اوجب انتظامها في سلك اولى الأيدي والأبصار، وانفتح لها باب كان مسدودا فصار تدبيرها مطلقا غير مقيد بصورة بعينها دون صورة، بل حصل لها من القوة والكمال ما تمكنت به من تدبير صور شتى في الوقت الواحد، دون تعشق وتقيد .

5 / 18  - وربما ألبستها العناية عزا اتفق به ان تقف في مراتب الأرواح العالية وتكون كهي لما رأت من حسن ما تجلى لها من وراء باب الوجه الخاص الذي فتح لها بينها وبين موجدها وما استفادته من ربها من تلك الجهة ،
وسرى من بركة ما حصنته الى صورتها التي كانت مقيدة بتدبيرها قوى وانوار سارية متعدية في الموجودات علوا وسفلا وصارت حافظة باحدية جمعها من حيثية تلك الصورة التي كانت مقيدة بتدبيرها صورة الخلاف الواقع والثابت في الموجودات صورة ومعنى، روحا ومثالا 
 

6 / 18   - وإذا فهمت ما أدرجته في هذه المقامات فاعلم : ان يونس عليه السلام من حيث أحواله المذكورة لنا في الكتاب العزيز مثال ارتباط الروح الإنساني بالبدن ، والحوت مثال الروح الحيواني الخصيص به ،
والسر في كونه حوتا هو لضعف صفة الحياة فيه، فان الحوت ليست له نفس سائلة، كذلك حيوانية الإنسان ذات حيوة ضعيفة، ولهذا تقبل الموت، بخلاف روحه المفارق، فان صفاته ثابتة ابدية، واليم مثال عالم العناصر، ووجه شبهه باليم هو ان تراكيب الامزجة المتكونة من العناصر غير متناهية .

7 / 18 -  واما موجب النداء والاجابة وسر قوله تعالى : " فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْه " [ الأنبياء / 87 ] فقد سبقت الإشارة اليه آنفا عند الكلام على احوال النفوس المدبرة للأبدان .
واما سر قوله تعالى : " وأَرْسَلْناه إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ "  [ الصافات / 147 ] ،
 فإنه إشارة الى امهات حقائق العالم وقواه وانه على عدد الأنبياء وهم مائة وأربعة وعشرون ألفا ، فان كل نبى ووارث  من الأولياء مظهر حقيقة كلية من حقائق العالم والأسماء كما أشرت اليه في اول هذا الفص .


8 / 18  - واما سر قوله تعالى : " لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ في الْحَياةِ الدُّنْيا ومَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ "[ يونس / 98 ] ،
فهو مثال ما ذكرته في فص عزير عليه السلام: النفوس الكمل بركة تسرى في أبدانهم وقواهم، فيحصل لها ضرب من البقاء ولا ينحل صور أبدانهم وان فارقتها أرواحهم بل يبقى الى زمان ابتداء انتشاء النشأة الاخراوية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :ان الله حرم على الأرض ان تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام، وهذا ما يسر الله تعالى ذكره من اسرار اليونسية وأحواله المذكورة، فتدبره والله الهادي.


كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة نفسية في كلمة يونسية :
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" كانت خلوة أيوب في البلاء .
وكانت خلوة إبراهيم في النار .
وكانت خلوة موسى في التابوت في اليم أولا ، ثم بالاعتزال والصيام .
وكانت خلوة يونس وكمال رياضته في بطن الحوت ".

كرامة استجابة الدعاء
جاء في القرآن الكريم : إن من كرامات الذكر للذاكرين أن يستجاب لهم الدعاء وذلك في آيات عدة ومنها في قوله تعالى مخبرا عن نبيه يونس عليه السلام : " فلولا أنه كان من المسبحين . للبث في بطنه إلى يوم يبعثون "،
فكان الذكر سبب الاستجابة ، يقول تعالى : " وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " .

مصطلح الذكر - الذاكرين
في اللغة ذكر الله : أثنى عليه . ذكر النعمة : شكرها .
الذكر هو : 1. الصيت والشرف .
2. الذكر الصلاة .
3. الذكر القرآن .
4. الذكر الدعاء " .

في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ ذو النون المصري:
" الذكر : غيبة الذاكر عن الذاكر " .

يقول الشيخ أبو سعيد الخراز:
" الذكر : هو اسم جامع لأعمال القلوب كلها من مقامات اليقين ومشاهدة العلوم من الغيب " .
ويقول : " الذكر : هو الإيمان والعلم " .

الشيخ سهل بن عبد الله التستري
سئل الشيخ ما الذكر ؟ فقال : " الذكر : الطاعة .
قيل : ما الطاعة ؟ قال : الإخلاص .
قيل : ما الإخلاص ؟ قال : المشاهدة .
قيل : ما المشاهدة ؟ قال : العبودية .
قيل : ما العبودية ؟ قال : الرضا .
قيل : ما الرضا ؟ قال : الافتقار .
قيل : ما الافتقار ؟ قال : التضرع والالتجاء ، سلم سلم إلى الممات " .

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" للذكر آداب أربعة :
الأول : طلب الحق .
والثاني : الإعراض عن الخلق .
والثالث : إن يجعل شيخه بين عينيه قبل الذكر .
والرابع : إن يقف كالميت لا يتحول عن الباب " .
 

يقول الشيخ الجنيد البغدادي:
" الذكر : هو منشور الولاية ، فمن أعطي المنشور فقد أعطي الولاية ، ومن سلب المنشور فقد سلب الولاية " .
عقب الشيخ عبد الغني النابلسي على ذلك بقوله : " المنشور : هو المرسوم والحكم والبراءة ، فالحكم السلطاني والبراءة يقال لها بين الناس : منشور " .

يقول الشيخ عبد الله الخراز الرازي:
" الذكر : هو طعام العارفين " .
 

يقول الإمام القشيري:
" الذكر : هو طريق الحق سبحانه ، فما سلك المريدون طريقا أصح وأوضح من طريق الذكر ، وان لم يكن فيه سوى قوله تعالى : " أنا جليس من ذكرني " لكان ذلك كافيا " .
ويقول : " الذكر : هو استغراق الذاكر في شهود المذكور ، ثم استهلاكه في وجود المذكور ، حتى لا يبقى منك أثر يذكر ، فيقال : قد كان مرة فلان " .
ويقول : " الذكر : هو نطق القلب بنعت الغيب .
وهو  : بيان الفوائد بصدق الاعتقاد .
وهو  : استهتار الأسرار باسم الجبار .
وهو  : امتلاء القلب من المذكور واستيلاء الاسم على الضمير .
وهو : اندراج الذاكر في مذكوره واصطلام السرائر عند ظهوره " .

يقول الشيخ عبد الله الهروي:
" الذكر : هو التخلص من الغفلة والنسيان " .

يقول الإمام أبو حامد الغزالي:
" الذكر : هو حقيقة نمو استيلاء المذكور على القلب ، وانمحاء الذاكر وخفاؤه " .


يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني
الذكر : جلاء رمد العقول ، وهو روح جنان الرحمة ، تهب نسيمه على مشام أرواح الذاكرين ، فتهتز من نشواته أعطاف الأرواح في أقفاص الأشباح  .
ويقول : " الأذكار : هي الحاملة للمحمولين ، ومسكنة الساكنين ، وجاذبة إلى ما وراء سرادقات الجلال من مصون الأسماء ، وبديع الصفات " .

يقول الشيخ أحمد الرفاعي الكبير:
" الذكر : حفظ القلب من الوسواس ، وترك الميل إلى الناس ، والتخلي عن كل قياس ، وإدراك الوحدة بالكثرة ، وحسن ملاحظة المعنى " .
ويقول : " الذكر : هو نور القلب " .

 
يقول الشيخ عبد الرحيم المغربي القنائي :
 " الذكر : هو اضمحلال الذاكر برؤية المذكور ، حتى يبقى محقا في عين المحو ، وسكران في سر الصحو " .
 
يقول الشيخ نجم الدين الكبرى:
" الذكر : هو حق ، وهو صفة حق ، يفني الحظوظ ويبقي الحقوق ، فلا مضادة بينهم " .


يقول الشيخ عمر السهروردي:
" الذكر : جمعية أعمال القلب " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الذكر : هو من نعوت كونه متكلما ، وهو نفس الرحمن الذي ظهرت فيه حقائق حروف الكائنات وكلمات الحضرة " .

تقول د. سعاد الحكيم الذكر عند ابن العربي الطائي الحاتمي  :
"لا يقف عند حدود تلفظ معين مميزا محددا باسم الذكر ، بل كل ما في الوجود يذكر بالحق ، إذ نستطيع أن نعبر من خلاله إلى الحق ، فكل موجود هو مجلى يوصل للمتجلي فيه  .
وتقول : " الذكر عند ابن العربي : هو فعل للحق في محل العبد ، وتنحصر همة العبد في التجرد الكلي عن كل تأثير لتهيئة المحل تهيئة كلية ، فالحق هو الذاكر ، والعبد هو المذكور".
وتقول : " الذكر عند ابن العربي : هو الحضور مع الحق ، والفناء فيه ، والتحقق بالوحدة الذاتية معه ، إذن ينتفي الذكر كنسبة بين ذاكر ومذكور ويسقط " .

يقول الشيخ نجم الدين داية الرازي:
" الذكر : هو الخروج عن ذكر ما سوى الله بالنسيان " .

يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي:
" الذكر : هو ما اطمأن بمعناه القلب ، وتجلى في حقائق سحائب أنوار سمائه الرب " .
ويقول : " الذكر : هو الانقطاع عن الذاكر لا المذكور ، وعن كل شيء سواه "
الذكر : هو الركن الأساسي في طريق القوم ، وهو مؤسس على الإخلاص والتوبة والعبودية والاستقامة ، ومثمر للورع والزهد والتوكل والرضا والمحبة  .

يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين :
الذكر : هو الدعاء إن لم يقرن مع الطلب  .
ويقول : " الذكر : هو مشاهدة إذا كان من الضمير الأعلى ، بمعنى : أنه يستجيب فيه المذكور ، أي المدرك والمشعور به " .

يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري:
" قيل : الذكر : هو ترديد اسم المذكور بالقلب واللسان ، وسواء في ذلك ذكر الله أو صفة من صفاته ، أو حكم من أحكامه ، أو فعل من أفعاله ، أو استدلال على شيء من ذلك ، أو دعاء ، أو ذكر رسله ، أو أنبيائه ، أو أوليائه ، أو من انتسب إليه ، أو تقرب إليه بوجه من الوجوه ، أو سبب من الأسباب ، أو فعل من الأفعال : بنحو قراءة أو ذكر ، أو شعر أو غناء ، أو محاضرة أو حكاية " .

يقول الشيخ فارس البغدادي:
" الذكر : هو طرد الغفلة ، وليس للمذكور من الذكر إلا حظ الذاكر منه ، وكل من ذكره فبنفسه بدأ، لأن ثمرته عائدة عليه، والحق وراء ذلك".

يقول الشيخ أحمد عز الدين الصياد الرفاعي:
" الذكر هو شهود المذكور من حيث عظمته واضمحلالك بذكره "

يقول الإمام النووي:
" الذكر : هو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يقفله العبد بغفلته " .

يقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي:
" قال بعضهم : الذكر : هو أن يشهد ذكر المذكور لك بدوام ذكرك له ، قال الله تعالى : " فاذكروني أذكركم " .

يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
" لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه ، لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره ، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود
يقظة ، ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور ، ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور " .

ويقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
" وأجمع القوم على أن الذكر مفتاح الغيب وجاذب الخير وأنيس المستوحش ومنشور الولاية ، فلا ينبغي تركه ولو مع الغفلة ، ولو لم يكن من شرف الذكر إلا أنه لا يتوقت بوقت لكان ذلك كفاية في شرفه " .
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الذكر إذا لم يرفع الحجاب فليس بذكر ، فلا يعول عليه " .
ويقول : " الذكر منك إذا لم ينتج لك سماع ذكر الحق إياك لا تعول عليه " .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:28 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأحد 12 يناير 2020 - 23:33 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى:      الجزء الثاني
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الله تعالى جليس من ذكره والجليس مشهود للذاكر ، ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر ، فإن ذكر الله سار في جميع العبد ، لا من ذكره بلسانه
خاصة ، فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة ، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو وراء وهو البصر فافهم هذا السر في ذكر الغافلين . فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك والمذكور جليسه فهو يشاهده . والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر فما هو جليس الغافل .
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر ، ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء ، فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية " .


يقول الشيخ سليمان بن يونس الخلوتي :
" إذا ذكر الشخص بلسانه ، ونظر بقلبه إلى الله تعالى ، وداوم على هذا الوجه ، يحصل في الأعضاء والمفاصل بعض مرض ، ويأخذ قلبه في الوجع مع قليل حرق .
اللهم لا تحرم طالبيك من هذا الوجع ، ووفقهم أن يشكروك على هذه الأوجاع .
ومنشؤها : أن الذكر يقطع اللذات والحظوظ التي تمكنت في قلبه وأعضائه وجوارحه أيام الغفلة ، فيكون هذا ابتداء نفوذ الذكر في قلبه ، فإذا زادت مواظبته على الذكر يصل أثر ذلك إلى الروح ، فتذكر الروح وتجلس على سرير القلب بالخلافة ، وتحكم على الحواس الظاهرة والباطنة ، فتنعزل النفس وتكون من رعايا الروح ، ثم يصل أثر ذلك إلى السر " .

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
" الذكر جهرا أنفع لمن غلبت عليه القسوة من أصحاب البداية ، والذكر سرا أنفع لمن غلبت عليه الجمعية من أصحاب السلوك " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" للحق ذكر ودعاء ، وللخلق ذكر ودعاء . فإن ذكرت الحق ذكرك .
وإن قلت : له يا رب ،قال لك : يا عبد ،وإن قلت له : أعطني ، قال لك : أعطني .
فاختر الذكر أو الدعاء ، الدعاء قوله : " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم " .
والذكر قوله : " فاذكروني أذكركم  " .
ويقول : " الدعاء عبادة ، والذكر سيادة .
فمن دعاه وصل إليه ، ومن ذكره فهو عنده : " أنا جليس من ذكرني " .

يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام :
"يذكرون الله قياما" في مشاهدات الربوبية .
قعودا في إقامة الخدمة .
وعلى جنوبهم في رؤية الزلف " .

ويقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الذين يذكرون الله " في جميع الأحوال وعلى جميع الهيئات .
قياما في مقام الروح بالمشاهدة ،
وقعودا في محل القلب بالمكاشفة ،
وعلى جنوبهم أي تقلباتهم في مكان النفس بالمجاهدة " 

الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " أهل الذكر : هم جلساء الحق ، فما يخبر الذاكر الذي يشهد الله فيه أنه ذاكر له إلا عن جليسه فيخبر بالأمر ما هو عليه ، وذلك هو العلم ، فإنه على بينة من ربه ، ويتلوه شاهد منه ، وهو ظهوره بصورته ، أي : الذي أتى به من العلم فهو صفته التي بها تجلى هذا الشخص الذاكر ، فعلى قدر ذكره يكون الحق دائم الجلوس معه " .

يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري:
" كمال ذكر الله : هو المشاهدة " .

الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " ذكر الاستغراق : هو ذكر ( نحن ) ، وإنه ذكر يستغرق الظاهر والباطن ، فيخرج ما في الباطن إلى الظاهر ، ويدخل ما في الظاهر في الباطن ، ويستر الظاهر بالباطن ، والباطن بالظاهر " .

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني:
" الذكر : هو سيف المريدين ، به يقاتلون أعداءهم من الجن والإنس ، وبه يدفعون الآفات التي تطرقهم " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" إذا أشعرت قلبك ذكر الله دائما في كل حال ، لابد أن يستنير قلبك بنور الذكر ، فيرزقك ذلك النور الكشف ، فإنه بالنور يقع الكشف للأشياء ، وإذا جاء الكشف جاء الحياء بصحبته " .


يقول الشيخ عبد القادر الكيلاني :
" لابد من الواسطة ، اطلبوا من معبودكم طبيبا يطبب أمراض قلوبكم ، مداويا يداويكم ، دليلا يدلكم ويأخذ بأيديكم ".

ويقول الشيخ عمر السهروردي :
" الذكر على أربعة أقسام : ذكر باللسان ، وذكر بالقلب ، وذكر بالسر ، وذكر بالروح .
فإذا صح ذكر الروح ، سكت السر والقلب واللسان عن الذكر ، وذلك ذكر المشاهدة .
وإذا صح ذكر السر ، سكت القلب واللسان عن الذكر ، وذلك ذكر الهيبة .
وإذا صح ذكر القلب ، فتر اللسان عن الذكر ، وذلك ذكر الآلاء والنعماء .
وإذا غفل القلب عن الذكر ، أقبل اللسان على الذكر ، وذلك ذكر العادة " .

 
ويقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الذكر على نوعين : ذكر طمس ، وذكر رمس .
فذكر طمس : ذكر إني ، وذكر رمس : ذكر أنا ، يجمعهما قوله تعالى :
" إني أنا " . فذكر إني ، يطمس الأعيان العقلية التي هي محال عيون العقل وبصائره عن شهادة غيب العبد حتى ترجع إليه عيون تلك الأعيان بعينها في شهادة عينه .
وذكر رمس : ذكر أنا ، وإنه ذكر يرمس شواهد تلك الأعيان بإقامة صورها في المحسوسات ، ويرمس أعيان المعينات في المبصرات ، ليقوم عبده بالقسط ، وليتمم السير والطير والمقامات الطمسية والرمسية ، وعند ذلك يجمع الله بين سكينته وطمأنينته ، وبين يمينه وشماله ، وبين طوبى وسدرة المنتهى ، ويرفع حجاب الطمس والرمس عن وجه العبد ، حتى يعلم ما في السماء والأرض ، ويسمع تقديس البشر وتسبيح الملائكة ، ويعلم أن في حقيقة البشرية قوة النظر وفي حقيقة الملكية قوة السمع ... وبما ذكرنا يتم منزلتان من منازل الوصلة " .


ويقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
" الأذكار أربعة : ذكر تذكره ، وذكر تذكر به ، وذكر يذكرك ، وذكر تذكر به .
فالأول : حظ العوام ، وهو الذي تطرد به الغفلة ، أو ما تخافه من الغفلة .
والثاني : تذكر به أي مذكور إما العذاب ، وأما النعيم وأما القرب وأما البعد وغير ذلك وأما الله جل وعلا .
والثالث : ذكر يذكرك مذكورات أربع : الحسنات من الله والسيئات من قبل النفس ، ومن قبل العدو وان كان الله هو الخالق لها .
والرابع : وهو ذكر تذكر به ، وهو ذكر الله لعبده ، وليس للعبد فيه متعلق وإن كان يجري على لسانه ، وهو موضع الفناء بالذكر وبالمذكور العلي الأعلى ، فإذا دخلت فيه صار الذكر مذكورا والمذكور ذكرا ، وهو حقيقة ما ينتهى إليه في السلوك ، والله خير وأبقى ".


ويقول الشيخ محمد بن أحمد البسطامي :
" الذكر على ستة أقسام :
ذكر الظاهر والباطن : وهو مقام المبتدىء .
وذكر القلب والسر : وهو مقام المتوسط .
وذكر الروح والخفي : وهو مقام المنتهي .
والمقصود الأصلي من الذكر ، ذكر الروح ، وهو ذكر الذات .
وقال بعضهم :
ذكر النفس : هو ذكر العادة .
وذكر القلب : هو ذكر الأفعال .
وذكر السر : هو ذكر الصفات .
وذكر الروح : وهو ذكر الذات " .
 

ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" ذكر العامة باللسان ، وذكر الخاصة بالجنان ، وذكر خاصة الخاصة بالروح والسر : وهو الشهود والعيان ، فيذكر الله عند كل شيء ، وعلى كل شيء ، أي : يعرف الله فيه ، وهنا يخرس اللسان ، ويبقى كالمبهوت في محل العيان ، ويعد ذكر اللسان في هذا المقام ضعفا وبطالة ، كما قال القائل :
ما إن ذكرتك إلا هم يلعنني   ..... سري وقلبي وروحي عند ذكراك
حتى كأن رقيبا منك يهتف بي  ..... إياك ويحك والتذكار إياك
أما ترى الحق قد لاحت شواهده  ..... وواصل الكل من معناه معناك

وقال الواسطي مشيرا لهذا المقام :
الذاكرون في ذكره أشد غفلة من الناسين ، لأن ذكره سواه " .

ويقول الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي :
" ذكر اللسان ... فهو ذكر النفس ، فهو ذكر مسموع بالحروف والصوت ...
وأما ذكر القلب ، فذكره ضد النسيان : وهو ملاحظة القلب .
وأما ذكر السر : فهو المراقبة لمكاشفة الأسرار الإلهية .
وأما ذكر الروح : فهو مشاهدة أنوار التجليات والصفات الصمدية .
وأما ذكر الخفي : فهو معاينة أنوار جمال الذات " في مقعد صدق عند مليك مقتدر " .


ويقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" الذكر على ثلاثة أقسام هي :
ذكر العام : وهو باللسان وقلبه غافل .
ذكر الخاص : وهو باللسان وقلبه حاضر .
ذكر الأخص : وهو بالقلب الحاضر " .


يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" أعلى درجات الذكر : هو ما ثار في الفؤاد من إشارة الحق وقت الاختيار إليه ببقاء العناية السابقة له ، فهذا ذكر دائم ثابت واصب ، لا يقدح فيه نسيان ، ولا تكدره غفلة ، وكان السكون والنفس والخطرة مع هذا الوصف ذكرا ، وهو الذكر الكثير الذي أشار إليه الحق سبحانه في تنزيله " .

يقول الشيخ الحسين بن منصور الحلاج :
" الذكر ثلاثة : ذكر باللسان ، وذكر بالقلب ، وذكر بالروح . فإذا اجتمعت الثلاث كان المؤمن ذاكرا " .
 

ويقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" للذكر مراتب :
ذكر النفس ، باللسان والتفكر في النعم .
وذكر الروح ، بالمشاهدة .
وذكر الخفاء ، بالمناجاة في المعاشقة .
وذكر الله ، بالفناء فيه " .

 
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي:
" الذكر : هو طرد الغفلة ، ولذا قالوا : ليس في الجنة ذكر ، أي : لأنه لا غفلة فيها ، بل حال أهل الجنة الحضور الدائم " .
ويقول : " الذكر : نار لا تبقي ولا تذر ، فإذا دخل بيتا يقول أنا لا غيري ، وهو من معاني لا إله إلا الله ، فإن وجد فيه حطبا أحرقه ، فصار نارا ، وإن كان فيه ظلمة كان نورا فنوره . وإن كان فيه نور صار نورا على نور " .

يقول الشيخ الحسين بن منصور الحلاج :
" أشرف الذكر : ما لا يشرف عليه إلا الحق ، وما خفي من الأذكار أشرف مما ظهر " .

يقول الشيخ أبو علي الدقاق :
" الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى ، بل هو العمدة في هذا الطريق ، ولا يصل أحد إلى الله تعالى إلا بدوام الذكر " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الذكر ... صورته التي في الأقوال على تسعة وعشرين نوعا وهي :
التلبية ، والتوجيه ، والتسليم ، والتفويض ، والإلجاء ، والإيمان ، والإسلام ، والتسبيح، والتحميد ، والتهليل ، والتكبير ، والتمجيد ، والاستعاذة ، والاستغفار ، والاستغاثة ، والتوبة ، والصلاة على النبي ، والسلام والدعاء لنفسه ولغيره ، وقراءة القرآن ، والتلفظ بكلمتي التوحيد ، وذكر كلمة الله ، وذكر هو ، وذكر أنت ، وذكر أنا ، وذكره بطريق النداء مثل أن نقول : يا حي ، ويا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام ، وذكر الأسماء الحسنى ، والتحدث بنعمة الله والثناء عليه " .

 
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
" الذكر : وبساطه العمل الصالح ، وثمرته النور " .

يقول الإمام أبو حامد الغزالي :
" الذكر له ثلاث وظائف :
فذكر الظاهر بلقلقة اللسان ، فهذا يستحب في التلاوات من هياكل العبادات .
والذكر الخفي ، هو إكسير العبادات .
وذكر القلب ، ومنه يحدث الغنى عن العالم والاشتغال بالمحبوب " .


ويقول الدكتور أبو الوفا التفتازاني :
" للذكر عند ابن العربي الطائي الحاتمي وظائف ثلاث :
الأولى نفسية : فإن تزكية النفس وتصفيتها ، إنما تكون بكثرة الأوراد والأذكار .
والثانية خلقية ، لأن النفس بترقيها بالأذكار تلهم صاحبها فعل الخيرات ، وتكمل أوصافها ، وتصبح رحيمة لجميع الخلق ، فتحب للكافر الإيمان ، وللعاصي التوبة من العصيان ...
والثالثة ميتافيزيقية : إذ لا يزال المريد يشتغل بالذكر حتى يرتفع عنه عالم الخيال ، ويتجلى له عالم المعاني المجردة عن المادة ، ولا يزال كذلك حتى يتجلى له مذكوره ، ويدرك حقيقة الوجود الواحدة " .


يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" عوالم الذكر عند نفاذ الفكر ثلاثة وعشرون عالما منها :
عالم ذكر الموجود في الواجد ،
وعالم ذكر المشهود في الشاهد ،
وعالم ذكر الوحدة في الواحد .
وعالم ذكر الذكر في المذكور .
وعالم ذكر النور في النور .
وعالم ذكر النفس في النفس .
وعالم ذكر النفس في العكس .
وعالم ذكر الشهود في شاهد الشاهد .
وعالم ذكر الذاكر بلا حروف .
وعالم ذكر المنظور في الناظر بلا صرف .
وعالم ذكره بلا أنا في هو .
وعالم ذكري بلا أنت في أنا .
وعالم ذكرنا بلا نحن في إنا لقادرون .
وعالم ذكر البيان بعد رفع اللسان .
وعالم ذكر الشأن قبل ما كان .
وعالم ذكر الأنس في حضائر القدس .
وعالم ذكر العيان مع فناء الأعيان .
وعالم ذكر الضمير في الضمائر .
وعالم ذكر السر في السرائر .
وعالم ذكر الأخفى من السر في السر .
وعالم ذكر الخير في البر .
وعالم ذكر العالم في العالم .
وعالم ذكر المعلوم بلا عالم .
ثم يترقى من عوالم الذكر إلى بحوره ، وينتفع بروحه وبحوره " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" سر التدرج في الذكر والتوجه والترقي ، هو لإحياء حقيقة المناسبة الثابتة أزلا بين الحق وعبده - أعني المستهلكة الآن والمحجوبة بأحكام الخلقية والخواص والصفات المختلفة الإمكانية - وإنما هي تصح وتحصل وتخلص بقطع التعلقات الظاهرة والباطنة وتفريغ القلب من جملة الارتباطات الحاصلة بعد الإيجاد " .


يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" أي ذكر كان من وجه كوني ، ومن وجه رباني ، لأنه من حيث لفظه والنطق به هو كون . وإنما من حيث مدلوله : هو حق ، فهو كالبرزخ بين الحق والكون " .


يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
" قوم تسبق أنوارهم أذكارهم ، وقوم تسبق أذكارهم أنوارهم .
ذاكر ذكر ليستنير قلبه ، وذاكر استنار قلبه فكان ذاكرا " .


يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الذكر حجاب عن المذكور ، بمنزلة الدليل ، والدليل متى أعطاك المدلول سقط عنك فمتى كنت مع المذكور فلا ذكر
دع الذكر والتسبيح إن كنت عاشقا   ... فليس يديم الذكر إلا المنافق  
إذا كان من تهواه في القلب حاضرا  ..... وأنت تديم الذكر كنت منافقا ".

ويقول : في معرفة مقام ترك الذكر
لا يترك الذكر ألا من يشاهده ... وليس يشهده من ليس يذكره
فقد تحيرت في أمري وفيه ... فأين الحق بينهما عينا فأوثره
ما ان ذكرتك ألا قام لي علم ... فحين أبصره في الحين يستره
فلا أزال مع الأحوال أشهده ... ولا أزال مع الانفاس أذكره
ولا يزال لدي الأعيان يشهدني ... ولا يزال مع الاسماء يظهر هو

إن الذكر أفضل من تركه ، فإن تركه إنما يكون عن شهود ، والشهود لا يصح أن يكون مطلقا والذكر له الإطلاق ،
" وترك الذكر أولى بالشهود ..... فذكر الله أولى بالوجود
فكن إن شئت في جود الشهود ..... وكن إن شئت في فضل الوجود " .
وقال أيضا:
بذكر اللّه تزداد الذنوب .....  وتحتجب البصائر والقلوب
وترك الذكر أفضل منه حالا .....  فإنّ الشمس ليس لها غروب

وقد علقت الدكتورة سعاد الحكيم على هذه الأبيات قائلة :
" ازدياد الذنوب بالذكر يحتمل معنيين : أن الذكر يفترض الفقد الذي هو ذنب .
أن الذكر يفترض تثنية بين الذاكر والمذكور ، لأنه إشراك المذكور في الوجود الذي يقفه ابن العربي الطائي الحاتمي على الحق ، وهذا الإشراك ذنب " .


الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " ذكر الغيبة : هو ذكر كلمة الله ، وهو ذكر يغيب العبد بغلبة أنوار ذكر الله على القلب ، وهي أنوار المشاهدة ، ويكون ذلك : بانتفاء إحساسك بك : وذكرك
لك ، وخبرك عنك ، حتى تكون مختطفا عن جملتك باستيلائه عليك . فكلما زاد شهودك له زادت أجنبيتك عنك وعن الكون " .
 
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " ذكر الفناء : هو ذكر ( لا إله إلا الله ) ، وهي ذكر ينفي صفات العبد بغلبة أنوار التوحيد على لب قلبه ، حتى لا يرى صفة من صفات نفسه ، ولا يرى نفسه أيضا بصفاته ولا صفاته بذاته ، وهذه الغلبة تنفي العين بخلاف الغلبة الأولى غلبة ذكر الغيبة ، فإنها تنفي الغير".


يقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي :
" قال بعضهم : الذاكرون على مراتب :
قوم ذكروا الله بألسنة ناطقة وقلوب عارفة ، حتى وجدوا حلاوة الذكر .
وقوم ذكروا الله بأفعال مخلصة وطاعات مرضية ، حتى نسوا أنفسهم لوصولهم إلى ما طابت إليه قلوبهم .
وقوم ذكروا الله بحالاتهم نظروا إلى ذكر المولى إياهم في الأزل وبقاء ذكره عليهم إلى الأبد ، فوجدوا ذكرهم بين ذكرين عظيمين ، فذابوا حبا ، وصار ذكرهم عندهم هباء " .

ويقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" متى ذكرته بلسانك ، فأنت نائب .
فإذا ذكرته بقلبك ، فأنت سالك .
فإذا ذكرته بسرك ، فأنت عارف " .


يقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي :
" قال بعضهم : الذاكرون خمسة : ذاكر ذكره بالثناء ، وآخر ذكره بالدعاء ، وآخر ذكره بالتسبيح ، وآخر ذكره بالاستغفار ، وذاكر ذكره بذكره " .

يقول الشيخ الحكيم الترمذي :
" الناس في الذكر على طبقات :
فمنهم : من يدوم له ذكره في وقت الذكر ، ثم يعلوه غفلة حتى يقع في التخليط ، وهو الظالم .
ومنهم : من يدوم له ذكره في وقت الذكر ، ثم تعلوه معرفته بسعة رحمة الله وحسن معاملته مع عباده فتطيب نفسه بذلك فيصل إلى معاشه ، وهو المقتصد على سبيل الاستقامة .
وأما أهل اليقين : وهم السابقون المقربون جاوزوا هذه الخطة ، ولهم درجات : فأولها الخشية مرتبة أخرى ، وهي الهيبة والأنس ... مرتبة أخرى ، وهي مرتبة الانفراد بالله .. مقام الأمناء ، ويصير سيد الأولياء والعارفين " .
 

يقول الشيخ أبو يزيد البسطامي في الذكر بلسان الأبدية:
" إني لأستحي أن يكون ذكري دون الأبد .. وأقول بلسان الأبدية من الأزل إلى الأبد: الله


تقول الدكتورة سعاد الحكيم الذكر في اصطلاح الشيخ الأكبر:
" إن الذكر إذا تخطى صورته اللسانية ليعم ( الذاكر ) أوصل موضوعه إلى حال حضور مع ( المذكور ) .
فالذاكر للحق يصل بذكره إلى الحضور في حضرة الحق من حيث ( الاسم المذكور ) . وعندما يصل الذاكر إلى حضرة الحق ، يجلس معه مدة ذكره ، فهو جليس الحق ،
 
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" لأن أهل الذكر هم جلساء الحق ...  فعلى قدر ذكره “ الذاكر “ يكون الحق دائم الجلوس معه ... فكل ذاكر لا يزيد علما في ذكره بمذكوره فليس بذاكر ، وإن ذكر
بلسانه ، لأن الذاكر هو الذي يعمه الذكر كله ، فذلك هو جليس الحق " ...
ويقول : " لما كان رسول الله يذكر الله على كل أحيانه ، والله جليس من يذكره ، فلم يزل رسول الله جليس الحق دائما " .
إذا الذاكر هو جليس الحق ، وحيث أن التنزيل العزيز أكد أن الحق يذكر من يذكره “ فاذكروني أذكركم “ اصبح الحق كذلك جليس الذاكر ،

يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" ما بأيدينا من الحق إلا الذكر ، ولذلك قال : أنا جليس من ذكرني " .


يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" مجالس الحق على نوعين :
النوع الواحد : لا يتمكن فيه إلا الخلوة به تعالى فهذا لا تقع فيه الإشارة وذلك إذا جالسته من حيث هو له على علمه به .
والنوع الثاني : ما تمكن فيه المشاركة في المجلس ، وهو إذا تجلى للعبد في صورة أمكن أن تحضر في تلك المجالسة جماعة قلوا أو كثروا .. ففي هذا المجلس تكون الإشارة " .
يقول الشيخ : " التجلي الذاتي : لا يكون إلا في المظاهر " .

 
تقول الدكتور سعاد الحكيم:
" التجلي الذاتي “ عند ابن العربي الطائي الحاتمي “ : هو تجلي الحق بذاته في الأشياء ، وفي كلتا الحالتين لا يقبله أهل الحقائق ، إذ أن تجلي الحق لا يكون إلا في صور خلقه ... في المظاهر ، وهو بتجليه في المظاهر يسمى ذاتيا إذا أعطى الكشف بحقيقة الحقائق " .


يقول الشيخ أحمد بن عجيبة تجلي الذات على قسمين:
" تجلي الذات على قسمين :
قسم يكون بوسائط كثيفة ، ظاهرها ظلمة وباطنها نور ، ظاهرها حكمة وباطنها قدرة ، ظاهرها حس وباطنها معنى ، وهو تجلي هذه الدار .
وقسم يكون بوسائط لطيفة نورانية ، ظاهرها نور وباطنها نور ، ظاهرها قدرة وباطنها حكمة ، ظاهرها معنى وباطنها الحس ، وهو تجلي دار الآخرة " .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:29 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 يناير 2020 - 1:03 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية:      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )
 
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
هذا فص الحكمة اليونسية ، ذكره بعد حكمة داود عليه السلام لأنه تهذيب فيها وتكميل لها وبيان لاحترام النوع الإنساني مطلقا بقدر الإمكان ، اعتبارا للخلافة العامة الثابتة لكل مكلف فيما يملك من الحقوق ، وإن جار فيها وظلم وتجاوز الحد ، فإنه مسؤول عن ذلك بعد عزله بالموت .
 
قال تعالى :"وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ"[ الحديد : 7 ] . وقال تعالى :"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ"[ الأنعام : 165 ] ، وقال تعالى :"إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ"[ الأنعام : 133 ] . وقال تعالى ":وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ"[ الأعراف :69 ] وقال تعالى :"وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ" [ الأعراف : 74 ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن جميع بني آدم خلفاء في الأرض ،
لكن ليست الخلافة الكاملة في الظاهر كخلافة الملوك أو في الظاهر والباطن كخلافة الأنبياء عليهم السلام وورثتهم من الأولياء .


(فص حكمة نفسية) ، أي منسوبة إلى النفس الإنسانية (في كلمة يونسية) ، إنما اختصت حكمة يونس عليه السلام بكونها نفسية ، لأن الكلام فيها على النفس الإنسانية ولزوم احترامها وخلاصها من ظلمة المعصية على حسب الإمكان كما تخلصت نفس يونس عليه السلام من نفس الحوت الذي ابتلعته ونجاه اللّه تعالى من الظلم الثلاثة ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت .
 
 قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ هذه النّشأة الإنسانيّة بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها اللّه على صورته ، فلا يتولّى حلّ نظامها إلّا من خلقها ، إمّا بيده - وليس إلّا ذلك - أو بأمره . ومن تولّاها بغير أمر اللّه فقد ظلم نفسه وتعدّى حدّ اللّه فيها وسعى في خراب ما أمره اللّه بعمارته ).


(اعلم) يا أيها السالك (أن النشأة)، أي الخلقة (الإنسانية) الآدمية (بكمالها) ظاهرا وباطنا (روحا)، أي من جهة الروح (وجسما)، أي من جهة الجسم (ونفسا)،
 
أي من جهة النفس وكذلك من جهة العقل (خلقها)، أي تلك النشأة (اللّه) تعالى (على صورته) كما ورد في الحديث : « أن اللّه خلق آدم على صورته » .
وفي رواية : « على صورة الرحمن »  وصورة الشيء مجموع صفاته ومدلولات أسمائه إذا سألت أحدا عن صورة شيء وأردت منه بيانها إذا كانت غائبة عنك لتعرفها ، فإنه يأتي لك بصفات ذلك الشيء ومدلولات أسمائه ،
فيقول لك مثلا ، الورد أحمر طيب الرائحة مستدير الورق في وسطه صفرة أخضر الساق مشوكه ونحو ذلك ، فالذي ذكره لك صورته ، وأنت تعلم أن الورد جسم مخلوق ، فتتخيل معنى الصفات التي ذكرها لك على حسب فهمك ، فتصير عارفا بالورد وصورة كل شيء عندك من محسوس ومعقول مناسبة لذلك الشيء ،
وإذا سألت أحدا عن صورة أمر معقول كمسألة ونحوها فإنه يأتيك بصفاتها أيضا ، فتفهمها وتتخيلها على حسب قوتك العقلية ، فتكون عارفا بتلك المسألة ،
وكذلك إذا أردت أن تعرف صورة ما ليس بمحسوس ولا معقول ولا جسم ولا عرض ، فإنه يوصف لك بصفاته ، فإذا فهمتها على حسب ما هو عندك من أنه ليس بمحسوس ولا معقول ولا جسم ولا عرض ، فقد عرفت ذلك الشيء وميزته عن غيره ،
وأما إذا فهمتها على غير ما هو عنك لذلك الشيء بأن فهمتها على حد ما هي منسوبة إلى غير ذلك الشيء من المحسوسات أو المعقولات أو الأجسام أو الأعرض ،
فقد أدركت ذلك الفهم إلى الضلالة في ذلك الشيء وإلى تناقضك فيه ، من أنك تعرف أنه ليس بمحسوس ولا معقول ولا جسم ولا عرض ،
ومع ذلك تفهم أوصافه أنها مثل أوصاف المحسوس أو المعقول أو الجسم أو العرض ، فيكون عندك في نفسك من تلك الصفات المذكورة لك صورة تخالف صورة ذلك الشيء التي أرادها الواصف لك وهو الجهل الفاحش والخبث القبيح ،
فاعرف صورة اللّه تعالى الواردة في الحديث التي هي مجموع صفاته سبحانه ومدلولات أسمائه ، فإن الشرع شرع لك ذلك وبسط الكلام فيه في الكتاب والسنة ،
وأنت تعلم عقلا أن الخالق لا يساوي المخلوق ولا من وجه أصلا ، إذ لو ساواه من وجه ، لجاز في حقه ما جاز في حق ذلك المخلوق من ذلك الوجه ، الجائز في حق المخلوق الفناء والزوال من كل وجه ،
والخالق تعالى لا يجوز في حقه ذلك وإلا لكان مخلوقا مثله والمخلوق عاجز ،  والعاجز ليس بخالق ، فأضيف إلى هذا التنزيه العقلي التشبيه الشرعي ، وخالف الفلاسفة ومن تبعهم في إنكارهم واقتصارهم على التنزيه العقلي حتى تبعتهم المعتزلة في إنكار رؤية الرب تعالى في الآخرة .
 
وافهم الصفات الشرعية الواردة في حق اللّه تعالى على حسب التنزيه العقلي تكن من المؤمنين العارفين ، وتحقق أن صورة اللّه تعالى هي مجموع صفاته ومدلولات أسمائه الواردة في الكتاب والسنة ، ولا تفهم شيئا من ذلك كما تفهمه إذا نسب إلى المخلوق ، تعرف حينئذ معنى أن اللّه تعالى خلق آدم على صورته ،
وكذلك كل إنسان من أولاد آدم مخلوق على الصورة الإلهية أي مخلوق له أعضاء جسمانية وقوى روحانية مسماة بأسماء الصفات والأسماء الإلهية ، وكل عضو منها وقوّة منها مظهر لما يناسبها من الصفات والأسماء الإلهية ،
والجميع مظهر للجميع حتى الذات للذات ، فالصورة الآدمية مظهر للصورة الإلهية ، والحضرة الربانية عند قوم ، وحجابه عليها عند قوم آخرين .
 
(فلا يتولى حل) ، أي إزالة (نظامها) ، أي هذه النشأة الإنسانية وإماتتها (إلا من خلقها) وهو اللّه تعالى (إما بيده ) سبحانه وهو الموت حتف الأنف وغيره (وليس) الواقع (إلا ذلك) كما قال تعالى :"يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها"[ الزمر : 42 ]
وإن كان بواسطة ملك الموت ولكن لما كان التأثير له تعالى وحده ولا تأثير لملك الموت في ذلك لم يذكره تعالى في هذه الآية في قوله سبحانه :"قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ"[ السجدة : 11 ] لم يذكر سبحانه أنه هو المتوفي لهم وذكر ملك الموت ،
لأنه خطاب للكافرين وهم لا يعرفون اللّه تعالى ولكن يعرفون المخلوق ، فنسبت الوفاة إليه مناسبة لهم (أو بأمره )، أي اللّه تعالى كقتل المحصن بالحد ، والقتل بالقصاص ، وقتل أهل الحرب والردة ونحو ذلك .
 
(ومن تولاها )، أي تلك الفعلة في هذه النشأة الإنسانية (بغير أمر اللّه) تعالى بأن قتل أحدا من غير حق ببغي أو قطع طريق أو نحوه (فقد ظلم) ذلك المتولي للقتل نفسه المكلفة شرعا بالكف عن مثل ذلك (وتعدى حد اللّه) تعالى (فيها ) ،
أي في تلك الفعلة المذكورة وسعى في خراب من أمر اللّه تعالى بعمارته من هذه البنية الآدمية والنشأة الإنسانية ، قال تعالى :وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً[ المائدة : 32 ] .
 
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )
 
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
 ( فص حكمة نفسية ) بفتح الفاء ( في كلمة يونسية ) ولما كان بين النفوس الناطقة وبين هذا النبي مناسبة في بعض الأحكام وهي ابتلاؤه بالحوت وابتلاؤها بالتعلق بالجسم الظلماني وغير ذلك من المناسبات الجامعة التي ذكرها داود القيصري في شرحه لهذا الكتاب .
"" أضاف المحقق :النقطة الأساسية التي يحوم حولها هذا الفص هي الإنسان طبيعته ومنزلته من الوجود .
وحكمة هذا الفص إلى يونس فلا يمكن تعليها إلا أساس أن المؤلف يعتبر يونس مجرد رمز للنفس الإنسانية الناطقة التي نادت ربها في الظلمات
وإذا كان في مقدور النفس الإنسانية وحدها أن تعرف اللّه وأن تسبحه وتقدسه فهي الجديرة وحدها بأن تحمل اسم الإنسان وأن تكون منه موضع الكرامة .""
 
أورد حكمتها في كلمته ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها ) قوله ( روحا وجسما ونفسا ) وقع تميزا بكمالها ( خلقها اللّه على صورته ) أي على صفته الكاملة من السمع والبصر والقدرة والإرادة وغير ذلك ، كما قال : كنت سمعه وبصره إلخ فإذا خلق اللّه هذه النشأة على صورته ( فلا يتولى ) أحد ( حل نظامها إلا من خلقها إما بيده ) أي إما حل بيده من غير واسطة في الخارج ( وليس ) سبب الحل ( إلا ذلك ) أي باليد
( أو بأمره ) أي بأمر الحق كالقصاص وغيره من الأسباب الشرعية فقوله وليس إلا ذلك جملة معترضة بين قوله إما بيده أو بأمره لحصر الحل في أحدهما فقطعت احتمال السبب الآخر غيرهما ( ومن تولاها ) أي ومن تولى حل نظام هذه النشأة ( بغير أمر اللّه ) أي بغير أمر شرعي كالقتل بغير حق ( فقد ظلم نفسه وتعدى حدّ اللّه فيها ) أي في النشأة الانسانية ( وسعى في خراب ما أمره اللّه بعمارته ) وهو قوله تعالى :وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ[ الطلاق : 1 ] .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )
 
قال رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.  ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )
 
قلت : أما أن الحق تعالی خلق آدم على صورته، فهو حديث نبوي ومعناه
أن النشأة الإنسانية قد جمعت في ذاتها حقائق الأسماء الإلهية، فصارت بهذا على الصورة المقدسة، فلا يجوز لأحد أن يتعرض لفسادها 
قال: والشفقة على خلق الله أولى بالرعاية من الغيرة لله.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )
18 - فصّ حكمة نفسية في كلمة يونسية
إنّما أضيفت الحكمة النفسية إلى الكلمة اليونسية ، لما نفّس الله بنفسه الرحماني عنه كربه التي ألبّت عليه من قبل قومه وأهله وأولاده من جهة أنّه كان من المدحضين ،   ( فَالْتَقَمَه ُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ )   ، فلمّا سبّح واعترف واستغفر   ( فَنادى في الظُّلُماتِ أَنْ لا إِله َ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ من الظَّالِمِينَ )   ، فنفّس الله عنه كربه ووهبه أهله وسربه ، قال تعالى :   ( وَنَجَّيْناه ُ من الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) .
"قال العبد : حاله عليه السّلام كان ضرب مثل لتعيّن النفس الناطقة بالمزاج العنصري وأهوال أحوال المزاج الطبيعي .
وفيه رواية ، أنّ حكمته مستندة إلى النفس الرحماني بفتح الفاء لما نفّس الله عنه جميع كربه المجتمعة عليه من قبل أهله ونفسه وولده وماله ."
ووجدت بخطَّ الشيخ المصنّف رضي الله عنه مقيّدا بفتح الفاء في النفس فصحّحنا النسخ به ، وكان عندنا بسكون الفاء.
وقد شرح شيخنا الإمام الأكمل أبو المعالي ، صدر الدين ، محيي الإسلام والمسلمين ، محمد بن إسحاق بن محمد في « فكّ الختوم » له على أنّها حكمة نفسية على ما سنشرح ذلك إن شاء الله ، والوجهان فيها موجّهان .
 
قال رضي الله عنه : ( اعلم : أنّ هذه النشأة الإنسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا ، خلقها الله على صورته ، فلا يتولَّى حلّ نظامها إلَّا من خلقها إمّا بيده - وليس إلَّا ذلك - أو بأمره ) .
قال العبد : قد تقدّم في شرح الفصّ الآدمي سرّ قوله : « خلق الله آدم على صورته » وأنّه سارى الحكم في أولاد آدم وذرّيّته ، فإنّ المراد منه النوع ، فلمّا كان الإنسان على الصورة الإلهية ، فلا يجوز أن يتولَّى حلّ نظامها إلَّا الله ، فإنّ قبض الأرواح والأنفس على اختلاف ضروبها من قبضها بملك الموت أو بالقتل والهدم وغير ذلك فإنّ الأمر يرجع في كل ذلك إلى الله.
كما قال :   ( الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ )   أي يستوفي أخذها   ( حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها ) أي يأخذها في نومها ، والأسباب الموضوعة لذلك كلَّها في قبضة الله وبيده .
 
وقوله : « أو بأمره » إشارة إلى الحكم الشرعي بالقصاص ) ومن تولَّاها بغير أمر الله » يعني ظلما « فقد ظلم وتعدّى حدّ الله فيها وسعى في خراب ما أمر الله بعمارته( .
اعلم : “أنّ الشفقة على عباد الله أحقّ بالرعاية من الغيرة في الله » .
 
يعني : الإبقاء على النفوس المستحقّة للقتل شرعا والكفّار وغيرهم مع ما ورد التحريض في الشرع على الغزو شفقة عليها أحقّ بالرعاية من الغيرة في الله الموجبة للقتل ، فإنّ في القتل هدم بنيان الربّ وهو الإنسان ، وفي الإبقاء والشفقة على النفوس وإن كانت كافرة ما قد يوجب استمالة الكافر على الدين كما شوهد هذا في كثير ولا سيّما إذا أبقى عليه بنيّة ذلك ، فإنّ الله يثيبه على ذلك ، ولا يؤاخذه على عدم الغيرة فيه .
والغيرة نسبة لا أصل لها في الحقائق الثبوتية ، فإنّها من الغيرية ، وبانتفائها في حقيقة الأمر تنتفي الغيرة تحقيقا لا حميّة عصبيّة عصيّة .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )
 
18 -  فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
إنما خصت الكلمة اليونسية بالحكمة النفسية ، لما نفس الله بنفسه الرحماني من كربه الذي لحقه من جهة قومه وأولاده وأهله ، أو لما دهمه في بطن الحوت ، أو من جهة أنه كان من المدحضين ، أو من جميع تلك الأمور حيث سبح واعترف واستغفر ( فَنادى في الظُّلُماتِ أَنْ لا إِله إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ من الظَّالِمِينَ )   فنفس الله عنه كربه ووهبه سربه وأهله .
قال تعالى :  ( ونَجَّيْناه من الْغَمِّ وكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ )   وقيل نفسية بسكون الفاء لأنه ظهر بالنفس وفارقهم من غير إذن الله فابتلاه الله بالحوت أي بالتعلق البدني والتدبير الذي يلزم النفس عند استيلاء الطبيعة وخصوصا عليها ، وخصوصا عند الاجتنان في بطن الأم ، ولهذا وصف بكونه عليما .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الإنسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته ، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها إما بيده وليس إلا ذلك ، أو بأمره ) .
بكمالها أو بمجموعها ظاهرا وباطنا كما ذكر في الفص الأول لأن المراد بآدم نوع الإنسان ، ولما خلقها بيديه على صورته لم يجز أن يتولى حل نظامها إلا هو.
كما قال تعالى : ( الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وليس ذلك إلا لعدم جواز تخريب البنيان الإلهي إلا بيده على مقتضى حكمته أو بأمره كما في القصاص ( ومن تولاها بغير امر الله ) أي ظلما .
(فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها ، وسعى في خراب من أمره الله بعمارته)
يعنى أن الإبقاء على النفوس المستحقة للقتل شرعا كالكفار والمشركين وغيرهم أحق بالرعاية لأنها بنيان الرب من القتل غيرة في الله أي في حقه وفي دينه من أن يعبد غيره.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )
 
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
اعلم ، أن النفس الناطقة الإنسانية مظهر الاسم الجامع الإلهي ، فهي من  حيث إنها كذلك ، برزخ للصفات الإلهية والكونية والمعاني الكلية والجزئية ، ولهذا البرزخية تعلقت بالأبدان ، إذ البرزخ لا بد أن يكون فيه ما في الطرفين ،
فجمعت بين ما هو روحاني محض ومعنى صرف مقدس عن الزمان والمكان منزه عن التغير والحدثان ، وبين ما هو جسماني طلق محتاج إلى المكان والزمان ، متغير بتغيرات الأزمان والأكوان ، فتم لها العالم العلوي الروحاني  والسفلى الجسماني ، فصارت خليفة في ملكها مدبرة لرعاياها .
ولهذا المعنى أورد الشيخ ، رضي الله عنه ، بعد الحكمة ( السليمانية ) و ( الداودية ) : تتميما لما يتعلق به الخلافة .
 
وإنما قارنها بالكلمة ( اليونسية ) ، لأنه كما ابتلاه الله بالحوت في اليم ، كذلك ابتلى النفس بالتعلق في الجسم . وكما أنه نادى في الظلمات : ( أن لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) . قال تعالى فيه : ( ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) .
كذلك توجهت النفس أيضا في عين ظلمات الطبيعة والبحر الهيولاني والجسم الظلماني إلى ربها ، فانكشف لها وحدانية الحق وفردانيته ، فأقرت بها واعترفت بعجزها وقصورها ، فأنجاها الله من مهالك الطبيعة ، وأدخلها في أنوار الشريعة والطريقة والحقيقة في مقابلة الظلمات الثلاث ،  ورزقها النعيم الروحاني في عين الجحيم الجسماني .
ولمناسبات أخر بين النفس وبينه من ابتلاع حوت الرحم النطفة المشتملة على روحانية النفس المجردة وأنوارها وكونها في الظلمات الثلاث التي هي الرحم والمشيمة والجلد الرقيق الذي فيه الجنين وغيرها من المعاني الجامعة بينهما التي لا يعلمها إلا الراسخون في العلم .
 
فهذه الحكمة حكمة ( نفسية ) ، بسكون ( الفاء ) . وقيل : نفسية ، بفتح ( الفاء ) ، لما نفسه الله بنفسه الرحماني من كربه الذي لحقه من جهة قومه وأولاده ، وغير ذلك مما جرى له في بطن الحوت . وليس في تقرير هذه الحكمة ما يدل عليه . والله أعلم بالمراد
 
( اعلم ، أن هذه النشأة الإنسانية بكمالها ) أي ، بجمعها ظاهرا وباطنا ) روحا وجسما ونفسا ، خلقها الله على صورته . ) أي ، صورته المعنوية التي هي صفاتها الكمالية .
( فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها ) أي ، لا يتولى حل نظام هذه النشأة الإنسانية ولا يباشرها إلا من خلق له هذه النشأة . وذلك ( إما بيده )
كما قال تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) . ( وليس إلا ذلك . أو بأمره . ) أي ، وليس حل نظامها إلا بيده من غير واسطة ، أو بواسطة أمره وهو الملك .
 
فسمى الملك ( أمرا ) ، لكونه موجودا بالأمر كما يسمى عالم الأرواح ب‍ ( الأمر ) .
) ومن تولاها بغير أمر الله ، فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب ما أمر الله تعالى بعمارته . ) ضمير ( تولاها ) ( النشأة ) . أي ، من تولى حل نظام هذه النشأة الإنسانية بغير أمر الله ، أي بغير الأمر الشرعي - لا أمر المشيئة ، فإن ذلك محال إذ لا يقع شئ إلا بالمشيئة - وتعدى حدود الله التي وضعها في محافظة النشأة الإنسانية وسعى في خراب هذه النشأة التي أمر الله بعمارتها ، فقد ظلم نفسه .

كما قال : ( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) . فجواب الشرط مقدر بعد الجمل الثلاث .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:30 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 يناير 2020 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية:      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )

الفص اليونسي
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالنفس الإنسانية من حيث توسطها بين الروح والجسم ؛ لاكتساب الكمالات من الجانبين إلى أن يصير صورة كاملة للحق الجامع ، فيتم تدبيرها بالحق لبدنها ، وبدن من يناسبها ذلك العلم بزينته ، وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى يونس عليه السّلام ، حيث تم تدبير نفسه لبدنها حتى حفظته في بطن الحوت إلى يوم يبعثون ؛ وذلك لأمانه عن التلف ؛ لأنه حرم على الأرض أجساد الأنبياء ، وقد سرت أنوارها إلى قومه فآمنوا ، فقبل إيمانهم بعد شهود أمارة العذاب ، ورفع عنهم بعد نزوله ، ثم لم يزل يدبرهم ، وهم مائتا ألف أو يزيدون .

قال رضي الله عنه :  ( اعلم أنّ هذه النّشأة الإنسانيّة بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها اللّه على صورته ، فلا يتولّى حلّ نظامها إلّا من خلقها ، إمّا بيده وليس إلّا ذلك أو بأمره ، ومن تولّاها بغير أمر اللّه ؛ فقد ظلم نفسه وتعدّى حدّ اللّه فيها وسعى في خراب ما أمره اللّه بعمارته)

قال رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الإنسانية ) فيه إشارة إلى أن حدوثها لا ينافي كونها صورة كاملة للحق الجامع ( بكمالها ) أي : باعتبار كمال مراتبها لقبول الصورة الكاملة للحق الجامع (روحا وجسما ونفسا ) ، فإنها في هذه النشأة أكمل منها في غيرها باعتبار المرآتية خلقها اللّه على صورته الجامعة للتنزيه ، والحياة والعلم ، والإرادة ، والقدرة ، والسمع والبصر والكلام ، والظهور بذلك فيها بأتم الوجوه ، والمراد بالصورة المعنوية

كما يقال : صورة المسألة كذا ، وإذا كان ( خلقها على صورته ) ، ( فلا ) يجوز أن ( يتولى حل نظامها ) الذي به كمال مراتبها ( إلا من خلقها ) ، فإن له أن يتولى حله ( إما بيده ) أي : قدرته ، وكيف لا يكون لها حله ، ( وليس ) من خلقها ( إلا ذلك ) ، أي : يده (أو) من يحله (بأمره).

أي :  تجويزه ، فإن يد المأمور كيد الأمر عند صفاء المرآتية ، وهو أمر خفي لا يعلمه إلا هو ، فلا يتعاطاه إلا هو أو مأموره ، لكنه مأموره ، فلا يفعل ذلك عند مظنته عن العجز عن التحقيق ،

قال رضي الله عنه :  ( ومن تولاها ) أي : حل نظامها بحذف المضاف إلى الضمير ( بغير أمر اللّه ) أي : تجويزه ، ( فقد ظلم نفسه ) بأبطال مرآتيتها للحق العدل الحكيم ؛ وذلك لأنه ( تعدى حد اللّه فيها ) ، وهو ألا يقتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض من حرب المؤمنين ، أو ردة ، أو زنا بإحصان أو نحوها ، فلم يكن مظهر الاسم العدل .

قال رضي الله عنه :  ( وسعى في خرابها بما أمره اللّه بعمارها ) بالإعانة على الطاعة ، والعلوم المفيدة له كما لا تتم مرآتيته لظهور الحق فيه بصورة كاملة ؛ ولذلك عوتب يونس عليه السّلام إذ ذهب مغاضبا على عدم نزول العذاب عليهم ، وهو إذا كان بدعائه ينزل منزلة قبلهم ، فإذا كان بغير أمر اللّه فقد ظلم نفسه ؛ ولذلك قال :إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين َ[  الأنبياء : 87 ] ، وقيل في حقّه :فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ[ الصافات : 142 ] ،
وهذا الظلم وإن لم يكن معصية في حقّه لعصمته ، فلا شكّ أنه ترك الأولى ، وإليه الإشارة بقوله :


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )

18 - فصّ حكمة نفسية في كلمة يونسية
وجه تسمية الفصّ
ووجه اختصاص الكلمة اليونسيّة بالحكمة النفسيّة ما في أصل حقيقة النفس وكنه قابليّتها من أنّها ما لم تتنزّل من معارج أعالي القدس ومطالع أنوار الجبروت إلى محاوي أسافل بحور الجسم وظلمات بطون حيتان الأمزجة ، لم يحصل لها استعداد الترقّي إلى مراقي القرب ونادي الخطاب والمناداة ، حتى فاز في عين تلك الظلمات بالتوحيد التنزيهيّ في حضرة الحضور ، والتسبيح الجمعي في مجلى الخطاب ، إلى أن نفّسه الله تعالى من كربه ونجّاه من تعبه . 

فعلم أن للكلمة اليونسيّة اختصاصا بمادّة حروف النفس - بفتح الفاء كانت أو بسكونها - فإنّ الجهة الامتيازيّة بين المادّتين إنما هو الفاء والواو ، وذلك تتقاربان لفظا ومخرجا .
وإنما يفترقان رقما بالاتصال الموجب للخفاء ، والانفصال الحاكم بالظهور .

ثمّ إنّك قد عرفت عند الكلام على وجه ترتيب الكتاب ونظم فصوصه على النسق المخصوص أن الكلمة اليونسيّة هي التي تمّت بها السير الكمالي ، الذي في عرض الأرض الاعتدالي الإنساني ، صوب إظهار الأوضاع الكماليّة من الصور الشرعيّة والأحكام المشعرة ،
ولذلك تراها وقد جمعت بين الرسالة إلى مائة ألف أو يزيدون وهي منتهى مراتب الإظهار وبين الاختفاء في غياهب طبقات الظلمات ، فإنّ كل متوجّه إلى طرف ما لم يصل إلى ما يقابله من الطرف الذي يضادّه في تلك الجهة المتوجّه إليها لم يتمّ له ذلك الطرف عند التحقيق.
ومن هاهنا ترى الهويّة المطلقة - التي هي موطن كل كمال وتمام يسمّى عند القوم بمجمع الأضداد ومعتنق الأطراف .
وبيّن أن منتهى أمر هذا الإظهار المذكور هي الخلافة المترتّبة على الرسالة .
ومن جملة أحكام الخلافة وخصائصها اللازمة لها الغلبة على بني نوعه وقهرهم وقتل الأنفس منهم ، فلذلك بنى الكلام في هذا الفصّ عليه وأطنب في تحقيقه .

من يتولَّى حلّ نظام النشأة الإنسانيّة ؟
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنّ هذه النشأة الإنسانية بكمالها ) - عند بروز ما استجنّ في أرض قابليّتها على مزارع الإظهار ( روحا ونفسا وجسما - خلقها الله على صورته ) الجامعة بين التنزيه الذي هو مدرك الروح ، والتشبيه الذي هو مدرج الجسم ، والجامع بينهما أعني اللطيفة التي هي النفس الناطقة وهي المسمّاة بالقلب في عرفهم الخاصّ .
فإطلاق النفس هاهنا على النفس الناطقة بالعرف العامّ الذي عليه كلمة أهل النظر والحكماء وكثيرا ما يتنزّل في هذا الكتاب على عرفهم ومداركهم ، كما قد اطَّلعت عليه في الفصّ الآدمي .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلا يتولَّى حلّ نظامها إلا من خلقها ) ، وذلك التولية ( إمّا بيده )  كما سبق بيانه في حكم المشيئة التي هي بلا واسطة .
""أضاف المحقق :  المؤلف يتعرض لما قاله القيصري : " أو بواسطة أمره ، وهو الملك ، فسمى الملك أمرا لكونه موجودا بالأمر ، كما يسمى عالم الأرواح بالأمر " .""

كما قال : “  الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها “  [ 39 / 42 ] ( وليس ) في الحقيقة ( إلا ذلك أو بأمره ) وهو الذي بالواسطة ، أي بواسطة الرسل وأحكامهم المنزلة عليهم .

فلا يحتاج إلى أن يجعل « الأمر » بمعنى « الملك » فإنّ أمر الرسل أمره بالواسطة .
وقد حقّق آنفا أنّ الواقع في نفس الأمر لا يخلو عن الأمرين ، والكلّ تحتهما وإن كان عند التحقيق - الذي بالواسطة بيد الله ، كما سبق في بحث المشيئة تحقيقه .
وكان قوله : « وليس إلا ذلك » إشارة إلى هذا المعنى .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن تولَّاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه ) من حيث أنه هدم صورته الكاملة ( وتعدّى حدّ الله فيها ) ومن حيث أنه حكم بالكفّ عنه ( وسعى في خراب من أمره الله بعمارته ) وهو إصلاح الصورة وإتمام أمرها . فإنّ سائر الأنبياء إنما وضعوا الأحكام لإتمام تلك الصورة وإحكام نظامها ، فإن سائر تلك الأحكام متعلقة بأفعال هذه الصورة ، والفعل تمام صورة الشخص.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته. )


الفصّ اليونسي
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
قال رضي الله عنه :  (اعلم أنّ هذه النّشأة الإنسانيّة بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها اللّه على صورته ، فلا يتولّى حلّ نظامها إلّا من خلقها ، إمّا بيده - وليس إلّا ذلك - أو بأمره .  ومن تولّاها بغير أمر اللّه فقد ظلم نفسه وتعدّى حدّ اللّه فيها وسعى في خراب ما أمره اللّه بعمارته .)

لما نفس اللّه سبحانه بنفسه الرحماني عن كرب يونس عليه السلام بتخليص نفسه القدسية عن توهم خراب صورته الجسمانية وعدم نشأته العنصرية المانعين لها عن الوصول بكمالها حين ألقاه من بطن الحوت إلى ساحل اليم ، وصف حكمته بالنفسية بسكون الفاء كما ذهب إليها أكثر الشارحين ، أو النفسية بفتحها كما تشهد بها النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه .
وظهر من ذلك وجه تصدير قصته عليه السلام بما يدل على وجوب المحافظة للنشأة الإنسانية عن هدمها وحل نظامها حيث قال :
و ( اعلم أن ) هذه ( النشأة الإنسانية بكمالها ) ، أي بتمامها ( روحا وجسما ونفسا خلقها اللّه على صورته ) الجامعة بين التنزيه الذي تدركه الروح والتشبيه الذي تحكم به القوى الجسمانية ، والجمع بينهما الذي ينكشف للطيفة القلبية الجامعة بين أحكام الروح والجسم المتوسط بينهما ، وكأنه رضي اللّه عنه أراد بهذه اللطيفة النفس وإن كانت مسماة القلب في عرفهم ،

وهي في الحقيقة غير الروح لكن باعتبار تفاعل واقع بين صفاته التجريدية الذاتية وبين أحوالها التعلقية العرضية واستقرارها على حالة متوسطة اعتدالية من غير غالبية فاحشة ولا مغلوبية كذلك كما تقول الحكماء في المزاج ( فلا يتأتى حل نظامها إلا من خالقها ) ، وهو اللّه سبحانه ( إما بيده ) ،

أي بغير واسطة الأمر التشريعي التكليفي ( وليس ) في الحقيقة ( إلا ذلك ) لأن الكل بمشيئته ( أو بأمره ) التشريعي التكليفي ( ومن تولاها بغير أمر اللّه فقد ظلم نفسه وتعدى حدود اللّه فيها ) ، أي تعدى ما عين اللّه وأوجبه عليه في شأنها من حفظها ( وسعى في خراب ما أمره اللّه بعمارته .)
 

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:31 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 يناير 2020 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة:      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)

قال رضي الله عنه :  ( واعلم أنّ الشّفقة على عباد اللّه أحقّ بالرّعاية من الغيرة في اللّه .  أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا ، فكلّما فرغ منه تهدّم ، فشكا ذلك إلى اللّه تعالى فأوحى اللّه تعالى إليه أنّ بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدّماء ، فقال داود يا ربّ ألم يكن ذلك في سبيلك ؟  قال : بلى ولكنّهم أليسوا عبادي ؟ فقال: يا ربّ فأجعل بنيانه على يدي من هو منّي فأوحى اللّه تعالى إليه أنّ ابنك سليمان يبنيه.)

قال رضي الله عنه :  (واعلم) يا أيها السالك (أن الشفقة) من الإنسان (على عباد اللّه) تعالى سواء كانوا مؤمنين أو كافرين ولو في حد أو قصاص ونحو ذلك (أحق) وأولى (بالرعاية) لها (من الغيرة في اللّه) تعالى بالقتل وسفك الدم .
وأما قوله تعالى: "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ"[ النور : 2 ] ،
وذلك في غير القتل وسفك الدم من أنواع الحدود والتعازير وغيرهما وقد ورد في الخبر أنه (أراد داود) عليه السلام (بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فكلما فرغ منه )،
أي من بنيانه تهدم ولم يستقم بنيانه على يديه فشكى ، أي داود عليه السلام ذلك ،
أي تهدم البنيان إلى اللّه تعالى فأوحى اللّه تعالى إليه قائلا إن بيتي هذا لا يقوم ،
أي يثبت بنيانه على يدي من سفك الدماء ، وذلك أن داود عليه السلام مع طالوت في بني إسرائيل غزا الجبابرة الكنعانيين وسفك دماءهم بأمر اللّه تعالى وقتل داود جالوت وآتاه اللّه الملك 
قال رضي الله عنه :  (فقال داود) عليه السلام (يا رب ألم يكن ذلك) ، أي سفك دماء الجبارين (في سبيلك) ،
أي طريقك المشروع لنا بالوحي منك طلبا لمرضاتك وامتثالا لأمرك .
قال اللّه تعالى: (" بلى") ، يعني كان ذلك كذلك (ولكنهم) ،
أي المسفوك دماؤهم من الكفار الجبارين (أليسوا عبادي) ،
أي أنا خلقتهم ورزقتهم وأقمتهم فيما أردت من الأحوال وخلقت لهم ما شئت من الأعمال والأقوال .
(قال) داود عليه السلام عند ذلك (يا رب فاجعل بنيانه) ،
أي بيت المقدس على يدي من هو مني ،
أي أحد من ذريته ليكون له نصيب من الثواب ولا يحرم ذلك بالكلية (فأوحى اللّه) تعالى (إليه) ،
أي إلى داود عليه السلام (أن ابنك سليمان) عليه السلام (يبنيه) ، أي بيت المقدس ويستقيم بنيانه على يديه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)

قال رضي الله عنه :  ( واعلم أن الشفقة على عباد اللّه أحق بالرعاية من الغيرة في اللّه ) أي من القتل بأمر اللّه وأورد دليلا على ذلك بقوله ( أراد داود عليه السلام بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فكلما فرغ منه تهدم ، فشكا ذلك إلى اللّه فأوحى اللّه إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يد من يسفك الدماء فقال داود عليه السلام يا رب ألم يكن ذلك ) الدماء ( في سبيلك قال اللّه تعالى بلى ولكن هم أليسوا عبادي ) فأشفق الحق عباده الذين وجب عليهم القتل بأمره فكيف على عباده الذين لم يجب عليهم القتال ( فقال ) داود عليه السلام .
قال رضي الله عنه :  ( يا رب اجعل بنيانه على يدي من هو مني فأوحى اللّه إليه إن ابنك سليمان عليه السلام يبنيه).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)

قال رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله. أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أ ليسوا عبادي؟ قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)


قلت : أما أن الحق تعالی خلق آدم على صورته، فهو حديث نبوي ومعناه أن النشأة الإنسانية قد جمعت في ذاتها حقائق الأسماء الإلهية، فصارت بهذا على الصورة المقدسة، فلا يجوز لأحد أن يتعرض لفسادها 
قال: والشفقة على خلق الله أولى بالرعاية من الغيرة لله.
قال: فمنع الله داود، عليه السلام، فضيلة بناء بيت المقدس لأجل سفكه الدماء وإن كان غزوا لكنهم عباد الله في الجملة. 
قال: ومن شفقة الله تعالی علی الكفار قوله: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" (الأنفال: 61).


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)


قال رضي الله عنه :  (اعلم أنّ الشفقة على عباد الله أحقّ بالرعاية من الغيرة في الله ) .
يعني : الإبقاء على النفوس المستحقّة للقتل شرعا والكفّار وغيرهم مع ما ورد التحريض في الشرع على الغزو شفقة عليها أحقّ بالرعاية من الغيرة في الله الموجبة للقتل ، فإنّ في القتل هدم بنيان الربّ وهو الإنسان ، وفي الإبقاء والشفقة على النفوس وإن كانت كافرة ما قد يوجب استمالة الكافر على الدين كما شوهد هذا في كثير ولا سيّما إذا أبقى عليه بنيّة ذلك ، فإنّ الله يثيبه على ذلك ، ولا يؤاخذه على عدم الغيرة فيه .
والغيرة نسبة لا أصل لها في الحقائق الثبوتية ، فإنّها من الغيرية ، وبانتفائها في حقيقة الأمر تنتفي الغيرة تحقيقا لا حميّة عصبيّة عصيّة .


قال رضي الله عنه : ( أراد داوود بنيان بيت المقدس ، فبناه مرارا فكلَّما فرغ منه تهدّم ، فشكا إلى الله ، فأوحى الله إليه : أنّ بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء ،  فقال داوود : يا ربّ ألم يكن ذلك في سبيلك ؟ فقال : بلى ، ولكنّهم ليسوا بعبادي ؟ فقال : يا ربّ فاجعل بنيانه على يدي من هو منّي ، فأوحى الله إليه : أنّ ابنك سليمان يبنيه .)

قال العبد : هذه الاستدلالات والحجج على رجحان العفو والإبقاء على النفوس الإنسانية على قتلها كلَّها صحيحة واضحة رجيحة ، والسرّ ما ذكر من قبل ، فتذكَّر .
وكذلك في أنّه إنّما يسمّى بالاسم « الظاهر » بوجود الإنسان ، وأنّه على صورته ، فتذكَّر وتدبّر

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)

قال رضي الله عنه :  (واعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغير في الله ) .
يعنى أن الإبقاء على النفوس المستحقة للقتل شرعا كالكفار والمشركين وغيرهم أحق بالرعاية لأنها بنيان الرب من القتل غيرة في الله أي في حقه وفي دينه من أن يعبد غيره ويعصى مع أن الشرع حرّض على الغزو ،
فإن استمالة الكفار والمخالفة معهم شفقة على خلق الله بنية حرمة من خلقه الله ورزقه رجاء في أن يدخلوا الإسلام خير من تدميرهم وإهلاكهم ، كما فعل عليه الصلاة والسلام بالمؤلفة قلوبهم وغيرهم .
وقد يثيب الله على ذلك ولا يؤاخذ على عدم الغيرة ، فإن الغيرة لا أصل لها في الحقائق الثبوتية لأنها من الغيرية ، ولا غير هناك .
 

قال رضي الله عنه :  ( وأراد داود عليه السلام بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فكلما فرغ منه تهدم ، فشكا ذلك إلى الله ، فأوحى الله إليه « إن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء ، فقال داود : يا رب ألم يكن ذلك في سبيلك ؟ قال : بلى ولكنهم أليسوا عبادي ؟ قال :  يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو منى ، (فأوحى الله إليه : إن ابنك سليمان يبنيه )،

فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية وأن إقامتها أولى من هدمها ألا ترى عدو الدين قد فرض الله فيهم الجزية والصلح إبقاء عليهم ،
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)

قال رضي الله عنه :  ( واعلم ، أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله . ) أي ، من القتل بالغيرة في الله .
قال رضي الله عنه : ( أراد داود بنيان البيت المقدس ، فبناه مرارا . فكلما فرع منه تهدم فشكى ذلك إلى الله ، فأوحى الله إليه أن بيتي هذا ، لا يقوم على يدي من سفك الدماء . فقال داود : يا رب ، ألم يكن ذلك ) أي ، ذلك القتل .
قال رضي الله عنه :  ( في سبيلك ؟ قال : بلى ، ولكنهم أليسوا عبادي ؟ فقال : يا رب ، فاجعل بنيانه على يدي من هو منى . فأوحى الله إليه : إن ابنك سليمان يبنيه .)
فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية ، وأن إقامتها أولى من هدمها .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:32 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 يناير 2020 - 16:25 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة:      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)

قال رضي الله عنه :  ( واعلم أنّ الشّفقة على عباد اللّه أحقّ بالرّعاية من الغيرة في اللّه.
أراد داود عليه السّلام بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلّما فرغ منه تهدّم، فشكا ذلك إلى اللّه تعالى فأوحى اللّه تعالى إليه : إنّ بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدّماء ، فقال داود : يا ربّ ألم يكن ذلك في سبيلك ؟ قال : بلى ، ولكنّهم أليسوا عبادي ؟ فقال : يا ربّ فأجعل بنيانه على يدي من هو منّي فأوحى اللّه تعالى إليه أنّ ابنك سليمان يبنيه.)


قال رضي الله عنه :  ( واعلم أن الشفقة على عباد اللّه ) أي : الذين يحتمل كونهم عابد به بحيث تكمل مرآتيتهم له ( الحق بالرعاية من الغيرة في اللّه ) الموجبة لإهلاكهم عند تعارض مظنتهما من غير ترجيح بخلاف ما إذا كانت مظنة الفساد الكثير ظاهرة جيدا ؛
وذلك لأن الغيرة إنما اعتبرت إبقاء لهؤلاء العابدين للحق ؛ لئلا تبطل مرآتيتهم ، وقد بطلت مرآتية من أمر اللّه تعالى بالغيرة عليهم ظنّا أو يقينا ، لكن إذا ضعف هذا الظن ، فالشفقة أولى بالرعاية عسى أن يعودوا مرآيا كاملة للحق .
واستشهد عليه بقصة داود عليه السّلام الذي ليس من شأنه إبطال مرآيا الحق بغير موجبة .

فقال رضي الله عنه :  : ( أراد داود عليه السّلام بنيان ) المسجد الأقصى من ( البيت المقدس فبناه مرارا ، فكلّما فرغ منه تهدّم ، فشكا ذلك إلى اللّه تعالى فأوحى اللّه تعالى إليه : إنّ بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدّماء ») ؛ لأن من سفكها ربما هدم بنيان من توقعت منه كمال المرآتية لظهوري فيه بالعبادة ، فهدمت أنا ما بنيت أنت للعبادة لهدمك ما بنيت أنا للعبادة ،

قال رضي الله عنه :  ( فقال داود : يا رب ألم يكن ذلك في سبيلك ) ، فالهدم إنما وقع على بنيان من لا يعبدك في الحال ؛ لئلا يهدموا بنيان من يعبدك في الحال إما بالقتل أو بالضلال ، ( فقال : بلى ) لكنه بمجرد مظنة الفساد من غير تحقق ذلك منهم ، ( ولكنهم أليسوا عبادي ؟ ) 

فلعلهم لو تزكيهم ربما رجعوا إلى عبادتي ، وكملت مرآتيتهم ، فلم يكن ينبغي لك أن تسفك دماءهم بغير تحقق فساد مرآتيتهم بالكلية ، وإفساد من كملت مرآتيته مع أن لك قدرة على تحصيل العلم بذلك بنبوتك ، بخلاف من لا يقدر على اليقين في ذلك مع عدم ضرر الفساد ، وعمومه لو وقع فله أن يكتفي بمظنة الفساد دونك ؛

قال رضي الله عنه :  (فقال : يا رب ! فاجعل بنيانه على يدي من هو مني) ؛ لأنه لما كان من كسبي كان عمله من عملي بوجه من الوجوه.
وقد ورد : « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية ، وعلم ينتفع به ، وولد صالح يدعو له » . رواه الترمذي وابن حبان وابن خزيمة.

( فأوحى اللّه إليه أن ابنك سليمان ) الذي هو أكمل أبنائك ( يبينه ) ، فيحصل لك ثواب أكمل عام من أولادك ، وهو وإن سفك الدماء فعله لم يسفك دم أحد بيده ، فإن سفك فلم يسفك إلا بالوحي الخاص الإلهي في حقّه دون العام ، كفعل داود عليه السّلام ، ولعل من قتله نبينا عليه السّلام فإنما قتل بالوحي الخاص فيه أو بما تغرس فيه من فساد مرآتيته أو إفساده المرايا الكاملة يقينا ،


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)

مراد الخالق إبقاء الحياة وتعميرها ، لا هدمها
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الشفقة على عباد الله أحقّ بالرعاية من الغيرة في الله )
فإنّ الأول مبدؤه وأصله الرحمة .
والثاني منشؤه القهر والغضب .
فإنّ سائر أوصاف العبد وأفعاله فرع أوصاف الحقّ وظلالها .
وقد عرفت أنّ الرحمة هو السابق حكما وإحاطة ، فهي أحقّ بالرعاية لقربها إلى الذات ، فكذلك ما يتفرّع عليها من أوصاف العبد .
ومما يؤيّد ذلك أن داود لما تمّ له أمر الخلافة والرسالة استقرّ على عرش إيالته و ( أراد داود بنيان بيت المقدس ، فبناه مرارا ، فكلَّما فرغ منه تهدّم . فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه : إنّ بيتي هذا ) أي البيت المقدس .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لا يقوم على يدي من سفك الدماء ) وذلك لأنّ سفك الدماء مبدؤه من الغيرة ، التي إنّما تنشأ وتشتقّ من « الغير » ، وهو ينافي التقدّس .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال داود : " يا رب ألم يكن ذلك في سبيلك ؟ " . قال : « بلى ، ولكنهم أليسوا بعبادي ؟ » . قال : " يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو منّي " . فأوحى الله إليه : « إن ابنك سليمان يبنيه » .
هذا ما في الأمم السالفة ، وفي شريعتنا أيضا ما يؤيّد ذلك ، ( ألا ترى عدوّ الدين ) مع كمال اهتمام واضع الدين بإقامة أحكامه ، وذلك على أنّه منوط برفع العدوّ وقمعه ، ( قد فرض فيهم الجزية والصلح.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه..)

قال رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الشّفقة على عباد اللّه أحقّ بالرّعاية من الغيرة في اللّه.  أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا ، فكلّما فرغ منه تهدّم ، فشكا ذلك إلى اللّه تعالى فأوحى اللّه تعالى إليه أنّ بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدّماء ، فقال داود يا ربّ ألم يكن ذلك في سبيلك ؟ قال : بلى ولكنّهم أليسوا عبادي ؟ فقال : يا ربّ فأجعل بنيانه على يدي من هو منّي فأوحى اللّه تعالى إليه أنّ ابنك سليمان يبنيه .)


قال رضي الله عنه :  (واعلم أن الشفقة على خلق اللّه أحق بالرعاية من الغيرة في اللّه ) بإجراء الحد والمفضية إلى هلاكهم
قال رضي الله عنه :  ( أراد داود عليه السلام بنيان البيت المقدس فبناه مرارا فكلما فرغ منه تهدم فشكا ذلك إلى اللّه فأوحى اللّه إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء فقال داود : يا رب ألم يكن ذلك ) ، أي سفك الدماء.
قال رضي الله عنه :  ( في سبيلك قال : بلى ولكنهم أليسوا عبادي فقال : يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني فأوحى اللّه إليه أن ابنك سليمان يبنيه .) المعنى واضح.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:33 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 يناير 2020 - 16:43 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة:      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النّشأة الإنسانيّة ، وأنّ إقامتها أولى من هدمها . ألا ترى عدوّ الدّين قد فرض اللّه في حقّهم الجزية والصّلح إبقاء عليهم ، وقال :"وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ"[ الأنفال : 61 ] ،. ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرّع لوليّ الدّم أخذ الفدية أو العفو ؟ فإن أبى فحينئذ يقتل ؟  ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدّم جماعة فرضي واحد بالدّية أو عفاه ، وباقي الأولياء لا يريدون إلّا القتل ، فكيف يراعى من عفا ويرجّح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ؟ ألا تراه عليه السّلام يقول في صاحب النّسعة « إن قتله كان مثله » ؟ )
 
قال رضي الله عنه :  (فالغرض من) ذكر (هذه الحكاية) عن داود عليه السلام هنا بيان المهم (مراعاة هذه النشأة)،
أي الخلقة (الإنسانية وأن إقامتها)، أي إبقاءها قائمة (أولى من هدمها ) وإزالتها بحسب الإمكان على كل حال (ألا ترى) يا أيها السالك (عدوّ اللّه) تعالى يعني جنسهم وهم الكافرون .
" وفي نسخة [ عدو الدين ] بدل [ عدو اللّه ]"
(قد فرض)، أي قدر اللّه تعالى (في حقهم) شرعا (الجزية والصلح إبقاء عليهم) وتسليم حالهم كما قال تعالى ": حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ"[ التوبة : 29 ] .
(وقال) اللّه تعالى ("وَإِنْ جَنَحُوا") ، أي مالوا ("لِلسَّلْمِ") بالفتح فالسكون الصلح ضد الحرب ("فَاجْنَحْ")، أي مل أنت أيضا ("لَها") ، أي لتلك الحالة التي جنحوا لها ("وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ")[ الأنفال : 61 ] تعالى فإن اللّه تعالى يكفيك مؤونة ذلك ،
(ألا ترى كل من وجب عليه القصاص) من الناس (كيف شرع) بالبناء للمفعول ، أي شرع اللّه تعالى (لولي الدم أخذ الفدية ) منه وهي الدية في النفس (أو العفو عنه) فهو مخير في ذلك ،
(فإن أبى) ، أي امتنع من ذلك إلا القتل (فحينئذ يقتل) ذلك الذي وجب عليه القصاص (ألا تراه سبحانه) وتعالى حكم في الشرع المحمدي أنه (إذا كان أولياء الدم ) في المقتول عمدا (جماعة فرضي واحد) منهم (بالدية أو عفا) واحد منهم ،
(وباقي الأولياء لا يريدون) من ذلك القاتل (إلا القتل كيف يراعى) جانب (من عفا) عن القاتل أو رضي بالدية (ويرجح على) جانب (من لم يعف) وطلب القصاص ،
(فلا يقتل) لأجل ذلك هذا القاتل (قصاصا) وفي مسند الإمام أبي حنيفة رضي اللّه عنه روى بإسناده عن ابن عباس رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : « من عفى عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة » . رواه النسائي و الترمذي وغيرهما
"" الحديث: عن أبي هريرة قال : قتل رجل على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدفع القاتل إلى وليه فقال القاتل : يا رسول اللّه واللّه ما أردت قتله فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أما إنه إن كان قوله صادقا فقتلته دخلت النار فخلى عنه الرجل قال وكان مكتوفا بنسعة قال : فخرج يجر نسعته قال : فكان يسمى ذا النسعة » . والنسعة حبل ، وروي الحديث بألفاظ أخرى .""
ألا تراه ، أي النبي صلى اللّه عليه وسلم (يقول في) حق (صاحب النّسعة) بكسر النون قطعة من النسع بالكسر سير ينسج عريضا على هيئة أعبية البغل تشد به الرحال وسمي نسعا لطوله .
كذا في القاموس (إن قتله) أحد (كان مثله ) ، \
أي مثل المقتول يعني ميتا فلا زيادة فائدة للمقتول بقتل قاتله ، وإنما الفائدة للأحياء تزجر بعضهم عن بعض ؛ ولهذا قال تعالى :"وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ"[ البقرة : 179 ] .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية وإن إقامتها أولى من هدمه ألا ترى عدوّ الدين قد فرض اللّه في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم وقال وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) أي للسلم وهو مؤنث سماعي
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لوليّ الدم أخذ الفدية أو العفو فإن أبى فحينئذ يقتل ألا ترى سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفى وباقي الأولياء لا يريدون إلا القتل كيف يراعى من عفى ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة ) أي صاحب الحبل ( أن قتله كان مثله ) حكايته مذكورة في كتب الأحاديث.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها. ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟  ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟ ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟ ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال: والشفقة على خلق الله أولى بالرعاية من الغيرة لله.
قال: فمنع الله داود، عليه السلام، فضيلة بناء بيت المقدس لأجل سفكه الدماء وإن كان غزوا لكنهم عباد الله في الجملة. 
قال: ومن شفقة الله تعالی علی الكفار قوله: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" (الأنفال: 61).
وقال: ومن الشفقة أخذ الدية مكان القتل وقبول العفو ولذلك لو عفى أحد الأولياء قدم على من لم يعف  ولذلك قوله عليه السلام في الحديث المختص بالنسعة: إن قتله كان مثله 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  ( والغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية ، وأنّ إقامتها أولى من هدمها ، ألا ترى عدوّ الله الذين قد فرض الله فيهم الجزية والصلح ، إبقاء عليهم و قال : ( َإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى الله ) ؟  ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لوليّ الدم أخذ الفدية أو العفو ؟ فإنّ أبي فحينئذ يقتل ، ألا تراه إذا كان أولياء الدم جماعة ، فرضي واحد بالدية أو عفا وباقي الأولياء لا يريدون إلَّا القتل ، كيف يراعى من عفا ويرجّح على من لم يعف ، فلا يقتل قصاصا؟ ألا تراه عليه السّلام يقول في صاحب النسعة : «إن قتله كان مثله»؟)
 
قال العبد : هذه الاستدلالات والحجج على رجحان العفو والإبقاء على النفوس الإنسانية على قتلها كلَّها صحيحة واضحة رجيحة ، والسرّ ما ذكر من قبل ، فتذكَّر .
وكذلك في أنّه إنّما يسمّى بالاسم « الظاهر » بوجود الإنسان ، وأنّه على صورته ، فتذكَّر وتدبّر.
وأمّا صاحب النسعة فإنّه وليّ دم لمقتول وجد وليّه عند القاتل نسعة للمقتول .
والنسعة : حبل عريض كالحزام ، وقد يكون من السير أو القدّ ، فأخذه بدم من هو وليّه ، فأمر له بالقصاص وقتل ذلك القاتل ، فلمّا قصد وليّ الدم قتله ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم : « إن قتله كان مثله » يعني في الظلم ، وأنّ كلَّا منهما قد هدم بنيان الربّ .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  (فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية وأن إقامتها أولى من هدمها ألا ترى عدو الدين قد فرض الله فيهم الجزية والصلح إبقاء عليهم ،  قال : "وإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وتَوَكَّلْ عَلَى الله "، ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولى الدم أخذ الدية أو العفو ، فإن أبى فحينئذ يقتل ، ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضى واحد بالدية أو عفا ، وباقي الأولياء لا يريدون إلا القتل كيف يراعى من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ، ألا تراه عليه الصلاة والسلام يقول:  في صاحب النسعة « إن قتله كان مثله »)
 
"" أضاف بالى زادة : فأشفق الحق على عباده الذين وجب عليهم القتل ، فكيف على عباده الذين لم يجب عليهم القتل ، فأما لسان الذم على جهة الشرع فممدوح عند الله ، والمذموم على جهة الفرض مذموم عند الله ، بل هو مذموم عند صاحب الفرض لعدم موافقته لغرضه .أهـ بالى زادة . ""
 
"فَمَنْ عَفا وأَصْلَحَ فَأَجْرُه عَلَى الله "  لأنه على صورته ، فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته ، لأنه أحق به إذ أنشاه له ، وما ظهر باسم الظاهر إلا بوجوده ) هذه الحكاية والأدلة كلها أوردها لرجحان العفو على القتل لأن الإنسان خلق على صورة الله ،
 
وقد أنشأه الله لأجله فالإبقاء على صورة الله أولى ، وكيف لا يكون أولى وما ظهر الله بالاسم الظاهر إلا بوجوده ، وأما النسعة فإنها كانت لرجل وجد مقتولا ،
فرأى وليه نسعته في يد رجل فأخذه بدم صاحبه ، فلما قصد قتله قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن قتله كان مثله في الظلم » إذ لا يثبت القتل شرعا بمجرد حصول النسعة في يد آخر وكلاهما هدم بنيان الرب ،
والنسعة : حبل عريض كالحزام ، وقد يكون من السير أو الفدم .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية ، وأن إقامتها أولى من هدمها . ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح ، إبقاء عليهم ، وقال : “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله “ . ) .
 
أي ، إن مالوا إليك للإنقياد والصلح معك ، فمل إليهم وأعطهم ما سألوك .
وضمير ( لها ) عائد إلى ( السلم ) لأنه مؤنث سماعي .
 
قال رضي الله عنه :  )ألا ترى من وجب عليه القصاص ، كيف شرع لولى الدم أخذ الفدية أو العفو ، فإن أبى فحينئذ يقتل . ألا تراه سبحانه ، إذا كان أولياء الدم جماعة ، فرضي واحد بالدية أو عفى وباقي الأولياء لا يريدون إلا القتل ، فكيف يراعى من عفى و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا . ألا تراه ، عليه السلام ، يقول في صاحب النسعة : " إن قتله كان مثله " . )
 
( النسعة ) حبل عريض ، كالحزام . وكان في زمن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قتل واحد ، فوجد وليه نسعته ، أي حبله على يد شخص ، فقصد قتله .
فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن قتله كان ظالما مثله ) . فإن مجرد وجود النسعة لا يوجب القتل ولا يثبت القصاص .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 25 يناير 2020 - 20:23 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 يناير 2020 - 16:48 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النّشأة الإنسانيّة ، وأنّ إقامتها أولى من هدمها ، ألا ترى عدوّ الدّين قد فرض اللّه في حقّهم الجزية والصّلح إبقاء عليهم ، وقال :وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ[ الأنفال : 61 ] )
 
( فالغرض من هذه الحكاية ) ليس إشارة إلى منع الجهاد ، بل ( مراعاة هذه النشأة الإنسانية ) ما لم يترجح مظنة الفساد منها ، وذلك ( أن إقامتها أولى من هدمها ) فيما اجتمع فيه موجب الشفقة مع موجب الغيرة لرجحان الشفقة حينئذ ؛ لأنها من الرحمة السابقة .
 
واستشهد على ذلك بأمثلة من الشرع ، فقال : ( ألا ترى عدو الدين ) مع ما يتوقع منهم إفساد الأديان لو لم يقاتلوا ( قد فرض ) أي : أمر ( اللّه في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم ) ؛ لعلهم إذا عسر عليهم احتمال الجزية مع ما فيها من الذلة ، وقد زال فسادهم بالصلح يرجعون إلى الحق ، وقال :"وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ" أي : للصلح ،فَاجْنَحْ لَها ؛لعلهم كما رجعوا عن العداوة يرجعون إلى الحق ، وفي ذلك صلاحهم ،وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ،فدفع ما يتوهم فيهم من الإفساد .
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرّع لوليّ الدّم أخذ الفدية أو العفو ؟ فإن أبى فحينئذ يقتل ؟ ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدّم جماعة فرضي واحد بالدّية أو عفاه ، وباقي الأولياء لا يريدون إلّا القتل ، فكيف يراعى من عفا ويرجّح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ؟ ألا تراه عليه السّلام يقول في صاحب النسعة « إن قتله كان مثله » ؟ ) .
 
ثم أشار إلى أنه لو تحقق من واحد إفساد لو توقع منه في المستقبل الصلاح لم تترجح الغيرة في حقّه ؛
فقال رضي الله عنه  : ( ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع ) ، أي : جوز ( لولي الدم أخذ الفدية أو العفو ؟ ) ، فلم يرجح فيه الغيرة بل رجح الفدية عليها والعفو عليهما ،
( فإن أبى ) عن الأمرين جميعا ( فحينئذ يقتل ) ؛ لأنه لما تحقق منه الإفساد مرة ، ولم يكن له زاجر تأكدت مظنة الإفساد في حقّه وحق غيره أيضا ، فيشبه الإفساد العام الذي شرع لأجله الجهاد .
ثم أشار إلى ما هو آكد في ترجيح الشفقة على الغيرة ، وهو ترك القصاص لا عفو ، ولا فدية يختارها الولي ابتداء ، بل غاية ما في الباب أن له أخذها عند الناس عن القصاص ،
 
فقال رضي الله عنه  : ( ألا تراه سبحانه ) فيه إشارة إلى أنه عزّ وجل منزه عن ظلم الولي بمنع القصاص ، بل أنه يقدر لعدم تجزي حياة الجاني ،
والمفعول الباقي ما يذكر بعد من قوله : كيف يراعي ربه بتعلق قوله : ( إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد ) ، ولو صاحب أقل الأنصبة بالدية أو عفا ، وباقي الأولياء ، وإن كانوا أجلة الأنصبة ، ( لا يريدون إلا القتل ) قصاصا (كيف يراعي) جانب (من عفا فنرجحه على من لم يعف ، فلا يقتل قصاصا) مع وجوبه في حق الأكثر عددا ، والأجل نصيبا مع أن القليل اليسير كالعدم في أكثر الأحكام .
ثم أشار إلى أن ترجيح الغيرة على الشفقة في موضع تساوت فيه مظنتاهما غير الإفساد ،
فقال رضي الله عنه  : ( ألا تراه عليه السّلام يقول في صاحب النسعة ) حبل عظيم كالحزام ،
وهو ما روي : « أن رجلا قتل في عهده عليه السّلام ، فوجد وليه نسعته في يد شخص ، فأراد قتله ،
فقال عليه السّلام : ( إن قتله كان مثله ) ». رواه أبو داود والطبراني في الكبير .
أي : مثل قتل صاحبك ظلما ، إذ لم يترجح في حقه مظنة الجناية .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية ، وأنّ إقامتها أولى من هدمها ) .
 
شواهد مراعاة النشأة الإنسانيّة في الشرع
هذا ما في الأمم السالفة ، وفي شريعتنا أيضا ما يؤيّد ذلك ، ( ألا ترى عدوّ الدين ) مع كمال اهتمام واضع الدين بإقامة أحكامه ، وذلك على أنّه منوط برفع العدوّ وقمعه ، ( قد فرض فيهم الجزية والصلح ، إبقاء عليهم ، وقال : " وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى الله " ) [ 8/61].
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى من وجب عليه القصاص ، كيف شرّع لوليّ الدم أخذ الفدية أو العفو ؟ فإن أبى فحينئذ يقتل ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفى - وباقي الأولياء لا يريدون إلا القتل - كيف يراعى من عفى ويرجّح على من لم يعف ، فلا يقتل قصاصا ألا تراه يقول صلَّى الله عليه وسلَّم في صاحب النسعة ) ،
وهي حبل عريض كالحزام ، قيل : إنّها كانت لرجل وجد مقتولا ، فرأى وليّه النسعة في يد رجل ، فأخذ بدم صاحبه فلما قصد قتله
قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ( « إن قتله كان مثله » ) أي في الظلم ، إذ لا يثبت به القصاص شرعا .
 
""أخرج ابن ماجة  : « أتى رجل بقاتل وليه إلى رسول الله ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : اعف . فأبى . فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : خذ أرشك . فأبى . قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : اذهب فاقتله فإنك مثله » . ""
وفيما يثبت أيضا ، فإنّه هدم بنيان الحقّ .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النّشأة الإنسانيّة ، وأنّ إقامتها أولى من هدمها . ألا ترى عدوّ الدّين قد فرض اللّه في حقّهم الجزية والصّلح إبقاء عليهم ، وقال :وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [ الأنفال : 61 ] ؟ . ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرّع لوليّ الدّم أخذ الفدية أو العفو ؟ فإن أبى فحينئذ يقتل ؟ ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدّم جماعة فرضي واحد بالدّية أو عفاه ، وباقي الأولياء لا يريدون إلّا القتل ، فكيف يراعى من عفا ويرجّح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ؟ ألا تراه عليه السّلام يقول في صاحب النّسعة « إن قتله كان مثله » ؟)


(والغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية وأن إقامتها أولى من هدمها . ألا ترى عدو الدين قد فرض اللّه في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم . )
وقال :وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [ الأنفال : 61 ] الجنوح الميل وضمير لها للسلم فإنه مؤنث سماعي .
( ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو ؟ عنه فإن أبى فحينئذ يقتل . ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفى وباقي الأولياء لا يريدون إلا القتل كيف يراعى من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ؟ ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة إن قتله كان مثله ؟ ) .
النسعة بكسر النون حبل طويل عريض يشبه الحزام وقصبتهما ، إنها كانت لرجل وجد مقتولا فرأى وليه نسعته في يد رجل فأخذه بدم صاحبها فلما قصد قتله ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إن قتله كان مثله ". رواه أبو داود  :
"" الحديث : عن وائل بن حجر قال كنت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم إذ جيء برجل قاتل في عنقه النسعة قال فدعا ولي المقتول فقال أتعفو قال لا قال أفتأخذ الدية قال لا قال أفتقتل قال نعم قال اذهب به فلما ولى قال أتعفو قال لا قال أفتأخذ الدية قال لا قال أفتقتل قال نعم قال اذهب به فلما كان في الرابعة قال أما إنك إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه قال فعفا عنه قال فأنا رأيته يجر النسعة "" . والحديث رواه غير أبو داود
، أي في الظلم إذ لا يثبت القصاص شرعا بمجرد وجدان النسعة في يد آخر وكلاهما هدم بنيان الرب.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:35 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 يناير 2020 - 17:45 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .
 
قال رضي الله عنه : (ألا تراه تعالى يقول :وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فجعل القصاص سيّية ، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا .فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ[ الشورى: 40 ]  لأنّه على صورته . فمن عفا عنه ولم يقتله . فأجره على من هو على صورته لأنّه أحقّ به إذ أنشأه له . وما ظهر بالاسم الظّاهر إلّا بوجوده فمن راعاه إنّما يراعي الحقّ وما يذمّ الإنسان لعينه وإنّما يذمّ الفعل منه ، والفعل ليس عينه ، وكلامنا في عينه . ولا فعل إلّا للّه ؛ ومع هذا ذمّ منها ما ذمّ وحمد ما حمد .  ولسان الذّمّ على جهة الغرض مذموم عند اللّه تعالى . فلا مذموم إلا ما ذمّه الشّرع ، فإنّ ذمّ الشّرع لحكمة يعلمها اللّه أو من أعلمه اللّه كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النّوع وإرداعا للمتعدّي حدود اللّه فيهوَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ[ البقرة : 179 ] وهم أهل لبّ الشيء الذّين عثروا على سرّ النّواميس الإلهيّة والحكميّة . )
 
قال رضي الله عنه : (ألا تراه ) ، أي اللّه (تعالى يقول :"وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها"[ الشورى : 40 ] فجعل) سبحانه (القصاص سيئة ، أي يسوء ذلك الفعل) يعني القصاص لا يجب (مع كونه) ، أي القصاص فعلا (مشروعا) وفيه حياة .
قال اللّه تعالى :" وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ " [ البقرة : 179 ] (فَمَنْ عَفا) فيه عن القاتل ("وَأَصْلَحَ") في عفو ذلك بأن علم انزجار القاتل لا تجرؤه على القتل ("فَأَجْرُهُ")، أي فاعل العفو("عَلَى اللَّهِ") [ الشورى : 40 ] "واللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" [ هود : 115] ،
 
قال رضي الله عنه : (لأنه) ، أي القاتل المعفو عنه (على صورته) ، أي صورة اللّه تعالى كما بيناه (فمن عفى عنه) ، أي عن القاتل بعد استحقاقه للقتل ووجوب القصاص في حقه (ولم يقتله فأجره) ، أي ثوابه في الآخرة والدنيا (على من هو على صورته) ، وهو اللّه تعالى (لأنه) ، أي من هو على صورته (أحق به) أن يبقى مظهرا له من غير قتل (إذ) هو سبحانه (أنشأه) ، أي خلقه (له وما ظهر) ، أي اللّه تعالى سبحانه (بالاسم الظاهر) الوارد في قوله تعالى :"هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ" [ الحديد : 3].
 
قال رضي الله عنه : (إلا بوجوده) ، أي وجود هذا القاتل المذكور (فمن راعاه) ، أي راعى القاتل من الناس فإنه (إنما يراعي الحق) تعالى ، لأنه الظاهر به كما أنه الباطن عنه والأوّل بغيبه والآخر بشهادته (وما يذم الإنسان) شرعا وعرفا (لعينه) ، أي لذاته أصلا (وإنما يذم) في الشرع والعرف (الفعل منه) فقط وهنا القتل الصادر منه مذموم لا هو في نفسه مذموم وإن كان حكم القتل أهدر دمه وصيره مذموما كله (وفعله) الذي صدر منه (ليس عينه) ، أي ذاته (وكلامنا في) وجوب احترام (عينه) ، أي القاتل (ولا فعل إلا للّه) تعالى خلقا وإيجادا .
 
قال تعالى :وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ [ الصافات : 96 ] ، أي وعملكم (ومع هذا) ، أي كون الفعل للّه مخلوقا سبحانه (ذم) تعالى (منها) ، أي من أفعال العبد التي خلقها (ما ذم وحمد) منها سبحانه (ما حمد) كما ورد ذلك في الكتاب والسنة (ولسان الذم) من كل إنسان (على جهة الغرض) النفساني لشيء من ذلك (مذموم عند اللّه) تعالى .
 
قال تعالى :قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ( 59 ) [ يونس : 59 ] (فلا مذموم) عند المؤمنين (إلا ما ذمه الشرع) كما أنه لا محمود إلا ما حمده ولا مدخل للذم العقلي والمدح العقلي عند المؤمنين أصلا (فإنّ ذم الشرع) في كل ما ذمه إنما هو (لحكمة يعلمها اللّه) تعالى (أو) يعلمها (من أعلمه اللّه) تعالى بها ، وكذلك حمد الشرع فيما حمده وتخييره فيما خير فيه (كما شرع القصاص) في القاتل عمدا (للمصلحة) في حق المكلفين (إبقاء لهذا النوع) الإنساني في الحياة الدنيا (وإرداعا) ، أي زجرا (للمتعدي حدود اللّه) تعالى (فيه) ، أي في هذا النوع .
 
قال تعالى : ("وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ") [ البقرة : 179 ] باعتبار كف الناس عن القتل خوفا من القصاص إذا أقيم على القاتل ، فيحيا من لولا الكف من القادر على القاتل لقتل ("يا أُولِي الْأَلْبابِ") ، أي أصحاب العقول الكاملة (وهم) ، أي أولو الألباب (أهل لب الشيء) ، أي خلاصته وزبدته فلهم خلاصة العقول وزبدتها (الذين عثروا) ، أي اطلعوا (على سر النواميس) ، أي الشرائع (الإلهية و) القوانين الحكمية ، وعلموا حكمها وخفايا معانيها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى تعالى يقول :وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فجعل القصاص سيئة أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا فمن عفى وأصلح فأجره على اللّه لأنه ) أي لأن المعفوّ عنه ( على صورته ) أي على صورة الحق ( فمن عفى عنه ) أي عن القاتل ( ولم يقتله فأجره ) أي أجر من عفى عنه ( على من ) وهو الحق ( هو ) راجع إلى المعفو عنه ( على صورته ) الضمير المجرور راجع إلى من ( لأنه ) أي لأن الحق ( أحق به ) أي بالعفو من ذلك العبد العفوّ ( إذا نشأه ) أي العبد ( له ) أي لنفسه ليكون مظهرا لكمالاته وأحكامه ( وما ظهر الحق ) بالاسم ( الظاهر إلا بوجوده ) أي بوجود العبد أو بوجود الإنسان ( فمن راعاه ) أي الإنسان ( فإنما يراعي الحق ) .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " من أكرم عالما فقد أكرمني ومن أكرمني فقد أكرم اللّه تعالى".
"" ورد بلفظ : " من أكرمهم فقد أكرمني ومن أكرمني فقد أكرم اللّه". ذكره بهذا اللّفظ السّيوطي في كتابه الدّرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة ""


قال رضي الله عنه :  ( وما يذمّ الإنسان لعينه ) إذا عينه مخلوق على صورة الحق ( وإنما يذم لفعله وفعله ليس عينه وكلامنا ) في مدحه ( في عينه ) لا من حيث فعله ( ولا فعل إلا اللّه ومع هذا ذم منها ) أي من الأفعال ( ما ذم وحمد ما حمد ولسان الذمّ على جهة الغرض مذموم عند اللّه ) وأما لسان الذمّ على جهة الشرع فممدوح عند اللّه فالمذموم بلسان الذمّ على جهة الغرض ليس بمذموم عند اللّه بل هو مذموم عند صاحب الغرض لعدم موافقة ذلك الشيء غرضه فذمه ليس باخبار عن الشيء على ما هو عليه فلا يكون ذمه لحكمة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها اللّه أو من أعلمه اللّه ) فكان ذم الشرع اخبارا عن الشيء على ما هو عليه ، فذلك الذمّ لا يخلو عن حكمة ( كما شرع القصاص للمصلحة ) قوله ( إبقاء ) بيان للمصلحة ومفعول لشرع ( لهذا النوع وإرداعا للمتعدي حدود اللّه فيه ) أي هذا النوع الانساني قال اللّه تعالى :وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ
قوله ( وهم ) مبتدأ ( أهل لب الشيء ) خبره ( الذين عثروا ) صفة أهل لبّ أي أولي الألباب أهل لبّ الشيء الذين اطلعوا ( على أسرار النواميس ) أي الشرائع ( الإلهية و ) أسرار ( الحكمية ) العقلية.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا. «فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق. وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه. ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد. ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله. فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه. «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. )
 
قال: فمنع الله داود، عليه السلام، فضيلة بناء بيت المقدس لأجل سفكه الدماء وإن كان غزوا لكنهم عباد الله في الجملة. 
قال: ومن شفقة الله تعالی علی الكفار قوله: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" (الأنفال: 61).
وقال: ومن الشفقة أخذ الدية مكان القتل وقبول العفو ولذلك لو عفى أحد الأولياء قدم على من لم يعف 
ولذلك قوله عليه السلام في الحديث المختص بالنسعة: إن قتله كان مثله 
وكذلك تسمية القصاص سيئة في قوله تعالى: "وجزاء سيئة سيئة مثلها" (الشورى: 40) 
قال: وذلك لرعاية صورة الحق، 
قال: وما يذم من الإنسان إلا فعله لا صورته.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .
 
قال رضي الله عنه :  (ألا تراه تعالى يقول : "وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها "؟  فجعل القصاص سيّئة ، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا ، ( فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُه ُعَلَى الله ) ، لأنّه على صورته ، فمن عفا عنه ولم يقتله ، فأجره على من هو على صورته ، لأنّه أحقّ به ، إذ أنشأه له ، وما ظهر بالاسم « الظاهر "إلَّا بوجوده" .)
 
قال العبد : هذه الاستدلالات والحجج على رجحان العفو والإبقاء على النفوس الإنسانية على قتلها كلَّها صحيحة واضحة رجيحة ، والسرّ ما ذكر من قبل ، فتذكَّر .
وكذلك في أنّه إنّما يسمّى بالاسم « الظاهر » بوجود الإنسان ، وأنّه على صورته ، فتذكَّر وتدبّر .
وأمّا صاحب النسعة فإنّه وليّ دم لمقتول وجد وليّه عند القاتل نسعة للمقتول .
والنسعة : حبل عريض كالحزام ، وقد يكون من السير أو القدّ ، فأخذه بدم من هو وليّه ، فأمر له بالقصاص وقتل ذلك القاتل ، فلمّا قصد وليّ الدم قتله ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم : « إن قتله كان مثله » يعني في الظلم ، وأنّ كلَّا منهما قد هدم بنيان الربّ .


قال رضي الله عنه : ( فمن رعاه » يعني الإنسان « إنّما يراعي الحق ، وما يذمّ الإنسان لعينه ، وإنّما يذمّ الفعل ، وفعله ليس عينه ، وكلامنا في عينه ولا فعل إلَّا لله ، ومع هذا ما ذمّ منها ما ذمّ ، وما حمد منها ما حمد ) .


أي من عين الإنسان : إذا أضيف إليها الفعل ، فإنّه يذمّ ويحمد .
قال رضي الله عنه : ( ولسان الذّم على جهة الغرض مذموم عند الله ، فلا مذموم إلَّا ما ذمّه الشرع ، فإنّ ذمّ الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله ، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمتعدّي حدود الله فيه ، "وَلَكُمْ في الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الأَلْبابِ " وهم أهل لبّ الشيء الذين عثروا على سرّ النواميس الإلهية والحكمية .)
 
قال العبد : والسرّ في ذلك أنّ الغزو والقتال في سبيل الله إنّما شرع لإعلاء كلمة الله وذكره ، إن كانت الدولة للمسلمين والغلبة للمجاهدين وإن لم يكن كذلك وكان بالعكس ،
فإنّ فيه نقصان عبيد الله الذاكرين له المقتولين في سبيله وتفويت العلَّة الغائيّة ، فذكر الله مع الأمن عن المحذور وهو الفتنة وقتل أولياء الله أفضل من الجهاد الظاهر ، وإن كان المقتول في سبيل الله على أجر تامّ ، فذلك حظَّه بهدم أبنية الرحمن في صورة الإنسان ، فاعلم ذلك .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .
 
قال رضي الله عنه :  (ألا تراه تعالى يقول : "وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها "  فجعل القصاص سيئة أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا .)


"" أضاف بالى زادة : فأشفق الحق على عباده الذين وجب عليهم القتل ، فكيف على عباده الذين لم يجب عليهم القتل ، فأما لسان الذم على جهة الشرع فممدوح عند الله ، والمذموم على جهة الفرض مذموم عند الله ، بل هو مذموم عند صاحب الفرض لعدم موافقته لغرضه .أهـ بالى زادة . ""
 
"فَمَنْ عَفا وأَصْلَحَ فَأَجْرُه عَلَى الله "  لأنه على صورته ، فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته ، لأنه أحق به إذ أنشاه له ، وما ظهر باسم الظاهر إلا بوجوده )
 
هذه الحكاية والأدلة كلها أوردها لرجحان العفو على القتل لأن الإنسان خلق على صورة الله ، وقد أنشأه الله لأجله فالإبقاء على صورة الله أولى ، وكيف لا يكون أولى وما ظهر الله بالاسم الظاهر إلا بوجوده ، وأما النسعة فإنها كانت لرجل وجد مقتولا ،
فرأى وليه نسعته في يد رجل فأخذه بدم صاحبه ، فلما قصد قتله قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن قتله كان مثله في الظلم » إذ لا يثبت القتل شرعا بمجرد حصول النسعة في يد آخر وكلاهما هدم بنيان الرب ،
والنسعة : حبل عريض كالحزام ، وقد يكون من السير أو الفدم .
قال رضي الله عنه :  ( فمن راعاه ) أي الإنسان ( فإنما يراعى الحق ، وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه ، وفعله ليس عينه وكلامنا في عينه ولا فعل إلا لله ، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد ما حمد ) إذا أضيف الفعل إليه ( ولسان الذم على جهة العرض مذموم عند الله ) فإن ذم الصورة الإلهية راجع إلى ذم فاعلها الظاهر فيها لغرض يعود إلى نفس من يعلم أنه ينفعه أو يضره ،  فإنه أراد أن ينفعه فضره
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع ، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمه الله ، أو من أعلمه الله كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع ، وإرداعا للمتعدى حدود الله فيه "ولَكُمْ في الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الأَلْبابِ " وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر النواميس الإلهية والحكمية )
 
وإذا علمت أن الله تعالى راعى هذه النشأة وراعى إقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة فإنه ما دام الإنسان حيا يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ، ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ، وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر الله " )
والسر في ذلك أن الغزو إنما شرع لإعلاء كلمته ، وذكره إن كانت الدولة للمسلمين والغلبة للمجاهدين وإن لم يكن كذلك وكان بالعكس كان فيه نقصان عبيد الله الذاكرين له ، وتفويت العلة الغائية فذكر الله تعالى مع الأمن من المحذور وهو الفتنة وقتل أولياء الله أفضل من الجهاد الظاهر ، وإن كان المقتول في سبيل الله على أجر تام ، فذلك حظه بهدم أبنية الرحمن في صورة الإنسان .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .
 
قال رضي الله عنه :  (ألا تراه تعالى يقول : "وجزاء سيئة سيئة مثلها " . فجعل القصاص سيئة ، أي ، يسوء ذلك القتل مع كونه مشروعا . " فمن عفا فأصلح ، فأجره على الله " لأنه على صورته . )
أي ، لأن المعفو عنه ، على صورة الحق . ( فمن عفا عنه ولم يقتله ، فأجره على من هو . ) أي ، المعفو عنه . ( على صورته ) وهو الحق .
قال رضي الله عنه :  ( لأنه أحق به ، إذ أنشأه له . ) أي ، لأن الحق أحق بالعفو من عبيده ، إذا أنشأ العبد لأجل نفسه
حتى يظهر أسماؤه وصفاته به ، كما قال : ( يا بن آدم خلقت الأشياء لأجلك ، وخلقتك لأجلي ) . فلما لم يعف عنه وأمر بالقصاص منه ، مراعاة للنسل وبقائه ، وقع أجر من عفا عنه عليه ليعطيه الجنة ويعفو عن ذنوبه ويغفر سيئاته .
 
قال رضي الله عنه :  ( وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده . ) أي ، وما ظهر الحق بالاسم ( الظاهر ) إلا بوجود العبد ، فمن عفا عنه وأحسن إليه ، وجب أجره على الله .
( فمن راعاه ) أي ، راعى الإنسان . ( فإنما يراعى الحق . ) لأنه مظهره واسمه الظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وما يذم الإنسان لعينه ، وإنما يذم لفعله ، وفعله ليس عينه ، وكلامنا في عينه . ) أي ، ليس الإنسان مذموما من حيث إنه إنسان ، بل من حيث أفعاله الذميمة يذم ، وفعله ليس عينه ، فلا يبطل عينه ولا يخرب وجوده لفعله .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا فعل إلا لله ، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد . ) لأن الفعل مبدأه الصفات ، ومبدأ الصفات هو الذوات ، والذوات ليست إلا عين الوجود المتعين ، والوجود هو الحق . فالكل مستهلك في عين ذاته تعالى ، فهو الفاعل الحقيقي ، ومع هذا ذم بعض الأفعال وحمد بعضها .
وقيل معناه : ذم من الأعيان ما ذم ، وحمد ما حمد إذا أضيف إليها الفعل .
والأول أنسب لما نفى الفعل عن العبيد .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله . ) أي ، إذا ذم أحد شيئا لا يوافق غرضه وجعله مذموما ، فذلك الذم مذموم عند الله ، لأن صاحبه واقف عند غرضه وحظ نفسه ، بخلاف ما يذمه الشرع ، فإنه إخبار عما في نفس الأمر على ما هو عليه ، ولا غرض للشارع في ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع ، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله ، أو من أعلمه الله . )
وهذا تصريح منه على أن الحسن والقبح شرعي لا عقلي (كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمتعدي حدود الله فيه ) أي ، في هذا المعنى نزل : "ولكم في القصاص حيوة يا أولى الألباب " . وهم ) ، أي ، أولوا الألباب . ( أهل لب الشئ الذين عثروا ) أي ، اطلعوا .
 
قال رضي الله عنه :  ( على أسرار النواميس الإلهية ) أي ، الشرائع الإلهية ( والحكمية . ) أي ، الأحكام التي  يقتضيها العقل . أي ، أولو الألباب هم الذين عرفوا أسرار الوجود وحكم الأحكام الشرعية والعقلية كلها .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:38 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الثلاثاء 14 يناير 2020 - 17:50 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .

قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه تعالى يقول :وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها[ الشورى : 40 ] ، فجعل القصاص سيّئة ، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا ،فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [ الشورى : 40 ] ؛ لأنّه على صورته ، فمن عفا عنه ولم يقتله ، فأجره على من هو على صورته ؛ لأنّه أحقّ به إذ أنشأه له ، وما ظهر بالاسم الظّاهر إلّا بوجوده فمن راعاه إنّما يراعي الحقّ وما يذمّ الإنسان لعينه وإنّما يذمّ الفعل منه ، والفعل ليس عينه ، وكلامنا في عينه ، ولا فعل إلّا للّه ؛ ومع هذا ذمّ منها ما ذمّ وحمد ما حمد ، ولسان الذّمّ على جهة الغرض مذموم عند اللّه تعالى ، فلا مذموم إلا ما ذمّه الشّرع ؛ فإن ذمّ الشّرع لحكمة يعلمها اللّه أو من أعلمه اللّه كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النّوع وإرداعا للمتعدّي حدود اللّه فيه "وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "  [ البقرة : 179 ] وهم أهل لبّ الشيء الذّين عثروا على سرّ النّواميس الإلهيّة والحكميّة ) .

ثم أشار إلى أن ترجيح الغيرة على الشفقة فيما لا يعم فيه الإفساد يشبه السيئة القبيحة مع حسنه في ذاته ؛ فقال : ( ألا تراه تعالى يقول :وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ)
أي : قتل قبيح( سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) أي : قتل يشبهه في أن تركه أولى من فعله ، فجعل القصاص سيئة، أي : مسمى بها مع أنه لا قبح فيه ، فلابدّ من تأويله ،
 ( أي : يسوء ذلك الفعل ) بالنظر إلى العفو ، وأخذ الفدية ( مع كونه ) بالنظر إلى نفسه ( مشروعا ) لا قبح فيه إذ ليس بمكروه ولا محرم ، لكنه يشبه المكروه الذي تركه أولى من فعله ، فسمي باسمه مجازا .


ثم أشار إلى ما هو الأولى ، فقال :( "فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ" ) بترك العداوة معه من كل وجه ("فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ")، ولم يذكر لمن اقتص أجرا وإن فعل مشروعا ، فكان العفو أولى منه ، وإنما كان أجر العفو على اللّه ؛ ( لأنه ) أي : الجاني المعفو عنه ( على صورته ) المعنوية التي ظهر بها في عينه الثابتة عند إشراق نوره عليها ، ( فمن عفا عنه ) ، وإن لم يقصد بذلك العفو عن صورة الحق ، ( ولم يقتله ) بعد العفو ، فإنه مبطل لأجر العفو موجب لوزر آخر ، ( فأجره على من هو ) أي : الجاني ( على صورته ) ، وإن كان الأجر بحسب القصد والنية ؛
( لأنه ) أي : العفو ( أحق ) أن يلحق ( به ) أي : بمن هو على صورته ، ( إذ أنشأه ) أي :
الجاني له ، أي : لكونه على صورته ، وما فعل بشيء فعل بما لأجله خلق ؛

وذلك لأنه ( ما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده ) ، إذ ظهوره قبله في العالمين كالظهور بالنسبة إليه ، وإن كان هذا مظهرا قاصرا بالنسبة إلى سائر المظاهر الكاملة الإنسانية ، فلا شكّ في كماله بالنسبة إلى غيرها من العالم سوى الملائكة وصالحي الجن ، وليسوا مظاهر الاسم الظاهر.

( فمن راعاه ) أي : الجاني ، ( فإنما يراعى الحق ) ، وإن لم يقصد مراعاته ترجع إلى قصد مراعاة الحق سيما إذا كان في قلبه أنه يعفو للّه ، كيف وقد خلق ذلك بخلاف عبادة الأصنام ، فإنها وإن رجعت إلى عبادة اللّه من وجه فلا يؤجر عليها ؛ لأنها لم تخلق لأن تعبد ،
وإن كانت من جملة مراتب الحق التي تقتضي كماله أن يعبد فيها ، لكن إنما يقتضى ذلك من المحجوبين عن المرتبة الجامعة ، فهي لم تخلق للعبادة بالنسبة إلى الكمّل الذين لا عبرة بغيرهم معهم على أن قصده عبادتها إفادة ظلمة في قلبه موجبة للحجاب عنه ،
وهذا ليس كذلك سيما إذا كان قصد العفو للّه مع أنه إنما يعبد المظهر لرؤيته كمال الظهور فيه ، وهو اعتقاد القصور فيه ،
ولا يتأتى ذلك في صورة العفو على أن عبادتها لو كانت مبنية على اعتقاد إلهيتها ، فلا يخفى ما في ذلك من عظم الظلمة .
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يكون هذا الجاني مظهرا كاملا ، وهو مذموم ؟
وكيف يكون أكمل مما في العالم غير الملائكة ، وصالحي الجن ، ولا يذم شيء منه ذمه ؟
قال تعالى :أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ[ البينة : 6 ] ، وقال :أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ[ الأعراف : 179 ] .

فأجاب عنه بقوله : ( « وما يذم الإنسان لعينه ) ؛ لأنه يشاركه في هذه العينية الكمّل والقاصرون ، ( وإنما يذم الفعل ) وهو القتل مثلا ( منه ) ، وفي نسخة : " لفعله " ، ( وفعله ليس عينه )  لا باعتبار المفهوم ، ولا باعتبار الصدق حتى يكون ذم الفعل ذم عينه .
" في نسخة أخرى: « والفعل ليس عينه » ."

( وكلامنا ) في المظهرية الكاملة للاسم الظاهر الإلهي ( في عينه ) ، إذ الفعل ليس من المظاهر الكاملة لهذا الاسم ، إذ هو من الأعراض الزائلة ؛ فلا نقصان في مظهريته باعتبار عينه لا فعله مع أن الفعل ليس بمذموم لعينه كيف ، ( ولا فعل ) من جهة الإيجاد ( إلا للّه ) ، وكيف يصدر عنه ما هو مذموم لعينه ،
ومع هذا أي : كون الأفعال كلها للّه ذم منها ما ذم كالحرام والفاسد ، وحمد منها ما حمد كالواجب والمندوب والصحيح ، وبقي منها ما بقي غير محمود ولا مذموم كالمباح ، فمدحها وذمها لا بالنظر إلى أعيانها ،
ولا بالنظر إلى صدورها من اللّه تعالى ؛ لأن المدح والذم بهذا الاعتبار حتى على وجوب رعاية الغرض الذي هو جرّ نفع أو دفع ضر إلى نفس الفاعل ؛

ولكن لسان الذم أي : إطلاقه بناء على جهة الغرض مذموم عند اللّه تعالى ؛ لتعاليه عن جر نفع أو دفع ضر عن نفسه ، وإنما يكون أحدهما في حق العباد لكن فعله في حق العباد لا يكون عن حاله إلا إذا حصل له أحدهما وهو متعال عنه ،
فإذا لا يقبح منه شيء ولا يوجب عليه شيئا كما تقوله المعتزلة بناء على أن الحسن والقبح عقليان وليس كذلك ، بل هو شرعي كما تقوله أهل السنة فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع من أفعال المكلفين من حيث هي أفعالهم ، وذلك من جهة اكتسابهم إياها إذ الشرع موضوع لهم ، وليس ذلك على سبيل التحكم .

فإن ذمّ الشرع بحكمة وهذه الحكمة غير الغرض إذ يعلمه كل عاقل ، والحكمة إنما يعلمها اللّه أو يعلمها من أعلمه اللّه من الكمّل ، وهي ما تفيد كمالا في الظهور الإلهي ، أو تدل على كمالاته دلالة كاملة سواء حصل في المحل نقص أو كمال 
 

( كما شرع القصاص للمصلحة ) ، وهو أيضا غير الغرض إذ لا نفع فيه للقاتل ولا للمقتول ، بل إنما شرعه ( إبقاء لهذا النوع ) بإفناء بعض أشخاصه ، ففيه نفع للبعض وهو الأكثر وضر للبعض ، وليس شيء منهما للمقتول ، ولا يجر حياة لغيره ؛ لأنها حاصلة له ، ولا يدفع ضررا عنه تحقق وقوعه بل هو أمر متوهم بدفعه ، فهذا في معنى دفع الضر في حق العامة ( وإرداعا للمتعدي حدود اللّه فيه ) ، وهو ضرر في حق غيره يدفع عنه ، فليس غرضا له ولا للّه تعالى ، فهذه المصلحة قريبة من الحكمة أو عينها ، وقد روعيت في القصاص بدليل قوله عزّ وجل :وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [ البقرة : 179 ] ، فذكر ما هي الحكمة أو المصلحة فيه .

وأشار إلى أنه لا يفهمها إلا الكمّل بقوله :يا أُولِي الْأَلْبابِ ،إذ غيرهم يرون فيه موت القاتل لا غير ، ( وهم أهل لب الشيء ) أي : باطنه المقصود منه ، وهو المسمى بالحكمة التي خص بالاطلاع عليها ( الذين عثروا على أسرار النواميس ) أي : بواطين الكلمات ( الإلهية والحكمية ) ، وهم أخص الخواص .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .

قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول : “  وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها “  [ 42 / 40 ]  فجعل القصاص سيّئة ، أي يسوء ذلك الفعل ، مع كونه مشروعا ؟ “  فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُه ُ عَلَى الله “ لأنّه على صورته ، فمن عفى عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنّه أحقّ به إذ أنشأه له).
أي الحقّ ما أنشأ هذه النشأة الكاملة العبديّة إلا لنفسه ، فإنّه ما تصوّر إلا به .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده ، فمن راعاه إنما يراعى الحقّ ) إذ قد تقرّر غير مرّة أن العبد ممحوّ ، والعبودية ممحوّة الأثر .

مرجع الذمّ والحمد
ثمّ إنّه لما استشعر أن يقال هاهنا : كيف يصحّ أن يكون ذلك صورة الحقّ ، وهي مذمومة تارة ومحمودة أخرى ؟
نبّه على جوابه بقوله رضي الله عنه  : ( وما يذمّ الإنسان لعينه ، وإنما يذمّ الفعل منه ، وفعله ليس عينه ، وكلامنا في عينه ) أنّه صورة الحق .
فلئن قيل : الفعل له عين أيضا موجودة ، فكيف يصحّ أن يكون مرجع الذمّ - وهو العين من حيث هي - غير مذمومة ؟
قلنا : إنّ عين الفعل من حيث أنّها عين غير مذمومة ، وإنما اكتسبت ذلك من النسبة التي له إلى عين تلك الصورة ،

وأشار إلى هذا الاستكشاف بقوله رضي الله عنه : ( ولا فعل إلا لله ، ومع هذا ذمّ منها ما ذمّ ) أي ذم الفعل من العين واكتسب منها ذلك عند نسبته إليها ( وحمد ما حمد ) وفي بعض النسخ : وحمد منها .


ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إنّ منشأ الذمّ إذا كان مجرّد نسبة الفعل إلى العين فكيف يكون الفعل منها محمودا تارة ، ومذموما أخرى ؟
فبيّن كيفية ذلك التمييز والتفصيل بقوله : ( ولسان الذمّ على جهة الغرض ) أي لغرض من الذامّ بخصوصه ، لا على جهة العموم وحفظ صورة الجمعيّة ( مذموم عند الله ولا مذموم إلا ما ذمّه الشرع ) الحافظ لتلك الصورة ، فإنّه هو الكاشف عن أحكام الأعيان وأوصافها .
إذ زمام أمر الإظهار إنّما هو بيده ، وهو الذي يتمكَّن عن إظهار بعض الأشياء بالحمد له وإخفاء الآخر بذمّه .


المشيئة والتشريع 
وبيان ذلك أنّك قد عرفت أن الأمر المقتضي لإيجاد المكوّنات - عينا كانت أو حكما - له مدرجتان في التنزل : إحداهما ذاتيّة بلا واسطة ، إنّما يتوجّه إلى تحقق الأعيان فقط ، وهو المشيئة ، والذي يتوجه لتحصيله هو الشيء ، وهو لكونه ذاتيّا لا يخالف - كما مرّ بيانه  والأخرى بالواسطة وهي إنما يتوجّه إلى أحكام الأعيان وأوصاف أفعالها وهو التشريع .
والذي يتوجّه لتحصيله هو الشرع .

وهاهنا تلويح كاشف : وهو أن شين « الشكل » الشاخص للمعاني ، إذا ظهر بحروف المدّ - التي هي مبادئ أصول الحروف وموادّ عيونها وذواتها - إنما يصلح لأن يدلّ على أعيان الموجودات فقط ، وهو « الشيء » الحاصل من أمر المشيئة .

وإذا ظهر بحروف الإظهار - أعني الراء والعين ، فإنهما لا يجتمعان في كلمة إلا ويدلّ ذلك على الإظهار فإنّهما أصل الرؤية والعيان - وهو الذي يصلح لأن يكشف عن أحكام الأعيان وإظهار أوصافها ، وذلك هو الشرع الحاصل من أمر التشريع .


وجه المذموميّة المصلحة الشرعيّة 
ثمّ إن وجه لمّية أمر الإظهار أعني بيان محموديّة بعض الأفعال وخصوصيّتها المقتضية لها ، ومذموميّة الاخرى من جلائل الحكم ودقائقها . فإنّ الكل من حيث أنّه مظهر لأوصاف الحقّ وأسمائه فهو محمود . فإن ذمّه الشرع فلمصلحة .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن ذمّ الشرع لحكمة ) دقيقة لا يطَّلع عليها بالقوّة البشريّة ، بل ( يعلمها الله أو من أعلمه الله كما شرع القصاص للمصلحة ، إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمتعدّي حدود الله فيه ) توفية لحكمي المقتضي والمانع .

والذي يكشف عن تلك المصلحة قوله تعالى : ( “  وَلَكُمْ في الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الأَلْبابِ “  [ 2 / 179 ] “  ، فخصّ الخطاب باولي الألباب تنبيها على أن هذا السرّ إنّما يختصّ به هؤلاء

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهم أهل لبّ الشيء ، الذين عثروا على سرّ النواميس الإلهيّة والحكميّة ) ، فإنّ للبّ مدرجتين : إحداهما خصوصيّة صورة الشيء ذي اللبّ ، مما يتعلَّق بظهور آثاره وخواصّه بين العباد وهي الحكميّة  والأخرى جهة أصله ومعناه ، مما يتعلَّق حقيقته من النسبة التي لها إلى الأسماء الإلهيّة .
و "الباء " يلوّح إلى هذه المدرجة الأسمائية ، كما عرفت وجه ذلك .
واللام إلى الأولى فإنّها إشارة إلى تمام التفصيل الكتابيّ ، وذلك هو تمام الحكمة .
هذا كلام وقع في البين . والحاصل منه تمهيد مقدّمة كاشفة عن غاية هذه النشأة وطريق تحصيلها برعاية بنيتها تأسّيا بالحكمة الإلهيّة . وهي أن الله تعالى راعى هذه النشأة .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته.
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق.
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد.
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله.
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه.
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر لنواميس الإلهية والحكمية. ) .

 قال رضي الله عنه :  (ألا تراه تعالى يقول :وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فجعل القصاص سيّية ، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا .فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ[ الشورى : 40 ] لأنّه على صورته . فمن عفا عنه ولم يقتله . فأجره على من هو على صورته لأنّه أحقّ به إذ أنشأه له . وما ظهر بالاسم الظّاهر إلّا بوجوده فمن راعاه إنّما يراعي الحقّ وما يذمّ الإنسان لعينه وإنّما يذمّ الفعل منه ، والفعل ليس عينه ، وكلامنا في عينه . ولا فعل إلّا للّه ؛ ومع هذا ذمّ منها ما ذمّ وحمد ما حمد . ولسان الذّمّ على جهة الغرض مذموم عند اللّه تعالى . فلا مذموم إلا ما ذمّه الشّرع ، فإنّ الشّرع لحكمة يعلمها اللّه أو من أعلمه اللّه كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النّوع وإرداعا للمتعدّي حدود اللّه فيه)

قال رضي الله عنه :  ( ألا تراه تعالى يقول :وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فجعل القصاص سيئة أي لسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا ) ،
وما يقال : إنما يقع أمثال ذلك على سبيل المشاكلة فلا ينافي القصد من البلغاء إلى مثل تلك المعاني والخواص ( فمن عفى وأصلح فأجره على اللّه لأنه ) ، أي المعفو عنه ( على صورته ) ، أي صورة الحق ( فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو ) ، أي المعفو عنه ( على صورته ) ، وهو الحق سبحانه ( لأنه ) ، أي الحق سبحانه ( أحق به ) ، أي بالعبد المعفو عنه ( إذ أنشأه له ) ، أي لنفسه حتى يظهر به أسماءه وصفاته .

قال رضي الله عنه :  ( وما ظهر الحق باسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه ) ، بأن عفى عنه ولم يقتله ( فإنما يراعي الحق ) بإبقاء مظهره حتى يتمكن من الظهور ( وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم لفعله وفعله ليس عينه وكلامنا في عينه ولا فعل إلا للّه ومع هذا ذم منها ) ، أي من الأفعال .

قال رضي الله عنه :  ( ما ذم وحمد منها ما حمد ، ولسان الذم على جهة الغرض ) بأن ذم أحد شيئا لا يوافق غرضه ( مذموم عند اللّه بخلاف ما ذمه الشرع ) ، وهذا صريح في أن حسن الأشياء وقبحها شرعي لا عقلي ( فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها اللّه أو من أعلمه اللّه كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمتعدي حدود اللّه فيه ) ، أي في هذا النوع .


قال رضي الله عنه :  (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ[ البقرة : 179 ] وهم أهل لبّ الشيء الذّين عثروا على سرّ النّواميس الإلهيّة والحكميّة . )

وقيل : المعنى فيه أي في القصاص ورد به قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِوهم أهل لب الشيء الذين عثروا ) ، أي اطلعوا (على أسرار النواميس الإلهية ) التي يحكم بها الشرع ( والحكمية ) التي يقتضيها العقل.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:39 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له.  ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذ علمت أنّ اللّه راعى هذه النّشأة وإقامتها وإدامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السّعادة ، فإنّه ما دام الإنسان حيّا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الّذي خلق له .  ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له . وما أحسن ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه " . وذلك أنّه لا يعلم قدر هذه النّشأة الإنسانيّة إلّا من ذكر اللّه الذّكر المطلوب منه ، فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذّاكر الحقّ الّذي هو جليسه فليس بذاكر .  فإنّ ذكر اللّه سار في جميع العبد . لا من ذكره بلسانه خاصّة . فإنّ الحقّ لا يكون في ذلك الوقت إلّا جليس اللّسان خاصّة ، فيراه اللّسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء . فافهم هذا السّرّ في ذكر الغافلين . )
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا علمت) يا أيها السالك (أن اللّه) تعالى (راعى) ، أي اعتبر شرعا (هذه النشأة) ، أي الخلقة الإنسانية (وإقامتها) أي إبقاءها واستدامتها حتى يكون اللّه تعالى هو الذي يحل نظامها ويفض ختامها (فأنت) يا أيها السالك (أولى بمراعاتها) ،
أي المحافظة على حقوقها ، لأنك المندوب إلى ذلك والمشار عليك به (إذ) ،
أي لأنه (لك بذلك) ، أي بسببه (السعادة) في الدنيا والآخرة لأنك راعيت حكم ربك وقمت بما ندبك إليه (فإنه) ، أي الشأن (ما دام الإنسان حيا) في هذه الدنيا فإنه (يرجى) بالبناء للمفعول (له) ، أي لذلك الإنسان تحصيل صفة الكمال الإنساني الذي خلق هذا الإنسان له ،
أي لأجل تحصيله وهو معرفته بربه وقيامه به عن كشف وشهود (و) كل (من سعى في هدمه) ، أي هدم بنيان الإنسان (فقد سعى في منع وصوله) ، أي الإنسان (لما خلق) ، أي خلقه اللّه تعالى (له) من تحصيل صفة الكمال ويصير قاطعا عليه طريق احتمال الوصول إلى حضرة ذي الجلال .
قال تعالى :" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها" [ البقرة : 114 ] ،
وقال تعالى : " أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى ( 9 ) عَبْداً إِذا صَلَّى ( 10 ) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى ( 11 ) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى ( 12 ) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ( 13 ) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى( 14 ) [ العلق : 9 - 14 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (وما أحسن ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) للصحابة رضي اللّه عنهم (ألا أنبئكم) ، أي أخبركم (بما) ، أي بأمر (هو خير لكم وأفضل) عند اللّه تعالى (من أن تلقوا) ، أي لقاءكم (عدوكم) يعني جنسه وهم الكافرون (فتضربوا رقابهم) بسيوفكم في الحرب (ويضربوا) أيضا (رقابكم) بسيوفهم (ذكر اللّه)  تعالى بقلوبكم وألسنتكم فإنه أفضل من ذلك كله. رواه الحاكم  والترمذي
"" الحديث :  عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا : وما ذاك يا رسول اللّه
قال : ذكر اللّه عز وجل . أهـ.
وقال معاذ بن جبل: "ما عمل آدمي من عمل أنجى له من عذاب اللّه من ذكر اللّه عز وجل"أهـ.""
 
لأن ضرب الرقاب قطع لتحصيل الكمال ففيه ، ضرر بأحوال القابلين لأشرف الأحوال ، وهو ذكر اللّه تعالى في الغدو والآصال .
فأشار صلى اللّه عليه وسلم بالذكر إلى الإبقاء وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً[ الإسراء : 44 ] .
وذلك ، أي كان الأمر كما ذكر لأجل أنه ، أي الشأن لا يعلم قدر هذه النشأة ، أي الخلقة الإنسانية عند اللّه تعالى إلا من ذكر اللّه تعالى الذكر المطلوب حصوله منه وهو شهود المذكور الحق لا إله إلا اللّه ، ومتى غفل عن شهوده خرج عن ذكره لأن الذكر ضد الغفلة وهما لا يجتمعان فإنه تعالى جليس من ذكره من الناس كما ورد في الحديث : « أنا جليس من ذكرني » . اخرجه الدينوري المالكي في المجالسة ورواه ابن ابي شيبه والبيهقى وابي نعيم الأصفهاني في الحلية.
"" أضاف الجامع :
1 - الحديث :عن، كعب، قال: " قال موسى: أي رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى , أنا جليس من ذكرني , قال , يا رب , فإنا نكون من الحال على حال نعظمك أو نجلك أن نذكرك عليها , قال: وما هي؟ قال: الجنابة والغائط , قال: يا موسى , اذكرني على كل حال ".رواه ابن ابي شيبه والبيهقى و ابي نعيم الأصفهاني في الحلية وابن القيم في الوابل الصيب ومجموع الفتاوى لابن تيمية والسيوطي في الجامع والدر المنثور .
2 - الحديث : عن ابن عباس قال: «يكره أن يذكر الله وهو جالس على الخلاء، والرجل يواقع امرأته؛ لأنه ذو الجلال يجل عن ذلك» " أخرجه ابن أبى شيبة وابن المنذر عن ابن عباس موقوفاً ""


(إذ الجليس مشهود للذاكر) ، لأنه متى ذكره كان جليسه والجليس مشهود على كل حال ، ومن لم يكن جليسه بجانبه فإنه غائب عنه حينئذ ، والجليس حاضر لا غائب وإلا فليس بجليس ومتى لم يشاهد العبد الذاكر للحق تعالى الحق تعالى الذي هو جليسه فليس ذلك العبد بذاكر للحق تعالى ، وكل ذاكر للحق تعالى مشاهد له بالعضو منه الذي فيه الذكر ،
وإن غفل العضو الآخر فإنّ ذكر اللّه تعالى سار في جميع العبد
فكان عضو منه ظاهره وباطنه ذاكرا للّه تعالى مشاهد له وهو العبد الكامل في العبودية لا من ذكره للّه تعالى بلسانه خاصة وبقية أعضائه غافلة لتقييدها بعبودية غيره تعالى وهي الانفعال للغير ولو بالخاطر
كانفعال أهل الدنيا للدنيا في ظواهرهم وبواطنهم من جهلهم باللّه تعالى وعدم معرفتهم به
فإن الحق تعالى لا يكون في ذلك الوقت ، أي وقت الذكر باللسان خاصة إلا جليس اللسان
خاصة دون بقية الأعضاء فيراه ،
 
أي يرى الحق تعالى ذلك اللسان ويشهده من حيث لا يراه ذلك الإنسان الذاكر بلسانه خاصة ولا يشهده لغفلته عنه بما متعلق بيراه اللسان هو ، أي ذلك الإنسان راء للأشياء وهو ، البصر المعروف .
فافهم يا أيها السالك هذا السر العجيب في ذكر الغافلين عن اللّه تعالى .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن اللّه راعى هذه النشأة و ) راعى ( أقامتها فأنت أولى ) وأحق من الحق ( بمراعاتها ذلك ) خبر ( بذلك ) يتعلق بالظرف ( السعادة ) مبتدأ أي إذا حصل ذلك بسبب رعاية هذه النشأة السعادة فالحق أولى منك برعاية هذه النشأة لأنه أنشأ لأجل ظهور أحكامه فأنت أولى منه برعايتها إذ بها لا بغيرها يحصل لك السعادة وهي أجر من اللّه وإذا لم يراع الحق لم يزد ولم ينقص في ألوهيته وكمال ذاته شيء ،
وإذا لم تراع تحصل لك السعادة فقد انحطت عن درجة الكمال إذ كمال الإنسان السعادة لا غير فأنت أحق بالأولوية في رعايتها وبما ذكرنا اندفع توهم المخالفة بين قوله لأنه أحق به وبين قوله فأنت أولى بمراعاتها وإنما تحصل لك السعادة برعايتها .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه ) أي الشأن ( ما دام الإنسان حيا يرجى له تحصيل صفة الكمال ) وهي ظهور معرفة اللّه تعالى منه ( الذي خلق له ) فإذا راعيته فقد أعنته لتحصيل كماله فحينئذ كان أجر عملك على اللّه ( ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ) فمن سعى في منع وصوله لما خلق له فقد سعى في منع وصول نفسه لما خلق لها لقوله تعالى : وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فاللّه تعالى يجازي عباده بمثل أعمالهم ( وما أحسن ) تعجب ( ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ألا أنبئكم ) أي أخبركم ( بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه ) .
 
أي لا يقابل جزاء الغزاء في سبيل اللّه جزاء ذكر اللّه لأن فيه منعا عن ذكر اللّه بسبب عدم بنيان الرب فالإنسان ما دام حيا يرجى له ذكر اللّه وإن كان عدوّ اللّه ( وذلك ) أي وبيان أفضلية ذكر اللّه من الغزو في الشهادة في سبيل اللّه ( إنه ) أي الشأن
 
قوله رضي الله عنه :  ( لا يعلم قدر هذه النشأة الانسانية إلا من ذكر اللّه الذكر المطلوب منه ) وهو الذي يشاهد الذكر به ربه ( فإنه تعالى جليس من ذكره ) أي حاضر لمن ذكره ( والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر ) بالذكر المطلوب بل هو ذاكر باللسان خاصة وهو من الغافلين عند أهل اللّه فذكره ليس بذكر اللّه على الحقيقة ( فإن ذكر اللّه ) بالذكر المطلوب ( سار في جميع أجزاء العبد ) من قواه الروحانية والجسمانية
 
قوله رضي الله عنه :  ( لا من ذكره بلسانه خاصة ) عطف على قوله جليس من ذكره أي فإن اللّه تعالى جليس من ذكر بالذكر الساري في جميع أعضائه لا جليس من ذكره بلسانه خاصة ( فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت ) أي في وقت ذكر العبد باللسان خاصة لا بقلبه وروحه ( إلا جليس اللسان خاصة فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان ) وليس ذلك من تمام مراد اللّه بل المطلوب من ذكر الإنسان رؤية الإنسان ربه لا رؤية جزء من أجزائه فإذا رآه الإنسان فقد رآه كل جزء من أجزاء الإنسان من حيث لا يراه الإنسان فالكمال ذكر الإنسان لا ذكر اللسان
 
قوله رضي الله عنه :  ( بما هو راء ) يجوز أن يكون متعلقا بقوله لا يراه أي من حيث لا يراه الإنسان بالذي هو أي الإنسان لا يراه وهو بصره المعروف الموضع
بل يراه الإنسان بما يراه به اللسان لأن اللسان بضر يخصه
ويجوز أن يكون متعلقا بقوله فيراه أي يراه الإنسان بما يراه به اللسان
لأن اللسان بضر يخصه ويجوز أن يكون متعلقا بقوله فيراه أي يراه اللسان بالذي هو
أي اللسان راء به ولا يراه بما يرى به الإنسان والمقصود من رؤية اللسان الحق رؤيته بما يرى به الإنسان كما ورد في الخبر الصحيح
قوله رضي الله عنه :  ( كنت سمعه وبصره وبي يسمع وبي يبصر ) فكان هذا القول من قبيل التنازع فأيهما أعمل قدّر مفعول الآخر والضمير العائد إلى الموصول محذوف وهو به وظهر من هذا البيان إن ذكر اللّه أفضل من سائر الأعمال
قوله رضي الله عنه :  ( فافهم هذا السر ) أي أفضل سر الذكر ( في ذكر الغافلين فالذاكر ) وهو اللسان.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له. وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله». وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر. فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة. فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )
 
قلت : أما أن الحق تعالی خلق آدم على صورته، فهو حديث نبوي ومعناه
أن النشأة الإنسانية قد جمعت في ذاتها حقائق الأسماء الإلهية، فصارت بهذا على الصورة المقدسة، فلا يجوز لأحد أن يتعرض لفسادها 
قال: وذلك لرعاية صورة الحق، 
قال: وما يذم من الإنسان إلا فعله لا صورته.
ثم قال: إن الذاكر من هو جليس المذكور لا غير، فمن ذكر باللسان فقط فما فيه مشاهد للحق تعالى إلا لسانه، فلسانه هو الجليس وبقية الغافل فلیس بجلیس. 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )
 
قال رضي الله عنه : ( وإذا علمت أنّ الله راعى هذه النشأة وأقامها ، فأنت أولى بمراعاتها ، إذ لك بذلك السعادة ، فإنّه ما دام الإنسان حيّا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ، ومن سعى في هدمه ، فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ،  وما أحسن ما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « ألا أنبّئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ؟ ذكر الله » .)
 
قال العبد : والسرّ في ذلك أنّ الغزو والقتال في سبيل الله إنّما شرع لإعلاء كلمة الله وذكره ، إن كانت الدولة للمسلمين والغلبة للمجاهدين وإن لم يكن كذلك وكان بالعكس ،
فإنّ فيه نقصان عبيد الله الذاكرين له المقتولين في سبيله وتفويت العلَّة الغائيّة ، فذكر الله مع الأمن عن المحذور وهو الفتنة وقتل أولياء الله أفضل من الجهاد الظاهر ، وإن كان المقتول في سبيل الله على أجر تامّ ، فذلك حظَّه بهدم أبنية الرحمن في صورة الإنسان ، فاعلم ذلك .
 
قال رضي الله عنه : ( وذلك أنّه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلَّا من ذكر الله الذكر المطلوب منه  فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود للذاكر ، ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه ، فليس بذاكر ، فإنّ ذكر الله سار في جميع العبد - لا من ذكره بلسانه خاصّة ، فإنّ الحق لا يكون في ذلك الوقت إلَّا جليس اللسان خاصّة ، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان ، بما هو راء وهو البصر ) .
 
قال العبد : إذا داوم على ذكر الله بلسانه مع نفي الخواطر ومراقبة الله بحيث يكون لسانه متلفّظا بكلمة الذكر ، وقلبه يكون حاضرا مع المذكور ، وعقله متعقّلا لمعنى الذكر ، وفي قوّة خياله تخيّل صورة الذكر على تؤدة ووقار وخضوع وخشوع ، فإنّه يوشك أن يتّحد ، إذ كانت الأعضاء والجوارح الخصيصة بها مع الذكر الذي يداوم عليه ،
ويفنى الذاكر عن كلّ شيء وعن الذاكر بالمذكور وفي المذكور ، فيحييه الله حياة طيّبة نورية ، يرزقه فيها العيش مع الله وبالله لله في الله ، مشاهدا - في كل ما يشهد - إيّاه ، وهذا حال الكمّل المقرّبين الذين هم خواصّ الله رزقنا الله وإيّاكم لزوم هذا الذكر والدؤوب عليه ، إنّه قدير .
 
قال رضي الله عنه : ) فافهم هذا السرّ في ذكر الغافلين ،)
يعني المجالسة التمثيلية ، فإنّه يعتقد كونه جليس الذاكر ، وحيث اشتغل الجزء الذاكر بالحق فهو جليسه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا علمت أن الله تعالى راعى هذه النشأة وراعى إقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة فإنه ما دام الإنسان حيا يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ، ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ، وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر الله " ) .
 
والسر في ذلك أن الغزو إنما شرع لإعلاء كلمته ، وذكره إن كانت الدولة للمسلمين والغلبة للمجاهدين وإن لم يكن كذلك وكان بالعكس كان فيه نقصان عبيد الله الذاكرين له ، وتفويت العلة الغائية فذكر الله تعالى مع الأمن من المحذور وهو الفتنة وقتل أولياء الله أفضل من الجهاد الظاهر ، وإن كان المقتول في سبيل الله على أجر تام ، فذلك حظه بهدم أبنية الرحمن في صورة الإنسان .
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه ، فإنه تعالى جليس من ذكره الجليس مشهود الذاكر ، ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر ، فإن ذكر الله سار في جميع أجزاء العبد لا من ذكره بلسانه خاصة ، فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة ، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء وهو البصر ) .
 
الذكر المطلوب من العبد هو أن يذكر الله بلسانه مع نفى الخواطر ، وحديث النفس ومراقبة الحق بالقلب بأن يكون بقلبه مع المذكور ، وبعقله متعقلا لمعنى الذكر ، وبسره فانيا في المذكور عن الذكر ، وبروحه مشاهدا له فإنه جليسه مشهود الذاكر ،
 
فمتى لم يشاهده فليس بذاكر إياه إذ لو ذكره لرآه ، فإن الذاكر بالحقيقة يفنى عن سوى المذكور حتى عن الذكر بالمذكور وعن نفسه ، فإن نفسه من جملة السوي فيكون الذاكر هو المذكور فيحييه الله به حياة طيبة نورية بالبقاء بعد الفناء فيه ، فيهنأ فيها العيش مع الله باللَّه معية لا بالمقارنة فيشهد به في كل ما يشهده ،
 
وذلك معنى سريان ذكر الله في جميع العبد حتى أفناه عنه وأحياه به ، وإن لم يكن ذكره إلا بلسانه فالذاكر ذلك الجزء منه الذي هو اللسان فلا يكون الحق إلا جليس اللسان لا جليسه ، إذ لم يذكره بجوامع أجزاء وجوده فيراه اللسان ويختص اللسان بحظ الإنسان
 
قال رضي الله عنه :  ( فافهم هذا السر في ذكر الغافلين) هذا حال من يذكره ببعض أجزائه ويغفل عنه ببعضها فيكون الحق جليس ذلك الجزء مجالسة تمثيلية ،
فإنه يعتقد كون الحق جليس الذاكر فإذا ذكره بجزء كان ذلك الجزء مختصا بمجالسته دون ما لم يشتغل بذكره من الأجزاء
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة ) وراعى ( إقامتها ، فأنت أولى بمراعاتها ، إذ لك بذلك السعادة ) أي ، لأن مراعاتها توجب لك السعادة .
( فإنه ما دام الإنسان حيا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له . ) فإذا راعيته وأعنته ليصل إلى كماله ، تجازى بأحسن الجزاء .
قال رضي الله عنه :  ( ومن سعى في هدمه ، فقد سعى في منع وصوله لما خلق له . ) فيجازى من الحق بمثله ، فيمنع من وصوله إلى كمال نفسه ، لأن الوجود مكاف .
 
قال رضي الله عنه :  ( وما أحسن ما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم ؟ ذكر الله " . )
أي ، ذكر الله أفضل من الغزو في سبيل الله ومن الشهادة فيه ، لأنه موجب لهدم بنيان الرب من الطرفين ، وإن كان فيه إعلاء كلمة الله ورفع أعلام الله وثواب الشهادة ، لكن كل ذلك لا يقابل لما في هدم بنيان الله من الشر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه . فإنه تعالى جليس من ذكره . والجليس مشهود للذاكر . ومتى لم يشاهد هذا الذاكر الحق الذي هو جليسه ، فليس بذاكر . )
ذلك إشارة إلى كون الذكر أفضل من الغزو والشهادة في سبيل الله . وإنما كان كذلك لأن ثوابهما حصول الجنة ، والذاكر جليس الحق تعالى - كما قال : ( أنا جليس من ذكرني ) .
والجليس لا بد أن يكون مشهودا ، فالحق مشهود الذاكر ،وشهود الحق أفضل من حصول الجنة.
لذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وكمال تلك النعمة .
 
وقوله : ( أنه لا يعلم قدر هذه النشأة . . . إلا من ذكر الله الذكر المطلوب ) اعتراض إنما جاء به تنبيها على حقيقة الذكر ومراتبه ، ليعلم متى يكون الحق جليسا للذاكر .
والمراد بالذكر المطلوب من العبد أن يذكر الله باللسان ويكون حاضرا بقلبه .
 
وروحه وجميع قواه بحيث يكون بالكلية متوجها إلى ربه ، فينتفى الخواطر وينقطع أحاديث النفس عنه .
ثم ، إذا داوم عليه ، ينتقل الذكر من لسانه إلى قلبه ، ولا يزال يذكر بذلك حتى يتجلى له الحق من وراء أستار غيوبه ، فينور باطن العبد
 
بحكم ( وأشرقت الأرض بنور بها ) .
ويعده إلى التجليات الصفاتية والأسمائية ثم الذاتية ، فيفنى العبد في الحق ، فيذكر الحق نفسه بما يليق بجلاله وجماله ، فيكون الحق ذاكرا ومذكورا وذكرا بارتفاع الإثنينية وانكشاف الحقيقة الأحدية .
واعلم ، أن حقيقة ( الذكر ) عبارة عن تجليه لذاته بذاته من حيث الاسم (المتكلم ) إظهارا للصفات الكمالية ووصفا بالنعوت الجلالية والجمالية في مقامي جمعه وتفصيله ، كما شهد لذاته بذاته في قوله : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) .
وهذه الحقيقة لها مراتب : أعلاها وأولاها في مقام الجمع من ذكر الحق نفسه باسمه ( المتكلم ) بالحمد والثناء على نفسه . وثانيتها ، ذكر الملائكة المقربين ، وهو تحميد الأرواح وتسبيحها لربها . وثالثتها ، ذكر الملائكة السماوية والنفوس الناطقة المجردة . ورابعتها ، ذكر الملائكة الأرضية والنفوس المنطبعة مع طبقاتها .
وخامستها ، ذكر الأبدان وما فيها من الأعضاء . وكل ذاكر لربه بلسان يختص به .
 
وإليه أشار بقوله : ( فإن ذكر الله سار في جميع أجزاء العبد ) أي ، لا يعلم قدر هذه النشأة إلا من ذكر الله الذكر المطلوب ، فإن ذكر الله سار في جميع أجزاء العبد : روحه وقلبه ونفسه وجميع قواه الروحانية والجسمانية ، بل في جميع أعضائه .
وذلك السريان نتيجة سريان الهوية الإلهية الذاكرة لنفسها بنفسها .
وإن جعلنا الإضافة إلى الفاعل ، فمعناه : أن ذكر الحق لنفسه ومظاهره سار في جميع أعضاء العبد ، وذلك الذكر سبب وجودها وحصول كمالاتها . فينبغي أن يذكره العبد أيضا بجميع أجزائه أداء لشكر نعمه .
 
قال رضي الله عنه :  ( لا من ذكره بلسانه خاصة . فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة ، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء ) أي ، يراه اللسان بالبصر الذي يخصه ، ولا يراه الإنسان من حيث روحه وقلبه لغفلته .
وفيه إشارة إلى أن لكل شئ نصيبا من الصفات السبعة الكمالية : يسمع به ويبصر به وينطق . ولما كان الحيوان يبصر بالبصر ويسمع بالسمع - وليس رؤية اللسان وسمعه بالبصر والسمع بل بروحانية مختصة به وليس هذا المقام موضع بيانه - أجمل فقال : ( بما هو راء )
 
قال رضي الله عنه :  ( فافهم هذا السر في ذكر الغافلين . ) تحريص للسالك الطالب لأسرار الوجود ، ليتنبه من هذا القول ويعلم أن لوازم الوجود موجودة في كل ماله وجود ، إلا أنها ظاهرة الوجود في البعض ، وباطنة في الآخر .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:41 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 0:29 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر. فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )


قال رضي الله عنه :  (وإذ علمت أنّ اللّه راعى هذه النّشأة وإقامتها وإدامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السّعادة ، فإنّه ما دام الإنسان حيّا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الّذي خلق له ، ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ، وما أحسن ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : « ألا أنبئكم بما هو خير لكم ، وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه »  ، وذلك أنّه لا يعلم قدر هذه النّشأة الإنسانيّة إلّا من ذكر اللّه الذّكر المطلوب منه ، فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذّاكر الحقّ الّذي هو جليسه فليس بذاكر ، فإنّ ذكر اللّه سار في جميع العبد ، لا من ذكره بلسانه خاصّة ؛ فإنّ الحقّ لا يكون في ذلك الوقت إلّا جليس اللّسان خاصّة ، فيراه اللّسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء ، فافهم هذا السّرّ في ذكر الغافلين ) .

قال رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن اللّه راعى هذه النشأة ) بشرع الحرمة والصلح والعفو ونحوها ، وراعى أيضا ( إقامتها ) بشرع القصاص ، ( فأنت أولى بمراعاتها ) ؛ لأنه لما راعاها مع التنزه عن الأغراض فأنت أولى ؛ لأن لك غرض تحصيل السعادة ( إذ ) تحصل ( لك بذلك السعادة ) بكونك سببا لسبب تحصيل من راعيته صفة الكمال لنفسه ، وهو وإن كان متوهما فتحقق السبب يقوم مقام تحققه ؛ لأن سببه الحياة وأنت أبقيتها ، فأنت سبب سببه ، وإن كان السبب متوهما .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه ما دام الإنسان حيّا يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ) عامّا في حق القاصر فظاهر ، وأما في حقّ الكامل ؛ فلأنه لا كمال إلا وفوقه آخر يمكنه تحصيله لا إلى نهاية ، والدليل على أن من كان سببا لشيء في حق الغير استفاد مثل الكمال الحاصل له منه في حق نفسه قوله عليه السّلام : ( من دلّ على هدى كان له مثل أجر فاعله من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن دلّ على ضلالة كان له مثل وزر صاحبه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا ، " ومن سعى في هدمه ؛ فقد سعى في منع وصوله لما خلق له " ). رواه الدارمي ومالك في « الموطأ » وابن أبي عاصم  


وهو وإن كان متوهما فهو نازل منزلة المحقق بالنظر إلى سببه الذي هو الحياة ، فمن هدمها أبطل سببه ، فكأنما أبطله محققا ، وإنما جوّز هدمه بالجهاد والقصاص إبقاء لأهل الكمال القائمين بذكر اللّه تعالى ،
وإليه الإشارة بقوله : (وما أحسن ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ألا أنبئكم بما هو خير لكم " .

أي : من الجهاد وحصول الشهادة ، ( وأفضل ) وإن قال تعالى :وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً[ النساء : 95 ] ( من أن تلقوا عدوكم ) الذين يريدون هلاككم على الأبد بهلاك دينكم ، ( فتضربوا رقابهم ) ، فتأمنوا على دينكم الذي به سعادتكم ، ( ويضربوا رقابكم ) ، وبه تحصل شهادتكم ( ذكر اللّه ) ؛ لأن المقصود بالجهاد إبقاء أهله فهو أفضل منه ، وإن كان أفضل من تركه ولا يسقط وجوبه بكونه مفضولا عند فعل الأفضل ، كما لا يسقط فعل الصلاة بفعل الإيمان ، ولا فعل الزكاة بفعل الصلاة .

ولعل رجوع يونس عليه السّلام بقول :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَعن دعاء الشر على قومه لهذا المعنى ، فذكر اللّه هو المقصود بالذات إذ هو المقصود من خلق الإنسان ، فإنه إنما قصد به أن يعبده ولا يعبده إلا أن يعرفه ، ولا يعرفه ما لم يعرف نفسه ، ولا يعرف نفسه إلا بذكر ربه ،

قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر اللّه ) لا بأي وجه كان ، بل ( الذكر المطلوب منه ) ، وهو المفيد تزكية النفس ، وتصقيل القلب الموجب رؤية آياته فيه أولا ، ثم رؤيته ثانيا ، ( فإنه تعالى جليس من ذكره ) ، كما قال في الحديث القدسي : "أنا جليس من ذكرني ".  رواه ابن أبي شيبة ، والبيهقي .

وليس ذلك بمعنى القرب المكاني لاستحالته في حقّه تعالى ، ولا القرب الذاتي ؛ فإنه حاصل للكل ، ولا بمعنى النظر بأي وجه كان ، بل بمعنى نظر الوجه بحيث يصير المنظور أيضا ناظرا إلى الحق ؛ ولذلك صح أن يقال : ( الجليس ) الحق ( مشهود الذاكر ) ؛
ولذلك قال يونس عليه السّلام :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ دون لا إله إلا هو سبحانه ، وكيف لا والشهود لازم للجلوس اللازم للذكر ، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم ، فهو يدل على انتفاء الجلوس ، وانتفاؤه يدل على انتفاء الذكر ؛

ولذلك يقول رضي الله عنه  : (ومن لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر) ، وكيف لا يشاهده الذاكر وشهوده لا يزول عن نفسه وقد أشرق عليها نور الذكر ، ( فإن ذكر اللّه ) إذا كان عن حضور القلب ، وجمع الهمم ، وكف القوى عن أعمالها ( سار في جميع العبد ) ، فلا يرى من ذاته التي لا تفارق رؤيتها إلا نور الذكر بل نور المذكور ، فلا يرى شيئا سواه في كل ما يراه.

قال رضي الله عنه :  ( لا من ذكره بلسانه خاصة ) ، فإنه لا يسري منه نور مستغرق لسائر الأعضاء بخلاف القلب ، فإنه لكونه نورانيّا في ذاته مستمدا من النور الإلهي يسري نوره بحيث يستغرق العبد بكليته ، ويصير اللسان بحيث يمد ما لحق بنور منه به يصير وحده جليس الحق ومشاهده ، ( فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة ) ؛ لأن اللسان ذاكر لا محالة ، وهو جليس الذاكر لا محالة ، والمجالسة تستلزم الشهادة .

قال رضي الله عنه :  ( فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء ) به ، وهو البصر فضلا عن بقية الأعضاء ، وعند عدم رؤية البصر يصح نفي الرؤية عن الإنسان ، وإن كان رائيا بعضو آخر ، (فافهم هذا السر) وهو رؤية اللسان بدون رؤية الإنسان (في ذكر الغافلين) ، حتى صار محمودا من وجه مذموما من وجوه حتى ورد فيه : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ( 4 ) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ( 5 ) [ الماعون : 4 ، 5 ] .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر. فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر.  فافهم هذا السر في ذكر الغافلين. )

لزوم مراعاة إقامة النشأة الإنسانيّة 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أنّ الله راعى هذه النشأة ) في مراعي الأكوان ( و ) راعى ( إقامتها ) في دار الحدوث والإمكان ( فأنت أولى بمراعاتها ، إذ لك ) في مراقي الكمالات ( بذلك ) النشأة وإقامتها ( السعادة ) العظمى ( فإنّه ما دام الإنسان حيّا ) بهذه النشأة الجمعيّة الإحاطيّة ( يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ) من شهود الحقّ بجميع أسمائه وعبوديّته لله ( ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ) من الكمال الذي به يستكمل الكل وهو تمام الظهور والإظهار .


ذكر الله غاية الحركة الوجودية 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما أحسن ما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « ألا انبّئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ؟ : ذكر الله » ) .
فإنّك قد عرفت أنّ الغاية لهذه الحركة الوجوديّة هو الظهور التامّ الذي بآدم ، ثمّ الإظهار الكامل الذي بكلامه ، فهو الخير إذا قيس إلى الإنسان نفسه .
وإذا قيس إلى أفعاله فهو الأفضل . فذكر الله الذي هو غاية الغايات - أعني إظهاره تعالى - هي ثمرة هذه النشأة الإنسانيّة 
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وذلك لأنّه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانيّة إلا من ذكر الله ، الذكر المطلوب منه ) فإنّ من جملة المراتب الوجوديّة مرتبة الكلام والذكر . فإذا ظهر الحقّ في هذه المرتبة واستتبع لها جميع المراتب الباقية ، بأن يظهر في سائر تلك المراتب مظهرا إيّاها ، ويكون الكل مجلاه من الحسّ والخيال والذكر والفكر والقلب .

فإنّ الذاكر له في الكلّ حكم وظهور ، فإذا ظهر بسائر هذه المراتب يكون شخصا كاملا فالذاكر لا بدّ وأن يشاهد المذكور بجميع مداركه ،
( فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود للذاكر . فمتى لم يشاهد الذاكر الحقّ - الذي هو جليسه فليس بذاكر - فإنّ ذكر الله سار في جميع العبد )
 بمراتبه الروحانيّة والنفسانيّة والجسمانيّة ( لأنّ من ذكره بلسانه خاصّة ، فإنّ الحقّ لا يكون في ذلك الوقت إلَّا جليس اللسان خاصّة ) فإنّ صورة المذكور إنما تشخّصت فيه فقط .
( فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان ) فإنّ لكل قوّة وكلّ شيء سائر القوى فعلية كانت أو انفعاليّة على ما تقرّر في أصولهم .
كما قال شرف الدين ابن الفارض :
يشاهد منّي حسنها كلّ ذرّة  .... بها كلّ طرف جال في كلّ طرفة
وقوله رضي الله عنه   : ( بما هو رأى ) يجوز أن يكون متعلقا ب « لا يراه » أي لا يراه الإنسان بما هو رأى ( وهو البصر ) أو بمعنى أنه لا يرى الإنسان ، مع أن الرائي هو .
ويجوز أن يكون متعلَّقا بـ « فيراه » أي فيراه اللسان بما يراه من القوّة الخفيّة التي لا يدرك بالمدارك البشريّة . والثاني أظهر .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فافهم هذا السر في ذكر الغافلين ) فإنه لا يمكن أن يكون في الوجود غافل مطلقا . أي في جميع مراتبه ، فإنّه لا بد لكل شيء من الحضور ، ولو ببعض أجزائه ومراتبه وهو الذاكر منه

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر. فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه :  وإذ علمت أنّ اللّه راعى هذه النّشأة وإقامتها وإدامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السّعادة ، فإنّه ما دام الإنسان حيّا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الّذي خلق له .  ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له . وما أحسن ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه " .)

قال رضي الله عنه :  (وإذا علمت أن اللّه راعى هذه النشأة وإقامتها وإدامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك ) ، أي بأن تراعيها ( السعادة ) ، من وجهين ( فإنه ما دام الإنسان حيا يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ) ، فإذا أعنته على ذلك رجع أثر الإعانة إليك فذلك سعادة وأمنت من غائلة ترك الإعانة وذلك سعادة أخرى ( ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ) ، بل في منع وصول نفسه أيضا إليه لأنه يجازى بمثل ما فعل إما بالقصاص أو بغيره .

قال رضي الله عنه :  ( وما أحسن ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) ترغيبا للعبد فيما يوصله إلى ما خلق له وتفضيلا لهذا الموصل على هدم النشأة الإنسانية ، وإن كان بالأمر وكان للهادم رتبة إعلاء كلمة اللّه وثواب الشهادة .

قال رضي الله عنه :  ( « ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه »  ) ،
"" عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر اللّه تعالى فقال معاذ بن جبل رضي اللّه عنه ما شيء أنجى من عذاب اللّه من ذكر اللّه " . رواه الترمذي وابن ماجة  و غيرهما ""
أي ما هو خير لكم مما ذكر ، ذكر اللّه سبحانه.


قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنّه لا يعلم قدر هذه النّشأة الإنسانيّة إلّا من ذكر اللّه الذّكر المطلوب منه ، فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذّاكر الحقّ الّذي هو جليسه فليس بذاكر .  فإنّ ذكر اللّه سار في جميع العبد . لا من ذكره بلسانه خاصّة . فإنّ الحقّ لا يكون في ذلك الوقت إلّا جليس اللّسان خاصّة ، فيراه اللّسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء . فافهم هذا السّرّ في ذكر الغافلين . (

قال رضي الله عنه :  (وذلك ) ، أي حسن ما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم بحيث يقضي منه العجب ( أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر اللّه الذكر المطلوب منه ) ، فيحصل فيها ما لا سعادة فوقه وهو سعادة شهود الحق سبحانه ،
فنبه صلى اللّه عليه وسلم على أن ما يحصل للذاكر في هذه النشأة أفضل مما يحصل في هدمها ، وإن كان واقعا بموجب الأمر مثمرا لسعادات عظيمة هي الفوز بالجنة والتلذذ بملاذها من الحور والقصور وغيرها ، فإبقاء هذه النشأة أفضل من هدمها وإن كان بالأمر .
ثم شرع رضي اللّه عنه في بيان ما يحصل للذاكر في هذه النشأة

فقال رضي الله عنه  : ( فإنه تعالى جليس من ذكره والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذاكر ) ، فجمع أجزاء وجوده (الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر فإن ذكر اللّه سار في جميع) أجزاء ( العبد ) ، فالذاكر له من ذكر بجميع أجزائه .

فقال رضي الله عنه  : ( لا من ذكره بلسانه خاصة فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو ) ، أي اللسان راء به وهو البصر وفيه إشارة إلى أن لكل شيء نصيبا من الصفات السبعة الكمالية ولكن لا على الوجه المعهود ، ولذلك قال بما هو ( راء ) . )فافهم هذا السر في ذكر الغافلين). 

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:41 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 0:35 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).
 
قال رضي الله عنه:  ( فالذّاكر من الغافل حاضر بلا شكّ ، والمذكور جليسه فهو يشاهده  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر فما هو جليس الغافل فإنّ الإنسان كثير ما هو أحديّ العين ، والحقّ أحديّ العين كثير بالأسماء الإلهيّة : كما أنّ الإنسان كثير بالأجزاء : وما يلزم من ذكر جزء ذكر جزء آخر.  فالحقّ جليس الجزء الذاكر منه والآخر متّصف بالغفلة عن الذّكر. ولا بدّ أن يكون في الإنسان جزء يذكر به فيكون الحقّ جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية . )
 
قال رضي الله عنه:  (فالذاكر) للّه تعالى (من) أعضاء العبد (الغافل) عن اللّه تعالى (حاضر) ، أي مشاهد للّه تعالى (بلا شك) في ذلك (والمذكور له) وهو اللّه تعالى (جليسه) ،
أي مجالس له كما ورد في الحديث السابق : « أنا جليس من ذكرني »  .
(فهو) ، أي العضو الذاكر من الغافل (يشاهده) ، أي يشاهد اللّه تعالى (والغافل) عن اللّه تعالى (من حيث غفلته) عنه سبحانه (ليس بذاكر) له تعالى فما هو ، أي اللّه تعالى (جليس الغافل) عنه سبحانه (فإن الإنسان) الواحد (كثير) بالأعضاء والأجزاء (ما هو) ،
أي الإنسان (أحدي العين) ، أي الذات لكثرة أعضائه وأجزائه (والحق) تعالى (أحدي العين) أي هو واحد في ذاته ، فلا تعدد له أصلا ، وواحد في أسمائه وصفاته ، فهو موصوف بالواحدية في كل اسم منها وكل صفة .  قال تعالى : "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" [ الإخلاص : 1 ] ، \
 
واللّه اسم من أسمائه تعالى ، أي هذا المسمى بهذا الاسم أحد من حيث ذاته لعدم تغير ذاته وعدم تبدلها وبقائها أزلا وأبدا بخلاف ذات الإنسان فإنها وإن كانت واحدة في نفس الأمر لكنها متغيرة بالمثل في كل حين متبدلة لا بقاء لها أصلا فما هي بأحدية ،
وإنما هي واحدة من حين خلقها اللّه تعالى إلى الأبد قد ولاها اللّه تعالى على أعضاء الجسد وأجزائه وصرفها في ذلك بأمره تعالى إلى أن يعزلها بالموت ثم يحاسبها على كل ما صدر منها في موضع ولايتها (كثير) ، أي متعدد من حيث ظهوره (بالأسماء الإلهية) وإن كان تعالى أحدا في ذاته (كما أن الإنسان) الواحد (كثير) ،
 
أي متعدد (بالأجزاء) الجسمانية وإن كان واحدا في ذاته (وما يلزم من ذكر جزء ما) يعني أي جزء كان من أجزاء اللسان للّه تعالى (ذكر جزء آخر) من أجزائه للّه تعالى كما أنه لا يلزم من ظهور ذات الحق تعالى في اسم من أسمائه سبحانه بأثر خاص ظهور ذات الحق تعالى أيضا في اسم آخر من أسمائه تعالى بمثل ذلك الأثر الخاص ،
وإنما تظهر الذات الإلهية كل لمحة من الزمان في كل اسم من أسمائها بأثر خاص لا يظهر عن غير ذلك الاسم في غير تلك اللمحة أصلا لا فيما مضى ولا فيما سيأتي إلى الأبد .
 
قال رضي الله عنه:  (فالحق) تعالى (جليس الجزء الذاكر) للّه تعالى (منه) ، أي من الإنسان(و) الجزء (الآخر) منه (متصف بالغفلة عن الذاكر) ، أي ذاكر اللّه تعالى (ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر) اللّه (به) ، أي بذلك الجزء منه ، أي إنسان كان مؤمنا أو كافرا أو جاهلا أو عالما ، عرف الإنسان ذلك الجزء أو لم يعرفه ، ولا يكون أن يكون غافلا مطلقا ولا ذاكرا مطلقا أيضا ،
بل إذا غفل منه جزء ذكر منه كما أن العالم لا يخلو من غافل ومن ذاكر أصلا ، فإذا غفل الذاكر ذكر الغافل وبالعكس (فيكون الحق) تعالى (جليس ذلك الجزء) الذاكر من الإنسان (فيحفظ) ذلك الجزء أو الحق تعالى (باقي الأجزاء) من الإنسان (بالعناية) الإلهية .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فالذاكر ) وهو اللسان ( من الغافل حاضر ) لا غافل ( بلا شك والمذكور جليسه فهو ) أي الذاكر وهو اللسان ( يشاهده ) أي يشاهد جليسه وهو الحق .
( والغافل ) وهو الإنسان ( من حيث غفلته ) لا من حيث جزئه الذاكر إذ من هذه الحيثية ذاكر في الجملة لا غافل لذلك قيده بهذه الحيثية ( ليس بذاكر فما هو ) أي فليس الحق ( جليس الغافل فإن الإنسان كثير ) بالأجزاء
 
قال رضي الله عنه :  ( ما هو ) أي ليس الإنسان ( إحدى العين ) لكونه عينه مركبا من الأجزاء ( والحق إحدى العين ) لكونه لا جزء له ( كثير بالأسماء الإلهية ) والأسماء الإلهية ليست أجزاء لذات الحق وهو منزه عن الأجزاء والتأليف فمعناه أن ذاته تعالى موصوفة بالصفات الكثيرة فيعدد عند اعتبار العقل فإنه من حيث أنه ضارّ يغاير من حيث أنه نافع عند العقل .
قال رضي الله عنه :  ( كما أن الإنسان كثير بالأجزاء وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر ) حتى يلزم من ذكر الجزء ذكر الكل ليلزم الذكر المطلوب في كل ذاكر من الإنسان فاعتبر إلى هذا البيان هل تظنك ذاكرا أم غافلا واذكر اللّه ذكر المطلوب حتى كان الحق جليسا بخلاف سائر الأعمال من الغزو وغيره ، فإنه ما كان اللّه جليسا لعامتها والمقصود من تحقيق الذكر في هذا المقام تحريض وترغيب للسالكين الطالبين لأسرار الذكر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالحق جليس الجزء الذاكر منه ) أي من الإنسان ( والآخر متصف بالغفلة عن الذكر ولا بد أن يكون في الإنسان جزء ) قوله ( يذكر به ) جاز على البناء المجهول والمعلوم وإنما لا بد للإنسان جزء ذاكر إذ لو لم يكن كذلك لعدم الإنسان ( فيكون الحق جليس ذلك الجزء ) الذاكر فيحفظ ذلك الجزء بذكر اللّه وجليسه ( فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية الإلهية ) بسبب الجزء الآخر الذاكر والإنسان ما دام ذاكرا للحق فهو حي محفوظ بالعناية الإلهية فإذا جاء أجله فنسي ذكر اللّه فطر عليه الموت .
ولما اتجه إن يقال أن وجود الإنسان خير محض في حقه من عدمه ومراعى عند اللّه فما الحكمة يتولى الحق بهدمه الموت أجاب عنه بقوله


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.
والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل. فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية: كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر. فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر. ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).
 
ثم قال: إن الذاكر من هو جليس المذكور لا غير، فمن ذكر باللسان فقط فما فيه مشاهد للحق تعالى إلا لسانه، فلسانه هو الجليس وبقية الغافل فلیس بجلیس. 
وذكر رضي الله عنه: أن الحق تعالى يخلق للإنسان نشأة تبقى مناسبة لما ينتقل إليه بعد الموت. 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شكّ ، والمذكور جليسه ، فهو يشهد ، والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر ، فما هو جليس الغافل ، فإنّ الإنسان كثير ، ما هو أحديّ العين ، والحق أحديّ العين كثير بالأسماء الإلهية ، كما أنّ الإنسان كثير بالأجزاء ، وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر ، فالحق جليس ذلك الجزء الذاكر منه ، والآخر متّصف بالغفلة عن الذكر ، ولا بدّ أن يكون في الإنسان جزء يذكر به ، فيكون الحق جليس ذلك الجزء ، فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية ( .
 
يعني المجالسة التمثيلية ، فإنّه يعتقد كونه جليس الذاكر ، وحيث اشتغل الجزء الذاكر بالحق فهو جليسه ، وكذلك شهوده للحق إنّما يكون بحسبه لا بحسب غيره من الأجزاء ،
فلا يكون شهود اللسان ومجالسته للحق كشهود القلب ومجالسته ، ولا كشهود العقل ومجالسته ، فإذا خشع العبد في ذكر كلّ الخشوع ، وخنع لربّه كلّ الخنوع ،
وسرى ذلك في أجزائه كلَّها ، فكلَّه إذن جليس الله والحق جليسه بشهادة الرسول .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).


قال رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك والمذكور جليسه فهو يشاهده ، والغافل من حيث غفلته ليس بذكر فما هو جليس الغافل ، فإن الإنسان كثير ما هو أحدى العين والحق أحدىّ العين كثير بالأسماء الإلهية كما أن الإنسان كثير بالأجزاء ، وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر فالحق جليس الجزء الذاكر منه ، والآخر متصف بالغفلة عن الذكر ، ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به فيكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية ) هذا حال من يذكره ببعض أجزائه ويغفل عنه ببعضها فيكون الحق جليس ذلك الجزء مجالسة تمثيلية فإنه يعتقد كون الحق جليس الذاكر فإذا ذكره بجزء كان ذلك الجزء مختصا بمجالسته دون ما لم يشتغل بذكره من الأجزاء وكذلك شهوده ، وقد يختلف الذكر والشهود بحسب الأجزاء ،
فإن ذكر القلب وشهوده جليسه بفضل كثير ذكر اللسان ومجالسته ، فإذا خشع القلب خشع جميع الجوارح بتبعيته ، كما قال الشيخ رضي الله عنه :
"" أضاف بالى زادة : (ولا بد في الإنسان جزء يذكر به ) إذ لو لم يكن لعدم الإنسان فيحفظ ذلك الجزء بذكر الله وجليسه ( فيحفظ باقي الأجزاء ) بسبب الجزء الذاكر ، والإنسان ما دام ذاكرا للحق فهو حي محفوظ ( بالعناية ) الإلهية ، فإذا جاء أجله نسي ذكر الله فطرأ عليه الموت .أهـ بالى زادة. ""
 
الصلاة والسلام فيمن لعب بلحيته في الصلاة « لو خشع قلبه لخشع جوارحه » بخلاف سائر الأجزاء ، فإن اللسان قد يذكر ويغفل عن الذكر سائر الأجزاء ،
فإذا سرى الذكر في جميع أجزاء العبد وخشع العبد لربه بالكلية كان الحق إذا جليسه بشهادة الله ورسوله ، ولا بد أن يذكر بجزء ما فيكون الحق جليس ذلك الجزء ، فيحفظ باقي الأجزاء بحكم العناية أي العلم باتصاله ببعض الوجوه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالذاكر ) الذي هو اللسان . ( من الغافل حاضر بلا شك ، والمذكور جليسه ، فهو يشاهده . ) أي ، فالذاكر يشاهد الحق .
( والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر ، فما هو ) أي ، فليس الحق ( جليس الغافل . )
وقوله رضي الله عنه  : ( فان الإنسان كثير ، ما هو إحدى العين ، والحق إحدى العين ، كثير بالأسماء الإلهية  كما أن الإنسان كثير بالأجزاء ، وما يلزم من ذكر جزء ما ، ذكر جزء آخر . ) تعليل لجعله اللسان ذاكرا والإنسان غافلا . ومعناه : أن الإنسان من حيث إنه مركب من حقائق مختلفة ، روحانية وجسمانية ، كثير ليس إحدى العين ، وإن كان من حيث كليته المجموعية أحديا .
وما يلزم من ذكر جزء ما ، ذكر جزء آخر .
 
وقوله : ( والحق أحدي العين . ) إلى قوله : ( بالأجزاء ) اعتراض أورده للمناسبة الرابطة بين الإنسان وربه . وهي : إن كلا منهما أحدي من وجه ، كثير من وجه آخر .
قال رضي الله عنه :  ( فالحق جليس الجزء الذاكر منه ، والآخر . ) أي ، والجزء الآخر من الإنسان .
 
قال رضي الله عنه :  ( متصف بالغفلة عن الذكر . ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به ويكون الحق جليس ذلك ، فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية . ) كما يحفظ العالم بوجود الكامل الذي يعبد الله في جميع أحواله .
ولذلك لا تخرب الدنيا ولا يستأصل ما فيها ما دام الكامل فيها - أو من يقول : ( الله ، الله ) . كما جاء في الحديث الصحيح : ( لا يقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول : الله ، الله ) .
فكذلك وجود العالم الإنساني لا يخرب ولا يفنى ويكون محفوظا بالعناية الإلهية ما دام جزء منه ذاكرا لله .
ولما ذكر أن العبد محفوظ ما دام جزء منه ذاكرا ، أجاب عن سؤال مقدر .

وهو أن يقال : كيف يكون محفوظا وقد يطرء عليه الموت ؟
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:43 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 0:38 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).

قال رضي الله عنه :  (فالذّاكر من الغافل حاضر بلا شكّ ، والمذكور جليسه فهو يشاهده والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر فما هو جليس الغافل ؛ فإنّ الإنسان كثير ما هو أحديّ العين ، والحقّ أحديّ العين كثير بالأسماء الإلهيّة : كما أنّ الإنسان كثير بالأجزاء : وما يلزم من ذكر جزء ذكر جزء آخر ، فالحقّ جليس الجزء الذاكر منه والآخر متّصف بالغفلة عن الذّكر ،ولا بدّ أن يكون في الإنسان جزء يذكر به فيكون الحقّ جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية)

ولصعوبة فهمه بينه بقوله : ( فالذاكر ) وهو اللسان ( من الغافل حاضر ) للحق ( بلا شكّ ) ؛ لاستقلاله في الاشتغال به من غير مطاوعته للقلب الغافل ، وهو فعل المختار الموجب للشعور بما يفعله ، وإن لم يطلع عليه منه غيره ، كيف ( والمذكور جليسه ) بمقتضى الحديث ، ولا معنى لجلوسه سوى شهوده ، ( فهو ) أي : الذاكر من الغافل ( يشاهده ) ، وإن لم يكن له حسن البصر ، ولا اطلع على شهوده غيره ، وإلا كانت الغيرة ذاكرة له ، وقد فرضناه غافلا ،

( والغافل من حيث غفلته ) ، وهو باعتبار القلب وسائر الأعضاء سوى اللسان ، ( فليس بذاكر ) وإن كان باعتبار لسانه ذاكرا ، وإذا لم يكن ذاكرا ( فما هو ) أي : الحق ( جليس الغافل ) ، فكيف يطلع على شهوده ، والاطلاع على شهود الغير شهود وليس للغافل ، فاتصف الإنسان الواحد بالشهود والغفلة معا ، حتى صار محمودا من وجه مذموما من آخر .

( فإن الإنسان ) وإن كان واحدا ( كثير ) بالحقيقة ووحدته اعتبارية ؛ لأن ( ما هو أحدي العين ) وحدة حقيقية ، ( كثير بالأسماء ) كثرة اعتبارية ، فإنه تجلى بوحدته على وحدة الإنسان استغرقه فلم ير سواه ، وإن تجلى بكثرته باعتبار بعض الأسماء على بعض الأعضاء دون بعض ، اتصف بالشهود والغفلة جميعا بمناسبة الكثرة التي في الحق باعتبار أسمائه ، فإنه كثير بالأسماء ( كما أن الإنسان كثير بالأجزاء ) وإن اختلفت الكثرتان لكن يتناسبان .

ثم استشعر سؤالا بأن الحق وإن تجلى على بعض أعضائه خاصة ابتداء ، فلا شكّ أن بينه وبين بقية الأعضاء تأليفا ، فينبغي أن يسري النور منه إليها كما يسري ؛ فمن القلب إلى سائر الأعضاء ؟

فأجاب عنه بقوله : ( وما يلزم من ذكر جزء ) ما أعم من القلب وغيره بكثرة ( جزء آخر ) ، وإن كان بينهما تأليف فلا يلزم من نورية ذلك الجزء نورية الآخر ، ولا بدّ من شهوده شهود الآخر ، وإنما يقع ذلك من القلب عند غلبة نوريته مع كونه نورانيّا في نفسه بخلاف سائر الأجزاء ، ( فالحق جليس الجزء الذاكر منه ) فقط ، ولو قلنا عند قلة نوريته والجزء ( الآخر متصف بالغفلة عن الذكر ) ، وإن قرب منه كالنفس وغواها ، فكيف يكون الحق جليسه حتى يكون له النورية والشهود ، ثم قال : ( ولا بدّ وأن يكون في الإنسان جزء ) ، ولو غير القلب واللسان ( يذكر به ) ، وإن لم يكن له قوة التعقل ، ولا قوة الشهود ، كاللسان ( يكون الحق جليس ذلك الجزء ) بتجليه عليه التجلي المقصود من خلقه بالذات ، وإلا كان خلقه عبثا ، ( فيحفظ باقي الأجزاء ) التي لا تبقي ذلك الجزء بدونها ( بالعناية ) بذلك الجزء .
ثم استشعر سؤالا بأنه لو كان في الإنسان ذلك الجزء لا محالة لكان محفوظا دائما ، لكن الأمر بخلافه ؟
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).

قال رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شكّ ، والمذكور جليسه فهو يشاهده . والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر ، فما هو جليس الغافل ) .

ولا يلزم من هذا أنّ الإنسان إذا كان غافلا لا يكون الحقّ جليسه مطلقا ، (فإنّ الإنسان كثير ) إذ قد تقرّر أن تشخّصه وأحديّته أحديّة جميع الكل ، فيكون كثير العين .

قال رضي الله عنه :  ( ما هو أحديّ العين ، والحقّ أحديّ العين ، كثير بالأسماء الإلهيّة ) والأسماء بعضها جزئيّات بعض ( كما أنّ الإنسان كثير بالأجزاء وما يلزم من ذكر جزء منه ذكر جزء آخر . فالحقّ جليس الجزء الذاكر منه ، والآخر متّصف بالغفلة عن الذكر ) .

قال رضي الله عنه :  ( ولا بدّ أنّ يكون في الإنسان جزء يذكر به ) حتّى يبقى صورة شخصيّته به ، فإنّك قد عرفت أنّ قيام الشخص بالمدد الوجوديّ الواصل إليه بوساطة النسبة وهي الحضور من الجزء

قال رضي الله عنه :  ( فيكون الحقّ جليس ذلك الجزء ، فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية ) كما في عالم الكبير بما ورد في الصحيح : « لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول : الله ، الله » .رواه  مسلم ومستدرك الحاكم: "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله " .
وروي بألفاظ أخرى حلية الأولياء و كنز العمال  . فكذلك وجود هذا العالم الإنسانيّ .

 
حقيقة الموت
ثمّ لما استشعر أن يقال : إنّه إذا كان ذكر الجزء كافيا في حفظ صورة شخصيّة  الإنسان ، فكان ينبغي أن لا يطرأ عليه الموت أصلا . ضرورة أن ذكر الجزء منه ضروريّ دائما .
نبّه على دفعه بقوله رضي الله عنه  :
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده.  والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن الذكر.
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. ).

قال رضي الله عنه :  ( فالذّاكر من الغافل حاضر بلا شكّ ، والمذكور جليسه فهو يشاهده والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر فما هو جليس الغافل فإنّ الإنسان كثير ما هو أحديّ العين ، والحقّ أحديّ العين كثير بالأسماء الإلهيّة : كما أنّ الإنسان كثير بالأجزاء : وما يلزم من ذكر جزء ذكر جزء آخر .)


قال رضي الله عنه :  (فالذاكر ) الذي هو اللسان ( من الغافل حاضر بلا شك والمذكور جليسه فهو ) ، أي الذاكر ( يشاهده ) ، أي المذكور ( والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر فما هو ) ، أي الحق
قال رضي الله عنه :  ( جليس الغافل فإن الإنسان ما هو أحدي العين والحق أحدي العين كثير بالأسماء الإلهية ، كما أن الإنسان كثير بالأجزاء ولا يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر . فالحق جليس الجزء الذاكر منه و ) الجزء ( الآخر متصف بالغفلة عن الذكر ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر الحق به فيكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية )
 الإلهية كما يحفظ العالم بوجود الكامل الذي يذكر اللّه في جميع أحيانه كما جاء في الحديث : « لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول : اللّه اللّه » .رواه مسلم وغيره
ولما ذكر أن العبد محفوظ ما دام جزء منه ذاكرا كان محال أن يقول : كيف يكون محفوظا وقد يطرأ عليه الموت فدفعه بقوله :


.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:43 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 0:46 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وما يتولّى الحقّ هدم هذه النّشأة بالمسمّى موتا وليس بإعدام كلّيّ وإنّما هو تفريق ، فيأخذه إليه ، وليس المراد إلا أن يأخذه الحقّ إليهوَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] فإذا أخذه إليه سوّى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدّار الّتي ينتقل إليها ، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال .  فلا يموت أبدا ، أي لا تفرّق أجزاؤه . )
 
قال رضي الله عنه :  (وما يتولى) ، أي تولية (الحق) تعالى (هدم) بنيان (هذه النشأة) ، أي الخلقة الإنسانية (بالمسمى موتا) حيث يتولى اسم اللّه المميت على ذلك العبد بعد عزل اسم اللّه المحيي عنه (فليس) ذلك الموت (إعداما) للعبد وإرجاعه إلى ما كان فيه من العدم الأصلي ، فإن اللّه تعالى لا يكرر حالة واحدة على عبد أصلا لسعة التجلي وعدم تناهيه إلى الأبد (وإنما هو) ،
 
أي الموت (تفريق) بين الروح والبدن أوّلا بقصر تصرفها عنه وإظهار عجزها لها ، ثم بين أجزاء البدن ، فلا يبقى لها قدرة على إمساك تلك الأجزاء بالكلية ليكشف لها بعد الموت عن قدرته النافذة في كل شيء ، وذلك في ضعيف الروح عن الكشف المذكور في حال الحياة ، ومن كشف في حياته عن ذلك فكان متحققا في نفسه بلا حول ولا قوّة إلا باللّه لا يفنى جسده بعد الموت وتبقى روحه ممسكة لأجزائه بقدرة اللّه تعالى القائمة بها في الحياة وبعد الموت ، كرامة لها عند اللّه تعالى وهم الأنبياء والأولياء ، لتحققهم بذلك في الحياة الدنيوية ، والشهداء لتحققهم عند الموت وشهودهم له ، بذلك سموا شهداء ، ودخل في الأولياء العلماء العاملون ، والمؤذنون المحتسبون ، وغيرهم ممن لا يبلوا في قبورهم فيأخذه ، أي اللّه تعالى ذلك الميت (إليه) سبحانه ، أي حضرته ويذيقه سطوة تصرفه فيه ويغيبه عن شهود تصرف الواسطة في ظاهره وباطنه
 .
قال رضي الله عنه :  (وليس المراد) ، أي المقصود من الموت (إلا أن يأخذه الحق تعالى) ، أي يأخذ الإنسان إليه سبحانه ، فيشهده حضرته ويغيب عن نفسه بالكلية .
قال تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ[ هود : 123 ] الإلهي الواحد الذي كل شيء صورته ، فهو من حيث ما هو قيوم واحد أمر ، ومن حيث ما هو كل شيء بالصور المختلفة في الحس والعقل خلق ، فالخلق ما ظهر والأمر ما بطن وما ظهر هو عين ما بطن ؛
ولهذا أكده من حيث ظهوره بقوله (كله) ، أي لا يبقى شيء إلا ويرجع إليه بسبب رجوع الأمر الواحد إليه ، فإن نور الشمس إذا رجع إليها رجعت جميع الشعاعات كلها إليها وانقبضت في الحال بعد انبساطها على أقطار الأرض برا وبحرا .
 
قال رضي الله عنه :  (فإذا أخذه) ، أي أخذ الحق تعالى ذلك الإنسان (إليه) سبحانه (سوّى) ، أي خلق اللّه تعالى (له) ، أي لذلك الإنسان (مركبا) بالتشديد ، أي بدنا آخر مؤلفا من أجزاء أخرى لطيفة برزخية غير هذا المركب بالتشديد أيضا ، أي البدن الذي كان فيه أو بالتخفيف ، أي بدنا أيضا يركبه هذا الإنسان يعني يستولي عليه ويتصرف فيه كما يستولي صاحب الدابة على دابته ويتصرف في تحريكها وتسكينها (غير هذا المركب) ، أي البدن الذي كان متوليا عليه وراكبا له في الدنيا (من جنس الدار) البرزخية (التي ينتقل إليها) هذا الإنسان بعد الموت .
 
قال رضي الله عنه :  (وهي دار البقاء) وعدم الزوال (لوجود الاعتدال) ، أي تساوي أجزاء تلك النشأة الأخروية بسبب القوّة الروحانية وتحققها بما هو الأمر عليه في نفسه وزوال الوهم والالتباس (فلا يموت) ذلك الإنسان بعد هذا الموت (أبدا أي لا تفرّق أجزاؤه) بعد هذا الافتراق أصلا إذ المقصود قد حصل وهو الرجوع إلى اللّه تعالى بتحقيق أن لا فاعل غيره ذوقا من نفسه . قال تعالى :لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى[ الدخان : 56 ] .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).


قال رضي الله عنه :  (وما ) موصولة ( يتولى الحق بهدم هذه النشأة بالمسمى موتا فليس بإعدام ) مطلقا حتى تفوت الحكمة ( وإنما هو ) أي الموت ( تفريق ) لأجزاء الإنسان ( فيأخذه إليه وليس المراد ) بالموت ( إلا أن يأخذه الحق إليه تعالى ) كما أن للقصاص وإن كان سببا للموت حكمة وهي إبقاء النوع الانساني كذلك للهدم وإن كان سببا للموت حكمة وهي أخذ الحق عباده به وتقريبه إلى ذاته تعالى وإنجاؤهم عن العالم الجسماني الظلماني وإدخالهم في نور ذاته وصفاته.
وهذا خير في حق الإنسان من حياته وبقائه في الدنيا ( وإليه يرجع الأمر كله ) وموت الإنسان سبب لرجوعه إلى اللّه تعالى فما فعل الإنسان إلا بأحسن الأمر في حقه .
( فإذا أخذه إليه ) بقبض روحه ( سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها وهي دار البقاء ) فكان ذلك المركب باقيا ( لوجود الاعتدال ) الذي يوجب البقاء وينافي الفناء ( فلا يموت ) بعد ذلك ( أبدا ) أي ( لا تفترق أجزاؤه )  الأخروية ،
 
ولما اتجه أن يقال إن هذا الكلام لا يصدق إلا في حق أهل النعيم وأما أهل الجحيم فيفترق أجزاء أبدانهم الأخروية بالنصوص كما قال اللّه تعالى :كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها[ النساء : 56 ] ،
فالنار تأكل لحومهم وعظامهم فتفرقت الأجزاء بأكل النار ثم سوى لهم مركبا من الأبدان الأخروية فلا بقاء لهم بهذا المعنى أي بمعنى عدم افتراق الأجزاء أجاب عنه بقوله :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).


قال رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال : فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).
 
ثم قال: إن الذاكر من هو جليس المذكور لا غير، فمن ذكر باللسان فقط فما فيه مشاهد للحق تعالى إلا لسانه، فلسانه هو الجليس وبقية الغافل فلیس بجلیس. 
وذكر رضي الله عنه: أن الحق تعالى يخلق للإنسان نشأة تبقى مناسبة لما ينتقل إليه بعد الموت. 
ثم ذكر أهل الشقاء وأن مآلهم إلى النعيم لكن في النار بها ويصير النار بردا وسلاما على من فيها كنعيم الخليل، عليه السلام بالنار حين ألقي فيها وعين أن الحق تعالى هو عين الكل وهويته تحقيقه وإليه يرجع الأمر كله.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).
 
قال رضي الله عنه : ( وما يتولَّى الحق هدم هذه النشأة بالمسمّى موتا وليس بإعدام ، وإنّما هو تفريق ، فيأخذه إليه ، وليس المراد إلَّا أن يأخذه الحق إليه ، " وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " فإذا أخذه إليه ، سوّى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينقل إليها ، وهي دار البقاء ، لوجود الاعتدال ، فلا يموت أبدا أي لا تفرّق  أجزاؤه ) .
 
قال العبد اعلم : أنّ الموت عبارة عن افتراق جوهرك اللطيف وهو روحك عن جوهرك الكثيف ، فإذا اقترنت هذه الهيئة الاجتماعية التعيّنية ، فإنّ الله يتولَّى أخذ حقائقها المفرّق بعضها عن البعض وحفظها في موطن من مواطن الحضرات الوجودية يسمّى البرزخ ، ثم يتولَّى كذلك جمعها في موطن آخر كما يشاء .


وإنّما افترقت أجزاؤها النورية اللطيفة الروحانية عن أجزائها المظلمة الكثيفة الجسمانية ، لغلبة ما به الامتياز والمباينة بينها ، فإنّها كانت بالتضمّن والالتزام ، أعني :
هذه الهيئة الاجتماعية بين حقائق الروح وحقائق الجسم في ضمن اللطيف الوحداني من الكثرة المعنوية التي هي قواه وحقائقه وخصائصه ، فناسب الجزء الكثير منه وهو الجسم الكثيف من حيث أحدية الكثرة التي له ، أعني الجسم ، فجمع الله بينهما بهذه المناسبة الصحيحة وغيرها ممّا في تفصيله تطويل ، فكانت بينهما هذه الهيئة الاجتماعية بتضمّن كلّ واحد منهما ما يناسب الآخر ، ويصلح أن يكون متمّما لكمالاته ،
وكان الجزء الكثيف المركب وهو مركب اللطيف البسيط متحصّلا من عناصر متضادّة متباينة من وجوه ، ومتشاكلة متشاركة من وجوه ، فجمع الله بينهما بتغليب ما به المشاركة والاتّحاد على ما به المباينة والامتياز ، فلمّا بلغت أحكام ما به المناسبة والمشاركة غاياتها وانتهت إلى نهاياتها ، غلبت ما به المباينة عليها ، فافترقت لطائفها عن كثائفها .


ثم الروح اللطيف أيضا وإن كان بسيطا فهو أيضا هيئة اجتماعية نورانية من حقائق اللاهوت على وجه لا يقبل الانفكاك ، فبقيت على بقائها الذاتي الإلهي ، وقد آتاها الله قوّتين هما لها ذاتيتان : قوّة عمليّة بها يقوى على عمل الصور ، فصوّر الله بتلك القوّة للروح مركبا من المتباينات والمتنافيات والمتضادّات ، بل مركبا روحانيّا مناسبا للروح من
أكثر الوجوه ، فركَّبه في ذلك المركب الروحانيّ فتصوّر الروح فيه وتمثّل في تمثال برزخي من ملكوت السماوات وما فوقها التي يناسب الروح المفارق هيكله النقليّ من الأفلاك ، إن كان ممّن يفتح له أبواب السماء ،
وإلَّا فالأمر فيها يعود إلى العودات والتعلَّقات بالصور المناسبة لقوى ذلك الروح وحقائقه وصفاته الراسخة فيه وأحواله وخلائقه مدّة إقامته في الحياة الدنيا من المولَّدات العنصرية إلى أن يساعده سعادة الطالع الإلهي الأسمائي الذي هو طالع طالعه المولديّ العرفي ، وتحصل اجتماعات واتّصالات بين الأنوار الأسمائية الإلهية ، فيقدّر له كمال الرقيّ ، ويفتح له أبواب السماء بمفتاح الأمر ،
فإذا سوّى الله للروح المفارق هيكلا روحانيّا نوريا ، وناسبت الهيئة الثانية الروحانية لهيئة الروح النورانية ، وطابقها ، جمع الله بينهما جمعا لا يقبل الانفكاك والانفصال والاختلال بوجود الاعتدال المقتضي لدوام الانفصال . والله الموفّق .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وما يتولى الحق هدم هذه النشأة بالمسمى موتا فليس بإعدام وإنما هو تفريق فيأخذه إليه ، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها وهي دار البقاء لوجود الاعتدال ، فلا يموت أبدا أي لا تفترق أجزاؤه ) .
 
يعنى ليس الموت إعداما ، وإنما هو تفريق الأجزاء المجتمعة فيقبض روحه وحقيقته إليه ، وتفرقه الأجزاء العنصرية فيجمع الله كلا إلى أصله  " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " 
فإذا قبضه اجتمع إليه قواه الروحانية فسوى له مركبا فعاليا وصورة جسدانية ممثلة غير هذا المركب الذي فارقه ، فإن كان من أرباب من تفتح له السماوات خالط الملأ الأعلى وأرواح القدسيين ،
 
كما قال : « أرواح الشهداء في قناديل معلقة تحت العرش".
 وفي حديث آخر "  في حواصل طيور خضر " هي الأجرام السماوية ، وإن لم يكن من جملة من تفتح له أبواب السماء ولا يستطيع أن ينفذ من أقطار السماوات ،
"" أضاف بالي زادة : (وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه )   وموت الإنسان بسبب رجوعه إلى الله تعالى فما فعل الله الإنسان إلا بأحسن الأمور . ولما اتجه أن يقال إن هذا لا يصدق في حق أهل النار لأن النصوص تدل على تفرق أجزائهم ، أجاب عنه بقوله (وأما أهل النار) .بالى زادة أهـ ""
 
كما قال :  "لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ "  فلا بد من مركب من جنس الدار التي ينتقل إليها من عودات وتعلقات بصور مناسبة لقواه وحقائقه وصفاته الراسخة فيه وأخلاقه ، ومن إقامة الدار التي انتقل منها إليها مدة إلى مساعدة الطالع الإلهي الأسمائى الذي هو طالع طالعه المولدى بعد ربوبية أسمائية من سدنة الاسم العدل فتسبقه الرحمة وتناله في الغاية إن قدر له الواقي من هذه الأطوار أن يفتح له أبواب السماء بمفاتيح الأمر ،
فيسوى الله له هيكلا روحانيا نوريا مناسبا لهيئته البهية النورية في دار البقاء لوجود الاعتدال المقتضى لدوام الاتصال ، فلا يموت أبدا ولا تفترق أجزاؤه ،
كما قال تعالى :  ( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الأُولى )  
ومن جملة العودات قوله :  ( فَالْتَقَمَه الْحُوتُ وهُوَ مُلِيمٌ)    .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).
 
فقال رضي الله عنه  : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشأة بالمسمى "موتا " فليس بإعدام ) كلي وإفناء لعينه مطلقا . ( وإنما هو تفريق ، فيأخذه إليه . ) أي ، فيأخذ الحق روح الإنسان إليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس المراد ) أي ، المطلوب بالنسبة إلى الإنسان . ( إلا أن يأخذه الحق إليه . ) ليوصله إلى كماله ويخلصه من عالم الكون والفساد ونقائصه .
( "وإليه يرجع الأمر كله " . فإذا أخذه إليه ) أي ، الحق إذا أخذ الإنسان بالموت .
 
قال رضي الله عنه :  ( سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها ، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال . ) أي ، لوجود الاعتدال الحقيقي في الأبدان المسواة في العالم البرزخي . أو لوجود الاعتدال للمزاج الروحاني الحاصل من اجتماع القوى الروحانية بعضها مع بعض ، ومن الهيئات الحاصلة في النشأة الدنياوية ، فإنه لا يبطل ببطلان المزاج الجسماني ، كما لا يوجب فناء تعين البدن فناء النفس الناطقة .
 
وإنما قال : ( من جنس الدار التي ينتقل إليها ) لئلا يلزم القول بالتناسخ والمركب المسوى هو البدن المثالي البرزخي . وهو لكل من أهل الكمال بحسب درجاته ومناسباته مع الملأ الأعلى وأرواح السماوات وغيرها ، فيتنعمون .
ولكل من أهل النقصان بحسب دركاته ونقائصه ، فيتعذبون .
ولا يتوهم ( العودة ) أو التعلق بجسم من الأجسام الكوكبية أو السماوية والأرضية كما هو رأى بعض الإشراقيين من الحكماء - إذ لا مدخل للعقل فيه .
قال رضي الله عنه :  ( وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا ) . والنصوص الشرعية حاكمة بعدم العود إلى يوم القيامة . اللهم إلا أن يكون العائد من المسرحين في العوالم ، وعوده بالأمر الإلهي لتكميل الناقصين وإخراج المؤمنين وإنجائهم من نيران عالم التضاد ، أو لتكميل نفسه بما قدر له في الأزل ( ولم يحصل ذلك له في النشأة السابقة ) كظهور عيسى ، عليه السلام ، في النشأة الأولى بالنبوة ، وفي الثانية بختم الولاية .
ولهذا المقام أسرار لا يمكن هنا إظهارها . والله الهادي
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يموت أبدا ، أي لا تفرق اجزاؤه . ) أي ، أجزاء البدن الأخراوي لكونه أبديا .
قال تعالى : ( خالدين فيها أبدا ) . وقال : ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:45 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 0:54 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).
 
قال رضي الله عنه :  (وما يتولّى الحقّ هدم هذه النّشأة بالمسمّى موتا وليس بإعدام كلّيّ وإنّما هو تفريق ، فيأخذه إليه ، وليس المراد إلا أن يأخذه الحقّ إليهوَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ[ هود : 123 ] فإذا أخذه إليه سوّى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدّار الّتي ينتقل إليها ، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال ، فلا يموت أبدا ، أي لا تفرّق أجزاؤه ).
 
فأجاب عنه بقوله : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشأة بالمسمى موتا ، فليس بإعدام ) شيء من أجزائه ، وإن كان اسم الموت موضوعا لإعدام الحياة ، ( وإنما هو فريق ) بين أجزائه ، فعنايته أنه إعدام للتأليف ، لكنه ليس من الأجزاء الذاتية ، وإنما هو من العوارض المشخصة ، وإذا كان تفريقا استلزم عود كل شيء إلى طبيعته ، فتعود أجزاؤه العنصرية إلى أحيازها الطبيعية ، والأحيز للروح ( فيأخذه ) الحق ( إليه ) بقطع تدبيره للبدن بإفاضة الحياة عليه ،
وكيف لا يأخذه الحق إليه ، ( وليس المراد ) أي : مراد الحق بهدم بشأنه ( إلا أن يأخذه الحق إليه ) مع كمالاته التي اكتسبها من بدنه ؛ ليكون له مجلي كاملا من وجه آخر غير الذي كان في الحياة الدنيا ، والدليل عليه قوله تعالى : " وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ " [ هود :123] ، وهو من عالم الأمر .
 
ثم استشعر سؤالا بأنه لو أخذه إليه لاجتمعا في الإمكان بلا تمييز، مع أنه لا بدّ من التمييز بين القديم والحادث، وإلا لزم انقلاب أحدهما إلى الآخر، وهو محال؟
فأجاب عنه بقوله: ( فإذا أخذه إليه ) ميزه عن ذاته بأن ( سوّى له مركبا ) من عالم الأركان والمثال يتعلق به ( غير هذا المركب ) ، وإن جاز إعادة المعدوم ،
وقلنا: بأنه يعطي هذا البدن بعينه في القيمة؛ لأنه ( من جنس الدار التي ينتقل إليها ، وهي دار البقاء ) ، فلا يعود تأليفه القابل للزوال بعينه ، بل يكون تأليفه لازم البقاء ؛ ( لوجود الاعتدال ) في أجزائه على الدوام ، وهو الموجب للتأليف ولتعلق الروح ،
( فلا يموت أبدا أي : لا تتفرق أجزاؤه ) الروحانية عن الجسمانية ، وإن تفرقت بعض أجزائه الجسمانية عن البعض في حق أهل النار ، وكذا في حق أهل الجنة ؛ لخروج العرق عند الهضم منهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وما يتولى الحقّ هدم هذه النشأة بالمسمى موتا : فليس بإعدام ، وإنما هو تفريق ) .
كما يقوم به الأحديّة الجمعيّة الكليّة التي هي تشخّص الإنسان ، وذلك إنما يتقوّم بالأجزاء عند جمعيّتها .
فعند التفريق لا يمكن قيامه به ( فيأخذه إليه ، وليس المراد ) من التفريق واجتماع المتفرّقات قبل ( إلا أن يأخذه الحقّ إليه “  وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ “  [ 11 / 123 ] فإذا أخذه إليه سوّى له مركبا غير هذا المركب ) من جمعيّة حاصلة من الحقائق التي ( من جنس الدار التي ينتقل إليها ، وهي ) لعدم بقاء قهرمان الكثرة فيه ، و عدم نفاذ حكم التضادّ المستدعي للتفريق - ( دار البقاء ، لوجود الاعتدال ) فإنّه حينئذ يظهر في تلك الدار حكم الوحدة ، والاعتدال صورتها ( فلا يموت أبدا - أي لا تفترق أجزاؤه ) .
 
مآل أهل النار إلى النعيم  
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : « إنّ الأمر في الناس وبقاء صورته في تلك النشأة متفاوت : فإنّ السعداء في درجات النعيم .
والأشقياء في دركات عذاب الجحيم . فكيف يكون الكلّ مرجعه واحدا ؟
فنبّه على بيانه بقوله :رضي الله عنه 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. ).
 
قال رضي الله عنه :  (وما يتولّى الحقّ هدم هذه النّشأة بالمسمّى موتا وليس بإعدام كلّيّ وإنّما هو تفريق ، فيأخذه إليه ، وليس المراد إلا أن يأخذه الحقّ إليهوَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] فإذا أخذه إليه سوّى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدّار الّتي ينتقل إليها ، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال .  فلا يموت أبدا ، أي لا تفرّق أجزاؤه . )


قال رضي الله عنه :  ( وما يتولى الحق هدم هذه النشأة بالمسمى موتا فليس بإعدام ) له بالكلية ( وإنما هو ) أي الموت ( تفريق ) بين الجسم والروح ( فيأخذه ) ، أي العبد من حيث روحه ( إليه وليس المراد ) ، أي مراد العبد ( إلا أن يأخذه الحق ) ويخلصه من عالم الكون والفساد ( إليه ، وإليه يرجع الأمر كله فإذا أخذه ) الحق ( إليه ) ، أي إلى نفسه
قال رضي الله عنه :  ( سوى له مركبا ) أي بدنا يكون له بمنزلة المركب ( غير هذا المركب ) الذي هو بدنه الصغرى ( من جنس الدار التي ينتقل إليها ) ، إما بدنا مثاليا كما في البرزخ أو بدنا أخرويا بعد الحشر شبيها بالبدن العنصري في دار الجزاء الجنة أو النار ( وهي دار البقاء لوجود الاعتدال ) الحقيقي الذي يحفظ الأجزاء عن الانفكاك ( فلا يموت أبدا أي لا تتفرق أجزاؤه ) ، كما قال تعالى :خالِدِينَ فِيها أَبَداً[ النساء : 57 ] .

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:45 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 1:06 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أهل النّار فمآلهم إلى النّعيم ، ولكن في النّار إذ لا بدّ لصورة النّار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم .
فنعيم أهل النّار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل اللّه حين ألقي في النّار فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرّر من أنّها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد اللّه فيها ومنها في حقّه .
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصّورة اللّونيّة في حقّه وهي نار في عيون النّاس . فالشّيء الواحد يتنوّع في عيون النّاظرين : هكذا هو التّجلّي الإلهيّ . )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما أهل النار) الذين هم أهلها وهم الكافرون على اختلاف أنواعهم بعد إخراج العصاة فيها (فمآلهم) ، أي مرجعهم في آخر أمر العذاب المستولي عليهم من تجلي اسم اللّه تعالى المنتقم والضار والخافض والمانع ونحو ذلك من أسماء الجلال (إلى النعيم) المؤبد بظهور تجلي اسم اللّه تعالى اللطيف النافع الرافع المعطي ونحو ذلك من أسماء الجمال (ولكن) ذلك النعيم لهم (في النار) ، أي في طبقاتها التي هم فيها فلا يخرجون منها إلى غيرها أصلا كما قال تعالى :وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ[ الحجر : 48 ] ،
ولا يحتاج إلى إخراجهم إذا أراد اللّه تعالى نعيمهم ، فإنه على كل شيء قدير إذا أراد خلق النعيم للمعذب بعين ما هو به معذب وخلق العذاب للمنعم بعين ما هو به منعم ،
وذلك أمر ذوقي لا ظهور له عند الغير ، ولهذا لم يرد التصريح بهذه المسألة في الشرع إلا بطريق الإشارة الخفية ، لأنها من علوم الأذواق لا علوم الأفكار والعقول ، فإن تلك الأسماء الجلالية تتحوّل عين الأسماء الجمالية ، لأن كل اسم منها عين الاسم الآخر بالنسبة إلى الحق تعالى ، وإن امتاز بالأثر المظهر له ،
فإن اللّه تعالى واحد في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه كما تقرر في علم الكلام .
 
قال رضي الله عنه :  (إذ) ، أي لأنه (لا بد لصورة النار) فإنها مجرد صورة في الأمر الإلهي قائمة به كقيام الموج بالماء ، وهكذا كل شيء في الدنيا والآخرة لأنهما مخلوقتان والخلق صورة الأمر والأمر حقيقة الخلق وسرهم . قال تعالى :أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ[ الأعراف : 54 ] ،
قال رضي الله عنه :  (بعد انتهاء) ، أي انقضاء (مدة العقاب) التي قدرها اللّه تعالى وقضى بها في علمه الأزلي (أن تكون) ، أي صورة النار في الآخرة (بردا) لا حرارة فيها ، لأن الحرارة منهم هي ما في طبيعتهم الغريزية بسبب جهلهم باللّه تعالى الموجود دونهم ، فإذا ختم اللّه وجعل على سمعهم وبصرهم غشاوة قويت تلك الحرارة فيهم ، وحيث ماتوا على ذلك حشروا عليه ودخلوا به حبس الآخرة المسمى بجهنم ، فجاؤوا بنيرانهم إليه كما ورد : « قوموا لنيرانكم فأطفؤوها ».
 
" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن لله عز وجل ملكا ينادي عند كل صلاة يا بني آدم قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم فاطفؤها بالصلاة". رواه القديسي في المختارة والطبراني في الأوسط والصغير وحليه الأولياء ومصنف عبد الرزاق الصنعاني
" قال صلى الله عليه وسلم  : «إن هذه النار إنما هي عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم». رواه البخاري ومسلم واحمد وابن حبان والبيهقي وغيرهم
فكان سر ذلك كله جهلهم بالمتجلي الحق عليهم وهم لا يشعرون لكفرهم ، وتغطيتهم له بما يدعون من مقتضيات الكفر ، فإذا غلب نور التجلي على نار الاستتار أطفؤوها وحالهم على ما هو من غير تغيير ظاهرا فصارت نارهم بردا وسلاما ،
أي أمانا من العذاب بها على من فيها، أي النار وهذا الحال المذكور هو نعيمهم، أي نعيم أهل النار في النار من غير أن يخرجوا منها .
 
قال رضي الله عنه :  (فنعيم أهل النار) كما ذكر (بعد استيفاء) عقابهم على ترك (الحقوق) الواجبة عليهم للّه تعالى من الإيمان وغيره، فإن للعقاب مدة معلومة عند اللّه تعالى كما قال تعالى :لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً( 23 ) [ النبأ : 23 ] ، ولا ينافيه قوله سبحانه :كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ[ النساء : 56 ] ، وقوله تعالى :لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ[ البقرة : 162 ] ،
أي من عذابها، فإنهم كما يذوقونه ألما ووجعا يذوقونه أيضا لذة وعذوبة، وعينه لا تتغير .
 
أرأيت أن المحب العاشق إذا رأى في ظلمة أحدا من الناس يضربه فإنه يتألم ويتوجع بذلك الضرب ، فإذا تبين له وتحقق أن محبوبه ومعشوقه الهاجر له المعرض عنه هو الذي يضربه فإنه لا شك أن ذلك الألم والوجع الذي كان يجده من الغير ينقلب لذة وعذوبة عنده من غير أن يخفف منه شيء ، وذلك بمجرد انكشاف محبوبه له وتحققه به ،
ولا يعرف هذا ويصدق به إلا من عشق وذاق أحوال العشاق (كنعيم) إبراهيم (خليل اللّه) تعالى (عليه السلام) حين ألقاه عدوّه النمرود في النار ،
 
فصارت عليه بردا وسلاما مع أنها في نفسها على ما هي عليه نار لم تتغير ، فلو دخلها النمرود أو غيره لاحترق بها ، وما منع إبراهيم عليه السلام من الاحتراق بها إلا كونه متحققا في نفسه بربها الحق تعالى التي هي صورة تجليه بها ، وانتفت عنه خواطر الأغيار وانكشفت لوامع الأسرار (حين ألقي في النار) ؛
 ولهذا لما جاء جبريل عليه السلام فقال له : « ألك حاجة ، قال : أما إليك فلا وأما إلى اللّه فبلى . فقال له : سل اللّه ، فقال : علمه بحالي يغني عن سؤالي » .
"أورده العجلوني في كشف الخفاء: (حسبي من سؤالي علمه بحالي) ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء بلفظ وروي عن كعب الأحبار أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك ثم رموا به في المنجنيق إلى النار فاستقبله جبريل، فقال يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال أما إليك فلا قال جبريل فسل ربك، فقال إبراهيم حسبي من سؤالي علمه بحالي . انتهى،
وذكر البغوي في تفسير ... (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم) ... أن إبراهيم عليه السلام قال حسبي الله ونعم الوكيل حين قال له خازن المياه لما أراد النمرود إلقاؤه في النار إن أردت أخمدت النار، وأتاه خازن الرياح فقال له إن شئت طيرت النار في الهواء، فقال إبراهيم لا حاجة لي إليكم، حسبي الله ونعم الوكيل انتهى. "
 
وكذلك أهل النار ألقاهم عدوّهم الشيطان فيها بمنجنيق وساوسه وتسويله كما قال تعالى :الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ[ محمد : 25 ] فإذا آمنوا بالله عند رؤية النار ، وأبصروا الحق في الآخرة من حين خروجهم من قبورهم ، وقال تعالى :قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ[ يس : 52 ] .
وقال تعالى :رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ[ السجدة : 12 ] ، قال تعالى :وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ[ فاطر : 37 ] ، فقال إِنَّكُمْ ماكِثُونَ[ الزخرف : 77 ] ، فإذا زاد تحققهم بوضع الجبار قدمه في النار .
 
كما ورد في الحديث ، ونفذت بصائرهم إلى ذوق الحقيقة بوضع القدم ، وقعوا في عين الحق على ما هم عليه ، وتنعموا بما هم معذبون به ، واللّه على كل شيء قدير ، واللّه لطيف بعباده ، ورحمته وسعت كل شيء .
 
قال رضي الله عنه :  (فإنه) ، أي إبراهيم خليل اللّه عليه السلام (تعذب برؤيتها) ، أي النار لأنها من مظهر الجلال الإلهي وهو قد أوفى الحقائق حقها ، لأنه من الكاملين (وبما تعود في علمه) بأن النار محرقة (وتقرر) عنده (من أنها) ، أي النار (صورة) خلقية قائمة بالحقيقة الأمرية (تؤلم) ،
أي تعطي الألم والوجع لكل (من جاورها) ، أي اقترن بها (من الحيوان) إنسانا كان أو غيره (وما علم) إبراهيم عليه السلام في ذلك الوقت (مراد اللّه) تعالى (فيها) ،
أي في النار ومراده تعالى (منها) ، أي من النار (في حقه) عليه السلام بخصوصه .
(فبعد وجود هذه الآلام) والأوجاع الوهمية فيه من كونه بشرا عليه السلام (وجد) في وقت مسه لتلك النار ("بَرْداً وَسَلاماً") [ الأنبياء : 69 ] .
عكس ما كان في ظنه منها من الحرارة والهلاك فبدله اللّه تعالى بالبرد والأمان مع شهود الصورة الكونية ، أي المخلوقة في حقه عليه السلام وهي ، أي تلك الصورة نار في عيون الناس كما كان يراها عليه السلام من قبل ثم رآها بردا وسلاما .
 
(فالشيء الواحد يتنوع) إلى أنواع كثيرة (في عيون الناظرين) إليه إما في آن واحد كنار إبراهيم عليه السلام ، وهي نار في عين غيره وبردا وسلاما في عينه عليه السلام ، وكالصورة المنحوتة من حجر أو خشب يراها الجاهل بها إنسانا أو حيوانا ويراها العارف بها حجرا أو خشبا ، وكالصورة المرئية من بعيد يراها المتوهم فارسا أو راجلا فتؤثر في نفسه خوفا ورعبا ، ويراها المتحقق بها شجرة أو حجرا كبيرا
 
ونحو ذلك ، وإما في آنات كثيرة كالحبة حشيشة ثم حبة ثم طحينا ثم رغيفا ثم كيموسا ثم دما ثم منيا ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم صورة إنسانية ثم جنينا ثم مولودا ثم طفلا ثم غلاما ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم ميتا ثم جيفة ثم ترابا هكذا هو التجلي الإلهي في عيون الناظرين .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
 ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فما لهم إلى النعيم ) يعني أن تبديل جلودهم وإفناء أجزائهم بسبب أكل النار لحومهم قبل وصولهم إلى نعيمهم الخاص بهم وبعد وصولهم وإن كانوا يعذبون بالنار أبدا ويتنعمون بمشاهدة ربهم أبدا لكن لا يموتون أبدا أي لا يفترق أجزاؤهم بذلك لحصول الاعتدال بالإحراق وتبديل الأبدان فكان حالهم في النار حال أهل النعيم في النعيم في عدم افتراق أجزاء أبدانهم والنعيم باق وكذا أهله باق سواء كان في دار النعيم أو الجحيم .
اعلم إن هذه المسألة مبنية على أصل عند أهل اللّه وهو أنهم قسموا أسماء اللّه تعالى بحسب الأحكام منها ما لا ينقطع حكمه أبدا كالأسماء الحاكمة على الآخرة منها اللطيف والقهار ،
وهذان الاسمان قسم من الاسم الآخر فلا ينقطع حكم القهار أبدا وهو وصول أثره إلى أهل النار وهو العذاب كما أن حكم اللطيف لا ينقطع حكمه أبدا في دار السلام فلا يخلو أهلها عن العذاب كما لا يخلو أهل دار السلام عن النعيم فلا ينقطع حكم النار عن أهلها وهو الإحراق ،
هذا هو الأصل الثابت بالنص الإلهي والكشف الإلهي عند الشيخ صاحب الكتاب وأمثاله من أهل اللّه .
 
فإذا علمت هذا فاعلم أن معنى قوله وأما أهل النار فما لهم أي آخر حالهم إن يرجع من العذاب الخاص عن الراحة والنعيم إلى النعيم الممتزج بالعذاب فتبدل عذابهم الخالص إلى العذاب الذي فيه العذاب لأن العذاب محرق في الأصل.
وهذا لا يكون إلا بظهور حكم الرحمة التي سبقت في حقهم بعد استيفاء الحقوق فكان العذاب لاستيفاء الحقوق ساقطا في حقهم وبعد ذلك ظهر العذاب الذي اقتضته شقاوتهم الذاتية فعذبوا لأجل ذلك على الأبد لاستيفاء الحقوق فصار النار بردا وسلاما لأرواحهم من هذا الوجه
ومؤلما لأبدانهم من حيث شقاوتهم الذاتية فقد تساوي راحتهم عذابهم فيجتمع نوع من الرحمة بنوع من العذاب فيهم لاستحقاقهم الذاتي فلا ينقطع حكم الرحمة بعد الوصول إليها ولا حكم القهر عنهم أبدا .
قال رضي الله عنه :  ( ولكن ) هذا النعيم حاصل لهم ( في النار ) وإنما كان النعيم لهم في النار ( إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب ) وهي مدة استيفاء الحقوق ( أن تكون ) تلك الصورة النارية مع بقاء صورته اللونية ( بردا وسلاما على من فيها ) من حيث روحانيتهم من جهة إنها لا تأكل لحومهم وجلودهم ولا نضجت وتمزقت جلودهم .
ولا يفني أبدانهم لكنها أحرقت أبدانهم بوجه آخر فلا يطلع على أفئدتهم بعد ذلك لعدم تبديل الجلود ونضجها فلا يصل ألمها إلى أرواحهم بخلاف العذاب الأول فإنه يأكل النار أبدانهم ويبقي أفئدتهم ليصل ألمها إلى أرواحهم ثم وثم إلى ما شاء ثم سوى مركبا معتدلا من جنس هذا الدار لا يفنى بعذاب النار فلا مخالفة بين الطائفتين في دوام أصل العذاب .
 
بل الاختلاف في نوعه ولا يضرّ في الاعتقادات الدينية هذا المقدار من الاختلاف في مثل هذا المحل فإنه محل تحيرت العقول فيه أرواحهم في راحة لتجلي الحق لهم بالرحمة التي سبقت في حقهم وإيصاله لهم غذاء أرواحهم من انكشاف جماله على حسب مراتبهم فهم في راحة غير راحة فالنار تكون بردا وغير برد ولا يعجبك هذا الكلام ،
فإن الإنسان إذا شرع في تحصيل الكمالات بتكاليف الشاقة التي لا تلائم الطبع والنفس فهو في تعب وعذاب من حيث النفس والبدن وتلذذ وراحة من حيث الروح
فإن روحه متلذذ بنتائج هذه الأعمال الشاقة لأجل تلذذه يتحمل الأعراب فكانت الراحة مع العذاب في حق الكفار أحق من الراحة بدون العذاب إذ راحتهم نتيجة عذابهم فكلما ازدادوا عذابا ازدادوا راحة
كما أن طالب المعارف الإلهية كلما ازدادوا تعبا ومشقة ازدادوا راحة ولذة روحانية وهي تلذذ راحة بالمعارف
قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) أي كون النار بردا وسلاما على من فيها ( نعيمهم ) وهذا المقدار القليل الغير المتعدي به من النعيم ضيافة اللّه لهم فإنهم وإن كانوا أشقياء لكنهم أليسوا عباد اللّه فلا وجه لمنع ضيافة اللّه عن عباده بكلتيها قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « أكرموا الضيف ولو كان كافرا » والإكرام إيصال النعم وحسن المعاشرة معه والشرع وضع على الحقيقة
فدل ذلك الحديث على أن الإكرام على حسب حالهم ومقامهم واقع عند اللّه فما أكرم وأنعم عليهم إلا بكون النار عليهم بردا وسلاما فقط لا غير مع أن زيادة النعم بالغا ما بلغ حسن عند اللّه تعالى لذلك لا يعدّ ولا يحصى نعمه لعباده إلا اللّه على أن كونهم في جحيم بلا أكل وشرب وحور ولباس حرير وغير ذلك من نعم الجنان عين العذاب وإن كان النار بردا وسلاما ، وإياك وظن السوء لأولياء اللّه في ظهور مثل هذا المعنى منهم .
 
فلما ذكر أحوال أهل النار مثل بقصة إبراهيم عليه السلام تفهيما لأهل الحجاب لأن بعض أحوالهم في النار تشبه بعض أحوال إبراهيم عليه السلام وإلا فليس حالهم كله يشبه حال إبراهيم عليه السلام ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) التي كانت ثابتة على ذمتهم فالنعيم حاصل لهم بعد استيفاء المنتقم حقوق الغير فعذبوا على الأبد لاستحقاق ذواتهم التي تقتضي الشقاوة أبدا فتمتنع إجابتهم الدعوة في أي حال كانوا ويدعون إلى السجود .
أي إلى الإطاعة فلا يستطيعون فعذبوا بها بنار الجلال على الأبد فذواتهم باقية وكذا اقتضاؤها وهو شقاوتهم الذاتية ومقتضى الشقاوة الذاتية على الأبد بنوع من العذاب .
 
وذاته تعالى اقتضت سبقة رحمته على غضبه فكان حق الرحمة السبقة على الغضب وحق الشقاوة الذاتية التعذيب على الأبد ومن مقتضى ذاته أن يعطى كل ذي حق حقه فجمع اللّه تعالى بحسب مقتضى حكمته الراحة والألم في وجودهم ومن اعتقد أن للشيء الواحد وجوها مختلفة بالظهور والخفاء متضادة بعضها بعضا وعرف أن التجليات الإلهية متنوعة علم ما قلناه
 
قال رضي الله عنه :  ( نعيم ) منصوب بتقدير حرف الجر ( خليل اللّه حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب ) ماض على البناء المعلوم أي تعذب بنفسه من غير تعذيب من اللّه بمس النار ( برؤيتها ) تعذب ( بما ) أي بسبب الذي ( تعود ) بالدال المهملة ماض معلوم من التعود أي اعتقاد إبراهيم عليه السلام ( في علمه وتقرر من أنها ) أي النار ( صورة تولم من جاورها من الحيوان وما علم ) إبراهيم عليه السلام ( مراد اللّه فيها ومنها في حقه ) أي في حق إبراهيم عليه السلام
 
قال رضي الله عنه :  ( فبعد وجود هذه الآلام ) المذكورة في وجود إبراهيم عليه السلام ( وجد ) إبراهيم عليه السلام النار ( بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية ) التي توجب الإحراق فعلم إبراهيم عليه السلام أن التأثيرات كلها للَّه لا للأشياء فزال عن إبراهيم عليه السلام هذا الألم لزوال تعوده بعلم الألم  ، فلا يخاف إبراهيم عليه السلام عن النار بعد ذلك
أي بعد وجدان النار بردا وسلاما فلا يتعذب بشهود الصورة اللونية لعدم ذوقه ألم النار وأما أهل النار فإنهم لتعودهم بذوق يخافون عن عود العذاب على عادته الأولى لبقاء الصورة النارية فيتعذبون بشهود الصورة أبدا  فيرضون بذلك العذاب بالضرورة لعلمهم بعدم النجاة عن النار أبدا
فإنهم يظنون قبل ذلك أن في حقهم رحمة تصل إليهم ويرجونها ولكن لا يدرون كيفيتها ووقتها فلما وصلت إليهم بهذه الكيفية انقطع رجاؤهم
 
فرضوا بمقامهم وحالهم وذلك نعيمهم ولا يرفع بذلك حكم النصوص على تخليدهم في العذاب بل تصدق النصوص على ذلك التقدير أيضا فلا وجه للنزاع مع أهل اللّه فيه فمن نازع فقد نازع بلا دليل وتمسك قوله :
قال رضي الله عنه :  ( في حقه ) متعلق ببردا وسلاما أو بوجد ( وهي ) أي الصورة اللونية ( نار في عيون الناس ) ونور وراحة وسلام في حق إبراهيم عليه السلام حتى لو كان مع إبراهيم عليه السلام أحد من الناس لجاز إحراقه ولو في جبة مع إبراهيم عليه السلام .
مع كون النار في حق إبراهيم عليه السلام بردا وسلاما فكان حال أهل النار حال إبراهيم عليه السلام في أنه تعذب برؤيتها ولما تعوّد في علمه قبل وجدان النار بردا وسلاما مع أنه لا يخلو في تلك الحالة عن الراحة الروحانية فهو في ذلك الوقت متلذذ ومتألم .
 
حكي أن جبرائيل عليه السلام جاء لخلاصه حين ألقي في النار فقال إبراهيم عليه السلام : يكفني علم ربي بحالي فهذا القول منه يدل على راحته ومجيء جبرائيل يدل على تألمه وكل ذلك في شخص واحد في وقت واحد وهكذا إحراق أهل النار في النار على الأبد
قال رضي الله عنه :  ( فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين ) فإن النار برد وسلام في عين إبراهيم عليه السلام ونار محرق في عيون الناس ( هكذا ) أي كنار إبراهيم عليه السلام ( هو ) ضمير الشأن
 
قال رضي الله عنه :  ( التجلي الإلهي ) عبارة عن الضمير فإن التجلي الإلهي وإن كان واحدا لكنه يتنوع بحسب قابلية الخلائق فيتكثر بذلك وأهل الحجاب لعدم علمه بذلك يزعم أن الأمر في نفسه ينحصر إلى ما في علمه فينكر بعض التجليات الخفية عن إدراكه فإذا علمت أن الشيء الواحد يتنوع


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.  فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
وذكر رضي الله عنه: أن الحق تعالى يخلق للإنسان نشأة تبقى مناسبة لما ينتقل إليه بعد الموت. 
ثم ذكر أهل الشقاء وأن مآلهم إلى النعيم لكن في النار بها ويصير النار بردا وسلاما على من فيها كنعيم الخليل، عليه السلام بالنار حين ألقي فيها وعين أن الحق تعالى هو عين الكل وهويته تحقيقه وإليه يرجع الأمر كله.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )


قال رضي الله عنه : (وأمّا أهل النار فمآلهم إلى النعيم ، ولكن في النار ، إذ لا بدّ لصورة النار بعد انتهاء مدّة العذاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم ، فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار ، فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرّر من أنّها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد الله فيها ومنها في حقّه).
يعني عند الإلقاء وقبله .
 
قال رضي الله عنه : « وبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود صورة اللونيّة في حقّه وهي نار في عيون الناس ، فالشيء الواحد يتنوّع في عيون الناظرين ، هكذا هو التجلَّي الإلهيّ.)
 
يعني رضي الله عنه المزاج الروحانيّ الذي للناظر طاحب الكشف والشهود لا مزاجه الجسمانيّ وإن كان له مدخل من وجه ما ، لا من جميع الوجوه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :   (وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، بحكم الرحمة السابقة ) على ما تقدم .
إن قدر له الواقي من هذه الأطوار أن يفتح له أبواب السماء بمفاتيح الأمر ، فيسوى الله له هيكلا روحانيا نوريا مناسبا لهيئته البهية النورية في دار البقاء لوجود الاعتدال المقتضى لدوام الاتصال ، فلا يموت أبدا ولا تفترق أجزاؤه ،
كما قال تعالى :  ( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الأُولى )  
ومن جملة العودات قوله :  ( فَالْتَقَمَه الْحُوتُ وهُوَ مُلِيمٌ)    .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا نعيمهم فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقى في النار ، فإنه عليه الصلاة والسلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان ، وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه ) قبل الإلقاء عنده .
 
قال رضي الله عنه :  ( فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة الكونية في حقه وهي نار في عيون الناس ، فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين هكذا هو التجلي الإلهي )
 
يعنى أن إبراهيم عليه السلام وجد النار بردا وسلاما مع شهود الصورة النارية ، فإنها نار في أعين الناظرين ، فإن الشيء الواحد يتنوع بحسب أحوال الناظرين ، وكذلك يكون التجلي الإلهي أي يختلف باختلاف الناظرين .
 
"" أضاف بالي زادة :  مع إبراهيم أحد من الناس لجاز إحراقه مع كونه في حق إبراهيم بردا وسلاما ، فكان حال أهل النار حال إبراهيم في أنه تعذب برؤيتها مع أنه لا يخلو في تلك الحالة عن الراحة الروحانية ( مثل الحق في التجلي ) أي العالم يتنوع في مرآة وجود الحق كما يتنوع الحق في مرآة العالم اهـ بالى زادة . ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار ، فمآلهم إلى النعيم . ولكن في النار أزلا ، إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن يكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم . ) أي ، ومآل أهل النار أيضا إلى النعيم المناسب لأهل الجحيم .
( فلا يموت أبدا ، أي لا تفرق اجزاؤه . ) أي ، أجزاء البدن الأخراوي لكونه أبديا .
 
قال تعالى : ( خالدين فيها أبدا ) . وقال : ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) .
إما بالخلاص من العذاب ، أو الالتذاذ به بالتعود أو بتجلي الحق لهم في صورة اللطف في
عين النار كما جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم ، عليه السلام .
ولكن ذلك بعد انتهاء مدة العقاب ، كما جاء : ( ينبت في قعر جهنم الجرجير ) .
وما جاء نص بخلود العذاب ، بل جاء الخلود في النار ، ولا يلزم منه خلود العذاب .
 
قال رضي الله عنه :  ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) أي ، بعد استيفاء ( المنتقم ) حقوق الله وحقوق الخلق منه .
قال رضي الله عنه :  ( نعيم خليل الله حين ألقى في النار . فإنه ، عليه السلام ، تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه ويقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان ، وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.) أي ، ما علم أن الحق يريد أن يريه الراحة في عين العذاب والنعيم في عين الجحيم .
قال رضي الله عنه :  ( فبعد وجود هذه الآلام ، وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة النارية في حقه . ) أي ، وجد بردا وسلاما في حقه مع أنه كان مشاهدا للصورة النارية على لونها .
( وهي نار في عيون الناس . ) ونور وراحة لإبراهيم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالشئ الواحد يتنوع في عيون الناظرين ، هكذا هو التجلي الإلهي . ) فإنه واحد ، لكنه يختلف بحسب القوابل والاستعدادات ، فيظهر متنوعا .

.
يتبع 


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:50 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 1:10 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أهل النّار فمآلهم إلى النّعيم ، ولكن في النّار إذ لا بدّ لصورة النّار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم ، فنعيم أهل النّار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل اللّه حين ألقي في النّار ، فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرّر من أنّها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد اللّه فيها ومنها في حقّه ، فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصّورة اللّونيّة في حقّه وهي نار في عيون النّاس .  فالشّيء الواحد يتنوّع في عيون النّاظرين : هكذا هو التّجلّي الإلهيّ )
 
ثم استشعر سؤالا بأنه لو كان في الإنسان جزء ذاكر لا محالة لحصل له نعيم لا محالة ،
فإن اللّه لا يظلم مثقال ذرة ، لكن لا نعيم لأهل النار المخلدين فيها ؟
فأجاب عنه بقوله : ( وأما أهل النار ، فما لهم ) جزاء آخر كل حرقة يتم بها نضج الجلود ( إلى النعيم ) برفع الآلام ما لم يحصل بدلها المحدد للعذاب ، إذ لولاه لم يكن لقوله تعالى :لِيَذُوقُوا الْعَذابَ[ النساء : 56 ] ، بعد قوله :بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها [ النساء : 56].
معنى ، لكن ذلك أمر يسير لا يعتد به ، ومع ذلك لا يخلون عن عذاب إذ هم حينئذ في النار يتوقعون رجوع الآلام عند تبدل الجلود عن قريب ، ( ولكن ) ليس ذلك من النار ( إذ لا بدّ لصورة النار ) ، وإن قلنا : إنها بصورتها الجوهرية محرقة مؤلمة ، ( فلابدّ ) لذلك من قابل لكن لا قابل ( بعد انتهاء مدة العقاب ) أي : مدة كل عقاب بتمام نضج الجلود إلى وقت حصول البدل الموجب للعقاب الجديد ، ( أن تكون بردا وسلاما على من فيها ) من العصاة والملائكة والحيّات والعقارب ، كما أنها برد وسلام أبدا على غير العصاة من أهلها .
 
( وهذا نعيمهم ) الواقع جزاء على ذكر بعض أجزائهم للحق مع غفلتهم الموجبة لشقائهم ، لكنه إنما يتصور بعد استيفاء الحقوق ، إذ قبل ذلك لا بدّ من عذاب آخر عليها عقلي أو خيالي ، ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) التي لا توجب الخلود إذا لموجب له لا يمكن استيفاؤه أصلا ( نعيم خليل اللّه ) ؛ لأنهم بذكر ذلك الجزاء خلاؤه ، وإن كانوا بالغفلة أعداءه ، فيتلذذون برفع الآلام كما تلذذ به ( حين ألقي في النار ) ، لكنهم يتعذبون أيضا حينئذ برؤيتها ، لعلهم بعد الآلام عليهم عند تبدل جلودهم كما تعذب خليل اللّه بذلك ، ( فإنه عليه السّلام تعذب برؤيتها ) نارا محرقة . . .
 
قبل أن بلغ فيها ، ( وبما تعود في علمه ) من أنه لو جعل يده فيها لاحترقت وتألمت ، ( وبما يقرر ) في ذهنه ( من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان ) بتفريق أجزائه الشاعرة ، وإنما تعذب بذلك قبل الوصول إليها ؛
لأنه ( ما علم مراد اللّه ) بإلقائه ( فيها ) ، وهو إظهار معجزة له يجعل بها قوله حجة قطعية ، وما علم مراده ( منها ) من إيصال الراحة له من كل شيء حتى مما شأنه الإيلام ، حتى أنه تعذب بها أولا واستراح ثانيا عكس ما يقع لغيره .
 
( وبعد وجود هذه الآلام ) قبل إلقاء ( وجد ) بعد إلقاء ناره ( بردا وسلاما ) ، فلم تبق نارا من هذا الوجه ( مع شهود الصورة اللونية ) الدالة على النارية ، مع زوال الصورة الجوهرية التي بها الإحراق والإيلام ( في حقه ، وهي نار ) بالصورة الجوهرية واللونية جميعا .
( في عيون الناس ) ، فهي نار بلا شكّ في حقهم لصدق مدركات العيون بالضرورة ، (فالشيء الواحد ) ولو بالشخص ( يتنوع ) بحقائق مختلفة ( في عيون الناظرين ) ، فنار إبراهيم من حيث هي برد وسلام عليه ليست بنار في حقه ، وهي نار في حقه باعتبار اللونية ،
وهي باردة باعتبار الصورتين في حق غيره ، فاختلفت الصورة النوعية فيها في عيونهم ، وكذا نار جهنم برد وسلام على ملائكتها ، وعلى الحيّات والعقارب التي فيها ، وعلى العصاة الذين فيها عند نضج جلودهم مع أنها محرقة لهم في غير ذلك الوقت ،
 
( وهكذا ) أي : مثل تنوع نار إبراهيم ، ونار جهنم في عيون الناظرين ، ( هو ) فيه إشارة إلى وحدته الشخصية تنوع ( التجلي الإلهي ) سواء اعتبر تنوعه بنفسه بحيث يتبعه العالم في التنوع أو بتبعيته له ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
عنه   ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم ، ولكن في النار ) والنصوص الواردة فيهم بمعنى الخلود إنما يدل على الخلود فيها لا في العذاب ( إذ لا بدّ لصورة النار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها . وهذا نعيمهم ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) يعني بعد أن أدّى حقوق وجوه المخالفات والعداوات ، وصنوف المتقابلات ، مما يقتضي اختفاء حكم الاتّحاد الذي هو مقتضى أمر الخلَّة والمحبّة ( نعيم خليل الله حين القي في النار ) .
 
ثمّ لما استشعر أنّه يمكن أن يقال : « كيف يجعل الخليل مقيسا عليه ، وهو لم يكن معذّبا قط ؟ » تعرّض لدفعه بقوله : ( فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها ) النظريّة التي هي منتهى نتائج مقدّمات الكثرة ( وبما تعوّد في علمه ) تقليدا للمشهور المعهود .
 
قال رضي الله عنه :  ( وتقرّر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان ، وما علم مراد الله فيها ومنها في حقّه ، فبعد وجوه هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة الكونيّة في حقّه ، وهي نار في عيون الناس ) بحسب صورته النوعيّة العينيّة المعاينة ، فإنّها ما تغيّرت عن صورتها .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالشيء الواحد يتنوّع في عيون الناظرين ، هكذا هو التجلَّي الإلهي ) فإنّه واحد يختلف ويتنوّع بحسب اختلاف القوابل وتنوّع الاستعدادات .
فمبدأ ذلك الاختلاف والتنوّع إمّا أن يكون قابليّة العبد ، على تقدير أن يكون القابل من الفيض الأقدس - كما عرفت - وإمّا أن يكون الحقّ نفسه ، فإنّه إذا كان القابل من الفيض الأقدس عن ثنويّة المفاض عليه والمفيض ، يكون مؤدّى العبارتين واحدا .
ولذلك قال رضي الله عنه  :
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أهل النّار فمآلهم إلى النّعيم ، ولكن في النّار إذ لا بدّ لصورة النّار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم .)
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار ) الخالدون فيها ( فمآلهم إلى النعيم ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها وهذا نعيمهم ) . وقد جاء في الحديث : « سيأتي على جهنم زمان ينبت من قعرها الجرجير » ،
"" عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحوك بقلة طيبة كأني أراها نابتة في الجنة، والجرجير بقلة خبيثة كأني أراها نابتة في النار".
إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ابن حجر العسقلاني.
وأخرج البزار عن ابن عمرو قال: "يأتي على النار زمان تخفق الرياح أبوابها فليس فيها أحد من الموحدين".
قال القرطبي: المراد بالنار الطبقة العليا التي هي للعصاة من أهل التوحيد، وقد قيل إنه ينبت على شفيرها الجرجير. تحقيق كتاب البدور السافرة  للسيوطي""
 
قال رضي الله عنه :  ( فنعيم أهل النّار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل اللّه حين ألقي في النّار فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرّر من أنّها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد اللّه فيها ومنها في حقّه .  فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصّورة اللّونيّة في حقّه وهي نار في عيون النّاس . فالشّيء الواحد يتنوّع في عيون النّاظرين : هكذا هو التّجلّي الإلهيّ . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) ، أي بعد استيفاء الاسم المنتقم حقوق اللّه وحقوق الخلق منه ( كنعيم خليل اللّه عليه السلام حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد اللّه فيها ومنها ) ومن راحته في صورة العذاب ونعيمه في عين الجحيم ( فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة الكونية ) ،
أي المرئية على كون النار دون أثرها ( في حقه) ، أي في حق خليل اللّه عليه السلام ( وهي نار في عيون الناس ) ، ونور وراحة له عليه السلام ( فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين هكذا هو التجلي الإلهي ) فإنه واحد في ذاته مختلف القوابل فيرى متنوعا ، وكما أن التجلي الإلهي واحد في ذاته بحسب القوابل ،
فيرى كذلك العالم الواحد في نفسه مختلف بحسب الناظرين فيرى متبوعا ، فإنه إذا تجلى الحق فيه على الناظر بأسمائه الحجابية ترى أعيانه صورا حجابية متباينة مباينة للحق سبحانه ويبقى الناظر فيه محجوبا عن مشاهدة الحق سبحانه ،
وإذا تجلى فيه على الناظر بكثرته الاسمائية يرى أعيانها مجالي أسمائه ويصير الناظر حينئذ مكاشفا بأسمائه وصفاته ، وإذا تجلى فيه عليه بوحدته الذاتية ترى أعيانه مع أعيانه مع كثرتها واحدة ، ويصير الناظر فيه مشاهدا للحق سبحانه بوحدته الذاتية إلى غير ذلك من صور التجليات ، إذا عرفت هذا ظهر عليك أن الأمر الواحد الذي هو النار في هذه الصورة يصلح أن تجعل مثالا للتجلي الوحداني الإلهي المتنوع بحسب القوابل ،
وأن يجعل مثالا للعالم الواحد في نفسه المحتمل ، لأن يظهر على الناظر بالصور المذكورة وغيرها ، وإذا نظرت إلى هذين الاحتمالين

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:51 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 1:18 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إنّ اللّه تجلّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت إنّ العالم في النّظر إليه وفيه مثل الحقّ في التّجلّي .  فيتنوّع في عين النّاظر بحسب مزاج النّاظر أو يتنوّع مزاج النّاظر لتنوّع التّجلّي وكلّ هذا سائغ في الحقائق . فلو أنّ الميّت - والمقتول - أيّ ميّت كان ، أو أيّ ، مقتول كان - إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه ، لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرّع قتله .  فالكلّ في قبضته فلا فقدان في حقّه . فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأنّ عبده لا يفوته : فهو راجع إليه . على أنّ قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ أي فيه يقع التّصرّف ، وهو المتصرّف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه ، بل هويّته هو عين ذلك الشّيء .  وهو الّذي يعطيه الكشف في قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] . ( والتّوفيق من اللّه تعالى ) . )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن شئت) يا أيها السالك (قلت إن اللّه) سبحانه (تجلى) ، أي انكشف (مثل هذا الأمر) ، أي الشأن المذكور كما قال تعالى :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ[ الرحمن : 29].
(وإن شئت قلت : إن العالم) بفتح اللام (في النظر إليه) ، أي إلى نفسه (وفيه) ، أي في نفسه (مثل الحق) تعالى (في التجلي) المتنوّع المذكور (فيتنوّع) ، أي العالم (في عين الناظرين) إليه لا في نفسه (بحسب مزاج الناظرين) إليه وقوّة استعدادهم في إدراكه فيدركونه في وقت هكذا وفي وقت آخر هكذا بمقتضى ما هم فيه من المزاج ، كالأحول يرى الواحد اثنين ، وكالصفراوي يرى العسل مرا ونحو ذلك لسبب فيه لا في المرئي ، والمرئي على ما هو عليه لم يتغير (أو بتنوّع مزاج الناظرين) إلى العالم (لتنوّع التجلي) الإلهي المفيض عليهم ذلك ، ثم يتنوّع العالم في أعينهم بحسب تنوّع مزاجهم .
قال تعالى : " وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [ يونس : 61 ] ، وقال :أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [ الرعد : 33 ] ، وكل هذا الاعتبار (سائغ) ، أي ممكن القول به (في الحقائق) الإلهية الظاهرة والإشارة إليه واردة في الشرع عند أهلها .
قال رضي الله عنه :  (ولو أن) الإنسان (الميت) ، (أو) الإنسان (المقتول) الغافل إذ صاحب اليقظة راجع إلى اللّه تعالى في حياته (أي ميت كان وأي مقتول كان) صغيرا أو كبيرا مؤمنا أو كافرا وغير الإنسان كذلك لكن لا يتعلق به حكم هنا (إذا مات أو قتل) ، أي ذلك الإنسان (لا يرجع) من شهود نفسه وغفلته (إلى) شهود (اللّه) تعالى ويقظته وصاحب اليقظة تزداد يقظته بذلك قال تعالى :وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ[ البقرة:281] الآية .
وقال تعالى : يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ[ النور : 37 ] ، وهو يوم الموت تتقلب فيه القلوب من الغفلة إلى اليقظة .
وفي الحديث : "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " . رواه البيهقي وابونعيم في الحلية والزهري
 
وقال عليه السلام : « إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا » . رواه النسائي والطبراني في مسند الشاميين والسنة لأبي عاصم والمختارة للمقديسي والشريعة للآجري والفتن لنعيم بن حماد.
وقال تعالى :وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ[ الروم : 23 ] ، أي غفلتكم في الحياة الدنيا إلى الموت .
لم يقض اللّه تعالى أي لم يحكم من الأزل بموت أحد من الناس أصلا ولا شرع سبحانه قتله في مهدر الدم بردّة أو حرب أو قصاص أو زنا محصن أو تعزير بليغ ونحو ذلك .
فالكل ، أي الأحياء والأموات في تصريف قبضته سبحانه كما قال تعالى :وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ[ الإسراء : 60 ]  .
 
 وقال سبحانه : وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ [ البروج : 20 ] ، وقال : واللّه بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ[ فصلت : 54 ] ، فلا فقدان لأحد في حقه تعالى بل الكل حاضرون عنده تعالى .
فشرع القتل فيمن يستوجبه وحكم بالموت على كل حي لا ليدخلوا في قبضته ويحضروا عنده بل لعلمه سبحانه بأن عبده لا يفوته وإن غفل عنه وظن أنه يفر منه في الدنيا دون الآخرة .
وقال تعالى :يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ( 10 ) كَلَّا لا وَزَرَ ( 11 ) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ( 12 ) [ القيامة : 10 - 12 ] ، فهو ، أي عبده راجع إليه
 
تعالى على كل حال على أن في قوله تعالى وَإِلَيْه ِسبحانه، أي لا إلى غيره يُرْجَعُ الْأَمْرُ الإلهي الذي كل شيء مخلوق صورته في الحس والعقل كله فلا يبقى غيره أي فيه سبحانه من حيث أنه أمر متوجه على تصوير كل شيء يقع التصرف من كل متصرف وهو سبحانه المتصرف في كل شيء لا غيره .
فما خرج عنه تعالى شيء من محسوس أو معقول لم يكن عينه تعالى بل هويته تعالى عين ذلك الشيء من حيث وجود ذلك الشيء لا من حيث صورته المحسوسة والمعقولة ، فإنها فانية بحكم قوله تعالى :كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [ الرحمن : 26 ] ، أي على أرض الوجود هالكة بحكم قوله سبحانه :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [ القصص : 88 ] ،
 
ومنفية بحكم قوله عليه السلام : « كان اللّه ولا شيء معه » وهو الآن على ما عليه كان.
"" وهو الآن على ما عليه كان.العبارة زادها العارفون باللّه تعالى أخذا من قوله تعالى :هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ[ الحديد : 3 ].
وقوله تعالى :كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ( 27 ) [ الرحمن: 26 – 27] . ""
وهو ، أي هذا الكلام المذكور الذي يعطيه الكشف الصحيح في معنى قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] عند أهل المعرفة باللّه .
 
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن اللّه تجلي ) لقلوب عباده ( مثل هذا الأمر ) .
أي مثل تجلي نار إبراهيم عليه السلام لعيون الناظرين وهذا ظهور الحق في الخلق ( وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه ) قوله في النظر إليه إشارة إلى مرتبة الصفات وقوله وفيه إشارة إلى مرتبة الذات .
قال رضي الله عنه :  ( مثل الحق في التجلي ) خبر أن أي العالم يتنوع في مرآة وجود الحق كما يتنوع الحق في مرآة العالم عند التجلي وهو ظهور الخلق في الحق ( فيتنوع ) التجلي ( في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ) هذا في التجلي الشهادي .
 
قال رضي الله عنه :  ( أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي ) هذا في التجلي الغيبي وقد مر بيان هذين القسمين في الفص الشعبي ( وكل هذا سائغ في الحقائق ) ولما فرغ عن أحوال الآخرة رجع إلى ما صدده وهو قوله والإنسان بالموت يرجع إليه فقال : ( ولو أن الميت أو المقتول أيّ ميت كان ) شقيا أو سعيدا ( أو أيّ مقتول كان ) ظلما أو حقا ( إذا مات أو قتل ) .
 
قوله  رضي الله عنه  : ( لا يرجع إلى اللّه ) خبر أن ( لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرع قتله ) جواب لو أي ولو قضى بلا رجوع لوقع موت العبد بلا حكمة مع أن وجوده راجع ومراعى عند اللّه وذلك محال على اللّه ( فالكل ) سواء كان ميتا أو مقتولا ( في قبضته فلا فقدان ) للعبد ( في حقه )
أي في حق الحق ( فشرّع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته فهو راجع إليه ) بالموت ( على أن قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ أي ) يقع ( فيه ) أي في الأمر ( يقع التصرف وهو ) أي الحق ( المتصرف ) .
فلا يخلو العبد أن يكون متصرفا فيه الحق أبدا والعدم المحض لا يقبل التصرف فلا يكون العبد بالموت عدما مطلقا فحذف اسم إن للعلم به أي على أن قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ دلالة على هذا المعنى
 
قال رضي الله عنه :  ( فما خرج عنه ) أي ما ظهر عن الحق ( شيء لم يكن ) ذلك الشيء ( عينه ) أي عين الحق في بعض صفاته لا في كلها كما قال الشيخ الأكبر في مواضع وكل وصف وصف اللّه به نفسه كنا نتصف به إلا الوجوب الذاتي .
فإنه لاحظ للإنسان فيه وكل وصف نتصف به اتصف الحق به إلا الإمكان الذاتي ولوازمه فإن ذلك يستحيل على اللّه ثم كلامه .
 
قال رضي الله عنه :  ( بل هويته ) أي هوبة الحق هو راجع إلى الهوية باعتبار إضافتها إلى الحق لذلك ذكر ( عين ذلك الشيء ) من وجه وهو كونه مخلوقا على صفة الحق لا غير .
 
فإنه قال قدس سره من قبل فإن الإنسان كثيرا ما هو أحدي العين والحق أحدي العين فدل ذلك الكلام على امتناع اتحاد العينين ( وهو ) أي ما ذكرناه ( الذي يعطيه الكشف في قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) إشارة إلى أن أخذ هذا المعنى من هذا القول لا يكون إلا بالكشف لخفائه من إدراك العقول فظهر منه أن للقرآن والأحاديث معان لا تظهر دلالتهما عليها إلا بالكشف الإلهي .



شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق. ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه. فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».


قال : ويصير النار بردا وسلاما على من فيها كنعيم الخليل، عليه السلام بالنار حين ألقي فيها وعاين أن الحق تعالى هو عين الكل وهويته تحقيقه وإليه يرجع الأمر كله.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)


قال رضي الله عنه :  (فإن شئت قلت : إنّ الله تجلَّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت : إنّ العالم في النظر إليه وفيه مثل  الحقّ في التجلَّي ،فيتنوّع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر) .
يعني - رضي الله عنه - المزاج الروحانيّ الذي للناظر طاحب الكشف والشهود لا مزاجه الجسمانيّ وإن كان له مدخل من وجه ما ، لا من جميع الوجوه .
 
قال رضي الله عنه : ( أو يتنوّع الناظر لتنوّع التجلَّي ، وكل هذا سائغ في الحقائق ) .
قال العبد يشير رضي الله عنه : إلى اختلاف التجلَّي باختلاف مزاج الناظر إلى أنّ ظهور كل ظاهر في كل مظهر إنّما يكون بحسب المظهر إن كان الناظر من شأنه أن يكون له حسب معيّن أو لم يكن إذا كان المظهر من شأنه أن لا يكون له حسب معيّن ، ولا بدّ ، وإلَّا فبحسب الظاهر والناظر ، وأمّا تنوّع مزاج الناظر بحسب التجلَّي فهو من حيث مزاج الناظر القلبي ،
فإنّ القلب يتقلَّب مع التجلَّي في العبد الكامل ، فإنّه مقلب القلوب ، وفي غيره على غير ذلك ، فاذكر ، فقد ذكر مرارا ، والوجهان سائغان شائعان ، فلا تتحيّر ، فليس اختلاف الأحكام إلَّا باختلاف الوجوه بحسب الحاكم والمحكوم عليه والمحكوم به .


قال رضي الله عنه : ( ولو أنّ الميّت والمقتول - أيّ ميت كان أو أيّ مقتول كان إذا مات أو قتل ، لا يرجع إلى الله ، لم يقض الله بموت أحد ولم يشرع قتله ، فالكلّ في قبضته ، ولا فقدان في حقّه ، فشرع القتل وحكم بالموت ، لعلمه أنّ عبده لا يفوته ، فهو راجع إليه ) .
 
يشير رضي الله عنه إلى أنّ العبد مربوب وجودا وعلما ، فإن بطن العبد عن ربوبية الربّ الظاهر بالموت أو القتل ، فقد تولَّاه حين توفّاه الربّ القابض الباطن ، فإذا أخذ حفظه في نشأة وموطن ومقام كالدنيا ، نقله إلى نشأة أخرى وموطن وحالة أخرى وتجلّ أعلى وأجلّ وأولى بالنسبة إليه من الأولى ، فهو يقبضه إليه عن ظهور وتجلّ وتبسّط في نور وتجلّ آخر في شأن أعلى وفضاء أضوا ، ويورده موردا أعذب وأحلى ، فله الحمد أبدا دائما في الآخرة والأولى .
 
قال رضي الله عنه : ( على أنّ في قوله :  "وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " أي فيه يقع التصرّف ، وهو المتصرّف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه ، بل هويّته عين ذلك الشيء ، وهو الذي يعطيه الكشف في قوله : وإليه يرجع الأمر كلَّه ) .


قال العبد : والبرهان الكشفي على أنّ الحق بهويّته عين كلّ شيء انّ الأمر الموجود المشهود في العالم إمّا نقوش وصور وأشكال وهيئات وتعيّنات وجودية ، وإمّا وجود حق ظاهر متعيّن فيما ذكر كذلك .
والوجود واحد هو فيه عينه لا غيره ولا هو أمر زائد على حقيقته ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا .
والصور والهيئات والنقوش والكثرات مع أنّها لا تحقّق لها في أعيانها إلَّا بالوجود الحق الظاهر بها - عائدة إلى حقائق الأشياء وصور معلومياتها في العلم ، وهي شؤونه وأحواله ونسبه الذاتيّة ، والذاتيات عين الذات ، غير زائدة عليها في حقيقتها إلَّا علما لا وجودا ،
فما ثمّ إلَّا هو وأنا ، وهو في أنا أنا ، وأنا في هو هو ، كما قلنا :نحن فيه هو فاعرفنا به  وهو فينا نحن فافهم ما أقول.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)
 
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت : إن الله تجلى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت : إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي ، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ، ويتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي ، وكل هذا سائغ في الحقائق ) .
 
يعنى أن إبراهيم عليه السلام وجد النار بردا وسلاما مع شهود الصورة النارية ، فإنها نار في أعين الناظرين ، فإن الشيء الواحد يتنوع بحسب أحوال الناظرين ، وكذلك يكون التجلي الإلهي أي يختلف باختلاف الناظرين .
 
"" أضاف بالي زادة :  مع إبراهيم أحد من الناس لجاز إحراقه مع كونه في حق إبراهيم بردا وسلاما ، فكان حال أهل النار حال إبراهيم في أنه تعذب برؤيتها مع أنه لا يخلو في تلك الحالة عن الراحة الروحانية ( مثل الحق في التجلي ) أي العالم يتنوع في مرآة وجود الحق كما يتنوع الحق في مرآة العالم اهـ بالى زادة . ""
 
فإن شئت قلت : إن الله تعالى تجلى مثل هذا الأمر : أي تجلى تجليا واحدا يتنوع بحسب تنوع أحوال الناظر .
وإن شئت قلت : إن العالم في النظر إليه مثل الحق في التجلي ، أي العالم بفتح اللام في نظر الناظرين إليه وفيه ، كالحق في تجليه يراه الناظر إليه بحسب مزاجه على صورة غير ما يراه الآخر عليها ، كما أن المحرور يرى الهواء نارا والمبرود يراه زمهريرا ،
وأما في حق التجلي الإلهي فالمراد بمزاج الناظر حاله وهيأته الروحانية لا مزاجه الجسماني ، فإن لصاحب الكشف أجزاء لا يختلف التجلي باختلافها ، وإن لمزاج البدن أيضا مدخلا في ذلك من وجه ، فتارة يتنوع التجلي الواحد باختلاف حال الناظر ، وتارة يتنوع الناظر لتنوع التجلي على ما ذكر ،
إذ المظهر الذي غلب عليه أحكام الكثرة يتنوع التجلي الإلهي الواحد فيه بحسب أحواله فينصبغ التجلي بحكم المظهر ، وأما إذا كان الغالب على المظهر حكم الوحدة وهو قلب العبد الكامل المجرد المنسلخ عن أحكام الكثرة فإنه يتنوع بحسب تنوع التجلي ،
فإن هذا القلب مع تقلب الحق في تجلياته والحق يقلب قلبه فإنه يقلب القلوب وكلا الأمرين سائغ ، هذا في الكامل وليس ذلك في غيره
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو أن المقتول أو الميت أي ميت كان أو أي مقتول كان ، إذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله ، فالكل في قبضته فلا فقدان في حقه ، فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته فهو راجع إليه ) .
 
يعنى لولا أن العبد بعد موته كان باقيا على عبوديته ومربوبيته لربه لم يحكم بموته وقتله ، فإن ربوبيته موقوفة على مربوبية هذا العبد فلا يفوته ، ولا يقبل الانفكاك عنه أصلا بل دائما في قبضة القابض الباطن ، فنقله من نشأة إلى نشأة أخرى ومن موطن إلى موطن هو به أولى ،  
فهو يقبضه عن ظهور وتجل ويبسطه في نور وتجلى آخر أعلى وأجل ، كما قال لنبيه عليه الصلاة والسلام :  " ولَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ من الأُولى "   .
 
فهو معه أينما كان ( على أن في قوله "وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه "  أي فيه يقع التصرف وهو للتصرف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه بل هويته عين ذلك الشيء ، وهو الذي يعطيه الكشف في قوله : " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه" ).
 
اسم إن محذوف لدلالة فما خرج عنه شيء لم تكن عينه عليه أي فهو راجع إليه مع أن في قوله -   ( وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه )   إيذانا بأن كل شيء عينه ، لأن لفظ الرجوع يدل على أنه الأصل الذي منه كل شيء بدا فيعيده ، فلا يقع التصرف إلا منه فيه فهو المتصرف بإبدائه عن نفسه ورجع إليه ، فهو عين ذلك الشيء بتجليه في صورته عينا وعلما ووجودا ،
فهويته هي عين ذلك الشيء إذ الذي يعطيه الكشف هو أن الذات الأحدية تجلى في صور الأعيان،
وهي عين علمه بذاته ليست أمورا زائدة على الوجود لأنها صور معلوماته وشئونه الذاتية منه بوجوده مع ثبوتها في علمه ،
وإليه عادت بقبضه إليه ، كما قال :" ثُمَّ قَبَضْناه إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً " أي لم يلبث أن يبسط .



مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر . وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي . )
أي ، بعد أن علمت أن الشئ الواحد يتنوع و يظهر أنواعا مختلفة ، فإن شئت قلت المتجلي هو الله في مرآيا الأعيان بالصور المختلفة .
كما صارت النار بردا وسلاما على إبراهيم وكانت نارا على أعين الناظرين .
وإن شئت قلت أن أعيان العالم هي المتجلية في مرآة وجود الحق بصور مختلفة عند النظر إليه . فالعالم مثل الحق في الظهور والتجلي بالصور .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ، أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي . وكل هذا سائغ في الحقائق . )
أي ، فيتنوع التجلي في عيون الناظرين بحسب أمزجتهم الروحانية واستعداداتهم ، فتظهر بصورها ، لكن يتنوع الاستعدادات والأمزجة أيضا على حسب التجلي  وذلك بحكم الغلبة : فإن كان حكم المتجلى له غالبا على حكم المتجلي ، فيظهر المتجلي ويتنوع بحسب ذلك الحكم ، فيغلب أحكام الكثرة على الوحدة .
وإن كان حكم المتجلي غالبا على حكم المتجلى له يهبه الاستعداد ويجعله مناسبا لأحكامه ، فتغلب
أحكام الوحدة على الكثرة .
وقد مر في ( الفص الشيثي ) من أن لله تجليين : تجلى غيب ، وتجلى شهادة . فبالتجلي الغيبي يهب للقلب الاستعداد ، فيتسع ، فيتجلى بالشهود على حسب ذلك الاستعداد .
قال رضي الله عنه :  ( فلو أن الميت والمقتول - أي ميت كان وأي مقتول كان - ) أي ، سواء كان مقتولا بالظلم ، أو بالحق ، أو ميتا سعيدا أو شقيا .
 
قال رضي الله عنه :  ( إذا مات أو قتل ، لا يرجع إلى الله ، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله ) لأن العدم شر محض والأعدام بالكلية يوجب فناء الربوبية ، لأنها بالمربوب يتحقق ولا يمكن ذلك فعند خروجه من محل سلطنة الاسم ( الظاهر ) وربوبيته ، دخل في ولاية سلطان ( الباطن ) وعبوديته فما خرج عن كونه عبدا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالكل في قبضته ، فلا فقدان في حقه . ) إذا الوجود محيط به ، لا يمكن أن يخرج شئ منه .
وضمير في ( حقه ) للحق . أي ، فلا فوت بالنسبة إليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فشرع القتل وحكم بالموت ، لعلمه بأن عبده لا يفوته ، فهو راجع إليه ، على أن في قوله تعالى : "وإليه يرجع الأمر كله " . أي ، فيه يقع التصرف وهو المتصرف . )
 
لما كان رجوع الشئ إلى الشئ متصورا بمعنيين : أحدهما ، كقولنا : رجع الأمير إلى سلطانه . وهذا لا يوجب أن يكون الراجع عين المرجوع إليه .
والآخر ، كقولنا : رجع أجزاء البدن إلى أصولها ، فسر قوله : "وإليه يرجع الأمر" بأنه هو المتصرف والمتصرف فيه .


فاسم ( أن ) محذوف . أي ،على أن هذا القول إشارة إلى أن المتصرف والمتصرف فيه واحدا .
قال رضي الله عنه :  (فما خرج عنه شئ لم يكن عينه . ) أي ، فما ظهر منه شئ لم يكن ذلك الشئ عين الحق .
( بل هويته ) أي ، هوية الحق .
(هو عين ذلك الشئ .) إنما ذكر الضمير الراجع إلى ( الهوية ) تغليبا للمعنى .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو الذي يعطيه الكشف في قوله : "وإليه يرجع الأمر كله " . ) أي ، الكشف الحقيقي لا يعطى إلا ما ذكرنا من أن هوية الحق عين هوية الأشياء .
وبهذا المعنى قال تعالى : ( وإليه يرجع الأمر كله ) . لا بالمعنى الآخر الذي يفهم منه أهل الظاهر . وهو الهادي .

.
يتبع 


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:55 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 16 يناير 2020 - 1:23 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». )

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إنّ اللّه تجلّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت : إنّ العالم في النّظر إليه وفيه مثل الحقّ في التّجلّي ، فيتنوّع في عين النّاظر بحسب مزاج النّاظر أو يتنوّع مزاج النّاظر لتنوّع التّجلّي وكلّ هذا سائغ في الحقائق ، فلو أن الميّت والمقتول أيّ ميّت كان ، أو أيّ ، مقتول كان إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه ، لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرّع قتله ، فالكلّ في قبضته فلا فقدان في حقّه ، فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأنّ عبده لا يفوته ، فهو راجع إليه ، على أن قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ[ هود : 123 ] ، أي فيه يقع التّصرّف ، وهو المتصرّف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه ، بل هويّته هو عين ذلك الشّيء ، وهو الّذي يعطيه الكشف في قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ[ هود :123]  ، " والتّوفيق من اللّه تعالى" . )
 

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت : أن اللّه تجلى في هذا الأمر ) مثل هذا الأمر بحسبه ، ( وإن شئت قلت : أن العالم في النظر إليه ) أي : إلى ظاهر صورته ، ( وفيه ) أي : النظر في باطن حقيقته ( مثل الحق ) الذي ظهر فيه ( في التجلي ) له ، أما في الصورة فظاهر ، وأما في العين الثابتة ؛
فلأنها من تجليه في ذاته لذاته ، ( فيتنوع ) التجلي ( في عين الناظر ) ، مع وحدة التجلي في نفسه ( بحسب مزاج الناظر ) إلى ذلك التجلي أي : القابل له ، فإنه بحسب استعداده الحاصل له من مزاجه ، وهذا على الوجه الأول ،

وأما على الوجه الثاني فهو المشار إليه بقوله أي : ( يتنوّع مزاج النّاظر ) أي : القابل للتجلي ( لتنوّع التّجلّي وكلّ هذا سائغ في ) علم ( الحقائق ) ، فإن التجلي يفيد الاستعداد ، والاستعداد يفيد تجليا ، فيتنوع كل منهما بتبعية تنوع الآخر ، وإذا كان التجلي متنوعا بنفسه وبتبعية تنوع العالم ، كان مفيدا للحياة مرة ، والموت أخرى ، والحياة تفيد تجليا والموت آخر .

قال رضي الله عنه :  ( فلو أن الميت أو المقتول أي ميت كان ) كاملا وقاصرا ، فإنه أيضا مطلوب التجلي فيه ، ( وأي مقتول كان ) بحق أو ظلم ، فإن المقتول بحق أيضا مطلوب التجلي فيه ، وإن كان في غاية القصور حتى لم يبق التجلي فيه في حال الحياة مطلوبا للحق إلا بشرط العفو وأخذ الفدية من الولي ( إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه ) ، فيصير محلا لتجلّ خاص بعده.

قال رضي الله عنه :  ( لم ينقص اللّه بموت أحد ولا شرع قتله ) إذ كان قبل ذلك محلا لتجليه ، وقد خلقه لأجله ، فكان في الموت والقتل إبطال مطلوب بالكلية ، وهو عبث لا يليق بالحكيم ،
فهذا الأمر باق فيه بعد موته وقتله ، فالكل من الأحياء والأموات ( في قبضته ) يتصرف فيهم بما يريد من أنواع تجلياته ؛ وذلك لبقائهم مع قابليتهم لها ، ( فلا فقدان ) الشيء من أعيانهم وقابليتهم ( في حقه ) ، وإن فقدت في حقهم قابلية اكتسابهم ، فصح له أن يتجلى فيه ميتا بوجه غير ما كان يتجلى به حيّا ، فصح طلبه لهذا التجلي بعد استيفاء تجلياته التي خلقه لها حيّا .

قال رضي الله عنه :  ( فشرع القتل ) بالحد والقصاص ، ( وحكم بالموت ) وإن منع غيره من هدمه بلا سبب ؛ ( لعلمه بأن عبده لا يفوته ) بكل ما أراد به من أنواع تجلياته ، فيعصي في تجليات الحياة قبل الإماتة والقتل ، والهادم قد يفوت بجهله بعض التجليات المطلوبة للحق على تقدير بغاية ، فإذا لم تتم له تجليات الحياة التي خلق لها ،

قال رضي الله عنه :  ( فهو راجع وإليه ) بهيّات نورية أو ظلمانية استعاذها من تلك التجليات ، فإن كانت نورية كاملة استعاذ بها لأكمل التجليات النورية بعد الموت ، والهادم ربما تفرقه عن ذلك فهو متصرف في التجلي الإلهي بالنقص ، وهو خلاف مطلوب الحق بل هو يتصرف في التجلي بنا ( على أن في قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ )[ هود : 123 ] إشارة إلى أن كل تصرف وقع في الوجود ، فهو راجع إلى الحق ، ( أي : فيه ) ،

يعني : في تجليه ( يقع التصرف ) ، وإن كان وقوعه في نظر العقل في الاستعداد والعبد المتصرف في الاستعداد ، وإن تصرف في التجلي فليس تصرفه فيه من حيث هو عبده ؛ لأنه كمال مطلوب للحق ، وأنّى أن يكون للعبد إعطاء الحق كماله ، بل ( هو المتصرف ) في تجليه وكذا في استعداد العبد أيضا ؛ لأنه من تجليه .

قال رضي الله عنه :  ( فما خرج عنه شيء من التجلي ) والاستعداد ( لم يكن عينه ) ، فإن التجلي نور وجوده ، والاستعداد صفة العين الثابتة في علمه ( بل هويته )

أي : وجود الحق ( هو عين ذلك الشيء ) من حيث الوجود سواء كان تجليا أو عينا ثابتا أو استعدادا ، فإنهما من تجليه العلمي وعلمه عين ذاته من وجه ، وهذا الذي ذكرنا من عينية هويته لكل شيء ( هو الذي يعطيه الكشف في فهم قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] ، ) ، فالوجود ، والصفات ، والأعيان واستعداداتها راجعة إلى وجود الحق ، أشرق عليها بنوره إشراقا متنوعا بنفسه تارة ، وبحسب المحل أخرى ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
وهذا هو المقام اليونسي في قوله :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ[ الأنبياء : 87 ] ، وهو الذي تم به فضله حتى قال سند المرسلين صلوات اللّه عليهم أجمعين في حقّه : « من قال : أنا خير من يونس بن متى ؛ فقد كذب » . رواه البخاري ، ومسلم.

ولما كانت الحكمة النفسية علما بكمال النفس الإنسانية ، وهي إنما تتحقق بالتجلي الغيبي عليها المفيد لها حياة كاملة عقبها بالحكمة الغيبية ؛
فقال في :  فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». )

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت : إنّ الله تجلَّى مثل هذا الأمر ) - أي مثل القابل وعلى شكله ( وإن شئت قلت : إنّ العالم في النظر إليه وفيه مثل الحقّ في التجلَّي ) .
وفي طيّ عبارته هذه نكتة جليلة حكمية : وهي أنّه إذا كان مؤدّى العبارتين واحدا ، فيكون المثل موجودا قطعا ، وليس مثل مثله شيء . وإلا لا يكون القابل من الفيض الأقدس ، ولا يكون لتسوية العبارتين وجه ، كما لا يخفى ذلك على الفطن .
وإيراد لفظ « المثل » هاهنا لإيماء هذا المعنى وتبيين قوله تعالى : “  لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ “  [ 42 / 11 ] فإنّ المثل محقّق الوجود وليس لمثله وجود .

فإنّ التجلي الوجودي المذكور يتمثّل ، ( فيتنوّع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ، أو يتنوّع مزاج الناظر لتنوّع التجلي . وكل هذا جائز سائغ في الحقائق ) ، فإنّه إذا أثبت الفيض والقبول لا بدّ من الثنويّة الاعتباريّة ، لا غير . وهو الذي يسوّغ تسوية العبارتين .
ثمّ إنّ هذا الكلام وقع هاهنا لتمهيد بيان مرجعيّة الكل إليه.

فلذلك أفصح عمّا هو المطلوب بقوله  رضي الله عنه : ( ولو أن الميّت أو المقتول - أيّ ميت كان أو أيّ مقتول كان ) سعيدا كان ذلك أو شقيّا - ( إذا مات أو قتل ، لا يرجع إلى الله لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله . فالكلّ في قبضته ) وتحت حوز إحاطته ، سواء كان بالجمعيّة الحياتيّة ، أو بالتفرقة الفوتيّة - قتليّة أو موتيّة - ( فلا فقدان في حقّه . فشرع القتل وحكم بالموت ) ، بإرسال الأنبياء وإنزال النواميس ، ( لعلمه بأنّ عبده لا يفوته . فهو راجع إليه ) هذا هو الظاهر ذوقا وشهودا .


إليه يرجع الأمر كلَّه
( على أنّ ) في الكلام المنزل القرآنيّ ما يدلّ على ذلك المعنى بأبلغ وجه ، دلالة بيّنة غير خفيّة . وذلك في ( قوله : “  وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ “  [ 11 / 123 ]  أي فيه يقع التصرّف ، وهو المتصرّف ) .
فإنّ « الرجوع » لغة هو العود إلى ما كان منه البدء مكانا كان أو فعلا أو قولا ، وبذاته كان رجوعه أو بجزء من أجزائه .
وذلك لأنّه قد أسند الرجوع إلى « الأمر » الدالّ على العموم ، مؤكَّدا بالكل .
فمعناه حينئذ أن مبدأ جميع الأشياء ومرجعه هو الحقّ - سواء اعتبر ذات الأشياء أو فعلها أو قولها.

هذا ما يدلّ عليه بحسب أصل معناه اللغوي ، وأمّا بحسب العرف الذوقي : فيدلّ على أنّ الهويّة الإطلاقيّة مبدأ الكلّ ومرجعه .
ويدلّ ذلك عقلا على أنّ سائر التصرّفات حينئذ إنما يقع فيه ومنه . فهو المتصرّف والمتصرّف فيه .
وإلا يلزم أن يكون الخارج عن تلك الهويّة شيئا ، وهو خلاف ما علم من أصل معناه .
وتلك الهويّة لها الإحاطة التامّة ( فما خرج عنه شيء لم يكن عينه . بل هويّته عين ذلك الشيء .
وهو الذي يعطيه الكشف في قوله “  وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ “  [ 11 / 123 ] “  فإنّه في ظاهر اللغة يدلّ على أن هو مرجع الأشياء كلها ومبدؤها .
والذوق الكامل يدلّ على أن ما يكون كذلك يكون هويّته عين تلك الأشياء .
ثمّ إنّ سياق هذا الكلام يقتضي الفحص عن الحكمة الغيبيّة مع ما ذكرنا في وجه نظم الفصوص وترتيبها عند الكلام على تحقيقها فلذلك أخذ في بيانها قائلا : فصّ حكمة غيبيّة في كلمة أيّوبيّة

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إنّ اللّه تجلّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت إنّ العالم في النّظر)
( فإن شئت ) جعلته مثالا للتجلي الوحداني الإلهي .
( قلت : إن اللّه سبحانه تجلى ) بصور متنوعة ( مثل هذا الأمر ) يعني النار التي هي في
عين الخليل عليه السلام نور . وفي أعين الناظرين نار ( وإن شئت ) جعلته مثالا للعالم و ( قلت إن العالم في النظر ) المنتهي ( إليه و ) النافذ ( فيه ) بملاحظة تفاصيل أحواله المستورة فيه ( مثل الحق في التجلي ) ، أي تجليه بحسب القوابل .

قال رضي الله عنه :  ( إليه وفيه مثل الحقّ في التّجلّي .  فيتنوّع في عين النّاظر بحسب مزاج النّاظر أو يتنوّع مزاج النّاظر لتنوّع التّجلّي وكلّ هذا سائغ في الحقائق . فلو أنّ الميّت - والمقتول - أيّ ميّت كان ، أو أيّ ، مقتول كان - إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه ، لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرّع قتله . فالكلّ في قبضته فلا فقدان في حقّه .  فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأنّ عبده لا يفوته : فهو راجع إليه . على أنّ قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُأي فيه يقع التّصرّف ، وهو المتصرّف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه ، بل هويّته هو عين ذلك الشّيء وهو الّذي يعطيه الكشف في قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ[ هود : 123 ] .)

قال رضي الله عنه :  ( فيتنوع ) ، أي العالم ( في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ) ، واستعداده لظهوره عليه كما عرفت ، ولما كان مزاج الناظر بحسب استعداده الكلي أمرا واحدا يتنوع بحسب تنوع التجلي المتنوع بحسب استعداداته الجزئية يصلح أن تجعل النار في الصورة المذكورة مثالا له وإلى هذه الصلاحية أشار بقوله : ( أو يتنوع مزاج الناظرين لتنوع التجلي فكل ) واحد من ( هذا ) المذكور من التمثيلات الثلاثة سائغ في معرفة ( الحقائق ) وبيانها .
قال رضي الله عنه :  ( فلو أن الميت أو المقتول ، أي ميت كان أو أي مقتول كان ) سعيدا أو شقيا ( إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرع قتله فالكل في قبضته ) ، وتحت حكم إحاطته

قال رضي الله عنه :   ( فلا فقد في حقه فشرع القتل ( ، على ألسنة أوليائه ( وحكم بالموت ) ، في سابق قضائه ( لعلمه بأن عبده لا يفوته فهو راجع إليه ) ، بزواله عن الظاهر وانتقاله إلى الباطن وهذا ، أي رجوعه إليه وهو الظاهر ذوقا وكشفا ( على أن هذا ) الرجوع منطو ( في قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ) [ هود : 123 ] ، أي أمر الوجود

قال رضي الله عنه :  ( كله . أي فيه يقع التصرف فهو المتصرف فيه ) ، يعني القابل . ( وهو المتصرف ) ، يعني الفاعل وأمر الوجود منحصر في القابل والفاعل ( فما خرج عنه شيء لم يكن عينه بل هويته عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف الصحيح في قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُكله ) .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (والتّوفيق من اللّه تعالى ) .
فالضمير في إليه إشارة إلى هويته الغيبية ،
والرجوع لغة هو : العود إلى ما كان منه البدء . فدلت هذه الآية على أن هويته العينية مبدأ الأشياء كلها ومرجعها .
ومبدئية شيء لشيء على أنواع :
أحدها : أن يتنزل المبدأ عن صرافة إطلاقه بظهور شؤونه المستجنة في غيب ذاته وتقيده بها فيصير أمرا مقيدا مغايرا بالتقييد والإطلاق ،
ورجوع هذا المقيد إلى المبدأ بانسلاخه عن الصفات التقييدية بعودها من الظاهر إلى الباطن ، فحمل المبدئية والمرجعية على هذا الاحتمال وجعل ضمير الغائب إشارة إلى الهوية الغيبية مما يعطيه الكشف.
فإن العقل لا يستقل به واللّه أعلم .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:56 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 17 يناير 2020 - 0:36 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الحادية عشرة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
18 شرح نقش فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
قال الشيخ الكامل العارف مؤيّد الدين الجندي رحمه الله و هو الشارح الأوّل لفصوص الحكم.
 «إنّما أضيفت الحكمة النفسية إلى الكلمة اليونسية لما نفّس الله بنفسه الرحمانى عنه كربه التي ألبّت عليه من قبل قومه و أهله و أولاده و من جهة أنّه «فَكانَ من الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ»
فلمّا سبّح و اعترف و استغفر، " فَنادى‏ ... أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ من الظَّالِمِينَ"، فنفّس الله عنه كربه ووهبه أهله و سر به. قال تعالى، فـ "نَجَّيْناهُ من الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ".
وقال أيضا رحمه الله، «وجدت بخطّ الشيخ المصنّف رضى الله عنه مقيّدا بفتح الفاء في «النفس»، فصحّحنا النسخ به. و كان عندنا بسكون الفاء فيها.
وقد شرح شيخنا الامام الأكمل أبو المعالي صدر الدين، محيى الإسلام و المسلمين، محمّد بن إسحاق بن محمّد في فكّ الختوم له على أنّها حكمة نفسية ... والوجهان فيها موجّهان."
 
قال رضى الله عنه في فكّ الختوم، «اعلم أنّ كل نبى وولى ما عدا الكمّل منهم فانّه مظهر حقيقة كلية من حقائق العالم و الأسماء الإلهية الخصيصة بها وأرواحها، الذين هم الملأ الأعلى على اختلاف مراتبهم ونسبهم من العالم العلوي.
وإليه الإشارة بقول النبي صلّى الله عليه و سلّم، «إنّ آدم في السماء الأولى، وعيسى في الثانية، ويوسف في الثالثة، وإدريس في الرابعة، وهارون في‏  الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة صلوات الله عليهم أجمعين".
 
ومن البيّن أنّ أرواحهم غير متحيّزة. فليس المراد من ذلك إلّا التنبيه على قوّة نسبهم من حيث مراتبهم و علومهم و أحوالهم ومراتب أممهم إلى تلك السماء التي كانت أحوالهم هنا صورة أحكامها، أعنى أحكام المراتب والسموات.
ومن هذا الباب ما يذكره الأكابر من أهل الله في اصطلاحهم بالاتّفاق بأنّ من الأولياء من هو على قلب جبرئيل، ومنهم من هو على قلب ميكائيل، وثمّ من هو على قلب إسرافيل على جميعهم السلام ونحو ذلك.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (عادت بركته على قومه لأن الله أضافهم إليه وذلك لغضبه.
فكيف لو كان في حاله حال الرضا. فظن بالله خيراً. فنجاه من الغم.
وكذلك ننجي المؤمنين. يعني الصادقين في أحوالهم.
ومن لطفه أنبت عليه شجرةً من يقطين إذ خرج كالفرخ.
فلو نزل عليه الذباب أذاه لمّا ساهمهم)
 
وإذا تقرّر هذا، فاعلم أنّ سرّ تسمية شيخنا قدّس الله روحه هذه الحكمة بـ «الحكمة النفسية» هو من أجل أنّ يونس عليه السلام كان مظهرا للصفة الكلية التي تشترك فيها النفوس الانسانية و مثالها من حيث تدبيرها للأبدان العنصرية، وأحواله عليه السلام صور أحكام تلك الصفة الكلية وأمثلتها بحسب ما يقتضيه مرتبته واستعداده".
 
(عادت بركته)، أي بركة يونس عليه السلام، (على قومه) بأن آمنوا، فنفعهم إيمانهم، وكشف عنهم العذاب، (لان الله سبحانه أضافهم اليه) و ألحقهم به إضافة الجزء إلى كلّه وإلحاق الفرع إلى أصله، وحكم الأصل يسرى إلى الفرع.
فلمّا وصلت عناية الله و رحمته إلى يونس، وصلت إلى قومه أيضا، كما قال تعالى، «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ».
وذلك، أي عود بركته إلى قومه، كان لغضبه عليهم فيه، أي في الله، حين حرج صدره لطول ما ذكّرهم، فلم يذكّروا وأقاموا على كفرهم، ففارقهم.
فظنّ أنّ ذلك يسوغ حيث لم يفعله إلّا غضبا في الله و تعصّبا لدينه وبغضا للكفر و أهله.
وكان عليه أن يصابر و ينتظر الاذن من الله في المهاجرة عنهم. فابتلى ببطن الحوت.
و لمّا عادت بركته عليه السلام عليهم مع كون حاله معهم حال الغضب عليهم في الله، (فكيف) كان الأمر (لو كان حاله عليه السلام معهم حال الرضا) عنهم فيه سبحانه؟
 
(فظن) يونس عليه السلام باللَّه سبحانه (خيرا)، كما أخبر سبحانه عنه بقوله، «فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ»،
أي لن نضيّق عليه في مهاجرته قومه من غير انتظار لأمر الله.
(فنجاه (الله سبحانه (من الغم) ببركة ذلك الظنّ.
(و كذلك ينجى) الله سبحانه المؤمنين، يعنى المؤمنين (الصادقين في أحوالهم)، كصدق يونس عليه السلام في حاله، أعنى الغضب في الله.
)و من لطفه) سبحانه و عنايته به عليه السلام أنبت «عَلَيْهِ شَجَرَةً من يَقْطِينٍ»، أي الدّبّاء، فانّ من فوائد الدبّاء أنّ الذباب لا يجتمع عنده.
فكان يستظلّ بها (إذ خرج) من بطن الحوت و نبذ بالعراء، كالفرخ الذي ليس عليه ريش.
(فلو نزل عليه الذباب، آذاه.)
ثمّ إنّه (لما ساهمهم)، أي قارع أهل السفينة حين ذهب مغاضبا على قومه و ركب في السفينة، فوقفت فقالوا، «هاهنا عبد آبق من سيّده» و فيما يزعم البحّارون أنّ السفينة إذا كان فيها آبق، لم تجر- (أدخل نفسه فيهم)، أي في أهل السفينة، فقال، «اقترعوا».
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (أدخل نفسه فيهم. فعمت الرحمة جميعهم.)
 
فخرجت القرعة عليه. فقال، «أنا الآبق»، و أوقع نفسه في الماء، فالتقمه الحوت.
(فعمت الرحمة جميعهم) ببركة إدخاله نفسه فيهم عند تلك المساهمة، فانّ الحوت سار مع السفينة رافعا رأسه، يتنفّس فيه يونس و يسبّح، و لم يفارقهم حتّى انتهوا إلى البرّ.
فلفظه سالما، لم يتغيّر منه شي‏ء. فلمّا شاهدوا ذلك، أدركتهم الرحمة، وأسلموا.
 
قال صاحب الفكوك قدّس سرّه، «لمّا كانت النفوس في الأصل منبعثة عن الأرواح العالية الكلية المسمّاة عند الحكماء بـ «العقول»، و كان للنفوس الانسانية شبه قوى بتلك الأرواح من وجوه شتّى- من جملتها البساطة و دوام البقاء ظنّت أنّ تعلّقها بالأجسام من حيث التدبير والتحكّم لا يكسبها تقييدا و تعشّقا و أنّها متى شاءت، أعرضت عن التدبير بصفة الاستغناء، وكانت كالأرواح التي انبعثت عنها.
وذهلت عن نزول درجتها عن درجة تلك الأرواح في هذا الأمر وعن عدم استغنائها عن التعلّق والتدبير.
 
فلمّا ألفت الأبدان و انصبغت بأحكام الأمزجة- حتّى أثّرت فيها، كما أثّرت هي في المزاج- و تعشّقت بها، و اشتدّ تقيّدها بصحبة البدن، أراها الحقّ عجزها و قصورها عن البلوغ إلى درجة من أوجدها الحقّ بواسطته.
 
و رأت فقرها و تعشّقها، فرجعت متوجّهة إلى الحقّ بصفة التضرّع و الافتقار الذاتي من الوجه الذي لا واسطة فيه بينها و بين الحق.
فأجاب الحق نداءها و أمدّها من لدنه بقوّة و نور استشرفت به على ما شاء الحق أن يطلعها عليه من حضراته القدسية و لطائف أسراره العلية.
فانعكس تعشّقها إلى ذلك الجناب الأقدس، و اتّصلت به. و حصل لها بذلك الاتّصال الرافع لأحكام الوسائط ما أوجب انتظامها في سلك أولى الأيدى و الأبصار.
و انفتح لها باب كان مسدودا. فصار تدبيرها مطلقا، غير مقيّد بصورة بعينها دون صورة بل حصل لها من القوّة و الكمال ما تمكّنت به من تدبير صور شتّى في الوقت الواحد دون تعشّق و تقيّد و ربّما أكسبتها العناية عزّا أنفت به أن تقف في مراتب الأرواح العالية و تكون كهي، لما رأت من حسن ما تجلّى لها من وراء باب الوجه الخاصّ الذي فتح لها بينها و بين موجدها و ما استفادته من ربّها من تلك الجهة.
و سرى من بركة ما حصّلته إلى صورتها- التي كانت مقيّدة بتدبيرها- قوى و أنوار سارية متعدّية في الموجودات علوّا و سفلا. و صارت حافظة بأحدية جمعها من حيث تلك الصورة التي كانت مقيّدة بتدبيرها صورة الخلاف الواقع و الثابت في الموجودات صورة و معنى، روحا و مثالا.
 
" وإذا فهمت هذا، فاعلم أنّ يونس عليه السلام من حيث أحواله المذكورة لنا في الكتاب العزيز مثال ارتباط الروح الإنساني بالبدن و الحوت مثال الروح الحيواني الخصيص به ،
والسرّ في كونه حوتا هو لضعف صفة الحياة فيه، فانّ الحوت ليست له نفس سائلة.
كذلك حيوانية الإنسان ذات حيوة ضعيفة، و لهذا يقبل الموت بخلاف روحه المفارق، فانّ حياته تامّة ثابتة أبدية و اليمّ مثال عالم العناصر، و وجه شبهه باليمّ هو أنّ تراكيب الأمزجة المتكوّنة من العناصر غير متناهية.
 
وأمّا موجب النداء و الاجابة و سرّ قوله تعالى، «فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ»،
فقد سبقت الإشارة إليه آنفا عند الكلام على أحوال النفوس المدبّرة للأبدان. و أمّا سرّ قوله تعالى، «وَ أَرْسَلْناهُ إِلى‏ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ»،
فانّه إشارة إلى أمّهات حقائق العالم و قواه و أنّها على عدد الأنبياء و هم مائة و أربعة و عشرون ألفا فانّ كل نبى و وارث من الأولياء مظهر حقيقة كلية من حقائق العالم و الأسماء، كما أشير إليه في أوّل هذا الفص.
وأمّا سرّ قوله تعالى، «لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ في الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى‏ حِينٍ»، فهو مثال ما ذكر من أنّ لنفوس الكمّل بركة تسرى في أبدانهم و قواهم، فيحصل لها ضرب من البقاء، ولا تنحلّ صورة أبدانهم، وإن فارقتها أرواحهم بل يبقى إلى زمان انتشاء النشأة الأخراوية، كما قال النبي صلّى الله عليه و سلّم، «إنّ الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء".



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:57 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 17 يناير 2020 - 0:47 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثانية عشرة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
الفص الثامن عشر حكمة نفسية في كلمة يونسية
(1) فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
(1) النقطة الأساسية التي يحوم حولها هذا الفص هي الإنسان، طبيعته و منزلته من الوجود، و لذا نجد وجوه شبه كثيرة بينه و بين الفص الأول لا سيما في اعتبار الإنسان كونا جامعا صغيرا يحوي الكون الجامع الأكبر و يمثل عناصر الوجود فيه.
و لكننا نجد في هذا الفص خاصة إشارات قوية إلى القيمة الانسانية و كرامة الإنسان عند الله الذي خلقه على صورته، كما نجد دعوة حارة من المؤلف إلى الإبقاء على النوع الانساني و صيانته، و تحذيرا قويا ضد هدم النشأة الانسانية لأن في هدمها قضاء على أكمل صورة لله في الوجود.
و للفص صلات أخرى بالفصين السابقين عليه لا سيما فيما يتصل بموضوع الخلافة، غير أن هذا الموضوع يعالج هنا معالجة خاصة من الناحية السيكولوجية، فإن المؤلف يشرح النفس الانسانية و طبائعها الثلاث و يبين أنه ما دام الإنسان حيا فإنه يرجى له أن يصل إلى أعلى درجة من درجات الكمال التي يستطيع أن يصل إليها.
أما نسبة حكمة هذا الفص إلى يونس فلا يمكن تعليلها إلا على أساس أن المؤلف يعتبر يونس مجرد رمز للنفس الانسانية الناطقة التي نادت ربها في ظلمات البدن- المرموز إليه في القرآن بالحوت- فإنه صاح في الظلمات «أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» (قرآن س 21 آية 88).
و إذا كان في مقدور النفس الانسانية وحدها أن تعرف الله و أن تسبحه و تقدسه، فهي الجديرة وحدها بأن تحمل اسم الإنسان و أن تكون منه موضع الكرامة.
بهذه الطريقة نستطيع أن نفسر الصلة بين موضوع هذا الفص واستعمال اسم يونس هذا الاستعمال الرمزي.
 
(2) «ذكر الله».
(2) الذكر في الأصل معناه التلفظ أو التذكر، و لكن هذه الكلمة قد اكتسبت معنى أوسع من هذا في الاصطلاح الصوفي غير أنها تستعمل في هذا الفص استعمالا خاصا محدودا،
فإن المؤلف يستعملها مرادفة لكلمة الفناء بالمعنى الذي يفهمه أصحاب وحدة الوجود: أعني الحال التي يتحقق فيها الصوفي بوحدته الذاتية مع الله.
فذكر الله معناه هنا الحضور مع الله والفناء فيه وهذا يقتضي الصوفي أن يجمع جميع قواه البدنية والروحية بحيث يكون حضورها جميعا تاما مع الله، وإذا وصل الصوفي إلى هذا المقام انكشف له الحق وانمحى كل أثر بين الواحد والكثير: أي بين الحق والخلق والذاكر والمذكور وتحققت وحدة الاثنين.
وغني عن البيان أن المراد «بذكر الله» الوارد في الحديث التعبد جملة والتأمل الذي ينأى بصاحبه عن الفحشاء والمنكر، ويحصل له الطمأنينة النفسية كما وردت بذلك الآيات القرآنية: قال تعالى: «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر».
وقال: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
ولكن الذكر كما يفهمه ابن العربي ويشرحه فيما بعد معناه كما قلنا التحقق بوحدة الوجود وهو في نظره أعلى مرتبة من ذكر أي كائن آخر، لأنه صادر عن أكمل المخلوقات.
على أن ذكر الإنسان لله قد يكون في مراتب أخرى أدنى من هذه وذلك إذا كان صادرا عن اللسان وحده أو القلب وحده.
أما إذا صدر عن الإنسان في مرتبة الجمعية وسرى في كل جزء من أجزائه الروحية والبدنية فإنه يمثل أرقى حال وأكمل سعادة يمكن أن يصل إليهما السالك إلى الله.
في هذا تتمثل الكرامة الانسانية ويظهر فضل الإنسان على سائر المخلوقات حتى الملائكة، فإن كل مخلوق يذكر الله ويتجلى له الله بحسب مرتبته في الذكر وهذا معنى أشار إليه ابن العربي في مواضع أخرى عند ما تكلم عن تسبيح الكائنات وتقديسها لله.
ويكون تجلي الله للعبد أكمل ما يكون عند ما تتحقق الوحدة بين الذاكر والمذكور ولا يكون هذا إلا للإنسان.
ولذا يقول ابن العربي فيما بعد «وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه».
 
(3) «فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، و هي دار البقاء».
(3) لا يعتبر ابن العربي أن في الموت فناء للميت و إنما هو تفريق أجزاء.
بل إن للموت عنده معنى أوسع بكثير من المعنى العادي لأنه يمثل نقطة الانتقال من حال إلى حال أو من صورة إلى صورة في مجرى الوجود الدائم التغير والتحول:
فإن كل موجود ينتقل في كل آن من صورة إلى صورة أخرى فيفنى في الأولى ويبقى في الثانية.
وهذا هو الخلق الجديد كما أشار إليه مرارا.
فالموت إذن هو فناء الصور، أما الذات التي تعرض لها هذه الصور فهي باقية على الدوام.
على أن العبارة المذكورة قد يفهم منها معنى التناسخ على نحو ما يفهمه فلاسفة الإشراق، فإننا لا نعرف على سبيل التحقيق ما يريد ابن العربي بالصورة (التي يشير إليها باسم المركب) التي يسوي الله للإنسان غيرها عند ما يأخذه إليه، ولكن ليس هناك من شك في أنه لا يدين بمبدإ عودة الإنسان إلى هذا العالم بشخصه في أية صورة أخرى، فإنه يصرح أن الدار التي ينتقل إليها الإنسان هي دار البقاء.
وليس لها معنى في عرف أصحاب وحدة الوجود إلا الذات الإلهية.
ليس في هذه الدار إذن موت، أي ليس فيها تفرق في أجزاء الجسم.
وفي هذا إشارة إلى أن المركب الذي يسويه الله للإنسان عند ما ينتقل إليه ليس جسما.
على أن بعض شراح الفصوص يرون أن ذلك المركب سيكون من صورة مثالية تختلف في لطافتها أو كثافتها بحسب المرتبة الروحية التي بلغها المنتقل إلى الله



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 18:59 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 17 يناير 2020 - 1:00 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثالثة عشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
اعلم أن هذه النشأة الانسانية بكمالها روحا وجسما ونفسا خلقها الله على صورته، "2"
فلا يتولى حل نظامها إلا من خلقها، إما بيده وليس إلا ذلك أو بأمره.
ومن تولاها بغير أمر الله فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب من أمره الله بعمارته.
وأعلم أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة في الله.
.....................................................................................
1 - هذا الفص يقوم على بحث شرف النفس الناطقة من الإنسان 
وإظهار اعتناء الحق بها وإكرامها ، فكانت المناسبة في تسمية هذا الفص هي إظهار اعتناء الحق بهذه النفس في حق قوم يونس لما كشف عنهم العذاب ومتعهم إلى حين ، وقال صلى الله عليه وسلم : «لا تفضلوني على أخي يونس بن متى » وخصه بالاسم لأنه صلى الله عليه وسلم عرج به إلى سدرة المنتهى وحبس يونس عليه السلام في بطن الحوت في ظلمات ثلاث ، فلا تفاضل من حيث النفس الناطقة وإنما التفاضل للمراتب .
 
2 ۔ شرف النفس الناطقة
اعلم اسعدنا الله وإياك بسعادة الأبد أن النفس الناطقة سعيدة في الدنيا والآخرة، لا حظ لها في الشقاء لأنها ليست من عالم الشقاء ، ألا ترى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد قام الجنازة يهودي ، فقيل له : إنها جنازة يهودي ، 
فقال صلى الله عليه وسلم : أليست نفسا ؟ 
فما علل بغير ذاتها ، فقام إجلالا لها وتعظيما لشرفها ومكانتها ، وكيف لا يكون لها الشرف وهي منفوخة من روح الله ، فهي من العالم الأشرف الملكي الروحاني ، عالم الطهارة . 
وليس العالم إنسانا كبيرة إلا بوجود الإنسان الكامل الذي هو نفسه الناطقه ، كما أن نشأة الإنسان لا تكون إنسانا إلا بنفسها الناطقة ، ولا تكون هذه النفس الناطقة من الإنسان إلا بالصورة الإلهية المنصوص عليها من الرسول صلى الله عليه وسلم  بقوله : « خلق الله آدم على صورته » .
 فتوحات ج 3 / 262 ، 263  - راجع فص 1. هامش 4 ، ص 25
 
ص 291
 
أراد داود بنيان البيت المقدس فبناه مرارا، فكلما فرغ منه تهدم، فشكا ذلك إلى الله فأوحى الله إليه أن بيتي هذا لا يقوم على يدي من سفك الدماء، فقال داود يا رب أ لم يكن ذلك في سبيلك؟ قال بلى! ولكنهم أ ليسوا عبادي؟
قال يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو مني، فأوحى الله إليه أن ابنك سليمان يبنيه.
فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية، وأن إقامتها أولى من هدمها.
ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح إبقاء عليهم، وقال «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»؟
ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية أو العفو، فإن أبى حينئذ يقتل؟
ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضي واحد بالدية أو عفا، و باقي الأولياء لا يريدون إلا القتل، كيف يراعى من عفا و يرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا؟
ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة «إن قتله كان مثله»؟
ألا تراه يقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها؟» فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا.
_______________________________________
3 - حدیث بناء بيت المقدس     ورد في الفتوحات ج 2 / 343
 
4 - الرحمة الإلهية بأعداء الله
لولا الرحمة الإلهية ما كان الله ليقول « وإن جنحوا للسلم فأجنح لها ، وما كان الله يقول « حتى يعطوا الجزية » أليس هذا كله إبقاء عليهم .
فتوحات ج 2 / 363
 
5 - « وجزاء سيئة سيئة مثلها .. » الآية
السوء على نوعين سوء شرعي ، وسوء ما يسوءك وإن حمده الشرع ولم يذمه . فقد يكون هذا السوء من كونه يسوءك لا أن السوء فيه حكم الله ، كما قال تعالى : « وجزاء سيئة سيئة مثلها » فالسيئة الأولى شرعية . 
صاحبها مأثوم عند الله ، لأنه تعدى ، والسيئة الأخرى ما يسوء المجازي عليها ، فهي ليست بسيئة شرعا . 
وإنما هي سيئة من حيث أنها تسوء المجازی عليها كالقصاص ، فسمى الله الجزاء سيئة بالمثلية ، وليس الجزاء بسيئة مشروعة ، لأن الله لا يشرع السوء ، فنبه تعالى بقوله « وجزاء سيئة سيئة » على الزهد والترك للأخذ عليها ، بتسمية الجزاء سيئة. 
فأنزل المسيء منزلة السيئة ، وسمي بها ، فلم يقل وجزاء المسيء ، فإن المسيء هو الذي يجازی بما أساء لا السيئة ، فإن السيئة قد ذهب عينها ، وهي لا تقبل الجزاء ؛
 
ص 292
 
«فمن عفا وأصلح فأجره على الله» لأنه على صورته. 
فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ أنشأه له، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده  "6" فمن راعاه إنما يراعي الحق. 
وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه، وفعله ليس عينه، وكلامنا في عينه.
ولا فعل إلا الله، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد منها ما حمد. 
ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله. 
فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمها الله أو من أعلمه الله "7".
كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه. 
«ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر
_______________________________
وأضيف الجزاء إلى السيئة ، فللمسيء حكم السيئة ، ولذلك نبه تعالى بقوله « مثلها » فأطلق على الجزاء اسم « سيئة ، ومن اتصف بشيء من ذلك فيقال فيه إنه مسېء . 
فحث تعالى على اختيار العفو على الجزاء بالمثل ، نفاسة وتقديس نفس من أن توصف بأنها محل للسيئة والسوء ، فقال فيمن لم يفعلها « فمن عفا» فنبه على أن ترك الجزاء على السيئة من مكارم الأخلاق ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  في الرجل الذي طلب القصاص من قاتل من هو وليه ، فطلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنه أو بقبل الدية ، فأبي ، فقال خذه ، فأخذه ، فلما قفي . 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أما إنه إن قناه كان مثله » يريد قوله « وجزاء سيئة سيئة مثلها » فسمي قاتلا ، فبلغ ذلك القول الرجل ، فرجع إلى النبي عل وخلى" عن قتله وترکه وعفا. 
فتوحات ج 1 / 379 - ج 4 / 104 ، 171
 
6 - يريد قوله صلى الله عليه وسلم  « خلق الله آدم على صورته » .
راجع فص 1، هامش 4 ، ص 25
""   4 . خلق الله آدم على صورته فص 1، هامش 4 ، ص 25
اعلم أنه لا يصح أن يكون شيء من العالم له وجود ليس هو على صورة الحق، فنسبة الحق إلى الخلق نسبة الإنسان إلى كل صنف من العالم ، والعالم عند الجماعة، هو إنسان كبير في المعنى والجرم.
يقول الله تعالى : "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون" .
فلذلك قلنا في المعنى ، وما في العلم عن الكل وإنما نقاه عن الأكثر ، والإنسان الكامل من العالم وهو له کالروح لجسم الحيوان ، وهو الإنسان الصغير ، وسمي صغيرا لأنه انفعل عن الكبير وهو، مختصر فالمطول العالم كله والمختصر الإنسان الكامل ، فالإنسان آخر موجود في العالم لأن المختصر لا يختصر إلا من مطول وإلا فليس بمختصر ، فالعالم مختصر الحق والإنسان مختصر العالم والحق ، فهو نقاوة المختصر.
فلما كان العالم على صورة الحق وكان الإنسان الكامل على صورة العالم وصورة الحق وهو قوله : " إن الله خلق آدم على صورته"، فليس في الإمكان أبدع ولا أكمل من هذا العالم إذ لو كان لكان في الإمكان ما هو أكمل من الله .
 فإن آدم وهو من العالم قد خلقه الله على صورته ، وأكمل من صورة الحق فلا يكون ، وما كملت الصورة من العالم إلا بوجود الإنسان .
فمن كل شيء في الوجود زوجان الأن الإنسان الكامل والعالم بالإنسان الكامل على صورة الحق ، فامتاز الإنسان الكامل عن العالم مع كونه من كمال الصورة للعالم الكبير بكونه على الصورة بانفراده ، من غير حاجة إلى العالم .
فالإنسان الكامل وحده يقوم مقام الجماعة ، فإنه أكمل من عين مجموع العالم إذ كان نسخة من العالم حرفا بحرف (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) ، ويزيد أنه على حقيقة لا تقبل التضاؤل « خلق الله آدم على صورته » .
فحاز الإنسان الكامل صورة العالم وصورة الحق ففضل بالمجموع فجعل الحق الإنسان الكامل نسخة من العالم كله ، فما من حقيقة في العالم إلا وهي في   الإنسان .
 
فهو الكلمة الجامعة وهو المختصر الشريف وجعل الحقائق الإلهية التي توجهت على إيجاد العالم بأسره متوجهة على إيجاد هذه النشأة الإنسانية الإمامية ، فخلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم ، وأبرزه نسخة كاملة جامعة لصورة حقائق الحدث وأسماء القديم ، أقامه سبحانه معنى رابطا للحقیقتين ، وأنشأه برزخا جامعا للطرفين والرقيقتين ، أحكم بيديه صنعته وحسن بعنايته صبغته ، وكانت مضاهاته للأسماء الإلهية بخالقه، ومضاهاته للأكوان العلوية والسفلية بخلقه، فتميز عن جميع الخلائق بالخلقة المستقيمة والخلائق ، عين سبحانه سره مثالا في حضرة الأسرار ، ومیز نوره من بين سائر الأنوار ، وقصب له کرسي العناية بين حضرتيه ، وصرف نظر الولاية والنيابة فيه وإليه .


فلم يخلق الله تعالى الإنسان عبثا بل خلقه ليكون وحده على صورته ، فكل من في العالم جاهل بالکل عالم بالبعض ، إلا الإنسان الكامل وحده ، فإن الله علمه الأسماء كلها وآتاه جوامع الكلم ، فكملت صورته ، فجمع بين صورة الحق وصورة العالم ، فكان برزخا بين الحق والعالم ، مرآة منصوبة ، يرى الحق صورته في مرآة الإنسان ، ويرى الخلق أيضا صورته فيه ، لأن الإنسان فيه مناسب من كل شيء في العالم ، فيضاف كل مناسب إلى مناسبه بأظهر وجوهه ، ويخصصه الحال والوقت والسماع بمناسب ما دون غيره من المناسب ، إذا كان له مناسبات كثيرة لوجوه كثيرة يطلبها بذاته، فمن حصل هذه المرتبة حصل رتبة الكمال الذي لاأكمل منه في الإمكان، ومعنى رؤية صورة الحق فيه ، إطلاق جميع الأسماء الإلهية عليه ، كما جاء في الخبر
"فبهم تنصرون" ، والله الناصر « وبهم ترزقون » والله الرازق « وبهم ترحمون ، والله الراحم ، وقد ورد في القران فيمن علمنا كماله صلى الله عليه وسلم واعتقدنا ذلك فيه أنه « بالمؤمنين رؤوف رحيم » ، « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » أي لترحمهم ، والتخلق بالأسماء يقول به جميع العلماء ، فالإنسان متصف يسمى بالحي والعالم المريد السميع البصير المتكلم القادر وجميع الأسماء الإلهية من أسماء تنزيه وأفعال .

ولذلك عبر عن الإنسان الكامل بمرآة الحق ، والحقيقة من قوله تعالی « ليس كمثله شيء " وهي مثلية لغوية ، وذلك عند بروز هذا الموجود في أصفى ما يمكن وأجلي ، ظهر فيه الحق بذاته وصفاته المعنوية لا النفسية ، وتجلى له من حضرة الجود ، وفي هذا الظهور الكريم قال تعالى : « لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم »
فالإنسان الكامل له الشرف على جميع من في السماء والأرض ، فإنه العين المقصودة للحق من الموجودات ، لأنه الذي اتخذه الله مجلي ، لأنه ما كمل إلا بصورة الحق ، كما أن المرآة وإن كانت تامة الخلق فلا تكمل إلا بتجلي صورة الناظر ، فتلك مرتبتها والمرتبة هي الغاية .
راجع فتوحات  ج3 /152, 315 ,331 , 398 , 409.
 ج4 / 21 , 132 , 230 , 231 , 409.  عقلة المستوفز ۔ ذخائر الأعلاق ""
 
7 -  الحسن ما حسنه الشرع
إذا نظرنا إلى العالم الإنساني أين ظهر الحسن والقبح، قلنا لا حسن يقع به المنزلة عند الله ، ولا قبح يقع باجتنابه الخير من الله إلا ما حسنه الشرع وقبحه.
فتوحات ج 2 / 240  
 
ص 293
 

لنواميس الإلهية والحكمية. "8"
وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. 
ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له. 
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله»."9" 
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. 
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر. 
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. 
فافهم هذا السر في ذكر الغافلين. 
فالذاكر من الغافل حاضر بلا شك، والمذكور جليسه، فهو يشاهده. 
والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر: فما هو جليس الغافل.
فالإنسان كثير ما هو أحدى العين، والحق أحدى العين كثير بالأسماء الإلهية:
كما أن الإنسان كثير بالأجزاء: وما يلزم من ذكر جزء ما ذكر جزء آخر.
فالحق جليس الجزء الذاكر منه والآخر متصف بالغفلة عن 
.................................................................................................
8 - « ولكم في القصاص حياة ۰۰» الآية
لما في ذلك من مصالح الدنيا فعلل « يا أولي الألباب » وهم الناظرون في اللب فعلموا أن القصاص إنما شرع لأن الجاهل لا يردعه مثل "الحجة" القول فيؤديه احتمال الكامل مع جهله إلى إهلاك أولي الألباب ، فإذا علم أن النفس بالنفس ولابد ارتدع ، فقتل الجاهل كقطع عضو لسعته الحية من الجسد إبقاء على باقي الجسد، فهو ينقصه إلا أن فيه مصلحته . 
فتوحات ج 2 / 408 - کتاب تلقيح الأذهان . 


9 - ضرب الرقاب هو الشهادة ، 
وثبت بهذا الحديث أن الذاكر حي وأن الذاكر أفضل من الشهيد الذي لا يذكر الله ، وحياة الذاكر خير من حياة الشهيد إذا لم يكن ذاكرة ربه عز وجل.
فتوحات ج 4 / 462 
 
ص 294

الذكر. 
ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به يكون الحق جليس ذلك الجزء فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية. "10"
وما يتولى الحق هدم هذه النشاة بالمسمى موتا، وليس بإعدام وإنما هو تفريق، فيأخذه إليه، وليس المراد إلا أن يأخذه الحق إليه، «وإليه يرجع الأمر كله» "11"
فإذا أخذه إليه سوى له مركبا غير هذا المركب من جنس الدار التي ينتقل إليها، وهي دار البقاء لوجود الاعتدال: فلا يموت أبدا، أي لا تفرق أجزاؤه. 
وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا 
..............................................
10 - «انا جليس من ذكرني ۰۰۰ » الحديث
اتخذ الله جليسا بالذكر ، والذكر هو القرآن حتى تكون من أهل القرآن : وهم أهل الله وخاصته ، فمن كان الحق جليسه فهو أنيسه ، فلابد أن ينال من مکارم الأخلاق على قدر مدة مجالسته ، وإذا كان الحق يرحم من جلس إلى قوم يذكرونه لأنهم القوم لا يشقى جليسهم ، فكيف يشقى من كان الحق جلیسه . 
ولابد أن يكون الله مع الذاکرین بمعية اختصاص ، وإلا لم يكن بينهم وبين غيرهم فرقان ، فإنه تعالی معهم حيثما كانوا وأينما كانوا ، وما ثم إلا مزید علم به يظهر الفضل . 
وعلى قدر ذکر الذاكر يكون الحق دائم الجلوس معه ، فكل ذاكر لا يزيد علما في ذكره بمذكوره فليس بذاكر ، وإن ذكر بلسانه ، لأن الذاكر هو الذي يعمه الذكر ، فذلك هو جليس الحق ، فلابد من حصول الفائدة .
 فتوحات ج 1 / 407 - ج 2 / 151 - ج 3 / 457 - ج 4 / 441 ، 461 
 
11 - « وإليه يرجع الأمر كله » الآية
سمي رجوعا لكونه منه خرج وإليه يعود ، وفيما بين الخروج والعود وضعت الموازين ومد الصراط ووقعت الدعاوى وظهرت الآفات وكانت الرسل وجاءت الأدواء ، فمنهم المستعمل لها والآخذ بها والتارك لها ، فإنه لا تغرب الأمر عند المحجوبين عن موطنه بما ادعوه فيه لأنفسهم ، قيل لهم « وإليه يرجع الأمر كله » لو نظرتم من نسبتم إليه هذا الفعل منكم إنما هو الله لا أتم ، فأضاف الحق الأفعال إليه ، ليحصل للعبد الطمأنينة بأن الدعوى لا تصح فيها ، مع التمييز بين ما يستحقه
 
ص 295


نعيمهم. "13"
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس. 
فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي. 
فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق. "13"
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كان إذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله. 
فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه. 
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». "14"
......................................................
الحق عز وجل وما لا يستحقه ، فإذا بلغ العبد هذا الحد رد الأمور كلها لله ، ولما رجع الأمر كله لله مسا وقعت فيه الدعاوى الكاذبة ، لم يدل رجوعها إلى الله تعالى على أمر لم يكن عليه الله ، بل هويته هي هي في حال الدعاوى في المشاركة ، وفي حال رجوع الأمر إليه ، والمقام ليس إلا للتمييز . 
فتوحات  ج 1 / 418 - ج 2 / 144 - ج 4 / 28
 
12 - راجع شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب .
فص 7، هامش 17 ، ص 117
""  17 ۔ شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب فص 7، هامش 17 ، ص 117
من اختصاص البسملة في أول كل سورة تويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة أنها منه كعلامة السلطان على مناشيره، وسورة التوبة والأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها وحكم بالفصل فقد سماها سورة التوبة ، أي سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد ، فما هو غضب أبد لكنه غضب أمد ، والله هو التواب .

فما قرن بالتواب إلا الرحيم ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم لضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به التواب تجد حكمه کما ذكرنا ، والقرآن جامع لذكر من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله بالرحمن الرحيم ، والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله ، فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن الله ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله « في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة » أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .
خلق الله الخلق قبضتين فقال هؤلاء للنار ولا أبالي ، وهؤلاء إلى الجنة ولا أبالي .
فمن كرمه تعالی لم يقل هؤلاء للعذاب ولا أبالي وهؤلاء إلى النعيم ولا أبالي وإنما أضافهم إلى الدارين ليعمروها ، فإنه ورد في الخبر الصحيح أن الله لما خلق الجنة والنار قال لكل واحدة منهما لها علي" ملؤها ، أي أملؤها سكانا ، فيستروح من هذا عموم الرحمة في الدارين وشمولها حيث ذكرهما ولم يتعرض لذكر الآلام وقال بامتلائهما وما تعرض لشيء من ذلك .
فكان معنى « ولا أبالي » في الحالتين لأنهما في المال إلى الرحمة ، فلذلك لا يبالي فيهما ، ولو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له من عدم المبالاة.
ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف الله نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ، وقد قيل في أهل التقوى إن الجنة أعدت للمتقين ، وقال في أهل التقاء « وأعد لهم عذابا أليما » فلولا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .
فما أعظم رحمة الله بعباده وهم لا يشعرون ، فإن الرحمة الإلهية وسعت كل شيء ، فما ثم شيء لا يكون في هذه الرحمة « إن ربك واسع المغفرة » فلا تحجروا واسعا فإنه لا يقبل التحجير ، ولقد رأيت جماعة ممن ينازعون في اتساع رحمة الله وأنها مقصورة على طائفة خاصة ، فحجروا وضيقوا ما وسع الله ، فلو أن الله لا يرحم أحدا من خلقه لحرم رحمته من يقول بهذا ، ولكن أبي الله تعالى إلا شمول الرحمة ،
قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » ، وما خص مؤمنا من غيره ، والله أرحم الراحمين كما قال عن نفسه ، وقد وجدنا من نفوسنا ، وممن جبلهم الله على الرحمة انهم يرحمون جميع العباد ، حتى لو حكمهم الله في خلقه لأزالوا صفة العذاب من العالم ، بما تمكن حكم الرحمة من قلوبهم ، وصاحب هذه الصفة أنا وأمثالي مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، وقد قال عن نفسه جل علاه أنه أرحم الراحمين ، فلا شك أنه أرحم منا بخلقه ، و نحن قد عرفنا من تفوسنا هذه المبالغة في الرحمة .
فكيف يتسرمد، عليهم العذاب وهو بهذه الصفة العامة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، ولا سيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباري لا تنفعه الطاعات، ولا تضره المخالفات، وان كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه.
وأن الخلق مجبورون في اختيارهم ، وقد قام الدليل السمعي أن الله يقول في الصحيح « يا عبادي » فأضافهم إلى نفسه ، وما أضاف الله قط العباد لنفسه إلا من سبقت له الرحمة ألا يؤبد عليهم الشقاء وإن دخلوا النار .
فقال : « يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا » .
وهذه مسألة المكاشف لها قليل ، والمؤمن بها أقل ، وهو سر عجيب ، ما رأينا أحدا نبه عليه من خلق الله ، وإن كانوا قد علموه بلا شك ، وما صانوه والله أعلم إلا صيانة لأنفسهم ورحمة بالخلق .
لأن الإنكار يسرع إليه من السامعين ، ووالله ما نبهت عليه هنا إلا لغلبة الرحمة عليه في هذا الوقت ، فمن فهم سعد ومن لم يفهم لم يشق بعدم فهمه وإن كان محروما ، فقد أظهرت أمرا في هذه المسألة لم يكن باختياري ، ولكن حق القول الإلهي بإظهاره ، فكنت فيه كالمجبور في اختياره ، والله ينفع به من يشاء لا إله إلا هو .
الفتوحات : ج2 / 148 ، 244 ، 674 - ج 3 / 25 ، 100 ، 101 ، 383 . ج 4 / 163 .  ""
13 - راجع التجلي - فص 12 ، هامش 9، ص 183
 
"" 9 – أ -  التجلي الإلهي :   فص 12 ، هامش 9، ص 183
لما كان العلم الأول في المعرفة هو العلم بالحقائق وهو العلم بالأسماء الإلهية كان العلم الثاني من علوم المعرفة هو علم التجلي ، وهو أن التجلي الإلهي دائم لا حجاب عليه ، ولكن لا يعرف أنه هو ، فإن الحضرة الإلهية متجلية على الدوام لا يتصور في حقها حجاب عناء .
واعلم أن الحق له نسبتان في الوجود :
نسبة الوجود النفسي الواجب له .
ونسبة الوجود الصوري ، وهو الذي يتجلى فيه لخلقه .
إذ من المحال أن يتجلى في الوجود النفسي الواجب له ، فالتجلي الذاتي منوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر ، لأنه لا عين لنا ندر که بها، إذ نحن في حال عدمنا ووجودنا مرجحون ، لم يزل عنا حكم الإمكان ، فلا تراه إلا بنا من حيث ما تعطيه حقائقنا ، لأن التجلي على ما هو المتجلي عليه في نفسه محال حصوله لأحد ، فلا يقع التجلي إلا من دون ذلك مما يليق بمن يتجلى له .
فعلمنا قطعا أن الذات لا تتجلى أبدا من حيث هي ، وإنما تتجلى من حيث صفة ما معتلية ، والتجلي الإلهي لا يكون إلا للإله والرب، لا يكون الله أبدا فإن الله هو الغني .
كما لا يتجلى في الاسم الأحد ولا في الاسم الله ولا يصح النجلي فيه ، فإنه لا يعرف معناه ، ولا يسكن وقتا ما في معناه .
و بهذا السر تميز الإله من المألوه ، والرب من المربوب ، وما عدا هذين الأسمين من الأسماء المعلومات لنا فإن التجلي يقع فيها ، كما أن حضرة الجلال لها السبحات المحرقة، ولهذا لا يتجلى في جلاله أبدا ، ولكن يتجلى في جلال جماله لعباده ، فبه يقع التجلي .
إذا علمت هذا فلابد أن يكون تجلي الحق في الوجود الصوري ، وهو التجلي في المظاهر ، وهو التجلي في صور المعتقدات كائنة بلا خلاف ، والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف ، وهما تجلي الاعتبارات ، لأن هذه المظاهر سواء كانت صورالمعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم.
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمر لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم ، وليس وراء ذلك العلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا، وأما التجلي في الأفعال أعني نسبة ظهور الكائنات والمظاهر عن الذات التي تتكون عنها الكائنات وتظهر عنها المظاهر ، فالحق سبحانه قرر في اعتقادات قوم وقوع ذلك ، وقرر في اعتقادات قوم منع وقوع ذلك .
فالتجلي الصوري هو الذي يقبل التحول والتبدل ، فتارة يوصف به الممكن الذي يختلع به ، وتارة يظهر به الحق في تجليه ، فإن للألوهية أحكاما وإن كانت حکما ، وفي صورة هذه الأحكام يقع التجلي في الدار الآخرة حيث كان ، فإنه قد اختلف في رؤية النبي مع ربه كما ذكر ، وقد جاء حديث النور الأعظم من رفرف الدر والياقوت وغير ذلك .
واعلم أن الله تجليين ، تجليا عاما إحاطيا ، وتجليا خاصا شخصيا، فالتجلي العام تجل رحماني ، وهو قوله تعالى « الرحمن على العرش استوى » والتجلي الخاص هو ما لكل شخص شخص من العلم بالله .
فتوحات ج 1 / 41 ، 91 - ج 2 / 303 ، 542 ، 606 - ج 3 / 101 ، 178 ، 180 ، 516.
ذخائر الأعلاق - التنزلات الموصلية .

.
يتبع 


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 19:00 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 17 يناير 2020 - 1:26 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثالثة عشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
9 - ب - حظ العارف من العلوم في التجلي:
لما كانت العلوم تعلو وتتضع بحسب المعلوم لذلك تعلقت الهمم بالعلوم الشريفة العالية التي إذا اتصف بها الإنسان زکت نفسه وعظمت مرتبته .
فأعلاها مرتبة العلم بالله ، وأعلى الطرق إلى العلم بالله علم التجليات ودونها علم النظر ، وليس دون النظر علم إلهي وإنما هي عقائد في عموم الخلق لا علوم، التجلي أشرف الطرق إلى تحصيل العلوم ، فأول مقام للعارف هو أن يتجلى له الحق في غير مادة ، لأن العارف أو العالم
في حضرة الفكر والعقل ، فيعلم من الله على قدر ما كان ذلك التجلي ولا يقدر أحد على تعيين ما تجلى له من الحق ، إلا أنه تجلى في غير مادة لا غير .
وسبب ذلك أن الله يتجلى لكل عبد من العالم في حقيقة ما هي عين ما تجلى بها لعبد آخر ، ولا هي عين ما يتجلى له بها في مجلى آخر .
فلذلك لا يتعين ما تجلى فيه ولا ينقال ، فإذا رجع العبد من هذا المقام إلى عالم نفسه عالم المواد صحبه تجلي الحق ، فما من حضرة يدخلها من الحشرات لها حكم إلا ويرى الحق قد تحول بحكم تلك الحضرة ، والعبد قد ضبط منه أولا ما ضبط ، فيعلم أنه قد تحول في أمر آخر ، فلا يجهله بعد ذلك أبدا ولا ينحجب عنه .
فإن الله ما تجلى لأحد فاتحجب عنه بعد ذلك ، فإنه غير ممكن أصلا ، فإذا نزل العبد إلى عالم خیاله وقد عرف الأمور على ما هي عليه مشاهدة وقد كان قبل ذلك عرفها علما و إيمانا ، رأى الحق في حضرة الخيال صورة جسدية ، فلم ينكره وأنكره العابر والأجانب .
ثم نزل من عالم الخيال إلى عالم الحس والمحسوس فنزل الحق معه لنزوله فإنه لا يفارقه ، فيشاهده صورة كل ما شاهده من العالم ، لا يخص به صورة دون صورة من الأجسام والأعراض ، ويراه عين نفسه ، ويعلم أنه ما هو عين نفسه ولا عين العالم.
ولا يحار في ذلك لما حصل له من التحقيق بصحبة الحق في نزوله معه من المقام الذي يستحقه ، وهذا مشهد عزیز .
ما رأيت من يقول به من غير شهود إلا في عالم الأجسام و الأجساد ، وسبب ذلك عدم الصحبة مع الحق لما نزل من المقام الذي يستحقه ، وما رأيت واحدا من أهل هذا المقام ذوقا .
إلا أنه أخبرتني أهلي مريم بنت عبدون أنها أبصرت واحدا وصفت لي حاله ، فعلمت أنه من أهل هذا الشهود إلا أنها ذكرت عنه أحوالا تدل على عدم قوته فيه وضعفه مع تحققه بهذا الحال .
ورد في الخبر الصحيح في تجابه سبحانه في موطن التلبيس ، وهو تجليه في غير صور الاعتقادات من حضرة الاعتقادات ، فلا يبقى أحد يقبله ولا يقر به ، بل يقولون
إذا قال لهم « أنا ربكم » « نعوذ بالله منك » فالعارف في ذلك المقام يعرفه ، غير أنه قد علم منه بما أعلمه أنه لا يريد أن يعرفه في تلك الحضرة من كان هنا مقيد المعرفة بصورة خاصة يعبده فيها .
فمن أدب العارف أن يوافقهم في الإنكار ولكن لا يتلفظ بما تلفظوا به من الاستعاذة منه ، فإنه يعرفه ، فإذا قال لهم الحق في تلك الحضرة عند تلك النظرة « هل كان بينكم وبينه علامة تعرفونه بها» فيقولون « نعم » فيتحول لهم سبحانه في تلك العلامة ، مع اختلاف العلامات .
فإذا رأوها وهي الصورة التي كانوا يعبدونه فيها ، حينئذ اعترفوا به ، ووافقهم العارف بذلك في اعترافهم ، أدبا منه مع الله وحقيقة ، وأقر له بما أقرت الجماعة .
راجع كتابنا الخيال ص 15 ، 24، وكتابنا ترجمة حياة الشيخ ص 171.
فتوحات ج 1/ 166 - ج 2 / 609 - ج 3 / 234 ، 235.

9 - ج - التجلي الإلهي للحس والبواطن من الاسم الإلهي الظاهر
إن الله جعل لكل شيء ونفس الإنسان من جملة الأشياء ظاهرا وباطنا.
فهي تدرك بالظاهر أمورا تسمى عينا، وتدرك بالباطن أمورا تسمى علما، والحق سبحانه هو الظاهر والباطن، فبه يقع الإدراك.
فإنه ليس في قدرة كل ما سوى الله أن يدرك شيئا بنفسه ، وإنما أدر که بما جعل الله فيه (راجع « كنت سمعه و بصره » (الفص 10  ص 146 ) .
و تجلي الحق لكل من تجلى له من أي عالم كان من عالم الغيب والشهادة إنما هو من الاسم الظاهر ، وأما الاسم الباطن فمن حقيقة هذه النسبة أنه لا يقع فيها تجل أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة . 
إذ كان التجلي عبارة عن ظهوره لمن تجلى له في ذلك المجلي ، وهو الاسم الظاهر ، فإن معقولية النسب لا تتبدل وإن لم يكن لها وجود عيني لكن لها الوجود العقلي ، فهي معقولة ، فإذا تجلى الحق إما منة أو إجابة لسؤال فيه ، فتجلى لظاهر النفس ، وقع الإدراك بالحس في الصورة في برزخ التمثل ، فوقعت الزيادة عند المتجلى له في علوم
الأحكام إن كان من علماء السريعة، ومن علوم موازين المعاني إن كان منطقيا، ومن علم میزان الكلام إن كان نحويا.
وكذلك صاحب کل علم من علوم الأكوان وغير الأكوان تقع له الزيادة في نفسه من علمه الذي هو بصدده، فأهل هذه الطريقة يعلمون أن هذه الزيادة إنما كانت من ذلك التجلي الإلهي لهؤلاء الأصناف.
فإنهم لا يقدرون على إنكار ما کشف لهم، وغير العارفين يحسون بالزبادة وينسبون ذلك إلى أفكارهم، وغير هذين يجدون من الزيادة ولا يعلمون أنهم استزادوا شيئا فهم في المثل کمثل الحمار يحمل أسفارا.
وإذا وقع التجلي أيضا بالاسم الظاهر الباطن النفس وقع الإدراك بالبصيرة في عالم الحقائق والمعاني المجردة عن المواد، وهي المعبر عنها بالنصوص. 
إذ النص ما لا إشكال فيه ولا احتمال بوجه من الوجوه، وليس ذلك إلا في المعاني، فيكون صاحب المعاني مستريحا من تعب الفكر، فتقع الزيادة عند التجلي في العلوم الإلهية وعلوم الأسرار وعلوم الباطن وما يتعلق بالآخرة، وهذا مخصوص بأهل طريقنا. 
فتوحات ج 1 / 166 . 

9 - د - التجلي لكل مخلوق من الوجه الخاص
اعلم أنه ما من موجود في العالم إلا وله وجه خاص إلى موجده إذا كان من عالم الخلق، وإن كان من عالم الأمر فما له سوى ذلك الوجه الخاص.
وأن الله يتجلى لكل موجود من ذلك الوجه الخاص فيعطيه من العلم به ما لا يعلمه منه إلا ذلك الموجود.
وسواء علم ذلك الموجود أو لم يعلمه، أعني أن له وجها خاصا، وأن له من الله علما من حيث ذلك الوجه، لا علم للعقل به، فإنه سر الله الذي بينه وبين كل مخلوق لا تعرف نسبته. 
ولا يدخل تحت عبارة، ولا يقدر مخلوق على إنكار وجوده، فهو المعلوم المجهول وما فضل أهل الله إلا بعلمهم بذاك الوجه، ثم يتفاضل أهل الله في ذلك.
فمنهم من يعلم العلم الذي يحصل له من التجلي، ومنهم من لا يعلمه، أعني على التعيين .
وما أعني بالعلم إلا متعلق العلم هل هو كون أو هو الله من حيث أمر ما.
فتوحات ج 2 / 304 - ج 4 / 222 .

9  - هـ - أنواع التجلي الإلهي
اعلم أن التجلي الإلهي لكل مخلوق من الوجه الخاص هو التجلي في الأشياء المبقي أعيانها .
وأما التجلي للاشياء فهو تجل يفني أحوالا ويعطي أحوالا في المتجلی له .
ومن هذا التجلي توجد الأعراض والأحوال في كل ما سوى الله ، ثم له تجل في مجموع الأسماء فيعطي في هذا التجلي في العالم المقادير والأوزان والأمكنة والأزمان والشرائع وما يليق بعالم الأجسام وعالم الأرواح والحروف اللفظية والرقمية وعالم الخيال .
ثم له تجل آخر من أسماء الإضافة خاصة ، كالخالق وما أشبهه من الأسماء ، فيظهر في العالم التوالد والتناسل والانفعالات والاستحالات والأنساب ، وهذه كلها حجب على أعيان الذوات الحاملات لهذه الحجب عن إدراك ذلك التجلي الذي لهذه الحجب الموجد أعيانها في أعيان الذوات . و بهذا القدر تنسب الأفعال للأسباب . 
ولولاها لكان الكشف فلا يجهل ، فـ بالتجلي تغير الحال على الأعيان الثابتة من الثبوت إلى الوجود ، وبه ظهر الانتقال من حال إلى حال في الموجودات، وهو خشوع تحت سلطان التجلي .
فله النقيضان يمحو ويثبت ، ويوجد ويعدم ، فالله متجلي على الدوام لأن التغييرات مشهودة على الدوام في الظواهر والبواطن ، والغيب والشهادة والمحسوس والمعقول ، فشأنه التجلي وشأن الموجودان التغيير بالانتقال من حال إلى حال ، فمنا من يعرفه ، ومنا من لا يعرفه . 
فمن عرفه عبده في كل حال ومن لم يعرفه أنكره في كل حال.
 فتوحات ج 2 / 303 ، 304 .

9  - و - الموانع من إدراك التجلي
القلوب أبدا لا تزال مفطورة على الجلاء مصقولة صافية ، فكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي ياقوت أحمر ، الذي هو التجلي الذاتي ( هذا اصطلاح ليس المقصود منه تجلي الذات على ما هي عليه ) .
فذلك قلب المشاهد المكمل العالم الذي لا أحد فوقه في تجلي من التجليات ، ودونه تجلي الصفات ، ودونهما تجلي
الأفعال ، ولكن من كونها من الحضرة الإلهية .
ومن لم تتجلى له من كونها من الحضرة الإلهية فذلك هو القلب الغافل عن الله تعالى المطرود من قرب الله تعالى .
فانظر وفقك الله في القلب على حد ما ذكرناه ، وإن اشتغل القلب بعلم الأسباب عن العلم بالله ، كان تعلقه بغير الله صدأ على وجه القلب لأنه المانع من تجلي الحق إلى هذا القلب .
فما يجده عالم الطبيعة من الحجب المانعة عن إدراك الأنوار من العلوم والتجليات بکدورات الشهوات والشبهات الشرعية وعدم الورع في اللسان والنظر والسماع والمطعم والمشرب والملبس والمركب والمنكح، و کدورات الشهوات بالانكباب عليها والاستفراغ فيها وإن كانت حلالا.
وإنما لم يمنع نيل الشهوات في الآخرة وهي أعظم من شهوات الدنيا من التجلي ، لأن التجلي هناك على الأبصار ، وليست الأبصار محل الشهوات .
والتجلي هنا في الدنيا إنما هو على البصائر والبواطن دون الظاهر ، والبواطن محل الشهوات .
ولا يجتمع التجلي والشهوة في محل واحد ، فلهذا جنح العارفون والزهاد في الدنيا إلى التقليل من نيل شهواتها والشغل بكسب حطامها .
ومن أحدث في نفسه ربوبية فقد انتقص من عبوديته بقدر ما أحدث ، وإذا انتقص من عبوديته بقدر ذلك ينتقص من تجلي الحق له ، وإذا انتقص من تجلي الحق له اتنقص علمه بربه ، وإذا انتقص علمه بربه جهل منه سبحانه وتعالى بقدر ما نقصه
فتوحات ج 1 / 91 ، 154 ، 343.

 9 - ز - الإستعداد للتجلي
اعلم أن نور التجلي المنفهق يسري في زوايا الجسم فيبهت العقل وبهره ، فلا يظهر للمتجلي له تصريف ولا حركة لا ظاهرة ولا باطنة.
فإذا أراد الله أن يبقي العبد أرسل على القلب سحابة كون ما تحول بين النور المنفهق من التجلي وبين القلب .
فيتشر النور إليها منعکسا وتشرح الأرواح والجوارح ، وذلك هو التثبيت ، فيبقى العبد مشاهدا من وراء تلك السحابة ، لبقاء الرسم ، وبقي التجلي دائما لا يزول أبدا ، ولهذا يقول كثير إن الحق ما تجلى لشيء قط ثم انحجب عنه بعد ذلك ، ولكن تختلف الصفات .
واعلم أيدنا الله وإياك ، أن الأمر في التجلي قد يكون بخلاف ترتيب الحكمة التي عهدت ، وذلك أنا قد بينا استعداد القوابل .
وأن هناك ليس منع بل فيض دائم وعطاء غير محظور [ فلو لم يكن المتجلى له على استعداد ، أظهر له ذلك الاستعداد هذا المسمى تجليا ، ما صح أن يكون هذا التجلي ، فكان ينبغي له أن لا يقوم به دك ولا صعق ، هذا قول المعترض علينا ] .
قلنا له يا هذا
الذي قلناه من الاستعداد ، نحن على ذلك ، الحق متجلي دائما والقابل لإدراك هذا التجلي لا يكون إلا باستعداد خاص ، وقد صح له ذلك الاستعداد فوقع التجلي في حقه ، فلا يخلو أن يكون له أيضا استعداد البقاء عند التجلي أو لا يكون له ذلك .
فإن كان له ذلك فلابد أن يبقى ، وإن لم يكن له فكان له استعداد قبول التجلي ولم يكن له استعداد البقاء .
ولا يصح أن يكون له فإنه لابد من اندكاك أو صعق أو فناء أو غيبة أو غنية ، فإنه لا يبقى له مع النهود غير ما شهد فلا تطمع في غير مطمع.

إذا تجلى لمن تجلى ... أصعقه ذلك التجلي
وإن تولى عمن تولى ... أهلكه ذلك التولي
وإن تدلى بمن تدلى ... نوره ذلك التدلي
قلت الذي قدسمعتموه ... بالله يا سيدي فقل لي
لما رأيت الذي تجلى ... اشهدني فيه عين ظلي
من لي إذا لم أكن سواه ... وليس عيني قل لي فمن لي
الله لا ظاهر سواه ... في كل ضد وكل مثل
وكل جنس وكل نوع ... وكل وصل وكل فصل
وكلحس وكل عقل ... وكل جسم وكل شكل

فليس التفاضل ولا الفضل في التجلي ، وإنما التفاضل والفضل فيما يعطي الله لهذا المتجلى له من الاستعداد .
وعين حصول التجلي عين حصول العلم لا يعقل بينهما بون ، کوجه الدليل في الدليل سواء ، بل هذا أتم وأسرع في الحكم ، ولا يدل تعدد التجليات ولا كثرتها على الأشرفية،
وإنما الأشرف من له المقام الأعم، وأما التجلي الذي يكون معه البقاء والعقل والالتذاذ والخطاب والقبول فذلك التجلي الصوري.
ولابد مع التجلي من تعريف إلهي، إما بصفاء الإلهام أو بما شاء الحق من أنواع التعريف، ومن لم ير غير التجلي الصوري ربما حكم على التجلي بذلك مطلقا من غير تقييد، والذي ذاق الأمرين فرق ولابد.
الفتوحات ج 1 / 295 - ج 2 / 541 - ج 4 / 191 ، 192 - کتاب التدبيرات الإلهية . 

9 - ح - التجلي الإلهي في الصور في حضرة الخيال المطلق
الحقائق لا تنقلب فاللطف محال أن يرجع كثافة، ولكن اللطيف يرجع کثیفا کالحار يرجع باردا أو البارد حارا.
من هذا الباب يظهر تجلي الحق في الصور التي ينكر فيها أو يرى في النوم، فيرى الحق في صورة الخلق بسبب حضرة الخيال.
فإن الحضرات تحكم على النازل فيها وتكسوه من خلعها ما تشاء، أين هذا التجلي من « ليس كمثله شيء» ومن « سبحان ربك رب العزة عما يصفون » .
فالحكم للحضرة والموطن لأن الحكم للحقائق، والمعاني توجب أحكامها لمن قامت به ، فإن الله إذا تجلي في صورة البشر كما ورد فإنه يظهر بصورتها حسا ومعنی ، وهو اتصافه بالأوصاف الطبيعية من تغير الأحوال في الغضب والرضى والفرح والنزول والهرولة .
فإذا تجلى الحق للإنسان في المنام في صورته أو غيره في أي صورة تجلی، فلينظر فيما يلزم تلك الصورة المتجلي فيها من الأحكام فيحكم على الحق بها في ذاك الموطن ؛ فإن مراد الله فيها ذلك الحكم ولابد ، ولهذا نجلى فيها على الخصوص دون غيرها، ويتحول الحكم بتحول الصور .
فكما أن کل موجود هو إما محدث وهو الخلق وإما محدث اسم فاعل وهو الخالق فكذلك الصورة تقبل القدم والحدوث.
ولذلك يتجلى الحق لعباده على ما شاءه من صفاته، ولهذا ينكره قوم في الدار الآخرة لأنه تعالی تجلى لهم في غير الصورة والصفة التي عرفوها منه. 
ويتجلى للعارفين على قلوبهم وعلى ذواتهم في الآخرة
عموما ، وعلى التحقيق الذي لا خفاء به عندنا أن حقائق الذات هي المتجلية للصنفين في الدارين أن عقل أو فهم من الله تعالى ، المرئي في الدنيا بالقلوب والأبصار ، مع أنه سبحانه النبيء عن عجز العباد عن درك كنهه .
فقال « لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير » لطيف بعباده بتجليه لهم على قدر طاقتهم « خبير » ضعفهم عن حمل تجليه الأقدس على ما نعطيه الألوهية ، إذ لا طاقة للتحدث على حمل القديم.
الفتوحات ج 1 /  77 - ج 2 / 472 - ج 3 / 280 ، 286 - ج 4 / 289 .

واعلم أن الله تعالی ما تجلى لك إلا في صورة علمه بك ولا كان عالما بك إلا منك. وأنت بذاتك أعطيته العلم بك، فإن الصورة تنقلب عليك إلى ما لا نهاية له، وتتقلب فيها أنت ، وتظهر بها إلى ما لا نهاية فيه .
ولكن حالا بعد حال ، انتقالا لا يزول؛ وقد علمك تعالى في هذه الصور على عدم تناهيها ، فيتجلى لك في صورة لم يبلغ وقت ظهورك بها .
لأنك مقيد وهو غير مقيد ، بل قيده إطلاقه ، وإنما يفعل هذا مع عباده ليظهر لهم في حال النكرة ، ولهذا ينكرون .
إلا العارفون بهذا المقام فإنهم لاينكرونه في أي صورة ظهر فإنهم قد حفظوا الأصل وهو أنه ما يتجلى لمخلوق إلا في صورة المخلوق ، إما التي هو عليها في الحال فيعرفه أو ما يكون عليه بعد ذلك فينكره.
حتى يرى تلك الصورة قد دخل فيها فحينئذ يعرفه ، فإن الله عليه وعام ما يؤول إليه ، والمخلوق لا يعلم من أحواله إلا ما هو عليه في الوقت ، و من عباد الله من يعلم ذلك إذا رأى الحق في صورة لا يعرفها .
علم بحكم الوطن وما عنده من القبول أنه ما تجلى له إلا في صورة هي له وما وصل وقتها ، فعلمها قبل أن يدخل فيها ، فهذا من الزيادة في العلم التي زادها الله ، فشكر الله الذي عرفه من موحان الإنكار . 
الفتوحات ج 4 / 109 ، 110 

وصاحب الرؤيا إذا رأى ربه تعالی کفاحا في منامه في أي صورة يراه يقول رأيت ربي في صورة كذا وكذا و يصدق ، ويصدق مع قوله تعالی «لیس کمثله شيء » .
فنفى عنه المماثلة في قبوله التجلي في الصور كلها التي لا نهاية لها لنفسه .
فإن كل من سواه تعالی ممن له التجلي في الصور لا يتجلى في شيء منها لنفسه ، وإنما يتجلى فيها بمشيئة خالقه وتكوينه ، فيقول للصورة التي يدخل فيها من هذه صفته کن فتكون الصورة فيظهر بها من له هذا القبول إذا شاء الحق .
قال تعالى : " في أي صورة ما شاء ركبك "، فجعل التركيب الله لا له ، وفي نسبة الصورة لله تعالى يقال في أي صورة شاء ظهر من غير جعل جاعل ، فلا يلتبس عليك الأمر في ذلك .
ولما لم يكن له تعالی ظهور إلى خلقه إلا في صورة ، وصوره مختلفة في كل تجل ، لا تتكرر صورة ، فإنه سبحانه لا يتجلى في صورة مرتين ، ولا في صورة واحدة لشخصين.
فإن الآية من كتاب الله ترد واحدة العين على الأسماع ، فسامع يفهم منها أمرا وسامع آخر لا يفهم منها ذلك الأمر ويفهم منها أمرا آخر .
وآخر يفهم منها أمورا كثيرة ، ولهذا يستشهد كل واحد من الناظرين فيها بها لاختلاف استعداد الأفهام .
وهكذا في التجليات الإلهية ، فالمتجلي من حيث هو في نفسه واحد العين ، واختلفت التجليات أعني صورها بحسب استعدادات المتجلى لهم .
ولما كان الأمر كذلك لم ينضبط للعقل ولا للعين على ما هو الأمر عليه ، وهذا هو التوسع الإلهي الذي لا ينحصر ولا يدخل تحت الحد فیضبطه الفكر .
ولا يمكن للعقل تقييده بصورة ما من تلك الصور ، فإنه ينتقض له ذلك الأمر في التجلي الآخر بالصورة الأخرى ، وهو الله في ذلك كله .
لا يشك ولا يرتاب ، إلا إذا تجلى له في غير معتقده فإنه يتعوذ منه كما ورد في صحيح الأخبار .
فيعلم أن ثم في نفس الأمر عينا تقبل الظهور في هذه الصور المختلفة لا يعرف لها ماهية أصلا ولا كيفية ، وإذا حكم ولابد بكيفية فيقول : الكيفية ظهورها فيما شاء من الصور فتكون الصور مشاءة .
فالعارفون أهل الله علموا أن الله لا يتجلى في صورة واحدة لشخصين ولا في صورة واحدة مرتين.
فلم ينضبط لهم الأمر، لما كان لكل شخص تجلي يخصه ، ورآه
الإنسان من نفسه ، فإنه إذا تجلى له في صورة ثم تجلى له في صورة غيرها ، فعلم من هذا التجلي ما لم يعلمه من هذا التجلي الآخر من الحق ، هكذا دائما في كل تجلي.
علم أن الأمر في نفسه كذلك في حقه وحق غيره ، فلا يقدر أن يعين في ذلك اصطلاحا تقع به الفائدة بين المتخاطبين ، فهم يعلمون ولا ينقال ما يعلمون .
ولا في قوة أصحاب هذا المقام الأبهج الذي لا مقام في الممكنات أعلى منه .
أن يضع عليه لفظا يدل على ما علمه منه ، إلا ما أوقعه تعالى وهو قوله تعالى: « ليس كمثله شيء » فنفى المماثلة .
فما صورة يتجلى فيها لأحد تماثل صورة أخرى . 
فتوحات ج 1 / 287 - ج 3 / 384 - ج 4 / 19 - کتاب التنزلات الموصلية .

9 - ط۔ - خلاصة بحث التجلي:
يقول الشيخ في مشاهدة مشهد البيعة الإلهية على لسان الحق :

إني وإن احتجبت فهو تجل لا يعرفه كل عارف ، إلا من أحاط علما بما أحطت به من المعارف .
ألا تراني أتجلى لهم في القيامة في غير الصورة التي يعرفونها والعلامة فينكرون ربوبيتي ومنها يتعوذون و بها يتعوذون ، ولكن لا يشعرون .
ولكنهم يقولون لذلك المتجلي « نعوذ بالله منك وها نحن لربنا منتظرون » .
فحينئذ أخرج عليهم في الصورة التي لديهم ، فيقرون لي بالربوبية ، وعلى أنفسهم بالعبودية.
فهم لعلامتهم عابدون، وللصورة التي تقررت عندهم مشاهدون، فمن قال منهم انه عبدني فقوله زور وقد باهتني (يعني بقوله نعوذ بالله منك).
وكيف يصح منه ذلك وعندها تجلیت له أنكرني ، فمن قيدني بصورة دون صورة، فتخيله عبد وهو الحقيقة الممكنة في قلبه المستورة .
فهو يتخيل أنه يعبدني وهو يجحدني، والعارفون ليس في الإمكان خفائي عن أبصارهم ، لأنهم غابوا عن الخلق وعن أسرارهم ، فلا يظهر لهم عندهم سوائي، ولا يعقلون من الموجودات سوى أسمائي ، فكل شيء ظهر لهم وتجلى
قالوا أنت المسبح الأعلى .
فتوحات ج 1 / 49 . أهـ  ""

14 - «كنت سمعه وبصره ۰۰۰» الحديث
لا نشك إيمانا وكشفا لا عقلا أن بهوية الحق أدرك المدرك جميع ما يدرك ، سواء أدرك جميع ما يدرك أو بعضه ، على أي حالة يكون استعداد المدرك اسم مفعول ، فالبصر من المدرك اسم فاعل هوية الحق لابد من ذلك ، وهكذا جميع

ص 296

ما ينسب إلى هذه الآلات من القوي ما هي سوى هوية الحق إذ يستحيل غير ذلك ، والعبد الذي لا يعرف أن الحق هو الظاهر في المظاهر الامكانية بأفعاله وأسمائه لا يؤاخذ بها من جهل ذلك ، حتى يتبين له الحق في ذلك فيكون على بصيرة من قوله « إذا أحببته كنت سمعه وبصره » فكان العبد مظهر الحق ، 
كذلك يحرم علی صاحب الشهود أن يعتقد أن ثم في الوجود غير الله فاعلا بل ولا مشهودا إذ كان قد عمم في الحديث القوى والجوارح وما ثم إلا هذان .
فتوحات ج 1 / 608 - ج 4 / 19 

راجع :
كنت سمعه وبصره - فص 9، هامش 9، ص 136
""   9 - «كنت سمعه وبصره » الحديث
يقول تعالى : « ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ۰۰. الحديث »
اعلم أن العبد حادث فلا تنفي عنه حقیقته لأنه لو انتفت ، انتفت عينه ، وإذا انتفت عينه فمن يكون مكلفا بالعبادة .
 ففي هذا الحديث أثبتك و نفاك ، فتكون أنت من حيث ذاتك ، ويكون هو من حيث تصرفاتك وإدراكاتك .
فأنت مكلف من حيث وجود عينك ومحل للخطاب ، وهو العامل بك من حيث أنه لا فعل لك .
إذ الحادث لا أثر له في عين الفعل ، ولكن له حكم في الفعل إذ كان ما كلفه الحق من حركة وسكون لا يعمله الحق إلا بوجود المتحرك والساكن .
إذ ليس إذا لم يكن العبد موجودا إلا الحق ، والحق تعالی عن الحركة والسكون أو يكون محلا لتأثيره في نفسه ، فلابد من حدوث العبد حتى يكون محلا لأثر الحق ، فإذا كان العبد ما عنده من ذاته سوى عينه بلا صفة ولا اسم سوى عينه ، حينئذ يكون عند الله من المقربين و بالضرورة يكون الحق جميع صفاته .
و يقول له : أنت عبدي حقا ، فما سمع سامع في نفس الأمر إلا بالحق ولا أبصر إلا به ولا علم إلا به ولا حيي ولا قدر ولا تحرك ولا سكن ولا أراد ولا قهر ولا أعطى ولا منع ولا ظهر عليه وعنه أمر ما هو عينه إلا وهو الحق لا العبد.
فما للعبد سوى عينه سواء علم ذلك أو جهله ، وما فاز العلماء إلا بعلمهم بهذا القدر في حق كل ما سوى الله لا أنهم صاروا كذا بعد أن لم يكونوا.
فالضمير في قوله «كنت سمعه» هو عين العبد . والسمع عين الحق في كل حال. فكشف له سبحانه عن ذلك فإن قوله « کنت » يدل على أنه كان الأمر على هذا وهو لا يشعر .
فكانت الكرامة التي أعطاها هذا التقرب الكشف والعلم بأن الله كان سمعه وبصره فهو يتخيل أنه يسمع بسمعه وهو يسمع بربه .
كما كان يسمع الإنسان في حال حياته بروحه في ظنه لجهله وفي نفس الأمر إنما يسمع بريه ، ألا ترى نبيه الصادق في أهل القليب كيف قال : ما أنتم بأسمع منهم ، فأثبت الله للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له .
وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد .
فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته وحق الخلق عبوديته .
الفتوحات ج 1 / 203 ، 305 ، 378 ، 397 ، 406 ، 407 ، 415 ، 434 ، 445 ، 468 ، 675 .
الفتوحات ج 2 / 65 ، 189 ، 323 ، 341 ، 479 ، 502 ، 513 ، 559.
إكماله فص 10 هامش 9  ص 137
اعلم أن القرب قربان:
قرب في قوله تعالى «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد » وقوله تعالى «وهو معكم أينما كنتم».
وقرب هو القيام بالطاعات وهو المقصود في هذا الحديث ، فالقرب الذي هو القيام بالطاعات فذلك القرب من سعادة العبد من شقاوته ، وسعادة العبد في نيل جميع أغراضه كلها ، ولا يكون ذلك إلا في الجنة ، وأما في الدنيا فإنه لابد من ترك بعض أغراضه القادحة في سعادته .
فالقرب من السعادة بأن يطيع ليسعد ، وهذا هو الكسب في الولاية بالمبادرة لأوامر الله التي ندب إليها ، أما قوله « من أداء ما افترضته عليه » لأنها عبودية اضطرارية « ولا يزال
العبد يقترب إلي بالنوافل » وهي عبودية اختيار « حتى أحبه » .
إذ جعلها نوافل ، فإذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقربت إلى الله بأحب الأمور المقربة إليه ، وإذا کنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق و بصره .
وتكون يدك يد الحق « إن الذين بیا یعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم » وهذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل ، فإن للمثابرة على النوافل حبا إلهيا منصوصا عليه يكون الحق سمع العبد ونظره ، فانظر ما تنتجه محبة الله ، فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية .
ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض ، فالحق سبحانه روح العالم وسمعه وبصره ويده ، فبه يسمع العالم و به يبصر وبه يتكلم وبه يبطش و به يسعى ، إذ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولا يعرف هذا إلا من تقرب إلى الله بنوافل الخيرات ، كما ورد في الحديث الصحيح ، فانتبه لقوله « كنت سمعه الذي يسمع به ولسانه الذي يتكلم به وما تكلم إلا القائل في الشاهد وهو الإنسان، وفي الإيمان الرحمن ، فمن كذب العيان كان قوي الإيمان ، ومن تردد في إيمانه تردد في عيانه ، فلا إيسان عنده ولا عيان ، فما هو صاحب مكان ولا إمكان .
ومن صدق العيان وسلم الإيمان كان في أمان ، فإن الله أثبت أن ذلك للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له ، وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته ، وحق الخلق عبوديته.
فنحن عبيد وإن ظهرنا بنعوته ، وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا ، فإن التعوت عند المحققين لا أثر لها في العين المنعوتة.
ولهذا تزول بمقابلها إذا جاء ولا تذهب عينا .
فقوله تعالی « كنت سمعه وبصره » جعل کینوتنه سمع عبد منعوت بوصف خاص ، وهذا أعظم اتصال يكون من الله بالعبد حيث يزيل قواه من قواه ويقوم بکینوته في العبد مقام ما أزال على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تكييف ولا حصر ولا إحاطة ولا حلول
ولا بدليه ، فإنه أثبت عين الشخص بوجود الضمير في قوله « كنت سمعه » فهذه الهاء عينه ، والصفة عين الحق لا عينه ، فالشخص محل لأحكام هذه الصفات التي هي عين الحق لا غيره .
كما يليق بجلاله ، فنعته سبحانه بنفسه لا بصفته ، فهذا الشخص من حيث عينه هو ومن حيث صفته لا هو ، وهذا من ألطف ما يكون فظهور رب في صورة خلق عن إعلام إلهي لا تعرف له کيفية ولا تنفك عنه بينية .
والكرامة التي حصلت لهذا الشخص إنما هي الكشف والاطلاع لا أنه لم يكن الحق سمعه ثم كان ، والجاهل إذا سمع ذلك أداه إلى فهم محظور من حلول أو تحديد ، فبالوجه الذي يقول فيه الحق إنه سمع العبد به بعينه يقول إنه حياة العبد وعلمه وجميع صفاته .
فمثلا سر الحياة سري في الموجودات فحييت بحياة الحق ، فهي نسب وإضافات وشهود حقائق ، والله هو العلي الكبير عن الحلول والمحل.
الفتوحات ج 3 / 14 ، 63 ، 68 ، 184 ، 298 ، 356 ، 531 ، 557 .ج 4 / 5 ، 362 ، 449 .أهـ . ""
 .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 19:01 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 17 يناير 2020 - 1:27 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الثالثة عشرة الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشرة :   الجزء الثالث
راجع :
الظاهر في المظاهر - فص 5 ، هامش 6، ص 84 
""  6 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر فص 5 ، هامش 6، ص 84 
الموجودات على تفاصيلها في ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من الاستعدادات ، فاختلفت الصفات على الظاهر لأن الأعيان التي ظهر فيها مختلفة ، فتميزت الموجودات وتعددت لتعدد الأعيان وتميزها في نفسه فما في الوجود إلا الله وأحكام الأعيان ، وما في العدم شيء إلا أعيان الممكنات مهيأة للاتصاف بالوجود .
فهي لا هي في الوجود ، لأن الظاهر أحكامها فهي ، ولا عين لها في الوجود فلا هي ، كما هو لا هو .
لأنه الظاهر فهو والتميز بين الموجودات معقول ومحسوس لاختلاف أحكام الأعيان فلا هو ، فيا أنا ما هو أنا ولا هو ما هو هو .
مغازلة رقيقة وإشارة دقيقة ردها البرهان ونفاها ، و أوجدها العيان وأثبتها .
ما من شيء في تفاصيل العالم إلا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكل ما ظهر ، أي يتقيد بها، ولولا هي ما ظهر .
فإذا تأملت فما ثم وجود إلا الله خاصة ، وكل موصوف بالوجود مما سوى الله فهو نسبة خاصة ، والإرادة الإلهية إنما متعلقها
إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.
وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.
والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .
ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله، فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال ، من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم ،
فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.
فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
 الفتوحات ج1 / 694  , ج2 / 40,42,99,160,435,606  . إهـ ""
 
راجع :
وحدة الوجود      - فص 2 ، هامش 6 ، ص 45
""  6 - وحدة الوجود - المرايا فص 2 ، هامش 6 ، ص 45
اعلم أن المعلومات ثلاثة لا رابع لها :
وهي الوجود المطلق الذي لا يتقيد وهو وجود الله تعالى الواجب الوجود لنفسه ، والمعلوم الآخر العام المطلق الذي هو عدم لنفسه وهو الذي لا يتقيد أصلا وهو المحال ،
والعلوم الثالث هو البرزخ الذي بين الوجود المطلق والعدم المطلق وهو الممكن ، وسبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته .
 وذلك أن العدم المطلق قام للوجود المطلق كالمرآة فرأي الوجود فيه صورته فكانت تلك الصورة عين الممكن ، فلهذا كان للممكن عين ثابتة وشيئية في حال عدمه ولهذا خرج على صورة الوجود المطلق .
ولهذا أيضا اتصف بعدم التناهي فقيل فيه إنه لا يتناهی ، وكان أيضا الوجود المطلق كالمرآة للعدم المطلق فرأى العدم المطلق في مرآة الحق نفسه .
فكانت صورته التي رأي في هذه المرأة هو عين العدم الذي اتصف به هذا الممكن ،
 
وهو موصوف بأنه لا يتناهی كما أن العدم المطلق لا يتناهی ، فاتصف الممکن بأنه معدوم ، فهو كالصورة الظاهرة بين الرائي والمرأة ، لا هي عين الرائي ولا غيره
وقد علمنا أن العالم ما هو عين الحق وإنما هو ما ظهر في الوجود الحق ، إذ لو كان عين الحق ما صح كونه بديعا ، كما تحدث صورة المرئي في المرآة ، ينظر الناظر فيها، فهو بذلك النظر كأنه أبدعها مع كونه لا تعمل له في أسبابها، ولا يدري ما يحدث فيها .
ولكن بمجرد النظر في المرآة ظهرت صور ، هذا أعطاه الحال ، فما لك في ذلك من التعمل إلا قصدك النظر في المرآة .
ونظرك فيها مثل قوله « إنما قولنا لشيء إذا أردناه » وهو قصدك النظر « أن نقول له کن » وهو بمنزلة النظر « فیکون » وهو بمنزلة الصورة التي تدركها عند نظرك في المرآة ،.
ثم إن تلك الصورة ما هي عينك الحكم صفة المرآة فيها من الكبر والصغر والطول والعرض ، ولا حكم لصورة المرآة فيك فما هي عينك ولا عين ما ظهر ممن ليس أنت من الموجودات الموازية لنظرك في المرآة ، ولا تلك الصورة غيرك ، لما لك فيها من الحكم .
فإنك لا تشك أنك رأيت وجهك ، ورأيت كل ما في وجهك ظهر لك بنظرك في المرآة من حيث عين ذلك لا من حيث ما طرأ عليه من صفة المرآة ، فما هو المرئي غيرك ولا عينك ، كذلك الأمر في وجود العالم الحق .
أي شيء جعلت مرآة أعني حضرة الأعيان الثابتة أو وجود الحق، فإما أن تكون الأعيان الثابتة الله مظاهر ، فهو حكم المرآة في صورة الرائي ، فهو عينه وهو الموصوف بحكم المرآة ، فهو الظاهر في المظاهر بصورة المظاهر.
أو يكون الوجود الحق هو عين المرآة ، فترى الأعيان الثابتة من وجود الحق ما يقابلها منه ، فترى صورتها في تلك المرآة و يترائي بعضها البعض ، ولا ترى ما ترى من حيث ما هي المرآة عليه ، وإنما ترى ما ترى من حيث ما هي عليه من غير زيادة ولا نقصان .
وكما لا يشك الناظر وجهه في المرآة أن وجهه رأي ، وبما للمرآة في ذلك من الحكم يعلم أن وجهه ما رأى .
فهكذا الأمر فانسب بعد ذلك ما شئت كيف شئت ، فإن الوجود للعين الممكنة كالصورة التي في المرآة ، ما هي عين الرائي ولا غير الرائي ،
 
ولكن المحل المرئي فيه به و بالناظر المتجلي فيه ظهرت هذه الصورة ، فهي مرآة من حيث ذاتها والناظر ناظر من حيث ذاته والصورة الظاهرة تتنوع بتنوع العين الظاهرة فيها .
کالمرأة إذا كانت تأخذ طولا ترى الصورة على طولها والناظر في نفسه على غير تلك الصورة من وجه ، وعلى صورته من وجه ، فلما رأينا المرآة لها حكم في الصورة بذاتها ورأينا الناظر يخالف تلك الصورة من وجه .
علمنا أن الناظر في ذاته ما أثرت فيه ذات المرآة ، ولما لم يتأثر ولم تكن تلك الصورة هي عين المرأة ولا عين الناظر ، وإنما ظهرت من حكم التجلي للمرآة ، علمنا الفرق بين الناظر وبين المراة وبين الصورة الظاهرة في المرآة التي هي غيب فيها ، ولهذا إذا رؤي الناظر يبعد عن المرآة يرى تلك الصورة تبعد في باطن المرآة ، وإذا قرب قربت .
وإذا كانت في سطحها على الاعتدال ورفع الناظر يده اليمنى رفعت الصورة اليد اليسرى ، تعرفه إني وإن كنت من تجليك وعلى صورتك فما أنت أنا ولا أنا أنت ، فإن عقلت ما نبهناك عليه فقد علمت من أين اتصف العبد بالوجود، ومن هو الموجود، ومن أين اتصف بالعدم، ومن هو المعدوم ومن خاطب ومن سمع ومن عمل ومن كلف .
وعلمت من أنت ومن ربك وأين منزلتك ، وأنك المفتقر إليه سبحانه وهو الغني عنك بذاته.
فسبحان من ضرب الأمثال وأبرز الأعيان دلالة عليه أنه لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا ، وليس في الوجود إلا هو ، ولا يستفاد الوجود إلا منه، ولا يظهر الموجود عين إلا بتجليه.
فالمرأة حضرة الإمكان والحق الناظر فيها والصورة أنت بحسب إمكانيتك ، فإما ملك وإما فلك وإما إنسان وإما فرس ، مثل الصورة في المرآة بحسب ذات المرآة من الهيئة في الطول والعرض والاستدارة واختلاف أشكالها مع كونها مرآة في كل حال .
كذلك الممكنات مثل الأشكال في الإمكان والتجلي الإلهي يكسب الممكنات الوجود والمرآة تكسبها الأشكال ، فيظهر الملك و الجوهر والجسم والعرض ، والإمكان هو هو لا يخرج عن حقیقته ، وأوضح من هذا البيان في هذه المسألة لا يمكن إلا بالتصريح ، فقل في العالم ما تشاء و انسبه إلى من تشاء بعد وقوفك على هذه الحقيقة كشفة وعلما .
راجع الفتوحات ج3/ 46 , 80 , 352 . - ج4/ 316.  أهـ ""
"" أضاف الجامع :
يقول الدكتور أبو العلا عفيفي:
" وحدة الوجود التي يقول بها ابن العربي الطائي الحاتمي ليست وحدة وجود مادية تنكر الألوهية ولوازمها أو تنكر القيم الروحية ،
بل العكس هو الصحيح : أي أنها وحدة وجود تنكر العالم الظاهر ، ولا تعترف بالوجود الحقيقي إلا لله - الحق . أما الخلق فظل للوجود الحق ولا وجود له في ذاته ".
 
تقول د. سعاد الحكيم في وحدة الوجود عند الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
" إن عبارة وحدة الوجود لا تدخل ضمن مصطلحات ابن العربي ، إذ أنها من ناحية لم ترد عنده مطلقا ،
ومن ناحية ثانية هي تشكل تيارا فكريا له جذوره البعيدة في تأريخ النظريات الفلسفية ،
ولكننا لم نستطع أن نتغافل عن بحثها بحجة أنها تدخل ضمن نظريات شيخنا الأكبر بالنظر لأهميتها عنده ، إذ فيها تتبلور مصطلحاته وتتكشف ، ويتجلى وجه ابن العربي الطائي الحاتمي الحقيقي ، فنلمس فيه الفكر والمنطق إلى جانب الشهود والتصوف ".
 
إن عبارة وحدة الوجود ابتدعها دارسو ابن العربي الطائي الحاتمي ،
أو بالأحرى صنفوه في زمرة لقائلين بها . إذ أن الباحث لا يلتقط فكر مفكر إلا بتحليله إلى عناصره البسيطة ، وإعادة تركيبه تركيبا يتلاءم وينضبط مع التيارات الفكرية المعروفة . وبالتالي استدل الملتمس وجه ابن العربي الطائي الحاتمي من جمل أمثال :
( الوجود كله واحد ) ، ( ما ثمة إلا الله ) ، ( ما في الوجود إلا الله ) ، إلى القول بأنه من وحدة الوجود ، وحدة تفارق وحدة الماديين بتغليب الجانب الإلهي فيها .
ولكن ما حقيقة موقف ابن العربي الطائي الحاتمي من الوحدة الوجودية ؟
وما نسبة التفكير النظري إلى الشهود الصوفي فيها ؟
 
( وحدة وجود ) أم ( وحدة شهود ) ؟
كثيرا ما يتوقف الباحث أمام نتائج ابن العربي الطائي الحاتمي متسائلا :
أوحدة وجود عنده أم وحدة شهود ؟
ثم لا يلبث ان يقرر انها وحدة وجود ، من حيث أنها لم تبرز في صيحة وجد ، بل كانت نتيجة باردة لتفكير نظري .
ويعود تردد الباحث بين الوحدتين إلى أنهما يتطابقان في النتيجة ، فكلتاهما ترى :
إن الوجود الحقيقي واحد وهو الله .
ولكن صاحب وحدة الشهود يقولها في غمرة الحال ، على حين يدافع عنها ابن العربي الطائي الحاتمي في صحو العلماء وبرود النظريين .
والحقيقة أن وحدة ابن العربي الطائي الحاتمي تختلف عن وحدة شهود غيره بسبب جوهري ، وهو أن الشيخ الاكبر لم يقطفها ثمرة فيض فناء في الحق ، فناء افناه عن رؤية كل ما سوى الحق .
ولم يقل بعدم كل ما سواه ، إن ابن العربي  يرى الكثرة ، وشهوده يعطيه الكثرة ، وبصره يقع على الكثرة . إذن الكثرة عنده موجودة .
وهنا نستطيع ان نقول : أن ( وحدته ) على النقيض من وحدة الشهود ، تعطي : كثرة شهودية . فالنظر يقع على كثرة عنده . وهذا ما لا يمكن أن ينطبق على وحدة الشهود .
ولكن ابن العربي الطائي الحاتمي لا يقف مع الكثرة الشهودية أو بتعبير أدق المشهودة ، بل يجعلها ( كثرة معقولة ) لا وجود حقيقي لها .
وهي - إذا أمكن التعبير بلغتنا - خداع بصر . وبلغة ابن العربي الطائي الحاتمي : خيال . أهـ""
 
ص 297
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت 18 يناير 2020 - 19:01 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الجمعة 17 يناير 2020 - 1:40 من طرف عبدالله المسافربالله

السـفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :   
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
المرتبة 18 : لفص حكمة نفسية في كلمة يونسية من الاسم القابض وكرة النار وحرف التاء ومنزلة قلب العقرب
لا يستحق كمال الاستحقاق الاسم : الحي إلا من كانت له الحياة الذاتية وليس ذلك إلا للّه الأحد . وهذا يستلزم أن حياة الخلق مجازية زائلة في كل آن وهو ما يعبر عنه الشيخ بالخلق الجديد . 
فظهور الاسم الحي يستلزم ظهور الاسم القابض أي الذي يرجع إليه الأمر كله . فلهذا نجد هذا الاسم مسامتا للحي فله المرتبة 18 .
فعلاقة الحي بالقابض قريبة من علاقة المحيي بالمميت .
والقابض هو المتوجه على إيجاد ركن النار وحرف التاء ومنزلة القلب من برج العقرب بسمها الناري . . .
وإنما ظهرت النار من القابض لأنها هي أنسب المراتب للقبض .
فهي تقبض ما تحرقه إلى أن يصير مثلها .
وقد قرن القرآن كوكب الشمس الناري بصفة القبض فقال في الآيتن 45 و 46 من الفرقان عن الظل :ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ( 45 ) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً.
وأنسب الأنبياء لهذه الحضرة هو يونس عليه السلام لما ظهر عليه من قبض الغضب على قومه .
قال تعالى عنه َظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ( الأنبياء ، 87 ) ، أي أن لا نضيق عليه . والضيق قبض والقبض هو حال الخوف في الوقت ووارد يرد على القلب توجيه إشارة إلى عتاب وتأديب هكذا عرفه الشيخ في جوابه عن السؤال 153 من أسئلة الترمذي .
ثم ظهر عليه القبض حسا فقبض في ظلمات ثلاث كما هو الجنين في بطن أمه:
ظلمة بطن الحوت ،
وظلمة هيكل الحوت وجلده ،
وظلمة البحر إلى أن نفس اللّه عليه
كما نفس على قومه فرفع عنهم العذاب ومن هذا التنفيس جعل الشيخ حكمته نفسية .
وكذلك النار تحتاج إلى نفس يغذيها ، والنفس تحتاج إلى نفس يحييها . . .
وكل هذا الفص مداره حول كرامة هذه النفس عند باريها عز وجل . . .
 
وشبه جسم الإنسان ببيت المقدس إشارة إلى علاقة هذا الفص بمجاوره الداودي وذلك أن داود سفك دماء الكفار في سبيل اللّه تعالى فكان سببا لقبض أرواحهم .
يقال : قبض ملك الموت روح فلان عند موته ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص على الموت وأشار الشيخ في آخر هذا الفص للاسم القابض فقال : " فالكل في قبضته " كما أشار إلى نار هذه المرتبة في كلامه على نار إبراهيم ونار جهنم .
 
وأما كلامه على الذكر فلأنه سبب التنفيس وتزكية النفس والانعتاق من القبض ،
كما نادى يونس وهو في الظلمات :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(الأنبياء ،87 ) ، فنجاه من الغم وكذلك ينجي المؤمنين .
 
ملاحظة : علاقة هذا الفص بلاحقه الأيوبي هي علاقة الموت بالحياة.
فالموت عن صورة هو عين الحياة في صورة أخرى . . .
فالحي والقابض متلازمان كتلازم المحيي والمميت في فصي يحيى وزكرياء . . .
وقد تكرر اسم يونس واسم أيوب في القرآن بنفس العدد وهو أربع مرات . . .
 
ولتلازم وتكامل هذين الفصين كرر الشيخ فيهما الآية :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ( هود ، 123 ) وهي الآية التي ذكرها أيضا في فصل ركن الماء اليحيوي من الباب 198 .
فإليه تعالى يرجع الأمر كله إما بطريق الجلال والموت والنار اليونسي ، أو بطريق الجمال والحياة والهواء والنفس الأيوبي . . . لكن في كل جلال جمال وفي كل جمال جلال .
فجمال أيوب بسط بعد قبض المرض وفقدان الأهل والمال ،
وجلال يونس انتهى بجمال نجاته وسعادة قومه .
وتقلب يونس وقومه بين القبض والبسط مناسب لمنزلة القلب من برج العقرب ، فما سمي القلب قلبا إلا من تقلبه والقلب مصدر النفس فحكمته نفسية .


18   : سورة فص يونس عليه السلام
سورة هذا الفص هي سورة " المسد " المناسبة للاسم " القابض " الحاكم على هذا الفص والمتوجه على إيجاد فلك النار المناسب لأبي لهب . . . .
فالمناسبة بين " المسد " و " النار " هي الآية :سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ( المسد ، 3 ) وقد تكلم الشيخ في أواخر الفص عن النار .
والمناسبة بين " المسد " و " القابض " هي الآية : " في جيدها حبل من مسد " فامرأة أبي لهب في قبضته . . .
والمناسبة بين " المسد " والحكمة " النفسية " بسكون الفاء هي أن المرأة ترمز عند الشيخ للنفس .
ولهذا نجده يجعل عنوان منزل سورة " المسد " في الباب " 273 " هكذا :
" منزل الهلاك للهو ى والنفس من المقام الموسوي " فأبولهب رمز للهوى وامرأته رمز للنفس الأمارة بالسوء وكلمة الهلاك تشير لفاتحة السورة : " تبت " . . .
والمناسبة بين " المسد " والحكمة " النفسية " بفتح الفاء هي من الآية فِي جِيدِها( المسد ، 5 ) والجيد محل جريان النفس وهو ما أشار إليه الشيخ في ذلك الباب 273 عند تعداده لعلوم سورة المسد ودخوله لبيت " في جيدها "
فقال : " ويقف على نفس الرحمن الذي أتى من قبل اليمن إلى الرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
 
وفي هذا الباب قال الشيخ : " فوقف الهوى . . . . وقال أنا الإله المعبود . . حتى توسط بحبوحة النار . . فهلك ومن تبعه بنعيم السعداء " .
فهذا الكلام مناسب لقوله في الفص :
" فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل اللّه حين ألقي في النار . . . " إلى آخره .
 
علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه
تكلم الشيخ في بداية هذا الفص عن داود الخليفة قاتل الكفرة وصاحب الفص السابق الذي ذكر فيه هو أيضا مسألة القتل ، ومحاولة اليهود قتل عيسى ،
وقوله صلى اللّه عليه وسلم : " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما "
وختمه بذكر السنان والسيف والسكين والنصل .
وفي هذا الفص اليونسي أكد على كراهية القتل ولو كان شرعيا .
وفي هذا الفص ذكر للهلاك بالقتل والموت لأن الهلاك تباب ، وبه بدأت سورة الفص أي المسد حيث أن مفتاحها كلمة " تبت " أي هلكت .
وكتمهيد لفص أيوب التالي الذي سورته " الشرح " الآية ( 4 ) ذكر الشيخ في هذا الفص رفعة الذكر وحال الذاكر كتلويح للآية :وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ.
ونختم هذه الملاحظات بالأبيات الجميلة التي افتتح بها الشيخ باب منزل سورة المسد :
" 293 فتوحات " وهي:
 هلاك الخلق في الريح .....  إذا ما هب في اللوح
ولاذ بغير مولاه  ..... إله الجسم والروح
ووعر مسلكا سهلا   ..... بما قد جاء في نوح
وفي لوط فيا نفسي  ..... على ما قتله نوحي
ولولا العشق آداه   ...... بريق من سنا يوح
أشار بنوح ولوط لامرأتيهما الكافرتين كامرأة أبي لهب رمز النفس الأمارة بالسوء.
 
 
* * *


تم بحمد الله وفضله
جمعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السـفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» خطبة الكتاب "السفر الثامن والعشرون" فص حكمة ختمية في كلمة محمدية موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى